شرح الشواهد الشعرية في أمات الكتب النحوية

محمد حسن شُرَّاب

مقدمة الشارح

[مقدمة الشارح] بسم الله الرّحمن الرّحيم أما بعد: فهذا معجم رتبت فيه جلّ الشواهد الشعرية المتداولة في كتب النحو وشروحاتها، بدءا بكتاب سيبويه، إمام أهل النحو المتوفى سنة 180 هـ - 796 م، وربّما عرّجت على مصدر يعدّ من أوثق ما كتب في العصر الحديث، وهو كتاب «جامع الدروس العربية» للشيخ مصطفى الغلاييني المتوفى سنة 1364 هـ - 1944 م. وقد سبقني إلى هذا الجمع والترتيب، مؤلّفان، مع الاختلاف في المضمون. أما الأول: فهو الأستاذ شيخ المحققين، عبد السّلام محمد هارون، حيث صنع «معجم شواهد العربية» جمع فيه بين شواهد النحو وشواهد العروض، وعلوم البلاغة، وخصائص العربية وأسرارها. ولكنه لم يذكر من الشواهد إلا قوافيها، وأثبت أمام كل شاهد مصادره. وأما الثاني: فهو الدكتور حنّا جميل حداد، (من دائرة اللغة العربية وآدابها) في جامعة اليرموك بالأردن. حيث صنع (معجم شواهد النحو الشعرية) وأثبت الشواهد كاملة، وذكر لكل شاهد مصادره. وطبعته الأولى (1404 هـ - 1984 م) كثيرة الأخطاء والتحريفات، ولكن هذه الأخطاء لم تأت من قبل المؤلف، لأنه عالم بما صنع، وإنما جاءت الأخطاء من مأمن المؤلف، «ومن مأمنه يؤخذ الحذر» حيث أوكل أمر «تصحيح النّسخة الأولى» إلى الآنسة ابتسام نجيب حداد، ويظهر أنها لم تكن من أهل اللغة، فلم تستطع تقويم الأخطاء المطبعيّة ... وكلا العملين يستحق الشكر

والتقدير، وكلاهما يستوجب عليّ أن أقول له؛ كما قال ابن مالك في ألفية ابن معطي: وهو بسبق حائز تفضيلا … مستوجب ثنائي الجميلا ولكنني وجدت عملهما مقصورا نفعه على العلماء والباحثين الذين يمتلكون المصادر النحوية التي حوت الشواهد، أما طلبة العلم وصغار الباحثين، والمعلمون وهواة قراءة الشعر، والمتأدّبون ... فإنهم لا يستفيدون من المعجمين السابقين، وقد لا يبلّ هذان المصدران عطشهم، لأنّ امتلاك المصادر النحويّة كلها أمر عسير ولأن بيئات المثقفين متباينة: بعضهم يسكن المدينة الكبيرة التي تتوفر فيها المكتبات العامة والخاصة، وبعضهم يسكن القرية أو المدينة الصغيرة التي لا يوجد فيها إلا القليل من المكتبات، وإذا وجدت المكتبة، فلا تضم إلا نماذج قليلة من الكتب. وعنيت من بين من ذكرتهم المعلمين الذين يعملون في مدارس نائية عن العاصمة والمدن الكبرى، وليس في مكتبات مدارسهم إلا القليل من الكتب، فمثل هؤلاء إذا أراد أحدهم أن يعرف مدلول شاهد نحوي، وكان عنده أحد المعجمين السابقين، فإنه لن يجد ضالته فيهما، وقد يدلانه على مصدر ليس موجودا في مكتبته أو مكتبة مدرسته، وبهذا لا يفيد نفسه ولا يفيد تلاميذه. ولذلك فكّرت في صناعة معجم للشواهد النحوية، خفيف حمله، كثير نفعه، قد يغني عن حمل بعير من كتب النحو، وضمنته ما يلي: 1 - الشواهد التي جاءت في جميع كتب النحو التي ألفت قبل العصر الحديث وضممت إليها شواهد كتاب واحد من كتب المحدثين، هو «جامع الدروس العربية» للشيخ مصطفى الغلاييني، ذلك أنني ورثت حبّ هذا الكتاب عن شيخي سعيد الأفغاني لكثرة ثنائه عليه، ولأن هذا الكتاب جامع حقا لموضوعات العربية، بأسلوب يجمع بين الأصالة والمعاصرة، مع فهم عميق لمدلول النصّ والشاهد.

2 - أثبتّ الشاهد تاما مع ضبط حروفه. 3 - عزوت الشاهد إلى الشاعر، إن كان معلوما، وكثيرا ما ضممت إليه ما قبله وما بعده ليفهم من السياق، إن كان لا يفهم إلا بما سبق أو لحق، وربما ذكرت مطلع القصيدة التي كان الشاهد منها. 4 - ذكرت المصدر النحوي الذي استشهد بالبيت، وإذا تعددت المصادر ذكرتها جميعها أو ذكرت أكثرها. 5 - شرحت ما ظهر لي أنه غامض من معنى البيت. 6 - دللت على موضع الشاهد الذي استشهد النحاة بالبيت من أجله وقد يكون في البيت شاهدان، فأدلّ عليهما أو أكتفي بواحد منهما. وقد أعرب ما ظهر لي أنه يحتاج إلى الإعراب من البيت غير موطن الشاهد. 7 - إذا كان الشاهد محل خلاف بين النحويين، فربما أدليت بدلوي في الدلاء، فانفردت برأي، أو رجحت أحد الأقوال. 8 - مزجت بين الرأي النحوي، والذوق الأدبي، وربما رجحت الذوق الأدبي على الصنعة النحوية؛ لأن الذوق الأدبي هو الدافع إلى التعبير أو هو الموجه للتعبير. 9 - قوّمت قصة ومناسبة البيت، أو القصيدة التي انتخب منها البيت، واعتمدت في التقويم على النقد التاريخي، أو اللغوي أو الأدبي. 10 - قد أنفعل بمضمون البيت، فأستنبط منه عبرة تاريخية، وأربط بين الماضي والحاضر من حوادث الأمّة، وربّما ظنّ القارئ أن بعض الانفعالات كانت ذاتيّة، ولكن هذا ظنّ قصير النظر؛ لأن ما يهمّ فردا أو أفرادا من إقليم أو مجموعة من الناس، لا بدّ أن ينفعل به أهل الأقاليم الأخرى، بعيدة، أو قريبة، وإن تغير المفهوم القومي في العصر الحديث، أو في أيامنا المعاصرة، وأدّى إلى تقوقع الانفعالات وخصوصيتها، حتى وصلت إلى حدّ الإقليميّة الضيقة.

أرجو الله أن يكتبه في سجل أعمالي التي لا تنقطع، وآمل من القرّاء أن يدعوا لي بالخير إن وجدوا خيرا، وأن يلتمسوا العذر لهفواتي، وما أكثرها. فالعصمة لا تكون إلا لنبي. والحمد لله رب العالمين. محمد محمد حسن شرّاب داريا الشام في الحادي والعشرين من ربيع المولد النبوي 1417 هـ - 1996 م

المصادر النحوية مرتبة هجائيا

المصادر النحويّة مرتبة هجائيا 1 - الأشموني (علي بن محمد) المتوفى سنة 900 هـ، وهو مؤلف كتاب «منهج السالك إلى ألفية ابن مالك» وهو شرح ألفية ابن مالك، ويذكر في المصادر «الأشموني» ويراد به كتابه «منهج السالك ...». 2 - «الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين» للشيخ كمال الدين أبي البركات عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد «الأنباري» المتوفى سنة 577 هـ. والطبعة المعتمدة بشرح محمد محيي الدين عبد الحميد. 3 - «أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك». لابن هشام الأنصاري، وقد يعرف بكتاب «التوضيح». 4 - «تحصيل عين الذهب من معدن جوهر الأدب في علم مجازات العرب»، وهو في شرح شواهد كتاب سيبويه، ومطبوع مع كتاب سيبويه في طبعة بولاق سنة 1316 هـ. والكتاب منسوب للأعلم الشّنتمري يوسف بن سليمان الأندلسي، المتوفى سنة 476 هـ ويعرف بالأعلم لأنه كان مشقوق الشفة العليا، والشنتمري: نسبة إلى بلدة شنتمرية. 5 - «تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد» لابن مالك ط سنة 1968 بالقاهرة وقد يعرف بكتاب «التسهيل». 6 - «التصريح على التوضيح» للشيخ خالد بن عبد الله الأزهري المتوفى سنة 905 هـ. وهو شرح لكتاب «أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك» المعروف

«بالتوضيح» ويرمز إليه في المصادر ب «التصريح» أو «شرح التصريح» وهو العنوان المثبت على الكتاب. 7 - «الجنى الداني في حروف المعاني» للمرادي: بدر الدين حسن بن قاسم أو «ابن أم قاسم» المتوفى سنة 749 هـ. 8 - «حاشية الأمير على مغني اللبيب» والأمير هو محمد بن محمد بن أحمد السنباوي الأزهري المتوفى سنة 1232 هـ - 1817 م وعرف بالأمير؛ لأن جده أحمد كانت له إمرة في الصعيد. 9 - «حاشية الصبّان» محمد بن علي المصري، المتوفى سنة 1206 هـ على شرح الأشموني للألفية (منهج السالك ...) وهو مطبوع في أسفل الكتاب السابق. 10 - «حاشية ياسين على كتاب التصريح»، وهو ياسين بن زين الدين العليمي الحمصي المتوفى سنة 1061 هـ وهو شرح لكتاب التصريح المارّ ذكره، ومطبوع على جوانب كتاب التصريح. 11 - «خزانة الأدب، ولبّ لباب لسان العرب»: المعروف اختصارا ب «خزانة الأدب» تأليف عبد القادر بن عمر البغدادي المتوفى سنة 1093 هـ والخزانة شرح لشواهد الرضيّ على الكافية (محمد بن الحسن) المتوفى سنة 686 هـ. [انظر شرح الكافية]. وقد اعتمدت الطبعة المحققة التي نشرها عبد السّلام محمد هارون. 12 - «الخصائص» لابن جني المتوفى سنة 392 هـ بتحقيق الشيخ محمد علي النجار في ثلاثة أجزاء ط/ 1952 م. 13 - «الدرر اللوامع» على «همع الهوامع شرح جمع الجوامع» تأليف أحمد بن أمين الشنقيطي، المتوفى سنة 1331 هـ - 1913 م. ويرمز إليه في المصادر بلفظ «الدرر». واعتمدت على الطبعة القديمة، بمطبعة كردستان العلمية سنة 1328 هـ.

وطبع الكتاب حديثا طبعة محققة بقلم الدكتور عبد العال سالم مكرم، بالكويت سنة 1401 هـ - 1981 م في سبعة أجزاء صغيرة. 14 - سيبويه إمام أهل النحو المتوفى سنة 180 هـ. ويذكر في المصادر اسم سيبويه، ويراد به كتابه، ويحيل الباحثون دائما إلى طبعة بولاق سنة 1316 هـ. وقد نشره الأستاذ عبد السّلام هارون سنة 1385 هـ - 1966 م، وذيله بحواشي مفيدة توضح بعض الغموض الذي يلفّ عبارات سيبويه، لاختلاف المصطلح النحوي الذي استعمله سيبويه عن المصطلح النحوي المتداول في كتب المتأخرين. ولا يكاد يفهم عبارة سيبويه إلا المتخصصون في علم النحو. 15 - «شذور الذهب في معرفة كلام العرب»، لابن هشام عبد الله بن يوسف بن هشام المتوفى سنة 761 هـ. وأشهر طبعاته طبعة الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. وهو في الحقيقة «شرح شذور الذهب» لأن الشذور متن وضعه ابن هشام، ثم شرحه، ويقال: شذور الذهب، اختصارا. 16 - «شرح أبيات مغني اللبيب» صنفه عبد القادر بن عمر البغدادي والطبعة المعتمدة نشرة دار المأمون في دمشق بتحقيق أحمد الدقاق، وعبد العزيز رباح. وللسيوطي «شرح شواهد المغني» طبع آخر مرّة سنة 1966 م وهو دون شرح البغدادي في المنزلة. 17 - «شرح الألفية»، للأشموني. (انظر - الأشموني). 18 - «شرح التصريح» (انظر - التصريح على التوضيح). 19 - «شرح الشنتمري» (انظر - تحصيل عين الذهب). 20 - «شرح شواهد الشافية»، لعبد القادر بن عمر البغدادي، طبع سنة 1356 هـ. والشافية، كتاب في الصرف ألفه ابن الحاجب عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، المتوفى سنة 646 هـ كان أبوه حاجبا فقيل: ابن الحاجب. وقد شرح الرضيّ (محمد بن الحسن) المتوفى سنة 686 هـ، الشافية في علم الصرف. 21 - «شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك». وابن عقيل هو عبد الله بن

عبد الرحمن توفي سنة 769 هـ. والطبعة المعتمدة بعناية الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد. 22 - «شرح الكافية»: من تأليف محمد بن الحسن، المشهور ب «الرضيّ» الأستراباذي، من أهل أستراباذ من أعمال طبرستان (في إيران) تسمى اليوم «مازندران» فتحها العرب على يد سعيد بن العاص، وأطلقوا عليها اسم «طبرستان» و «الكافية» كتاب في النحو ألفه ابن الحاجب، مؤلف كتاب «الشافية» في الصرف، وقد شرح الرضيّ كلا الكتابين، وشرح البغدادي شواهد الكتابين، وسمّى شرح شواهد الكافية ب «خزانة الأدب» وهو موسوعة نحوية شعرية أدبية نقديّة، لا يوجد لها مثيل في المؤلفات العربية، فمن حواها قيل له «كل الصيد في جوف الفرا». 23 - «شرح المفصّل» لابن يعيش، المتوفّى سنة 643 هـ وهو يعيش بن علي بن يعيش، ويعرف بابن يعيش، وبابن الصانع، والمفصّل الذي شرحه ابن يعيش من تأليف الزمخشري، محمود بن عمر، المتوفى سنة 538 هـ. والطبعة المعتمدة هي الطبعة المصرية سنة 1928 م. في عشرة أجزاء. 24 - الشنتمري: انظر «تحصيل عين الذهب». 25 - الصبّان. انظر «حاشية الصبّان». 26 - العيني: يرمز به لكتاب «المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية». والعيني مؤلفه، وهو بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى الحلبي العيني، نسبة إلى بلدة «عينتاب» في جنوب تركية بالقرب من الحدود السورية. ولعلها تسمى اليوم «غازي عينتاب» أو «غازيناتاب» أو «غازنتاب»، وتوفي بالقاهرة سنة 855 هـ. وكتاب «المقاصد» جمع فيه شواهد أربعة من شروح الألفية، وهي شرح ابن الناظم، وابن أم قاسم، وابن هشام، وابن عقيل. ورمز بالحرف «ظ» لابن الناظم و «هـ» لابن هشام و «ق» لابن أم قاسم و «ع» لابن عقيل. وقد طبع هذا الكتاب على جوانب كتاب خزانة الأدب المطبوع في مطبعة بولاق سنة 1299 هـ.

ويعرف الكتاب أيضا باسم «الشواهد الكبرى» واختصره العيني في كتاب آخر سماه «فرائد القلائد في مختصر شرح الشواهد» وهو المعروف «بالشواهد الصغرى». وقد رأيت للعيني في شروحه أوهاما وعثرات، تدل على أنه ليس حجة في باب الأدب والنحو. 27 - (شرح) «قطر الندى وبل الصدى» لابن هشام. والطبعة المعتمدة بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد. 28 - «الكتاب» (كتاب سيبويه) انظر «سيبويه». 29 - «مغني اللبيب عن كتب الأعاريب» لابن هشام عبد الله بن يوسف بن هشام المتوفى سنة 761 هـ. واعتمدت في ذكر المصادر على شرح البغدادي لأبياته، فما كان في الشرح، فهو موجود في الأصل. 30 - «المقاصد النحوية». (انظر العيني). 31 - «منهج السالك إلى ألفية ابن مالك». (انظر الأشموني). 32 - «همع الهوامع شرح جمع الجوامع»: لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ. 33 - ياسين. انظر «حاشية ياسين».

الحصيلة النقدية، لقراءة الشواهد النحوية

الحصيلة النّقدية، لقراءة الشواهد النحويّة [تمهيد وارائة الحصيلة] في هذا المعجم ما يقرب من أربعة آلاف بيت شعر، لنحو تسع مئة شاعر وشاعرة، وراجز وراجزة. وإذا كتب لهذا المعجم أن ينشر، واحتواه الناس في مكتباتهم، فإنهم لن يقرؤوه دفعة واحدة، وإنما يرجعون إليه، كلما عنّ لهم بيت، وأرادوا أن يعرفوا شيئا عنه. وربما قرأه باحث أراد أن يقدم دراسة إحصائية استقرائية لجانب من الجوانب التي تدل عليها الشواهد، وتبقى جوانب أخرى لم يأبه لها هذا الباحث. أمّا مصنّف هذا المعجم، فلعله القارئ الوحيد الذي أمعن النظر والتدقيق في كل بيت، ولفت انتباهه جوانب متعددة مما تدل عليها الأبيات. وقد تجمعت عندي ملاحظات نقدية، أحبّ أن أنقلها إلى القارئ، وقد يوافقني عليها بعض القراء، ويدفعها آخرون .. وهذا ليس غريبا في باب الأدب، والنقد، لأنه نقد قد يعتمد على الذوق الذاتي، وقد يعتمد على المحاكمة العقلية المحكومة بالدليل. فما كان معتمدا على الذوق الذاتي تختلف فيه الآراء، لاختلاف الأذواق، ولكن الاختلاف في الأذواق لا يعني فساد ذوق فئة، وصحة ذوق فئة أخرى، وإنما هو اختلاف طبعي، أو اختلاف تربوي، والطبيعة والتربية تؤثران في ذوق الإنسان، ولكنهما لا تفسدانه، وينطبق على حال اختلاف الأذواق، القول: «وللناس فيما يشتهون مذاهب». أما الاختلاف المعتمد على المحاكمة العقلية المحكومة بالدليل، فإنه لا يخوض فيه إلا من امتلك دليلا يزعم أنه الأقوى، أو امتلك فهما في نصّ الدليل غاب عن الطرف الآخر. وإليك الحصيلة النقدية التي سجلتها:

1 - البيت ليس وحدة القصيدة العربية القديمة

1 - البيت ليس وحدة القصيدة العربية القديمة: زعم نقّاد الشعر العربي القديم، أن القصيدة العربية مفككة الأوصال، ولا يربطها رابط، وأن البيت وحدة القصيدة وليس بين أبيات القصيدة وأجزائها وحدة عضوية. وقد شاعت هذه المقولة منذ بداية العصر الحديث، وأصبحت من المسلّمات التي يتناقلها النقاد خلفا عن سلف، وما زالت سائدة في الكتب الجامعية والمدرسية. وفي المعجم الذي بين يديك أيها القارئ نحو أربعة آلاف شاهد شعري وإذا تتبعت الشواهد التي استلّت من مقطوعة أو قصيدة، فإنك ستجد مئات أو آلافا من الشواهد التي تبطل مقولة النّقاد. إننا نجد البيت المفرد في كتاب النحو؛ لأن المؤلف لا يهمه إلا كلمة واحدة من هذا البيت، ولذلك يرويه مفردا، ولكن مفهوم البيت لا يتم إلا بقراءة سابقة ولاحقة. وقد أصدر النقّاد حكمهم بناء على قراءة ناقصة لنماذج قليلة من الشعر الجاهلي مع عدم استشعار الروح الفنية التي تسود في القصيدة الواحدة، ويمكننا أن نقول: إن الذين أصدروا هذه الأحكام كانوا غرباء عن الحياة العربية، ولم يتقمصوا شخصية الشاعر وهم يقرؤون قصيدته. ونحن نقول: إنّ قراءة نماذج قليلة من قصائد الشعر الجاهلي، لا تؤدي إلى إصدار حكم عام .. لأن كثيرا من النماذج الجاهلية، جاءها التفكك المزعوم من الرواية، فربما قدم الرواة ما حقه التأخير، وربما أنقص بعضهم أبياتا، وزاد بعضهم أبياتا أخرى. وكيف يقولون إن البيت وحدة القصيدة - يعني أنه يفهم وحده - ونحن نجد آلاف النماذج من الأبيات التي لا تفهم إلا في سياق ما بعدها، وما قبلها. واقرأ قول عنترة بن شداد: ومدجج كره الكماة نزاله … لا ممعن هربا ولا مستسلم فهذا البيت لا يفهم إلا إذا قرأت ما بعده، وهو: جادت يداي له بعاجل طعنة … بمثقّف صدق الكعوب مقوّم

واقرأ قوله: ولقد حفظت وصاة عمي بالضّحا … إذ تقلص الشّفتان عن وضح الفم في حومة الحرب ... لما رأيت القوم ... يدعون عنتر والرماح كأنّها … أشطان بئر في لبان الأدهم ما زلت أرميهم .. فازورّ من وقع القنا .. لو كان يدري ما المحاورة اشتكى ... فكل هذه الأبيات متعانقة تأخذ برقاب بعضها البعض؛ لأنها تؤدي معاني متسلسلة، وكل بيت يمثل حلقة. واقرأ مطولات «المفضليات» واقرأ ما كتبه المحققان أحمد محمد شاكر وعبد السّلام محمد هارون، تحت عنوان «جوّ القصيدة» فإن هذا الجوّ يشعرك بالرابط النفسي، والرابط المعنوي بين أبيات القصيدة وأجزائها مهما كانت طويلة. وقد وضع المرزوقي في مقدمة شرحه «الحماسة»، معيار الشعر الجيد، مستنبطا من نصوص الشعر العربي فقال: «فالواجب أن يتبيّن ما هو عمود الشعر المعروف عند العرب؛ ليتميز تليد الصنعة من الطريف، وقديم نظام القريض من الحديث، ولتعرف مواطئ أقدام المختارين فيما اختاروه، ومراسم إقدام المزيّفين على ما زيّفوه، ويعلم أيضا فرق ما بين المصنوع والمطبوع ... فنقول، وبالله التوفيق: إنهم كانوا يحاولون شرف المعنى وصحته، وجزالة اللفظ واستقامته، والإصابة في الوصف، ومن اجتماع هذه الأسباب الثلاثة، كثرت سوائر الأمثال وشوارد الأبيات والمقاربة في التشبيه، والتحام أجزاء النظم والتئامها على تخير من لذيذ الوزن، ومناسبة المستعار منه للمستعار له، ومشاكله اللفظ للمعنى، وشدة اقتضائها للقافية حتى لا منافرة بينهما. فهذه سبعة أبواب هي عمود الشعر، ولكل باب منها معيار».

ويعنينا هنا أن نذكر ما قاله في المعيار الدال على وحدة القصيدة والتئام أجزائها، أو ما يسمونه اليوم: «الوحدة العضويّة»، وهو التحام أجزاء النظم - حيث يقول: «وعيار التحام أجزاء النظم والتئامه على تخير من لذيذ الوزن: الطبع واللسان. فما لم يتعثر الطبع بأبنيته وعقوده ولم يتحبس اللسان في فصوله ووصوله بل استمرا فيه واستسهلاه، بلا ملال ولا كلال، فذاك يوشك أن تكون القصيدة منه كالبيت والبيت كالكلمة تسالما لأجزائه وتقارنا وألّا يكون كما قيل فيه: وشعر كبعر الكبش فرّق بينه … لسان دعيّ في القريض دخيل وكما قال خلف: وبعض قريض الشعر أولاد علّة … يكدّ لسان الناطق المتحفّظ (¬1) وكما قال رؤبة لابنه عقبة وقد عرض عليه شيئا مما قاله فقال: قد قلت لو كان له قران. [المرزوقي 10/ 11]. ونقتبس بعض ما كتبه ابن قتيبة في مقدمة كتابه «الشعر والشعراء» مما له دلالة على التحام أجزاء النظم في القصيدة العربية، حيث يقول: «وتتبيّن التكلّف في الشعر بأن ترى البيت فيه مقرونا بغير جاره، ومضموما إلى غير لفقه، ولذلك قال عمر بن لجأ - شاعر أموي - لبعض الشعراء: أنا أشعر منك، قال: وبم ذلك؟ فقال: لأني أقول البيت وأخاه، ولأنك تقول البيت وابن عمه. وقال عبد الله بن سالم لرؤبة بن العجاج: مت يا أبا الجحاف إذا شئت! قال رؤبة: وكيف ذلك؟ قال: رأيت ابنك عقبة ينشد شعرا له أعجبني - يريد أنه وجد من يرثك ويخلّد ذكرك - قال رؤبة: نعم، ولكن ليس لشعره قران» يريد أنه لا يقارن البيت بشبهه». * ونفهم من مجموع الأقوال السابقة: أن من أركان القصيدة العربية: أن تكون مترابطة الأجزاء، ويأتي هذا الترابط: من وحدة القصيدة الموسيقية، باختيار لذيذ ¬

_ (¬1) أولاد علّة: بنو رجل واحد من أمهات شتى، فهم مختلفون.

2 - ينحصر زمن شعراء الشواهد بين العصر الجاهلي، ونهاية العصر الأموي

الوزن. وتأتي الوحدة أيضا: من أنّ كلّ بيت، يسلمك إلى ما بعده، لارتباطه به معنى ونظما. وقد تؤدي بعض الأبيات معنى مستقلا، ولكن هذا لا يجعله منفكا عما قبله وعمّا بعده، بل يكون البيت في القصيدة بمنزلة الكلمة في البيت، والكلمة في البيت تؤدي معنى لغويا وهي منفردة، ولكنها لبنة في بناء البيت، لا يتمّ إلا بها. وتكون القصيدة كلها كالبيت منظومة في سلك واحد، كما تنتظم الكلمات في البيت. فالتفكك إذن عيب في الشعر، فكيف يجعلونه من خصائص قصيدهم. وانظر عشرات المقطعات التي أوردها أبو تمام في الحماسة مع شرحها، فإنك تجد مصداق ما قال المرزوقي في مقدمته. فالبحث يطول ويحتاج إلى كتاب منفرد، لعرض النماذج التي تبين بطلان زعم الزاعمين بتفكّك القصيدة العربية وأن البيت وحدتها .. وحتى أبيات الحكمة التي تؤدي معاني منفردة فإنها مربوطة بخيط دقيق، يتصل بالتجربة التي عاناها الشاعر. فلا تلتفتنّ إلى ما قال النقاد، فهم مقلدون لأول من قال، وأول من قال جاهل بالشعر العربي. 2 - ينحصر زمن شعراء الشواهد بين العصر الجاهلي، ونهاية العصر الأموي وإذا وجدنا بيتا لشاعر عباسي، قالوا: إنه للتمثيل وليس للاستشهاد. وأنا أرى أنهم حجروا فضيّقوا، وكان أمامهم سعة للاختيار من العصر العباسي، مع صحّة ربّما تضاهي أو تفوق صحة بعض ما استشهدوا به من العصر الذي حددوه، وفي هذا المقام أذكر الملاحظات التالية: أ - قسموا الشعراء إلى أربع طبقات: ثلاثة منها يستشهد بشعرهم وهم: الجاهليون، والمخضرمون، وشعراء العصر الأموي. والطبقة الرابعة وهم المولّدون أو المحدثون، ولا يستشهد بشعرهم. وفي مجال الشعر الجاهلي يأخذون كلّ شعر منسوب إلى شاعر جاهلي. وليس عندهم سند متصل موثوق بأن كلّ الشعر الجاهلي منسوب إلى أصحابه. ونذكر على سبيل المثال: شعر امرئ القيس: فقد وصل إلينا من شعره الذي نسب إليه زهاء ألف بيت منسجمة في مئة قطعة، بين طويلة وقصيرة، نجدها في ديوانه ولكن ابن رشيق يقول: «لا يصحّ له إلا نيّف وعشرون شعرا بين طويل وقطعة». [العمدة 1/ 67]. وبعض شعره، الذي نسب

إليه، قاله في طريق رحلته إلى ملك الروم المزعومة، وكان معه في الرحلة عمرو بن قميئة، وقد فطس امرؤ القيس في طريق العودة ومات أيضا عمرو بن قميئة في طريق هذه الرحلة. فمن الذي أوصل إلى الرواة شعره الذي قال فيه: بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه … وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا ومن الذي نقل إلينا عند موته «وإني مقيم ما أقام عسيب»؟! وينقلون شعرا يزعمون أنه قاله في ابنة القيصر، وأن حوارا دار بينه وبينها. وقصيدة الأعشى في مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، مع أنها قريبة العهد من العصر الإسلامي بل زعموا أنه قالها بعد صلح الحديبية. ولكنني لم أجد لها سندا صحيحا متصلا، بل روايات قصتها متعددة ومتضاربة، وفيها من المعاني الإسلامية ما لا يقوله إلا من قرأ القرآن وفهمه، وجالس النبي صلّى الله عليه وسلّم. وليس للأعشى نصيب من هذا ... وقد جاء في كتب النحو عشرات من أبياتها. وقصيدة أبي طالب في مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، لم يصحّ عندنا منها إلا البيت الذي يقول فيه «وأبيض يستسقى الغمام بوجهه» ولكنها قد تصل في بعض المراجع إلى مئة بيت. وفي كتب النحو شواهد كثيرة منها. ب - نحن لا نرى أن كلّ ما ذكرنا من النماذج موضوع ومنحول، قد يكون لهذا الشعر أصل قليل، ثم زيد عليه، ولكن من الذي زاد وطوّل في هذا القصيد؟. الجواب: إنّ أكثر من نسب إليهم وضع الشعر ونحله، ينتمون إلى ما بعد العصر الذي يستشهدون بشعر أهله ... فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نستشهد بشعر الوضّاعين من أهل العصر العباسي، ولا نستشهد بشعر بعض الشعراء الذين شهروا بفصاحة القول وجزالة اللفظ، وقوة التركيب، من أهل العصر العباسي، أمثال: بشار بن برد، وأبي نواس، والعباس بن الأحنف، والشريف الرضي، وأبي تمام، والمتنبي. ج - وقد اختار الزمخشري، والرضيّ، الاستشهاد بشعر بعض من سموهم المولدين ممن يوثق بكلامهم. فقد استشهد الزمخشري في تفسيره ببيت من شعر

3 - لا يؤخذ التاريخ من القصص الأدبي.

أبي تمام وقال: «وهو وإن كان محدثا، لا يستشهد بشعره في اللغة، فهو من علماء العربية، فأجعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه، ألا ترى إلى قول العلماء: (الدليل عليه ببيت الحماسة) فيقنعون بذلك، لوثوقهم بروايته وإتقانه» [انظر الخزانة 1/ 7]. قال أبو أحمد: أليس الاستشهاد بشعر أبي تمام أولى من الاستشهاد بشعر منسوب إلى الزبّاء؟ وأخبرني من الذي سمع ونقل أن الزبّاء قالت: ما للجمال مشيها وئيدا … أجندلا يحملن أم حديدا وهل كانت الزبّاء تتكلم العربية القرشيّة؟ وهناك شعر منسوب إلى رجال من قوم عاد، وهناك شعر منسوب إلى تبابعة اليمن مع أنّ علماء اللغة والتاريخ يقولون إن لغة أهل اليمن القديمة هي اللغة الحميرية وليست اللغة القرشية. 3 - لا يؤخذ التاريخ من القصص الأدبي. فكل بيت من الشعر له، أو لقصيدته، مناسبة قيل فيها. والمناسبة ذات صلة بالتاريخ والمجتمع. ويجتهد رواة الشعر أن يوجدوا مناسبة لكل بيت أو قصيدة، لتكون عونا على فهم النص، ولكن القصة التي يرويها رواة الشعر بعيدة العهد عنهم، وليس في روايات الأدب أسانيد متصلة إلى زمن قول الشعر، فرواة الشعر، وجدوا نصوصا يرويها الناس، وليس معها قصة، فحرصوا على أن يكون لكل بيت قصة، فوقعوا في شرك الوضع والكذب والاختلاق والظنّ، فرووا ما قيل لهم، أو تخيلوا قصة، إذا قرأها القارئ ظنّها من الواقع التاريخي، فنقلها على أنها من التاريخ، وهي بعيدة عن الواقع التاريخيّ. وقد نبهت في هذا المعجم إلى كثير من المناسبات التاريخيّة المصنوعة، وبينت كذبها. فقصص مغامرات امرئ القيس مع بنات العرب ومع ابنة القيصر، كاذبة ولا تمثل واقعا، ولا يصحّ وقوعها، وإنما هي من خيالاته. وقصص عمر بن أبي ربيعة في العصر الإسلامي كاذبة وهي من خيال الشاعر. والشعر الذي يروونه في فتنة الجمل وصفين أكثره موضوع ولا تصح مناسبته.

والقصص الذي روي مرافقا لشعر قيل في زمن عمر بن الخطاب، قصص موضوع لا يصحّ. ومن ذلك زعمهم أن عمر سمع امرأة تنشد: ألا سبيل إلى خمر فأشربها … أم هل سبيل إلى نصر بن حجاج فهذه القصة موضوعة، انظر تحقيقها في كتابنا «المدينة في فجر الإسلام والعصر الراشدي». وفي قصة «سحيم عبد بني الحسحاس» أقوال كثيرة لا تصح، حيث زعموا أن عمر بن الخطاب سمع قصيدة سحيم التي مطلعها: عميرة ودّع إن تجهزت غازيا … كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا فقال عمر: لو قدّمت الإسلام على الشيب لأجزتك. فهذا لا يصح؛ لأن عمر لم يكن يجيز على الشعر، وإنما يعطي كلّ إنسان حقّه من العطاء السنوي. ثم إن القصيدة عامرة بالفسق والفجور ووصف المغامرات. ويزعمون أنّ قومه قتلوه وأحرقوه - في زمن عثمان - وهذا لا يصحّ؛ لأنه لو ثبت عليه حدّ الزنا، فليس عليه إلا الجلد والتغريب، أو الرجم، فكيف يقتل ويحرق في العهد الراشدي. ويزعمون أن سبب تعلّق عميرة به أن أنقذها من يهودي خطفها وحبسها في حصنه ... ولم يكن - زمن عمر، وزمن عثمان - يهود في المدينة. وألغى ابن قتيبة عقله فقال: «ويقال سمعه عمر بن الخطاب ينشد: ولقد تحدّر من كريمة بعضهم … عرق على جنب الفراش وطيب فقال له عمر: إنك مقتول. فسقوه الخمر ثم عرضوا عليه نسوة فلما مرت به التي كان يتهم بها أهوى إليها فقتلوه!» «الشعر والشعراء» ص 321. وهذا كذب ما كان له أن يرويه. فلو أنّ عمر سمعه يقول كذا؛ لنفاه عن المدينة، كما روي أنه نفى بعض الفجّار، وكيف يسقونه الخمر لاكتشاف من يتّهم بها من النساء والرجل

4 - الشواهد الشعرية لا تشمل القواعد النحوية كلها

إذا سقي الخمر لا يفرق بين محارمه وغير محارمه؛ لأنه يضيع وعيه، وكيف يعرضون عليه النساء، وفيه اتهام وقذف للنساء المعروضات؟ ومن الذي سقاه الخمر، هل سقاه عمر الخمر، حيث ذكر «فسقوه» في سياق سماع عمر له ... كل هذا قصص أدبي من اختراع أهل القصة ولا يصحّ أن يروى في التاريخ والله أعلم. فإن كتب الأدب ليست مكانا لرواية التاريخ أو أخذ التاريخ منها، وإنما هي من مواطن السمر واللهو، والسمر يملحه الكذب الأدبي. 4 - الشواهد الشعرية لا تشمل القواعد النحويّة كلها: فأكثر ما يأتون بالشاهد في المسائل الخلافية، أو فيما شذّ عن القاعدة التي تعارفوا عليها: فإذا قالوا: إن «ال» من علامات الاسم، جاؤوا بالشواهد التي دخلت فيها «ال» على الفعل المضارع، شذوذا أو ضرورة. كقول الفرزدق: «ما أنت بالحكم الترضى حكومته». وإذا قالوا: إنّ الفعل لا يلحقه ضمير المثنى والجمع إذا كان الفعل مثنى أو مجموعا. استشهدوا بما رأوه شاذا أو أنه لغة من لغات العرب كقول ابن قيس الرقيات في مصعب: تولى قتال المارقين بنفسه … وقد أسلماه مبعد وحميم وارجع إلى الشواهد فإنك واجد أكثرها في المسائل الخلافية والشاذ من القواعد، أو في الضرائر الشعرية. 5 - قسّم علماء العربية الأوائل، قواعد النحو، إلى قياسيّة، يصح القياس عليها والنسج على منوالها لكثرة شواهدها عندهم. وإلى سماعيّة، أو قليلة، أو شاذة، أو ضرورة، ولا يصحّ القياس عليها لندرة شواهدها عندهم. وتتابع المؤلفون على هذا التقسيم إلى العصر الحديث.

6 - الموازنة بين رواية الشعر، ورواية الحديث النبوي

قلت: وهذا التقسيم صحيح، عند العلماء الأوائل الأقدمين؛ لأن حكمهم قام على استقراء النصوص التي وصلت إليهم. ولكن ظهر فيما بعد أن استقراء هؤلاء كان ناقصا، وأن هناك شواهد لم يطلعوا عليها، فلماذا لم يخرج الشاذ إلى دائرة الكثير الذي يباح الأخذ به وإن كان لا يصل إلى منزلة القياسيّ؟. فدخول «ال» على الفعل عدوه من الشذوذ، والضرورة؛ لأنهم لم يكونوا يملكون عليها إلا الشاهد أو الشاهدين. ولكن البغدادي في خزانة الأدب (ج 1/ 32 - هارون) أحصى لدخول «ال» على المضارع ثمانية شواهد شعرية. أما تكفي ثمانية شواهد - ولعلّ هناك شواهد أخرى لم تبلغنا - لإخراج الأسلوب من حدّ الشذوذ إلى حدّ الكثرة، وإلى إباحته في الشعر والنثر معا؟!. واللغة التي تجمع بين الفاعل الظاهر والضمير، التي نبزوها بلغة (أكلوني البراغيث) ما زلنا ننبذها، ونخطئ من يستخدمها، مع تعاضد الشواهد القرآنية، والحديثية، والشعريّة على صحتها وجوازها، وقد أحسن ابن مالك النحوي عند ما سماها لغة «يتعاقبون فيكم ملائكة» إشارة إلى ورودها في الحديث النبويّ الذي رواه الإمام مالك في الموطأ بل رواه أيضا بهذا اللفظ الإمام البخاري في صحيحه، وهي لغة موافقة لتخريج الآية «وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا» [الأنبياء: 3]. وهي - كما أرى - لغة صحيحة، ولا يعدّ مخطئا من يستخدمها وإن كانت ليست الفصحى، ولكنها لغة فصيحة، ولك بعد ذلك أن تخرجها وتؤولها كما يحلو لك، [انظر كتابينا «الشوارد النحوية» و «الإمام الزهري» في الدفاع عن لغة الحديث النبوي]. 6 - الموازنة بين رواية الشعر، ورواية الحديث النبويّ: اعتمد النحويون الأوائل في إثبات قواعدهم على الشواهد الشعرية، ولا تكاد تجد الأحاديث النبوية من شواهدهم إلا قليلا نادرا، وتبعهم على هذا المسلك النحويون المتأخرون - إلى أن جاء ابن خروف النحوي (علي بن محمد بن علي -

609 هـ). فأخذ يستشهد بالحديث النبويّ كثيرا، ثم جاء ابن مالك صاحب الألفية (- 672 هـ) فأكثر من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب. فجاء أبو الحسن بن الضائع (علي بن محمد بن علي الإشبيلي - 680 هـ) فعاب ابن خروف على صنيعه وقال «وابن خروف يستشهد بالحديث كثيرا، فإن كان على وجه الاستظهار والتبرك بالمروي فحسن وإن كان يرى أنّ من قبله أغفل شيئا وجب عليه استدراكه فليس كما رأى». [الخزانة 1/ 10]. ثم جاء أبو حيّان النحوي (محمد بن يوسف بن علي الجيّاني - 745 هـ) فشنّع على ابن مالك لإكثاره من الاستشهاد بالحديث، وعلّل تشنيعه هذا بمزاعم تدلّ على جهله بالحديث النبويّ وبتاريخ الرواية والتدوين وأخطأ أخطاء فاضحة تحمّل وزرها إلى يوم القيامة؛ لأنه كان بمزاعمه عونا للطاعنين في الحديث النبوي فيما بعد، حيث اتخذوا كلامه حجة للطعن في الحديث، فقالوا إنه ليس حجة في التشريع. ذلك أن أبا حيّان، زعم أن الأحاديث لم تنقل إلينا بلفظ النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإنما نقلت بالمعنى، وأنه وقع اللحن فيها؛ لأن كثيرا من الرواة كانوا من العجم، وأن أئمة النحو المتقدمين من المصرين - الكوفة والبصرة - لم يحتجوا بشيء منه. قال أبو أحمد: إنّ ابن الضائع في عيبه ابن خروف على كثرة استشهاده بالحديث، إنما هو مضيّع علما كثيرا، ولذلك ضلّ ضلالا مبينا. وإنّ أبا حيّان الجيّاني: مدّع جاهل، يدخل أنفه فيما لا يفهمه ويكفيه ضلالا أنه شغل نفسه بتأليف الكتب في لغات كانت أيامه ميتة، فصنع كتابا بعنوان «زهو الملك في نحو الترك». و «الإدراك للسان الأتراك» و «منطق الخرس في لسان الفرس» و «نور الغبش في لسان الحبش». وإذا كان شغل نفسه بلغات الأرض، كيف يحكم على لغة الحديث النبوي، وهو لم يشغل نفسه بها. وإليك تفصيل الجواب عن مزاعم ابن الضائع، وأبي حيّان: أ - كون الأقدمين لم يحتجوا بالحديث، هذا حجة عليهم لا لهم. فهم وإن لم يحتجوا بالحديث فإنهم لم يصرحوا بالسبب الذي جعلهم يحجمون عن الاحتجاج

به، فمن أين لأبي حيّان ما ذكر من التأويل الفاسد. ب - إن الحديث النبوي رواية ودراية، والرواية من أهم شروطها: معرفة رجال الإسناد، ومعرفة الصفات القادحة في رجال السند. والدراية تتطلب فهما في فقه الحديث والسنة النبوية، ومعاني القرآن، وآيات التشريع، والحلال والحرام، والمباح والمكروه. وهذه أمورد يفقدها علماء العربية؛ لأنهم لم يتفرغوا لها، ولذلك لم يحتجوا بألفاظ الحديث، لعدم قدرتهم على التمييز، فخشوا أن ينقلوا حديثا، يقدح أهل العلم بالحديث فيه. ج - أما قولهم؛ بوقوع اللحن فيما روي من الحديث، لروايته بالمعنى من قبل من لم يكونوا عربا بالطبع .. فهذا كذب على الحديث، وإنما يقع اللحن - إن وقع - في الحديث الموضوع، وربما وقع بسبب تصحيف النساخ في بعض الأحاديث الصحيحة، فإذا قوبل على الأصول الأخرى ظهر التصحيف. بل ربما ظنّه بعضهم لحنا؛ لأنه لم يطلع على اللغة التي جاء بها الحديث. روى الزبيدي في طبقات النحويين (ص 66) قال: لزم سيبويه حلقة حماد بن سلمة بن دينار (.. - 167 هـ) فبينا هو يستملي على حمّاد قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ليس من أصحابي إلا من لو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء». فقال سيبويه: «ليس أبو الدرداء» بالرفع. وظنه اسم ليس، فقال حماد: لحنت يا سيبويه ليس هذا حيث ذهبت، وإنما «ليس» هاهنا استثناء. فقال: سأطلب علما لا تلحنّي فيه. فلزم الخليل فبرع. هذا، ولم يذكروا شاهدا للاستثناء ب «ليس» إلا الحديث السابق، والحديث «ما أنهر الدّم، وذكر اسم الله عليه، فكلوا، ليس السنّ والظّفر». د - أما قولهم إن الحديث روي بالمعنى: فهذا ليس صحيحا؛ لأنه ثبت أن كتابة الحديث بدأت في العهد النبويّ، وإن لم تكن عامّة، ولكن الكتابة كانت موجودة، وانظر «كتاب العلم» في صحيح البخاري تجد أدلة لا تنقض على كتابة الحديث في العهد النبوي. هـ - وعلى فرض رواية الحديث بالمعنى، فإن الذين رووه بالمعنى هم الصحابة

- رضي الله عنهم، وكانوا أهل فصاحة وهم ممن يحتج بكلامهم، ولكن هذا لا يعني أن الصحابة غيّروا كلّ ألفاظ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإنما التغيير كان يشمل الكلمة أو الكلمتين. وقد وصلنا كلام الصحابي مدونا مكتوبا؛ لأن التدوين الكثير بدأ من عهد التابعين، ولم يكن تدوين التأليف والتصنيف، وإنما كان تدوينا مفرقا على أدوات الكتابة التي كانت متاحة، وبدأ تدوينه في مصنفات مجموعة في عهد تابعي التابعين، ووصلنا من مصنفات تابعي التابعين موطأ الإمام مالك. فقد ثبت أنه كان يكتب عن الزهري، وكان يحقق ما كتبه عن الزهري بقراءته عليه للتحقق من صحة ما كتب. ورواية الإمام مالك عن الزهري السلسلة الذهبية في الفصاحة: فالإمام مالك عربي، والزهري عربيّ فصيح، بل كان من أفصح أهل زمانه [انظر الإمام الزهري من تصنيفي]، والزهري ما كان يأخذ إلا عن رواة من العرب، من كبار التابعين. وخذ مثلا: الإمام مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: فمن أين يأتي اللحن إلى هذه السلسلة. و- قال الدّماميني (محمد بن أبي بكر - 827 هـ) في «شرح التسهيل»: إن من يقول - من المحدثين - بجواز النقل بالمعنى، فإنما هو عنده بمعنى التجويز العقلي الذي لا ينافي وقوع نقيضه - فلذلك تراهم يتحرون في الضبط ويتشددون مع قولهم بجواز النقل بالمعنى، فيغلب على الظن من هذا كله أنها لم تبدل، ويكون احتمال التبديل فيها مرجوحا. [الخزانة 1/ 14]. ز - وعلى فرض أن بعض الأحاديث رويت بالمعنى، فإن آلافا من الأحاديث رويت باللفظ. ولماذا يقبل النقل بالمعنى في الشعر، ولا يقبل في الحديث مع أنّ التابعين الذين بدّلوا اللفظ في الحديث - على فرض حصوله - كانوا من الصحابة أو التابعين ممن يحتج بكلامهم، أما رواية بيت الشعر بالمعنى فلا يعلم من الذي بدّله، أهو عربي فصيح أم هو من رواة العجم. ح - قال الميمني: «النقل بالمعنى شيء ليس بمقصور على الأحاديث فحسب، بل إنّ تعدد الروايات في بيت واحد من هذا القبيل، والقول بأنّ منشأه تعدد القبائل

ليس مما يتمشى في كلّ موضوع، على أنّ إثبات ذلك في كل بيت دونه خرط القتاد، زد إلى ذلك ما طرأ على الشعر من التصحيف والوضع والاختلاق من مثل ابن دأب، وابن الأحمر، والكلبي وأضرابهم، ورواة الشعر أيضا فيهم من الأعاجم والشعوبية أمم. على أن المسلمين في القرون الأولى كانوا أحرص على إتقان الحديث من حفظ الشعر والتثبت في روايته، وقد قيض الله لأحاديث رسوله من الجهابذة النقاد من نفى عنه ما كان فيه من شبهة الوضع والانتحال، وهذا حرم الشعر منه». ط - على فرض أن الحديث بقي يروى شفاها قبل تدوينه، فإن ذلك لا يتجاوز رأس المئة الأولى؛ لأن الثابت أن عمر بن عبد العزيز أمر بتدوين السّنّة أيام خلافته، وبعث بدعوته إلى الأقاليم كلها .. ومعنى هذا أن السّنّة أخذت من أفواه التابعين، وما بين هذا الزمن، ونهاية عصر الصحابة الذين نقلوا الحديث عن رسول الله، لا يتجاوز العقود القليلة. بل إنّ بعض الصحابة عاش إلى العقد الأخير من القرن الأول، مثل أنس بن مالك الذي توفي سنة 83 هـ، وعبد الله بن عمر توفي سنة 73 هـ، وأبو هريرة توفي سنة 59 هـ، والسيدة عائشة توفيت سنة 58 هـ، وأم سلمة توفيت سنة 62 هـ. وهؤلاء الذين ذكرتهم من أكثر من رووا حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا يعني أن النصف الثاني من القرن الأول شهد عددا كبيرا من الصحابة الذين روي عنهم أكثر الحديث النبوي. والزمن الفاصل بين وفاتهم، وتدوين الحديث كان زمنا قصيرا جدا زد على هذا أن الحديث الواحد له عن الصحابي طرق متعددة، وأخذه عن الصحابي عدد من التابعين، وهذا يعطي النصّ توثيقا أكثر. فأعطني شاهدا نحويا له هذا القرب من التدوين، وهذه الطرق المتعددة من الرواية، مع الوثوق بالراوي، وأخص بذلك الشعر الجاهلي، الذي يفصله عن زمن التدوين قرون متطاولة، وهناك مئات من الشواهد لا يعرف قائلها. ي - وتأمّل جيدا الفرق التالي في الرواية: لو أنّ تابعيا ثقة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو ينسب الحديث إلى معيّن، وهو رسول الله، لم يقبل منه هذا الحديث، ولم يكادوا يقبلون إلا مراسيل سعيد بن

7 - بين البصريين والكوفيين

المسيب، وردّوا مراسيل الزهري، وهو الحافظ الثقة. أما في رواية الشواهد النحوية الشعرية: فقال البغدادي: «إن الشاهد المجهول قائله وتتمته (نصف بيت) إن صدر من ثقة يعتمد عليه قبل، وإلا فلا. ولهذا كانت أبيات سيبويه أصح الشواهد، اعتمد عليها خلف بعد سلف، مع أنّ فيها أبياتا عديدة جهل قائلوها، وما عيب بها ناقلوها ...» [الخزانة 1/ 16]. أرأيت دقّة الرواية في الحديث النبوي: أهل الحديث يرفضون رواية التابعي الثقة الحافظ إذا أرسل إلى رسول الله، ولم يسقط من السند إلا الصحابي. وأهل اللغة يقبلون رواية ثقتهم، بلا إسناد، وعن مجهول، وتعدّ روايته أصح الشواهد. وبعد: فقد أخطأ أبو حيّان الجياني، وابن الضائع، ومن لفّ لفهما وأيدهما في حكمهما على لغة الحديث، وأخطأ سيبويه ومن عاصره من البصريين والكوفيين - إن كانوا لم يحتجوا بالحديث لما قاله أبو حيّان. وأصابا ابن خروف وابن مالك (على لغة: يتعاقبون فيكم) فيما صنعا، وسنّا سنة حسنة، لهما أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة. 7 - بين البصريين والكوفيين: لم يصلنا شيء من مؤلفات الكوفيين في النحو، وما وصلنا جاء عن طريق خصومهم البصريين مطعونا فيه. وقد تعصب النحويون على الكوفيين وبالغوا في الردّ عليهم إلى حدّ الغلوّ، ووصل أثر العصبية إلى العصر الحديث، فلا يكاد يعرف المتعلمون في المدارس والجامعات إلا المذهب البصريّ في النحو. وقد صنع الأنباري كتابا جمع فيه مسائل الخلاف بين أهل المصرين وسماه «الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين» .. والأنباري بصري الميل، ولذلك لم يكن منصفا فيما زعم أنه الإنصاف بل تعصب على الكوفيين في أكثر المسائل، وحرّم على الكوفيين ما أباحه للبصريين. وأذكر لك مسألة واحدة لتعرف التعصب: قال الأنباري: «مسألة: هل يجوز إظهار «أن» المصدرية، بعد «لكي»؟ ذهب

عمود الشعر العربي

الكوفيّون إلى أنه يجوز إظهار أن بعد كي، واحتجوا بأن قالوا: الدليل على ذلك. النقل والقياس: أما النقل، فقد قال الشاعر [مجهول]: أردت لكيما أن تطير بقربتي … فتتركها شنّا ببيداء بلقع [انظر البيت داخل المعجم]. فجاء جواب الأنباري عن هذا الشاهد، على لسان البصريين: [الجواب أن هذا البيت لا يعرف قائله، ولو عرف لجاز أن يكون من ضرورة الشعر]. فالبيت مرفوض، سواء عرف صاحبه أم لم يعرف، وهذا الجواب يشبه قول المعاند «عنز ولو طارت». وأعجبني جواب الشيخ محيي الدين عبد الحميد في حاشية [الإنصاف/ 583] يوجه الخطاب للأنباري «لا نرى لك أن تقرّ هذا، لا في هذا الموضع ولا في غيره، ولا على لسان الكوفيين ولا البصريين، فكم من الشواهد التي يستدلّ بها هؤلاء وهي غير منسوبة، ولا لها سوابق ولا لواحق، وفي كتاب سيبويه وحده خمسون بيتا لم يعثر لها العلماء بعد الجهد والعناء الشديدين على نسبة لقائل معيّن». قلت: لقد آن الأوان لمراجعة مقررات القواعد، للأخذ بالمذهبين البصري والكوفي، فإن في هذا توسعة وتسهيلا لقواعد العربية التي أخذت تتفلّت من أقلام المثقفين وألسنتهم، للتضييق عليهم في حدود قواعد، لا يعدّ مخالفها من اللحن. عمود الشعر العربي: اصطلاح أدبيّ متداول في كتب النّقد الأدبي القديمة. ويراد به: مجموع القوانين الشعرية التي التزمها الشعراء العرب الأقدمون. وقد استنبطها أهل العلم بالشعر من استقراء شعر الجاهلية وصدر الإسلام، والعصر الأموي. وقام استقراء العلماء على قراءة الشعر الموثوق في نسبته إلى قائله، وإلى عصره، وساعدهم على صحة الاستنباط والحكم، قرب عهدهم بالرواية والرواة وإصرارهم على التلقي بالمشافهة عن الموثوقين من أهل الرواية والدراية مع وجود النّسخ المخطوطة بين أيديهم. وكثيرا ما يوثّق أحدهم كلامه بأنه اعتمد على نسخة خطية مقروءة على المؤلف أو بخط المؤلف، أو أنه قرأ القصيدة الفلانية على راو

موثوق. فلم يكونوا يقنعون بقراءة الكتب مجردة من التوثيق الشفوي أو الكتابي لخوفهم من تحريفات النّسّاخ أولا، ولتوثيق المكتوب ثانيا، ولفهم المكتوب - بقراءته قراءة صحيحة - ثالثا. * وفي القديم، لم يكن يتصدّر للتدريس والتأليف، والإملاء، والإقراء، والرواية إلا من اكتملت له الأدوات التي تجعله متبحّرا في فنّه. ولو تصدر للتعليم من قصّر عن درجة العلماء، ما أقبل أحد عليه، وما استمع أحد إليه، ولكان افتضح بين الأقران. فالتعليم كان حرّا، وطلبة العلم كانوا يملكون حريتهم في الجلوس إلى ذلك الشيخ، أو الانصراف عنه، ولم يكن - كما في أيامنا - تعليم إلزامي، ومدارس إلزاميّة، يجبر الطالب على الحضور أمام أساتذتها أحبّ أم كره. ولذلك كان لنا من رصيد الماضي كوكبة من العلماء الأعلام ما زالوا المثل الأعلى، نحثّ الخطى نحوهم، فلا ندرك شأوهم. وتركوا لنا كنزا من المؤلفات فقد منه الكثير، ووصلنا القليل، ومع ذلك ما زلنا عاجزين عن الغوص في أعماق هذا القليل، ونغرق في ضحضاحه. ومما فاتنا استشراف آفاقه ومعرفة أسراره وأعماقه: التراث الأدبي: شعره ونثره. * لأن نقّاد الشعر ودارسيه في العصر الحديث، لم يهتدوا إلى «عمود الشعر العربي» فيما وصلنا من الشعر، وما قعّده السابقون من قواعد الأدب، فهم يحومون حول هذا التراث، ولا يقتربون منه، ويصفونه من بعيد ولا يخوضون غماره ليتذوقوا لبابه، ولهذا كانت الدراسات الأدبية الحديثة سطحية، لم تغص في الأعماق، ولم تضع يدها على الأصداف. وصدق (محمد حافظ إبراهيم) القائل - على لسان لغة العرب: أنا البحر في أحشائه الدرّ كامن … فهل ساءلوا الغوّاص عن صدفاتي لقد ظهرت دراسات نقدية في بداية التأليف في العصر الحديث، ومضى عليها اليوم خمسون سنة أو يزيد، ومع ذلك بقي الأخلاف من بعد يعتمدون عليها، ولا يتعدونها، ويجعلون أحكامها الأدبية مسلّمات لا تحتمل النقاش، مع وجود التطور الهائل في الطباعة والتحقيق وفي كميّة الكتب التراثية التي أصدرتها المطابع. وقد

وأما النظرات النقدية

قالوا في الأمثال: «وكم ترك الأوّل للآخر». ومما تابع فيه اللاحقون السابقين في باب النقد الأدبي: استنباط عمود جديد للقصيدة العربية، معتمدين على نماذج قليلة من الشعر العربي، ومغفلين، أو متغافلين عمّا استنبطه الأقدمون بعد استقراء شامل للنصوص الشعرية. هذا، وقد وصلتنا مجموعات شعرية قديمة، ونظرات نقدية سجلها الأقدمون في كتبهم، ولا يمكن أن نصدر حكما على الشعر العربي، دون قراءة واعية لما وصلنا من النصوص، والاطلاع على آراء الأقدمين. أما أشهر المجموعات الشعرية، فهي: «المفضليات»، من اختيار المفضل الضبيّ، و «الأصمعيات» من اختيار الأصمعي، و «جمهرة أشعار العرب» لأبي زيد القرشي، و «مختارات شعراء العرب» لابن الشجري. وعشرات الدواوين التي جمعها ورواها أعلام الأدب. وهناك مختارات مبوبة على المعاني، أشهرها «الحماسة» لأبي تمام. وأما النظرات النقدية: فهي كثيرة، وقد عرّجنا بالقارئ على شرح المرزوقي لحماسة أبي تمام التي ضمت (882) مقطوعة شعرية، وقد قدّم المرزوقي لشرحه بمقدمة نقدية تعدّ وثيقة نفيسة في تاريخ النقد الأدبي؛ لأنه ضمنها معايير عمود الشعر العربي الذي يوزن به الشعر. وكذلك نقلنا كلام ابن قتيبة على التحام أجزاء النظم في القصيدة العربية. (انظر ص 15 - 17 من هذا الكتاب). * ومع هذا ما زال مؤرخو الأدب ونقاده في العصر الحديث، يردّدون مقولة ظهرت في بداية العصر الحديث، ينكر أصحابها وحدة القصيدة، ويزعمون أن القصيدة العربية القديمة مفككة، لا يجمعها خيط معنوي واحد، وزعموا أن البيت وحدة مستقلة في القصيدة أو في جزئها، يمكن تقديمه وتأخيره، وحذفه دون أن يؤثر في نسق القصيدة. وبهذا يكونون قد وضعوا عمودا للقصيدة العربية، مخالفا لما استنبطه القدماء. فهل اطلعوا على ما كتبه القدماء ورأوه خاطئا، لا يوافق النصوص الشعرية التي قرأوها؟ الجواب: إنهم قرأوا شيئا قليلا عن عمود الشعر العربي، ولم يستغرقوا كل ما قاله النّقّاد القدماء، وقرأوا شيئا من الشعر، ولم يقرأوا الشعر كلّه، ولذلك جاءت أحكامهم، مضلّلة، أضلّت طبقات متوالية من

النقّاد الكسالى، الذين يحتطبون ولا يميزون. * ولعلّ الوهم جاءهم من جهات: الأولى: المقدمة الطّلليّة أو الغزلية أو الخمرية التي تتصدر قصيدة المدح، أو الفخر، أو الهجاء وتبدو للنظرة العجلى أنها مبتوتة الصلة بالموضوع. الثانية: كثرة الأبيات السائرة التي يتمثّل بها. الثالثة: الأبيات الشعرية التي استشهد بها النحويون، وهي في الغالب، أبيات مفردة. الرابعة: اعتمادهم على قصائد أخلّت الروايات بعدد أبياتها، وترتيبها، وبالزيادة فيها أو النقص منها. الخامسة: اشتمال القصيدة على وصف لموضوعات متعددة، كوصف الأطلال، والغزل ووصف الراحلة، والحيوانات الوحشية ... * أما المقدمة الطّلليّه أو الغزلية أو الخمرية، فإنها ليست تقليدا ملتزما في القصائد جميعها. فكيف نعمم حكم فنّ على الفنون كلّها؟ ولو شئت لعددت عشرات القصائد لا تبدأ بمقدمة مما ذكرت، وقد يبدؤون قصائدهم بالتعبير عن مشاعرهم في الموضوع الذي أرادوه. فهذا متمم بن نويرة يبدأ رثاء أخيه مالك بقوله: لعمري وما دهري بتأبين هالك … ولا جزع مما أصاب فأوجعا وهذا أبو ذؤيب الهذلي يبدأ رثاء أولاده بقوله: أمن المنون وريبه تتوجّع … والدهر ليس بمعتب من يجزع والأمثلة لقصائد الرثاء التي باشرت موضوعها كثيرة. وعند ما رثى دريد بن الصمّة أخاه عبد الله، بدأ الرثاء ببيتين من النسيب يلائمان الرثاء، حيث يقول في المطلع:

أرثّ جديد الحبل من أم معبد … بعاقبة وأخلفت كلّ موعد وبانت ولم أحمد إليك جوارها … ولم ترج فينا ردّة اليوم أو غد قال أبو الفرج: «إنّ أم معبد التي ذكرها دريد في شعره، كانت امرأته فطلقها لأنها رأته شديد الجزع على أخيه، فعاتبته على ذلك، وصغّرت شأن أخيه وسبّته، فطلقها». هذا، وجلّ قصائد الرثاء، لا تخرج عن ذكر مآثر الميت، وما يتصل بذكر الموت، وذكر شيء مما يسلّي عن ألم المصاب. وأما قصائد الفخر التي تهجم على موضوع الفخر بلا مقدمة، فهي كثيرة أيضا. ففي «الأصمعيات» قصيدة لعقبة بن سابق، يفخر في أولها بقطعه البيد على ناقة شديدة، ويصفها، وأنه يغدو أحيانا بفرس، ويصفها، وتبدأ بقوله: وجرف سبسب يجري … عليه موره جدب تعسّفت على وجنا … ء حرف حرج رهب [والجوف: ما جرفته السيول وأكلته من الأرض. والسبسب: المتسع من الأرض. والمور: الغبار. وتعسّفت: قطعت المفازة بغير قصد ولا هداية. يريد أنه يغامر ولا يخشى الفيافي. وقوله: وجناء وحرف ... الخ: من صفات الناقة]. وبعد ستة أبيات يذكر الفرس قائلا: وقد أغدو بطرف هي … كل ذي خصل سكب [والطرف: الفرس كريم الأبوين، والهيكل: الطويل الضخم. والخصل: خصل الشعر، والسكب: الجواد الكثير العدو]: ويصف الفرس في أحد عشر بيتا. ثم يصف ما يحقق للبيت من صيد في أربعة أبيات، فعدة القصيدة واحد وعشرون بيتا. وربّما عدّ بعض النقاد هذا من باب الوصف، ولكن الشاعر يصف ما يمتلك، ليفخر به، فالقصيدة كلها في الفخر. وقصيدة عروة بن الورد التي مطلعها: أقلّي عليّ اللوم يا ابنة منذر … ونامي فإن لم تشتهي النوم فاسهري

وهذا خطاب لامرأته، ولكنه ليس غزلا أو حنينا، وإنما هو مطلع ممهد للفخر، بل هو من لوازم الفخر، فهو يوجه الخطاب إلى امرأته (ابنة منذر) وكانت تلومه على الخطار بنفسه وإدمانه الغزوات والغارات في أحياء العرب، فرد عليها قولها بأنه إنما يبغي بذلك المجد. ويرسم في القصيدة سياسة للصعاليك، فهو لا يرضيه الصعلوك الخامل، وإنما يريده على أن يكون غازيا جريئا، ويعلن أنه سيواصل الغارات متزعما أصحابه لكي يشبع رغبة الجود والبذل الذي أخذ نفسه به، وهذه كلها من مفاخره الذاتية. وقصيدة مالك بن حريم في «الأصمعيات» بدأها بإظهار جزعه من الشيب بعد الشباب وهي قصيدة في الفخر. وقصيدة كعب بن سعد الغنوي من الأصمعيات، وهي قصيدة فخرية، بدأها بخطاب المرأة التي لامته لأنه يجابه الأخطار، وهو ليس مطلعا غزليا، وإنما هو مدخل فنيّ إلى الفخر. وقصيدة الأسعر الجعفي، عدة أبياتها ثلاثون بيتا في الفخر، وتبدأ بقوله: أبلغ أبا حمران أن عشيرتي … ناجوا وللقوم المناجين التّوى هذا، والقصائد الفخرية التي بدأت بالفخر، أو بما يدعو إلى الفخر كثيرة لا حصر لها. وقل مثل ذلك في قصائد النصائح والحكمة، ومنها قصيدة عبد قيس بن خفاف في «المفضليات»، ومطلعها: أجبيل إنّ أباك كارب يومه … فإذا دعيت إلى العظائم فاعجل * ولعلّ أول من أوهم النّقاد بأن المقدمة الطّلليّة تقليد لازم، هو ابن قتيبة عند ما قال في مقدمة «الشعر والشعراء»: «وسمعت بعض أهل العلم بالشعر يذكر أنّ مقصّد القصيد، إنما ابتدأ بذكر الديار والآثار ... الخ» فعمم القول على القصيد كلّه، ولكن آخر كلامه يدل على أن المقدمة الطللية تقليد في قصيدة المدح فقط، لقوله: «فإذا علم - الشاعر - أنه قد أوجب على صاحبه - الممدوح - حقّ الرجاء، وقرر

عنده ما ناله من المكاره في المسير، بدأ في المديح، فبعثه على المكافأة ...». وفيما نقله ابن قتيبة، وصف لمنهج القصيدة العربية وخطواتها، وتفسير لهذا المنهج: أ - جعل مطلع القصيدة ذكر الديار ليكون سببا لذكر أهلها. ب - ثم وصل ذلك بالنسيب ليميل نحوه القلوب، لما جعل الله في تركيب العباد من محبة الغزل وإلف النساء. ج - ثم رحل في شعره وشكا النصب وحرّ الهجير وإنضاء الراحلة والبعير ليوجب على الممدوح حقّ الرجاء. د - المدح. * وعلى ما نقله ابن قتيبة ملاحظات: الأولى: جعل مطلع القصيدة العربية الملتزم، هو ذكر الديار ... وقد ذكرنا قبل قليل أمثلة لقصائد لا تبدأ بالأطلال. ومن يبدأ من الشعراء بتمهيد لموضوع القصيدة، فقد يبدأ بذكر الديار، وقد يبدأ بوصف الخمر، كما في معلقة عمرو بن كلثوم، وقد يبدأ بالغزل دون ذكر الأطلال كما في قصيدة الأعشى: ودّع هريرة إن الركب مرتحل … وهل تطيق وداعا أيها الرجل وبدأ كعب بن زهير قصيدته المشهورة بقوله: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول … متيّم إثرها لم يفد مكبول الثانية: جعل ذكر الديار سببا لذكر أهلها ... وهذا يوحي بأن الشعراء اصطنعوا ذلك ولم يكن تعبيرا عن خلجات النفس المتصلة بالذكريات الجميلة. والحق أن الديار ومن فيها، أو من كان فيها شيء واحد لا يتجزأ، فالديار تذكر بالعيش فيها والأحباب يذكّرون بالديار. فالشاعر الجاهلي، أو الشاعر البدوي الكثير الارتحال إنما يعبر عن لواعج حقيقيّة، ولم يكن يصطنع أطلالا في خياله، كما فعل الشعراء الحضريون المقلدون ساكنو الحواضر في العصر العباسي، ولذلك فإننا نجد الشعراء

المجددين (أو الشعوبيين) يعيبون معاصريهم بالوقوف على الأطلال؛ لأن وقوفهم على الأطلال كان تقليدا - ولم ينقل عن هؤلاء المجددين أنهم عابوا الجاهليين لوقوفهم على الأطلال؛ لأن وقوفهم على الأطلال كان جزءا من حياتهم وبيئتهم. فقال أبو نواس: مالي بدار خلت من أهلها شغل … ولا شجاني لها أهل ولا طلل يريد أنه لم يتعلق قلبه بأطلال ليذكرها في شعره، ومعنى هذا أن الجاهليين إنما ذكروا الأطلال لصلتها بذكرى الأحبّة. وقال بشار بن برد - وفيها دليل على إيمانه بالبعث -: كيف يبكي لمحبس في طلول … من سيبكي لحبس يوم طويل إنّ في البعث والحساب لشغلا … عن وقوف برشم دار محيل ... وهو بهذا يعيب الشعراء المسلمين الذين يقفون على الأطلال. * ومما يدلّ على أن ذكر الجاهليين الأطلال كان حقيقيا يتصل بذكريات واقعة، أنّ أسماء النساء المذكورات في الشعر إنما هي لنساء لهنّ وجود حقيقيّ: فعنترة يقول: يا دار عبلة بالجواء تكلمي … وعمي صباحا دار عبلة واسلمي وعبلة حقيقة واقعة في حياة عنترة. و «خولة» صاحبة طرفة بن العبد التي ذكرها بقوله: «لخولة أطلال ببرقة ثهمد ...» قال الشّرّاح: خولة امرأة من بني كلب. وقالوا: إن «أم أوفى» في شعر زهير هي زوجه، و «هريرة» صاحبة الأعشى قينة كانت لرجل من آل عمرو. * والبكاء على الأطلال أقدم من الشعر الذي وصلنا، وليس امرؤ القيس أول من وقف واستوقف، وبكى واستبكى على الأطلال كما يزعمون؛ لأن امرء القيس يقول: عوجا على الطلل المحيل لعلّنا … نبكي الديار كما بكى ابن خذام

قال الآمدي في «المؤتلف»: «ابن خذام الذي ذكره امرؤ القيس في شعره، هو أحد من بكى الديار قبل امرئ القيس، ودرس شعره». ويغلب على الظنّ أن بكاء ابن خذام لم يكن مقدمة لقصيدة مدح؛ لأنّ الأصل في الشعر أن يكون تعبيرا عن الذات، ومن هنا وصف الشعر العربي بأنه شعر غنائي؛ لأنه يغني المشاعر الذاتية في الحبّ والوفاء والذكريات، ولهذا فإن أقدم بكاء الجاهليين على الأطلال كان بكاء حقيقيا، ولم يكن مقدمة مصطنعة كما فعل الشعراء فيما بعد. فحياة الجاهليين من أهل البوادي، كانت رحلة دائمة، ومع هذا الرحيل فإنهم لا ينسون ذكرياتهم في المكان المرتحل عنه، وإذا جمعتهم الأيام بالمكان في طريق سفرهم شدّهم إلى الوقوف فيه وتذكّر ما كان في الأيام الخالية: من ذكريات الشباب واللهو والأهل. وليس هذا الصنيع مقصورا على الشعراء. لأنّ تذكّر الماضي والبكاء عليه، والحنين إليه فطرة في قلب كلّ إنسان، مع تفاوت الناس في التعبير. وما زال الناس حتى يومنا يقفون عند المكان الذي حلّوا فيه مدة طالت أو قصرت ويتذكرون ما كان ويتحسرون على ما فات. وإذا لم يستطع أحدنا أن يقف على مرابع الماضي، استدعاها في خياله ووقف عليها وناجاها. وقد تحوّل الوقوف على الأطلال في العصر الإسلامي، إلى وقوف على أطلال الآباء والأجداد، فالشاعر الإسلامي الحضري الذي يقف على الأطلال، يدفعه إلى ذلك حنين إلى مرابع أجداده. وكان كثير من الأندلسيين يذكرون الأطلال والصحراء ومعالم الجزيرة العربية في شعرهم، وهم يسكنون جنة الدنيا، ولم يكن ذلك إلا حنينا إلى مرابع الجذور، وفي الإسلام طرأ نوع جديد من الوقوف على الأطلال، وهو الوقوف على أطلال المسلمين في أيام مجدهم، أو الوقوف على آثار أهل القدوة من المسلمين. فقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب يتتبع الآثار النبوية في سفره بين مكة والمدينة فيصلي في كلّ مكان صلّى فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم، حتى أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم نزل تحت شجرة، فكان ابن عمر يتعاهد تلك الشجرة فيصبّ في أصلها الماء لكيلا تيبس، وعن نافع - مولى ابن عمر - أن عبد الله بن عمر كان في طريق مكة يقول برأس راحلته يثنيها ويقول: لعلّ خفّا يقع على خفّ - يعني خفّ راحلة النبي صلّى الله عليه وسلّم. وينقل نافع وصفا لحال ابن عمر وهو يتبع آثار النبي صلّى الله عليه وسلّم فيقول: لو نظرت إلى ابن عمر إذا اتّبع أثر النبي لقلت: هذا مجنون.

وكثر فيما بعد شعر الحنين إلى الحجاز من الشعراء الذين فارقوا الحجاز وهم من أهله أو من الشعراء الذين يحنون إلى آثار المسلمين الأولين، فقال أحدهم: كفى حزنا أني ببغداد نازل … وقلبي بأكناف الحجاز رهين إذا عنّ ذكر للحجاز استفزّني … إلى من بأكناف الحجاز حنين فو الله ما فارقتهم قاليا لهم … ولكنّ ما يقضى فسوف يكون ووقف شعراء العرب في العصر الحديث على آثار العرب في الأندلس، فوصفوها، وبكوا على ما كان من المجد .. وهذا كله نوع من الوقوف على الأطلال، وفيه دليل على تعلّق العربي بآثار من يحبّ، أو بآثار الأقدمين، للبكاء عليها، والحنين إليها حينا، ولأخذ العبرة منها حينا آخر. ويروى أن أحد المتقدمين وقف على معاهد فقال: أين من شقّ أنهارك وغرس أشجارك وجنى ثمارك؟ ثم قال: إن لم تتكلم حوارا تكلمت اعتبارا. وقد أطلت في هذه التعليقة، لأقول: إن ابن قتيبة، أو من نقل عنه ابن قتيبة قد فسّر المقدمة الطللية تفسيرا عقليا بعيدا عن العواطف الإنسانية. وإن النقّاد - من أهل العصر الحديث - الذين نظروا إلى المقدمة الطللية على أنها مبتوتة عن موضوع القصيدة، قدّموا تفسيرا للشعر وهم قابعون في بيوتهم، ولم يذوقوا طعم الترحال الذي ذاقه الأقدمون، ولم يغتربوا عن أوطانهم، ولم يفارقوا أهلهم وأحبابهم. ولو عاشوا حياة الأقدمين تجربة وبيئة، أو خيالا، لتغيرت مفهوماتهم، ولقالوا قولا غير الذي قالوه. الملاحظة الثانية: حول تفسير ابن قتيبة لمنهج القصيدة: إنّ تعليل ذكر النسيب في القصيدة لإمالة القلوب نحوه، لما جعل الله في تركيب العباد من محبة الغزل ... يمكن ردّه أيضا؛ لأنه جعل نسيب الشاعر مصطنعا لهدف نفعي، وردّ هذا التعليل مبني على ردّنا تفسير المقدمة الطللية، فهو يجعل وظيفة الشعر تهييج مشاعر السامعين وتلبية رغباتهم في المرأة، وكأنه قصة إثارة مصطنعة. والحقّ أن الشاعر يعبر عن عواطفه الخاصة وذكرياته في ميدان الحبّ والاتصال بالمرأة، ودليلنا على ذلك أن النساء اللواتي ذكرن في النسيب، هنّ زوجات، أو فتيات تيّمن

الشعراء، وليس من المعهود في أخلاق العرب أن يعرضوا مفاتن الحليلات على الناس. الملاحظة الثالثة: جعل شكوى الشاعر من حرّ الهجير، ووصف الراحلة، ووصف ما عانت من تعب الارتحال وسيلة ليوجب على الممدوح حقّ الرجاء والطلب. ولنا هنا تعليقتان: الأولى: كون وصف الراحلة والطريق من خصائص قصيدة المدح فقط لا يصح؛ لأن الوقوف على الأطلال، والنسيب، ووصف الراحلة يوجد في قصائد الفخر أيضا. فقصيدة لبيد في الفخر، تبدأ بالأطلال، وقصيدة الحارث بن حلّزة تبدأ بالأطلال، وهي في الفخر، وقصيدة طرفة بن العبد، يعدّد فيها مفاخره وبدأت بالأطلال ... والأمثلة لذلك لا تحصى. وليست كلّ قصيدة مدح تتبع الخطوات التي ذكرها. فقصيدة زهير المعلقة في مدح هرم بن سنان والحارث بن عوف: بدأت بالأطلال، ووصف الظعائن، ولم يصف الطريق والراحلة. وقصيدة حسان بن ثابت اللاميّة في مدح الغساسنة، بدأت بالأطلال، وثنّت بالمدح. وقصيدة علقمة بن عبدة في مدح الحارث بن جبلة الغساني مطلعها: طحا بك قلب في الحسان طروب … بعيد الشباب عصر حان مشيب وهو مطلع في النسيب، ولم يذكر الأطلال. التعليقة الثانية: حول تفسير سلوك الشاعر هذا المنهج في قصيدة المدح: فإن خطوات قصيدة المدح هي التي أوهمت بتفكك القصيدة العربية. فالقارئ العجل يقول: وما علاقة الأطلال والغزل ووصف الناقة بموضوع المدح؟ إنّ الشاعر أدخل في القصيدة ما ليس منها. وما نقله ابن قتيبة في تفسير هذا المزج بين المدح وغيره ألقى بعض الضوء على سرّ ذلك، ولكنه لا يقنع بوحدة القصيدة. والتفسير عندي: أ - إن كلّ ما قاله الشاعر قبل الوصول إلى موضوع المدح، يفرضه مقتضى حال قصيدة المدح، وتفرضه السّنّة المتبعة في حال خطاب الطلب. فإنه يغلب على أحوال المادحين، أن يطلبوا من الممدوح عطاء، أو يلمحوا إلى حاجتهم من قصد مجلسه. وليس من حسن الخطاب أن يطلب الإنسان حاجته دون تمهيد. قال

عمر بن الخطاب: «من أفضل ما أوتيت العرب الشعر، يقدّمه الرجل أمام حاجته، فيستمطر به الكريم ويستنزل به اللئيم». وإذا كانت أبيات المديح هي الطلب المباشر، أو تضمنت الطلب، فإن ما يسبق المديح تمهيد للطلب. وقد اصطلح الناس وتعارفوا على أن هذا الأسلوب في التمهيد هو الأسلوب المرغوب فيه، فاتبعوه. ب - إن وصف الراحلة والطريق ليس مصطنعا ولا متخيلا؛ لأنه يغلب على الشعراء المادحين أن يأتوا إلى الممدوحين من مكان بعيد. ووصف طريق الرحلة والراحلة يحقق الشاعر منه هدفا فنيّا نفعيّا: أما الهدف الفني، فهو تهييج القريحة الشعرية لتصل إلى ذروة عطائها في أبيات المدح، فيكون بمنزلة «التسخين» الذي يقوم به الرياضي قبل المباراة. ومن الهدف الفني إمتاع الممدوح بعرض صور فنيّة مما يوجد في الصحراء العربية، قد يكون متشوقا لرؤيتها، حيث يتضمن الوصف صورا للحيوانات الصحراوية، وطبائعها، وأحوالها مع الصائدين. وربما كان هناك سؤال يجب على الشاعر أن يجيب عنه وهو: كيف وصلت إلينا وكيف كانت الطريق، وماذا رأيت في طريق الرحلة؟ وأما الهدف النفعي: فهو استدرار عطاء الممدوح، لما لقيه في الطريق من أهوال قطعها إليه، وكلما اشتدّ عناء الشاعر، زاد الأمل في العطاء؛ لأن قطع المسافات الطويلة إلى الممدوح يرفع مقامه، ويجعله متفرّدا في صفات الكرم، وكأنه يقول للممدوح: ذكرك في الكرم والجود وصل إلى الأماكن القاصية، وليس في الربوع من يجود غيرك. ج - رأينا فيما سبق الصلة الوثيقة بين وصف الطريق والراحلة، وبين موضوع المدح ... وليس من الصعب أن تربط بين المقدمة الطللية الغزلية وبين باقي القصيدة. ربما نقول: إنّ المقدمة الطللية نوع من الإثارة الشاعرية، وليس هناك أقدر على الإثارة من التعبير عن المشاعر الذاتية. وربما تقول: إن الشاعر عند ما تحدث عن ذكرياته الذاتيّة اللصيقة بموطنه، ومرابع القبيلة، أراد أن يقول للممدوح: إنني خلّفت موطن الذكريات العزيزة إلى

قلبي وقصدتك طالبا جودك، وربما أراد أن يقول: ليس في حياتي ما أقدّمه على ملاقاتك، ولو كانت ألصق الذكريات بي، وأحبّها إليّ. وللدلالة على صلة الأطلال والنسيب بموضوع المدح، يربط الشعراء بين هذه المقدمة وما بعدها برباط فنيّ، يسمونه «حسن التخلّص»، وانظر مثال الربط القوي وحسن التخلص بين الأقسام، المفضلية رقم «25» للحارث بن حلزة اليشكري في مدح الملك قيس بن شراحيل. والمفضلية رقم «119» لعلقمة بن عبدة، في مدح الحارث بن جبلة. والخلاصة: أن كلام ابن قتيبة في المقدمة، كان يصح لو قال: «إن مقصّد قصيد «المدح» إذا بدأ بوصف الديار ... الخ». وقلت: قصيد المدح؛ لأننا وجدنا أن المنهج الذي وصفه لا يعمّ القصيد كلّه. وقلت: «إذا» لأن قصائد المدح لا تتبع كلّها الخطوات التي وصفها: فقصيدة المدح قد تبدأ بالوقوف على الديار، وقد تبدأ بالغزل بدون الوقوف على الأطلال. وقد يصف الشاعر الراحلة والطريق، وقد يكون المدح بعد الوقوف على الأطلال .. فالذي قاله ابن قتيبة خاص بقصائد. ورأينا خيوطا فنيّة ومعنوية تربط بين أجزاء قصيدة المدح، بل قل: بين خطوات قصيدة المدح. فهي قصة المادح منذ كان في دياره، إلى أن يرتحل ويصل إلى الممدوح، فيقول له ما قاله، وينال عطاءه. ولم يقل أحد إن القصة ذات لون واحد، فهي تصف الزمان والمكان والحدث، ومع ذلك نعدّها وحدة متكاملة. وإذا وجدت قصيدة لا تربطها الروابط، فليس ذلك من عيب فيها، وإنما جاء العيب من الرواية، فإذا أردت أن تحكم على الشعر، فعليك بالقصائد الصحيحة الرواية التي لم تخلّ الروايات بشيء من عدد أبياتها، أو ترتيبها كما سيأتي بيانه، فقد كان العرب أهل ذوق فنيّ، ولم يكونوا يخلطون بين الألوان المتنافرة. هذا، وإذا عاندت ولم تقنع بما قدمت من تفسير خطوات قصيدة المدح، فإنني أقول: إنّ قصائد المدح في الشعر الجاهلي لا تساوي 1/ 30 من بقية الشعر، فما كثر المدح إلا في زمن خلفاء بني أمية ومن بعدهم، وسوف نرى تعاضدا أشد لا ينكر بين أجزاء القصيدة في الفنون الأخرى، فيما يأتي من الكلام إن شاء الله. * وأما جهة الوهم الثانية: فهي كثرة الأبيات السائرة التي تدلّ على معنى منفرد:

أقول: إن كلّ بيت من الأبيات السائرة يؤدي معنى منفردا، ولكنك إذا حذفته، أو غيرت ترتيبه اختل التسلسل المعنوي، واقرأ قول الحطيئة في سياق هجاء الزبرقان، ورفع مقام «بغيض»: دع المكارم لا ترحل لبغيتها … واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي من يفعل الخير لا يعدم جوازيه … لا يذهب العرف بين الله والناس وقول أبي ذؤيب في سياق رثاء أولاده: والنفس راغبة إذا رغبتها … وإذا تردّ إلى قليل تقنع وقول لبيد في سياق رثاء أخيه أربد: وما المال والأهلون إلّا ودائع … ولا بدّ يوما أن تردّ الودائع فمع أن هذه الأبيات من سوائر الأمثال، إلا أن سياق القصيدة لا يستغني عنها. بل إن البيت يكتسب معنى زائدا، إذا قرئ في سياقه، وهذا يدل على أن البيت مربوط بالقصيدة، ودلالته على معنى منفرد، مع ارتباطه ميزة فنية تحسب في محاسن القصيدة. * وأما أبيات الشواهد النحوية: فإنها تنشد في كتب النحو لتكون حجة للقواعد النحوية، فإذا أنشدتها في باب الأدب نقص معناها، أو اختلّ. ولعلّ سائلا يقول: وهل ينفصم الأدب عن النحو، أو ينفصل النحو عن الأدب؟ الجواب: إن الشعراء يعدّون النحو موجّها لأساليبهم؛ لأنهم يقولون للإفهام والتأثير. والقارئون والسامعون موجّهون بما عهدوا من قواعد النحو، ولكن مع ذلك، ليست القواعد النحوية هي المتفرّدة بإحداث التأثير الأدبي، بل هناك عوامل أخرى تدخل في باب البلاغة وعلم المعاني. وأما النحويون: فإنهم لا يعيرون الناحية الأدبية كثيرا من الرعاية عند ما يستشهدون بأبيات الشعر، وذلك راجع إلى طبيعة صنعتهم، وما يرغبون فيه لبناء القواعد عليه. وقد سجّلت على حاشية الشواهد النحوية الملاحظات التالية:

1 - إن مؤلفي كتب النحو يركزون عنايتهم على الكلمة المفردة، أو الجملة، أو الحرف من البيت، ولم يكن يعنيهم أن يقرؤوا البيت في سياق القصيدة - في الغالب - إلا إذا كانت الكلمة محل الشاهد في قافية البيت، أو كان محلّ الشاهد في بيتين: مثال الأول: الاستشهاد لنصب المضارع بعد «أو» ببيت امرئ القيس: فقلت له: لا تبك عينك إنّما … نحاول ملكا أو نموت فنعذرا - فقالوا: إنّ «نموت» منصوب؛ لأن «فنعذرا» معطوف عليه بالنصب، والقوافي في القصيدة منصوبة. ومثال الثاني: قول عمر بن أبي ربيعة، أو العرجيّ: ليت هذا الليل شهر … لا نرى فيه عريبا ليس إيّاي وإيّا … ك ولا نخشى رقيبا [عريبا - بالعين المهملة، بمعنى «أحد»]. فجاؤوا بالبيت الأول مع البيت الثاني لأن اسم «ليس» ضمير مستتر يعود على «عريبا» أو لأنّ ليس بمعنى «إلا». 2 - قال أوس بن حجر: فأمهله حتى إذا أن كأنّه … معاطي يد في لجّة الماء غامر استشهد بهذا البيت ابن هشام في «المغني» والشيخ خالد في شرح التصريح لزيادة «أن» بعد «إذا»، فنظروا إلى قوله: «إذا أن كأنّه» ولم يتدبروا بقية البيت، ولم يقرؤوا البيت في القصيدة، ولذلك وقعوا في الأوهام التالية: أ - جاء البيت بقافية الراء «غامر» والحق أن القافية فائية وهي كلمة «غارف» لأن البيت من قصيدة فائية مطلعها: تنكّر بعدي من أميمة صائف … فبرك فأعلى تولب فالمخالف

مع العلم أن ابن هشام متوفى سنة 761 هـ، والشيخ خالد متوفى سنة 905 هـ وبين الاثنين حوالي القرن ونصف القرن. ب - روي البيت في كتب النحو «في لجة الماء» والصحيح «من جمّة الماء» وقد أثّر هذا التحريف في فهم صانعي الحواشي على كتب النحو، كما سيأتي في الملاحظات. ج - صنع الشيخ ياسين، المتوفى سنة 1061 هـ، حاشية على كتاب «شرح التصريح» فشرح البيت كما نقله الشيخ خالد، وأغرب في شرحه لأنه لم يرجع إلى قصيدة البيت. فقال: لجّة الماء: معظمه. والغامر، بالمعجمة: المغطّي وهي مبني للفاعل (اسم فاعل) وأسند إلى المفعول، كراضية في قوله تعالى: عِيشَةٍ راضِيَةٍ* أي: مرضيّة. ونقل عن الدماميني (محمد بن أبي بكر) المتوفى سنة 827 هـ من شرحه على «المغني» أنّ المعنى «أنّه ترك هذا الرجل وتمهّل في إنقاذه، كما كان فيه، إلى أن وصل إلى حالة أشبه فيها من هو مغمور في اللجة، يخرج يده ليتناولها من ينقذه، وهذه حالة الغريق» أه. وهذا الفهم بعيد كلّ البعد عن معنى البيت في سياق القصيدة. د - والحقّ: أن البيت جاء في سياق أبيات يصف الشاعر فيها ناقته، ويشبهها بحمار وحشيّ، ثم يصف الحمار الوحشي، ثم يقول: إن الحمار الوحشي كان في عطش شديد، فورد عين ماء فصادف عليها صيّادا. فقوله: فأمهله: فاعل أمهل ضمير الصيّاد، والهاء: ضمير الحمار الوحشي. و «حتى»: غاية لما قبلها. والمعاطي: المتناول. وقوله: معاطي يد، أي: معاطي في يد. وجمّة الماء - بفتح الجيم - مجتمعه. ومن جمة: متعلق بغارف، و «إذا» في البيت ظرفية مجرّدة عن معنى الشرط، وفعلها محذوف يفهم من المقام، تقديره: حتى إذا صار الحمار من الماء في القرب مثل الرّجل الذي يتناول بيده غرفا. وفي الأبيات التالية يقول: إن الصيّاد هيّأ سهما، فأرسله ليصيب من الحمار مقتلا، فأخطأ السهم المقتل. [شرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي ج 1/ 164].

هـ - إنّ قصة هذا البيت، تدلّ دلالة قاطعة على وحدة القصيدة العربية، وأنك لا تستطيع تقديم بيت على بيت، وأن كثيرا من القصائد إذا حذفت منها بيتا اختل التسلسل المعنوي، وقد رأيت أن النحويين ضلّوا طريق فهم البيت عند ما قرؤوه مفردا. ورحم الله عبد القادر البغدادي، فإنه أول من نقد وقوّم أبيات الشواهد النحوية في كتابه «خزانة الأدب» و «شرح أبيات مغني اللبيب»؛ لأنه كان عالما بالأدب، وينظر في البيت بذوق الأديب الناقد. ولذلك نجده ينسب البيت إلى صاحبه، ويرجع إلى قصيدة البيت في ديوان الشاعر، ويرى أن البيت لا يفهم وحده، فيقول: «ولا بدّ من شرح أبيات حتى يتضح المعنى» فذكر وشرح ما قبل البيت وما بعده، فكان مجموع الأبيات ثلاثة وعشرين بيتا، يظهر البيت حلقة منها، لا يفهم إلا بها، وتدرك بعد فهم الأبيات قوة ترابطها. 3 - ومن أثر عناية النحويين بالكلمة المفردة، أو الجملة من البيت المفرد، أنهم قد يركّبون بيتا من بيتين لشاعرين. فقد أنشد ابن هشام في «المغني» هذا البيت، شاهدا للفصل بين «قد» والفعل بجملة القسم: أخالد قد والله أوطئت عشوة … وما قائل المعروف فينا يعنّف - والبيت مركب من شعري شاعرين: فالشطر الأول، لأخي يزيد بن بلان البجلي، من ثلاثة أبيات يخاطب بها خالد بن عبد الله القسري، وهي بقافية القاف، والبيت هكذا: أخالد قد والله أوطئت عشوة … وما العاشق المسكين فينا بسارق والشطر الثاني من قصيدة للفرزدق مطلعها: عزفت بأعشاش وما كدت تعزف … وأنكرت من حدراء ما كنت تعرف وصدر البيت الذي أخذ شطره الثاني: وما حلّ من جهل حبا حلمائنا … وما قائل ...

4 - ومن الأدلة على أن النحويين يقنعون بالنظر في البيت المفرد، دون البحث عن القصيدة التي ينتمي إليها البيت: أنهم قد يروون القافية المرفوعة منصوبة والقافية المجرورة منصوبة، ويجعلون الشاهد في كلمة القافية المحرّفة. فقد أنشد سيبويه، البيت التالي شاهدا لنصب المضارع بعد «أو»: وكنت إذا غمزت قناة قوم … كسرت كعوبها أو تستقيما وتوارد النحاة بعد سيبويه على روايته على الصورة التي رواها. والبيت للشاعر زياد الأعجم، من أبيات هجا بها المغيرة بن حبناء التميمي، وهي ثمانية أبيات، خمسة منها قافيتها مرفوعة، ومنها البيت الشاهد، وهو هكذا: «كسرت كعوبها أو تستقيم». وثلاثة أبيات قافيتها مجرورة، للإقواء. وهذه الأبيات نقلها صاحب الأغاني في ترجمة المغيرة، ونقلها عنه البغدادي في «شرح أبيات مغني اللبيب». وقال ابن منظور في «اللسان»: قال ابن بري: هكذا ذكر سيبويه هذا البيت، بنصب «تستقيم» بأو. قال: وهو في شعره «تستقيم» بالرفع، والأبيات ثلاثة لا غير. وأنشد بيتين مجروري القافية، ومعهما البيت الشاهد مرفوع القافية، للإقواء. وقال أهل العلم بالشعر: ولا يجوز أن ينشد بعض الأبيات منصوبا، وبعضها مرفوعا أو مجرورا، على طريق الإقواء؛ لأن الإقواء في الغالب إنما يكون بين المرفوع والمجرور، لما بينهما من المناسبة. وأنشد سيبويه: معاوي إننا بشر فأسجح … فلسنا بالجبال ولا الحديدا - بنصب «الحديدا» على أنه معطوف على محلّ الجار والمجرور، وهو قوله: «بالجبال» وهو خبر ليس والباء زائدة. والشاهد أول بيت في قصيدة للشاعر عقيبة بن هبيرة الأسدي، والأبيات التالية كلّها مخفوضة، حيث يقول بعده: فهبنا أمة ذهبت ضياعا … يزيد يسوسها وأبو يزيد أتطمع في الخلود إذا هلكنا … وليس لنا ولا لك من خلود

وقد ردّ ابن قتيبة رواية سيبويه وقال: وقد غلط على الشاعر؛ لأنّ هذا الشعر كلّه مخفوض. [الشعر والشعراء/ 43]. وقال الحسن العسكري في كتاب «التصحيف/ 207»: ومما غلط فيه النحويون من الشعر، ورووه موافقا لما أرادوه، ما روي عن سيبويه (وذكر البيت). قلت: ولكن النحويين فيهم عصبية وعناد، وما رأيت فئة تتعصب لرئيسها تعصّب البصريين لسيبويه، فإنّهم نزّهوا سيبويه وكتابه عن كل نقيصة أو عيب أو سهو، ولم يعترفوا بقول القائل: «كفى المرء نبلا أن تعدّ معايبه» ولذلك فإنهم قد التمسوا له الأعذار لتكون روايته حجة: فقالوا: إنه سمع من العرب الذين يستشهد بقولهم من ينشد هذين البيتين بالنصب، فكان إنشاده حجة. وهذا الاعتذار ليس مقبولا، وبخاصة في هذين البيتين؛ لأنّ الشاهد يكمن في القافية، وكان الواجب أن يسأل الراوي عن أخ للبيت على الأقل ليعرف حركة القوافي. واعتذروا عن البيت الثاني - بيت عقيبة بن هبيرة - بأن للبيت أخا منصوب القافية، وأن البيتين للشاعر عبد الله بن الزّبير - بفتح الزاي - الأسدي. وقالوا: وليس ينكر أن يكون بيت من قصيدتين معا؛ لأن الشعراء قد يستعير بعضهم من كلام بعض. وهذا الاعتذار غير مقبول أيضا. لأن وجود بيت واحد برمّته في قصيدتين يغلب أن يكون من خلط الرواة، ثم إنّ عدم اطّلاع النحويّ على القافية الأخرى المجرورة عند الشاعر الآخر، يجعل القاعدة النحوية المستنبطة غير مطردة، فالقواعد المطردة القياسيّة يجب أن تبنى على الاستقراء. * أما الجهة الرابعة التي جاء منها التوهم بأن القصيدة العربية القديمة غير مترابطة فهي الرواية. فالشعر العربيّ الجاهليّ، والمخضرم، بقي زمنا - الله أعلم به - تتداوله الألسنة، وتتناشده العرب، وينتقل من قاصّ إلى آخر، إلى أن جاء زمن الرواية والتدوين في القرن الثاني الهجري، فرأينا الرواة يختلفون في رواية البيت على وجوه مختلفة، ورأينا القصيدة تطول عند بعضهم، وتقصر عند آخر، ويختلف ترتيب الأبيات في القصيدة باختلاف الراوي. ومع هذه الحال، فإننا لسنا على يقين أنّ كل قصيدة منسوبة إلى شاعر، هي كلّ ما قاله منها فلعلّ أبياتا قد فقدت منها،

فأخلّت بالتسلسل المعنوي، ولعلّ الرواة قدّموا وأخّروا بين أبيات القصيدة، فأخلّ ذلك بالسياق. فإنّ رواة الشعر، كغيرهم من رواة الأخبار، كان يعنيهم في المرحلة الأولى الجمع ثم تأتي مرحلة النّقد، وهذه من عمل الناقد الأدبي، كما أنّ المرحلة الثانية من قراءة الأخبار ونقدها من وظيفة نقّاد السّند والمتن، ليقولوا: هل صحّ هذا الخبر أم لم يصحّ. وقد وصلتنا أخبار المؤرخين مدونة دون نقد، فظنها مؤلفو التاريخ في العصر الحديث صحيحة فنقلوا منها وبنوا عليها الأحكام، فضلّوا وأضلّوا غيرهم. وكذلك وصلتنا الأشعار كما رواها الرواة، دون أن تهذبها نظرات الناقد الأدبي، فأخذها بعض نقدة الشعر في العصر الحديث، كما وصلت إليهم وبنوا عليها الأحكام النقدية، فكان ما كان من الأحكام التي تحتاج إلى نقد على نقد. وقد وقع نظر هؤلاء النقاد على نماذج قليلة مما وصفنا من الروايات، فعمّموا الأحكام على الشعر العربيّ كله، فكان حكمهم الجائر؛ لأنهم لم يصدروا حكمهم بعد استقراء النصوص جميعها، وربما كان الذي أصدر هذه الأحكام واحدا، وتبعه الآخرون دون تحقيق، ولا يستبعد أن يكون المستشرقون هم أول من أصدر الأحكام النقديّة على الشعر العربي القديم، لأن أكثر الشّبهات والمطاعن التي أثيرت حول الشعر والتراث العربي بعامة، كان مصدرها الاستشراق. فالمستشرقون كانوا من السبّاقين إلى طباعة بعض دواوين ومجموعات الشعر العربي، وتقديم الدراسات عنها، وكانوا محلّ ثقة الرعيل الأول من مؤلفينا في العصر الحديث، وقد جلب بعضهم للتدريس في جامعة القاهرة في عهدها الأول. وللمستشرق (نلّينو 1872 - 1938 م) «تاريخ الآداب العربية» يرجع إليه كثير من المؤلفين العرب، وينهلون من مستنقعه الآسن. وكان قد ألقى محاضرات في جامعة القاهرة. * والحقّ الذي لا مرية فيه، أنه إذا وجدت قصائد قليلة، يظهر التفكك بين أجزائها بسبب ما ذكرنا، فإنه توجد عشرات القصائد المطولة، يظهر الترابط الوثيق بين أجزائها، وإليك بعض التفصيل: 1 - قلت إن من أسباب التفكك البادي على بعض القصائد القديمة الرواية، حيث كانت عناية بعض الرواة تتّجه إلى الجمع دون التنسيق. وأمامي روايتان

للمعلقات إحداهما رواية الزوزني مع شرحها، ورواية التبريزي (القصائد العشر) مع شرحها. وقد قارنت بين معلقتين الأولى: لزهير، والثانية: للبيد، أما معلقة زهير فإنني وجدت اختلافا في الترتيب في أكثر من عشرة مواضع مع الاختلاف في عدد الأبيات. أما معلقة لبيد، فإن تسلسل الأبيات في الروايتين وعددها، يكاد يكون متفقا، ولم أجد اختلافا في الترتيب إلا في موضع واحد. ولذلك فإن طه حسين اتخذ من معلقة لبيد مثالا، للردّ على من يدّعون افتقار القصيدة الجاهلية إلى الوحدة المعنوية، وأثبت من خلال عرضه القصيدة أنه لا يمكن تقديم بيت على بيت فيها. (حديث الأربعاء 1/ 28 - 39). 2 - وليست قصيدة لبيد يتيمة، فهناك عشرات القصائد المطولات التي رواها المحققون من أهل الرواية. ولعلّ كثيرا من قصائد «المفضليات» التي نشرها وحققها الأستاذان: أحمد شاكر، وعبد السّلام هارون، يعدّ نماذج للقصيدة العربية. فالمفضّل الضبي - راوي القصائد - كان موثقا في روايته، وكان من العلماء بالشعر. قال فيه محمد بن سلام الجمحي في طبقات الشعراء: «وأعلم من ورد علينا من غير أهل البصرة، المفضّل بن محمد الضبي الكوفي». ولكنّ الرواة والنساخ بعد المفضل لم يتركوا لنا مختاراته كما اختارها ورواها، وإنما زادوا في عدد القصائد، كما زادوا في أبيات القصائد، فاختلطت بغيرها. فالمشهور أن المفضل اختار ثمانين قصيدة، ولكنها وصلت في المطبوع إلى ثلاثين ومئة قصيدة. ومما يطمئن النفس أن المحققين قالوا: إن مختارات المفضل، لم تخرج عن هذا المجموع، ولكن الذي يصعب على القارئ التمييز بين مختارات الضبي والدخيل عليها. ومع ذلك فإن في هذا المجموع عشرات القصائد المطولة التي يظهر التلاحم بين أجزائها؛ لأنها وصلت إلينا كما قالها شاعرها. وإذا لم تستطع أن تربط بين أجزاء هذه القصائد، فإنني أوصي بقراءة الأجواء التي كتبها المحققان في حاشية هذه القصائد: قصيدة تأبط شرا، وهي أولى المفضليات، وعدد أبياتها ستة وعشرون بيتا، وقصيدة الحصين بن الحمام المرّي ص 64، وعدد أبياتها اثنان وأربعون بيتا، وقصيدة المرّار بن منقذ ص 82، وعدد أبياتها خمسة وتسعون بيتا، وقصيدة الأسود بن يعفر ص 215، وعدد أبياتها ستة وثلاثون

بيتا، وقصيدة متمّم بن نويرة ص 215 وعدد أبياتها واحد وخمسون بيتا، وقصيدة المثقّب العبدي ص 287، وعدد أبياتها خمسة وأربعون بيتا، وتعدّ هذه القصيدة - في بعض المصادر - مثالا لخلط الرواة بين القصائد المتشابهة في الوزن والقافية، حيث خلطها بعضهم بمقطوعة سحيم بن وثيل الرياحي «الأصمعية» التي مطلعها: أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا … متى أضع العمامة تعرفوني ثم قصيدة علقمة بن عبدة ص 391، وعدة أبياتها ثلاثة وأربعون بيتا، قالها يمدح الحارث بن جبلة الغساني، ومطلعها: طحا بك قلب في الحسان طروب … بعيد الشباب عصر حان مشيب تبدأ بالغزل، ثم يصف الراحلة، ثم يختمها بالمديح، ولكن الشاعر أجاد الربط بين الأجزاء، وتسلسلت معاني الأبيات، كلّ بيت يسلمك إلى ما بعده بحيث لو قدّم بيت على الآخر، لفسد المعنى. وتليها المفضلية ص 397، للشاعر نفسه، ومطلعها: هل ما علمت وما استودعت مكتوم … أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم وعدة أبيات القصيدة سبعة وخمسون بيتا، وهي أيضا قصيدة متماسكة الأجزاء متلاحمة الأبيات، تنساب معانيها من البداية حتى النهاية في رونق جذب؛ لأنها مشاعر وخواطر ذاتيّة فاضت على لسان الشاعر، فقصّها علينا في تسلسل أخّاذ. * وأقف عند رائعة أبي ذؤيب الهذلي (خويلد بن خالد) المخضرم. هلك بنوه الخمسة في عام واحد بالطاعون، وكانوا رجالا ولهم بأس وشدّة. وكانوا هاجروا إلى مصر، فبكاهم جميعا بهذه القصيدة الرائعة التي تعدّ الذروة العليا من الشعر. روى صاحب «الأغاني» أن المنصور لما مات ابنه الأكبر جعفر، طلب من ينشده هذه القصيدة من أهل بيته حتى يتسلّى بها، فلم يجد حاجبه في الحاضرين من بني هاشم من يحفظها ثم وجد له شيخا كبيرا مؤدّبا من غيرهم أنشده إيّاها، وأجازه،

وقال: «والله لمصيبتي بأهل بيتي أن لا يكون فيهم أحد يحفظ هذا لقلّة رغبتهم في الأدب، أعظم وأشدّ عليّ من مصيبتي بابني». وقد جعل صدر القصيدة حديثا بينه وبين امرأة تسائله عن شحوبه وأرقه، فيجيبها عن سبب حزنه وألمه. ثم رسم لنا ثلاث لوحات فنيّة لثلاثة أنماط من مظاهر القوة والحذر، والحرص، ومع ذلك لا تجدي شيئا أمام الموت، فهو أقوى وأقدر. ويبدأ كل لوحة بقوله: «والدهر لا يبقى على حدثانه» ... ويرسم لنا في اللوحة الأولى صورة الحمار الوحشي الذي بقي في معزل ثم ساقه القدر إلى عين ماء صادف عندها صيّادا، كان مصرعه على يديه. ويصف في اللوحة الثانية صورة ثور وحشي لم ينفعه حذره، ولم يمنعه من الوقوع في حبائل الصياد. وفي الصورة الثالثة يصف رجلا مدججا بالسلاح شجاعا جريئا، ولكنه يخرّ صريعا أمام قرنه. والشاعر يتخذ من هذه الأنماط الثلاثة عزاء لنفسه وتسلية لها وحضا على الصبر. وبعد: فإنّ ما أشرت إليه من القصائد المطولة ذات الوحدة المعنوية، أو ذات الترابط النفسي والعاطفي، هي نماذج قليلة من كثير مثبت في الدواوين والمجموعات الشعرية وإنّ استقصاءها لا يكون إلا في بحث مطوّل. والذي أردته من هذه النماذج أن أنبّه نقاد الشعر ودارسيه، إلى أنّ نقد النص والحكم عليه يسبقه عمل أكثر خطرا من نقد النص وتذوقه، وهو تخريج أبيات القصيدة من جميع المصادر الأدبية، والموازنة بين الروايات، والتأكد من أن هذه الأبيات هي كلّ ما قاله الشاعر منها، أو أن الشاعر قد قال هذه القصيدة، أي: صحة نسبة القصيدة إلى صاحبها، وعصرها، وأنها لم ينقص أو يزد فيها، ولم يختلّ ترتيبها، فليس كلّ شعر في ديوان أو مجموعة شعرية يصحّ جعله مثالا للحكم على العصر المنسوب إليه، لأن القصائد القديمة لعبت بها أهواء الرواة وأذواقهم ومزقتها الاختيارات، وأساء إليها النّسّاخ، وشتت شملها أهل النحو والتفسير لاختيارهم البيت والبيتين من القصيدة، بحسب الحاجة إلى الشواهد، وربما وجدت عشرة الأبيات من القصيدة في كتاب التفسير أو كتاب النحو، موزعة في مواطن متفرقة. ولا تغترنّ

بوجود القصيدة في ديوان شعر، أو في مجموعة من المجموعات الشعرية. إلا إذا كان الديوان أو المجموعة مخرّجة وموثقة، ومحققة، على مثال التحقيق الذي سار على نهجه الأستاذان: أحمد محمد شاكر، وعبد السّلام هارون، في تحقيق مجموعات عيون الشعر، وكما ظهر أنموذجه في «المفضليات» و «الأصمعيات». ومثل تحقيقات عبد القادر البغدادي - في خزانة الأدب - حيث حقق نسبة الأبيات والشواهد، والمقطوعات، وقدّم للنص نقدا توثيقيا لم يسبقه إليه أحد، ولم يستطع أن يزيد عليه أحد في العصر الحديث، لتوفّر المصادر في زمنه أكثر من توفرها في العصر الحديث؛ لأنه أدرك مصادر الشعر قبل تبدّدها وتفرقها في أنحاء الكرة الأرضية الجديدة. وإنه ليذكر مصادر كثيرة كانت موجودة في عصره (1030 - 1093 هـ) ولم تصل إلينا. 3 - أشرت في التعليقة السابقة إلى نماذج من القصائد المطولة التي تجمعها وحدة عضوية معنوية، مما يدحض شبهة تفكك القصيدة العربية القديمة. وأشير هنا إلى عشرات النماذج من المقطوعات الشعرية المنتزعة من قصائد مطولة، أو المقطوعات التي كانت هي كل ما جادت به قريحة شاعر، وفي «حماسة» أبي تمام «882» مختارة، وأكثرها من خمسة أبيات فما فوقها، وقد تصل إلى العشرين بيتا، وقد جرى فيها أبو تمام على تبويب معاني الاختيار، وقسمها إلى أبواب هي: باب الحماسة، وباب المراثي، وباب الأدب، وباب النسيب، وباب الهجاء، وباب الأضياف، وباب المديح، وباب السير والنعاس، وباب الملح، وباب مذمّة النساء. وقد صبّ أبو تمام ذوقه الفني على ما وصل إليه من أشعار العرب، فاختار لكل باب من أبواب «الحماسة» ما ارتضاه ذوقه، وأجمع العلماء على تزكية أبي تمام في «الحماسة»، وعلى تزكية «الحماسة» ونصوصها. ألا ترى إلى قول العلماء: الدليل على هذا بيت «الحماسة»، فيقنعون بذلك لوثوقهم بروايته وإتقانه؟. وإن قراءة أبيات هذه المقطوعات ليبطل مزاعم القائلين بأن البيت وحدة القصيدة القديمة، وأن تقديم بيت على بيت لا يفسد المعنى. وأمامك مئات من المختارات، تتحدّى من يزعم أنه يستطيع تقديم بيت على أخيه ومجاوره دون أن

يختل المعنى ويضطرب، مع أنها من أبيات المعاني، بل المشبعة بالمعاني التي تساعد على جعلها من الأمثال السائرة. 4 - أما البيت وأخوه تلاحما، وتتابعا، فأمثلته لا حصر لها. وأخبرني كيف يمكن أن تقدّم وتؤخر بين هذه الأبيات التالية دون أن يفسد المعنى، وهي لتأبط شرا أو لامرئ القيس من معلقته - على خلاف بين الرواة -[انظر شرح المعلقات للزوزني]: وواد كجوف العير قفر قطعته … به الذئب يعوي كالخليع المعيّل فقلت له لما عوى إنّ شأننا … قليل الغنى إن كنت لمّا تموّل كلانا إذا ما نال شيئا أفاته … ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل وكيف يمكن تقديم البيت الثاني على الأول في قول امرئ القيس من معلقته: وقد أغتدي والطير في وكناتها … بمنجرد قيد الأوابد هيكل مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا … كجلمود صخر حطّه السيل من عل 5 - ولعلّ أكبر شبهة ينفذ منها الطعن في وحدة القصيدة العضوية: هي أبيات الحكمة التي تتخلل بعض القصائد. وهذه الأبيات تبدو للنظرة العجلى أنها معزولة عن موضوع القصيدة، كما أنه يسهل التقديم والتأخير فيها. وإليك هذه النظرات، لعلها تبدد شيئا من ظلمة هذه الشبهة، وتنوّر الطريق أمام قارئ أبيات الحكمة ومتذوقها في سياق القصيدة العربية، أو قارئ الحكمة منفردة عن القصيدة، وبخاصة إذا كانت الحكمة موضوع قصيدة مستقلّة: أ - يجب التأكّد من أن هذه الأبيات منسوبة إلى صاحبها، وأنها قد وضعت في مكانها من سياق القصيدة كما أراده الشاعر، وأنها متتابعة كما ساقها الشاعر. فقبل أن نعيب «القول» يجب أن نتأكد أن صاحبه قد قاله، أو قاله بالصورة التي وصلت إلينا. وقد ألمحنا فيما سبق أن الرواية لعبت بالشعر، بحسن نيّة، أو لهوى، أو لأسباب أخرى. وأنقل هنا موازنة بين روايتين لأبيات الحكمة في معلقة زهير بن

أبي سلمى: فالشاعر بدأ معلقته بالغزل، ثم مدح الحارث بن عوف وهرم بن سنان، لإصلاحهما بين عبس وذبيان في حرب داحس والغبراء، وذمّ الحرب، وبغّضها إلى النفوس، وذمّ من لم يدخل في الصلح، ثم ختمت المعلقة بأبيات في الحكمة والنصح. وقد قارنت بين رواية الزوزني المتوفى سنة 486 هـ في شرحه، ورواية التبريزي، المتوفى سنة 502 هـ في شرحه أيضا، فوجدت اختلافا بيّنا في عدد أبيات الحكمة، وفي ترتيبها. فهي عند الزوزني سبعة عشر بيتا، وعند التبريزي ثلاثة عشر بيتا. وعند الزوزني خمسة أبيات لم ترد في رواية التبريزي، وعند التبريزي، بيت لم يرد في رواية الزوزني. وإليك تسلسلها عند الزوزني، مقابلا بتسلسلها عند التبريزي مع الإشارة إلى الأبيات التي لم ترد في كلتا الروايتين، وجعلت لها أرقاما مستقلة عن القصيدة. تسلسل البيت عند الزوزني، ومطلع البيت التسلسل عند التبريزي 1. سئمت تكاليف الحياة ... العاشر 2. وأعلم ما في اليوم والأمس قبله الثالث عشر/ آخر القصيدة 3. رأيت المنايا خبط عشواء الحادي عشر 4. ومن لم يصانع في أمور الثامن 5. ومن يجعل المعروف من دون عرضه التاسع 6. ومن يك ذا فضل الرابع 7. ومن يوف لا يذمم الثاني 8. ومن هاب أسباب المنايا الثالث 9. ومن يجعل المعروف في غير أهله لا يوجد عند التبريزي 10. ومن يعص أطراف الزّجاج الأول 11. ومن لم يذد عن حوضه السابع 12. ومن يغترب يحسب السادس 13. ومهما تكن عند امرئ من خليقة الثاني عشر

14. وكائن ترى من صامت لا يوجد عند التبريزي 15. لسان الفتى نصف لا يوجد عند التبريزي 16. وإنّ سفاه الشيخ لا يوجد عند التبريزي 17. سألنا فأعطيتم لا يوجد عند التبريزي ويتفرد التبريزي بالبيت: ومن لا يزل يسترحل الناس نفسه … ولا يعفها يوما من الذّلّ يندم وقال في الشرح: قال المازني: قال لي أبو زيد: قرأت هذه القصيدة على أبي عمرو بن العلاء فقال لي: قرأت هذه القصيدة منذ خمسين سنة، فلم أسمع هذا البيت إلا منك. وقد يقول قائل: إن وجود هذا التباين في ترتيبها، مع ظهور المعنى وجلائه، يدلّ على أن البيت وحدة معنوية مستقلة، وهذا يؤكد انفراط عقد القصيدة. قلت: ليس الأمر كذلك. نعم: قد يفهم البيت مستقلا، ولكنك لو وضعت البيت في المكان الذي وضعه الشاعر فيه، فإنك تجد له معنى زائدا، وتجد أنه مرتبط بجسم القصيدة، ومتناسق مع ما قبله ومع ما بعده. ولنقف عند نماذج من هذه الأبيات. فقد جعل الزوزني أول بيت في الحكمة، وبعد الانتهاء من الحديث عن الحرب، قوله «سئمت تكاليف الحياة ...» وهو عند التبريزي البيت العاشر. أما أول أبيات الحكمة عند التبريزي فهو قوله: «ومن يعص أطراف الزّجاج ...». وقبل بيت الزوزني استطرد الشاعر في تقبيح الحرب، ومدح من دفعوا ديات قتلى لم يجترموا بقتلهم. وهذا المقام لا يناسبه بيت «سئمت تكاليف الحياة» وإنما تناسبه رواية التبريزي: ومن يعص أطراف الزّجاج فإنه … يطيع العوالي ركّبت كلّ لهذم والزجاج: جمع زجّ، وهو أسفل الرمح. والعوالي: جمع عالية، وهي أعلى الرمح. واللهذم: الحادّ. ومعنى البيت: أن من لا يقبل الصلح، وهو الزج الذي لا يقاتل به، فإنه يطيع الحرب، وهو السنان الذي يقاتل به، وقيل: المعنى إنّ

العرب كانوا إذا لقوا قوما لقوهم بالأزجّة ليؤذنوهم أنهم لا يريدون حربهم، فإذا أبوا، قلبوا لهم الأسنّة، فقاتلوهم. قلت: وهذا المعنى يناسب ما قبله في القصيدة. وأما مكانه عند الزوزني، فإنه يجعله قلقا، لا صلة له بما قبله وبما بعده. ويناسبه في التسلسل أيضا ما جاء عند التبريزي في الدعوة إلى الوفاء بعقد الصلح: ومن يوف لا يذمم ومن يفض قلبه … إلى مطمئنّ البرّ لا يتجمجم ويناسبه في السياق بعد رواية التبريزي: ومن هاب أسباب المنايا ينلنه … ولو رام أسباب السماء بسلّم وربما كانت روايته الصحيحة: ومن يبغ أطراف الرماح ينلنه … ولو رام أن يرقى السماء بسلّم يريد: من تعرض للرماح نالته .. قلت: ولعلّ بعض الأبيات التي تأخرت منظومة في قسم الحكمة، تكون متقدمة في قلب القصيدة، فقوله: ومهما تكن عند امرئ من خليقة … وإن خالها تخفى على الناس تعلم - قد يناسب مكانه بعد البيتين اللذين يدعو فيهما الأحلاف ألّا يضمروا الغدر في نفوسهم، حيث يقول: فلا تكتمنّ الله ما في نفوسكم … ليخفى ومهما يكتم الله يعلم يؤخر فيوضع في كتاب فيدّخر … ليوم الحساب أو يعجّل فينقم ويناسب هذا المقام أيضا قوله: وأعلم ما في الأمس واليوم قبله … ولكنني عن علم ما في غد عم يريد أن يقول لهم: إذا كان أحد الفريقين أحرز نصرا فيما مضى، فإنه لا يعلم ما يخبّئ له القدر. وربما أتى في نسقه قوله:

رأيت المنايا خبط عشواء ... البيت. ويناسب هذا المقام قوله: ومن لم يصانع في أمور كثيرة … يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم ففيه دعوة إلى مصانعة الناس ومداراتهم، وهذا يناسب الدعوة إلى الصلح. وقوله: ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله .. البيت. يناسب مقامه بعد مدح من دفعوا ديات القتلى. ولعلّ بعض الأبيات، التي لا نجدها منسوقة مع المعاني العامة للقصيدة، تكون زيادة من الرواة والله أعلم. ب - وهكذا وجدنا من الملاحظة السابقة أن أبيات الحكمة تكون منسوقة مع المعاني العامة للقصيدة؛ لأن الحكم نوع من النصح، والنصح يناسب مقتضى حال الكلام، فإن كانت القصيدة في الرثاء، جاءت الحكمة مناسبة لمقام التعزية والصبر، وإن كانت في قصيدة فخر فهي مناسبة لمعاني الفخر. فهذا طرفة بن العبد يقول: ولولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى … وجدّك لم أحفل متى قام عوّدي ويفصّل الثلاث التي جعلها هدف الحياة ثم يقول: فذرني أروّي هامتي في حياتها … مخافة شرب في الحياة مصرّد ثم يشرح لنا فلسفته هذه في صورة الحكمة المناسبة للمقام فيقول: أرى قبر نحّام بخيل بماله … كقبر غويّ في البطالة مفسد أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي … عقيلة مال الفاحش المتشدّد أرى العيش كنزا ناقصا كلّ ليلة … وما تنقص الأيام والدهر ينفد لعمرك إنّ الموت ما أخطأ الفتى … لكالطّول المرخى وثنياه في اليد

وعاتب ابن عمّه مالكا في أمر كان بينهما ثم قال: وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة … على المرء من وقع الحسام المهنّد وهو بيت مناسب للمقام، ومنسوق مع ما قبله. ... ثم يفخر الشاعر ببعض مناقبه، ويختم ذلك بقوله: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد ويأتيك بالأنباء من لم تبع له … بتاتا ولم تضرب له وقت موعد ... فهو يقول: إنك لم تعرف كلّ شيء عن مفاخري، وسوف تظهرها لك الأيام القادمة. ج - على أنه إذا جاءت الحكمة في صورة أبيات يبدو عليها الاستقلال المعنوي، فذلك لموافقته طبيعة هذا الفنّ. فالغزل، والمدح، والفخر، والرثاء فنون تعتمد على الوصف، والوصف يقترب من القصة، والقصة تستجيب للترابط والتسلسل. أما فنّ الحكمة، فإنه يقوم على مجموعة من النصائح تتعدد بتعدد مناحي الحياة، وبخاصة إذا كانت الحكمة موضوع قصيدة مستقلّة كما في قصيدة يزيد بن الحكم الثقفي (- 105 هـ) التي ينصح فيها ابنه، ويبدؤها بقوله: يا بدر والأمثال يض … ربها لذي اللّبّ الحكيم دم للخيل بودّه … ما خير ودّ لا يدوم ... وفيها أبيات تجري مجرى الأمثال كقوله: والناس مبتنيان محمود … البناية أو ذميم وقوله: والبغي يصرع أهله … والظّلم مرتعه وخيم وقوله:

كلّ امرئ ستئيم من … هـ العرس أو منها يئيم وقد يتلاحق البيتان والثلاثة في نسق فلا يؤخر المتقدم ولا يتقدم المتأخر، كقوله: والمرء يبخل في الحقو … ق وللكلالة ما يسيم ما بخل من هو للمنو … ن وريبها غرض رجيم ويرى القرون أمامه … همدوا كما همد الهشيم [والكلالة: الوارث ليس فيه الوالد والولد]. وقل ذلك في الحكمة التي تتخلل القصائد المطولة، فالحكمة لا تأتي دائما في بيت مفرد وإنما تكتمل في البيتين والثلاثة. قال معن بن أوس المزني (مخضرم) يعاتب صديقا: وكنت إذا ما صاحب رام ظنّتي … وبدّل سوءا بالذي كنت أفعل قلبت له ظهر المجنّ فلم أدم … على ذاك إلا ريث ما أتحوّل إذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد … إليه بوجه آخر الدهر تقبل فالبيت الأخير بمنزلة التذييل لما سبقه، وفيه الحكمة السائرة، ولكنه ذروة ما قبله. فهو يريد أن يقول: إنّي أمدّ نفس التصبّر ما أمكن، فإذا أعجزتني الحال العارضة عن الاحتمال، انصرفت مالكا عناني، ثم لا يثنيني على ما أعرضت عنه شيء أبد الدهر، أي: لم تكد نفسي تقبل إليه بوجه من الوجوه، وعلى لون من الألوان. وفي قصيدة معن بن أوس ما يتمثل به الناس على أنه خطاب عام وبيت منفرد، وهو قوله: وفي الناس إن رثّت حبالك واصل … وفي الأرض عن دار القلى متحوّل ولكن الخطاب في قوله: «حبالك» للصديق المذكور في القصيدة، والبيت مربوط بما قبله، وهو: ستقطع في الدنيا إذا ما قطعتني … يمينك فانظر أيّ كفّ تبدّل

د - ليست الحكمة قسما متميزا في القصيدة، ولا تستطيع أن تعدها بمنزلة المقدمة الغزلية في قصيدة المدح، بل هي من نسق القصيدة ومن سياقها المتّحد اللون والمذاق، فالحكمة في قصيدة الفخر مجموعة من التجارب التي جلبت لصاحبها المفاخر. فالشاعر علقمة بن عبدة في القصيدة التي مطلعها: هل ما علمت وما استودعت مكتوم … أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم يفخر بحضوره مجلس الشراب، وينعت الخمر والإبريق، ويفخر بغلبته الأقران واشتراكه في الميسر، واختراقه المفاوز، وصبره على رديء الطعام والشراب، وبسيره في الهواجر ... وهذه المفاخر يجمعها الكرم والشجاعة .. وهو يقدّم لهذه المفاخر بأبيات في الحكمة، فيها دعوة إلى الشجاعة والكرم، ونبذ البخل والخوف. وحضور مجالس الشراب من مظاهر الكرم عند طائفة من الجاهليين. ومما قاله في أبيات الحكمة: والحمد لا يشترى إلّا له ثمن … مما يضنّ به الأقوام معلوم والجود نافية للمال مهلكة … والبخل باق لأهليه ومذموم ومن تعرّض للغربان يزجرها … على سلامته لا بدّ مشؤوم وكلّ حصن وإن طالت سلامته … على دعائمه لا بدّ مهدوم وفي قصيدة الرثاء يمزج الشاعر نظرته إلى الحياة بالرثاء في صورة حكم. استمع إلى لبيد بن ربيعة يرثي أخاه أربد حيث يقول: بلينا وما تبلى النجوم الطوالع … وتبقى الجبال بعدنا والمصانع وما الناس إلا كالديار وأهلها … بها يوم حلّوها وغدوا بلاقع وما المرء إلا كالشهاب وضوئه … يحور رمادا بعد إذ هو ساطع وما المال والأهلون إلا ودائع … ولا بدّ يوما أن تردّ الودائع وما الناس إلا عاملان فعامل … يتبّر ما يبني وآخر رافع فمنهم سعيد آخذ بنصيبه … ومنهم شقيّ بالمعيشة قانع وفيما سبق من الملاحظات قدمنا أنموذجا للحكمة في قصيدة زهير، ورأينا أنها متصلة بموضوع القصيدة، وممتزجة مع معانيها.

هـ - وأخيرا، فإنّ الحكمة ليست من عمود القصيدة العربية، فهناك مئات القصائد لم تتضمن الحكمة، وعلى فرض أن أبيات الحكمة يبدو عليها التشرذم والانفصال، كما يزعمون، فكيف يعممون الحكم على قصائد الشعر كلها سواء أكانت متضمنة الحكمة أم خلت منها؟!. * الجهة الخامسة التي جاء منها الوهم: تعدّد الألوان والمشاهد في القصيدة. فقد قال بعضهم: إنّ الروابط قائمة بين أبيات تصف مشهدا من مشاهد القصيدة. فالغزل أبياته متسلسلة ومترابطة، ووصف الناقة تترابط وتتعانق أبياته. ويزعمون أنّ الوحدة معدومة بين ألوان القصيدة ومشاهدها. وهذا - في رأيي - زعم باطل، وحكم قاصر، لأنه لم يبن على استقراء واستقصاء. وإليك تفصيل ما أجملت: 1 - ربما كان النموذج الذي اعتمدوا عليه في الحكم، هو قصيدة المدح، وجزء الحكمة من القصيدة، أما أبيات الحكمة: فقد بينا فيما سبق قربها ولصوقها بموضوع القصيدة، وانظر مثالها ما قلناه حول أبيات الحكمة في قصيدة زهير. وأما قصيدة المدح: فقد قدمنا فيما سبق رؤيتنا في ترابط أجزاء القصيدة المدحية وأن الوقوف على الأطلال، والغزل، ووصف الراحلة والطريق تبدو أنها ألوان متناسقة مع موضوع المدح، وأنها مجموعة من الألوان في لوحة فنيّة لا ترى فيها تنافرا. وأزيد هنا على ما سبق: أن قصائد المديح - في الشعر الجاهلي، والمخضرم - لا تمثل إلا نسبة ضئيلة جدا، فهذه مجموعة «المفضليات» تضمّ ثلاثين ومئة قصيدة ومقطوعة، أحصيت قصائد المديح فيها، فلم تبلغ عشر قصائد. وفي مجموعة «الأصمعيات» واحدة وسبعون قصيدة ومقطوعة، لم أجد فيها إلا قصيدتين للمدح. وفي ديوان حماسة أبي تمام «882» حماسيّة، في باب المديح نحو ثلاثين مقطوعة، فيها خليط من مدح الذات وهو فخر، ومدح الكرم، ومدح الأصدقاء، وقلة قليلة في مدح العظماء والقواد والأمراء، وجلها منسوبة لشعراء من العصر الأموي، وأظنّ أن كمية الاختيار تتناسب مع كمية ما يوجد من كل نوع في الدواوين. ثم إن هذا المزيج من الألوان في قصيدة المديح، يمكن أن يقال إنه يمثل ذوق العصر، وهم يرون في هذا

المزيج مطلبا فنيا يرضي أذواقهم، وعلى هذا فهم يرون في هذه الألوان تآلفا. وليس من العدل أن نحكم على أذواق الناس في الأدب والطعام واللباس بالقياس إلى أذواق عصرنا. فإذا رأى بعض الناس في أذواق الماضين ما لا يرضيهم، فإن الماضين أيضا - لو بعثوا وتذوقوا أدبنا، ومطعمنا، وملبسنا، لرأوا فيها ما لا يرضيهم. قلت: إن الماضين يرون في هذا المزيج مطلبا فنيا، لأنهم كانوا يطلبون التوزيع المتناسق بين الألوان، بحيث يأخذ كلّ لون حقّه من اللوحة. ويرمز إلى هذا المعنى ما نقله ابن قتيبة في «الشعر والشعراء» ص 21: أن بعض الرّجاز أتى نصر بن سيّار، والي خراسان لبني أميّة، فمدحه بقصيدة تشبيبها مئة بيت ومديحها عشرة أبيات. فقال نصر: والله ما بقّيت كلمة عذبة ولا معنى لطيفا إلا وقد شغلته عن مديحي بتشبيبك، فإن أردت مديحي فأقصد في النسيب. فأتاه فأنشده: هل تعرف الدار لأمّ الغمر … دع ذا وحبّر مدحة في نصر فقال نصر: لا ذلك ولا هذا، ولكن بين الأمرين. 2 - أما قصيدة الفخر، فلا ينكر وحدتها إلا معاند، ذلك أنّ كلّ معانيها تعدّ من باب المفاخر عند القوم. فالمقدمة التي زعموا أنها مفصولة عن جسم القصيدة، لا تخرج عن الوقوف على الأطلال والغزل، وهما شيء واحد، ووصف مجالس الخمر، ووصف الراحلة، والطريق إلى المفاخر. وقد أجملها طرفة بن العبد في قوله: ولولا ثلاث هنّ من عيشة الفتى … وجدّك لم أحفل متى قام عوّدي فمنهن سبقي العاذلات بشربة … كميت متى ما تعل بالماء تزبد وكرّي - إذا نادى المضاف - مجنّبا … كسيد الغضا نبّهته المتورّد وتقصير يوم الدّجن والدّجن معجب … ببهكنة تحت الطّراف المعمّد على أن قصائد الفخر لا تنهج منهجا واحدا، فبعضها يبدأ بالأطلال، وكثير منها يبدأ بأبيات في النسيب تكون مدخلا لتذكّر أيام الشباب، وما كان فيها من

المفاخر، وبعضها يبدأ بالخمر، ومع ذلك فإن جلّ ما وصلنا من قصائد الشعر القديم في موضوع الفخر. ففي «المفضليات» نحو ثمانين قصيدة في الفخر من أصل (130) مختارة. وفي «الأصمعيات» خمس وأربعون قصيدة في الفخر من أصل سبعين مختارة. وفي «ديوان الحماسة» (261) مختارة في الفخر وهو أوسع أبواب الحماسة. ويمكن أن نضمّ قصائد الهجاء إلى قصائد الفخر؛ لأن قصيدة الهجاء تحتوي مع الهجاء فخرا، فالشاعر يمدح أمجاد المهجوّ ولكنه مع ذلك يذكر أمجاد قومه من باب المقابلة، وهذا المذهب واضح في قصائد النقائض. 3 - أما قصائد الرثاء، فليس فيها الشبهة التي ترد على قصائد المدح والفخر، لأن قصيدة الرثاء تبدأ بالرثاء، أو ما يتصل بالرثاء من مظاهر الحزن، ليكون مدخلا إلى تعداد مآثر الميت، وإليك مطالع أشهر قصائد الرثاء في الشعر العربي القديم: قال: أعشى باهلة (عامر بن الحارث) يرثي أخاه لأمه: قد جاء من عل أبناء أنبّئها … إليّ لا عجب منها ولا سخر فظلت مرتفقا للنجم أرقبه … حرّان مكتئبا لو ينفع الحذر وقال كعب بن سعد الغنويّ يرثي أخاه: تقول سليمى ما لجسمك شاحبا … كأنّك يحميك الشراب طبيب فقلت ولم أعي الجواب ولم ألح … وللدهر في صمّ السّلام نصيب [لم ألح: لم أحاذر. والسّلام، بكسر السين: الحجارة الصلبة]. تتابع أحداث تخرّمن إخوتي … وشيّبن رأسي والخطوب تشيب وقال متمم بن نويرة يرثي أخاه مالكا: لعمري وما دهري بتأبين هالك … ولا جزعا مما أصاب فأوجعا وقال في مطلع قصيدة أخرى: أرقت ونام الأخلياء وهاجني … مع الليل همّ في الفؤاد وجيع

وإذا كان هذا حال قصائد الرثاء في شعر الرجال، فإن الرثاء في شعر النساء سيكون كذلك أيضا، فالمرأة لا تقف على أطلال الحبيب، ولا تشبب بحبيبها، ولا ترتحل على ناقة .. فإن وقفت، فإنما تقف على القبر. وأما مضمون قصيدة الرثاء، فهو إظهار الحزن على الميت، وذكر مآثره، والحكمة التي تقول إن الخلود لا يكون لحيّ، والاتّعاظ بما كان للأمم السابقة من ملوك وشجعان، وضرب الأمثلة لكون كل من على الأرض لا بدّ أن يموت .. وهذا كله لا يخرج عن موضوع الرثاء، مما يحقق للقصيدة الوحدة العضوية والتلاحم بين الأبيات. 4 - ووصلتنا قصائد مطولة تتضمن نصائح ووصايا، وكلّها ذات وحدة فنية وموضوعية. منها قصيدة عبدة بن الطبيب التي نصح فيها بنيه، ومطلعها: أبنيّ إني قد كبرت ورابني … بصري وفيّ لمصلح مستمتع وعدة أبياتها ثلاثون بيتا، وهي من «المفضليات». وقصيدة عبد قيس بن خفاف التي نصح بها ابنه جبيلا، ومطلعها: أجبيل إنّ أباك كارب يومه … فإذا دعيت إلى العظائم فاعجل وعدة أبياتها ثمانية عشر بيتا، وهي من أولها إلى غايتها سياسة رسمها الشاعر لابنه جبيل اقتبسها من خلق العربي ومن تجاربه هو وحنكته، فهي بذلك سجلّ للمثل الأخلاقي العالي عند العرب. وقصيدة يزيد بن الحكم الثقفي التي نصح فيها ابنه بدرا حيث يقول في مطلعها: يا بدر والأمثال يض … ربها لذي اللب الحكيم دم للخليل بودّه … ما خير ودّ لا يدوم وعدة أبيات القصيدة في «الحماسة» ثلاثة وعشرون بيتا، وربما كانت أطول من ذلك وما في «الحماسة» هو المختار منها. وبعد: فتلك كانت معالم في طريق دراسة تحتاج إلى مجلد كبير لبسطها. ولعلّ

ما قدمته يكون داعيا النّقاد إلى قراءة الشعر العربي القديم قراءة جديدة، وطرح الأحكام النقدية السابقة، لاستنتاج أحكام جديدة مبنية على قراءة جديدة للشعر العربي، تستغرق أكثر ما وصلنا من المجموعات والدواوين. وأوصي الدارسين والناقدين ألا يعتمدوا على أحكام سابقة، أو معاصرة؛ لأن النقد الأدبي يصدر عن الذوق الأدبي المثقف، والأذواق والرؤى تتعدّد، ومن مجموع الآراء الصادرة عن الرؤية الذاتيّة يكون لنا أحكام نقديّة صادقة. وبالله التوفيق.

باب الهمزة

باب الهمزة 1 - سيغنيني الذي أغناك عني … فلا فقر يدوم ولا غناء ترويه كتب اللغة والنحو بدون نسبة، ومحل الاستشهاد «ولا غناء»، فإن أصل هذه الكلمة ولا «غنى» بكسر الغين مقصورا، ولكن الشاعر مدّه حين اضطر لإقامة الوزن. وبه استشهد الكوفيون على صحة مدّ المقصور .. وقال قوم: إن «غناء» في البيت بكسر الغين ممدودا مصدر غانيته غناء مثل راميته رماء، إذا فاخرته في الغنى، بكسر الغين وبالقصر. وقال آخرون إنه بفتح الغين من قولهم هذا رجل لا غناء عنده، فيكون ممدودا أصالة .. والحق أن الشاعر أراد «الغنى» ضد الفقر، لأنه قابله به .. والتأويلات الأخرى انتصار للبصريين الذين يمنعون مد المقصور. [الأشموني ج 4/ 110، والإنصاف ص 747، والتصريح ج 2/ 293]. 2 - بعشرتك الكرام تعدّ منهم … فلا ترين لغيرهم الوفاء رويته أيضا في حرف الفاء، لأنه ورد بقافية «ألوفا» من ألف يألف .. وهنا القافية همزية من «وفى يفي». والمصدر وفاء .. وأزيد على ما ذكرته هناك: أنّ، البيت ينشدونه شاهدا على عمل اسم المصدر وهو هنا «عشرة» واسم المصدر، ما ساوى المصدر في الدلالة على معناه، وخالفه بخلّوه - لفظا وتقديرا دون عوض، من بعض ما في فعله ... فمثل «قتال» مصدر لأن أصله قيتال، فألف «قاتل» قلبت ياء ثم حذفت .. فهي مقدرة ولفظ «عدة» من (وعد) خلا من الواو، لكن عوّض منها التاء فهو مصدر. أمّا «الوضوء» فهم اسم مصدر، لأنّ فعله «توضّأ» لخلوه لفظا وتقديرا من بعض حروف «توضأ» والكلام: اسم مصدر، لأن فعله «تكلّم» .. و (عشرة) في البيت الشاهد: من الفعل «عاشر» حذفت ألف الفعل دون عوض .. فهو اسم مصدر. ولكنه عمل عمل فعله بشروط

3 - إن من يدخل الكنيسة يوما … يلق فيها جاذرا وظباء

عمل المصدر .. وعمل اسم المصدر مذهب الكوفيين والبغداديين، ومنعه البصريون .. والشواهد تؤيد الكوفيين. ومنه قول الشاعر: قالوا: كلامك هندا وهي مصغيّة … يشفيك قلت صحيح ذاك لو كانا وقول عائشة رضي الله عنها: «من قبلة الرجل زوجته الوضوء». [الأشموني ج 2/ 288، وابن عقيل ج 2/ 187، والعيني ج 3/ 527]. 3 - إنّ من يدخل الكنيسة يوما … يلق فيها جاذرا وظباء .. البيت منسوب في كتب النحو للأخطل، وهو ليس له، لأن النصراني يحترم مكان عبادته فلن يتغزل بفتيات الكنيسة .. والبيت في «المغني» شاهد على رفع المبتدأ بعد (إنّ) المكسورة الهمزة، ويكون اسمها ضمير شأن محذوفا .. وفي البيت: من: اسم شرط، مبتدأ، وله الصدراة فلا يعمل فيه ما قبله [الهمع ج 1/ 136 وشرح أبيات المغني ج 1/ 185 والخزانة ج 5/ 420]. 4 - لمّا رأيت أبا يزيد مقاتلا … أدع القتال وأشهد الهيجاء هذا من ألغاز ابن هشام ... يسأل قارئه عن جواب «لمّا» وسبب نصب «أدع»: أ - أمّا لمّا: فهي مكونه من «لن+ ما» ثم أدغمت النون في الميم للتقارب، ووصلا خطا للإلغاز، وحقهما أن يكتبا منفصلين. ب - أدع: مضارع منصوب ب: لن، في بداية البيت. و «ما المصدرية الظرفية» وصلتها، رأيت، ظرف فاصل بين «لن» والفعل، للضرورة. ج - بقي أن يسأل القارئ: كيف يجتمع نفيه ترك القتال، وعطف أشهد على أدع وفيه نقض المعنى؟ والجواب: أنّ أشهد ليس معطوفا على «أدع» بل نصبه بأن مضمرة، وأن والفعل، عطف على القتال، أي: لن أدع القتال، وشهود الهيجاء على حدّ قول ميسون: ولبس عباءة وتقرّ عيني … أحبّ إليّ من لبس الشفوف [الأشموني ج 3/ 284 وشرح أبيات المغني ج 5/ 154، والخصائص ج 2/ 411]. 5 - إنّ هند المليحة الحسناء … وأي من أظهرت لخلّ وفاء

6 - غير أني قد أستعين على اله … م إذا خف بالثوي النجاء

هذا البيت من ألغاز ابن هشام، وجوابه: إنّ: مكونة من «إ» فعل أمر، والنون للتوكيد. والأصل: إينّ، بهمزة مكسورة، وياء ساكنة للمخاطبة ونون مشددة للتوكيد، ثم حذفت الياء، لالتقائها ساكنة مع النون المدغّمة. وهند: منادى. والمليحة: نعت لها على اللفظ. والحسناء: بالنصب: نعت لها على الموضع. أو على تقدير: أمدح، أو نعت لمفعول به محذوف، أي: عدي، يا هند الخلّة الحسناء، وعلى الوجهين الأولين، فيكون إنما أمرها بإيقاع الوعد الوفيّ، من غير أن يعيّن لها الموعود، وقوله: وأي: مصدر منصوب بفعل الأمر. والأصل: وأيا مثل وأي من .. [عن المغني وشرح أبيات مغني اللبيب ج 1/ 57]. 6 - غير أنّي قد أستعين على اله … مّ إذا خفّ بالثّويّ النّجاء البيت من معلقة الحارث بن حلّزة اليشكري، ومطلعها: آذنتنا ببينها أسماء … ربّ ثاو يملّ منه الثّواء آذنتنا ببينها ثمّ ولّت … ليت شعري! متى يكون اللّقاء .. وقوله: في بيت الشاهد: قد أستعين: متعلق الفعل من الجار والمجرور في بيت تال «بزفوف» أي: ناقة قويّة. وقوله: خفّ: أي: تحرك. والثويّ، مبالغة ثاو، اي: مقيم. والنجاء: المضيّ. أي: إذا اضطرّ المقيم للسفر وأقلقه السير والمضيّ لعظم الخطب وشدة الخوف. والشاهد: «غير» يجوز أن تكون مبنية على الفتح، لإضافتها إلى «أنّ» المشددة، ويجوز أن تكون منصوبة لكونها استثناء منقطعا. [خزانة/ 3/ 414 و 6/ 533]. 7 - ملك أضلع البريّة لا يو … جد فيها لما لديه كفاء من معلقة الحارث بن حلّزة. وقبل البيت الشاهد: فملكنا بذلك الناس حتى … ملك المنذر بن ماء السماء وهو الرّبّ والشهيد على يو … م الحيارين والبلاء بلاء ... قوله: فملكنا .. البيت .. فيه إقواء، لأنه مكسور القافية. وقوله: بذلك: يعني بالعزّ والامتناع وبالحروب التي كان الغلب لنا فيها ذللنا الناس حتى ملك المنذر بن ماء

8 - قلت لشيبان ادن من لقائه … كما تغدي الناس من شوائه

السماء. وقوله: وهو الربّ .. الربّ: عنى به المنذر بن ماء السماء، والربّ هنا: السيّد. والشهيد: الحاضر و «الحيارين» اسم بلد، يخبر أن المنذر كان شهد يوم الحيارين، وكان البلاء في ذلك اليوم بلاء عظيما. وقوله: في البيت الشاهد: ملك: خبر آخر لقوله «هو» في بيت سابق، فيكون مشاركا للربّ في الخبرية، فإن الأخبار يجوز أن يأتي بعضها بالعطف وبعضها بدونه، كما هنا. وقوله: أضلع البرية: أي: أشدّ البرية إضلاعا لما يحمل، أي: هو أحمل الناس لما يحمل من أمر ونهي وعطاء. وقوله: لا يوجد فيها: معناه، ليس في البرية أحد يكافئه ولا يستطيع أن يصنع مثل ما يصنع من الخير. والشاهد: على أن إضافة أفعل التفضيل لفظية لا تفيد تعريفا، بدليل أن «أضلع» وقع نعتا لملك، وهو نكرة فلو كانت تفيد التعريف لما صحّ وقوعه نعتا لنكرة. وروي البيت «ملك أضرع البريّة» على أنه فعل ماض، أي: أذلّ البرية وقهرها، فما يوجد فيهم من يساويه في معاليه. وحينئذ لا شاهد في البيت. [الخزانة/ 4/ 361]. 8 - قلت لشيبان ادن من لقائه … كما تغدّي الناس من شوائه البيت من الرجز، لأبي النجم .. يقوله لشيبان ابنه، ويأمره باتباع ظليم من النعام وأن يدنو منه لعله يصيده فيطعم الناس منه بعد شيّه. والشاهد: كما تغدي .. وهو وقوع الفعل بعد «كما» التي هي كاف التشبيه الموصولة بما، وبذلك هيئت لوقوع الفعل بعدها كما فعل ب ربما وهي بمعنى «لعلّ» ولم ينصبوا بها الفعل، ومن النحويين من يجعلها بمنزلة «كي» ويجيز النصب بها وهو مذهب الكوفيين. [الخزانة/ 8/ 501، وسيبويه/ 1/ 460، والإنصاف/ 591]. 9 - من لد شولا فإلى إتلائها. بيت من الرجز، لم يعرف قائله، رواه سيبويه. وهو في نعت إبل. والشّول التي ارتفعت ألبانها وخفّت ضروعها. وأتى عليها من نتاجها سبعة أشهر واحدها شائلة. وقيل: شولا، هنا، مصدر شالت الناقة بذنبها رفعته للضراب، فهي شائل. وحذف نون «لدن» لكثرة الاستعمال. والإتلاء: أن تصير الناقة متلية، أي: يتلوها ولدها بعد الوضع. قال السيرافي: يريد سيبويه: أنّ «لد» إنما تضاف إلى ما بعده من زمان متّصل به أو مكان إذا

10 - إذا أنا لم أؤمن عليك ولم يكن … لقاؤك إلا من وراء وراء

اقترنت بها «إلى» كقولك: جلست من لد صلاة العصر إلى وقت المغرب، فلما كان الشّول، جمع الناقة الشائل، لم تصلح أن تكون زمانا، فأضمر ما يصلح أن يقدّر زمانا فكأنه قال: من لد أن كانت شولا، والكون مصدر، والمصادر تستعمل في معنى الأزمنة كقولك: جئتك مقدم الحاج، وخلافة المقتدر، وصلاة العصر، على معنى أوقات هذه الأشياء [الخزانة/ 4/ 24 وسيبويه ج 1/ 134، والهمع ج 1/ 122 والأشموني ج 1/ 243 وشرح المفصل ج 4/ 101]. 10 - إذا أنا لم أؤمن عليك ولم يكن … لقاؤك إلّا من وراء وراء ومعناه «لا خير في المودة التي بيننا! إذا كنت لا تجدني أهلا لأن تأمنني على سرّك وسائر شؤونك، وكنت لا تلقاني إلا لقاء من لا يقبل ولا يبشّ .. وإذا: ظرفيه شرطية، أنا: نائب فاعل لفعل الشرط المحذوف، لأن الفعل المذكور المفسر لفعل الشرط، مبني للمجهول ... والجمهور على أنّ أدوات الشرط لا تدخل على الأسماء. يكن: مضارع مجزوم، ويجوز أن يكون تاما، فاعله «لقاؤك» أو ناقصا و «لقاؤك» اسمه. إلا: أداة حصر ... والجار والمجرور: (من وراء) متعلقان بمحذوف خبر يكن، أو بمحذوف، حال من الفاعل. والشاهد: وراء وراء: حيث وردت الكلمة بالضم مع سبقها بحرف الجر فدلّ ذلك على أنها مبنية على الضم، على تقدير حذف المضاف إليه ونيّة معناه لا لفظه ... وراء: الثانية: توكيد لفظي للأولى. [الخزانة/ 6/ 504]. والبيت لعتيّ بن مالك العقيلي، والهمع ج 1/ 210، وشذور الذهب، واللسان (وري). 11 - ألم أك جاركم ويكون بيني … وبينكم المودّة والإخاء .. البيت للحطيئة من أبيات يهجو بها الزّبرقان بن بدر وقومه، ويمدح آل بغيض بن شماس. (قطر، وشذور) .. يريد أن يقول: كنت جاركم، ثم عدلت إلى غيركم فأنتم غير أهل للجوار والمودة ... أك: أصلها: أكن: مجزوم بالسكون، والنون المحذوفة للتخفيف. ويكون. مضارع ناقص منصوب بأن المضمرة بعد واو المعية في جواب الاستفهام الإنكاري، وهو شاهد

12 - ليس من مات فاستراح بميت … إنما الميت ميت الأحياء إنما الميت من يعيش كئيبا … كاسفا باله قليل الرجاء

البيت. والظرف الأول (بيني) خبرها مقدم. والمودة: اسمها، مؤخر. [سيبويه ج 1/ 425 وشذور الذهب، والهمع ج 2/ 13 والأشموني ج 3/ 307]. 12 - ليس من مات فاستراح بميت … إنّما الميت ميّت الأحياء إنّما الميت من يعيش كئيبا … كاسفا باله قليل الرجاء ... هذان البيتان من شعر «عديّ بن الرعلاء» شاعر جاهلي منسوب إلى أمّه .. والبيتان في «الأصمعيات». وقد وردت لفظة «ميت» ثلاث مرات بسكون الياء، ومرّة رابعة بتشديد الياء: فقيل: التشديد والتخفيف، لغتان والمعنى واحد. وقيل: المشدّد: الموت المجازي. والساكن: الموت الحقيقي. وقيل عكس ذلك. والشاهد: في البيت الثاني. في قوله: كئيبا، كاسفا، قليل .. وهي منصوبة على الحالية، وهي في «القطر» لبيان أن معنى قولهم «الحال فضلة» يعني الذي يجيء بعد تمام الجملة واستيفاء أركانها، وإن كان محتاجا إليه في كمال المعنى .. وليس معناه إمكان الاستغناء عنها .. ولو حذفنا الأحوال من الكلام، لفسد المعنى هنا، وأخبرت بأن الميت هو من يعيش، وهو تناقض. [اللسان (موت) والأشموني ج 2/ 169 والخزانة ج 6/ 530 وشرح أبيات المغني ج 7/ 16]. 13 - ربّما ضربة بسيف صقيل … بين بصرى، وطعنة نجلاء ... هو مطلع القطعة التي منها البيتان السابقان، وهو في «المغني» شاهد على إعمال «ربّ» بعد اتصالها ب (ما) حيث جاء بعدها اسم مجرور، لأنه عطف عليه (وطعنة) بالجرّ، لأن «نجلاء» مجرورة، وهي القافية. .. وفيه صحة إضافة «بين» إلى المكان الواحد، لاشتماله على عدة أماكن. فقال: «بين بصرى» أي: بين أماكن بصرى. وبصرى: هي المعروفة في سورية. [شرح أبيات المغني ج 3/ 197، والهمع ج 2/ 38، والأشموني ج 2/ 231]. 14 - ولولا يوم يوم ما أردنا … جزاءك، والقروض لها جزاء ... البيت للفرزدق يقول فيه: لولا نصرنا لك في اليوم الذي تعلم، ما طلبنا جزاءك، فجعل نصرهم قرضا، يطالبونه بالجزاء عليه.

15 - لعلك والموعود حق لقاؤه … بدا لك في تلك القلوص بداء

وهو في «الشذور» و «الكتاب» .. حيث أجرى لفظ «يوم» الأول على ما تقتضيه العوامل، فرفعه بالابتداء. وأضافه إلى (يوم) الثاني. فجره بالإضافة وذلك لأنه لم يرد بهما الظرفية. قال سيبويه: «والعرب لا تجعل شيئا من هذه الأسماء بمنزلة اسم واحد (مركب) إلا في حال الحال، أو الظرف». [سيبويه ج 2/ 53، والهمع ج 1/ 197 وشذور الذهب والخزانه ج 6/ 440]. 15 - لعلّك والموعود حقّ لقاؤه … بدا لك في تلك القلوص بداء .. نسب البيت في «اللسان» إلى الشماخ بن ضرار، وفي «الأغاني» منسوب إلى محمد ابن بشير الخارجي، في مدح زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهجاء رجل كان قد وعده قلوصا، ثم مطله .. يقول: لعلك قد تغيّر رأيك في شأن هذه الناقة (القلوص) وظهر لك في أخريات التفكير ما لم يكن ظاهرا ... وما قضي، لا بدّ كائن. وهو في «الشذور» والشاهد فيه قوله: «بدا لك بداء» حيث أسند الفعل «بدا» إلى «بداء» وهو مصدر ذلك الفعل. وذلك يرشح أن هذا الفعل لو ورد في كلام آخر وليس معه اسم مرفوع على أنه فاعل، جاز أن يقدر الفاعل ضميرا عائدا على مصدره .. وهو بذلك يردّ على من جعل الفاعل جملة في الآية «ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ» [يوسف: 35]. ويرى أن الفاعل في الآية ضمير مستتر عائد، إما على مصدر الفعل «بدا» والتقدير «بدا لهم بداء» كما تقول: (بدا لي رأي) .. وإما على «السّجن» - بفتح السين - المفهوم من قوله تعالى «ليسجننّه» ويدل عليه قوله تعالى: «قالَ: رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ ...» [يوسف: 33] [الخزانة ج 9/ 213 وشرح المغني ج 6/ 193 واللسان (بدا) والهمع ج 1/ 147 وشذور الذهب]. 16 - طلبوا صلحنا ولات أوان … فأجبنا أن ليس حين بقاء .. البيت لأبي زبيد الطائي، حرملة بن المنذر، شاعر مخضرم توفي سنة 62 هـ. قوله «ولات أوان» الواو: للحال. و «لات»: حرف نفي يعمل عمل ليس. واسمه محذوف و «أوان» خبر لات، مبني على الكسر في محل نصب، ونوّن لأجل الضرورة، واسمه وخبره في محل نصب، حال. والشاهد: ولات أوان، حيث أعمل «لات» النافية في لفظ الأوان، وهو من معنى

17 - وبلد مغبرة أرجاؤه … كأن لون أرضه سماؤه

«الحين» وليس هو لفظه ... وهو رد على سيبويه ومن وافقه حيث اشترطوا في إعمال لات أن يكون اسمها وخبرها لفظ الحين، وسيأتي أن خبرها قد يكون «ساعة» (انظر قافية الميم) «ندم البغاة ... وخيم». وزعم الفرّاء أن «لات» حرف جر، يجر أسماء الزمان خاصة مثل «مذ، ومنذ» ... [الشذور/ 201 والمغني الشاهد/ 455 والخزانة ج 4/ 183 والإنصاف ص 109 والأشموني ج 1/ 256 وشرح المفصل ج 9/ 32 والهمع ج 1/ 26]. 17 - وبلد مغبرّة أرجاؤه … كأنّ لون أرضه سماؤه ... هذا البيت لرؤبة بن العجاج .. وهو شاهد على حذف حرف الجرّ (ربّ) وبقاء عمله بعد الواو .. قوله: وبلد: الواو: واو ربّ. بلد: مبتدأ، مجرور لفظا مرفوع محلا ... والبلد: يذكر ويؤنث. وفي الشطر الثاني تشبيه مقلوب، لأن القصد تشبيه السماء وقد ثار عليها الغبار - بلون الأرض. [الشذور/ 320 والإنصاف ص 377 واللسان (عمى) وشرح المفصل ج 2/ 118 وشرح المغني ج 8/ 111]. 18 - إذا كان الشتاء فأدفئوني … فإنّ الشيخ يهرمه الشتاء .. هذا البيت: من كلام الربيع بن ضبع الفزاري، جاهلي معمّر، شارك في حرب داحس والغبراء وأدرك الإسلام. و «كان» بمعنى حدث. وهو شاهد على أنّ الفعل إذا كان دالا على حدوث ذات، لا يحتاج إلى المفعول به. وفيه شاهد على مجيء «كان» تامة. والشتاء: فاعل. [الشذور/ 354، والهمع/ 1/ 116، والخزانة/ 7/ 383]. 19 - وأعلم إنّ تسليما وتركا … للامتشابهان ولا سواء .. البيت لأبي حزام، غالب بن الحارث، العكلي، إنّ: مكسورة الهمزة. تسليما: اسمها. للامتشابهان: اللام: للابتداء. ولا: نافية. متشابهان: خبر إنّ .. والشاهد عند ابن عقيل، على إدخال لام الابتداء التوكيدية على الخبر المنفي ب لا، وهو شاذ .. ويرى بعضهم فتح همزة (أنّ) وتكون اللام من قوله «للا» زائدة [الخزانة ج 10/ 330 والهمع ج 1/ 140 والأشموني ج 1/ 281، وابن عقيل ج 1/ 315 والعيني ج 2/ 244]. 20 - أو منعتم ما تسألون فمن حدّ … ثتموه له علينا الولاء؟ ... البيت للشاعر، الحارث بن حلزة اليشكري، من معلقته ...

21 - لا أقعد الجبن عن الهيجاء … ولو توالت زمر الأعداء

قوله: من حدّثتموه، من اسم استفهام بمعنى النفي، وهي في محل رفع مبتدأ. حدثتموه: حدث: ماض مبني للمجهول. والتاء: فاعل، والواو: للدلالة على الجمع، حرف. والهاء: مفعول ثان. و «له علينا»: يتعلقان بمحذوف خبر مقدم. والولاء: مبتدأ مؤخر. والجملة في محل نصب مفعول ثالث، لحدّث ... والشاهد إعمال حدّث في ثلاثة مفاعيل، [ابن عقيل ج 1/ 389، والأشموني ج 2/ 41، والهمع ج 1/ 159، والدرر ج 1/ 141]. 21 - لا أقعد الجبن عن الهيجاء … ولو توالت زمر الأعداء .. البيت مجهول القائل، واستشهد به ابن مالك، وابن عقيل، على جواز نصب المفعول لأجله المحلى بأل كما في قوله «الجبن» .. والأكثر استخدامه مجرورا باللام. [ابن عقيل/ 2/ 27، والدرر/ 1/ 167، والهمع/ 1/ 195، وشرح التصريح/ 1/ 336، والأشموني/ 2/ 125]. 22 - فجاءت به سبط العظام كأنّما … عمامته بين الرجال لواء البيت غير منسوب وهو شاهد على ورود الحال وصفا ملازما، على خلاف الغالب فيه من كونه وصفا منتقلا .. فقوله «سبط العظام»، حال من الضمير المجرور «به»، وسبط العظام: أراد أنه سويّ الخلق حسن القامة. و «لواء» هو ما دون العلم، وأراد أنه تام الخلق طويل، فكنى بهذه العبارة عن هذا المعنى. وهو يصف مولودا له. [المرزوقي/ 270، والأشموني/ 2/ 170، وابن عقيل/ 2/ 69]. 23 - يا لك من تمر ومن شيشاء … ينشب في المسعل واللهاء البيت: لأبي المقدام الراجز، وقيل: لغيره: وقوله: الشيشاء: بكسر الشين الأولى، هو الشيص؛ وهو أردأ التمر، أو التمر الذي لم يلقح. ينشب: يعلق. والمسعل: موضع السعال من الحلق. واللهاء: بفتح اللام: هنة مطبقة في أقصى سقف الفم .. وقوله: يا لك: يا: حرف نداء، قصد به هنا التنبيه. لك: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر، لمبتدأ محذوف: أي: لك شيء. و «من تمر» جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الكاف في «لك» ... والشاهد في البيت قوله «اللهاء». حيث مدّه للضرورة، وأصلها «اللها» بالقصر، [الهمع

24 - دع عنك لومي فإن اللوم إغراء … وداوني بالتي كانت هي الداء

ج 2/ 157، والدرر ج 2/ 211، والأشموني ج 4/ 110، والخصائص ج 2/ 231 والإنصاف/ 746]. 24 - دع عنك لومي فإن اللوم إغراء … وداوني بالتي كانت هي الداء .. البيت لأبي نواس، وذكره ابن هشام في المغني، على أنّ (عن) هنا اسم، في رأي الأخفش، وذلك عند ما يكون مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد .. وأنكر ذلك ابن هشام، لأن شرط اسميتها أن تكون بمعنى (جانب) .. [شرح المغني ج 3/ 319 والخزانة ج 11/ 434]. 25 - لوما الإصاخة للوشاة لكان لي … من بعد سخطك في رضاك رجاء ... جاء البيت في المغني، مثالا على ورود «لوما» بمعنى لولا .. حرف شرط. وهو مجهول القائل. [شرح أبيات المغني ج 5/ 131، والأشموني ج 4/ 50، وشرح التصريح ج 2/ 263]. 26 - أمن يهجو رسول الله منكم … ويمدحه وينصره سواء البيت لحسان بن ثابت، شاهد على حذف الموصول الاسمي، في رأي الكوفيين وابن مالك، إذا كان معطوفا على موصول آخر .. والتقدير «ومن يمدحه» [شرح أبيات المغني/ 7/ 305، والدرر/ 1/ 67، والهمع/ 1/ 88]. 27 - كأنّ خبيئة من بيت رأس … يكون مزاجها عسل وماء هو لحسان من مقدمة القصيدة التي منها البيت السابق .. والخبيئة: الخمرة. وبيت رأس: بلد في الأردن عرفت بخمرها في الجاهلية .. والبيت قاله حسان قبل تحريم الخمر. والبيت شاهد على جواز أن يقع اسم «كان» نكرة، وخبرها معرفة، إذا اجتمعا. «مزاجها: خبر يكون، وعسل: اسم يكون». [سيبويه ج 1/ 23، وشرح المفصل ج 7/ 93 والخزانة ج 9/ 224، وشرح أبيات المغني ج 6/ 349، واللسان (سبأ)]. 28 - وما أدري وسوف إخال أدري … أقوم آل حصن أم نساء .. البيت، لزهير بن أبي سلمى، من قصيدة هجا بها قوما من غير إساءة إليه، فلما ظهر له ذلك ندم، وحلف ألا يهجو أهل بيت أبدا ... وهو يهزأ بالقوم ويتوعدهم ويريد:

29 - إن سليمى- والله يكلؤها- … ضنت بشيء ما كان يرزؤها

إن كانوا رجالا فسيوفون بعهدهم، ويبقون على أعراضهم وإن كانوا نساء، فمن عادة النساء الغدر وقلة الوفاء ... وقوله: «أقوم» هذه رواية من ادّعى أنّ «القوم» خاص بالرجال ... والأقوى أنها تجمع بين الرجال والنساء ولذلك رووا البيت: «رجال آل حصن أم نساء»، وتكون الهمزة مقدرة قبل «رجال» وفي البيت شواهد، منها: 1 - إلغاء «إخال» لأنها وقعت بين سوف، وما دخلت عليه، وهنا التقدير، وسوف أدري. 2 - تعليق «أدري» فلم تعمل في «أقوم» بسبب همزة الاستفهام، ويكون عملها في الجملة. 3 - الشاهد الثالث أن «أم» في البيت، متّصلة، أي أن ما قبلها وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر، وتسمى أيضا «معادلة» لمعادلتها للهمزة في إفادة الاستفهام ... ولكنها هنا من النوع الذي تقدمت عليها همزة يطلب بها وب أم التعيين .. والاستفهام معها باق على حقيقته. [شرح أبيات المغني ج 1/ 194 والدرر ج 1/ 136، وأمالي ابن الشجري ج 2/ 334]. 29 - إنّ سليمى - والله يكلؤها - … ضنّت بشيء ما كان يرزؤها .. البيت للشاعر إبراهيم بن علي بن هرمة (170 هـ) وهو آخر من يحتج بشعره. وفي البيت شاهد على الجملة الاعتراضية - والله يكلؤها - بين اسم إنّ، وخبرها [شرح أبيات المغني/ 2/ 202، واللسان «كلأ»]. 30 - ولا أراها تزال ظالمة … تحدث لي قرحة وتنكؤها .. البيت لابن هرمة، وهو مع سابقه من قصيدة واحدة .. وفيه شاهد على الجملة تعترض بين حرف النفي ومنفيه ولا - أراها - تزال، والأصل: وأراها لا تزال ظالمة والقرحة: الجراحة. وتنكؤها: تقشرها [شرح أبيات المغني ج 6/ 221]. 31 - نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت … ردّ التحية نطقا أو بإيماء .. البيت مجهول القائل .. وقد أورده ابن هشام في المغني، والشاهد فيه «فتاة» فالمبرد يرى أنها تمييز، وأن التمييز يأتي مؤكدا .. وابن هشام يرى أن التمييز يكون مبينا،

32 - غافلا تعرض المنية للمر .. … ء فيدعى ولات حين نداء

وفتاة هنا: حال مؤكّدة ... وفيه شاهد أيضا على أنه لا يؤنث الفعل «نعم» مع الفاعل المؤنث، استغناء عن التاء بتأنيث التمييز المفسّر. [الأشموني ج 3/ 34 و 4/ 203، والهمع ج 2/ 86، والمغني، وشرح أبياته ج 7/ 29]. 32 - غافلا تعرض المنيّة للمر .. … ء فيدعى ولات حين نداء .. غافلا: حال من المرء. وفيه جواز تقدم الحال على صاحبه المجرور بحرف الجرّ الأصلي. [الأشموني ج 2/ 177، والعيني ج 3/ 161]. ويروى بقافية (إباء). 33 - متى يأت هذا الموت لا تبق حاجة … لنفسي إلّا قد قضيت قضاءها .. الشاهد قوله: إلا قد قضيت، فقد اقترنت جملة الفعل الماضي بعد إلا، ب (قد) وهو شاذ مخالف للقاعدة، ويخالف المسموع في فصيح الكلام. والبيت لقيس بن الخطيم. [الخزانة/ 7/ 35، والمرزوقي ص 186، والأشموني ج 2/ 192، والعيني ج 3/ 222]. 34 - إذا عاش الفتى مئتين عاما … فقد ذهب المسرّة والفتاء .. الشاهد: مئتين عاما: جاء تمييز المئة منصوبا شذوذا .. وحقه الجرّ بالاضافة. وثبتت النون في مائتين، ولو أضاف لحذفها: ويروى (تسعين عاما) ولا شاهد فيه. ولكن الشاعر الربيع بن ضبع الفزاري، ذكره ابن حجر في المعمّرين، يقال: عاش أربعين وثلثمائة عام والله أعلم. [سيبويه ج 1/ 106، والهمع ج 1/ 153، والأشموني ج 4/ 67، والخزانة ج 7/ 379]. 35 - والريح تعبث بالغصون وقد جرى … ذهب الأصيل على لجين الماء .. البيت لابن خفاجة الأندلسي .. والشاهد فيه: «ذهب الأصيل»، و «لجين الماء» فالإضافة هنا تشبيهية، على تقدير كاف التشبيه، حيث أضيف المشبه به إلى المشبه ... 36 - ليت شعري وأين منّي ليت … إنّ ليتا وإنّ لوّا عناء .. البيت: لأبي زبيد الطائي .. يريد أن يقول: إنّ أكثر التمني يكذب صاحبه ويعنّيه ولا يبلغ فيه مراده ... والشاهد في البيت: تضعيف «لو» حين جعلت اسما وأخبر عنها، لأن الاسم المفرد المتمكن لا يكون على أقل من حرفين متحركين، والواو في «لو» لا

37 - فقلتم تعال يا يزي بن مخرم … فقلت لكم إني حليف صداء

تتحرك، فضوعفت، لتحتمل بالتضعيف الحركة وأراد ب لو هنا التي للتمني .. والبيت من شواهد سيبويه .. و «ليت» في البيت أريد لفظها، فكانت مبتدأ، خبره اسم الاستفهام «أين». وليتا: اسم إن، يريد لفظها [شرح المفصل/ 6/ 30، وسيبويه/ 2/ 32، والخزانة/ 7/ 319]. 37 - فقلتم تعال يا يزي بن مخرّم … فقلت لكم إنّي حليف صداء .. البيت للشاعر يزيد بن مخرّم، دعي إلى الحلف، فأبى أن ينقض حلفه لصداء ويحالف غيرها، وصداء اسم فرسه، أي: لا أحتاج مع فرسي والاعتزاز بها إلى حليف. وقيل: صداء: حي من بني أسد. والبيت في «الكتاب» شاهد على ترخيم «يزيد». ووصفه ب (ابن) [الخزانة/ 2/ 378، واللسان (صدى) وسيبويه ج 1/ 335]. 38 - حشى رهط النبيّ فإنّ منهم … بحورا لا تكدّرها الدلاء ... رواه «اللسان» عن الفرّاء، لغة في «حاشا» التي يستثنى بها. 39 - وجبريل رسول الله فينا … وروح القدس ليس له كفاء البيت لحسان بن ثابت من قصيدته الهمزية، التي هجا فيها المشركين، وخصّ أبا سفيان بن الحارث، لأنه كان يهجو رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويشير في البيت إلى نزول الملائكة لنصرة المسلمين. والبيت شاهد على أن «جبريل» إحدى اللغات في اسم الملك. وفي القرآن قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ [البقرة: 97] ومنها «جبرئيل» بفتح الجيم والهمز، وجاء الأخير في المرويّ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في صاحب الصّور (جبرئيل عن يمينه) [الخزانة ج 1/ 416]. 40 - فتجمع أيمن منّا ومنكم … بمقسمة تمور بها الدّماء البيت لزهير بن أبي سلمى ... والأيمن: جمع يمين. وقوله: فتجمع .. الخ أي: تحلفون ونحلف، وقوله: بمقسمة: الموضع يحلف فيه. ويروى بفتح الميم ويراد به القسامة. وزن سحابة ... وهو أن يتحالف الفريقان بأن أحدهم لم يفعل القتل، أو أن المدّعى عليه فعله، وعلى هذا يكون المعنى: تؤخذ أيمان مثل الأيمان التي تؤخذ في القسامة. وتمار فيها الدماء، أي: تسيل، والمراد دم البدن التي تنحر.

41 - فلا والله ما يلفى لما بي … ولا للما بهم أبدا دواء

ومحل الاستشهاد: «أيمن» فإنه جمع يمين، واستشهد به الكوفيون على أن «أيمن الله» في القسم جمع وليس مفردا كما يزعم البصريون [الإنصاف/ 405]. 41 - فلا والله ما يلفى لما بي … ولا للما بهم أبدا دواء .. للشاعر مسلم بن معبد الوالبي، يقوله في ابن عمه عمارة بن عبيد. وقوله: لما بي .. أي: لما استقرّ بي وفي نفسي من الحزن مما يفعل به قومه .. و «ما بهم»، ما في أنفسهم من الغلّ والحقد، ومحل الاستشهاد. للما بهم: حيث أكد الشاعر اللام الجارة .. لما بهم، فأعادها بلفظها فقال للما بهم .. وهذا شاذ ... واستشهد به الكوفيون في مجال قولهم إن «كي» حرف نصب فقط وليست جارة، لدخول اللام عليها وحروف الجرّ لا تدخل على بعضها البعض .. وما جاء في البيت شاذ .. ويروى الشطر الثاني (وما بهم من البلوى دواء) فلا شاهد فيه. [الخزانة/ 2/ 308، والهمع/ 2/ 125، والأشموني/ 3/ 83 وشرح المفصل/ 7/ 17، 8/ 43]. 42 - كيف نومي على الفراش ولمّا … تشمل الشام غارة شعواء تذهل الشيخ عن بنيه وتبدي … عن خدام العقيلة العذراء لعبد الله بن قيس الرّقيات، وكدت أن أهمل هذا الشاهد لأني أكره أن أنشده، وأكره للناس أن ينشدوه .. فأهلي وموطني في الشام الكبير، وما أحبّ أن أذكر الشام إلا بخير .. والشاعر كان زبيريا حاقدا، ومن أجل حقده على الأمويين تمنى الدمار لأهل الشام، فبئس ما تمنى. ولن يحقق الله له ما طلب .. وقوله: وتبدي عن: ضمنه معنى تكشف فعدّاه ب عن .. والخدام: بكسر الخاء: الخلخال. والعقيلة: المرأة الكريمة. وجملة (تذهل) صفة لغارة في البيت الأول. وجملة (وتبدي) معطوفة. والشاهد: «خدام» حذف التنوين في موضع لا يحذف فيه، للضرورة. والعقيلة: فاعل تبدي. وقيل: حذف التنوين، لأنه على تقدير مضاف إليه وهو الهاء، والأصل «عن خدامها». [شرح المفصل/ 9/ 36، والإنصاف/ 661]. وفي «معجم الشعراء للمرزباني» نسب البيتين إلى محمد بن الجهم بن هارون السمري صاحب الفراء، آخر أبيات مدح بها الفرّاء، وفضّله في علم النحو. وجاء البيتان في آخر

43 - فوا كبدا من حب من لا يحبني … ومن عبرات ما لهن فناء

المدح ويبدو أنهما مزادان في آخر الشعر، لأنهما منبتّان عما قبلهما. ونسبتهما إلى ابن قيس الرقيات مشهور، وهما في ديوانه. وانظر معجم الشعراء، مع المؤتلف ص 450. 43 - فوا كبدا من حبّ من لا يحبّني … ومن عبرات ما لهنّ فناء البيت لقيس العامري .. والشاهد: وا كبدا: فالواو حرف نداء وندبه و «كبدا» منادى مندوب .. متوجّع له. والألف في آخره زائدة للندبة، وقد تزاد أيضا الهاء للسكت في غير هذا الموضع. [ديوان الشاعر، والأغاني ج 2/ 462، وشرح التصريح ج 2/ 181]. 44 - أيها الناطق المرقّش عنا … عند عمرو وهل لذاك بقاء لا تخلنا على غراتك إنّا … طالما قد وشى بنا الأعداء فبقينا على الشّناءة تنمي … نا جدود وعزّة قعساء الأبيات من معلقة الحارث بن حلّزة اليشكري. والشاهد في البيت الثاني، وذكرت ما قبله وما بعده ليفهم .. وقوله: المرقش: المزيّن، أراد الذي يزين القول بالباطل. يقول يا أيها الناطق عند الملك (عمرو) الذي يبلغه عنا ما يريبه في محبتنا إياه ودخولنا تحت طاعته، هل لهذا التبليغ بقاء؟ وهو استفهام إنكاري، لأن الملك يبحث عنه فيعلم ذلك من الأكاذيب. وقوله: لا تخلنا: أي: لا تحسبنا. وعلى: بمعنى (مع) والغراة بالفتح والقصر، اسم بمعنى الإغراء، وروي على «غرائك» بالمد. وهو مضاف إلى فاعله، والمفعول محذوف، أي: الملك. وطالما: أي كثيرا ما، وهو فعل مكفوف عن الفاعل لاتصاله بما الكافة. والشناءة: بالفتح والمد: البغض. وتنمينا: ترفعنا. والجدود: جمع جدّ، بالفتح، وهو الحظ والبخت. والقعساء: الثابتة. والشاهد: حذف أحد مفعولي باب «علم» للقرينة. وهنا حذف المفعول الثاني للفعل «تخلنا» (نا) مفعول أول .. والثاني محذوف تقديره لا تخلنا هالكين أو جازعين [الخزانة 1/ 324 و 9/ 138، وشروح المعلقات]. 45 - فهم بطانتهم وهم وزراؤهم … وهم الملوك ومنهم الحكماء .. الشاهد غير منسوب، وهو في الهمع ج 1/ 59، قال السيوطي: قد تكسر ميم

46 - فذاك ولم- إذا نحن امترينا … تكن في الناس يدركك المراء

الجمع بعد الهاء قبل ساكن، وإن لم تكسر الهاء وأنشد البيت. بكسر الميم من «وهم» و «منهم» في الشطر الثاني. وانظر: الدرر ج 1/ 34. ونقل عن الفرّاء أن العرب يقولون جميعا أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ [البقرة: 12] فيرفعون الميم من «هم» عند الألف إلا بعض بني سليم، فإنهم يكسرون الميم، وفيه أن القافية «ومنهم الحجّاب» فهما روايتان. 46 - فذاك ولم - إذا نحن امترينا … تكن في النّاس يدركك المراء البيت غير منسوب. وهو شاهد على الفصل بين «لم» الجازمة، والفعل الذي جزمته .. والأصل في البيت: فذاك ولم تكن يدركك المراء إذا نحن امترينا .. قال أبو أحمد: إنّ البيت لم يقله شاعر، لأن الشاعر يريد ايصال معانيه إلى السامعين .. وهذا الفصل يحول دون ذلك. [شرح شواهد المغني ج 5/ 142 والأشموني ج 4/ 5]. 47 - بادت وغيّر آيهنّ من البلى … إلا رواكد جمرهنّ هباء ومشجّج أمّا سواء قذاله … فبدا وغيّر ساره المعزاء [البيتان في كتاب سيبويه ج 1/ 173، هارون]. وقوله: بادت، أي: هلكت. ويريد بها المنازل. وآيهن: علامتهنّ. والرواكد: أحجار الأثفية. وهبا الرماد يهبو، إذا اختلط بالتراب ومشجج: المراد به وتد الخباء الذي شجّ رأسه من الدقّ. وساره: بقيته. وسواء قذاله: وسطه. والمعزاء: الأرض الصلبة ذات الحصى. يقول: لم يبق من آثار منازل الأحباب سوى أحجار الأثافي ورمادها المختلط بالتراب ووتد الخباء المكسور الرأس، المتغير بطول بقائه في الأرض. والشاهد: رفع مشجج، ولم يعطفه على رواكد - المنصوب - على تقدير «وفيها مشجج» وحمل مشجج بالرفع على المعنى، لأن المعنى: بادت إلا رواكد، بها رواكد، فحمل مشجج على ذلك، ومثله بيت الفرزدق الذي سيأتي: «لم يدع .. من المال إلا مسحتا أو مجلّف» [وقد استشهد الزمخشري في الكشاف، بالبيتين في تفسير سورة الواقعة عند قوله تعالى وَحُورٌ عِينٌ بالرفع، على تقدير «وفيها حور عين»، والخزانة/ 5/ 147]. 48 - هيهات قد سفهت أميّة رأيها … فاستجهلت حلماءها سفهاؤها

49 - فكسوت عار لحمة فتركته … جدلا يسحب ذيله ورداءه

حرب تردّد بينها بتشاجر … قد كفّرت آباؤها، أبناؤها .. البيتان نسبهما ابن منظور إلى الفرزدق. قال: والتكفير: أن يتكفّر المحارب في سلاحه ومنه قول الفرزدق ... قال: رفع «أبناؤها» بقوله «تردّد» ورفع «آباؤها» بقوله «قد كفرت» أي: كفّرت آباؤها في السلاح، [اللسان - مادة كفر، والمقرّب ج 1/ 130]. 49 - فكسوت عار لحمة فتركته … جدلا يسحّب ذيله ورداءه البيت غير منسوب في الهمع ج 1/ 53، وأنشده شاهدا على تقدير الفتحة على الياء في قوله «عار» ولو جرى على الأصل لقال: فكسوت عاريا، وقد أثبت صورة الشاهد كما جاءت في الهمع ولكن محقق الدرر، أثبته هكذا «وكسوت عاري لحمه» بإثبات الياء في «عاري» وإضافته إلى «لحمة» ولا ضرورة في هذه الصورة، لأن البيت من البحر الكامل، ويصحّ في هذه الصورة إظهار الفتحة على الياء. [انظر الدرر بتحقيق عبد العال مكرم ج 1/ 165]. 50 - غافلا تعرض المنيّة للمر … ء فيدعى ولات حين إباء البيت شاهد على تقدم الحال (غافلا) على صاحبه المجرور (للمرء) ولات بمعنى ليس، واسمها محذوف، وحين خبرها، والتقدير: وليس الوقت وقت إباء، وقد مرّ البيت بقافية (نداء) [الأشموني ج 2/ 177 / والعيني 3/ 161]. 51 - إنّ الذي - وهو مثر - لا يجود، حر … حر بفاقة تعتريه بعد إثراء البيت غير منسوب، وهو في الهمع ج 1/ 88، وذكره شاهدا على الفصل بين الموصول وصلته بجملة الحال. (وهو مثر)، و «لا يجود»، جملة الصلة وحر: خبر إن. 52 - لا يني الخبّ شيمة الخبّ ما دا … م فلا تحسبنّه ذا إرعواء البيت [في الهمع ج 1/ 112، وأنشده شاهدا على إعمال لا يني «عمل» لا يزال، على أن لا تكون من «ونى» بمعنى فتر، [الهمع ج 1/ 112، والدرر ج 1/ 82]. والخب، الأول بالكسر الخداع والخبث. والثاني بالفتح، صفة لمن قام به ذلك، يقال: رجل خبّ. 53 - قالوا أخفت فقلت: إنّ وخيفتي … ما إن تزال منوطة برجائي

54 - فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها … ومن بعد أرض بيننا وسماء

البيت أنشده ابن مالك في فصل عقده ل إنّ ترادف «نعم» من شرح التسهيل ونسبه لبعض الطائيين. والهمزة في قوله «أخفت»؟ للاستفهام. وإنّ، بمعنى «نعم» حذف جملة الكلام بعدها والتقدير، فقلت: نعم، خفت، لكن خيفتي مقترنة بالرّجاء، فليست بخيفة محضة. وإن، بعد «ما» زائدة [شرح أبيات المغني/ 8/ 6]. 54 - فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها … ومن بعد أرض بيننا وسماء .. البيت ليس منسوبا، والشاعر يتوجع لما يصيبه من الأسى والحزن، عند تذكره محبوبته، ولما بينهما من بعد المسافة وطول الشقة ... والشاهد: مجيء أوه بسكون الواو وكسر الهاء، وهو اسم فعل مضارع، وفيه لغات، انظر (شرح المفصل ج 4/ 39 والخصائص ج 2/ 89، والهمع ج 1/ 61) 55 - ما إن رأيت ولا أرى في مدّتي … كجواري يلعبن بالصحراء البيت غير منسوب. وقوله: ما إن رأيت: إن، زائدة، مؤّكدة لما النافية. وفي مدتي، أي: في عمري. وجملة «ولا أرى ..» معترضة بين أرى البصرية وبين مفعولها، وهو الكاف من قوله «كجوار». فإنها اسمية ولا يصّح جعلها حرفّية، والجواري: جمع جارية، وهي الشّابّة. والصحراء: البرّية، والخلاء. والشاهد «كجواري» على أنّ ظهور الجّر والتنوين على الياء، ضرورة. [الخزانة/ 8/ 341 وشرح المفصل ج 10/ 101]. 56 - ألا أبلغ بنيّ بني ربيع … فأنذال البنين لكم فداء بأني قد كبرت ودّق عظمي … فلا تشغلكم عنّي النساء البيتان للربيع بن ضبع الفزاري، جاهلي عاصر النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يلقه، وكان قد عمّر طويلا. .. وقوله: فأنذال البنين .. الخ جملة دعائية معترضة .. وقوله بأني .. متعلقة بقوله: أبلغ في البيت المتقدم [الخزانة ج 7/ 381]. 57 - ألا أيّهذا النّابح السّيد إنّني … على نأيها مستبسل من ورائها

البيت في حماسة أبي تمام، للشاعر الأخضر بن هبيرة، والسّيد: بكسر السين: اسم قبيلة، والنابح: مستعار للمتعرض المؤذي. قال المرزوقي: وصف أيّ بذا، غير جار على سنن ما يجلب له الصفات، لأن الصفة شرح الكلام وتبيينه ومزيل اللبس عنه، وإذا كان أيّ وذا، مبهمين، فالانشراح غير حاصل، بهما، لكنه لما كان المعول على ما يتبعه من المعرف بالألف والام، صار «ذا» كأنه لا اعتداد به في الشرح. وقوله: على نأيها: موضعه نصب على الحال، لأن المعنى، استبسل من ورائها بعيدة. [الحماسة، القطعة 191، والمقرّب ج 1/ 176].

باب الباء

باب الباء 1 - له ملك ينادي كلّ يوم … لدوا للموت وابنوا للخراب منسوب للإمام علي. والضمير في «له» يعود إلى الله تعالى. والبيت شاهد على أن اللام في قوله للموت تسمى لام العاقبة، أو الصيرورة، وهي فرع لام الاختصاص. وهو مذهب الكوفيين [الخزانة/ 9/ 529، والهمع/ 2/ 32، وشرح التصريح/ 2/ 13]. 2 - سراة بني أبي بكر تسامى … على كان المسوّمة العراب .. مجهول. وسراة: قيل: جمع سريّ، وقيل: اسم جمع له، وهو الشريف. والمسوّمة: الخيل التي جعلت عليها علامة. وتسامى: أصله تتسامى بتائين، من السمو، وهو العلو، ويريد: الركوب. والعراب: الخيل العربية. والبيت شاهد على أن «كان» فيه زائدة بين الجار والمجرور لا تعمل، ولا تفيد شيئا إلا محض التوكيد. [شرح المفصل/ 7/ 98، 100، والتصريح/ 1/ 192، والهمع/ 1/ 120، والأشموني/ 1/ 241]. 3 - إنّ السيوف غدوّها ورواحها … تركت هوازن مثل قرن الأعضب .. البيت للأخطل من قصيدة مدح بها العباس بن محمد بن عبد الله بن العباس. والشاهد: غدوّ: فإنّه بدل من السيوف، وهو بدل اشتمال، روعي المبدل منه في اللفظ، بإرجاع الضمير إليه من الخبر، ولم يراع البدل، ولو روعي لقيل: تركا بالتثنية. ونصب غدوّها: على الظرف كأنه قال: إن السيوف وقت غدوها ورواحها. [اللسان - عضب. والأشموني ج 3/ 132، والخزانة ج 5/ 199]. 4 - لا أشتهي يا قوم إلّا كارها … باب الأمير ولا دفاع الحاجب

5 - كأنه وجه تركيين إذ غضبا … مستهدف لطعان غير تذبيب

للشاعر موسى بن جابر الحنفي .. والشاهد «باب الأمير»، منصوب «بلا أشتهي» .. ونفوا أن يكون «كارها» حال من أشتهي، لأن الشهوة والكره لا يجتمعان ولكنه حال من فعل مقدر، والمعنى: لا أشتهي باب الأمير ولا آتيه إلا كارها. وليس كما قالوا: فهو يشتهي باب الأمير كارها الذلّ، قال المرزوقي: يصف بهذا الكلام ميله إلى البدو، وتفضيله رجاله على رجال الحضر، فيقول: لا أتمنى ورود باب الأمراء، ومدافعة الحجّاب، ولا أعلّق شهوتي بهما إلا على كره، وعن داعية عارضة، قال: وانتصب كارها على الحال. هذا: والشاعر موسى: .. شاعر نصراني جاهلي .. قال أبو العلاء: موسى منقول عن العبرانية ولم أعلم أن في العرب من سمي موسى زمان الجاهلية، وإنما حدث هذا في الإسلام .. قال محقّقا الحماسة المرزوقية: وهذا معترض بما ذكره المرزباني في معجمه .. قال أبو أحمد: ولا اعتراض على كلام أبي العلاء، فقد ذكر المرزباني عشرة شعراء ممن تسمّوا ب (موسى) وتتبّعت هؤلاء الشعراء، فوجدتهم إسلاميين ما عدا موسى بن جابر صاحب الشاهد. وموسى بن حكيم العبشمي، لم يذكر المرزباني زمنه. وعلى هذا، فقول أبي العلاء هو الصحيح. والله أعلم. [الخزانة ج 1/ 300، والمرزوقي ص 363]. 5 - كأنّه وجه تركيّين إذ غضبا … مستهدف لطعان غير تذبيب البيت للفرزدق من قصيدة رائية، وليست بائية، هجا بها جريرا، يتهكم به، وجعله امرأة ... والبيت في سياق ما قبله هكذا: ولا يحامي عن الأحساب منفلق … مقنّع حين يلقى فاتر النّظر هدرت لما تلقتني بجونتها … وخشخشت لي حفيف الريح في العشر ثم اتّقتني بجهم لا سلاح له … كمنخر الثور معكوسا من البقر كأنه وجه ... … ... غير منجحر .. فهو يتحدث عن فرج المرأة التي وصف جريرا بها: شبّه كل فلقة من الفرج بوجه تركي: قال: والأتراك غلاظ الوجوه عراضها، حمرها، وعند غضبهم تشتدّ وجوههم

حمرة. ومستهدف: صفة لوجه، وهو اسم فاعل من «استهدف». واستهدف: انتصب. كما قال النابغة: وإذا طعنت طعنت في مستهدف … رابي المجسّة بالعبير مقرمد .. وشيء مستهدف: أي: عريض ... وقوله: غير منجحر: في رواية البيت الصحيحة: اسم فاعل من انجحر، أي: دخل حجره. والشاهد: كأنه وجه تركيّين ... على أنه إذا أضيف الجزآن لفظا ومعنى إلى متضمّنيها المتحدين بلفظ واحد، فلفظ الإفراد في المضاف أولى من لفظ التثنية كما في البيت. فإن تركيّين متضمّنان، ولفظهما متّحد، لجزأيهما وهما الوجهان، فإن وجه كل أحد جزء منه، فلما أضيف إليهما أضيف بلفظ المفرد. وهو أولى من التثنية ... والقاعدة: أن كل ما في الجسد منه شيء واحد لا ينفصل: كالرأس والأنف واللسان والظهر والبطن والقلب، فإنك إذا ضممت إليه جاز فيه ثلاثة وجوه: 1 - الجمع، وهو الأكثر، لقوله تعالى فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التحريم: 4]. 2 - الإفراد: كقولك «ضربت ظهر الزيدين». وكما في البيت الشاهد. 3 - التثنية: كقولك: ما أحسن رأسيهما. ... وقوله في الأبيات التي سبقت الشاهد: «منفلق» كناية عن ذات الفرج. والجونة، بضم الجيم: العلبة، ودرج الطيب. والخشخشة: صوت السلاح، ونحوه. وحفيف: مفعول مطلق، أي خشخشته كحفيف الريح، وهو صوت الريح إذا مرت على الأشجار. والعشر شجر عظيم له شوك. والهدير: صوت شقشقة الجمل. يقول: لما برزت لمحاربتي، وكان سلاحها جونتها، وكان صوتها مؤنثا ضعيفا كصوت الريح المارة بالأشجار، هدرت عليها كالفحل الهائج، فأدهشتها. وقوله: ثم اتقتني بجهم لا سلاح له: الجهم: الغليظ الشفتين، كناية عن الفرج وأراد بالسلاح: الشعر النابت حوله، وشبهه بمنخر الثور حالة كونه معكوسا. والعكس: أن يشدّ حبل في منخره إلى رسغ يديه ليذل. وحينئذ يرى شقّه أوسع. [الخزانة/ 7/ 540، واللسان (طعن)].

6 - إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة … سهيل أذاعت غزلها في القرائب

6 - إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة … سهيل أذاعت غزلها في القرائب لم أعرف قائله ... والخرقاء: المرأة التي لا تحسن عملا. أذاعت: فرّقت. والقرائب: نساء الحيّ. وسهيل: نجم: عطف بيان لكوكب الخرقاء. يريد: أنها لما فرطت في غزلها في الصيف، ولم تستعد للشتاء، استغزلت قرائبها عند طلوع سهيل سحرا، وهو زمن وجود البرد. والبيت شاهد: على أنّ الشيء قد يضاف إلى الشيء لأدنى ملابسة، فأضاف الكوكب إلى الخرقاء، لأنها بدأت تغزل حين طلع ... وهذه الإضافة: من المجاز اللغوي، وقيل: من المجاز العقلي [اللسان - قرب، وشرح المفصل ج 3/ 8، والخزانة/ 3/ 112]. 7 - كأنّ فعلة لم تملأ مواكبها … ديار بكر ولم تخلع ولم تهب .. البيت للشاعر الفاسق، المتنبي، يرثى «خولة» أخت سيف الدولة وكنى عنها بلفظ «فعلة». ومنعها من الصرف، لأن موزونها ممنوع كذلك ... ويذكر من مآثرها: المواكب، والأموال التي كانت تمنحها .. وهذه من مساوئها، وليست من محاسنها، ولو كانت شريفة الفعال ما فعلت ذلك، لأن فعلها ينافي الشرع والمصالح العامة. فهذه الأموال التي تنفقها، كانوا يسرقونها من أقوات المظلومين ... وما جرّ النكبات على أمة العرب إلا أمثالها، وأمثال أخيها سيف الدولة، لانفصاله عن جسم الأمة، وتكوين دولة، وكانت عواقب هذا الصنيع وخيمة، مع ما صوّره الشعراء الكاذبون من معارك مع الروم، وما جنينا من تاريخ هذه الدويلات الهزيلة التي قامت في القديم، إلا هذا التمزق الذي نجده اليوم، واعتبار هذا التمزق أمرا شرعيا ندافع عنه، وندعمه بالقوانين والدساتير الأرضية، وقرارات هيئة الأمم مجمع الكفر والضلال ... قبّح الله خولة أخت سيف الدولة، وقبّح الله منافقا، ذكرها بخير ... وصدق الفرزدق في قوله، وهو يهجو جريرا، ويشبهه بامرأة: ولا يحامي عن الأنساب منفلق … مقنّع حين يلقى فاتر النّظر وإذا كنت قد مدحت المتنبي في مواطن من هذا الكتاب، فإنني أمدح فصاحته وقوة شعره، ولصوقه بكلام العرب الأعراب. أما أخلاقه فهي غير محمودة عندي. لأنّ أمثاله من الشعراء الذين كانوا يطلبون المال، هم الذين جعلوا الأقزام عماليق. 8 - فقام أبو ليلى إليه ابن ظالم … وكان إذا ما يسلل السّيف يضرب

9 - كم دون مية من خرق ومن علم … كأنه لامع عريان مسلوب

البيت للفرزدق، يذكر الحارث بن ظالم، وكنيته أبو ليلى، وهو جاهلي ضرب المثل بفتكه وحمايته الجار .. والبيت شاهد للجزم ب: إذا ما، حيث جزمت فعل الشرط، «يسلل» وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين. ويضرب: مجزوم، وحرّك بالكسر للشعر. ولكن البيت يروى أيضا «وكان متى ما يسلل ... الخ». وقبل البيت الشاهد: لعمري لقد أوفى وزاد وفاؤه … على كلّ جار جار آل المهلّب كما كان أوفى إذ ينادي ابن ديهث … وصرمته كالمغنم المتنهّب ... وقوله: أوفى: لغة في «وفى بالعهد، كوعى» ضد غدر. والجار: هنا: المجير - اسم فاعل -. وفاعل «أوفى» الأول ضمير سليمان بن عبد الملك، فإنه أجار يزيد ابن المهلب من الحجاج لما هرب من حبسه وجاء إليه، فأرسله مع ابنه أيوب إلى أخيه الوليد ابن عبد الملك، وكتب إليه يشفع فيه، فقبل شفاعته. وفاعل «أوفى» الثاني، ضمير أبي ليلى، تنازعه هو و «قام» في البيت الشاهد. وابن ديهث: فاعل «ينادي». والصرمة: القطعة من الإبل ما بين العشرين إلى الثلاثين. يشير إلى قصة امرأة اسمها «ديهث» استجارت بأبي ليلى ومعها ابنها، حيث نهبت إبلها، فأجارها وردّ عليها ما أخذ منها. [الخزانة/ 7/ 77]. 9 - كم دون ميّة من خرق ومن علم … كأنّه لامع عريان مسلوب ... البيت للشاعر ذي الرّمّة: وميّة: اسم محبوبة ذي الرمّة، ولقبها الخرقاء. والخرق: الأرض الواسعة. والعلم: الجبل، والمنار الذي يهتدى به في الطرق. وجملة «كأنّه» صفة للعلم. شبهه برجل عريان سلب ثوبه فهو يشير إلى القوم. واللامع: من لمع الرجل بيده، إذا أشار، والموصوف محذوف أي: رجل لامع. وكم: في البيت للتكثير. والشاهد: عريان: فقد جاء في ضرورة الشعر ممنوع الصرف، تشبيها بباب «سكران». ومذهب الكوفيين جواز منع التنوين في كل اسم للضرورة. وعريان: حقّه التنوين، لأنه مذكر عريانة، والذي يمنع من الصرف ما كان مؤنثه على وزن «فعلى» مثل «سكران، وسكرى، وعطشان وعطشى»، [الخزانة/ 1/ 253].

10 - معاذ الإله أن تكون كظبية … ولا دمية ولا عقيلة ربرب

10 - معاذ الإله أن تكون كظبية … ولا دمية ولا عقيلة ربرب هذا البيت، من أبيات عشرة للبعيث أوردها أبو تمام في الحماسة، وهي من أرقّ الشعر وأجمله وأصدقه، وأولها: خيال لأمّ السّلسبيل ودونها … مسيرة شهر للبريد المدئّب فقلت له أهلا وسهلا ومرحبا … فردّ بتأهيل وسهل ومرحب معاذ الإله ... ولكنها زادت على الحسن كلّه … كمالا ومن طيب على كلّ طيّب ... أم السلسبيل: امرأة. والبريد: الدابة المركوبة، معرّب (دم بريدة) أي: محذوفة الذنب، لأن الرسل كانت تركب البغال المحذوفة الذنب، ويطلق على الرسول أيضا لركوبه إياها ... و «معاذ الله» منصوب على المصدر، أي: أعوذ بالله معاذا. وكأنه أنف وتبرّأ من أن تكون هذه المرأة في الحسن. بحيث تشبّه بالظبية، أو الصورة المنقوشة، أو بكريمة من بقر الوحش. والدمية: الصورة من العاج ونحوه، سميت دمية لأنها كانت أولا تصوّر بالحمرة، فكأنها أخذت من الدمّ. والشاهد: أن «أل» في «الله» بدل من همزة «إله». فلا يجمع بينهما إلا قليلا. كما في هذا البيت. [المرزوقي ص 378، والخزانة ج 2/ 277]. 11 - لقد علم الحيّ اليمانون أنّني … إذا قلت أمّا بعد إني خطيبها البيت لسحبان وائل .. وقد روي «أني» الثانية بكسر الهمزة وفتحها. أما الكسر فعلى أن جملة «إني خطيبها» خبر أنني المفتوحة الهمزة. ولا يجوز فتحها لئلا يؤدّي إلى الإخبار بالحدث عن اسم العين. وأما فتحها، فعلى أنها تكرير للأولى على وجه التوكيد، وخطيبها خبر أنّ الأولى ولا خبر لأنّ الثانية لأنها جاءت مؤكدة للأولى. وأما بعد: كلمة يبتدئ بها الخطباء والكتّاب كلامهم، كأنهم يستدعون بها الإصغاء لما يقولونه .. وكثيرا ما تأتي عقب «الحمد لله» وتسمّى حينئذ فصل الخطاب، كأنها فصلت

12 - ويلمها روحة والريح معصفة … والغيث مرتجز والليل مقترب

بين الكلام الأول والثاني. وتأتي عقب البسملة وتأتي ابتداء كأنها عقب الفكر والرّوية [الخزانة/ 10/ 369، واللسان (سحب)]. 12 - ويلمّها روحة والريح معصفة … والغيث مرتجز والليل مقترب هذا البيت من قصيدة طويلة لذي الرّمّة، وهذا البيت من أواخرها. شبه بعيره بالنعام في شدة العدو، ثم وصف النعام بما يقتضي شدّة إسراعه ... والروحة، تكون عودة المساء، ومعصفة: شديدة، من الفعل المزيد «أعصف» ويقال أيضا: «عصف». والغيث هنا: الغيم. ومرتجز: مصوّت، يريد صوت الرعد. ومقترب: قد قرب. وقوله: ويلمها: .. هناك كلام في «تركيبها» وإعرابها، وكلام في معناها: أما المعنى: فهو مدح خرج بلفظ الذمّ. والعرب تستعمل لفظ الذم في المدح يقال: أخزاه الله ما أشعره! ولعنه الله ما أجرأه. ويستعملون لفظ المدح في الذم: يقال للأحمق: يا عاقل، وللجاهل: يا عالم ومعنى هذا: يا أيها العاقل عند نفسه، أو عند من يظنه عاقلا. أما قولهم: أخزاه الله ما أشعره! ونحو ذلك من المدح الذي يخرجونه بلفظ الذم فلهم في ذلك غرضان: أحدهما: أن الإنسان إذا رأى الشيء فأثنى عليه ونطق باستحسانه، فربما أصابه بالعين وأضرّ به، فيعدلون عن مدحه إلى ذمه، لئلا يؤذوه. والثاني: يريدون أنه قد بلغ غاية الفضل وحصل في حد من يذم ويسب، لأن الفاضل يكثر حساده، والمعادون له، والناقص لا يلتفت إليه. والشاهد: روحة. على أن «روحة» تمييز عن المفرد، لأن الضمير في «ويلمها» مبهم، لم يتقدم له مرجع، فإذا كان الضمير غير مبهم، يكون التمييز عن النسبة كقول امرئ القيس في المعلقة، «فيا لك من ليل» حيث يعود على قوله: «ألا أيها الليل الطويل» [الخزانة/ 3/ 273]. 13 - فبيناه يشري رحله قال قائل … لمن جمل رخو الملاط نجيب والرواية الصحيحة ذلول بدل نجيب البيت، منسوب للعجير السلولي، وينسب للمخلّب الهلالي، في قصيدتين، تتقارب معانيهما، ولكن القصيدتين بقافية اللام. [الخزانة/ 5/ 257، هارون]. وسبب هذا التحريف، أن النحويين يعتمدون على الأبيات المفردة غالبا، لأنهم يهتمون

14 - فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنه … سيرضيكما منها سنام وغاربه

باللفظ المفرد في البيت، ولذلك وقعوا في أخطاء كثيرة، وأساءوا إلى القصيدة العربية، لإشاعة فكرة أن البيت وحدة القصيدة وأنّ القصيدة، مفككة المعاني لاستقلال البيت بالمعنى. وقوله: يشري: هنا بمعنى يبيع، وهو من الأضداد. والرحل: كل شيء يعدّ للرحيل من وعاء للمتاع، ومركب للبعير ورسن .. الخ. والملاط: بكسر الميم الجنب. ورخو الملاط: سهله وأملسه .. وصف بعيرا ضلّ عن صاحبه فيئس منه، وجعل يبيع رحله، فبينما هو كذلك سمع مناديا يبشّر به، وإنما وصف ما ورد عليه من السرور بعد الأسف والحزن .. ومطلع المقطوعة: وجدت بها وجد الذي ضلّ نضوه … بمكة يوما والرّفاق نزول والبيت شاهد على أن واو «هو» قد يحذف ضرورة، كما في البيت في قوله «فبيناه»، فإن الأصل: فبينا هو يشري. وبينا: ظرف زمان. هو: مبتدأ. وجملة يشري: خبر. والجملة مضاف إليه [الخزانة/ 5/ 257، والخصائص/ 1/ 69، والإنصاف/ 512، وشرح المفصل/ 3/ 96]. 14 - فقلت انجوا عنها نجا الجلد إنّه … سيرضيكما منها سنام وغاربه .. البيت منسوب لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت .. والنجا: ما سلخته عن الشاة والبعير، يكتب بالألف لأنه من «نجا ينجو» والبيت شاهد على أن الفراء يجيز إضافة الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، فإن النجاء والجلد مترادفان وقد تضايفا .. والظاهر أنه ليس كما قال الفرّاء، فالخطاب في قوله «انجوا» لضيفين طرقا الشاعر، فنحر لهما ناقة، فقالا: إنها مهزولة، فقال لهما: قشّرا عنها لحمها وشحمها كما يقشّر الجلد فإنها سمينة. وقوله: وغاربه: الغارب: ما بين السنام والعنق. يريد أن السنام والغارب، تجدان فيهما شحما ولحما. فقوله «نجا الجلد»، «النجا» هنا اسم مصدر بمعنى «النجو» منصوب على أنه مفعول مطلق وليس اسما للجلد. لأنه يقول: اقشرا عنها اللحم والشحم مثل قشر الجلد عن الجسم. [الأشموني ج 2/ 243، والخزانة ج 4/ 358]. 15 - فهلّا أعدّوني لمثلي - تفاقدوا - … إذا الخصم أبزى مائل الرأس أنكب .. هذا البيت، من أبيات خمسة في الحماسة لبعض بني فقعس، أولها:

16 - لنا إبلان فيهما ما علمتم … فعن أية ما شئتم فتنكبوا

رأيت مواليّ الألى يخذلونني … على حدثان الدّهر إذ يتقلّب وبعد البيت الشاهد: وهلّا أعدّوني لمثلي - تفاقدوا - … وفي الأرض مبثوث شجاع وعقرب ... وقوله: أبزى: من قولهم: رجل أبزى وامرأة بزواء، وهو الذي يخرج صدره ويدخل ظهره، وأبزى هنا، مثل، ومعناه الراصد المخاتل، لأن المخاتل ربما انثنى فيخرج عجزه. والأنكب: المائل. ومائل الرأس: أي: مصعّر من الكبر ... ومواليّ: في بيت المطلع: أبناء العم. وعلى حدثان .. الخ: حال، أي: يخذلونني مقاسيا لما يحدث. وقوله: في البيت الشاهد: «تفاقدوا» دعاء، اعترض به بين أول الكلام وآخره. يقول: هلا جعلوني عدة لرجل مثلي - فقد بعضهم بعضا، وقد جاءهم الخصم .. وكني في البيت الثالث عن الأعداء بالشجاع (الحية)، والعقرب. والشاهد: أن إذا الشرطية، يجوز عند الكوفيين وقوع الجملة الاسمية بعدها، لكن بشرط كون خبرها فعلا، إلا في الشاذ، كهذا البيت، والجملة الاسمية «الخصم أبزى»، وقيل: أبزى: فعل، أي: تحامل على خصمه ليظلمه. وعليه: فالخصم مرفوع بفعل يفسره أبزى. (ومائل الرأس) بدل من الخصم [الخزانة/ 3/ 29، 37، والمرزوقي/ 214]. 16 - لنا إبلان فيهما ما علمتم … فعن أيّة ما شئتم فتنكّبوا .. بيت مفرد أنشده أبو زيد في نوادره، ونسبه الصاغاني في العباب لشعبة بن قمير، شاعر مخضرم، أسلم زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يره. وقوله: ما علمتم: أي ما علمتم من قرى الأضياف وتحمل الغرامات، فخذوا عن أيهما ما شئتم فإنها مباحة .. والتنكب: التجنب. وقد يكون المعنى: فتجنبوا فإنها محفوظة بنا. والشاهد: أنه يجوز تثنية اسم الجمع، على تأويل: فرقتين وجماعتين. لأن القياس يأبى تثنية الجمع، ذلك أن الغرض من الجمع الدلالة على الكثرة، والتثنية تدل على القلة فإذا جاء شيء من ذلك عنهم تأولوه على الإفراد [شرح المفصل/ 4/ 154، واللسان (نكب)]. 17 - ولولا دفاعي عن عفاق ومشهدي … هوت بعفاق عوض عنقاء مغرب لا يعرف قائله .. وهو شاهد على أن «عوضا» المبني قد يستعمل للمضيّ ومع الإثبات

18 - ولو ولدت قفيرة جرو كلب … لسب بذلك الجرو الكلابا

لفظا، فإن (هوت) ماض مثبت وهو عامل في عوض، لكنه منفي معنى. وعفاق: الذي دافع عنه الشاعر، لم يعرف، وممن سمي «عفاق» رجل كان على الشرطة مع على بي أبي طالب. والعنقاء: طائر خرافي لا وجود له. فإذا قيل: «عنقاء مغرب» بالوصف أو الإضافة، أرادوا «الداهية» وهذا ما يريده الشاعر هنا [الخزانة/ 7/ 129]. 18 - ولو ولدت قفيرة جرو كلب … لسبّ بذلك الجرو الكلابا هذا البيت من قصيدة لجرير يهجو بها الفرزدق، مطلعها: أقلي اللوم عاذل والعتابا … وقولي إن أصبت لقد أصابا وهو من الشواهد في حرف الباء. وقبل البيت الشاهد: وهل أمّ تكون أشدّ رعيا … وصرّا من قفيرة واحتلابا ... وقفيرة: أم الفرزدق .. ذم الشاعر قفيرة بأنها لو ولدت جروا لسبّت جميع الكلاب بسبب ذلك الجرو، لسوء خلقه وخلقه. والبيت شاهد، على أن الكوفيين وبعض المتأخرين أجازوا نيابة الجار والمجرور عن الفاعل، مع وجود المفعول الصريح. وقيل: «الكلاب» ليست مفعولا للفعل «سبّ» بل مفعول «ولدت» و «جرو» نصب على النداء، أو على الذم وقيل: الكلاب: نصب على الذم، وجمع لأن قفيرة، وجروا، وكلبا، ثلاثة ... وهو تخريج فيه بعد، لأنهم تمحّلوه للردّ على الكوفيين. [الهمع ج 1/ 162، والخصائص ج 1/ 397، والخزانة ج 1/ 337]. 19 - دعني فأذهب جانبا … يوما وأكفك جانبا البيت منسوب للشاعر الفارس عمرو بن معديكرب ... وهو شاهد على أنه عطف «أكفك» مجزوما على جواب الأمر المنصوب بأن، بعد الفاء السببية، وهو (فأذهب)، أو على توهم سقوط الفاء وجزم أذهب في جواب الأمر ... وانتصب: «جانبا» الأول على الظرف، والثاني على أنه مفعول ثان لأكفك كأنّه خطاب لمن عذله على السفر والبعد،

20 - أنشأت أسأله ما بال رفقته … حي الحمول فإن الركب قد ذهبا

أي: اتركني أذهب في جانب من الأرض، وأكفك جانبا من الجوانب التي تتوجّه إليها [الخزانة/ 9/ 100 وشرح المفصل ج 7/ 56]. 20 - أنشأت أسأله ما بال رفقته … حيّ الحمول فإنّ الركب قد ذهبا البيت لعمرو بن أحمر، من شعراء الدولة الأموية. وقوله: أنشأت: من أفعال الشروع .. أي شرعت أسأل غلامي، كيف أخذ الركب. وقوله: ذهبا: جعل الركب بمنزلة الواحد، ولو راعى معناه لقال ذهبوا. وقوله: حيّ الحمول: أي: فقال الغلام حيّ الحمول، والشاهد في قوله «حيّ» بفتح الحاء وتشديد الياء مع فتحها. وهي التي تأتي مركبة مع «حيّهل». وتستعمل «حيّ» مركبة وغير مركبة، فإن كانت غير مركبة كانت بمنزلة أقبل، فتتعدى ب على «حيّ على الفلاح» وإذا كانت مركبة كانت متعدية، بمنزلة ائت. ولكن الشاعر جاء بها هنا غير مركبة ومتعدية بنفسها، فنصبت الحمول، جمع حمل. فالشاعر: أخذ يسأل غلامه: ما بال الرفقة، وأين أخذت؟ ثم قال له: حيّ الحمول يا غلام، أي ائتها وحثّها. ولكن البيت مروي برواية أخرى: أنشأت أسأله عن حال رفقته ... … فقال: حيّ فإن الركب قد ذهبا وعليه، فليس بمتعد [الخزانة/ 6/ 251، واللسان «حيا» وشرح المفصل/ 4/ 37]. 21 - لا يمنع الناس منّي ما أردت ولا … أعطيهم ما أرادوا حسن ذا أدبا البيت للشاعر الفارس سهم بن حنظلة الغنويّ، من المخضرمين ... من قصيدة في «الأصمعيات»، مطلعها: إنّ العواذل قد أتعبنني نصبا … وخلتهنّ ضعيفات القوى كذبا ... وأقرب شروح البيت إلى المعنى المراد، أن الشاعر ينكر على نفسه أن يعطيه الناس، ولا يعطيهم ويمنعهم، لأن ما قبله يدل عليه، وهو قوله:

22 - فأصبحن لا يسألنه عن بما به … أصعد في علو الهوى أم تصوبا

قد يعلم الناس أنّي من خيارهم … في الدّين دينا وفي أحسابهم حسبا والشاهد: «حسن ذا ..» على أن «حسن» للمدح والتعجب، ويجوز في مثله أن تنقل ضمة العين إلى الفاء كما فعل الشاعر، ويجوز فتح الحاء وسكون السين وأصلها «حسن» فشبّه بنعم، وبئس في نقل الحركة، وأصلهما «نعم وبئس» لأنه جاء للمدح. و «ذا» فاعل، و «أدبا»: تمييز. ومن الفوائد اللغوية في «أدبا» أن الأدب الذي كانت العرب تعرفه هو ما يحسن من الأخلاق وفعل المكارم، مثل ترك السفه وحسن اللقاء .. واصطلح الناس بعد الإسلام بمدة طويلة على أن يسمّوا العالم بالنحو والشعر وعلوم العرب أديبا، ويسمّون هذه العلوم، الأدب. وذلك كلام مولد، لأن هذه العلوم حدثت في الإسلام. واشتقاقه من «الأدب» وهو العجب، أو من الأدب، بمعنى الدعوة إلى المحامد. [اللسان (حسن) والخصائص ج 3/ 40، والخزانة/ 9/ 432]. 22 - فأصبحن لا يسألنه عن بما به … أصعّد في علو الهوى أم تصوّبا للأسود بن يعفر، وصعّد في الجبل إذا علاه. والهواء: ما بين السماء والأرض. والتصوّب: النزول. والشاهد: (عن بما به) على أنه من الغريب زيادة الباء في المجرور، فإنها زيدت مع (ما) المجرور ب (عن) [الأشموني/ 3/ 83، والهمع/ 2/ 22، والخزانة/ 9/ 527، واللسان «صعد»]. 23 - فيا لرزام رشّحوا بي مقدّما … على الحرب خوّاضا إليها الكرائبا البيت لسعد بن ناشب المازني، في الحماسة، شاعر إسلامي في الدولة المروانية. قوله: يا لرزام: اللام مفتوحة للاستغاثة. ورزام: اسم قبيلة. والترشيح: التربية والتهيئة للشيء. ورشّح للأمر: ربّي له وأهّل، يقال فلان يرشّح للخلافة: إذا جعل وليّ العهد. والكرائب: جمع كريبة، الأمر الشديد، فالكرائب: الشدائد. والمعنى: يا بني رزام هيئوا بي رجلا، يتقدم إلى الموت ولا يحيد عنه، مقتحما الشدائد غير متنكب عنها، وتلخيصه: رشّحوا بترشيحكم رجلا هذه صفته، فأقام الصفة مقام الموصوف. والبيت شاهد: على أنّ «خوّاضا» صيغة مبالغة حوّل من اسم الفاعل الثلاثي، وهو خائض، ونصب الكرائبا. وكان الشاعر قتل له حميم، فأوعده الأمير بهدم داره إن طالب بثأره فقال قبل البيت:

24 - سيري أمام فإن الأكثرين حصى … والأكرمين إذا ما ينسبون أبا قوم هم الأنف والأذناب غيرهم … ومن يسوي بأنف الناقة الذنبا

سأغسل عني العار بالسيف جالبا … عليّ قضاء الله ما كان جالبا وأذهل عن داري وأجعل هدمها … لعرضي من باقي المذمّة حاجبا فإن تهدموا بالغدر داري فإنّها … تراث كريم لا يبالي العواقبا إذا همّ لم تردع عزيمة همّه … ولم يأت ما يأتي من الأمر هائبا [الخزانة/ 8/ 141، والمرزوقي/ 72]. 24 - سيري أمام فإن الأكثرين حصى … والأكرمين إذا ما ينسبون أبا قوم هم الأنف والأذناب غيرهم … ومن يسوّي بأنف الناقة الذّنبا .. الشاهد للحطيئة يمدح بني أنف الناقة، وذكرت البيت الثاني، لتمام المعنى والإعراب به. وقوله: أمام: منادى مرخم، أي: يا أمامة. وحصى: تمييز للأكثرين، وأبا: تمييز للأكرمين. ومعنى الحصى: العدد، وأطلق على العدد لأن العرب كانوا يعدون بالحصى، واشتق منه الفعل أحصى. وخبر «إنّ الأكرمين» في البيت الثاني: (قوم). والشاهد: «أبا» وحّد الأب لأنهم كانوا أبناء أب واحد، والظاهر أن يقول «آباء» إذا لم يجمعهم أب واحد. والبيت الثاني كان سبب افتخار بني أنف الناقة بنسبهم، وكانوا يخفون هذا اللقب، فعدّوا في باب من رفعهم الشعر. [الهمع ج 2/ 97، والدرر ج 2/ 131، والخزانة ج 3/ 288]. 25 - فأضحى ولو كانت خراسان دونه … رآها مكان السّوق أو هي أقربا .. البيت للشاعر عبد الله بن الزّبير الأسدي، من العصر الأموي: والزبير هنا: بفتح الزاي، ومعناها الحمأة والطين الأسود المنتن، والكدر. قال الشاعر: وقد جرّب الناس آل الزّبير … فلاقوا من آل الزّبير الزّبيرا أي: الحمأة والكدر. وأما «الزّبير» بضم الزاي، مع التصغير، فهو من «الزّبر» وهو طيّ البئر بالحجارة وقيل للرجل العاقل، ذو زبر، كأن العقل قد شدده وقواه. وزبرة الحديد: القطعة منه .. وللبيت قصة تقول: لما قدم الحجاج الكوفة، أمر الناس أن يلحقوا بابن المهلب لقتال الخوارج، فاعتذر له عمير بن ضابئ البرجمي بأنه شيخ، وطلب أن يرسل ابنه بدلا منه، فشهد شاهد أنّ عميرا كان من قتلة عثمان بن عفان، فأمر السياف أن يقطع

26 - فذاك وخم لا يبالي السبا … الحزن بابا والعقور كلبا

رأسه .. فخاف الناس، ولحقوا بابن المهلب، فقال عبد الله بن الزّبير: أقول لعبد الله لما لقيته … أرى الأمر أمسى منصبا متشعّبا تجهز فإمّا أن تزور ابن ضابئ … عميرا وإمّا أن تزور المهلّبا فما إن أرى الحجاج يغمد سيفه … يد الدهر حتى يترك الطفل أشيبا فأضحى ... البيت. وقوله: فأضحى: الفاء سببية، تسبّب ما بعدها عن قوله قبل البيت: تجهّز ... وأضحى: فعل ناقص. اسمه ضمير مستتر يعود على عبد الله في البيت الأول. وجملة رآها خبرها. وتكون «لو» وصلية، لا جواب لها. لأنه يريد أن عبد الله صار كأنه رأى خراسان مكان السوق، قريبة منه، أو هي أقرب من السوق فذهب إليها من غير تأهب واستعداد، لشدة خوفه، وإن كانت خراسان دونه بمراحل. - والسوق - مكان البيع. وقيل: خبر أضحى محذوف، «ولو» شرطية، و «رآها» جوابها. والأول أقوى. وقوله: دونه .. الضمير للسفر المفهوم من المقام، يعني: دون السفر، رأى خراسان مكان السوق للخوف. والشاهد في: أو هي أقربا: وفيها أقوال: الأول: هي: توكيد للضمير في رآها. وأقربا مفعول ثان. الثاني: ضمير فصل، بين (هاء) مفعول أول لفعل محذوف تقديره: أو رآها، والمفعول الثاني: أقرب. والثالث: أن يكون «أقرب» ظرفا، فتكون: هي، مبتدأ، و «أقربا» خبر والتقدير: أو هي أقرب من السوق ومثله قوله تعالى «والركب أسفل منكم» [الأنفال: 42]. [الخزانة ج 7/ 50، والأغاني/ 13/ 40]. 26 - فذاك وخم لا يبالي السّبّا … الحزن بابا والعقور كلبا هذا من رجز رؤبة بن العجاج. والحزن: الغليظ. وصف رجلا بشدة الحجاب ومنع الضيف كأنّ بابه وثيق لا يستطاع فتحه وأنّ كلبه عقور لمن ينزل بساحته باغيا معروفه، ولا يبالي أن يسبّ، ويرى المال أحبّ إليه من عرضه. والشاهد فيه: نصب «بابا» و «كلبا» على حدّ قولهم «الحسن وجها» وهو من باب

27 - بأعين منها مليحات النقب … شكل التجار وحلال المكتسب

التمييز. [الخزانة/ 8/ 227 والأشموني/ 3/ 14، وسيبويه/ 1/ 103]. 27 - بأعين منها مليحات النّقب … شكل التّجار وحلال المكتسب من شواهد سيبويه .. يصف الراجز جواري ... والنّقب: بالضم: دوائر الوجه، ويروى بكسر النون: أراد جمع نقبة، من الانتقاب بالنقاب. وشكل التّجار: أي: هنّ مما يصلح للتجارة ويحلّ للكسب. والشاهد: شكل التجار، وحلال المكتسب: بالجر، نعتا لما قبله ولو قطع بالنّصب والرفع لما فيه من معنى المدح لجاز [سيبويه/ 1/ 250، واللسان «نقب»]. 28 - بنا تميما يكشف الضّباب رجز لرؤبة بن العجاج، وهو من تميم. والشاهد: نصب «تميما» على الإختصاص، وأنه ربما كان علما. والضّباب: جمع ضبابة، ندى كالغبار يغشي الأرض بالغدوات. وأضبّ يومنا: بالهمزة، إذا صار ذا ضباب: فضرب الضباب مثلا لقمة الأمر وشدته، أي: بنا تكشف الشدائد في الحروب وغيرها. [الخزانة/ 2/ 413، وسيبويه/ 1/ 255، وشرح المفصل/ 4/ 302]. 29 - إنّ لها مركّنا إرزبّا … كأنّه جبهة ذرّى حبّا .. المركّن: الضرع المنتفخ. والإرزبّ: الغليظ. والشاهد: «ذرّى حبّا» فهو علم مركب تركيبا إسناديا. مثل «تأبط شرا» فيحكى على حاله. بحركات مقدرة. .. [وهذا الرجز لراجز من بني طهية [سيبويه ج 2/ 64، وشرح المفصل ج 1/ 28، واللسان، حبب، ورزب]. 30 - والله ما ليلي بنام صاحبه … ولا مخالط اللّيان جانبه ... البيت مجهول القائل، مع كثرة استشهاد النحويين به ... وقائله يصف أنه أرق ليلته وطال سهره وجفا جنبه عن الفراش فكأنّه نائم على شيء خشن لا لين فيه. .. والشاهد فيه: «بنام» حيث دخلت الباء على الفعل «نام» وحروف الجرّ لا تدخل على

31 - يسر المرء ما ذهب الليالي … وكان ذهابهن له ذهابا

الأفعال .. وإذا وجد في كلام العرب مثل هذا يؤولونه على أنّ الحرف داخل على اسم محذوف .. وتقديره هنا: «ما ليلي بليل نام صاحبه» ... ولذلك يعرب «ليلي» مبتدأ، أو اسم ما الحجازية. والاسم المحذوف خبر .. وقوله: «ولا مخالط» معطوف على محل قوله «بليل نام صاحبه» وفيها النصب إن جعلت (بليل) خبر ما. والرفع إن جعلته خبر المبتدأ ... و «جانبه» فاعل، لاسم الفاعل «مخالط» ويرى ابن منظور أنّ الباء داخلة على كلام محكي، كالأعلام المحكية مثل «شاب قرناها» [الهمع/ 1/ 6، وشرح المفصل/ 3/ 62، والإنصاف/ 112، والأشموني/ 3/ 27 والخصائص/ 2/ 366]. 31 - يسرّ المرء ما ذهب الليالي … وكان ذهابهنّ له ذهابا ليس للبيت قائل، إلا كتب النحو، وهو شاهد على «ما» المصدرية التي تسبك مع ما بعدها بمصدر، وهو هنا «ما ذهب»، والتقدير: يسرّ المرء ذهاب الليالي، فالمصدر المؤول فاعل الفعل «يسرّ»، [الهمع/ 1/ 81، وشرح المفصل 1/ 97، والدرر/ 1/ 54]. 32 - إذن والله نرميهم بحرب … تشيب الطفل من قبل المشيب .. البيت منسوب إلى حسان بن ثابت، وليس فيه مذاق شعره. وتذكره كتب النحو شاهدا على نصب المضارع إذا فصل عن (إذن) بالقسم .. وهو هنا الفعل «نرميهم» ولم يفطن أحد إلى أن البيت يستقيم وزنه برفع الفعل «نرميهم»، [شذور الذهب/ 291، والهمع/ 2/ 7، والأشموني/ 3/ 289، وشرح أبيات المغني/ 8/ 108]. 33 - أضحى يمزّق أثوابي ويضربني … أبعد شيبي يبغي عندي الأدبا؟ .. البيت غير منسوب ... وقد استشهد به ابن هشام على أنّ الفعل الناقص «أضحى» يمكن أن يستعمل بمعنى «صار» التي تفيد التحويل من حال إلى حال ... وليس ببعيد أن تكون «أضحى» هنا على معناها الأصلي، وهو تقييد وقوع الخبر على المبتدأ بوقت الضحى. 34 - ألا ليت الشباب يعود يوما … فأخبره بما فعل المشيب .. البيت لأبي العتاهية، للتمثيل لا للإحتجاج، ... وفيه شاهدان: الأول: ليت: الناسخة، ومعناها، التمني، وهو طلب ما لا طمع فيه ...

35 - لكل عيش قد لبست أثوبا.

والثاني: نصب المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية (فأخبره) في جواب التمني ... 35 - لكلّ عيش قد لبست أثوبا. رجز صاحبه (معروف بن عبد الرحمن)، ومعناه تصرفت في ضروب العيش وذقت حلوه ومرّه. والشاهد: جمع ثوب على أثوب والأكثر تكسيره على أثواب، [اللسان (ثوب)، وسيبويه/ 2/ 185، والأشموني/ 4/ 122، والعيني/ 4/ 522]. 36 - ومعتد فظّ غليظ القلب … كأن وريديه رشاء خلب غادرته مجدّلا كالكلب .. رجز لرؤبة بن العجاج. وقوله: وريديه: الوريدان: عرقان يكتنفان جانبي العنق. والرشاء: الحبل. والخلب: بالضم: الليف .. ورشاء، بالإفراد، وهو جائز في كلام العرب، فقد يخبر بالمفرد عن المثنى ويروى «رشاءا» ... بالتثنية. والشاهد: إعمال (كأن) مخفّفة كإعمالها مشدّدة، تشبيها لها بالفعل الذي يخفّف ولا يتغير عمله، كما تقول: لم يك زيد منطلقا. والوجه الرفع إذا خفّفت لخروجها عن شبه الفعل في اللفظ، [سيبويه/ 1/ 480، واللسان (خلب) وشرح المفصل/ 8/ 83، والخزانة/ 10/ 392، والإنصاف ص 198]. 37 - وبعض الأخلّاء عند البلا … ء والرّزء أروغ من ثعلب وكيف تواصل من أصبحت … خلالته كأبي مرحب من شعر النابغة الجعدي، والخلالة: بضم الخاء وكسرها وفتحها الصداقة المختصة التي ليس فيها خلل. وأبو مرحب: كنية الظلّ وهو سريع التحول، وقيل: كنية «عرقوب» المشهور بخلف الوعد. والشاهد: «كأبي مرحب» فالجار والمجرور خبر لأصبح، وأصل معمولي أصبح مبتدأ وخبر، ولا يصلح أن يكون «كأبي مرحب» خبرا عن الخلالة التي هي الصداقة لأن هذا الخبر ليس هو عين المبتدأ، فلزم أن يكون ثمة مضاف محذوف، تقديره: أصبحت خلالته كخلالة أبي مرحب [سيبويه/ 1/ 110، والإنصاف ص 62، ونوادر أبي زيد/ 189].

38 - ولما أن تحمل آل ليلى … سمعت ببينهم نعب الغرابا

38 - ولمّا أن تحمّل آل ليلى … سمعت ببينهم نعب الغرابا .. مكان الشاهد: «سمعت نعب الغرابا»، وهذه العبارة من باب الاشتغال حيث تقدم فعلان، كلاهما يطلب «الغرابا» معمولا له، الأول يطلبه مفعولا والثاني يطلب فاعلا، فعمل فيه الأول، حيث جاء مفعولا لسمعت، وأضمر فاعل «نعب» وإعمال الأول منهما مذهب الكوفيين أما إعمال الثاني فهو مذهب البصريين .. وكلا المذهبين جاءت به الشواهد، فلا يفضّل أحدهما على الآخر [الإنصاف ص 86]. 39 - زعمتني شيخا ولست بشيخ … إنّما الشيخ من يدبّ دبيبا .. هذا البيت، لأبي أمية الحنفي، واسمه أوس. يقول: ظنت هذه المرأة أنني قد كبرت سني، وضعفت قوّتي، ولكنها لا تعلم حقيقة الأمر، لأن من كان مثلي يسير سيرا قويا لا يقال عنه شيء من ذلك ... والشاهد في البيت «زعم» التي تدل على الرجحان، ونصبت مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر - الأول: الياء - والثاني «شيخا». [شذور الذهب، والأشموني/ 2/ 223، وشرح أبيات المغني/ 7/ 261]. 40 - القوم في أثري ظننت فإن يكن … ما قد ظننت فقد ظفرت وخابوا .. البيت مجهول القائل. ويقول: إني أظنّ أن القوم يتعقبونني وهم خلفي، فإن كان هذا الذي أظنه واقعا فسوف أفلت منهم، أو أوقع بهم أعظم وقيعة فأخيّب فألهم وأظفر عليهم .. والبيت شاهد على إلغاء «ظنّ» لأنها تأخرت عن المبتدأ والخبر: «القوم في أثري ظننت» فلم تنصب المبتدأ والخبر وبقيا مرفوعين .. أما «ظننت» في الشطر الثاني، فقد حذف مفعولاها -[قطر الندى/ 243]. 41 - وإنّما يرضي المنيب ربّه … ما دام معنيّا بذكر قلبه .. هذا من الرجز المجهول قائله .. وقد ذكره النحويون شاهدا على إنابة الجار والمجرور عن الفاعل مع وجود المفعول به في الكلام، وهو قوله «معنيا بذكر قلبه» معنيا: اسم مفعول يحتاج إلى نائب فاعل .. بذكر: جار ومجرور، نائب فاعل، قلبه: مفعول به منصوب ل «معنيا» والدليل على نصبه، أنه نصب، (ربّه) .. وهذا الذي فعله الشاعر، شاذ، لضرورة الشعر [الأشموني/ 2/ 68، والعيني 2/ 519، وشرح التصريح/ 1/ 291].

42 - يبكيك ناء بعيد الدار مغترب … يا للكهول وللشبان للعجب

42 - يبكيك ناء بعيد الدار مغترب … يا للكهول وللشبّان للعجب .. البيت من شواهد النحويين يقول: إني أبكي عليك ولست من أهلك لأنني من ديار بعيدة عن ديارك، وأنا ناء شديد البعد عن أهلي، ثم دعا الكهول والشبان ليعجبوا من هذه الحال ... والشاهد فيه: يا للكهول وللشبان، حيث جرّ الشبان بلام مكسورة، لكونه معطوفا من غير أن يعيد معه «يا» الاستغاثة، وقوله: يا للكهول: يا: حرف نداء واستغاثة. للكهول: اللام مفتوحة، حرف جرّ، والجار والمجرور متعلقان ب (يا) لأن فيها معنى الفعل، أو بفعل محذوف، أو زائدة لا تحتاج إلى متعلق .. للعجب: جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف أي: أدعوكم للعجب ... والبيت في باب «الاستغاثة»، فالمستغاث يجرّ بلام مفتوحة، والمستغاث له يجر بلام مكسورة، والعطف على المستغاث به بدون تكرار ياء النداء، يجعل المعطوف مجرورا بلام مكسورة. [الخزانة/ 2/ 154، والهمع ج 1/ 180، والأشموني/ 3/ 165، والدرر/ 1/ 155]. 43 - وكمتا مدمّاة كأنّ متونها … جرى فوقها واستشعرت لون مذهب ... البيت للشاعر طفيل بن كعب الغنوي، من شعراء الجاهلية، اشتهر بوصف الخيل، حتى قال عبد الملك بن مروان، من أراد أن يتعلم ركوب الخيل فليرو شعر طفيل .. والبيت في وصف الخيل أيضا. والكمت: جمع أكمت، وإن لم يكن هذا المفرد مستعملا، وإنما المستعمل كميت بزنة المصغر. وهو الذي لونه الحمرة يخالطها سواد. ومدمّاة: شديدة الحمرة. وجرى: سال. واستشعرت لون مذهب: جعلت هذا اللون شعارها، وأصل الشعار: بوزن كتاب: العلامة يتخذها المحارب ليعرف بها، أو هو ما يلي الجسد من الثياب. والمذهب: المموه بالذهب. والشاهد: جرى فوقها واستشعرت لون مذهب، فإن هذا الكلام من التنازع، فقد تقدم عاملان هما: جرى - واستشعرت وتأخر عنهما معمول - وهو لون مذهب - وكلاهما يطلبه وقد أعمل الشاعر العامل الثاني في لفظ المعمول، فنصبه على المفعولية. ولو أعمل الأول لرفع «لون مذهب» لأن الأول يطلبه فاعلا، ولأتى بضمير المعمول بارزا مع العامل الثاني، فكأنه يقول: جرى فوقها واستشعرته لون مذهب [سيبويه/ 1/ 39، والإنصاف ص 88، والأشموني/ 2/ 104].

44 - ألا يا اسلمي يا ترب أسماء من ترب … ألا يا اسلمي حييت عني وعن صحبي

44 - ألا يا اسلمي يا ترب أسماء من ترب … ألا يا اسلمي حيّيت عني وعن صحبي .. للشاعر الكميت بن زيد الأسدي ... والترب: بكسر التاء وسكون الراء الذي يساويك في سنّك ... والشاهد في البيت: «يا اسلمي»، حيث اقترن حرف النداء بالفعل «اسلمي» ويرى الكوفيون أن المنادى إنما يقدر إذا دخلت ياء النداء على الأمر، وما جرى مجراه ... أما دخولها على «نعم»، فلا يقدر معه منادى، لأنها في رأيهم اسم [الإنصاف/ ص 101]. 45 - وقالت: ألا يا اسمع نعظك بخطّة … فقلت: سميعا، فانطقي وأصيبي .. لا يعرف قائله: ونعظك: مجزوم في جواب الأمر. وسميعا: مفعول ثان لفعل محذوف تقديره: وجدتني سميعا. أو حال حذف عامله. والشاهد: دخول ياء النداء على فعل الأمر «اسمع» ... وكون المنادى محذوف ودخول ياء النداء على كلمة لا يدل على اسميتها، لجواز أن يكون في الكلام حذف، [الإنصاف ص 102]. 46 - ألا يا قوم للعجب العجيب … وللغفلات تعرض للأريب البيت من شواهد ابن هشام، والمعنى: يدعو قومه ليتدبروا في العواقب، وينتبهوا لما يجري من الأمور، ويعجبهم أشد العجب من غفلة المجرب عن عقبى الأمور مع علمه بما يترتب على ذلك من فساد ... والشاهد فيه «يا قوم» حيث استعمل المستغاث به استعمال المنادى، فلم يلحق به اللام في أوله، ولا الألف في آخره، وهذا الاستعمال أول الاستعمالات الثلاثة .. ويجوز في «يا قوم» البناء على الضم ... ويجوز نصبه بفتحة مقدرة على الميم منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة ياء المتكلم المحذوفة. [الأشموني ج 3/ 166، والعيني/ 4/ 263]. 47 - وما لي إلّا آل أحمد شيعة … وما لي، إلا مذهب الحقّ مذهب ... البيت للكميت بن زيد الأسدي، من قصيدة هاشمية يمدح بها آل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والشاهد فيه «إلا آل أحمد» و «إلا مذهب الحقّ» حيث تقدم المستثنى على المستثنى منه، فوجب نصبه في جميع حالات الاستثناء، وأصل التركيب: «وما لي شيعة إلا آل أحمد» و «ما لي مذهب إلا مذهب الحق». [الإنصاف/ 275،

48 - وابأبي أنت وفوك الأشنب … كأنما ذر عليه الزرنب

واللسان (شعب)، والأشموني ج 2/ 149، وابن عقيل، والخزانة ج 4/ 314 (مشعب)، وشرح أبيات المغني/ 6/ 333]. 48 - وابأبي أنت وفوك الأشنب … كأنّما ذرّ عليه الزّرنب ... البيت لراجز من بني تميم، لم يعيّنوا اسمه .. وقوله: وا: معناه أعجب بأبي: يريد: أفديك بأبي. والأشنب: الذي فيه الشّنب - بفتحتين - وهو عبارة عن رقة الأسنان وعذوبتها، أو نقط بيض فيها. والزرنب: نبات طيب الرائحة ... والشاهد فيه «وا» اسم فعل مضارع بمعنى أعجب، فاعله ضمير مستتر. وقوله: بأبي: جار ومجرور، خبر مقدم. وأنت: ضمير في محل رفع مبتدأ مؤخر. وفوك: معطوف عليه. [الأشموني/ 3/ 198، والهمع/ 2/ 106، والمغني/ 6/ 143]. 49 - وعدت وكان الخلف منك سجيّة … مواعيد عرقوب أخاه بيثرب .. هذا البيت نسبه في اللسان للأشجعي، ولا نعلم من هو .. : وعرقوب: رجل يضرب به المثل في خلف الوعد. ويثرب: ضبطه بعضهم بفتح الراء: مكان في اليمامة، ومنهم من كسر الراء، وهو الاسم القديم لمدينة رسول الله ... والشاهد في البيت: «مواعيد عرقوب أخاه» فإنّ مواعيد، جمع ميعاد، أو موعد - مصدر ميمي - وقد أعمل الشاعر هذا الجمع في فاعل، ومفعول، فأضافه إلى الفاعل، ثم نصب المفعول به (أخاه) فدلّ على أنّ المصدر إذا جمع جاز أن يعمل كما يعمل وهو مفرد .. وهو مذهب بعض النحويين، ويرى ابن مالك أن المصدر المجموع لا يعمل، وأن البيت شاذ لا يقاس عليه. [سيبويه/ 1/ 137، وشرح المفصل/ 1/ 113، والهمع/ 2/ 92، ونسب البيت للشماخ أيضا]. 50 - فإن أهجه يضجر كما ضجر بازل … من الأدم دبرت صفحتاه وغاربه .. البيت للأخطل، في هجاء كعب بن جعيل. وضجر: بسكون الجيم هو الفعل «ضجر» بكسر الجيم. والبازل من الجمال الذي انشقت نابه إذا بلغ التاسعة. والأدم: جمع آدم: الأسمر اللون. ودبرت: أصل الفعل (دبر) بكسر الباء، أصابه الدّبر وهو جروح مع قيح يصيب الدابة من أثر الرحل. والشاهد: ضجر - ودبر: (بسكون وسطهما ..) ذكرا، توجيها لمن قال: «نعم» بسكون العين في «نعم» مع فتح أولها ..

51 - ولما تعيا بالقلوص ورحلها … كفى الله كعبا ما تعيا به كعب

حيث حذفت كسرة العين من «نعم» لأن أصلها كذلك عند البصريين (نعم) [اللسان (ضجر) والإنصاف ص 123، والمنصف ج 1/ 21]. 51 - ولمّا تعيّا بالقلوص ورحلها … كفى الله كعبا ما تعيّا به كعب قاله رجل من الأزد، وتعيّا عليه الأمر: أثقله وأعجزه .. والشاهد: كفى الله كعبا ما تعيّا: فإن كفى هنا بمعنى «وفى» تتعدى إلى مفعولين ولا يقترن فاعلها بالباء نحو وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ [الأحزاب: 25] ... وتكون كفى بمعنى «حسب» وهي قاصرة لا تتعدى، وهي التي يغلب اقتران فاعلها بالباء الزائدة (نحو/ «كفى بالله شهيدا». وتكون «كفى») بمعنى أجزأ وأغنى، فتتعدى إلى واحد ولا يقترن فاعلها بالباء الزائدة نحو: قليل منك يكفيني ولكن … قليلك لا يقال له قليل [الإنصاف ص 167]. 52 - إنّ من لام في بني بنت حسّا … ن ألمه وأعصه في الخطوب .. هذا البيت للأعشى ميمون بن قيس من قصيدة يمدح فيها أبا الأشعث بن قيس الكندي ... وحسّان: أحد تبابعة اليمن .. والشاهد: دخول إنّ، على (من) اسم الشرط، واسم الشرط له الصدارة في جملته، ولذلك يقدّر اسم (إنّ) ضمير الشأن. ومن: مبتدأ، تصدرت جملتها، والجملة خبر (إنّ)، ومثله بيت الأخطل: إنّ من يدخل الكنيسة يوما … يلق فيها جآذرا وظباء ... وبيت الأعشى يروى (من يلمني على بني بنت حسان). ولا شاهد فيه [سيبويه/ 1/ 439، والإنصاف ص 180، وشرح المفصل ج 3/ 115، والخزانة ج 5/ 420]. 53 - أجدّك لست الدهر رائي رامة … ولا عاقل إلّا وأنت جنيب ولا مصعد في المصعدين لمنعج … ولا هابط ما عشت هضب شطيب .. لم ينسبا لقائل .. ورامة، وعاقل، ومنعج وشطيب: أماكن بأعينها. وقوله: أجدّك: الهمزة للاستفهام. وجدّ: مفعول مطلق لفعل محذوف، أو منصوب

54 - وداوية قفر يحار بها القطا … أدلة ركبيها بنات النجائب يحايي بها الجلد الذي هو حازم … بضربة كفيه الملا نفس راكب

على نزع الخافض. والشاهد: ولا مصعد، فهو مجرور معطوف على خبر ليس المنصوب، متوهّما جرّ خبر ليس بالباء. وربما توهم العطف على «ولا عاقل». [الإنصاف ص 191 - 192]. 54 - وداويّة قفر يحار بها القطا … أدلّة ركبيها بنات النجائب يحايي بها الجلد الذي هو حازم … بضربة كفّيه الملا نفس راكب .. الداوية: الصحراء الواسعة .. يحايي. يحيي. الجلد: الصبور. والملا: التراب .. وليس للبيتين قائل معين .. والمعنى: ربّ صحراء واسعة لا أنيس فيها - يستعمل المسافر فيها الماء لإحياء نفسه للشرب، ويتيمم بدلا من الوضوء .. وأصل التركيب: «يحيي الجلد نفسه بالماء، بضربة كفيه التراب». وقوله: بضربة: جار ومجرور متعلقان ب «يحايي». وهو مضاف - وكفيه: مضاف إليه مجرور بالياء، والهاء مضاف إليه. الملا: مفعول به ل: ضربة. نفس: مفعول به للفعل يحايي .. والشاهد فيه: قوله: ضربة كفيه الملا، فإن ضربة: مصدر محدود، بسبب لحاق تاء الوحدة به .. والمصدر المحدود، لا يعمل عمل فعله، لبعد شبهه بالفعل، لأن الفعل يدل على الحدث من غير تقيّد بمرة واحدة أو مرتين، والمصدر ذو التاء يدل على الحدث مقيدا بالمرة الواحدة .. وكذلك يقال في المصدر المصغّر والمجموع .. وعمل المصدر في البيت هنا، شاذ. [الهمع/ 2/ 92، والأشموني ج 2/ 286، والدرر ج 2/ 122]. 55 - يا للرجال ليوم الأربعاء أما … ينفكّ يحدث لي بعد النّهى طربا إذ لا يزال غزال فيه يفتنني … يأتي إلى مسجد الأحزاب منتقبا لكنّه شاقه أن قيل ذا رجب … يا ليت عدّة حول كلّه (رجب) رجبا .. الأبيات للشاعر عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي .. وقافية الأبيات منصوبة .. وفي البيت الثالث نصبت ليت الجزئين، وهي لغة ضعيفة لبعض العرب ولكن البيت الثالث ترويه النحاة بالرفع، لأنهم لم يطلعوا على ما قبله، ولأن الشاهد ليس في القافية، .. والشاهد في البيت قوله «حول كلّه» حيث أكّد النكرة «حول» ب «كلّ» وهو شاذ عند بعض

56 - أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا … أعيذكما بالله أن تحدثا حربا

النحويين، ويرى ابن مالك صحة توكيد النكرة إن أفاد توكيدها، وتحصل الفائدة بأن تكون النكرة محدودة والتوكيد من ألفاظ الإحاطة ... و «حول» هنا، نكرة محدودة، لها أول وآخر معروفان، والتوكيد من ألفاظ الإحاطة وهو «كلّه» ... ، وقصة الأبيات في معجم البلدان (أحزاب) شذور الذهب، والأشموني/ 3/ 77، والإنصاف/ 451، وشرح المفصل/ 3/ 35، والأشموني ج 3/ 66، ويروى في كتب النحو (رجب) بالضم والصواب ما أثبت. 56 - أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا … أعيذكما بالله أن تحدثا حربا .. هذا البيت من كلام طالب بن أبي طالب، أخي علي بن أبي طالب، من قصيدة، يمدح فيها رسول الله، ويبكي على أصحاب القليب، أوردها ابن هشام في السيرة. ... والشاهد فيه: أيا أخوينا عبد شمس ونوفلا، فإن قوله «عبد شمس» عطف بيان على قوله: أخوينا، ولا يجوز أن يكون بدلا منه، لأنه لو كان بدلا لكان حكمه وحكم المعطوف بالواو عليه واحدا، واستلزم أن يكون كل واحد منهما كالمنادى المستقل، لأن البدل من المنادى يعامل معاملة نداء مستقل، لكونه على نية تكرار العامل الذي هو هنا حرف النداء، وهذا يستدعي أن يكون قوله «نوفلا» مبنيا على الضم، لكونه علما مفردا، ولكن الرواية وردت بنصبه، فدلت على أنه لا يكون قوله «عبد شمس» بدلا. وإنما هو عطف بيان .. لكونه عطف عليه بالنصب، ولو قال «ونوفل» لجاز أن يكون بدلا. [الهمع/ 2/ 121، والدرر/ 2/ 153، والأشموني/ 3/ 87]. 57 - كأنّ كبرى وصغرى من فقاقعها … حصباء درّ على أرض من الذّهب .. هذا البيت لأبي نواس، يصف فيه الخمر في الكأس .. وقد أورده النحويون لإظهار خطأ أبي نواس في قوله «صغرى وكبرى». لأنهم عدّوا اللفظتين من أفعل التفضيل، وحقّ أفعل التفضيل إذا كان مجردا من أل والإضافة أن يكون مفردا مذكرا، مهما يكن أمر الموصوف به، فكان عليه أن يقول: أصغر، وأكبر، من فقاقعها، أو «كأن الكبرى والصغرى ..» ولكن الشاعر لم يرد معنى التفضيل وإنما أراد معنى الصفة المشبهة، اي: كأنّ الفقاعة الصغيرة والفقاعة الكبيرة .. والصفة المشبهة تطابق ما تجري عليه .. وعلى هذا، لم يلحن أبو نواس. [شرح المفصل/ 6/ 100، والأشموني/ 3/ 48، والعيني/ 4/ 54].

58 - لم تتلفع بفضل مئزرها … دعد ولم تسق دعد في العلب

58 - لم تتلفّع بفضل مئزرها … دعد ولم تسق دعد في العلب .. البيت منسوب إلى جرير، وإلى عبيد الله بن قيس الرقيات، وهو من شواهد سيبويه/ 2/ 22. .. ومعنى: تتلفع: تتقنّع. والعلب: جمع علبة، وعاء من جلد يشرب فيه الأعراب، يصف هذه المرأة بأنها حضريّة رقيقة العيش، فهي لا تلبس لباس الأعراب، ولا تتغذى غذاءهم .. والشاهد: (دعد) علم مؤنث ثلاثي ساكن الوسط غير أعجمي، وقد أتى به الشاعر منونا في أول الشطر الثاني، وغير منون بعده، فدل ذلك على جواز صرفه وعدمه ولكن هذا شعر ويجوز للشاعر صرف الممنوع، ومنع المصروف. [وشرح المفصل/ 1/ 170]. 59 - عجب لتلك قضية وإقامتي … فيكم على تلك القضية أعجب .. البيت منسوب إلى ثلاثة شعراء، ولم يتفقوا على واحد منهم، ونسبه سيبويه لرجل من مذحج ولم يعينه. والشاهد فيه: كلمة «عجب» فهي نكرة دلت على معنى التعجب، ولذلك جاز الابتداء بها، وكان ذلك مسوّغا لها .. وأما خبرها فهو الجار والمجرور بعدها، أو خبره محذوف، وقضية: حال من اسم الاشارة. وفيه أقوال أخرى فانظر [الخزانة/ 2/ 34، وسيبويه/ 1/ 161، وشرح المفصل ج 1/ 114، والهمع/ 1/ 191، والدرر/ 1/ 164، والأشموني/ 2/ 188]، ويروى البيت للشاعر هنيّ بن أحمر، وهو جاهلي، وله أبيات في المؤتلف ص 38، على الوزن والقافية. وقد ظنّ هارون أنّ البيت فيها، وليس كذلك وهو في قطعة أوردها البغدادي في الخزانة ج 2/ 37 ومنها البيت المشهور: وإذا تكون كريهة أدعى لها … وإذا يحاس الحيس يدعى جندب 60 - لك الخير علّلنا بها علّ ساعة … تمرّ وسهواء من الليل يذهب .. البيت للعجير السلولي .. والسهواء: بفتح السين ممدودا، ساعة من الليل وصدر منه .. والشاهد في «علّ ساعة» فإن استعمال (عل) في معنى لعلّ، دليل عند البصريين على أنّ اللام الأولى زائدة، [الإنصاف ص 220].

61 - يا ليت أم العمرو كانت صاحبي … مكان من أشتى على الركائب

61 - يا ليت أمّ العمرو كانت صاحبي … مكان من أشتى على الركائب هذا رجز يرويه أهل اللغة، وهم موثّقون فيما يروون من الأبيات المفردة إذا لم يذكروا أصحابها، لأنهم كانوا يجوبون البوادي لسماع اللغة من أصحابها، أو يتلقون الأعراب في الأسواق. والشاهد: أم العمرو، حيث أدخل الألف واللام على العلم، وهذا عند البصريين قليل لا يقاس عليه. قالوا ذلك في مجال الردّ على الكوفيين الذين نقلوا أن العرب يعرّفون جزئي العدد المركب، فيقولون: «جاء الخمسة العشر راعيا». قال أهل اللغة: وقد يشيع العلم، ويكون واحدا من الأمّة المسماة به، ويجري مجرى رجل وفرس فتصحّ إضافته وإدخال اللام عليه، وعندها يخرج عن أن يكون معرفة .. فيقولون: جاء المحمدون، وللقفطي كتاب «الشعراء المحمدون». قلت: وإخواني الخمسة، سمّى كل واحد منهم ابنه باسم والدنا «محمد» رحمه الله تبركا بالاسم، ولإظهار الحبّ والودّ للوالد، بإبقاء ذكراه بين الأسرة، وكان الإخوان الخمسة متجاورين في السكن، فإذا نودي «محمد» أجاب اثنان أو ثلاثة، وإذا تحدثت المجالس عن «محمد» من أبناء الأسرة، حصل لبس، أي: المحمّدين يريد المتحدث، فاهتدت سليقتهم البدوية إلى طريقة في التمييز عن طريق الإضافة، فقالوا: محمد حسن، ومحمد عبد الله، ومحمد حسني .. بإضافة «محمد» إلى أبيه. وأظنّ أن صنيعهم هذا عربي، وقد يؤول على حذف «ابن» ويكون التقدير محمد بن حسن، ومحمد بن عبد الله، وليس هو من مثل «محمد عليّ» لأن الأخير يفسد المعنى المقصود بإضافته، إذ المقصود، البركة من الاسم النبويّ، وفيه إضافة الأعلى إلى الأدنى، وهو فاسد، ولعلّ أول من عرف ب (محمد علي) في بلاد العرب هو محمد علي باشا، مؤسس الأسرة التي حكمت مصر، وجلبت الويلات إلى بلاد العرب. [الإنصاف ص 316، وشرح المفصل/ 1/ 44]. 62 - فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله … ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب .. هذا البيت للشاعر، نصيب بن رباح، مولى عبد العزيز بن مروان، يمدح سليمان ابن عبد الملك: يقول: إن هؤلاء الناس الذين لقيتهم وسألتهم عنك قد أثنوا عليك، وذكروا من كرمك ومحاسن أخلاقك ما أنت أهل له، ولو أنهم لم يمدحوا بألسنتهم لتكلّمت حقائبهم، يريد أن حقائبهم كانت ممتلئة بعطاياه.

63 - إن الشباب الذي مجد عواقبه … فيه نلذ ولا لذات للشيب

وشاهده: «أثنت عليك الحقائب». فإنه قد أثبت للحقائب ثناء، والحقائب لا تتكلم بلسان المقال، وإنما كلامها بلسان الحال، والمراد أن ما في الحقائب يحدث بلسان الحال عن جودك وكرمك إذا سكت المعطون .. وهو من شواهد (الشذور). على أن الكلام منه ما هو لفظي، ومنه ما هو لغويّ. [شذور الذهب ص 30]. 63 - إنّ الشباب الذي مجد عواقبه … فيه نلذّ ولا لذّات للشّيب .. هذا البيت للشاعر سلامة بن جندل السعدي .. شاعر جاهلي، والبيت من قصيدة في المفضليات مطلعها: أودى الشباب حميدا ذو التّعاجيب … أودى وذلك شأو غير مطلوب .. يقول في بيت الشاهد: إذا تعقبت أمور الشباب وجدت في عواقبه العزّ وإدراك الثأر والرحلة في المكارم، وليس في الشيب ما ينتفع به، إنما فيه الهرم والعلل. والشاهد فيه: قوله «لا لذات» فهو جمع مؤنث سالم وقد وقع اسما للا النافية للجنس، ووردت فيه روايتان، الأولى بالفتح، والثانية بالكسر، فيدل مجموع هاتين الروايتين على أنّ جمع المؤنث السالم إذا وقع اسما ل (لا) جاز فيه أمران البناء على الفتح، والبناء على الكسر نيابة عن الفتحة، كما هو الحال حين يكون معربا منصوبا ... وقوله: (مجد عواقبه): مجد: خبر مقدم. وعواقبه: مبتدأ مؤخر. [شذور الذهب ص 85 والهمع/ 146، والدرر/ 1/ 126، والخزانة ج 4/ 27]. 64 - هذا لعمركم الصّغار بعينه … لا أمّ لي - إن كان ذاك - ولا أب .. ينسب البيت، لهمّام بن مرّة، وينسب لضمرة بن ضمرة بن قطن، وينسب لغيرهما. .. هذا: مبتدأ. الصغار: خبره مرفوع، لأنه لا يشير إلى الصغار، والصغار خبر لأنه يريد الإخبار عن معنى الصغار .. لعمركم: اللام للابتداء، وعمر: مبتدأ خبره محذوف وجوبا. والكاف مضاف إليه. وقوله: (إن كان ذاك) كان: تامة فعل الشرط. وذاك: اسم اشارة فاعل.

65 - فإني وقفت اليوم والأمس قبله … بابك حتى كادت الشمس تغرب

والشاهد: لا أمّ لي ولا أب، لا: نافية للجنس، أمّ: اسمها مبني على الفتح. لي: الجار والمجرور خبرها. (ولا أب) فيه ثلاثة أوجه: الأول: ولا: الواو: عاطفة، لا زائدة للتوكيد، أي توكيد النفي. أب: معطوف على محل لا، مع اسمها. الثاني: لا: نافية عاملة عمل ليس .. أب: اسمها. الثالث: لا: مهملة غير عاملة. أب: مبتدأ ... فهذه الوجوه الثلاثة يخرج عليها رفع الاسم الواقع بعد «لا» الثانية إذا كان الاسم الواقع بعد «لا» الأولى، مفتوحا. [شذور الذهب/ 86، والأشموني ج 2/ 9] والخزانة/ 4/ 37 وهو في قطعة منها الشاهد رقم (58) في حرف الباء، ومنها البيت المشهور: وإذا تكون كريهة أدعى لها … وإذا يحاس الحيس يدعى جندب 65 - فإني وقفت اليوم والأمس قبله … بابك حتى كادت الشمس تغرب البيت للشاعر نصيب بن رباح الأموي. والشاهد فيه: «الأمس». فإن الظرف في اللفظ قد دخلت عليه «أل» وليس في العرب من يبنيه في هذه الحال. وذلك لأنّ أل من خصائص الأسماء، فوجودها في الكلمة مبعد من شبهها بالحرف الذي هو علّة البناء .. وقد وردت الكلمة في البيت بروايتين: الأولى «بالفتح» وهذه لا إشكال فيها، فيكون معربا منصوبا معطوفا على ما قبله .. والثانية: بالكسر وهي محلّ إشكال: وخرّجها العلماء على أحد وجهين: الأول: البناء .. باعتبار «أل» زائدة غير معرّفة. والثاني: أنه معرب، وإنما جرّه بالتوهم، على أنه وضع «في» قبل اليوم. [الإنصاف/ 320، وشرح المفصل/ 2/ 260، والشذور/ 101، والهمع/ 1/ 209]. 66 - ربّه فتية دعوت إلى ما … يورث المجد دائبا فأجابوا .. البيت غير منسوب، وقد أنشده ابن هشام في الشذور .. ربّه: ربّ: حرف جر شبيه بالزائد، والهاء: في محل رفع بالابتداء. فتية: تمييز للضمير. وجملة (دعوت) خبر المبتدأ.

67 - فأدرك لم يجهد ولم يثن شأوه … يمر كخذروف الوليد المثقب

والشاهد فيه: «ربّه فتية» حيث دخلت ربّ على الضمير ... والضمير معرفة وربّ لا تجر إلا النكرات ... ولكن ابن هشام يرى أن الضمير هنا نكرة لأنه يعود على نكرة، وتعرب (فتية) تمييزا والتمييز لا يكون إلا نكرة .. ولكن الذي يرجّحه النحويون أن الضمير لا يكون إلا معرفة، ودخول ربّ عليه، شاذ. [الشذور/ 133، والأشموني/ 2/ 60، 208، والهمع/ 2/ 27]. 67 - فأدرك لم يجهد ولم يثن شأوه … يمرّ كخذروف الوليد المثقّب .. البيت من قطعة لامرئ القيس، كان قد ساجل بها علقمة الفحل أمام امرأة اسمها أم جندب وتحاكما إليها في أن يصف كل واحد منهما فرسه بقصيدة. ومطلع قصيدة امرئ القيس: خليليّ مرّا بي على أم جندب … لنقضي حاجات الفؤاد المعذّب .. يصف في البيت الأول فرسه بأنه أدرك الصيد من غير أن يجهد، وأنه كان سريعا سرعة تشبه خذروف الوليد. والخذروف: لعبة للصبيان يديرونها بخيط في أكفّهم فلا تكاد ترى لسرعة دورانها. والشاهد في هذا البيت: قوله: «كخذروف الوليد المثقّب» فإن قوله «المثقب» نعت لقوله «خذروف الوليد». وهذا النعت محلى بأل، والمنعوت مضاف إلى المحلى بأل، والنعت لا يجوز أن يكون أعرف من المنعوت، فدلنا ذلك على أن المحلى بأل ليس أعرف من المضاف إلى المحلى بأل، وثبت أن المضاف إلى معرفة يكون في رتبة هذه المعرفة. [شرح شذور الذهب/ 156]. 68 - نتج الربيع محاسنا … ألقحنها غرّ السّحائب هذا البيت لأبي فراس الحمداني، ويورد النحويون أشعار المولّدين للتمثيل لا للاحتجاج ... ومحل التمثيل: «ألقحنها غرّ السحائب»، حيث ألحق بالفعل ألقح نون النسوة، مع ظهور الفاعل «غرّ». وتخريج مثل هذا البيت أن نجعل نون النسوة علامة تأنيث، حرفا، وغرّ: فاعل. أو: نون النسوة هي الفاعل وغرّ: بدل منها. وهي التي يسمونها لغة «أكلوني البراغيث» وسيأتي لها شواهد كثيرة .. ، بل عليها شواهد من القرآن الكريم، ومنها حديث «يتعاقبون فيكم ملائكة».

69 - كرب القلب من جواه يذوب … حين قال الوشاة: هند غضوب

69 - كرب القلب من جواه يذوب … حين قال الوشاة: هند غضوب ... هذا البيت لرجل من طيء، وقيل إنه للكلحبة اليربوعي أحد فرسان بني تميم. وهو من شواهد ابن عقيل، والأشموني .. والشاهد فيه «كرب القلب يذوب» حيث جاء الشاعر بخبر «كرب» جملة فعلية فعلها مضارع مجرد من أن المصدرية .. وكرب: فعل ناقص، من أخوات (كاد) خبرها يكون مضارعا. [شذور الذهب/ 272، والأشموني ج 1/ 105]. 70 - لولا توقّع معترّ فأرضيه … ما كنت أوثر إترابا على ترب .. البيت غير منسوب وهو عند الأشموني وابن عقيل .. والمعترّ: هو الفقير الذي يتعرض للمعروف. إترابا: مصدر أترب الرجل إذا استغنى. الترب: بفتحتين هو الفقر والحاجة، وهو مصدر ترب الرجل، إذا افتقر. .. والشاهد فيه: «فأرضيه» حيث نصب الفعل المضارع بأن المضمرة جوازا بعد الفاء العاطفة، لأنها مسبوقة باسم خالص من التقدير بالفعل وهو قوله «توقّع» الذي هو «مصدر». [الشذور/ 315، والهمع/ 2/ 17، والدرر/ 2/ 11]. 71 - فقلنا لفتيان كرام: ألا انزلوا … فعالوا علينا فضل ثوب مطنّب فلما دخلناه أضفّنا ظهورنا … إلى كلّ حاريّ جديد مشطّب .. البيتان لامرئ القيس من قصيدته التي ساجل بها علقمة الفحل .. يريد أن يقول: إنه طلب من الغلمان أن يصنعوا له خيمة، فلما دخل البيت أسند ظهره إلى كلّ رحل منسوب إلى الحيرة مخطط فيه طرائق .. وهو شاهد لغوي، حيث ذكره ابن هشام في الشذور لتفسير معنى الإضافة في اللغة، وهو الإسناد. 72 - يا صاح بلّغ ذوي الزّوجات كلّهم … أن ليس وصل إذا انحلّت عرى الذّنب البيت لأبي الغريب، أدرك الدولة الهاشمية كما في (شرح أبيات المغني) قوله: يا صاح: منادى مرخّم وأصله صاحب، أو صاحبي .. أن: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف والتقدير (أنّه) أي: الحال والشأن .. (وليس وصل) فعل ناقص، واسمه، والخبر محذوف والجملة خبر أن.

73 - أمرتك الخير فافعل ما أمرت به … فقد تركتك ذا مال وذا نشب

وقوله: إذا انحلت ... الخ يريد استرخاء القضيب بذبول العروق والأعصاب. والشاهد: كلّهم .. فهي توكيد لذوي، لا للزوجات، وإلا لقال: كلّهن، وذوي منصوب على المفعولية، وكان حقّ كلهم النصب، ولكنه ورد مجرورا، لمجاورته المجرور، أي مجرور للمجاورة، وهو شاذ لا يقاس عليه. وربما لحن بعضهم في إنشاده فأوجدوا لهذا اللحن علّة. والله أعلم. [شذور/ 331، والهمع/ 2/ 55، والدرر ج 2/ 70]. 73 - أمرتك الخير فافعل ما أمرت به … فقد تركتك ذا مال وذا نشب ... البيت لعمرو بن معد يكرب الزّبيدي، وهو من شواهد سيبويه .. والنشب: المال الثابت كالضياع ونحوها. وأراد بالمال الذي ذكره قبل ذلك، الإبل خاصة لأنها غالب أموال العرب .. والشاهد فيه: قوله: أمرتك الخير. وقوله: أمرت به، فقد تعدى الفعل «أمر» في العبارة الأولى إلى المفعولين بنفسه. وفي الثانية، تعدى للأول بنفسه (التاء - نائب الفاعل) وتعدى للثاني بحرف الجرّ (به) .. ويفهم من كلام سيبويه أن الفعل «أمر» يتعدى إلى ثاني مفعوليه بحرف الجرّ، ثم قد يحذف حرف الجرّ فيصل الفعل إلى المفعول الثاني بنفسه .. وعلى هذا فالنصب يكون على نزع الخافض. وقال الأعلم: أراد الشاعر «أمرتك بالخير» فحذف ووصل الفعل ونصب، وسوغ الحذف والنصب أنّ «الخير» اسم دال على الحدث، يمكن وضع أن والفعل، موضعه «وأن» يحذف معها حرف الجرّ كثيرا، تقول: أمرتك أن تفعل، تريد بأن تفعل فإن قلت: أمرتك بزيد، لم يجز أن تقول «أمرتك زيدا، لأن زيدا ليس اسم حدث، ولا تحلّ «أن والفعل» مكانه. [سيبويه/ 1/ 17، وشرح المفصل/ 2/ 44، والخزانة/ 9/ 124]. 74 - أقلّي اللوم - عاذل - والعتابن … وقولي - إن أصبت -: لقد أصابن .. البيت لجرير بن عطية، يقول: اتركي أيتها العاذلة هذا اللوم، والتعنيف، فإني لن استمع لما تطلبين من الكفّ عما آتي من الأمور، والخير لك أن تعترفي بصواب ما أفعل. وقوله: (عاذل) منادى مرخم، أصله يا عاذلة .. والشاهد فيه قوله: والعتابن و «أصابن». حيث دخلهما في الإنشاد تنوين الترنّم، وآخرهما حرف العلة، وهو هنا ألف

75 - فلست بذي نيرب في الصديق … ومناع خير وسبابها ولا من إذا كان في جانب … أضاع العشيرة فاغتابها

الإطلاق، والقافية التي آخرها حرف علة تسمّى «مطلقة». [سيبويه/ 2/ 298، والإنصاف/ 655، وشرح المفصل ج 4/ 115، والهمع/ 2/ 157، والخزانة ج 1/ 338، و 3/ 151، و 7/ 432]. 75 - فلست بذي نيرب في الصديق … ومنّاع خير وسبّابها ولا من إذا كان في جانب … أضاع العشيرة فاغتابها .. هكذا رواها الأنباري في «الإنصاف»، والمعنى فيها يضطرب، وصحتها كما في اللسان: ولست بذي نيرب في الكلام … ومنّاع قومي وسبّابها ولا من إذا كان في معشر … أضاع العشيرة واغتابها ولكن أطاوع ساداتها … ولا أعلم الناس ألقابها .. والأبيات من كلام عديّ بن الخزاعي .. والنّيرب؛ بوزن جعفر الشرّ والنميمة .. والشاهد: (منّاع خير): فقد وردت، مناع: منصوبة معطوفة على «بذي نيرب» الذي هو خبر ليس، مزيدا فيه الباء وإنما أتى الشاعر بالمعطوف منصوبا، لأنّ موضع المعطوف عليه، النصب لكونه خبر ليس. والدليل على أنّ «مناع» منصوب، أنّ القافية منصوبة، وإذا صح في البيت الأول الرفع، ورفع القافية، فإن قافية البيت الثاني، لا يصح رفعها، لأن قوله «اغتابها» فعل ماض مبني على الفتح. [الإنصاف ص 331]. 76 - أبا عرو لا تبعد فكلّ ابن حرّة … سيدعوه داعي ميتة فيجيب قوله: أبا عرو: يعني: أبا عروة .. لا تبعد: أي: لا تهلك .. وميتة: تروي: موتة. بفتح الميم. والشاهد: أبا عرو: فإنه منادى بحرف نداء محذوف، وهو مركب إضافي، وقد رخّم الشاعر المضاف إليه بحذف التاء من «عروة» وهو من شواهد الكوفيين على جواز ترخيم المركب الإضافي بحذف آخر المضاف إليه، لأنّ المضاف والمضاف إليه بمنزلة الشيء الواحد .. وأنكر هذا، البصريون وعدوه شاذا، والنقل والذوق يؤيدان أهل الكوفة. [الخزانة/ 2/ 336، والإنصاف/ 348، وشرح المفصل/ 2/ 20]. 77 - أرقّ لأرحام أراها قريبة … لحار بن كعب لا لجرم وراسب قاله بعض بني عبس ... و (حار) يريد (حارث) وجرم، وراسب قبيلتان. والشاهد

78 - أبلغ هذيلا وأبلغ من يبلغهم … عني حديثا وبعض القول تكذيب بأن ذا الكلب عمرا خيرهم حسبا … ببطن شريان يعوي حوله الذيب

«لحار» رخّم «حارث» في غير النداء. [الإنصاف ص 335] وفي معجم الشواهد، لهارون نسبه للقطامي. 78 - أبلغ هذيلا وأبلغ من يبلّغهم … عنّي حديثا وبعض القول تكذيب بأنّ ذا الكلب عمرا خيرهم حسبا … ببطن شريان يعوي حوله الذيب .. البيتان لجنوب، أخت عمرو ذي الكلب بن العجلان أحد بني كاهل، وهما من قصيدة لها، ترثيه بها .. وبطن شريان: مكان بعينه، وقولها: يعوى حوله الذيب، كناية عن موته .. ذا: اسم أنّ منصوب بالألف .. عمرا: بدل. خيرهم: صفة ل «عمرو». حسبا: تمييز. ببطن شريان: الجار والمجرور خبر أنّ. والشاهد فيه: قولها: «ذا الكلب عمرا»، حيث قدمت اللقب «ذا الكلب» على الاسم «عمرو». والقياس أن يكون الاسم مقدما على اللقب .. وإنما وجب في القياس تقديم الاسم وتأخير اللقب، لأنّ الاسم يدلّ على الذات وحدها، واللقب: يدل عليها وعلى صفة مدح أو ذمّ، فلو جئت باللقب أولا، لما كان لذكر الاسم بعده فائدة بخلاف ذكر الاسم أولا، فإن الاتيان بعده باللقب، يفيد هذه الزيادة. [الهمع/ 11/ 71، والدرر ج 1/ 146، والأشموني ج 1/ 129]. 79 - أهابك إجلالا وما بك قدرة … عليّ ولكن ملء عين حبيبها .. البيت منسوب إلى نصيب بن رباح الأكبر، ومنسوب إلى مجنون بني عامر. والمعنى: إني لأهابك وأخافك، لا لاقتدارك عليّ، ولكن إعظاما لقدرك لأنّ العين تمتلئ بمن تحبه فتحصل المهابة .. والشاهد فيه: «ولكن ملء عين حبيبها»، لكن: حرف استدراك غير عامل. ملء: خبر مقدم. حبيبها: مبتدأ مؤخر. فقدم الخبر وجوبا، لاتصال المبتدأ بضمير يعود على ملابس للخبر وهو العين، حتى لا يعود الضمير على متأخر لفظا ورتبة. [الأشموني ج 1/ 213، والعيني ج 1/ 537، والتصريح ج 1/ 176، والمرزوقي 1363]. 80 - فكن لي شفيعا يوم لا ذو شفاعة … بمغن فتيلا عن سواد بن قارب

81 - كلانا يا معاذ يحب ليلى … بفي وفيك من ليلى التراب

هذا البيت لسواد بن قارب الأسدي الدوسي، يخاطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقوله: فتيلا: وهو الخيط الرقيق الذي يكون في شقّ النواة. والشاهد: إدخال الباء الزائدة على خبر «لا» العاملة عمل ليس. «لا ذو شفاعة بمغن» بمغن: مجرور لفظا منصوب محلا خبر لا النافية. والباء: زائدة. وفتيلا مفعول به ل «مغن»، لأنه اسم فاعل يعمل عمل فعله. [شرح أبيات مغني اللبيب ج 6/ 271، والهمع/ 1/ 127، 218، والدرر ج 1/ 101، 188، والأشموني ج 1/ 251 / وج 2/ 256]. 81 - كلانا يا معاذ يحبّ ليلى … بفيّ وفيك من ليلى التراب .. هذا البيت لمزاحم بن الحارث العقيلي، وكان مجنونا من مجانين ليلى، ومعاذ، منهم. قوله: بفيّ وفيك التراب، دعاء على نفسه وصاحبه بأن يرجع كلاهما بالخيبة من غير أن ينال حظا من مودّتها. والشاهد: كلانا يحبّ ليلى .. حيث أعاد الضمير من «يحبّ» مفردا إلى «كلانا» فدلّ ذلك على أنّ «لكلا» جهة إفراد، هي جهة اللفظ، ومعناها التثنية. [الإنصاف/ 433، والأغاني ج 2/ 425]. 82 - حتى إذا قملت بطونكم … ورأيتم أبناءكم شبّوا وقلبتم ظهر المجنّ لنا … إنّ اللئيم العاجز الخبّ .. رواهما ابن منظور ولم ينسبهما، وكفى به راويا .. ومعنى «قملت»: شبعت وضخمت، وقيل: كثرت قبائلكم ... ويروى (وشبعت بطونكم). والشاهد: «وقلبتم ظهر المجنّ لنا»: فإن هذه الجملة جواب (إذا) في البيت الأول، عند الكوفيين، وعلى هذا تكون الواو زائدة .. أما البصريون، فلا يرون زيادة الواو، ويقولون إنّ جواب الشرط محذوف وتقديره في الشاهد: حتى إذا امتلأت بطونكم. وكان كذا وكذا تحقق منكم الغدر واستحققتم اللوم. [الإنصاف/ 458، وشرح المفصل/ 8/ 94]. 83 - ومصعب حين جدّ الأم … ر أكثرها وأطيبها

84 - عسى الكرب الذي أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب

المصعب في الأصل: الفحل، ورجل مصعب: سيّد، ثم سمّوا مصعبا. ومن أشهر من سمي بذلك، مصعب بن الزبير، ولشهرته غلّبوه على غيره فقالوا: المصعبان، يعنون مصعبا وأخاه عبد الله، أو مصعبا وابنه عيسى .. والشاهد: «مصعب» حيث جاء غير منوّن، وممنوع من الصرف مع أنّه ليس فيه إلا علة واحدة وهي العلمية .. وترك صرف المصروف في ضرورة الشعر، رأي الكوفيين، ومن وافقهم .. ويرى البصريون أن لا يجوز ترك صرف ما ينصرف في ضرورة الشعر .. وتعللوا بعلل تأولوها وقواعد وضعوها، والشواهد التي تؤيد الكوفيين كثيرة، ورأي البصريين هو نوع من المماحكة والجدل العقيم. والبيت لابن قيس الرقيات (عبيد الله) [الإنصاف ص 501، وشرح المفصل ج 1/ 68، وديوان الشاعر]. 84 - عسى الكرب الذي أمسيت فيه … يكون وراءه فرج قريب ... البيت لهدبة بن خشرم العذري من قصيدة قالها وهو في الحبس، حبسه سعيد ابن العاص والي المدينة لدم عليه، ثم أقيد منه سنة 50 هـ. والقصيدة في أمالي القالي ومطلعها: طربت وأنت أحيانا طروب … وكيف وقد تعلّاك المشيب .. عسى: فعل ماض جامد ناقص. الكرب: اسمه .. الذي: في محل رفع صفة. يكون: مضارع ناقص واسمه مستتر. وراءه: ظرف متعلق بمحذوف خبر مقدم. فرج: مبتدأ مؤخر. والجملة خبر يكون ... والشاهد: وقوع خبر عسى فعلا مضارعا مجردا من (أن) وذلك قليل. [الخزانة/ 9/ 328، وشرح المفصل/ 7/ 117، والأشموني ج 1/ 260]. 85 - فموشكة أرضنا أن تعود … خلاف الأنيس وحوشا يبابا وتوحش في الأرض بعد الكلام … ولا تبصر العين فيه كلابا .. البيتان للشاعر أبي سهم الهذلي .. وقوله: «خلاف الأنيس» أي: بعد المؤنس، وحوشا: قفرا خاليا. وقد ضبطه بعض العلماء بضم الواو على أنه جمع وحش.

86 - أم الحليس لعجوز شهربه … ترضى من اللحم بعظم الرقبه

والوحش: صفة مشبهة، تقول: أرض وحش، تريد: خالية، وضبطه آخرون بفتح الواو على أنه صفة على وزن صبور. واليباب: الذي ليس فيه أحد .. والشاهد في البيت الأول فقط .. موشكة: خبر مقدم - اسم فاعل من أوشك، ويحتاج إلى اسم وخبر، واسمه ضمير مستتر فيه. أرضنا: مبتدأ مؤخر. (أن تعود) أن، ومنصوبها، مصدر مؤول خبر (موشكة) ... خلاف: ظرف منصوب .. وحوشا: حال. ويبابا: حال ثانية أو توكيد للحال لأنه بمعناه. والشاهد: استعمال اسم الفاعل (موشكة) من أوشك وعمله عمل الفعل. [الهمع/ 1/ 129، والأشموني ج 1/ 264] ونسب لأسامة بن الحارث. 86 - أمّ الحليس لعجوز شهربه … ترضى من اللحم بعظم الرّقبه .. البيت منسوب إلى عنترة بن عروس مولى بني ثقيف. وقيل: لرؤبة بن العجاج. الحليس: تصغير «حلس» كساء رقيق يوضع تحت البرذعة، وأم الحليس، كنية الأتان - أنثى الحمير - أطلقها الراجز على امرأة تشبيها لها بالأتان. و «شهربة» كبيرة طاعنة في السنّ. وقوله من اللحم: «من» هنا بمعنى البدل كما في قوله تعالى: لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً [الزخرف: 60] أي: بدلكم. والشاهد في البيت: لعجوز: حيث زاد اللام في خبر المبتدأ، والأصل أن تكون على المبتدأ. ومثله قول الشاعر: فإنّك من حاربته لمحارب … شقيّ ومن سالمته لسعيد و «من»، اسم موصول مبتدأ، في الموضعين، ودخلت اللام على الخبر في الموضعين. [شرح المفصل ج 3/ 130، وج 7/ 57، والخزانة ج 10/ 323، وشرح أبيات المغني ج 4/ 345، واللسان (شهرب)، والهمع/ ج 1/ 140]. 87 - وربّيته حتى إذا ما تركته … أخا القوم واستغنى عن المسح شاربه البيت لأبي منازل فرعان بن الأعرف، شاعر لص مخضرم، وله مع عمر بن الخطاب

حديث في عقوق ابنه منازل (الإصابة 7009) .. ولفرعان أخ يسمى منازل أيضا، ومن عجب أن يروي له الآمدي في «المؤتلف» شعرا يذكر فيه عقوق ابنه له، لكن هذا الشعر رواه أبو رياش منسوبا إلى منازل بن فرعان بن الأعرف يشكو فيه عقوق ابنه المسمى «خليج» .. فكأنّ هذه الأسرة عريقة في أن يعقّ الولد منهم أباه .. وقد ذكرت لك ذلك، لتحذر من عقوق الوالدين فإنه دين عليك إذا فعلته، ولعله يصبح فيما بعد وراثة في دم الأسرة كلها .. فكما أنّ البرّ، والحنان يورثان، فكذلك العقوق، وقد قرأت أن من حكمة الإسلام في طلب المال الحلال، لأنّ ذلك يرضعه الأطفال مع لبان أمهاتهم ... والله أعلم. ومما قاله أبو منازل في الشكوى من عقوق ابنه منازل: جزت رحم بيني وبين منازل … جزاء كما يستنزل الدّين طالبه تربّيته حتى إذا عاد شيظما … يكاد يساوي غارب الفحل غاربه تغمّط حقي ظالما ولوى يدي … لوى يده الله الذي هو غالبه وكان له عندي إذا جاع أو بكى … من الزاد أحلى زادنا وأطايبه وربيته ... (والشاهد) ... وجمّعتها دهما جلادا كأنّها … أشاء نخيل لم تقطّع جوانبه فأخرجني منها سليبا كأنّني … حسام يمان فارقته مضاربه أأن أرعشت كفّا أبيك وأصبحت … يداك يدي ليث فإنّك ضاربه [أنظر الأبيات في الحماسة، شرح المرزوقي ج 3/ 1445]. .. وقوله في الشاهد: «واستغنى عن المسح شاربه»: كناية عن أنه كبر، واكتفى بنفسه ولم تعد به حاجة إلى الخدمة .. والشاهد في البيت: «تركته أخا القوم ..» حيث نصب ب (ترك) مفعولين لأنه في معنى فعل التصيير .. ويرى التبريزي في شرحه أنّ «أخا القوم» حال، وسوغ مجيء الحال مضافا إلى المعرف بأل، (القوم) لأنه لا يعني قوما بأعيانهم، وإنما عنى أنه تركه قويا مستغنيا لاحقا بالرجال، فإذا كان كذلك فلا شاهد في البيت .. والذوق لا يرفض رأي التبريزي، كما لا يرفض رأي جمهور النحاة. [الإصابة 7009 /، والهمع ج 1/ 150، والأشموني ج 2/ 25، والمرزوقي 1445].

88 - أكنيه حين أناديه لأكرمه … ولا ألقبه والسوءة اللقب كذاك أدبت حتى صار من خلقي … إني وجدت ملاك الشيمة الأدب

88 - أكنيه حين أناديه لأكرمه … ولا ألقبّه والسوءة اللّقب كذاك أدّبت حتى صار من خلقي … إنّي وجدت ملاك الشيمة الأدب .. هذان البيتان في حماسة أبي تمام، لبعض الفزاريين، ولم يعيّنه، يصف حسن عشرته لصاحبه وجليسه فيقول: إذا خاطبته، خاطبته، بأحبّ الأسماء إليه وهو الكنية وأعدل عن نبزه ولقبه، لأني على هذا أدّبت حتى تطبّعت به فصار خلقا ثانيا لي. وإن كان أصله تخلّقا، إني وجدت الأدب ملاك الأخلاق، والملاك اسم لما يملك به الشيء .. ويروى هذان البيتان في شرح المرزوقي بنصب القافية، ولا شاهد في البيت الثاني حينئذ. وقد حاول الشارح إيجاد التعليل لهذه الرواية، فأغرب، وكانت بعيدة عن الذوق وبخاصة في البيت الأول. [انظر ج 3/ 1146]. وفي رواية التبريزي، بالرفع، والشاهد في البيت الثاني: .. وإعرابه: كذاك: الكاف في مثل هذا التعبير، اسم، بمعنى (مثل) صفة لمصدر محذوف .. واسم الإشارة مضاف إليه .. أو: الكاف جارة لمحل اسم الإشارة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف يقع نعتا لمصدر محذوف، يقع مفعولا مطلقا ل «أدبت». والتقدير: تأديبا مثل هذا التأديب أدبت. صار: فعل ناقص. وفي اسمها روايتان: الأولى: ضمير مستتر - (ومن خلقي) الجار والمجرور خبرها. وعلى هذا تكون رواية الشطر الثاني بكسر همزة إنّ في أوله، على الابتداء. والرواية الثانية: من خلقي: خبرها مقدم. و «أني» - بفتح الهمزة - واسمها وخبرها مصدر مؤول اسم صار. (وجدت ملاك الشيمة الأدب)، وفيها الشاهد: وجدت: فعل وفاعل، والفعل أصله ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ... وفي عملها، وجهان؛ بل ثلاثة وجوه، الأول: (ملاك .. الأدب) مبتدأ وخبر سدّا مسدّ مفعولي وجد، على تقدير لام ابتداء علّقت الفعل عن العمل في لفظي المبتدأ والخبر والأصل: وجدت لملاك الشيمة الأدب، الثاني: الجملة الاسمية في محل نصب مفعول ثان لوجد ومفعوله الأول ضمير شأن محذوف وأصل الكلام «وجدته»، أي: الحال والشأن، والثالث: وجد - فعل ملغى، والكوفيون

89 - بأي كتاب أم بأية سنة … ترى حبهم عارا علي وتحسب

يرون أن إلغاء الأفعال الناصبة مفعولين جائز، مع تقدم الفعل، مثل جوازه مع التوسط والتأخر .. والقولان السابقان للبصريين .. ورأي الكوفيين أوفق وأقرب، لأن الإعراب مع عدم التقدير، أولى من الإعراب مع التقدير والحذف. ولكن، بقيت نقطة هامة في الموضوع: وهي أن الكوفيين والبصريين يتخاصمون فيما لا خصومة فيه، لأنّ الأبيات مروية بالنصب، وبهذا تكون «وجد» عملت في المفعولين (وجدت ملاك الشيمة الأدبا) .. والغريب أن كثيرا من الشواهد التي يأتي بها النحويون دليلا على بعض افتراضاتهم، تكون محرّفة، ومعدولة عن طريقها التي نطق بها الشاعر ... وكثيرا ما يكون سبب ذلك، أنهم يعتمدون على الأبيات المفردة، ولا ينظرون ما قبلها وما بعدها، أو أنّ القطعة الشعرية تكون غائبة عنهم، ولا يبحثون عنها لمعرفة البيت في سياقه، وهذه نقطة هامة يجب أن نتنبّه إليها عند ما نحرر القواعد للناشئة، فلا نأتي بالأمثلة من الأبيات المفردة، ... وقد مرّ معنا أمثلة مما حرف النحويون قافيته، انظر أبيات عبد الله بن مسلم، التي مطلعها «يا للرجال ليوم الأربعاء ... قافية الباء» وسيأتي فيما بعد في قافية الميم البيت: وكنت إذا غمزت قناة قوم … كسرت كعوبها أو تستقيما .. هكذا روى سيبويه ومن جاء بعده، البيت منصوب القافية، مع أن البيت مع مجموعة أبيات، وجاءت قافية البيت مرفوعة، وبنى عليه النحويون حكما نحويا أنّ (أو)، بمعنى «إلا» تضمر بعدها (أن) وجوبا ... وقد اعتذر العلماء لسيبويه أنه سمعه كذلك ممن يستشهد بقوله، وأنه سمعه مفردا .. موقوفا على آخره .. وهو اعتذار غير مقبول، لأن من واجب واضع القانون أن يراعي حال الكلمة في مجتمعها، بل في سياقها، والبيت في قصيدته. [الخزانة ج 9 / 139، والهمع/ 1/ 153، والأشموني ج 2/ 29، والمرزوقي 1146]. 89 - بأيّ كتاب أم بأيّة سنة … ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب .. البيت للكميت بن زيد الأسدي من قصيدة هاشمية يمدح فيها آل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأولها:

90 - يمرون بالدهنا خفافا عيابهم … ويرجعن من دارين بجر الحقائب على حين ألهى الناس جل أمورهم … فندلا- زريق- المال، ندل الثعالب

طربت وما شوقا إلى البيض أطرب … ولا لعبا مني، وذو الشيب يلعب؟ والشاهد في البيت: حذف مفعولي «تحسب» لدلالة سابق الكلام عليهما والتقدير: تحسب حبّهم عارا عليّ. [الخزانة ج 9/ 137، والهمع/ 1/ 152، والعيني/ 2/ 413]. 90 - يمرّون بالدهنا خفافا عيابهم … ويرجعن من دارين بجر الحقائب على حين ألهى الناس جلّ أمورهم … فندلا - زريق - المال، ندل الثعالب .. البيتان لأعشى همدان، عبد الرحمن بن عبد الله، المتوفى سنة 83 هـ .. وهما من قصيدة يهجو فيها لصوصا .. وقوله: عيابهم، جمع عيبة، وهي وعاء الثياب. دارين: جزيرة في المنطقة الشرقية من السعودية، قرب القطيف، في الخليج العربي، وكانت مشهورة بالمسك، وفيها سوق يؤمه الناس. بجر: بضم فسكون، جمع بجراء، وهي الممتلئة .. ندلا: خطفا في خفّة وسرعة. والمعنى أن هؤلاء اللصوص يمرون بالدهناء في حين ذهابهم إلى دارين، وقد صفرت عيابهم من المتاع، ولكنّهم عند ما يعودون من دارين يكونون قد ملؤوا هذه العياب حتى انتفخت، وذلك ناشئ من أنهم يختلسون غفلة الناس بمهامّهم وبمعظم أمورهم، فيسطون على ما غفلوا عنه من المتاع وينادي بعضهم بعضا، اخطف خطفا سريعا، وكن خفيف اليد سريع الروغان ... ... يمرون: مضارع مرفوع .. خفافا: حال. عيابهم: فاعل لخفاف .. بجر: حال من الفاعل. .. على حين: ظرف مبني على الفتح لمجاورته الفعل المبني ... فندلا: مفعول مطلق منصوب بفعل محذوف. زريق: منادى. المال: مفعول به ل: ندلا. ندل: مفعول مطلق مبيّن للنوع. والشاهد: فندلا: حيث ناب مناب فعله، وهو مصدر، وعامله محذوف وجوبا. [سيبويه/ 1/ 59، والإنصاف 293، والعيني/ 3/ 46، 523]. 91 - حلفت بربّ الراكعين لربّهم … خشوعا وفوق الراكعين رقيب لئن كان برد الماء هيمان صاديا … إليّ حبيبا إنّها لحبيب وقلت لعرّاف اليمامة داوني … فإنك - إن أبرأتني - لطبيب .. الأبيات لعروة بن حزام العذري، صاحب عفراء - توفي مضنى بالحبّ لعفراء ابنة

92 - أتهجر ليلى بالفراق حبيبها؟ … وما كان نفسا بالفراق تطيب

عمّه التي حرم من الزواج بها. وقصصه أكثرها موضوعة. والشاهد في البيت الثاني: لئن: اللام موطئة للقسم. وإن: شرطية. كان: فعل ناقص، وهو فعل الشرط برد: اسمها. خبره «حبيبا». هيمان صاديا: حالان من ياء المتكلم المجرورة في «إليّ». وقد تقدم الحال على صاحبه المجرور: وهو شاهد البيت، وهو مذهب بعض النحويين. وجملة «إنها لحبيب» جواب القسم، وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم، فإذا اجتمع شرط وقسم، يكون الجواب للسابق. [الخزانة/ 3/ 212، والعيني/ 3/ 156]. 92 - أتهجر ليلى بالفراق حبيبها؟ … وما كان نفسا بالفراق تطيب .. البيت منسوب لأعشى همدان، ولقيس بن الملوّح، وللمخبّل السعدي .. يقول: ما ينبغي لليلى أن تهجر محبّها وتتباعد عنه، وعهدي بها أن نفسها لا تطيب بالفراق ولا ترضى عنه. ما كان: ما نافية، كان: ماض ناقص، واسمها ضمير الشأن. نفسا: تمييز متقدم على العامل فيه وهو قوله «تطيب»، وجملة تطيب: خبر كان ... والشاهد: تقديم التمييز «نفسا» على عامله «تطيب» ... وجوّز ذلك الكوفيون وابن مالك. أرأيت كيف يبني النحويون أحكامهم على روايات لا تثبت؟ فقد روي البيت: «وما كان نفسي بالفراق تطيب»، ولا شاهد في هذه الرواية، حيث لا تمييز ويروى أيضا: أتؤذن سلمى بالفراق حبيبها … ولم تك نفسي بالفراق تطيب [الإنصاف ص 828، وشرح المفصل ج 2/ 73، والهمع ج 1/ 252، والأشموني ج 2/ 201]. 93 - وداع دعا: يا من يجيب إلى الندى … فلم يستجبه عند ذاك مجيب فقلت: ادع أخرى وارفع الصوت جهرة … لعلّ أبي المغوار منك قريب .. هذان البيتان لكعب بن سعد الغنوي من قصيدة يرثي بها أخاه أبا المغوار والقصيدة في «الأصمعيات، ص 96». وهو شاعر إسلامي.

94 - واه رأيت وشيكا صدع أعظمه … وربه عطبا أنقذت من عطبه

قوله: ادع أخرى: أخرى: مفعول به، وهي صفة أقيمت مقام موصوفها بعد حذفه وأصل الكلام: ادع دعوة أخرى .. وهناك من يعربها: نائب مفعول مطلق، لأن مرّة تعرب كذلك. وجهرة: مفعول مطلق. وقد تعرب حالا مؤولة بمعنى: جاهرا. «لعلّ أبي المغوار ... قريب» لعلّ في هذه الرواية حرف جرّ شبيه بالزائد، وأبي: مبتدأ، مرفوع تقديرا. قريب: خبر. والشاهد في «لعلّ أبي ..» حيث رووا «أبي» مجرورا، ولعلّ حرف جرّ. في لغة عقيل .. وفي كثير من المصادر يروى البيت (لعلّ أبا المغوار) بالنصب بالألف، و «لعلّ» حرف ناسخ ... وبهذا يبطل القول بأن (لعل) حرف جرّ. [الخزانة/ 10/ 426، وشرح أبيات المغني/ 5/ 66، والهمع/ 2/ 33، والأشموني/ 2/ 205، والأصمعيات/ 96، وشرح التصريح/ 1/ 213، وابن عقيل/ 2/ 110] وروي في الأصمعيات، «لعلّ أبا المغوار» ومن رواه «لعلّ أبي» كسر اللام الثانية من لعلّ. 94 - واه رأيت وشيكا صدع أعظمه … وربّه عطبا أنقذت من عطبه .. هذا البيت، أنشده ثعلب، ولم يعزه لقائل معين، وجاء في اللسان «ربّ» يقول: ربّ شخص ضعيف أشفى على الهلاك والسقوط، فجبرت كسره، ورشت جناحه. وقوله: واه: أي: ربّ واه. مبتدأ مرفوع تقديرا .. وجملة رأيت: خبره. وشيكا: مفعول مطلق عامله رأيت، أي: رأيت رأيا وشيكا، أي: عاجلا. وربّه: ربّ: حرف جر شبيه بالزائد. والهاء: في محل رفع مبتدأ. عطبا: تمييز. وجملة أنقذت: خبر. والشاهد: ربّه عطبا: حيث جرّت ربّ الضمير، وهو شاذ. [الأشموني ج 2/ 208، والهمع/ 1/ 66، وابن عقيل/ 2/ 116، واللسان «رب»]. 95 - خلّى الذّنابات شمالا كثبا … وأمّ أوعال كها أو أقربا .. البيت للعجّاج يصف حمار وحش وأتنه، وقد أراد هذا الحمار ورود الماء معهنّ فرأى الصياد فهرب منه. والذنابات: جمع ذنابة - بكسر الأول، وهي آخر الوادي الذي ينتهي إليه السيل. وقيل: بفتح الذال اسم مكان بعينه. كثبا: قريبا. أمّ أوعال: مكان بعينه. والمعنى أنه جعل في هربه الذنابات عن طريقه في جانب شماله، وجعل أم أوعال في جانب يمينه قريبا منه قربا مثل قرب الذنابات أو أقرب. .. خلى: فعل ماض. الذنابات: مفعول أول. شمالا: مفعول فيه. كثبا: صفة لشمال ..

96 - تخيرن من أزمان يوم حليمة … إلى اليوم قد جربن كل التجارب

وأمّ أوعال: بالنصب عطف على ذنابات - كها: مفعول ثان، وتروى أم أوعال: بالرفع على الابتداء - و «كها» خبرها ... والشاهد: كها: حيث جرّ بالكاف الضمير، وهو شاذ، لأن الكاف لا تجر إلا الأسماء الظاهرة غالبا. [سيبويه/ 1/ 292، وشرح المفصل/ 8/ 16، والخزانة ج 10/ 202، والأشموني/ 2/ 208]. 96 - تخيّرن من أزمان يوم حليمة … إلى اليوم قد جرّبن كلّ التجارب هذا البيت من قصيدة النابغة الذبياني التي مطلعها: كليني لهمّ يا أميمة ناصب … وليل أقاسيه بطيء الكواكب وقبل البيت المختار قوله: فهم يتساقون المنية بينهم … بأيديهم بيض رقاق المضارب ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم … بهنّ فلول من قراع الكتائب .. وقوله: تخيّرن؛ أي السيوف. ويوم حليمة: من أيام العرب، حدثت فيه حرب بين لخم (المناذرة) وغسان (الغساسنة). وحليمة: هي بنت الملك الغساني .. أضيف إليها اليوم، لأنهم يقولون، إن أباها حين عزم على توجيه جيشه إلى المناذرة، أمرها، فجاءت فطيبتهم .. وفي يوم حليمة جاء المثل «ما يوم حليمة بسرّ»، يضرب للأمر المشهور المعروف الذي لا يستطاع كتمانه. .. تخيّرن: مضارع مبني للمجهول، ونون النسوة فاعل. كلّ: نائب مفعول مطلق. والشاهد: من أزمان: حيث وردت (من) لابتداء الغاية في الزمن .. وهو رأي الكوفيين وابن مالك .. ويرى البصريون أنها لا تجيء لذلك. [شرح المفصل/ 5/ 128، والأشموني/ 2/ 211، وشرح أبيات المغني/ 5/ 304]. 97 - وما زال مهري مزجر الكلب منهم … لدن غدوة حتى دنت لغروب البيت منسوب لأبي سفيان بن حرب، ومزجر الكلب: أصله اسم مكان من الزجر، أي المكان الذي يطرد وينحّى الكلب إليه، والمراد به البعد. يقول: ما زال مهري بعيدا عنهم

98 - نجوت وقد بل المرادي سيفه … من ابن أبي شيخ الأباطح طالب

من أول النهار إلى آخره .. مزجر: ظرف مكان .. خبر ما زال. لدن: ظرف لابتداء الغاية مبني على السكون في محل نصب متعلق بزال أو خبرها. غدوة: منصوب على التمييز لأن غدوة تدل على أول زمان مبهم، وقصدوا تفسير هذا الإبهام ب غدوة ... دنت: ماض، فاعله مستتر يعود على الشمس المفهومة من المقام كما في قوله تعالى حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: 32]. والشاهد: قوله: «لدن غدوة» حيث نصب غدوة بعد لدن على التمييز ولم يجرّ بالإضافة .. وهو أحد استعمالات (غدوة) .. ويجوز الجرّ بالإضافة (لدن غدوة) وهو القياس. ويجوز الرفع (لدن غدوة) مرفوع بكان المحذوفة التامة. وفي كل استعمال معنى لا يكون في الآخر. [الهمع/ 1/ 215، والأشموني ج 2/ 263، والتصريح ج 2/ 46]. 98 - نجوت وقد بلّ المراديّ سيفه … من ابن أبي شيخ الأباطح طالب .. البيت منسوب إلى أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما .. والمرادي: نسبة إلى مراد، قبيلة يمنية ويريد بالمرادي عبد الرحمن بن ملجم، قاتل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب .. والأباطح: جمع أبطح، وهو المكان الواسع، أو المسيل فيه دقاق الحصى، وأراد بالأباطح: مكة، وأراد بشيخها، أبا طالب عم رسول الله. ويشير إلى مقتل علي رضي الله عنه، وكانت المكيدة قد دبّرت لقتل معاوية، وعمرو بن العاص، وعلي بن أبي طالب في ليلة واحدة، فنجا معاوية، وعمرو، وأصيب عليّ. والشاهد: قوله: أبي شيخ الأباطح طالب. حيث فصل بين المضاف (أبي) والمضاف إليه (طالب) بالنعت، وهو شيخ الأباطح. [الهمع/ 2/ 52، والأشموني ج 2/ 278، والعيني/ 3/ 478، والتصريح ج 2/ 59]. 99 - فقالت لنا: أهلا وسهلا، وزوّدت … جنى النحل، بل ما زودت منه أطيب .. البيت للفرزدق من أبيات يقولها في امرأة من بني ذهل، قرته وحمّلته وزودته وكان قد نزل من قبل بامرأة من ضبّة فلم تكرمه ولم تزوده. أهلا وسهلا: منصوبان بفعل محذوف، والأصل أنهما وصفان لموصوفين محذوفين

100 - وما أدري أغيرهم تناء … وطول الدهر أم مال أصابوا

أي: أتيتم قوما أهلا، ونزلتم موضعا سهلا .. جنى: مفعول لزودت. بل: حرف دال على الإضراب الإبطالي. ما: اسم موصول مبتدأ، وصلته جملة زودت. منه: جار ومجرور متعلقان ب (أطيب) وأطيب خبر المبتدأ. والشاهد: «منه أطيب» حيث قدم الجار والمجرور المتعلقين بأفعل التفضيل عليه. والتقديم شاذ في غير الاستفهام .. فإذا علقت الجار والمجرور ب (زودت) أي: بل الذي زودت منه، أي: من شبيه جنى النحل ... فلا شاهد في البيت. [شرح المفصل/ 2/ 60، والهمع/ 2/ 104، والأشموني ج 3/ 52، وديوان الشاعر]. 100 - وما أدري أغيّرهم تناء … وطول الدّهر أم مال أصابوا البيت للحارث بن كلدة من قطعة أولها: ألا أبلغ معاتبتي وقولي … بني عمّي، فقد حسن العتاب يقول في معنى الشاهد: أنا لا أعلم ما الذي غيّر هؤلاء الأحبة، أهو التباعد وطول الزمن أم الذي غيرهم، مال أصابوه وحصلوا عليه، فأبطرهم الغنى وأنساهم حقوق الألفة وواجب المودّة، ونسبه العيني إلى جرير، وليس في ديوانه. قلت: إن العيني يقع في أوهام، فلا تأخذنّ كل ما يقوله إلا بعد مقارنة وتحقيق. وما: نافية. أدري: مضارع ينصب مفعولين، بمعنى أعلم، وعلّق عن العمل في مفعوليه بسبب الاستفهام بعده .. وجملة أغيّرهم تناء: الفعل والفاعل سدّت مسدّ مفعولي أدري .. أصابوا: فعل وفاعل - والجملة في محل رفع صفة لمال. وقد حذف المفعول به والأصل «أصابوه». والشاهد: (أصابوا) حيث أوقع الجملة نعتا لما قبلها وحذف الرابط الذي يربط النعت بالمنعوت، والذي سهّل الحذف أنّه مفهوم من الكلام. وهو شاهد على جواز حذف الرابط في جملة الصفة. [سيبويه ج 1/ 45، وشرح المفصل ج 6/ 89، وابن عقيل ج 2/ 262، والعيني/ 4/ 60]. 101 - فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا … فاذهب فما بك والأيام من عجب .. البيت من شواهد سيبويه التي لم يعزها، وقالوا: إن مجاهيل سيبويه حجّة، لأنه سمعها ممن يوثق بفصاحتهم. ويروى (أنشأت تهجونا) و «قد بتّ» ..

102 - تبصر خليلي هل ترى من ظعائن … سوالك نقبا بين حزمي شعبعب

والمعنى: قد شرعت اليوم في شتمنا والنيل منا، إن كنت قد فعلت ذلك فاذهب فليس ذلك غريبا منك، لأنك أهله، وليس عجيبا من هذا الزمان الذي فسد كلّ من فيه. قرّبت: فعل ماض يدل على الشروع، والتاء: اسمه. وجملة تهجونا: خبره. .. فما بك: الفاء للتعليل، ما نافية. بك: جار ومجرور خبر مقدم. والأيام: معطوف على الكاف المجرورة، محلا. من عجب: من زائدة. عجب: مبتدأ مؤخر مرفوع بضمة مقدرة. والشاهد: بك والأيام: حيث عطف الأيام على الضمير المجرور من غير إعادة الجار وقد أجازه ابن مالك. وجمهور النحويين على أنّ الضمير المجرور لا يعطف عليه إلا بإعادة الجار له نحو «مررت بك وبزيد» ولا يجوز عندهم «مررت بك وزيد» وقد جاء في قراءة حمزة تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ [النساء: 1] بجر الأرحام عطفا على الهاء المجرورة بالباء. [س/ 1/ 392، والإنصاف 464، وشرح المفصل/ 3/ 78، والخزانة/ 5/ 123]. 102 - تبصّر خليلي هل ترى من ظعائن … سوالك نقبا بين حزمي شعبعب .. هذا البيت للشاعر امرئ القيس، وصدره مرويّ لعدد من الشعراء .. والظعائن: جمع ظعينة، والمراد بها المرأة. النقب: الطريق في الجبل. حزمي: تثنية حزم، وهو ما غلظ من الأرض. شعبعب: اسم مكان. من ظعائن: من: حرف جر زائد. ظعائن: مفعول به ل ترى، منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجرّ الزائد. والشاهد: ظعائن: حيث صرفه ونونه مع أنه على صيغة منتهى الجموع .. ويجوز هذا في الشعر خاصة. [الأشموني ج 3/ 274، والعيني ج 4/ 368]. 103 - أنخ فاصطبغ قرصا إذا اعتادك الهوى … بزيت كما يكفيك فقد الحبائب أنخ: من أناخ فلان بعيره أي: أبركه. واصطبغ: فعل أمر من الاصطباغ وأصله: الصّبغ - بكسر الصاد وسكون الباء، وهو ما يصطبغ به من الإدام ومنه قوله تعالى:

104 - وإني امرؤ من عصبة خندفية … أبت للأعادي أن تذل رقابها

تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ [المؤمنون: 20]، يعني: زيت الزيتون. أو الزيتون نفسه. والقرص: الرغيف .. وكما: بمعنى: كيما .. وفيها الشاهد: حيث يرى الكوفيون أن «كما» تأتي بمعنى «كيما» وقد ينصب المضارع بعدها .. وشواهدهم على ذلك كثيرة ... وفي هذا الشاهد جاء الفعل ساكن الياء (يكفيك) فيحتمل الرفع بضمة مقدرة، ويحتمل النصب بفتحة مقدرة، ولم يحرك الشاعر الياء بالفتحة للضرورة .. وهم يفعلون ذلك كثيرا. [الإنصاف/ 592]. 104 - وإنّي امرؤ من عصبة خندفيّة … أبت للأعادي أن تذلّ رقابها العصبة: الجماعة من الناس، وخندفيّة: بكسر الخاء والدال، منسوبة إلى خندف: وهي امرأة إلياس بن مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان، وأصل اسمها ليلى بنت حلوان .. لقّبت خندف في قصة مشهورة، وأصل: الخندفة: الإسراع في السير. خندف الرجل: أسرع. والشاهد: «أبت للأعادي أن تذلّ رقابها» فيكون الجار والمجرور، معمول صلة أن المصدرية تذلّ، تقدّم على «أن» والجمهور لا يجوّز تقديم معمول صلة «أن» المصدرية، ولذلك جعلوا الجار والمجرور متعلّقين بفعل محذوف يقدّر مثله، ويكون المذكور تفسيرا للمحذوف. والتقدير: أبت أن تذل رقابها للأعادي أن تذلّ رقابها .. وهذا تأويل للبصريين مردود، لأنه مستقبح، حيث أرادوا به نقض قول الكوفيين بجواز تقديم معمول الفعل المنصوب بلام الجحود عليه، وقالوا: إنه منصوب بفعل مقدر، في قولك «ما كنت فريدا لأضرب .. والنصوص تشهد للكوفيين وهي أقوى من قياس البصريين المبني على الوهم، والتعليلات التي لم يردها العرب .. والحقّ أنهم وضعوا قواعدهم وعمموها قبل أن يستغرقوا النظر في النصوص جميعها، فلما جابههم خصمهم بالنصوص، تأوّلوها وأخضعوها لمقاييسهم، ولكن من حفظ حجّة على من لم يحفظ. [الإنصاف ص 596، وشرح المفصل ج 7/ 29]. 105 - فأمّا القتال لا قتال لديكم … ولكنّ سيرا في عراض المواكب هذا البيت للحارث بن خالد المخزومي، من قطعة يهجو بها بني أسد بن أبي العيص ..

106 - قلما يبرح اللبيب إلى ما … يورث المجد داعيا أو مجيبا

أما: حرف شرط يفيد التفصيل. القتال: مبتدأ. لا: نافية للجنس. قتال: اسمها مبني على الفتح. لدى: ظرف خبر لا. والجملة خبر المبتدأ (القتال). لكنّ: حرف استدراك. واسمه محذوف أي: لكنكم ... سيرا: مفعول مطلق لفعل محذوف. وجملة الفعل المحذوف خبر لكن. والشاهد: قوله: «لا قتال» حيث حذف الفاء من جواب (أمّا) وذلك للضرورة في الشعر وأما في النثر فتحذف الفاء على تقدير القول معها كما في قوله تعالى فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ .. [آل عمران: 106]. أي: فيقال .. وحديث رسول الله: أما بعد، ما بال رجال يشترطون شروطا ليست في كتاب الله. والتقدير: أما بعد: فأقول. [الخزانة/ 1/ 452، وشرح المفصل/ 7/ 134 وج 9/ 120، وشرح أبيات المغني ج 1/ 369، والهمع/ 2/ 76، والأشموني ج 1/ 196]. 106 - قلّما يبرح اللبيب إلى ما … يورث المجد داعيا أو مجيبا .. قلما يبرح، أي: لا يبرح. قلما: تفيد النفي. يبرح: مضارع ناقص، اللبيب اسمه. داعيا خبره. والشاهد فيه: إلغاء «قلّ» وكفها عن العمل لاتصالها بما ووليها الفعل، وبقيت (قلّ) على معنى النفي بعد اتصال (ما) بها .. وقلّ: في الأصل فعل ماض جامد، للنفي المحض .. ترفع فاعلا، فإذا دخلت عليها (ما) كفّت عن العمل. [شرح أبيات المغني ج 5/ 245، وشرح التصريح ج 1/ 185]. 107 - كهزّ الرّدينيّ بين الأكفّ … جرى في الأنابيب ثم اضطرب هذا البيت لأبي دؤاد الإيادي - جارية بن الحجاج - شاعر جاهلي، من قصيدة وصف بها فرسه ... والرديني: الرمح. والأنابيب: أجزاء الرمح .. يشبه اهتزاز فرسه ونشاطه وسرعته، كما يسرع الاهتزاز في الرمح .. والشاهد: استخدام «ثم» بمعنى «الفاء» للترتيب مع التعقيب دون تراخ، أما «ثم» فأصل معناها «الترتيب مع التراخي» ... ذلك أنّ الهزّ متى جرى في أنابيب الرمح يعقبه الاضطراب ولم يتراخ عنه .. والبيت والقصيدة في «شرح أبيات المغني». للبغدادي. [ج 3/ 53، والهمع/ 2/ 131، والأشموني/ 3/ 94]. 108 - رددت بمثل السّيد نهد مقلّص … كميش إذا عطفاه ماء تحلّبا

109 - وحديثها كالقطر يسمعه … راعي السنين تتابعت جدبا فأصاخ يرجو أن يكون حيا … ويقول من طمع هيا ربا

هذا البيت للشاعر ربيعة بن مقروم .. عاش في الجاهلية، وأسلم، وشهد القادسية، والبيت من قصيدة في المفضليات مطلعها: تذكرت والذكرى تهيجك زينبا … وأصبح باقي وصلها قد تقضّبا والسّيد: الذئب. نهد: عال، صفة لفرس المحذوف، إذ التقدير: رددت خيل عدوّي بفرس مثل السّيد نهد. مقلّص: طويل القوائم. كميش: سريع. عطفاه: جانباه .. وقد أورد ابن هشام في المغني البيت على أنّ ابن مالك استدل به على جواز تقدم التمييز على عامله المتصرف، كالحال. فإنّ: «ماء» تمييز، وعامله «تحلّب» ... ويرى ابن هشام أن «عطفاه» مرفوع بمحذوف يفسره المذكور، والناصب للتمييز هو المحذوف. [شرح أبيات المغني ج 7/ 22، والأشموني ج 2/ 202]. 109 - وحديثها كالقطر يسمعه … راعي السّنين تتابعت جدبا فأصاخ يرجو أن يكون حيا … ويقول من طمع هيا ربّا .. ينسب البيتان للراعي ... وليسا في ديوانه: القطر: المطر. السنين: الأعوام. والحيا: الخصب والمطر .. شبه محبوبته في شدة رغبته في مجيئها إليه، بقطر قد اشتدت حاجة راعي الماشية إليه لتوالي أعوام المحل عليه، فلما سمع صوت قطرات المطر أمال أذنه ليسمعه ويتحقق نزوله راجيا أن يكون خصبا مريعا أو غيثا سريعا وقائلا من شدة فرحه: يا ربّ حقق رجائي. والمعنى: أنّ حديث هذه المحبوبة كالقطر إذ به حياة النفوس كما أنّ بذاك حياة البقاع .. جملة يسمعه: صفة، لقطر، لأن اللام فيه للجنس، والهاء ضميره، وفيه مضاف محذوف. أي: يسمع صوت نزوله. وجملة: تتابعت: صفة للسنين أيضا، واللام فيها للجنس. وجدبا: تمييز محوّل عن الفاعل، والأصل: تتابع جدب السنين عليه. قوله: فأصاخ: الفاء لمحض السببية، وجملة يرجو: حال من ضمير أصاخ .. واسم يكون: ضمير مستتر. خبرها: حيا. ويجوز أن تكون «يكون» تامة، فاعلها «حيا». أي: يحصل الخصب والمطر. والشاهد في البيت الثاني: «هيا ربّا»: هيا: حرف لنداء القريب والبعيد وأصلها «أيا» أبدلت همزتها هاء. ربّا: منادى مضاف إلى ياء المتكلم المنقلبة ألفا. [شرح أبيات المغني

110 - فيا شوق ما أبقى ويالي من النوى … ويا دمع ما أجرى ويا قلب ما أصبا

ج 1/ 74]. 110 - فيا شوق ما أبقى ويالي من النوى … ويا دمع ما أجرى ويا قلب ما أصبا هذا البيت من قصيدة للمتنبي يمدح فيها سيف الدولة، ومطلعها: فديناك من ربع وإن زدتنا كربا … فإنّك كنت الشرق للشمس والغربا .. يريد: يا شوقي ما أبقاك فلا تنفد، ويالي من النوى، استغاثة، كأنه يقول: يا من لي، يمنعني من ظلم الفراق، ويا دمعي ما أجراك، ويا قلبي ما أصباك ... وقد حذف الياءات من يا قلبي، يا دمعي، يا شوقي، تخفيفا، والشاهد ذكره ابن هشام في المغني، على احتمال أن تكون اللام في «يالي» هي اللام المفتوحة للاستغاثة كأنه استغاث بنفسه من النوى، ويحتمل أن يكون المراد اللام المكسورة التي للمستغاث من أجله، كأنه قال: يا قوم اعجبوا لي من النوى. 111 - وكائن بالأباطح من صديق … يراني لو أصبت هو المصابا .. البيت لجرير بن عطية من قصيدة يمدح بها الحجاج بن يوسف الثقفي، مطلعها: سئمت من المواصلة العتابا … وأمسى الشّيب قد ورث الشبابا .. وكائن: هي كأيّن التي بمعنى كم الخبرية. وتعرب هنا مبتدأ. ومن صديق: تمييز. بالأباطح: الجار والمجرور حال من صديق، لأنه تقدم عليه، وكان في الأصل صفة مؤخرة (من صديق بالأباطح) ... وجملة يراني: خبر المبتدأ. والياء: في يراني: مفعول أول. والمصابا: مفعول ثان. وذكر ابن هشام البيت في المغني، على أن (هو) لو كان ضمير فصل، كان قياسه أن يقال «أنا» فهو ليس ضمير فصل وإنما هو توكيد للفاعل في يراني، لأن من شرط ضمير الفصل أن يطابق ما قبله .. ولو قال: (يراه، أو تراه) لصح أن يكون ضمير فصل، ويروى البيت باللفظين الأخيرين، ولا إشكال حينئذ. [شرح أبيات المغني ج 7/ 75، والخزانة/ 5/ 397، وشرح المفصل ج 3/ 11، وج 4/ 135، والهمع/ 1/ 68، وج 2/ 76، والأشموني ج 4/ 87]. 112 - لن تراها - ولو تأملت - إلّا … ولها في مفارق الرأس طيبا

113 - أرى الدهر إلا منجنونا بأهله … وما صاحب الحاجات إلا معذبا

البيت للشاعر عبد الله بن قيس الرقيات، وأنشده سيبويه، وابن هشام شاهدا على حذف فعل نصب به «طيبا» في آخر البيت .. والشاعر يصف هذه المرأة بإدامة استعمال الطيب .. وقد دلّ على الفعل المحذوف، الفعل المذكور في أول البيت. ولابن جنّي، تعليق ألمعيّ على الفعل المحذوف هنا، ووجوب كونه فعلا قلبيا، وليس من نوع الرؤية العينية، حيث يقول: ولعمري إنّ الرؤية إذا لحقتها فقد لحقت ما هو متصل بها وفي ذلك شيئان: أحدهما: أن الرؤية وإن كانت مشتملة عليها، فليس لها طريق إلي الطيب في مفارقها، اللهم إلا أن تكون حاسرة غير مقنّعة، وهذه مبتذلة لا توصف به الخفرات، ألا ترى إلى قول كثيّر: وإني لأسمو بالوصال إلى التي … يكون سناء وصلها وازديارها ومن كانت من النساء هذه حالها، فليست رذلة ولا مبتذلة، وبه وردت الأشعار القديمة والمولّدة، وهي طريق مهيع، وإذا كان كذلك، وكانت الرؤية لها ليس مما يلزم معه رؤية طيب مفارقها، وجب أن يكون الفعل المقدر لنصب (الطيب) مما يصحب الرؤية لا الرؤية نفسها، فكأنه قال: لن تراها إلا وتعلم لها، أو تتحقق لها في مفارق الرأس طيبا ... والآخر: أنّ هذه الواو في قوله «ولها كذا» هي واو الحال، وصارفة للكلام إلى معنى الابتداء، فقد وجب أن يكون تقديره: لن تراها إلا وأنت تعلم أو تتحقّق أو تشمّ، فتأتي بالمبتدأ وتجعل ذلك الفعل المقدر خبرا عنه ... وقد ردّ ابن هشام على هذا القول فقال: وأما قول المعرب في البيت، فمردود وأحوال الناس في اللباس والاحتشام مختلفة، فحال أهل المدر يخالف حال أهل الوبر، وحال أهل الوبر مختلف، وبهذا أجاب الزمخشري عن إرسال شعيب عليه السّلام ابنتيه لسقي الماشية وقال: العادات في مثل ذلك متباينة وأحوال العرب خلاف أحوال العجم، اه. ولكن كلام ابن جني أجمل وأعمق في معرفة أحوال العرب، وفهم عاداتهم وأشعارهم، وإنما قدم لنا ابن جني الصفة الغالبة على العرب، وهي الحشمة والخفر والتصون. والشعراء الذين وصفوا مغامراتهم المكشوفة مع محبوباتهم هم قلة ولا يمثلون حياة العرب. [سيبويه ج 1/ 144، وشرح المفصل ج 1/ 125، وشرح أبيات المغني ج 7/ 272]. 113 - أرى الدّهر إلا منجنونا بأهله … وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا

114 - إن امرءا رهطه بالشام منزله … برمل يبرين جار شد ما اغتربا

هذا البيت لبعض العرب، ولم يعيّنوه، ونقله ابن هشام في المغني على أنّ ابن مالك حمل (إلا) فيه على الزيادة، وبخاصة في الشطر الأول حيث الاستثناء مفرّغ غير منفي .. ولكن رواية البيت الأشهر (وما الدهر إلا ...) وبذلك يبطل الاستدلال به، وإذا صحت روايته تخرّج على أنّ، أرى، جواب لقسم مقدّر، وحذفت (لا) كحذفها في تَاللَّهِ تَفْتَؤُا .. [يوسف: 85] والمنجنون: الدولاب الذي يستقى عليه، وجعل الدهر كذلك لأنه يتقلب بأهله، تارة يرفعهم وتارة يخفضهم، وعلى رواية (وما الدهر) فيه شاهد على إعمال «ما» مع انتقاض نفيها بإلا. وقيل: التقدير: إلا يشبه كذا، فتكون منجنونا، مفعولا. [شرح أبيات المغني ج 2/ 116، والأشموني ج 1/ 248، والتصريح ج 1/ 197]. 114 - إنّ امرءا رهطه بالشام منزله … برمل يبرين جار شدّ ما اغتربا البيت للحطيئة من قصيدة مدح بها بغيض بن عامر من بني أنف الناقة، ويعرّض بالزّبرقان بن بدر .. والبيت شاهد على حذف حرف العطف، وأن جملة (منزله برمل يبرين) معطوفة بواو محذوفة .. قال ابن هشام: ولك أن تقول: الجملة الثانية صفة ثانية، لا معطوفة .. وجار: خبر إنّ. وشدّ ما اغتربا: أصله: ما أشدّ ما اغترب. فحذف ما التعجبّية، والهمزة من «أشدّ»، لضرورة الشعر. و «ما» في (شدّ ما) مصدرية، أي: ما أشدّ اغترابه. ويبرين: قرية في شرق السعودية. وقوله: بالشام: أي: بناحية الشام. يريد بعد المسافة بين منزله الأصلي، ومكان ارتحاله الذي جاور فيه آل بغيض. [شرح أبيات المغني ج 7/ 326، وديوان الشاعر]. 115 - وللخيل أيّام فمن يصطبر لها … ويعرف لها أيامها الخير تعقب من قصيدة لطفيل الغنوي، ويلقب (طفيل الخيل) لكثرة وصفه إياها ... وللخيل أيام: خبر مقدم، ومبتدأ مؤخر. من: اسم شرط. يصطبر: فعل الشرط. ويعرف: مجزوم معطوف على فعل الشرط. وجواب الشرط: تعقب: مجزوم وحرك بالكسر للقافية. والخير: مفعول مقدم للفعل تعقب ... فدلّ هذا على جواز تقديم الاسم المنصوب بجواب الشرط، مع أنّ جواب الشرط مجزوم .. وهو ردّ على الفرّاء الذي ينكر تقديم منصوب جواب الشرط، وبقاء الجواب مجزوما حيث يرى الرفع. أما المرفوع، فاتفق الكوفيون أنّ تقدّمه، يمنع جزم الجواب، فتقول: إن تأتني زيد يكرمك، بالرفع. ويرى البصريون جواز تقديم المرفوع والمنصوب، مع تقدير فعل. [الإنصاف/ 621، والخزانة/ 9/ 44].

116 - أرى رجلا منهم أسيفا كأنما … يضم إلى كشحيه كفا مخصبا

116 - أرى رجلا منهم أسيفا كأنّما … يضمّ إلى كشحيه كفّا مخصّبا .. للأعشى ميمون بن قيس، والأسيف: الأسير .. أو من التأسف لقطع يده. أو هو أسير كبّلت يداه .. وقيل: جرح يده الغلّ. والكشح: الخاصرة. والكفّ: اليد، وهي مؤنثة. ومحل الشاهد: قوله: كفا مخضّبا: فإن الظاهر أنّ «مخضبا» نعت لقوله «كفا» ومخضب وصف مذكر .. والكف مؤنث ... والتخريج على أنه ذكّر النعت حملا على المعنى، لأن الكفّ عضو، والعضو مذكّر .. ويجوز أن يكون حالا من ضمير (يضمّ) أو من الضمير في كشحيه. [الإنصاف/ 776، واللسان (خضب) و «كفف»]. 117 - خذي العفو منّي تستديمي مودّتي … ولا تنطقي في سورتي حين أغضب فإني رأيت الحبّ في الصدر والأذى … إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب .. البيتان لشريح القاضي .. وذكرهما الخليل في كتاب «الجمل» شاهدا على الرفع على فقدان الناصب، في قوله «لم يلبث الحبّ يذهب» على معنى «أن يذهب» فلما نزع حرف الناصب ارتفع. 118 - وأغضي على أشياء منك لترضني … وأدعى إلى ما سرّكم فأجيب .. عن كتاب «الجمل» للخليل ... والشاهد «لترضني» جزم الفعل بلام التعليل، لضرورة الشعر، وحقه أن يقول: لترضيني. 119 - كأنّ هندا ثناياها وبهجتها … يوم التقينا على أرحال عنّاب .. عن كتاب «الجمل» للخليل .. والعنّاب: شجر ثمره أحمر. والشاهد: كأنّ هندا ثناياها: أبدل ثناياها، وبهجتها، من (هند) فنصب ومعناه: كأنّ هندا وكأنّ ثناياها وكأن بهجتها، فنصب على البدل. 120 - ألا إن سرى ليلي فبتّ كئيبا … أحاذر أن تنأى النوى بغضوبا .. البيت غير منسوب: واستشهد به النحويون على أن (إن) بعد (ألا) زائدة .. وسرى: بمعنى: سار، وإسناده إلى الليل مجاز. والنوى: الوجه الذي ينويه المسافر من قرب أو بعد، وهي مؤنثة. وغضوب: اسم امرأة ممنوع من الصرف، مجرور بالفتحة، والباء فيه للتعدية.

121 - ما الحازم الشهم مقداما ولا بطل … إن لم يكن للهوى بالحق غلابا

وقيل: (إن) في البيت بمعنى (قد) وهو قول وجيه. [شرح أبيات المغني ج 1/ 114، والهمع ج 1/ 124، والدرر ج 1/ 97]. 121 - ما الحازم الشهم مقداما ولا بطل … إن لم يكن للهوى بالحقّ غلّابا البيت غير منسوب وذكره ابن هشام، على أنّ قائله عطف (بطل) بالجرّ على (مقدام) المنصوب، على توهّم أنه مجرور بالباء الزائدة بعد ما النافية. وهذا البيت، إشغال للناس بدون فائدة، فالبيت غير منسوب، ولم يسمع أحد قائله قال: «ولا بطل»، بالجرّ ... ولو رويناه بالنصب ما فسد البيت معنى ونظما .. والذي يبدو لي والله أعلم، أنهم سمعوه ممن توهم أن الباء في (بطل) حرف جرّ فجرّه .. كمن سئل: ماذا فعل الله بحمار أبيك؟ فقال: (باعه) بكسر العين، ظنا أنّ الباء حرف جرّ. ويحدث كثيرا مثل هذا في أيامنا لغلبة العجمة على عقول الناس، ولأنهم يتعلمون النحو قواعد، بدون تطبيق، ولا فهم لمعاني الكلمات التي يعربونها .. وقد سألت مرة أحدهم أن يعرب (أدّب بنيك) فأعرب الباء حرف جرّ .. وأعرب أحدهم (في فلك ماخر)، ماخر: ما اسم موصول. وأعرب أحد الطلاب في مدرسة ثانوية (عليّ بن أبي طالب) عليّ: جار ومجرور. [شرح أبيات المغني/ 7/ 49، والهمع ج 2/ 141، والدرر ج 2/ 1196]. 122 - فإن أهلك فذي حنق لظاه … عليّ تكاد تلتهب التهابا البيت لربيعة بن مقروم، شاعر مخضرم، وهو من ثمانية أبيات أوردها أبو تمام في الحماسة، وجاء منها: أخوك أخوك من يدنو وترجو … مودّته وإن دعي استجابا إذا حاربت حارب من تعادي … وزاد سلاحه منك اقترابا فإن أهلك .. مخضت بدلوه حتى تحسّى … ذنوب الشرّ ملأى أو قرابا قوله: إن أهلك: هذا الكلام تسلّ عن العيش بعد قضاء حاجته وإدراك ثأره ولولا ما تسهل له من ذلك لكان لا يسهل عليه انقطاع العمر، فيقول: إن أمت فربّ رجل ذي غيظ عليّ وغضب تكاد نار عداوته تتوقد توقدا .. أن فعلت به كذا.

123 - لدن بهز الكف يعسل متنه … فيه كما عسل الطريق الثعلب

إن: أداة شرط. فذي .. فربّ ذي .. ذي: مجرور بحرف الجرّ الشبيه بالزائد المحذوف .. لظاه: مبتدأ .. وجملة تكاد، خبره وجواب ربّ، قوله مخضت في البيت التالي .. والشاهد في البيت اقتران جواب الشرط بالفاء، لأن جملته اقترنت بحرف له الصدر وهو (ربّ) المقدرة. [شرح أبيات المغني ج 4/ 34، والخزانة ج 1/ 26]. 123 - لدن بهزّ الكفّ يعسل متنه … فيه كما عسل الطريق الثّعلب .. البيت لساعدة بن جؤية الهذلي، يصف رمحا. واللدن: الليّن الناعم. يعسل: يشتد اهتزازه ويضطرب .. شبه أطراف الرمح عند اهتزازه باضطراب الذئب في الطريق .. قوله: بهزّ: الباء بمعنى عند. متعلق ب يعسل. والشاهد فيه: حذف الجار من قوله «عسل الطريق» ونصب الطريق بالفعل عسل .. وأكثر النحويين على أنّ الطريق ليست ظرف مكان، لأنها ليست مبهمة فالإبهام شرط لنصب ظرف المكان. [سيبويه ج 1/ 16، 109، والخزانة ج 3/ 83، وشرح أبيات المغني ج 1/ 9، والهمع/ 1/ 200، وج 2/ 81، والأشموني ج 2/ 91، 97، وأشعار الهذليين ج 1 /]. 124 - أربّ يبول الثّعلبان برأسه … لقد هان من بالت عليه الثّعالب البيت لراشد بن عبد ربه، أو ابن عبد الله كما سماه رسول الله، إذ كان اسمه الغاوي ابن عبد العزّى، وكان سادنا لصنم، فرأى ثعلبا يبول عليه، فقال: والله لا يضر ولا ينفع ولا يعطي ولا يمنع، وأنشد البيت والتحق برسول الله صلّى الله عليه وسلّم. الثعلبان: بضم الثاء واللام، ذكر الثعالب .. والشاهد فيه: أن الباء في قوله «برأسه» بمعنى «على» للاستعلاء. [شرح أبيات المغني ج 2/ 304، والهمع/ 2/ 22، واللسان/ (ثعلب)]. 125 - فلا تتركنّي بالوعيد كأنني … إلى الناس مطليّ به القار أجرب البيت للنابغة الذبياني، من قصيدة يعتذر فيها لملك الحيرة، مطلعها: أتاني أبيت اللّعن أنّك لمتني … وتلك التي أهتمّ منها وأنصب

126 - وإياك إياك المراء فإنه … إلى الشر دعاء وللشر جالب

قوله: إلى الناس: متعلقان ب: مطليّ، لتأويله بمبغض، وهو خبر كأنّ. والقار: نائب فاعل، لمطلي (اسم مفعول). وأجرب: بدل كلّ من مطلي. والشاهد: استخدام (إلى) بمعنى «في» ... وتناوب حروف الجرّ إنما يكون إذا صح تأويل المتعلّق بما يصحّ تعلّق الحرف به. [الخزانة ج 9/ 465، وشرح أبيات المغني ج 2/ 123، والهمع ج 2/ 20، والأشموني ج 2/ 214، وديوان النابغة]. 126 - وإياك إياك المراء فإنّه … إلى الشرّ دعّاء وللشرّ جالب البيت، للفضل بن عبد الرحمن القرشي، يقوله لابنه القاسم بن الفضل ... عاش في العصر العباسي، ولكن سيبويه احتجّ بشعره .. والبيت من شواهد سيبويه .. والشاهد فيه: أنّه أتى بالمراء، وهو مفعول به بغير حرف عطف. وعند سيبويه أن نصب (المراء) بإضمار فعل، لأنه لم يعطف على إياك، تقديره «اتق المراء» ويكون إياك منصوبا بفعل محذوف آخر .. وبعضهم ينصب (المراء) بالفعل الذي نصب إياك. وقال الأعلم: إسقاط الواو من الاسم بعد إياك ضرورة والمعروف إياك والمراء وإياك والأسد، ولا يجوز إياك الأسد ... والخلاصة: إياك ... أسلوب تحذير. وتنصب إياك بفعل محذوف وجوبا إذا كانت للتحذير. وإذا كانت إياك للتحذير، يأتي بعدها «أن» أو «من» أو «الواو» نحو: إياك والكسل: .. الواو عاطفة، والكسل: منصوب بفعل محذوف غير الفعل الذي نصب إياك، والعطف يكون عطف جمل. وإياك من الكسل: ... والتقدير: ق نفسك من الكسل. ونحو: إيّاك أن تكسل ... المصدر المؤول في محل جّر بمن المحذوفة. ... أما إياك المراء: فالأفصح، المقيس أن يقول: إياك من المراء، أو إياك والمراء .. فحذف للضرورة .. أو أنه أجرى المصدر (المراء) مجرى (المصدر المؤول) (أن تماري) في كثرة حذف حرف الجرّ قبله. [سيبويه/ 1/ 141، وشرح المفصل ج 2/ 25، والأشموني ج 3/ 80، 189، والخزانة ج 3/ 63، والمرزباني/ 310]. 127 - يرجّي المرء ما إن لا يراه … وتعرض دون أدناه الخطوب

128 - أتت حتاك تقصد كل فج … ترجي منك أنها لا تخيب

البيت، لجابر بن رألان الطائي، أو لإياس بن الأرت، وتعرض: أي: تحول أو تظهر. ودون: بمعنى أمام. وأدناه: أقربه: يعني: إذا كان أقرب ما يتمناه الإنسان، تحول الأمور الشاقة عن الوصول إليه، فما ظنك بأبعدها. والشاهد زيادة (إن) المكسورة الهمزة، والساكنة النون - بعد (ما) الموصولة. ويروى البيت (ما لا أن يلاقي) على أن (لن) أصلها (لا أن). [الخزانة/ 8/ 440، والهمع/ 1/ 125، والتصريح/ 2/ 23، وشرح أبيات المغني ج 1/ 107]. 128 - أتت حتاك تقصد كلّ فجّ … ترجّي منك أنها لا تخيب البيت مجهول .. والفجّ: الطريق الواسع. وفاعل أتت: ضمير الناقة، أو طلّاب المعروف. وفي البيت شاهدان: الأول: ظهور اسم أن المفتوحة المخففة «أنها» بدون تشديد، وهو لا يظهر. والثاني: كون مجرور (حتى) ضميرا. والكوفيون والمبرد يجيزون ذلك. ويقولون: حتاي، وحتاه وحتاهما .. الخ قال: شارح أبيات المغني: ولا ينبغي القياس على حتاك من هذا البيت فيقال ذلك في سائر الضمائر .. وانتهاء الغاية في «حتاك» هنا لا أفهمه، ولا أدري ما عنى ب (حتاك) فلعل هذا البيت مصنوع. أقول: معنى حتاك: أتت إليك، فاستخدم حتى بمعنى (إلى) .. وإذا أجازها الكوفيون والمبرد، فذلك حجة، والذوق لا يرفضها فلماذا ندخل كلّ جحر ضب خرب وراء البصريين، وعند ما يظهر الحق مع الكوفيين نرفض متابعتهم؟ [شرح أبيات المغني/ 3/ 93، والهمع/ 2/ 23، والأشموني/ 2/ 210]. 129 - هذا سراقة للقرآن يدرسه … والمرء عند الرّشا إن يلقها ذيب .. هذا البيت مجهول القائل، ومع ذلك فالنحاة يتناقلونه، وبخاصة الشطر الأول، والشطر الثاني يروى: «يقطّع الليل تسبيحا وقرآنا» .. ولعل هذا التلفيق بين الشطرين ناتج من أن بعض الرواة، ظنوا (سراقة) في الشطر الأول هو سراقة بن مالك الصحابي، فوجدوا من غير اللائق أن يهجى بما في الشطر الثاني، فغيروه ... وربما انتصر أحد النحويين لقرّاء القرآن، وأراد أن يبعد عنهم الذم، بقبول الرشوة، لأن هذا مطعن كبير وبخاصة إذا كان المرتشي ممن يقرأ القرآن .. وعلى كل حال، فسراقة هنا رجل اسمه

130 - كتبت أبو جاد وخط مرامر … وخرقت سربالا ولست بكاتب

سراقة، وليس الصحابي الجليل، والشاعر يهجو قارئ القرآن، ودارسه، الذي لا تردعه زواجر القرآن، ولا تهديه آياته، وهذا لا يقدح في مقام القرآن، ولا يقدح في رجاله المنكبّين على دراسته. وقد وردت الأحاديث التي تحذر من هؤلاء الذين يقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم، ويتخذونه صنعة ومهنة لكسب المال .. والشاهد في البيت، (يدرسه) حيث قالوا: إن الضمير في «يدرسه» مفعول مطلق، لا ضمير القرآن. ذلك أن الفعل يدرس تعدى للقرآن بحرف الجر فلا يعود إلى التعدية مرة أخرى، فلا يعرب الضمير مفعولا به، لأن الضمير يعود على مصدر مقدر، وتقديره: «هذا سراقة للقرآن يدرسه درسا». .. وهو كما يظهر تكلّف في التقدير حتى لا تخرم قاعدة قعّدوها، فالمانع عندهم شكلي، وليس معنويا، فالحقّ أن الهاء تعود على القرآن، وقد جاء الشاعر باللام لاضطراره إليها، والتعبير نوع من الاشتغال، وأصله (القرآن يدرسه)، ولو أعربت (القرآن) مبتدأ، واللام زائدة، لابتعدت عن المعنى .. أو أنّ اللام في «للقرآن» للبيان بمنزلة «سقيا لك». والهاء تعود على القرآن. وقد يستقيم المعنى والإعراب إذا قرأنا الشطر كالتالي «هذا سراقة للقرآن» ... نريد أن القرآن امتلك على سراقة كلّ وقته أو كأنك قلت: هذا سراقة قارئا للقرآن، ثم تستأنف، وكأن سائلا سأل: ماذا يفعل سراقة للقرآن؟ فتقول: يدرسه. [سيبويه/ 437، والخزانة ج 2/ 3 / وج 5/ 226، وج 9/ 48، 61]. 130 - كتبت أبو جاد وخطّ مرامر … وخرّقت سربالا ولست بكاتب عن كتاب «الجمل» للخليل. والشاهد: كتبت (أبو جاد) حيث أبقى «أبو جاد» مرفوعا، على الحكاية. قال: والأفعال التي يحكى بها، سمعت - وقرأت - ووجدت - وكتبت .. قال: ذو الرّمة: سمعت: الناس ينتجعون بحرا … فقلت لصيدح انتجعي بلالا ورفع «الناس» على الحكاية. 131 - أطوف بها لا أرى غيرها … كما طاف بالبيعة الراهب .. الشاهد «الراهب» جرّه بالقرب والجوار، كما قالوا: هذا جحر ضبّ خرب. 132 - فيا معشر العزّاب إن حان شربكم … فلا تشربوا ما حجّ لله راكب

133 - لا تصيب الصديق قارعة التأ … نيب إلا من الصديق الرغيب غير أن العليل ليس بمذمو … م على شرح ما به للطبيب لو رأينا التوكيد خطة عجز … ما شفعنا الأذان بالتثويب

شرابا لغزوان الخبيث فإنّه … يباهتكم منه بأيمان كاذب .. الشاهد: خفض «راكب» على القرب والجوار، ومحلّه الرفع. 133 - لا تصيب الصديق قارعة التأ … نيب إلا من الصديق الرّغيب غير أنّ العليل ليس بمذمو … م على شرح ما به للطبيب لو رأينا التوكيد خطّة عجز … ما شفعنا الأذان بالتّثويب .. لأبي تمّام من قصيدة يمدح سليمان بن وهب .. والرغيب: الكثير الطمع يقول في البيت الأول: لا يوبّخ الصديق على تقصير منه في أمر إلا من كان كثير الطمع، لا يصادقه لمودته. ويقول في البيت الثاني: لم أذكر ما أذكره استزادة لكم ولكن أذكر معتقدي لكم توكيدا وزيادة بيان، فلا لوم عليّ في ذلك كما أنّ العليل لا يلام على أن يشرح للطبيب العالم بعلته ما يجده لما في ذلك من توكيد البيان. والتثويب: في البيت الثالث: الدعاء الثاني، من قولهم ثوّب الرجل بأصحابه إذا دعاهم مرّة بعد مرّة ... وذكرت الأبيات لما في ثالثها، من بيان الغرض من التوكيد في الكلام، واستشهد الشاعر، بتكرار ألفاظ الأذان، وهي إشارة لطيفة من الشاعر المبدع أبي تمام. 134 - ومنّا لقيط وابنماه وحاجب … مؤرّث نيران المكارم لا المخبي قاله الكميت الأسدي. والبيت شاهد على تثنية «ابنم» وهو لفظ «ابن» والميم زائدة ... ومثاله في الإفراد: قول حسان: «فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما» أي: أكرم بنا ابنا. [المقتضب/ 2/ 93، واللسان (خبا)]. 135 - لما اتّقى بيد عظيم جرمها … فتركت ضاحي جلدها يتذبذب البيت مجهول القائل .. وقوله: جرمها: بضم الجيم: الذنب. وبكسر الجيم: الجسم. ضاحي: ظاهر. يتذبذب: يذهب ويجيء ولا يثبت في موضع واحد. والشاهد: زيادة الفاء (فتركت) لأنها لا تدخل في جواب لمّا، وتركت: هنا قد تنصب مفعولين إذا كانت بمعنى صيّر. [شرح أبيات المغني/ 4/ 54]. 136 - ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا … ومن دون رمسينا من الأرض سبسب

137 - قد أشهد الغارة الشعواء تحملني … جرداء معروقة اللحيين سرحوب

لظلّ صدى صوتي وإن كنت رمّة … لصوت صدى ليلى يهشّ ويطرب .. البيتان لأبي صخر الهذلي عبد الله بن سالم الهذلي، شاعر إسلامي. ومطلع القصيدة: ألمّ خيال طارق متأوّب … لأمّ حكيم بعد ما نمت موصب .. ألمّ: زار زيارة خفيفة. والطارق: الذي يأتي ليلا. والمتأوب: الراجع. وموصب: من أوصبه إذا أمرضه. والرمّة: العظام البالية. والأصداء: جمع صدى وهو الذي يجيبك بمثل صوتك في الجبال وغيرها، والمراد: لو أنّ إنسانا رفع صوته باسمي، وآخر رفع صوته باسمها في موضع يرجع فيه الصّدى والتقى صديانا، لظل صدى صوت اسمي يهش لصدى صوت اسمها. والرمس: القبر. والسبسب: القفر والمفازة. والشاهد استخدام «لو» حرف شرط للاستقبال مرادفة (إن) الشرطية. [شرح أبيات المغني/ 5/ 38، والأشموني ج 4/ 37، والتصريح ج 1/ 255]. 137 - قد أشهد الغارة الشعواء تحملني … جرداء معروقة اللّحيين سرحوب .. البيت لامرئ القيس. والجرداء: الفرس المعروقة. سرحوب: نحيلة طويلة. والشاهد: استخدام «قد» للدلالة على التكثير، مع الفعل المضارع، فالشاعر يفخر، ولا معنى لغير التكثير في الفخر. [الخزانة/ 6/ 105]. 138 - منّا الذي هو ما إن طرّ شاربه … والعانسون ومنّا المرد والشّيب البيت لأبي قيس بن رفاعة، أو قيس بن رفاعة، وقيل اسمه «دثار» أحد يهود المدينة في الجاهلية، لعنهم الله، وما كنت ذاكره في هذا المعجم، لولا نيّة لعنه، ليلعنه كل من قرأ هذا الكتاب .. فاليهود - لعنهم الله - آفة المجتمع العربي، وما أحبّ أن أضيف أحدهم إلى موطن عربيّ، لأنهم لا وطن لهم في ديار العرب وإنما تسربوا كما يتسرب الوباء إلى أرض العرب. ويفخر الخبيث في هذا البيت بكثرة العدد، وأنّ منهم الكبار والصغار. وطرّ الشارب: إذا ابتدأ نبات شعره .. ورجل عانس، وامرأة عانس: إذا طال مكث أحدهما في منزل أهله بعد إدراكه، ولم يتزوج .. وما أكثر العنوسة في هؤلاء القوم، لأنهم لا يعرفون حرمة ولا رحما .. فتوراتهم المحرفة تدّعي أنّ بنات لوط عليه السّلام قد أسكرا أباهما،

139 - شربت بها والديك يدعو صباحه … إذا ما بنو نعش دنوا فتصوبوا

ليزني بهما، لإنجاب النسل ... فلا عجب إن فعلوا بأنفسهم ذلك .. وقد ذكر النحويون هذا البيت .. وما كنت أريد أن يذكروه - للاستشهاد به، .. - وليس ليهوديّ شهادة مقبولة - على أنّ «ما» في البيت اسم بمعنى (حين) .. والذي: مبتدأ، خبره شبه الجملة قبله. و «هو»: مبتدأ. خبره: جملة طرّ شاربه. وإن: زائدة. وجملة: هو طر شاربه: صلة الموصول. ويرى التبريزي أن (ما) هنا نافية. [الهمع/ 45، والأشموني ج 1/ 82، وشرح أبيات المغني ج 5/ 242]. 139 - شربت بها والديك يدعو صباحه … إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا .. البيت للنابغة الجعدي، من أبيات يصف في أولها الخمر .. والشاعر مخضرم عاش في الإسلام طويلا، دعا له رسول الله ب «لا فضّ فوك» فعاش عمره لم تسقط له سنّ. وقوله شربت بها: أي منها، ويريد الخمر، وهذا في الجاهلية، أو قبل أن ينزل تحريمها ... وقوله: والديك يدعو صباحه: أي: يدعو في وقت إصباحه كناية عن وقت البكور، أو قبيل الفجر حيث يصيح الديك في هذا الوقت. وقوله: دنوا: أي: مالت بنات نعش للغروب. والتصوّب: الانحدار. [الخزانة/ 8/ 82]. والشاهد: استعمال الواو (تصوبوا) في غير ضمير العقلاء. وجمع «ابن» من غير ما يعقل جمع العقلاء المذكرين، فقال: بنو. وكان ينبغي أن يقول: بنات نعش، واحدها «ابن نعش». لأن ما لا يعقل من المذكر والمؤنث يجمع جمع السلامة والتكسير، كحمّام وحمامات. وقالوا: وحمل بنو نعش على ما يعقل لما كان دورها على مقدار لا يتغير، فكأنّها تقدر ذلك الدور وتعقله، فجاز هذا حيث صارت هذه الأشياء عندهم تؤمر وتطيع وتفهم الكلام. وقال: دنوا، فتصوبّوا: وكان ينبغي أن يقول: دنون فتصوبن. ومما يستجاد من هذه القصيدة قوله: فإن تأخذوا مالي وأهلي بظنّة … فإنّي لحرّاب الرّجال مجرّب صبور على ما يكره المرء كلّه … سوى العار إني إنّ ظلمت سأغضب [شرح أبيات المغني ج 6/ 130، وكتاب سيبويه ج 1/ 240، وشرح المفصل

140 - لا بارك الله في الغواني هل … يصبحن إلا لهن مطلب

ج 5/ 105، والخزانة ج 8/ 82]. 140 - لا بارك الله في الغواني هل … يصبحن إلا لهنّ مطّلب .. البيت لعبيد الله بن قيس الرقيّات. والشاهد: (لا بارك). لم يكرر لفظ «لا» مع أنها دخلت على الماضي، كما هو المعروف، لأنّ الماضي هنا ماض في اللفظ، مستقبل في المعنى، فالمراد: الدعاء. [سيبويه ج 2/ 59، والهمع/ 1/ 53، واللسان (غنا)، وشرح أبيات المغني ج 4/ 386]. 141 - ما إن وجدنا للهوى من طبّ … ولا عدمنا قهر - وجد - صبّ .. أضاف «قهر» إلى مفعوله، وهو صبّ، وفصل بينهما بفاعل المصدر وهو «وجد». والأصل: ما وجدنا للهوى طبّا ولا عدمنا قهر صبّ وجد. والصبّ: العاشق. [الهمع/ 2/ 53، والأشموني ج 2/ 279، والتصريح ج 4/ 59]. 142 - رأيت بني عمّي الأولى يخذلونني … على حدثان الدّهر إذ يتقلّب .. والشاهد: الأولى، مقصور بدون مدّ الواو - اسم موصول لجمع المذكر العاقل .. بمعنى: الذين. وحدثان: مصدر، وليس مثنى. [الهمع ج 1/ 83، والتصريح ج 1/ 132، وقال هارون: إنه للشاعر مرّة بن عدّاء الفقعسي]. 143 - فإن تسألوني بالنساء فإنني … بصير بأدواء النساء طبيب إذا شاب رأس المرء أو قلّ ماله … فليس له من ودّهنّ نصيب .. البيتان لعلقمة بن عبدة. والشاهد في البيت الأول: تسألوني بالنساء، فالباء هنا بمعنى المجاوزة، مثل «عن» كقوله تعالى: فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً [الفرقان: 59]. [سيبويه ج 1/ 107، والمقتضب ج 2/ 173، والمفضليات 394]. 144 - أجارتنا إنّ الخطوب تنوب … وإنّي مقيم ما أقام عسيب البيت لامرئ القيس .. وعسيب: اسم جبل .. والشاهد: (ما أقام)، ما: مصدرية ظرفية، تؤوّل بظرف: أي: مدة إقامة عسيب. 145 - إذا قيل سيروا إنّ ليلى لعلّها … جرى دون ليلى مائل القرن أعضب

146 - فمن يك أمسى بالمدينة رحله … فإني وقيار بها لغريب

ليس للبيت قائل معروف .. والأعضب: المكسور القرن .. والعرب تتشاءم وتتطير إذا مرّ بين يديها حيوان قرنه ملتو أو كان مكسورا، ودون بمعنى قدّام ... والمعنى: إذا قيل: سيروا، لعلّ ليلى قريبة برح لنا ظبي ذو قرن معوجّ وقرن مكسور، فآذن ببعدها، وهذا ليس على الحقيقة، وإنما هو كقولهم لمن يتقاتلون (دقّوا بينهم عطر منشم). يريد حصل حادث شؤم حال دون تحقيق الهدف. وإذا: شرطية .. جوابها جملة جرى. ومائل: فاعل جرى. والشاهد: حذف خبر لعلّ، والتقدير: لعلها قريبة. وخبر إنّ: جملة لعلها قريبة. [شرح أبيات مغني اللبيب ج 7/ 320]. 146 - فمن يك أمسى بالمدينة رحله … فإنّي وقيار بها لغريب هذا البيت لضابئ بن الحارث البرجمي، من أبيات قالها وهو محبوس في سجن المدينة - زمن عثمان بن عفّان، رضي الله عنه - لهجاء قاله في خصومه ... ومطلع الأبيات: دعاك الهوى والشوق لما ترنّمت … هتوف الضحى بين الغصون طروب يجاوبها ورق الحمام لصوتها … فكل لكلّ مسعد ومجيب .. وقوله: من يك: أصلها: من يكن، حذفت النون للتخفيف .. ورحله: اسم أمسى، وبالمدينة: خبرها. وجملة أمسى: خبر يك. والرحل: المنزل، وما يحتاج إليه المسافر من الأثاث .. وقيّار: اسم جمل، أو فرس. يقول: من كان بالمدينة بيته ومنزله، فلست من أهلها، ولا لي بها منزل. والشاهد: قوله: لغريب، خبر إنّ، وخبر: قيار، محذوف. والتقدير: فإني لغريب بها، وقيار كذلك. [سيبويه ج 1/ 38، والإنصاف/ 94، وشرح المفصل/ 8/ 68، والهمع/ 2/ 144، والأشموني ج 1/ 286، وشرح أبيات المغني ج 7/ 43، والخزانة ج 10/ 312]. 147 - أين المفرّ والإله الطالب … والأشرم المغلوب ليس الغالب هذا الرجز قاله نفيل بن حبيب، يخاطب أبرهة الحبشي عند ما غزا الكعبة، والأشرم في

148 - ولست بنازل إلا ألمت … برحلي أو خيالتها الكذوب فقد جعلت قلوص بني زياد … من الأكوار مرتعها قريب

اللغة: المشقوق الأنف، وهو لقب أبرهة أمير جيش الحبشة ... والشاهد في البيت: (ليس الغالب) حيث يرى الكوفيون أنّ (ليس) حرف عطف بمعنى «لا»، ويرى غيرهم: أنّ «الغالب» اسم ليس والخبر محذوف، وهو في الأصل ضمير متصل عائد على الأشرم، أي: ليسه الغالب، ثم حذف لاتصاله .. ورأي الكوفيين أقرب إلى المعنى والصنعة؛ لأنّ الضمير المستتر أو المتصل حقه أن يكون اسم ليس. وليس خبرها .. [الهمع/ 2/ 138، والسيرة 1/ 36، وشرح أبيات المغني ج 5/ 211]. 148 - ولست بنازل إلا ألمّت … برحلي أو خيالتها الكذوب فقد جعلت قلوص بني زياد … من الأكوار مرتعها قريب الشعر لرجل من بني بحتر بن عتود، وقد رواه أبو تمام في الحماسة. وقوله: «ألمّت»: الفاعل ضمير مستتر يعود على الحبيبة. والخيالة: الطّيف، يقال: خيال وخيالة. والكذوب: صفة الخيالة، ووصفها بالكذوب: لأنه لا حقيقة لها. ولم يؤنث الكذوب، لأن «فعولا» يستوي فيه المذكر والمؤنث .. يقول: لا أنزل محلا إلا رأيت الحبيبة تتصور لي من شدة شوقي إليها، أو رأيت خيالها في النوم، ولا أنفكّ منها في يقظة أو نوم. وقوله: «أو خيالتها»: معطوف على الضمير المستتر في ألمّت، مع عدم توكيد المستتر بمنفصل، واكتفى بوجود الفصل بالجار والمجرور. ... والقلوص: الناقة الشابّة. والأكوار: جمع كور - بالضم - وهو الرحل بأداته يقول: إذا سرحت لم تبعد في المرعى لشدة كلالها. وقد اختلفوا في معنى «جعل» في البيت الثاني. منهم من قال: إنها بمعنى «طفق» من أفعال المقاربة، يكون خبره جملة فعلية. ومنهم من قال: إنها بمعنى «صيّر» تنصب مفعولين. وعلى الرأي الأول: يكون خبر طفق الجملة الاسمية (مرتعها قريب) وتكون قد نابت الجملة الاسمية مناب الفعلية .. وهو قول مهلهل. وعلى الرأي الثاني: يكون فاعل «جعلت»: ضميرا مستترا يعود على المرأة، في البيت السابق. وتكون «قلوص» منصوبة، مفعولا أولا. وجملة مرتعها قريب: مفعول ثان ..

149 - طربت وما شوقا إلى البيض أطرب … ولا لعبا مني وذو الشيب يلعب

وهذا الإعراب أجود، وبه يرتبط البيتان .. [الهمع/ 2/ 141، والمرزوقي/ 310، والخزانة ج 5/ 119]. 149 - طربت وما شوقا إلى البيض أطرب … ولا لعبا منّي وذو الشّيب يلعب البيت مطلع قصيدة الكميت التي يمدح فيها - آل رسول الله - والشاهد فيه حذف همزة الاستفهام من قوله «ذو الشيب» أراد «أو ذو الشيب» ويروى البيت بهمزة الاستفهام مع حذف الواو، «أذو الشيب يلعب؟»، [الخزانة ج 4/ 313 - 314، وشرح أبيات المغني ج 1/ 29، والهمع/ 1/ 195، وج 2/ 69]. 150 - فلا تستطل منّي بقائي ومدّتي … ولكن يكن للخير منك نصيب .. هذا البيت مجهول القائل، ولكنه معلوم القائلين، حيث يعبّر هذا البيت عن لسان حال آباء لا يحصون، يجدون العقوق من أبنائهم .. فقد خاطب أب ابنه بهذا البيت لما سمع أنه يتمنى موته .. وقد أنشده النحويون شاهدا على جواز حذف لام الأمر الجازمة، في قوله «ولكن يكن» والتقدير (ليكن)، وهو كثير في أقوال العرب. [شرح أبيات المغني/ 4/ 333، والأشموني ج 4/ 5]. 151 - تطاول هذا الليل تسري كواكبه … وأرّقني إذ لا ضجيع ألاعبه فو الله لولا الله تخشى عواقبه … لزعزع من هذا السرير جوانبه ولكنني أخشى رقيبا موكّلا … بأنفسنا لا يفتر الدهر كاتبه مخافة ربّي والحياء يصدّني … وإكرام بعلي أن تنال مراكبه روي: أن عمر بن الخطاب خرج ذات ليلة يطوف في المدينة، إذ مرّ بامرأة من نساء العرب، مغلقا عليها بابها وهي تقول: (الأبيات). فقال عمر لحفصة بنت عمر: كم أكثر ما تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت ستة، أو أربعة أشهر. فقال عمر: لا أحبس الجيش أكثر من هذا ... وكان زوج المرأة في جيوش الفتح. والقصة لا تصحّ سندا، ولا متنا. والشاهد في البيت الثاني: (لولا الله تخشى .. لزعزع) .. لولا: حرف شرط .. ، الله: لفظ الجلالة مبتدأ .. والعلماء يرون أن خبر المبتدأ بعد لولا يكون محذوفا وجوبا إذا كان كونا مطلقا كالوجود والحصول .. ولكن وردت شواهد ذكر فيها الخبر ومنها الشاهد: لأن (تخشى) خبر المبتدأ. وجواب الشرط (لزعزع).

وقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لولا قومك حديثو عهد بكفر ...»، وعلى عادة النحويين، فإنهم يحاولون إيجاد تأويلات بعيدة، إذا وجدوا نصوصا تخالف قواعدهم ... وكان عليهم أن يعترفوا، أن كلام العرب كثير، وقد وصلهم منه شيء وغابت عنهم أشياء، فإذا ظهر فيما بعد، ما ينقض القاعدة، فلا بأس في إضافة ما كشف عنه النص الجديد ... ولذلك نجدهم يؤولون هذا الشاهد وغيره ويعربون (تخشى) بدل اشتمال، على أن الأصل (أن يمسكه) ثم حذف أن وارتفع الفعل - أو تقدير (تخشى) جملة معترضة، ومنهم من قال، بأنها حال .. ورفض ذلك الأخفش، لأنهم لا يذكرون الحال بعدها لأنه خبر في المعنى .. ويعجبني في هذا المقام ابن مالك صاحب الألفية، الذي اتخذ الحديث الشريف مصدرا أصيلا من مصادر اللغة والنحو فقال عند حديث (لولا قومك حديثو عهد بكفر ..): تضمّن هذا الحديث ثبوت الخبر بعد لولا، وهو مما خفي على النحويين، وجعل المبتدأ بعد لولا على ثلاثة أضرب: الأول: مخبر عنه بكون غير مقيّد نحو «لولا زيد لزارنا عمرو» فمثل هذا يحذف خبره، لأن المعنى، لولا زيد على كلّ حال من أحواله لزارنا عمرو، فلم تكن حال من أحواله أولى بالذكر من غيرها. الثاني: مخبر عنه بكون مقيّد، لا يدرك معناه إلا بذكره نحو «لولا زيد غائب لم أزرك». فخبر هذا النوع واجب الثبوت، لأنّ معناه يجهل عند حذفه، ومنه الحديث «لولا قومك حديثو عهد بكفر ..» فلو اقتصر في مثل هذا على المبتدأ لظنّ أنّ المراد: لولا قومك على كل حال من أحوالهم، لنقضت الكعبة، وهو خلاف المقصود، لأن من أحوالهم، بعد عهدهم بالكفر فيما يستقبل، وتلك الحال لا تمنع من نقض الكعبة. الثالث: وهو المخبر عنه بكون مقيّد يدرك معناه عند حذفه، كقولك: «لولا أخو زيد ينصره، لغلب» فيجوز في مثل هذا إثبات الخبر وحذفه لأنّ فيها شبها ب (لولا زيد لزارنا عمرو) وشبها ب (لولا زيد غائب لم أزرك). فجاز فيها ما وجب فيهما من الحذف والثبوت .. ، اه. ويمكن أن يقال في (لولا الله تخشى ...) ما قيل في النوع الثالث .. فلو قالت: «لولا الله لزعزع» استقام المعنى، وفهم المقصود .. ولمّا قالت: (لولا الله تخشى ..) عينت حالة من الحالات التي تعتري المسلم عند ذكر ربّه، وهي الخشية، بل إن الإخبار عن الله

152 - أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد … كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه

(بالمخشيّ) هنا أقوى من حذف الخبر .. فالله يذكر، للخشية منه، ولرحمته، وجبروته، ونعمائه .. الخ .. ولكل حال خبر .. والمرأة هنا ذكرت الخشية من الله، لأنها في مقام وسوسة الشيطان لها بالذنب .. والله أعلم. [شرح أبيات المغني ج 5/ 122، والخزانة ج 10/ 333، وشرح المفصل/ 9/ 23]. 152 - أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد … كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه هذا البيت، من قصيدة لنهشل بن حرّيّ الدارمي، رثى بها أخاه مالكا الذي قتل بصفّين وهو في جيش أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. وقوله: أخ ماجد: أي: هو أخ .. أو: أخي أخ ماجد .. والمشهد: شهود الحرب أي: لم يشهد مشهدا إلا أحسن فيه البلاء فلا أستحيي، أي: أفتخر به .. وسيف عمرو: الصمصامة .. لعمرو بن معدي كرب الصحابي .. والمضارب: جمع مضرب، وهو موضع القطع .. وقد ضرب المثل بسيف عمرو فقيل: هو أمضى من الصمصامة .. والشاهد في البيت: «كما سيف عمرو» ... على أنّ الكاف مكفوفة عن الجر ب (ما) الزائدة، وارتفع الاسم بعدها على الابتداء .. ومن رأى أنها غير مكفوفة ب (ما) رأى أن (ما) مصدرية. والجملة بعدها في محل جرّ .. ولكنهم قالوا: إن ما المصدرية لا توصل إلا بالجملة الفعلية، فإذا وليتها الجملة الاسمية كانت كافة ليس غير .. وهو أولى من جلب التأويلات البعيدة. [شرح أبيات المغني ج 4/ 127، والهمع ج 2/ 38]. 153 - وما زرت سلمى أن تكون حبيبة … إليّ ولا دين بها أنا طالبه البيت للفرزدق من قصيدة في مدح المطّلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي كان عامل الصدقات لمروان بن الحكم على صدقات طيّئ، من جهات جبلي أجأ وسلمى، وقد وقع النحويون في خطأ فاحش عند ما رووه «ليلى» بدل «سلمى» ولم يطلعوا على قصة القصيدة وسبب قولها، ولم يقرؤوا البيت في سياقه، فجعلوا ليلى امرأة، ينفي الفرزدق أن يكون زارها لحبه لها .. والصحيح «وما زرت سلمى» وسلمى أحد جبلي طيّئ ويريد: وما زرت ديار جبل سلمى لأنها حبيبة إليّ ولا لأنّ لي دينا أطلبه، ولكن: ولكن أتينا خندفيا كأنه … هلال غيوم زال عنه سحائبه والشاهد في البيت: «ولا دين» حيث رويت «دين» بالجرّ. عطفا على محلّ «أن

154 - وقد طفت من أحوالها وأردتها … سنين فأخشى بعلها وأهابها ثلاثة أحوال فلما تجرمت … علينا بهون واستحار شبابها دعاني إليها القلب إني لأمره … سميع فما أدري أرشد طلابها

تكون»، إذ أصله «لأن تكون». والمعروف أن محلّ (أن وأنّ) وصلتهما بعد حذف الجار، النصب. فالعطف عليهما يكون بالنصب وقد أجيب عن هذه الرواية، بأنه عطف على توهّم دخول اللام على «أن تكون» .. وخير من هذا وذاك، أن نرويها بالنصب (ولا دينا) وينتهي الإشكال. [الإنصاف/ 395، وشرح أبيات المغني/ 7/ 136، والهمع/ ج 2/ 81، والأشموني ج 2/ 92]. 154 - وقد طفت من أحوالها وأردتها … سنين فأخشى بعلها وأهابها ثلاثة أحوال فلما تجرّمت … علينا بهون واستحار شبابها دعاني إليها القلب إني لأمره … سميع فما أدري أرشد طلابها .. الأبيات لأبي ذؤيب الهذلي، خويلد بن خالد (- 27 هـ) شاعر مخضرم قدم على الرسول، فوصل المدينة وهو مسجى، وحضر الصلاة عليه ودفنه. والأبيات يصف فيها ما لاقاه في سبيل محبوبته، وقوله: أحوالها: أي: حولها، لتعدد الأماكن التي طاف فيها. وقوله: ثلاثة: انتصب على البدل من سنين .. قوله: استحار شبابها: أي برعت محبوبته وبلغت النهاية، وقوله: دعاني إليها: جواب لمّا. ويروى: عصاني القلب: أي عصاني القلب ماثلا إليها وذاهبا نحوها. فانقدت لهواه وآثرت العدول إلى رضاه .. ، وقوله: فما أدري: أراد: التبس الأمر عليّ، فلم أدر، أطلابها رشد أم غيّ، وهذا بيان حاله حين عصاه القلب وركبه الهوى. فتمكن منه، وذلك لأنه فارقه الجلد والحزم، فاستوى لديه الحسن والقبيح. .. وجملة: إنّي لأمره سميع: استئناف بياني، والتأكيد للشك، ويجوز أن تكون اعتراضية، ويجوز أن تكون حالا من الياء في (دعاني) وجملة (فما أدري) معطوفة على (دعاني) وطلابها: مبتدأ. ورشد: خبره. والجملة منصوبة المحل بفعل الدراية المعلق عنها بالاستفهام .. والشاهد في البيت الثاني: حذف المعادل للهمزة في قوله: أرشد طلابها، تقديره: أم غيّ. وقيل: لا حذف في الكلام، لصحة الكلام بدون تقديره. [شرح أبيات المغني ج 1/ 21، والهمع/ 2/ 132، والأشموني/ 3/ 116، وديوان الهذليين 1/ 71]. 155 - لأنكحنّ ببّه … جارية خدبّة

156 - صريع غوان راقهن ورقنه … لدن شب حتى شاب سود الذوائب

مكرمة محبّه … تحبّ أهل الكعبة .. هذا كلام كانت أمّ عبد الله بن الحارث، تغنيه لابنها، وقد وضعت لابنها عبد الله اسم «ببّه» وهو صوت، لعلّ الطفل كان يلفظه قبل أن يحسن الكلام، فغلب عليه .. وهو الشاهد في هذا الرجز حيث عدوه علما منقولا عن صوت .. والجارية الخدبّة: الضخمة. تريد ممتلئة الجسم. [شرح المفصل/ 1/ 32، والهمع ج 1/ 72، واللسان (ببب) و (خدب)]. 156 - صريع غوان راقهنّ ورقنه … لدن شبّ حتى شاب سود الذّوائب قاله القطامي: والشاهد: «لدن» فهي بجميع لغاتها لأول غاية زمان أو مكان، ومعناها وإضافتها: كعند، إلا أنها أقرب مكانا من (عند) وتجرّ ما بعدها بالإضافة لفظا إن كان معربا ومحلا إن كان مبنيا أو جملة ... والبيت مثال لإضافتها إلى الجملة، فتكون جملة «شبّ» في محل جرّ. وإذا أضيفت إلى الجملة تمخّضت للزمان، لأن ظروف المكان لا يضاف منها إلى الجملة إلّا «حيث». [شرح أبيات المغني ج 3/ 391، والخزانة ج 7/ 86، والهمع/ 1/ 215، والأشموني ج 2/ 263]. 157 - مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة … ولا ناعب إلا ببين غرابها البيت للأخوص - بالخاء المعجمة - زيد بن عمرو، شاعر إسلامي معاصر للفرزدق .. وهو يذم في هذا البيت بني دارم بن مالك .. يقول: لا يصلحون أمر العشيرة إذا فسد بينهم ولا يأتمرون بخير، فغرابهم لا ينعب إلا بالتشتت والفراق، وهذا مثل للتطير منهم .. والشاهد: عطف (ناعب) بالجرّ على خبر ليس المنصوب على توهم أنه مجرور بالباء الزائدة. وقد روي بنصب (ناعبا) ولا إشكال حينئذ. [سيبويه/ 1/ 83، 154، 418، والإنصاف/ 193، وشرح المفصل/ 2/ 52، وج 5/ 68، وشرح أبيات المغني/ 7/ 56، والخزانة/ 4/ 158]. 158 - في ليلة لا نرى بها أحدا … يحكي علينا إلا كواكبها .. البيت لأحيحة بن الجلاح الأنصاري .. يتشوق إلى صاحبته، وقبله:

159 - فما سودتني عامر عن وراثة … أبى الله أن أسمو بأم ولا أب

يا ليتني - ليلة إذا هجع ال … نّاس ونام الكلاب - صاحبها والبيت شاهد على استخدام (على) بمعنى (عن) أو على تضمين (يحكى)، معنى «ينمّ» وفيه شاهد آخر، وهو إعراب (كواكبها) بدل من الضمير في (يحكي) لأنه عائد على (أحدا). [سيبويه ج 1/ 361، والخزانة ج 3/ 348، وشرح أبيات المغني ج 3/ 233، والهمع ج 1/ 225]. 159 - فما سوّدتني عامر عن وراثة … أبى الله أن أسمو بأمّ ولا أب البيت لعامر بن الطفيل .. والشاهد فيه العطف ب (ولا) بعد الإيجاب لأنّ معناه: قال الله لي: لا تسمو بأم ولا أب .. ولم ينصب المضارع (أسمو) بأن لضرورة الشعر. وكان حقه فتح الواو لظهور الفتحة عليها. [سيبويه/ 1/ 127، وشرح المفصل/ 10/ 100، والأشموني ج 1/ 101، وشرح أبيات المغني ج 8/ 46، والخزانة/ 8/ 343]. 160 - ثم قالوا: تحبّها؟ قلت: بهرا … عدد الرّمل والحصى والتراب البيت لعمر بن أبي ربيعة .. وهو شاهد على حذف الهمزة الاستفهامية من قوله: تحبها .. والأصل: أتحبها؟ وقوله: بهرا: مصدر لا فعل له، منصوب بعامل لازم الإضمار. [سيبويه/ 1/ 157، وشرح المفصل/ 1/ 121، والدرر ج 1/ 162]. 161 - إذا ما غدونا قال ولدان أهلنا … تعالوا إلى أن يأتنا الصيد نحطب البيت لامرئ القيس، ويستشهد به الكوفيون على عمل (أن) الجزم .. ولكن يروى البيت (تعالوا إلى أن يأتي الصيد نحطب) ولا شاهد فيه. 162 - وكلّ مصيبات الزّمان وجدتها … سوى فرقة الأحباب - هيّنة الخطب البيت لقيس بن ذريح .. وهو شاهد على أنّ (كلّ) تأخذ معناها مما تضاف إليه وقد أضيفت في البيت إلى مؤنث فعاد الضمير عليها مؤنثا مجموعا .. وسوى: في البيت مستثنى مقدم على المستثنى منه وهو قوله: هينة الخطب، فهو منصوب بفتحة مقدرة على الألف. [شرح أبيات المغني ج 4/ 217، والهمع/ ج 2/ 74].

163 - كلاهما حين جد السير بينهما … قد أقلعا، وكلا أنفيهما رابي

163 - كلاهما حين جدّ السير بينهما … قد أقلعا، وكلا أنفيهما رابي .. البيت للفرزدق يعرض فيه بجرير بن عطية، وكان قد زوج جرير ابنته من أحد أقارب زوجته، ثم خلعها منه ... وقبله: ما كان ذنب التي أقبلت تعتلها … حتى اقتحمت بها أسكفّة الباب .. تعتلها: أي تجذبها جذبا عنيفا .. و «كلاهما» في البيت الشاهد: يريد ابنة جرير وزوجها .. جدّ السير: اشتد. أقلعا: أي: تركا الجري. رابي: النفس العالي المتتابع. وهذا تمثيل وتشبيه. يقول: إنّ بنت جرير وزوجها افترقا حين وقعت الألفة بينهما، ولم يمضيا على حالهما، فهما كفرسين جدّا في الجري ووقفا قبل الوصول إلى الغاية .. وقد وهم شرّاح الشاهد فقالوا إن الوصف لفرسين، لأنهم لم يقرؤوا البيت في سياقه من القصيدة. والشاهد فيه: على أنه يجوز مراعاة لفظ «كلا» ومراعاة معناها، وقد اجتمعا في البيت. وكلاهما: مبتدأ، وجملة قد أقلعا خبره، وأتى بالألف ضمير الاثنين لرعاية معنى (كلا) وقوله: وكلا أنفيهما: كلا: مبتدأ مضاف، ورابي: خبره، وأفرد الضمير فيه لرعاية لفظ «كلا». [الإنصاف/ 262، وشرح المفصل ج 1/ 54، وشرح أبيات المغني/ 4/ 260، والهمع/ 1/ 41، والأشموني ج 1/ 78]. 164 - ألا حبّذا، لولا الحياء وربّما … منحت الهوى ما ليس بالمتقارب البيت للشاعر مرداس بن همّام الطائي، وقيل: مرداس بن همّاس، وهو في حماسة أبي تمام .. وقوله: حبذا: المخصوص بالمدح محذوف، والمراد: حبيب إليّ التهتّك في الهوى لولا الحياء، على أنني ربما منحت هواي ما لا مطمع في دنوّه. ويروى: من ليس بالمتقارب، أي: أحببت من لا ينصفني، ولا مطمع فيه. والبيت شاهد على حذف مخصوص (حبذا). [الهمع/ 2/ 89، والأشموني ج 3/ 41، والمرزوقي/ 1408]. 165 - إليك وإلّا ما تحثّ الركائب … عنك وإلّا فالمحدّث كاذب هذا بيت لا يعرف قائله، وقد ذكروه شاهدا على نوع من الاستثناء سموه «استثناء

166 - وقال متى يبخل عليك ويعتلل … يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب

الحصر»، قالوا: والمعنى: لا تحثّ الركائب إلا إليك، ولا يصدق المحدّث إلا عنك .. وليس المعنى كما قالوا، وإنما هو شرط. والتقدير: وإن لا نذهب إليك، فما تحثّ .. حذف الفاء الرابطة ضرورة .. وقد أثبت فاء الربط في الشطر الثاني، في جواب الشرط الجملة الاسمية. 166 - وقال متى يبخل عليك ويعتلل … يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب قاله امرؤ القيس، والشاهد: ويعتلل .. قال: إنّ نائب الفاعل ضمير مصدر مختص بلام العهد، والمعنى: ويعتلل الاعتلال المعهود أو أنّ نائب الفاعل ضمير مصدر مختص بصفة محذوفة، والتقدير: ويعتلل اعتلال عليك. [شرح أبيات المغني/ 7/ 113، والأشموني/ 2/ 15، والعيني/ 4/ 506]. 167 - ولست بنحويّ يلوك لسانه … ولكن سليقيّ أقول فأعرب .. لم أعرف قائله، ويبدو أنه لشاعر محدث يهجو أهل النحو بفساد السليقة العربية، وهو قول مبالغ فيه .. لأن أعلام النحو أهل ذوق، وقد أعطاهم الله الدّقة في الفهم للتفريق بين المعاني، ولا ننكر أن الخليل نحوي، وهو إمام في العربية، وشيخ النحويين سيبويه، فإنه تمرس بكلام العرب حتى أجاد فنونه، وقس على ذلك الأئمة المتقدمين: كالفراء والأخفش والكسائي، ومن المتأخرين، فإننا لا ننكر إمامة ابن مالك صاحب الألفية، وابن هشام صاحب المغني، وشارح «بانت سعاد». فإنهما بحران لا ينزفان ... ويكفي أن يكون في كل عصر علم مثل من ذكرت، ليدرأ عن أهل النحو تهمة فساد الذوق .. وكما أن في النحويين من ماتت سليقته، كذلك في أهل الأدب من أساء إلى الأدب. والشاهد في البيت: «سليقيّ» فإنّ ياء فعيلة، إذا كانت صحيحة العين غير مضعّفة، تحذف هذه الياء، وينسب إلى سليقة «سلقي» ولكن الذوق لا يمجّ، سليقيّ، وطبيعي، وعقيدي. فهذه ألفاظ لم يعرفها عرب الجاهلية، ولو عرفوها، لاستساغوا النسبة إليها بدون حذف الياء. [الأشموني/ 4/ 86، واللسان (سلق)، والتصريح/ 2/ 231، والعيني/ 4/ 543 / وشرح شواهد الشافية/ 112]. 168 - أفيقوا بني حزن وأهواؤنا معا … وأرماحنا موصولة لم تقضّب .. هذا البيت، للأخوص - بالخاء المعجمة - زيد بن عمر، شاعر إسلامي عاصر

169 - أما والذي لو شاء لم يخلق النوى … لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي

الفرزدق. يقوله من قصيدة وقد ضرب بنو عمه مولى يقال له: حوشب، .. يقول: اصحوا يا بني حزم من سكركم وجهلكم في حين مقاصدنا متحدة وكلمتنا متفقة وأسباب الرحم موصولة غير منقطعة. يدعوهم إلى عدم إثارة الحرب بين الإخوان. والشاهد: على أنّ (معا) ظرف متعلق بمحذوف هو الخبر: (أهواؤنا معا)، وقيل: حال سدت مسدّ الخبر. [الحماسة/ 311، وشرح أبيات المغني ج 6/ 8، والهمع/ 1/ 218]. 169 - أما والّذي لو شاء لم يخلق النّوى … لئن غبت عن عيني لما غبت عن قلبي البيت للشاعر العباس بن الأحنف .. عاصر هارون الرشيد. قيل إنه أشعر أهل زمانه في قوله: تعتلّ بالشغل عنّا ما تكلّمنا … الشغل للقلب ليس الشّغل للبدن والشاهد في البيت الأول على أن جواب القسم المنفي قد دخله اللام بقلّة، وهو قوله (لئن .. لما غبت) فاللام موطئة للقسم - وإن شرطية .. ولما: اللام في جواب القسم، وما: نافية. [شرح أبيات المغني/ 5/ 112، والهمع/ 2/ 42]. 170 - وما كلّ ذي لبّ بمؤتيك نصحه … وما كلّ مؤت نصحه بلبيب البيت لأبي الأسود الدؤلي .. وهو شاهد عند ابن عصفور على أن (مؤتيك) الضمير فيه مجموع، عائد على المضاف إليه (كل ذي لبّ) لأنه أراد الحكم على كلّ واحد .. وأن مؤتيك أصله (مؤتين لك) فحذفت النون للإضافة. وهو كلام باطل لأنه قال بعده (نصحه) بالإفراد وقال بعده (وما كلّ مؤت). [سيبويه/ 409، والهمع/ 2/ 95، وشرح أبيات المغني ج 4/ 227، والمؤتلف ص 151]. 171 - وأدفع عن أعراضكم وأعيركم … لسانا كمقراض الخفاجيّ ملحبا ثمّت لا تجزونني عند ذاكم … ولكن سيجزيني الإله فيعقبا .. البيتان للأعشى .. والشاهد: في البيت الثاني، حيث نصب الفعل «يعقب» بعد الفاء في ضرورة الشعر، فيما ليس فيه معنى النفي أو الطلب، ويجوز أن يريد الشاعر نون التوكيد الخفيفة .. يقول الشاعر: لا أبتغي بما أصنع منكم جزاء، ولكنما أجري على الله. يقال: أعقبه الله بطاعته، أي: جازاه. [سيبويه/ 1/ 422].

172 - ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى … مصارع مظلوم مجرا ومسحبا وتدفن منه الصالحات وإن يسئ … يكن ما أساء النار في رأس كبكبا

172 - ومن يغترب عن قومه لا يزل يرى … مصارع مظلوم مجرّا ومسحبا وتدفن منه الصالحات وإن يسئ … يكن ما أساء النار في رأس كبكبا .. البيتان للأعشى .. وقوله: مجرّا، ومسحبا: مصدران ميميان، أو اسما مكان من الجرّ والسحب ... وكبكب: اسم جبل بمكة. والنار في رأس الجبل أظهر وأشهر .. يقول: من اغترب عن قومه جرى عليه الظلم، فاحتمله لعدم ناصره، وأخفى الناس حسناته، وأظهروا سيئاته. والشاهد فيه نصب تدفن، على إضمار (أن) لأن جواب الشرط قبله، وإن كان خبرا، فإنه لا يقع إلا بوقوع الفعل الأول، فأشبه غير الموجب، فجاز النصب في مثل ما عطف عليه لذلك، وهذا تعليل لإحدى ثلاث حالات تجوز في العطف على جواب الشرط، وهو النصب، ويجوز الرفع على الاستئناف، والجزم على العطف. [سيبويه/ 1/ 499، واللسان (كبب)]. 173 - تداركن حيّا من نمير بن عامر … أسارى تسام الذّلّ قتلا ومحربا .. البيت لعمرو بن أحمر، من باهلة، من قيس: يذكر أنّ خيله أدركت حيا من نمير، وهم من قيس أيضا، وقعوا أسرى، وسيموا الذل بالقتل والسلب، فاستنقذتهم الخيل من أيدي أعدائهم وفكت إسارهم، لأنهم إخوتهم. والشاهد قوله «محربا» فهو مصدر ميمي للحرب، يجري مجراه، والحرب، بالتحريك، السلب، حربه يحربه حربا مثل، طلبه يطلبه طلبا. [سيبويه 1/ 119]. 174 - تركتني حين لا مال أعيش به … وحين جنّ زمان الناس أو كلبا .. البيت لأبي الطفيل عامر بن واثلة، يرثي ابنه الطفيل: وجنّ زمان: اشتد. وكذا كلب، وأصل الكلب داء يشبه الجنون، يأخذ الإنسان فيعقر الناس. والشاهد في البيت إضافة «حين» إلى «مال» مع إلغاء «لا» وزيادتها في اللفظ، على حد قولهم جئت بلا زاد .. ويجوز فيما بعدها الرفع على تشبيه «لا» بليس أو إهمال «لا» وعدم الاعتداد بالإضافة فيها. وجوّز أبو علي الفارسي وجها ثالثا هو البناء على الفتح مع عدم إعمال إضافة الحين كما تقول: جئت بخمسة عشر، فلا تعمل الباء. [سيبويه/ 1/ 357، والهمع/ 1/ 218، والخزانة/ 4/ 39، 40، 50]. 175 - عاود هراة وإن معمورها خربا … وأسعد اليوم مشغوفا إذا طربا

176 - هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة … محطوطة جدلت شنباء أنيابا

هذا البيت لشاعر من مطلع قصيدة قالها عند ما افتتح عبد الله بن خازم هراة سنة 66 هـ. وهراة بلدة بخراسان. والشاهد فيه تقديم الاسم على الفعل بعد (إن) الشرطية. قال السيرافي: الذي عند أصحابنا البصريين أن الاسم الذي بعد (إن) يرتفع بإضمار فعل، ما ظهر تفسيره، كأنه قال في البيت: وإن خرب معمورها خرب، والفعل الذي بعد الاسم تفسير الفعل المضمر، وموضع هذا الفعل المذكور، جزم وإن كان ماضيا، يقوم في التقدير مقام الفعل الذي هو تفسيره، والدليل على ذلك أنه يجزم إذا كان مضارعا. وأمّا الفرّاء وأصحابه فلا يقدرون فعلا قبل الاسم المرفوع. [سيبويه/ 1/ 457، والمرزوقي/ 1/ 174، واللسان (هرا) والخزانة/ 9/ 39]. 176 - هيفاء مقبلة عجزاء مدبرة … محطوطة جدلت شنباء أنيابا البيت لأبي زبيد الطائي .. والهيفاء: الضامرة الخصر. والعجزاء: العظيمة العجيزة، والمحطوطة: الملساء الظهر. جدلت: أحكم خلقها. والشنباء: من الشّنب وهو بريق الثغر وبرده. ينعت صاحبته بصفات الحسن عندهم من ضمور البطن وكبر العجيزة وحسن الخلقة وطيب الثغر .. وهو من شواهد سيبويه على النصب بنية التنوين في الصفة التي تعمل عمل الفعل .. فنصب «أنيابا» على نية تنوين «شنباء». حيث لم يظهر التنوين لمنع الصرف. [سيبويه/ 1/ 102، وشرح المفصل ج 6/ 83، والأشموني ج 3/ 14]. 177 - أثعلبة الفوارس أو رياحا … عدلت بهم طهيّة والخشابا .. البيت لجرير يهجو الفرزدق .. فثعلبة ورياح من قوم جرير، وطهيّة والخشاب من قوم الفرزدق، فهو ينكر عليه أن يجعل أهله في منزلة أهل جرير. والبيت من شواهد سيبويه على نصب الاسم بعد همزة الاستفهام إذا وليها الاسم، وذلك بالفعل المذكور والتقدير: أعدلت بثعلبة الفوارس طهيّة والخشاب، وفيه أن (أو) بمعنى الواو. [سيبويه/ 1/ 52، 489، والأشموني ج 2/ 78، والتصريح/ 1/ 300]. 178 - أعبدا حلّ في شعبى غريبا … ألؤما لا أبالك واغترابا البيت لجرير، يعيّر العباس بن يزيد الكندي بحلوله في (شعبى) لأنه كان حليفا لبني فزارة، وشعبى من بلادهم، والحلف عار عند العرب، جعله عبدا لئيما نازلا في غير أهله، فأنكر عليه أن يجمع بين اللؤم والغربة.

179 - فما قومي بثعلبة بن سعد … ولا بفزارة الشعرى رقابا

والشاهد فيه: نصب لؤما، واغترابا، لوقوعهما موقع الفعل، والتقدير أتلؤم لؤما وتغترب اغترابا، فحذف الفعلين، لأنهم جعلوه بدلا من اللفظ بالفعل ... وقوله: أعبدا: الهمزة للنداء، وعبدا: منادى. [سيبويه/ 17، 173، والخزانة/ 2/ 183، والأشموني/ 2/ 118،/ 3/ 145]. 179 - فما قومي بثعلبة بن سعد … ولا بفزارة الشعرى رقابا هذا البيت من شواهد سيبويه، وهو للشاعر الحارث بن ظالم، والشعرى، مؤنث الأشعر وهو الكثير شعر القفا ومقدم الرأس، فهذا عندهم مما يتشاءم به. يصف ما كان من انتقاله عن ذبيان إلى ثعلبة، وفزارة ... والشاهد فيه نصب «الرقابا» بالشّعرى، على حدّ قولهم «الحسن وجها» وفي البيت رواية أخرى، «الشعر الرقابا»، وهو شاهد على إعمال الصفة المقرونة بأل، في اسم منصوب مقرون بها. [سيبويه/ 1/ 103، والإنصاف/ 133، وشرح المفصل/ 6/ 89، والخزانة/ 7/ 492]. 180 - رأيت الصّدع من كعب وكانوا … من الشنآن قد صاروا كعابا الصدع: التفرق. والشنآن: البغض. وصاروا كعابا: أي: فرقا مختلفة الأهواء، كل فرقة تزعم أنها كعب القبيلة. والبيت شاهد على جمع العلم المذكر على جمع تكسير. فكعاب جمع كعب .. يقول سيبويه: أنت بالخيار في أسماء الرجال، إن شئت جمعتها بالواو والنون في الرفع، والياء والنون في النصب والجر، أو كسرتها: فتقول: زيد، وزيدون، وأزياد، وزيود. وعمرو: عمرون .. وعمور والأعمر. [سيبويه/ 2/ 97، والمفضليات/ 358، والبيت ملفق من بيتين، من المفضلية رقم (105)، لمعاوية بن مالك ابن جعفر، الملقب (معوّد الحكماء)]. 181 - ليت هذا الليل شهر … لا نرى فيه عريبا ليس إيّاي وإيّا … ك ولا نخشى رقيبا البيتان لعمر بن أبي ربيعة. وقوله: عريبا، بالعين المهملة، أي: أحدا، فعيل بمعنى مفعل، أي: متكلما يخبر عنا ويعرب عن حالنا .. وهما عند سيبويه والشاهد في البيت الثاني: إتيانه بالضمير بعد ليس منفصلا، لوقوعه موقع خبرها وهذا هو المختار، ولو وصل

182 - وبالسهب، ميمون النقيبة قوله … لملتمس المعروف: أهل ومرحب

لقال: ليسني، وهو جائز، لأن ليس فعل، و «ليس» في هذا البيت تحتمل تقديرين: أحدهما أن تكون في موضع الوصف للاسم قبلها، بمعنى: عريبا غيري وغيرك. والآخر أن تكون استثناء بمنزلة إلا. [سيبويه/ 1/ 367، وشرح المفصل/ 3/ 75، والخزانة/ 5/ 322]. 182 - وبالسّهب، ميمون النقيبة قوله … لملتمس المعروف: أهل ومرحب البيت للشاعر طفيل الغنوي، يرثي رجلا دفن بموضع السّهب. والشاهد فيه رفع «أهل» و «مرحب» بتقدير مبتدأ، أي: هذا أهل ومرحب. [سيبويه/ 1/ 149، وشرح المفصل/ 2/ 29، والهمع/ 1/ 169]. 183 - وجدنا لكم في آل حاميم أية … تأوّلها منّا تقي ومعرب البيت للكميت الأسدي، يقوله في بني هاشم، وكان متشيعا لهم، وأراد بآل حاميم السور التي أولها «حم» فجعل حاميم اسما، ثم أضاف السّور إليها إضافة النسب إلى القرابة. كما تقول: آل فلان. والآية التي أشار إليها من سورة الشورى، رقم 23. قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى. يقول: من تأول هذه الآية لم يسعه إلا التشيع في آل النبي من بني هاشم وإظهار المودة لهم، على تقيّة كان، أو غير تقيّة. والمعرب: الذي يفصح بما في نفسه وبما يذهب إليه .. والشاهد في البيت: ترك صرف «حاميم» لشبهه بما لا ينصرف للعلمية .. والعجمة، نحو هابيل وقابيل. [سيبويه/ 2/ 30، واللسان (عرب) و «حمم»]. 184 - وما حلّ سعديّ غريبا ببلدة … فينسب إلا الزّبرقان له أب .. قائل البيت: اللعين المنقري. يقول: إن الزبرقان بن بدر السعدي، سيد قومه وأعرفهم، فإذا حلّ رجل من بني سعد في قوم غريبا فسئل عن نسبه، لم ينتسب إلا إليه واسم الشاعر «منازل بن زمعة» شاعر إسلامي في الدولة الأمويّة. والشاهد فيه: نصب ما بعد الفاء على الجواب، والرفع جائز على القطع، ويروى: الزبرقان، بالنصب على نزع الخافض، أي: إلا إلى الزبرقان. وجملة «له أب» حال من الزبرقان. وفيه شاهد على جواز تنكير صاحب الحال إذا سبقه نفي وهو «ما حلّ سعديّ غريبا». [الخزانة/ 3/ 207 / 8/ 541، وسيبويه/ 1/ 420].

185 - فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي … إذا كان يوم ذو كواكب أشهب

185 - فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي … إذا كان يوم ذو كواكب أشهب البيت للشاعر مقّاس العائذي، من شواهد سيبويه. ويوم أشهب: يوم الحرب جعله كالليل تبدو فيه الكواكب ... وشاهد البيت: ورود (كان) تامة بمعنى (وقع) فيعرب ما بعدها فاعلا. [شرح المفصل/ 7/ 98، وسيبويه/ 1/ 21]. 186 - كذبتم وبيت الله لا تنكحونها … بني شاب قرناها تصرّ وتحلب البيت لرجل من بني أسد، أورده سيبويه، أراد: لن تتمكنوا من نكاحها يا بني المرأة التي يقال لها «شاب قرناها» والتي تصرّ الماشية أي: تشدّ ضروعها ليجتمع الدرّ فتحلب. والقرن: الفود من الشعر في جانب الرأس، يعني العجوز الراعية. والشاهد فيه أنه حمل «شاب قرناها» على الحكاية فأضافها إلى (بني) وكأنها اسم امرأة. وتعرب بحركات مقدرة. [سيبويه/ 1/ 259 / وج 2/ 7، 64]. 187 - فلا تجعلي ضيفيّ ضيف مقرّب … وآخر معزول عن البيت جانب البيت للعجير السلولي، يطلب من زوجته أن تسوّي بين ضيفه في الإكرام والتقريب. والجانب: الغريب. يقال: جنب فلان في بني فلان: نزل فيهم غريبا. والشاهد فيه: رفع «ضيف» على القطع، ولو نصب في غير هذا البيت لجاز والقطع هنا لزيادة الكلام فائدة. ويعرب مبتدأ لخبر محذوف، أو خبر لمبتدأ، والجملة مفعول ثان. [الخزانة/ 5/ 34 وس/ 1/ 222]. 188 - فما هو إلّا أن أراها فجاءة … فأبهت حتى ما أكاد أجيب .. البيت لعروة بن حزام .. فجاءة: بضم الفاء، أي: بغتة، وهو مصدر منصوب على الحال من الفاعل، أو المفعول. وأبهت: أي: أدهش وأتحيّر .. وحتى هنا، ابتدائية، ومعناها الغاية. ومفعول أجيب محذوف تقديره أجيبها، أو معناه، لا تكون مني إجابة ما. والشاهد عند سيبويه، في البيت جواز الرفع على القطع من «أبهت» والنصب عطفا على «أن أراها». [شرح المفصل/ 7/ 38، والخزانة/ 8/ 560]. 189 - بها جيف الحسرى فأما عظامها … فبيض وأما جلدها فصليب

190 - وخبر تماني أنما الموت في القرى … فكيف وهاتا هضبة وقليب

البيت لعلقمة بن عبدة، الفحل. والحسرى: جمع حسير وهي المعيية يتركها أهلها فتموت، وابيضت عظامها لما أكلت السباع والطير ما عليها من لحم فبدت وصارت بيضا. وجلد صليب: يابس لم يدبغ .. يصف أرضا فلاة قطعها إلى الممدوح. والشاهد في البيت، أنّ «جلدها» مفرد، أريد به الجمع، أي: جلودها. [المفضليات/ 394]. 190 - وخبّر تماني أنما الموت في القرى … فكيف وهاتا هضبة وقليب .. البيت لكعب الغنوي .. وكان قد قيل لكعب، اخرج بأخيك إلى الأمصار فيصحّ، فخرج إلى البادية فرأى قبرا، فعلم أنّ الموت ليس منه نجاة. والهضبة الجبل. وأراد بالقليب: القبر، وأصله البئر. والشاهد فيه (هاتا) ومعناه هذه. [سيبويه/ 2/ 139، وشرح المفصل/ 3/ 136، والأصمعيات/ 97]. 191 - وقفت على ربع لميّة ناقتي … فما زلت أبكي حوله وأخاطبه وأسقيه حتى كاد مما أبثّه … تكلّمني أحجاره وملاعبه .. البيتان لذي الرّمة .. وقوله: وقفت الناقة: جعلتها تقف. وأسقيه: أدعو له بالسقيا. وهو من الماضي: أسقى، الرباعي. وهو من شواهد سيبويه، وشاهده «أسقيه». قال السيراقي: يريد أنّ الباب في نقل الفعل وتغييره: «أفعلت» وقد استعملوا فيه، فعّلت، كفرّحت وفزّعت. والباب في الدعاء والتسمية والنسبة إلى الشيء، «فعّلت» وقد أدخلوا عليه «أفعلت»، فقالوا: أسقيته، في معنى دعوت له بالسّقيا. [سيبويه/ 2/ 235، والأشموني/ 1/ 263]. 192 - ولكن ديافيّ أبوه وأمه … بحوران يعصرن السّليط أقاربه .. البيت للفرزدق، يهجو عمرو بن عفراء الضبيّ، بأنه قروي من «دياف» - قرية بالشام - يعمل لإقامة عيشه وليس كما عليه العرب الخلّص من الانتجاع والحرب. والسليط: الزيت. وقوله: يعصرن السليط: أي: يعصرن الزيتون لاستخراج الزيت. والشاهد في البيت، كونه جاء بنون النسوة (يعصرن) ثم أتى بالفاعل الظاهر «أقاربه». ويرى سيبويه أنّ النون في «يعصرن» علامة التأنيث للجمع .. فقال: واعلم أنّ من العرب من يقول: ضربوني قومك، وضرباني أخواك، فشبهوا هذا بالتاء التي يظهرونها في «قالت

193 - كأنك لم تذبح لأهلك نعجة … فيصبح ملقى بالفناء إهابها

فلانة» وكأنهم أرادوا أن يجعلوا للجمع علامة، كما جعلوا للمؤنث، وهي قليلة، وهذا إقرار من سيبويه، بأن «لغة أكلوني البراغيث» لغة فصيحة صحيحة. [سيبويه/ 1/ 326، وشرح المفصل/ 3/ 89، والهمع/ 1/ 160، والخزانة/ 5/ 234]. 193 - كأنّك لم تذبح لأهلك نعجة … فيصبح ملقى بالفناء إهابها .. البيت لرجل من بني دارم .. والإهاب: الجلد، ما لم يدبغ. والشاهد فيه، نصب ما بعد الفاء على الجواب، وإن كان معناه الإيجاب، لأنه كان قبل دخول (كأنّ) منفيا على تقدير، لم تذبح نعجة، فيصبح إهابها ملقى، ثم دخلت عليه «كأنّ» فأوجبت، فبقي على لفظه منصوبا، أي: أنّ المعنى قبل فاء السببيّة ليس نفيا، ولا طلبا، وهما شرطان لإضمار أن بعدها. [سيبويه/ 1/ 421، والمقتضب/ 2/ 18]. 194 - ديار ميّة إذ ميّ مساعفة … ولا يرى مثلها عجم ولا عرب البيت لذي الرّمة .. ومساعفة: مواتية. ورخم مية: فقال: ميّ، في غير النداء ضرورة، وقيل: كانت تسمى: ميّا، وميّة. والشاهد فيه نصب «ديار» بفعل مقدر، تقديره: أذكر، ديار ميّة وأعينها، ولا يذكر هذا الفعل لكثرته في كلامهم. كما قالوا: كليهما وتمرا .. لجريان ذلك مجرى المثل. [الخزانة/ 2/ 339، وسيبويه/ 1/ 141، والهمع/ 1/ 168]. 195 - تصغي إذا شدّها بالرّحل جانحة … حتى إذا ما استوى في غرزها تثب .. البيت لذي الرمّة، يذكر ناقته، أنها مؤدبة، تسكن إذا شدّ عليها الرحل فإذا استوى راكبها عليها سارت في سرعة، والجانحة: المائلة في شقّ، والغرز للرحل، كالركاب للسرج. والشاهد في البيت، رفع جواب «إذا» لأنها تدخل على وقت بعينه، أما حرف الشرط فهو مبني على الإبهام في الأوقات وغيرها .. فأنت تقول: «آتيك إذا احمرّ البسر»، فيكون حسنا. ولو قلت: «إن احمرّ البسر» كان قبيحا لأن «إن» مبهمة. [سيبويه/ 1/ 433، واللسان (صغا)]. 196 - اردد حمارك لا تنزع سويّته … إذن يردّ وقيد العير مكروب

197 - عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر … بمنهمر جون الرباب سكوب

البيت لابن عنمة الضبّي، يقول: انته عنا وازجر نفسك عن التعرض لنا، وإلا رددناك مضيّقا عليك. والسويّة: شيء يجعل تحت برذعة الحمار .. يهدده بذلك. والمكروب: المداني المقارب، كناية عن تقييد حركته. والشاهد فيه: نصب ما بعد (إذن) لأنها مصدرة في الجواب، والرفع جائز على إلغائها، وتقدير الفعل واقعا للحال، أي للزمن الحاضر، .. وعند الكسائي (لا تنزع) مجزوم بلا الناهية، لا في جواب الأمر. [الخزانة/ 8/ 462، وسيبويه/ 1/ 411، وشرح المفصل/ 7/ 16، والحماسة/ 586، والمفضليات/ 383]. 197 - عسى الله يغني عن بلاد ابن قادر … بمنهمر جون الرّباب سكوب الجون: الأسود. والرباب: ما تدلّى من السحاب دون سحاب فوقه. والسكوب من السكب: الصبّ. والشاهد في البيت، إسقاط (أن) من خبر «عسى» ضرورة. وإجراء «عسى» مجرى «كان». والبيت لهدبة بن خشرم. [سيبويه/ 1/ 478، وشرح المفصّل/ 7/ 118، والأشموني/ 4/ 229]. 198 - ولقد طعنت أبا عيينة طعنة … جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا البيت لعطية بن عفيف، والشاهد فيه «جرمت» ومعناه على مذهب سيبويه حقّتها للغضب، لأنه فسّر قولهم «لا جرم» أنه سيفعل، على معنى «حقّ» أنّه يفعل، و «لا» عنده زائدة، إلا أنها لزمت «جرم» لأنها كالمثل. [الخزانة/ 10/ 283، وسيبويه/ 1/ 469، واللسان جرم]. 199 - أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلا … وأنجو إذا غمّ الجبان من الكرب قاله مالك بن أبي كعب، أبو كعب بن مالك الأنصاري ومقاتلا: بضم الميم، وفتح التاء، أي: قتالا والمعنى أقاتل حتى لا أرى موضعا للقتال، أو لتزاحم الأقران وضيق المعترك ... والشاهد: مقاتلا، فهي مصدر ميمي أو اسم مكان للقتال، وكلاهما يجيء في وزن واحد. [سيبويه/ 2/ 250، وشرح المفصل/ 6/ 50، واللسان/ قتل]. 200 - إذا قصرت أسيافنا كان وصلها … خطانا إلى أعدائنا فنضارب البيت لقيس بن الخطيم الأنصاري، أي: إذا قصرت سيوفنا في لقاء الأعداء عن

201 - ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم … بهن فلول من قراع الكتائب

الوصول إليهم وصلناها بخطانا في إقدامنا عليهم حتى تنالهم. والشاهد فيه جزم «فنضارب» عطفا على موضع «كان» لأنها في محل جزم جواب (إذا) التي أعملها الشاعر عمل (إن) ضرورة. [الخزانة/ 7/ 25، وشرح المفصل/ 4/ 97، و 7/ 74]. 201 - ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم … بهنّ فلول من قراع الكتائب البيت للنابغة الذبياني، يمدح ملوك غسان. وفي البيت ما يسميه البلاغيون، المدح بما يشبه الذم. والشاهد في البيت نصب «غير» على الاستثناء المنقطع. [الهمع/ 1/ 232، والخزانة/ 3/ 327، وشرح أبيات المغني ج 3/ 16]. 202 - سألت هذيل رسول الله فاحشة … ضلّت هذيل بما جاءت ولم تصب .. البيت لحسان بن ثابت. وكانت هذيل سألت رسول الله أن يباح لها الزنى. والشاهد فيه: إبدال الهمزة ألفا في «سالت». [س/ 2/ 130، وشرح المفصل/ 4/ 122]. 203 - كم فيهم ملك أغرّ وسوقة … حكم بأردية المكارم محتبي البيت مجهول القائل، والشاهد فيه خفض «ملك» بإضافة «كم» مع الفصل بالجار والمجرور للضرورة، ولو رفع أو نصب لجاز: والرفع على أنّ «ملك» مبتدأ، والنصب على التمييز، لقبح جرّه مع الفصل، وكم هنا، خبرية. [س/ 1/ 296]. 204 - حلفت يمينا غير ذي مثنوية … ولا علم إلا حسن ظنّ بصاحب البيت للنابغة الذبياني. والمثنوية، الاستثناء في اليمين، أي: يمينا قاطعة لا يستثني الحالف فيها، يقول: حسن ظني بصاحبي وثقتي به يقوم مقام العلم. والشاهد فيه: نصب «حسن» على الاستثناء المنقطع، لأن حسن الظنّ ليس من العلم. ورفع «حسن ظن» على البدل من موضع «لا علم» جائز، كأنه أقام الظنّ مقام العلم اتساعا ومجازا. ولا يحسن الإنسان الظنّ إلّا لعلمه بصفات صاحبه. [سيبويه/ 1/ 365، والتصريح/ 2/ 227، والخصائص/ 2/ 228]. 205 - فإما تري لمّتي بدّلت … فإنّ الحوادث أودى بها

206 - وإذا تصبك خصاصة فارج الغنى … وإلى الذي يعطي الرغائب فارغب

البيت للأعشى، واللّمّة: الشعر الذي يلم بالمنكب، والمراد إن رأيتني الآن ولمّتي متغيرة بالشيب، أودى بها: ذهب بها، أو بمعظمها، الحوادث. وشاهده: حذف التاء من «أودى» لضرورة القافية، إذ أنّ الفعل متحمل للضمير العائد إلى المؤنث المجازي، جمع التكسير، وقد يسوغه أنّ الحوادث بمعنى الحدثان. والحدثان، مفرد. [الخزانة/ 11/ 430، وس/ 1/ 239، والإنصاف/ 464]. 206 - وإذا تصبك خصاصة فارج الغنى … وإلى الذي يعطي الرّغائب فارغب البيت للشاعر النمر بن تولب ... والرغائب: جمع رغيبة وهي العطاء الكثير. والبيت شاهد على عمل «إذا» الجزم في الشعر. فقد جزم الفعل «تصبك». [الخزانة/ 1/ 322]. 207 - لدوا للموت وابنوا للخراب … فكلّكم يصير إلى ذهاب .. البيت للإمام علي رضي الله عنه، وهو شاهد على أنّ اللام تأتي بمعنى الصيرورة. في قوله: لدوا للموت، وابنوا للخراب، أو تسمى لام العاقبة، ولام المآل. [الهمع/ 2/ 32، والتصريح/ 2/ 12]. 208 - فها أنا تائب من حبّ ليلى … فما لك كلّما ذكرت تذوب الشاهد في البيت «ها أنا» استخدام «ها» حرفا للتنبيه دخل على ضمير الرفع، ولم يكن بعده اسم إشارة .. والأكثر أن يكون خبره اسم إشارة، فتقول: ها أنا ذا فاعل، وها نحن أولاء فاعلون وها هما ذان فاعلان [جامع الدروس العربية/ 3/ 262]. 209 - أحقّا عباد الله أن لست صاعدا … ولا هابطا إلا عليّ رقيب ولا سالك وحدي ولا في جماعة … من الناس إلا قيل: أنت مريب .. الشاهد في قوله «ولا سالك» فعطف على التوهم، حيث توهم الشاعر أنه زاد الباء في خبر ليس، فعطف عليه بالجرّ توهما، وحقه أن ينصبه، والجرّ على التوهم سماعي لا يقاس عليه. [الأشموني/ 2/ 235]. 210 - جارية من قيس بن ثعلبة … كأنها حلية سيف مذهبة .. الشاهد قوله: من قيس بن ثعلبة: حيث نوّن (قيس) لضرورة الوزن، والمعروف أن

211 - لو أن قوما- لارتفاع قبيلة … دخلوا السماء- دخلتها لا أحجب

القاعدة، إذا وقع ابن أو ابنة بين علمين - في غير النداء - وأريد بهما وصف العلم، أو الإبدال منه، فسبيل ذلك أن لا ينون العلم قبلهما، تخفيفا وتحذف همزة ابن، فتقول: أحبّ عليّ بن أبي طالب. ورضي الله عن عليّ بن أبي طالب. أما إذا أريد الإخبار عن العلم، نوّن العلم وجوبا وثبتت همزة ابن تقول: محمد ابن محمد. وإن محمدا ابن محمد، وظننت خالدا ابن سعيد. [سيبويه/ 2/ 148، والإنصاف/ 2/ 491، وشرح المفصل/ 2/ 6، وشرح أبيات المغني/ 7/ 366]. 211 - لو أنّ قوما - لارتفاع قبيلة … دخلوا السماء - دخلتها لا أحجب الشاهد قوله: «لا أحجب» فالجملة هنا في محل نصب حال، وهي مكونة من مضارع منفيّ بلا وفي مثل هذا التركيب تمتنع واو الحال، و (قد) مجتمعتين ومنفردتين، فإذا كان النفي (بلم) جاز. [الأشموني ج 2/ 188، والعيني/ 3/ 191]. 212 - أصخ مصيخا لمن أبدى نصيحته … والزم توقّي خلط الجدّ باللعب .. قوله: مصيخا: حال. عاملها: فعل الأمر «أصخ». والحال هنا جاءت لتؤكد عاملها، فهي حال مؤكّدة، لأنه يستفاد معناها بدونها، ويؤتى بها للتوكيد، ومنه قوله تعالى: وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [البقرة: 60]، ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة: 25]، وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا [النساء: 79]. وضابطها أن تكون موافقة العامل في المعنى فقط أو في المعنى واللفظ، كما في الشاهد، والآية الأخيرة. [الأشموني/ 2/ 185، والعيني/ 3/ 185، والتصريح/ 1/ 387]. 213 - وهلّا أعدّوني لمثلي، تفاقدوا … وفي الأرض مبثوثا شجاع وعقرب يقول: هلّا جعلوني عدّة لرجل مثلي. تفاقدوا: دعاء عليهم بأن يفقد بعضهم بعضا. والشجاع: الخبيث من الحيات. وأراد بالشجاع والعقرب من يشبههما طباعا من الناس. والشاهد قوله «مبثوثا» فهي حال من شجاع، وعقرب، وهما نكرتان غير مستوفيين للشروط. فوجب تقديم الحال على صاحبه، ولو تأخر لكان صفة فقط. والبيت منسوب في الحماسة لبعض بني فقعس. وفيه روايات أخرى. 214 - فمن يك لم ينجب أبوه وأمّه … فإنّ لنا الأمّ النجيبة والأب

215 - ألا ليت شعري كيف جادت بوصلها … وكيف تراعي وصلة المتغيب

يك: مضارع مجزوم بالسكون، على النون المحذوفة للتخفيف .. وقوله: لم ينجب، الأب المنجب، والأم المنجبة، من يأتي بأولاد نجباء كرماء شجعان. والشاهد قوله: «والأب». مبتدأ محذوف الخبر والتقدير: ولنا الأب النجيب أيضا. فقد رفع «الأب» بعد حرف العطف، مع أنه معطوف على اسم (إنّ)، والأصل فيه أن ينصب، إلا أنه يجوز رفع ما بعد حرف العطف، بعد استكمال الخبر، على أنه مبتدأ محذوف الخبر، وذلك بعد: إنّ، وأنّ، ولكنّ. [الهمع/ 2/ 144، والأشموني/ 1/ 285، والتصريح/ 1/ 227]. 215 - ألا ليت شعري كيف جادت بوصلها … وكيف تراعي وصلة المتغيّب ليت شعري: أي (علمي) حاصل، والمعنى ليتني أشعر بذلك، أي: أعلمه وأدريه. والشاهد في البيت: حذف خبر (ليت) بعد ليت شعري إذا وليها استفهام. وجملة الاستفهام في موضع نصب على أنها مفعول به ل «شعري» لأنه مصدر شعر. [الهمع/ 1/ 136]، والبيت منسوب لامرئ القيس. 216 - أستحدث الرّكب عن أشياعهم خبرا … أم راجع القلب من أطرابه طرب؟ البيت لذي الرّمة. والشاهد فيه: «أستحدث» فعل ماض مكون من همزة الاستفهام الطارئة، وهمزة الوصل التي هي من تركيب الفعل، والأصل (هل استحدث) .. وإذا وقعت همزة الاستفهام قبل همزة الوصل، أسقطت همزة الوصل من الكتابة، وتسقط من اللفظ، لضعفها وقوة همزة الاستفهام كقوله تعالى أَطَّلَعَ الْغَيْبَ؟ [مريم: 78]. [الخزانة/ 2/ 342، والخصائص/ 1/ 595]. 217 - قد يعلم الناس أني من خيارهم … في الدّين دينا وفي أحسابهم حسبا لا يمنع الناس مني ما أردت ولا … أعطيهم ما أرادوا حسن ذا أدبا الشاهد في البيت الثاني، وإنما أتيت بالبيت الأول، لنفهم البيت الثاني من السياق. يقول: ما أحسن أن لا يمنع الناس مني ما أردت من مالهم، مع بذلي لهم ما يريدون مني من مال ومعونة، يقول ذلك منكرا على نفسه أن يعينه الناس ولا يعينهم، و «حسن» هنا للمدح والتعجب، وأراد هنا التعجب الإنكاري. وقيل معناه يريد أنه يقهر الناس فيمنعهم ما يريدون منه ولا يستطيعون أن يمنعوه مما يريد منهم لعزته وسطوته. وجعل هذا أدبا

218 - نعم امرأين حاتم وكعب … كلاهما غيث وسيف عضب

حسنا، والصواب في المعنى الأول، لأن البيت الأول يؤيده. والشاهد «حسن ذا أدبا»، فلفظ «حسن» فيه شاهدان: الأول: أن أصله، «حسن» بفتح الأول وضم الثاني، وزن (فعل) سكنت عينه، وانتقلت حركتها (الضمة) إلى «فائه» وذلك جائز في كلّ فعل يجري مجرى نعم وبئس في المدح والذم، فقوله «حسن ذا»: حسن: فعل ماض. و «ذا» فاعل. وأدبا: تمييز. والشاهد الثاني: قد يجري مجرى نعم وبئس في إنشاء المدح والذم، كل فعل ثلاثي مجرّد على وزن «فعل» المضموم العين، على شرط أن يكون صالحا لأن يبنى منه فعل التعجب، نحو «كرم الفتى زهير» و «لؤم الخائن فلان». فإن لم يكن في الأصل على وزن «فعل» حوّلته إليه، لأن هذا الوزن يدل على الخصال والغرائز التي تستحق المدح أو الذم، فنقول في المدح من «كتب وفهم» «كتب الرجل خالد» و «فهم التلميذ زهير» وتقول في الذم، «كذب الرجل فلان». ومنه الفعل «ساء». و «حسن» الذي نحن بصدده .. ويكون فاعل هذه الأفعال كفاعل نعم وبئس اسما ظاهرا معرّفا بأل: نحو: عقل الفتى زهير. أو مضافا إلى مقترن بها نحو «قرؤ غلام الرجل خالد». وإما ضميرا مستترا مميزا بنكرة بعده، منصوبة على التمييز نحو: هدؤ رجلا علي ... ونعود إلى البيت: فالواو في قوله «ولا أعطيهم» واو المعية التي ينتصب الفعل بعدها بأن مضمرة. فأعطيهم منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد واو المعية المسبوقة بنفي، وكان حقه أن يظهر الفتحة على الياء لخفتها، ولكنه أضمرها ضرورة، والبيتان للشاعر سهم بن حنظلة من المخضرمين. [الخزانة/ 9/ 431]. 218 - نعم امرأين حاتم وكعب … كلاهما غيث وسيف عضب الشاهد قوله: امرأين: تمييز منصوب بالياء لأنه مثنى .. وقد جاء التمييز مثنى، لأن من شروطه في باب «نعم وبئس» أن يكون مطابقا للمخصوص إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا ... وقد جاء مثنى، لأن المخصوص «حاتم وكعب». [الأشموني/ 3/ 32]. 219 - سموت ولم تكن أهلا لتسمو … ولكنّ المضيّع قد يصاب الشاهد قوله: «أهلا لتسمو» لتسمو: مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام الجحود المسبوق ب (لم تكن). ومذهب البصريين: أن لام الجحود جارّة لمصدر منسبك من أن

220 - أخلاء لو غير الحمام أصابكم … عتبت ولكن ما على الدهر معتب

المقدرة والفعل، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر (كان) أو (يكون) .. وقد صرّح في هذا البيت بالخبر المحذوف وهو «أهلا». وهو قليل في كلام العرب. ولم تظهر الفتحة على آخر الفعل «تسمو» لضرورة الوزن. [شرح التصريح/ 2/ 235]. 220 - أخلّاء لو غير الحمام أصابكم … عتبت ولكن ما على الدهر معتب البيت للشاعر الغطمّش الضبّي: والأخلّاء: جمع خليل، وحذفت أداة النداء قبله، كما حذفت ياء المتكلم، وأصله «أخلائي» وهذا كثير. فهو منادى منصوب. والحمام: بكسر الحاء - الموت. والشاهد: مجيء الاسم بعد لو، ويكون فاعلا لفعل محذوف، يفسره الفعل الظاهر. [الأشموني/ 4/ 39، والتصريح/ 2/ 258]. 221 - ما بأس لو ردّت علينا تحيّة … قليل على من يعرف الحقّ عابها .. البيت مجهول القائل ... والبأس: الشدة. والعاب: العيب. والشاهد: تركيب (ما) مع النكرة تشبيها لها ب (لا) وهو نادر. «وقليل» خبر مقدم. و «عابها» مبتدأ مؤخر، وبعضهم نصب «قليلا» صفة ل تحية. و «عابها» فاعل. [الهمع/ 1/ 124، وشرح أبيات المغني ج 5/ 239]. 222 - فلئن صرت لا تحير جوابا … لبما قد ترى وأنت خطيب البيت من أبيات منسوبة لمطيع بن إياس الكوفي، وتعزى أيضا لصالح بن عبد القدوس، والاثنان من العصر العباسي. وهي في رثاء يحيى بن زياد الحارثي. وقيل: إنها ترجمة لكلام قاله أرسطاليس في رثاء الاسكندر. والله أعلم. وقبل البيت: وينادونه وقد صمّ عنهم … ثم قالوا وللنساء نحيب ما الذي عاق أن تحير جوابا … أيها المصقع الخطيب الأديب فلئن ... البيت ... في مقال وما وعظت بشيء … مثل وعظ بالصمت إذ لا تجيب .. ويروى البيت في الشطر الثاني: (فيما قد ترى ..) ورواية «لبما» للبصريين الذين

223 - إذا لم يكن إلا الأسنة مركب … فلا رأي للمحمول إلا ركوبها

يجعلون الجملة بعد (لئن) جوابا للقسم المقدر، لسبقه، لا للشرط، لأن الشرط متأخر عن اللام الموطئة للقسم. ورواية «فبما» للكوفيين، الذين يجعلون الجملة بعد (لئن) جوابا للشرط دون القسم. وهذا الخلاف يجعل القارئ يقضي من العجب لأنّ الشاعر قال واحدة فقط، وتكون الرواية الثانية محرّفة لتوافق المذهب وهذا يجعلنا لا نثق في قواعدهم التي قعّدوها. ثم إنّ البيت يروى هكذا أيضا: إن تكن لا تطيق رجع جواب … فبما قد ... الخ وعلى هذا فليس في البيت قسم. والبيت شاهد على أنّ «ما» في قوله «لبما» كفّت الباء عن العمل. وأنّ ما الكافّة تحدث في الباء معنى «ربّما» وعلى هذا فإنّ «ما» ليست مصدرية. وقيل إنّ «ما» مصدرية، والباء جارّة، والتقدير: لانتفاء إحارتك جوابا برؤيتك وأنت خطيب .. وهو تأويل بعيد. [شرح أبيات مغني اللبيب ج 5/ 258، والهمع/ 2/ 38، والعيني/ 3/ 347]. 223 - إذا لم يكن إلا الأسنّة مركب … فلا رأي للمحمول إلا ركوبها هذا البيت للكميت بن زيد، وهذه رواية ابن هشام. وفي «جمهرة أشعار العرب»: وإن لم يكن إلا الأسنّة مركب … فلا رأي للمحمول إلا ركوبها وفي «الشعر والشعراء»: «فلا رأي للمضطر». والبيت من قصيدة عدد أبياتها ثمانية وثمانون بيتا، ومطلعها: ألا لا أرى الأيام يقضي عجيبها … بطول ولا الأحداث تفنى خطوبها والبيت لم يذكروه لشاهد نحوي، وإنما تمثلوا به عند بيان اضطرار العرب إلى الحذف في كلامهم. 224 - يا ليت أمّ العمرو كانت صاحبي … مكان من أمسى على الركائب .. أنشده ابن الأعرابي، والشاهد: إدخال الألف واللام على «عمرو» لتأوله بواحد من الأمة المسماة به، فجرى مجرى فرس ورجل. [الإنصاف/ 316، وشرح المفصل/ 1/ 44].

225 - فمن يك لم ينجب أبوه وأمه … فإن لنا الأم النجيبة والأب

225 - فمن يك لم ينجب أبوه وأمّه … فإنّ لنا الأمّ النجيبة والأب البيت غير منسوب، وهو في [الهمع/ ج 2/ 144. والعيني ج 2/ 265، والأشموني/ 1/ 285] وفي البيت حذف نون «يكن» المجزوم. ورفع «الأب» بالعطف على محلّ إنّ واسمها وخبرها. 226 - يا ربّ ذي لقح ببابك فاحش … هلع إذا ما الناس جاع وأجدبوا .. البيت غير منسوب وهو في [الهمع ج 1/ 58]. وفي البيت قوله «جاع» وأصلها «جاعوا» فحذف واو الجماعة، واجتزأ بالضمة. وقوله: فاحش: أي بخيل. 227 - لا كعبة الله ما هجرتكم … إلّا وفي النفس منكم أرب البيت ليس منسوبا لشاعر، وهو في [الهمع ج 2/ 39]. وفي البيت حذف واو القسم. ونصب (كعبة) بفعل القسم المحذوف. 228 - إني أرقت على المطلى وأشأزني … برق يضيء أمام البيت أسكوب البيت للشاعر سكب أو أبو السكب المازني، أو لزهير بن عروة بن جلهمة. وقد أورده سيبويه في باب الأبنية وما يلحقه من الزوائد، على أنه وصف على أفعول «أسكوب» أي: منسكب. وأشأزني: الشأز: القلق من مرض أو همّ. والمطلى: قال ياقوت: واحدة المطالي، وهو الموضع الذي تطلى فيه الإبل بالقطران والنفط .. وهو هنا علم على مكان بعينه في ذهن الشاعر. وقوله: برق أسكوب، أي: كأنّ هذا البرق يسكب المطر. [سيبويه/ 2/ 316، واللسان سكب]. 229 - إليكم ذوي آل النبيّ تطلّعت … نوازع من قلبي ظماء وألبب هذا البيت للكميت بن زيد من قصيدته المشهورة، في مدح آل النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومطلعها: طربت وما شوقا إلى البيض أطرب … ولا لعبا منّي وذو الشيب يلعب؟ وقوله: تطلعت: معناه، تشوقت. ونوازع: جمع نازعة، من قولهم: نزعت نفسه إلى الشيء، أي رغبت فيه: وطلبته. والبيت شاهد على أن إضافة ذوي آل النبي، من إضافة

230 - تخدي بنا نجب أفنى عرائكها … خمس وخمس وتأويب وتأويب

المسمّى إلى الاسم، أي: يا أصحاب هذا الاسم. [شرح المفصل ج 3/ 12، والخزانة/ 4/ 307]. 230 - تخدي بنا نجب أفنى عرائكها … خمس وخمس وتأويب وتأويب البيت للشاعر جرير في ديوانه، [والهمع ج 1/ 40]. قال السيوطي: وألحق بالمثنى في الإعراب ألفاظ تشبهه، وليست بمثناة حقيقة، لفقد شرط التثنية، منها ما يراد به التكثير، نحو: «ارجع البصر كرتين» [الملك: 4] ... قال: وهذا النوع يجوز فيه التجريد من الزيادة والعطف. كقوله (البيت). تخدي: تسرع. والعرائك: جمع عريكة، وهي الطبيعة، وأراد لين الانقياد. والخمس: أن ترعى الإبل ثلاثة أيام، وترد اليوم الرابع. 231 - أيا موقدا نارا لغيرك ضوؤها … ويا حاطبا في غير حبلك تحطب البيت غير منسوب، وهو في [الهمع ج 1/ 172]. شاهد على نصب المنادى الشبيه بالمضاف. 232 - قتلننا بعيون زانها مرض … وفي المراض لنا شجو وتعذيب البيت لجرير. وعين مريضة، فيها فتور. والمراض: جمع مريض، ويجمع أيضا على مرضى، ومراضى. [شرح المفصل/ 5/ 81]. 233 - على أحوذيّين استقلّت عليهما … فما هي إلا لمحة فتغيب البيت لحميد بن ثور، في وصف جناحي قطاة. والأحوذي: الخفيف في الشيء بحذقه. والأحوذيّ: الذي يسير مسيرة عشر في ثلاث ليال. والبيت رواه البغداديّون شاهدا على تحريك نون التثنية بالفتح إذا وقعت بعد ياء. فرووا أحوذيّين، مثنى أحوذيّ، بفتح النون. ولكنه ضبط في اللسان بكسر النون على الأصل. انظر [الخزانة/ 7/ 458]. 234 - فإنّ السّلم زائدة نوالا … وإنّ نوى المحارب لا يؤوب غير منسوب وهو في المخصص. 235 - طعامهم لئن أكلوا معدّ … وما إن لا تحاك لهم ثياب

236 - لكل أناس من معد عمارة … عروض إليها يلجؤون وجانب

البيت نسبه ابن جني في الخصائص (2/ 282) إلى أميّة بن أبي الصلت، وهو أيضا في [الهمع ج 2/ 158]. والشاهد في قوله: «وما إن لا تحاك» قال ابن جني: فإن «ما» وحدها للنفي، و «إن» و «لا» جميعا للتوكيد، ولا ينكر اجتماع حرفين للتوكيد لجملة الكلام، وعدّ السيوطي من الضرائر زيادة النافي، أي: زيادة «لا». 236 - لكلّ أناس من معدّ عمارة … عروض إليها يلجؤون وجانب البيت للأخنس بن شهاب التغلبيّ، الجاهلي من قصيدة مطلعها: لابنة حطّان بن عوف منازل … كما رقّش العنوان في الرّقّ كاتب .. وقوله: «عمارة»، العمارة الحيّ العظيم يقوم بنفسه. والعروض: الناحية. وعمارة: بالرفع على الابتداء. والجرّ: على البدل من أناس. [المفضليات برقم 41، ص 204]. قال أبو أحمد: وفي مطلع القصيدة، شبه منازل الحبيبة، بما نمقه الكاتب في الصحيفة البيضاء. وتشبيه آثار الديار بالكتابة، كثير في الشعر الجاهلي، وبخاصة شعر الهذليين، وهذا يدلّ على شيوع الكتابة وانتشارها بين العرب منذ وقت طويل بعيد، لأن المشابهة تبنى على ما تعارف عليه الناس، وأصبح مألوفا، وهذا ينفي ما يذاع من أن العرب في جاهليتهم كانوا لا يعرفون الكتابة إلا قليلا. 237 - فو الله ما أدري أسلمى تغوّلت … أم النّوم أم كلّ إليّ حبيب .. البيت غير منسوب، ونقله ابن منظور في اللسان (أمم) عن الفرّاء. قال الفرّاء: وربما جعلت العرب «أم» إذا سبقها استفهام، ولا يصلح فيه «أم» على جهة «بل» فيقولون: هل لك قبلنا حقّ، أم أنت رجل معروف بالظلم، يريدون بل أنت رجل معروف بالظلم .. وأنشد ... البيت. يريد بل كلّ. والتغوّل: التلوّن. يقال: تغوّلت المرأة إذا تلوّنت. وقال السيوطي: قال الفراء إن «أم» مثل «بل» إذا وقعت بعد استفهام، وأنشد البيت. [الهمع/ 2/ 133]. 238 - وفي كلّ حيّ قد خبطت بنعمة … فحقّ لشأس من نداك ذنوب البيت لعلقمة بن عبدة (علقمة الفحل) من قصيدته التي مطلعها: طحا بك قلب في الحسان طروب … بعيد الشباب عصر حان مشيب

239 - كحلاء في برج صفراء في نعج … كأنها فضة قد مسها ذهب

وهي في مدح الحارث بن جبلة الغساني، وكان أسر أخاه شأسا، فرحل إليه يطلب فيه. وقوله: خبطت بنعمة: يقال: خبطه بخير، أعطاه من غير معرفة بينهما. والذّنوب: بفتح الذال: الدلو، أراد: حظا ونصيبا. والبيت رواه سيبويه «خبطّ» شاهدا لقلب التاء طاء، ثم قال: وأعرب اللغتين وأجودهما، أن لا تقلبها طاء، لأن هذه التاء علامة الإضمار، وإنما تجيء لمعنى. [المفضليات برقم 119، وشرح المفصل/ 5/ 48، وسيبويه/ 2/ 423]. 239 - كحلاء في برج صفراء في نعج … كأنّها فضّة قد مسّها ذهب البيت لذي الرّمة. وقوله: في برج: البرج سعة العينين، وقيل: البرج: سعة العينين في شدة بياض صاحبها. وقوله: في نعج: يقال: امرأة ناعجة: حسنة اللون. والنّعج أيضا: السّمن. والبيت يذكره العلماء في بيان مناسبة تشبيه المرأة بالبيضة. قالوا: وربما شبّهت النساء ببيض النعامة، وأريد أنهنّ بيض يشوب ألوانهنّ صفرة، وكذلك بيض النعامة، ومنه قول ذي الرّمّة. كأنها فضة .. الخ. 240 - لا تعجبنّك دنيا أنت تاركها … كم نالها من أناس ثم قد ذهبوا البيت منسوب للفرزدق، وليس في ديوانه. ولكن الفرزدق لا يقول مثل هذا المعنى، لأن البيت يدعو إلى الزهد في الدنيا، والفرزدق لم يكن زاهدا. وفي البيت «كم» خبرية، ولم تباشر تمييزها، وهو في شواهد التوضيح ص 81. 241 - أبلغ هذيلا وأبلغ من يبلّغها … عنّي رسولا، وبعض القول تكذيب بأنّ ذا الكلب عمرا خيرهم نسبا … ببطن شريان يعوي حوله الذّيب البيتان من قطعة للشاعرة، جنوب، أو عمرة، أو ريطة بنت العجلان ترثي أخاها عمرا ذا الكلب .. وبطن شريان: واد في بلاد هذيل. والشاهد: تقديم اللقب «ذا الكلب على الاسم» وهو نادر في الكلام. [الخزانة/ 10/ 390، والهمع/ 1/ 271، والأشموني ج 1/ 12]. 242 - يأوي إليكم بلا منّ ولا جحد … من ساقه السّنة الحصّاء والذيب

243 - وخبرت أن أنما بين بيته … ونجران أحوى والجناب رطيب

البيت للشاعر جرير. والسّنة الحصاء: الجدبة القليلة النبات لا خير فيها. وقوله: والذيب: قال ابن منظور: كأنه أراد أن يقول: والضّبع، وهي السّنة المجدبة، فوضع الذئب موضعه لأجل القافية. قال أبو أحمد: كان جرير كأنه يغرف من بحر، ولا يعجز عن الإتيان بقافية بيت، فيها معنى السنة المجدبة، ومن الواجب أن نقول: إننا لم نفهم مراد الشاعر من لفظ «الذيب» ولعل الشاعر يريد من ذكر الذيب في السنة المجدبة، أن الذئاب تصبح شرسة ضارية في سنوات الجدب، فيخشاها الناس على أنفسهم، وعلى ما بقي من مواشيهم. والله أعلم. 243 - وخبّرت أنّ أنّما بين بيته … ونجران أحوى والجناب رطيب لا يعرف قائله، واستشهد به السيوطي في [الهمع ج 1/ 135]. على جواز وقوع أنّ بالفتح ومعموليها اسما لأنّ، فأنما ومعمولاها اسم أنّ المتقدمة. 244 - يهدي الخميس نجادا في مطالعها … إمّا المصاع وإمّا ضربة رغب البيت للزبرقان، أو لمزاحم العقيلي. ويهدي: يعرّف. والخميس: الجيش. والنجاد: جمع نجد، وهو الطريق في الجبل. والمصاع: المجالدة بالسيف. والضّربة الرغب: الواسعة. وشاهده: عطف «ضربة» على المصاع، على معنى إمّا أمره المصاع وإما ضربة، وأما نصب المصاع، فعلى أنه مصدر نائب عن فعله، يماصع. [سيبويه/ ج 1/ 172، هارون]. 245 - كأنّها لقوة طلوب … تيبس في وكرها القلوب باتت على أرّم عذوبا … كأنها شيخة رقوب البيتان لعبيد بن الأبرص. واللّقوة: العقاب. والضمير في باتت يعود على اللقوة، شبه بها فرسه إذا انقضّت للصيد. وعذوب: لم تأكل شيئا. والرّقوب: التي ترقب ولدها خوفا أن يموت. والأرّم: الأضراس. كأنه جمع آرم، ويقال: فلان يحرق عليك الأرّم، إذا تغيّظ فحكّ أضراسه بعضها ببعض، وقيل: الأرّم: أطراف الأصابع، وقال ابن سيده: وقالوا: هو يعلك عليك الأرّم، أي: يصرف بأنيابه عليه حنقا. والشاهد في البيت الثاني: شيخة، مؤنث شيخ. [اللسان (شيخ)]. 246 - تراد على دمن الحياض فإن تعف … فإنّ المندّى رحلة فركوب

247 - أنى ومن أين آبك الطرب … من حيث لا صبوة ولا ريب

البيت للشاعر علقمة بن عبدة (علقمة الفحل) من قصيدته التي مدح بها الحارث بن جبلة الغساني. ومطلعها (طحا ... حان مشيب) وهو يصف ناقته التي أوصلته إلى الممدوح. وتراد: تعرض على الماء. والدّمن والدّمنة: البعر والتراب يسقط في الماء، فيسمى الماء دمنا أيضا. والجمع دمن، بكسر الدال وفتح الميم. والمندّى: أن ترعى الإبل قليلا حول الماء، ثم تردّ ثانية للشرب، وهي التندية. يقول: يعرض عليها ماء الدّمن فإن عافته فليس إلا الركوب. والشاهد فيه: وضع المندّى، موضع التندية. وعطف الركوب بالفاء دون الواو ليؤذن بأن ذلك متصل لا ينقطع. [شرح المفصل ج 6/ 54]. 247 - أنّى ومن أين آبك الطّرب … من حيث لا صبوة ولا ريب البيت للكميت بن زيد، وهو مطلع إحدى هاشمياته، وأنّى: بمعنى كيف. وآبك: معناه أتاك، والشاهد: استعمال «أنّى» بمعنى «كيف». [شرح المفصل ج 4/ 105]. 248 - لمياء في شفتيها حوّة لعس … وفي اللّثات وفي أنيابها شنب البيت لذي الرّمة من قصيدة مطلعها: ما بال عينك منها الماء ينسكب … كأنّه من كلى مفريّة سرب قوله: لمياء .. الخ: قال الدينوري: والعرب يستحسنون أن يكون في لثة المرأة وشفتيها حوّة، وهي حمرة إلى سواد يسير، وإذا كانت كذلك فهي اللعساء واللمياء، وتلك الحمرة لعس ولمى. والشّنب: البرد والعذوبة في الفم. وذكروا البيت شاهدا على بدل الغلط. قال السيوطي: قال المبرد - على سعة حفظه - بدل الغلط، لا يكون مثله في كلام الله، ولا في شعر، ولا في كلام مستقيم. وقال خطاب: لا يوجد في كلام العرب، لا نثرها ولا نظمها، وقد عنيت بطلبه في الكلام والشعر، فلم أجده وطلبت غيري به فلم يعرفه، وادعى أبو محمد بن السيد أنه وجد في قول ذي الرّمة (البيت) قال: فلعس، بدل غلط لأن الحوّة السواد بعينه، واللّعس سواد مشرب بحمرة. وردّ بأنه من باب التقديم والتأخير، والتقدير: في شفتيها حوّة، وفي اللّثات لعس، وفي أنيابها شنب. [الهمع/ 2/ 126].

249 - بكيت أخا اللأواء يحمد يومه … كريم رؤوس الدارعين ضروب

249 - بكيت أخا اللأواء يحمد يومه … كريم رؤوس الدارعين ضروب .. نسبه ابن يعيش إلى أبي طالب. وصف رجلا شجاعا كريما فقده، فبكى عليه والشاهد: إعمال «فعول» كفاعل، ونصب رؤوس بقوله «ضروب»، وتقديم معمول ضروب عليه. [شرح المفصل ج 6/ 71]. 250 - أتاني فلم أسرر به حين جاءني … كتاب بأعلى القنّتين عجيب .. البيت للشاعر جزء بن ضرار، أخي الشماخ بن ضرار؛ والشاهد: أتاني ... جاءني كتاب. حيث اجتمع فعلان، فأعمل الأول: وأصل التركيب: أتاني كتاب عجيب بأعلى القنتين فلم أسرر به حين جاءني. [الحماسة، القطعة 115، والعيني/ 3/ 38]. 251 - تقول ابنتي لما رأت وشك رحلتي … كأنّك فينا يا أبات غريب البيت لأبي الحدرجان. والشاهد «يا أبات» أراد يا أبتاه، فقدم الألف وأخّر التاء. [اللسان - أبي]. 252 - وما أنت أم ما ذكرها ربعيّة … يخطّ لها من ثرمداء قليب .. البيت لعلقمة بن عبدة (الفحل) وربعيّة: امرأة من بني ربيعة. وثرمداء: قرية. والقليب: البئر. يريد أنه يشقّ لها هناك بئرا تشرب منها أو أراد بالقليب القبر، كأنها لا تبرح من ثرمداء حتى تموت فتدفن فيه. [المفضليات والهمع/ 2/ 133]. 253 - فراشة الحلم فرعون العذاب وإن … تطلب نداه، فكلب دونه كلب البيت للضحاك بن سعد، أو سعيد بن العاصي. والبيت شاهد على تضمين الجامد معنى المشتق، وإعطائه حكم الصفة المشبهة، فضمّن «فراشة»، معنى طائش، وفرعون معنى أليم. [الأشموني ج 3/ 16، والهمع/ 2/ 101]. 254 - والعيس ينغضن بكيرانها … كأنّما ينهشهنّ الكليب البيت غير منسوب. والشاهد قوله «الكليب»، حيث جمع «الكلب» عليه شذوذا. [شرح المفصل ج 5/ 17]. 255 - تعفّق بالأرطى لها وأرادها … رجال فبذّت نبلهم وكليب

256 - أفينا تسوم الشاهرية بعد ما … بدا لك من شهر المليساء كوكب

البيت لعلقمة بن عبدة الفحل. من المفضلية رقم (119). وتعفّق: استتر. والأرطى: شجر. وبذّت: سبقت وغلبت. يصف ناقته ويشبهها ببقرة وحشية، ترصد لها الصائدون والكلاب .. وفي البيت: جمع كلبا على كليب وهو من الجموع النادرة لوزن «فعل». والشاهد فيه: «تعفّق» أي استتر وأرادها حيث تنازعا «رجال». واحتج به الكسائي على وجوب حذف الفاعل، لأنه أعمل الثاني، ولو أعمل الأول: لقيل: تعفق بالأرطى رجال ثم أرادوها، لأنه عائد على جمع، فيجب كونه على وفق الظاهر. ولو أعمل الثاني لأبرز الضمير في تعفق على وفق الظاهر لأنه ضمير جمع، فعدم الإبراز دليل على حذف الفاعل .. وللبصريين ردّ على هذا .. انظر [العيني، والأشموني، والصبان ج 2/ 102، والمفضليات/ 393]. 256 - أفينا تسوم الشاهريّة بعد ما … بدا لك من شهر المليساء كوكب البيت في لسان العرب: وأنشده الباهليّ. وتسوم: تعرض. والشاهرية: ضرب من العطر. وشهر المليساء: وقت تنقطع فيه الميرة. يقول: تعرض علينا الشاهرية في وقت ليس فيه ميرة. ويروى «الساهريّة» بالسين المهملة. 257 - وما لي إلا آل أحمد شيعة … ومالي إلا مشعب الحقّ مشعب .. البيت للكميت بن زيد .. وقد مرّ في حرف الباء بقافية «مذهب». 258 - أخلّاء لو غير الحمام أصابكم … عتبت ولكن ما على الموت معتب وقبل البيت: إلى الله أشكو لا إلى الناس أنني … أرى الأرض تبقى والأخلاء تذهب والبيتان في حماسة أبي تمام برقم 299، للغطمش الضبي. قال المرزوقي: لقد صرف شكواه عن الناس إلى الله يأسا من معونتهم. وفي البيت الشاهد أقبل على الذاهبين معتذرا إليهم من استسلامه للحكم الجاري عليهم ومن عجز قواه عن نصرتهم فيما أصابهم فقال: لو كان القاصد لكم غير الموت لتسخطت الحال ولكن ما على الموت طريق للعتب.

259 - وكل من ظن أن الموت مخطئه … معلل بسواء الحق مكذوب

وقوله: «أخلاء» يروى أخلاي، على قصر الممدود. والأجود أن تترك مدّته على حالها وتحذف الياء من آخره في النداء، لأن الكسرة تدلّ عليه. [الأشموني/ 4/ 39]. 259 - وكلّ من ظنّ أنّ الموت مخطئه … معلّل بسواء الحقّ مكذوب البيت للشاعر أبي دواد، جارية بن الحجاج. والبيت شاهد لمذهب الكوفيين من أنّ (سواء) إذا استثني بها خرجت عن الظرفية، وصارت اسما، بدليل أن حرف الجرّ يدخل عليها. [شرح المفصل ج 2/ 84، والخزانة ج 3/ 438]. 260 - فلا تستطل منّي بقائي ومدّتي … ولكن يكن للخير منك نصيب لا يعرف قائله، وأنشدوه شاهدا على أنّ اللام الجازمة محذوفة، تقديرها «ولكن ليكن». 261 - وربّ أمور لا تضيرك ضيرة … وللقلب من مخشاتهنّ وجيب للشاعر ضابئ بن الحارث البرجمي، من أبيات قالها وهو محبوس بالمدينة زمن عثمان بن عفّان. ويقال: ضاره يضيره ولا ضير عليه، وضرّه يضرّه، ولا ضرّ عليه. ويقال: أصابه ضرّ وأصابه ضرّ، بمعنى واحد. والمخشاة: مصدر ميمي، بمعنى الخشية، وهو الخوف. والوجيب: الخفقان والاضطراب. [الخزانة/ 10/ 322]. 262 - العارفو الحقّ للمدلّ به … والمستقلّو كثير ما وهبوا إذا حلّي الوصف المشتق، المجموع أو المثنى بأل، جاز فيما بعده النصب على المفعولية، والجرّ على الإضافة مع حذف النون في الوجهين، كما في (العارفو الحقّ) (والمستقلو كثير). [الأشموني ج 2/ 247]. 263 - يسرّ الكريم الحمد لا سيّما لدى … شهادة من في خيره يتقلّب البيت شاهد على أن «لا سيما» قد يليها الظرف وهو «لدى». [الهمع/ 1/ 234]. 264 - رأيت مواليّ الألى يخذلونني … على حدثان الدهر إذ يتقلّب البيت لبعض بني فقعس، في الحماسة برقم 124، والموالي هنا: أبناء العمّ. والألى: بمعنى الذين، «يخذلونني» صلته. يقول: رأيت أبناء عمي هم الذين يقعدون عن نصرتي

265 - عوذ وبهثة حاشدون عليهم … حلق الحديد مضاعفا يتلهب

على تقلب الزمان. وقوله «على حدثان» حال. أي يخذلونني مقاسيا لما يحدث في أوان تقلبه وتغيره. وفيه «الألى» بوزن العلى اسم موصول بمعنى «الذين» للعقلاء المذكرين. [الهمع/ 1/ 83]. 265 - عوذ وبهثة حاشدون عليهم … حلق الحديد مضاعفا يتلهّب البيت لزيد الفوارس ابن حصين الضبّي من أهل الجاهلية. وعوذ، بفتح العين المهملة، اسم قبيلة. وبهثة: اسم قبيلة. وحلق الحديد: جمع الحلقة. بتسكين اللام، الدرع. والجمع: الحلق: بفتحتين على غير قياس. وزعم الأصمعي أن الجمع بكسر الحاء. ونقل بعضهم أن المفرد قد يأتي بفتح اللام «الحلقة». وقوله: يتلهب: يلمع. والشاهد: «مضاعفا» زعم قوم أنها حال من المضاف إليه «الحديد». والأقوى أنها حال من المضاف «حلق». [الخزانة/ 3/ 173، والهمع/ 1/ 240]. ونقول: حشد القوم: إذا اجتمعوا. ويأتي متعديا، فتقول: حشدتهم، أي: جمعتهم. 266 - سموت ولم تكن أهلا لتسمو … ولكنّ المضيّع قد يصاب البيت غير منسوب والشاهد: لتسمو: فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل. وحقّ الفتحة أن تظهر على الواو، ولكن الواو بقيت ساكنة للضرورة. [شرح التصريح/ 2/ 235]. 267 - فلست لإنسيّ ولكن لملأك … تنزّل من جوّ السماء يصوب البيت منسوب لرجل من عبد القيس يمدح النعمان، ومنسوب لأبي وجزة يمدح عبد الله ابن الزبير. وقوله: يصوب، من «صاب» أي: نزل. وفي البيت شاهد على أن قولهم «ملك» حذفت منه همزته وخففت بنقل حركتها على ما قبلها بدليل قولهم: ملائكة، فأعيدت الهمزة في الجمع، وبقول الشاعر «ولكن لملأك» فأعاد الهمزة. والأصل في الهمزة أن تكون قبل اللام، لأنه من الألوكة، وهي الرسالة، فكأنّ أصل «ملأك» أن يكون «مألكا» وإنما أخّروها بعد اللام ليكون طريقا إلى حذفها، لأن الهمزة متى ما سكن ما قبلها، جاز حذفها، وإلقاء حركتها على ما قبلها. هذا ما نقله ابن منظور في «اللسان» مادة «صوب» والحقيقة علمها عند الله. فتأويلات أهل النحو، أشبه بلعبة الشطرنج، وما

268 - ضحيان شاهقه يرف بشامه … نديان يقصر دونه اليعقوب

أظن العرب كانوا يفكرون فيما نسبناه إليهم، لأن السليقة والمعنى هما الدافعان للتعبير، ثم صار أمرهم كما قال المتنبي: أنام ملء جفوني عن شواردها … ويسهر الخلق جرّاها ويختصم [وانظر المفضليات/ 394]. 268 - ضحيان شاهقه يرفّ بشامه … نديان يقصر دونه اليعقوب ويروى الشطر الثاني «عال يقصّر دونه اليعقوب» قال ابن منظور: واليعقوب الذكر من الحجل والقطا. وهو مصروف لأنه عربي لم يغيّر وإن كان مزيدا في أوله، فليس على وزن الفعل. والجمع: اليعاقيب. وقيل: إنه ذكر العقاب، لأن الحجل لا يعرف لها مثل هذا العلوّ في الطيران. [اللسان - عقب]. 269 - وأزور يمطو في بلاد عريضة … تعاوى به ذؤبانه وثعالبه البيت لذي الرّمة في ديوانه (848). وأزور: الطريق فيه عوج. يمطو: يمدّ. 270 - فإن أستطع أغلب وإن يغلب الهوى … فمثل الذي لاقيت يغلب صاحبه البيت لابن ميادة، الرماح بن أبرد، من شعراء الدولتين. وقبل البيت: فو الله ما أدري أيغلبني الهوى … إذا جدّ جدّ البين أم أنا غالبه والشاهد في البيت الأول (الذي لاقيت) قال السيوطي: وقد يقصد تعظيم الموصول فتبهم صلته. [الحماسة برقم 534، والهمع/ 1/ 85]. 271 - كلا السيف والساق التي ضربت به … على دهش ألقاه باثنين صاحبه لم أعرف قائله، وقد روي الشطر الثاني (على مهل يا بثن ألقاه صاحبه) فزعم بعضهم أنه لجميل بثينة، وليس في ديوانه. والذي نقلته رواية البغدادي في [الخزانة/ 5/ 171، وشرح المفصل ج 3/ 3]. وجاء لفظ «باثنين» مضبوطا في شرح المفصل وفي حاشية الخزانة قال المحقق: (وكذا في نسخة إعراب الحماسة «باثنين»). والشاهد: إضافة «كلا» إلى السيف، وهو مفرد، وهي لا تضاف إلا إلى المثنى، وجاز

272 - وبالمحض حتى آض جعدا عنطنطا … إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه

ذلك، لأنه عطف على المفرد مفردا آخر، فصار كأنه أضافها إلى المثنى لأنّ مجموعهما اثنان. 272 - وبالمحض حتّى آض جعدا عنطنطا … إذا قام ساوى غارب الفحل غاربه البيت لفرعان التميمي، وقد مضى البيت السابق عليه بقافية (شاربه) والشاعر يتحدث عن ابنه منازل. وآض: بمعنى صار، فعل ناقص. والجعد العنطنط: الطويل. وقوله وبالمحض بالحاء المهملة: ويروى بالخاء، والمعنى متقارب، وهو اللبن. ويروى: تربيته حتى إذا آض شيظما … يكاد يساوي غارب الفحل غاربه والشيظم: الطويل: وقد وهم الصبّان في حاشيته على الأشموني، فظنّ أنه يصف بعيرا، وقد جاءه هذا من نظره في البيت المفرد، دون قراءة البيت في سياقه .. وانظر الأبيات في حماسة أبي تمام، بشرح المرزوقي ص 1445، والشاهد: استعمال آض بمعنى صار، فعلا ناقصا. [الأشموني/ 1/ 229]. 273 - فصدقته وكذبته … والمرء ينفعه كذابه البيت للأعشى. والشاهد: «كذاب» بزنة كتاب، مصدر لكذب. [شرح المفصل/ 6/ 44]. 274 - فلما جلاها بالأيام تحيّزت … ثباتا عليها ذلّها واكتئابها البيت لأبي ذؤيب الهذلي، والأيام كغراب، وكتاب: الدخان. وثبات: بضم الثاء الجماعات المتفرقة. والضمير المؤنث في قوله: جلاها وقوله: تحيزت، يعود على النحل وأراد أن يبين حالها حين يؤخذ عسلها، والمعنى أنّ المشتار وهو الذي يأخذ العسل حين طرد النحل بالدخان خرجت من الخلايا جماعات متفرقة وانحازت كل جماعة في ناحية. والاكتئاب: الذل. فهو عطف تفسير. والشاهد: «ثباتا» حيث يرويه بعض النحويين منصوبا بالفتحة، ويستشهدون به على أنه قد يجيء عن العرب نصب جمع المؤنث السالم بالفتحة، إما مطلقا وإما إذا كان اللفظ محذوف اللام ولم ترد إليه في الجمع، كما حكى الكسائي «سمعت لغاتهم» بفتح التاء كما حكى ابن سيده «رأيت بناتك» بفتح التاء أيضا. [شرح المفصل ج 5/ 8].

275 - فقلت أيا رباه أول سؤلتي … لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها

275 - فقلت أيا ربّاه أول سؤلتي … لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها البيت: لمجنون ليلى، قيس العامري. قوله «يا ربّاه» الهاء للسكت. وقد قعّد لها بعض النحويين بالقول: لا تكون هذه الهاء إلا ساكنة، لأنها موضوعة للوقف والوقف إنما يكون على الساكن، وتحريكها لحن. قال أبو أحمد: لعلهم وضعوا القاعدة قبل أن يستغرق بحثهم نصوص العرب كلها. لأن النصوص المنسوبة إلى العرب المحتج بقولهم، أثبتت هذه الهاء في الوصل متحركة. وبيت مجنون ليلى دليل وشاهد على ذلك. ومنه أيضا قول عروة بن حزام، صاحب عفراء: يا مرحباه بحمار عفراء … إذا أتى قرّبته لما شاء من الشعير والحشيش والماء [الخزانة/ 11/ 458، وشرح المفصل ج 9/ 47]. 276 - وجدّاء لا يرجى بها ذو قرابة … لعطف ولا يخشى السّماة ربيبها البيت منسوب للعنبري، في كتاب سيبويه. قال النحاس: هذا حجة لإضمار ربّ كأنه قال: وربّ جداء. والجدّاء: المفازة التي لا شيء فيها. ومعنى البيت: من سلك تلك المفازة فلا يرج بها قريبا لأنّها لا تسلك ولا يخاف وحشها أحداثها. والسّماة: الصيادون: يعني إن وحوشها لا تخاف الصيادين لأنها لا تسلك. 277 - ورثت أبي أخلاقه عاجل القرى … وعبط المهاري كومها وشبوبها البيت للفرزدق، والكوم: جمع كوماء، وهي الناقة العظيمة السنام. والمهاري: جمع مهريّة وهي الإبل تنسب إلى مهرة بن حيدان. وعبطها: أن تنحر لغير علة. والشبوب: المسنة. والشاهد: كومها وشبوبها بالرفع مقطوعة عما قبلها. ولو جرّ على البدل من «المهاري» لجاز. [سيبويه/ 2/ 16، هارون]. 278 - لم أر مثل الأقوام في غبن ال … أيام ينسون ما عواقبها البيت لعدي بن زيد، أو لأحيحة بن الجلاح. قال ابن الشجري: قوله: في غبن الأيام

279 - وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة … لضغمهماها يقرع العظم نابها

يدل على أنهم قد استعملوا الغبن المتحرك الوسط في البيع، والأشهر: غبنه في البيع غبنا بسكون وسطه، والأغلب على الغبن المفتوح أن يستعمل في الرأي، وفعله غبن يغبن مثل فرح يفرح، يقال: غبن رأيه، والمعنى في رأيه. ومفعول الغبن في البيت محذوف أي: في غبن الأيام إياهم. وقوله: ما عواقبها: ما استفهامية، وينسون: معلّق، والتقدير: ينسون أيّ شيء عواقبها. [الخزانة/ 3/ 353، وشرح المفصل/ 3/ 152، وشرح أبيات المغني/ 5/ 342]. 279 - وقد جعلت نفسي تطيب لضغمة … لضغمهماها يقرع العظم نابها البيت للشاعر مغلّس بن لقيط (جاهلي) من قصيدة يرثي بها أخاه، ويشتكي أخوين له. وكان أخوه بارا به، واسمه أطيط، وكان الآخران يظهران له العداوة. والضغمة: العضة، يقول: جعلت نفسي تطيب لعضة أعضهما بها يقرع لها الناب العظم، والهاء في قوله: لضغمهماها عائدة على الضغمة. وجعل: فعل شروع، خبره جملة تطيب. والبيت استشهد به الرضي على أنّ الضمير الثاني إذا كان مساويا للأول شذّ وصله كما في البيت، فإنه جمع بين ضميري الغيبة في الاتصال، وكان القياس لضغمهما إياها. وقال سيبويه: إذا ذكرت مفعولين كلاهما غائب قلت: أعطاهوها وأعطاهاه، جاز وهو عربي، ولا عليك بأيهما بدأت .. وهذا ليس بالكثير في كلامهم والكثير في كلامهم أعطاه إياها. على أن الشاعر قال .. (البيت) ولكن البيت يروى أيضا: وقد جعلت نفسي تهمّ بضغمة … على علّ غيظ يقصم العظم نابها وهذه الرواية أولى بالاتباع، لأن قصيدة البيت فيها شكوى وألم ورقّة تعبير .. والبيت نفسه يمثل ذروة الانفعال العاطفي، ورواية النحويين فيها صناعة، تمنع من تدافع المعاني، وتعقّد الكلام. [الخزانة/ 5/ 301، وسيبويه/ 2/ 365، وشرح المفصل/ 3/ 105، والأشموني/ 1/ 141]. 280 - فماله من مجد تليد وماله … من الريح فضل لا الجنوب ولا الصّبا البيت للأعشى ميمون، يهجو رجلا بأنه لئيم الأصل لم يرث مجدا، ولا كسب خيرا، فضرب له المثل بنفي حظه من الريحين، الجنوب والصّبا، فالجنوب تلقح السحاب، والصبا تلقح الأشجار. ومحل الشاهد: «فماله من مجد» حيث اختلس ضمة الهاء، ولم

281 - ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت … يميني بإدراك الذي كنت طالبا

يشبعها حتى تنشأ عنها واو .. ولكن رواية الديوان، «وما عنده مجد تليد وماله»، والهاء مشبعة من (عنده). [سيبويه/ 1/ 30، والإنصاف/ 516]. 281 - ويصغر في عيني تلادي إذا انثنت … يميني بإدراك الذي كنت طالبا البيت لسعد بن ناشب المازني. وكان أمير البصرة قد هدم داره وحرقّها، لأنه كان قد أصاب دما. وقبل البيت: سأغسل عنّي العار بالسيف جالبا … عليّ قضاء الله ما كان جالبا وأذهل عن داري وأجعل هدمها … لعرضي من باقي المذمّة حاجبا والبيت شاهد على حذف العائد المجرور بالإضافة إن كان المضاف وصفا بمعنى الحال أو الاستقبال، فإن الأصل: كنت طالبه، فحذف الضمير. [الأشموني/ 1/ 172، الخزانة/ 8/ 141، والحماسة/ 69]. 282 - حتى إذا الكلاب قال لها … كاليوم مطلوبا ولا طلبا البيت لأوس بن حجر. وهو شاهد على حذف العامل، والتقدير: «لم أر كاليوم مطلوبا». [شرح المفصل ج 1/ 125]. 283 - في ليلة من جمادى ذات أندية … ما يبصر الكلب من ظلمائها الطّنبا البيت للشاعر مرّة بن محكان من شعراء الدولة الأموية. وقبله: يا ربّة البيت قومي غير صاغرة … ضمّي إليك رحال القوم والقربا .. يدعو امرأته للاحتفاء بالأضياف، وقوله: في ليلة: إن شئت جعلت الجار متعلقا ب (ضمّي) وإن شئت جعلته متعلقا ب (قومي). وقوله: (غير) انتصب على الحال. وجعل الليلة من ليالي جمادى من شهور البرد. والمراد في ليلة من ليالي جمادى ذات أنداء وأمطار. وكانوا يجعلون شهر البرد جمادى وإن لم يكن جمادى في الحقيقة كأنّ الأسماء وضعت في الأصل مقسمة على عوارض الزمان والحرّ والبرد والريح والمطر. ثم تغيرت فصارت تستعار. وقوله: «ذات أندية» جرى فيها خلاف، لأن جمع الندى، أنداء فكان المبرد يقول: هو جمع نديّ المجلس. وكان أماثل الناس وأغنياؤهم، إذا اشتد الزمان وجدّ القحط والجدب يجلسون مجالس، يدبّرون أمر الضعفاء. فيريد: في ليلة توجب

284 - انطق بحق ولو مستخرجا إحنا … فإن ذا الحق غلاب وإن غلبا

ذلك. وقال غيره: هو جمع (ندى) كأنه جمع فعلا على «فعال»، ثم جمع «فعال» على أفعلة. [شرح الحماسة للمرزوقي برقم 676، والأشموني/ 4/ 108، والخصائص/ 3/ 52]. 284 - انطق بحقّ ولو مستخرجا إحنا … فإنّ ذا الحقّ غلّاب وإن غلبا البيت في [الهمع ج 1/ 121]. وهو شاهد على حذف كان واسمها، وبقاء خبرها بعد «لو» الشرطية. 285 - يا عمرك الله إلّا قلت صادقة … أصادقا وصف المجنون أو كذبا البيت لمجنون ليلى، في ديوانه. وهو في [الهمع ج 2/ 54]. شاهد على تلقي جواب القسم ب (إلّا). 286 - وهل كنت يا ابن القين في الدّهر مالكا … لغير بعير بله مهريّة نجبا البيت لجرير. وهو شاهد على مجيء ما بعد «بله» منصوبا. وهو مذهب الكوفيين والبغداديين. [الخزانة/ 6/ 231، والهمع/ 1/ 236] والدليل على نصب ما بعدها، أن القافية منصوبة، وهي صفة (مهرية). 287 - يمشي القطوف إذا غنّى الحداة به … مشي الجواد فبله الجلّة النّجبا .. البيت للشاعر إبراهيم بن علي بن هرمة. والقطوف: من الدواب وغيره: البطيء. والجلة: بكسر الجيم، جمع جليل، كصبية جمع صبيّ: وهو المسنّ من الإبل. والنّجب: بضمتين، جمع نجيب، وهو الأصيل الكريم. والمعنى أنّ البطيء يمشي كمشي الجواد من الخيل مع الحداء، فدع الإبل الكرام، فإنها مع الحداء تسرع أكثر من غيرها والبيت شاهد على كون «بله» اسم فعل، ينصب ما بعده. والدليل على نصبه ما بعده إتباعه بالوصف المنصوب. [شرح المفصل ج 4/ 49، والخزانة/ 6/ 214]. 288 - تالله لا يحمدنّ المرء مجتنبا … فعل الكرام ولو فاق الورى حسبا الشاهد، بلا نسبة في [الأشموني ج 3/ 215]، وفيه توكيد جواب القسم المنفي بالنون، وهو ضرورة.

289 - ثمت لا تجزونني عند ذاكم … ولكن سيجزيني الإله فيعقبا

289 - ثمّت لا تجزونني عند ذاكم … ولكن سيجزيني الإله فيعقبا البيت للأعشى. والشاهد فيه: نصب «يعقب» بعد الفاء في ضرورة الشعر فيما ليس فيه معنى النفي أو الطلب، ويجوز أن يريد النون الخفيفة، وهو أسهل في الضرورة. [سيبويه/ 3/ 39، هارون]. 290 - كذب العتيق وماء شنّ بارد … إن كنت سائلتي غبوقا فاذهبي .. البيت منسوب لعنترة بن شداد، وللشاعر خزز بن لوذان السدوسي. والعتيق: هنا، التمر القديم. والشنّ: القربة الخلق، والماء يكون فيها أبرد منه في القربة الجديدة. يقول: عليك بالتمر فكليه، والماء البارد فاشربيه، ودعيني أوثر فرسي باللبن، وإن تعرضت لشرب اللبن فاذهبي. وإنما يتوعدها بالطلاق. ويروى «العتيق» بالنصب والرفع. فإن نصبت فعلى أن كذب، اسم فعل بمعنى الزم وفاعله مستتر. وإن رفعت، فهو فاعل كذب، ويراد بقوله «كذب العتيق» الإغراء ومنه قولهم: كذب عليك العسل، ويريدون: كل العسل، وتفسيره: أخطأ تارك العسل، فغلب المضاف إليه على المضاف وقال عمر ابن الخطاب «كذب عليكم الحجّ، كذب عليكم العمرة، كذب عليكم الجهاد، ثلاثة أسفار كذبن عليكم» معناه الزموا الحج والعمرة والجهاد .. وانظر تفصيلا مغنيا في [الخزانة ج 6/ 184، وسيبويه/ 2/ 302]. 291 - أما أقاتل عن ديني على فرسي … أو هكذا رجلا إلّا بأصحاب البيت في [شرح المفصل ج 5/ 133]، ذكره شاهدا على أنّ «رجلا» بمعنى «راجلا» وهو في [الحماسة/ 464، ونوادر أبي زيد ص 5، منسوب إلى حيي بن وائل]. 292 - إنّ السّيوف غدوّها ورواحها … تركت هوازن مثل قرن الأعضب البيت للأخطل التغلبي من قصيدة مدح بها العباس بن محمد بن عبد الله بن العباس. وقوله: غدوّها، ورواحها: بدل اشتمال من السيوف، وقد روعي المبدل منه في اللفظ بإرجاع الضمير إليه من الخبر، ولم يراع البدل، ولو روعي لقيل «تركا» بالتثنية. ويحتمل نصب غدوّها على الظرف، ك (خفوق النجم)، وكأنه قال: إنّ السيوف وقت غدوها ورواحها. [الخزانة/ 5/ 199، والأشموني/ 3/ 132].

293 - بالله ربك إن دخلت فقل له … هذا ابن هرمة واقفا بالباب

293 - بالله ربّك إن دخلت فقل له … هذا ابن هرمة واقفا بالباب البيت لابن هرمة .. وهو شاهد على أن قوله «بالله ربك» وما يشبهه، ليس قسما لأن القسم لا يتصوّر إلا حيث يتصوّر الصدق والحنث. والصورة التي توجد في البيت لا تحتمل ذلك. وقد يسمونه القسم الاستعطافي. وليس له جواب والباء في قوله «بالله» اسمها باء الطلب ويجوز ذكر متعلقها مثل «نشدتك بالله» و «أسألك بالله» وحذفه أكثر، ومنه قول قيس: بربّك هل ضممت إليك ليلى … قبيل الصبح أو قبّلت فاها [الخزانة/ 10/ 47 - 52، وشرح المفصل/ 9/ 101]. 294 - ولقد لحنت لكم لكيما تفقهوا … واللّحن يفهمه ذووا الألباب البيت للقتال الكلابي في شرح شواهد الشافية 179. وفي لسان العرب جاء الشطر الثاني، ولحنت لحنا ليس بالمرتاب. [اللسان - لحن]. واللحن هنا، التكلم بالشيء وإرادة غيره. واللحن: الفطنة. 295 - ولو أرادت لقالت وهي صادقة … إنّ الرّياضة لا تنصبك للشّيب البيت للجميح الأسدي (منقذ بن الطمّاح) فارس جاهلي. وكانت زوجه مرّت براكب فأفسدها على زوجها وحثها على مخالفة زوجها ليطلقها فيتزوجها. وقوله: تنصبك: مضارع أنصبه، أي: أتعبه. والرياضة: تهذيب الأخلاق النفسية. وللشيب: جمع أشيب، متعلق برياضة. وقوله «لا تنصبك» دعاء في صورة النهي. يريد: إن تأديب الكبير لا يفيد، كما قال بعضهم: كبر الكبير عن الأدب … أدب الكبير من التعب والشاهد: وقوع الجملة الطلبية خبرا لإنّ. [الخزانة/ 10/ 246]. 296 - يومان يوم مقامات وأندية … ويوم سير إلى الأعداء تأويب البيت للشاعر سلامة بن جندل، فارس جاهلي. والبيت من قصيدة مطلعها:

297 - قديديمة التجريب والحلم إنني … أرى غفلات العيش قبل التجارب

أودى الشباب حميدا ذو التعاجيب … أودى وذلك شأو غير مطلوب وقبل البيت الشاهد: أودى الشباب الذي مجد عواقبه … فيه نلذّ ولا لذات للشّيب وقوله: يومان: فسّر العواقب في البيت السابق بقوله «يومان» فقال: يوم في المجالس خطيبا ويوم سير إلى الأعداء، والكبير يعجز عن هذا. وتأويب: صفة السير، وهو السرعة في السير والإمعان فيه. [الخزانة/ 4/ 27، المفضليات ص 120]. 297 - قديديمة التجريب والحلم إنني … أرى غفلات العيش قبل التّجارب البيت للقطامي عمير بن شييم وهو أول من لقب «صريع الغواني» ثم مسلم بن الوليد. وقبل البيت: صريع غوان راقهنّ ورقنه … لدن شبّ حتى شاب سود الذوائب وقوله: «قديديمة» منصوب على الظرف والعامل فيه راقهنّ ورقنه، أي: أعجبهنّ وأعجبنه وقديديمة التجريب والحلم: أي: أمام التجريب والحلم. ثم قال: أرى غفلات العيش قبل التجارب، يقال: إنما يستلذّ بالعيش أيام الغفلة وفي أيام الشباب قبل التجارب. والتجارب، إنما هي في الكبر، وهو وقت أن يزهد فيهن لسنّه وتجريبه وأن يزهدن فيه لشيبه. والشاهد: تصغير «قدّام» قديديمة، بالهاء. [الخزانة ج 7/ 88، واللسان (قدم)، والمقتضب ج 2/ 273]. 298 - ألا ليت شعري هل يلومنّ قومه … زهيرا على ما جرّ من كلّ جانب البيت للشاعر الجاهلي أبي جندب بن مرّة القردي. وكان لأبي جندب جار من خزاعة فقتله زهير اللحياني. والشاهد: قومه زهيرا. حيث عاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة وهو «زهيرا». [الخزانة/ 1/ 291]. 299 - ما إن رأيت ولا سمعت به … كاليوم هانئ أينق جرب البيت لدريد بن الصمة، قتل يوم حنين كافرا، زعم أهل الأدب، وهم يكذبون فيما

300 - حناني ربنا وله عنونا … نعاتبه لئن نفع العتاب

يروون من أسباب قول الشعر، أن الخنساء (تماضر بنت عمرو) طلت بعيرا لها، ثم تجردت واغتسلت، وكان دريد ينظر إليها، وهي لا تراه، فأعجبته فهويها، فقال أبياتا أولها: حيّوا تماضر واربعوا صحبي … وقفوا فإن وقوفكم حسبي ما إن رأيت ... البيت. مبتذلا تبدو محاسنه … يضع الهناء مواضع النقب .. ولو قالوا: إنه أحبها لرؤيته لها وهي تهنأ البعير، لكان أوقع في النفس، ولكن أبا الفرج الأصبهاني، والقالي، صاحب الأمالي، اللذان رويا القصة، كانا يثيران غرائز فئة أماتت الإماء بقية الرجولة في نفوسهم، ونقلها البغدادي في شرح أبيات المغني، ليروّح عن طلاب النحو الذين أكدت عقولهم مسائل النحويين وخلافاتهم. والشاهد في البيت «ما، إن» قالوا: إن «ما» نافية، و «إن» زائدة لتوكيد النفي. [شرح المفصّل/ 5/ 82، وشرح أبيات المغني/ 8/ 51]. 300 - حناني ربّنا وله عنونا … نعاتبه لئن نفع العتاب البيت غير منسوب. قال النحاس: كأنه قال: تحننا بعد تحنن، لأنه مصدر، وثناه لأنه يريد مرة بعد مرّة. [شرح أبيات سيبويه/ 152]. 301 - لقد حملت قيس بن عيلان حربها … على مستقلّ للنوائب والحرب أخاها إذا كانت عضوضا سمالها … على كلّ حال من ذلول ومن صعب .. في كتاب سيبويه: وزعم عيسى بن عمر أنه سمع ذا الرمّة ينشد هذا البيت نصبا - يريد البيت الثاني - والبيتان ليسا لذي الرّمة. وقوله: على مستقلّ: أي: ناهض بما حمّل. والنوائب: ما ينوب الإنسان، أي: ينزل به، من المهمات والحوادث. .. وقوله: أخاها: أي: أخا الحرب. وعضوضا: شديدة. وسمالها: أي: للحرب، ارتفع لها راكبا لذلولها وصعبها، لا يتهيبه شيء.

302 - بأعين منها مليحات النقب … شكل التجار وحلال المكتسب

والشاهد: أخاها. منصوب بفعل محذوف تقديره «أعني» قال الخليل: إنّ نصب «أخاها» على أنك لم ترد أن تحدث الناس ولا من تخاطب بأمر جهلوه ولكنهم قد علموا من ذلك ما قد علمت، فجعله ثناء وتعظيما، ونصبه على الفعل كأنه قال: أذكر أهل ذاك، ولكنه فعل لا يستعمل إظهاره. [سيبويه ج 2/ 65، هارون، وملحق ديوان ذي الرمة/ 1847]. 302 - بأعين منها مليحات النّقب … شكل التّجار وحلال المكتسب رجز لا يعرف قائله. النقب: بالضم: دوائر الوجه، وبالكسر، جمع نقبه من الانتقاب بالنقاب. وشكل التجار: أي هنّ مما يصلح للتجارة، ويحل للكسب، يصف جواري. ويروى «النجار» بالنون، أي: تشاكل نجارها وتشبهه، والنجار: الأصل واللون، ولا يعلم ماذا قال الراجز إلا الله. والشاهد فيه: جرّ «شكل التجار» و «حلال المكتسب»، على ما قبله نعتا، ولو قطع بالنصب والرفع لما فيه من معنى المدح لجاز. [سيبويه/ 2/ 67، هارون]. 303 - وما غرّني حوز الرّزاميّ محصنا … عواشيها بالجوّ وهو خصيب لا يعرف قائله. وحوز الإبل: جمعها للعلف. والرزامي: نسبة إلى رزام، وهم حيّ من العرب. والعواشي: جمع عاشية، وهي التي ترعى بالعشي من المواشي. يقول: جمعها للعلف ليمنع الضيف في حال خصب الزمان، لأنها لا تحلب وهي تعلف. والشاهد: نصب «محصن» بإضمار فعل يجوز إظهاره وهو أعني، ولم يقصد مدحا ولا ذما فينصبه عليه. ومحصن، هو اسم الرزامي. [سيبويه/ 2/ 74، هارون]. 304 - عليّ دماء البدن إن لم تفارقي … أبا حردب ليلا وأصحاب حردب لرجل من بني مازن يخاطب ناقته ويحثها على مفارقة أبي حردبة، وكان هذا لصا، وكان الشاعر من أصحابه، فتاب. والبدن: جمع بدنة، وهي الناقة تتخذ للنحر، أراد نحر البدن بمكة نذرا منه إن لم تطعه ناقته، وخاطب ناقته وهو يريد نفسه على المجاز. وأراد: وأصحاب أبي حردبة فحذف «أبي» لعلم السامع. والشاهد فيه: ترخيم «حردبة» في غير النداء للضرورة، وإجراؤه بعد الترخيم مجرى غير المرخم في الإعراب. [سيبويه/ 2/ 255، هارون]

305 - ليس بيني وبين قيس عتاب … غير طعن الكلى وضرب الرقاب

305 - ليس بيني وبين قيس عتاب … غير طعن الكلى وضرب الرّقاب البيت للشاعر عمرو بن الأيهم التغلبي، شاعر نصراني من العصر الأموي، ربما كان هو أعشى تغلب. والبيت في هجاء قبيلة قيس، وقبله: قاتل الله قيس عيلان طرّا … ما لهم دون غارة من حجاب والشاهد: «غير» فيها الرفع وفيها النصب: فالطعن ليس من جنس العتاب، فهو استثناء منقطع، والأصل فيه وجوب النصب (نصب غير) ولكن بني تميم، يجيزون رفع الاستثناء المنقطع على البدلية فأبدلوا (غير) من (عتاب)، بجعل الطعن والضرب من العتاب اتساعا. [سيبويه/ 2/ 323، هارون، وشرح المفصل/ 2/ 80، والمرزباني/ 242]. 306 - كأنّك لم تذبح لأهلك نعجة … فيصبح ملقى بالفناء إهابها لرجل من بني دارم لم يعيّن. والشاهد فيه: نصب ما بعد الفاء على الجواب، وإن كان معناه الإيجاب، لأنه كان قبل دخول «كأنّ» منفيا على تقدير: لم تذبح نعجة فيصبح إهابها ملقى، ثم دخلت عليه كأنّ فأوجبت فبقي على لفظه منصوبا. [سيبويه/ 3/ 35، هارون]. 307 - عجبت والدّهر كثير عجبه … من عنزيّ سبّني لم أضربه رجز لزياد الأعجم، من شعراء العصر الأموي، واسم أبيه سليمان، ولقب بالأعجم لعجمة كانت في لسانه، توفي سنة 100 هـ. والعنزي: منسوب إلى قبيلة عنزة، بفتح العين والنون. والشاهد: في نقل حركة هاء «أضربه» إلى الباء قبلها، ليكون أبين للهاء في الوقف، لأن مجيئها ساكنة بعد ساكن أخفى لها. [سيبويه/ 4/ 180، هارون، وشرح المفصل/ 9/ 70، والهمع/ 2/ 208، والأشموني/ 4/ 210]. 308 - ديار التي كادت ونحن على منى … تحلّ بنا لولا نجاء الركائب البيت للشاعر قيس بن الخطيم، شهد الإسلام، ومات على كفره، ولقى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يسلم، والبيت ثاني أبيات قصيدة مطلعها: أتعرف رسما كالطراز المذهّب … لعمرة وحشا غير موقف راكب وفي البيت الشاهد «ديار» بالنصب على البدل من «رسما» في البيت السابق. أو

309 - ما أنس لا أنساه آخر عيشتي … ما لاح بالمعزاء ريع سراب

منصوبة بفعل محذوف. و «تحل» خبر كادت، مجرد من «أن» .. [الخزانة/ 7/ 27]. 309 - ما أنس لا أنساه آخر عيشتي … ما لاح بالمعزاء ريع سراب البيت غير منسوب. وريع السراب: قيل: هو اضطرابه. والمعزاء: أرض ذات حجارة. و «ما» شرطية. و «أنس» فعل الشرط مجزوم بحذف الألف. و «لا» نافية و «أنساه» جواب الشرط، وكان يجب حذف الألف، ولكنه أثبتها لإقامة الوزن ... وأحسن مما ذكروه أن نقول: إن الشاعر قال: «لن أنساه» ولم يقترن الجواب بالفاء للضرورة، أو لأن له أمثلة من الكلام العربي، وجاء في الحديث: «من غشّ ليس منّا» وقال الشاعر: ومن لا يزل ينقاد للغيّ والصبا … سيلفي على طول السلامة نادما [شرح المفصل/ 10/ 104، وشرح شواهد الشافية/ 413]. 310 - فوافيناهم منّا بجمع … كأسد الغاب مردان وشيب البيت لحسان بن ثابت رضي الله عنه. ومردان: جمع أمرد. وشيب: جمع أشيب. قال ابن مالك في الألفية. ونعت غير واحد إذا اختلف … فعاطفا فرقه لا إذا ائتلف ومثال المختلف: مررت برجلين: كريم وبخيل. ومثال المؤتلف: مررت برجلين كريمين. قال الأشموني: قيل: يندرج في غير الواحد ما هو مفرد لفظا مجموع معنى، وأنشد البيت. على أن «مردان» و «شيب» نعتان مختلفان فرق بينهما بالواو العاطفة. وردّ عليه، بأنه ليس من هذا الباب. لأنه قال: يفرق نعت غير الواحد بالعطف إذا اختلفا والمنعوت هنا ليس مثنى ولا مجموعا، بل هو اسم مفرد، وهو «بجمع» فلا يطلق عليه أنه غير الواحد، بل هو اسم مفرد وإن كان مدلوله كثيرا. ولذلك صحت تثنيته في قوله تعالى: يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ [آل عمران: 155]. [الأشموني/ 3/ 65، وعليه العيني، والصبّان]. 311 - باتت فؤادي ذات الخال سالبة … فالعيش إن حمّ لي عيش من العجب مجهول القائل: والشاهد في الشطر الأول، إذ الأصل: باتت ذات الخال سالبة فؤادي. ولا يجوز تقدير «ذات» مبتدأ، لنصب «سالبة» فتقدم معمول الخبر عليه. [العيني ج 2/ 28، والأشموني ج 1/ 138، والخزانة ج 9/ 269].

312 - يهولك أن تموت وأنت ملغ … لما فيه النجاة من العذاب

312 - يهولك أن تموت وأنت ملغ … لما فيه النّجاة من العذاب مجهول القائل، [في الهمع/ 1/ 8]، وهو شاهد لتعين المضارع للاستقبال، لأنه مسند إلى متوقّع. 313 - صاح هل ريت أو سمعت براع … ردّ في الضّرع ما قرى في العلاب البيت لإسماعيل بن يسار. العلاب: جمع علبة، وهي القدح الذي يحلب فيه. وقيل: العلاب: جفان تحلب فيها الناقة. ويروى «الحلاب» بالحاء المهملة: وهو الإناء الذي يحلب فيه اللبن. وقوله: ريت: أصله رأيت، حذفت الهمزة وهي عين الفعل تخفيفا. قال البغدادي: ومن استعمالات «سمع» أن تتعدى إلى مسموع. وقد حقق السهيلي أن جميع الحواس الظاهرة لا تتعدى إلا إلى مفعول واحد. نحو سمعت الخبر وأبصرت الأثر ومسست الحجر، وذقت العسل، وشممت الطيب. ومن استعمالات سمع: تعديتها بإلى أو اللام، وهي حينئذ بمعنى الإصغاء والظاهر أنه حقيقة لا تضمين. قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى: لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى [الصافات: 8] فإن قلت: أي فرق بين سمعت فلانا يتحدث وسمعت إليه يتحدث وسمعت حديثه وإلى حديثه قلت: المعدّى بنفسه يفيد الإدراك والمعدى بإلى يفيد الإصغاء مع الإدراك .. وأما قوله «سمع الله لمن حمده» فإنه مجاز عن القبول. والأخيرة فيها خلاف بين العلماء. والاستعمال الثالث ل «سمع» تعديتها بالباء، ومعناه الإخبار، ويدخل حينئذ على غير المسموع، وليست الباء فيه زائدة. تقول: ما سمعت بأفضل منه، وفي المثل «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه» قابله بالرؤية، لأنه بمعنى الإخبار عنه المتضمن للغيبة .. قال الشاعر (صاح هل .. البيت). [الخزانة/ 9/ 172]. 314 - فما أنت باليقظان ناظره إذا … نسيت بما تهواه ذكر العواقب الشاهد غير منسوب. [العيني 1/ 215، والأشموني 1/ 96]. و «ما» نافية عاملة عمل ليس. و «باليقظان»: اليقظان: الحذر. والباء فيه زائدة، للتوكيد، وهو ممنوع من الصرف لكنه جرّ بالكسرة لأنه محلّى بالألف واللام. وناظره: الناظر: إنسان العين والمراد هنا، القلب.

315 - رب حي عرندس ذي شباب … لا يزالون ضاربين القباب

وقوله: بما تهواه، ويروى (بمن تهواه) الباء للسببية، والمعنى: إذا نسيت ذكر العواقب بسبب هواك، وجواب «إذا» محذوف، دلّ عليه ما سبقه والتقدير: إذا نسيت، فما أنت باليقظان. وناظره: فاعل، ل «باليقظان». 315 - ربّ حيّ عرندس ذي شباب … لا يزالون ضاربين القباب مطلع قصيدة لعمرو بن الأيهم التغلبي النصراني، من شعراء العصر الأموي. والعرندس: الشديد. والقباب: جمع قبة، وهي الخيمة. وقد استشهد بهذا البيت على أن من العرب من يجعل الإعراب على النون في جمع المذكر السالم، إجراء له مجرى المفرد، ولو أنه في البيت أجري مجرى الجمع لحذفت النون من «ضاربين» للإضافة. [شرح أبيات المغني/ 7/ 364، والهمع/ 1/ 47، والتصريح/ 1/ 77، والأشموني/ 1/ 87]. 316 - فه بالعقود وبالأيمان لا سيما … عقد وفاء به من أعظم القرب البيت غير منسوب. و «فه» أمر بالوفاء، من وفى يفي، والهاء للسكت، لا ينطق به في الوصل، وإنما رسم لاعتبار النطق به في الوقف، كما هو قاعدة الخط. وقوله: وفاء: بدل اشتمال من «عقد» ويجوز في «عقد» الرفع والنصب، والجرّ. والبيت شاهد على أن قولهم «ولا سيّما» تخفف ويحذف واو العطف. [شرح أبيات المغني/ 3/ 219، والهمع/ 1 / 135، والأشموني/ 2/ 168]. 317 - وكم ليلة قد بتّها غير آثم … بناحية الحجلين منعمة القلب عزاه عبد السّلام هارون في معجمه إلى عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير بن عطية، عاصر المأمون. .. والشاهد: مجيء تمييز كم الخبرية مفردا. [الأشموني/ 4/ 80، والعيني/ 4/ 496]. 318 - أبلغ أبا دختنوس مألكة … عن الذي يقال م الكذب البيت غير منسوب. قال ابن بري: أبو دختنوس: هو لقيط بن زرارة. ودختنوس، ابنته، سمّاها باسم ابنة كسرى. واستشهدوا بالبيت على أنه قد تحذف النون من «من»

319 - أحلامكم لسقام الجهل شافية … كما دماؤكم تشفي من الكلب

الجارّة. ومحلّ الشاهد في البيت «م الكذب» أراد «من الكذب» فحذف النون الساكنة لأنها تشبه حروف العلة في أمور كثيرة، ولذلك كان وجودها علامة إعراب وحذفها علامة إعراب في الأفعال الخمسة. [شرح المفصل/ 8/ 35، واللسان «ألك»]. 319 - أحلامكم لسقام الجهل شافية … كما دماؤكم تشفي من الكلب البيت للكميت بن زيد. وأنشده السيوطي شاهدا على جواز وصل «ما» المصدرية بجملة اسمية كما في «كما دماؤكم» وقيل: «ما» هنا كافة وليست مصدرية. [الهمع/ 1/ 81]. 320 - كأنّها من حجار الغيل ألبسها … مضارب الماء لون الطّحلب اللّزب البيت غير منسوب. والغيل: بالفتح: الماء الجاري على وجه الأرض. وبالكسر الشجر الكثير الملتف. واللزب: وصف من لزب يلزب، أي: لصق والمعروف «اللازب» شبه حوافر الفرس في صلابتها وامّلاسها بحجارة الماء المطحلبة. والشاهد: جمع حجر على «حجار» والقياس «أحجار». [سيبويه/ 3/ 572، وشرح المفصل/ 5/ 18]. 321 - أصخ مصيخا لمن أبدى نصيحته … والزم توقّي خلط الجدّ باللّعب البيت غير منسوب. وهو شاهد للحال المؤكدة لعاملها، الموافقة للعامل في اللفظ والمعنى، وهو قوله «أصخ مصيخا». [الأشموني/ 2/ 185، والعيني/ 3/ 185]. 322 - إذا ما المهارى بلّغتنا بلادنا … فبعد المهارى من حسير ومتعب قال السيوطي: ولا تستعمل المصادر التي يحذف عاملها مضافة إلا في قبح من الكلام، وإذا أضيفت فالنصب حتم، ومما جاء مضافا (بعدك) .. وأنشد الكسائي (البيت). والمهارى: جمع «مهرية» وهي إبل منسوبة إلى قبيلة تسمى «مهرة». [الهمع/ 1/ 189]. 323 - فو الله ما نلتم وما نيل منكم … بمعتدل وفق ولا متقارب البيت لعبد الله بن رواحة الأنصاري، رضي الله عنه. وقوله: ما نلتم: أراد من النيل

324 - وقالت متى يبخل عليك ويعتلل … يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب

الإصابة في الحرب من القتل والتجريح، وهو خطاب للمشركين. والمعتدل: المعادل. والوفق: الموافق: يقول: إنّ ما أصبتم منا في الحرب ليس يعادل ما أصبنا منكم فيها بل إصابتنا فيكم أشنع وأهول. والشاهد: (ما نلتم وما نيل) أراد: ما الذي نلتم وما الذي نيل منكم. وقد حذف «ما» النافية وأبقى «ما» الموصولة. وجاز ذلك لدخول الباء الزائدة على الخبر ولدلالة العطف. ويجوز على مذهب الكوفيين أن تكون «ما» الباقية، هي النافية، والمحذوفة الموصولة، ولا يجوز هذا على مذهب البصريين لأنه لا يجوز حذف الموصول وبقاء صلته عندهم. [شرح أبيات المغني ج 7/ 346]. 324 - وقالت متى يبخل عليك ويعتلل … يسؤك وإن يكشف غرامك تدرب البيت من قصيدة، اختلفوا في قائلها، فمن رواها لامرئ القيس جعل مطلعها: خليليّ مرّا بي على أمّ جندب … لنقضي حاجات الفؤاد المعذّب ومن رواها لعلقمة بن عبدة التميمي كان مطلعها: ذهبت من الهجران في غير مذهب … ولم يك حقا كلّ هذا التّجنّب ومن رواها له، لم يرو البيت الشاهد له .. والقصيدتان تتصلان بقصة المبارزة الشعرية التي جرت بين امرئ القيس وعلقمة، وحكما فيها زوجة امرئ القيس. ولا أعرف من الذي حفظها من ذلك الزمن حتى أوصلها إلى زمن الرواية. وقوله: تدرب: أي: تتعود وتصير ذا دربة. ونائب الفاعل في قوله «يعتلل» ضمير المصدر المستتر فيه. أي: ويعتلل هو، أي: الاعتلال. وقال ابن هشام لا بدّ من تقدير «عليك» مدلولا عليها بالمذكورة وتكون حالا من المضمر. [المغني برقم 905، والأشموني ج 2/ 65، والتصريح/ 1/ 289]. 325 - فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها … فإنّك ممّا أحدثت بالمجرّب من قصيدة البيت السابق، وفي المناسبة نفسها، وهو يتحدث عن أم جندب، التي بدأ بها مطلع القصيدة .. والشاهد دخول الباء الزائدة على خبر (إنّ) فإنك بالمجرّب. [الأشموني ج 1/ 252، والهمع/ 1/ 127، وديوان امرئ القيس].

326 - أحب لحبها السودان حتى … أحب لحبها سود الكلاب

326 - أحبّ لحبّها السّودان حتى … أحبّ لحبّها سود الكلاب البيت غير معروف القائل. وذكروه شاهدا لحبّ كلّ ما يتصل بالمحبوب، اسما ولونا، وعلاقة قريبة أو بعيدة. [شرح المفصل/ 9/ 47، والخزانة/ 7/ 273]. 327 - لخطّاب ليلى يا لبرثن منكم … أدلّ وأمضى من سليك المقانب البيت منسوب لمجنون ليلى، ولقرّان الأسدي. وبرثن: اسم قبيلة. وسليك المقانب: هو سليك بن السلكة الشاعر اللص الصعلوك. واستشهد ابن يعيش بالبيت على لام التعجب التي تلحق المنادى في قوله «يا لبرثن» قال: كأنه رأى عجبا من كثرة خطاب ليلى وإفسادها عليه فقال: يا لبرثن، على سبيل التعجب، أي: مثلكم من يدعى للعظيم. [شرح المفصل ج 1/ 131، وسيبويه/ 1/ 229]. ولكن البيت يروى أيضا (لزوار ليلى منكم آل برثن). [اللسان، برثن، ومعجم الشعراء للمرزباني]. والمقانب: جمع مقنب، جماعة الفرسان. 328 - تدلّت على حصّ ظماء كأنّها … كرات غلام من كساء مؤرنب البيت للشاعرة ليلى الأخيلية صاحبة توبة بن الحميّر. تصف قطاة تدلت على فراخها وهي حصّ الرؤوس، لا ريش عليها. وكرات: جمع كرة. والشاهد: مؤرنب. مؤفعل من الأرنب وأرنب عند سيبويه «أفعل» وإن لم يعرف اشتقاقه، لغلبة الزيادة على الهمزة أولا في بناة الثلاثة، وغيره. يزعم أنها «فعلل» وأن همزتها أصلية، ويحتج بهذا البيت، والصحيح قول سيبويه لما يعضده من القياس في كثرة زيادة الهمزة في هذا المثال. ولقول العرب: كساء مرنباني إذا عمل من أوبار الأرانب، فمؤرنب بمنزلة: مرنباني ولا همزة فيه، فهمزة مؤرنب زائدة. [سيبويه/ 4/ 280، هارون]. 329 - فذر ذا ولكن هتّعين متيّما … على ضوء برق آخر الليل ناصب البيت لمزاحم العقيلي، والمتيم: الذي ذلله الحبّ وجعله سهلا منقادا. والناصب: المتعب، وهو جار على معنى النسب مثل «لابن، وتامر» وجعل البرق ناصبا لأنه يعنّيه ويؤلمه بمراعاته والنظر إليه والتعرف لمكان صوب مطره، أهو في جهة من يهواه أم في غيرها، ومن هذا سأل المعونة عليه.

330 - ما المرء أخوك إن لم تلفه وزرا … عند الكريهة معوانا على النوب

والشاهد: هتّعين: وأصله هل تعين، فأدغم اللام من حرف الاستفهام في التاء التي هي حرف المضارعة. وساغ هذا الإدغام لأن اللام والتاء متقاربان في المخرج، فإنهما من حروف طرف اللسان. وقرئ «بتؤثرون الحياة الدنيا» من قوله تعالى: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا [الأعلى: 16]. [شرح المفصل ج 10/ 142، وكتاب سيبويه ج 2/ 417]. 330 - ما المرء أخوك إن لم تلفه وزرا … عند الكريهة معوانا على النّوب البيت في [الهمع ج 1/ 39] لرجل من طي. والشاهد: أخوك: بسكون الخاء على وزن (دلوك). 331 - وأنت - أراني الله - أمنع عاصم … وأرأف مستكفى وأسمح واهب لم يعرف قائله. وأنت: مبتدأ. وأمنع عاصم: خبره. والشاهد في (أراني الله) حيث ألغى عمل «أرى» الذي يستدعي ثلاثة مفاعيل، بتوسطه بين مفعوليه. ومستكفى: اسم مفعول، من استكفيته الشيء فكفانيه. والأصل في تركيب البيت: أراني الله إياك أمنع عاصم، فلما قدم المفعول الثاني، أبدل بضمير الرفع، وجعل مبتدأ. [الأشموني ج 2/ 39، والهمع/ 1/ 58، والتصريح ج 1/ 261]. 332 - لزجرت قلبا لا يريع إلى الصّبا … إنّ الغويّ إذا نها لم يعتب البيت لطفيل الغنوي، وقوله: لم يعتب، أي: لم يجب مرضيا لمن نهاه بانتهائه يقال: عتب يعتب، إذا سخط، وأعتب يعتب: إذا صار إلى العتبى، وهي الرضى. والشاهد (نها) أراد «نهي»، بصيغة المبني للمجهول، فقلب الكسرة فتحة للتخفيف، وليتمكن من قلب الياء ألفا، وهذه لغة فاشية في (طيّئ). [شرح المفصل ج 9/ 76، وسيبويه/ 2/ 291].

قافية التاء

قافية التاء 1 - فساغ لي الشّراب وكنت قبلا … أكاد أغصّ بالماء الفرات البيت منسوب لعبد الله بن يعرب، وقيل: إنه ليزيد بن الصعق، ويروى شطره الثاني (أكاد أغصّ بالماء الحميم). والشاهد فيه «قبلا» ظرف زمان منصوب .. وجاء منونا، لأنّ الشاعر قطع هذه الكلمة عن الإضافة في اللفظ، ولم ينو المضاف إليه، لا لفظه ولا معناه، ولو نرى المضاف إليه ما نوّنه، لأنّ المنويّ كالثابت، فإذا نوى معناه، كان حقه البناء على الضمّ. [شرح المفصل/ 4/ 88، والشذور/ 104، والهمع/ 1/ 210، والأشموني/ 2/ 269]. 2 - قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة … حتى ألمّت بنا يوما ملمّات نسب البيت إلى أبي شنبل الأعرابي، ونسب إلى تميم بن أبي مقبل .. وأحجو: بمعنى أظنّ .. ويروى بتنوين (أخا) ونصب (ثقة) من باب الوصف بالمصدر .. يقول: كنت أظنّ أبا عمرو صديقا يركن إليه في الشدائد، فاكتشفت أنه في الشدائد لا وداد له. والشاهد فيه: أحجو أبا عمرو أخا ثقة، حيث استعمل المضارع المأخوذ من «حجا» بمعنى (ظنّ) ونصب مفعولين. [شذور/ 357، والهمع/ 1/ 148، والأشموني/ 2/ 210]. 3 - وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا … ولا موجعات القلب حتى تولّت هذا البيت للشاعر كثيّر بن عبد الرحمن المعروف بكثيّر عزة. والشاهد قوله: «ما البكاولا موجعات». فإنّ «أدري»: فعل مضارع ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر .. وقوله: ما البكى: جملة من مبتدأ وخبر .. سدت مسدّ مفعولي (أدري) عمل الفعل في محلهما. لأنّ (ما) اسم استفهام لا يجوز أن يعمل فيه ما قبله، فيعلقه عن العمل لفظا ..

4 - هي الخمر لا شك تكنى الطلا … كما الذئب يكنى أبا جعدة

والدليل على أن الفعل عمل فيهما النصب، عطف «موجعات» منصوبا بالكسرة، على محل المبتدأ والخبر وهو النصب. [شرح أبيات المغني/ 6/ 271، والخزانة ج 9/ 144، والعيني/ 2/ 408]. 4 - هي الخمر لا شكّ تكنى الطّلا … كما الذئب يكنى أبا جعدة هذا البيت من شعر عبيد بن الأبرص .. هي الخمر: مبتدأ وخبر. لا شك - لا واسمها وخبرها محذوف. وجملة تكنى الطلا: صفة للخمر، لأنه محلّى بأل الجنسية فهو شبيه بالنكرة. كما: الكاف حرف تشبيه - وما: كافّة. الذئب: مبتدأ، جملة يكنى: خبر المبتدأ. والشاهد: تكنى الطلا: و «يكنى أبا جعدة». حيث عدّى الفعل في الموضعين إلى مفعولين، من غير أن يوسط بينه وبين أحدهما حرف جرّ. وأول المفعولين، ضمير مستتر نائب فاعل، وثانيهما الاسم الظاهر بعدهما. ولكن قوله «الطّلا» ليس كنية لأنها لم تصدر بأب ولا أم .. ولذلك يحسن الأخذ برواية «هي الخمر تكنى بأمّ الطّلاء». ويكون تعدّى للثاني بحرف الجرّ .. وقالوا: إنّ أصل رواية البيت «هي الخمر تكنى الطلاء» فيكون مختل الوزن .. وابتداء من الخليل بن أحمد، وانتهاء بآخر نحوي .. أصلح في البيت ليستقيم وزنه، وكلّ أصلحه باللفظ الذي يروق له والرواية المثبتة، هي رواية ابن هشام .. وأما إصلاح الخليل فهو «هي الخمر يكنونها بالطلاء». ورواية أخرى «هي الخمر حقا وتكنى الطلاء». [الشذور/ 372، واللسان «جعد» و «طلا»]. 5 - فإنّ الماء ماء أبي وجدّي … وبئري ذو حفرت وذو طويت من قول سنان بن فحل الطائي، من أبيات في حماسة أبي تمام .. وذو حفرت: التي حفرتها. وطويت البئر: إذا بنيت بالحجارة عليها: يريد أن يقول: إنه لا حقّ لكم في ورود الماء، لأنه ماء كان يرده أبي وجدّي من قبل وكان خاصا بهما وهذه البئر أنا الذي حفرتها، وأنا الذي بنيت دائرها. قوله: وبئري: إما مبتدأ خبره ذو (الاسم الموصول) أو معطوف على اسم إنّ .. والواو في الحالين عاطفة إما عطف جملة على جملة في الأول، أو مفرد على مفرد في القول الثاني. وشاهده: «وبئري ذو حفرت، وذو طويت». حيث استعمل (ذو) مرتين اسما موصولا

6 - خبير بنو لهب فلا تك ملغيا … مقالة لهبي إذا الطير مرت

بمعنى (التي) لأنّ البئر مؤنثة .. وله شواهد في الشعر العربي. [الإنصاف/ 773، وشرح المفصل/ 3/ 147، والهمع/ 1/ 84، والأشموني/ 1/ 158، والحماسة/ 591، واللسان (ذا) والخزانة/ 6/ 34]. 6 - خبير بنو لهب فلا تك ملغيا … مقالة لهبيّ إذا الطير مرّت منسوب إلى رجل من طيئ دون تعيين، وبنو لهب: من الأزد، يقال: إنهم أزجر قوم، وقال فيهم كثير عزّة. تيممت لهبا أبتغي العلم عندها … وقد صار علم العائفين إلى لهب ومعنى الشاهد: إن بني لهب عالمون بالزجر والعيافة فإذا قال أحدهم كلاما فصدقه، ولا تهمل ما يذكره لك إن زجر أو عاف .. قوله: فلا تك: الفاء حرف دال على التفريع. لا: ناهية. تك: أصلها تكن، مجزوم بالسكون على النون المحذوفة للتخفيف. ملغيا: خبرها. مقالة: مفعول به لاسم الفاعل، والطير: فاعل لفعل محذوف، وهو فعل الشرط، يفسره الموجود. والشاهد: خبير بنو لهب: فيه إعرابان: الأول للأخفش: خبير: مبتدأ. بنو: فاعل سدّ مسد الخبر، وهو يرى أن الوصف يعمل عمل الفعل وإن لم يسبقه نفيّ أو استفهام. والثاني للجمهور: خبير: خبر مقدم .. بنو: مبتدأ مؤخر .. والأصل: بنو لهب خبير، وصيغة فعيل، ربما استعملت للمفرد والمثنى والجمع، فيسقط الاعتراض على أنه يكون إخبارا بمفرد عن جمع .. والقولان عندي متوازيان لا يرجح أحدهما. [الهمع/ 1/ 94، والأشموني/ 1/ 192، والتصريح/ 1/ 157]. 7 - يا لعن الله بني السّعلات … عمرو بن ميمون شرار النات هذا رجز لعلباء بن أرقم اليشكري أحد شعراء الجاهلية .. والسعلات: بكسر السين، أنثى الغول. أو ساحرة الجنّ .. وعمرو .. بدل من بني السعلاة. والنات .. بالتاء، أراد الناس .. والشاهد: يا لعن الله. حيث اقترن حرف النداء بجملة فعلية دعائية ... واتفق العلماء أنّ النداء لا يكون جملة، فلزم تقدير اسم مفرد ليكون هو المنادى. والتقدير: يا قوم .. لعن الله .. وقد تعدّ «يا» حرف تنبيه، لا حرف نداء، وحرف التنبيه يدخل على الجملة

8 - كلف من عنائه وشقوته … بنت ثماني عشرة من حجته

الاسمية والفعلية. [الإنصاف/ 119، وشرح المفصل/ 10/ 36، والخصائص/ 2/ 53]. 8 - كلّف من عنائه وشقوته … بنت ثماني عشرة من حجّته رجز لنفيع بن طارق، والعناء: التعب. والشّقوة: بكسر الشين: مثل الشقاء. والحجة: السنة. والشاهد: بنت ثماني عشرة، فقد أنشد الكوفيون هذا البيت للاستدلال به على جواز إضافة الجزء الأول من الأعداد المركبة إلى العشرة، فقال عشرة بالجر والتنوين، وإذا صح هذا الرجز، فإنه يكون للضرورة، ذلك أن الإضافة تفسد المعنى، فأنت إذا قلت: قبضت (خمسة عشر) من غير إضافة، دلّ على أنك قبضت الخمسة والعشر، فإذا أضفت دلّ على أنك قبضت الخمسة دون العشرة. [الخزانة/ 6/ 430، والإنصاف/ 309، والهمع/ 2/ 149، والأشموني/ 4/ 72]. 9 - يا مرّ يا ابن واقع يا أنتا … أنت الذي طلّقت عام جعتا حتى إذا اصطبحت واغتبقتا … أقبلت معتادا لما تركتا قد أحسن الله وقد أسأتا هذا رجز لسالم بن دارة يقوله في مرّ بن واقع. والشاهد في قوله: يا مرّ يا ابن واقع .. وقوله «يا أنتا» فإن النداء الثاني (يا أنتا) يدلّ على النداء الأول .. فيكون الاسم العلم المنادى واقعا موقع الضمير والضمير مبني، فيكون الواقع موقعه مبنيا، وهذا سرّ بناء المنادى المفرد العلم على الضم عند البصريين، أما الكوفيون فيرون أنه معرب مرفوع .. وكلا القولين مقبول، وفي الموضوع تفصيلات. [الخزانة/ 2/ 139، الإنصاف ص 325، وشرح المفصل/ 1/ 127، والهمع/ 1/ 174، والأشموني/ 3/ 135]. 10 - والله أنجاك بكفّي مسلمت … من بعد ما، وبعد ما، وبعدمت كانت نفوس القوم عند الغلصمت … وكادت الحرّة أن تدعى أمت .. هذان البيتان من كلام الفضل بن قدامة، أبي النجم العجلي. قوله: مسلمت: هو مسلمة، وقوله: مت: أصلها (ما) فقلب الألف هاء، ثم قلب هذه الهاء تاء تشبيها لها بهاء التأنيث. والغلصمت: الغلصمة، وهي اللحم بين الرأس والعنق. وجماعة القوم، وسادة القوم، يقال: هو في غلصمة من قومه، أي: في شرف وعدد. وغلصمه غلصمة قطع غلصمته.

11 - فلو أن الأطبا كان حولي … وكان مع الأطباء الشفاة إذن ما أذهبوا ألما بقلبي … وإن قيل الشفاة هم الأساة

الله: مبتدأ. وجملة أنجاك: خبره. ومسلمت: مضاف إليه مجرور بالفتحة بدل الكسرة لأنه ممنوع من الصرف، وسكن لأجل الوقف .. قوله: من بعد ما .. وبعد ما .. ومت .. «ما» مصدرية، دخلت على كانت في بداية البيت الثاني. والمصدر المؤول من (ما وكان) .. مضاف إليه .. والغلصمة: مضاف إليه. والشاهد: في البيتين: «مسلمت» و «مت» و «الغلصمت» وأمت» أصلها: (مسلمة) و (ما) و (الغلصمة) و (أمة)، أما: مسلمت، وأمت، والغلصمت .. فقلبت هاء التأنيث تاء في الوقف. وقد نصّ ياقوت الحموي في معجم البلدان (ظفار) على أن الوقف على هاء التأنيث بالتاء، لغة حمير، وأما (مت) فأصله (ما) فقلبت الألف هاء ثم قلب هذه الهاء تاء تشبيها لها بهاء التأنيث .. وقد سمعت هذه اللهجة في ديار الجزيرة العربية في أيامنا. فيقولون (سيارت) و «طيارت» للسيارة والطيارة .. والمعروف في قاعدة الوقف على ما فيه تاء التأنيث، إذا كانت ساكنة لا تتغير نحو «قامت وقعدت». وإن كانت متحركة، فإن كانت الكلمة جمعا نحو (مسلمات) وقف عليها بالتاء. وإن كانت مفردة، فالأفصح الوقف بإبدالها هاء. تقول: (هذه رحمه) (وهذه شجره). وبعضهم يقف بالتاء، وقد وقف بعض السبعة بالتاء في قوله تعالى إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ [الأعراف: 56] إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ [الدخان: 43] وسمع بعضهم يقول: «يا أهل سورة البقرت»، فقال بعض من سمعه «والله ما أحفظ منها آيت». ومنه البيتان السابقان. [الخزانة/ 4/ 177، وشرح المفصل/ 5/ 89، وج 9/ 81، والهمع/ 2/ 209، والأشموني/ 4/ 214، واللسان «ما»]. 11 - فلو أنّ الأطبّا كان حولي … وكان مع الأطبّاء الشّفاة إذن ما أذهبوا ألما بقلبي … وإن قيل الشّفاة هم الأساة الشفاة: جمع شاف. وتروى «السقاة» جمع ساق، وهو الذي يسقي الدواء للمريض. والأساة: جمع آس، وهو الطبيب المعالج. والشاهد في البيت الأول «كان» بضم النون، فإنّ هذه الضمة، بدل واو الجماعة المحذوفة والأصل «كانوا حولي». وجواب «لو» إذن ما أذهبوا.، في أول البيت الثاني. وهذا الشعر تناقله كثير من الرواة، بدون عزو. ونسبة الشعر إلى قائل، لا يدلّ دائما على صحته، فكم من شعر منحول. وكثير من الشواهد المفردة في كتب النحو واللغة، لم تعز لقائل، ولكنها مسموعة من أهل الفصاحة الذين

نقلت اللغة عنهم. حيث كان علماء اللغة يرحلون إلى أعماق البادية لسماع اللغة .. وحذف واو الجماعة من (كان) التي نقلنا البيت الأول شاهدا لها، نقل الفرّاء في «معاني القرآن» أنها من لغة هوازن وعليا قيس. ونقل هذه اللغة، ثعلب في أماليه، وابن الأنباري في الإنصاف، وابن يعيش في شرح المفصل، وابن هشام في المغني. وعلى هذه اللغة يخرّج الرسم القرآني، وقراءته التي جاء فيها حذف الضمير من آخرها. فقد أورد الفرّاء البيت الشاهد عند قوله تعالى في سورة البقرة فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي، وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ [البقرة: 150]، قال: قوله: واخشوني: أثبت فيها الياء، ولم تثبت في غيرها. وكلّ ذلك صواب، وإنما استجازوا حذف الياء، لأن كسرة النون تدل عليها، وليست العرب تهاب حذف الياء من آخر الكلام، إذا كان ما قبلها مكسورا. من ذلك «أكرمن» و «أهانن» في سورة الفجر. وقوله أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ [النمل 36]. ومن غير النون «المناد» [ق 41] و «الداع» [القمر 6 - 8]. وهو كثير. يكتفى من الياء بكسرة ما قبلها. ومن الواو، بضمة ما قبلها، مثل قوله سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ [العلق 18]. ويَدْعُ الْإِنْسانُ [الإسراء 11] .. وما أشبهه. وقد تسقط العرب الواو، وهي واو جمع، اكتفاء بالضمة مثلها، فقالوا: في «ضربوا» قد ضرب. وفي قالوا: قد قال. وأنشدني بعضهم: إذا ما شاء ضرّوا من أرادوا … ولا يألو لهم أحد ضرارا وأورد صاحب «الكشاف» البيت في سورة (المؤمنون) شاهدا لقراءة من قرأ «قد أفلح» بضم الحاء، اجتزاء بالضمة عن الواو والأصل: قد أفلحوا، على لغة «أكلوني البراغيث». ونقل ابن هشام في المغني، في الجهة الرابعة من الكتاب الخامس عن التبريزي في قراءة يحيى بن يعمر عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ [الأنعام 154]. بالرفع، أن أصله «أحسنوا» فحذفت الواو اجتزاء عنها بالضمة. كما قال: إذا ما شاء ضروا .. البيت. ثم قال: وحذفت الواو. وإطلاق «الذي» على الجماعة ليس بالسهل. والأولى قول الجماعة إنه بتقدير مبتدأ. أي: هو أحسن. وأما قول بعضهم في قراءة ابن محيصن لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ. [البقرة 233]. إنّ الأصل، أن يتموا بالجمع، فحسن، لأنّ الجمع على معنى (من) ولكن أظهر منه قول الجماعة: إنه جاء على إهمال أن الناصبة ..

12 - من يك ذا بت فهذا بتي … مقيظ مصيف مشتي

أقول: ومجموع هذه الأقوال، يدلّ على أنّ ما جاء في بيت الشعر، ليس ضرورة شعرية، وإنما هو لغة. وقد أطنبت في نقل الأقوال السابقة لأنني سعدت بالعثور عليها، وأردت أن أسعد قرّاء القرآن بها ذلك أن حذف الضمائر من بعض آيات الكتاب العزيز، يظنّه كثير من الناس رسما قرآنيا موروثا عن المصحف العثماني، لا دلالة له. وأنه يصحّ رسمه بالخط العربيّ المتداول، ولا يغيّر المعنى .. والصحيح أن الرسم القرآني، ليس موروثا وإنما هو منقول عن الصحف التي كتبت في العهد النبويّ. ولذلك نقل عن الإمام مالك، والإمام أحمد، النهي عن كتابة القرآن بالرسم الإملائي الذي استحدث في زمن الخليل بن أحمد، وفي الأزمنة التالية. فكلّ رسم قرآني له دلالته اللغوية والمعنوية، وهو لغة من لغات العرب، قد يكون وصلنا شاهد لها، وما لم يصلنا شاهده، فإنه قد يكون ضاع وفقد، ولم يصل إليه علماء اللغة، وقد قالوا إنه لم يصلنا من شعر العرب إلا أقلّه. ذلك أن القرآن وصلنا مسموعا ومكتوبا بتواتر لم يثبت لشيء من اللغة. أقول: وفي الذي نقلته حول هذا الشاهد، دليل على جهل ابن خلدون الذي يزعم في مقدمته أن الصحابة الذين كتبوا المصحف، لم يكونوا يحذقون الخط العربي، فوقع منهم ما يخالف الرسم. فابن خلدون أعطي منزلة في تاريخ الثقافة الإسلامية لا يستحقها، وما رفعه فوق قدره إلا جهلة العرب الذين تتلمذوا على الأوربيين والمستشرقين. والله أعلم. [الإنصاف/ 385، وشرح المفصل/ 7/ 5 وج 9/ 80، والهمع/ 1/ 58، والخزانة/ 5/ 229، 233]. 12 - من يك ذا بتّ فهذا بتّي … مقيّظ مصيّف مشتّي .. ينسب هذا البيت لرؤبة بن العجّاج .. والبتّ: الكساء الغليظ المربّع وقيل: طيلسان من خزّ، وجمعه بتوت .. يريد أن يقول: إذا كان لأحد من الناس كساء فإن لي كساء أكتفي به في زمان القيظ وزمان الصيف وزمان الشتاء. يعني أنه يكفيه الدهر كلّه .. من: اسم شرط .. يك: فعل الشرط مجزوم بالسكون على النون المحذوفة للتخفيف، وهو فعل ناقص، اسمه مستتر. ذا: خبره منصوب بالألف. فهذا .. الفاء رابطة: وهذا: مبتدأ بتّي: خبره، والجملة جواب الشرط. ومن: مبتدأ: خبره الجملة الشرطية. والشاهد: قوله: فهذا بتّي مقيظ مصيّف مشتّي .. فإنها أخبار متعددة لمبتدأ واحد من غير عاطف .. على خلاف من يقول ... إن الأخبار لا تتعدد إلا بعاطف. ولكن هل يصح

13 - ألا عمر ولى مستطاع رجوعه … فيرأب ما أثأت يد الغفلات

الإخبار ب «مقيظ» عن هذا؟ فلا بدّ معه من التأويل. ويظهر أنّ الذي جعلهم يميلون إلى هذا الإعراب، كون قافية الشطر الأول مضافة إلى ياء المتكلم، وكذلك قافية الشطر الثاني وأحسن منه أن يجعل: (مقيظ) وما بعده أخبارا لمبتدأ جديد تقديره: (أنا) أو رفعه على البدل، ولو كان في غير هذا الشعر لكان الوجه نصبها على الحال. [سيبويه 1/ 258، والإنصاف/ 725، وشرح المفصل/ 1/ 99، والهمع/ 1/ 108 وج 2/ 67، والأشموني/ 1/ 222، واللسان (بتت)]. 13 - ألا عمر ولّى مستطاع رجوعه … فيرأب ما أثأت يد الغفلات .. هذا البيت غير منسوب .. وقوله: يرأب: يجبر، ويصلح: وأثأت: فتقت وصدعت .. وقوله: ألا: كلمة واحدة للتمني، أو: الهمزة للاستفهام وأريد بها التمني، و «لا» النافية للجنس. عمر: اسمها .. ومذهب سيبويه، أن «ألا» إذا كانت للتمني، لا خبر لها، لا لفظا ولا تقديرا .. وجملة ولّى: صفة (عمر) .. ومستطاع رجوعه، جملة اسمية صفة ثانية، فيرأب: الفاء للسببية والفعل منصوب بأن مضمرة. و «ما» اسم موصول في محل نصب مفعول به. والشاهد: (ألا عمر) حيث أريد بالاستفهام مع (لا) التمني .. [شرح أبيات المغني/ 2/ 92، والأشموني/ 2/ 15، والتصريح/ 1/ 245]. 14 - ليت - وهل ينفع شيئا ليت … ليت شبابا بوع فاشتريت .. البيت لرؤبة بن العجّاج .. قوله .. : ينفع شيئا: شيئا: مفعول به .. ليت: فاعل أراد لفظها. ليت: الثانية في بداية الشطر الثاني: توكيد ل «ليت» الأولى. شبابا اسم ليت الأولى، بوع: ماض مبني للمجهول، وجملته خبر ليت .. وجملة فاشتريت معطوفة على جملة (بوع). والشاهد: بوع .. فإنه فعل ثلاثي معتل العين، فلما بناه للمجهول أخلص ضمّ فائه، وهي لغة جماعة من العرب .. ومثله «قول». [شرح المفصل/ 7/ 70، وشرح أبيات المغني/ 6/ 219، والهمع/ 2/ 165، والأشموني/ 2/ 63]. 15 - كلا أخي وخليلي واجدي عضدا … وفي النّائبات وإلمام الملمّات يقول: كل من أخي وصديقي يجدني عونا له وناصرا عند ما تنزل به نازلة.

16 - يا قوم قد حوقلت أو دنوت … وشر حيقال الرجال الموت

[الهمع/ 2/ 50، والأشموني/ 2/ 260، والتصريح/ 2/ 43، وشرح أبيات المغني/ 4/ 257]. وجاء البيت الشاهد في قصيدة لأبي الشعر الهلالي، قال البغدادي: الظاهر أنه إسلامي من شعراء الدولة الأموية، ومطلع القصيدة: جدّ الرحيل وما قضّيت حاجاتي … وما التّخابر إلّا في الملمّات وقبل البيت: ولم أكن عند نوبات الغنى بطرا … ولم أكن جزعا عند الشّديدات وبعد البيت الشاهد: لقد علمت وخير العلم أنفعه … أنّي إلى أجل يأتي وميقات .. كلا: مبتدأ. مرفوع بضمة مقدرة .. واجدي: خبر المبتدأ، وهو مضاف إلى مفعوله الأول في المعنى، الياء. عضدا: مفعول ثان ل (واجدي) .. وأفرد الخبر (واجدي) مع أن المبتدأ مثنى، لأن «كلا» لفظه لفظ الواحد، ومعناه معنى المثنى، وتجوز مراعاة لفظه، كما تجوز مراعاة معناه .. والشاهد: «كلا أخي وخليلي» حيث أضاف «كلا» إلى متعدد، مع التفرق بالعطف، وهو شاذّ، فإن «كلا وكلتا» تضاف إلى أسماء لها ثلاثة شروط: 1 - المعرفة. 2 - أن يدل على اثنين أو اثنتين. 3 - أن يكون لفظا واحدا كرجلين وامرأتين وخليلين. 16 - يا قوم قد حوقلت أو دنوت … وشرّ حيقال الرجال الموت وحوقلت: كبرت وضعفت، أو دنوت: قربت، يقول: إني قد كبرت سني وضعفت عن القيام بأمور نفسي أو قربت من ذلك، وشرّ الكبر الموت، أي: القرب منه، والكلام خبر لفظا ولكن المعنى، على إنشاء التحسر والتحزن على الفارط من شبابه وقوته. يا قوم: منادى منصوب، بفتحة مقدرة، قبل ياء المتكلم المحذوفة للتخفيف .. والشاهد: حيقال على وزن فعلال بكسر فسكون، وهو مصدر حوقل الملحق بدحرج فحقّ مصدره أن يكون بزنة الفعللة. [شرح المفصل/ 7/ 155، والعيني/ 3/ 573]. 17 - ألا رجلا جزاه الله خيرا … يدلّ على محصّلة تبيت

18 - ربما أوفيت في علم … ترفعن ثوبي شمالات

البيت لعمرو بن قعاس، شاعر جاهلي، وقعاس، بكسر القاف. وقوله «محصّلة» على وزن اسم الفاعل من الفعل المزيد، قالوا: هي التي تحصّل الذهب فتميزه من تراب المعدن، وتخلصه منه. وقوله: تبيت: يقال: بات الرجل يبيت بيتا، إذا تزوج. وقيل: تبيت: فعل ناقص، مضارع بات، واسمها مستتر، والخبر جملة «ترجّل جمتي» في البيت التالي: ترجّل جمتي وتقمّ بيتي … وأعطيها الإتاوة أن رضيت ويكون فيه عيب التضمين، وهو توقف بيت على آخر. ويروى: تبيت: بضم أوله من أبات، أي تجعل لي بيتا، أي: امرأة بنكاح .. وعلى هذه الرواية فلا تضمين .. والشاهد: في البيت أنّ «ألا» فيه للتحضيض، وهو طلب بحثّ. والفعل الذي يليها محذوف تقديره «ألا ترونني رجلا» بضم التاء .. وهناك خلاف في سبب نصب «رجلا» وتنوينه على أقوال كثيرة .. فصّلها البغدادي في «شرح أبيات المغني». [سيبويه/ 1/ 359، وشرح المفصل/ 2/ 101، والأشموني/ 2/ 16، وشرح أبيات المغني/ 2/ 94، والخزانة/ 3/ 51، وج 4/ 195]. 18 - ربّما أوفيت في علم … ترفعن ثوبي شمالات البيت لجذيمة بن مالك بن فهم الملقب بالأبرص، أو الأبرش توفي نحو 268 م .. وهو الذي عاصر الملكة زنوبيا، وكان جذيمة من تنوخ قضاعة من ملوك العرب في الجاهلية، وملك ستين سنة، واستولى على ما بين الحيرة والأنبار والرّقة وما جاور بادية العراق .. وقد قتلته الزبّاء، فورثه ابن أخته عمرو بن عديّ جدّ مؤسسي دولة آل نصر اللخميين ... أقول: إنّ نقل أهل اللغة والنحو، شعر جذيمة الأبرش، والزباء، دليل على ثبوت هذا الشعر عندهم، ودليل على صلاحيته للاستشهاد به في قضايا اللغة والنحو، ودليل أيضا على أن لغة العرب المضرية - لغة القرآن - كانت سائدة في بلاد العراق وديار الشام، قبل الإسلام بمدة طويلة. وقوله: علم: أي: جبل. والشمالات: جمع الشمال من الرياح، وخصّها لأنها تهبّ بشدة في أكثر أحوالها. وقوله: أوفيت أي: أشرفت، يقول: أشرفت على مكان عال في جبل. وجمع ريح الشمال: للإشارة إلى شدة الريح أو للدلالة على

19 - ألا أبلغ أبا إسحق أني … رأيت البلق دهما مصمتات أري عيني ما لم ترأياه … كلانا عالم بالترهات كفرت بوحيكم وجعلت نذرا … علي قتالكم حتى الممات

تعدد المرات التي كان يصعد فيها الجبل. فالمعنى: أنه يحفظ أصحابه في رأس جبل، فيكون طليعة لهم، والعرب تفخر بهذا، لأنه دال على شهامة النفس وحدة النظر. والشاهد في البيت: على أن (ربّ) فيه للتكثير، فهو يفخر بذلك، ويناسب الفخر التكثير. وفي البيت شاهد آخر وهو توكيد «ترفعن» بنون التوكيد الخفيفة للضرورة، وقالوا: للضرورة، لأنهم شرطوا للتوكيد بالنون أن يسبق الفعل بطلب، أو نفي، أو قسم، ولم يسبق الفعل بشيء من هذا. [الخزانة/ 11/ 404، وسيبويه/ 1/ 154، وشرح المفصل/ 9/ 40، والهمع/ 2/ 38، والأشموني/ 2/ 131، وج 3/ 217، وشرح أبيات المغني ج 3/ 163]. 19 - ألا أبلغ أبا إسحق أنّي … رأيت البلق دهما مصمتات أري عينيّ ما لم ترأياه … كلانا عالم بالتّرّهات كفرت بوحيكم وجعلت نذرا … عليّ قتالكم حتى الممات الأبيات للشاعر سراقة بن مرداس البارقي (ت - 79 هـ) .. وهو يخاطب المختار الثقفي وكان قد خرج الشاعر مع من خرج على المختار الثقفي، فأسر وأتي به إلى المختار فقال له: الحمد لله الذي أمكنني منك .. فقال سراقة: أما والله ما هؤلاء الذين أسروني فأين هم؟ إنّا لما التقينا رأينا قوما عليهم ثياب بيض وتحتهم خيل بلق، تطير بين السماء والأرض، فقال المختار: خلّوا سبيله ليخبر الناس. وكان المختار يدّعي تأييد السماء له، وأنّ الملائكة تحارب معه، فتخلص الشاعر من المأزق، بالاعتراف بما يدّعيه المختار، حيلة. وقوله: كفرت بوحيكم: أي: ما تدّعونه من نزول الوحي عليكم .. وقد انقطع الوحي منذ وفاة محمد عليه السّلام. والشاهد في البيت الثاني: على أنه جاء بالفعل «ترأى» على الأصل من تحقيق الهمزة دون حذفها، والمشهور أن تقول «ترياه» بإسقاط الهمزة، وقوله: أري: مضارع، فاعله ضمير مستتر تقديره «أنا». يتعدى لمفعولين. ويروى البيت (ما لم تبصراه) ولا شاهد فيه. [شرح المفصل/ 9/ 110، وشرح أبيات المغني/ 5/ 139]. 20 - حنّت نوار ولات هنّا حنّت … وبدا الذي كانت نوار أجنّت قائل البيت شبيب بن جعيل حين وقع في الأسر مع أمه نوار بنت عمرو بن كلثوم،

21 - وإني- وتهيامي بعزة بعد ما … تخليت فيما بيننا وتخلت لكالمرتجي ظل الغمامة كلما … تبوأ منها للمقيل اضمحلت

وقيل هو حجل بن نضلة حين أسر نوار وفرّ بها إلى المفاوز. ولك في «نوار» وجهان الرفع مع المنع من الصرف. والبناء على الكسر مثل حذام. ومعنى أجنّت: أخفت أما هنّا: فهي لغة في «هنا» بضم الهاء وتشديد النون، وهي في الأصل اسم إشارة للمكان، ولكنهم في هذا البيت توسعوا فيها واستعملوها للزمان، فخرجت عن كونها اسم إشارة، فصح لديهم إعرابها خبر (لات) وإضافتها إلى الجملة بعدها .. ذلك أن «لات» لا تدخل إلا على الزمان، ويكون اسمها محذوفا. وللعلماء في هذا البيت أقوال أخرى منها: 1 - (لات) مهملة، و «هنا» خبر مقدم، وحنت مبتدأ مؤخر، بتقدير (أن) مثل «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه». 2 - (هنّا) اسم لات، و (حنّت) خبرها، بتقدير «أيّ وقت حنّت» وقد جمع هذا الإعراب بين معموليها. وجملة (ولات ..) حال. [الخزانة/ 4/ 195، وشرح المفصل/ 3/ 15، وشرح أبيات المغني/ 7/ 247، والهمع/ 1/ 78، والأشموني/ 1/ 145، 256]. 21 - وإنّي - وتهيامي بعزّة بعد ما … تخلّيت فيما بيننا وتخلّت لكالمرتجي ظلّ الغمامة كلّما … تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت البيتان للشاعر كثيّر بن عبد الرحمن الخزاعي (- 150 هـ) صاحب عزّة. يقول: إنّي مع وجدي المفرط بها الآن بعد ما تركتها، وتركتني، مثل الذي يرجو ظل الغمامة وقاية لحرّ الشمس، فهو كلما جلس تحتها زالت عنه، فهو لا ينتفع بظلها أبدا، فكذلك وجدي بها الآن، لا ينفعني بعد انقطاع الوصل بيننا .. وإنّي: إنّ واسمها. لكالمرتجي: خبرها. والخلاف جار في المعترض بين الاسم والخبر: على قولين: الأول: تهيامي مبتدأ - بعزّة متعلق بمحذوف خبر - والجملة معترضة. وفي هذا الاعتراض توكيد للكلام. والقول الثاني: وتهيامي: الواو للقسم ومقسم به، بعزة: الجار والمجرور متعلقان بالمصدر (تهيام). ويكون الاعتراض بجملة قسميّة فعلية. [الخزانة/ 5/ 215، وشرح المغني/ 6/ 205، والخصائص/ 1/ 43]. 22 - ألا إنّ قتلى الطّفّ من آل هاشم … أذلّت رقاب المسلمين فذلّت أولئك قوم لم يشيموا سيوفهم … ولم تكثر القتلى بها حين سلّت هذان البيتان للفرزدق، وقيل لسليمان بن قتة في رثاء الحسين رضي الله عنه.

23 - وكنت كذي رجلين رجل صحيحة … ورجل رمى فيها الزمان فشلت

والشاهد في البيت الثاني، ويروي النحويون مطلعه (بأيدي رجال). ولكن ما أثبتّه يتناسب ونسق الأبيات المرويّة. والبيت الثاني من المشكل في معناه، قالوا: شام: من الأضداد: شام سيفه: إذا سلّه وشام سيفه، إذا أغمده. ولذلك أعطوه تفسيرين: الأول: لم يغمدوا سيوفهم إلا بعد أن كثرت بها القتلى، كما تقول: لم أضربك ولم تجن عليّ، أي: إلا بعد أن جنيت عليّ. والمعنى الثاني: لم يسلّوا سيوفهم إلا وقد كثرت القتلى كما تقول: لم ألقك ولم أحسن إليك، أي: إلا وقد أحسنت إليك. والقولان صحيحان .. والشاهد في البيت الثاني: أنّ الواو دخلت على الجملة الفعلية الحالية، وهي هنا جملة (ولم تكثر القتلى) فهي حال من الواو في (يشيموا). والأصل أنّ الواو الحالية تدخل على الجملة الاسمية، وتكون مع (قد) مع جملة الحال الفعلية ولذلك يقدرون: (وقد لم) .. قالوا: ووجب أن تكون الواو هنا للحال، لأن تقدير العطف يفسد المعنى، وينقلب المدح ذما. والله أعلم. [الإنصاف/ 667، وشرح المفصل/ 2/ 67، وشرح أبيات المغني/ 6/ 108]. 23 - وكنت كذي رجلين رجل صحيحة … ورجل رمى فيها الزمان فشلّت هذا البيت من قصيدة فريدة النسج والمحتوى، للشاعر كثيّر عزّة، وقد مضى منها شاهدان، وهذا الثالث؛ وهي التي يقول في بعض أبياتها: خليليّ هذا ربع عزّة فاعقلا … قلوصيكما ثم ابكيا حيث حلّت ومسّا ترابا كان قد مسّ جلدها … وبيتا وظلّا حيث باتت وظلّت ولا تيأسا أن يمحو الله عنكما … ذنوبا إذا صليتما حيث صلّت وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا … ولا موجعات القلب حتى تولّت ... كأنّي أنادي صخرة حين أعرضت … من الصّمّ لو تمشي بها العصم زلّت أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها … وحلّت تلاعا لم تكن قبل حلّت فليت قلوصي عند عزّة قيّدت … بقيد ضعيف فرّ منها فضلّت وغودر في الحيّ المقيمين رحلها … وكان لها باغ سواي فبلّت وكنت كذي رجلين ...

24 - وأي فتى هيجاء أنت وجارها … إذا ما رجال بالرجال استقلت

أريد الثواء عندها وأظنّها … إذا ما طلبنا عندها المكث ملّت فما أنصفت أما النساء فبغّضت … إلينا وأما بالنوال فضنّت يكلفها الغيران شتمي وما بها … هواني ولكن للمليك استذلت هنيئا مريئا غير داء مخامر … لعزّة من أعراضنا ما استحلت وإني وتهيامي بعزّة بعد ما … تخلّيت مما بيننا وتخلّت لكالمرتجي ظلّ الغمامة كلما … تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت كأني وإياها سحابة ممحل … رجاها فلما جاوزته استهلّت أما معنى الشاهد ففيه قولان: قيل: أراد أنها عاهدته وواثقته أن لا تحول عنه فثبت هو على عهده ولم تثبت هي. وقيل: إنما تمنى أن تضيع قلوصه فيجد سبيلا إلى بقائه عندها، فيكون من بقائه عندها كذي رجل صحيحة ومن ذهاب قلوصه الحاملة له وانقطاعه عن سفره كذي رجل شلّاء. وقوله: رمى فيها الزمان: المفعول محذوف، تقديره «الداء». وشلّت: مبني للمعلوم. والفاء عطفت جملة على جملة «رمى». والشاهد في البيت: قوله «رجل» في الموضعين، بالجرّ بدل من «رجلين» ويسمى بدل مفصّل من مجمل. ويجوز فيهما الرفع، بتقديرهما خبرين لمبتدأين محذوفين أو مبتدأين لخبرين محذوفين تقديرهما: «منهما رجل صحيحة، ومنهما رجل ...». [سيبويه/ 1/ 215، وشرح المفصل/ 3/ 68، وشرح أبيات المغني/ 7/ 38، والخزانة/ 5/ 211]. 24 - وأيّ فتى هيجاء أنت وجارها … إذا ما رجال بالرجال استقلّت البيت مجهول، وأنشده سيبويه في كتابه. قوله: فتى هيجاء. الهيجاء: الحرب. وفتاها: القائم بها، وجارها: المجير منها، الكافي لها، ومعنى استقلت: نهضت. والشاهد فيه: عطف «جارها» بالجرّ على «فتى هيجاء». والتقدير أيّ فتى هيجاء، وأيّ جارها أنت. فجارها نكرة، لأنّ «أيّ» إذا أضيفت إلى واحد، لم يكن إلا نكرة، لأنّه في معنى الجنس «فجارها» وإن كان مضافا إلى ضمير «هيجاء». فهو نكرة في المعنى، لأن ضمير «الهيجاء» في الفائدة مثلها، فكأنه قال: أي فتى هيجاء، وأيّ جار هيجاء أنت ... ولا يجوز رفع (وجارها) لأنه إذا رفع فهو على أحد وجهين: إما أن يكون عطفا على

25 - علام تقول: الرمح يثقل عاتقي … إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت

«أيّ». أو عطفا على «أنت». فإن كان عطفا على «أيّ». وجب أن يكون بإعادة حرف الاستفهام، وخرج عن معنى المدح فيصير: أي فتى هيجاء، وأيّ جارها أنت. وإن كان عطفا على «أنت» صار التقدير: أيّ فتى هيجاء أنت، والذي هو جار الهيجاء، وكأنه قال: أنت ورجل آخر جار هيجاء، ولم يقصد الشاعر إلى هذا والله أعلم. [سيبويه/ 1/ 244]. 25 - علام تقول: الرمح يثقل عاتقي … إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت هذا البيت للشاعر الفارس، عمرو بن معد يكرب، وقبله: ولما رأيت الخيل زورا كأنها … جداول زرع أرسلت فاسبطرّت فجاشت إليّ النفس أول مرة … فردّت على مكروهها فاستقرت علام ... والأبيات في الحماسة الطائية، يصف الشاعر نفسه في الحرب. وقوله: زورا: جمع أزور، وهو المعوجّ الزّور، أي: الصدر. يقول: رأيت الفرسان منحرفين للطعن، وقد خلّوا أعنة دوابّهم وأرسلوها علينا كأنها أنهار زرع أرسلت مياهها، فاسبطرت أي: امتدت. والتشبيه وقع على جري الماء في الأنهار، لا على الأنهار فكأنه شبه امتداد الخيل في انحرافها عند الطعن، بامتداد الماء في الأنهار، وهو يطرد ملتويا ومضطربا. وهذا تشبيه بديع. وقوله: فجاشت: أي: ارتفعت من فزع، وهذا ليس لكونه جبانا، بل هذا بيان حال النفس، ونفس الجبان والشجاع سواء فيما يدهمها عند الوثبة الأولى، ثم يختلفان، فالجبان يهرب، والشجاع يدفع نفسه فيثبت، وقوله: فجاشت: الفاء زائدة. وجاشت: جواب «لمّا»، أو: الفاء عاطفة، والجواب في بيت سابق هذا البيت، حذفه أبو تمام من مختاره، وهو قوله: هتفت فجاءت من زبيد عصابة … إذا طردت فاءت قريبا فكرّت وقوله: علام: على حرف جرّ، و «ما» استفهامية، ولهذا حذفت ألفها، وهي متعلقة ب «تقول»، والعاتق: ما بين المنكب والعنق. وهو موضع الرداء. وأما جواب (إذا) الأولى فهو يثقل. والثانية: أطعن. وقيل: جواب الأول محذوف، وإذا الأولى وما ناب عن جوابها في موضع جواب الثانية كأنه قال: إذا الخيل كرت وجب إلقائي الرمح مع تركي الطعن به. وفي البيت شاهدان: الأول: أن «على» فيه للتعليل. وهو مذهب ابن مالك والكوفيين.

26 - بعد اللتيا واللتيا والتي … إذا علتها أنفس تردت

والثاني: استعمال: قال، بمعنى ظنّ، ونصب «الرمح» ويجوز رفع (الرمح) على الابتداء. [الهمع/ 1/ 157، والأشموني/ 2/ 36، 222، وشرح المغني/ 3/ 236]. 26 - بعد اللّتيّا واللّتيّا والّتي … إذا علتها أنفس تردّت البيت من رجز العجّاج، وقوله: اللّتيا: تصغير «التي» ويصغرون «التي» على هذا اللفظ للدلالة على معنى شناعة الشيء وعظمه، وقد وصف العجاج دواهي شنيعة. والعجاج: اسمه عبد الله، ولقب بالعجّاج ببيت قاله وهو: «حتى يعجّ عندها من عجعجا» وهو راجز مجيد، عده الجمحي من الشعراء الإسلاميين، قيل: ولد في الجاهلية ومات أيام الوليد بن عبد الملك، وهو أول من رفع الرجز، وشبهه بالقصيد وجعل له أوائل، قال ابن رشيق: تسمى الأرجوزة قصيدة، طالت أبياتها أم قصرت، ولا تسمى القصيدة أرجوزة، إلا أن تكون من أنواع الرجز ولو كانت مصرّعة الشطور، فالقصيدة تطلق على كل الرجز، لا العكس. وقوله في البيت «تردّت» من الردى، وهو الهلاك، فعله «ردي يردى». وإن شئت جعلته من التردّي الذي هو السقوط من علوّ، ومنه «المتردية» الشاة التي تسقط من جبل أو في بئر فتموت. وقوله: علتها؛ من العلوّ والضمير لأسماء الموصولات التي هي بمعنى الدواهي، وإذا: شرطية، علتها: شرطها. وتردّت: جزاؤها، والجملة الشرطية صلة «التي». والشاهد في هذا البيت: حذف صلة الموصولين الأولين، لأن صلة الموصول الثالث دلّت على ما أراد. [شرح المفصل/ 5/ 140، وشرح المغني/ 7/ 310، واللسان (لتى) والمقتضب/ 2/ 289]. 27 - علّ صروف الدهر أو دولاتها … تدلننا اللّمّة من لمّاتها فتستريح النفس من زفراتها الرجز مجهول القائل: وصروف الدهر: حوادثه. والدولة: بالفتح والضم: الانتقال من حال البؤس إلى حال السرور. وتدلننا: من الإدالة، وهو النصر، يتعدى إلى مفعولين أحدهما ب (على) ف (اللمة) في البيت منصوبة على نزع الخافض وهو «على» والتقدير: تدلننا على اللمة. وزفرات: جمع زفرة، بسكون الفاء، وهي تردد النفس في الجوف،

28 - شهدت بأن قد خط ما هو كائن … وأنك تمحو ما تشاء وتثبت

وسكنت الفاء للضرورة. وفي الرجز شاهد على أنه يجوز نصب جواب «لعل» بعد الفاء عند الكوفيين، و «علّ» بمعنى «لعلّ» .. وشاهد آخر في «علّ» روي بنصب «صروف» على أن «علّ» من أخوات إنّ، وروي بالجرّ على أنها حرف جرّ. [الإنصاف/ 220، والأشموني/ 3/ 312، واللسان «لمم» وشرح المفصل/ 5/ 29، والأشموني/ 3/ 312، وشرح أبيات المغني/ 3/ 384]. 28 - شهدت بأن قد خطّ ما هو كائن … وأنّك تمحو ما تشاء وتثبت لا أعرف قائل البيت، وذكروه شاهدا على الفصل بين (أن) المخففة والفعل ب (قد) واسمها في مذهب الجمهور ضمير محذوف. وفي مذهب سيبويه والكوفيين تعدّ ملغاة. [الأشموني/ 2/ 292]. 29 - أفي الولائم أولادا لواحدة … وفي العيادة أولادا لعلّات البيت غير منسوب، وأولاد العلات: أولاد الرجل من نسوة شتّى. والشاهد: كونه نصب «أولادا» بإضمار فعل كأنه قال: أتثبتون مؤتلفين في الولائم؟ ونصب أولادا الثانية، بإضمار فعل، كأنه قال: أتمضون متفرقين في وقت الشدّة؟ وهو يهجوهم بالشراهة وخسة النفس. [سيبويه/ 1/ 172، واللسان «علل»]. 30 - رحم الله أعظما دفنوها … بسجستان طلحة الطّلحات البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات يرثي طلحة بن عبد الله الخزاعي. والشاهد فيه «طلحة» يروى بالجر على حذف مضاف، وبقاء المضاف إليه على حاله، ويروى بالنصب بالرد على الأعظم والحمل على إعرابها. وفيه شاهد على أن طلحة يجمع على طلحات، ويرى الكوفيون أنه يقال «طلحون». [الإنصاف/ 41، وشرح المفصل/ 1/ 47، والهمع/ 2/ 127، والخزانة/ 8/ 10]. 31 - إذا روّح الراعي اللقاح معزّبا … وأمست على آنافها عبراتها البيت للأعشى، يصف شدة الزمان وكلب الشتاء. واللقاح: جمع لقحة، بالكسر وهي من الإبل ذات اللبن. معزّبا: مبعدا بإبله في المرعى لعدم الكلأ، وتطلبه. والعبرات:

32 - فلست أبالي بعد موت مطرف … حتوف المنايا أكثرت أو أقلت

الدموع، أي: انحدرت دموعها على أنوفها لشدة البرد. والشاهد: جمع أنف على آناف، شذوذا. والمشهور «أنوف». [سيبويه/ 2/ 176، وشرح المفصل/ 5/ 17]. 32 - فلست أبالي بعد موت مطرّف … حتوف المنايا أكثرت أو أقلّت البيت من شواهد سيبويه المجهولة. والحتوف: جمع حتف: المنية. وأضاف الحتوف إلى المنايا، توكيدا، وسوّغ ذلك اختلاف اللفظين: يقول: لا أبالي بعد فقد مطرف كثرة من أفقد أو قلّته، لعظم رزيته، وصغر كلّ رزء عنده. والشاهد فيه: جواز الإتيان ب (أو) مجردا عن الهمزة، بعد «سواء» و «لا أبالي» بتقدير حرف الشرط، والتقدير: إن أكثرت أو أقلت فلست أبالي. [سيبويه/ 1/ 490، والخزانة/ 11/ 169]. 33 - أتيت مهاجرين فعلموني … ثلاثة أحرف متتابعات وخطّوا لي أبا جاد وقالوا … تعلّم صعفصا وقريشيات البيتان استشهد بهما سيبويه على جري (أبي جاد) بوجوه الإعراب وعلى لفظ لا يجوز أن يكون إلا عربيا، تقول: هذا أبو جاد ورأيت أبا جاد ومررت بأبي جاد. وفرّق بين أبي جاد، وهوّاز وحطّي، فجعل الأوليين عربيين والبواقي عجميات، لأن الأوليين مفهومتان عربيا، ولهما اشتقاق عربي أما غيرهما فلا يعرف معناها .. وهي معارف لا تدخلها الألف واللام. 34 - لحا الله جرما كلّما ذرّ شارق … وجوه كلاب هارشت فازبأرّت هذا البيت للشاعر الفارس عمرو بن معد يكرب الزبيدي، قوله: لحا الله: أصل اللحو، نزع قشر العود، يدعو عليهم بالهلاك، وهارشت: الهراش: تحريش بعضها على بعض. وازبأرت: أي: انتفشت حتى ظهر أصول شعرها، وتجمعت للوثب، وهذه الحالة أشنع حالات الكلاب، وهذا تحقير للمشبّه وتصوير لقباحة منظره، شبه وجوههم بوجوه الكلاب في هذه الحالة. والبيت شاهد على أن قوله «وجوه كلاب» منصوب على الذمّ. [الحماسة/ 160، والأصمعيات 122، والخزانة/ 2/ 436].

35 - قل لابن قيس أخي الرقيات … ما أحسن العرف في المصيبات

35 - قل لابن قيس أخي الرّقيّات … ما أحسن العرف في المصيبات البيت في ديوان أبي دهبل الجمحي. والعرف: بكسر العين: الصّبر. والبيت شاهد على أن هذا البيت يدل على أنّ «الرقيات» في قولهم قيس الرقيات بالإضافة، ليس من باب إضافة الاسم إلى اللقب، بل هو من باب الإضافة لأدنى ملابسة، لنكاحه لنسوة اسم كل منها «رقيّة»، وقيل: هنّ جداته، وقيل: شبب بثلاث كذلك. ولو كان الرقيات لقبا لقيل: قل لابن قيس الرقيات. والله أعلم. [اللسان، عرف، والخزانة/ 7/ 278]. 36 - فمن يك سائلا عني فإنّي … بمكّة مولدي وبها ربيت وقد ربيت بها الآباء قبلي … فما شنئت أبيّ وما شنيت القائل، قصيّ بن كلاب، والشاهد: «أبيّ» فإنها جمع «أب» على «أبين» فلما أضافه إلى الياء أسقط النون للإضافة. 37 - يا لقوم لزفرة الزّفرات … ولعين كثيرة العبرات الشاهد: لزفرة: بكسر اللام وهي لام الاستغاثة، تكسر لام المستغاث له، وتفتح لام المستغاث به. 38 - زعمت تماضر أنّني إمّا أمت … يسدد أبينوها الأصاغر خلّتي البيت للشاعر سلميّ بن ربيعة بن زبّان (من أهل الجاهلية) وقد أورد أبو تمام في حماسته قصيدة البيت، ومطلعها: حلّت تماضر غربة فاحتلّت … فلجا وأهلك باللّوى فالحلّة وتماضر: زوجه. وكانت غاضبة عليه، فارتحلت إلى أهلها وهو يقول: إنّ تماضر تظنّ أن أولادها الصغار يسدّون مكانة الشاعر، وهو يريد القول: لا يسدّ مكانه أحد. والبيت شاهد على تصغير الجمع «بنون» لقوله «أبينوها» ووصفوا هذا التصغير بأنه شاذّ. وليس كما قالوا، لأنّ الشاعر قال ما قال، وهو يعلم أنّ الذين يسمعونه من بني

39 - ألا يا بيت بالعلياء بيت … ولولا حب أهلك ما أتيت

قومه، يستخدمون هذا الأسلوب ويفهمونه، وإلا، فكيف يخاطبهم بلغة لا يفهمونها، وهو حريص على أن يوصل لهم المعنى الذي يريده؟ أنظر تفصيل المسألة في [الخزانة/ 8/ 30، وشرح المفصل/ 9/ 5، 41، والهمع/ 2/ 63، والحماسة/ 547]. 39 - ألا يا بيت بالعلياء بيت … ولولا حبّ أهلك ما أتيت البيت مطلع قصيدة للشاعر عمرو بن قعاس المرادي. وهو من شواهد سيبويه. قال الأعلم: الشاهد فيه رفع البيت، لأنه قصده بعينه ولم يصفه بالمجرور بعد فينصبه، لأنه أراد: لي بالعلياء بيت، ولكني أوثرك عليه لمحبتي في أهلك. وقال النحاس في شرح أبيات سيبويه، المعنى: بالعلياء بيت، ولولا حبّ أهلك ما أتيت ألا يا بيت، ولولا هذا المعنى لنصب، كما تقول: ألا يا رجلا بالمدينة. 40 - ليت شعري وأشعرنّ إذا ما … قرّبوها منشورة ودعيت البيت منسوب للسموأل: وفيه توكيد «أشعرنّ» شذوذا بدون مسوّغ. [الهمع/ 2/ 79، والأشموني/ 3/ 221]. 41 - يا أيها الراكب المزجي مطيّته … سائل بني أسد ما هذه الصوت البيت لرويشد بن كثير الطائي في الحماسة برقم 166 بشرح المرزوقي. قال ابن جني: إنما أنث الصوت لأنه أراد الاستغاثة، وهذا من قبيح الضرورة. أعني تأنيث المذكر، لأن التذكير هو الأصل. [الخزانة/ 4/ 221]. 42 - ألا يا ليتني والمرء ميت … وما يغني عن الحدثان ليت البيت لعمرو بن قعاس المرادي. قال البغدادي: جعل المخفف (ميت) الحيّ الذي لم يمت، ألا ترى أن معناه، والمرء سيموت. فجرى مجرى قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر: 30] وقوله «ليت» أراد اللفظ، فتعرب فاعلا. [الخزانة/ 6/ 530]. 43 - في فتوّ أنا كالئهم … في بلايا عورة باتوا

44 - أبلغ أمير المؤمنين … - أخا العراق- إذا أتيتا أن العراق وأهله … سلم إليك فهيت هيتا

البيت لجذيمة الأبرش، وقد مضى قبله: ربّما أوفيت في علم … ترفعن ثوبي شمالات وقوله: في فتوّ: جمع فتى، وهو السخيّ الكريم، والشاب أيضا، جمع على فعول و «في» بمعنى مع. متعلقة بأوفيت بالبيت الذي سبقه، وكالئهم: حارسهم. والبلايا: جمع بلية، و «في بلايا» متعلقان بباتوا. والعورة: موضع خلل يتخوف منه في ثغر أو حرب. و «بات» له معنيان، أشهرهما اختصاص الفعل بالليل، كما اختص الفعل في «ظلّ» بالنهار، فإذا قلت: بات يفعل كذا فمعناه فعله بالليل، ولا يكون إلا مع سهر. والثاني: بمعنى صار. يقال: بات بموضع كذا، أي: صار. سواء أكان في ليل أم في نهار. هذا والبيت له روايات أخرى، وقوافي مختلفة. فشعر ينسب إلى جذيمة الأبرش، لا بدّ أن يكون فيه هذا الخلاف. فمن يجزم بأنه قال هذا الشعر؟ ونحن لا نعرف له ولادة أو وفاة، ولا نعرف من الذي سمعه فنقله إلى الرواة، فأكثر ما ورد في كتب الأدب من قصص جذيمة يمتزج بالخيال والأسطورة، وبخاصة قصته مع الزبّاء. 44 - أبلغ أمير المؤمنين … - أخا العراق - إذا أتيتا أنّ العراق وأهله … سلم إليك فهيت هيتا لم ينسبوا البيتين، وأمير المؤمنين هنا: قال ابن يعيش: يريد علي بن أبي طالب. وقوله: «أخا العراق» منادى، حذف منه حرف النداء. وقوله «سلم» بالتحريك: هو الانقياد والطاعة. وأراد: أنهم مطيعون منقادون لأوامره. والمعنى: إذا جئت أمير المؤمنين، يا أخا العراق، فقل له: إن العراق وأهله قد انقادوا لأمرك وخضعوا لرأيك فأسرع إليهم. والشاهد: هيت هيت. حيث أراد «أسرع أسرع» وهيت: اسم فعل أمر بمعنى أسرع. لازم لا يتعدى إلى مفعول، وفي غير هذا المكان فيه ثلاث لغات «هيت» بالفتح وهيت، بالضم. وهيت، بالكسر. و «لك» من قولك «هيت لك» تبيين للمخاطب جيء به بعد استغناء الكلام عنه، كما كان كذلك في «سقيا لك» فقد جيء ب (لك) تأكيدا فهي في هيت لك كذلك. [شرح المفصل ج 4/ 32، وسيبويه ج 1/ 337، واللسان «هيت»]. 45 - قلت إني كأنت ثمّة لمّا … شبّت الحرب خضتها وكععتا البيت في الهمع 2/ 31، والشاهد، دخول الكاف على ضمير الرفع. وكععت: جبنت.

46 - وذلك حين لات أوان حلم … ولكن قبلها اجتنبوا أذاتي

46 - وذلك حين لات أوان حلم … ولكن قبلها اجتنبوا أذاتي مجهول القائل. وهو شاهد على إضافة «حين» إلى «لات» لفظا. [الخزانة ج 4/ 178]. 47 - من كان أسرع في تفرّق فالج … فلبونه جربت معا وأغدّت إلا كناشرة الذي ضيعتم … كالغصن في غلوائه المتنبّت البيتان في كتاب سيبويه لعنز بن دجاجة. وفي الخزانة ج 6/ 362، للشاعر كابية بن حرقوص بن مازن، والله أعلم. والبيتان يتصلان بقصة حرب جاهلية كان أحد طرفيها عمرو بن معد يكرب، والطرف الثاني بنو مازن. وكان بنو مازن قتلوا أخا عمرو، فأكب عليهم قتلا، وتفرقت بطونهم، مازن وفالج، وناشرة، فقال القائل في ذلك. وقوله: وأغدّت: أصابتها الغدّة، وهي من أدواء الإبل. وقوله: المتنبّت: المتأصل. وقوله: «إلا كناشرة» قال النحاس في (شرح أبيات سيبويه): هذا حجة أنه جعل «إلا» في معنى الواو كأنه قال: وكناشرة، وفي «اللسان - نبت»: وقوله: إلا كناشرة أراد إلا ناشرة فزاد الكاف. ورواية الخزانة ج 6/ 362، هلّا كناشرة، وهو المعنى المناسب، فكأنه قال: هلّا أعطيتموني مثالا لناشرة، يريد: لا يوجد مثلها. وقوله: (كناشرة الذي .. ، وصف ناشرة بالذي، كأنه يريد اسم الجدّ، ولو أراد القبيلة لقال: كناشرة التي. [سيبويه ج 1/ 368، واللسان (نبت)]. 48 - ولقد رأبت ثأى العشيرة بينها … وكفيت جانيها اللّتيّا والّتي البيت للشاعر سلميّ بن ربيعة. من أبيات في حماسة أبي تمام. وفي «الأصمعيات» لعلباء ابن أرقم، وفي الحيوان: لعمرو بن قميئة. وقوله: رأبت: أي: أصلحت، والثأى: الفساد، وقوله: جانيها، من جنى يجني: إن فتحت الياء كان واحدا وإن أدى معنى الجمع، وإن سكّنت الياء جاز أن يكون جمعا سالما وأن يكون واحدا قد حذفت فتحته. وفي رواية (جانبها) بالباء. وقوله «اللتيا» تصغير التي فجعلهما اسمين للكبيرة من الدواهي والصغيرة، ولهذا استغنيا عن الصلة، وانتقلا عن كونهما وصليّتين، ويذهب بعضهم إلى أن صلتيهما محذوفتان لدلالة الحال عليهما. يقول لقد سعيت في إصلاح ذات البين من العشيرة ولمّ شعثها، وكفيت من جنى منها الجناية الصغيرة والكبيرة بالمال والنفس والجاه والعزّ. [الحماسة/ 551].

49 - وكأن في العينين حب قرنفل … أو سنبلا كحلت به فانهلت

49 - وكأنّ في العينين حبّ قرنفل … أو سنبلا كحلت به فانهلّت البيت للشاعر سلميّ بن ربيعة من قصيدة البيت السابق. وكان الشاعر قد فارقته امرأته عاتبة عليه في استهلاكه المال وتعريضه النفس للمعاطب، فلحقت بقومها، وأخذ هو يتلهف عليها ويتحسر في أثرها ... والقرنفل والسنبل، من أنواع الطيب، ولكنه قال: كحلت به ... ولا أدري كيف تكحل العينان بهما. فهو يقول: ألفت البكاء لتباعد زوجتي، فساعدت العينان وجادتا بإسالة دمعهما، فكأن في العينين أحد هذين المهيجين الحاليين للعيون. وقوله «كحلت» إخبار عن إحدى العينين. قال المرزوقي: وساغ ذلك لما في العلم من أنّ حالتيهما لا تفترقان. وقال البغدادي: كان الظاهر أن يقول: كحلتا، فأفرد لأنهما لا يفترقان. [الخزانة/ 5/ 197، والحماسة/ 547]. 50 - كأنّ بها البدر ابن عشر وأربع … إذا هبوات الصّيف عنها تجلّت غير منسوب وهو في الهمع 2/ 150، وفيه تقديم العشر على أربع في العدد «أربع عشرة». 51 - إنّ العداوة تستحيل مودّة … بتدارك الهفوات بالحسنات الشاهد غير منسوب في الهمع 1/ 112، وفيه «تستحيل» فعل ناقص، من «استحال». 52 - فرم بيديك هل تسطيع نقلا … جبالا من تهامة راسيات البيت غير منسوب، وهو في الهمع 2/ 92، وفيه أن المصدر «نقل» يقدر بأن والفعل المستقبل. (هل تستطيع أن تنقل). 53 - وإذا العذارى بالدّخان تقنّعت … واستعجلت نصب القدور فملّت دارت بأرزاق العفاة مغالق … بيديّ من قمع العشار الجلّة البيت للشاعر سلميّ بن ربيعة، وذكرت تاليه لأن جواب الشرط فيه. وهو من قطعة في حماسة أبي تمام، مضت بعض أبياتها. يقول الشاعر في الشاهد: وإذا أبكار النساء صبرت على دخان النار حتى صار كالقناع لوجهها، لتأثير البرد فيها ولم تصبر على إدراك القدور بعد تهيئتها ونصبها، فشوت في الملّة قدر ما تعلل به نفسها من اللحم، لتمكن الحاجة والضّرّ منها، ولإجداب الزمان واشتداد السّنة على أهلها، أحسنت. وجواب إذا في البيت

54 - ألا ليت شعري ما يقولن فوارس … إذا حارب الهام المصيح هامتي

بعده. وخصّ العذارى بالذكر لفرط حيائهن وشدة انقباضهن ولتصونهنّ عن كثير مما يتبذل فيه غيرهنّ. وجعل «نصب القدور» مفعول (استعجلت) على المجاز والسعة، ويجوز أن يكون المراد استعجلت غيرها بنصب القدور، فحذف. ويريد في البيت الثاني أنه يطعم الناس من شحم العشار وأنه يذبح صحاح الإبل وخيارها. [الحماسة/ 550، وشرح المفصل/ 5/ 104، والهمع/ 1/ 60]. 54 - ألا ليت شعري ما يقولن فوارس … إذا حارب الهام المصيّح هامتي البيت بلا نسبة في الهمع 2/ 78، وفيه توكيد المضارع «يقولن» بنون التوكيد الخفيفة بعد «ما» الاستفهامية، ورواه أبو زيد في النوادر: «ألا ليت شعري ما يقول مخارق» وعليه فلا شاهد فيه. والهام: طائر يخرج من قبر المقتول إذا لم يؤخذ بثأره ويقول: اسقوني اسقوني (زعموا). 55 - لو صنت طرفك لم ترع بصفاتها … لمّا بدت مجلوّة وجناتها البيت بلا نسبة في الهمع 2/ 101، وفيه رفع «وجناتها» ب «مجلوّة» قال السيوطي: وأجري، كعمل الصفة المشبهة، في رفع السببي ونصبه وجرّه، اسم مفعول المتعدي لواحد، وأنشد البيت. وانظر [التصريح 2/ 72].

قافية الثاء

قافية الثاء 1 - فعادى بين هاديتين منها … وأولى أن يزيد على الثلاث البيت مجهول القائل، ولكنه مروي على ألسنة رواة اللغة، أمثال الأصمعي، وثعلب. وهما لا ينقلان إلا عن الأعراب، وقوله: عادى: من العداء، بكسر العين، وهو الموالاة بين الصيدين بصرع أحدهما على أثر الآخر في طلق واحد، ومنه قول امرئ القيس: فعادى عداء بين ثور ونعجة … دراكا ولم ينضح بماء فيغسل والهادية: أول الوحش. وأولى أن يزيد: قارب أن يزيد. وأولى: من مرادفات «كاد» ولا تستعمل إلا مع «أن» والظاهر أنه فعل تام متعد و «أن يزيد» مفعوله. وذلك للزوم «أن» معه أما أفعال المقاربة الناقصة فلا تلزمها أن. وأما أولى المستعمل مع اللام في قولهم «أولى لك، وأولى له» فهو اسم للوعيد غير منصرف، لأنه على وزن أفعل، وهو من الولي، وهو القرب. [الخزانة/ 9/ 345، والهمع/ 1/ 128، واللسان «ولي»]. 2 - كم عمّة لك يا خليد وخالة … خضر نواجذها من الكرّاث البيت منسوب لجرير من قصيدة هجا بها خليد عينين العبدي. قال المبرد: وإنما هجاه بالكراث لأن قبيلة عبد القبس يسكنون البحرين (نواحي القطيف في شرق السعودية) والكراث من أطعمتهم. [الخزانة/ 6/ 493]. 3 - لروضة من رياض الحزن أو طرف … من القريّة حزن غير محروث أشهى وأحلى لعيني إن مررت به … من كرخ بغداد ذي الرّمان والتوث

4 - فأنت طلاق والطلاق ألية … بها المرء ينجو من شباك الطوامث

البيتان لمحبوب النهشلي، والبيت الثاني شاهد على ان التوث، بالثاء المثلثة في آخره، لغة في التّوت، بالتاء المثناة. [الخزانة/ 11/ 258]. 4 - فأنت طلاق والطلاق أليّة … بها المرء ينجو من شباك الطوامث هذه رواية أخرى لبيت سيأتي في حرف الميم بقافية (أعقّ وأظلم) [الخزانة/ 3/ 460]. 5 - متى ما تنكروها تعرفوها … متى أقطارها علق نفيث البيت لصخر الغيّ الهذلي. وهو شاهد على أن «متى» بمعنى «من» أراد: من أقطارها. وقيل: بمعنى «وسط» وروي قول أحدهم «جعلته في متى كمّي». وقيل معناها «في». [الخزانة/ 7/ 98]. 6 - الحمد لله الذي … لم يخلق الخلق عبث ولم يخلّنا سدى … من بعد عيسى واكترث أرسل فينا أحمدا … خير نبيّ قد بعث صلى عليه الله ما … حجّ له ركب وحثّ الأبيات منسوبة إلى هاتف من الجنّ، [الخزانة/ 2/ 82].

قافية الجيم

قافية الجيم 1 - متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا … تجد حطبا جزلا ونارا تأجّجا قوله: تأججا: التأجج الاحتراق والالتهاب، وهو فعل مسند لألف الاثنين هما الحطب والنار ... يصف الشاعر أنفسهم بالكرم وأنهم يقرون الأضياف. فمن جاءهم وجدهم يوقدون النار، ومن عادة العرب، إذا كانوا في جدب، أن يوقد كرامهم النار ليهتدي بها إليهم السالك، والبيت لعبيد الله بن الحرّ، أو الحطيئة. والشاهد فيه: متى تأتنا تجد، فعل الشرط وجوابه، وقوله تلمم: فعل مضارع مجزوم، لأنه بدل من فعل الشرط، ولو أمكن رفعه على تقدير الحال لجاز. والبيت لعبيد الله بن الحرّ، أو للحطيئة. [سيبويه/ 446، والإنصاف/ 583، وشرح المفصل/ 7/ 53]. 2 - سقى أمّ عمرو كلّ آخر ليلة … حناتم سود ماؤهنّ ثجيج شربن بماء البحر ثم ترفّعت … متى لجج خضر لهنّ نئيج البيتان من شعر أبي ذؤيب الهذلي، يدعو لامرأة اسمها أمّ عمرو بالسقيا بماء سحب موصوفة بأنها شربت من ماء البحر، وأخذت ماءها من لججه ولها في تلك الحال صوت عال مرتفع. والشاهد في البيت الثاني، وإنما ذكرت الأول لتوضيح معنى البيت الثاني: وفي البيت شاهدان: الأول: قوله «بماء»، الباء بمعنى (من) الابتدائية أو على تضمين «شرب» معنى روي، فتكون الباء سببية. والشاهد الثاني: (متى لجج) متى هنا حرف جرّ، حيث جرّت (لجج) في لغة هذيل،

3 - أومت بعينيها من الهودج … لولاك في ذا العام لم أحجج أنت إلى مكة أخرجتني … ولو تركت الحج لم أخرج

وتكون بمعنى (من) والجار والمجرور بدل من الجار والمجرور الأول (بماء) إذا قدرت الباء بمعنى (من) وإلا فالجار والمجرور متعلقان ب (شرب). [الهمع/ 2/ 34، والأشموني/ 2/ 205، وشرح المغني/ 2/ 309، والخزانة/ 7/ 97]. 3 - أومت بعينيها من الهودج … لولاك في ذا العام لم أحجج أنت إلى مكة أخرجتني … ولو تركت الحجّ لم أخرج البيتان للشاعر عمر بن أبي ربيعة، وقوله: أومت: أي: أومأت: والهودج: مركب يوضع فوق البعير يركب فيه النساء، يقول: أشارت هذه الفتاة بعينيها من داخل مركبها مخافة الرقباء، وحدثتني أنها لم تخرج للحج إلا رغبة في لقائي. والشاهد: في البيت الأول فقط، قوله «لولاك» لولا: حرف جرّ شبيه بالزائد لا يحتاج إلى متعلق، والكاف ضمير المخاطب: مبتدأ في محل رفع، والخبر محذوف، وقس عليه، (لولاه) و (لولاي). وللتذكير: إن قول الشاعر هذا، إن صحّت نسبته إليه هو خيال محض، ليس له شيء من الواقع الاجتماعي. [الخزانة/ 5/ 333، والإنصاف/ 693، وشرح المفصل/ 3/ 118، والهمع/ 2/ 33]. 4 - عشيّة سعدى لو تراءت لراهب … بدومة تجر دونه وحجيج قلى دينه واهتاج للشّوق إنّها … على الشّوق إخوان العزاء هيوج البيتان للراعي، وقوله: دومة: هي دومة الجندل، في شمال السعودية. تجر: اسم جمع لتاجر، مثل شرب، وصحب، وسفر، وحجيج: اسم جمع لحاج، قلى: كره. يقول: كان الأمر الفلاني في العشيّة التي لو ظهرت فيها سعدى لراهب من عبّاد النصارى مقيم بدومة الجندل، وكان عنده تجار وحجاج يلتمسون ما عنده لأبغض دينه وتركه، وثار شوقا لها. وقوله: بدومة: الجار والمجرور متعلقان بصفة الراهب، وتجر: مبتدأ، ودونه: الظرف خبر، وجملة المبتدأ والخبر، صفة ثانية لراهب، وسعدى: في أول البيت: مبتدأ، وقلى: جواب شرط «لو»، والجملة: لو الشرطية خبر المبتدأ (سعدى). إنها هيوج: إنّ واسمها وخبرها، وهيوج: وزن فعول، من صيغ المبالغة، نصبت «إخوان» على المفعولية قبلها.

5 - نحن بنو جعدة أرباب الفلج … نضرب بالسيف ونرجو بالفرج

والشاهد: قوله «إخوان العزاء هيوج»: حيث أعمل قوله «هيوج» وهو من صيغ المبالغة إعمال الفعل، فنصب المفعول به «إخوان» وهو معتمد على المسند إليه الذي هو اسم (إنّ) وفي البيت دليل على أنّ هذا العامل وإن كان فرعا عن الفعل، لم يضعف عن العمل في المعمول المتقدم عليه، وهو خلاف مذهب الكوفيين، ومنه في رواية سيبويه «أما العسل فأنا الشرّاب» بنصب العسل، لصيغة المبالغة (شرّاب). [س/ 1/ 56، والأشموني/ 2/ 297، واللسان (هيج)]. 5 - نحن بنو جعدة أرباب الفلج … نضرب بالسّيف ونرجو بالفرج هذا الرجز للنابغة الجعدي، مما قيل في يوم الجمل، والفلج: موضع بعينه أو الماء الجاري، ولعله المسمى اليوم الأفلاج، في منطقة الرياض بالسعودية، والشاهد فيه زيادة الباء في المفعول به (نرجو بالفرج) وقيل: ضمّن نرجو معنى (نطمع) فتعدّى بالباء. وبنو جعدة: خبر المبتدأ، وأرباب: منصوب على الاختصاص، ويروى: بني جعدة منصوب على الاختصاص وأرباب: خبر. [الإنصاف/ 384، وشرح أبيات المغني/ 2/ 366، والخزانة/ 9/ 520]. 6 - أخيل برقا متى حاب له زجل … إذا تفتّر من توماضه حلجا قائله ساعدة بن جؤية، وهو في ديوان الهذليين، يصف سحابا، وقوله: أخيل: مضارع أخال البرق، أي: نظر إليه أين يمطر. والحابي: السحاب سمّي بذلك لثقله في الحركة فكأنه يحبو، وقيل: الحابي المرتفع، والتّوماض: اللمع الضعيف، وحلج: أمطر، نقول: حلج السحاب حلجا: أمطر، ويروى «خلجا» ويروى أوله: أخال برقا: فعل ماض أيضا. وهو الصحيح، لأن الشاعر يقول لصاحبته في سياق الأبيات إنه يحبّها حبّ إنسان فقير، ووصف الفقر بأنه مثل حمار وحش رأى سحابا .. الخ. وقوله: متى حاب، متى: حرف جرّ بمعنى من، في لغة هذيل، وقد مرّ بيت آخر في حرف الجيم «متى لجج خضر لهن نئيج»، والجار والمجرور صفة لبرق، أي: برقا لامعا من سحاب، وقوله «له زجل» الجملة الاسمية صفة للسحاب الموصوف في قوله «حاب» أي: سحاب حاب، وجملة إذا الشرطية صفة ثالثة للسحاب. [شرح أبيات

7 - قالت وعيش أبي وحرمة إخوتي … لأنبهن الحي إن لم تخرج فخرجت خيفة قولها فتبسمت … فعلمت أن يمينها لم تحرج فلثمت فاها آخذا بقرونها … شرب النزيف ببرد ماء الحشرج

المغني/ 6/ 16، واللسان (حلج)، والأشموني/ 2/ 334]. 7 - قالت وعيش أبي وحرمة إخوتي … لأنبهنّ الحيّ إن لم تخرج فخرجت خيفة قولها فتبسّمت … فعلمت أنّ يمينها لم تحرج فلثمت فاها آخذا بقرونها … شرب النّزيف ببرد ماء الحشرج الأبيات لعمر بن أبي ربيعة، يصف أحد خيالاته، وليس فيها من الحقيقة شيء لأنّ الشاعر عاش في النصف الثاني من القرن الأول، حيث كانت الحجاز تعجّ بالعلماء والأتقياء، وكانت المدينة ومكة مشغولتين بثوراتها على الأمويين، وليس من المعقول أن يكون لعمر هذا الميدان الذي يجول فيه ويصول ... وتنسب الأبيات لجميل بن معمر في الكامل وغيره، وهي نسبة لا تكون، لأننا لم نعهد في الغزل العذري هذا الوصف. والشاهد في البيت الثالث، وقوله: النزيف: المحموم الذي منع من الماء، وقوله: الحشرج: الحسي يكون في حصى، وهو مناسب، لأنه جعل تقبيل ثغرها وامتصاص ريقها - وفي الثغر الأسنان - كأنه ماء بارد على حصى. والقرون: جمع قرن بالفتح، وهو الضفيرة من شعر الرأس، ونصب «شرب» على المصدر المشبه به كأنه قال: شربت ريقها كشرب النزيف للماء البارد. والشاهد فيه: (ببرد) على أن الباء فيه للتبعيض بمعنى (من) وقيل: الباء زائدة، وقد تتضمن (شرب) معنى (الريّ) فتكون الباء أصلية، لأن روي يتعدى بالباء. [شرح أبيات المغني/ 2/ 313، والهمع/ 2/ 21]. 8 - إني أتيحت لي يمانية … إحدى بني الحارث من مذحج تمكث حولا كاملا كلّه … لا نلتقي إلا على منهج الحجّ إن حجّت وماذا منى … وأهله إن هي لم تحجج الأبيات للشاعر العرجي عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان، منسوب إلى «العرج» بالطائف، لإقامته به. وقوله على منهج: أي: طريق ... يتغزل الشاعر بامرأة ويقول: بعد هذا المكث الطويل لا نلتقي في خلوة، وإنما نلتقي في الطريق، وقوله: الحج إن حجت، أي: الحج الكامل إن حجّت، وماذا: أي شيء، وأهله: بالرفع يقول: إن لم تحج هذه المرأة فليس الحج حجا معتدا به، وهو كاذب فيما قال، وما كان لمثله أن يحجّ، وهو لم يقصد تطهير نفسه من الآثام.

9 - أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته … ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

والشاهد في البيت الثاني: على أنّ النكرة (حولا) أكدت بكلّ، وأراد النكرة المؤقتة المحدودة، كالحول والشهر والدهر. وهو مذهب ابن مالك ويرى البصريون امتناع تأكيد النكرة، مؤقتة كانت أو غيره، لأنّ التأكيد يشبه النعت من حيث كونه تابعا بلا واسطة حرف، ومن غير أن ينوى معه تكرار العامل وألفاظ التوكيد معارف، ويرون أنّ هذا ضرورة ... وقول ابن مالك مقبول معنى وسماعا وقياسا ما دام قد جاء في النصوص، وفي المثال المذكور، وصف النكرة، قد قرّبها من المعرفة. [شرح أبيات المغني/ 4/ 187]. 9 - أخلق بذي الصّبر أن يحظى بحاجته … ومدمن القرع للأبواب أن يلجا الشاهد في البيت قوله: ومدمن القرع، حيث حذف حرف الجرّ قياسا من قوله ومدمن القرع، أي: وبمدمن القرع، بعد كلام مشتمل على حرف جرّ مثله حيث سبقها: أخلق بذي الصبر. [الأشموني/ 334]. 10 - أضحت ينفّرها الولدان من سبأ … كأنّهم تحت دفّيها دحاريج البيت للنابغة الجعدي، وصف ناقة مرّ بها بحيّ سبأ مجتازا عليهم في زيّ الأعراب، فعرض له الصبيان منكرين له محيطين به تعجبا، فجعلوا ينفّرون ناقته عن يمين وشمال، فشبههم بالدحاريج، جمع دحروجة، بالضم، وهي ما يدحرجه الجعل، والدفان: الجنبان، تثنية جنب. والشاهد فيه تنوين (سبأ) على نية الحيّ، أو الأب: فإن أردت القبيلة منعته من الصرف، وقد جاءت في القرآن مصروفة. [سيبويه/ 2/ 28، واللسان «دحرج»]. 11 - ودوّيّة قفر تمشّي نعامها … كمشي النّصارى في خفاف الأرندج البيت للشماخ، والدوية: الصحراء. والأرندج: الجلد الأسود، وتمشي: تكثر المشي، شبّه أسوق النعام في سوادها بخفاف الأرندج، وخصّ النصارى، لأنهم كانوا معروفين بلبسها. والشاهد فيه حذف جواب «ربّ» لعلم السامع، والمعنى: وربّ دوية قطعت أو نحو ذلك، والبيت من شواهد سيبويه، ولم يصل إلى سيبويه رحمه الله البيت الذي فيه الجواب، فنفى، ولكن بعد البيت: قطعت إلى معروفها منكراتها … وقد خبّ آل الأمعز المتوهج

12 - أما النهار ففي قيد وسلسلة … والليل في قعر منحوت من الساج

والآل: السراب، والأمعز: بفتح العين: المكان الكثير الحصى، الصّلب. [سيبويه/ 1/ 454، والهمع/ 2/ 28، واللسان «ردج»]. 12 - أما النّهار ففي قيد وسلسلة … والليل في قعر منحوت من السّاج هذا البيت من شواهد سيبويه التي لم تنسب. وصف الشاعر سجينا يقيّد بالنهار، ويغلّ في سلسلة، ويوضع بالليل في بطن محبس منحوت، أي: محفور من الساج، وهو شجر من شجر الهند، وشاهده: المجاز في جعل النهار في سلسلة، وإنما السجين هو المجعول فيها. [سيبويه/ 1/ 80، والمقتضب/ 4/ 331]. 13 - كأنّ أصوات - من إيغالهنّ بنا - … أواخر الميس أصوات الفراريج البيت للشاعر ذي الرّمة، يصف صوت الرّحل على البعير: وأوغل في الأرض، إذا أبعد فيها، يعني الإبل، و (من) قبله، للتعليل. والأواخر: جمع آخرة الرّحل، وهي العود في آخره يستند إليه الراكب، والميس: شجر يتخذ منه الرحال، والأقتاب. والفراريج: صغار الدجاج، ويروى: «إنقاض الفراريج»، أي: تصويتها، وذلك من شدة السّير. والشاهد في البيت: الفصل بالجار والمجرور، بين المضاف والمضاف إليه، وهو أصوات، وأواخر، فصل بينهما «من إيغالهنّ بنا». [الخزانة/ 4/ 108، والإنصاف/ 433، وشرح المفصل/ 1/ 103، وج 2/ 108، والديوان/ 996]. 14 - وأمّا قولك الخلفاء منّا … فهم منعوا وريدك من وداج ولولاهم لكنت كحوت بحر … هوى في مظلم الغمرات داج وكنت أذلّ من وتد بقاع … يشجّج رأسه بالفهر واجي الأبيات لعبد الرحمن بن حسان، من قصيدة يهجو فيها عبد الرحمن بن الحكم أخا مروان بن الحكم، وكان عبد الرحمن بن الحكم افتخر على الشاعر بأن الخلفاء منهم، أي: من قريش وابن حسان من الأنصار، فقال له الشاعر: لولا الخلفاء وانتسابك إليهم لكنت مغمورا كحوت في بحر مظلم، وكنت أذلّ من الوتد بقاع، أي: ما استوى من الأرض وصلب يدقّ رأسه بالحجر، والفهر: الحجر ملء الكف، والعرب تضرب المثل في الذلة بالوتد. ويشجج: يضرب ويكسر، وذلك في أثناء غرزه في الأرض، وقوله: واجي بالياء: أصله واجئ بالهمزة، وصف من وجأ عنقه، أي: دقّها.

15 - يحدو ثماني مولعا بلقاحها … حتى هممن بزيغة الإرتاج

والشاهد في البيت الثالث: إبدال الياء من الهمزة (واجئ) ضرورة. [سيبويه/ 2/ 170، وشرح المفصل/ 9/ 111، 114، والهمع/ 2/ 33، والخصائص/ 3/ 152]. 15 - يحدو ثماني مولعا بلقاحها … حتى هممن بزيغة الإرتاج البيت للشاعر ابن ميّادة: شبه ناقته في سرعتها بحمار وحش، يحدو ثماني أتن أي يسوقها، مولعا بلقاحها حتى تحمل، وهي لا تمكّنه فتهرب منه، لأن الأنثى من الحيوان، لا تمكّن الفحل إذا حملت، والزّيغة: الميلة، عنى بها إسقاطها ما أرتجت عليه أرحامها، أي: أغلقتها، يقول: ساقها العير سوقا عنيفا حتى هممن بإسقاط الأجنّة. والشاهد فيه: ترك صرف (ثماني) تشبيها لها بما جمع على وزن (مفاعل) كأنّه توّهم واحدتها، ثمنية، كحذرية - الأرض الغليظة - ثم جمع فقال ثمان، كما يقال: حذار جمع حذرية، والمعروف صرفها على أنها اسم واحد أتى بلفظ المنسوب نحو: ثمان ورباع، فإذا أنّث قال: ثمانية. [سيبويه/ 2/ 17، والخزانة/ 1/ 159، والأشموني/ 3/ 248]. 16 - ما زال يوقن من يؤمّك بالغنى … وسواك مانع - فضله - المحتاج الشاهد: «مانع - فضله - المحتاج» فإنّ فضله: مفعول به لاسم الفاعل «مانع» فصل به بين المضاف «مانع» والمضاف إليه «المحتاج» والشواهد على الفصل بين المتضايفين كثيرة. [الأشموني/ 2/ 276، والتصريح/ 2/ 58]. 17 - يا ربّ بيضاء من العواهج … أمّ صبيّ قد حبا أو دارج العواهج: جمع عوهج، وهي في الأصل: الطويلة العنق من الظباء، وأراد بها المرأة، حبا: زحف، ودرج الصبي: قارب بين خطاه. والشاهد: «قد حبا أو دارج» حيث عطف الاسم «دارج» على الفعل: «حبا» لتقاربهما في المعنى. ومنه قوله تعالى: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ [الأنعام: 95] [الأشموني/ 3/ 120، والتصريح/ 1/ 142، واللسان (عهج)]. 18 - فيا ليتي إذا ما كان ذاكم … ولجت وكنت أوّلهم ولوجا البيت لورقة بن نوفل، والشاهد «ليتي» ليت، متصلة بياء المتكلم، ولم تفصل بينهما نون الوقاية، وقد أوجب النحويون اتصالها بنون الوقاية لقوة شبهها بالفعل، وعدّوا البيت

19 - ألا سبيل إلى خمر فأشربها … أم لا سبيل إلى نصر بن حجاج

من الشذوذ، أو الشاذ، والله أعلم. [السيرة النبوية 1/ 192، والعيني/ 1/ 365، والتصريح/ 1/ 111]. 19 - ألا سبيل إلى خمر فأشربها … أم لا سبيل إلى نصر بن حجّاج البيت شاهد على أن «ألا» للتمنّي، ولهذا سمّيت قائلة هذا البيت «المتمنّية». ونصر بن حجاج بن علاط السلمي، من أولاد الصحابة، فأبوه حجاج صحابي، ونصر هذا، تقول الروايات إنه كان جميل المحيّا، فتمنته امرأة في المدينة سمعها عمر بن الخطاب تنشد هذا البيت وهو يعسّ ليلا، فطلبه عمر، فوجده كذلك، فأمر بنفيه إلى البصرة. هذا القدر من القصة، نقله ابن حجر في الإصابة عن ابن سعد في الطبقات، والخرائطي: وقال إن سنده صحيح، ولكن أهل الأدب والقصة والتاريخ، يذكرون أشياء ليس لها سند صحيح، ولا تصحّ روايتها. 1 - فقد زادوا إلى البيت أبياتا مصنوعة لا تصح، وإذا صحت القصة فإن المرأة لم تقل إلا البيت الذي ذكرناه شاهدا. 2 - وسمّى بعض الرواة اسم المرأة، فقالوا اسمها «الذلفاء» وأنها أم الحجاج ابن يوسف، وكانت يوم تمنت تحت المغيرة بن شعبة الصحابي رضي الله عنه، وهذا افتراء على زوجة الصحابي، يقصد منه الإساءة إلى الحجاج بن يوسف، وقالوا إن عبد الملك ابن مروان كتب إلى الحجاج مرة يقول له «يا ابن المتمنّية»، وهذا لا يصحّ سندا. 3 - وأساؤوا أيضا إلى صحابيّ آخر عند ما قالوا: إن نصر بن حجاج عند ما نفاه عمر إلى البصرة، قرّبه أميرها مجاشع السلمي، للقربى بينهما وأنّ زوجة مجاشع عشقت نصر ابن حجاج، وعشقها، وكان قد أخدمه إياها، وهي أجمل نساء البصرة، وإنهما تكاتبا على الأرض بحضرة مجاشع الذي كان أميّا لا يحسن القراءة. قالوا: ثم مرض نصر بن حجاج بعد فراقه دار مجاشع، لشدة حبه، فأمر زوجته بالذهاب إليه، وإطعامه وإسناده إلى صدرها، فانتعش ... وكل هذا يحدث من صحابي، وزوجة صحابي، في عهد عمر ابن الخطاب، أليس ذلك غريبا. 4 - ونقلوا القصة إلى الشام، وأن زوجة الصحابي الأعور السلمي عشقت نصر ابن حجاج ..

20 - ولم أر شيئا بعد ليلى ألذه … ولا مشربا أروى به فأعيج

5 - وقول آخر إن أبا موسى الأشعري لما علم بقصة نصر، أمره أن يخرج إلى فارس، فجرت له هناك قصة تشبه ما سبق، فطلب منه أن يرحل، فهددهم بأن يلحق بأرض الشرك، فلما علم عمر أمر بحلق شعره، وأن يلزم المسجد ... فالقصة فيها شيء من قصة يوسف عليه السّلام، لأن بعض رواياتها تقول أنه تمنّع ... وفيها شيء من قصة المجانين، وفيها دعوة إلى تبريز العشق ... فلا تسمع كلام أهل الأدب، فإذا قرأتها، فعدّ رجالها أشخاصا رمزيين لا حقيقة لهم، ولا تأخذ منها واقعا تاريخيا ... وقد أطلت في نقد القصة، وذكر رواياتها، في كتابي «المدينة النبوية، فجر الإسلام والعصر الراشدي» فانظرها هناك. [الخزانة/ 4/ 80، وشرح المفصل/ 7/ 27]. 20 - ولم أر شيئا بعد ليلى ألذّه … ولا مشربا أروى به فأعيج البيت غير منسوب، وعاج يعيج: انتفع، وزعموا أن هذا الفعل لا يأتي إلا منفيا فيقال: ما عاج بالدواء، أي: ما انتفع، وجاء الفعل في البيت مثبتا، ورواه أبو علي القالي عن ثعلب عن ابن الأعرابي. [شرح التصريح/ 2/ 92]. 21 - يا ليت شعري عن نفسي أزاهقة … منّي ولم أقض ما فيها من الحاج البيت منسوب إلى الفريعة بنت همّام المعروفة بالذلفاء، في القصّة الموضوعة التي جعلت عمر بن الخطاب طرفا فيها، ونحن نروي ما جاء فيها من الشعر، ولا نلتفت إلى أحداث القصّة، لأنها غير ثاتبة، وأنشدوا هذا البيت على أنّ خبر ليت محذوف. 22 - فتى ليس بالراضي بأدنى معيشة … ولا في بيوت الحيّ بالمتولّج البيت للشماخ من قطعة في حماسة أبي تمام يصف مضيفا، يقول: هو فتى لا يرضى في دنياه بأقرب الهمتين وأدنى المعيشتين، ولكن يطلب غايات الكرم ونهايات الفضل، ولا يداخل بيوت الحيّ المجاورة ولا يخالط النساء للريبة والمغازلة، وقوله: «ولا في بيوت الحيّ» جعل (في بيوت) تبيينا، وقد حصل الاكتفاء بقوله «المتولج» فيكون موقعه منه كموقع بك بعد «مرحبا بك» لئلا يحصل تقديم الصلة على الموصول، وإن شئت جعلت الألف واللام في قوله: «المتولج» للتعريف، لا بمعنى الذي، فلا يحتاج إلى تقدير الصلة في الكلام. [شرح الحماسة للمرزوقي ج 4/ 1752، والهمع 1/ 88]. 23 - قطعت إلى معروفها منكراتها … إذا خبّ آل الأمعز المتوهج

24 - كأنما ضربت قدام أعينها … قطنا بمستحصد الأوتار محلوج

للشماخ، يصف الصحراء. وهو أيضا من مطلع قصيدة ذي الرمّة الحائية بقافية «المتوضح». [ديوانه 1189]. 24 - كأنّما ضربت قدّام أعينها … قطنا بمستحصد الأوتار محلوج لا يعرف قائله، والقطن: هو الذي نعرفه، ومستحصد الأوتار: من إضافة الصفة للموصوف، أي: الأوتار المستحصدة، ونقول: هذا حبل أحصد، كأحمر وحصد كفرح ومحصد ومستحصد، بكسر الصاد إذا كان قد أحكم فتله وصنعته، وهذا اللفظ يقال في كلّ ما أحكمت صناعته من الحبال والأوتار والدروع، وقالوا: هذا رجل محصد الرأي، أي: سديد الرأي، على التشبيه، وقالوا: هذا رأي مستحصد، أي: محكم وثيق، وهو في هذا بفتح الصاد. ومحلوج: اسم مفعول، من قولهم، حلج القطن، إذا ندفه، وقطن حليج ومحلوج، أي: مندوف، أي: قد استخرج منه الحب. والشاهد: قوله «محلوج» فإن الرواية بالجرّ، مع أنه نعت لقوله «قطنا» المنصوب، على أنه مفعول لقوله: ضربت، وذلك لأن هذه الكسرة ليست الحركة التي اقتضاها العامل، وإنما هي كسرة المجاورة، فهو منصوب وعلامة نصبه فتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل، بحركة المجاورة. [الإنصاف/ 605]. 25 - رأى الناس - إلا من رأى مثل رأيه - … خوارج ترّاكين قصد المخارج البيت في «الهمع» ج 1/ 150، وأنشده السيوطي شاهدا على أنّ «رأى» بمعنى اعتقد، تنصب مفعولين، والناس: مفعوله الأول، وخوارج: مفعوله الثاني. 26 - يا عديّا لقلبك المهتاج … أن عفا رسم منزل بالنّباج البيت لأبي دواد الإيادي، والشاهد «يا عديّا» أنشدوه شاهدا على أن المنادى المفرد إذا نوّن لضرورة الشعر، فسبيله النصب، لأنه في موضع نصب، وإنما بني على الضم لمضارعته المضمر، فإذا نوّن فقد زال عنه البناء، وسبيله أن يرجع إلى أصله، ويرى بعضهم: أن يترك مضموما، ويروون بيت الأحوص «سلام الله يا مطر عليها» بالرفع، والنصب، كلّ فريق يؤيد به مذهبه، مع أن الشاعر قاله مرّة واحدة إما بالرفع، أو النصب، فأيّ القولين وافق نطق الشاعر؟ والله أعلم. [الخزانة/ 6/ 508].

27 - نحن- بني جعدة أرباب الفلج … نضرب بالسيف ونرجو بالفرج

27 - نحن - بني جعدة أرباب الفلج … نضرب بالسيف ونرجو بالفرج لا يعرف صاحب هذا الرجز. والفلج موضع. وقال ياقوت مدينة بأرض اليمامة ولعلها «الأفلاج» في يومنا. والشاهد: ونرجو بالفرج. وفيه أن الباء زائدة في المفعول به سماعا، وربما ضمن نرجو معنى «نطمع» فتكون الباء أصليّة. وربما غيّر النساخ هذا الرجز، فقالوا «نحن بني ضبة أرباب الفلج» ولكن الرجز الذي يذكر منه بنو ضبة، قافيته لاميّة، وهو «نحن بني ضبة أصحاب الجمل». ونحن: مبتدأ، وأرباب: خبر، وبني جعدة، منصوب على الاختصاص [الإنصاف/ 284، والخزانة/ 9/ 520، وشرح أبيات المغني/ 2/ 366].

حرف الحاء المهملة

حرف الحاء المهملة 1 - إذا غيّر النأي المحبّين لم يكد … رسيس الهوى من حبّ ميّة يبرح البيت للشاعر ذي الرّمة: ورسيس الهوى: مسّه، ويبرح: يزول وهو فعل تام لازم، وميّة: اسم معشوقته، يقول: إنّ العشاق إذا تعدوا عمّن يحبون دبّ السلوّ إليهم، وزال عنهم ما كانوا يقاسون وأمّا أنا، فلم يقرب زوال حبّها عني، فكيف يمكن أن يزول. والبيت شاهد: على أن بعضهم قال: إنّ النفي إذا دخل على «كاد» تكون في الماضي للإثبات، وفي المستقبل كالأفعال، وقوله: للإثبات، أي: لإثبات الفعل الذي دخل عليه كاد، في الماضي، وقوله: في المستقبل كالأفعال، أي: إن نفي فهو منفي وإن لم ينف فهو مثبت. والمسألة خلافية، والخلاف نابع من تفاوت الأفهام في إدراك المعاني، فقال قوم إن الإثبات حاصل بعد «كاد ويكاد» المنفيين. أما «كاد» الماضي، فقد استدلوا له بقوله تعالى في سورة البقرة وَما كادُوا يَفْعَلُونَ [الآية: 71] وزعموا أن المراد، أنهم فعلوا الذبح وأما المضارع، فاستدلوا له بقول ذي الرّمة في البيت الشاهد «لم يكد رسيس الهوى يبرح» فزعموا أن ذا الرّمة أنشد قصيدته التي منها البيت، في مجلس شعراء، فقال له أحدهم: يا ذا الرّمة، أراه قد برح، يريد أنك أثبّت زوال الحب. قالوا: ففكّر ساعة ثم قال: إذا غيّر النأي المحبين لم أجد .. البيت. فأبدل «لم أجد» ب «لم يكد» أقول: ربّما كانت القصة مصنوعة، لأنهم رووها عن عبد الصمد بن المعذل (- 240 هـ) وهو شاعر فاسق خمير، ما كان يفيق من سكره، والصحيح أن النفي نفي، والإثبات إثبات، والمعنى في الآية، أنّ بني إسرائيل ما قاربوا أن يفعلوا للإطناب في السؤالات، وهذا التعنت دليل على أنهم كانوا لا يقاربون فعل الذبح فضلا عن نفس الفعل. ونفي المقاربة قد يترتب عليه الفعل، وقد لا يترتب. وأما إثبات الذبح

2 - أفي أثر الأظعان عينك تلمح … نعم لات هنا إن قلبك متيح

فمأخوذ من خارج النفي، وهو قوله «فذبحوها». أما البيت، فمعناه أنّ حبها لم يقارب أن يزول فضلا عن أن يزول، وهو مبالغة في نفي الزوال، فإنك إذا قلت «ما كاد زيد يسافر» فمعناه أبلغ من «ما يسافر زيد»، ومما أكّد معنى الإثبات في البيت قول الشاعر في القصيدة نفسها: أرى الحبّ بالهجران يمحى فينمحي … وحبّك ميّا يستجدّ ويربح أي: يزيد الحبّ كما يزيد الربح، والبيت من قصيدة مطلعها وتابعه: أمنزلتي ميّ سلام عليكما … على النأي والنائي يودّ وينصح فلا القرب يبدي من هواها ملالة … ولا حبّها - إن تنزح الدار - ينزح [الخزانة/ 9/ 309، وشرح المفصل/ 7/ 124، والأشموني/ 3/ 52، وديوانه/ 1192]. 2 - أفي أثر الأظعان عينك تلمح … نعم لات هنّا إنّ قلبك متيح البيت للراعي، والمتيح: الذي يأخذ في كل جهة، ورجل متيح: إذا كان قلبه يميل إلى كل شيء. والبيت شاهد على أن «هنّا» ظرف زمان مقطوع عن الإضافة، والأصل: لات هنّا تلمح، فحذف تلمح لدلالة ما قبله عليه، فهنّا، في موضع نصب على أنه خبر «لات» واسمها محذوف والتقدير: ولات الحين حين لمح عينك. ومعنى البيت: أن الشاعر خاطب نفسه لما رآها ملتفتة إلى حبائبها ناظرة إلى آثارها بعد الرحيل، فاستفهمها بهذا الكلام ثم أجاب جازما بأنّ عينها ناظرة إلى أثرهن، وسفهها في هذا الفعل، بأن اللمح ليس صادرا في وقته، لأنّ صاحبهن ملتزم أسفار ومقتحم أخطار، شأنه الذهاب وعدم الإياب، فلا ينبغي لها أن تكتسب من النظرة شدائد الحسرة. [الخزانة/ 4/ 203، واللسان «تيح»، «هنن». 3 - كأن لم يمت حيّ سواك ولم تقم … على أحد إلا عليك النوائح البيت للشاعر أشجع السلمي، عباسي، عاصر الرشيد، وشعره لا يستشهد به، وقوله: «كأن لم يمت» كأن مخففة، واسمها ضمير شأن، يقول: أفرط الحزن عليك حتى كأنّ

4 - أتى دونها ذب الرياد كأنه … فتى فارسي في سراويل رامح

الموت لم يعهد قبل موتك، وكأن النياحة لم تقم على من سواك. والبيت شاهد على أنه إذا وقع مرفوع بعد المستثنى في الشعر، أضمروا له عاملا من جنس الأول، أي: قامت النوائح. والبيت من قطعة في حماسة أبي تمام برقم (280) من شرح المرزوقي، وهي في رثاء (ابن سعيد) حيث يقول في أول القطعة: مضى ابن سعيد حين لم يبق مشرق … ولا مغرب إلا له فيه مادح وما كنت أدري ما فواضل كفّه … على الناس حتى غيّبته الصفائح فأصبح في لحد من الأرض ميّتا … وكانت به حيّا تضيق الصحاصح سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض … فحسبك منّي ما تجنّ الجوانح وما أنا من رزء وإن جلّ جازع … ولا بسرور بعد موتك فارح كأن لم يمت ... البيت. لئن حسنت فيك المراثي وذكرها … لقد حسنت من قبل فيك المدائح يرثي عمرو بن سعيد بن قتيبة الباهلي ولكنني أسأل: هل كانت لابن سعيد هذا مزارع، ينفق على المحتاجين من ريعها، وهل كانت له تجارة يديرها فتدر عليه ربحا ويتصدق على المحتاجين؟ فإذا لم يكن زارعا أو تاجرا، وكان ذا مال وفير، نسأله: من أين لك هذا؟ وليس عنده جواب إلا القول: إنه سرق حقوق الناس في بيت مال المسلمين، ثم فرّقه على من لا يستحقه من المادحين الكاذبين!! [الحماسة/ 589، والخزانة/ 1/ 295 وشرح الحماسة للأعلم/ 1/ 473]. 4 - أتى دونها ذبّ الرّياد كأنّه … فتى فارسيّ في سراويل رامح هذا البيت من قصيدة لتميم بن أبيّ بن مقبل، يصف الثور الوحشي، وضمير دونها، لأنثاه، ودون بمعنى «قدّام» والذبّ: الثور الوحشي ويقال له: ذب الرياد: لأنه يرود، أي: يذهب ويجيء، ولا يثبت في موضع، شبه الشاعر ما على قوائم الثور الوحشي من الشعر، بالسراويل، وهو من لباس الفرس، ولهذا شبهه بفتى فارسي، وشبه قرنه بالرّمح، ولهذا قال: رامح، أي: ذو رمح. في سراويل: حال من ضمير «فارسي» إذ هو بمعنى منسوب إلى الفرس، أو صفة لفارسي، ورامح: صفة ثانية لفتى وجرّ سراويل بالفتحة لأنه

5 - سواء عليك اليوم أنصاعت النوى … بصيداء أم أنحى لك السيف ذابح

لا ينصرف، وهو مفرد، لكنه جاء على وزن صيغة منتهى الجموع «قناديل». والشاعر تميم: أدرك الجاهلية والإسلام، وكان يهاجي النجاشيّ الشاعر، وله مع عمر ابن الخطاب قصة. [الخزانة/ 1/ 232، وشرح المفصل/ 1/ 64]. 5 - سواء عليك اليوم أنصاعت النّوى … بصيداء أم أنحى لك السيف ذابح البيت لذي الرمّة، وقوله: أنصاعت: الهمزة للاستفهام، وأصله: أإنصاعت حذفت الهمزة الثانية لأنها همزة وصل، وانصاعت، أي: انشقت وذهبت بها النيّة إلى مكان بعيد، وعليك: متعلق بسواء، والنوى، والنية: الوجه الذي ينويه المسافر من قرب أو بعد، وقوله: بصيداء: متعلق بانصاعت وصيداء: اسم امرأة شبب بها ذو الرمة، وهي غير خرقاء، لقب ميّة التي يشبب بها غالبا، وأنحى: قصد نحوك. والبيت شاهد على أن الفعل بعد همزة التسوية وأم يستهجن ألا يكون ماضيا. كما في البيت. [الخزانة/ 11/ 152، والديوان/ 873]. 6 - وإنّي لأكنو عن قذور بغيرها … وأعرب أحيانا بها فأصارح البيت دون عزو، وقذور: امرأة، وأعرب: أبيّن، وأكنو: أذكرها باسم غيرها. والشاهد: أكنو، يقال: كنوته - وكنيته، بالواو والياء. [الخزانة/ 6/ 465]. 7 - أخو بيضات رائح متأوّب … رفيق بمسح المنكبين سبوح الرائح: الذي يسير ليلا، والمتأوب: الذي يسير نهارا، يصف ظليما وهو ذكر النعام، شبه به ناقته، فيقول: ناقتي في سرعة سيرها كظليم له بيضات يسير ليلا ونهارا ليصل إلى بيضاته، وسبوح: حسن الجري، وجعله أخا بيضات ليدل على زيادة سرعته في السير لأنه موصوف بالسرعة وإذا قصد بيضاته يكون أسرع. والبيت شاهد على أن هذيلا تفتح عين «فعلة» الاسميّ في الجمع بالألف والتاء كبيضات، بفتحات ثلاث. [الخزانة/ 8/ 102، وشرح المفصل/ 5/ 30، والهمع/ 1/ 23، والأشموني/ 4/ 118]. 8 - رمى الله في عيني بثينة بالقذى … وفي الغرّ من أنيابها بالقوادح

9 - وانضح جوانب قبره بدمائها … فلقد يكون أخا دم وذبائح

البيت لجميل صاحب بثينة، القوادح: جمع قادح، وهو السواد الذي يظهر في الأسنان والبيت شاهد على أن الشيء إذا بلغ غايته، يدعى عليه، صونا عن عين الكمال، لأن الناس يحسدون الشيء الكامل، كقولهم: قاتل الله فلانا ما أشجعه. ولكنهم اختلفوا في تفسير هذا البيت: فقيل: أراد بالعينين: رقيبيها، وبالغرّ من أنيابها كرام ذويها وعشيرتها، والمعنى: أفناهم الله وأراهم المنكرات، فهو في الظاهر يشتمها وفي النية يشتم من يتأذى به فيها. وقيل: أراد: بلغها الله أقصى غايات العمر حتى تبطل عواملها وحواسها، فالدعاء على هذا لها، لا عليها. وقال قوم: إنه يدعو عليها حقيقة، ويستدلون على ذلك، بما رواه أبو الفرج في الأغاني (ج 7/ 79 - 80) أن جميلا لقي بثينة بعد تهاجر بينهما طالت مدّته، فتعاتبا فقالت له: ويحك يا جميل، أتزعم أنك تهواني وأنت الذي تقول: رمى الله في عيني بثينة .. البيت فأطرق جميل طويلا يبكي. وروى أبو الفرج قصة أخرى، تدل على أن جميلا انصرف عن بثينة وهجرها وقال البيت. قلت: تفسير البيت بأنه دعاء على بثينة حقيقة: ينافي قواعد الحبّ العذري العفيف ولعلّ الشاعر أراد من قوله ذاك، أن تبدو كذلك في عيني زوجها فيكرهها، ولا يستمتع بجمالها، ولكنه لا يتمنى أن تكون كذلك في واقع الحال. والله أعلم. [الخصائص/ 2/ 122، والخزانة/ 6/ 398]. 9 - وانضح جوانب قبره بدمائها … فلقد يكون أخا دم وذبائح البيت لزياد الأعجم يرثي المهلب بن أبي صفرة، وقبل البيت: إنّ الشجاعة والسّماحة ضمّنا … قبرا بمرو على الطريق الواضح فإذا مررت بقبره فاعقر به … كوم الجلاد وكلّ طرف سابح

10 - يا لقومي من للعلا والمساعي … يا لقومي من للندى والسماح يا لعطافنا ويا لرياح … وأبي الحشرج الفتى النفاح

والبيت شاهد على أن المضارع (فلقد يكون) مؤول بالماضي، أي: ولقد كان. [الخزانة/ 10/ 4] وانظر الشعر والشعراء، ترجمة زياد الأعجم. 10 - يا لقومي من للعلا والمساعي … يا لقومي من للندى والسماح يا لعطّافنا ويا لرياح … وأبي الحشرج الفتى النفّاح من شواهد سيبويه المجهولة، والبيت الثاني شاهد على أنّ اللام في المعطوف فتحت ك «لام» المعطوف عليه لإعادة «يا»، فأبي الحشرج معطوف على يا لعطّافنا، وعطّاف ورياح وأبو الحشرج أعلام رجال، والنفّاح: الكثير النفح، أي: العطية. رثى هذا الشاعر رجالا من قومه وقال: لم يبق للعلا والمساعي من يقوم بها بعدهم. [الخزانة/ 2/ 154، وسيبويه/ 1/ 319، والمقتضب/ 4/ 257]. 11 - وأنت من الغوائل حين ترمى … ومن ذمّ الرجال بمنتزاح لإبراهيم بن هرمة يرثي ابنه، وقوله: منتزاح مصدر ميمي فعله انتزح. ينتزح، أي: بعد، وأنت بمنتزح من كذا، أي: بعيد منه، والشاهد «منتزاح» أصله «منتزح» لكنه لما اضطر لإقامة الوزن أشبع فتحة الزاي، فنشأت عن هذا الإشباع ألف، ولا يعجبني هذا القول في تعليل مجيء القافية على هذه الصورة، فالشاعر لم يضطر إلى ذلك وزنا، لأن الشاعر الفحل لا يعجز عن الإتيان بكلمة مناسبة لوزن بيته، وتكون متمشية على سنن العربية، ولولا أن الشاعر سمع أهل الفصاحة يقولون الكلمة ما قالها بل إن ذوقه الأدبي هذاه إلى هذا الاستعمال، فالشاعر حزين على فراق ولده، وما من حزين إلا يمدّ صوته في أواخر الكلمات التي يندب بها الفقيد، فهو لا يتصوّر نفسه واقفا على منبر يخطب الناس وإنما هو يبكي، وقد اختار الشاعر مدّ فتحة الزاي، ولم يختر مدّ كسرة الحاء، لأن الفتحة التي صارت ألفا أرأف بحال الحزين، حيث إنّ مدة الألف أرقّ من مدّة الياء. أقول هذا: لأنّ النحويين سامحهم الله أكثروا من القول بلجوء الشعراء إلى الضرورات، ليساير الشعر رأيهم الذي وضعوه في النحو، فنسبوا فحول الشعراء إلى الخطأ ... وما دام هذا المدّ قد كثر في الشعر لماذا لم يجعلوه قاعدة مباحة، بدلا من القول إنه من الضرورة الشعرية؟ وبذلك ندفع عن شعرنا هجمات الأعداء الذين قصّوا قوافي القصائد ولجؤوا إلى الشعر الحرّ، ركونا إلى ما يقال: إن القافية تؤدي إلى الحشو، والضرائر. [الإنصاف

12 - فتى ما ابن الأغر إذا شتونا … وحب الزاد في شهري قماح

25، والخصائص/ 2/ 316، والخزانة/ 7/ 557]. 12 - فتى ما ابن الأغرّ إذا شتونا … وحبّ الزاد في شهري قماح قاله مالك بن خالد الهذلي، وقوله: فتى ما، معناه فتى أيّ فتى، فما، صفة لفتى، وقوله: إذا شتونا، لأن الشتاء عند العرب زمن القحط، لهذا يكون الكرم نادرا وقوله: حبّ - بضم الحاء: فعل مدح مثل نعم، وشهرا قماح - بضم القاف وكسرها هما كانون الأول، وكانون الثاني، آخر شهر وأول شهر من السنة الشمسية، والشاهد: «فتى ما، ابن الأغرّ» تقدم فيها الخبر «فتى» على المبتدأ (ابن الأغرّ) ولا يصح جعل «فتى» مبتدأ، لأنه نكرة، وابن الأغرّ معرفة، وأصل الكلام «ابن الأغر فتى ما إذا شتونا». [الإنصاف/ 66، واللسان «قمح»، وأشعار الهذليين/ 3/ 5]. 13 - إنّ السّماحة والمروءة ضمّنا … قبرا بمرو على الطريق الواضح البيت من شعر زياد الأعجم، من قصيدة يرثي بها المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة، ومرو: أشهر مدن خراسان. والشاهد فيه: قوله «ضمنا» فإنّ ضمّن: فعل ماض مسند إلى ضمير المؤنث وهو الألف العائدة إلى السماحة والمروءة، وكان من حقه أن يؤنث هذا الفعل فيقول: ضمّنتا، لأن كل فعل أسند إلى ضمير مؤنث يجب تأنيثه، فترك الشاعر في هذا البيت تأنيث الفعل، وذلك شاذّ لا يقاس عليه وربما أعاد الضمير إلى مضاف محذوف تقديره: إن خلق السماحة وخلق المروءة. [الإنصاف/ 763، والشذور/ 169، والعيني/ 2/ 502]. 14 - أخاك أخاك إنّ من لا أخا له … كساع إلى الهيجا بغير سلاح البيت منسوب إلى إبراهيم بن هرمة، أو لمسكين الدارمي. أخاك: الأولى: مفعول به لفعل محذوف وجوبا تقديره الزم أخاك، والثانية: توكيد للأولى، لا أخا له: لا نافية للجنس، أخا: اسمها مبني على فتح مقدر على الألف، خبره (له) الجار والمجرور، والشاهد: (أخاك أخاك) فإنّ الشاعر ذكرهما على سبيل الإغراء، وهذا من النوع الذي يجب معه حذف العامل، لأنه كرر اللفظ المغرى به. [سيبويه/ 1/ 129، والشذور/ 222، والهمع/ 1/ 170، والخزانة/ 3/ 65].

15 - سأترك منزلي لبني تميم … وألحق بالحجاز فأستريحا

15 - سأترك منزلي لبني تميم … وألحق بالحجاز فأستريحا هذا البيت للشاعر المغيرة بن حبناء، وحبناء أمه: كنى بتركه منزله لبني تميم عن أنهم لا يحافظون على حرمة جارهم، ولا يرعون حقوقه. والشاهد: قوله «فأستريحا» حيث نصب المضارع، الذي هو «أستريح» بعد فاء السببية، مع أنها ليست مسبوقة بطلب أو نفي، وذلك ضرورة في الشعر، وقد يروى البيت «لأستريحا» ولا ضرورة فيه حينئذ. [سيبويه/ 4/ 23، والمفصل/ 1/ 279، والشذور/ 222، والهمع/ 1/ 77، وج 2/ 10، 16، والأشموني/ 3/ 305، وشرح المغني/ 4/ 114، والخزانة/ 8/ 522]. 16 - يا ناق سيري عنقا فسيحا … إلى سليمان فنستريحا البيت لأبي النجم العجلي، واسمه الفضل بن قدامة، وقوله: ناق، مرخّم ناقة، عنقا: بفتح العين والنون، ضرب من السير السريع. فسيحا: واسع الخطى، سليمان: هو سليمان بن عبد الملك، يأمر ناقته أن تسرع السير به حتى يصل إلى ممدوحه، ليعطيه العطاء الجزل. يا ناق: منادى مرخم مبني على الضم في محل نصب ... عنقا: مفعول مطلق مبيّن للنوع وأصله صفة لموصوف محذوف وتقدير الكلام سيري سيرا عنقا. والشاهد: قوله فنستريحا، حيث نصب المضارع الذي هو نستريح بأن مضمرة وجوبا، بعد فاء السببية الواقعة في جواب الأمر (سيري). [سيبويه/ 1/ 421، وشرح المفصل/ 7/ 26، والشذور/ 305، والهمع/ 1/ 182، والأشموني/ 3/ 302]. 17 - فكلتاهما قد خطّ لي في صحيفة … فلا العيش أهواه ولا الموت أروح الشاهد: كلتاهما قد خطّ، حيث أعاد الضمير إلى كلتاهما مفردا في قوله «قد خطّ» فدلّ ذلك على أن لكلتا جهة إفراد، وهي جهة لفظه، لأنه من جهة المعنى، مثنى باتفاق العلماء، وكان على الشاعر أن يقول «قد خطت» بتاء التأنيث، لأن الفاعل ضمير يعود على «كلتاهما» المؤنثة اللفظ. [الإنصاف/ 446]. 18 - بدت مثل قرن الشّمس في رونق الضّحى … وصورتها أو أنت في العين أملح بدت: أي: ظهرت، وقرن الشمس: أولها عند طلوعها، أو أول شعاعها ورونق الضحى: أوله، والشاهد: أو أنت أملح، فقد استدل الكوفيون بهذا البيت على أن «أو»

19 - ربع عفاه الدهر طولا فانمحى … قد كاد من طول البلى أن يمصحا

بمعنى «بل» فكأنّ الشاعر قال (بدت مثل) ثم رأى أنها أعلى من ذلك، فأضرب عما قال أولا، فقال: بل أنت أملح، والمعنى يطلب ما قال الكوفيّون. [الخزانة/ 11/ 65، الإنصاف/ 478، وديوان ذي الرمة/ 857]. 19 - ربع عفاه الدهر طولا فانمحى … قد كاد من طول البلى أن يمصحا منسوب إلى رؤبة بن العجاج، والربع: المنزل، ويروى «رسم»، وهو ما بقي من آثار الديار، وعفا: درس، وقوله: عفاه، يكون الفعل متعديا، مثل محاه يمحوه، وقوله: يمصح: أي: يذهب. والشاهد قوله: أن يمصحا حيث اقترن المضارع الواقع خبرا لكاد بأن المصدرية، ومذهب سيبويه أنّ الأكثر بدون (أن) وأن ما جاء مقرونا بأن، ضرورة شعرية، وتشبيها بعسى، وسيبويه صادق في حدود ما وصل إليه من النصوص، ولكن اقتران خبر كاد بأن كثير ومنه في الحديث الشريف، في شأن أمية بن أبي الصلت «كاد أن يسلم» وفي حديث عمر «ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب»، وأما الشعر فهو كثير. [الإنصاف/ 566، وشرح المفصل/ 7/ 121، والخزانة/ 9/ 347]. 20 - يا ليت بعلك قد غدا … متقلّدا سيفا ورمحا البيت لعبد الله بن الزّبعري، والشاهد: «متقلدا سيفا ورمحا»، فعطف «رمحا» على «سيفا» والرمح لا يتقلد، فلا يقال: تقلّد فلان رمحه، والتخريج في مثل هذا: أن ينصب «رمحا» بفعل مقدر مناسب، أو يتضمن العامل الأول «متقلد» معنى يصلح تسليطه على المعطوف. [الإنصاف/ 612، وشرح المفصل/ 2/ 50، والهمع/ 2/ 51، والأشموني/ 2/ 172، والخصائص/ 2/ 431]. 21 - أبت لي عفّتي وأبى بلائي … وأخذي الحمد بالثمن الربيح وإمساكي على المكروه نفسي … وضربي هامة البطل المشيح وقولي كلّما جشأت وجاشت … مكانك تحمدي أو تستريحي لأدفع عن مآثر صالحات … وأحمي بعد عن عرض صحيح الأبيات للشاعر عمرو بن الإطنابة، والإطنابة اسم أمه، وهو عمرو بن زيد مناة، والشاهد في البيت الثالث، يخاطب الشاعر نفسه، ويقول لها اثبتي عند الخوف في المعركة، و «مكانك» اسم فعل أمر، و «تحمدي» مضارع مجزوم في جواب الأمر، مع أنه

22 - نحن اللذون صبحوا الصباحا … يوم النخيل غارة ملحاحا

مدلول عليه بصيغة اسم الفعل. [المفصل/ 4/ 74، والشذور/ 335، وشرح أبيات المغني/ 4/ 243، والهمع/ 2/ 13، والأشموني/ 3/ 312]. 22 - نحن اللذون صبّحوا الصّباحا … يوم النّخيل غارة ملحاحا البيت منسوب إلى عدد من الشعراء، ولم يتفقوا أو يرجحوا واحدا منهم. وقوله: صبّحوا الصباحا، معناه: جاؤوا بعددهم وعددهم في وقت الصباح مباغتين للعدو. والنّخيل: بالتصغير اسم مكان، لعله شرق المدينة النبوية على بعد مائة كيل. والصباحا: تعرب ظرف زمان. غارة: مفعول لأجله ويجوز أن يكون حالا بتأويل المشتق، أي: مغيرين. وملحاحا: مأخوذ من قولهم: ألحّ المطر، إذا دام وأراد أنها غارة شديدة تدوم طويلا. والشاهد «اللذون» حيث جاء به بالواو في حالة الرفع، ولكنه لا يكون معربا بالواو، وإنما يكون مبنيا على هذه الصورة كما يبنى على صورته بالياء والنون، ولم أعرف من الذي سمعه من فصحاء البادية، بهذه الصورة. [الأشموني/ 1/ 149، وشرح أبيات المغني/ 6/ 253، والخزانة/ 6/ 23]. 23 - وقد كنت تخفي حبّ سمراء حقبة … فبح لان منها بالذي أنت بائح البيت لعنترة بن شداد، وقوله: لان: أي: الآن. فحذف همزة الوصل والهمزة التي بعد اللام، ثم فتح اللام لمناسبة الألف. وقيل: هي لغة في (الآن). والشاهد: قوله: (بالذي أنت بائح) حيث استساغ الشاعر حذف العائد على الاسم الموصول من جملة الصلة، لكونه مجرورا بمثل الحرف الذي جرّ الموصول وهو الباء. والعامل في الموصول متحد مع العامل في العائد مادة، الأول: «بح»، والثاني: (بائح) ومعنى: لأنهما جميعا من البوح، بمعنى الإظهار والإعلان. [الخصائص/ 3/ 90، والأشموني/ 1/ 93، والعيني/ 1/ 478]. 24 - هلّا سألت النّبيتيّين ما حسبي … عند الشتاء إذا ما هبّت الريح وردّ جازرهم حزما مصرّمة … في الرأس منها وفي الأصلاء تمليح إذا اللّقاح غدت ملقى أصرّتها … ولا كريم من الولدان مصبوح هذه الأبيات لرجل من بني النّبيت بن مالك - من اليمن - وكان قد اجتمع هو وحاتم والنابغة الذبياني عند امرأة يقال لها «ماوية» يخطبونها، فآثرت حاتما عليهما ... والرجل

25 - إذا سايرت أسماء يوما ظعينة … فأسماء من تلك الظعينة أملح

يفخر بقومه حين الجدب، حيث يكونون كرماء. والشاهد في البيت الثالث. وقوله: اللقاح: النوق الحلوب. أصرّتها: جمع صرار، وهو خيط يشدّ بها رأس الضرع لئلا يرضعها ولدها، وإنما تلقى الأصرة حين لا يكون فيها درّ في سنيّ القحط، وقوله: مصبوح: شرب اللبن في الصباح. إذا: أداة شرط، اللقاح: اسم للفعل «غدت» المحذوف، فعل الشرط يدل عليه المذكور بعده، وخبره محذوف يدل عليه ما بعده والتقدير: إذا غدت اللقاح ملقى أصرّتها. وغدت الثانية: فعل ناقص واسمها مستتر. وملقى: خبره وهو اسم مفعول. وأصرّتها: نائب فاعل ل ملقى. لا: نافية للجنس، كريم: اسمها مبني على الفتح، من الولدان: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لكريم. مصبوح: خبر لا. والشاهد فيه: ذكر خبر لا النافية، لكونه ليس يعلم إذا حذف، وقد يحذف إذا دلّ عليه دليل، كقولهم: لا بأس - ولا ضير. [شرح المفصل/ 1/ 107، والخزانة/ 4/ 217]. 25 - إذا سايرت أسماء يوما ظعينة … فأسماء من تلك الظعينة أملح هذا البيت لجرير، وقوله: سايرت: جارت وباهت، الظعينة: أصله الهودج تكون فيه المرأة، ثم نقل إلى المرأة في الهودج بعلاقة الحالّية والمحلّية، ثم أطلقوه على المرأة مطلقا، راكبة أو غير راكبة. والشاهد «من تلك .. أملح» حيث قدم الجار والمجرور، على أفعل التفضيل (أملح) في غير الاستفهام، وذلك شاذ، لأن أفعل التفضيل إذا كان مجردا من (أل والإضافة) جيء بعده ب (من) جارة للمفضّل عليه، نحو «زيد أفضل من عمرو»، ولا يتقدم الجار والمجرور على اسم التفضيل إلا إذا كان المجرور اسم استفهام نحو «ممن أنت خير»؟. [الأشموني/ 3/ 52، والتصريح/ 2/ 103]. 26 - ولو أنّ ليلى الأخيلية سلّمت … عليّ ودوني جندل وصفائح لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا … إليها صدى من جانب القبر صائح البيتان لتوبة بن الحميّر، صاحب ليلى الأخيلية. والجندل: الحجر. والصفائح: الحجارة العراض التي تكون على القبور. زقا: صاح. الصدى: ذكر البوم، أو ما تسمعه

27 - الآن بعد لجاجتي تلحونني … هلا التقدم والقلوب صحاح

في الجبال كترديد لصوتك. يريد: أن ليلى الأخيلية لو سلّمت عليه بعد موته وهو في القبر، لسلّم عليها أو لناب عنه في تحيتها صدى يصيح من جانب القبر. والشاهد: وقوع الفعل المستقبل في معناه بعد «لو» وهذا قليل، وهو مستقبل وإن كان معناه ماضيا، لأنه لم يمت بعد. وقوله: ولو أن ليلى .. أن واسمها وخبرها، والمصدر المؤوّل: إمّا مبتدأ خبره محذوف، أو فاعل لفعل محذوف، تقديره: لو ثبت. [شرح المغني/ 5/ 39، والهمع/ 2/ 64، والأشموني/ 4/ 38]. 27 - الآن بعد لجاجتي تلحونني … هلّا التقدّم والقلوب صحاح البيت مجهول القائل يقول: أبعد لجاجتي وغضبي وامتلاء قلوبنا بالحقد تلومونني، وتتقدمون إليّ بطلب الصلح وغفران ما قدمتم من الإساءة. وهلا كان ذلك منكم قبل أن تمتلئ القلوب إحنة، وتحمل الضغينة عليكم بسبب سوء عملكم. والشاهد: قوله: هلّا التقدّم، حيث ولي أداة التحضيض اسم مرفوع، فيجعل هنا فاعلا لفعل محذوف، لأنّ أدوات التحضيض مخصوصة بالدخول على الأفعال وهذا الفعل ليس في الكلام فعل آخر يدلّ عليه ... ومثل هذا البيت، بيت في حرف «التاء» «إلا رجلا ... تبيت»، في بعض تخريجاته. [العيني/ 4/ 474، وابن عقيل/ 3/ 116]. 28 - وضيف جاءنا والليل داج … وريح القرّ تحفز منه روحا فطرت بمنصلي في يعملات … خفاف الأيد يخبطن السّريحا البيتان للشاعر مضرّس بن ربعي الأسدي، يفخر بكرمه. قوله: وضيف الواو: واو ربّ، وجملة جاءنا صفة، وجملة والليل داج: حال، وجملة ريح القرّ: معطوفة على جملة الحال، والقرّ: البرد، وتحفز: تدفع، كأنّ هذا الضيف لما قاسى من شدة البرد ضعفت روحه، فصارت ريح القرّ، تدفع روحه من جثته لتخرجها منه. وقوله: فطرت: الجملة معطوفة على جواب ربّ المحذوف، أي: وربّ ضيف جاءنا، تلقيته بالإكرام، والمنصل: السيف، اليعملات: بفتح أوله وثالثه، جمع يعمله، وهي الناقة القوية على العمل. وخفاف: جمع خفيفة ويروى (دوامي الأيدي) دميت أيديها من شدة السير ووطئها على الحجارة، ويخبطن السريحا: أي: يطأن بأخفافهنّ الأرض، وفي الأخفاف السريح وهي خرق تلفّ بها أيدي الإبل إذا دميت وأصابها وجع، وقوله: بمنصلي: في موضع الحال

29 - تغيرت البلاد ومن عليها … فوجه الأرض مغبر قبيح تغير كل ذي طعم ولون … وقل بشاشة الوجه المليح

من (التاء)، أي: أسرعت ومعي سيفي، وأقبلت على اليعملات فعقرت ناقة منها، وأطعمت لحمها لضيفي، يريد أنه نحر لضيفه راحلة من رواحله وهو مسافر مع احتياجه لهنّ. والشاهد في البيت الثاني: حذف الياء من (الأيدي) لضرورة الشعر واكتفى بالكسرة الدالة عليها، ويروى: خفاف الوطء ولا حذف فيه. [سيبويه/ 1/ 9، و 2/ 291، والإنصاف 545، وشرح المغني 4/ 336]. 29 - تغيّرت البلاد ومن عليها … فوجه الأرض مغبرّ قبيح تغيّر كلّ ذي طعم ولون … وقلّ بشاشة الوجه المليح هذان البيتان منسوبان إلى أبينا آدم عليه السّلام، وقد يكون قالهما، ولكن ليس بلفظهما، وإنما قال معناهما، أو أن الشاعر ترجم عن حال آدم عليه السّلام عند ما قتل قابيل أخاه هابيل، أما واضع لفظ البيتين فهو من المتقدمين، وقد يكون من أهل القرن الثاني الهجري، وفي النصف الثاني على وجه التحديد، عند ما بدأت مسائل النحو في الظهور، وبدأ الصراع بين الآراء. ولأنّ البيتين ذكرا في قصة بمجلس ابن دريد، المتوفى سنة 325 هـ، وكان أبو بكر ابن دريد يحفظهما، وقد أنشدهما واحد ممن يحضر مجلسه، فشيوع البيتين في أيام ابن دريد دليل على أنّ واضعهما متقدم. والشاهد: وقلّ بشاشة بنصب «بشاشة» دون تنوين، حيث حذف التنوين لالتقاء الساكنين، لا للإضافة. وبشاشة: نكرة منتصبة على التمييز. والوجه: مرفوع، فاعل «قلّ» والمليح: بالرفع صفة الوجه، ومنهم من يرفع «بشاشة» مضافة إلى الوجه، وتكون فاعل «قلّ» والمليح: مجرور، ويكون في البيت إقواء، والرواية للشاهد، على نصب «بشاشة». [الإنصاف/ 662، والهمع/ 2/ 156]. 30 - فما حسن أن يمدح المرء نفسه … ولكنّ أخلاقا تذمّ وتمدح قال في كتاب «الجمل» وإذا قدموا خبر «ما» كان في تقديم الخبر رفع ونصب، فالرفع على الابتداء، وخبره، والنصب على تحسين الباء، (كذا) وذكر البيت، قال: «وينصب». 31 - دامنّ سعدك لو رحمت متيّما … لولاك لم يك للصبابة جانحا البيت مجهول القائل، والمتيّم: الذي جعله الحب تيما وهو العبد، والصبابة: الشوق،

32 - لئن كانت الدنيا علي كما أرى … تباريح من ليلى فللموت أروح

وقيل: رقته، وجانحا: مائلا، ولو: للتمني، وقيل: للشرط وجوابها محذوف، يدل عليه ما قبلها. والشاهد في البيت: تأكيد الفعل الماضي بنون التوكيد، وهو شاذ، وهو من الضرائر الشعرية، وجملة دامنّ سعدك: دعائية، والمعنى: ليدم سعدك. [الهمع/ 2/ 78، والأشموني/ 3/ 213، وشرح أبيات المغني/ 6/ 43]. 32 - لئن كانت الدنيا عليّ كما أرى … تباريح من ليلى فللموت أروح البيت للشاعر ذي الرّمة، والتباريح: العذاب والمشقة، ويذكرون البيت شاهدا على زيادة لام القسم قبل أداة الشرط (إن) والجواب (فللموت أروح) يكون للشرط، لأنه جاء مقرونا بالفاء والمذهب السائد أنه إذا اجتمع قسم وشرط، يكون الجواب للسابق، وأقرب ما قيل: مذهب ابن مالك، بجواز الاستغناء بجواب الشرط مع تأخره وتبقى اللام للقسم. [شرح أبيات مغني اللبيب ج 4/ 366، وديوان الشاعر/ 1212]. 33 - أتقرح أكباد المحبّين كالذي … أرى كبدي من حبّ ميّة تقرح البيت للشاعر ذي الرّمة، ومعنى «تقرح» تضعف، وقد ذكر ابن هشام هذا البيت شاهدا على أن أحد النحويين يرى أنّ (الذي) في البيت بمعنى (أن) وأنّ (أن) تأتي بمعنى الذي ويكون المعنى كرؤية كبدي تقرح، ومع قبول المعنى، فإنه يكون مقبولا أيضا قولنا: مثل الذي أرى كبدي تقرح. [ديوان ذي الرّمة/ 1194، وفيه (.. المحبين كلهم .. كما كبدي من ..) فلا شاهد فيه وشرح أبيات المغني/ 7/ 175]. 34 - رأيت رجالا يكرهون بناتهم … وفيهنّ - لا تكذب - نساء صوالح وفيهنّ - والأيام يعثرن بالفتى - … عوائد لا يمللنه ونوائح البيتان للشاعر معن بن أوس المزني؛ مخضرم عاش حتى أيام ابن الزبير، وقوله في البيت الأول - لا تكذب - لا: ناهية، وتكذب، بالبناء للمجهول، ومعناه «لا يقل لك كذبا»، أي: لا تسمع كذبا فيكذبوا في القول عندك. وجملة - لا تكذب - معترضة بين المبتدأ والخبر (وفيهن نساء). وعوائد: جمع عائدة من عيادة المريض. وقد ذكر ابن هشام البيت الثاني شاهدا على

35 - فلا، وأبي دهماء، زالت عزيزة … على قومها ما فتل الزند قادح

أنّ جملة «والأيام يعثرن بالفتى» معترضة بين المبتدأ والخبر. [الهمع/ 1/ 247، وشرح أبيات المغني/ 6/ 186]. 35 - فلا، وأبي دهماء، زالت عزيزة … على قومها ما فتّل الزّند قادح البيت مجهول القائل، ودهماء: اسم امرأة. وذكره ابن هشام شاهدا على اعتراض الجملة القسمية (وأبي دهماء) بين «لا» وبين «زالت». والأصل «فو أبي دهماء لا زالت عزيزة» وأحسن منه أن نقول إن «لا» التي تسبق «زال» محذوفة، كما في قوله تعالى: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ [يوسف: 85]، ويؤيّد هذا التفسير رواية أخرى للبيت هي «لعمر أبي دهماء زالت عزيزة»، وعلى هذا تكون «لا» في أول البيت، لردّ شيء ذكر قبلها، أي: فليس الأمر كذلك، وأبي دهماء. كما قيل في قوله تعالى: لا، أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ [القيامة: 1] على أنّ «لا» لنفي كلام سابق، وجملة «لا زالت» في البيت، جواب القسم. و (ما) من قول «ما فتّل» مصدرية ظرفية، يريد بها استمرار الحدث، وقد بقي هذا المصدر الظرفي مستمرا حتى أيامنا هذه، مع أنه متعلق ببعض العادات البائدة، إلا أنّ هذه العادة رجعت مع الحضارة في صورة القدّاحة. [الخزانة/ 9/ 237، شرح أبيات المغني/ 6/ 223، والهمع/ 2/ 156]. 36 - لزمنا لدن سالمتمونا وفاقكم … فلا يك منكم للخلاف جنوح البيت مجهول القائل، وفيه شاهد على أنّ «لدن» مضاف إلى الجملة الفعلية، و «وفاقكم» مفعول «لزمنا» والجنوح: الميل. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 6/ 286]. 37 - تركت بنا لوحا ولو شئت جادنا … بعيد الكرى ثلج بكرمان ناصح البيت لجرير بن عطية من قصيدة يمدح بها عبد العزيز بن مروان، واللوح: العطش، فعله لاح يلوح، وجادنا: أروانا، بعيد: تصغير لتقريب الزمن، وشبه ريقها بالثلج وأضافه إلى كرمان، لأنّ ثلجه كثير لا ينقطع عنه، ناصح: خالص، صفة للثلج، يعني: أن ريقها يوجد باردا كالثلج عقب النوم بلا فاصلة، وهذا غاية في اعتدال المزاج، لأن الريق ورائحة الفم يتغيران في النوم، والشاهد في البيت (جادنا بعيد الكرى ثلج) حيث نقل ابن هشام أنّ الظرف «بعيد» لا يتعلق بالفعل «جاد» لضعفه في المعنى. وقالوا: ربما يكون الظرف متعلقا ب «ثلج» لما فيه من معنى الفعل وهو وإن كان جامدا فإن فيه معنى «بارد»،

38 - ليبك يزيد ضارع لخصومة … ومختبط مما تطيح الطوائح

وهو تكلّف لا يغني، والأحسن منه أن يضمن الفعل جاد معنى «سقى» ويكون المعنى «سقانا بعيد الكرى». [شرح أبيات المغني/ 7/ 153، والخزانة/ 5/ 267]. 38 - ليبك يزيد ضارع لخصومة … ومختبط مما تطيح الطّوائح البيت للشاعر نهشل بن حرّي من قصيدة رثى بها يزيد بن نهشل، والشاعر إسلامي عاصر الفرزدق وجريرا، والضارع: الذليل، والمختبط: طالب الحاجة من غير وسيلة لها. تطيح: تهلك، والطوائح: الدواهي، والمعنى: يبكي عليه اثنان، مظلوم وطالب حاجة. والخلاف جار في «ليبك» أما من بناه للمعلوم، أعرب «ضارع» فاعلا ويزيد: مفعول به مقدم، ومن بناه للمجهول: جعل «ضارع» فاعلا لفعل محذوف، يزيد: نائب فاعل للفعل «يبكى». والرواية الأولى هي الأصح عند أهل الرواية، والرواية الثانية من تصحيفات النحويين. [سيبويه/ 1/ 145، والهمع/ 1/ 160، والأشموني/ 2/ 49، والخزانة/ 1/ 303]. 39 - وكان سيّان أن لا يسرحوا نعما … أو يسرحوه بها واغبرّت السّوح البيت من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي، يرثي صديقا. وقوله: سيّان؛ مثنى «سيّ» بالكسر، بمعنى «مثل»، وسرحت الإبل. رعت بنفسها، وسرحتها: يتعدى، ولا يتعدى، والنّعم: الإبل، وهو جمع لا واحد له من لفظه، وقوله: (بها) الضمير يعود على السنة المجدبة، أو على البقعة التي يصفها بالجدب في القصيدة. واغبرّت: اسودّت في عين من يراها، والسوح: جمع ساحة. والواو: للحال، و «قد» مقدّرة، أي: وقد اغبرت السوح. وسيّان: مبتدأ: خبره المصدر المؤول «أن لا يسرحوا» أو «سيّان» خبر، والمبتدأ ... المصدر المؤول، وهو الأقوى في المعنى، لأنّ قصده الإخبار عن السرح وعدمه بأنهما سيّان، وليس المراد الإخبار عن سيّين بأنهما السّرح وعدمه. والشاهد في البيت: أنّ «أو» في البيت بمعنى الواو، أي: لمطلق الجمع لأن سواء، وسيين يطلبان شيئين، فلو جعلت (أو) لأحد الشيئين - كما هو معناها الأصلي - لكان المعنى: سيّان أحدهما، وهذا مستحيل. والذي حسّن استخدام «أو» بمعنى الواو، لأننا نقول: «اقرأ الفقه أو الحديث». ويجوز الجمع بينهما، فيقرأ العلمين معا. [الخزانة/ 5/ 134، وشرح أبيات المغني/ 2/ 30، وشرح المفصل/ 2/ 86، وج 8/ 91 وشعر الهذليين/ 1/ 197].

40 - نهيتك عن طلابك أم عمرو … بعاقبة وأنت إذ صحيح

40 - نهيتك عن طلابك أمّ عمرو … بعاقبة وأنت إذ صحيح البيت لأبي ذؤيب الهذلي، يخاطب قلبه، ويذكّره بما كان من وعظه له في ابتداء الأمر، وزجره من قبل استحكام الحبّ، فيقول: دفعتك عن طلب هذه المرأة بعاقبة، أي: بآخر ما وصيتك به. وقد ذكر ابن هشام هذا البيت شاهدا على أن الأخفش قال: الأصل في «إذ» في البيت «حينئذ» فحذف (حين) المضاف وبقي الجرّ. ولكن ابن جني، قال في «سرّ الصناعة» (إذ) في البيت مبنية، وكذلك شأنها عند ما تكون مركّبة من (حينئذ) فالسكون هنا لالتقاء الساكنين، سكون الذال، وسكون العوض من الجملة التي حذفت بعدها. [الخزانة/ 6/ 539، وشرح المفصل/ 3/ 29، وج 9/ 31، وشرح أبيات المغني/ 2/ 198، والأشموني/ 1/ 56]. 41 - فقد والله بيّن لي عنائي … بوشك فراقهم صرد يصيح لم يعرف قائل البيت، وقوله: عنائي: العناء الحبس في شدة وذلّ، يقال: عنا الرجل يعنو، عنّوا وعناء، إذا ذلّ لك، وعنّيته أعنّيه، تعنية: إذا أسرته فحبسته مضيقا عليه، قال عليه السّلام «اتقوا الله في النساء، فإنهن عندكم عوان»، أي: كالأسرى، وقوله: بوشك فراقهم، الباء: متعلقة ب «يصيح» ووشك البين: سرعة الفراق، والصّرد: بضم الصاد وفتح الراء: وهو طائر أبقع يكون في الشجر، نصفه أبيض ونصفه أسود، ضخم المنقار، له برثن عظيم، ولا تراه إلا في شعبة أو شجرة، لا يقدر عليه أحد. وكان من عادة العرب في الجاهلية التشاؤم بأصوات الطيور، كالغراب والبوم، والصّرد. وقد نهى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عن قتل أربع: «النملة، والنحلة، والصّرد والهدهد» ونهى عن قتل الصّرد، لأن العرب كانت تطيّر بصوته وهو الواقي عندهم فنهي عن قتله ردّا للطيرة. والشاهد في البيت: الفصل بين (قد) الحرفية والفعل «بيّن» بالقسم، وهي في الأصل مع الفعل كالجزء لا تفصل عنه إلا بالقسم. [شرح أبيات المغني/ 4/ 89، والخصائص/ 1/ 330، ج 2/ 390]. 42 - يا بؤس للحرب التي … وضعت أراهط فاستراحوا البيت من قطعة للشاعر سعد بن مالك، جدّ طرفة بن العبد، وهي الحماسية 167،

43 - من صد عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح

يقولها الشاعر بمناسبة حرب البسوس، يعرّض بقعود الحارث بن عباد عن الحرب، فإن الحارث كان قد اعتزل الحرب مع قومه حين هاجت بين بكر وتغلب، لقتل كليب. قال المرزوقي: ومعنى البيت أنه على وجه التعجب، دعا بؤس الحرب التي حطت أراهط فأذلتهم حتى استسلموا للأعداء وحالفوا الراحة وآثروا السلامة. وهذا الكلام فيه مع القصد إلى التعجب تهكم وتعيير كأنه أراد: ما أبأس الحرب التي فعلت ذلك، وقوله: فاستراحوا، فيه تهكم وبيان لاستغنامهم ذلك وميلهم إليه. والشاهد في البيت على أن اللام في قوله (يا بؤس للحرب) مقحمة بين المتضايفين لتوكيد الاختصاص. [حماسة/ 500، وسيبويه/ 1/ 315، وشرح المفصل/ 2/ 10، 105]. 43 - من صدّ عن نيرانها … فأنا ابن قيس لا براح البيت للشاعر سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس، شاعر جاهلي، وهو يفخر بخوضه الحرب. وقوله: لا براح، مصدر برح الشيء براحا إذا زال من مكانه. والشاهد في قوله (لا براح) على أنّ «لا» هنا عاملة عمل ليس، وبراح: اسمها والخبر محذوف تقديره: لي، ولم يقدروها مهملة والرفع بالابتداء، لأنها إذا أهملت، واجبة التكرار، قالوا: ويجوز ترك التكرار في الشعر، وجملة «لا براح» حال مؤكدة لقوله «أنا ابن قيس» كأنه قال: أنا ابن قيس ثابتا في الحرب، وإتيان الحال بعد «أنا ابن فلان» كثير، كقوله: أنا ابن دارة معروفا بها نسبي» وقيل الجملة في محل رفع خبر بعد خبر، ويجوز نصب «ابن قيس» على الاختصاص، فيتعين جملة (لا براح) كونها خبرا لأنا، وهو أفخر وأمدح. [سيبويه/ 1/ 28، 354، والإنصاف/ 367، وشرح المفصل/ 1/ 108، والخزانة/ 1/ 467، وج 4/ 39، وشرح أبيات المغني/ 4/ 376، والأشموني ج 1/ 254، والهمع/ 1/ 125، والحماسة/ 506]. 44 - ما باله لاحظته فتضرّجت … وجناته وفؤادي المجروح ورمى وما رمتا يداه فصابني … سهم يعذّب والسهام تريح البيتان للمتنبي من قصيدة مدح بها مساور بن محمد الرومي. يقول في البيت الأول: إن فؤادي هو المجروح بنظره إليه، فما بال وجناته تضرّجت بالدم. والشاهد في البيت الثاني، على أن الألف في «رمتا» حرف يدل على اثنين. ويداه

45 - وقبل غد يا لهف نفسي من غد … إذا راح أصحابي ولست برائح

فاعله، وسهم: فاعل صابني، وهو لغة في «أصاب»، وقد تنازع في «سهم» عوامل ثلاثة «رمى» و (ما رمتا) و «صابني» والأولان يطلبانه مفعولا والثالث يطلبه فاعلا، فأعمل الثالث لقربه، وأضمر للأولين وحذف لأنه فضلة، يقول: رماني بلحظه، ولم يرمني بيديه، فأصابني سهم لحظه ولم أمت فبقيت معذّبا، وعادة السهام تقتل، فتريح. 45 - وقبل غد يا لهف نفسي من غد … إذا راح أصحابي ولست برائح البيت لأبي الطّمحان القيني؛ شاعر إسلامي اسمه حنظلة بن الشرقي. والبيت من قطعة يرثي فيها نفسه، ويصف قبره وما يكتب على القبر، أوردها صاحب العقد الفريد وهي في الحماسة أيضا. وقوله: وقبل غد، أي: قبل موتي في غد، وقوله: من غد: أي: على نفسي إذا متّ في غد. والشاهد في البيت، على أنّ «إذا» في موضع جرّ بدلا من (غد). ولا يجوز أن تكون «إذا» ظرفا (للهف) لانقلاب المعنى، ألا ترى أنه لا يريد أن يتلهف وقت رواح أصحابه وتأخره عنهم، وإنما يريد: أتلهف الآن لغد ومن أجله وأجل ما يحدث فيه. [شرح أبيات المغني/ 2/ 229]. 46 - عسى طيّئ من طيّئ بعد هذه … ستطفئ غلّات الكلى والجوانح البيت للشاعر الجاهلي قسامة بن رواحة السّنبسي، من قطعة في كتاب الحماسة. وطيّئ مهموز الآخر على وزن «السيد»، وقد تخفف الهمزة فيبقى على وزن «ميّ»، والكلى: جمع كلية، أو كلوة. والغلّة: حرارة العطش، قالوا: والغلّة تكون في القلب، ولكنه أراد المبالغة، أي: تجاوز القلب، والكبد إلى الكلية، وقال الخوارزمي: إن سئل: أيّ غلة للكلى حتى أضيفت إليها؟ أجيب: بأن المزاج عند ورود الهموم والأحزان عليه مما ينفعل ويسخن، فإذا سخن المزاج حمي البول واحتدّ، والبول ممره على الكلى، فكأنه قال: ستطفى الغلل التي يظهر أثرها في البول. والشاهد في البيت: قوله: (ستطفئ) على أنّ اقتران الفعل الواقع خبرا، ل «عسى» بالسين، نادر وسهل اقترانها به، كونها قائمة مقام «أن» لكونهما للاستقبال حيث أن خبر عسى يكون مقرونا ب (أن). وإنما قال: عسى طيئ من طيئ، لأن القتال كان بين بطنين منهما. وقوله: «بعد

47 - ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح

هذه» إشارة إلى الحالة الحاضرة، والجوانح: جمع جانحة، وهي الضلوع القصار، والمعنى: المطموح فيه من أولياء الدم أن يطلبوا الثأر في المستقبل وإن كانوا أخروه إلى هذه الغاية، فتسكن نفوس وتبرد قلوب. [الخزانة/ 9/ 341، شرح المفصل/ 7/ 118]. 47 - ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح البيت لجرير بن عطية، من قصيدة يمدح بها عبد الملك بن مروان، مطلعها: أتصحو أم فؤادك غير صاح … عشيّة همّ صحبك بالرواح والشاهد في البيت قوله «ألستم» على أن الهمزة فيه للإنكار الإبطالي فإن كان ما بعدها نفيا كما هنا، لزم ثبوته، لأن نفي النفي إثبات، وبهذا صار البيت مدحا، ومعناه التقرير: أي: أنتم خير من ركب المطايا، وقد قالوا: إنّ هذا البيت أمدح بيت قاله جرير، أو قالته الشعراء، وليس كما قالوا: لأن الشاعر كاذب في هذا البيت، فأندى العالمين بطون راح، هو محمد صلّى الله عليه وسلّم. ولا يصحّ تفضيل عبد الملك على عالمي أهل زمانه، فقد كان في عصره الصحابة، وهم أندى منه وأكرم وأشجع، لأنهم جاهدوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكانوا أجوادا مع قلة ما بأيديهم، بل كان ما بأيديهم من كدّ يمينهم وعملهم، أما عبد الملك فقد كان يجود على الشعراء من بيت مال المسلمين، وليس للشعراء حقّ فيه. فقد كانوا يعطون الأموال للشعراء لإذاعة المحامد الكاذبة، كما تعطي الدول اليوم الأموال للصحف ووكالات الأنباء لتضليل الناس بإذاعة منجزات من نسج الخيال. أقول: ولا يدخل هذا البيت في قولهم «أعذب الشعر أكذبه» لأن المراد بالكذب، هو الكذب الفنّي، والخيال التصويري، والاستعارات البديعة، كقول الشاعر: فأمطرت لؤلؤا من نرجس … وسقت وردا وعضت على العنّاب بالبرد [شرح أبيات المغني/ 1/ 47، وشرح المفصل/ 8/ 123، والخصائص/ 2/ 463]. 48 - أبحت حمى تهامة بعد نجد … وما شيء حميت بمستباح البيت لجرير في مدح عبد الملك بن مروان، ويقول له: ملكت العرب وأبحت حماها بعد مخالفتها لك، وما حميت لا يصل إليه من خالفك لقوة سلطانك، وتهامة: ما سفل من بلاد العرب، ونجد: ما ارتفع، وكنى بهما عن جميع بلاد العرب. و (ما) حرف نفي. وشيء: مرفوع بالابتداء، وحميت: الجملة صفة، بمستباح: خبر المبتدأ. ولا يجوز

49 - فما أدري وظني كل ظن … أمسلمني إلى قوم شراح

نصب «شيئا» ب «حميت» لأنه لو فعل ذلك لوجب أن يقول: وما شيئا حميت مستباحا، ويكون مستباحا نعتا لشيء، والنعت لا يكون. فيه الباء زائدة، وينقلب معنى المدح، ويصير: وما حميت شيئا مستباحا، أي: حميت شيئا محميّا، وليس فيه مدح. [سيبويه/ 1/ 45، 66، والتصريح/ 2/ 112، وشرح أبيات المغني ج 7/ 82]. والشاهد في البيت: أنّ جملة «حميت» صفة (لشيء) والرابط محذوف، أي: حميته، لأن النعت مع المنعوت كالصلة مع الموصول، والحذف في الصلة حسن، فضارعه النعت في الحذف. 49 - فما أدري وظنّي كلّ ظنّ … أمسلمني إلى قوم شراح ليزيد بن مخرّم الحارثي، وقد روي بلفظ «أمسلمني» للاستشهاد به على أن إلحاق نون الوقاية للوصف المضاف إلى الياء شاذّ. والرواية على أنه «أيسلمني» ولا شاهد فيه، وقوله شراح: يريد (شراحيل) حذفت الياء واللام، من باب الضرورة الشعرية. [الهمع/ 1/ 65، وشرح أبيات المغني/ 6/ 56]. 50 - هم اللاؤون فكّوا الغلّ عنّي … بمرو الشاهجان وهم جناحي البيت لأحد الهذليين وذكروه شاهدا على أنّ بني هذيل، يقولون اللاؤون في الرفع، واللائين في الجرّ والنصب. [شرح المغني/ 6/ 255، والهمع/ 1/ 83]. 51 - فإن لا مال أعطيه فإني … صديق من غدوّ أو رواح والشاهد فيه: أنّ الأصل «فإن أكن» و «لا» النافية للجنس، وجملة «أعطيه» خبرها، وجملة «لا مال أعطيه» خبر أكن المحذوفة، والمفعول الأول من أعطيه محذوف تقديره: أعطيكموه، وجملة (فإني) جواب الشرط، و «من» في البيت بمعنى (في). [شرح أبيات المغني/ 7/ 223]. 52 - لو أنّ حيّا مدرك الفلاح … أدركه ملاعب الرّماح البيت من شعر لبيد، وملاعب الرماح: أراد: ملاعب الأسنة، عامر بن مالك وهو عمّ لبيد بن ربيعة، وهو شاعر صحابي، والشاهد فيه على أنّ خبر (أنّ) بعد لو، قد جاء وصفا، اسم فاعل. [شرح أبيات المغني/ 5/ 102].

53 - بعيد الغزاة فما إن يزا … ل مضطمر طرتاه طليحا

53 - بعيد الغزاة فما إن يزا … ل مضطمر طرّتاه طليحا البيت لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدة يمدح بها عبد الله بن الزبير، وكان الشاعر قد صاحبه في غزو إفريقية، وبها مات أبو ذؤيب. وقوله: بعيد الغزاة، أي: يبعد في غزو الأعداء، والغزاة: الغزوة، والمضطمر: الضامر، والطّرّة: الكشح والجنب، والطليح: المعيى، من عناء الغزوة. والشاهد فيه حذف الهاء من «مضطمرة» لأن فاعله «طرتاه» مؤنث مجازي، كما قرأ أبو عمرو «خاشعا أبصارهم». [سيبويه/ 1/ 238، والخصائص ج 2/ 413]. 54 - دأبت إلى أن ينبت الظلّ بعد ما … تقاصر حتى كاد في الآل يمصح وجيف المطايا ثم قلت لصحبتي … ولم ينزلوا أبردتم فتروّحوا البيت للراعي، يذكر مواصلته السير إلى الهاجرة وأنه نزل بعد ذلك مبردا بأصحابه ثم راح سائرا. ودأبت: واصلت السير، ينبت الظل: يأخذ في الزيادة بعد زوال الشمس، والآل: الشخص، يمصح: يذهب، يصف الظهيرة عند ما ينتعل كلّ شيء ظله، والوجيف: سير سريع، أبردتم: دخلتم في برود العشي، تروحوا: سيروا رواحا. والشاهد: نصب «وجيف» على المصدر المؤكد لمعنى «دأبت». [سيبويه/ 1/ 191، والإنصاف/ 231]. 55 - وما الدهر إلا تارتان فمنهما … أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح البيت للشاعر تميم بن مقبل. تارتان: مثنى تارة: وهي الحين، والمرّة وألفها واو، يقول: لا راحة في الدنيا، فوقتها قسمان: موت مكروه لدى النفس وحياة كلها كدح ومعاناة المشقة للكسب، وقدّم الموت ليعبر عن ضجره. والشاهد في البيت حذف الاسم لدلالة الصفة عليه، والتقدير: فمنها تارة أموت فيها. [سيبويه/ 1/ 376، والمقتضب/ 2/ 138، والهمع/ 2/ 120]. 56 - إذا لقي الأعداء كان خلاتهم … وكلب على الأدنين والجار نابح البيت مجهول القائل، من شواهد سيبويه، والخلاة: الرطبة من الحشيش وهي واحدة

57 - وعلمي بأسدام المياه فلم تزل … قلائص تخدي في طريق طلائح وأني إذا ملت ركابي مناخها … فإني على حظي من الأمر جامح

الخلا، يصفه بضعفه عن مقاومة أعدائه، فهو سهل المأكل إذا لقوه ولكنه إذا لقي أهله وعشيرته تنمّر وصار كالكلب النابح. والشاهد فيه: رفع «وكلب» حيث حملت على الابتداء، والتقدير وهو كلب. [سيبويه/ 1/ 251]. 57 - وعلمي بأسدام المياه فلم تزل … قلائص تخدي في طريق طلائح وأني إذا ملّت ركابي مناخها … فإني على حظّي من الأمر جامح البيتان للشاعر ابن مقبل (تميم)، وأسدام: جمع سدم بالتحريك: وهو الماء المتغير لقلة الورّاد. أراد أنه عالم بمياه الفلوات حسن الدلالة بها. وتخدي: تسرع، والطلائح: المعيية لطول السفر، جمع طليح، وصف للبعير والناقة. وفي البيت الثاني: يريد: إذا ملّت الإبل الإناخة والارتحال، يعني توالي الأسفار، والجامح: الماضي على وجهه، أي: لا يكسرني طول السفر ولكنني أمضي قدما لما أرجو من الحظ من أمري. والشاهد في البيت الثاني: كسر (إنّ) الثانية على الاستئناف، ولو فتحت حملا على (أنّ) الأولى تأكيدا أو تكريرا، لجاز. [سيبويه/ 1/ 467]. 58 - فإن تمس في قبر برهوة ثاويا … أنيسك أصداء القبور تصيح البيت لأبي ذؤيب الهذلي، يرثي رجلا. وثاويا: مقيما، والأصداء: جمع صدى، وهو طائر يقال له الهامة، تزعم الأعراب أنه يخرج من رأس القتيل إذا لم يدرك بثأره فيصيح: اسقوني، اسقوني، حتى يثأر به. وهذا مثل، وإنما يراد به تحريض وليّ المقتول على طلب دمه، فجعله جهلة الأعراب حقيقة. والشاهد في البيت: جعله الأصداء، أنيس المرثيّ، اتساعا ومجازا، لأنها تقوم في استقرارها بالمكان وعمارتها له مقام الأناسي، وهو تقوية لمذهب بني تميم في إبدال ما لا يعقل ممن يعقل، فيجعلون «ما في الدار أحد إلا حمار» بمنزلة «ما في الدار أحد إلا فلان» والنصب في مثل هذا أجود، لأنه استثناء منقطع، وهو لغة الحجازيين. [الخزانة/ 3/ 315، وسيبويه/ 1/ 364].

59 - بل هل أريك حمول الحي غادية … كالنخل زينها ينع وإفضاح

59 - بل هل أريك حمول الحيّ غادية … كالنّخل زيّنها ينع وإفضاح البيت لأبي ذؤيب الهذلي. والحمول: الإبل عليها الهوادج أو: هي الهوادج، وينع: من أينع، أي: أدرك، والإفضاح: من أفضح: حين تدخل ثمرة النخلة الحمرة والصفرة، يعني: البسر. والشاهد في البيت وقوع (بل) للإضراب، أي لترك شيء من الكلام وأخذ في غيره. والبيت بلغ قمة الجمال الفني في الصورة المبهجة المفرحة. [سيبويه/ 2/ 306]. 60 - والحرب لا يبقى لجا … حمها التخيّل والمراح إلا الفتى الصبّار في النّ … جدات والفرس الوقاح البيتان نسبهما سيبويه للحارث بن عباد، وفي الحماسة لسعد بن مالك. وقد مضى من القطعة بيت في حرف الحاء (لا براح). وجاحم الحرب: معظمها وأشدها، وقوله: لجاحمها، أي: بسبب جاحمها أو عند جاحمها، التخيّل: الخيلاء والتكبّر. والمراح: بالكسر، المرح واللعب. والنجدات: جمع نجدة وهي الشدة. الوقاح: وزن سحاب: الصلب الحافر، وإذا صلب حافره صلب سائره. والشاهد فيه إبدال «الفتى» من التخيّل والمراح، على الاتساع والمجاز. [سيبويه/ 1/ 366، والحماسة/ 501، والخزانة/ 3/ 317]. 61 - إن ترينا قليّلين كما ذي … دعن المجربين ذود صحاح البيت لقيس بن الخطيم. وقوله: ذيد: من الذود، وهو الدفع والتنحية. والمجرب: الذي جربت إبله. والذّود: القطيع من الإبل من الثلاث إلى العشر. يقول: نحن وإن قلّ عددنا، فليس بيننا لئيم، فنحن كالإبل الصحيحة التي قلل عددها تنحية الجرب عنها. والشاهد فيه تحقير قليل: على قليّل وجمعه بالواو والنون، لئلا يتغير بناء التحقير لو كسّر. [سيبويه/ 2/ 141]. 62 - ألا ربّ من قلبي له الله ناصح … ومن هو عندي في الظّباء السوانح البيت للشاعر ذي الرّمة. وقوله: الظباء السوانح: ما أخذ عن يمين الرامي فلم يمكنه رميه حتى ينحرف له، فيتشاءم به. ومن العرب من يتيمّن به، لأخذه من الميامن. وقد جعله ذو الرمة مشؤوما لمخالفة قلبها وهواها لقلبه وهواه، والمعنى: ألا ربّ من قلبي له

63 - وارتشن حين أردن أن يرميننا … نبلا بلا ريش ولا بقداح ونظرن من خلل الخدور بأعين … مرضى مخالطها السقام صحاح

بالله ناصح، أي: أحلف بالله، فحذف حرف الجرّ الذي هو الباء. والشاهد فيه هنا: تنكير (من) ووصفها بقوله «ناصح» كما أنّ لفظ الجلالة في البيت منصوب على نزع الخافض، وهو باء القسم. [سيبويه 1/ 271، 2/ 144، وشرح المفصل/ 9/ 103، وديوانه/ 1861]. 63 - وارتشن حين أردن أن يرميننا … نبلا بلا ريش ولا بقداح ونظرن من خلل الخدور بأعين … مرضى مخالطها السّقام صحاح البيتان للشاعر ابن ميّادة المرّي من غطفان. ويقال: ارتاش السهم إذا ركّب عليه الريش. والنبل: السهام. والقداح: جمع قدح - بالكسر - وهو السهم قبل أن يراش. يصف نساء أصبن القلوب، بفتور أعينهنّ وحسنها وشبه أشفارهن - أشفار العيون - بالريش. وخلل الخدور: فرجها. يعني أنهنّ مصونات. وذكر أنّ فتور أعينهنّ لغير علّة بها. والشاهد في البيت الثاني: «مخالطها» إذ وصف بها النكرة «أعين» لما في مخالطها من نيّة التنوين وإغفال الإضافة ولذا جرى مجرى الفعل، ورفع ما بعده. [سيبويه/ 1/ 227، والخزانة/ 5/ 24]. 64 - يا لقوم من للعلى والمساعي … يا لقوم من للنّدى والسّماح البيت من شواهد سيبويه المجهولة القائل، يرثي رجالا من قومه، والمساعي: مآثر أهل الشرف والفضل واحدها: مسعاة. يقول: ذهب من يقوم بذلك بعدهم، ويتلوه بيت آخر وهو: يا لعطّافنا ويا لرياح … وأبي الحشرج الفتى النّفّاح وهو يذكر أسماء رجال من قومه، والنّفاح: الكثير العطاء. والشاهد فيه: إدخال لام الاستغاثة على المستغاث به مفتوحة. [سيبويه/ 1/ 319، وشرح المفصل/ 1/ 128، والهمع/ 1/ 180]. 65 - ونبكي على زيد ولا زيد مثله … بريء من الحمّى سليم الجوانح

66 - إن قوما منهم عمير وأشبا … هـ عمير ومنهم السفاح لجديرون بالوفاء إذا قا … ل أخو النجدة: السلاح السلاح

والشاهد فيه «ولا زيد مثله»، أريد بالعلم واحد ممن سمي به، فصحّ أن يكون اسما ل «لا» النافية للجنس. ومنه قول عمر: قضية ولا أبا حسن لها. أي: هذه قضية ولا فيصل لها يفصلها. [الهمع/ 1/ 145، والخزانة/ 4/ 57]. 66 - إنّ قوما منهم عمير وأشبا … هـ عمير ومنهم السفّاح لجديرون بالوفاء إذا قا … ل أخو النجدة: السلاح السلاح الشاهد: قوله: السلاح السلاح، حيث رفع المكرر في الإغراء، على أنه خبر لمبتدأ محذوف. [الأشموني/ 3/ 193، والهمع/ 1/ 170]. 67 - لها أذن حشر وذفرى أسيلة … ووجه كمرآة الغريبة أسجح البيت لذي الرّمة. وأذن حشر: صغيرة لطيفة مستديرة. ويستحب في البعير أن يكون حشر الأذن، وكذلك يستحبّ في الناقة. والذّفرى: الموضع الذي يعرق من البعير خلف الأذن، وهما ذفريان ووجه أسجح: حسن معتدل. وخصّ مرآة الغريبة: وهي التي تتزوج غريبة في غير قومها، فلا تجد في نساء ذلك الحيّ من يعنى بها ويبيّن لها ما تحتاج إلى إصلاحه من عيب أو نحوه، فهي محتاجة إلى مرآتها التي ترى فيها ما ينكره فيها من رآها، فمرآتها لا تزال أبدا مجلوّة. ويروى البيت (وخدّ كمرآة الغريبة ..). وذفرى: لا تنون لأن ألفها للتأنيث. [لسان - سجح، والديوان/ 1217، وشرح المفصل/ 4/ 62]. 68 - لو كان مدحة حيّ منشرا أحدا … أحيا أباكنّ يا ليلى الأماديح البيت لأبي ذؤيب، من قصيدة رثى بها رجلا، كان صديقا له قتل في وقعة. وأنشده السيوطي على أن فيه ضرورة تذكير المؤنث. ولكن الشطر الأول يروى: لو أنّ مدحة حيّ أنشرت أحدا، ولا ضرورة فيه. [الهمع/ 2/ 157، واللسان (مدح)]. 69 - فبينا الفتى في ظلّ نعماء غضّة … تباكره أفياؤها وتراوح إلى أن رمته الحادثات بنكبة … يضيق بها منه الرّحاب الفسائح البيتان للشاعر: مصاد بن مذعور. وأنشدهما السيوطي، على أن «بينا» تستدعي جوابا، وقد يحذف هذا الجواب. [الهمع/ 1/ 212].

70 - وإن من النسوان من هي روضة … تهيج الرياض قبلها وتصوح

70 - وإنّ من النّسوان من هي روضة … تهيج الرياض قبلها وتصوّح البيت لجران العود ... ، وهذا لقبه، ولا يعرف اسمه. والجران: بالكسر: باطن العنق الذي يضعه البعير على الأرض، إذا مدّ عنقه لينام، وكان يعمل منه الأسواط. والعود: المسنّ من الإبل. وإنما قيل له جران العود، لأنه تزوج امرأتين فرأى منهما أذى، فقال في ذمهما: عمدت لعود فالتحيت جرانه … وللكيس أمضى في الأمور وأنجح خذا حذرا يا ضرّتيّ فإنني … رأيت جران العود قد كاد يصلح وقال من الأبيات: خذا نصف مالي واتركا لي نصفه … وبينا بذمّ فالتعزّب أروح وقوله في البيت ... الشاهد: وتصوّح: يقال صوّح البقل: تمّ يبسه. [العيني - ج 1/ 492، وشرح التصريح ج 1/ 140]. 71 - لولا زهير جفاني كنت منتصرا … ولم أكن جانحا للسّلم إن جنحوا والبيت في الأشموني ج 4/ 50، أورده شاهدا على أن جواب لولا المثبت قد يخلو من اللام. 72 - بنا أبدا لا غيرنا يدرك المنى … وتكشف غمّاء الخطوب الفوادح البيت بلا نسبة في العيني/ 4/ 166. 73 - وما أنا من رزء وإن - جلّ - جازع … ولا بسرور بعد موتك فارح للشاعر أشجع السّلمي، من قصيدة رثائية في حماسة أبي تمام، مضت بعض أبياتها. قال المرزوقي: ولو قال بدل «جازع» و «فارح» جزع وفرح، كان أفصح وأكثر لأن فعل إذا كان لازما فالأجود والأقيس في مصدره «فعل» وفي اسم الفاعل «فعل» وإذا كان متعديا فبابه «فاعل» وقد قيل في المريض مارض، وفي السليم سالم. وقوله «ولا بسرور» أي: ولا بذي سرور، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. [الحماسة بشرح المرزوقي ج 2/ 858].

74 - فكأنما نظروا إلى قمر … أو حيث علق قوسه قزح

74 - فكأنّما نظروا إلى قمر … أو حيث علّق قوسه قزح البيت للحكم بن عبدل الأسدي، من شعراء الدولة الأموية. والبيت من قطعة في حماسة أبي تمام يمدح رجلا اسمه ابن بشر، ويذكر موكبه. يقول: عند ما مر موكب الممدوح، فكأنما نظر الناس إلى قمر، أو نظروا إلى حيث يتراءى للناظرين قوس قزح. فقوله: أو حيث: يجوز أن يكون معطوفا على قمر، فيكون المعنى: نظروا إلى قمر أو إلى مكان قوس قزح. ويجوز أن يكون «حيث» في موضع الظرف، وكأنه قال: نظروا إلى قمر أو نظروا حيث علق قوسه قزح وجعل قزح فاعلا على اعتقاد من يعتقد أن قزح اسم شيطان، وعند النحويين أن قولهم قوس قزح، كحمار قبان وما أشبهه، وإذا كان كذلك لم يصلح الإخبار عن المضاف إليه. [شرح الحماسة للمرزوقي ص 1884، والهمع/ 2/ 146]. 75 - أقام ببغداد العراق وشوقه … لأهل دمشق الشام شوق مبرّح البيت بلا نسبة في الهمع/ 2/ 49، والأشموني 2/ 244. 76 - لقد كان لي عن ضرّتين - عدمتني … وعمّا ألاقي منهما متزحزح البيت لجران العود، قيل: اسمه «المستورد»، وقيل: «عامر» يقول: لقد كان لي متزحزح عن الجمع بين ضرّتين بأن لا أتزوج ثنتين لو كنت أعلم ما سيكون لي من الشقاء وما ينالني من التعب. والشاهد: عدمتني: حيث استعمله كأفعال القلوب فجمع معه بين ضمير الفاعل وضمير المفعول وهما لواحد، وهو المتكلم. والأصل أن المفعول إذا كان ضمير الفاعل اتصل به لفظ النفس فتقول: أكرمت نفسي، ولا تقول: أكرمتني - بضم التاء، وتقول: أكرمت نفسك ولا يجوز أن تقول: أكرمتك بفتح التاء، ويغتفر هذا في أفعال القلوب وما حمل عليها. [شرح المفصل ج 7/ 89]. 77 - ألا إنّ جيراني العشيّة رائح … دعتهم دواع للهوى ومنادح البيت لحيّان بن جبلة المحاربي في الهمع 2/ 182، ومعجم ما استعجم 173. والشاهد «منادح» حذف الياء منها، والأصل «مناديح» لأنها جمع «مندوحة»

78 - مرت بنا في نسوة خولة … والمسك من أردانها نافحه

والمندوحة: السعة، وأرض مندوحة: واسعة بعيدة. 78 - مرّت بنا في نسوة خولة … والمسك من أردانها نافحه ... والشاهد «والمسك ... نافحه» والتقدير: «ورائحة المسك نافحة»، حيث قام المضاف إليه مقام المضاف في التأنيث. [الهمع/ 2/ 51، والأشموني/ 2/ 272]. 79 - دان مسفّ فويق الأرض هيدبه … يكاد يدفعه من قام بالراح البيت لأوس بن حجر، أو لعبيد بن الأبرص، وهو في وصف سحاب. والمسف: شديد الدنوّ من الأرض. وهيدب السحاب، ما تهدّب منه كالخيوط. [الخصائص/ 2/ 126، والشعر والشعراء ج 1/ 136]. 80 - قلت لقوم في الكنيف تروّحوا … عشيّة بتنا عند ما وان رزّح البيت لعروة بن الورد من ثلاثة أبيات في حماسة أبي تمام ج 1/ 464. والكنيف: الحظيرة من الشجر، و «ماوان» اسم مكان. ورزّح: جمع رازح، وهو المهزول الضعيف. والمعنى: بعثتهم على السير في الرواح وإن كانوا متساقطي القوى، كالّين. وتقدير البيت: قلت لقوم رزح عشية بتنا عند ماوان في الكنيف، تروّحوا ففصل بأجنبي بين الموصوف «لقوم» والصفة «رزّح» وهذا شاذ. [الهمع/ 2/ 116]. 81 - بينا كذاك رأيتني متلفّعا … بالبرد فوق جلالة سرداح البيت لابن ميادة. والجلالة: الناقة العظيمة. والسرداح: الناقة الطويلة، وقيل: الكثيرة اللحم. نقل البغدادي في شرح أبيات المغني ج 2/ 181 «وقال: أبو حيان في تذكرته أنشد أبو علي البيت ...»، الكاف: زائدة، وذاك: مبتدأ خبره محذوف، تقديره: بينا ذاك شأني. وقال البغدادي في الخزانة ج 7/ 73: وقال أبو علي في إيضاح الشعر أنشد ثعلب أحمد بن يحيى قول الشاعر (البيت أضاف «بينا» إلى الكاف. كما يضاف إلى المصدر، ولا يكون الكاف حرفا لأن الاسم لا يضاف إلى حرف). [والهمع/ 1/ 212]. 82 - أريد صلاحها وتريد قتلي … وشتّا بين قتلي والصلاح البيت لجميل بثينة. وهو شاهد على وقوع «بين» منصوبة فاعلا. فقوله: (وشتا) أصله

83 - جاء شقيق عارضا رمحه … إن بني عمك فيهم رماح

شتان، وحذفت النون للضرورة. ويجوز رفع «بين» إذا لم يسبقها «ما». [الخزانة/ 6/ 278، والهمع/ 2/ 156]. 83 - جاء شقيق عارضا رمحه … إنّ بني عمّك فيهم رماح الشاهد لحجل بن نضلة، في المؤتلف والمختلف، ودلائل الإعجاز/ 213. 84 - إنّما نحن كشيء فاسد … فإذا أصلحه الله صلح البيت للأعشى.

قافية الخاء

قافية الخاء 1 - إذا الرّجال شتوا واشتدّ أكلهم … فأنت أبيضهم سربال طبّاخ رواه أهل اللغة الموثقون، ونسبة بعضهم إلى طرفة بن العبد، يهجو عمرو بن هند. وقوله: شتوا، أي: صاروا في زمن الشتاء، وهو زمن القحط. وقوله: واشتد أكلهم، أي: تعسّر على أكثرهم الحصول على الأكل. وأبيضهم سربال طباخ، كناية عن البخل، لأن طباخه لا تتسخ ثيابه لأنه لا يطبخ. والشاهد: «أبيضهم» حيث اشتق أفعل التفضيل من البياض، وهذا ما يقول به الكوفيون ويأباه البصريون، وحجة الكوفيين قوية في جواز التعجب، والتفضيل من البياض والسواد، وحجج البصريين مبنية على علل من صنعهم. [الإنصاف/ 149، والمفصل/ 6/ 93، واللسان (بيض)]. 2 - ألا يا غراب البين قد هجت لوعة … فويحك خبّرني بما أنت تصرخ أبا لبين من لبنى؟ فإن كنت صادقا … فلا زال عظم من جناحك يفضخ ولا زلت من عذب المياه منفّرا … ووكرك مهدوم وبيضك مشدخ ولا زال رام قد أصابك سهمه … فلا أنت في أمن ولا أنت تفرخ وأبصر ت قبل الموت لحمك منضجا … على حرّ جمر النار يشوى ويطبخ الأبيات لقيس بن ذريح، وهي من أرقّ الشعر وأعذبه، يلين لها الصخر ويجاوبها كلّ جماد وأعجم. والشاهد في الأبيات في أغلب جملها، فإنها خبريّة لفظا إنشائية معنى، لأن المقصود بها الدعاء. ومعنى يفضخ: يكسر، وكذلك «مشدخ». [الإنصاف/ 255]. 3 - والله لولا أن تحشّ الطّبّخ … بي الجحيم حين لا مستصرخ هذا رجز رواه أهل اللغة، ولم ينسبوه، وحشّ النار يحشّها حشّا، أي: جمع لها ما

تفرق من الحطب وأوقدها. والطبّخ: الملائكة الموكلون بعذاب الكفار. والشاهد: «لا مستصرخ» حيث رفع الاسم الواقع بعد «لا» النافية التي بمعنى ليس، وأجاز قوم رفع ما بعدها على الابتداء. وتكون «لا» ملغاة. وقال قوم بل هي عاملة عمل ليس، ولكنها لو كانت مهملة لوجب تكرارها، وبهذا يرجح قول من أعملها. [سيبويه/ 357، والإنصاف/ 368، والهمع/ 1/ 125، واللسان «طبخ، حشش»].

قافية الدال المهملة

قافية الدال المهملة 1 - وفي كتب الحجّاج أنساب معشر … تعلّمها، منّا يزيد ومزيدا الشاهد: (منّا) فعل ماض بمعنى «كذّبنا» ولذلك نصب به «يزيد». 2 - إنّما أمّ خالد يوم جاءت … بغلة الزّينبيّ من قصر زيدا أم: أي شجّ، وهو فعل مبني للمجهول، خالد: نائب فاعل. وقوله: من: فعل أمر من المين، وهو: الكذب، ومن: كذّب وفاعله مستتر. زيدا: مفعول به، أي: كذب زيدا. وقصر: منادى مبني على الضم. 3 - إنّا بني تغلب قوم معاقلنا … بيض السيوف إذا ما أقرع البلد الشاهد نصب «بني» على الاختصاص. إنّا: إنّ واسمها. قوم: خبرها، معاقلنا: مبتدأ، أو خبر مقدم. بيض: خبر، أو مبتدأ مؤخر. 4 - فإن لم أصدّق ظنّهم بتيقّن … فلا سقت الأوصال منّي الرواعد ويعلم أعدائي من الناس أنّني … أنا الفارس الحامي الذّمار المذاود الأوصال: جمع وصل، وهو المفصل. والرواعد: جمع راعدة، وهي السحابة ذات الرعد. والشاهد: «ويعلم» ويجوز فيها الرفع على الاستئناف، والنصب بأن مضمرة بعد الواو. والجزم بالعطف على جواب الشرط، ولكن الجزم هنا في الشعر يكسر البيت. هكذا وجدته في كتاب «الجمل» المنسوب للخليل والبيتان في ديوان حسان بن ثابت. 5 - يا قلّ خير الغواني كيف رغن به … فشربه وشل فيه وتصريد قاله الأخطل. وراغ به: خدعه، والوشل: بفتحتين: ماء في الجبل يقطر شيئا بعد شيء، وأراد به القليل. والتصريد: التقطيع.

6 - ما أنت لي قائما فتجبرني … ولا أمير علي مقتلد

والشاهد: «يا، قلّ»، أراد: يا رجل قلّ خير الغواني، اكتفى بحرف النداء عن إظهار الاسم. 6 - ما أنت لي قائما فتجبرني … ولا أمير عليّ مقتلد قوله: لي قائما: من قولهم: قام للأمر، إذا تولاه وتفرد به. ويجبر: يهين ويذل. والمقتلد: المفوض المستبدّ، والشاهد: ما أنت ... قائما. ولا أمير. قال في كتاب «الجمل» فإن قلت «ما زيد قائما ولا منطلق عمرو» رفعت على الابتداء لأنه ليس من سبب الأول فتحمل عليه. 7 - آت الرزق يوم يوم فأجمل … طلبا وابغ للقيامة زادا البيت مجهول القائل. آت: اسم فاعل من «أتى» و «أجمل» أمر من الإجمال، وهو الإحسان. و «آت»: خبر مقدم مرفوع بضمة مقدرة. الرزق: مبتدأ مؤخر. والشاهد قوله: «يوم يوم» حيث ركب الظرفين معا وجعلهما بمنزلة اسم واحد، فتضمنا معنى حرف العطف فبناهما على فتح الجزءين، ولو لم يركبهما معا لأعربهما وأضاف الأول إلى الثاني. [الشذور/ 73، والهمع/ 1/ 196، والدرر/ 1/ 167]. 8 - تباعد منّي فطحل إذ سألته … أمين فزاد الله ما بيننا بعدا البيت مجهول القائل (¬1). وفطحل: اسم رجل. سألته، أي: دعوته ليغيثني من المكروه. والشاهد قوله «أمين» بوزن قدير، وبصير، بهمزة واحدة ليس بعدها ألف، وهي لغة في «آمين» الممدودة، وهو اسم فعل أمر مبني على الفتح وقوله: بعدا: مفعول ثان للفعل: (زاد). [شذور، والأشموني/ 3/ 197، والمفصل/ 4/ 34]. 9 - سعاد التي أضناك حبّ سعادا … وإعراضها عنك استمرّ وزادا البيت مجهول القائل، والشاهد فيه قوله: «التي أضناك حب سعاد» حيث وضع الاسم الظاهر «سعاد» في آخر الشطر الأول موضع الضمير، فربط به جملة الصلة والأصل أن ¬

_ (¬1) البيت لجبير بن الأضبط، انظر: المشوف المعلم 1/ 79 (الناشر).

10 - ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى … وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي

يقول: سعاد التي أضناك حبها، وهو ضرورة في الشعر ولا يجوز في غيره. [الشذور/ والأشموني/ 1/ 146، 162]. 10 - ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوغى … وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي البيت من معلقة طرفة بن العبد. أراد: هل تضمن لي البقاء بزجرك إياي ومنعك لي من منازلة الأقران. ألا: أداة استفتاح، أيهذا: أي: منادى بحرف نداء محذوف، مبني على الضم. وهذا: اسم إشارة، نعت لأي. الزاجري: بدل من اسم الإشارة. وأحضر: مضارع يروى بالنصب بأن المصدرية المحذوفة، ويروى مرفوعا لتجرده من الناصب والجازم. والشاهد قوله: أيّ هذا الزّاجري: حيث نعت أي: باسم الإشارة، ثم نعت اسم الاشارة بالاسم المحلى بأل، وهذا هو الغالب إذا نعت «أي» باسم الإشارة. وشاهد آخر: نصب (أحضر) بحرف مصدري محذوف في لغة الكوفيين، وذلك لعطف (وأن أشهد) عليه، ومنه المثل: (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه)، والبصريون يرفعون الفعلين في البيت والمثل. [شذور الذهب/ 153، وابن عقيل/ 4/ 89، والدرر/ 2/ 12، والهمع/ 2/ 17، وسيبويه/ 1/ 452]. 11 - لقد علم الأقوام ما كان داءها … بثهلان إلّا الخزي ممّن يقودها قال صاحب كتاب «الجمل» ويرفعون ما كان أهمّ إليهم، لا يبالون اسما كان أم خبرا، إذا جعلوه اسما، وهنا: جعل «الخزي» اسما و «داءها» خبرا. وثهلان: اسم جبل. 12 - فيا ساريا بالليل لا تخش ضلّة … سعيد بن سلم ضوء كلّ بلاد شاهد على نصب النكرة غير المقصودة في النداء وهو قوله «يا ساريا». 13 - ألم تر أنّا بني دارم … زرارة فينا أبو معبد البيت للفرزدق. والشاهد: بني دارم، نصب (بني) على الاختصاص لأنه لا يريد أن يخبر وإنما أراد أن يخصّ قوما بالمدح. [سيبويه/ 1/ 327]. 14 - كأنّه خارجا من جنب صفحته … سفّود شرب نسوه عند مفتأد

15 - فإني لآتيكم بشكري ما مضى … من العرف واستيجاب ما كان في غد

قاله النابغة الذبياني. والسفود: حديدة يشوى بها اللحم، والشرب: شاربو الخمر والمفتأد: مكان الشيّء، يصف قرن ثور في صفحة الكلب، والشاهد: (خارجا) نصبه على الحال، مع أنه نعت لسفود لأن النعت تقدم على المنعوت. [الخزانة/ 3/ 185، والخصائص/ 2/ 275]. 15 - فإني لآتيكم بشكري ما مضى … من العرف واستيجاب ما كان في غد البيت للطرمّاح. والشاهد: (ما كان في غد) جاءت كان بمعنى «يكون»، لأن غدا لم يأت. [الخصائص/ 3/ 331]. 16 - كنّا ثمانية وكانوا جحفلا … لجبا فشلّوا بالرّماح بداد لحسان بن ثابت. ومعنى: فشلّوا، أي: طردوا. والشاهد: بداد: على وزن فعال، بني الاسم على الكسر لأنه بناه على وزن فعال، مثل: نزال، حذام، وإنما خفضها لما فتح أولها، وهي هنا في محل نصب حال، لأنها بمعنى «مبدّدين». [سيبويه/ 2/ 39، والخزانة/ 6/ 363، والهمع/ 1/ 29، والأشموني/ 3/ 270، واللسان «بدد»]. 17 - أبت قضاعة أن تعرف لكم نسبا … وابنا نزار، فأنتم بيضة البلد للراعي النميري. وبيضة البلد، أي: منفردون لا ناصر لهم بمنزلة بيضة قام عنها الظليم ليس لها من يحميها، وكل من رمي بالذل والقلة قيل له: بيضة البلد. والشاهد: (أن تعرف) حيث جزم الفعل «تعرف» (بأن) فجزم آخر الفعل، كما هو ظاهر من وزن البيت (البسيط). [الخصائص/ 1/ 74 - 2/ 341، والحيوان/ 2/ 336]. 18 - ثلاث كلّهنّ قتلت عمدا … فأخزى الله رابعة تعود قال في «الجمل» وقد يضمرون في الفعل الهاء، فيرفعون المفعول به، كقولك: «زيد ضربت» على معنى: ضربته، فيرفع زيد بالابتداء، ويوقع الفعل على المضمر، وقوله في البيت (قتلت)، أي: قتلتهنّ. [سيبويه/ 1/ 44، والخزانة/ 1/ 366]. 19 - أرى الحاجات عند أبي خبيب … نكدن ولا أمية في البلاد هذا البيت من كلام عبد الله بن الزّبير - بفتح الزاي - الأسدي يقوله في عبد الله بن الزبير ابن العوام، وكان قد طلب جدواه فلم يمنحه شيئا. وأبو خبيب: كنية عبد الله بن

20 - لنا معشر الأنصار مجد مؤثل … بإرضائنا خير البرية أحمدا

الزبير، وقوله: نكدن: من النكد، وهو شدة العيش وضيقه. وأرى: ينصب مفعولين، الأول: الحاجات، ... وعند: ظرف متعلق بمحذوف حال من الحاجات، وجملة نكدن: مفعول ثان، ولا .. الواو: للحال، ولا: نافية للجنس، والشاهد: (لا أمية) حيث أوقع اسم «لا» معرفة لأنّ (أمية) علم، وهو مؤول بأحد تأويلين: إما بأن المراد ما اشتهر به هذا العلم من الصفات، فكأنه قال: ولا كريم في البلاد. وإما بتقدير مضاف، لا يتعرف بالإضافة ل (مثل) فكأنه قال: «ولا مثل أمية في البلاد» فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. [سيبويه/ 1/ 355، والمفصل/ 2/ 102، والشذور/ 210، والهمع/ 1/ 145، والأشموني 1/ 4، والخزانة/ 4/ 61]. 20 - لنا معشر الأنصار مجد مؤثّل … بإرضائنا خير البرية أحمدا قوله: خير: مفعول به للمصدر. أحمد: بدل من خير البرية. والشاهد قوله: معشر الأنصار: حيث نصب معشر، - على الاختصاص - ليفيد به الفخر، واعترضت جملته بين الخبر والمبتدأ (لنا .. مجد). [شذور الذهب/ 217، والهمع/ 1/ 171]. 21 - جزى الله ربّ الناس خير جزائه … رفيقين قالا خيمتي أمّ معبد هما نزلا بالبرّ ثمّ ترحّلا … فأفلح من أمسى رفيق محمد فيا لقصيّ ما زوى الله عنكم … به من فعال لا تجازى وسؤدد هذا شعر مروي في قصة الهجرة النبوية، على أنّ الجنّ أنشدته من كان في مكة من المسلمين، فعرفوا به مكان الرسول وصاحبه. وقوله: قالا: نزلا وقت القيلولة. أم معبد: اسمها عاتكة بنت خالد الخزاعية، فيا لقصيّ: أراد آل قصيّ بن مرّة، وهو أحد أجداد النبي صلّى الله عليه وسلّم. ما زوى الله عنكم، يريد: أي شيء صرفه عنكم من المجد والرفعة بسبب خلافكم على رسول الله وإلجائكم إياه إلى الهجرة. ربّ الناس: صفة للفظ الجلالة. خير: مفعول ثان ل جزى، ورفيقين: مفعول أول. قالا: فعل ماض وفاعله. خيمتي: منصوب على الظرفية المكانية بالياء. فيالقصي: يا: أداة نداء واستغاثة، لقصي: جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف نابت عنه (يا)، أو ب (يا) نفسها. ما: استفهامية وهي مبتدأ، خبرها جملة زوى، به: جار ومجرور متعلقان بزوى. (من فعال) متعلقان بحال محذوفة من (ما) الاستفهامية الواقعة مبتدأ.

22 - كادت النفس أن تفيض عليه … مذ ثوى حشو ريطة وبرود

الشاهد قوله: «قالا خيمتي أم معبد»، فإنه نصب «خيمتي» على معنى (في)، أي: قالا في خيمتي أم معبد، أي: قضيا وقت القيلولة في خيمتي أم معبد ونصب مثل ذلك ضرورة وقعت في شعر من يحتج بكلامهم ولا يقاس عليها، لأن ظروف المكان المحددة لا تنصب على الظرفية. [السيرة/ 330، والشذور/ 235، والهمع/ 1/ 200]. 22 - كادت النفس أن تفيض عليه … مذ ثوى حشو ريطة وبرود البيت للشاعر محمد بن مناذر يرثي رجلا. ريطة: الملاءة إذا كانت قطعة واحدة، وبرود: جمع برد وهو الثوب، وأراد هنا الأكفان. وقوله: حشو: حال من فاعل ثوى. والشاهد: «كادت النفس أن تفيض» حيث أتى بخبر كاد فعلا مضارعا مقترنا بأن، وهذا نادر في خبر هذا الفعل. [الشذور/ 273، والأشموني/ 1/ 261، واللسان/ فيظ، وشرح المغني/ 8/ 26]. 23 - أعد نظرا يا عبد قيس لعلّما … أضاءت لك النار الحمار المقيّدا البيت للفرزدق من قصيدة يهجو فيها جريرا، ويندد بعبد قيس، وهو رجل من عدي ابن جندب وكان جرير قد ذكره في قصيدة له يفتخر فيها. والشاهد: قوله «لعلما أضاءت» حيث اقترنت «ما» ب «لعل» فكفتها عن العمل في الاسم والخبر وأزالت اختصاصها بالجملة الاسمية ولذلك دخلت على الجملة الفعلية. [شرح المفصل/ 8/ 54، والشذور/ 279، والهمع/ 1/ 143، والأشموني/ 1/ 284، وشرح المغني/ 5/ 169]. 24 - قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا أو نصفه فقد البيت للنابغة الذبياني من معلقته التي مطلعها: يا دار ميّة بالعلياء فالسّند … أقوت وطال عليها سالف الأمد وقوله: فقد، قد: هنا، اسم فعل بمعنى يكفي، أو اسم بمعنى كاف. وهو يذكر زرقاء اليمامة التي كانت تنظر من بعد. وقوله: إلى حمامتنا: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من اسم ليت. فقد: الفاء: فاء الفصيحة، و «قد» خبر لمبتدأ محذوف وتقدير الكلام، إن حصل ذلك فهو كاف لنا. والشاهد: قوله: «ليتما هذا الحمام»، يروى

25 - ودوية مثل السماء اعتسفتها … وقد صبغ الليل الحصى بسواد

بنصب حمام، ورفعه، أما النصب فعلى أن ليت عاملة، لم تلغ باتصالها بما، والرفع على أن ليت مهملة، وهو في الحالين بدل. وبناء عليه يروى أو نصفه. بالعطف على النصب أو الرفع. وفيه شاهد أيضا على أن «أو» بمعنى الواو، عند الكوفيين. [سيبويه/ 1/ 272، والإنصاف/ 479، والمفصل/ 8/ 54، والشذور/ 280، والخزانة/ 10/ 251، وشرح أبيات المغني/ 2/ 46]. 25 - ودوّيّة مثل السماء اعتسفتها … وقد صبغ الليل الحصى بسواد هذا البيت للشاعر ذي الرمة (غيلان بن عقبة). والدويّة: الصحراء، واعتسفتها: قطعتها على غير قصد واضح. ودوية: الواو واو ربّ. ودوية: مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ. مثل: صفة، وجملة «اعتسفتها» خبر المبتدأ. وجملة (وقد صبغ الليل): في محل نصب حال. والشاهد: ودوّيّة: حيث حذف حرف الجرّ الذي هو (ربّ) وأبقى عمله بعد الواو. [شذور الذهب/ 321، وديوانه/ 685]. 26 - ولست بحلّال التّلاع مخافة … ولكن متى يسترفد القوم أرفد البيت من معلقة طرفة بن العبد. والتلاع: ما ارتفع من الأرض، ويسترفد القوم: يطلبون الرفد، وهو العطاء. يريد أنني لا أسكن الأماكن المرتفعة بعيدا عن طرق الأضياف، وقوله: بحلال: الباء زائدة، وحلال: خبر ليس. مخافة: مفعول لأجله. والشاهد: «متى يسترفد .. أرفد»، حيث جزم ب متى فعلين. [سيبويه/ 1/ 442، وشرح المغني/ 7/ 170، والخزانة/ 9/ 66]. 27 - إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة … ولم تجدي من أن تقرّي بها بدّا البيت للشاعر زائد بن صعصعة الفقعسي. و «ما» بعد إذا، زائدة. وقوله: من أن تقرّي: المصدر المؤول مجرور، متعلق بقوله «بدّا» الآتي. وقوله «بدّا» مفعول به للفعل «تجدي». والشاهد: قوله: «لم تلدني»: فإنّ ظاهره أنه ماض في المعنى، حيث نقلت (لم) زمن المضارع إلى الماضي، ولكن هذا الظاهر غير مراد لأن الشاعر يريد أن يقول: إننا إذا تفاخرنا بأنسابنا تبيّن أنني لم تلدني لئيمة، والتبيّن، مستقبل لا ماض.

28 - دريت الوفي العهد يا عرو فاغتبط … فإن اغتباطا بالوفاء حميد

والشاهد وإن كان في جواب الشرط فإن النحاة ذكروه دليلا على أن الفعل ماضي المعنى في ظاهر الأمر ولكنه عند التأمل يرى مستقبلا، وذلك في سياق ما شرطوه من كون فعل الشرط لا يكون ماضي المعنى، فلا يجوز أن نقول: إن قام زيد أمس أقم معه، وقوله تعالى: إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ [المائدة: 116] المعنى: «إن يتبين أني كنت قلته». وقولك: إن قام زيد أقم، سيكون القيام مستقبلا إن شاء الله. [شذور الذهب/ 336، وشرح أبيات المغني/ 1/ 124]. 28 - دريت الوفيّ العهد يا عرو فاغتبط … فإنّ اغتباطا بالوفاء حميد البيت مجهول القائل. ودريت: مبني للمجهول من «درى» إذا علم، عرو: مرخم عروة. والشاهد: «دريت الوفيّ»، حيث استعمل الفعل «درى» بمعنى علم، ونصب مفعولين، أولهما: تاء المخاطب الواقعة نائبا عن الفاعل، وثانيهما: الوفيّ. قالوا: والأكثر في «درى» أن تتعدى إلى واحد بالباء، تقول: دريت بكذا وقال تعالى: وَلا أَدْراكُمْ بِهِ [يونس: 16] وقد تعدت هنا إلى الكاف بواسطة الهمزة. [الشذور/ 360، والهمع/ 1/ 149، والأشموني/ 2/ 23]. 29 - تعلّم رسول الله أنك مدركي … وأنّ وعيدا منك كالأخذ باليد هذا البيت من قصيدة لأنس بن زنيم الديلي، يقولها بعد فتح مكة معتذرا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأولها قوله: أنت الذي تهدى معدّ بأمره … بل الله يهديهم وقال لك اشهد وما حملت من ناقة فوق رحلها … أبرّ وأوفى ذمّة من محمّد وهي في السيرة لابن هشام. وتعلّم: فعل أمر بمعنى اعلم. ورسول الله: منادى. والشاهد: تعلم أنك مدركي، حيث استعمل «تعلّم» بمعنى اعلم، ونصب به مفعولين بواسطة أنّ المؤكدة المصدرية. وهذا هو الأكثر في تعدّي هذا الفعل. فالمصدر المؤول (أنك مدركي) سدّ مسدّ المفعولين. [الشذور/ 362، وشرح المغني/ 7/ 258].

30 - وسميته يحيى ليحيا فلم يكن … لأمر قضاه الله في الناس من بد

30 - وسمّيته يحيى ليحيا فلم يكن … لأمر قضاه الله في الناس من بدّ البيت مجهول. يريد أنه سماه يحيى، تفاؤلا له بالحياة، ولكن الموت عاجله. وقوله: لم يكن، مضارع ناقص مجزوم، لأمر: خبرها مقدم. من بدّ: من: حرف جر زائد، بدّ: اسم يكن مرفوع بضمة مقدرة، والشاهد: «سميته يحيى»، حيث عدّى الفعل لمفعولين. [شذور الذهب/ 374]. 31 - أتاني أنهم مزقون عرضي … جحاش الكرملين لها فديد البيت للشاعر زيد الخير، وكان اسمه زيد الخيل فسماه الرسول حين وفد عليه (زيد الخير). وقوله: الكرملين: تثنية كرمل، اسم ماء، وفديد: صوت. يقول: بلغني أن هؤلاء الناس أكثروا من تمزيق عرضي بالطعن والقدح وإنهم عندي بمنزلة الجحاش التي ترد ماء الكرملين وهي تصيح، يريد أنه لا يعبأ بهم لأن أصواتهم تشبه أصوات صغار الحمير. قوله: جحاش: خبر لمبتدأ محذوف أي: هم جحاش، و «لها فديد» خبر ومبتدأ، والجملة حال، صاحبها: جحاش الكرملين. والشاهد: «مزقون عرضي»: حيث أعمل صيغة المبالغة وهو قوله «مزقون» عمل الفعل، فنصب به المفعول به (عرضي)، وفيه دليل على أن جمع صيغة المبالغة يعمل كمفردها. [شذور الذهب/ 394]. 32 - لأنّ ثواب الله كلّ موحّد … جنان من الفردوس فيها يخلّد هو شاهد على إعمال اسم المصدر (ثواب) عمل الفعل فنصب المفعول به «كلّ موحد»، بعد أن أضافه لفاعله. [شذور الذهب/ 413، والهمع/ 2/ 95]، والبيت من قصيدة مكسورة الرويّ، وهو فيها على الإقواء بالضم، منسوب لحسان بن ثابت. 33 - أرجو وأخشى وأدعو الله مبتغيا … عفوا وعافية في الرّوح والجسد البيت مجهول القائل. الشاهد فيه: أرجو وأخشى وأدعو الله، حيث تنازع ثلاثة عوامل وهي الأفعال الثلاثة المتعاقبة، معمولا واحدا وهو لفظ الجلالة، ويجوز أن تجعله معمولا لأيّها شئت، والأولى أن تجعله معمولا لآخرها. وقوله: مبتغيا: حال، من الضمير في «أرجو»، عفوا: مفعول به لقوله: مبتغيا. [شذور الذهب/ 421].

34 - إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب … جهارا فكن في الغيب أحفظ للود

34 - إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب … جهارا فكن في الغيب أحفظ للودّ البيت مجهول. وقوله: جهارا: منصوب على الظرفية عامله أحد الفعلين السابقين. والشاهد: «ترضيه ويرضيك صاحب»: حيث تنازع العاملان الاسم الذي بعدهما وهو «صاحب» الأول يطلبه مفعولا، والثاني يطلبه فاعلا وقد أعمل فيه الثاني فرفعه على الفاعلية، ثم أضمر مع الأول ضميره، وهذا مما لا يجوز إلا في الشعر. [الشذور/ 423، وشرح المغني/ 6/ 7، والهمع/ 2/ 110، والأشموني/ 2/ 105]. 35 - هل تعرفون لباناتي فأرجو أن … تقضى فيرتدّ بعض الروح للجسد البيت غير منسوب. وهو شاهد على نصب المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب الاستفهام، والفعل هو «فأرجو». [الأشموني/ 3/ 302]. 36 - ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا … ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد البيت من معلقة طرفة بن العبد. يقول: إنّ الأيام ستكشف لك ما كان مستترا عنك وستأتيك الأخبار من غير أن تكلف نفسك البحث عنها. وقوله: لم تزوّد: أي: الذي لم ترسله ليبحث عن الأخبار، أو الذي لم تسأله عنها. والشاهد فيه: «ما كنت جاهلا» حيث حذف العائد إلى الاسم الموصول الذي هو «ما»، وكذلك العائد في قوله «من لم تزود». [شرح المعلقات]. 37 - ليس على الله بمستنكر … أن يجمع العالم في واحد البيت لأبي نواس. ومعناه: لا ينكر أحد أنّ الله تعالى قادر على أن يجعل جميع الصفات المحمودة في الناس كافة في رجل واحد. وقوله: بمستنكر: خبر ليس مقدم، و «أن يجمع» المصدر المؤول اسمها مؤخر. وليس في البيت شاهد نحوي، وإنما هو شاهد معنوي على استغراق الكلام للمعاني. 38 - أمست خلاء وأمسى أهلها احتملوا … أخنى عليها الذي أخنى على لبد البيت للنابغة الذبياني. أخنى عليها: أفسدها، ولبد: اسم نسر وكان لبد، فيما زعموا آخر نسور لقمان بن عاد. السبعة التي طلب إلى الله أن يعمّر عمرها. يصف دار أحبابه

39 - تطاول ليلك بالإثمد … وبات الخلي ولم ترقد وبات وباتت له ليلة … كليلة ذي العائر الأرمد وذلك من نبأ جاءني … وخبرته عن بني الأسود

بأنها قد تحولت من حال إلى حال، فقد خلت من الإنس ولم يبق بها من سكانها أحد. والشاهد: استخدام «أمسى» بمعنى «صار» لأنها تدل على التحول، والانتقال من حالة إلى أخرى، فكأنه قال: صارت خالية. [الهمع/ 1/ 114، والأشموني/ 1/ 230، والخزانة/ 4/ 5]. 39 - تطاول ليلك بالإثمد … وبات الخليّ ولم ترقد وبات وباتت له ليلة … كليلة ذي العائر الأرمد وذلك من نبأ جاءني … وخبّرته عن بني الأسود هذه الأبيات لامرئ القيس بن عانس، أو عابس بن المنذر، شاعر جاهلي وهو غير امرئ القيس الشاعر المشهور. والإثمد: مكان، والخليّ: الخالي من العشق. العائر: القذى في العين، الأرمد: المصاب بالرمد. والشاهد قوله «وبات الخليّ»، وقوله: وبات، وباتت له ليلة حيث استعمل «بات» ثلاث مرات فعلا تاما مكتفيا بفاعله. [الأشموني/ 1/ 236، وشرح أبيات المغني/ 5/ 308]. 40 - أزف الترحّل غير أنّ ركابنا … لمّا تزل برحالنا وكأن قد البيت للنابغة الذبياني. يقول: قد دنا وقت الرحيل ومفارقة الديار ولكن الإبل التي سنرحل عليها لا تزال واقفة لم تفارق ديارنا وهي كالتي قد فارقت لأنها مهيأة معدّة. والشاهد: وكأن قد: حيث خفف كأنّ وحذف اسمها وأتى بخبرها جملة فعلية، وفصل بين كأن وخبرها ب (قد) وحذف الفعل الذي تدخل (قد) عليه. [شرح المفصل/ 8/ 5، 110، والهمع/ 1/ 143، والأشموني/ 1/ 31]. 41 - رأيت الله أكبر كلّ شيء … محاولة وأكثرهم جنودا البيت للشاعر خداش بن زهير، أحد بني بكر بن هوازن. وقوله: محاولة: تطلق المحاولة على طلب الشيء بحيلة، وتطلق أيضا على القوة، والمعنى الأول لا يليق بجانب الله تعالى، وتعرب في البيت «تمييز» وكذلك «جنودا». والشاهد استخدام «رأى» دالة على اليقين، فنصبت مفعولين، «الله .. أكبر».

42 - يا ابن أمي ويا شقيق نفسي … أنت خلفتني لدهر شديد

[الأشموني/ 2/ 19، والمقتضب/ 4/ 97]. 42 - يا ابن أمّي ويا شقيّق نفسي … أنت خلّفتني لدهر شديد البيت لأبي زبيد الطائي، واسمه حرملة بن المنذر، من قصيدة رثى بها أخاه. والشاهد فيه «يا ابن أمي» حيث أثبت ياء المتكلم مع كون المنادى مضافا إلى مضاف إلى ياء المتكلم، ومع كون المضاف إلى ياء المتكلم هو لفظ (أم) وثبوت الياء في هذه الحالة قليل. ويجوز في المنادى المضاف إلى (أم) و (عم) مضافين إلى ياء المتكلم، أربع لغات: نقول: يا ابن أمّ ويا ابن أمّ، وقد قرأت السبعة بهما. والثالثة إثبات الياء - كالشاهد - والرابعة قلب الياء ألفا، يا ابن أما، ويا ابن عما، والأخيرتان قليلتان. [سيبويه/ 1/ 318، وشرح المفصل/ 2/ 12، والهمع/ 2/ 54، والأشموني/ 3/ 157]. 43 - فما كعب ابن مامة وابن أروى … بأجود منك يا عمر الجوادا البيت لجرير يمدح عمر بن عبد العزيز. وكعب بن مامة: رجل من إياد يضرب به المثل في الكرم والإيثار. وابن أروى: عثمان بن عفان رضي الله عنه. ما: مجازية، كعب: اسمها، بأجود: خبرها، والباء زائدة. والشاهد فيه قوله: الجوادا: فإنه نعت لعمر، وعمر: منادى مبني على الضم، وقد ورد في البيت بنصب الجوادا، بدليل قوافي القصيدة، فدلّ ذلك على أن نعت المنادى المبني إذا كان مقترنا بأل، جاز فيه النصب، مراعاة لمحل المنادى. ويروى البيت (وابن سعدى بدل ابن أروى) وهو أوس بن حارثة الطائي أحد المشهورين بالكرم، وهو أوثق وأصح، وإلا كان الشاعر كاذبا، فمع تقديرنا لعمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فإننا لا نقدمه على الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو الرجل الذي وردت في حقه الأحاديث النبوية، وكان مضرب المثل في الجود والكرم في سبيل الله، وانظر مناقبه في (صحيح البخاري). [شرح المفصل/ 2/ 299 و 3/ 143، والخزانة/ 4 / 442]. 44 - يا لقومي ويا لأمثال قومي … لأناس عتوّهم في ازدياد البيت مجهول القائل، والمعنى: إني أستغيث بقومي وبأمثالهم في العديد والعدة وفي

45 - تألى ابن أوس حلفة ليردني … إلى نسوة كأنهن مفائد

الاستجابة لمن يدعوهم، ليدفعوا عني قوما ما يزال طغيانهم يتزايد. والشاهد قوله: «يا لقومي، ويا لأمثال قومي»، فإنه جرّ المستغاث في الكلمتين بلام مفتوحة، وسبب جره في الثانية بلام مفتوحة لأنه أعاد معه «يا» وإذا لم تعد «يا» في المعطوف كسرت اللام، كما مرّ في البيت المقفى بالباء «للعجب»، والمستغاث المجرور متعلق ب (يا) لأن فيها معنى الفعل، أو بفعل محذوف تقديره «أدعو» ضمّن معنى: ألتجيء أو أعجب أو نحوهما، لأنها تتعدى باللام، أما أدعو، فتتعدى بنفسها. [الأشموني/ 3/ 164، والتصريح/ 2/ 181]. 45 - تألّى ابن أوس حلفة ليردّني … إلى نسوة كأنهنّ مفائد البيت من كلام زيد الفوارس واسمه الحصين بن ضرار الضبي، من قطعة في الحماسة. وقوله: ليردّني: اللام، إما للتعليل، وإمّا للقسم، وترك توكيد المضارع بالنون إما لأنه للحال، أو لجواز ذلك ضرورة. وتألى: حلف، ومفائد: جمع مفأد وزن منبر، وهنّ المساعير. وقوله: حلفة: مفعول مطلق مؤكد لعامله «تألّى» أو مبيّن للعدد. والشاهد: «تألّى حلفة»: فإن «حلفة» مفعول مطلق، والفعل العامل فيه، من معناه، لا من لفظه. [الخزانة/ 10/ 65، والهمع/ 2/ 42، والحماسة/ 557]. 46 - لا، لا، أبوح بحبّ بثنة إنّها … أخذت عليّ مواثقا وعهودا هذا البيت منسوب إلى جميل بن عبد الله بن معمر العذري. والشاهد فيه: «لا، لا»، فإن الثاني من هذين الحرفين توكيد لفظيّ للأول منهما. [الخزانة/ 5/ 159، والهمع/ 2/ 125، والأشموني/ 3/ 4]. 47 - وإياك والميتات لا تقربنّها … ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا البيت للأعشى بن ميمون بن قيس، من قصيدة هيأها لمدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، لكنه مات قبل أن يصل إلى رسول الله حيث منعته قريش وأغرته بالمال. إياك والميتات: إيا: في محل نصب لفعل محذوف وجوبا، والميتات معطوف على المفعول به منصوب بالكسرة، والله فاعبدا: لفظ الجلالة، منصوب على التعظيم.

48 - دعاني من نجد فإن سنينه … لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا

والشاهد: «اعبدا»، فإن أصله: اعبدن، بنون التوكيد الخفيفة، فلما أراد الوقف قلب النون ألفا. [سيبويه/ 2/ 149، والإنصاف/ 657، وشرح المفصل/ 9/ 39]. 48 - دعاني من نجد فإنّ سنينه … لعبن بنا شيبا وشيّبننا مردا البيت للشاعر الصمّة بن عبد الله، أحد شعراء عصر بني أمية. وقوله: دعاني: أي: اتركاني، وشيب: جمع أشيب والمرد: جمع أمرد، وهو من لم ينبت بوجهه شعر. وقوله: شيبا: حال من الضمير في «بنا»، و «مردا» حال من المفعول به في قوله «شيّبننا». والشاهد: فإن سنينه: حيث نصبه بالفتحة الظاهرة، بدليل بقاء النون مع الإضافة إلى الضمير. فجعل هذه النون الزائدة على بنية الكلمة كالنون في «مسكين» ولو عدّ النون زائدة لحذفها فقال: فإن سنيّه، ومثله قول الرسول عليه السّلام: «اللهم اجعلها عليهم سنينا كسنين يوسف». [الخزانة/ 8/ 58، وشرح المفصل/ 5/ 11، والأشموني/ 1/ 86، واللسان «سنة»]. 49 - فقلت: أعيراني القدوم لعلّني … أخطّ بها قبرا لأبيض ماجد مجهول القائل، أورده ابن عقيل. والقدوم: الآلة التي ينجر بها الخشب. وقد فسّر الشيخ محمد محيي الدين رحمه الله، الشطر الثاني، بأن الشاعر يريد بالقبر، قراب السيف، وأن الأبيض هو السيف. وأظنّه يريد قبرا حقيقيا لإنسان ماجد، وقد يمدح الرجال بهذا الوصف، كما قال حسان «بيض الوجوه كريمة أحسابهم». والله أعلم. والشاهد في البيت «لعلني» حيث جاء بنون الوقاية مع لعلّ، وهو قليل، والأكثر مع الياء فقط (لعلّي). [الهمع/ 1/ 64، والأشموني/ 1/ 124، واللسان «قدم»]. 50 - قدني من نصر الخبيبين قدي … ليس الإمام بالشّحيح الملحد هذا البيت للشاعر حميد بن مالك بن الأرقط، شاعر أموي، من أرجوزة يمدح بها الحجاج بن يوسف، ويعرّض بعبد الله بن الزبير. فإن صحت نسبة الشعر إلى قائله، فالشاعر فاسق لأنه فضّل الحجاج على عبد الله بن الزبير، وأراد، بالخبيبين: مثنى: عبد الله بن الزبير، وكنيته أبو خبيب، وأخاه مصعبا، وغلّب الأول لشهرته، ويروى بصيغة الجمع، يريد أبا خبيب وشيعته و «قدني» كفاني. وقوله: ليس الإمام، يعرّض بعبد الله

51 - رأيت بني غبراء لا ينكرونني … ولا أهل هذاك الطراف الممدد

ابن الزبير، وكان موصوفا بالتقتير في العطاء. وقوله: الملحد: يريد: المائل عن الحقّ. قدني: اسم بمعنى «حسب» مبتدأ، والنون للوقاية، والياء في محل جرّ. (من نصر) الجار والمجرور ومتعلقان بمحذوف خبر. (قدي) يجوز أن يكون (قد) هنا اسم فعل مضارع (يكفيني) أو ماض (كفاني) وياء المتكلم مفعول به. ويجوز أن يكون اسما بمعنى (حسب) مبتدأ، والياء: مضاف إليه والخبر محذوف والجملة مؤكدة لجملة المبتدأ الأولى. والشاهد: «قدني»، و «قدي» حيث أثبت النون في الأولى وحذفها في الثانية. ويرى بعضهم أنّ حذف النون شاذ من (قدني) وهو ضرورة شعرية. قالوا: وإنما تزاد النون في الأسماء والحروف وقاية لحركة أو سكون، فزيدت هنا: لتبقى الدال على سكونها. [شرح أبيات المغني/ 4/ 83، وسيبويه/ 1/ 387، والإنصاف/ 131، والخزانة/ 5/ 382]. 51 - رأيت بني غبراء لا ينكرونني … ولا أهل هذاك الطّراف الممدّد هذا البيت لطرفة بن العبد، من معلقته. والغبراء: الأرض، وأراد ببني الغبراء: الفقراء الذين لصقوا بالأرض لشدّة فقرهم، أو الأضياف. الطّراف: بكسر الطاء وزن (كتاب) البيت من الجلد، وأهل الطراف الممدد: الأغنياء. قوله: «ولا أهل» الواو عاطفة، و «لا» زائدة، لتأكيد النفي. أهل: معطوف على الواو الذي هو ضمير الجماعة في قوله «لا ينكرونني»، هذاك: اسم إشارة مضاف إليه. الشاهد: هذاك: حيث جاء بهاء التنبيه مع الكاف وحدها، لتقدّم حرف التنبيه «ها» على اسم الإشارة، كما قرر ابن مالك، وهو مبنيّ على مثال واحد لا نظير له. [الهمع/ 1/ 76، وشرح المعلقات]. 52 - من القوم الرسول الله منهم … لهم دانت رقاب بني معدّ البيت مجهول القائل، وبنو معدّ: معدّ بن عدنان. من القوم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو، فالبيت يبدو كأنه مقطوع عن سابقه بكلام فيه

53 - قد ثكلت أمه من كنت واجده … وبات منتشبا في برثن الأسد

مدح لفلان من الناس. الرسول: الألف واللام: (أل) اسم موصول، بمعنى الذي، صفة للقوم، رسول: مبتدأ خبره شبه الجملة (منهم)، والجملة صلة الموصول. والشاهد: قوله: (الرسول الله منهم) حيث وصل (أل) بالجملة الاسمية، وهي جملة المبتدأ والخبر، وذلك شاذ. [شرح أبيات المغني/ 1/ 291، والهمع/ 1/ 85]. 53 - قد ثكلت أمّه من كنت واجده … وبات منتشبا في برثن الأسد البيت لحسان بن ثابت. وثكلت أمّه: من الثكل وهو فقد المرأة ولدها. منتشبا: عالقا، برثن الأسد: مخلبه، وهو يفخر بشجاعته. «ثكلت أمه» الجملة الفعلية خبر مقدم. من: اسم موصول مبتدأ مؤخر .. وهنا الشاهد: حيث قدم الخبر (الجملة الفعلية على المبتدأ (من) وفي جملة الخبر المتقدم ضمير يعود على المبتدأ المتأخر. وسهّل ذلك، أنّ المبتدأ وإن وقع متأخرا - بمنزلة المتقدم في اللفظ فإنّ رتبته التقدم على الخبر، هكذا ذكره ابن عقيل في شرح الألفيّة، وفي هذا الإعراب نظر. [والعيني/ 1/ 553]. 54 - بنونا بنو أبنائنا وبناتنا … بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد نسب هذا البيت للفرزدق، وقيل: لا يعلم قائله. يريد أن يقول: بنو الأبناء كالأبناء، أما أبناء البنات فهم غرباء. بنونا: خبر مقدم، وبنو أبنائنا: مبتدأ مؤخر، وبناتنا: مبتدأ أول، بنوهنّ مبتدأ ثان، أبناء: خبر المبتدأ الثاني، وجملته خبر المبتدأ الأول. والشاهد: بنونا بنو أبنائنا، حيث قدم الخبر على المبتدأ مع استوائهما في التعريف وساغ ذلك لوجود قرينة معنوية تعيّن المبتدأ منهما، لأنه يريد أن يقول: بنو أبنائنا مثل أبنائنا (ابن الابن مثل الابن) ولا يريد العكس. لأن وجه الشبه في الابن (الخبر) أقوى من (ابن الابن) الذي هو مشبّه. [الإنصاف/ 66، وشرح المفصل/ 1/ 99 / و 9/ 132، والهمع/ 1/ 102، والأشموني/ 1/ 210، وشرح أبيات المغني/ 6/ 344، والخزانة/ 1/ 444]. 55 - لولا أبوك ولولا قبله عمر … ألقت إليك معدّ بالمقاليد البيت لأبي عطاء مرزوق السندي، وقيل: أفلح بن يسار، وهو من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، يمدح ابن يزيد بن عمر بن هبيرة. المقاليد: جمع لا مفرد له من لفظه، وقيل: مفرده «إقليد» على غير قياس، وهو المفتاح. وقد كنى بإلقاء المقاليد عن الخضوع والطاعة وامتثال أمر الممدوح، والمعنى: أنت خليق بأن يخضع لك بنو معدّ

56 - وأبرح ما أدام الله قومي … بحمد الله منتطقا مجيدا

كلهم، لكفايتك وعظم قدرك. وإنما تأخر خضوعهم لك، لوجود أبيك «يزيد» ووجود جدّك من قبل أبيك، «عمر». وأبوك: مبتدأ حذف خبره وجوبا. والشاهد: ولولا قبله عمر، قبله: خبر مقدم، وعمر: مبتدأ مؤخر، فقد ذكر الخبر، مع كون المبتدأ واقع بعد لولا، التي يجب حذف الخبر بعدها، لأنه قد عوّض عنه بجملة الجواب، ولا يجمع في الكلام بين العوض والمعوض عنه. وقد يتعلق الظرف (قبله) بمحذوف حال، ويبقى الخبر محذوفا. [ابن عقيل، والعيني/ 1/ 560]. 56 - وأبرح ما أدام الله قومي … بحمد الله منتطقا مجيدا البيت للشاعر خداش بن زهير، ومنتطقا، يقال: جاء فلان منتطقا فرسه إذا جنّبه، أي: جعله إلى جانبه ولم يركبه، أو: منتطقا بمعنى ناطقا متكلما. يريد أنه سيبقى مدى حياته فارسا، أو ناطقا بمآثر قومه، ذاكرا ممادحهم لأنها كثيرة لا تفنى، وسيكون الحديث عنهم، لأنّ صفاتهم الكريمة تنطق الألسنة بذكرهم. وعلى المعنى الأول، تكون «مجيدا» صفة لموصوف محذوف، أي: فرسا مجيدا، وعلى المعنى الثاني، يكون وصفا آخر. وأبرح: فعل مضارع ناقص، عمل عمل (كان) دون أن يسبقه نفي، واسمه مستتر فيه. منتطقا: خبره. مجيدا: على معنى انتطاق الفرس، يكون مفعولا لاسم الفاعل، وعلى معنى (ناطقا) يكون خبرا بعد خبر. والشاهد: أبرح: حيث استعمله بدون نفي مع كونه غير مسبوق بقسم، حيث يحذف النفي مع القسم كقول امرئ القيس: فقلت: يمين الله أبرح قاعدا … ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي ولعلّ النفي مقدر قبل الفعل، ويكون معطوفا على فعل منفي سابق. [الهمع/ 1/ 111، والأشموني/ 1/ 228، والعيني/ 2/ 64]. 57 - وما كلّ من يبدي البشاشة كائنا … أخاك إذا لم تلفه لك منجدا البيت مجهول القائل. والشاهد قوله: كائنا أخاك، حيث عمل اسم الفاعل من كان عمل الفعل، واسمه مستتر، وأخاك: خبره. [الأشموني/ 1/ 231، والهمع/ 1/ 114]. 58 - قنافذ هدّاجون حول بيوتهم … بما كان إيّاهم عطية عوّدا

59 - وأنا النذير بحرة مسودة … تصل الجيوش إليكم أقوادها أبناؤها متكنفون أباهم … حنقو الصدور وما هم أولادها

البيت للفرزدق يهجو جريرا. والقنافذ: جمع فنفد، الحيوان المعروف، يضرب به المثل في السرى بل لا ينام الليل. هدّاجون: جمع هدّاج، على وزن المبالغة، من الهدج وهو مشية الشيخ، أو مشية فيها ارتعاش. والمعنى: يريد وصف قوم جرير بأنهم خونة فجّار يشبهون القنافذ حيث يسيرون في الليل طلبا للسرقة أو للفحشاء وإنما السبب في ذلك تعويد أباهم إياهم ذلك. وقوله: بما كان، الباء حرف جرّ، وما: إما موصول حرفي، أو اسمي. كان: ماض ناقص، عطية: اسمها. وعوّد: فعل ماض، وجملته خبر كان، وإيّاهم: مفعول مقدم للفعل عوّد. وعند البصريين «كان» إما شأنية، وإما زائدة. وعطية: مبتدأ وخبره جملة عوّد. والجملة الاسمية خبر كان واسمها ضمير الشأن. [الخزانة/ 9/ 268، ج 7/ 278، والهمع/ 1/ 118، والأشموني/ 1/ 237]. 59 - وأنا النذير بحرّة مسودّة … تصل الجيوش إليكم أقوادها أبناؤها متكنّفون أباهم … حنقو الصدور وما هم أولادها والحرّة: أراد بها هنا الكتيبة السوداء لكثرة ما تحمل من السلاح. أقوادها: جمع قود، وهي الجماعة من الخيل. أبناؤها: أي: أبناء هذه الكتيبة، متكنفون: محيطون. والشاهد في البيت الثاني: (وما هم أولادها) أعمل (ما) الحجازية عمل ليس. [ابن عقيل/ 1/ 260، والعيني/ 2/ 137]. 60 - أموت أسى يوم الرّجام وإنني … يقينا لرهن بالذي أنا كائد البيت لكثيّر بن عبد الرحمن (كثيّر عزة) والرجام: موضع بعينه. وقوله: أسى: مفعول لأجله. يقينا: مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره (أوقن). والشاهد: (كائد) اسم فاعل من (كاد) حيث استعمل اسم الفاعل من الفعل (كاد) والمعروف أنها لا يأتي منها إلا الماضي والمضارع. [الأشموني/ 1/ 265، والهمع/ 1/ 129]. 61 - يلومونني في حبّ ليلى عواذلي … ولكنّني من حبّها لعميد البيت مجهول القائل، ويبدو أنه ملفّق بين شطريه. يلومونني: مضارع، والواو: فاعل، أو الواو حرف جمع، وعلى الأول: الجملة خبر مقدم. عواذلي: مبتدأ مؤخر، أو

62 - مروا عجالى فقالوا: كيف سيدكم … فقال من سألوا: أمسى لمجهودا

فاعل، أو بدل من الواو، كما يخرجون لغة أكلوني البراغيث. والشاهد: لعميد: حيث دخلت لام الابتداء على خبر لكن، وهو مذهب الكوفيين ويأبى ذلك البصريون. [الإنصاف/ 209، والهمع/ 1/ 140، والأشموني/ 1/ 280، والخزانة/ 10/ 362]. 62 - مرّوا عجالى فقالوا: كيف سيّدكم … فقال من سألوا: أمسى لمجهودا لم ينسبه أحد إلى قائل. عجالى، ويروى: عجالا، وسراعا: وهي حال. قوله: من سألوا: يروى: سئلوا: مبني للمجهول. والشاهد في البيت دخول لام الابتداء على خبر أمسى، وهي زيادة شاذّة. [شرح المفصل/ 8/ 64، والهمع/ 1/ 144، والأشموني/ 2/ 214، والخزانة/ 10/ 327]. 63 - شلّت يمينك إن قتلت لمسلما … حلّت عليك عقوبة المتعمّد البيت لعاتكة بنت زيد ترثي زوجها الزبير بن العوّام رضي الله عنه، وتدعو على عمرو ابن جرموز، قاتله. شلّت: بفتح الشين، وأصله (شللت) بكسر العين، ويقرأه الناس خطئا بضم الشين. وقوله (إن) مخففة من الثقيلة، (لمسلما) اللام فارقة، ومسلما: مفعول ل قتلت. والشاهد: إن قتلت لمسلما: حيث ولي (إن) المخففة من الثقيلة فعل ماض غير ناسخ، وذلك قليل والأكثر أن يليها فعل ناسخ. [شرح المفصل/ 8/ 71، والإنصاف/ 641، والهمع/ 1/ 142، والأشموني/ 1/ 290، والخزانة/ 10/ 373، وشرح أبيات المغني/ 1/ 89]. 64 - رمى الحدثان نسوة آل حرب … بمقدار سمدن له سمودا فردّ شعورهنّ السّود بيضا … وردّ وجوههنّ البيض سودا البيتان للشاعر عبد الله بن الزّبير - بفتح الزاي - الأسدي، من شعراء الدولة الأموية. والحدثان: بكسر فسكون، أو بفتحتين، مفرد وليس مثنى، وهو نوازل الدهر وحوادثه، وآل حرب: بنو أمية، والسمود: الغفلة عن الشيء وذهاب القلب عنه، وفي القرآن: وَأَنْتُمْ سامِدُونَ [النجم: 61]، أي: ساهون لاهون. وفي الكلام قلب فالأصل أن يقول: رمى المقدار بحدثان، لأن المقدار، هو المقدّر من الله، يقول: جرّت المقادير على نسوة آل حرب نوبة من نوائب الدهر، أثّرت في عقولهن حتى غفلن عن أسباب الدين والدنيا.

65 - وخبرت سوداء الغميم مريضة … فأقبلت من أهلي بمصر أعودها

والشاهد: قوله: «فردّ شعورهنّ»، «وردّ وجوههن»، حيث استعمل الفعل «ردّ» في معنى التصيير والتحويل، ونصب به مفعولين. [الأشموني/ 2/ 26، والحماسة/ 941]. 65 - وخبّرت سوداء الغميم مريضة … فأقبلت من أهلي بمصر أعودها البيت للعوّام بن عقبة بن كعب بن زهير، وكان قد عشق امرأة، فخرج إلى مصر في ميرة فبلغه أنها مريضة، فترك ميرته، وكرّ نحوها راجعا. والغميم: اسم موضع بعينه، ويروى: (سوداء القلوب) فيكون اسمها سوداء وأضافها إلى القلوب، وربما أراد أنها تحل من القلوب محل السويداء. والشاهد: «خبرت سوداء القلوب مريضة»، حيث أعمل الفعل في ثلاثة مفاعيل، أحدها: تاء المتكلم الواقعة نائب فاعل، والثاني: سوداء، والثالث: مريضة. أقول: إن كانت المرأة زوجه، فهو وفيّ، وإن كانت غير ذلك فهو شقيّ. [الهمع/ 1/ 159، والأشموني/ 2/ 41]. 66 - كسا حلمه ذا الحلم أثواب سؤدد … ورقّى نداه ذا الندى في ذرى المجد البيت مجهول القائل. السؤدد: السيادة، رقّى: بتشديد القاف، رفعه وأعلى منزلته بين نظرائه. والشاهد قوله: «كسا حلمه ذا الحلم»، «ورقّى نداه ذا الندى»، فالمفعول متأخر عن الفاعل، وفي الفاعل ضمير يعود على المفعول، فيكون فيه إعادة الضمير على متأخر في اللفظ والرتبة جميعا، وذلك ممنوع عند جمهور البصريين، خلافا لابن جني، وابن مالك في بعض كتبه. وقد يكون الضمير عائدا على ممدوح ذكر في أبيات متقدمة، ولا شاهد في البيت. [الهمع/ 1/ 66، والأشموني/ 2/ 59]. 67 - لم يعن بالعلياء إلا سيّدا … ولا شفى ذا الغيّ إلا ذو هدى البيت لرؤية بن العجاج. في زيادات ديوانه. والمعنى: لم يشتغل بمعالي الأمور، ولم يولع بخصال المجد، إلا أصحاب السيادة والطموح، ولم يشف ذوي النفوس المريضة والأهواء المتأصلة، من دائهم الذي أصيبت به نفوسهم إلا ذوو الهداية والرشد.

68 - إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب … جهارا فكن في الغيب أحفظ للعهد وألغ أحاديث الوشاة فقلما … يحاول واش غير هجران ذي ود

والشاهد فيه: قوله: «لم يعن بالعلياء إلا سيدا»، حيث أناب الجار والمجرور - بالعلياء - عن الفاعل، مع وجود المفعول به في الكلام وهو قوله «سيدا». والداعي لذلك أنّ القوافي كلها منصوبة، ومثله قول الراجز: وإنما يرضي المنيب ربّه … ما دام معنيا بذكر قلبه فنصب «قلبه»، على المفعولية، وأناب «بذكر» مناب الفاعل، لاسم المفعول «معنيا». [شرح التصريح/ 1/ 291، والهمع/ 1/ 162، والأشموني/ 2/ 68، وابن عقيل/ 1/ 432]. 68 - إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب … جهارا فكن في الغيب أحفظ للعهد وألغ أحاديث الوشاة فقلّما … يحاول واش غير هجران ذي ودّ ليس للبيتين قائل معروف. والمعنى إذا كانت بينك وبين أحد صداقة وكان كل واحد منكما يعمل في العلن على إرضاء صاحبه، فتمسك بأواصر هذه المحبة في حال غيبة صديقك عنك، ولا تقبل في شأنه أقوال الوشاة فإنهم إنما يريدون إفساد هذه الصداقة وتعكير صفوها. وقوله: صاحب: فاعل للفعل يرضيك، جهارا: منصوب على الظرفية. والشاهد: «ترضيه ويرضيك صاحب»، حيث تنازع الفعلان على «صاحب»، فالأول بطلبه مفعولا به، قبل دخول الضمير عليه، والثاني يطلبه فاعلا. وقد أعمل الشاعر فيه الثاني، وأعمل الأول في ضميره الذي هو الهاء. والجمهور يرى أنه كان يجب على الشاعر ألا يعمل الأول في الضمير، لأنه فضلة يستغنى عنه في الكلام وذكر الضمير مع العامل الأول يترتب عليه الإضمار قبل الذكر، وهذا لا يجوز. [الأشموني/ 2/ 105، والشذور/ 423، وابن عقيل/ 2/ 7]. 69 - لما حططت الرحل عنها واردا … علفتها تبنا وماء باردا البيت غير منسوب، والشاهد فيه: «علفتها تبنا وماء»، فقوله: وماء لا يمكن عطفه على ما قبله لكون العامل (علف) في المعطوف عليه (تبنا) لا يتسلط على المعطوف «ماء» إذ لا يقال «علفتها ماء»، ومن أجل ذلك كان نصب «وماء» على ثلاثة أوجه: النصب على المعية، أو تقدير فعل يعطف على علفتها، والتقدير «وسقيتها» أو على تضمين علفتها معنى أنلتها، أو قدمت لها، وهو كما في الآية: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ

70 - وقد بعدت بالوصل بيني وبينها … بلى إن من زار القبور ليبعدا

[يونس: 71]، فلا تعطف وشركاءهم على «أمركم» لأن العطف على نية تكرار العامل، فلا يقال: أجمعت شركائي، وإنما يقال: أجمعت أمري، وجمعت شركائي، فأمركم: منصوب على المعية، أو بفعل محذوف. [ديوان ذي الرّمة/ 1862، وشرح أبيات المغني/ 6/ 92]. 70 - وقد بعدت بالوصل بيني وبينها … بلى إنّ من زار القبور ليبعدا البيت استشهد به الرضيّ في شرح «الكافية» ولم ينسبه، وأورده الرضي على أن بعض العلماء يرى أن «بلى» تستعمل بعد الإيجاب، في موضع «نعم» وقوله: «بعدت بالوصل» بعد الشيء، بضم العين، ويعدّى بالباء، وفاعل بعدت ضمير الحبيبة، وبعدها عنه، إنما هو موتها وزيارتها القبر، ولهذا قال: بلى إنّ من زار القبور .. الخ وبيني وبينها: ظرف متعلق بمحذوف، حال من الوصل، وقوله: ليبعدا: اللام للتأكيد، وهي التي تأتي في خبر إنّ، والألف مبدلة من نون التوكيد الخفيفة، وفاعل يبعد: ضمير من. واستعمال «بلى» بدل «نعم» جاء في الحديث الصحيح، فأخرج البخاري في كتاب «الإيمان والنذور» عن عبد الله بن مسعود قال: بينما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مضيف (مسند ظهره) إلى قبة من أدم يمان إذ قال لأصحابه: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا: بلى .. الحديث» وفي صحيح مسلم في كتاب الهبة عن النعمان بن بشير، انطلق بي أبي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم قال: أيسرّك أن يكونوا إليك في البرّ سواء، قال بلى ...» وجاء أيضا في قول الكميت بن ثعلبة: نشدتك يا فزار وأنت شيخ … إذا خيّرت تخطئ في الخيار أصيحانيّة أدمت بسمن … أحبّ إليك أم أير الحمار بلى أير الحمار وخصيتاه … أحبّ إلى فزارة من فزار والتمر الصّيحانيّ، تمر معروف. وهذا الشعر ليس من الهجاء المقذع، فالشاعر يتهم بني فزارة بالبخل، وأنهم يأكلون أير الحمار، وهو مما لا يؤكل من الحيوان. [الخزانة/ 11/ 212]. 71 - فبتّ والهمّ تغشاني طوارقه … من خوف رحلة بين الظاعنين غدا البيت لجرير. وهو شاهد على أن «غدا» يحتمل أن يكون منصوبا بأحد عوامل ثلاثة

72 - حتى إذا أسلكوهم في قتائدة … شلا كما تطرد الجمالة الشردا

وهي «رحلة» و «بين» من «بان يبين بينا» و «الظاعنين» فاسم الفاعل يعمل وهو بمعنى الماضي والحال والاستقبال، كما يرى المبرد وغيره. [الخزانة/ 8/ 139]. 72 - حتى إذا أسلكوهم في قتائدة … شلّا كما تطرد الجمّالة الشّردا البيت للشاعر عبد مناف بن ربع الجربيّ، نسبة إلى جريب بن سعد، وقوله: أسلكوهم: بمعنى سلكوهم، تقول: أسلكت الشيء في الشيء، وسلكته بمعنى أدخلته، والقتائدة: الثنيّة الضيقة، والشلّ: الطرد والجمّالة: فاعل تطرد، وهم أصحاب الجمال، كما نقول: الحمّارة، والبغّالة. الشردا: جمع شارد. وعبد مناف: شاعر جاهلي من هذيل. والبيت شاهد على أن جواب (إذا) محذوف لتفخيم الأمر. [الإنصاف/ 461، والهمع/ 1/ 207، والخزانة/ 7/ 39]. 73 - وهذا ثنائي بما أوليت من حسن … لا زلت عوض قرير العين محسودا البيت لربيعة بن مقروم الضبيّ. والبيت شاهد على أن «عوض» قد لا يستعمل في القسم، كما هنا، وهو هنا، ظرف بمعنى أبدا، متعلّق بلا زلت، وقوله: محسودا، أي: لا زلت ذا نعمة تحسد عليها. [الخزانة/ 10/ 101، والمفضليات/ 214]. 74 - أشلى سلوقيّة باتت وبات بها … بوحش إصمت في أصلابها أود البيت من قصيدة للراعي النميري (عبيد بن حصين) مدح بها عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان أولها: طاف الخيال بأصحابي وقد هجدوا … من أمّ علوان لا نحو ولا صدد فأرّقت فتية باتوا على عجل … وأعينا مسّها الإدلاج والسّهد وهجدوا: رقدوا، والنحو: التوجه، والصدد: القرب، وخبر «نحو» محذوف، أي: منها، والإدلاج: السير من أول الليل، والسّهد: بفتحتين: الأرق والسهر. والبيت الشاهد من وصف الشاعر، للثور الوحشي الذي يشبه ناقته التي حملته إلى الممدوح. ويقول: إن هذا الثور صادف صيادا، معه كلاب. وقوله: أشلى: أي: دعا، وسلوقية: أي: كلابا سلوقية منسوبه «سلوق» موضع في اليمن تنسب إليه الكلاب. وقوله: باتت: استئناف بياني، كأنه قيل: فما صنعت السلوقية؟ قال: باتت. وبات هنا

75 - إذا المرء أعيته المروءة ناشئا … فمطلبها كهلا عليه شديد

تامة، وقوله: وبات بها: أي: وبات الصياد مع السلوقية. فالباء بمعنى «مع» والضمير للسلوقية. وقوله: بوحش إصمت: الباء بمعنى «في» والوحش: المكان الخالي وإصمت: مكان أو صحراء، والأود: الاعوجاج. والبيت شاهد على أنه إذا سمّي بفعل فيه همزة وصل، قطعت مثل «إصمت» بكسر الهمزة والميم، فإصمت: منقول من فعل أمر لبريّة معينة، وقلنا منقول: لأن المسموع في هذا الفعل ضم ميم اصمت لأنه من فعل يفعل، وقد تغير الأعلام عند النقل. [الخزانة/ 7/ 324، وشرح المفصل ج 1/ 29، والأشموني/ 1/ 133، واللسان «صمت»، ومعجم البلدان «اصمت»]. 75 - إذا المرء أعيته المروءة ناشئا … فمطلبها كهلا عليه شديد البيت لرجل من بني قريع، المعلوط بن بدل القريعيّ، من قصيدة في الحماسة. والشاهد: «كهلا» فهو حال، صاحبها الضمير المجرور في «عليه» فيكون قد تقدمت الحال على صاحبها المجرور. [الخزانة/ 3/ 219]. 76 - بسود نواصيها وحمر أكفّها … وصفر تراقيها وبيض خدودها البيت للحسين بن مطير من شعراء الدولتين الأموية والعباسية. وقوله: وصفر تراقيها، جمع ترقوة، وهي أعلى الصدر، وصفه بالصفرة من الطيب، كالزعفران. والبيت شاهد على أنّ رجوع الضمير من نواصيها على الموصوف ب «سود» المقدر خاص بالضرورة، والقياس: بنساء سود نواصيها، والبيت في سياقه كذا: لقد كنت جلدا قبل أن توقد النوى … على كبدي نارا بطيئا خمودها وقد كنت أرجو أن تموت صبابتي … إذا قدمت أيامها وعهودها فقد جعلت في حبّة القلب والحشا … عهاد الهوى تولي بشوق يعيدها [الخزانة/ 5/ 470، والمرزوقي/ 1330، وأمالي القالي/ 1/ 165]. 77 - حتى استقامت له الآفاق طائعة … فما يقال له هيد ولا هاد البيت للشاعر ابن هرمة - بفتح الهاء - من مخضرمي الدولتين. و «هيد، وهاد» زجر

78 - ولستم فاعلين إخال حتى … ينال أقاصي الحطب الوقود

للإبل. وقد أنشد الجوهريّ البيت، مرفوع القافية. وأخذه عنه بعض النحويين، شاهدا على أنّ الشاعر لما قصد لفظ «هيد» و «هاد» أعربهما بالرفع على جعل الأول نائب فاعل «يقال» والثاني معطوفا عليه. وهيد، وهاد في الأصل من أسماء الأصوات، وهي مبنية. ولكن البيت من قصيدة مجرورة القافية، وجاء اللفظان فيها مكسورين، وهي: أربع علينا قليلا أيها الحادي … قلّ الثّواء إذا نزّعت أوتادي ورواية البيت كالتالي: إنّي إذا الجار لم تحفظ محارمه … ولم يقل دونه هيد ولا هاد لا أخذل الجار بل أحمي مباءته … وليس جاري كعشّ بين أعواد وقد يكون بيت الجوهريّ من قصيدة أخرى لا نعرفها، والله أعلم. [شرح المفصل/ 4/ 80، والخزانة/ 6/ 389]. 78 - ولستم فاعلين إخال حتّى … ينال أقاصي الحطب الوقود البيت للشاعر عقيل بن علّفة، من قطعة في الحماسة. وقوله: ولستم فاعلين: أي: لستم فاعلين شيئا ذكره في بيت سابق. والوقود: بضم الواو: إيقاد النار، وبالفتح: الحطب. وهذا مثل تمثل به في انتهاء الشرّ يقول: لستم متناهين عمّا أكرهه منكم حتى يعمكم الشرّ ويبلغ البلاء أقصى المبلغ، فيتعدّى من الأقارب إلى الأباعد ومن السقيم إلى البريء وذكر الحطب والوقود مثلا لتفاقم الشرّ واتساع المكروه. والبيت شاهد على أن «إخال» الملغاة، وقعت معترضا بها بين اسم الفاعل، وهو «فاعلين» وبين معموله وهو «حتى» فإنها جارة بمعنى «إلى» متعلقة به، وينال: منصوب بأن مضمرة بعدها. [الخزانة/ 9/ 156]. 79 - يثني عليك وأنت أهل ثنائه … ولديك إن هو يستزدك مزيد البيت لعبد الله بن عنمة الضبّي، في الرثاء. وهو شاهد على أن مجيء الشرط المفصول باسم من أداة الشرط، مضارعا شاذ، وحقه أن يكون ماضيا، سواء كان لفظا ومعنى نحو: إن زيد قام قمت، أو معنى نحو: وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها … فليس إلى حسن الثناء سبيل

80 - تريدين كيما تجمعيني وخالدا … وهل يجمع السيفان ويحك في غمد

وروي البيت «ولديك إما يستزدك مزيد»، فلا شاهد فيه، فإمّا، هي إن الشرطية، وما الزائدة. [الخزانة/ 9/ 41 وحماسة المرزوقي/ 1041، والهمع/ 2/ 59]. 80 - تريدين كيما تجمعيني وخالدا … وهل يجمع السّيفان ويحك في غمد البيت لأبي ذؤيب الهذلي. وهو شاهد على أن «كي» جاءت من غير سببيّة، بعد فعل الإرادة، و «ما» بعدها زائدة، والفعل منصوب بحذف النون والنون الموجودة للوقاية، وخالد: رسول أبي ذؤيب إلى امرأة أحبها، فعلقت بالرسول وتركت المرسل. [الخزانة/ 8/ 514]. 81 - يقول وقد ترّ الوظيف وساقها … ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد البيت لطرفة بن العبد. و «ترّ» قطع، أو انقطع، على أن «ترّ» متعد ولازم، والمؤيد: الداهية. والبيت شاهد على أنّ جملة «وقد ترّ الوظيف» حالية وعاملها «يقول» ولا صاحب لها، لأن فاعل «يقول» المستتر ليس صاحب الحال لأنها لم تبيّن هيئته، إذ ليست من صفاته، هذا إذا قيل إن الحال يبين الهيئة. [الخزانة/ 3/ 151]. 82 - رحيب قطاب الجيب منها رفيقة … لجسّ الندامى بضّة المتجرّد البيت لطرفة بن العبد من معلقته، وقبل البيت الشاهد: نداماي بيض كالنجوم وقينة … تروح علينا بين برد ومجسد يصف الشاعر مجلس شرابه، فيذكر أهل مجلس شرابه بأنهم سادات مشاهير بيض كالنجوم، ويذكر المغنية، وأنها تأتي إليهم مرة بثوب وشي، ومرة بالثوب الذي يلي الجسد، ويتابع وصفها في البيت الشاهد: فيصف أولا ثوبها، وأنه رحيب (واسع)، قطاب الجيب. والجيب: مدخل الرأس من الثوب، والقطاب من الجيب: مجتمعه حيث قطب، أي: جمع، ووصف قطاب جيبها بالسعة، لأنها كانت توسّعه ليبدو صدرها فينظر إليه، ويتلذذ به. وقوله: رفيقة: من الرفق، وهو اللين، والجسّ: قيل: لمس أوتار العود، وقيل: جس الندامى: هو أن يحسوا بأيديهم، فيلمسوها تلذذا، وكانت القينة، يفتّق فتيق في كمها إلى الإبط، فإذا أراد الرجل أن يلمس منها شيئا أدخل يده فلمس، ثم يصف جسمها بأنه ناعم أبيض رقيق الجلد.

83 - مؤللتان تعرف العتق فيهما … كسامعتي شاة بحومل مفرد

والشاهد: «رحيب قطاب الجيب منها»: فقد روي بإضافة رحيب إلى قطاب وهي إضافة رديئة، كما يرون، والصحيح في إنشاد البيت: «رحيب» بالتنوين، وقطاب: يرتفع ب (رحيب)، وضمير «منها» يعود إلى الأول، ويكون رحيب: نعت سببي لقينة، ويكون «الرحب» وصفا للقينة في اللفظ، ووصفا لقطاب الجيب في المعنى، والمعنى: رحب قطاب جيبها، أي: اتسع، وضمير منها للقينة. [اللسان «قطب»، والخزانة/ 4/ 303]. 83 - مؤلّلتان تعرف العتق فيهما … كسامعتي شاة بحومل مفرد البيت لطرفة بن العبد، من معلقته. وصف ناقته بعدّة أبيات إلى أن وصف أذنيها. وقوله: مؤللتان، أي: محددتان كتحديد الألّة، وهي الحربة يريد أنّ أذنيها كالحربة في الانتصاب، والعتق: الكرم والنجابة، وهو أن لا يكون في داخلهما وبر، والسامعتان: الأذنان، والشاة هنا: الثور الوحشي، ولهذا قال (مفرد) بلا هاء، وحومل: اسم رملة، لا ينصرف. شبه أذني ناقته بأذني ثور وحشي، لتحديدهما وصدق سمعهما وأذن الوحشيّ، أصدق من عينه، وجعله مفردا، لأنه أشدّ توجسا وحذرا، إذ ليس معه وحش يلهيه ويشغله. والشاهد: قوله «مفرد» على أنه إذا كان المؤنث اللفظي حقيقي التذكير جاز في ضميره التذكير والتأنيث. و «شاة» هنا مؤنثة لفظا، ومعناها الثور الوحشي، وقد رجع إليه ضميره في وصفه وهو «مفرد» مذكر رعاية لجهة المعنى. [الخزانة/ ج 7/ 436]. 84 - وإن يلتق الحيّ الجميع تلاقني … إلى ذروة البيت الكريم المصمّد البيت لطرفة بن العبد من معلقته. والمصمد: الذي يصمد إليه الناس لشرفه ويلجؤون إليه في حوائجهم، والصّمد: القصد. وقد اختلفوا في قوله «إلى ذروة» فذكروا ثلاثة معان: الأول: بمعنى الغاية، وهي مع مجرورها حال من الياء في «تلاقني» متعلقة بمحذوف تقديره: تلاقني منتسبا إلى ذروة البيت .. الخ. الثاني: بمعنى «في» أي: في ذروة البيت، والثالث: بمعنى «مع» أي تجدني معهم. [الخزانة/ ج 9/ 471]. 85 - فويلمّ أيام الشباب معيشة … مع الكثر يعطاه الفتى المتلف الندي البيت للشاعر علقمة الفحل، وقيل لغيره «انظر الحماسة ص 1202».

86 - أو حرة عيطل ثبجاء مجفرة … دعائم الزور نعمت زورق البلد

قال المرزوقي: لفظة «ويل» إذا أضيفت بغير اللام، فالوجه فيها النصب، تقول: ويل زيد، والمعنى: ألزم الله زيدا ويلا. فإذا أضيفت باللام، فقيل: ويل لزيد، فحكمه أن يرفع، فيصير مع ما بعده جملة ابتدئ بها، وهي نكرة لأن معنى الدعاء منه مفهوم، والمعنى: الويل ثابت لزيد. وإذا كان حكم ويل هذا، وقد ارتفع في «ويلمّ لذّات الشباب» فمن الظاهر أن أصله، ويل لأمّ لذات الشباب، فحذف من أم الهمزة، واللام من ويل وقد أبقى حركة الهمزة على اللام الجارة فصار «ويلمّ». وقصده إلى مدح الشباب وحمد أيامه ولذاته بين لذات المعايش، وقد طاع لصاحبه الكثر، وهو كثرة المال، فاجتمع الغنى، والشباب له، وهو سخي مبذر فيما يكسبه ذكرا جميلا. وقال البغدادي: قوله «ويلمّ أيام» دعاء في معنى التعجب، أي: ما ألذّ الشباب مع الغنى. والفتى: السخي الكريم، والمتلف: المفرق لماله، والندي: السخيّ. وقوله: مع الكثر: في موضع النصب صفة لمعيشة، وجملة يعطاه: حال من الكثر، والمتلف، والندي: صفتان للفتى. والشاهد: «معيشة». وهي تمييز عن النسبة الحاصلة بالإضافة. [الخزانة/ 3/ 279، والحماسة بشرح المرزوقي/ 1202، واللسان «نجد»]. 86 - أو حرّة عيطل ثبجاء مجفرة … دعائم الزّور نعمت زورق البلد البيت للشاعر ذي الرّمة من قصيدة مدح بها بلال بن أبي بردة، والبيت من مقدمة يصف فيها الناقة. والشاهد: «نعمت زورق البلد»: على أنه قد يؤنث (نعم) لكون المخصوص بالمدح مؤنثا، وإن كان الفاعل مذكرا، وهو «زورق البلد» وقد شبه الناقة بالزورق، كما قيل: «الجمل سفينة الصحراء». والحرّة: الكريمة، وأراد بها الناقة، والعطيل: الطويلة العنق، والثبجاء: الضخمة الصدر، أو عظيمة السنام، والمجفرة: العظيمة الجنب الواسعة الجوف، والجفر: الوسط، والدعائم: القوائم، والزّور: أعلى الصدر ودعائم الزور: الضلوع، وكل ضلع، دعامة، وانتصب «دعائم» على التشبيه بالمفعول به، فهو من باب «الحسن الوجه»

87 - كأنه خارجا من جنب صفحته … سفود شرب نسوه عند مفتأد

والزورق: السفينة، والبلد: الأرض والمفازة. [الخزانة/ 9/ 420، وشرح المفصل/ 7/ 136، وديوان ذي الرّمة]. 87 - كأنّه خارجا من جنب صفحته … سفّود شرب نسوه عند مفتأد هذا البيت من معلقة النابغة الذبياني التي يمدح فيها النعمان بن المنذر. وقد وصف النابغة ناقته التي ارتحل عليها النعمان، ثم شبهها بثور وحشي، ثم تخيّل معركة بين الثور الوحشي وكلب صيد، فشكّ الثور الكلب بقرنه، فقدّم لنا لوحة فنيّة نادرة المثال. وقوله (كأنه) في البيت الشاهد، الهاء عائدة على قرن الثور، والضمير في صفحته راجع إلى الكلب، والسفّود: خبر كأنّ، وهي الحديدة التي يشوى بها اللحم. والشّرب: جمع شارب، ونسوه: أي: تركوه حتى نضج ما فيه. شبه قرن الثور النافذ في الكلب بسفّود فيه شواء، والمفتأد: مكان الشواء، والفأد: الطبخ، سواء أكان في قدر أو شواء، والشاهد في البيت قوله «خارجا» فقالوا: إنه حال من الفاعل المعنوي وهو الهاء، لأن المعنى: يشبه خارجا، وعامل الحال: ما في كأنّ من معنى الفعل. [الخزانة/ ج 3/ 186]. 88 - أضحت خلاء وأضحى أهلها احتملوا … أخنى عليها الذي أخنى على لبد البيت للنابغة الذبياني من معلقته الدالية التي مطلعها: يا دار ميّة بالعلياء فالسّند … أقوت وطال عليها سالف الأبد وقوله: أضحت خلاء، أي: أضحت الدار، واحتملوا: ارتحلوا، وأخنى عليها: أهلكها، ولبد: آخر نسور لقمان بن عاد، وهو غير لقمان المذكور في القرآن. والشاهد في البيت: أنّ خبر (أضحى) يجوز أن يكون فعلا ماضيا بدون «قد» ويرى بعضهم أن خبر كان، وأضحى ... الخ لا يكون إلا اسما أو ما ضارع الاسم، والماضي لا يضارع الاسم. ويرى المبرّد وابن مالك أننا نقدّر «قد» قبل الماضي. [الخزانة/ ج 4/ 5]. 89 - فلا لعمر الذي قد زرته حججا … وما هريق على الأنصاب من جسد والمؤمن العائذات الطير يمسحها … ركبان مكة بين الغيل والسّند

90 - قالت أمامة لما جئت زائرها … هلا رميت ببعض الأسهم السود لا در درك إني قد رميتهم … لولا حددت ولا عذرى لمحدود

البيتان للنابغة الذبياني من معلقته. والشاهد في البيت الثاني، وذكرت الأول ليفهم الشاهد من السياق. فالشاعر في البيت الأول يقسم بالبيت الحرام (الكعبة) ويقسم بالأضاحي (الذبائح) التي تراق دماؤها عند الأصنام، و «ما» في الشطر الثاني معطوفة على الذي في الشطر الأول. وكذلك قوله «والمؤمن» في بداية البيت الثاني، والمؤمن: بمعنى الذي جعل الخلق آمنا، والعائذات: ما عاذ بالبيت من الطير، والغيل والسند: مكانان، وقوله: يمسحها: الخ، أي: تمسح الركبان على الطير ولا تهيجها بأخذ. والشاهد في البيت الثاني: (العائذات الطير) أنّ العائذات كان في الأصل نعتا للطير، فلما تقدم، وكان صالحا لمباشرة العامل أعرب بمقتضى العامل، وصار المنعوت بدلا منه، فالطير: بدل من العائذات، وهو منصوب إن كان «العائذات» منصوبا بالكسرة على أنه مفعول به ل «المؤمن»، ومجرور، إن كان «العائذات»، مجرورا بإضافة المؤمن إليه. والأصل على الأول: والمؤمن الطير العائذات بنصب الأول بالفتحة والثاني بالكسرة، وعلى الثاني «والمؤمن الطير العائذات» بجرهما بالكسر فلما قدّم النعت أعرب بحسب العامل، وصار المنعوت بدلا منه، وفي المفصل للزمخشري (باب الإضافة) رأي آخر. [الخزانة/ 5/ 71]. 90 - قالت أمامة لما جئت زائرها … هلّا رميت ببعض الأسهم السّود لا درّ درّك إني قد رميتهم … لولا حددت ولا عذرى لمحدود ينسب هذان البيتان إلى الجموح، أحد بني ظفر من سليم بن منصور، وأمامة: زوجه. والأسهم السود: أسهم كانت في كنانته وكانت زوجه لامته لفراره وأنه لم يرم أعداءه بالنبل، فاعتذر بأبيات منها هذان البيتان، وقوله: حددت، أي: منعت، والعذرى: بمعنى المعذرة، وذكروا البيت الثاني شاهدا لدخول «لولا» على الجملة الفعلية. [الخزانة/ ج 1/ 462، وشرح المفصل/ 1/ 95، والإنصاف/ 73، واللسان «عذر»]. 91 - وقتيل مرّة أثأرنّ فإنّه … فرغ وإنّ أخاهم لم يقصد البيت لعامر بن الطفيل العامري وقبله: ولأثأرنّ بمالك وبمالك … وأخي المروراة الذي لم يسند

92 - ها إن تاعذرة إن لم تكن نفعت … فإن صاحبها قد تاه في البلد

وقوله: مرّة: أبو قبيلة. فرغ: بكسر الفاء: الهدر، يقال: ذهب دم فلان فرغا وهدرا إذا لم يقتل قاتله، وقوله: لم يقصد، أي: لم يقتل. وقتيل: يروى بالرفع، على الابتداء. والجرّ: وتكون الواو للقسم، والنصب: بالعطف على محل مالك. والقتيل: يريد أخاه الحكم بن الطفيل. ويذكرون البيت شاهدا لخلوّ المضارع من لام القسم استغناء بالنون في قوله «أثأرنّ»، وسيأتي البيت في قافية الراء (لم يثأر) فقد رواه ابن هشام في المغني بقافية رائية. والصحيح أنه من قصيدة دالية. [شرح أبيات المغني ج 8/ 3، والخزانة/ ج 10/ 61، والهمع/ 2/ 42، والدرر/ 2/ 47]. 92 - ها إنّ تاعذرة إن لم تكن نفعت … فإنّ صاحبها قد تاه في البلد هذا البيت آخر معلقة النابغة الذبياني. وقوله: «ها إنّ تا» الخ ... ها: للتنبيه. و «تا» اسم إشارة، لما ذكره في قصيدته من يمينه على أنه لم يأت بشيء يكرهه. وهي مبتدأ خبره: عذرة. والعذرة: بكسر العين، اسم للعذر. وقوله: «إنّ صاحبها» أي: صاحب العذرة، ويعني به نفسه، وتاه: أي: ضلّ، والبلد: الأرض، أو المفازة. والشاهد: أن الفصل بين (ها) وبين (تا) بغير إنّ وأخواتها قليل. وقد روي البيت «وإنّ ها عذرة» فلا شاهد فيه. [الخزانة/ ج 5/ 459]. 93 - مهلا فداء لك الأقوام كلّهم … وما أثمّر من مال ومن ولد البيت للنابغة الذبياني، يخاطب النعمان بن المنذر. وذكروا البيت شاهدا لكسر «فداء» على أنه اسم فعل منقول من المصدر. ولكن كلمة «فداء» تقرأ «فداء» بالرفع على أنه خبر الأقوام. وتقرأ بالنصب «فداء» وتقرأ «فداء» بالكسر. والأقوام في القراءتين الأخيرتين: فاعل. [الخزانة ج 6/ 182]. 94 - من يكدني بسيّئ كنت منه … كالشّجا بين حلقه والوريد ... البيت من قصيدة لأبي زبيد الطائي النصراني رثى بها ابن أخته ... ، ويذكرون البيت شاهدا لمجيء الشرط مضارعا مجزوما، وجواب الشرط ماضيا. وقال بعضهم إنه خاصّ بالشعر. وقال ابن مالك: الصحيح الحكم بجوازه لثبوته في كلام أفصح الفصحاء. قال صلّى الله عليه وسلّم: «من يقم ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». [الخزانة

95 - يديان بيضاوان عند محلم … قد يمنعانك أن تضام وتضهدا

ج 9/ 76، والأشموني/ 4/ 17، والعيني/ 4/ 427]. 95 - يديان بيضاوان عند محلّم … قد يمنعانك أن تضام وتضهدا غير منسوب. ومحلّم: من ملوك اليمن. وضهده: قهره. والبيت شاهد على أنّ «يديان» مثنى «يدا» بالقصر، فلما ثنّي قلبت ألفه ياء، كفتيان في مثنى «فتى»، لأن أصلها الياء، فإنّ التثنية من جملة ما يردّ الشيء إلى أصله. وإنما قلبت في المفرد ألفا لانفتاح ما قبلها، وتقلب واوا في النسبة إليها عند الخليل وسيبويه، فيقال يدويّ. وبعض العرب تقول لليد «يدا» مثل «رحا» والرحا، يائية، وواوية، يقال: رحيان، ورحوان. [الخزانة/ 7/ 477، وشرح المفصل ج 5/ 83، وج 6/ 5]. 96 - ما إن جزعت ولا هلع … ت ولا يردّ بكاي زندا ... البيت من قصيدة لعمرو بن معد يكرب الزبيدي، جاءت في الحماسة. وهو شاهد على أنّ «إن» تزاد بعد ما النافية. [المرزوقي/ 179]. 97 - وشقّ له من اسمه ليجلّه … فذو العرش محمود وهذا محمّد لحسان بن ثابت يمدح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. وهو شاهد على أنه يمكن لمح الوصف مع العلمية، أي: يمكن أن يلاحظ بعد العلمية الوصف الذي كان قبلها وبملاحظته يوضع علما، فإن «محمدا» وضع علما لنبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم بملاحظة معناه، فإن معناه في اللغة، الذي كثرت خصاله المحمودة: كما قال الأعشى في مدح النعمان بن المنذر: إليك - أبيت اللعن - كان كلالها … إلى: الماجد الفرع الجواد المحمّد الخزانة/ 1/ 223]. 98 - فإن تمس مهجور الفناء فربّما … أقام به بعد الوفود وفود البيت لأبي عطاء السندي، يرثي يزيد بن هبيرة الفزاري، والبيت شاهد على أن «ربّما» فيه للتكثير. [المرزوقي/ 80، والخزانة/ ج 9/ 539]. 99 - وبالجسم منّي بيّنا لو علمته … شحوب وإن تستشهدي العين تشهد البيت مجهول القائل، ومعناه: إنّ بجسمي من آثار حبك لشحوبا ظاهرا لو أنك علمته

100 - وما لام نفسي مثلها لي لائم … ولا سد فقري مثل ما ملكت يدي

لأخذتك الشفقة عليّ، وإذا أحببت أن تري الشاهد فانظري إلى عيني فإنهما تحدثانك حديثه. وقوله: بالجسم: خبر مقدم. وشحوب: مبتدأ مؤخر. و «مني»: جار ومجرور متعلقان بحال من الجسم. والشاهد: «بيّنا» حيث وقعت الحال من النكرة «شحوب» على مذهب سيبويه والمسوغ تقدم الحال على صاحبها. [سيبويه/ 1/ 276، والأشموني/ 2/ 175]. 100 - وما لام نفسي مثلها لي لائم … ولا سدّ فقري مثل ما ملكت يدي البيت مجهول القائل، والمعنى: إنّ اللوم الذي يكون له الأثر الناجع في رجوع الإنسان عما استوجب اللوم عليه. هو لوم الإنسان نفسه، لأن ذلك يدل على شعوره بالخطأ، وإن ما في يد الإنسان من المال، لأقرب منالا له مما في أيدي الناس. وقوله: مثلها: حال من «لائم». و «لي» جار ومجرور متعلقان بمحذوف، حال من لائم، و «لائم» فاعل. والشاهد: مثلها لي لائم، حيث جاءت الحال وهي «مثلها» و «لي» من النكرة وهي قوله «لائم»، والذي سوغ ذلك تأخر النكرة عن الحال. [العيني/ 3/ 213، وابن عقيل]. 101 - فلا والله لا يلفي أناس … فتى حتّاك يا ابن أبي زياد البيت ... مجهول ... ، ويلفي: مضارع ألفى، ومعناه وجد. والمعنى: إن الناس لا يجدون فتى يرجونه لقضاء مطالبهم حتى يبلغوا الممدوح، فإذا بلغوه فقد وجدوا ذلك الفتى ... وقوله: لا .. زائدة لتوكيد القسم. أو أنها تنفي شيئا سابقا. وحتاك: حتى حرف جرّ. والضمير في محل جرّ. والشاهد: قوله «حتاك» حيث دخلت «حتى» الجارة على الضمير، وهو شاذ. [الهمع/ 2/ 23، والخزانة/ 9/ 475]. 102 - تزوّد مثل زاد أبيك فينا … فنعم الزاد زاد أبيك زادا البيت لجرير، من قصيدة يمدح فيها عمر بن عبد العزيز.

103 - وماذا ترى في عيال قد برمت بهم … لم أحص عدتهم إلا بعداد كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية … لولا رجاؤك قد قتلت أولادي

والشاهد: فنعم الزاد زادا، حيث جمع في الكلام بين الفاعل الظاهر لنعم وهو «الزاد». والتمييز «زادا». وهو غير جائز عند البصريين. ومنهم من يعرب «زادا» في آخر البيت مفعولا به لقوله «تزود» في أول البيت. وعلى هذا تكون «مثل» حالا، من «زادا»، وأصله نعت له فلما تقدّم عليه صار حالا. [شرح المفصل/ 7/ 132، والأشموني/ 2/ 203، وشرح أبيات المغني/ 7/ 27، والخزانة/ 9/ 394]. 103 - وماذا ترى في عيال قد برمت بهم … لم أحص عدّتهم إلا بعدّاد كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية … لولا رجاؤك قد قتّلت أولادي .. البيتان لجرير من قصيدة يمدح بها هشام بن عبد الملك، ويريد بالعيال: أولاده، ومن يمونهم ويعولهم. والشاهد في البيت الثاني «أو زادوا» حيث استعمل «أو» للإضراب بمعنى (بل). [شرح أبيات المغني/ 2/ 54، والهمع/ 2/ 134، والأشموني/ 3/ 106، والعيني/ 4/ 144]. 104 - متى تأته تعشو إلى ضوء ناره … تجد خير نار عندها خير موقد البيت للحطيئة من قصيدة يمدح فيها بغيض بن عامر، ومطلعها: آثرت إدلاجي على ليل حرّة … هضيم الحشا حسّانة المتجرّد وقوله: تعشو: تجيئه على غير هداية، أو تجيئه على غير بصر ثابت. والشاهد: قوله: متى تأته - تجد - حيث جزم ب متى فعلين. [سيبويه/ 1/ 445، والمفصل/ 2/ 66، و 4/ 148، والشذور/ 64]. 105 - من يكدني بسيّء كنت منه … كالشّجا بين حلقه والوريد ... هذا البيت لأبي زبيد الطائي من قصيدة أولها: إنّ طول الحياة غير سعود … وضلال تأميل نيل الخلود ومعنى البيت الشاهد: يرثي ابن أخته ويعدد محاسنه، فيقول: كنت لي بحيث إن من أراد أن يخدعني ويمكر بي فإنك تقف في طريقه ولا تمكنه من نيل مأربه، كما يقف الشجا في الحلق، فيمنع وصول شيء إلى الجوف، وكنى بذلك عن انتقامه له ممن يؤذيه.

106 - رهبان مدين والذين عهدتهم … يبكون من حذر العذاب قعودا لو يسمعون كما سمعت كلامها … خروا لعزة ركعا وسجودا

والشاهد: من يكدني .. كنت: حيث جزم ب «من» الشرطية فعلين أحدهما: يكدني .. مضارع. وثانيهما: ماض .. كنت .. ويرى قوم أن مجيء فعل الشرط مضارعا والجواب ماضيا، ضرورة شعرية .. ولكن ابن مالك يرى تسويغ مجيئه في الكلام دائما. [خزانة/ 9/ 76، والأشموني/ 4/ 17، والعيني/ 4/ 427]. 106 - رهبان مدين والذين عهدتهم … يبكون من حذر العذاب قعودا لو يسمعون كما سمعت كلامها … خرّوا لعزّة ركّعا وسجودا .. البيتان لكثيّر عزة .. ، يتحدث فيهما عن تأثير عزّة فيه. و «مدين» هي قرية النبي شعيب. وقعودا: جمع قاعد، مأخوذ من قعد للأمر، أي: اهتمّ له واجتهد فيه. والشاعر كاذب فيما قال، فلا يبلغ تأثير المرأة في العابد ما قاله، وقاله: والذين: معطوف على المبتدأ «رهبان». وجملة «يبكون» حال من المفعول في «عهدتهم». وقعودا: منصوب على الحال، من فاعل: يبكون. وجملتا الشرط والجواب «لو يسمعون .. خروا» خبر المبتدأ. والشاهد قوله «لو يسمعون». حيث وقع المضارع بعد «لو» فصرفت معناه إلى المضيّ فهو في معنى قولك «لو سمعوا». [الأشموني/ 4/ 42، والخصائص/ 1/ 27]. 107 - أبصارهنّ إلى الشّبان مائلة … وقد أراهنّ عنّي غير صدّاد .. البيت للقطامي عمير بن شييم بن عمرو التغلبي، وقبل البيت: ما للكواعب. ودّعن الحياة كما … ودّعنني وجعلن الشّيب ميعادي أراد أنّ الكواعب يدمن النظر إلى الشبان لما يرجون عندهم، وقد كان شأنهّنّ معه كذلك يوم كان شبابه غضا. والشاهد قوله: صدّاد، الذي هو جمع «صادة» حيث استعمل فعّال في جمع فاعلة. [الأشموني/ 4/ 133، والعيني/ 4/ 521، والتصريح/ 2/ 308]. 108 - ألم يأتيك والأنباء تنمي … بما لاقت لبون بني زياد البيت من كلام قيس بن زهير بن جذيمة العبسي ... وقوله: تنمي: تزيد وتكثر. وبنو زياد: هم الكملة من الرجال: الربيع وعمارة وقيس وأنس. بنو زياد بن سفيان بن عبد الله

109 - قالت أمامة لما جئت زائرها … هلا رميت ببعض الأسهم السود لا در درك إني قد رميتهم … لولا حددت ولا عذرى لمحدود

العبسي، وكان قيس قد طرد إبلا للربيع في قصة مشهورة. والشاهد: ألم يأتيك: حيث دخل عليه الجازم فلم تحذف ياؤه: ويرى قوم أن الشاعر جزم الفعل بالسكون، ويرى آخرون أنه حذف الياء، ثم أشبع الحركة لإقامة الوزن، وقوله «بما» الباء زائدة و «ما» فاعل يأتيك، وزيادة الباء هنا غير مقيس. [سيبويه/ 2/ 59، والإنصاف/ 30، والمفصل/ 8/ 24، و 10/ 104، والهمع/ 1/ 52، والأشموني/ 1/ 103، والخزانة/ 8/ 361، وشرح المغني/ 2/ 353]. 109 - قالت أمامة لما جئت زائرها … هلا رميت ببعض الأسهم السّود لا درّ درّك إني قد رميتهم … لولا حددت ولا عذرى لمحدود البيتان منسوبان إلى الجموح الظفري، ويقال: لراشد بن عبد ربه، وكان اسمه غاويا فسماه رسول الله راشدا. وقوله: الأسهم السود: يقال: هي كناية عن الأسطر المكتوبة، يعني هلا كتبت لي كتابا. ويقال: الأسهم السود: نظر مقلتيه. وحددت: معناه حرمت ومنعت وفارقني الجد والحظ. والعذرى: بضم العين وسكون الذال - المعذرة. ويستشهد البصريون بهذا البيت لقوله «لولا حددت» حيث دخلت لولا على الفعل وذلك يدل على أنها ليست مختصة بالاسم، ولا مختصة بالفعل، ولذلك لا تكون عاملة .. وأن الاسم بعدها مرفوع بالابتداء وليس بها .. والكوفيون يرون أنّ الاسم بعدها مرفوع بها. [شرح المفصل/ 1/ 95، والإنصاف/ 73، والخزانة/ 1/ 462]. 110 - على مثلها أمضي إذا قال صاحبي … ألا ليتني أفديك منها وأفتدي .. البيت من معلقة طرفة بن العبد، يصف ناقته .. وقوله: ألا ليتني أفديك منها، الضمير عائد على الفلاة أي: الصحراء، وقد أتى بضمير الفلاة وإن لم يجر ذكرها في الكلام قبل هذا لأن المراد يفهم من السياق، ومنه قوله تعالى حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ [ص: 32]، فأضمر ضميرا يعود إلى الشمس وإن لم يجر لها ذكر في الكلام ارتكازا على أنّ السامع سيفهم المقصود من سياق الكلام. [الإنصاف/ 96، وشرح معلقته]. 111 - وقفت فيها أصيلا كي أسائلها … عيّت جوابا وما بالرّبع من أحد ... البيت من قصيدة النابغة الذبياني التي مطلعها:

112 - شدخت غرة السوابق فيهم … في وجوه إلى اللمام الجعاد

يا دار مية بالعلياء فالسّند … أقوت وطال عليها سالف الأمد ... والاستشهاد بالبيت في قوله: وما بالربع من أحد، فإنها جملة من مبتدأ وخبر، فالخبر قوله: ... بالربع ... والمبتدأ (من أحد) وقد أدخل على المبتدأ (من) الزائدة. وهو في الكلام كثير. وتزاد (من) على المبتدأ بشرطين: الأول: أن يكون نكرة، والثاني: أن يتقدم نفي أو استفهام ب (هل) خاصة. [سيبويه/ 1/ 364، والإنصاف/ 170، وشرح المفصل/ 2/ 80 و 8/ 12 و 9/ 143 و 10/ 45، والهمع/ 1/ 223، والأشموني/ 4/ 28]. 112 - شدخت غرّة السوابق فيهم … في وجوه إلى اللّمام الجعاد ... البيت للشاعر ابن مفرغ الحميري، يزيد بن ربيعة ... وشدخت: أي: اتسعت في الوجه، ويريد غرّة الفرس. والسوابق: جمع سابق، وهو الفرس. واللمام: جمع لمة، وتجمع أيضا على «لمم» بكسر اللام في المفرد والجمع. واللمة: الشعر إذا نزل من الرأس فجاوز شحمة الأذن. والجعاد: جمع جعدة: بفتح فسكون وهي مؤنث الجعد، والجعد: ضد السّبط، والسّبط: المسترسل من الشعر، وجعودة الشعر هي الغالبة على شعور العرب، وعلى هذا يمدح الرجل بأنه جعد الشعر، تعني أنه عربي، فإذا أردت أن شعره مفلفل كشعر الزنج كان ذمّا، والاستشهاد بالبيت في قوله «إلى اللمام»، فإنّ (إلى) هنا تدل على معنى «مع» ويدل على ذلك أن البيت روي في مكان سابق مع (اللمام). [الأشموني/ 4/ 17، والعيني/ 4/ 427]. 113 - وقفت فيها ... (الشاهد رقم (111) من هذا الحرف. إلا الأواريّ لأيا ما أبيّنها … والنّؤي كالحوض بالمظلومة الجلد ... البيتان للنابغة من معلقته. وقد مضى مطلعها، قبل الشاهد السابق. الأواريّ: جمع آريّ أو آرية، وهو محبس الخيل، .. وقوله: لأيا ما أبينها: أي: ما أعرفها إلا بعد لأي، أي؛ بطء. والنؤي: حفيرة حول الخيمة، والمظلومة: الصحراء التي حفر فيها الحوض لغير إقامة. والجلد: الصلبة. والشاهد: إلا الأواري: فهو استثناء منقطع، لأنه ليس من جنس المستثنى منه، ويجوز فيه وجهان: النصب على الاستثناء، وهو الأشهر، والرفع على البدل، على أن تتوسع في

114 - ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه … وما أحاشي من الأقوام من أحد

المستثنى منه فتجعله شاملا المستثنى، من باب المجاز. [سيبويه/ 1/ 364، والإنصاف/ 269، والهمع/ 1/ 33، و/ 2/ 158، والعيني/ 4/ 496]. 114 - ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه … وما أحاشي من الأقوام من أحد .. البيت للنابغة من معلقته ... والبيت شاهد عند الكوفيين على أن «حاشا» في الاستثناء، فعل ماض، لأنه يتصرف وقد جاء منه المضارع في البيت، والدليل أيضا على فعليته أنه يتعلق به الجار والمجرور في قولنا «حاشا لله» .. وهي في الحق فعل، وتدخل عليه «ما» كما في قول الفرزدق: رأيت الناس ما حاشا قريشا … فإنّا نحن أكثرهم فعالا فهي إذن في أحوالها مثل «خلا، وعدا» .. و «من»، في قوله: «من أحد» زائدة على المفعول به. [شرح المفصل/ 2/ 85 و 8/ 48، والإنصاف/ 278، والهمع/ 1/ 233، والأشموني/ 2/ 167، والخزانة/ 3/ 403، وشرح المغني/ 3/ 86]. 115 - أزمان من يرد الصنيعة يصطنع … فينا ومن يرد الزهادة يزهد .. الصنيعة: كل معروف تسديه إلى غيرك تصطنعه به، أي: تجعله من أنصارك. والاستشهاد بالبيت في قوله «أزمان من يرد ..» فإنه يجوز في «أزمان» أن يكون مبنيا على الفتح لكونه ظرفا مبهما قد أضيف إلى جملة مصدّرة باسم مبني وهو «من» ويجوز أن يكون منصوبا على الظرفية. [الإنصاف/ 291]. 116 - معاوي إنّنا بشر فأسجح … فلسنا بالجبال ولا (الحديدا) أكلتم أرضنا فجرزتموها … فهل من قائم أو من حصيد أتطمع في الخلود إذا هلكنا … وليس لنا ولا لك من خلود .. الأبيات للشاعر عقيبة بن هبيرة الأسدي، يشكو إلى معاوية بعض عمّاله .. والأبيات - والله أعلم - مختلقة. لما فيها من الطعن على معاوية رضي الله عنه. والدلالة على اختلاقها، اختلاف النحاة في رواية بيت الشاهد «الأول» فقد نقله سيبويه منصوب القافية، للاستدلال به على نصب «الحديدا» على موضع «بالجبال» لأن موضعها النصب بأنها خبر ليس .. مع أن قافية الأبيات مجرورة كما رأيت في البيتين التاليين، وإن صحت نسبة الأبيات إلى صاحبها، فهي تدل على عيب في بعض قواعد النحاة، لأنهم يبنون قواعدهم

117 - ألا حي ندماني عمير بن عامر … إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا

على البيت المفرد، دون النظر في القصيدة كلها، وقد مضى أمثال هذا البيت. [سيبويه/ 1/ 34، والمفصل/ 2/ 109، و 4/ 9 وشرح المغني/ 7/ 53، والخزانة/ 2/ 260]. 117 - ألا حيّ ندماني عمير بن عامر … إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا .. الندمان: كالنديم - الذي يجالسك ويسامرك، والشاهد قوله: (أو غدا) حيث جاء به منصوبا تبعا لمحل «من اليوم» أو اعتبار «من اليوم»، من: حرف جر زائد، واليوم منصوب على الظرفية، والبيت لكعب بن جعيل. [سيبويه/ 1/ 35، والإنصاف/ 335]. 118 - هذيليّة تدعو إذا هي فاخرت … أبا هذليّا من غطارفة نجد الشاهد قوله: هذيلية، و .. هذليا فقد جمع بين إثبات الياء في الكلمة الأولى وحذف الياء في الثانية والقياس في مثله إبقاء الياء وعدم حذفها، لأن الياء تحذف في وزن «فعيلة وفعيلة» وتبقى في وزن «فعيل، وفعيل»، ولكنهم قالوا: ثقفيّ نسبة إلى ثقيف، وقرشيّ نسبة إلى قريش حتى أصبح وكأنه قياس. [الإنصاف/ 351، والمفصل/ 6/ 10]. 119 - وأخو الغوان متى يشأ يصرمنه … ويكنّ أعداء بعيد وداد البيت للأعشى - ميمون .. والغواني: جمع غانية وهي المرأة الجميلة، خلقة دون زينة صناعية .. يصف النساء بالغدر وقلة الوفاء والصبر .. ومحل الشاهد «الغوان» أراد أن يقول: الغواني .. فحذف الياء ضرورة. واكتفى بالكسرة دليلا عليها. وقد مضت أبيات شاهدة على أنها لغة، وليست ضرورة. [سيبويه/ 1/ 10، والإنصاف/ 387، والهمع/ 2/ 157]. 120 - وقائلة ما بال دوسر بعدنا … صحا قلبه عن آل ليلى وعن هند .. البيت للشاعر دوسر بن دهبل القريعي .. وصحا قلبه: تريد أنه سلا أحبابه وترك ما كان عليه من الصبابة .. والشاهد منع (دوسر) من الصرف مع أنه ليس فيه إلا علة العلمية. [الإنصاف/ 500، والأشموني/ 3/ 275]. 121 - يا صاحبيّ فدت نفسي نفوسكما … وحيثما كنتما لاقيتما رشدا أن تحملا حاجة لي خفّ محملها … وتصنعا نعمة عندي بها ويدا أن تقرآن على أسماء ويحكما … منّي السّلام وأن لا تشعرا أحدا

122 - إنما الفقر والغناء من الله … فهذا يعطى وهذا يحد

الأبيات غير منسوبة .. وشاهدها «أن تقرآن» حيث رفع الفعل بعد أن المصدرية، وقد أهملت حملا لها على أختها «ما» المصدرية. وقيل: هي مخففة من الثقيلة، وكان حقها الفصل من الفعل بقد، أو السين أو سوف، فترك الفصل لإقامة الوزن. [الإنصاف/ 563، والمفصل/ 7/ 15، وشرح المغني/ 1/ 135، والخزانة/ 8/ 420]. 122 - إنّما الفقر والغناء من الله … فهذا يعطى وهذا يحدّ .. الشاهد - الغناء - بكسر الغين، وأصل الغنى بالقصر، فمده للضرورة ومثله: سيغنيني الذي أغناك عنّي … فلا فقر يدوم ولا غناء [الإنصاف/ 747]. 123 - إذا اسودّ جنح الليل فلتأت ولتكن … خطاك خفافا إنّ حراسنا أسدا .. البيت لعمر بن أبي ربيعة .. وهو شاهد على أن الحرف الناسخ (إنّ) نصب المبتدأ والخبر (حراسنا أسدا) قال البغدادي: والصحيح أن الخبر محذوف تقديره: «تجدهم أسدا» أو تلقاهم. [الخزانة/ 4/ 167، وشرح المغني/ 1/ 183، والهمع/ 1/ 134]. 124 - فيا ربّ إن لم تقسم الحبّ بيننا … سواءين فاجعلني على حبّها جلدا البيت لقيس بن الملوح، مجنون ليلى .. والشاهد تثنية «سواء» شذوذا لأنهم استغنوا عن تثنية «سواء» بتثنية «سيّ» فقالوا «سيّان»، فكلمة «سواء» إفرادها واجب وإن كانت خبرا عن متعدد، لأنه في الأصل مصدر بمعنى الاستواء، فحذف زائده ونقل إلى معنى الوصف .. وفي القاموس: هما سواءان وسيّان: مثلان، فسوى بينهما. [شرح أبيات المغني/ 3/ 215]. 125 - ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا … وعادك ما عاد السليم مسهّدا وما ذاك من عشق النساء وإنّما … تناسيت قبل اليوم خلّة مهددا ولكن أرى الدهر الذي هو خاتر … إذا أصلحت كفّاي عاد فأفسدا شباب وشيب وافتقار ونزوة … فلله هذا الدهر كيف تردّدا

126 - له نافلات ما يغب نوالها … وليس عطاء اليوم مانعه غدا

الأبيات من أول القصيدة التي مدح بها الأعشى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يتمّ له إنشادها أمام رسول الله ... وقوله: السليم: أي: الملدوغ. والخلّة: بالضم: الصداقة والمحبة. ومهدد: اسم امرأة. والخاتر: الغادر. وقوله: شباب وشيب: أي: هذه أحوال الدهر وتصرفه، وقوله: شباب .. خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: أحوال الدهر شباب .. ولله: الجار والمجرور: خبر مقدم. وهذا الدهر: مبتدأ مؤخر. والشاهد في البيت الأخير: على أن اللام في «لله» للتعجب. وكيف في البيت أيضا يراد بها التعجب. [الأشموني/ 2/ 97، وشرح أبيات المغني/ 4/ 302]. 126 - له نافلات ما يغبّ نوالها … وليس عطاء اليوم مانعه غدا البيت للأعشى من قصيدته التي سبق ذكرها بعد الشاهد السابق، والشاهد أنّ «ليس» في البيت لنفي المستقبل. [شرح أبيات المغني/ 5/ 204]. 127 - متى ما تناخي عند باب بن هاشم … تراحي وتلقي من فواضله ندا للأعشى من قصيدته السابقة، وشاهده «ما» زائدة بعد (متى). [شرح أبيات مغني اللبيب/ 5/ 277]. 128 - وما زلت أبغي المال مذ أنا يافع … وليدا وكهلا حين شبت وأمردا البيت للأعشى - من القصيدة التي تقدم منها الشاهد السابق، والشاهد فيه «مذ أنا يافع» على أنّ «مذ» وليتها الجملة الاسمية .. وتكون «مذ» ظرفا مضافا إلى الجملة الفعلية، وقيل: إنّ مذ مضاف إلى الجملة. وقوله: وليدا: نصب على أنه خبر كان المقدرة، أي: وقد كنت وليدا. وقوله: وكهلا: معطوف على «أمرد» في التقدير، لأن الكهولة بعد الأمردية. ويروى البيت: مذ كنت يافعا. ف (وليد) معطوف بواو محذوفة. [شرح أبيات المغني/ 6/ 30 والهمع/ 1/ 216، والأشموني/ 2/ 228، والعيني 3/ 326]. 129 - ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا … وبتّ كما بات السليم مسهّدا البيت من قصيدة الأعشى التي مدح بها رسول الله، ولم يوفّق للإسلام، والشاهد: قوله «ليلة أرمدا» على أنّ فيه حذفا تقديره: اغتماض ليلة رجل أرمد. وليلة: منصوبة نصب

130 - خليلي رفقا ريث أقضي لبانة … من العرصات المذكرات عهودا

المصادر، وليست ظرفا، لأن المعنى لا يحتمل الظرفية .. وهناك من فسّر «أرمدا» اسم مكان، وعليه لا حذف في البيت ... وقوله: السليم: هو الذي لدغته الحية، وسمي سليما للتفاؤل بالسلامة. [شرح المفصل/ 10/ 102، وشرح أبيات مغني اللبيب ج 7/ 301، والهمع/ 1/ 188، والعيني/ 3/ 57]. 130 - خليليّ رفقا ريث أقضي لبانة … من العرصات المذكرات عهودا الشاهد: أنّ «ريث» مضافة إلى الجملة الفعلية .. وخليليّ: منادى مثنى خليل مضاف إلى ياء المتكلم .. رفقا: مفعول مطلق، عامله محذوف، أي: ارفقا رفقا. واللّبانة: بالضم: الحاجة. والعرصة: المكان المتسع أمام الدار. [الهمع/ 1/ 213، وشرح أبيات مغني اللبيت ج 6/ 287]. 131 - هويت سناء مستطابا مجدّدا … فلم تخل من تمهيد مجد وسوددا ... الشاهد: أن (سوددا) معطوف على موضع «مجد» لأن «تمهيد» مصدر مضاف إلى مفعوله، والتقدير: من تمهيدك مجدا وسوددا. [شرح أبيات المغنى/ 7/ 46]. 132 - ألمم بزينب إنّ البين قد أفدا … قلّ الثّواء لئن كان الرحيل غدا .. البيت لعمر بن أبي ربيعة: والشاهد أنّ اللام في قوله «لئن» زائدة والتقدير: قلّ الثواء إن كان الرحيل غدا، ومعنى: أفد: قرب، والثواء: الإقامة. وألمّ به: نزل عنده واجتمع معه. [شرح أبيات المغني ج 4/ 372]. 133 - آل الزّبير سنام المجد قد علمت … ذاك القبائل والأثرون من عددا مجهول القائل، آل: مبتدأ. وسنام: خبره. والأثرون: معطوف على الخبر. وجملة «قد علمت ذاك القبائل» اعتراضية لتقوية المعنى. وذاك: مفعول به لعلمت. والقبائل: فاعل. والأثرون: جمع الأثرى، أفعل تفضيل، من ثريت بك - بكسر الراء - أي: كثرت بك. والشاهد: أن «من» زائدة، عند الكسائي. [الخزانة/ 6/ 128]. 134 - كأنني، حين أمسي لا تكلّمني … متيّم يشتهي ما ليس موجودا

135 - ما للجمال مشيها وئيدا … أجندلا يحملن أم حديدا

البيت من قصيدة ليزيد بن الحكم الثقفي، مدح بها سليمان بن عبد الملك. والشاهد أنّ «كأنّ» للتحقيق، بمعنى «أنّ». وليس فيها معنى التشبيه. [المفصل/ 4/ 77، وشرح أبيات المغني/ 6/ 149]. 135 - ما للجمال مشيها وئيدا … أجندلا يحملن أم حديدا هذا الرجز للزّباء، قالته لما نظرت إلى الجمال التي جاء بها قصير بن سعد صاحب جذيمة ... ، ويرى الكوفيون: أنّ الفاعل (مشيها) تقدم على عامله «وئيدا» ... و «وئيدا» وردت منصوبة، حال .. ويرى البصريون: أنّ «مشيها» مبتدأ، حذف خبره، وبقي معمول الخبر، والتقدير: مشيها يكون وئيدا، أو يوجد وئيدا ... ومنهم من قرأ «مشيها» بالجر، وأعربه بدل اشتمال من الجمال، ومنهم من قال: مشيها مبتدأ. وئيدا: حال سدت مسدّ الخبر. [الهمع/ 1/ 159، والأشموني/ 2/ 46، وشرح أبيات مغني اللبيب/ 7 / 216]. 136 - فإن يكن الموت أفناهم … فللموت ما تلد الوالدة البيت للشاعر نهيكة بن الحارث المازني، والشاهد فيه أنّ اللام في قوله: «للموت» هي لام الصيرورة. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 4/ 296]. 137 - ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته … على السّنّ خيرا لا يزال يزيد ... البيت للشاعر الإسلامي المعلوّط بن بدل القريعي ... رجّ: فعل أمر، من الترجية. والفتى: مفعوله. والسنّ: مقدار العمر. وقوله: على السن: أي: على زيادة العمر. و «يزيد» يكون لازما كقولك: زاد المال، ويكون متعديا لمفعولين، فإن عدّا هنا لازما كان «خيرا» تمييزا مقدما للضرورة. وإن عدّ متعديا: كان مفعوله الأول محذوفا وخيرا مفعوله الثاني، والتقدير: ولا يزال يزيد خيره خيرا. وقوله «ما إن» (إن) بعد «ما» زائدة، و «ما» مع الفعل في تأويل مصدر في منزلة الظرف. على تقدير رجّه رؤيتك إياه، والأكثر زيادة (إن) بعد (ما) النافية. أما زيادتها بعد ما المصدرية فهو قليل. [سيبويه/ 2/ 306، والمفصل/ 8/ 130، والهمع/ 1/ 125، والأشموني/ 1/ 234، وشرح المغني/ 1/ 111].

138 - عد النفس نعمى بعد بؤساك ذاكرا … كذا وكذا لطفا به نسي الجهد

138 - عد النفس نعمى بعد بؤساك ذاكرا … كذا وكذا لطفا به نسي الجهد .. فيه شاهد على أن «كذا» لا تستعمل غالبا إلا معطوفا عليها ... ولطفا: تمييز، كذا، ولا يجيء مميزها إلا منصوبا. [شرح المغني/ 4/ 169، والهمع/ 1/ 256]. 139 - على الحكم المأتيّ يوما إذا قضى … قضيّته أن لا يجور ويقصد ... البيت للشاعر اللص الجاهلي أبو اللّحّام، حريث، التغلبي. وقوله: على الحكم: خبر مقدم. و «أن لا يجور» المصدر المؤول مبتدأ مؤخر. والمعنى: يجب على حاكم بين الناس يؤتى لفصل الخصومات أن لا يجور في حكمه إذا قضى قضيته وحكم حكمه، وهو يقصد ويعدل في قضاياه .. وهذا من الشاعر إرشاد للحكام إلى العدل في الحكم. والشاهد فيه: أن الواو في «ويقصد» للاستئناف. لأن العطف على «يجور» غير مستقيم، فغرضه أن ينفي الجور ويثبت القصد وهو العدل فإذا عطفنا، نفينا الجور والقصد، وهو لا يريد ذلك. [الخزانة/ 8/ 555، وسيبويه/ 1/ 431، وشرح المفصل/ 7/ 38، وشرح أبيات المغني/ 6/ 106]. 140 - إذا كانت الهيجاء وانشّقت العصا … فحسبك والضحاك سيف مهّند .. البيت مجهول القائل ... والعصا: مستعار للجماعة، والاجتماع والائتلاف. وانشقاق العصا: عبارة عن اختلاف الكلمة .. لأنّ العصا، لا تدعى كذلك حتى تكون مجتمعة، فإذا انشّقت لم تدع عصا ... والضحاك: اسم رجل. والشاهد: أن «الضحاك» روي بالحركات الثلاث: أما الرفع: فعلى أنه قام مقام مضاف محذوف، أي: وحسب الضحاك. والنصب: على أنه مفعول معه. والجّر: عطفا على الضمير. تقول: حسبك وعبد الله درهمان: على معنى: يكفيك وعبد الله درهمان. ولكن الجّر قبيح لأنك تعطف ظاهرا على ضمير مجرور. فإن أضفت «حسب» إلى اسم ظاهر، قلت: حسب زيد وأخيه درهمان، وقبح عندئذ النصب والرفع لأنك لم تضطر إليهما. [شرح المفصل/ 2/ 48، 51، وشرح ابيات المغني/ 7/ 191]. 141 - وليل بدت للعين نار كأنها … سنا كوكب لا يستبين خمودها فقلت عساها نار كأس وعلّها … تشكّى فأمضي نحوها فأعودها ... البيتان للشاعر صخر بن الجعد الخضري، من قصيدة رقيقة، يتشوق فيها إلى

142 - كم ملوك باد ملكهم … ونعيم سوقة بادوا

صاحبته «كأس». والشاهد في البيت الثاني: أن خبر عسى ظهر مرفوعا ... وهو ردّ على الأخفش الذي يرى أنّ الضمير المنصوب في موضع رفع اسمها، وأنه وضع الضمير المنصوب موضع المرفوع. قال في شرح أبيات «المغني»، وهذا البيت قاطع ببطلان مذهب الأخفش، لأن الشاعر قال: «نار» بالرفع، ولو كان في موضع نصب لقال «نارا» بالنصب. أقول: ومذهب الأخفش هو الأقوى، لأننا لم نسمع أن الشاعر قال «نار» بالرفع. ولا يصح أن يقول «نارا» بالتنوين، لأنها مضافة ... وما يدرينا أنه نطقها منصوبة؟ والضمير المنصوب قد يأتي اسما للأفعال التي ترفع وتنصب، كما في قولنا «كونه عالما» .. فالهاء: في موضع المضاف إليه، ولكنها في معنى الاسم، والهاء من ضمائر النصب والجّر. [شرح أبيات المغني/ 3/ 350، والهمع/ 1/ 132، والعيني/ 2/ 227، وشرح التصريح/ 1/ 213]. 142 - كم ملوك باد ملكهم … ونعيم سوقة بادوا البيت لعدي بن زيد العبادي، من نصارى العرب في الجاهلية. ولكن القصيدة التي منها البيت «رائية» وقافية البيت «بارا» من البوار وهو الهلاك والتلف .. وقد ذكره ابن هشام بالدال .. فالنعيم هو الذي (بار) وليست السوقة هي التي (بادت). والبيت شاهد على أن تمييز «كم» الخبرية يجوز أن يأتي جمعا كما في الشطر الأول. ويجوز أن يأتي مفردا كما في الشطر الثاني «ونعيم سوقه» «وكم نعيم». [شرح أبيات المغني/ 4/ 163، والعيني/ 4/ 495، والهمع/ 1/ 254]. 143 - إخوتي لا تبعدوا أبدا … وبلى والله قد بعدوا كل ما حيّ وإن أمروا … واردو الحوض الذي وردوا ... البيتان لفاطمة بنت الأحجم الخزاعية، من قصيدة في حماسة أبي تمام، من باب المراثي. والشاعرة جاهلية. وقولها: لا تبعدوا: نهي يراد به الدعاء، وفعله من باب (فرح)، أي: لا تهلكوا .. والمراد بقولها: التحسر والتوجع، ولهذا استدركت بقولها: «وبلى والله قد بعدوا» وقوله: «أمروا» من أمر الشيء: من باب (فرح)، بمعنى كثر واشتد. وجواب (إن) ما دل عليه قوله: واردو الحوض. تقول: كل قبيلة، أو كل حّي، وإن

144 - وبالصريمة منها منزل خلق … عاف تغير إلا النؤي والوتد

تناسلوا وكثروا فمصيرهم إلى ما صار إليه أمر إخوتي إذ لا ينجو أحد من الموت. والشاهد: أن قولها: «أمروا» يحتمل أن يكون من الإتيان بضمير الجمع مع إرادة الحكم على كل واحد في قولها: «كل ما حيّ» و «ما» زائدة. و «حيّ» ضدّ الميت. [الحماسة/ 912، وشرح أبيات المغني/ 4/ 230]. 144 - وبالصّريمة منها منزل خلق … عاف تغيّر إلا النؤي والوتد البيت للشاعر الأخطل النصراني من قصيدة مدح بها عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان، وأخاه يزيد بن معاوية .. والّصريمة: الرملة المتقطعة. والخلق: البالي. وعاف: دارس، وذاهب أثره. والنؤي: حفيرة حول الخيمة؛ وجمعه «نئيّ» بضم النون وكسر الهمزة وتشديد الياء. وبالصريمة: خبر مقدم، ومنزل: مبتدأ مؤخر. و «منها» حال من منزل، أو من فاعل «تغيّر». والشاهد: على أنه رفع ما بعد إلا، وكان القياس نصبه، لأنه بعد موجب تام، وإنّما رفع لأنّ «تغيّر» معناه لم يبق على حاله، وهذا يطلب فاعلا، فرفع ما بعد إلا على الفاعلية، بطريق الاستثناء المفرّغ. [العيني/ 3/ 103، والأشموني/ 2/ 144، وشرح أبيات المغني/ 5/ 126]. 145 - يلقاك مرتديا بأحمر من دم … ذهبت بخضرته الطّلى والأكبد البيت للمتنبّي .. وقوله «بأحمر» الظاهر أنه أفعل تفضيل، وتأويله أنّ «من دم» في موضع الصفة، جعله منه لكثرة تلبّسه بالدم، أو «من دم» للتعليل، أي: هو محمرّ من أجل الدم. وقوله: يلقاك مرتديا: أي: متقلدا بسيف قد احمرّ من الدم وزالت خضرة جوهره بدماء الأعناق والأكباد. والطّلى: جمع طليه: مقدم العنق. والأكبد: جمع كبد وهو جمع غير معهود، والمعروف: أكباد، وكبود. [شرح أبيات المغني/ 7/ 174]. 146 - نبّئت أخوالي بني يزيد … ظلما علينا لهم فديد ... والشاهد: على أن «يزيد» علم محكيّ، لكونه سمي بالفعل مع فاعله الضمير المستتر فيه ... ونبئت: ينصب ثلاثة مفاعيل، الأول: الضمير وهو نائب فاعل، والثاني: أخوالي، والثالث: جملة (لهم فديد) و «بني يزيد» نعت لأخوالي، أو بيان له، أو بدل، والفديد: التصويت، مصدر (فدّ، يفدّ)، بالكسر، أي: أن أصواتهم علت علينا لا يوقروننا

147 - قفا قليلا بها علي فلا … أقل من نظرة أزودها

في الخطاب. [شرح المفصل/ 1/ 28، وشرح أبيات المغني/ 7/ 313، والخزانة/ 1/ 270]. 147 - قفا قليلا بها عليّ فلا … أقلّ من نظرة أزوّدها البيت للمتنبي، وقوله: قفا بها، أي: احبساها عليّ زمانا قليلا لأنظر إليها، وأتزود منها نظرة، فلا أقل منها. والشاهد: على أن «أقلّ» مبني مع «لا» على الفتح، ويجوز رفعه، على أنها عاملة عمل ليس. وضمير بها: للعير، ويجوز أن يكون لمحبوبته، وأزودها: مبني للمجهول من (زوّدته) أي: أعطيته زادا. [شرح أبيات المغني/ 4/ 375]. 148 - قل لمن ساد ثمّ ساد أبوه … قبله ثم قبل ذلك جدّه .. البيت لأبي نواس: .. وفيه إشكال: في «ثم» فهي، للترتيب مع التراخي .. ولكنها هنا لا تدل على ذلك، فكيف تكون سيادة الأب من سيادة الابن، وسيادة الجد من سيادة الأب، وحل الإشكال: أن تكون ثمّ هنا للترتيب الإخباري، وترتيب اللفظ بحسب الذكر والإخبار، أو تكون بمعنى الواو. [الهمع/ 2/ 131، والأشموني/ 3/ 94، وشرح المغني/ 3/ 37، والخزانة/ 11/ 37]. 149 - ألا إنّ قرطا على آلة … ألا إنني كيده لا أكيد .. البيت للشاعر الأخرم السّنبسي، في الحماسة ... وقرطا: اسم رجل، و «على آلة» على حالة .. أي: تنكّر وتغيّر عما كان عليه من قبل. والشاهد أن «لا» النافية لا صدارة لها، ولهذا تقدم مفعول الفعل الذي بعدها عليها، وهو «كيده».، والمعنى: لا أكيده كما كادني لأكون خيرا منه. ويروي البيت «ما أكيد»، وتخرج على أن «ما» زائدة لأن «ما» النافية، لا يعمل ما في حيّزها فيما قبلها، والمعنى: إنني أقابل كيده بكيد مثله، يريد أنني لا ابتدئه بمساءة ولا أباديه بمكر وخيانة بل أقتدي به فيما عاملني به، وأجازيه صاعا بصاع. [شرح أبيات المغني/ 2/ 255، والحماسة/ 600]. 150 - بكلّ تداوينا فلم يشف ما بنا … على أنّ قرب الدار خير من البعد على أن قرب الدار ليس بنافع … إذا كان من تهواه ليس بذي ودّ .. البيتان لابن الدّمينة عبد الله بن عبيد الله، من مقطوعة في حماسة أبي تمام. من أرقّ الشعر وأعذبه، وكانت محلّ معارضة الشعراء: ومطلعها:

151 - وإن الذي حانت بفلج دماؤهم … هم القوم كل القوم يا أم خالد

ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد … لقد زادني مسراك وجدا على وجد .. وقوله: بكلّ تداوينا: أي: بالقرب والبعد من دار الحبيب .. وقوله: يشفى يجوز أن يكون مبنيا للمعلوم، ويجوز بناؤه للمجهول. والشاهد في البيتين على أن «على» هنا، للاستدراك والإضراب .. فهي في البيت الأول، إضراب عن قوله «لم يشف» فجعل قرب الدار فيه بعض الشفاء وفي البيت الثاني، استدراك لعموم معنى البيت الأول، ويريد أنه لا يكون قرب الدار خيرا إلا مع الودّ .. أما تعلق على ومجرورها ففيه ثلاثة أقوال: الأول: أن تتعلق بالفعل المتقدم قبلها، كما تعلّقت (حاشا) الاستثنائية بما قبلها، لكونها أوصلت معنى ما قبلها إلى ما بعدها على وجه الإضراب والإخراج، الثاني: أنها مع مجرورها في موضع خبر لمبتدأ محذوف، كأنه قيل: والتحقيق على أن الأمر، والوجه الثالث: في موضع نصب على الحال. [الأشموني/ 2/ 223، والحماسة/ 1299، وشرح أبيات مغني اللبيب/ 3/ 259]. 151 - وإنّ الذي حانت بفلج دماؤهم … هم القوم كلّ القوم يا أمّ خالد .. البيت من شعر الأشهب بن رميلة، شاعر مخضرم ... وقوله «حانت» .. من «الحين» بفتح الحاء، وهو الهلاك، وأراد بحين دمائهم، كونها هدرا لم تؤخذ دياتهم، ولا أخذ بثأرهم. و «فلج» اسم مكان، في طريق البصرة إلى مكة، وكانت فيه منازل للحاج، وقوله: يا أمّ خالد: هو من عادة العرب، خطاب النساء بهذا، لحثهنّ على البكاء. كما يقولون: يا ابنة القوم. والشاهد فيه: أنّ «كلّ» في الشطر الثاني، نعت لمعرفة، دلت على كماله .. إذا أضيفت إلى اسم ظاهر يماثل الموصوف، وهو «القوم». وفيه شاهد آخر عند سيبويه في «الذي» قال أصلها «الذين» فحذفت منه النون تخفيفا. [سيبويه/ 1/ 96، والمفصل/ 3/ 154، والهمع/ 1/ 249، والخزانة/ 6/ 25]. 152 - إذا قلّ مال المرء لانت قناته … وهان على الأدنى فكيف الأباعد البيت مجهول القائل، ولا يعرف له سابق أو لاحق، وهو مرويّ بكسر القافية للاستدلال به على أن «كيف» حرف عطف: - ولا يصح الاستشهاد به، لأنه مجهول، ولأن القافية يحتمل أن تكون مرفوعة: مبتدأ، وكيف: خبر مقدم. [الهمع/ 2/ 138،

153 - إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له … أكيلا فإني لست آكله وحدي

وشرح المغني/ 4/ 273]. 153 - إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له … أكيلا فإني لست آكله وحدي البيت منسوب إلى حاتم، وإلى عروة بن الورد، وإلى الصحابي قيس بن عاصم. والشاهد أنّ اللام في «له» زائدة للتقوية .. لتأخر العامل «أكيل» والأصل (التمسي أكيله) ... والأقوى: أنها للتعليل، متعلقة ب التمسي. [الحماسة/ 1668، وشرح أبيات المغني/ 4/ 313]. 154 - إن الحقّ لا يخفى على ذي بصيرة … وإن هو لم يعدم خلاف معاند البيت لم يسمّ قائله، وهو شاهد على أنّ اللام الفارقة يجب حذفها مع نفي الخبر .. واللام الفارقة هي التي تدخل على الخبر وجوبا إذا خففت (إنّ) للتفريق بين المخففة والثقيلة والنافية، وأقصد (إن). [أبيات المغني/ 4/ 354]. 155 - وما زلت من ليلى لدن أن عرفتها … لكالهائم المقصى بكلّ مراد البيت لكثير عزّة ... والهائم من الإبل: الذي يصيبه داء فيهيم، أي: يذهب على وجهه في الأرض ولا يرعى. والمراد: بفتح الميم: محل الرود، أي: طلب الكلأ. شبه نفسه في طرد ليلى له، بالبعير الذي يصيبه داء الهيام، فيطرد من الإبل خشية أن يصيبها ما أصابه .. والمقصى: المبعد. وفي البيت شاهدان: الأول: زيادة اللام في خبر «ما زال» للضرورة. والثاني: استعمال (لدن) بغير (من) ولم تأت في القرآن إلا مقرونة بمن. [شرح أبيات المغني/ 4/ 358، والخزانة/ 10/ 328 (بقافية مذاد)، والعيني ج 2/ 249، والهمع/ 1/ 141، والأشموني/ 1/ 280]. 156 - فلو كان حمد مخلد الناس لم يمت … ولكنّ حمد الناس ليس بمخلد ... البيت لزهير بن أبي سلمى، يمدح هرم بن سنان ... يقول: لو أن الفعل المحمود يخلّد صاحبه في الدنيا، لخلّدك ولم تمت. غير أنّ منه ما يبقى ويتوارث فيقوم مقام الحياة لصاحبه ... فأورث بعض مكارمك ومحامدك، وتزوّد بعضها لما بعد موتك، وفي هذا يقول بعد البيت السابق: ولكنّ منه باقيات وراثة … فأورث بنيك بعضها وتزوّد

157 - تقي نقي لم يكثر غنيمة … بنهكة ذي قربى ولا بحقلد

تزوّد إلى يوم الممات فإنّه … ولو كرهته النفس آخر موعد .. وفيه دليل على إيمان الشاعر بالحشر والجزاء، وهو جاهلي ... وفي البيت شاهد على أنّ «لو» يفهم منها عدم وقوع الفعل، ولهذا يصحّ تعقيبه بحرف الاستدراك. [الهمع/ 2/ 66، وشرح أبيات المغني/ 5/ 37]. 157 - تقي نقي لم يكثّر غنيمة … بنهكة ذي قربى ولا بحقلّد البيت لزهير في مدح هرم بن سنان .. والحقلّد: اختلفوا في معناها، وإنما هي صفة ذم ينفيها عن الممدوح ... يقول: لم يكثر غنيمة بأن ينهك ذا قرابة ولا هو بلئيم سيء الخلق .. والشاهد فيه: أن قوله: بحقلّد: معطوف على شيء متوهم، كأنه قال: ليس بمكثر غنيمة، فعطف عليه قوله: بحقلّد، بناء على توهّم جرّ خبر ليس بالباء الزائدة .. ويحتمل أن تكون معطوفة على بنهكة، على تضمين «حقلّد» معنى سوء الخلق .. أي: لا يكثر ماله بإنهاك الأقارب، ولا بسوء الخلق، والله أعلم. [شرح أبيات المغني/ 7/ 146]. 158 - إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم … ولا تصحب الأردى فتردى مع الرّدي البيت لعديّ بن زيد العبادي، وينسب لطرفة بن العبد أيضا ... وليس في البيت شاهد نحويّ وإنما أورده ابن هشام في مجال الجواب بالتلميح. وانظر قصته في بيت النابغة الذبياني حرف العين المهملة (المسامع). [شرح أبيات المغني/ 7/ 130]. 159 - فقد ذاقت الأوس القتال وطرّدت … وأنت لدى الكنّات - كلّ مطرّد تناغي لدى الأبواب حورا نواعما … وكحّل مآقيك الحسان بإثمد البيتان لحسان بن ثابت رضي الله عنه، من قصيدة أجاب بها قصيدة لقيس بن الخطيم في العصر الجاهلي ... وطرّدت: بالبناء للمجهول مبالغة في طردته، وجملة «وأنت لدى الكنات» حال من ضمير (طرّدت)، أو من الأوس. والكنات: جمع كنّة بالضم وتشديد النون، السقيفة أمام البيت. وجملة «تناغى» خبر ثان ل «أنت»، والمناغاة: محادثة النساء، والصغار باللين والرفق .. وفي البيت الثاني سخرية بقيس بن الخطيم، وأنه من النساء، لا يشارك في الحروب. والإثمد: كحل أسود.

160 - وعند الذي واللات عدنك إحنة … عليك فلا يغررك كيد العوائد

وقد استشهدوا بالبيت الثاني على أن بعض النحويين استدل به على عطف الإنشاء، «وهو قوله: وكحل» على الخبر، وهو قوله «تناغي» ... ويحتمل أن تكون رواية البيت بالفاء (فكحل) والكلام على الاستئناف أو تكون الفاء للتعليل، والمعنى: إنك لست رجلا ... فكحل عينيك، لأنك مثل النساء، وهناك رواية للبيت «فغنّ» وعندئذ، فلا شاهد في البيت. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 7/ 62]. 160 - وعند الذي واللات عدنك إحنة … عليك فلا يغررك كيد العوائد - البيت مجهول القائل .. واللات: لغة في «اللاتي» والإحنة: الحقد، وهو مبتدأ مؤخر خبره المقدم «عند»، وقد ذكره ابن هشام شاهدا على حذف الصلة، لدلالة صلة أخرى .. أي: الذي عادك .. وعدنك: من العيادة وهي زيارة المريض. والعوائد: جمع عائدة، ويدخل فيه المذكر بطريق التغليب. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 7/ 310]. 161 - وناهدة الثديين قلت لها اتّكي … على الرمل من جنباته لم توسّد فقالت على اسم الله أمرك طاعة … وإن كنت قد كلّفت ما لم أعوّد ... البيتان لعمر بن أبي ربيعة .. وقوله: وناهدة: أي: ورب ناهدة .. واتكي: توسدي. وجملة: لم توسّد: حال من الهاء في «لها» والمعنى قلت لها غير موسدة. وقوله: على اسم الله: متعلق بمحذوف على أنه حال و «على» بمعنى «مع» والمقول محذوف تقديره: فقالت: أفعل مع ذكر الله .. وقد ذكر النحويون البيت الثاني شاهدا على تقدير المبتدأ المحذوف في قوله تعالى طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ [محمد: 21] عند من قدّر المحذوف مبتدأ. وفي البيت: أمرك مبتدأ - وطاعة: خبره. والبيتان مع بقية القصيدة، يمثلان إحدى مغامرات عمر بن أبي ربيعة، المختلقة الصادرة عن أحلام اليقظة، أو من خيالات الشاعر، ومؤرخو الحياة الاجتماعية في الحجاز، يجعلون هذه القصيدة، وغيرها من شعر عمر، دليلا على فشو الفساد الاجتماعي في المدينة في عهد عمر .. والقصيدة مع كونها خيال شاعر كاذب، هي أيضا قصة غير محبوكة، ولا تتلاءم مع الطبيعة المعروفة للمرأة، فالشاعر يذكر فتاة ناهدة الثديين، أمرها بالاتكاء على الرمل، فما أن سمعت قوله حتى استجابت، ويحكي بعد ذلك قصة ليلة معها .. أقول: إن القصة غير محبوكة، لأن من طبيعة الفتاة، حتى وإن كانت راغبة في الشهوة أن تتمنع وتظهر الدلال، لإثارة شوق صاحبها، وإظهار منزلتها.

162 - وهل أنا إلا من غزية إن غوت … غويت إن ترشد غزية أرشد

وفي رأيي أن الشاعر لم يوفق في كتابة قصته، لأنه لم يوفر لها عنصر التشويق، حيث هجم على موضوعه، فلم يستمتع القارئ بفنية الحوار الذي يكون بين عاشقين .. وهذا يعطيك دليلا على أن كثيرا من قصص عمر، قد تكون موضوعة عليه. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 7/ 321]. 162 - وهل أنا إلا من غزيّة إن غوت … غويت إن ترشد غزيّة أرشد البيت من قصيدة لدريد بن الصمّة، رثى بها أخاه وأوردها أبو تمّام في الحماسة ودريد، قتل في غزوة حنين، كافرا، وغزيّة: رهط الشاعر. والبيت لا يستقيم معناه إلا في سياق أبيات سبقته، لأن قراءته مفردا يعني أنه يتابع قومه على غيهم ورشدهم .. وليس هذا مراد الشاعر .. وإنما يريد أن يرسم الشاعر مبدأ جماعية القرار، بحيث يكون الفرد ملزما باتباع رأي الغالبية وإن كان يخالفهم في الرأي، وكان الحق معه وهم على غير الحقّ فيما يرى .. ولكن الفرد هنا ليس تابعا سائما وإنما هو ملزم بأن يعلن رأيه ويوضح للجماعة موقفه، فإن قبلوا فذاك هو المراد، أما إن عافوا رأيه فعليه الإذعان لرأي الجماعة وليس الانشقاق والعصيان .. ولذلك يقول قبل البيت السابق: وقلت لعرّاض وأصحاب عارض … ورهط بني السّوداء والقوم شهّدي علانية ظنّوا بألفي مدجّج … سراتهم في الفارسيّ المسرّد أمرتهم أمري بمنعرج اللوى … فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد فلما عصوني كنت فيهم وقد أرى … غوايتهم وأنني غير مهتد وهل أنا .. والشاهد في البيت على أنّ «هل» للاستفهام الصّوري، بمعنى النفي كما في رواية «ما أنا إلا من غزيّة». [شرح أبيات المغني/ 8/ 9، والخزانة/ 11/ 278]. 163 - ولكنما أهلي بواد أنيسه … ذئاب تبغّى الناس مثنى وموحد .. البيت للشاعر ساعدة بن جؤيّة من قصيدة يرثى بها، ابن عمّ له، وقيل يرثي ابنه، وهي في أشعار الهذليين .. يقول: ولكنّ الذي يعظم مصابي أن أهلي بواد لا أنيس به إلا السباع التي تطلب الناس لتأكلهم اثنين اثنين وواحدا واحدا .. وقوله: «تبغّى»: تطلب، وأصله تتبغى، بتائين. ومثنى، وموحد: صفتان للذّئاب.

164 - أنحوي هذا العصر ما هي كلمة … جرت في لساني جرهم وثمود إذا استعملت في صورة النفي أثبتت: … وإن أثبتت قامت مقام جحود

والشاهد: في ترك صرف مثنى وموحد، لأنهما صفتان لذئاب معدولتان عن اثنين اثنين، وواحد واحد. [سيبويه/ 2/ 15، وشرح المفصل 1/ 62، و 8/ 57، والعيني/ 4/ 350 وشرح أبيات المغني/ 8/ 14]. 164 - أنحويّ هذا العصر ما هي كلمة … جرت في لساني جرهم وثمود إذا استعملت في صورة النفي أثبتت: … وإن أثبتت قامت مقام جحود هذان البيتان فيهما لغز من صناعة أبي العلاء المعري .. وهو لغز نحوي في «كاد»، فقد شاع بين النحويين - كاد - أنّ إثباتها نفي، ونفيها إثبات، فإذا قيل: كاد يفعل، فمعناه أنه لم يفعل، وإذا قيل «لم يكد يفعل فمعناه أنّه فعله. ودليل الأول قوله تعالى: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ [الإسراء: 73]». ودليل الثاني: وَما كادُوا يَفْعَلُونَ [البقرة: 71] ... ولابن هشام في المغني رأي مخالف ذكره في «التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها». [الهمع/ 1/ 132، والأشموني/ 1/ 268، وشرح أبيات المغني/ 8/ 28]. 165 - لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللّحى … ولكنما الفتيان كلّ فتى ندي قال البغدادي في «شرح أبيات المغني» البيت ملفق من مصراعين من أبيات لابن بيض، وقافيتها الراء: وهي: لعمرك ما الفتيان أن تنبت اللّحى … وتعظم أبدان الرجال من الهبر ولكنما الفتيان كل فتى ندي … صبور على الآفات في العسر واليسر .. وذكر ابن هشام البيت الأول شاهدا على تأويل أن «تنبت» بمصدر، ثم تأويل المصدر باسم فاعل، للإخبار به عن المبتدأ (الفتيان) وكأنه يرد على من يجيز الإخبار عن الإنسان، بالمصدر ... ولكن قد يفهم الفتيان، هنا، بمعنى الكامل الجزل من الرجال، وليس بمعنى الفتى الذي هو الشاب والحدث .. فيصح الإخبار عنه بالمصدر. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 8/ 96]. 166 - ما إن أتيت بشيء أنت تكرهه … إذن فلا رفعت سوطي إليّ يدي

167 - عممتهم بالندى حتى غواتهم … فكنت مالك ذي غي وذي رشد

البيت للنابغة الذيباني، يعتذر للنعمان .. وقوله: «ما إن أتيت»: الجملة جواب القسم قبله (لعمر الذي قد زرته حججا) .. و «ما» نافية. وإن زائدة للتأكيد. وقوله «إذن فلا رفعت ..» فيه شاهد على أنّ «إذن» إذا كانت للشرط في المستقبل جاز دخول الفاء في جوابها. كأنه قال: إن أتيت .. فلا رفعت». فجملة «فلا رفعت» دعائية وقعت جزاء. واقترنت بما يقترن به جواب الشرط، لما في (إذن) من معنى الشرط. [شرح أبيات مغنى البيب/ 1/ 95، والخزانة/ 8/ 449.]. 167 - عمّمتهم بالندى حتى غواتهم … فكنت مالك ذي غيّ وذي رشد .. البيت مجهول القائل. وهو شاهد على رواية ما بعد حتى بالأوجه الثلاثة. النصب على العطف، والجرّ بحتى، والرفع على الابتداء [الهمع/ 1/ 85]. 168 - قد أترك القرن مصفرّا أنامله … كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد البيت من قصيدة لعبيد بن الأبرص .. والفرصاد: التوت الشاميّ. شبه الدم بحمرة عصارته .. ومجّت: رميت. والمراد: صبغت. والشاهد فيه على أنّ «قد» فيه للتكثير. 169 - يا عمرو أحسن نماك الله بالرّشد … واقر السّلام على الأنقاء والثّمد وابكنّ عيشا تقضّى بعد جدّته … طابت أصائله في ذلك البلد .. ليس للبيتين قائل معلوم. وقوله: أحسن: أمر من الإحسان. ونماك: رفعك والرشد: الصلاح. وقوله: اقر السّلام: أصله (اقرأ) بالهمز، خفف الهمزة بإبدالها ألفا، ثم حذفها للجزم .. وقرأ السّلام: أبلغه. والأنقاء: جمع نقا، وهو الكثيب من الرمل. والثّمد: الماء القليل. والكلام على حذف مضاف .. أي: أهل الأنقاء والثّمد. واقر: معطوف على أحسن - وجملة (نماك) معترضة. وتقضّى: فني وانصرم. والأصائل: جمع أصيل: ما بعد صلاة العصر إلى الغروب والبلد: يطلق على كل موضع من الأرض - عامرا كان أو خلاء. وفي التنزيل: لِبَلَدٍ مَيِّتٍ [الأعراف: 57]. [سيبويه/ 2/ 307، وشرح المفصل/ 8/ 147، والخزانة/ 11/ 253].

170 - تركت ضأني تود الذئب راعيها … وأنها لا تراني آخر الأبد الذئب يطرقها في الدهر واحدة … وكل يوم تراني مدية بيدي

والشاهد في البيت الثاني: «وابكنّ». على أن أصله «وابكينّ» فحذفت الياء وهي لام الفعل، والأمر للمذكر .. بل هي محذوفة في الأصل، لأن الأمر هنا مبني على حذف حرف العلة قبل دخول نون التوكيد عليه .. وإنما القياس أن يعود مع نون التوكيد، وهو «الياء» ويبنى على الفتح. فبقي هنا على أصل الحذف وهو مذهب الكوفيين .. وقيل هي لغة طيئ. حيث يقولون» لا يخفنّ عليك - أي لا يخفينّ. [الهمع/ 2/ 79، وشرح أبيات المعنى/ 4/ 280]. 170 - تركت ضأني تودّ الذئب راعيها … وأنّها لا تراني آخر الأبد الذئب يطرقها في الدهر واحدة … وكلّ يوم تراني مدية بيدي البيتان في حماسة أبي تمام، غير منسوبين. والضأن: الغنم - وتركت: بمعنى: جعلت. يتعدى لمفعولين. أصلهما المبتدأ والخبر الأول: ضأني. والثاني: جملة: تودّ. وتودّ: فعل ينصب مفعولين. الذئب: أولهما. وراعيها الثاني، وقيل: راعيها: حال .. لأنّه وإن كان معرفة فإن فيه معنى النكرة، لأنه لا يريد راعيا معّينا. وكأنه قال: تودّ الذئب راعيا. وآخر: منصوب على الظرفية .. وإنما كانت ضأنه تتمنى أن يكون الذئب راعيا لها وأنها لا ترى صاحبها أبدا. لأنه شرّ من الذئب عليها. والبيت الثاني: استئناف بياني لإظهار العلة في المواددة .. ويطرقها: يأتيها ليلا. وقوله: في الدهر: الدهر يطلق على الزمن، قلّ أو كثر. وقوله: واحدة: منصوب على الظرف، أي: مرة واحدة، ويجوز أن يكون صفة لمصدر منصوب، أي: طرقة واحدة .. والشاهد في البيت الثاني: «مدية بيدي» على أنّ مدية: مبتدأ - و «بيدي» خبر وصح الابتداء بالنكرة لوقوعها في أول جملة حالية. ويجوز نصب «مدية». على بدل الاشتمال من الياء، أي: ترى مدية بيدي. و «بيدي»: الجار والمجرور صفة [الحماسة/ 1570، والأشموني/ 1/ 206، وشرح أبيات المغني/ 7/ 33.]. 171 - أحاد أم سداس في أحاد … لييلتنا المنوطة بالتنادي البيت مطلع قصيدة للمتنبي يمدح بها عليّ بن إبراهيم التنوخي.

172 - فما جمع ليغلب جمع قومي … مقاومة ولا فرد لفرد

وقوله: أحاد: معدول: واحد، وسداس: معدول، ستة. والمنوطة: المعلقة والتنادي: يريد يوم التنادي أي: يوم القيامة. يريد أن هذه الليلة قد طالت، وكأنها ست ليال. والشاهد في البيت: أن «أم» فيه محتملة لأن تكون متصلة بتقدير الهمزة أي: أأحاد، ومحتملة أن تكون منقطعة بتقدير مبتدأ بعدها. ومع كثرة الشواهد على حذف الهمزة المعادلة، فإن النحويين مولعون بالقول: إنه شاذ، وما كانت شواهده كثيرة فلا شذوذ فيه، ويصحّ شعرا ونثرا، فتقول: زيد أبوك أم عمرو، على تقدير «أزيد». وقد قلت: والشاهد في البيت مع أن أهل النحو لا يسمون هذا البيت شاهدا لأن المتنبي متأخر، لا يحتج بشعره عندهم. ولعمري: إنّ أبياته شواهد الشواهد، وقد أجبر النحاة على التمثيل بشعره، وشغلهم بأبياته السائرة. وما رأيت شاعرا متأخرا استشهد النحاة بشعره، كما استشهدوا بشعر المتنبي. وما رأيت شاعرا عني الناس بشعره كما عنوا بشعر المتنبي، شرحا وتذوقا، وتمثيلا. وكان المتنبي شاعرا حقا عند ما كشف عن المستقبل فقال: أنام ملء جفوني عن شواردها … ويسهر الخلق جرّاها ويختصم وقد كتب البغدادي في «شرح أبيات المغني» عشر صفحات حول هذا البيت وبقي في الجعبة كثير مما لم يقله. وقال العكبري: قال الواحدي: قد أكثروا في معنى هذا البيت ولم ياتوا ببيان مفيد، ولو حكيت ما قالوا فيه لطال الكلام، رحم الله أبا الطيب: فقد ترك لنا شعرا، لا تفنى جدّته، ويبقى للقول فيه مجال مهما قال القائلون، وأكثروا. [شرح أبيات المغني/ 1/ 265]. 172 - فما جمع ليغلب جمع قومي … مقاومة ولا فرد لفرد البيت من قصيدة لعمرو بن معدي كرب الزبيدي الصحابي، افتخر فيها بقومه وقبائله من اليمن. والشاهد على أنّ «كان» محذوفة قبل لام الجحود، والتقدير: فما كان جمع ليغلب. وقيل: إنّ «ما» عاملة عمل ليس، والتقدير: فما جمع متأهلا لغلب قومي، ولا فرد غالبا لفرد قومي. [شرح أبيات المغني/ 4/ 284]. 173 - أرأيت أيّ سوالف وخدود … برزت لنا بين اللّوى فزرود

174 - كنواح ريش حمامة نجدية … ومسحت باللثتين عصف الإثمد

البيت لأبي تمام، من قصيدة مدح بها أحمد بن أبي دواد .. والسوالف: جمع سالفة وهي صفحة العنق. واللوى، وزرود: مكانان. والتمثيل بهذا البيت على أن (أيّ) فيه للاستفهام، في معنى التعجب، فهو يتعجب من جوار عرضت له ذوات سوالف وخدود، يقول: أعلمت أيّ جوار عرضت لنا بين هذين المكانين، فبدت لنا خدودها وأعناقها .. وقد تكون «أيّ» دالة على معنى الكمال. وأبو تمام، لا يحتج أهل اللغة والنحو بشعره، لأنه مولد، ويذكرون شعره للتمثيل فقط. ولكن بعض النحويين يرى أن شعر أبي تمام، يساوي ما يرويه من الشعر. ألا ترى أنهم وثقوه في أشعار حماسته. [شرح أبيات المغني/ 2/ 156]. 174 - كنواح ريش حمامة نجديّة … ومسحت باللّثتين عصف الإثمد البيت للشاعر: خفاف بن ندبة، وقيل لغيره، وهو من شواهد سيبويه. وقوله: كنواح: أصلها «نواحي» بالياء، فحذف الياء للضرورة، لأنها تحذف في التنوين وهنا مضاف غير منون .. ، وصف في البيت شفتي المرأة فشبهها بنواحي ريش الحمامة في رقتها وحوّتها، وأراد أن لثاتها تضرب إلى السّمرة، فكأنها مسحت بالإثمد. وعصف الإثمد: ما سحق منه، والإثمد: الكحل. والشاهد على أنّ في البيت قلبا، والأصل: ومسحت اللثتين بعصف الإثمد. [سيبويه/ 1/ 9، والمفصل/ 3/ 140، والإنصاف/ 546، وشرح أبيات مغني اللبيب/ 2/ 323]. 175 - إنّ المنيّة والحتوف كلاهما … يوفي المخارم يرقبان سوادي البيت من قصيدة للأسود بن يعفر في المفضليات. وقوله: يوفي: أي: يعلو، والمخارم: جمع مخرم - وهو منقطع أنف الجبل. شبه الموت بمن يربأ فوق مرقب عال لينظر من يمرّ من أسفل، فإذا رأى من يريده نزل إليه فأخذه. وسواده: أي: شخصه .. والشاهد: في البيت على أن «كلا» في البيت روعي فيها لفظها، المفرد، ومعناها المثنى، فقال: كلاهما يوفي، ثم قال: يرقبان [شرح أبيات المغني/ 4/ 262].

176 - إن الرزية لا رزية مثلها … فقدان مثل محمد ومحمد

176 - إنّ الرزيّة لا رزيّة مثلها … فقدان مثل محمد ومحمّد البيت للفرزدق، يعزّي الحجاج في موت أخيه محمد، وابنه محمد. والشاهد: أنّ من خصائص الواو، عطف ما حقه التثنية، وكان القياس تثنيتهما. [الهمع/ 2/ 129، وشرح أبيات المغني/ 6/ 80]. 177 - وملكت ما بين العراق ويثرب … ملكا أجار لمسلم ومعاهد البيت من قصيدة لابن ميّادة، مدح بها عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وكان أمير المدينة المنورة .. وقوله: ملكا: المصدر من «ملك»، ويعرب مفعولا مطلقا. والعراق؛ سميت بذلك، لأنها على عراق النهرين، دجلة والفرات، أي: شاطئهما. والشاهد: زيادة اللام على المفعول به، في قوله: «أجار لمسلم» وأصله: أجار مسلما. [شرح المغني/ 4/ 307، والعيني/ 3/ 278، والهمع/ 2/ 33، والأشموني/ 2/ 216]. 178 - نام الخليّ فما أحسّ رقادي … والهمّ محتضر لديّ وسادي من غير ما سقم ولكن شفّني … همّ أراه قد أصاب فؤادي البيتان من مطلع قصيدة للشاعر الأسود بن يعفر الجاهلي، في المفضليات. .. الخليّ: الخالي من الهموم. وأحسّ: أي: أجد. و «وسادي» مثلث الواو: المخدة. وهو بدل اشتمال من الياء في «لديّ». أي: محتضر وسادي. وشفني: أنحلني. والشاهد على أن «ما» زائدة بين المضاف، والمضاف إليه. «من غير (ما) سقم». [المفضليات/ 216، وشرح أبيات المغني/ 5/ 279]. 179 - فأجبت قائل: كيف أنت ب: صالح … حتى مللت وملّني عوّادي قائل: مفعول أجبت. وهو مضاف وجملة «كيف أنت»: مضاف إليها. و «صالح» بالرفع على الحكاية، خبر لمبتدأ محذوف تقديره: «أنا». ويجوز جره

180 - نعم الفتى المري أنت إذا هم … حضروا لدى الحجرات نار الموقد

على الظاهر؛ ويكون صفة لموصوف محذوف تقديره: «بقول صالح، وجواب حسن». [العيني/ 4/ 503، والهمع/ 1/ 157، وشرح أبيات المغني/ 6/ 289]. 180 - نعم الفتى المريّ أنت إذا هم … حضروا لدى الحجرات نار الموقد البيت لزهير بن أبي سلمى من قصيدة مدح بها سنان بن أبي حارثة، والد هرم ابن سنان، يريد أنّه أشدّ الناس إكراما لضيوفه إذا حضروا دار الضيافة، واستدلوا عليها بالنار التي يوقدها خادمه. وإذا: للمفاجأة. وهم: مبتدأ. وحضروا: خبره. والشاهد على أنّ «المريّ» هنا ليس وصفا، وإنما هو بدل من الفتى، لأن فاعل نعم لا يوصف. وأجازه ابن جني. [شرح أبيات المغني/ 7/ 235، والعيني/ 4/ 21، والأشموني/ 3/ 31، والخزانة/ 9/ 404]. 181 - يا من رأى عارضا أسرّ به … بين ذراعي وجبهة الأسد البيت للفرزدق ... والعارض: السحاب. وذراعا الأسد: أربعة كواكب من كل كوكبين منها ذراع .. والأسد: برج الأسد، وجبهة الأسد: كواكب كأنها مصطفة تسمى جبهة الأسد، وعندهم أن السحاب الذي ينشأ بنوء من منازل الأسد يكون مطره غزيرا، فلذلك يسرّ به .. وقد استشهد سيبويه بالبيبت على أن الشاعر فصل بين المضاف والمضاف إليه بقوله: «وجبهة الأسد». أي: بين ذراعي الأسد وجبهته. [سيبويه/ 1/ 92، والمفصل/ 3/ 21، وشرح المغني/ 6/ 177، والخزانة/ 2/ 319]. 182 - ما ترى الدهر قد أباد معدّا … وأباد القرون من قوم عاد .. البيت مجهول القائل. والشاهد أنّ أصله «أما ترى» فحذفت ألف «أما». 183 - أيّ يوم سررتني بوصال … لم ترعني ثلاثة بصدود البيت للمتنبي من قصيدة مطلعها:

184 - فإن شئت آليت بين المقا … م والركن والحجر الأسود نسيتك ما دام عقلي معي … أمد به أمد السرمد

كم قتيل - كما قتلت - شهيد … ببياض من الطّلى وورد الخدود .. يقول في البيت الشاهد: أي يوم سررتني بوصال لم يفزعني بثلاثة أيام صدودك. والشاهد فيه أن «أيّ» للاستفهام الإنكاري. وهي منصوبة. [شرح المغني/ 2/ 152]. 184 - فإن شئت آليت بين المقا … م والركن والحجر الأسود نسيتك ما دام عقلي معي … أمدّ به أمد السّرمد البيبتان للشاعر أمية بن أبي عائذ الهذلي، وهو شاعر مخضرم. وقوله: آليت: حلفت. والمقام: مقام إبراهيم عليه السّلام. أمدّ: أزيد. والضمير في «به» لدوام العقل. أي: أصل بدوام عقلي أبد السرمد. والسرمد: دوام الزمان من ليل ونهار. والسرمد: الدائم. والشاهد في البيت الثاني: قوله: «نسيتك» حذف أداة النفي قبل الفعل الماضي عند أمن اللبس، والتقدير: لا نسيتك، وهو المعنى المطلوب. [شرح المغني/ 7/ 333]. 185 - سقط النصيف ولم ترد إسقاطه … فتناولته واتقتنا باليد بمخضّب رخص كأنّ بنانه … عنم يكاد من اللطافة يعقد البيتان للنابغة، وفي البيت الثاني أحد موطني الإقواء الذي كان لا يعلمه النابغة - زعموا - ثم عرفه عند ما غنته جارية في المدينة، وأنا لا أصدق هذه الحكاية. [الخزانة/ 2/ 133]. 186 - وكان وإياها كحرّان لم يفق … عن الماء إذ لاقاه حتى تقدّدا البيت لكعب بن جعيل: يقول: كان متشوقا إليها فلما لقيها قتله الحبّ سرورا بها. والحران: شديد العطش. لم يفق عن الماء: لم يقلع عنه لشدة عطشه. وتقدد: انقدّ بطنه وتشقق من شدة الامتلاء. والشاهد فيه أن الواو في (وإياها) بمعنى مع. [سيبويه/ 1/ 150]. 187 - لنا مرفد سبعون ألف مدجّج … فهل في معدّ فوق ذلك مرفدا

188 - أتوعدني بقومك يا ابن حجل … أشابات يخالون العبادا بما جمعت من حضن وعمرو … وما حضن وعمرو والجيادا

البيت لكعب بن جعيل، يصف جموع ربيعة وحلفاءهم في الحروب التي كانت بينهم وبين تميم بالبصرة. والمرفد: الجيش من قولهم: رفدته إذا قويته وأعنته، أراد: فهل في معدّ مرفد فوق ذلك. فحذف «مرفد» لدلالة وصفه عليه وهو «فوق». والشاهد: نصب «مرفدا» في آخر البيت على التمييز لنوع الاسم المبهم المشار إليه، وهو «ذلك». [سيبويه/ 1/ 299، وشرح المفصل/ 2/ 114]. 188 - أتوعدني بقومك يا ابن حجل … أشابات يخالون العبادا بما جمّعت من حضن وعمرو … وما حضن وعمرو والجيادا البيتان من شواهد سيبويه المنقولة عن العرب، بدون تعيين، والأشابات: الأخلاط من الناس، ها هنا: جمع أشابة، بالضم. ونصب «أشابات» على الذمّ. والعباد: جمع عبد، وحضن: بطن من العرب، وعمرو: قبيلة أيضا. والجياد: جمع الجواد، من الخيل، أي: ليسا من الجياد وركوبها في شيء وليسوا فرسانا معروفين. والشاهد: نصب «الجيادا» حملا على معنى الفعل، أي: وملابستهما الجياد. [سيبويه/ 1/ 153]. 189 - غلب المساميح الوليد سماحة … وكفى قريش المعضلات وسادها البيت لعديّ بن الرقاع في مدح الوليد بن عبد الملك الأموي، والشاهد: منع صرف «قريش» حملا على معنى القبيلة. والصرف فيها أكثر وأعرف، لأنهم قصدوا بها قصد الحيّ وغلب ذلك عليها. [سيبويه/ 2/ 26، والإنصاف/ 506]. 190 - فكيف لنا بالشّرب إن لم تكن لنا … دوانيق عند الحانويّ ولا نقد البيت للفرزدق، أو لذي الرمّة. وهو من شواهد سيبويه، والدوانيق: جمع دانق بفتح النون وكسرها. وهو عشر الدرهم. وقياس جمعه «دوانق». [سيبويه/ 2/ 71، والمفصل/ 5/ 151، والأشموني/ 4/ 180، واللسان: «حنا»]. والشاهد: الحانوي: نسبه إلى «الحانة» على غير قياس. والقياس: حانيّ. 191 - مفدّمة قزّا كأنّ رقابها … رقاب بنات الماء أفزعها الرّعد البيت لإبي عطاء السندي ... يصف أباريق الخمر، فدمت رؤوسها، أي: سدّت بالقزّ

192 - فلاقى ابن أنثى يبتغي مثل ما ابتغى … من القوم مسقي السمام حدائده

وهو الحرير. وعدّى (فدّم) بتضمينه معنى ألبس وكسا، وشبه رقاب الأباريق برقاب بنات الماء، وهي الغرانيق إذا فزعت بصوت الرعد فنصبت أعناقها. والشاهد: تعريف «بنات الماء» بأل. وهو دليل تنكيرها. [سيبويه/ 1/ 265، وشرح المفصل/ 1/ 35، واللسان: «فدم»]. 192 - فلاقى ابن أنثى يبتغي مثل ما ابتغى … من القوم مسقيّ السّمام حدائده البيت لرجل من بني أسد، رواه سيبويه، يصف لصا مثله يبتغي مثل ما يبتغيه. والسّمام: السمّ. والحدائد: نصال السهام. وشاهده: حذف الهاء من مسقية، لأن الفاعل مؤنث مجازي. [سيبويه/ 1/ 239]. وسمي الشاعر أشعث بن معروف. 193 - فلما أتى عامان بعد انفصاله … عن الضّرع واحلولى دماثا يرودها البيت لحميد بن ثور. يذكر ولد ناقة مضى عامان بعد فصاله. واحلولى: استمرأ واستطاب. والدماث: جمع دمث، وهو السهل من الأرض الكثير النبات. ويرودها: يجيء فيها ويذهب. والشاهد: تعدية «احلولى» وهو على زنة «افعوعل». [سيبويه 2/ 242، وشرح المفصل/ 7/ 162]. 194 - سبحانه ثم سبحانا يعود له … وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد البيت لأمية بن أبي الصلت. والجوديّ: جبل بالموصل. والجمد: بضمتين جبل في بلاد العرب. والشاهد: مجئ «سبحانا»: منونا مفردا لضرورة الشعر. والمعروف فيه أن يضاف إلى ما بعده، أو يجعل مفردا معرفة غير مضاف. [سيبويه/ 1/ 164، وشرح المفصل/ 1/ 37، والهمع/ 1/ 190، والخزانة/ 3/ 388]. 195 - فلا حسبا فخرت به لتيم … ولا جدّا إذا ازدحم الجدود البيت لجرير بن عطية، يهجو أحد خصومه عمر بن لجأ التيمي. يقول له: لم تكسب

196 - أخالد قد علقتك بعد هند … فشيبني الخوالد والهنود

لهم حسبا يفخرون به ولا لك جدّ شريف تعتزّ به إذا ازدحم الناس للمفاخر، أي: ليس لك قديم ولا حديث. والشاهد: نصب «حسبا» بفعل يدل عليه الفعل المفسر، تقديره: ولا ذكرت حسبا. [سيبويه/ 1/ 73، وشرح المفصل/ 1/ 109 - 2/ 36، والخزانة/ 3/ 25]. 196 - أخالد قد علقتك بعد هند … فشيّبني الخوالد والهنود البيت لجرير بن عطية. وخالد: ترخيم «خالدة». والخوالد: جمع خالدة. وكذلك الهنود جمع «هند». وهما موضع الشاهد، والأكثر في كلام العرب جمع التصحيح في المذكر والمؤنث. [سيبويه/ 2/ 98، واللسان «هند»]. 197 - نبّئت أنّ أبا قابوس أوعدني … ولا قرار على زأر من الأسد للنابغة الذبياني، من قصيدته التي يعتذر فيها للنعمان بن المنذر. ونبّئ: تنصب ثلاثة مفاعيل، الأول نائب فاعل، والثاني والثالث المصدر المؤول. [الخزانة/ 2/ 137]. 198 - وكلّ خليل راءني فهو قائل … من اجلك: هذا هامة اليوم أو غد البيت لكثيّر عزّة. وقوله: هامة اليوم أو غد: أي: سيموت اليوم أو غدا، وذلك من تأثير الشوق والحزن فيه. وأصل الهامة: طائر يخرج من رأس الميت، كما تزعم الأعراب. والشاهد في البيت: قلب «رآني» إلى: «راءني». [سيبويه/ 2/ 130، واللسان «رأى»]. 199 - فلولا رجاء النصر منك ورهبة … عقابك قد صاروا لنا كالموارد يقول: لوطئناهم وأذللناهم، كما توطأ الموارد، وهي الطرق إلى الماء. والشاهد فيه: إعمال «رهبة» المصدر المنون، حيث نصب «عقابك». [سيبويه/ 1/ 97، والمفصل/ 6/ 61]. 200 - احكم كحكم فتاة الحيّ إذ نظرت … إلى حمام شراع وارد الثّمد البيت للنابغة الذبياني، يخاطب النعمان بن المنذر، يقول له: كن حكيما في أمري

201 - مقذوفة بدخيس النحض بازلها … له صريف صريف القعو بالمسد

مصيبا للحق والعدل، كما أصابت فتاة الحيّ - وهي زرقاء اليمامة - في حزرها للحمام الذي مرّ بها طائرا، فقدرت عدده، فأصابت الحقيقة. والشراع: من الشريعة، وهو المورد. والثمد: الماء القليل على وجه الأرض. والشاهد فيه: إضافة «وارد» إلى «الثمد» إضافة غير محضة، لم تكتسب تعريفا فوصفت بها النكرة قبلها وهي «حمام». [سيبويه/ 1/ 85، والتصريح/ 1/ 225]. 201 - مقذوفة بدخيس النحض بازلها … له صريف صريف القعو بالمسد البيت للنابغة الذبياني. وصف ناقة بالقوة والنشاط، فيقول: كأنما قذفت باللحم لتراكمه عليها. والنحض: اللحم. ودخيسه: ما تداخل منه وتراكب. والبازل: السن تخرج عند بزول الناقة وذلك في التاسعة من عمرها. والصريف: صوت أنيابها إذا حكت بعضها ببعض نشاطا أو إعياء وأراد هنا: النشاط. والقعو: ما تدور عليه البكرة إذا كان من خشب، فإذا كان من حديد، فهو خطاف، والمسد: حبل من ليف أو جلد. والشاهد: نصب «صريف» الثانية. على المصدر التشبيهي، والعامل فيه مضمر دلّ عليه ما قبله، أي: يصرف صريف القعو، وذكره سيبويه في باب «ما ينتصب فيه المصدر المشبّه به على إضمار الفعل المتروك إظهاره». [سيبويه/ 1/ 178، والهمع/ 1/ 193، والأشموني/ 1/ 228]. 202 - يا كعب صبرا على ما كان من حدث … يا كعب لم يبق منّا غير أجلاد إلا بقيّات أنفاس نحشرجها … كراحل رائح أو باكر غادي البيتان لحارثة بن بدر .. وكعب: مولى حارثة بن بدر، وكان حارثة قد اشتكى وأشرف على الموت، فجعل قومه يعودونه، فقالوا: هل لك من حاجة. قال: نعم، اكسروا رجل مولاي كعب، لئلا يبرح من عندي فإنه يؤنسني، ففعلوا، فأنشأ يقول هذا الشعر. والأجلاد جسم الإنسان وجماعة شخصه. ونحشرجها: نرددها في حلوقنا. والشاهد: إبدال «إلا» وما بعدها من قوله: «غير أجلاد» لأنه أنزل «غير» منزلة «مثل» في وضعها للإخبار عنها، ولم يقصد بها معنى الاستثناء فينصبها، لتقذمها على «إلّا». وتقديره: لم يبق منا شيء هو غير أجلادنا إلا بقيات أنفاسنا. [سيبويه/ 1/ 373]. 203 - أريد حباءه ويريد قتلي … عذيرك من خليلك من مراد

204 - عمرتك الله الجليل فإنني … ألوي عليك لو ان لبك يهتدي

البيت لعمرو بن معدي كرب، يقوله لرجل من مراد. والحباء: ما يحبو به الرجل صاحبه ويكرمه به. والحباء أيضا: النصرة والاختصاص بالتكريم. عذيرك: أي: هات عذرك. ومذهب سيبويه أن العذير، مصدر. وهو الوجه، لأن المصدر يطّرد وضعه موضع الفعل. وجعل غيره، العذير بمعنى «العاذر». والشاهد: نصب «عذيرك» على تقدير فعل، ووضعه موضعه، فهو مصدر نائب عن فعله. [سيبويه/ 1/ 139، وشرح المفصل/ 2/ 26، والهمع/ 1/ 169]. 204 - عمّرتك الله الجليل فإنني … ألوي عليك لو ان لبّك يهتدي البيت لعمر بن أحمر، وقوله: ألوي: أعطف، وأعرّج. واللب: العقل. أي: أعظك وأهمّ بإرشادك لو اهتديت. وقوله: عمّرتك الله: أي: سألته تعميرك، وطول بقائك. والشاهد في البيت: عمرتك الله، وضعت موضع «عمرك الله». [سيبويه/ 1/ 163، والمقتضب/ 2/ 329]. 205 - فصفحت عنهم والأحبّة فيهم … طمعا لهم بعقاب يوم مفسد البيت للحارث بن هشام، يقول: لم يترك القتال جبنا ولم يعف عنهم ويصفح إلا طمعا في أن يعدّ لهم ويعاقبهم بيوم يوقع بهم فيه فيفسد أحوالهم، وهو يعتذر من فراره يوم بدر، وقد قتل فيه أخوه أبو جهل، ولم يأخذ بثأره. والشاهد: نصب «طمعا» على المفعول له (لأجله). [سيبويه/ 1/ 185، وشرح المفصل/ 2/ 54]. 206 - فلأبغينّكم قنا وعوارضا … ولأقبلنّ الخيل لابة ضرغد البيت لعامر بن الطّفيل .. وقوله: أبغينكم: أطلبكم. وقنا، وعوارض: أمكنة، واللابة: الحرّة ذات الحجارة السود، وضرغد: حرّة أو جبل بعينه. وأقبلنّ: أوردنّها. يتوعد أعداءه بالإيقاع بهم وتتبّعهم حيث حلّوا. والشاهد: نصب «قنا، وعوارضا» بحذف الخافض للضرورة، لأنهما مكانان مختصان، لا ينصبان نصب الظروف، فهما بمنزلة: ذهبت الشام في الشذوذ. [سيبويه/ 1/ 82، 109، والخزانة/ 3/ 74].

207 - فكأنه لهق السراة كأنه … ما حاجبيه معين بسواد

207 - فكأنه لهق السّراة كأنه … ما حاجبيه معيّن بسواد البيت للأعشى يصف ثورا وحشيا شبه به بعيره في حدته ونشاطه. واللهق: الأبيض، والسراة: أعلى الظهر. والمعيّن: الثور بين عينيه سواد، والشاهد في «حاجبيه» أنها بدل من الهاء في «كأنه» مع زيادة «ما». [سيبويه/ 1/ 80، وشرح المفصل/ 3/ 67، والهمع/ 2/ 157]. 208 - مستحنّ بها الرياح فما يج … تابها في الظلام كلّ هجود البيت لأبي زبيد الطائي، يصف فلاة واسعة يسمع للرياح بها حنين وهي في ذلك موحشة يخافها الساري، والهجود: الساهر، والشاهد: حذف الهاء من «مستحنة» لأن الفاعل مؤنث مجازي. [سيبويه/ 1/ 239]. 209 - إيّاك أنت وعبد المسيح … أن تقربا قبلة المسجد البيت لجرير، يخاطب الفرزدق لميله مع الأخطل، وعبد المسيح: يريد به الأخطل. والشاهد فيه: عطف «عبد المسيح» على إيّاك. [سيبويه/ 1/ 140]. 210 - لولا رجاء لقاء الظاعنين لما … أبقت نواهم لنا روحا ولا جسدا لم أعرف قائله. والنوى: الوجهة التي ينوون. والشاهد: دخول اللام على جواب لولا، المنفي ب (ما). [الأشموني/ 4/ 50]. 211 - عزمت على إقامة ذي صباح … لأمر ما يسوّد من يسود البيت للشاعر أنس بن مدركة. وقوله: على إقامة ذي صباح، أي: عزمت على الغارة صباحا. والشاهد فيه: «ما» منبّهة على وصف لائق، للتعظيم والتهويل، وهي هنا حرف زائد، دلّ على وصف لائق بالمحل، وعوّض عن كلام محذوف، وهو مذهب ابن مالك. وقال قوم: إنها اسم، تصف بنفسها. [سيبويه/ 1/ 116، وشرح المفصل/ 3/ 12، والهمع/ 1/ 197، والخزانة/ ج 3 / 87]. 212 - فقام يذود الناس عنها بسيفه … وقال: ألا، لا من سبيل إلى هند لم أعرف قائله، والشاهد قوله: لا من سبيل إلى هند، دخول (من) الجارة على اسم

213 - عسى سائل ذو حاجة إن منعته … من اليوم سؤلا أن ييسر في غد

«لا» النافيه للجنس. [الهمع/ 1/ 146، والأشموني/ 2/ 3، والعيني/ 2/ 332]. 213 - عسى سائل ذو حاجة إن منعته … من اليوم سؤلا أن ييسّر في غد لم أعرف قائله وهو في «الجنى الداني» شاهد لمجيء (من) الجارة بمعنى «في» عند الكوفيين. 214 - ها إنّ ذي عذرة إلا تكن نفعت … فإنّ صاحبها مشارك النّكد البيت للنابغة الذبياني. والعذرة: المعذرة. والشاهد استخدام «ها» حرف التنبيه في غير الأماكن المعهودة، حيث دخلت على (إنّ) وقيل: إن أصلها «أن هذي» فقدم التنبيه وفصل ب (إنّ). [الهمع/ 2/ 70]. 215 - أبى كرما لا آلفا «جير» أو «نعم» … بأحسن إيفاء وأنجز موعد البيت في «الجنى الداني» منسوب لبعض الطائيين، وهو شاهد على أن جير حرف جواب بمعنى «نعم»، وذلك لعطف «نعم» عليها. [الهمع/ 2/ 44]. 216 - ما كان أسعد من أجابك آخذا … بهداك مجتنبا هوى وعنادا الشاهد في البيت زيادة «كان» بين «ما» وفعل التعجب. والبيت لعبد الله بن رواحة. [الأشموني/ 3/ 25، والعيني/ 3/ 663]. 217 - تجلّدت حتى قيل لم يعر قلبه … من الوجد شيء قلت: بل أعظم الوجد البيت شاهد لحذف الفعل وبقاء فاعله، لأنه جاء في جواب النفي وهو قوله: بل أعظم الوجد، والتقدير: بل عراه أعظم الوجد. [العيني/ 2/ 453، والأشموني/ 2/ 50، والتصريح/ 1/ 273]. 218 - وماذا عسى الحجّاج يبلغ جهده … إذا نحن جاوزنا حفير زياد الشاهد في البيت: عسى الحجاج يبلغ جهده، جاء خبر عسى فعل مضارع مسند إلى اسم ظاهر مشتمل على ضمير يعود على اسم عسى .. والأصل في أخبار كاد وأخواتها أن تكون فعلا مضارعا مسندا إلى ضمير يعود إلى الاسم. [العيني/ 2/ 180، والتصريح/ 1/ 205، والهمع/ 1/ 131، والأشموني/ 1/ 264].

219 - يعجبه السخون والعصيد … والتمر حبا ماله مزيد

219 - يعجبه السّخون والعصيد … والتمر حبّا ماله مزيد .. السّخون: مرق يسخّن .. والشاهد في البيت «يعجبه حبّا» حيث نصب «حبّا» نائبا عن المفعول المطلق، لأنه مرادف للفعل «يعجب» ويروى «حتى ماله مزيد». [شرح المفصل/ 1/ 112، والعيني/ 3/ 45، والأشموني/ 2/ 113]. 220 - خمولا وإهمالا؟ وغيرك مولع … بتثبيت أركان السيادة والمجد الشاهد قوله: خمولا: مصدر ناب مناب الفعل المحذوف، لوقوعه بعد استفهام مقدر، للتوبيخ. [الهمع/ 1/ 192]. 221 - تسلّيت طرّا عنكم بعد بينكم … بذكراكم حتى كأنّكم عندي الشاهد قوله: «تسليت طرّا عنكم» طرا: حال من الكاف في «عنكم» متقدمة على صاحبها. قالوا: وتقدم الحال على صاحبها المجرور بحرف جرّ أصلي، مخصوص بالشعر. ولكن ابن مالك أجازه في النثر وجعل منه قوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ [سبأ: 28]. فكافّة حال من الناس مقدمة، فهي بمعنى جميعا. وقال آخرون: «كافة» في الآية وصف من الكفّ بمعنى المنع، لحقته التاء للمبالغة مثل: رجل راوية وداهية، وجعلوه حالا من الكاف في «أرسلناك». [الأشموني/ 2/ 177، والعيني/ 3/ 160، والتصريح/ 1/ 379]. 222 - سقط النصيف ولم ترد إسقاطه … فتناولته واتّقتنا باليد البيت للنابغة الذبياني في وصف المتجردة زوج النعمان بن المنذر. والنصيف: خمار تختمر به المرأة. والشاهد (ولم ترد إسقاطه) فجملة المضارع منفية ب لم جاءت حالا مرتبطة بالواو. [العيني/ 3/ 201، والأشموني/ 2/ 191]. 223 - وما قتل الأحرار كالعفو عنهم … ومن لك بالحرّ الذي يحفظ اليدا البيت للمتنبي، والتمثيل به على أنّ «الكاف» في قوله «كالعفو» اسم في محل رفع فاعل، والعفو: مضاف إليه. 224 - وقد علتني ذرأة بادي بدي … ورثية تنهض في تشدّدي

225 - أسقى الإله عدوات الوادي … وجوفه كل ملث غادي كل أجش حالك السواد

الراجز أبو نخيلة .. والذرأة: بالضم: أول بياض الشيب، والرثية: انحلال الركب والمفاصل. وتنهض: من قولهم: نهضنا إلى القوم في القتال، والشاهد: «بادي بدي» وهي لغة في «بادي بدا» وهو مركب تركيب (خمسة عشر) وليست مضافة. والياء في «بادي: ساكنة» وقد ركب اللفظان فجعلا كاسم واحد. ويكون التركيب في محل نصب حالا. [سيبويه/ 2/ 54]. 225 - أسقى الإله عدوات الوادي … وجوفه كلّ ملثّ غادي كلّ أجشّ حالك السواد رجز منسوب لرؤبة: - والعدوات: جمع عدوة، بتثليث العين: وهي شاطئ الوادي. وجوفه: وسطه. والملثّ: السحاب يدوم أياما والغادي: الذي يكون في الغداة. والأجش: الشديد صوت الرعد. والشاهد: رفع «كلّ» لأن «أسقى» تدل على سقاها، وكأنه قال سقاها كلّ أجش. [سيبويه/ 1/ 146، والأشموني/ 2/ 50، والعيني/ 2/ 475]. 226 - على مثلها أمضي إذا قال صاحبي … ألا ليتني أفديك منها وأفتدي من معلقة طرفة بن العبد، يصف ناقته. وعلى مثلها: يريد على مثل هذه الناقة، وقوله: ليتني أفديك منها: «الضمير عائد إلى الفلاة»: أي الصحراء. وقد أتى بضمير الفلاة وإن لم يجر لها ذكر في الكلام قبل هذا وقول طرفة «ألا ليتني .. الخ» واقع موقع، إنا هالكون، لأن السير في هذه الصحراء شاق. [الإنصاف/ 96]. 227 - رعيتها أكرم عود عودا … الصّلّ والصّفصلّ واليعضيدا والخازباز السّنم المجودا … بحيث يدعو عامر مسعودا ... رجز رواه ابن منظور ... والصل، والصفصل، واليعضيد، والخازبار: أسماء نبات، والسّنم: العالي المرتفع. يريد طول النبات الذي أرعاه إبله. والمجود: اسم مفعول من جادة الغيث، إذا أصابه الجود: بفتح فسكون: وهو القوي الشديد من المطر، وعامر ومسعود راعيان وكنى بقوله: يدعو عامر مسعودا: عن طول النبات طولا يواري كل راع منهما

228 - أودى ابن جلهم عباد بصرمته … إن ابن جلهم أمسى حية الوادي

عن الآخر فلا يعرف أحدهما مكان صاحبه حتى يدعوه فيسمع صوته فيعرف مكانه. والشاهد: الخازباز: فهو في إحدى لغاته مبني على الكسر، وهو اسم مركب عرّف أوله، ولم يعرفوا الجزء الثاني، وهو ردّ على الكوفيين الذين يرون تعريف الجزء الثاني مع الأول، من الأعداد المركبة. [الإنصاف/ 314]. 228 - أودى ابن جلهم عبّاد بصرمته … إنّ ابن جلهم أمسى حيّة الوادي للأسود بن يعفر .. وأودى بها: ذهب بها. والصّرمة: القطعة من الإبل ما بين الثلاثين والأربعين. وحيّة الوادي: كناية عن كونه يحمي ناحيته، ويتقى منه كما يتقى من الحية الحامية لواديها. والشاهد: (ابن جلهم) على أن أصلها ابن جلهمة، فرخّم المضاف إليه في غير النداء، لضرورة الشعر. وأبقى الفتحة على لغة من ينتظر. أو جعله ممنوعا من الصرف سواء أكانت فيه التاء أو حذفها. [سيبويه/ 1/ 344، والإنصاف/ 352، واللسان «جلهم»]. 229 - فزججتها بمزجّة … زجّ القلوص أبي مزاده زججتها: طعنتها بالزّج، والزج: حديدة تركب في أسفل الرمح، فأما الحديدة التي تركب في أعلى الرمح، فهي السنان، والمزجّة: الرمح القصير. والقلوص: الناقة الشابة. وأبو مزادة: كنية رجل. والشاهد: زجّ القلوص أبي مزادة، حيث فصل بين المضاف (زجّ) وبين المضاف إليه (أبي مزادة) بمفعول المصدر (القلوص) ويكون المصدر مضافا إلى فاعله (أبي مزادة) وفصل بينهما. ويجوز ان يضيف المصدر إلى مفعوله (القلوص) والإتيان بالفاعل مرفوعا بأن يقول: زجّ القلوص أبو مزادة. ويبدو أن إضافة المصدر إلى فاعله هي الأقوى في نفوسهم فارتكبوا من أجلها الضرورة. والبيت شاهد للكوفيين على صحة الفصل بين المتضايفين بغير الظرف والجار والمجرور. [الخصائص/ 2/ 406، والإنصاف/ 427، وشرح المفصل/ 3/ 19، والأشموني ج 2/ 276، والخزانة/ 4/ 415]. 230 - في كلت رجليها سلامى واحده … كلتاهما مقرونة بزائدة .. السّلامى: بضم السين وتخفيف اللام، واحدة السلاميات، وهي العظام التي تكون

231 - إذا القعود كر فيها حفدا … يوما جديدا كله مطردا

بين كل مفصلين من مفاصل الأصابع في اليد أو الرجل. والشاهد «كلت رجليها» حيث يرى الكوفيون أن «كلت» هنا مفردة. وأن «كلا وكلتا» مثنيان لفظا ومعنى، والألف فيهما زائدة للدلالة على التثنية، والتاء في كلتا، للتأنيث، وأصل كل واحد منهما مثل اللواحق (كلّ) بتشديد اللام فحذفت لامها الثانية، وكسرت الكاف منها فإذا أردت المفرد المؤنث قلت: «كلت» كقول الراجز في البيت الشاهد. وإذا أردت المثنى المذكّر زدت الألف وإذا أردت المثنى المؤنث زدت التاء والألف .. ويرى البصريون أنّ (كلا وكلتا) مفردان لفظا مثنيان معنى، والألف منهما لام الكلمة. [الخزانة/ 1/ 129، والإنصاف/ 439، والعيني/ 1/ 159، والهمع/ 1/ 41، والأشموني/ 1/ 77، واللسان «كلا»]. 231 - إذا القعود كرّ فيها حفدا … يوما جديدا كلّه مطرّدا رواه أهل اللغة ولم ينسبوه. والقعود: بفتح القاف، البكر من الإبل حين يركب، أي: يمكّن ظهره من الركوب، وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان. و «حفد» فعل ماض معناه: خفّ في العمل وأسرع. واليوم المطرّد: الطويل، أو الكامل التام. والشاهد: يوما جديدا كله، حيث أكّد «يوما» وهو نكرة محدودة بقوله «كله» فدل ذلك على جواز توكيد النكرة المحدودة بألفاظ التوكيد المعارف. ويرى البصريون أن توكيد النكرة يكون بلفظها فقط. فتقول: «جاء رجل رجل»، والرأي الأول للكوفيين. [الإنصاف/ 452، وشرح المفصل/ 3/ 45]. 232 - ولا تجعليني كامرئ ليس همّه … كهمّي ولا يغني غنائي ومشهدي لطرفة بن العبد من معلقته ... وقوله: ليس همه كهمي: يريد: ليس عزمه مثل عزمي، ولا طلبه للمعالي مثل طلبي. ولا يغنى غنائي: أي: لا ينفع في المواطن التي أنفع فيها ولا يسد كما أسد. والشاهد: غنائي: بفتح الغين، وهو ممدود أصالة، معناه النفع والكفاية. وقد استشهد البصريون بهذا البيت للرد على الكوفيين الذين يجيزون مدّ المقصور، واستشهدوا بالبيت «فلا فقر يدوم ولا غناء» انظره في حرف الهمزة. وقال البصريون إن شاهد الكوفيين يحتمل أن يكون ممدودا في الأصل وأن يكون بفتح العين، كهذا البيت، وهو تعسف من البصريين، فذاك معنى، وهذا معنى، وبينهما بون. [الإنصاف/ 750]. 233 - هنيئا لسعد ما اقتضى بعد وقعتي … بناقة سعد والعشية بارد

234 - فوقعت بين قتود عنس ضامر … لحاظة طفل العشي سناد

الشاهد: والعشية بارد: حيث أخبر عن العشية وهي مؤنثة، ببارد، وأسقط تاء التأنيث. والذي سوّغ ذلك عند الشاعر أنّ العشية يطلق عليها «عشيّ» فلحظ المعنى .. وهذا أحد الآراء في سبب حذف علامة التأنيث من «طالق» وحائض. حملا على المعنى كأنهم قالوا: شيء حائض .. ويرى البصريون أن السبب في الحذف لأنهم قصدوا به النسب .. ويرى الكوفيون أنّ سبب الحذف، اختصاص المؤنث به، وهو أقوى الآراء. [الإنصاف/ 768]. 234 - فوقعت بين قتود عنس ضامر … لحّاظة طفل العشيّ سناد لزهير بن أبي سلمى .. والقتود: عيدان الرحل. واحدهما قتد. والعنس: الناقة. والضامر: يقال للذكر والأنثى. والضمور: لحوق البطن بالظهر .. ولحّاظه: صيغة مبالغة من اللحظ، ومعناه أن هذه الناقة تنظر وتتلفت حين اصفرت الشمس للمغيب، وهو الوقت الذي تكلّ فيه الإبل. وطفل العشي: منصوب على الظرفية وهو الوقت قبيل الغروب، والسناد: بكسر السين: الشديدة. والشاهد: عنس ضامر: وصف العنس، وهو مؤنث، ب ضامر، بدون تاء لأن هذا اللفظ يقال للمذكر والمؤنث بصيغة واحدة، لإرادة النسب. [الإنصاف/ 778]. 235 - قد جرّبوه فألفوه المغيث إذا … ما الرّوع عمّ فلا يلوى على أحد الشاهد: ألفوه: جاءت بمعنى «وجد» وتتعدى إلى مفعولين، وتفيد في الخبر يقينا، والهاء: مفعوله الأول. المغيث: مفعوله الثاني. ومنه قوله تعالى: إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ [الصافات: 69]. [العيني/ 2/ 388، والهمع/ 1/ 149]. 236 - أبا وهب جزاك الله خيرا … نحرناها وأطعمنا الثريدا فعد إنّ الكريم له معاد … وظنّي بابن أروى أن يعودا لابنة لبيد بن ربيعة، تخاطب الوليد بن عقبة، وقد أعان لبيدا بمائة ناقة ليوفي نذره إذا هبّت الصبا أن ينحر ويطعم .. وأروى: أم الوليد، وهي أم عثمان بن عفان، فهو أخو عثمان من أمّه. [الخزانة/ ج 2/ 249]. 237 - إخالك - إن لم تغضض الطرف - ذا هوى … يسومك ما لا يستطاع من الوجد

238 - لوجهك في الإحسان بسط وبهجة … أنا لهماه قفو أكرم والد

الشاهد: إخال: مضارع دال على الرجحان، نصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر أولهما الكاف والثاني (ذا هوى). [العيني/ 2/ 385، والتصريح/ 1/ 249، والهمع/ 1/ 150، والأشموني/ 2/ 20]. 238 - لوجهك في الإحسان بسط وبهجة … أنا لهماه قفو أكرم والد ... الشاهد: هماه: هما: ضمير غيبة للمثنى - والهاء: ضمير غيبة آخر، وقد أبيح وصل الضميرين لاتحادهما في الغيبة واختلاف لفظ الضميرين، والأصل وجوب الفصل إذا اتحدت رتبة الضميرين في التعريف كقول الأسير لمن أطلقه، ملّكتني إيّاي، وقول السيد لعبده: «ملّكتك أيّاك» وإذا أخبر قال: «ملّكته إيّاه». [العيني/ 1/ 342، والهمع/ 1/ 63، والأشموني/ 1/ 121، والتصريح/ 1/ 109]. 239 - ربّيته حتى إذا تمعددا … وآض نهدا كالحصان أجردا كان جزائي بالعصا أن أجلدا .. هذا رجز منسوب إلى العجاج. يقال: تمعدد الغلام: إذا شبّ وغلظ، والنهد: العظيم الجسم من الخيل، وإنما يوصف به الإنسان على وجه التشبيه. والأجرد: الذي لا شعر له. وروى ابن هشام هذا الرجز شاهدا ل «آض» بمعنى صار، حيث عمل عمل (كان). وروى الجوهري الشعر «وصار نهدا». ومن معاني آض، «رجع» وهو فعل تام. وهذا الفعل هو المستعمل مصدره في قولنا «وقال أيضا». ويعرب «أيضا» مفعولا مطلقا حذف عامله. أو حالا حذف عاملها وصاحبها. [شرح المفصل/ 9/ 151، والعيني/ 4/ 410، والهمع/ 1/ 112، والأشموني/ 3/ 284، والخزانة/ 8/ 429]. 240 - فما حسن أن يمدح المرء نفسه … ولكنّ أخلاقا تذمّ وتحمد .. لا يعرف قائله. وقد ذكره صاحب همع الهوامع، شاهدا على إلغاء عمل «ما» الحجازية، لأن خبرها تقدم على اسمها. فقوله: حسن: خبر مقدم. والمصدر المؤول من (أن يمدح) مبتدأ مؤخر. ولكن قد يعرب «حسن» مبتدأ، والمصدر المؤول فاعل سد مسدّ الخبر. [الهمع ج 1/ 124].

241 - دعاني أخي والخيل بيني وبينه … فلما دعاني لم يجدني بقعدد

241 - دعاني أخي والخيل بيني وبينه … فلما دعاني لم يجدني بقعدد البيت لدريد بن الصمة القشيري، والقعدد: اللئيم القاعد عن الحرب جبنا، والشاهد: بقعدد: فالباء زائدة على المفعول الثاني ل «وجد» والذي سوّغ زيادة الباء، أنّ الفعل منفي، وهو فعل ناسخ، ينصب مفعولين، ومن زيادة الباء على خبر الفعل الناسخ المنفي، قول الشنفرى، من لامية العرب: وإن مدّت الأيدي إلى الزاد لم أكن … بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل وإذ في بيت الشنفرى: حرف للتعليل، أو ظرف منصوب ب «أعجل». [اللسان - قعد، والهمع/ 1/ 127، والعيني/ 2/ 121]. 242 - وكأنّ برقع والملائك حولها … سدر تواكله القوائم أجرد ... البيت لأميّة بن أبي الصلت. و «برقع» على وزن زبرج، وقنفذ: السماء السابعة. وسدر: يريد البحر، وتواكله: يقال: تواكله القوم إذا تركوه. وأجرد: بلا موج، شبه السماء بالبحر عند سكونه وعدم تموجه. ويروى البيت بقافية بائية (أجرب) ويروى بقافية عينية (تواكله قوائم أربع) والقوائم: أراد بها الرياح، ويقال هي الملائكة. [اللسان - سدر]. 243 - وأبغض من وضعت إليّ فيه … لساني معشر عنهم أذود البيت بلا نسبة في الهمع 1/ 88، وفيه الفصل بين الصلة ومعمولها بأجنبي (إليّ) ومحله بعد لساني فيكون التركيب «وأبغض من وضعت فيه لساني إليّ ... 244 - زعم البوارح أنّ رحلتنا غدا … وبذاك خبرنا الغداف الأسود البيت للنابغة الذبياني من قصيدة مكسورة القافية، وزعم الرواة أن النابغة الذبياني كان ينشد القصيدة ولا يفطن إلى (الإقواء) إلى أن غنته جارية في يثرب، فمدت ما قبل البيت، ثم مدّت قافية البيت فقالت: «الأسودو» ففطن، وغيّر البيت إلى قوله: «وبذاك تنعاب الغراب الأسود»، وهذه القصة لا تصحّ لأنها تصف النابغة بأنه فاسد الذوق منعدم الإحساس الموسيقي. مع أن الشادي في علم الأدب يدرك الإقواء بأذنه .. وقوله: «البوارح» جمع بارح، ومعناه ذو البرح والشدّة. والبوارح عند العرب من الظباء

245 - يضحي على سوق الجذول كأنه … خصم أبر على الخصوم يلندد

والطير وغيرها التي تأتي من يمين الرجل إلى مياسره، فتوليه مياسيرها وأهل نجد يتشاءمون بها، والسوانح: التي تأتي من يساره إلى يمينه فتوليه ميامنها، وأهل نجد يتيمنون بها، وأما أهل الحجاز فيتشاءمون بالسوانح ويتيمّنون بالبوارح، والغداف: الغراب الضخم. وزعم: من الأفعال القلبية الناصبة لمفعولين، قد تنصب المفعولين مباشرة وقد تدخل على أنّ مع معموليها، فيكون المصدر المؤول سادا مسدّ المفعولين، وهذا هو الأغلب في «زعم». وزعم: قد تكون بمعنى اليقين، وقد تكون بمعنى الاعتقاد من غير دليل، كقوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا [التغابن: 7] وقد تدل على الرّجحان، وقد تستعمل للدلالة على الشكّ، وهو الغالب في استعمالها وقد تستعمل في القول الكاذب. [النحو الوافي ج 2/ 7]. 245 - يضحي على سوق الجذول كأنّه … خصم أبرّ على الخصوم يلندد البيت للطرمّاح يصف الحرباء. وقوله: أبرّ على الخصوم: غلبهم، والإبرار الغلبة. واليلندد، والإلندد، كالألدّ، أي الشديد الخصومة، ورواية كتاب سيبويه «ألندد» على أن النون فيه زائدة مع الهمزة في أوله. [سيبويه/ 2/ 113، 317، وشرح المفصل/ 6/ 121، واللسان «لدد»]. 246 - نرضى عن الله إنّ الناس قد علموا … أن لا يدانينا من خلقه أحد البيت لجرير من قصيدة رائية يهجو بها الأخطل بقافية «بشر» ونرضى عن الله وتروى «على الله» بمعنى نثني عليه. والبيت شاهد على جواز نصب «أن» المضارع بعد «علم» والمشهور أنّ «أن» لا تنصب المضارع بعد أفعال اليقين، وتكون المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن، نحو: «علم أن سيكون» [المزمل: 20] «أفلا يرون ألّا يرجع» [طه: 89]. [الهمع/ 2/ 2، والأشموني/ 3/ 282]. 247 - ألا حبّذا هند وأرض بها هند … وهند أتى من دونها النأي والبعد البيت للحطيئة، وهو شاهد على صرف «هند» في موضعين، لغير ضرورة، لأن العلم المؤنث الثلاثي الساكن الوسط، يجوز صرفه. [شرح المفصل/ 1/ 70].

248 - أأبي لا تبعد وليس بخالد … حي ومن تصب المنون بعيد

248 - أأبيّ لا تبعد وليس بخالد … حيّ ومن تصب المنون بعيد البيت لعبد الله بن عنمة الضبي، وهو شاعر إسلامي مخضرم، وقوله: أأبي: الهمزة للنداء وأبيّ: منادى. وقوله: لا تبعد، أي: لا تهلك، وأخبر أن ذلك ليس بكائن من أجل أنه لا يبقى على الدهر ذو حياة. والمنون: المنية، وبعيد: خبر مبتدأ محذوف، أي: فهو بعيد. والشاهد: الجزم ب (من) ولم يأت للشرط بالجواب، وهذا على إرادة الفاء كأنه قال: ومن تصب المنون فهو بعيد، ومثله: من يفعل الحسنات الله يشكرها … والشرّ بالشرّ عند الله مثلان [شرح الحماسة للمرزوقي ج 3/ 1041 والخزانة/ 9/ 42]. 249 - نظّارة حين تعلو الشمس راكبها … طرحا بعيني لياح فيه تحديد البيت للراعي النميري، يصف ناقة، وطرحا: أي: تطرح بصرها يمينا وشمالا. واللياح: بالفتح والكسر: الثور الأبيض. شبه عيني الناقة بعيني هذا الثور. والتحديد: حدة النظر. نعت الناقة بالنشاط وحده البصر في شدة الهاجرة. والشاهد: طرحا: فهو مصدر مؤكد لفعل لم يذكر، كما أنه بدل من اللفظ بالفعل لوجود ما يدل عليه، وهو «نظارة». [سيبويه/ 1/ 232 هارون]. 250 - ترفع لي خندف - والله يرفع لي - … نارا إذا خمدت نيرانهم تقد البيت للفرزدق .. وخندف، امرأة ينتهي إليها نسب تميم، يقول: ترفع لي قبيلتي من الشرف ما هو في الشهرة كالنار الموقدة، إذا قعدت بغيري قبيلته، وقوله «والله يرفع لي» أي: إلى الرافع في الحقيقة هو الله. والبيت شاهد ل عمل «إذا» الجزم، خمد: فعل الشرط. و «تقد» مجزوم جواب الشرط، والكسر للقافية. ويروى البيت «إذا ما خبت نيرانهم»، وعليه فلا ضرورة، لأنهم أجازوا الجزم ب «إذا ما» كما أجازوه ب (إذ ما). [شرح المفصل ج 7/ 47]. 251 - إذا ما الخبز تأدمه بلحم … فذاك أمانة الله الثريد البيت مصنوع .. والشاهد «أمانة» يروى بالنصب على تقدير حذف الجرّ، أو بتقدير أحلف أو أقسم ونحوهما من الأفعال التي تدلّ على القسم، ويروى بالرفع، على أنه مبتدأ

252 - فلا حسبا فخرت به لتيم … ولا جدا إذا ازدحم الجدود

خبره محذوف. [شرح المفصل ج 9/ 92، 102]. 252 - فلا حسبا فخرت به لتيم … ولا جدّا إذا ازدحم الجدود البيت من قصيدة طويلة لجرير، هجا بها الفرزدق وتيم الرّباب. ويجوز في «حسبا» النصب والرفع، لوقوعه بعد حرف النفي. أما النصب، فبفعل مقدّر متعد إليه بنفسه في معنى الفعل الظاهر، والتقدير: فلا ذكرت حسبا فخرت به. ولا جدا: معطوف على قوله: حسبا، وهو بمنزلة قولك: أزيدا مررت به، وإنما لم يجز إضمار الفعل المتعدي بحرف الجرّ لأن ذلك يؤدي إلى إضمار حرف الجرّ، ولا يجوز إضماره، لأنه مع المجرور كشيء واحد، وهو عامل ضعيف، فلا يجوز فيه بالإضمار والإظهار كما يتصرف في الفعل. وأما الرفع: فعلى الابتداء وجملة (فخرت) به، صفته، و «لتيم» هو الخبر. [الخزانة/ 3/ 25، وسيبويه/ 1/ 73، وشرح المفصل/ 1/ 109، وديوان جرير]. 253 - متى ما ير الناس الغنيّ وجاره … فقير يقولوا عاجز وجليد وليس الغنى والفقر من حيلة الفتى … ولكن أحاظ قسّمت وجدود إذا المرء أعيته المروءة ناشئا … فمطلبها كهلا عليه شديد وكائن رأينا من غنيّ مذمّم … وصعلوك قوم مات وهو حميد ... البيت الشاهد للشاعر المعلوط السعدي القريعي، وذكرت ما بعده لصحة معناها وشرفه. قال المرزوقي: أخرج هذا الكلام مخرج الإنكار لما تعوده الناس في الحكم على الأغنياء والفقراء فيقول: مما يقضي به الناس على الغني وإلى جنبه فقير أن يقولوا: هذا من عجزه أتي، وهذا لجلادته أغني، وهذا خطأ، لأنّ الغنى والفقر مما قدّر الله. وجملة (وجاره فقير) من المبتدأ والخبر حال من الغنيّ، ويقولوا: جواب الشرط، وقوله: عاجز، وجليد: خبر مبتدأ محذوف، أي: هذان عاجز وجليد، والجملة: مقول القول. [شرح الحماسة للمرزوقي ج 3/ 1148]. 254 - ألا يا ليل ويحك نبّئينا … فأما الجود منك فليس جود البيت لعبد الرحمن بن حسان: يقول: خبرينا بما أنت عليه من مودّة أو غيرها، وأمّا جودك لنا بالوصل فليس مما نطمع فيه، لما عهدنا من بخلك.

255 - ورب أسيلة الخدين بكر … مهفهفة لها فرع وجيد لهوت بها زمانا من شبابي … وزارتها النجائب والقصيد

والشاهد: حذف العائد من «جود» أي: فليس لنا جود منك، وفيه شاهد على جواز حذف خبر ليس إذا كان اسمها نكرة عامة، تشبيها لها ب «لا». [سيبويه/ 1/ 386، هارون، والهمع/ 1/ 116]. 255 - وربّ أسيلة الخدّين بكر … مهفهفة لها فرع وجيد لهوت بها زمانا من شبابي … وزارتها النّجائب والقصيد للمرقش الأكبر، عمرو بن سعد، من شعراء الجاهلية. والشاهد في البيت الأول: حذف النعت وإبقاء المنعوت، أي: فرع فاحم، وجيد طويل، بدليل أن البيت للمدح وهو لا يحصل بإثبات الفرع والجيد مطلقين، بل بإثباتهما موصوفين بصفتين محبوبتين. والفرع: الشعر. والفاحم: الأسود، والجيد: العنق، وكأنه قال: لها شعر أسود وعنق طويل. [شرح التصريح/ 2/ 119، والأشموني/ 3/ 72، والمفضليات/ 224]. 256 - فذرني أجوّل في البلاد لعلّني … أسرّ صديقا أو يساء حسود البيت غير منسوب، وأنشده الشيخ خالد شاهدا على أن جميع حروف العطف يحصل بها الربط، قال: واحتجوا ببيت أنشده ثعلب. (البيت)، قال: وخرّج على أن التقدير: أو يساء بي حسود. [التصريح/ 1/ 305]. 257 - مستحقبي حلق الماذيّ يحفزه … بالمشرفيّ وغاب فوقه حصد البيت للزبرقان بن بدر (مخضرم) وصف جيشا وفرسانه. استحقبوا الحلق، جعلوه في حقائبهم وهي مآخير الرحال، والمراد لبسهم للدروع كأنه استحقاب، والحلق: جمع حلقة، والماذي: الدروع الصافية الحديد، اللينة الملمس، واحدته ماذية، يحفزه: أراد: يحفز الماذي يرفعه ويشمره، والضمير المستتر للجيش ولذلك وحّد الضمير، والمشرفي: السيف، وأراد: يحفزه بحمائل المشرفي، يرفع بها الدروع، والغاب: الرماح، سميت بمنبتها وهو الغاب، جمع غابة، والحصد: الصلب الشديد المحكم، والشاهد: حذف النون من «مستحقبي» للإضافة، كما يحذف التنوين من المفرد. [سيبويه/ 1/ 167، هارون]. 258 - أترضى بأنّا لم تجفّ دماؤنا … وهذا عروس باليمامة خالد البيت غير منسوب والشاهد: عروس: يستعمل للمذكر والمؤنث.

259 - وإن قال مولاهم على جل حادث … من الدهر ردوا فضل أحلامكم ردوا

259 - وإن قال مولاهم على جلّ حادث … من الدهر ردّوا فضل أحلامكم ردّوا البيت للحطيئة، يمدح آل قريع، وهم حيّ من تميم. والمولى هنا: ابن العم، وجلّ حادث، أي: حادث جليل. أي: إذا احتاج المولى إليهم عادوا عليه بفضل حلومهم ولم يخذلوه، والشاهد: كسر الكاف من أحلامكم تشبيها لها بهاء «أحلامهم» لأنها أختها في الإضمار ومناسبة لها في الهمس، وهي لغة ضعيفة، لأن أصل الهاء الضمّ والكسر عارض عليها، بخلاف الكاف، فحمل الكاف عليها بعيد ضعيف لأنها أبين منها وأشدّ. [سيبويه/ 4/ 197، هارون]. 260 - أقفر من أهله عبيد … فاليوم لا يبدي ولا يعيد لعبيد بن الأبرص. وقوله: لا يبدي ولا يعيد. هذا مثل في الهلاك، من غير نظر إلى مفرداته وهو في الأصل كناية، لأن الهالك لم يبق له إبداء ولا إعادة. [الخزانة/ 2/ 218]. 261 - فإن تكن الموسى جرت فوق بظرها … فما اختتنت إلا ومصّان قاعد البيت لزياد الأعجم، والمهجو خالد بن عتاب بن ورقاء، ومصان: هو الحجام، لأنه يمصّ الدم. ومصّان: شتم للرجل يعيّر برضع الغنم من أخلافها بفيه حتى لا يسمع صوت الحلب، والموسى: مؤنث يعود الضمير عليها مؤنثا. [اللسان - مصص، والشافية/ 291]. 262 - جاءت كبير كما أخفّرها … والقوم صيد كأنهم رمدوا البيت لصخر الغيّ. والبيت شاهد عند الكوفيين على أن «كما» تأتي بمعنى (كيما) وينصبون بها ما بعدها، ولا يمنعون جواز الرفع، وقال البصريون: إن البيت مروي برفع «أخفرها». [الإنصاف 585. والخزانة/ 10/ 224]. 263 - فإنّك من حاربته لمحارب … شقيّ ومن سالمته لسعيد البيت لأبي عزة عمرو بن عبد الله، وهو في [الهمع ج 1/ 139]، وفيه دخول اللام على الجزء الثاني من خبر (إنّ). 264 - تستنّ أعداد قريان تسنّمها … غرّ الغمام ومرتجّاته السّود

265 - ألا أيهذا المنزل الدارس الذي … كأنك لم يعهد بك الحي عاهد

البيت لذي الرّمة، والقريان: جمع قريّ على وزن فعيل مجرى الماء في الروض أو مجرى الماء في الحوض. [اللسان - قرا]. 265 - ألا أيّهذا المنزل الدارس الذي … كأنّك لم يعهد بك الحيّ عاهد البيت لذي الرّمة. وهو شاهد على نداء «أيّ» ووصفها باسم الإشارة «ذا» ووصف ذا بما فيه (ال) كما في البيت. [شرح المفصل ج 2/ 7، وشرح أبيات سيبويه ص 216]. 266 - أبني لبينى لستم بيد … إلّا يدا ليست لها عضد البيت لطرفة بن العبد، وقيل: لأوس بن حجر. والشاهد نصب «يدا» الثانية لوقوعها بعد «إلا» بدلا من محل الجار والمجرور، لتعذر حمله على لفظ المخفوض لأن ما بعد إلا موجب، والباء مؤكدة للنفي. ويروى «مخبولة العضد». والخبل: الفساد، والمعنى أنتم في الضعف وقلة الانتفاع كيد لا عضد لها. [شرح المفصل ج 2/ 90، وشرح أبيات سيبويه ص 240 وسيبويه/ 2/ 317]. 267 - تالله يبقى على الأيام مبتقل … جون السّراة رباع سنّه غرد البيت شاهد على حذف حرف النفي «لا» بعد القسم، والتقدير «والله لا يبقى» ونسبه ابن منظور في اللسان لمالك بن خويلد الخزاعي الهذلي. [اللسان، بقل، شرح المفصل/ 7/ 111]. 268 - ولقد سئمت من الحياة وطولها … وسؤال هذا الناس كيف لبيد .. البيت للشاعر لبيد بن ربيعة. والشاهد نيابة اسم الإشارة الذي هو للمفرد عن اسم الإشارة الدال على الجمع، فقوله «هذا الناس» أشار بالمفرد إلى الجمع. [شرح التصريح/ 1/ 129]. 269 - من رامها حاشا النبيّ ورهطه … في الفخر غطمطه هناك المزبد منسوب إلى عمر بن أبي ربيعة، وليس فيه مذاق شعر عمر. والغطمطمة: اضطراب الأمواج، وصوت السيل في الوادي، وصوت غليان الماء. والبيت شاهد على جرّ «حاشا» ما بعدها، ويجوز نصبه. [الهمع/ 1/ 232، واللسان «حشا»].

270 - إني لعند أذى المولى لذو حنق … وإن حلمي إذا أوذيت معتاد

270 - إني لعند أذى المولى لذو حنق … وإنّ حلمي إذا أوذيت معتاد لا يعرف قائله، وأنشده السيوطي شاهدا لدخول اللام على معمول الخبر، المتوسط بين اسم «إنّ» وخبرها. وهو قوله: «لعند أذى المولى» وبهذا تكون دخلت اللام على الخبر «لذو» وعلى معموله «لعند». [الهمع/ 1/ 139]. 271 - إذا كانت الهيجاء وانشقّت العصا … فحسبك والضّحاك سيف مهنّد .. منسوب لجرير، وهو شاهد على نصب، «والضحاك» على أنه مفعول معه، لتضمن الكلام، ما هو بمعنى الفعل وهو «حسبك» قال ابن يعيش: فنصب الضحاك، لامتناع حمله على الضمير المخفوض، وكأن معناه: يكفيك ويكفي الضحاك. [شرح المفصل/ ج 2/ 51]. 272 - إنّ الخليط أجدّوا البين فانجردوا … وأخلفوك عدا الأمر الذي وعدوا للفضل بن العباس بن عتبة اللهبي، نسبة إلى أبي لهب. والخليط: صاحب الرجل الذي يخالطه .. وانجردوا: اندفعوا، والشاهد في قوله: «عدا» فقد جاء مرة مرسوما، بعد الدال ألف. ومرة بدون ألف. فإن كان بالإلف فهو جمع (عدوة) أي ناحية، وإن رسم بدون ألف، فهو المصدر «عدة» حذفت التاء التي للتأنيث، للإضافة تخفيفا. [الأشموني/ ج 2/ 237 وج 4/ 341 وشرح التصريح/ 2/ 296]. 273 - أماتوا من دمي وتوعّدوني … وكنت ولا ينهنهني الوعيد منسوب لمالك بن رقية، بالياء أو بالباء. ويروى الشطر الأول هكذا: «تفانى مصعب وبنو أبيه»، والشاهد مجيء المضارع المنفي حالا، وكنت في البيت تامّة. [الأشموني/ 2/ 189، وعليه حاشية العيني]. 274 - لحبّ المؤقدان إلي مؤسى … وجعدة إذ أضاءهما الوقود لجرير من قصيدة مدح بها هشام بن عبد الملك. وقوله: لحبّ: اللام في جواب قسم مقدّر، وحبّ: فعل للمدح، والمؤقدان بالهمزة، فاعل، ومؤسى وجعدة مخصوصان بالمدح، وهما ولداه، والوقود: الحطب المشتعل، والبيت شاهد لهمز الواو الساكنة المسبوقة بضمة. وليست هذه لغة جرير، ولكنّهم نقلوها عن أبي حية النميري، وأنه كان

275 - متى تؤخذوا قسرا بظنة عامر … ولا ينج إلا في الصفاد يزيد

يقرأ هذا البيت بهمز (الموقدان وموسى)، واستشهدوا بهذه الرواية لصحة قراءة ابن كثير «بالسؤق والأعناق». الآية (33) من سورة ص. والأصح أن نستشهد بالقراءة على صحة بيت الشعر، لأن القراءة أوثق. [شرح أبيات المغني/ 8/ 77، والهمع والخصائص/ 2/ 175]. 275 - متى تؤخذوا قسرا بظنّة عامر … ولا ينج إلا في الصّفاد يزيد لا يعرف قائله. والظّنة: بكسر الظاء، التهمة، والصفاد: القيد. والبيت شاهد لحذف فعل الشرط بعد (متى)، والتقدير: متى تثقفوا تؤخذوا. [الأشموني ج 4/ 26، والهمع/ 2/ 63]. 276 - يبدو وتضمره البلاد كأنّه … سيف على شرف يسلّ ويغمد البيت للطرماح في وصف الثور. [الشعر والشعراء/ ص 104]. 277 - فلو أنّ ما أبقيت مني معلّق … بعود ثمام ما تأوّد عودها البيت منسوب لأبي العوام بن كعب بن زهير، ولكثير عزّة، وللحسين بن مطير، والبيت مثل للمبالغة والإفراط في وصف النحافة بسبب الحبّ والحرمان، ومثله قول المجنون: ألا إنما غادرت يا أمّ مالك … صدى أينما تذهب به الريح يذهب وقوله عمر بن أبي ربيعة: قليلا على ظهر المطيّة ظلّه … سوى ما نفى عنه الرّداء المحبّر وقال آخر: (بشار): إنّ في برديّ جسما ناحلا … لو توكّأت عليه لانهدم وقال المتنبي: روح تردّد في مثل الخلال إذا … أطارت الريح عنه الثوب لم يبن وقال: كفى بجسمي نحولا أنني رجل … لولا مخاطبتي إياك لم ترني

278 - وما هاج هذا الشوق إلا حمامة … تغنت على خضراء سمر قيودها

والثمام في البيت الشاهد، نبت ضعيف، له خوص، ربما حشى به، وتأوّد: أي: ما تعوج .. فصاحبنا صار من فراق الحبيبة وهجرانها، كأنه هباءة، إذ علقت على عود الثمام، ما تعوج، لأنه لا ثقل له. والشاهد في البيت وقوع خبر (أنّ) بعد «لو» اسما. وقد زعم الزمخشري أن «أنّ» إذا جاءت بعد «لو» يجب أن يكون خبرها فعلا .. وهذا باطل، دفعه قبل البيت، قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ [لقمان: 27]. [الأشموني ج 4/ 42]. 278 - وما هاج هذا الشوق إلا حمامة … تغنّت على خضراء سمر قيودها البيت لعليّ بن عميرة الجرمي، وروي لفظ «سمر» بالرفع، نعت ل «حمامة» المرفوع، وروي بالجرّ، على اعتبار «إلا» بمعنى «غير» وما بعدها مجرور. [الهمع/ 1/ 231]. 279 - تناولها كلب بن كلب فأصبحت … بكفّ لئيم الوالدين يقودها البيت منسوب للكميت، وإلى كثير: - والشاهد: «كلب» الأولى، حيث جاء مضموما بدون تنوين، لأنه موصوف ب (ابن) وقاسوا عليه المنادى العلم الموصوف (بابن) المضاف إلى علم، في جواز الضمّ بدون تنوين. [الهمع/ 1/ 179]. 280 - لقد علم الأقوام ما كان داءها … بثهلان إلا الخزيّ ممّن يقودها .. البيت غير منسوب في كتاب سيبويه، وشرح المفصّل، باب الأفعال الناقصة. قال ابن يعيش، ولك في «الخزي» الرفع والنصب، الرفع على أنه اسم كان مؤخر و «داءها» خبرها مقدم. والنصب على أنه هو الخبر. ذلك أن الاسم والخبر معرفتان، وهو مثل قوله تعالى: وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا [الأعراف: 82] وقوله تعالى: ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا [الجاثية: 25] ففي قوله تعالى «جواب» قرأ بعضهم برفع «جواب» وقرأ بعضهم برفع «حجتهم»، والشاعر في البيت يتحدث عن كتيبة، ويقول: لم يكن داء هذه الكتبية وسبب انهزامها في جبل ثهلان إلا جبن قائدها، جعل الفعل للخزي، والمراد صاحبه. [سيبويه/ 1/ 50، هارون، وشرح المفصل/ 7/ 96]. 281 - ما دام حافظ سرّي من وثقت به … فهو الذي لست عنه راغبا أبدا البيت غير منسوب وفيه تقديم خبر «ما دام»، وهو «حافظ» على اسمها «من». [شرح التصريح/ 1/ 188].

282 - أعني بخوار العنان تخاله … إذا راح يردي بالمدجج أحردا وأبيض مصقول السطام مهندا … وذا شطب من نسج داود مسردا

282 - أعنّي بخوّار العنان تخاله … إذا راح يردي بالمدجّج أحردا وأبيض مصقول السّطام مهنّدا … وذا شطب من نسج داود مسردا .. البيتان لكعب بن جعيل التغلبي، وهما في كتاب سيبويه ج 1/ 76، قال النحاس: في ذيل البيتين: وإنما الحجة في النصب، ولو جاء به على الأصل لقال: وأبيض مصقول السطام مهنّد، والسطام: حديدة الرمح، وخوار العنان، يعني فرسا لين العطف. 283 - وأين ركيب واضعون رحالهم … إلى أهل نار من أناس بأسودا لعبد قيس بن خفاف. وأنشده ابن يعيش شاهدا على أن «ركيب» تصغير «ركب» وأن «ركب» اسم مفرد واقع على الجمع، ولو كان جمعا لراكب، لقيل في التصغير: «رويكبون» لجمع المذكر، ورويكبات، لجمع المؤنث، لأن تصغير جمع الكثرة يكون لمفرده، ثم يجمع. [شرح المفصل/ 5/ 77، ونوادر أبي زيد/ 114]. 284 - سرينا إليهم في جموع كأنّها … جبال شرورى لو تعان فتنهدا غير منسوب، وقوله: فتنهدا: من نهد إلى العدو، أي: نهض، والشاهد: نصب فتنهدا: بأن مضمرة بعد الفاء، في جواب التمني المفهوم من «لو». [الأشموني/ 4/ 33، والعيني/ 4/ 413، 465]. 285 - أتيت حريثا زائرا عن جناية … وكان حريث في عطائي جاهدا للأعشى، وحريث: يريد الحارث بن وعلة. وأنشده السيوطي، على أن التصغير لا يبطل العلمية، ولو كان منكرا لأدخل عليه ال. [الهمع/ 1/ 74]. 286 - إذا تأوّب نوح قامتا معه … ضربا أليما بسبت يلعج الجلدا لعبد مناف بن ربع الجربيّ. يذكر حال أختين له، والسّبت: بكسر السين: الجلد المدبوغ، كان النساء يلطمن خدودهن به، ويلعج: يحرق، يقال: وجد لاعج الحزن، أي: حرقته. والجلد: بكسر اللام، لغة في سكونها، أراد: جلد وجهها. وقوله: ضربا، أي: وضربتا ضربا. وأنشده السيوطي في الهمع شاهدا على أن تحريك لام (الجلد) ضرورة شعرية. فكيف تكون ضرورة، وهي لغة فيه. [الهمع/ 2/ 157، والخزانة/ 7/ 46].

287 - رجالي حتى الأقدمون تمالؤوا … على كل أمر يورث المجد والحمدا

287 - رجالي حتى الأقدمون تمالؤوا … على كل أمر يورث المجد والحمدا .. غير منسوب، وتمالؤوا: أي: اجتمعوا، وفيه شاهد على أن «حتى» لمطلق الجمع ولا تفيد الترتيب في العطف، وفي البيت عطف «الأقدمون» وهم سابقون. [الأشموني/ 3/ 98، والهمع/ 2/ 136]. 288 - ما إن جزعت ولا هلع … ت ولا يردّ بكاي زندا البيت للشاعر عمرو بن معد يكرب، من قصيدته التي مطلعها: ليس الجمال بمئزر … فاعلم وإن ردّيت بردا وقبل البيت الشاهد: كم من أخ لي صالح … بوّأته بيديّ لحدا وقوله: ولا هلعت، الهلع: أفحش الجزع، لأنه جزع مع قلّة الصبر. وقوله: ولا يرد .. زندا: أراد ولا يرد بكاي شرره، فذكر الزند وأراد ما يخرج منه عند القدح. وقيل: ذكر الزند تقليلا لعائدة الحزن، والشاهد: ما إن جزعت .. جاءت (إن) زائدة. [شرح الحماسة للمرزوقي ج 1/ 180]. 289 - رمى الحدثان نسوة آل حرب … بمقدار سمدن له سمودا البيت منسوب لعبد الله بن الزبير - بفتح الزاي - من أبيات تختلط بغيرها، والحدثان: بالتحريك، الحادثة ونائبة الدهر، والمقدار: ما قدّره الله، وفيه قلب، أي: رمى تقدير الله نسوة آل حرب بحدثان، والسّمود: تغيّر الوجه من الحزن. [الخزانة/ 2/ 264]. والبيت التالي: فردّ شعورهنّ السّود بيضا … وردّ وجوههنّ البيض سودا 290 - لقد نلت (عبد الله) وابنك غاية … من المجد من يظفر بها نال سؤددا البيت بلا نسبة في همع الهوامع 2/ 138، وفيه العطف على ضمير الرفع المتّصل مع الفصل بالنداء، وهو «عبد الله». 291 - أتوعدني بقومك يا ابن حجل … أشابات يخالون العبادا

292 - تمنى لقائي الجون مغرور نفسه … فلما رآني ارتاع ثمة عردا

بما جمّعت من حضن وعمرو … وما حضن وعمرو والجيادا البيتان للشاعر شقيق بن جزء بن رياح الباهلي. والأشابات: الأخلاط من الناس ها هنا: جمع أشابة بالضم. ونصبها على الذمّ. والعباد: هنا: جمع عبد، وهي بمعنى العبيد، وحضن وعمرو، قبيلتان. والجياد: جمع الجواد من الخيل. أي: ليسا من الجياد وركوبها في شيء، ليسوا فرسانا معروفين، والشاهد: في البيت الثاني، نصب «الجيادا» حملا على معنى الفعل، أي: وملابستهما الجياد. [سيبويه/ 1/ 304 هارون]. 292 - تمنّى لقائي الجون مغرور نفسه … فلما رآني ارتاع ثمّة عرّدا غير منسوب، والشاهد «مغرور نفسه» حيث أجري اسم المفعول كالصفة المشبهة في رفع السببي أو جره أو نصبه. [الهمع/ 2/ 101، والتصريح/ 2/ 72]. 293 - لو كنتم منجدي حين استعنتكم … لم تعدموا ساعدا منّي ولا عضدا غير منسوب. وفيه حذف نون جمع المذكر السالم من «منجدي» ضرورة، لغير سبب مقبول في قواعد النحو. [الهمع/ 1/ 50]. 294 - ما كان أسعد من أجابك آخذا … بهداك مجتنبا هوى وعنادا لعبد الله بن رواحة يخاطب النبي صلّى الله عليه وسلّم، والشاهد: زيادة كان بين «ما» وفعل التعجب، وآخذا: حال، وكذا مجتنبا، وهوى: مفعول مجتنبا وعنادا، معطوف. [الأشموني/ 3/ 25، والعيني/ 3/ 663]. 295 - أجرى قلائدها وخدّد لحمها … أن لا تذوق مع الشكائم عودا .. البيت لجرير يصف خيلا هزلت. وخدد لحمها: أي: أهزله. وتخديد اللحم: إذا ضمرت الدواب. والشكائم: جمع شكيمة، وهي من اللجام الحديدة المعترضة في فم الفرس. يقول: إن الذي أهزلها أنها دائما ملجمة. وأن: مخففة، اسمها ضمير شأن. وجملة تذوق خبرها. وفي اللسان، أن لا يذقن ... [اللسان - خدد والديوان ج 1/ 339]. 296 - آليت لا أعطيه من أبنائنا … رهنا فيفسدهم كمن قد أفسدا حتّى يفيدك من بنيه رهينة … نعش، ويرهنك السّماك الفرقدا

297 - حزق إذا ما القوم أبدوا فكاهة … تفكر آإياه يعنون أم قردا

للأعشى ميمون. والبيت الأول شاهد على جمع «رهن» على «رهن» والبيت الثاني شاهد على جواز القول: رهنته الشيء. [اللسان - رهن]. 297 - حزقّ إذا ما القوم أبدوا فكاهة … تفكّر آإيّاه يعنون أم قردا أنشده أبو زيد في نوادره، قال: أنشدناه الأعراب، وأنشده الجوهري في معجمه. والحزقّ بوزن عتلّ: القصير الذي يقارب الخطو. والفكاهة: ما يتفكه به من الحديث. يقول: إذا تفاكه القوم وتمازحوا ووصفوا القصير، تفكّر هذا الرجل، هل هو المعنيّ، أم القرد. والشاهد: آإياه: بإدخال الألف بين همزة الاستفهام، وبين الهمزة من إيّاه، وقرأ ابن عامر «آأنذرتهم أم لم تنذرهم» [البقرة: 6] و «آئنك لأنت يوسف» [يوسف: 90]. [شرح المفصل/ 9/ 119، والهمع/ 1/ 155، والشافيه/ 349، والبيت لجامع بن عمرو]. 298 - بربّك هل للصبّ عندك رأفة … فيرجو بعد اليأس عيشا مجدّدا غير منسوب، وفيه تلقّي القسم، بالطلب، الذي هو الاستفهام من قوله: «هل للصبّ». [الهمع/ 2/ 41]. 299 - سقى الحيا الأرض حتى أمكن عزيت … لهم فما زال عنها الخير مجدودا البيت غير منسوب. والحيا: المطر، وعزيت: نسبت. والمجدود: بالدال المهملة، والمعجمة. المقطوع. وذكر ابن هشام البيت على أنّ فيه قرينة على عدم دخول ما بعد حتى في حكم ما قبلها، لأن قرينة دعائه على أمكنتهم بدوام قطع الخير عنها يقتضي عدم دخولها في الأرض المدعوّ لها بالسقيا. [شرح أبيات المغني ج 3/ 99، والأشموني/ 2/ 214]. 300 - أريني جوادا مات هزلا لعلّني … أرى ما ترين أو بخيلا مخلّدا .. قاله حطائط بن يعفر، أخو الأسود. يخاطب أمه أو زوجه، وقد عاتبنه على جوده. ويروى في كتب النحو «لأنّني» بدل «لعلني» بفتح لام «لأنني» وهي بمعنى لعلني، يقال: ائت السوق لأنك تشتري لنا شيئا. أي: لعلك، ويقال: أنك تشتري، كما تقول: علّك،

301 - لنا مرفد سبعون ألف مدجج … فهل من معد فوق ذلك مرفدا

ولعلّك. ويقال في هذا المعنى «لعنّك» وإبدال الهمزة من العين والعين من الهمزة كثير لا ينكر. [المرزوقي/ 1733، وشرح المفصل/ ج 8/ 78]. 301 - لنا مرفد سبعون ألف مدجّج … فهل من معدّ فوق ذلك مرفدا البيت لكعب بن جعيل، وهو في كتاب سيبويه. قال النحاس: البيت حجة لنصب «مرفد» الثاني، ونصبه على الحال، كأنه أراد: فهل من معدّ مرفد فوق ذلك، وهذا كلام تام. والمرفد: ما يرفدهم، أي: يقويهم. وفي شرح المفصل أن «مرفدا» منصوب على التمييز لنوع الاسم المبهم المشار إليه. [شرح المفصل/ 2/ 114]. 302 - ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا … فعرّدت فيمن كان عنها معرّدا البيت بلا نسبة في الأشموني 2/ 21، وشرح التصريح 1/ 248، وعرّد: انهزم، والشاهد: ظنّ: من أفعال الرجحان، نصب مفعولين، الأول: الكاف والثاني «صاليا» من (صلي النار)، إذا قاسى حرّها. 303 - ألا أيّهذا السائلي أين يمّمت … فإنّ لها من أهل يثرب موعدا للأعشى من قصيدته التي قالها في مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يكتب له اللقاء والإسلام لقصة ليس لها سند صحيح، وفيها اضطراب. وانظرها في السيرة ... وقوله: ألا: أداة تنبيه. وأيّ: منادى. وهذا: وصف. والسائلي: وصف لاسم الإشارة. قال في «الهمع» وشرط أبو الحسن الصائغ لجواز وصف «أي» باسم الإشارة - في النداء - أن يكون اسم الإشارة منعوتا بما فيه ال .. وأنشد البيت. [الهمع/ 1/ 175، والمقتضب/ 4/ 259]. 304 - لم يبق إلا المجد والقصائدا … غيرك يا ابن الأكرمين والدا .. لم أعرف قائله. قال الكسائي في نحو «ما قام إلّا زيد» مع الرفع على الفاعلية، النصب على الاستثناء، قال أبو حيّان: وهو مبنيّ على ما أجازه من حذف الفاعل، وجوّز أيضا بناء عليه، الرفع على البدل من الفاعل المحذوف. ووافق الكسائي على إجازة النصب طائفة واستدلوا بقوله: (البيت) يروى بنصب المجد، و «غير» أي: لم يبق أحد غيرك. وأجيب بأنّ «غير» فاعل مرفوع، والفتحة بناء، لإضافته إلى مبني .. قال أبو أحمد: وقول الكسائي ومن وافقه، مقبول ومعقول، .. والكسائي عالم فهّامة وذوّاقة، ولكن عميت عنا آراؤه، بسبب التعصب للمذهب البصري، وقد ضللنا أشياخنا أيام

305 - لئن أمست ربوعهم يبابا … لقد تدعو الوفود لها الوفودا

الطلب، فأوهمونا أن رأي الكوفيين في النحو «كخ» ورأى البصريين هو «الدّح». [الهمع/ 1/ 223]. 305 - لئن أمست ربوعهم يبابا … لقد تدعو الوفود لها الوفودا غير منسوب، قال السيوطي: وشذّ دخول اللام في جواب القسم المضارع المسبوق ب (قد) وأنشد البيت. [الهمع/ 2/ 42، والخزانة/ 10/ 76]. 306 - ومن فعلاتي أنّني حسن القرى … إذا الليلة الشهباء أضحى جليدها لعبد الواسع بن أسامة، أو «أمامة» والليلة الشهباء: المجدبة الباردة. وأضحى جليدها، أي: دخل جليدها في وقت الضحى، يريد أنه طال مكثه لشدة البرد، ولم يذب عند ارتفاع النهار. والبيت شاهد لأضحى التامة، تكتفي بالمرفوع، لأن المعنى: بقي جليدها حتّى أضحى. يصف الشاعر نفسه بالكرم وأنه حسن القرى للأضياف حتّى عند عزّة الطعام والجدب. [شرح المفصل/ 7/ 103، والأشموني ج 1/ 236، والهمع/ 1/ 116]. 307 - متى تأتني أصبحك كأسا رويّة … وإن كنت عنها ذا غنى فاغن وازدد من معلقة طرفة. والاستشهاد به لاستعمال «متى» شرطية، جزمت فعلين: (تأت، وأصبحك. [شرح المفصل/ 7/ 46، وسيبويه/ 2/ 303، والمعلقة]. 308 - وعرق الفرزدق شرّ العروق … خبيث الثرى كابي الأزند لجرير في هجاء الفرزدق، والشاهد: ظهور الضمة على آخر الاسم المنقوص (كابي). [الهمع/ 1/ 53، والعيني/ 1/ 224]. 309 - ملئت رعبا وقوم كنت راجيهم … لمّا دهمتك من قومي بآساد البيت بلا نسبة في الهمع 2/ 138، وفيه العطف على ضمير الرفع المتصل، مع الفصل بالتمييز فقوله «وقوم» معطوف على التاء في ملئت، ورعبا: تمييز. 310 - أسود شرى لاقت أسود خفيّة … تساقوا على حرد دماء الأساود البيت للأشهب بن رميلة. والشرى: مكان كثير الأسد، وخفيّة: مأسدة أيضا، وحرد:

311 - نسيتك ما دام عقلي معي … أمد به أبد السرمد

بفتح الحاء وسكون الراء، مصدر حرد، بمعنى قصد، وبمعنى غضب، ودماء: مفعول تساقوا، أي: سقي كل منهم دم الأساود. والأساود: إما جمع أسود، وهو العظيم من الحيّات وإما جمع أسود، وهو جمع أسد، فيكون جمع الجمع، والمراد بالأساود الشجعان، وقيل: الأساود: شخوص الموتى. ويروى البيت هكذا: وكانوا بني ساداتنا فكأنّما … تساقوا على لوح دماء الأساود واللوح: العطش. [الخزانة ج 6/ 27، واللسان «حرد»]. 311 - نسيتك ما دام عقلي معي … أمدّ به أبد السّرمد البيت لأميّة بن أبي عائذ الهذليّ. وأمدّ: أزيد. وضمير (به) لدوام العقل، أي: أصل بدوام عقلي أبد السرمد. وأبد: بالباء الموحدة، والأبد: الدهر الطويل الذي ليس بمحدود. إذا قلت: لا أكلمه أبدا، فالأبد من لدن تكلمت إلى آخر عمرك، والسرمد: دوام الزمان من ليل ونهار، والسرمد: الدائم. [شرح أبيات المغني ج 7/ 334]. 312 - لعلّ الله يمكنني عليها … جهارا من زهير أو أسيد البيت لخالد بن جعفر بن كلاب من هوازن، فارس شاعر جاهلي. وزهير، هو ابن جذيمة العبسي، كان يأخذ الأتاوة من هوازن، فأساء إليها. وأسيد بفتح الهمزة وكسر السين، أخو زهير، وقول الشاعر: يمكنني عليها: الضمير راجع إلى فرس ذكرها في أبيات سابقة. فهو يرجو أن تكون له هذه الفرس، ليتمكن عليها من زهير وأخيه، والشاهد: لعلّ الله، قالوا: إن لعلّ هنا حرف جرّ، ولفظ الجلالة مجرور. وهي رواية سماعية، أي: سمعوا العرب ينشدونها كذلك، ويجوز في لعل الجارة، فتح لامها الأخيرة وكسرها «لعلّ»، فإن صح هذا السماع، تكون لعلّ حرف جر شبيه بالزائد، ومجرورها مبتدأ، وجملة يمكنني خبر المبتدأ، والله أعلم. [الخزانة/ 10/ 438، وشرح التصريح/ 2/ 2]. 313 - إلى هادرات صعاب الرؤوس … قساور للقسور الأصيد البيت للفرزدق،. وهادرات: يعني جماعات تفخر ويعلو صوتها ويتسع. فشبهها بالفحول التي تردد أصواتها. صعاب الرؤوس: لا تنقاد ولا تذل. والقسور: الشديد. والأصيد: الرافع رأسه عزة وكبرا، والشاهد: جمع قسور على قساور، وتصحيح الواو

314 - كيف القرار ببطن مكة بعد ما … هم الذين تحب بالإنجاد أم كيف صبرك إذ ثويت معالجا … سقما خلافهم وسقمك باد

في الجمع وإن كانت زائدة، وذلك لقوتها فيه بالحركة وجريها مجرى الأصلي حيث كانت للإلحاق، فإذا صغّر سلمت فيه الواو كما سلمت في الجمع. [سيبويه/ 3/ 470، هارون]. 314 - كيف القرار ببطن مكة بعد ما … همّ الذين تحبّ بالإنجاد أم كيف صبرك إذ ثويت معالجا … سقما خلافهم وسقمك باد البيتان لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه، [والمقتضب/ 3/ 291]. 315 - لو اعتصمت بنا لم تعتصم بعدى … بل أولياء كفاة غير أوغاد البيت غير منسوب. والوغد: الذي يخدم بطعام بطنه. ويروى «أوكال» جمع «وكل» وهو العاجز، وأنشده السيوطي لردّ قول المبرد أن «بل» تنقل حكم ما قبلها لما بعدها في النفي والنهي. [الهمع/ 2/ 136]. 316 - فأمّا واحدا فكفاك مثلي … فمن ليد تطاوحها الأيادي نسب أبو زيد في نوادره هذا البيت إلى رجل من عبد شمس، جاهلي، وذكر أنّ اسمه نفيع، بالنون والفاء على زنة التصغير، وقال أبو حاتم إن اسمه «نقيع، بالنون المفتوحة والقاف». وتطاوحها الأيادي، أي: ترامى بها، والأيادي: جمع يد. وطاح الشيء: ذهب. أي: أكفيك واحدا، فأما إذا كثرت الأيادي، فلا طاقة لي بها ونصب «واحدا» ب «كفاك» كما تقول: أما درهما فأعطاك زيد، وليس نصبه بفعل مضمر، كما أضمروا في قوله: ألا رجلا جزاه الله خيرا … يدلّ على محصّلة تبيت والمحصلة: التي تحصل تراب المعدن. وذكر ابن يعيش البيت شاهدا على جمع «اليد» على الأيادي. [شرح المفصل ج 5/ 75]. 317 - فآليت لا أنفكّ أحدو قصيدة … تكون وإيّاها بها مثلا بعدي البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وكان يعشق امرأة، فأرسل إليها ابن اخته رسولا فعشقته، وعفّت عن أبي ذؤيب، فلما أيقن أبو ذؤيب بغدر خالد، صرمها فأرسلت تترضاه فلم يفعل، فقال قطعة منها هذا البيت. والبيت من شواهد النحويين في باب المفعول معه.

318 - إذا الخمس والخمسين جاوزت فارتقب … قدوما على الأموات غير بعيد

وأحدو: بدال مهملة، من حدوت البعير إذا سقته وأنت تتغنى في أثره، لينشط في السير. ويروى «أحذو» بالذال المعجمة، أي: أصنع وأهيّئ، كما تحذى النعل على المثال، إذا سويت عليه، والضمير في «وإياها» يعود على المرأة، كأنه قال: حلفت لا أزال أصنع قصيدة تكون مع هذه المرأة مثلا بعدي، أي: إنها تبقى ما بقي الدهر، ونصب وإياها: على المفعول معه، بتوسط الواو، لمّا لم يمكنه العطف. ويروى الشطر الثاني: أدعك وإياها، ويروى: «تكونان فيها للملا مثلا بعدي» وعلى هذا فلا شاهد فيه، والله أعلم [الخزانة/ 8/ 515]. 318 - إذا الخمس والخمسين جاوزت فارتقب … قدوما على الأموات غير بعيد البيت بلا نسبة في الهمع 2/ 150، وفيه دخول «أل» على المتعاطفين من الأعداد. 319 - يلاعب الريح بالعصرين قصطله … والوابلون وتهتان التجاويد البيت في لسان العرب لصخر الغيّ، ولأبي صخر الهذلي في أشعار الهذليين. وقال الأصمعي: الجود: أن تمطر الأرض حتى يلتقي الثّريان. وقول صخر الغي «التجاويد» يكون جمعا لا واحد له، كالتعاجيب والتعاشيب، والتباشير، وقد يكون جمع تجواد. [اللسان - جود، والعيني/ 1/ 162]. 320 - ردّت عليه أقاصيه ولبّده … ضرب الوليدة بالمسحاة في الثأد البيت للنابغة الذبياني من قصيدة مدح بها النعمان بن المنذر، واعتذر إليه مما بلغه عنه، وهذا أولها: يا دار مية بالعلياء فالسّند … أقوت وطال عليها سالف الأبد وقفت فيها أصيلا كي أسائلها … عيّت جوابا وما بالرّبع من أحد إلا الأواريّ لأيا ما أبّينها … والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد ردّت عليه ... البيت والأواريّ: محبس الدابة. والنؤي: حفيرة حول الخباء والبيت يجعل ترابها حاجزا حولهما لئلا يصل إليهما ماء المطر. والمظلومة: الأرض التي حفر فيها في غير موضع

321 - إليه تلجأ الهضاء طرا … فليس بقائل هجرا لجاد

الحفر، والجلد: الصلبة. وقوله: ردّت: مبني للمجهول. وأقاصيه: نائب فاعل، والضمير للنؤي والأقاصي: الأطراف، وما بعد عنه. ولبّده: سكّنه. والثأد: الموضع النديّ التراب، والوليدة: الأمة. 321 - إليه تلجأ الهضّاء طرّا … فليس بقائل هجرا لجاد البيت لأبي دواد يرثي أبا بجاد، الهضاء: الجماعة من الناس. ورجل جاد: سائل طالب للجدوى. [اللسان - جدا - هضض]. 322 - إنّ اختيارك ما تبغيه ذا ثقة … بالله مستظهرا بالحزم والجلد البيت بلا نسبة في الهمع 1/ 136. وفيه حذف الخبر، وجوبا إذا سدّ مسدّه حال وهو قوله «مستظهرا» وحذف خبر (إنّ). 323 - كم دون ميّة موماة يهال لها … إذا تيمّمها الخرّيت ذو الجلد البيت منسوب لذي الرّمة. وهو في الأشموني ج 4/ 81، وفيه الفصل بين (كم) الخبرية، وتمييزها بالظرف، مع جرّ التمييز والأكثر نصبه. 324 - جماد لها جماد ولا تقولن … طوال الدهر ما ذكرت: حماد البيت من قصيدة للمتلمس، وقبل البيت مما يفهم به المعنى: صبا من بعد سلوته فؤادي … وسمّح للقرينة بانقياد كأنّي شارب يوم استبدّوا … وحثّ بهم وراء البيد حادي عقارا عتّقت في الدّنّ حتّى … كأنّ حبابها حدق الجراد جماد لها .. وقوله: «سمّح» بمعنى ذلّ، وفاعله ضمير الفؤاد. والقرينة: النفس، واستبدّوا: الضمير يعود على قوم حبيبته. واستبد: أي انفرد بالأمر. وقوله: جماد - بالجيم: الجمود. والكلمة الأخيرة «حماد» بالمهملة: الحمد. وهما اسمان للجمود والحمد معدولان، ولذلك بنيا على الكسر. ويقال للبخيل: جماد له، مثل قطام - أي: لا يزال جامد الحال. وفي البيت يقول: أجمد الله خيرها، أي: قلّله، يعني: الخمر. وزعم بعض الشرّاح أنه

325 - فمن نال الغنى فليصطنعه … صنيعته ويجهد كل جهد

دعا على امرأة، وليس كذلك، وإنما قال من قال هذا لأنه لم يقرأ البيت في سياقه. وروي البيت (ولا تقولي) وهو محرف من نون التوكيد الخفيفة، لأنه خطاب لمذكر. ويؤيده رواية «ولا تقولوا». [الخزانة/ 6/ 339]. 325 - فمن نال الغنى فليصطنعه … صنيعته ويجهد كلّ جهد البيت لأحيحة بن الجلاح، شاعر جاهلي من يثرب. والشاهد: حذف لام الأمر مع إعمالها في قوله «ويجهد» على أنه إذا خرّج على العطف على المجزوم قبله لم يكن فبه ضرورة. [سيبويه/ 3/ 9، هارون]. 326 - دار الفتاة التي كنّا نقول لها … يا ظبية عطلا حسّانة الجيد البيت للشماخ، وحسّانة، أي: حسنه، ونصب «دار» بإضمار أعني، ويروى بالرفع. [اللسان - حسن، وشرح المفصل/ 5/ 66]. 327 - ولو علم الأقوام كيف خلفتهم … لربّ مفدّ في القبور وحامد البيت بلا نسبة في الهمع 2/ 26، وفيه وقوع «ربّ» جوابا (للو) فلم تصدّر. 328 - وقد أعددت للعذّال عندي … عصا في رأسها منوا حديد البيت بلا نسبة في الأشموني 4/ 112. ومنوا: مثنى المنا: وهو الكيل أو الميزان الذي يوزن به، بفتح الميم، مقصور يكتب بالألف، وتثنيتنه منوان، ومنيان، قالوا: وهو أفصح من «المنّ» وبنو تميم يقولون «منّ» وجمعه أمنان، وتثنيته منّان. [اللسان - مني]. 329 - أهان دمّك فرغا بعد عزّته … يا عمرو بغيك إصرارا على الحسد .. غير منسوب، ويقال: ذهب دمه فرغا، أي: باطلا هدرا، لم يطالب به، وفي البيت تضعيف ميم «دمّ» لغة في تخفيفها. [الهمع 1/ 40]. 330 - وأنت الذي يا سعد أبت بمشهد … كريم وأثواب السيادة والحمد لحسان بن ثابت، وفيه الفصل بين الموصول وصلته بالنداء. [الهمع 1/ 88]. 331 - أليس أكرم خلق الله قد علموا … عند الحفاظ بنو عمرو بن حنجود

332 - فما سبق القيسي من سوء سيرة … ولكن طغت علماء غرلة خالد

غير منسوب، وأكرم: خبر ليس مقدم، وبنو عمرو: اسمها مؤخر. [سيبويه/ 1/ 235، واللسان «حنجد»]. 332 - فما سبق القيسيّ من سوء سيرة … ولكن طغت علماء غرلة خالد للفرزدق في مدح عمر بن هبيرة الفزاري، وهجاء خالد بن عبد الله القسري. والشاهد «علماء» أصله «على الماء» حذفت من «على» اللام والألف للتخفيف، وركبت العين مع الماء. وأراد الشاعر بالقيسي: عمر بن هبيرة، لأن فزراة من قيس، وكان قد عزل عن العراق، وولي خالد بن عبد الله القسري في مكانه، فمدح الفرزدق عمر بن هبيرة وهجا خالدا. ومعنى طفت: ارتفعت وعلت. والغرلة: جلدة الذكر وإنما ذكر هذا تعريضا بأم خالد، لأنها نصرانية فجعله على ملتها، وجعله في رفعته عليه بالولاية، وإن كان أفضل منه، كالجيفة تطفو على الماء وتعلو. [سيبويه/ 4/ 485، هارون، والخزانة/ 7/ 106، وشرح المفصل/ 10/ 155]. 333 - فكنت كالساعي إلى مثعب … موائلا من سبل الراعد البيت لسعيد بن حسان. والمثعب: مجرى الماء من الميزاب. والموائل: اللاجئ الهارب، والسّبل: بفتحتين: المطر. والراعد: سحاب ذو رعد. يقول: أنا في التجائي إليه كالهارب من السحاب ملتجئا إلى الميزاب، ومثله قول الشاعر: المستجير بعمرو عند كربته … كالمستجير من الرمضاء بالنار .. وقبل البيت الشاهد: فررت من معن وإفلاسه … إلى اليزيديّ أبي واقد [الخزانة/ 1/ 322]. 334 - في خمس عشرة من جمادى ليلة … لا أستطيع على الفراش رقادي البيت بلا نسبة في الهمع 1/ 254، وفيه الفصل بين العدد والتمييز، للضرورة. 335 - إذا ما عدّ أربعة فسال … فزوجك خامس وأبوك سادي

336 - إلى ردح من الشيزى ملاء … لباب البر يلبك بالشهاد

البيت منسوب لامرئ القيس، وهو في الأشموني 4/ 336، والهمع 2/ 157، واللسان (فسل)، وفسال: جمع فسل: وهو الرّذل، النذل، الذي لا مروءة له، وقوله: سادي: يريد السادس، فأبدل من السين ياء، والأصل في العدد ست وستة، سدس، وسدسة، ولكنهم أرادوا إدغام الدال في السين، فالتقيا عند مخرج التاء فغلبت عليها، كما غلبت الحاء على العين في لغة سعد، فيقولون: «محهم» في معنى معهم، ولذلك تصغر «ستة» «سديسة». 336 - إلى ردح من الشّيزى ملاء … لباب البرّ يلبك بالشّهاد البيت في لسان العرب: «ردح» منسوب إلى أمية بن أبي الصلت. وفي «شيز» منسوب إلى ابن الزّبعرى. والرّدح: جمع «رداح» وجفنة رداح، عظيمة. والشيزى: شجر تعمل منه القصاع والجفان. قيل: هو شجر الجوز. والشّهاد: جمع واحدته شهدة، وشهدة وهو العسل في شمعه، وقيل: العسل مطلقا. وفيه زيادة «ال» على المضاف إليه التمييز، في قوله «لباب البرّ». [الهمع/ 1/ 80، وديوان أميّة بن أبي الصلت]. 337 - الضاربون عميرا عن ديارهم … بالتلّ يوم عمير ظالم عادي البيت بلا نسبة في شواهد التوضيح ص 89، وفيه نصب «عميرا» باسم الفاعل المجموع، لأنّه لم يحذف النون من الجمع، وإضافة «يوم» إلى الجملة الاسمية «عمير ظالم». 338 - علم القبائل من معدّ وغيرها … أنّ الجواد محمد بن عطارد البيت في كتاب سيبويه ج 2/ 27، وفي كتاب الإنصاف/ 505 والممدوح، أحد بني تميم وسيدهم في الاسلام، وفيه ترك صرف «معدّ» حملا على معنى القبيلة، والأكثر في كلامهم صرفه اسما للحيّ. 339 - وفاء يا معيّة من أبيه … لمن أوفى بعهد أو بعقد البيت غير منسوب، وهو في شرح المفصل ج 5/ 126. والشاهد فيه، قوله «معيّة» بميم مضمومة وعين مهملة مفتوحة وياء مشددة في تصغير «معاوية» بحذف الألف وقلب الواو ياء.

340 - فإنك موشك أن لا تراها … وتعدو دون غاضرة العوادي

340 - فإنّك موشك أن لا تراها … وتعدو دون غاضرة العوادي البيت لكثير عزّة في ديوانه، وهو في الأشموني 1/ 265. والهمع 1/ 129، وغاضرة اسم امرأة، والشاهد استعمال «موشك» من أوشك، و «أن لا تراها» خبر موشك. 341 - ومن يتّق فإنّ الله معه … ورزق الله مؤتاب وغادي البيت غير منسوب وهو في اللسان «وقى، وأوب»، وقوله «يتق» قال ابن منظور إنما أدخل جزما على جزم. وقال ابن سيده: فإنه أراد «يتق» فأجرى «تقف» من «يتق فإنّ» مجرى علم، فخفف، كقولهم «علم في علم»، ومؤتاب من آب، بمعنى رجع. [الهمع/ 1/ 52، والخصائص/ 1/ 306]. 342 - قامت به تنشد كلّ منشد … فايتصلت بمثل ضوء الفرقد البيت غير منسوب، والشاهد قوله: فايتصلت: وأصله فاتصلت، فلما استثقل الشاعر اجتماع التاءين وادغامهما، قلب الأولى منهما ياء. هذا، وأصل اتصلت اوتصلت فالفاء واو في الأصل، فلما وقعت قبل تاء الافتعال قلبت تاء وأدغمت في تاء الافتعال. [شرح المفصل/ 10/ 26، والأشموني/ 4/ 337، واللسان/ وصل]. 343 - قرنبى يحكّ قفا مقرف … لئيم مآثره قعدد .. البيت للفرزدق. والقرنبى: الجعل. والمقرف: اللئيم الأب. والقعدد: اللئيم، قال النحاس: البيت حجة لتذكير «لئيم» وكان وجهه أن يقول: لئيمة، لأن المآثر مؤنث. والبيت من مناقضة يناقض بها جريرا، وقد جعل أبا جرير كالقرنبى. والمقرف أراد به عطية والد جرير، وقد أساء الفرزدق وجرير في هذه النقائض إلى آبائهما، لأنهما كانا سببا في سبّ من ليس لهما ذنب في هذه المعركة الخاسرة في الدنيا والآخرة. ولو قصرا الهجاء على شخص الخصم لكان أولى. وقد أحدثا في الأمّة شرخا لم يلئم بعد، وزادا على ما كان في الجاهلية الجهلاء، وما هذه النعرات التي نسمعها في الإذاعات إلا من عقابيل هذا الداء الوبيل، الذي استشرى واستوطن، ونعوذ بالله من عواقبه. [سيبويه/ 2/ 44، هارون]. 344 - ولا يرهب ابن العمّ منّي صولة … ولا أختتي من صولة المتهدّد وإني إن أوعدته أو وعدته … ليأمن ميعادي ومنجز موعدي

345 - أنا الرجل الضرب الذي تعرفونه … خشاش كرأس الحية المتوقد

البيتان لعامر بن الطفيل، وقوله: أختتي: من اختتأ من فلان، أختبأ منه، واستتر خوفا، أو حياء، وإنما ترك همزة ضرورة. [اللسان ختأ]. 345 - أنا الرّجل الضّرب الذي تعرفونه … خشاش كرأس الحيّة المتوقّد من معلقة طرفة بن العبد. والضرب: الخفيف اللحم. والخشاش: الماضي. والمتوقد: السريع. والشاهد: إعادة ضمير الغيبة على الموصول الواقع خبرا عن متكلم، وهو الأكثر. [شرح المعلقات، والهمع/ 1/ 86]. 346 - خمولا وإهمالا وغيرك مولع … بتثبيت أسباب السّيادة والمجد البيت بلا نسبة في الهمع 1/ 192، وفيه حذف عامل المصدر وجوبا، في أسلوب التوبيخ. 347 - إن قلت خيرا قال شرّا غيره … أو قلت شرّا مدّه بمداد البيت للأسود بن يعفر، وقبل البيت: إنّ امرأ مولاه أدنا داره … فيما ألمّ وشرّه لك بادي وقوله: إنّ امرأ مولاه: المولى هنا، ابن العم، أو الجار، وأدنا: بمعنى أضعف وأذل من الدناءة، فسهّل، وفي: للسببية، وألمّ من اللمم، وهو مقاربة الذنب، وبادي: ظاهر. ومولاه: مبتدأ، وأدنا: خبره والجملة صفة لاسم إنّ، وخبرها الجملة الشرطية في البيت الشاهد، والشاهد «غيره» فإنها لم تعرّف بإضافتها إلى الضمير لوقوعها صفة لقوله «شرا» النكرة. [الخزانة/ 4/ 207]. 348 - فتركن نهلا عيّلا أبناؤها … وبني كنانة كاللّصوت المرّد البيت منسوب لرجل من طيئ. ونهل: اسم قبيلة. وعيّل: فقراء. واللصوت: لغة في اللصوص. ومفرده اللصّ، وهي لغة طيئ. والمرّد: جمع مارد كراكع وركّع، وهو المتمرّد. [شرح المفصل ج 1/ 41، واللسان «لصت»]. 349 - إذا ما دعوا كيسان كانت كهولهم … إلى الغدر أدنى من شبابهم المرد هذا البيت أورده ابن الأعرابي في نوادره لضمرة بن ضمرة بن جابر، ورواه ابن دريد

350 - فقدني وإياهم فإن ألق بعضهم … يكونوا كتعجيل السنام المسرهد

للنمر بن تولب في بني سعد، وهم أخواله، وكانوا أغاروا على إبله فقال: إذا كنت في سعد وأمّك منهم … غريبا فلا يغررك خالك من سعد إذا ما دعوا .. وبعده: فإنّ ابن الأخت مصغى إناؤه … إذا لم يزاحم خاله بأب جلد والشاهد: تسمية الغدر بكيسان، فهو يهجو قوما وصفهم بانهماك الكبير والصغير في الغدر. فالعقلاء منهم وهم الكهول أسرع إليه من ذوي الجهل وهم المرد، الشباب. فالاسم هنا «كيسان» لا ينصرفا للتعريف وزيادة الألف والنون وكنوا عن الضربة بالرّجل على مؤخر الإنسان «بأم كيسان» لأن ذلك يدل على نذلية وغدر، مأخوذ من الكيس. [شرح المفصل ج 1/ 38]. 350 - فقدني وإيّاهم فإن ألق بعضهم … يكونوا كتعجيل السّنام المسرهد البيت للشاعر أسيد بن أبي إياس الهذلي، في شرح أشعار الهذليين 2/ 628، وهو في الأشموني 2/ 136. وسنام مسرهد: مقطع قطعا. وفيه وقوع «وإياهم» مفعولا معه، ولم يتقدّم عليه فعل، بل تقدم عليه ما تضمن معنى الفعل، وهو اسم الفعل «قدني». 351 - ولكنّ مولاي امرؤ هو خانقي … على الشكر والتسآل أو أنا مفتدي البيت لطرفة بن العبد من معلقته. ومولاي: ابن عمّي، وخانقي: مضيّق عليّ، إن شكرته أو سألته أو سكتّ. والشاهد: القطع في «أو أنا مفتدي» يعني أنه لم يتبع ما قبله واستشهد به سيبويه على جواز القطع بعد «أو» التي ينصب المضارع بعدها. [سيبويه/ 3/ 49، هارون، وشرح الزوزني للمعلقات]. 352 - إنّ من الحيّ موجودا خليفته … وما خليف أبي وهب بموجود البيت لأوس بن حجر. وهو شاهد على أنّ «خليف» لغة في «خليفة» الذي يستخلف ممّن قبله. [اللسان (خلف)]. 353 - لو كان لي وزهير ثالث وردت … من الحمام عدانا شرّ مورود البيت غير منسوب، وهو في البحر المحيط 2/ 148، وشواهد التوضيح ص 56.

354 - إذا رأيت بواد حية ذكرا … فاذهب ودعني أمارس حية الوادي

354 - إذا رأيت بواد حيّة ذكرا … فاذهب ودعني أمارس حيّة الوادي البيت منسوب لعبيد بن الأبرص في ديوانه، وهو لجساس بن بدر، أو حارثة بن بدر الغداني في الوحشيات 111. 355 - تجلّدت حتى قيل لم يعر قلبه … من الوجد شيء، قلت: بل أعظم الوجد البيت بلا نسبة في [الأشموني 2/ 50، والعيني 2/ 453]. والشاهد في «أعظم الوجد» حيث حذف فيه الفعل الرافع، تقديره: بل عراه أعظم الوجد. 356 - إخالك إن لم تغضض الطّرف ذاهوى … يسومك ما لا يستطاع من الوجد البيت بلا نسبة في [الهمع 1/ 150، والأشموني 2/ 20]، وفيه إخالك بمعنى أظنّك. 357 - إذا قلت علّ القلب يسلوّ قيّضت … هواجس لا تنفكّ تغريه بالوجد البيت بلا نسبة في [الهمع 1/ 53، والعيني 1/ 252]، وفيه ظهور الضمة على الواو للضرورة في قوله، يسلوّ، بمعنى: يسلو. 358 - أمن بعد رمي الغانيات فؤاده … بأسهم ألحاظ يلام على الوجد الشاهد بلا نسبة في [الهمع 2/ 92، والدرر 2/ 123]، وفيه إعمال المصدر «رمي» مضافا إلى فاعله، فالغانيات مضاف إليه، وفؤاده: مفعول للمصدر. 359 - ردوا فو الله لاذدناكم أبدا … ما دام في مائنا ورد لورّاد الشاهد بلا نسبة في [الهمع 1/ 9، والدرر 1/ 4]، وفيه دلالة الماضي على الاستقبال إذا نفي ب لا وبعد قسم، وهو الفعل «ذدناكم». 360 - سقط النصيف ولم ترد إسقاطه … فتناولته واتّقتنا باليد البيت للنابغة الذبياني، من قصيدته التي مطلعها: أمن آل ميّة رائح أو مغتدي … عجلان ذا زاد وغير مزوّد والبيت - زعموا - أنه في وصف المتجرّدة امرأة النعمان التي رمي بها فهرب إلى

361 - ولو عن نثا غيره جاءني … وجرح اللسان كجرح اليد

الغساسنة، والنصيف: كلّ ما غطى الرأس من خمار أو عمامة ونحوهما: والبيت يدلّ على عفّة هذه المرأة، لأنه يقول إن خمارها سقط وهي لا تريد إسقاطه، وأنها فوجئت بذلك فسترت نفسها بيدها، وهذه حركة عفوية تفعلها المرأة العفيفة. 361 - ولو عن نثا غيره جاءني … وجرح اللسان كجرح اليد البيت لامرئ القيس في ديوانه، والنثا: ما أخبرت به عن الرجل من حسن أو سيء، يقال: فلان حسن النثا، وقبيح النثا. 362 - فقمنا ولما يصح ديكنا … إلى جونة عند حدّادها البيت لأعشى بكر، والجونة: خابية الخمر، جعلها جونة لاسودادها من القار. والحدّاد: الخمّار، لأنه يمنع من الخمر ويحفظها، وكلّ من حفظ شيئا ومنع منه فهو حدّاد. ويصح: مجزوم ب «لمّا». [الخزانة/ 8/ 226]. 363 - وجدت إذا اصطلحوا خيرهم … وزندك أثقب أزنادها البيت للأعشى. ميمون، يخاطب قيس بن معديكرب الكندي، يقول: إذا اصطلح القبائل كنت خيرها، وأدعاها إلى الصلح واجتماع الشمل، وجعل ثقوب زنده مثلا لكثرة خيره واتساع معروفه. والزند الثاقب: هو الذي إذا قدح ظهرت ناره. والشاهد فيه: جمع زند على «أزناد» وهو جمع شاذ، لأنّ الأسماء الثلاثية الصحيحة العين الساكنة إنما تجمع جمع القلة على «أفعل». [سيبويه/ 3/ 568 هارون، وشرح المفصل/ 5/ 16، والأشموني/ 4/ 125]. 364 - وكم دون بيتك من صفصف … ودكداك رمل وأعقادها ووضع سقاء وإحقابه … وحلّ حلوس وإغمادها البيتان للأعشى من قصيدة يمدح بها سلامة ذا فائش، والصفصف: المستوي من الأرض لا ينبت. والدكداك: ما تكبس واستوى. والأعقاد: جمع عقد، بالتحريك: وهو المتراكم. والسقاء: القربة للماء أو للبن. ووضعه: حطّه عن الراحلة. وإحقابه: وضعه على الحقيبة، وهي مؤخرة الرحل. والحلوس: جمع حلس، وهو نسيج من شعر يوضع تحت الرحل في مؤخرة البعير. وإغمادها: شدّها تحت الرحل. والشاهد: أعقادها، وإحقابه وإغمادها، وحملها كلها على معنى التنكير، لأنها

365 - كل غراء إذا ما برزت … ترهب العين عليها والحسد

معطوفة على صفصف الواقعة موقع المنصوب على التمييز. [سيبويه/ 2/ 56، هارون]. 365 - كلّ غرّاء إذا ما برزت … ترهب العين عليها والحسد مجهول القائل، وصف امرأة حسناء، إذا بدت للناظرين خيف عليها الأخذ بالعين لحسنها، والشاهد: تخفيف الهمزة الثانية، وهي همزة «إذا» وجعلها بين بين، لأنها مكسورة بعد فتحة، فتجعل بين الهمزة والياء وتحقيقها جائز، لأنهما منفصلتان في التقدير، لا تلزم إحداهما الأخرى، والبيت من بحر الرمل. [سيبويه/ 3/ 549، هارون، وشرح المفصل/ 10/ 118]. 366 - عاضها الله غلاما بعد ما … شابت الأصداغ والضّرس نقد البيت مجهول القائل. وعاض: لغة في عرّض. كما أن «ماز» و «ميّز» لغتان. كل واحد منهما بمعنى الآخر. والأصداغ: جمع صدغ، بالضم، ما بين لحظ العين إلى أصل الأذن، ويطلق على الشعر الذي يتدلى على هذا الموضع مجازا. والنّقد: بفتح النون والقاف: تآكل الأسنان. وفعله من باب فرح، يقال: نقدت أسنانه وضرسه. ففعله، ووصفه «نقد» بكسر القاف. وروي في البيت «نقد» بكسر القاف وفتحها، فالمكسور يجوز أن يكون ماضيا ووصفا. يقول: عوّض الله هذه المرأة من مات من أولادها غلاما، ولدته بعد ما أسنّت وشاب رأسها، وتكسرت أسنانها، فمحبتها له أشدّ محبة، لأنها يئست أن تلد غيره. ونقل ابن هشام البيت في «المغني» شاهدا على منع عطف الجملة الاسمية على الفعلية، وأن ابن جني قال: إن الضرس - في البيت - فاعل لمحذوف يفسره المذكور. وليس بمبتدأ. والصحيح أن ابن جني يجوّز العطف بالواو فقط. وأن (والضرس نقد) جملة اسمية معطوفة بالواو على (شابت الأصداغ). [شرح أبيات المغني/ ج 7/ 66]. 367 - فأمطرت لؤلؤا من نرجس وسقت وردا … وعضت على العنّاب بالبرد منسوب إلى يزيد بن معاوية، وإلى الوأواء الدمشقي، مع ما بينهما من بعد في الزمن، والحقّ أنه إن كان قاله شاعر، فإنه يكون للوأواء، لأنه أليق بزمنه، والبيت يذكر في باب

368 - نحن الذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا

الاستعارة التصريحية، ولا أعلم فيه شاهدا نحويا. [العمدة ج 1/ 200، وديوان الوأواء، ونهاية الأرب ج 2/ 234]. 368 - نحن الّذين بايعوا محمدا … على الجهاد ما بقينا أبدا لرجل من الأنصار، والشاهد فيه: إعادة ضميرين، أحدهما بلفظ الغيبة وهو «بايعوا» مراعاة للفظ، وثانيهما بلفظ التكلم مراعاة للمعنى. [الهمع/ 1/ 87].

قافية الذال

قافية الذال 1 - ألا حبّذا حبّذا حبّذا … حبيب تحمّلت منه الأذى الببيت لعمر بن أبي ربيعة، في ديوانه، وفي الهمع 2/ 89، وفيه تكرار «حبذا» للتوكيد اللفظي. 2 - سقى الحيا الأرض حتى أمكن عزيت … لهم فلا زال عنها الخير مجذوذا مضى البيت في حرف الدال المهملة (مجدودا) وذكرته هنا لروايته (بالذال). 3 - لكلّ جديد لذّة غير أنّني … وجدت جديد الموت غير لذيذ البيت للشاعر ضابئ بن الحارث، وكان البيت محلّ إعجاب الحطيئة في وصيته قبيل موته. [الخزانة/ 2/ 411].

باب الراء

باب الراء 1 - إلى الحول ثمّ اسم السّلام عليكما … ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر البيت من قطعة قالها الشاعر لبيد بن ربيعة لما حضرته الوفاة وهي: تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما … وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر فقوما وقولا بالذي تعلمانه … ولا تخمشا وجها ولا تحلقا شعر وقولا: هو المرء الذي لا صديقه … أضاع ولا خان الخليل ولا غدر إلى الحول .. الخ وقوله: تمنى: هو فعل مضارع، وأصله «تتمنّى» بتاءين. وقوله: إلى الحول: متعلق بقوله «قوما» أي: امتثلا ما قلت لكما إلى الحول. وقوله: «ثم اسم السّلام عليكما»، جرى فيه خلاف بين أهل النحو، فقال قائل «إن اسم» مقحم، وقيل غير ذلك. وهناك شاهد آخر في قوله «من ربيعة أو مضر» فالكوفيون يرون أنّ «أو» بمعنى الواو؛ لأنه جمع بين ربيعة أبيه، ومضر الجدّ الأعلى، وقال البصريون إنّ «أو» هنا لأحد الأمرين على الإبهام. [الخزانة/ 4/ 337، وشرح المفصل/ 3/ 14، والهمع/ 2/ 49، والأشموني/ 2/ 243، والعيني/ 3/ 375]. 2 - قتلنا ونال القتل منّا وربّما … يكون على القوم الكرام لنا الظّفر البيت شاهد أن المضارع بعد ربّما بمعنى الماضي. لأن مراد الشاعر: إن فشا فينا القتل فكثيرا ما قتلنا قوما كراما قبل، فإن الحرب سجال يوم لنا ويوم علينا. وبهذا يحسن الاعتذار والتمدّح، لا بأنه سيحصل لهم الظفر. [الخزانة/ ج 10/ 3]. 3 - أيقنت أنّي لا محا … لة حيث صار القوم صائر

4 - لم يك الحق على أن هاجه … رسم دار قد تعفى بالسرر

البيت من قطعة قالها قسّ بن ساعدة، وقوله أيقنت: جواب «لمّا» في بيت سابق: لما رأيت مواردا … للموت ليس لها مصادر والشاهد في البيت الأول: أنّ «صار» تامّة، بمعنى انتقل، والقوم فاعله. [الخزانة/ 9/ 188]. 4 - لم يك الحقّ على أن هاجه … رسم دار قد تعفّى بالسّرر .. البيت شاهد على أن حذف نون «يكن» المجزوم الملاقي للساكن جائز وقال بعضهم هو شاذّ، ومن أمثلة الحذف قول الخنجر بن صخر الهذلي: فإن لا تك المرآة أبدت وسامة … فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم والبيت الشاهد منسوب إلى حسيل بن عرفطة، من أهل الجاهلية. يقول: ليس بلائق بالعاشق أن يهيج حزنه الرسم الداثر. (والسّرر) يروى بفتح أوله: وهو واد يدفع من اليمامة إلى أرض حضر موت. ويروى بكسر أوله وهو موضع على أربعة أميال من مكة، عن يمين الجبل بطريق منى، زعموا أنه كان به شجرة سرّ تحتها سبعون نبيا، أي: قطعت سررهم، وبعض أهل الحديث يضمّ السين في أوله، ويروى «ودثر» بدل بالسرر، أي: درس ولم يبق منه شيء. [الخزانة/ 9/ 304، والهمع/ 1/ 122، والخصائص/ 1/ 90]. 5 - ففداء لبني قيس على … ما أصاب الناس من سرّ وضرّ ما أقلّت قدمي إنّهم … نعم الساعون في الأمر المبرّ البيتان لطرفة بن العبد، قوله: ففداء: أي: أنا فداء لهذه القبيلة. والسرّ والضرّ: السرّاء والضرّاء، و «ما» في البيت الثاني: المصدرية الظرفية التي تدل على الدوام، وأقلت قدمي: رفعت، والمبرّ: اسم فاعل من أبرّ فلان على أصحابه، أي: غلبهم، والمبرّ: الأمر الغالب الذي عجز الناس عن دفعه. والشاهد: (نعم) فعل مدح، وقد استعمله طرفة على الأصل، بفتح النون وكسر العين، فالبيت من بحر الرمل، وعليه قراءة «فنعم عقبى الدار» الآية 24. من سورة الرعد. [الخزانة/ ج 9/ 376، والإنصاف/ 122، وشرح المفصل ج 7/ 127، والهمع/ 2/ 84].

6 - لا تفزع الأرنب أهوالها … ولا ترى الضب بها ينجحر

6 - لا تفزع الأرنب أهوالها … ولا ترى الضّبّ بها ينجحر البيت للشاعر عمرو بن أحمر الباهلي، وهو شاعر إسلامي أدرك الجاهلية والإسلام، وليس له صحبة. ويصف في هذا البيت الفلاة، واستشهدوا بهذا البيت على أنّ قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى: 11] النفي فيه منصبّ على مثل مثله وعلى مثله جميعا، فليس لله مثل حتى يكون لمثله شيء يماثله، فالمنفيّ المثل ومثل المثل جميعا. قالوا: وهذا كقول عمرو بن أحمر في وصف فلاة. وأنا أقول: إنّ قول الشاعر كقوله تعالى .. فقول الله تعالى، مشبّه به، لأنه الأثبت والأقوى، ذلك أن الشاعر لم يرد أنّ بها أرانب لا تفزعها أهوالها، ولا ضبابا غير منجحرة ولكنه نفى أن يكون بها حيوان. وأورده صاحب الكشاف عند قوله تعالى: سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً. [آل عمران 151]. فالله تعالى يريد نفي السلطان، يعني الحجة، والنزول جميعا، لا نفي التنزيل فقط بأن يكون ثمة سلطان لكنه لم ينزّل، كما أنّ المنفيّ في البيت الضبّ والانجحار جميعا، لا الانجحار فقط، إذ المراد وصف هذه المفازة بكثرة الأهوال بحيث لا يمكن أن يسكنها حيوان. [الخزانة/ ج 10/ 192، والخصائص/ 3/ 165]. 7 - إذا أقبلت قلت دبّاءة … من الخضر مغموسة في الغدر البيت لامرئ القيس في وصف فرسه، والدّبّاءة: واحدة الدّبّاء وهو القرع، شبه الفرس بالدّباءة، لدقّة مقدمها وضخامة مؤخرها وهذا يستحبّ في الفرس، وقوله: مغموسة في الغدر: يريد أنها في ريّ فهو أشدّ لملاستها، كقولك: فلان مغموس في الخير. والشاهد: أن «دبّاءة» ليست وحدها محكية بالقول، بل هي خبر مبتدأ محذوف، أي: هي دبّاءة، والمجموع هو المحكيّ. [الخزانة/ ج 9/ 175]. 8 - ولم أر قوما مثلنا خير قومهم … أقلّ به منّا على قومنا فخرا قاله زيادة الحارثي، شاعر إسلامي. وانتصب قوله: خير قومهم: على أنه بدل من

9 - ألا هل أتاها- والحوادث جمة … بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا

قوله: «قوما»، ويجوز أن يكون صفة، وأقلّ: مفعول ثان، وفخرا: تمييز، وتقدير البيت: لم أر خير قوم مثلنا أقلّ بذاك فخرا منا على قومنا، والمعنى: إنّا لا نبغي على قومنا، ولا نتكبر عليهم، بل نعدّهم أمثالنا، وكون «خير» صفة ل «قوما» النكرة، يدل على أن إضافة «خير» إضافة لفظية، لم يتعرف بها ولو استفاد التعريف لما كان صفة للنكرة. [الخزانة/ 4/ 364، والمرزوقي/ 244]. 9 - ألا هل أتاها - والحوادث جمّة … بأنّ امرأ القيس بن تملك بيقرا .. البيت للشاعر امرئ القيس من قصيدة قالها بعد أن ذهب إلى الروم مستنجدا بقيصر للأخذ بثأر أبيه، وإذا صحت قصة استنجاده بالروم على بني قومه، فإنّه يعدّ أول من فعل ذلك من العرب .. فأورث ذوي النفوس المريضة من بني قومه هذا الخلق الذميم، لقد دامت الحرب بين مشركي مكة وبين المسلمين عشر سنوات، قتل فيها صناديد قريش، وكثير من القرشيين قتل آباؤهم وأبناؤهم، وأخوالهم وأعمامهم، وكانت لقريش إلى بلاد الروم رحلات، ولا يخلو أن يكون لهم مع تلك الديار صداقات ومع ذلك لم نسمع أنّ القرشيين فكروا في الاستعانة بالروم أو الفرس لمحاربة أهل المدينة، ذلك أنهم - مع كفرهم - كانوا ذوي أنفة وإباء، وامرؤ القيس كغيره من شعراء الجاهلية، يتعاقرون الخمر، ويصفون مجالس الفجور، ولكن امرأ القيس زاد عليهم في هذه النقيصة التي تأباها النفوس العظيمة، ولعلّ هذا السبب هو الذي جعل امرأ القيس حامل لواء الشعراء إلى النار لما روى الإمام أحمد في المسند عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار». [ج 2/ 228]. .. وقوله: بن تملك: هي إحدى أمهاته. وبيقر الرجل: إذا هاجر من أرض إلى أرض، والشاهد: أن الباء قد تزاد بقلة مع «أنّ» الواقعة مع معموليها في تأويل مصدر مرفوع، على أن «بأن امرأ القيس» فاعل أتاها، وأرى أن لا نستشهد بشعر هذا الشاعر الخبيث. [الخزانة/ 9/ 524، وشرح المفصل/ 8/ 23، والإنصاف/ 171، واللسان (بقر)]. 10 - فلمّا رأى أن ثمّر الله ماله … وأثّل موجودا وسدّ مفاقره البيت للنابغة الذبياني من قصيدة يعاتب بها بني مرّة، ويحكي في القصيدة قصة الأخوين والحيّة التي يقال لها «ذات الصفا» فيقول:

11 - يا أيها النابح العاوي لشقوته … إليك أخبرك عما تجهل الخبرا لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها … إذن للام ذوو أحسابها عمرا

فإني لألقى من ذوي الضّغن منهم … بلا عثرة والنفس لا بدّ عاثره كما لقيت ذات الصّفا من حليفها … وكانت تديه المال غبّا وظاهره فلما رأى .. البيت. أكبّ على فأس يحدّ غرابها … مذكّرة من المعاول باتره ... وتقول القصة إن أخوين كانا يرعيان بواد فيه حيّة، فقتلت الحيّة أحدهما، فجاء الثاني ليقتلها، فعرضت عليه أن يتركها وتعطيه في كل يوم دينارا وتتركه يرعى، فأعطاها الميثاق على ذلك، فلما كثر ماله، تذكّر أخاه، وأعدّ فأسا لقتلها، فأهوى عليها ولكنه أخطأها، فقطعت عنه ما اتفقا عليه فعاد إليها يطلب الصلح فقالت: كيف أعاودك وهذا أثر فأسك، وأنت ترى قبر أخيك وأنت فاجر لا تبالي بالعهد. والشاهد في البيت الأول: أنّ الفراء وابن الأنباري جوّزا وقوع أن المصدرية بعد فعل علم غير مؤول بالظنّ كما في البيت، فإن رأى فيه علميّة، ويجوز أن تكون «أن» في البيت مخففة من غير فصل بينها وبين «ثمّر» على الشذوذ، فأن وما بعدها في تأويل مصدر سادّ مسدّ مفعولي رأى، إلا أنها في القول الثاني مخففة واسمها ضمير شأن محذوف، وجملة «ثمّر الله» خبرها. [الخزانة/ 8/ 414]. 11 - يا أيها النابح العاوي لشقوته … إليك أخبرك عمّا تجهل الخبرا لو لم تكن غطفان لا ذنوب لها … إذن للام ذوو أحسابها عمرا هذان البيتان من قصيدة للفرزدق هجا بها عمر بن هبيرة الغطفاني أحد عمال سليمان بن عبد الملك. والشاهد: في البيت الثاني قوله «لا ذنوب لها» على أنّ «لا» هنا زائدة، مع أنّ النكرة بعدها مبنيّة معها على الفتح، والمعنى: لو لم تكن ذنوب لغطفان، أي: لو كانت غطفان غير مسيئة إليّ، للام أشرافها عمر بن هبيرة في تعرّضه إلي ومنعوه عنّي. [الخزانة/ 4/ 30]. 12 - أو راعيان لبعران شردن لنا … كي لا يحسّان من بعراننا أثرا .. من أبيات الشواهد التي يتناقلها العلماء بدون عزو، وهو شاهد أن «كي» فيه بمعنى «كيف» أو أن أصلها كيف، فحذفت الفاء لضرورة الشعر. [الخزانة/ 7/ 102].

13 - وما حب الديار شغفن قلبي … ولكن حب من سكن الديارا

13 - وما حبّ الديار شغفن قلبي … ولكن حبّ من سكن الديارا البيت لمجنون بني عامر، وفيه شاهد أن المضاف وهو «حبّ» اكتسب التأنيث والجمعيّة بإضافته إلى الديار، وهو جمع (دار) وهو مؤنث سماعي. [الخزانة/ 4/ 227]. 14 - بانت لتحزننا عفاره … يا جارتا ما أنت جاره هذا البيت مطلع قصيدة للأعشى ميمون: وبانت: فارقت. وعفارة: اسم امرأة. وقوله «يا جارتا»، أي: يا جارتي، فأبدل من الكسرة فتحة فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ويجوز أن تكون الألف للنّدبة، وحذف الهاء بعدها، كأنه لما فقدها، ندبها، والجارة: هنا: الزوجة. ما: استفهامية، خبر مقدم، وأنت: مبتدأ مؤخر، ويجوز العكس، وجاره: تمييز؛ لأن ما استفهامية تفيد التفخيم، أي: كملت جارة، لجواز دخول من الجارة على «جارة» فنقول: «ما أنت من جارة» وذكروا البيت شاهدا لهذا الوجه. وأجاز قوم أن تكون (ما) نافية، وأنت مبتدأ أو «اسم ما» و «جاره» إما في موضع نصب خبر لما، وإما في موضع رفع خبر لأنت، ويروى (ما كنت جاره) فهذا يؤكد معنى النفي، كما قال تعالى ما هذا بَشَراً [يوسف: 31]. أقول: والنفي، لا يمنع من التفخيم، إن كان معنى «جاره» من الجوار وكأنه يقول لزوجه، كنت لي أكثر من جاره، ولكن سياق الأبيات بعد البيت الشاهد، يدل على أنه يتحدث عن عشيقة، ويقول لها: ما أحسنك من جارة، ذلك أنه يتحدث عن افتتانه بها فيقول: أرضتك من حسن ومن … دلّ تخالطه غراره وسبتك حين تبسّمت … بين الأريكة والستاره والغرارة: الغفلة، كالغرّة، والأريكة: السرير المزين. [الخزانة/ 3/ 309، وشرح المفصل/ 3/ 22، والشذور/ 257، والأشموني/ 3/ 17]. 15 - ولم يستريثوك حتّى رمي … ت فوق الرجال خصالا عشارا

16 - أماوي إني رب واحد أمه … أجرت فلا قتل عليه ولا أسر

البيت للشاعر الكميت، من قصيدة يمدح بها أبان بن الوليد بن عبد الملك ابن مروان. وقوله: لم يستريثوك: أي: يجدونك رائثا، أي: بطيئا، من الريث وهو البطء، ورميت: زدت، يقال: رمى على الخمسين، وأرمى، أي: زاد، يقول: لما نشأت نشء الرجال، أسرعت في بلوغ الغاية التي يطلبها طلاب المعالي، ولم يقنعك ذلك حتى زدت عليهم بعشر خصال، فقت السابقين، وأيأست الذين راموا أن يكونوا لك لاحقين. ولكن ذكر ابن حزم في الجمهرة للوليد بن عبد الملك تسعة عشر ولدا، ولم يذكر منهم أبان ابن الوليد، وفي سلالة مروان بن الحكم عدد ممن تسموا «أبان» لعله واحد منهم. والشاهد في البيت أن «عشار» المعدول عن عشرة جاء في قول الكميت. [الخزانة/ 1/ 170، والهمع/ 1/ 26، والديوان]. 16 - أماويّ إنّي ربّ واحد أمّه … أجرت فلا قتل عليه ولا أسر البيت لحاتم الطائي .. وقوله: أماويّ: الهمزة للنداء. وماويّ: منادى مرخم ماويّة وهي زوجة حاتم، والماوية في اللغة: المرآة التي يرى فيها الوجه، كأنها منسوبة إلى الماء، فإن النسبة إلى الماء، مائي، وماويّ، وربّ: لإنشاء التكثير. والبيت شاهد أنّ (واحد أمّه) نكرة لا يتعرف بالإضافة وإن أضيف إلى المعرفة، لتوغله في الإبهام، إذ لا ينحصر بالنسبة إلى مضاف إليه معيّن، إذ بعد الإضافة لا يتعيّن المضاف أيضا، فهو نظير (غيرك) و «مثلك» ولذلك وقع مجرورا لربّ، وربّ لا تجرّ إلا النكرات. [الخزانة/ 4/ 210]. 17 - ولكنّ أجرا لو فعلت بهيّن … وهل ينكر المعروف في الناس والأجر .. البيت مجهول القائل. وهو شاهد على أن الباء تزاد سماعا بقلة في خبر لكنّ. [الخزانة/ 9/ 523]. 18 - كأنّ على عرنينه وجبينه … أقام شعاع الشمس أو طلع البدر البيت، لا يعرف قائله، وهو شاهد أنّ حذف ضمير الشأن في غير الشعر يجوز بقلّة إن

19 - لئن كان إياه لقد حال بعدنا … عن العهد والإنسان قد يتغير

لم يل هذه الأحرف - إنّ وأخواتها - فعل صريح كما في البيت ومثله في الكلام جائز بقلّة نحو «إنّ يك زيد مأخوذ». [الخزانة/ 10/ 449، والهمع/ 1/ 36]. 19 - لئن كان إيّاه لقد حال بعدنا … عن العهد والإنسان قد يتغيّر البيت للشاعر عمر بن أبي ربيعة من قصيدته التي مطلعها: أمن آل نعم أنت غاد فمبكر … غداة غد أم رائح فمهجّر وقوله: لئن: اللام موطئة للقسم. واسم كان ضمير يعود على المغيريّ، في القصيدة قبل البيت. و «إياه» خبرها. وجملة (لقد حال) جواب القسم المحذوف، وقد سدّ مسدّ جواب الشرط، وقوله «حال» أي: تغيّر، و «بعدنا» متعلق ب (حال) وكذلك قوله «عن العهد»، أي: عما عهدنا من شبابه وجماله. وجملة (والإنسان قد يتغيّر) حالية، هكذا قال البغدادي. وعندي أنها جملة مستأنفة، لأنه تذييل يجري مجرى المثل، ومثله قول كثيّر عزة: وقد زعمت أنّي تغيرت بعدها … ومن ذا الذي يا عزّ لا يتغيّر والبيت شاهد على أنّ المختار في خبر كان وأخواتها إذا كان ضميرا الانفصال، كما في البيت، لأنه خبر، والأصل في الخبر الإنفصال. وقال بدر الدين (في شرح ألفية والده) الصحيح اختيار الاتصال لكثرته في النظم والنثر الفصيح. [الخزانة/ 5/ 312، وشرح المفصل/ 3/ 107، والعيني/ 1/ 314، والأشموني/ 1/ 119]. 20 - نحابي بها أكفاءنا ونهينها … ونشرب في أثمانها ونقامر البيت للشاعر الجاهلي سبرة بن عمرو الفقعسي، وقبل البيت: أعيّرتنا ألبانها ولحومها … وذلك عار يا ابن ريطة ظاهر والبيت الأول شاهد أنّ «في» قيل: إنّها بمعنى الباء في البيت. أي: ونشرب بأثمانها، ويجوز أن تكون «في» على معناها، بجعل أثمانها ظرفا للشراب والقمار مجازا. [الخزانة/ 9/ 503]. 21 - فأجمل وأحسن في أسيرك إنّه … ضعيف ولم يأسر كإياك آسر

22 - حلفت له إن تدلج الليل لا يزل … أمامك بيت من بيوتي سائر

ليس للبيت قائل معروف، وهو شاهد أن الكاف قد تدخل على الضمير المنصوب المنفصل لضرورة الشعر، كما في البيت. [الخزانة/ 10/ 194]. 22 - حلفت له إن تدلج الليل لا يزل … أمامك بيت من بيوتي سائر لم يعرفوا للبيت قائلا ... وأراد بالبيت جماعة من أقاربه. يقول: إن سافرت في الليل أرسلت جماعة من أهلي يسيرون أمامك يحرسونك إلى أن تصل إلى مأمنك. والبيت شاهد أن جزم (لا يزل) في ضرورة الشعر، بجعله جواب الشرط، وكان القياس أن يرفع، ويجعل جوابا للقسم، ولكنه جزم للضرورة. فيكون جواب القسم محذوفا مدلولا عليه بجواب الشرط، وقيل: إنّ «حلفت» في البيت ليس قسما، بل هو خبر محض غير مراد به معنى القسم، لأن القسم إذا تقدم على الشرط بني الجواب عليه ولم يبن على الشرط. [الخزانة/ 11/ 341]. 23 - فإن تك ذا شاء كثير فإنّهم … ذوو جامل لا يهدأ الليل سامره .. البيت للحطيئة من قصيدة هجا بها الزبرقان بن بدر التميمي، ومدح فيها ابن عمّه بغيض بن شمّاس، وفضله عليه، والشاء: جمع شاة، والشاة: من الغنم يقع على الذكر والأنثى، والجامل: اسم جمع بمعنى جماعة الإبل مع رعاتها، يريد أنّ الرعاة يسهرون ليلهم لحفظ إبلهم. والبيت شاهد أن (جامل) ليس بجمع، بدليل عود الضمير عليه من «سامره» مفردا. [الخزانة/ 8/ 3]. 24 - فأمّا الصّدور لا صدور لجعفر … ولكنّ أعجازا شديدا ضريرها البيت لرجل من الضّباب، وهو إسلامي في العصر الأموي، والصدور: الأكابر والأشراف، والأعجاز: يريد بها النساء، لأنهنّ متأخرات عن الرجال، يقول: إنّ بني جعفر لا رجال فيهم، فهم كالنساء. والبيت شاهد أنه لا تحذف الفاء من جواب (أمّا) إلا في الضرورة كما في هذا البيت، فإن التقدير: فلا صدور لجعفر، وقوله: شديدا ضريرها، أي: نساؤهم شديدات الضرر، فهنّ كالرجال في المقاومة والمدافعة وإيصال الضرر، وجعفر: أبو قبيلة. [الخزانة/ 11 -

25 - وليل يقول الناس من ظلماته … سواء صحيحات العيون وعورها كأن لنا منه بيوتا حصينة … مسوحا أعاليها وساجا كسورها

364، وشرح المفصل/ 7/ 134]. 25 - وليل يقول الناس من ظلماته … سواء صحيحات العيون وعورها كأنّ لنا منه بيوتا حصينة … مسوحا أعاليها وساجا كسورها .. البيتان للشاعر مضرّس بن ربعيّ، وهو شاعر جاهلي ... والمسوح: جمع مسح، بالكسر، وهو نسيج من الشعر الأسود، وتصنع منه غرائر كبار يجعل فيه التبن، والساج: ضرب من الشجر، خشبه أسود. والساج: الطيلسان الأخضر. والكسور: جمع كسر بكسر الكاف، وهو أسفل شقّة البيت التي تلي الأرض من حيث يكسر جانباه من يمينك ويسارك. شبه الشاعر الليل بالبيوت الحصينة، للتحصين بهول الظلام فإنه لا يقدر أحد أن يهجم على أحد، وأن العيون الصحيحة والعيون العور سواء في عدم رؤية شيء لتكاثف الظلام. والشاهد في البيت الثاني أنّ مسوحا وساجا نعتان لقوله «بيوتا» وصحّ النعت بهما مع أنّ كلا منهما اسم جوهر، أي: جسم، لتأويلهما بالمشتق، فالأول (مسوحا) يؤول ب (سودا) والثاني (ساجا) ب (كثيفا) ورفع الأعالي والكسور ب (مسوح)، و (ساج)، لإقامتهما مقام (سود). وأراد الشاعر أن أعلاه أشدّ ظلاما من جوانبه، لأن الإنسان إذا كان قائما في الظلام لا يكاد يرى شيئا، وإذا لطئ بالأرض فربّما رأى شيئا. وقوله: من ظلماته، من: للتعليل، وسواء: خبر مقدم، وصحيحات: مبتدأ مؤخر، والجملة مقول القول. [الخزانة/ 5/ 18]. 26 - أخو رغائب يعطيها ويسألها … يأبى الظّلامة منه النّوفل الزّفر .. هذا البيت من قصيدة للأعشى، أعشى بأهله، واسمه عامر بن الحارث، من أهل الجاهلية، يرثي بالقصيدة أخاه من أمه، المنتشر بن وهب الباهلي. والأخ هنا بمعنى الملازم للشيء، والرغائب: جمع رغيبة، وهي العطايا الكثيرة، والرغائب: الأشياء التي يرغب فيها، والظّلامة: بالضم، ما تطلبه عند الظالم، وهو اسم ما أخذ منك، والنّوفل: البحر، والكثير العطاء والزّفر: الكثير الناصر والأهل والعدة. والبيت شاهد أن «الزفر» هنا بمعنى السيد، وأنك إذا سميت به، منعته من الصرف ولا

27 - لنا يوم وللكروان يوم … تطير البائسات ولا نطير

تدخله (ال) وإذا كان وصفا صرفته وتدخله (ال). [الخزانة/ 1/ 185، والأصمعيات/ 90]. 27 - لنا يوم وللكروان يوم … تطير البائسات ولا نطير البيت لطرفة بن العبد من قصيدة هجا بها عمرو بن المنذر، كانت سببا في قتله، وكان عمرو ابن هند شرّيرا، وكان له يوم بؤس ويوم نعمة، فيوم يركب في صيده، يقتل أول من يلقى، ويوم يقف الناس ببابه، فإن اشتهى حديث رجل أذن له. فهجاه طرفة وذكر ذلك في معايبه، فوصل الخبر إلى الملك، فكانت قصة صحيفة المتلمّس خال طرفه. وقصّة هذا الملك، وطرفة إن صحّت، أم لم تصح، فإنها قصة رمزيّة. وقعت بعد ذلك الملك وما زالت تقع، وإن اختلف الأسلوب، ذلك أن عمرو بن هند لم يمت إلا جسمه، وإيوان كسرى الذي كان يصدر (فرمان) الرّضا لم يتبدل إلا اسمه. ومما قاله طرفة في سياق القصيدة، وصدق فيما قال: فليت لنا مكان الملك عمرو … رغوثا حول قبّتنا تخور قسمت الدّهر في زمن رخيّ … كذاك الحكم يقصد أو يجور لنا يوم ... فأمّا يومهنّ فيوم سوء … تطاردهنّ بالحدب الصقور وأما يومنا فنظلّ ركبا … وقوفا ما نحلّ ولا نسير ... وقوله: ليت لنا رغوثا: ليت واسمها وخبرها. ورغوثا: النعجة المرضع، تخور: تصوّت وأصل الخوار للبقر، فجعله طرفة للنعجة، وقوله: لنا يوم .. وللكروان: الكروان: بكسر الكاف وسكون الراء، جمع كروان وهو طائر، وقيل جمع «كرا» مثل فتى وفتيان. والشاهد في البيت أنّ البائسات منصوب على الترحّم، كما يقال: (مررت به المسكين) وفاعل تطير ضمير الكروان، وروي بالرفع أيضا على البدل من المضمر في (تطير). [الخزانة/ 2/ 415، والشعر والشعراء، ترجمة طرفة]. 28 - قد كنت أحسبكم أسود خفيّة … فإذا لصاف تبيض فيه الحمّر

29 - ولما رأى الرحمن أن ليس فيهم … رشيد ولا ناه أخاه عن الغدر وصب عليهم تغلب ابنة وائل … فكانوا عليهم مثل راغية البكر

البيت لأبي المهوّش الأسدي، ربيعة بن رئاب. أدرك النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولم يره. وهو من قصيدة هجا بها نهشل به حرّيّ. وخفيّة: اسم مكان فيه أسود. ولصاف: اسم مكان، والحمّر: طير صغير. يقول: كنت أحسبكم شجعانا كأسود خفيّة. فإذا أنتم جبناء، ضعفاء، فكأن أرضكم لصاف يتولد فيها الطير لا الرجال. والبيت شاهد أن «فعال» في الأعلام الشخصية جميع ألفاظها مؤنثة. وأما لصاف هنا فإنما ذكّره بإرجاع الضمير عليه من (فيه) لتأويله بالموضع، وهو منزل من منازل بني تميم، ولكن روي أيضا «فيها» بتأنيث الضمير، فلا إشكال. [الخزانة/ 6/ 370، وشرح المفصل/ 4/ 63]. 29 - ولمّا رأى الرحمن أن ليس فيهم … رشيد ولا ناه أخاه عن الغدر وصبّ عليهم تغلب ابنة وائل … فكانوا عليهم مثل راغية البكر .. البيتان للأخطل، وقوله: رأى، علمية تطلب مفعولين، وجملة (أن ليس ..) سدّت مسد المفعولين، وصبّ عليهم، أي: سلط عليهم، والبكر: الصغير من الإبل، والراغية: بمعنى الرّغاء، وهو صوت البعير، ويريد بالبكر: ولد ناقة صالح عليه السّلام، ولما قتل قدار ثمود الناقة رغا ولدها، فصاح برغائه كل شيء له صوت، فهلكت ثمود عند ذلك فضربته العرب مثلا في كلّ هلكة عامّة، فقالوا: كان عليهم كراغية البكر، والراغية: مصدر بمعنى الرغاء، كالعاقبة والبالية، والعافية. والشاهد «وصبّ» يرى الكوفيون أن الواو زائدة، وصبّ: جواب لما، ويرى آخرون: أنّ الواو عاطفة على الجواب المحذوف. وفصل الخطاب: أن البيت يروى: «أمال عليهم تغلب ابنة وائل» فلا شاهد في البيت. [الخزانة/ 11/ 54]. 30 - وكلّمتها ثنتين كالثلج منهما … على الّلوح والأخرى أحرّ من الجمر البيت للشاعر أبي العميثل عبد الله بن خالد، المتوفى سنة 240 هـ، وهو من شعراء الأعراب، وقوله: على اللوح، أي: مع اللوح، واللوح: العطش. لاح الرجل لوحا: عطش، وثنتين: منصوب على المفعول المطلق، أي: تكليمتين. والأخرى: مبتدأ، وأحرّ: خبر المبتدأ، والكلمة الأولى: عند اللقاء، والثانية عند الوداع. والبيت ثالث ثلاثة أبيات أوردها الجاحظ في «البيان والتبيين» ج 1/ 280. وفيها أن الشاعر لقي صاحبته في

31 - كأنه وجه تركيين قد غضبا … مستهدف لطعان غير منحجر

أيام الحج، وهما محرمان. وهذا كذب، إما أن يكون من اختراع الجاحظ، وإما أن يكون من الخيالات التي لم تقع. والبيت شاهد أنّ الموصوف محذوف، لأنه بعض من مجرور بمن. والتقدير: كلمتها كلمتين، منهما كلمة كالثلج، وكلمة أخرى أحر من الجمر. وفي حال تقدم المجرور، الحذف أكثر من حال تأخره كما في البيت. [الخزانة/ 5/ 59]. 31 - كأنه وجه تركيّين قد غضبا … مستهدف لطعان غير منحجر البيت للفرزدق من قصيدة هجا فيها جريرا، وشبهه بامرأة، وأفحش في الهجاء، وقد روي البيت بقافية الباء، وهو من قصيدة رائية، والبيت شاهد أنه إذا أضيف الجزءان لفظا ومعنى إلى متضمنيهما المتحدين بلفظ واحد، فلفظ الإفراد في المضاف أولى من لفظ التثنية كما في البيت ... وجمعه أولى من الإفراد ... قالوا: إن كلّ ما في الجسد منه شيء واحد لا ينفصل كالرأس والأنف واللسان والظهر والبطن والقلب، فإنك إذا ضممت إليه مثله جاز فيه ثلاثة أوجه: الأول: الجمع، وهو الأكثر نحو قوله تعالى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما [التحريم: 4] وإنما عبروا بالجمع والمراد التثنية لأنها جمع. الثاني: الإفراد: كما قال الشاعر: كلوا في نصف بطنكم تعيشوا … فإنّ زمانكم زمن خميص ومنه البيت الشاهد: الثالث: التثنية، فتقول: ما أحسن رأسيهما ... والجمع في هذا الباب هو الجيد المختار وبه نزل القرآن، قال تعالى: السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [المائدة: 38]. [شرح المفصل/ 4/ 157، والخزانة/ 7/ 532]. 32 - بلى أير الحمار وخصيتاه … أحبّ إلى فزارة من فزار البيت للشاعر الكميت بن ثعلبة الأسدي، ويقال له: الكميت الأكبر، أسلم زمن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يجتمع معه.

33 - نصف النهار الماء غامره … ورفيقه بالغيب لا يدري

وقبل البيت: نشدتك يا فزار وأنت شيخ … إذا خيّرت تخطئ في الخيار أصيحانيّة أدمت بسمن … أحبّ إليك أم أير الحمار ... بلى .. والصيحانية: يريد نوعا من التمر ... وليس في الأبيات إفحاش كبير، وإنما يعيّر فزارة بالبخل، وينقل ما أشيع أن بني فزارة يأكلون أير الحمار الوحشي. وفي البيت الأول شاهد أن «بلى» يجاب بها الإيجاب، ويردّ كلام من يزعم أن «بلى» لا يجاب بها إلا الاستفهام المنفي. وقد جاء في الأحاديث النبوية الصحيحة أمثلة للإيجاب ب «بلى» بعد الاستفهام المثبت. [الخزانة/ 7/ 521]. 33 - نصف النهار الماء غامره … ورفيقه بالغيب لا يدري البيت للأعشى .. وهو شاهد أنّ ضمير صاحب الحال إذا كان في آخر الجملة الحالية، فهو ضعيف وقليل. فإن الماء: مبتدأ، وغامره خبره، والجملة حال من ضمير «نصف» العائد إلى الغائص في الأبيات السابقة، والضمير الذي ربط جملة الحال بصاحبها في آخرها. وهذا على رواية نصب (النهار) على أنه مفعول به، للفعل «نصف» نقول: نصفت الشيء نصفه، من باب قتل، وأما على رواية رفع «النهار» فالجملة حال منه، ولا رابط، فتقدر الواو ... والبيت من قصيدة للأعشى ميمون، مدح فيها قيس بن معدي كرب الكندي، وأجاد في التغزل بمحبوبته في أولها، إلى أن شبهها بالدرّة، ثم وصف تلك الدرة، كيف استخرجت من البحر، ويقول في البيت الشاهد لقد انتصف النهار والغواص غائص وصاحبه لا يدري ما حاله، لأنه يغوص بحبل معه طرفه وطرفه الآخر مع صاحبه، يقول منها: كجمانة البحريّ جاء بها … غوّاصها من لجّة البحر نصف .. البيت.

34 - ورثوا السيادة كابرا عن كابر … إن الخيار هم بنو الأخيار

فأصاب منيته فجاء بها … صدفيّة كمضيئة الجمر فلتلك شبه المالكية إذ … طلعت ببهجتها من الخدر [الخزانة/ 3/ 236]. 34 - ورثوا السّيادة كابرا عن كابر … إنّ الخيار هم بنو الأخيار الأصل في الشاهد الشطر الأول من البيت، وقد يذكرونه على أنه مثل نثري. ولكنه شطر موزون. وقد جاء هذا التركيب أو قريب منه عند كثير من الشعراء. فقال البحتري: شرف تتابع كابرا عن كابر … كالرّمح أنبوبا على أنبوب وقال حسان بن ثابت: ورثت الفعال وبذل التلا … د والمجد عن كابر كابر وقال النابغة الذبياني: بقية قدر من قدور توورثت … لآل الجلاح كابرا بعد كابر والبيت الشاهد من قصيدة لكعب بن زهير يمدح بها الأنصار، وقد اختلفوا في إعراب معنى التركيب. والمعنى القويّ: تساويهم في الفضائل، وتناسقهم فيها واحدا بعد واحد، وليس أحدهما بأفضل من الآخر، لأن «عن» في التركيب، بمعنى (بعد) كقوله تعالى: لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ [الانشقاق: 19]. وكلمة «كابر» ذكروا لها ثلاثة معان: الأول: بمعنى «كبير» والثاني: أنه للمبالغة من كابرته، فكبرته، أي: غلبته في الكبر، وأنا كابر. والثالث: أنه اسم بمعنى الجمع. وكابرا: منصوب بنزع الخافض، والتقدير: من كابر لأنّ ورث يتعدى إلى مفعول واحد، وهو الموروث منه، وتأتي بالموروث بعده بدل اشتمال، تقول: ورثت أبي ماله،

35 - متكنفي جنبي عكاظ كليهما … يدعو وليدهم بها عرعار

ومالا منه، فإن عدّيته إلى الموروث، جئت بالموروث منه مجرورا بمن، أو عن، تقول: ورثت المال من أبي ومالا عن أبي، وقد ظن بعضهم أن كابرا الأول هو الوارث والثاني هو الموروث منه، فقالوا: إن «كابرا» حال، وليس كذلك، وإنما الأول هو الموروث منه، وقال قوم إن «عن» متعلقة ب «كابرا» فقال ابن جني، إن في هذا المعنى تشنع على القوم، لا تمدّح لهم. وذلك إذا كبر بعضهم عن بعض، فكان ذلك غضا من المفضول، وإنما ينبغي أن يقال: إنهم متتابعو الشرف متشابهو الفضل. [الخزانة/ 10/ 118، والسيرة/ 893]. 35 - متكنّفي جنبي عكاظ كليهما … يدعو وليدهم بها عرعار البيت آخر أبيات تسعة للنابغة الذبياني، حذّر بها عمرو بن المنذر بن ماء السماء، ملك الحيرة من أعدائه، وهم قوم النابغة. أخبره بأنهم نزلوا بعكاظ وهم كثيرون، ينتظرون وقوع الربيع، فيرعونه ويحاربونه، وأولها: من مبلغ عمرو بن هند آية … ومن النصيحة كثرة الإنذار لا أعرفنّك عارضا لرماحنا … في جفّ تغلب وارد الأمرار إلى أن قال: فيهم بنات العسجديّ ولاحق … ورق مراكلها من المضمار تشلى توابعها إلى ألّافها … خبب السباع الولّه الأبكار متكنّفي .. البيت. ومعنى البيت الشاهد: أنهم يقيمون في كنفي جنبي عكاظ، والكنف: الناحية، وهو جمع مذكر سالم حذفت منه نونه للإضافة، والإضافة لفظية ولذلك صح إعراب متكنّفي: حالا من أصحاب هذه الخيل. وعكاظ: السوق المعروفة في نواحي الطائف. وكليهما: توكيد لقوله «جنبي» والوليد: الصبي، وبها: الضمير يعود إلى عكاظ، و (عرعار) لعبة للصبيان، إذا خرج الصبي من بيته ولم يجد أحدا يلاعبه، رفع صوته فقال: (عرعار)، أي: هلمّوا إلى العرعرة، فإذا سمعوا صوته خرجوا ولعبوا معه تلك اللعبة. وعرعار مبني على الكسر، وهو معدول عن قولهم «عرعر» أي: اجتمعوا للعب، ويريد الشاعر: أنهم آمنون في إقامتهم هناك لعزّهم وكثرتهم، وصبيانهم يلعبون بهذه

36 - وخطرت أيدي الكماة وخطر … راي إذا أورده الطعن صدر

اللعبة لبطرهم ورفاهيتهم، والشاهد: أن عرعار اسم فعل أمر معدول عن الرباعي «عرعر». قال أبو أحمد: وقصة هذا البيت، من أمثلة كثيرة، نفنّد بها آراء نقدة الأدب الذين يقولون: إنّ القصيدة العربية مفككة وإن البيت وحده القصيدة، وهل يمكن فهم هذا البيت دون وضعه في سياقه؟ وقد عرضنا هذه القضية في مقدمة هذا الكتاب، فانظر القول الفصل فيها. [الخزانة/ 6/ 314، وشرح المفصل/ 4/ 52، والأشموني/ 3/ 160]. 36 - وخطرت أيدي الكماة وخطر … راي إذا أورده الطّعن صدر هذا رجز للعجّاج .. وخطرت: اختلفت يمينا وشمالا عند القتال، و «راي» جمع راية، وهو فاعل «خطر» أورده الطعن: أي: إذا أورد الطاعن تلك الرايات دماء المطعونين بالرماح، صدرت صدور الوارد عن الماء بعد الورود، وجعل الفعل للطعن اتساعا. والشاهد: جمع راية على «راي» بطرح التاء، وأكثر ما يجيء هذا في الأجناس المخلوقة، ولا يكاد يقع فيما يصنعه البشر إلا نادرا، ومثل راية - وراي - ساعة وساع، وهامة وهام. [سيبويه/ 2/ 189، والخصائص/ 1/ 268، وديوان العجاج]. 37 - إذا تخازرت وما بي من خزر لعمرو بن العاص، وتخازر: تكلّف الخزر ونظر بمؤخر عينه. والشاهد: تخازرت: قال سيبويه: وقد يجيء تفاعلت ليريك أنه في حال ليس فيها، مثل تغافلت وتعاميت وتعارجت، وتخازرت، فقوله: وما بي من خزر، يدل على ذلك، والأصل في وزن «تفاعلت» أن يدل على فعل الاثنين نحو: تضاربنا، وترامينا، وتقاتلنا، وقد يجيء مرادا له فعل الواحد مثل: تماريت، وتراءيت له، وتعاطيت، وعليه وزن «فاعلته» يأتي للمشاركة نحو: ضاربته، وفارقته، وخاصمته، وقد يجيء لا يراد به عمل الاثنين، نحو: ناولته وعافاه الله، وسافرت، وظاهرت عليه. [سيبويه/ 2/ 239، وشرح المفصل/ 7/ 80]. 38 - لست بليليّ ولكني نهر … لا أدلج الليل ولكن أبتكر

39 - يا سارق الليلة أهل الدار

من شواهد سيبويه. يقول: أسير بالنهار ولا أستطيع سرى الليل. والإدلاج: سير الليل كله. والشاهد: نهر، إذ بناه على فعل وهو يريد النسب لا المبالغة. [سيبويه/ 2/ 91، والأشموني/ 4/ 201، واللسان (ليل)، (نهر)]. 39 - يا سارق الليلة أهل الدار هذا رجز لا يعرف قائله. والشاهد فيه: جعل الليلة مسروقة، فالليلة مفعول مضاف وذلك على التوسع، وقد استشهد به الرضي على أنه قد يتوسع في الظروف المتصرفة - التي ترفع وتنصب وتجر - فيضاف إليها المصدر والصفة المشتقة منه، فإن الليلة ظرف متصرف، وقد أضيف إليه «سارق» وهو وصف، أي «مشتق» وقد وقع هذا في كتاب سيبويه وأورده الفرّاء أيضا في تفسيره عند قوله تعالى: فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ. [إبراهيم: 47].، وقال: أضاف سارق إلى الليلة ونصب أهل، وكان بعض النحويين ينصب الليلة ويخفض أهل فيقول «يا سارق الليلة أهل الدار»، وقال ابن خروف: أهل الدار منصوب بإسقاط الجار، ومفعوله الأول محذوف، والمعنى: يا سارق الليلة لأهل الدار متاعا، فسارق: متعد لثلاثة مفاعيل، أحدها الليلة على السعة، والثاني: بعد إسقاط حرف الجرّ، والثالث: مفعول حقيقي، وجميع الأفعال متعديها ولازمها يتعدى إلى الأزمنة والأمكنة، قال البغدادي: وفي كلام ابن خروف نظر: فإن أهل اللغة نقلوا أن «سرق» يتعدى بنفسه إلى مفعولين، قال صاحب المصباح وغيره: سرقه مالا يسرقه من باب ضرب، وسرق منه مالا، يتعدى إلى الأول بنفسه وبالحرف على الزيادة، فجعل «من» في المثال الثاني زائدة، فالصواب أن «الليلة» هو المفعول الأول، وأهل الدار بدل منها، فيقتضي أن يكون منصوبا بسارق آخر، لأن البدل على نية تكرار العامل، والمفعول الثاني حذف لإرادة التعميم، أي: متاعا ونحوه. [الخزانة/ 3/ 108، وسيبويه/ 1/ 89، 99، وشرح المفصل/ 2/ 45، 46، وأمالي ابن الشجري/ 2/ 250]. 40 - أعوذ بربّ العرش من فئة بغت … عليّ فمالي عوض إلّاه ناصر البيت لم يسمّ قائله، وعوض: ظرف يستغرق الزمان المستقبل مثل «أبدا» إلا أنه يختصّ بالنفي، وهو مبني على الضمّ، والشاهد قوله: «إلّاه»، إلا: حرف استثناء، والهاء: ضمير يعود إلى ربّ العرش، مستثنى، ووقوع الضمير المتصل بعد «إلا» لا يجوز

41 - وما علينا إذا ما كنت جارتنا … أن لا يجاورنا إلاك ديار

إلا في ضرورة الشعر، وقال قوم: إنه جائز في سعة الكلام. [شرح التصريح/ 1/ 98، والعيني/ 1/ 255]. 41 - وما علينا إذا ما كنت جارتنا … أن لا يجاورنا إلّاك ديّار لا يعرف قائله، وقوله: ديّار: معناه، أحد، ولا يستعمل إلا في النفي العام، قال تعالى: وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً [نوح: 26]، وقوله: ما علينا: ما نافيه، علينا: خبر مقدم، وأن المصدرية وما دخلت عليه، مبتدأ مؤخر، والشاهد: قوله: إلّاك؛ إلّا: أداة استثناء، والكاف: مستثنى، حيث وقع الضمير المتصل بعد «إلّا» شذوذا، ويروى البيت: «ألّا يجاورنا حاشاك» ولا شاهد فيه حينئذ. [شرح المفصل/ 3/ 101، وشرح أبيات المغني/ 6/ 333، والخزانة/ 5/ 278]. 42 - إني حلفت ولم أحلف على فند … فناء بيت من الساعين معمور بالباعث الوارث الأموات قد ضمنت … إيّاهم الأرض في دهر الدهارير البيتان للفرزدق من قصيدة يفخر فيها ويمدح يزيد بن عبد الملك بن مروان، والشاهد في البيت الثاني وإنما ذكرت الأول ليفهم سياق الكلام، وقوله: الدهارير: الزمن الماضي أو الشدائد، وهو جمع لا واحد له من لفظه. وقوله: بالباعث: متعلقان ب: (حلفت) في البيت السابق. الأموات: يجوز فيه وجهان: الجرّ: مضاف إليه، والمضاف: الباعث والوارث، والوجه الثاني: نصب الأموات بالفتحة على أنه مفعول به يتنازعه الوصفان فأعمل فيه الثاني وحذف ضميره من الأول، إياهم: مفعول به للفعل «ضمنت» تقدم على الفاعل «الأرض». والشاهد: ضمنت إياهم: حيث عدل عن وصل الضمير إلى فصله، وذلك خاص بالشعر. والأصل «ضمنتهم الأرض»، وهو كثير في الشعر، ومنه قول زياد بن منقذ: وما أصاحب من قوم فأذكرهم … إلا يزيدهم حبّا إليّ هم والأصل: «يزيدونهم حبا إليّ». [الإنصاف/ 698، والأشموني/ 1/ 116، والخزانة/ 5/ 288، 290]. 43 - بكيت على سرب القطا إذ مررن بي … فقلت ومثلي بالبكاء جدير

44 - ما الله موليك فضل فاحمدنه به … فما لدى غيره نفع ولا ضرر

أسرب القطا هل من يعير جناحه … لعلّي إلى من قد هويت أطير؟ البيتان منسوبان للأحنف بن قيس، وهو عباسي، وينسبان أيضا إلى مجنون ليلى، قلت: والبيتان من أجمل وأرقّ ما قال الشعراء، فهما نهر من العواطف الصادقة المتدفقة، ويدلّان على الرباط الوثيق الذي يجمع بين الأهل مهما تناءت المسافات، وشغلت الشواغل، وقد استعرت جناحي هذين البيتين، فحلقت بهما فوق الحدود، وتخطيت الحرّاس، إلى أن وصلت إلى أهلي حيث يقيمون في هذه الساعة (1/ 1 / 1993 م) في سجن الأعداء. والشاهد في البيت الثاني: استخدام «من» لغير العاقل، في قوله «هل من يعير جناحه» لإنزاله ما لا يعقل، بمنزلة من يعقل، حيث ناداه في أول البيت، وهل: حرف استفهام، من: اسم موصول: مبتدأ، وجملة «يعير» صلة الموصول والخبر محذوف، ومنهم من أعرب جملة (يعير) خبر المبتدأ، وكأنهم لمحوا في «من» معنى الاستفهام. [الهمع/ 1/ 91، والأشموني/ 1/ 151، والعيني/ 1/ 431]. 44 - ما الله موليك فضل فاحمدنه به … فما لدى غيره نفع ولا ضرر البيت مجهول القائل، وقوله: ما: اسم موصول مبتدأ، الله: مبتدأ، و «موليك» خبر عن لفظ الجلالة، والجملة صلة موصول، وفضل: خبر عن «ما» الموصولة، ولدى: خبر مقدم، نفع: مبتدأ مؤخر. والشاهد: «ما الله موليك» حيث حذف الضمير العائد على الاسم الموصول، لأنه منصوب بوصف (اسم فاعل) والأصل «موليكه». [شرح التصريح/ 1/ 145، والهمع/ 1/ 89، والأشموني/ 1/ 170]. 45 - ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا … ولقد نهيتك عن بنات الأوبر من الشواهد المجهولة القائل، وقوله: جنيتك: معناه: جنيت لك، ومثله في حذف اللام وإيصال الفعل إلى ما كان مجرورا، قوله تعالى: وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ [المطففين: 3]، والْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ [يس: 39]، وأكمؤ: جمع كمء - بفتح الكاف - ويجمع الكمء على كمأة، أيضا، فيكون المفرد خاليا من التاء، وهي في جمعه، على عكس «تمر، وتمرة»، وهذا من نوادر اللغة، و «عساقل» جمع عسقول، بزنة

46 - رأيتك لما أن عرفت وجوهنا … صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو

عصفور، نوع من الكمأة وكان أصله «عساقيل» فحذفت الياء كما حذفت في قوله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ [الأنعام: 59]، فإنه جمع مفتاح، وبنات الأوبر: كمأة صغار مزغبة كلون التراب، كأمثال الحصى رديئة الطعم ... وقوله: ولقد: الواو: للقسم، واللام: للتوكيد، وجنتيك: فعل وفاعل ومفعول أول، أكمؤا: مفعول ثان، وقوله: ولقد: الثانية: الواو عاطفة، واللام: موطئة للقسم. والشاهد: «بنات الأوبر» حيث زاد «ال» في العلم، مضطرا لأن بنات أوبر علم على نوع من الكماة، والعلم لا تدخله «ال»، ومن الجائز أن تكون «بنات أوبر» نكرة، لأنه لا يريد كمأة بعينها، فصح دخول «ال» عليها. [شرح المفصل/ 5 / 71، والأشموني/ 1/ 172، وشرح أبيات المغني/ 1/ 310]. 46 - رأيتك لما أن عرفت وجوهنا … صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو البيت لرشيد بن شهاب اليشكري، والمعنى: يندّد بقيس لأنه فرّ عن صديقه لما رأى وقع أسيافهم، ورضي من الغنيمة بالإياب فلم يدافع عنه ولم يتقدم للأخذ بثأر، وقوله: رأيتك: فعل وفاعل ومفعول، وهي بصرية تنصب مفعولا واحدا، أن عرفت: (أن) زائدة، وقوله: طبت النفس، النفس: تمييز نسبة. والشاهد: قوله: طبت النفس، حيث أدخل «أل» على التمييز، الذي يجب تنكيره، في مذهب البصريين، وهذا من الضرورات، أما الكوفيون فيرون تعريف التمييز وتنكيره، وبذلك تكون ال هنا أصلية. [العيني/ 1/ 502، والهمع/ 1/ 80، والأشموني/ 1/ 182، والمفضليات/ 310]. 47 - فأقبلت زحفا على الرّكبتين … فثوب لبست وثوب أجر هذا البيت من قصيدة لامرئ القيس، وقوله: زحفا: مصدر: يجوز أن يؤول باسم فاعل، فيكون حالا، ويجوز بقاؤه، فيكون مفعولا مطلقا لفعل محذوف. والشاهد في الشطر الثاني: ثوب لبست، وثوب أجرّ، حيث وقع «ثوب» مبتدأ مع كونه نكرة، لأنه قصد التنويع، إذ جعل أثوابه أنواعا، فمنها نوع أذهله حبها عنه فنسيه، ومنها نوع قصد أن يجرّه على آثار سيرهما ليعفيها حتى لا يعرفهما أحد، ويروى البيت «فثوبا لبست» بالنصب، مفعول به للفعل بعده ولا شاهد في البيت حينئذ. [شرح المغني/ 7 -

48 - كم عمة لك يا جرير وخالة … فدعاء قد حلبت علي عشاري

37، والخزانة/ 1/ 373، والعيني/ 1/ 545]. 48 - كم عمّة لك يا جرير وخالة … فدعاء قد حلبت عليّ عشاري البيت للفرزدق، يهجو جريرا، وقوله: فدعاء: هي المرأة التي اعوجت إصبعها من كثرة حلبها، ويقال: الفدعاء، هي التي أصاب رجلها الفدع من كثرة مشيها وراء الإبل، والفدع: زيغ في القدم، بينها وبين الساق، عشاري: العشار: جمع عشراء، بضم العين وفتح الشين: وهي الناقة التي مضى عليها من وضعها عشرة أشهر. والشاهد قوله: «عمة» حيث ذكره ابن عقيل شاهدا على وقوع المبتدأ نكرة بعد «كم» الخبرية، على رواية من رفع «عمة» وعلى هذا تعرب «كم» في محل نصب ظرفا متعلقا ب (حلبت) أو مفعولا مطلقا عامله «حلبت» وليس الأمر كما قال، إذا روينا «عمة» بالرفع، وإنما المسوغ لمجيء المبتدأ نكرة، الوصف، فالجار والمجرور «لك» صفة ل عمّة. والأقوى أن تعرب «كم» خبرية - في محل رفع مبتدأ - وعمة: تمييز مجرور، لأن الخبريّة تدل على الكثرة، والهجاء يتطلب ذلك. [سيبويه/ 1/ 253، 293، 295، وشرح المفصل/ 4/ 133، والعيني/ 1/ 550، والهمع/ 1/ 254، والأشموني/ 1/ 207، وشرح أبيات المغني/ 4/ 165، والخزانة/ 6/ 458]. 49 - إلى ملك ما أمّه من محارب … أبوه ولا كانت كليب تصاهره البيت للفرزدق يمدح الوليد بن عبد الملك، ومحارب: اسم قبيلة وكذلك «كليب». والشاهد فيه: «أمه من محارب أبوه» حيث قدم الخبر، وهو جملة «ما أمه من محارب» على المبتدأ وهو قوله: «أبوه»، والتقدير: إلى ملك أبوه ليست أمه من محارب. وفيه شاهد: بلاغي على التعقيد اللفظي الذي سببه التقديم والتأخير كقول الفرزدق أيضا، يمدح إبراهيم بن هشام المخزومي خال هشام بن عبد الملك: وما مثله في الناس إلا مملكا … أبو أّمه حّي أبوه يقاربه والتقدير: وما مثله في الناس حّي يقاربه إلا مملكا، أبو أمه أبوه. [الخصائص/ 2/ 394، والهمع/ 1/ 118، والعيني/ 1/ 525، وشرح أبيات المغني/ 3/ 34].

50 - إني وأسطار سطرن سطرا … لقائل يا نصر نصرا نصرا

50 - إنّي وأسطار سطرن سطرا … لقائل يا نصر نصرا نصرا رجز لرؤبة بن العجاج، وسطرن: كتبن، ويعني بالأسطار آيات القرآن، وقد فهم سيبويه أّن نصرا الثانية والثالثة عطف بيان على الأولى، لكن قال أبو عبيدة نصر المنادى: نصر بن سيار، أمير خراسان، والثانية: حاجبه، ونصبه على الإغراء، يريد: يا نصر عليك نصرا، وقيل: النصر: العطية فيريد: يا نصر عطية عطية، وكان المازني يقول: يا نصر نصرا نصرا ينصبهما على الإغراء لأنّ «نصر» حاجب نصر بن سيار، وكان حجب رؤبة ومنعه من الدخول. فقال: اضرب نصرا وآلمه. والشاهد: في رأي سيبويه: نصب «نصرا نصرا» حملا على محلّ «نصر» الأولى، لأنها في محل نصب. [سيبويه/ 1/ 304، وشرح المفصل/ 2/ 3، والخزانة/ 2/ 219]. 51 - كيف رأيت زبرا … أأقطا أو تمرا أم قريشا صقرا رجز لصفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأم الزبير بن العوام، زبرا: أرادت الزبير، وهو ولدها، فجعلته مكبرا وأصله التصغير، والأقط: شيء يصنع من اللبن، وكانت صفية قد جاءها صبيّ يطلب الزبير ليصارعه فصرعه الزبير فقالت هذا الرجز. والشاهد: دخول «أم» معادلة للهمزة، واعتراض «أو» بينهما، والتقدير: أأحد هذين رأيته أم قرشيا، والمعنى: أرأيته في الضّعف واللين، كطعام يسوغ لك أم قرشيا ماضيا في الرجال، قال سيبويه: وذلك أنها لم ترد أن تجعل التمر عديلا للأقط، لأنّ المسؤول عنه لم يكن عندها، ممن قال: هو إما تمر وإما أقط وإما قرشي، ولكنها قالت: أهو طعام أم قرشيّ فكأنها قالت: أشيئا من هذين الشيئين رأيته أم قرشيا. [سيبويه/ 1/ 488، واللسان «زبر»]. 52 - أنعت أعيارا رعين الخنزرا … أنعتهنّ آيرا وكمرا من شواهد سيبويه، والأعيار: جمع عير وهو حمار الوحش، والخنزر: موضع.

53 - يقوم تارات ويمشي تيرا

والشاهد: جمع (أير) على «أفعل» كما قالوا: ثوب وأثوب، والقياس أن تبنى على أفعال، كأبيات وأثواب. [سيبويه/ 2/ 185، واللسان «خنزر»]. 53 - يقوم تارات ويمشي تيرا رجز من شواهد سيبويه. والشاهد: جمع تارة، وهي بمعنى الحين والمرة على تير، والقياس «تيار» بالألف لأن تارة فعلة في الأصل كرحبة ورحاب، إلا أن المعتل من الأفعال قد تحذف ألفه، كما قيل: ضياع وضيع طلبا للخفّة، لثقله بالاعتلال. [سيبويه/ 2/ 188، وشرح المفصل/ 5/ 22، واللسان/ تور]. 54 - ألا يا اسلمي يا دارميّ على البلى … ولا زال منهلّا بجرعاتك القطر البيت للشاعر ذي الرّمة، غيلان بن عقبة، يقوله في صاحبته «ميّة»، والجرعاء: رملة مستوية لا تنبت شيئا، والقطر: المطر، يدعو لدار حبيبته بأن تدوم لها السلامة على مرّ الزمان من طوارق الحدثان وأن يدوم نزول الأمطار بساحتها. ألا: أداة استفتاح وتنبيه، يا: حرف نداء، والمنادى محذوف، والتقدير «يا دار ميّة»، واسلمي: فعل أمر، وميّ: مضاف إليه وهي «ميّة» و «على البلى» متعلقان ب «اسلمي»، «لا زال» فعل ناقص، منهلّا: خبرها مقدم، بجرعائك: متعلقان ب «منهلا»، والقطر: اسم زال مؤخر، و «لا» هنا دعائية، وفي البيت شاهدان: الأول: يا اسلمي: حيث حذف المنادى، قبل فعل الأمر، فاتصل حرف النداء بالفعل لفظا، ولا يحسن جعل «يا» حرف تنبيه، لسبقها ب «ألا» حرف التنبيه ولا يجتمع حرفان بمعنى واحد لغير توكيد. والشاهد الثاني: «ولا زال ..» حيث أجرى «زال» مجرى كان في رفعها الاسم ونصب الخبر، لتقدم «لا» الدعائية عليها، والدعاء شبه النفي. [شرح أبيات المغني/ 4/ 385، والعيني/ 2/ 6، والهمع/ 1/ 111، والأشموني/ 3/ 171، وديوانه/ 1/ 559]. 55 - ببذل وحلم ساد في قومه الفتى … وكونك إيّاه عليك يسير

56 - فأبت إلى فهم وما كدت آيبا … وكم مثلها فارقتها وهي تصفر

البيت، لم يسمّ قائله، والمعنى: إن الرجل يسود في قومه، وينبه ذكره في عشيرته ببذل المال والحلم، وهو يسير عليك إذا أردت أن تكون ذلك الرجل، كونك: مبتدأ، خبره جملة يسير، وكون: مصدر كان، يعمل عملها، والكاف: اسمه، و «إياه» خبره. والشاهد: استعمال مصدر كان الناقصة، وإعماله عملها. [العيني/ 2/ 15، والهمع/ 1/ 114، والأشموني/ 1/ 231]. 56 - فأبت إلى فهم وما كدت آيبا … وكم مثلها فارقتها وهي تصفر هذا البيت للشاعر تأبط شرا - ثابت بن جابر بن سفيان - من مقطوعة في حماسة أبي تمام، أولها: إذا المرء لم يحتل وقد جدّ جدّه … أضاع وقاسى أمره وهو مدبر وقوله إلى «فهم» اسم قبيلة، وتصفر: أراد تتأسّف وتحزن على إفلاتي منها، بعد أن ظنّ أهلها أنهم قد قدروا عليّ، وقصة ذلك أن قوما من بني لحيان وجدوا تأبط شرّا يشتار عسلا من فوق جبل، ورآهم يترصدونه فخشي أن يقع في أيديهم، فانتحى من الجبل ناحية بعيدة عنهم، وصبّ ما معه من العسل فوق الصخر، ثم انزلق عليه حتى انتهى إلى الأرض، ثم أسلم قدميه للريح، فنجا من قبضتهم، وقوله: وما كدت آيبا، الواو: حالية، وما: نافية، وكدت آيبا: كاد واسمها وخبرها، والجملة حال، وكم مثلها، الواو: للحال، وكم: خبرية مبتدأ، مثلها: تمييز مجرور، وجملة (وهي تصفر): مبتدأ وخبر والواو للحال، فالجملة حالية. والشاهد: «وما كدت آيبا» حيث أعمل كاد عمل كان فرفع الاسم ونصب الخبر ولكنه جاء بخبرها مفردا، والقياس أن يكون الخبر جملة فعلية فعلها مضارع، وقد أنكر بعض النحاة هذه الرواية، وزعم أنها «وما كنت آيبا». [الإنصاف/ 544، وشرح المفصل/ 7/ 13، والهمع/ 1/ 130، والأشموني/ 1/ 259، والحماسة/ 83، والخزانة/ 8/ 374]. 57 - عسى فرج يأتي به الله إنه … له كلّ يوم في خليقته أمر البيت مجهول القائل .. والشاهد في البيت «يأتي به الله» حيث جاء خبر (عسى) فعلا

58 - واعلم فعلم المرء ينفعه … أن سوف يأتي كل ما قدرا

مضارعا مجردا من أن المصدرية، وهو قليل، ومرّ في حرف الدال وماذا عسى ... حفير زياد. [الهمع/ 1/ 131، والعيني/ 2/ 214]. 58 - واعلم فعلم المرء ينفعه … أن سوف يأتي كلّ ما قدرا البيت غير منسوب، وقوله: أن سوف: أن: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف وجوبا، وجملة سوف يأتي: خبرها. والشاهد: قوله: أن سوف يأتي: حيث أتى بخبر (أن) المخففة جملة فعلية وليس فعلها دعاء، وقد فصل بين (أن) وخبرها بحرف التنفيس: سوف، وهي إحدى حالات خبر (أن) المخففة إذا لم يكن فعل الجملة الفعلية (الخبر) دعاء. [شرح أبيات المغني/ 6/ 231، والشذور/ 283، والهمع/ 1/ 148، والأشموني/ 1/ 292]. 59 - تعلّم شفاء النفس قهر عدوّها … فبالغ بلطف في التّحيّل والمكر البيت لزياد بن سيّار بن عمرو بن جابر، وقوله: تعلم: فعل أمر بمعنى «اعلم» التي تتعدى إلى مفعولين من أخوات (ظنّ) وهي فعل جامد، أما «تعلّم» التي لا تكون بمعنى «الظنّ» فهي متصرفة، فلا تنصب مفعولين، وقوله: شفاء النفس؛ يعني قضاء مآربها، وهو المفعول الأول للفعل «تعلم»، و «قهر» مفعول ثان. وهو الشاهد في البيت، ولكن الغالب أن يتعدّى هذا الفعل إلى مفعولين يسدّ عنهما المصدر المؤول من أنّ واسمها وخبرها كقول النابغة الذبياني: تعلّم أنّه لا طير إلا … على متطير وهو الثبور [الشذور/ 362، وشرح المغني/ 7/ 260، والهمع/ 1/ 149، والأشموني/ 2/ 24]. 60 - نبئت زرعة - والسفاهة كاسمها - … يهدي إليّ غرائب الأشعار البيت للنابغة الذبياني، يهجو زرعة بن عمرو، وقوله: السفاهة كاسمها: أراد أنّ السفاهة في معناها قبيحة كما أنّ اسمها قبيح، وجملة «والسفاهة كاسمها» جملة حالية. والشاهد: نبّئت زرعة يهدي: حيث أعمل «نبّأ» في ثلاثة مفاعيل، الأول: التاء:

61 - رأين الغواني الشيب لاح بعارضي … فأعرضن عني بالخدود النواضر

نائب فاعل، والثاني: زرعة، والثالث: جملة يهدي. [الخزانة/ 6/ 315، والعيني/ 2/ 439]. 61 - رأين الغواني الشيب لاح بعارضي … فأعرضن عنّي بالخدود النّواضر البيت للشاعر محمد بن عبد الله العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان. والشاهد فيه: «رأين الغواني» حيث وصل الشاعر الفعل بنون النسوة مع ذكر الفاعل الظاهر بعده، وهو «الغواني» وللعلماء في تخريج مثل هذا أقوال: فقد نعدّ النون حرفا دالا على جماعة الإناث، وقد نعدها فاعلا، والاسم بعدها بدلا، وقد نعدّ الجملة خبرا مقدما، والاسم الظاهر مبتدأ مؤخر، ولكن الحاصل أن هذه اللغة ليست شاذّة لكثرة الشواهد عليها. [الشذور/ 179، والأشموني/ 2/ 47]. 62 - لما رأى طالبوه مصعبا ذعروا … وكاد - لو ساعد المقدور - ينتصر البيت لأحد أصحاب مصعب بن الزبير، يرثيه. والشاهد فيه قوله: رأى طالبوه مصعبا، حيث أخّر المفعول به عن الفاعل مع أن مع الفاعل ضميرا يعود على المفعول، فعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة، والشواهد لهذه المسألة كثيرة. [العيني/ 2/ 501]. 63 - جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر … وحسن فعل كما يجزى سنمّار البيت منسوب لسليط بن سعد، وسنمّار: رجل بنى قصرا للنعمان بن المنذر ولما فرغ منه ألقاه النعمان من أعلى القصر لئلا يعمل مثله لغيره، فضرب مثلا لسوء المكافأة. والشاهد فيه: «جزى بنوه أبا الغيلان» حيث أخّر المفعول به وهو «أبا الغيلان»، عن الفاعل وهو قوله «بنوه» مع أنّ الفاعل متّصل بضمير عائد على المفعول، فعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وهذا ممّا لا يجيزه جمهور النحويين، وأجازه ابن مالك، وابن جنّي، والأخفش. [العيني/ 2/ 495، والأشموني/ 2/ 59، والهمع/ 1/ 66]، 64 - هل الدهر إلا ليلة ونهارها … وإلّا طلوع الشمس ثمّ غيارها البيت مطلع قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي، خويلد بن خالد، وقوله: غيارها: يعني:

65 - وإذا تباع كريمة أو تشترى … فسواك بائعها وأنت المشتري

غيابها، وقوله: وإلّا طلوع، الواو: عاطفة و «إلا» زائدة للتوكيد، وطلوع معطوف على ما قبله. والشاهد: «وإلا طلوع ..» حيث تكررت «إلا» ولم تفد غير التوكيد، فألغيت، وعطف ما بعدها على ما قبلها. [شرح المفصل/ 2/ 41، والأشموني/ 2/ 151، والعيني/ 3/ 115]. 65 - وإذا تباع كريمة أو تشترى … فسواك بائعها وأنت المشتري البيت لمحمد بن عبد الله المدني، يخاطب يزيد بن حاتم بن قبيصة ابن المهلب .. والبيت من قطعة في الحماسة، وقوله: تباع: أراد بالبيع هنا الزهد في الشيء والانصراف عنه، وذهاب الرغبة في تحصيله. وأراد بالشراء: الحرص على الشيء، و «أو» هنا بمعنى الواو، وكريمة: أي خصلة كريمة. والشاهد: قوله «فسواك» فإن «سوى» قد خرجت عن الظرفية، ووقعت مبتدأ متأثرا بالعامل، وهذا العامل معنوي وهو الابتداء .. وفي هذا البيت رد على ما ذهب إليه سيبويه والجمهور من أن «سوى» لا تخرج عن النصب على الظرفية متضمنة معنى الاستثناء، وسوف تأتي شواهد أخرى في حروف هذا المعجم. [الهمع/ 1/ 202، والأشموني/ 2/ 159]. 66 - أبحنا حيّهم قتلا وأسرا … عدا الشمطاء والطفل الصّغير ليس للبيت قائل معروف، والشمطاء: العجوز التي يخالط سواد شعرها بياض. والشاهد قوله: عدا الشمطاء: حيث استعمل - عدا - حرف جرّ، فجرّ الشمطاء به، ولم يحفظ سيبويه (الجرّ ب عدا) ولا ذكره المبرد، وقوله: قتلا: تمييز، وأسرا: معطوف عليه. [العيني/ 3/ 132، والتصريح/ 1/ 363]. 67 - أنا ابن دارة معروفا بها نسبي … وهل بدارة يا للنّاس من عار؟ البيت لسالم بن دارة، من قصيدة يهجو بها فزارة، وقد أوردها التبريزي في شرحه على الحماسة .. يقول: أنا ابن هذه المرأة - دارة - ونسبي معروف بها، وليس من المعرّة ما يوجب القدح في النسب أو الطعن في الشرف. وقوله: معروفا: حال. بدارة: خبر مقدم،

68 - وإني لتعروني لذكراك هزة … كما انتفض العصفور بلله القطر

من عار: من: زائدة. وعار: مبتدأ مؤخر، مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحلّ بحركة حرف الجرّ الزائدة، وقوله: يا للناس: اعتراض بين المبتدأ والخبر، ويا: للنداء، واللام للاستغاثة. والشاهد: «معروفا» فإنّه حال أكدت مضمون الجملة قبلها، ومن شرط الحال المؤكدة أن تكون الجملة قبلها اسمية، وجزآها معرفتان جامدان. [سيبويه/ 1/ 257، والخصائص/ 2/ 268، والشذور/ 247، والعيني/ 3/ 186، والأشموني/ 2/ 185، والخزانة/ 2/ 148]. 68 - وإنّي لتعروني لذكراك هزّة … كما انتفض العصفور بلّله القطر البيت لأبي صخر الهذلي، وتعروني: تصيبني، والمعنى: يصف ما يحدث له عند تذكره صاحبته، إنه ليصيبه خفقان واضطراب، يشبهان حركة العصفور إذا نزل عليه ماء المطر، فإنه يضطرب ويتحرك حركات متتابعة ليدفعه عن نفسه. والشاهد قوله: لذكراك، فإن اللام فيه للتعليل. [الإنصاف/ 253، وشرح المفصل/ 2/ 67، والشذور/ 229، والعيني/ 3/ 67، والهمع/ 1/ 194، والأشموني/ 2/ 124، والخزانة/ 3/ 254]. 69 - ربّما الجامل المؤبّل فيهم … وعناجيج بينهنّ المهار البيت لأبي داود الإيادي ... والجامل: القطيع من الإبل، مع رعائه وأربابه. والمؤبّل: المتخذ للقنية. عناجيج: جمع عنجوج، وهو من الخيل الطويل العنق، والمهار: جمع مهر، والواحدة بهاء، وهو ولد الفرس، والمعنى: يقول: إنه ربما وجد في قومه القطيع من الإبل المعدّ للقنية، وجياد الخيل الطويلة الأعناق التي بينها أولادها. والشاهد: ربما الجامل فيهم، حيث دخلت «ما» الزائدة على «ربّ» فكفتها عن العمل فيما بعدها، وسوغت دخولها على الجملة الاسمية. وهو شاذ عند سيبويه لأنها - عنده - تختصّ بالجمل الفعليّة. وعند المبرّد. لا تختصّ ربّ المكفوفة بجملة دون جملة. [شرح المفصل/ 8/ 29، وشرح المغني/ 3/ 198، والخزانة/ 9/ 586، والهمع/ 2/ 26]. 70 - دعوت لما نابني مسورا … فلبّى، فلبّي يدي مسور البيت من شواهد سيبويه التي لا يعلم قائلها، ومسور: اسم رجل: فلبى: أول الشطر الثاني فعل ماض، وقوله: فلبّي يديّ .. الفاء للتعليل، ولبّي: مصدر منصوب على

71 - تنتهض الرعدة في ظهيري … من لدن الظهر إلى العصير

المفعوليّة المطلقة بفعل محذوف، وأصله (لبيك)، وهو مضاف، ويدي: مضاف إليه، ويدي: مضاف، ومسور: مضاف إليه. والشاهد: فلبّي يدي مسور: حيث أضاف لبّي: إلى اسم ظاهر، وهو قوله: (يدي) شذوذا. وفيه دليل على أنّ (لبيك) مثنى، كما ذهب إليه سيبويه وليس مفردا مقصورا، كالفتى كما يرى غيره. [سيبويه/ 176، والمفصل/ 1/ 119، والخزانة/ 2/ 92]. 71 - تنتهض الرّعدة في ظهيري … من لدن الظّهر إلى العصير البيت مجهول القائل، وهو لراجز من طيئ، لم يسمّ، وتنتهض: تتحرك وتسرع والرعدة: بكسر الراء: الارتعاش والاضطراب، وأراد بها الحمّى. ظهيري: تصغير الظهر مقابل البطن، والعصير: تصغير العصر. يقول: إن الحمّى تصيبني فيسرع الارتعاد إليّ، ويستمّر هذا الارتعاد من وقت الظهر إلى وقت العصر. والشاهد: قوله «من لدن» حيث كسر نون «لدن» وقبلها حرف جر، فيحتمل أنه أعرب «لدن» على لغة قيس، فجرها بالكسرة، ويحتمل أنّها مبنّية على السكون، وأن هذا الكسر، للتخلص من التقاء الساكنين، لا للإعراب. [الهمع/ 1/ 215، والأشموني/ 2/ 262]. 72 - أكلّ امرئ تحسبين امرأ … ونار توقّد بالليل نارا البيت لأبي داود الإيادي، جارية بن الحجاج ... والشاهد: ونار، حيث حذف المضاف وهو «كل» وأبقى المضاف إليه مجرورا، لتحقق الشرط، أنّ المضاف المحذوف معطوف على مماثل له وهو «كلّ» في قوله «أكلّ امرئ». [سيبويه/ 1/ 33، والإنصاف/ 743، وشرح المفصل/ 3/ 26، والهمع/ 2/ 52، والأشموني/ 2/ 273، وشرح أبيات المغني/ 5/ 190]. 73 - وفاق - كعب - بجير منقذ لك من … تعجيل تهلكة والخلد في سقر .. هذا البيت قاله بجير بن زهير بن أبي سلمى، يقوله لأخيه كعب، وكان بجير قد أسلم قبل كعب، فلامه كعب على ذلك، وتعرض للرسول صلّى الله عليه وسلّم، فنال بلسانه منه، فأهدر النبيّ دمه، ثم أسلم واعتذر بقصيدته المشهورة، ولكن سند القصّة ضعيف جدا. ومعنى

74 - إذا صح عون الخالق المرء لم يجد … عسيرا من الآمال إلا ميسرا

وفاق: مصدر، وافق فلان فلانا، إذا فعل مثل فعله، والتهلكة: الهلاك، وسقر: من أسماء جهنم، يقول: إنّ فعلك يا كعب مثل فعل أخيك بجير - يريد الإسلام - ينقذك من الوقوع في الهلاك والنار. وقوله: وفاق: مبتدأ، كعب: منادى، وبجير: مضاف إليه، منقذ: خبر المبتدأ. والشاهد: قوله: وفاق - كعب - بجير - حيث فصل بين المضاف (وفاق) والمضاف إليه «بجير» بالنداء، وهو قوله: - كعب - يا كعب - وأصل الكلام: وفاق بجير يا كعب، منقذ لك، وشواهد الفصل بين المضاف والمضاف إليه كثيرة. [الدرر/ 1/ 67، وابن عقيل/ 2/ 176، والأشموني/ 2/ 279، والعيني/ 3/ 489]. 74 - إذا صحّ عون الخالق المرء لم يجد … عسيرا من الآمال إلّا ميسّرا البيت مجهول القائل، والشاهد: عون الخالق المرء، حيث أعمل اسم المصدر (عون) عمل الفعل، فنصب به المفعول به (المرء) بعد إضافته لفاعله (الخالق). [ابن عقيل/ 2/ 87، والعيني/ 3/ 525]. 75 - حذر أمورا لا تضير وآمن … ما ليس منجيه من الأقدار البيت من شواهد سيبويه، والشاهد فيه: حذر أمورا، حيث أعمل قوله: حذر: وهو من صيغ المبالغة، عمل الفعل، فنصب به المفعول به «أمورا». [سيبويه/ 1/ 58، وشرح المفصل/ 6/ 71، والأشموني/ 2/ 298، والخزانة/ 8/ 169]. 76 - ثم زادوا أنهم في قومهم … غفر ذنبهم غير فخر البيت لطرفة بن العبد البكري، من قصيدة مطلعها: أصحوت اليوم أم شاقتك هرّ … ومن الحبّ جنون مستعر وقوله: غفر: جمع غفور. وفخر: جمع فخور، من الفخر. زادوا: فعل وفاعل. والمصدر المؤول أنهم: مفعول به. وغفر: خبر أنّ. ذنبهم: مفعول به ل غفر. والتقدير: ثم زادوا غفرانهم ذنوب قومهم، وغير: خبر ثان لأنّ. والشاهد: غفر ذنبهم؛ حيث أعمل قوله «غفر» الذي هو جمع غفور - صيغة المبالغة -

77 - أرى أم عمرو دمعها قد تحدرا … بكاء على عمرو وما كان أصبرا

إعمال الفعل، فنصب به المفعول به، وهو قوله «ذنبهم». [سيبويه/ 1/ 58، وشرح المفصل/ 6/ 74، والهمع/ 2/ 97، والأشموني/ 2/ 299]. 77 - أرى أمّ عمرو دمعها قد تحدّرا … بكاء على عمرو وما كان أصبرا البيت لامرئ القيس. وأمّ عمرو: يريد به عمرو بن قميئة اليشكري صاحبه في سفره إلى الروم يقول: إنّ عهدي بأم عمرو أن أراها صابرة متجلدة، فما بالها اليوم كثر بكاؤها على عمرو. أقول: وما أظن أمّ عمرو تبكي خوفا على موت ولدها في سفره ولكنها تبكي عليه لأنه وافق امرأ القيس في رحلته إلى قيصر الروم يستعين به على بني قومه. فكانت هذه القصة إن صحت، وصمة عار في تاريخ امريء القيس، تزاد على مقابح جاهليته، لأنه أورث قومه من بعده، ممّن لم يدخل الإسلام إلى قلوبهم: أورثهم الذلة والمهانة، والعقوق، وقطع الأرحام، عند ما كانوا يستعينون بالأجنبي على قتل أهلهم في سبيل متاع زائل، وتاريخ دويلات الأندلس - عهد الطوائف - مثل لهذا الميراث الممقوت، وسجّل الشاعر الأندلسي السّميسر، خلف بن فرج هذا التاريخ المظلم بقوله: ناد الملوك وقل لهم … ماذا الذي أحدثتم أسلمتم الإسلام في … أسر العدا وقعدتم وجب القيام عليكم … إذ بالنصارى قمتم لا تنكروا شقّ العصا … فعصا النبيّ شققتم وأعاد التاريخ نفسه في العصر الحديث، عند ما قامت دويلات الطوائف الهزيلة تحتمي بقوة من وراء البحار. وقوله: أرى: بصرية تنصب مفعولا واحدا، هو أمّ عمر، دمعها: مبتدأ. خبره جملة تحدّر، والجملة الاسمية في محل نصب حال. وبكاء: مفعول لأجله، أو حال مؤولة بالمشتق. و «ما» تعجبية مبتدأ. كان: زائدة، أصبرا: فعل ماض والجملة خبر المبتدأ. والشاهد: وما كان أصبرا: حيث حذف المتعجب منه، وهو الضمير المنصوب الذي يقع مفعولا به لفعل التعجب (أصبر) والتقدير: ما أصبرها. [العيني/ 3/ 668]. 78 - فذلك إن يلق المنيّة يلقها … حميدا وإن يستغن يوما فأجدر البيت لعروة بن الورد، الملقب بعروة الصعاليك ... والمعنى: إن هذا الفقير الذي

79 - خليلي ما أحرى بذي اللب أن يرى … صبورا ولكن لا سبيل إلى الصبر

وصفه في أبيات سابقة، إذا صادف الموت، صادفه محمودا، وإن يستغن يوما فما أحقه بالغنى وما أجدره باليسار. وقوله: فذلك: اسم الإشارة مبتدأ. خبره جملة الشرط وجوابه. حميدا: حال. فأجدر: الفاء رابطة لجواب الشرط. وأجدر: فعل ماض جاء على صورة الأمر. وقد حذف فاعله والباء التي تدخل عليه، والأصل: فأجدر به. [الأشموني/ 3/ 20، والخزانة/ 10/ 13]. والشاهد: قوله: فأجدر: حيث حذف المتعجّب منه، وهو فاعل «أجدر». 79 - خليليّ ما أحرى بذي اللّبّ أن يرى … صبورا ولكن لا سبيل إلى الصّبر ليس للبيت قائل معلوم، ولكنه من شواهد النحويين ... خليلي: منادى، منصوب لإضافته إلى ياء المتكلم. ما: تعجبية، أحرى: فعل ماض، خبر ما التعجبية، أن يرى: المصدر المؤول: مفعول به لفعل التعجب، وصبورا: حال، أو مفعولا ثانيا إذا عددت «يرى» قلبية. والشاهد: قوله: بذي اللبّ، حيث فصل به بين فعل التعجب وهو «أحرى» ومفعوله، المصدر المؤول. [الهمع/ 2/ 91، والأشموني/ 3/ 24]. 80 - تقول عرسي وهي لي في عومره … بئس امرأ وإنني بئس المره البيت لا يعلم قائله، وعرس الرجل: امرأته، وعومرة: صياح وجلبة وصخب وضجيج ... وقوله «وهي لي في عومرة» الجملة الاسمية في محلّ نصب حال، وبئس امرأ فعل جامد ماض، وفاعله مستتر، وامرأ: تمييز، وجملة (بئس المرة) خبر إنّ، وجملتا الشطر الثاني في محل نصب مقول القول. والشاهد: بئس امرأ: حيث رفع «بئس» ضميرا مستترا، وقد فسر التمييز الذي بعده، هذا الضمير. [الأشموني/ 3/ 32، وابن عقيل/ 2/ 235]. 81 - ولست بالأكثر منهم حصى … وإنما العزّة للكاثر البيت للأعشى، ميمون بن قيس من قصيدة له يهجو فيها علقمة بن علاثة ويمدح عامر ابن الطفيل، في المنافرة التي وقعت بينهما.

82 - أقسم بالله أبو حفص عمر … ما مسها من نقب ولا دبر فاغفر له اللهم إن كان فجر

وقوله: الأكثر حصى: كناية عن كثرة عدد الأعوان والأنصار، والكاثر: الغالب في الكثرة. والشاهد في البيت: «بالأكثر منهم» فقد جمع بين ال الداخلة على اسم التفضيل و «من» الجارة للمفضول عليه ... وفي قواعد النحويين أنه لا يجوز الجمع بين ال التعريف في اسم التفضيل، والجر (بمن) للمفضّل عليه، وهم يلتمسون لهذا البيت تخريجات، تجعله متمشيا مع القاعدة ... والذوق لا يأبى قول الأعشى. [شرح المفصل/ 3/ 6، و 6/ 100، والأشموني/ 3/ 47، وشرح أبيات المغني/ 7/ 199، والخزانة/ 8/ 250]. 82 - أقسم بالله أبو حفص عمر … ما مسها من نقب ولا دبر فاغفر له اللهم إن كان فجر هذا رجز لعبد الله بن كيسبة ذكر قصته المرزباني في «معجم الشعراء» قال: أقبل الراجز على أمير المؤمنون عمر بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين إن أهلي بعيد وإن ناقتي دبراء نقباء فاحملني، فقال عمر: كذبت، والله ما بها من نقب ولا دبر، فانطلق فحلّ ناقته ثم استقبل البطحاء وجعل يقول هذا الرجز، فسمعه عمر، فأخذ بيده - لما تبيّن صدقه - وحمله وزوده وكساه ... وقد ذكر القصة ابن حجر في الإصابة، القسم الثالث من حرف العين، ولم يكذبها. وقوله: نقب: مصدر نقب - من باب فرح - وهو رقّة خفّ البعير، والدبر: مصدر، دبر - من باب مرض - وهو أن يجرح ظهر الدابة من موضع الرحل أو القتب، و «فجر» حنث في يمينه، ورحم الله عمر، فالقصة تدل على حرصه على أموال الأمة، وتدل على حسن الأدب في خطاب السلطان العادل. وقد استشهد النحاة: بالجزء الأول من الرجز، لقوله «أبو حفص عمر» على أن «عمر» عطف بيان، لأنه موضح لأبي حفص. ويجوز هنا أن يكون بدلا من «أبو حفص». [شرح المفصل/ 3/ 71، وابن عقيل/ 2/ 277، واللسان «نقب»]. 83 - جاء الخلافة أو كانت له قدرا … كما أتى ربّه موسى على قدر البيت لجرير بن عطية يمدح عمر بن عبد العزيز .. وقوله: الخلافة: مفعول به. أو: بمعنى الواو. كما: الكاف جارة، و «ما» مصدرية. و «ربّه» مفعول به مقدم. وموسى: فاعل.

84 - فألفيته يوما يبير عدوه … ومجر عطاء يستحق المعابرا

والشاهد: أو كانت: حيث استعمل «أو» بمعنى الواو، ارتكانا على انفهام المعنى وعدم وقوع السامع في لبس. [شرح أبيات المغني/ 2/ 26، والهمع/ 2/ 134، والأشموني/ 2/ 58]. 84 - فألفيته يوما يبير عدوّه … ومجر عطاء يستحقّ المعابرا ... البيت للنابغة الذبياني يمدح النعمان بن المنذر ... وقوله: يبير: يهلك، وماضيه: أبار. مجر: اسم فاعل من أجرى. والمعابر: جمع معبر، بزنة منبر وهو ما يعبر الماء عليه كالسفينة، وفي البيت شاهدان: الأول: يبير - ومجر: حيث عطف الاسم الذي يشبه الفعل وهو «مجر» على الفعل وهو قوله «يبير» وذلك سائغ جائز، وإنّما أشبه «مجر» الفعل لأنه اسم فاعل، وجملة «يبير» مفعول ثان للفعل «ألفى». الثاني: مجر، كان من حقه أن يقول «مجريا» لأنه معطوف على منصوب (جملة يبير) ولكنّه حذف ياء المنقوص في حال النصب، إجراء لهذه الحال مجرى حالي الرفع والجرّ، كما في قول عروة بن حزام. ولو أن واش باليمامة داره … وداري بأعلى حضر موت اهتدى ليا [ابن عقيل/ 2/ 297، والعيني/ 4/ 176]. 85 - بات يغشّيها بعضب باتر … يقصد في أسوقها وجائر ليس للبيت قائل معين. وقوله: يغشّيها: من الغشاء: وهو الغطاء. والعضب: السيف، ويقصد: يقطع على غير تمام. والضمير في «يغشيها» و «أسوقها» للإبل. والمعنى: يمدح رجلا بالكرم وأنه ينحر الإبل لضيوفه فيقول: إنه بات يشمل إبله ويعمها بسيف قاطع نافذ في ضربته، يقطع أسوق التي تستحق الذبح، ويجور إلى أخرى لا تستحقّه. والشاهد قوله: يقصد. وجائر، حيث عطف اسما يشبه الفعل - جائر - على فعل وهو «يقصد» وكان الاسم مجرورا لأنه معطوف على جملة «يقصد» في محل جرّ صفة ثانية ل (عضب) .. وهذا الأسلوب جائز في النثر وقد وقع في القرآن الكريم في قوله تعالى:

86 - الله يعلم أنا في تلفتنا … يوم الفراق إلى إخواننا صور وأنني حيثما يثني الهوى بصري … من حيثما سلكوا أدنو فأنظور

إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ، وَأَقْرَضُوا اللَّهَ [الحديد: 18]. [الخزانة/ 5/ 140، والأشموني/ 3/ 120]. 86 - الله يعلم أنّا في تلفّتنا … يوم الفراق إلى إخواننا صور وأنني حيثما يثني الهوى بصري … من حيثما سلكوا أدنو فأنظور .. مرويان في كتب اللغة بدون عزو ... وصور: جمع أصور، ومعناه المائل العين، أو العنق، وأنظور: هي أنظر، اضطر إلى إقامة الوزن فمدّ ضمة الظاء، ولو لم يكن لهذين البيتين هذه القافية السمجة، لكانا من أرق الشعر وأعذبه. [الإنصاف/ 23، والهمع/ 2/ 156، وشرح المغني/ 6/ 140]. 87 - كأنّ عذيرهم بجنوب سلّى … نعام قاق في بلد قفار .. ينسب إلى النابغة الجعدي، وإلى شقيق بن جزء بن رياح الباهلي. والعذير: الصوت، والعذير هنا: الحال. يذكر قوما قد انهزموا وأخذ منهم السلاح فجعلوا يصيحون صياح النعام ويشردون شروده، وسلّى: بكسر أوله وتشديد اللام المفتوحة، ماء بناحية اليمامة، وقاق النعام: صوّت. ووصف البلد - وهو مفرد - بالقفار، نظرا إلى أجزائه ومواضعه، كل منها قفر، أي: خال، لا نبات فيه. والشاهد: كأن عذيرهم نعام فإن الخبر ليس هو عين المبتدأ، ولهذا كان الكلام على تقدير مضاف يتم به كون الخبر هو المبتدأ، أي: كأنّ عذيرهم عذير نعام، فالعذير هو الحال، والحال لا يشبه بالنعام. [سيبويه/ 1/ 109، والإنصاف/ 63، واللسان «قوق»]. 88 - إنّي ضمنت لمن أتاني ما جنى … وأبى فكنت وكان غير غدور نسبه سيبويه للفرزدق، وقوله: إني ضمنت، أي: ضمنت له جنايته. والشاهد: فكنت وكان غير «عذور»، حيث يرى بعضهم أن «غير» خبر كان الثانية، وخبر كان الأول محذوف، ارتكانا على انفهام المعنى، ويجوز أن يكون «غير» خبر كان الأولى، وحذف خبر كان الثانية. [سيبويه/ 1/ 38، والإنصاف/ 95]. 89 - ألا يا اسلمي يا هند هند بني بدر … وإن كان حيّانا عدى آخر الدهر

90 - فيا الغلامان اللذان فرا … إياكما أن تعقبانا شرا

للأخطل التغلبي، واسمه غياث بن الغوث، وقوله: «عدى» أي: متباعدين لا أرحام بينهم ولا حلف، وقوله: آخر الدهر، منصوب على تقدير نزع الخافض، وأصله إلى آخر الدهر. والشاهد: «ألا يا اسلمى»، ياء: حرف نداء، واسلمى: فعل أمر ... وياء النداء لا تدخل على الفعل، فوجب تقدير اسم محذوف كأنه قال: يا هند اسلمي، ووجه آخر وهو أن تكون «ألا» للتنبيه و «يا» للتنبيه، وأعاد التنبيه تأكيدا لاستعطاف المأمور. [الإنصاف/ 99، والمفصل ج 2/ 24]. 90 - فيا الغلامان الّلذان فرّا … إيّاكما أن تعقبانا شرّا .. ليس لهذا البيت قائل معروف ... الغلامان: منادى مبني على الألف. إياكما منصوب على التحذير، بفعل مضمر وجوبا، تقديره «أحذركما»، والمصدر المؤول بعده مجرور بمن مقدّرة، وشرا: مفعول ثان ل: تعقبانا. والشاهد: قوله: فيا الغلامان. حيث جمع بين حرف النداء و «أل» في غير اسم الجلالة، ولا يجوز ذلك إلا في الشعر، وإنما لم يجز الجمع بينهما في سعة الكلام: لأن حرف النداء وأل يفيدان التعريف، ويكفي أحدهما عن الآخر. ولأن تعريف - أل - تعريف العهد، وهو يتضمن معنى الغيبة، لأن العهد يكون بين اثنين، في ثالث غائب، والنداء، خطاب لحاضر، فلو جمعت بينهما، لتنافى التعريفان. [الانصاف/ 336، وشرح المفصل/ 2/ 9، والهمع/ 1/ 174]. 91 - يا تيم تيم عديّ لا أبالكم … لا يلقينّكم في سوأة عمر البيت لجرير بن عطية من قصيدة يهجو فيها عمر بن لجأ التيمي، وقوله: تيم عدي: أضاف تيما إلى عديّ، للاحتراز عن تيم مرّة، وعن تيم غالب بن فهر، وهما في قريش .. لا أبالكم: جملة يقصد بها المدح، ومعناها حينئذ نفي نظير الممدوح، بنفي أبيه، وقد يقصد بها الذم، ومعناها حينئذ أن المخاطب مجهول النسب، قال السيوطي: هي كلمة تستعمل عند الغلظة في الخطاب، وأصله أن ينسب المخاطب إلى غير أب معلوم، شتما له واحتقارا ثم كثر في الاستعمال حتى صار يقال في كل خطاب يغلظ فيه على المخاطب. وقال الأخفش: كانت العرب تستحسن أن تقول: «لا أبالك» وتستقبح «لا أمّ

92 - لها بشر مثل الحرير ومنطق … رخيم الحواشي: لا هراء ولا نزر

لك» أي: مشفقة حنونة. وقال العيني: وقد تذكر هذه الجملة في معرض التعجب كقولهم: لله درّك، وقد تستعمل بمعنى: جدّ في أمرك وشمّر، لأن من له أب يتكل عليه في بعض شأنه. ومعنى البيت: احذروا يا تيم عديّ أن يرميكم عمر في بليّة لا قبل لكم بها ومكروه لا تحتملونه، بتعرضه لي، يريد أن يمنعوه من هجائه حتى يأمنوا الوقوع في خطره، لأنهم إن تركوا عمر وهجاءه جريرا، فكأنهم رضوا بذلك، وحينئذ يسلّط جرير عليهم لسانه. وقوله: يا تيم: منادى، ويجوز فيه الضمّ، على اعتباره مفردا علما. ويجوز نصبه بتقدير إضافته إلى ما بعد الثاني كما رواه سيبويه. أو بتقدير إضافته إلى محذوف مثل الذي أضيف إليه الثاني، كما هو رأي المبرّد. «تيم» منصوب على أنه منادى بحرف نداء محذوف، أو على أنه تابع بدل أو عطف بيان، أو توكيد للأول باعتبار محله إذا كان الأول مضموما أو باعتبار لفظه إذا كان منصوبا، أو على أنه مفعول به لفعل محذوف. لا أبالكم: لا نافية للجنس. أبا: اسم لا، لكم: اللام حرف جر زائد والكاف في محل جر بهذه اللام، ولكنها في التقدير مجرورة بإضافة اسم «لا» إليها، وخبر «لا» محذوف. والشاهد: يا تيم تيم عدي .. حيث تكرر لفظ المنادى، وقد أضيف ثاني اللفظين، فيجب في الثاني النصب، ويجوز في الأول الضم والنصب. [سيبويه/ 1/ 26، وشرح المفصل/ 2/ 10، والهمع/ 2/ 122، والأشموني/ 3/ 153، وشرح أبيات المغني/ 7/ 11 وو الخزانة/ 2/ 298 و 4/ 99]. 92 - لها بشر مثل الحرير ومنطق … رخيم الحواشي: لا هراء ولا نزر البيت للشاعر ذي الرّمة، غيلان بن عقبة، صاحب «ميّة» من قصيدة مطلعها: ألا يا اسلمي يا دار ميّ على البلى … ولا زال منهلّا بجرعائك القطر والبشر: ظاهر الجلد، والمنطق: الكلام. رخيم: سهل، رقيق. الحواشي: الجوانب والأطراف وهو جمع حاشية، والمراد أنّ حديثها كله رقيق عذب، هراء، أي: كثير ذو فضول. نزر: قليل، والمعنى: يصفها بنعومة الجلد وملاسته، وبأنها ذات كلام عذب وحديث رقيق وأنها لا تكثر في كلامها حتى يملها سامعها، ولا تقتضبه اقتضابا حتى

93 - لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره … طريف بن مال ليلة الجوع والخصر

يحتاج سامعها في تفهم المعنى إلى زيادة. وقوله: لا هراء، لا: نافية، وهراء: نعت ثان لمنطق. ونزر: معطوف على «هراء». والشاهد: قوله: رخيم الحواشي حيث استعمل كلمة «رخيم» في معنى الرقة وذلك يدل على أن الترخيم في اللغة، ترقيق الصوت. [المفصل/ 1/ 16، والأشموني/ 3/ 171]. 93 - لنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره … طريف بن مال ليلة الجوع والخصر البيت لامرئ القيس، تعشو: ترى ناره من بعيد، الخصر: بالتحريك: شدة البرد. والمعنى: يمدح طريف بن مالك بأنه رجل كريم .. ونعم الفتى: فعل وفاعل، وجملة تعشو: في محل نصب حال من الفاعل، طريف: مخصوص بالمدح: خبر لمبتدأ محذوف، أو: مبتدأ، خبره الجملة الفعلية قبله. والشاهد: قوله: مال، حيث رخّم (مالك) من غير أن يكون منادى مع اختصاص الترخيم في اصطلاح النحاة بالمنادى، وحذف بعض الكلمة بكل حال، وفي غير النداء كثير من الشعر العربي. [سيبويه/ 1/ 336، والهمع/ 1/ 181، والأشموني/ 3/ 184]. 94 - لأستسهلنّ الصعب أو أدرك المنى … فما انقادت الآمال إلا لصابر البيت من الشواهد التي لم تنسب إلى قائل. والشاهد: أو أدرك: حيث نصب المضارع «أدرك» بعد «أو» التي بمعنى حتى، بأن مضمرة وجوبا. [الشذور/ 298، والأشموني/ 3/ 295، والهمع/ 2/ 10، وشرح المغني/ 2/ 74]. 95 - مالك عندي غير سهم وحجر … وغير كبداء شديدة الوتر جادت بكفّي كان من أرمى البشر .. رجز روته كتب النحو، والكبداء: القوس إذا كانت واسعة المقبض، والوتر: مجرى السهم من القوس. والشاهد: بكفّي كان من أرمى البشر: حيث حذف الموصوف وأبقى صفته. وأصل الكلام: بكفي رجل كان من أرمى البشر، أما الموصوف فهو «رجل» الذي يضاف قوله «بكفي» إليه وأما الصفة فهو جملة (كان) ويجوز أن تكون «كان» زائدة بين النعت

96 - ألم يخز التفرق جند كسرى … ونفخوا في مدائنهم فطاروا

ومنعوته، ويكون من أرمى البشر متعلقان بمحذوف، نعتا للمنعوت المحذوف. [الإنصاف/ 114، والهمع/ 2/ 120، والأشموني/ 3/ 7، وشرح أبيات المغني/ 4/ 92، والخزانة/ 5/ 65]. 96 - ألم يخز التفرّق جند كسرى … ونفخوا في مدائنهم فطاروا البيت منسوب للقطامي، والشاهد: ونفخوا: فهو فعل ماض مبني للمجهول، بضمّ النون وكسر الفاء، ولكن الشاعر خففه باسكان الفاء. [الخصائص/ 2/ 144، والإنصاف/ 125، واللسان/ نفخ]. 97 - وأبيض من ماء الحديد كأنّه … شهاب بدا والليل داج عساكره البيت لم ينسبه أحد، وهو في وصف سيف. والشاهد: وأبيض من ماء الحديد: فإن أبيض هنا صفة مشبهة، وليست أفعل تفضيل، و (من) بعده ليست التي تدخل على المفضول في قولنا: فلان أكرم خلقا من فلان، ولا تكون «من» متعلقة بأبيض، بل متعلقة بمحذوف صفة لأبيض، وجاء البصريون بهذا البيت لإبطال دعوى الكوفيين أنّ التفضيل يأتي من البياض والسواد، وأن الشواهد التي أتوا بها إما شاذّة، وإما أن تعد (أبيض) (وأسود) صفة مشبهة، والتأويل عندهم «مبيضّ، ومسودّ» .. ولكن المعنى ينصر الكوفيين لأن التفضيل مفهوم من النصّ، وملفوظ به. [الإنصاف/ 153]. 98 - بحسبك في القوم أن يعلموا … بأنّك فيهم غنيّ مضرّ لأشعر الرقبان الأسدي، أحد شعراء الجاهلية، يهجو ابن عمه، والمضرّ: بضم الميم وكسر الضاد الذي يروم عليه ضره من المال، والضرّة: الكثير من المال. والشاهد: بحسبك أن يعلموا، ومعناه كافيك علم القوم، حيث زاد الباء في المبتدأ الذي هو لفظ (حسب) بمعنى كافيك، وخبره المصدر المؤول وكأنه قال: كافيك علم القوم، والباء لا تزاد في المبتدأ إلّا أن يكون المبتدأ لفظ (حسب). [الخصائص/ ج 2/ 282، وشرح المفصل/ 2/ 115، واللسان «ضرر»]. 99 - إني وقتلي سليكا ثم أعقله … كالثور يضرب لما عافت البقر

100 - أيان نومنك تأمن غيرنا وإذا … لم تدرك الأمن منا لم تزل حذرا

البيت لأنس بن مدركة الخثعمي، وسليك: هو سليك بن السلكة أحد ذؤبان العرب .. وكان من حديثه أنه مرّ ببيت من خثعم فرأى امرأة شابة، فنال منها، فعلم أنس بن مدركة، فأدركه وقتله. وأعقله: أدفع ديته، وعافت: كرهت، وأراد: أنّ البقر إذا امتنعت عن ورود الماء لم يضربها راعيها لأنها ذات لبن، وإنما يضرب الثور لتفزع هي فتشرب، ويقال: الثور: هنا: نبت من نبات الماء، تراه البقر حين ترد الماء فتعاف الورود، فيضربه البقار، لينحيه عن مكان ورودها حتى ترد، والمعنى: يشبه نفسه إذا قتل سليكا ثم وداه - أي أدّى ديته - بالثور يضربه الراعي لتشرب البقر والجامع في التشبيه، تلبس كل منهما بالأذى لينتفع سواه. قوله: وقتلي: معطوف على اسم إنّ، وأعقله: منصوب بأن مضمرة جوازا بعد «ثم»، وهو الشاهد: حيث أضمر أن بعد ثم العاطفة على اسم خالص من التقدير بالفعل، وهو «القتل». [الشذور/ 316، والهمع/ 2/ 17، والأشموني/ 3/ 314، وشرح التصريح ج 2/ 244، والدرر/ 2/ 11، والعيني/ 4/ 399، والحيوان/ 1/ 18]. 100 - أيّان نومنك تأمن غيرنا وإذا … لم تدرك الأمن منّا لم تزل حذرا البيت مجهول القائل، ونؤمنك: نعطك الأمان، حذرا: خائفا. والشاهد: أيان نؤمنك تأمن، حيث جزم ب أيّان فعلين، أحدهما فعل الشرط - نؤمنك - والثاني جوابه - تأمن. [شذور الذهب/ 336، والعيني/ 4/ 423، والأشموني/ 4/ 10]. 101 - يا أبا الأسود لم أسلمتني … لهموم طارقات وذكر وقوله «ذكر» بكسر الذال وفتح الكاف، جمع ذكرة، وهي ضد النسيان. والشاهد: «لم» فهي مكونة من حرف الجرّ اللام، وما الاستفهامية (ما) حذفت ألفها ثم سكنت الميم، والمشهور .. فيها (لم) بفتح الميم، وحذف الألف من «ما» الاستفهامية، للتفريق بينها وبين (ما) الموصولة. والاثنتان تتصلان بحرف الجرّ. فحذفوا ألف الاستفهامية، وأبقوا ألف الموصولة ... واتفقوا على أن ألف الاستفهام تحذف إذا سبقها حرف جرّ مثل «بم، علام، ممّ ..» واختلفوا إذا كان الجار اسما تضاف إليه «ما» فالحذف غالب لا، لازم مثل: بمقتضى م - جئت، أو بمقتضى ما جئت، وقال آخرون إنه لازم. وأرى أنه إذا كان الجار اسما، لا يحسن حذفها، لأنها تكتب مفردة عن

102 - فإياك والأمر الذي إن توسعت … مداخله ضاقت عليك المصادر فما حسن أن يعذر المرء نفسه … وليس له من سائر الناس عاذر

الاسم، مما يجعل شكل الرسم فيه إيهام .. كقولك «مجئ م جئت». [الإنصاف/ 211، 299، وشرح المفصل/ 9/ 88، والهمع/ 2/ 211، وشرح المغني/ 5/ 219، والخزانة/ 7/ 108]. 102 - فإيّاك والأمر الذي إن توسّعت … مداخله ضاقت عليك المصادر فما حسن أن يعذر المرء نفسه … وليس له من سائر الناس عاذر رواهما أبو تمام في الحماسة ولم ينسبهما، يقول في البيت الأول: أحذرك أن تلابس الأمر الذي إن توسعت موالجه ضاقت عليك مخارجه، والمعنى: تأمّل كل ما تلابسه واعرف أوائله وأواخره، لأنه يقبح بالمرء أن يكون فيما يقتحمه عند نفسه معذورا وعند الناس ملوما، وقوله: من سائر الناس، أي: من باقي الناس، من السؤر، ومن وضعه موضع الجمع فقد أخطأ، وانتصب «والأمر»: بفعل مضمر. وأن يعذر: مبتدأ، وحسن خبره مقدم، أو حسن مبتدأ، وأن يعذر: فاعل سدّ مسدّ الخبر. [الحماسة/ 1152، والإنصاف/ 215، وشرح المفصل/ 8/ 117]. 103 - تربّص بها الأيام علّ صروفها … سترمي بها في جاحم متسعّر البيت لأمّ النحيف، سعد بن قرط، والشاهد: (علّ) حيث أسقط اللام الأولى من (لعل) للدلالة على أنّها لام زائدة. [الإنصاف/ 223]. 104 - لقد ضجّت الأرضون إذقام من بني … هداد خطيب فوق أعواد منبر البيت مجهول القائل، والشاعر يهجو قوما بأنهم ليسوا أهلا للتقدم ولا للرياسة وأنهم لا يحسنون الكلام، وذكر أن الأرض اضطربت وضج أهلها حين قام من هؤلاء القوم خطيب يخطب الناس. والشاهد: الأرضون، فإنه جمع أرضا جمع مذكر سالما شذوذا، لأن جمع المذكر السالم يكون للعقلاء المذكرين .. وإذا جمعوا أرضا هذا الجمع يحركون الراء، إيذانا بأنهم خالفوا قواعدهم في هذا اللفظ فلم يبق المفرد سالما .. ولكن الشاعر أسكن الراء، مخالفا القياس. [الشذور/ 57، والهمع/ 1/ 46]. ونسب إلى كعب بن معدان. 105 - متى ما تردن يوما سفار تجد بها … أديهم يرمي المستجيز المعوّرا

106 - ألم تروا إرما وعادا … أودى بها الليل والنهار ومر دهر على وبار … فهلكت جهرة وبار

البيت للفرزدق، وسفار: بوزن قطام، وحذام، منهل ماء بين البصرة والمدينة والمستجيز: المستقي، المعوّر: الذي لا يسقى إذا طلب الماء. والشاهد: سفار: فإنه اسم على وزن فعال - بفتح الفاء - وهو علم على مؤنث وآخر حروفه راء مهملة. وهو في هذا البيت مرويّ بكسر آخره، مع أنه مفعول به فدلّ على أنه مبنيّ على الكسر. [الشذور/ 96، وشرح أبيات المغني/ 2/ 246]. 106 - ألم تروا إرما وعادا … أودى بها الليل والنهار ومرّ دهر على وبار … فهلكت جهرة وبار هذان البيتان للأعشى ميمون بن قيس، وإرم، وعاد: جماعتان عظيمتان من العرب ورد ذكرهما في القرآن، «وبار» على وزن قطام وحذام، أرض كانت من محالّ قوم عاد، في صحارى بلاد العرب، أما إرم وعاد: فلم يهلكهما الليل والنهار، وتقادم الزمن، كما قال الشاعر، وإنما أهلكهم الله بذنوبهم، كما ورد في القرآن. وقوله: تروا: مضارع مجزوم ينصب مفعولين: الأول: إرما، والثاني: جملة أودى. وقوله: جهرة: منصوب على الظرفية، أو مفعول مطلق، أو حال مؤولة بالمشتق. والشاهد: (وبار) في المرة الأولى: مبنية على الكسر، وإن كانت منونة فإنّ هذا التنوين للضرورة، ولو كانت معربة لجرّها بالفتحة، لأن الاسم ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، وجاءت «وبار» في المرة الثانية معربة مرفوعة بدليل أن القوافي مرفوعة، وقيل «وبار» الأخيرة هي فعل «باروا» أي هلكوا، وحقها أن تكتب بالواو، والجملة معطوفة، وقال و «باروا» بالتذكير على معنى «الحيّ»، وإن كانت «وبار» من البوار فيصح في لغة أن تحذف واو الجماعة، ويدلّ عليها بالضمة، وقد مضت شواهد على ذلك. [شذور الذهب/ 97، وشرح المفصل/ 4/ 64، والهمع/ 1/ 26، والأشموني/ 3/ 269، والتصريح/ 2/ 225]. 107 - ولما رأيت الخيل تترى أثائجا … علمت بأنّ اليوم أحمس فاجر للحارث بن وعلة الجرميّ، وقوله: تترى: من المواترة، وهي التتابع، فالتاء بدل من واو، وجاءت الخيل تترى: أي: متقطعة، أي: تتابعت وبينها فترات، وهو مصدر منصوب على الحالية، أي: متتابعين، ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف تقديره:

108 - لمن الديار بقنة الحجر … أقوين من حجح ومن دهر

إرسالا تترى أي: متتابعا، وأثائج: جمع وثيج، وفرس وثيج: قوي. والشاهد: «بأنّ اليوم أحمس فاجر» حيث أسند الفجور إلى اليوم بسبب كونه ظرفا زمانيا يقع فيه الفجور، وهو إسناد مجازي، كقولنا: ليل نائم، لأنه ينام فيه. [المفضليات/ 166، والإنصاف/ 244]. 108 - لمن الديار بقنّة الحجر … أقوين من حجح ومن دهر مطلع قصيدة لزهير بن أبي سلمى، والاستفهام في قوله: لمن الديار: للتعجب من شدة خراب هذه الديار حتى كأنها لا تعرف، والقنّة: أعلى الجبل والحجر: بكسر الحاء: منازل ثمود، عند مدينة العلا في شمال السعودية، والحجج: جمع حجة - بكسر الحاء - السنة. والشاهد: من حجج ومن دهر، استشهد به الكوفيون على أنّ «من» تأتي لابتداء الغاية الزمانية، كما تجيء لابتداء الغاية المكانية، وأنكر البصريون هذه الرواية وقالوا هي: مذحجج ومذدهر، وإذا صحت فتكون على تقدير من مرّ حجج ومن مرّ دهر. [الإنصاف/ 371، وشرح المفصل/ 4/ 93، وشرح المغني/ 6/ 22، والخزانة/ 9/ 439]. 109 - ليس تخفى يسارتي قدر يوم … ولقد يخف شيمتي إعساري لا يعرف قائله، واليسارة: واليسار: الغنى. والشاهد: «يخف»، أراد أن يقول «يخفي» لأن الفعل مرفوع لا مجزوم فحذف الياء مجتزئا بكسرة قبلها للدلالة عليها، وهي لغة جاءت عليها شواهد من القرآن. [الإنصاف/ 388]. 110 - إنّ الذي أغناك يغنيني جير … والله نفّاح اليدين بالخير رجز، تروية كتب اللغة، وقوله (جير) فيها وجهان: الأول: أن تكون حرف جواب مثل «أجل» ومعناها «نعم»، وتبنى على الكسر، أو على الفتح، الثاني: بمعنى اليمين، يقال: جير لا أفعل كذا، معناها حقا. وتكون مبنية على الكسر، وأنكر ابن هشام أن تأتي اسما، بحجج منقوصة. [الإنصاف/ 400]. 111 - تمرّ على ما تستمرّ وقد شفت … غلائل - عبد القيس منها - صدورها

112 - ونحن قتلنا الأسد، أسد شنوءة … فما شربوا بعدا على لذة خمرا

لا يعرف قائله، واستشهد به الكوفيون على الفصل بين المضاف (غلائل) والمضاف إليه (صدورها) بأجنبيّ وهو فاعل «شفت» الذي هو عبد القيس. والغلائل: جمع غليل، وهو الضغن وأراد ذهابه واقتلاعه من الصدور. [الإنصاف/ 428، والخزانة/ 4/ 413]. 112 - ونحن قتلنا الأسد، أسد شنوءة … فما شربوا بعدا على لذّة خمرا .. لم يعيّن أحد قائل هذا البيت .. والمعنى: لقد أنزلنا بهؤلاء القوم من القتل والفتك ما جعلهم يهجرون اللذائذ، ولا يقربون شهوات النفوس، ولو أنهم شربوا خمرا يوما لما وجدوا لها طعما ولا ذاقوا لها لذة، لأن الألم لا يزال يحزّ في نفوسهم، وهذا خير لهم. وقوله: أسد شنوءة، بدل من الأسد. والشاهد: «بعدا» فإنّ هذه الكلمة وردت معربة منصوبة، فدل تنوينها على أنّ الشاعر قصد قطعها عن الإضافة فلم ينو المضاف إليه بتة ولا لفظه ولا معناه. ولو أنه نواه لوجب أن يمتنع من تنوين هذه الكلمة، لأن الاضافة تمنع التنوين والمنويّ كالثابت. [الشذور/ 105، والهمع/ 1/ 209، والأشموني/ 2/ 169، والخزانة/ 6/ 501]. 113 - إيه أحاديث نعمان وساكنه … إنّ الحديث عن الأحباب أسمار نسبوا هذا البيت لابن الأثير، ولم يعينوا واحدا من أبناء الأثير، المحدّث أم المؤرخ، أم الأديب، ونعمان: بفتح النون، اسم واد في طريق الطائف يخرج إلى عرفات، وقد ذكر البيت ابن هشام في الشذور ليخطئ قائله، لأنه استخدم إيه بمعنى «حدّث» فجعله يتعدى بنفسه إلى المفعول، والصحيح عند ابن هشام أنه بمعنى «امض في حديثك» ولذلك قال عن البيت إنه ليس بعربي. لأن اسم الفعل، يعمل عمل الفعل الذي هو بمعناه. وعلى كل حال فإن أبناء الأثير الذين نسب البيت إلى أحدهم، لا يستشهد بقولهم في اللغة، ولكنهم أهل علم وأدب، ولغة، والبيت لا يخرج عن الذوق العربي، وما يدرينا أن العرب قالوا مثله ولم يصلنا. [شذور الذهب/ 118]. 114 - استقدر الله خيرا وأرضينّ به … فبينما العسر إذ دارت مياسير نسبوا هذا البيت إلى عنبر بن لبيد العذري، مياسير: جمع ميسور، بمعنى: اليسر بدليل مقابلته بالعسر، وفي هذا اللفظ فائدتان:

115 - لسلمى بذات الخال دار عرفتها … وأخرى بذات الجزع آياتها سطر كأنهما ملآن لم يتغيرا … وقد مر للدارين من بعدنا عصر

الأولى: أنه يؤيد ما ذهب إليه أبو الحسن الأخفش من مجيء المصدر على زنة اسم المفعول، كما جاء على زنة اسم الفاعل، كالعافية. والثانية: أنه يدل على جواز جمع المصدر، فقد جمع «ميسور» على مياسير. وفي شرح أبيات المغني سمى الشاعر «حريث بن جبلة العذري» وقبل البيت الشاهد: يا قلب إنّك في أسماء مغرور … اذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير قد بحت بالحبّ ما تخفيه من أحد … حتى جرت بك أطلاقا محاضير تبغي أمورا فما تدري أعاجلها … خير لنفسك أم ما فيه تأخير وقوله: استقدر: فعل أمر، أي: اطلب منه تعالى أن يقدّر لك خيرا. ولفظ الجلالة، مفعول أول، و «خيرا» مفعول ثان، بينما: بين: ظرف مكان، و «ما»: زائدة، العسر: مبتدأ. خبره محذوف. و «إذ»: كلمة دالة على المفاجأة وقد اختلف فيها، فقيل: هي ظرف مكان، وقيل: ظرف زمان، وهي بدل من «بين» أو متعلق بما بعده. والشاهد: قوله: «إذ» فإنها كلمة تدل على المفاجأة، لأن المعنى يدل على ذلك. [سيبويه/ 2/ 158، والشذور/ 126، وشرح أبيات المغني/ 2/ 168]. 115 - لسلمى بذات الخال دار عرفتها … وأخرى بذات الجزع آياتها سطر كأنهما ملآن لم يتغيرا … وقد مرّ للدارين من بعدنا عصر البيتان لأبي صخر الهذلي، من قصيدة مرّ منها البيت (وإني لتعروني .. القطر)، ومنها: أما والذي أبكى وأضحك والذي … أمات وأحيا والذي أمره الأمر لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى … أليفين منها لا يروعهما النّفر فيا هجر ليلى قد بلغت بي المدى … وزدت على ما لم يكن بلغ الهجر ويا حبّها زدني جوى كلّ ليلة … ويا سلوة الأيّام موعدك الحشر ... وذات الخال، وذات الجزع: مكانان، وآياتها سطر: أي: علاماتها دارسة لم يبق منها إلا ما يشبه السطر الذي ينمقه الكاتب، ويكثر في شعراء هذيل هذا التشبيه. وقوله: ملآن: أي: من الآن، حذف نون (من) لالتقائها ساكنة مع لام «الآن» ولم يحركها لالتقاء الساكنين كما هو الغالب، وهو الشاهد في البيت الثاني: حيث أعرب «الآن» وجره بالكسرة، ولكن ما المانع أن يروى البيت بالفتح، ويكون «الآن» مبنيا. [الشذور/ 128،

116 - نعم امرأ هرم لم تعر نائبة … إلا وكان لمرتاع بها وزرا

وشرح المفصل/ 8/ 35، والهمع/ 1/ 208، والخصائص/ 1/ 310]. 116 - نعم امرأ هرم لم تعر نائبة … إلا وكان لمرتاع بها وزرا البيت منسوب لزهير بن أبي سلمى، وهرم: هو ابن سنان، ونعم: فعل ماض جامد، فاعله مستتر، امرأ: تمييز، والجملة: خبر مقدم، هرم: مبتدأ مؤخر، إلا: أداة حصر، وكان: الواو: حالية .. وجملة (كان واسمها وخبرها) حالية. وقيل: إلّا: أداة استثناء. وجملة الحال: في المعنى مستثنى من عموم الأحوال، لأن معنى الكلام: لم تعر نائبة في حال من الأحوال إلا في الحال التي يكون هرم فيها وزرا للمرتاعين بها. والشاهد: نعم امرأ هرم، حيث عاد الضمير المستتر في «نعم» على «امرأ» وهو متأخر لفظا ورتبة، وهذا الموضع ممّا يغتفر فيه عود الضمير على المتأخر. [الشذور/ 151، والأشموني/ 3/ 32]. 117 - أتيح لي من العدا نذيرا … به وقيت الشّرّ مستطيرا هذا البيت ليزيد بن القعقاع، والمعنى: أن أعداءه قد دبروا له ليوقعوه في شرّ يتفاقم خطبه، وأن المقادير هيأت له من ينذره بما بيّتوه، وقوله: أبيح: ماض مبني للمجهول، لي: جار ومجرور نائب فاعل، من العدا: متعلقان بحال ل «نذيرا»، لتقدمه عليه، ونذيرا: مفعول ثان، وقيت: فعل ماض والتاء نائب فاعل، والشرّ: مفعول ثان، مستطيرا: حال. والشاهد: أتيح لي نذيرا، وكان من حقه أن يقول: أتيح لي نذير بجعل المفعول به نائب فاعل، ولكنه جعل الجار والمجرور نائب فاعل، وأبقى المفعول منصوبا على غير المعهود، وهو جائز عند الكوفيين، ومثله قول جرير: ولو ولدت قفيرة جرو كلب … لسبّ بذلك الجرو الكلابا «بذلك» نائب فاعل، والكلاب: مفعول به. [الشذور/ 163، وشرح أبيات المغني/ 7/ 197]. 118 - تمنّى ابنتاي أن يعيش أبوهما … وهل أنا إلا من ربيعة أو مضر هذا البيت من شعر لبيد بن ربيعة العامري، في أبيات أربعة يقولها لابنتيه .. يريد:

119 - إن امرأ غره منكن واحدة … بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور

وهل أنا إلا من الناس، ينزل بي ما كان ينزل بكل واحد منهم. وقوله: تمنى، فعل ماض، أو فعل مضارع أصله تتمنى .. وفيه الشاهد فإن ابنتاي: مثنى ابنة، وهي مؤنثة حقيقية، وقد وقع اللفظ فاعلا لقوله «تمنى» فإن كان الفعل ماضيا، كان خاليا من علامة التأنيث، لأنّ علامة التأنيث في الماضي تاء في آخره، (تمنت ابنتاي) وإن قدرت الفعل مضارعا تكون التاء في أوله (تتمنى) علامة التأنيث، فيكون الفعل جاريا على المستعمل المطرد. وحذف إحدى التائين في المضارع جاءت في القرآن فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى [الليل: 14] وأما قوله تعالى إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ [الممتحنة: 10] فجاز ذلك، للفصل بين الفعل والفاعل، بالضمير «الكاف». [شرح المفصل/ 8/ 99، وشرح المغني/ 7/ 197، والشذور/ 170]. 119 - إنّ امرأ غرّه منكنّ واحدة … بعدي وبعدك في الدنيا لمغرور البيت مجهول القائل، والشاهد قوله: غرّه منكن واحدة: حيث أسند الفعل إلى اسم ظاهر حقيقي التأنيث ولم يؤنث هذا الفعل لوجود الفاصل بين الفعل وفاعله، وذكر علامة التأنيث في هذه الحال أرجح من حذفها. [الإنصاف/ 174، والشذور/ 74، والهمع/ 171]. 120 - وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني … ثوبي فأنهض نهض الشارب السّكر وكنت أمشي على رجلين معتدلا … فصرت أمشي على أخرى من الشّجر البيتان منسوبان لعمرو بن أحمر الباهلي، ويرويان لأبي حيّة النميري، وقد أنشد ابن هشام في الشذور هذين البيتين على أن «جعل» فعل يعمل عمل كان، والتاء اسمها، والمضارع «يثقلني» خبرها، وهو من أفعال الشروع. [شذور الذهب/ 190، والخزانة/ 9/ 359] ويروى بقافية اللام «الثّمل». 121 - وقرّب جانب الغربيّ يأدو … مدبّ السّيل واجتنب الشّعارا أنشده ابن منظور ولم ينسبه، والبيت في وصف حمار وحش، ومدبّ السيل: موضع جريه، والشّعار، بزنة سحاب، أو بزنة كتاب: الشجر الملتف، يريد: إن هذا الحمار الوحشي قد اجتنب الشجر مخافة أن يرمى فيها ولزم مدرج السيول لأن الصيادين يبتعدون عنه.

122 - كلا ثقلينا واثق بغنيمة … وقد قدر الرحمن ما هو قادر

والشاهد: (جانب الغربي) فإن المراد بالجانب هو المراد بالغربي نفسه، عند الكوفيين وقد أضاف الشاعر جانب إلى الغربي فيكون قد أضاف اسما إلى اسم آخر بمعناه، ومنه قوله تعالى: وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ [القصص: 44] والبصريون يرون أنّ الكلام على تقدير مضاف يكون موصوفا، بما جعل مضافا إليه، أي: جانب المكان الغربي، فهو من باب حذف الموصوف وإقامة الصفة مكانه، وهو تكلّف بعيد. [الإنصاف/ 437]. والبيت منسوب للراعي. 122 - كلا ثقلينا واثق بغنيمة … وقد قدر الرحمن ما هو قادر من كلام إياس بن مالك بن عبد الله المعني، وثقل الرجل: بفتح الثاء والقاف حشمه ومتاع بيته، وأراد هنا النساء، وقدر: بالتخفيف، وقادر: اسم الفاعل منه، وفي الحديث: حديث الاستخارة: «فاقدره لي» ومعناه اقض لي به وهيئ لي أسبابه. والشاهد: كلا ثقلينا واثق: حيث أخبر بواثق، وهو مفرد عن كلا، فوجب أن يكون «كلا» مفردا لوجوب توافق المبتدأ والخبر، ولما كان «كلا» مثنى من جهة المعنى، بالإجماع وجب أن يكون مفردا من جهة اللفظ ليتم توافق المبتدأ وخبره، وهذا رأي البصريين في «كلا» أنها مفرد لفظا، مثنى معنى. [الإنصاف/ 443]. 123 - بالله يا ظبيات القاع قلن لنا … ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر .. منسوب إلى مجنون ليلى، وإلى العرجي، وإلى غيرهما، والشاهد: أم ليلى من البشر، فهو لا يسأل لجهله، وإنما هو ما يسمى «تجاهل العارف»، أخرج الكلام مخرج الشك، وهو ليس شاكا. [الإنصاف/ 482، والأشموني/ 1/ 186]. 124 - طلب الأزارق بالكتائب إذ هوت … بشبيب غائلة الثّغور غدور للأخطل، يمدح سفيان بن الأبيرد، والأزارق: جمع أزرقي، المنسوب إلى نافع ابن الأزرق الخارجي، وحقه «الأزارقه»، لأنهم يزيدون التاء في الجمع عوضا عن يا، النسب التي تكون في المفرد، مثل: المهالبة، والأشاعرة، وهوت: سقطت، وشبيب: من رؤوس الخوارج في عهد عبد الملك بن مروان، والشاهد «بشبيب» حيث منعه من التنوين، وليس فيه إلا علة العلمية، وهذا للضرورة. [الإنصاف/ 493، والأشموني/ 3/ 275، والعيني/ 4/ 362].

125 - جد بعفو فإنني- أيها العبد- … إلى العفو يا إلهي فقير

125 - جد بعفو فإنّني - أيها العبد - … إلى العفو يا إلهي فقير .. ليس للبيت قائل معروف. والشاهد فيه: أيها العبد، حيث نصب «أيها» محلا على الاختصاص، لقصد الدلالة على التواضع. [شذور الذهب/ 217، والهمع/ 1/ 170]. 126 - أراك علقت تظلم من أجرنا … وظلم الجار إذلال المجير لم أعرف قائله، والشاهد فيه: علقت تظلم، حيث جاء بخبر «علق» الدال على الشروع، فعلا مضارعا مجردا من (أن) المصدرية، وذلك واجب في خبر هذا الفعل وإخوانه. [الشذور/ 276، والهمع/ 1/ 128، والأشموني/ 1/ 263]. 127 - يسلكن في نجد وغورا غائرا … فواسقا عن قصدها جوائرا هذا الشاهد من كلام رؤبة بن العجاج الراجز، وقوله: فواسقا: جمع فاسقة وهي الخارجة عما طلب إليها أن تكون عليه. جوائر: مائلات. والشاهد: قوله «وغورا»، حيث عطف بالنصب على الجار والمجرور، والسرّ في ذلك أن الجار والمجرور هو مفعول به، عند التحقيق، وقد ذكر ابن هشام هذا البيت، لتوجيه قراءة النصب في قوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة: 6] وأنّ النصب بالعطف على «برؤوسكم» وليس على «وجوهكم وأيدكم» حيث أن المجرور هو منصوب في المعنى، فيعطف عليه بالنصب، والمسح على الرجلين هنا، معناه: الغسل، أو خفيف الغسل وخصّت الرجلان، من بين سائر المغسولات باسم المسح، ليقتصد في صبّ الماء عليهما إذ كانتا مظنّة الإسراف. [سيبويه/ 1/ 49، والشذور/ 332]. 128 - وقد زعمت أني تغيّرت بعدها … ومن ذا الذي يا عزّ لا يتغير البيت لكثير عزة، وقوله: من ذا، من: اسم استفهام، مبتدأ، ذا: اسم إشارة خبره الذي: اسم موصول بدل من اسم الإشارة، وجملة: يا عزّ: معترضة وجملة «لا يتغير» صلة الموصول. والشاهد: زعمت أني تغيرت، حيث ورد فيه زعم بمعنى (ظنّ) وتعدى إلى

129 - وقد علم الأقوام لو أن حاتما … أراد ثراء المال كان له وفر

مفعوليه بواسطة (أنّ) المؤكدة. [شذور الذهب/ 359، والأشموني/ 2/ 22، والعيني/ 2/ 380]. 129 - وقد علم الأقوام لو أنّ حاتما … أراد ثراء المال كان له وفر البيت لحاتم الطائي الجواد المشهور، من قصيدة يعتب فيها على امرأته ماوية، وكانت تأمره بالامساك وكفّ اليد عن العطاء .. وقوله: علم، من أفعال القلوب، والمصدر المؤول بعد «لو» فاعل لفعل الشرط المحذوف، وجملة، كان واسمها وخبرها، جواب شرط «لو». والشاهد: علم الأقوام لو أنّ، حيث وقع الفعل الذي من شأنه أن ينصب مفعولين وهو «علم» على «لو» فعلقته عن العمل في لفظ الجملة، وبقي عمل الفعل مقدّرا. [شذور الذهب/ 167، والهمع/ 1/ 154]. 130 - إذا قال غاو من تنوخ قصيدة … بها جرب عدّت عليّ بزوبرا قاله الفرزدق. والغاوي: غير الرشيد ويروى (عاو) بالعين المهملة وبها جرب: فيها عيب من هجاء ونحوه، وعدّت عليّ بزوبرا، أي: نسبت إليّ بكمالها، مأخوذ من قولهم: أخذ الشيء بزوبره، يريدون: كله، جعل «زوبرا» علما على المعنى، أو جعله علما على القصيدة فاجتمع فيه التعريف والتأنيث فمنعه من الصرف. [الخزانة/ 1/ 148، والإنصاف/ 495، وشرح المفصل/ 1/ 37]. 131 - أؤمّل أن أعيش وأنّ يومي … بأوّل أو بأهون أو جبار أو التالي دبار فإن أفته … فمؤنس أو عروبة أو شيار أنشدهما ابن منظور ولم ينسبهما، وفي البيتين أسماء أيام الأسبوع في الجاهلية، أو صفاتها: فأول: يوم الأحد، وأهون: الاثنين، وجبار: الثلاثاء، ودبار: الأربعاء، ومؤنس: الخميس، وعروبة: الجمعة، وشيار: السبت. والشاهد: أنه ترك صرف «دبار» وهو منصرف، ففيه العلمية فقط، وكذلك مؤنس، أما أوّل وأهون، ففيهما العلمية ووزن الفعل (وزن أفعل) وأما عروبة: ففيه العلمية والتأنيث، وأما جبار، وشيار فقد صرفهما فجرهما بالكسرة، وعدم التنوين بسبب الرويّ.

132 - فأوفضن عنها وهي ترغو حشاشة … بذي نفسها والسيف عريان أحمر

[الإنصاف/ 497، والهمع/ 1/ 37، والدرر/ 1/ 11، والعيني/ 4/ 367]. 132 - فأوفضن عنها وهي ترغو حشاشة … بذي نفسها والسيف عريان أحمر أنشده الأنباري في الإنصاف، وأوفضن: أسرعن، وترغو: من الرغاء وهو صوت الإبل، ويقال أيضا لصوت الضباع والنعام. والشاهد: (عريان) حيث منعه من الصرف، وليس فيه إلا الوصفية، وهي علة غير مانعة وحدها، ومؤنث عريان: عريانة، ولذلك لا يمنع من الصرف، أما فعلان الذي مؤنثه فعلى فهو ممنوع من الصرف نحو: سكران، وسكرى، وغضبان وغضبى. [الإنصاف/ 497، والخزانة/ 148، 254]. 133 - قامت تبكّيه على قبره … من لي من بعدك يا عامر تركتني في الدار ذا غربة … قد ذلّ من ليس له ناصر في لسان العرب من غير عزو، وفي الإنصاف وهما في الحديث عن امرأة قامت على قبر رجل تبكيه. والشاهد (ذا غربة) ولو أجرى الكلام على اللفظ لقال «ذات غربة» لأن المتكلمة امرأة، ولكن الشاعر أجرى الكلام على المعنى فالمرأة إنسان، أو شخص، والشخص مذكر، فيجوز أن تجري عليه صفات المذكرين تبعا للفظه، وأن تجري عليه صفات المؤنثات تبعا للمراد منه، قال عمر وأطلق على المرأة لفظ «شخص»: فكان مجنّبي دون من كنت أتّقي … ثلاث شخوص كاعبان ومعصر فذكّر العدد، لأنه أراد المعدود المؤنث. [الإنصاف/ 507، 763، وشرح المفصل/ 5/ 101]. 134 - أستغفر الله من عمدي ومن خطئي … ذنبي وكلّ امرئ لا شكّ مؤتزر البيت مجهول القائل، ولفظ الجلالة مفعول أول، من عمدي: المفعول الثاني وذنبي: بدل من «عمد». والشاهد: استغفر الله من عمدي: حيث عدّى الفعل - استغفر - إلى مفعولين وعداه إلى

135 - ضروب بنصل السيف سوق سمانها … إذا عدموا زادا فإنك عاقر

الأول بنفسه، وعداه إلى الثاني بحرف الجرّ، والفعل استغفر قد ينصب المفعولين بلا واسطة، فنقول: استغفر الله ذنبا. [الشذور/ 370]. 135 - ضروب بنصل السّيف سوق سمانها … إذا عدموا زادا فإنّك عاقر البيت منسوب لأبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم، من كلمة يرثي فيها أميّة ابن المغيرة المخزومي، وقوله: سوق: جمع ساق، وسمان: جمع سمينة يريد أنه ينحر للأضياف السمين من إبله، ويضرب سوقها بسيفه، وقوله: ضروب: خبر لمبتدأ محذوف، و «سوق» مفعول به ل: «ضروب». وهو الشاهد: حيث أعمل صيغة المبالغة «ضروب» عمل الفعل، فرفع بها الفاعل، وهو الضمير المستتر ونصب المفعول «سوق». [سيبويه/ 1/ 57، وشرح المفصل/ 6/ 69، وشذور الذهب/ 393، والأشموني/ 2/ 297، والخزانة/ 4/ 242، و 8/ 146، والهمع/ 2/ 57، 97]. 136 - شتّان ما يومي على كورها … ويوم حيّان أخي جابر البيت للأعشي، ميمون بن قيس، ومعنى شتان: افترق وتباعد أمرهما، والكور: الرحل الذي يوضع فوق الناقة ليركب عليه، وشتان: اسم فعل ماض وما «زائدة» يومي: فاعل لشتان، وهنا محل الشاهد: حيث فرق ب (ما) الزائدة، بين اسم الفعل، وفاعله. [شرح المفصل/ 4/ 37، وشذور الذهب/ 403]. 137 - أخشى على ديسم من بعد الثّرى … أبى قضاء الله إلا ما ترى رجز في «اللسان» و «الإنصاف» ولم ينسباه، والديسم في الأصل: ولد الدبّ أو ولد الذئب من الكلبة، والديسم: الظّلمة. والشاهد: ديسم: حيث منعه من الصرف للضرورة، فليس فيه إلا العلمية. [الإنصاف/ 367، واللسان «دسم»]. 138 - تراه كأنّ الله يجدع أنفه … وعينيه إن مولاه ثاب له وفر ينسب إلى الزبرقان بن بدر، وإلى خالد بن الطيفان.

139 - له زجل كأنه صوت حاد … إذا طلب الوسيقة أو زمير

والشاهد: «وعينيه» فلا يصح عطفها على «أنفه» لأن الجدع لا يكون إلا للأنف وأما العينان فيكون لهما: السمل، والفقء، ولذلك يقدر فعل لنصب عينيه، والتقدير: ويفقأ عينيه، والعطف عطف جمل. [الهمع/ 2/ 130، والدرر/ 2/ 169، والمؤتلف/ 149، والعيني/ 4/ 171]. 139 - له زجل كأنّه صوت حاد … إذا طلب الوسيقة أو زمير من شعر الشماخ بن ضرار الغطفاني، يصف حمار وحش، والزجل: صوت فيه حنين وترنم، والحادي: الذي يتغنى أمام الإبل ويطربها لكي يعينها على السير. والزمير: صوت المزمار. والوسيقة: أنثى حمار الوحش، يقول: إذا طلب أنثاه صوّت بها، وكأن صوته لما فيه من الحنين، صوت حاد. والشاهد: (كأنه) فإن الشاعر لم يمدّ الضمة حتى تنشأ عنها واو. بل اختلس الضمة اختلاسا. [الإنصاف/ 16/ 5، وسيبويه/ 1/ 11، والهمع/ 1/ 59]. 140 - لعب الرياح بها وغيّرها … بعدي سوافي المور والقطر لزهير بن أبي سلمى، وهو يتحدث عن المنازل والأطلال، والسوافي: الرياح، والمور: التراب، أي: الرياح التي تذرو التراب، والقطر: المطر. والشاهد: والقطر: بالجرّ، لأن القافية مجرورة، وهو ليس معطوفا على المور، لأن الرياح لا تسفي التراب والمطر، وإنما تسفي التراب، فقالوا: إنه مجرورة للمجاورة، وليس بجيّد، فإما أنه أراد أن الرياح تسفي القطر بمعنى تذروه وتجعله شديد الوقع على المنازل، فيبددها مثلما يبددها التراب، وإما على حذف مضاف تقديره: سوافي المور ونزول القطر. [الإنصاف/ 603، وديوان زهير]. 141 - وسمعت حلفتها التي حلفت … إن كان سمعك غير ذي وقر الحلفة: بفتح الحاء وسكون اللام، واحدة الحلف، وهو القسم، والوقر: ثقل في الأذن. والشاهد: إن كان سمعك غير ذي وقر، فإن الكوفيين يرون (إن) هنا بمعنى «إذ» والكلام، تعليل لقوله «وسمعت حلفتها» لأن الأصل في الشرط أن يكون مستقبلا، لأن

142 - أبوك حباب سارق الضيف برده … وجدي يا حجاج فارس شمرا

القصد تعليق الجواب عليه، وتعليق الشيء لا يكون على شيء مضى، لأنه لا فائدة في تعليق وجوب الجواب عليه وإنما التعليق فيما يأتي من الزمان، وهنا دخلت (إن) على الماضي. [الإنصاف/ 633]. 142 - أبوك حباب سارق الضيف برده … وجدّي يا حجاج فارس شمّرا البيت منسوب إلى جميل بن معمر العذري، صاحب بثينة. وقوله «حباب» بضم الحاء: خبيث ماكر، وشمّر: اسم فرس، وسارق: صفة لحباب، والضيف: مضاف إليه، وهو من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله، والمراد أنه خبيث دنيء حتى إنه ليضيف الناس ليخدعهم عن أموالهم ويسرقها منهم، برده: برد: بدل من الضيف على لفظه أو محله، ويجوز كونه مفعولا لسارق. [الشذور/ 454، والأشموني/ 1/ 131، والحماسة/ 315، واللسان «شمر»]. والشاهد: شمّر، حيث منعه من الصرف لكونه علما على وزن الفعل، فهو على وزن قدّم وكرّم، وهذا وزن لا يكون إلا للفعل، ولكننا لم نعرف أن جميلا كان يمدح أو يهجو. 143 - فأصبحت أنّى تأتها تلتبس بها … كلا مركبيها تحت رحلك شاجر البيت للشاعر لبيد بن ربيعة العامري. وقوله: مركبيها: أراد ناحيتيها وجهتيها، وأصل المركب: مكان الركوب، وقوله: شاجر: اسم فاعل من قولهم: شجر بين القوم، أي: تفرق، واختلف. وصف الشاعر داهية يعجز الشجاع عن الخوض في مضمارها فيقول: إنك إذا جئتها وقعت فيها والتبست بها وكان ركوبها صعبا عليك. فأصبحت: أصبح: فعل ناقص والتاء اسمه، أنّى: اسم شرط، تأتها: فعل الشرط، تلتبس: جوابه، والجملة خبر أصبح، كلا: مبتدأ، شاجر: خبر، وأفرد الخبر لأن كلمة «كلا» وإن كان معناها مثنى إلا أن لفظها مفرد، فراعى الشاعر لفظها فأفرد الخبر وهو الأرجح وعليه قوله تعالى: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها [الكهف: 33]. والشاهد: أداة الشرط، «أنّى» جزمت فعلين. [سيبويه/ 1/ 342، والخزانة/ 7/ 91، وشرح المفصل/ 4/ 110، 7/ 45 وديوان لبيد]. 144 - كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا … أنيس ولم يسمر بمكّة سامر

145 - فلا أب وابنا مثل مروان وابنه … إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا

هذا البيت من شعر مضاض بن عمرو الجرهمي، يقوله حين أجلتهم خزاعة عن مكة، والحجون: بفتح الحاء، جبل من مكة فيه مدافن أهلها. والصفا: جبل آخر في مكة، وهو الذي يبدأ منه السعي: والمعنى: يتحزن على مغادرتهم بلادهم وإجلائهم عنها، فيقول: إننا بعد أن فارقناها صرنا غرباء عنها وكأننا لم نسكن بقاعها، ولم نجتمع في نواديها، وهذا البيت أول أبيات ستة، من أرقّ الشعر وأعذبه، تمثل حال كل غريب عن وطنه، فجعه أهل زمانه بحرمانه من مسقط رأسه ومرابع ذكرياته. ومسارح أهله، وهي لسان حال جيرة المسجد الأقصى اليوم 1409 هـ - 1989 م واكتب هذه الحروف، والشوق إلى مرابعي قد هدّ أركاني، فلما قرأت بيت مضاض بن عمرو الجاهلي القديم، حزنت والله لحاله، لأنني أقاسي من آلام الغربة ما قاسى، ويقاسي مثلي مئات الألوف، لأننا كما قال في بيت لاحق في دار غربة بها الذئب يعوي والعدوّ المكاشر وهاك بقية الأبيات: بلى نحن كنّا أهلها فأبادنا … صروف الليالي والجدود العواثر فأخرجنا منها المليك بقدرة … كذلك، يا للناس تجري المقادر فصرنا أحاديثا وكنّا بغبطة … كذلك عضّتنا السّنون الغوابر وبدّلنا كعب بها دار غربة … بها الذئب يعوي والعدوّ المكاشر فسحّت دموع العين تجري لبلدة … بها حرم آمن وفيها المشاعر والشاهد في البيت الأول: كأن لم يكن ... حيث خفّف «كأن» وحذف اسمها وأتى بخبرها جملة فعلية. وفصل بين (كأن) وخبرها ب لم، وهو شرط عملها إذا كان خبرها جملة فعلية، وقد يفصل ب (قد) عند الإثبات، وذلك للفرق بين كأن المخففة من «كأنّ» و «كأن» المركبة من حرف الجرّ، و (أن) المخففة من «أنّ»، حيث لا يفصل بينها وبين خبرها (قد) ولا «لم». 145 - فلا أب وابنا مثل مروان وابنه … إذا هو بالمجد ارتدى وتأزّرا البيت منسوب للفرزدق، ولرجل من عبد مناة بن كنانة. والبيت في مدح مروان ابن الحكم، وابنه عبد الملك، وكنى بارتدائه المجد وتأزره به، عن ثبوته له. وأفرد الضمير فقال: «إذا هو» مع أن حقه التثنية، فيقول: «إذا هما ارتديا» ارتكانا على فهم السامع وتعويلا على أنّ إسناد الشيء إلى أحدهما كإسناده إليهما جميعا، إذ كان الغرض

146 - وحلت بيوتي في يفاع ممنع … يخال به راعي الحمولة طائرا

مدحهما معا. لا: النافية للجنس، أب: اسمها مبني على الفتح، وابنا: معطوف على محل اسم لا ويجوز فيه الرفع عطفا على محل «لا واسمها وخبرها» فهما في محل رفع على الابتداء، مثل: يروى بالرفع خبر «لا» وبالنصب: نعت لاسم «لا» وخبرها محذوف، وإذا: بمعنى (إذ) الدالة على التعليل، هو: فاعل، لفعل محذوف يفسره ما بعده. والشاهد: فلا أب وابنا: حيث عطف، ابنا بالنصب على اسم «لا» ويجوز فيه الرفع عطفا على محل لا واسمها، ومحلهما الابتداء. [الخزانة/ 4/ 67، وسيبويه/ 1/ 349، وشرح المفصل/ 2/ 101، وشرح التصريح/ 1/ 243، والهمع/ 2/ 143، والأشموني/ 2/ 13، والدرر/ 2/ 197]. 146 - وحلّت بيوتي في يفاع ممنّع … يخال به راعي الحمولة طائرا .. البيت للنابغة الذبياني، يقوله في أبيات للنعمان بن المنذر أيام موجدته عليه. واليفاع: المرتفع من الأرض. والحمولة: الركائب، يقول: إني في مكان بعيد عن أن تناله، لأنه مرتفع شديد البعد حتى إن الناظر إليه ليظن راعي ركائبنا طائرا .. ضرب هذا مثلا لعزة قومه وامتناعهم على من يريدهم بسوء، ويظهر من سياق القصيدة أن الشاعر، يعتذر إلى النعمان ويطلب جواره، لا لأنّ قومه يخشون المهالك، ولكنه يطلب جواره وعفوه، وفاء لمعروفه وكرمه. والشاهد في البيت: يخال راعي الحمولة طائرا حيث نصب «يخال» مفعولين، الأول: نائب الفاعل (راعي) والثاني: (طائرا). [سيبويه/ 1/ 185، وشرح المفصل/ 2/ 54]. 147 - أبالأراجيز يا بن اللؤم توعدني … وفي الأراجيز خلت اللؤم والخور هذا البيت من كلام منازل بن ربيعة المنقري، والأراجيز: جمع أرجوزة وهو ما كان من الشعر على وزن بحر الرجز، ويقال لما لم يكن من هذا البحر «قصيدة». وقد كان من الشعراء، رجّاز لا يقولون إلا الرجز كرؤبة بن العجاج وأبيه وكان منهم من يقول القصيد ولا يقول الرجز، وكان منهم من يجمع بين الفنين. والشاهد: وفي الأراجيز خلت اللؤم، حيث توسط «خال» مع فاعله، بين المبتدأ الذي هو قوله: اللؤم، والخبر الذي هو قوله «في الأراجيز» فلمّا توسط الفعل بينهما ألغي

148 - قفي فانظري يا أسم هل تعرفينه … أهذا المغيري الذي كان يذكر؟

الفعل عن العمل فيهما، ولولا التوسط لنصبهما. [سيبويه/ 1/ 61، وشرح المفصل/ 7/ 84]. 148 - قفي فانظري يا أسم هل تعرفينه … أهذا المغيريّ الذي كان يذكر؟ البيت من شعر عمر بن أبي ربيعة من قصيدته التي مطلعها: أمن آل نعم أنت غاد فمبكر … غداة غد أم رائح فمهجّر أسم: يريد أسماء، والمغيري: المنسوب إلى المغيرة، وهو جدّ عمر، وهو يعني نفسه. والشاهد: يا أسم، حيث رخّمه بحذف آخره، وهو الهمزة، إذ، أصله «يا أسماء» ثم أتبع هذا الحذف حذفا آخر، وهو حذف الحرف الذي قبل الآخر وهو الألف، لكونه حرفا معتلا ساكنا زائدا مسبوقا بثلاثة أحرف. [شرح المفصل/ 2/ 22، والخزانة/ 11/ 369]. 149 - حمّلت أمرا عظيما فاصطبرت له … وقمت فيه بأمر الله يا عمرا البيت للشاعر جرير بن عطية يرثي أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه. والشاهد قوله: يا عمرا: فإنه يدل على أن المندوب متفجّع عليه، مع أنه استعمله ب «يا» التي تستعمل في النداء، لأنه يأمن من الالتباس بالمنادى المحض، لأنه في مقام الرثاء، والرثاء بعد الموت، والظاهر أنه لا يطلب إقباله وإنما يظهر فجيعته فيه وزاد في آخره ألفا ولم يزد هاء. والأصل في حروف الندبة «وا»، وتستعمل «يا» عند أمن اللبس، و «عمرا» مبني على الضم المقدر على آخره، لاشتغال المحل بحركة المناسبة المأتي بها لأجل الألف، فحكم المندوب حكم المنادى. [الهمع/ 1/ 180، والأشموني/ 3/ 134، وشرح أبيات المغني/ 6/ 161]. 150 - في أيّ يوميّ من الموت أفرّ … أيوم لم يقدر أم يوم قدر البيت من الرجز، ورواه ابن هشام في المغني، على أن اللحياني زعم أن النصب «بلم» لغة. [الأشموني/ 4/ 8، والخصائص/ 3/ 94، وشرح شواهد المغني/ 5/ 132]. 151 - لكم مسجدا الله المزوران والحصى … لكم قبصه من بين أثرى وأقترا

للكميت بن زيد، ومسجدا الله: أراد بهما مسجد مكة ومسجد المدينة زادهما الله شرفا، وأراد بالحصى: العدد الكثير من الناس، والقبص: بكسر القاف، والصاد المهملة أصله مجتمع النمل الكبير الكثير، ثم أطلق على العدد الكثير من الناس. والشاهد: من بين أثرى وأقترا، فإن هذا الكلام على تقدير اسم موصول قبل أثرى واسم موصول آخر قبل أقترا. وأصل الكلام، من بين من أثرى ومن أقتر، فحذف الموصولين وأبقى صلتهما، ولا يصح الكلام على حذف موصول واحد لأنه يريد من جميع الناس مثريهم وفقيرهم، ومثله قول حسان رضي الله عنه: أمن يهجو رسول الله منكم … ويمدحه وينصره سواء؟ التقدير: أمن يهجو رسول الله ومن يمدحه سواء، ولا يجوز أن نجعل جملة يمدحه وجملة «ينصره» معطوفتين على جملة «يهجو» لأنه يلزم عليه أن يكون الذي يهجوه والذي يمدحه واحدا، وهذا غير صحيح. ولكن كثيرا من أهل الأدب يروون بيت حسان، هكذا: فمن يهجو رسول الله منكم ... البيت. أوله «من» بدون همزة الاستفهام، ويقول النّقاد: إنه من الهجاء المؤلم لأن الشاعر يقرر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لا يضرّه هجاؤهم، ولا ينفعه مدحهم ونصرهم، فالهجاء والمدح سواء في جنب رسول الله إذا كان من المشركين، لأن الرسول عليه السّلام مدحه الله تعالى وحماه، فلا يضرّه هجاء المشركين له، ولا يزيد مدح المشركين له في منزلته، أو أن الشاعر يفخر بقومه الأنصار الذين آووا رسول الله فيقول: إنه لا يضره هجاء المشركين، ولا ينفعه مدحهم ونصرتهم، بعد أن كان له من الأنصار ما كان. والدليل على صحة هذا التأويل، أن الشاعر قال في الشطر الأول «منكم» يعنى من المشركين، وكذلك الذي يمدحه وينصره من المشركين، قلت: ورواية (من يهجو) بدون استفهام، أقوى من رواية الاستفهام، لأن فيها تبكيتا للمشركين وتصغيرا من شأنهم، وهذا البيت نقوله أيضا لأهل الكفر في كلّ زمن، ونردّ به على المؤلّفين المسلمين الذين يستشهدون بأقوال الأوربيين والمستشرقين الذين مدحوا (عبقرية) محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأثر رسالته في المجتمع العربي، لأنّ مدح الكافرين محمدا صلّى الله عليه وسلّم لا يزيد المؤمنين إيمانا، وذمه لا ينقص إيمان المؤمن، فليس بعد مدح القرآن مدح، وليس بعد تصديق القرآن له من تصديق،

152 - ألا هلك الشهاب المستنير … ومدرهنا الكمي إذا نغير وحمال المئين إذا ألمت … بنا الحدثان والأنف النصور

فنحن نؤمن أن نبوّة محمد حقا، لأننا نؤمن أن القرآن من عند الله. [الإنصاف/ 721، والأشموني/ 3/ 70 واللسان/ قبص]. 152 - ألا هلك الشّهاب المستنير … ومدرهنا الكميّ إذا نغير وحمّال المئين إذا ألمّت … بنا الحدثان والأنف النّصور .. البيتان في «اللسان» و «الإنصاف» والمدره: زعيم القوم وخطيبهم، والمتكلم عنهم، ونغير: من الغارة، وحمّال المئين: وصفه بالكرم بعد وصفه بالشجاعة واللّسن، والحدثان: بفتح الحاء والدال: بمعنى: الحدث، وهو ما يحدث للناس من ملمات، والنّصور: لعله مبالغة ناصر. والشاهد: «ألمت بنا الحدثان» حيث ألحق تاء التأنيث بالفعل المسند إلى الحدثان مع أنه مذكر، لأن الحدثان يطلق عليه لفظ الحوادث، والحوادث مؤنثة، لكونه جمع حادثة، فقد راعى الشاعر معنى الحدثان، وألحق بالفعل التاء بناء على هذا المعنى. [الإنصاف/ 466]. 153 - وقائع في مضر تسعة … وفي وائل كانت العاشره الواقعة: المعركة، والشاهد: تسعة: فإنها عدد لمعدود مؤنث وهو «واقعة» وكان حقه التذكير، لأن العدد من 3 - 9: يخالف العدود، ويؤول هذا على وجهين: الأول: أنه أراد بالوقائع الأيام، فأنث العدد لذلك، والأشهر من ذلك الوجه الثاني: وهو أن العدد من 3 - 9 إذا تأخر عن المعدود، جاز فيه الموافقة للوصف، وجاز فيه المخالفة فيؤنث للمذكر ويذكر للمؤنث. [الإنصاف/ 769، والهمع/ 2/ 149]. 154 - وينمي لها حبّها عندنا … فما قال من كاشح لم يضرّ البيت لعمر بن أبي ربيعة، وقوله: ينمي: يزيد، حبّها: فاعل، فما قال، ما: شرطية منصوبة المحل على المفعول المطلق، أي: أيّ قول قال، يضر: يجوز أن يكون مضارع ضرّه، فهو بضم الضاد، ويجوز أن يكون مضارع «ضار» فهو مكسور الضاد. والشاهد: أنّ (من) حرف الجرّ، يزاد في الكلام الموجب، كما في البيت، وفي القرآن أمثلة كثيرة منه. [شرح المغني/ 5/ 329].

155 - حراجيج ما تنفك إلا مناخة … على الخسف أو يرمى بها بلدا قفرا

155 - حراجيج ما تنفكّ إلا مناخة … على الخسف أو يرمى بها بلدا قفرا البيت للشاعر ذي الرّمة، والحرجوج: الناقة الطويلة، والخسف: الذل، وأراد به هنا مبيتها على غير علف، وذكروا البيت شاهدا على أن «إلّا» زائدة في قول الأصمعي، وابن جنّي، لأنّ «ما تنفك» بمعنى ما تزال، ولا يقال: «لا يزال زيد إلا قائما»، لأن الاستثناء يحوّل النفي إيجابا، وهي لا تعمل إلا في النفي، وقال ابن هشام: قالوا: هذا غلط من الشاعر، وقيل: إن الرواية «آلا» بالتنوين، أي شخصا. وقيل: تنفك: تامة، بمعنى ما تنفصل عن التعب، فنفيها نفيّ، ومناخة: حال. [سيبويه/ 1/ 428، والإنصاف/ 156]. 156 - تقول وقد عاليت بالكور فوقها … أيسقى فلا يروى إليّ ابن أحمرا البيت من قصيدة لعمرو بن أحمر قالها حين هرب من يزيد بن معاوية، وكان اتصل به عنه أنه هجاه، فطلبه، ففر .. وفاعل «تقول» الناقة. وعاليت: أعليت. الكور: الرحل بأداته. وضرب السقي والريّ مثلين لما يناله بها من المآرب، ويدرك بالسفر عليها من المطالب. والشاهد في البيت: استخدام «إلى» حرف الجرّ، بمعنى «من» في قوله: «إليّ». [الهمع/ 2/ 20، والأشموني/ 2/ 214، وشرح أبيات المغني/ 2/ 129]. 157 - قهرناكم حتّى الكماة فأنتم … لتخشوننا حتى بنينا الأصاغرا ليس للبيت قائل معروف، والشاهد أن «حتى» عاطفة بمنزلة الواو وأن ما بعدها غاية لما قبلها في النقص، حيث بدأ بالكمأة، وانتهى بالأصاغر من الأبناء. [الهمع/ 2/ 136، والأشموني/ 2/ 63، وشرح أبيات المغني/ 3/ 107]. 158 - ألا ليس إلا ما قضى الله كائن … وما يستطيع المرء نفعا ولا ضرّا البيت مجهول القائل، وهو شاهد عند ابن هشام على أن في «ليس» ضمير الشأن، و «ما» بعد «إلا» اسم موصول، مبتدأ، وجملة قضى: صلته، والعائد: محذوف، وكائن: خبر المبتدأ، والجملة: في موضع خبر ليس. [شرح أبيات المغني/ 5/ 208]. 159 - ألا ليت شعري هل إلى أمّ جعفر … سبيل فأما الصّبر عنها فلا صبرا البيت من قصيدة لابن ميّادة، وأم «جعفر» تروى «أم جحدر» هي بنت حسان المريّة

160 - عليك بأرباب الصدور فمن غدا … مضافا لأرباب الصدور تصدرا وإياك أن ترضى صحابة ناقص … فتنحط قدرا من علاك وتحقرا فرفع «أبو من» ثم خفض «مزمل» … يبين قولي مغريا ومحذرا

كان يشبب بها ابن ميادة وهو الشاهد: على أن جملة «لا صبر» خبر قوله «فأما الصبر» والرابط العموم الذي في «لا» النافية للجنس. [شرح أبيات المغني/ 7/ 78]. 160 - عليك بأرباب الصدور فمن غدا … مضافا لأرباب الصدور تصدّرا وإياك أن ترضى صحابة ناقص … فتنحطّ قدرا من علاك وتحقرا فرفع «أبو من» ثم خفض «مزمّل» … يبيّن قولي مغريا ومحذرا .. هذه الأبيات لأمين الدين المحلي من المتأخرين، وليس في لفظها شاهد نحوي أو لغويّ، ولكنه يلمح إلى بعض القواعد النحوية، التي شبهها بما يجري في الحياة. وأرباب الصدور: أصحاب المراكز العالية في المجتمع الذين يقصدون المجامع. وقد ذكرها النحويون في باب «الإضافة» وأن الاسم المضاف إلى ماله الصدارة ينال التصدير في الكلام، فيجب تقديم المبتدأ في قولك «غلام من عندك» لأنه مضاف إلى اسم الاستفهام المستحقّ الصدارة، والخبر في قولك «صبيحة أيّ يوم سفرك» والمفعول به في قولك «غلام أيّهم أكرمت»، و «من» ومجرورها في قولك «من غلام أيّهم أنت أفضل»، ووجب الرفع في نحو: علمت أبو من زيد؟ وأشار بقوله: «مزمّل» إلى قول امرئ القيس: كأنّ أبانا في عرانين وبله … كبير أناس في بجاد مزمّل يصف جبلا علاه الغيم والمطر، ذلك أن «مزملا» صفة ل: كبير فكان حقّه الرفع، ولكنه خفض لمجاورته للمخفوض. [ورحم الله الأجداد، فقد لاحظوا أن اللغة كائن حيّ، يجري عليها ما يجري على الأحياء من البشر، وأن كلام الناس من حيث التقديم والتأخير والرفع والنصب، بمثل المعانى والقيم التي تحكم حياة الناس، فرفعوا الفاعل وقدموه، لأن اليد العليا العاملة الفاعلة مرفوعة القدر، ونصبوا المفعول وأخروه، لأنه لا يعول عليه في بناء الحياة، ولهذا سموه فضلة، وعرّفوا المبتدأ وقدموه ورفعوه لأن الذي يتصدر القوم أعرفهم وأرفعهم .. الخ، وعلى ذلك قسّ ما يمكنك أن تقيس من العلل والتأويلات المستفادة من حياة العرب. [شرح أبيات المغني/ 7/ 110]. 161 - وكنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة … عشيّة لاقينا جذام وحميرا هذا البيت للشاعر الفارس زفر بن الحارث الكلابي من أبيات أوردها أبو تمام في

162 - فطافت ثلاثا بين يوم وليلة … وكان النكير: أن تضيف وتجأرا

الحماسة قالها الشاعر في معركة «مرج راهط» أيام مروان بن الحكم، وكان الشاعر في جيش الضحاك بن قيس الفهري، يدعو لابن الزبير. وقوله: «كل بيضاء شحمة» هذا من قولهم «ما كلّ بيضاء شحمة» ومثله «ما كل سوداء تمرة» ومعناه ليس كل ما أشبه شيئا يكون ذلك الشيء، وجذام، وحمير .. قبيلتان من أصل يمني، كانتا تحاربان في صفّ مروان بن الحكم. والمعنى: إننا ظننا أن سبيل هاتين القبيلتين كسبيل سائر الناس لما التقينا معهم، بأنا نقهرهم قهرا قريبا، ثم وجدناهم بخلافه، ومما يستجاد بعد البيت الشاهد: فلما قرعنا النّبع بالنّبع بعضه … ببعض أبت عيدانه أن تكسّرا ولما لقينا عصبة تغلبيّة … يقودون جردا للمنيّة ضمّرا سقيناهم كأسا سقونا بمثله … ولكنهم كانوا على الموت أصبرا وهذه - لعمري - الروح الرياضية الحقة، حيث اعترف لعدوّه بالتفوق في الصبر على المكاره، مع شدة بأس جماعته. والبيت الشاهد: ذكره الكوفيون، شاهدا على أن «قد» تقدر قبل الفعل الماضي الواقع خبرا لكان، واشترطها البصريون قبل الفعل الماضي الواقع حالا، ظاهرة أو مقدرة. [شرح أبيات المغني/ 7/ 230]. 162 - فطافت ثلاثا بين يوم وليلة … وكان النكير: أن تضيف وتجأرا البيت للنابغة الجعدي الصحابي، رضي الله عنه، يصف الشاعر بقرة وحشية أكل السبع ولدها، فطافت ثلاثة أيام وثلاث ليال تطلبه، ولا إنكار عندها إلا الإضافة، وهي الجزع والإشفاق والجؤار، وهو الصياح. والنكير: الإنكار، أي: ما عندها حين فقدته إلا الشفقة والصياح، وهذا البيت من القصيدة الطويلة التي أنشدها للنبي صلّى الله عليه وسلّم ومنها: أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى … ويتلو كتابا كالمجرّة نيّرا ومن أواخرها: بلغنا السماء مجدنا وجدودنا … وإنا لنرجو بعد ذلك مظهرا ولا خير في حلم إذا لم يكن له … بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا ولا خير في جهل إذا لم يكن له … حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا

163 - إنني رمت الخطوب فتى … فوجدت العيش أطوارا ليس يفني عيشه أحد … لا يلاقي فيه إمعارا من صديق أو أخي ثقة … أو عدو شاحط دارا

والقصيدة من أحسن ما قيل في الفخر والشجاعة، وفي البيت الشاهد من المعاني المستفادة ما لا حصر لها، توافق حال أمتنا، لأنهم عند ما يفقدون مواطن العزّ، لا يزيدون على ما فعلته هذه البقرة. والبيت الشاهد: ذكره ابن هشام في باب «التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين، والصواب خلافها»، في المسألة السادسة عشرة، حيث قالوا: يغلب المؤنث على المذكر في مسألتين، إحداهما: التأريخ، فإنهم أرّخوا بالليالي دون الأيام، قال ابن هشام: وهذا ليس من باب التغليب، لأن التغليب أن يجمع شيئان: فيجري حكم أحدهما على الآخر، ولا يجمع الليل والنهار، وإنما أرّخت العرب بالليالي لسبقها، إذ كانت أشهرهم قمريّة، والقمر يطلع ليلا، وإنما المسألة الصحيحة قولك: «كتبته لثلاث بين يوم وليلة» وضابطها أن يكون معنا عدد مميز بمذكر ومؤنث، وكلاهما مما لا يعقل، وفصلا من العدد بكلمة «بين» وذكر البيت، فقال الشاعر «ثلاثا» لأنه يعد الليالي ويؤرخ بها، ويغلب المؤنث على المذكر في هذه المسألة، ولكن ليس في التأريخ فقط، فقد يقال: اشتريت عشرا بين جمل وناقة. [شرح أبيات المغني/ 8/ 23]. 163 - إنني رمت الخطوب فتى … فوجدت العيش أطوارا ليس يفني عيشه أحد … لا يلاقي فيه إمعارا من صديق أو أخي ثقة … أو عدو شاحط دارا هذا الأبيات لعدي بن زيد العبادي، الجاهلي من قصيدة مطلعها: يا لبينى أوقدي نارا … إنّ من تهوين قد حارا وهي من البحر المديد، وقوله: رمت الخطوب، أي: رمت معرفة الخطوب والأطوار: الأحوال المختلفة، والإمعار: الافتقار، وتغيّر الحال، والشاحط: البعيد، يقول: وجدت عيش الإنسان في طول عمره يختلف، فتارة يستغني وتارة يفتقر، فلا يفني أحد عيشه إلا يجد فيه هذه الأطوار المختلفة، وقوله: من صديق .. الخ، من: للبيان، في موضع الحال من «أحد» وقوله: فتى، أي: شابا، حال من التاء في «رمت» وجملة (لا يلاقي) صفة ل «أحد». والشاهد: شاحط دارا، على أن (شاحط) صفة مشبهة بمعنى «بعيد» و «دارا» تمييز، محول من الفاعل. [سيبويه/ 1/ 102، وشرح أبيات المغني/ 7/ 12].

164 - إنارة العقل مكسوف بطوع هوى … وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا

164 - إنارة العقل مكسوف بطوع هوى … وعقل عاصي الهوى يزداد تنويرا .. البيت مجهول القائل، وذكره ابن هشام في الأمور التي يكتسبها الاسم بالإضافة، ومنها «تذكير المؤنث» في هذا البيت، فقوله: إنارة: مؤنث، أخبر عنه ب «مكسوف» وهو مذكر، فاستفاد المؤنث التذكير من إضافته إلى «العقل». [شرح أبيات المغني/ 7/ 101، والأشموني/ 2/ 248، والخزانة/ 4/ 227]. 165 - قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة … وللسّبع خير من ثلاث وأكثر نسبه سيبويه للقتال الكلابي، والشاهد: وأنتم ثلاثة، مع أنه أراد أن يقابلهم بنفسه فهو يريد أن يقول: نحن سبع قبائل، وأنتم ثلاث قبائل. فكان ينبغي أن يقول: وأنتم ثلاث قبائل. إلا أن القبيلة قد يطلق عليها لفظ البطن، كما نطلق القبيلة على البطن، ولذلك جاء الشاعر بلفظ ثلاثة مقترنا بالتاء كما لو كان المعدود مذكرا، حيث أراد المعنى، لا اللفظ. [الإنصاف/ 772]. 166 - أزيد بن مصبوح فلو غيركم جنى … غفرنا وكانت من سجيّتنا الغفر رواه ابن منظور في (غفر)، والشاهد: وكانت من سجيتنا الغفر، حيث ألحق تاء التأنيث بكان مع أن اسمها مذكر وهو الغفر، ويغتفر العلماء ذلك إذا كان اسمها مذكرا وفصل بخبرها بينها وبين اسمها، وقد يكون أنث هنا مراعاة للمعنى، لأن الغفر بمعنى المغفرة، أو لأن الخبر محذوف، وهو مؤنث تقديره «وكانت الغفر سجية» فلما كان الغفر مخبرا عنه بالسجيّة كان مؤنثا، فلذلك أنث الفعل. [الإنصاف/ 774]. 167 - عهدي بها في الحيّ قد سربلت … بيضاء مثل المهرة الضّامر من قصيدة للأعشى .. والعهد: الالتقاء والمعرفة، ومن العهد: أن تعهد الرجل على حال أو في مكان، وعهدي بها: في بيت الشاهد: مبتدأ خبره محذوف، أي: عهدي بها حاصل، وقد سربلت: جملة في موضع الحال من الضمير المجرور محلا، بالباء، وسربلت: مجهول، ألبسوها السربال. والشاهد: المهرة الضامر: وصف المهرة بالضامر، وهي أنثى، من غير أن يؤنث الصفة بتاء التأنيث، مما يدل على أنّ لفظ (ضامر) للذكر والأنثى، والبيت ردّ على الكوفيين، أن السبب في حذف التاء من طالق وحائض، أنها ألفاظ خاصة بالمؤنث، فقد حذفت من

168 - تروح من الحي أم تبتكر … وماذا يضرك لو تنتظر

«ضامر» وهي مشتركة بين الاثنين. [الإنصاف/ 8/ 71، وشرح المفصل/ 5/ 101، والهمع/ 1/ 107]. 168 - تروح من الحيّ أم تبتكر … وماذا يضرّك لو تنتظر قاله امرؤ القيس ... قال صاحب كتاب «الجمل» وربما أضمروا ألف الاستفهام واستغنوا عنه بأمارته، «أم» فيقولون: زيد أتاك أم عمرو؟ وذكر البيت، والتقدير: أتروح .. أم؟ 169 - فما تك يا ابن عبد الله فينا … فلا ظلما نخاف ولا افتقارا البيت للفرزدق، وذكره ابن هشام، على أنّ ابن مالك قال: إنّ «ما» فيه زمانية، بمعنى: أيّ زمن، وهو يرى أنّ «ما» و «مهما» الشرطيتان تستخدمان ظرفين، وذكر في شرح «الكافية» شواهد من كلام العرب على ذلك، ويرى غيره، أنها تقدر بمصدر على معنى: أي كون قصير أو طويل تكون فينا. [شرح أبيات المغني/ 55/ 237، وديوان الفرزدق]. 170 - أمرّ على الديار ديار ليلى … أقبّل ذا الجدار وذا الجدارا وما حبّ الديار شغفن قلبي … ولكن حبّ من سكن الديارا البيتان لقيس العامري مجنون ليلى. والشاهد في البيت الثاني على أن المضاف اكتسب التأنيث من المضاف إليه، ولهذا قال: شغفن ولم يقل «شغف». [الخزانة/ 4/ 227، 381، وشرح أبيات المغني/ 7/ 103]. 171 - إذا ما شاء ضرّوا من أرادوا … ولا يألو لهم أحد ضرارا البيت مجهول القائل، وقوله: «يألو»، أي: يستطيع. والشاهد في قوله «شاء» بضم الهمزة فقط على أن أصله «شاءوا» حذفت الواو، واكتفى بالضمة، لأنها تدل عليها. قال الفرّاء: وهو كثير في لغة العرب وفي القرآن سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ [العلق: 18] ووَ يَدْعُ الْإِنْسانُ. [الاسراء/ 11]، فاكتفى بالضمة وحذفت الواو، قال: وقد تسقط العرب الواو، وهي واو جمع اكتفاء بالضمة قبلها، فقالوا في

172 - قالت سلامة لم يكن لك عادة … أن تترك الأعداء حتى تعذرا لو كان قتل يا سلام فراحة … لكن فررت مخافة أن أوسرا

«ضربوا» ضرب، وفي «قالوا»، وقد قال، قال: وهي لغة هوازن وعليا قيس. [الإنصاف/ 386، وشرح المغني/ 7/ 187]. 172 - قالت سلامة لم يكن لك عادة … أن تترك الأعداء حتّى تعذرا لو كان قتل يا سلام فراحة … لكن فررت مخافة أن أوسرا البيتان لعامر بن الطفيل، يقولهما في الاعتذار من فراره من المعركة، وقد مات على الجاهلية. والشاهد: في البيت الثاني، على أنّ جواب «لو» هنا، قد جاء مقترنا بالفاء مع حذف المبتدأ، وتقديره: «فهو راحة». وذلك تشبيها لها بإن الشرطية، ويحتمل أن تكون «فراحة» معطوفة على فاعل كان، وجواب «لو» محذوف، تقديره، لو كان قتل فراحة لثبتّ. [شرح أبيات المغني/ 5/ 115]. 173 - ألف الصّفون فما يزال كأنّه … ممّا يقوم على الثلاث كسيرا البيت مجهول القائل، والصفون: مصدر صفن، إذا ثنى في وقوفه إحدى قوائمه. والكسير: الثاني إحدى قوائمه. والبيت شاهد على أن «كسيرا» خبر، فما يزال. وقوله: «مما يقوم»، ما: مصدرية، فالمعنى: من قيامه، ومن: متعلقة بالخبر المحذوف لكأنّ، وتحقيق اللفظ والمعنى: ألف القيام على ثلاث، فما يزال كسيرا، أي: ثانيا إحدى قوائمه حتى كأنه مخلوق من القيام على ثلاث، وفي البيت أقوال أخرى، ما ذكرته أقواها. [شرح المغني/ 5/ 301]. 174 - لا تتركنّي فيهم شطيرا … إنّي إذن أهلك أو أطيرا لرؤبة بن العجاج، الشطير: البعيد والغريب، وتترك: قد يكون بمعنى التّخلية فينصب مفعولا واحدا، وشطيرا: حال، وقد يأتي بمعنى «صيّر» فينصب مفعولين، وشطيرا: مفعوله الثاني، والبيت محل خلاف عند أهل النحو، لأنه مروي بإعمال «إذن» مع عدم تصدرها، حيث عطف «أطير» بالنصب على «أهلك»، وأجيب عن الإشكال، بأن خبر إنّ محذوف، أي: إني لا أقدر على ذلك، وجملة «إذن أهلك» مستأنفة وإذن فهي مصدرة .. ونقل الفرّاء في «معاني القرآن» عن العرب أنه إذا جاءت «إنّ» قبل «إذن» يجوز نصب الفعل بعدها ويجوز رفعه، كما في البيت وقيل: إنّ: خبر «إني» إذن وما بعدها، فتكون

175 - لذ بقيس حين يأبى غيره … تلفه بحرا مفيضا خيره

مصدّرة. [الإنصاف/ 177، وشرح المفصل/ 7/ 17، والهمع/ 2/ 7، وشرح المغني/ 1/ 87]. 175 - لذ بقيس حين يأبى غيره … تلفه بحرا مفيضا خيره ليس للبيت قائل معروف، وذكروه شاهدا على أنّ «غير» بنيت على الفتح، لإضافتها إلى مبني، وهو الضمير مع أنها فاعل، يأبى .. وقيل: «غير» هنا، وفي مواضع تشبهها، تعرب منصوبة على الاستثناء أو الحالية، ويكون الفاعل محذوفا والتقدير: يأبى، آب غيره، وهو التوجيه الأمثل، واختاره ابن مالك. [شرح أبيات المغني/ 3/ 398]. 176 - أطلب ولا تضجر من مطلب … فآفة الطالب أن يضجرا أما ترى الحبل بتكراره … في الصخرة الصّماء قد أثّرا البيتان لم يسمّ قائلهما، وهما في «المغني» في مسألة اشتباه الجملة المعترضة بالحالية، وقال: إن الجملة الحالية لا تقع إلا خبرية، ونفى أن تكون الواو في قوله «ولا تضجر» للحال، وأن «لا» ناهية، وإنما هي عاطفة، إما مصدرا يسبك من أن والفعل على مصدر متوهم من الأمر السابق، أي: ليكن منك طلب، وعدم ضجر، أو عطف جملة على جملة، وعلى الأول: ففتحة «تضجر» إعراب، و «لا» نافية، وعلى الثاني فالفتحة للتركيب، والأصل: ولا تضجرن، بنون توكيد خفيفة، وحذفت للضرورة، و «لا» ناهية، والأصح عنده أن الفتحة للإعراب كما في قولك «لا تأكل السمك وتشرب اللبن». [الهمع/ 1/ 246، والأشموني ج 2/ 186، والعيني/ 3/ 217، وشرح أبيات المغني/ 6/ 228]. 177 - ولا ألوم البيض ألّا تسخرا … من شمط الشّيخ وألّا تذعرا قاله العجاج، أو ابنه رؤبة، أو أبو النجم، والشاهد: «ألا»، فإنها مركبة من «أن» و «لا»، قالوا: إن «لا» هنا، حشو، ومعناه «أن تسخر» وأن تذعر. [الخصائص/ 2/ 282]. 178 - في بئر لا حور سرى وما شعر. هذا رجز للعجاج، والحور: الهلاك. والشاهد: زيادة «لا» والتقدير في بئر حور، و «لا» حشو. [شرح المفصل/ 8/ 136].

179 - لقد أنكرتني بعلبك وأهلها … ولابن جريج كان في حمص أنكرا

179 - لقد أنكرتني بعلبكّ وأهلها … ولابن جريج كان في حمص أنكرا قاله امرؤ القيس، والشاهد «بعلبك» لانه اسم بمنزلة اسمين، ويريد بناءه على الفتح، مثل «خمسة عشر»، وهي إحدى اللغات فيه. [ديوان امرئ القيس]. 180 - فالشمس طالعة ليست بكاشفة … تبكي عليك نجوم الليل والقمرا البيت لجرير بن عطية، وقوله: كاشفة: ظاهرة، يقال: ضربه فكشف عظمه، أي: أظهره. والشاهد: نجوم الليل والقمرا: نصب، لأن موضعهما نصب، كما تقول: لا آتيك، عبادة الناس الله، أي: ما عبد الناس الله، وأراد هنا أن الشمس كاسفة تبكي عليك الشهر والدهر. [ديوان جرير/ 736]. 181 - كم ملوك باد ملكهم … ونعيم سوقة بارا .. بارا: أي: زال. والشاهد: كم ملوك: جرّ ما بعد «كم» الخبرية، قال في «الجمل» وإن شئت رفعت «كم رجل عندك» كأنك قلت: رجل عندك، ولم تلتفت إلى «كم». 182 - فتى في سبيل الله أصفر وجهه … ووجهك مما في القوارير أصفرا عن كتاب «الجمل» للخليل، بدون نسبه. والشاهد: أصفرا: نصبه على تقدير: كان أصفرا. 183 - إنّ فيها أخيك وابن هشام … وعليها أخيك والمختارا هذا لغز، في قوله: وعليها أخيك والمختارا، فإنه يكون كالتالي: وعليها أخي كوى المختارا، وهذا ما يجعل نسبة كتاب «الجمل» للخليل بن أحمد ضعيفة، فقد جاء فيه هذا البيت، وزمانه لم يكن زمن ألغاز، ولم يكن الخليل يشغل عقله بالألغاز، فقد استغنى بما حفظ من كلام العرب من أهل البادية. 184 - إلى ملك كاد الجبال لفقده … تزول وزال الراسيات من الصّخر

185 - أصبح مني الشباب مبتكرا … إن ينأ مني فقد ثوى عصرا فارقنا قبل أن نفارقه … لما قضى من جماعنا وطرا

البيت للفرزدق من قصيدة رثى بها بشر بن مروان ومطلعها: أعينيّ إلا تسعداني ألمكما … فما بعد بشر من عزاء ولا صبر البيت من شواهد «المغني»، تحت عنوان «إنهم يعبرون بالفعل عن أمور»، ومنها «مشارفته» كما في قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ [البقرة: 240]، أي: والذين يشارفون الموت وترك الأزواج، يوصون وصية، وذكر هذا البيت، ومعناه: كادت الراسيات تزول أو أرادت أن تزول. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 8/ 90]. 185 - أصبح مني الشباب مبتكرا … إن ينأ منّي فقد ثوى عصرا فارقنا قبل أن نفارقه … لمّا قضى من جماعنا وطرا البيتان للربيع بن ضبع الفزاري، من مقطوعة في نوادر أبي زيد. وقوله: مبتكرا، أي: سافر في بكرة النهار: يعني: قد استمتعت بالشباب وتلذذت به مدّة، فإن ذهب عني فلا عجب، وقوله: من جماعنا: الجماع: الاجتماع والعشرة، وهذه اللفظة بحسب عرف هذه الأزمان قبيحة، قال هذا، عبد القادر البغدادي، المتوفى سنة 1093 هـ، أي: منذ ثلاثة قرون ومنها تعرف أطوار المعاني التي تكتسبها الكلمة مع مرور الأعصر، بل بسبب التباعد بين الفصيح ولغة المجتمع، ولو قلت في أيامنا «حصل بين فلان وفلان جماع» لكان هذا التعبير محلّ استهجان، ومثلها في أيامنا كلمة «العرصة» في اللهجة الدارجة الشامية، وكلمة «علق». والشاهد في البيت الثاني: أنّ الفعل «فارق» لا يراد به هنا وقوعه وإنما يراد به إرادة المفارقة. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 8/ 90]. 186 - فتولّى غلامهم ثم نادى … أظليما أصيدكم أم حمارا ليس للبيت قائل معروف، والظليم: الذكر من النعام، والحمار: العير الأهلي والوحشي. والشاهد فيه: أصيدكم، وأصله «أصيدلكم» فحذفت اللام، واتصل الضمير بالفعل، فصار منصوبا بعد أن كان مجرورا، قال الأزهري في التهذيب: «صدت فلانا صيدا، إذا صدته له»، كقولك: بغيته حاجة، أي: بغيتها له. [شرح أبيات المغني/ 4/ 329].

187 - لا أرى الموت يسبق الموت شيء … نغص الموت ذا الغنى والفقيرا

187 - لا أرى الموت يسبق الموت شيء … نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا البيت لعدي بن زيد، والشاهد فيه على أنه أقيم الظاهر موضع الضمير الرابط، والأصل: لا أرى الموت يسبقه شيء. [سيبويه/ 1/ 30، والخصائص/ 3/ 53، وشرح أبيات المغني/ 7/ 77، والخزانة/ 1/ 379]. 188 - لعمرك إنّي واردا بعد سبعة … لأعشى وإنّي صادرا لبصير عن كتاب «الجمل» للخليل، بدون نسبة والشاهد: واردا وصادرا نصبا على الحال، أي: في حال ورودي أعشى، وحال صدوري بصير، قال: وإنما صار الحال نصبا، لأن الفعل يقع فيه، فانتصب كانتصاب الظرف فقولك: تكلمت قائما: وقع الفعل في القيام. 189 - إليك إليك عذرة بعد عذرة … وقد يبلغ الشرّ السديل المشمّر لأبي زبيد الطائي، والسديل: الكثير الذهاب، والمشمّر: المسرع. والشاهد: يبلغ الشرّ السديل، فالشرّ في الأصل هو الفاعل، والسديل: مفعول به، فالشرّ قد يبلغ السديل كأنه قلب. 190 - هشام ابن الخلائف قد طوتني … ببابك سبعة عددا شهور بعيرا واقفان وصاحبيه … ألمّا يأن أن يثم البعير وقوله: «يثم»: يعدو، والواو مقحمة قبل صاحبيه، وفي البيت الثاني تقديم وتأخير، أراد: بعيرا صاحبيه واقفان، وفي البيت الأول قوله: سبعة عددا شهور: قدم نعت النكرة «سبعة» فنصبها على الحالية. 191 - أحلّ به الشيب أثقاله … وما اغترّه الشيب إلا اغترارا البيت للأعشى ميمون، ورواية الديوان «اعتره» أي: عرض له وهو في كتاب «المغني» في توجيه اقتران الخبر بعد (ليس) ب «إلا». 192 - وتسخن ليلة لا يستطيع … نباحا بها الكلب إلا هريرا البيت للأعشى ميمون، من قصيدة مدح بها هوذة بن على الحنفي من بكر بن وائل،

193 - أنفسا تطيب بنيل المنى … وداعي المنون ينادي جهارا

وهو في البيت يصف مجلس صاحبته وأنه إذا واصلها في البرد الشديد الذي لا يقدر فيه الكلب على النباح، وجد جسمها سخنا وهو الشاهد على أنّ رجوع الضمير الرابط من الجملة المضاف إليها، إلى المضاف، نادر فإن ضمير «بها» راجع إلى ليلة. [شرح أبيات المغني/ 7/ 249]. 193 - أنفسا تطيب بنيل المنى … وداعي المنون ينادي جهارا البيت مجهول القائل، والشاهد في البيت تقدم التمييز «نفسا» على عامله للضرورة، وقوله: أنفسا: الهمزة للاستفهام الإنكاري التوبيخي، وجملة (وداعي المنون ..) حالية، ومفعول ينادي محذوف، وجهارا: تعرب: حالا، أو مفعولا مطلقا. [شرح أبيات المغني/ 7/ 26]. 194 - فأمهله حتى إذا أن كأنّه … معاطي يد من لجّة الماء غامر البيت للشاعر الجاهلي أوس بن حجر، وحق البيت أن يكون في قافية الفاء لأنه من قصيدة فائية، وقافية البيت (غارف) ولكن ابن هشام ذكره كما أثبتّه، والشاعر يتحدث عن الصيد، وفاعل «أمهل» ضمير الصياد، والهاء ضمير يعود على حمار الوحش، و (حتى) ابتدائية، غاية لما قبلها و «إذا» ظرفية فعلها محذوف يفهم من المقام، تقديره: حتى إذا صار من الماء في القرب، مثل الرجل الذي يتناول بيده غرفا، و (من) متعلق بغارف و «معاطي يد»، أي: معاطي في يد، والمعاطي: المتناول، فالإضافة ظرفية. والشاهد: «أن» بعد إذا زائدة. [شرح التصريح/ 2/ 233، والهمع/ 2/ 18، والدرر/ 2/ 12، وشرح أبيات المغني ج 1/ 164]، والقافية الصحيحة «غارف» فالبيت من قصيدة فائية. 195 - إذا قلت: هذا حين أسلو يهيجني … نسيم الصّبا من حيث يطّلع الفجر هذا البيت لأبي صخر الهذلي (عبد الله بن سالم السهمي الهذلي) من قصيدة تعدّ من أرقّ النسيب، وقد جاءت بعض أبياتها في حرف الراء، شواهد نحوية، وهذا المختار منها مجموعا: لليلى بذات الجيش دار عرفتها … وأخرى بذات البين آياتها سطر كأنهما ملآن لم يتغيّرا … وقد مرّ للدارين من عهدنا عصر

196 - أفي الحق أني مغرم بك هائم … وأنك لا خل هواك ولا خمر

وقفت بربعيها فعيّ جوابها … فقلت وعيني دمعها سرب همر ألا أيّها الركب المخبون هل لكم … بساكن أجراع الحمى بعدنا خبر فقالوا طوينا ذاك ليلا وإن يكن … به بعض من تهوى فما شعر السّفر أما والذي أبكى وأضحك والذي … أمات وأحيا والذي أمره الأمر لقد كنت آتيها وفي النفس هجرها … بتاتا لأخرى الدهر ما طلع الفجر فما هو إلّا أن أراها فجاءة … فأبهت لا عرف لديّ ولا نكر وأنسى الذي قد كنت فيها هجرتها … كما قد تنسّي لبّ شاربها الخمر لقد تركتني أحسد الوحش أن أرى … أليفين منها لا يروعهما الذّعر ويمنعني من بعض إنكار ظلمها … إذا ظلمت يوما وإن كان لي عذر مخافة أني قد علمت لئن بدا … لي الهجر منها ما على هجرها صبر إذا قلت هذا .. البيت الشاهد. تكاد يدي تندى إذا ما لمستها … وينبت في أطرافها الورق الخضر وإني لتعروني لذكراك هزّة … كما انتفض العصفور بلله القطر عجبت لسعي الدهر بيني وبينها … فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر ... والبيت الشاهد، ذكره ابن هشام في المغني (ش 912) شاهدا على جواز بناء المضاف، إذا كان المضاف زمانا مبهما والمضاف إليه فعلا معربا، وجاء في حاشية التحقيق أن «حين» مبني على الفتح في محلّ رفع خبر المبتدأ «هذا»، لعله يشير إلى أن الشاهد في البيت «حين أسلو» ولكنّ في البيت ظرفا آخر مضافا وهو «حيث يطّلع». [شرح أبيات مغني اللبيب ج 1/ 338]. 196 - أفي الحقّ أنّي مغرم بك هائم … وأنّك لا خلّ هواك ولا خمر البيت لعابد بن المنذر العسيري، كما قال السيوطي ومعناه أن حبّها له ملتبس عليه، فلا هو صدّ يوقع اليأس، ولا إقبال يوقع الأمل في النفس، وقد ذكر ابن هشام البيت في باب «أما» بالفتح والتخفيف، وذكر من معانيها أن تكون بمعنى «حقا» أو «أحقا» وتفتح أنّ بعدها كما تفتح بعد «حقا» وقال بعضهم إن «أما» اسم بمعنى حقا، أو الهمزة للاستفهام، و «ما» اسم بمعنى شيء، وذلك الشيء «حقّ» فالمعنى «أحقا» وموضع «ما»

197 - رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت … فيضحى وأيما بالعشي فيخصر

النصب على الظرفية، كما انتصب «حقا» على ذلك بدليل دخول «في» عليه في البيت وأنّ وصلتها مبتدأ والظرف خبره. وقوله: «لا خلّ هواك .. الخ» يقول: لا يدخل في الحقّ ووجوهه أن يكون حبي لك غراما وحبّك لا يرجع إلى معلوم، وقال الميداني في مجمع الأمثال: «ما أنت بخلّ ولا خمر» قال أبو عمرو: بعض يجعل الخمر للذتها خيرا، والخلّ لحموضتها شرا، وأنه لا يقدر على شربه وبعضهم يجعل الخمر شرا، والخلّ خيرا، ويقولون: لست من هذا الأمر في خلّ ولا خمر، أي: لست منه في خير ولا شرّ. وقبل البيت الشاهد: هل الوجد إلّا إنّ قلبي لودنا … من الجمر قيد الرمح لاحترق الجمر وبعده: أي: بعد البيت الشاهد: فإن كنت مطبوبا فلا زلت هكذا … وإن كنت مسحورا فلا برأ السحر وقوله: هل الوجد: أي: ما الوجد، والوجد: الحبّ الشديد، و «قيد» بكسر القاف المقدار من المسافة، والمطبوب: الداء الذي يعرف دواؤه، يقول: إن كان الذي بي داء معلوما يعرف دواؤه فلا فارقني، فإني ألتذّ به، وإن كنت مسحورا، أي: وإن كان الذي بي لا يعلم ما هو فلا فارقني أيضا. [شرح أبيات مغني اللبيب ج 1/ 358]. 197 - رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت … فيضحى وأيما بالعشيّ فيخصر البيت لعمر بن أبي ربيعة، من قصيدته التي مطلعها «أمن آل نعم ..» وعارضت الشمس: غدت في عرض السماء، يضحى: يبرز للشمس، يخصر: يبرد، والبيت كناية عن مواصلة السفر في النهار وفي العشيّ، وقوله: «أيما» بالياء. قال ابن هشام: وقد تبدل ميم «أمّا» الأولى ياء، استثقالا للتضعيف وذكر البيت، وقد رواه المبرد على هذه الصورة أيضا في إحدى رواياته، وقوله: رأت: الفاعل، ضمير «صاحبته نعم» وجملة (أما .. إذا) صفة لقوله «رجلا» و «إذا» ظرف متعلق ب يضحى قدم عليه لوجوب الفصل بين أما، والفاء. والشمس: فاعل، لفعل محذوف، وعارضت:

198 - ألم تسمعي أي عبد في رونق الضحى … بكاء حمامات لهن هدير

قابلت، والمفعول محذوف، أي: عارضته. [الهمع/ 2/ 97، والأشموني/ 4/ 49، والخزانة/ 11/ 367]. 198 - ألم تسمعي أي عبد في رونق الضّحى … بكاء حمامات لهنّ هدير البيت منسوب لكثيّر عزة، وعبد: مرخم «عبدة». والبيت شاهد على أن «أي» فيه حرف نداء القريب، لأن الحبيب وإن كان بعيدا في جسمه إلا أنّ الشاعر يتخيله قريبا فيناديه. [الهمع/ 1/ 172، وشرح أبيات المغني/ 2/ 139]. 199 - أيادي سبا يا عزّ ما كنت بعدكم … فلن يحل للعينين بعدك منظر البيت لكثير عزّة، وقوله: أيادي سبا: مثل للتفرق والشتات، وتكتب سبا بالألف بدون همزة وهو الأشهر، وإن كان أصلها مهموزا، وعزّ: مرخم عزة، ما كنت .. ما: مصدرية ظرفية، ونقول: حلا الشيء في فمي يحلو، وحلي بعيني وقلبي يحلى، وأيادي سبا: يعرب هذا التركيب حالا، فقول: تفرقوا أيادي سبا، أو أيدي سبا، والتقدير: مثل أيادي سبا، أو ذهبوا متفرقين. وشاهد البيت: «فلن يحل» هكذا ب (لن) على أنّ لن جازمة بدليل حذف حرف العلة من «يحلى» ويصح هذا إذا أراد المستقبل، أما إن كان يخبر عن ماض بعد فراقها، فالرواية ب «لم» والله أعلم. [الأشموني/ 3/ 278، وشرح أبيات المغني/ 5/ 160]. 200 - إنّي إذا ما كان أمر منكر … وازدحم الورد وضاق المصدر وجدتني أنا الربيس الأكبر الريس: الشجاع، والشاهد وجدتني أنا الربيس، وجد: فعل ماض، ينصب مفعولين، والتاء فاعله والياء مفعوله الأول، أنا: مبتدأ، الربيس: خبره، حيث جعل ضمير (الفصل)، أنا: مبتدأ وأخبر عنه، والأكثر إلغاؤه، وتسليط الناسخ على ما بعده فيكون: الربيس: مفعولا ثانيا، وضمير الفصل يكون بين كان وأخواتها وأسمائها، وأخبارها وبين المفعول الأول لظنّ وأخواتها، والمفعول الثاني والأكثر عدّه حرفا، كقوله تعالى: وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا

201 - وو الله ما أدري وإني لشاكر … لكثرة ما أوليتني كيف أشكر

هُمُ الظَّالِمِينَ [الزخرف: 76] وقال تعالى: تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً، وَأَعْظَمَ أَجْراً [المزمل: 20]، وجاءت بعض القراءات برفع ما بعد ضمير الفصل في قوله تعالى: إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً [الكهف: 39] فالرفع قراءة عيسى بن عمر والنصب قراءة الجمهور. 201 - وو الله ما أدري وإني لشاكر … لكثرة ما أوليتني كيف أشكر الشاهد: والله .. الواو: حرف قسم وجر، ولفظ الجلالة قسم به مجرور. 202 - طليق الله لم يمنن عليه … أبو داود وابن أبي كثير ولا الحجاج عيني بنت ماء … تقلّب طرفها حذر الصقور منسوبان إلى إمام بن أقرم النميري، وكان الحجاج قد جعله على بعض شرط أبان ابن مروان ثم حبسه، فلما خرج قال الشعر. وكان قد تحيّل حتى استنقذ نفسه دون أن يمنّ عليه من حبسه، وقد نعت الحجاج بالجبن مع تسلّق الجفنين وشبه عينيه عند تقليبه لهما حذرا وجبنا، بعيني بنت الماء، وهي ما يصاد من طير الماء، إذا نظرت إلى الصقور فقلبت حماليقها حذرا منها، قال الجاحظ: لأن طير الماء لا يكون أبدا إلا منسلق الأجفان، وفي وصف الحجاج بالجبن، هجاء بغير ما هو فيه، والشاهد: «عيني بنت ماء» نصب «عيني» على الذمّ بتقدير فعل محذوف تقديره «أذمّ» ولو رفع لجاز. [سيبويه/ 1/ 254]. 203 - وطرفك إمّا جئتنا فاحبسنّه … كما يحسبوا أنّ الهوى حيث تنظر .. البيت لعمر بن أبي ربيعة. وقد رواه ابن هشام كما ترى للاستشهاد به على أنّ «كما» إذا كانت بمعنى التعليل نصبت الفعل المضارع، مثل «كيما»، والحقّ أنّ بعض النحويين، يقع لهم بيت الشعر الملفق، فيبنون عليه قاعدة ولا يرجعون إلى أصل البيت، ولا يسألون إن كان للبيت قصيدة ينتمي إليها، فأكثر ما ينظرون في البيت المفرد، مع أنّ معنى البيت المرويّ لا يستقيم ولا يؤدي غرض الشاعر، فهي لا تطلب من صاحبها أن يحبس نظره لأن حبسه، ليس فيه إيهام يتناسب مع الشطر الثاني، وإنما تطلب منه أن ينظر إلى جهة غير الجهة التي هي فيها ليضلّل الناس ويحسبوه ينظر إلى غيرها ولا يقصدها وهي رواية البيت المشهورة: إذا جئت فامنح طرف عينيك غيرنا … لكي يحسبوا أنّ الهوى حيث تنظر

204 - ذكرتك والخطي يخطر بيننا … وقد نهلت منا المثقفة السمر

[الإنصاف/ 344، والأشموني/ 3/ 281، وشرح أبيات المغني/ 4/ 117]. 204 - ذكرتك والخطيّ يخطر بيننا … وقد نهلت منّا المثقّفة السّمر البيت لأبي عطاء السندي، مرزوق، أو أفلح بن يسار، شاعر أموي جملة: والخطيّ يخطر: حال، وجملة (وقد نهلت ..) بدل من قوله والخطيّ يخطر. [شرح المفصل/ 2/ 97، وشرح أبيات المغني/ 6/ 301]. 205 - لقد أذهلتني أمّ عمرو بكلمة … أتصبر يوم البين أم لست تصبر ... مجهول القائل، وذكره ابن هشام شاهدا على وقوع البدل جملة. [شرح أبيات المغني/ 7/ 3]. 206 - أسكران كان ابن المراغة إذ هجا … تميما بجوّ الشام أم متساكر البيت للفرزدق، يهجو جريرا، وابن المراغة: هو جرير، والمراغة: أمه، لقب أطلقه الأخطل على أم جرير. وقيل غير ذلك، وجوّ الشام: داخلها، ويروى: بجوف الشام، والخلاف واقع في «أسكران كان ابن المراغة أم متساكر» فقد ورد لفظ «سكران» بالرفع، وكذلك «ابن المراغة» فقال قوم: كان: شأنية، فيها ضمير الشأن اسمها، «وابن المراغة سكران» مبتدأ وخبر، خبر كان، ورفض هذا الإعراب ابن هشام، وقال: «كان» زائدة، لأن ضمير الشأن يعود على ما بعده لزوما، ولا يجوز للجملة المفسّرة له أن تتقدم هي، ولا شيء منها عليه، قال: والأشهر في إنشاد البيت، نصب (سكران) ورفع ابن المراغة على أنّ سكران، خبر مقدم، وابن المراغة: اسم كان. وارتفاع متساكر في آخر البيت على أنه خبر ل هو، محذوفا، ويروى: برفع سكران ونصب (ابن المراغة) وحينئذ تكون جملة كان، خبر «سكران». [سيبويه/ 1/ 23، والخصائص/ 2/ 375، والهمع/ 1/ 67، وشرح أبيات المغني/ 7/ 69، والخزانة/ 9/ 288]. 207 - نبّئت نعما على الهجران عاتبة … سقيا ورعيا لذاك العاتب الزاري للنابغة الذبياني، والشاهد: سقيا ورعيا، والتقدير: سقاه الله سقيا، ورعاه الله رعيا، ومثله: تبا لهم وسحقا، وتربا له وجندلا، أي: لقّاه الله تربا وجندلا. 208 - لعمرك ما خشيت على عديّ … سيوف بني مقيّدة الحمار

209 - يقولون في حقويك ألفان درهما … وألفان دينارا فما بك من فقر

ولكنّي خشيت على عديّ … سيوف الروم أو إيّاك حار الشعر لفاختة بنت عديّ، وعديّ: ملك غساني، وهو ابن أخت الحارث بن أبي شمر، وكان عديّ قد أغار على بني أسد، فلقيته بنو سعد بن ثعلبة وقتلته بعد حرب، قتله عمرو وعمير ابنا حذار، وأمهما تماضر يقال لها «مقيّدة الحمار» وقيل: مقيدة الحمار في هذا الشعر، الحرّة من الأرض، لأنها تعقل الحمار فكأنها قيد له. والشاهد: أو إيّاك حار: حيث لم يقدر على الضمير المتصل، فاستعمل الضمير المنفصل، وحار: أراد «حارثا». [سيبويه/ 1/ 38]. 209 - يقولون في حقويك ألفان درهما … وألفان دينارا فما بك من فقر قوله: ألفان درهما، وألفان دينارا، حقه أن يقول: ألفا درهم، وألفا دينار لأن تمييز الألف مفرد مجرور وكذلك تمييز ما ثني منه. 210 - قتلت فكان تباغيا وتظالما … إنّ التّظالم في الصديق بوار أفكان أوّل ما أثبت تهارشت … أولاد عرج عليك عند وجار البيتان لأبي مكعت الحارث بن عمرو، والمقتولة جارية لضرار بن فضالة اسمها أنيسة، واحترب الفريقان من أجلها، وبوار: على وزن «فعال» اسم للهلكة، ودار البوار، دار الهلاك، والعرج: جمع عرجاء، وهي الضبع، والعرج خلقة فيها، والعرب تجعل عرج معرفة لا ينصرف، تجعلها بمعنى الضباع بمنزلة القبيلة، ولا يقال للذكر أعرج ويقال لها «عراج» معرفة لعرجها، والوجار: جحر الضبع. والشاهد: «بوار» على وزن فعال، مبني على الكسر. 211 - هما خطّتا إمّا إسار ومنّة … وإمّا دم والقتل بالحرّ أجدر البيت للشاعر تأبط شرا من قطعة أوردها أبو تمام في الحماسة، وقد مضت قصة الأبيات في شاهد سابق (فأبت .. تصفر) والبيت شاهد على حذف نون التثنية للضرورة في قوله «خطتا» إذا روينا «إسار ومنة» بالرفع، وإذا روينا إسار ومنة بالجرّ، فإنّ النون تحذف للإضافة، (وإمّا) زائدة بين المتضايفين وهو أيضا ضرورة، ويروى البيت «لكم خصلة ...» وعندئذ، لا مشكلة [شرح أبيات المغني/ 7/ 360، والتصريح/ 2/ 58].

212 - تنظرت نصرا والسماكين أيهما … علي من الغيث استهلت مواطره

212 - تنظّرت نصرا والسّماكين أيهما … عليّ من الغيث استهلّت مواطره البيت للفرزدق يمدح نصر بن سيار أمير خراسان لمروان بن محمد آخر الأمويين. وقوله: تنظّرت: التنظر: الانتظار، وقصد به استعجال نصر بالعطاء. وأراد بالسماكين: أحدهما، وهو السماك الأعزل، وهو الذي له نوء، وأما السماك الرامح فلا نوء له. وقوله: أيهما: بسكون الياء: أيّ: الاستفهامية، مخففة والضمير في «أيهما» راجع إلى (نصر) وعلى السماكين، إجراء لهما مجرى الواحد، لأنه المراد، ولهذا وحّد الضمير في «مواطره» .. و «عليّ» متعلق ب: استهلت، والاستهلال كثرة الانصباب، والمواطر: جمع ماطرة، أراد السحب المواطر، وقد بالغ في ممدوحه بجعله معادلا للمطر في النفع العام. والشاهد: أنّ «أي» الاستفهامية قد تخفف كما في البيت، وقد قرأ الحسن «أيما الأجلين». [القصص 28] بتخفيف الياء. وقد روى بعضهم البيت «تنظرت نسرا» بالسين، وقد ردّ عبد القادر البغدادي هذه الرواية، لأن «النسر» النجم المعروف معرف (بأل) ولأن النسر، ليس له نوء ومطر، وإنما النوء يختص بمنازل القمر، وليس النسر منها. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 2/ 146]. 213 - ومن يك ذا عظم صليب رجا به … ليكسر عود الدّهر فالدهر كاسره البيت للشاعر الفارس المتيم توبة بن الحمير، صاحب ليلى الأخيلية، وهو شاهد على أنّ «اللام» زائدة في مفعول الفعل المتعدي المتأخر عن الفعل، فإنّ «رجا» فعل متعد، فكان القياس: رجا به أن يكسر عود الدهر، وهو في هذا الموضع، ضرورة، ولكن البيت يروى أيضا: ومن يك ذا عود صليب يعدّه … ليكسر ... فتكون اللام للتعليل، لا زائدة. [شرح أبيات المغني/ 4/ 305]. 214 - وقد زعمت ليلى بأنّي فاجر … لنفسي تقاها أو عليها فجورها البيت لتوبة بن الحمير صاحب ليلى الأخيلية، شاعر إسلامي، توفي سنة 76 هـ. والشاهد في البيت أن «أو» فيه للجمع المطلق كالواو، والشواهد على هذا المعنى

215 - وتالله ما إن شهلة أم واحد … بأوجد مني أن يهان صغيرها

كثيرة. [الهمع/ 2/ 134، وشرح أبيات المغني/ 2/ 23]. 215 - وتالله ما إن شهلة أمّ واحد … بأوجد منّي أن يهان صغيرها البيت لساعدة بن جؤيّة، وشهلة: امرأة كبيرة، أوجد: أشدّ وجدا مني، وصغيرها: ولدها، وبعد البيت مما يتضح به الكلام: رأته على يأس وقد شاب رأسها … وحين تصدّى للهوان عشيرها فشبّ لها مثل السّنان مبرّأ … إمام لنادي دارها وأميرها صغيرها: ولدها، وتصدى: تعرّض لهوانها زوجها، كبرت فهانت عليه، والبيت شاهد عند ابن جني على أنّ «أن» الناصبة للمضارع، تشارك «ما» في النيابة عن الزمان، والتقدير «وقت أن يهان صغيرها» وتبعه الزمخشري، وحمل عليه بعض الآيات منها. أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ. [غافر: 28]، ويرى ابن هشام أن المعنى تعليل. [شرح أبيات المغني/ 5/ 244 وشرح أشعار لهذليبين/ 1175، 1178]. 216 - إذا مات منهم ميّت شرف ابنه … ومن عضة ما ينبتنّ شكيرها البيت من أمثال العرب. والعضة: واحدة العضاة وهو كل شجر يعظم، وشكرت الشجر، تشكر شكرا، من باب فرح، أي: خرج منها الشكير وهو ما ينبت حول الشجرة من أصلها، والمعنى: إنما ينبت الشكير من العضة فهذا الفرع من ذلك الأصل: ويريدون أن الابن يشبه أباه، فمن رأى هذا، ظنّه هذا، ويروى البيت (سرق ابنه) بالبناء للمفعول بالسين المهلمة، فكأن الابن مسروق من أبيه. ويروى مبنيا للمعلوم «سرق» على تقدير: سرق ابنه صورته وشمائله. والمثال شاهد على أنه يجوز توكيد المضارع الواقع بعد «ما» الزائدة لأن «ما» هنا زائدة، والمثل يستعمل في الاثبات، ومثله «بجهد ما تبلغنّ» وقولهم: بعين ما أرينّك. [شرح أبيات المغني/ 6/ 44 واللسان، عضة. وشرح المفصل/ 7/ 103]. 217 - وإني لرام نظرة قبل التي … لعلّي - وإن شطت نواها - أزورها البيت للفرزدق من قصيدة مدح بها بلال بن أبي بردة، ولكن القصيدة التي منها البيت لاميّة، ويروى الشطر الثاني (لعلي وإن شقّت عليّ أنالها) والبيت شاهد على أنّ جملة (وإن شطت نواها) معترضة بين لعلي وخبرها. والصلة محذوفة والتقدير: التي أقول

218 - فلا تجزعن من سنة أنت سرتها … فأول راض سنة من يسيرها

لعلي .. الخ، والوجه أنّ «أزورها» خبر لعلّ سدّت مسدّ الصلة، ويقال: خبر لعلّ محذوف، وجملة أزورها: صلة، والفصل بين الصلة والموصول جائز. [الخزانة/ 5/ 464، والدرر/ 1/ 62، والهمع/ 1/ 85، والأشموني/ 1/ 163، وشرح أبيات المغني/ 6/ 191]. 218 - فلا تجزعن من سنّة أنت سرتها … فأوّل راض سنّة من يسيرها البيت من قصيدة لخالد بن زهير الهذلي، يقولها لأبي ذؤيب الهذلي، وكان خاله أو ابن عمه، فأرسله أبو ذؤيب رسولا إلى امرأة، فعشقته هذه المرأة وتركت خاله أبا ذؤيب، فعاتبه أبو ذؤيب في ذلك، فردّ عليه خالد يقول له: أنت أول من سنّ هذه السيرة، حيث كان أبو ذؤيب فعل كذلك برجل يقال له «مالك»، والبيت من شواهد المغني، ذكره لينقضه، ويبطل قول أبي علي أن التضعيف في الفعل «يسيّر» للمبالغة، لا للتعدية، لقولهم «سرت زيدا» وذكر البيت. ويرى ابن هشام أنّ البيت على إسقاط الباء توسعا، والأصل «يسير بها» وأبو علي يرى أن «سار» يتعدى بنفسه ولكن البغدادي يروي البيت: فلا تجزعن من سنّة قد أسرتها … وأول راض سنة من يسيرها بضم الفعل «يسير» في أوله، مضارع أسار. [شرح أبيات المغني/ 7/ 134]. 219 - إمّا أقمت وأمّا أنت مرتحلا … فالله يكلأ ما تأتي وما تذر .. البيت مجهول القائل. يروى البيت بكسر همزة «إما» الأولى. وهي مكونة من إن الشرطية، و «ما» الزائدة، وفتح «أمّا» الثانية، مكونة من (أن) الناصبة، و «ما» الزائدة، ويرى ابن هشام أنّ (أن) الناصبة للمضارع، تأتي بمعنى (إن) الشرطية، ومن أدلته على ذلك عطفها على (إن) المكسورة في هذا البيت، فلو كانت المفتوحة مصدرية لزم عطف المفرد على الجملة. [شرح المفصّل/ 2/ 98، والخزانة/ 4/ 19، وشرح أبيات المغني/ 1/ 178]. 220 - لو كان غيري سليمى الدهر غيّره … وقع الحوادث إلا الصارم الذّكر البيت من شعر لبيد بن ربيعة العامري، قال ابن هشام من معاني «إلا» أن تكون صفة، بمنزلة غير فيوصف بها، وبتاليها جمع منكر أو شبهه، وفي شبه الجمع ذكر هذا البيت، فقوله: إلا الصارم، صفة لغيري. قال سيبويه: كأنه قال: لو كان غيري غير الصارم

221 - وما أعيد لهم حتى أتيتهم … أزمان مروان إذ في وحشها غرر فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم … إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر

الذكر، لغيّره وقع الحوادث إذا جعلت «غير» الآخرة، صفة للأولى، والمعنى: أراد أن يخبر أن الصارم الذكر لا يغيّره شيء. [سيبويه/ 370، والأشموني/ 2/ 156، وشرح أبيات المغني/ 2/ 102]. 221 - وما أعيد لهم حتى أتيتهم … أزمان مروان إذ في وحشها غرر فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم … إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر البيتان للشاعر الفرزدق من قصيدة مدح بها عمر بن عبد العزيز لما كان واليا على المدينة، في خلافة الوليد بن عبد الملك. يقول: إنّ المدينة عاشت حياة ضيق بعد أيام مروان بن الحكم، حتى أتيت أنت، أزمان: نائب فاعل ل: أعيد، والضمير في «وحشها» يعود إلى المدينة. والغرر: بكسر الغين، جمع غرّة بكسرها أيضا، وهي الغفلة. يريد أن وحشها لا يذعرها أحد، فهي في غرّة من عيشها، يقال: هو في غرّة من العيش، إذا كان في عيش لا كدر فيه ولا خوف، قوله: فأصبحوا .. يقول: ما أعيد لأهل المدينة ولمن بها من قريش أزمان مثل أزمان مروان في الخصب والسّعة، حتى وليت أنت عليهم فعاد عليهم مثل ما كانوا فيه من الخير حين كان مروان واليا عليهم .. والبيتان شاهد تاريخي على حال أهل المدينة، وجواب عن دعوى المؤرخين في العصر الحديث الذين أشاعوا أنّ الأمويين أغرقوا المدينة بالأموال لإبعادهم عن السياسة، ولإغراقهم في الترف، فكان من ذلك - زعموا - سيادة مجتمع الغناء والخمر في العصر الأموي .. وحال النعمة التي يتحدث عنها الشاعر في زمان مروان، لم تكن بسبب الأموال المتدفقة على أهل المدينة ولكنها كانت بسبب ما ورثه الناس من أموال أيام كان العدل هو السائد في الحياة، فكان كلّ مسلم يأخذ حقّه من العطاء في عهد الخلفاء الراشدين حيث كان في المدينة جملة الصحابة الذين كانوا قد وسّع الله عليهم بالتجارة والعمل، وورث أبناؤهم أموالا كثيرة .. ثم كشّر الزمان عن نابه لهم وأخذ العيش يضيق حتى وصل إلى درك العسر، بعد ظهور طبقة المعارضة في المدينة، وبخاصة بعد ولاية العهد ليزيد بن معاوية، في أواخر خلافة معاوية، وفي أيام خلافة مروان، وابنه عبد الملك، حيث كان السلطان من 63 - 73 هـ. لابن الزبير، وكانت أيامه أيام فتنة وحرب، ولم يكن يحصل أهل المدينة من عيشهم إلا على الكفاف - انظر قصة الإمام الزهري - وعند ما عاد سلطان بني أمية إلى الحجاز، بقي الحقد السياسي يوزع على الناس الحرمان. مرة يتهمون أنهم قتلة عثمان، ومرة يوصفون أنهم أتباع ابن الزبير، وحرم الناس حقهم في بيت المال. وفي زمان ولاية عمر على

222 - حسب المحبين في الدنيا عذابهم … تالله لاعذبتهم بعدها سقر

المدينة، بدأ وجه الحياة يبتسم للناس، لأنه ولّي لتهدئة النفوس الثائرة، حيث أخواله آل الخطاب في المدينة، ولأنه شرط على الوليد ألا يسأله عن المال، كم جنيت وكم بقي .. فكان عمر يجمع الصدقات من ولايته، ويوزعها على المحتاجين إليها، ولو لم يبعث إلى بيت المال - في دمشق - درهما واحدا. وقد ذكر النحويون البيت الثاني فقط، وذكرت الأول ليفهم الكلام .. والشاهد في البيت الثاني: على أنّ (إذ) في الموضعين للتعليل. واستشهد سيبويه بالبيت أيضا على أنّ بعض الناس ينصب «مثلهم» خبرا ل (ما) الحجازية وبشر اسمها، قال: وهذا، لا يكاد يعرف .. وفي رواية النصب تأويلات أخرى لم أذكرها ويروى أيضا بالرفع على أن «ما» تميمية، غير عاملة. 222 - حسب المحبين في الدنيا عذابهم … تالله لاعذّبتهم بعدها سقر البيت لشاعر اسمه المؤمّل - اسم مفعول - بن أميل بن أسيد المحاربي، من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. قال ابن هشام في باب «لا» فإن كان ما بعدها جملة اسمية صدرها معرفة، أو نكرة ولم تعمل فيها، أو فعلا ماضيا لفظا وتقديرا وجب تكرارها، قال: ومثال عدم وجوب التكرار بعدم قصد الماضي، إلا أنه ليس دعاء قول الشاعر .. وذكره، فالفعل «عذّبتهم» مستقبل في المعنى، لأن التقدير «لا تعذبهم في الآخرة» بدليل قوله «في الدنيا». وروى صاحب الأغاني قال: رأى المؤمّل في نومه قائلا يقول له: أنت المتألي - الحالف - على الله أنه لا يعذب المحبين حيث يقول: (وذكر البيت) .. فقال: نعم، فقال: كذبت يا عدوّ الله، ثم أدخل أصبعيه في عينيه وقال له: أنت القائل؛ [من القصيدة نفسها]. شفّ المؤمّل يوم الحيرة النظر … ليت المؤمّل لم يخلق له بصر هذا ما تمنيت، فانتبه فزعا فإذا، هو قد عمي. أقول: ومع أنّ الأصبهاني يكذب في أكثر قصصه، إلا أنني لا أستبعد حصول هذا الأمر، لأن الشاعر أرخى الحبل للعابثين، لكي يستمروا في عبثهم، فجعله الله عبرة لهم. [شرح أبيات المغني/ 4/ 391، والخزانة/ 8/ 332].

223 - إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره … لكن وقائعه في الحرب تنتظر

223 - إنّ ابن ورقاء لا تخشى بوادره … لكن وقائعه في الحرب تنتظر البيت لزهير بن أبي سلمى من قصيدة مدح بها الحارث بن ورقاء. والبيت شاهد على أن (لكن) هنا، خفيفة بأصل الوضع، وهي حرف ابتداء لإفادة الاستدراك. [الهمع/ 2/ 137، والأشموني/ 3/ 110، وشرح أبيات المغني/ 5/ 202]. 224 - ومن تكرّمهم في المحل أنّهم … لا يعرف الجار فيهم أنه الجار حتى يكون عزيزا من نفوسهم … أو أن يبين جميعا وهو مختار البيتان ليزيد بن حمار السكوني من أبيات قالها يوم ذي قار، وهي في الحماسة .. وقوله: ومن تكرّمهم: يريد بني شيبان .. ولا يعرف الجار فيهم أنه الجار: لأنهم يجرونه مجرى أنفسهم حتى يقدر أنه منهم .. وقوله: حتى يكون. أي: ما دام مقيما فيهم كأنه واحد منهم، أو أن يبين جميعا، أي: يفارق مجتمعة أسبابه وهو مختار، أي: لا يخرج كرها. ونصب جميعا على الحال، أي: يبين بجميع أسبابه .. وقوله: أو أن يبين: (أن) زائدة. ونصب الفعل بالعطف لا، بأن. [الحماسة/ 301، وشرح أبيات المغني/ 8/ 98]. 225 - مثل القنافذ هدّاجون قد بلغت … نجران أو بلغت سوءاتهم هجر البيت للأخطل النصراني من قصيدة هجا بها جريرا. شبّه قوم جرير بالقنافذ لمشيهم بالليل للسرقة والفجور. والهدجان: مشي في ارتعاش، والبيت شاهد على إعطاء الفاعل حركة المفعول، والمفعول حركة الفاعل، عند أمن اللبس، كما في قولنا «خرق الثوب المسمار» فمن حقّ نجران وهجر النصب، والسوءات الرفع ولكنه خالف ذلك، ولعلّ ذلك للضرورة. [شرح أبيات المغني/ 8/ 125]. 226 - لقد بدّلت أهلا بعد أهل … فلا عجب بذاك ولا سخار فإنّك لا يضيرك بعد عام … أظبي كان أمّك أم حمار البيتان للشاعر ثروان بن فزارة بن عبد يغوث العامري. وهو صحابي وفد على النبي صلّى الله عليه وسلّم ومدحه، وقد اختلفوا في معنى البيت الثاني، فقال الأعلم في شرح شواهد سيبويه: وصف في البيت تغيّر الزمان واطراح مراعاة الأنساب، لقوله في بيت لاحق: فقد لحق الأسافل بالأعالي … وماج اللؤم واختلط النّجار

227 - إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن … عارا عليك ورب قتل عار

فيقول: لا تبالي بعد قيامك بنفسك واستغنائك عن أبويك، من انتسبت إليه من شريف أو وضيع، وضرب المثل بالظبي والحمار، وجعلهما أمّين، وهما ذكران، لأنه مثل لا حقيقة، أو لأن الأمّ معناه الأصل. وذكر الحول لذكر الظبي والحمار لأنّهما يستغنيان بأنفسهما بعد الحول، فضرب المثل بذكره للإنسان لما أراد من استغنائه بنفسه. أقول: وإذا صح أن الشاعر يريد هذا المعنى، فإن الأبيات تكون مكذوبة على صاحبها لأن ما وصفه من تقلب الزمان على الهيئة التي قالها إنما هو من الأحوال المتأخرة التي كانت في الحواضر. وفي البيتين رائحة الشعوبية. والشاهد في البيت الثاني: وقد ذكره ابن هشام ليردّ أوهام النحويين فيه، فقد قالوا: ظبيّ: اسم «كان» بعده، والصواب عنده: أنه اسم لكان محذوفة مفسّرة بكان المذكورة، أو مبتدأ، والأول أولى لأنّ همزة الاستفهام بالجمل الفعلية أولى منها بالاسمية، وعليهما فاسم كان - الثانية - ضمير راجع إليه، وأمّك: بالنصب: خبر كان، وقول سيبويه «أنه أخبر عن النكرة بالمعرفة واضح على الأول» لأن ظبيا المذكور اسم كان. وخبره أمّك. وأما على الثاني: فخبر (ظبي) إنما هو الجملة، والجمل نكرات. ولكن يكون محلّ الاستشهاد قوله: (كان أمّك) على أنّ ضمير النكرة عنده نكرة، لا على أنّ الاسم مقدم. [شرح أبيات المغني/ 7/ 241]. 227 - إن يقتلوك فإنّ قتلك لم يكن … عارا عليك وربّ قتل عار البيت للشاعر ثابت بن كعب، وهو ثابت قطنة، شاعر فارس شجاع من شعراء الدولة الأموية، ولقّب قطنة، لأن عينه ذهبت في المعارك فحشاها قطنة. والبيت من قصيدة يرثي بها يزيد بن المهلب بن أبي صفرة، وكان - يزيد - قد خلع يزيد بن عبد الملك، ورام الخلافة لنفسه في البصرة. والكوفيون يستشهدون بالبيت على اسمية «ربّ» وأن «عار» خبر عنها، وردّ هذا ابن هشام، وقال: عار: خبر لمحذوف، والجملة صفة للمجرور أو خبر للمجرور، إذ هو في موضع مبتدأ. [شرح أبيات المغني/ 1/ 126]. 228 - لهفي عليك للهفة من خائف … يبغي جوارك حين ليس مجير البيت لشمردل بن شريك الليثي في الرثاء، والمعنى: أتلهف عليك من أجل لهفة

229 - قلت لبواب لديه دارها … تئذن فإني حمؤها وجارها

الخائف الذي يبغي جوارك حين ليس له مجير، ولكنه لا يجدك، والبيت شاهد على حذف خبر ليس، والتقدير: ليس له مجير. [شرح أبيات المغني/ 7/ 316]. 229 - قلت لبوّاب لديه دارها … تئذن فإني حمؤها وجارها هذا رجز لمنظور بن مرثد الأسدي ... وهو شاهد على حذف اللام الجازمة، وكسر حرف المضارعة في قوله «تئذن». [شرح أبيات المغني/ 4/ 340]. 230 - أرواح مودّع أم بكور … أنت فانظر لأيّ ذاك تصير البيت لعدي بن زيد العبادي، الجاهلي، وهو مطلع قصيدة. والبيت شاهد على زيادة الفاء على الخبر إذا كان أمرا. أنت: مبتدأ، وجملة: انظر خبره، والفاء: زائدة، ولسيبويه رأي غير ما ذكرت. [شرح أبيات المغني/ 4/ 39]. 231 - هوّن عليك فإنّ الأمور … بكفّ الإله مقاديرها البيت للشاعر الأعور الشنّي بشر بن منقذ، عاصر الإمام عليا رضي الله عنه، والبيت شاهد على أنّ مجرور «على» وفاعل متعلقها الذي هو «هوّن» ضميرا مخاطب واحد. [شرح أبيات المغني/ 3/ 269 والهمع/ 2/ 29 /، والجنى الداني/ 471]. 232 - لعمرك ما أدري وإن كنت داريا … شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر البيت لأبي الجراح الأسود بن يعفر، شاعر جاهلي كان ينادم النعمان بن المنذر .. وفي البيت شاهد على أن الهمزة المقدرة مع «أم» لطلب التعيين وليست الهمزة فيه للتسوية، وإن تقدم عليها «ما أدري» وأنّ المعنى: ما أدري أيّ النسبين هو الصحيح. [شرح أبيات المغني/ 1/ 208 وسيبويه/ 1/ 485. والصبّان/ 3/ 101]. 233 - فقال فريق القوم لما نشدتهم … نعم وفريق ليمن الله ما ندري القائل: نصيب بن رباح الأكبر، شاعر أموي. وفيه رواية أخرى: فقال فريق: لا وقال فريقهم … نعم، وفريق قال: ويحك ما ندري وهذه الرواية مشهورة عند أهل البلاغة، فقال ابن رشيق في العمدة ومن التقسيم الجيد قول نصيب، لم يبق جواب سائل إلا أتى به، فاستوفى جميع الأقسام، أما الرواية

234 - إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته … فقام بفأس بين وصليك جازر

الأولى: فهي شاهد على أن قوله «ليمن الله» يردّ على الكوفيين في زعمهم أنّ ألف «أيمن» ألف قطع، وسقوط الألف في هذه الرواية دليل على أنها ألف وصل فتسقط لاتصالها بما قبلها. [شرح أبيات المغني/ 2/ 268 وسيبويه/ 2/ 147]. 234 - إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته … فقام بفأس بين وصليك جازر البيت للشاعر ذي الرّمة من قصيدة مدح بها بلال بن أبي موسى الأشعري، والممدوح أمير البصرة وقاضيها في العصر الأموي توفي سنة 120 هـ، وقوله: فقام: جواب إذا، ودخلت الفاء على الفعل الماضي لأنه دعاء، كما تقول: إن أعطيتني فجزاك الله خيرا، ولو كان خبرا لم تدخل عليه الفاء. وجازر: من جزرت الناقة إذا نحرتها. والشاهد: أنه روي برفع «ابن» فيقدر له فعل رافع له على النيابة عن الفاعل تقديره «بلغ» وقوله: «بلالا» بالنصب .. يروى بالرفع وهو الأثبت لأنه بدل من «ابن» أو بيان له، ويقدرون لرواية النصب فعلا محذوفا تقديره «بلغت بلالا بلغته، وهو تكلّف». [سيبويه/ 1/ 42، وشرح المفصل/ 2/ 30، والخزانة/ 3/ 32]. 235 - فلو كنت ضبيّا عرفت قرابتي … ولكنّ زنجي عظيم المشافر البيت للفرزدق من قصيدة في هجو رجل من ضبّة، نفاه عن ضبّة ونسبه إلى الزّنج، واسم المهجوّ: أيوب بن عيسى الضبيّ. ولكن قافية القصيدة التي منها البيت: «ولكنّ زنجي غليظ مشافره»، والرواية السابقة مشهورة عند النحويين وهم لا يرجعون إلى القصيدة التي منها الشاهد. والشاهد: أن اسم لكنّ محذوف، تقديره «ولكنك». [الخزانة/ 10/ 444]. 236 - إن العقل في أموالنا لا نضق به … ذراعا وإن صبرا فنصبر للصبر القائل: هدبة بن خشرم، من قصيدة يقولها لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه. والعقل: الدية، سميت عقلا باسم المصدر لأن الإبل كانت تعقل بفناء ولي القتيل، والمال عند العرب: الإبل. والصبر: القتل موثقا، وضاق بالأمر ذرعا وذراعا: عجز عن احتماله. والشاهد: أنّ فعل الشرط محذوف تقديره: إن يكن العقل، وإن نحبس حبسا،

237 - أليس أميري في الأمور بأنتما … بما لستما أهل الخيانة والغدر

والمحذوف من الثاني، جملة الشرط من الفعل والفاعل، ويكون الصبر بمعنى: الحبس، ويروى الشطر الثاني: برفع «صبر» على تقدير: إن وقع صبر. [سيبويه/ 1/ 131، وشرح أبيات المغني/ 5/ 234]. 237 - أليس أميري في الأمور بأنتما … بما لستما أهل الخيانة والغدر .. لم أعرف قائله، وهو شاهد على أنّ وصل «ما» المصدرية بالفعل الجامد نادر، ويرى قوم أنّ «ما» قبل ليس هنا، نكرة موصوفة، أو موصولة اسمية. [العيني/ 4/ 475، والأشموني/ 4/ 15]. 238 - فما بال من أسعى لأجبر عظمه … حفاظا وينوي من سفاهته كسري ينسب هذا البيت إلى عدد من الشعراء، منهم: وعلة بن الحارث الجرمي الجاهلي، ومنهم: ابن الذئبة ربيعة بن عبد يا ليل، وهو شاعر فارسي جاهلي، ما بال: ما: مبتدأ، بال: خبر، وقيل: العكس، حفاظا: مفعول لأجله. والشاهد: أنّ الواو في قوله «وينوي» زائدة، لأن جملة ينوي حال من «من» والجملة المضارعة المثبتة أو المنفية ب «لا» إذا وقعت حالا استغنت بالضمير عن الواو، وقيل: إنّ الواو للحال، والتقدير «وهو ينوي». [شرح أبيات المغني/ 6/ 119]. 239 - وما راعني إلا يسير بشرطة … وعهدي به قينا يسير بكير البيت لرجل من بني أسد يقال له: معاوية بن خليل النصري، يهجو رجلا يلقب فرّوجا، واسمه إبراهيم بن حوران. وقوله: راعني: قد يكون بمعنى: أفزعني، أو من راعني بجماله، أي: أعجبني ويكون هذا على التهكم، والشرطة: على وزن غرفة، وصاحب الشرطة: الحاكم، والشّرطة: الجند، والجمع: شرط، كرطب، وهم أعوان السلطان لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها، الواحد شرطة، مثل غرف وغرفة، وإذا نسبت إلى هذا قلت: شرطي بالسكون، ردا إلى واحده، والقين: الحداد، وهو في الأصل كلّ صانع، وقوله: يسير: يروى: يفشّ، والفش: إطلاق الريح المحبوسة ونحوها، والكير: بكسر الكاف، المنفخ، وأما كانونه الذي يوقد فيه الفحم فهو: الكور بضم الكاف.

240 - بعيشك- يا سلمى- ارحمي ذا صبابة … أبى غير ما يرضيك في السر والجهر

والبيت شاهد على أنّ جملة «يسير» فاعل راعني، وخرّج على أن الأصل «إلا أن يسير» فإن والفعل في تأويل مصدر مرفوع، فاعل راعني، ولما حذفت (أن) ارتفع الفعل، وبعد ذهاب أثرها وهو النصب، لوحظت مع الفعل فصار مصدرا فاعلا لراعني، بملاحظتها، وهذا خاص بضرورة الشعر، وقد يقدر الفاعل مستترا، والجملة تكون حالا، والتخريج الأول له شواهد مسموعة، كقولهم «تسمع بالمعيدي خير من أن تراه»، ورواية «ألا أيّهذا الزاجري أحضر الوعي» بنصب أحضر. [شرح المغني/ 6/ 304]. 240 - بعيشك - يا سلمى - ارحمي ذا صبابة … أبى غير ما يرضيك في السرّ والجهر البيت مجهول القائل، وهو شاهد على أنّ جملة «ارحمي ذا صبابة» جواب للقسم الاستعطافي، وجملة النداء معترضة بين القسم وجوابه، وأبى هنا بمعنى كره. [الهمع/ 2/ 41، وشرح أبيات المغني/ 7/ 225]. 241 - يا ليتما أمّنا شالت نعامتها … أيما إلى جنّة أيما إلى نار البيت لرجل اسمه سعد بن قرط، ويلقّب النّحيف - من أهل البصرة - كان شريرا، وعاقا لأمه، فقال - لعنه الله - يهجوها، وقوله: يا ليتما: يا: حرف تنبيه، وأمنا: اسم ليت، وجملة: شالت: خبرها، ومعنى شالت: ارتفعت، والنعامة: الشخص، وشخص كل شيء، نعامته: وهذا كناية عن الموت، ويقال: شالت نعامتهم، بمعنى: ذهب عزّهم واختلفت كلمتهم، والنعامة في اللغة: باطن القدم. [شرح المفصل/ 6/ 75، والهمع/ 2/ 135، والأشموني/ 3/ 109، وشرح أبيات المغني/ 2/ 3]. ومن مات، فقد شالت رجله، أي: ارتفعت وظهرت نعامته، وقوله: أيما بفتح الهمزة، بعدها ياء لغة في «أمّا»، وكأن (أمّا) المفتوحة لغة في (إما) المكسورة. والشاهد في البيت: على أن (أما) الثانية قد تكون بغير واو العطف. 242 - ألا طعان ألا فرسان عادية … إلّا تجشّؤكم حول التّنانير البيت لحسان بن ثابت رضي الله عنه من قصيدة يهجو فيها بني الحارث بن كعب وهم بنو عبد المدان بن الديان، ومنها قوله المشهور:

243 - صلى على عزة الرحمن وابنتها … ليلى وصلى على جاراتها الأخر هن الحرائر لا ربات أحمرة … سود المحاجر لا يقرأن بالسور

لا عيب بالقوم من طول ومن عظم … جسم البغال وأحلام العصافير كأنهم قصب جوف مكاسره … مثقّب فيه أرواح الأعاصير وقوله: تجشؤكم: التجشؤ: خروج صوت من الفم ينشأ عن امتلاء المعدة، مصدر تجشّأ، والتنانير: هنا: جمع تنّور، وهو وعاء يطبخ فيه الطعام، وفي غير هذا الموضع: وجه الأرض، وقد فسّر به قوله تعالى: وَفارَ التَّنُّورُ [هود: 40]، جعلهم أهل أكل وشرب، لا أهل غارة وحرب، ونصب: تجشؤكم على الاستثناء المنقطع، ويجوز رفعه على البدل من موضع «ألا طعان». والشاهد: على أنّ «ألا» في البيت للتوبيخ، والإنكار، وهي مركبة من الهمزة للاستفهام، و «لا» النافية للجنس مع بقاء عملها، ويروى: ألا طعان ولا فرسان بواو العطف، ولا فرسان: معطوف على «ألا طعان»، وخبر «ألا» محذوف وتقديره «ألا طعان لكم»، ولا فرسان فيكم، وعادية: نعت للفرسان على اللفظ، ومن روى بالرفع، كانت نعتا على الموضع، وأجاز بعضهم في النصب أن تكون حالا، وفي الرفع أن تكون خبرا. [سيبويه/ 1/ 358، وشرح أبيات المغني/ 2/ 80، والهمع/ 1/ 147، والأشموني/ 1/ 240، والخزانة/ 4/ 69]. 243 - صلّى على عزّة الرحمن وابنتها … ليلى وصلّى على جاراتها الأخر هنّ الحرائر لا ربّات أحمرة … سود المحاجر لا يقرأن بالسّور هذان البيتان ينسبان لشاعرين، الأول: الراعي النميري، عبيد بن حصين، والثاني: القتال الكلابي عبد الله بن مجيب - شاعر إسلامي - والبيتان في التشوق إلى الأحباب، وقوله: هنّ الحرائر: جمع حرّة: ضد الأمة، والأحمرة: جمع حمار، وخصّ الحمير، لأنها رذال المال وشرّه، يقال: شرّ المال ما لا يزكّى ولا يذكّى، أي ما لا زكاة فيه، ولا يذبح .. ولكن الحمير قد تكون تجارة، وقد كانت في زمن ما، تجارة، لأنها من أدوات الركوب والنقل، وذكرها القرآن أنها من أدوات الركوب، فكيف إذن لا تزكى إذا أصبحت من عروض التجارة؟ وقوله: سود المحاجر، صفة ربّات، لأن إضافة ما بمعنى اسم الفاعل المستمر تخفيفيّة لا تفيد تعريفا، والمحاجر: جمع محجر، على وزن مجلس ومنبر، وهو ما بدا من النقاب، وأراد بهذا الوصف الإماء السود، وسواد محاجرهن من سواد الوجه، وخصّ المحاجر دون الوجه والبدن كله، لأنه أول ما يرى، لا يقرأن: صفة

244 - كم قد ذكرتك لو أجدى تذكركم … يا أشبه الناس كل الناس بالقمر

ثانية، يقول: هنّ خيرات كريمات يتلون القرآن ولسن بإماء سود ذوات حمر يسقينها، والبيت شاهد على أنّ الباء زائدة في المفعول به «بالسّور» وقيل: الباء للإلصاق. [الخزانة/ 9/ 107، وشرح أبيات المغني/ 2/ 368]. 244 - كم قد ذكرتك لو أجدى تذكّركم … يا أشبه النّاس كلّ الناس بالقمر البيت لعمر بن أبي ربيعة، وقد استدل به ابن مالك في توكيد المعرفة، بأنّ «كلّ» قد تضاف إلى الظاهر خلفا عن الضمير، فهو يريد القول: يا أشبه الناس كلّ الناس بالقمر، أي: أنه لا يشبه القمر أحد من الناس إلا أنت، ومراده انحصار الشبه بالقمر فيها، ويرى أبو حيّان: أنّ «كل الناس» نعت لا توكيد هو نعت يبيّن كمال المنعوت، والمعنى الأول أقوى وأقرب إلى مراد الشاعر. [شرح أبيات المغني/ 4/ 184، والعيني/ 4/ 88، والهمع/ 2/ 123، والدرر/ 2/ 155، والأشموني/ 3/ 75، وديوان كثيّر]. 245 - لا أعرفن ربربا حورا مدامعها … كأنّ أبكارها نعاج دوّار البيت للنابغة الذبياني، والشاهد في البيت «لا أعرفن» أكده بالنون الخفيفة «ولا» هنا لنهي المتكلم نفسه، فهو يقول: لا تقيموا بهذا المكان فأعرف نساءكم مسبيّات، يقول هذا لبني فزارة بن ذبيان، يخوّفهم من النعمان بن الحارث الغساني وكانوا قد نزلوا مرعى له محميا لا يقربه أحد، والربرب: قطيع بقر الوحش، كنى به عن النساء، والأبكار: صغارها، والنعاج: جمع نعجة، وهي البقرة الوحشية ويقال للشاة أيضا: نعجة، ودوّار: ما استدار من الرمل، ودوّار أيضا: صنم في الجاهلية. [سيبويه/ 2/ 150، وشرح أبيات المغني/ 5/ 3]. 246 - قوم إذا حاربوا شدّوا مآزرهم … دون النساء ولو باتت بأطهار البيت للأخطل من قصيدة يمدح يزيد بن معاوية، وقوله: شدوا مآزرهم: كناية عن ترك الجماع، لأنّ المئزر، وهو الإزار إنما يحلّ عند إرادة الجماع، وقوله: ولو باتت بأطهار: معناه أنه يجتنبها في طهرها، وهو الوقت الذي يستقيم له غشيانها فيه. والشاهد: على أنّ «باتت» متعين فيه معنى الاستقبال و «لو» فيه بمعنى «إن» للشرط في المستقبل، لأن «لو» الوصلية يكون شرطها مستقبلا، أقول: ولكن الأخطل يذكر من صفات النساء ما لا يؤمن به، وهل يمتنع النصارى عن الجماع في المحيض؟

247 - لولا فوارس من نعم وأسرتهم … يوم الصليفاء لم يوفون بالجار

[الأشموني/ 4/ 39، وشرح أبيات المغني/ 5/ 45]. 247 - لولا فوارس من نعم وأسرتهم … يوم الصّليفاء لم يوفون بالجار البيت لم يسمّ قائله، ويروى فوارس من «جرم» أو «ذهل» وهي اسم قبيلة. وأسرتهم: روى بالرفع عطفا على فوارس، وبالجرّ عطفا على «نعم» أو «جرم» وأسرة الرجل: رهطه، والصليفاء: مصغر الصلفاء: الأرض الصلبة، ويوم الصليفاء: من أيام العرب، وهو يوم لهوازن على فزارة وعبس وأشجع، وقوله: بالجار: أي: بذمّة الجار. والبيت شاهد على أن «لم» غير عاملة، وهي ضرورة شعرية. [شرح المفصل/ 7/ 8، والهمع/ 2/ 56، والأشموني/ 4/ 6، وشرح أبيات المغني/ 5/ 131]. 248 - إنّي وإيّاك إذ حلّت بأرحلنا … كمن بواديه بعد المحل ممطور البيت من قصيدة للفرزدق مدح بها يزيد بن عبد الملك، وهجا يزيد بن المهلّب، أراد: إني إذا حططت رحالي إليك، كرجل كان واديه ممحلا، فمطر، والباء من قوله: بواديه: متعلقة ب: ممطور. والبيت شاهد على أنّ «من» نكرة، موصوفة ب: ممطور، أي: كشخص ممطور. [شرح المغني/ 5/ 532، وسيبويه/ 1/ 269]. 249 - يا لعنة الله والأقوام كلّهم … والصالحين على سمعان من جار ... لم أعرف قائل البيت، وهو من شواهد «المغني» و «يا» في البيت: إما للتنبيه فقط، وإما للنداء، والمنادى محذوف تقديره: يا قوم، والمعنى: يا قوم لعنة الله على سمعان، وسمعان: بكسر السين، لعنة: مبتدأ، على سمعان خبره، ومن جار: تمييز، كأنه قال: على سمعان جارا. وقوله: لعنة: بالرفع على رواية من رفع ولكن قد تنصب، بنداء اللعنة، والجار والمجرور: على سمعان: متعلقان بمحذوف حال. [سيبويه/ 1/ 320، والإنصاف/ 118]. 250 - إنّ امرأ خصّني عمدا مودّته … على التنائي لعندي غير مكفور

251 - يا ما أمليح غزلانا شدن لنا … من هؤليائكن الضال والسمر

البيت من شعر أبي زبيد الطائي مدح به الوليد بن عقبة، ووصف نعمة أنعمها عليه مع بعده ونأيه عنه، والمكفور: من كفر النعمة وجحودها وقوله: خصني مودته: أراد «بمودته»، فحذف الباء، وأوصل الفعل فنصب. والشاهد: في البيت إلغاء الظرف (عندي) مع دخول لام التأكيد عليه، والتقدير: «لغير مكفور عندي» فغير: خبر إنّ، وتعلق الظرف (عندي) ب «مكفور». [سيبويه/ 1/ 281، والإنصاف/ 404، وشرح المفصل/ 8/ 65، والهمع/ 1/ 139، والأشموني/ 2/ 280]. 251 - يا ما أمليح غزلانا شدنّ لنا … من هؤليّائكنّ الضّال والسّمر ... البيت من جملة أبيات، بل من مجموعات متعددة من الأبيات. يذكر منها هذا البيت، وينسب إلى العرجي، وإلى بدوي اسمه كامل الثقفي، وإلى غيرهما. [انظر شرح أبيات المغني] والأبيات التي يذكر البيت معها من أجمل وأرقّ ما قرأت من الشعر في الغزل، ومنها: حوراء لو نظرت يوما إلى حجر … لأثّرت سقما في ذلك الحجر يزداد توريد خدّيها إذا لحظت … كما يزيد نبات الأرض بالمطر فالورد وجنتها والخمر ريقتها … وضوء بهجتها أضوا من القمر يا من رأى الخمر في غير الكروم ومن … هذا رأى نبت ورد في سوى الشجر كادت ترفّ عليها الطير من طرب … لما تغنّت بتغريد على وتر بالله يا ظبيات القاع قلن لنا … ليلاي منكنّ أم ليلى من البشر ولكن البيت الشاهد أفسد جمال الأبيات، بكلمة (هؤليائكن) التي تعوق انسياب الرقّة والعذوبة، والرونق، لما فيها من النشاز ... ومع ذلك لا يخلو البيت الشاهد من الفوائد. فقوله: يا: حرف نداء، والمنادى محذوف، أي: يا صاحبي، و «ما» للتعجب، مبتدأ، وقوله «أميلح» تصغير «أملح» وهو فعل ماض والفعل لا يصغّر، ولكنه صغّره تشبيها له بأفعل التفضيل، قال سيبويه في تعليله: إنه أراد تصغير الموصوف بالملاحة كأنك قلت «مليّح» لكنهم عدلوا عن ذلك وهم يعنون الأول، ومن عادتهم أن يلفظوا بالشيء وهم يريدون شيئا آخر. والغزال: ولد الظبية، وهو يمرّ بمراحل من حين ولادته:

252 - ولا تهيبني الموماة أركبها … إذا تجاوبت الأصداء بالسحر

فهو طلي ثم غزال، ثم شادن ثم شصر [عمره شهر] ثم جداية [للمذكر والمؤنث] ثم الرّشأ [وهو الفتيّ] ثم ظبي والأنثى ظبية. وقوله: شدنّ: ماضي: شدن الغزال، أي: قوي وطلع قرناه، واستغنى عن أمّه، والنون الثانية في شدنّ ضمير الغزلان. فاعل شدن والجملة صفة لغزلان، وقوله: لنا، ومن هؤلاء متعلقان ب: شدنّ، وقوله: من هؤليائكن: بتشديد الياء، مصغّر هؤلاء شذوذا، وأصله: أولاء: بالمدّ والقصر و «ها» للتنبيه، وأولاء: اسم إشارة، يشار به إلى الجمع بنوعيه والكاف حرف خطاب، والنون حرف لجمع الإناث، والضّال: صفة اسم الإشارة أو عطف بيان لها، وهو السدر البري، واحده ضاله، والسّمر: بفتح السين وضم الميم، شجر شائك عظيم، واحده سمرة. [الإنصاف/ 127، وشرح المفصل/ 1/ 61، والهمع/ 1/ 76، والأشموني/ 3/ 18]. 252 - ولا تهيّبني الموماة أركبها … إذا تجاوبت الأصداء بالسّحر الببيت لتميم بن مقبل، بل تميم بن أبيّ بن مقبل، شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام وعاش مائة وعشرين سنة، والبيت من قصيدة طويلة في ديوانه، وكان السبب في نظم هذه القصيدة أنه خرج في بعض أسفاره فمرّ بمنزل (عصر العقيلي) وقد جهده العطش فاستسقى، فخرجت إليه ابنتاه بعسّ [وعاء] فيه لبن، فرأتاه أعور كبيرا، فأبدتا له بعض الجفوة، وذكرتا عوره وكبره، فرجع ولم يشرب، فبلغ أباهما الخبر، فتبعه ليردّه، فلم يرجع، فقال: ارجع ولك أعجبهما إليك، فرجع وقال هذه القصيدة، يفخر وينصح، ومما يستجاد منها: لوما الحياء ولوما الدين عبتكما … ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري وقوله: تهيبني، أي: تتهيبني، بتاءين فحذف إحداهما، والموماة: بضم الميم، المفازة، أو الصحراء الخالية، يقول: أسافر في المفازة وحدي وأركب الطريق منفردا، ولا أهابها خشية عدوّ أو سبع، ولا سيما بالليل ووقت الأسحار وعند تجاوب الأطيار، فإن المسافر إذا كان وحده، يهاب الطريق، وقوله: الأصداء: مفرده صدى، وهو طائر يصيح في الليل، وقالوا: هو ذكر البوم. والشاهد في البيت: قلب الإسناد، فقال: تتهيبني الموماة وأصله: يهاب الرجل

253 - فلو نبش المقابر عن كليب … فيخبر بالذنائب أي زير بيوم الشعثمين لقر عينا … وكيف لقاء من تحت القبور

الموماة، فالموماة مهوبة ولكنه قلب وهو كثير في كلام العرب، كقولهم: عرضت الناقة على الماء، ويريدون: عرضت الماء عليها. [شرح أبيات المغني/ 8/ 115، والحيوان/ 7/ 59]. 253 - فلو نبش المقابر عن كليب … فيخبر بالذّنائب أيّ زير بيوم الشّعثمين لقرّ عينا … وكيف لقاء من تحت القبور البيتان من قصيدة لمهلهل رثى بها أخاه كليبا، وقوله: بالذنائب: اسم مكان، وقوله: أيّ زير: يشير إلى قول كليب: إنّ مهلهلا زير نساء لا يدرك بثأر، وزير النساء: إذا كان صاحب نساء، وقد كان المهلهل كذلك، قبل أن يقتل أخوه، وقوله: بيوم الشّعثمين، أي: يوم قتل الشعثمين، وهما شعثم، وشعيث، أبناء معاوية بن عامر وثنّاهما على سبيل التغليب. وقوله: أيّ زير: أيّ: بالرفع، دالّة على الكمال، مبتدأ والخبر محذوف فكأنه قال: أيّ زير أنا في هذا اليوم، أو تعرب «أيّ» خبر لمبتدأ محذوف. والبيت شاهد على أنّ «لو» فيه للتمنّي، أجيبت بجوابين، أحدهما منصوب بأن مضمرة بعد الفاء، والآخر مقرون باللام. [شرح أبيات المغني/ 5/ 67]. 254 - وليس لعيشنا هذا مهاه … وليست دارنا هاتا بدار البيت لعمران بن حطان السدوسي، الخارجي، وقوله: مهاه: معناها الصفاء والترفّه، وهو بالهاء غير المنقوطة، وزن «فعال». والشاهد فيه «بدار» على أن الصفة محذوفة، أي: بدار طائلة: هكذا قال ابن هشام، وقال البغدادي: المحذوف هو المضاف إليه والمعنى: ليست بدار إقامة وقرار، وفيه أيضا «هاتا» ومعناه «هذه» وإذا صغّرته قلت: هاتيا، على لفظ «هاتا» لئلا يلتبس بالمذكّر. [سيبويه/ 2/ 139، وشرح المفصل/ 3/ 136، وشرح أبيات المغني/ 7/ 315]. 255 - ما زال مذ عقدت يداه إزاره … فنما فأدرك خمسة الأشبار البيت من قصيدة للفرزدق يمدح بها يزيد بن المهلب، والي خراسان في عهد بني

256 - يا عاذلاتي لا تردن ملامتي … إن العواذل لسن لي بأمير

أمية، وهو أحد شجعان العرب وكرمائهم، وقوله: خمسة الأشبار: يعني أيفع، وتخيّلوا فيه خيرا أو شرا. والشاهد: أن «مذ» اسم وليها الجملة الفعلية، وفي قوله: خمسة الأشبار: شاهد على أن العدد المفرد، يعرف منه المضاف إليه، فتقول: قرأت خمسة الكتب. [شرح المفصل/ 2/ 121، 6/ 33، وشرح أبيات المغني/ 6/ 28، وشرح التصريح/ 2/ 21، والهمع/ 1/ 216، والأشموني/ 1/ 187، 2/ 228]. 256 - يا عاذلاتي لا تردن ملامتي … إنّ العواذل لسن لي بأمير لم أعرف قائل البيت، والشاهد فيه أنّ قوله «لا تردن ملامتي» أبلغ من قولك «لا تلمنني» فقد اكتفى بإرادة اللوم منه، وهو تال لها ومسبب عنها، وفيه شاهد على أنّ «فعيلا» قد يكون للجمع، يقال: في الدار نساء كثير، وقال في البيت: لسن لي بأمير: يريد أمراء، ومنه قوله تعالى: وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ. [التحريم/ 4]، لم يجمع «ظهير» لأن فعيلا قد يستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع، وكذلك وزن «فعول» كقوله تعالى: إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ. [الشعراء/ 16]. [شرح أبيات المغني/ 4/ 283، والخصائص/ 3/ 174]. 257 - قدر أحلّك ذا المجاز وقد أرى … وأبيّ مالك ذو المجاز بدار البيت للشاعر مؤرّج السلمي، من شعراء الدولة الأموية، وذو المجاز: موضع بسوق عرفة، على فرسخ من عرفة، كانت تقوم فيه بالجاهلية سوق ثمانية أيام، وقوله وأبيّ: الواو للقسم، وجملة: مالك ذو المجاز، جواب القسم، وأبيّ: بتشديد الياء مفرد ردّت لامه في الإضافة إلى الياء فيكون أصله «أبوي» قلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، وأبدلت ضمة الباء كسرة، لئلا تعود الواو، وهو كلام المبرد. والشاهد: أنّ «قدر» نكرة مبتدأ، ومسوّغه مقدّر، تقديره: «لا يغالب». [شرح أبيات مغني اللبيب/ 7/ 30، وشرح المفصل/ 3/ 36]. 258 - وقتيل مرّة أثأرنّ فإنّه … فرغ وإنّ أخاهم لم يثأر البيت لعامر بن الطفيل، جاهلي أدرك الإسلام، فلم يسلم. هكذا، روى ابن هشام

259 - قد سقيت آبالهم بالنار … والنار قد تشفي من الأوار

البيت بقافية الراء، ولكنه من قصيدة دالية في المفضليات وفيها «وإنّ أخاهم لم يقصد» والشاعر يذكر هزيمة قومه أمام غطفان. وقوله: وقتيل مرّة: يريد به حنظلة بن الطفيل أخاه، ومرة: اسم قبيلة، والفرغ: بكسر الفاء وسكون الراء وآخره غين معجمة: الهدر: يقال: ذهب دم فلان فرغا، أي: باطلا: لم يطلب به، ويروى «فرع» بالعين المهملة، أي: رأس عال في الشرف، ومعنى يقصد: يقتل، ويريد بقوله وأنّ أخاهم، أي: كبير الأعداء. وقوله: «وقتيل» يروى بالجرّ، والنصب والرفع، أما الجرّ: فعلى أنّ الواو للقسم، وعليه استشهاد النحويين بهذا البيت، وجملة أثأرنّ جواب القسم، وقد حذفت لام الجواب للضرورة، والتقدير «لأثأرنّ»، وأما النصب: فعلى أنّ الواو عاطفة على محل اسم مجرور في بيت سابق، بالباء الزائدة في قوله «لأثأرنّ بمالك» وأما الرفع، فعلى الابتداء، وخبره محذوف تقديره «قسمي» وجملة أثأرنّ جوابه. [شرح أبيات المغني/ 8/ 3 والمفضليات/ 107]. 259 - قد سقيت آبالهم بالنار … والنار قد تشفي من الأوار هذا بيت من الرجز لم يذكروا قائله، والآبال: الإبل، والأوار: حرارة العطش. والشاهد: أنّ الباء في قوله: بالنار: للسببية، والمراد بالنار «الوسم» وهو الكي، يقول: إن أصحاب هذه الإبل كانوا سادة في العرب وكان لإبلهم وسم معروف فإذا وردت الماء عرف الناس ذلك الوسم فأفرجوا لها حتى تشرب إكراما لأربابها، فكان الوسم سببا لتمكينها من الماء. [شرح أبيات المغني/ 2/ 300]. 260 - إذا تقول «لا» ابنة العجير … تصدق، لا، إذا تقول جير هذا رجز غير معروف القائل، وهو شاهد على أن الشاعر قابل «لا» النافية في الجواب ب «جير» يعني أنها تصدق إذا قالت «لا»، وتكذب إذا قالت «جير» وابنه العجير: فاعل تقول، و «لا» مقول القول في الأول، و «جير» مقول القول الثاني، وإذا في الموضعين ظرفية، والعامل تصدق. [شرح أبيات المغني/ 71، والهمع/ 2/ 44]. 261 - أنا أبو النّجم وشعري شعري … لله درّي ما أجنّ صدري

262 - باعد أم العمرو من أسيرها … حراس أبواب على قصورها

الرجز كما يبدو لأبي النجم، وقوله: ما أجنّ، صيغة تعجب من الجنون، وهو شاذ لا يقاس عليه. والشاهد: أنّ معناه: وشعري الآن هو شعري المشهور المعروف بنفسه، لا شيء آخر، فعدم مغايرة الخبر للمبتدأ إنما هو في اللفظ، وأما في المعنى فهو مغايره بقيد الشهرة، وعليه فسّر الزمخشري: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. [الواقعة/ 10]، [شرح أبيات المغني/ 5/ 340، والخصائص/ 3/ 337، والمرزوقي/ 161، والهمع/ 1/ 60]. 262 - باعد أمّ العمرو من أسيرها … حراس أبواب على قصورها هذا رجز لأبي النجم العجلي، واسمه الفضل بن قدامة، وهو أحد رجّاز الإسلام المتقدمين، والشاهد أنّ (ال) دخلت على «عمرو» لضرورة الشعر، وأراد بأسيرها، نفسه لأن حبّها أسره. [شرح المفصل/ 1/ 44، والهمع/ 1/ 80، والإنصاف/ 317، وشرح أبيات المغني/ 1/ 302]. 263 - لو بغير الماء حلقي شرق … كنت كالغصّان بالماء اعتصاري البيت من قصيدة لعدي بن زيد العبادي أرسلها للنعمان بن المنذر، وكان محبوسا عنده ثم قتله، يقول: لو شرقت بغير الماء، أسغت شرقي بالماء فإذا غصصت بالماء، فبم أسيغه، وقد صار البيت مثلا للتأذي ممن يرجى إحسانه، والاعتصار: أن يغصّ الإنسان بالطعام فيعتصر بالماء وهو أن يشربه قليلا قليلا ليسيغه، وتحقيقه أنّ معنى الاعتصار: الالتجاء كأنه قال: إذا غصصت بطعام لجأت إلى الماء لتسويغه، فإذا غصصت بالماء بماذا أسوغه، يعني أن النعمان كان بمنزلة الماء للشاعر، فكيف وقد صار الماء هو الداء، فبماذا يداويه؟. والشاهد في البيت: أنّ «لو» دخلت في الظاهر على جملة اسمية، وهي قوله: (حلقي شرق) مبتدأ وخبر، والترتيب: لو حلقي شرق بغير الماء، الجار والمجرور متعلقان ب (شرق)، وقيل: حلقي: فاعل لفعل مضمر بعد «لو» يفسره «شرق» كأنه قال: لو شرق حلقي بغير الماء، ويعرب «شرق» خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هو شرق»، والجار والمجرور (بغير) يتعلقان بالفعل المحذوف. [سيبويه/ 1/ 462، والهمع/ 2/ 66، والأشموني/ 4/ 40، وشرح أبيات المغني/ 5/ 82].

264 - اطرد اليأس بالرجا فكأين … آلما حم يسره بعد عسر

264 - اطرد اليأس بالرجا فكأيّن … آلما حمّ يسره بعد عسر ليس له قائل معروف، وآلم: اسم فاعل من ألم يألم ألما من باب فرح، وحمّ: قدّر. والشاهد: على أنه جاء فيه مميز كأيّن منصوبا على غير الغالب. [شرح أبيات المغني/ 4/ 167، وشرح التصريح/ 2/ 281، والهمع/ 1/ 255، والأشموني/ 4/ 85]. 265 - وي كأن من يكن له نشب يح … بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ البيت للشاعر زيد بن عمرو بن نفيل، جاهلي، مات قبل البعثة بخمس سنين وكان لا يذبح للأنصاب ولا يأكل الميتة والدم. والشاهد في البيت: أنّ «وي» بمعنى أعجب، على قراءة من وقف على «وي» وجعلها منفصلة عن «كأن». في قوله تعالى: وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ [القصص: 82] [الخصائص/ 2/ 41، وشرح المفصل/ 4/ 76، والهمع/ 2/ 106، والخزانة/ 6/ 404]. 266 - فغررتني وزعمت أ … نّك لابن بالصيف تامر البيت للحطيئة، يقوله للزبرقان بن بدر، وكان قد أوصى به أهله، فأساؤوا إليه، فانتقل الحطيئة عنهم وهجاهم: والشاهد فيه «لابن» و «تامر» في نسبتهما إلى اللبن والتمر، وينوب وزن «فاعل» عن ياء النسبة، إذا كانت النسبة تدل على أن المنسوب بمعنى أنّ زيدا صاحب كذا ولابن وتامر في البيت معناهما أنه صاحب لبن وتمر. [سيبويه/ 2/ 90، وشرح المفصل/ 6/ 13، والأشموني/ 4/ 200، والخصائص/ 3/ 282]. 267 - تفاقد قومي إذ يبيعون مهجتي … بجارية بهرا لهم بعدها بهرا البيت للشاعر ابن ميّادة، وقوله: تفاقد قومي، يدعو عليهم بالتفاقد والغلبة والقهر، وقوله: بهرا: أي: هلاكا، وقوله: بعدها، أي: بعد الفعلة التي فعلوا، وذلك ببيعهم مهجته، لأنّهم لم يعينوه على جارية شغف بحبها. والشاهد: أنّ «بهرا» مصدر ناب عن فعله، ونصب على إضمار الفعل غير المستعمل، واستشهد به ابن الأنباري على أنه لا فعل له، فكيف يكون الفعل أصل الاشتقاق.

268 - بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه … وأيقن أنا لاحقان بقيصرا فقلت له: لا تبك عينك إنما … نحاول ملكا أو نموت فنعذرا

[سيبويه/ 1/ 157، والإنصاف/ 241، واللسان، فقد، وبهر]. 268 - بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه … وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا فقلت له: لا تبك عينك إنما … نحاول ملكا أو نموت فنعذرا البيتان للشاعر امريء القيس، يقولهما لعمرو بن قميئة حين استصحبه في مسيره إلى قيصر - ملك الروم - ليستعديه على بني أسد. والشاهد في البيت الثاني: نصب «نموت» بإضمار (أن) لأنه لم يرد في البيت معنى العطف وإنما أراد أنه يحاول طلب الملك إلا أن يموت فيعذره الناس. [سيبويه/ 1/ 427، وشرح المفصل/ 7/ 22، والأشموني/ 3/ 295، والخزانة/ 8/ 544]. 269 - إذا ما انتهى علمي تناهيت عنده … أطال فأملى أو تناهى فأقصرا البيت للشاعر زيادة بن زيد العذري، وقوله: أطال: صار بي إلى طول المدة. وأقصر: صار بي إلى قصرها. وأملى: من المليّ، وهو الزمن الطويل، أي: أنتهي حيث انتهى بي العلم ولا أتخطاه مطيلا كان أو مقصرا، أي: لا أتكلم بما لا أعلمه، والهمزة في «أطال» ليست للاستفهام، لأن همزة الاستفهام لا تكون مع «أو» وإنما تلزمها «أم» في مقام التسوية في مثل هذا. والشاهد: دخول «أو» لأحد الأمرين على حدّ قولك: لأضربنّه، ذهب أو مكث. ويروى البيت «أم» فلا شاهد فيه لوقوع (أم) بعد همزة التسوية. [سيبويه/ 1/ 490، والخزانة/ 11/ 173]. 270 - أليس أبي بالنّضر أم ليس والدي … لكلّ نجيب من خزاعة أزهرا البيت للشاعر كثيّر عزة، والنضر: أبو قريش، وهو النضر بن كنانة، أما خزاعة، فهي من الأزد، فيما يزعم النسابون وهي في الحديث الصحيح من ولد النضر بن كنانة، فحقق كثيّر في شعره ذلك، والأزهر: الحسن الأبيض من الرجال. والشاهد: وقوع «أم» لسؤال بعد سؤال، والمعنى: أليس أبي بالنضر، بل أليس والدي لكل نجيب، وتكرار ليس بعد «أم» يدل على انقطاعها، ولو كانت للمعادلة لم يحتج إلى التكرار. [سيبويه/ 1/ 485، وديوان كثير].

271 - وهم أهلات حول قيس بن عاصم … إذا أدلجوا بالليل يدعون كوثرا

271 - وهم أهلات حول قيس بن عاصم … إذا أدلجوا بالليل يدعون كوثرا البيت للمخبّل السعدي، يذكر اجتماع أحياء سعد إلى سيدهم قيس بن عاصم المنقري، وتعويلهم عليه في أمورهم، فإذا ما أدلجوا بالليل حدوا الإبل بمدحه وذكره، والكوثر: الجواد الكثير العطايا. والشاهد فيه: جمع أهل على أهلات، حملا لأهل على معنى الجماعة، ووجه تحريك الهاء تشبيهه بأرضات لأنه في الجمع مؤنث مثلها، لأن حكم ما يجمع بالألف والتاء من باب «فعلة» وكان من الأسماء، أن يحرك ثانيه نحو جفنة، وجفنات. [الخزانة/ 8/ 96، وشرح المفصل/ 5/ 33، واللسان «أهل»]. 272 - إذا الوحش ضمّ الوحش في ظللاتها … سواقط من حرّ وقد كان أظهرا للنابغة الجعدي: يصف سيره في الهاجرة في الوقت الذي تسكن فيه الوحش من الحرّ، والظللات: جمع ظلة، وهو ما يستظلّ به، فك الإدغام وحركه تحريك غير المضعف كما في ظلمات وغرفات، وسواقط الحرّ: ما يسقط منه، أظهر: صار في وقت الظهيرة. والشاهد: إعادة الظاهر (الوحش) موضع المضمر، وهو ضرورة شعرية. [سيبويه/ 1/ 31، واللسان «سقط»]. 273 - فليس بمعروف لنا أن نردّها … صحاحا ولا مستنكر أن تعقّرا البيت من شعر النابغة الجعدي، في القصيدة التي أنشدها أمام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو من أبيات سيبويه قال: كأنه قال: ليس بمعروف لنا ردّها صحاحا ولا مستنكر عقرها، وقد رواه سيبويه برفع «مستنكر» على أنه مرفوع، مبتدأ، وخبره المصدر المؤول بعده، ويجوز الجرّ بالعطف على خبر ليس والنصب على محل الخبر. [سيبويه/ 1/ 32، وديوان النابغة الجعدي]. 274 - هوّن عليك فإنّ الأمور … بكفّ الإله مقاديرها فليس بآتيك منهيّها … ولا قاصر عنك مأمورها البيتان للأعور الشني بشر بن منقذ، تابعي .. وقد مضى البيت الأول في هذا الحرف

275 - فمن يك لم يثأر بأعراض قومه … فإني ورب الراقصات لأثأرا

أما البيت الثاني فقد استشهد به سيبويه رحمه الله، يقول الشاعر: هوّن عليك الأمور، ولا تحزن لشيء يفوتك من الدنيا، فما أراد الله أن يرزقك إياه فهو آتيك لا يدفعه عنك دافع، وما منعك من أن تناله، لا يمكّن أحدا أن ينيلك إياه، فما لحزنك وجه، وقوله: ولا قاصر عنك، أي: مقصّر أن يبلغك ويأتيك، وفي قوله: قاصر عنك وجوه ثلاثة: الأول: الرفع بالابتداء، ومأمورها: فاعل سدّ مسدّ الخبر، والجملة معطوفة. الثاني: النصب: عطفا على موضع بآتيك، وتعطف «مأمورها» على اسم ليس. الثالث: الجرّ. [سيبويه/ 1/ 32، والهمع/ 2/ 29 و 1/ 128، وشرح أبيات المغني/ 3/ 269]. 275 - فمن يك لم يثأر بأعراض قومه … فإني وربّ الراقصات لأثأرا البيت للنابغة الجعدي، يقول: إن وجد من لم ينتصر لأعراض قومه بالهجاء فقد انتصرت وأدركت الثأر بذلك لهم. والراقصات: الإبل تمشي الرقص في سيرها، وهو ضرب من الخبب، وأراد سيرها في الحج، فذكر هذا تعظيما لها في تلك الحال. والشاهد: لأثأرا، فهو مؤكد بالنون الخفيفة المبدلة ألفا. [سيبويه/ 2/ 151، وشرح المفصل/ 4/ 336 و 9/ 39، والأشموني/ 3/ 215، وديوان الشاعر]. 276 - أو معبر الظّهر ينبي عن وليّته … ما حجّ ربّه في الدنيا ولا اعتمرا البيت في كتاب سيبويه منسوب لرجل من باهلة، ومعبر الظهر، أي: بعير، والظهر المعبر: الكثير الوبر، والولية: البرذعة، وينبئ عن وليته: يجعلها تنبو عنه لسمنه ووفرة وبره، يصف لصا يتمنى سرقة بعير لم يستعمله ربّه، أي: صاحبه في سفر لحج أو عمرة، فهو وداع ممتلئ. والشاهد: «ربّه» قال سيبويه أصلها «ربهو» فأجروا ما يكون في الوصل على ما يكون في الوقف، وتقرأ «ربّه» بضم الهاء بدون مدّ. [سيبويه/ 1/ 12، والإنصاف/ 516]. 277 - يعالج عاقرا أعيت عليه … ليلقحها فينتجها حوارا في كتاب سيبويه، وقال ابن أحمر، يقوله لرجل يحاول مضرته وإذلاله فجعله في

278 - أحار أريك برقا هب وهنا … كنار مجوس تستعر استعارا

عجزه عن ذلك كمن يحاول أن يلقح عاقرا من النوق أو ينتجها، والحوار: بضم الحاء وكسرها: ولد الناقة من الوضع إلى الفطام والفصال، ثم هو فصيل. والشاهد: رفع (ينتجها) على القطع، ولو نصب حملا على المنصوب قبله لكان أحسن لأن رفعه يوجب كونه ووقوعه، ونتاج العاقر لا يكون ولا يقع إلا بإذن الله. [سيبويه/ 1/ 431، وشرح المفصل/ 7/ 36، 38]. 278 - أحار أريك برقا هبّ وهنا … كنار مجوس تستعر استعارا قاله امرؤ القيس، والوهن: نحو من نصف الليل، أو بعد ساعة منه، ونار المجوس: مثل في الكثرة والعظم، شبه البرق المستطير بها، وذاك البرق دلالة على الغيث. والشاهد: ترك صرف «مجوس» على معنى القبيلة وهو الغالب الأكثر والصرف جائز ولكنه قليل. [سيبويه/ 2/ 24]. 279 - ستعلم أيّنا خير قديما … وأعظمنا ببطن حراء نارا نسب سيبويه هذا البيت لجرير، وهو يفخر بقديم مجده وكرم قومه الذين يوقدون النار العظيمة في حراء، لإطعام المساكين، وحراء: جبل بقرب مكة به غار الرسول عليه السّلام، وكثيرا ما يسير إليه الحاج - فيما مضى - تبركا ويوقدون النار للقرى. والشاهد: ترك صرف «حراء» حملا له على معنى البقعة. [سيبويه/ 2/ 24، وليس في ديوان جرير]. 280 - يا دار حسّرها البلى تحسيرا … وسفت عليها الريح بعدك مورا .. البيت للأحوص .. وحسّرها: غيّرها وأخفى آثارها. وسفت: طيرت، والبلى: القدم. والمور: بضم الميم: الغبار المتردد. والشاهد: رفع «دار» لأنها لم توصف بما بعدها، بل ما بعدها استئناف وإخبار. [سيبويه/ 1/ 312، وديوان الأحوص]. 281 - مشق الهواجر لحمهنّ مع السّرى … حتى ذهبن كلاكلا وصدورا البيت لجرير بن عطية، وصف رواحل أهزلها السير في الهواجر مع الليل حتى ذهبت

282 - يا صاحبي دنا الرواح فسيرا … لا كالعشية زائرا ومزورا

لحوم كلاكلها وصدورها ونحلت. وكأنه أراد بالكلاكل أعلى الصدر ولذلك ذكر معه الصدر، أو على الترادف. ومشق: أذهب. ومنه: الممشوق: الخفيف الجسم. وشاهده: نصب «كلاكلا وصدورا». على التمييز ويسمّيه سيبويه «الحال». لشبههما في التنكير. [سيبويه/ 1/ 81، والعيني/ 3/ 144]. 282 - يا صاحبيّ دنا الرّواح فسيرا … لا كالعشيّة زائرا ومزورا البيت لجرير بن عطية، والرواح: السير بالعشي. والشاهد: نصب «زائرا» و «مزورا»، بإضمار فعل، والتقدير: لا أرى كالعشية زائرا ومزورا، وأصله: لا أرى زائرا ومزورا كزائر العشية ومزورها. كما تقول: ما رأيت كاليوم رجلا، أي: رجلا كرجل أراه اليوم. [سيبويه/ 1/ 353، وشرح المفصل/ 2/ 114، والخزانة/ 4/ 95]. 283 - قال العواذل ما لجهلك بعد ما … شاب المفارق واكتسين قتيرا البيت لجرير بن عطية: يقول: إنّ العواذل عجبن من جهله وافتتانه في تلك السنّ، والقتير: الشيب، واشتقاقه من القتر، وهو الغبار فكأنه الغبار في لونه. والشاهد: في جمع مفرق الرأس، على مفارق، كأنّ كلّ جزء منه مفرق على الاتساع. [سيبويه/ 2/ 138، وديوان جرير]. 284 - ولا نقاتل بالعص … يّ ولا نرامي بالحجارة إلا علالة أو بدا … هة قارح نهد الجزاره البيتان للأعشى. يقول: نحن أصحاب حرب نقاتل على الخيل، ولسنا أصحاب إبل يرعونها ومعهم عصيهم فيقاتل بعضهم بعضا بالعصي والحجارة. والعلالة: آخر جري الفرس. والبداهة: أوله. والقارح: الذي انتهت أسنانه وذلك في خمس سنين، والنّهد: الغليظ، والجزارة: بالضم: القوائم والرأس سميّت بذلك، لأن الجزّار يأخذها عمالة له. والشاهد منه: الفصل بين المضاف والمضاف إليه باسم يقتضي الإضافة أيضا وهو «بداهة» فأنزلتا منزلة اسم واحد، مضاف. [الخزانة/ 1/ 173، وسيبويه/ 1/ 91. وشرح المفصل/ 3/ 22، والخصائص/ 2/ 407].

285 - أصبحت لا أحمل السلاح ولا … أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت به … وحدي وأخشى الرياح والمطرا

285 - أصبحت لا أحمل السلاح ولا … أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت به … وحدي وأخشى الرياح والمطرا البيتان للربيع بن ضبع الفزاري، وصف انتهاء شبيبته وذهاب قوته. والشاهد في البيت الثاني: قوله: والذئب: يحتمل النصب على إضمار الفعل، كأنه قال: أخشى الذئب أخشاه ويحتمل الرفع على الابتداء. [العيني/ 3/ 397، وشرح التصريح/ 2/ 36، والهمع/ 2/ 50، وسيبويه/ 1/ 46، وشرح المفصل/ 7/ 105]. 286 - تقول ابنتي حين جدّ الرحيل … فأبرحت ربّا وأبرحت جارا البيت للأعشى .. ومعنى أبرحت: تبين فضلك، كما تبين البراح من الأرض. والشاهد: (ربّا)، و «جارا»، منصوبان على التمييز، للنوع الذي أوجب له فيه المدح. [سيبويه/ 1/ 299، والخزانة/ 3/ 302]. 287 - خريع دوادي في ملعب … تأزّر طورا وتلقي الإزارا البيت للكميت .. والخريع: اللينة المعاطف. والدوادي: جمع دوادة، وهي آثار أراجيح. أراد أنها لصغر سنها لا تبالي كيف تتصرف لاعبة. والشاهد فيه: إجراؤه «دوادي» على الأصل، فمنعها من الصرف. [سيبويه/ 2/ 60، والخصائص/ 1/ 334، وديوان الكميت]. 288 - لها زجل كحفيف الحصا … د صادف باللّيل ريحا دبورا البيت للأعشى، يصف كتيبة يسمع للدروع فيها زجل كزجل ما استحصد من الزرع إذا مرت عليه الريح، والريح بالليل أبرد وأشدّ. وجعلها دبورا لأنها أشدّ الرياح هبوبا عند العرب، والزجل: صوت فيه بحة. والحفيف: صوت الريح في اليبس. والشاهد: في جعله الدبور وصفا للريح، فعلى هذا إذا سمّي به مذكر انصرف في المعرفة والنكرة لأنه صفة مذكرة وصف بها مؤنث، كطاهر وحائض، ومن جعل الدّبور اسما للريح ولم يصفها به وسمّى به مذكرا لم يصرف، لأنه بمنزلة عقرب وعنق ونحوهما من أسماء المؤنث. [سيبويه/ 2/ 20].

289 - حمين العراقيب العصا وتركنه … به نفس عال مخالطه بهر

289 - حمين العراقيب العصا وتركنه … به نفس عال مخالطه بهر البيت للأخطل، يصف إبلا. والفعل «حمين» جواب الشرط في بيت سابق. أي: حمين عراقيبهنّ أن تنالها العصا، وقد فتن الحادي، فلم تنلهن عصاه من سرعتهنّ فوقع عليه البهر والإعياء من شدة العدو. والشاهد: مخالطه. إذ وصف به «النكرة» (نفس) ويروى أيضا بالنصب. [سيبويه/ 1/ 227، والخزانة/ 5/ 26]. 290 - وأنت امرؤ من أهل نجد وأهلنا … تهام فما النجديّ والمتغوّر البيت لجميل، وتهام نسبة إلى تهامة. والمتغوّر: الذي نزل الغور. والشاهد: «والمتغوّر»: حيث عطف المتغور على النجدي، مع أن الواو بمعنى «مع»، وكأنه قال: ما النجدي وما المتغوّر. [سيبويه/ 1/ 151، والعيني/ 4/ 408]. 291 - ترى خلقها نصف قناة قويمة … ونصف نقا يرتجّ أو يتمرمر البيت لذي الرمّة، ينعت امرأة بأن أعلاها في إرهافه ولطافته كالقناة (قناة الرمح) وأن أسفلها، كالنقا، وهو الكثيب من الرمل، وذلك في امتلائه وكثافته. والتمرمر: أن يجري بعضه في بعض. والشاهد: رفع «نصف» على القطع والابتداء. ولو نصب على البدل والحال لجاز. [الخزانة/ 5/ 462، وسيبويه/ 1/ 223، والخصائص/ 1/ 301، وديوان ذي الرمة]. 292 - أقام وأقوى ذات يوم وخيبة … لأوّل من يلقى وشرّ ميسّر البيت لأبي زبيد يصف أسدا. وأقوى: نفذ ما عنده من الزاد. يقول: من لقي هذا الأسد في تلك الحال فالخيبة له والشرّ. والشاهد: رفع «خيبة» بالابتداء. لما فيها من معنى النصب على المصدر المستعمل في الدعاء. [سيبويه/ 1/ 157، وشرح المفصل/ 1/ 114، والهمع/ 1/ 188]. 293 - خذوا حظّكم يا آل عكرم واذكروا … أواصرنا والرّحم بالغيب تذكر البيت لزهير بن أبي سلمى ... وخذوا حظكم: أي: نصيبكم من ودّنا، واذكروا

294 - فكان مجني دون من كنت أتقي … ثلاث شخوص كاعبان ومعصر

الأواصر وهي القرابات، الواحدة آصرة .. فهو ينهاهم عن إفساد هذه الصلة بما يعود عليهم مكروهه. والشاهد: ترخيم عكرمة، وتركه على لفظه، ويحتمل أن تقدر فتحة إعراب على أنه علم مؤنث ممنوع من الصرف، باعتبار القبيلة. [سيبويه/ 1/ 343، والإنصاف/ 347، وشرح المفصل/ 2/ 20، والخزانة/ 2/ 329، والعيني/ 4/ 290، والهمع/ 1/ 181، والدرر/ 1/ 158]. 294 - فكان مجنّي دون من كنت أتّقي … ثلاث شخوص كاعبان ومعصر ... البيت لعمر بن أبي ربيعة ... والمجنّ: الترس. يذكر أنه استتر من الرقباء بثلاث نسوة، كاعبان: والكاعب: التي نهد ثديها. ومعصر: وهي التي دخلت في عصر شبابها. والشاهد: معاملة «شخوص» معاملة المؤنث، لأنه أراد بالشخص، المرأة، فجعل لها عدد المؤنث. [سيبويه/ 2/ 175، والانصاف/ 417]. 295 - لعمرك ما معن بتارك حقّه … ولا منسئ معن ولا متيّسر البيت للفرزدق، ومعن الذي ذكره، رجل كان بالبادية يبيع بالنسيئة وكان يضرب به المثل في شدة التقاضي ... وقد ظنّ بعض الشرّاح لكتاب سيبويه أنه معن بن زائدة، وهو خطأ، لأنه متأخر عن زمن الفرزدق. ومعنى منسئ: يؤخر المدين بدينه، ومتيسر: يتساهل مع مدينه. والشاهد: منسئ معن: حيث أظهر الاسم مرتين، وهو «معن» وإنما كان حقه أن يقول: ولا منسئ ولا متيسّر. ويجوز في منسئ: الرفع على الابتداء والنصب على موضع «بتارك». والجر عطفا على اللفظ. [سيبويه/ 1/ 31، والهمع/ 1/ 128، والدرر/ 1/ 102، والخزانة/ 1/ 375]. 296 - وإنّ كلابا هذه عشر أبطن … وأنت بريء من قبائلها العشر .. نسبه سيبويه لرجل من بني كلاب، واسمه النواح الكلابي، هجا رجلا ادّعى نسبه في بني كلاب فذكر له أنّ بطونهم عشرة ولا نسب له معلوم في أحدهم. والشاهد: تأنيث الأبطن، وحذف الهاء من العدد قبلها حملا للبطن على معنى القبيلة

297 - تبكي على لبنى وأنت تركتها … وكنت عليها بالملا أنت أقدر

بقرينة ذكر القبائل. [سيبويه/ 2/ 174، والانصاف/ 769، والأشموني/ 4/ 63]. 297 - تبكّي على لبنى وأنت تركتها … وكنت عليها بالملا أنت أقدر لقيس بن ذريح، يذكر تتبع نفسه للبنى بعد طلاقها. والملا: ما اتسع من الأرض. أي: كنت أكثر قدرة عليها وأنت مقيم معها بالملا قبل طلاقها .. فهو يأسى على ما كان منه في ذلك. والشاهد: استعمال «أنت» الثانية هنا مبتدأ ورفع أقدر على الخبر، ولو كانت القوافي منصوبة، لنصب (أقدر) وجعل (أنت) ضمير فصل. [سيبويه/ 1/ 395، وشرح المفصل/ 3/ 112، واللسان «ملا»]. 298 - وأنت امرؤ من خير قومك فيهم … وأنت سواهم في معدّ مخيّر .. البيت غير منسوب، وهو في كتاب سيبويه. والمخيّر: هنا المفضّل. وفي الحديث: «خيّر بين دور الأنصار» أي: فضّل بعضها على بعض. والشاهد: ترك صرف «معدّ» لإرادة القبيلة، ولو صرفه لإرادة الحيّ، لجاز. [سيبويه/ 2/ 27]. 299 - وأيقن أنّ الخيل إن تلتبس به … يكن لفسيل النخل بعده آبر البيت لحنظلة بن فاتك. والآبر: الذي يلقح النخل. يقول: أيقن أنّ الخيل لو لقيته لقتلناه، فيكون غيره يلقح نخله، يصف جبانا. والشاهد: حذف الواو التي بعد الهاء من قوله «بعدهو» ليقوم له البيت. [سيبويه/ 1/ 11، والإنصاف/ 517]. 300 - وتحت العوالي في القنا مستظلّة … ظباء أعارتها العيون الجآذر قاله ذو الرمّة يصف نسوة سبين فصرن تحت عوالي الرماح وفي حوزتها. وعوالي القنا: صدورها. والقنا: الرماح جمع قناة. والعرب تشبه النساء بالظباء في طول الأعناق وانطواء الكشح، والجآذر: جمه جؤذر وهو ولد البقرة الوحشية. وقوله «في القنا» توكيد، لأن العوالي قد عرف أنها في القنا. وقوله: مستظلة: يعني الظباء في كنسها.

301 - فيا مي هل يجزى بكائي بمثله … مرارا وأنفاسي إليك الزوافر وأني متى أشرف على الجانب الذي … به أنت من بين الجوانب ناظر

والشاهد: نصب مستظلة على الحال، بعد أن كانت صفة للظباء متأخرة، فلما صارت متقدمة امتنع أن تكون نعتا، لأن النعت لا يتقدم على منعوته. [سيبويه/ 1/ 276، وشرح المفصل/ 2/ 64]. 301 - فيا ميّ هل يجزى بكائي بمثله … مرارا وأنفاسي إليك الزوافر وأنّي متى أشرف على الجانب الذي … به أنت من بين الجوانب ناظر البيتان للشاعر ذي الرّمّة ... وقوله: وأنّي: بفتح الهمزة عطفا على البيت السابق، أي: هل يجزى نظري إليك في كلّ جانب تكونين فيه، يقول: لكلفي بك لا أنظر إلى سواك. والشاهد فيه: أن «ناظر» خبر إنّ، والجملة دليل جواب الشرط المحذوف، أو على أن جواب الشرط متقدم، وهو عند المبرد على إضمار الفاء، أي: فأنا ناظر والرأي الأول لسيبويه. [سيبويه/ 1/ 437، والخزانة/ 9/ 51]. 302 - ومثلك رهبى قد تركت رذيّة … تقلّب عينيها إذا مرّ طائر رواه سيبويه غير منسوب، والشاعر يخاطب ناقته. والرهبى: الناقة المهزولة جدّا. والرذيّة: المهزولة من السير، وإنما تقلب عينيها خشية الطائر أن ينزل على ما بها من دبر فيأكلها. والشاهد: «ومثلك» فالواو بمعنى واو «ربّ» أي: وربّ ناقة، والأصل أن يجرّ ما بعد الواو ولكن سيبويه يقول: إنّ بعض العرب ينصبونه بالفعل بعده، كما في رواية البيت. [سيبويه/ 1/ 294، والإنصاف/ 378، وشرح المفصل/ 1/ 6، والحيوان/ 3/ 415]. 303 - أألحقّ أن دار الرّباب تباعدت … أو انبتّ حبل أنّ قلبك طائر قاله عمر بن أبي ربيعة. وانبتّ: انقطع. والحبل: هنا، حبل الوصل والاجتماع. وكنّى بطيران القلب عن ذهاب العقل لشدة حزنه على فراقهم، أو عبّر عن شدة خفقانه للفراق، فجعله كالطيران. والشاهد: نصب «حقا» على الظرف، وفتح (أن) بعده، لأنها وما بعدها في تأويل مبتدأ خبره الظرف، ولا يجوز كسر همزة (أن) لأنّ الظرف لا يتقدم على (أنّ) المكسورة،

304 - فلا يدعني قومي صريحا لحرة … لئن كنت مقتولا ويسلم عامر

لانقطاعها عما قبلها. [سيبويه/ 1/ 468، وشرح التصريح/ 2/ 366، والأشموني/ 4/ 478]. 304 - فلا يدعني قومي صريحا لحرّة … لئن كنت مقتولا ويسلم عامر قاله: قيس بن زهير بن جذيمة .. وعامر: هو ابن الطفيل. يقول: لئن قتلت وعامر سالم من القتل فلست بصريح النسب حرّ الأم. والشاهد: رفع «ويسلم» على القطع والاستئناف، ولو نصب بإضمار (أن) لجاز لأن ما قبله من الشرط غير واجب. 305 - فمالي إلا الله لا ربّ غيره … ومالي إلا الله غيرك ناصر قاله الكميت. والشاهد فيه: تكرار المستثنى في عجز البيت، مرة بإلا وأخرى بغير، وتقديره: ومالي ناصر إلا الله غيرك، فكان «الله» بدلا من ناصر، وغيرك منصوبا على الاستثناء، فلما قدما، لزما النصب جميعا لأن البدل لا يقدم. [سيبويه/ 1/ 373]. 306 - تحسّب هوّاس وأقبل أنني … بها مفتد من واحد لا أغامره فقلت له: فاها لفيك فإنّها … قلوص امرئ قاريك ما أنت حاذره ... البيتان رواهما سيبويه لأبي سدرة الهجمي، سحيم بن الأعرف. وهو يصف أسدا عرض له طعاما في راحلته، وتحسّب: حسب، أو: تحسّس وتشمّم. وهوّاس: اسم للأسد، وقوله: بها: أي: بالناقة. والواحد: عنى به الأسد. أغامره: أحاربه وأدافعه، أي: توهّم أني أدع الناقة وأفتدي بها من لقاء الأسد ومقاتلته. وقوله: فاها لفيك، أي: فم الداهية لفيك، كما قدره سيبويه .. وخصّ الفم لأن أكثر المتالف تتأتّى منه، بما يؤكل أو يشرب من السموم. والقلوص: الناقة الفتية .. قاريك: من القرى، وهو طعام الضيف، أي: لا قرى لك إلا السيف وما تكره. والشاهد: نصب «فاها» بفعل مضمر تقديره: ألصق الله، أو جعل الله فاها لفيك، ووضع موضع «دهاك الله» فنصب، لأنه بدل من اللفظ بالفعل. [سيبويه/ 2/ 153، والأشموني/ 3/ 217، والمرزوقي/ 1643، وشرح المفصل/ 9/ 5، وشرح التصريح/ 2/ 205]. 307 - عذيرك من مولى إذا نمت لم ينم … يقول الخنا أو تعتريك زنابره

308 - لعلك يا تيسا نزا في مريرة … معذب ليلى أن تراني أزورها

رواه سيبويه، ولم ينسبه. والمولى: هنا ابن العمّ. والزنابر: جمع زنبور، أراد، ما يغتابه به. وأصل الزنبور: طائر يلسع، يقول: إنما عذيرك إياي أن تعذرني من مولى هذا نعته. والشاهد: رفع «عذيرك» على الابتداء، وخبره الجار والمجرور بعده. وكان الوجه في «عذيرك» النصب، لوضعه موضع الفعل. [سيبويه/ 1/ 158]. 308 - لعلك يا تيسا نزا في مريرة … معذّب ليلى أن تراني أزورها البيت لتوبة بن الحميّر، يتوعد زوج ليلى الأخيلية لمنعه من زيارتها. والنزو للتيس: حركته عند السفاد، والمريرة: الحبل المحكم الفتل. والشاهد: نصب «تيسا» ولفظه نكرة، لأنه طال بما بعده من الصفة، وهي «نزا» والبيت حجة في نصب النكرة في النداء. [سيبويه/ 1/ 312]. 309 - فقلت تحمّل فوق طوقك إنّها … مطبّعة من يأتها لا يضيرها البيت لأبي ذؤيب الهذلي، يصف قرية كثيرة الطعام، من امتار منها وحمل فوق طاقته لم ينقصها شيئا. والطوق: الطاقة. والمطبّعة: المملوءة وأصله من الطبع وهو الختم بالخاتم، لأن الختم يكون بعد الملء. والشاهد: رفع «يضيرها» على نيّة تقديمه على اسم الشرط، كما يرى سيبويه. وهو عند المبرّد على إرادة الفاء، أي: فهو لا يضيرها. [سيبويه/ 1/ 438، وشرح المفصل/ 8/ 158، وشرح التصريح/ 2/ 249، والأشموني/ 4/ 18، والخزانة/ 9/ 57، والعيني/ 4/ 431]. 310 - ومن يميل أمال السيف ذروته … حيث التقى من حفافي رأسه الشعر قاله الفرزدق. والذروة: أراد به الرأس لعلوّه وهي بضم الأول وكسره وملتقى حفافي شعر الرأس، هو القفا، أي: من مال عن الحقّ والتزام الطاعة قتل. والشاهد: حمل (من) الشرطيّة هنا على (من) الموصولة فلذلك لم تعمل، وسهّل ذلك أنها مبهمة لا تخص شيئا بعينه. [سيبويه/ 1/ 438].

311 - دست رسولا بأن القوم إن قدروا … عليك يشفوا صدورا ذات توغير

311 - دسّت رسولا بأنّ القوم إن قدروا … عليك يشفوا صدورا ذات توغير قاله الفرزدق، ودسّت رسولا: أرسلته في خفية للإخبار. والتوغير: الإغراء بالحقد. والشاهد: جزم الجواب «يشفوا» لأن الشرط ماض في موضع الجزم. [سيبويه/ 1/ 437، والهمع/ 2/ 60، والدرر/ 2/ 77]. 312 - يا لبكر أنشروا لي كليبا … يا لبكر أين أين الفرار قاله المهلهل يستغيث ببني بكر بن وائل. والمستغاث به في الحقيقة هنا مستغاث من أجله، يقول: أدعوكم لأنفسكم مطالبا لكم في إنشار كليب وإحيائه، يتوعدهم بذلك، وكانوا قتلوا أخاه كليبا في أمر البسوس. والشاهد: إدخال لام الاستغاثة مفتوحة على «بكر» للفرق بينها وبين لام المستغاث من أجله، وكانت أولى بالفتح لوقوع المنادى موقع الضمير، ولام الجر تفتح مع الضمائر، وفيه أقوال أخرى. [سيبويه/ 1/ 318، والخزانة/ 2/ 162، والخصائص/ 3/ 229]. 313 - إلى إمام تغادينا فواضله … أظفره الله فليهنئ له الظّفر البيت للأخطل يمدح عبد الملك بن مروان ... ويذكر انتصاره على قيس بن عيلان وكانوا من أتباع ابن الزبير. والشاهد: فليهنئ: إذ تصريحه بالفعل يدل على أن معنى «هنيئا» هو ليهنئ، فوضع المصدر موضع الفعل. [سيبويه/ 1/ 16، وشرح المفصل/ 1/ 123]. 314 - نفسي فداء أمير المؤمنين إذا … أبدى النواجذ يوم باسل ذكر الخائض الغمر والميمون طائره … خليفة الله يستسقى به المطر البيتان للأخطل، يمدح عبد الملك بن مروان، والبيت السابق قبلهما، وإبداء النواجذ: كناية عن شدة اليوم وبسالته. والباسل: الكريه المنظر. والذكر: الشديد. والغمر: الماء الكثير. والشاهد: «الخائض» وما بعده، حيث قطعه من قوله: أمير المؤمنين، فرفعه ولو نصبه على القطع لكان حسنا أيضا ولو جرّه على البدل لجاز ذلك. [سيبويه/ 1/ 248].

315 - كروا إلى حرتيكم تعمرونها … كما تكر إلى أوطانها البقر

315 - كرّوا إلى حرّتيكم تعمرونها … كما تكرّ إلى أوطانها البقر البيت للأخطل، وكرّوا: أمر، بمعنى ارجعوا، يقوله لبني سليم في هجائه لقيس، وبنو سليم منهم، وحرّة بني سليم في صقع المدينة. والحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة. وثناها بحرة أخرى تجاورها، وإنما عيّرهم بالنزول في الحرة لحصانتها ولامتناع الذليل بها. والشاهد: رفع «تعمرونها» لوقوعها موقع الحال، أو على القطع، ولو أمكنه الجزم على جواب الأمر لجاز. [سيبويه/ 1/ 451، وشرح المفصل/ 7/ 50، والأشموني/ 3/ 309]. 316 - خلّ الطريق لمن يبني المنار به … وابرز ببرزة حيث اضطرك القدر قاله جرير يهجو عمر بن لجأ، والمنار: جمع منارة، وهي أعلام الطريق، وبرزة: أم عمر بن لجأ، يقول له: تنحّ عن سبيل الشرف والفخر ودعه لمن هو أجدر به منك ممن يعمره ويبني منار أعلامه، وابرز بأمك برزة حيث اضطرك القدر من لؤم وضعة. والشاهد: عند سيبويه: إظهار الفعل «خلّ» وكان يستطيع إضماره أيضا، ونصب الطريق. [سيبويه/ 1/ 128، وشرح المفصل/ 2/ 30، وشرح التصريح/ 2/ 195، والأشموني/ 3/ 391]. 317 - الناس ألب علينا فيك ليس لنا … إلا السيوف وأطراف القنا وزر قاله كعب بن مالك يخاطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والألب: بفتح الهمزة وكسرها: القوم يجتمعون على عداوة إنسان. والوزر: الملجأ، والحصن. والشاهد: تقديم المستثنى على المستثنى منه، والتقدير: ما لنا وزر إلا السيوف برفع السيوف على البدل أو نصبها على الاستثناء فلما قدمت على المستثنى منه لم يجز الإبدال فوجب نصبها على الاستثناء. [سيبويه/ 1/ 371، والإنصاف/ 276، وشرح المفصل/ 2/ 79]. 318 - يا أسم صبرا على ما كان من حدث … إنّ الحوادث ملقيّ ومنتظر البيت منسوب في كتاب سيبويه إلى لبيد، وينسب أيضا إلى أبي زبيد الطائي، يخاطب

319 - وبينما المرء في الأحياء مغتبطا … إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير حتى كأن لم يكن إلا تذكره … والدهر أيتما حال دهارير

أسماء ويقول لها اصبري على الحوادث فإنها مترادفة على الناس منها ما نزل وحلّ ومنها ما هو منتظر لم يقع بعد. والشاهد: «أسم» حيث حذف من الاسم حرفان في الترخيم، لأنه عند سيبويه على وزن «فعلاء» وعلى هذا فاشتقاق اللفظ من الوسامة، أبدلت واوها همزة، كما قالوا في «أحد» أصلها «وحد» والمشهور أنّ أسماء على وزن أفعال جمع اسم، فسمّي به، وحذفت الألف مع الهمزة التي هي لام الفعل لأنها زائدة رابعة، كألف «عمّار». [سيبويه/ 1/ 337، وشرح التصريح/ 2/ 186، والأشموني/ 3/ 178]. 319 - وبينما المرء في الأحياء مغتبطا … إذ صار في الرّمس تعفوه الأعاصير حتى كأن لم يكن إلا تذكّره … والدهر أيّتما حال دهارير البيتان لعثمان بن لبيد العذري، وقيل: حريث بن جبلة، وقيل غيرهما، والدهارير: الدهر، ليس له واحد من لفظه مثل «عبابيد» أو واحده دهر على غير قياس. ومعنى البيت الثاني: الدهر دهور متقلبة بالناس متصرفة بالخير والشرّ، وقيل: الدهارير: الدواهي. والبيت الثاني: حجة أنه جعل «أيتما» ظرفا كأنه أراد أنّ الدهر دهارير كل حين، وجرّ «حال» على معنى «أية حال» و «ما» زائدة. [سيبويه/ 1/ 222، والخصائص/ 2/ 171]. 320 - يا أضبعا أكلت آيار أحمرة … ففي البطون وقد راحت قراقير من شواهد سيبويه التي لم ينسبها، هجا الشاعر قوما وشبههم في عظم بطونهم وأكلهم خبيث الزاد بالضباع التي أكلت ما ذكره فراحت بطونها تقرقر، أي: تصوّت، وأصل القرقرة: صوت الفحل. والشاهد: جمع (أير) على آيار أفعال قياسا، وذكرت هذا البيت للتفكهة، لأن هذا اللفظ غير مستعمل. [سيبويه/ 2/ 186]. 321 - وجدنا في كتاب بني تميم … أحقّ الخيل بالركض المعار البيت غير منسوب، والشاهد في الشطر الثاني: حكى قولهم (أحقّ ..) أي: وجدنا فيه، فحكاه، والخيل المعار: المسمّن، وقيل: هو «المستعار» يعني أنهم جائرون في وصيتهم يبتذلون العارية، وقيل: المغار: بالغين المعجمة وهو الشديد الخلق. [سيبويه/ 2/ 65].

322 - تراها من يبيس الماء شهبا … مخالط درة منها غرار

322 - تراها من يبيس الماء شهبا … مخالط درّة منها غرار البيت لبشر بن أبي خازم، يصف خيلا: والماء: العرق، والشهبة: البياض حيث يجف العرق، والدرة: غزارة العرق، والغرار: القلة، يقول: لا ينقطع عرقها ولا يكثر فيضعفها. والشاهد: حذف التنوين من «مخالط» وهو اسم فاعل، وأضيف إلى مفعوله، ورفع «غرار» لأنه في معنى «يخالط». [المفضليات/ 343، وسيبويه/ 1/ 85]. 323 - فمن يك سائلا عنّي فإنّي … وجروة لا ترود ولا تعار منسوب إلى شداد والد عنترة ... وجروة: اسم فرسه. ترود: تجيء وتذهب ومعناه أنها مرتبطة بالفناء لعتقها وكرمها، لا تهمل وتترك ولا تعار وتبتذل. والشاهد: عطف «جروة» على منصوب اسم (إنّ) مع أن الواو للمعية. [سيبويه/ 1/ 152، واللسان «جرا» وديوان عنترة]. 324 - ألا يا ليل إن خيّرت فينا … بنفسي فانظري أين الخيار البيت لمجنون بني عامر. وقوله: بنفسي: أي: أفديك بنفسي: يقول: إن خيرت بيني وبين غيري فانظري طويلا فلي أمل أن أحظى باختيارك. والشاهد: ترخيم «ليلى» وحذف ألفها، كما تحذف الهاء. [سيبويه/ 336]. 325 - وشيّد لي زرارة باذخات … وعمرو الخير إذ ذكر العمور قاله الفرزدق .. والباذخ: العالي الرفيع وعنى به المجد. وزرارة: أحد أجداده وكذلك عمرو بن عدس، وابنه عمرو بن عمرو بن عدس يفخر بهما لأنهما من قومه. والشاهد: جمع (عمرو) على «عمور» والأكثر استعمالا هو الجمع السالم أي (عمرون). [سيبويه/ 2/ 97]. 326 - يا زبرقان أخابني خلف … ما أنت ويب أبيك والفخر البيت للمخّبل ربيع بن ربيعة ... ويقولون: يا أخا الحرب، يريدون واحدا منهم. ويب أبيك: تحقير له وتصغير. وهي مثل «ويل»، والزبرقان، هو الزبرقان بن بدر بن

327 - إن الخلافة والنبوة فيهم … والمكرمات وسادة أطهار

امرئ القيس، وهو غير الزبرقان بن بدر الفزاري صاحب الحطيئة. والشاهد: رفع «الفخر» عطفا على أنت مع أن الواو بمعنى «مع» ويمتنع النصب إذ ليس قبله فعل يتعدى إليه فينصبه، ومثله قولهم: «أنت وشأنك» و «كيف أنت وقصعة من ثريد»، وما شأنك وشأن زيد. [سيبويه/ 1/ 151، وشرح المفصل/ 1/ 121، والهمع/ 2/ 42، والخزانة/ 6/ 91]. 327 - إنّ الخلافة والنبّوة فيهم … والمكرمات وسادة أطهار البيت لجرير ... والشاهد: رفع المكرمات حملا على محل إنّ واسمها، وهو الرفع على الابتداء ... أو عطفا على الضمير المستكن في متعلق الجار والمجرور (استقرّا)، ويجوز أن تكون مبتدأ خبره «فيهم» مقدرة، ويجوز نصب المكرمات اتباعا للخلافة، أما «سادة» فخبر مبتدأ محذوف، أي: وهم «سادة»، أو مبتدأ حذف خبره على تقدير: وفيهم سادة أطهار. [سيبويه/ 1/ 286، وشرح المفصل/ 8/ 66، والعيني/ 2/ 363]. 328 - تؤمّ سنانا وكم دونه … من الأرض محدودبا غارها نسبه سيبويه لزهير بن أبي سلمى، يذكر ناقته، وهو يقصد بها هذا الممدوح على بعد الطريق والطريق محدود ب لما به من آكام ومتون، والغار: الغائر. والشاهد: الفصل بين كم الخبرية وتمييزها وهو «محدودبا» ونصبه، لقبح الفصل بين الجار والمجرور ... والأصل «وكم محدودب» بالجرّ، ففصل ونصب. [سيبويه/ 1/ 395 والإنصاف/ 306، وشرح المفصل/ 4/ 129، والأشموني/ 4/ 83]. 329 - كسا اللؤم تيما خضرة في جلودها … فويلا لتيم من سرابيلها الخضر قاله جرير، يهجو بني التيم رهط عمر بن لجأ. والخضرة: السواد هاهنا. والويل: القبوح، مصدر لا فعل له .. جعل لهم سرابيل سودا من اللؤم على طريق المثل، لأنهم يقولون للكريم النقي العرض: هو طاهر الثوب أبيض السربال، والشاهد: نصب «ويلا» والأكثر في كلامهم رفعه. [سيبويه/ 1/ 167، وشرح المفصل/ 1/ 121، وديوان جرير]. 330 - فلا ذا جلال هبنه لجلاله … ولا ذا ضياع هنّ يتركن للفقر

331 - سرت تخبط الظلماء من جانبي قسا … وحب بها من خابط الليل زائر

قاله هدبة بن الخشرم العذري .. ذكر المنايا وعمومها للخلق، فيقول: لا يتركن الجليل هيبة لجلاله، ولا الضائع الفقير إشفاقا على ضياعه وفقره. والشاهد: نصب (ذا) في الموضعين بإضمار فعل مفّسر تقديره: فلا هبن ذا جلال ولا يتركن ذا ضياع. [سيبويه/ 1/ 72، وشرح المفصل/ 2/ 37]. 331 - سرت تخبط الظلماء من جانبي قسا … وحبّ بها من خابط الليل زائر قاله ذو الرّمة، نعت خيال الحبيبة، فجعل له ضميرها، وقوله: يخبط الظلماء، أي: يسير فيها على غير هدى، و «قسا» موضع. قوله: حبّ بها، أي: أحبب بها. والشاهد: نعت خابط بلفظ زائر النكرة، لأنّ الموصوف إضافته غير محضة، فلم يستفد التعريف. [سيبويه/ 1/ 212]. 332 - فلمّا لحقنا والجياد عشيّة … دعوا يالكلب واعتزينا لعامر قاله الراعي النميري، يقول: خرجنا في طلبهم فلحقناهم عشية، والاعتزاء هنا: الانتساب. والشاهد: عطف «الجياد» على الضمير المتصل بالفعل، وهو قبيح حتى يؤكد بالضمير المنفصل، فيقال: لحقنا نحن والجياد، وفي «اللسان» فلما التقت فرساننا ورجالهم .. ولا شاهد فيه. [سيبويه/ 1/ 391]. 333 - ألا أبلغ الأقياس قيس بن نوفل … وقيس بن أهبان وقيس بن جابر البيت لزيد الخير (الخيل) والشاهد: جمع قيس على أقياس. والأكثر في أعلام الناس جمع السالم. [سيبويه/ 2/ 97، والخزانة/ 5/ 377]. 334 - عوّدت قومي إذا ما الضيف نبّهني … عقر العشار على عسري وإيساري إني إذا خفيت نار لمرملة … ألفى بأرفع تلّ رافعا ناري ذاك وإني على جاري لذو حدب … أحنو عليه بما يحنى على الجار الأبيات للأحوص .. والعشار: النوق التي أتى عليها من حملها عشرة أشهر. والمرملة: الجماعة التي نفد زادها، مشتق من الرمل، كأنهم لا يملكون غيره، كما يقال: ترب الرجل: إذا افتقر، والتلّ: ما ارتفع من الأرض. ذاك: في البيت الثالث: خبر مبتدأ محذوف،

335 - وقال رائدهم أرسوا نزاولها … فكل حتف امرئ يمضي لمقدار

والتقدير: شأني ذاك، وأمري ذاك، وجملة إني على جاري الخ، معطوفة على الجملة قبلها، وأوجب كسر همزة إنّ لوجود اللام في الخبر (لذو) ولولاها لجاز الفتح (أنّ) وكانت مؤولة مع معموليها بمصدر مرفوع معطوف على «ذاك» عطف مفرد على مفرد. والشاهد: ذاك وإني، حيث كسر همزة إنّ لدخول لام التوكيد. ولو لم تدخل لفتحت حملا على ما قبلها. [الخزانة/ 10/ 268، وسيبويه/ 1/ 463]. 335 - وقال رائدهم أرسوا نزاولها … فكلّ حتف امرئ يمضي لمقدار البيت للأخطل ... والرائد: الذي يتقدم القوم ليطلب الماء والكلأ. والمراد هنا: زعيم القوم، أرسوا: أي أقيموا ولا تتزحزحوا، وهو من إرساء السفينة، نزاولها: نزاول الحرب، أي: قال رائد القوم: أقيموا نقاتل، فإن موت كل نفس يجري بمقدار الله وقدره، فلا الجبن ينجيه ولا الإقدام يرديه. والشاهد: رفع نزاولها على الاستئناف، ولو أمكنه الجزم على الجواب لجاز. [سيبويه/ 1/ 450، وشرح المفصل/ 7/ 50، والخزانة/ 9/ 87]. 336 - أما الإماء فلا يدعونني ولدا … إذا ترامى بنو الإموان بالعار للقتال الكلابي. يقول: أنا ابن حرة، فإذا ترامى بنو الإماء بالعار لم أعدّ فيهم ولا لحقني من التعيير ما لحقهم. والشاهد: جمع (أمة) على (إموان) لأنها فعلة في الأصل حذفت لامها كما حذفت لام «أخ» وفعل يجمع على (فعلان) نحو «أخ - وإخوان». [سيبويه/ 2/ 99، 192، واللسان «أما»]. 337 - إذا تغنّى الحمام الورق هيّجني … ولو تغرّبت عنها أمّ عمّار قاله النابغة الذبياني. والشاهد: نصب أم عمار بفعل دلّ عليه ما قبله، لأن هيجني تدل على «فذكّرني». [سيبويه/ 1/ 144، والخصائص/ 2/ 425، 428]. 338 - لا يبعدن قومي الذين هم … سمّ العداة وآفة الجزر

339 - ولنعم حشو الدرع أنت إذا … دعيت نزال ولج في الذعر

النازلون بكلّ معترك … والطيبون معاقد الأزر البيتان قالتهما خرنق بنت هفان من بني قيس بن ثعلبة ... لا يبعدن: أي: لا يهلكن سمّ العداة: أي: هم كالسمّ لأعدائهم، يقضون عليهم. والعداة: جمع عاد، والآفة: العلة والمرض، والجزر: جمع جزور وهي الناقة تجزر، جعلتهم آفة للإبل لكثرة ما ينحرون منها. والمعترك: موضع ازدحام القوم في الحرب والأزر: جمع إزار، وهو ما يستر النصف الأسفل من البدن، والرداء: ما ستر النصف الأعلى. والمعاقد: جمع معقد، حيث يعقد الإزار ويثنى. وطيب المعاقد كناية عن العفّة وأنها لا تحل لفاحشة. والشاهد: نصب، معاقد ب «الطيبون» وأنّ المثنى والمجموع من الصفة المشبهة المقرونة بأل يجب نصب ما بعده، ما ثبتت فيه النون [سيبويه/ 1/ 140، والإنصاف/ 468، 743، وشرح التصريح/ 2/ 116، والهمع/ 2/ 119، والأشموني/ 3/ 68، 214، والخزانة/ 5/ 41]. 339 - ولنعم حشو الدّرع أنت إذا … دعيت نزال ولجّ في الذّعر قاله زهير بن أبي سلمى، يمدح فيها هرم بن سنان، بالشجاعة والإقدام، إذا نادى الأقران: نزال - نزال. والشاهد: (نزال) أريد به لفظه فجعل نائب فاعل. وأصله اسم فعل أمر بمعنى «انزل». [سيبويه/ 2/ 37، والإنصاف/ 535، وشرح المفصل/ 4/ 26، والخزانة/ 6/ 317]. 340 - أبدا كالفراء فوق ذراها … حين يطوي المسامع الصّرار لم أعرف قائله .. والفراء: جمع فرا، وهو الحمار الوحشي، والصّرار: طائر يصيح في الليل. والشاهد: الكاف في «كالفراء» تعينت اسميتها، وتقع مبتدأ. [العيني/ 3/ 392]. 341 - في فتية جعلوا الصليب إلههم … حاشاي إني مسلم معذور البيت للأقيشر المغيرة بن عبد الله، والمعذور: المختون. والشاهد: حاشاي: إذا استثني بها ضمير المتكلم وقصد الجرّ، قيل: حاشاي، وإذا

342 - قهرت العدا لا مستعينا بعصبة … ولكن بأنواع الخدائع والمكر

قصد النصب قيل: حاشاني، بنون الوقاية. [الهمع 1/ 232، والدرر/ 1/ 197، وشرح التصريح/ 1/ 112، والعيني/ 1/ 377]. 342 - قهرت العدا لا مستعينا بعصبة … ولكن بأنواع الخدائع والمكر لم أعرف قائله ... والشاهد: لا مستعينا: حيث وقع مستعينا حال، بعد «لا» ولم تكرر. [الهمع/ 1/ 148، والدرر/ 1/ 129، 202، والأشموني/ 2/ 18]. 343 - بلى سوف نبكيهم بكلّ مهنّد … ونبكي عميرا بالرّماح الخواطر من قول الجحاف بن حكيم ... وعمير: هو العمير بن الحمام. والشاهد: وقوع «بلى» جوابا للاستفهام إذا كان يراد به النفي، دون أن يكون قبلها النفي، كقولك: هل يستطيع زيد مقاومتي؟ إذا كان منكرا لمقاومته ... وهو جواب لقول الأخطل: ألا فسل الجحّاف هل هو ثائر … بقتلى أصيبت من نمير بن عامر 344 - جاري لا تستنكري عذيري … سيري وإشفاقي على بعيري جاري: منادى مرخم، والأصل: يا جارية، وحذفت ياء النداء من النكرة المقصودة على قلّة، وقوله: سيري: بدل من عذيري، والعذير، ما يعذر عليه الرجل من أمر يرومه، ويكون بمعنى النصير، ويقال: عذيرك من فلان، بالنصب، أي: هات من يعذرك، أي: ينصرك، والرجز للعجّاج. [سيبويه/ 1/ 325، وشرح المفصل/ 2/ 16، وشرح التصريح/ 2/ 185، والأشموني/ 3/ 172]. 345 - كشحا طوى من بلد مختارا … من يأسه اليائس أو حذارا هذا من رجز العجاج .. يصف ثورا وحشيا أو حمارا، خرج من بلد إلى بلد، يأسا من مرعى كان فيه، أو خوفا من صائد أحسّ به، والكشح: الجنب أو الخصر، ويقال لكل من أضمر شيئا ونواه: طوى عليه كشحا وإنما نوى النقلة مختارا لذلك. وشاهده: زيادة (من) من قوله «من يأسه» لأنّ معناه يأسة اليائس. ولذلك عطف عليه

346 - أنعت عيرا من حمير خنزره … في كل عير مائتان كمره لاقين أم زاحر بالمزربه … وكمنها مقبلة ومدبره

بالنصب، قوله أو حذارا. [سيبويه/ 1/ 35، والإنصاف/ 187]. 346 - أنعت عيرا من حمير خنزره … في كلّ عير مائتان كمره لاقين أمّ زاحر بالمزربه … وكمنها مقبلة ومدبره رجز ينسب إلى الأعور بن براء الكلبي يهجو أمّ زاحر، والعير: بالكسر، قافلة الحمير، وكثرت حتى سميت بها كل قافلة، فكل قافلة: عير كأنها جمع عير، وقوله تعالى: وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ [يوسف: 94] قالوا: كانت حميرا، والكمرة: رأس الذكر، والشاعر يهجو أم زاحر، بأن تلك الحمر وثبن عليها، وهنّ مائتان في العدّ، وقوله: وكمنها، أي: وطئنها. والشاهد: إثبات النون في «مائتين» ونصب ما بعدها للضرورة، والأصل حذف النون، وإضافته إلى ما بعده. [سيبويه/ 1/ 106، وشرح المفصل/ 6/ 24، ومعجم البلدان «خنزرة» واللسان «خنزر»]. 347 - إذا رأتني سقطت أبصارها … دأب بكار شايحت بكارها رجز من شواهد سيبويه، وسقطت أبصارها: خشعت هيبة لي ولعله يعني قوما من الناس، والدأب: العادة، والبكار: جمع البكر، والبكرة من الإبل، وهو الفتيّ، بمنزلة الغلام من الناس. مثل فرخ، وفراخ. وشايحت: جدّت ومضت، أو حاذرت. وقد أضاف «بكارها» إلى ضمير بكار الأولى وذلك على سبيل التوكيد لاختلاف معنى اللفظين، لأن البكار الأولى جمع بكرة بمعنى الإناث والثانية جمع بكر بمعنى الذكور. والشاهد: قوله: دأب بكار: نصبه على المصدر المشبّه به، وعامله معنى قوله «إذا رأتني سقطت أبصارها» لأنه دال على دؤوبها في ذلك، وينصب المصدر على المصدر أو الحال. [سيبويه/ 1/ 179]. 348 - إنّ نزارا أصبحت نزارا … دعوة أبرار دعوا أبرارا نسبه سيبويه إلى رؤبة بن العجاج، والمعنى: أن ربيعة ومضر ابني نزار كانت بينهما حرب بالبصرة وتقاطع، وكان المضري ينتهي في الحرب إلى مضر ويجعلها شعاره، والرّبعي ينتمي إلى ربيعة، فلما اصطلحوا انتموا كلهم إلى أبيهم نزار، وجعلوه شعارهم. فجعل دعوتهم برّة بذلك.

349 - ما الله موليك فضل فاحمدنه به … فما لدى غيره نفع ولا ضرر

والشاهد: نصب «دعوة» على المصدر المؤكد لما قبله، لأنه لما قال: إنّ نزارا أصبحت نزارا، علم أنهم على دعوة برّة. [سيبويه/ 1/ 191، وشرح المفصل/ 1/ 117]. 349 - ما الله موليك فضل فاحمدنه به … فما لدى غيره نفع ولا ضرر ما: اسم موصول: مبتدأ. و «الله موليك» مبتدأ وخبر، والجملة صلة الموصول، فضل: خبر المبتدأ الأول «ما» والبيت شاهد على اسمية «ما» لأنها أسند إليها الخبر. [شرح التصريح/ 1/ 145، والهمع/ 1/ 89، والأشموني/ 1/ 170]. 350 - لا تركننّ إلى الأمر الذي ركنت … أبناء يعصر حين اضطرها القدر البيت منسوب لكعب بن زهير رضي الله عنه، ويعصر: أبو قبيلة منها باهلة. وأصله «أعصر» جمع عصر، فأبدلت الياء من الهمزة، وسمى ب «أعصر» لقوله: أبنيّ إنّ أباك غيّر لونه … كرّ الليالي واختلاف الأعصر .. وقوله «ركنت» فعل ماض والتاء علامة التأنيث وعائد الموصول محذوف مع جارّه، والتقدير: ركنت إليه وهو الشاهد. [الأشموني ج 1/ 173، والعيني/ 1/ 449، وشرح التصريح/ 1/ 147]. 351 - المطعمين لدى الشّتا … ء سدائفا ملنيب غرّا في الجاهلية كان سؤ … دد وائل فهلمّ جرّا هذا الشعر للمؤرج بن الزمان التغلبي. يريد الشاعر الثناء على قوم بالكرم والسيادة، والعرب تمدح بالإطعام في الشتاء، لأنه زمن يقلّ فيه الطعام، ويكثر فيه الأكل، والسدائف: جمع سديفة، وهي مفعول للمطعمين، ومعناها شرائح سنام البعير المقطع وغيره مما غلب عليه السمن. وقوله: ملنيب: أصله «من النيب» جمع ناب وهي الناقة، سميت بذلك لأنه يستدلّ على عمرها بنابها. وحذف نون من، لأنه أراد التخفيف حين التقى المتقاربان، وهما النون واللام، وتعذر الإدغام لأن اللام ساكنة. وقوله: «في الجاهلية» خبر كان إن قدرت ناقصة، أو متعلق بها إن قدرت تامة بمعنى وجد.

352 - لطالما جررتكن جرا … حتى نوى الأعجف واستمرا

وقوله: فهلمّ جرا، متعلق في المعنى بقوله في الجاهلية، أي: كان سؤدد وائل في الجاهلية فما بعدها وانظر إعراب «هلم جرّا في الشاهد» رقم «354» من حرف الراء [رسالة في توجيه النصب في إعراب «هلمّ جرا، لابن هشام/ 46. والبيت الأول في الهمع/ 2/ 2]. 352 - لطالما جررتكنّ جرّا … حتى نوى الأعجف واستمرّا رجز لا يعرف قائله، وهو شاهد على أن معنى «جرّا» من «هلم جرّا» مأخوذ من الجرّ في السّوق، وهو أن تترك الإبل والغنم ترعى في السير. والأعجف: الهزيل، و «نوى» صار له نيّ بفتح النون وتشديد الياء - وهو الشحم. وأما النّيء، بكسر النون، وبهمزة بعد ياء ساكنة فهو اللحم الذي لم ينضج، واستمرّ: من المرّة بكسر الميم، وهو القوّة، ومنه قوله تعالى: ذُو مِرَّةٍ [النجم: 6]. [انظر مراجع البيت السابق]. 353 - باعد أمّ العمرو من أسيرها … حرّاس أبواب على قصورها البيت لأبي النجم، يريد بأسيرها: نفسه، كأنه في أسرها، لعشقه إيّاها. والشاهد: إدخال اللام على العمر، لتأوله بواحد من الأمة المسماة به، فجرى مجرى فرس ورجل. 354 - فإن جاوزت مقفرة رمت بي … إلى أخرى كتلك هلمّ جرّا وردت قصة هذا البيت في مجمع الأمثال، وملخصها: أنّ عائذا غاب عن أهله، وكان له أخ يقال له جندلة، وهما ابنا يزيد اليشكري، ولما رجع عائذ، قال له أخوه جندلة: أعائذ ليت شعري أيّ أرض … رمت بك بعد ما قد غبت دهرا مع أبيات أخرى، فأجابه عائذ بأبيات منها: أجندل كم قطعت إليك أرضا … يموت بها أبو الأشبال ذعرا فإن جاوزت مقفرة رمت بي … إلى أخرى كتلك هلمّ جرا فكان عائذ اليشكري، أول من قال «هلم جرا» ومعنى «هلم جرا» سيروا على

355 - حتى استكانوا وهم مني على مضض … والقول ينفذ ما لا ينفذ الإبر

هينتكم، أي: تثبتوا في سيركم، ولا تجهدوا أنفسكم، وهو مأخوذ من الجرّ في السّوق، وهو أن تترك الإبل والغنم ترعى في السير، وانتصاب جرّا من ثلاثة وجوه: 1 - أن يكون مصدرا وضع موضع الحال والتقدير: وهلمّ جارّين، أي: متثبتين. 2 - أن يكون على المصدر، لأن في هلم معنى «جرّوا» فكأنه قال: جرّوا جرا، على قياس قولك: جاء زيد مشيا. 3 - منصوب على التمييز. وزعم ابن هشام أن التركيب ليس عربيا محضا، وذكر أدلة ينقضها كون هذا التركيب، جاء في الشعر العربي الجاهلي، وكونه جاء في كتب الحديث على لسان فصحاء قريش، فقد جاء في موطأ الإمام مالك عن ابن شهاب، أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة، والخلفاء هلم جرّا، وعبد الله بن عمر قال الإمام الزرقاني وفي هذا البيت: (فإن جاوزت مقفرة) ونطق ابن شهاب به، وهو من قريش الفصحاء، ما يدفع توقّف ابن هشام في كونه عربيا محضا. [رسالة في توجيه النصب لابن هشام/ 46]. 355 - حتى استكانوا وهم منّي على مضض … والقول ينفذ ما لا ينفذ الإبر البيت للأخطل في ديوانه، والخصائص/ ج 1/ 15. 356 - كأنهم أسيف بيض يمانية … عضب مضاربها باق بها الأثر البيت في لسان العرب بلا نسبة، وأنشده شاهدا على جمع سيف على «أسيف» وعضب: قاطع، وصف بالمصدر، ولهذا فقد تعرب مضاربها فاعلا، والأثر فاعل باق، والأثر: وزن «فعل» واحد ليس بجمع، وهو فرند السيف ورونقه والجمع أثور. [اللسان - سيف، وأثر، والأشموني ج 4/ 123، وشرح التصريح/ 2/ 301]. 357 - ولكنّ أجرا لو فعلت بهيّن … وهل ينكر المعروف في الناس والأجر البيت غير منسوب، وهو شاهد على أن الباء تزاد سماعا بقلة في خبر لكنّ. [الخزانة/ 9/ 523، وشرح المفصل 8/ 139]. 358 - لعلهما أن تبغيا لك حيلة … وأن ترحبا صدرا بما كنت أحصر

359 - ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت … فإنما هي إقبال وإدبار

البيت لعمر بن أبي ربيعة، وأحصر: بفتح الصاد، مضارع حصر، بكسرها، أي: ضاق صدره، وقوله: لعلهما: جعل لعلّ بمنزلة عسى، وجاء بخبرها مقرونا بأن وفيه أيضا جواز دخول التاء على أول المضارع «تبغيا» المخبر به عن ضمير غيبة المؤنث. [الهمع/ 1/ 135، 2/ 171، والدرر/ 1/ 113، 2/ 226 وديوانه]. 359 - ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت … فإنما هي إقبال وإدبار البيت للخنساء من قصيدة ترثي بها أخاها صخرا، ومن مشهور أبيات القصيدة، قولها: وإنّ صخرا لمولانا وسيدنا … وإنّ صخرا إذا نشتو لنحّار وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به … كأنه علم في رأسه نار .. وقولها: رتعت: أي: رعت، وادكرت: تذكرت ولدها، شبهت نفسها في شدة تذكرها لأخيها بناقة ترتع في خصب ولكنها لا تهنأ لشدة تذكرها ولدها وحنينها إليه. والبيت ذكره الرضيّ شاهدا على أن اسم المعنى (إقبال) يصحّ وقوعه خبرا عن اسم العين إذا لزم ذلك المعنى لتلك العين حتى صار كأنه هي وهو من قبيل «زيد عدل». واستشهد به الزمخشري عند قوله تعالى: وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى [البقرة: 189] على أن الإسناد مجازي بدعوى أن المتّقي هو عين البرّ بجعل المؤمن كأنه تجسّد من البرّ، ولعبد القاهر الجرجاني تعليق حسن على البيت في دلائل الإعجاز (212) وانظر [الخزانة ج 1/ 431، وكتاب سيبويه 1/ 169]. 360 - أعاذل توشكين بأن تريني … صريعا لا أزور ولا أزار البيت بلا نسبة في الهمع 1/ 130، وقوله: أعاذل: الهمزة للنداء، وعاذل منادى مرخم (عاذلة). وفيه دخول الباء في خبر أوشك على قلة. 361 - فعجتها قبل الأخيار منزلة … والطّيّبي كلّ ما التاثت به الأزر البيت للفرزدق من قصيدة مدح بها عمر بن عبد العزيز. وقوله: فعجتها: الضمير للناقة وعجتها: عطفت رأسها بالزمام. والقبل: الجهة. ومنزلة: تمييز. والطيبي معطوف على الأخيار وهو جمع مذكر سالم حذفت نونه للإضافة. والتاثت: التفت، والأزر: جمع إزار، وهو ما يستر من السرة إلى أسفل. والرداء: ما يستر من المنكب إلى أسفل. وهذا كناية عن وصفهم بالعفة، والعرب تكني بالشيء عما يحويه ويشتمل عليه، كقولهم:

362 - ليس شيء إلا وفيه إذا ما … قابلته عين البصير اعتبار

ناصح الجيب، أي: الفؤاد. أراد أنهم أخيار ذوو عفّة. والبيت شاهد على أن الطيبي صفة مشبهة مضافة إلى مضاف إلى الموصول. [الخزانة/ 4/ 137]. 362 - ليس شيء إلا وفيه إذا ما … قابلته عين البصير اعتبار البيت بلا نسبة في [الهمع 1/ 116، والأشموني 1/ 246]، وهو شاهد على دخول الواو على خبر ليس بعد إلّا، وهو قوله (إلّا وفيه اعتبار) الجملة الاسمية. 363 - وما نفعت أعماله المرء راجيا … جزاء عليها من سوى من له الأمر الشاهد بلا نسبة في الأشموني 2/ 59، وفيه تقديم الفاعل المتصل بضمير المفعول به فعاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة، وجمهور النحويين يمنعون هذا وأجازه ابن مالك. 364 - فعليك بالحجاج لا تعدل به … أحدا إذا نزلت عليك أمور البيت للأخطل في ديوانه ص 195. 365 - عنيت قصيرات الحجال ولم أرد … قصار الخطى شرّ النساء البحاتر البيت منسوب لكثير عزّة، وقبل البيت: وأنت التي حبّبت كلّ قصيرة … إليّ وما تدري بذاك القصائر وامرأة قصيرة وقصورة: مصونة محبوسة مقصورة في البيت، لا تخرج منه. والقصائر: جمع قصورة وهو بيت العروس. وقصيرات الحجال: النساء المقصورات في الحجال: جمه حجلة: بيت مثل القبة، وقصار الخطى: جمع قصيرة، أراد المرأة القصيرة القامة، تكون قصيرة الخطى وتجمع على قصار. وقوله: «شرّ النساء البحاتر» البحاتر: جمع بحتر وهي المرأة القصيرة، ويروى: البهاتر، بالهاء، وفيه جواز تقديم الخبر، عند حصول الفائدة في قوله «شرّ النساء البحاتر». [شرح المفصل/ 6/ 37، والهمع/ 1/ 102]. 366 - كلّ دين يوم القيامة عند الل … هـ إلّا دين الحنيفة بور البيت لأمية بن أبي الصلت الثقفي، وبور: هلاك وخسر، وفي البيت شاهد على جواز

367 - والنفس إن دعيت بالعنف آبية … وهي ما أمرت بالرفق تأتمر

توسط المستثنى بين جزئي الكلام، وكلّ: مبتدأ، وبور: خبره وجاء المستثنى بينهما. [الهمع/ 1/ 226]. 367 - والنفس إن دعيت بالعنف آبية … وهيّ ما أمرت بالرفق تأتمر البيت بلا نسبة في [الهمع/ 1/ 61، والدرر 1/ 38]. وقوله: ما أمرت، ما: مصدرية ظرفية، والشاهد تشديد ياء «هيّ» في لغة همدان. 368 - كلا ثقلينا واثق بغنيمة … وقد قدّر الرحمن ما هو قادر الشاهد بلا نسبة في الإنصاف 236، والشاهد: الإخبار عن «كلا» بالمفرد «واثق». 369 - على حين من تلبت عليه ذنوبه … يجد فقدها إذ في المقام تدابر وتروى القافية «تداثر» وهو من قصيدة للشاعر لبيد بن ربيعة الصحابي وكان له جار في الجاهلية من بني القين قد لجأ إليه. فضربه عمّه عامر بالسيف فغضب لذلك لبيد، وقال القصيدة التي منها البيت، يعدّد على عمّه بلاءه عنده، وينكر فعله بجاره. وقبل هذا البيت مما يفهم به الشاهد: ودافعت عنك الصّيد من آل عامر … ومنهم قبيل في السّرادق فاخر وذدت معدّا والعباد وطيّئا … وكلبا كما ذيد الخماس البواكر فهو يعدد أسماء القبائل التي دفعها عن عمه. والخماس بكسر الخاء الإبل التي لا تشرب أربعة أيام، والبواكر: التي تبكر غداة الخمس. وقوله: على حين، على: متعلقة بقوله «ذدت» وحين: يجوز جرها بالكسرة ويجوز بناؤها على الفتحة، لأن الظروف المضافة إلى الجمل يجوز إعرابها وبناؤها على الفتحة. واللبث: البطء. والذنوب بفتح الذال المعجمة، الدلو المملوءة ماء، والتدابر: التقاطع. يقول لعمه عند قيامه في مقام النعمان بن المنذر ملك الحيرة مع خصومه أنا دافعت عنك بلساني في مجمع، يقول: قمت بفخرك وأيامك على حين من لا يقوم بحجته، وهذا على المثل يعني أنه نصره في وقت إن تبطئ فيه الحجة على المحتج يهلك، وقوله: يجد فقدها: معناه يؤلمه فقدها، كما يقال: وجد فلان فقد فلان إذا انقطع عنه نفعه فأثر ذلك في حاله، ورواية «تداثر» معناه التزاحم والتكاثر.

370 - وبالزرق أطلال لمية أقفرت … ثلاثة أحوال تراح وتمطر

والبيت شاهد: على أن جزم أدوات الشرط المضاف إلى جملتها ظرف، خاص بالشعر كما في البيت فإنه جازى بمن مع إضافة حين إلى جملة الشرط ضرورة، وحكمها أن لا تضاف إلا إلى جملة خبرية، لأن المبهمات إنما تفسر وتوصل بالأخبار، لا بحروف المعاني وما ضمنت معناها، وجاز هذا في الشعر تشبيها لجملة الشرط بجملة الابتداء والخبر والفعل والفاعل. [الخزانة/ 9/ 61، وكتاب سيبويه 1/ 441]. 370 - وبالزّرق أطلال لميّة أقفرت … ثلاثة أحوال تراح وتمطر البيت لذي الرّمة في ديوانه، والأحوال: جمع حول، وهو السنة بأسرها. 371 - فما جنّة الفردوس أقبلت تبتغي … ولكن دعاك الخبز أحسب والتمر البيت بلا نسبة في الهمع 1/ 153، والبيت شاهد لوقوع الفعل القلبي الملغى (أحسب) بين المعطوف والمعطوف عليه (الخبز - أحسب - والتمر). 372 - أبائنة حبّى نعم وتماضر … لهنّا لمقضيّ علينا التّهاجر .. ليس له قائل معروف. وقوله: أبائنة: الهمزة للاستفهام. وبائنة: اسم فاعل من البين وهو الفراق، وبائنة: مبتدأ، استغنى بمرفوعه وهو «حبّي» عن الخبر لاعتماده على الاستفهام. و «حبّى» من أعلام النساء غير منصرف. وكذلك «تماضر» علم امرأة، بضم التاء منقول من فعل مضارع من المضر مصدر «مضر» اللبن، كنصر وفرح، أي: حمض، وهو معطوف على «حبّى» والمقضيّ: اسم مفعول من قضى عليه قضاء، بالمدّ والقصر، والتهاجر: نائب فاعل وأما لهنّا: فمجمل القول فيها: أن اللام، لام القسم، أو زائدة، والهاء: بدل من همزة (إنّ) المكسورة الهمزة، واللام في «لمقضيّ» هي لام الابتداء التي تكون مع خبر (إنّ). [الخزانة/ 10/ 335]. 373 - فقصرن الشتاء بعد عليه … وهو للذّود أن يقسّمن جار البيت في لسان العرب «قصر» لأبي داود، وفي كتاب سيبويه لعديّ بن الرقاع العاملي، ولأبي داود الإيادي قصيدة من بحر الخفيف، وبقافية رائية مضمومة، لعلّ البيت يكون منها. وقوله: فقصرن: من قصر الشيء، إذا حبسه، ويريد بها النوق، أي: حبسن عليه يشرب ألبانها في شدة الشتاء. ومعنى الشطر الثاني: أنه يجيرها من أن يغار عليها فتقسم. وموضع «أن» نصب كأنه قال: لئلا يقسمن ومن أن يقسّمن، فحذف وأوصل، وقال

374 - كل سعي سوى الذي يورث الفو … ز فعقباه حسرة وخسار

النحاس: هذا البيت حجة لمن يقول: «زرتك الشتاء» فيجعله ظرفا. [شرح أبيات سيبويه/ 114، و «لسان العرب - قصر» وسيبويه/ 1/ 219 هارون]. 374 - كلّ سعي سوى الذي يورث الفو … ز فعقباه حسرة وخسار البيت بلا نسبة في [الهمع 1/ 202، والدرر 1/ 171]، والبيت شاهد على استعمال «سوى» للاستثناء مثل «غير». 375 - وكنت أرى كالموت من بين ليلة … فكيف ببين كان ميعاده الحشر البيت للشاعر سلمة الجعفي (سلمة بن يزيد)، وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحدّث عنه، والبيت من قطعة رثى بها أخاه لأمّه، وسبق البيت الشاهد بيتان هما: أقول لنفسي في الخلاء ألومها … لك الويل ما هذا التجلّد والصبر ألم تعلمي أن لست ما عشت لاقيا … أخي إذ أتى من دون أوصاله القبر وقوله: كالموت، جعل الكاف اسما، وقوله: من بين ليلة: (من) زائدة للتبيين والبين: الفراق، والمعنى: كنت أعدّ مفارقتي له في ليلة كالموت أو أقاسي مثل الموت من أجل مفارقة ليلة منه، فكيف يكون حالي وقد فرّق بيني وبينه (بين) موعد الالتقاء بعده يوم القيامة وقوله: «من بين ليلة» مثل قوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ [الحج: 30] ولك أن تجعل (من بين) في موضع المفعول لأرى، وتجعل من زائدة على مذهب الأخفش في جواز دخوله زيادة في الكلام الموجب فيكون التقدير: وكنت أرى (بين) ليلة، أي فراق ليلة كالموت فيكون كالموت، في موضع المفعول الثاني. وقوله: «كان ميعاده» وضع الماضي موضع المستقبل، أي: يكون ميعاده والهاء يرجع إلى البين. والحشر: اسم كان، وميعاده: الخبر. [شرح الحماسة للمرزوقي ج 3/ 1081]. 376 - على قرماء عالية شواه … كأنّ بياض غرّته خمار البيت منسوب إلى سليك بن السلكة في كتاب سيبويه، ولسان العرب: (قرم) وينسب إلى بشر بن أبي خازم، في ديوانه. وقرماء: اسم مكان. وهو أحد ثلاثة أسماء جاءت على وزن «فعلاء». والشاعر يصف فرسا له، نفق في هذا الموضع .. يقول: علت قوائمه قرماء، وتروى (فرماء) بالفاء، قال ابن بري: من زعم أن الشاعر رثى فرسه لم يروه إلا

377 - ثم أضحوا كأنهم ورق جف … فألوت به الصبا والدبور

«عالية» شواه لأنه إذا مات انتفخ وعلت قوائمه، ومن زعم أنه لم يمت وإنما وصفه بارتفاع القوائم فإنه يرويه «عالية» شواه، وعالية، بالرفع والنصب. وقبل البيت الشاهد: كأنّ قوائم النّحام لمّا … تحمّل صحبتي أصلا محار والنحّام: اسم الفرس، وقوله: كأن .. الخ شبه غرته في البياض والاستطالة بما أسبل من الخمار وهو العمامة. [سيبويه/ 4/ 258، هارون]. 377 - ثم أضحوا كأنّهم ورق جفّ … فألوت به الصّبا والدّبور البيت للشاعر عديّ بن زيد من قصيدة وعظ بها النعمان بن المنذر، وكان قد حبسه ثم قتله، ومطلع القصيدة أحد الشواهد (أرواح .. تصير)، وقبل البيت الشاهد: وتذكّر ربّ الخورنق إذ أشرف يوما وللهدى تفكير … سرّه ملكه وكثرة ما يحويه والبحر معرضا والسدير فارعوى قلبه فقال وما غبطة حيّ إلى الممات يصير … ثم بعد الفلاح والملك والإمّة وارتهم هناك القبور ثم أضحوا .. وقوله: ورق جفّ .. يروى «ورق جفّ» برفع الفاء، أي: يابس. فألوت به، أي: ذهبت به. شبه الذين مضوا، وانقراضهم بورق الشجر وتغيّره وجفافه. وذكر الصّبا والدبور، وهما ريحان لأن لهما تأثيرا في الأشجار. قال الزمخشري في المفصل «وأصبح وأمسى، وأضحى على ثلاثة معان .. الثالث منها أن تكون بمعنى صار، كقولك: أصبح زيد غنيا وأمسى فقيرا» .. واستشهد بالبيت على أن «أضحى بمعنى صار، من غير أن يقصد بها إلى وقت مخصوص. [شرح المفصل ج 7/ 104، والأشموني/ 1/ 230، والهمع/ 1/ 114]. 378 - لدم ضائع تغيّب عنه … أقربوه إلا الصّبا والدبور البيت بلا نسبة في [العيني 3/ 105، والدرر 1/ 194، والهمع/ 1/ 229]. 379 - ولهت عليه كلّ معصفة … هوجاء ليس للبّها زبر

380 - قليلا غرار العين حتى يقلصوا … على كالقطا الجوني أفزعه الزجر

البيت لابن أحمر. والزّبر: في الأصل طيّ البئر إذا طويت تماسكت واستحكمت، ثم أخذ للعقل، فقيل: ماله زبر، أي: ماله عقل وتماسك. واستعار الشاعر الزبر للريح، وإنما يريد انحرافها وهبوبها وأنها لا تستقيم على مهبّ واحد، فهي كالناقة الهوجاء، وأنشد سيبويه البيت برفع هوجاء على أنه وصف لكلّ، وأنّث الشاعر الوصف حملا على المعنى، إذ «الكلّ» هنا ريح والريح أنثى، وهو نظير قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران: 185]. [كتاب سيبويه 1/ 272، واللسان - زبر، وهوج]. 380 - قليلا غرار العين حتى يقلّصوا … على كالقطا الجونيّ أفزعه الزّجر البيت للأخطل. وغرار العين: قلة نومها. والجوني: نسبة إلى الجون وهو السواد. يقول: ما ناموا إلا قليلا حتى قلصوا، أي: ركبوا القلص، وشبهها بالقطا، لسرعتها. والبيت شاهد على جرّ الكاف بعلى، والتقدير: على مثل القطا. [شرح أبيات المغني ج 4/ 133]. 381 - فأمسى مقفرا لا حيّ فيه … وقد كانوا فأمسى الحيّ ساروا البيت بلا نسبة في الهمع 1/ 113، والبيت شاهد على جواز وقوع خبر «أمسى» ماضيا، وهو «ساروا». 382 - إنّي أتتني لسان لا أسرّ بها … من علو لا عجب منها ولا سخر البيت للشاعر أعشى باهلة (عامر بن الحارث) من قصيدة رثى بها المنتشر بن وهب الباهلي أخاه لأمه. وقوله: أتتني لسان: اللسان هنا بمعنى الرسالة، وأراد بها نعي المنتشر ولهذا أنث له الفعل، فإنه إذا أريد به الكلمة أو الرسالة يؤنث ويجمع على «ألسن» وإذا كان بمعنى جارحة الكلام فهو مذكر ويجمع على «ألسنة»، وقوله: «لا عجب»، أي: لا أعجب منها، وإن كانت عظيمة لأنّ مصائب الدنيا كثيرة، ولا سخر: بفتحتين وبضمتين مصدر سخر منه كفرح، وسخرا بضمتين: استهزأ به. والشاهد قوله: «من «علو» فقد روي بالضم والفتح والكسر، وهي لغة في «من عل» بكسر اللام وفتحها وضمها، والتقدير: أتاني خبر من أعلى نجد. [شرح المفصل ج 4/ 90، والخزانة ج 1/ 190]. 383 - لا تأمن البازل الكوماء عدوته … ولا الأمون إذا ما اخروّط السّفر

384 - ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ … زغب الحواصل لا ماء ولا شجر

البيت لأعشى باهلة، من قصيدة البيت السابق. والبازل: البعير الذي فطر نابه بدخوله في السنة التاسعة، ويقال للناقة بازل أيضا يستوي فيه الذكر والأنثى، والكوماء بالفتح: الناقة العظيمة السنام. والعدوة: التعدي فإنه ينحرها لمن معه سواء كانت المطية مسنة كالبازل، أو شابّة، كالأمون وهي الناقة الموثّقة الخلق يؤمن عثارها وضعفها. واخروّط: امتد وطال. 384 - ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ … زغب الحواصل لا ماء ولا شجر البيت للحطيئة، من قطعة قالها يستعطف عمر بن الخطاب، لما حبسه في هجاء الزبرقان. وذو مرخ: مكان وأراد بالأفراخ: أطفاله. وفي البيت: جمع فرخ على أفراخ، والقياس: فراخ، وأفرخ، وقوله: ماذا: قال العيني، ما: مبتدأ، وذا خبره. [شرح المفصل/ 5/ 16، والأشموني/ 4/ 124، وشرح التصريح/ 2/ 302]. 385 - وكانوا أناسا ينفحون فأصبحوا … وأكثر ما يعطونك النّظر الشزر غير منسوب، وفيه شاهد على مجيء خبر «أصبح» جملة مقترنة بالواو، تشبيها لها بالجملة الحالية. [الهمع/ 1/ 166، والدرر/ 1/ 86]. 386 - ومن يميل أمال السيف ذروته … حيث التقى من حفافي رأسه الشّعر البيت للفرزدق. وهو في كتاب سيبويه، شاهد على أنه لم يجزم ب (من) وإنما جعلها موصولة كأنه قال: والذي يميل، والفعل صلتها. وفي ديوانه (ومن يمل يمل المأثور ذروته) فلا شاهد فيه. وملتقى حفافي شعر الرأس، هو القفا. أي: من مال عن الحقّ والتزام الطاعة قتل. [سيبويه/ 3/ 70، هارون]. 387 - رأت إخوتي بعد الجميع تفرّقوا … فلم يبق إلا واحدا منهم شفر البيت بلا نسبة في الخزانة ج 7/ 359، واللسان (شفر)، وشفر: بفتح الشين وضمها مع سكون الفاء، يقال: ما بها شفر، أي: ما بها قليل ولا كثير، من قولك «شفّر» بالتشديد، إذا قلّ. وهذا اللفظ يقع في الغالب مصحوبا بالنفي. وقوله: إلا واحدا شفر: وجب نصب المستثنى لتقدمه على المستثنى منه وهو «شفر». 388 - أأترك ليلى ليس بيني وبينها … سوى ليلة إني إذن لصبور البيت لمجنون ليلى في ديوانه، وهو لأبي دهبل الجمحي أيضا في ديوانه، والمرزوقي

389 - أماوي ما يغني الثراء عن الفتى … إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

1319 وهو بلا نسبة في الهمع 1/ 202 / والأشموني 2/ 159. وقوله: أأترك: لفظه لفظ الاستفهام، والمعنى معنى الإنكار، كأنه أنكر من نفسه أن يترك التعريج على ليلى وبينهما مسيرة ليلة. [شرح الحماسة ص 1318]. 389 - أماويّ ما يغني الثراء عن الفتى … إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر البيت لحاتم الطائي. وقوله: حشرجت: الحشرجة: الغرغرة عند الموت وتردد النفس. وقد أورد صاحب الكشاف هذا البيت عند تفسير قوله تعالى: كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ [36 القيامة]، على إضمار النفس قبل الذكر لدلالة الكلام عليه، كما أضمرها الشاعر في حشرجت. [الخزانة/ 4/ 213]. 390 - فقلنا أسلموا إنّا أخوكم … فقد برئت من الإحن الصدور البيت للعباس بن مرداس في ديوانه. واللسان (أخا) وغير منسوب في الخزانة ج 4/ 478، والشاهد (إنّا أخوكم) فقيل: إنه وضع الواحد موضع الجمع، وقيل: إنه جمع (أخ) كجمع «أب» على أبين، وحذف النون من «أخون» للإضافة. 391 - واذكر غدانة عدّانا مزنّمة … من الحبلّق تبنى حولها الصّير البيت للأخطل. وغدانة: حيّ من يربوع. وعدّانا: جمع عتود، وأصله: عتدان إلا أنه أدغم، والعتود: الجدي الذي استكرش، وقيل: هو الذي بلغ السّفاد. والعتود: من أولاد المعز، ما رعى وقوي وأتى عليه حول. والمزنمة: المزنم: الملحق في قوم ليس منهم، ولا يحتاج إليه فكأنه فيهم زنمة، والزنمتان: هما المعلقتان عند حلوق المعزى. والحبلّق: الصغير القصير. والصير: جمع صيرة: حظيرة من خشب وحجارة تبنى للغنم والبقر. وقيل: هي حظيرة الغنم، وقوله عدّانا: منصوب على الذمّ. [شرح شواهد الشافية/ 492، واللسان «حبلق» و «غدن»]. 392 - فهل من خالد إمّا هلكنا … وهل بالموت يا للناس عار البيت لعدي بن زيد العبادي، من أبيات كتبها وهو في سجن النعمان بن المنذر، وقوله: من خالد: خالد من الخلود، وهو البقاء، وإمّا: أداة شرط (إن) مدغمة في «ما» والشاهد حذف المستغاث له. [الهمع ج 1/ 180 والشعر والشعراء ترجمة عديّ].

393 - فلا يدعني قومي صريحا لحرة … لئن كنت مقتولا ويسلم عامر

393 - فلا يدعني قومي صريحا لحرّة … لئن كنت مقتولا ويسلم عامر البيت لقيس بن زهير بن جذيمة، شاعر جاهلي ويعني عامر بن الطفيل. يقول: لئن قتلت وعامر سالم من القتل فلست بصريح النسب حرّ الأم. والشاهد: رفع «ويسلم» على القطع والاستئناف ولو نصب بإضمار «أن» لجاز، لأن ما قبله من الشرط غير واجب. [سيبويه/ 3/ 46، هارون]. 394 - فلم أر بيتا كان أحسن بهجة … من الّلذ له من آل عزّة عامر البيت بلا نسبة في الإنصاف 354، وفيه حذف ياء الذي. 395 - وكنت هناك أنت كريم قيس … فما القيسيّ بعدك والفخار البيت غير منسوب في [سيبويه/ 1/ 300 هارون، وشرح المفصل/ 2/ 52] والفخار: بالكسر، مصدر فاخره. يرثي الشاعر رجلا من سادات قيس، يقول: كنت كريمها ومعتمد فخرها، فلم يبق بعدك فخر. قال النحاس: هذا حجة لرفع القيسي والفخار، كأنه قال: وما الفخار. وقال ابن يعيش: الشاهد فيه رفع الفخار بالعطف على القيسي، مع ما في الواو من معنى «مع». 396 - ولا ينجي من الغمرات إلا … براكاء القتال أو الفرار البيت للشاعر بشر بن أبي خازم، وهو شاهد للتقسيم الذي هو من محاسن الكلام وهو أن يقصد وصف شيء تختلف أحواله فيقسم أقساما محصورة لا يمكن الزيادة عليها وقد جعل الشاعر أقسام النجاة للمحارب قسمين لا ثالث لهما، براكاء القتال، أو الفرار. والبراكاء: الثبات في الحرب والجدّ، والبراكاء أيضا: ساحة القتال. [الخزانة ج 7/ 506، واللسان «برك»]. 397 - ترك النّاس لنا أكنافهم … وتولّوا لات لم يغن الفرار البيت شاهد على أن «لات» جاءت غير مضاف إليها «حين» ولا مذكور بعدها «حين» ولا ما رادفه. وقال ناظر الجيش: وهذا يدل على أن «لات» لا تعمل، وإنما هي في هذا البيت حرف نفي مؤكّد بحرف النفي الذي هو «لم» ولو كانت عاملة لم يجز حذف الجزئين بعدها، كما لا يحذفان بعد «ما» و «لا» العاملتين عمل ليس. والبيت للأفوه

398 - ذريني للغنى أسعى فإني … رأيت الناس شرهم الفقير وأحقرهم وأهونهم عليه … وإن كانا له نسب وخير

الأودي. [الخزانة/ 4/ 174]. 398 - ذريني للغنى أسعى فإني … رأيت الناس شرّهم الفقير وأحقرهم وأهونهم عليه … وإن كانا له نسب وخير منسوبان لعروة بن الورد، وليسا في ديوانه، ولا يشبهان شعره، وخير: بكسر الخاء: الكرم. والشاهد: أنه ألحق علامة التثنية وهي الألف في «كانا» مع المتعاطفين، وهما نسب وخير، والمعنى: وإن كان للفقير نسب وكرم فهو أحقر الناس وأهونهم لأجل فقره. [شرح التصريح/ 1/ 277، والعيني/ 2/ 463]. 399 - وأنت التي حبّبت كلّ قصيرة … إليّ وإن لم تدر ذاك القصائر البيت لكثير عزّة وقد مضى قبل قليل ملاصقه (عنيت .. البحاتر)، وقد أنشد ابن يعيش البيت شاهدا على معنى الاسم المقصور، وهو «الحبس» فإنما سمي المقصور مقصورا لأنه قصر، أي: حبس عن المدّ والإعراب، وأخذ من قوله تعالى: حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ [الرحمن: 72]، ويقال: امرأة قصيرة وقصورة، إذا حبست في الحجال قبل أن تتزوج، قالوا: وربما أخذ من قصرته أي: نقصته، من قصر الصلاة من قوله تعالى: أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ [النساء: 101]، أي تنقصوا من عدد ركعاتها وإن كانا يؤولان إلى معنى واحد، ألا ترى أنّ قصر الصلاة إنما هو حبسها عن التمام في الأفعال، وذلك أن الاسم المقصور كأنه حبس عما استحقه من الإعراب، أو نقص عن الممدود، الذي هو أزيد لفظا. [شرح المفصل ج 6/ 37]. 400 - إنّا وجدنا بني جلّان كلّهم … كساعد الضبّ لا طول ولا قصر البيت غير منسوب، ويروى أيضا بقافية الميم (لا طول ولا عظم)، وجلّان: علم لا ينصرف، قبيلة من عنزة، وهم رماة. وكلّهم: توكيد لبني جلان، وقوله: كساعد الضب، الساعد: ذراع اليد. والضبّ: ساعد جميع أفراده على مقدار معين خلقة، لا يزيد ساعد فرد من أفراده طولا على ساعد فرد آخر، وكذلك لا ينقص عن ساعد فرد آخر، بخلاف سائر الحيوانات فإن بين ساعد أفرادها تفاوتا في الطول والقصر بحسب الجثة، أراد أنّ بني جلان متساوون في فضيلة رشق السهام، لا يرتفع أحدهم عن الآخر فيها ولا ينحط عنه. والبيت شاهد على أنه يجوز ترك وصف النكرة المبدلة من المعرفة إذا استفيد من

401 - كحلفة من أبي رياح … يسمعه لاهه الكبار

البدل ما ليس في المبدل منه كما هنا، فإن قوله: «طول» المنفي، بدل من ساعد الضب، ومعنى الطول وما عطف عليه موجود في ساعد الضب. وفيه شاهد آخر وهو إبدال النكرة من المعرفة، والنكرة بغير لفظ المعرفة، والبغداديون يأبون ذلك، ويقولون لا تبدل النكرة من المعرفة حتى يكونا من لفظ واحد نحو قوله تعالى: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ. [العلق 16، والخزانة/ 5/ 183]. 401 - كحلفة من أبي رياح … يسمعه لاهه الكبار البيت للأعشى. وقوله: «لاهه»، أي: إلهه. والكبار: بضم الكاف، أي: الكبير. أو الكبّار. والبيت شاهد على أن أصل لفظ الجلالة «الله» لاه. على وزن «فعل»، واشتقاقه من لاه، يليه، إذا استتر. كأنه يسمى بذلك لاستتاره عن إدراك الأبصار. وألف «لاه» منقلبة عن ياء، لقولهم: لهي أبوك، يريد (لاه أبوك)، أي: (لله أبوك) .. وهناك أقوال أخرى في اشتقاق لفظ الجلالة، انظرها في «مقدمة ابن يعيش على المفصل» ج 1/ 3. و «الخزانة» ج 7/ 173 - 184. وقد اختلفوا في وزن البيت فقال ابن يعيش إنه من الرجز، وقال صاحب حاشيته إنه من مخلع البسيط. وذكره محقق الخزانة من السريع. 402 - تظلّ مقاليت النساء يطأنه … يقلن: ألا يلقى على المرء مئزر البيت لبشر بن أبي خازم. والمقاليت: جمع مقلت، ومقلات، وهي المرأة لم يبق لها ولد، وكانت العرب تزعم أنّ المقلات إذا وطئت رجلا كريما قتل غدرا، عاش ولدها. [اللسان - قلت]. 403 - أسيلات أبدان دقاق خصورها … وثيرات ما التّفت عليه المآزر البيت منسوب لعمر بن أبي ربيعة. وهو في [الأشموني 3/ 6، والعيني 3/ 629]، وفيه أن معمول الصفة المشبهة (وثيرات) جاء موصولا. 404 - وغبراء يحمي دونها ما وراءها … ولا يختطيها الدهر إلا المخاطر البيت لذي الرّمة في ديوانه، وهو في الهمع 1/ 213، وفيه أنّ «دون» جاء مرفوعا وأنه ظرف متصرف. 405 - وقلت وفي الأحشاء داء مخامر … ألا حبذا يا عزّ ذاك التّساتر

406 - حتى يكون عزيزا من نفوسهم … أو أن يبين جميعا وهو مختار

البيت لكثير عزّة في الهمع 2/ 89، والدرر 2/ 116. وفي البيت الفصل بين مخصوص حبذا، وبينها في قوله (حبذا - يا عزّ - ذاك) حيث فصل النداء بينهما. 406 - حتى يكون عزيزا من نفوسهم … أو أن يبين جميعا وهو مختار البيت ليزيد بن حمار السكوني، من قطعة قالها يوم ذي قار، وقبل البيت: إني حمدت بني شيبان إذ خمدت … نيران قومي وفيهم شبت النّار ومن تكرّمهم في المحل أنهم … لا يعرف الجار فيهم أنه الجار حتى يكون ... وقوله: حتى يكون عزيزا، أي: ما دام مقيما فيهم، كأنه واحد منهم، أو أن يبين جميعا. أي: يفارق مجتمعة أسبابه وهو مختار، أي: لا يخرج كرها. ونصب جميعا، على الحال: أي: يبين بجميع أسبابه، ويجوز أن يكون حالا من الذين يفارقهم، يعني أن يفارقهم وهم مجتمعون لتوديعه، ويجوز أن يكون قوله: حتى يكون عزيزا معناه أنهم يعاملونه بهذه المعاملة إلى أن يكون عزيزا فيما بينهم، أو يختار مفارقتهم. والمعنى: ذلك له فيهم ما اعتزّ بجوارهم، أو مال إلى فراقهم. ويجوز أن يكون «من نفوسهم» في موضع الحال، وعزيزا: خبر كان، وإن جعلت عزيزا حالا و «من نفوسهم» خبرا جاز، والمعنى حتى يكون كأنه من أصلهم، كما قال تعالى: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التوبة: 128]، أي: من جنسكم وبطانتكم، وقال ابن جني في إعراب الحماسة يجوز كون «أن» في البيت زائدة، قال ابن هشام: لأن النصب هنا يكون بالعطف لا بأن. [شرح أبيات المغني ج 8/ 99]، والمغني الشاهد رقم 1171. 407 - في فتية جعلوا الصليب إلههم … حاشاي إني مسلم معذور البيت للشاعر الأقيشر الأسدي. ومعذور: مختون، والعذرة: الجلدة التي يقطعها الخاتن. والشاهد في البيت «حاشاي» على أن «حاشا» في البيت حرف جرّ، ولو كانت فعلا لقيل: حاشاني، وهو مذهب سيبويه، وقال المبرد: حاشى: قد تكون فعلا واستدل بقول النابغة: ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه … ولا أحاشي من الأقوام من أحد فتصرفه يدل على أنه فعل، ولأنه يقال: حاشى لزيد، فحرف الجرّ لا يجوز أن يدخل

408 - إن المحب علمت مصطبر … ولديه ذنب الحب مغتفر

على حرف الجرّ، ولأن الحذف يدخلها كقولهم: حاش لزيد. والحذف إنما يقع في الأسماء والأفعال دون الحروف، والحقّ أنها تكون حرفا وتكون فعلا. [اللسان - حاشا - حشا، والعيني/ 1/ 377، وشرح التصريح/ 1/ 112، والهمع/ 1/ 232]. 408 - إنّ المحبّ علمت مصطبر … ولديه ذنب الحبّ مغتفر البيت غير منسوب، والفعل «علم» قلبي ينصب مفعولين، ولكنه ألغي لوقوعه بين معمولي «إنّ». [الهمع/ 1/ 153]. 409 - ألا أيّهذا الباخع الوجد نفسه … لشيء نحته عن يديه المقادر البيت للشاعر ذي الرّمة. والباخع: القاتل نفسه همّا وحزنا. وقوله: نحته، أي: أزالته وأبعدته. ويروى الوجد: بالرفع، على أنه فاعل لاسم الفاعل «الباخع» وبالجر بالإضافة ونفسه: مفعول به للباخع، والشاهد: «أيّهذا»، أيّ: منادى وصف باسم الإشارة «هذا»، وانظر مثله في حرف الدال «ألا أيهذا اللائمي .. مخلدي». [شرح المفصل ج 2/ 7 و «اللسان - بخع، ونحا»]. 410 - قالوا قهرت فقلت جير ليعلمن … عما قليل أيّنا المقهور البيت غير منسوب. وهو شاهد على أن «جير» تغني عن القسم، قال الدماميني: لأنها للتصديق والتحقيق، والقسم للتأكيد، فحسن إغناؤها عن القسم، وزعم سيبويه أن «جير» اسم، لدخول التنوين عليه في قول الشاعر «وقائلة أسيت فقلت جير» بمعنى حقا، فيكون مصدرا. [الهمع/ 2/ 44]. 411 - حسن الوجه طلقه أنت في السّلم … وفي الحرب كالح مكفهرّ البيت بلا نسبة في العيني 3/ 633، والأشموني 3/ 5، والشاهد (طلقه أنت) حيث عملت الصفة المشبهة (طلق) في الهاء، وأما «أنت» فمبتدأ مؤخر، وحسن الوجه طلقه، خبران مقدمان. أما جعل بعضهم (أنت) فاعل الوصف، فلا يتمشى على الصحيح من اشتراط اعتماد المبتدأ المكتفي بمرفوعه عن الخبر، على نفي أو استفهام، وزعم العيني أن «أنت» محل الشاهد في عمل «طلق» وردّ، بأن المعمول الواجب كونه سببا، ما عملها فيه بحق الشبه باسم الفاعل وهو المنصوب على طريق المفعول به، و «أنت» ليس كذلك بخلاف الهاء، لأن ما أضيف إليه الصفة أصله بعد تحويل إسنادها عنه النصب كما في

412 - فلئن تغير ما عهدت وأصبحت … صدفت فلا بذل ولا ميسور لبما يساعف في اللقاء وليها … فرح بقرب مزارها مسرور

إعمال اسم الفاعل، و «أنت» منفصل، لا متّصل. [عن حاشية الصبان على الأشموني ج 3/ 5]. 412 - فلئن تغيّر ما عهدت وأصبحت … صدفت فلا بذل ولا ميسور لبما يساعف في اللقاء وليّها … فرح بقرب مزارها مسرور البيتان بلا نسبة في [الهمع 2/ 42، والخزانة ج 10/ 76]. قال ابن مالك: ولا يخلو الماضي المثبت المجاب به (القسم) من اللام، مقرونة بقد، أو ربّما أو «بما» مرادفتها، إن كان متصرفا، وإلا فغير مقرونة. وقد يلي «لقد» أو «لبما» المضارع الماضي معنى. فالشاهد في البيتين «فلئن .. لبما يساعف» فقد جاء الجواب مضارعا في اللفظ، ماضيا في المعنى مسبوقا ب اللام، مقرونة ب «بما» وهي في معنى «ربّما» وقال أبو حيّان في «لبما» إنّ الباء سببية وما مصدرية، ويقدر بعد اللام فعل، أي: لبان بما كان يؤهل. 413 - كساك ولم تستكسه فاشكرن له … أخ لك يعطيك الجزيل وناصر البيت لأبي الأسود الدؤلي. وهو شاهد على التنازع في إعمال الأول من المتنازعين وهو قوله «كساك أخ» وأضمر في الثاني والثالث. وليس ببعيد أن يكون فاعل «كساك» عائد على سابق، ورفع «أخ» على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره «هو أخ». [الأشموني/ 2/ 102، ومعجم الأدباء/ 18/ 193]. 414 - أعوذ بربّ العرش من فئة بغت … عليّ فمالي عوض إلّاه ناصر البيت غير منسوب في [شرح التصريح/ 1/ 98]. قال الشيخ خالد: وأجاز ابن الأنباري وقوع الضمير المتصل بعد «إلّا» مطلقا ومنعه المبرد مطلقا. قال: ويحتاج إلى الجواب عن قول الشاعر (البيت) فأوقع الهاء المتصلة موقع «إيّاه». 415 - فمالي إلا الله لا ربّ غيره … ومالي إلا الله غيرك ناصر البيت للكميت بن زيد الأسدي. والشاهد فيه: تكرير المستثنى بإلا، وغير. والتقدير: ومالي ناصر إلا الله غيرك، فالله: بدل من ناصر، وغيرك: نصب على الاستثناء، فلما تقدما على المستثنى منه، وهو «ناصر» لزما النصب. من جهة أن البدل لا يتقدم على

416 - وأية بلدة إلا أتينا … من الأرضين تعلمه نزار

المبدل منه. والبيت من شواهد سيبويه في باب «تثنية المستثنى» أي: تكراره. و [شرح المفصل ج 2/ 93]. 416 - وأيّة بلدة إلّا أتينا … من الأرضين تعلمه نزار الشاهد بلا نسبة في [الهمع 1/ 46]، وفيه أن «الأرضين» بفتح الراء، ملحق بجمع المذكر السالم لأنها (الأرض) مؤنثة، واسم جنس لا يعقل، مفردها أرض، بسكون الراء والجمع بفتحها. 417 - عشيّة فرّ الحارثيّون بعد ما … قضى نحبه في ملتقى القوم هوبر الشاعر ذو الرّمة .. وهو شاهد على حذف المضاف مع وجود اللبس، والتقدير: ابن هوبر، وهو يزيد بن هوبر. [شرح المفصل ج 3/ 24. والخزانة ج 4/ 371]. 418 - أمام وخلف المرء من لطف ربّه … كواليء تزوي عنه ما كان يحذر البيت بلا نسبة في [الهمع 1/ 210]. والشاهد (أمام وخلف) نصب الظرفان لأن المضاف إليه مذكور في الكلام. 419 - لقد تركتني منجنيق ابن بحدل … أحيد عن العصفور حين يطير البيت قاله زفر بن الحارث. والبيت شاهد على تأنيث المنجنيق، لأن الشاعر أنث الفعل قبله. وزفر بن الحارث الكلابي، تابعيّ، توفي سنة 75 هـ. [شرح شواهد الشافية 299، واللسان «مجنق»]. 420 - وسطه كاليراع أو سرج المجدل … طورا يخبو وطورا ينير البيت لعدي بن زيد في ديوانه، والصبّان على الأشموني 2/ 131، واللسان (وسط) واليراع: ذباب يرى بالليل كأنه نار، وسرج: جمع سراج. والمجدل: القصر، والشاهد: «وسطه» حيث يرى بعضهم أن «وسط» بسكون السين، يكون ظرفا، و «وسط» بفتح السين يكون اسما لما بين طرفي الشيء. وقد يستعمل «الوسط» الذي هو ظرف اسما ويبقى على سكونه، كما استعملوا «بين» اسما على حكمها ظرفا في نحو قوله تعالى: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ [الأنعام: 94] و «وسطه» بالرفع على الابتداء، ويروى

421 - وشر المنايا ميت وسط أهله … كهلك الفتى قد أسلم الحي حاضره

بالنصب على الظرفية خبرا مقدما والكاف مبتدأ. وفي الموضوع كلام غير ما ذكرته، فانظر في اللسان. 421 - وشرّ المنايا ميّت وسط أهله … كهلك الفتى قد أسلم الحيّ حاضره البيت للحطيئة. ويريد أن شرّ ميتة يموتها الرجل، أن يموت بين أهله، فهو بمنزلة المرأة. قال النحاس: أراد وشرّ المنايا منية ميّت، فحذف. [شرح أبيات سيبويه ص 73 وهو في الكتاب 1/ 109، و «الإنصاف» ص 61]. 422 - وقلن على الفردوس أول مشرب … أجل جير إن كانت أبيحت دعاثره البيت منسوب لمضرّس بن ربعي الأسدي، وقبل البيت: فلما لحقناهم قرأنا عليهم … تحيّة موسى ربّه إذ يجاوره ومعنى البيت الشاهد: أن تلك النسوة قلن: أول مشرب نشربه يكون على ذلك المكان المسمّى الفردوس، فقال: نعم. هذا يقع، إن ضرب وأبيحت دعاثره، وهي حياضه المتثلمة - جمع دعثور - بضم الدال، فلم يمنع منه أحد. وأما مع عمارته فهو مصون ممنوع لا سبيل إلى الوصول إليه. وفي الشطر الأول قراءتان: الأولى: أن تجعل جملة (على الفردوس أول مشرب) مقول القول، وهي جملة اسمية من مبتدأ وخبر، والثانية: أن تجعل (على الفردوس) حالا. أي: وقلن حال كونهن نازلات على الفردوس، وأول مشرب: مبتدأ خبره محذوف، أي: لنا، والجملة مقول القول. والشاهد: (أجل جير) لأن كليهما بمعنى الايجاب، ذكرهما معا للتأكيد كأنه قال: أجل أجل أو جير جير. و «جير» بالكسر، كأمس وبالفتح للتخفيف كأين، وكيف، حرف جواب بمعنى نعم، وزعم الجوهري أنها اسم بمعنى «حقا» وقال: إنها يمين للعرب فتقول: جير لا آتيك. وزعم آخرون بأنه اسم فعل بمعنى «أعترف». قال البغدادي: ولكن رواية البيت في الأصمعيات: [وليس في الأصمعيات كما زعم]: وقلن على الفردوس أول محضر … من الحيّ إن كانت أبيرت دعاثره وليس فيه (أجل جير) والذي فيه الشاهد هو شعر طفيل الغنوي وهو:

423 - فقلت لها: عيثي جعار وجرري … بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره

وقلن ألا البرديّ أول مشرب … أجل جير إن كانت رواء أسافله [وانظر الخزانة ج 10/ 106، وشرح المفصل ج 8/ 122، والأشموني ج 3/ 81 وفيها شرحه للعيني]. 423 - فقلت لها: عيثي جعار وجرّري … بلحم امرئ لم يشهد اليوم ناصره البيت للنابغة الجعدي في ديوانه، وكتاب سيبويه 2/ 38. وجعار: اسم للضبع لكثرة جعرها، وإنما بنيت على الكسر لأنه حصل فيها العدل والتأنيث والصفة الغالبة ومعنى قولنا: غالبة، أنها غلبت على الموصوف حتى صار يعرف بها كما يعرف باسمه، وهي معدولة عن جاعرة، فإذا منع من الصرف بعلتين، وجب البناء بثلاث لأنه ليس بعد منع الصرف، إلا منع الإعراب. وعيثي جعار: مثل يضرب لمن ظفر به عدوه ولم يكن يطمع فيه من قبل: وعيثي من العيث: وهو أشدّ الفساد، والشاهد: «جعار» معدول عن الجاعرة وكسرت الراء لأنها مؤنثة، والمؤنث يخص بالكسر. [سيبويه/ 3/ 273، هارون]. 424 - حمامة بطن الواديين ترنّمي … سقاك من الغرّ الغوادي مطيرها البيت للشماخ، وينسب أيضا لمجنون ليلى، وإلى توبة بن الحمير. وقوله: ترنمي، أي: رجعي صوتك. والشاهد في «بطن الواديين» حيث أفرد البطن، والقياس: بطني الواديين، والأحسن «بطون الواديين». ومطيرها: فاعل سقاك. والغوادي: جمع غادية وهي السحابة التي تنشأ صباحا. [الأشموني ج 3/ 74، وفيها شرح العيني - والهمع 1/ 51، والشعر والشعراء ترجمة توبة]. 425 - فما أفجرت حتى أهبّ بسحرة … علاجيم عين ابني صباح يثيرها البيت ليس له نسبة. وأنشده ابن يعيش شاهدا على «أفجرت» أي: دخلت في الفجر وهو فعل تام، معناه دخلنا في وقت الفجر فيكون «أصبح» الذي معناه دخلنا في وقت الصباح وأمسينا الذي بمعنى «دخلنا في المساء» أفعالا تامة كذلك. [شرح المفصل ج 7/ 104، واللسان «نثر» و «فجر»]. 426 - إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن … سراج لنا إلا ووجهك نورها (أنور) البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 116، وتروى القافية «أنور» والشاهد: إلا ووجهك ..

427 - ت لي آل زيد واندهم لي جماعة … وسل آل زيد أي شيء يضيرها

الخ، فقد جوّز الأخفش وابن مالك دخول الواو على خبر كان المنفية إذا كان جملة بعد إلا. وأنكر الجمهور ذلك، وقالوا: الخبر في البيت «لنا»، واستشهد الكسائي والفرّاء وهشام بقافية (ووجهك أنور) لحذف المفضل عليه، أي: أنور من غيره، ولكن البيت مفرد ويروى «نورها» وأرى أن رواية «نورها» أقوى، لأنه جعل السراج يأخذ نوره من وجه الممدوح، وهذا كقولنا في العصر الحديث: القمر كوكب يستمد نوره من الشمس فينعكس على الأرض فيرفع ظلمة الليل. 427 - ت لي آل زيد واندهم لي جماعة … وسل آل زيد أيّ شيء يضيرها قوله: واندهم: أي: ائت ناديهم، أي: جماعتهم. البيت بلا نسبة في الهمع 2/ 218، واللسان (أتى) وقوله «ت آل ..» قال ابن جني: حكي أن بعض العرب يقول في الأمر من «أتى» ت زيدا فيحذف الهمزة تخفيفا كما حذف من خذ وكل ومر وقرئ: «يوم تأت» بحذف الياء، كما قالوا «لا أدر» وهي لغة هذيل. 428 - رعته أشهرا وخلا عليها … فطار النّيّ فيها واستغارا البيت من قصيدة للراعي مدح بها سعيد بن عبد الرحمن بن عتّاب بن أسيد وقبل البيت يصف الشاعر ناقته، وأنها رعت أرضا خصبة لم يشاركها في رعيها حيوان آخر، فقوله: رعته، أي: رعت الناقة ذلك النبات أشهرا وتخلّت به، أي: لم يرعه غيرها وطار النّيّ، أي: ارتفع الشحم، واستغار، أي: هبط فيها، والنيّ: مصدر نويت الناقة، أي: سمنت، وصف ناقة فقال: رعت هذا الموضع أشهر الربيع وخلا لها فلم يكن لها فيه منازع، فسمنت، والبيت شاهد على أن «على» في البيت ليست بمعنى اللام كما قاله الكوفيون وابن قتيبة، لأنه يقال: خلا له الشيء بمعنى تفرّغ له، وربما ضمّن «خلا» معنى «وقف» و «حبس». [الخزانة/ 10/ 140]. 429 - وننكر يوم الرّوع ألوان خيلنا … من الطّعن حتى تحسب الجون أشقرا البيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص 50، والخزانة ج 3/ 169. 430 - سقيناهم كأسا سقونا بمثلها … ولكننا كنّا على الموت أصبرا البيت للنابغة الجعدي في ديوانه والهمع 2/ 104، قال السيوطي: وتحذف (من) المفضول

431 - فأيي وأي ابن الحصين وعثعث … إذا ما التقينا كان بالحلف أغدرا

لقرينة، ويكثر الحذف، لكون «أفعل» خبرا لمبتدأ أو ناسخ، وذكر شطر البيت ورواية الهمع «ولكنهم كانوا على الموت أصبرا»، والبيت من قصيدة، سيأتي مطلعها في شاهد تال. 431 - فأيّي وأيّ ابن الحصين وعثعث … إذا ما التقينا كان بالحلف أغدرا البيت لخداش بن زهير (جاهلي) والشاهد فيه: إفراد «أيّ» لكل واحد من الاسمين وإخلاصهما له توكيدا، والمستعمل إضافتها إليهما معا فيقال: «أيّنا». [سيبويه/ 2/ 403، هارون]. 432 - كأنّ الحصى من خلفها وأمامها … إذا نجلته رجلها خذف أعسرا البيت لامرئ القيس، والنجل: الرمي بالشيء، والخذف: الرمي بالحصى، والأعسر: الذي يرمي بيده اليسرى. [العيني/ 4/ 169، وديوان امرئ القيس]. 433 - وكنّا حسبناهم فوارس كهمس … حيوا بعد ما ماتوا من الدّهر أعصرا البيت منسوب لأبي حزابة، وإلى مولود العنبري، والمعنى: حسبت حالهم. بعد سوء - قد صلحت، وكهمس: رجل من بني تميم مشهور بالفروسية والشجاعة. والشاهد فيه قوله: «حيوا» وبناؤه على بناء خشوا، وفنوا، لأنّ «حيي» إذا ضوعفت الياء ولم تدغم، بمنزلة «خشي وفني» وإذا لحقها واو الجمع لحقها من الإعلال والحذف ما لحق «خشي»، إذا كانت للجمع. ومن قال «حيّ فلان» فأدغم، ثم جمع قال «حيّوا» لأن الياء إذا سكن ما قبلها في مثل هذا جرت مجرى الصحيح، ولم يثقل عليها الضمة. [شرح المفصل ج 10/ 116، وكتاب سيبويه ج 2/ 387، واللسان «عيا»]. 434 - فما تك يا ابن عبد الله فينا … فلا ظلما نخاف ولا افتقارا البيت للفرزدق. وذكره ابن هشام في المغني، على أن ابن مالك قال: إنّ «ما» فيه زمانية بمعنى «أيّ زمن» ويريد بذلك في الشرط. وقد أنكر ابنه بدر الدين هذا التأويل وقال بأنها تؤول بالمصدر على معنى «أيّ كون قصير أو طويل تكون فينا» وحجة الابن أن النحويين لم يعرفوا هذا المعنى الذي ذكره والده. وهي عندي حجة باطلة، فكون النحويين السابقين على ابن مالك لم يقولوا بقوله، ليس حجة، فكم ترك الأول للآخر، والمعنى الذي ذكره ابن مالك ليس بعيدا، بل إنّ المصدرية التي زعمها الابن فيها معنى

435 - وكان مضلي من هديت برشده … فلله مغو عاد بالرشد آمرا

الظرفية، فقوله «أيّ كون قصير أو طويل» هو الزمن بعينه. [شرح أبيات المغني ج 5/ 238] و (ما) في البيت شرطية، تك: فعلها، وجملة (فلا ظلما) جوابها. 435 - وكان مضلّي من هديت برشده … فلله مغو عاد بالرّشد آمرا البيت منسوب لسواد بن قارب السدوسي، والبيت في الأشموني ج 1/ 229، ذكره شاهدا على أن «عاد» فعل ناقص، عمل عمل صار، لأنه بمعناه. 436 - فتاتان أمّا منهما فشبيهة … هلالا ولأخرى منهما تشبه البدرا البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات. أي هما فتاتان وفصّلهما بأمّا في الحسن والتشبيه. وذكره الأشموني شاهدا على عمل اسم المبالغة (شبيه) المحول عن اسم الفاعل، فالشاهد «فشبيهة» حيث عمل عمل الفعل، ونصب هلالا. وقوله: «فشبيهة» خبر مبتدأ محذوف، أي: أما واحدة من الفتاتين، فشبيهة، والاخرى - بدرج همزتها - مبتدأ، وتشبه خبره. [الأشموني ج 2/ 297، وفيها شرح العيني]. 437 - خلافا لقولي من فيالة رأيه … كما قيل قبل اليوم خالف تذكرا لا يعرف قائله، أي: خالف خلافا لقولي من ضعف رأيه. يقال: رجل فيل الرأي، أي: ضعيف الرأي. وفال رأيه يفيل فيلولة، أخطأ وضعف، وقوله «كما قيل» الكاف للتعليل و «ما» مصدرية، أي: خالف لأجل القول الذي قيل له قبل اليوم. والشاهد: في «خالف» بفتح الفاء، إذ أصله «خالفن» فحذف منه النون، نون التوكيد، ودلت الفتحة عليها، أي: خالف أهل الرأي السديد لضعف رأيك حتى تذكر ذلك، يعني: حتى يظهر لك سوء عاقبته، وهذا أمر تهديد ووعيد، وإذا سكن الفاء لا يكون فيه شاهد، ولكن ينبغي تشديد الكاف من «تذكرا» فعلى هذا أصل «تذكرا» «تتذكّر» لأنه مضارع، تذكر، فحذف إحدى التائين كما في «نارا تلظّى» [الليل: 14]. [الأشموني ج 3/ 227]. 438 - مرّ إنّي قد امتدحتك مرّا … واثقا أن تثيبني وتسرّا مرّ يا مرّ مرّة بن تليد … ما وجدناك في الحوادث غرّا البيتان لأعشى همدان بن عبد الرحمن بن عبد الله، كوفي من شعراء الدولة الأموية، وكان زوج أخت الشعبي، والشعبي زوج أخته، وهو هنا يمدح مرّة بن تليد، والشاهد: توكيد مرّة، بالتكرير و «مرّ» منادى مرخّم، وأصله مرّة فحذفت تاؤه. [شرح المفصل ج 3/ 39].

439 - متى ما تلقني فردين ترجف … روانق أليتيك وتستطارا

439 - متى ما تلقني فردين ترجف … روانق أليتيك وتستطارا البيت لعنترة بن شداد من أبيات عدتها ثلاثة عشر بيتا خاطب بها عمارة بن زياد العبسي وكان الأخير يحسد عنترة على شجاعته، ويظهر تحقيره ويقول: لوددت أني لقيته خاليا حتى أريحكم منه، فبلغ عنترة قوله فقال الأبيات وقوله: متى ما تلقني فردين، أي: منفردين أنا وأنت خاصة ليس معي معين وليس معك معين، و «فردين» قال الزمخشري في «المفصل» إنه حال من الفاعل والمفعول معا في «تلقني» والروانف: مفردها الرانفة، وهو طرف الألية الذي يلي الأرض إذا كان الانسان قائما وقوله «تستطارا»، فيه وجوه منها: أنه فعل مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، وأصلها «تستطاران» والضمير للروانف وعاد إليها الضمير بلفظ التثنية لأنها تثنية في المعنى، وقد يكون منصوبا بتقدير «وأن تستطار» بالعطف على الجواب بالواو. والشاهد في البيت: «أليتيك» على أنه يجوز أن يقال: أليتان بتاء التأنيث، والمشهور أن «الألية» مؤنثة بالتاء في المفرد، وتثنى بدون تاء (أليان). [7/ 507، وشرح المفصل ج 2/ 55، والهمع 2/ 63]. 440 - تسائل بابن أحمر من رآه … أعارت عينه أم لم تعارا البيت لعمرو بن أحمر الباهلي، وقوله: عارت عينه في البيت معناه سال دمعها. وقوله: أم لم تعارا: كان القياس أن يقول: أم لم تعر، فيسكن الراء للجزم ويحذف الألف التي هي عين الفعل، للتخلص من التقاء الساكنين، ولكنه فتح الراء مع الألف. وتوجيه ذلك على الفصيح أن يقدر الفعل مؤكدا بالنون الخفيفة، وهذه النون يفتح ما قبلها ولا يلزم حذف العين الساكنة ولو كان الفعل مجزوم المحل، ثم إنّ هذه النون تقلب ألفا عند الوقف. ويروى صدر البيت «وربّت سائل عني حفيّ» وربت: هي ربّ التي أصلها الدلالة على التقليل وقد يستعمل في التكثير، كما هنا. وحفيّ: صفة من حفي به، كرضي، حفاوة: أكثر السؤال عنه فهو حاف وحفيّ، كغني وبه فسّر قوله تعالى: كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها [الأعراف: 187]. ومحلّ الشاهد في البيت «عارت» فإن هذه لغة قليلة نادرة مع أنها مقتضى قياس العربية وذلك لأن الأصل «عور» بوزن «فرح» والواو إذا تحركت وانفتح ما قبلها على هذه الصفة

441 - فسر في بلاد الله والتمس الغنى … تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا

انقلبت ألفا، ولكنهم التزموا في «عور» وبعض حروف أخرى التصحيح ولم يعلوهن. [شرح المفصل ج 10/ 75]. 441 - فسر في بلاد الله والتمس الغنى … تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا الشاهد لعروة بن الورد في ديوانه، وينسب أيضا لأبي العطاء السندي. ويروى لربيعة ابن الورد في العقد الفريد 3/ 31، وفيه نصب «تموت» بأن مضمرة، لأنه عطف عليه «فتعذرا» بالنصب. 442 - فلما قرعنا النّبع بالنّبع بعضه … ببعض أبت عيدانه أن تكسّرا البيت من قصيدة للنابغة الجعدي عدتها نحو مائتي بيت، زعموا أنه أنشد جميعها للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وأولها: خليليّ غضّا ساعة وتهجّرا … ولو ما على ما أحدث الدهر أو ذرا وهي من أحسن ما قيل من الشعر في الفخر بالشجاعة، سباطة ونقاوة وحلاوة، ومنها: تذكرت والذكرى تهيج على الفتى … ومن حاجة المحزون أن يتذكرا نداماي عند المنذر بن محرّق … أرى اليوم منهم ظاهر الأرض مقفرا حسبنا زمانا كلّ بيضاء شحمة … ليالي إذ نغزو جذاما وحميرا إلى أن لقينا الحيّ بكر بن وائل … ثمانين ألفا دارعين وحسّرا فلما قرعنا .. سقيناهم كأسا سقونا بمثلها … ولكننا كنّا على الموت أصبرا هذا وقصة إنشاده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، هذه القصيدة لم أقع عليها بسند صحيح قويّ. والشاهد قوله: (بعضه ببعض) قال السيوطي: وقد ورد إبدال اسمين من اسمين في الموجب في قوله «فلما قرعنا النبع بالنبع بعضه ببعض». [الهمع ج 2/ 226، والخزانة ج 3/ 171]. 443 - ها أنا ذا آمل الخلود وقد … أدرك عقلي ومولدي حجرا أبا امرئ القيس هل سمعت به … هيهات هيهات طال ذا عمرا البيتان للربيع بن ضبع الفزاري، أدرك الجاهلية والإسلام، وزعموا أنه عاش ثلاث مئة

444 - فما آباؤنا بأمن منه … علينا اللاء قد مهدوا الحجورا

سنة، منها ستون في الإسلام، ولكنه لم يلق النبي صلّى الله عليه وسلّم، وبعد البيتين: أصبحت لا أحمل السلاح ولا … أملك رأس البعير إن نفرا والذئب أخشاه إن مررت به … وحدي وأخشى الرياح والمطرا من بعد ما قوة أسرّ بها … أصبحت شيخا أعالج الكبرا [الخزانة/ 7/ 384، وشرح التصريح/ 2/ 36، والهمع/ 2/ 50، وسيبويه/ 1/ 46]. 444 - فما آباؤنا بأمنّ منه … علينا اللاء قد مهدوا الحجورا قاله رجل من بني سليم، ومعناه: ليس آباؤنا الذين أصلحوا شأننا ومهدوا أمرنا، وجعلوا حجورهم لنا كالمهد، بأكثر امتنانا علينا من هذا الممدوح، والشاعر كاذب فيما قال لأن الله أثبت للوالدين فضلا لم يثبته لأحد، وقوله: فما .. الفاء: للعطف إن تقدمه شيء، و «ما» بمعنى ليس، وقوله: بأمنّ منه: خبره، والباء زائدة، والضمير في منه يرجع إلى الممدوح، وقوله: اللاء صفة ل «آباؤنا». وفيه الشاهد: حيث أطلق اللاء على جماعة المذكر موضع الذين والأكثر كونها لجمع المؤنث نحو قوله تعالى: وَاللَّائِي يَئِسْنَ [الطلاق: 4] وحذف منه الياء أيضا، إذ أصله «اللائي» وقد قرئ بهما جميعا. [الأشموني ج 1/ 151 وبحاشيته العيني، والهمع 1/ 83]. 445 - ستعلم أيّنا للموت أدنى … إذا دانيت لي الأسل الحرارا البيت لعنترة بن شداد من قصيدة خاطب بها عمارة بن زياد العبسي. وقوله: لي الأسل: وضع اللام موضع «إلى» لأن الدنوّ وما تصرف منه أصله التعدي ب إلى، وهو مثل قوله تعالى: بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها [الزلزلة: 5] أي: أوحى إليها، والأسل: أطراف الرماح، وقيل: هي الأسنة، الواحد: أسلة بزيادة الهاء، والحرار: جمع حرّى، كعطاش جمع عطشى، وزنا ومعنى، يقول لعمارة: ستعلم إذا تقابلنا ودانيت الرماح بيننا، أيّنا أقرب إلى الموت، أي: إنك زعمت أنك تقتلني إذا لقيتني وأنت أقرب إلى الموت عند ذلك مني، والبيت شاهد على أن المفضول محذوف والتقدير: أدنى من صاحبه، ويجوز أن يكون «أفعل» بمعنى اسم الفاعل، أي: قريب ويجوز أن يكون المحذوف مضافا إليه والتقدير: أقربنا وأدنانا. [الخزانة/ 8/ 249]. 446 - كأنّها درّة منعّمة … من نسوة كنّ قبلها دررا

447 - أخلاي لا تنسوا مواثيق بيننا … فإني لا والله ما زلت ذاكرا

البيت للربيع بن ضبع الفزاري، عمّر في الجاهلية والاسلام. [الخزانة/ 7/ 378، ونوادر أبي زيد/ 159]. 447 - أخلّاي لا تنسوا مواثيق بيننا … فإنّي لا والله ما زلت ذاكرا البيت بلا نسبة في [الهمع ج 1/ 44]، قال: ويقع القسم بين منفيين توكيدا لنفي المحلوف عليه، وذكر البيت. 448 - سفرت فقلت لها هج فتبرقعت … فذكرت حين تبرقعت ضبّارا البيت للحارث بن الخزرج الخفاجي، وبعد البيت: وتزيّنت لتروعني بجمالها … فكأنما كسي الحمار خمارا وهو يتحدث عن امرأة قبيحة، والمعنى أنها حين سفرت اللثام عن وجهها وتبين ملامحها حسبتها كلبا لدمامتها وقبح شكلها، فزجرها بما يزجر به الكلب، وانصرف ذهنه إلى الكلب يصفها بالدمامة وقبح الهيئة، والشاهد «هج» وهو اسم صوت يقال لزجر الكلب، وقوله «ضبارا» اسم كلب. [شرح المفصل ج 4/ 75، واللسان هبر]. 449 - حذارا على ألّا تصاب مقادتي … ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا وقبل البيت: وحلّت بيوتي في يفاع ممنّع … تخال به راعي الحمولة طائرا والبيتان للنابغة الذبياني، وذكرت الثاني، لأن الشاهد لا يفهم إلا به، فالشاهد «حذارا» مفعول لأجله، وفعله الذي نصب به في البيت السابق، وقد مضى البيت الثاني في شواهد هذا الباب، والبيت الشاهد ذكره ابن يعيش في شرح المفصل ج 2/ 54، على مجيء المفعول له (لأجله) نكرة، وقد يأتي معرفة أيضا كقوله تعالى: يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ [البقر: 19] فحذر الموت منصوب لأنه مفعول له، وهو معرفة بالإضافة. 450 - فكيف أنا وانتحالي القوا … ف بعد المشيب كفى ذاك عارا

451 - وأتاها أحيمر كأخي السه … م بعضب فقال: كوني عقيرا

البيت للأعشى، ومعنى البيت إن من العار الشديد الذي لا أحتمله أن أنسب لنفسي شعرا لم أقله بعد أن وخطني الشيب، والقواف: هي القوافي، مثل ما جاء في قوله تعالى: وَجِفانٍ كَالْجَوابِ [سبأ: 13]، أي: كالجوابي، وفي الديوان: «فما أنا أم ما انتحالي القواف» والشاهد: في قوله «أنا» حيث أثبت الألف في الوصل ضرورة وهي إنما تثبت في الوقف وتحذف في الوصل. [شرح المفصل ج 4/ 45، وشرح الحماسة للمرزوقي ج 2/ 709]. 451 - وأتاها أحيمر كأخي السّه … م بعضب فقال: كوني عقيرا قاله أمية بن أبي الصلت، والضمير في أتاها: يرجع إلى ناقة صالح، وأراد بأحيمر، الذي عقر الناقة، واسمه قدار بن سالف، وكان أحمر أزرق أصهب، وفيه الشاهد: حيث نونه للضرورة مع كونه مستحقا للمنع، وقوله: كأخي السهم، أي: كمثل السهم والعضب: السيف، وكوني: خطاب للناقة، وعقيرا: خبر كان، وهو فعيل، يستوي فيه المذكر والمؤنث. [الأشموني ج 3/ 274، وعليه حاشية العيني]. 452 - وكانت من الّلا، لا يعيّرها ابنها … إذا ما الغلام الأحمق الأمّ عيّرا البيت للكميت في ديوانه، وفي الهمع ج 1/ 83، وذكره السيوطي شاهدا على أن «اللا» لغة في اللائي، واللواتي لجمع المؤنث. 453 - سقى الله أمواها عرفت مكانها … جرابا وملكوما وبذّر والغمرا البيت لكثير بن عبد الرحمن، والشاهد «بذّر» ماء معروف في أيام العرب وقد منع من الصرف للعلمية ووزن الفعل، «فعل» وجرابا وملكوما والغمرا: أسماء مياه، وهي بدل من «أمواها» دعا بالسقي للأمواه، وهو يريد أهلها النازلين بها مجازا. [سيبويه/ 3/ 208، هارون وشرح المفصل/ 1/ 61]. 454 - وكادت فزارة تشقى بنا … فأولى فزارة أولى فزارا البيت لعوف بن عطية بن الخرع. وهو في كتاب سيبويه ج 1/ 331، وهو شاهد على الترخيم حيث رخم «فزارة» الثاني فصار «فزار» ثم ألحق الألف للفتحة، لأن الشعر مطلق. 455 - لا تعنينّ بما أسبابه عسرت … فلا يدي لامرئ إلا بما قدرا

456 - فالشمس طالعة ليست بكاسفة … تبكي عليك نجوم الليل والقمرا

البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 145، والشاهد: «فلا يدي لامرئ» وحكمها حكم «لا أبالك ولا أخالك»، وذكر السيوطي في هذه التراكيب ثلاثة أقوال: الأول: أنها أسماء مضافة إلى المجرور باللام، واللام زائدة، والخبر محذوف، والإضافة غير محضة، كالإضافة في «مثلك، وغيرك» والمقصود بالإضافة غير المحضة، الإضافة اللفظية التي لا يستفيد منها المضاف تعريفا أو تخصيصا، ذلك أنه لا يقصد معينا، فلم تعمل «لا» في معرفة، وزيدت اللام تحسينا للفظ، لئلا تدخل «لا» على ما ظاهره التعريف. الثاني: أنها أسماء مفردة غير مضافة، عوملت معاملة المضاف في الإعراب، والمجرور بعدها صفة متعلق بمحذوف، والخبر محذوف أيضا. الثالث: أنها مفردة - غير مضافة - جاءت على لغة القصر، والمجرور باللام هو الخبر، وكان القياس في هذه الألفاظ: لا أب لك ولا أخ لك، ولا يدين لك، كما قال الشاعر: أبي الإسلام لا أب لي سواه … إذا افتخروا بقيس أو تميم إلا أنه كثر الاستعمال بالكلمات السابقة مع مخالفة القياس. 456 - فالشمس طالعة ليست بكاسفة … تبكي عليك نجوم الليل والقمرا البيت لجرير، قال ابن منظور: كسفت الشمس النجوم، إذا غلب ضوؤها على النجوم فلم يبد منها شيء، فالشمس حينئذ كاسفة النجوم، يتعدى ولا يتعدى وذكر البيت، قال: ومعناه: أنها طالعة تبكي عليك، ولم تكسف ضوء النجوم ولا القمر، لأنها في طلوعها خاشعة باكية، لا نور لها، ويروى البيت: الشمس كاسفة ليست بطالعة … تبكي عليك نجوم الليل والقمر والمعنى: ما طلع نجم، وما طلع قمر، ثم صرفه فنصبه، وهذا كما تقول: لا آتيك مطر السماء، أي: ما مطرت السماء وطلعت الشمس، أي: ما طلعت الشمس، ثم صرفته فنصبته، وقال شمّر: سمعت ابن الاعرابي يقول: تبكي عليك نجوم الليل والقمر، أي ما دامت النجوم والقمر، وحكي عن الكسائي مثله. [اللسان/ كسف]. 457 - لقد ظهرت فما تخفى على أحد … إلا على أحد لا يعرف القمرا

458 - بأي- تراهم- الأرضين حلوا … أبالدبران أم عسفوا الكفارا؟

البيت لذي الرّمة في ديوانه يمدح عمر بن هبيرة، وقبل البيت: ما زلت في درجات الأمر مرتقيا … تنمي وتسمو بك الفرعان من مضرا ويروى الشاهد: حتى بهرت فما تخفى على أحد … إلا على أكمه لا يعرف القمرا والشاهد: «على أحد» أحد، هنا بمعنى واحد، لأن أحدا المستعمل بعد النفي في قولك «ما أحد في الدار» لا يصح استعماله في الواجب، وقال السيوطي في [الهمع ج 2/ 150]، «أحد، وإحدى» يعطف عليهما العشرون وإخوته، كما يعطف على واحد، وواحدة ولا يستعملان غالبا دون تنييف (مع العشرة أو العشرين وإخوته) إلا مضافين لغير علم نحو «لأحدى الكبر» [المدثر: 35] .. واستعمالهما بلا تنييف ولا إضافة، قليل، نحو «وإن أحد من المشركين استجارك» [التوبة: 9] وذكر البيت. 458 - بأيّ - تراهم - الأرضين حلّوا … أبالدّبران أم عسفوا الكفارا؟ البيت بلا نسبة في [الأشموني ج 2/ 279، والهمع ج 2/ 53]، والدبران، والكفار: موضعان والهمزة في قوله «أبالدبران» للاستفهام، والتقدير: هل حلّوا الدبران، أم عسفوا، أي: توجهوا نحو الكفار، والباء في بأيّ تتعلق بحلّوا، والشاهد: «بأي - تراهم - الأرضين» حيث فصل بين المضاف والمضاف إليه، بقوله «تراهم»، ووصفوا الفعل الفاصل بأنه «ملغى» فقال الصبان: قوله بالفعل الملغى، أي: الفعل الذي يستقيم المعنى المراد بدونه وليس المراد، الملغى بالمعنى المصطلح، لأن «ترى» في البيت عامل في المفعولين وهما الضمير، وحلّوا. 459 - بلغت صنع امريء برّ إخالكه … إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا البيت بلا نسبة في الأشموني ج 1/ 119، والشاهد: إخالكه، حيث أتى فيه بالضمير المتصل، ولم يقل إخالك إياه، والجمهور على الفصل، وإذ: للتعليل، ومبتدرا: خبر لم تزل، واللام في «لاكتساب الحمد» تتعلق ب (مبتدرا) وهو من الابتدار، وهو الإسراع. 460 - وإذا ما تشاء تبعث منها … مغرب الشمس ناشطا مذعورا البيت لكعب بن زهير، يصف ناقة، يقول: كأنّ هذه الناقة في نشاطها بعد سير النهار، ثور ناشط يخرج من بلد إلى بلد، فذلك أوحش له وأذعر. والشاهد فيه: رفع ما بعد

461 - لقد طرقت رحال الحي ليلى … فأبعد دار مرتحل مزارا

«إذا» على ما يجب فيها، وهو أجود من الجزم بها. [سيبويه/ 3/ 62، هارون، وشرح المفصل/ 8/ 134]. 461 - لقد طرقت رحال الحيّ ليلى … فأبعد دار مرتحل مزارا البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 91، وقوله: فأبعد دار أصله «أبعد بدار مرتحل» فأبعد: فعل تعجب على صيغة أفعل به، ثم حذف حرف الجرّ الزائد من (دار) ونصبه، قال أبو حيان: ولو ذهب ذاهب إلى أن «أفعل» أمر صورة، خبر معنى، والفاعل فيه مستتر يعود على المصدر المفهوم في الفعل، والهمزة للتعدية، والمجرور في موضع مفعول، لكان مذهبا. فقولك: أحسن بزيد، معناه: أحسن هو، أي: الإحسان، زيدا، أي: جعله حسنا فيوافق معنى: ما أحسن زيدا. قال: ويدل على أن محلّ المجرور نصب، جواز حذفه ونصبه بعد حذف الباء، وذكر البيت، قلت: والمشهور في الإعراب: أن الباء زائدة، ومجرورها فاعل والذي قاله مذهب حسن مقبول، لا يقلّ حسنا عن مذهب من جعله فاعلا. 462 - ودع ذا الهوى قبل القلى ترك ذي الهوى … متين القوى خير من الصّرم مزدرا البيت بلا نسبة في شرح المفصل ج 10/ 52، ونقل الصاغاني في «التكملة» بيتين قبل الشاهد هما: إذا المرء لم يبذل لك الودّ مقبلا … يد الدهر لم يبذل لك الودّ مدبرا فلا تطلبنّ الودّ بالإلف مدبرا … عليك وخذ من عفوه ما تيسّرا والشاهد قوله: «مزدرا» أصله «مصدرا» قال الزمخشري: «والصاد الساكنة إذا وقعت قبل الدال جاز إبدالها زايا خالصة في لغة فصحاء من العرب ومنه»: «لم يحرم من (فصد) فزد له» وقول حاتم «هكذا فزدي» أي «فصدي» ولكن هذا يجوز في الكلام الشفاهي، ولا يكتب. 463 - بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا … وإنّا لنرجو فوق ذلك مظهرا البيت للنابغة الجعدي الصحابي من قصيدة زعم الرواة أنه أنشدها أمام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. والشاهد: مجدنا، بالرفع، فإنه بدل اشتمال من الضمير المرفوع في «بلغنا» واللام في «لنرجو» للتأكيد، ومظهرا: مصدر ميمي مفعول به لنرجو. [الأشموني ج 3/ 130، وعليه حاشية العيني].

464 - بنا عاذ عوف وهو بادي ذلة … لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرا

464 - بنا عاذ عوف وهو بادي ذلة … لديكم فلم يعدم ولاء ولا نصرا البيت بلا نسبة في الأشموني ج 2/ 182، وعليه حاشية العيني. وقوله: بنا عاذ: الباء تتعلق ب «عاذ» وعوف: اسم رجل: فاعل، والشاهد: (بادي ذلة) حيث وقع حالا من الضمير المجرور بالظرف، وهو لديكم وتقدم عليه وهو شاذ، والبادي: من البدء، وهو الظهور، وقوله: فلم يعدم: عطف على عاذ، ولاء: مفعوله، من الموالاة، ضد المعاداة. 465 - لم ألق أخبث يا فرزدق منكم … ليلا وأخبث بالنهار نهارا البيت لجرير، وهو شاهد على جواز الفصل بين أفعل التفضيل ومن التفضيلية بالنداء (يا فرزدق). [الخزانة/ 8/ 263، والهمع ج 2/ 104]. 466 - منهنّ أيام صدق قد عرفت بها … أيام واسط والأيام من هجرا البيت للفرزدق في ديوانه، وكتاب سيبويه ج 2/ 23، وفي معجم البلدان (واسط) وكذا في الخزانة ج 11/ 136. وهو شاهد على ترك صرف «واسط»، والأصل في «واسط» التي كانت بالعراق - بلد الحجاج - أن تصرف، لأنه مذكّر حيث أراد بلدا واسطا أو مكانا واسطا، فهو منصرف، ولو ذهب به إلى التأنيث لقالوا «واسطة» وسميت واسطا لأنها متوسطة بين البصرة والكوفة، لأن منها إلى كل واحد منهما خمسين فرسخا، وقد يذهب به مذهب البقعة والمدينة فيترك صرفه ومنه هذا الشاهد. 467 - وتسخن ليلة لا يستطيع … نباحا بها الكلب إلا هريرا البيت للأعشى، وبعده: وتبرد برد رداء العرو … س بالصيف رقرقت فيه العبيرا وهو يمدح امرأة بأنها تكون ساخنة في الشتاء، باردة في الصيف. [الخزانة ج 1/ 61، والهمع ج 1/ 219] وهو مكرر رقم (192). 468 - اطلب ولا تضجر من مطلب … وآفة الطالب أن يضجرا أما ترى الحبل بتكراره … في الصّخرة الصّماء قد أثّرا ليس للبيتين قائل معروف، بل هما من شعر المحدثين، يتمثل بهما والشاهد في البيت

469 - إن ابن عبد الله نعم أخو … الندى وابن العشيره

الأول، فقد زعم بعضهم أن الواو في قوله «ولا تضجر» للحال، و «لا» ناهية، وبهذا أجاز وقوع جملة النهي حالا، والمشهور أن جملة الحال تكون خبرية، قال العيني: وهذا غلط، والصواب أن الواو للعطف كما في: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً [النساء: 36] وحركة الراء إعراب، كما في «لا تأكل السمك وتشرب اللبن» وليست ببناء، بأن يكون أصله «ولا تضجرن» حذفت منه النون، وانظر [الأشموني ج 2/ 186، وعليه حاشية الصبّان والعيني، والهمع ج 1/ 246]. 469 - إنّ ابن عبد الله نعم أخو … النّدى وابن العشيره البيت لأبي دهبل الجمحي، والشاهد: في جواز دخول «إنّ» على المخصوص بالمدح وتقديمه، وقال ابن مالك: يجوز إدخال النواسخ على المخصوص، فإذا دخل يجوز تقديمه وتأخيره إلا «إنّ» فإنها يجب تقديمها، كقوله: إنّ ابن عبد الله .. الخ. [الأشموني ج 3/ 37، وعليه حاشية العيني، والهمع 2/ 87]. 470 - يظلّ به الحرباء يمثل قائما … ويكثر فيه من حنين الأباعر البيت بلا نسبة [في الهمع ج 2/ 35، والعيني 3/ 275].، والشاهد (من حنين) على أن «من» حرف جرّ زائد على المعرفة، حيث يرى بعضهم أن حرف الجرّ يزاد مطلقا، والبيت في وصف يوم حارّ، وحنين: فاعل أضيف إلى الأباعر. 471 - وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم … خضع الرقاب نواكس الأبصار البيت للفرزدق من قصيدة يمدح بها آل المهلب بن أبي صفرة، وخصّ من بينهم ابنه يزيد، قلت: وما ذكره، ليس من صفات الممدوحين المحمودة، لأنها تدل على أن الممدوح ظالم بطاش. وخضع، جمع خضوع مبالغة خاضع من الخضوع، وهو حال، من مفعول رأيتهم، وكذلك نواكس، حيث جمع «فاعل» على فواعل، وما كان من «فاعل» نعتا لعاقل، لا يجمع على فواعل، فلا يقولون: ضارب وضوارب لأنهم قالوا: ضاربة وضوارب، وبهذا يلتبس المذكر بالمؤنث، وشذت بعض الكلمات مثل فوارس وشواهد .. ويروى البيت «نواكسي الأبصار» بجمع نواكسي، جمع المذكر السالم ويستشهدون به على أن جمع التكسير الموضوع للكثرة قد يجمع جمع السلامة ولا يخرجه

472 - فقالوا: ما تشاء؟ فقلت: ألهو … إلى الإصباح آثر ذي أثير

ذلك عن إفادة الكثرة، وانظر [شرح المفصل ج 5/ 56، والخزانة ج 1/ 204، وكتاب سيبويه ج 2/ 207]. 472 - فقالوا: ما تشاء؟ فقلت: ألهو … إلى الإصباح آثر ذي أثير البيت أنشده أبو زيد، ولم ينسبه، وقوله «آثر ذي أثير» معناه أفعل هذا الشيء أوّل كل شيء، والبيت شاهد على إيقاع الفعل «ألهو» على المصدر «اللهو» فكأنه قال: «اللهو»، وينشدون البيت في سياق الاستشهاد على أنه يوقع الفعل موقع الاسم المستثنى في قولهم: نشدتك الله إلا فعلت، والمعنى: ما أطلب منك إلا فعلك. [شرح المفصل ج 2/ 95، والهمع ج 1/ 6، والخصائص/ 2/ 433، واللسان «أثر»]. 473 - يا أمة وجدت مالا للا أحد … إلّا لظربى تناست بين أحجار الشاهد للقتال الكلابي في ديوانه ص 57، والمخصص 6/ 90، والظّربي: حيوان. 474 - أجل أنّ الله قد فضّلكم … فوق من أحكأ صلبا بإزار البيت لعدي بن زيد العبادي وأحكأ العقدة: شدّها، أراد فوق من شدّ إزارا بصلب، معناه فضلكم على من ائتزر فشدّ صلبه بإزار، أي: فوق الناس أجمعين، لأن الناس كلهم يحكئون أزرهم بأصلابهم، ويروى البيت: «فوق ما أحكي بصلب وإزار» أي: بحسب وعفة، أراد بالصلب هنا: الحسب، والإزار: العفة عن المحارم، أي: فضلكم الله بحسب وعفاف، فوق ما أحكي، أي: ما أقول والشاهد: أجل أنّ الله .. فهو لغة في قولنا «من أجلك». [اللسان - حكأ، صلب - أجل]. 475 - ألا أبلغ أبا حفص رسولا … فدى لك من أخي ثقة إزاري البيت منسوب إلى بقيلة الأكبر الأشجعي، وكنيته أبو المنهال. وأبو حفص: عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، والرسول: الرسالة، والإزار هنا: كناية عن النفس. وفي كتب الأدب والأخبار، قصة بطلها بقيلة الأكبر، أظنّها من وضع الإخباريين، وأهل التعليم، وقد ذكرت طرقها وأسانيدها في كتابي «المدينة النبوية» وبينت بطلانها، ونأخذ ما فيها من الشعر ونترك مناسبته وقصته. 476 - فقلت: لو باكرت مشمولة … صهبا كلون الفرس الأشقر

477 - رحت وفي رجليك عقالة … وقد بدا هنك من المئزر

الشاهد للأقيشر، المغيرة بن عبد الله، أو المغيرة بن الأسود، مخضرم وزعم صاحب الأغاني أن الأقيشر سكر يوما فسقط، فبدت عورته، وامرأته تنظر إليه فضحكت منه وأقبلت عليه تلومه، فرفع رأسه إليها وأنشأ يقول: تقول: يا شيخ أما تستحي … من شربك الخمر على المكبر فقلت: ... رحت وفي رجليك عقّالة … وقد بدا هنك من المئزر وقوله: مشمولة: هي الخمر إذا كانت باردة الطعم، وصهبا: صفتها ويروى (صفرا) وفيه الشاهد، حيث قصرها للضرورة وهي ممدودة. [الأشموني ج 4/ 109، والخزانة ج 4/ 485]. 477 - رحت وفي رجليك عقّالة … وقد بدا هنك من المئزر للأقيشر في القصة السابقة وقوله: عقّالة: ظلع يأخذ في القوائم، ويروى (وفي رجليك ما فيهما) يريد: أن فيهما اضطرابا واختلافا، وهو شاهد على أن تسكين (هن) في الإضافة للضرورة وليس بلغة. [الخزانة ج 4/ 484، وكتاب سيبويه ج 2/ 297]. 478 - ومن أنتم إنّا نسينا من أنتم … وريحكم من أي ريح الأعاصر البيت لزياد الأعجم، وهو في [الهمع ج 1/ 155، والعيني 2/ 420] والشاهد «نسينا» حيث عدّه ابن مالك من الأفعال التي تعلّق عن العمل في لفظ المفعول، على اعتبار (من) استفهامية، وقال أبو حيان: يحتمل: من: موصولة، وحذف العائد، أي. من هم أنتم، والتعليق: ترك العمل في اللفظ، لا في التقدير، لمانع ولهذا يعطف على الجملة المعلقة بالنصب، لأن محلها النصب، ومن الموانع كون أحد المفعولين اسم استفهام نحو: علمت أيّهم قام، و «لنعلم أيّ الحزبين أحصى» [الكهف: 12]، والأصل أن يكون الفعل المعلّق من أفعال القلوب. 479 - أعلمت يوم عكاظ حين لقيتني … تحت الغبار فما خططت غباري أنّا اقتسمنا خطّتينا بيننا … فحملت برّة واحتملت فجار البيتان للنابغة الذبياني، يخاطب زرعة بن عمرو الكلابي، وكان لقيه بعكاظ وأشار

480 - أبلغ النعمان عني مألكا … أنه قد طال حبسي وانتظاري

عليه أن يشير على قومه أن يغدروا ببني أسد، وينقضوا حلفهم فأبى عليه النابغة. وجعل خطته التي التزمها من الوفاء (برّة) وخطة زرعة لما دعاه إليه من الغدر (فاجرة) وبلغ النابغة أن زرعة هجاه وتوعده. وقوله: أعلمت: الاستفهام تقريري، وخططت: شققت، يقال: ما خطّ غباره، أي: لم يدن منه، ولم يتعلق به. وقوله: أنّا: مفتوحة الهمزة، لأن مصدرها سدّ مسدّ مفعولي (علم) والخطّة: الحالة والخصلة. وقوله: فحملت .. الخ يقول: بررت أنا، وفجرت أنت. والشاهد في البيت الثاني (فجار) وهو اسم للفجرة، معدول عن مؤنث، كأنه عدل عن الفجرة بعد أن سمي به الفجور، كما سمي البرّ «برّة» ولو عدلها لقال: برار كما قال «فجار» وفي القصة كلام مطوّل، انظر [كتاب سيبويه ج 2/ 38، والخزانة ج 6/ 327، والأشموني ج 1/ 137، والهمع ج 1/ 29] ومما يستشهد به له: فلتأتينك قصائد وليدفعن … ألف إليك قوادم الأكوار للنابغة من القصيدة السابقة يقول: والله لأغيرنّ عليك بقصائد الهجو ورجال الحرب وروي بنصب «ألف» ورفع «قوادم» يقول: لتركبن إليك نجائب تدفع إليك جيشا، والكور: بالضم، الرحل، وقادمته: العودان اللذان يجلس بينهما الراكب. [الخزانة/ 6/ 333]. 480 - أبلغ النعمان عنّي مألكا … أنّه قد طال حبسي وانتظاري البيت مطلع قصيدة لعدي بن زيد وكان محبوسا عند النعمان، والمألك: الرسالة وقال الزجاج: مألك جمع مألكة. [شرح أبيات المغني للبغدادي ج 5/ 83، والشعر والشعراء ترجمة عدي، والأغاني ج 2/ 532]. 481 - ربّ في الناس موسر كعديم … وعديم يخال ذا أيسار البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 37، وهو شاهد على فصل الجار من مجروره في قوله (ربّ في الناس موسر).

482 - عودت قومي إذا ما الضيف نبهني … عقر العشار على عسري وإيساري إني إذا خفيت نار لمرملة … ألفى بأرفع تل رافعا ناري ذاك وإني على جاري لذو حدب … أحنو عليه بما يحنى على الجار

482 - عوّدت قومي إذا ما الضيف نبّهني … عقر العشار على عسري وإيساري إني إذا خفيت نار لمرملة … ألفى بأرفع تلّ رافعا ناري ذاك وإني على جاري لذو حدب … أحنو عليه بما يحنى على الجار الأبيات للأحوص الأنصاري. وقوله: نبهني، أي: طرقني ليلا. و «عقر» المفعول الثاني للفعل «عوّد»، والعشار: جمع عشراء وهي الناقة التي أتى على حملها عشرة أشهر، والعشار عند العرب أعزّ الإبل، فذبحها للضيف يكون غاية في الجود والكرم. وفي البيت الثاني: ألفى: جواب إذا، وجملة «إذا خفيت» خبر إنّي، ويجوز فتح همزة «أني» على البدل من «العقر» والمرملة: الجماعة التي نفد زادها ورجل مرمل لا شيء عنده، مشتق من الرمل، كأنه لا يملك غيره، وألفى: مبني للمجهول ينصب مفعولين، الأول: نائب فاعل، والثاني: «رافعا» والتلّ: ما ارتفع من الأرض، وإيقاد النار في الأماكن العالية من أخلاق الكرام حتى يهتدي الضيف إليها في الليل المظلم. وقوله: «ذاك» في البيت الثالث: إشارة إلى عقر العشار، وإيقاد النار. وصحّ الإشارة ب (ذاك) إلى الاثنين لأنه بتأويل «ما ذكر» وذاك: خبر مبتدأ محذوف، أي: شأني وأمري ذاك، وجملة (إني لذو حدب) معطوفة على الجملة المحذوف صدرها ووجب كسر (إنّ) لوجود اللام في الخبر، ولولاها لجاز فتح إنّ وكانت مؤولة مع معموليها بمصدر مرفوع معطوف على «ذاك» عطف مفرد على مفرد، وذو: خبر إنّ، وأحنو: خبر بعد خبر، والشاهد «ذاك وإني .. لذو حدب» وأنه ليس فيه إلّا كسر الهمزة، ويجوز فتحها إذا لم توجد لام التوكيد، ومنه قوله تعالى (على الفتح): ذلِكُمْ، وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ [الأنفال: 18]. [كتاب سيبويه ج 1/ 463، والخزانة ج 10/ 268]. 483 - لعن الإله - وزوجها معها - … هند الهنود طويلة البظر البيت منسوب لحسان بن ثابت في ديوانه، وهو في الهمع ج 2/ 141، وإن كان المقصود هند بنت عتبة زوج أبي سفيان، لا تصحّ رواية البيت، لأنها أسلمت وزوجها أبو سفيان، وصارا من الصحابة، ولعلّ حسان قاله بعد وقعة أحد، وهو شاهد على جواز تقديم المعطوف (وزوجها) على المعطوف عليه (هند الهنود) لأن التابع منصوب.

484 - دعوا التخاجؤ وامشوا مشية سجحا … إن الرجال ألو عصب وتذكير

484 - دعوا التخاجؤ وامشوا مشية سجحا … إنّ الرجال ألو عصب وتذكير البيت لحسان بن ثابت في هجاء بني عبد المدان بن الديان، وهو من القطعة التي منها: لا عيب بالقوم من طول ومن عظم … جسم البغال وأحلام العصافير كأنهم قصب جوف مكاسره … مثقّب فيه أرواح الأعاصير دعوا .. وقوله: دعوا التخاجؤ: هو مشي فيه تبختر، والمشية السجح: السهلة الحسنة، والعصب: شدة الخلقة، والتذكير: كونهم على خلقة الذكور. وقوله: جسم .. التقدير جسمهم جسم، وأحلامهم أحلام، ويجوز النصب على الذمّ، ولكن قوله: وأحلام، أن معناها، لا أحلام لهم. لأن العصافير كذلك. [شرح أبيات المغني، للبغدادي ج 2/ 84، وكتاب سيبويه ج 2/ 315]. 485 - متى تر عيني مالك وجرانه … وجنبيه تعلم أنه غير ثائر حضجر كأمّ التوأمين توكأت … على مرفقيها مستهلّة عاشر البيتان منسوبان لسماعة بن أشول النعامي. والجران: باطن العنق، وقيل: مقدم العنق من مذبح البعير إلى منحره، فإذا برك البعير ومدّ عنقه على الأرض، قيل: ألقى جرانه بالأرض، واستعاره هنا للإنسان، والحضجر: العظيم البطن الواسعه. [كتاب سيبويه ج 1/ 253، واللسان (جرن، وحضجر)]. 486 - ألا أبلغ الأقياس قيس بن نوفل … وقيس بن أهبان وقيس بن جابر البيت لزيد الخيل، وفي لسان العرب بقافية الدال (وقيس بن خالد) وقد جمع «قيس» على «أقياس». 487 - هي ابنتكم وأختكم زعمتم … لثعلبة بن نوفل ابن جسر منسوب لفارعة بنت معاوية، وهو في كتاب سيبويه ج 2/ 147. وقد نوّن (نوفل) مع أنه متبوع ب لفظ «ابن» أو تقطع همزة (ابن) وإنما نونه للوزن، لأنّ همزة (ابن) للوصل، ولو قطعها لصحّ، وثعلبة بن نوفل: حيّ من العرب.

488 - تسائل عن قرم هجان سميدع … لدى البأس مغوار الصباح جسور

488 - تسائل عن قرم هجان سميدع … لدى البأس مغوار الصّباح جسور البيت لحسان بن ثابت في ديوانه، والعيني ج 3/ 358، وهو في رثاء حمزة. 489 - حار بن كعب ألا أحلام تزجركم … عنّا وأنتم من الجوف الجماخير لا بأس بالقوم من طول ومن عظم … جسم البغال وأحلام العصافير البيتان لحسان بن ثابت من قطعة يهجو بها بني الحارث بن كعب المذحجي. فقوله: حار: مرخم حارث. والجوف: جمع أجوف، وهو الخالي الجوف، والجماخير: جمع جمخور بضم الجيم والخاء: العظيم الجسم الخوّار. ويروى البيت الثاني «جسم الجمال» لأن الجمل مثل في عظم الجرم وهو أطول من البغل. ولكن تشبيههم بالبغل أبلغ، لأن البغال يحملون غباء الحمير، أمّا الجمل ففيه ذكاء وفطنة، ومشهود له بالمكر وفرط الإحساس، مع التحمل والصبر. وقوله: جسم البغال، بالرفع، خبر لمبتدأ محذوف وأفرد الجسم، وهو يريد الجمع للضرورة ولو نصب بتقدير أذمّ لجاز، ورواية الرفع، يكون الذم بالمعنى، وهو أبلغ. [كتاب سيبويه ج 1/ 254، والخزانة ج 4/ 72]. 490 - أجنّ كلّما ذكرت كليب … أبيت كأّنني أكوى بجمر منسوب لعمرو بن قيس المخزومي، وهو في اللسان (جنن) والهمع ج 1/ 114، والبيت شاهد على احتمال مجيء (بات - أبيت) بمعنى صار، لأن كلّما تدل على عموم الأوقات. 491 - بعينيك يا سلمى ارحمي ذا صبابة … أبى غير ما يرضيك في السرّ والجهر البيت بلا نسبة في [الهمع ج 2/ 41، والدرر ج 2/ 45]، وهو شاهد على أنه يجاب عن القسم، بالطلب كما في الشطر الأول والقسم: قوله: بعينيك. 492 - رهط ابن كوز محقبي أدراعهم … فيهم ورهط ربيعة بن حذار البيت للنابغة الذبيانى، وقبله: فلتأتينك قصائد وليدفعن … ألف إليك قوادم الأكوار وهو أحد الشواهد، يهدد الشاعر زرعة بن عمرو الكلابي، والشاهد قوله «محقبي» أدراعهم،

493 - دع ذا وعد القول في هرم … خير البداة وسيد الحضر

فقوله «محقبي» حال من الضمير في «فيهم» وقد تقدم الحال على عامله الجار والمجرور المخبر بهما، ولكن رواية الديوان والخزانة (محقبو) بالرفع، ولا شاهد فيه. و «محقبو» أي: يجعلونها خلفهم في موضع الحقائب، والحقيبة خرج صغير يربطه الراكب خلفه، ورهط: جعله بعضهم خبرا لمبتدأ محذوف، أي: هم رهط، وجعله بعضهم مبتدأ خبره «فيهم». [الخزانة ج 6/ 336، والأشموني ج 2/ 181 وعليه حاشية الصبان والعيني]. 493 - دع ذا وعدّ القول في هرم … خير البداة وسيّد الحضر لزهير في مدح هرم بن سنان، أي: دع ما أنت فيه واصرف القول في مدح هرم. والحضر: جمع حاضر كصحب، جمع صاحب. [الخزانة/ 6/ 319، وشرح أبيات المغني ج 6/ 25]. 494 - ألا قبح الإله بني زياد … وحيّ أبيهم قبح الحمار البيت للشاعر يزيد بن ربيعة بن مفرّغ الحميري، من شعراء الدولة الأموية، وقوله: ألا كلمة يستفتح بها الكلام، ومعناها تنبيه المخاطب لسماع ما يأتي بعدها. وجملة (قبح الإله) دعائية، يقال: قبحه الله يقبحه بفتح الباء، أي: نحاه عن الخير، وفي القرآن: هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ [القصص: 42]، أي: المبعدين عن الفوز، والمصدر «القبح» بفتح القاف، والاسم «القبح» وزياد: هو زياد بن أبيه الأمير المشهور، وقيل ابن أبيه، أي: ابن أبي معاوية ويقال: زياد بن سمية نسبة إلى أمه، وقوله «وحيّ أبيهم» معطوف على بني، أي: وقبح الله أباهم زيادا وقوله: «قبح الحمار» بفتح القاف، مصدر تشبيهي، أي: قبحهم الله قبحا مثل قبح الحمار، وإنما ذكر الحمار لأنه مثل في المذلة والاستهانة به، والمشكل في البيت لفظ «حيّ» والإشكال في المعنى وليس في الإعراب. [الخزانة/ 4/ 320]، والخصائص ج 3/ 28، واللسان (حيي). 495 - كسا اللؤم تيما حضرة في جلودها … فويلا لتيم من سرابيلها الخضر البيت لجرير، والشاهد «فويلا لتيم» قال ابن يعيش: اعلم أن المصدر «ويل» وإخوته إذا أضيفت كقولك «ويلك» لم تتصرف، ولم تكن إلا منصوبة، ولأنك لو رفعتها بالابتداء لم يكن لها خبر، فإن أفردتها وجئت باللام جاز الرفع فتقول: ويل لك، وويح له، فيكون الجار والمجرور الخبر، ويجوز النصب فتقول ويلا له، وويحا له، وذكر البيت. [شرح المفصل ج 1/ 121].

496 - لهني لأشقى الناس إن كنت غارما … لعاقبة قتلى خزيمة والخضر

496 - لهنّي لأشقى الناس إن كنت غارما … لعاقبة قتلى خزيمة والخضر البيت لخداش بن زهير العامري الصحابي. وقوله: لهني: مركبة من اللام، و «هنّي» هي: إني، أبدلت الهاء همزة ولأن اللام لا تدخل على إنّ المكسورة الهمزة قالوا في تعليلها: إما أن تكون زائدة، وإما أن تكون بقية لفظ الجلالة، وكان الأصل: والله، وقوله «لأشقى» اللام للتوكيد، وأشقى: اسم تفضيل، وغارما: من غرمت الدية والدّين، إذا أديته، واللام في «لعاقبة» بمعنى «بعد» و «قتلى» مفعول «غارما» جمع قتيل. والخضر، بطن من قيس عيلان. والمصراع الأول صدر من بيت من أشعار ثلاثة: الأول: لخداش بقافية الراء. والثاني: يتممه قوله «لدومة بكرا ضيعته الأراقم» وهو غير منسوب. والثالث: في شعر تليد الضبي، وكان أحد اللصوص في عهد عمر بن عبد العزيز، أخذ وأقيم للناس بأمره ليدفع ما أخذه منهم، فقال: بعد الشطر الأول: «قلائص بين الجلهتين تزود». [الخزانة ج 10/ 347]. 497 - وقرّبن بالرّزق الجمائل بعد ما … تقوّب عن غربان أوراكها الخطر البيت لذي الرّمة. والرّزق: بكسر الراء، اسم مكان قرب البصرة، وتقوّب: تقشّر، والغربان: بكسر الغين جمع غراب وهو طرف الورك الأسفل مما يلي أعالي الفخذ، والخطر: ما يتلبّد على أوراك الإبل من أبوالها وأبعارها، والبيت شاهد على جمع «جمل» على «جمائل». [شرح المفصل ج 5/ 76]. 498 - ولفوك أطيب لو بذلت لنا … من ماء موهبة على خمر البيت بلا نسبة في [الأشموني ج 3/ 46، والهمع ج 2/ 104، واللسان (وهب)]. وقوله: «موهبة» هي النقرة التي يستنقع فيها الماء، والبيت شاهد على جواز الفصل بين أفعل التفضيل ومن التي تتصل بالمفضّل عليه، ففصل بقوله «لو بذلت لنا» وتروى

499 - أن نعم معترك الجياع إذا … خب السفير وسابئ الخمر

القافية «على شهد» موضع على خمر، وقوله: ولفوك: اللام للتأكيد، وفوك: مبتدأ، أطيب: خبر. 499 - أن نعم معترك الجياع إذا … خبّ السّفير وسابئ الخمر البيت لزهير بن أبي سلمى، من قصيدة في مدح هرم بن سنان وقبل البيت: تالله قد علمت سراة بني … ذبيان عام الحبس والأصر وقوله: «أن نعم»: أن مخففة، واسمها ضمير الشأن، وجملة (نعم) خبرها، وأن وما دخلت عليه سدّت مسدّ مفعولي (علم) في البيت السابق. ومعترك: فاعل، لنعم، يريد موضع ازدحام الفقراء. وخب السفير: أسرع وطار مع الريح، والسفير: ما جف من الورق وسقط وذلك في شدة البرد وقحط الزمان وسابئ: معطوف على معترك، اسم فاعل من سبأ الخمر إذا اشتراها، والشاهد كون خبر «أن» المخففة جملة فعلية فعلها جامد. [الهمع ج 1/ 143، والخزانة ج 6/ 319]. 500 - ليست بسوداء ولا عنفص … تسارق الطّرف إلى الدّاعر البيت للأعشى، من قصيدته التي مطلعها: شاقك من قتلة أطلالها … بالشّطّ فالجزع إلى حاجر لو أسندت ميتا إلى نحرها … عاش ولم ينقل إلى قابر وامرأة عنفص: البذيئة القليلة الحياء، والداعر: الفاسق. 501 - يا عين بكّي حنيفا رأس حيّهم … الكاسرين القنا في عورة الدّبر البيت لابن مقبل، في كتاب سيبويه ج 1/ 94، واللسان «دبر»، قال ابن منظور: والدبر: الظهر، وقوله تعالى: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر: 45] جعله للجماعة، كما قال تعالى: لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ [إبراهيم: 43] قال الفراء، وكان هذا يوم بدر، وقال: الدّبر، فوحّد ولم يقل الأدبار، وكلّ جائز صواب، تقول: ضربنا فيهم الرؤوس، وضربنا منهم الرأس، كما تقول: فلان كثير الدينار والدرهم، وحنيف: بالتصغير، قبيلة من قيس، وهو أحد أجداد الشاعر. يرثي الشاعر هذه القبيلة، يقول: كانوا سادة حيهم، بمنزلة الرأس منهم، وكانوا إذا شهدوا الحرب فانكسر جيشهم، كروا وقاتلوا دونهم، وكسروا رماحهم في سبيل حفظ عورتهم وحمايتها من عدوهم، والشاهد فيه: إثبات النون مع «أل» في

502 - يا ليت لي سلوة تشفى النفوس بها … من بعض ما يعتري قلبي من الدكر

الكاسرين، بخلاف التنوين فإنه لا يثبت مع «أل» لأن النون قوية بحركتها، والتنوين ضعيف بسكونه، ومع ثبات النون، وجب نصب اسم الفاعل المجموع ما بعده. [سيبويه/ 1/ 184، هارون]. 502 - يا ليت لي سلوة تشفى النفوس بها … من بعض ما يعتري قلبي من الدّكر والشاهد: قلب الذال المعجمة دالا مهملة في «الدّكر». البيت لتميم بن أبي مقبل، في ديوانه والخصائص/ 1/ 351، والمقرب/ 2/ 166. 503 - أزور امرأ جمّا نوال أعدّه … لمن أمّه مستكفيا أزمة الدّهر البيت بلا نسبة في الأشموني ج 3/ 6، 14، وجما: كثيرا. ونوال: أي: عطاء، فاعل، وجملة أعدّه صفة «نوال» والضمير البارز فيها لنوال. والمستتر لامرأ. وأمّه: بمعنى قصده، ومستكفيا: حال من فاعل «أمّ» والأزمة: الشدة، منصوب ب «مستكفيا»، والشاهد: (جما نوال) حيث رفع «جمّا» «نوال» مع أنه غير متلبس بضمير صاحب الصفة، لفظا، والتقدير: جما نواله، والمشروط في معمول الصفة المشبهة أن يكون سببيا، أي: متصلا بضمير الموصوف، لفظا أو معنى، ومن أنواع السببي أن يكون موصوفا بجملة كما في الشاهد، حيث وصف «نوال» بجملة «أعده». 504 - سرت تخبط الظلماء من جانبي قسا … وحبّ بها من خابط الليل زائر البيت لذي الرّمة، نعت خيال الحبيبة فجعل له ضميرها. يخبط الظلماء: يسير فيها على غير هدى. وقسا: موضع، يصرف ولا يصرف. وحبّ بها، أي: أحبب بها، صيغة تعجب، والشاهد فيه: نعت خابط الليل، بلفظ «زائر» النكرة، لأن الموصوف إضافته غير محضة، فلم يستفد من المضاف إليه التعريف. [سيبويه/ 1/ 246، هارون]. 505 - سقوني الخمر ثم تكنّفوني … عداة الله من كذب وزور البيت لعروة بن الورد، عروة الصعاليك العبسي، ويروى: سقوني النسء: والنسء: الخمر التي تزيل العقل، وتكنّفوه: أحاطوا به، والعداة: جمع عاد، بمعنى العدوّ، وكان قوم امرأته قد احتالوا عليه وسقوه الخمر حتى أجابهم إلى مفاداتها، وكانت سبيّة عنده، والشاهد فيه: نصب «عداة» على الشتم، ولو رفع على القطع لجاز. [سيبويه/ 2/ 70،

506 - حلفت بمائرات حول عوض … وأنصاب تركن لدى السعير أجوب الأرض دهرا إثر عمرو … ولا يلفى بساحته بعيري

هارون، ومجالس ثعلب/ 417، واللسان «نسأ»]. 506 - حلفت بمائرات حول عوض … وأنصاب تركن لدى السّعير أجوب الأرض دهرا إثر عمرو … ولا يلفى بساحته بعيري البيتان للشاعر رشيد بن رميض العنزي، شاعر مخضرم، وقوله: بمائرات، أي: بدماء مائرات، ومار الدم: إذا جرى على وجه الأرض، و «عوض» اسم صنم. والأنصاب: حجارة كانوا يطوفون حولها. وتركن: مبني للمجهول، وسعير: وزن زبير، صنم كان لعنزة، وجواب القسم، أجوب في البيت الثاني، وحذف منه «لا» النافية، أي: لا أجوب، كقوله تعالى: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ [يوسف: 85] والبيت الأول شاهد على أن «عوض» اسم صنم، معرب. [شرح أبيات المغني/ 3/ 330]. 507 - جئني بمثل بني بدر لقومهم … أو مثل أسرة منظور بن سيّار البيت لجرير، يخاطب الفرزدق مفتخرا عليه بسادات قيس لأنهم من أخواله، وبنو بدر من فزارة، وهم بيت فزارة وعددهم، ومنظور بن زبان بن سيّار: من فزارة أيضا وسوف تعرف المزيد عنه في آخر هذا الشرح، وأسرة الرجل: رهطه الأدنون، لأنه يتقوى بهم من الأسر، وهو الشدّ، والشاهد: (مثل) حيث نصب بفعل من معنى جئني فكأنه قال: هات مثل، حملا على معنى «جئني» التي هي بمنزلة «هاتني» ولا يصحّ نصبه بلفظ «جئني» مقدر، وإلا كان مجرورا بتقدير «بمثل». [سيبويه/ 1/ 94، هارون]. قال أبو أحمد: إن جريرا والفرزدق لم ينتفع الناس من شعرهم إلا ما نقلاه من اللغة الصحيحة من عصر الاستشهاد، أما مضمون شعرهما فلا يطرب له الإنسان إلا ما ندر، فليس في شعرهما من المعاني إلا الفخر الكاذب، والهجاء المذموم، والمدح الملصق بمن لا يستحقّه، ومثال الفخر «الفخّاري» ما في هذا البيت، فجرير يفخر بمن لا يمتّ إليه بصلة، إلا في الجدّ المئوي، ولو كان الفخر كما في فخر جرير لجاز لكل الناس أن يفخروا بكل الناس، لأن الناس جميعا يلتقون في جذور بعيدة، ومنظور بن سيّار الذي يفخر به جرير، لا يستحق أن يفخر به، لأن المذكور، تزوج امرأة أبيه في الإسلام بعد أن حرّم القرآن هذا الزواج، وقد أرسل إليه رسول الله من يقتله، فلم يظفر به، وبحث عنه أبو بكر فلم يقع عليه، إلى أن جاء زمن عمر، فاستقدمه وفرّق بينهما، ومع ذلك بقي قلبه معلقا بها وقال في ذلك:

508 - لقد كذبتك نفسك فاكذبيها … فإن جزعا وإن إجمال صبر

ألا لا أبالي اليوم ما صنع الدهر … إذا منعت منّي مليكة والخمر فإن تك قد أمست بعيدا مزارها … فحيّ ابنة المريّ ما طلع الفجر انظر [الإصابة/ 3/ 462]. 508 - لقد كذبتك نفسك فاكذبيها … فإن جزعا وإن إجمال صبر البيت لدريد بن الصّمّة، من قصيدة يرثي فيها معاوية بن عمرو، أخا الخنساء والبيت خطاب لامرأته التي كانت تلومه على بعض أحواله، وفي كثير من المصادر النحوية، يجعلون الخطاب للمذكّر، بفتح الكاف، ويروونه «فاكذبنها»، والصحيح أنه خطاب المؤنث، فقبل البيت من المطلع وما بعده: ألا بكرت تلوم بغير قدر … فقد أحفظتني ودخلت ستري فإن لم تتركي عذلي سفاها … تلمك عليّ نفسك أيّ عصر وإلا ترزئي نفسا ومالا … يضرّك هلكه في طول عمري فقد كذبتك .. البيت، وهذا الوهم يقع لأن النحويين يعتمدون على البيت المفرد، ولا ينظرون في قصيدة البيت، ولذلك ظنّ بعضهم أن الشاعر يعزي نفسه عن موت أخيه عبد الله بن الصمّة، مع أن الشاعر قال بعد البيت الشاهد: فإنّ الرّزء يوم وقفت أدعو … فلم يسمع معاوية بن عمرو وقوله: كذبتك .. الخ، تقول العرب: كذبته نفسه، أي: منّته الأمانيّ، وخيلت إليه من الآمال ما لا يكاد يكون، وذلك مما يرغب الرجل في الأمور، ويبعثه على التعرض لها، ويقولون في عكسه: صدقته نفسه، إذا ثبطته، وخيلت إليه العجز والنكد في الطلب. والشاهد: «فإن جزعا وإن إجمال صبر» قال سيبويه: إنّ «إن» هي جزء «إمّا» وليست «إن» الشرطية التي تطلب فعلين، والتقدير على النصب «فإما تجزع جزعا» ويجوز الرفع، والتقدير فإما جزع وإما إجمال صبر، ويكون ما بعد إمّا: مبتدأ، خبره محذوف، والتقدير: فإما أمري جزع وإما إجمال صبر. [سيبويه/ 1/ 266، هارون، والخزانة/ 11/ 109، وشرح المفصل/ 8/ 101، والهمع/ 2/ 135]. 509 - ألا حبذا قوما سليم فإنهم … وفوا إذ تواصوا بالإعانة والصبر

510 - لما أتوها بمصباح ومبزلهم … سارت إليهم سؤور الأبجل الضاري

البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 89، والشاهد: قوما سليم، حيث جاء قبل مخصوص حبذا اسم نكرة منصوب يعرب هنا تمييزا، وقد يأتي بعد المخصوص كقولنا «حبذا الصبر شيمة». 510 - لما أتوها بمصباح ومبزلهم … سارت إليهم سؤور الأبجل الضاري البيت للأخطل، يذكر خمرا استخرجت من دنّها، والمبزل: حديدة يثقب بها الدن وذكر المصباح ليدل على أنها بزلت ليلا، والأبجل: عرق في باطن الذراع، والضاري: الذي يسيل دمه، والشاهد: في بنائه مصدر سار يسور على سؤور وسارت، أي: وثبت. [سيبويه/ 4/ 50، هارون]. 511 - عهدي بها في الحيّ قد سربلت … هيفاء مثل المهرة الضّامر البيت للأعشى، وهو في [شرح المفصل ج 6/ 83، والهمع/ 1/ 107] والبيت شاهد على مجيء الحال، وهو جملة فعلية (قد سربلت) سادا مسدّ الخبر، ويمكن أن يجعل الخبر في المجرور، أي: عهدي واقع بها، ويجعل الجملة حالا من الضمير المجرور، وفي البيت أن «الضامر» لفظ مشترك للمذكر والمؤنث. 512 - ونحن تركنا تغلب ابنة وائل … كمضروبة رجلاه منقطع الظّهر البيت لتميم بن مقبل. [الهمع ج 2/ 97]، وهو شاهد على عمل اسم المفعول الرفع في الاسم بعده، وهو (مضروبة) و «رجلاه» نائبه. 513 - سواء عليك النّفر أم بتّ ليلة … بأهل القباب من عمير بن عامر البيت بلا نسبة في الأشموني ج 3/ 100، وهو شاهد على أن (أم) عادلت بين مفرد وجملة، والأصل أن تعادل بين جملتين، وقوله: سواء: خبر مقدم، والنفر: مبتدأ وأم حرف عطف. 514 - أنت الجواد الذي ترجى نوافله … وأبعد الناس كلّ الناس من عار الشاهد للفرزدق في ديوانه، والهمع 2/ 123، والشاهد: (كلّ الناس) حيث عدّ بعضهم إضافة «كلّ» إلى الظاهر من ألفاظ التوكيد المعنوي مع أن الغالب عليها أن تضاف إلى ضمير المؤكّد، فقال السيوطي: وجوّز ابن مالك إضافتها إلى ظاهر مثل المؤكد، فقال

515 - كلا الضيفن المشنوء والضيف واجد … لدي المنى والأمن في العسر واليسر

أبو حيان: ولا حجة في ذلك لأن «كلّ» في التركيب، نعت لا توكيد، أي: الناس الكاملين في الفضل. 515 - كلا الضّيفن المشنوء والضيف واجد … لديّ المنى والأمن في العسر واليسر البيت بلا نسبة في الأشموني ج 2/ 260، والضيفن: الذي يتبع الضيف، أو هو الطفيلي والشاهد أن «كلا» أضيف إلى مفرد معطوف عليه آخر، ولا يجوز ذلك إلا في الضرورة، والمشنوء: المكروه. 516 - ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها … حتى أتيت أبا عمرو بن عمّار البيت للفرزدق، وهو في [شرح المفصل ج 1/ 27، وكتاب سيبويه ج 2/ 148، 237]، وهو شاهد على حذف التنوين من أبي عمرو وهذا يدل على أن الكنية من الأعلام، وأبو عمرو: هو أبو عمرو بن العلاء، يقول: لم أزل أتصرف في العلم وأطويه وأنشره حتى لقيت أبا عمرو فسقط علمي عند علمه، وأبو عمرو من مؤسسي علم النحو. 517 - كم عمّة لك يا جرير وخالة … فدعاء قد حلبت عليّ عشاري كنّا نحاذر أن تضيع لقاحنا … ولهى إذا سمعت دعاء يسار شغّارة تقذ الفصيل برجلها … فطّارة لقوادم الأبكار الأبيات للفرزدق في هجاء جرير، وقد مضى البيت الأول في مكان سابق، وذكرته هنا لنفهم به البيت الثالث، وألخص ما قلته في البيت الأول مرّة أخرى: البيت الأول: عمة: فيها الجرّ، والنصب، والرفع، أو هكذا روي البيت، و «كم» في الحالات الثلاث لا تخرج عن كونها تدل على الخبر والكثرة، وإن كان ظاهرها الاستفهام. أ - كم عمة: بالجرّ: كم خبرية، وعمة تمييزها. ب - كم عمة: بالنصب: كم استفهامية، وعمة: تمييزها، والاستفهام على سبيل الاستهزاء والتهكم. ج - كم عمة: بالرفع: على أن تكون «عمة» مبتدأ، وصفت بقول «لك» وخبره «قد حلبت» والمميز على هذا محذوف، فلا يخلو أن يقدر مجرورا أو منصوبا، على اختلاف

518 - فلم أجبن ولم أنكل ولكن … يممت بها أبا صخر بن عمرو

«كم» وعلى التقديرين «كم» في محل نصب بالظرف أو المصدر، أي: كم وقت عمة لك، أو كم حلبة عمة لك، والعامل فيه «قد حلبت» وأما في الوجهين الأولين ف «كم» في محل الرفع على الابتداء، وخبره «قد حلبت». البيت الثاني: يصف عمة جرير، أو خالته، بأنها ولهى: إذا سمعت دعاء «يسار» وهو عبد كان يتعرض لبنات مولاه، فكأنه يصف العمات والخالات بالزنى، وهذا الكلام يرمي نساء جرير بالزنى، وكان يستحق عليه الفرزدق الجلد، أو يأتي بأربعة شهداء. البيت الثالث: قوله «شغّارة» هي التي ترفع رجلها، كما يرفع الكلب رجله ليبول، قيل: ترفع رجلها للزنى، وقيل: ترفع رجلها تضرب الفصيل لتمنعه من الرضاع عند الحلب. والوقذ: أشدّ الضرب. والفطّارة: التي تحلب الفطر، وهو القبض على الخلف بأطراف الأصابع لصغره، والقوادم: الأخلاف، والأبكار، جمع بكر، وهي التي نتجت أول بطن، والشاهد في البيت «شغارة»، «فطارة»، أورده سيبويه بنصب شغارة على الذم. [كتاب سيبويه ج 1/ 253، وشرح المفصل ج 4/ 133، والأشموني ج 1/ 27، والهمع ج 1/ 254، والمغني (كم)]. 518 - فلم أجبن ولم أنكل ولكن … يممت بها أبا صخر بن عمرو البيت للشاعر يزيد بن سنان، وهو أخو هرم بن سنان ممدوح زهير، والبيت من قطعة قالها في شأن يوم «ذات الرمث» ويذكر قتله أبا صخر بن عمرو القيني، وكان سباهم يوم ذات الرّمث. وقوله: لم أنكل، لم أنكص. ويممت بها: قصدت بطعنتي. والشاهد: حذف التنوين من «أبا صخر» مع أنه كنية، لأن الكنية في الشهرة والاستعمال بمنزلة العلم. وتحذف فيه أيضا همزة (ابن) لأن الكنية كالاسم الغالب. [سيبويه/ 3/ 506، هارون، والمفضليات/ 70]. 519 - سماع الله والعلماء أنّي … أعوذ بحقو خالك يا ابن عمرو البيت غير منسوب، والحقو: بفتح الحاء وكسرها، الخاصرة، والمعنى: أشهد الله والعلماء أني أعوذ بخالك من شرّك، وإنما ذكر الحقو، لأنه موضع احتضان الشيء وستره. يقال: عاذ بحقوه إذا لجأ إليه ليمنعه، وتقول العامة اليوم «يدي في حزامك».

520 - رأيتك لما أن عرفت وجوهنا … صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو

والشاهد: نصب «سماع» نائبا عن فعله، أي: أسمع الله والعلماء إسماعا، فوضع اسم المصدر مكان المصدر، كما قالوا: أعطيته عطاء. [سيبويه/ 1/ 340، هارون]. 520 - رأيتك لما أن عرفت وجوهنا … صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو البيت للشاعر رشيد بن شهاب اليشكري، والخطاب لقيس بن مسعود اليشكري، وهو المراد من قوله: يا قيس عن عمرو، ورأيتك: يمعنى أبصرتك، ولذلك اقتصر على مفعول واحد، وكلمة «أن» زائدة. والمراد بالوجوه: الأنفس أو الذوات، أو الأعيان منهم، يقال: هؤلاء وجوه القوم، أي: أعيانهم وساداتهم، وقوله: صددت، جواب لمّا، أي: أعرضت، وقوله: طبت النفس، أي: طابت نفسك عن عمرو الذي قتلناه، وكان عمرو حميم قيس. والشاهد: وطبت النفس: حيث ذكر التمييز معرفا بالألف واللام وكان حقه أن يكون نكرة. وقوله: عن عمرو، يتعلق ب: طبت، والتقدير: عن قتل عمرو. [الأشموني/ 1/ 182، والهمع/ 1/ 80، 252]. 521 - وما اهتزّ عرش الله من أجل هالك … سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو البيت لحسان بن ثابت، وقوله: هالك، أي: ميت، وجملة سمعنا به في محل جرّ صفة لهالك، واللام في «لسعد» تتعلق باهتز، وأراد به سعد بن معاذ الأنصاري الذي استشهد زمن الخندق، وصح أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «اهتز العرش لموت سعد بن معاذ». وقوله: «أبي عمرو» مجرور لكونه صفة لسعد، وفيه الشاهد حيث أخره - وهو كنية - عن الاسم. [الأشموني/ 1/ 129، وعليه شرح العيني والصبّان]. 522 - ونبّئت جوّابا وسكنا يسبّني … وعمرو بن عفرا لا سلام على عمرو البيت لجرير، والشاهد فيه: رفع «سلام» على الابتداء، مع عدم تكرار «لا» لأنه في المعنى بدل من لفظ فعل الدعاء، وقوله: يسبّني: أفرد الخبر اكتفاء بخبر الواحد عن خبر الاثنين، وقصر «عفراء» ضرورة للشعر، وفي اللسان عن ابن حبيب أنه يقال في أعلامهم «سكن» و «سكن» بفتح الكاف وإسكانها، وأتي بهذا البيت شاهدا للإسكان.

523 - لولا الحياء وباقي الدين عبتكما … ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري

[سيبويه/ 2/ 301 هارون، واللسان «سكن»]. 523 - لولا الحياء وباقي الدين عبتكما … ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري البيت للشاعر تميم بن أبيّ بن مقبل، شاعر مخضرم، وكان قد خرج في بعض أسفاره، فمرّ بمنزل عصر العقيلي، فاستسقى فخرج إليه ابنتاه بعسّ لبن، فرأتاه أعور كبيرا، فأبدتا له بعض الجفوة، فغضب وجاوز ولم يشرب، وبلغ أباهما الخبر، فخرج ليردّه فقال شعرا منه هذا البيت. والشاهد: حذف اللام من جواب لولا. ونقل السيوطي: أن جواب «لولا» يتصل باللام إذا كان ماضيا مثبتا، وأنّ حذفها قليل أو ضرورة. [الهمع/ 2/ 67، والشعر والشعراء/ 366]. 524 - يدعوه سرّا وإعلانا ليرزقه … شهادة بيدي ملحادة غدر البيت لأم عمران بن الحارث الخارجي، وهو في الهمع ج 1/ 178، والبيت شاهد على مجيء «غدر» وزان «فعل» في غير النداء، وهو لفظ معدول عن «غادر» لسب الرجال، وأكثر ما يكون في النداء. 525 - أتيت بعبد الله في القدّ موثقا … فهلّا سعيدا ذا الخيانة والغدر البيت بلا نسبة في الأشموني ج 4/ 51، والقدّ: بكسر القاف وتشديد الدال، وهو سير يقدّ من جلد غير مدبوغ، وموثقا: حال من عبد الله، والشاهد في «سعيد» حيث نصب بعد حرف التحضيض بتقدير العامل، إذ التقدير فهلا أسرت سعيدا أو قيدت سعيدا، وذا الخيانة صفته والغدر عطف على الخيانة. 526 - أقول لمّا جاءني فخره … سبحان من علقمة الفاخر البيت من قصيدة للأعشى، وعلقمة، هو علقمة بن علاثة الصحابي، وكان الأخير، نافر ابن عمه عامر بن الطفيل، والمنافرة المحاكمة في الحسب والشرف، فهاب حكام العرب أن يحكموا بينهما بشيء، ولكن الأعشى - بسبب قصة مذكورة - غلّب عامرا على علقمة بقصائد، فلما سمع علقمة نذر ليقتلنّه إن ظفر به، فقال الأعشى هذه القصيدة التي منها البيت، ونقل البغدادي عن السيوطي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نهى عن رواية هذه القصيدة،

527 - كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركم … يا أشبه الناس كل الناس بالقمر

قال: ولهذا لم أذكرها كلّها، ونقل رواية أبي نعيم والخطيب وابن عساكر: «أن رسول الله استنشد حسانا من شعر الجاهلية، فأنشده هذه القصيدة فقال النبي: يا حسان لا تنشدني مثل هذا بعد اليوم، فقال حسان: يا رسول الله، ما يمنعني من رجل مشرك هو عند قيصر أن أذكر هجاء له، فقال رسول الله: يا حسان: إني ذكرت عند قيصر، وعنده أبو سفيان بن حرب، وعلقمة بن علاثة، فأما أبو سفيان فلم يترك فيّ، وأما علقمة فحسّن القول ..» قلت: ولم أطلع على سند القصة ولكن المرويّ فيها يخالف الصحيح الذي رواه البخاري في باب الوحي، عن أبي سفيان أنّ قيصر الروم سأل أبا سفيان عن رسول الله، فأحسن القول وكان أبو سفيان ما زال مشركا، وكان اللقاء بمناسبة وصول الكتاب النبوي إلى قيصر بعد صلح الحديبية، قلت: ولا نلتفتنّ إلى القصة فلعلها من تلفيق الرواة للطعن في أبي سفيان، وابنه معاوية، والله أعلم. والشاهد: «سبحان» فقد زعم سيبويه، وابن يعيش وغيرهما، أنه علم واقع على معنى التسبيح ولا ينصرف، للعلمية وزيادة الألف والنون، فإذا أضيف (سبحان الله) يصير معرفة بالإضافة بعد سلب العلمية الأولى عنه كما في قولنا «زيدكم، وعمركم» وقال الرضيّ: إن ترك تنوينه لأجل بقائه على صورة المضاف لما غلب استعماله مضافا والأصل سبحان الله، فهو ليس علما. والظاهر: أن سبحان في البيت للتعجب، و (من) داخلة على المتعجب منه، والأصل، التسبيح عند رؤية كل عجيب من خلقه، ثم كثر حتى استعمل عند كل تعجب، والمعنى: أعجب من علقمة إذ فاخر عامرا. [كتاب سيبويه ج 1/ 163، وشرح المفصل ج 1/ 37، والهمع ج 1/ 190]. 527 - كم قد ذكرتك لو أجزى بذكركم … يا أشبه الناس كلّ الناس بالقمر البيت منسوب إلى عمر بن أبي ربيعة وإلى كثيّر، و «كم» مبتدأ خبريّة، و «ذكرتك» خبره، والشاهد: «كل الناس» حيث أضيف فيه «كلّ» إلى الاسم الظاهر، والأصل أن يضاف إلى ضمير في التوكيد، ورأى ابن مالك أنه قد يخلفه الاسم الظاهر، ويرى أبو حيّان أنها هنا نعت وليس توكيدا، وردّوا قول أبي حيان بأن التي ينعت بها تدلّ على الكمال، لا على العموم، وهذه هنا تدل على العموم، والله أعلم. [الأشموني وعليه شرح العيني ج 3/ 77، والمغني وشرحه ج 4/ 184].

528 - ما المستفز الهوى محمود عاقبة … ولو أتيح له صفو بلا كدر

528 - ما المستفزّ الهوى محمود عاقبة … ولو أتيح له صفو بلا كدر البيت بلا نسبة في [الأشموني ج 1/ 170، والهمع ج 1/ 89]. وقول: «ما» بمعنى ليس، والمستفزّ: من الاستفزاز وهو الاستخفاف، والهوى، فاعله والمفعول محذوف تقديره «ما المستفزه» الهوى وفيه الشاهد حيث حذف الضمير المنصوب الذي لصلة الألف واللام، إذ أصله ما الذي هو مستفزه الهوى. وقوله: محمود عاقبة خبر ما. وحاصل المعنى: ليس الذي استقره الهوى محمودا عاقبته وإن قدّر له صفاء بلا كدر. 529 - وكنت إذا جاري دعا لمضوفة … أشمّر حتى يبلغ الساق مئزري البيت لأبي جندب الهذلي، والمضوفة: الهمّ والحاجة، يقال: لي إليك مضوفة، وقالوا: قياسها المضيفة. [الأشموني ج 1/ 81، والخزانة ج 7/ 417]. 530 - تربّص بها الأيام علّ صروفها … سترمي بها في جاحم متسعّر البيت لأم النحيف، وهو في الإنصاف/ 223، وفيه «علّ» لغة في «لعلّ». 531 - ولقد قتلتهم ثناء وموحدا … وتركت مرّة مثل أمس المدبر البيت لصخر بن عمرو السلمي، والشاهد «ثناء وموحد» فهما من الألفاظ المعدولة عن العدد، وتمنع من الصرف للوصفية والعدل. [الهمع ج 1/ 26]. 532 - في غرف الجنة العليا التي وجبت … لهم هناك بسعي كان مشكور البيت بلا نسبة في [الأشموني ج 1/ 240] وذكره شاهدا على زيادة «كان» بين الصفة والموصوف (بسعي مشكور) ولكن البيت مفرد، وتصح قراءته (كان مشكورا) ويكون «مشكورا» خبر كان واسمها مستتر. 533 - فلم أرقه إن ينج منها وإن يمت … فطعنة لا غسّ ولا بمغمّر البيت لزهير بن مسعود، وهو في [الإنصاف ص 626، واللسان (غس)، والخصائص ج 2/ 388]، والغسّ: الضعيف اللئيم من الرجال، والمغمّر: هو الذي لم يجرب الأمور، والناس يستجهلونه، ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله (فلم أرقه إن ينج

534 - غمز ابن مرة يا فرزدق كينها … غمز الطبيب نغانغ المغدور

منها) حيث قدّم ما يصلح أن يكون جوابا على أداة الشرط. 534 - غمز ابن مرّة يا فرزدق كينها … غمز الطبيب نغانغ المغدور البيت لجرير، وابن مرّة هو عمران بن مرّة المنقري، وكان أسر أخت الفرزدق يوم السّيدان، والكين: لحمة داخل الفرج، أو لحم باطن الفرج، والكين: البظر، والنغانغ، جمع نغنغ وهي لحمات تكون في الحلق عند اللهاة. وهي اللغانين، واحدها لغنون، وتقول العامة: لغلوغ، وذكر السيوطي شطر البيت في [الهمع ج 1/ 174] شاهدا على حذف ال التي للمح الصفة إذا نودي الاسم، في قوله «يا فرزدق» وقد افترى جرير على أخت الفرزدق «جعثن» وكانت امرأة صالحة. 535 - قهرت العدا لا مستعينا بعصبة … ولكن بأنواع الخدائع والمكر البيت بلا نسبة في [الأشموني ج 2/ 18]، وقال: إذا اتصل ب «لا» خبر أو نعت أو حال وجب تكرارها، وعدم تكرارها هنا ضرورة، وتكون «لا» حينئذ ملغاة. 536 - أولاك بنو خير وشرّ كليهما … جمعيا ومعروف ألمّ ومنكر البيت لمسافع بن حذيفة العبسي، من شعراء الجاهلية. وقوله: «أولاك» مبتدأ، وهو لغة في أولئك، و «بنو» خبر المبتدأ. أراد أنهم ملازمون لفعل الخير والشر مع الأصدقاء والأعداء. و «جميعا» حال مؤكدة لصاحبها، ومعروف بالجر معطوف على «خير»، قال ابن جني: الوجه أن تكون «كليهما» بدلا من خير وشر، حتى كأنه قال: بنو كلّ خير وشر فقد يضاف إلى المفرد المعطوف عليه مثله بالواو في ضرورة الشعر. [الخزانة/ 5/ 171، والحماسة بشرح المرزوقي 990]. 537 - نبّئتهم عذّبوا بالنار جارهم … وهل يعذّب إلا الله بالنار البيت بلا نسبة في [العيني ج 2/ 492، ومعاني القرآن 2/ 101]، وشرح التصريح/ 1/ 285 وفيه: قدم الفاعل المحصور بإلا على المجرور بالباء، وحذف المفعول، وهل: بمعنى ما النافية ونبئتهم: نصب ثلاثة مفاعيل: الأول: التاء: نائب فاعل. والهاء الثاني. وجملة عذبوا، الثالث. 538 - وتذكر نعماه لدن أنت يافع … إلى أنت ذو فودين أبيض كالنّسر

539 - أصابهم بلاء كان فيهم … سوى ما قد أصاب بني النضير

البيت بلا نسبة في [الهمع ج 1/ 215]، بل فيه الشطر الأول فقط وذكره شاهدا على أن ما بعد «لدن» يكون مجرورا بالإضافة لفظا إن كان مفردا وتقديرا إن كان جملة اسمية كما في شطر البيت الأول، وقوله «إلى أنت ..» تعبير غريب. 539 - أصابهم بلاء كان فيهم … سوى ما قد أصاب بني النّضير البيت لحسان بن ثابت، وهو في [الهمع ج 1/ 202] ذكره السيوطي شاهدا على استعمال «سوى» صفة. وقوله: أصابهم: يريد: بني قريظة. 540 - يا قاتل الله صبيانا تجيء بهم … أمّ الهنيبر من زند لها واري من كلّ أعلم مشقوق وتيرته … لم يوف خمسة أشبار بشبّار البيتان للقتّال الكلابي، واسمه عبيد بن المضرّجي، والهنيبرة: الأتان، وهي أم الهنيبر. وأم الهنيبر: الضبع في لغة بني فزارة، ويروى: يا قبح الله ضبعانا، والواري: السمين. والأعلم: المشقوق الشفة العليا، والوتيرة: إطار الشفة. [الإنصاف ص 119، واللسان - هنبر]. والشاهد: يا قاتل الله: بتقدير اسم محذوف يكون هو المنادى. 541 - دعوني فيالبّي إذا هدرت لهم … شقاشق أقوام فأسكتها بدري البيت غير منسوب، وقوله: دعوني فيالبي، أي: طلبني المستغيثون لدفع الأعداء عنهم، فيا من دعاني: لبيك. فحذف الكاف لضرورة الشعر، وبقيت الياء ساكنة على حالها. وإذا ظرف لدعوني، وضمير لهم: للأعداء، والشقاشق: جمع شقشقة، بكسر الشين وهي شيء كالرئة يخرجها البعير من فيه إذا هاج. وهدرت شقشقة البعير: قرقرت وصوتت، واستعير هديرها للوعيد والتهديد المزعج، وأسكتها، خلاف أنطقها، وبدري: مبادرتي ومسارعتي للدفع عنهم. [شرح أبيات المغني ج 7/ 207]. 542 - لعلّ التفاتا منك نحوي ميسّر … يمل بك من بعد القساوة لليسر البيت بلا نسبة في [الهمع ج 2/ 14]. والشاهد: لعل التفاتا، يمل، والأصل «فيميل» مقرون بفاء السببية التي تضمر بعدها (أن) قال السيوطي: فإذا حذفت الفاء المضمر بعدها أن في جواب الطلب، جاز رفع

543 - ولأنت تفري ما خلقت وبع … ض القوم يخلق ثم لا يفر

تاليها حالا، أو وصفا أو استئنافا، وجاز جزمه، وقال أبو حيان وجزمه بعد الترجي غريب جدا والقياس يقبله وذكر البيت. 543 - ولأنت تفري ما خلقت وبع … ض القوم يخلق ثمّ لا يفر البيت لزهير بن أبي سلمى يمدح هرم بن سنان. وتفري، بالفاء، تقطع من فريت الأديم إذا قطعته للصلاح، وأفريته، إذا قطعته للفساد، ومعنى خلقت: قدرت، يقال: «ما كلّ من خلق يفري»، أي: ما كل من قدر قطع وهو مثل يضرب لمن يعزم ولا يفعل، يمدح هرم بن سنان بالحزم والجزم وإمضاء العزم. والشاهد: حذف الياء في الوقف من قوله «يفري» فيمن سكن الراء ولم يطلق القافية للترنم. وإثبات الياء أكثر وأقيس، لأنه فعل لا يدخله التنوين. ولكنه جاء في فواصل الآيات: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ [الفجر: 4] وذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ [الكهف: 64]، والحذف في الأسماء كثير، كقوله تعالى: يَوْمَ التَّنادِ [غافر: 32] والْكَبِيرُ الْمُتَعالِ [الرعد: 9]. [كتاب سيبويه ج 2/ 289، وشرح المفصل ج 9/ 79، واللسان (فرا) و (خلق)، والهمع ج 2/ 206]. 544 - ربّ رام من بني ثعل … متلج كفّيه في قتره البيت لامرئ القيس، وبنو ثعل قبيلة من طيئ ينسب الرمي إليهم، والمتلج: الذي يدخل كفيه في القتر، والقتر: بيوت الصائد التي يكمن فيها، والمقصود بهذا البيت عمرو ابن المسبح الطائي وفد على النبي صلّى الله عليه وسلّم في وفود العرب وهو ابن مائة وخمسين سنة وكان أرمى العرب. [شرح المفصل/ 10/ 37]. - والشاهد: متلج، أصلها: مولج. 545 - تجاوزت هندا رغبة عن قتاله … إلى ملك أعشو إلى ضوء ناره البيت لابن جذل الطعّان. ولكن قافيته في «اللسان» إلى مالك أعشو إلى ذكر مالك، وبعد البيت في اللسان. فأيقنت أنّي عند ذلك ثائر … غداة إذ أو هالك في الهوالك 546 - إذا أوقدوا نارا لحرب عدوّهم … فقد خاب من يصلى بها وسعيرها البيت بلا نسبة في [العيني ج 4/ 166].

547 - تمر على ما تستمر وقد شفت … غلائل عبد القيس منها صدورها

547 - تمرّ على ما تستمرّ وقد شفت … غلائل عبد القيس منها صدورها مجهول، بل قالوا إنه مصنوع، وعبد القيس: قبيلة. والغلائل: جمع غليل، وهو الضّغن والحقد. وشفت: مجاز من شفى الله المريض، إذا أذهب عنه ما يشكو، وتمرّ: من المرور وتستمرّ من الاستمرار. وهو شاهد على الفصل بين المضاف والمضاف إليه بما ليس بظرف، والتقدير: وقد شفت غلائل صدورها عبد القيس منها، ففصل بين المتضايفين بالفاعل والجار والمجرور، والفاعل هو عبد القيس، في نية التقديم على المفعول وهو غلائل صدورها لأن فيه ضمير الفاعل. [الإنصاف 428، والخزانة ج 4/ 413]. 548 - واعلم بأنّك والمنيّة شا … رب بعقارها البيت في [الهمع ج 1/ 108]، وهو شاهد على جواز أن يؤتى بمبتدأ ومعطوف عليه بواو وبعده فعل، أو وصف مشتق لأحدهما، كما في قوله: بأنك والمنية شارب. 549 - شئز جنبي كأني مهدأ … جعل القين على الدّفّ الإبر البيت لعدي بن زيد. ومكان شأز، وشئز، غليظ، وشئز مكاننا، شأزا: غلظ، ويقال: قلق، وأشأزه: أقلقه، ومهدأ: بضم الميم، الصبيّ المعلل لينام، ويروى في البيت (مهدأ) أي بعد هدء من الليل وهو أقوى من الأول، وأنشد ابن يعيش الشطر الثاني شاهدا على أن بعض العرب يقف على الاسم المنصوب بالسكون لا بالألف كما هي اللغة الفاشية الكثيرة الاستعمال، ومحل الاستشهاد «إبر» فقد جاء به ساكن الراء، ولو أنه عامله بمقتضى الكثير لقال «إبرا» بالألف من غير تنوين. [شرح المفصل ج 9/ 69، واللسان هدأ]. 550 - فإنّ القوافي يتّلجن موالجا … تضايق عنها أن تولّجها الإبر البيت منسوب لطرفة بن العبد. والقوافي هنا، أراد بها القصائد، وقوله «يتلجن» معناه يدخلن، من الولوج وهو الدخول، والموالج: جمع مولج، وهو مكان الولوج، ومحل الاستشهاد «يتلجن» وهو مضارع افتعل من الولوج، وأصله «يوتلجن» فقلب الواو، تاء ثم أدغم التاء في التاء. 551 - ثمّ راحوا عبق المسك بهم … يلحفون الأرض هدّاب الأزر

552 - لا، وأبيك ابنة العامري … لا يدعي القوم أني أفر

البيت لطرفة بن العبد. والعبق، بفتحتين، مصدر عبق به الطيب، إذا لزق به. أراد أن رائحة المسك لازمة لهم، لاصقة بهم. والشاهد: عبق المسك بهم، حيث وقع حالا، وهي جملة اسمية بدون الواو. [الأشموني ج 2/ 190، والعيني ج 3/ 208]. 552 - لا، وأبيك ابنة العامريّ … لا يدّعي القوم أني أفرّ البيت لامرئ القيس، قوله: وأبيك: الكاف مكسورة، لأنه خطاب مؤنث، أقسم بأبيها تعظيما لها، وابنة العامريّ: منادى بياء نداء محذوفة. واسمها «هرّ» حيث قال في القصيدة نفسها: وهرّ تصيد قلوب الرجال … وأفلت منها ابن عمرو حجر و «لا يدّعي» جواب القسم. والشاهد: «لا» في أول البيت، لمن قال: إنّ لا تجيء كثيرا زائدة قبل المقسم به للإعلام بأن جواب القسم منفي. وردّ ادعاء الكثرة بقوله تعالى: لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ [البلد: 1] فإن جوابه مثبت، وهو: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ [البلد: 4] وأجيب بأن زيادة «لا» في صدر القسم المنفي جوابه، أغلبيّ، لا كليّ. [الخزانة/ 11/ 221، وشرح أبيات المغني ج 5/ 27، وشرح المفصل ج 1/ 10]. 553 - وقد رابني قولها يا هنا … هـ ويحك ألحقت شرّا بشرّ البيت لامرئ القيس الفاسق، ومعنى «يا هناه» يا رجل وهي كلمة يكنى بها عن النكرات، كما يكنى بفلان عن الأعلام، ولا يستعمل إلا في النداء عند الجفاء والغلظة. وقوله: ألحقت شرا بشر، أي: كنت متهما، فلما صرت إلينا ألحقت تهمة بعد تهمة، وهذه الضمائر المؤنثة راجعة إلى «هرّ» وكنيتها أم الحويرث، وهي التي كان يشبب بها في أشعاره، وكانت زوجة والده، فلذلك كان طرده، وهمّ بقتله من أجلها، وليته قتله، وأراحنا من سيرته التالية التي أورثت بعض قومنا ذلّة وخسّة. والشاهد (هناه) وفيه غير ما ذكر أن الهاء في «هناه» مبدلة من الواو، والأصل «هناو». [الأشموني ج 4/ 334، والخزانة ج 1/ 375].

554 - إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة … معتقة مما تجيء به التجر

554 - إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة … معتّقة مما تجيء به التّجر البيت لامرئ القيس، وقوله «التجر» بضمتين، جمع تاجر، والأكثر جمع تاجر على تجر مثل صاحب وصحب. والشاهد: طعم مدامة، على أن «طعم» مرفوع للحكاية، مع أنه مفرد على تقدير متمم الجملة، أي: طعمه طعم مدامة، قلت: والشعراء الذين يدمنون الخمر لم يوفقوا بتشبيه طعم ريق المحبوبة، بطعم الخمر، والأصح أن يكون التشبيه للأثر وليس للطعم، فمما لا شكّ فيه أن طعم المقبّل أطيب من طعم الخمر، حتى عند من يألف طعم الخمر المخمّر الفاسد، ولو وهبهم الله الذوق السليم لقالوا إنه مثل العسل في الطعم، أما الأثر فكلاهما - أعني الخمر وريق المحبوبة - مسكر مذهب للعقل. 555 - يفاكهنا سعد ويغدو لجمعنا … بمثنى الزّقاق المترعات وبالجزر البيت لامرئ القيس، والشاهد (مثنى الزقاق) مثنى، عدد معدول، قال السيوطي: والأعداد المعدولة لم تستعلمها العرب إلا نكرات، خبرا نحو «صلاة الليل مثنى مثنى» أو صفة نحو أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ [فاطر: 1] أو حالا نحو: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى ... [النساء: 3] ولم يسمع تعريفها بأل، وقلّ إضافتها .. وذكر البيت. [الهمع ج 1/ 27]. 556 - بئس قوم الله قوم طرقوا … فقروا جارهم لحما وحر البيت غير منسوب. وطرقوا: جاءهم الضيف ليلا، و «قروا» من القرى، وهو الضيافة و «حر» بكسر الحاء، هو «الوحرة» نوع من الوزغ، أي: أطعموا ضيفهم لحما دبت عليه الوحرة، كأنه لحم ذبح من قبل، فاختلط بالوزغ، و (حر) أسكنت الراء للضرورة والأصل (وحرا) والشاهد إضافة فاعل بئس إلى لفظ الجلالة وذلك قليل لأن الشرط أن الفاعل إذا كان ظاهرا أن يكون معرفا بأل أو مضافا إلى المعرف بأل، ولفظ الجلالة (علم) ولكنه سمع قول بعض العبادلة «بئس عبد الله أنا إن كان كذا» وقول النبي عليه السّلام «نعم عبد الله هذا» والذوق لا يأباه، فذهبت قاعدتهم أدراج الرياح. [الأشموني ج 3/ 29]. 557 - صبّحك الله بخير باكر … بنعم طير وشباب فاخر

558 - كل أنثى وإن بدا لك منها … آية الحب حبها خيتعور

رجز لا يعرف قائله، وهو شاهد عند الكوفيين على اسمية (نعم) لدخول حرف الجر عليه. [الأشموني ج 3/ 27]. 558 - كلّ أنثى وإن بدا لك منها … آية الحبّ حبّها خيتعور .. البيت منسوب إلى حجر آكل المرار. الخيتعور: السراب. والغادر والدنيا والذئب لأنه لا عهد له، وقيل: الغول لتلونها، وامرأة خيتعور: لا يدوم ودّها مشبهة بذلك. [اللسان - ختعر، وشرح شواهد الشافية 393]. 559 - عن مبرقات بالبرين وتبدو … بالأكفّ اللامعات سور البيت لعديّ بن زيد العبادي، وأبرقت المرأة: تحسّنت وتعرّضت، والبرين: جمع برة وهو الخلخال أو الحلي، وسور: جمع سوار، وأصلها بسكون الواو. والشاهد: تحريك الواو من «سور» بالضمّ على الأصل تشبيها للمعتلّ بالصحيح عند الضرورة. [سيبويه/ 4/ 359، المفصل/ 5/ 44، والهمع/ 2/ 176]. 560 - أعمرو بن هند ما ترى رأي صرمة … لها سبب ترعى به الماء والشّجر البيت لطرفة بن العبد. وقوله: أعمر: الهمزة للنداء، وعمرو بن هند: ملك العراق في الجاهلية، والصرمة: القطعة من الإبل، والسبب: العهد والحبل، ويروى (شنب) وجملة (لها سبب) صفة صرمة، وكان عمرو بن هند استولى على إبل طرفة، لأنه مالأ أخا الملك عند ما خرج عليه. والشاهد: ترعى الماء والشجر، فالماء لا يرعى، فقالوا: الفعل «ترعى» متضمن معنى (تنال). [شرح المغني 1071، وشرح شواهده ج 7/ 324، والخزانة ج 3/ 140]. 561 - خالتي والنفس قدما إنّهم … نعم الساعون في القوم الشّطر رواية أخرى لبيت طرفة بقافية (المبرّ) وقبل البيت: ففداء لبني قيس على … ما أصاب الناس من سرّ وضرّ السرّ والضرّ: السراء والضراء، وفداء: مبتدأ، وخالتي: خبر المبتدأ، والنفس: معطوف، والشّطر: البعداء من الناس الغرباء واحده شطير، يقول: سعيهم في الغرباء

562 - أيها الفتيان في مجلسنا … جردوا منها ورادا وشقر

أحسن سعي، والقول في نعم: ما قيل في البيت بقافية «المبرّ». [الخزانة ج 9/ 377، وكتاب سيبويه ج 2/ 408، والهمع ج 2/ 84]. 562 - أيها الفتيان في مجلسنا … جرّدوا منها ورادا وشقر البيت لطرفة بن العبد، وهو يفخر بخيل قومه وفرسانها، وقوله: جرّدوا، أي: ألقوا عنها جلالها وأسرجوها للقاء، والوراد: جمع ورد، وشقر: جمع أشقر وحرك الثاني في «شقر» إتباعا للأول. [الخزانة/ 9/ 379، والخصائص ج 2/ 335]. 563 - إذا اشتبه الرّشد في الحادثا … ت فارض بأيّتها قد قدر البيت في [الهمع ج 1/ 84] ذكره شاهدا على أن «أي» الموصولة يلحقها علامة الفروع في لغة حكاها ابن كيسان، فيقال: أيتهم وأياهم، وأييهم، وأيّوهم، وأيتاهن، وأيتهن، وأياتهنّ، والبيت غير منسوب. 564 - أصحوت اليوم أم شاقتك هر … ومن الحبّ جنون مستعر مطلع القصيدة لطرفة بن العبد في ديوانه، والخصائص ج 2/ 228. 565 - فأصبحت فيهم آمنا لا كمعشر … أتوني فقالوا: من ربيعة أو مضر البيت لعمران بن حطان الخارجي، وهو في الخصائص ج 2/ 281. والشاهد حذف همزة الاستفهام من قوله: من ربيعة ... 566 - وأركب في الرّوع خيفانة … كسا وجهها سعف منتشر البيت لامرئ القيس في وصف فرسه، والخيفانة: الطويلة القوائم، المخطفة البطن، وقيل: الخيفانة الجرادة إذا صار لونها إلى الحمرة. شبه بها فرسه. وأراد بالسعف ناصيتها، شبهها بسعف النخلة. والروع: الفزع والخوف، وأراد به الحرب. و «كسا» بمعنى ستر وغطى، تنصب مفعولا واحدا، وهو الشاهد. [شرح المغني 924]. 567 - فيوم علينا ويوم لنا … ويوم نساء ويوم نسر البيت للنمر بن تولب، ويوم: نكرة، مبتدأ، والمسوّغ، دلالته على التنويع. [الهمع ج 1/ 101، وكتاب سيبويه ج 1/ 44]، وفيه أيضا حذف الضمير من الخبر.

568 - وما منهما إلا يسر بنسبة … تقربه مني وإن كان ذا نفر

568 - وما منهما إلا يسرّ بنسبة … تقرّبه منّي وإن كان ذا نفر البيت لعمران بن حطان، في [شعر الخوارج/ 25، والمقتضب/ 2/ 139]. 569 - لها متنتان خظاتا كما … أكبّ على ساعديه النّمر البيت لامرئ القيس في ديوانه، والمرزوقي ص 80، واللسان (متن) ومتنتان: مثنى (متنة) إما أنه مؤنث (متن) أو لغة فيه، وهو الظهر، وخظاتا، مثنى (خظاة) وهي المكتنزة من كل شيء، وحذف نون المثنى من (خظاتا) وأصلها (خظاتان) وفيها أقوال أخرى. 570 - إذا قلت أنّي آيب أهل بلدة … وضعت بها عنه الوليّة بالهجر البيت للحطيئة، وهو يتحدث عن بعيره، وقوله: آيب .. من آب، تضمن معنى «أتى» فنصب (أهل). والوليّة: بفتح الواو وكسر اللام وتشديد الياء، وهي البرذعة أو ما يوضع تحت البرذعة. والهجر: بفتح الهاء، نصف النهار عند اشتداد الحرّ، وأصله تحريك الجيم وسكنت للضرورة. والضمير في «بها» يرجع إلى البلدة وفي (عنه) إلى بعيره، والباء في (بها) وفي (بالهجر) بمعنى (في). والشاهد: (قلت) بمعنى ظننت، ولذلك جاءت (أني) بفتح الهمزة. [الأشموني ج 2/ 38، وفيه حاشية الصبان، والعيني]. 571 - أحار بن عمرو كأنّي خمر … ويعدو على المرء ما يأتمر البيت لامرئ القيس، ويقال لربيعة بن جعشم، والهمزة في (أحار) للنداء، وحار مرخم، حارث، وبقيت الراء على حالها على لغة من ينتظر، والخمار: بقية السكر، تقول منه، رجل خمر، بفتح فكسر، أي: في عقب خمار، ويقال: هو الذي خامره الداء، أي: خالطه. وعدا عليه: جار، والائتمار: الامتثال، أي: ما تأتمر به نفسه فيرى أنه رشد، فربما كان هلاكه فيه، والواو: عطفت جملة فعلية على جملة اسمية على قولين من ثلاثة أقوال، الجواز مطلقا والمنع مطلقا، والجواز مع الواو فقط. ويرى العيني أن الواو للاستئناف، أو التعليل، واستشهد الأشموني بالبيت للتنوين الغالي الذي يلحق الروي المقيد، ورواه (وما يأتمرن) والتنوين الغالي يثبت لفظا وخطا وسمي الغالي، لأن الغلو الزيادة على الوزن. ولو ثبت هذا التنوين فإن القافية تصبح نونية، والمرويّ بالراء الساكنة، وربما تكون الرواية للبيت المفرد، أو للقصيدة كلها، ولكنه لا يثبت خطا، والله

572 - نحن في المشتاة ندعو الجفلى … لا ترى الآدب فينا ينتقر

أعلم. [الأشموني ج 1/ 32، والخزانة ج 1/ 374]. 572 - نحن في المشتاة ندعو الجفلى … لا ترى الآدب فينا ينتقر البيت لطرفة بن العبد، والمشتاة: زمن الشتاء والبرد، وذلك أشدّ الزمان، والجفلى: أن يعمّ بدعوته إلى الطعام ولا يخصّ واحدا، والآدب: الذي يدعو إلى المأدبة وهي كلّ طعام يدعى إليه، والانتقار: أن يدعو النّقرى وهو أن يخصّهم ولا يعمهم، يقول: لا يخص الأغنياء ومن يطمعون في مكافأته ولكنهم يعمّون طلبا للحمد ولاكتساب المجد. [الخزانة ج 9/ 379].

قافية الزاي

قافية الزاي 1 - كأن لم يكونوا حمى يتّقى … إذ النّاس إذ ذاك من عزّ بزّا البيت من قصيدة للخنساء، تبكي فيها إخوتها وزوجها، واسمها: تماضر بنت عمرو ابن الشريد، تنتهي إلى بني سليم. والخنساء: مؤنث الأخنس. والخنس: تأخر الأنف عن الوجه مع ارتفاع قليل في الأرنبة. ويقال لها: خناس أيضا، بضم الخاء. وهي صحابية - رضي الله عنها - وفدت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأسلمت. وروي أن النبي عليه السّلام كان يعجبه شعرها، ويستنشدها ويقول: «هيه يا خناس». وقولها: كأن لم يكونوا حمى - الحمى: نقيض المباح، والحمى: الشيء الممنوع - فقد زعمت أنّ أهلها كانوا حمى يتقيه الناس، ولا يدنون منه لعزّهم. وقولها: من عزّ بزّ، أي: من غلب سلب. و «إذ» الأولى: ظرف متعلق ب «يكونوا»، أو ب «حمى»، أو ب «يتّقى»، والثانية: متعلقة ب «بزّ»، و «ذاك»: مبتدأ وخبره محذوف، تقديره: كائن، لأنّ «إذ» لا تضاف إلا إلى جملة. و «من»، بمعنى الذي: مبتدأ. و «بزّ»: خبره. و «الناس»: مبتدأ، خبره جملة «من عزّ بزّ». وقولها «من عزّ بزّ» مثل. [شرح أبيات المغني/ 2/ 185]. 2 - وأفنى رجالي فبادوا معا … فأصبح قلبي بهم مستفزّا للخنساء من قصيدة الشاهد السابق. وقولها: مستفزّا، أي: مستخفّا. والشاهد: أنّ معا، استعمل في الجماعة، وهو بمعنى جميعا، ويعرب حالا، إلا أنّ «مع» قد تفيد وقوع الحدث من الاثنين في وقت واحد، وجميعا في وقتين، أو في وقت واحد. [شرح أبيات المغني/ 6/ 5]. 3 - وهنّ وقوف ينتظرن قضاءه … بضاحي عذاة أمره وهو ضامز البيت للشّمّاخ، معقل بن ضرار الغطفاني، أدرك الجاهلية والإسلام، وله صحبة،

4 - وكل خليل غير هاضم نفسه … لوصل خليل صارم أو معارز

وشهد القادسية، وتوفي في زمن عثمان بن عفان. والضمير في «هنّ» و «ينتظرن» يعود لأتن الوحش، جمع أتان. والضمير في «قضاءه»، و «أمره» للحمار. و «الضامز»: الساكت عن النهيق. يشبّه راحلته بحمار وحش يطلب ماء في شدّة القيظ، معه أتنه. وقوله: «وقوف»، جمع واقف. وكان يجب أن يقول: واقفات أو وقف، وربما حمل التذكير على معنى الشخص، أو لأنّ الجمع يذكّر ويؤنّث، أو المعنى: وهنّ ذات وقوف، فحذف المضاف، فيكون الوقوف مصدرا. و «قضاءه»: مصدر مضاف إلى فاعله، و «أمره»: مفعوله، وهو من قضيت حاجتي، أي: بلغتها ونلتها. والضاحي من الأرض: الظاهر البارز. والعذاة: الأرض الطيبة التربة، الكريمة النبت. وفي البيت فصل بالجار والمجرور بين المصدر ومنصوبه إذا جعلنا «بضاحي»، متعلق ب «وقوف» أو «ينتظرن»، وعلى هذا يكون «أمره» منصوب بفعل مقدر. وعند ابن هشام: أنّ الباء متعلقة بقضائه، لا بوقوف ولا ينتظرن؛ لئلا يفصل بين «قضاءه» و «أمره» بالأجنبي، ولا حاجة إلى تقدير فعل ينصب «أمره». وجملة «ينتظر»: حال من الضمير في «وقوف» أو صفة له. وجملة «وهو ضامز»: حال أيضا. [شرح أبيات المغني/ 7/ 164]. 4 - وكلّ خليل غير هاضم نفسه … لوصل خليل صارم أو معارز البيت للشماخ، والهضم: الظلم. والصارم: القاطع، وهو خبر «كلّ». والمعارز: المنقبض، يقول: كل خليل لا يهضم نفسه لخليله، فهو قاطع لوصله، أو منقبض عنه. والشاهد: أجرى «غير» على «كل» نعتا لها؛ لأنها مضافة إلى نكرة، ولو أجرى «غير» على المضاف إليه المجرور لكان حسنا، [سيبويه/ 1/ 271]. 5 - لا درّ درّي إن أطعمت نازلكم … قرف الحتيّ وعندي البرّ مكنوز ... البيت للشاعر المتنخّل الهذلي، وقوله: لا درّ دري، أي: لا كثر خيره ولا زكا عمله. والنازل: الضيف. والحتي: سويق الدوم. وقرفه: قشره، يريد اللحمة التي على عجمه. والقرف والقرفة: القشرة، يقول: لا اتّسع عيشي إن آثرت نفسي على ضيفي بالبرّ وأطعمته قرف الحتي. والشاهد: رفع «مكنوز» على الخبرية للبر، مع إلغاء الظرف «عندي»،

6 - إما تريني اليوم أم حمز … قاربت بين عنقي وجمزي

ولو نصبه على الحال مع اعتماد الجار والمجرور خبرا، لجاز أيضا. [سيبويه/ 1/ 261، واللسان «درر، حتا»]. 6 - إمّا تريني اليوم أمّ حمز … قاربت بين عنقي وجمزي رجز لرؤبة بن العجاج، يصف كبره وعلوّ سنّه وأنه يقارب الخطو في عنقه وجمزه، وهما ضربان من السير، والجمز: أشدهما، وهو كالوثب والقفز. والشاهد: ترخيم «حمزة» في غير النداء للضرورة. [سيبويه/ 1/ 333، والإنصاف/ 349]. 7 - يا أيّها الجاهل ذو التنزّي رجز لرؤبة بن العجاج. والتنزّي: خفة الجهل، وأصله: التوثب. والشاهد: نعت الجاهل ب «ذو التنزّي» مرفوعة مع أنها مضافة، لأن «الجاهل» غير منادى، فليس في موضع نصب حتى تنصب صفته على المحلّ. [سيبويه/ 1/ 308، وشرح المفصل/ 6/ 138]. 8 - برأس دمّاغ رؤوس العزّ رجز لرؤبة من أرجوزة يمدح بها أبان بن الوليد البجلي. والدّماغ: مبالغة دامغ، وهو الذي يبلغ بالشجّة إلى الدماغ. رؤوس العز: أي: رؤوس أهل العزّ. والشاهد: إعمال «دمّاغ» مبالغة اسم الفاعل (دامغ) عمل الفعل، فنصب المفعول به (رؤوس). [سيبويه/ 1/ 58]. 9 - مثل الكلاب تهرّ عند بيوتها … ورمت لهازمها من الخزباز البيت غير منسوب، والخزباز: داء يصيب الكلاب في حلوقها، وهو أيضا ذباب يقع في الرياض. ويقال: هو صوت الذباب، وهو أيضا اسم للنبت. واللهازم: جمع لهزمة، وهي مضغة في أصل الحنك. ويروى في الشطر الأول «عند درابها» جمع درب، وهو باب السكة الواسع، أو الباب الكبير. والشاهد: في قوله «من الخزباز» فهو مبني على الكسر. [سيبويه/ 2/ 15،

10 - نسيا حاتم وأوس لدن فا … ضت عطاياك يا بن عبد العزيز

والإنصاف/ 315]. 10 - نسيا حاتم وأوس لدن فا … ضت عطاياك يا بن عبد العزيز البيت بلا نسبة في الأشموني. والشاهد: نسيا حاتم وأوس، حيث ثني الفعل المبني للمجهول فجاء بألف الاثنين، وبعدها نائب الفاعل الظاهر والمعطوف عليه، وهي في اصطلاح ابن مالك (لغة يتعاقبون فيكم ملائكة)، وفي اصطلاح غيره (أكلوني البراغيث)، وهي لغة صحيحة جاء عليها شواهد كثيرة من القرآن والشعر. [الأشموني/ 2/ 47].

قافية السين

قافية السين 1 - خلا أنّ العتاق من المطايا … حسين به فهنّ إليه شوس لأبي زبيد الطائي، والعتاق: جمع عتيق، وهو الأصيل. والمطايا: جمع مطية وهي الدابة. وحسين به: بفتح الحاء وكسر السين أو فتحها، وآخره نون جماعة الإناث، أصله حسن به فأبدل من ثاني المثلين ياء، تقول: حسست به، وحسيت به، بكسر السين فيهما، وحسيته بفتح السين، وأحسيت، وهذا كله من محوّل المضعّف، تقول: حسيت بالخبر وأحسيت به، والعامة اليوم تقول: حسّيت بالخبر بتشديد السين. وقوله: فهنّ شوس، والشوس: جمع أشوس، وهو الوصف من الشّوس، وهو النظر بمؤخر العين. والشاهد: خلا أنّ العتاق: حيث قدم المستثنى في أول الكلام، وهو من شواهد الكوفيين على ذلك، وقال الأعشى: خلا الله لا أرجو سواك وإنّما … أعدّ عيالي شعبة من عيالكا [الخصائص/ 2/ 438، والإنصاف/ 273، وشرح المفصل/ 10/ 154، واللسان «حسس - حسا»]. 2 - اضرب عنك الهموم طارقها … ضربك بالسّوط قونس الفرس لطرفة بن العبد، وطارقها: من طرق يطرق إذا أتى ليلا. وقونس الفرس، بفتح القاف والنون: هو العظم الناتئ بين أذني الفرس. والشاهد: اضرب عنك، يروى الفعل بفتح الباء، وأصله: اضربن عنك، بنون توكيد خفيفة ساكنة، ثم حذف الشاعر نون التوكيد وهو ينويها، ولذلك أبقى الفعل على ما كان عليه وهو مقرون بها؛ لتكون هذه الفتحة مشيرة إلى النون المحذوفة، وهذا شاذ؛ لأن نون التوكيد الخفيفة إنما تحذف إذا وليها ساكن كقول الشاعر:

3 - وبدلت قرحا داميا بعد صحة … لعل منايانا تحولن أبؤسا

لا تهين الفقير علّك أن تركع … يوما والدهر قد رفعه أصله (لا تهينن الفقير) ومثل بيت الشاهد قول الشاعر: خلافا لقولي من فيالة رأيه … كما قيل قبل اليوم خالف تذكرا فقال «خالف» بفتح آخره، وهو فعل أمر، وأصله «خالفن» بنون التوكيد الخفيفة. [الخصائص/ 1/ 126، والإنصاف/ 568، وشرح المفصل/ 9/ 44، وشرح أبيات المغني/ 7/ 358، والهمع/ 2/ 79، والأشموني/ 3/ 228]. 3 - وبدّلت قرحا داميا بعد صحة … لعلّ منايانا تحوّلن أبؤسا البيت لامرئ القيس من قصيدة يذكر فيها ما أصابه من مرض بعد عودته من عند قيصر الروم وقد استعداه على بني قومه بني أسد - قبّحه الله - وأظن أن قصته مع بنت القيصر موضوعة. والقرح، بالضم والفتح: الجرح. وأبؤس: جمع بؤس، وهو الشدة. والفعل «تحول» من أخوات «صار». والشاهد: أنه يجوز أن يكون خبر «لعل» فعلا ماضيا. ويرى الحريري في «درة الغواص» أنّ «لعلّ» لتوقّع الرجاء، ولا يكون خبرها ماضيا؛ لأن فيه مناقضة. والبيت ينقض كلام الحريري، وجاء في الحديث «وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم». والحديث في البخاري،. فيه أنّ «لعلّ» بمعنى «ظنّ». [شرح أبيات المغني/ 5/ 177]. 4 - فلم أر مثل الحيّ حيّا مصبّحا … ولا مثلنا يوم التقينا فوارسا أكرّ وأحمى للحقيقة منهم … وأضرب منّا بالسيوف القوانسا من قصيدة للعباس بن مرداس الصحابي، قالها في الجاهلية، وهي في الحماسة، وتعدّ قصيدته إحدى «المنصفات»؛ لأنه اعترف لأعدائه بالصبر على المكاره في الحرب، يقول: فلم أر مغارا عليه كالذين صبّحناهم، ولا مغيرا مثلنا يوم لقيناهم، و. نتصب «حيّا مصبّحا» على التمييز، وكذلك «فوارسا» ويجوز أن يكونا في موضع الحال. وقوله: أكرّ: من الكرّ، وهو الصولة على الأعداء. والحقيقة: ما يحقّ عليه حفظه من

5 - هذي برزت لنا فهجت رسيسا … ثم انصرفت وما شفيت نسيسا

الأهل والأولاد والجار، والمصراع الأول: ينصرف إلى أعدائه، والثاني إلى عشيرته. والقوانس: أعلى البيضة. وانتصب «القوانس» من فعل دلّ عليه قوله: «وأضرب منا»، ولا يجوز أن يكون انتصابه عن «أضرب»؛ لأن أفعل الذي يتمّ ب (من) لا يعمل إلا في النكرات، كقولك «هو أحسن منك وجها»، وأفعل هذا يجري مجرى فعل التعجب، ولذلك يعدى إلى المفعول الثاني باللام، فنقول: ما أضرب زيدا لعمرو. [شرح أبيات المغني/ 7/ 292]. 5 - هذي برزت لنا فهجت رسيسا … ثمّ انصرفت وما شفيت نسيسا مطلع قصيدة للمتنبي، مدح بها محمد بن زريق الطوسي. والرسيسا: ما رسّ في القلب من الهوى، أي: ثبت. والنسيس: بقية النفس بعد المرض والهزال، يقول: برزت لنا، فحركت ما كان في قلبنا من هواك ثم انصرفت ولم تشف بقايا نفوسنا التي أبقيت لنا بالوصال. والشاهد: «هذي». قال ابن جني: يا هذه، ناداها، وحذف حرف النداء ضرورة. وقال المعري: «هذي» موضوعة موضع المصدر، إشارة إلى البرزة الواحدة، كأنه يقول: هذه البرزة برزت لنا، كأنه يستحسن تلك البرزة الواحدة. 6 - قد أصبحت بقرقرى كوانسا … فلا تلمه أن ينام البائسا هذا رجز. رواه سيبويه، ولم ينسبه. وقرقرى: موضع. وقوله: كوانسا: جمع كانس، وكنس الظبي: أوى إلى كناسه، أي: بيته، وقد استعاره للإبل، وصف إبلا بركت بعد الشبع فنام راعيها؛ لأنه غير محتاج إلى رعيها. والشاهد: البائسا. قال الكسائي: يجوز أن يوصف الضمير للترحم عليه، والتوجع له. فالبائس: صفة لضمير المفعول به وهو الهاء في «لا تلمه». وعند سيبويه يجوز أن يكون بدلا من الهاء، وأن يكون منصوبا بعامل محذوف على الترحم. [شرح أبيات المغني/ 6/ 351، وسيبويه/ 1/ 255، والهمع/ 1/ 66]. 7 - إنّ سلمى من بعد يأسي همّت … بوصال لو صحّ لم تبق لي بوسا عيّنت ليلة فما زلت حتى … نصفها راجيا فعدت يؤوسا لم يعرف للبيتين قائل. والشاهد: في البيت الثاني قوله: حتى نصفها، حيث اشترطوا في مجرور «حتى» أن يكون آخر جزء فيما قبلها، كقولهم: (أكلت السمكة حتى رأسها)، أو ملاقي آخر جزء، كقوله

8 - أقمنا بها يوما ويوما وثالثا … ويوما له يوم الترحل خامس

تعالى: سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر: 5]. والبيت الثاني في قوله «حتى نصفها» ينقض هذا الشرط، ويرون أنه إذا لم يكن ما بعد حتى جزءا - كما في المثال - نستخدم مكانها «إلى»؛ لأنها تدخل على كل ما جعلته انتهاء الغاية. [شرح أبيات المغني/ 3/ 94، والهمع/ 2/ 32]. 8 - أقمنا بها يوما ويوما وثالثا … ويوما له يوم التّرحّل خامس البيت لأبي نواس الحسن بن هانئ، وبعده قوله: تدار علينا الراح في عسجديّة … حبتها بأنواع التصاوير فارس قرارتها كسرى وفي جنباتها … مها تدرّيها بالقسيّ الفوارس والعسجدية: الكأس المصنوعة من العسجد، وهو الذهب. يصف الكأس التي شرب فيها ما ذكره، وأنها مزينة بالصور. والشاهد في البيت: أن الواو قد عطف ما حقه الجمع، فيقال: أقمنا أياما. [شرح أبيات المغني/ 6/ 83]. 9 - آليت حبّ العراق الدهر أطعمه … والحبّ يأكله في القرية السوس البيت للشاعر المتلمس (جرير بن عبد المسيح)، يخاطب عمرو بن هند ملك الحيرة، وكان الشاعر قد هجاه، مع ابن أخته طرفة في القصة المشهورة التي قتل فيها طرفة، ونجا المتلمس، وهرب إلى الشام، ثم كلموا عمرو بن هند في رجوع المتلمس فحلف ألا يذوق حبّ العراق ما عاش عمرو بن هند، فقال يذكره، ويقول له: إن بالشام في الحبّ ما يغني عن حبّ العراق بدليل ما بعده. وقوله: أطعمه: آكله، و «لا» النافية مقدرة كقوله تعالى: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ [يوسف: 85]، أي: لا تفتأ وأراد بالقرية: الشام. والشاهد: أن سيبويه جعل انتصاب «حبّ» في الشطر الأول على نزع الخافض وهو «على»، وخولف سيبويه في ذلك، وقالوا: إنما معناه: آليت أطعم حبّ العراق، أي: لا أطعم، فهو من باب الاشتغال، فلفظ «حبّ» منصوب بإضمار فعل. [سيبويه/ 1/ 17، والأشموني/ 2/ 90، وشرح أبيات المغني/ 2/ 259].

10 - وأسلمني الزمان كذا … فلا طرب ولا أنس

10 - وأسلمني الزّمان كذا … فلا طرب ولا أنس لم يعرف قائله. وذكره ابن هشام في «المغني» على أن «كذا» مركبة من الكاف و «ذا» وبهذا لا تكون هنا كناية عن شيء. وقال غيره: هي هنا كناية عن حال نكرة، والمعنى: خذلني الزمان حال كوني منفردا، وهو الأقرب؛ لأنه ليس في الكلام مشبه، ولا يعرف البيت الذي قبله حتى يعرف المشبه. [شرح أبيات المغني/ 4/ 167]. 11 - وابن اللّبون إذا ما لزّ في قرن … لم يستطع صولة البزل القناعيس البيت لجرير. وابن اللبون: ولد الناقة إذا استكمل السنة الثانية، سمّي بذلك، لأن أمه ولدت غيره، فصار لها لبن. واللبون: الناقة والشاة ذات اللبن. وقوله: لزّ، مبني للمجهول، أي: شدّ. ولزّ الشيء بالشيء إذا قرن به لزّا. والقرن، بفتحتين: الحبل الذي يشدّ به البعيران، فيقرنان معا. والصولة: الحملة. والبزل: جمع بازل، وهو البعير الذي دخل في السنة التاسعة. والقناعيس: جمع قنعاس بالكسر، وهو الجمل العظيم الجسم، الشديد القوة. وهذا البيت ضربه الشاعر مثلا لمن يعارضه ويهاجيه، يقول: من رام إدراكي كان بمنزلة ابن اللبون إذا قرن في قرن مع البازل القنعاس، إن صال عليه لم يقدر على دفع صولته ومقاومته. والشاهد: أن ابن لبون نكرة، فعرّف باللام. [ديوان جرير/ 128، وسيبويه/ 1/ 265، وشرح المفصل/ 1/ 35، واللسان «لزز»]. 12 - أزمعت يأسا مبينا من نوالكم … ولن ترى طاردا للحرّ كالياس البيت للحطيئة من قصيدة يهجو بها الزبرقان بن بدر الصحابي، ومنها البيت المشهور: دع المكارم لا ترحل لبغيتها … واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي وهي القصيدة التي سجن من أجلها الحطيئة زمن عمر بن الخطاب. وقوله: أزمعت، نقول: أزمعت الأمر، وأزمعت عليه: أجمعت. والشاهد: أن «من نوالكم» متعلقان بفعل محذوف تقديره «يئست من نوالكم» لا بالمصدر «يأسا»؛ لأنه لا يعمل بعد الوصف، ولكن هذا المانع مانع صناعي نحوي وليس

13 - أعلاقة أم الوليد بعد ما … أفنان رأسك كالثغام المخلس

معنويا، فالمعنى لا يأبى تعلقه ب «يأسا». [الخصائص/ 3/ 258، والهمع/ 2/ 93، وشرح أبيات المغني/ 7/ 236]. 13 - أعلاقة أمّ الوليّد بعد ما … أفنان رأسك كالثّغام المخلس البيت للمرار الفقعسي. والعلاقة: مصدر علق الرجل المرأة من باب فرح، إذا أحبها. والعلاقة: الحب، وتكون أيضا في الأمور المعنوية وهي بالفتح. والعلاقة بالكسر: علاقة السيف ونحوه من الأمور الحسّية. والوليّد: بالتصغير. والأفنان: أراد بها ذوائب شعره على سبيل الاستعارة. والثغام: نبات ترعاه الإبل، إذا جفّ ابيضّ، ويشبه به الشيب. والبيت شاهد أنّ «ما» كافة ل «بعد» عن الإضافة. وقيل: (ما) مصدرية، والجملة بعدها في تأويل مصدر، وما بعدها مضاف إلى (بعد). والمخلس: الذي خالطه السواد. وفيه شاهد آخر: وهو إعمال المصدر «علاقة» عمل الفعل ونصب أم الوليد ب (علاقة). [شرح أبيات المغني/ 5/ 269، وسيبويه/ 1/ 60، وشرح المفصل/ 8/ 131]. 14 - عددت قومي كعديد الطّيس … إذ ذهب القوم الكرام ليسي البيت منسوب إلى رؤبة بن العجاج. ويروى الشطر الأول: «عهدي بقومي كعديد الطيس»، وهو الأقوم. والعديد: كالعدد. والطيس: كل خلق كثير النسل نحو النمل والذباب. وقيل: الكثير من الرمل. وقوله: كعديد، التقدير: عددتهم عدا كعديد، جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لموصوف محذوف. وفي البيت شاهدان في «ليسي»: الأول: أتى بخبر ليس ضميرا متصلا، ولا يجوز عند جمهرة النحاة أن يكون إلا منفصلا، فكان عليه القول: ليس إياي. والثاني: حذف نون الوقاية من «ليس» مع اتصالها بياء المتكلم، وذلك شاذ عند الجمهور الذين ذهبوا إلى أن «ليس» فعل. [شرح المفصل/ 3/ 108، وشرح أبيات المغني/ 4/ 85، والهمع/ 1/ 64]. 15 - فأين إلى أين النجاة ببغلتي … أتاك أتاك اللّاحقون احبس احبس

16 - أطريفة بن العبد إنك جاهل … أبساحة الملك الهمام تمرس ألق الصحيفة لا أبالك إنه … يخشى عليك من الحباء النقرس

ليس له قائل معروف، وهو شاهد على التوكيد اللفظي بتكرار أين، وأتاك، واحبس. [الخزانة/ 5/ 158، والهمع/ 2/ 111، والأشموني/ 2/ 98]. 16 - أطريفة بن العبد إنك جاهل … أبساحة الملك الهمام تمرّس ألق الصحيفة لا أبالك إنه … يخشى عليك من الحباء النّقرس الشعر للمتلمس يخاطب طرفة بن العبد، ويطلب منه أن يمزق الصحيفة التي أوهمه ملك الحيرة أنه كتب له فيها عطاء يأخذه من والي البحرين، فكان فيها الموت. وتمرس: تحكك. والحباء: العطاء. والنقرس هنا: المكر والداهية. وقوله: النقرس بالرفع: معناه العالم، ورفع النقرس، أراد: أنا العالم. يقال: رجل نقريس نطّيس. وقوله: لا أبالك: كلام جرى مجرى المثل، فإنك لا تنفي أباه في الحقيقة وإنما تخرجه مخرج الدعاء، أي: أنت عندي ممن يستحق أن يدعى عليه بفقد أبيه، فهو خبر في اللفظ دعاء في المعنى، وهو كلام جرى مجرى المثل. [شرح أبيات المغني ج 2/ 266]. 17 - أبا حسن ما زرتكم مذ سنيّة … من الدّهر إلا والزّجاجة تقلس كريم إلى جنب الخوان وزوره … يحيّا بأهلا مرحبا ثم يجلس رواها ابن منظور عن أبي الجراح يقولها في أبي الحسن الكسائي. وقلس الإناء يقلس: إذا فاض، وقلست الكأس: إذا قذفت بالشراب لشدة الامتلاء. والشاهد: مذ سنيّة. رواها صاحب «الجمل» في النحو، «سنيّة» بالرفع؛ لأنّ الاسم بعد «مذ» يرفع إذا دلّ على الزمن الماضي. وفي «اللسان» جاءت مجرورة. قلت: لم أعرف من أبو الجرّاح قائل البيتين، ويكثر ذكر «أبو الجراح العقيلي» و «أبو الجرّاح الأنفي» بين رواة الشعر. ويظهر من البيت الأول أنه يرمي الكسائي بشرب الخمر، فإن صحّ ما ظننته في تفسير البيت، فإن الشاعر كاذب؛ لأن الكسائي أبا الحسن النحوي المقرئ رجل موثوق، ولا يتهم بشرب الخمر، وإنما وصمه بذلك حاسدوه؛ لمكانته من الرشيد، كما شوّه صورته البصريون بسبب قصته المزعومة مع سيبويه في المسألة الزنبوريّة، ولو كان قد ابتلي بشيء مما ذكروا ما أظهره لجلّاسه وضيوفه، وكيف يظهر للناس شاربا الخمر وهو يجلس في المسجد يقرئ الناس القرآن. اه.

18 - لقد رأيت عجبا مذ أمسا … عجائزا مثل السعالي خمسا يأكلن ما في رحلهن همسا … لا ترك الله لهن ضرسا ولا لقين الدهر إلا تعسا

18 - لقد رأيت عجبا مذ أمسا … عجائزا مثل السعالي خمسا يأكلن ما في رحلهن همسا … لا ترك الله لهنّ ضرسا ولا لقين الدّهر إلا تعسا يقول: إنه رأى عجبا في اليوم الذي قبل يومه، وقد بيّن هذا العجب بأنه خمس نساء عجائز يشبهن الغيلان، ويأكلن ما في رحالهن من الطعام أكلا خفيّا، ثم دعا عليهن بأن يقلع الله جميع أضراسهن. لقد: اللام واقعة في جواب قسم محذوف، والتقدير: والله لقد رأيت. وعجبا: أصله رأيت شيئا عجبا، حذف الموصوف وأقيم الوصف مكانه، وأخذ إعرابه. و «مذ» حرف جر، (أمس) مجرور علامة جره الفتحة؛ لأنه ممنوع من الصرف للعلمية والعدل عن الأمس، عجائزا: بدل من «عجبا» وصرفه للضرورة، و «خمسا» بدل من «عجائزا» أو صفة له، وهمسا: مفعول مطلق، وأصله صفة لمصدر محذوف (أكلا همسا). والشاهد: «مذ» فإنها جاءت مفتوحة بدليل قوافي بقية الأبيات، مع أنها مسبوقة بحرف الجر «مذ»، فدل ذلك أن هذه الكلمة تعرب بالفتحة نيابة عن الكسرة عند جماعة من العرب، وقد جاءت مرفوعة أيضا في شاهد آخر وهو: اعتصم بالرجاء إن عنّ بأس … وتناس الذي تضمن أمس أمس: فاعل مرفوع بالضمة. [سيبويه/ 2/ 44، والشذور/ 99، والهمع/ 1/ 209]. 19 - منع البقاء تقلّب الشمس … وطلوعها من حيث لا تمسي وطلوعها حمراء صافية … وغروبها صفراء كالورس اليوم أعلم ما يجيء به … ومضى بفصل قضائه أمس هذه الأبيات، لتبّع بن الأقرن، أو لأسقف نجران، وقوله: بفصل قضائه، أراد بقضائه الفاصل، أي: القاطع، فالمصدر بمعنى اسم الفاعل، وإضافته لما بعده من إضافة الصفة إلى الموصوف، يقول: إن الخلود في هذه الدنيا ممتنع والدليل، ما نشاهده من تقلبات الأحوال التي نراها في الشمس، ومنه أن ما حدث بالأمس منّي ومن غيري لا يمكن لي أن أرده؛ لأنه قد ذهب وانقطع، ومن لا حيلة له كيف يأمل الخلود. والشاهد: قوله «أمس» فإن هذه الكلمة قد وردت مكسورة الآخر بدليل قوافي الأبيات، وهو فاعل ل (مضى)، ومن هنا نعلم أن الكلمة مبنية على الكسر في محل رفع، وبناء

20 - يا صاح يا ذا الضامر العنس … والرحل ذي الأنساع والحلس

«أمس» على الكسر، هو لغة أهل الحجاز. وهم يبنون «أمس» على الكسر إذا أريد به معينا، ولم يضف ولم يعرف بأل ولم يصغر فإن فقد شرطا أعربوه، ومعنى قولهم «معيّنا» أي: اليوم الذي قبل يومك. [الشذور/ 98، والهمع/ 1/ 209، والعيني/ 4/ 373]. 20 - يا صاح يا ذا الضامر العنس … والرّحل ذي الأنساع والحلس هذا الشاهد من كلام ابن لوذان السدوسي، هكذا نسبه سيبويه. وفي الأغاني (15/ 12 / بولاق) أنه من كلام خالد بن المهاجر بن خالد بن الوليد. والعنس: أصله الناقة الشديدة. والأنساع: جمع نسع، وهو سير يربط به الرحل. والحلس: كساء يوضع على ظهر البعير تحت الرحل. يا صاح: منادى مرخم، وأصله: يا صاحبي. والضامر: نعت ل (ذا) المنادى، إما مرفوع تبعا للفظه المقدر. أو منصوب تبعا لمحله. والعنس: مضاف إليه. الشاهد: يا ذا الضامر العنس، فإن «ذا» منادى مبني، والضامر العنس: نعت مقترن بأل ومضاف، وقد روي برفع هذا النعت ونصبه، فدلّ مجموع الروايتين على أن نعت المنادى إذا كان كذلك جاز فيه وجهان. [سيبويه/ 1/ 306، وشرح المفصل/ 2/ 8، والخصائص/ 3/ 302]. 21 - يا مرو إنّ مطيّتي محبوسة … ترجو الحباء وربّها لم ييأس البيت للفرزدق، ومرو: مروان. والشاهد: يا مرو: أصله يا مروان حيث رخّمه بحذف آخره وهو النون، ثم أعقب هذا الحذف حذفا آخر، فحذف الحرف الذي قبل النون، وهو الألف لكونه حرفا ساكنا زائدا معتلا وقبله ثلاثة أحرف، ومروان: هو مروان بن الحكم. [سيبويه/ 1/ 337، وشرح التصريح/ 2/ 186، والأشموني/ 3/ 178، والخزانة/ 6/ 346]. 22 - مرّت بنا أوّل من أموس … تميس فينا ميسة العروس البيت غير منسوب، وقوله: أول: ظرف منصوب وأصل الكلام: مرّت بنا وقتا أول. والشاهد: «أموس» فإنه جمع أمس، وهو معرب، لأنه مجرور بالكسرة، والجمع من خصائص الأسماء، وخصائص الأسماء علة قادحة في البناء إذا وجدت منعت منه. والخلاصة: أن أمس: إذا أريد به يوم من الأيام الماضية، أعرب نحو «فعلت ذلك

23 - وبلدة ليس بها أنيس … إلا اليعافير وإلا العيس

أمسا»، أي في يوم ما من الأيام الماضية، وكذلك في الجمع كما في الشاهد، وكذلك إذا أضيف نحو «ما كان أطيب أمسنا». [شرح شذور الذهب/ 100، والدرر/ 1/ 176، والهمع/ 1/ 209، واللسان «أمس»]. 23 - وبلدة ليس بها أنيس … إلّا اليعافير وإلّا العيس هذا الرجز لعامر بن الحارث (جران العود) ورواية الجزء الأول في ديوانه «بسابسا ليس به أنيس»، والضمير يعود إلى المنزل، وبلدة: الواو: واو ربّ، بلدة: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة. وجملة (ليس بها أنيس) صفة لبلدة، والخبر محذوف تقديره «سكنتها». إلا: أداة استثناء. واليعافير: بدل من أنيس. والشاهد: إلا اليعافير، وإلا العيس، حيث رفع اليعافير والعيس على أنهما بدلان من قوله «أنيس»، مع أنهما ليسا من جنس الأنيس، أي: الذي يؤنس به، وجاز ذلك على التوسع في معنى «أنيس»، فكأنه قال: ليس بها شيء إلا اليعافير. واليعافير: جمع يعفور: وهو الظبي الأعفر، أي: الذي لونه لون التراب. والعيس: الإبل. [الشذور/ 265، وشرح التصريح/ 1/ 353، والدرر/ 1/ 192، وسيبويه/ 1/ 133]. 24 - ومرّة يحميهم إذا ما تبدّدوا … ويطعنهم شزرا فأبرحت فارسا يمدح مرّة، بأنه إذا تبددت الخيل، ردّها وحماها، والطعن الشزر هو ما كان في جانب، وكان أشدّ لأن مقاتل الإنسان في جانبيه. وأبرحت: تبيّن فضلك، كما يتبين البراح من الأرض، والبيت لعباس بن مرداس. والشاهد: نصب «فارسا» على التمييز للنوع الذي أوجب له فيه المدح، وهو مثل ويحه رجلا، ولله درّه فارسا، وحسبك به رجلا. [سيبويه/ 1/ 299، والدرر/ 2/ 119، والهمع/ 2/ 90، والأصمعيات/ 206]. 25 - أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلا … وأنجو إذا لم ينج إلا المكيّس البيت لزيد الخير (الخيل)، وقوله «مقاتلا» أي: قتالا، والمعنى: أقاتل حتى لا أرى موضعا للقتال لغلبة العدو وظهوره، أو لتزاحم الأقران وضيق المعترك عند القتال. والمكيّس: المعروف بالكيس، وهو العقل والتوقد.

26 - هنيئا لأرباب البيوت بيوتهم … وللعزب المسكين ما يتلمس

والشاهد: في «مقاتلا» أنها مصدر ميمي، أو اسم مكان للقتال، وكلاهما يجيء في وزن واحد. [سيبويه/ 2/ 250، وشرح المفصل/ 6/ 50، والخصائص/ 1/ 367]. 26 - هنيئا لأرباب البيوت بيوتهم … وللعزب المسكين ما يتلمّس لأبي الغطريف الهدادي، ويعني بأرباب البيوت، ذوي الزوجات. والعزب: الذي لا زوج له، والأنثى عزبة وعزب أيضا. والشاهد: هنيئا، ويعرب حالا، والتقدير: ثبت لك الخير هنيئا، ويحذف عامل الحال هنا سماعا. وبيوتهم: فاعل هنيئا؛ لأنه صفة مشتقة، ومثله «مريئا» تقول: هذا شيء هنيء مريء، فهما ليسا بمصدرين، ولكنهما أجريا مجرى المصادر التي يحذف فعلها للدعاء. [سيبويه/ 1/ 160، والدرر/ 1/ 7، والهمع/ 1/ 112، ورواية الشطر الثاني «وللآكلين التمر مخمس مخمسا»]. 27 - إذا شقّ برد شق بالبرد مثله … دواليك حتى ليس للبرد لابس البيت للشاعر سحيم عبد بني الحسحاس، وكان العرب يزعمون أن المتحابين إذا شق كل واحد منهما ثوب صاحبه دامت المودة بينهما، وفي البيت إقواء لأنه من أبيات مكسورة الروي، وروي (حتى كلنا غير لابس) وعلى هذه فلا إقواء. والشاهد: دواليك، مصدر مثنى منتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره. ويعرب مفعولا مطلقا. إلا أن سيبويه يرى إمكان وقوع «دواليك» في هذا البيت حالا، والكاف للخطاب، لا يتعرف بها ما قبلها، فلذا صح وقوعه حالا، وثني لأن المداولة من اثنين. [سيبويه/ 1/ 175، وشرح المفصل/ 1/ 119 / والخزانة/ 2/ 99]. 28 - لله يبقى على الأيام ذو حيد … بمشخرّ به الظيّان والآس البيت للشاعر أمية بن أبي عائذ، شاعر إسلامي مخضرم. قوله: لله: اللام، للقسم والتعجب، ويبقى: لا يبقى، حذف حرف النفي بعد القسم. وقوله: حيد: يروى بفتح الأول والثاني، مصدر بمنزلة العوج والأود، وهو اعوجاج يكون في قرن الوعل. ويروى بكسر الأول: جمع حيدة على وزن حيضة، وهي العقدة في قرن الوعل. والمشمخرّ: الجبل العالي. والباء: بمعنى في. والظيّان، ياسمين البرّ.

29 - يا مي إن تفقدي قوما ولدتهم … أو تخلسيهم فإن الدهر خلاس عمرو وعبد مناف والذي عهدت … ببطن عرعر آبي الضيم عباس

والآس: الريحان، وإنما ذكرهما إشارة إلى أن الوعل في خصب، فلا يحتاج إلى أن ينزل إلى السهل فيصاد. والشاهد: (لله) دخول اللام على لفظ الجلالة في القسم بمعنى التعجب، ولا تكون اللام للقسم إلا إذا كانت دالة على معنى التعجب. ويروى البيت (يا ميّ لا يعجز الأيام ذو حيد)، ولا شاهد فيه. [شرح أبيات المغني ج 4/ 299، وسيبويه/ 2/ 144، وشرح المفصل/ 9/ 98، والهمع/ 2/ 32]. 29 - يا ميّ إن تفقدي قوما ولدتهم … أو تخلسيهم فإن الدّهر خلّاس عمرو وعبد مناف والذي عهدت … ببطن عرعر آبي الضّيم عبّاس البيتان لأميّة بن أبي عائذ، وقيل لغيره، والشاعر يقول هذا لامرأته وقد فقدت أولادها فبكت. وتخلسيهم: مبني للمجهول، أي: يؤخذون منك بغتة، فإنّ الدهر من دأبه أن يؤخذ فيه الشيء بغتة وفجأة. وعمرو: هو هاشم بن عبد مناف. وقوله: والذي عهدت: التفات من الخطاب إلى الغيبة. وعرعر: اسم مكان، ويروى: ببطن مكة. وعباس: هو ابن عبد المطلب، وبين هذيل وقريش قرابة في النسب والدار؛ لأنهم كلهم من ولد مدركة ابن الياس. والشاهد: قطع عمرو، وما بعده مما قبله ورفعه على الابتداء، ولو نصب على البدل من «قوما» لجاز. [سيبويه/ 2/ 25، والخزانة/ 5/ 174]، ويروى البيتان لمالك بن خالد الخناعي، أو الفضل بن العباس، أو أبي ذؤيب الهذلي. 30 - تالله لا يعجز الأيام مبترك … في حومة الموت رزّام وفرّاس يحمي الصريمة أحدان الرجال له … صيد ومجترئ بالليل همّاس لأمية بن أبي عائذ، أو لغيره، والأيام هنا: الموت. والمبترك: الأسد. والرزّام: المصوّت، وإذا برك الأسد على فريسته رزم. وفرّاس: يدقّ ما يصيبه، أي: يدقّ عنقه. والصريمة: رملة فيها شجر. وحماها: منع الناس دخولها من خوفه. أحدان الرجال: الذين يقول أحدهم: أنا الذي لا نظير له في الشجاعة. يقول: إن هذا الأسد يصيد هؤلاء الذين يدلّون بالشجاعة، وهو مع ذلك لا ينجو من الموت. وأحدان: جمع أحد بمعنى واحد، وأحدان: بالنصب، مفعول ثان ليحمي، أي: يحمي الصريمة من أحدان الرجال

31 - إذ ما أتيت على الرسول فقل له … حقا عليك إذا اطمأن المجلس

كما تقول: حميت الدار اللصّ، فما بعده كلام مستأنف، ويرفع أحدان على الابتداء، أي: أحدان الرجال صيد له واحدا بعد واحد، وهمّاس: مبالغة من الهمس، وهو صوت المشي الخفيّ، وذلك من صفة الأسد. والشاهد: جري الصفات على ما قبلها مع ما فيها من معنى التعظيم، ولو نصبت لجاز. [سيبويه/ 1/ 255، وشرح المفصل/ 6/ 32، واللسان «وحد»]. 31 - إذ ما أتيت على الرسول فقل له … حقّا عليك إذا اطمأنّ المجلس قاله العباس بن مرداس في غزوة حنين يذكر بلاءه وإقدامه مع قومه في تلك الغزوة وغيرها من الغزوات، و «حقا» منصوب على المصدر المؤكّد به، أو نعتا لمصدر محذوف، والمقول فيما بعد البيت الشاهد، والمجلس: الناس، أو أهل المجلس. والشاهد في البيت: المجازاة ب «إذما» بدليل وقوع الفاء في الجواب. [سيبويه/ 1/ 432، والخزانة/ 9/ 29، والخصائص/ 1/ 131]. 32 - أحقا بني أبناء سلمى ابن جندل … تهدّدكم إياي وسط المجالس قاله الأسود بن يعفر، لقومه، والشاهد فيه: نصب «حقا» على الظرف، والتقدير: أفي حقّ تهدّدكم إياي. وجاز وقوعه ظرفا وهو مصدر في الأصل لما بين الفعل والزمان من المشابهة، وكأنه على حذف الوقت وإقامة المصدر مقامه كما تقول: أتيتك خفوق النّجم، أي: وقت خفوقه، فكأن تقديره «أفي وقت حق توعدتموني». [سيبويه/ 1/ 468، والخزانة/ 1/ 401]. 33 - سلّ الهموم بكلّ معطي رأسه … ناج مخالط صهبة متعيّس مغتال أحبله مبين عنقه … في منكب زبن المطيّ عرندس البيتان قالهما المرّار الأسدي، يقول في الأول: سلّ همّك اللازم لك بفراق من تهوى، ونأيه عنك بكل بعير ترتحله للسفر هذا نعته ومعطي رأسه: منقاد، يعني البعير. ناج: سريع، والصهبة: بياض يضرب إلى الحمرة، والمتعيس والأعيس: الأبيض تخالطه شقرة. والشاهد في البيت: إضافة «معطي» إلى الرأس، مع نيّة التنوين والنصب والدليل عليه إضافة «كلّ» إليه، لأن كلا هنا، لا تضاف إلا إلى نكرة. وقوله في البيت الثاني: مغتال،

34 - إذا حملت بدني على عدس … على الذي بين الحمار والفرس فلا أبالي من عدا ومن جلس

من اغتال الشيء: ذهب به، والمراد: استوفى الحبال التي يشدّ بها رحله لعظم جوفه. والمبين: البيّن الطول. وزبن المطيّ: دفعها. والعرندس: الشديد. والشاهد في البيت الثاني: «مغتال أحبله»: حيث وقع صفة للنكرة، لأنه لم يكتسب من الإضافة تعريفا. [سيبويه/ 1/ 212، واللسان «عردس»]. 34 - إذا حملت بدني على عدس … على الذي بين الحمار والفرس فلا أبالي من عدا ومن جلس لا أعرف قائل هذا الرجز، والشاهد فيها «عدس» فهو في الأصل اسم صوت لرجز البغل، ثم سمي به صاحب الصوت، فحكي على بنائه، ويجوز إعرابه بالحركات إذا سمّي به، لوقوعه موقع المعرب. فتقول: ركبت على عدس واشتريت عدسا. [شرح المفصل/ 4/ 24، 79، والخزانة/ 6/ 48]. 35 - دع المكارم لا ترحل لبغيتها … واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي .. قاله الحطيئة في هجاء الزبرقان بن بدر الصحابي، وحبسه عمر بن الخطاب من أجله. والشاهد فيه: «الطاعم الكاسي» اسم الفاعل جاء بمعنى المفعول كقوله تعالى: فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ [القارعة: 7] وفي البيت بمعنى «المطعم المكسو» بدليل أول البيت، ولذلك عدّ من أقذع الهجاء في العرف العربي الأصيل. 36 - لعمرك ما الإنسان إلا ابن يومه … على ما تجلّى يومه لا ابن أمسه وما الفخر بالعظم الرميم وإنما … فخار الذي يبغي الفخار بنفسه لم أعرف القائل، والبيتان دعوة إلى العمل، وترك الفخر بالآباء. والشاهد: لعمرك: مبتدأ، حذف خبره وجوبا. لأن لفظ المبتدأ صريح في القسم. 37 - اعتصم بالرجاء إن عنّ يأس … وتناس الذي تضمّن أمس الشاهد: (تضمّن أمس) حيث أعربت «أمس» إعراب الممنوع من الصرف فجاءت هنا فاعلا. [العيني/ 4/ 372، والهمع/ 1/ 209، والأشموني/ 3/ 268]. 38 - في حسب بخّ وعزّ أقعسا

39 - فأصبحت بقرقرى كوانسا … فلا تلمه أن ينام البائسا

رجز للعجاج، وقوله بخّ: كلمة تقال عند تعظيم الإنسان، وعند التعجب من الشيء، وعند المدح والرضا، والأقعس: الثابت الذي لا يتّضع ولا يذل، وأصل القعس: دخول الظهر وخروج الصدر، ويلزم منه رفع الرأس. والشاهد: تشديد «بخّ»، والاستدلال به على أنّ المخففة أصلها المشددة، فإذا سمي بها وحقّرت، ردّت لامها المحذوفة فيقال: بخيخ. [سيبويه/ 2/ 123، وشرح المفصل/ 4/ 78]. 39 - فأصبحت بقرقرى كوانسا … فلا تلمه أن ينام البائسا قرقرى: موضع مخصب، كوانسا: يقال: كنس الظبي وبقر الوحش دخل كناسه، أي: بيته، فاستعاره هنا للإبل، فهو ينعت إبلا بركت بعد أن شبعت فلذا نام راعيها؛ لأنها غير محتاجة إلى الرعي وأصل البائس: الفقير، فجعله هنا لمن أجهده العمل على معنى الترحم. والشاهد: نصب «البائسا» بإضمار فعل على معنى الترحم، وهو فعل لا يظهر، كما لا يظهر فعل المدح والذم. [سيبويه/ 1/ 255، وشرح المغني/ 6/ 351]. 40 - محتبك ضخم شؤون الرأس رجز للعجاج، يصف بعيرا، والمحتبك: الشديد وشؤون الرأس: قبائله، وملتقى أجزائه، وإذا ضخمت كانت أشدّ له، وأعظم لهامته. والشاهد: نصب «شؤون» بالصفة المشبهة باسم الفاعل وهي «ضخم». [سيبويه/ 1/ 100]. 41 - فمن طلب الأوتار ما حزّ أنفه … قصير ورام الموت بالسيف بيهس نعامة لمّا صرّع القوم رهطه … تبيّن في أثوابه كيف يلبس البيتان للمتلمّس (جرير بن عبد المسيح) من قصيدة أورد بعضها أبو تمام في الحماسة، وقبل البيتين: ألم تر أنّ المرء رهن منيّة … صريع لعافي الطير أو سوف يرمس فلا تقبلن ضيما مخافة ميتة … وموتن بها حرّا وجلدك أملس وقوله: وجلدك أملس: نقيّ من العار سليم من العيب، يريد أن الموت نازل بك على كلّ حال فلا تتحمل العار خوفا منه.

42 - بثوب ودينار وشاة ودرهم … فهل أنت مرفوع بما ها هنا رأس

وقوله: فمن طلب، من: للتعليل. وقوله: ما حزّ، إما: ما زائدة، وإما مصدرية. والأوتار: جمع وتر، وهو الثأر، وقوله: ما حزّ قصير، يشير إلى قصة المثل: «لأمر ما جدع قصير أنفه»، وبيهس الملقب «نعامة»، رجل قتل له سبعة إخوة فجعل يلبس القميص مكان السراويل والسراويل مكان القميص؛ يريد أنه افتضح بقتلهم، وأنه إن لم يثأر بهم، فهو كالمقنّع رأسه واسته مكشوفة. والشاهد: أن الشاعر أتبع اللقب الاسم، فإن بيهسا اسم رجل، ونعامة لقبه وهو عطف بيان لبيهس، والغالب إضافة العلم إلى اللقب، إذا كانا مفردين بلا أل. [الخزانة ج 7/ 290، والحماسة بشرح المرزوقي 659]. 42 - بثوب ودينار وشاة ودرهم … فهل أنت مرفوع بما ها هنا رأس البيت في [الهمع ج 2/ 99]، غير منسوب. وضربه السيوطي مثالا لصحة القول «حسن وجه» في باب الصفة المشبهة، ويشبهه في البيت (أنت مرفوع رأس). 43 - أفي حقّ مواساتي أخالكم … بمالي ثم يظلمني السّريس البيت لأبي زبيد الطائي، واسمه حرملة بن المنذر، عاش في الجاهلية والإسلام، قيل: إنه مات على نصرانيته، وقال الطبري في حوادث سنة 30 هـ: إنه أسلم واستعمله عمر على صدقات قومه، ولم يستعمل نصرانيا غيره. وقوله: مواساتي: مصدر آسيته بمالي مواساة، أي: جعلته أسوة لي. والسريس: العنّين، يريد أن الذي ظلمه ليس بكامل من الرجال، والشاهد «أفي حقّ» فإن مجيء «في» مع «حقّ» يدل على أن «حقّا» إنما نصبت على الظرفية بتقدير «في». [الخزانة 10/ 280، وشرح الحماسة للمرزوقي 983، واللسان «سرس»]. 44 - من فوقه أنسر سود وأغربة … وتحته أعنز كلف وأتياس منسوب لأبي ذؤيب الهذلي في [شرح أشعار الهذليين 1/ 228، وأمالي ابن الشجري 2/ 290]. 45 - ليث هزبر مدلّ عند خيسته … بالرّقمتين له أجر وأعراس منسوب إلى أبي ذؤيب الهذلي وإلى مالك بن خالد الخناعي، وهو في [شرح أشعار

46 - معاود جرأة وقت الهوادي … أشم كأنه رجل عبوس

الهذليين ج 1/ 442، ج 1/ 228، وشرح المفصل ج 4/ 123، وج 5/ 35، وج 10/ 23]. والهزبر: الأسد الضخم الزّبرة، وهو الشعر المجتمع للأسد على كاهله. والخيسة: أجمة الأسد، ويروى (عند غابته). ورقمة الوادي: حيث يجتمع الماء، ويقال: الرقمة الروضة. وأجر: حمع جرو، وهو ولد الأسد هنا. وقوله: وأعراس، قال ابن منظور: ولبؤة الأسد: عرسه، وقد استعاره الهذلي للأسد وذكر البيت، والعرس: جمعه أعراس. والشاهد في البيت: «أجر» في جمع جرو، وأصله «أجرو» مثل كلب وأكلب، ولا نظير لهذه الحال في الأسماء المتمكنة فقلبوا الواو لتطرفها ياء، ثم قلبوا الضمة كسرة؛ لتناسب، الياء ثم حذفوا هذه الياء كما يحذفونها في غاز وقاض، ومثله توجيه «أيدي جمع يد»، وقبل البيت مما يفهم معنى الشاهد ومناسبته: يا ميّ لا يعجز الأيام مجتريء … في حومة الموت رزّام وفرّاس والرزّام: الذي له رزم، وهو الزئير. والفرّاس: الذي يدقّ عنق فريسته، ويسمّى كل قتل «فرسا». 46 - معاود جرأة وقت الهوادي … أشمّ كأنّه رجل عبوس البيت منسوب لأبي زبيد الطائي، وفي شواهد العيني جعل عجزه صدره فتكون قافيته داليه، وكذلك في الهمع. والهوادي: جمع هاد، وهو عنق الخيل، يقال: أقبلت هوادي الخيل، إذا بدت أعناقها. يصف رجلا بأنه يظهر الكبر ويعاود الحرب وقت ظهور الهوادي. لأجل جرأته في الحرب، وقد نقلت هذا الشرح من حاشية الصبان على الأشموني ومن العيني، وأنا لست راضيا عن هذا الشرح، فالهوادي: لا معنى لكونها الأعناق، وإنما هي أوائل الخيل، لتقدمها تقدم الأعناق، قال امرؤ القيس: فألحقنا بالهاديات ودونها … جواحرها في صرّة لم تزلّل وقولهم: إنه يصف رجلا ليس صحيحا، فلا معنى لوصف الرجل الشجاع، بأنه كالرجل العبوس، والصحيح أن البيت في وصف الأسد؛ لأن البيت من قصيدة سينية، يصف فيها أبو زبيد الأسد، ومنها قبل البيت الشاهد: إلى أن عرّسوا فأغبّ عنهم … قريبا ما يحسّ له حسيس

47 - تقول: ودقت صدرها بيمينها … أبعلي هذا بالرحى المتقاعس

خلا أنّ العتاق من المطايا … حسين به فهنّ إليه شوس والبيت استشهد به السيوطي على جواز الفصل بين المتضايفين بالمفعول له، واستشهد به أبو حيان على هذه المسألة، وقال: أي: معاود وقت الهوادي جرأة، ففصل بالمصدر الذي هو مفعول من أجله. قال الشنقيطي: وروياه «وقت»، والرواية المشهورة «وفق» بالفاء الساكنة والواو المفتوحة، ويقال: جاء القوم وفقا، أي: متوافقين، ويقال: أتيته وفق طلعت الشمس، أي: ساعة طلعت. قلت: ولعلّ الرواية الصحيحة هي: «يعاود جرأة وفق الهوادي»، يعاود: فعل مضارع، وجرأة: مفعول لأجله، يريد أن يقول: إنه يعاود الهجوم، متوافقا هجومه مع بروز الهوادي من الخيل، وبهذا التقدير، لا يكون فصل، ولا يكون في البيت مضاف ومضاف إليه. [الهمع/ 2/ 53، والأشموني/ 2/ 280، وعليه حاشية الصبان والعيني]. 47 - تقول: ودقّت صدرها بيمينها … أبعلي هذا بالرّحى المتقاعس قاله الهذلول بن كعب العنبري، وفي الحماسة: وقال الهذلول حين رأته امرأته يطحن للأضياف، فقالت: أهذا بعلي؟ قوله: ودقت صدرها، يبدو أن الضرب على الصدر عند وقوع الدهشة عادة موروثة عند المرأة، فلا زالت النسوة تفعل هذا عند المفاجأة. وقد ينوب عنها لطم الوجه، ففي القرآن: فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ. [الذاريات: 29] وقوله: أبعلي: الهمزة للاستفهام الإنكاري، و «بعلي»: مبتدأ، و «هذا» خبر والمتقاعس: عطف بيان، أو «هذا» صفة لبعلي، والمتقاعس: خبر، والمتقاعس: بناء لما يفعل تكلفا، ومثله «المتعامي» وهو من القعس، وهو دخول الظهر وخروج الصدر. وقوله: بالرحى، من رحيت، ومن رحوت، فتكتب بالألف وتكتب بالياء، والياء أكثر، وفي تعلّق الباء قولان، قال المرزوقي: لا يجوز أن يتعلق بالمتقاعس؛ لأنه في تعلقه به يصير من صلة الألف واللام، وما في الصلة لا يتقدم على الموصول، ولكن تجعله تبيينا، وتتصور «المتقاعس» اسما تاما، ويصير موقع «بالرحا» بعده موقع «بك» بعد مرحبا، و «لك» بعد سقيا وحمدا، وإذا كان كذلك جاز تقديمه عليه، كما جاز أن تقول: بك

48 - إذا أرسلوني عند تعذير حاجة … أمارس فيها كنت نعم الممارس

مرحبا ولك سقيا، قال: وللمازني في مثل هذا طريقة أخرى، وهو أن يجعل الألف واللام من المتقاعس، للتعريف فقط، ولا يؤدي معنى الذي كما تقول: نعم القائد زيد، وإذا كان كذلك، لم يحتج إلى الصلة، فجاز وقوع «بالرحا» مقدما عليه ومؤخرا بعده، وبعده البيت المشهور: فقلت لها لا تعجلي وتبيّني … بلائي إذا التفت عليّ الفوارس [الحماسة ص 696 ج 2، والخصائص ج 1/ 245]. 48 - إذا أرسلوني عند تعذير حاجة … أمارس فيها كنت نعم الممارس قاله يزيد بن الطثرية. وتعذير حاجة: تعذرها وتعسرها. وأمارس فيها، أي: أتحيل في قضائها، والشاهد: كنت نعم الممارس، حيث دخلت كان الناسخة على مخصوص نعم، وهو «التاء»، وقدّم على «نعم». [الأشموني ج 3/ 38، والهمع ج 2/ 88]. 49 - هل من حلوم لأقوام فتنذرهم … ما جرّب الناس من عضّي وتضريسي البيت لجرير وهو في اللسان (حلم)، والحلم: الأناة والعقل، قال ابن سيده: وهذا أحد ما جمع من المصادر، وقوله: فتنذرهم: منصوب بأن مضمرة بعد الفاء. والتضريس: القطع بالضّرس، ويريد به ما يلحق بعدوّه من الأذى، قال زهير: ومن لم يصانع في أمور كثيرة … يضرّس بأنياب ويوطأ بمنسم [ديوان جرير/ 128]. 50 - إذا هبطن سماويّا موارده … من نحو دومة خبت قلّ تعريسي البيت لجرير، وسماويّا: نسبة إلى «السماوة» مكان بعينه في أرض العرب. ودومة خبت: موضع بعينه. والتعريس: نزول المسافر آخر الليل. يقول: إذا هبطت الإبل مكانا من السماوة، وردت ماءه لم أقم فيه، شوقا إلى أهلي وحرصا على اللحاق بهم. والشاهد: «سماويا» نسبة إلى السماوة، فحذفت التاء وبقيت الواو على حالها. [شرح المفصل ج 5/ 157، وكتاب سيبويه ج 2/ 76]. 51 - مطاعين في الهيجا مطاعيم للقرى … إذا اصفرّ آفاق السماء من القرس قاله أوس بن حجر، والمطاعين: جمع مطعان، لكثير الطعن. ومطاعيم: جمع مطعم

52 - إما شربت بكأس دار أولها … على القرون فذاقوا جرعة الكاس

للكثير الإطعام. والقرى: الضيافة. والقرس: أبرد الصقيع وأكثره وأشدّ البرد، ويوم قارس: بارد. [اللسان قرس]. 52 - إمّا شربت بكأس دار أوّلها … على القرون فذاقوا جرعة الكاس البيت لعمران بن حطان الخارجي في رثاء مرداس بن أديّة. وبعد البيت وفيه جواب الشرط: فكلّ من لم يذقها شارب عجلا … منها بأنفاس ورد بعد أنفاس [الخزانة ج 5/ 360، وكامل المبرد في شعر الخوارج]. 53 - كي لتقضيني رقيّة ما … وعدتني غير مختلس البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات، وقبله: ليتني ألقى رقيّة في … خلوة من غير ما أنس قوله: من غير ... الخ، ما: زائدة، والأنس: بفتحتين، وهو الإنس بكسر الهمزة وسكون النون، وفيه مضاف محذوف تقديره من غير حضور أنس. وقوله: لتقضيني: علة لقوله: ألقى. والقضاء: الأداء. ورأى البغدادي أنه يتعدى لمفعول واحد، و «ما» بدل اشتمال من الياء. وكون «ما» موصوفة، أحسن من كونها موصولة. وقال العيني: ما: مفعول ثان لتقضي، ويجوز أن تكون موصولة والعائد محذوف، ويجوز أن تكون مصدرية، أي: لتقضيني وعدها، والمختلس: مصدر ميمي من «اختلس» أي خطف الشيء بسرعة على غفلة، و «غير» مفعول مطلق، أي: لتقضي قضاء غير اختلاس، والمراد: لأنال من وصلها في أمن من الرقباء. والبيت شاهد على أن الأخفش يعتذر لتقدم اللام على «كي» في «لكيما»، وتأخرها عنها في «كي لتقضي»، أنّ المتأخر بدل المتقدم، وهذا يرد على الكوفيين في زعمهم أنّ «كي» ناصبة دائما، لأن لام الجر لا تفصل بين الفعل وناصبه، ويرى البصريون أن النصب بأن مضمرة وكي جارة تعليليّة، أكدت بمرادفها وهي اللام. [الخزانة ج 8/ 488، والأشموني ج 3/ 281، والهمع ج 1/ 53]. قلت: وهذا الشاعر فاسق ومنافق، فهو فاسق؛ لأنه يتمنى أن يلقى حبيبته في خلوة،

54 - تنادوا بالرحيل غدا … وفي ترحالهم نفسي

وهذه ليست من صفات المحبّ الصادق، وهو منافق كاذب؛ لأنه تمنى في مكان سابق أن تشمل الشام غارة شعواء في قوله: كيف نومي على الفراش ولما … تشمل الشام غارة شعواء وكيف يتمنى محبّ لقومه أن تشمل الأرض التي بارك الله فيها وحولها، غارة شعواء؟! لقد خيب الله أمنيته، وبقيت الشام أرض خير، وسوف تبقى تردّ كيد الكائدين، إن شاء الله. 54 - تنادوا بالرحيل غدا … وفي ترحالهم نفسي لم يعرف قائله، والشاهد: ب «الرحيل غدا» على أن جملة «الرحيل غدا» من المبتدأ والخبر محكية بقول محذوف عند البصريين، والتقدير: تنادوا بقولهم: الرحيل غدا، وعند الكوفيين محكية ب «تنادوا» فإنه يجوز عندهم الحكاية بما في معنى القول، فإنّ تنادوا معناه نادى كلّ منهم الآخر ورفع صوته بهذا اللفظ، وهو الرحيل غدا، وأجاز أبو علي فيها ثلاثة أوجه: بالرحيل غدا: بالجرّ، و «الرحيل غدا» بالرفع، والنصب: الرحيل غدا، بتقدير نرحل الرحيل غدا، أو نجعل الرحيل غدا. [الخزانة/ 9/ 182]. 55 - لما تذكرت بالدّيرين أرّقني … صوت الدّجاج وقرع بالنّواقيس البيت لجرير، والديران: موضع قرب دمشق. والبيت شاهد على أن الدجاج يقع على المذكر والمؤنث؛ لأنه إنما أراد هنا، صوت الديكة خاصة. وقال الأصمعي: أراد بالديرين، ديرا واحدا، وقال شارح ديوان جرير، يقول: أرقني انتظاري صوت الديك والنواقيس، وإنما يكون ذلك عند الصباح. [ديوان جرير/ 126، وشرح أبيات المغني/ 1 / 324، وج 5/ 229].

قافية الشين

قافية الشين 1 - فإن أهلك فسو تجدون فقدي … وإن أسلم يطب لكم المعاش البيت لعدي بن زيد، والشاهد «سو» بحذف الفاء لغة في «سوف». [الهمع/ 2/ 72، والدرر/ 2/ 89]. 2 - وقريش هي التي تسكن البحر … بها سمّيت قريش قريشا قاله المشمرج بن عمرو الحميري. والبيت يروى في سبب تسمية قريش، فنسبوا إلى ابن عباس أنه قال: سميت بدابة في البحر تسمّى قريشا، لا تدع دابة إلا أكلتها، فدواب البحر كلها تخافها، قال المشمرج ولعله سمك «القرش»، وهذا أحد الأقوال في سبب الاسم، وبقيت ستة، وهي: 1 - سموا قريشا؛ لتجمعهم إلى الحرم. 2 - وأنهم كانوا يتقرشون البياعات فيشترونها. 3 - أنه جاء النضر بن كنانة في ثوب له، يعني: اجتمع في ثوبه، فقالوا: قد تقرش في ثوبه. 4 - قالوا: جاء إلى قومه، فقالوا: كأنه حمل قريش، أي: شديد. 5 - قال عبد الملك بن مروان: سمعت أن قصيا كان يقال له: القرشي، لم يسمّ قرشي قبله. 6 - أنهم كانوا يفتشون الحاج عن خلّتهم، فيسدّونها. [الخزانة/ 1/ 203]. 3 - تضحك منّي أن رأتني أحترش … ولو حرشت لكشفت عن حرش

رجز جاء في كتب النوادر. ومعنى احترش: أصيد الضبّ، والاحتراش: صيد الضبّ خاصة، وهو أن يحرك يده على جحر؛ ليظنّه حية فيخرج ذنبه ليضربها، فيأخذه. وقيل: أن يؤتى إلى باب جحر الضبّ بأسود الحيات، فيحرك عند فم الجحر، فإذا سمع الضبّ حسّ الأسود خرج إليه ليقتله، فيصاد. وقوله: ولو حرشت: التفات من الغيبة إلى الخطاب، يعني: لو كنت تصيدين الضبّ، لأدخلته في فرجك دون فمك إعجابا به وإعظاما للذّته. فقوله «حرش» في آخر الرجز، يعني: «حرك» والحر، بالكسر: فرج المرأة، وأصله «حرح» بسكون الراء، فحذفت الحاء الأخيرة منه، واستعمل استعمال «يد، ودم»؛ ولذلك يصغّر على (حريح)، ويجمع على (أحراح)، وقد يعوض من المحذوف راء، فيقال: حرّ، بتشديد الراء. والشاهد في الرجز: أن ناسا من تميم ومن أسد يجعلون مكان الكاف المؤنثة شينا في الوقف، كما في «حرش»، وأصله «حرك»، وربما فعلوا هذا في الكاف الأصلية المكسورة في الوصل أيضا، فرووا بيتا للمجنون يقول: فعيناش عيناها وجيدش جيدها … سوى أن عظم الساق منش دقيق يريد: فعيناك عيناها وجيدك جيدها … سوى أن عظم الساق منك دقيق يشبه صاحبته بالظبية، وتسمى هذه اللغة: «الكشكشة»، ولكن بيت المجنون يروى بالكاف في «ديوانه» وفي مجموعات الشعر؛ ولذلك ربما كانت أكثر قصصهم في لغات العرب موضوعة، فقد نقل البغدادي في «الخزانة» ج 11/ 466: أن من لهجات العرب «تلتلة» بهراء، فهم يكسرون حروف المضارعة، فيقولون: «أنت تعلم» بكسر التاء، وروى أن ليلى الأخيلية كانت تتكلم بهذه اللغة، وأنها استأذنت ذات يوم على عبد الملك بن مروان وبحضرته الشعبيّ، فقال له: أتأذن لي يا أمير المؤمنين في أن أضحكك منها؟ قال: افعل، فلما استقرّ بها المجلس، قال لها الشعبي: يا ليلى، ما بال قومك لا يكتنون، فقالت له: ويحك أما (نكتني)؟ فقال: لا والله، ولو فعلت لاغتسلت، فخجلت عند ذلك، واستغرق عبد الملك في الضحك. قال أبو أحمد، غفر الله له: أقسم بالله أن القصة موضوعة؛ لأنها مروية بدون إسناد،

4 - أيا أبتي لا زلت فينا فإنما … لنا أمل في العيش ما دمت عائشا

وربما كانت من صنع الحريري في «درّة الغواص»؛ ذلك أن الشعبي فقيه، وثقة في رواية الحديث، ولا يخرج منه هذا الكلام. ثم إنّ القصة غير محبوكة، وإنما صنعت لتعليم الصبية أحكام اللغة والفقه، وما الذي أدرى الشعبي أنها ستقول في الجواب: «أما نكتني»؛ ليكون كلامها مضحكا؟ أما يمكن أن تقول: ومن الذي قال لك ذلك؟ أو غيره من الأجوبة التي لا يوجد فيها هذا الفعل، ثم إن قوله المزعوم لها: «لا والله، ولو فعلت، لاغتسلت» جواب في غير محله، فقوله: «لو فعلت، لاغتسلت»، كان حقه أن يقول: وكيف أفعل وأنت لست زوجة لي، أو يقول: لو فعلت لرجمت، لأن ليلى محصنة، والشعبي محصن. وبعد: فلا تلتفتنّ أيها القارئ إلى مضمون قصص الأدب التاريخي؛ لأن أكثرها مصنوع لهدف القصة والتسلية، أو للتعليم. 4 - أيا أبتي لا زلت فينا فإنّما … لنا أمل في العيش ما دمت عائشا لا يعرف قائله، والشاهد في «: أبتي»، حيث جمع فيه بين العوض، والمعوض، وهما: التاء وياء المتكلم؛ لأن التاء عوض عن ياء المتكلم في قوله: «يا أبت»، وهذا لا يجوز إلا في الضرورة، وأجازه الكوفيون مطلقا. [شرح التصريح/ 2/ 178، والأشموني/ 3/ 158].

قافية الصاد

قافية الصاد 1 - جشأت فقلت اللّذ خشيت ليأتين … وإذا أتاك فلات حين مناص لم أعرف قائله. وقوله: جشأت نفسه: إذا ارتفعت من فزع أو حزن. واللّذ: لغة في الذي، وإذا حذفت ياؤها، ترسم بلامين. ولات: بمعنى ليس، اسمها محذوف، وحين: خبرها. والمناص: التأخر والفرار. والتقدير: إذا أتاك ما تخشينه، فليس الحين حين فرار، فلا بدّ من وقوعه عليك. [شرح أبيات المغني/ 6/ 245]. 2 - أكاشره وأعلم أن كلانا … على ما ساء صاحبه حريص ينسب لعديّ بن زيد. ومعنى أكاشره: أضاحكه، ويقال: كشّر عن نابه؛ إذا كشف عنه. والشاهد: حذف الضمير من (أن) المخففة، وابتداء ما بعدها على نيّة إثبات الضمير. [سيبويه/ 1/ 440، وشرح المفصل/ 1/ 54، والإنصاف/ 201]. 3 - قد كنت خرّاجا ولوجا صيرفا … لم تلتحصني حيص بيص لحاص قاله أمية بن أبي عائذ. والخرّاج الولّاج: الحسن التصرف في الأمور المتخلص منها. وكذا الصيرف. تلتحصني، أنشب فيها، أو معناه: تثبطني. وحيص بيص: كناية عن الضيق والشدّة، حاص: عدل عن الشيء وجار، وباص يبوص: تقدّم وفات. ولحاص: اسم الداهية معدول عن «لاحصة». والشاهد: حيص بيص؛ إذ بنيت على الفتح؛ لما تضمنته من معنى الكناية عن الشدة. [سيبويه/ 2/ 51، وشرح المفصل/ 4/ 115، واللسان «لحص» وحيص]. 4 - كلوا في بعض بطنكم تعفّوا … فإنّ زمانكم زمن خميص

5 - كلا أخويكم كان فرعا دعامة … ولكنهم زادوا وأصبحت ناقصا

لم يعرف قائله. ويقال: أكل في بعض بطنه، إذا كان دون الشبع، وأكل في بطنه، إذا امتلأ وشبع. والخميص: الجائع، أي: زمان جدب، ومخمصة. والشاهد: استعمال «بطن» بمعنى الجمع، أي: بعض بطونكم. [سيبويه/ 1/ 108، وشرح المفصل/ 6/ 22، والهمع/ 1/ 50، والدرر/ 1/ 25]. 5 - كلا أخويكم كان فرعا دعامة … ولكنّهم زادوا وأصبحت ناقصا نسبه ابن منظور للأعشى. وأصل الفرع، بفتح الفاء وسكون الراء: القوس يكون خير القسّي، ومنه قالوا: فرع فلان فلانا، أي: فاقه. والّدعامة، بالكسر: سيد القوم ورئيسهم، وقالوا: فلان دعامة عشيرته، يريدون أنه سيدها. والشاهد: كلا أخويكم كان فرعا، حيث أعاد الضمير من «كان» على «كلا» وهو ضمير المفرد الغائب، فدل على أن في «كلا أخويكم» جهة إفراد، وهي جهة اللفظ. [الإنصاف/ 422، والخصائص/ 3/ 335]. 6 - لدن غدوة حتى ألان بخفّها … بقيّة منقوص من الظّل قالص البيت بلا نسبة في «شرح المفصل» ج 4/ 100، وذكره ابن يعيش شاهدا على أن العرب نصبت ب (لدن) غدوة، خاصة تشبيها لنونها بالتنوين، لما رأوا النون تنزع عنها وتثبت، فيقال: «لدن، ولد». 7 - أتاني وعيد الحوص من آل جعفر … فيا عبد عمرو لو نهيت الأحاوصا البيت للأعشى، من قصيدة نفّر فيها عامر بن الطفيل على ابن عمّه علقمة بن علاثة، أي: حكم لعامر بالغلبة على ابن عمه. والوعيد: التهديد والتخويف. والحوص والأحاوص: أولاد الأحوص بن جعفر. والحوص: ضيق في مؤخر العين، والرجل أحوص، والمرأة حوصاء. وعبد عمرو هو عبد عمرو بن الأحوص، ووجه الخطاب إليه؛ لأنه كان رئيسهم حينئذ. وجواب «لو» محذوف، أي: لو نهيتهم، لكان خيرا لهم، ويجوز أن تكون للتمني، على سبيل التهكم. والشاهد: الحوص والأحاوص، على أن الأحوص يجمع على هذين الجمعين: أحدهما: «فعل»، ولا يجمع هذا الجمع إلا أفعل صفة، وشرطه أن يكون مؤنثه على

8 - فإن تتعدني أتعدك بمثلها … وسوف أزيد الباقيات القوارصا

«فعلاء». والثاني: أفاعل، ولا يجمع على هذا إلا «أفعل» اسما، أو أفعل التفضيل. [شرح المفصل ج 5/ 62، والخزانة ج 1/ 183]. 8 - فإن تتّعدني أتّعدك بمثلها … وسوف أزيد الباقيات القوارصا البيت للأعشى، من قصيدة البيت السابق، ومناسبتها أن علقمة كان قد توعّد الأعشى. والقوارص: الكلمات المؤذية، يريد: إن تتوعدني، فإنني أتوعدك، وأزيدك على الإيعاد بقصائد الهجاء. قلت: وعلقمة عندنا أفضل من عامر؛ لأن الأول أسلم، وصار صحابيا، أما عامر فقد مات على كفره. والشاهد: «تتعدني، وأتعدك»، وهما مضارع «اتّعد» على وزن افتعل، من الوعد، وأصلهما: توتعدني، وأوتعدك، فقلبت الفاء وهي الواو تاء، ثم أدغمت التاء في التاء. [شرح المفصل ج 10/ 37، والخزانة ج 1/ 183]. 9 - يا عبد هل تذكرني ساعة … في موكب أو رائدا للقنيص البيت لعدي بن زيد العبادي، ينادي عبد هند اللخمي، و «عبد هند» علم عليه. والموكب: ضرب من السير. والرائد: من الرود، وهو الطلب. والقنيص: الصيد. والبيت شاهد على حذف المضاف إليه في الترخيم في قوله «يا عبد»، وأصله: «يا عبد هند» قال الأشموني: وهو نادر جدا. قال أبو أحمد: إنه ليس نادرا، بل هو كثير، والدلالة على كثرته أن أهل فلسطين بعامّة، ينادون عبد الله، وعبد الرحمن، الخ، فيقولون: يا عبد، ولعلها لغة موروثة من العهد الجاهلي، حيث سكنت قبيلتا لخم وجذام اليمنيتان فلسطين، قبل الإسلام بمثات السنين، والله أعلم. [الأشموني ج 3/ 176، والعيني على حاشية الأشموني]. 10 - أأطعمت العراق ورافديه … فزاريّا أحذّ يد القميص البيت للفرزدق، في هجاء عمر بن هبيرة، ويروى مطلعه «أوليت العراق». وقوله: أحذّ، أي: سريع اليد خفيفها، يصفه بالغلول وسرعة اليد، أي: السرقة. والشطر الثاني ذكره نقّاد الأدب القدماء شاهدا على الشعر المتكلف، فقال ابن قتيبة: يريد: أوليها خفيف اليد، يعني: في الخيانة، فاضطرته القافية إلى ذكر القميص. وفي لسان العرب: وقوله: أحذّ يد القميص، أراد أحذّ اليد، فأضاف إلى القميص لحاجته. وقال الأستاذ

محمود شاكر في حاشية تحقيق الطبقات: رجل أحذّ، سريع اليد خفيفها في إخفاء السرقة، وأضاف اليد إلى القميص لسرعته في إخفاء ما يسرق، كما يخفي السارق ما سرق في كمه. ويقولون: الأحذّ: المقطوع اليد، كأنه أراد أنه مشهور بالسرقة، كأنه حدّ فيها وقطعت يده، وإن لم يكن هناك قطع على الحقيقة. وقال ابن برّي: يريد أنه قصير اليد عن نيل المعالي، فجعله كالأحذ الذي لا شعر لذنبه، وهو لا يحبّ لمن هذه صفته أن يولّى العراق. قال أبو أحمد: والقول بتكلف الفرزدق في هذا البيت، ليس متفقا عليه، ويؤخذ من تفسير ابن برّي، أن الشاعر يصف ابن هبيرة باللؤم والضعف عن نيل المعالي، واليد أداة نيل المعالي، فإذا كانت حذّاء، فصاحبها لا يظهرها لطلب المجد، وكأنه يخفيها في كمّه جبنا. والله أعلم. واستشهد السيوطي في «الهمع» بالشطر الأول على جواز استخدام المثنى بدل المفرد سماعا، وقال في عقبه: أي: رافده، لأن العراق ليس له إلا رافد واحد، قال أبو أحمد: وهذا كلام لا يصح، فالعراق له رافدان، هما دجلة والفرات. والمخاطب في قوله «أوليت» أحد خلفاء بني أمية. [الهمع: ج 1/ 50، والشعر والشعراء ص 32، من المقدمة، واللسان (حذّ)].

قافية ضاد العرب

قافية ضاد العرب 1 - وليس دين الله بالمعضّى ... هذا من أرجوزة طويلة لرؤبة بن العجاج أولها: داينت أروى والدّيون تقضى … فمطلت بعضا وأدّت بعضا والمعضّى: اسم مفعول من «عضّاه» بتشديد الضاد، إذا جزأه وفرّقه. والشاهد: المعضّى: فإن هذه الكلمة اسم مفعول من معتل اللام المضعّف الوسط، مثل زكّى، ووفّى، ويريدون بهذا الاستدلال على أن «عضة» بكسر العين وفتح الضاد، التي هي مفرد «عضين» في قوله تعالى: جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ، [الحجر: 91] مأخوذ من التعضية؛ لأن المعنى فيهما واحد، حيث فسرت الآية بأنهم جزأوا القرآن أجزاء، وعلى هذا يكون أصلها «عضو»؛ فحذفوا الواو ثم عوضوا منها الهاء، وهناك رأي على أن «عضة» مأخوذ من العضة، وهو السحر والكهانة أو البهتان، بدليل جمع عضة على عضاه، مثل شفاه، وتصغيرها على عضيهة، والجمع والتصغير يردّان الأشياء إلى أصولها. [شذور الذهب/ 60، وشرح التصريح/ 1/ 73، والأشموني/ 1/ 84]. 2 - فو الله لا أنسى قتيلا رزئته … بجانب قوسى ما مشيت على الأرض على أنّها تعفو الكلوم وإنّما … يوكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي البيتان لأبي خراش الهذلي، أحد فرسان العرب، أسلم وهو شيخ كبير، وحسن إسلامه، ولم يثبت التقاؤه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. قوسى: اسم مكان. يقول: إنما نحزن على الأقرب فالأقرب، ومن مضى نسيناه ولو عظم ما مضى.

3 - طول الليالي أسرعت في نقضي … نقضن كلي ونقضن بعضي

والشاهد: أن «على» في قوله: «على أنها» للاستدراك والإضراب، وفي هذه الحال لا تحتاج إلى متعلق كحرف الجرّ الشبيه بالزائد. [شرح المفصل/ 3/ 117، والخصائص/ 1/ 71، والمرزوقي/ 785، والخزانة/ 5/ 405]. 3 - طول الليالي أسرعت في نقضي … نقضن كلّي ونقضن بعضي هذا الرجز للأغلب العجلي بن عمرو، أحد المعمرين عمّر في الجاهلية عمرا طويلا، وأدرك الإسلام فأسلم وحسن إسلامه، وهاجر وتوجه إلى الكوفة مع سعد بن أبي وقاص، فاستشهد في وقعة نهاوند، وهو من أرجز الرجّاز. والشاهد: أن المضاف اكتسب التأنيث من المضاف إليه، ولهذا قال: «أسرعت»، ولم يقل «أسرع». [سيبويه/ 1/ 26، وشرح التصريح/ 2/ 31، والخصائص/ 2/ 418، والأشموني/ 2/ 248]. 4 - لقد أتت في رمضان الماضي … جارية في درعها الفضفاض تقطّع الحديث بالإيماض … أبيض من أخت بني أباض هذا الرجز لرؤبة بن العجاج، وقوله: «في رمضان». كان الربيع جميعهم في ذلك الوقت. وقوله: «تقطع الحديث بالإيماض»، أي: إذا ظهرت أو ابتسمت، ترك الناس حديثهم ونظروا إليها. وبنو أباض: قوم شهروا ببياض نسائهم. وفي الرجز ثلاثة شواهد: الأول: ذكره ابن هشام في المغني، أنهم يعبرون عن الماضي والآتي كما يعبرون عن الشيء الحاضر. والثاني: استخدام رمضان بدون شهر، ومثله: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه». [في البخاري ومسلم]. قالوا: والأفصح مع الشهر؛ لقوله تعالى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة: 185]. الثالث: في قوله: «أبيض»، حيث جاء بأفعل التفضيل من البياض، وهو يشهد للكوفيين الذين يرون مجيء اسم التفضيل، وصيغتي التعجب من البياض والسواد دون سائر الألوان، والبصريون يمنعون ذلك، ويجعلون مجيئه شاذا، أو أنه صفة مشبهة لا أفعل تفضيل، وجاء

5 - أفي كل عام مأتم تبعثونه … على محمر ثوبتموه وما رضا

عليه قول المتنبي، وهو كوفي المذهب: ابعد، بعدت، بياضا لا بياض له … لأنت أسود في عيني من الظّلم [شرح المفصل/ 6/ 93، والإنصاف/ 149، واللسان «بيض»]. 5 - أفي كلّ عام مأتم تبعثونه … على محمر ثوّبتموه وما رضا قاله زيد الخير (الخيل). والمأتم: النساء يجتمعن في الخير والشرّ، وأراد هنا للشرّ. والمحمر: وزن منبر: الفرس الهجين، أخلاقه كأخلاق الحمير. ثوبتموه: جعلتموه لنا ثوابا، أي: جزاء على يد قدّمت. ورضا: بمعنى: رضي، في لغة طيئ، يكرهون مجيء الياء متحركة بعد كسرة، فيفتحون ما قبلها؛ لتنقلب إلى الألف لخفتها، ويقولون في «بقي» بقى، وفي «رضي» رضى، يقول الشاعر: ندمتم على ما أهديتم لنا من ذلك الفرس ثوابا منكم على يد قدمناها إليكم، وحزنتم حزن من فقد حميما، فجمع له مأتما، مع أن فرسكم لم يكن مرضيا لنا. والشاهد: رفع «مأتم»؛ لأنّ الفعل بعده «تبعثونه» في موضع الصفة، فلا يعمل فيه؛ لأن النعت من تمام المنعوت، كالصلة من تمام الموصول، وما لا يعمل لا يفسّر عاملا. وخبر «مأتم» الجار والمجرور قبله. [سيبويه/ 1/ 65، والشعر والشعراء ترجمة زيد الخيل، والخزانة/ 9/ 493]. 6 - أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا … حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض لطرفة بن العبد. وأبو منذر: كنية عمرو بن هند، يخاطبه حين أمر بقتله، وذكر قتله لمن قتل من قومه. والشاهد: نصب «حنانيك» على المصدر النائب عن الفعل، وقد ثنى «حنانيك»؛ لإرادة التكثير؛ لأن التثنية أول مراتب التكثير. [سيبويه/ 1/ 174، والهمع/ 1/ 190، والدرر/ 1/ 163، واللسان «حنن»]. 7 - هجوم عليها نفسه غير أنّه … متى يرم في عينيه بالشّبح ينهض قاله ذو الرّمة، يصف ظليما - ذكر النعام - يقول: يهجم نفسه على البيض، أي: يلقيها عليه حاضنا له، فإذا فوجئ بشبح أي شخص فارق بيضه، ونهض هاربا. والشبح: بسكون

8 - عذير الحي من عدوا … ن كانوا حية الأرض

الباء، لغة في الشبح بفتحها. والشاهد: إعمال «هجوم» مبالغة «هاجم»، فنصب «نفسه». [سيبويه/ 1/ 56، والخزانة/ 8/ 157]. 8 - عذير الحيّ من عدوا … ن كانوا حيّة الأرض قاله ذو الإصبع العدواني، ذكر تفرق قومه، وتشتتهم في البلاد مع كثرتهم وعزتهم، وبعد أن كانوا يخشون، كما تحذر الحية المنكرة، يقال: فلان حيّة الوادي، إذا كان شديد الشكيمة حاميا لحوزته. والشاهد: عذير: أي: هات عذرا لحيّ عدوان. فقوله: عذير: مصدر نائب عن فعله، يكون منصوبا مثل رويدك. [سيبويه/ 1/ 139، والشعر والشعراء ترجمة الشاعر]. 9 - إذا أكلت سمكا وفرضا … ذهبت طولا وذهبت عرضا لرجل من عمان، والفرض: ضرب من التمر صغار، لأهل عمان من أجود تمرهم. والطول والعرض: كناية عن جميع الجسد. وشاهده: نصب «طولا» و «عرضا» على التمييز؛ لأن المعنى: ذهب طولي وعرضي، أي: اتسعا. [سيبويه/ 1/ 82، واللسان «فرض»]. 10 - أمسلم يا اسمع يا بن كلّ خليفة … ويا سائس الدنيا ويا جبل الأرض نسبه ابن منظور إلى أبي نخيلة، وقوله: أمسلم: الهمزة لنداء القريب، ومسلم: بفتح الميم الأولى، مرخم مسلمة. وقوله: يا جبل الأرض: أراد به أنه الذي يحفظ توازن هذه الأرض من أن ترجف بها الراجفة. والشاهد: «يا اسمع»، فإن حرف النداء دخل على الفعل «اسمع»، والفعل لا ينادى، فتقدر اسما محذوفا تقديره «يا هذا اسمع». [الانصاف/ 102]. ويظهر أن رواية البيت مصنوعة لهدف نحوي؛ لأن الرواية المشهورة: أمسلم إني يا بن خير خليفة … ويا فارس الدنيا ويا جبل الأرض شكرتك إنّ الشكر حبل من التّقى … وما كل من أوليته نعمة يقضي

11 - فقولا لهذا المرء ذو جاء ساعيا … هلم فإن المشرفي الفرائض

11 - فقولا لهذا المرء ذو جاء ساعيا … هلمّ فإنّ المشرفيّ الفرائض لقوّال الطائي، ذكره أبو تمام في الحماسة مع بيتين، يقولها في ساع جاء يطلب إبل الزكاة، والشاعر إسلامي عاصر مروان بن محمد، والساعي: الذي يلي جمع الزكاة من أربابها. وهلمّ: اسم فعل أمر، معناه أقبل وتعال. والمشرفي: السيف. والفرائض: جمع فريضة: وهي ما يؤخذ من السائمة في الزكاة. والشاعر يتهكم بالساعي الذي جاءهم يطلب الذي عليهم من زكاة أموالهم، وكان قومه قد امتنعوا عن دفع الزكاة. والشاهد: «ذو جاء»، فإن «ذو» هنا اسم موصول بمعنى الذي، وهو صفة للمرء. [الأشموني/ 1/ 157، والإنصاف/ 383، والمرزوقي/ 640، والخزانة/ 5/ 28، وج 6/ 41]. 12 - أظنّك دون المال ذو جئت تبتغي … ستلقاك بيض للنفوس قوابض يتبع الشاهد السابق، لقوّال الطائي، والبيض: جمع أبيض، وهو السيف. والشاهد: «ذو جئت»، فإن ذو اسم موصول بمعنى الذي، وهو صفة للمال، ومن هنا نعلم أن الطائيين يستعملون «ذو» في العقلاء، وفي غير العقلاء. [المرزوقي/ 642، والانصاف/ 383، والخزانة/ 5/ 29]. 13 - يغادر محض الماء ذو وهو محضه … على إثره إن كان للماء من محض يروّي العروق الهامدات من البلى … من العرفج النجديّ ذو باد والحمض البيتان في حماسة أبي تمّام من شعر ملحة الجرمي من طيئ. والمحض: أصله اللبن الحامض بلا رغوة، ثم استعمل في الحسب وغيره، يقول: يترك خالص الماء الذي هو خالصة السحاب وصافيته، ويخلفه في مسايل الأودية على إثره، وإنما يشير إلى ما تقطّع ورقّ من ماء المطر بنضد الأحجار، وأصول الأشجار، حتى صفا من شوائب الكدرة، وقرّ في المناقع وقرارات الأودية. وقوله: إن كان للماء من محض؛ لأن ماء المطر جنس واحد، إذا لم يختلط به غيره، لا يختلف. وقوله: يروي العروق الهامدات من البلى: يريد أنه أحيا ما أشرف على اليبس من عروق الشجر البالية، وأعادها غضة مرتوية.

14 - ولا أدر من ألقى عليه رداءه … على أنه قد سل عن ماجد محض

والشاهد: في البيت الأول: «ذو وهو محضه»، فإن «ذو» اسم موصول بمعنى الذي، والجملة بعده صلته، و «ذو» صفة للماء، والهاء في محضه تعود إلى السحاب، يعني: يترك هذا السحاب محض الماء الذي هو، أي: الماء: خالصة السحاب وصافيته. والشاهد: في البيت الثاني: «ذو باد»، فإن «ذو» اسم موصول بمعنى الذي، وقد وقع صفة للعرفج النجديّ. [المرزوقي/ 809، والإنصاف/ 384]. 14 - ولا أدر من ألقى عليه رداءه … على أنّه قد سلّ عن ماجد محض لأبي خراش الهذلي، يقوله في أخيه عروة من أبيات رواها أبو تمام في الحماسة، قوله: ألقى عليه رداءه: كان من عادة العرب، أنّ الرجل يمرّ بالقتيل فيلقي عليه ثوبه يستره به. والشاهد: «ولا أدر»، فإنه يريد ولا أدري؛ لأن الفعل غير مجزوم، فحذف الياء مجتزئا بالكسرة التي قبلها؛ لأنها ترشد إليها، وروي البيت في الحماسة «ولم أدر»، ولا شاهد فيه. [الإنصاف/ 390، والمرزوقي/ 787]. 15 - قضى الله يا أسماء أن لست زائلا … أحبّك حتى يغمض الجفن مغمض قاله الحسين بن مطير الأسدي، وقضى: أي: حكم أو قدّر. وأسماء: صاحبته. و «أن لست» مفعول قضى، أي: بأن لست، ويروى «بارحا» موضع «زائلا» وهو خبر ليس. وفيه الشاهد، فإنه أجراه مجرى فعله، والتقدير: لست أزال أحبك. [الأشموني وعليه العيني ج 1/ 231، والهمع ج 1/ 114، واللسان - غمض]. 16 - بتيهاء قفر والمطيّ كأنّها … قطا الحزن قد كانت فراخا بيوضها البيت لعمرو بن أحمر، والتيهاء: المفازة التي لا يهتدى فيها، من التيه: وهو التحيّر، يقال: تاه في الأرض، أي: ذهب متحيرا. وقوله بتيهاء: الجار يتعلق ببيت قبله، وهو: ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة … صحيح السّرى والعيس تجري غروضها والقطا: طائر سريع الطيران. والحزن: ما غلظ من الأرض، وأضاف القطا إليه؛ لأنه

17 - فق الناس في الخير لا سيما … ينيلك من ذي الجلال الرضى

يكون قليل الماء فتكون قطاه أكثر عطشا، فإذا أراد الماء، كان سريع الطيران، يريد أن يصف المطيّ بسرعة السير. والشاهد: «كانت فراخا بيوضها» على أن «كان» بمعنى: «صار»، وبها يصح المعنى؛ لأن القطا إذا تركت بيوضا، صارت فراخا تمشي بسرعة إلى فراخها. [الخزنة ج 9/ 201، وشرح المفصل ج 7/ 102، والأشموني ج 1/ 230]. 17 - فق الناس في الخير لا سيّما … ينيلك من ذي الجلال الرّضى البيت في «الهمع» ج 1/ 235، بلا نسبة، وذكره السيوطي شاهدا على جواز أن يلي «لا سيّما» الفعل، و «فق»، أمر من «فاق». 18 - كادت وكدت وتلك خير إرادة … لو كان من لهو الصّبابة ما مضى البيت بلا نسبة. في اللسان «كيد» وكاد، وكدت، معناه: أرادت، وأردت. 19 - فو الله ما أنسى قتيلا رزيته … بجانب قوسى ما مشيت على الأرض لأبي خراش الهذلي في رثاء أخيه عروة، وكان قد أسر وقتل، واسم أبي خراش خويلد ابن مرة، وهو شاعر مخضرم، أدرك الإسلام فأسلم وحسن إسلامه، ونزل به قوم من اليمن حجاج، واضطروه أن يستقي لهم تحت الليل، فنهشته حية في طريقه، ثم سقاهم وأطعمهم، ولم يعلمهم بما أصابه، فأصبح وهو في الموت، فلم يبرحوا حتى دفنوه، فلما بلغ عمر، غضب غضبا شديدا، وقال: لولا أن تكون سنّة، لأمرت ألا يضاف يمان أبدا، هذا ما رواه الأقدمون، ولم أحقق سند القصة. وقوسى: بضم القاف وفتحها، بلد في الجزيرة العربية، بالسراة، وقوله: ما مشيت على الأرض، «ما» مصدرية ظرفية، دلت مع الفعل بعدها على ظرف زمان. [المرزوقي/ 785، وشرح المفصل/ 3/ 117، والخزانة/ 5/ 406]. 20 - وممّن ولدوا عامر … ذو الطّول وذو العرض هذا البيت لذي الإصبع العدواني، واسمه الحارث بن محرث بن حرثان، وعامر: هو عامر بن الظرب العدواني، الذي يقول فيه ذو الإصبع من كلمة الشاهد: ومنهم حكم يقضي … فلا ينقض ما يقضي

21 - وسن كسنيق سناء وسنما … ذعرت بمدلاح الهجير نهوض

وقوله: ذو الطول وذو العرض: كناية عن عظم جسمه، والعرب تتمدح بطول الأجسام، ومن ذلك قول الشاعر: تبيّن لي أنّ القماءة ذلّة … وأنّ أعزّاء الرجال طيالها والقماءة: بفتح القاف، بزنة سحابة، قصر القامة، ومحل الاستشهاد بالبيت هنا، قوله: «عامر»، فقد جاء به مرفوعا من غير تنوين، فدلّ على أنه منعه من الصرف، مع أنه ليس فيه إلا علة واحدة، وهي العلمية، وقد منعه من الصرف، مع اعتباره اسم رجل؛ لأنه وصفه وقال: ذو الطول وذو العرض، ولو كانت قبيلة، لوجب أن يقول: ذات الطول وذات العرض. [شرح المفصل/ 1/ 68، والانصاف/ 501]. 21 - وسنّ كسنّيق سناء وسنّما … ذعرت بمدلاح الهجير نهوض البيت منسوب لامرئ القيس، والسنّ: بكسر السين وتشديد النون: الثور الوحشي. والسنيق: بضم السين وتشديد النون المفتوحة، قيل: الأكمة المرتفعة، وقيل: البيت المجصص. سناء: ارتفاعا. شبه الثور الوحشي، بأكمة أو بيت في علوّه وضخامة جسمه. وسنّم: بفتح السين، والنون المشددة، زعموا أنها البقرة الوحشية. وذعرت: أي أخفت فصدتهما. والمدلاح يروى بالحاء المهملة: زعموا أنه الفرس يختال بفارسه، ولا يتعبه، أو فرس كثير السير، أو الكثير العرق، ويروى «بمدلاج» بالجيم، من دلج، إذ مشى، وليس من أدلج، ويروى «بمزلاج» بالزاي والجيم، من الزلج، وهو السرعة في المشي. والهجير: من زوال الشمس إلى العصر، وشدة الحرّ، وإذا كان الفرس في ذلك الوقت يلعب ويسرع بفارسه من نشاطه، فما ظنك به في غير ذلك الوقت؟ ونهوض: صيغة مبالغة بمعنى كثير النّهوض، بضم النون، وهو الحركة، يريد أنه كان يركب هذا الفرس، واستطاع أن يصيد ثورا وبقرة. والشاهد: «وسن .. وسنما»، فالواو: واو ربّ، وسنّ: مجرور ومحلّ مجرور «ربّ» هنا، النصب ب «ذعرت»، وعطف «وسنما» على محل مجرور «ربّ»، والمعنى: ذعرت بهذا الفرس ثورا وبقرة. ومجرور ربّ فيه الحالات التالية: 1 - مبتدأ: إذا كان الفعل بعدها لازما، مثل: «ربّ رجل عالم قام»، وفي مثل ربّ رجل صالح عندي.

22 - أرجزا تريد أم قريضا … أم هكذا بينهما تعريضا كلاهما أجيد مستريضا

2 - ونصب على المفعولية إذا كان الفعل متعديا، ولم يأخذ مفعوله نحو «ربّ رجل صالح لقيت». 3 - والرفع والنصب، إذا أخذ الفعل مفعوله نحو: «ربّ رجل صالح لقيته». 4 - النصب على الظرفية مع الفعل اللازم في مثل: «ربّ ليلة شاتية سافرت». 5 - والرفع على الابتداء إذا كان الفعل شرطا، كحديث: «ربّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب، لو أقسم على الله، لأبرّه»، مجرور ربّ مبتدأ، وجملة الشرط خبره. قلت: ويظهر أن هذا البيت مصنوع؛ لأن ابن الأعرابي والأصمعي جهلا بعض ما فيه من الألفاظ، وقال أبو عمرو في هذا البيت: هذا بيت مسجديّ، يريد أنه من عمل أهل المسجد. [المغني، الشاهد 231، وشرح أبياته للبغدادي ج 3/ 190، والهمع ج 2/ 27، والخزانة ج 9/ 567، واللسان (سنق)]. 22 - أرجزا تريد أم قريضا … أم هكذا بينهما تعريضا كلاهما أجيد مستريضا رجز للأغلب العجلي الراجز، شاعر مخضرم، وقوله: مستريضا: أي: متسعا، يقال: استراض المكان: فسح واتسع. والشاهد: حذف الضمير العائد إلى المبتدأ من جملة الخبر، كلاهما: مبتدأ، وجملة أجيد: خبره، والأصل: كلاهما أجيده فحذف الهاء. [الهمع 1/ 97، والدرر/ 1/ 97، واللسان «روض»].

قافية الطاء

قافية الطاء 1 - حتى إذا جنّ الظلام واختلط … جاؤا بمذق هل رأيت الذئب قط هذا رجز لم يعرف قائله. وجنّ الظلام: ستر كلّ شيء، والمراد: أقبل. اختلط: كناية عن انتشاره واتساعه. والمذق: اللبن الممزوج بالماء، شبهه بالذئب لاتفاق لونهما؛ لأنّه فيه غبرة وكدرة. والمعنى: يصف الراجز قوما نزل بهم ضيفا، بالشّحّ والبخل، فانتظروا عليه طويلا حتى أقبل الليل بظلامه، ثم جاءوا بلبن مخلوط بالماء يشبه الذئب في لونه؛ لكدرته وغبرته، يريد أن الماء الذي خلطوه به كثير. وقطّ: استعمله بعد الاستفهام، مع أنّ موضع استعماله بعد النفي الداخل على الماضي. والذي سهّل هذا؛ أنّ الاستفهام قرين النفي في كثير من الأحكام، وهو ظرف زمان مبني على الضمّ في محل نصب متعلق ب «رأى»، وسكونه للوقف، وجملة «هل رأيت الذئب قط»، في محل نصب مفعول به، لقول محذوف يقع صفة لمذق، والتقدير: بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط. والشاهد فيه: قوله: «بمذق هل رأيت» .. الخ، فإن ظاهر الأمر أنّ الجملة المصدرة بحرف الاستفهام قد وقعت نعتا للنكرة، وليس الأمر على ما هو الظاهر، بل النعت (قول) محذوف، وهذه الجملة معمولة له، والقول يحذف كثيرا ويبقى معموله. قال البغدادي: وهذا الرجز قيل: للعجاج، والله أعلم. [ابن عقيل/ 2/ 263، وشرح التصريح/ 2/ 112، والهمع/ 2/ 117، والخزانة/ 2/ 909 و 5/ 24]. 2 - فلا والله نادى الحيّ ضيفي … هدوّا بالمساءة والعلاط البيت للمتنخّل الهذلي، وهدوّا: بعد ساعة من الليل. والمساءة: مصدر سؤته سوءا. والعلاط: أصله وسم في عنق البعير، ويقال: علطه بشرّ، إذا وسمه ولطخه به. وهدوّا: ظرف لنادى؛ لأن غالب ضيوف العرب إنما يجيئون بعد دخول الظلام.

3 - كأني بك تنحط … إلى اللحد وتنغط وقد أسلمك الرهط … إلى أضيق من سم

والشاهد: فلا والله نادى، حيث حذف النفي قبل الماضي، أي: فلا والله ما نادى، فحذف النافي استغناء عنه بالأول. [الهمع/ 2/ 44، والدرر/ 2/ 51، والخزانة/ 10/ 94، وشرح أشعار الهذليين/ 3/ 1269]. 3 - كأنّي بك تنحطّ … إلى اللّحد وتنغط وقد أسلمك الرهط … إلى أضيق من سمّ هذا الكلام من قصيدة مسمّطة في المقامة الحادية عشرة، من مقامات الحريري. وتنحطّ: مصدره الانحطاط: وهو الانحدار من علو إلى سفل، يريد انتقاله من ظهر الأرض إلى بطنها، وهو لحد القبور. وتنغطّ: من غطه في الماء إذا غمسه فيه، يريد مواراته وتغطيته بالتراب. والرهط: قوم الرجل، وقوله: إلى أضيق، أي: إلى مكان أضيق. والسّمّ: الثقب، ومنه قول الشاعر: رحب الفلاة مع الأعداء ضيّقة … سمّ الخياط مع الأحباب ميدان والحريري، منسوب إلى الحرير، لبيعه أو عمله، عاش 446 - 516 هـ، والخلاف جار بين النحويين في «كأنّ» في هذا الأسلوب: أ - فقال قوم: أصله: كأني أبصرك تنحطّ، فحذف الفعل، وزيدت الباء «وكأنّ» معناها للتقريب. ب - وقال قوم: كأنّ، باقية على معنى التشبيه، والباء أصلية، والتقدير: كأنك تبصر بالدنيا، أي: تشاهدها، والجملة بعد المجرور بالباء حال، أي: كأنك تبصر بالدنيا وتشاهدها غير كائنة؛ لأنهم يقولون: كأني بالليل وقد أقبل، والواو لا تدخل على الجمل إذا كانت أخبارا لهذه الحروف، ويكون «بك» الخبر، و «تنحط» حال. ج - وقال الحسن البصري «كأنك بالدنيا لم تكن»، وتقديره: إن حالك في الدنيا يشبه حالك زائلا عنها. ويكون «بالدنيا» ظرفا، و «كان» تامّة، وهي خبر كأنّ، وإن كان الضمير للدنيا، فيحتمل أن يكون بالدنيا الخبر و «لم تكن» في موضع نصب على الحال من الدنيا. د - ويقولون: كأنك بالشتاء مقبل، وكأنك بالفرج آت.

4 - فما أنا والسير في متلف … يبرح بالذكر الضابط

والتقدير: كأنك بالشتاء وهو مقبل، والمرفوع خبر مبتدأ محذوف مع واو الحال أو بدونها، والجملة الاسمية حال. 4 - فما أنا والسير في متلف … يبرّح بالذّكر الضابط هذا البيت لأسامة بن الحارث الهذلي، وهو إسلامي له ترجمة في الإصابة. والمتلف: القفر الذي يتلف فيه من سلكه، ويقال: برّح به: إذا جهده. والذّكر: الجمل. والضابط: القوي، يقول: ما أنا، وذا، أي: لست أبالي السير في مهلكة، أو أنه ينكر على نفسه السفر في مثل هذا المتلف الذي تهلك الإبل فيه، وذلك أن أصحابه سألوه أن يسافر معهم، وأبى وقال هذا الشعر. والشاهد: نصب «السير»، على تقدير: «ما كنت»، لاشتمال الكلام على معناه. فكأنه قال: فما كنت والسير في متلف. [شرح المفصل/ 2/ 52، وسيبويه/ 1/ 153، والأشموني/ 2/ 137، والهمع/ 1/ 221، والدرر/ 1/ 190، وشرح أشعار الهذليين/ 3/ 1289]. 5 - فإمّا تعرضنّ أميم عنّي … وينزغك الوشاة أولو النّباط فحور قد لهيت بهنّ عين … نواعم في المروط وفي الرّياط البيتان للشاعر المتنخّل الهذلي، وأميم: ترخيم أميمة. ينزغك: يوسوس بك. وأولو النباط: الذين يستنبطون الأخبار ويستخرجونها. والعين: الواسعات الأعين. والمروط: جمع مرط، وهو كساء يشتمل به. والرياط: جمع ريطة، وهي الملاءة. والشاهد: «فحور»: بالجر، جمع حوراء، فقد زعم بعضهم أن الاسم مجرور بالفاء، والأقوى أن يكون مجرورا ب «ربّ» المقدرة بعدها، والجملة بعدها جواب شرط. [شرح المفصل/ 2/ 118، والأشموني/ 2/ 232، وشرح أشعار الهذليين/ 3/ 1267]. 6 - ومنهل وردته التقاطا … لم ألق إذ وردته فرّاطا إلا الحمام الورق والغطاطا رجز قاله نقادة الأسدي، والمنهل: المورد. والتقاطا: يعني مفاجئا له، لم أقصد قصده، ولم أحتسبه؛ لأنه في فلاة مجهولة.

7 - شراب ألبان وتمر وأقط

والشاهد: نصب «التقاطا» على المصدر الواقع حالا. [سيبويه/ 1/ 186، واللسان/ «فرط» و «لقط»]. 7 - شرّاب ألبان وتمر وأقط رجز روته كتب اللغة من غير عزو، والأقط: بكسر القاف وآخره طاء مهملة، وهو طعام يتخذ من اللبن المخيض، ومحل الشاهد: قوله: «وتمر»، فإن ظاهره أنّ هذه الكلمة معطوفة بالواو على قوله «ألبان» فيكون قوله «شرّاب» مسلطا على المعطوف والمعطوف عليه، ولكن كل من التمر والأقط، مأكول لا مشروب، ولهذا خرّجه العلماء على وجهين: الأول: أن تقدر عاملا للتمر يكون معطوفا على شرّاب، والتقدير: شرّاب ألبان، وطعّام تمر وأقط، والثاني: أن تتوسع في «شرّاب» فتضمّنه معنى كلمة أخرى، يصح أن تتسلط على المعطوف والمعطوف عليه: والتقدير: متناول ألبان وتمر. [الإنصاف/ 613]. 8 - أبيت على معاري فاخرات … بهنّ ملوّب كدم العباط البيت للمتنخّل الهذلي، وفي اللسان «معاري واضحات» قال ابن سيده: المعاري: الفرش، وقيل: المعاري من المرأة: العورة والفرج. والملوّب: الملطخ بالزعفران، أو شيء من الطيب. والعباط: الدابة، أو الدم الطريّ. والشاهد: «معاري» قال ابن منظور: نصب الياء؛ لأنه أجراها مجرى الحرف الصحيح في ضرورة الشعر، ولم ينون؛ لأنه لا ينصرف، ولو قال: «معار» لم ينكسر البيت، ولكنه فرّ من الزحاف. [اللسان «عرا، وملب»، وكتاب سيبويه ج 2/ 58، والمرزوقي 993]. ذكر ابن قتيبة البيت في مقدمة الشعر والشعراء تحت عنوان «العيب في الإعراب» فقال: ويحتج (سيبويه) بقول الهذلي في كتابه وهو قوله: يبيت على معاري فاخرات … بهنّ ملوّب كدم العباط وليست ها هنا ضرورة فيحتاج الشاعر إلى أن يترك صرف «معار»، ولو قال: يبيت على «معار» فاخرات، كان الشعر موزونا والإعراب صحيحا. 9 - أطلت فراطهم حتى إذا ما … قتلت سراتهم كانت قطاط البيت لعمرو بن معد يكرب، من أبيات قالها قبل إسلامه، لبني مازن من الأزد، فإنهم

كانوا قتلوا أخاه عبد الله فأخذ الدية منهم، فعيرته أخته كبشه بذاك، فغزاهم وأثخن فيهم، وقال ما قال، والرواية الصحيحة «فراطكم» و «سراتكم»، وفراطكم: إمهالكم. والسّراة بالفتح: الصحيح أنه مفرد لا جمع، ولا اسم جمع، وهو مثل كاهل القوم وسنامهم، وشهر أن «السراة» جمع سريّ، والحقّ أن «سريّ» فعيل من السرو وهو الشرف، ويجمع على أسرياء، كغنيّ وأغنياء. وقوله: كانت قطاط، أي: كانت كافية لي، وقاطّة لثأري، أي: قاطعة له، وقطاط: مبنية على الكسر في محل نصب خبر كان، وهو معدول عن «قاطّة» أي: كافية، يقال: قطاط، بمعنى حسبي، من قولهم: قطك درهم، أي: حسبك، مأخوذ من القطّ، وهو القطع، كأن الكفاية قطعت عن الاستمرار، واسم كان ضمير مستتر، يعود على الفعلة المفهومة من قتلت سراتهم. [الخزانة ج 6/ 352، وشرح المفصل 4/ 58، 61، واللسان قطط].

قافية الظاء

قافية الظاء 1 - ألا من مبلغ حسّان عني … مغلغلة تدبّ إلى عكاظ قاله أمية بن خلف الخزاعي من قصيدة يهجو بها حسانا رضي الله عنه. وقوله: ألا: للتنبيه. و «من»: مبتدأ. ومبلغ: خبره. ومغلغلة: مفعول. مغلغلة، أيضا يقال: رسالة مغلغلة، إذا كانت محمولة من بلد إلى بلد. وعكاظ: سوق من أسواق الجاهلية. والشاهد: «حسان»، حيث منعه من الصرف؛ لاعتباره من الفعل «حسّ». [الأشموني ج 4/ 265، وعليه حاشية العيني]. 2 - يداك، يد خيرها يرتجى … وأخرى لأعدائها غائظة البيت منسوب لطرفة بن العبد. يمدح رجلا بأن إحدى يديه يرتجى منها الخير، ويده الأخرى غيظ للأعداء. ويداك: مبتدأ، خبره محذوف، تقديره: يداك المشار إليهما، أو خبر مبتدأ محذوف، أي: هاتان يداك. وقوله: «يد»، خبر لمبتدأ محذوف، أي: إحداهما يد، و «خيرها يرتجى»، جملة وقعت صفة لها، والأوجه: أن تكون «يداك» مبتدأ، ويد خبره، وأخرى عطف عليه، وفيه الشاهد، لتعدد الخبر بتعدد المخبر عنه، فوجب العطف بالواو، وقيل: التقدير: إحدى يديك يد يرتجى خيرها، فلما حذف المضاف، أقيم المضاف إليه مقامه. [الأشموني وعليه العيني ج 1/ 223، والخزانة ج 1/ 133]. 3 - تجلد لا يقل هؤلاء هذا … بكى لما بكى أسفا وغيظا لا يعرف قائله، وهو شاهد على تخفيف «هؤلاء»، فقال «هؤلاء»، فحذف المدّ والهمز. [شرح المفصل ج/ 136، والخزانة ج 5/ 437]. ويروى أيضا بقافية الكاف «أسفا عليكا]. وقوله: تجلد: أمر. ويقل: مجزوم بلا الناهية.

حرف العين

حرف العين 1 - لما عصى أصحابه مصعبا … أدّى إليه الكيل صاعا بصاع البيت لرجل من بني قريع من قصيدة رثى بها يحيى بن ميسرة صاحب مصعب بن الزبير، وكان وفى له حتى قتل معه. وقوله: صاعا بصاع: هو من الأمثال. يقال: جزاه كيل الصاع بالصاع، أي: كافأ إحسانه بمثله وإساءته بمثلها. وقوله: صاعا بصاع: في موضع الحال، مثل: بايعته يدا بيد، والأصل: مقابلا صاعا بصاع، ثم طرح مقابلا، وأقيم صاعا مقامه، والحال هنا التركيب برمته «صاعا بصاع» ومثله «كلمته فاه إلى فيّ». وصاحب الحال في البيت فاعل «أدّى»، الذي يعود إلى يحيى في بيت سابق، وفي البيت شاهد على جواز اتصال ضمير المفعول به بالفاعل، مع تقدم الفاعل وهو قوله: «أصحابه مصعبا»، ويكون عاد الضمير على متأخر لفظا ورتبة كقول الآخر: (جزى ربّه عني عديّ بن حاتم)، ولكن هذا الشاهد يروى: لما جلا الخلّان عن مصعب … أدّى إليه القرض صاعا بصاع [الخزانة/ 1/ 279 و 6/ 95، والمفضليات/ 323]. وقد أنشد الضبيّ القصيدة التي منها البيت مرتين، ونسبها إلى السفّاح بن بكير بن معدان اليربوعي، يرثي يحيى بن شداد من بني يربوع، وقال أبو عبيدة هي لرجل من بني قريع، يرثي يحيى بن ميسرة صاحب مصعب بن الزبير. 2 - فأقسم لو شيء أتانا رسوله … سواك ولكن لم نجد لك مدفعا البيت لامرئ القيس، وشيء: بمعنى: أحد. قال تعالى: وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ

3 - إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت … حبال الهوينى بالفتى أن تقطعا

أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ [الممتحنة: 11]، أي: أحد من أزواجكم، وقد استشهد بعضهم بالبيت على أنّ الجواب محذوف، عملا بمقتضى الضابط في اجتماع قسم وشرط، ولكن بعض النحويين قد يعثرون؛ لنظرهم في البيت الشاهد مفردا منقطعا عن سياقه، أو لاعتمادهم على رواية ناقصة، دون أن يستقصوا، فالبيت جاء في سياق قصيدة يصف فيها امرؤ القيس إحدى أحلام يقظته، أو أحد خيالاته، حيث يقول: بعثت إليها والنجوم خواضع … حذارا عليها أن تقوم فتسمعا تقول وقد جرّدتها من ثيابها … كما رعت مكحول المدامع أتلعا وجدّك لو شيء ... إذن لرددناه ولو طال مكثه … لدينا ولكنّا بحبّك ولّعا فقوله في البيت الشاهد: «ولكن لم نجد» جملة اعتراضية، وقوله: «إذن» في البيت التالي، جواب «لو» لا جواب القسم، فإنّ «إذن» في الغالب تكون جوابا ل «لو»، أو لإن الشرطيتين، ظاهرتين أو مقدرتين، ولم يسمع وقوعها في جواب القسم. والله أعلم. [الخزانة/ 10/ 84، وشرح المفصل/ 9/ 7]. 3 - إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت … حبال الهوينى بالفتى أن تقطّعا البيت للكلحبة العريني اليربوعي، واسمه هبيرة بن عبد مناف. وهو شاهد على أنّ الاسم، إن أعيد ثانيا ولم يكن بلفظ الأول، لم يجز عند سيبويه، ويجوز عند الأخفش سواء أكان في شعر أم في غيره، وقد قال الشاعر: «المرء» في الشطر الأول، ثم قال: «بالفتى»، ولعلّ سيبويه ومن وافقه، يريدون من الشاعر أن يذكر محل «الفتى» الضمير، فيقول «به»، وقد قال ابن رشيق في «العمدة». [ج 2/ 56]، قوله: «بالفتى» حشو، وكان الواجب أن يقول «به»؛ لأن ذكر المرء قد تقدم. قلت: ولم يصب سيبويه، وابن رشيق المفصل؛ لأنهما جريا وراء الصنعة، وغاب عنهما الذوق الأدبي؛ ذلك أن لفظ «المرء» عامة تشمل الإنسان، وعند ما قال: «بالفتى»، كأنه خصّ الفتيان بهذه التجربة، فالشاعر يريد أن يقول: من لم يركب الهول تقطّع أمره، ومن أشعر نفسه الجراءة والغلبة ظفر، وهذا الكلام يخاطب به فتيان. والبيت من قطعة في [المفضليات/ 32، والخزانة/ 1/ 386، والهمع/ 1/ 130].

4 - قعيدك أن لا تسمعيني ملامة … ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا

4 - قعيدك أن لا تسمعيني ملامة … ولا تنكئي قرح الفؤاد فييجعا هذا البيت من قصيدة لمتمم بن نويرة، يرثي بها أخاه مالك بن نويرة، والبيت شاهد على أنّ «قعيدك الله» و «عمرك الله» أكثر ما يستعملان في القسم السؤالي، فيكون جوابهما فيه الطلب كالأمر والنهي. و «أنّ» هنا زائدة. وقعيدك: بمعنى حفيظك. وقوله: «فييجعا»، هي «يوجع»، ولكنها بلغة تميم، وهو منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية المسبوقة بالطلب. وقعيدك: مصدر منصوب بفعل مضمر، وهو من أساليب القسم. [الخزانة/ 2/ 20 والهمع/ 2/ 45]. 5 - ألا قالت العصماء يوم لقيتها … أراك حديثا ناعم البال أفرعا فقلت لها: لا تنكريني فقلّما … يسود الفتى حتى يشيب ويصلعا البيت الأول هو الشاهد على أنّ صفة الزمان القائمة مقام الموصوف، يلزمها الظرفيّة عند سيبويه. كما في هذا البيت، أي: زمانا حديثا. والبيتان في «الحماسة» / 321 / بدون عزو. يقول الشاعر: قالت لي هذه المرأة لما التقيت معها: أعلمك عن قريب ناعم الحال، أفرع، أي: تام شعر الرأس لم يتسلط صلع، ولا حدث انحسار شعر، فكيف تغيرت مع قرب الأمد، والرؤية هنا بصرية، وناعم البال: مفعوله، وأفرع: صفته. وقوله: فقلت لها .. الخ، يقول: قلت لها، لا تستنكري ما رأيت من شحوب لوني، وانحسار شعر رأسي، فما ينال الفتى السيادة حتى يستبدل بشبيبته شيبا، وبوفور شعر رأسه صلعا. وتقول العامة اليوم: مقومات الوجاهة ثلاثة: الكرش، والباكورة (العصا)، والصّلعة، ولا تأتي ثلاثتها إلا مع تقدم السنّ، وقد تكون هذه الفلسفة صحيحة؛ لأن كبير القوم إذا كان شيخا تفرغ للنظر في شؤون الناس، مع تجربته السابقة، فإذا كان صغير السن، انشغل بعض الوقت في ملذّاته الخاصة، والله أعلم. [الخزانة/ 3/ 101]. 6 - لقد عذلتني أمّ عمرو ولم أكن … مقالتها - ما كنت حيّا - لأسمعا ليس للبيت قائل معروف. وهو شاهد على أنّ «مقالتها» مفعول مقدم لأسمع عند الكوفيين. وعند البصريين منصوب بفعل محذوف يفسره المذكور، والتقدير: ما كنت أسمع مقالتها. [الخزانة/ 8/ 578، وشرح التصريح/ 2 / 236، وشرح المفصل/ 7/ 29].

7 - تعلم أن بعد الغي رشدا … وأن لهذه الغبر انقشاعا

7 - تعلّم أنّ بعد الغيّ رشدا … وأنّ لهذه الغبر انقشاعا البيت للقطامي، وهو شاهد على أنّ «تعلّم» التي بمعنى «اعلم» أمر، لا تنصب المفعولين، بل ترد الاسميّة مصدرة بأنّ السادة مع معموليها مسدّ المفعولين، ويقلّ نصبها للمفعولين، كقول الشاعر زياد بن سيّار: تعلّم شفاء النفس قهر عدوّها … فبالغ بلطف في التحيّل والمكر ويروى البيت: «وأنّ لتالك». للاستشهاد به على أن «تالك» اسم إشارة. والغبر: جمع غبرة: وهي القتمه: يريد ما أطل من الأمور الشداد المظلمة، ويروى «الغمر»، والقطامي، قائل هذا البيت يريد تسلية أخيه، فإنّ بني أسد كانوا أوقعوا ببني تغلب، والقطامي منهم، فأسره بنو أسد، وأرادوا قتله، فحال زفر بن الحارث بينه وبينهم، وحماه وكساه، فقال القطامي القصيدة التي منها البيت يمدح زفر، ويحض قيسا وتغلب على الصلح. [الخزانة/ 9/ 129، والهمع/ 1/ 75، والدرر/ 1/ 49]. 8 - جزعت حذار البين يوم تحمّلوا … وحقّ لمثلي يا بثينة يجزع البيت لجميل صاحب بثينة، وهو شاهد على أنّ أصله أن «يجزع» فحذفت «أن» وارتفع الفعل، وهو نائب فاعل، «حقّ». [الخزانة/ 8/ 579]. 9 - من النّفر اللائي الذين إذا اعتزوا … وهاب الرجال حلقة الباب قعقعوا البيت لأبي الرّبيس الثعلبي، وهو شاعر إسلامي أمويّ من الشعراء اللصوص، والبيت شاهد على أن «اللائي الذين» من باب التكرير اللفظي، كأنه قال: من النفر «اللائي اللائي»، ويروى البيت: «من النفر الشّمّ الذين»، وهذا يدل على أنّ القول الأول مصنوع؛ لإثبات قاعدة. [الخزانة/ 6/ 78]. 10 - لحافي لحاف الضيف والبرد برده … ولم يلهني عنه غزال مقنّع البيت لمسكين الدارمي، أو عتبة بن بجير الحارثي، أو عروة بن الورد، وهو شاهد

11 - هما خيباني كل يوم غنيمة … وأهلكتهم لو أن ذلك نافع

على أنّ «أل» في «البرد» عند الكوفيين عوض من المضاف إليه، والتقدير وبردى برده، وهو المناسب لقوله «لحافي لحاف الضيف»، وبعد البيت: أحدّثه إنّ الحديث من القرى … وتعلم نفسي أنّه سوف يهجع يريد: تعلم نفسي وقت هجوعه فلا أكلمه، فهو يحدثه بعد الإطعام كأنه يسامره حتى تطيب نفسه، فإذا رآه يميل إلى النوم، خلّاه. [الخزانة/ 4/ 251، والحماسة بشرح المرزوقي/ 1719]. 11 - هما خيّباني كلّ يوم غنيمة … وأهلكتهم لو أنّ ذلك نافع هذا البيت من قصيدة للأسود بن يعفر، وهو شاهد على أنّ خبر «أنّ» الواقعة بعد «لو»، قد يجيء بقلّة وصفا مشتقا، ولم يشترط أن يكون فعلا، وإنما الفعل أكثريّ. [الخزانة/ 11/ 303، والأغاني/ 11/ 132]. 12 - لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم … ليعلم ربّي أنّ بيتي واسع البيت للشاعر الكميت بن معروف، شاعر إسلامي، وهو شاهد على أنّ المضارع الواقع جوابا لقسم، إن كان للحال، وجب الاكتفاء باللام، كما في البيت، فإن المعنى: ليعلم الآن ربّي. [الخزانة/ 10/ 68، وشرح التصريح/ 2/ 254، والأشموني/ 3/ 215، والعيني/ 4/ 327]. 13 - حمّال أثقال أهل الودّ آونة … أعطيهم الجهد منّي بله ما أسع البيت لأبي زبيد الطائي، وقبله: من مبلغ قومنا النائين إذ شحطوا … أنّ الفؤاد إليهم شيّق ولع والبيت الأول شاهد على أن الأخفش أورده في باب الاستثناء، وقال: «بله» فيه حرف جرّ، مثل «عدا، وخلا» بمعنى سوى، وفيه خلاف. انظر [الخزانة/ 6/ 228، وشرح المفصل/ 4/ 49]. 14 - أمن ريحانة الداعي السميع … يؤرّقني وأصحابي هجوع البيت للشاعر عمرو بن معد يكرب. وريحانة: اسم امرأة. والداعي: مبتدأ خبره جملة

15 - هجوت زبان ثم جئت معتذرا … من هجو زبان، لم تهجو ولم تدع

يؤرقني. وأصحابي هجوع: جملة حالية. وقوله: أمن: الهمزة للاستفهام. ومن ريحانة: متعلق بقوله: يؤرقني. والبيت شاهد على أن «فعيل»، قد جاء لمبالغة «مفعل». [الخزانة/ 8/ 178، والشعر والشعراء/ 1/ 372، واللسان «سمع»، والأصمعيات/ 172]. والبيت مطلع القصيدة ومنها قوله: إذا لم تستطع شيئا فدعه … وجاوزه إلى ما تستطيع 15 - هجوت زبّان ثم جئت معتذرا … من هجو زبّان، لم تهجو ولم تدع لأبي عمرو بن العلاء يقوله للفرزدق الشاعر. وكان الفرزدق قد هجاه ثم اعتذر له، وزبّان: قيل: هو اسم أبي عمرو بن العلاء المازني النحوي اللغوي المقرئ. والشاهد: «لم تهجو»، فإنه لم يجزم بحذف الواو، وخرجوه: أن الشاعر لم يحذف الواو عند الجزم اكتفاء بحذف الحركة عند جزم الصحيح الآخر، وقيل: إن الواو (لام الفعل) قد حذفت، وأن هذه الواو نشأت عن إشباع ضمة الجيم. [الخزانة/ 8/ 359]. 16 - عبأت له رمحا وألّة … كأن قبس بها حين تشرع للشاعر مجمع بن هلّال، من قطعة رواها أبو تمام في الحماسة. وعبأت: أعددت. والألّة: بفتح الهمزة وتشديد اللام: السّنان، وأصله من الأليل: وهو البريق واللمعان. وتشرع: مبني للمجهول، تصوّب للطعن. والشاهد: كأن قبس، يعلى بها، وقبس: يجوز فيه الرفع والنصب والجرّ، فالجرّ: على أن تكون الكاف حرف جر، وأن زائدة، والنصب: على أن تكون «كأن» مخففة من «كأنّ» المشددة، وقبسا: اسم كأن وخبره محذوف، والتقدير: كأن قبسا هذه الألّة، ويكون من التشبيه المقلوب. ويجوز أن يكون خبر كأنّ جملة «يعلى بها». وأما الرفع: فعلى أن يكون «كأن» حرف تشبيه مخفف من الثقيل، واسمه محذوف، و «قبس» خبره، والتقدير: كأنها قبس، أو أن اسمها ضمير الشأن، و «قبس» مبتدأ، وجملة (يعلى)، صفة له، و «بها»، الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ، وجملة المبتدأ والخبر، خبر «كأن». [الخزانة/ 10/ 401، والمرزوقي/ 718].

17 - فلا تكثرا لومي فإن أخاكما … بذكراه ليلى العامرية مولع

17 - فلا تكثرا لومي فإنّ أخاكما … بذكراه ليلى العامريّة مولع الذكرى: بكسر الذال المعجمة، اسم مصدر بمعنى التذكر. والشاهد: بذكراه ليلى العامرية، فإن الذكرى اسم مصدر يدل على معنى المصدر، ويعمل عمله، وقد أضافه الشاعر إلى فاعله، وهو ضمير الغيبة العائد إلى الأخ، ثم أتى بمفعول المصدر، وهو «ليلى العامرية»، ومثله قول حسان بن ثابت: لأنّ ثواب الله كلّ موحد … جنان من الفردوس فيها يخلّد [الإنصاف/ 223، وشرح المفصل/ 6/ 63]. 18 - يا بن الكرام ألا تدنو فتبصر ما … قد حدّثوك فما راء كمن سمعا لم أعرف قائله. والشاهد: «فتبصر»، حيث نصب الفعل المضارع الذي هو «تبصر»، بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية، الواقعة في جواب العرض المدلول عليه بقوله: «ألا تدنو». [الشذور، والأشموني/ 3/ 302]. 19 - خليليّ ما واف بعهدي أنتما … إذا لم تكونا لي على من أقاطع لم أعرف قائله. والشاهد: «ما واف أنتما»، حيث اكتفى بالفاعل الذي هو «أنتما» عن خبر المبتدأ «واف»؛ لكون المبتدأ وصفا - اسم فاعل - معتمدا على حرف النفي «ما». [الشذور/ 180، والهمع/ 1/ 94، وشرح أبيات المغني/ 7/ 185]. 20 - أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر … فإن قومي لم تأكلهم الضّبع من شعر العباس بن مرداس السلمي، يقوله في «خفاف بن ندبة». والضبع: السنة المجدبة الكثيرة القحط، يقول: لا تفتخر عليّ؛ لأنك إن كنت تفتخر بكثرة أهلك، فليس ذلك سببا للفخر؛ لأنّ قومي لم تأكلهم السنون، ولم يستأصلهم الجدب والجوع، وإنما نقصهم الذياد عن الحرم، وإغاثة الملهوف، أمّا: «أن»: المصدرية، و «ما» زائدة، معوض بها عن كان المحذوفة. أنت: اسم كان المحذوفة، «ذا» خبر كان المحذوفة.

21 - سبقوا هوي وأعنقوا لهواهم … فتخرموا ولكل جنب مصرع

والشاهد: «أمّا أنت ذا نفر»، حيث حذف كان وعوض عنها «ما» الزائدة، وأبقى اسمها «أنت» وخبرها «ذا». [شرح أبيات المغني/ 1/ 173، وسيبويه/ 1/ 148، والإنصاف]. 21 - سبقوا هويّ وأعنقوا لهواهم … فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وكان له أبناء خمسة فماتوا في الطاعون في عام واحد، فقال يرثيهم. هويّ: أصله «هواي»، فقلب الألف ياء ثم أدغم الياء في الياء، وهي لغة هذيل. والهوى: ما تهواه النفس. وأعنقوا: سارعوا. تخرموا: استأصلهم الموت. ولكل جنب مصرع: يريد لكل إنسان مكان يصرع فيه فيموت. وقوله: أعنقوا لهواهم: جعل الموت هوى لهم من باب المشاكلة. والشاهد: تخرموا: ماض مبني للمجهول، ضمّ أوله وثانيه؛ لأنه مبدوء بتاء زائدة. [شرح المفصل/ 3/ 33، والهمع/ 2/ 53، والمفضليات/ 421]. 22 - لا تجزعي إن منفسا أهلكته … فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي هذا البيت من قصيدة للنمر بن تولب، يجيب امرأته وقد لامته على التبذير، يقول: لا تتألمي من إنفاقي المال؛ لأني ما دمت حيا فسوف لا ينالك مكروه، فإذا مت، فاجزعي على موتي؛ لأنك لن تجدي من بعدي من يكفيك مهمّات الحياة. والشاهد: «إن منفسا»، حيث نصب الاسم الواقع بعد أداة الشرط على تقدير فعل يعمل فيه، يفسره الموجود بعده؛ لأن أدوات الشرط لا يليها إلا الفعل. ويروى البيت برفع «منفس»، ويعرب فاعلا لفعل الشرط المحذوف. [شرح أبيات المغني/ 4/ 52، وسيبويه/ 1/ 67، والأشموني/ 2/ 75، وشرح المفصل/ 2/ 38]. 23 - قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي … عليّ ذنبا كلّه لم أصنع من أن رأت رأسي كرأس الأصلع … يا ابنة عمّا لا تلومي واهجعي هذا رجز لأبي النجم الفضل بن قدامة العجلي. والشاهد: يا ابنة عما: ابنة: منادى، عمّا: مضاف إليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المنقلبة ألفا، حيث أثبت الألف المنقلبة عن ياء المتكلم، وهذه لغة قليلة؛ ذلك أنّ المنادى المضاف إلى المضاف إلى الياء، يجوز فيه إثبات الياء

24 - أنا ابن التارك البكري بشر … عليه الطير ترقبه وقوعا

مفتوحة أو ساكنة مثل «يا غلام غلاميّ» إلا إن كان «ابن أم» أو «ابن عمّ»، فيجوز فيه أربع لغات: فتح الميم وكسرها، وقد قرأت السبعة بهما في قوله تعالى: قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي [الأعراف: 15]، والثالثة: إثبات الياء (يا ابن عمي) والرابعة قلب الياء ألفا (يا ابن عما). [سيبويه/ 1/ 44، والهمع/ 1/ 97، وشرح المغني/ 4/ 240]. 24 - أنا ابن التارك البكريّ بشر … عليه الطير ترقبه وقوعا البيت من كلام المرار بن سعيد الفقعسي. والتارك: يجوز أن يكون من «ترك» بمعنى صيّر، فينصب مفعولين، أو «ترك» بمعنى خلّى، وفارق فيحتاج إلى مفعول واحد. والبكري: المنسوب إلى بكر بن وائل. التارك: مضاف إليه، وهو مضاف، والبكري: مضاف إليه. بشر: عطف بيان على «البكري». عليه: خبر مقدم. الطير: مبتدأ مؤخر. والجملة: حال من البكري، إن كان التارك من ترك الناصبة مفعولا واحدا، أو مفعول ثان، إن كان من ترك بمعنى «صيّر»، وجملة ترقبه حال من الطير، «وقوعا» حال من الضمير المستتر في «ترقبه». والشاهد: «بشر» عطف بيان، على البكري ولا يجوز أن يكون بدلا؛ لأن البدل على نية تكرار العامل. ولا يصح إضافة «بشر» إلى التارك، لأنه خال من أل والمضاف محلى بها. [سيبويه/ 1/ 93، وشرح المفصل/ 3/ 72، والشذور، والهمع/ 2/ 222]. 25 - يا سيدا ما أنت من سيّد … موطأ الأكناف رحب الذراع البيت للسفاح بن بكير اليربوعي، من شعراء المفضليّات. وموطأ الأكناف: يسهل النزول في حماه والاستجارة به. ورحب الذراع: كناية عن الجود. وما: اسم استفهام مبتدأ، أنت: خبره، من سيّد: تمييز، موطأ: نعت للمنادى. والشاهد: أن قوله «ما أنت من سيد»، تدل على التعجب، وهو من الأساليب السماعية التي لم يبوب لها في كتب النحو. مثل: «لله درّه فارسا». [الشذور/ 258، وشرح التصريح/ 1/ 399، والهمع/ 1/ 173، والمفضليات/ 322]. 26 - على حين عاتبت المشيب على الصّبا … وقلت ألمّا أصح والشيب وازع

27 - تعز فلا إلفين بالعيش متعا … ولكن لوراد المنون تتابع

للنابغة الذبياني، والعتاب: اللوم في تسخط. والمشيب: الشيب. والصّبا: الصبوة، وهي الميل إلى شهوات النفس. والوازع: الزاجر. على حين: الجار والمجرور متعلقان بقوله «كفكفت» في بيت سابق. والشاهد: «حين»، فإنه يروى بجرّ «حين» على أنه معرب، ويروى بفتحه على أنه مبني على الفتح في محل جر؛ ذلك أنّ الجملة بعد «حين» فعلها ماض، وإذا أضيفت «حين» إلى المبني، جاز فيها البناء، وجاز الإعراب، والبناء أقوى. [سيبويه/ 1/ 369، وشرح المفصل/ 3/ 16، والإنصاف/ 292، والشذور، وشرح المغني/ 7/ 123]. 27 - تعزّ فلا إلفين بالعيش متّعا … ولكن لورّاد المنون تتابع ليس له قائل معين. الإلفين: مثنى الإلف، بكسر الهمزة وسكون اللام. والشاهد: «إلفين» فإنه وقع اسما ل «لا» النافية للجنس، وهو مثنى، فيبنى على ما كان ينصب عليه. [الشذور/ 83، والهمع/ 1/ 146، والأشموني/ 2/ 7، والعيني/ 2/ 333]. 28 - لا نسب اليوم ولا خلّة … اتّسع الخرق على الرّاقع نسب لأنس بن العباس بن مرداس، وقيل: لجدّ أبيه عامر. والخلّة: بضم الخاء، الصداقة، وقد تطلق على الصديق نفسه، يقول: إنه لا ينفع فيما جرى بيننا من أسباب القطيعة، نسب ولا صداقة؛ لأن الخطب قد تفاقم حتى صعب رتقه. الشاهد: «ولا خلة» بالتنوين، حيث عطف «خلة» بالنصب على محل اسم «لا» الأولى المبني على الفتح في محل نصب. بتقدير «لا» الثانية زائدة، لتأكيد النفي، وقيل: «خلة» اسم «لا» مبني على الفتح، والتنوين للضرورة، وخبرها محذوف. [سيبويه/ 1/ 349، وشرح المفصل/ 2/ 101، والشذور، والهمع/ 2/ 144، وشرح المغني/ 4/ 344]. 29 - أطوّف ما أطوّف ثم آوي … إلى بيت قعيدته لكاع البيت للحطيئة، جرول يذم امرأته، وقوله: ما أطوف: مصدر مؤول، يعرب مفعولا مطلقا. والشاهد: «لكاع»،: فمن حق هذا الوزن مما هو سبّ للأنثى أن يستعمل في النداء، تقول: يا لكاع، ويا خباث، ولكن الشاعر استعملها خبرا عن المبتدأ «قعيدته»، وقيل: خبر

30 - كم في بني بكر بن سعد سيد … ضخم الدسيعة ماجد نفاع

المبتدأ محذوف، و «لكاع» منادى بحرف نداء محذوف، والتقدير: قعيدته مقول لها يا لكاع. [شرح المفصل/ 4/ 57، والشذور، والعيني/ 1/ 473، والهمع/ 1/ 82، والأشموني/ 3/ 160]. 30 - كم في بني بكر بن سعد سيّد … ضخم الدّسيعة ماجد نفّاع الدسيعة: العطيّة، وقيل: الجفنة، والمعنى أنه واسع المعروف، وأنه ماجد شريف. والشاهد: «كم في بني ... سيّد»، فإن «كم» هنا خبرية، و «سيّد» تمييزها مجرور بالإضافة أو بمن مقدرة، مع وجود الفاصل بين «كم» وتمييزها، وهو مذهب الكوفيين، أما البصريون، فإنهم ينصبون تمييز كم الخبرية إذا فصل عن كم. [سيبويه/ 1/ 296، والإنصاف/ 304، وشرح المفصل/ 4/ 130]. 31 - ليت شعري عن خليلي ما الذي … غاله في الحبّ حتّى ودعه لا يكن وعدك برقا خلّبا … إنّ خير البرق ما الغيث معه الشاهد: في البيت الأول «ودعه»، فهو الماضي «ودع» بمعنى ترك، والمضارع: يدع، والمشهور أن العرب أهملت الماضي الثلاثي من هذه المادة، واستعملت المضارع والأمر منها، وكذلك أهملت اسم الفاعل، والمصدر كما أهملوا الماضي من «يذر»؛ لأن «ترك» يقوم مقامه، ولكن الشواهد على استعمال «ودع» بالفتح والتخفيف، تجعل استعماله شائعا، وأن إهماله جاء من وهم قلّته، أو عدم العثور على شواهده في بداية التصنيف والجمع، ويوجد غير الشاهد السابق، قول الشاعر: وكان ما قدّموا لأنفسهم … أكثر نفعا من الذي ودعوا وقال الآخر: (سويد بن أبي كاهل) في المفضليات (199). فسعى مسعاهم في قومه … ثم لم يدرك ولا عجزا ودع وقرأ عروة بن الزبير «ما ودعك ربك وما قلى» بتخفيف الدال، ومن شواهد اسم الفاعل من «ودع»:

32 - وقفنا فقلنا: إيه عن أم سالم … وما بال تكليم الديار البلاقع

فأيّهما ما أتبعنّ فإنّني … حزين على ترك الذي أنا وادع وجاء المصدر منه في الحديث «لينتهينّ أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمنّ الله على قلوبهم» أي عن تركهم إياها والتخلف عنها، والحديث رواه أحمد، ومسلم، والنسائي وابن ماجه. والنبي صلّى الله عليه وسلّم أفصح العرب، ولا يوصف كلامه بالشذوذ. وشاهد اسم المفعول من «ودع» قول خفاف بن ندبة: (عن اللسان «ودع»). إذا ما استحمّت أرضه من سمائه … جرى وهو مودوع وواعد مصدق والبيت الشاهد، منسوب إلى أنس بن زنيم، وينسب أيضا لعبد الله بن كريز، ولكن صورة البيت كالتالي: سل أميري ما الذي غيّره … عن وصالي اليوم حتى ودعه [الخزانة/ 6/ 471، والخصائص/ 1/ 99، والإنصاف/ 485]. 32 - وقفنا فقلنا: إيه عن أمّ سالم … وما بال تكليم الديار البلاقع هذا البيت لذي الرّمة، غيلان بن عقبة. وقوله: ما بال: ما شأن. والبلاقع: جمع بلقع - وزن جعفر - وهي الخالية من السكان. إيه: اسم فعل أمر مبني على الكسر، لا محل له من الإعراب، بمعنى «امض في حديثك». ما بال: ما مبتدأ، بال: خبر. والشاهد: «إيه»، حيث وردت غير منونة؛ لأنه يطلب من مخاطبه الزيادة من حديث معين، وهو حديث أمّ سالم. فإذا طلب بها الزيادة من حديث غير معين، تنونت، فالتنوين للتنكير، وعدم التنوين للتعريف. [شرح المفصل/ 2/ 122، والهمع/ 2/ 150، والأشموني/ 1/ 187]. 33 - أما ترى حيث سهيل طالعا … نجما يضيء كالشّهاب لامعا لم يعرف قائله. وسهيل: نجم تنضج الفواكه عند طلوعه.

34 - رب من أنضجت غيظا قلبه … قد تمنى لي موتا لم يطع

سهيل: بالجر، مضاف إليه، طالعا: حال من سهيل، نجما: منصوب على المدح بفعل محذوف تقديره «أمدح»، كالشهاب: متعلقان بمحذوف حال من فاعل «يضيء»، و «لامعا»: حال ثانية. الشاهد: «حيث سهيل»، أضاف حيث إلى اسم مفرد، وذلك شاذ، وإنما يضاف إلى الجملة اسمية أو فعلية، والذي جعلهم يقولون بإضافته إلى مفرد، كون نهاية المصراع الثاني منصوبة، وهو من الرجز، فلا يصح رفع (طالع) على الخبرية، ولكن يصح تقدير الخبر المحذوف مع بقاء القافية منصوبة، والتقدير: حيث سهيل موجود طالعا. [شرح المفصل/ 4/ 90، وشرح المغني/ 3/ 151]. 34 - ربّ من أنضجت غيظا قلبه … قد تمنّى لي موتا لم يطع هذا البيت من كلام سويد بن أبي كاهل بن حارثة اليشكري من قصيدة في المفضليات، ومما يستجاد من مطلعها: بسطت رابعة الحبل لنا … فوصلنا الحبل منها ما اتّسع حرّة تجلو شتيتا واضحا … كشعاع البرق في الغيم سطع ورابعة: صاحبته. والحبل: المودة. ما اتسع: ما مصدرية ظرفية. والشتيت: الثغر المفلج الأسنان. وأنضجت: كناية عن نهاية الكمد. من: نكرة بمعنى إنسان في محل رفع مبتدأ، وجملة أنضجت صفة للمبتدأ. غيظا: تمييز، أو مفعول لأجله. وجملة قد تمنى: خبر المبتدأ. وجملة لم يطع: خبر ثان. والشاهد: «ربّ من» حيث استعمل «من» نكرة فوصفها بجملة (أنضجت) والدليل على كونها نكرة، دخول (ربّ) عليها؛ لأنها لا تجرّ إلا النكرات. [شرح المفصل/ 4/ 11، وشرح أبيات المغني/ 5/ 334، والشذور والهمع/ 1/ 92، والأشموني/ 1/ 54، والمفضليات/ 198]. 35 - كيف يرجون سقاطي بعد ما … لاح في الرأس بياض وصلع ورث البغضة عن آبائه … حافظ العقل لما كان استمع فسعى مسعاتهم في قومه … ثم لم يظفر ولا عجزا ودع من قصيدة في المفضليات عدّتها ثمانية ومائة بيت، قالها سويد بن أبي كاهل

36 - فما كان حصن ولا حابس … يفوقان مرداس في مجمع

اليشكري، شاعر مخضرم، وعمّر في الاسلام طويلا، ومطلع القصيدة: بسطت رابعة الحبل لنا … فوصلنا الحبل منها ما اتّسع وهي من أجمل الشعر، وأرقّه، وأكثره غزارة معنى، وصدق تعبير. وقوله في البيت الأول: «سقاطي» أي: فترتي وسقطتي، وقوله في البيت الثاني ورث ... الخ، عاد إلى هجو شانئه، فوصفه بأنه ورث بغضه عن آبائه، سمعهم يذكرون العداوة ويشتمونه، فحفظ ذلك عنهم وعقله، وقوله في البيت الثالث «مسعاتهم» أي: مسعاة آبائه، أي: فسعى كما كانوا يسعون، فلم يظفروا بما أرادوا. والشاهد: «ودع»، بمعنى ترك، الفعل الماضي من «يدع»، ويزعم النحويون أنه متروك، وليس كما قالوا، فهذا شاهده، وانظر الشاهد: «ليت شعري ... ودعه». [الإنصاف/ 486، والمفضليات 199]. 36 - فما كان حصن ولا حابس … يفوقان مرداس في مجمع من شعر العباس بن مرداس السلمي، يقوله لسيدنا رسول الله بعد أن وزع الغنائم في حنين، فأعطى عيينة بن حصن الفزاري، والأقرع بن حابس، وغيرهما من المؤلفة قلوبهم أكثر مما أعطى العباس، فغضب العباس وقال أبياتا منها هذا البيت، وحصن: هو أبو عيينة. وحابس: هو أبو الأقرع. ومرداس: أبو العباس. يريد أن أبويهما لم يكونا خيرا من أبيه. والشاهد: «مرداس»، حيث منعه من الصرف، وليس فيه إلا علة العلمية. [الخزانة/ 1/ 147، والإنصاف/ 499، والهمع/ 1/ 37، والأشموني/ 3/ 275]. 37 - مناعها من إبل مناعها … أما ترى الموت لدى أرباعها مناع: اسم فعل أمر بمعنى امنع. والأرباع: جمع ربع، وهو المنزل. والشاهد: «مناعها»، حيث استعمل «فعال» المأخوذ من مصدر الفعل الثلاثي المتصرف، اسم فعل أمر وبناه على الكسر. [سيبويه/ 1/ 123، ج 2/ 36، والإنصاف/ 537، وشرح المفصل ج 4/ 51]. 38 - تملّ الندامى ما عداني فإنني … بكلّ الذي يهوى نديمي مولع

39 - ولو سئل الناس التراب لأوشكوا … إذا قيل هاتوا أن يملوا فيمنعوا

غير منسوب. والشاهد: «ما عداني»، فإنّ عدا في هذا الموضع فعل، والدليل: سبقها ب (ما) المصدرية، ومجيء نون الوقاية قبل ياء المتكلم، ونون الوقاية لا تجيء إلا مع الأفعال. [الشذور، والأشموني/ 2/ 164، والهمع/ 1/ 233]. 39 - ولو سئل الناس التّراب لأوشكوا … إذا قيل هاتوا أن يملّوا فيمنعوا غير منسوب، وقبل البيت: أبا مالك لا تسأل الناس والتمس … بكفّيك فضل الله والله أوسع والشاهد: «لأوشكوا أن يملوا»، حيث أتى بخبر أوشك فعلا مضارعا مقترنا بأن المصدرية على ما هو الغالب في خبر هذا الفعل. [الشذور، والهمع/ 1/ 130، والأشموني/ 1/ 206]. 40 - مدحت عروقا للنّدى مصّت الثرى … حديثا فلم تهمم بأن تترعرعا سقاها ذوو الأحلام سجلا على الظما … وقد كربت أعناقها أن تقطّعا لأبي زيد الأسلمي، يهجو إبراهيم بن هشام ابن إسماعيل بن هشام المخزومي، والي المدينة، وكان قد مدحه من قبل، فلم ترقه مدحته فلم يعطه، وزاد على ذلك أن أمر به فعذّب بالسياط. عروقا: جمع عرق، أصله عرق الشجرة. مصّت الثرى حديثا: أراد أنها ذاقت طعم الغنى حديثا. لم تهمم: لم تعزم، يريد أنها لم تكن على استعداد لذلك؛ لضآلة أصلها. وذوو الأحلام: أراد هشام بن عبد الملك وكان إبراهيم خاله. والسّجل: الدلو العظيمة المملوءة ماء. والشاهد: «كربت أعناقها أن تقطع»، حيث جاء الشاعر بخبر «كرب» فعلا مضارعا مقترنا بأن المصدرية، وهذا نادر في خبر هذا الفعل. [الشذور، والأشموني/ 1/ 262]. 41 - فقالت: أكلّ الناس أصبحت مانحا … لسانك كيما أن تغرّ وتخدعا البيت لجميل بن معمر العذري.

42 - لقد عذلتني أم عمرو ولم أكن … مقالتها ما كنت حيا لأسمعا

أكلّ: مفعول أول لاسم الفاعل مانح، لسانك: مفعوله الثاني. والشاهد: «كيما أن تغر»، حيث أدخل (كي) على (أن)، فلزم احتساب (كي) حرف تعليل، وأن المصدرية ناصبة، ولا يجوز اعتبار (كي) مصدرية؛ لئلا يتوالى حرفان بمعنى واحد. [شرح المفصل/ 9/ 14 / 16، والشذور، والهمع/ 2/ 5، والأشموني/ 1/ 279، وشرح أبيات المغني/ 4/ 157]. 42 - لقد عذلتني أمّ عمرو ولم أكن … مقالتها ما كنت حيّا لأسمعا والشاهد: «مقالتها»، قال الكوفيون: إنه مفعول مقدم على عامله، وهو الفعل المقترن بلام الحجود، (لأسمع) وهو جائز عندهم، وقال البصريون: إنه معمول لفعل مضارع محذوف يدل عليه المذكور، والسرّ في هذا الخلاف: أنّ الكوفيين يرون أنّ ناصب الفعل لام الحجود، ويرى البصريون أن الناصب (أن) مضمرة، والفعل صلة (أن)، ويزعمون أن مفعول الصلة لا يتقدم عليه، وليس كما قالوا، فإن العامل يتوجه إلى معموله، ويستولي عليه مهما كان موقعه. [شرح المفصل/ 7/ 29، والإنصاف/ 593، والخزانة/ 8/ 578]. 43 - حميد الذي أمج داره … أخو الخمر ذو الشّيبة الأصلع قاله حميد الأمجي، منسوب إلى «أمج» من نواحي المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة وأتمّ التسليم، وعاصر الشاعر عمر بن عبد العزيز، ولكن قافية البيت في «معجم البلدان» مجرورة، أو يكون في البيت إقواء؛ لأنه مسبوق وملحوق بقافية مجرورة. والشاهد: «حميد»، حذف التنوين لضرورة الشعر، لا لعلّة منع التنوين، وهذا سياق الأبيات: شربت المدام فلم أقلع … وعوتبت فيها فلم أسمع حميد .. علاه المشيب على حبّها … وكان كريما فلم ينزع وربما قرئت قافية «الأصلع» بالجر للمجاورة؛ لأن لفظ «الشيبة» السابق مجرور. [الإنصاف/ 664]. 44 - جازيتموني بالوصال قطيعة … شتّان بين صنيعكم وصنيعي

45 - أكفرا بعد رد الموت عني … وبعد عطائك المائة الرتاعا

غير منسوب. والشاهد: «شتان بين صنيعكم»، حيث أنكر ابن هشام في الشذور هذا الأسلوب، وجعله خارجا على أساليب العرب، ويريد دخول شتان على بين، وكان حقه القول: شتان ما بين، ثم قال: وقد يخرّج على إضمار (ما) الموصولة قبل (بين)، أو بإعراب «بين» فاعلا، ولكن الشواهد على هذا الاستعمال كثيرة، كقول حسان: وشتان بينكما في الندى … وفي البأس والخير والمنظر [شذور الذهب/ 406]. 45 - أكفرا بعد ردّ الموت عنّي … وبعد عطائك المائة الرّتاعا البيت للقطامي عمير بن شييم، ابن أخت الأخطل، يمدح زفر بن الحارث الكلابي. والكفر: الجحود، ينكر أنه يجحد نعمته عليه. وكفرا: مفعول لفعل محذوف، تقديره: أضمر كفرا. والشاهد: «عطائك المائة»، حيث أعمل اسم المصدر (عطاء) عمل الفعل، فنصب به المفعول (المائة) بعد إضافته لفاعله. والمائة الرتاعا: أراد النوق التي ترعى حيث شاءت فتكون سمينة. [الشذور وشرح المفصل/ 1/ 20، والهمع/ 1/ 88]. 46 - بعكاظ يعشي الناظري … ن إذا هم لمحوا شعاعه هذا البيت من كلام عاتكة بنت عبد المطلب، عمة سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهي تفخر بقومها وتذكر ما جمعه الأعداء. والشاهد: «يعشي ... لمحوا ... شعاعه»، حيث تنازع العاملان (يعشي - لمحوا) معمولا واحدا (شعاعه)، الأول يطلبه فاعلا، والثاني يطلبه مفعولا، فأعملت العامل الأول، ورفعت (شعاعه) وحذفت ضميره من الثاني، وهذا مما لا يجوز إلا في ضرورة الشعر. لأنك إذا أعملت الأول، أضمرت في الثاني كلّ شيء يحتاجه، ولا يلزم هذا عند إعمال الثاني. [الشذور، والحماسة/ 473، والهمع/ 2/ 109، والأشموني/ 2/ 106]. 47 - ذريني إنّ أمرك لن يطاعا … وما ألفيتني حلمي مضاعا

48 - من لا يزال شاكرا على المعه … فهو حر بعيشة ذات سعه

البيت لعدي بن زيد العبادي. والشاهد: «ألفيتني حلمي»، حيث أبدل الاسم الظاهر، وهو (حلمي) من ضمير الحاضر وهو ياء المتكلم، التي وقعت مفعولا أول (لألفى) بدل اشتمال. [سيبويه/ 1/ 78، وشرح المفصل/ 3/ 65، والشذور، والهمع/ 2/ 127، والخزانة/ 5/ 191]. 48 - من لا يزال شاكرا على المعه … فهو حر بعيشة ذات سعه غير منسوب. والشاهد: «المعه»، حيث جاء بصلة (أل) ظرفا، وهو شاذ، وتخرّج على أن «ال»: اسم موصول بمعنى الذي في محل جرّ ب «على»، والظرف «مع» صلته. [الهمع/ 1/ 85، والأشموني/ 1/ 95، وشرح أبيات المغني/ 1/ 290]. 49 - فإنّهم يرجون منه شفاعة … إذا لم يكن إلّا النبيّون شافع البيت لحسان بن ثابت - رضي الله عنه - من قصيدة يقولها في يوم بدر. ويكن: مضارع تام فاعله «شافع». والشاهد: «إلا النبيون»، حيث رفع المستثنى مع تقدمه على المستثنى منه، والكلام منفي، والرفع هنا غير مختار، وإنما المختار النصب، وأعربوا الثاني بدلا من الأول على القلب. وقد يخرّج على إعراب (النبيّون) فاعل يكن، والاستثناء مفرّغا، وشافع: بدل كلّ مما قبله، على عكس الأصل، والأحسن من هذا وذاك، نصب (النبيين) لتقدّم المستثنى على المستثنى منه، وينتهي الخلاف. [الهمع/ 1/ 225، والعيني/ 3/ 114]. 50 - إذا قيل أيّ الناس شرّ قبيلة … أشارت كليب بالأكفّ الأصابع البيت للفرزدق يهجو جريرا، وقوله: «بالأكف»، الباء للمصاحبة بمعنى مع، أي: أشارت الأصابع مع الأكف، أو الباء على أصلها والكلام على القلب، وكأنه أراد: أشارت الأكف بالأصابع، فقلب، وجملة أيّ الناس شرّ: نائب فاعل. والشاهد: «أشارت كليب»، حيث جرّ «كليب» بحرف جرّ محذوف، وهو شاذ. [الهمع/

51 - لقد علمت أولى المغيرة أنني … كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا

2/ 36، والأشموني/ 2/ 90، وشرح أبيات المغني/ 1/ 7، والخزانة/ 9/ 113 و 10/ 41]. 51 - لقد علمت أولى المغيرة أنني … كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا لمالك بن زغبة. والمغيرة: يريد الخيل المغيرة. وأولى المغيرة: التي تغير أول القوم، يصف نفسه بالشجاعة وأنه كان في مقدم القوم. والشاهد: عمل المصدر المعرف بأل (الضرب) عمل الفعل، فنصب (مسمعا). [سيبويه/ 1/ 99، وشرح المفصل/ 6/ 9، والهمع/ 2/ 92، والأشموني/ 2/ 100، والخزانة/ 8/ 129]. 52 - يا ليتني كنت صبيّا مرضعا … تحملني الذّلفاء حولا أكتعا إذا بكيت قبّلتني أربعا … إذن ظللت الدهر أبكي أجمعا الذلفاء: اسم امرأة. وأكتع: تاما، كاملا. والرجز مجهول القائل، وفي البيت ثلاثة شواهد: الأول: «حولا أكتعا»، وفيه جواز توكيد النكرة إذا كانت محدودة، كيوم وشهر وعام. والثاني: «الدهر أبكي أجمعا»، حيث فصل بين التوكيد والمؤكد بأجنبيّ. والثالث: «الدهر أجمعا»، حيث أكد الدهر بأجمع من غير أن يؤكده أولا بكلّ. [الهمع/ 2/ 123، والأشموني/ 3/ 76، وشرح أبيات المغني/ 7/ 285]. 53 - إنّ عليّ الله أن تبايعا … تؤخذ كرها أو تجيء طائعا من أبيات سيبويه المجهولة. يقول: إني ألزم نفسي عهدا أن أحملك على الدخول فيما دخل فيه الناس من الخضوع للسلطان، فإما التزمت ذلك طائعا، وإما أن ألجئك إليه وأكرهك عليه. فهو يبغّض إليه الخلاف والخروج عن الجماعة. عليّ: خبر إن مقدم. الله: اسمها مؤخر. أن تبايعا: المصدر المؤول مفعول لأجله، أو اسم إن، ولفظ الجلالة منصوب بنزع الخافض، حرف القسم. كرها: حال على التأويل، بكاره. وطائعا: حال.

54 - لا تهين الفقير علك أن … تركع يوما والدهر قد رفعه

والشاهد: «أن تبايعا، تؤخذ ...»، فإنه أبدل الفعل (تؤخذ) من الفعل (تبايعا) بدل اشتمال. [سيبويه/ 1/ 78، والأشموني/ 3/ 131، والعيني/ 4/ 199]. 54 - لا تهين الفقير علّك أن … تركع يوما والدهر قد رفعه قاله الأضبط بن قريع السعدي. والشاهد: «لا تهين»، حيث حذف نون التوكيد الخفيفة للتخلص من التقاء الساكنين، وقد أبقى الفتحة على لام الكلمة دليلا على تلك النون المحذوفة، ومما يدل على أنّ المقصود التوكيد، وجود الياء التي تحذف للجازم، وهي لا تعود إلا عند التوكيد. ورواه الجاحظ: لا تحقرن، ورواه غيره: ولا تعاد، ولا شاهد فيه. [الخزانة/ 11/ 450، وشرح التصريح/ 2/ 208، والأشموني/ 3/ 225، والمرزوقي/ 1151، والهمع/ 1/ 134]. 55 - يا أقرع بن حابس يا أقرع … إنّك إن يصرع أخوك تصرع هذا رجز لعمرو بن خثارم البجلي. والشاهد: «إن يصرع، تصرع»، حيث وقع جواب الشرط مضارعا مرفوعا، وعليه قراءة طلحة بن سليمان: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ [النساء: 78] برفع يدرك. [سيبويه/ 1/ 436، والخزانة/ 8/ 20، وشرح التصريح/ 2/ 249، والأشموني/ 4/ 18، والهمع/ 2/ 72]. 56 - تعدّون عقر النّيب أفضل مجدكم … بني ضوطرى لولا الكميّ المقنّعا البيت لجرير يهجو الفرزدق. والنيب: النوق المسنّة. وضوطري: الرجل الضخم اللئيم. والشاهد: «لولا الكميّ المقنّعا»، حيث ولي أداة التحضيض (لولا) اسم منصوب، فجعل منصوبا بفعل محذوف؛ لأنّ أدوات التحضيض مما لا يجوز دخولها إلا على الأفعال. [شرح المفصل/ 2/ 38، وشرح أبيات المغني/ 5/ 123، والخصائص/ 2/ 45]. 57 - هم صلبوا العبديّ في رأس نخلة … فلا عطست شيبان إلا بأجدعا

58 - فيا رب ليلى أنت في كل موطن … وأنت الذي في رحمة الله أطمع

لسويد بن أبي كاهل. والعبدي: المنسوب إلى عبد قيس. والأجدع: المقطوع الأنف. والتقدير: فلا عطست شيبان إلا بأنف أجدع. دعا عليهم بجدع الأنوف. والشاهد: «في رأس نخلة»، على أن (في) هنا بمعنى (على). [شرح أبيات المغني/ 4/ 62، والخصائص/ 2/ 313]. 58 - فيا ربّ ليلى أنت في كلّ موطن … وأنت الذي في رحمة الله أطمع البيت لمجنون ليلى. والشاهد: «في رحمة الله»، حيث وضع الاسم الظاهر موضع ضمير الغيبة؛ لضرورة الشعر، والقياس: وأنت الذي في رحمته. [الهمع/ 1/ 87، والدرر/ 1/ 64، وشرح التصريح/ 1/ 140، والأشموني/ 1/ 146، وشرح أبيات المغني ج 4/ 276]. 59 - إذا قلت قدني، قال بالله حلفة … لتغني عنّي ذا إنائك أجمعا قاله حريث بن عنّاب النبهاني من شعراء الدولة الأموية، يصف موقف كرم، حيث جاء لصاحب البيت ضيف، فدفع إليه اللبن، وكلما قال الضيف، يكفيني ما شربت، قال له: أبعد عني كل ما في الإناء من اللبن، أي اشربه كله، وفي البيت شواهد: الأول: أن الأخفش أجاز أن يقع جواب القسم، المضارع المقرون ب «لام» كي، فيكون قوله: «لتغني» جواب القسم. وأجيب: أنه لا يريد في البيت القسم، إنما أراد الإخبار، فيكون «لتغني» متعلق بآليت المحذوف، وأراد أن يخبر مخاطبه أنه قد آلى، كي يشرب جميع ما في إنائه. وقد يكون المقسم عليه محذوفا تقديره: لتشربنّ لتغني عني. والثاني: يروى: قطني، وقدني: وهما بمعنى واحد، والنون عند البصريين لحفظ سكون البناء في آخره، ومعناه عندهم «حسب»، وعند الكوفيين اسم فعل، ومعناه (يكفي) بدليل النون التي لا تدخل إلا على الأفعال. الثالث: أنّ (ذا) بمعنى صاحب، بمعنى (صاحب إنائك)، أي: ما في إنائك من الشراب؛ لأن الشراب يصحب الإناء. الرابع: الإضافة للملابسة، حيث أضاف الإناء إلى المخاطب؛ لملابسته إياه وقت شربه ما فيه من اللبن.

60 - فلما تفرقنا كأني ومالكا … لطول اجتماع لم نبت ليلة معا

الخامس: التأكيد بأجمع، ولم يسبق بكل. [الخزانة/ 11/ 34، وشرح أبيات المغني/ 4/ 276]. 60 - فلما تفرقنا كأنّي ومالكا … لطول اجتماع لم نبت ليلة معا قاله متمم بن نويرة الصحابي، يرثي أخاه مالك بن نويرة. والشاهد: «لطول»، على أن اللام بمعنى (بعد). [الأشموني/ 2/ 218، وشرح المغني/ 4/ 291]. 61 - لعلّك يوما أن تلمّ ملمّة … عليك من اللائي يدعنك أجدعا لمتمم بن نويرة، يرثي أخاه مالكا، يقول: أيها الشامت، لا تكن فرحا بموت أخي، عسى أن تنزل عليك بلية من البليات اللاتي يتركنك ذليلا خاضعا. والشاهد: «لعلك أن تلمّ» على أنّ خبر لعل يقترن بأن كثيرا حملا على عسى. [شرح أبيات المغني/ 5/ 175، والخزانة/ 5/ 345]. 62 - يذكّرن ذا البثّ الحزين ببثّه … إذا حنّت الأولى سجعن لها معا قاله متمم بن نويرة، يرثي أخاه مالكا، وقوله: يذكّرن: يريد النوق التي تحنّ إلى أولادها. وسجعن: الناقة الساجع، التي تطرب في حنينها، والتطريب: ترجيع الصوت وترديده. يقول: إنّ حنين النوق يذكره بموت أخيه. والشاهد: أنّ «معا» تستعمل للجماعة. [شرح أبيات المغني/ 6/ 13، والمفضليات/ 267]. 63 - وإنّك مهما تعط بطنك سؤله … وفرجك نالا منتهى الذمّ أجمعا قاله حاتم الطائي. والشاهد فيه عند ابن مالك: أنّ «مهما» في البيت ظرف زمان، وقال ابنه: الأولى تقديرها بالمصدر، على معنى: أي إعطاء قليلا وكثيرا تعطي بطنك سؤله. [الهمع/ 2/ 57 والأشموني/ 4/ 12، وشرح المغني/ 5/ 350]، ويروى البيت «إن أعطيت بطنك»، ولا شاهد فيه.

64 - فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن … ومن لا نجره يمس منا مروعا

64 - فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن … ومن لا نجره يمس منّا مروّعا البيت لهشام المرّي، وهو جاهلي، وذكره ابن هشام في المغني على أن الشلوبين زعم أن الجملة التفسيرية بحسب ما تفسره، وفيه شاهد آخر، وهو تقدّم الاسم على الفعل المجزوم، وارتفاع الاسم «نحن» بإضمار فعل يفسره؛ لأنّ الشرط لا يكون إلا بالفعل، وهذا التقديم يجوز في (إن) إذا لم تجزم في اللفظ، بأن كان المشروط ماضيا. [سيبويه/ 1/ 458، والدرر/ 2/ 75، والهمع/ 2/ 59، والإنصاف/ 619، بقافية (مفزّعا)، وشرح أبيات المغني/ 6 / 333]. 65 - فأدرك إبقاء العرادة ظلعها … وقد جعلتني من حزيمة إصبعا البيت قاله الكلحبة العريني، يذكر فرسه العرادة، وقد أدرك بها عدوّه حزيمة. والمبقية من الخيل: التي تبقي بعض جريها، تدخره. والظلع: العرج. والشاهد: «وقد جعلتني إصبعا»، على أنّ فيه حذف مضافين، والتقدير: ذا مسافة إصبع، والمسافة: البعد. [المفضليات/ 32، وشرح المفصل/ 3/ 31، والأشموني/ 2/ 272، وشرح أبيات المغني/ 7/ 307]. 66 - عندي اصطبار وشكوى عند قاتلتي … فهل بأعجب من هذا امرؤ سمعا لم يعرف قائله. قال ابن هشام في المغني: من مسوغات الابتداء بالنكرة: العطف، بشرط كون المعطوف أو المعطوف عليه مما يسوغ الابتداء به نحو: طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ [محمد: 21]، أي: أمثل من غيرهما، قال: وليس من أمثلة المسألة ما أنشده ابن مالك (وأنشد البيت). قال: إذ يحتمل أنّ «الواو» هنا للحال، وهو من المسوغات. وإذا سلّم العطف، فثمّ صفة مقدرة، أي: وشكوى عظيمة (فتكون النكرة وصفت، وهذا مسوغ)، قال: والخبر هنا ظرف مختص، وهو مسوغ وليس الشرط تقدمه على النكرة، إلا إذا توهّم الصفة، وقد حصل الاختصاص بدونه في هذا البيت؛ لوجود الصفة المقدرة، أو الوقوع بعد واو الحال؛ فلذلك جاز تأخّر الظرف، كقوله تعالى: وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ [الأنعام: 2]. [شرح أبيات المغني/ 7/ 32]. 67 - قفي قبل التّفرّق يا ضباعا … ولا يك موقف منك الوداعا مطلع قصيدة للقطامي التغلبي، مدح بها زفر بن الحارث الكلابي، وكان الممدوح قد

68 - فلما أن جرى سمن عليها … كما طينت بالفدن السياعا

أنقذه من القتل. وضباعا: مرخم: ضباعة. والشاهد فيه: على أن اسم «يك» نكرة، وخبرها معرفة؛ لضرورة الشعر، وهو مذهب ابن مالك في بابي إنّ، وكان. وقال بعضهم: الخبر محذوف، تقديره «ولا يك موقف موقف الوداع». [سيبويه/ 1/ 331، وشرح المفصل/ 7/ 9، والهمع/ 1/ 119، والأشموني/ 3/ 173، وشرح أبيات المغني/ 6/ 345]. 68 - فلما أن جرى سمن عليها … كما طيّنت بالفدن السّياعا البيت للقطامي من قصيدته التي مدح بها زفر بن الحارث، ومضى مطلعها. والشاعر يصف ناقة. والفدن: بفتح الفاء والدال، القصر. والسياعا: الطين. وجواب (لمّا) في بيت لاحق: أمرت بها الرجال ليأخذوها … ونحن نظنّ أن لن تستطاعا أي: أمرتهم بأخذها لتراض وتركب، وذكر ابن هشام البيت شاهدا على القلب، لأن الأصل: كما طينت القصر بالسّياع. [شرح شواهد المغني/ 8/ 121]. 69 - واستقبلت قمر السماء بوجهها … فأرتني القمرين في وقت معا قاله المتنبي. وهو شاهد على التغليب: الشمس والقمر، ثناهما (القمرين)، وهو وجهها وقمر السماء، والظاهر أنّ الشاعر هنا لم يغلّب، وإنما ثنى القمر قمر السماء، والقمر الثاني وجهها، فاجتماع الشمس والقمر في الليل، لا يكون. 70 - أخذنا بآفاق السماء عليكم … لنا قمراها والنجوم الطوالع هذا للفرزدق يهجو جريرا، قيل إنّ الفرزدق أراد «لنا قمراها»: الشمس والقمر من باب التغليب، ولا يصح هذا الفخر؛ لأن الشمس والقمر للناس جميعا، فقيل: أراد الفرزدق: بالشمس - سيدنا إبراهيم الخليل، والقمر: محمد عليه السّلام. والنجوم الطوالع: الصحابة. وقيل: أراد بهما كل شريف وفاضل. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 8/ 88]. 71 - ما يرتجى وما يخاف جمعا … فهو الذي كالليث والغيث معا ليس له قائل معروف، و (ما) اسم موصول. و (يرتجى) و (يخاف): بالبناء للمجهول. و (جمع): مبني للمعلوم، وفاعله ضمير الممدوح، والألف للاطلاق.

72 - يا ليت أيام الصبا رواجعا ..

والشاهد: «كالليث»، على أنه يتعيّن أن تكون الكاف حرفا لوقوعها صلة للموصول؛ لأنّه لا يستقيم القول: فهو الذي مثل الليث. [شرح أبيات المغني/ 4/ 138]. 72 - يا ليت أيام الصّبا رواجعا .. بيت من الرجز، زعم عبد السّلام هارون أنه للعجاج، وهو شاهد على أنّ ليت قد تنصب الاسم والخبر. [سيبويه/ 1/ 284، وشرح المفصل/ 1/ 103، وشرح أبيات المغني/ 5/ 164]. 73 - كنت ويحيى كيدي واحد … نرمي جميعا ونرامى معا قاله مطيع بن إياس الليثي في يحيى بن زياد الحارثي، وكان صديقه، وكانا يرميان معا بالخروج عن الملة، لعنهما الله. وقوله: كيدي واحد، أي: كيدي رجل واحد. ونرمى: مبني للمعلوم. ونرامى: بالبناء للمفعول. والشاهد: أن «معا» و «جميعا» بمعنى واحد، وهو اتحاد الفعل في وقت واحد. تقول: خرجنا معا، أي: في وقت واحد، وكنا معا، أي: في مكان واحد. منصوب على الظرفية، وقيل: على الحال، أي: مجتمعين. والفرق بين فعلنا جميعا وفعلنا معا؛ أنّ معا: تفيد الاجتماع حالة الفعل، وجميعا: بمعنى «كلنا» يجوز فيه الاجتماع والافتراق، وهو الأولى بالقبول مما ذكر في الشاهد. [شرح أبيات المغني/ 6/ 11]. 74 - إذا باهليّ تحته حنظليّة … له ولد منها فذاك المذرّع البيت للفرزدق. والباهلي: منسوب إلى باهلة. وهي وضيعة عند العرب، وكان هذا في الجاهلية، ولكن ظهر منها في الإسلام رجال، منهم قتيبة بن مسلم الباهلي، تولى الإمارة في زمن عبد الملك، وفتح الفتوحات العظيمة، ولم يكن يعاب إلا بأنه باهلي، وكان أصحابه يمازحونه بذلك ويحتمل، ومنها: الأصمعي صاحب الرواية في الشعر واللغة. وحنظلية: منسوبة إلى حنظلة، وهي أكرم قبيلة في تميم، ومنها الفرزدق. والمذرّع: الذي أمه أشرف من أبيه تشبيها بالبغل؛ لأنّ في ذراعيه رقمتين كرقمتي ذراع الحمار، نزع بها إلى الحمار في الشبه، وأمّ البغل أكرم من أبيه. والشاهد: أنّ التقدير: إذا كان باهليّ، وكان تامة، وقيل: حنظلية فاعل ب: استقرّ

75 - فوا عجبا حتى كليب تسبني … كأن أباها نهشل أو مجاشع

محذوفا. وباهلي: فاعل بمحذوف يفسّره العامل في حنظلية. [شرح أبيات المغني/ 2/ 216، والهمع 1/ 207، والأشموني/ 2/ 258]. 75 - فوا عجبا حتى كليب تسبّني … كأنّ أباها نهشل أو مجاشع البيت للفرزدق يهجو جريرا. والشاهد: أنّ «حتى» ابتدائية، وما بعدها يرفع على المبتدأ أو الخبر، وهي هنا للتحقير. والمعنى: كل الناس يسبنى حتى كليب على حقارتها، ونصب «عجبا»، وتقديره: يا هؤلاء اعجبوا عجبا، ويمكن أن يكون منادى منكورا فيه معنى التعجب، ويروى: يا عجبا بدون تنوين، منادى مضافا على لغة من يقول: يا غلاما أقبل. [سيبويه/ 1/ 413، وشرح المفصل/ 8/ 18، والهمع/ 2/ 24، وشرح أبيات المغني/ 3/ 120]. 76 - ولست أبالي بعد فقدي مالكا … أموتي ناء أم هو الآن واقع قاله: متمم بن نويرة يرثي أخاه مالكا. والشاهد: أنّ «أم» الواقعة بعد همزة التسوية، وقعت هنا بين جملتين اسميتين في تأويل مفردين. وقد تأتي بين جملتين فعليتين، وبين جملتين مختلفتين، والفعل «أبالي» يعمل بنفسه، ويعمل بالباء، فيقال: لا أباليه، ولا أبالي به. وعلى هذا فجملة الاستفهام تكون في موضع المفعول به الصريح، أو في موقع المفعول المقيد بحرف الجر. [شرح أبيات المغني/ 1/ 199، والهمع/ 2/ 132]. 77 - يقول الخنى وأبغض العجم ناطقا … إلى ربّنا صوت الحمار اليجدّع البيت قاله ذو الخرق الطّهويّ، واسمه قرط. والعجم: جمع أعجم وهو الحيوان، وقوله: اليجدع: أراد الذي يجدّع، فدخلت (أل) على الفعل المضارع، وفسروها بمعنى الذي. والحمار المجدّع: الذي قطعت أذناه، والذي يبدو أنه يكون أقبح صوتا فوق قبحه الأصلي. [الإنصاف/ 151، وشرح المفصل/ 3/ 144، وشرح أبيات المغني/ 1/ 292]. 78 - على عن يميني مرّت الطير سنّحا … وكيف سنوح واليمين قطيع مجهول القائل، والطير السانحة التي تمرّ على يمينك، وكانوا يتفاءلون بها، يقول الشاعر: أيّ يمن في مرورها بعد قطع اليمين، ولو مرّت قبل قطع يميني، لتيمنت بها.

79 - إذا أنت لم تنفع فضر فإنما … يرجى الفتى كيما يضر وينفع

والشاهد: أن «عن» اسم، لدخول «على» عليها. [شرح أبيات المغني/ 3/ 312]. 79 - إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما … يرجّى الفتى كيما يضرّ وينفع البيت للشاعر قيس بن الخطيم، والمعنى: إذا لم تنفع الصديق فضرّ العدو؛ لأن العاقل لا يأمر بالضرّ مطلقا. والشاهد: أن «كي» فيه جارة بمعنى اللام، و «ما» مصدرية، وقيل: كافة، والفعل منصوب ب «كي»، واللام التي تجر المصدر مقدرة. [الأشموني/ 2/ 204، وشرح أبيات المغني/ 4/ 152]. 80 - أردت لكيما أن تطير بقربتي … فتتركها شنّا ببيداء بلقع البيت غير منسوب. أن تطير: الطيران مستعار للذهاب السريع. والقربة: بكسر القاف، معروفة. وتترك: منصوب معطوف على أن تطير. وتتركها: بمعنى تخلّيها، تنصب مفعولا واحدا، أو بمعنى التصيير ويتعدى لمفعولين، ويحتمل هنا الوجهين. وشنا: على الأول: حال، وعلى الثاني: مفعول ثان، وشنا: من التشنن، بمعنى اليبس، في الجلد. والشنّ: القربة الخلق. والشاهد: أن «كي» محتملة لأن تكون جارة، بمعنى اللام، ويحتمل أن تكون ناصبة، واجتمعت مع «أن» على سبيل التوكيد، أو زائدة. [شرح أبيات المغني/ 154]. 81 - لعمري وما عمري عليّ بهيّن … لقد نطقت بطلا عليّ الأقارع للنابغة الذبياني، يعتذر إلى النعمان. لعمري: اللام للابتداء، والعمر: بالفتح: هو العمر بالضم، وخص المفتوح بالقسم، وهو مبتدأ خبره محذوف وجوبا. وبطلا: منصوب على المصدر، أي: نطقت نطقا باطلا. والشاهد: أن جملة «وما عمري عليّ بهين»، معترضة بين القسم وجوابه. والأقارع: بنو قريع، وبعد البيت: أقارع عوف لا أحاول غيرها … وجوه قرود تبتغي من يجادع والمجادعة: المشاتمة، وأن يقول كلا الطرفين: جدعا لك. وفي البيت شاهد على

82 - أتاني أبيت اللعن أنك لمتني … وتلك التي تستك منها المسامع مقالة أن قد قلت سوف أناله … وذلك من تلقاء مثلك رائع

نصب «وجوه» على الذم، ولو رفعه لجاز. [سيبويه/ 1/ 252، وشرح المغني/ 6/ 210]. 82 - أتاني أبيت اللّعن أنّك لمتني … وتلك التي تستكّ منها المسامع مقالة أن قد قلت سوف أناله … وذلك من تلقاء مثلك رائع للنابغة الذبياني يعتذر للنعمان بن المنذر. وأبيت اللعن: جملة دعائية، أي: أبيت أن تأتي من الأخلاق المذمومة ما تلعن عليه، وكانت هذه تحية لخم وجذام، وتحية ملوك غسان: (يا خير الفتيان). والمصدر أنك لمتني: فاعل أتاني. وتستكّ المسامع: تستدّ فلا تسمع. من تلقاء: أي من جهتك. ورائع: مفزع. والشاهد: «مقالة»، تروى بالرفع، والنصب، أمّا الرفع: فعلى البدل، وأمّا الفتح: فعلى البناء على الفتح لإضافته إلى المبني، وهو في محل رفع أيضا، وأنكر ابن هشام هذا التفسير، وقال: إنما هو منصوب على إسقاط الباء، أو بإضمار أعني. [شرح أبيات المغني/ 7/ 128]. 83 - فبتّ كأني ساورتني ضئيلة … من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع للنابغة من قصيدته التي يعتذر فيها إلى النعمان. والمساورة: المواثبة، والأفعى لا تلدغ إلا وثبا. والضئيلة: الدقيقة من الكبر. والرقش: جمع رقشاء، وهي المنقطة بسواد. والناقع: الخالص. والشاهد: أن قوله «ناقع»، خبر لقوله «السمّ»، و «في» متعلقة بناقع، أو خبر ثان للسمّ. [شرح أبيات المغني/ 7/ 198]. 84 - مضى زمن والناس يستشفعون بي … فهل لي إلى ليلى الغداة شفيع لقيس بن ذريح. والشاهد: أنّ جملة «والناس يستشفعون بي» حالية، وصاحب الحال نكرة، وهو «زمن». [شرح أبيات المغني/ 6/ 311، والهمع/ 1/ 240]. 85 - وإن يك جثماني بأرض سواكم … فإنّ فؤادي عندك الدهر أجمع لجميل بن معمر.

86 - ونبئت ليلى أرسلت بشفاعة … إلي فهلا نفس ليلى شفيعها

والشاهد: أن «أجمع» توكيد للضمير المستتر في الظرف، وهو عندك بكسر الكاف، فإنه خطاب لامرأة. وقال: سواكم؛ لأنك قد تخاطب المرأة بخطاب جماعة الذكور مبالغة في سترها، كقوله تعالى: فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا. [طه: 10]. [الهمع/ 1/ 99، والعيني/ 1/ 525، وشرح أبيات المغني/ 6/ 338]. 86 - ونبّئت ليلى أرسلت بشفاعة … إليّ فهلّا نفس ليلى شفيعها قاله الصمة بن عبد الله القشيري، شاعر إسلامي بدوي من شعراء الدولة الأموية. ونبئ: يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، الأول: نائب الفاعل، والثاني: ليلى، والثالث: جملة أرسلت. والشاهد: أن كان الشأنية بعد «هلّا» محذوفة، وقيل: «نفس» فاعل لفعل محذوف يفسره شفيعها، والتقدير: فهلّا شفعت نفس ليلى، ويكون شفيعها خبر مبتدأ محذوف، أي: هي شفيعها. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 2/ 119، والعيني/ 3/ 416، والهمع/ 2/ 67، والأشموني/ 2/ 259، والحماسة/ 1220]. 87 - أأكرم من ليلى عليّ فتبتغي … به الجاه أم كنت امرأ لا أطيعها للصمّة القشيري، بعد البيت السابق في الحماسة. والاستفهام: إنكار وتقريع، أنكر منها استعانتها عليه بغيرها، وقوله: فتبتغي: الفاء سببية، والفعل منصوب، وسكنه للضرورة، و «أم» متّصلة، يقول: أيّ هذين توهمت، وخبر «أكرم» محذوف، والتقدير: أأكرم من ليلى موجود. [شرح المغني/ 7/ 233، والحماسة/ 1220]. 88 - فلا تطمع أبيت اللعن فيها … ومنعكها بشيء مستطاع البيت في الحماسة لرجل من بني تميم، طلب منه أحد ملوك الحيرة فرسا. والشاهد: أنّ الباء «بشيء» قد زيدت في خبر المبتدأ الموجب، والأولى تعليقها ب (منعكها). [شرح أبيات المغني/ 2/ 388، والأشموني/ 1/ 118]. 89 - زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا … أبشر بطول سلامة يا مربع البيت لجرير. ومربع: هو راوية جرير.

90 - والنفس راغبة إذا رغبتها … وإذا ترد إلى قليل تقنع

والشاهد: أنّ «أن» فيه مخفّفة من الثقيلة. [شرح أبيات المغني/ 1/ 144]. 90 - والنفس راغبة إذا رغّبتها … وإذا تردّ إلى قليل تقنع لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدة رثى بها أولاده، وقد هلكوا بالطاعون في مصر. والشاهد: أن «إذا» الظرفية تدخل على الماضي والمضارع كما في البيت. [المفضليات/ 421، وشرح أبيات المغني/ 2/ 207، والهمع/ 1/ 206]. 91 - فغبرت بعدهم بعيش ناصب … وإخال إني لاحق مستتبع لأبي ذؤيب الهذلي في رثاء أولاده. والشاهد: أنّ «إخال» معلق عن العمل بلام مقدرة، والأصل: وإخال إني للاحق، وبقي كسر إنّ على حاله بعد حذفها، والمشهور فتح همزة (أنّ) على إعمال إخال، وسدّ المصدر المؤول مسدّ المفعولين. [شرح أبيات المغني/ 4/ 352، والهمع/ 1/ 153، والمفضليات 421]. 92 - بينا تعانقه لكماة وروغه … يوما أتيح له جريء سلفع من قصيدة أبي ذؤيب التي رثى بها أولاده. ويروى: «تعنّقه»، وهو آخر مراحل الحرب، وهو الأخذ بالعنق. والكماة بالنصب: مفعول تعنقه. وروغه: معطوف على تعنّقه. ويوما: بدل من «بينا». والسلفع: الجريء الواسع الصدر. والمعنى: أن البطل المغوار وقت معانقته للأبطال ومراوغته للشجعان، قدّر له رجل هكذا، ومراده أنّ الشجاع لا تعصمه جرأته من الموت، وأنّ كل مخلوق غايته الفناء. والشاهد: أنّ «بينا» أضيفت إلى المفرد في معنى الفعل، وهو المصدر، حملا على معنى «حين»، فإن وقع بعدها اسم جوهر، لم يجز إلا الرفع نحو: بينا زيد في الدار، أقبل عمرو؛ لأن «بينا» ظرف زمان لا تضاف إلى جثة، كما لا يكون خبرا عنها. [شرح المفصل/ 4/ 34، وشرح المغني/ 6/ 156، والمفضليات 428]. 93 - ولقد تركت صبيّة مرحومة … لم تدر ما جزع عليك فتجزع

94 - يا ليت شعري والمنى لا تنفع … هل أغدون يوما وأمري مجمع

أورده أبو تمام في الحماسة مع أبيات لمويلك المزموم، يرثي زوجته أمّ العلاء، وهو من شواهد المعاني، وأن معناه: لم تجزع لكونها لم تعرف الجزع لصغرها، وهذا تفسير من جعل «الفاء» سببية. وهناك تفسير آخر بجعل «الفاء» زائدة، ويكون المعنى: لم تدر ما جزع عليك جازعة، أي: تركت صبية جازعة، وإن لم تعرف الجزع. أو تكون الفاء للاستئناف، أي: فهي تجزع، أي: مع أنها لا تعرف الجزع، جازعة. وعلى هذا أثبت لها الجزع، وهو أقوى، وكأن المعنى: إن شعورها بالفقد جعلها تجزع، وإن كانت طفلة لا تعرف الجزع، فروح الأطفال تشعر بما حولها. [الخزانة/ 8/ 531]. 94 - يا ليت شعري والمنى لا تنفع … هل أغدون يوما وأمري مجمع رجز لا يعرف قائله. وهو شاهد على أن قوله: «والمنى لا تنفع» جملة معترضة بين ليت شعري، وبين هل أغدون. [شرح أبيات المغني/ 6/ 196]. 95 - إن كنت قاضي نحبي يوم بينكم … لو لم تمنّوا بوعد غير توديع مجهول. يريد: لو لم تنعموا يوم الفراق بوعد وصال مغاير للترك. والبيت شاهد على ترك اللام الفارقة مع الإهمال، التي تلزم جملة «إن» المخففة لعدم اللبس، إذ المعنى لو لم تمنوا بوعد صادق، متّ يوم فراقكم، فجواب «لو» محذوف يدل عليه ما قبله، وهو مثبت بدلالة المقام، ولو كان منفيا لاختل النظام وفسد الكلام. [شرح أبيات المغني/ 4/ 353]. 96 - فبينا نحن نرقبه أتانا … معلّق وفضة وزناد راع لم يعرف قائله. والوفضة: الكنانة، ويريد شيئا يصنع مثل الخريطة والجعبة تكون مع الفقراء والرعاة، يجعلون فيه أزوادهم. والزّناد: الخشبة التي يقدح بها النار. والشاهد في البيت: «بينا»، وتعيين ما بعدها كونه جملة اسمية أو فعلية، متوقف على «بينا»، فإن كان ألفها لكفّ الإضافة، فجملة البيت اسمية، وإن كانت ألف الإشباع، و «بين» مضافة إلى الجملة الاسمية بعدها، فتكون ظرفا ل «أتانا»، فتكون رتبتها التأخير، فالمصدر في الحقيقة عاملها، فيكون البيت جملة فعلية.

97 - قوم إذا سمعوا الصريخ رأيتهم … ما بين ملجم مهره أو سافع

وفي البيت شاهد آخر، وهو عمل اسم الفاعل عمل فعله، ونصب «زناد» حملا على موضع الوفضة؛ لأن المعنى: يعلق وفضة وزناد راع، أو ومعلقا وفضة ومعلقا زناد راع. [سيبويه/ 1/ 87، وشرح المفصل/ 4/ 97، وشرح المغني 6/ 172]. 97 - قوم إذا سمعوا الصّريخ رأيتهم … ما بين ملجم مهره أو سافع مجهول. والسافع: الممسك برأس فرسه ليركبه بسرعة من غير لجام. و (ما) زائدة. والشاهد: أن «أو» بمعنى الواو؛ لأن (بين) تقتضي الإضافة إلى متعدد، فلو بقيت «أو» على كونها لأحد الشيئين، لزم إضافة (بين) إلى شيء لا تعدد فيه. [شرح أبيات المغني/ 2/ 51، والأشموني/ 3/ 107، وقال هارون: إنه لحميد بن ثور، وهو في ديوانه، وفي السيرة النبوية المجلد الأول/ 311]. 98 - أتبيت ريّان الجفون من الكرى … وأبيت منك بليلة الملسوع للشريف الرضي. الهمزة؛ للاستفهام التوبيخي، و «أبيت» في الشطر الثاني: منصوب بأن مضمرة بعد واو المعية المسبوقة بالاستفهام. [الهمع/ 2/ 13، والأشموني/ 3/ 307، وشرح أبيات المغني/ 8/ 31]. 99 - قتلت بعبد الله خير لداته … ذؤابا فلم أفخر بذاك وأجزعا البيت لدريد بن الصمّة. وعبد الله: أخو دريد، وكان قتل في حرب. واللدة: الترب. وذؤابا: اسم رجل، قتله دريد للأخذ بثأر أخيه. يقول: لم أجمع بين الفخر والجزع، بل فخرت بإدراك ثأر أخي غير جازع من قوم قاتل أخي، لعزتي ومنعتي. والشاهد: نصب «أجزع» بإضمار «أن»، أي: لم يكن مني فخر وجزع، فالإضمار بعد واو المعية. ولكن أمر هذا البيت عجيب، فهو في الأغاني/ 9/ 6، هكذا: قتلنا بعبد الله خير لداته … وخير شباب الناس لو ضمّ أجمعا والبيت الثالث من الأصمعيّة رقم 29، يقول: (لدريد بن الصمة): قتلت بعبد الله خير لداته … ذؤاب بن أسماء بن زيد بن قارب

100 - فلو أن حق اليوم منكم إقامة … وإن كان سرح قد مضى فتسرعا

فالشطر الأول في البيت البائي القافية، هو الشطر الأول في البيت العيني القافية، و «ذؤابا» المقتول هناك، هو «ذؤاب بن أسماء» المقتول هنا، فأيّ البيتين قال دريد؟ الله أعلم بالحقيقة، فالقصة التي يخبرنا عنها دريد كانت في الجاهلية، وقال ما قال في الجاهلية، ولا نعلم من الذي سمع منه الشعر، ونقله إلى الرواة في العصر العباسي، فالإسناد معضل منقطع. [سيبويه/ 1/ 425]. 100 - فلو أنّ حقّ اليوم منكم إقامة … وإن كان سرح قد مضى فتسرّعا قاله الراعي النميري. وحقّ: حقق، أي: ليت إقامتكم حققت لنا، وإن كان سرحكم، أي: مالكم الراعي، قد مضى وأسرع بكم. ولو: هنا للتمني فلا جواب لها. والشاهد: حذف الضمير من (أنّ) ضرورة. ولذلك وليها الفعل لفظا لأن حرف التوكيد لا يليه إلّا الاسم ظاهرا أو مضمرا. [سيبويه/ 1/ 439، والإنصاف/ 180]. 101 - تمدّ عليهم من يمين وأشمل … بحور له من عهد عاد وتبّعا قاله زهير بن أبي سلمى. والأشمل: جمع شمال، كذراع، وأذرع. والشاهد: «من عهد عاد»، حيث منع «عاد» من الصرف؛ لأنه أراد القبيلة. [سيبويه/ 2/ 27، والانصاف/ 504]. 102 - وكائن رددنا عنكم من مدجّج … يجيء أمام الألف يردي مقنّعا قاله عمرو بن شأس. يردي: يمشي الرديان، وهو ضرب من المشي فيه تبختر. والمقنّع: المتغطّي بالسلاح، كالبيضة والمغفر مما يوضع على الرأس. والشاهد: استعمال «كائن» بمعنى «كم» مع الإتيان ب «من» الجارة بعدها. [سيبويه/ 1/ 297، والهمع/ 1/ 256، والدرر/ 1/ 213]. 103 - نبتّم نبات الخيزرانيّ في الثّرى … حديثا متى ما يأتك الخير ينفعا قاله النجاشي الشاعر، هجا قوما، فوصفهم بحدثان النعمة. الخيزراني: كل نبت ناعم. والخير: المال. والشاهد: «ينفعا»، بنون التوكيد الخفيفة التي انقلبت ألفا، وهو جواب الشرط، وليس

104 - فمهما تشأ منه فزارة تعطكم … ومهما تشأ منه فزراة تمنعا

من مواضع نون التوكيد؛ لأنه خبر يجوز فيه الصدق والكذب، ولكنه أكد تشبيها بالنهي حين كان مجزوما غير واجب، وهذا قليل في الشعر. [الخزانة/ 11/ 395، والأشموني/ 3/ 220، والهمع/ 2/ 78]. 104 - فمهما تشأ منه فزارة تعطكم … ومهما تشأ منه فزراة تمنعا قاله: عوف بن عطية بن الخرع. والشاهد: توكيد جواب الشرط «تمنعا» بنون التوكيد الخفيفة، وذلك قليل في الشعر. [سيبويه/ 2/ 152، والهمع/ 2/ 79، والدرر/ 2/ 100، والأشموني/ 2/ 220، وشرح التصريح/ 2/ 206]. 105 - أمرتكم أمري بمنقطع اللّوى … ولا أمر للمعصيّ إلا مضيّعا قاله الكحلبة الثعلبي. واللوى: مسترق الرمل حيث يلتوي وينقطع. والشاهد: نصب «مضيّعا» على الحال من «أمر»، وفيه ضعف أن يكون صاحب الحال نكرة، ويجوز أن ينصب على الاستثناء، وتقديره «إلا أمرا مضيّعا»، وفيه قبح وضع الصّفة موضع الموصوف. [سيبويه/ 1/ 372، والخزانة/ 3/ 385، والمفضليات/ 32]. 106 - فتى الناس لا يخفى عليهم مكانه … وضرغامة إن همّ بالحرب أوقعا من أبيات سيبويه التي لم ينسبها. والضرغامة: من أسماء الأسد، شبه به الممدوح في إقدامه وهو الشاهد: حيث حملت على الابتداء والتقدير، وهو ضرغامة. ويجوز نصبه على المدح. [سيبويه/ 1/ 251، واللسان «ضرغم»]. 107 - كم بجود مقرفّ نال العلى … وكريم بخله قد وضعه قاله أنس بن زنيم، أو عبد الله بن كريز. والمقرف: النذل اللئيم أبوه. يقول: قد يرفع اللئيم جوده، وينزل بالكريم بخله. والشاهد: جواز الأوجه الثلاثة في «مقرف»، فالرفع: على أن يكون مبتدأ مع خبرية «كم» لتكثير المراد، وخبر مقرف هو «نال العلى»، ويجوز النصب على التمييز؛ لقبح جرّه مع الفصل، ويجوز الجرّ على الفصل بين «كم» وما عملت فيه الجرّ في الضرورة. وعلى

108 - إذ ما تريني اليوم مزجى ظعينتي … أصعد سيرا في البلاد وأفرع فإني من قوم سواكم وإنما … رجالي فهم بالحجاز وأشجع

النصب والجرّ تكون «كم» في موضع الابتداء. [الهمع/ 1/ 255، وسيبويه/ 1/ 296، وشرح المفصل/ 4/ 132، والأشموني/ 4/ 82]. 108 - إذ ما تريني اليوم مزجى ظعينتي … أصعّد سيرا في البلاد وأفرع فإنّي من قوم سواكم وإنما … رجالي فهم بالحجاز وأشجع لعبد الله بن همّام السّلولي. والإزجاء: السّوق. والظعينة: المرأة ما دامت في الهودج. وصعّد في الوادي: انحدر فيه، بخلاف الصعود، فإنه الارتفاع. وأفرع إفراعا: صعد وارتفع. وفهم وأشجع: قبيلتان. والشاهد في البيت الأول: «إذ ما» إذ وقعت شرطا، قرن جوابها بالفاء في البيت الثاني. [سيبويه/ 1/ 432، وشرح المفصل/ 9/ 6، والخزانة/ 9/ 33]. 109 - إذا متّ كان الناس صنفان: شامت … وآخر مثن بالذي كنت أصنع قاله العجير السلولي. والشاهد: أنه أضمر في «كان»، ولولا ذلك، لقال: صنفين، كأنّه قال: إذا متّ كان الأمر والحديث، ثم قال: الناس صنفان. [سيبويه/ 1/ 36، والهمع/ 1/ 67، والأشموني/ 1/ 239]. 110 - وما ذاك أن كان ابن عمي ولا أخي … ولكن متى ما أملك الضّرّ أنفع قاله العجير السلولي، يفخر بأنه إذا قدر على الضرّ والبطش، تركهما إلى النفع والإحسان. وضمير كان (اسمها) راجع إلى مذكور في بيت سابق. وشاهده: رفع «أنفع» على نية التقديم، وكأنه قال: ولكن أنفع متى ما أملك الضرّ، وهو دليل جواب الشرط بمتى، وهو عند المبرد على ضرورة حذف الفاء من جملة الجواب، (فأنا أنفع). [سيبويه/ 1/ 442، والخزانة/ 9/ 70]. 111 - وقد مات شمّاخ ومات مزرّد … وأيّ كريم لا أباك يمتّع قاله مسكين الدارمي. ومزرّد: أخو الشماخ، وكان شاعرا أيضا، يذكر الذين ماتوا، مهوّنا من أمر الدنيا.

112 - ونابغة الجعدي بالرمل بيته … عليه تراب من صفيح موضع

والشاهد: حذف «لام» الإضافة في «لا أبالك» شذوذا، ويروى (لا أبالك يمنع)، ولا شاهد فيه. [سيبويه/ 1/ 346، وشرح المفصل/ 2/ 105، وشرح شذور الذهب/ 413]. 112 - ونابغة الجعديّ بالرمل بيته … عليه تراب من صفيح موضّع قاله مسكين الدارمي، يذكر موت النابغة الجعدي، ودفنه بالرمل، ووضع التراب والصفيح عليه. والصفيح: الحجارة العريضة. والشاهد: حذف «أل» من النابغة؛ لأنها كانت فيه للمح الأصل، وهو الوصف بالنبوغ، كما هي في الفضل والحارث والنعمان، فلما تنوسي الأصل نزل منزلة سائر الأعلام نحو: زيد وعمرو. [سيبويه/ 2/ 24، والخزانة/ 2/ 268]. 113 - أمنزلتي ميّ سلام عليكما … هل الأزمن اللائي مضين رواجع قاله ذو الرمة. والمنزلة هنا: المنزل، وهو موضع نزول القوم. والشاهد: «أزمن» حيث كسّر «فعل» على أفعل، ومثلها: جبل، وأجبل. [سيبويه/ 2/ 178، وشرح المفصل/ 5/ 17، وحاشية ياسين/ 2/ 301]. 114 - يا شاعرا لا شاعر اليوم مثله … جرير ولكن في كليب تواضع قاله الصّلتان العبدي، يفضل جريرا على الفرزدق في الشعر، ويفضل الفرزدق على جرير في الشرف. والشاهد: نصب «شاعرا» على الاختصاص والتعجب، والمنادى محذوف تقديره: يا هؤلاء، حسبكم به شاعرا، وإنما امتنع أن يكون منادى؛ لأنّه نكرة يدخل فيه كل شاعر بالحضرة، وهو إنما قصد شاعرا بعينه، وهو جرير، فلو كان منادى، لبني حينئذ على الضم، وقوله: جرير: خبر لمبتدأ، أي: هو جرير، الذي أتعجب منه، وقال الشنتمري: يجوز أن يكون منادى جرى على لفظ المنكور، وإن كان مخصوصا معروفا، لوصفه بالجملة التي بعده، والجملة لا يوصف بها إلا النكرة. [سيبويه/ 1/ 328، والمؤتلف/ 145، والخزانة/ 2/ 174]. 115 - ومنا الذي اختير الرجال سماحة … وجودا إذا هبّ الرياح الزعازع

116 - وأنت امرؤ منا خلقت لغيرنا … حياتك لا نفع وموتك فاجع

قاله الفرزدق، يفخر بأبيه غالب، وكان جوادا، وصفه بالجود عند شدة الزمان وهبوب الرياح الشديدة؛ وذلك زمن الشتاء ووقت الجدب. والشاهد: «اختير الرجال»، فناب ثاني مفعولي اختار، والأصل: اختير زيد الرجال، أو من الرجال. [الخزانة/ 9/ 123، وسيبويه/ 1/ 18، وشرح المفصل/ 5/ 123، والهمع 1/ 162]. 116 - وأنت امرؤ منّا خلقت لغيرنا … حياتك لا نفع وموتك فاجع لرجل من بني سلول. يقول: أنت منّا في النسب إلا أنّ نفعك لغيرنا، فحياتك لا تنفعنا؛ لعدم مشاركتك لنا، ولكن موتك يفجعنا؛ لأنك أحدنا. والشاهد: رفع ما بعد «لا» مع عدم تكرارها، وهو قبيح، وإنما سوّغه ما يقوم بعده مقام التكرير في المعنى؛ لأنه إذ قال: وموتك فاجع، دلّ على أنّ حياته لا تضرّ، وإنما تضرّ وفاته. [سيبويه/ 1/ 358، وشرح المفصل/ 2/ 112، والهمع/ 1/ 148، والأشموني/ 2/ 18، والخزانة/ 4/ 38، ونسبه إلى الضحاك بن هنّام]. 117 - بكت جزعا واسترجعت ثم آذنت … ركائبها أن لا إلينا رجوعها مجهول. والشاهد: وقوع المعرفة بعد «لا» المفردة، وإنما تقع المعارف بعد «لا»، إذا كرّرت، كقولك: «لا زيد في الدار ولا عمرو». [سيبويه/ 1/ 335، وشرح المفصل/ 2/ 112، والهمع/ 1/ 148، والأشموني/ 2/ 18]. 118 - ولقد علمت إذا الرجال تناهزوا … أيّي وأيّكم أعزّ وأمنع قاله خداش بن زهير. وتناهزوا: افترص بعضهم بعضا في الحرب، أي: انتهز كلّ منهم الفرصة من صاحبه فبادره. والشاهد: إفراد «أي»، لكل من الاسمين من باب التوكيد، والمستعمل إضافتها إليهما معا، فيقال: أيّنا. [سيبويه/ 1/ 399، وشرح المفصل/ 2/ 133]. 119 - إنّي رأيت من المكارم حسبكم … أن تلبسوا حرّ الثياب وتشبعوا قاله عبد الرحمن بن حسان. وقوله: من المكارم، أي: بدلا منها، أي: رأيت كافيكم

120 - تكنفني الوشاة فأزعجوني … فيا للناس للواشي المطاع

لبس حرّ الثياب والشبع. والحرّ من كل شيء: أعتقه وأفضله. والشاهد: وقوع «أن» وما بعدها موقع المصدر. [سيبويه/ 1/ 475، والهمع/ 2/ 3، والدرر/ 2/ 3]. 120 - تكنّفني الوشاة فأزعجوني … فيا للنّاس للواشي المطاع قاله قيس بن ذريح. والشاهد: فتح اللام الأولى «للناس»، وكسر الثانية «للواشي»، فرقا بين المستغاث به، والمستغاث من أجله. [سيبويه/ 1/ 319، وشرح المفصل/ 1/ 131]. 121 - أتجزع أن نفس أتاها حمامها … فهلّا التي عن بين جنبيك تدفع قاله: زيد بن رزين. والشاهد: «عن بين»، «عن» زائدة عوضا عن المحذوفة قبل «التي». [الهمع/ 2/ 22، والأشموني/ 2/ 16، وشرح التصريح/ 2/ 16]. 122 - تذكرت ليلى فاعترتني صبابة … وكاد ضمير القلب لا يتقطّع مجهول. والشاهد زيادة «لا». 123 - فأرحام شعر يتّصلن ببابه … وأرحام مال لا تني تتقطّع الشاهد «لا تني تتقطع»، استخدم (لا تني) - بمعنى ما تزال - ناقصة. 124 - فبكى بناتي شجوهنّ وزوجتي … والظاعنون إليّ ثمّ تصدّعوا قاله عبدة بن الطبيب. شجوهنّ: منصوب على أنه مفعول لأجله، أي: بكين لشجوهنّ. والشاهد: تذكير الفعل مع الفاعل الملحق بجمع المؤنث السالم، فبكى بناتي. وفيه شاهد على جواز أن يقال لامرأة الرجل «زوجة»، بالتاء وإن كان الفصيح الكثير بدون التاء؛ لقوله تعالى: اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ* [البقرة: 35، والأعراف: 19]. [المفضليات/ 148، والأشموني/ 2/ 5، وشرح التصريح/ 1/ 280].

125 - لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم … ليعلم ربي أن بيتي واسع

125 - لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم … ليعلم ربي أنّ بيتي واسع الشاهد: «ليعلم»، حيث امتنع توكيد الفعل بالنون، مع وقوعه في جواب القسم؛ لأنه يدل على الحال؛ لأن علم الله واقع في الحال. [شرح التصريح/ 2/ 254، والأشموني/ 3/ 215، وج 4/ 30]. 126 - أقصر فلست بمقصر جزت المدى … وبلغت حيث النجم تحتك فاربعا اربع: قف، يقال: ربع الرجل، أي: توقف وانتظر. واربع على نفسك: أي: توقف، والألف في «اربعا»، هي نون التوكيد الخفيفة، قلبت ألفا عند الوقف. 127 - نحن بنو أمّ البنين الأربعه … ونحن خير عامر بن صعصعه رجز للشاعر لبيد. وأم البنين: زوج مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وأبناؤها خمسة، وهم: عامر، وطفيل، وعبيدة، ومعاوية، وربيعة، وجعلهم أربعة؛ للقافية والشاهد: رفع «بنو»؛ لأن الأربعة ليس فيها معنى فخر، ولا تعظيم، فيكون ما قبلها ليس منصوبا على الاختصاص والفخر، وإنما هو مخبر بنسبهم وعددهم، لا مفتخر. [سيبويه/ 1/ 327، والخزانة/ 9/ 454]. 128 - قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي … عليّ ذنبا كلّه لم أصنع مطلع أرجوزة لأبي النجم العجلي. وأمّ الخيار: زوجته. ويعني بالذنب: الصّلع، والشيخوخة، وذكره ابن هشام على أن «كلّ»، إذا تقدمت على النفي، اقتضى أن يكون لعموم السلب على كل فرد. وكلّه: بالرفع، والنصب، والمعنى واحد. والأصل: كله لم أصنعه. [الخزانة 1/ 359، وسيبويه/ 1/ 44، والخصائص/ 2/ 61، والهمع/ 1/ 97]. 129 - فقلت لها والله يدري مسافر … إذا غيّبته الأرض ما الله صانع البيت للشاعر الكميت بن معروف، وقد أنشده الكوفيون شاهدا على حذف «ما» بعد القسم، والتقدير: والله ما يدري، وحذف النفي بعد القسم كثير في كلام العرب، وفي الكتاب العزيز: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ [يوسف: 85] أي: لا تفتأ، ولكن هذا الشاهد لا يؤيد الكوفيين؛ لأن المحذوف نفي، ولا يشترط أن يكون المحذوف «ما»، فقد نقدّر «لا»، ويصح الكلام. والبيت رواه ابن سلام في طبقات الشعراء، وليس فيه حذف،

130 - رعاك ضمان الله يا أم مالك … والله أن يشفيك أغنى وأوسع يذكرنيك الخير والشر والذي … أخاف وأرجو والذي أتوقع

وهو كالتالي: فقلت لها: والله ما من مسافر … يحيط له علم بما الله صانع [الخزانة/ 7/ 524، والمؤتلف/ 257، والهمع/ 1/ 124، والدرر/ 1/ 96، وينسب أيضا لقيس بن الحدادية]. 130 - رعاك ضمان الله يا أمّ مالك … والله أن يشفيك أغنى وأوسع يذكّرنيك الخير والشرّ والذي … أخاف وأرجو والذي أتوقّع البيتان في حماسة أبي تمام بشرح المرزوقي. وقال المحققان - رحمهما الله تعالى - هو أعرابي من هذيل. وقوله: ضمان الله، أشار إلى ما في القرآن من قوله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر: 6]. فقال: أنا أدعو بأن يشفيك الله يا أم مالك، وقد ضمن الله الإجابة للداعي، فرعاك ضمانه. ثم قال: «والله أن يشفيك»، فحذف حرف الجرّ من (أن) والجار يحذف مع «أن» كثيرا. وقوله: يذكرنيك ... الخ، يريد أنه لا ينساها في شيء من الأحوال والأوقات. قال المرزوقي: وإذا تأملت حوادث الدهر، وجدتها لا تنقسم إلا إلى قسمته؛ لأنها لا تخلو من أن تكون محبوبة، أو مكروهة، أو واقعة، أو منتظرة، أو مخوفة، أو مرجوة. [المرزوقي ج 3/ 1316]. 131 - فحملتها وحفرت عندك قبرها … جزعا وكنت إخالني لا أجزع البيت لمويلك المرزوم، وهو في [الهمع ج 1/ 156، والدرر ج 1/ 137]، وذكره السيوطي شاهدا؛ لإعمال أخال من «خال» الفعل القلبي في ضميرين متصلين لمسمى واحد فاعلا، والآخر مفعولا، ففاعل «إخالني»، ومفعوله لمسمى واحد، وهو صاحب الشعر. 132 - ترى الثور فيها مدخل الظلّ رأسه … وسائره باد إلى الشمس أكتع البيت في الهمع ج 2/ 123، وذكره السيوطي شاهدا؛ للتوكيد بلفظ «أكتع» وحده، دون أن يسبقه «أجمع». والبيت من شواهد سيبويه/ 1/ 92. والشاهد فيه: إضافة «مدخل» إلى «الظل»، ونصب «الرأس» به على الاتساع. وكان الوجه أن يقول: مدخل رأسه الظل؛ لأن الرأس هو الداخل في الظلّ، والظل هو المدخل فيه، ولذلك سماه سيبويه: الناصب في

133 - كلفوني الذي أطيق فإنني … لست رهنا بفوق ما أستطيع

تفسير البيت فقال: الوجه أن يكون الناصب مبدوءا به، والشاعر وصف هاجرة قد ألجأت الثيران إلى كنسها، فترى الثور مدخلا لرأسه في ظل كناسه؛ لما يجد من شدة الحرّ، وسائره باد للشمس. 133 - كلّفوني الذي أطيق فإنني … لست رهنا بفوق ما أستطيع يقول: كلّفوني ما أطيق، فإني لست رهنا بما فوق طاقتي. والشاهد: «بفوق»، حيث جرّت «فوق» بالباء. [الهمع/ 1/ 210]. 134 - تباركت إني من عذابك خائف … وإنّي إليك نائب النفس باخع لعبد الله بن رواحة. قال الشيخ خالد الأزهري: إذا قصد باسم الفاعل معنى الثبوت، عومل معاملة الصفة المشبهة في رفع السببي، ونصبه على التشبيه بالمفعول به إن كان معرفة، وعلى التمييز إن كان نكرة، وجره بالإضافة، وهو في ذلك ثلاثة أنواع، أحدها: ما يجوز ذلك فيه باتفاق، وهو ما أخذ من فعل قاصر، وأنشد البيت شاهدا على الفعل اللازم المأخوذ منه اسم الفاعل. [شرح التصريح/ 2/ 71]. 135 - وما الناس إلا كالديار وأهلها … بها يوم حلّوها وغدوا بلاقع قاله لبيد. ومعناه أن الناس في اختلاف أحوالهم من خير وشرّ، واجتماع وتفرق، كالدّيار، مرّة يعمرها أهلها، ومرة تقفر منهم. والبلاقع: الخالية المتغيرة، واحدها بلقع. والشاهد: «غدوا» بفتح الغين وسكون الدال، على أنّ «غدا» أصله «غدو» بإسكان الثاني، فإذا نسب إليه، ورد المحذوف منه، قيل: غدويّ، فلم تسلب الدال حركتها؛ لأنها جرت على التحرك بعد الحذف، فجرت على ذلك في النسب، والردّ إلى الأصل. [شرح المفصل ج 6/ 4، وكتاب سيبويه ج 2/ 80، والشعر والشعراء]. 136 - وعليهما مسرودتان قضاهما … داود أو صنع السوابغ تبّع البيت لأبي ذؤيب الهذلي. والمسرودتان: مثنى «المسرودة»، والدرع المسرودة: المنسوجة بحيث يدخل بعض الحلق في بعض. وقضاهما: صنعهما. والصنع: بفتحتين، الذي يحسن العمل بيديه. والسوابغ: جمع سابغة، وهي الدرع الواسعة الوافية. وتبّع: لقب لكل من ملك اليمن.

137 - أتجزع إن نفس أتاها حمامها … فهلا التي عن بين جنبيك دافع

والشاهد: «مسرودتان»، والمراد: درعان مسرودتان، وكذلك السوابغ، المراد: الدروع السوابغ. قال الزمخشري: يصح حذف الموصوف إذا ظهر أمره، وقويت الدلالة عليه، إما بحال أو لفظ، و «المسرودتان»، و «السوابغ»، شهر أنها صفات للدروع. [شرح المفصل ج 3/ 58]. 137 - أتجزع إن نفس أتاها حمامها … فهلّا التي عن بين جنبيك دافع منسوب إلى الملوّح الحارثي، زيد بن رزين بن الملوح، من بني مرّ، شاعر فارسي، يعزي ابن عمّ له في ولده. قال ابن جني: أراد فهلّا عن التي بين جنبيك تدفع، فحذف عن، وزادها بعد التي عوضا. والحقّ أنه تأخير حرف الجرّ، وليس حذفا. وقوله: إن نفس: نفس: فاعل لفعل محذوف، تقديره: إن هلكت نفس. ويروى (إن نفسا) بالنصب. فيكون منصوبا بفعل يفسره ما بعده. ويروى: (أن نفس)، فتكون «أن» مصدرية، ويروى: «أتدفع عن نفس». ويروى الشطر الثاني: (فهل أنت عما بين جنبيك)، فلا شاهد فيه. [الجنى الداني 348، والهمع ج 2/ 22، والمغني وشرح أبياته الشاهد 237]. 138 - أتجزع ... تدفع رواية أخرى للبيت السابق بقافية (تدفع). 139 - فالعين بعدهم كأنّ حداقها … سملت بشوك فهي عور تدمع لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدته الرائعة التي مطلعها: أمن المنون وريبها تتوجّع … والدهر ليس بمعتب من يجزع رثى بها أولاده الخمسة، الذين هلكوا في عام واحد بالطاعون في مصر. وقوله: فالعين: ذكر عينا، وأراد العينين، ومتى اجتمع شيئان في أمر لا يفترقان، اجتزئ بذكر أحدهما عن الآخر. وقوله: كأنّ حداقها: جمع حدقة، وإنما جمع؛ لأنه لما كان المراد بالعين العينين، ولكل واحدة حدقة حصل اثنتان، فأجري على عادتهم في استعارة الجمع له. وسملت: فقئت. وعور: مردود على الحداق، أي كأنها مسمولة، فهي عور دامعة، ومعنى «عور»: فاسدة. [شرح أبيات المغني ج 2/ 208، والمفضليات، والحماسة]. 140 - رأيتك يا ابن الحارثيّة كالتي … صناعتها أبقت ولا الوهي ترقع

141 - فتخالسا نفسيهما بنوافذ … كنوافذ العبط التي لا ترقع

البيت غير منسوب، وهو شاهد على حذف «لا» النافية، في ضرورة الشعر، في قوله: «صناعتها أبقت»، والتقدير: «لا صناعتها أبقت»، وهي ضرورة قبيحة، فما كان أغنى الشاعر عنها، لو كان شاعرا. [الهمع ج 2/ 156، وشرح أبيات المغني ج 7/ 338]. 141 - فتخالسا نفسيهما بنوافذ … كنوافذ العبط التي لا ترقع هو البيت الرابع والستون من قصيدة أبي ذؤيب العينية، وهي المفضلية رقم 126. وتخالسا: جعل كلّ واحد منهما يختلس نفس صاحبه بالطعن، من الخلسة، وهي النهزة والفرصة، وتخالس القرنان، وتخالسا نفسيهما، رام كلّ واحد منهما اختلاس صاحبه. والنوافذ: جمع نافذة، وهي الطعنة تنفذ حتى يكون لها رأسان. وعبط: جمع عبيط، وأصل العبط؛ شقّ الجلد الصحيح، ونحر البعير من غير علة، والبيت من شواهد السيوطي في الهمع ج 1/ 51. 142 - أودى بنيّ وأعقبوني حسرة … عند الرّقاد وعبرة لا تقلع هو البيت الخامس من عينية أبي ذؤيب. أودى: هلك. وأعقبوني: أورثوني. وعبرة: بفتح العين: الدمعة. والشاهد في «بنيّ»، حيث قلب فيه واو الجمع ياء، ثم أدغمت الياء في الياء؛ إذ أصله «بنوي» بإسقاط النون للإضافة. [المفضليات رقم 125، والأشموني ج 2/ 281]. 143 - إنّي مقسّم ما ملكت فجاعل … جزءا لآخرتي ودنيا تنفع قاله المثلم بن رياح المرّي. وقوله: فجاعل: «الفاء» لعطف المفصل على المجمل، و «جاعل» مبتدأ، وخبره محذوف، أي: فمنه جاعل. والشاهد في «دنيا»، حيث نونه، وهو عطف على «جزءا». [الأشموني ج 3/ 274، وبحاشيته شرح العيني]. 144 - طوى النّحز والأجراز ما في غروضها … ما بقيت إلا الضلوع الجراشع البيت لذي الرّمة غيلان، من قصيدة يصف فيها ناقته. وطوى: من الطي، وأراد به التهزيل. والنحز: النخس والدفع. والأجراز: جمع جرز، وجرز، وهي الأرض التي لا تنبت، أو التي أكل نباتها، أو التي لم يصبها مطر. والغروض: جمع غرض، وهو حزام الرحل، والجراشع: كقنافذ، جمع جرشع، كقنفذ، وهي الضلوع المنتفخة الغليظة.

145 - طافت بأعلاقه خود يمانية … تدعو العرانين من بكر وما جمعوا

والشاهد: «بقيت»، حيث أنث الفعل مع الفصل ب «إلّا»، مع أن المختار حذف التاء؛ لوجود الفصل ب «إلّا»، قال ابن مالك: «والحذف مع فصل بإلا فضلا». والفاعل الذي أنث له الفعل، جمع التكسير (الضلوع). 145 - طافت بأعلاقه خود يمانية … تدعو العرانين من بكر وما جمعوا البيت للشاعر تميم بن مقبل. والأعلاق: جمع علق، وهو الثوب النفيس، يريد الثياب الملقاة على الهودج. والخود بالفتح: الحسنة الخلق الناعمة. والعرانين: الأنوف، أراد بها الأشراف، أي: تنتهي إلى أشراف قومه. والشاهد: «جمعوا»، رواه سيبويه «جمع»، بحذف واو الجماعة من جمعوا، كما تحذف الواو الزائدة، إذا لم يريدوا الترنم. [سيبويه/ 4/ 212، هارون]. 146 - لئن نزحت دار لليلى لربّما … غنينا بخير والديار جميع البيت للمجنون، وهو شاهد على دخول اللام على «ربما» في جواب القسم، قال السيوطي: وشذّ دخول اللام مع ربما في الماضي. ولم يصفه ابن مالك بالشذوذ. [الهمع ج 2/ 42، والخزانة ج 10/ 76]. 147 - لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت … سور المدينة والجبال الخشّع البيت لجرير، من قصيدة عدّتها مائة وعشرون بيتا، هجا بها الفرزدق، وعدّ فيها معايبه. منها أن ابن جرموز المجاشعي، وهو من رهط الفرزدق، قتل الزبير بن العوام غيلة بعد انصرافه عن وقعة الجمل. وقوله: تواضعت: وقعت إلى الأرض. والخشّع: التي لطئت بالأرض، ولم يرد أنها كانت خشعا قبل، بل هي خشّع؛ لموته الآن. والشاهد: «تواضعت سور المدينة»، فأنث الفعل «تواضعت»، وفاعله «سور» مذكر، فاكتسب «سور» التأنيث؛ لإضافته إلى المدينة؛ ولهذا أنث الفعل. والبيت من شواهد سيبويه. قال الأعلم في شرح شواهد سيبويه: إنّ (السّور)، وإن كان بعض المدينة، لا يسمى مدينة، كما يسمى بعض السنين سنة، ولكن الاتساع فيه ممكن. لأن معنى تواضعت المدينة، وتواضع سور المدينة متقارب. وهذا التخريج على زعم أنّ (السور)، هو الحائط الذي يبنى حول المدينة. فإن أرادوا به

148 - توهمت آيات لها فعرفتها … لستة أعوام وذا العام سابع

سور المدينة النبوية، فقد وهموا وهما فاضحا؛ لأنه يدل على جهلهم بالتاريخ، فقد كانت معركة الجمل، ومقتل الزبير سنة 36 هـ، ولم يكن يومها للمدينة النبويّة سور يحيط بها، كما كان للمدن القديمة، مثل دمشق، والقدس، وتوفي جرير ولم يبن للمدينة النبوية سور، ولعلّ أول سور بني حول المدينة كان في القرن الثالث الهجري، والصحيح ما ذكره أبو عبيدة معمر بن المثنى، أن (السّور) في بيت جرير: جمع «سورة»، وهي كل ما علا، وهي كل منزلة من البناء، فكأن مراد جرير، أن بيوت المدينة وقعت على الأرض عند ما وصل خبر مقتل الزبير، ولا عجب إذا وقعت بيوت المدينة، فإنه أمر تخشع له الجبال الشامخة. [كتاب سيبويه ج 1/ 25، واللسان «سور» والخزانة ج 4/ 218، وديوان جرير/ 913]. من قصيدة مطلعها: بان الخليط برامتين فودّعوا … أو كلّما رفعوا لبين تجزع 148 - توهّمت آيات لها فعرفتها … لستة أعوام وذا العام سابع البيت للنابغة الذبياني. والآيات: علامات دالة على الديار. وقوله: لستة: «اللام» بمعنى بعد، أي: بعد ستة أعوام. وتوهمت: تفرست. وهذا البيت من شواهد سيبويه، أنشده على أن العام صفة «ذا»، وسابع خبر اسم الإشارة. [كتاب سيبويه ج 1/ 260، والخزانة ج 2/ 453]. 149 - وما المرء إلا كالشّهاب وضوئه … يحور رمادا بعد إذ هو ساطع قاله لبيد بن ربيعة. وقوله: يحور، بمعنى يصير، وماضيه حار، بمعنى صار؛ ولذلك عمل عمل الفعل صار الناقص. [الأشموني ج 1/ 229]. 150 - منّا الأناة وبعض القوم يحسبنا … أنّا بطاء وفي إبطائنا سرع البيت لوضّاح اليمن، واسمه عبد الرحمن بن إسماعيل، من شعراء الدولة الأموية، هذا وقصته التي ترويها كتب الأدب مع أم البنين زوج الوليد بن عبد الملك، قصة كاذبة، ولا تصحّ روايتها، وصنعها الرواة؛ للتشنيع على الوليد. والأناة: الرفق والسّرع، بفتح السين والراء، السرعة، وقد تكسر السين. يقول نستأني في الأمور فعل الحازم ذي الرأي السديد، وكثير من الناس يظن بنا تباطؤا في المهمات، والذي يعدونه بطئا، هو سرعة؛ لأننا نترك كل ما نتولاه مفروغا منه محكما، فلا يحتاج إلى إعادة نظر. والبيت في

151 - فإنك والتأبين عروة بعد ما … دعاك وأيدينا إليه شوارع

حماسة أبي تمام، بشرح المرزوقي ص 646، رابع أربعة أبيات، منها قوله: لا يحمل العبد فينا فوق طاقته … ونحن نحمل ما لا تحمل القلع والقلع: الهضاب العظام مفردها قلعة، بفتحات ثلاث، أو بسكون اللام، وبها سمي الحصن المبني على الجبل. والبيت يدل على رفق العرب بعبيدهم وخدمهم، ونأخذ منه أحد أسباب قلة البنايات الضخمة التي تبقى على الدهر عند العرب، مع وجودها عند الأمم الأخرى، ذلك أن أمم العجم، كانت تستذل العبيد، وتسخرها في الأعمال الشاقة، أما العرب، فهم يرحمون عبيدهم وخدمهم، والله أعلم. 151 - فإنّك والتّأبين عروة بعد ما … دعاك وأيدينا إليه شوارع البيت غير منسوب، ونقله الأشموني شاهدا لعمل المصدر المعرف ب «أل»، فالتأبين: نصب «عروة»، ولم يتفق العيني والصبان على لفظ التأبين ومعناه، فالتأبين بهذه الصورة؛ مدح الرجل بعد موته. وشرحه العيني من أبنت الرجل (رقبته، أو راقبته، أو رقيته)، وليس بصحيح، وإنما الفعل «أبن»، بمعنى عاب، ولكن مصدره «الأبن»، ولعله «التأنيب»، فإنّ فعله «أنّب». ولا نعرف من عروة، فالبيت مفرد. وخبر «إنّ» في أول البيت، في بيت لاحق. [الأشموني، والصبّان، والعيني ج 2/ 284]. 152 - لا يبعد الله إخوانا تركتهم … لم أدر بعد غداة الأمس ما صنع البيت لابن مقبل. ولا يبعد: لفظه الإخبار، ومعناه الدعاء. قال الزمخشري: وكل واو وياء لا تحذف، تحذف في الفواصل والقوافي، كقوله تعالى: الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ [الرعد: 9]، يَوْمَ التَّنادِ [غافر: 32]. وأنشد سيبويه (البيت). وقوله: «ما صنع» أي: ما صنعوا، فحذف واو الجماعة، واكتفى بالضمة، ولكن رواية سيبويه بسكون آخره. [سيبويه/ 4/ 211، هارون، وشرح المفصل ج 9/ 78]. 153 - يا ليت من يمنع المعروف يمنعه … حتى يذوق رجال مرّ ما صنعوا وليت رزق رجال مثل نائلهم … قوت كقوت ووسع كالذي وسعوا لأبي دهبل الجمحي. وفي البيت الثاني شاهد على أن «الذي» مصدريّة. [شرح التصريح/ 1/ 130].

154 - كأن مجر الرامسات ذيولها … عليه قضيم نمقته الصوانع

154 - كأنّ مجرّ الرامسات ذيولها … عليه قضيم نمّقته الصّوانع البيت للنابغة الذبياني. والرامسات: الرياح الشديدة، من الرمس، وهو الدفن. وذيولها: مآخيرها؛ ذلك أن أوائلها تجيء بشدة ثم تسكن. والقضيم: حصير منسوج. والصوانع: جمع صانعة، وهي المرأة التي تصنع. وفسر بعضهم القضيم؛ بأنه جلد يكتب عليه. وعلى هذا يكون في التفسير الأول، شبه آثار الرياح في هذا الرسم بالحصير، وفي الثاني شبهه بالكتابة. والشاهد: «مجرّ»: فهو مصدر ميمي أضيف إلى فاعله، ونصب المفعول به «ذيول»، وهو بتقدير مضاف، أي: أثر مجرّ؛ ليحسن الإخبار عنه ب «قضيم» ويروى بجرّ «ذيولها» على أنه بدل من الرامسات، وعلى هذا يصح كون «مجرّ» اسم مكان، ولا حذف في الكلام. [شرح المفصل ج 6/ 110، والخزانة ج 2/ 453]. 155 - كأن مجرّ ... … ... نمقتّه الأصابع رواية أخرى في البيت السابق، بقافية الأصابع، ولكن «الأصابع» قافية بيت آخر في هذه القصيدة، وهو: وقد حال همّ دون ذلك داخل … دخول الشغاف تبتغيه الأصابع أي: إن الهمّ نزل في القلب، تبحث عنه أصابع المتطببين. [الخزانة/ 2/ 456]. 156 - عليها من قوادم مضرحيّ … فتيّ السنّ محتلك ضليع البيت لعنترة. والمضرحي: الصقر، أو النسر، والسيد الكريم. والضليع: من الضلاعة، وهي القوة وشدة الأضلاع، ضلع الرجل فهو ضليع، وفرس ضليع: تام الخلق، والضليع: الطويل الأضلاع، الواسع الجنبين، العظيم الصدر. 157 - ولم أر مثل الخير يتركه الفتى … ولا الشرّ يأتيه امرؤ وهو طائع البيت لا يعرف قائله. و «أر» ينصب مفعولين، الأول: «مثل»، والثاني جملة يتركه. والشاهد: «ولا الشر» بالجرّ، والتقدير: ولا مثل الشرّ، فبقي الجرّ على المضاف إليه بعد حذف المضاف؛ لأنه عطف على مماثل، قال ابن مالك:

158 - خليل أملك مني للذي كسبت … يدي ومالي فيما يقتني طمع

وربّما جرّوا الذي أبقوا كما … قد كان قبل حذف ما تقدّما لكن بشرط أن يكون ما حذف … مماثلا لما عليه قد عطف [الأشموني ج 2/ 273، والهمع ج 2/ 52]. 158 - خليل أملك مني للذي كسبت … يدي ومالي فيما يقتني طمع البيت بلا نسبة في الأشموني ج 2/ 282، وهو شاهد لحذف ياء المتكلم، وإبقاء الكسرة دليلا عليها من (خليل)، وأصلها (خليلي). وقوله: أملك: اسم تفضيل. يقول: إن خليلي يملك من مالي أكثر مما أملك، وليس لي فيما عنده طمع. 159 - وأنت امرؤ منّا خلقت لغيرنا … حياتك لا نفع وموتك فاجع البيت للضحاك بن هنّام، بالنون المشدّدة، يقوله للحضين بن المنذر الرقاشي، والحضين، بالضاد المعجمة. يقول له: أنت منا في النسب، إلا أنّ نفعك لغيرنا، فحياتك لا تنفعنا؛ لعدم مشاركتك لنا، وموتك يفجعنا؛ لأنك أحدنا. والشاهد: «لا نفع»، على أنه يجوز عدم تكرير «لا» مع المنكّر غير المفصول مع إلغائها. وقوله: لا نفع: مبتدأ وخبره محذوف، أي: فيها، والجملة خبر قوله: حياتك. وقال الصبان: لا: نافية، ويحتمل أنها عاملة عمل ليس، والخبر محذوف، أي: لا نفع فيها، فلا شاهد فيه. [الأشموني والصبان ج 2/ 18، وشرح المفصل ج 2/ 112، والخزانة ج 4/ 36، والهمع ج 1/ 148]. 160 - بكلّ داهية ألقى العداء وقد … يظنّ أنّي في مكري بهم فزع كلّا ولكنّ ما أبديه من فرق … فكي يغرّوا فيغريهم بي الطّمع البيتان بلا نسبة في الأشموني ج 1/ 225. قال الأشموني: وإذا دخل شيء من نواسخ الابتداء على المبتدأ الذي اقترن خبره بالفاء، أزال الفاء إن لم يكن «إنّ، وأنّ، ولكنّ» بإجماع المحققين، وذكر البيتين شاهدا؛ لثبوت الفاء في خبر لكنّ، وهو «فكي يغرّوا». 161 - بينا كذلك والأعداد وجهتها … إذ راعها لحفيف خلفها فزع البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 205، ذكره السيوطي شاهدا على مجيء «إذ» للمفاجأة بعد «بينا، وبينما، وبين». والأعداد: جمع «عدّ»، وهو الماء الدائم، مثل ماء العين

162 - لو ساوفتنا بسوف من تحيتها … سوف العيوف لراح الركب قد قنعوا

والحفيف: الصوت. وترتيب الشطر الثاني: إذ راعها فزع لحفيف خلفها. 162 - لو ساوفتنا بسوف من تحيّتها … سوف العيوف لراح الرّكب قد قنعوا البيت لتميم بن مقبل. قال ابن جني: سوف حرف، واشتقوا منه فعلا، فقالوا: سوّفت الرجل تسويفا. وقال ابن منظور: انتصب سوف العيوف على المصدر المحذوف الزيادة، وساوفتنا: وعدتنا بقولها: سوف، أي: لو وعدتنا بتحية فيما يستقبل - وإن لم تف - لقنعنا. والعيوف: الكاره للشيء. ورواه سيبويه بسكون القافية (قنع)، على أن واو الجماعة محذوفة. [سيبويه/ 4/ 212، والخصائص/ 2/ 34، واللسان «سوف»]. 163 - ليس ينفكّ ذا غنى واعتزاز … كلّ ذي عفّة مقلّ قنوع الشاهد فيه أنّ «ينفكّ» فعل ناسخ؛ لسبقه بالنفي. [شرح التصريح/ 1/ 185] وسيأتي بقافية مجرورة. 164 - أرى ابن نزار قد جفاني وملّني … على هنوات شأنها متتابع البيت غير منسوب. والشاهد: «هنوات»، جمع هن، وهو شاهد على حذف لام الأسماء الستة في التثنية والجمع، وأن أصلها «هنو». قال أبو أحمد: قال ابن منظور: والهناة: الداهية والجمع هنوات. وأنشد شطر البيت. ويقال: في فلان هنوات، أي: خصلات شرّ، ولا يقال ذلك في الخير. ويظهر أن «هنوات» في البيت، قريبة من هذا المعنى. أما «الهن» في الأسماء الخمسة، فيظهر أنه مما يستقبح ذكره، وفي الحديث: «من تعزّ بعزاء الجاهلية، فأعضّوه بهن أبيه، ولا تكنوا»، أي: قولوا له عضّ بأير أبيك. [شرح المفصل ج 1/ 53، وكتاب سيبويه ج 2/ 81، واللسان «هنا»]. 165 - راحت بمسلمة البغال عشيّة … فارعي فزارة لا هناك المرتع البيت للفرزدق، من قصيدة يقولها حين عزل مسلمة بن عبد الملك عن العراق، ووليها عمر بن هبيرة الفزاري. فهجاهم الفرزدق، ودعا على قومه بأن لا تهناهم النعمة بولايته، وأراد بغال البريد التي قدمت بمسلمة عند عزله.

166 - ألا يا لقومي كلما حم واقع … وللطير مجرى والجنوب مصارع

والشاهد: «هناك»، حيث أبدل الألف من الهمزة ضرورة. [كتاب سيبويه ج 2/ 170، وشرح المفصل ج 9/ 113]. 166 - ألا يا لقومي كلّما حمّ واقع … وللطير مجرى والجنوب مصارع البيت للبعيث خداش بن بشر العاملي، أو قيس بن ذريح، وهو في [الهمع ج 2/ 139، والعيني ج 3/ 352]. والشاهد: حذف الجار من قوله: «والجنوب»، والجنوب: جمع جنب. وحمّ: قدّر. 167 - وإذا الأمور تعاظمت وتشابهت … فهناك يعترفون أين المفزع البيت للأفوه الأودي في ديوانه، وهو شاهد لاستعمال «هناك» للإشارة إلى الزمان. [الهمع ج 1/ 78، والعيني ج 1/ 421]. 168 - أطوّف ما أطوّف ثمّ آوي … إلى أمّا ويرويني النقيع البيت للشاعر نقيع بن جرموز العبشمي. ونقيع، بالقاف، ذكره الآمدي في المؤتلف والمختلف، وهو شاعر جاهلي، قال: وأراه سمي النقيع بهذا البيت، والنقيع في نواحي المدينة: واد حماه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لخيل المسلمين التي يجاهد عليها في سبيل الله، وهو من روافد وادي عقيق المدينة. وقوله: وأراه سمي النقيع بهذا البيت، فيه نظر، فهو يقول: إن الشاعر من عبشمس ابن ربيعة بن زيد مناة بن تميم، وهؤلاء لم يكونوا من سكان النقيع المجاور للمدينة، ولو لم يكن الناس قد تواضعوا على اسم هذا الوادي، ما أخبر الشاعر به، وإلا كان خبره مجهولا، وربما أراد نقيعا آخر، فالنقيع ليس علما مرتجلا، وإنما هو صفة في الأرض، يستنقع فيها الماء ويبقى. [انظر كتابنا «أخبار الوادي المبارك» العقيق]. والشاهد: «إلى أمّا»، وأصلها «أمّي»، فتح ما قبل ياء المتكلم، فقلبت الياء ألفا. [الأشموني ج 2/ 282، والهمع ج 2/ 53، واللسان (نقع)]. 169 - ودوّ ككفّ المشتري غير أنّه … بساط لأخفاف المراسيل واسع البيت لذي الرّمة. والدوّ: الفلاة الواسعة، أو المستوية من الأرض، يريد أنها مستوية

170 - وخيل قد دلفت لها بخيل … تحية بينهم ضرب وجيع

ككف الذي يصافق عند صفقة البيع، والبساط بفتح السين: يقال: أرض بساط وبسيطة، يعني: منبسطة مستوية. والمراسيل: النوق، الواحدة مرسال، وهي الناقة السهلة السير. [اللسان «بسط»، و «دوا» والمخصص]. 170 - وخيل قد دلفت لها بخيل … تحيّة بينهم ضرب وجيع البيت منسوب لعمرو بن معد يكرب، وقال البغدادي: إنه ليس في شعره، وذكر ابن رشيق في باب السرقات الشعرية من العمدة، الشطر الأول لأربعة شعراء. قال: ومما يعدّ سرقا وليس بسرق اشتراك اللفظ المتعارف، وذكر الشطر الأول لعنترة، والخنساء، ولأعرابيّ، ولعمرو بن معدي كرب. والخيل: اسم جمع الفرس، لا واحد له من لفظه، والمراد به هنا الفرسان، كما في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا خيل الله اركبي»، وأراد بالخيل الأول، خيل الأعداء، وبالثاني خيله. ودلفت: دنوت، وزحفت، من دلف الشيخ، إذا مشى مشيا لينا. و «الباء» للتعدية، أي: جعلتها دالفة إليها، ف «اللام» في «لها»، بمعنى «إلى»، و «تحية» مضاف، و «بينهم» مضاف إليه مجرور بالكسرة على النون؛ لأنه ظرف متصرف، ولو فتح، كان مبنيا؛ لإضافته للمبني. والبيت من شواهد سيبويه، قال الأعلم: الشاهد فيه جعل الضرب تحية على الاتساع، وإنما ذكر هذا تقوية؛ لجواز البدل فيما لم يكن من جنس الأول. يقول: إذا تلاقوا في الحرب، جعلوا بدلا من تحية بعضهم لبعض، الضرب الوجيع، وقد أدار البغدادي في خزانته ندوة حول البيت، فاحرص على قراءة ما كتب. [كتاب سيبويه ج 1/ 365، 429، وشرح المفصل ج 2/ 80، والخزانة ج 9/ 257]. 171 - وما زلت محمولا عليّ ضغينة … ومضطلع الأضغان مذ أنا يافع قاله الكميت بن معروف. يقول: إنه ما زال محسدا، يضطغن عليه، ويحمل الضغينة بين أضلاعه. والشاهد: حذف الهاء من «محمولة»؛ لأن الضغينة مؤنث مجازي. [سيبويه/ 2/ 45، هارون]. 172 - فوردن والعيّوق مقعد رابئ ال … الضّرباء خلف النّجم لا يتتلّع

البيت لأبي ذؤيب الهذلي من قصيدته العينية المشهورة في رثاء أولاده، ورقم البيت (27) في القصيدة. وقوله: وردن الماء، يتحدث عن أتن وردت الماء. والعيوق: كوكب. والمقعد: مكان القعود هنا. والرابئ: مهموز الآخر، اسم فاعل من ربأبهم، بمعنى علا وارتفع وأشرف، ورابئ الضرباء: هو الذي يقعد خلف ضارب قداح الميسر، يرتبئ لهم فيما يخرج من القداح فيخبرهم به، مأخوذ من ربيئة القوم، وهو طليعتهم. والضرباء: جمع ضريب، وهو الذي يضرب بالقداح، وهو الموكّل بها، ويقال له الضارب أيضا. والنجم هنا: الثريا. ويتتلع: يتقدم ويرتفع، مأخوذ من التلعة. فقوله: والعيوق مقعد: جملة اسمية حال من نون وردن. يقول: وردت الأتن الماء، والعيوق في هذا المكان، وهذا يكون في صميم الحرّ عند الإسحار. وخلف: ظرف. وإذا كان العيوق خلف الثريا كما وصف، يكون وقت ورود الوحش الماء؛ ولذلك يكنّ الصيادون فيه عند المشارع ونواحيها. و «مقعد»، و «خلف»: منصوبان على الظرف، وقع الأول خبرا لقوله: والعيوق، والثاني بدلا منه، كأنه قال: والعيوق من خلف النجم مقعد ... كذا، فحذف من خلف؛ لأن البدل (خلف النجم) يدل عليه. ويجوز أن يكون «خلف النجم» في موضع الحال، كأنه قال: والعيوق من النجم قريب متخلفا عنه. ويجوز العكس، فيكون «خلف النجم» خبر المبتدأ، و «مقعد» حالا. والعامل فيه الظرف. كأنه قال: والعيوق مستقر خلف النجم قريبا. وجملة «لا يتتلع»، إما خبر بعد خبر، وإما حال بعد حال. والشاهد: أنّ «مقعد» ظرف منصوب وقع خبرا عن اسم عين، وهو العيوق. وفيه شاهد أن «النجم» بالتعريف علم على الثريا. قال أبو أحمد: وهذا البيت الشاهد، ومثله مئات بل آلاف من الشواهد، لا يفهم إلا في سياقه، وقراءة ما قبله وما بعده، فكيف حكم النّقاد، نقاد الأدب، أن البيت وحدة القصيدة العربية، وأن القصيدة بسبب هذا الحكم، مفككة الأوصال؟ لا أدري من أول جاهل نطق بالحكم، وتبعه من بعده دون تحقيق؟ فقول الشاعر هنا، «فوردن»، كيف نعلم من اللاتي وردن، إذا لم نقرأ أن الشاعر يصف حمارا مع أتنه الأربعة؟ وما الذي يدرينا ماذا تمّ بعد الورود؟ فالإخبار بأنّ هذه الأتن وردت الماء في هذا الوقت، لا معنى له، إن لم نعرف سبب الإخبار، فهو يخبرنا أن هذه الأتن وردت الماء، فجاء صائد، فصادهنّ جميعهنّ. ومع ذلك يمكن أن يقول القارئ: وما فائدة هذه القصة، ولماذا ذكرها الشاعر

في قصيدة رثاء؟ وما علاقة هذه الأتن برثاء أولاده؟ قلت: إن هذه واحدة من ثلاث قصص ذكرها الشاعر في سياق الرثاء. 1 - فقد بدأ القصيدة ببيت جامع يقول: إن الجزع لا يردّ مفقودا. 2 - ثم أدار حديثا بينه وبين امرأة تسائله عن شجونه وأرقه، فيروي لها حزنه وألمه لهذه النكبة من 2 - 15. 3 - ثم يذكر قصة حمار وحشي مع أتنه الأربعة، ويصف حياتها وطيب عيشها، ثم جاءها الدهر بنوائبه، وهو يسلّي نفسه بهذه القصة ويقول: إن أصبت ببنيّ، فتكدر بموتهم عيشي، فغنّ الدهر لا يسلم على نوائبه عير له أتن أربع. والمعنى: أن الوحش في تباعدها عن كثير من الآفات التي يقاربها الإنس، وفي انصرافها بطبعها، وحدسها عن جلّ مراصد الدهر، وعلى نفارها الشديد وحذارها الكثير، وبعد مراتعها من الصياد، ليست تتخلص بجهدها من حوادث الدهر، بل لا بدّ من هلاكها من 16 - 36. 4 - ثم يذكر قصة ثور وحشي من 37 - 50. 5 - ومن 51 - 65 يتحدث عن مصرع البطل الفارس، وينعت هذا البطل وموقفه إزاء بطل آخر يصطرعان ويتشاجران بالسلاح، فإذا به قد خرّ صريعا قتيلا. والشاعر يبدأ القصص الثلاث بمطلع واحد، يربط بينها، ثم يربطها بمطلع القصيدة، وهذا المطلع شطر بيت، (والدهر لا يبقى على حدثانه)، وأبو ذؤيب يتخذ من هذه القصص الثلاثة عزاء لنفسه، وتسلية لها، وحضا على الصبر. فهذه الضروب الثلاثة من مظاهر القوى الحيوية التي تتمثل في الحمار، والثور، والبطل، لا تجدي شيئا أمام الموت، فهو أقوى وأقدر. فأخبرني أين التفكك في هذه القصيدة؟ وكم بيتا فيها يؤدي معنى كاملا، ولا يحتاج إلى غيره؟ ولولا الإطالة في غير مظانّ الموضوع، لواليت بين ضرب الأمثلة، ولكنني عزمت - إن فسح الله في الأجل - أن أتوسع في شرح الموضوع، في مقدمة هذا المعجم، فتدبر ما قلته، فهو الحقّ، وهو العلم، ولا تلتفتنّ إلى ما يقوله تجّار النقد الأدبي، الذين ينعقون وراء أول ناعق، والله يحفظك. ومظان البيت الشاهد. [كتاب سيبويه ج 1/ 205، وشرح المفصل ج 1/ 41، والمفضليات].

173 - فيستخرج اليربوع من نافقائه … ومن جحره بالشيحة اليتقصع

173 - فيستخرج اليربوع من نافقائه … ومن جحره بالشّيحة اليتقصّع البيت لذي الخرق الطّهويّ، نسبة لبني طهية من أهل الجاهلية، واسمه خليفة بن حمل بن عامر، والبيت أحد سبعة أبيات نقلها البغدادي في الخزانة ج 1/ 34، أولها: أتاني كلام الثعلبيّ ابن ديسق … ففي أيّ هذا ويله يتترّع ومضى البيت الثاني منها شاهدا في هذا الحرف، وهو: يقول الخنى ... … صوت الحمار اليجدّع فهلّا تمناها ... يأتك حيّا دارم وهما معا … ويأتك ألف من طهيّة أقرع وقوله: يتترع: من ترع الرجل، كفرح، إذا اقتحم الأمور مرحا ونشاطا، وقيل: ترع: سار إلى الشرّ والغضب. وقوله: يأتك، مجزوم في جواب شرط مقدّر. وحيا دارم: تثنية حيّ. وألف أقرع: بالقاف، أي: تام. وقوله في البيت الشاهد: فيستخرج: «الفاء» للسببية، و «يستخرج» منصوب بأن مضمرة وجوبا، وهو مبني للمجهول، ويجوز بناؤه للمعلوم، نسبة إلى الألف. واليربوع: دويبّة تحفر الأرض وله جحران، أحدهما: القاصعاء، وهو الذي يدخل فيه، والأخر: النافقاء، وهو الجحر الذي يكتمه ويظهر غيره، وهو موضع يرققه، فإذا أتي من قبل القاصعاء، ضرب النافقاء برأسه فانتفق، أي: خرج، ونافق اليربوع، أخذ في نافقائه، ومنه المنافق، شبه باليربوع؛ لأنه يخرج من الإيمان من غير الوجه الذي دخل فيه. وقوله: بالشيحة: قيل: موضع ينبت الشيح، وقيل: هو بالخاء المعجمة، وهي رملة بيضاء في بلاد بني أسد. وقوله: اليتقصّع: يقال: تقصّع اليربوع دخل في قاصعائه. والبيت شاهد على أنّ «أل» الموصولة، قد تتصل بالمضارع في ضرورة الشعر، كما في «اليتقصع» بالبناء للمجهول، يعني: الذي يتقصّع، ولكن ثعلب قال: الرواية الجيدة «المتقصّع»، و «المجدّع». وبهذا تبطل قصة وصل الفعل ب «أل»، وما المانع من هذه الرواية، والوزن، والمعنى، واللفظ، هو المستساغ؟!. [الخزانة ج 5/ 482، ج 1/ 34، والإنصاف ص 151، 522، وشرح المفصل 3/ 144، والهمع ج 1/ 85، والمغني وشرحه].

174 - فو الله ما أدري غريم لويته … أيشتد إن قاضاك أم يتضرع

174 - فو الله ما أدري غريم لويته … أيشتدّ إن قاضاك أم يتضرّع البيت غير منسوب في الهمع ج 1/ 155، وذكره السيوطي في باب تعليق الأفعال القلبية، إذا جاءت بعد «ما النافية»، وقال: ومنع ابن كيسان مباشرة الفعل، وردّ بالسماع، وذكر البيت. ويريد: منع ابن كيسان أن يباشر الفعل الملغى ما كان في الأصل مفعولا به. وفي البيت قال: ما أدري غريم لويته، والأصل: ما أدري ما غريم. 175 - أمن المنون وريبها تتوجع … والدهر ليس بمعتب من يجزع مطلع قصيدة أبي ذؤيب الهذلي، التي رثى فيها أولاده. وقوله: أمن: «الهمزة» للاستفهام الإنكاري، يقول: أتتوجع من المنون والدهر كذا، والمعنى: لا تتوجع منه؛ فذلك غير نافع مع الدهر. والمنون: قد يراد به الدهر؛ ولذلك يروى «وريبه». وريبها: نزولها، يقال: راب عليه الدهر: نزل، وقد يكون من «رابني الشيء»، والمراد صروفه الرائبة، وليس بمعتب، أي: ليس الدهر بمراجع من جزع منه بما يحب. والعتبى: المراجعة، ومنه «لك العتبى»، أي: الرجوع إلى ما تحب. والقصيدة في المفضليات، ومضت منها أبيات، انظرها في فهرس القوافي. 176 - ألم تر ما لاقيت والدّهر أعصر … ومن يتملّ العيش يرأ ويسمع البيت للأعلم بن جرادة السعدي في شرح شواهد الشافية، ونوادر أبي زيد. والشاهد: «يرأ»، فقد جعله في المضارع مهموزا، ولم يحذف همزته من عين الكلمة. 177 - ما لدى الحازم اللبيب معارا … فمصون وماله قد يضيع البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 109، وأنشده السيوطي شاهدا، لدخول الفاء على خبر المبتدأ، إذا كان المبتدأ اسم موصول، وصلته ظرفا، ف «ما»: اسم موصول مبتدأ، و «لدى»: ظرف، متعلق بالصلة، و «مصون»: الخبر. 178 - إذا حارب الحجاج أيّ منافق … علاه بسيف كلّما هزّ يقطع البيت للفرزدق، من قصيدة يمدح بها الحجاج، واستشهد به السيوطي على أن «أيّا» تقع صفة لنكرة محذوفة، والتقدير: منافقا، أيّ منافق. وقال أبو حيّان: هذا عند أصحابنا في غاية الندور، قالوا: فارقت «أيّ» سائر الصفات، في أنه لا يجوز حذف موصوفها،

179 - حتى إذا قبضت أولى أظافره … منها وأوشك ما لم يلقه يقع

وإقامتها مقامه، لا تقول: مررت بأيّ رجل؛ وذلك لأن المقصود بالوصف ب «أيّ»، إنما هو التعظيم والتأكيد، والحذف يناقض ذلك. [الهمع/ 1/ 93]. 179 - حتى إذا قبضت أولى أظافره … منها وأوشك ما لم يلقه يقع البيت منسوب لزهير بن أبي سلمى، يصف قطاة وصقرا، واستشهد به السيوطي على استعمال أفعل التفضيل من أوشك، ولكننا يمكن قراءة اللفظ «أوشك» فعلا ماضيا. [الهمع/ 1/ 129]. 180 - قالت أميمة ما لجسمك شاحبا … منذ ابتذلت ومثل مالك ينفع البيت لأبي ذؤيب، من قصيدته في رثاء أولاده. والشاهد: «منذ»، حيث وليتها الجملة الفعلية، وتكون «منذ» ظرفا مضافا إلى الجملة. [الهمع ج 1/ 216، والمفضليات والخزانة وشرح أبيات المغني ج 2/ 208]. وشاحبا: حال، دلّ عليه «ما لجسمك»، كأنه قال: لم حصلت شاحبا. وابتذلت: امتهنت نفسك، والمبتذل من الرجال، الذي يلي العمل بنفسه. 181 - قصر الحديد إلى بلى … والعيش في الدنيا انقطاعه البيت بلا نسبة، في الهمع ج 2/ 50، وقصر، لغة في قصاراك، يقال: قصرك، وقصارك، وقصارك، وقصيراك، وقصاراك أن تفعل كذا، أي: جهدك وغايتك وآخر أمرك. وهو اسم لازم الإضافة، لا ينفك عنها، وأضيف في البيت إلى الحديد، بالحاء أو الجيم. ومثلها «حمادى»، يقال: حماداك على وزنه ومعناه. 182 - ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتم … وفينا رسول عنده الوحي واضعه البيت لحسان بن ثابت، ومعنى واضعه: أي: واضع فينا ما يوحى إليه، فينبئنا بصنيعكم على الحقيقة، والوضع هنا: النشر والبث. والشاهد فيه: أن «واضعه»، وصف لرسول مع إعادة الضمير في واضعه على الوحي، وهو لا يحتمل القلب. [سيبويه/ 2/ 51، هارون]. 183 - ضننت بنفسي حقبة ثم أصبحت … لبنت عطاء بينها وجميعها

184 - تذكرت أياما مضين من الصبا … فهيهات هيهاتا إليك رجوعها

ضبابيّة مرّيّة حابسيّة … منيفا بنعف الصّيدلين وضيعها البيتان غير منسوبين. والحقبة: الحين من الدهر، والجميع هنا بمعنى الاجتماع. يقول في البيت الأول: حاولت أن أضنّ بنفسي عن حبّها حينا، ثم غلبني هواها، فأطعت الهوى، وصار لها بين نفسي واجتماعها، أي: كلّ نفسي. والضّباب، ومرّة، وحابس: أحياء من بني عامر. والمنيف: المشرف العالي. والنعف: أصل الجبل. والصيدلان: جبل. يقول: هي من قوم أشراف، وضيعهم مشرف المحل، فكيف رفيعهم. والشاهد: نصب ضبابيّة، وما بعده على التفخيم. [سيبويه/ 2/ 152، هارون]. 184 - تذكّرت أياما مضين من الصّبا … فهيهات هيهاتا إليك رجوعها البيت للأحوص الأنصاري. والشاهد: «هيهات»، قال ابن بري: يجوز في «هيهات» كسر التاء، وقد ينون، فيقال: «هيهات، وهيهاتا»، وأنشد البيت للأحوص. [المفصل/ 76، واللسان «هيه»]. 185 - وخير الأمر ما استقبلت منه … وليس بأن تتبّعه اتّباعا البيت للقطامي، عمير بن شييم. والشاهد: «تتبّعه اتباعا»، فإنه أكّد قوله: تتبعه بقوله: اتّباعا، واتباع: افتعال، مصدر اتبع، أما مصدر الفعل «تتبّع» فهو «التتبّع»، فكان القياس أن يقول: تتبّعا، ولكن لما كان المعنى واحدا في «تتبّع، واتّبع»، أكدّ كل واحد منهما بمصدر صاحبه. ومثله وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً [نوح: 17]، ووَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا [المزمل: 8]. [كتاب سيبويه ج 2/ 244، وشرح المفصل ج 1/ 111، والشعر والشعراء]، ترجمة الشاعر، واسمه عمير بن شييم، من بني تغلب. 186 - بني أسد هل تعلمون بلاءنا … إذا كان يوما ذا كواكب أشنعا قاله عمرو بن شأس الجاهلي. والبيت بقافية «أشنعا»، استشهد به سيبويه على أنه أراد الشاعر، إذا كان اليوم يوما، وأضمر؛ لعلم المخاطب، ومعناه: إذا كان اليوم الذي يقع فيه القتال. قال: وبعض العرب ترويه «إذا كان يوم ذو كواكب أشنعا»، ومعنى «كان» في الوجهين، معنى «وقع» يعني تامة، و «يوما» منصوب على الحال. و «أشنعا» حال أيضا، مؤكدة

187 - كذبتم وبيت الله نرفع عقلها … عن الحق حتى تضبعوا ثم نضبعا ... … ولا صلح حتى تضبعونا ونضبعا ... … ولا صلح حتى تضبعون ونضبعا

على الرواية الثانية، وزعم المبرد أنه خبر كان، وردوا عليه، بأنه لا فائدة في هذا الإخبار. [كتاب سيبويه ج/ 1/ 22، والخزانة ج 8/ 521، وشرح المفصل ج 7/ 98]. 187 - كذبتم وبيت الله نرفع عقلها … عن الحقّ حتى تضبعوا ثم نضبعا ... … ولا صلح حتى تضبعونا ونضبعا ... … ولا صلح حتى تضبعون ونضبعا البيت غير منسوب، وفي شطره الثاني ثلاث روايات: العقل: الدية والضمير يعود إلى امرأة مقتولة. وتضبعون: تمدون أضباعكم بالسيوف. والضبع: العضد. والشاهد في الشطر الثاني: الأول: تضبعوا: مضارع منصوب بأن مضمرة، ونضبعا: معطوف ومثله الشطر الثاني، تضبعونا، ف «نا» ضمير المتكلم. والثالث: تضبعون: مرفوع، وحتى ابتدائية، ونصب نضبعا، بالعطف على توهم نصب ما قبله. [الخزانة ج 8/ 521]. 188 - إذا كانت الحوّ الطّوال كأنّما … كساها السلاح الأرجوان المضلّعا تذود الملوك عنكم وتذودنا … إلى الموت حتى يضبعوا ثم نضبعا البيتان لعمرو بن شأس الجاهلي. والحوّ: جمع أحوى، أراد به أن الخيل السود قد صبغت بدم الأعداء، حتى صارت كالأرجوان، وفي «يضبعوا»، انظر الشاهد السابق. [الخزانة ج 8/ 521]. 189 - يبيّتهم ذو اللّبّ حتى يراهم … بسيماهم بيضا لحاهم وأصلعا البيت للأسود بن يعفر، في نوادر أبي زيد/ 162. 190 - لعمري وما دهري بتأبين هالك … ولا جزع مما أصاب فأوجعا قاله متمم بن نويرة من قصيدة يرثي بها أخاه مالكا. ويقال: ما ذاك دهري، وما دهري بكذا، أي: همي، وإرادتي، وعادتي. والتأبين: مدح الميت بعد موته. وجزع: بالخفض عطفا على تأبين، والنصب على أن الباء فيه زائدة. [المفضليات/ 265، وسيبويه/ 1/ 169].

191 - فتى الناس لا يخفى عليهم مكانه … وضرغامة إن هم بالحرب أوقعا

191 - فتى الناس لا يخفى عليهم مكانه … وضرغامة إن همّ بالحرب أوقعا البيت غير منسوب. والضرغامة: اسم من أسماء الأسد، شبه الممدوح به في إقدامه وجرأته. والشاهد فيه: «ضرغامة»، حيث حملت على الابتداء، والتقدير: «وهو ضرغامة». [سيبويه/ 2/ 68، هارون، واللسان «ضرغم»]. 192 - غدت من عليه تنفض الطلّ بعد ما … رأت حاجب الشمس استوى فترفّعا البيت ليزيد بن الطثرية. والشاهد: «من عليه»، فقد جاءت «على» هنا اسما؛ لدخول حرف الجر عليه، أي: غدت من فوقه؛ لأن حرف الجرّ لا يدخل على حرف الجرّ. [اللسان «علا»، وشرح المفصل ج 7/ 38]. 193 - لا تتبعن لوعة إثري ولا هلعا … ولا تقاسنّ بعدي الهمّ والجزعا البيت لمحمد بن يسير البصري، شاعر عباسي، ويسير بالياء والسين. والشاهد: «ولا تقاسنّ»، وهو مؤكد الفعل «تقاسي»، وحقّه في التوكيد «لا تقاسينّ»، بإثبات الياء مع فتحها، وزعموا أن لغة فزارة تحذف آخر الفعل، إذا كان ياء تلي كسرة. قال أبو أحمد: وما يدرينا أنه في خطاب المفرد المذكر، فلعله في خطاب المؤنثة، ويكون الفعل الأول لا تتبعن بكسر العين؛ لحذف ياء المخاطبة، والثاني في خطاب الأنثى أيضا، والمفهوم في البيت المفرد، أنه يدعو ابنة له أن لا تتأثر من موته والله أعلم. [الأشموني ج 3/ 221، والهمع ج 2/ 79، وأمالي القالي 1/ 22، 23، والسمط 104]. 194 - ولها بالماطرون إذا … أكل النمل الذي جمعا البيت من قطعة تنسب إلى يزيد بن معاوية، وتنسب إلى الأحوص، هكذا نقل البغدادي في الخزانة، وفي فهرس قوافي الخزانة، لعبد السّلام هارون رحمه الله، قال: (أو أبو دهبل)، وإذا نسبت لثلاثة شعراء، فيحتمل أن تكون لغيرهم، ويحتمل أن تكون منحولة والله أعلم؛ ذلك أن الشعر المنسوب إلى يزيد بن معاوية، كلّه، أو جله منحول، وأبو دهبل الجمحي، حيكت حوله القصص الأدبية، التي تمتزج بالخلق الفني، والخلق السياسي،

195 - بحي نميري عليه مهابة … جميع إذا كان اللئام جنادعا

والأحوص شاعر حجازي مدنيّ، وقصة الأبيات شامية، وزعموا أن القطعة التي منها البيت، تغزّل فيها الشاعر بنصرانية قد ترهبت في دير خراب عند (الماطرون)، وهو بستان بظاهر دمشق، يسمّى أيام البغدادي (الميطور)، وبعد الشاهد مما يفهم به: خرقة حتى إذا ارتبعت … سكنت من جلّق بيعا في قباب حول دسكرة … حولها الزيتون قد ينعا وقوله: «لها»، خبر مقدم، و «خرقة»، مبتدأ مؤخر، وضمير «لها». للفتاة، وقوله: أكل النمل ... الخ، يريد: فصل الشتاء، حين يأكل النمل الحبّ الذي يخزنه في الصيف، وأظنه يريد أن يكنى عن شدة البرد، وانقطاع الثمر من الأشجار. وقوله: «خرقة» هذه رواية الكامل، قالوا: معناها ما يجتنى، وهناك رواية أخرى، «خلفة»، وهو ثمر يخرج بعد الثمر الأول، وحقيقته أن الأشجار تزهر وتعقد في أول الربيع، وتنضج ثمارها في الصيف، وبعض الأشجار قد تزهر مرّة أخرى في الصيف، فينضج ما عقد منه في الخريف والشتاء، ونسميه في بلاد فلسطين: «الرّجعي». وقوله: ارتبعت: دخلت في الربيع. وجلّق: اختلفوا في موقعه، فزعم قوم أنه اسم دمشق؛ ولذلك قال شوقي رحمه الله: قم ناج جلّق وانشد رسم من بانوا … مشت على الرسم .. البيت والأقوى أن تكون «جلّق» في الجولان، أو حوران، حيث كان الغساسنة؛ ولذلك قال حسان: لله درّ عصابة نادمتهم … يوما بجلّق في الزمان الأول قال أبو أحمد: وإذ صحت نسبة الشعر إلى يزيد بن معاوية، أو كان أحد وضعه، ونسبه إليه، فإن «الماطرون» قد تكون وادي اللطرون في فلسطين، لأن يزيد بن معاوية كان في صباه يمرح في كنف أخواله، الذين كانوا يسكنون فلسطين والأردن والجولان. والشاهد: «الماطرون»، على أنها جاءت مجرورة، وقاسوا عليها جعل النون المفتوحة بعد الواو والياء في الجمع، حرف إعراب، وهذا لا يسلم لهم؛ لأن «الماطرون» اسم أعجمي، وهو بمنزلة «زيتون»، وفلسطين، فهي أسماء مفردة، وليست جمعا. [الخزانة ج 7/ 309، وديوان أبي دهبل 85، والعيني ج 1/ 148، ومعجم البلدان «الماطرون»]. 195 - بحيّ نميريّ عليه مهابة … جميع إذا كان اللئام جنادعا

196 - كأن نسوع رحلي حين ضمت … حوالب غرزا ومعى جياعا

البيت للراعي النميري. والهيبة والمهابة، بمعنى. والجميع: المجتمعون. والجنادع: المتفرقون لا يجتمع رأيهم. والشاهد فيه: إفراد صفة حيّ «جميع»، على اللفظ، ولو جمع حملا على المعنى فقال: مجتمعين، لجاز. [سيبويه/ 3/ 252، هارون]. 196 - كأنّ نسوع رحلي حين ضمّت … حوالب غرّزا ومعى جياعا البيت للقطامي. وخبر «كأن» في بيت لاحق. والمعى، والمعى: مذكر مفرد، والجمع الأمعاء، وهنا أقام الواحد مقام الجمع، كما قال تعالى: نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا [الحج: 5]. [اللسان «معا»]. 197 - وكنّا كالحريق أصاب غابا … فيخبو ساعة ويهبّ ساعا البيت للقطامي في ديوانه. [وفي كتاب سيبويه ج 2/ 189، واللسان «سوع». والساع: جمع ساعة، وتجمع على ساعات أيضا، والساعة: جزء من أجزاء النهار والليل، وتصغيره سويعة، ومن غريب ما وجدته في اللسان أنه قال: والليل والنهار أربع وعشرون ساعة، وإذا اعتدلا، فكل واحد منهما ثنتا عشرة ساعة، وكنت أظنّ أن تقسيم اليوم (ليله ونهاره) إلى أربع وعشرين ساعة، هو من ابتكار أهل عصرنا. 198 - فكرّت تبتغيه فوافقته … على دمه ومصرعه السّباعا البيت للقطامي، يصف بقرة. يقول: وافقت السباع على دم ولدها. قال النحاس: لم يقل «السباع» بالرفع، ولكن حمله على الموافقة، كأنه قال: فوافقت السباع. [النحاس ص 129، وكتاب سيبويه ج 1/ 143]، ولكن رواية الديوان، هكذا: فكرّت عند فيقتها إليه … فألفت عند مربضه السّباعا وعلى هذا فلا شاهد فيه، وهذا يعطيك دليلا على أن كثيرا من الشواهد، إما حرفتها الرواة دون قصد، وإما حرفها النحويون، والله أعلم. 199 - قد جرّبوه فما زادت تجاربهم … أبا قدامة إلا المجد والفنعا البيت للأعشى في ديوانه، واللسان «فنع». وأبو قدامة: كنية الممدوح. والفنع: بفتح

200 - وقد أظلكم من شطر ثغركم … هول له ظلم يغشاكم قطعا

الفاء والنون: الخير والكرم والفضل والثناء. والشاهد: «تجاربهم»، جمع تجربة، وهو مصدر مجموع عمل في «أبا قدامة»، وقد شرط بعضهم لعمل المصدر أن يكون مفردا، وأجازه آخرون. [الأشموني ج 2/ 287]. 200 - وقد أظلّكم من شطر ثغركم … هول له ظلم يغشاكم قطعا البيت للشاعر لقيط بن يعمر الإيادي في ديوانه، وهو في الهمع ج 1/ 201. والشاهد: «شطر»، بمعنى «نحو»، وهو ظرف مكان جاء مجرورا ب «من». 201 - وقالوا لها لا تنكحيه فإنّه … لأوّل نصل أن يلاقي مجمعا البيت للشاعر الصعلوك، تأبط شرّا، وكان خطب امرأة، فقبلت به، ثم كرهته؛ لقولهم لها: إنه يقتل عنك قريبا. وقوله: أن يلاقي: يجوز أن يكون رفعا بالابتداء، وخبره «لأول نصل»، والجملة في موضع خبر «إنّ»، والتقدير: إن تأبط شرا ملاقاته مجمعا لأول نصل يجرّد، يعني: يقتل بأول نصل. ويجوز أن يكون «يلاقي» في موضع نصب، على أن يكون بدلا من الهاء في «إنّه»، كأنه قال: إنّ ملاقاته مجمعا لأول نصل، وتروى القافية «مصرعا». قال السيوطي: ومذهب سيبويه أنّ «أن» والفعل، وإن قدّرت بمصدر، لا يجوز أن تقع حالا؛ لأنّ «أن» للاستقبال، والمستقبل لا يكون حالا. وأجازه ابن جني وخرج عليه قوله، وذكر البيت. [الهمع ج 1/ 239، والحماسة بشرح المرزوقي ج 2/ 491]. 202 - فبتنا تحيد الوحش عنّا كأنّنا … قتيلان لم يعلم لنا الناس مصرعا ليزيد بن الطثرية، أو لامرئ القيس، ويصف أنه خلا بمن يحبّ بحيث لا يطلع عليهما غير الوحش. والشاهد: إثبات الألف في الوقف في حال النصب، كما تثبت الياء في الجر، والواو في الرفع للترنم. [سيبويه/ 4/ 205، هارون]. 203 - وما وجد أظآر ثلاث روائم … أصبن مجرّا من حوار ومصرعا بأوجد مني يوم قام بمالك … مناد بصير بالفراق فأسمعا

204 - إن وجدت الصديق حقا لإياك … فمرني فلن أزال مطيعا

البيت وما يليه للشاعر متمم بن نويرة، من قصيدة يرثي فيها أخاه مالكا، الذي قتل في حرب الردّة. والوجد: الحزن. والأظآر: جمع ظئر، وهنّ نوق يعطفن على حوار واحد، فيرضع من اثنتين، ويتخلى أهل البيت بواحدة. والروائم: اللاتي يعطفن عليه، جمع رائمة، يقال: رئمته رئمانا، إذا شمته فأحبته. والحوار: ولد الناقة. والمجرّ: بضم الميم وفتح الجيم، مصدر ميمي بمعنى الإجرار، مصدر أجر لسان الفصيل، إذا شقه؛ لئلا يرتضع أمه. والمصرع: الهلاك. والبيت شاهد لتأنيث الظئر، بتذكير عدده، والظئر يكون في النساء والإبل، غير أنه في النساء أن ترضع ولد غيرها، وفي الإبل تعطف على الفصيل، لتدرّ. وجملة «أصبن»، صفة ثالثة لأظآر. يعني: كل واحدة منهن رأت إجرار حوارها، فهي ثكلى ترأم البوّ، والبيت الثاني، يتمم معنى البيت الأول «وما وجد أظآر .. بأوجد مني». قال أبو أحمد: وقصة موت مالك بن نويرة أكثر المؤرخون فيها من الكذب، والصحيح أن مالكا مات مرتدا مصرّا على ارتداده، والدليل على ذلك، أن عمر بن الخطاب سمع شعر متمم في رثاء أخيه مالك، فقال عمر بن الخطاب: لوددت لو أنك رثيت أخي زيدا بمثل ما رثيت به مالكا أخاك، فقال: يا أبا حفص، والله لو علمت أن أخي صار بحيث صار أخوك، ما رثيته، فقال عمر: ما عزاني أحد عن أخي بمثل تعزيته، وأراد متمم أن أخاه مالكا، قتل عن الردة غير مسلم، وأن زيد بن الخطاب، قتل شهيدا يوم اليمامة، والقصيدة بتمامها في المفضليات، وانظر شرح أبيات المغني ج 6/ 13. 204 - إن وجدت الصديق حقّا لإياك … فمرني فلن أزال مطيعا البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 63، قال السيوطي: ويتعين انفصال الضمير في صور، وذكر منها: أن يلي اللام الفارقة، وأنشد البيت. واللام الفارقة، هي التي تأتي بعد «إن» المهملة؛ للفرق بينها وبين العاملة. 205 - حننت إلى ريّا ونفسك باعدت … مزارك من ريّا وشعباكما معا فما حسن أن تأتي الأمر طائعا … وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا قفا ودعا نجدا ومن حل بالحمى … وقلّ لنجد عندنا أن تودعا وليست عشيات الحمى برواجع … عليك ولكن خلّ عينيك تدمعا تلفّتّ نحو الحيّ حتى وجدتني … وجعت من الإضغاء ليتا وأخدعا وأذكر أيام الحمى ثم أنثني … على كبدي من خشية أن تصدّعا

هذه الأبيات للشاعر الصّمّة بن عبد الله القشيري، شاعر إسلامي بدوي مقلّ، من شعراء الدولة الأموية، والشاعر وإن وصف بالمقلّ، فإنه والله مكثر بهذه القطعة فقط؛ لأنها تغني عن ديوان شعر في الحنين إلى الوطن، والتعلق به. وقوله: حننت: الحنين: تألّم من الشوق وتشكّ. وريّا: اسم امرأة، وهي ابنة عمه التي أراد الزواج بها، فلم يكن له منها نصيب. وقوله: ونفسك باعدت: الواو: للحال، ومعنى باعدت: بعّدت، كما يقال: ضاعفت وضعّفت، وفي القرآن: باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا [سبأ: 19]. والمزار: اسم مكان الزيارة. والشعب: بفتح الشين، شعب الحيّ، يقال: التأم شعبهم، أي: اجتمعوا بعد تفرّق، وشتّ شعبهم، إذا افترقوا بعد تجمّع. وقوله: وشعباكما معا: الواو: واو الحال. والعامل في «ونفسك باعدت»: حننت. وفي قوله: وشعباكما، باعدت، ومعنى «معا» مجتمعان ومصطحبان، وموضعه خبر المبتدأ. وقوله: فما حسن، في حسن وجوه: يجوز أن يكون مبتدأ، وجاز الابتداء بالنكرة؛ لاعتماده على النفي، و «أن تأتي» في موضع الفاعل لحسن، واستغنى بفاعله عن خبره، وطائعا: حال، من (أن تأتي). ويجوز: رفع «حسن» خبر مقدم، و «أن تأتي» مبتدأ. وقوله: وتجزع أن داعي، أن: مخففة من الثقيلة. والمراد: وتجزع من أنّ داعي الصبابة أسمعك صوته ودعاك. ومعنى البيتين: شكوت شوقك إلى هذه المرأة، وأنت آثرت البعد عنها بعد أن كان حياكما معا مجتمعين، وليس بجميل اختيارك الأمر طائعا غير مكره، وجزعك بعده؛ لأن داعي الشوق والعائد منه إليك، أسمعك وحرّك منك. وفي البيت الثالث يقول: ويقلّ لنجد وساكنه التوديع منا؛ لأنّ حقهما أعظم، ولكنا لا نقدر على غيره. وفي البيت الرابع يقول: إنك وإن أفرطت في الجزع، فإن أوقات المواصلة بالحمى مع أحبابك لا تكاد تعود، ولكن أدم البكاء لها مع التوجع في إثرها، تجد فيه راحة. وقوله: تدمعا: جواب الأمر «خلّ»، ولو قال: تدمعان، لكان حالا للعينين.

وفي البيت الخامس: يقول: أخذت في مسيري لمّا أبصرت حال نفسي في تأثير الصبابة فيها، ملتفتا إلى ما خلفته من الحيّ، وأرض نجد حتى وجدتني وجع «الليت»، واللّيت: بالكسر، صفحة العنق، وقيل: أدنى صفحتي العنق من الرأس عليهما، ينحدر القرطان. والأخدع: هما أخدعان، وهما عرقان خفيان في موضع الحجامة من العنق. قال المرزوقي: وقد قيل فيه: إن من رموزهم أنّ من خرج من بلد فالتفت وراءه، رجع إلى ذلك البلد. وانتصب «ليتا»؛ لأنه تمييز ملحوظ، محوّل عن الفاعل، ومثله: تصببت عرقا، وقررت به عينا. قال أبو أحمد: وقول المرزوقي إنّ من رموزهم كذا، هذا كلام واقع، وعليه شواهد من أيامنا، فما زلت أذكر آخر زيارة إلى أهلي في خان يونس حوالي سنة 1978 م، وبعد أسابيع أمضيتها في مرابع الطفولة والصبا، حان وقت الرحيل، حيث انتهت المدة التي منحها لنا الأعداء؛ لزيارة أرضنا وأهلنا، وفي فجر يوم، جاءت السيارة التي تقلنا إلى الجسر المجاور لمدينة أريحا، فكان ساعتها مشهد المودعين يخلع القلب، ويقرح الجفون، ويصدع الأكباد، لم يبق طفل، أو شيخ، أو مخبأة إلا وقف للوداع، حتى ضاق الزقاق بالمودعين، وارتفعت الأصوات، واشتد النحيب، ومن باب الدار إلى آخر الزقاق، ما يقارب مائة ذراع، قطعناها في ساعات نخطو خطوة، ثم نقف وما كنت أدري، أيوقفني الزحام، أم تشدني الديار، فلا أحب أن أصل إلى المركبة التي تحملني إلى ديار الغربة، وما زال يرنّ في أذني صوت أختي، أم سليمان، تقول لي: تلفّت خلفك، تعيدها مرات كلما خطوت خطوات، فألتفت، فأرى البيت والأهل، وكنت أظنّ أنها تطلب مني الالتفات؛ لوداع المشيعين، وليروا طلعة ابنهم، وأخيهم، وعمهم، وخالهم، وابن عمهم، و .. فلما قرأت ما كتبه المرزوقي، عرفت السبب في طلب الالتفات؛ وذلك تفاؤلا بالعودة إليهم، والعودة إلى الديار الحبيبة. قلت: سبحان الله، هذا رمز في نجد، قلب الجزيرة، ورمز في خان يونس، في أطراف جزيرة العرب، كيف اجتمعا؟ وكيف بقي مغروسا في النفوس عشرات القرون؟ فعددت هذا رمزا لوحدة العرب في جميع بقاعهم، إنه رابط من آلاف الروابط التي لا تنفصم، ومع ذلك يصرّ الأعداء على فصم عرى الأخوة، فقسموا أوطان العرب إلى دويلات، وزعموا أن لكل إقليم خصائص متفرّدة، وهم كاذبون، وإنما أرادوا اجتثاث جذور الوحدة؛ ليحلوا محلها عادات إقليمية حديثة، وما أظنهم يقدرون

206 - أكف يدي عن أن ينال التماسها … أكف صحابي حين حاجاتنا معا

على ذلك مهما قالت وسائل الإعلام، ومهما حاولت، ومهما حاول الجاهلون الإقليميون من تأصيل. فأما الزبد، فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس، فيمكث في الأرض. [الحماسة بشرح المرزوقي ج 3/ 1215، باب النسيب برقم 454]. 206 - أكفّ يدي عن أن ينال التماسها … أكفّ صحابي حين حاجاتنا معا البيت لحاتم الطائي. وقوله: أكّف يدي: أي: أقبضها إذا جلسنا على الطعام إيثارا للضيوف، وخوفا أن يفنى الزاد. وأكف الثانية: جمع كف، مفعول ينال. وقوله: حين حاجاتنا معا: «معا»، حال سدّت مسدّ خبر المبتدأ الذي هو المصدر، كقولك: قيامك ضاحكا، وشربك السويق ملتوتا. وقال التبريزي: حاجاتنا معا، أي: كلنا جائع، فحاجته إلى الطعام كحاجة صاحبه، ومعا: نصب على الحال، سدّ مسدّ الخبر؛ لأن المصادر إذا ابتدئ بها، وقعت الأحوال خبرا عنها. [شرح أبيات المغني ج 5/ 351، والهمع/ 1/ 218]. 207 - إذا شئت أن تلهو ببعض حديثها … رفعن وأنزلن الحديث المقطّعا البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 53، وأنشده السيوطي شاهدا لتقدير الفتحة على الواو في قوله «أن تلهو» قال: وهو ضرورة أو شاذ؛ لأن الفتحة تظهر على الواو والياء؛ لخفتها. 208 - فإن يك غثّا أو سمينا فإننّي … سأجعل عينيه لنفسه مقنعا البيت لمالك بن خريم الهمداني، يقول: إذا طرقني ضيف وذبحت له، ذهبت بالشاة؛ لتطبخ له على عينيه؛ لئلا يقول: أكلوا أطايب الشاة، وأتي بالرديء، فإذا رآه، فقد جعلت عينيه لنفسه مقنعا. والشاهد: «لنفسه»، أراد لنفسهي، فلما لم يقم البيت، حذف الياء الناتجة عن مد الهاء. [كتاب سيبويه ج 1/ 10، وشرح أبيات سيبويه ص 7، والإنصاف ص 517]. 209 - وزادني كلفا بالحبّ ما منعت … وحبّ شيء إلى الإنسان ما منعا البيت منسوب للأحوص الأنصاري في ديوانه، ومجنون ليلى في ديوانه، وأنشد السيوطي البيت في الهمع ج 2/ 66، شاهدا لحذف همزة التفضيل من «حبّ»، وأصله «أحبّ». وفي اللسان مادة «حبب» جاء البيت على صورة:

210 - إذا أنت لم تنفع فضر فإنما … يرجى الفتى كيما يضر وينفعا

وزاده كلفا في الحبّ أن منعت … وحبّ شيئا إلى الإنسان ما منعا فقوله «حبّ» بفتح الباء، قال الأصمعي: حبّ بفلان، أي: ما أحبّه إليّ، وقال الفرّاء: معناه حبب بفلان، بضم الباء، ثم أسكنت وأدغمت في الثانية، وأنشد الفراء (البيت) قال: وموضع «ما» رفع، أراد حبب فأدغم. 210 - إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما … يرجّى الفتى كيما يضرّ وينفعا رواية أخرى للبيت كما جاء في قافية العين المرفوعة (وينفع)، ومضى الكلام فيه. 211 - ثلاث مئين قد مررن كواملا … وها أنا هذا أشتهي مرّ أربع قاله ابن حممه الدوسي، من المعمرين، وهو في شرح المفصّل ج 6/ 23. والشاهد: «ثلاث مئين»، فقد جاءت على القياس، في أن تمييز الأعداد من 3 - 10 يكون جمعا، ولكن المستعمل في التمييز إذا كان من لفظ المائة، أن يأتي مفردا، فتقول: «ثلاث مائة». قال ابن يعيش: وهذا وإن كان القياس، إلا أنه شاذ في الاستعمال، وقد يجوز قطعه عن الإضافه وتنوينه، ويجوز حينئذ في التفسير وجهان: أحدهما: الاتباع على البدل نحو: «ثلاثة أبواب»، والنصب على التمييز نحو: «ثلاثة أبوابا»، وهو من قبيل ضرورة الشعر. 212 - حميد الذي أمج داره … أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع هو لحميد الأمجي، أو مالك بن حريم، أو مالك بن عمرو. والشاهد: «حميد» حيث حذف منه التنوين، بدون علة مانعة من التنوين. [الخزانة ج 11/ 376، ومعجم البلدان «أمج» واللسان «أمج»]. 213 - وقد كنت في الحرب ذا تدراء … فلم أعط شيئا ولم أمنع قاله العباس بن مرداس الصحابي. وذا تدراء، أي: صاحب عدّة وقوة على دفع الأعداء. والشاهد: في «شيئا»، إذ أصله شيئا طائلا، فحذف الصفة، ولولا هذا التقدير، لتناقض مع قوله: «ولم أمنع». 214 - وما انتميت إلى خور ولا كشف … ولا لئام غداة الرّوع أوزاع

215 - ومعرص تغلي المراجل تحته … عجلت طبيخته لقوم جيع

بل ضاربين حبيك البيض إن لحقوا … شمّ العرانين عند الموت لذّاع البيتان لضرار بن الخطاب، وهما في [العيني ج 4/ 157، والهمع ج 2/ 136، 175]، وأنشدهما السيوطي في باب العطف بالحرف «بل»، وفي باب جمع التكسير. 215 - ومعرّص تغلي المراجل تحته … عجلت طبيخته لقوم جيّع قاله الحادرة، واسمه قطبة. ومعرّص: اللحم في العرصة للجفوف، ويروى: ومغرّض: وهو اللحم الطري، ويروى: ومجيّش، من جاشت القدر، إذا غلت. والمراجل جمع مرجل، وهو القدر من النحاس. والشاهد: «جيّع»، فإن أصله «جوّع»، لأنه من الأجوف الواوي، فأبدلت الياء من الواو، وهو جمع جائع. [الأشموني ج 4/ 338، وعليه حاشية الصبان، والعيني]. 216 - على جرداء يقطع أبهراها … حزام السّرج في خيل سراع البيت بلا نسبة في الهمع، وأنشده السيوطي في باب المثنى في عقب كلامه على «كلا، وكلتا»، وقال: قال ابن مالك: وندر هذا الاستعمال، أي: الإعراب كالمثنى في متمحض الإفراد، كقوله: (البيت) قال: ثنى الأبهر، وهو عرق مجازا، ولكن يفهم من كلام لسان العرب، أن الأبهر يثنى، مادة «بهر». [الهمع - ج 1/ 41]. 217 - كرام حين تنكفت الأفاعي … إلى أجحارهنّ من الصقيع البيت غير منسوب. وتنكفت: ترجع إلى أجحارها، أي: هم كرام حين الشتاء والجدب، والبيت شاهد على جمع جحر على أجحار، جمع قلة. [سيبويه/ 3/ 577، هارون]. 218 - وكوني بالمكارم ذكريني … ودلّي دلّ ماجدة صناع البيت لرجل من نهشل من أهل الجاهلية، وقبل البيت: ألا يا أمّ فارع لا تلومي … على شيء رفعت به سماعي وقوله: دلّي: بفتح الدال، من دلّت تدلّ، والدّلّ: قريب المعنى من الهدي، وهما من السكينة والوقار في الهيئة، والمنظر، والشمائل، وغير ذلك. والصّناع: الماهرة الحاذقة

219 - سقى الأرضين الغيث سهل وحزنها … فنيطت عرى الآمال بالزرع والضرع

بعمل اليدين، وقوله في سابقه: سماعي، أي: ذكري وحسن الثناء عليّ. والشاهد: «كوني ... ذكريني»، على أنه جاء خبر كان جملة طلبية، والمعنى: كوني مذكرة بالمكارم. وعدوه من الشاذ؛ لأن فعل الأمر لا يقوم مقام الخبر في باب كان. وقد أوّلوه تأويلات منها: تقديره: كوني ممن أقول له: ذكريني، إذا سهوت، فجرى هذا على الحكاية، وقال آخر: يجوز أن يكون الخبر محذوفا، و «ذكريني» أمرا مستأنفا، أي: كوني بالمكارم مذكّرة، ذكريني. قال أبو أحمد: وإذا صحت نسبة الشعر إلى جاهلي، فإنه لم يخرج عن حدّ الكلام العربي المستعمل، وربما لم يصل إلى النحويين شيء كثير منه، فعدّوه من الشواذ، أو الضرورات، وفي كلام أهل البادية اليوم، ممن لم يختلطوا بالحاضرة كثير من هذا التركيب، فهم يقولون لمن جاء بخبر لا يسرّ: «كنت بشرني بشيء يسرّ»، وقد يجعلون الماضي محل الأمر «كنت بشرتني ...». [الخزانة ج 9/ 66، والهمع ج 1/ 113، والمغني وشرح أبياته ج 7/ 227، وشرح الحماسة للمرزوقي ج 2/ 657]، وفيه شاهد آخر على وقوع الأمر موضع الخبر. 219 - سقى الأرضين الغيث سهل وحزنها … فنيطت عرى الآمال بالزّرع والضّرع البيت بلا نسبة. والشاهد: (سهل وحزنها)، حيث حذف منه المضاف إليه، إذ أصله سهلها، بالنصب، بدل من الأرضين، بدل بعض من كلّ، وشرط ابن مالك للحذف فقال: بشرط عطف وإضافة إلى … مثل الذي له أضفت الأولا [الأشموني ج 2/ 274، وعليه حاشيتا الصبّان والعيني]. 220 - بالله ربك إلّا قلت صادقة … هل في لقائك للمشغوف من طمع البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 42، وأنشده السيوطي شاهدا لتصدر جواب القسم ب «إلا». 221 - ليس ينفكّ ذا غنى واعتزاز … كلّ ذي عفّة مقلّ قنوع البيت بلا نسبة في [الأشموني ج 1/ 227، والهمع ج 1/ 111] ومعناه: لم يزل كل ذي عفاف، وإقلال، وقناعة، غنيا وعزيزا.

222 - لقد آليت أغدر في جداع … ولو منيت أمات الرباع لأن الغدر في الأقوام عار … وإن الحر يجزأ بالكراع

وقوله: ليس: أهمل هنا ولم يعمل، ويجوز أن تعمل؛ بأن يضمر فيها ضمير الشأن، ويكون اسمه، وما بعده خبره. وينفكّ: من الأفعال الناقصة، وفيه الشاهد حيث أعمل عمل كان؛ لتقدم النفي عليها، و «كلّ ذي عفة» اسمه، و «ذا غنى» خبره مقدما. وقوله: مقلّ قنوع، مجروران على الوصفية، وضبطهما أبو حيان برفع «قنوع» على الابتداء، و «مقلّ» مقدما خبره. 222 - لقد آليت أغدر في جداع … ولو منّيت أمّات الرّباع لأنّ الغدر في الأقوام عار … وإن الحرّ يجزأ بالكراع البيتان لأبي حنبل جارية بن مرّ، مجير الجراد من أهل الجاهلية. وزعم بعضهم أنها لامريء القيس، وليس بصحيح؛ لأنّ شعر امريء القيس الذي وصلنا، يصور امرأ القيس رجلا خبيث النفس، وليس من شيمته أن يقول في معنى البيتين، ولو كانت عنده ذرة وفاء، ما استعان بالروم لقتل قومه. وقوله: آليت أغدر، حذف حرف النفي، والتقدير: «لا أغدر». والرّباع: جمع ربع، وهو ما ولد من الإبل في الربيع. والأمّات: جمع أم من البهائم. والجداع: السنة الشديدة. ويجزأ: يقنع ويكتفي. والكراع: من الدواب ما دون الكعب، والجمع أكارع والعامة اليوم تقول «الكوارع»، وفي بعض أقاليم العرب يقولون «مقادم» جمع قدم، وهي أكلة لذيذة، يثرد في مرقها، ويوضع عليه اللبن والثوم، وقد يجمع معها عادة المعدة، معدة الغنم بخاصة بعد تقطيعها أوصالا وحشوها بالأرز. [شرح المفصل ج 4/ 60، اللسان «جزأ»، والشعر والشعراء، ترجمة امرئ القيس]. والشاهد: «جداع»، مبني على الكسر. 223 - ألكني إلى سلمى بآية أومأت … بكفّ خضيب تحت كفّة مدرع البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 51. وقوله: ألكني: أرسلني، والآية: العلامة، وفيها الشاهد حيث أضيف لفظ آية إلى الفعل، تشبيها لها بالظرف، وقيل: هو على حذف «ما المصدرية»، والإضافة إلى المصدر

224 - فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع

المؤول. وكفّه القميص: ما استدار حول الذيل. والمدرع: الثوب. 224 - فصبرا في مجال الموت صبرا … فما نيل الخلود بمستطاع البيت لقطري بن الفجاءة، والخطاب لنفسه. والشاهد: «فصبرا»، و «صبرا» حيث حذف منه فعله وهو الطلب، أي: اصبري يا نفس صبرا؛ وذلك لأنه وقع مكررا على ما زعم ابن عصفور؛ لأنه شرط في وجوب الحذف التكرار، وأطلقه ابن مالك، إذا وقع في الطلب، أمرا أو نهيا؛ و «الفاء» جواب الشرط؛ لأن التقدير: إذا لم تطاعي يا نفس في سؤالك بقاء يوم على الأجل المقدر، فاصبري في مجال الموت، و «صبرا» تأكيد للأول. [الأشموني ج 2/ 117]. 225 - دهم الشتاء ولست أملك عدّة … والصبر في الشّتوات غير مطيعي البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 246، وأنشده السيوطي شاهدا على إنفراد الواو رابطا في جملة الحال المصدرة ب «ليس»، والأكثر اجتماع الواو والضمير كقوله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ [البقرة: 267]. 226 - بكاللّقوة الشّغواء جلت فلم أكن … لأولع إلا بالكميّ المقنّع البيت غير منسوب. واللقوة: العقاب، وهو يصف فرسا، أي: بفرس كاللقوة. والشغواء: المعوجة المنقار. وقوله: لأولع: منصوب بأن مضمرة بعد لام الجحود. والمقنّع: الفارس المغطى رأسه بالبيضة. والشاهد: «بكاللّقوة»، حيث جاءت الكاف فيه اسما؛ لأنه مجرور بالباء، وحروف الجرّ لا تدخل على بعضها البعض. [الأشموني ج 2/ 225، والهمع ج 2/ 31]. 227 - أتبيت ريّان الجفون من الكرى … وأبيت منك بليلة الملسوع البيت للشريف الرضي، في ديوانه، وقال أبو حيّان: ولا أدري أهو مسموع، أم مصنوع. والشاهد: «أتبيت ... وأبيت» بنصب الفعل المضارع بعد واو المعية المسبوقة باستفهام، وهو قوله أتبيت؟ وشبه الكرى (النوم) بالماء، في أن بكلّ راحة النفس، واستعاره له

228 - وكنت إذا منيت بخصم سوء … دلفت له فأكويه وقاع

بالكناية. و «الباء» في قوله: (بليلة)، بمعنى (في). وليلة الملسوع، كناية عن السهر. [الأشموني ج 3/ 307، والهمع ج 2/ 13]. 228 - وكنت إذا منيت بخصم سوء … دلفت له فأكويه وقاع البيت للشاعر عوف بن الأحوص، ونسبه الأزهري - كما في اللسان - لقيس بن زهير. والشاهد: في البيت «وقاع»، مبني على الكسر، استعمله علما على تلك الكيّة المخصوصة. [شرح المفصل ج 4/ 62]. 229 - قوّال معروف وفعّاله … عقّار مثنى أمّهات الرّباع البيت من قصيدة في المفضليات برقم 92، للسّفّاح بن بكير اليربوعي، قالها يرثي يحيى بن شدّاد، وقيل: هي لرجل من بني قربع، يرثي يحيى بن ميسرة، صاحب مصعب ابن الزبير، وكان وفى له، حتى قتل معه. وأولها: صل على يحيى وأشياعه … ربّ غفور وشفيع مطاع وهي قصيدة باردة، لا حياة فيها، لا يحسن نظمها في عقد المفضليات. والربّاع: بالكسر، جمع ربع، بضمّ ففتح، وهو ما ينتج في أول نتاج الإبل، وخصّ أمهات الرباع؛ لأنها عزيزة. والشاهد: استعمال «أمّات» بالهاء، جمعا لأمّ في غير الأناسي، والأكثر بدون هاء في البهائم، ولكن الشطر يروى أيضا: «عقّار أمّات الرّباع الرتاع». [شرح المفصل ج 10/ 4، والخزانة ج 6/ 97، والمفضليات]. 230 - ويحيّيني إذا لاقيته … وإذا يخلو له لحمي رتع البيت للشاعر سويد بن أبي كاهل اليشكريّ، من قصيدته الرقيقة المطلع، حيث يقول: بسطت رابعة الحبل لنا … فوصلنا الحبل منها ما اتّسع حرّة تجلو شتيتا واضحا … كشعاع الشمس في الغيم سطع وما أجمل قوله، يصف رابعة: تمنح المرآة وجها واضحا … مثل قرن الشمس في الصّحو ارتفع

231 - ارحم أصيبيتي الذين كأنهم … حجلى تدرج في الشربة وقع

أرأيت؟ المرآة، مفعول به، فهي التي تمنح المرأة الوجه الجميل، والقصيدة في المفضليات برقم (40)، والبيت الشاهد في مجموعة أبيات من القصيدة، يصور فيها صورة رائعة للعداوة القاتلة، يكنها له صاحبه المنافق، وكيف يكبته ويقمعه، يبدأ بالبيت الشاهد: ربّ من أنضجت غيظا قلبه … قد تمنى لي موتا لم يطع 231 - ارحم أصيبيتي الذين كأنّهم … حجلى تدرّج في الشّربّة وقّع البيت لعبد الله بن الحجاج الثّعلبي، من قطعة يخاطب بها عبد الملك بن مروان، ويعتذر إليه من صحبته لعبد الله بن الزبير، وكان قد خرج معه، شبه صبيتهم - لضعفهم عن الكسب - بحجل يتدرج من أماكنه ولا يطير؛ لعجزه عن الطيران. والشرّبّة: موضع. والشاهد: «حجلى» جمع الحجلة، وهو طائر معروف، وفيه «أصيبية» تصغير «أصبية»، وقياس فعل أن يجمع على أفعله، مثل رغيف وأرغفة، لأنهم قالوا في جمع «صبيّ»: «صبية» فلما صغّر ردّ إلى أصله فصغره على «أصبية» ومثله غلام وغلمة، يصغر «أغيلمة»، وجمع القلة من جموع التكسير، يصغّر لفظه، ولا يرد إلى مفرده. [شرح المفصل ج 5/ 21، و 134، واللسان «حجل»]. ورووا أن الشاعر لما قال لعبد الملك، بعد البيت السابق: أدنو لترحمني وتقبل توبتي … وأراك تدفعني، فأين المدفع قال عبد الملك: إلى النار. قال أبو أحمد: إن صحت الرواية: فقد أخطأ فيما قال عبد الملك. إن كان يريد نار الآخرة، فهذه لا يملكها، كما لا يملك لنفسه الجنة. وإن كان يريد نار الدنيا، والعذاب الذي يلاقيه منه، فهو مخطئ، فلو أنّ سلاطين العرب قتلوا كلّ من خالفهم في الفتنة، لفنى العرب. والمعروف أن الفتن التي تمت في تاريخ العرب، لم ينتصر فيها من كان على حقّ كامل، وإنما انتصر فيها من انتصر، إما لضعف خصمه العسكري، وإما لأن ناسا من أهل الحكمة رأوا حقن دماء المسلمين، فلا يغترنّ سلطان بسلطانه، وليكن واسع الصدر مع من ولّاه الله عليهم، ولينظر بعين للآخرة التي لا يستطيع فيها أن يكذب على ربّه، ولينظر بعين أخرى إلى التاريخ الذي سيكتب عنه، وهو الذّكر الذي يخلد به في الدنيا، وليعلم أنّ الذين يذكرون محامده في حياته خوفا، لن يستطيعوا أن يفعلوا ذلك بعد موته.

حرف الغين المعجمة

حرف الغين المعجمة 1 - أخاك الذي إن تدعه لملّمة … يجبك كما تبغي ويكفك من يبغي وإن تجفه يوما فليس مكافئا … فيطمع ذو التزوير والوشي أن يصغي لم ينسبهما أحد. والشاهد: أخاك، حيث يجوز أن يكون منصوبا، وأن يكون نصبه على الاغراء، من غير أن يكون مكررا. [شذور الذهب]. 2 - ولكن ببدر سائلوا عن بلائنا … على النّاد والأنباء بالغيب تبلغ لكعب بن مالك الأنصاري. وبدر: أراد به، موقع غزوة بدر. والنّاد: وهو هنا: القوم، وأصله المكان الذي يجتمعون فيه. والشاهد: (الناد)، فإنه يريد (على النادي)، فحذف الياء مجتزئا بالكسرة قبلها. [الإنصاف/ 389].

حرف الفاء

حرف الفاء 1 - فما بالنا أمس أسد العرين … وما بالنا اليوم شاء النّجف هذا البيت، أحد أربعة أبيات منسوبة إلى أحد أصحاب علي بن أبي طالب، يوم صفّين، وذكروا حولها قصة ليس فيها سند، وإنما هي من اختراعات المؤرّخين والأدباء، والبيت لا يصحّ الاستشهاد به في النحو؛ لأنه مجهول القائل، وربما كان ناظمه من أهل العصر العباسي. وقد ذكروا البيت على أنّ «أسد العرين»، و «شاء النجف»، حالان إما على تقدير «مثل»، وإما على تأويلهما بوصف، أي: شجعانا وضعافا، والعامل في الحال لفظ «البال»؛ لكونه بمعنى الفعل، ومجيء الحال بعد «ما بال» أكثري، وقد يأتي التركيب بدون الحال، كقوله تعالى: فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى [طه: 51]. وقد وردت الحال بعد «ما بال» على وجوه: منها: مفردة: كالبيت الشاهد، وقول الشاعر: «ما بال النجوم معلقات». ومنها: ماضية مقرونة ب «قد»، كقول العامري: ما بال قلبك يا مجنون قد هلعا ... ومنها: ماضية مقرونة ب «قد» و «الواو»، كقول الشاعر: ما بال جهلك بعد الحلم والدين … وقد علاك مشيب حين لا حين ويأتي بدون «قد»، كقول الشاعر: فما بال قلبي هدّه الشوق والهوى … وهذا قميصي من جوى الحزن باليا وتأتي مضارعية مثبتة، كقول أبي العتاهية: ما بال دينك ترضى أن تدنّسه … وثوب دنياك مغسول من الدنس

2 - وعض زمان يا ابن مروان لم يدع … من المال إلا مسحتا أو مجلف

وتأتي منفية كقوله: وقائلة ما باله لا يزورها ... ومنها: اسمية غير مقترنة ب «واو»، كقول ذي الرّمة: ما بال عينك منها الماء ينسكب ... [الخزانة/ 3/ 201]. 2 - وعضّ زمان يا ابن مروان لم يدع … من المال إلا مسحتا أو مجلّف البيت للفرزدق. والمسحت: الذي لم يبق منه بقية. والمجلّف: الذي ذهب معظمه، وبقي منه شيء يسير. قال الزمخشري: هذا البيت ما تزال الرّكب تصطكّ في تسوية إعرابه. وقال ابن قتيبه: رفع الفرزدق آخر البيت ضرورة، وأتعب أهل الإعراب في طلب الحيلة، فقالوا وأكثروا، ولم يأتوا منه بشيء يرتضى. وأحسن ما قرأت في توجيهه، أن رواية البيت: وعضّ زمان يا ابن مروان ما به … من المال إلا مسحت أو مجلّف انظر [الخزانة/ 5/ 144]. 3 - أمن رسم دار مربع ومصيف … لعينيك من ماء الشؤون وكيف البيت للحطيئة من قصيدة يمدح بها سعيد بن العاص الأموي. والرسم هنا: مصدر رسم المطر الدار، أي: صيرها رسما بأن عفّاها، ولا يراد بالرسم ما شخص من آثار الدار. والبيت شاهد على أن «رسم دار» مصدر مضاف إلى مفعوله، ومربع: فاعله. [الخزانة/ 8/ 121، وشرح المفصل/ 6/ 62، وديوان الحطيئة]. 4 - كفى بالنأي من أسماء كافي … وليس لنأيها إذ طال شافي هذا مطلع قصيدة لبشر بن أبي خازم.

5 - إذا نهي السفيه جرى إليه … وخالف، والسفيه إلى خلاف

وهو شاهد على أنّ الوقف على المنصوب بالسكون لغة، فإنّ «كافيا» مفعول مطلق، وهو مصدر مؤكّد لقوله: «كفى»، وكان القياس أن يقول: كافيا، لكن حذف تنوينه، ووقف عليه بالسكون، والمنصوب حقّه أن يبدل تنوينه ألفا، وكاف: من المصادر التي جاءت على وزن اسم الفاعل. [الخزانة/ 4/ 439، والخصائص/ 2/ 268، وشرح المفصل/ 6/ 51، والأشموني/ 2/ 310، والمرزوقي/ 294، 970]. 5 - إذا نهي السفيه جرى إليه … وخالف، والسفيه إلى خلاف أنشده الأنباري في «الإنصاف». جرى: أسرع. وخالف: مفعوله محذوف للعلم به، والتقدير: خالف زاجره. وجملة: والسفيه إلى خلاف للتذييل، بمعنى أنها استئنافية، والمعنى: ومن شأن السفيه وطبعه مخالفة ناصحه. والشاهد: «جرى إليه»، فإن مرجع الضمير في «إليه»، لم يتقدم صريحا في الكلام، ولكن تقدم الوصف الدال عليه، وهو قوله: «السفيه»، فهذه الكلمة دالة على الذات والحدث الذي تتصف به، وهو السّفه، فاكتفى الشاعر بتقدم المرجع في ضمن الوصف. ومنه قوله تعالى: وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ [الزمر: 7]، أي: يرض الشكر لكم، ولم يتقدم ذكر الشكر صراحة. [الإنصاف/ 140، والهمع/ 1/ 65]. وتقدير الكلام في البيت الشاهد: جرى هو، أي: السفه المفهوم من لفظ السفيه، فحذف مفسّر الضمير للعلم به. 6 - فكلتاهما خرّت وأسجد رأسها … كما سجدت نصرانة لم تحنّف قاله أبو الأخزر الحمّانيّ. قال ابن منظور: إنه يصف ناقتين طأطأتا رأسيها من الإعياء، فشبّه رأس الناقة في تطأطئها، برأس النصرانية إذا طأطأته في صلاتها. وقوله: أسجد رأسها: لغة في سجد رأسها، تقول: أسجد الرجل، إذا طأطأ رأسه وانحنى. والنصرانة: واحدة النصارى، والمذكر عند الخليل، نصران، ولكن المستعمل نصرانيّ، ونصرانية. وقوله: لم تحنّف، أي: لم تختتن، وتأتي تحنف بمعنى: اعتزل الأصنام. والشاهد: «كلتاهما خرّت»، حيث أعاد الضمير على «كلتا» مفردا في قوله: «خرّت». [سيبويه/ 2/ 29، والإنصاف/ 445، واللسان/ نصر]. 7 - تعلّق في مثل السواري سيوفنا … وما بينها والكعب غوط نفانف

8 - ومن قبل نادى كل مولى قرابة … فما عطفت مولى عليه العواطف

قاله مسكين الدارمي. والسواري: جمع سارية، وهي العمود. شبه أنفسهم بالسواري لطول أجسامهم، والطول مما تتمدح به العرب. والغوط: بضم الغين، جمع غائط، وهو المطمئن من الأرض. ونفانف: جمع نفنف بوزن جعفر، وهو الهواء بين الشيئين، وكل شيء بينه وبين الأرض مهوى فهو نفنف، وهذا يشبه قولهم في وصف رقبة المرأة بالطول: «بعيدة مهوى القرط». والشاهد: ف «ما بينها والكعب»، حيث عطف الكعب ب «الواو» على الضمير المتصل المخفوض بإضافة الظرف، وهو قوله: «بين» إليه، من غير أن يعيد العامل في المعطوف عليه مع المعطوف، ومثله قول الشاعر: بنا أبدا لا غيرنا تدرك المنى … وتكشف غمّاء الخطوب الفوادح عطف «غيرنا» ب «لا» على الضمير المجرور من غير أن يعيد العامل. [الإنصاف/ 465، وشرح المفصل/ 3/ 79، والأشموني/ 3/ 115]. 8 - ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة … فما عطفت مولى عليه العواطف غير منسوب. يصف الشاعر شدة من الشدائد، أذهلت كل واحد عن أقربائه وذوي نصرته. والشاهد: «من قبل»، فإن الرواية بجر «قبل» بدون تنوين؛ وذلك لأنه حذف المضاف إليه ونوى لفظه، وأصل الكلام: ومن قبل ذلك، حدث كيت وكيت، واسم الإشارة هو المضاف إليه الذي حذفه من الكلام، مع أنه يقصده. وقرئ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم: 4] بالخفض دون تنوين، على نية وجود المضاف إليه. [العيني/ 3/ 443، والهمع/ 1/ 210، والأشموني/ 2/ 269]. 9 - ولبس عباءة وتقرّ عيني … أحبّ إليّ من لبس الشفوف لميسون بنت بحدل، زوج معاوية بن أبي سفيان، وكانت بدوية، فحنت إلى مرابع أهلها، وفضّلتها على سكنى القصور والملابس الناعمة. والشاهد: «وتقرّ»، حيث نصب المضارع ب «أن» مضمرة بعد واو عاطفة على اسم خالص من التقدير بالفعل، وهو «لبس»، وهذا الإضمار جائز، وسبب النصب ب «أن»؛

10 - بني غدانة ما إن أنتم ذهب … ولا صريف ولكن أنتم الخزف

لئلا يصار إلى عطف فعل على اسم. [سيبويه/ 1/ 426، والمفصل/ 7/ 25، والشذور/ وشرح المغني/ 5/ 64]. 10 - بني غدانة ما إن أنتم ذهب … ولا صريف ولكن أنتم الخزف لم أعرف قائله. والصريف: الفضة. والخزف: الفخار. والشاهد: «ما إن أنتم ذهب»، حيث أهمل «ما» النافية فلم يعملها، بسبب وجود (إن) الزائدة بعدها، وهناك رواية بنصب «ذهبا» على إعمال «ما»، وتقدر «إن» نافية مؤكدة. [الخزانة/ 4/ 119]. 11 - تنفي يداها الحصى في كل هاجرة … نفي الدّراهيم تنقاد الصياريف قاله الفرزدق يصف ناقته. وتنفي: تدفع. والدراهيم: الدراهم، أشبع الكسرة، وقيل: مفرده درهام، كقرطاس. والصياريف: جمع صيرفيّ. وتنقاد: من نقد الدراهم، وهو التمييز فيها. والشاهد: «نفي الدراهيم تنقاد»، حيث أضاف المصدر، وهو «نفي» إلى مفعوله «الدراهيم»، ثم أتى بالفاعل مرفوعا «تنقاد»، وأصل الكلام: «نفي الصياريف الدراهيم تنقدها». [الخزانة/ 4/ 426]. 12 - وقالوا: تعرّفها المنازل من منى … وما كلّ من وافى منى أنا عارف هذا البيت لمزاحم بن الحارث العقيلي. تعرفها: اسأل الناس عنها. تعرفها: فعل أمر، المنازل: منصوب على نزع الخافض، والأصل: تعرفها بالمنازل. والشاهد: «ما كل من وافى منى أنا عارف»، بنصب «كلّ» مفعول به لاسم الفاعل «عارف»، وتكون «ما» مهملة؛ لتقدم معمول خبرها «عارف»، وهو «كلّ». ويجوز رفع «كلّ» اسم «ما» الحجازية، وجملة «أنا عارف» خبرها. والرابط ضمير محذوف (عارفه)، وجاز إعرابها مبتدأ، وتكون «ما» ملغاة. [سيبويه/ 3، والشذور، وشرح المغني/ 8/ 109، والأشموني/ 1/ 249]. 13 - نحن بما عندنا وأنت بما … عندك راض والرأي مختلف

14 - من نثقفن منهم فليس بآيب … أبدا وقتل بني قتيبة شافي

لقيس بن الخطيم، أحد فحول الجاهلية من قصيدة أولها. ردّ الخليط الجمال فانصرفوا … ماذا عليهم لو أنهم وقفوا والشاهد: «نحن بما عندنا»، حيث حذف الخبر، قصدا للاختصار مع ضيق المقام، والذي جعل حذفه سائغا، دلالة خبر المبتدأ الثاني عليه. والتقدير: «نحن راضون». والحذف من الأول لدلالة الثاني عليه شاذ، والأصل الغالب هو الحذف من الثاني لدلالة الأول عليه. [سيبويه/ 1/ 38، والإنصاف/ 95، وشرح المغني 7/ 299]. 14 - من نثقفن منهم فليس بآيب … أبدا وقتل بني قتيبة شافي قالته بنت مرة بن عاهان، من قطعة ترثي أباها بها. والشاهد: «نثقفن»: حيث أكّد الفعل المضارع الواقع بعد أداة الشرط، من غير أن تتقدم على المضارع (ما) الزائدة المؤكدة ل «إن» الشرطية، وهو ضرورة شعرية. [سيبويه/ 2/ 152، والخزانة/ 11/ 399]. 15 - أقبلت من عند زياد كالخرف … تخطّ رجلاي بخطّ مختلف تكتّبان في الطريق لام الف هذا رجز لأبي النجم العجلي، يصف خروجه من عند صديق له يسمى زيادا، وقد سقاه خمرا. وقال ابن جني: إنما أراد كأنهما تخطان حروف المعجم، لا يريد بعضها دون بعض، أو أنه أراد بقوله: «لام ألف»، شكل «لا»، ولا يريد حرف الألف، لأنه من الخطأ تسمية حرف الألف اللينة التي قبل الياء ب (لام ألف)، وصواب النطق به (لا)، وإنما لا يصح أن تفرد الألف اللينة من اللام كسائر الحروف؛ لأنها لا تكون إلا ساكنة تابعة للفتحة، والساكن لا يمكن ابتداؤه، فدعمت باللام؛ ليقع الابتداء، وذلك من باب التقارض؛ لأنّهم لما احتاجوا إلى النطق بلام التعريف الساكنة، أتوا قبلها بالهمزة فقالوا: الغلام، وعند ما احتاجوا إلى نطق الألف، اقترضوا اللام. واستشهد سيبويه بالرجز على أنّ الشاعر ألقى حركة ألف، على ميم لام. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 6/ 151، والخصائص/ 3/ 297، والهمع/ 2/ 69]. 16 - كأنّ أذنيه إذا تشوّفا … قادمة أو قلما محرّفا

17 - أخالد قد والله أوطئت عشوة … [وما قائل المعروف فينا يعنف]

البيت للشاعر محمد بن ذؤيب العماني، من مخضرمي الدولتين، عاش مائة وثلاثين سنة، قالوا: ولم يكن الشاعر من أهل عمان، وإنما نظر إليه أحدهم فقال: من هذا العماني؟ وذلك أنه كان مصفرا مطحولا، وكذلك كان أهل عمان في قديم الزمان، والعهدة على الرواة، فلا يغضب أهل عمان، قال الشاعر: ومن يسكن البحرين يعظم طحاله … ويغبط بما في بطنه وهو جائع وكانوا يعدون «عمان» من البحرين، فيقولون: بلد على شاطئ البحرين بين البصرة وعدن. والبيت في وصف فرس، وقوله: تشوفا: تشوّف: تطلع، والمراد نصب الأذن للاستماع، وفي الفعل خروج على القاعدة، وكان من حقه أن يقول: تشوفتا؛ لأن الضمير للأذنين، والأذن مؤنثة مجازية، فكان حق الفعل التأنيث؛ لإسناده إلى ضمير، المؤنث سواء أكان حقيقيا أم مجازيا. والقادمة: إحدى قوادم الطير، وهي قادمة ريشه. والقلم: آلة الكتابة. والمحرّف: المقطوط لا على جهة الاستواء. وذكر ابن هشام (في المغني) البيت على أنّ «كأنّ» قد نصب بعدها الاسم والخبر. وقال المبرّد في (الكامل): أنشد العماني الرشيد في صفة الفرس «كأنّ أذنيه ..» الخ، فعلم القوم كلهم أنه قد لحن، ولم يهتد أحد منهم لإصلاح البيت إلا الرشيد، فإنه قال له: قل: «تخال أذنيه». والوزن صحيح على الرجز. [الخصائص/ 2/ 430، والهمع/ 1/ 134، والأشموني/ 1/ 270، وشرح أبيات مغني اللبيب، ج/ 4/ 177]. 17 - أخالد قد والله أوطئت عشوة … [وما قائل المعروف فينا يعنّف] هذا البيت ملفّق من بيتين لشاعرين، أما الشطر الأول، فهو لأخي يزيد بن بلال البجلي. والثاني للفرزدق. وحقّ الشطر الأول أن يكون في حرف القاف؛ لأن روايته هكذا: أخالد قد والله أوطئت عشوة … وما العاشق المسكين فينا بسارق وأما بيت الفرزدق فهو: وما حلّ من جهل حبا حلمائنا … ولا قائل المعروف فينا يعنّف

18 - قد يكسب المال الهدان الجافي … بغير لا عصف ولا اصطراف

وقصة البيت الأول: أن خالدا القسري (والي العراق)، أخذت شرطته يزيد بن بلان بتهمة السرقة، فقطع يده، وما كان سارقا، وإنما وجد في دار قوم؛ للالتقاء بصاحبته، فادّعي عليه السرقة، وأقرّ بها، خوفا من الفضيحة، فقال أخوه أبياتا منها البيت المذكور. ومعنى «أوطئت عشوة» عشوة: بكسر العين، الظلمة، ومعنى التركيب أخبرت بباطل. والبيت شاهد: على أنه فصل بين «قد» والفعل، بجملة القسم، و «قد» مع الفعل كالجزء لا يفصل عنها إلا بالقسم. [سيبويه/ 2/ 260، والهمع/ 1/ 248، والخصائص/ 2/ 448، وشرح أبيات المغني/ 4/ 86]. 18 - قد يكسب المال الهدان الجافي … بغير لا عصف ولا اصطراف رجز قاله العجّاج، وينسب أيضا إلى ابنه رؤبة. والهدان: بكسر الهاء، الأحمق، الثقيل في الحرب. والجافي: الغليظ. والعصف، والاعتصاف: الطلب والحيلة. والاصطراف: بمعنى العصف. وهذا البيت من شواهد الكوفيين على أنّ الكلمتين إذا كان معناهما واحدا جاز أن نؤكد إحداهما بالأخرى، كما أكّد الراجز «غير» ب «لا». وبالتالي فإنهم يرون أن «أن» المصدرية، إذا وقعت بعد «كي» المصدرية، تكون «أن» توكيدا لكي؛ لأنهما بمعنى واحد، مثل البيت: أردت لكيما أن تطير ... … بلقع (انظره في حرف العين) [الخصائص/ 2/ 283، والإنصاف/ 581، واللسان (صرف) وعصف]. 19 - عمرو الذي هشم الثريد لقومه … ورجال مكّة مسنتون عجاف هذا البيت لمطرود بن كعب الخزاعي، من كلمة يمدح فيها هاشم بن عبد مناف، ورواه ابن دريد في الاشتقاق. وكان هاشم يسمّى عمرا، فسمّوه هاشما؛ لأنه كان يهشم الثريد لقومه، ويطعمهم في المجاعات. والشاهد: «عمرو»، حيث حذف الشاعر التنوين؛ للتخلص من التقاء الساكنين، التنوين وسكون اللام في الذي وهي ضرورة شعرية. [الانصاف/ 663، وشرح المفصل/ 9/ 36، والعيني/ 4/ 140، واللسان «سنت والسيرة»]. 20 - فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا … إذا نحن فيهم سوقة ليس ننصف

21 - أيا شجر الخابور مالك مورقا … كأنك لم تجزع على ابن طريف

قالته حرقة بنت النعمان بن المنذر. وقولها: ليس ننصف، أي: نخدم. والشاهد: «بينا» قيل: «الألف» فيها كافة عن الإضافة، أو هي بعض «ما» الكافة عن الإضافة، وقيل: هي للإشباع و «بين» مضافة إلى الجملة. [شرح أبيات المغني/ 5/ 273، والمرزوقي/ 1203، والدرر/ 1/ 178، واللسان «نصف»]. 21 - أيا شجر الخابور مالك مورقا … كأنّك لم تجزع على ابن طريف البيت قالته الفارعة بنت طريف، من قصيدة ترثي أخاها الوليد بن طريف، وكان قد خرج أيام الرشيد في الجزيرة الفراتية. والخابور: نهر في الجزيرة. وقولها: مالك مورقا: توبيخ للشجر أنه أورق، وهذا من تجاهل العارف؛ لأنها تعلم أنّ الشجر لم يجزع على ابن طريف، ولكنها تجاهلت، فاستعملت لفظ «كأنّ» الدال على الشك، وبهذا يعلم أنه ليس بواجب في «كأنّ» أن تكون للتشبيه، وهذا ما ذكره القدماء في تفسيره، وبخاصة أهل البلاغة، وأقصد أهل علم البلاغة الذين يتناولون الكلام تناولا جامدا، يتعاملون مع ألفاظه ومصطلحات البلاغة بعيدا عن الروح الأدبية. والحق أنّ البيت من أجمل الشعر وأرقه، حيث امتزجت الشاعرة بالطبيعة من حولها، وأرادت أن يحزن الكون كله لحزنها، ويشاركها الشجر في ذلك؛ لأنّ خضرة الشجر والأرض عند العرب، عنوان الفرح والسعد، فكيف تسعد الأرض والناس حولها في حزن، بل في البيت من المعاني ما لا يدرك إلا بالشعور والترنم به. ولم يذكروا البيت لشاهد نحوي. وانظر قصيدة البيت في [شرح أبيات مغني اللبيب ج 1/ 277، والدرر/ 1/ 111، والأغاني/ 12/ 58، والوحشيات/ 150]. 22 - أرى محرزا عاهدته ليوافقن … فكان كمن أغريته بخلاف مجهول. والشاهد: أن جملة «ليوافقن»، جواب ل «عاهدته» المنزل منزلة القسم، وجملة عاهدته: مفعول ثان لأرى. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 6/ 240]. 23 - لقد زاد الحياة إليّ حبّا … بناتي أنهنّ من الضّعاف مخافة أن يرين البؤس بعدي … وأن يشربن رنقا بعد صاف وأن يعرين إن كسي الجواري … فتنبو العين عن كرم عجاف اختلفوا في نسبتها، فذكروا أربعة شعراء، ويظهر أن واحدا قالها، وتمثل بها الباقون.

24 - يا ليت حظي من نداك الضافي … والفضل أن تتركني كفاف

والشاهد في البيت الثالث، وإنما ذكرت الثلاثة؛ لحسنها. وقوله: تنبو: تتباعد، والكرم: الأصالة والنسب الشريف. والعجاف: الهزيل. ووصف الكرم بالجمع؛ للمبالغة. وأراد بالعين: أعين الناس، يعني: فلا يرغب أحد في نكاحهن؛ لشدّة فقرهن، وإن كنّ أصيلات نسيبات. والبيت الأخير، أنشده ابن هشام شاهدا على أن «كسي» - بفتح الكاف وكسر السين - فعل لازم، أي: صرن ذات كسوة، وفي القاموس ما يخالف ذلك. [شرح أبيات المغني/ 7/ 138، واللسان «كرم»، والأغاني ترجمة عمران بن حطان]. 24 - يا ليت حظّي من نداك الضافي … والفضل أن تتركني كفاف من أرجوزة لرؤبة بن العجّاج، يعاتب بها أباه؛ لأنه أخذ منه قصيدة وأنشدها سليمان ابن عبد الملك، ولم يعطه نصيبه من المال. والشاهد: «كفاف» فهو اسم فعل؛ لأنه جاء على بابه، وزن فعال، ومعناه: كفّ عني، وأكفّ عنك. [المغني/ 8/ 58]. 25 - فحالف فلا والله تهبط تلعة … من الأرض إلا أنت للذل عارف من شواهد سيبويه المجهولة القائل. والتلعة من الأضداد، يقول: حالف من تعتزّ بحلفه، وإلا عرفت الذل حيث توجهت من الأرض. والشاهد: حذف «لا» بعد القسم؛ لعدم الإشكال؛ لأن الفعل الموجب بعد القسم؛ تلزمه اللام والنون، فترك اللام والنون، دليل على أن الفعل منفي. [سيبويه/ 1/ 454]. 26 - فقالت: حنان ما أتى بك ها هنا … أذو نسب أم أنت بالحيّ عارف قاله المنذر بن درهم الكلبي. والحنان: الرحمة. سألته عن علة مجيئه، أله قرابة بها، أم له معرفة بحيّها، قالت هذا حين فاجأها فأنكرته، أو تظاهرت بإنكاره. والشاهد: رفع «حنان»، بتقدير مبتدأ، أي: أمرنا حنان، وهو نائب عن المصدر الواقع بدلا من الفعل. [سيبويه/ 1/ 161، وشرح المفصل/ 8/ 11، والهمع/ 1/ 189، والخزانة/ 2/ 112]. 27 - بحيّلا يزجون كلّ مطيّة … أمام المطايا سيرها المتقاذف

28 - وما سجنوني غير أني ابن غالب … وأني من الأثرين غير الزعانف

للنابغة الجعدي. حيهلا: اسم فعل، معناه الأمر بالعجلة، أي: لعجلتهم يزجون المطايا بقولهم: حيهل، مع أنها متقدمة في السير متقاذفة فيه، أي: مترامية. والشاهد: «حيّهلا»، حيث تركه على لفظه محكيا. [سيبويه/ 2/ 52، وشرح المفصل/ 4/ 36، والخزانة/ 6/ 268]. 28 - وما سجنوني غير أنّي ابن غالب … وأني من الأثرين غير الزّعانف قاله الفرزدق: من قصيدة يمدح بها هشاما، ويذكر حبس خالد بن عبد الله القسري له، ويستعدي عليه هشاما، وجعله سجنه غير معدود عنده سجنا؛ لأنه لم ينقصه، ولا حط من شرفه؛ لأنّ عزّه في انتسابه إلى أبيه غالب، لا يدانيه عزّ. والأثرين: الأكثر عددا. والزعانف: الأدعياء، وأصلها أجنحة السمك. والشاهد: نصب «غير»، على الاستثناء المنقطع. ويرى المبرد أنّه منصوب على المفعول له. والمقصود «غير» الأولى. [سيبويه/ 1/ 367]. 29 - بينما المرء في فنون الأماني … فإذا رائد المنون موافي الشاهد: مجيء «إذا» الفجائية بعد «بينما». 30 - تهدي كتائب خضرا ليس يعصمها … إلا ابتدار إلى موت بأسياف اختلفوا في «ليس»، حرف هي أم فعل، وقال بعضهم: تكون حرفا مثل «ما» النافية، إذا دخلت على الجملة الفعلية، كما في البيت. 31 - كأنّها يوم صدّت ما تكلّمنا … ظبي بعسفان ساجي الطرف مطروف الشاهد: «ما تكلمنا» من المواضع التي تمتنع فيها واو الحال؛ لأنها جملة مضارعية منفية ب «ما» وتربط بالضمير وحده. وأجاز السيوطي في «همع الهوامع» مجيء واو الحال وحذفها، نحو: (جاء زيد وما يضحك)، أو: ما يضحك. 32 - بعشرتك الكرام تعدّ منهم … فلا ترين لغيرهم ألوفا العشرة: اسم مصدر بمعنى المعاشرة، وهو هنا شاهد على جواز عمل اسم المصدر عمل الفعل الذي بمعناه، فنصب هنا المفعول به (الكرام)، وأضيف إلى الفاعل.

33 - نحن بغرس الودي أعلمنا … منا بركض الجياد في السدف

33 - نحن بغرس الوديّ أعلمنا … منّا بركض الجياد في السّدف البيت منسوب إلى قيس بن الخطيم، وإلى سعد القرقورة، أخي النعمان بن المنذر من الرضاعة. والوديّ: بفتح الواو وكسر الدال وتشديد الياء: النخلة الصغيرة تقلع من جنب أمّها، وتغرس في موضع آخر، وهو الفسيل أيضا. والسّدف: الضوء في لغة قيس، والظلمة في لغة تميم. وقيل: السّدف: اختلاط الضوء بالظلام، مثل ما بين صلاة الصبح إلى الفجر. فالشاعر يقول: إننا أهل زراعة، ونحن بارعون في زراعة النخل لا في ركوب الخيل. وهذا القول، لا يصدر عن قيس بن الخطيم؛ لأنه فارس شجاع، وإنما هو من قول سعد القرقورة، لأن قصة البيت المرويّة تناسب حاله، ولعلّ الذي جعلهم ينسبونه إلى قيس بن الخطيم، كونه من أهل المدينة، وأهل المدينة مشهورون بزراعة النخيل، ولكن سعد القرقورة من أهل هجر (الاحساء)، وهي مشهورة بزراعة النخيل أيضا. والبيت ذكره ابن هشام في المغني على أن ابن جني ادّعى أنّ «نا»، مؤكدة للضمير المستتر في «أعلم» وخرجه ابن عصفور في كتاب «الضرائر» على غير هذا، فقال: ومنه تأكيد الاسم المخفوض بالإضافة، باسم مخفوض ب «من»، حملا على المعنى، ولكن البيت مرويّ هكذا: [وهو من وزن المنسرح]. نحن بغرس الوديّ أعلم … منا بقياد الجياد في السّدف وعليه، فلا ضرورة فيه، ولا شاهد، وانظر قصة البيت في [شرح أبيات مغني اللبيب ج 6/ 336 للبغدادي، واللسان «سدف»، والأشموني/ 3/ 47]. 34 - وما قام منّا قائم في نديّنا … فينطق إلا بالتي هي أعرف البيت للفرزدق، والنديّ: مجلس القوم. والشاهد: «فينطق»، رواه بعضهم بالرفع، وقالوا: إن النفي في البيت ليس خالصا؛ لأنه منقوض ب «إلّا»، ورواه بعضهم بالنصب ب «أن» مضمرة بعد الفاء، وقالوا: إن النفي إذا انتقض بإلا بعد الفاء، جاز النصب، وكذلك قال سيبويه. [الأشموني ج 3/ 304، والخزانة ج 8/ 540، وكتاب سيبويه ج 1/ 420]. قلت: ولماذا الخلاف في لفظ الفعل، وقد مات الفرزدق في بداية القرن الثاني، وكان ينشد شعره في المربد، والرواة أيامه كانوا كثيرين.

35 - فأصبح في حيث التقينا شريدهم … طليق ومكتوف اليدين ومزعف

35 - فأصبح في حيث التقينا شريدهم … طليق ومكتوف اليدين ومزعف البيت للفرزدق، من قصيدة افتخارية. والشريد: الطريد. والطليق: الأسير الذي أطلق عند إساره. والمزعف: اسم مفعول من أزعفته، إذا قتلته مكانه. والشاهد: «طليق إلى آخر البيت» على أنه يجوز القطع إلى الرفع في خبر النواسخ، فإنّ «أصبح» من أخوات كان، و «شريدهم» اسمها. و «طليق» وما بعده كان في الأصل منصوبا على أنه خبر «أصبح» فقطع عن الخبرية، ورفع على أنه مبتدأ، وخبره محذوف، أي: منهم طليق، ومنهم مكتوف، أو خبر لمبتدأ محذوف، أي: بعض الشريد طليق، والجملة في محل نصب على أنها خبر أصبح، ويجوز أيضا النصب، فيقال: طليقا ومكتوفا. [كتاب سيبويه ج 1/ 222، والخزانة ج 5/ 36]. 36 - جزيت ابن أروى بالمدينة قرضه … وقلت لشفّاع المدينة أوجف البيت لتميم بن مقبل. وابن أروى: عثمان بن عفان، أو الوليد بن عقبة، وكان أخا عثمان لأمّه، وجزيته قرضه، أي: صنعت به مثل ما صنع، والقرض: ما أسلفته من إحسان، أو إساءة. أوجفوا: أسرعوا. والشاهد: حذف «الواو» من «أوجفوا»، والاكتفاء بالضمة. ويرويه سيبويه بسكون الفاء. [سيبويه/ 4/ 212]. 37 - ما كان من بشر إلّا وميتته … محتومة لكن الآجال تختلف البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 116، وأنشده السيوطي شاهدا لدخول «الواو» على خبر كان المنفية، إذا كان جملة، بعد «إلّا». 38 - وإلى ابن أمّ أناس أرحل ناقتي … عمرو فتبلغ حاجتي أو تزحف ملك إذا نزل الوفود ببابه … عرفوا موارد مزبد لا ينزف البيتان من شعر بشر بن أبي خازم، في مدح عمرو بن حجر الكندي. ورحل الناقة: وضع عليها الرحل. وقوله: تبلغ: حذف المفعول الأول، والتقدير: تبلغني. وحاجتي: المفعول الثاني. وتزحف: أي: تعيا. والمزبد: البحر. لا ينزف: لا ينفد. والشاهد: في البيت الأول «أناس» منعه من الصرف، فجرّ بالفتحة، وليس فيه إلا

39 - وإلى ابن أم أناس تعمد ناقتي … عمرو لتنجح ناقتي أو تتلف

العلمية، وهو في الحقيقة حذف التنوين للضرورة، وفي البيت الثاني «ملك» نكرة غير موصوفة، جاء بدلا من «عمرو» المعرفة. [الإنصاف ج 2/ 496، والهمع ج 2/ 127، والخزانة ج 1/ 149]. 39 - وإلى ابن أمّ أناس تعمد ناقتي … عمرو لتنجح ناقتي أو تتلف رواية ثانية للبيت الأول من البيتين السابقين. 40 - اللذ بأسفله صحراء واسعة … واللذ بأعلاه سيل مدّه الجرف البيت بلا نسبة في الإنصاف ص 671. وأنشد الأنباريّ البيت شاهدا للكوفيين على أنّ أصل ذال «الذي»، السكون. ونظيره في «التي». قول الأقيشر بن ذهيل العكلي: وأمنحه اللت لا يغيب مثلها … إذا كان نيران الشتاء نوائما وقول الآخر: فقل للت تلومك إن نفسي … أراها لا تعوّذ بالتميم والتميم: جمع تميمة. 41 - تسقي امتياحا ندى - المسواك - ريقتها … كما تضمّن ماء المزنة الرّصف البيت لجرير، من قصيدة يمدح بها يزيد بن عبد الملك. وقوله: تسقي: الضمير يعود إلى امرأة مذكورة في المقدمة. وقوله: امتياحا، قال العيني: حال بمعنى ممتحة، أي: متسوكة، أو منصوب بنزع الخافض، أي: عند الامتياح، أي: الاستياك. والرصف: جمع رصفة، وهي حجارة مرصوف بعضها إلى بعض، وماء الرصف أرق وأصفى. جعل ريق المرأة في السواك، كماء سحابة اختزن في حجارة مرصوفة، فهو عذب طيب. وهو بيت عذب رقيق في مضمونه، وصورته الفنية، ولكنه أفسده بهذه التركيبة العجيبة في الشطر الأول. فأصله: تسقي ندى ريقتها المسواك. ندى: مفعول أول. والمسواك: مفعوله الثاني، ولكنه فصل بين المضاف «ندى»، و «ريقتها» المضاف إليه، بالمفعول الثاني «المسواك»، وإذا كان الفصل بين المتضايفين جائزا في بعض حالاته، فإن مثل هذا الفصل لا يصحّ وجوده، لا اختيارا

42 - وما زودوني غير سحق عباءة … وخمس ميء منها قسي وزائف

ولا ضرورة؛ لأنه مفسد للكلام، ولو خرجنا هذا البيت بإضافة «ندى» إلى المسواك، يكون أجمل وأحسن. [الأشموني ج 2/ 276، والهمع ج 2/ 52، والديوان/ 1/ 171]. 42 - وما زوّدوني غير سحق عباءة … وخمس ميء منها قسيّ وزائف البيت لمزرّد بن ضرار في ديوانه، واللسان «سحق»، والمرزوقي ج 1/ 364. والسحق: الثوب الخلق البالي. و «ميء»: لغة في «مئة» وقالوا: أصلها «مئي» وقيل «مئيّ» بالتشديد. وقسيّ: على وزن صبيّ، ودرهم قسيّ: رديء، والجمع قسيان. وفي حديث عبد الله بن مسعود: أنه باع نفاية بيت المال، وكانت زيوفا وقسيانا. وقد فسّرت أيضا: الزائف، ويبدو أنه أعلى مرتبة من الزائف؛ لأنه أراد أن يقسّم، ويذكر أنواع الخمسمائة التي نالها. وقال المرزوقي: سمعت أبا علي الفارسي يقول: كلّ صفتين تتنافيان وتتدافعان، فلا يصحّ اجتماعهما لموصوف، لا بدّ لإضمار «من» معهما، إذا فصّل جملة بهما، متى لم يجئ ظاهرا، ثم أنشد البيت وقال: يريد ومنها زائف. 43 - وإنّا من اللائين إن قدروا عفوا … وإن أتربوا جادوا وإن تربوا عفّوا البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 83، وأنشده السيوطي شاهدا لاستعمال «اللائين» بمعنى الذين، قال: وقد تعرب، فيقال: «اللاؤون»، وأنشد: «هم اللاؤون فكوا الغلّ عنّي». وأتربوا: كثر مالهم، وتربوا: قل مالهم، يعني أنهم يعطون على الغنى ويعفّون عند الفقر. 44 - ووجدي بها وجد المضلّ بعيره … بنخلة لم تعطف عليه العواطف البيت للشاعر مزاحم بن الحارث العقيلي، وينسب للنابغة الجعدي. والوجد: ما يجده الانسان من العشق. والمضل: اسم فاعل، من أضلّه. ونخلة: اسم مكان بالقرب من مكة، وعليها يأخذ الحاج بعد انقضاء حجهم؛ ولذلك قال: لم تعطف؛ لأنهم آخذون في الانصراف. وجملة «لم تعطف» حال من المضل. ولم تعطف العواطف: جمع عاطفة، أي: لم ترقّ له، ولم يحمله على بعير من إبله، والمعنى: أنه وجد بمفارقته لها كما وجد الذي ضلّ بعيره في هذا الموضع. والبيت من شواهد سيبويه، ومحل الشاهد أنه جعل «وجدي» مبتدأ، و «وجد المضل» خبره لا يستغنى عنه، فلم يجز نصبه على المصدرية، وأصله: وجدي بها وجد مثل وجد المضلّ بعيره. [كتاب سيبويه ج 1/ 184، والخزانة ج 6/ 269].

45 - فأمهله حتى إذا أن كأنه … معاطي يد ... غارف

45 - فأمهله حتى إذا أن كأنّه … معاطي يد ... غارف من قصيدة للشاعر أوس بن حجر، وقد أنشده صاحب المغني بقافية الراء (غامر)، وهو من قصيدة فائية، وهو يحكي قصة حمار وحشي مع صيّاد. و «إذا» ظرفية فعلها محذوف، و «أن» بعد «إذا»، زائدة، وجواب الشرط في بيت لاحق. وقد مضى الكلام على البيت في حرف الراء. [شرح أبيات المغني ج 1/ 164، والهمع ج 2/ 18، وديوان أوس]. 46 - تواهق رجلاها يديه ورأسه … له نشز فوق الحقيبة رادف البيت آخر بيت قصيدة لأوس بن حجر. تغزّل في أولها، ثم تحدّث عن ناقته، ويشبهها بحمار وحشي كمن له صياد عند الماء، فأرسل عليه سهما لم يصب مقتلا منه، فهرب الحمار مع أتانه مسرعا. والمواهقة: المسايرة، وهي المباراة. ونشز: أي: ارتفاع. والحقيبة: كناية عن الكفل. وقوله: رادف: أي: كما يردف الرجل حقيبته، والصورة الفنيّة التي رسمها تقول: إنّ الحمار يقدّم أتانه بين يديه، ثم يسير خلفها، يعني: أن يديه تعملان كعمل رجلي الأتان، ورأسه فوق عجز الأتان، كالقتب الذي يكون على ظهر البعير. قلت: وفي تقديم الحمار أتانه، نكته حضارية. فالناس اليوم يقدمون النساء، في الدخول والخروج، ويعدون ذلك مظهرا حضاريا مقتبسا من أوربة، ولكن الحمار سبقهم إلى هذه البدعة، وهؤلاء الذين يقدمون النساء، يتقدمونهم هربا إذا نزل الخطب، وبهذا كان حمار أوس بن حجر، أغير على أنثاه من أهل المدنية اليوم؛ ذلك أنه لم يشأ أن يهرب وحده من سهام الصيّاد، ولكنه ساق أتانه أمامه اه. ورواية البيت في شعر أوس: «تواهق رجلاها يديه»، بنصب «يديه» مفعول به ل «تواهق». والمعنى يوجب أن تكون اليدان مضافة إلى ضمير مذكر، وهو ضمير الحمار؛ ذلك أن المواهقة هي المسايرة، وهي المواعدة. ولكن رواية سيبويه «تواهق رجلاها يداها» برفعهما، على أن اليدين مضافة إلى ضمير المؤنث، وهي ضمير الأتان. والشاهد: أنه رفع «يداها» بإضمار فعل، ولم يجعلهما مفعولا، فكأنه قال بعد قوله: «تواهق رجلاها» تواهقهما يداها، محمول على المعنى؛ لأنه إذا واهقت الرجلان اليدين،

47 - وذبيانية أوصت بنيها … بأن كذب القراطف والقروف

فقد واهقت اليدان الرجلين. وقال النحاس: رفع الرجلين واليدين؛ لأن كلّ واحد منهما قد واهق الآخر، فهما الفاعلان. ولكن سيبويه جعل المواهقة بين رجلي ويدي الأتان، والمواهقة في البيت بين رجليها، ويدي الحمار؛ لأن يديه، تواهق رجليها، وكأنه يضع قدميه، حيث كانت رجلاها؛ ليساير الحمار أتانه. وقد نقله ابن منظور في اللسان كما رواه سيبويه، ولكنه جاء هكذا: «تواهق رجلاها يداه»، فجعل المواهقة بين الحمار والأتان. وقد اعتذر خدام كتاب سيبويه له، فنقل البغدادي عن ابن خلف قوله: احتج سيبويه بما سمع من إنشاد بعض العرب بالرفع فيهما، وإذا أنشد العربي الذي يحتج بشعره وكلامه بيتا متقدما على ضرب ولفظ غير الضرب المشهور، فقول العربي الراوي حجة، كما أن قول الشاعر الذي قال الشعر في الأصل حجة. قلت: وهذا الاعتذار، يقدمونه عند كل رواية لسيبويه، تخالف المشهور من شعر الشاعر، وهو اعتذار غير مقبول، ولا يضير سيبويه أن نقول إنه أخطأ، أو سها، أو وهم، وإنما نعتذر له بقول القائل: ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلّها … كفى المرء نبلا أن تعدّ معايبه [اللسان «وهق» وشرح أبيات المغني ج 1/ 171، وكتاب سيبويه ج 1/ 145، وشرح أبيات سيبويه للنحاس ص 131]. 47 - وذبيانيّة أوصت بنيها … بأن كذب القراطف والقروف البيت من قصيدة للشاعر معقّر بن أوس بن حمار البارقي، مدح بها بني نمير، وذكر ما فعلوا ببني ذبيان بشعب جبلة، وهو من أيام العرب، وكان معقر حليفا لبني نمير. والقراطف: جمع قرطف، على وزن جعفر، وهو القطيفة، أي: كساء مخمل. والقروف: جمع قرف: بفتح فسكون، وهو وعاء من جلد يدبغ بقشر الرّمان، ويجعل فيه لحم يطبخ بالتوابل، ويتزود به في الأسفار، وفي أيامنا يسمون هذا اللحم «القاورما»، وقد مضت أيامه؛ لأن التبريد حلّ محله، وكانوا يذبحون الخروف ويقلبونه على النار في دهنه، ويضعون عليه البهارات والتوابل، ويخزنونه في صفيحة، يأكلون منه فصل الشتاء كله، ويحمل منه الحاجّ في سفره إلى مكة والمدينة. وقوله: وذبيانية: «الواو»، واو ربّ، يقول: ربّ امرأة ذبيانية أمرت بنيها أن يستكثروا من نهب هذين الشيئين، إذا ظفروا بعدوّهم، وغنموا؛ وذلك لحاجتهم، وقلة مالهم.

48 - نبا الخز عن روح وأنكر جلده … وعجت عجيجا من جذام المطارف

والشاهد: (كذب) فإنه يستعمل إذا قصدوا الإغراء، بشيء، فيقولون: كذب عليك، أي: عليك به. وقال أبو علي الفارسي: هذه كلمة جرت مجرى المثل في كلامهم ولذلك لم تصرّف، ولزمت طريقة واحدة في كونها فعلا ماضيا معلقا بالمخاطب ليس إلا وهي في معنى الأمر، والمراد بالكذب، الترغيب والبعث، من قول العرب «كذبته نفسه» إذا منته الأماني وخيلت إليه الآمال مما لا يكاد يكون، وذلك ما يرغب الرجل في الأمور ويبعثه على التعرض لها. ومنهم من ينصب ب (كذب) على الأمر والإغراء. ومنهم من يرفع بها، قال ابن السكيت: أهل اليمن يرفعون المغرى به. [الخزانة ج 5/ 15، واللسان (كذب) و (قرطف)]. 48 - نبا الخزّ عن روح وأنكر جلده … وعجّت عجيجا من جذام المطارف من شواهد سيبويه ج 2/ 25. والشاهد: «جذام» اسم قبيلة، فلم يصرفه، للعلمية والتأنيث، ولو أمكنه تذكيره وصرفه على معنى الحي لجاز. وروح في البيت، هو روح بن زنباع، وكان سيّد جذام، كان أحد ولاة فلسطين أيام يزيد، يذكر تمكن روح عند السلطان ولبسه الخز وأنه لم يكن أهلا لذلك، فالخز ينبو عن جلده وينكره، كما تضج المطارف حين تلبسها جذام. 49 - كأنّ حفيف النّبل من فوق عجسها … عوازب نحل أخطأ الغار مطنف البيت للشنفرى، عمرو بن مالك. وحفيف النبل: دوي ذهابه، ومن فوق: حال من النبل، والعجس: مقبض القوس. وعوازب: خبر كأن، جمع عازبة. ومطنف: هو الذي يعلو الطّنف، وهو رأس الجبل، ومطنف: فاعل أخطأ. وكأنّ المعنى: أخطأ غارها مطنفها. يشبه صوت النبل، بصوت نحل تاه عن الغار؛ لأن النحل إذا تاه عن محله عظم دويّه. والشاهد: «أخطأ الغار» فهذه الجملة صفة للنحل، خلت من الضمير الرابط؛ ولكن «الألف» و «اللام» في «الغار»، أغنت عن الضمير العائد إلى الموصوف، والتقدير أخطأ غارها. [الأشموني ج 3/ 63، وعليه حاشية العيني، واللسان «طنف»]. 50 - والحافظو عورة العشيرة لا … يأتيهم من ورائنا الوكف وقبل البيت مما يفهم به: نحن المكيثون حيث نحمد بال … مكث ونحن المصالت الأنف

51 - والحافظو عورة ... … يأتيهم ... النطف

وهما من قصيدة للشاعر عمرو بن امرئ القيس الخزرجي، من أهل الجاهلية، وهو جدّ عبد الله بن رواحة، وقوله: «نحن المكيثون»: جمع مكيث، فعيل، من المكث، وهو الانتظار واللّبث. أراد به هنا الصبر والرزانة. والمصالت: جمع مصلت، وهو الماضي في الأمور، لا يهاب شيئا. والأنف: جمع آنف، من الأنفة، وهي الحميّة. وقوله: والحافظو: معطوف على المصالت، أي: نحن نحفظ عشيرتنا من أن يصيبهم ما يعابون به. والعورة: المكان الذي يخاف منه العدو. والوكف: بفتح الواو والكاف، هو العيب والإثم. والشاهد: «الحافظو عورة العشيرة»، بنصب «عورة» على أنه مفعول اسم الفاعل، مع حذف النون من «الحافظون». قالوا: وهذا جائز في الوصف (المشتق) المحلى بالألف واللام، المثنى والمجموع. فيحتمل أن يكون ما بعده مجرورا على الاضافة، أو منصوبا، كما يجوز القول: الضاربا زيدا، والضاربو عمرا، ويجوز الجرّ. وجوزوا حذف النون مع النصب لطول الاسم، أو لأن الوصف في قوة صلة الموصول ل «أل»، فكأنك قلت: الذين حفظوا عورة. [كتاب سيبويه ج 1/ 95، والهمع ج 1/ 49، والأشموني ج 2/ 247، وحاشية الصبّان]. 51 - والحافظو عورة ... … يأتيهم ... النّطف رواية أخرى لقافية البيت السابق. والنطف: بفتح النون والطاء، العيب، أو التلطخ بالعيب. 52 - عودا أحمّ القرا إزمولة وقلا … يأتي تراث أبيه يتبع القذفا البيت لتميم بن مقبل، يصف وعلا. والعود: المسنّ. والأحم: الأسود. والقرا: الظهر. والإزمولة: الخفيف والشديد الصوت. والوقل: الصاعد في الجبل. ويأتي تراث أبيه، أي: ما عوّده أبوه من الإقامة بشواهق الجبال. والقذفا: جمع قذفة بالضم، وهي ما علا من نواحي الجبل. والشاهد: في «إزمولة»، والوصف به، فدلّ على أن أفعولا يكون صفة. [سيبويه/ 4/ 246، هارون، والخصائص/ 1/ 8، واللسان «زمل»]. 53 - ألا يا فابك تهياما لطيفا … وأذري الدّمع تسكابا وكيفا

54 - يا مال والحق عنده فقفوا … تؤتون فيه الوفاء معترفا

البيت، أو صدره في الهمع ج 1/ 147. وقال السيوطي: كقول النخيعة تخاطب أمتها لطيفة، وقال: وقد يفصل بين حرف النداء والمنادى، بفعل أمر كقول النخيعة، أرادت يا لطيفة فرخمت وفصلت. ولكن قولها: «فابك»، أمر لمذكّر، ولو كان المأمور مؤنثا، لقالت: فابكي، كما قالت في الشطر الثاني: «وأذري»، فهذه الياء، ياء المؤنثة المخاطبة، ويستقيم الوزن بدون ياء المؤنثة. ويروى الشطر الأول: «فابك تهتانا»، والتهتان: ما هو فوق الطلّ، أو مطر ساعة، ثم يفتر، ثم يعود. وسموا الشاعرة: حذام بنت خالد، أو جداية بنت خالد. [الهمع/ 1/ 174]. 54 - يا مال والحقّ عنده فقفوا … تؤتون فيه الوفاء معترفا هكذا أنشده سيبويه في كتابه ج 1/ 335، 450، بقافية منصوبة للأنصاري. والشاهد: ترخيم «مالك»، فقال «يا مال». والحقّ أنّ هذا البيت ملفق من بيتين، في قصيدة قافيتها مرفوعة، وهي لعمرو بن امرئ القيس الخزرجي، جدّ عبد الله بن رواحة، وهذا الشعر في يوم سمير بين الأوس والخزرج، وكان سمير من الأوس قتل مولى لمالك بن العجلان اسمه بجير، فطلب مالك أن يبعثوا إليه سميرا؛ لقتله بمولاه فقالوا: نعطيك دية القتيل، نصف دية الصريح، فأبى إلا دية كاملة، فقامت الحرب سنوات، ثم طلب أهل الرأي التحكيم، فحكّموا عمرو بن امرئ القيس، فقضى لمالك بديه المولى، فأبى مالك، وآذن بالحرب، وقال شعرا على قافية الفاء المرفوعة، فأجابه عمرو بن امرئ القيس بقصيدة على قافية الفاء المرفوعة، مطلعها: يا مال والسيّد المعمّم قد … يطرأ في بعض رأيه السّرف وجاء منها: لا ترفع العبد فوق سنّته … والحقّ نوفي به ونعترف إنّ بجيرا مولى لقومكم … (يا مال والحقّ عنده فقفوا) (أوتيت فيه الوفاء معترفا) … بالحقّ فيه فلا تكن تكف هكذا ترى أنه جعل الشطر الأول من أحد البيتين قافية، وجعل القافية شطره الأول، ولعلّ سيبويه نسب البيت للأنصاريّ، ولم يحدّد الشاعر؛ لأنّ الشعر الذي قيل في يوم

55 - فإني قد رأيت بدار قومي … نوائب كنت في لخم أخافه

سمير، شارك فيه عدد من الشعراء، وجاء جلّه على نظام المعارضة، في القافية والبحر: فمالك بن العجلان، قال قطعة فائية مرفوعة القافية. وقال درهم بن زيد أخو سمير، شعرا بالقافية نفسها. وقال قيس بن الخطيم قصيدة، بالقافية نفسها، ولم يكن حضر الوقعة. وقال حسان بن ثابت شعرا يردّ على قيس بن الخطيم. وقد دخلت هذه الأشعار في بعضها البعض. ولكن قول سيبويه: للأنصاري، فيه توسّع؛ لأن عمرو بن امرئ القيس لم يحضر الإسلام، فكان قومه من الأنصار، ولم يكن هو أنصاريا. [الخزانة ج 4/ 272 - 283]. 55 - فإني قد رأيت بدار قومي … نوائب كنت في لخم أخافه البيت غير منسوب. والشاهد: «أخافه»، بفتح الفاء، وسكون الهاء، وأصلها: أخافها، بضم الفاء، وبضمير المؤنثة الغائبة، العائد إلى «نوائب»، فأراد الشاعر الوقف بنقل الحركة، فحذف «الألف»، ثم ألقى حركة «الهاء» على «الفاء»، بعد أن أسقط حركة «الفاء» الأصلية. [الإنصاف 578، والأشموني ج 4/ 211]. 56 - يا لهف نفسي إن كان الذي زعموا … حقّا وماذا يردّ اليوم تلهيفي؟ البيت لأبي زبيد الطائي، من قصيدة يرثي فيها عثمان بن عفّان رضي الله عنه. والشاهد: «زعم»، على أن الزّعم يأتي بمعنى «القول»؛ ذلك أن الشاعر سمع من يقول حمل عثمان على النعش إلى قبره، وهذا ليس فيه معنى الظنّ. قلت: إنما هو زعم في زعم الشاعر؛ لأنه تمنى ألا يكون وقع. [الخزانة ج 9/ 131، واللسان «أمر» و «نجف»]. 57 - غضبت عليّ وقد شربت بجزّة … فلإذ غضبت لأشربن بخروف البيت لأعرابيّ، اشترى خمرا بجزة صوف، فغضبت عليه امرأته، فقال قطعة منها هذا البيت. والجزّة: صوف شاة في السنة. وهو يتهددها بأنه سوف يشرب بثمن خروف.

58 - عليه من اللؤم سروالة … فليس يرق لمستعطف

والشاهد: «فلإذ»، على أنّ اللام الموطئة دخلت على «إذ»، تشبيها لها ب «إن» الشرطية، ولكن البيت يروى أيضا: «فلئن». [الخزانة ج 11/ 338، والمغني وشرحه ج 4/ 365، والهمع ج 2/ 44]. 58 - عليه من اللؤم سروالة … فليس يرقّ لمستعطف البيت قيل: مصنوع، وقيل: قائله مجهول. واستشهد به بعضهم على أنّ «السراويل» عربي، وهو جمع سروالة، والسروالة: قطعة خرقة. والجمهور على أن «سراويل»، أعجمي مفرد، وأن «سروالة»، إن ثبتت، لغة فيه. و «سروالة» في البيت مبتدأ مؤخر، و «عليه» خبر مقدم، و «من اللؤم»، كان في الأصل صفة لسروالة، فلما قدم عليه، صار حالا منه. [الخزانة ج 1/ 233، وشرح المفصل ج 1/ 64، والهمع ج 1/ 25]. 59 - بما في فؤادينا من الهمّ والهوى … فيبرأ منهاض الفؤاد المشعّف البيت للفرزدق، في سياق أبيات يتمنى فيها أن يعمى زوج صاحبته، وأن يكون طبيبه، فيلازمه سنتين ليرى صاحبته. والمنهاض: أصله الذي انكسر بعد الجبر، وهو أشد الكسر، ولا يكاد يبرأ. والاستشهاد بالبيت بقوله: فؤادينا، جاء بالمضاف مثنى على الأصل، والمطرد فيه أن يخرج مثناه إلى لفظ الجمع؛ لقوله تعالى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما. [التحريم: 4]. [شرح المفصل/ 4/ 155، والهمع/ 1/ 51]. 60 - صبحناهم بألف من سليم … وسبع من بني عثمان واف البيت منسوب للشاعر بجير بن زهير، وذكروه شاهدا على أن معنى «صبحت فلانا»: بدون تشديد، أتيته صباحا. [شرح أبيات المغني ج 6/ 255]. 61 - إلا حبّذا غنم وحسن حديثها … لقد تركت قلبي بها هائما دنف البيت مجهول، وهو في الهمع ج 2/ 205، وأنشده السيوطي شاهدا لحذف تنوين النصب، من غير إبداله بالألف، قال: وهي لغة ربيعة. والشاهد في لفظ «دنف»، وحقه أن يقال: «دنفا»، والدنف: المريض. 62 - يا ليت شعري عنكم حنيفا … أشاهرنّ بعدنا السّيوفا رجز منسوب لرؤبة بن العجّاج.

63 - إن الربيع الجود والخريفا … يدا أبي العباس والصيوفا

وقوله: يا ليت، «يا» الداخلة على ليت حرف تنبيه. وليت شعري: ليت علمي. والتزم حذف الخبر في «ليت شعري» مردفا باستفهام، وهذا الاستفهام مفعول «شعري»، أي: ليت علمي بما يسأل عنه بهذا الاستفهام حاصل. وعنكم: متعلق بشعري، وعن: بمعنى الباء؛ لأنه يقال: شعري به. وحنيفا: بلا تنوين، منادى مرخم من حنيفة، وحرف النداء محذوف، والألف للاطلاق، وحنيفة: أبو قبيلة. والشاهد: «أشاهرنّ»، حيث لحقت نون التوكيد اسم الفاعل، تشبيها له بالمضارع، وأصله: أشاهرون، فلما أكد صار: أشاهروننّ، حذفت «نون» الجمع؛ لتوالي الأمثال، وحذفت «الواو»؛ لاجتماعها ساكنة مع نون التوكيد، وبقيت الضمة دليلا عليها. [الخزانة/ 11/ 427، واللسان «شهر» والأشموني/ 1/ 41، والعيني/ 1/ 122]. وقد كتب العيني في شرحه وإعرابه ما يدل على قصر باعه في فهم الشعر، فالذي يظهر أن العيني كان جهده منصبا على النظر في المجموعات الشعرية، ونسبة البيت إلى صاحبه، ولم يكن يقرأ ما كتبه العلماء السابقون في شرح الشاهد؛ ولذلك وقع في مزالق كثيرة جعلته - عندي - غير جدير بالثقة فيما يكتب من المعاني والإعراب، ولم أنقل للقارئ ما قاله العيني؛ لئلا يتشوش فكره، فإن أحبّ قراءة ما كتبه، لاختبار صحة ما أقول، فليرجع إليه القارئ في موضعه. 63 - إنّ الربيع الجود والخريفا … يدا أبي العباس والصّيوفا رجز للعجاج، أو لابنه رؤبة، في مدح أبي العباس السّفاح، أول خلفاء بني العباس. وأراد بالربيع، والخريف، والصيوف (جمع صيف)، ما فيهم من المطر. والجود: أغزر المطر. مدح أبا العباس بالكرم، فجاء بالتشبيه المقلوب، فجعل المطر في هذه الفصول مشبها جود أبي العباس؛ للمبالغة. واستشهدوا بالرجز على أن نصب المعطوف على اسم «إنّ» بعد استكمالها خبرها يجوز، وهو المثال، حيث عطف الصيوف بالنصب على اسم «إنّ» المنصوب، ولو رفع حملا على الموضع، أو على الابتداء وإضمار الخبر، لجاز. [سيبويه/ 1/ 285، وشرح التصريح/ 1/ 226، والهمع/ 2/ 144، والدرر/ 2/ 200]. قال أبو أحمد: والشاعر هنا كاذب؛ لأن أبا العباس لم يكن كريما. فالكرم كرمان: كرم النفس، وكرم اليد. ولم يكن أبو العباس كريم النفس؛ لأنه قتل آلافا من غير ذنب، وغدر برفقاء الطريق. ولم يكن كريم اليد؛

64 - ناج طواه الأين مما وجفا … طي الليالي زلفا فزلفا سماوة الهلال حتى احقوقفا

لأنه كان يسرق حقّ الناس في بيت المال، ويعطيه من لا يستحقه من المداحين المنافقين، فالكريم من يكرم من ماله، وأبو العباس ليس له مال، إلا ما يسدّ به الرمق. 64 - ناج طواه الأين ممّا وجفا … طيّ الليالي زلّفا فزلّفا سماوة الهلال حتى احقوقفا رجز للعجاج، يصف بعيرا أضمره دؤوب السير حتى اعوج من الهزال، كما يرجع البدر بمرور الليالي عليه هلالا محقوقفا معوجا. والناجي: السريع. والأين: الإعياء. والمراد: السير الذي أفضى به إلى الإعياء. وجف: من الوجيف، وهو سير سريع. والزّلف: الساعات المتقاربة، واحدها، زلفة. وسماوة الهلال: أعلاه، وهو مفعول «طيّ»، وكان حقه أن يقول: سماوة البدر، ولكنه سماه هلالا؛ لما يؤول إليه. والشاهد: في «طيّ الليالي»، نصب على المصدر المشبه به دون الحال؛ لأنه معرفة بالإضافة. [سيبويه/ 1/ 359، هارون، واللسان «وجف»، «زلف»، «سما»].

قافية القاف

قافية القاف 1 - إذا العجوز غضبت فطلّق … ولا ترضّاها ولا تملّق لرؤبة بن العجاج. وقوله: ولا ترضّاها: أي: لا تطلب رضاها. وقوله: ولا تملّق: أصله: لا تتملق، فحذف إحدى التائين، ومعناه: لا تتكلف الملق. والشاهد: «ولا ترضاها»، فحقه: «ولا ترضّها»؛ لأنه مسبوق ب «لا» الناهية، وعلامة جزمه حذف الألف. ويخرج على هذه الألف لام الكلمة التي يجب عليه حذفها للجزم، واكتفى بحذف الحركة كما يحذفها عن الصحيح الآخر، أو أنّ لام الفعل حذفت، وهذه الألف ناشئة عن إشباع فتحة الضاد. ومثله الشاهد: «وتضحك ... يمانيا»، انظره. والشاهد: «ألم يأتيك .. زياد». [الانصاف/ 26، وشرح المفصل/ 10/ 104، والدرر/ 1/ 28، والهمع/ 1/ 52، وشرح التصريح/ 1/ 87، والخزانة/ 8/ 359]. 2 - وإنّ امرأ أسرى إليك ودونه … من الأرض موماة وبيداء سملق لمحقوقة أن تستجيبي دعاءه … وأن تعلمي أنّ المعان موفّق البيتان للأعشى ميمون بن قيس. والموماة، والبيداء: الصحراء. وسملق: قفر لا نبات فيها. وقوله: لمحقوقة، أي: أنت جديرة وخليقة، والمراد: يلزمه فعله. والشاهد: «لمحقوقة»، فهو خبر «إنّ» في أول البيتين، وهو وصف لغير المبتدأ. ولم يبرز الضمير بعده، ولو أبرزه، لقال: «محقوقة أنت»، وقد تعرب «محقوقة» مبتدأ، والمصدر المؤول بعده خبر، والجملة خبر «إنّ» أو يعرب المصدر المؤول نائب فاعل ل «محقوقة» أغنى عن خبره. [الإنصاف/ 58، والخزانة ج 8/ 524، منسوب إلى جميل بن معمر].

3 - أتته بمجلوم كأن جبينه … صلاءة ورس وسطها قد تفلقا

3 - أتته بمجلوم كأنّ جبينه … صلاءة ورس وسطها قد تفلّقا البيت للفرزدق. وهو شاهد على أنّ «وسط» ساكنة السين، قد تتصرف وتخرج عن الظرفية كما في هذا البيت. فوسطها: مرفوع على أنه مبتدأ، وجملة قد تفلق: خبره. [الخزانة/ 3/ 92]. والمجلوم: المقطوع، أو المحلوق. والصلاءة: الحجر الأملس. والبيت من الهجاء المقذع. [الخصائص/ 2/ 369، والهمع/ 1/ 201]. 4 - وهم قريش الأكرمون إذا انتموا … طابوا فروعا في العلا وعروقا لم يعرف قائله. وهو شاهد على أنّ الأب ربما جعل مؤولا بالقبيلة، فمنع من الصرف، كما منع قريش الصرف؛ لتأويله بالقبيلة. والأكرمون: صفة قريش. [الخزانة/ 1/ 202]. 5 - وماذا عسى الواشون أن يتحدّثوا … سوى أن يقولوا: إنني لك عاشق البيت لجميل العذري. وهو شاهد على أنّ «ذا»، من «ماذا»، قيل: إنها زائدة، لا موصولة. [الخزانة/ 6/ 150، والمرزوقي/ 1383، والأشموني/ 1/ 163]. 6 - وأكفيه ما يخشى وأعطيه سؤله … وألحقه بالقوم حتّاه لاحق لم نعرف له قائلا. وقد زعم المبرد أنّ «حتى» هنا جرّت الضمير، وليس كذلك، وإنما «حتى» هنا ابتدائية، والضمير أصله «هو»، فحذف الواو ضرورة، كما في قول الآخر: «فبيناه يشري رحله قال قائل»، أي: بينما هو يشري، ف «حتى»: حرف ابتداء داخلة على الجملة، و «هو»: الضمير المحذوف واوه، ضرورة، في محل رفع على الابتداء، ولاحق خبره. ولو كانت حرف جرّ، لم يكن لذكر «لاحق» بالرفع وجه. [الخزانة/ 9/ 472]. 7 - فعيناش عيناها وجيدش جيدها … سوى أنّ عظم الساق منش دقيق يريد: فعيناك عيناها وجيدك جيدها … سوى أنّ عظم الساق منك دقيق قال ابن جني: ومن العرب من يبدل كاف المؤنث في الوقف شينا حرصا على البيان؛

8 - مع ابن المصطفى نفسي فداه … فيا لله من ألم الفراق

لأن الكسرة الدالة على التأنيث فيها، تخفى في الوقف، فاحتاطوا للبيان، بأن أبدلوها شينا، فقالوا: عليش، ومنش، ومرت بش، وتحذف في الوصل، ومنهم من يجري الوصل مجرى الوقف، فيبدل فيه أيضا، وأنشدوا للمجنون (البيت السابق). وإذا صح ما قاله ابن جني وغيره، فإنه قد يكون في غير هذا البيت؛ ذلك أن البيت رواه المبرّد بكافات من غير إبدال، وهذه لغة تسمّى: «الكشكشة»، وتنسب إلى تميم، وليست لغة عذرة، كذلك. [الخزانة/ 11/ 464]. 8 - مع ابن المصطفى نفسي فداه … فيا لله من ألم الفراق هذا البيت من شعر لعبيد الله بن الحرّ الجعفي، رثى به الحسين بن علي رضي الله عنهما. وهو شاهد على أن المستغاث له قد يجرّ ب «من»، كما يجرّ باللام. [الخزانة/ 2/ 155]. 9 - ألمّت فحيّت ثم قامت فودّعت … فلما تولّت كادت النفس تزهق قاله جعفر بن علبة، من مخضرمي الدولتين، ومن شعراء الحماسة. والشاهد: الأفعال الماضية «ألمت»، «فحيّت»، حيث اتصلت بها تاء التأنيث، وهي دليل على أن الفعل ماض. [الشذور، والحماسة/ 53]. 10 - ضربت صدرها إليّ وقالت … يا عديّا لقد وقتك الأواقي ينسب إلى مهلهل بن ربيعة؛ لأن اسمه «عديّ»، والمهلهل لقبه. الشاهد: «يا عديا»، فهو علم مفرد، وكان من حقّه أن يبنى على الضم، فاضطر إلى تنوينه، وعدل عن ضمّه إلى نصبه، فشابه به النكرة غير المقصودة. 11 - وطئنا ديار المعتدين فهلهلت … نفوسهم قبل الإمالة تزهق غير منسوب. والشاهد: «هلهلت نفوسهم، تزهق»، فإنّ «هلهل» فعل من أفعال الشروع، يعمل عمل كان، فرفع الاسم (نفوسهم)، ونصب الخبر «تزهق». [شرح المفصل/ 10/ 8، وشذور

12 - يوشك من فر من منيته … في بعض غراته يوافقها

الذهب/ 112]. 12 - يوشك من فرّ من منيّته … في بعض غرّاته يوافقها قاله أمية بن أبي الصلت، أحد شعراء الجاهلية. والشاهد: «يوافقها»، حيث أتى بخبر «يوشك» فعلا مضارعا مجردا من «أن» المصدرية، وذلك نادر في خبر هذا الفعل. [سيبويه/ 1/ 9 / 47، وشرح المفصل/ 7/ 126، والشذور، والهمع/ 1/ 129]. 13 - ألم تسأل الرّبع القواء فينطق … وهل تخبرنك اليوم بيداء سملق قاله جميل بن معمر العذري. والقواء: الخالي. وسملق: الأرض التي لا تنبت شيئا. والشاهد: «فينطق»، حيث رفع الفعل المضارع بعد «الفاء» مع كون «الفاء» مسبوقة بالاستفهام؛ لأن الفاء ليست دالة على السببية، وإلّا لنصب الفعل بعدها، وليست عاطفة وإلا لجزم، وإنما هذه «الفاء» استئنافية. [سيبويه/ 1/ 422، وشرح المفصل/ 7/ 63، والشذور، والهمع/ 2/ 11، وشرح أبيات المغني ج 4/ 55]. 14 - من يلق يوما على علّاته هرما … يلق السماحة منه والنّدى خلقا من قصيدة لزهير بن أبي سلمى، يمدح هرم بن سنان. وقوله: على علاته، أي: على كل حال. والشاهد: في «علاته»، ف «الهاء»: ضمير غيبة يعود على هرم، وهو متأخر في اللفظ عن الضمير، وهذا يدل على أن العرب ما كانوا يرون بأسا في الإتيان بضمير الغيبة قبل مرجعه، وجاء ذلك في النثر أيضا، ومنه: «في بيته يؤتى الحكم» وقولهم: «في أكفاته لفّ الميت». [الإنصاف/ 68]. 15 - فما الدنيا بباقاة لحيّ … ولا حيّ على الدنيا بباق قوله: بباقاة: أراد بباقية، فأبدل من الكسرة فتحة، فانقلبت «الياء» ألفا، وهي لغة طيّئ.

16 - حسبت بغام راحلتي عناقا … وما هي- ويب غيرك- بالعناق

والشاهد: «ولا حيّ»، فإنها معطوفة على قوله: «فما الدنيا»، والمعطوف عليه منفيّ ب «ما»، فلزم إدخال حرف النفي «لا» على المعطوف بعد واو العطف؛ لأن الجحد يعطف عليه ب «ولا». [الانصاف/ 75]. 16 - حسبت بغام راحلتي عناقا … وما هي - ويب غيرك - بالعناق منسوب للشاعر قريط، أو ذي الخرق. ويغام الناقة: صوت لا تفصح به. وبغام الظبية: صوتها. والعناق: بفتح العين وتخفيف النون، الأنثى من المعز. والخطاب للذئب. والشاهد: قوله: «عناقا»، فإنه على تقدير مضاف يتم به التشبيه، ألا ترى أنّه لا يصح تشبيه صوت الناقة بالعناق، وإنما يصح تشبيه صوت الناقة بصوت العناق. [الإنصاف/ 372]. 17 - لا نسب اليوم ولا خلّة … إتسع الخرق على الراتق لا صلح بيني - فاعلموه - ولا … بينكم ما حملت عاتقي سيفي وما كنّا بنجد وما … قرقر قمر الواد بالشّاهق هذه الأبيات منسوبة إلى أبي عامر، جدّ العباس بن مرداس السلمي، وكان النعمان بن المنذر بعث جيشا إلى بني سليم، وكان مقدم الجيش عمرو بن فرتناء، وكان من غطفان، فهزمت بنو سليم جيش النعمان، وأسرت عمرو بن فرتناء، فأرسلت غطفان إلى بني سليم، وقالوا: ننشدكم بالرحم التي بيننا إلا ما أطلقتم عمرو بن فرتناء، فقال أبو عامر هذه الأبيات. يقول: لا نسب بيننا وبينكم، ولا خلّة، أي: ولا صداقة بعد ما أعنتم جيش النعمان، ولم تراعوا حرمة النسب الذي بيننا وبينكم، وقد تفاقم الأمر، فلا يرجى صلاحه، فهو كالفتق الواسع في الثوب، يتعب من يروم رتقه. والقمر: بضم القاف وسكون الميم، جمع قمرية، وهو ضرب من الحمام. وقرقر: صوّت. والشاهق: أراد الجبل العالي. ومحل الشاهد: قوله: «قمر الواد»، فإنه أراد الوادي، فحذف الياء اجتزاء بالكسرة التي قبلها. وفي قوله: «إتسع الخرق ..»، قطع همزة الوصل في قوله: «اتسع» ضرورة، وحسّن ذلك كون الكلمة في أول النصف الثاني من البيت؛ لأنه بمنزلة ما يبتدأ به. [شرح أبيات

18 - هلا سألت بذي الجماجم عنهم … وأبي نعيم ذي اللواء المحرق

المغني/ 4/ 343، والدرر/ 2/ 199، والانصاف/ 388]. 18 - هلّا سألت بذي الجماجم عنهم … وأبي نعيم ذي اللّواء المحرق ذو الجماجم، موضع ليس هو دير الجماجم، فذو الجماجم في ديار تميم، ودير الجماجم في العراق. والأغلب أنّ دير الجماجم سمي بذلك؛ لأن الأقداح التي تصنع من الخشب، كانت تصنع فيه، والقدح يسمى جمجمة إذا كان من خشب، وجمعه جماجم. وليس كما قالوا: لكثرة الجماجم التي وقعت فيه يوم الجماجم، أو يوم دير الجماجم بين الحجاج، وابن الأشعث. والشاهد: قوله: «عنهم وأبي نعيم»: حيث عطف قوله «أبي نعيم» ب «الواو» على الضمير المتصل المجرور ب «عن» من غير أن يعيد العامل في المعطوف عليه، وعلى هذا يجوز العطف على الضمير المخفوض في مذهب الكوفيين. والبصريون ينكرون ذلك تشبّثا بالقواعد، وليس اعتمادا على الشواهد. [الانصاف/ 466]. 19 - فلتكن أبعد العداة من الصلح … من النجم جاره العيّوق النجم: أراد به الثريا. والعيّوق: نجم أحمر مضيء في طرف المجرة الأيمن، يتلو الثريا، ولا يتقدم. وفي قوله: (من النجم) إشكال، فإن «من» التي تدخل على المفضول، إنما، تلحق أفعل التفضيل، إذا كان نكرة. تقول: زيد أشرف منك نسبا، وأضوأ منك وجها، فإذا ألحقت «أل» بأفعل التفضيل، أو أضفته، لم تأت ب «من» مع المفضول، تقول: زيد الأشرف نسبا، وزيد أشرف الناس نسبا. وقد تمحّل النحاة فادعوا بأن «من»، هذه ليست متعلقة ب «أبعد»، المذكور المضاف إلى العداة، ولكنها متعلقة ب «أبعد» آخر محذوف ليس مضافا، وتقدير الكلام: لتكن أبعد العداة من الصلح، أبعد من النجم. وهو تفسير بعيد، والأولى الإقرار بوجوده. ومنه قول الأعشى: ولست بالأكثر منهم حصى … وإنما العزّة للكاثر [الإنصاف/ 527]. 20 - أيا جارتا بيني فإنّك طالقه … كذاك أمور الناس غاد وطارقه للأعشى ميمون. والجارة: الزوجة، وبيني: أي: فارقيني.

21 - عدس ما لعباد عليك إمارة … أمنت وهذا تحملين طليق

والشاهد: «طالقة» حيث أتى بهذا الوصف مؤنثا ب «التاء»، مع أنه لا يوصف به إلا النساء؛ لأنه حمله على معنى الفعل، وهو الحدوث. وهو من تعليلات البصريين؛ لحذف التاء ووجودها. [الإنصاف/ 760]. 21 - عدس ما لعبّاد عليك إمارة … أمنت وهذا تحملين طليق قاله يزيد بن مفرغ الحميري، وقد خرج من سجن عبيد الله بن زياد، أخي عبّاد بن زياد، والي سجستان في عهد معاوية. عدس: اسم صوت يزجر به الفرس، وربما سمي به الفرس، وهو مبني على السكون لا محل له من الإعراب. والشاهد: «وهذا تحملين طليق». يرى الكوفيون: أنّ «هذا»: اسم موصول مبتدأ، والجملة بعده صلة الموصول، وطليق: خبر المبتدأ، والجملة حال. ويرى البصريون: أنّ «هذا»: اسم إشارة مبتدأ، وجملة «تحملين» حال من المبتدأ، وطليق خبر المبتدأ، والجملة الاسمية حال. [الإنصاف/ 717، والشذور، وشرح المغني/ 7/ 20، وهمع/ 1/ 84]. 22 - ألا يا زيد والضحاك سيرا … فقد جاوزتما خمر الطريق غير منسوب. وخمر الطريق: هو الساتر الملتف بالأشجار، وإضافته إلى الطريق، من باب إضافة الصفة للموصوف، أي: جاوزتما الطريق الذي يستركما. والشاهد: «يا زيد والضحاك»: زيد: منادى مبني على الضم، والضحاك: اسم مقترن ب «أل» غير مضاف، وهو معطوف على المنادى المبني عطف نسق ب «الواو»، ويروى بالضم على اللفظ، والنصب على المحلّ. [شرح المفصل/ 1/ 129، والهمع/ 2/ 142]. 23 - والتغلبيون بئس الفحل فحلهم … فحلا وأمّهم زلّاء منطيق لجرير يهجو الأخطل. والفحل: أراد به أباهم. والزلّاء: المرأة إذا كانت قليلة لحم الأليتين. منطيق: التي تتأزر بما يعظم عجيزتها. يذمّهم بدناءة الأصل، وبأنهم في شد

24 - أفنى تلادي وما جمعت من نشب … قرع القواقيز أفواه الأباريق

الفقر، وسوء الحال، حتى إن أمهم لتمتهن في الأعمال، فيذهب عنها اللحم، فتضطر أن تتخذ حشيّة تضعها فوق جسدها؛ لتعظم أليتها وتكبرها. التغلبيون: مبتدأ. بئس الفحل: الجملة خبر مقدم، فحلهم: مبتدأ مؤخر، والجملة خبر المبتدأ الأول. والشاهد: «فحلا»، فهو عند المبرد «تمييز»، وهو مؤكد؛ لانفهام معناه مما سبقه. وفي البيت اجتماع التمييز مع الفاعل الظاهر في باب (نعم)؛ ولذلك فإن سيبويه يعرب «فحلا» حالا مؤكدة. [الهمع/ 2/ 86، والأشموني/ 3/ 34، والعيني/ 4/ 7]. 24 - أفنى تلادي وما جمّعت من نشب … قرع القواقيز أفواه الأباريق قاله الأقيشر الأسدي. والتلاد: المال القديم. والنشب: الثابت من الأموال، كالدور والضياع. والشاهد: «قرع القواقيز أفواه»، حيث أضاف المصدر «قرع» إلى مفعوله «القواقيز»، ثم أتى بفاعله (أفواه) على رواية من رفع «أفواه»، أما رواية من نصبها، فالإضافة إلى الفاعل، والمذكور بعد ذلك المفعول. [الإنصاف/ 233، والشذور، وشرح أبيات المغني/ 7/ 157، والأشموني/ 2/ 289]. 25 - تذر الجماجم ضاحيا هاماتها … بله الأكفّ كأنها لم تخلق قاله كعب بن مالك الأنصاري، يصف السيوف، وقبله: نصل السيوف إذا قصرن بخطونا … قدما ونلحقها إذا لم تلحق وقوله: ضاحيا، أي: بارزا. بله الأكف: اتركها ولا تذكرها؛ لأنها واقعة لا محالة، وضاحيا: حال من الجماجم. والشاهد: «بله الأكف»، حيث استعمل «بله» اسم فعل أمر، ونصب به ما بعده على أنه مفعول به. ويروى: بجرّ «الأكفّ»، و «بله» مصدر بمعنى الترك، ولا فعل له من لفظه، والأكف مضاف إليه، ويروى برفع «الأكف»، و «بله» اسم استفهام في محل رفع خبر

26 - وقاتم الأعماق خاوي المخترقن … مشتبه الأعلام لماع الخفقن

مقدم. وا «لأكف» مبتدأ مؤخر. وهو وجه شاذ. [شرح المفصل/ 4/ 47، والشذور، والهمع/ 1/ 236، والأشموني/ 2/ 121، وشرح أبيات المغني/ 3/ 25]. 26 - وقاتم الأعماق خاوي المخترقن … مشتبه الأعلام لمّاع الخفقن لرؤبة بن العجاج، يصف الطريق. والقاتم: الذي تعلوه القتمة، وهو لون فيه غبرة وحمرة. والأعماق: ما بعد من أطراف الطريق. والمخترق: مهب الريح. والأعلام: علامات؛ للاهتداء بها في الطريق. يريد أنه عظيم الخبرة بمسالك الصحراء. والشاهد: «المخترقن»، و «الخفقن» حيث أدخل عليهما التنوين مع اقترانهما ب «أل»، ولو كان هذا التنوين مما يختص بالاسم، لم يلحق الاسم المقترن ب «أل»، وإنما هو يلحق القوافي المقيدة، إذا كان آخرها حرفا صحيحا ساكنا. [شرح أبيات المغني/ 6/ 47]. 27 - سرينا ونجم قد أضاء فمذ بدا … محيّاك أخفى ضوؤه كلّ شارق شاهد لا يعرف قائله. شبّه الممدوح بالبدر، إذا ظهر، يغطي على الكواكب الأخرى. ومذ: مبتدأ. وجملة: «بدا»: مضاف إليه. وجملة «أخفى»: خبره. والشاهد: و «نجم قد أضاء»، حيث أتى بنجم مبتدأ مع كونه نكرة؛ لسبقه ب «واو» الحال، ووقوع المبتدأ صدر جملة حالية من المسوغات، سواء سبق ب «واو» الحال، أم لم يسبق. [شرح أبيات المغني/ 7/ 33، والهمع/ 1/ 101، والأشموني/ 1/ 206]. 28 - فلو أنك في يوم الرّخاء سألتني … طلاقك لم أبخل وأنت صديق غير منسوب. والشاهد: «أنك»، حيث خففت «أن» المفتوحة الهمزة وبرز اسمها، وهو الكاف، وذلك قليل، والكثير أن يكون اسمها ضمير شأن واجب الاستتار، وخبرها جملة. [الإنصاف/ 205، وشرح المفصل/ 8/ 71، وشرح أبيات المغني/ 1/ 147، والخزانة/ 5/ 426]. 29 - جارية لم تأكل المرقّقا … ولم تذق من البقول الفستقا قاله أبو نخيلة، يعمر بن حزن السعدي. والمرقق: الرغيف المرقوق الواسع، ويريد: أنّ هذه الجارية بدوية لا عهد لها بالنعيم.

30 - هل أنت باعث دينار لحاجتنا … أو عبد رب أخا عون بن مخراق

والشاهد: من «البقول»، حيث وردت «من» بمعنى البدل، يعنى: أنها لم تستبدل الفستق بالبقول، وهذا رأي ابن مالك. وقال آخرون: هي للتبعيض، وعندهم أنّ الفستق بعض البقول. وهو القول الأمثل، وإنما يريد - والله أعلم - (الفستق السوداني)، ولا يبعد من البقول. أما إذا أراد الفستق الحلبي، فالمعنى الأول أقوى. [شرح أبيات المغني/ 5/ 323، والعيني/ 3/ 276]. 30 - هل أنت باعث دينار لحاجتنا … أو عبد ربّ أخا عون بن مخراق لجابر بن رألان، أو لجرير. ودينار: اسم رجل، أو امرأة، أو قطعة النقد المعروفة. دينار: مضاف إليه، ومحله النصب. وعبد: يروى بالنصب على أنه معطوف على دينار باعتبار محله، أو أنه معمول لعامل مقدر «فعل» تقديره: (تبعث)، أو وصفا منونا «باعثا»، ويجوز عطفه بالجرّ. [سيبويه/ 1/ 87، والهمع/ 2/ 145، والأشموني/ 2/ 301، والخزانة/ 8/ 215]. 31 - فيها خطوط من سواد وبلق … كأنّه في الجلد توليع البهق لرؤبة بن العجاج، يصف الأتن، جعل ما فيها من البياض بلقا، والتوليع في البقر وغيرها: خطوط من بياض. والبهق: نوع من البرص، إلا أنه أخفّ منه. إن أردت الخطوط، فقل «كأنها» وإن أردت السواد والبلق، فقل كأنهما. [اللسان/ «بهق»، «ولع»، وشرح أبيات المغني/ 8/ 47]. 32 - نحن بنات طارق … نمشي على النمارق قالته هند بنت عتبة يوم أحد تحرض المشركين، وهو ليس لها، وإنما تمثلت به، وهو لهند بنت بياضة بن رياح بن طارق الإيادي، قالته حين لقيت إياد جيش الفرس، وكان أبوها رئيس إياد. والشاهد: «بنات»، يروى بالنصب على الاختصاص، والجملة معترضة، والخبر «نمشي»، ويروى بالرفع، خبر المبتدأ. [شرح أبيات المغني/ 6/ 186، والهمع/ 1/ 171]. 33 - لن يخب الآن من رجاك وقد … حرّك من دون بابك الحلقه يقوله أعرابي للحسين بن علي رضي الله عنهما.

34 - نحن أو أنتم الألى ألفوا الحق … فبعدا للمبطلين وسحقا

والشاهد: أنّ «لن»، جازمة بدليل حذف الياء التي هي عين الفعل؛ لالتقاء الساكنين. [الهمع/ 2/ 4، والأشموني/ 3/ 278، وشرح أبيات المغني/ 5/ 161]. 34 - نحن أو أنتم الألى ألفوا الحقّ … فبعدا للمبطلين وسحقا مجهول. والشاهد: أن «أو» فيه للإبهام، فالقائل يعلم أن فريقه على الحق، وأن المخاطبين على الباطل، ولكنه أبهم على السامع بالكلام المنصف المسكت للخصم المعاند. ومثله قول حسان: أتهجوه ولست له بكفء … فشرّكما لخيركما الفداء [شرح أبيات مغني اللبيب ج 2/ 20]. 35 - لعمري لقد لاحت عيون كثيرة … إلى ضوء نار في يفاع تحرّق تشبّ لمقرورين يصطليانها … وبات على النار الندى والمحلّق قالها الأعشى، يمدح المحلّق عبد العزى بن حنتم. وكان كثير البنات، فأكرم الأعشى، فمدحه، فتزوج العرب بناته. والشاهد: «على النار» على أن المراد بالاستعلاء هنا، الاستعلاء المجازي؛ لأن الندى، والمحلّق لم يمسا النار، وإنما هما بمكان قريب منها. ومنه قوله تعالى: أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً. [طه 10]. [شرح أبيات المغني/ 2/ 277]. 36 - رضيعي لبان ثدي أمّ تقاسما … بأسحم داج عوض لا نتفرّق البيت للأعشى، يمدح المحلّق. وهو بعد الشاهد السابق. وقوله: رضيعي: منصوب على المدح. وتقاسما: حلفا. وقوله: بأسحم: الباء داخلة على المقسم به، قيل: هو الرماد، وقيل: الدم، وقيل: الليل. والظاهر أنّ «بأسحم» ليس مقسما به، وإنما هو ظرف للقسم، أي: تقاسما في ليل داج، أي: عند ما يطفئ الناس نيرانهم، فلا يجد الطّرّاق من يقصدونهم. والله أعلم. [الإنصاف/ 401، وشرح المفصل/ 4/ 107، والهمع/ 1/ 213، والخزانة/ 7/ 138].

37 - أبى الله إلا أن سرحة مالك … على كل أفنان العضاه تروق

والشاهد: «عوض» على أنه ظرف ل «نتفرق»، أي: لا نفترق أبدا. 37 - أبى الله إلّا أنّ سرحة مالك … على كلّ أفنان العضاه تروق لحميد بن ثور الهلالي، صحابي. وكان عمر بن الخطاب نهى الشعراء أن يذكروا النساء في أشعارهم، فذكر الشاعر السرحة، وكنى بها عن صاحبته. والسرحة: شجرة تطول في السماء، وجمعها سرح، وظلها بارد في الحرّ. والعضاه: كل شجر من أشجار البرّ له شوك. وتروق: تفضل. والبيت شاهد على أن ابن مالك يرى أن «على» في البيت زائدة، وجعل معنى «تروق» تعجب. ويرى غيره أنّ «تروق» بمعنى تفضل، أو تعلو. والقولان محتملان. [الهمع/ 2/ 29، والأشموني/ 2/ 222، وشرح أبيات المغني/ 3 / 247]. 38 - أحبّ أبا مروان من أجل تمره … وأعلم أنّ الرّفق بالمرء أوفق وو الله لولا تمره ما حببته … ولا كان أدنى من عبيد ومشرق قالهما غيلان بن شجاع النهشلي. وقوله: أحبّ: مضارع من حبّ، فهو محبوب، ويقال: أحبّ فهو محبّ. وعبيد، ومشرق: ابنا الرجل. وفي البيت إقواء، وفي رواية: «وكان عياض منه أدنى ومشرق»، فلا إقواء. [الخزانة/ 9/ 429]. والشاهد: أن «الواو» الأولى «وو الله» للعطف، والثانية للقسم، معطوف على «أحبّ» أول الشعر. ويروى: وأقسم لولا تمره، فلا شاهد فيه. [شرح أبيات المغني/ 6/ 116، والخزانة/ 9/ 429]. 39 - وإنسان عيني يحسر الماء تارة … فيبدو وتارات يجمّ فيغرق قاله ذو الرّمة، يذكر كثرة بكائه، وغزارة دموعه. والشاهد: أنّ جملة «يحسر الماء»، خبر عن قوله: «وإنسان عيني»، وليس فيها ضمير يربطها بالمبتدأ، لما في الجملة المعطوفة بالفاء من ضمير المبتدأ. فإن فاعل «يبدو» ضمير «إنسان»، فإن «الفاء» نزّلت الجملتين منزلة جملة واحدة، فاكتفى بالربط بضمير إحدى الجملتين، فالخبر مجموع الجملتين، كجملتي الشرط والجزاء إذا وقعتا خبرا. نحو «زيد إن تقم يكرمك». [شرح أبيات المغني/ 7/ 79، والهمع/ 1/ 89، والأشموني/ 1/ 196].

40 - عرضنا فسلمنا فسلم كارها … علينا، وتبريح من الوجد خانقه

40 - عرضنا فسلّمنا فسلّم كارها … علينا، وتبريح من الوجد خانقه لعبد الله بن الدّمينه. يقول: سلمنا عليه وهو كاره؛ لقربه منا، ولقربنا منه؛ إذ كان يغار على نسائه. وانتصب كارها على الحال. والشاهد: «وتبريح من الوجد خانقه»، على أنّ «تبريح»: مبتدأ نكرة؛ لأنه واقع في صدر الجملة الحالية. [شرح أبيات المغني/ 7/ 36]. 41 - إذا متّ فادفنّي إلى جنب كرمة … تروّي عظامي بعد موتي عروقها ولا تدفننّي في الفلاة فإنني … أخاف إذا ما متّ أن لا أذوقها لأبي محجن الثقفي، عمر بن حبيب، شاعر صحابي، فارس، صاحب القصة المشهورة في القادسية. والشاهد: أنّ «أن» مخففة؛ لوقوعها بعد الخوف بمعنى العلم، واسمها ضمير الشأن المحذوف، وجملة (لا أذوقها) خبرها. ولو كانت ناصبة للمضارع، لكانت القافية منصوبة، ولكن القاف مرفوعة. [الهمع/ 2/ 2، والأشموني/ 2 / 3، وشرح أبيات المغني ج 1/ 138، والخزانة/ 8/ 398]. 42 - يا أيها المتحلّي غير شيمته … إنّ التّخلّق يأتي دونه الخلق ولا يواتيك فيما ناب من حدث … إلا أخو ثقة فانظر بمن تثق لسالم بن وابصة، من التابعين، توفي آخر أيام هشام بن عبد الملك، وكان والي الرّقة ثلاثين سنة. والشاهد: «فانظر بمن تثق»، على أن الباء في «بمن» زائدة. والأصل: فانظر من تثق به، ويحتمل أن يكون الكلام تم عند قوله: فانظر أي فانظر لنفسك. ثم استفهم على سبيل الإنكار فقال: بمن تثق؟ [شرح أبيات المغني/ 3/ 243، والهمع/ 2/ 22، والأشموني/ 2/ 219]. 43 - أحقّا أنّ جيرتنا استقلّوا … فنيّتنا ونيّتهم فريق من قصيدة طويلة لعامر بن معشر. واستقلوا: نهضوا مرتحلين. والنية: الجهة. يصف افتراقهم عند انقضاء المرتبع، ورجوعهم إلى محاضرهم. والفريق: يقع للواحد، والجمع، والمذكر، والمؤنث، ونظيره: صديق، وعدوّ.

44 - فديت بنفسه نفسي ومالي … وما آلوك إلا ما أطيق

الشاهد: «أحقا»، على أن «أحقا» منصوب على الظرفية عند سيبويه، وهو خبر مقدم، والمبتدأ «أنّ جيرتنا» المصدر المؤول. ويجوز رفعه على الابتداء، والمصدر المؤول بعده خبر. وتقدير الظرفية: أفي زمن حقّ أنّ جيرتنا، ثم حذف المضاف «زمن»؛ وانتصب المضاف إليه على الظرفية. [سيبويه/ 1/ 468، والهمع/ 2/ 71، والأشموني/ 1/ 278، وشرح أبيات المغني/ 1/ 346]. 44 - فديت بنفسه نفسي ومالي … وما آلوك إلا ما أطيق لعروة بن الورد. ومعنى آلوك: الألو: التقصير، والمنع، والاجتهاد، والاستطاعة والعطية. وقولك: ما ألوت جهدا، أي: لم أدع جهدا، وقولهم: ما آلوك جهدا، بالكاف، خطأ. فآلوك هنا في البيت بمعنى: أعطيك. يقول: الجود بالنفس والمال مما أطيقه، وأما الصحة والعافية ودفع الموت، مما لا أطيقه. والبيت شاهد على القلب، والأصل: فديت نفسه بنفسي، فقلب. [شرح المغني/ 8/ 120]. 45 - ما كان ضرّك لو مننت وربّما … منّ الفتى وهو المغيظ المحنق البيت لقتيلة بنت النّضر، كذا في حماسة أبي تمام، ونقل ابن حجر عن الزبير بن بكّار أنها مصنوعة. وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قتل أباها بعد بدر، وكان يؤذي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقالت ترثي أباها. والشاهد: على أنّ «لو» فيه مصدرية، فتكون مع مننت في تأويل المنّ، فاعل للفعل «ضرّك»، والجملة خبر كان، واسمها ضمير شأن محذوف على اعتبار «ما» نافية. ويجوز «ما» استفهامية، مبتدأ، وجملة (ضرّك) خبر كان وجملة كان خبر (ما) وجوّز بعضهم (كان) زائدة، و (ما) استفهامية، والتقدير: ما ضرك. ولا تجوز زيادتها إذا عددنا «ما» نافية، وقيل إن قصة البيت موضوعة. [شرح شواهد المغني/ 5/ 51، والأشموني/ 3/ 44]. 46 - وعذلت أهل العشق حتى ذقته … فعجبت كيف يموت من لا يعشق قاله المتنبي. وذهب الشّراح إلى أن المعنى مقلوب، على تقدير: كيف لا يموت من

47 - فإن كنت مأكولا فكن خير آكل … وإلا فأدركني ولما أمزق

يعشق، يعني أنّ العشق يوجب الموت لشدته، وإنما يتعجب ممن يعشق ثم لا يموت، وقد يكون على الأصل من غير قلب، لأنه يعظم أمر العشق، وجعله غاية في الشدة يقول: كيف يكون موت من غير عشق، أي: من لم يعشق، يجب أن لا يموت. [شرح شواهد المغني/ 8/ 123]. 47 - فإن كنت مأكولا فكن خير آكل … وإلا فأدركني ولمّا أمزّق البيت للشاعر الممزق العبدي، واسمه شأس بن نهار، وسمي بهذا البيت الممزق. وقيل: إنّ عثمان بن عفان ضمنه رسالة كتبها إلى علي بن أبي طالب عند ما كان محصورا. والشاهد: أنّ منفي «لمّا»، يستمر نفيه إلى حال التكلم. [شرح أبيات المغني/ 5/ 145، والأشموني/ 4/ 5، والأصمعيات/ 166]. 48 - وما كنت ممّن يدخل العشق قلبه … ولكنّ من يبصر جفونك يعشق قاله المتنبي. والشاهد: «ولكنّ»، على أن اسمها ضمير الشأن، أي: لكنه. 49 - لتقرعنّ عليّ السنّ من ندم … إذا تذكرت يوما بعض أخلاقي قاله تأبط شرا. وقوله: لتقرعنّ: اللام في جواب قسم محذوف. وقد حذفت ياء المؤنثة المخاطبة؛ لالتقائها ساكنة مع النون المدغمة. [شرح أبيات المغني/ 1/ 59، والشعر والشعراء/ 1/ 313]. 50 - أما والله أن لو كنت حرّا … وما بالحرّ أنت ولا العتيق مجهول وفيه شاهدان: الأول: زيادة «أن» بين لو وفعل القسم المحذوف. والثاني: جواز تقديم الخبر المنصوب، إذ الباء لا تدخل إلا على الخبر المنصوب في قوله: (وما بالحرّ أنت)، وما حجازية. [الإنصاف/ 200 وشرح المغني/ 1571]. 51 - تكلّفني سويق الكرم جرم … وما جرم وما ذاك السّويق

52 - ومن لا يقدم رجله مطمئنة … فيثبتها في مستوى الأرض يزلق

قاله زياد الأعجم. والسويق: طعام يتخذ من مدقوق الحنطة والشعير، يشرب في الأغلب ممزوجا بالماء، وأراد بسويق الكرم هنا: الخمر. يقول هذا محتقرا لقبيلة جرم. منكرا عليهم شرب الخمر. والشاهد: إظهار «ما» قبل «ذاك» تقوية لرفع المعطوف، كما تقول في «ما أنت وزيد»: ما أنت وما زيد، وكان يستطيع أن يقول: وما جرم وذاك السويق. [سيبويه/ 1/ 152، واللسان «سوق»]. 52 - ومن لا يقدّم رجله مطمئنة … فيثبتها في مستوى الأرض يزلق البيت نسبه سيبويه لابن زهير، ولعله يريد كعب بن زهير، أي: من لم يقدم رجله مثبتا لها في موضع مستو زلق. ضربه مثلا لمن لم يتأهب للأمر قبل محاولته. والشاهد: نصب «يثبتها» بإضمار «أن» بعد «الفاء»، على جواب النفي. [سيبويه/ 1/ 447، وديوان زهير/ 250]. 53 - إذا جئت بوّابا له قال: مرحبا … ألا مرحب واديك غير مضيّق لأبي الأسود الدؤلي يمدح رجلا. والشاهد: «مرحبا»: منصوب بفعل متروك إظهاره، أي: أدركت ذلك وأصبت، فحذفوا الفعل؛ لكثرة استعماله، كأنه صار بدلا من (رحبت بلادك)، ويجوز فيه الرفع كما في الشطر الثاني. [سيبويه/ 1/ 149، والهمع/ 1/ 169، والدرر/ 1/ 145]. 54 - وإلا فاعلموا أنّا وأنتم … بغاة ما بقينا في شقاق قاله بشر بن أبي خازم، و «ما» في البيت مصدرية ظرفية. والشاهد: وقوع الضمير المنفصل الذي محله الرفع «أنتم»، بين اسم «إنّ» وخبرها، مسبوقا بواو العطف، فهو في تقدير جملة، أي: وأنتم بغاة، عطفت على جملة «أنّا بغاة». ويجوز أن يكون خبر «أنّ» محذوفا، دل عليه خبر المبتدأ الذي بعدها. وأجاز الفراء والكسائي أن يعطف بالرفع على اسم «إن» قبل أن يذكر الخبر، فيقول: إنني وزيد على وفاق، قياسا على ظاهر هذا الشاهد. [سيبويه/ 1/ 290، والإنصاف/ 190، وشرح المفصل/ 8/ 69].

55 - يا رب مثلك في النساء غريرة … بيضاء قد متعتها بطلاق

55 - يا ربّ مثلك في النساء غريرة … بيضاء قد متّعتها بطلاق لأبي محجن الثقفي. والغريرة: الشابة الحديثة لم تجرب الأمور، ولم تعلم ما يعلم النساء من الحبّ. ومتعتها بطلاق: أي: عند طلاقها. والمتعة: ما وصلت به المرأة بعد الطلاق من ثوب، أو مال. كأنه يهدد زوجته بالطلاق. والشاهد: مثلك، حيث دخلت عليها «ربّ»، وهي لا تجرّ إلا النكرات، و «مثل» لا تكتسب تعريفا؛ لأنها بمنزلة الفعل، أي: يشبهك. [سيبويه/ 1/ 212، وشرح المفصل/ 2/ 126]. 56 - أين تضرب بنا العداة تجدنا … نصرف العيس نحوها للتلاقي قاله ابن همّام السّلولي. والشاهد: المجازاة ب «أين» الظرفية. [سيبويه/ 1/ 432، وشرح المفصل/ 4/ 105، والأشموني/ 4/ 10]. 57 - فمتى واغل ينبهم يحيّو … هـ وتعطف عليه كأس الساقي قاله عدي بن زيد. الواغل: الداخل في الشرب ولم يدع. ينبهم: ينزل عليهم. وتعطف: تمال. والشاهد: تقديم الاسم على الفعل في «متى»، مع جزمها للفعل في الضرورة، ورفع الاسم بعد «متى»، بإضمار فعل يفسره الظاهر. [سيبويه/ 1/ 458، والإنصاف/ 617، وشرح المفصل/ 9/ 10، والخزانة/ 3/ 46]. 58 - ما أرجّي بالعيش بعد ندامى … قد أراهم سقوا بكأس حلاق قاله المهلهل. والشاهد: «حلاق»، معدولة عن الحالقة، اسم مبني على الكسر، وهو اسم للمنية، سميت بذلك؛ لأنها تحلق وتستأصل. [سيبويه/ 2/ 38، والهمع/ 2/ 88، واللسان «حلق»]. 59 - حبّذا أنتما خليليّ إن لم … تعذلاني في دمعي المهراق والشاهد: «حبذا أنتما خليليّ»، حيث جاء المخصوص مثنى، و «ذا» مفردا؛ لأن «ذا»

60 - ولولا جنان الليل ما آب عامر … إلى جعفر سرباله لم يمزق

من «حبذا»، تلتزم الإفراد والتذكير في جميع أحوالها، وإن كان المخصوص بخلاف ذلك. [الهمع/ 2/ 88، والدرر/ 2/ 115]. 60 - ولولا جنان الليل ما آب عامر … إلى جعفر سرباله لم يمزّق جنان الليل: بفتح الجيم، ظلامه. وآب: رجع. والسربال: الثوب. والشاهد: «سرباله لم يمزق»، فالجملة الاسمية واقعة حالا، ارتبط بالضمير فقط. والبيت لسلامة بن جندل. [الأشموني/ 2/ 190، والعيني/ 3/ 210]. 61 - أنورا سرع ماذا يا فروق … وحبل الوصل منتكث حذيق نسب هذا البيت لثلاثة شعراء: زغبة الباهلي، ولمالك بن زغبة الباهلي، ولأبي شقيق الباهلي، واسمه جزء بن رياح الباهلي، وزعم السيوطي في شرح شواهد المغني، أن قصيدة البيت في «الأصمعيات»، وليست في الأصمعيات المطبوعة، وفي «الأصمعيات» قصيدة من الوزن والقافية، قالها المفضّل النكريّ، وتسمّى «المنصفة» مطلعها: ألم تر أنّ جيرتنا استقلّوا … فنيّتنا ونيّتهم فريق وهي كما ترى ليست مصرّعة. فلعلّ إحدى نسخ الأصمعيات في زمن السيوطي كانت تبدأ بالبيت الشاهد، وهو بيت مصرّع. وقوله: أنورا: الهمزة للاستفهام التوبيخي، ونورا: يقال: نارت، تنور، نورا ونوارا. والمرأة إذا كانت تنفر من الريبة وغيرها مما يكره. وسرع: أراد سرع، فحذف الضمة، وسكن الراء. والفروق: التي تفرق وتخاف. ونورا: تمييز منصوب مقدم على عامله «سرع»، وسرع: فعل ماض. ماذا: ما: زائدة، و «ذا» فاعل. ومنتكث: منتقض. والحذيق: المقطوع، يقال: حذق الشيء إذا قطعه. والشاهد: أن «ما» في البيت زائدة، و «ذا» للإشارة. [شرح أبيات المغني ج 5/ 233]. 62 - قلّما يبقى على هذا القلق … صخرة صماء فضلا عن رمق ليس للبيت قائل معروف. ويوردونه شاهدا على صحة التركيب: «فلان لا يملك

63 - فلا تحسبي أني تخشعت بعدكم … لشيء ولا أني من الموت أفرق ولا أن نفسي يزدهيها وعيدكم … ولا أنني بالمشي في القيد أخرق ولكن عرتني من هواك صبابة … كما كنت ألقى منك إذ أنا مطلق

درهما فضلا عن دينار». ومعناه: أنه لا يملك درهما ولا دينارا، وأن عدم ملكه للدينار أولى من عدم ملكه للدرهم. وكأنه قال: لا يملك درهما، فكيف يملك دينارا؟ ولا تستعمل فضلا هذه إلا في النفي، وهو مستفاد في البيت من «قلما». وانتصاب فضلا على وجهين: أحدهما: أن يكون مصدرا لفعل محذوف، وذلك الفعل، نعت للنكرة. والثاني: أن يكون حالا من معمول الفعل المذكور، وصح مجيء الحال من النكرة؛ لأنه مسبوق بنفي. وكون صاحب الحال معرفة، هذا هو الغالب الأعم، ومع ذلك فإن الشواهد على مجيئه من النكرة كثيرة، وبدون مسوغ. ومنه الحديث: «وصلى وراءه رجال قياما»، أو «قوم قياما»، وهو في الموطأ ج 1/ 135. [رسالة في توجيه النصب في إعراب فضلا لابن هشام ص 18]. 63 - فلا تحسبي أنّي تخشّعت بعدكم … لشيء ولا أنّي من الموت أفرق ولا أنّ نفسي يزدهيها وعيدكم … ولا أنني بالمشي في القيد أخرق ولكن عرتني من هواك صبابة … كما كنت ألقى منك إذ أنا مطلق هذه أبيات ثلاثة من ستة أبيات، أثبتها أبو تمام في أول كتاب الحماسة، وأول الأبيات: هواي مع الرّكب اليمانين مصعد … جنيب وجثماني بمكة موثق عجبت لمسراها وأنى تخلصت … إليّ وباب السجن دوني مغلق أتتنا فحيّت ثم قامت فودّعت … فلما تولّت كادت النفس تزهق والأبيات الستة للشاعر جعفر بن علبة الحارثي، من شعراء الدولتين الأموية والعباسية، وكان قد سجن بمكة بسبب دم عليه. وقوله: هواي: بفتح ياء المتكلم لا غير، وإسكان ما قبلها؛ لأن ما قبلها ألف. واليمانين: جمع يمان والنسبة إلى يمن، يمني، ولكنه حذف أحد يائي النسب (ياء النسب مشددة) وأتي بالألف عوضا منه، فصارت «يمان»، وعلى هذا لا يصح القول: «يمانيّ» بتشديد الياء؛ لاجتماع المعوّض، والمعوّض. [الحماسة بشرح المرزوقي ج 1/ 51، والخزانة ج 10/ 303].

64 - أحار بن بدر قد وليت ولاية … فكن جرذا فيها تخون وتسرق

64 - أحار بن بدر قد وليت ولاية … فكن جرذا فيها تخون وتسرق البيت منسوب للشاعر أنس بن زنيم، وهو أنس بن أبي أناس بن زنيم من الدؤل، رهط أبي الأسود الدؤلي؛ ولذلك ينسب أيضا لأبي الأسود الدؤلي، وأبوه أبو أناس، شاعر، وهو القائل في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فما حملت من ناقة فوق رحلها … أعفّ وأوفى ذمة من محمّد وعمّ أنس، سارية بن زنيم، الذي قال له عمر: «يا سارية الجبل الجبل»، والمنادى في البيت، حارثة بن بدر الغداني، من المخضرمين، عند ما ولّاه عبيد الله بن زياد ولاية «سرّق». والشاهد: في «حار»، أراد «حارثة» فرخم أولا بحذف الهاء، على لغة من لم ينو ردّ المحذوف، ثم رخّمه ثانيا بحذف التاء، على لغة من نوى ردّ المحذوف؛ ولذلك يروى «أحار» بالضم، و «أحار» بكسر الراء، وبعد البيت ثلاثة أبيات هي: ولا تحقرن يا حار شيئا أصبته … فحظّك من ملك العراقين (سرّق) فإنّ جميع الناس إما مكذّب … يقول بما يهوى وإمّا مصدّق يقولون أقوالا ولا يعلمونها … وإنّ قيل: هاتوا حقّقوا لم يحقّقوا [اللسان «سرق»، وشرح أبيات المغني ج 2/ 228، والأشموني وعليه العيني ج 3/ 174، ومعجم البلدان «سرّق»، والشعر والشعراء ص 624]. 65 - قد نالني منه على عدم … مثل الفسيل صغارها الحقق البيت للشاعر المسيب بن علس، والضمير. في «منه» يعود على الممدوح، وهو حسان ابن المنذر أخو النعمان. والحقق: جمع حقّة، وهي البكرة، إذا استوفت ثلاث سنين. [كتاب سيبويه ج 2/ 184، واللسان «حقق»]. 66 - وإني بما قد كلّفتني عشيرتي … من الذّبّ عن أعراضها لحقيق البيت للشاعر غيلان بن حريث، وهو في كتاب سيبويه ج 2/ 408. 67 - فيا أيّها المهدي الخنا من كلامه … كأنّك يضغو في إزارك خرنق

68 - وليس بمعييني وفي الناس ممتع … صديق إذا أعيا علي صديق

البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 143. قال السيوطي: وضمير المنادى الواقع في التابع يأتي بلفظ غيبة، وهي الأصل، وكذا بلفظ خطاب، اعتبارا بما عرض له من الحضور بالمواجهة، وقد اجتمعا في قوله: (البيت)، فقال: «من كلامه»، و «كأنك». وقوله: «يضغو» أي: يصوّت. والخرنق: ابن الثعلب. وانظر [شرح التصريح ج 2/ 174]. 68 - وليس بمعييني وفي الناس ممتع … صديق إذا أعيا عليّ صديق البيت بلا نسبة في الأشموني ج 1/ 126. قال الأشموني: وقعت نون الوقاية قبل ياء النفس مع الاسم المعرب في قول النبي صلّى الله عليه وسلّم لليهود: «فهل أنتم صادقوني»، وقول الشاعر: (البيت). قالوا: ودخلت النون على ما يشبه الفعل. 69 - تقول إذا أهلكت مالا للذّة … فكيهة هشّيء بكفّيك لائق البيت في كتاب [سيبويه لطريف بن تميم العنبري، ج 2/ 47، وشرح المفصل ج 10/ 141 واللسان «ليق» و «هلل» و «فكه»]. وقوله: «لائق»، يقال: ما يليق بكفه درهم أي: ما يحتبس، وما يليقه: أي: ما يحبسه، ولا يلصق به. والشاهد: «هشيء» وهو إدغام اللام في الشين، وأصله: «هل شيء». 70 - وردت اعتسافا والثّريا كأنّه … على قمّة الرأس ابن ماء محلّق البيت لذي الرّمة. والاعتساف: ركوب الأمر بلا تدبير ولا رويّة. وقوله: كأنه: الضمير يعود على الثريا، بتأويلها بالنجم، وإطلاق النجم على الثريا مشهور، وقيل: إنه اسم علم لها، ويروى: كأنها. وقوله: محلق: قال النحاس: هذا حجة في أنه صيّر «محلّق»، وهي: نكرة، من نعت «ابن ماء»، وابن ماء نكرة، حتى يدخل عليه الألف واللام. وابن الماء: طائر يقال له: الغرنيق. [سيبويه/ 1/ 226، واللسان «حلق»]. 71 - قد احتملت ميّ فهاتيك دارها … بها السّحم تردي والحمام المطوّق البيت لذي الرّمّة. والسّحم: جمع أسحم، وهو الأسود، يعني الغراب. ويردي: يحجل. والحمام المطوّق: القماري. والشاهد: «هاتيك»، على أنه أدخل الكاف على آخر هاتيك، كما أدخل «ها» التنبيه في أولها، ولا يقال «تي» بغير «ها» ولا كاف، وإنما يقال: «هاتي»، أو «تيك». [الهمع ج 1 -

72 - واعوج عودك من لحو ومن قدم … لا ينعم الغصن حتى ينعم الورق

76، وشرح أبيات المغني ج 7/ 81]. 72 - واعوجّ عودك من لحو ومن قدم … لا ينعم الغصن حتى ينعم الورق البيت غير منسوب، وهو في كتاب [سيبويه ج 2/ 227، واللسان «لحا»] و «نعم»]. واللحو: من لحا الشجرة يلحوها لحوا، قشرها. ونعم الغصن: اخضرّ ونضر. وفي حاشية اللسان، قوله: من لحو، في المحكم: من لحق، واللحق: الضمر، ولعله الأنسب للمعنى؛ ولذلك ورد في إحدى روايتي اللسان «من لحي» ولعله محرف من (لحق). 73 - أدارا بحزوى هجت للعين عبرة … فماء الهوى يرفضّ أو يترقرق البيت مطلع قصيدة لذي الرّمة، عدة أبياتها سبعة وخمسون بيتا؛ كلها غزل وتشبيب بميّ. وحزوى: اسم مكان في ديار بني تميم. وهجت: أثرت. للعين. جار ومجرور حال من العين؛ لتقدمه عليها. وماء الهوى: الدمع، وأضافه إلى الهوى أي: العشق؛ لأنه هو الباعث لجريانه. ويرفضّ: يسيل بعضه في إثر بعض، وكلّ متناثر، مرفّض. ويترقرق: يبقى في العين متحيرا، يجيء ويذهب. والشاهد: «أدارا»، الهمزة: للنداء، دارا: منادى منصوب، مع أنه نكرة مقصودة بالنداء، وقالوا: إن النكرة المقصودة الموصوفة ينصبها العرب. ومنه قوله عليه السّلام: «يا عظيما يرجّى لكل عظيم». [كتاب سيبويه ج 1/ 311، والأشموني ج 3/ 139، والعيني ج 4/ 236، والخزانة ج 2/ 190]. 74 - أرى الرّبع لا أهلين في عرصاته … ومن قبل عن أهليه كان يضيق البيت في الهمع بلا نسبة ج 1/ 146. والشاهد: «لا أهلين» لا: نافية للجنس، أهلين: اسمها مبني على الياء. 75 - سودت فلم أملك سوادي وتحته … قميص من القوهيّ بيض بنائقه البيت للشاعر نصيب، وكان أسود اللون. والقوهي: ضرب من الثياب بيض، منسوبة إلى قوهستان. والبنائق: جمع واحدته بنيقة: واختلفوا في معناها، فقيل: العرى التي تدخل فيها الأزرار، وقيل: هي رقعة في الثوب، تزاد لاتساعه، وقيل: هو طوق الثوب

76 - وما ضر أثوابي سوادي وتحتها … لباس من العلياء بيض بنائقه

الذي يضمّ النحر وما حوله. قلت: ولو كانت الوالدة - رحمها الله - موجودة، لسألتها: ما البنائق؟ فمازال يرنّ في أذني لفظ «البنايق» من كلامها. والشاهد: «سودت»: فهو على وزن «فعل» من السواد، وربما كان أصله «اسوادّ»، ثم تحوّل إلى «اسودّ»، ثم صار سود. قال ابن منظور: أراد بقوله سودت، أنه عورت عينه، واستعار لها تحت السواد من عينه قميصا بيضا بنائقه. وقد يكون مراده: إذا كنت أسود اللون، فإنني أضمر العمل الطيب، ويؤيده الرواية التالية. [اللسان «بنق» «وقيه» وشرح المفصل ج 7/ 162، وسيبويه ج 2/ 234]. 76 - وما ضرّ أثوابي سوادي وتحتها … لباس من العلياء بيض بنائقه البيت لنصيب، رواية أخرى للبيت السابق في الأغاني ج 1/ 354، قال: وأنشدنا الأصمعي لنصيب، وكان يستجيد هذه الأبيات، ويقول إذا أنشدها: قاتل الله نصيبا ما أشعره. 77 - عرضنا فسلّمنا فسلّم كارها … علينا وتبريح من الغيظ خانقه البيت لابن الدمينة، عبد الله بن عبيد الله، والدمينة أمّة، والبيت أحد سبعة أبيات أوردها أبو تمام في الحماسة. وقوله: عرضنا: جواب شرط للبيت الأول، وهو قوله: ولما لحقنا بالحمول ودونها … خميص الحشا توهي القميص عواتقه والحمول: الظعائن، وأثقالها. وخميص الحشا: قليل اللحم على بدنه، ويريد به قيّم الحمول، ومرافقها، وحارسها. يقول: لما دعانا الشوق إلى اللحوق بالظعائن بعد تشييعنا لها، وإلى تجديد العهد بها، فأدركناها ودونها رجل نحيف، مديد القامة. وقوله: فسلم كارها: أراد به المحامي دون الظعائن، وكارها: منصوب على الحال، يريد: أننا عند ما سلمنا، ردّ السّلام كارها، وظهر منه غيظ ملأ صدره. [شرح الحماسة للمرزوقي 1263، والشعر والشعراء ص 618، ترجمة ابن الدمينة]. 78 - حلفت بهدي مشعر بكراته … يخبّ بصحراء الغبيط درادقه لئن لم تغيّر بعض ما قد صنعتم … لأنتحينّ العظم ذو أنا عارقه

79 - ولم يرتفق والناس محتضرونه … جميعا وأيدي المعتفين رواهقه

البيتان للشاعر عارق الطائي من أهل الجاهلية، واسم الشاعر قيس، وإنما سمي «عارق» بما في البيت الثاني. والبيتان من قطعة خاطب بها عمرو بن هند ملك الحيرة، أو أخاه المنذر بن ماء السماء، ومطلع القطعة شعر رقيق، جاء فيه: ألا حيّ قبل البين من أنت عاشقه … ومن أنت مشتاق إليه وشائقه ومن لا تواتي داره غير فينة … ومن أنت تبكي كلّ يوم تفارقه وكان الملك قد بعث جيشا، فمرّ بحيّ بديار طيّ، واستاقوا من فيه، فقال الشاعر هذا الشعر. وقوله: حلفت بهدي، الهدي: ما يهدى إلى الحرم من النّعم، ومشعر: اسم مفعول، من الإشعار، وهو أن يطعن في السنام فيسيل الدم عليه، فيستدل بذلك على كونه هديا. وبكراته: جمع بكرة وهي الشّابة من الإبل. ويخبّ: من الخبب، وهو ضرب من السير، وهو خطو فسيح. والغبيط: موضع في طريق البصرة إلى مكة. والدرادق: جمع دردق: كجعفر، وهو صغار الإبل، والضمير في «بكراته» و «درادقه،» للهدي. والشاهد في البيت: الأول (بكراته) على أن تأنيث نحو «الزينبات» مجازي لا يجب له تأنيث المسند بدليل البيت، فإن البكرات كالزنيبات ولم يؤنث له المسند وهو «مشعر» قال أبو أحمد: ولماذا لا نقرأ مشعر: اسم فاعل، يتحمل ضمير الفاعل، وبكراته: مفعول به، والتقدير: حلفت بهدي أشعرت بكراته. وقوله في البيت الثاني: لأنتحينّ: من الانتحاء للشيء، الاعتماد والميل، والتعرض له. وذو: بمعنى الذي بلغة طيّ. وعارق: من عرقت العظم: أكلت ما عليه من اللحم. جعل شكواه كالعرق، وجعل ما بعده إن لم يغيّر ما صنعه تأثيرا في العظم، وقوله: لئن لم: اللام موطئة لجواب القسم الآتي قبل الشرط. والشاهد: «ذو» بمعنى الذي. [البيت الأول في الخزانة ج 7/ 437، والمرزوقي 1746. والبيت الثاني شرح المفصل ج 3/ 148، والمرزوقي 1746، والخزانة ج 7/ 437]. 79 - ولم يرتفق والناس محتضرونه … جميعا وأيدي المعتفين رواهقه قالوا: إن البيت مصنوع للشاهد الآتي ذكره. ويرتفق: من الارتفاق، وهو الاتكاء على

80 - يا عجبا للدهر شتى طرائقه … وللمرء يبلوه بما شاء خالقه

المرفق، أي: لم يشتغل عن قضاء حوائج الناس، ويحتمل أن المعنى لم يرتفق بماله، أي: لم يبذل بالرفق، بل جار عليه بالجود. والمعتفون: الذين يأتون يطلبون المعروف. والرواهق: جمع راهقة، من رهقه، إذا غشيه وأتاه، والهاء يجوز أن تكون ضميرا، وأن تكون للسكت. والشاهد: «محتضرونه»، وهو من حضر بمعنى شهد، فهو متعد، يقال: حضرت القاضي، وأما ما كان منه بمعنى ضد، غاب، فهو لازم، وقد جمع في «محتضرونه» بين النون والضمير، وحقّ النون الحذف عند الإضافة في جمع المذكر السالم، وانظر تخريج الوجه في [كتاب سيبويه ج 1/ 96، وشرح المفصل ج 2/ 125، والخزانة ج 4/ 271]. 80 - يا عجبا للدّهر شتّى طرائقه … وللمرء يبلوه بما شاء خالقه البيت للراعي النميري. وطرائق الدهر: ما هو عليه من تقلّبه. قال ابن منظور: كذا أنشده سيبويه، يا عجبا، منونا، وفي بعض كتب ابن جني يا عجبا، بدون تنوين، أراد: يا عجبي، فقلب الياء ألفا لمدّ الصوت، كقوله تعالى: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ. [يوسف: 84]. [اللسان «طرق» وكتاب سيبويه ج 2/ 301]. 81 - من لم يمت عبطة يمت هرما … للموت كأس والمرء ذائقها البيت لأمية بن أبي الصلت، يقول: من لم يمت شابا طريّا من غير علة، يمت من الهرم والكبر، فقوله: عبطة، يعنى من غير علّة، ذكره ابن يعيش؛ لتفسير قول الزمخشري: والترخيم حذف في آخر الاسم على سبيل الاعتباط، يعني من غير علّة موجبة، وإنما ذلك. لنوع من التخفيف، من قولهم: اعتبط البعير، إذا مات من غير علة. [شرح المفصل ج 2/ 21]. 82 - أإن شمت من نجد بريقا تألّقا … تبيت بليل أم أرمد اعتاد أولقا قاله بعض الطائيين. وقوله: أإن: الهمزة للاستفهام، وإن شرطية، وشمت: فعلها، وهو ماض؛ ولذلك جاء جوابها «تبيت» مرفوعا، ويحتمل أن تكون «أن» مصدرية، حذف قبلها لام التعليل، والتقدير: «ألأن». وبريق: مصغر «برق». و «أولقا»: جنونا. وهو مفعول اعتاد. والشاهد: «بليل أم أرمد»، أصلها: «بليل الأرمد»، ليل: مضاف، والأرمد: مضاف إليه

83 - حذار فقد نبئت إنك للذي … ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى

والأصل في «أرمد»، المنع من الصرف، ولكنه دخلت عليه «ال»، فجرّ بالكسرة، وبقي على هذه الحال بعد دخول (أم) بدل (ال) بلغة جنوب الجزيرة العربية (اليمن). [الأشموني ج 1/ 96، وعليه العيني، والصبان]. 83 - حذار فقد نبّئت إنّك للّذي … ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى البيت غير منسوب. والشاهد فيه: تعليق «نبّئت» عن العمل، وهو مبني للمجهول، والتاء: نائب فاعل، وهو المفعول الأول، وجملة «إنك للذي» في موضع نصب سدت مسدّ المفعولين، والفعل معلق عنها باللام؛ ولذلك كسرت «إنّ». وحذار: اسم فعل بمعنى احذر. [الهمع/ 1/ 157، وشرح التصريح/ 1/ 266]. 84 - فلئن قوم أصابوا غرّة … وأصبنا من زمان رنقا للقد كانوا لدى أزماننا … لصنيعين لبأس وتقى هذان البيتان، أنشدهما الفرّاء شاهدا؛ لدخول اللام على «لقد»، قال: وظنّ بعض العرب أن «اللام» أصلية، فأدخل عليها لاما أخرى، [اللسان «لقد»، وشرح أبيات المغني ج 4/ 368، والهمع ج 1/ 140، والشعر والشعراء ص 44]. وقد أنكر البصريون هذه الرواية، وقالوا: هي «فلقد». 85 - زحرت بها ليلة كلّها … فجئت بها مؤيدا خنفقيقا قاله شييم بن خويلد، وهو رابع أربعة أبيات أوردها صاحب اللسان، وهذه الثلاثة التي سبقته، لعلّ المعنى يفهم من السياق: قلت لسيدنا يا حكي … م إنّك لم تأس أسوا رفيقا أعنت عديّا على شأوها … تعادي فريقا وتنفي فريقا أطعت اليمين عناد الشمال … تنحّي بحدّ المواسي الحلوقا وقوله: يا حكيم: هزء منه، أي: أنت الذي تزعم أنك حكيم، وتخطئ هذا الخطأ. وقوله: أطعت اليمين عناد الشمال: مثل ضربه، يريد: فعلت فعلا أمكنت به أعداءنا منّا، كما أعلمتك أن العرب تأتي أعداءها من ميامينهم، يقول: فجئتنا بداهية من الأمر، وجئت

86 - حسبتك في الوغى مردى حروب … إذا خور لديك فقلت سحقا

بها مؤيدا خنفقيقا، أي: ناقصا مقصّرا. وقوله: زحرت بها: أصل الزحير: إخراج النفس أو الصوت بأنين عند عمل، أو شدّة، ويقال للمرأة إذا ولدت ولدا: زحرت به وتزحر به. كأنه يقول له: فكرت ليلة كاملة، فجئت بالرأي ناقصا. والشاهد: «ليلة كلها»، حيث أكد قوله: «ليلة»، وهي نكرة محدودة لها أول وآخر معروفان، بقوله: «كلها»، وهو شاهد لمذهب الكوفيين الذين أجازوا توكيد النكرة. [الإنصاف ص 453، واللسان «خفق»، والخزانة ج 5/ 170]. 86 - حسبتك في الوغى مردى حروب … إذا خور لديك فقلت سحقا البيت غير منسوب. وقوله: مردى: بكسر الميم وسكون الراء، الحجر يرمى به، ويقال للشجاع: إنه لمردى حروب. وفي الأشموني (بردى) تثنية برد، وفي الصبّان (بردى)، قال: وهو البحر. والشاهد: «إذا خور»، جاء المبتدأ نكرة، والمسوّغ مجيئه بعد «إذا» الفجائية. والظرف «لديك» خبره، بناء على أنّ «إذا» حرف، لا ظرف. [الأشموني والصبان ج 1/ 206]. 87 - لديك كفيل بالمنى لمؤمّل … وإنّ سواك من يؤمّله يشقى البيت غير منسوب. ولديك كفيل: خبر مقدم، ومبتدأ مؤخر. والشاهد: في «سواك»، حيث نصب على أنه اسم «إنّ»، لا على أنه ظرف. ومن يؤمله يشقى: خبرها، ومن: موصولة، ويؤمله: صلتها، ويشقى: خبر «من». [الأشموني والعيني ج 2/ 159]. 88 - فإنّني والذي يحجّ له الناس … بجدوى سواك لم أثق البيت غير منسوب. والشاهد: «بجدوى سواك»، فقد جاءت «سوى» مضاف إليه مجرور، وهذا يدل على أنها بمعنى «غير» وأنها ليست ظرفا لا تتصرف كما زعم بعضهم. [الأشموني ج 2/ 159]. 89 - يا قرّ إنّ أباك حيّ خويلد … قد كنت خائفه على الإحماق

90 - وكأن حيا قبلكم لم يشربوا … فيها بأقلبة أجن زعاق

البيت للشاعر جبار بن سلمى بن مالك، وهو جاهلي. و «قرّ»: مرخم (قرّة). والإحماق: مصدر أحمق الرجل، إذا ولد له ولد أحمق، وكذا أحمقت المرأة. وأما «حمق» بدون همزة، فهو من (الحمق) بالضم، وهو فساد في العقل، وهو من باب تعب، ووصفه (حمق) بكسر الميم، وأما «أحمق» ففعله، (حمق) بالضم، والأنثى (حمقى) وقوله: (على الإحماق)، على: متعلقة ب «خائفه»، يقال: خفته على كذا، أي: خفت منه. والمعنى: إنني كنت أرى من أبيك مخايل تدل على أنه يلد ولدا أحمق، وقد تحقق بولادته إياك. ومثل هذا أبلغ من أن يقول له: أنت أحمق؛ لأن ذلك يشعر بتحقق ذلك فيه، أي: كان معروفا من أبيك قبل أن يلدك. والشاهد: في لفظ «حيّ»، فهو من قولك: هذا رجل حيّ، وامرأة حيّة، وهو يركب مع الاسم بعده في صورة مضاف، وما بعده مضاف إليه. ويقع عليه الإعراب فتقول: (جاء حيّ فلان، ورأيت حيّ فلان) ويذكر الفعل معه، إذا كان المضاف إليه مذكرا، ويؤنث، إذا كان المضاف إليه مؤنثا. ولكن الإشكال في: هل هو المقصود بالإعراب والمعنى؟ أم أنّ المضاف إليه هو المقصود؟ فمنهم من قال: إنه لفظ زائد مقحم، وأن المراد في البيت: (إن أباك خويلدا) على البدلية، ومنهم من قال: إنه غير زائد من حيث المعنى. قال أبو أحمد: وأنا أميل إلى الرأي الثاني؛ لأن دعوى الزيادة المطلقة التي لا تفيد معنى، فيه ادعاء بأن اللفظ حشو، وأنهم يحشون كلامهم بما لا فائدة فيه، مع أن العرب لا يعرفون مضغ الكلام، ومن خصائص كلامهم الإيجاز. والأصل في الكلام أن يفيد معنى، والقول بالزيادة والحشوية صعب الإثبات، بل كان يحتاج إلى معاصرة القائلين، وسؤالهم عن مقصودهم وهذا لم يتحقق، ويؤيد كونه يدل على معنى، أنه لا يقال إلا قبل موت المضاف إليه. هذا وقوله: (حيّ أباك)، حيّ: بدل، أو عطف بيان من أباك، وجملة «قد كنت خائفه»: خبر إنّ. وانظر مثل هذا البيت في حرف الراء (ألا قبح .. قبح الحمار). [الخزانة ج 4/ 334، وشرح المفصل ج 3/ 13، والأشموني ج 4/ 433، والخصائص ج 3/ 28، واللسان «حيا»]. 90 - وكأن حيّا قبلكم لم يشربوا … فيها بأقلبة أجنّ زعاق البيت للشاعر جّبار بن سلمى بن مالك، وجاء بعد البيت السابق. و «حيّا» هنا، بمعنى القبيلة. وأقلبة: جمع قليب، بمعنى البئر. قال الرياشي: هذا يدل على تذكير القليب؛ لأنه قال: أقلبة، والجمع قلب، ولكن جاء به على رغيف وأرغفة للجمع القليل، والباء في

91 - فمتى واغل يزرهم يحيو … هـ وتعطف عليه كأس الساقي

«بأقلبة»، بمعنى «من» و «أجنّ»: فعل ماض مبني على السكون، على النون الأولى، والنون الثانية للنسوة، فاعله، تعود على «أقلبة»، يقال: أجن الماء يأجن، إذا تغيّر. وضمير «فيها؛» للمنيّة وضرب القليب، مثلا لها. وقد يكون القليب: القبر. والزّعاق: بضم الزاي، الماء المرّ الغليظ، لا يطاق شربه من أجوجته، وإذا كثر ملح الشيء حتى يصير إلى المرارة، فأكلته، قلت: أكلته زعاقا. [الخزانة ج 4/ 336]. 91 - فمتى واغل يزرهم يحيّو … هـ وتعطف عليه كأس الساقي البيت لعدي بن زيد العبادي. والواغل: الرجل الذي يدخل على من يشرب الخمر ولم يدع، وهو الطفيليّ. والكأس: مؤنثة. وزعم الدينوري في كتاب النبات، أن الكأس من أسماء الخمر، ولا يقال للزجاجة: كأس، إن لم يكن فيها الخمر، وقد ردّ العلماء قوله، وأثبتوا أن الكأس يمكن أن تكون فارغة، ولأي شيء غير الخمر. والشاهد في البيت: «فمتى واغل يزرهم»، فقد فصل بين متى الشرطية الجازمة، ومجزومها فعل الشرط، ب «واغل»، ف «واغل»: فاعل فعل محذوف، يفسره المذكور. [كتاب سيبويه ج 1/ 458، والخزانة ج 3/ 46، وشرح المفصل 9/ 10، والإنصاف ص 617]. 92 - أيا من رأى لي راي برق شريق … أسال البحار فانتحى للعقيق البيت للشاعر أبي دواد، يصف برقا. والراي: اللمعان والتلألؤ. وشريق: مشرق وانتحى له: أي قصده وسار إليه. والشاهد: «أسال البحار» حذف المضاف والمضاف إليه الأول، واكتفى بالمضاف إليه الثاني والأصل: أسال سقيا سحابه البحار، فحذف المضاف وهو «سقيا» والمضاف إليه، وهو «سحاب»، ولم يبق إلا المضاف إليه الثاني، وهو الضمير المجرور بإضافة سحاب، فلما اتّصل بالفعل وأقيم مقام المضاف، ارتفع فاستتر. وأظن هذا التخريج متكلّفا، وأحسن منه، أن نقول: أسال البرق البحار، وإسناد الإسالة إلى البرق مجاز، وأسال البحار، يعني ملأ الوديان، والله أعلم. [شرح المفصل ج 3/ 31]. 93 - ولما رزقت ليأتينّك سيبه … جلبا وليس إليك ما لم ترزق البيت للقطامي في ديوانه، والهمع ج 2/ 44. وقوله: لما: «اللام» موطئة للقسم، و «ما» شرطية.

94 - فقلت له صوب ولا تجهدنه … فيذرك من أعلى القطاة فتزلق

والشاهد: دخول اللام الموطئة للقسم على «ما» الشرطية، وأكثر ما تدخل على «إن». واللام الموطئة، تدخل على أداة شرط حرفا كان، أم اسما، تؤذن بأن الجواب بعدها مبني على قسم مثلها، لا على شرط، ومن ثمّ تسمى اللام المؤذنة، وتسمى الموطئة أيضا؛ لأنها وطأت الجواب للقسم، أي: مهدته له، سواء أكان القسم قبلها مذكورا، أم غير مذكور. 94 - فقلت له صوّب ولا تجهدنّه … فيذرك من أعلى القطاة فتزلق البيت لامرئ القيس. وقوله: فقلت له: يعود الضمير إلى غلامه الذي أركبه فرسه. ويذرك: من ذروت الشيء: طيرته وأذهبته. والقطاة من الدابّة: العجز، ومركب الرديف. والشاهد: «فيذرك»، جعل الجواب ب «الفاء»، كالمنسوق المعطوف على ما قبله؛ لأنه مجزوم، وحقه النصب. [سيبويه/ 1/ 452]. 95 - فقلت له صوّب ولا تجهدنّه … فيدنك من أخرى القطاة فتزلق هذه رواية أخرى في البيت السابق، وفي رواية: «فيذرك»، بدل «فيدنك». قال عبد السّلام هارون رحمه الله: «فيدرك» صوابه بالذال المعجمة كما في الديوان، وتعليق النحاس على البيت، يوحي بأن الرواية عنده «فيدرك»؛ لأنه قال: كأنه قال: فلا تجهدنّه، ولا يدرك، فجزم «يدرك» على النهي. [النحاس ص 296، والخزانة ج 8/ 526، وسيبويه ج 3/ 101]. 96 - تزوجتها راميّة هرمزيّة … بفضل الذي أعطى الأمير من الرّزق البيت بلا نسبة في الأشموني ج 4/ 190. وراميّة: نسبة إلى (رام هرمز)، بلد في نواحي خوزستان. والشاهد فيه: ف «رام هرمز»، أو «رامهرمز»، مركب تركيبا مزجيا، والغالب فيه أن ينسب إلى صدره فيقال: راميّ، وقد نسب الشاعر إلى الجزئين منفصلين، فنسب إلى «رام»: راميّ، وهرمز: هرمزي، هذا ويجوز أن يقال: هرمزي، نسبة إلى الجزء الثاني. وقوله: «رامية هرمزية» نصب على الحال، و «الباء» في: «بفضل» يتعلق بقوله: (تزوجتها). 97 - تعطي الضجيع إذا تنبّه موهنا … كالأقحوان من الرّشاش المستقي البيت للقطامي في ديوانه، والعيني ج 4/ 40. وهو كما ورد في الديوان مركب من بيتين هما:

98 - إذا ما استحمت أرضه من سمائه … جرى وهو مودوع وواعد مصدق

تعطي الضّجيع إذا تنبّه موهنا … منها وقد أمنت له من يتقّي عذب المذاق مفلّجا أطرافه … كالأقحوان من الرّشاش المستقي والرّشاش: جمع مفرده الرش، وهو المطر القليل، ولعل الشاعر أراد: الأقحوان المستقي من الرشاش فقدم. 98 - إذا ما استحمّت أرضه من سمائه … جرى وهو مودوع وواعد مصدق البيت للشاعر خفاف بن ندبة، يصف فرسا، يقول: إذا ابتلت حوافره من عرق أعاليه، جرى وهو متروك لا يضرب ولا يزجر، ويصدقك فيما يعدك البلوغ إلى الغاية، فقوله: مصدق: بفتح الميم، وسكون الصاد، أي: صادق الحملة، يقال ذلك للشجاع، والفرس، والجواد. والشاهد: «مودوع»، اسم المفعول من الفعل المضارع «يدع»، بمعنى يترك، وقد زعموا أن الفعل «لم يدع»، لا يأتي منه غير لفظه، ولكن النصوص جاءت بالماضي والمصدر، واسم الفاعل واسم المفعول. [الخزانة ج 6/ 472، واللسان «صدق، وودع»]. 99 - وقد تخذت رجلي لدى جنب غرزها … نسيفا كأفحوص القطاة المطرّق البيت للممزّق العبدي، نسبة إلى عبد القيس، واسمه شأس بن نهار، وإنما لقب الممزق لقوله: فإن كنت مأكولا فكن خير آكل … وإلا فأدركني ولما أمزّق والبيت الشاهد من قصيدة في الأصمعيات، يخاطب فيها الملك عمرو بن هند، وكان قد همّ بغزو عبد القيس، فقال الممزق هذه القصيدة يستعطفه. وفيها وصف لناقته التي حملته إلى عمرو بن هند. والنسيف: أثر ركض الرّجل بحنبي البعير. والأفحوص: مجثم القطاة، أي: مبيتها. والقطاة: طائر. والمطرّق: بفتح الراء، صفة ل «الأفحوص»، أي: المعدل، وبكسر الراء: صفة ل «القطاة»، وهي التي حان خروج بيضها. والشاهد: «تخذت»، فهو فعل ماض نصب مفعولين، الأول: نسيفا، والثاني: الظرف في قوله: «لدى»، ويروى «إلى جنب»، فيكون الجار والمجرور مفعولا ثانيا. [الأصمعيات/ 164، والخصائص/ 2/ 287].

100 - حبذا أنتما خليلي إن لم … تعذلاني في دمعي المهراق

100 - حبّذا أنتما خليليّ إن لم … تعذلاني في دمعي المهراق البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 88. قال السيوطي: والأصح أنّ «ذا»، فاعل «حبذا»، فلا تتبع، وتلزم الإفراد والتذكير، وإن كان المخصوص بخلاف ذلك، وأنشد البيت قال: وإنما التزم؛ ذلك لأنه كالمثل، والأمثال لا تغير. 101 - حمى لا يحلّ الدهر إلا بإذننا … ولا تسأل الأقوام عقد المياثق البيت للشاعر عياض ابن أم درّة الطائي. وقوله: حمى: خبر مبتدأ محذوف، أي: حمانا حمى، أو نحو ذلك مما يناسب، إذا عرفنا الأبيات قبله. والدهر: منصوب على الظرف. والشاهد: «عقد المياثق»، فإن القياس فيه «المواثق»؛ لأنه جمع ميثاق، ولكنه يروى أيضا على الأصل: «المواثق» وقوله: «المواثق» موافق لمذهب الكوفيين من جواز حذف المدة قبل الآخر، بلا تعويض الياء عنها، والمشهور أن جمعه «المواثيق». [الأشموني ج 4/ 166]. 102 - يا أرط إنّك فاعل ما قلته … والمرء يستحيي إذا لم يصدق قاله زميل بن الحارث، يخاطب أرطاة بن سهية. والشاهد: «يا أرط»، يريد به يا أرطاة، رخمه أولا بحذف التاء، على لغة من لم ينو ردّ المحذوف، ثم رخم ثانيا بحذف الألف، على لغة من نوى رد المحذوف، وهو الألف. [الأشموني ج 3/ 175، والهمع ج 1/ 184، والأغاني ج 13/ 455، والعيني ج 4/ 298]. 103 - أسعد بن مال ألم تعلموا … وذو الرأي مهما يقل يصدق البيت في كتاب سيبويه لبعض العباديين، وقال عنه الشنتمري: هو مصنوع على طرفة. والشاهد: أنه رخم «مالك»، ولم يناده، إنما نادى سعدا. [سيبويه/ 2/ 255، هارون]. 104 - يا خال هلّا قلت إذ أعطيتني … هيّاك هيّاك وحنواء العنق أعطيتنيها فانيا أضراسها … لو تعلف البيض به لم ينفلق البيتان بلا نسبة. هيّاك: بكسر الهاء، لعلها لغة في (إيّاك)، الضمير المنفصل المنصوب بفعل محذوف في التحذير. والحنواء من الغنم: التي تلوي عنقها لغير علّة، وكذلك هي

105 - ومنهل ليس له حوازق … ولضفادي جمه نقانق

من الإبل، وقد يكون ذلك عن علّة. [اللسان «هيا»، والإنصاف ص 215]. 105 - ومنهل ليس له حوازق … ولضفادي جمّه نقانق رجز منسوب لخلف الأحمر. والحوازق: بالحاء والراء، الجماعات. وهو شاهد على إبدال الياء من العين في ضفادي، يعني: ضفادع. والنقانق: جمع نقنقة، وهي صوت الضفدع. [سيبويه/ 1/ 344، وشرح المفصل/ 10/ 24، والأشموني/ 4/ 377، والهمع/ 2/ 157، والدرر/ 2/ 213]. 106 - ودابق وأين منّي دابق ... لغيلان بن حريث. [اللسان «دبق»، وسيبويه/ 2/ 23]. ودابق: قرية في نواحي حلب، إليها نسب مرج دابق، وبها قبر سليمان بن عبد الملك. والشاهد: صرف «دابق»؛ لأن الغالب عليه أن يكون اسما مذكرا للمكان والبلد، ويجوز منع الصرف على تأويله بمعنى البقعة والبلدة. 107 - يا عمرويه انطلق الرّفاق … مالك لا تبكي ولا تشتاق بدون نسبة في شرح المفصل/ 9/ 30، والمقتضب/ 3/ 181. 108 - أعزّ ذات المئزر المنشقّ … أخذت خاتامي بغير حقّ رجز غير منسوب. [اللسان «ختم»، وشرح المفصل/ 5/ 53]. 109 - قد أقبلت عزّة من عراقها … ملصقة السرج بخاق باقها رجز غير منسوب. [الأشموني/ 3/ 211، واللسان «خوق»]. 110 - ورحنا بكابن الماء يجنب وسطنا … تصوّب فيه العين طورا وترتقي لامرئ القيس. وابن الماء: طائر يقال له: الغرنيق، شبه الفرس به في سرعته وسهولة مشيه. ويجنب: يقاد. وتصوّب: تنحدر. وترتقي: ترتفع. يريد أن عين الناظر إليه تصعّد فيه النظر وتصوبه إعجابا به. والشاهد: مجيء الكاف اسما مجرورا بالباء في قوله: (ب كابن). [الخزانة/ 10/ 167].

قافية الكاف

قافية الكاف 1 - يا عاذلي دعني من عذلكا … مثلي لا يقبل من مثلكا العاذل: الذي يلوم في تسخّط وكراهية لما يلومك فيه. ودعني: اتركني. وقوله: مثلي لا يقبل من مثلك هو. محلّ الشاهد فأصل معناه: من كان متّصفا بصفاتي، فإنه لا يقبل ممن كان متصفا بصفاتك. وقد جرت عادة العرب أنهم يكنون بهذه العبارة عن معنى. «أنا لا أقبل منك» والعرب إذا بالغوا في نفي الفعل عن أحد، قالوا: مثلك لا يفعل كذا، ومرادهم إنما هو النفي عن ذاته، ولكنهم إذا نفوه عمّن هو على أخصّ أوصافه، فقد نفوه عنه، ومن الكناية قولهم: «مثلك لا يبخل»، فقد نفوا البخل عن مثله، وهم يريدون نفيه عن ذاته قصدوا المبالغة في ذلك، فسلكوا به طريق الكناية، والخلاصة أن «المثل»، يطلق في كلام العرب، ويراد به ذات الشيء. والحاصل من هذا الشاهد: أن «الكاف» في قوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، [الشورى: 11] لا تكون زائدة؛ لأن «مثله» هنا، بمعنى: «هو»، كأنه قال: ليس كهو شيء، وهذا التفسير، أبلغ من قولهم بزيادة الكاف؛ لزعم القائل بالزيادة، أنّ المعنى يفسد بها، حتى يصبح المعنى: «ليس مثل مثله شيء»، وهذا باطل، فزادوا «الكاف»، وتفسير «المثل» بمعنى الذات، جيد. [الإنصاف/ 301]. 2 - تراكها من إبل تراكها … أما ترى الموت لدى أوراكها بيتان من مشطور الرجز، عزاهما ابن منظور إلى طفيل بن يزيد الحارثي. والشاهد: «تراكها»، بمعنى: اتركها، اسم فعل أمر، فاعله ضمير مستتر، والضمير البارز مفعول به. وقد جاء (فعال) المأخوذ من مصدر الفعل الثلاثي المتصرف، وبناه على

3 - لن تنفعي ذا حاجة وينفعك … وتجعلين اللذ معي في اللذ معك

الكسر. [سيبويه/ 1/ 123، والإنصاف/ 537، والشذور، واللسان «ترك»]. 3 - لن تنفعي ذا حاجة وينفعك … وتجعلين اللّذ معي في اللّذ معك من شواهد «الإنصاف»، وأنشده الكوفيون يستدلون به على أنّ أصل ذال «الذي» ساكنة؛ لأنها جاءت هنا ساكنة، ويرى الكوفيون أن الاسم في «الذي»، الذال وحدها، وما زيد عليها، تكثير لها، والدليل على ذلك أن الياء تحذف في التثنية، فتقول: جاء (اللذان)، ولو كانت الياء أصلية، لقلنا جاء اللذيان، كما يقال: العميان. [الإنصاف/ 672]. 4 - أتتك عنس تقطع الأراكا … إليك حتى بلغت إيّاكا رجز منسوب إلى حميد الأرقط. والعنس: بفتح فسكون، الناقة الشديدة القوية على السير. وتقطع الأراك، أي: تقطع الأرضين التي هي منابت الأراك. والشاهد: «بلغت إياك»، حيث جاء بالضمير المنفصل في المكان الذي يكون فيه الضمير المتصل، وكان من حقه أن يقول: «بلغتك»، وكان الزجّاج يرى أنّ «إياك» هنا، ليست مفعولا لبلغت، وإنما هو توكيد لضمير متصل محذوف، يقع مفعولا به، والتقدير: بلغتك إياك. وهو تخريج بعيد، فكيف يكون توكيدا، والمؤكّد غير موجود. [سيبويه/ 1/ 383، والانصاف/ 699]. 5 - فإن تك خيلي قد أصيب عميدها … فعمدا على عيني تيمّمت مالكا أقول له والرمح يأطر متنه … تأمّل خفافا إنّني أنا ذلكا قالهما خفاف بن ندبة، خفاف، بوزن غراب، وندبه، بفتح النون أو ضمّها أمّه، وهو ابن عم الخنساء، ويقول خفاف الشعر، وقد قتل مالك بن حمار، سيد بني شمخ بن فزارة، وأراد بالعميد الذي أصيب: معاوية بن عمرو بن الشريد، أخا الخنساء، ومالكا: هو مالك بن حمار. ويأطر متنه: يثنيه. والشاهد: «أنا ذلكا»، أي: هذا، والإشارة فيه قد قصد بها تعظيم المشار إليه، أي: أنا ذلك الفارس الذي ملأ سمعك ذكره، نزّل بعد درجته، ورفعة محله، منزلة بعد المسافة، ولهذا استعمل مع اسم الإشارة «اللام» التي للبعد، وفي القرآن ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة: 2]. [الدرر/ 1/ 51، والهمع/ 1/ 77، والإنصاف/ 720، والشعر والشعراء (ترجمة الشاعر)، والخصائص/ 2/ 186].

6 - تعلمن ها- لعمر الله- ذا قسما … فاقدر بذرعك وانظر أين تنسلك

6 - تعلّمن ها - لعمر الله - ذا قسما … فاقدر بذرعك وانظر أين تنسلك البيت من قصيدة لزهير بن أبي سلمى. قال الأصمعي: ليس في الأرض قصيدة على الكاف، أجود من قصيدة زهير التي مطلعها: بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا … وزوّدوك اشتياقا أيّة سلكوا وقوله: تعلّمن، أي: اعلم، و «ها» تنبيه، وأراد: هذا ما أقسم به، وقسما: مصدر منصوب يؤكد معنى اليمين. وقوله: «فاقدر بذرعك»، أي: قدّر لخطوك. والذّرع: قدر الخطو، والمعنى: لا تكلّف ما لا تطيق مني، يتوعده بذلك، وكذلك قوله: «وانظر أين تنسلك». والانسلاك: الدخول في الأمر، وأصله من سلوك الطريق، والمعنى: لا تدخل نفسك فيما لا يعنيك، ولا يجدي عليك. والبيت شاهد على أن الفصل بين «ها»، وبين «ذا»، بغير إنّ وأخواتها كالقسم، قليل كما في البيت. وأصله: هذا لعمر الله قسمي. [الخزانة/ 5/ 451، وسيبويه/ 2/ 145، والدرر/ 1/ 150، والهمع/ 2/ 92]. 7 - أفي السّلم أعيارا جفاء وغلظة … وفي الحرب أشباه النساء العوارك البيت منسوب إلى هند بنت عتبة، قالته لفلّ قريش حين رجعوا من بدر. أفي: الهمزة للاستفهام التوبيخي. والأعيار: جمع عير، وهو الحمار، وهو مثل في البلادة والجهل. والعوارك: جمع عارك، وهي الحائض. والبيت شاهد على أن «أعيارا»، و «أشباه النساء» منصوبان على الحال، وقيل: منصوبان على المصدر، بإضمار فعل، وضعت هي موضعه بدلا من اللفظ به. وقيل: إن الفعل المحذوف كان واسمها، وأعيارا خبرها. [الخزانة/ 3/ 264، وسيبويه/ 1/ 172، واللسان «عرك»، والسيرة النبوية]. 8 - سلّم على المولى البهاء وصف له … شوقي إليه وأنّني مملوكه أبدا يحرّكني إليه تشوّقي … جسمي به مشطوره منهوكه لكن نحلت لبعده فكأنني … ألف وليس بممكن تحريكه

9 - هي الدنيا تقول بملء فيها … حذار حذار من بطشي وفتكي فلا يغرركم مني ابتسام … فقولي مضحك والفعل مبكي

هذه الأبيات لمحمد بن رضوان بن إبراهيم بن عبد الرحمن، المعروف بابن الرعاد، وكتب بها إلى بهاء الدين محمد بن النحاس الحلبي، يتشوق إليه ويشكو له نحوله، وهي ليست من الشواهد، وليس قائلها من أصحاب الشواهد، ولكنها فيها تلميح إلى بعض القواعد النحوية، حيث يقول: إنني بلغت من الضعف أن صرت أشبه بالألف، التي هي حرف من حروف الهجاء، وكما أن الألف لا تقبل الحركة، فأنا كذلك. [شذور الذهب/ 65]. 9 - هي الدنيا تقول بملء فيها … حذار حذار من بطشي وفتكي فلا يغرركم مني ابتسام … فقولي مضحك والفعل مبكي من قصيدة لأبي الفرج الساوي، أحد كتّاب الصاحب بن عبّاد، يرثي فيها فخر الدولة. وقوله: «هي»، ضمير الشأن مبتدأ، خبره «الدنيا تقول» الجملة الاسمية. والشاهد: «حذار حذار»، اسم فعل أمر بمعنى احذر، وهو مأخوذ من مصدر فعل ثلاثي تام، هو حذر، يحذر، وقد بناه على الكسر. [شذور الذهب/ 91]. 10 - فقلت أجرني أبا خالد … وإلا فهبني امرأ هالكا من كلام ابن همام السلولي. والشاهد: «فهبني امرأ»، حيث استعمل «هب» بمعنى اعتقد، ونصب به مفعولين، أولهما «ياء» المتكلم، وثانيهما قوله: «امرأ». [الشذور/ 361، والهمع/ 1/ 139، وشرح أبيات المغني/ 7/ 262]. 11 - يا أيّها المائح دلوي دونكا … إني رأيت الناس يحمدونكا هذا بيت من الرجز، لراجز جاهلي من بني أسيد بن عمرو بن تميم. والمائح: بالهمزة المنقلبة عن الياء، هو الرجل الذي يكون في أسفل البئر؛ ليستقي الماء، فأما الذي يكون في أعلى البئر يجذب الدلو، فهو ماتح، بالتاء المثناة من فوق، وهذا من فروق هذه اللغة الواسعة النطاق. والشاهد: «دلوي دونكا»، فقد استشهد الكسائي وابن مالك بهذا البيت، على جواز تقديم معمول اسم الفعل عليه، فأعربوا «دلوي» مفعولا به لاسم الفعل «دونك»،

12 - حيكت على نيرين إذ تحاك … تختبط الشوك ولا تشاك

بمعنى: «خذ». ويرى المحققون: أن «دلوي» معمول لفعل محذوف من معنى اسم الفعل. ويرى آخرون: أن «دلوي»: مبتدأ، وجملة «دونك» الإنشائية: خبره؛ ذلك أن اسم الفعل لا يتقدم مفعوله عليه. [شرح أبيات المغني/ 7/ 275، والإنصاف/ 228، وشرح المفصل/ 1/ 117، والشذور/ 407، والهمع/ 2/ 105، والأشموني/ 3/ 206، والعيني/ 4/ 311]. 12 - حيكت على نيرين إذ تحاك … تختبط الشّوك ولا تشاك وصف ملحفة، أو حلة، بأنها محكمة النسج، تامة الصفاقة، وأنها إذا اصطدمت بالشوك، لم يؤذها ولم يعلق بها، وحاك، يحوك حوكا، وحياكة: نسج. ونيرين: تثنية نير، وهو علم الثوب، أو لحمته، فإذا نسج الثوب على نيرين، فذلك أصفق له وأبقى، ويروى على «نولين». والشاهد: «حيكت»: إذا كان الفعل المبني للمجهول معتل العين سمع في فائه ثلاثة أوجه: إخلاص الكسر كما في البيت، وإخلاص الضم كما يقال: «بوع» من «باع»، ويروى البيت: «حوكت»، والوجه الثالث: الإشمام بين الكسر والضم، ولا يظهر إلا في اللفظ. [الأشموني/ 2/ 63، والهمع/ 2/ 125، والعيني/ 2/ 526]. 13 - خلا الله لا أرجو سواك وإنّما … أعدّ عيالي شعبة من عيالكا البيت للأعشى. [الأشموني/ 2/ 163، وشرح التصريح/ 1/ 363، والهمع/ 1/ 226، وابن عقيل/ 2/ 63]. وفيه ثلاثة شواهد: الأول: «خلا الله»، استعمل «خلا» حرف جرّ، فجرّ به لفظ الجلالة. الثاني: قدم الاستثناء، فجعله أول الكلام قبل المستنثى منه، وقبل العامل فيه. الثالث: «لا أرجو سواك»،: حيث أعربت سوى مفعولا به للفعل «أرجو». 14 - فلما خشيت أظافيرهم … نجوت وأرهنهم مالكا قاله عبد الله بن همام السلولي، والأظافير: جمع أظفور، بزنة عصفور، والمراد هنا الأسلحة.

15 - يا حكم الوارث عن عبد الملك … ميراث أحساب وجود منسفك

والشاهد: «وأرهنهم»، حيث إنّ ظاهره ينبئ عن أن المضارع المثبت تقع جملته حالا، وتسبق بالواو، وهذا غير صحيح؛ ولهذا قدرت جملته خبرا لمبتدأ محذوف، والتقدير: وأنا أرهنهم. [ابن عقيل/ 2/ 95، والأشموني/ 2/ 187، والهمع/ 1/ 246، والشعر والشعراء، ترجمة الشاعر]. 15 - يا حكم الوارث عن عبد الملك … ميراث أحساب وجود منسفك الرجز لرؤبة بن العجاج، توفي بالبادية أول عهد بني العباس، سنة 145 هـ، ومعهما شطر ثالث هو: «أوديت إن لم تحب حبو المعتنك». وأوديت: هلكت. وتحب: من الحبو، وهو الزحف. والمعتنك: البعير الذي يكلف أن يصعد في العانك من الرمل، ولا يتأتى الصعود فيه إلا مع جهد ومشقة، والبعير قد يحبو فيه، ويبطئ في سيره، ويشرف بصدره. ويتكلف حتى يتمكن من صعوده. يقول: إني أهلك إن لم تمنحني من عنايتك وترفقك بي، وتلطفك في معالجة شؤوني، مثل ما يعطيه البعير من ذلك حين يريد أن يصعد في عانك الرمل. وحكم هو الحكم بن عبد الملك بن بشر بن مروان، وقوله: ميراث: منصوب بالوارث، مفعوله، وقوله: منسفك، أي: منصب واسع. والشاهد: «الوارث»، بالرفع، نعت ل «حكم» على اللفظ، ويجوز فيه النصب على المحل؛ لأنّ المنادى محله النصب، وفي الشطر الثالث حذف جواب الشرط؛ لدلالة ما سبق عليه. [الإنصاف/ 628، وشرح أبيات المغني/ 1/ 60]. 16 - تقول بنتي قد أنى إناكا … يا أبتا علّك أو عساكا الرجز للعجّاج، أو لولده رؤبة، وقوله: أنى، فعل ماض بمعنى: قرب. والإنا: بكسر الهمزة والقصر، الوقت، أي: حان حين ارتحالك إلى سفر تطلب رزقا، فسافر لعلك تجد رزقا. وعلك: بمعنى: لعلك، والخبر محذوف. والشاهد: أنّ «عسى» فعل اتصل به ضمير النصب، والدليل على نصبها: أنك إذا عنيت نفسك، تقول «عساني»، فلو كانت الكاف مجرورة، لقلت «عساي»، وفي تخريج «عساك» أوجه: الأول: أنها حرف بمنزلة «لعلّ»، ينصب بعدها الاسم، والخبر مرفوع. الثاني: أن «الكاف» في موضع نصب ب «عسى»، وأن اسمها ضمير فيها مرفوع. [شرح

17 - تعيرنا أننا عالة … ونحن صعاليك أنتم ملوكا

أبيات المغني/ 3/ 334، وشرح المفصل/ 3/ 120، وسيبويه/ 1/ 388، والهمع/ 1/ 132]. 17 - تعيّرنا أنّنا عالة … ونحن صعاليك أنتم ملوكا قوله: «تعيّرنا»، تقول العامة: عيرته بكذا، وهو لحن. والعالة: جمع عائل، وهو الفقير. والصعاليك: الفقراء، جمع صعلوك. وقوله: أننا عالة: مفعول ثان ل «تعيّرنا»، ونحن: مبتدأ، وخبره: أنتم، وصعاليك: حال من نحن، وملوك: حال من أنتم، والعامل فيهما معنى التشبيه المستفاد من إسناد أنتم إلى نحن. والشاهد: أنّ «صعاليك وملوك»، حالان وعاملهما كاف التشبيه المحذوفة، أراد: نحن في حال تصعلكنا مثلكم في حال ملككم، فحذف (مثل)، وأقام المضاف إليه مقامه، مضمّنا معناه، وأعمل ما فيه من معنى التشبيه. [شرح أبيات المغني/ 6/ 329]. 18 - يا نفس صبرا لعلّ الخير عقباك … خانتك من بعد طول الأمن دنياك مرّت بنا سحرا طير فقلت لها … طوباك يا ليتني إياك طوباك إن كان قصدك شوقا بالسلام على … شاطي الفرات ابلغي إن كان مثواك من موثق بالمنى ما لا فكاك له … يبكي الدماء على إلف له باكي أظ نّه آخر الأيام من عمري … وأوشك اليوم أن يبكي له الباكي الأبيات لعبد الله بن المعتز، الشاعر الناقد الأديب الخليفة العباسي، وقد قال هذه الأبيات عند ما سلّم لمؤنس؛ ليقتله، لعن الله قاتله، ومن أمر بقتله، فبأي ذنب قتل؟! والشاهد في البيت الثاني: وإنما ذكرت الأبيات؛ لأنني أحبّ صاحبها، وأحزن كلما قرأت مقتله، فهو من بقية العرب في القرن الثالث، الذين حقدت عليهم الشعوبية، وحياته مثال للعرب المنتجين الأعلام، نبغ من بين ركام الصوارف عن النبوغ، وما تركه من الآثار، ردّ لما يتهم به العرب من العجز عن التأليف، وقد قتل رحمه الله في ربيع الآخر سنة 296 هـ. والشاهد: أنّ «ليت» في البيت الثاني نصبت الجزءين، أولهما: الياء، وثانيهما: إيّاك. [شرح أبيات المغني/ 5/ 165]. 19 - قالت له وهو بعيش ضنك … لا تكثري لومي وخلّي عنك لم يذكر قائله. والشاهد في الشطر الثاني: حيث وقعت الجملة بعد القول غير محكية

20 - يا خاتم النباء إنك مرسل … بالحق كل هدى السبيل هداكا

به، والتقدير: قالت له: أتذكر قولك لي، إذ ألومك في الإسراف في الإنفاق، لا تكثري لومي، فحذف المحكية بالمذكور، وأثبت المحكية بالمحذوف. [شرح أبيات المغني/ 6/ 267]. 20 - يا خاتم النّباء إنك مرسل … بالحقّ كلّ هدى السّبيل هداكا قاله العباس بن مرداس. والشاهد: جمع «نبيّ»، على «نبآء»، فهو دليل على أنه مخفف من نبئ المهموز، مع إبدال من الهمزة، فإذا صغّر، قيل: نبيّء في لغة من همز، ونبيّ في لغة من لم يهمز؛ لأنه بدل لازم. [سيبويه/ 2/ 126، والسيرة، واللسان «نبأ»]. 21 - وأحضرت عذري عليه الشهو … د إن عاذرا لي وإن تاركا قاله عبد الله بن همّام السلولي، يقوله لأميره، مستشهدا على براءته: لقد أحضرت عذري وعليه شهود يحققونه، إن كنت عاذرا لي أو تاركا لذلك، فنصب «عاذرا» على أنه خبر «كان» المحذوفة مع اسمها، وكذلك «تاركا»، ولو قال: إن عاذر لي وإن تارك، جاز؛ لأنه يريد: إن كان لي في الناس عاذر، أو غير عاذر. [سيبويه/ 132]. 22 - أهوى لها أسفع الخدّين مطّرق … ريش القوادم لم تنصب له الشّبك قاله زهير بن أبي سلمى، يصف صقرا قد انقضّ على قطاة. أهوى: انقض لها، أي: للقطاة. والأسفع: الأسود. والمطّرق: من الإطّراق: وهو تراكب الريش. والقوادم: ريش مقدم الجناح. وقوله: «لم تنصب»: عنى أن الصقر وحشي، لم يصد ولم يذلّل؛ وذلك أشدّ له وأسرع لطيرانه. والشاهد: نصب «ريش» ب «مطّرق»، وهي الصفة المشبهة باسم الفاعل. [سيبويه/ 1/ 100، واللسان «هوا»]. 23 - رأيت سعودا من شعوب كثيرة … فلم أر سعدا مثل سعد بن مالك لطرفة بن العبد. والشعوب: جمع شعب، وهو فوق القبيلة. وسعد بن مالك رهط طرفة. والشاهد: جمع «سعد» على «سعود»، والأكثر استعمالا هو الجمع السالم. [سيبويه/ 2/ 97، واللسان، «سعد»].

24 - وقلت اجعلي ضوء الفراقد كلها … يمينا ومهوى النجم من عن شمالك

24 - وقلت اجعلي ضوء الفراقد كلّها … يمينا ومهوى النّجم من عن شمالك الشاهد: «من عن»، حيث جاءت «عن» بمعنى جانب؛ لسبقها بحرف الجرّ (من). [شرح المفصل/ 8/ 40]. 25 - وقد كان منهم حاجب وابن عمه … أبو جندل والزيد زيد المعارك البيت للأخطل. والشاهد: تعريف العلم «الزيد»؛ لتأوله بواحد من الأمّة المسماة به، فجرى مجرى فرس، وزيد. [شرح المفصل/ 1/ 44]. 26 - ثم استمرّوا وقالوا إنّ موعدكم … ماء بشرقيّ سلمى فيد أوركك البيت لزهير بن أبي سلمى. و «فيد»: اسم مكان في جزيرة العرب، وقوله: «ركك»، فيه الشاهد، فهو اسم مكان أيضا، أو هو ماء. وزعم الأصمعي أنه «ركّ»، وأن زهيرا لم تستقم له القافية ب «ركّ» فقال: «ركك»، فأظهر التضعيف ضرورة. واعتمد الأصمعي في حكمه على شهادة أعرابي في زمانه، أنه كان هناك ماء يقال له: «ركّ». وقلت: بين قول زهير ما قال، وبين شهادة الأعرابي، حوالي ثلاثة قرون، وربّما حصل هذا التغيير في لفظ العلم، فليس قول الأعرابي بحجة على زهير، وإذا صح قول زهير هذا البيت، فالذي فيه هو الصحيح، والله أعلم. [اللسان «ركك»، ومعجم البلدان «ركك»، وشرح أبيات المغني ج 6/ 50]. 27 - أخ مخلص واف صبور محافظ … على الودّ والعهد الذي كان مالك البيت غير منسوب. والشاهد: «كان مالك»، والتقدير «كانه مالك»، فحذف العائد المنصوب بالفعل الناقص شذوذا. وقال بعضهم: الأولى إعراب «أخ» خبرا مقدما، و «مالك»، مبتدأ مؤخر، واسم كان ضمير مستتر يعود على «مالك»، وخبرها هو المحذوف العائد على الذي، أي: الذي كان مالك إيّاه، أي: عليه تأمل. [الأشموني ج 1/ 171]. 28 - يا حار لا أرمين منكم بداهية … لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك البيت لزهير بن أبي سلمى، من قصيدة هدّد بها زهير الحارث بن ورقاء، وقد استاق

29 - إذا الأمهات قبحن الوجوه … فرجت الظلام بأماتكا

إبلا وعبدا لزهير. وقوله: يا حار: مرخم الحارث. و «لا» ناهية، و «أرمين» بالبناء للمجهول مؤكد بالنون الخفيفة. والسوقة: الرعية. [شرح المفصل/ 2/ 22، والهمع/ 1/ 164]. 29 - إذا الأمّهات قبحن الوجوه … فرجت الظلام بأمّاتكا البيت غير منسوب. وأنشدوه على أنّ الأمات، بدون هاء، قد ترد جمعا للأناسي، وجمع الشاعر في البيت بين اللغتين، «الأمهات»، و «أمّاتكا»، وهي «أمات» [شرح المفصل ج 10/ 3، والهمع ج 1/ 23، واللسان «أمم»]. 30 - أولئك قومي لم يكونوا أشابة … وهل يعظ الضّلّيل إلا ألالكا البيت نسبه ابن يعيش للأعشى، وليس في ديوانه. والأشابة: الجمع المختلط. والشاهد في البيت: «ألالكا» في آخر البيت، فهي مركبة من «أولى»، اسم الاشارة المقصور، ولام البعد، ثم الكاف. والشاهد: زيادة اللام في ألى المقصور، وزيادتها للدلالة على البعد. ويروى البيت أوله كآخره، وجاء في كتاب [الخزانة ج 1/ 394]. وقال أخو الكلحبة يردّ عليه: ألم تك قد جربت ما الفقر والغنى … وما يعظ الضلّيل إلا ألالكا عقوقا وإفسادا لكلّ معيشة … فيكف ترى أمست إضاعة مالكا [الخزانة ج 1/ 394، واللسان «ألا»، وشرح المفصل ج 10/ 6، والهمع ج 1/ 76]. 31 - تجانف عن جوّ اليمامة ناقتي … وما عدلت عن أهلها لسوائكا البيت من قصيدة للأعشى ميمون، مدح بها هوذة بن علي بن ثمامة الحنفي، وقوله: «تجانف»، أصله: تتجانف بتاءين، من الجنف، وهو الميل. و «جوّ»: بفتح الجيم وتشديد الواو، اسم اليمامة في الجاهلية، هكذا نقله البغدادي في الخزانة. ولكن لماذا أضاف «جوّ» إلى اليمامة؟ والأحسن أن يقال: كان اسمها جوّ اليمامة، مركبا، فحذف المضاف، واستقرّت على المضاف إليه. والشاهد: «لسوائكا»، فقد قال قوم: إن «سوى» ظرف، وخروجها عن الظرفية شاذ

32 - تجلد لا يقل هؤلاء هذا … بكى لما بكى أسفا عليكا

خاص بالشعر، ومن الشاذ قول الأعشى في البيت، وإذا خرجت عن الظرفية، كانت بمعنى «غير». ويرى هؤلاء أنها لا تأتي إلا ظرف مكان، وأن استعمالها اسما متصرفا بوجوه الإعراب بمعنى «غير»، خطأ. ويرى الكوفيّون أن «سوى» لا تلزم الظرفية، فتكون اسما، وتكون ظرفا، وفي البيت الشاهد جرّت ب «اللام» وهذا يدل على اسميتها واستعمالها بمعنى «غير»، وقولهم هو الراجح في هذا المكان، و «سوى» فيها لغات: 1 - إذا فتحت، مدّت لا غير (سواء). 2 - وإذا ضمت، قصرت لا غير (سوى). 3 - وإذا كسرت، جاز المدّ، والقصر أكثر (سواء، وسوى). [الخزانة ج 3/ 435، وكتاب سيبويه ج 1/ 13، 203، وشرح المفصل ج 2/ 44، 84، والانصاف 295، والهمع ج 1/ 202]. 32 - تجلّد لا يقل هؤلاء هذا … بكى لمّا بكى أسفا عليكا البيت غير منسوب. والشاهد استعمال «هولاء» لغة في «هؤلاء». [شرح المفصل ج 3/ 136، والخزانة ج 5/ 438] والرواية في شرح المفصّل: «أسفا وغيظا». 33 - مورّثة مالا و - في المجد - رفعة … لما ضاع فيها من قروء نسائكا البيت للأعشى في مدح هوذه بن علي الحنفي. وقوله: «مورّثة»، صفة مجرورة لموصوف مجرور في بيت سابق، وهو قوله: وفي كلّ عام أنت جاشم رحلة … تشدّ لأقصاها عزيم عزائكا والرحلة: يريد بها الغزوة. وقوله: لما ضاع من قروء، يعني: الغزوة التي شغلته عن وطء نسائه في الطهر، فالقروء: جمع قرء، وهو هنا: «الطّهر». والشاهد: «في المجد»، فصل به بين «واو» العطف، والمعطوف بها «رفعة»، والأصل: مورثة مالا ورفعة في المجد. ويروى: (في الحيّ) بدل (في المجد). [الهمع ج 2/ 141، والخزانة ج 3/ 440، واللسان «قرأ»].

34 - وما كان على الجيء … ولا الهيء امتدا حيكا ولكني على الحب … وطيب النفس آتيكا

34 - وما كان على الجيء … ولا الهيء امتدا حيكا ولكنّي على الحبّ … وطيب النفس آتيكا البيتان لمعاذ بن مسلم الهرّاء الرؤاسي، من قدماء النحويين، ورجال الطبقة الأولى من نحاة الكوفة، ولد أيام عبد الملك بن مروان، وتوفي سنة 187 هـ. والشاهد: «الجيء» وهو اسم صوت لدعاء الإبل للشرب، و «الهيء»، وهو لدعاء الإبل للعلف. [اللسان «هأهأ» و «جأجأ»، وشرح المفصل ج 4/ 83]. 35 - يا دار بين النّقا والحزن ما صنعت … يد النّوى بالأولى كانوا أهاليك البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 173، وأنشده السيوطي شاهدا؛ لعمل عامل المنادى في الظرف. 36 - إنّي لمهد من ثنائي فقاصد … به لابن عمّ الصّدق شمس بن مالك البيت منسوب للشاعر تأبط شرّا، من مقطوعة نقلها أبو تمام في الحماسة. وقد أنشده الرضي على أن «شمس» مصروف، مع أنه معدول عن «شمس» بالفتح، قال: وإنما صرفه؛ لكونه لم يلزم الضمّ، فإنه سمع فيه الفتح أيضا، فلما لم يلزم الضمّ، لم يعتبر عدله، ولو لزم الضم؛ لصرف أيضا، لأنه يكون منقولا من «شموس»، لا معدولا من «شمس» بالفتح. [الخزانة ج 1/ 200، وشرح الحماسة للمرزوقي ج 1/ 92]. 37 - بئس قرينا يفن هالك … أم عبيد وأبو مالك أورد السيوطي في الهمع، الشطر الأول شاهدا لورود فاعل «بئس» نكرة، للضرورة، والتكملة من اللسان. واليفن: الشيخ الكبير، وأبو مالك: قال ابن منظور ويقال للهرم، أبو مالك، وهو برواية السيوطي للشطر الأول لا يستقيم، لأن «يفن» مرفوع، وهالك مرفوع، والقافية مجرورة، ويبدو البيت مصرّعا. ورواية اللسان للشطر الأول: «بئس قرين اليفن الهالك»، فهو أولا يناسب القافية، وبها لا يكون في البيت ضرورة؛ لأن الفاعل مضاف إلى المعرف ب «أل». [اللسان «ملك»، والهمع ج 2/ 86]، ولعلّ رواية السيوطي تقرأ: «بئس قرينا اليفن الهالك»، قرينا: مثنى قرين، مضاف إلى يفن، وهالك صفته مجرورة.

38 - فأيقنت أني ثائر ابن مكدم … غدا تئذ أو هالك في الهوالك

38 - فأيقنت أنّي ثائر ابن مكدّم … غدا تئذ أو هالك في الهوالك البيت لربيعة بن مكدّم، وينسب أيضا لابن جذل الطعّان في اللسان، وقبل البيت: تجاوزت هندا رغبة عن قتاله … إلى مالك أعشو إلى ذكر مالك والشاهد: «الهوالك»، قالوا: إنه جاء جمعا ل «هالك»، وهذا قليل؛ لأن «فواعل» يكون جمعا لفاعله، ولم يجعلوه للمذكر جمعا؛ لئلا يلتبس بالمؤنث، أما «نوارس» فهو خاص بالرجال، ووجهوه على أنه بتقدير: «هالك في الأمم الهوالك»، فيكون جمع هالكة. [اللسان «هلك»، وشرح المفصل ج 4/ 56]. 39 - وانصر على آل الصليب … وعابديه اليوم آلك منسوب لعبد المطلب بن هاشم، حين قدم أبرهة بالفيل إلى مكة؛ لتخريب الكعبة. والشاهد: إضافة «آل» إلى الضمير. وفي الحديث: «اللهمّ صلّ على محمد وآله». وفي قوله: «آل الصليب»، يدل بظاهره على جواز إضافته إلى غير الناطق، والجواب: أنه بمنزلة الناطق عند أهله، أو هو شاذ، ارتكب للمشاكلة. 40 - بئس هذا الحيّ حيّا ناصرا … ليت أحياءهم فيمن هلك أورده السيوطي في الهمع ج 2/ 86 شاهدا؛ لمجيء فاعل «بئس» اسم اشارة متبوعا بذي اللام، وفي البيت شذوذ من حيث رفعت «بئس» اسم الاشارة، ومن حيث الجمع بين الفاعل الظاهر، والتمييز (حيّا) وهو محتمل للتأويل، بأن في بئس ضميرا، و «حيّا ناصرا» تمييزه، و «هذا الحيّ» هو المخصوص بالذم، والتقدير: بئس حيّا هذا الحيّ، والبيت غير منسوب. 41 - وإنّما الهالك ثمّ التالك … ذو حيرة ضاقت به المسالك كيف يكون النّوك إلّا ذلك رجز غير منسوب. وأنشده السيوطي شاهدا على الاستغناء بإشباع الضمة عن الميم في قوله: «ذلك»، والأصل «ذلكم»، ولعلّ الراجز غيّر الحركة؛ لأجل القافية. [الهمع/ 1/ 77، والدرر/ 1/ 51].

42 - أهدموا بيتك لا أبالكا … وحسبوا أنك لا أخالكا وأنا أمشي الدألى حوالكا

42 - أهدموا بيتك لا أبالكا … وحسبوا أنّك لا أخالكا وأنا أمشي الدّألى حوالكا زعم أبو عبيدة أنّ هذا الرجز من قول الضبّ للحسل، أيام كانت الأشياء تتكلم، فيما زعم الأعراب. والحسل: ولد الضب حين يخرج من البيضة. والدألى: مشية فيها تثاقل، يقال: مرّ يدأل بحمله. والبيت شاهد على أن من الألفاظ التي تستعمل مثناة ما يصلح للتجريد، ولا يختلف معناه ومنها: لفظ «حواليك»، فيقال: حولك، وحوالك، وهو اللفظ الذي جاء به الراجز. قال أبو أحمد: ونسبة هذا الرجز إلى الضبّ، لا يقدح في نسبته إلى فصحاء العرب، فلعلّ هذا الرجز مما كان يحكيه الناس من القصص في العصر الجاهلي، ويكون له معنى رمزيّ عندهم. [سيبويه/ 1/ 176، واللسان «حول» و «دأل»، والهمع/ 1/ 41، والدرر/ 1/ 151]. 43 - أبيت أسري وتبيتي تدلكي … جلدك بالعنبر والمسك الذّكي رجز مجهول القائل. وفيه حذف نون الرفع من الأفعال الخمسة؛ لغير ناصب، أو جازم في قوله: «وتبيتي»، و «تدلكي». قالوا: وهو من الضرائر في الشعر، لكن جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في «كتاب الجنة وصفه نعيمها وأهلها»، في باب عرض مقعد الميت من الجنة عليه، وإثبات عذاب القبر. وأخرجه النسائي في كتاب «الجنائز»، والإمام أحمد في «مسنده» 1/ 472، وذلك في قصة قتلى بدر حين قام عليهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فناداهم .. الحديث، فسمع عمر قول النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، كيف يسمعوا؟ وأنّى يجيبوا؟ وقد جيّفوا فحذف النون من يسمعون، ويجيبون. هذا، وقوله: «أبيت»: فعل ناقص واسمه، وجملة أسري: خبره. والعنبر الذكيّ: الشديد الرائحة. [الخزانة/ 8/ 339، والخصائص/ 1/ 388، وشرح التصريح/ 1/ 11، والهمع/ 1/ 51]. 44 - ليث وليث في محلّ ضنك … كلاهما ذو أشر ومحك رجز قاله واثلة بن الأسقع، الصحابي، في وقعة مرج الروم، عند ما برز له بطريق

رومي، فحمل عليه واثلة فقتله، وهو يرتجز بهذا الرجز. وقوله: «محلّ ضنك»، أي: ضيّق. والأشر: البطر. ومحك: بفتح الميم وسكون الحاء، أي: لجاج. والرجز شاهد على أنّ أصل المثنى العطف بالواو؛ فلذلك يرجع إليه الشاعر في الضرورة كما في البيت، فإن القياس أن يقول: «ليثان». لكنه أفردهما وعطف بالواو؛ لضرورة الشعر. وقد يفعلون هذا في الجمع أيضا كقول أبي نواس: أقمنا بها يوما ويوما وثالثا … ويوما له يوم الترحّل خامس ويرى ابن الشجري في أماليه، أنك إن استعملت هذا في السعة، فإنما تستعمله لتفخيم الشيء الذي تقصد تعظيمه، كقولك لمن تعنّفه بقبيح تكرر منه، وتنبهه على تكرير عفوك: قد صفحت عن جرم وجرم وجرم وجرم. وكقولك لمن يحقر أيادي أسديتها إليه، أو ينكر ما أنعمت به عليه: قد أعطيتك، ألفا وألفا وألفا، فهذا أفخم في اللفظ، وأوقع في النفس من قولك: قد صفحت لك عن أربعة أجرام، وقد أعطيتك ثلاثة آلاف. قال أبو أحمد: وهذه لفتة ذكية من ابن الشجري، فما زال الناس يقولون هذا الأسلوب. هذا، وقد نسب الجاحظ هذا الرجز - في كتاب المحاسن - إلى جحدر بن مالك الحنفي، في قصة كانت أيام الحجاج بن يوسف، وتفيد القصة أن جحدرا كان فاتكا، فأمسك به، ووضع مع أسد في حومة، فقتل الأسد، وهو يرتجز هذا الرجز، ولكن واثلة أقدم من جحدر، فمن المحتمل أن يكون سمعه وتمثّل به، والله أعلم، فقد توفي واثلة سنة 83 هـ، وهو ابن مائة، وقيل توفي سنة 85 هـ، وهو ابن ثمان وتسعين سنة، وتوفي في بيت المقدس، أو في إحدى قرى فلسطين. ومما لا شكّ فيه أن واثلة - أبا قرصافة شارك في فتح فلسطين، وعودة الأرض إلى أهلها العرب، وطرد الروم. واليوم: الجمعة 24/ 3 / 1414 هـ - 11/ 9 / 1993 م، أقرّت (م ت ف) بملكية اليهود لفلسطين، وأعلنت إلغاء فرض الجهاد - ولو بالحجارة - في سبيل إرجاع الأرض المقدسة، بل كانت الفرحة أكبر؛ لأن الاسرائيلين اعترفوا بوجود (م ت ف)، وتمثيلها للفلسطينيين، وأشهد الله أن الحكومات العربية منذ سنة 1917 م حتى سنة 1993 م - وقلت: الحكومات، ولم أقل - الشعوب - هي التي أوصلت الأمر إلى هذا الحدّ؛ لأن الحكومات كانت تحمي حدود الأرض الفلسطينية التي اغتصبها اليهود، وتمنع تسلل المجاهدين إلى أرض فلسطين، فعاش اليهود في حصن حصين، ثم قالوا: إنّ أهل فلسطين هم المسؤولون عن تحرير الأرض،

45 - كأن بين فكها والفك … فارة مسك ذبحت في سك

وكيف يكون ذلك وليس لهم أرض ينطلقون منها، بل كيف قالوا ذلك وفلسطين جزء من أرض العرب؟ ثم اتفقت الحكومات العربيّة على أن (م ت ف) الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، وهذا الخطأ الأكبر؛ لأنه يعني التخلّي التام عن الاهتمام بشؤون فلسطين، وأن لكل هيئة حاكمة حقّ التصرف في الأرض التي تحكمها، وهذا صحيح حسب ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق الجامعة العربية التي أسستها بريطانيا، ولكنه ليس صحيحا إذا عرضناه على قانون الإسلام والعروبة والقوميّة؛ لأن الرسول عليه السّلام، مثل المجتمع المسلم، بقوم ركبوا سفينة، فجاء أحدهم وقال: هذه قسمتي، وأخذ يخرق في حصته من السفينة، فإن تركوه، هلكوا جميعا، وإن منعوه، نجوا جميعا. وأنا أقول هذا وأنا متلبس بالقيم الدينية والقوميّة، ولكنني لا أقوله إذا انسلخت عنها، وقد لا يعيبني الناس إذا نظرت للموضوع نظرة شخصية صرفة، مدفوعا بالمنفعة الشخصية؛ ذلك أنّ أهل فلسطين - وبخاصة أهل قطاع غزة - ذاقوا مرارة الطرد والتشريد والحصر والحبس منذ سنة 1947 م إلى اليوم الذي أكتب فيه هذا الكلام، وقد عانينا مرارة الطرد والتشريد من العرب، بل من الحكومات العربية، أكثر مما عانيناه من الأعداء، كلما قصدنا إلى قطر حالت شرطة الحدود دون دخولنا، ونرى بأعيننا قوافل أمم الأرض كلها تدخل بالتأهيل والترحيب، أليس من حقّي أن تكون لي هوية، أو وثيقة سفر تمنحني القدرة على التجوال والضرب في الأرض؛ لكسب لقمة العيش الشريف؟ وهذا ما أطمح إليه، وأطمع فيه، إذا نظرت للقضية نظرة منفعية خالصة، وكلّ العرب ينظرون إلى منافعهم الخاصة، فهم الذين ألجؤوا الفلسطيني إلى القول: نفسي أولا ومن بعدي الطوفان، أم يريدون منا وحدنا أن ندافع عن قلب العرب الذي يحيا به العرب بعامة؟! [الخزانة/ 7/ 461، والهمع/ 1/ 43]. 45 - كأنّ بين فكّها والفكّ … فارة مسك ذبحت في سكّ الرجز لمنظور بن مرثد الأسدي، يصف امرأة. والفك: عظم الحنك، أو اللّحي، وهو الذي عليه الأسنان. وصف امرأة بطيب الفم، يريد أن ريح المسك يخرج من فيها. والفارة: وعاء المسك. وذبحت: شقّت وفتقت. والسّك: نوع من الطيب. والبيت شاهد على أن المثنى أصله العطف بالواو؛ ولذلك يرجع إليه الشاعر في الضرورة، أو بغرض التفخيم، فقال في البيت: «بين فكها والفكّ»، وكان القياس أن يقول:

46 - يا عز كفرانك لا سبحانك … إني رأيت الله قد أهانك

«بين فكيها»، ولكنه أتى بالمتعاطفين؛ للضرورة. [شرح المفصل/ 1/ 138، والخزانة/ 7/ 468، واللسان «زكك»]. 46 - يا عزّ كفرانك لا سبحانك … إني رأيت الله قد أهانك لخالد بن الوليد، قاله عند ما أرسله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى العزّى، وهو صنم كان لقريش في الجاهلية، فهدم البيت، وحطم الصنم. [الخزانة/ 7/ 220، وشرح التصريح/ 1/ 151].

قافية اللام

قافية اللام 1 - لعمرك ما أدري وإني لأوجل … على أيّنا تعدو المنيّة أوّل البيت لمعن بن أوس، يقول لصاحبه: أقسم لك إني لا أعلم - مع أنني خائف - من الذي ينزل به الموت منا قبل أن ينزل بصاحبه. يريد أن هذه الحياة قصيرة، والمرء في كل لحظة عرضة للموت، فلا يحسن أن نقضي حياتنا في الهجران. لعمرك: اللام: للابتداء، وعمرك: مبتدأ خبره محذوف وجوبا، وجملة «وإني لأوجل» حالية. والشاهد: «أول» ظرف زمان مبني على الضم في محل نصب، على تقدير حذف المضاف إليه، ونيّة معناه لا لفظه، كما في قراءة السبعة: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ. [الروم: 4]. [الشذور، والخزانة/ 8/ 289]. 2 - أقول وقد ناحت بقربي حمامة … أيا جارتا لو تشعرين بحالي معاذ الهوى ما ذقت طارقة النّوى … ولا خطرت منك الهموم ببالي أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا … تعالي أقاسمك الهموم تعالي لأبي فراس الحمداني قالها وهو في أسر الروم، يناجي حمامة. والشاهد في البيت الثالث: «تعالي» الثانية، حيث جاء بها الشاعر مكسورة «اللام»، بدليل قوافي الأبيات، والمعروف أن العرب يفتحون لام هذه الكلمة في كل أحوالها. ولذلك نسبوا أبا فراس إلى اللحن، وقد اعتذر عنه بعضهم، أنها لغة قليلة؛ وتعال: عدها بعضهم اسم فعل، والظاهر أنها من الأفعال؛ لأنها دالة على الطلب، وتلحقها ياء المخاطبة، والضمائر واسم الفعل ليس كذلك، ومثلها (هات)، وشعر أبي فراس للتمثيل، لا للاستشهاد. 3 - رأيت الوليد بن اليزيد مباركا … شديدا بأعباء الخلافة كاهله

4 - قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل … بسقط اللوى بين الدخول فحومل

من شعر ابن ميادة الرماح بن أبرد، وميادة أمه، وهو يمدح الوليد بن يزيد بن عبد الملك، والممدوح اختلف المؤرخون في سيرته، فمنهم من بالغ وأسرف، ومنهم المعتدل، قال الذهبي: لم يصح عن الوليد كفر ولا زندقة، بل اشتهر بالخمر، فخرجوا عليه. قالوا: وذكر الوليد مرة عند المهدي فقال رجل: كان زنديقا، فقال المهدي: مه، خلافة الله عنده أجلّ من أن يجعلها في زنديق. والظاهر أن ما نسب إليه من الإلحاد، ليس له سند معتمد، فنتوقف في روايته. والشاهد: «اليزيد»، حيث جر بالكسرة، مع أنه في الأصل ممنوع من الصرف؛ للعلمية ووزن الفعل، فلما دخلت عليه (ال)، جرّ بالكسرة. [الإنصاف/ 317، وشرح المفصل/ 1/ 44، والخزانة/ 2/ 226]. 4 - قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل … بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل مطلع معلقة امرئ القيس. والشاهد: «قفا نبك»، حيث جزم المضارع في جواب الأمر، وعلامة جزمه حذف حرف العلة. 5 - أغرّك منّي أنّ حبّك قاتلي … وأنّك مهما تأمري القلب يفعل لامرئ القيس من معلقته. والشاهد: أنه جزم ب «مهما»، فعلين، أولهما: تأمري، والثاني: يفعل، وحرك بالكسر؛ لضرورة الشعر، وعلامة جزم الأول حذف النون، والثاني السكون. 6 - إذا النعجة العجفاء كانت بقفرة … فأيّان ما تعدل بها الريح تنزل لا يعلم قائله. والشاهد: «أيان تعدل تنزل»، حيث جزم ب «أيّان» فعلين، أولهما: تعدل، والثاني: تنزل. [الهمع/ 2/ 63، والأشموني/ 4/ 10]. 7 - وقصيدة تأتي الملوك غريبة … قد قلتها ليقال: من ذا قالها للأعشى ميمون بن قيس، وقصيدة: الواو: واو ربّ، قصيدة: مبتدأ، وجملة «تأتي» صفة وغريبة: صفة ثانية، وجملة «قد قلتها»: خبر المبتدأ. من: اسم استفهام مبتدأ، ذا:

8 - سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم … فليس سواء عالم وجهول

اسم موصول خبره. والشاهد: «من ذا قالها»، فإنه استعمل «ذا» اسما موصولا بمعنى «الذي»، بعد «من» الاستفهامية، وجاء له بصلة هي قوله: «قالها». [الشذور، والهمع/ 1/ 84]. 8 - سلي إن جهلت الناس عنّا وعنهم … فليس سواء عالم وجهول قاله السموأل بن عادياء اليهودي، لعنه الله، وقد ضربوا به المثل في الوفاء، وأظن ذلك كذبا؛ لأن اليهود مشهورون بالغدر منذ فجر حياتهم، وقد ذكرهم الله يغدرون بالأنبياء، فكيف يكون لهم نصيب من الوفاء للناس. والشاهد: «ليس سواء عالم وجهول»، حيث قدم خبر ليس، وهو قوله: «سواء»، على اسمها، وهو «عالم»، فدل هذا على جواز تقديم خبر هذا الفعل على اسمه. [العيني/ 2/ 76، والأشموني/ 1/ 232، والحماسة/ 123]. 9 - لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا … جنوده ضاق عنها السّهل والجبل نسبه هارون في معجمه إلى اللعين المنقري، فوهم. والشاهد: حذف كان مع اسمها في قوله: «ولو ملكا»، وأبقى خبرها وهو قوله: «ملكا» بعد لو الشرطية، والتقدير: ولو كان الباغي ملكا. ومثله قوله عليه السّلام: «التمس ولو خاتما من حديد». [الأشموني/ 1/ 242، والعيني/ 2/ 50، والخزانة ج 1/ 257، والهمع/ 1/ 121، وشرح أبيات المغني/ 5/ 81]. 10 - علموا أن يؤملون فجادوا … قبل أن يسألوا بأعظم سؤل غير منسوب. والسّؤل: ما تسأله وتتمناه. والشاهد: «أن يؤملون»: حيث جاء خبر «أن» المخففة، جملة فعلية، فعلها متصرف غير دعاء، ولم يفصل بينه وبين «أن» بفاصل. والأكثر أنها إذا خففت «أن»، يكون اسمها ضمير شأن محذوف، وخبرها جملة اسمية، أو فعلية فعلها جامد، أو متصرف، وهو دعاء، فإذا كانت كذلك، لم تحتج إلى فاصل، فإن كان الفعل متصرفا، وكان غير دعاء، وجب أن يفصل من «أن» ب «قد» أو «حرف تنفيس»، أو حرف نفي، أو «لو»، وجاء في البيت غير مفصول. [العيني/ 2/ 294، والهمع/ 1/ 143، والأشموني/ 1/ 292].

11 - لقد علم الضيف والمرملون … إذا اغبر أفق وهبت شمالا بأنك ربيع وغيث مريع … وأنك هناك تكون الثمالا

11 - لقد علم الضيف والمرملون … إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا بأنك ربيع وغيث مريع … وأنك هناك تكون الثّمالا من شعر جنوب بنت العجلان بن عامر الهذلية، ترثي أخاها. والمريع: بفتح الميم وضمها، الخصيب. والثمال: بكسر الثاء، الذخر والغياث. تمدحه بأنه جواد كريم، وبأنه يعطي المحروم، ويغيث الملهوف. والشاهد قولها: «بأنك ربيع»، «وأنك تكون»، حيث خففت «أن» في الموضعين، وجاء اسمها ضميرا مذكورا في الكلام، وخبرها في الأول مفرد، وفي الثاني جملة، وهذا خلاف الأصل الغالب الجاري على ألسنة العرب. وإنما أصل الاسم أن يكون ضمير شأن محذوفا، ولا يكون الخبر حينئذ إلا جملة. وشمالا: منصوب على الظرفية، أي: من ناحية الشمال. [الإنصاف/ 206، وشذور الذهب، والعيني/ 2/ 282، وشرح أبيات المغني/ 1/ 149]. 12 - لا سابغات ولا جأواء باسلة … تقي المنون لدى استيفاء آجال غير منسوب. والسابغات: الدروع التي تغطي البدن. الجأواء: الجيش العظيم. الباسلة: المتصفة بالبسالة وهي الشجاعة. والشاهد: «لا سابغات» فإن اسم «لا» النافية للجنس جمع مؤنث سالم، وإذا وقع اسم «لا» جمع مؤنث سالما جاز فيه الوجهان: الأول: البناء على الكسر نيابة عن الفتحة، والثاني: البناء على الفتح، وقد وردت الرواية في هذا البيت بالكسر والفتح، فدلّ مجموع الروايتين على جواز الوجهين. [الهمع/ 1/ 146، والأشموني/ 2/ 9]. 13 - وإن مدّت الأيدي إلى الزاد لم أكن … بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل قاله: الشّنفرى. بأعجلهم: الباء زائدة، وأعجل: خبر كان، وإذ: إما حرف للتعليل، أو ظرف، وأجشع: مبتدأ، وأعجل: خبر. والشاهد: مدت الأيدي، حيث حذف الفاعل، وهو «القوم»، وأقام المفعول به مقامه، وهو «الأيدي». [شرح أبيات المغني/ 7/ 89، والهمع/ 1/ 127، والأشموني/ 1/ 251]. 14 - جفوني ولم أجف الأخلّاء إنني … لغير جميل من خليلي مهمل

15 - ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة … كفاني- ولم أطلب- قليل من المال

غير منسوب. جفوني: واو الجماعة تعود إلى الأخلّاء، ولم أجف: الجملة معطوفة، وتحتمل الحالية، الأخلاء: مفعول به ل «أجف». لغير: متعلقان ب «مهمل» الآتي، لغير جميل: متعلقان بصفة ل «جميل». مهمل: خبر إنّ. والشاهد: «جفوني ولم أجف الأخلاء»، حيث أعمل العامل الثاني - ولم أجف - في لفظ المعمول المتأخر، وهو «الأخلاء»، ولما كان العامل الأول يحتاج إلى مرفوع، أضمره فيه، وهو «واو» الجماعة، وهو يعود على متأخر لفظا ورتبة، ويغتفر البصريون عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة في باب التنازع، إذا كان الضمير مرفوعا. [شرح أبيات المغني/ 7/ 68، والهمع/ 1/ 109، والأشموني/ 2/ 60، 104]. 15 - ولو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة … كفاني - ولم أطلب - قليل من المال لامرئ القيس، حامل لواء الشعراء في النار. ما: مصدرية، مسبوكة مع ما بعدها بمصدر، اسم «أنّ». لأدنى معيشة: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر «أنّ»، و «أنّ» وما دخلت عليه: فاعل لفعل محذوف تقديره: لو ثبت ... ولم أطلب: الجملة معطوفة، قليل: فاعل كفاني. والشاهد: «كفاني ولم أطلب قليل»: فإنه تقدم عاملان: «كفاني»، «ولم أطلب»، وتأخر معمول، وهو «قليل»، وهذا ليس من باب التنازع؛ لأن من شرط التنازع صحة توجه العاملين إلى المعمول المتأخر، مع بقاء المعنى صحيحا، والأمر هنا ليس كذلك. [سيبويه/ 1/ 41، والخصائص/ 2/ 387، والإنصاف/ 84، وشرح المفصل/ 1/ 78، والشذور، وشرح شواهد المغني/ 5/ 35، والخزانة/ 1/ 327]. 16 - ألا يا عباد الله قلبي متيّم … بأحسن من صلّى وأقبحهم بعلا البيت للأخطل. والشاهد: «يا عباد الله»، فالمنادى منصوب لفظا؛ لأنه مضاف. [الهمع/ 2/ 70]. 17 - فجئت وقد نضّت لنوم ثيابها … لدى السّتر إلّا لبسة المتفضّل قاله الشاعر الفاجر امرؤ القيس. ونضّت: خلعت. ولبسة المتفضل: غلالة رقيقة، هي التي يبقيها من يتبذّل. يريد أنه جاء عندها في الوقت الذي خلعت فيه ثيابها، وتهيأت للنوم. وجملة «وقد نضّت»: حالية. وإلا: أداة استثناء، لبسة: مستثنى.

18 - فكونوا أنتم وبني أبيكم … مكان الكليتين من الطحال

والشاهد: قوله: «لنوم»،: فإن النوم علة لخلع الثياب، وفاعل الخلع والنوم واحد، ولكن زمانهما غير واحد؛ لأنها تخلع ثيابها قبل النوم؛ ولذلك وجب جره باللام الدالة على التعليل، ولم يجز أن يكون منصوبا؛ لأن شرط نصب المفعول لأجله؛ اتحاده مع فعله في الزمن. [الشذور، والهمع/ 1/ 194، والأشموني/ 2/ 124]. 18 - فكونوا أنتم وبني أبيكم … مكان الكليتين من الطّحال ليس له قائل معروف. وكونوا: كان واسمها. أنتم: توكيد للضمير المتصل. مكان: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر الفعل الناقص. والشاهد: «وبني»، حيث نصبه على أنه مفعول معه، ولم يرفعه بالعطف على اسم «كونوا»، مع وجود التوكيد بالضمير المنفصل الذي يسوّغ العطف؛ لأن الرفع على العطف يفيد أن بني أبيهم مأمورون مثلهم بأن يكونوا منهم مكان الكليتين من الطحال، وليس هذا مراد الشاعر، فلذلك وجب ترجيح النصب؛ ليدل على المعنى المراد. [سيبويه/ 1/ 150، وشرح المفصل/ 2/ 48، والتصريح/ 1/ 345، والهمع/ 1/ 220]. 19 - لميّة موحشا طلل … يلوح كأنّه خلل للشاعر كثير بن عبد الرحمن، المعروف بكثير عزّة. وقوله: لمية: خبر مقدم. طلل: مبتدأ مؤخر. وقوله: خلل: بكسر الخاء، جمع خلة، وهي بطانة تغشّى بها أجفان السيوف. والشاهد: «موحشا»: فهو منصوب على الحالية، وصاحبه «طلل»، وصاحب الحال جاء نكرة، والمسوّغ له تقدم الحال على صاحبه، وقد يكون المسوغ التخصيص؛ لأن صاحب الحال «طلل»، وصف بجملة «يلوح». [سيبويه/ 1/ 276، والخصائص/ 2/ 492، وشرح المفصل/ 2/ 50، والشذور، والأشموني/ 2/ 174]. 20 - ألا كلّ شيء - ما خلا الله - باطل … وكلّ نعيم لا محالة زائل قاله لبيد بن ربيعة العامري. والشاهد: «ما خلا الله»، وجب نصب لفظ الجلالة بعد خلا؛ لأن سبقها ب (ما) المصدرية، يحقق فعلتيها، فلفظ الجلالة: منصوب على التعظيم مفعول به للفعل (خلا).

21 - فهيهات هيهات العقيق ومن به … وهيهات خل بالعقيق نواصله

[شرح المفصل/ 2/ 78، والشذور، والعيني/ 1/ 15، والهمع/ 1/ 23، والأشموني/ 1/ 28، وشرح أبيات المغني/ 3/ 154]. 21 - فهيهات هيهات العقيق ومن به … وهيهات خلّ بالعقيق نواصله قاله جرير بن عطية، يتحسر على فراق خلانه وتركه المنازل التي كان يحلّ معهم فيها. والشاهد: «هيهات»: اسم فعل ماض بمعنى بعد، رفع «فاعلا» هو العقيق في الشطر الأول، و «خلّ» في الشطر الثاني، فدل ذلك على أنّ اسم الفعل يعمل عمل الفعل الذي يكون بمعناه. [شرح المفصل/ 4/ 35، والشذور، والهمع/ 2/ 111، والعيني/ 3/ 7، و 4/ 311]. 22 - إنّ وجدي بك الشديد أراني … عاذرا فيك من عهدت عذولا غير منسوب. والمعنى: لقد زاد وجدي، وبان للناس تهيامي بك، حتى لقد صار الذين كانوا يلومونني على محبتي إياك، يلتمسون لي الأعذار. وقوله: أراني: ماض نصب ثلاثة مفاعيل: الأول: الياء، والثاني: عاذرا، والثالث: «من»، ولكن من ترتيبه الثاني، لأن أصل الكلام: أراني من عهدته عاذلا، عاذرا. وعذولا: حال. وجملة «أرى»: خبر «إنّ» وتقدير الكلام: إن الوجد الشديد أراني الذي عهدته عذولا، عاذرا فيك. والشاهد: وجدي بك الشديد فإن «وجد» مصدر، وهو موصوف بقوله: الشديد. وقوله «بك»، متعلق بهذا المصدر، فلمّا قدم هذا المتعلّق على الوصف بقوله: «الشديد»، جاز، ولو أخره، فقال: إنّ وجدي الشديد بك، لامتنع؛ لأن الشرط هو ألا يكون موصوفا قبل العمل. [الهمع/ 2/ 48، والأشموني/ 2/ 242، والعيني/ 3/ 366، والتصريح/ 2/ 27]. 23 - القاتلين الملك الحلاحلا … خير معدّ حسبا ونائلا قاله امرؤ القيس بعد أن قتل بنو أسد أباه، وخرج يطلب ثأره منهم. وقبله: والله لا يذهب شيخي باطلا … حتى أبير مالكا وكاهلا ومالك وكاهل: قبيلتان. والحلاحل: بضم الحاء الأول، السيد الشجاع.

24 - أخا الحرب لباسا إليها جلالها … وليس بولاج الخوالف أعقلا

والشاهد قوله: «القاتلين الملك»، حيث أعمل اسم الفاعل في المفعول به، مع كونه دالا على المضي؛ لأنهم قتلوه من قبل، وإنما أعمله مع ذلك لكونه محلى ب «أل»، وقوله: القاتلين: صفة لمالك وكاهل؛ لأنهما قبيلتان. [الشذور، والهمع/ 2/ 96، والأشموني/ 3/ 298، وشرح أبيات المغني/ 3/ 104]. 24 - أخا الحرب لبّاسا إليها جلالها … وليس بولّاج الخوالف أعقلا البيت، قاله القلاخ بن حزن بن جناب. وأخا الحرب: الذي يخوض غمراتها. وجلالها: بكسر الجيم، جمع جلّ، وأراد هنا: الدروع ونحوها مما يلبس في الحرب. ولّاج: كثير الولوج، وهو الدخول. والخوالف: جمع خالفة، وأصلها عمود الخيمة، وأراد هنا: الخيمة نفسها، من باب إطلاق اسم جزء الشيء، وإرادة كله. و «أعقل»: الأعقل هو الذي تصطك ركبتاه من الفزع، وكنى بولاج الخوالف عن الإغارة على جاراته، المعنى: افتخر بأنه شجاع، ملازم للحرب، آخذ لها أهبتها، وبأنه عف لا يغير على جاراته حال غيبة بعولتهن. أخا: حال من ضمير مستتر في قوله: «بأرفع»، في بيت سابق، هو قوله: فإن تك فاتتك السماء فإنني … بأرفع ما حولي من الأرض أطولا لباسا: حال ثانية. جلالها: مفعول به منصوب بالفتحة. أعقلا: خبر ثان لليس منصوب بالفتحة. والشاهد: «لبّاسا جلالها»، أعمل صيغة المبالغة «لباسا» إعمال اسم الفاعل، فنصب به المفعول به، وهو قوله: «جلالها»؛ لأن هذه الصيغة معتمدة على ذي حال، وهو كالموصوف. [الشذور وسيبويه/ 1/ 57، وشرح المفصل/ 6/ 7، والهمع/ 2/ 96]. 25 - ما أنت بالحكم الترضى حكومته … ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل من كلام الفرزدق، واسمه همام بن غالب يقوله في هجاء رجل من بني عذرة، كان قد فضل جريرا على الفرزدق والأخطل. ما: نافيه. أنت: مبتدأ. بالحكم: الباء زائدة، والحكم خبر. الترضى: ال: اسم موصول نعت للحكم. الأصيل: معطوف بالجر حسب اللفظ على الحكم. والشاهد: «الترضى»، حيث قال بعضهم: إن (ال)، ليست من علامات الأسماء؛ لأنها

26 - إذا قلت هاتي نوليني تمايلت … علي هضيم الكشح ريا المخلخل

دخلت على الفعل. والجواب: أن قول الفرزدق شاذ، والقواعد تبنى على القياس المطرد. [الإنصاف/ 521، والهمع/ 1/ 85، والأشموني/ 1/ 156، والشذور، والخزانة/ 1/ 32]. 26 - إذا قلت هاتي نوّليني تمايلت … عليّ هضيم الكشح ريّا المخلخل لامرئ القيس من معلقته. وهضيم الكشح: دقيقة الخصر نحيلته. ريّا المخلخل: ممتلئة الساق، والمخلخل: مكان الخلخال، والعرب تستحسن من المرأة دقة الخصر، وضخامة الساقين. هاتي: فعل أمر، وجملته بدل من جملة هاتي. هضيم: حال من فاعل تمايلت. و «ريّا» حال ثانية. والشاهد: «هاتي»: فعل أمر؛ لدلالته على الطلب، واتصاله بياء المخاطبة، ولا يكون هذا لاسم الفعل. أقول: ومن يقرأ شعر الخبيث، (امرئ الخبث)، يظن أن بنات العرب كنّ مباحات له، والحقّ أنه كاذب ملعون، فهو يصف أمانيه وخيالاته التي لم يصب منها شيئا. فلا تصدقنّ ما وصفه من المغامرات. [شذور الذهب]. 27 - لا يعجبنّك من خطيب خطبة … حتى يكون مع الكلام أصيلا إنّ الكلام لفي الفؤاد وإنّما … جعل اللسان على الفؤاد دليلا نسبوا البيتين للأخطل - غياث بن غوث - وليسا في ديوانه. وذكرهما ابن هشام في شذور الذهب؛ ليستدل بهما على أن لفظ الكلام يطلقه العرب على المعاني التي تقوم في نفس الإنسان، ويتخيّلها قبل أن يعبر عنها بألفاظ تدلّ عليها. 28 - يذيب الرّعب منه كلّ عضب … فلولا الغمد يمسكه لسالا من شعر أبي العلاء المعري. يقول: إن سيفك تهابه السيوف، كما أن الرجال يهابونه، وأن سيوف الناس تذوب في أغمادها هيبة لسيفك، وخوفا منه، ولولا أن الأغماد تمسكها، لسالت كما يسيل الماء. والشاهد: «لولا الغمد يمسكه»، فقد نسبوا أبا العلاء المعري إلى اللحن، لأنه ذكر خبر المبتدأ بعد لولا، لكونه يدل على الكون العام ويجب حذفه. والذوق يوافق أبا العلاء، وإن

29 - ومن لا يصرف الواشين عنه … صباح مساء يبغوه خبالا

كانت الصناعة تخالفه، والذوق أقوى من الصناعة؛ لأن العربية تقوم على الذوق والمعنى، ومثل أبي العلاء وإن كان من العصر الذي لا يستشهد بكلام أهله، إلا أنه متمكن من لغة العرب، مما يصعب معه نسبته إلى اللحن. [الشذور، والهمع/ 1/ 104، والأشموني/ 1/ 215، وشرح المغني 5/ 118]. 29 - ومن لا يصرف الواشين عنه … صباح مساء يبغوه خبالا غير منسوب. وقوله: يبغوه، يريد: يقصدوه، ويطلبوا له. والشاهد: «صباح مساء»، حيث ركّب الظرفين معا، وجعلهما بمنزلة كلمة واحدة فقد ضمنا معنى حرف العطف، فأشبها في ذلك (أحد عشر) وإخوانه، فبني على فتح الجزئين. [الشذور، والهمع/ 1/ 196]. 30 - يساقط عنه روقه ضارياتها … سقاط شرار القين أخول أخولا قاله ضابئ البرجمي. والروق: القرن. والضاريات: الكلاب. والقين: الحداد. أخول أخولا: شيئا فشيئا، ويؤدي معنى متفرقين. سقاط: مفعول مطلق. أخول أخولا: حال بمعنى متفرقين، مبني على فتح الجزئين في محل نصب، والألف الأخيرة للإطلاق. وهو الشاهد في البيت، فإنه ركبهما، فبنيا على فتح الجزئين. [شذور ص 75، والخصائص/ 2/ 130، والهمع/ 1/ 249، والحماسة 1645، واللسان «سقط»]. 31 - ولقد سددت عليك كلّ ثنيّة … وأتيت فوق بني كليب من عل من شعر الفرزدق يهجو جريرا. والثنية هنا: الطريق مطلقا. وأصله: الطريق في الجبل، ويطلق على الطريق الوعر، وجمعه ثنايا. يريد: أنه ضيقّ عليه الخناق، ولم يمكنه من الإفلات. وأتيت من عل: يريد أنه أتاهم كالقضاء الذي لا يتوقعونه. والشاهد: «من عل»، فقد وردت مضمومة، فدل ذلك على أنها مبنية؛ لكون المراد بها معينا، والمضاف إليه محذوف، وهو منوي من حيث المعنى. [شرح المفصل/ 4/ 89، والشذور/ 107، والهمع/ 1/ 210].

32 - مكر مفر مقبل مدبر معا … كجلمود صخر حطه السيل من عل

32 - مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا … كجلمود صخر حطّه السيل من عل من معلقة امريء القيس يصف فرسه. وقوله: مكرّ، مفرّ، مقبل، مدبر، صفات أربعة للفرس، وهي مجرورة تبعا للمنعوت، وهو منجرد في البيت السابق. وقد اغتدي والطير في وكناتها … بمنجرد قيد الأوابد هيكل كجلمود: الجار والمجرور خبر لمبتدأ محذوف، أي: هو كجلمود، والجملة: صفة أخرى لمنجرد. والشاهد: «من عل»، فإن كلمة «عل» وردت مجرورة بدليل القوافي، فدلّ على أنها مجرورة؛ لأنه لا يقصد علوا خاصا، وإنما يقصد أيّ علوّ. 33 - لا تضيقنّ بالأمور فقد تكشف … غمّاؤها بغير احتيال ربّما تكره النفوس من الأمر … له فرّجة كحلّ العقال ينسب البيتان لأمية بن أبي الصلت، وإلى غيره. والشاهد: «ربما تكره»، رب: حرف جرّ شبيه بالزائد. و «ما»: نكرة بمعنى شيء مبتدأ. وجملة «تكره»: صفة. وجملة «له فرجة» خبر المبتدأ. فاستخدم «ما»، نكرة موصوفة بدليل دخول «ربّ» عليها؛ لأن «ربّ» لا يكون مجرورها إلا نكرة، وليست «ما» كافّة، وإنما هي اسم، بدليل عود الضمير عليها في قوله: «له»، كما أنه يعود عليها ضمير منصوب ب «تكره»، والضمير لا يعود إلا على الاسم. فالمعنى إذن: ربّ الذي تكره النفوس. وحقها أن تكتب: (ربّ ما تكره؛ لئلا يحصل التباس). [شرح المفصل/ 4/ 3، وشرح شذور الذهب/ 132]. 34 - نحن بني ضبّة أصحاب الجمل … ننعى ابن عفّان بأطراف الأسل منسوب إلى الأعرج المعني، وإلى الحارث الضبّي. والجمل: أراد جمل عائشة يوم معركة الجمل. والأسل: الرماح. والشاهد: «بني ضبة»، حيث نصبه على الاختصاص بفعل محذوف. ونحن: مبتدأ.

35 - فأخذت أسأل والرسوم تجيبني … وفي الاعتبار إجابة وسؤال

وأصحاب: خبر. والاختصاص أقوى في المدح والفخر، لو كان في القصة فخر، فقائل الرجز أعرابي بدوي، جاء من البادية بروح جاهلية، ففخر بقومه في موطن لم يفخر فيه أحد؛ لأنها كانت معركة خاسرة لكلا الطرفين، ولم ينقل أنّ صحابيا حضر الوقعة، وعدّها من مآثره. [الشذور/ 219، والهمع/ 1/ 171، والأشموني/ 3/ 137، والحماسة/ 291]. 35 - فأخذت أسأل والرسوم تجيبني … وفي الاعتبار إجابة وسؤال غير منسوب. والشاهد: «أخذت أسأل»، حيث أتى بخبر الفعل الدال على الشروع مضارعا مجردا من أن المصدرية؛ وذلك واجب في خبر هذا الفعل وإخوانه. [شذور الذهب/ 275]. 36 - لئن عاد لي عبد العزيز بمثلها … وأمكنني منها إذن لا أقيلها من شعر كثيّر بن عبد الرحمن، كثيّر عزّة، وكان قد مدح عبد العزيز بن مروان، فأعجبته مدحته، فقال له: احتكم، فطلب أن يكون كاتبه، وصاحب أمره. فردّه وغضب عليه. لئن: اللام: موطئة للقسم. إن: شرطية. إذن: حرف جواب وجزاء. لا: نافية. أقيلها: مضارع مرفوع. وجملة «لا أقيل»: جواب القسم. وجواب الشرط محذوف، يدل عليه جواب القسم، فإذا اجتمع شرط وقسم، كان الجواب للسابق. والشاهد: «إذن لا أقيلها»، حيث رفع الفعل بعد «إذن»؛ لأنها غير مصدرة. [الخزانة/ 8/ 473، وسيبويه/ 1/ 412، والشذور/ 290]. 37 - وليل كموج البحر أرخى سدوله … عليّ بأنواع الهموم ليبتلي لامرئ القيس من معلقته. وفيه شاهدان: الأول: «وليل»، حيث حذف حرف الجر «ربّ»، وأبقى عمله بعد الواو، ويعرب هنا: مبتدأ. والثاني: ليبتلي: مضارع منصوب ب «أن» مضمرة بعد «لام» التعليل، وكان حقه أن يحرك الياء؛ لخفة الفتحة عليها، ولكنه قدر الفتحة. 38 - فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع … فألهيتها عن ذي تمائم محول هذا البيت لامرئ القيس من معلقته، وأورده ابن هشام في «المغني» شاهدا على أنّ

39 - خليلي أنى تأتياني تأتيا … أخا غير ما يرضيكما لا يحاول

«مثلك» مجرور بعد الفاء بإضمار «ربّ»، ويجوز نصب «مثلك» بالفعل بعده. ولذلك يروى «ومثلك حبلى قد طرقت ومرضعا». والشاعر كاذب فيما قاله؛ لأنه يزعم أنه محبب إلى النساء والمراضع على زهدهنّ في الرجال، فكيف الأبكار الراغبات. قال الباقلاني في «إعجاز القرآن»: البيت عابه عليه أهل العربية، ومعناه عندهم حتى يستقيم الكلام: فربّ مثلك قد طرقت، وتقديره: أنه زير نساء، وأنه يفسدهنّ، ويلهيهنّ عن حبلهنّ ورضاعهنّ؛ لأنّ الحبلى والمرضعة أبعد من الغزل وطلب الرجال. وهذا البيت في الاعتذار والاشتهار والتهيام غير منتظم مع المعنى الذي قدمه؛ لأنّ تقديره: لا تبعديني عن نفسك، فإني أغلب النساء، وأخدعهنّ عن رأيهنّ، وأفسدهنّ بالتغازل، وكونه مفسدة لهنّ، لا يوجب له وصلهنّ، وترك إبعادهنّ إياه، بل يوجب هجره، والاستخفاف به؛ لسخفه ودخوله كلّ مدخل فاحش، وركوبه كلّ مركب فاسد، وفيه من الفحش والتفحش، ما يستنكف الكريم من مثله، ويأنف من ذكره. (إعجاز القرآن ص 255). وقال المرزباني في الموشح: عيب على امريء القيس فجوره وعهره في شعره، كقوله: «ومثلك حبلى»، وقالوا: هذا معنى فاحش، قالوا: كيف قصد للحبلى والمرضع دون البكر، وهو ملك وابن ملوك، ما فعل هذا إلا لنقص همته. قال أبو أحمد: وتصريح امريء القيس بما كان منه مع الحبليات والمرضعات، يدل على جهله بطبائع النساء، فالمرأة من طبعها الغيرة، وتريد من الرجل أن يكون لها وحدها، وما صرح به لصاحبته، كان من دواعي نفورها منه؛ لأنه كشف من أخلاقه عدم إخلاصه لها. 39 - خليليّ أنّى تأتياني تأتيا … أخا غير ما يرضيكما لا يحاول غير منسوب. وغير: مفعول مقدم ل «يحاول». والشاهد: «أنى تأتياني تأتيا» حيث جزم ب «أنّى» فعلين: الأول: تأتياني، والثاني: تأتيا. [الشذور/ 336، والعيني/ 4/ 426، والأشموني/ 4/ 11]. 40 - أستغفر الله ذنبا لست محصيه … ربّ العباد إليه الوجه والعمل غير منسوب. والشاهد: «أستغفر الله ذنبا»، حيث نصب بالفعل «استغفر» مفعولين، وعدّاه إليهما بدون توسط حرف الجر. وجملة: «لست محصيّة»: صفة لذنب. «رب

41 - وقالوا: نأت فاختر من الصبر والبكى … فقلت: البكى أشفى إذن لغليلي

العباد: صفة لله. «إليه الوجه»: جملة اسمية في محل نصب حال من لفظ الجلالة. [سيبويه/ 1/ 17، والشذور وشرح المفصل/ 7/ 63، والهمع 2/ 82]. 41 - وقالوا: نأت فاختر من الصبر والبكى … فقلت: البكى أشفى إذن لغليلي لكثير بن عبد الرحمن، كثير عزّة. والشاهد: «فاختر من الصبر والبكى»، حيث عدّى الفعل الذي هو «اختر» إلى مفعولين، أحدهما محذوف، يصل إليه الفعل بنفسه، وثانيهما مذكور، وقد وصل إليه الفعل بحرف الجر؛ لقوله: «فاختر من الصبر»، وتقدير الكلام: اختر من الصبر والبكى أحدهما. [الشذور، وشرح المغني/ 6/ 104، والأشموني/ 3/ 109]. 42 - ضعيف النكاية أعداءه … يخال الفرار يراخي الأجل غير منسوب. ضعيف: خبر لمبتدأ محذوف. والفرار: مفعول «يخال» الأول، وجملة «يراخي»: مفعوله الثاني. والشاهد: «النكاية أعداءه»، حيث نصب المصدر المحلى ب «أل» - النكاية - مفعولا، كما ينصبه الفعل، وهو قوله: أعداءه. [سيبويه/ 1/ 99، والشذور/ 384، والهمع/ 2/ 93، والأشموني ج 2/ 284، والخزانة/ 8/ 127]. 43 - كناطح صخرة يوما ليوهنها … فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل البيت للأعشى من معلقته. كناطح: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، أي: هو كناطح. والشاهد: «كناطح صخرة»، حيث أعمل اسم الفاعل عمل الفعل، فرفع به الفاعل المستتر ونصب المفعول به «صخرة»؛ لكونه معتمدا على موصوف محذوف، وهو «وعل» ولولا هذا الموصوف المحذوف، وأنه منوي الثبوت، لما أعمله. [الشذور، والأشموني/ 2/ 295، والعيني/ 3/ 529]. 44 - وميّة أحسن الثّقلين جيدا … وسالفة وأحسنهم قذالا قاله ذو الرّمة - غيلان بن عقبة. والجيد: العنق. والسالفة: صفحة العنق، ثم

45 - بكم قريش كفينا كل معضلة … وأم نهج الهدى من كان ضليلا

استعملت في خصلة الشعر التي تسترسل على الخدّ. والقذال: ما بين نقرة القفا إلى الأذن. ميّة: مبتدأ، أحسن: خبره، جيدا: تمييز. والشاهد: «أحسن الثقلين»، و «أحسنهم»، حيث جاء بأفعل التفضيل الجاري على مفرد مؤنث هو «ميّة»، مفردا مذكرا، وهو مضاف إلى معرفة في الموضعين، ولو أنه جاء به مطابقا للذي جرى عليه، لقال: «وميّة حسنى الثقلين جيدا، وحسناهم قذالا». وعدم المطابقة في هذا الأسلوب أولى؛ لأن القرآن جاء به. [الشذور، والهمع/ 1/ 59، والخزانة/ 9/ 393]. 45 - بكم قريش كفينا كلّ معضلة … وأمّ نهج الهدى من كان ضلّيلا غير منسوب. والشاهد: «بكم قريش»، حيث أبدل الاسم الظاهر - قريش - من ضمير الحاضر، وهو ضمير المخاطبين المجرور محلا ب «الباء»، بدل كلّ من كلّ، من غير أن يدل البدل على الإحاطة. [الشذور/ 443، والتصريح/ 2/ 161]. 46 - كأنّ خصييه من التدلدل … ظرف عجوز فيه ثنتا حنظل منسوب إلى امرأة، أو إلى الشّماء الهذلية، والتدلدل: الترهل. وظرف عجوز: وعاء من جلد. والشاهد: «ثنتا حنظل»، حيث ذكرت الثنتين مع المعدود، وليس ذلك مستعملا في العربية، وإنما المستعمل أن يثنى المعدود، فيقال: حنظلتان؛ لأن العدد «اثنان» لا يحتاج إلى تمييز، ولو قالت: (حنظلتان اثنتان)، فقدمت المعدود، لجاز؛ لأنه يكون وصفا للتوكيد. [الخزانة/ 7/ 400]. 47 - تنّورتها من أذرعات وأهلها … بيثرب أدنى دارها نظر عالي لامرئ القيس. وقوله: تنوّرتها: نظرت إليها من بعد، وأصل التنوّر: النظر إلى النار من بعد. وأذرعات، بكسر الراء، أظنها مدينة درعا، على الحدود بين سورية والأردن. والشاهد: «أذرعات»، فإن أصله جمع، ثم نقل فصار اسم بلد، فهو في اللفظ جمع،

48 - كمنية جابر إذ قال ليتي … أصادفه وأفقد جل مالي

وفي المعنى مفرد. ويروى في هذا اللفظ ثلاثة أوجه: الأول: أن ينصب بالكسرة، كما كان قبل التسمية، ولا يحذف منه التنوين. الثاني: أن ينصب ويجرّ بالكسرة، ويحذف منه التنوين. والثالث: أن ينصب ويجرّ بالفتحة. ويحذف منه التنوين. وقد روي البيت على هذه الأوجه الثلاثة. [سيبويه/ 2/ 18، وشرح المفصل/ 1/ 47، والهمع/ 1/ 22، والأشموني/ 1/ 94]. 48 - كمنية جابر إذ قال ليتي … أصادفه وأفقد جلّ مالي قاله زيد الخير (الخيل) الطائي، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. والمنية: بضم الميم، اسم للشيء الذي تتمناه، والمنية المشبهة بمنية جابر، ورد ذكرها في بيت سابق هو قوله: تمنّى مزيد زيدا فلاقى … أخا ثقة إذا اختلف العوالي ومزيد رجل كان يتمنى لقاء زيد الخيل، ويزعم أنه إن لقيه نال منه، فلما تلاقيا، طعنه زيد طعنة فولى هاربا. أخا ثقة: صاحب وثوق في نفسه واصطبار على منازلة الأقران. والعوالي: جمع عالية، وهي ما يلي موضع السنان من الرمح. واختلافها: ذهابها من جهة العدو، ومجيئها عند الطعن. وجابر: رجل من غطفان كان يتمنى لقاء زيد. وقوله: كمنية: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لموصوف محذوف، والتقدير: تمنى مزيد تمنيا مشابها لمنية جابر. والشاهد: «ليتي»، حيث حذف نون الوقاية من «ليت» الناصبة ل «ياء» المتكلم، وهو جائز في السعة، وليس ذلك ضرورة. [سيبويه/ 1/ 386، وشرح المفصل/ 3/ 90، والهمع/ 1/ 64]. 49 - وتلك خطوب قد تملّت شبابنا … قديما فتبلينا المنون وما نبلي وتبلي الألى يستلئمون على الألى … تراهنّ يوم الرّوع كالحدإ القبل لأبي ذؤيب الهذلي، خويلد بن خالد، يقول: إن حوادث الدهر والزمان، قد تمتعت بشبابنا قديما، فتبلينا المنون وما نبليها، وتبلي من بيننا الدارعين والمقاتلة فوق الخيول التي تراها يوم الحرب، كالحدإ في سرعتها وخفتها. والشاهد: استخدام «الألى» للعقلاء وغير العقلاء. [الأشموني/ 1/ 148، والهمع/ 1/ 83].

50 - إذا ما لقيت بني مالك … فسلم على أيهم أفضل

50 - إذا ما لقيت بني مالك … فسلّم على أيّهم أفضل قاله غسان بن وعلة، شاعر مخضرم. والشاهد: «على أيّهم أفضل»، فالمشهور أن «أيّ» الموصولة، إذا أضيفت، وحذف صدر صلتها، تبنى على الضم؛ ولذلك رووا البيت بالبناء على الضم. وأفضل: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: «هو أفضل»، والجملة صلة الموصول. ومنهم من يعربها على كلّ حال. ويروى البيت بالجرّ. ومذهب الإعراب هو الأيسر. وقرئ بالإعرابين قوله تعالى: ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا. [مريم: 69]. [الإنصاف/ 715، وشرح المفصل/ 3/ 147، والهمع/ 1/ 84، والأشموني/ 1/ 166، وشرح أبيات المغني/ 2/ 152]. 51 - فخير نحن عند البأس منكم … إذا الداعي المثوّب قال: يالا قاله زهير بن مسعود الضبيّ. والمثوّب: من التثويب، وأصله أن يجيء الرجل مستصرخا، فيلوح بثوبه ليرى ويشتهر، ثم سمي الدعاء تثويبا. قال: يالا، أي: قال: يا لفلان، فحذف فلانا، وأبقى «اللام» وفي البيت شاهدان، وكلاهما في: «فخير نحن». الأول: فإن «نحن» فاعل سدّ مسدّ الخبر، ولم يتقدم الوصف «خير» نفي أو استفهام. والثاني: فإن «نحن» الذي وقع فاعلا أغنى عن الخبر، وهو ضمير منفصل، والظرف «عند» والمجرور «منكم» متعلقان ب «خير». ولا يجوز إعراب «خير» خبر مقدم، و «نحن» مبتدأ مؤخر؛ لئلا يفصل بين «خير»، وما يتعلق به، بأجنبي. [الخصائص/ 1/ 276، والهمع/ 1/ 181، وشرح أبيات المغني/ 4/ 325]. 52 - فيا ربّ هل إلّا بك النصر يرتجى … عليهم؟ وهل إلا عليك المعوّل قاله الكميت بن زيد الأسدي، من قصيدة في «الهاشميات». رب: منادى منصوب بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة اكتفاء بكسر ما قبلها. بك: يجوز أن يكون خبرا مقدما، والنصر: مبتدأ مؤخرا، ويجوز أن يعرب النصر: مبتدأ، وجملة «يرتجى»: خبره، وبك: متعلقان ب «يرتجى». (وعليك المعول): خبر مقدم، ومبتدأ مؤخر. والشاهد: تقدم الخبر «عليك» على المبتدأ، مع أن الخبر محصور ب إلا، وحقه التأخير. [العيني/ 1/ 354، والهمع/ 1/ 102، والأشموني/ 1/ 211].

53 - خالي لأنت ومن تميم خاله … ينل العلاء ويكرم الأخوالا

53 - خالي لأنت ومن تميم خاله … ينل العلاء ويكرم الأخوالا لم يعرف قائله. وفيه ثلاثة شواهد: الأول: قوله: «خالي لأنت»، قدم الخبر، مع أن المبتدأ متصل ب «لام» الابتداء شذوذا. ولا يجوز تقديم الخبر هنا؛ لأن «لام» الابتداء لها صدر الكلام، وخرجوه بأن أصل الكلام: خالي لهو أنت، أو غيره. الشاهد الثاني: «ينل العلاء» جاء الفعل مجزوما، ولم يسبقه جازم. والحامل له على الجزم، تشبيه الموصول: «ومن تميم»، ب «من» الشرطية. والحقّ أن الشاعر توهّم أن «من» شرطيه .. الشاهد الثالث: «يكرم الأخولا». يكرم مضارع معطوف على: «ينل» وهو من كرم يكرم، مضموم العين. والأخولا: تمييز. وجاء التمييز معرفة، وهو يوافق مذهب الكوفيين. 54 - أنت تكون ماجد نبيل … إذا تهبّ شمأل بليل البيت لأم عقيل بن أبي طالب، فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. تقوله وهي ترقص ابنها عقيلا. والشمأل: ريح تهب من ناحية القطب، و «بليل»: رطبة نديّة. والشاهد. «أنت تكون ماجد»، على أنّ «تكون» مضارع من «كان»، زائدة بين المبتدأ والخبر. والمشهور زيادة «كان»؛ لأنها مبنية، فأشبهت الحرف، أما المضارع، فهو معرب يشبه الاسم، والاسم لا يزاد. أما الحرف، فيزاد، وفيه تخريج آخر: وهو أنّ «تكون» عاملة، واسمها مستتر تقديره: أنت، وخبرها محذوف. والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر. [العيني/ 2/ 39، والهمع/ 1/ 120، والأشموني/ 1/ 241]. 55 - قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا … فما اعتذارك من قول إذا قيلا البيت منسوب إلى النعمان بن المنذر، ملك الحيرة، أو أنه لرجل يقوله للنعمان. والشاهد: «إن صدقا وإن كذبا»، حيث حذف «كان» مع اسمها وأبقى خبرها، بعد «إن» الشرطية، وفعل الشرط وجوابه محذوفان. [سيبويه/ 131، وشرح المفصل/ 2/ 96،

56 - إن المرء ميتا بانقضاء حياته … ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا

والهمع/ 1/ 121، وشرح أبيات المغني ج 2/ 8]. 56 - إن المرء ميتا بانقضاء حياته … ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا والمعنى ليس المرء ميتا بانقضاء حياته، وإنما يموت إذا بغى عليه باغ، فلم يجد عونا له، يريد أن الموت الحقيقي، ليس شيئا بالقياس إلى الموت الأدبي. والشاهد: «إن المرء ميتا»، حيث أعمل «إن» النافية عمل ليس. [الهمع/ 1/ 125، والأشموني/ 1/ 255]. 57 - فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها … أخاك مصاب القلب جمّ بلابله من شواهد سيبويه التي لم ينسبها، و «تلحني»: - من باب فتح - لحى، يلحى، لا تلمني ولا تعذلني. وجمّ: كثير، وبلابله: وساوسه، وهو جمع بلبال، وهو الحزن واشتغال البال. والمعنى: لا تلمني في حبّ هذه المرأة، فقد أصيب قلبي بها، واستولى عليه حبها، فالعذل لا يصرفني عنها. والشاهد: تقديم معمول خبر «إن»، وهو قوله: «بحبها»، على اسمها «أخاك»، وخبرها «مصاب القلب» وأصل الكلام: إن أخاك: مصاب القلب بحبها، فقدم الجار والمجرور على الاسم، وفصل به بين «إنّ» واسمها، مع بقاء الاسم مقدما على الخبر، وهذا جائز عند سيبويه. [سيبويه/ 1/ 280، والهمع/ 1/ 135، والأشموني/ 1/ 272، وشرح أبيات المغني/ 8/ 105]. 58 - ألا اصطبار لليلى أم لها جلد … إذا ألاقي الذي لاقاه أمثالي منسوب إلى قيس بن الملوح، مجنون ليلى. والمعنى: ليت شعري إذا أنا لاقيت ما لاقاه أمثالي من الموت، أيمتنع الصبر على ليلى، أم يبقى لها تجلدها وصبرها. والشاهد: «ألا اصطبار»، حيث عامل «لا» النافية للجنس، بعد دخول همزة الاستفهام مثل ما كان يعاملها قبل دخولها، والهمزة للاستفهام، و «لا» للنفي، فيكون معنى الحرفين الاستفهام عن النفي. [الهمع/ 1/ 147، والأشموني/ 2/ 15، وشرح أبيات المغني/ 1/ 47]. 59 - علمتك الباذل المعروف فانبعثت … إليك بي واجفات الشوق والأمل

60 - دعاني الغواني عمهن وخلتني … لي اسم، فلا أدعى به وهو أول

البيت غير منسوب. وقوله: فانبعثت: ثارت، ومضت ذاهبة في طريقها. واجفات: أراد بها دواعي الشوق وأسبابه التي بعثته على الذهاب إليه. وهي جمع واجفة، وهي مؤنث اسم فاعل من الوجيف، وهو ضرب من السير السريع. والشاهد: «علمتك الباذل»، فإن الفعل «علم» دال على اليقين، وقد نصب مفعولين، أحدهما: الكاف، والثاني: «الباذل». وقوله: «المعروف»، يجوز فيه النصب على أنه مفعول به ل الباذل، ويجوز جرّه بالإضافة. [العيني/ 2/ 416، والأشموني/ 2/ 220]. 60 - دعاني الغواني عمّهنّ وخلتني … لي اسم، فلا أدعى به وهو أوّل قاله النمر بن تولب العكلي. والشاهد: و «خلتني لي اسم»، فإن «خال» فيه بمعنى اليقين. وليس هو بمعنى فعل الظنّ؛ لأنه لا يظنّ أنّ لنفسه اسما، بل هو على اليقين من ذلك. وقد نصب بها مفعولين، أولهما: ضمير المتكلم، وهو «الياء». وثانيهما: جملة «لي اسم» من المبتدأ والخبر. والفعل «دعا» في أول البيت، نصب مفعولين، أولهما: الياء، والثاني: عمّهنّ. [الهمع/ 1/ 150، والأشموني/ 2/ 20، والعيني/ 2/ 395]. 61 - حسبت التّقى والجود خير تجارة … رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا قاله لبيد بن ربيعة العامري. والرباح: الربح. والثاقل: الميت؛ لأن البدن يثقل إذا فارقته الروح. والشاهد: «حسبت التقى خير تجارة»، حيث استعمل «حسب» بمعنى «علم»، ونصب به مفعولين، أولهما: «التقى»، والثاني «خير». [الهمع/ 1/ 149، والأشموني/ 2/ 21، والعيني/ 2/ 384]. 62 - فإن تزعميني كنت أجهل فيكم … فإني شريت الحلم بعدك بالجهل قاله أبو ذويب الهذلي. والجهل: هو الخفة والسفه. والحلم: التؤدة والرزانة. والشاهد: «تزعميني كنت أجهل»، حيث استعمل المضارع من «زعم»، بمعنى فعل

63 - أرجو وآمل أن تدنو مودتها … وما إخال لدينا منك تنويل

الرجحان، ونصب به مفعولين، أحدهما: ياء المتكلم، والثاني: جملة «كان» ومعموليها. [سيبويه/ 1/ 61، والهمع/ 1/ 148، وشرح أبيات المغني 6/ 267]. 63 - أرجو وآمل أن تدنو مودّتها … وما إخال لدينا منك تنويل من قصيدة كعب بن زهير التي مدح بها سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، التي مطلعها: «بانت سعاد». والشاهد: «وما إخال لدينا منك تنويل»، فإن ظاهره أنه ألغى «إخال» مع كونها متقدمة، وليس هذا الظاهر مسلما، فإن مفعولها الأول مفرد محذوف، هو ضمير الشأن، ومفعولها الثاني، جملة «لدينا منك تنويل»، والتقدير: «وما إخاله لدينا منك تنويل». [الهمع/ 53، والأشموني/ 2/ 29]. 64 - يلومونني في اشتراء النخي … ل أهلي فكلّهم يعذل وأهل الذي باع يلحونه … كما لحي البائع الأوّل الشاهد: «يلومونني أهلي»، حيث وصل واو الجماعة بالفعل، مع أن الفاعل اسم ظاهر مذكور بعد الفعل. وهذه لغة طيئ، وقيل لغة أزذ شنوءة، وفي هذا المعجم شواهد كثيرة على هذه اللغة. وعليها تأولوا قوله تعالى في سورة الأنبياء: وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا. [آية 21]، وقوله تعالى في سورة المائدة: ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ. [الآية 71]. وقد سماها النحويون بلغة «أكلوني البراغيث»، وهذا غير لائق؛ لأنها موجودة في القرآن. وأحسن ابن مالك صاحب الألفية عند ما سماها لغة «يتعاقبون فيكم ملائكة»، إشارة إلى الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومالك بهذا اللفظ، وزعم بعضهم أن الإمام مالك روى الحديث ناقصا، وأنّ الرواية: «لله ملائكة يتعاقبون فيكم» ملائكة بالليل .. الحديث، وليس الأمر كما قالوا، فالحديث مروي في البخاري بطرق متعددة، كما رواه الإمام مالك. والبيت الشاهد، للشاعر أحيحة بن الجلاح الأوسي (.. نحو 130 ق هـ - نحو 497 م). والبيت من قطعة في بيان فضل النخيل، حيث يقول بعد البيتين: هي الظلّ في الحرّ حقّ الظليل … والمنظر الأحسن الأجمل

65 - فلا مزنة ودقت ودقها … ولا أرض أبقل إبقالها

تعشّى أسالفها بالجبوب … وتأني حلوبتها من عل وتصبح حيث تبيت الرّعاء … وإن ضيعوها وإن أهملوا فعمّ لعمّكم نافع … وطفل لطفلكم يؤمل وقوله: «تعشّى»، أي: تتعشى من أسفل، أي: تشرب الماء. وتأني، أي: تدرك: وفي رواية «تأتي»، يريد أنها تشرب الماء من الأرض، وتعطي الغذاء من الأعلى، وشبهها بالناقة، وجعل ثمرها يمنزلة اللبن. والرعاء: حفظة النخل، شبههم برعاة الإبل، يقول: إذا غفل الفلاح عن النخلة، فإنها لا تهرب كما تهرب الإبل، ويستيقظ راعي النخل، فيجد النخل في مكانه، ولا يحتاجون إلى البحث عنها في القبائل. وقوله: فعمّ، أي: النخل الكبير، يريد أن يقول: إن النخل الكبير ينتفع به كبار الناس، والصغير منه يؤمل للأطفال في مستقبل حياتهم. وللشاعر أبيات أخرى في وصف النخيل (انظر ديوانه)، قلت: ولأحمد شوقي قصيدة في وصف النخيل من وزن هذه الأبيات (المتقارب)، وفي أبيات أحمد شوقي شبهها بالشاة، (وأنتن في البيد شاة المعيل)، فهل اطلع أحمد شوقي على هذه المقطوعة الجاهلية، ولكن أحمد شوقي يزعم في قصيدته أن الشعراء لم يصفوا النخل، وأن الكتب خلت من ذكر فضائله، فإما أن يكون أحمد شوقي، قرأ قطعة أحيحة، وتأثر بها، ثم زعم أنه أتى بما لم يأت به الأوائل، وإما أن يكون جاهلا بما في كتب الأدب من شعر في وصف النخل. وقد جمعت قطعة أحيحة من المعاني - على وجازتها - ما لم يستطع أحمد شوقي جمعه في قصيدة مطولة، بل كان أحمد شوقي فاسد الذوق عند ما شبه النخيل بالمآذن (مآذن قامت هنا أو هناك)، ثم استدرك قائلا: وليس يؤذن فيها الرجال … ولكن تصيح عليها الغرب فأفسد جمال الصورة بجعل الغرب تصيح عليها، والمعروف أن صياح الغراب نذير الخراب، ولو قال: «ولكن تسبّح»، لكان أجمل؛ ليخفف من وقع ذكر الغراب على نفس القارئ، بل إن البيت كله لا فائدة منه؛ لأن ما نفاه يعرفه القارئ، ولا يلتبس عليه، ولعلّ الشاعر ذكر الغربان، إيذانا بزوال ملك سادته من أسرة محمد علي باشا؛ لأنه كان يصف نخيل حدائق القصور التي يسكنها حكام مصر. 65 - فلا مزنة ودقت ودقها … ولا أرض أبقل إبقالها قاله عامر بن جوين الطائي. والمزنة: السحابة المثقلة بالماء. والودق: المطر.

66 - مالك من شيخك إلا عمله … إلا رسيمه وإلا رمله

وأبقل: أنبت البقل، وهو النبات. لا مزنة: لا: عاملة عمل ليس، مزنة: اسمها. وجملة «ودقت»: خبرها. ولا أرض: لا النافية للجنس، أرض: اسمها مبني على الفتح. وجملة «أبقل»: خبرها. وإبقال: مفعول مطلق. والشاهد: «ولا أرض أبقل»، حيث حذف «تاء» التأنيث من الفعل المسند إلى ضمير المؤنث، وهذا الفعل هو «أبقل»، وهو مسند إلى ضمير مستتر يعود إلى الأرض، وهي مؤنثة مجازية التأنيث. [سيبويه/ 1/ 240، والخصائص/ 2/ 411، وشرح المفصل/ 5/ 94، والهمع/ 2/ 171، والأشموني/ 2/ 53، وشرح أبيات المغني/ 8/ 17]. 66 - مالك من شيخك إلّا عمله … إلّا رسيمه وإلّا رمله لراجز مجهول. والرسيم والرمل: ضربان من السير. والشاهد: «إلا رسيمه وإلا رمله» حيث تكررت «إلا» في البدل والعطف، ولم تفد غير مجرد التوكيد، وقد ألغيت. [سيبويه/ 1/ 374، والهمع/ 1/ 227، والأشموني/ 2/ 151]. 67 - رأيت الناس ما حاشا قريشا … فإنّا نحن أفضلهم فعالا منسوب للأخطل، غوث بن غياث. رأيت: ينصب مفعولين، الأول: «الناس»، والثاني: محذوف، أو جملة الشطر الثاني. والشاهد: «ما حاشا قريشا»، حيث دخلت «ما» المصدرية على «حاشا» وذلك قليل، والأكثر أن تتجرد منها. [شرح أبيات المغني/ 3/ 85]. 68 - فأرسلها العراك ولم يذدها … ولم يشفق على نغص الدّخال قاله لبيد بن ربيعة العامري، يصف حمارا وحشيا أورد أتنه الماء لتشرب. والعراك: ازدحام الابل حين ورود الماء. يذدها: يطردها. يشفق: يرحم. نغص: مصدر نغص الرجل - بكسر الغين، إذا لم يتم مراده، ونغص البعير، إذا لم يتم شربه. والدخال: أن يداخل بعيره الذي شرب مرة، مع الإبل التي لم تشرب، حتى يشرب معها ثانية؛ وذلك إذا كان البعير كريما أو شديد العطش. والشاهد: «العراك»، حيث وقع حالا مع كونه معرفة، والحال لا يكون إلا نكرة، وإنما

69 - يا صاح هل حم عيش باقيا فترى … لنفسك العذر في إيعادها الأملا

ساغ ذلك؛ لأنه مؤول بالنكرة، أي: أرسلها معتركة، يعني: مزدحمة. [سيبويه/ 1/ 187، والمقتضب/ 3/ 237، والإنصاف/ 822، وشرح المفصل/ 2/ 62، 4/ 55، والعيني 3/ 219، والهمع/ 1/ 239]. 69 - يا صاح هل حمّ عيش باقيا فترى … لنفسك العذر في إيعادها الأملا لرجل من طيئ لم يعينه أحد. يا صاح: منادى مرخم على غير قياس؛ لأنه غير علم، وقياس الترخيم أن يكون في الأعلام. هل: الاستفهام هنا إنكاري بمعنى النفي. وحمّ: قدّر. والشاهد: «باقيا»، حيث وقع حالا من النكرة، وهو قوله: «عيش»، والذي سوغ مجيء الحال من النكرة، وقوعها بعد الاستفهام الإنكاري، الذي يؤدّي معنى النفي. [الهمع/ 1/ 240، والعيني/ 3/ 153، والتصريح/ 1/ 377]. 70 - فإن تك أذواد أصبن ونسوة … فلن يذهبوا فرغا بقتل حبال قاله طليحة بن خويلد الأسدي، المتنبي، أيام حرب الردّة، والأذواد: جمع ذود، وهو من الإبل ما بين الثلاث إلى العشر. فرغا، أي: هدرا لم يطلب به. حبال: بزنة كتاب، ابن الشاعر. وكان المسلمون قد قتلوه في حرب الردّة، يقول: لئن كنتم قد ذهبتم ببعض إبل أصبتموها، وبجماعة من النساء سبيتموهن، فلن تذهبوا بقتل حبال كما ذهبتم بالإبل والنساء. والشاهد قوله: «فرغا»، حيث وقع حالا من «قتل»، المجرور ب «الباء» وتقدم عليه، وهذا مذهب ابن مالك، والجمهور يمنعه. [الأشموني/ 2/ 177، والعيني/ 3/ 154]. 71 - ضيّعت حزمي في إبعادي الأملا … وما ارعويت وشيبا رأسي اشتعلا ليس له قائل معروف. وقوله: وشيبا: تمييز متقدم على عامله «اشتعل». ورأسي: مبتدأ، وجملة «اشتعل»: خبره. والشاهد: تقديم التمييز على عامله المتصرف، وهو قليل، ومثله: أنفسا تطيب بنيل المنى … وداعي المنون ينادي جهارا [الأشموني/ 2/ 101، والعيني/ 3/ 240، وشرح أبيات المغني/ 7/ 25].

72 - ولا ترى بعلا ولا حلائلا … كه ولا كهن إلا حاظلا

72 - ولا ترى بعلا ولا حلائلا … كه ولا كهنّ إلا حاظلا من أرجوزة لرؤبة بن العجاج، يصف حمارا يمنع أتنه من أن يقربها الفحول. والشاهد: «كه، كهن»، حيث جرّ الضمير في الموضعين بالكاف، وهو شاذ. وقوله: كه: الجار والمجرور صفة لبعل، و «كهنّ» الجار والمجرور صفة «حلائلا»، وحاظلا: مفعول ثان ل «ترى»، والحاظل: المانع. [سيبويه/ 392، والعيني/ 3/ 256، والهمع/ 2/ 30، والأشموني/ 2/ 209]. 73 - أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط … كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل للأعشى من قصيدته اللامية (ودع هريرة). والمعنى: لا ينهى الجائرين عن جورهم، ولا يردع الظالمين عن ظلمهم، مثل الطعن البالغ الذي ينفذ إلى الجوف فيغيب فيه، وأراد أنه لا يكفهم عن ظلمهم سوى الأخذ بالشدة. والشاهد: «كالطعن»، فإن «الكاف» اسم بمعنى «مثل»، وهي فاعل لقوله: «ينهى». [شرح المفصل/ 8/ 43، والهمع/ 2/ 31، والخزانة/ 9/ 453]. 74 - غدت من عليه بعد ما تمّ ظمؤها … تصلّ وعن قيض بزيزاء مجهل قاله مزاحم العقيلي، يصف قطاة. وغدت: بمعنى صارت، ظمؤها: زمان صبرها عن الماء. تصلّ: تصوّت، وإنما يصوّت حشاها. والقيض: قشر البيضة الأعلى، زيزاء: هو ما ارتفع من الأرض. المجهل: الذي ليس له أعلام يهتدى بها. يقول: إن هذه القطاة انصرفت من فوق فراخها بعد ما تمت مدة صبرها عن الماء، حال كونها تصوت أحشاؤها لعطشها، وطارت عن بيضها الذي وضع بمكان مرتفع خال من الأعلام التي يهتدى بها. والشاهد: «من عليه»، حيث ورد «على» اسما بمعنى فوق، بدليل دخول حرف الجر عليه. وغدت: فعل ناقص، اسمه مستتر، وخبره «من عليه» الجار والمجرور. بعد ما تم: ما: مصدرية، وجملة: «تصلّ» حالية. [سيبويه/ 2/ 310، وشرح المفصل/ 8/ 37، والأشموني/ 2/ 226، وشرح أبيات المغني/ 3/ 265].

75 - رسم دار وقفت في طلله … كدت أقضي الحياة من جلله

75 - رسم دار وقفت في طلله … كدت أقضي الحياة من جلله لجميل بن معمر العذري. وقوله: من جلله، أي: من أجله، أو بمعنى: من عظمه في نفسي. والشاهد: «رسم دار» في رواية الجر، حيث جره ب «ربّ» المحذوفة من غير أن يكون مسبوقا، ب «الواو»، أو «الفاء»، أو «بل»، وهي التي تحذف «ربّ» بعدها. رسم: مبتدأ مجرور لفظا. وجملة «وقفت»: صفة له وجملة «كدت» خبره. [الخصائص/ 1/ 285، والإنصاف/ 378، وشرح المفصل/ 3/ 28، والهمع/ 1/ 255، والأشموني/ 2/ 233]. 76 - إنّ للخير وللشرّ مدى … وكلا ذلك وجه وقبل قاله عبد الله بن الزبعري، أحد شعراء قريش، وكان يهجو المسلمين ثم أسلم، والبيت قاله يوم أحد وهو مشرك، ومعنى «قبل»: المحجّة الواضحة. يقول: إن للخير وللشرّ غاية ينتهي إليها كل واحد منهما، وأن ذلك أمر واضح لا يخفى على أحد. والشاهد: «وكلا ذلك»، حيث أضاف «كلا» إلى مفرد لفظا وهو «ذلك»؛ لأنه مثنى في المعنى؛ لعوده على اثنين، وهما: الخير والشر. [شرح المفصل/ 3/ 2، والهمع/ 2/ 50، والأشموني/ 2/ 43]. 77 - أقبّ من تحت عريض من علي ... لأبي النجم العجلي، يصف بعير السانية، من أرجوزة يصف فيها أشياء كثيرة أولها: الحمد لله العليّ الأجلل … الواسع الفضل الوهوب المجزل وقوله: أقبّ، صفة البعير. والقبب: الضّمر، يعني أن خصره ضامر، وأنّ متنه عريض، وأقبّ: مجرور بالفتحة؛ لأنّ صفات البعير الموصوف مجرورة، وكذلك قوله: «عريض». والشاهد: «من تحت»، بني الظرف على الضمّ، حيث حذف ما يضاف إليه، ونوى معناه دون لفظه. وقوله: «من علي»، مبني أيضا؛ لأنه معرفة، يريد أعلى البعير، حيث قرنه بالمعرفة «تحت» وإنما تعرب «عل» إذا كانت نكرة، كقولهم في النكرة: من فوق ومن عل، إذا لم

78 - كما خط الكتاب بكف يوما … يهودي يقارب أو يزيل

ترد أمرا معلوما، والبناء على ضمّ مقدر على «الياء» في «علي»، وقد تكتب ب «الياء»، وقد تكتب بدون «ياء» «عل»، وتكون كسرتها ككسرة «زاي» «غاز». وفي «عل» عشر لغات، تقول: أتيته من عل، ومن عل، ومن علي، ومن علا، ومن علو، ومن علو، ومن علو، ومن علو، ومن عال، ومن معال. قال ابن قتيبة في كتاب «الشعر والشعراء»: أنشد أبو النجم هذه الأرجوزة هشام بن عبد الملك - وهي أجود أرجوزة للعرب، وهشام يصفق بيديه استحسانا لها، حتى إذا بلغ قوله في صفة الشمس: حتّى إذا الشمس جلاها المجتلي … بين سماطي شفق مرعبل صغواء قد كادت ولمّا تفعل … فهي على الأفق كعين الأحول أمر هشام بوجء عنقه وإخراجه، وكان هشام أحول. وقوله: مرعبل: مقطّع. وصغوا: بالغين المعجمة، مائلة للغروب. أقول: والبيت الثاني ترويه كتب النقد الأدبي هكذا (من بحر الكامل): صفراء قد كادت ولما تفعل … وكأنّها في الأفق عين الأحول هكذا: صفراء، من اللون الأصفر. [الخزانة/ 2/ 390 - 400]. 78 - كما خطّ الكتاب بكفّ يوما … يهوديّ يقارب أو يزيل لأبي حية النميري، يصف رسم دار، يشبه ما بقي متناثرا من رسوم الديار هنا وهناك، بكتابة اليهودي كتابا جعل بعضه متقاربا، وبعضه متفرقا. والشاهد: «بكفّ يوما يهوديّ»، حيث فصل بين المضاف وهو «كفّ»، والمضاف إليه وهو «يهودي»، بأجنبي من المضاف وهو «يوما»؛ لأنه معمول ل «خطّ». [سيبويه/ 1/ 91، والإنصاف/ 432، وشرح المفصل/ 1/ 103]. 79 - بضرب بالسيوف رؤوس قوم … أزلنا هامهنّ عن المقيل قاله المرّار بن منقد التميمي. المقيل: أصله موضع النوم في القائلة، فنقل من هذا الموضع إلى موضع الرأس؛ لأن الرأس يستقر في النوم حين القائلة. يصف قومه بالقوة

80 - الواهب المائة الهجان وعبدها … عوذا تزجي بينها أطفالها

والجلادة، قوله: بضرب: متعلقان ب «أزلنا». والشاهد: «بضرب رؤوس»، حيث نصب ب «ضرب» وهو مصدر منون مفعولا به، كما ينصبه بالفعل. [سيبويه/ 1/ 60، وشرح المفصل/ 6/ 61، والأشموني/ 2/ 384]. 80 - الواهب المائة الهجان وعبدها … عوذا تزجّي بينها أطفالها قاله الأعشى، ميمون بن قيس. الهجان: البيض، وخصها؛ لأنها أكرم الإبل. عوذا: جمع عائذ، وهي الناقة إذا وضعت وقوي ولدها. تزجّي: تسوق. المائة: مضاف إليه، من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله. الهجان: بالجرّ، بإضافة «المائة» إليه على مذهب الكوفيين الذين يرون تعريف اسم العدد، وتعريف المعدود معا، أو نعت له على اللفظ. وعبدها: يروى بالنصب والجرّ، فأما الجرّ، فعلى العطف على لفظ المائة وأما النصب، فعلى العطف على محله. عوذا: نعت للمائة، وهو تابع للمحل. [سيبويه/ 1/ 94، والهمع/ 2/ 48، والخزانة/ 4/ 256]. 81 - فقلت: اقتلوها عنكم بمزاجها … وحبّ بها مقتولة حين تقتل للأخطل التغلبي، من قصيدة يمدح فيها خالد بن عبد الله بن أسد. وحبّ بها: حبّ: فعل ماض للمدح. بها: الباء زائدة، و «ها» فاعل. مقتولة: تمييز، أو حال. والشاهد: «حبّ بها»، فإنه يروى بفتح الحاء من (حبّ) وضمها، ويجوز فيها الفتح والضم، إذا كان فاعلها غير «ذا»، فإذا كان فاعلها «ذا» «حبذا»، فالفتح فقط. [الخزانة/ 9/ 427، وشرح المفصل/ 7/ 129]. 82 - دنوت وقد خلناك كالبدر أجملا … فظلّ فؤادي في هواك مضلّلا مجهول. وأجملا: أكثر جمالا من البدر، وهو من معمولات «دنوت»، أي: دنوت حال كونك أجمل من البدر، وقد خلناك مثل البدر. وجملة «وقد خلناك»: حالية. أجملا: حال ثانية من «التاء». والشاهد: حيث حذف «من» الجارة للمفضول عليه مع مجرورها، وأصل الكلام: أجمل منه. [العيني/ 4/ 50، والتصريح/ 2/ 103، والأشموني/ 3/ 46]. 83 - انّ الذي سمك السماء بنى لنا … بيتا دعائمه أعزّ وأطول

84 - ولا عيب فيها غير أن سريعها … قطوف وأن لا شيء منهن أكسل

للفرزدق يفخر فيه على جرير. والشاهد: «أعزّ وأطول»، حيث استعمل صيغتي التفضيل في غير التفضيل؛ لأنه لا يعترف بأن لجرير بيتا دعائمه عزيزة طويلة، حتى تكون دعائم بيته أكثر عزة وأشد طولا، ولو بقي «أعز وأطول» على معنى التفضيل، لتضمن اعترافه بذلك. [الخزانة/ 8/ 242]. 84 - ولا عيب فيها غير أنّ سريعها … قطوف وأن لا شيء منهنّ أكسل قاله ذو الرمة، يصف نساء بالسمن والعبالة، وكنى عن ذلك بأنهن بطيئات السير كسالى. وقطوف: بطيء متقارب الخطو. يقول: لا عيب في هؤلاء النساء إلا أنّ أسرعهن شديدة البطء متكاسلة، وهذا مما يسمى تأكيد المدح بما يشبه الذم، والعرب تمدح النساء بذلك؛ لأن هذا عندهم يدل على النعمة وعدم الامتهان في العمل. وغير: منصوبة على الاستثناء، والمصدر المؤول بعدها: مضاف إليه. وأن: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف. لا شيء: لا واسمها، أكسل: خبرها. والشاهد: «منهنّ أكسل»، قدم الجار والمجرور المتعلق ب «أكسل» (أفعل التفضيل) مع كون المجرور ليس استفهاما، ولا مضافا إلى استفهام، وذلك شاذ. [العيني/ 4/ 44، والأشموني/ 3/ 52، وديوان الشاعر]. 85 - قلت إذ أقبلت وزهر تهادى … كنعاج الفلا تعسّفن رملا لعمر بن أبي ربيعة المخزومي. وزهر: جمع زهراء، وهي المرأة الحسناء البيضاء. تهادى: تتهادى، أي: تتمايل. النعاج: بقر الوحش. الفلا: الصحراء. تعسفن: أخذن على غير الطريق، وملن عن الجادة. والشاهد: «أقبلت وزهر»، حيث عطف «زهر» على الضمير المستتر في «أقبلت» المرفوع بالفاعلية من غير أن يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالضمير المنفصل، أو بغيره، وذلك ضعيف عند جمهرة العلماء. [سيبويه/ 1/ 390، والخصائص/ 2/ 2، والإنصاف/ 475، وشرح المفصل/ 3/ 74، والأشموني/ 3/ 114]. 86 - ذا ارعواء فليس بعد اشتعال الرّ … أس شيبا إلى الصّبا من سبيل

87 - يا زيد زيد اليعملات الذبل … تطاول الليل عليك فانزل

مجهول. وقوله: ليس بعد: ليس ... وبعد: خبر مقدم. من سبيل: الباء زائدة، وسبيل: اسم ليس مؤخر. وشيبا: تمييز. والشاهد: قوله: «ذا»، وأصله: ياذا، حيث حذف حرف النداء مع اسم الإشارة، وهو قليل. [العيني/ 4/ 230، والأشموني/ 3/ 136]. 87 - يا زيد زيد اليعملات الذّبّل … تطاول الليل عليك فانزل قاله عبد الله بن رواحة الأنصاري، لزيد بن أرقم، وكان يتيما في حجره يوم غزوة مؤتة. واليعملات: بفتح الياء والميم: الإبل القوية على العمل. الذبّل: جمع ذابلة، أي: ضامرة من طول السفر، وأضاف زيدا إليها؛ لحسن قيامه عليها، ومعرفته بحدائها. وقوله: تطاول الليل عليك، يريد: انزل عن راحلتك واحد الإبل، فإن الليل قد طال، وحدث للإبل الكلال، فنشطها بالحداء، وأزل عنها الإعياء. والشاهد: «يا زيد زيد اليعملات»، حيث تكرر لفظ المنادى، وأضيف ثاني اللفظين، ويجوز في الأول الضمّ على أنه منادى مفرد، والنصب على أنه منادى مضاف، وفي الثاني النصب فقط. فإن ضمّ الأول: كان الثاني منصوبا على التوكيد، أو على إضمار أعني، أو على البدلية، أو على النداء. وإن نصب الأول: فمذهب سيبويه أنه مضاف إلى ما بعد الاسم الثاني، وأن الثاني مقحم بين المضاف والمضاف إليه، ومذهب المبرد أنه مضاف إلى محذوف مثل ما أضيف إليه الثاني، والتقدير: يا زيد اليعملات زيد اليعملات. [سيبويه/ 1/ 315، وشرح المفصل/ 2/ 10، والهمع/ 2/ 122، والأشموني/ 3/ 153، وشرح أبيات المغني/ 7/ 10]. 88 - تدافع الشّيب ولم تقتّل … في لجّة أمسك فلانا عن فل من أرجوزة لأبي النجم العجلي. واللجّة: بفتح اللام وتشديد الجيم، الجلبة، واختلاط الأصوات في الحرب. والمعنى: شبّه تزاحم الإبل، ومدافعة بعضها بعضا بقوم شيوخ في لجّة وشرّ يدفع بعضهم بعضا، فيقال: أمسك فلانا عن فلان، أي: احجز بينهم. وخصّ الشيوخ؛ لأن الشبان فيهم التسرع إلى القتال. وتقتل: أصلها: تقتتل.

89 - وضجيع قد تعللت به … طيب أردانه غير تفل صعدة نابتة في حائر … أينما الريح تميلها تمل

والشاهد: «عن فل»، حيث استعمل «فل» في غير النداء وجرّه بالحرف، وذلك ضرورة؛ لأن من حقّ استعمال هذا اللفظ ألا يقع إلا منادى، إلا إذا ادعينا أنه مقتطع من «فلان»، بقرينة قوله قبل ذلك: «أمسك فلانا»، وربما رخّمه الشاعر في غير النداء ضرورة. [سيبويه/ 1/ 233، والمقتضب/ 4/ 238، والعيني/ 4/ 228، والهمع/ 1/ 177، والأشموني/ 3/ 161، واللسان «لجج، فلن»، والخزانة/ 2/ 390]. 89 - وضجيع قد تعلّلت به … طيّب أردانه غير تفل صعدة نابتة في حائر … أينما الرّيح تميّلها تمل لكعب بن جعيل. والصعدة: القناة تنبت مستوية، فلا تحتاج إلى تقويم، وامرأة صعدة: مستقيمة القامة. حائر: هو المكان الذي يكون وسطه مطمئنا منخفضا، وحروفه مرتفعة عالية، وإنما جعل الصعدة في هذا المكان؛ لأنه يكون أنعم لها. شبه امرأة بقناة مستوية لدنة، قد نبتت في مكان مطمئن، والريح تعبث بها وتميلها، وهي تميل مع الريح. والشاهد: «أينما الريح تميلها تمل»، أينما: اسم شرط، والريح: فاعل لفعل الشرط المحذوف يفسره الموجود، وتمل: جواب الشرط. [سيبويه/ 1/ 458، والإنصاف/ 618، وشرح المفصل/ 9/ 10، والخزانة/ 3/ 47، والهمع/ 2/ 59، والأشموني/ 4/ 10]. 90 - لئن منيت بنا عن غبّ معركة … لا تلفنا عن دماء القوم تنتفل للأعشى من معلقته (ودع هريرة)، والخطاب ليزيد بن مسهر الشيباني. عن غبّ، عن: بمعنى بعد. وغبّ كذا، أي: عقبه. ننتفل: نتخلص، وننتفي. والشاهد: «لا تلفنا»، حيث أوقعه جواب الشرط مع تقدم القسم عليه، وحذف جواب القسم، لدلالة جواب الشرط عليه؛ ولو أنه أوقعه جوابا للقسم، لجاء به مرفوعا، والأكثر الاستغناء بجواب القسم عن جواب الشرط عند تقدم القسم. [العيني/ 3/ 283، والأشموني/ 4/ 29، والخزانة/ 11/ 327]. 91 - وكلّ أناس سوف تدخل بينهم … دويهية تصفرّ منها الأنامل قاله لبيد بن ربيعة يذكر الموت.

92 - ألا تسألان المرء ماذا يحاول … أنحب فيقضى أم ضلال وباطل

والشاهد: «دويهية»، فالتصغير هنا للتعظيم والتهويل. [شرح المفصل/ 5/ 114، والأشموني/ 4/ 157، والإنصاف/ 139]. 92 - ألا تسألان المرء ماذا يحاول … أنحب فيقضى أم ضلال وباطل لبيد بن ربيعة. يحاول: من المحاولة، وهو استعمال الحيلة، وهي الحذق في تدبير الأمور. والنحب: النذر. يقول: اسألوا هذا الحريص على الدنيا عن هذا الذي هو فيه، أهو نذر نذره على نفسه، فرأى أنّه لا بدّ من فعله، أم هو ضلال وباطل من أمره. والشاهد: أنّ «ما» استفهامية مبتدأ، و «ذا» اسم موصول خبره. و «يحاول» صلته بدليل قوله: أنحب. ولو كانت «ماذا» كلمة واحدة، لكان «ماذا» منصوبا ب «يحاول»، وكان مفسّره الذي هو «نحب» منصوبا؛ لأنه استفهام مفسّر للاستفهام الأول. [سيبويه/ 1/ 405، وشرح المفصل/ 1/ 139، والأشموني/ 1/ 195، والخزانة/ 6/ 145]. 93 - إذا لم تجد من دون عدنان والدا … ودون معدّ فلتزعك العواذل قاله لبيد بن ربيعة، وقبله: فإن أنت لم تصدقك نفسك فانتسب … لعلّك تهديك القرون الأوائل يقول: إن لم تصدقك نفسك عن هذه الأخبار، فانتسب، أي: قل: ابن فلان ابن فلان، فإنك لا ترى أحدا بقي، لعلك ترشدك هذه القرون. وتزعك: تكفّك. يقول: لم يبق لك أب حتى إلى عدنان، فكف عن الطمع في الحياة؛ فإن غاية الإنسان الموت. والعواذل: حوادث الدهر وزواجره. والبيت شاهد على أن «دون» في الشطر الثاني، معطوف على موضع «من دون». [الخزانة/ 2/ 252، وسيبويه/ 1/ 34، وشرح التصريح/ 1/ 288]. 94 - رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم … قطينا لهم حتّى إذا أنبت البقل لزهير بن أبي سلمى، من قصيدة مدح بها سنان بن أبي حارثة المري. والقطين: القاطن، وهو الساكن في الدار، يعني: أن الفقراء يلزمون بيوت هؤلاء يعيشون في أموالهم حتى يخصب الناس، وينبت البقل، وهو كل نبات اخضرت به الأرض، وهو شاهد على أن «أنبت» بمعنى «نبت». [شرح أبيات مغني اللبيب ج 2/ 293].

95 - كفى ثعلا فخرا بأنك منهم … ودهر لأن أمسيت من أهله أهل

95 - كفى ثعلا فخرا بأنك منهم … ودهر لأن أمسيت من أهله أهل قاله المتنبي، من قصيدة مدح بها شجاع بن محمد المنبجي. وثعل: رهط الممدوح، وهم بطن من طيئ، وصرفه للضرورة؛ إذ فيه العدل والعلمية مثل عمر. وهذا البيت من أبيات المتنبي التي سهر الناس جرّاها، وانشغلوا، ونام هو ملء جفونه، ومع أنّ المتنبي من المتأخرين ممن لا يستشهد أهل النحو بشعرهم، إلا أنهم شغلوا به، وقلّ أن تجد من تجرأ على القول بنسبته إلى اللحن عند ما يخالف قاعدة نحوية، وهذا يدلك على ثقتهم بشعره؛ لأنه لقن العربية عن أهلها في البادية، بل عاش سنوات طويلة في البادية عند ما اجتمع الأعراب عليه، واعتقدوا به. والخلاف بين أهل النحو في: «بأنك منهم»، فالفعل «كفى» هنا، بمعنى أجزأ وأغنى، وتتعدى إلى واحد، ولا تزاد «الباء» على فاعلها، ولكن المتنبي زادها؛ لأنّ «أنك منهم» فاعل «كفى»، وجوّز ابن الشجري في «دهر» ثلاثة أوجه: أحدها: مبتدأ، حذف خبره، أي: يفخر بك، وصح الابتداء بالنكرة؛ لأنه وصف بأهل. والثاني: كونه معطوفا على فاعل كفى، أي: أنهم فخروا بكونه منهم، وفخروا بزمانه؛ لنضارة أيامه. والثالث: أن تجرّه بعد أن ترفع فخرا على تقدير كونه فاعل «كفى»، و «الباء» متعلقة ب «فخر»، لا زائدة، وحينئذ تجر الدهر بالعطف، وتقدر «أهل» خبرا ل «هو» محذوفا. 96 - فما زالت القتلى تمجّ دماءها … بدجلة حتى ماء دجلة أشكل من قصيدة لجرير هجا بها الأخطل، وذكر ما أوقعه الجحّاف ببني تغلب. وأشكل: من الشكلة، كالحمرة، وزنا ومعنى، لكن يخالطها بياض، وهو مأخوذ من أشكل الأمر، أي: التبس. والشاهد: أنّ «حتى» فيه ابتدائية. [الخزانة/ 9/ 479، وشرح المفصل/ 8/ 18، والأشموني/ 3/ 300، والهمع/ 1/ 248]. 97 - لنا الفضل في الدنيا وأنفك راغم … ونحن لكم يوم القيامة أفضل البيت لجرير، من قصيدة هجا بها الأخطل النصراني، وذكر ابن هشام البيت على أن

98 - يميد إذا مادت عليه دلاؤهم … فيصدر عنها كلها وهو ناهل

«اللام» في «لكم»، بمعنى «من» لأن أفعل إنما يتعدى ب «من»، وفيه نظر؛ لأنّ الشاعر لا يريد أنّ قومه أفضل من قوم الأخطل يوم القيامة؛ لأن إثبات الفضل العالي لقوم جرير، يثبت الفضل النازل لقوم الأخطل، وهذا لا يكون؛ لأن النصراني الذي شهد الإسلام لا فضل له يوم القيامة، حيث كفر بالإسلام فلا ينال التفاضل مع المؤمنين بالإسلام، وإنما مراد الشاعر إثبات الفضل الزائد له ولقومه يوم القيامة، والمعنى: نحن أفضل مفاخرين لكم يوم القيامة. فالجار والمجرور في موضع الحال. [شرح أبيات المغني/ 4/ 293، والأشموني/ 2/ 218، والدرر/ 2/ 31]. 98 - يميد إذا مادت عليه دلاؤهم … فيصدر عنها كلّها وهو ناهل معزوّ إلى كثير عزّة. وماد: تحرك. والناهل: العطشان، والريّان من الأضداد. والشاهد: أن مجيء «كلّ» المضافة إلى الضمير فاعله قليل. [الهمع/ 2/ 73، والدرر/ 2/ 90، والأشموني/ 3/ 85]. 99 - إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه … فكلّ رداء يرتديه جميل مطلع قصيدة في حماسة أبي تمام، لعبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي، وتروى للسموأل اليهودي، وليس جديرا أن تكون له. والدنس: الوسخ. يقول: إذا المرء لم يتدنس باكتساب اللؤم واعتياده، فأي ملبس يلبسه بعد ذلك كان جميلا. والرداء هنا مستعار للفعل نفسه، أي: أي عمل عمله بعد تجنب اللؤم كان حسنا. والشاهد: أن «الهاء» في «يرتديه»، والمستتر في «جميل»، كل منهما راجع إلى «كل»؛ لأنها بحسب ما تضاف إليه، وقد أضيفت هنا إلى مذكر؛ ولهذا رجع إليها ضمير المذكر. [شرح أبيات المغني/ 4/ 202، والمرزوقي/ 110]. 100 - فلا الجارة الدّنيا لها تلحينّها … ولا الضّيف منها إن أناخ محوّل من قصيدة للشاعر النمر بن تولب الصحابي، أخبر عن نوقه أن الجار لا يذمّها، وأن الضيف لا يحوّل عنها، وخصّ الجارة القريبة (الدنيا) دون الجار؛ لأنه الأغلب، حيث أراد الأرامل والعجائز، ووصفها بالقريبة؛ لأن البعيدة ربما تستغني بكريم آخر، وربما لا يعلم حالها. فالجارة: مبتدأ، والدنيا: صفة، وجملة تلحينها: خبر. واللحي: اللوم. وفيه

101 - وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم … تلاقونه حتى يؤوب المنخل

الشاهد، حيث أكد الفعل ب «النون» بعد «لا» النافية. [شرح أبيات المغني/ 5/ 7، والأشموني/ 3/ 218]. 101 - وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم … تلاقونه حتى يؤوب المنخّل قاله النمر بن تولب الصحابي. وقولي: معطوف على كلام سابق في القصيدة، ومقول القول: تلاقونه، على تقدير: «لا تلاقونه»، «لا» المحذوفة، أي: لا تلاقون البعير بعد إطلاقكم إياه حتى يعود المنخّل، والمنخل: هو الحارث بن قيس، شاعر، كان النعمان قد اتهمه وحبسه، ولم يعلم الناس له خبرا، فضرب العرب المثل به في فقدان الشيء، وعدم عودته. والشاهد: إضمار أو حذف «لا» النافية في غير الداخلة على الفعل المستقبل في جواب القسم، فقوله: «لا تلاقونه»، ليس جواب قسم، وأضمر «لا» قبله. [شرح أبيات المغني/ 7/ 33، والخزانة/ 10/ 99]. 102 - ولكنّ من لا يلق أمرا ينوبه … بعدّته ينزل به وهو أعزل قاله أمية بن أبي الصلت. وينوبه: يصيبه من النائبة. والعدة: ما يهيئه الإنسان لحوادث الدهر. و «الباء» متعلقة ب «يلق»، والضمير في «به» ل «من». والأعزل: الذي لا سلاح له. يقول: من لم يستعد لما ينوبه من الزمان قبل حلوله، ضعف عنه عند نزوله. والشاهد: أن اسم «لكن» محذوف، وهو ضمير الشأن. [سيبويه/ 1/ 549، والإنصاف/ 181، وشرح أبيات المغني/ 5/ 201]. 103 - فتلك ولاة السوء قد طال مكثها … فحتام حتام العناء المطوّل هذا البيت للكميت، من إحدى هاشمياته. وتلك: مبتدأ، ولاة: بدل، وجملة «طال»: خبرها. حتام: الجار والمجرور خبر مقدم، والعناء: مبتدأ مؤخر. والشاهد: أن «ما» الاستفهامية يحذف «ألفها» إذا جرّت بحرف جرّ، كما في قوله: حتام حتام. [شرح أبيات المغني/ 5/ 215، والأشموني/ 3/ 80]. 104 - وقد أدركتني والحوادث جمّة … أسنّة قوم لا ضعاف ولا عزل

105 - ألم تعلمي يا عمرك الله أنني … كريم على حين الكرام قليل وأني لا أخزى إذا قيل مملق … سخي وأخزى أن يقال بخيل

قاله جويرية بن زيد. والشاهد: أنّ جملة «الحوادث جمة»، معترضة بين الفعل «أدركتني»، والفاعل «أسنة». [الخصائص/ 1/ 331، والهمع/ 1/ 248، وشرح أبيات المغني/ 6/ 183]. 105 - ألم تعلمي يا عمرك الله أنّني … كريم على حين الكرام قليل وأنّي لا أخزى إذا قيل مملق … سخيّ وأخزى أن يقال بخيل ينسبان إلى مبشّر بن هذيل الفزاري. والمملق: الفقير، مشتق من الملقة، وهي الصخرة الملساء. وقوله: يا عمرك، «الكاف»: ضمير العاذلة، ويا: للنداء، والمنادى محذوف، وعمرك الله: منصوبان بفعل محذوف تقديره: سألت الله تعميرك. والشاهد: «على حين»، على أن «حين» بني على الفتح؛ لإضافته إلى الجملة الاسمية. [العيني/ 3/ 412، والهمع/ 1/ 212، والأشموني/ 2/ 257]. 106 - وقلن ألا البرديّ أوّل مشرب … أجل جير إن كانت رواء أسافله قاله طفيل الغنوي، الملقب ب «طفيل الخيل»؛ لأنه كان من أوصف العرب للخيل. وقلن: يريد: الرواحل. والبرديّ: ماء يسمى أيضا الفردوس. وقوله: ألا: الهمزة للاستفهام عن النفي، والتقدير: أليس البرديّ أول مشرب؟ فقل لهن: نعم إن كان سقي بالمطر، والبردي: مبتدأ، أوّل: خبر، والجملة مقول القول. ورواء: بالكسر، جمع ريّان، وريّا، كعطاش، جمع عطشان وعطشى. وأسافل: جمع أسفل، وهو المكان المنخفض، يريد: إن اجتمع الماء في مواضعه المنخفضة حتى صار غديرا، فالبردي أول مشرب. والشاهد: «أجل جير»، أكّد «أجل» ب «جير»، وأجل حرف، إذن «جير» حرف. والبيت مرويّ بقافية أخرى هي: «أجل جير، إن كانت أبيحت دعاثره»، وهو من قصيدة لمضرّس بن ربعي. والدعثور: الحوض المتثلم، والمعنى: قالت النساء: ستكون أول استراحة لنا عند الفردوس، فأجابهن الشاعر: «أجل»، وفي «جير» أقوال أخرى غير الحرفيّة. [شرح أبيات المغني/ 3/ 58، والهمع/ 2/ 44]. 107 - إذا ريدة من حيث ما نفحت له … أتاه بريّاها خليل يواصله قاله أبو حيّة النميري، يصف حمارا. وقوله: «إذا ريدة»: بفتح الراء وسكون الياء، ريح

108 - وابأبي ثغرك ذاك المعسول … كأن في أنيابه القرنفول

لينة الهبوب. و «ما» من قوله: حيث ما، زائدة. ونفحت: هبت. والريّا: الرائحة التي تملأ الأنف. وأبو حية النميري شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. والشاهد: أنّ الجملة التي تضاف إليها «حيث» محذوفة، والتقدير: إذا ريدة نفحت له من حيث هبّت؛ وذلك لأن «ريدة»، فاعل بفعل محذوف يفسره: «نفحت» فلو كان «نفحت» مضافا إلى «حيث»، لزم بطلان التفسير؛ إذ المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف، فلا يفسر عاملا فيه. [شرح أبيات المغني/ 3/ 148، والهمع/ 1/ 212]. 108 - وابأبي ثغرك ذاك المعسول … كأنّ في أنيابه القرنفول يريد الراجز أن يصف ثغر هذه الجارية الناعمة التي يتغزل فيها، بأنه طيب الريح، جميل النكهة. ومحل الشاهد: «القرنفول» فإن أصل الكلمة: القرنفل، فلما اضطر إلى «الواو»؛ لإقامة الوزن، أشبع ضمة «الفاء»، فنشأت «الواو». [الخصائص/ 3/ 124، والإنصاف/ 24، و 749، واللسان «قرنفل»]. 109 - أقول إذ خرّت على الكلكال … يا ناقتا ما جلت من مجال الكلكال: هو الكلكل، وهو الصدر من كل شيء، وقيل: باطن الزور. وقوله: يا ناقتا: هو ناقة مضاف ل «ياء» المتكلم، وقد قلب الكسرة التي قبل «الياء» فتحة، ثم قلب «الياء» ألفا. والشاهد: «الكلكال» فإن أصله الكلكل، ولكن الراجز أشبع فتحة «الكاف» الثانية، فنشأت ألف. [الإنصاف/ 25، 749، واللسان «كلل»]. 110 - كأني بفتخاء الجناحين لقوة … على عجل منّي أطاطئ شيمالي البيت لامرئ القيس، وفتخاء الجناحين: هي العقاب اللينة الجناح، وذلك أسهل لطيرانها. ولقوة: بفتح اللام وكسرها مع سكون القاف، هي الخفيفة السريعة، يصف ناقته التي ارتحلها بالسرعة، فشبهها بالعقاب. والشاهد: «شيمالي»، وأصلها: «شمالي»، أشبع كسرة الشين؛ لإقامة الوزن، فتولدت «ياء». ويروى: شملالي، لغة في الشمال، بل قوله: «شيمالي»، لغة في الشمال؛ لأن امرأ القيس وأمثاله هم الذين صنعوا الشعر، ووضعوا أصوله، فلا يقال إنهم لجؤوا إلى

111 - لما نزلنا نصبنا ظل أخبية … وفار للقوم باللحم المراجيل

الضرورات الشعرية. [الإنصاف/ 28، والهمع/ 2/ 156، واللسان «شمل»]. 111 - لما نزلنا نصبنا ظلّ أخبية … وفار للقوم باللحم المراجيل للشاعر عبدة بن الطبيب، والأخبية: جمع خباء، بوزن كساء وأكسية. والمراجيل: جمع مرجل، وهو القدر التي يطبخ فيها الطعام. يقول: إنهم حين حطوا رحالهم، أسرعوا فنحروا الذبائح، وأوقدوا عليها، ففارت قدورهم باللحم، يصف أنفسهم بالكرم. والشاهد: «المراجيل»، فإن أصله «المراجل»، فأشبع كسرة «الجيم» فتولدت «ياء»، وهي ليست ضرورة، وإنما هي لغة. [الإنصاف/ 29، والمفضليات/ 141]. 112 - وما الدنيا بباقية بحزن … أجل، لا، لا، ولا برخاء بال الشاهد: «لا، ولا برخاء بال»، عطف نفيا على نفي ب «الواو»، والبيت من شواهد البصريين أنّ النفي يعطف عليه ب «ولا»: وهم في ذلك ينقضون قول الكوفيين القائلين: إن الاسم بعد «لولا» مرفوع بها، فقولك: «لولا زيد، لأكرمتك»، تقدير الكوفيين: «لو لم يمنعني زيد، لأكرمتك» حيث يرون أن «لولا» مركبة من «لو»، و «لا»، فقال البصريون: لو صح هذا التقدير، لصح العطف عليه ب «ولا» وقلنا في المثال: (لولا أخوك، ولا أبوك). وتأويلات البصريين في هذا المكان باردة، مصدرها العناد. [الإنصاف/ 75]. 113 - لا همّ إن الحارث بن جبله … زنى على أبيه ثم قتله وكان في جاراته لا عهد له … وأيّ أمر سيّئ لا فعله رجز منسوب لشهاب بن العيف. وقوله: زنى على أبيه، أي: ضيّق. والشاهد في قوله: «لا فعله»، حيث دخلت «لا» النافية على الفعل الماضي لفظا ومعنى ولم تكرر، ويريدون بالماضي لفظا ومعنى أنه ماض في اللفظ، وماض في المعنى، أي: إن حدوثه كان في الزمن الماضي، ودخول «لا» النافية على الماضي لفظا ومعنى يوجب تكرارها عند النحويين، فإذا وجدوها غير مكررة كما في الشاهد، التمسوا لها تخريجا، فقالوا: إنها مكررة في المعنى، فقال الزمخشري في قوله تعالى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ [البلد: 11] إن التقدير: ولا أطعم مسكينا، أو أنها مع الماضي تكون بمعنى «لم»، فقوله تعالى: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ أي: لم يقتحم العقبة.

114 - فرد على الفؤاد هوى عميدا … وسوئل لو يبين لنا السؤالا وقد نغنى بها ونرى عصورا … بها يقتدننا الخرد الخدالا

أما إذا كان الفعل الماضي مستقبلا في المعنى، فلا يجب التكرار، كقول الشاعر: حسب المحبين في الدنيا عذابهم … تالله لا عذّبتهم بعدها سقر فإنّ عذاب سقر في المستقبل، وقال الشاعر: لا بارك الله في الغواني هل … يبتن إلا لهنّ مطّلب أقول: إن الشواهد على التكرار، وعدم التكرار، كثيرة؛ ولهذا فهي جائزة في الصورتين. [اللسان «زنا»، والإنصاف/ 77، وشرح المفصل ج 1/ 109، وشرح أبيات المغني/ 4/ 392]. 114 - فردّ على الفؤاد هوى عميدا … وسوئل لو يبين لنا السؤالا وقد نغنى بها ونرى عصورا … بها يقتدننا الخرد الخدالا البيتان للمرّار الأسدي. والهوى: العشق. وعميد: أي: فادح، يبهظ صاحبه ويسقمه، وأصله قولهم: عمده المرض، أي: أضناه وأوجعه. ويبين: يجيب، وهو يصف منزلا، وقوله: نغنى: مضارع غني بالمكان، أي: أقام فيه، ومنه سمي منزل القوم «المغنى». والخرد: بضم الخاء والراء، جمع خريدة، وهي المرأة الحيية الطويلة السكوت، أو هي البكر التي لم تمس. والخدال: بكسر الخاء، جمع خدله، بفتح فسكون، وهي الغليظة الساق المستديرتها. وقوله: نغنى بها، أي: بالمنزل، أنثه؛ لأنه معنى الدار. والعصور: الدهور: نصبه على الظرف. ويقتدننا: يملن بنا إلى الصّبا. والشاهد في البيت الثاني: «ونرى يقتدننا الخرد الخدالا»: حيث كانت هذه العبارة من باب التنازع؛ لتقدم فعلين هما: «نرى» و «يقتاد»، وتأخر معمول وهو «الخرد الخدالا»، وقد أعمل الشاعر الفعل الأول في هذا المعمول، بدليل أنه نصبه وأتى بضميره معمولا للفعل الثاني، وهو «نون النسوة»، والقوافي منصوبة، بدليل البيت السابق، ولو أنه أعمل الفعل الثاني، لقال: «نرى يقتادنا الخرد الخدال»، فيرفع المعمول على أنه فاعل ل «يقتاد»، ويحذف ضميره؛ لكون الأول يطلب معمولا فضلة، وهذا يدل على أن إعمال العامل الأول أولى، وهو مذهب الكوفيين. والحقّ أن إعمال الأول جائز، وكذلك إعمال الثاني، بدون مفاضلة. [سيبويه/ 1/ 40، والمقتضب/ 4/ 76 - 77، والإنصاف/ 65 - 86].

115 - ثمت قمنا إلى جرد مسومة … أعرافهن لأيدينا مناديل

115 - ثمّت قمنا إلى جرد مسوّمة … أعرافهنّ لأيدينا مناديل من قصيدة لعبدة بن الطبيب في المفضليات، يقول في مطلعها: هل حبل خولة بعد الهجر موصول … أم أنت عنها بعيد الدار مشغول والشاعر مخضرم، أدرك الاسلام فأسلم، وشهد مع المثنى بن حارثة قتال هرمز سنة 13 هـ، والقصيدة قالها بعد وقعة القادسية، وكان عبدة أسود، وهو الذي رثى قيس بن عاصم المنقري بقصيدة يقول فيها: وما كان قيس هلكه هلك واحد … ولكنّه بنيان قوم تهدّما قال أبو عمرو بن العلاء: هذا أرثى بيت قيل، وقال ابن الأعرابي: هو قائم بنفسه، ماله نظير في الجاهلية ولا الإسلام. والجرد: الخيل القصار الشعر. والمسومة: المعلمة. مناديل: يريد أنهم يمسحون أيديهم من وضر الطعام بأعرافها. وقال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: أيّ المناديل أشرف؟ فقال قائل منهم: مناديل مصر، وقال آخرون: مناديل اليمن، فقال عبد الملك: مناديل أخي بني سعد، عبدة بن الطبيب، وذكر هذا البيت. والشاهد في البيت: «ثمّت»، حيث اتصلت «تاء التأنيث» ب «ثمّ» وبعض الكوفيين ينشد هذا البيت؛ لنقض دليل البصريين على أن «نعم وبئس» فعلان؛ لاتصال «تاء التأنيث» بهما، وهذه «التاء» من علامات الأفعال. فقال الكوفيون: إن هذه «التاء» تدخل على الحروف: ثم، وربّ، ولا، فنقول: ثمت وربّت، ولات. ولكن دليل الكوفيين هنا واه؛ للفرق بين «التاء» التي تدخل على الحرف، و «التاء» التي تدخل على الفعل، انظر [الإنصاف/ 106]. 116 - ما أقدر الله أن يدني على شحط … من داره الحزن ممّن داره صول الله يطوي بساط الأرض بينهما … حتى يرى الرّبع فيه وهو مأهول من قطعة في الحماسة رقم 827، قالها حندج بن حندج المريّ. وقوله: ما أقدر الله، لفظه التعجب، ومعناه الطلب والتمني. وكان الواجب أن يقول: ما أقدر الله على أن ... فحذف الجار. والشحط: بفتحتين، البعد، وحقه سكون الوسط. والحزن: موضع بعينه. وصول: مدينة من بلاد الخزر، لعلّ الصولي، منسوب إليها،

117 - ألا فتى من بني ذبيان يحملني … وليس حاملني إلا ابن حمال

والبساط: بفتح «الباء»، الأرض الواسعة. وقوله: يرى الربع منه: يعني بالربع، الحزن، ممن هو مقيم بصول. والبيت من شواهد الكوفيين على إبطال قول البصريين في «أفعل» في التعجب، فالبصريون يرون أنه فعل في قولنا: ما أجمل السماء! فأجمل: فعل ماض تحمل ضميرا، والسماء: مفعوله، والتقدير عندهم: شيء جمّل السماء، وهو المذهب الذي أخذ به العرب اليوم في التعليم. وأما الكوفيون، فيرون أنّ «أفعل» التعجب اسم مبني على الفتح، قال الكوفيون: ولو كان التقدير كما زعم البصريون، لكان التقدير في قولنا: «ما أعظم الله»، شيء أعظم الله، وهذا باطل؛ لأن الله عظيم لا بجعل جاعل، واستشهد الكوفيون بالبيت. وكل تخريجات البصريين التي نقضوا بها أقوال الكوفيين يمكن قبولها، إلا في هذا الموطن، فقد أمسك الكوفيون البصريين من مقتل، وأوقعوهم في حيص بيص، فأخذوا يأتون بالتأويلات الخاصة بعبارات التعجب من صفات الله خاصة، فقال البصريون: معنى قولهم: «شيء أعظم الله» أي: وصفه بالعظمة، كما يقول الرجل إذا سمع الأذان: كبّرت كبيرا، وعظمت عظيما، أي: وصفته بالكبرياء والعظمة، لا صيّرته عظيما، فما يقدّر في حال المخلوقين، ليس هو الذي يقدّر في حال الخالق. وتأويلات البصريين في رأيي غير مقنعة؛ لأن العرب لم يخصوا آلهتهم بشيء من لغتهم، وفي الإسلام اشترك الخالق والمخلوق في الألفاظ، وكان الفرق فقط في الكيفية، فالله يسمع، والمخلوق يسمع، ولكن سمع الخالق لا تعرف له هيئة، والله له يد، والعبد له يد، ولكن يد الله لا يمكن تصورها، وهكذا، والتقدير في مسألة التعجب، لا تشابه هذا التأويل؛ لأنها جعلت تقديرا للتعجب من صفات الخالق، وتقديرا للتعجب في صفات المخلوق، وهذا يوجد الالتباس عند الذين يأخذون العربية بالتعليم لا بالسليقة. [الإنصاف/ 128]. 117 - ألا فتى من بني ذبيان يحملني … وليس حاملني إلا ابن حمّال رواه المبرد في الكامل، وقال: أنشدنا أبو محلم السعدي. ألا: أداة عرض، فتى: منصوب لفعل محذوف تقديره: (ألا ترونني فتى). يحملني: أراد: يعطيني دابة تحملني إلى المكان الذي أقصده. و (حمّال): صيغة مبالغة، لحامل. والشاهد: «حاملني»، حيث لحقت «نون الوقاية» الاسم عند الإضافة إلى «ياء» المتكلم، وذلك شاذ؛ لأن هذه «النون» من خصائص الأفعال؛ لتقي آخر الفعل من الكسر. [الإنصاف/ 129، والخزانة/ 11/ 294].

118 - ولقد أغتدي وما صقع الديك … على أدهم أجش الصهيلا

118 - ولقد أغتدي وما صقع الديك … على أدهم أجشّ الصّهيلا من شواهد الإنصاف للأنباري. وصقع الديك: صاح، وهو تأكيد لقوله: أغتدي، كقول امرئ القيس: «وقد أغتدي والطير في وكناتها». على أدهم، أي: فرس أدهم، ولونه قريب من الأسود. أجشّ: الغليظ الصوت من الإنسان والخيل. ومحل الشاهد: «أجش الصهيلا»، حيث نصب الصهيل بقوله: «أجشّ»، و «أجش» صفة مشبهة، ومعمولها مقترن بالألف واللام، وبه استدل الكوفيون على أنه يجوز أن ينتصب بعد «أفعل» كل من المعرفة والنكرة؛ لأنهم يرون مجيء التمييز معرفة، أو مقترنا ب «أل». أما البصريون، فيرون أن المعرفة، أو المعرف ب «أل» بعد الصفة المشبهة، ينصب على شبه المفعولية، فرارا من القول بمجيء التمييز معرّفا ب «أل»، وإذا جاء التمييز معرفا ب «أل»، جعلوا «أل» زائدة، لا تفيد التعريف. [الإنصاف/ 134]. 119 - ولما دعاني السمهريّ أجبته … بأبيض من ماء الحديد صقيل من شواهد «الإنصاف» للأنباري. والسمهري هنا: اسم رجل، وليس الرمح السمهري، وقد يكون الرمح، إذا جعلنا الرمح هو الذي دعاه إلى الحرب، فأجابه بالسيف الأبيض؛ لأن المنازلة بالسيف أدلّ على الشجاعة. والشاهد: «أبيض»، والبيت شاهد لأنصار البصريين الذين يرون منع مجيء التفضيل من البياض، وتخريج ما جاء على وزن التفضيل، بأنه الصفة المشبهة، الذي مؤنثه فعلاء. [الإنصاف/ 154، وشرح المفصل/ 7/ 147]. 120 - فليت دفعت الهمّ عنّي ساعة … فبتنا على ما خيّلت ناعمي بال لعدي بن زيد. والشاهد: «فليت دفعت الهمّ»، حيث وقع الفعل بعد «ليت» و «ليت» تدخل على الأسماء؛ ولذلك جعل النحاة اسم «ليت» في هذا البيت محذوفا، وتقدير الكلام: «فليتك دفعت الهم»، وتكون جملة الفعل خبر ليت. ويجوز أن يكون الضمير المحذوف ضمير الشأن، وتقديره: (فليته). [الإنصاف/ 183، والهمع/ 1/ 136، وشرح أبيات المغني/ 5/ 184].

121 - لهنك من عبسية لوسيمة … على هنوات كاذب من يقولها

121 - لهنّك من عبسيّة لوسيمة … على هنوات كاذب من يقولها ويسبقه في «لسان العرب»: وبي من تباريح الصبابة لوعة … قتيلة أشواقي وشوقي قتيلها والشاهد: «لهنّك»، وللعلماء في تخريج هذه الكلمة آراء، أذكر ههنا أقربها: وهو أنها في الأصل: «لأنك» ب «لام» توكيد مفتوحة، ثم «إنّ» المكسورة الهمزة المشددة النون. والأصل أن «لام» التوكيد التي تدخل على «إنّ» المكسورة، تتأخر عن «إنّ» وما يليها فتدخل على خبرها مثل: «إنّ زيدا لمنطلق»، أو على اسمها بشرط أن يتأخر عن الخبر، كقوله تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً*. [النحل: 66، والمؤمنون: 21]، أو على ضمير الفصل الواقع بين اسمها وخبرها نحو: إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ. [آل عمران: 62]، ولا يجوز أن تقترن «اللام» ب «إنّ»، لكنه لما أبدل الهمزة من «إنّ» هاء، توهم أنها كلمة أخرى غير «إنّ». و «اللام» في «لوسيمة» زائدة. ويذكر الكوفيون هذا البيت شاهدا على جواز زيادة «لام» التوكيد على خبر (لكن) لأنّ أصلها في التركيب «إنّ» زيدت عليها «لا» و «الكاف»، فصارتا حرفا واحدا، كما زيدت على «إنّ» «اللام» و «الهاء» في قول الشاعر. [الإنصاف/ 209، والهمع/ 1/ 149، واللسان: لهن]. 122 - دعيني أطوّف في البلاد لعلني … أفيد غنى فيه لذي الحقّ محمل لعروة بن الورد، المعروف بعروة الصعاليك. والشاهد: «لعلني»، حيث وصل «نون» الوقاية ب «لعلّ»، حين أراد أن يعملها في «ياء» المتكلم، وقد زعم الأنباري في «الإنصاف» أن ذلك قليل، وأن الكثير «لعلي»، وليس كما قال .. نعم: إن حذف النون أعرف وأشهر. وبه وحده ورد القرآن الكريم لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ. [غافر: 36] [الإنصاف/ 227]. 123 - وإن كان ما بلّغت عنّي فلامني … صديقي وشلّت من يديّ الأنامل وكفّنت وحدي منذرا في ردائه … وصادف حوطا من أعاديّ قاتل قاله معدان بن جوّاس الكندي. وكفنت وحدي منذرا: يقول أصبحت فريدا لا معين لي على القيام بواجب تجهيزه، وأصبحت فقيرا لا أملك ما أكفنه فيه غير ردائه. أو يكون المعنى: قتله أعداؤه وليس معه غيري، وأعجلت عن تكفينه حسب العادة.

124 - أزهير إن يشب القذال فإنه … رب هيضل لجب لففت بهيضل

والشاهد في البيتين: «فلا مني صديقي»، و «شلّت»، و «كفنت»، و «صادف حوطا»، فإن كل واحدة من هذه الجمل خبرية لفظا إنشائية معنى؛ لأن المقصود بها الدعاء. والبيتان من شواهد البصريين على منع مجيء الفعل الماضي حالا، وأن الأفعال الماضية التي استشهد بها الكوفيون خبرية لفظا إنشائية معنى، كما في البيتين، والإنشاء لا يكون حالا في زعمهم. ولا يجيز البصريون مجيء الماضي حالا إلا إذا سبقته (قد)، إما لفظا، أو تقديرا. [الإنصاف/ 256، والحماسة/ 152]. 124 - أزهير إن يشب القذال فإنّه … رب هيضل لجب لففت بهيضل من شعر أبي كبير الهذلي، واسمه عامر بن حلس. وقوله: أزهير: النداء لابنه. والقذال: ما بين نقرة القفا وأعلى الأذن، وهو آخر موضع من الرأس يشيب شعره. وربما أطلق القذال وأريد الرأس كله من باب إطلاق الجزء على الكل. والهيضل: بزنة جعفر، الجماعة من الناس. ولجب: كثير الجلبة مرتفع الأصوات. وقوله: لففت: معناه جمعت، ويروى لفقت، ومعناه أيضا جمعت. يريد أنه جمع جيشا بجيش؛ للحرب والطعان. والشاهد: «رب» حيث جاءت مخففة بباء واحدة، ومنهم من يجعلها ساكنة؛ لأن أول المشدد ساكن، فحذف الباء الثانية. ومنهم من يجعلها مفتوحة. ويستقيم وزن البيت بالروايتين. [الإنصاف/ 285، وشرح المفصل/ 5/ 119 و 8/ 31، والخزانة/ 9/ 535]. 125 - رددنا لشعثاء الرسول ولا أرى … كيومئذ شيئا تردّ رسائله شعثاء: اسم امرأة .. والرسول: الرسالة. والشاهد: «كيومئذ»، فإن الرواية بفتح «يوم»، مع أنه مدخول حرف الجرّ. فدلّ ذلك على أنه بناه؛ لإضافته إلى المبني وهو «إذ». وتنوين «إذ» في التركيب، تنوين عوض من الجملة التي من حقّ «إذ» أن يضاف إليها. ويجوز فيها البناء بالفتح والإعراب. إن فتح، فهو منصوب، وإن سبقه حرف جر، أو مضاف، فهو مجرور بالحركة. [الإنصاف/ 289].

126 - لقد خفت حتى لا تزيد مخافتي … على وعل في ذي المطارة عاقل

126 - لقد خفت حتّى لا تزيد مخافتي … على وعل في ذي المطارة عاقل للنابغة الذبياني. والوعل: بفتح الواو وكسر العين أو سكونها، تيس الجبل. والمطارة: قال ياقوت: يجوز أن تكون الميم زائدة فيكون من طار يطير، أي: البقعة التي يطار منها، وهو اسم جبل ويضاف إليه «ذو» وعاقل، أي: متحصّن. والشاهد: «لا تزيد مخافتي على وعل»، فإن الكلام على تقدير مضاف، أي: لا تزيد مخافتي على مخافة وعل، ألا ترى أن مخافته لا تشبه بالوعل نفسه، وإنما تشبه بمخافة الوعل، وقد قالوا: إن الكلام على القلب، فإن الأصل: لا تزيد مخافة الوعل المعتصم بالجبل على مخافتي، فقلب. والتوجيه الثاني في البيت: أن تكون «لا» زائدة في قوله: «لا تزيد مخافتي»، وكأنه قال: «حتى تزيد مخافتي». [الإنصاف/ 372]. 127 - أليس قليلا نظرة إن نظرتها … إليك؟ وكلّا ليس منك قليل قاله ابن الطّثريّة، واسمه يزيد بن سلمة، والطّثرية أمه، وهي من الطّثر، حيّ من اليمن، كان من شعراء بني أمية، توفي سنة 126 هـ. والبيت من قطعة اختارها أبو تمام في الحماسة، ومطلعها: عقيليّة أمّا ملاث إزارها … فدعص وأما خصرها فبتيل تقيّظ أكناف الحمى ويظلّها … بنعمان من وادي الأراك مقيل ويفسّر معنى البيت الشاهد: قول الآخر: هل إلى نظرة إليك سبيل … فيروّى الظّما ويشفى الغليل إنّ ما قلّ منك يكثر عندي … وكثير ممّن يحبّ القليل وفي البيت الشاهد يقول: أليس قليلا نظرة منك إذا حصلت لي، ثم استدرك على نفسه ناقضا لما اعتقده فقال: كلّا، لا قليل منك. وموطن الشاهد: «كلّا»، فقد رأى الأنباري في الإنصاف أن «كلّا» بمعنى «حقّا»، وهذا المعنى قاله الكسائي ومن تابعه. [الإنصاف/ 402، والحماسة/ 1341]. 128 - فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى … بنا بطن حقف ذي قفاف عقنقل

129 - ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه … ما لم يكن وأب له لينالا

إذا قلت هاتي نوّليني تمايلت … عليّ هضيم الكشح ريّا المخلخل البيتان لامرئ القيس، حامل لواء الشّعراء في النار، لما أذاعه في الشعر من فسق، ولخروجه على قومه، واستعانته بالروم على العرب، فسنّ سنة سيئة نال جزاءها بما أرسل الله عليه من القروح. وقوله: أجزنا: قطعنا. وانتحى: اعترض. والحقف: ما اعوج وتثنىّ من الرمل. والقفاف: جمع قف بالضم، وهو ما ارتفع من الأرض وغلظ، ولم يبلغ أن يكون جبلا. والعقنقل: بوزن سفرجل، المنعقد الداخل بعضه في بعض. وليس في البيت الثاني شاهد، وإنما ذكرته؛ لأن الشاهد في البيت الأول لا يتضح إلا به، ففي أول البيت «لمّا» وتحتاج إلى جواب، أما الكوفيون فقالوا: جوابها، وانتحى، والواو مقحمة. وأما البصريون فقالوا: إن الجواب محذوف، والتقدير: لما قطعنا ساحة الحيّ وفارقناها، أمنّا من ترصّد الوشاة، أو نلنا ما كنا تمنيناه، وهذا الخلاف جار إذا كان البيت التالي ما ذكرته، ومنهم من يجعل الجواب في بيت تال للأول، وهو قوله: هصرت بفودي رأسها فتمايلت … عليّ هضيم الكشح ريّا المخلخل فيكون جواب «لما» هصرت. [الشذور/ والإنصاف/ 457]. 129 - ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه … ما لم يكن وأب له لينالا البيت لجرير يهجو الأخطل. والشاهد: «يكن وأب له»، حيث عطف قوله: «أب» بالواو على الضمير المرفوع المستتر في «يكن» وهو مذهب الكوفيين، ويرى البصريون أنه يجوز في ضرورة الشعر، فإذا كان هناك توكيد أو فصل، يجوز معه العطف من غير قبح، فتقول: اذهب أنت وأخوك، ولا تقول: اذهب وأخوك. [الإنصاف/ 476، والعيني/ 4/ 160، والهمع/ 2/ 138، والأشموني/ 3/ 114]. 130 - نصروا نبيّهم وشدّوا أزره … بحنين يوم تواكل الأبطال البيت لحسان بن ثابت. وحنين: اسم واد بين مكة والطائف، كانت به المعركة المشهورة التي ذكرها القرآن وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ. [التوبة: 25]، قال الجوهري: حنين: موضع يذكر ويؤنث، فإذا قصدت به الموضع، ذكرته وصرفته، كما في

131 - قالت أميمة ما لثابت شاخصا … عاري الأشاجع ناحلا كالمنصل

الآية. وإن قصدت به البقعة، أنثته ولم تصرفه، وبيت حسان على هذا المعنى، فهو لم يصرفه؛ لأنه لاحظ فيه معنى البقعة، ففيه العلمية والتأنيث. وكونه صرف في قراءات القرآن، فليس معناه أنه لا يمنع من الصرف، ولكن القراءة سنة متبعة، وهي لا تخالف العربية، ولكن ليس معنى هذا أن كل ما جاز في العربية جازت القراءة به، ولكن معناه أن كل ما قرئ به فهو جائز في العربية، وفرق بين الكلامين. [الإنصاف/ 494]. 131 - قالت أميمة ما لثابت شاخصا … عاري الأشاجع ناحلا كالمنصل شاخصا: من شخص بصر فلان فهو شاخص، إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف، ويكون ذلك عند الذهول أو مشارفة الموت. وقد يكون شخص بمعنى سار من بلد إلى بلد. وعاري الأشاجع: هزل وضعف. والمنصل: السيف. والشاهد: «ثابت»، حيث منعه من الصرف، وليس فيه إلا علة العلمية، وهو ضرورة شعرية. وشاهد آخر: «عاري الأشاجع»، فإن «عاري» حال من «ثابت»، مثل قوله: «شاخصا». وقد عامل الشاعر الاسم المنقوص في حال النصب معاملة الاسم المنقوص المرفوع والمجرور، فلم يظهر الحركة على آخره. [الإنصاف/ 499]. 132 - لي والد شيخ تهضه غيبتي … وأظنّ أنّ نفاد عمره عاجل تهضه: مضارع هاض العظم يهيضه هيضا، إذا كسره بعد ما كاد ينجبر، وكل وجع على وجع فهو هيض. وقد عامل الشاعر «تهضه» معاملة المجزوم وإن لم يسبقه جازم، وكان من حقّ العربية عليه أن يقول: تهيضه، إلا أنه حذف الياء للضرورة. والشاهد أيضا: «عمره»، فقد اختلس كسرة الهاء ولم يشبعها؛ وأظن ذلك لضرورة الوزن. [الإنصاف/ 519]. 133 - لتبعد إذ نأى جدواك عنّي … فلا أشقى عليك ولا أبالي قوله: لتبعد: أراد، لتهلك، فما في حياتك خير. والجدوى: العطية. ونأى: بعد. وقوله: فلا أشقى عليك ولا أبالي يريد: أن هلاكك يذهب عني ما أنا فيه من الشقاء بحياتك.

134 - فدعوا نزال فكنت أول نازل … وعلام أركبه إذا لم أنزل

ومحل الشاهد: «لتبعد»: حيث أمر المخاطب بالفعل المضارع المبدوء ب «تاء» المضارعة المقرون ب «لام» الأمر. وهو الأصل في الفعل الأمر؛ ولذلك قال الكوفيون: إن فعل الأمر معرب مجزوم. [الإنصاف/ 527]. 134 - فدعوا نزال فكنت أوّل نازل … وعلام أركبه إذا لم أنزل للشاعر ربيعة بن مقروم الضبي. قال ابن منظور: وصف فرسه بحسن الطراد فقال: وعلام أركبه إذا لم أنازل الأبطال عليه. فهذا بمعنى المنازلة في الحرب والطراد لا غير، ويدل على أن «نزال» «فدعوا نزال» بمعنى المنازلة، دون النزول إلى الأرض: قوله «وعلام أركبه إذا لم أنزل»، أي: لماذا أركبه إذا لم أقاتل عليه، أي: في حين عدم قتالي عليه. والشاهد: «فدعوا نزال»، حيث أوقع لفظ «نزال» في موقع المفعول به؛ لأنه أراد هذا اللفظ. [الإنصاف/ 536، وشرح المفصل/ 4/ 27، والحماسة/ 62]. 135 - نعاء أبا ليلى لكلّ طمرّة … وجرداء مثل القوس سمح حجولها لجرير بن عطية. ونعاء: اسم فعل أمر معناه، انع، أي: اذكر خبر موته والفجيعة فيه. والطمّرة: بكسر الطاء والميم وتشديد الراء المفتوحة، الخفيفة السريعة من الخيل. والجرداء: القصيرة الشعر، وشبهها بالقوس؛ لانطوائها من الهزال. يريد أنه كان يجهدها في الحرب حتى هزلت. وقوله: سمح حجولها: الحجل: القيد. يريد أنها مذللة خاضعة للتقييد. والشاهد: «نعاء أبا ليلى»، حيث استعمل اسم الفعل المأخوذ من مصدر الفعل الثلاثي المتصرف، وهو «نعى»، وجاء به على وزن (فعال) وبناه على الكسر، وأضمر فيه فاعلا، ونصب المفعول به بعده؛ لأن الفعل الأمر بمعناه يصل إلى المفعول به بنفسه. [سيبويه/ 2/ 37، والإنصاف/ 358]. 136 - نعاء ابن ليلى للسماحة والندى … وأيدي شمال باردات الأنامل ونعاء ابن ليلى: أي: انع ابن ليلى. قوله: وأيدي شمال: الواو للحال، والجملة الاسمية من (أيدي ... باردات): حال. أي: اذكر خبر موت ابن ليلى للجود والكرم في حال كون أيدي الشمال باردات الأنامل. وخص ريح الشمال؛ لأنها أبرد الرياح، ولأنها

137 - نعاء جذاما غير موت ولا قتل … ولكن فراقا للدعائم والأصل

هي التي يأتي معها القحط. وخصّ الأنامل، وهي أطراف الأصابع؛ لأن البرد يسرع إليها. والشاهد: «نعاء ابن ليلى»: اسم فعل أمر بمعنى «انع»، رفع فاعلا ونصب مفعولا. [سيبويه/ 2/ 37، والإنصاف/ 538]. 137 - نعاء جذاما غير موت ولا قتل … ولكن فراقا للدعائم والأصل هذا البيت للكميت بن زيد. والدعائم: جمع دعامة، وهو ما يدعم به المائل. وسموا سيد القوم دعامة من ذلك؛ لأنه الذي يقيم ما اعوج من أمورهم. يقول: انع هؤلاء القوم، واذكر الفجيعة فيهم، ولكن لا تذكر ذلك؛ لأنهم ماتوا أو قتلوا، ولكن لأنهم فارقوا سادتهم وأهل الخطر منهم، فتبدد أمرهم، وانصدع شملهم. ومحل الشاهد: «نعاء جذاما»، نعاء: اسم فعل أمر بمعنى انع، رفع فاعلا ونصب مفعولا. [سيبويه/ 1/ 139، والإنصاف/ 539، وشرح المفصل/ 4/ 5]. 138 - اسمع حديثا كما يوما تحدّثه … عن ظهر غيب إذا ما سائل سألا منسوب إلى عدي بن زيد العبادي الجاهلي، وتبدو في البيت الصنعة. والشاهد: «كما يوما تحدثه»، بنصب «تحدثه» والذي عمل فيه النصب «كما»، في مذهب الكوفيين. وفي الشاهد أيضا: أنه لا يضرّ الفصل بين «كما» والفعل، فيبقى الفعل منصوبا. [الإنصاف/ 588، واللسان «كيا»]. و «كما» هنا، أصلها: كي ما، أو كيما، حذفت منها الياء، و «ما» زائدة غير كافة. 139 - يقلّب عينيه كما لأخافه … تشاوس رويدا إنني من تأمّل قوله: تشاوس: يقال: فلان يتشاوس في نظره، إذا نظر نظرة ذي نخوة وكبر، أو هو أن ينظر بمؤخر عينه ويميل وجهه في شقّ العين التي ينظر بها، يكون ذلك خلقة، ويكون من الكبر والتيه والغضب. ورويدا: أصله تصغير الإرواد، تصغير ترخيم، وقالوا: أرود فلان في سيره إروادا، يريدون أنه تمهل في سيره وترفق. وسيبويه يرى أن «رويدا» إنما يستعمل استعمال المصادر التي تنوب عن الأفعال، تقول: رويد عليا، أي: أمهله، وتكون اسم فعل، تقول: رويدك، أي: أمهل. ويرى أيضا أنه قد يقع صفة فتقول: سار

سيرا رويدا، وإنك قد تذكر الموصوف كما في المثال، وقد تحذفه فتقول: سار رويدا. قال سيبويه: «هذا باب متصرف رويد»، تقول: رويد زيدا، وإنما تريد: أرود زيدا. وسمعنا من العرب من يقول: والله لو أردت الدراهم، لأعطيتك، رويد، ما الشعر. يريد: أرود الشعر، كقول القائل: لو أردت الدراهم، لأعطيتك فدع الشعر، فقد تبين لك أن «رويد» في موضع الفعل. ويكون «رويد» أيضا صفة، كقولك: سار سيرا رويدا. ويقولون أيضا: ساروا رويدا، فيحذفون السير ويجعلونه حالا، به وصف كلامه، اجتزاء بما في صدر حديثه من قوله «ساروا» عن ذكر السّير. ومن ذلك قول العرب: «ضعه رويدا»، أي: وضعا رويدا. ومن ذلك قولك للرجل، تراه يعالج شيئا: «رويدا» إنما تريد علاجا رويدا، فهذا على وجه الحال إلا أن يظهر الموصوف، فيكون على الحال وعلى غير الحال. اه. وعلى هذا يكون قول الشاعر في البيت الشاهد: «رويدا»، حالا من الضمير الواجب الاستتار في قوله: تشاوس. وقوله: إنني من تأمّل: أي: أنا ذلك الذي تتأمله وتنظر إليه، ومتى عرفتني، عرفت أنه ليس لك أن تنظر لي نظر الكبر والغضب. والشاهد في البيت: «كما لأخافه»، حيث زعم الكوفيون أن الفعل المضارع الذي هو «أخافه» منصوب ب «كما»، التي هي في الأصل: «كيما»، وليس هذا البيت حجة للكوفيين؛ لأنه: أولا: مروي بصورة «لكيما أخافه». وثانيا: لأن الناصب هو «اللام» في قوله: «لأخافه»؛ لأنها «لام» التعليل، وهي تنصب بنفسها عندهم، أو ب «أن» مضمرة عند البصريين، والقول بزيادة «اللام» لا دليل عليه. والثالث: أنهم يقولون: إن «كي» لا تكون إلا مصدرية مثل «أن»، فمجيء «اللام» بعدها ينقض هذه المقالة؛ لأننا لو جعلنا «اللام» توكيدا ل «كي»، لم يصح؛ لاختلاف معناهما، ف «كي» مصدرية و «اللام» للتعليل، ولو جعلنا اللام بدلا من «كي»، كانت كما في حكم الساقط من الكلام؛ لأن المبدل منه على نية الطرح من الكلام، ويكون العمل للبدل، الذي هو «اللام»، فيتعين عندهم أن تكون زائدة، وهذا ما لم يقم عليه دليل. [الإنصاف/ 589، والحماسة/ 745، والبيت لأوس بن حجر].

140 - ركاب حسيل أشهر الصيف بدن … وناقة عمرو ما يحل لها رحل ويزعم حسل أنه فرع قومه … وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل

140 - ركاب حسيل أشهر الصّيف بدّن … وناقة عمرو ما يحلّ لها رحل ويزعم حسل أنه فرع قومه … وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل الركاب: الإبل، ولا واحد لها من لفظها، وإنما واحدها: راحلة. وأشهر الصيف: مركب إضافي صدره منصوب على الظرفية. والبدّن: جمع بادن، وهو الكثير اللحم، العظيم البدن، ويقال: بادن، للمذكر والمؤنث، وربما قيل للمؤنثة: بادنة، وكنى بكون ركابه بدّنا، عن أنها لا تعمل، وقابله بقول: ما يحلّ لها رحل، أي: أنها على سفر دائما. وحسل: اسم رجل، وأصله ولد الثعلب. وحسيل: تصغيره. والشاهد: «وما أنت فرع ولا أصل»، حيث أهمل «ما» النافية، فلم يرفع بها الاسم وينصب الخبر، وإهمالها لغة تميم، وإعمالها لغة أهل الحجاز، وهي التي وردت في القرآن: ما هذا بَشَراً. [يوسف: 31]، ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ. [المجادلة: 2]، وقد نزل القرآن بلغة أهل الحجاز. وعدم وجود لغة أخرى فيه، لا يدل على ضعف هذه اللغة المتروكة، ولا على أنه لا يجوز التكلم بها، مع أن الفصيح في الاستعمال، ما جاء في الكتاب الكريم. [الانصاف/ 694]. 141 - لعمري لأنت البيت أكرم أهله … وأقعد في أفيائه بالأصائل هذا البيت من قصيدة لأبي ذؤيب الهذلي أولها: أساءلت رسم الدار أم لم تسائل … عن السكن أم عن عهده بالأوائل وقوله: أكرم: فعل مضارع من أكرم. والأفياء: جمع فيء، وهو الظلّ. والأصائل: جمع الأصيل، وهو الوقت الذي قبل غروب الشمس. والشاهد: «لأنت البيت أكرم أهله»، فإن الكوفيين يزعمون أن جملة «أكرم أهله» لا محل لها، صلة للبيت. وعندهم أن الاسم الجامد المحلى ب «أل»، مثل: البيت، والدار، والفرس، مثل الأسماء الموصولة، ك «التي والذي» في الحاجة إلى الصلة. والبصريون ينكرون ذلك لأسباب: لأن الاسم المحلى ب «أل» يدل على معنى خاص في ذاته، والاسم الموصول لا يدل على ذلك.

142 - أرتني حجلا على ساقها … فهش الفؤاد لذاك الحجل فقلت ولم أخف عن صاحبي … ألا بأبي أصل تلك الرجل

وخرجوا البيت على وجهين: الأول: «أنت»، مبتدأ. و «البيت». خبره الأول، وجملة أكرم: خبره الثاني. وتكون «أل» الداخلة على البيت؛ لاستغراق الصفات كالتي في قولهم: أنت الرجل، يريدون أنت الجامع لكل صفات الكمال التي في الرجال. وكأن الشاعر قال: أنت البيت الجامع لكل الصفات المحببة، ثم أخبر عنه مرة أخرى بقوله: «أكرم أهله». والوجه الثاني: البيت: خبر «لأنت». وأكرم أهله: صفة للبيت، وتكون «أل» الداخلة على البيت، جنسية، والمحلى ب «أل» الجنسية قريب من النكرة. وقد تكون جملة «أكرم أهله» صلة لموصول محذوف يقع صفة للبيت، والتقدير: لأنت البيت الذي أكرم أهله [الإنصاف/ 723، والهمع/ 1/ 85، والخزانة/ 5/ 484]. 142 - أرتني حجلا على ساقها … فهشّ الفؤاد لذاك الحجل فقلت ولم أخف عن صاحبي … ألا بأبي أصل تلك الرّجل هذان البيتان من المتقارب. والحجل: الخلخال. والشاهد: «الحجل، والرّجل». فإن أصل الكلمة الأولى، بكسر الحاء وسكون الجيم، وهاتان حركة وسكون البنية، وبكسر اللام وهذه حركة الإعراب، فلما أراد الشاعر الوقف، نقل كسرة اللام إلى الجيم الساكنة قبلها فصارت بزنة (الإبل)، وكذلك الكلمة الثانية. [الإنصاف/ 733، وشرح المفصل/ 9/ 71، والهمع/ 2/ 208]. 143 - علّمنا إخواننا بنو عجل … شرب النبيذ واصطفافا بالرّجل هذا بيت من الرجز المشطور، والقول فيه كالقول في سابقيه. [الإنصاف/ 734، والأشموني/ 4/ 240]. 144 - لم نرحّب بأن شخصت ولكن … مرحبا بالرّضاء منك وأهلا شخص الرجل: إذا ذهب من بلد إلى بلد. والرضاء: ضد السخط. والشاهد في البيت: «الرّضاء»، فإن أصله «الرضا» مقصورا فمدّه الشاعر؛ لإقامة الوزن. وقيل: الرضاء هو الاسم من رضي، وهو ممدود أصلا، وأما المصدر فهو «رضا» مقصورا. [الإنصاف/ 748]. 145 - حصان رزان ما تزنّ بريبة … وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

146 - إن الأمور إذا الأحداث دبرها … دون الشيوخ ترى في بعضها خللا

البيت لحسان بن ثابت، يقوله في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها. والحصان: العفيفة. والرّزان، أي: ذات ثبات ووقار، وعفاف. ما تزنّ: بالبناء للمجهول، أي: ما تتهم. وغرثى: وصف المؤنث من «الغرث» بالتحريك وهو الجوع. والغوافل: جمع غافلة، يعني أنها لا تغتاب أحدا. والشاهد: مجيء هذه الصفات: حصان، رزان من غير «تاء» التأنيث، مع أنها جارية على مؤنث، بسبب كونها غير جارية على فعل، أي جارية مجرى النسب، بمعنى ذات حصان وذات رزان، وهذا رأي البصريين. أما الكوفيون فيرون أن حذف «التاء» إنما يكون لاختصاص المؤنث به. [الإنصاف/ 759]. 146 - إنّ الأمور إذا الأحداث دبّرها … دون الشيوخ ترى في بعضها خللا الأحداث: جمع حدث، وهو الشاب الفتيّ السن. والشاهد: «إذا الأحداث دبّرها»، حيث جرد الفعل «دبرها» من «تاء» التأنيث، مع أن فاعله يعود إلى جمع تكسير، وجمع التكسير يصح أن ينظر إليه على أنه جمع، فيكون مذكرا ولو كان مفرده مؤنثا، وأن ينظر إليه على أنه جماعة، فيكون مؤنثا. ولو كان مفرده مذكرا، والوجهان جائزان في سعة الكلام. [الإنصاف/ 487]. 147 - ويلمّه رجلا تأبى به غبنا … إذا تجرّد لا خال ولا بخل البيت للمتنخل الهذلي، من قصيدة في ديوان الهذليين. وقوله: ويلمه رجلا: كلمة يتعجب بها، ولا يراد بها الدعاء. والخال: المخيلة، أي: الخيلاء. والبخل: بفتح الباء والخاء هنا، مثل البخل بضم فسكون. والشاهد: و «يلمه»، فإن أصل الكلمة: «ويل أمه»، بهمزة قطع من أصول الكلمة، فحذفوا الهمزة بقصد التخفيف؛ لكثرة الاستعمال. ولذلك لا يقاس عليها فلا تحذف مثل: «ويل أبيه»، و «ويل أخته». والخطيب التبريزي يرى أن أصل «ويلمه»: «ويل لأمه»، فالمصدر مبتدأ، والجار والمجرور خبره، وقد حذف شيئان: اللام من «ويل»، والهمزة من «أم»، قال: لفظة «ويل» إذا أضيفت بغير اللام، فالوجه فيها النصب، فتقول: «ويل زيد»، والمعنى: «ألزم الله زيدا الويل». فإذا أضيفت باللام فقيل: «ويل لزيد»، فحكمه أن يرفع فيصير ما بعده جملة ابتدئ بها، وهي نكرة؛ لأن معنى الدعاء منه مفهوم، والمعنى:

148 - ويلمه مسعر حرب إذا … ألقي فيها وعليه الشليل

الويل ثابت لزيد. [الإنصاف/ 809]. 148 - ويلمّه مسعر حرب إذا … ألقي فيها وعليه الشّليل قالته الخنساء. ويلمه .. انظر الشاهد السابق. (ويلمه ... ولا بخل). وأصل المسعر: بزنة المنبر، والمسعار: ما أججت به النار، أو ما تحرك به النار من حديد أو خشب. وقالوا: فلان مسعر حرب: إذا كان يؤرّثها، والشليل: بفتح الشين، الغلالة التي تلبس فوق الدرع. وقيل: هي الدرع الصغيرة القصيرة تكون تحت الكبيرة. وقيل: هي الدرع ما كانت. وجمعها أشلّة. والشاهد: «ويلمه»، والكلام فيها كسابقها. ومثله قول ذي الرمة: ويلمها روحة والريح معصفة … والغيث مرتجز والليل مقترب ومثله قول علقمة بن عبده، وهو في الحماسة: فويلمّ أيام الشباب معيشة … مع الكثر يعطاه الفتى المتلف النّدى وروحة ومعيشة في البيتين تمييز. يمدح علقمة أيام الشباب، وقد طاع لصاحبه الكثر، وهو كثرة المال، فاجتمع الغنى والشباب له، وهو سخيّ مبذر فيما يكسبه ذكرا جميلا وصيتا عاليا. والبيت الشاهد للخنساء. [الإنصاف/ 810، والحماسة/ 1798]. 149 - إذا اجتمعوا على ألف وواو … وياء هاج بينهم جدال البيت ليزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي، يهجو به النحويين يعني أنهم إذا اجتمعوا للبحث عن إعلال حروف العلة، ثار بينهم جدال. والشاهد فيه: «على ألف وواو وياء»، على أن أسماء حروف المعجم تعرب إذا ركبت مع العامل، وذكر اسمها لا لفظها، وإن كان بناؤها أصليا. والشاعر من قوم الحجاج، ومن معاصريه. وهذا يدل على أن الاشتغال بعلم النحو قديم بدأ في العصر الأموي؛ لأن الحجاج تولى العراق بعد سنة 74 هـ، وكان الشاعر على صلة به، بل كان الشاعر من مدّاحي سليمان بن عبد الملك أيام ولايته العهد. [شرح المفصل/ 6/ 39، والخزانة/ 1/ 110].

150 - فبيناه يشري رحله قال قائل … لمن جمل رخو الملاط ذلول

150 - فبيناه يشري رحله قال قائل … لمن جمل رخو الملاط ذلول انظر البيت في حرف الباء (نجيب)، فقد ذكره النحويون في حرف الباء. 151 - قلّما عرّس حتى هجته … بالتباشير من الصّبح الأول هذا البيت من شعر لبيد بن ربيعة. وهو شاهد على أنّ «قلّما» قد تجيء بمعنى إثبات الشيء القليل، كما في هذا البيت. والكثير أن تكون للنفي الصرف. [الخزانة/ 3/ 363]. 152 - تزال حبال مبرمات أعدّها … لها ما مشى يوما على خفّه جمل منسوب لامرأة سالم بن قحفان في قصة كرم، وقصة المثل: «عليّ الجمال وعليك الحبال». وهو شاهد على أن «تزال» جواب قسم، وحذف منه حرف النفي، أي: «لا تزال»، والقسم في بيت قبله، وهو: حلفت يمينا يا ابن قحفان بالذي … تكفّل بالأرزاق في السهل والجبل تزال ... فأعط ولا تبخل إذا جاء سائل … فعندي لها عقل وقد زاحت العلل فجملة «تزال» بتقدير «لا»: جواب القسم. ومبرمات: محكمات. وضمير «لها»: للإبل، في شعر قاله سالم بن قحفان قبل هذا. و «ما»: مصدرية ظرفية. وعقل: جمع عقال، وهو ما يربط به ركبة البعير. وزاحت: زالت. وقصة هذه الأبيات، أن سالم بن قحفان جاء إليه أخو امرأته زائرا، فأعطاه بعيرا من إبله، وقال لامرأته: هاتي حبلا يقرن به ما أعطيناه إلى بعيره، ثم أعطاه ثانيا وثالثا، فقالت: ما بقي عندي حبل، فقال: «عليّ الجمال وعليك الحبل»، وأنشأ يقول: لقد بكرت أم الوليد تلومني … ولم أجترم جرما فقلت لها مهلا فلا تعذليني بالعطاء ويسّري … لكل بعير جاء طالبه حبلا فلم أر مثل الإبل مالا لمقتن … ولا مثل أيام الحقوق لها سبلا

153 - ومتى أهلك فلا أحفله … بجلي الآن من العيش بجل

فرمت إليه خمارها وقالت: صيره حبلا لبعضها، وأنشدت تقول الأبيات. [الخزانة/ 9/ 246]. 153 - ومتى أهلك فلا أحفله … بجلي الآن من العيش بجل البيت من قصيدة للشاعر لبيد بن ربيعة، ذكر فيها أيامه ومشاهده، وما جرى له عند النعمان بن المنذر ملك الحيرة، والتأسّف على موته. قال القصيدة قبل إسلامه. والبيت شاهد على أن «بجل» كان في الأصل مصدرا بمعنى الاكتفاء، ثم صار اسم فعل بمعنى الأمر. فإن اتصلت به الكاف، كان معناه: «اكتف»، وإن اتصل به الياء، كان معناه: «لأكتف»، أمر متكلم نفسه. [الخزانة/ 6/ 246]. 154 - يتمارى في الذي قلت له … ولقد يسمع قولي حيّهل البيت للشاعر لبيد، يذكر صاحبا له في السفر، كان أمره بالرحيل. وهو شاهد على أن لبيدا سكّن «اللام» للقافية، ولا يجوز تسكين «اللام» في «حيّهلا» في غير الوقف. [الخزانة/ 6/ 258]. 155 - أتعرف أم لا رسم دار معطّلا … من العام يغشاه ومن عام أوّلا قطار وتارات خريق كأنّها … مضلّة بوّ في رعيل تعجّلا البيتان للشاعر القحيف العقيلي، من شعراء الجاهلية. معطلا: صفة رسم، أي: خاليا من السكان. من العام. أي: هذا العام. ومن عام أول: العام السابق. قطار: فاعل يغشاه، والقطار: جمع قطر، وهو المطر. وتارات: جمع تارة، بمعنى مرة. والخريق: الريح الباردة الشديدة الهبوب. شبه الريح العاصفة في رسم الدار بناقة أضاعت ولدا في جمع خيل أسرع ومضى، فهي والهة تريد اللّحاق إليه، فتسرع بأشدّ ما يمكنها. والبوّ: جلد الحوار، أي: ولد الناقة يحشى إذا مات، فتعطف عليه الناقة فتدرّ. والرعيل: الجماعة من الخيل. وفي البيتين شاهد على أن الشاعر قد فصل بالظرف (تارات) بين العاطف، وهو «الواو»، وبين المعطوف، وهو «خريق»، والأصل: قطار وخريق تارات. [الخزانة/ 5/ 131، وحاشية ياسين على التصريح ج 2/ 163، ونوادر أبي زيد/ 208].

156 - ألا حييا ليلى وقولا لها هلا … فقد ركبت أمرا أغر محجلا

فائدة: الفرق بين العام والسنة؟ قال البغدادي في خزانة الأدب ج 5/ 132، قال ابن الجواليقي: السنة: من أيّ يوم عددته إلى مثله. والعام: لا يكون إلا شتاء وصيفا. وفي «التهذيب» العام حول يأتي على شتوة وصيفة، وعلى هذا، فالعام أخصّ من السنة، وليس كل سنة عاما. أقول: وقد تكون السنة عاما إذا تضمنت الشتوة والصيفة. قال: وإذا عددت من يوم إلى مثله فهو سنة، وقد يكون فيه نصف الصيف ونصف الشتاء، والعام لا يكون إلا صيفا وشتاء متواليين، اه. أقول: وفي هذا إشكال لم أفهمه: لأنني أفهم من هذا، أنّ التواريخ التي نعدها لا تكون إلا سنوات، سواء أكانت بالتقويم الهجري، أم بالتقويم الميلادي؛ لأن السنة الهجرية ليس لها بداية ثابتة. والسنة الميلادية تبدأ في كانون الثاني، وهو في منتصف الشتاء. ومعنى هذا أن التقويم الشمسي لا يكون إلا سنة، لأنه لا يكون فيه شتاء كامل، ويكمل فيه الربيع والصيف والخريف فقط، أما السنة الهجرية فقد تصادف أول الشتاء، فيكون فيها صيف وهذا نادر؛ ولهذا لا يكون فيما نقوم به إلا «السنة»، ونقول: «العام»، إذا تحدثنا عن عام زراعة، أو مناخ، أو تجارة ... الخ. وبناء على هذا كيف نفسر قوله تعالى: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً؟ [العنكبوت: 14]. 156 - ألا حيّيا ليلى وقولا لها هلا … فقد ركبت أمرا أغرّ محجّلا البيت للنابغة الجعدي، من أبيات في هجاء ليلى الأخيليّة. وقوله: حييا ليلى، أي: أبلغاها تحيتي على طريق الهزء والسخرية. وقوله: فقد ركبت: أراد أنها ركبت بسبب التعرض لي أمرا واضحا ظاهرا لا يخفى، وهذا يقال في كل شيء ظاهر عرف كما يعرف الفرس الأغرّ المحجل. والشاهد: «هلا» بمعنى: اسكني، اسم فعل أمر، وقد تكون اسم صوت؛ لزجر الدابة،

157 - سمعت الناس ينتجعون غيثا … فقلت لصيدح انتجعي بلالا

والخيل، والناقة. وقصة ليلى الأخيلية دخلها الكثير من الوضع والكذب، فلا تصدقنّ كل ما قيل فيها. [الخزانة/ 6/ 238]. 157 - سمعت الناس ينتجعون غيثا … فقلت لصيدح انتجعي بلالا البيت للشاعر ذي الرّمة من قصيدة مدح بها بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري. وصيدح: اسم ناقة ذي الرمّة. والبيت شاهد على أن الفعل التالي لاسم العين بعد «سمع» يجوز أن لا يكون بمعنى النطق، كما في البيت، فإن الانتجاع، هو التردد في طلب العشب والماء، وليس قولا، والمسموع: مطلق الصوت، سواء أكان قولا أم حركة، فإن المشي فيه صوت تحريك أقدام، وكذا الانتجاع. [الخزانة/ 9/ 167]. 158 - أبو موسى فحسبك نعم جدّا … وشيخ الحيّ خالك نعم خالا من قصيدة لذي الرّمة، يمدح بلال بن أبي بردة. وهو شاهد على أنه قد يكون فاعل «نعم» ضميرا مفسّرا بنكرة مع تقدم المخصوص بالمدح، فإن «أبو موسى» هو المخصوص، وفاعل نعم ضمير فسّره بقوله: «جدّا»، وكذا المصراع الثاني، فإن «شيخ الحيّ» هو المخصوص، و «خالك» بدل منه. [الخزانة/ 9/ 390]. 159 - بدت قمرا ومالت خوط بان … وفاحت عنبرا ورنت غزالا البيت للمتنبي. وهو شاهد على أن «قمرا» وما بعده من المنصوبات، أحوال مؤولة بالمشتق، أي: بدت مضيئة كالقمر، ومالت منثنية، وفاحت طيّبة، ورنت مليحة. [الخزانة/ 3/ 222]. 160 - وكلّ أبيّ باسل غير أنني … إذا عرضت أولى الطرائد أبسل البيت للشاعر الشّنفرى، من قصيدته المشهورة التي تسمى لامية العرب، ومطلعها: أقيموا بني أمّي صدور مطيّكم … فإني إلى قوم سواكم لأميل وقوله: أقيموا صدور مطيكم، أي: جدوا في السير، أو جدوا في أموركم كلها، يؤذن قومه بالرحيل، وأن غفلتهم عنه توجب مفارقتهم. وقوله: أميل، أي: مائل، وقوله في

161 - لعاب الأفاعي القاتلات لعابه … وأري الجنى اشتارته أيد عواسل

الشاهد: «وكلّ أبيّ»، يريد الوحوش التي فضّل صحبتها على الأهل في بيت سابق. وباسل: شجاع. وأبسل: اسم تفضيل. والبيت شاهد على أن «غير»، تستعمل في الاستثناء المتصل. [الخزانة/ 3/ 340]. 161 - لعاب الأفاعي القاتلات لعابه … وأري الجنى اشتارته أيد عواسل البيت لأبي تمام، من أبيات يصف بها القلم، ويمدح محمد بن عبد الملك الزيات، وفي الشطر الأول يصف أثر القلم في الأعداء، وفي الشطر الثاني يبين أثره في الأصدقاء. والبيت شاهد على أنّ المبتدأ والخبر إذا تساويا تعريفا وتخصيصا، يجوز تأخير المبتدأ، إذا كان هناك قرينة معنوية على تعيين المبتدأ. والتقدير في البيت: لعابه مثل لعاب الأفاعي. [الخزانة/ 1/ 445]. هذا، والإمام الرضيّ، صاحب شرح الكافية، يرى جواز الاستشهاد بشعر أبي تمام في المسائل النحوية واللغوية، فهو يرى تبعا للزمخشري، أن ما يقوله أبو تمام، بمنزلة ما يرويه، وقد وثّق العلماء مروياته في كتاب الحماسة، واعتمدوا عليها في كتب النحو واللغة، وهو رأي وجيه ومقبول، ولكنّ علماء آخرين رفضوا هذا الرأي؛ لئلا يتسع الاستشهاد بأشعار من أسموهم المولدين، وليسوا مستوين في الفصاحة. 162 - أكرم بها خلّة لو أنّها صدقت … موعودها أو لو أنّ النّصح مقبول لكعب بن زهير، من قصيدة «بانت سعاد». والشاهد في: «لو» الثانية فإنّ خبر «أنّ» بعدها وصف مشتق، لا فعل، وجاء خبر «أنّ» في الشطر الأول، فعلا ماضيا مع فاعله. وأكرم: فعل تعجب، و «به»: فاعل، والباء. زائدة. خلة: تمييز. وصدق: يأتي متعديا كما في هذا البيت، حيث نصب المفعول «موعود». هذا، وقصة لقاء كعب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومدحه بهذه القصيدة لم تثبت، وليس فيها سند صحيح. [الخزانة/ 11/ 308]. 163 - أأبكاك بالعرف المنزل … وما أنت والطلل المحول وما أنت ويك ورسم الديار … وستّوك قد كربت تكمل

164 - كلانا إذا نال شيئا أفاته … ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل

البيتان للكميت بن زيد. والعرف: مكان. وما أنت: استفهام توبيخي. والمحول: الذي مضى عليه حول. ويك: كلمة تفجّع، أصلها ويلك. وكرب: من أخوات كاد. والشاهد في البيت الثاني، أنّ العدد الذي آخره النون، يضاف إلى صاحبه، أكثر من إضافته إلى المميز، أي: قرب أن يكمل ستون سنة من عمرك. [الخزانة/ 3/ 267]. 164 - كلانا إذا نال شيئا أفاته … ومن يحترث حرثي وحرثك يهزل هذا البيت، نسبه بعضهم لامرئ القيس من معلقته، ورواه الأكثرون للشاعر تأبط شرّا، والأقوى أنه للأخير؛ لأنه رابع أربعة أبيات تحكي قصة لقاء الشاعر مع الذئب. قال البغدادي في «الخزانة»: وهذا الشعر أشبه بكلام اللص والصعلوك، لا بكلام الملوك. وقصة لقاء الشعراء بالذئب تتعدد في الشعر العربي. فالفرزدق له أبيات في قصته مع الذئب، والبحتري له قصة طريفة، مثبتة في ديوانه. وقبل البيت: وواد كجوف العير قفر قطعته … به الذئب يعوي كالخليع المعيّل فقلت له لما عوى إنّ شأننا … قليل الغني إن كنت لمّا تموّل وجوف العير: مثل لما لا ينتفع منه بشيء. والخليع: الذي خلعه أهله لجناياته. والمعيّل: الكثير العيال. ولما تموّل: لما النافية التي تجزم المضارع. ومعنى البيت الشاهد: من طلب مني ومنك شيئا، لم يدرك مراده. وقيل معناه: من كانت صناعته وطلبته مثل طلبتي وطلبك في هذا الموضع، مات هزالا؛ لأنهما كانا بواد لا نبات فيه ولا صيد. والشاهد: «أنّ كلا، وكلتا» لو كانتا مثنيين حقيقة، لم يجز عود ضمير المفرد إليهما، كما عاد ضمير «نال» المفرد إلى «كلا» في هذا البيت، فلما عاد إليها الضمير المفرد، علم أنها مفردة لفظا مثناة معنى، فعاد إليها باعتبار اللفظ، وهو الكثير. ويجوز أن يثنى الضمير العائد إليها باعتبار المعنى. [الخزانة/ 1/ 134]. 165 - وقد أغتدي والطير في وكناتها … بمنجرد قيد الأوابد هيكل البيت من معلقة امرئ القيس. وهو شاهد على أنه يخرج عن تعريف الحال (كونه يبين الهيئة)، الحال التي هي جملة بعد عامل وليس معه ذو حال، فجملة (والطير في

166 - كدأبك من أم الحويرث قبلها … وجارتها أم الرباب بمأسل

وكناتها): حال، وعاملها «أغتدي»، ولكن فاعل «اغتدي» ليس صاحب الحال؛ لأن جملة الحال لا تبيّن هيئته. [الخزانة/ 3/ 156]. 166 - كدأبك من أم الحويرث قبلها … وجارتها أمّ الرّباب بمأسل من معلقة امرئ القيس. قوله: كدأبك: الدأب، العادة، وأصلها متابعة العمل والجدّ في السعي. والكاف تتعلق بقوله: «قفا نبك»، في البيت الأول، كأنه قال: قفا نبك كدأبك في البكاء، فهي موضع مصدر، والمعنى: بكاء مثل عادتك. ويجوز أن تتعلق بقوله: «وإنّ شفائي عبرة»، والتقدير: كعادتك في أن تشفى من أم الحويرث. والباء في قوله: بمأسل، متعلق بدأبك، كأنه قال: كعادتك بمأسل، وهو جبل. وقوله: «كعادتك» خبر مبتدأ محذوف. والتقدير: عادتك في حبّ هذه كعادتك في تينك. [الخزانة/ 3/ 223]. 167 - فألحقه بالهاديات ودونه … جواحرها في صرّة لم تزيّل البيت لامرئ القيس، يصف سرعة فرسه وقد لحق بمقدمة السرب. وهو شاهد على أن قوله: «ودونه جواحرها» جملة حالية لا الظرف وحده. ولو كانت الحال الظرف فقط، لامتنعت الواو، فإنها لا تكون مع الحال المفردة. [الخزانة/ 3/ 241]. 168 - كأنّ ثبيرا في عرانين وبله … كبير أناس في بجاد مزمّل من معلقة امرئ القيس. وثبير: جبل عند مكة. يقول: كأنّ ثبيرا في أوائل مطر هذا السحاب سيد أناس ملتف بكساء مخطط. والبيت شاهد على أن قوله: «مزمل» انجرّ لمجاورته ل «أناس» تقديرا لا ل «بجاد»؛ لتأخره عن «مزّمل في الرتبة». وأصله: كبير أناس مزمل في بجاد. وقيل: هو صفة حقيقية ل «بجاد»، والأصل: بجاد مزمّل فيه. ثم حذف حرف الجر، فارتفع الضمير واستتر في اسم المفعول. [الخزانة/ 5/ 98]. 169 - فو الله لولا أن أجيء بسبّة … تجرّ على أشياخنا في القبائل

170 - وأهلة ود قد تبريت ودهم … وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلي

لكنّا اتبعناه على كلّ حالة … من الدّهر جدّا غير قول التهازل هذان البيتان من القصيدة المنسوبة لأبي طالب عم النبي صلّى الله عليه وسلّم، قالها في الشّعب لما اعتزل مع بني هاشم وبني المطلب، ومنها أبيات في مدح النبي صلّى الله عليه وسلّم. وقلت: منسوبة؛ لأن المروي في كتب السيرة والتاريخ يزيد على مائة بيت، ويظهر أن أصلها أقلّ من هذا العدد. قال ابن سلام في «الطبقات»: «وكان أبو طالب شاعرا جيد الكلام، وأبرع ما قال، قصيدته التي مدح فيها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهي: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ربيع اليتامى عصمة للأرامل وقد زيد فيها وطولت. وقد علمت أن قد زاد الناس فيها، فلا أدري أين منتهاها، وسألني الأصمعي عنها، فقلت: صحيحة جيدة. قال: أتدري أين منتهاها، قلت: لا أدري. والشاهد في البيت الثاني أن المصدر المؤكد لغيره يكون في الحقيقة مؤكدا لنفسه؛ لأنه إما مع صريح القول، كقوله تعالى: ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ. [مريم: 34]، أو ما هو في معنى القول، كما في هذا البيت. فإن قوله: «جدّا». مصدر مؤكد لما يحتمل غيره، فإن قوله: «اتبعناه»، يحتمل أن يكون قاله على سبيل الجدّ، وهو المفهوم من اللفظ، وأن يكون قاله على طريق الهزل، وهو احتمال عقلي. فأكد المعنى الأول، بما هو في معنى القول؛ لأنه أراد به «قولا جدا»، والقرينة عليه ما بعده، فإن قول التهازل، يقابل قول الجد، فكان الأولى أن يقول: قول جدّ، بالإضافة؛ ليناسب ما بعده، فيكون لما حذف المضاف أعرب المضاف إليه بإعرابه. وغير: بالنصب، صفة لقوله: «جدا». وقوله: «لكنا اتبعناه»، جواب القسم، ويروى: «إذن لاتبعناه»، والضمير في «اتبعناه» راجع للنبي صلّى الله عليه وسلّم. [الخزانة/ 2/ 56]. 170 - وأهلة ودّ قد تبرّيت ودّهم … وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلي البيت للشاعر أبي الطمحان القيني، واسمه حنظلة بن الشّرقيّ، أدرك النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأسلم ولم يره، وهو صاحب أمدح بيت قيل في الجاهلية، وهو:

171 - فلما تنازعنا الحديث وأسمحت … هصرت بغصن ذي شماريخ ميال فصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا … ورضت (فذلت) صعبة أي إذلال

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم … دجى الليل حتى نظّم الجزع ثاقبه وقوله: تبرّيت ودّهم، أي: تعرضت له لأختبره، أو كشفت وفتشت. يريد أنه فتش عن صحة ودّهم؛ ليعلمه فيجزيهم به. وأبليتهم: أوصلتهم ومنحتهم. والبليّة: المنحة تارة، والمحنة أخرى. والجهد: بفتح الجيم وضمها: الوسع والطاقة. والبيت شاهد على أن «أهل» الوصف، يؤنث ب «التاء» كما في البيت، حيث قال: «وأهلة»، وأهلة ودّ: صفة لموصوف محذوف، أي: جماعة مستأهلة للود، أي: مستحقة له. هذا وقد أنكر بعضهم «استأهل» بمعنى: «استحقّ»، ولكن الأزهري في «التهذيب» أثبته وقال: إنه سمعه من أعرابي. والعامة تقول: أنا «أستاهل»، بالتسهيل دون همز، وهو «يستاهل». [الخزانة/ 8/ 91]. 171 - فلما تنازعنا الحديث وأسمحت … هصرت بغصن ذي شماريخ ميّال فصرنا إلى الحسنى ورقّ كلامنا … ورضت (فذلّت) صعبة أيّ إذلال البيتان لامرئ القيس الفاسق الكاذب؛ لأنّ من يقرأ شعره يظنّ أن بنات العرب كنّ طوع بنانه، ورهن إشارة منه. فإما أن يكون هذا من خيال الشاعر وأحلامه التي لم تتحقق، وإما أن يكون الشعر مصنوعا مكذوبا عليه، فالعربيات كنّ عفيفات، لا ينقدن لغير بعولتهن، ويؤخذ هذا من حديث مبايعة النساء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم فتح مكة، عند ما قال رسول الله: «ولا يزنين»، فقالت هند بنت عتبة متعجبة: أو تزني الحرّة؟! والشاهد في البيت الثاني: أنّ «صار»، تامة و «نا» فاعلها، أي: رجعنا. ورضت، أي: ذللت. وصعبة: مفعوله. وقوله: أيّ إذلال: مفعول مطلق، عامله: رضت؛ لأنه بمعنى: أذللت. [الخزانة/ 9/ 187]. 172 - لله درّ أنو شروان من رجل … ما كان أعرفه بالدّون والسّفل

173 - يسقون من ورد البريص عليهم … بردى يصفق بالرحيق السلسل

مجهول القائل. وأنو شروان: أشهر ملوك الفرس. في أيامه ولد النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهو الذي قتل مزدك الزنديق، وبنى الإيوان المشهور، الذي انشقّ؛ لولادة النبي صلّى الله عليه وسلّم. وقوله: ما كان أعرفه: كان زائدة، بين «ما» وفعل التعجب. والدون: الرديء. والسّفل: بكسر السين، وفتح الفاء، جمع سفلة، بكسر الأول وسكون الثاني. والبيت شاهد على أنّ قوله: «من رجل»، تمييز عن النسبة الحاصلة بالإضافة. [الخزانة/ 3/ 285]. 173 - يسقون من ورد البريص عليهم … بردى يصفّق بالرحيق السّلسل البيت لحسان بن ثابت، يمدح الغساسنة في الجاهلية. وهو شاهد على أنه قد يقوم المضاف إليه مقام المضاف في التذكير؛ لأنه أراد «ماء بردى»، ولو لم يقم مقامه في التذكير، لوجب أن يقال تصفق ب «التاء» للتأنيث؛ لأن بردى من صيغ المؤنث، فأرجع الشاعر ضمير يصفق إلى ماء بردى المحذوف. وهذا من أوهامهم التي يبنونها على رواية لها أخت تنقضها، ولكنهم لم يطلعوا عليها، فقد روي البيت: «كأسا تصفّق بالرحيق السلسل»، وليس كلّ الغساسنة كانوا يشربون من نهر بردى، وربما كانوا بعيدين عنه، فالغساسنة كانوا يسكنون أراضي حوران والجولان، وأما دمشق، فقد كانت عند الفتح الاسلامي بيد الروم. وفي السيرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتب إلى ملك غسّان في بصرى، ولا يصل نهر بردى إلى ديار بصرى. 174 - ما بكاء الكبير بالأطلال … وسؤالي وما يردّ سؤالي مطلع قصيدة للأعشى، وهو شاهد على أنّ «الباء» «بالأطلال» للظرفية، أي: في الأطلال، وأراد بالكبير: نفسه، وعذلها بالوقوف على الأطلال وسؤاله إيّاها، ثم رجع وقال: وما يردّ سؤالي؟ يقول: ما بكاء شيخ كبير مثلي في طلل، ويبدو أن البيت مضمّن في البيت التالي، وهو: دمنة قفرة تعاورها الصّي … ف بريحين من صبا وشمال والدمنة: ما اجتمع من التراب والأبعار وغير ذلك، فتعاوره الصيف بريحين مختلفين، وهما الصبا، ومهبها من ناحية الشرق، والشّمال، ومهبها من القطب الشمالي إلى

الجنوب، والجنوب من رياح اليمن، وفي قوله في نهاية البيت الأول: «وما يردّ سؤالي»، و «دمنة»، في مطلع البيت الثاني، أقوال لا بأس بإيجازها؛ لما فيها من التدريب للعقل على التفسير والربط. نقل البغدادي في خزانته/ 9/ 512، عن كتاب الشعر لأبي علي قوله: فأما قوله: «وما يردّ سؤالي دمنة قفرة»، فإنّ «ما» تحتمل ضربين: أحدهما: أن تكون استفهاما في موضع نصب، كأنه قال: أيّ يرجع عليك سؤالك من النفع. وقد يقال: عاد عليّ نفع من كذا، وردّ علي كذا نفعا، ورجع عليّ منه نفع، ويكون «دمنة»، منتصبا بالمصدر الذي هو «سؤالي»، والبيت على هذا مضمّن. والآخر: أن يكون «ما» نفيا، كأنه قال: ما يردّ سؤالي، أي: جواب سؤالي، «دمنة» ف «الدمنة» فاعل «يرد»، والتقدير: «وما يردّ جواب سؤالي دمنة» والبيت على هذا مضمّن أيضا؛ لأن الفاعل الذي هو «دمنة»، فعله في البيت السابق، فيجوز أن يقول: «وما تردّ»، فيؤنث على لفظ «دمنة»، ويذكّر على المعنى. وقال ابن السّيد البطليوسي في «شرح أدب الكاتب»: وسؤالي فهل تردّ سؤالي، ويروى: «فما تردّ»، و «لا تردّ»، ويروى بالتاء والياء، فمن روى: «فهل تردّ»، على لفظ التأنيث، رفع «دمنة»، وجعلها فاعلا، وجعل «سؤالي» مفعولا بتقدير مضاف، أي: فهل تردّ جواب سؤالي دمنة. ومن روى: «فهل يردّ»، بلفظ التذكير، نصب «دمنة» مفعولا، وجعل «سؤالي» فاعلا، ومعناه: إنّ سؤالي لا يردّ الدمنة إلى ما كانت عليه، ومن روى: «ما» واعتقد أنها نفي، جاز أن يقول: «تردّ» بلفظ التأنيث، ويرفع دمنة لا غير، وجاز أن يقول: «يردّ»، بلفظ التذكير، وينصب دمنة إن شاء، ويرفعها إن شاء. وإن اعتقد أن «ما» استفهام، قال: «يردّ»، على لفظ التذكير، وجعل «ما» في موضع نصب ب «يرد»، و «سؤالي» في موضع رفع، ونصب «دمنة» بسؤالي لا غير. ومن روى: «ولا يردّ سؤالي»، على لفظ التذكير، نصب «دمنة»، وإن شاء رفعها. ومن روى: «ولا تردّ»، على لفظ التأنيث، رفع دمنة لا غير. قلت: وهذه التأويلات التي ذكرها العلماء، تقدم لنا ذخيرة من الأساليب التعبيرية، ولكنها لا تضع يدنا على ما قاله الشاعر. فالأعشى نطق بواحد من هذه الأساليب، وأراد

معنى معينا أوحت به عبارته التي نطق بها، فماذا قال الشاعر؟ وما المعنى الذي كان في نفسه؟ هذا الذي نريده؛ لأنه يربط بين المعنى والحال النفسية للشاعر، ويربط أيضا بين الشاعر والقارئ. وكلّ التأويلات التي ذكروها تنصّ على أن البيت الأول مضمّن في البيت الثاني، والتضمين يعدونه من عيوب الشعر، وقد استدل به بعضهم على أنّ العرب يرون أن البيت وحدة القصيدة؛ لأنهم يرون التضمين عيبا. قلت: وهذا استدلال لا يصحّ، وإنما عابوا التضمين؛ لأنه يفسد الإنشاد ويجبر القارئ على إنشاد بيتين متتاليين في نفس واحد؛ لإيصال المعنى، فهم يرون أن البيت الواحد يؤدي معنى جزئيا يمكن الوقوف عليه، ولكنه يحتاج إلى غيره، ويحتاج غيره إليه؛ لتكوين الصورة العامة للمعنى العام الذي يريد الشاعر أن يوصله عن طريق القصيدة كلها. والبيتان المذكوران من قصيدة الأعشى، ليس بينهما تضمين. فالشاعر في البيت الأول يريد أن يقول: إن بكاء الشيخ على الأطلال ليس مناسبا لحاله، فعليه أن ينشغل من الذكريات بغيره، ويتابع سؤاله الاستنكاري قائلا: وما سؤالي الأطلال عن ذكريات الصبا؟ وماذا ينفع سؤالي؟ والمسئول عنه هنا محذوف تقديره: وما سؤالي الأطلال؟ وماذا يفيدوني سؤال الأطلال؟ ثم يستأنف في البيت الثاني قائلا: دمنة قفرة، والتقدير: هي دمنة قفرة متبقية من آثار من كنت أعرف. فهو لا يريد أن يسأل الدمنة، ولا يريد أن يقول إن الدمنة لا ترد جواب سؤاله. وإنما أراد أن يخبر عن حال ما تبقى من الآثار. ولهذا الشاهد قصة أدبية طريفة، قد تصدق، وقد تكذب، ولكنها لا تخلو من فائدة أدبية: روى نقلة الأخبار، أن طليحة الأسدي (توفي حوالي 21 هـ) كان شريفا، وكان يفد على كسرى، فيكرمه ويدني مجلسه. قال طليحة: فوفدت على كسرى مرّة (لا نعلم أيّ كسرى) فوافقت عيدا من أعياد الفرس، فحضرت عند كسرى في جملة من حضر من أصحابه، فلما طعمنا وضع الشراب فطفقنا نشرب، فغنّى المغني:

لا يتأرّى لما في القدر يطلبه (¬1). فقال كسرى لترجمانه: ما يقول؟ ففسره له، فقال كسرى: هذا قبيح، ثم غنّاه المغني: أتتك العيس تنفخ في براها (¬2). فقال كسرى لترجمانه: ما يقول؟ فقال: لا أدري، فقال بعض جلسائه: «شاهنشاه، أشتر أف أف»، معناه: يا ملك الملوك، هذا جمل ينفخ. وأشتر بلغتهم: الجمل. وأف، حكاية النفخ. قال طليحة: فأضحكني تفسيره العربية بالفارسية. [يلاحظ أن كسرى لم يعلق على معنى الغناء]. قال: ثم غناه المغني بشعر فارسيّ لم أفهمه، فطرب كسرى، وملئت له كأس، وقام فشربها قائما، ودارت الكأس على جميع الجلساء. قال طليحة: «وكان الترجمان إلى جانبي، فقلت له: ما هذا الشعر الذي أطرب الملك هذا الطرب؟ فقال: خرج يوما متنزها، فلقي غلاما حسن الصورة، وفي يمينه ورد، فاستحسنه وأمر أن يصنع له فيه شعر، فإذا غناه المغني ذلك الشعر طرب، وفعل ما رأيت. فقلت (طليحة): ما في هذا مما يطرب حتى يبلغ فيه هذا المبلغ؟ فسأل كسرى الترجمان عما حاورني فيه، فأخبره. فقال: قل له: إذا كان هذا لا يطرب، فما الذي يطربك أنت؟ فأدى إليّ الترجمان قوله، فقلت: قول الأعشى: ما بكاء الكبير بالأطلال ... البيت فأخبره الترجمان بذلك، فقال كسرى: وما معنى هذا؟ فقلت: هذا شيخ كبير مرّ بمنزل محبوبته فوجده خاليا قد عفا وتغيّر، وجعل يبكي. فضحك كسرى وقال: ¬

_ (¬1) هذا شطر بيت، تمامه كما في الأصمعيات: «ولا يزال أمام القوم يقتفر»، وهو من قصيدة لأعشى باهلة (عامر بن الحارث) يرثى فيها أخاه لأمه، المنتشر بن وهب. ومعنى يتأرى: يتحبس، يمدح المرثي بأن همته ليست في المطعم والمشرب، وإنما همته في طلب المعالي. ويقتفر: من الاقتفار، وهو اتباع الأثر، أي يقدم قومه ويتعرف لهم الأثر. (¬2) شطر ببيت تمامه: «تكشف عن مناكبها القطوع»، والبيت منسوب لعبد الرحمن بن الحكم، أو زياد الأعجم، وهما إسلاميان من العصر الأموي، لم يشهدا عصر كسرى، وينسب البيت لأعشى ميمون. [اللسان - قطع].

175 - وأوقدت ناري كي ليبصر ضوؤها … وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله

وما الذي يطربك من شيخ واقف في خربة وهو يبكي؟ أو ليس الذي أطربنا نحن أولى بأن يطرب له. قال طليحة: فثقل عليه جانبي بعد ذلك» اه. [الخزانة/ 9/ 514]. قلت: وعلى هذه القصة تعليقات وأسئلة؟ 1 - قوله: كسرى، ولا نعلم من كسرى الذي كان في هذه القصة، فإن كسرى لقب، وليس اسما، وكان كسرى نفق في العهد النبوي، وتولى ابنه شيرويه. فأيهما كان كسرى؟ 2 - قوله: «فتغنىّ المغني ... الخ بشعر عربي في حضرة كسرى. فهل كان يغني المغنون في بلاط كسرى بالعربية. وفي عيد من أعياد الفرس؟ 3 - طليحة الأسدي توفي سنة 21 هـ، وهو الذي قدم على النبي صلّى الله عليه وسلّم سنة 9 هـ وأسلم، ثم ارتد بعد رجوعه إلى موطنه. وعاد إلى الإسلام في زمن عمر، وشارك في معارك الفتح، واستشهد بنهاوند. 4 - يبدو في القصة الفرق بين الذوق العربي في الغزل، والوقوف على الأطلال، والذوق الفارسي، أو الذوق المولّد في العصر العباسي الذي كان يهتم بالولدان. 5 - ومهما كان من أمر هذه القصة، فهي قابلة للأخذ والردّ والنقد، وأترك للقارئ إعمال الفكر النقدي فيها. 175 - وأوقدت ناري كي ليبصر ضوؤها … وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله نسبوا البيت لحاتم الطائي، ونسب لأبي حية النميري، وهو بهذه الرواية ردّ على الكوفيين في زعمهم أن «كي» ناصبة دائما، فإنها لو كانت ناصبة، لما جاز الفصل بينها وبين الفعل ب «اللام»، وإنما هي هنا بمعنى «اللام»، وسهل ذلك اختلاف اللفظين، والنصب إنما هو ب «أن» المضمرة بعد «اللام» مثل قول الطرماح: كادوا بنصر تميم كي لتلحقهم … فيهم فقد بلغوا الأمر الذي كادوا وخلاصة ما قالوه: أنّ «كي» في مثل هذا الموضوع تكون جارة، و «اللام» بعدها

176 - أبى جوده «لا» البخل واستعجلت به … نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله

مؤكدة، والظاهر أن مكان الشاهد مصنوع، ولو قلنا: «كي يبصّر ضوؤها»، لاستقام، وعلى كل حال، فإن البيت يروى في الحماسة بوجه آخر لا شاهد فيه، وهو: فأبرزت ناري ثم أثقبت ضوءها … وأخرجت كلبي وهو في البيت داخله وأثقبت النار: أوقدتها حتى سطعت ولاحت. وإنما أخرج كلبه؛ لينبحه فيستدل بنبحه إليه. وقوله: وهو بالبيت: مبتدأ وخبر، وداخله: بدل من الجار والمجرور. [الأشموني/ 3/ 280، وشرح أبيات المغني/ 4/ 160]. 176 - أبى جوده «لا» البخل واستعجلت به … نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله لم يعرفوا قائله. والبيت مدح لكريم، وأنه لا يلفظ كلمة «لا»، بل تسبقها كلمة «نعم» ولو كان في الجود قتله. وذكره ابن هشام على أن «لا» زائدة، على وجه من أوجه روايات كلمة «البخل». وفي البخل «وجهان»: النصب والجر. ومحصل ما قيل في النصب ثلاثة أقوال: الأول: كون «لا» زائدة، والبخل مفعول به. الثاني: كون «لا» اسما، والبخل بدل. الثالث: كون «لا» اسما، والبخل مفعول لأجله. وأما الجر «جرّ البخل» فتكون «لا» اسما أريد به اللفظ، وهو مضاف، والبخل مضاف إليه. ومعنى استعجلت به، أي: سبقت. وقوله: «لا يمنع الجود قاتله»، أراد إنّ الجود وإن قتله لا يمنع. ف «قاتله» منصوب على الحال، أي: لا يمنع الجود في حال قتله إياه؛ لأن الجود يفقره. ويجوز أن ينصب «قاتله» على أنه مفعول، أي: لا يمنع من يريد أن يقتله الجود. [شرح أبيات المغني/ 5/ 20]. 177 - وقائلة تخشى عليّ أظنّه … سيودي به ترحاله وجعائله البيت للشاعر ذي الرّمة. ولكن قافية البيت في شعره بائية، (ومذاهبه) بدل (وجعائله).

178 - ويوما شهدناه سليما وعامرا … قليلا سوى الطعن النهال نوافله

أما رواية ابن هشام فهي: (وجعائله). وقائلة: معطوف بالجر على مدخول «ربّ» في بيت سابق. والشاهد أن جملة «تخشى عليّ» حال من ضمير «قائلة»، وجملة «أظنه سيودي به ...» فقول القول. [شرح أبيات المغني/ 6/ 314]. 178 - ويوما شهدناه سليما وعامرا … قليلا سوى الطّعن النّهال نوافله من شواهد سيبويه المجهولة، وسليم وعامر: قبيلتان، والنوافل: الغنائم. والطعن: جمع طعنة. والنهال: الروية بالدم. وقليلا: صفة ليوم. ونوافله: فاعل «قليلا». وسوى: استثناء منقطع. يقول: واذكر يوما شهدنا فيه هاتين القبيلتين قليلا عطاياه سوى الطعن النهال، على التهكم؛ لأن الطعن ليس من النوافل. والشاهد: أن الأصل: «شهدنا فيه»، فحذف «في»، فنصب ضمير اليوم بالفعل تشبيها بالمفعول به اتساعا ومجازا. و «شهد» لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد، وهنا متعد إلى اثنين؛ لأن الأول فيه معنى الظرف، ومن شأنه تعدي الفعل اللازم إليه، وسليما: هو المفعول الذي يتعدى إليه «شهد». [شرح أبيات المغني/ 7/ 8، وسيبويه/ 1/ 90، وشرح المفصل/ 2/ 45، والهمع/ 1/ 203]. 179 - وأبيض فياض يداه غمامة … على معتفيه ما تغبّ فواضله بكرت عليه بكرة فوجدته … قعودا لديه بالصريم عواذله لزهير بن أبي سلمى، يمدح حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري. وشاهدنا في البيت الثاني، قال ابن هشام: إن الصفة الرافعة للجمع يجوز فيها في الفصيح أن تفرد وأن تكسّر، فقوله: قعودا: رفعت «عواذله». وقوله: بالصريم: جمع صريمة، وهي رملة تنقطع من معظم الرمل. والعواذل: اللائمات، يلمنه على إنفاق ماله. وفسّر بعضهم «الصريم» الصبح؛ لأنه يسكر في العشي، فإذا أصبح وقد صحا من سكره، لمنه ولا يستقيم هذا التفسير؛ لأن الشاعر يمدحه بعد أبيات بقوله: أخي ثقة لا تتلف الخمر ماله … ولكنه قد يهلك المال نائله وإنما يفسره ذاك التفسير، من أخذ البيت مفردا، والشعر لا يعرف إلا في سياقه. [شرح أبيات المغني/ 8/ 10].

180 - تلم بدار قد تقادم عهدها … وإما بأموات ألم خيالها

180 - تلمّ بدار قد تقادم عهدها … وإمّا بأموات ألمّ خيالها وقبله: فكيف بنفس كلما قلت أشرفت … على البرء من دهماء هيض اندمالها والبيتان للفرزدق. ودهماء: امرأة. وهيض: مجهول هاض العظم، إذا كسره بعد الجبر. وقوله: اندمالها، أي: اندمال جرحها، والضمير للنفس. وقوله: ألمّ خيالها: صفة أموات. والشاهد: أن «إما» الأولى محذوفة، والتقدير: تلمّ إمّا بدار وإمّا بأموات. وقيل: إن «إمّا»، الموجودة بمعنى «أو»، ولا حذف، والله أعلم. [شرح أبيات المغني/ 2/ 16]. 181 - كل ابن أنثى وإن طالت سلامته … يوما على آلة حدباء محمول لكعب بن زهير رضي الله عنه، من قصيدته التي مدح بها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. كلّ: مبتدأ. والآلة الحدباء: الجنازة. ومحمول: خبر المبتدأ. و «يوما» و «على آلة» متعلقان ب «محمول». وقوله: و «إن طالت سلامته»، قال ابن هشام في «شرح القصيدة»: (وإن)، قال جماعة: «واو» الحال، والصواب أنها عاطفه على حال محذوفة معمولة للخبر: وقال البغدادي في «شرح أبيات المغني»: وجملة (وإن طالت ...) معترضة بين المبتدأ والخبر. قال بعض الفضلاء: فائدة «الواو» هنا الحكم بحصول الموت على كل تقدير، ومثله قولك: أزورك وإن هجرتني، فالزيارة مستمرة مطلقا على تقدير الهجر وغيره، ولو قلت: أزورك إن هجرتني، بغير «واو»، فقد جعلت الهجر سببا للزيارة. والشاهد في البيت: أن «الهاء» في «سلامته» والمستتر في «محمول» كل منهما راجع إلى «كل»؛ لأنها بحسب ما تضاف إليه، وقد أضيفت هنا إلى مذكّر ولهذا رجع إليها ضمير المذكر. 182 - لقد أقوم مقاما لو يقوم به … أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل لظلّ يرعد إلا أن يكون له … من الرسول بإذن الله تنويل لكعب بن زهير رضي الله عنه، من قصيدته في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهو يصف حال

183 - تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت … كأنه منهل بالراح معلول شجت بذي شبم من ماء محنية … صاف بأبطح أضحى وهو مشمول

الخوف الذي أحلّ به بعد أن أهدر الرسول دمه. والشاهد في البيت الأول: «أرى»، على أن المراد من المضارع هنا المضيّ، وفي البيت التفات من خطاب الرسول إلى الإخبار عن نفسه، وإظهار ما في قلبه من الخوف. (ومقام): ظرف مكان. وجملة: (لو يقوم) صفة له. و «الباء» بمعنى «في»، متعلق ب «يقوم»، و «أرى» مع فاعله المستتر ومفعوله المحذوف، حال من ضمير «أقوم». وقوله: لظل: جواب «لو» الأولى، وهو دال على جواب «لو» الثانية المقدرة في صلة معمول «أرى»، و «لو» الثالثة الواقعة في صلة معمول «أسمع». والفيل: فاعل «ليقوم»، أو «يسمع» على التنازع. وقوله: «يرعد» أخذته الرعدة. والتنويل: العطاء، والمراد به الأمان، والعفو. وخص الفيل تعظيما لقوته. وأقوم: في موضع الماضي، والتقدير: لقد قمت مقاما صفته كذا. 183 - تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت … كأنّه منهل بالرّاح معلول شجّت بذي شبم من ماء محنية … صاف بأبطح أضحى وهو مشمول البيتان لكعب بن زهير. قوله: «تجلو»، أي: تكشف، ومنه: جلوت الخبر، أي: أوضحته وكشفته، وجلا الخبر نفسه، أي: اتّضح وانكشف، يتعدّى، ولا يتعدى، ومصدرهما «الجلاء» بالفتح والمد؛ ولهذا سمّي الإقرار بالشيء جلاء؛ لأنه يكشف الحق ويوضحه، قال زهير: فإنّ الحقّ مقطعه ثلاث … يمين أو شهود أو جلاء وعن عمر رضي الله عنه: أنّه لما سمع هذا البيت، قال: لو أدركته، لولّيته القضاء؛ لمعرفته بما يثبت به الحقوق. ومثل هذا البيت في استيفاء الأقسام قول نصيب: فقال فريق القوم لا وفريقهم … نعم وفريق قال ويحك ما ندري فاستوفى ما يذكر في جواب الأسئلة. وروى الأخفش هذا البيت: فقال فريق القوم لمّا نشدتهم … نعم وفريق لا يمن الله ما ندري

184 - وما سعاد غداة البين إذ رحلوا … إلا أغن غضيض الطرف مكحول

واستدلّ به على أنّ همزة «أيمن الله» همزة وصل؛ لإسقاطها في الدرج. ويقال: جلوت بصري بالكحل، وسيفي بالصقل، وهمي بكذا جلاء بالكسر والمد. وجملة «تجلو» مستأنفة، أو خبر آخر عن «سعاد»، عند من أجاز تعدّد الخبر مختلفا بالإفراد والجملة. وضمير «تجلو» المستتر عائد على «سعاد» في مطلع القصيدة. وتجلو: تكشف، من جلوت العروس، إذا أبرزتها. والعوارض: جمع عارض، ما بعد الأنياب من الأسنان، وذي بمعنى صاحب، وموصوفه محذوف، أي: عارض ثغر ذي ظلم، وهو ماء الأسنان. والمنهل: إذا أورده النّهل، وهو الشرب الأول. والعلل: الشرب الثاني. والمعنى: تشبيه ريح فمها بريح الخمر الطيبة، وهو ذوق فاسد؛ لأن رائحة الخمر كريهة عند من لا يشربها. وقوله: شجّت: بالبناء للمجهول، ونائب الفاعل ضمير الخمر، أي: مزجت. والجملة حال من الراح، بتقدير «قد». وقوله: بذي شبم، أي: بماء ذي شبم، أي: ماء بارد. ومحنية: ما انعطف من الوادي وانحنى منه. والأبطح: مسيل واسع فيه دقاق الحصا. والمشمول: الذي هبت عليه ريح الشمال. وجملة «وهو مشمول»: حال من ضمير «أضحى» التامة، ولا مانع أن تكون ناقصة مع الجملة الحالية. فإن قوله: «بأبطح» صالح لأن يكون خبرا ل «أضحى». 184 - وما سعاد غداة البين إذ رحلوا … إلا أغنّ غضيض الطرف مكحول لكعب بن زهير، وهو البيت الثاني بعد المطلع. والغداة: مقابل العشيّ، والمراد هنا مطلق الزمن. وإذ: بدل من «غداة». وجمع ضمير «سعاد» في «رحلوا»، باعتبار قومها. والأغنّ: من وصف الظبي، والغنّة: صوت لذيذ يخرج من الأنف، شبهها بالظبي في النفور. والطرف: العين. والغض: فتور وانكسار يكون في الأجفان. والشاهد قول ابن هشام: إن بعضهم قال: «غداة البين» ظرف للنفي، وأما ابن هشام في شرح القصيدة، فيرى أن تعلق الظرف ب «كاف» التشبيه المحذوفة. وأصل الكلام: «سعاد كاغنّ ...»، ولأن حرف التشبيه مقدر بعد «إلا»، وما بعد «إلا» لا يعمل فيما قبلها، رأى ابن هشام تقديره مقدما داخلا على «سعاد»، أي: «وما كسعاد إلا ظبيّ ...» على التشبيه المقلوب. ويرى البغدادي: تعلقه بمضاف محذوف،

185 - كأن أوب ذراعيها إذا عرقت … وقد تلفع بالقور العساقيل شد النهار ذراعا عيطل نصف … قامت فجاوبها نكد مثاكيل

والتقدير: وما وصف سعاد غداة البين إلا كوصف ظبي. وقوله: «وما سعاد»، قال ابن هشام: الواو عاطفة على الفعلية «بانت سعاد»، لا على الاسمية «فقلبي اليوم متبول». وسعاد: مبتدأ، لا اسم ل «ما»؛ لانتقاض النفي ب «إلا»، والأصل: «وما هي»، فأناب الظاهر عن المضمر، والذي سهله أنهما في جملتين وفي بيتين، وأن بينهما جملة فاصلة، وأن اسم المحبوب يتلذذ بإعادته. 185 - كأنّ أوب ذراعيها إذا عرقت … وقد تلفّع بالقور العساقيل شدّ النهار ذراعا عيطل نصف … قامت فجاوبها نكد مثاكيل لكعب بن زهير، يصف ناقته التي تبلغه إلى سعاد. كأنّ: حرف ناسخ، اسمها «أوب»، وخبرها «ذراعا» في البيت الثاني. والتلفع: الاشتمال والتجلل. والقور: جمع قارة، وهي الجبل الصغير. والعساقيل: اسم لأوائل السراب، جاء بلفظ الجمع ولا واحد له من لفظه. وقال: تلفع بالقور العساقيل، وإنما المعنى: تلفع القور بالعساقيل، فقلب. وقوله: إذا عرقت، كناية عن وقت الهاجرة وشدة الحر. وشدّ النهار: بالنصب، ارتفاعه، منصوب على الظرف. والعيطل: المرأة الطويلة. والنّصف: التي بين الشابة والكهلة. والنكد: جمع نكداء، التي لا يعيش لها ولد. والمثاكيل: جمع مثكال، وهي الكثيرة الثكل، أي: التي مات لها أولاد كثير. والمعنى: كأنّ ذراعي هذه الناقة في سرعتها في السير ذراعا هذه المرأة في اللطم لما فقدت ولدها، وجاوبها نساء فقدن أولادهن؛ لأنّ النساء المثاكيل إذا جاوبنها كان ذلك أقوى لحزنها، وأنشط في ترجيع يديها عند النوح. فهو يصف سرعة الناقة وقت الهاجرة، ويشبه ذراعي الناقة وهي تتابع سيرها بذراعي هذه المرأة وهي تتابع اللطم. وهي صورة تدل على دقة ملاحظة الشاعر. والشاهد في البيت الأول القلب.

186 - وربما فات قوما جل أمرهم … من التأني وكان الحزم لو عجلوا

186 - وربّما فات قوما جلّ أمرهم … من التأنّي وكان الحزم لو عجلوا نسبه بعضهم للأعشى، ولا يوجد في شعره، ونسبه السيوطي للقطامي التغلبي. وقوله: ربما: للتكثير؛ لأن البيت في ذم التأني، ومدح العجلة. ومن التأني: من، للتعليل. والبيت شاهد على أن «لو» مصدرية، فيكون «الحزم» اسم كان. ولو عجلوا: في تأويل مصدر منصوب، «يكون» خبرها، والتقدير: وكان الحزم عجلتهم، ولا يجوز جعل «لو» هنا شرطية، لعدم دليل الجواب. [الأشموني/ 4/ 34، وشرح أبيات المغني/ 5/ 75]. 187 - هي الشّفاء لدائي لو ظفرت بها … وليس منها شفاء النفس مبذول ينسب البيت لكعب بن زهير، من قصيدته المشهورة «بانت سعاد»، ويروى لهشام أخي ذي الرّمة، هشام بن عقبة. والشاهد: أن اسم «ليس» ضمير الشأن، والجملة بعدها خبرها، وفي «مبذول» ضمير يرجع إلى المبتدأ. ويجوز أن تجعل «ليس» غير عاملة، وهي لغة لبعض العرب، و «الباء» في «بها» متعلقة ب ظفرت. و «منها» متعلقان ب «مبذول»، ويجوز في «لو» أن تكون للشرط، والجواب محذوف، ويجوز أن تكون للتمني، كأنه قال: يا ليتني ظفرت بها أو برؤيتها، وليست تبذل لي شيئا أشتفي به من نظرة أو سلام. [سيبويه/ 1/ 36، وشرح المفصل/ 3/ 116، والهمع/ 1/ 111، وشرح أبيات المغني/ 5/ 209]. 188 - أبلغ قريشا وخير القول أصدقه … والصّدق عند ذوي الألباب مقبول أن قد قتلنا بقتلانا سراتكم … أهل اللواء ففيما يكثر القيل من شعر كعب بن مالك رضي الله عنه، من قصيدة أجاب بها ضرار بن الخطاب وعمرو بن العاص لما افتخرا بانكشاف المسلمين يوم أحد. والشاهد: أنّ ثبوت ألف «ما» الاستفهامية المجرورة، ضرورة شعرية. وذلك في البيت الثاني «ففيما». وأن: مخففة، واسمها ضمير شأن. و «الباء» في قوله: ب «قتلانا»، للمقابلة. وأهل اللواء: بدل من سراتكم، وهم بنو عبد الدار من مشركي قريش، وكانوا أصحاب اللواء في وقعة بدر، وفي وقعة أحد. [شرح أبيات المغني/ 5/ 223، والخزانة/ 6/ 101، 105، 106].

189 - إما ترينا حفاة لا نعال لنا … إنا كذلك ما نحفى وننتعل

189 - إمّا ترينا حفاة لا نعال لنا … إنّا كذلك ما نحفى وننتعل قاله الأعشى ميمون، من معلقته ودّع هريرة، وقبله: قالت هريرة لما جئت زائرها … ويلي عليك وويلي منك يا رجل والبيت الثاني: أخنث بيت قالته العرب وزائرها: حال من التاء. وإنما قالت له كذا؛ لسوء حاله. وقولها: ويلي عليك، أي: لفقرك. وقولها: وويلي منك، أي: لعدم استفادتي منك شيئا. ثم أخذ في تبيين سبب سوء حاله بأنه أفنى ماله في لذاته، فأجابها بقوله: إمّا ترينا حفاة ... الخ، فيكون بتقدير القول، أي: فقلت لها. والشاهد: أنّ «ما» زيدت في موضعين من البيت: الأول: في «إمّا»، أصله: «إن ما»، والثاني: «ما» في: «ما نحفى»، ويروى: «إنا كذلك قد نحفى»، فتكون زائدة في موضع واحد، وقوله: إمّا: اللام الموطئة مقدرة قبل «إن» وجملة «إنا كذلك»: جواب القسم المقدر، وهو دليل جواب الشرط. والذي دلنا على أن هذه الجملة جواب القسم عدم اقترانها ب «الفاء»؛ لتكون جوابا للشرط، وقيل: «إنّا كذلك»، جواب الشرط، وحذفت «الفاء». وجملة «لا يغال لنا»: صفة «حفاة»، والمعنى: إن ترينا نستغني مرة ونفتقر أخرى، فكذلك سبيلنا. [شرح أبيات المغني/ 5/ 282]. 190 - إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا … أو تنزلون فإنّا معشر نزل قاله الأعشى، من قصيدته «ودع هريرة». وقوله: نزل: جمع نازل، ونزولهم عن الخيل يكون لضيق المعركة، ينزلون فيقاتلون على أقدامهم، وفي ذلك الوقت يتداعون: نزال. والبيت ذكره ابن هشام، تحت عنوان: كثيرا ما يغتفر في الثواني ما لا يغتفر في الأوائل. حيث رفع «تنزلون» مع أن الفعل معطوف على «تركبوا» المجزوم. وقال سيبويه: ذلك من العطف على التوهم، فكأنه قال: أتركبون فذلك عادتنا، أو تنزلون فنحن معروفون بذلك. وقال يونس: أراد أو أنتم تنزلون، فعطف الجملة الاسمية على جملة الشرط. [سيبويه/ 1/ 429، وشرح المغني/ 8/ 103]. 191 - فاذهب فأيّ فتى في الناس أحرزه … من حتفه ظلم دعج ولا جبل قاله: المتنخّل، مالك بن عويمر، شاعر جاهلي، من قصيدة رثى بها ابنه أثيلة.

192 - اعتاد قلبك من سلمى عوائده … وهاج أحزانك المكنونة الطلل ربع قواء أذاع المعصرات به … وكل حيران سار ماؤه خضل

فاذهب: يخاطب ولده. أحرزه: جعله في حرز منيع يمنع من الوصول إليه. ومن حتفه: متعلق ب «أحرزه». والظلم، جمع ظلماء، وهي الليالي السود، والدعج: جمع دعجاء، وهي الشديدة السواد. وإنما نسب الإحراز إلى الليل والجبل؛ لأن الليل المظلم ساتر، ولا يهتدى إلى الهارب فيه، فكأن الليل أحرزه، وكذلك الجبل، يحرز من الوصول إليه إذا كان صعب المرتقى. والشاهد: أنّ «أيّا» للاستفهام الإنكاري، بمعنى النفي، والمعنى: لا يحرز الفتى من موته ظلم ولا جبل. [شرح المغني/ 6/ 76]. 192 - اعتاد قلبك من سلمى عوائده … وهاج أحزانك المكنونة الطّلل ربع قواء أذاع المعصرات به … وكلّ حيران سار ماؤه خضل الشعر لعمر بن أبي ربيعة. وقوله: من سلمى، أي: من أجل حب سلمى. وعوائده: جمع عائدة، وهو ما تعوده من وجده بها وشوقه إليها. والربع: المنزل. والقواء: القفر. ومعنى أذاع: فرّق ونشر، ومنه إذاعة السرّ وهو نشره. والمعصرات: السحائب ذوات المطر، ويقال: الرياح، أي: غيرته وأزالت بهجته الأمطار بما محت منه والرياح بما أذرت عليه. وأراد بالحيران: سحابا تردد بمطره عليه ولازمه، فجعله كالحيران لذلك، والخضل: الغزير، وسار: الذي ينشأ بالليل ويسير، وهو من نعت حيران، وماؤه: مبتدأ، وخضل: خبره. والشاهد: أن قوله: «ربع»، بتقدير: «هو ربع»، وليس بدلا من الطلل؛ لأن الربع أكثر من الطلل، وإنما يبدل الأقل من الأكثر للبيان، لا الأكثر من الأقل، ولو نصب على تقدير «أعني»، لكان حسنا. [شرح المغني/ 7/ 266]. 193 - قليل منك يكفيني ولكن … قليلك لا يقال له قليل هو لأحد المتأخرين، أحمد بن علي الميكالي، ومثلوا به على أنّ «كفى» التي بمعنى أجزأ وأغنى، متعدية كما في البيت. [شرح المغني/ 2/ 342]. 194 - أما تنفكّ تركبني بلومى … لهجت بها كما لهج الفصيل أتنسى - لا هداك الله - سلمى … وعهد شبابها الحسن الجميل كأنّ وقد أتى حول كميل … أثافيها حمامات مثول

195 - ليس العطاء من الفضول سماحة … حتى تجود وما لديك قليل

قالها أبو الغول الطّهوي. واللومى: من اللوم، مصدر أنث بالألف المقصورة. ولهج بالشيء: تولع به واعتاده. والفصيل: المفصول عن الرضاع من أولاد النوق. وحول كميل، أي: كامل. والأثافي: الأحجار التي تنصب عليها القدر، فتسودّ من النار والدخان، شبهها بالحمامات القائمة على رجلها، وقد مرّ عليها حول بعد ارتحال سلمى. وجملة: «لا هداك الله»، اعتراضية بين الفعل والمفعول. وجملة: «وعهد شبابها الحسن»، المبتدأ والخبر حال من سلمى. والشاهد في البيت الثالث: على أنّ جملة «وقد أتى حول» معترضة بين «كأنّ» واسمها، فمنهم من جعلها جملة اعتراضية لا محل لها، ومنهم من جعلها حالا من معنى التشبيه في «كأنّ». [شرح أبيات المغني/ 6/ 216]. 195 - ليس العطاء من الفضول سماحة … حتّى تجود وما لديك قليل قاله المقنّع الكندي، محمد بن عمير، من شعراء الدولة الأموية. قيل له المقنع؛ لأنه من أجمل الناس وجها، وأمدهم قامة، وكان إذا سفر عن وجهه، أصيب بالعين، فكان يتقنّع دهره فسمّي المقنّع، وهو القائل: ولا أحمل الحقد القديم عليهم … وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا إذا أكلوا لحمي وفرت لحومهم … وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا يعيرني بالدّين قومي وإنما … ديوني في أشياء تكسبهم حمدا وقوله: يعيرني بالدين، فيه دليل على جواز القول: عيرته كذا، وعيرته بكذا، وذكر ابن هشام البيت شاهدا على أنّ «حتى» فيه بمعنى «إلا»، ويجوز أن تبقى بمعنى الغاية. والمعنى: إن إعطاءك من زيادات مالك لا يعدّ سماحة إلا أن تعطي في حال قلة المال، أو إلى أن تعطي ومالك قليل. [شرح أبيات المغني/ 3/ 100]. 196 - ولو انّ ما عالجت لين فؤاده … فقسا استلين به للان الجندل للأحوص بن محمد الأنصاري، من قصيدة مدح بها عمر بن عبد العزيز، ومطلعها: يا بيت عاتكة الذي أتعزّل … خوف العدى وبه الفؤاد موكّل وقبل البيت: أصبحت أمنحك الصدود وإنني … قسما إليك مع الصدود لأميل

197 - يا عمرو إنك قد مللت صحابتي … وصحابتيك- إخال ذاك- قليل

فصددت عنك وما صددت لبغضة … أخشى مقالة كاشح لا يعقل ومعنى البيت الشاهد: لو أنّ الذي عالجت به لين فؤاد الكاشح، استلنت به الجندل، للان، فلم يؤثر، بل قسا واشتدّ أكثر مما كان قبل. وقوله: ولو انّ: بفتح واو «لو» وحذف فتحة «أنّ»؛ لاستقامة وزن الشطر على البحر الكامل، وإذا حققنا الهمزة، وسكنا الواو، صار الشطر من البحر الطويل، والبيت شاهد على حذف العائد بعد «عالجت»، والأصل: لو أن ما عالجت به، فحذف العائد المجرور على خلاف القياس، اكتفاء بالمذكور بعد «استلين»، فإنه عائد على «ما» الموصولة أيضا، وجملة «عالجت» صلة، و «لين»: مفعوله، ويجوز أن يكون مفعوله ضمير «الكاشح»، و «لين»: مفعولا لأجله. فقسا: معطوف على «عالجت» بالفاء، وفاعله ضمير «الكاشح». وقوله «استلين»، يروى بالبناء للمجهول، والجندل: نائب فاعل، وفاعل «لان» ضمير. والأقوى أن يكون «استلين» مبنيا للمعلوم، مع تخفيف وتسهيل الهمزة، وفاعله ضمير المتكلم، والجملة خبر «أنّ»، ومفعوله محذوف، وهو ضمير الجندل، وهذا من باب التنازع؛ لأن «استلين» و «لان» عاملان يطلبان الجندل معمولا، والأول يطلبه مفعولا، والثاني يطلبه فاعلا، فأعمل الثاني لقربه، وأضمر للثاني وحذف؛ لأنه فضلة. وقوله «للان» جواب «لو». [شرح المغني/ 6/ 246]. 197 - يا عمرو إنّك قد مللت صحابتي … وصحابتيك - إخال ذاك - قليل مجهول القائل. وقوله: مللت، يتعدى بنفسه كما هنا، وب «من»، يقال: مللته ومللت منه. وصحابة: بفتح أوله: مصدر صاحبه، وصحابتي: مصدر مضاف إلى المفعول، وفاعله محذوف، أي: صحابتك إياي، وصحابتيك: مبتدأ، بتقدير مضاف، وخبره «قليل»، والتقدير: ومدة صحابتيك قليل، وجملة «إخال ذاك»: معترضة و «ذاك»: إشارة إلى مصدر إخال، أي: إخال ذاك الخيل، والبيت جعله ابن مالك شاهدا على وقوع اسم الإشارة مصدرا مؤكّدا للفعل من غير نعته بمصدر. [شرح أبيات المغني/ 7/ 354]. 198 - يا ربّ يوم لي لا أظلّله … أرمض من تحت وأضحى من عله قاله الأعرابي أبو ثروان - عباسي - وقوله: لا أظلله، أي: لا أظلل فيه. وأرمض: من

199 - وجهك البدر لا بل الشمس لو لم … يقض للشمس كسفة أو أفول

الرمضاء. وأضحى: أصابه حرّ الشمس. والرجز شاهد على أن «الهاء» في «عله»: للسكت، وأصله: (من عل) بالبناء على الضم. [شرح المغني/ 3/ 353]. 199 - وجهك البدر لا بل الشمس لو لم … يقض للشمس كسفة أو أفول غير معروف، وهو شاهد على أنه يزاد «لا» قبل «بل» بعد الإيجاب؛ لتوكيد الإضراب، و «بل» عاطفة عند البصريين خلافا للكوفيين. [شرح أبيات المغني/ 3/ 12]. 200 - أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وإن كنت قد أزمعت صرمي فأجملي البيت لامرئ القيس من معلقته. وقوله: أفاطم: الهمزة لنداء القريب، وفاطم: بالفتح، منادى مرخم على لغة من ينتظر، وفاطمة: هي عنيزة المذكورة في قوله: «ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة». ومهلا: رفقا، وهو مفعول مطلق، وأصله: أمهلي إمهالا، فحذف عامله، وجعله نائبا عن فعله. و «بعض»: منصوب بالمصدر، أي: أخريه عن هذا الوقت. وأزمع: صمّم وجزم. والصرم: الهجر. والإجمال: الإحسان. يقول لها: إن كان هذا منك تدلّلا، فأقصري، وإن كان عن بغضة، فأجملي. ونقل ابن عساكر عن الإصبغ بن عبد العزيز قال: سألت نصيبا، أي بيت قالته العرب أنسب (أغزل)؟ فقال: قول امرئ القيس (وذكر البيت). وليس كما قال، بل هو كما قال الباقلاني في «إعجاز القرآن» (ص 256): في هذا البيت ركاكة جدا، وتأنيث ورقة، ولكن فيها تخنيث، ولعلّ قائلا يقول: كلام النساء بما يلائمهن من الطبع أوقع وأغزل، وليس كذلك؛ لأنك تجد الشعراء في الشعر المؤنث لم يعدلوا عن رصانة قولهم، والمصراع الثاني منقطع عن الأول، لا يلائمه ولا يوافقه، وهذا يبين لك إذا عرضت معه البيت الذي تقدمه، وكيف ينكر عليها تدللها، والمتغزل يطرب على دلال الحبيب وتدلّله. قلت: إن امرأ القيس كان يطلب الجسد، ولذلك لا يريد من صاحبته التدلل والتمنع الذي يستعذبه المحبون الصادقون. [شرح أبيات المغني/ 1/ 13]. 201 - فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة … بآنسة كأنها خطّ تمثال قاله امرؤ القيس وقوله: يا: ليست للنداء، وإنما هي للتنبيه كالداخلة على «ليت»

202 - ألا رب يوم صالح لك منهما … ولا سيما يوم بدارة جلجل

و «حبذا». والآنسة: المرأة التي تأنس بحديثك، والتمثال: الصورة، شبه صاحبته بصورة الصنم المنقوشة في حسن المنظر وتناسب الأعضاء. والشاهد: أن «ربّ» فيه للتكثير. [شرح المغني/ 3/ 61]. 202 - ألا ربّ يوم صالح لك منهما … ولا سيّما يوم بدارة جلجل من معلقة امرئ القيس. وقوله: منهما: الضمير يعود إلى امرأتين في بيت قبله. ودارة جلجل: اسم مكان. وقوله: ولا سيما: فيه شاهد على أن هذا التركيب لا بدّ أن يسبق ب «الواو» قبل «لا» «ولا سيما»، ويجوز في الاسم الذي بعد «ولا سيما» الجرّ، والرفع مطلقا، والنصب أيضا إذا كان نكرة، وروي البيت ب «هنّ»، والجرّ أرجحها، وهو على الاضافة، و «ما» زائدة بينهما. والرفع على أنه خبر لمضمر محذوف، و «ما» موصولة، أو نكرة موصوفة بالجملة، والتقدير: ولا مثل الذي هو يوم. والنصب على التمييز، وجوّز ابن مالك: نصب «يوما» على الظرف، وجعله «صلة» ل «ما»، وبدارة جلجل: صفة ل «يوما». [شرح أبيات المغني/ 3/ 216]. 203 - دع عنك نهبا صيح في حجراته … ولكن حديثا ما حديث الرواحل لامرئ القيس. والنهب: المال المنهوب. والحجرات: النواحي. والشطر الأول مثل يضرب لمن ذهب من ماله شيء، ثم ذهب بعده ما هو أجلّ منه. والرواحل: مجموع الركائب، كان امرؤ القيس قد فقدها، وكان ضاع له مال، فأرسل أحدهم برواحله لطلبه، فأضاعها، فقال: ولكن حديثي حديثا، و «ما»: استفهامية مبتدأ، وحديث: خبره. والبيت شاهد عند ابن هشام على أن «عنك» هنا اسم بمعنى «جانب»؛ حيث كان مجرورها وفاعل متعلقها ضميرين لمسمى واحد، وأنكر ذلك النحويون. [شرح أبيات المغني/ 3/ 315]. 204 - ألا عم صباحا أيها الطلل البالي … وهل يعمن من كان في العصر الخالي وهل يعمن من كان أحدث عهده … ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال لامرئ القيس وقوله: عم، هذه الكلمة تحية عند العرب، كأنه مأخوذ من «نعم»،

205 - حلفت لها بالله حلفة فاجر … لناموا فما إن من حديث ولا صالي

وهو فعل أمر، وصباحا: ظرف. وقوله: وهل يعمن: استفهام انكاري. والعصر: بضمتين، لغة في العصر، وهو الدهر. وثلاثة أحوال: تعاقب أحوال المناخ عليه. والبيت الثاني شاهد على أن «في» الثانية بمعنى «من»، ويجوز أن تكون بمعنى «مع». [شرح أبيات مغني اللبيب/ 4/ 77]. 205 - حلفت لها بالله حلفة فاجر … لناموا فما إن من حديث ولا صالي قاله امرؤ القيس. وقوله: إن من، إن: زائدة، و «من» زائدة في المبتدأ، وخبره محذوف، أي: مستيقظ. والحديث: بمعنى المحادث، أو بمعنى الكلام فيقدر مضاف، أي: ذي حديث. والبيت شاهد على أن «لام» جواب القسم تدخل بدون «قد» على الماضي البعيد الواقع جواب القسم. 206 - ويوم عقرت للعذارى مطيّتي … فيا عجبا من رحلها المتحمّل قاله امرؤ القيس. والرحل: ما يعد للرحيل. وقوله: المتحمل: اسم مفعول؛ لأنه لما عقر بعيره وشواه للعذارى فرق رحله على رواحلهن، فحملنه وركب هو مع بنت عمه فاطمة على بعيرها. والبيت شاهد على أن «اللام» في: «للعذارى» للتعليل. [شرح أبيات المغني/ 4/ 102]. 207 - فيا لك من ليل كأنّ نجومه … بكلّ مغار الفتل شدّت بيذبل قاله امرؤ القيس. يقول: إن نجوم الليل لا تفارق محالها، فكأنها مربوطة بكل حبل محكم الفتل في هذا الجبل «يذبل»، وإنما استطال الليل؛ لمقاساة الأحزان فيه. ويذبل: ممنوع من الصرف؛ للعلمية ووزن الفعل، وجرّه ضرورة. وقوله: يا لك: الأصل: يا إياك، أو يا أنت، ثم لما دخلت عليه «لام» الجر للتعجب، انقلب الضمير المنفصل المنصوب أو المرفوع ضميرا متصلا مخفوضا، ف «اللام» فيه للتعجب تدخل على المنادى إذا تعجب منه. وقال بعضهم: «اللام» للاستغاثة، استغاث به منه لطوله كأنه قال: يا ليل ما أطولك. وقوله: من ليل: تمييز مجرور ب «من»، وقيل: «من» زائدة؛ ولهذا يعطف على موضع مجرورها بالنصب. وقوله: بكلّ: متعلقة ب «شدّت». [شرح أبيات المغني/ 4/ 301].

208 - كأن قلوب الطير رطبا ويابسا … لدى وكرها العناب والحشف البالي

208 - كأنّ قلوب الطير رطبا ويابسا … لدى وكرها العنّاب والحشف البالي قاله امرؤ القيس، يصف وكر العقاب، وصفها بكثرة صيدها للطيور، تأخذ قلوبها لتغذي بها فراخها، واليابس منها، هو الفاضل من الغذاء. والبيت شاهد على أن قوله: «رطبا» حال، وعاملها حرف التشبيه لما فيه من معنى الفعل. [شرح أبيات المغني/ 4/ 322]. 209 - كأنّ دثارا حلّقت بلبونه … عقاب تنوفى لا عقاب القواعل قاله امرؤ القيس. ودثار: اسم راعي إبل امرئ القيس. وتنوفى: جبل عال، وأخبث العقبان ما آوى في الجبال المشرفة، وهذا مثل: أراد كأن دثارا ذهبت بلبونه آفة، وأراد أنه أغير عليه من قبل تنوفى. والقواعل: جبال صغار. والبيت شاهد على أن «لا» فيه عطفت على معمول الماضي، وفيه ردّ على من منعه، حيث منع الزجاج أن يعطف ب «لا» بعد الفعل الماضي. [شرح المغني/ 4/ 383]. 210 - تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا … عليّ حراصا لو يشرّون مقتلي قاله امرؤ القيس. وقوله: يشرّون، أي: يظهرون، ومعناه: ليس يقتل مثلي خفاء. فيكون قتلهم إيّاه هو الإظهار، ويروي: يسرّون ب «السين» المهملة بالمعنى نفسه. والشاهد: أن «لو» فيه مصدرية، والمصدر المؤول من «لو» والفعل مجرور على أنه بدل اشتمال من الضمير المجرور ب «على»، ولا تقع «لو» المصدرية غالبا إلا بعد مفهم «تمنّ»، كقول قتيلة بنت النّضر: «ما كان ضرّك لو مننت». [الخزانة/ 11/ 238]. 211 - فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها … لما نسجتها من جنوب وشمأل البيت الثاني من معلقة امرئ القيس، وتوضح والمقراة: مكانان. وقوله: لما نسجتها: تعليل لعدم العفاء والاندراس؛ لأن الريحين إذا اختلفا على الرسم، لم يعفواه، فواحدة تغطي، والثانية تكشف. والبيت شاهد على أنّ قوله: «من جنوب» بيان وتفسير للضمير المستتر في «نسجت». [شرح المغني/ 5/ 349]. 212 - ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة … فقالت: لك الويلات إنك مرجلي

213 - وإن شفائي عبرة مهراقة … وهل عند رسم دارس من معول

قاله امرؤ القيس، في يوم دارة جلجل. وقوله: ويوم: معطوف على قوله: ولا سيما يوم، قبل البيت، ولكنه بني؛ لإضافته إلى الفعل الماضي المبني. والخدر: أراد هودج عنيزة؛ حيث ركب على راحلتها بعد أن عقر راحلته للعذارى. وقولها: إنك مرجلي، أي: تجعلني أمشي راجلة؛ حيث كان يميل عليها ويلاعبها. والشاهد: «عنيزة»، أنه لا ينصرف، ونوّن هنا للضرورة. [شرح المغني/ 6/ 52]. 213 - وإنّ شفائي عبرة مهراقة … وهل عند رسم دارس من معوّل من مطلع معلقة امرئ القيس. والبيت شاهد على أنّ «هل» لكونها للنفي، كانت الجملة بعدها خبرية، فصح عطفها على الخبرية التي قبلها. [شرح المغني/ 6/ 66]. 214 - فظلّ طهاة اللحم من بين منضج … صفيف شواء أو قدير معجّل لامرئ القيس، يصف صيدا صادوه وأخذوا يهيئونه طعاما. والصفيف: المصفوف على الحجارة لينضج، وهو المسمى بالكباب. وقدير معجّل، أي: يطبخونه في القدر، وقال: «إنه معجّل»، لأنهم كانوا يستحسنون تعجيل ما كان من الصيد. و «من بين»: للتفصيل. والبيت شاهد على أن البغداديين أجازوا اتباع المنصوب بمجرور؛ حيث قال: «منضج صفيف شواء»، فنصب، ثم قال: أو قدير، قال الفرّاء: وهو مثل قوله تعالى: جاعل الليل سكنا والشمس والقمر. الآية [الأنعام: 96]. فالليل: في موضع نصب في المعنى، فردّ الشمس والقمر على معناه؛ لمّا فرّق بينهما ب «سكنا»، فإذا لم يفرّق بينهما، آثروا الخفض، وقد يجوز النصب وإن لم يحل بينهما بشيء، كقول الشاعر: بينا نحن ننظره أتانا … معلّق وفضة وزناد راعي قلت: أما القول في البيت، فإن «أو قدير» معطوف على «منضج» بلا ضرورة، والتقدير: «ومن بين منضج قدير»، ثم حذف «منضج»، وأقام «قدير» مقامه في الإعراب، كما قال تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ. [يوسف: 82]. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 7/ 13، والأشموني/ 3/ 107]. 215 - خرجت بها أمشي تجرّ وراءنا … على أثرينا ذيل مرط مرحّل لامرئ القيس من معلقته. وقوله: خرجت بها، أي: أخرجتها، ف «الباء» للتعدية.

216 - إذا قامتا تضوع المسك منهما … نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل

وأثرينا: بالتثنية. والمرط: بالكسر، كساء من خزّ، وقد تسمى الملاءة مرطا، وإنما تجر ذيل المرط ليخفى الأثر، ولا يعرف موضعها، والمرحّل: الثوب الذي فيه صور الرحال من الوشي، وهو يصف إحدى مغامراته مع النساء. والبيت شاهد على أنّ جملة «أمشي» حال من التاء في «خرجت» وجملة «تجر وراءنا» حال من الضمير «بها». [شرح أبيات المغني/ 7/ 194]. 216 - إذا قامتا تضوّع المسك منهما … نسيم الصّبا جاءت بريّا القرنفل لامرئ القيس من معلقته. والضمير في «قامتا» لأم الحويرث وجارتها، وفي البيت حذف تقديره: تضوع المسك تضوعا مثل تضوّع نسيم الصّبا. ونسيم: بالنصب، قيل منصوب على المصدر، وقد ينصب على الحالية، والتقدير: مثل نسيم. وجملة «جاءت»: بتقدير «قد» حال من الصبا. [شرح المغني/ 7/ 290]. 217 - فقلت يمين الله أبرح قاعدا … ولو قطّعوا رأسي لديك وأوصالي لامرئ القيس. ويمين: يروى مرفوعا ومنصوبا، أما الرفع: فعلى الابتداء، والخبر محذوف، وأما النصب: فعلى أنّ أصله: أحلف بيمين الله، فلما حذفت «الباء»، وصل فعل القسم إليه بنفسه، ثم حذف فعل القسم، وبقي منصوبا. والبيت شاهد على حذف «لا» النافية من جواب القسم، والأصل: لا أبرح قاعدا. [شرح المغني/ 7/ 332]. 218 - فقالوا لنا ثنتان لا بدّ منهما … صدور رماح أشرعت أو سلاسل البيت لجعفر بن علّبة الحارثي في حماسة أبي تمام، يريد: إن الأعداء لما رأوني هناك مع رجال قليلة طمعوا فيّ، وقالوا: نخيّرك بين شيئين، إما الأسر، وإما القتال. وقوله: لنا ثنتان، أي: لنا حالتان ثنتان. وثنتان: مبتدأ، ولنا: خبر، وصدور رماح وسلاسل: بدل منهما. والبيت شاهد على أن «أو» فيه للتقسيم، أي: يكون بعضنا كذا، وبعضنا كذا، والشاعر جعفر بن علبة من مخضرمي الدولتين، وقيل: توفي في زمن هشام بن عبد الملك. [شرح أبيات المغني/ 2/ 59]. 219 - وترمينني بالطّرف أي: أنت مذنب … وتقلينني لكنّ إياك لا أقلي

220 - وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل

مجهول. وقوله: لكن إياك، لكنّ: من أخوات «إنّ» واسمها ضمير الشأن محذوف، والجملة بعدها خبرها، وإياك: مفعول مقدم على الفعل؛ للحصر. والشاهد: أنّ «أي» في البيت تفسير للجملة قبله. [شرح أبيات المغني/ 2/ 141]. 220 - وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل البيت لأبي طالب عمّ النبي صلّى الله عليه وسلّم، من قصيدة طويلة قالها في الشّعب لما اعتزل قريشا مع بني هاشم وبني عبد المطلب، وهي في السيرة النبوية لابن هشام. قال البغدادي: وهي قصيدة بليغة جدا، لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع، وأبلغ في تأدية المعنى. وقوله: وأبيض: العرب تمدح السادة بالبياض، ولا يريدون بياض اللون، وإنما يريدون النقاء من العيوب، وربما أرادوا به طلاقة الوجه. والثمال بالكسر: العماد والملجأ. والبيت في مدح رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وذكره ابن هشام شاهدا على أن «ربّ» المقدرة بعد «الواو» للتقليل. وهذا وهم ممن قال ذلك؛ لأنهم كثيرا ما يعتمدون على البيت المفرد، والحقيقة أن «الواو» عاطفة، و «أبيض» معطوف على مفعول في البيت السابق. وهو قوله: وما ترك قوم لا أبالك سيدا … يحوط الذّمار غير ذرب مواكل فأبيض معطوف على «سيدا» المنصوب بالمصدر «ترك». [شرح المغني/ 3/ 168]. 221 - أريد لأنسى ذكرها فكأنّما … تمثّل لي بكل سبيل لكثيّر عزّة. والشاهد: «اللام» في «لأنسى»، قيل: زائدة، وقيل: للتعليل. ومفعول «أريد»، محذوف، أي: أريد السلوّ. وقال الخليل وسيبويه: الفعل مقدر بمصدر مرفوع بالابتداء، و «اللام» وما بعدها خبر، أي: إرادتي للنسيان. [المغني/ 4/ 308]. 222 - ويلحينني في اللهو أن لا أحبّه … وللهو داع دائب غير غافل قاله الأحوص بن محمد الأنصاري. وقبل البيت:

223 - ألا زعمت أسماء أن لا أحبها … فقلت بلى لولا ينازعني شغلي

ألا يا لقومي قد أشطّت عواذلي … ويزعمن أن أودى بحقّي باطلي نادى قومه على وجه الاستغاثة من عواذله في تجاوزهنّ وركوبهن الشطط في لومه على حبّه الحسان، والميل إلى اللهو مع وجود باعث ذلك فيه، وهو الشباب والعشق، فلا يمكنه قبول نصحهنّ مع وجود هذا الباعث. فيتعين أن تكون «لا» زائدة؛ لأن الناصح إنما يلومه على الاشتغال بأسباب المحبة واللهو، لا على ترك ذلك. [شرح أبيات المغني/ 5/ 8 والجنى الداني/ 302]. 223 - ألا زعمت أسماء أن لا أحبّها … فقلت بلى لولا ينازعني شغلي قاله أبو ذؤيب الهذلي. قال ابن مالك: وقد يلي الفعل «لولا» غير مفهمة تحضيضا. فيؤول ب (لو لم)، أو تجعل المختصة بالأسماء والفعل صلة ل (أن) مقدرة كهذا البيت. فتكون في التأويل كلمتين، لا كلمة مركبة من كلمتين. وعلى الوجهين لا بدّ من الجواب، و «لا» من الأول بمعنى «لم»، وفي الثاني جزء كلمة، وقدّر «أن» في الوجه الثاني حتى يؤول منها ومن الفعل اسم، فإن «لولا» الامتناعية لا يليها إلا الاسم. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 5/ 127]. 224 - فأضحت مغانيها قفارا رسومها … كأن لم - سوى أهل من الوحش - تؤهل قاله ذو الرّمة. والأصل: كأن لم تؤهل سوى أهل من الوحش، ففصل بين «لم» والفعل، فولي «لم» معمول مجزومها اضطرارا. وسوى: في مذهب سيبويه ظرف مكان لازم النصب، وعلى مذهب غيره يعرب هنا مفعولا مقدما. [شرح أبيات المغني/ 5/ 143 والهمع/ 2/ 56، والخصائص/ 2/ 410]. 225 - وإن تعتذر بالمحل من ذي ضروعها … إلى الضيف يجرح في عراقيبها نصلي من قصيدة لذي الرّمة. واعتذارها للضيف أن لا يرى فيها محلبا من شدة الجدب، فإذا كانت كذلك، عقرتها. والشاهد: الفعل «يجرح»، حيث صار الفعل لازما؛ لأنه ضمن معنى فعل لازم، وهو: «يعيث»، أو «يفسد». والضمير في «ذي ضروعها» يعود إلى الناقة. [شرح أبيات المغني/ 7/ 132].

226 - فقولا لها قولا رفيقا لعلها … سترحمني من زفرة وعويل

226 - فقولا لها قولا رفيقا لعلّها … سترحمني من زفرة وعويل مجهول. والشاهد اقتران خبر «لعل» بالسين قليلا. [شرح أبيات المغني/ 5/ 177]. 227 - فليت دفعت الهمّ عنّي ساعة … فنمنا على ما خيّلت ناعمي بال البيت لعدي بن زيد العبادي، كاتب النعمان. وقوله: «على ما خيلّت»، هذا التركيب قد صار كالمثل في استعماله بالماضي، وجعل فاعله ضمير النفس المعلومة من المقام، ومعناه: «على ما أرت وأوهمت»، وأصل ذلك في السحاب يقال: قد خيّلت السحابة وتخيّلت، إذا أرت أنها ماطرة، أو معناه «على ما أرت الحال وشبهت»، فأضمر الحال، أو «على ما أرتك نفسك أنه الصواب». ويقال: «على ما تخيّلت وخيّلت». والبيت شاهد على أن اسم «ليت» محذوف سواء أكان ضمير شأن، أو ضمير مخاطب. وهو قليل في الكلام. [شرح أبيات المغني/ 5/ 184]. 228 - فلست بآتيه ولا أستطيعه … ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل من قصيدة للنجاشي الحارثي، قيس بن عمرو بن مالك. عاصر الإمام علي. والشاهد: «ولاك»، على أن أصله: «ولكن اسقني»، فحذفت النون؛ لضرورة الشعر. [شرح أبيات المغني/ 5/ 194]. 229 - أنا الفارس الحامي الذّمار وإنّما … يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي البيت للفرزدق، من قصيدة هجا بها جريرا، ومراده أنه الذي يدافع عن أحسابهم لا غيره، ولو قال: وإنما أدافع عن أحسابهم، لكان معناه: إنه يدافع عن أحسابهم لا عن أحساب غيرهم، وهو غير مراده. والشاهد: أنهم عاملوا «إنما» معاملة النفي و «إلّا» في فصل الضمير. [شرح أبيات المغني/ 5/ 248]. 230 - ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل … وضنّت علينا والضنين من البخل

231 - أراني- ولا كفران لله أية … لنفسي- قد طالبت غير منيل

البيت للبعيث خداش بن بشر، من مجاشع، عاصر جريرا، وكان بينهما مناضلة بالشعر. وقوله: والضنين من البخل، كقولك: أنت من أهل الجود، وأنت من الكرم تريد: من أهل الجود والكرم. وهو شاهد على أنّ فيه مبالغة بكون البخيل مخلوفا من البخل. [شرح أبيات المغني/ 5/ 265]. 231 - أراني - ولا كفران لله أيّة … لنفسي - قد طالبت غير منيل مجهول القائل. اختلف النحويون هل يعترض بأكثر من جملة. فقال أبو علي: لا يعترض بأكثر من جملة، وجعل أيّة منصوبة باسم «لا»، أي: ولا أكفر الله رحمة مني لنفسي. وأيّة: مصدر أويت له، إذا رحمته ورفقت به. أما ابن جني، فأقرّ بوجود جملتين معترضتين، إحداهما: لا كفران لله، والأخرى: قوله: «أيّة»، أي: آويت لنفسي أيّة، معناه: رحمتها. [شرح أبيات المغني/ 6/ 225]. 232 - لعمرك والخطوب مغيّرات … وفي طول المعاشرة التّقالي لقد باليت مظعن أمّ أوفى … ولكن أمّ أوفى لا تبالي البيتان لزهير بن أبي سلمى. وفي البيتين شاهد على وقوع الاعتراض بجملتين بين القسم «لعمرك»، وجوابه «لقد باليت» الأولى: والخطوب مغيرات، والثانية: «وفي طول المعاشرة التقالي»، وفي البيت شاهد على استخدام «أبالي» بدون نفي في الشطر الأول من البيت الثاني، والغالب فيه أن يستخدم مع النفي، فتقول: لا أباليه، ولا أبالي به، فيتعدى بنفسه، و «بالباء». [شرح المغني/ 6/ 227]. 233 - إذا أحسن ابن العمّ بعد إساءة … فلست لشرّي فعله بحمول مجهول. وهو شاهد على القلب، والتقدير: فلست لشرّ فعليه، فقلب. [شرح المغني/ 8/ 123]. 234 - كائن دعيت إلى بأساء داهمة … فما انبعثت بمزؤود ولا وكل غير معروف. والبأساء: الحرب. والمزؤود: المذعور. والوكل: العاجز الذي يكل

235 - وما هجرتك لا، بل زادني شغفا … هجر وبعد تراخى لا إلى أجل

أمره إلى غيره. وفيه شاهد على زيادة «الباء» في الحال «بمزؤود»، والأصل: فما انبعثت مزؤودا ولا وكلا، فزيدت «الباء»، وعطف على مجرورها. [شرح المغني/ 2/ 393]. 235 - وما هجرتك لا، بل زادني شغفا … هجر وبعد تراخى لا إلى أجل لا يعرف قائله. والبيت شاهد على أنّ «لا» تزاد بعد النفي؛ لتوكيد تقرير ما قبلها، وليست «بل» للعطف هنا؛ لأنّ ما بعدها جملة. وزاد: يتعدى إلى مفعولين، أحدهما: الياء، وثانيهما: شغفا. وهجر: فاعل زادني. وتراخى: ماض، معناه: تطاول وامتدّ. والأجل هنا: المدّة. [شرح المغني/ 3/ 14]. 236 - لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت … حمامة في غصون ذات أوقال من قصيدة لأبي قيس بن الأسلت الأوسي، الجاهلي، عاصر الإسلام، واختلف في إسلامه. وهو هنا يتحدث عن ناقته. الشّرب: مفعول به، و «غير»: فاعله بني على الفتح. وقوله: في غصون: بمعنى «على»، وذات: صفة لغصون بالجرّ. والأوقال: جمع وقل، وهو ثمر الدوم إذا يبس. يريد: أن الناقة ما منعها من الشرب إلا صوت الحمامة، فنفرت، ومراده أنها حديدة النفس يخامرها فزع وذعر؛ لحدة نفسها، وذلك محمود فيها. [الخزانة/ 3/ 406، وشرح المغني/ 3/ 395]. 237 - وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني … ثوبي فأنهض نهض الشّارب الثّمل للشاعر عمرو بن أحمر من شعراء العصر الأموي، من أبيات وصف بها الشيخوخة، وضعف الحواس، وعجز القوى، ولكن قافية الأبيات رائية، وآخره «السّكر». والفعل جعلت: من أفعال الشروع. فأنهض: معطوف على يثقلني. والبيت شاهد على أنّ «ثوبي» بدل اشتمال من «تاء» «جعلت». والفعل «يثقلني» خبر للفعل «جعل»، وتقدير «إذا» ظرفية. وإذا قدرنا خبر «جعل» جملة «إذا ما قمت»، تعرب ثوبي فاعلا. [شرح أبيات المغني/ 7/ 213]. 238 - ولو نعطى الخيار لما افترقنا … ولكن لا خيار مع الليالي البيت شاهد على أن «اللام» دخلت بقلّة على جواب «لو» المنفي. [شرح المغني/ 5/ 111].

239 - بكيت وما بكا رجل حزين … على ربعين مسلوب وبال

239 - بكيت وما بكا رجل حزين … على ربعين مسلوب وبال البيت لابن ميّادة. والربعين: تثنية ربع، وهو المنزل. والمسلوب: الذي سلب بهجته بخلائه من أهله. والبيت شاهد على أن عطف الصفات المفرقة مع اجتماع منعوتها لا تكون إلا ب «الواو». وذكر سيبويه البيت على أنه يجوز في النعتين: مسلوب وبال، الجرّ، نعتين لربعين، والرفع، لإمكان التبعيض منهما والقطع. والتقدير: أحدهما مسلوب والآخر بال. [شرح المغني/ 6/ 78]. 240 - أكلت بنيك أكل الضبّ حتى … وجدت مرارة الكلأ الوبيل البيت للشاعر أرطاة بن سهيّة. يقوله لرجل طرد بنيه فتفرقوا في البلاد وبقي وحده، فاعتدى الناس عليه، ولم يستطع دفاعا. والبيت شاهد على أنّ «الأكل» هنا بمعنى العدوان والظلم. [شرح أبيات المغني/ 6/ 134]. 241 - لما أغفلت شكرك فاصطنعني … فكيف ومن عطائك جلّ مالي البيت للنابغة الذبياني، من قصيدة يعتذر فيها للنعمان بن المنذر، وقبله: فلا عمر الذي أثني عليه … وما رفع الحجيج على ألال ألال: جبل عند عرفات. والبيت شاهد على أنّ لام الابتداء دخلت على «ما» النافية؛ لشبهها صورة ل «ما» الموصولة، وهو شاذ. [شرح المغني/ 8/ 56]. 242 - أم لا سبيل إلى الشباب وذكره … أشهى إليّ من الرّحيق السّلسل البيت لأبي كبير الهذلي عامر بن حليس، شاعر صحابي. والبيت شاهد أنّ «إلى» فيه بمعنى «عند»، أو على تضمين «أشهى» معنى «أقرب». [شرح أبيات المغني/ 2/ 136].

243 - فأتت به حوش الفؤاد مبطنا … سهدا إذا ما نام ليل الهوجل

243 - فأتت به حوش الفؤاد مبطّنا … سهدا إذا ما نام ليل الهوجل لأبي كبير الهذلي. وقوله: فأتت به، أي: فولدته. والهوجل: الوخم الثقيل، وأتت به: يعني: أمه. حوش الفؤاد: وحشي الفؤاد. مبطنا: خميص البطن. سهدا: يقوظا لا ينام. وضمر البطن محمود في الذكور. والشاهد أنّ إضافة «حوش» إلى الفؤاد، لفظية لا تفيد تعريفا، بدليل أنه حال من «الهاء». [شرح أبيات المغني/ 7/ 98]. 244 - ممّن حملن به وهنّ عواقد … حبك النّطاق فشبّ غير مهبّل حملت به في ليلة مزؤودة … كرها وعقد نطاقها لم يحلل من قصيدة لأبي كبير الهذلي، وكان قد تزوج أمّ تأبط شرا وكان غلاما صغيرا، فلما رآه كثير الدخول على أمه تنكّر له، وعرف ذلك أبو كبير في وجهه إلى أن ترعرع الغلام، فقال أبو كبير لأمه: ويحك قد والله رابني أمر هذا الغلام ولا آمنه، فلا أقربك، قالت له: فاحتل عليه حتى تقتله، فاحتال عليه أبو كبير للخروج إلى الغزو، فخرجا، وأخذ يتحيّن منه غرّة ليقتلة، فلم يستطع، فرجعا إلى الحيّ وترك أبو كبير أمّ تأبط شرا. والقصة إن صدقت، أعظمت في عيني مكانة تأبط شرا، وجعلت منزلة أمّه في الدّرك، وبغّضت أبا كبير الجاهلي، ولا شك أنه بعد إسلامه قد تغيرت طباعه، والقصة قد تصدق فيما قيل عن تأبط شرا، وما زال هذا الشعور موجودا في الأبناء، فهم لا يريدون أن يروا غير أبيهم في البيت، ولا تصدق فيما قيل عن أمّ تأبط شرّا؛ لأنّ حبّ الأم المتعة لا يجعلها تقتل ابنها. وقوله: ممن حملن: النون ضمير النساء، وقال: «به» فردّ الضمير على لفظ «من»، ولو ردّ على المعنى لقال: «بهم». وعدى «حمل» ب «الباء»، وهو متعد بنفسه؛ لأنه ضمّنه معنى «حبلت». وعواقد: جمع عاقدة. والحبك: جمع حباك - بكسر أوله - ما يشد به النطاق مثل «التكة». والنطاق: شقة تلبسها المرأة وتشدّ وسطها ثم ترسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة، والأسفل ينجرّ على الأرض. والمهبّل: المثقل باللحم، وقيل: المعتوه. يتحدث عن تأبط شرّا، يقول: إن أمه حملت به وهي تخدم، وكانت العرب تستحب أن تطأ النساء وهنّ متعبات أو فزعات؛

245 - استغن ما أغناك ربك بالغنى … وإذا تصبك خصاصة فتجمل

ليغلب ماء الرجل فيجيء الولد مذكّرا، فوصف أنها حبلت به وهي عاقدة حبك النطاق. وقيل: المعنى: إنه من الفتيان الذين حملت بهم أمهاتهم وهنّ غير مستعدات للفراش، فنشأ محمودا مرضيا. وحكى عن بعضهم: إذا أردت أن تنجب المرأة، فأغضبها عند الجماع؛ ولذلك يقال في ولد المذعورة: إنه لا يطاق، قال الشاعر: تسنّمها غضبى فجاء مسهّدا … وأنفع أولاد الرجال المسهّد وليلة مزؤودة: ذات فزع، فمن نصب مزؤودة، فإنما أراد المرأة، ومن خفض أراد الليلة. والشاهد في البيت الأول: تضمين «حملت» معنى «حبلت»، فتعدى بحرف الجرّ. [شرح أبيات المغني/ 8/ 82، وسيبويه/ 1/ 56، والانصاف/ 489، وشرح المفصل/ 6/ 74، والأشموني/ 2/ 299، والحماسة/ 87]. 245 - استغن ما أغناك ربّك بالغنى … وإذا تصبك خصاصة فتجمّل من قصيدة لعبد قيس بن خفاف، في المفضليات، والأصمعيات، وهو شاعر جاهلي، واختلط بعض أبيات القصيدة بأبيات قصيدة للحارثة بن بدر الغداني، في أمالي الشريف المرتضى، والأخير عاصر النبي عليه السّلام وهو صبيّ، وليس بصحابي. والبيت شاهد على أن «إذا» لا تجزم إلا في الشعر كما في البيت، ولكن ابن مالك يرى جواز جزمها في النثر، وجعل منه قوله عليه السّلام لعلي وفاطمة: «إذا أخذتما مضاجعكما تكبرا أربعا وثلاثين». وابن مالك رحمه الله على حقّ فيما قال، فهو أول من نبه إلى ضرورة الاستشهاد بالحديث الشريف في النحو، مع عدم الالتفات إلى من قال: إن الحديث مرويّ بالمعنى، وجلّ رواته من العجم، ولا شكّ أن نصوص الحديث الصحيحة، خير من عشرات الشواهد الشعرية المجهولة القائل. [المفضليات/ 385، والهمع/ 206، وشرح المغني/ 2/ 222]. 246 - يغشون حتى ما تهرّ كلابهم … لا يسألون عن السواد المقبل البيت لحسان بن ثابت في مدح الغساسنة، وذكروه شاهدا على أن «حتى» فيه ابتدائية، لذلك ارتفع الفعل؛ لأنها دخلت على جملة، ولو كانت الجارة، لانتصب الفعل. [شرح المغني/ 3/ 124].

247 - زعم العواذل أنني في غمرة … صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي

247 - زعم العواذل أنني في غمرة … صدقوا ولكن غمرتي لا تنجلي لم يعرف قائله. وهو شاهد على أن قوله: «صدقوا» ... الخ، استئناف بياني، كأنه قيل: هل صدقوا، فقال: صدقوا، والغمرة - بالفتح - الشدّة. [شرح المغني/ 6/ 180]. 248 - ذاك الذي وأبيك تعرف مالك … والحقّ يدفع ترّهات الباطل قاله جرير من مقطوعة هجا بها يحيى بن عقبة الطهوي، وكان يروى عليه شعر الفرزدق. وقوله: ذاك الذي، ذاك: إشارة للفرزدق، مبتدأ، والذي: خبره. وجملة «تعرف مالك» من الفعل والفاعل: صلة «الذي»، والعائد محذوف، أي: تعرفه مالك، وأنّث «تعرف»؛ لأنه أراد ب «مالك»: القبيلة. وقوله: والحقّ يدفع، يعني: أن الفرزدق في اتصافه بما ذكرته من المناقب الجليلة هو الحق الذي يهشم دفاع الباطل، وهو مع كونه كذا، فقد قتلته بهجوي، فكيف حالكم عندي. والبيت شاهد على أنّ جملة «وأبيك» القسمية، اعترض بها بين الموصول وصلته. [شرح أبيات المغني/ 6/ 214، والهمع/ 1/ 88، والخصائص/ 1/ 336]. 249 - ومنهل وردته عن منهل … قفر به الأعطان لم تسهّل رجز ينسب إلى عبد الله بن رواحة، وينسب الجزء الأول للعجاج. ومنهل: ورب منهل. والأعطان: جمع عطن - بفتحتين -، وهو مبرك الإبل حول الحوض. وقوله: «لم تسهل» يريد: توعرت وصارت فيها الحجارة. والشاهد: أن «عن» في البيت بمعنى «بعد». [شرح أبيات المغني/ 3/ 293]. 250 - وبدّلت والدهر ذو تبدّل … هيفا دبورا بالصّبا والشّمأل من أرجوزة لأبي النجم العجلي. وبدّلت: بالبناء للمجهول، ونائب الفاعل ضمير

251 - كل امرئ مصبح في أهله … والموت أدنى من شراك نعله

الريح. والهيف: ريح تهبّ بين الجنوب والدبور، وهي حارة. والدبور: ريح تهب من ناحية المغرب. والصبا: من المشرق. وقوله: بالصبا: أي: ذهبت ريح الصّبا والشمأل، وهبت علينا الهيف والدبور، ف «الباء» دخلت على المتروك. والشاهد أنه فصل بجملة «والدهر ذو تبدّل» بين الفعل ومفعوله؛ لتسديد الكلام وتوكيده. [شرح أبيات المغني/ 6/ 185، والهمع/ 1/ 248]. 251 - كلّ امرئ مصبّح في أهله … والموت أدنى من شراك نعله رجز للحكيم بن الحارث بن نهيك النهشلي، شاعر جاهلي، وتمثل بالرجز أبو بكر - رضي الله عنه - عند ما أصيب بحمى المدينة أول الهجرة. وهو شاهد على أن «كل» معناها بحسب ما تضاف إليه. ومعنى «مصبّح» أي: مصاب بالموت صباحا، أو يقال له وهو مقيم بأهله: صبّحك الله بالخير، وقد يفجؤه الموت في بقية النهار. والمعنى: إن الموت أقرب إلى الشخص من شراك نعله لرجله. [شرح أبيات المغني/ 4/ 194]. 252 - تساور سوّارا إلى المجد والعلا … وفي ذمّتي لئن فعلت ليفعلا قالته ليلى الأخيلية في هجائها للنابغة الجعدي. وتساور: تواثب وتغالب. والسّوّار: الطّلاب لمعالي الأمور المتجه بنفسه إليها. عنت به سيدا من أهلها كان النابغة قد عارضه مفاخرا له. والشاهد: «ليفعلا»، بالنون الخفيفة المبدلة ألفا. [سيبويه/ 2/ 151، والعيني/ 1/ 569]. 253 - قروم تسامى عند باب دفاعه … كأن يؤخذ المرء الكريم فيقتلا قاله النابغة الجعدي. وصف قوما اجتمعوا لدى باب ملك محجّب؛ للتخاصم، وجعل دفاع الحجاب لمن وقفوا وحجبوا شبيها بأن يؤخذ الرجل الكريم ثم يقتل. والقروم: السادة. تسامى، أي: تتسامى وترتفع، بمعنى يفخر بعضهم على بعض. والشاهد: حذف «ما» ضرورة من قوله: «كأن تؤخذ»، والتقدير «كما أنه». وقيل:

254 - فقال: امكثي حتى يسار لعلنا … نحج معا قالت: أعاما وقابله

«كأن» هنا الناصبة للمضارع، بدليل العطف على الفعل بعدها بالنصب في قوله: «فيقتلا». وقيل: «فيقتلا» منصوب بعد «فاء» السببية في الإيجاب. [سيبويه/ 1/ 470]. 254 - فقال: امكثي حتى يسار لعلنا … نحجّ معا قالت: أعاما وقابله طلب منها الانتظار حتى يوسر فيستطيع الحج، فأنكرت ذلك وقالت: أأنتظر هذا العام والعام القابل. والشاهد: في «يسار» إذ عدلت عن «الميسرة». [سيبويه/ 2/ 39، وشرح المفصل/ 4/ 55، والهمع/ 1/ 29، واللسان «يسر»]. 255 - أتتني سليم قضّها بقضيضها … تمسّح حولي بالبقيع سبالها قاله الشماخ بن ضرار. وسليم: قبيلة امرأته، وكان قد ضربها وكسر يدها فشكاه قومها إلى عثمان بن عفان، فأنكر ما ادعوا، فأمر كثير بن الصلت أن يستحلفه على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ففعل، وسجل ذلك في شعره. ومعنى قضها بقضيضها: منقضا آخرهم على أولهم. والسبال: جمع سبلة، مقدم اللحية، وكانوا إذا تأهبوا للكلام، مسحوا لحاهم، ولا سيما عند التهديد والوعيد. والبقيع: موضع مقبرة المدينة النبوية. والشاهد: نصب «قضّها» على الحال مع أنه معرفة؛ لأنه مصدر منبئ عن فعل. [سيبويه/ 1/ 188، واللسان «قضض»، والخزانة/ 3/ 194]. 256 - كذبتك عينك أم رأيت بواسط … غلس الظلام من الرّباب خيالا قاله الأخطل. كذبتك عينك: خيّل إليك. ثم رجع عن ذلك، فقال: أم رأيت بواسط، وواسط: مكان بين البصرة والكوفة. والشاهد: إتيانه ب «أم» منقطعة بعد الخبر، ويجوز أن تحذف «ألف» الاستفهام ضرورة؛ لدلالة «أم» عليها، والتقدير: أكذبتك عينك أم رأيت. [سيبويه/ 1/ 484، وشرح أبيات المغني/ 1/ 235]. 257 - إنّ لكم أصل البلاد وفرعها … فالخير فيكم ثابتا مبذولا غير معروف.

258 - إن محلا وإن مرتحلا … وإن في السفر ما مضى مهلا

والشاهد: نصب «ثابت» على الحالية، والجار والمجرور هو خبر «الخير»، ولو رفع «ثابت» على الخبرية، لجاز. [سيبويه/ 1/ 262]. 258 - إنّ محلّا وإنّ مرتحلا … وإنّ في السّفر ما مضى مهلا قاله الأعشى، أي: إنّ لنا محلا في الدنيا، أي: حلولا، وإن لنا مرتحلا، أي: ارتحالا عنها إلى غيرها، وهو الموت أو الآخرة. والسّفر: المسافرون، أي: من رحلوا عن الدنيا. والمهل: الإبطاء. والمراد: عدم الرجوع. يقول: في رحيل هؤلاء إبطاء وعدم عودة. والشاهد: حذف خبر «إنّ» لقرينة علم السامع في: «إنّ محلا وإنّ مرتحلا». [سيبويه/ 1/ 284، والخصائص/ 2/ 273، وشرح المفصل/ 1/ 103، وشرح أبيات المغني/ 2/ 161]. 259 - على أنني بعد ما قد مضى … ثلاثون للهجر حولا كميلا يذكّرنيك حنين العجول … ونوح الحمامة تدعو هديلا البيتان للعباس بن مرداس .. والعجول: كصبور، الواله التي فقدت ولدها؛ لعجلتها في ذهابها وجيئتها جزعا، تقال للنساء وللإبل كما هنا. والهديل: صوت الحمامة. يقول: إذا حنت واله من الإبل، أو ناحت حمامة، رقّت نفسي فكنت منك على تذكار. والشاهد في البيت الأول: وهو الفصل بين «ثلاثين» و «حولا» بالمجرور ضرورة. وهذا تقوية لجواز الفصل بين «كم» وتمييزها عوضا لما منعته من التصرف في الكلام بالتقديم والتأخير، فهي واجبة التقديم أما «الثلاثون» ونحوها، فلما لها من التصرف بالتقديم والتأخير وفقدان الصدارة، وجب اتصال التمييز بها إلا في الضرورة. [سيبويه/ 1/ 292، والإنصاف/ 308، وشرح المفصل/ 4/ 130، وشرح أبيات المغني/ 7/ 203]. 260 - ألام على لوّ ولو كنت عالما … بأذناب لوّ لم تفتني أوائله قاله أبو زبيد. و «أذناب لو»، يعني: أواخرها وعواقبها. يقول: إني ألام على التمنّي فأتركه لذلك، مع أن كثيرا من الأماني ما يصدق، فلو أيقنت بصدق ما أتمناه، لأخذت في أوائله، وتعلقت بأسبابه.

261 - فيا لك من دار تحمل أهلها … أيادي سبا بعدي وطال احتيالها

والشاهد: تضعيف «لو» حين جعلت اسما، وذكر «لو» حملا على معنى الحرف. [سيبويه/ 2/ 33، وشرح المفصل/ 6/ 31، والهمع/ 1/ 5]. 261 - فيا لك من دار تحمّل أهلها … أيادي سبا بعدي وطال احتيالها قاله ذو الرّمة. تحمل أهلها: ارتحلوا. والمراد ارتحلوا متفرقين في كل وجه. طال احتيالها: طال مرور الأحوال والسنين عليها فتغيرت. والشاهد: «أيادي سبا» حيث أضاف «أيادي» إلى «سبا» ونونها كما يقال في معد يكرب، وكان حق «الياء» أن تكون مفتوحة، لكنهم سكنوها استخفافا كما سكنت ياء «معد يكرب» والأكثر في هذا التركيب، أن يكون مركبا كالأعداد المركبة، ويعرب حالا. [سيبويه/ 2/ 54، واللسان «يدي، وحول»]. 262 - في فتية كسيوف الهند قد علموا … أن هالك كلّ من يحفى وينتعل قاله الأعشى، يذكر نداماه ويشبههم بسيوف الهند في مضائها، وأنهم يبادرون اللذات قبل أن يحين الأجل الذي يدرك كل الناس. والشاهد: إضمار اسم «أن» المخففة، والتقدير: أنه هالك. [سيبويه/ 1/ 282، والخصائص/ 2/ 441، والإنصاف/ 199، وشرح المفصل/ 8/ 74]. 263 - أأن رأت رجلا أعشى أضرّ به … ريب المنون ودهر مفسد خبل قاله الأعشى. وريب المنون: صرفه وما يريب منه. والمنون: الدهر. والخبل: الشديد الفساد. والشاهد: حذف الجار قبل «أن» أي: ألأن. [سيبويه 1/ 476، والإنصاف/ 327، وشرح المفصل/ 3/ 83]. 264 - وما صرفتك حتى قلت معلنة … لا ناقة لي في هذا ولا جمل قاله الراعي النميري. وعجز البيت مثل يضرب عند التبرّي من الأمر، والتخلي عنه. والشاهد: رفع ما بعد «لا» على الابتداء والخبر؛ وذلك لتكرارها، ولو نصب على الإعمال، لجاز والرفع أكثر؛ لأن ذلك جواب لمن قال: ألك في هذا ناقة أو جمل، فقلت: لا ناقة لي في هذا ولا جمل، فجرى ما بعد «لا» في الجواب مجراه في السؤال.

265 - أملت خيرك هل تأتي قواعده … فاليوم قصر عن تلقائك الأمل

[سيبويه/ 1/ 354، وشرح المفصل/ 2/ 111، والأشموني/ 2/ 11]. 265 - أمّلت خيرك هل تأتي قواعده … فاليوم قصّر عن تلقائك الأمل البيت للراعي. يقول: كنت آمل من خيرك، وأترقب في لهفة ما هو أقلّ مما حصلت عليه الآن عند لقائك، فقد أعطيتني فوق ما كنت آمل. والشاهد: في «تلقائك» بالكسر، بمعنى اللقيان. والمطرد في المصادر إذا بنيت للمبالغة بزيادة «التاء» أن تأتي على تفعال بفتح التاء، نحو: التقتال، والتضراب، إلا التلقاء والتبيان فإنهما شذا، فأتيا بالكسر تشبيها لهما بالأسماء غير المصادر نحو: التمساح، والتّقصار، وهو القلادة. [سيبويه/ 2/ 245]. 266 - كم نالني منهم فضلا على عدم … إذ لا أكاد من الإقتار أحتمل قاله القطامي. والشاهد: نصب «فضلا» على التمييز، حين فصل بينها وبين «كم» الخبرية بفاصل. [سيبويه/ 1/ 195، والإنصاف/ 305، وشرح المفصل/ 4/ 129، والهمع/ 1/ 255، والأشموني/ 4/ 82]. 267 - إذ هي أحوى من الرّبعيّ حاجبه … والعين بالإثمد الحاريّ مكحول قاله طفيل الغنويّ. أحوى: يعني ظبيا أحوى، أراد من ذلك الجنس، وما نتج في الربيع أحسن ذاك وأفضله، وهو الذي في لونه سفعة، شبه صاحبته بها. والرّبعي: ما نتج في الربيع. والعين، أي: وعينه. ف «أل»: بدل من الضمير. والحاريّ: المنسوب إلى الحيرة على غير قياس. والشاهد: تذكير «مكحول»، وهو خبر عن «العين» المؤنثة ضرورة؛ لأن العين بمعنى الطرف، وهو مذكر. [سيبويه/ 1/ 240، والإنصاف/ 775، وشرح المفصل/ 10/ 18]. 268 - ولا تشتم المولى وتبلغ أذاته … فإنك إن تفعل تسفّه وتجهل قاله جرير. والمولى هنا: ابن العم. والأذاة: الأذى. وسفهه: نسبه إلى السفه، وهو الجهل وخفة الحلم.

269 - ومالكم والفرط لا تقربونه … وقد خلته أدنى مرد لعاقل

والشاهد: جزم «تبلغ»؛ لأنه داخل في النهي. [سيبويه/ 1/ 425، وشرح المفصل/ 7/ 33]. 269 - ومالكم والفرط لا تقربونه … وقد خلته أدنى مردّ لعاقل منسوب إلى عبد مناف بن ربع الهذلي. والفرط: طريق بتهامة. يقول: قد عجزتم أن تقربوا هذا المكان، ولو قربتموه، لمنعتكم منه وقتلتكم. وخلته: علمته. والعاقل: المتحصّن في المعقل، يعني أنّ هذا المكان يرد عن المتحصن فيه أعداءه. والشاهد: نصب «الفرط»، والتقدير: مالكم وقربكم الفرط، أو وملابستكم الفرط. [سيبويه/ 1/ 155، ومعجم البلدان «الفرط»]. 270 - فمالك والتّلدّد حول نجد … وقد غصّت تهامة بالرّجال قاله مسكين الدارمي. والتلدد: الذهاب والمجيء حيرة. غصت: تملأت. يقول: مالك تقيم بنجد، وتتردد فيها مع جدبها وتترك تهامة وقد غصت بمن فيها؛ لخصبها وطيبها. والشاهد: نصب «التلدد» بتقدير الملابسة. [سيبويه/ 1/ 155، والأشموني/ 2/ 126، 271 - أراني - ولا كفران لله - إنّما … أواخي من الأقوام كلّ بخيل قاله كثير عزّة. والكفران: جحود النعمة. جعل تعلقه بالنساء خاصة وهنّ موسومات بالبخل على الرجال، حكما عاما في مواخاته لكل بخيل مبالغة، كأنه لا يواخي غيرهن. والشاهد: كسر «إنما»، لوقوعها موقع الجملة النائبة عن المفعول الثاني. [سيبويه/ 1/ 466، والخصائص/ 1/ 338، وشرح المفصل/ 8/ 55، والهمع/ 1/ 247]. 272 - وما أنا للشيء الذي ليس نافعي … ويغضب منه صاحبي بقؤول قاله كعب الغنوي. وتقديره: وما أنا بقؤول للشيء غير النافع، ولأن يغضب منه صاحبي، أي: لست بقؤول لما يؤدي إلى غضبه؛ لأنه لا يقول الغضب، وإنما يقول ما يؤدي إلى الغضب. ويجوز: «ويغضب» عطفا على صلة الذي، وهو أظهر وأحسن.

273 - لما تمكن دنياهم أطاعهم … في أي نحو يميلوا دينه يمل

فالنصب في: «ويغضب» بإضمار «أن» بعد الحرف العاطف. [سيبويه/ 1/ 426، وشرح المفصل/ 7/ 36، والأصمعيات/ 76]. 273 - لما تمكّن دنياهم أطاعهم … في أيّ نحو يميلوا دينه يمل قاله عبد الله بن همّام السّلولي، يصف رجلا اتّصل بالسلاطين، فأضاع دينه في اتباع أمرهم ولزوم طاعتهم. وتمكن دنياهم، أي: من دنياهم. فحذف حرف الجرّ ووصل. ويجوز أن تكون «دنياهم» فاعلا ل «تمكن»، وذكّر الفعل لجعل الدنيا في معنى الزمان والحال. والشاهد: دخول حرف الجرّ على «أيّ» - وهي للجزاء - لم يغيرها عن عملها. [سيبويه/ 1/ 442، والأشموني/ 4/ 10، واللسان «مكن»]. 274 - ثلاثة أنفس وثلاث ذود … لقد جار الزمان على عيالي قاله الحطيئة، يأسى على ثلاث ذود له، أي: نوق كان يتقوت بألبانها ويقوم بها على عياله، فضلت عنه فقال هذا. والذّود: اسم واحد مؤنث منقول من المصدر يقع على الجمع، فيضاف العدد إليه كما يضاف إلى الجموع. والشاهد: «في ثلاثة أنفس»، حيث أنث «الثلاثة» مع أن النفس مؤنثة، وذلك لأنه حملها على معنى الشخص المذكر. [سيبويه/ 2/ 175، والإنصاف/ 10/ 77، والهمع/ 1/ 253، والأشموني/ 4/ 63]. 275 - وأنت مكانك من وائل … مكان القراد من است الجمل قاله الأخطل. وائل: قبيلة كعب بن جعيل التغلبي، الذي يهجوه الأخطل. والقراد: دويبة تعض الإبل. جعل مكانه من وائل شبيها بمكان القراد في است الجمل في الخسة والدناءة. والشاهد فيه: رفع «مكان» الثاني؛ لأنه خبر عن الأول لا ظرف له. ولو جعل الآخر ظرفا، جاز، ولكن الشاعر رفع؛ لأنه أراد أن يشبه مكانه بذلك المكان. [الخزانة/ 1/ 460، و 3/ 50، والمقتضب/ 4/ 350، والمؤتلف/ 84]. 276 - أنصب للمنية تعتريهم … رجالي أم هم درج السيول

277 - إني بحبلك واصل حبلي … وبريش نبلك رائش نبلي

قاله ابن هرمة. يقول باكيا على قومه؛ لكثرة من فقد منهم. والنصب: بالضم، أي: الشيء المنصوب. وتعتريهم: تغشاهم. ودرج السيول: الموضع الذي ينحدر فيه السيل إلى آخره حتى يستقرّ. والمعنى: كأنهم كانوا في ممرّ السيل فاجترفهم. والشاهد: نصب «درج السيول» على الظرف. وزعم يونس أن أناسا يقولون: «هم درج السيول»، بالرفع. [سيبويه/ 1/ 206، والخزانة/ 1/ 424]. 277 - إني بحبلك واصل حبلي … وبريش نبلك رائش نبلي قاله امرؤ القيس. وراش السهم: ركّب فيه الريش، والنبل: السهام، لا واحد له من لفظه. يقول لها: أمري من أمرك وهواي من هواك، وهذان مثلان ضربهما للمودة والمواصلة. وشاهده: تنوين «واصل»، و «رائش»، ونصب ما بعدهما تشبيها بالفعل المضارع؛ لأنهما في معناه ومن لفظه، فجريا مجراه في العمل، كما جرى مجراهما في الإعراب. [سيبويه/ 1/ 83]. 278 - إنّي انصببت من السماء عليكم … حتى اختطفتك يا فرزدق من عل قاله جرير، يهجو الفرزدق. ومعناه: أخذتك أخذ مقتدر ظاهر عليك. يريد: غلبته إيّاه في الشعر. والشاهد: أن «عل» بمعنى «فوق». [سيبويه/ 2/ 309]. 279 - ما إن يمسّ الأرض إلا منكب … منه وحرف السّاق طيّ المحمل قاله أبو كبير الهذلي. ما إن، إن: زائدة لتوكيد النفي. نعت رجلا بالضمر، فشبهه في طيّ كشحه وإرهاف خلقه بالمحمل، وهو حمالة السيف، ويقول: إنه إذا اضطجع، لم يمس الأرض إلا منكبه وحرف ساقه؛ لأنه خميص البطن فلا ينال بطنه الأرض. والمنكب: مجتمع رأس العضد والكتف. والشاهد فيه: نصب «طيّ المحمل» بإضمار فعل دلّ عليه قوله: ما إن يمس الأرض إلا منكب منه وحرف الساق؛ لأن هذا القول يدل على أنه طوي طيّا. [سيبويه/ 1/ 180، والإنصاف/ 230، والأشموني/ 1/ 121، والخصائص/ 2/ 309].

280 - الحرب أول ما تكون فتية … تسعى ببزتها لكل جهول

280 - الحرب أول ما تكون فتيّة … تسعى ببزّتها لكلّ جهول قاله عمرو بن معد يكرب. وفتيّة: بضم الفاء، تصغير فتاة، أي: تبدأ صغيرة ثم تذكو ويشتد ضرامها. والبزة: بالكسر: اللباس، يعني: أن الحرب تغرّ من لم يجربها حتى يدخل فيها فتهلكه. والشاهد: رفع «أول» ونصب «فتيّة» والعكس، ورفعهما جميعا، ونصبهما على تقديرات مختلفة: فتقدير الأول: الحرب أول أحوالها إذا كانت فتيّة، ف «فتيّة» فيه حال ناب مناب الخبر للمبتدأ الثاني. وتقدير الثاني: الحرب في أول أحوالها فتيّة، ف «أول» نصب على الظرفية. [سيبويه/ 1/ 200، والحماسة/ 252، 368]. 281 - ويأوي إلى نسوة عطّل … وشعث مراضيع مثل السّعالي قاله أمية بن أبي عائذ الهذلي. وصف صائدا يسعى لعياله، فيعزب عن نسائه في طلب الوحش، ثم يأوي إليهنّ. والسعالي: جمع سعلاة، وهي الغول، تشبه فيها المرأة القبيحة الوجه. والشاهد: عطف «شعث» على «عطّل» ب «الواو» لا «الفاء»؛ لأن «الفاء» تفيد التفرقة ورواه سيبويه أيضا بالنصب «شعثا» على أنه منصوب على الترحم. والبيت من قصيدة عدتها ستة وسبعون بيتا، مطلعها الشاهد التالي، وأمية، شاعر اسلامي مخضرم. وفي الأغاني، أنه أموي، وفد على عبد العزيز بن مروان بمصر، وطال مقامه عنده، وكان يأنس به، فتشوق إلى البادية وإلى أهله، فأذن له ووصله. فدلّ بفعله هذا، على أنه شاعر أصيل؛ حيث فضل أهله وباديته على ترف الحاضرة، وأعطى مثلا لحبّ الوطن، ولو كان بادية. [سيبويه/ 1/ 199، 250، وشرح المفصل/ 2/ 18، والأشموني/ 3/ 69، والخزانة/ 2/ 426]. 282 - ألا يا لقوم لطيف الخيال … أرّق من نازح ذي دلال قاله أمية بن أبي عائذ الهذلي. والطيف: ما يطيف بالإنسان في نومه من خيال من يهوى. ونازح: بعيد. والدلال: الجرأة في غنج، والبيت مطلع القصيدة.

283 - وأكذب النفس إذا حدثتها … إن صدق النفس يزري بالأمل

والشاهد فيه: فتح «اللام» الأولى وكسر الثانية فرقا بين المستغاث به والمستغاث من أجله. [الخزانة/ 2/ 429، وسيبويه/ 1/ 319]. 283 - وأكذب النّفس إذا حدّثتها … إنّ صدق النّفس يزري بالأمل قاله لبيد بن ربيعة. قالوا: ومن الأفعال الجامدة «كذب» التي تستعمل للإغراء بالشيء والحثّ عليه، ويراد بها الأمر به ولزومه وإتيانه، لا الإخبار عنه، ومنه قولهم: كذبك الأمر، وكذب عليك، يريدون الإغراء به والحمل على إتيانه، أي: عليك به فالزمه وائته، وقولهم: كذبك الصيد، أي: أمنك، فارمه، وأصل المعنى: كذب فيما أراك وخدعك ولم يصدقك، فلا تصدقه فيما أراك، بل عليك به والزمه وائته، ثم جرى هذا الكلام مجرى الأمر بالشيء والإغراء به والحث عليه والحضّ على لزومه وإتيانه من غير التفات إلى أصل المعنى؛ لأنه جرى مجرى المثل، والأمثال لا يلاحظ فيها أصل معناها وما قيلت بسببه، وإنما يلاحظ فيها المعنى المجازي الذي نقلت إليه. وهذا الكلام إما من قولهم: كذبته عينه، أي: أرته ما لا حقيقة له. وإما من قولهم: «كذب نفسه، وكذبته نفسه»، إذا غرّها أو غرّته، وحدثها أو حدثته بالأماني البعيدة. ومعنى البيت: نشطها وقوّها ومتنها، ولا تثبطها، فإنك إن صدقتها، أي: ثبطتها وفترتها، كان ذلك داعيا إلى عجزها وكلالها وفتورها خشية التعب في سبيل ما أنت تريده. [الحماسة/ 148، والخزانة/ 5/ 112]. 284 - حجبت تحيّتها فقلت لصاحبي … ما كان أكثرها لنا وأقلّها البيت شاهد على زيادة «كان» بين «ما» وفعل التعجب. 285 - أقيم بدار الحزم ما دام حزمها … وأحر إذا حالت بأن أتحوّلا البيت لأوس بن حجر. والبيت شاهد على الفصل بين فعل التعجب «أحر» والمتعجب منه بالظرف «إذا»، وهو هنا ظرف محض لم يتضمن معنى الشرط، ومتعلق بآخر. [الأشموني/ 3/ 24، والعيني/ 3/ 659، والتصريح/ 2/ 90]. 286 - فنعم ابن أخت القوم غير مكذّب … زهير حسام مفرد من حمائل

287 - خليلي ما أذني لأول عاذل … بصغواء في حق ولا عند باطل

البيت من قصيدة أبي طالب عمّ النبي صلّى الله عليه وسلّم. وفي البيت شاهد على فاعل «نعم» المضاف إلى اسم أضيف إلى مقترن ب «أل»، وهذه القصيدة تطول في بعض المراجع، وتقصر في بعضها، وهي في السيرة النبوية لابن هشام تزيد على ثمانين بيتا، ومهما كان الأمر، فإن أصل القصيدة صحيح، لما روى البخاري في صحيحه (ك 15) عن عبد الله بن دينار قال: سمعت عبد الله بن عمر يتمثل بشعر أبي طالب: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... البيت. وعن سالم عن أبيه ربّما ذكرت قول الشاعر - وأنا أنظر إلى وجه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستسقي، فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب -: وأبيض يستسقى ... البيت. وهو قول أبي طالب، وهذا يدلّ على صحة نسبة القصيدة، أو بعضها إلى أبي طالب، وإذا كنا لا نملك سندا صحيحا لبقية أبيات القصيدة، فإننا نقرر أن أبا طالب لم يقتصر على هذا البيت من القصيدة، وإنما قال مجموعة من أبياتها، ونرى أن الصحيح والمنحول من أبياتها صحيح المعنى، بل كلّ ما قيل في مدح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوافق صفاته النبوية الشريفة، ولا يصدق مدح في مخلوق، كما يصدق في محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ لأنه الإنسان الذي اختاره الله للنبوة والرسالة، وأكمل له خلقه وخلقه، وقد قال أبو طالب هذه القصيدة عند ما حصر المشركون بني هاشم وبني عبد المطلب في الشّعب، قال ابن كثير: وهي قصيدة بليغة جدا، لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفحل من المعلقات السبع، وأبلغ في تأدية المعنى، وقد أحببت أن أورد منها أبياتا مختارة مشروحة، محبّة في النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فاخترت ما اختاره منها البغدادي في خزانة الأدب، مع شرحه وإعرابه، وهذا هو المختار كما أثبته البغدادي: [الخزانة/ 2/ 59]. 287 - خليليّ ما أذني لأوّل عاذل … بصغواء في حقّ ولا عند باطل بصغواء: خبر «ما» النافية. وهي حجازية؛ ولذا زيدت «الباء»، والصغّو: الميل، وأصغيت إلى فلان: إذا ملت بسمعك نحوه. ولأوّل عاذل: متعلّق ب «صغواء»، و «في حقّ» متعلق ب «عاذل»، أي: لا أميل بأذني لأوّل عاذل في الحق، وإنما قيّد العاذل بالأوّل؛ لأنه إذا لم يقبل عذل العاذل الأوّل، فمن باب أولى أن لا يقبل عذل العاذل الثاني، فإنّ النفس

288 - خليلي إن الرأي ليس بشركة … ولا نهنه عند الأمور البلابل

إذا كانت خالية الذهن، ففي الغالب أن يستقرّ فيها أول ما يرد عليها. 288 - خليليّ إن الرأي ليس بشركة … ولا نهنه عند الأمور البلابل أراد أن الرأي الجيد يكون بمشاركة العقلاء، فإن لم يتشاركوا - بأن كانوا متباغضين -، لم ينتج شيئا. والرأي ما لم يتخمّر في العقول كان فطيرا. والنهنه: بنونين وهاءين كجعفر المضيء والنيّر الشفّاف الذي يظهر الأشياء على جليّتها وأصله: الثوب الرقيق النسج، ومن شأنه أن لا يمنع النظر إلى ما وراءه، وهو معطوف على شركة. والبلابل: إمّا جمع بلبلة بفتح الباءين، أو جمع بلبال بفتحهما، وهما بمعنى الهمّ ووساوس الصدر، كزلازل جمع زلزلة وزلزال بالفتح، وهو إما على حذف مضاف أي: ذات البلابل، أو إنها بدل من الأمور. 289 - ولمّا رأيت القوم لاودّ عندهم … وقد قطّعوا كلّ العرى والوسائل أراد بالقوم: كفار قريش. والعرا: جمع عروة، وهي معروفة، وأراد بها هنا: ما يتمسّك به من العهود مجازا مرسلا. والوسائل: جمع وسيلة، وهي ما يتقرّب به. 290 - وقد صارحونا بالعداوة والأذى … وقد طاوعوا أمر العدوّ المزايل صارحونا: كاشفونا بالعداوة صريحا، والصّراحة وإن كانت لازمة لكنها لمّا نقلت إلى باب المفاعلة تعدّت. والمزايل: اسم فاعل من زايله مزايلة وزيالا: فارقه وباينه، وإنما يكون العدوّ مفارقا، إذا صرّح بالعداوة فلا تمكن العشرة. ومن قال: المزايل: المعالج، وظنّه من المزاولة لم يصب. 291 - وقد حالفوا قوما علينا أظنّة … يعضّون غيظا خلفنا بالأنامل حالفوا قوما: مثل «صارحونا» في أنه كان لازما وتعدّى إلى المفعول بنقله إلى باب المفاعلة. والتحالف: التعاهد والتعاقد على أن يكون الأمر واحدا في النّصرة والحماية، وبينهما حلف، أي: عهد، والحليف: المعاهد. و «علينا»: متعلق ب «حالفوا». والأظنّة: جمع ظنين، وهو الرجل المتّهم، والظنّة: - بالكسر - التّهمة، والجمع الظّنن، يقال منه: أظنّة وأظنّة بالطاء والظاء إذا اتّهمه. قال الشاطبي في شرح الألفية: «أفعلة قياس في كل اسم مذكر رباعي فيه مدة ثالثة، فهذه أربعة أوصاف معتبرة، فإن كان صفة لم يجمع قياسا على أفعلة، فإن جاء عليه، فمحفوظ لا يقاس عليه، قالوا في شحيح: أشحّة، وفي ظنين:

292 - صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة … وأبيض عضب من تراث المقاول

أظنّة. قال تعالى: أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ. [الأحزاب: 19]، وقال أبو طالب (وأنشد هذا البيت): 292 - صبرت لهم نفسي بسمراء سمحة … وأبيض عضب من تراث المقاول الصّبر: الحبس. والسّمراء: القناة. والسّمحة: اللّدنة اللينة التي تسمح بالهزّ والانعطاف. والأبيض: السيف. والعضب: القاطع. والمقاول: جمع مقول بكسر الميم، الرئيس، وهو دون الملك، كذا في المصباح عن ابن الأنباري. وقال السّهيلي في الروض الأنف: أراد بالمقاول آباءه، شبههم بالملوك ولم يكونوا ملوكا ولا كان فيهم ملك، بدليل حديث أبي سفيان حين قال له هرقل: هل كان في آبائه من ملك؟ فقال: لا. ويحتمل أن يكون هذا السيف من هبات الملوك لأبيه؛ فقد وهب ابن ذي يزن لعبد المطلب هبات جزيلة حين وفد عليه مع قريش يهنّئونه بظفره بالحبشة، وذلك بعد مولد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعامين. 293 - وأحضرت عند البيت رهطى وإخوتي … وأمسكت من أثوابه بالوصائل الوصائل: ثياب مخطّطة يمانية، كان البيت يكسى بها. 294 - قياما معا مستقبلين رتاجه … لدى حيث يقضي حلفه كلّ نافل الرتاج: الباب العظيم، وهو مفعول مستقبلين. والنافل: فاعل من النافلة. وهو التطوّع. 295 - أعوذ بربّ الناس من كلّ طاعن … علينا بسوء أو ملحّ بباطل ومن كاشح يسعى لنا بمعيبة … ومن ملحق في الدين ما لم نحاول ملحّ: اسم فاعل من ألحّ على الشيء، إذا أقبل عليه مواظبا. والمعيبة: العيب والنقيصة. ونحاول: نريد. 296 - وثور ومن أرسى ثبيرا مكانه … وراق لبرّ في حراء ونازل ثور: معطوف على «ربّ الناس»، وهو و «ثبير» و «حراء»: جبال بمكة. والبرّ: خلاف الإثم، وهو رواية ابن إسحاق وغيره. وروى ابن هشام: «ليرقى» وهو خطأ؛ لأن الراقي لا

297 - وبالبيت حق البيت من بطن مكة … وبالله، إن الله ليس بغافل وبالحجر الأسود إذ يمسحونه … إذا اكتنفوه بالضحى والأصائل

يرقى، وإنما هو لبرّ أي: في طلب برّ، أقسم بطالب البرّ بصعوده في حراء؛ للتعبّد فيه، وبالنازل منه. 297 - وبالبيت حقّ البيت من بطن مكّة … وبالله، إنّ الله ليس بغافل وبالحجر الأسود إذ يمسحونه … إذا اكتنفوه بالضّحى والأصائل قال السهيلي: «وقوله بالحجر الأسود» فيه زحاف يسمى الكفّ، وهو حذف النون من مفاعيلن، وهو بعد «الواو» من الأسود. والأصائل: جمع أصيلة، والأصل: جمع أصيل؛ وذلك لأن فعائل جمع فعيلة. والأصيلة: لغة معروفة في «الأصيل» انتهى. وهو ما بعد صلاة العصر إلى الغروب. 298 - وموطئ إبراهيم في الصّخر رطبة … على قدميه حافيا غير ناعل موطئ إبراهيم عليه السّلام: هو موضع قدمه حين غسلت كنّته رأسه وهو راكب، فاعتمد بقدمه على الصخرة حين أمال رأسه ليغسل، وكانت سارة قد أخذت عليه عهدا حين استأذنها في أن يطالع ما تركه بمكّة، فحلف لها أنه لا ينزل عن دابّته، ولا يزيد على السّلام واستطلاع الحال غيرة من سارة عليه من هاجر، فحين اعتمد على الصخرة ألقى الله فيها أثر قدمه آية. قال تعالى: فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ. [آل عمران: 97]، أي: منها مقام إبراهيم. ومن جعل «مقام إبراهيم» بدلا من «آيات» قال: المقام، جمع مقامة. وقيل: بل هو أثر قدمه حين رفع القواعد من البيت وهو قائم عليه. 299 - وأشواط بين المروتين إلى الصفا … وما فيهما من صورة وتماثل هو جمع تمثال، وأصله تماثيل، فحذف الياء. 300 - ومن حجّ بيت الله من كلّ راكب، … ومن كلّ ذي نذر، ومن كل راجل فهل بعد هذا من معاذ لعائذ … وهل من معيذ يتّقي الله عادل المعاذ بالفتح: اسم مكان من عاذ فلان بكذا، إذا لجأ إليه واعتصم به. والمعيذ: اسم فاعل من أعاذه بالله، أي: عصمه به. وعادل: صفة معيذ، بمعنى: غير جائر. 301 - يطاع بنا العدا، وودّوا لو أنّنا … تسدّ بنا أبواب ترك وكابل العدا: بضم العين وكسرها، اسم جمع للعدوّ ضد الصديق، وروي «الأعدا»، وهو جمع

302 - كذبتم وبيت الله نترك مكة … ونظعن إلا أمركم في بلابل

عدوّ. وتسدّ بنا، أي: علينا. والترك وكابل بضم الباء: صنفان من العجم. 302 - كذبتم وبيت الله نترك مكّة … ونظعن إلّا أمركم في بلابل أي والله لا نترك مكة ولا نظعن منها، لكن أمركم في هموم ووساوس صدر. وروي: (في تلاتل) بالمثناة الفوقية، جمع تلتلة، وهو الاضطراب والحركة. 303 - كذبتم وبيت الله نبزى محمدا … ولمّا نطاعن دونه ونناضل الواو: للقسم، ونبزى: جواب القسم على تقدير لا النافية، فإنها يجوز حذفها في الجواب كقوله تعالى: تَاللَّهِ تَفْتَؤُا. [يوسف: 85]، أي: لا تفتؤ. ونبزى بالبناء للمفعول، أي: نغلب ونقهر عليه، يقال: أبزى فلان بفلان إذا غلبه وقهره، كذا في الصحاح. فهو بالباء والزاي المنقوطة. ومحمدا: منصوب بنزع الباء. ولما: نافية جازمة، والجملة المنفية حال من نائب فاعل «نبزى». والطعن يكون بالرمح، والنضال يكون بالسهم. 304 - ونسلمه حتّى نصرّع حوله … ونذهل عن أبنائنا والحلائل ونسلمه بالرفع: معطوف على «نبزى»، أي: لا نسلمه، من أسلمه بمعنى سلّمه لفلان، أو من أسلمه بمعنى خذله. ونصرّع ونذهل بالبناء للمفعول. والحلائل: جمع حليلة، وهي الزوجة. قال ابن هشام في السيرة: قال عبيدة بن الحارث بن المطّلب لمّا أصيب في قطع رجله يوم بدر: أما والله لو أدرك أبا طالب هذا اليوم، لعلم أني أحقّ بما قال منه حيث يقول: كذبتم وبيت الله نبزى محمدا ... البيت وما بعده. 305 - وينهض قوم في الحديد إليكم … نهوض الروايا تحت ذات الصّلاصل وينهض بفتح الياء: وهو منصوب معطوفا على نصرّع، والنهوض في الحديد عبارة عن لبسه واستعماله في الحرب. والروايا: جمع راوية، وهو البعير أو البغل أو الحمار الذي يستقى عليه. وذات الصلاصل: هي المزادة التي ينقل فيها الماء، وتسميها العامة الراوية، والصّلاصل: جمع صلصلة بضم الصادين، وهي بقيّة الماء في الإداوة. يريد: أن الرجال

306 - وحتى نرى ذا الضغن يركب ردعه … من الطعن فعل الأنكب المتحامل

- مثقلين بالحديد - كالجمال التي تحمل المياه مثقلة، شبّه قعقعة الحديد بصلصلة الماء في المزادات. 306 - وحتّى نرى ذا الضغن يركب ردعه … من الطّعن فعل الأنكب المتحامل نرى بالنون: من رؤية العين. والضّغن بالكسر: الحقد. وجملة «يركب»: حال من مفعول «نرى». يقال للقتيل: ركب ردعه، إذا خرّ لوجهه على دمه. والرّدع: بفتح الراء وسكون الدال، اللّطخ والأثر من الدم والزعفران. «ومن الطعن» متعلّق ب «يركب». والأنكب: المائل إلى جهة، وأراد: كفعل الأنكب، في الصحاح: «والنكب»، بفتحتين: داء يأخذ الإبل في مناكبها فتظلع منه وتمشي منحرفة، يقال: نكب البعير بالكسر ينكب نكبا فهو أنكب. وهو من صفة المتطاول الجائر. والمتحامل بالمهملة: الجائر والظالم. 307 - وإنّا لعمر الله إن جدّ ما أرى … لتلتبسن أسيافنا بالأماثل عمر الله: مبتدأ، والخبر محذوف، أي: قسمي، وجملة «لتلتبسن»: جواب القسم، والجملة القسمية خبر «إن». وقوله: «إن جدّ»، إن: شرطيّة، وجدّ: بمعنى لجّ ودام وعظم. وما: موصولة، وأرى: من رؤية البصر، والمفعول محذوف وهو العائد، وجواب الشرط محذوف وجوبا؛ لسدّ جواب القسم محلّه. والالتباس: الاختلاط والملابسة، و «النون» الخفيفة للتوكيد، وأسيافنا: فاعل تلتبس. والأماثل: الأشراف، جمع أمثل. والمعنى: إن دام هذا العناد الذي أراه تنل سيوفنا أشرافكم. 308 - بكفّي فتى مثل الشهاب سميدع … أخي ثقة حامي الحقيقة باسل بكفّي: تثنية كفّ، و «الباء» متعلقة بقوله: تلتبس. وقد حقّق الله ما تفرّسه أبو طالب يوم بدر. وقوله: مثل الشهاب، يريد أنه شجيع لا يقاومه أحد في الحرب، كأنه شعلة نار يحرق من يقرب منه. والسّميدع بفتح السين؛ وضمّها خطأ، وبفتح الدال المهملة وإعجامها لا أصل له، خلافا لصاحب القاموس؛ ومعناه: السيّد الموطّأ الأكناف. قال المبرّد في أول الكامل: «معنى موطّأ الأكناف»: أن ناحيته يتمكّن فيها صاحبها غير

309 - وما ترك قوم لا أبا لك سيدا … يحوط الذمار غير ذرب مواكل

مؤذى ولا ناب به موضعه. والتوطئة: التذليل والتمهيد، يقال: دابّة وطيء افتى، وهو الذي لا يحرّك راكبه في مسيره، وفراش وطيء، إذا كان وثيرا لا يؤذي جنب النائم عليه. قال أبو العباس: حدّثني العباس بن الفرج الرياشيّ، قال: حدثني الأصمعي، قال: قيل لأعرابيّ، وهو المنتجع بن نبهان: ما السّميدع؟ فقال: السيّد الموطأ الأكناف. وتأويل الأكناف: الجوانب، يقال في المثل: فلان في كنف فلان، كما يقال: فلان في ظلّ فلان، وفي ذرا فلان، وفي حيّز فلان». انتهى. والثقة: مصدر وثقت به أثق بكسرهما، إذا ائتمنته. والأخ يستعمل بمعنى الملازم والمداوم. والحقيقة: ما يحقّ على الرجل أن يحميه. والباسل: الشجيع الشديد الذي يمتنع أن يأخذه أحد في الحرب، والمصدر البسالة، وفعله بسل بالضم. وأراد بصاحب هذه الصفات الفاضلة: محمّدا صلّى الله عليه وسلّم. 309 - وما ترك قوم لا أبا لك سيّدا … يحوط الذّمار غير ذرب مواكل ما: استفهامية تعجبيّة مبتدأ عند سيبويه وترك: خبر المبتدأ، وعند الأخفش بالعكس. وقوله: لا أبالك، يستعمل كناية عن المدح والذم، ووجه الأوّل: أن يراد نفي نظير الممدوح بنفي أبيه، ووجه الثاني: أن يراد أنّه مجهول النسب. والمعنيان محتملان هنا. والسّيد: من السيادة، وهو المجد والشرف، وحاطه يحوطه حوطا: رعاه. وفي الصحاح: وقولهم فلان حامي الذمار، أي: إذا ذمر وغضب حمى، وفلان أمنع ذمارا من فلان، ويقال: الذّمار ما وراء الرجل مما يحقّ عليه أن يحميه؛ لأنهم قالوا: حامي الذمار كما قالوا: حامي الحقيقة. وسمي ذمارا؛ لأنه يجب على أهله التذمر له، وسمّيت حقيقة؛ لأنه يحقّ على أهلها الدفع عنها، وظلّ يتذمر على فلان: إذا تنكّر له وأوعده، والذّرب: بفتح الذال المعجمة وكسر الراء - لكنّه سكّنه هنا - وهو الفاحش البذّي اللسان. والمواكل: اسم فاعل من واكلت فلانا مواكلة، إذا اتّكلت عليه واتّكل هو عليك، ورجل وكل بفتحتين، ووكلة كهمزة، وتكلة، أي: عاجز يكل أمره إلى غيره ويتّكل عليه. 310 - وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … ثمال اليتامى عصمة للأرامل أبيض: معطوف على سيّد المنصوب بالمصدر قبله، وهو من عطف الصفات التي موصوفها واحد، هكذا أعربه الزركشي في نكته على البخاريّ المسمّى بالتنقيح لألفاظ

الجامع الصحيح، قال: لا يجوز غير هذا، وتبعه ابن حجر في فتح الباري، وكذلك الدمامينيّ في تعليق المصابيح على الجامع الصحيح، وفي حاشيته على مغني اللبيب أيضا. وزعم ابن هشام في المغني: أن أبيض مجرور بربّ مقدرة وأنّها للتقليل. والصواب الأوّل: فإن المعنى ليس على التنكير، بل الموصوف بهذا الوصف واحد معلوم، والأبيض هنا: بمعنى الكريم. قال السّمين في عمدة الحافظ: عبّر عن الكرم بالبياض، فيقال: له عندي يد بيضاء، أي: معروف، وأورد هذا البيت، والبياض أشرف الألوان، وهو أصلها؛ إذ هو قابل لجميعها، وقد كنى به عن السّرور والبشر، وبالسّواد عن الغمّ، ولما كان البياض أفضل الألوان قالوا: البياض أفضل، والسواد أهول، والحمرة أجمل، والصفرة أشكل. ويستسقى: بالبناء للمفعول؛ والجملة صفة أبيض. والثّمال: العماد والملجأ والمطعم والمغني والكافي. والعصمة: ما يعتصم به ويتمسّك. قال الزركشيّ: يجوز فيهما النصب والرفع. والأرامل: جمع أرملة، وهي التي لا زوج لها؛ لافتقارها إلى من ينفق عليها، وأصله من أرمل الرجل: إذا نفد زاده وافتقر، فهو مرمل. وجاء أرمل على غير قياس، قال الأزهريّ: لا يقال للمرأة أرملة إلّا إذا كانت فقيرة، فإن كانت موسرة، فليست بأرملة، والجمع أرامل، حتى قيل رجل أرمل إذا لم يكن له زوج، قال ابن الأنباري: وهو قليل؛ لأنه لا يذهب بفقد امرأته، لأنها لم تكن قيّمة عليه، وقال ابن السكيت: الأرامل: المساكين، رجالا كانوا أو نساء. قال السهيلي في الروض الأنف: «فإن قيل: كيف قال أبو طالب: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه، ولم يره قطّ استسقي به، إنّما كانت استسقاءاته عليه الصلاة والسّلام بالمدينة في سفر وحضر، وفيها شوهد ما كان من سرعة إجابة الله له؟ فالجواب: أن أبا طالب قد شاهد من ذلك في حياة عبد المطّلب ما دلّه على ما قال». انتهى. وردّه بعضهم بأن قضيّة الاستسقاء متكرّرة؛ إذ واقعة أبي طالب كان الاستسقاء به عند الكعبة، وواقعة عبد المطّلب كان أوّلها أنهم أمروا باستلام الركن، ثم بصعودهم جبل أبي قبيس؛ ليدعو عبد المطلب ومعه النبي صلّى الله عليه وسلّم ويؤمّن القوم، فسقوا به. قال ابن هشام في السيرة: «حدثني من أثق به قال: أقحط أهل المدينة فأتوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فشكوا ذلك إليه، فصعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على المنبر فاستسقى، فما لبث أن جاء من

311 - يلوذ به الهلاك من آل هاشم … فهم عنده في رحمة وفواضل

المطر ما أتاه أهل الضواحي يشكون منه الغرق، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اللهم حوالينا ولا علينا»! فانجاب السحاب عن المدينة فصار حواليها كالإكليل، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لسرّه». فقال له بعض أصحابه (وهو علي رضي الله عنه): كأنك أردت يا رسول الله قوله: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه .. البيت. قال: «أجل»!. انتهى. وبتصديق النبي صلّى الله عليه وسلّم كون هذا البيت لأبي طالب - وعليه اتفق أهل السير - سقط ما أورده الدّميري في شرح المنهاج في باب الاستسقاء عن الطبراني وابن سعد: أن عبد المطّلب استسقى بالنبي صلّى الله عليه وسلّم فسقوا؛ ولذلك يقول عبد المطلب فيه يمدحه: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه .. البيت. قال ابن حجر الهيثمي في شرح الهمزيّة: «وسبب غلط الدّميريّ في نسبة هذا البيت لعبد المطلب: أن رقيقة (براء مضمومة وقافين) بنت أبي صيفيّ بن هاشم، وهي التي سمعت الهاتف في النوم أو في اليقظة - لما تتابعت على قريش سنون أهلكتهم - يصرخ: يا معشر قريش، إن هذا النبيّ المبعوث قد أظلّتكم أيامه، فحيّهلا بالحيا والخصب، ثم أمرهم بأن يستسقوا به. وذكر كيفيّة يطول ذكرها. فلما ذكرت الرواية في القصّة أنشأت تمدح النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأبيات آخرها: مبارك الأمر يستسقى الغمام به … ما في الأنام له عدل ولا خطر فإنّ الدّميري لما رأى هذا البيت في رواية قصّة عبد المطلب التي رواها الطبراني - وهو يشبه بيت أبي طالب؛ إذ في كلّ استسقاء الغمام به - توهّم أن بيت أبي طالب لعبد المطلب. وإنما هو لرقيقة المذكورة. والحكم عليه بأنه عين المنسوب لأبي طالب ليس كذلك، بل شتّان ما بينهما. فتأمّل هذا المحلّ فإنه مهمّ. وقد اغترّ بكلام الدّميريّ من لا خبرة له بالسير». انتهى. 311 - يلوذ به الهلّاك من آل هاشم … فهم عنده في رحمة وفواضل يلوذ: صفة أخرى لموصوف «سيد». والهلاك: الفقراء والصعاليك الذين ينتابون الناس

312 - جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا … عقوبة شر عاجلا غير آجل

طلبا لمعروفهم من سوء الحال، وهو جمع هالك، قال جميل: أبيت مع الهلّاك ضيفا لأهلها … وأهلي قريب موسعون ذوو فضل وقال زياد بن حمل: ترى الأرامل والهلّاك تتبعه … يستنّ منه عليهم وابل رذم 312 - جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا … عقوبة شر عاجلا غير آجل نوفل هو ابن خويلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصىّ، وهو ابن العدويّة، وكان من شياطين قريش، قتله علي بن أبي طالب يوم بدر. 313 - بميزان قسط لا يخسّ شعيرة … له شاهد من نفسه غير عائل بميزان: متعلّق بجزى الله. والقسط بالكسر: العدل. وخسّ يخسّ من باب ضرب، إذا نقص وخفّ وزنه، فلم يعادل ما يقابله. وله، أي: للميزان، شاهد أي: لسان من نفسه، أي: من نفس القسط غير عائل: صفة شاهد أي: غير مائل، يقال: عال الميزان يعول، إذا مال. كذا في العباب، وأنشد هذا البيت كذا: بميزان صدق لا يغلّ شعيرة … له شاهد ... البيت 314 - ونحن الصّميم من ذؤابة هاشم … وآل قصيّ في الخطوب الأوائل الصميم: الخالص من كل شيء. والذؤابة: الجماعة العالية، وأصله: الخصلة من شعر الرأس. 315 - وكلّ صديق وابن أخت نعدّه … لعمري، وجدنا غبّه غير طائل الغبّ بالكسر: العاقبة. ويقال: هذا الأمر لا طائل فيه، إذا لم يكن فيه غناء ومزيّة؛ مأخوذ من الطّول بمعنى الفضل. 316 - سوى أن رهطا من كلاب بن مرّة … براء إلينا من معقّة خاذل قال السهيلي: «يقال قوم براء بالضم، وبراء بالفتح، وبراء بالكسر. فأما براء بالكسر: فجمع برئ مثل كريم وكرام، وأما براء: فمصدر مثل سلام، و «الهمزة» فيه وفي الذي قبله لام الفعل، ويقال: رجل براء، ورجلان براء، وإذا كسرتها أو ضممت، لم يجز إلّا في

317 - ونعم ابن أخت القوم غير مكذب … زهير حساما مفردا من حمائل

الجمع، وأما براء بضم الباء فالأصل فيه: برآء مثل كرماء، واستثقلوا اجتماع الهمزتين فحذفوا الأولى، وكان وزنه فعلاء، فلما حذفوا التي هي «لام» الفعل، صار وزنه «فعاء» وانصرف؛ لأنه أشبه «فعالا». والمعقّة بفتح الميم: مصدر بمعنى العقوق. 317 - ونعم ابن أخت القوم غير مكذّب … زهير حساما مفردا من حمائل قال ابن هشام في السيرة: «زهير هو ابن أبي أميّة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأمه عاتكة بنت عبد المطلب». انتهى. وزهير: - هو المخصوص بالمدح - مبتدأ، وجملة «نعم ابن أخت القوم»: هو الخبر، وغير مكذّب بالنصب: حال من فاعل نعم، وهو «ابن». ومكذّب: على صيغة اسم المفعول، يقال: كذّبته بالتشديد، إذا نسبته إلى الكذب ووجدته كاذبا، أي: هو صادق في مودّته لم يلف كاذبا فيها. والحسام: السيف القاطع، وهو منصوب على المدح بفعل محذوف، أي: يشبه الحسام المسلول في المضاء. ورواه العيني في شرح شواهد الألفية: (حسام مفرد) برفعهما، وقال: «حسام صفة لزهير، وقوله: «مفردا من حمائل» صفة للحسام؛ وهذا على تقدير صحّة الرواية خبط عشواء، فإن زهيرا علم وحساما نكرة. والمفرد: المجرد. والحمائل: جمع حمالة، وهي علاقة السيف، مثل المحمل بكسر الميم، هذا قول الخليل. وقال الأصمعي: حمائل السيف لا واحد لها من لفظها، وإنما واحدها محمل كذا في العباب. وهذا البيت استشهد به شرّاح الألفية على أنّ فاعل «نعم» مظهر، مضاف إلى ما أضيف إلى المعرّف باللام. 318 - أشمّ، من الشمّ البهاليل ينتمي … إلى حسب في حومة المجد فاضل الشمم: ارتفاع في قصبة الأنف مع استواء أعلاه، وهذا مما يمدح به، وهو أشمّ من قوم شمّ. والبهاليل: جمع بهلول بالضم، قال الصاغاني: والبهلول من الرجال: الضحّاك، وقال ابن عبّاد: هو الحييّ الكريم. وينتمي: ينتسب. وفاضل بالضاد المعجمة: صفة حسب. 319 - لعمري، لقد كلّفت وجدا بأحمد … وإخوته دأب المحبّ المواصل كلّفت بالبناء للمفعول والتشديد: مبالغة كلفت به كلفا، من باب تعب، إذا أحببته

320 - فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها … وزينا لمن ولاه ذب المشاكل

وأولعت به. ووجدا، أي: كلف وجد، يقال: وجدت به وجدا، إذا حزنت عليه، وب «أحمد» متعلّق بكلّفت؛ وهو اسم نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم. ويجوز أن يكون من كلّفته الأمر فتكلّفه، مثل حمّلته فتحمّله وزنا ومعنى مع مشقّة، فوجدا: مفعوله الثاني، وبدون التضعيف متعدّ لواحد، يقال: كلفت الأمر من باب تعب: حملته على مشقّة. وأراد بإخوته: أولاده جعفرا وعقيلا وعليّا رضي الله عنهم؛ فإن أبا طالب كان عمّ النبي صلّى الله عليه وسلّم، والعمّ أب، فأولاده إخوة النبي صلّى الله عليه وسلّم. ودأب: مصدر منصوب بفعله المحذوف أي ودأبت دأب المحبّ، يقال فلان دأب في عمله، إذا جدّ وتعب. 320 - فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها … وزينا لمن ولّاه ذبّ المشاكل الذّبّ: الدفع. والمشاكل: جمع مشكلة. 321 - فمن مثله في الناس! أيّ مومّل … إذا قاسه الحكّام عند التفاضل! «أيّ»: هي الدالة على الكمال، خبر مبتدأ محذوف، أي هو؛ والمؤمّل: الذي يرجى لكلّ خير. والتفاضل بالضاد المعجمة: وهو التغالب بالفضل. 322 - حليم رشيد عادل غير طائش … يوالي إلها ليس عنه بغافل أي هو حليم. والطّيش: النزق والخفّة ويوالي إلها، أي: يتخذه وليّا، وهو فعيل بمعنى فاعل، من وليه، إذا قام به. ومنه: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا. [البقرة: 257]. 323 - فأيّده ربّ العباد بنصره … وأظهر دينا حقّه غير ناصل الحقّ: خلاف الباطل، وهو مصدر حقّ الشيء، من باب ضرب وقتل، إذا وجب وثبت. والناصل: الزائل المضمحلّ، يقال: نصل السهم، إذا خرج منه النصل، ونصل الشعر ينصل نصولا: زال عنه الخضاب. 324 - فو الله، لولا أن أجيء بسبّة … تجرّ على أشياخنا في القبائل لكنّا اتّبعناه على كلّ حالة … من الدهر جدا غير قول التهازل تقدم شرحهما أوّلا في شواهد سابقة. 325 - لقد علموا أنّ ابننا لا مكذّب … لدينا ولا يعنى بقول الأباطل

326 - فأصبح فينا أحمد في أرومة … يقصر عنها سورة المتطاول

في النهاية: «يقال عنيت بحاجتك أعنى بها فأنا بها معنيّ، وعنيت بها فأنا عان، والأول أكثر، أي: اهتممت بها واشتغلت»، انتهى. وهو من باب تعب. 326 - فأصبح فينا أحمد في أرومة … يقصّر عنها سورة المتطاول تنوين «أحمد» للضرورة. والأرومة: بفتح الهمزة وضم الراء المهملة، الأصل، والسّورة بالضم: المنزلة، وبفتح السين: السطوة والاعتداء. والمتطاول: من الطّول بالفتح، وهو الفضل، وهذا بالنسبة إلى المنزلة، أو من تطاول عليه، إذا قهره وغلبه، وهذا بالنسبة إلى السّطوة. 327 - حدبت بنفسي دونه وحميته … ودافعت عنه بالذّرا والكلاكل حدب عليه كفرح، وتحدب عليه أيضا بمعنى: تعطّف عليه. وحقيقته جعل نفسه كالأحدب بالانحناء أمامه؛ ليتلقّى عنه ما يؤذيه. ودونه: أمامه. والذّرا بالضم: أعالي الشيء، جمع ذروة بكسر الذال وضمها. والكلاكل: جمع كلكل كجعفر، بمعنى الصدر. 328 - يمينا لأبغض كلّ امرئ … يزخرف قولا ولا يفعل البيت شاهد على امتناع توكيد الفعل ب «النون» بعد القسم؛ لأنه يدل على الحال، وهو الفعل «أبغض». [الأشموني/ 3/ 215]. 329 - أحيا؟ وأيسر ما قاسيت ما قتلا … والبين جار على ضعفي وما عدلا قاله أبو الطيب المتنبي، والشاهد «أحيا»، حيث حذفت «همزة» الاستفهام، والأصل أحيا؟. 330 - ولبست سربال الشباب أزورها … ولنعم كان شبيبة المحتال البيت شاهد على زيادة «كان» بين نعم، وفاعلها. [الأشموني/ 1/ 440]. 331 - أتوني فقالوا: يا جميل، تبدّلت … بثينة أبدالا، فقلت: لعلّها جميل بثينة. والأبدال: جمع بدل. والبيت شاهد على حذف خبر «لعلّ». [الهمع/ 1/ 136، والدرر/ 1/ 113]. 332 - وما زلت سبّاقا إلى كل غاية … بها يبتغى في الناس مجد وإجلال

333 - وبنت كرام قد نكحنا ولم يكن … لنا خاطب إلا السنان وعامله

وما قصّرت بي في التسامي خؤولة … ولكنّ عمّي الطيب الأصل والخال أي: والخال هو الطيب الأصل أيضا. والخؤولة: جمع خال، كالعمومة: جمع عمّ، أو هي على معنى المصدر للخال. ولكنّ: هنا، ليست للاستدراك؛ إذ لا معنى له هنا وإنما هي للتوكيد. والطيب: خبر عن اسم «لكن»، أي: لكن عمي هو الطيب الأصل، والخال كذلك. والمعنى: لم تقصّر بي عن نيل المجد خؤولة ولا عمومة، ولكني أفتخر بنفسي وما أكسبه من الفضائل. يريد أنه حصل له السؤدد من ناحيتين: الأولى: من نفسه، وهي أنه ما زال كثير السبق إلى جميع الغايات التي يطلب بها الشرف في الناس. [الهمع/ 2/ 144، والأشموني/ 1/ 287]. 333 - وبنت كرام قد نكحنا ولم يكن … لنا خاطب إلا السّنان وعامله البيت شاهد على الاستثناء المنقطع، وأن بني تميم يجيزون البدلية فيه إذا صح تفرغ العامل قبله له وتسلطه عليه. فلو قلت: «ولم يكن لنا إلا السنان وعامله»، صح. ولذلك يعرب «السنان» هنا بدلا من «خاطب». [الأشموني/ 2/ 147، والعيني/ 3/ 110]. 334 - حيّتك عزّة بعد الهجر وانصرفت … فحيّ ويحك، من حيّاك يا جمل ليت التحيّة كانت لي فأشكرها … مكان يا جمل حيّيت يا رجل يخاطب الشاعر جمله، والمعنى: ليت تحيتها للجمل كانت لي، بأن تقول: مكان حييت يا جمل، حييت يا رجل. والبيت الثاني شاهد على جواز تنوين المنادى المفرد المبني على الضم في الشعر، وهو قوله: «يا جمل». [شرح المفصل/ 1/ 129، والهمع/ 1/ 173، والأشموني/ 3/ 144]. 335 - لو يشأ طار به ذو ميعة … لاحق الآطال نهد ذو خصل قاله علقمة الفحل. والميعة: النشاط. يريد فرسا. والآطال: جمع إطل، وهو الخاصرة. والخصل: لفائف الشعر. والبيت شاهد على عمل «لو» الجزم، حيث جاء الفعل «يشأ» مجزوما. [شرح أبيات المغني/ 5/ 105، والهمع/ 2/ 64، والأشموني/ 4/ 14]. 336 - إن الكريم، وأبيك يعتمل … إن لم يجد يوما على من يتكل

337 - لمتى صلحت ليقضين لك صالح … ولتجزين إذا جزيت جميلا

الراجز لم يعين. وهو شاهد على زيادة «على» للتعويض. قال ابن جني: أراد: «من يتكل عليه»، فحذف «عليه»، وزاد «على» قبل «من» عوضا، ويحتمل أن يكون الكلام تم عند قوله: «إن لم يجد يوما»، ثم قال: على من يتكل، وتكون «من» استفهامية. [سيبويه/ 1/ 443، والخصائص/ 2/ 305، وشرح أبيات المغني/ 3/ 241، والأشموني/ 2/ 222]. 337 - لمتى صلحت ليقضين لك صالح … ولتجزينّ إذا جزيت جميلا البيت شاهد على دخول «اللام» الموطئة للقسم على «متى» الشرطية، بدليل توكيد جواب الشرط بالنون. [الهمع/ 2/ 44، وشرح أبيات المغني/ 4/ 363]. 338 - غذوتك مولودا وعلتك يافعا … تعلّ بما أدني إليك وتنهل لأمية بن أبي الصلت، وقيل: لابن عبد الأعلى، وقيل: لأبي العباس الأعمى. [الحماسة/ 753]. 339 - وما حالة إلا سيصرف حالها … إلى حالة أخرى وسوف تزول البيت شاهد على أن «السين» مقتطعة من «سوف»، وأن مدة التسويف قد تكون واحدة في الاثنتين؛ لأن العرب عبرت عن المعنى الواحد الواقع في الوقت الواحد ب «سيفعل»، و «سوف يفعل»، كما في البيت. [الهمع/ 2/ 72، والدرر/ 2/ 89]. 340 - فما مثله فيهم ولا كان قبله … وليس يكون الدّهر ما دام يذبل قاله حسان بن ثابت. ويذبل: اسم جبل. والبيت شاهد على أن «ليس» تنفي المستقبل أيضا، وليست مخصوصة بنفي الحال. وقد تنفي الماضي أيضا كما حكى سيبويه: «ليس خلق الله مثله». [الهمع/ 1/ 8، والعيني/ 2/ 20]. 341 - هيا أمّ عمرو هل لي اليوم عندكم … بغيبة أبصار الوشاة سبيل البيت شاهد على «هيا»، حرف نداء ينادى بها البعيد مسافة وحكما. [الهمع/ 1/ 172، والدرر/ 148].

342 - لو كان في قلبي كقدر قلامة … حبا لغيرك ما أتتك رسائلي

342 - لو كان في قلبي كقدر قلامة … حبّا لغيرك ما أتتك رسائلي البيت شاهد على اسمية «الكاف»، ووقوعها هنا اسما لكان. والبيت منسوب إلى جميل بثينة، وإلى أبي كبير الهذلي. [الهمع/ 2/ 31، والدرر/ 2/ 29]. 343 - فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن … إلا كلمّة بارق بخيال والبيت شاهد على زيادة الواو في قوله: «فإذا وذلك»، وأصله: فإذا ذلك. والبيت لابن مقبل. والواو زائدة أيضا في البيت التالي. [الخزانة/ 11/ 58]. 344 - فإذا وذلك ليس إلا ذكره … وإذا مضى شيء كأن لم يفعل والبيت لأبي كبير الهذلي، وهو شاهد على زيادة «الواو» في: «فإذا وذلك». [الخصائص/ 2/ 171، وديوان الهذليين/ 2/ 100]. 345 - ولو كنت تعطي حين تسأل سامحت … لك النفس واحلولاك كلّ خليل أجل، لا، ولكن أنت أشأم من مشى … وأسأل من صماء ذات صليل قوله: «واحلولاك»: استحلاه، من الحلاوة، كما يقال: استجاده من الجودة. واحلولت الجارية تحلولي، إذا استحليت واحلولاها الرجل. والصّماء: الأرض، وصليلها: صوت دخول الماء فيها، والأرض الصماء، يتسرب الماء إلى داخلها ولا يؤثر فيها ولا ترتوي. والبيت الثاني شاهد على أن «أجل» حرف جواب مثل «نعم»، تكون لتصديق الخبر، ولتحقيق الطلب. [المنصف/ 1/ 82]. 346 - جزى ربّه عنّي عديّ بن حاتم … جزاء الكلاب العاويات وقد فعل نسب إلى أبي الأسود الدؤلي، يهجو عديّ بن حاتم الطائي، وما أظنّه يصحّ، فأبو الأسود رجل صالح، وعديّ بن حاتم صحابي، ولا يكون من أبي الأسود أن يهجو صحابيا، وقيل: للنابغة الجعدي، وقيل لغيرهما. والشاهد: «ربّه عديّ بن حاتم»، حيث أعاد الضمير من الفاعل المتقدم على المفعول المتأخر، فكان هذا الضمير عائدا على متأخر في اللفظ والرتبة، وهو شاذ عند جمهور

347 - أيهذان كلا زاديكما … ودعاني واغلا في من يغل

النحاة الذين يعتمدون على الصناعة، ولكنه سائغ لا شذوذ فيه؛ لأن المفعول به كثيرا ما يتقدم على الفاعل، وعلى الفعل أيضا، فرتبته متقدمة في كثير من أحواله. [الخزانة/ 1/ 277]. 347 - أيّهذان كلا زاديكما … ودعاني واغلا في من يغل دعاني: اتركاني. واغلا: الواغل: الرجل الذي يدخل على القوم وهم يشربون من غير أن يدعى. و «يغل» أصله: «يوغل»، فحذف الواو؛ لوقوعها بين الياء المفتوحة والكسر. مثل (وعد يعد). والشاهد: «أيهذان»، أيّ: منادى، والهاء: للتنبيه، ذان: مرفوع بالألف، صفة ل «أيّ» المنادى، ونعت «أيّ» المنادى باسم الإشارة الذي للمثنى قليل. وحقه أن ينعت باسم محلى بالألف واللام. [شرح شذور الذهب/ 154، والهمع/ 1/ 175، والدرر/ 1/ 152]. 348 - محمّد تفد نفسك كلّ نفس … إذا ما خفت من شيء تبالا منسوب إلى أبي طالب، أو إلى ابنه علي بن أبي طالب. والتبالا: سوء العاقبة، أو الهلاك. وأصل تائه «واو»، فأصله: الوبال. مثل: تجاه، وتخمة. والشاهد: «تفد» جاء مجزوما ولم يسبقه جازم، فقدّروا له «لام» الدعاء (الأمر) محذوفة، وأصله: لتفد. وقيل: حذفت «لامه» للضرورة. [الانصاف/ 530، وشرح المفصل/ 7/ 25، وشذور الذهب/ 211، والأشموني/ 4/ 5]. 349 - فاليوم أشرب غير مستحقب … إثما من الله ولا واغل من شعر امرئ القيس. ومستحقب: أصله الذي يجمع حاجاته في الحقيبة والمراد: غير مكتسب. والواغل: الذي يدخل على القوم وهم يشربون من غير أن يدعى. والشاهد: «أشرب»، جاء مجزوما بلا جازم، ويروى البيت: حلّت لي الخمر وكنت امرأ … عن شربها في شغل شاغل فاليوم أسقى غير مستحقب … إثما من الله ولا واغل والرواية الأولى، لسيبويه، والرواية الثانية عند المبرّد في «الكامل»، وفي رواية «فاليوم

350 - وما حق الذي يعثو نهارا … ويسرق ليله إلا نكالا

فاشرب»، وقد قالوا في الردّ على من أنكر على سيبويه روايته: إنّ القياس لا يأبى ذهاب حركة الإعراب في المنقول عن العرب، وقد قرأت القرّاء: ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ. [يوسف: 11] بالادغام، وخط في المصحف ب «نون» واحدة فلم ينكر ذلك أحد، فكما جاز ذهابها للإدغام، فكذا ينبغي أن لا ينكر ذهابها للتخفيف، وقرأ ابن محارب: وبعولتهن أحق بردهن. [البقرة: 228] بإسكان التاء، وقرأ الأعمش: وما يعدهم الشيطان. [النساء: 12] بإسكان الدال. [الخزانة/ 8/ 253، وشرح المفصل/ 1/ 48، وشرح الذهب/ 212]. 350 - وما حقّ الذي يعثو نهارا … ويسرق ليله إلا نكالا يعثو: يفسد. والنكال: العقوبة. والبيت شاهد على عمل «ما» الحجازية إذا انتقض نفيها ب «إلّا». فقوله: «ما» نافية، حقّ: اسمها، ونكالا: خبرها. ومثله قول الشاعر: وما الدهر إلا منجنونا بأهله … وما صاحب الحاجات إلا معذّبا والبيت الشاهد للشاعر مغلس بن لقيط الأسدي، شاعر جاهلي. [الهمع ج 1/ 123]. 351 - بينما نحن بالأراك معا … إذ أتى راكب على جمله البيت لجميل العذري. والشاهد: «بينما»، حيث كفت «ما» «بين» عن الإضافة إلى المفرد، فجاءت بعده الجملة الاسمية (نحن بالأراك). [شرح أبيات المغني/ 5/ 272، والمرزوقي/ 1784]. 352 - وكلّ أبيّ باسل غير أنني … إذا عرضت أولى الطرائد أبسل من لامية العرب للشّنفرى، ولا أعلم من الذي سماها لامية العرب، ولعلّ ذلك كان في وقت متأخر بعد ظهور لامية العجم للطغرائي، والله أعلم. وقوله: وكلّ أبيّ، أي: كل واحد من الوحش؛ لأنه زعم في قصيدته أنه اتخذ الوحش أهلا له دون أهله من قبيلته. والأبيّ: الصعب الممتنع. والباسل: الشجاع. وقوله في نهاية البيت: «أبسل»، أفعل تفضيل. والطرائد: جمع الطريدة، والمراد هنا: الفرسان ومطاردة الأقران في الحرب، إذا حمل بعضهم على بعض.

353 - فإما تريني كابنة الرمل ضاحيا … على رقة أحفى ولا أتنعل

والشاهد: (غير)، على أنها تستعمل في الاستثناء المتّصل. [الخزانة/ 3/ 340]. 353 - فإمّا تريني كابنة الرّمل ضاحيا … على رقّة أحفى ولا أتنعّل البيت غير منسوب. وابنة الرمل: يعني: الناقة، وضاحيا: ملاقيا حرّ الشمس، وعلى رقة: يعني: مع رقة جلد قدمي. والبيت شاهد لمجيء الفعل بعد «إمّا»، غير مؤكد بالنون. [الأشموني ج 3/ 216]. 354 - بأوشك منه أن يساور قرنه … إذا شال عن خفض العوالي الأسافل البيت بلا نسبة في الهمع، وأنشده السيوطي شاهدا لاشتقاق اسم التفضيل من الفعل أوشك، وهو «بأوشك»، والمعروف أن أفعال المقاربة لا يأتي منها إلا الماضي والمضارع. 355 - فإن تبتئس بالشّنفرى أمّ قسطل … لما اغتبطت بالشّنفرى قبل أطول البيت للشنفرى. وقسطل: الغبار، وأم قسطل: كنية الحرب. واغتبطت: فاعله أم قسطل. وقبل: مبني على الضم، أي: قبل موته. وقوله: لما: ما: مصدرية، مؤولة مع الفعل بالمبتدأ، وأطول: خبره. والتقدير: لزمن اغتباطها بالشنفرى قبل موته، أطول من زمن بؤسها بموته. والشاهد: «فإن تبتئس»، وهو وقوع المضارع شرطا ل «إن» التي لا جواب لها في الظاهر ضرورة. والقياس: فإن ابتئست، فإن جملة «لما ابتئست»: جواب قسم مقدر، و «لام» التوطئة قبل إن مقدرة، والتقدير: فو الله لئن لم تبتئس، وجواب الشرط محذوف وجوبا مدلول عليه بجواب القسم. وقوله تبتئس بالشنفرى: الباء للسببية، أي: بسبب فراق الشنفرى، وهو صاحب هذه القصيدة التي تسمى لامية العرب. [الخزانة ج 11/ 349]. 356 - إني لأمنحك الصّدود وإنني … قسما إليك مع الصّدود لأميل البيت للأحوص، الأنصاري من قصيدته التي يمدح بها عمر بن عبد العزيز، ومطلعها: يا بيت عاتكة الذي أتعزّل … حذر العدى وبه الفؤاد موكّل وزعم الأدباء أن عاتكة التي يتغزل بها، هي عاتكة بنت يزيد بن معاوية، وهذا كذب؛ لأن الأحوص يقول هذا حوالي سنة مائة، ويزيد توفي حوالي ستين، وينت يزيد لن تكون

357 - فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب … لعلك تهديك القرون الأوائل

محلّ غزل. وقد قال بعضهم: إن رجلا كان ينزل قرى بين الأشراف، كنى عنها بعاتكة، وقيل: عاتكة بنت عبد الله بن يزيد، والحقيقة أنها امرأة في خيال الشاعر واستحسن هذا الاسم، فجعله اسما لها. والشاهد في البيت: على أنّ «قسما» تأكيد للحاصل من الكلام السابق، بسبب «إنّ» و «اللام»، يعني أن «قسما» تأكيد لما في قوله: (وإنني مع الصدود لأميل إليك)، من معنى القسم لما فيه من التحقيق والتأكيد من «إنّ» و «لام» التأكيد، فلما كان في الجملة منهما تحقيق، والقسم أيضا تحقيق، صار كأنه قال: أقسم قسما. [كتاب سيبويه ج 1/ 190، والخزانة ج 2/ 47، وج 4/ 15، وشرح المفصل ج 1/ 116]. 357 - فإن أنت لم ينفعك علمك فانتسب … لعلّك تهديك القرون الأوائل قاله لبيد بن ربيعة. والشاهد: رفع الاسم الذي تدخل عليه أداة الشرط على الفاعلية، إذا لم يكن للفعل بعده حاجة إليه. والتقدير في البيت: وإن لم تنتفع بعلمك، لم ينفعك علمك، فلما حذف الفعل، برز الضمير وانفصل. [الأشموني ج 2/ 75، والخزانة ج 3/ 34]. 358 - فبادرن الديار يزفن فيها … وبئس من المليحات البديل البيت لرفاعة الفقعسي، وهو في الهمع ج 2/ 85. وقوله: يزفن: لعلّ معناه: يسرعن، من وزف يزف، وقرئ: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ [الصافات: 94] بتخفيف «الفاء»، مثل زفّ يزفّ. والشاهد: الفصل بين «بئس» وفاعلها بمعمول الفاعل، والتقدير: «بئس البديل من المليحات». 359 - أبلغ يزيد بني شيبان مألكة … أبا ثبيت أما تنفكّ تأتكل البيت للاعشى. في ديوانه، واللسان «ألك»، والخصائص ج 2/ 288. والمألكة: الرسالة. وقوله في القافية: تأتكل، قال ابن منظور: من الألوك، مقلوب ألك، وأصله تأتلك. 360 - وتشرب أساري القطا الكدر بعد ما … سرت قربا أحناؤها تتصلصل

361 - فعبت غشاشا ثم مرت كأنها … مع الصبح ركب من أحاظة مجفل

البيت للشنفرى، من لامية العرب. والأسآر: جمع سؤر، وهو بقية الماء، يريد أنه يسبق القطا إذا سايرها في طلب الماء؛ لسرعته، فترد بعده وتشرب سؤره، مع أن القطا أسرع الطير ورودا. والقطا الكدر: الغبر الألوان. و «قربا»: حال من ضمير «سرت». والقرب: السير إلى الماء بينك وبينه ليلة، أو سير الليل؛ لورود الماء. وأحناؤها: جوانبها، و «تتصلصل»: يسمع لها صوت من شدة العطش. [الخزانة ج 7/ 747، والعيني ج 3/ 206]. 361 - فعبّت غشاشا ثم مرّت كأنّها … مع الصبح ركب من أحاظة مجفل للشنفرى من اللامية، بعد البيت السابق. وعبّت: شربت بلا مصّ. وغشاشا: على عجلة. والركب: ركبان من الإبل خاصة. يقول: وردت القطا على عجل، ثم صدرت في بقايا من الظلمة في الفجر، وهذا يدل على قوة سرعتها. ومجفل: مسرع، صفة ثانية لركب، و «من أحاظة»: صفة أولى. وأحاظة: قبيلة من الأزد. وقيل: أحاظة: موضع. والشاهد: أن اسم الجمع بعضه كالركب يجوز تذكيره وتأنيثه، وفي الشعر جاء مذكرا، فإنه عاد الضمير عليه من «مجفل» بالتذكير، ولو أنّث، لقال: مجفلة. [الخزانة/ ج 7/ 286، وشرح شواهد الشافية/ 148]. 362 - زيادتنا نعمان لا تنسينّها … تق الله فينا والكتاب الذي تتلو للشاعر عبد الله بن همّام السلولي. والشاهد: «تق الله» يريد: اتق الله. [اللسان «وقى»، والخصائص ج 2/ 286، وج 3/ 89]. 363 - وما حالة إلا سيصرف حالها … إلى حالة أخرى وسوف تزول البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 72. وأنشده شاهدا لتعاقب «السين» و «سوف» على المعنى الواحد في الوقت الواحد، خلافا للبصريين الذين قالوا: إن زمن المضارع مع «السين» أضيق منه مع «سوف». 364 - جوابا به تنجو اعتمد فوربّنا … لعن عمل أسلفت لا غير تسأل البيت بلا نسبة في الأشموني ج 3/ 267، والهمع ج 1/ 210، ورواية الشطر الثاني: «فعن عمل».

365 - يا أحسن الناس ما قرنا إلى قدم … ولا حبال محب واصل تصل

والشاهد: «لا غير»، (غير) مبني على الضمّ؛ لانقطاعه عن الإضافة. وفيه ردّ على ابن هشام الذي شرط أن تقع بعد ليس، وأن قول الفقهاء: (لا غير)، لحن. فهذا البيت أنشده ابن مالك شاهدا لصحة البناء بعد «لا» النافية. 365 - يا أحسن الناس ما قرنا إلى قدم … ولا حبال محبّ واصل تصل البيت غير منسوب. واستشهد به السيوطي على أن الشاعر حذف «بين»، وأقام «قرنا» مكانها، والأصل: «ما بين قرن إلى قدم». [الهمع/ 2/ 131]. 366 - ماذا - ولا عتب في المقدور - رمت أما … يكفيك بالنّجح أم خسرو تضليل البيت في الهمع ج 1/ 88، وأنشده شاهدا لجواز الفصل بين الموصول والصلة بجملة الاعتراض. وهذا على اعتبار أن «ذا» من «ماذا»، موصولة. ويحتمل أن تكون «ماذا» كلها استفهامية. 367 - فيوما يوافين الهوى غير ماضي … ويوما ترى منهنّ غولا تغوّل البيت لجرير، من قصيدة يهجو بها الأخطل. ويوافين، أي: يجازين، ويروى أيضا: (يجازين)، من المجازاة، ويروى: (يجارين)، بالراء المهملة، أي: يجارين الهوى بألسنتهنّ ولا يمضينه. والشاهد: قوله: (غير ماضي)، حيث حركت «الياء» للضرورة. ويروى: (غير ماصبى)، من صبا يصبو بالصاد المهملة، أي: من غير صبى منهن إليّ. ويبدو أنه هو الصحيح، وأن بعض النحويين حرفوه، وهي رواية ديوانه، وعلى هذا لا شاهد فيه. والغول: أخبث السعالي. وأصل تغوّل: تتغوّل، فحذفت إحدى التاءين، من تغولت الإنسان الغول، أي: ذهبت به وأهلكته، والمعنى: أنه يصفهن بأنهن يوما يجازين العشاق بوصل متقطّع، ويوما يهلكنهم بالصدود والهجران. [الأشموني ج 1/ 100، وشرح المفصل ج 10/ 101، وكتاب سيبويه ج 2/ 59، وروايته: (فيوما يوافيني الهوى غير ماضي)]. 368 - فإن يك من جنّ لأبرح طارقا … وإنّ يك إنسا ماكها الإنس تفعل البيت للشنفرى من لامية العرب. وقوله: «فإن يك من جنّ»، اسم «يك» ضمير يعود على الطارق المفهوم من المقام،

369 - ولي دونكم أهلون سيد عملس … وأرقط زهلول وعرفاء جيأل

والطارق: الذي يأتي ليلا، ومن جنّ: خبره. وقيل: اسمها مضمر فيها، أي: إن كان المرء، ومن جنّ: خبره، أي: جنيّا. و «اللام» في «لأبرح» جواب قسم محذوف، أي: والله لأبرح، وجوابه أغنى عن جواب الشرط. وطارقا: تمييز. ويجوز أن يكون حالا من الضمير في «أبرح»، وهو الطارق. و «الكاف» يجوز أن تكون اسما، فموضعها نصب ب «تفعل»، أي: ما تفعل الإنس مثلها، والضمير عائد على الفعلة التي وجدت. والإنس: مبتدأ، وتفعل: خبره. والبيت شاهد على أن أداة الشرط إذا لم يكن لها جواب في الظاهر، يجب أن يكون شرطها ماضيا لفظا ومعنى، نحو: «أكرمك إن أتيتني»، و «أكرمك إن لم تقطعني». وقد يجيء في الشعر مستقبلا، كما في البيت. [الخزانة ج 11/ 343، والهمع ج 2/ 30، والعيني 3/ 269]. و «أبرح» في البيت: فعل ماض، بمعنى البرح، وهو الشدّة. 369 - ولي دونكم أهلون سيد عملّس … وأرقط زهلول وعرفاء جيأل من لامية الشنفرى الموسومة بلامية العرب. والخطاب إلى بني قومه. وبدأها بقوله: أقيموا بني أمّي صدور مطيّكم … فإني إلى قوم سواكم لأميل ومعنى «أقيموا صدور مطيكم»: يقال: أقام صدر مطيته، إذا جدّ في السير، وكذلك إذا جدّ في أيّ أمر كان. يؤذن قومه بالرحيل، وأن غفلتهم عنه، توجب مفارقتهم. وبني أمي: منادى، وأضاف الأبناء إلى الأم؛ لأنها أشدّ شفقة، كما قيل في قوله تعالى حكاية عن هارون: يَا بْنَ أُمَّ. [طه: 94]، وأميل: بمعنى مائل. وبعد المطلع إلى البيت الشاهد قوله: فقد حمّت الحاجات والليل مقمر … وشدّت لطيّات مطايا وأرحل وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى … وفيها لمن خاف القلى متحوّل لعمرك ما بالأرض ضيق على امرئ … سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل ولي دونكم ... فهو يعلم أهله بالرحيل؛ لأنهم لم يؤدوا واجبهم نحوه، ولم يحفظوا له حقّه في المودّة، ويقرر أن في الأرض متسعا للعيش. وفي الأرض أهل يأنس بهم غير أهله ويريد بهم: وحوش الصحراء. وقوله: ولي دونكم، «دون» بمعنى «غير». ولي: خبر مقدم، وأهلون:

مبتدأ مؤخر، ودون: ظرف، كان صفة ل (أهلون)، فلما تقدم صار حالا منه. وسيد: خبر مبتدأ محذوف، أي: هم سيد، والسّيد: بكسر السين، مشترك بين الأسد والذئب، ومراده هنا: الذئب؛ ولهذا عينه بالوصف فقال: عملّس، وهو القوي على السير السريع. وأرقط: ما فيه نقط بياض وسواد، مشترك بين حيوانات، منها النمر والحية، وأراد النمر. ولهذا وصفه بزهلول، وهو الأملس. والعرفاء: مؤنث الأعرف، ويقال للضبع: عرفاء؛ لكثرة شعر رقبتها، وجيأل: بدل من عرفاء، وهو اسم للضبع، معرفة بلا «ألف» و «لام». يقول: اتخذت هذه الوحوش أهلا بدلا منكم؛ لأنها تحميني من الأعداء، ولا تخذلني في حال الضيق، وهذا تعريض بعشيرته في أنهم لا حماية لهم كهذه الحيوانات، ولا غيرة لهم على من جاورهم، وأكّد هذا المعنى في البيت التالي بقوله: هم الأهل لا مستودع السّرّ ذائع … لديهم ولا الجاني بما جرّ يخذل قلت: وقد لخّص أحدهم ما قاله الشنفرى في البيت: عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى … وصوّت رعيان فكدت أطير قال أبو أحمد: وقصيدة الشنفرى، عجيبة في نسجها، فأنت تقرأ مطلعها وأبياتا بعده فتجدها تسيل عذوبة ورقة وسهولة، وتتدفق عاطفتها، فتأخذ بمجامع القلب المجرّب، فإذا أو غلت في قراءتها، صدمتك بخشونتها وغرابة ألفاظها، وهذه الظاهرة فيها قولان: الأول: وفيه نحسن الظنّ، وننسب القصيدة إلى صاحبها؛ ذلك أن مطلع القصيدة يعبر الشاعر فيه عن نفسه المتألمة، فهو شعر ذاتي، يقدم لك قطعة من قلب الانسان. والإنسان إذا تألم، عبّر صادقا، وكان شعره يمثل عاطفته. والعواطف لا يفترق فيها الناس، يستوي فيها الحضري، والبدوي، والمتوحش؛ لأن العواطف أودعها الله في كلّ إنسان. وأما خشونة القسم الثاني من القصيدة، فسببه أنه يصف البيئة البدوية الخشنة بصحرائها، وحيوانها. فهو يصف ما تراه عينه، ويقع ماثلا على الأرض دون أن يمتزج به. والثاني: ربما كانت المقدمة مصنوعة؛ لأنها أشبه بشعر العصر العباسي، وبقية القصيدة هو الصحيح. وربما كان العكس. ومما شجعني على القول الأخير، أن القالي قال في أماليه: «إن القصيدة المنسوبة إلى الشنفرى التي أولها ... هي من المقدمات في الحسن

370 - وما قصرت بي في التسامي خؤولة … ولكن عمي الطيب الأصل والخال

والفصاحة والطول. [ج 1/ 156] فقال: (المنسوبة)، ولم يضف القصيدة إلى الشنفرى، والله أعلم بالحقيقة. والشاهد في البيت: (أهلون)، فقد جمع «أهل» في البيت، جمعا سالما، وإن كان «أهل» في البيت، غير علم لمذكر عاقل، ولا صفة له، لكنه جمعه هذا الجمع؛ لتنزيله هذه الوحوش الثلاثة منزلة الأهل الحقيقي. [شرح المفصل ج 5/ 31، والخزانة ج 8/ 55، وج 3/ 340]. 370 - وما قصّرت بي في التّسامي خؤولة … ولكنّ عمّي الطيب الأصل والخال البيت غير منسوب، وقبله في الروايات: وما زلت سبّاقا إلى كلّ غاية … بها يبتغى في الناس مجد وإجلال والخؤولة: بضم الخاء، إما بمعنى المصدر، كالعمومة، أو جمع خال، كالعمومة جمع عمّ. والمعنى: أنه حصل على السؤدد من وجهين: أحدهما: من قبل نفسه، وهو كونه سباقا إلى غاية المفاخر، والآخر: من جهتي أبيه وأمه، وإلى الثاني أشار بقوله: (خؤولة)، وأما الأول، فلأن في البيت حذفا تقديره: ولا عمومة، يدل على ذلك عجز البيت. والشاهد: في قوله: والخال، حيث عطف على محل «عمّي»؛ لأنه في الأصل مبتدأ، والتقدير: والخال طيب الأصل كذلك، والدليل على الرفع، القافية، فإنها مرفوعة، وهذا العطف مشروط بأن تستكمل الأداة الناسخة خبرها، والأصل فيه: ل «إنّ»، وحمل عليه «لكنّ». قال ابن مالك: وجائز رفعك معطوفا على … منصوب إنّ بعد أن تستكملا وألحقت بأنّ لكنّ وأن … من دون ليت ولعلّ وكأن [الأشموني ج 1/ 287، والهمع ج 2/ 124]. 371 - إنّ الكريم لمن ترجوه ذو جدة … ولو تعذّر إيسار وتنويل البيت بلا نسبة في [العيني ج 2/ 242، وشواهد التوضيح 152]. 372 - صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو … وأقفر من سلمى التعانيق والثقل

373 - أتي الفواحش عندهم معروفة … ولديهم ترك الجميل جميل

البيت مطلع قصيدة لزهير بن أبي سلمى، وهي في ديوانه ص 111، وشرح شواهد الشافية/ 233. 373 - أتي الفواحش عندهم معروفة … ولديهم ترك الجميل جميل نسبه العيني للفرزدق، يذم به قوم الأخطل. يقول: إن إتيان الفواحش عند قوم الأخطل معروف. والشاهد: في «معروفة»، حيث أنّثها، مع أنها خبر لقوله: «أتي الفواحش»؛ لأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه. [الأشموني ج 2/ 248]. 374 - فما وجد النّهديّ وجدا وجدته … ولا وجد العذريّ قبل جميل البيت غير منسوب، والنهديّ: المنسوب إلى نهد، وهي قبيلة يمانية. والشاهد: «قبل»، أراد: «قبلي»، فإنه يروى بحذف «ياء» المتكلم، مكتفيا بالكسرة التي قبلها للدلالة عليها. ويجوز «قبل» بضم «اللام» على حذف المضاف إليه، ونيّة معناه. [الإنصاف ص 545، والهمع ج 2/ 210]. 375 - لقد ألّب الواشون ألبا لبينهم … فترب لأفواه الوشاة وجندل البيت غير منسوب. والشاهد: «فترب لأفواه». فترب: مبتدأ، و «لأفواه»: خبره. وهو تركيب موضوع في الدعاء، والأكثر فيه «فترب» أن يكون منصوبا بفعل محذوف، فيقال: «تربا لك وجندلا»؛ لأنهم أجروه مجرى المصادر المنصوبة في هذا الأسلوب، كقولهم: «سقيا ورعيا»، ومع رفعه بقي فيه معنى الدعاء، مثل قولك: (سلام عليك). [كتاب سيبويه ج 1/ 158، وشرح المفصل ج 1/ 122]. 376 - لقد لقيت قريظة ما سآها … وحلّ بدارها ذلّ ذليل البيت منسوب في اللسان وكتاب سيبويه لكعب بن مالك، وهو كذلك في ديوانه، وينسب لحسان بن ثابت في ديوانه. وكثير من الأشعار الي ذكرت في الغزوات النبوية، تنسب لأكثر من شاعر، ولعلهم لم يقولوها، وإنما هي من اختراع الرواة. وقوله:

377 - بها العين والآرام لا عد عندها … ولا كرع إلا المغارات والربل

سآها: قال سيبويه: هو مقلوب (ساءها). وذلّ ذليل: إما أن يكون على المبالغة، وإما أن يكون في معنى مذلّ. [كتاب سيبويه ج 2/ 130، واللسان «سأى، وذلل»]. 377 - بها العين والآرام لا عدّ عندها … ولا كرع إلا المغارات والرّبل البيت لذي الرّمة في ديوانه، وكتاب سيبويه ج 1/ 352. وقوله: «لا عدّ عندها»، العدّ: بكسر العين، ماء الأرض الغزير، وقيل: نبع من الأرض، وقيل: الماء القديم الذي لا ينتزح. والكرع: بفتح الكاف والراء، ماء السماء. والرّبل: ضروب من الشجر، إذا برد الزمان عليها وأدبر الصيف، تفطرت بورق أخضر من غير مطر. يصف فلاة لا ماء بها إلا ما غار من ماء السماء، فالمغارات: جمع مغارة، حيث يغور ماء السماء. والشاهد: رفع «كرع» عطفا على موضع الاسم المنصوب ب «لا» والتقدير: لا فيها عدّ ولا كرع، ولو نصب حملا على اللفظ، لجاز. [سيبويه ج 2/ 291، هارون]. 378 - علّقتها عرضا وعلّقت رجلا … غيري وعلّق أخرى غيرها الرجل البيت للأعشى، وقوله: علقتها عرضا: إذا هوي امرأة، أي: اعترضت له فرآها بغتة، من غير قصد لرؤيتها، فعلقها من غير قصد، وقال ابن السكيت في معنى علقتها عرضا، أي: كانت عرضا من الأعراض اعترضني من غير أن أطلبه، والبيت يتمثل به لمن تحبّه، ثم يقبل على غيرك، ثم يعرض الآخر عنه. 379 - ليت التحيّة كانت لي فأشكرها … مكان يا جمل حيّيت يا رجل البيت لكثير عزّة: وقوله: فأشكرها: منصوب ب «أن» مضمرة بعد «فاء» السببية؛ لأنه في جواب التمني. و «مكان»: منصوب على الظرفية. والشاهد: «يا جمل»، حيث نونه مضموما وحقّه البناء على الضم بدون تنوين. ويروى بالنصب، والأول أشهر. ويا رجل: بضم بلا تنوين، لأنه منادى مفرد معرفة بالقصد (نكرة مقصودة). [الأشموني ج 3/ 144، والهمع ج 1/ 173، والشعر والشعراء ص 418]. وقصة البيت: أن كثيرا مرّ بربع عزّة فقال: السّلام عليك يا عزّة، فقالت: عليك السّلام يا جمل، فقال كثير: يخاطب جمله:

380 - رباء شماء لا يأوي لقلتها … إلا السحاب وإلا الأوب والسبل

حيّتك عزّة بعد الهجر وانصرفت … فحيّ ويحك من حيّاك يا جمل لو كنت حيّيتها ما زلت ذا مقة … عندي وما مسّك الإدلاج والعمل ليت ... الخ، وفي الشعر والشعراء «يا جملا». قال أبو أحمد: وقصة كثير مع عزّة، جميلة وممتعة من الناحية الفنيّة فقط. وقلت: من الناحية الفنيّة؛ لأن كثيرا من أخبارهما موضوع وضعا فنيّا، ولا حقيقة له. فإذا مررت أيها القارئ بقصة كثير، وأحببت أن تقضي معها ساعات، فانس أن ذلك تاريخ واقع، وانس أن كثيّرا كان في القرن الأول. وإنما هو كثير كان يعيش في الدنيا. وإذا أسقطها تاريخيا، لا يعني ذلك أنها تسقط أدبيا، بل هي من روائع الأدب، ولا يشترط في الأدب أن يكون واقعا، بل يشترط فيه إمكان وقوعه، ويمثل نماذج إنسانية في مكان ما من العالم، والله أعلم. 380 - ربّاء شمّاء لا يأوي لقلّتها … إلا السحاب وإلّا الأوب والسّبل البيت آخر قصيدة للمتنخّل الهذلي، رثى بها ابنه. وقوله: «ربّاء»، صيغة مبالغة على وزن فعّال من ربأ يربأ، إذا صار ربيئة لهم، وربأت القوم، أي: رقبتهم؛ وذلك إذا كنت لهم طليعة فوق شرف. وقيل: من ربأت الجبل، إذا صعدته. وشماء: مؤنث أشم. يريد: هضبة شماء، من الشمم، وهو الارتفاع. وقد أضاف «ربّاء»، إلى «شماء»، كقولنا: «كطلاع أنجد، أو طلاع الثنايا». وضرب ذلك مثلا لمن هو ركّاب للصعاب في الأمور. ويريد ابنه. والقلّة: رأس الجبل، يريد: أنّ هذه الهضبة لا يصل إليها إلا السحاب؛ لارتفاعه. والأوب: قيل: إنّه النحل حين تؤوب، أي: ترجع، ويروى: «النّوب»، وهو النحل أيضا. وقيل: هو المطر؛ لأنه بخار الماء ارتفع من الأرض، ثم آب إليها؛ وذلك أن العرب كانت ترى أن السحاب يحمل الماء من البحر، ثم يرجعه إليه. والسّبل: المطر المنسبل، أي: النازل. والبيت شاهد على أن الموصوف قد يحذف مع قرينة دالة عليه، كما في البيت. والتقدير: رجل ربّاء هضبة شماء، فحذف الموصوف، وأقيم الوصف مقامه في الموضعين. [شرح المفصل ج 3 / 58، واللسان «أوب» والخزانة ج 5/ 3].

381 - مشغوفة بك قد شغفت وإنما … حم الفراق فما إليك سبيل

381 - مشغوفة بك قد شغفت وإنّما … حمّ الفراق فما إليك سبيل البيت غير منسوب. والشاهد «مشغوفة»، حيث وقع حالا من المجرور، وهو «الكاف» في «بك»، وقد منع كثير من النحويين تقدم الحال على صاحبها المجرور، وأجازه ابن مالك، وذكر الأشموني البيت شاهدا لذلك. قال العيني: والتقدير: قد شغفت بك حال كوني مشغوفة، وهو توجيه بارد، وتركيب ركيك. [الأشموني ومعه العيني ج 2/ 177]. 382 - مخلّفة لا يستطاع ارتقاؤها … وليس إلى منها النزول سبيل غير منسوب، وهو في [الأشموني ج 2/ 236، والخصائص ج 2/ 395]. وذكروه شاهدا للفصل بين حرف الجرّ ومجروره، ففصل بين (إلى) و (النزول) بحرف الجرّ والمجرور، «منها». قلت: وهذا شعر لم يقله شاعر، ولا تستقيم اللغة بالتقاط الشواهد لها من أفواه تجّار الكلام، وصنّاع التراكيب. 383 - وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها … فليس إلى حسن الثناء سبيل البيت للشاعر عبد الملك بن عبد الرحيم الحارثي، شاعر إسلامي. وهو البيت الثاني من قطعة أوردها أبو تمام في الحماسة، ومضى البيت الأول (إذا المرء .. جميل)، يقول: إذا المرء لم يحمل ظلم نفسه عليها، ولم يصبرها على مكارهها، فليس له طريق إلى الثناء الحسن، وهو يشير إلى كظم الغيظ واستعمال الحلم، وترك الظلم والبغي مع ذويه. قال المرزوقي: ويبعد عن طريق المعنى أن يريد بقوله: «ضيمها»، ضيم غيرها لها، فأضاف المصدر إلى المفعول؛ لأن احتمال ضيم الغير لهم يأنفون منه، ويعدونه تذللا. والشاهد في البيت «وإن هو». قال السيوطي: ويتعين انفصال الضمير في صور. رابعها: أن يضمر عامله. وذكر شطر البيت. قلت: وهذا على رواية التبريزي، أما الرواية في المرزوقي: (إذا المرء لم يحمل على النفس ضيمها). قال أبو أحمد: وينسب بعضهم قطعة البيت إلى السموأل بن عاديا اليهودي. وهذا لا يصحّ؛ لأن اليهود ليس من أعرافهم ما جاء في الأبيات. فهو في أول القطعة يدعو إلى الابتعاد عن اللؤم، واليهود يربون أبناءهم على اللؤم. وهو يزعم في بيت من القطعة أنهم لا يرون القتل سبّة، واليهود جبناء. وقالوا: إن السموأل يضرب به المثل في الوفاء. واليهود لا يعرفون الوفاء، وإنما قامت حياتهم على الغدر؛ لأن الغدر من صفات

384 - أنا جدا جدا ولهوك يزدا … د إذن ما إلى اتفاق سبيل

الجبناء. وقد ضربوا به المثل بالوفاء؛ لأنه أسلم ابنه حتى قتل ولم يخن أمانته في أدراع أودعها عنده امرؤ القيس. وهذه قصة لم تثبت، وإن ثبتت، فإنه يكون قد رفض تسليم الدروع طمعا فيها؛ لأنه علم بموت امريء القيس، فقتل ابنه من أجل دروع. فإن كان يهوديا عرقا، فإنه لا يعرف إلا الغدر؛ لأنه من نسل إخوة يوسف، الذين غدروا بأخيهم الأصغر ورموه في البئر، وجلّ بني إسرائيل واليهود من نسل هؤلاء الغادرين، وقلة قليلة جدا من غيرهم، إما أنهم تنصروا، أو أسلموا وتركوا دين بني إسرائيل؛ لأنه يصيبهم بمعرّة، وإن كان عربيا تهوّد، فهو كذلك يكون غادرا، لأنهم يعلمون أبناءهم الغدر، ولا يعيشون إلا به، فيكون اكتسب الغدر بالتربية. [المرزوقي ص 111، والهمع ج 1/ 63]. 384 - أنا جدّا جدّا ولهوك يزدا … د إذن ما إلى اتفاق سبيل الكلام غير منسوب، وهو في الهمع ج 1/ 192. قال السيوطي: من المواضع التي يجب فيها حذف عامل المصدر، ما وقع في توبيخ سواء كان مع استفهام، أم دونه. ومنها ما وقع تفصيل عاقبة طلب أو خبر. ومنها ما وقع نائبا عن خبر اسم عين بالتكرير. وذكر البيت شاهدا للتكرير، قال: والتقدير: أجدّ جدا. 385 - فلا وأبيك خير منك إنّي … ليؤذيني التحمحم والصهيل البيت منسوب لشاعر جاهلي، اسمه شمير بن الحارث الضبي، وقيل: سمير بالسين، والبيت من قطعة نقلها البغدادي عن نوادر أبي زيد، وفيها يذكر الشاعر الخيل، ويذكر حبّه له ورغبته في اقتنائه. وقوله: «فلا وأبيك». «الكاف»: مكسورة، خطاب لامرأة لامته على حبّ الخيل، و «لا»: نفي لما زعمته المرأة. والواو: للقسم. وجملة: «إني ليؤذيني»: جوابا لقسم، ومعناه: يؤذيني وليس هو لي ملك، أو يؤذيني فقد التحمحم. والتحمحم: صوت الفرس إذا طلب العلف. والصهيل: صوته مطلقا. والبيت شاهد على أن «خير» بالجر، بدل من «أبيك»، بتقدير الموصوف، أي: رجل خير منك، وهذا البدل، بدل كلّ من كلّ، ومع اعتبار الموصوف، يكون الإبدال جاريا على القاعدة، وهي أنه إذا كان البدل نكرة من معرفة، يجب وصفها، كقوله تعالى:

386 - أهاجيتم حسان عند ذكائه … فغي لأولاد الحماس طويل

بِالنَّاصِيَةِ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ. [العلق: 15، 16]، وهذا على رواية الجرّ، وفيه رواية أخرى: وهي رفع «خير»، فمن روى: «خير منك» بالرفع، فكأنه قال: هو خير منك. [الخزانة ج 5/ 179]. 386 - أهاجيتم حسّان عند ذكائه … فغيّ لأولاد الحماس طويل البيت لحسان بن ثابت. والذكاء: انتهاء السنّ واجتماع العقل، والغيّ: الضلال. والحماس بالكسر: بطن من بني الحارث بن كعب، وهم رهط النجاشي الذي كان يهاجيه حسان. وهذا البيت من رواية سيبويه، من بحر الطويل. ورواية الديوان، من قطعة من الكامل، وهذه صورته: هاجيتم حسّان عند ذكائه … غيّ لمن ولد الحماس طويل والشاهد فيه: رفع «غيّ» على الابتداء، وهو نكرة، لما فيه من معنى الدعاء لو قلت: «غيّا». [سيبويه/ 1/ 314، هارون]. 387 - ألا حبّذا عاذري في الهوى … ولا حبّذا الجاهل العاذل البيت غير منسوب. والشاهد: «لا حبذا»، دخلت «لا» على «حبذا» فجعلتها تساوي «بئس» في المعنى والعمل. والفرق بين «بئس»، و «لا حبذا»، أن «لا حبذا»، تفيد الذمّ، وأن المذموم مكروه، أما «بئس»، فتفيد الذمّ فقط، وقل ذلك في الفرق بين «نعم» و «حبذا». [الهمع ج 2/ 89، والعيني 4/ 16]. 388 - نحن الفوارس يوم العين ضاحية … جنبي فطيمة لا ميل ولا عزل البيت للأعشى. وقوله: «يوم العين»، في كتاب سيبويه «يوم الحنو»، وفي رواية أخرى: «يوم اللعن». وفطيمة: امرأة مذكورة في ذلك اليوم، دافع قومها عنها. والشاهد: «جنبي فطيمة»، نصب جنبي على الظرف، قال السيوطي: الذي يصلح للظرفية، ويتعدى إليه الفعل من الأمكنة أربعة أنواع: الثاني منها: ما لا يعرف حقيقته بنفسه، بل بما يضاف إليه، ك «مكان» و «ناحية»، وك «جنبي» في قوله: (البيت). [الهمع ج 1/ 199، وكتاب سيبويه ج 1/ 202، والنحاس ص 162، والخزانة ج 8/ 398].

389 - بكت عيني وحق لها بكاها … وما يغني البكاء ولا العويل

389 - بكت عيني وحقّ لها بكاها … وما يغني البكاء ولا العويل البيت منسوب لشعراء الرسول عليه الصلاة والسّلام الثلاثة، حسان بن ثابت، وعبد الله ابن رواحة، وكعب بن مالك. وهو من أبيات في رثاء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وبعد البيت: على أسد الإله غداة قالوا: … أحمزة ذاكم الرجل القتيل أصيب المسلمون به جميعا … هناك وقد أصيب به الرسول أبا يعلى لك الأركان هدّت … وأنت الماجد البرّ الوصول عليك سلام ربّك في جنان … مخالطها نعيم لا يزول؟ هذا، وتلاحظ في الأبيات صنعة لا تقع على ألسنة شعراء العهد النبوي الثلاثة، وخذ مثلا: البيت الأخير، قوله: (في جنان مخالطها نعيم لا يزول)، فقوله: «مخالطها»، لا يصح؛ لأن الجنان نعيمها كله لا يزول. والشاهد في البيت الأول: «بكاها والبكاء». قالوا: إذا مددت البكاء، أردت الصوت الذي يكون مع البكاء، وإذا قصرت، أردت الدموع وخروجها. [اللسان «بكى»، والسيرة النبوية، وشرح شواهد الشافية ص 66، ومجالس ثعلب ص 109]. 390 - فما تدوم على حال تكون بها … كما تلوّن في أثوابها الغول من قصيدة كعب بن زهير، التي قيل إنه أنشدها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في المسجد، وليس لهذا الخبر سند صحيح. وهو يصف صاحبته سعاد بأنها لا تدوم على حال بسبب ما جبلت عليه من تلك الأخلاق. وما: نافية، وتدوم: فعل تام. وكما تلون: الكاف: نعت لمصدر محذوف، وما: مصدرية، أي: تتلون سعاد تلونا كتلون الغول. والغول: جنس من الجن والشياطين، كانت العرب تزعم أنها تتراءى للناس في الفلاة، فتتغول تغولا، أي تتلون في صور شتى، وقد أبطل النبي صلّى الله عليه وسلّم زعمهم بقوله: «لا غول»، لا لا تستطيع الغول أن تضل أحدا. [الخزانة ج 1/ 310، والشعر والشعراء، والسيرة النبوية]. 391 - السالك الثّغرة اليقظان كالئها … مشي الهلوك عليها الخيعل الفضل البيت للمنتخل الهذلي، من قصيدة رثى بها ابنه، وقوله: السالك: أي: هو السالك. ويجوز نصبه على المدح، أي: أعني السالك. والثغرة: الموضع يخاف دخول العدو

392 - فقلت للركب لما أن علا بهم … من عن يمين الحبيا نظرة قبل

منه. وكالئها: حافظها. والهلوك من النساء: التي تتبختر وتتكسر في مشيتها، وقيل: هي الفاجرة التي تتواقع على الرجال. والخيعل: ثوب يخاط أحد شقيه ويترك الآخر. والفضل: المرأة إذا كان عليها قميص ورداء، وليس عليها إزار ولا سراويل. يقول: هو الذي من شأنه سلوك موضع المخافة، يمشي متمكنا غير خائف ولا هيوب، كمشي المرأة المتبخترة الفضل. والثغرة: منصوب بالسالك، كقولك: الضارب الرجل، ويجوز خفضها. واليقظان: صفة «الثغرة» نصبتها أو خفضتها، وارتفع به «كالئها». ومشي: منصوب بتقدير: تمشي مشي الهلوك، وقد ينصب بالسالك؛ لأن السالك يقطع الأرض بالمشي. والشاهد: «الفضل»، نعت للهلوك على الموضع؛ لأنها فاعلة للمصدر الذي أضيف إليها. والتقدير: تمشي كما تمشي الهلوك الفضل. وإذا صحّ أن «الفضل»، صفة ل «لخيعل»، فلا شاهد فيه. وحول البيت نقاش نحوي طويل في [الخزانة ج 5/ 12 - 13، وص 101 - 103]، فاحرص على قراءته. [الأشموني والعيني ج 2/ 290، والخزانة كما سبق]. قال أبو أحمد: إن تشبيه الشاعر ابنه الشجاع البطل بالمرأة الهلوك في مشيتها، بعيد عن الذوق. فذاك شجاع لا يدخل الخوف قلبه لشجاعته، ولقدرته على منازلة الأعداء. وأما الهلوك، فإن شجاعتها مستمدة من كونها خلعت ربقة الحياء، تدلّ بفجورها، والبون بعيد بين الاثنين. 392 - فقلت للركب لمّا أن علا بهم … من عن يمين الحبيّا نظرة قبل البيت للقطامي. والحبيّا: مكان، قيل: في الشام وقيل: في الحجاز. وقبل: بفتحتين، أي: مقابلة. والشاهد: اسمية «عن»، لدخول حرف الجرّ عليها، «من عن يمين ...». [شرح المفصل ج 8/ 41، والخزانة ج 6/ 482]، والبيت من قصيدة في مدح عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك، وكان واليا في المدينة لمروان بن محمد. 393 - محا حبّها حبّ الألى كنّ قبلها … وحلّت مكانا لم يكن حلّ من قبل قاله مجنون ليلى، قيس بن الملوح.

394 - فإن تبخل سدوس بدرهميها … فإن الريح طيبة قبول

والشاهد: (الألى)، حيث استعمل «الألى» موضع «اللاتي»، وهذا البيت لم يقله مجنون ليلى؛ لأن مجانين بني عذرة لم يحبوا إلا محبوباتهم، ولم يتعلقوا إلا بهنّ، ولم يتزوجوا من قبلهن ولا من بعدهنّ،. فكيف يمحو حبّها (أي: حبّ ليلى) حبّ النساء قبلها. [الأشموني ج 1/ 149]. 394 - فإن تبخل سدوس بدرهميها … فإنّ الرّيح طيّبة قبول البيت للأخطل. وسدوس: قبيلة بخلت على الأخطل بدفع درهمين في حمالة. فقال معاتبا. وعني بقوله: «إن الريح» .. ، أن قد طاب لي ركوب البحر، والانصراف عنكم مستغنيا عن درهميكم. والشاهد: منع «سدوس» من الصرف حملا على معنى القبيلة، ورواية الديوان: «فإن تمنع سدوس درهميها»، بالصرف على معنى الحيّ. [سيبويه/ 3/ 248، هارون]. 395 - أماويّ إني ربّ واحد أمّه … ملكت فلا أسر لديّ ولا قتل البيت لحاتم الطائي، وقد روي هذا البيت بقافية «اللام»، كما في الهمع ج 2/ 26، وروي الشطر الثاني أيضا: (قتلت فلا غرم عليّ ولا جدل). والروايتان غير صحيحتين؛ لأن البيت من قصيدة رائية، وقد تكلمنا على البيت في حرف الراء، بقافية: (ولا أسر). 396 - ثلاثة أحباب فحبّ علاقة … وحبّ تملّاق وحبّ هو القتل البيت غير منسوب، ولكنه مروي في كتب الثقات. يريد: أنه جمع أنواع المحبة؛ حبّ علاقة، وهو أصفى المودة. وحب تملّاق، وهو التودد. وحبّ هو القتل، يريد: الغلوّ في ذلك. والشاهد قوله: «تملّاق»، جاء به على «تملق» مطاوع «ملق». [شرح المفصل ج 6/ 47]. 397 - فما كان بين الخير لو جاء سالما … أبو حجر إلا ليال قلائل البيت للنابغة الذبياني. من قصيدة يرثي بها النعمان بن الحارث الغساني. وكان: فعل ناقص. وليال: اسمها. وبين الخير: خبرها، تقديره: ما كان بين الخير وبيني، وفيه الشاهد، حيث حذف فيه المعطوف بالواو. وسالما: حال. وأبو حجر: كنية النعمان، وقلائل بالرفع: صفة ليال. [الأشموني والعيني ج 3/ 116].

398 - فلم يجدا إلا مناخ مطية … تجافى بها زور نبيل وكلكل

398 - فلم يجدا إلّا مناخ مطيّة … تجافى بها زور نبيل وكلكل 399 - ومفحصها عنها الحصى بجرانها … ومثنى نواج لم يخنهنّ مفصل 400 - وسمر ظماء واترتهنّ بعد ما … مضت هجعة عن آخر اللّيل ذبّل هذه الأبيات الثلاثة، لكعب بن زهير. وقوله: فلم يجدا، يعني: الغراب والذئب، وقد ذكرهما في قوله قبل ذلك ببيتين: غراب وذئب ينظران متى أرى … مناخ مبيت أو مقيل لمنزل يقول: لم يجدا بالمنزل إلا موضع إناخة مطيته، وقد تجافى بها عن أن يمس بطنها الأرض؛ لضمرها. والزور: ما بين ذراعيها من صدرها. وقوله: ومفحصها: المفحص: موضع فحصها الحصى عند البروك، والفحص: البحث، أي: تفحص الأرض عنها بجرانها، وهو ما ولي الأرض من عنقها. والمثنى: موضع الثني، يعني: موضع قوائمها حين ثنيها للبروك. والنواجي: السريعة. ولم يخنهن مفصل، أي: مفاصلها قوية تمنح أرجلها التماسك والشدة. والسمر في البيت الثالث: يعني البعر. وظماء: يابسة؛ وذلك لأن الناقة قد عدمت المرعى الرطب، ولم تشرب الماء أياما؛ لأنها في فلاة. واترتهنّ: تابعت بينهن عند انبعاثها. والهجعة: النومة في الليل، يعني: نومة المسافر في آخر الليل. والذبل: جمع ذابلة، أراد به اليبس أيضا، وهو من صفة السمر. والشاهد في البيت الثالث: رفع «السمر» حملا على المعنى، كأنه قال: في ذلك المكان كذا وكذا، وكان الوجه النصب، لو أمكنه. وتفسير هذا التخريج: أن الشاعر قال: فلم يجدا إلا مناخ: مفعول به منصوب.

401 - متى ما يفد كسبا يكن كل كسبه … له مطعم من صدر يوم ومأكل

ومفحصها: معطوف بالنصب. ومثنى نواج: مثنى معطوف منصوب، ونواج: مضاف إليه. ثم قال: وسمر: بالرفع. فاقتضى التوجيه؛ لأنه جاء بالقافية «ذبّل» مرفوعة، وهي من صفة «سمر»، فكأنّ الشاعر قطع العطف، واستأنف بقوله: «وسمر»، فقدّر الكلام: «وثمّ سمر ظماء»، أي: وهناك سمر ظماء. [سيبويه/ 1/ 173، هارون]. 401 - متى ما يفد كسبا يكن كلّ كسبه … له مطعم من صدر يوم ومأكل في كتابه سيبويه ج 1/ 396، بدون نسبة. قال هارون: والشاهد فيه: إضمار اسم «يكن»، والتقدير: يكن هو كل كسبه له مطعم ومأكل من صدر يومه، أي: أوله. [ج 2/ 394، هارون]. 402 - ألا قالت أمامة يوم غول … تقطّع يا ابن غلفاء الحبال ذريني إنّما خطئي وصوبي … عليّ وإنّ ما أنفقت مال للشاعر أوس بن غلفاء التميمي، شاعر جاهلي. وغول: جبل، ويوم غول: وقعة لضبّة على بني كلاب. والشاهد: «مال». قال ابن قتيبة: وبعض أصحاب الإعراب يرى أنه أراد: إنما أنفقت مالي، فرفع، ويحتج لذلك بما ليس فيه حجة. قال: وإنما يريد: إن ما أنفقت مال، والمال يستخلف، ولم أتلف عرضا. وفي الهمع للسيوطي: أن «مال» أصلها: «مالي»، فحذف ياء المتكلم، فرفع. والصواب ما ذكره ابن قتيبة، وأبو زيد الأنصاري. [الشعر والشعراء ص 531، والهمع ج 2/ 53، والخزانة ج 8/ 313]. 403 - لقد بسملت ليلى غداة لقيتها … ألا حبّذا ذاك الحبيب المبسمل البيت بلا نسبة. والشاهد: «ذاك الحبيب». قال السيوطي: ويجوز كون مخصوص «حبذا» اسم إشارة، وذكر شطر البيت. [الهمع ج 2/ 89]. 404 - كما ما امرؤ في معشر غير قومه … ضعيف الكلام شخصه متضائل

405 - فلهو أخوف عندي إذ أكلمه … وقيل إنك منسوب ومسؤول

البيت غير منسوب، وأنشده السيوطي في الهمع ج 2/ 157، شاهدا في فصل «الضرائر»، قال: ومنها زيادة «ما» بعد «كما». 405 - فلهو أخوف عندي إذ أكلّمه … وقيل إنّك منسوب ومسؤول البيت لكعب بن زهير. وأنشد السيوطي شطره الأول في باب أفعل التفضيل، المصوغ من الفعل المبني للمجهول، وقال: وجوزه ابن مالك من فعل المفعول إذا أمن من اللبس، كأزهى من ديك، وأشغل من ذات النّحيين. [الهمع ج 2/ 166]. 406 - نرجو فواضل ربّ سيبه حسن … وكلّ خير لديه فهو مسؤول البيت لعبدة بن الطبيب. وأنشده السيوطي شاهدا لجواز دخول «الفاء» على خبر المبتدأ، إذا كان المبتدأ مضافا إلى النكرة المذكورة، وهو مشعر بمجازاة (أي شرط). [الهمع ج 1/ 109]. 407 - شجّت بذي شبم من ماء محنية … صاف بأبطح أضحى وهو مشمول البيت لكعب بن زهير، من قصيدة (بانت سعاد). وقوله: شجت: أي: مزجت والضمير يعود للخمر. بذي شبم: بماء ذي برد. والمحنية: ما انحنى من الوادي فيه رمل وحصى صغار. وهو يشبه ريق صاحبته بخمرة هذه صفتها. قلت: وكيف يزعم الرواة أن كعب بن زهير أنشدها رسول الله في المسجد؟ زعموا أن كعبا قالها قبل تحريم الخمر. ولكن الخمر كانت مذمومة قبل أن يحرمها الله، فلم يكن من اللائق أن يمدحها شاعر في المسجد. وقالوا: إن كعبا أنشد رسول الله قصيدته بعد حنين، وحنين بعد الفتح، وقد حرّمت الخمر في الروايات المشهورة عام الفتح. إن حسان بن ثابت له قصائد إسلامية مبدوءة بالخمر (الهمزية) قالها قبل تحريم الخمر، ولكنهم لم يرووا أنه أنشدها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكانت قصائده دفاعا عن المسلمين، وهجاء للمشركين. الحقّ: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لم يسمع مطلع قصيدة كعب الغزلية، وإن كان صح أن رسول الله سمع منه، إنما سمع أبياتا في الاعتذار فقط. والشاهد أن «أضحى» تامة. 408 - فتلك ولاة السّوء قد طال مكثها … فحتّام حتام العناء المطوّل البيت للكميت، من قصيدة هاشمية في مدح بني هاشم، وذمّ بني أميّة. وأنشدوا البيت

409 - حتى إذا رجب تولى وانقضى … وجماديان وجاء شهر مقبل

شاهدا على أن «ما» الاستفهامية، يحذف ألفها إذا جرّت بحرف جرّ. وقوله: فتلك ولاة السوء: مبتدأ، وخبره. وجملة «طال مكثها»: إما خبر آخر، وإما حال من الولاة. والعامل، ما في اسم الإشارة من معنى الفعل. والأجود أن يكون «ولاة» بدلا من اسم الإشارة، وجملة «وقد طال مكثها» الخبر؛ لأنه محط الفائدة. والولاة: جمع وال، وهو الذي يتولى أمور الناس من الخلفاء، والعمال، والقضاة. وقوله: فحتام: الجار والمجرور خبر مقدم. والعناء: مبتدأ مؤخر. و (حتام) الثانية: توكيد لفظي. قلت: وقد بالغ الكميت في ذكر المساوى. ودفعه إلى ذلك هوى لا يعرف الاعتدال والتوسط. والحقّ: أنّ خلفاء بني أمية - نستثني منهم معاوية، وعمر بن عبد العزيز - لهم حسنات ولهم سيئات، وربما غلبت حسناتهم على سيئاتهم، ومن حسناتهم: استمرار الفتوح الإسلامية في أيامهم. وقوله في القصيدة: (وعطلت الأحكام ... الخ)، هذا كذب؛ لأن أركان الاسلام الخمسة كانت مطبقة، ولم يجرؤ أحد على تعطيل واحد منها. [الهمع ج 2/ 8، 125، والصبان على الأشموني 3/ 80، وشرح أبيات المغني ج 5/ 215]. 409 - حتى إذا رجب تولّى وانقضى … وجماديان وجاء شهر مقبل البيت لأبي العيال الهذلي، في أشعار الهذليين. قال السيوطي: والأجود، إذا ثنى العلم أو جمع أن يحلّى ب «الألف» و «اللام» عوضا عما سلب من تعريف العلمية. ويستثنى نحو: جماديين، اسميّ الشهر، فإن التثنية لم تسلبهما العلمية؛ ولذلك لم تدخل عليهما «الألف» و «اللام»، وأنشد البيت في الهمع ج 1/ 42، ولكن ابن منظور قال في اللسان: (والجماديان) اسمان معرفة لشهرين. فعرفهما ب «أل». ولكن لماذا ذكر رجب قبل جماديين، والترتيب الزمني يقتضي التقديم؟ 410 - ولّى وصرّعن من حيث التبسن به … مضرّجات بأجراح ومقتول البيت لعبدة بن الطيب. والشاهد: جمع «جرح» على «أجراح»، والبيت من قصيدته المفضلية التي مطلعها:

411 - ثمت قمنا إلى جرد مسومة … أعرافهن لأيدينا مناديل

هل حبل خولة بعد الهجر موصول … أم أنت عنها بعيد الدار مشغول وفاعل «ولّى» في البيت الشاهد: الثور، الذي وصفه في القصيدة. أي: ولّى الثور وصرعت الكلاب. والتبسن، أي: اختلطن. [المفضليات رقم 26]، وقافية البيت في اللسان مجرورة (ومقتول). 411 - ثمّت قمنا إلى جرد مسوّمة … أعرافهنّ لأيدينا مناديل لعبدة بن الطبيب، من قصيدة البيت السابق. وعبدة بن الطبيب مخضرم، حضر الإسلام وأسلم، وشارك في الفتوح، وقال هذه القصيدة بعد معركة القادسية. والجرد: الخيل القصار الشعر. والمسوّمة: المعلّمة. مناديل: يريد أنهم يمسحون أيديهم من وضر الطعام بأعرافها. وقال عبد الملك بن مروان يوما لجلسائه: أيّ المناديل أشرف، فقال قائل: مناديل مصر، كأنها غرقئ البيض، وقال آخرون: مناديل اليمن، كأنها نور الربيع. فقال عبد الملك: هي مناديل أخي بني سعد، عبدة بن الطبيب، وذكر هذا البيت. [المفضليات رقم 26، والإنصاف ص 106]. 412 - سرى بعد ما غار الثّريّا وبعد ما … كأنّ الثريّا حلّة الغور منخل البيت في كتاب [سيبويه ج 1/ 405، هارون] بدون نسبة. يصف طارقا سرى ليلا بعد أن غارت الثريا في أول الليل، وذلك في استقبال زمن القيظ، وشبه الثريا في اجتماعها واستدارة نجومها بالمنخل. والغور: مصدر غار، أي: غاب، وحلّة الغور: أي: قصده. وفيه الشاهد، حيث رواه سيبويه في باب: «ما ينتصب من الأماكن والوقت». 413 - عليها أسود ضاريات لبوسهم … سوابيغ بيض لا يخرّقها النّبل البيت لزهير بن أبي سلمى. وعليها: أي: على الخيل. والضاريات: جمع ضارية، من ضرى إذا اجتزأ. ولبوسهم: مبتدأ. وسوابيغ: خبره، أي: كوامل. وفيه الشاهد. فإن هذا الجمع شاذ، والقياس: سوابغ، بدون «ياء»؛ لأنه جمع سابغة. وبيض: صفته، أي: صقلية. [الأشموني ج 4/ 152، والهمع ج 2/ 182]. 414 - وهل ينبت الخطيّ إلّا وشيجه … وتغرس إلّا في منابتها النّخل البيت لزهير بن أبي سلمى، من قصيدة مدح بها سنان ابن أبي حارثة المرّي. وقبل البيت:

415 - قد كان في جيف بدجلة حرقت … أو في الذين على الرحوب شغول وكأن عافية النسور عليهم … حج بأسفل ذي المجاز نزول

فما يك من خير أتوه فإنّما … توارثه آباء آبائهم قبل والخطي: الرمح، نسبه إلى الخطّ، وكانوا يقولون: جزيرة بالبحرين ترفأ إليها سفن الرماح، وهم لا يقصدون (البحرين) اليوم. وربما كانت في نواحي القطيف من شرقي السعودية؛ لأن البحرين كانت تشمل المنطقة الشرقية من السعودية كلها. والوشيج: القنا الملتف في منبته، واحدته: وشيجة. يقول: لا ينبت القناة إلا القناة، اي: لا ينبت الشيء إلا جنسه، ولا يغرس النخل إلا بحيث تنبت وتصلح، وكذلك لا يولد الكرام إلا في موضع كريم، يريد: لا يلد الكريم إلا كريما، ولا يتربى إلا في موضع كريم، كما لا ينبت القناة إلا القناة، ولا ينبت النخل في غير مغارسه، فضرب ذلك مثلا؛ لأنهم كرماء أولاد كرماء، والبيت غاية في البلاغة. 415 - قد كان في جيف بدجلة حرّقت … أو في الذين على الرّحوب شغول وكأنّ عافية النسور عليهم … حجّ بأسفل ذي المجاز نزول البيتان لجرير يهجو الأخطل، ويذكر ما صنعه الجحاف بن حكيم السّلمي من قتل بني تغلب قوم الأخطل باليسر، وهو ماء لبني تميم. يقول: لما كثرت قتلى بني تغلب، جافت الأرض، فحرّقوا ليزول نتنهم. والرّحوب: ماء لبني تغلب. وعافية النسور: هي الغاشية التي تغشى لحومهم. وذو المجاز: سوق من أسواق العرب. والشاهد: «حجّ» بضم الحاء، جمع حاج، مثل بازل، وبزل. قال ابن منظور: والمشهور في رواية البيت: «حج» بالكسر، وهو اسم الحاج. [اللسان «حجّ»، وديوان جرير/ 104]. 416 - قامت تلوم وبعض اللوم آونة … ممّا يضرّ ولا يبقى له نغل البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 129، وأنشده السيوطي شاهدا لاستعمال «قام» من أفعال الشروع، قال: وزاد ثعلب في أفعال الشروع «قام»، وأنشده، فنسبه إلى ثعلب. والنّغل: الضغن. 417 - إذا قلت مهلا غارت العين بالبكا … غراء ومدّتها مدامع نهّل البيت لكثير عزّة. وأنشده الأشموني في باب المقصور والممدود، على أن غراء: مصدر غاريت بين الشيئين غراء، إذا واليت، لا مصدر، غريت بالشيء أغري به، إذا

418 - إذا قلت ... … ... حفل

تماديت فيه في غضبك، وانظر العيني أيضا، وفيه شرح يطول. [الأشموني والعيني ج 4/ 106]. ويروى أيضا: «مدامع حفّل». 418 - إذا قلت ... … ... حفّل هو البيت السابق، كما في الديوان والسمط. 223. 419 - ألم تسمعي أي عبد في رونق الضّحى … بكاء حمامات لهنّ هديل البيت لكثير عزّة، وقد مضى في حرف الراء المضمومة «هدير»؛ لأنه من قصيدة رائية. 420 - وقفت بربع الدار قد غيّر البلى … معارفها والسّاريات الهواطل للنابغة الذبياني، من قصيدة يرثي بها النعمان بن الحارث. والشاهد في: «قد غيّر البلى»، حيث وقع حالا، وهو ماض مقرون ب «قد»، دون «الواو»، وهو قليل بالنسبة إلى مجيئه بهما. [الأشموني وعليه العيني والصبّان ج 2/ 190]. 421 - ولا زال قبر بين تبنى وجاسم … عليه من الوسميّ جود ووابل فينبت حوذانا وعوفا منوّرا … سأتبعه من خير ما قال قائل البيتان للنابغة الذبياني، في رثاء النعمان بن الحارث الغساني. وتبنى: بلدة بحوران، من أعمال دمشق، وكذلك «جاسم»: موضع قريب من دمشق. والجود والوابل: أغزر المطر. وخصّ الوسميّ؛ لأنه أطرف المطر عندهم؛ لإتيانه عقب القيظ. والبيت الأول في الديوان: سقى الغيث قبرا بين بصرى وجاسم … بغيث من الوسميّ قطر ووابل قال ياقوت: قصد الشعراء بالاستسقاء للقبور - وإن كان الميت لا ينتفع به - أن ينزله الناس، فيمرون على ذلك القبر، فيرحمون من فيه. والحوذان والعوف: نباتان طيبا الريح، والحوذان أطيب. سأتبعه: أي: سأثني عليه بخير القول، وأذكره بأحسن الذكر. والشاهد: «ولا زال ... فينبت». فقوله: ولا زال: دعاء.

422 - فشايع وسط ذودك مستقنا … لتحسب سيدا ضبعا تنول

وقوله: فينبت: جاء مرفوعا بعد الفاء؛ لأنه لم يشأ أن يجعله سببا، وإنما جعله خبرا ولم يجعله جوابا. قال سيبويه: وذلك أنه لم يرد أن يجعل النبات جوابا لقوله: «ولا زال»، ولا أن يكون متعلقا به، ولكنه دعا، ثم أخبر بقصة السحاب، كأنه قال: فذاك ينبت حوذانا. قال الخليل: ولو نصب «فينبت»، لجاز. ولكنا تلقيناه مرفوعا. [سيبويه/ 3/ 36، هارون]. 422 - فشايع وسط ذودك مستقنّا … لتحسب سيّدا ضبعا تنول البيت للأعلم الهذلي. والمستقنّ: الذي يقيم في الإبل يشرب ألبانها، ويكون معها حيث ذهبت، من «القنّ»، لعله العبد. وقد أنشده السيوطي شاهدا لحذف أداة النداء قبل اسم الجنس، والتقدير: يا ضبعا. وفي «لسان العرب» عن الأزهري: معنى قوله: مستقنا ضبعا تنول، أي: مستخدما امرأة كأنها ضبع. وعلى هذا تكون «ضبعا» منصوب ب «مستقنا»، والقافية في اللسان «تنول» بالنون، وفي الهمع «تبول» بالباء. [اللسان «قنن»، والهمع ج 1/ 174، والخصائص 3/ 196]. 423 - يهز الهرانع عقده عند الخصى … بأذلّ حيث يكون من يتذلّل وقبل البيت: إنّا لنضرب رأس كل قبيلة … وأبوك خلف أتانه يتقمّل والبيتان للفرزدق، من قصيدة يهجو فيها جريرا. يقول في البيت الأول: نحن لعزّنا وكثرتنا نحارب كلّ قبيلة ونقطع رؤوسها، وأبوك لذله وعجزه يقتل قمله خلف أتانه (أنثى الحمار). والبيت الشاهد تفسير للبيت الذي قبله، ولكنه تفسير يشبه بمن يلقم السائل حجرا، ويقول له: اسكت؛ لأنه فسّره بكلام موغل في البداوة والحوشية، وما أظنّ عامة الناس في زمانه فهموا مراده، وما يستطيع أحد في زماننا أن يفهمه دون الرجوع إلى المصادر، ولو كان أحد أعضاء مجامع اللغة العربية في دمشق والقاهرة وبغداد. وإليك فكك غامضة: يهز: مضارع وهز وهزا، إذا نزع القملة وقصعها. الهرانع: مفعول «يهز» مقدم على الفاعل، جمع هرنع، وهو القمل، الواحدة هرنعة،

424 - ولا خالف دارية متغزل … يروح ويغدو داهنا يتكحل

وقيل: واحده الهرنوع، وهو القملة الضخمة، ويقال: الصغيرة. وعقد: فاعل «يهز»، وهو بفتح العين وسكون القاف، والضمير راجع إلى قوله: (وأبوك)، وهو هيئة تناول القملة بإصبعين: الإبهام والسبّابة. وعند الخصى: ظرف لقوله: «يهز». وقوله: بأذلّ: «الباء» بمعنى «في»، متعلقة بمحذوف على أنه حال من ضمير (عقده)، يقول: نحن لعزّنا وكثرتنا نحارب كل قبيله، وأبوك لذله يقتل قمله خلف أتانه، فهو يتناول قملة بإصبعه من بين أفخاذه، حالة كونه جالسا في أحقر موضع يجلس فيه الذليل، وهو خلف الأتان، فنحن نقتل الأبطال، وأبوك يقتل القمل والصئبان، فشتان ما بيني وبينك. والشاهد: في «حيث»، فقد قال الفارسي: إن جملة «يكون» صفة ل «حيث»، لا أنها مضاف إليه؛ لأن «حيث» هنا اسم بمعنى موضع، لا أنها باقية على ظرفيتها، والتقدير: بأذل موضع. ومثلها اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ. [الأنعام: 124]. [الخزانة ج 6/ 533، واللسان «هرنع»]. 424 - ولا خالف داريّة متغزّل … يروح ويغدو داهنا يتكحّل البيت للشنفرى من لاميته (لامية العرب). وقوله: «ولا خالف» بالجرّ، معطوف على مجرور قبله، ولم أذكر ما قبل البيت ليعرف المعطوف عليه؛ لأن الأبيات السابقة خشنة جافة صلده، كلّ كلمة فيها تشبه صخرة تيس الأعشى في قوله: (كناطح صخرة)، توهن عقل القارئ قبل أن يدرك مراميها. وهذا يؤيد ملاحظة سابقة قلتها في شاهد سابق من هذه القصيدة، أن مطلع القصيدة لا يتفق مع بقيتها، فالمطلع سهل رقيق، وما بعده قاس صلب. وقوله: خالف: بالخاء المعجمة، من لا خير فيه، وداريّة: بالجرّ، صفة ل «خالف»، وهو المقيم في داره، لا يفارقها و «التاء» زائدة للمبالغة. والداريّ: العطار أيضا، منسوب إلى دارين، في نواحي القطيف من شرق السعودية، وكانت فيها سوق يحمل إليها مسك، قال الزمخشري: ويحتملها كلامه؛ لأن العطار يكتسب من ريح عطره، فيصير بمنزلة المتعطّر. فالمعنى: لست ممن يتشاغل بتطييب بدنه وثوبه، أو يلازم زوجته، فيكتسب من طيبها. والمتغزل: الذي يغازل النساء. وجملة «يروح»: صفة متغزل، أو حال من ضميره. والشاهد: يروح ويغدو: إن كانا بمعنى يدخل في الرواح والغداة، فهما تامان. والمنصوب «داهنا» حال. اسم فاعل من الدّهن، وهو استعمال الدهن. وإن كانا بمعنى

425 - وليلة نحس يصطلي القوس ربها … وأقطعه اللاتي بها يتنبل

(يكون في الرواح والغداة) فهما ناقصان، و «داهنا»: خبر «يغدو»، وخبر «يروح» محذوف. وجملة «يتكحل»: إما خبر بعد خبر، أو حال من ضمير «داهن»، أو صفة له، ويجوز أن يكون داهنا: خبر يروح، وجملة «يتكحل»: خبر «يغدو»، فلا حذف. فائدة: شاع أن الرواح، لا يكون بمعنى الرجوع في المساء، وليس كذلك، بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير، أي وقت كان، من ليل أو نهار، وعليه قوله عليه السّلام: «من راح إلى الجمعة أول النهار، فله كذا»، أي: من ذهب. وعلى هذا لا خطأ في قولنا: «رحت إلى السوق، أو رحت إلى المدرسة». [الخزانة ج 9/ 197]. 425 - وليلة نحس يصطلي القوس ربّها … وأقطعه الّلاتي بها يتنبّل البيت للشنفرى من لاميته. وقوله: وليلة نحس: النحس: ضد السعد، وأراد به البرد، وجملة «يصطلى»: في موضع الصفة ل «ليلة». وربّها، أي: صاحبها: فاعل مؤخر. والقوس: منصوب بنزع الخافض؛ لأنه يقال: اصطليت بالنار، فهو على حذف مضاف أيضا، أي: يصطلى بنار القوس. والقوس: مؤنث سماعي، ولذا أعاد ضميرها مؤنثا. والاصطلاء: التدفؤ بالنار، وهو أن يجلس (البردان) قريبا من النار؛ لتصل حرارتها إليه. وأقطعه: بالنصب عطفا على «القوس»، وهو جمع «قطع»، بكسر القاف، وهو سهم يكون نصله قصيرا عريضا. ويتنبّل: يرمي بها، وإذا اصطلى الأعرابيّ بقوسه وسهامه لشدة البرد، فليس وراء ذلك في الشدة شيء. والشاهد: «وليلة»، ليلة: مجرورة ب «واو» ربّ المحذوفة، و «واو» ربّ: إن كانت في أثناء القصيدة، فهي للعطف على سابق، كهذا البيت، فإنه من أواخر قصيدة لامية الشنفرى، و «الواو» فيه للعطف، والمعطوف عليه متقدم عليه بثلاثين بيتا. وجواب ربّ في بيت تال هو: دعست على بغش ... ومعنى دعست: دفعت دفعا بإسراع وعجلة. فليلة: مجرورة لفظا منصوبة محلا على الظرفية ل «دعست»، وقدّمت عليه؛ لأنها جرّت بربّ الواجبة التصدر. فالمعطوف ب «الواو»، هو «دعست»، لا «ليلة»، وكان التقدير: ودعست ليلة نحس. والمعطوف عليه، بعد عشرين بيتا من أول القصيدة، وهو:

426 - إن يبخلوا أو يجبنوا … أو يغدروا لا يحفلوا يغدوا عليك مرجلي … ن كأنهم لم يفعلوا

أديم مطال الجوع حتى أميته … وأضرب عنه الذكر صفحا فأذهل قلت: هذا شاهد قويّ على وحدة القصيدة العربية، وترابطها، وليست متفككة كما زعموا، وليس البيت وحدتها، بل البيت فيها لبنة، تكون مع غيرها البنيان الشعري المتين. [الخزانة ج 10/ 34]. 426 - إن يبخلوا أو يجبنوا … أو يغدروا لا يحفلوا يغدوا عليك مرجّلي … ن كأنهم لم يفعلوا لبعض بني أسد، عن أهل الرواية. وقوله: لا يحفلوا: من قولهم: ما حفل بكذا، أي: ما يبالي، ولا يكترث. والمرجّل: اسم مفعول، من الترجيل، وهو مشط الشعر تليينه بالدهن ونحوه. ومحلّ الشاهد: لا يحفلوا يغدوا عليك. فإن الفعل الثاني، وهو «يغدوا»، مجزوم؛ لأنه بدل من الفعل الأول، وهو «لا يحفلوا»، وتفسير له. ويغدوا: الواو للجماعة، هو في الرفع «يغدون». [كتاب سيبويه ج 1/ 446، والخزانة ج 9/ 91، والإنصاف ص 584، وشرح المفصل ج 1/ 36، والمرزوقي/ 515]. 427 - فما مثله فيهم ولا كان قبله … وليس يكون الدهر ما دام يذبل البيت لحسان بن ثابت. ويذبل: اسم جبل. والشاهد: وليس يكون، قال السيوطي: وزعم ابن مالك أن المضارع المنفي بليس، أو «ما»، أو «إن»، قد يكون مستقبلا على قلّة، وذكر شطر البيت، والأكثر أن يكون المضارع للحال، إذا نفي بالأدوات الثلاثة؛ لأنها موضوعة لنفي الحال. [الهمع ج 1/ 8، والعيني ج 2/ 2]. 428 - غدا طاويا يعارض الرّيح هافيا … يخوت بأذناب الشّعاب ويعسل البيت للشنفرى من لاميته (لامية العرب)، وقبل البيت: وأغدو على القوت الزهيد كما غدا … أزلّ تهاداه التنائف أطحل أغدو: أذهب غدوة، وهي ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس، ثم كثر حتى استعمل

429 - فهل لك أو من والد لك قبلنا … يوشح أولاد العشار ويفضل

في الذهاب أيّ وقت كان. وعلى: القوت: على للتعليل، بمعنى «اللام»، ومنه قوله تعالى: وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ. [البقرة: 185]. والزهيد: القليل. والأزل: الذئب. تهاداه: تتخذه هدية. والتنائف: جمع تنوفة، وهي الفلاة، أي: كلما خرج من فلاة، دخل في أخرى. والأطحل: لون بين الغبرة والسواد، ببياض قليل، أو الذي لونه لون الطحال. فهو يشبه نفسه بذئب يغدو للبحث عن قوته. وقوله: غدا طاويا: يحتمل أن يكون بمعنى ذهب غدوة، أو يكون بمعنى دخل في الغدوة، أو يكون بمعنى ذهب أي وقت كان، مجازا، فغدا: على هذه الوجوه تكون تامة، وطاويا؛ حالا من ضمير «غدا» الراجع إلى «أزلّ» الذئب. ويحتمل أن يكون بمعنى: (يكون في الغدوة)، فيكون «غدا» من الأفعال الناقصة، وطاويا: خبرها. ويعارض الريح: يستقبلها في عرضها، ويصادمها. ومنه المعارضة بمعنى المخالفة. وهافيا: يحتمل أن يكون من هفا الظبي، إذا اشتد عدوه، ومن هفا الطير، أي: خفق بجناحيه وطار، ويحتمل أن يكون من: الهفو، وهو الجوع. ويخوت، أي: يختلس. بأذناب: «الباء»: بمعنى «في». والشعاب: جمع شعب، وهو الطريق في الجبل، أو جمع شعبة، وهو المسيل الصغير. ويعسل: من العسل، وهو الخبب، وهو الاسراع في السير. والشاهد في: «غدا»، وذكرنا وجوهه في الشرح. [الخزانة ج 9/ 190]. 429 - فهل لك أو من والد لك قبلنا … يوشّح أولاد العشار ويفضل البيت لأبي أمية الهذلي. ويوشح: يزين. ويفضل: من الإفضال، وهو الإحسان. والشاهد في: «فهل لك أو من والد» والتقدير: فهل لك من أخ. أو من والد، فحذف المعطوف عليه. و «من» في الموضعين: زائدة. وحذف المعطوف عليه قبل «أو»، نادر، والكثير الحذف قبل «الواو»، وقليل مع «الفاء». [الأشموني ج 3/ 118، والهمع ج 2/ 140]. 430 - بنزوة لصّ بعد ما مرّ مصعب … بأشعث لا يفلى ولا هو يقمل البيت للأخطل. في [العيني ج 2/ 5، والخصائص ج 2/ 475]. 431 - أردت لكيما لا ترى لي عثرة … ومن ذا الذي يعطى الكمال فيكمل

432 - فلئن بان أهله … لبما كان يؤهل

البيت بلا نسبة. وأنشده السيوطي في الهمع، شاهدا لجواز الفصل بين «كي» والفعل ب «ما» الزائدة، و «لا» النافية. وأنشد البغدادي في الخزانة الشطر الأول بصورة: «أردت لكيما أن ترى لي عثرة»، شاهدا للجمع بين «اللام»، و «كي»، و «أن»، ونقله عن الفرّاء في إعراب القرآن، قال: أنشدني أبو ثروان، وقال: جمع بينهن؛ لاتفاقهنّ في المعنى، واختلافهنّ في اللفظ. [الخزانة ج 8/ 486، والهمع ج 2/ 5]. 432 - فلئن بان أهله … لبما كان يؤهل لعمر بن أبي ربيعة. قال السيوطي: وشذّ دخول «اللام» مع «بما» في الماضي المجاب به القسم، وأنشد البيت. وأنشده البغدادي على أن «بما» بمعنى «ربّما»، أو مرادفتها، وأن «لام» الجواب قد تقترن بها، إذا كان الجواب ماضيا، وأنشده مرة أخرى وقال: والماضي المتصرف إذا وقع جواب قسم، فالأكثر أن يقترن ب «اللام» مع «قد»، أو «ربّما» أو «بما»، مرادفة «ربّما»، وأنشده. [الخزانة ج 10/ 76، و 11/ 344، والهمع ج 2/ 42]. 433 - أتاني على القعساء عادل وطبه … بخصي لئيم واست عبد تعادله البيت للفرزدق. ويذكرونه شاهدا على أنه يقال: الخصيتان، والخصييان، وأن الواحد من الخصيين: «خصي»، كما في البيت. ويقال أيضا: خصية، ويقال في التثنية: خصيتان، وخصيان، وقيل: الخصيتان ب «التاء»، البيضتان، والخصيان بدون «تاء» الجلدتان اللتان فيهما البيضتان. [الخزانة ج 7/ 529]، ولكن رواية البيت في الديوان، وكتاب سيبويه: «برجلي هجين»، وفي أبيات سيبويه للنحاس: (برجل لئيم). والشاهد فيه: ترك التنوين من «عادل»، وهو يريد «يعدل»، ولو جاء على الأصل، لقال: عادلا وطبه، ولكنه حذف التنوين استخفافا، وأضافه إلى ما بعده. [النحاس ص 108، وكتاب سيبويه ج 1/ 84] والقعساء: الناقة المحدودبة من الهزال. والوطب: سقاء اللبن. وعدل وطبه برجليه واسته، أي: جعلهما عدلا له، أي: جعل وطبه في ناحية من الراحلة معادلا له، والعدلان: ما يوضعان على جنبي البعير. 434 - ديار سليمى إذ تصيدك بالمنى … وإذ حبل سلمى منك دان تواصله

435 - إذا غاب عنا غاب عنا ربيعنا … وإن شهد أجدى خيره ونوافله

البيت لطرفة بن العبد. وأنشد السيوطي الشطر الأول شاهدا لحذف ناصب المفعول به، إذا كان لفظ (دار، أو ديار الأحبة)؛ والتقدير: اذكر ديار سلمى. ويروى شطر البيت الأول: «ديار لسلمى إذ تعيدك بالمنى». برفع (ديار). وقد شرط بعضهم لجواز حذف العامل، أن يكون لفظ الدار مضافا إلى اسم المحبوبة. [الهمع ج 1/ 168، وديوان طرفة]. 435 - إذا غاب عنّا غاب عنّا ربيعنا … وإن شهد أجدى خيره ونوافله البيت للأخطل. وهو في كتاب سيبويه في باب: «ما يسكن استخفافا»، وفي البيت لفظ الفعل «شهد» ساكن الوسط. وأراد: «شهد»، فسكّن «الهاء» وحول حركتها إلى ما قبلها، وهي «الشين»، في لغة من كسرها. [كتاب سيبويه ج 2/ 259، والهمع ج 2/ 84]. 436 - إذا غاب عنا غاب عنا فراتنا … وإن شهد أجري فيضه وجداوله هو البيت السابق، في رواية أخرى. 437 - يسرّك مظلوما ويرضيك ظالما … وكلّ الذي حمّلته فهو حامله البيت الخامس من قطعة في حماسة أبي تمام، قالها العجير السّلولي، واسمه عمير بن عبد الله، من شعراء الدولة الأموية. وقوله: مظلوما: حال من المفعول به (الكاف)، وظالما: كذلك. والشطر الأول فيه معنى: «انصر أخاك ظالما أو مظلوما». وفيه شاهد على اقتران خبر المبتدأ ب «الفاء» كلّ: مبتدأ، فهو حامله: الخبر. والمسوغ لذلك؛ كون المبتدأ مضافا إلى الاسم الموصول. [الهمع ج 1/ 110، والمرزوقي ص 921]. 438 - هممت ولم أفعل وكدت وليتني … تركت على عثمان تبكي حلائله البيت لضابئ البرجمي، من قطعة قالها وهو في السجن أيام عثمان بن عفان. وكان ضابيء استعار كلبا لقنص الوحش من قوم، فطال مكثه عنده، فطلبوه وأخذوه، فغضب ورمى أمهم بالكلب، فرفعوا أمره إلى عثمان بن عفّان، وكان يحبس على الهجاء، ثم قال ضابئ أبياتا فيها شكوى، فأطلق عثمان سراحه، فتربص لقتل عثمان، فأعاده إلى الحبس، فمات فيه، فقال قطعة منها البيت الشاهد. وفيه أن خبر «كدت»، محذوف، والتقدير: وكدت أفعل. [الخزانة ج 9/ 323]. 439 - وقائلة تجني عليّ أظنّه … سيودي به ترحاله وحوائله

440 - فهيج الحي من كلب فظل لهم … يوم كثير تناديه وحيهله

مضى بقافية: (وجعائله). 440 - فهيّج الحيّ من كلب فظلّ لهم … يوم كثير تناديه وحيّهله ليس له قائل معروف. وهيّج: بمعنى فرّق. وفاعله: ضمير الجيش، المذكور في كلام سابق. والحيّ: القبيلة، مفعول به. وقوله: (من كلب) قبيلة، ويروى: (من دار)، وربما كان «دار» اسم مكان. وظلّ: استمرّ. ويوم: فاعل «ظلّ». وتناديه: مصدر، فاعل كثير وحيّهله: معطوف عليه مرفوع «اللام»، ويجوز أن يكون فاعل «هيج» ضمير غراب البين، المذكور قبل. وظلّ: بمعنى: ألقى عليهم ظلّه، وروي: (فظلّلهم)، ومعناه: دنا منهم يوم، وحقيقته: ألقى عليهم ظلّه. والشاهد: «وحيّهله»، بضم «اللام»، على أنّ الضمة حركة إعراب؛ حيث جعله اسما للصوت، وإن كان في الأصل مركبا من جزئين، فأجراه مجرى الاسم المركب (معد يكرب، وحضرموت)، والأصل فيه: أنه اسم فعل أمر. [كتاب سيبويه ج 2/ 52، وشرح المفصل ج 4/ 46، والخزانة ج 6/ 266]. 441 - إذا قام قوم يسألون مليكهم … عطاء فدهماء الذي أنا سائله البيت بلا نسبة في شرح شواهد الشافية 322. 442 - ولا تحرم المولى الكريم فإنّه … أخوك ولا تدري لعنّك سائله البيت بلا نسبة. وأنشده السيوطي في الهمع ج 1/ 134، شاهدا لإحدى اللغات في (لعلّ)، بإبدال «اللام» الثانية نونا (لعنّ). 443 - ترى النّعرات الزّرق تحت لبانه … أحاد ومثنى أضعفتها صواهله البيت لابن مقبل. والنّعرات: مفرد النّعرة: وهي ذبابة تسقط على الدواب فتؤذيها، ويروى: (الخضر حول لبانه). وأضعفتها، أي: قتلها صهيله. والشاهد: «أحاد ومثنى»،: وهما عددان معدولان عن واحد واثنين. قال السيوطي: ولم تستعمل العرب هذه الألفاظ إلا نكرات خبرا، نحو: صلاة الليل مثنى مثنى، أو صفة نحو: أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى. [فاطر: 1]، أو حالا، نحو: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى. [النساء: 3]. [الهمع ج 1/ 26، واللسان «نعر»].

444 - فأطعمنا من لحمها وسنامها … شواء وخير الخير ما كان عاجله

444 - فأطعمنا من لحمها وسنامها … شواء وخير الخير ما كان عاجله الشاهد بلا نسبة في العيني ج 4/ 124. وقوله: و «خير الخير»، لعله: «وخير البرّ». وقريب من هذا المعنى، قول المسهر التميمي الشاعر، حين وفد على يزيد بن حاتم بإفريقية: إليك قصرنا النّصف من صلواتنا … مسيرة شهر ثم شهر نواصله فلا نحن نخشى أن يخيب رجاؤنا … لديك ولكن أهنأ البرّ عاجله [عن الخزانة ج 6/ 295]. 445 - وبنت كرام قد نكحنا ولم يكن … لنا خاطب إلا السّنان وعامله البيت للفرزدق. وبنت: منصوب بفعل مقدر يفسره الظاهر. و «الواو» في: (ولم يكن)، للحال. وخاطب: اسم يكن. لنا: خبره. وعامل السنان: ما يلي السنان. والشاهد: «إلا السنان»، بالرفع. على أنه بدل من «خاطب»، على لغة بني تميم؛ فهم يجيزون البدل من الاستثناء المنقطع، فيقولون: ما قام احد إلا حمار، وما مررت بأحد إلا حمار. والمشهور في هذا النوع: النصب؛ لأن البدل ليس من جنس المبدل منه. ولكن قوله: «إلا السنان»، لا ينطبق عليه صفة الاستثناء المنقطع. فهو لا يريد السنان، وإنما يريد أهل السنان. [الأشموني ج 2/ 147، وعليه العيني والصبان]. 446 - فقال: امكثي حتى يسار لعلّنا … نحجّ معا قالت: أعاما وقابلة البيت لحميد الأرقط. والشاهد: «يسار»، بكسر الراء، مبني على الكسر؛ لأنه معدول عن المصدر، وهو الميسرة. يقال: انظرني حتى يسار. [كتاب سيبويه ج 2/ 39، والهمع ج 1/ 29، واللسان «يسر»]. 447 - فقلت تعلّم أنّ للصيد غرّة … وإلا تضيعها فإنّك قاتله البيت لزهير بن أبي سلمى.

448 - لقد خط رومي ولا زعماته … لعتبة خطا لم تطبق مفاصله

والشاهد: «تعلّم»، بمعنى: (اعلم)، نصب مفعولين. سدّ مسدهما المصدر المؤول من (أنّ للصيد غرّة)، وهذا أكثر استعمالها. [الأشموني ج 2/ 24]. 448 - لقد خطّ روميّ ولا زعماته … لعتبة خطّا لم تطبّق مفاصله البيت لذي الرّمة، من قصيدة في ديوانه برقم (41). والشاهد: «ولا زعماته»، فهذا مثل يقال لمن يزعم زعمات ويصح غيرها، فلما صحّ خلاف قوله، قيل: «هذا ولا زعماتك»، أي: هذا هو الحقّ، ولا أتوهم زعماتك، أي: ما زعمته، والزعم: قول عن اعتقاد. ولا يجوز ظهور هذا العامل الذي هو: «أتوهم»؛ لأنه جرى مثلا. [الأشموني ج 2/ 27، واللسان (طبق)]، ومعنى لم تطبق مفاصله، أي: لم يصب. 449 - فلأيا بلأي ما حملنا غلامنا … على ظهر محبوك ظماء مفاصله البيت لزهير بن أبي سلمى، يصف فرسا بالنشاط وشدة الخلق، فيقول: لم نستطع حمل غلامنا عليه ليصيد إلا بعد لأي؛ لشدة تفزعه ونشاطه. واللأي: البطء. والمحبوك: الشديد الخلق. والظماء ها هنا: القليلة اللحم. وأصل الظمأ: العطش. والشاهد: نصب «لأيا» على المصدر الموضوع موضع الحال، وتقديره: حملنا وليدنا مبطئين ملتئين. وأنشده سيبويه في باب: «ما ينتصب من المصادر؛ لأنه حال وقع فيه الأمر فانتصب؛ لأنه موقوع فيه الأمر». قال: وذلك قولك: قتلته صبرا، ولقيته فجاءة ومفاجأة، ولقيته عيانا، وكلمته مشافهة، وأتيته ركضا وعدوا ومشيا، وأخذت عنه سمعا وسماعا. [سيبويه/ 1/ 371، هارون]. 450 - فيالك من ذي حاجة حيل دونها … وما كلّ ما يهوى امرؤ هو نائله البيت لطرفة بن العبد. و «الفاء»: للعطف، و «يا»: للتنبيه، ليست للنداء، و «اللام»: للاستغاثة. ومن ذي حاجة: يتعلق بمحذوف. والشاهد في: «حيل»، فإن النائب عن الفاعل فيه ضمير المصدر، والتقدير: حيل هو، أي: الحوؤل. و «ما» الأولى: للنفي والثانية: موصولة، والعائد محذوف، أي: يهواه. [الأشموني ج 2/ 65].

451 - بيناه في دار صدق قد أقام بها … حينا يعللنا وما نعلله

451 - بيناه في دار صدق قد أقام بها … حينا يعلّلنا وما نعلّله البيت بلا نسبة. والشاهد: «بيناه»، قالوا: إن أصلها: «بينا هو»، وأن «الهاء» من بقية «هو» المحذوفة، واستدل به الكوفيون أن «هو»، أصلها: «الهاء» فقط، بدليل حذف «الواو». [كتاب سيبويه ج 1/ 12، والهمع ج 1/ 61، والإنصاف ص 678، و 513، والخزانة ج 5/ 265]. 452 - فبيناه يشري رحله قال قائل … لمن جمل رخو الملاط ذلول مضى في حرف «الباء»، بقافية (نجيب)، والذي في شعره رويّه «لام» كما هنا. وهو للعجير السلولي، وانظر الإنصاف ص 512. 453 - وهمّ رجال يشفعوا لي فلم أجد … شفيعا إليه غير جود يعادله البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 17، وأنشده السيوطي شاهدا لحذف «أن»، وبقاء عملها في الفعل «يشفعوا». 454 - وكرّار خلف المحجرين جواده … إذا لم يحام دون أنثى حليلها البيت للأخطل، من قصيدة مدح بها همّام بن مطرّف التغلبي. وكرّار: بالرفع، معطوف على مرفوع في بيت سابق. وكرّار: فعّال، من كرّ الفارس، إذا فرّ للجولان ثم عاد للقتال، وضمنه معنى العطف والدفع؛ ولهذا تعدى إلى المفعول. والمحجرين: اسم مفعول، من أحجره، أي: ألجأه إلى دخول حجره، أي: يكرّ كرّا كثيرا جواده خلف المحجرين؛ ليحامي عنهم، ويقاتل في أدبارهم. والجواد: الفرس الكريم. وصف صاحبه بالشجاعة والإقدام؛ يقول: إذا فرّ الرجال عن نسائهم، قاتل عنهم وحماهم. والشاهد في الشطر الأول: وفيه روايتان: الأولى: أنه قد فصل اسم الفاعل «كرّار» المضاف إلى مفعوله، عنه بظرف، والأصل: وكرار جواده خلف المحجرين. وهذه رواية الفرّاء.

455 - ولسنا إذا عد الحصى بأقلة … وإن معد اليوم مود ذليلها

والثانية: عن سيبويه، أن «كرّار»: مضاف إلى خلف، و «جواده»: منصوب ب «كرّار». [كتاب سيبويه ج 1/ 90، ومعاني الفرّاء ج 2/ 81، والخزانة ج 8/ 210]. 455 - ولسنا إذا عدّ الحصى بأقلّة … وإنّ معدّ اليوم مود ذليلها البيت منسوب إلى الأعشى في بعض المصادر. والحصى: يضرب مثلا في الكثرة. والمودي: الهالك، تقول: أودى، يودي، فهو مود، تريد: هلك، فهو هالك. يقول: إذا كثر عدد الأشراف، وأهل المجد، والعدد لم يكن عددنا قليلا، فنهلك ونذهب ونضيع سدى من القلة والذلة. والشاهد: «معدّ»، حيث منعه من الصرف. فإن كان المراد الحيّ، أو الرجل الذي اسمه «معدّ»، لم يكن فيه إلا سبب واحد من أسباب منع الصرف، فيكون منعه للضرورة. وإن كان المراد القبيلة، كان الصرف على القاعدة المطردة، والثاني هو الأرجح؛ لأنه أعاد الضمير مؤنثا على «معدّ» في قوله: «مود ذليلها». [الإنصاف ص 505، وكتاب سيبويه ج 2/ 27]. 456 - تبيّن لي أنّ القماءة ذلّة … وأنّ أعزّاء الرجال طيالها البيت للشاعر أثال بن عبدة بن الطبيب. وقوله: تبيّن لي: جواب «لمّا» في البيت السابق: ولمّا التقى الصفّان واختلف القنا … نهالا وأسباب المنايا نهالها وقوله: إن القماءة، القماءة: من قمؤ الرجل، إذا صغر. والشاهد: «في طيالها»، حيث جاء ب «الياء»، والقياس: «طوالها»، ولكن البيت مروي ب «الواو» «طوالها». قال البغدادي: والعرب تمدح بالطول، وتذمّ بالقصر، وذكر البيتين. [الخزانة ج 9/ 488، والأشموني ج 4/ 304، واللسان «طول»]. 457 - وأنتم لهذا الناس كالقبلة التي … بها أن يضلّ الناس يهدى ضلالها البيت للفرزدق في ديوانه، و [كتاب سيبويه ج 1/ 15، هارون]. وقال: «لهذا الناس»؛ لأن لفظ الناس، واحد في معنى الجمع. يقول: أنتم كالقبلة التي يهتدي بها الضلال، وأسند الفعل إلى الضلال مجازا، والمراد: يهدى الناس الضالون، وقال: أن يضل

458 - ويها فدى لكم أمي وما ولدت … حاموا على مجدكم وأكفوا من اتكلا

الناس، توكيدا؛ ولأن الضلال سبب الهدى، كما تقول: أعددت الخشبة أن يميل الحائط فأدعمه، فالإعداد للدعم، وإنما ذكر ميل الحائط؛ لأنه السبب، و «الهاء» في «ضلالها»، عائدة إلى الناس؛ لأنهم جماعة، أو للقبلة على معنى، يهدى الضلّال عنها. والشاهد: رفع «يهدى»؛ لأن «أن» ليست من حروف الجزاء (الشرط). 458 - ويها فدى لكم أمّي وما ولدت … حاموا على مجدكم وأكفوا من اتّكلا البيت لحاتم الطائي. وقوله: ويها: إغراء يستخدم للواحد والاثنين، والجمع المذكر والمؤنث. وهو تحريض، كما يقال: دونك يا فلان. [اللسان «ويه»، وشرح المفصل ج 4/ 72]. 459 - أبو حنش يؤرّقني وطلق … وعمّار وآونة أثالا أراهم رفقتي حتى إذا ما … تجافى الليل وانخزل انخزالا إذا أنا كالذي يجري لورد … إلى آل فلم يدرك بلالا الأبيات لعمرو بن أحمر الباهلي، يذكر جماعة من قومه لحقوا بالشام، فصار يراهم إذا أتى أول الليل. قال العيني: «أبو حنش»: كنية رجل، مبتدأ، وخبره: يؤرقني. وطلق وعمار وأثالا: عطف على «أبو حنش» بالرفع. وأثالا: مرخم أثالة، في غير النداء. قال أبو أحمد: وأنا أرى غير ما رآه العيني، فقد روى النحاس في «شرح أبيات سيبويه» بيتا قبل الأبيات، وثانيها البيت الأول هنا، كما يلي: أرى ذا شيبة حمّال ثقل … وأبيض مثل صدر الرمح نالا يؤرقنا أبو حنش وطلق … وعمار وآونة أثالا وزعم النحاس أن «أثالا» مرخم أثالة، وليس في الاسم ترخيم. فقوله: أرى: ينصب مفعولين، ذا: أولهما، ويؤرقنا في البيت الثاني: المفعول الثاني. وإذا لم تكن الرؤية قلبية، يأخذ مفعولا وحالا. وقوله: أبو حنش: إنما هي: (أبا حنش)، بالنصب على البدلية من «ذا شيبة»، و «طلقا» بالنصب و «عمارا» بالنصب و «أثالا» منصوب بالعطف أيضا، والفتحة على «اللام» و «الألف» للإطلاق. وقد يكون النصب بتقدير: أقصد أبا حنش؛ ذلك أن اسم «أثال» موجود في

460 - ذريني وعلمي بالأمور وشيمتي … فما طائري يوما عليك بأخيلا

أعلام العرب، ومنهم ثمامة بن أثال، ملك اليمامة الصحابي. وأثال بن عبده بن الطبيب، وليس في البيت الأول من شواهدهم إلا الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه ب (آونة)، وهذا ليس بغريب ولا ممجوج؛ لأنه لا يؤدي إلى لبس المعنى. وقوله: أراهم، في البيت الثاني، استشهد الأشموني به على أنّ «رأى» الحلمية، تنصب مفعولين مثل «علم» القلبية، و «هم»، مفعوله الأول، و «رفقتي»، مفعوله الثاني. وربما احتمل ما قاله، ويحتمل كون الرؤية بالعين؛ لأنه شبه رؤيته لهم برؤية «الآل» السراب، والسراب يرى بالعين، لا بالقلب. ويحتمل أن تكون «رفقتي» حالا. فالرفقة: بمعنى المرافقين، اسم فاعل، وإضافته غير محضة، فلا يستفيد التعريف. و «إذا» الأولى: شرطية، والثانية: فجائية. وأنا: مبتدأ، وكالذي: خبره. [الأشموني ج 2/ 34، وكتاب سيبويه ج 1/ 343، والنحاس 236، والإنصاف ص 354، والخصائص ج 2/ 378]. 460 - ذريني وعلمي بالأمور وشيمتي … فما طائري يوما عليك بأخيلا البيت لحسان بن ثابت. وقوله: «وعلمي» الواو، بمعنى: مع. بأخيلا: «الباء»: زائدة في خبر «ما» التي بمعنى «ليس». وأخيلا: هو الشاهد، حيث منع الصرف؛ لوزن الفعل، ولمح الصفة، والأخيل: طير يسمى الشقراق، والعرب تتشاءم به، يقال: هو أشأم من أخيل. [الأشموني ج 1/ 237، واللسان «خيل»، والعيني على حاشية الأشموني]. 461 - فواعديه سرحتي مالك … أو الرّبا بينهما أسهلا البيت لعمر بن أبي ربيعة، وضعه على لسان صاحبته، حيث أرسلت إليه أمتها لتواعده وتعيّن له موعد الملاقاة، وبعد البيت: إن جاء فليأت على بغلة … إني أخاف المهر أن يصهلا ونصب الفعل «واعديه» مفعولين: الأول: الهاء، والثاني: سرحتي مالك. والسرحة: واحدة السرح، وهو كلّ شجر عظيم لا شوك له. والشاهد: «أسهلا»، فهو منصوب، فما الذي نصبه؟ قال الرضي: إنه مفعول لفعل محذوف، وهو صفة وموصوفه محذوف أيضا، أي: قولي ائت مكانا أسهل. وقال غيره:

462 - أبني كليب إن عمي اللذا … قتلا الملوك وفككا الأغلالا

التقدير: ائتي أسهل الأمرين عليك، على أنّ الذي واعدها عمر، والخطاب للأنثى. وأنا أرى: - إن صحت الرواية - بأن «أسهلا»، فعل ماض، والألف للتثنية. مشتق من الأرض السّهل، فيقال: أسهل، إذا أتى السّهل، تريد: مكانين أسهلا، أي: جاءا في سهل فلا يفتضح أمرهما. وقلت: إن صحت الرواية؛ لأن أبا الفرج الأصبهاني روى البيت هكذا: «سلمى عديه سرحتي مالك أو الربا دونهما منزلا»، ومنزلا: إما بدل من «الربا»، أو حال منه. وسلمى: منادى، وعليه فلا خلاف. [الخزانة ج 2/ 120، وكتاب سيبويه ج 1/ 143، والأغاني ج 8/ 144، أو ترجمة عمر بن أبي ربيعة]. 462 - أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا … قتلا الملوك وفكّكا الأغلالا البيت للأخطل، من قصيدة يفتخر بقومه ويهجو جريرا. وقوله: أبني: الهمزة للنداء. وبنو كليب: رهط جرير. ويقصد الأخطل ب «عمّيه»: عمرو بن كلثوم التغلبي، قاتل عمرو ابن هند ملك العرب، وعصم أبي حنش، قاتل شرحبيل بن عمرو بن حجر، وهي عمومة مجازية؛ لأنهما أعمام آبائه. والشاهد: «اللذا»، وأصله: «اللذان» حذفت النون تخفيفا. [الخزانة ج 6/ 6، وكتاب سيبويه ج 1/ 95، وشرح المفصل ج 3/ 154، والهمع ج 1/ 49]. 463 - أخذوا المخاض من الفصيل غلبّة … ظلما ويكتب للأمير أفيلا البيت من قصيدة للراعي النميري، مدح بها عبد الملك بن مروان، وشكا فيها من السعاة الذين يأخذون الزكاة. وكان يقع منهم ظلم على أصحاب الأموال، فيأخذون منهم أكثر مما فرض. والناقة المخاض: التي ضربها الفحل، والفصيل: ابنها. والأفيل: الفصيل. يريد أن السعاة يأخذون المخاض، ويكتبون للأمير أنهم أخذوا فصيلا. وفي البيت شاهدان: الأول: أن «من» بمعنى «بدل»، يعني: أخذوا المخاض بدل الفصيل، والثاني: غلبّة: مصدر «غلب»، وهو منصوب في موضع الحال من الضمير في أخذوا، وظلما مثله. ويكتب: مبني للمجهول. وأفيلا: منصوب بفعل مقدر، أي: يكتب للأمير: أفيلا أخذوا. [شرح أبيات المغني ج 5/ 325، وشرح المفصل ج 6/ 44، والأشموني ج 2/ 212]. 464 - حتى لحقنا بهم تعدي فوارسنا … كأنّنا رعن قفّ يرفع الآلا البيت للنابغة الجعدي.

465 - وليس الموافيني ليرفد خائبا … فإن له أضعاف ما كان أملا

وقوله: تعدي، أي: تستحضر خيلها. والرّعن: أنف الجبل. والقف: الجبل، غير أنه ليس بطويل في السماء، فيه إشراف على ما حوله، وما أشرف منه على الأرض حجارة، تحت الحجارة أيضا حجارة، ولا تلقى قفّا إلا وفيه حجارة متقلعة عظام مثل الإبل البروك، ويكون في القف رياض وقيعان. والآل: الذي تراه في أول النهار وآخره، كأنه يرفع الشخوص، وليس هو السراب. والشاهد: «يرفع الآلا»، أراد: يرفعه الآل، فقلبه، وربما كان من باب نصب الفاعل، ورفع المفعول به، كما تقول: خرق الثوب المسمار. [اللسان «أول»، والخصائص ج 1/ 134، وشرح أبيات المغني ج 2/ 324]. 465 - وليس الموافيني ليرفد خائبا … فإنّ له أضعاف ما كان أمّلا البيت بلا نسبة. يقول: ليس الذي يأتيني ليطلب العطاء يرجع خائبا، وإنما يأخذ أضعاف ما أمّل. والشاهد: «ليس الموافيني»، على أن «النون» للوقاية. قال الأشموني: للتنبيه على أصل متروك؛ وذلك لأن الأصل أن تصحب نون الوقاية الأسماء المعربة المضافة إلى «ياء» المتكلم؛ لتقيها خفاء الإعراب، فلما منعوها ذلك، نبهوا عليه في بعض الأسماء المعربة المشابهة للفعل. وهو تعليل بارد؛ لأن العربيّ - الذي قال ما قال - لم يكن يفكر إلا في المعنى فقط. والأحسن أن يقال: إن «نون» الوقاية، تأتي قبل «ياء» المتكلم في المشتقات. والموافي: اسم «ليس»،. وخائبا: خبرها. ما: موصولة. وكان: صلته، واسمها: مستتر، وأمّل: خبرها، والألف: للاطلاق. [الأشموني ج 1/ 126، والهمع ج 1/ 65]. 466 - علمت بسطك للمعروف خير يد … فلا أرى فيك إلا باسطا أملا البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 92، وهو شاهد على عمل المصدر (بسطك خير يد). 467 - لم نرحّب بأن شخصت ولكن … مرحبا بالرّضاء منك وأهلا البيت بلا نسبة في الإنصاف ص 748. وشخص الرجل، إذا ذهب من بلد إلى بلد. ومحل الشاهد «الرضاء»، فإن أصله: «الرضا»: مقصورا، ولكن الشاعر لما اضطر لإقامة الوزن، مدّه. واستشهد الكوفيون به على جواز مدّ المقصور. ولكن قد يكون الاسم «الرضاء»، بالمدّ.

468 - لو أن عصم عمايتين ويذبل … سمعا حديثك أنزلا الأوعالا

468 - لو أنّ عصم عمايتين ويذبل … سمعا حديثك أنزلا الأوعالا البيت لجرير. والعصم: الوعول. وجعلت عصما؛ لبياض في أيديها. ويذبل: جبل. وعمايتين: جبل واحد. والشاهد في «عمايتين»، قال صاحب الكشاف: وكل مثنى، أو مجموع من الأعلام فتعريفه ب «اللام» إلا نحو: «أبانين» و «عمايتين». وقال ابن يعيش: وحال «عمايتين»، وهما جبلان متناوحان حال «أبانين»، وذكر البيت. فجعلهما جبلين في ناحية واحدة، والمشهور أنه جبل واحد ثني. [شرح أبيات المغني ج 4/ 210، وشرح المفصل ج 1/ 46، والهمع ج 1/ 42]. 469 - بريذينة بلّ البراذين ثفرها … وقد شربت في أوّل الصّيف أيّلا البيت للنابغة الجعدي، الصحابي، من أبيات هجا بها ليلى الأخيلية. وبريذينة: مصغر البرذونة، وهو التركي من الخيل، وهو خلاف العراب. والثّفر: ب «الفاء»، هو لكل ذي مخلب بمنزلة الفرج، والحيا للناقة، وربما استعير لغيرها. والأيل: بضم الهمزة وتشديد الياء المفتوحة، جمع آيل، وهو اللبن الخاثر. وقيل: الأيّل: بفتح الهمزة وتشديد الياء، وهو الذكر من الأوعال، وأراد: لبن أيل، وخصه؛ لأنه يهيّج الغلمة. وقيل: البول الخاثر من أبوال الأروى، إذا شربته المرأة اغتلمت، وهو يغلم ويقوّي على النكاح، وقبل البيت: ذري عنك تهجاء الرجال وأقبلي … إلى أذلقيّ يملأ استك فيشلا والأذلقيّ: يريد: أير أذلقيّ، والأذلق: السنان المسنون المحدّد، والفيشل: رأس الذكر، أو الذكر العظيم الكمرة. وقد ذكرت البيت السابق، مع ما فيه من الفحش؛ لأقول: إنّ أخبار ليلى الأخيلية، وتوبة بن الحميّر، مصدرها الرئيس، كتاب الأغاني، وهو من أكذب خلق الله، وقصتها مع النابغة، وقوله الشعر فيها، لا يخلو من كذب واختراع، فالنابغة رووا أنه لقي النبي صلّى الله عليه وسلّم، ودعا له: «لا يفضض الله فاك»، فعاش أكثر من مائتي سنة، ولم تسقط له سنّ، أو أن أسنانه كانت تنبت كلما سقطت. ودعاء الرسول إن صحّ لا يريد به الأسنان، وإنما يريد به حسن القول. فإما أن النابغة، لم يلق رسول الله، ولم يسمع رسول الله شعره، ولم يدع

470 - كن للخليل نصيرا جار أو عدلا … ولا تشح عليه جاد أو بخلا

له، وإما أن يكون النابغة، لم يقل ما قال في ليلى الأخيلية. [انظر: الشعر والشعراء، ترجمة ليلى، والخزانة ج 6/ 239]. 470 - كن للخليل نصيرا جار أو عدلا … ولا تشحّ عليه جاد أو بخلا البيت غير منسوب. والشاهد: «جار»: فعل ماض، وقع حالا بدون «قد» و «الواو»؛ لكونه متلوّ ب «أو». ومثله «جاد». قال الأشموني: وهو من المواضع التي تمتنع فيها «الواو». ومنها الماضي التالي «إلا»، نحو: «ما تكلم زيد إلا قال خيرا». [الأشموني ج 2/ 188، والهمع/ ج 1/ 246]. 471 - ما عاب إلا لئيم فعل ذي كرم … ولا جفا قطّ إلّا جبّأ بطلا البيت بلا نسبة. والجبّأ: الجبان. والشاهد: «إلّا لئيم»، و «إلا جبّأ»، فقد تقدم الفاعل المحصور ب «إلا»، على المفعول به، ويرى الجمهور وجوب تأخيره. [الأشموني ج 2/ 57، والهمع ج 1/ 161]. 472 - فأقسم بالله الذي اهتزّ عرشه … على فوق سبع لا أعلّمه بطلا البيت لأبي صخر الهذلي، في شرح أشعار الهذليين، والهمع ج 1/ 210. وأنشده السيوطي شاهدا لجرّ «فوق» ب «على»، وهو شاذ، والأكثر نصبه، أو جرّه ب «من». 473 - غير أنّا لم يأتنا بيقين … فنرجّي ونكثر التأميلا منسوب إلى العنبري، أو بعض الحارثيين، وكلاهما مجهول. وأنشدوه شاهدا على أن ما بعد «الفاء» (فنرجّي)، على القطع والاستئناف، أي: فنحن نرجي. والمعنى: أنه لم يأت باليقين، فنحن نرجو خلاف ما أتي به؛ لانتفاء اليقين عما أتى به، ولو جزمه أو نصبه، لفسد معناه؛ لأنه يصير منتفيا على حدته كالأول إذا جزم، ومنفيا على الجمع إذا نصب، وإنما المراد إثباته، وهذه فلسفة غير مفهومة. [شرح المفصل ج 7/ 37، وكتاب سيبويه ج 1/ 419، والمغني رقم 365، والخزانة ج 8/ 338]. 474 - كأنّ قرون الشمس عند ارتفاعها … وقد صادفت قرنا من النجم أعزلا تردّد فيه ضوؤها وشعاعها … فأحصن وأزين لامرئ إن تسربلا

475 - فويق جبيل شامخ لن تناله … بقنته حتى تكل وتعملا

البيتان لأوس بن حجر، من قصيدة يصف فيها أسلحته، أولها: صحا قلبه عن سكره فتأمّلا … وكان بذكرى أمّ عمرو موكّلا وقوله: إن تسربلا، أراد: أن تسربل بها، يصف الدرع، يعني: إنك إذا نظرت إليها، وجدتها صافية برّاقة، كأن شعاع الشمس وقع عليها في أيام طلوع الأعزل، والهواء صاف. وقوله: تردد فيه، يعني: الدرع، فذكّره للّفظ، والغالب عليها التأنيث. [اللسان «عزل»]. ولكن السيوطي في الهمع، استشهد بالشطر الثاني من البيت الثاني؛ لحذف «الباء» الجارة ل «أفعل» التعجب مع «أن» المصدرية، وعلى هذا تكون «أن» مفتوحة الهمزة؛ لتكون مصدرية، وفي اللسان، جاءت مكسورة على أنها شرطية. [الهمع ج 2/ 90]. 475 - فويق جبيل شامخ لن تناله … بقنّته حتى تكلّ وتعملا البيت من قصيدة لأوس بن حجر، يصف فيها سلاحه من سيف ورمح وقوس. والبيت من مجموعة أبيات وصف فيها قوسه، وقصة الحصول عليه، والمكان الذي نبت فيه، إلى أن يقول: فويق جبيل. وفويق: تصغير فوق، وهو ظرف متعلق في بيت سابق. وقوله: وتعمل، أي: تجتهد في العمل، فهو مضمّن معنى الاجتهاد؛ ولهذا لم يتعدّ. وقنة الجبل: أعلاه. والشاهد: «جبيل»، على أنّ تصغيره هنا للتقليل، وليس للتحقير؛ لأن التحقير ينافي المعنى الذي أراده الشاعر، وربما أراد: أن الجبل صغير العرض، دقيق الرأس، شاق المصعد؛ لطوله وعلوّه. [شرح أبيات المغني ج 3/ 177، والأشموني ج 4/ 157]. 476 - وكوم تنعم الأضياف عينا … وتصبح في مباركها ثقالا البيت للفرزدق، وهو في [كتاب سيبويه ج 2/ 227، واللسان «نعم»]، وهو مطلع قصيدة يمدح بها سعيد بن العاص. والكوم: جمع أكوم وكوماء، وهي الناقة العظيمة السنام. والأضياف: بالرفع، فاعل، أي: تنعم بهن الأضياف؛ لأنهم يشربون من ألبانها، وبالنصب: على نزع الخافض، أي: تنعم بها عينا؛ لأمنها من النحر، لكثرة ألبانها، فلا ينحرها أربابها لذلك. والشاهد: مجيء مضارع «نعم» على «ينعم»، بكسر العين على الندرة.

477 - فوربي لسوف يجزى الذي أس … لفه المرء سيئا أو جميلا

477 - فوربّي لسوف يجزى الذي أس … لفه المرء سيئا أو جميلا البيت غير منسوب. وهو شاهد على امتناع «نون» التوكيد، للفصل بين لام القسم والفعل ب «سوف». [شرح التصريح/ 2/ 204]. 478 - هل تعرف اليوم رسم الدار والطّللا … كما عرفت بجفن الصّيقل الخللا دار لمروة إذ أهلي وأهلهم … بالكانسيّة نرعى اللهو والغزلا البيتان لعمر بن أبي ربيعة. قال النحاس: لم يقل: دارا، وقد قال: هل تعرف رسم الدار؛ لأنه لم يعطفه على الفعل، ولكنه ابتدأ به، كأنه قال: تلك دار. [كتاب سيبويه ج 1/ 142، والنحاس 128، واللسان «كنس»]. في البيت الأول، شبه رسوم الدار في اختلافها، أو حسنها في عينه، بخلل جفون السيف التي صنعها صيقل، والخلل: جمع خلة بالكسر، وهي بطانة يغشى بها، تنقش بالذهب. والصيقل: شحاذ السيوف وجلّاؤها. 479 - أريت امرأ كنت لم أبله … أتاني فقال اتّخذني خليلا البيت لأبي الأسود الدؤلي، من أبيات يحكي فيها قصة امرأة تزوجها، ثم ظهرت على غير ما يحبّ. وقوله: أريت، بمعنى: أخبرني، وأصل «الهمزة» فيه للاستفهام. وريت: أصله: رأيت، حذفت «الهمزة» وهي عين الفعل تخفيفا. وأبله: من بلاه يبلوه، إذا جربه واختبره. [الخزانة ج 11/ 379]. 480 - أيّ حين تلمّ بي تلق ما شئ … ت من الخير فاتخذني خليلا البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 92. وأنشده السيوطي شاهدا لمجيء «أيّ» اسم شرط؛ حيث جزمت فعلين، الأول: تلمّ، والثاني: تلق. 481 - فتى هو حقّا غير ملغ فريضة … ولا تتخذ يوما سواه خليلا البيت في الهمع في ج 2/ 49. وأنشده السيوطي شاهدا لجواز تقديم معمول المضاف إليه على المضاف، إذا كان المضاف (غير) النافية. قال السيوطي: ولا يقدم على

482 - أناو رجالك قتل امرئ … من العز في حبك اعتاض ذلا

المضاف، معمول المضاف إليه؛ لأنه من تمامه، كما لا يتقدم المضاف إليه على المضاف، وجوز الزمخشري وابن مالك التقديم على (غير) النافية مطلقا، نحو: «زيد عمرا غير ضارب»، وأنشد البيت. ولم يذكر للبيت قائلا. 482 - أناو رجالك قتل امرئ … من العزّ في حبّك اعتاض ذلّا البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 95. وأنشده السيوطي (الشطر الأول) شاهدا لإعمال اسم الفاعل المعتمد على استفهام، وهو قوله: «أناو رجالك»، المعتمد على الاستفهام الحرفي. 483 - فكأنّ ريّضها إذا استقبلتها … كانت معوّدة الرّكاب ذلولا البيت للراعي النميري، من قصيدة مدح بها عبد الملك بن مروان، وشكا فيها من السعاة الذين يأخذون الزكاة. والريّض من الدواب: الذي لم يقبل الرياضة، ولم يمهر المشية، ولم يذلّ لراكبه، أو هو ضد الذلول، سميت باعتبار ما تؤول إليه تفاؤلا. يصف الشاعر نوقا، فيذكر أن الصعبة منها كأنها قد عودت الرحيل، وذللت بالركوب. والشاهد: ورود «ريّض»، بغير «هاء» التأنيث. [سيبويه/ 3/ 643، هارون]. 484 - نصروك قومي فاعتززت بنصرهم … ولو أنّهم خذلوك كنت ذليلا البيت غير منسوب. وهو شاهد على لغة: (يتعاقبون فيكم ملائكة)، بإظهار الفاعل مع وجود الضمير المتصل. وسماها بعضهم لغة: (أكلوني البراغيث)، والحق أنها صحيحة فصيحة. [الأشموني ج 2/ 47]. 485 - ما زلت تحسب كلّ شيء بعدهم … خيلا تكرّ عليكم ورجالا البيت لجرير، من قصيدة يهجو فيها الأخطل، مطلعها: حيّ الغداة برامة الأطلالا … رسما تحمّل أهله فأحالا قبل البيت الشاهد: أنسيت يومك بالجزيرة بعد ما … كانت عواقبه عليك وبالا حملت عليك حماة قيس خيلها … شعثا عوابس تحمل الأبطالا

486 - لا تحبسنك أثوابي فقد جمعت … هذا ردائي مطويا وسربالا

يشير إلى يوم «الكحيل»، الذي كان لقيس على تغلب. [ديوان جرير/ 53]. 486 - لا تحبسنّك أثوابي فقد جمعت … هذا ردائي مطويّا وسربالا البيت غير منسوب. أثوابي: فاعل للفعل تحبسنّك. هذا: مبتدأ، وردائي: خبره، ومطويّا: حال من ردائي. والشاهد: «وسربالا»، حيث نصب على أنه مفعول معه ولم يتقدمه الفعل، وإنما تقدمه ما يتضمن معناه، وهو: «مطويّا»، وأجاز أبو علي، أن يكون العامل «هذا». [الأشموني وعليه العيني ج 2/ 136، وشرح التصريح 1/ 343]. 487 - وجدنا الصالحين لهم جزاء … وجنّات وعينا سلسبيلا البيت في كتاب سيبويه ج 1/ 146، لعبد العزيز الكلابي، وفي كتاب النحاس ص 132. قال النحاس: هذا حجة في أنه حمل (جنات وعينا) على المعنى، فنصب، كأنه قال: وجدنا للصالحين جنات وعينا، ولولا ذلك، لقال: لهم جزاء وجنات وعين وسلسبيل. 488 - طرن انقطاعة أوتار محظربة … في أقوس نازعتها أيمن شملا البيت منسوب لرجل اسمه الأزرق العنبري. وصف طيرا، فشبه صوت طيرانها مسرعة، بصوت أوتار انقطعت عند الجذب والنزع عن القوس، وأوقع التشبيه على الانقطاع؛ لأنه سبب الصوت المشبه به، وأنّث الانقطاع؛ لتحديد المرة الواحدة منه. والمحظربة: الشديدة الفتل. والأقوس: جمع قوس. وقوله: نازعتها أيمن شملا، أي: جذبت هذه إلى ناحية، وهذه إلى ناحية أخرى؛ لأن جاذب الوتر تخالف يمينه شماله في جذبه، وتنازعها فيه. والشاهد: «أقوس»، جمع قوس، وشملا: في جمع شمال قياسا على جدار وجدر؛ لأن البناء واحد. والمستعمل في جمع قوس: أقواس، وفي جمع شمال: أشمل، في القليل؛ لأن «الشمال» مؤنثة، وشمائل في الكثرة. [شرح المفصل ج 5/ 34، وكتاب سيبويه

489 - ألكني إلى قومي السلام رسالة … بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا ولا سيئي زي إذا ما تلبسوا … إلى حاجة يوما مخيسة بزلا

ج 2/ 194، واللسان «شمل» وشرح شواهد الشافية]. 489 - ألكني إلى قومي السّلام رسالة … بآية ما كانوا ضعافا ولا عزلا ولا سيئي زيّ إذا ما تلبّسوا … إلى حاجة يوما مخيّسة بزلا البيتان للشاعر عمرو بن شأس الأسدي، له صحبة، وشهد القادسية، وله فيها أشعار. وقوله: ألكني، أي: بلغهم عني، ويظهر أنه بحذف جار، أي: ألك عني، وهو من الألوكة: الرسالة. ورسالة: بدل من السّلام. والآية: العلامة. ما: نافية والعزل: جمع أعزل، وهو الذي ليس معه سلاح. وسيئي: منصوب عطفا على خبر «كان» المتقدم، والزّي: الهيئة. وتلبسوا، أي: لبسوا ثيابهم. وإلى حاجة: متعلق به. والمخيسة: المذللة من الإبل، ونصبها بإضمار فعل، كأنه قال: إذا ما تلبسوا وركبوا مخيسة، وقد تنصب «تلبسوا»، ويكون تقديره: إذا لبسوا يوما مخيسة، يريد: شدوا الرحال عليها وزينوها. والبزل: جمع بازل، وهو الذي مضت له تسع سنين، ودخل في العاشرة. وكان الشاعر تغرب عن قومه، فحمّل رجلا منهم السّلام، وجعل آية كونه منهم، معرفته بهم بما وصفهم به من القوة على العدو، ووفادتهم على الملوك بأحسن الزي. وفي البيت الأول: شاهد على أن «آية»، مضافة إلى الجملة الفعلية المنفية. وفي البيت الثاني: إضافة «سيئي» إلى «زيّ»، وهو نكرة في باب الصفة المشبهة، ويجوز «سيئي الزي»، و «سيئين زيّا». [شرح أبيات المغني ج 6/ 281، والهمع ج 2/ 50، وكتاب سيبويه ج 1/ 101، واللسان «ألك»]. 490 - وقد وسطت مالكا وحنظلا … صيّابها والعدد المجلجلا البيت بلا نسبة في كتاب سيبويه، وهو لغيلان بن حريث. والشاهد: ترخيم «حنظلة» وهو غير منادى. والصيّاب: الكرام. وقوله: وسطتهم، أي: توسطتهم في الشرف. ومالك: هو مالك بن حنظلة بن تميم. [سيبويه/ 2/ 269، هارون، واللسان «صيب»، ومجالس ثعلب/ 306]. 491 - فلا ترى بعلا ولا حلائلا … كه ولا كهنّ إلا حاظلا رجز لرؤبة، من أرجوزة في مدح سليمان بن علي. يصف في البيت حمارا وأتنه.

492 - تظل الشمس كاسفة عليه … كآبة أنها فقدت عقيلا

والحاظل: المانع من التزويج؛ لأن الحمار يمنع أتنه من حمار آخر يريدهن، يعني: أن تلك الأتن جديرات بأن يمنعهن هذا العير. والشاهد: دخول «الكاف» على الضمير «كه»، «وكهن». [سيبويه/ 2/ 384، هارون]. 492 - تظلّ الشمس كاسفة عليه … كآبة أنّها فقدت عقيلا البيت غير منسوب. وقد أضاف «كآبة» إلى «أنها»، كأنه قال: كآبة فقدها، كقوله عزّ وجلّ: فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ خالِدَيْنِ فِيها. [الحشر: 17]، أي: فكان عاقبتهما خلودهما. [كتاب سيبويه ج 1/ 477، والنحاس ص 306]. 493 - تنصّفه البريّة وهو سام … وتلفي العالمون له عيالا البيت في الهمع ج 1/ 47، وأنشده السيوطي ردا على من زعم أن «العالمون» مبني على فتح النون، وليس معربا؛ لأنه لم يقع إلا ملازم «الياء»، قال: وردّ بقوله: وأنشد البيت، ولم ينسبه. 494 - لو شئت قد نقع الفؤاد بمشرب … يدع الحوائم لا يجدن غليلا البيت من قصيدة لجرير، هجا بها الفرزدق. وقوله: لو شئت: خطاب لامرأة. ونقع: روي. والحائم: الطالب للحاجة. والغليل: العطش. والمشرب: مصدر ميمي، وأراد به: ماء ريقها. والبيت شاهد على أن جواب «لو»، قد اقترن «بقد»، وهو غريب. [شرح أبيات المغني ج 5/ 114، والهمع ج 2/ 66، والأشموني ج 4/ 341، وشرح المفصل 10/ 60]. 495 - سادوا البلاد وأصبحوا في آدم … بلغوا بها بيض الوجوه فحولا البيت غير منسوب، وهو في [كتاب سيبويه ج 2/ 28، واللسان «أنس»، والهمع ج 1/ 35]. قال السيوطي: وقد يؤنث اسم الأب على حذف مضاف مؤنث، فلا يمنع من الصرف (كقول ... البيت)، أي: في قبائل آدم، وأولاد آدم، فحذف المضاف، ثم أنث آدم، فأعاد الضمير إليه مؤنثا في قوله: «بلغوا بها»، ولم يمنعه الصرف؛ لأنه راعى المضاف المحذوف.

496 - بنصركم نحن كنتم واثقين وقد … أغرى العدى بكم استسلامكم فشلا

496 - بنصركم نحن كنتم واثقين وقد … أغرى العدى بكم استسلامكم فشلا البيت غير منسوب في [الهمع ج 1/ 63]. وأنشده السيوطي شاهدا في إحدى حالات تعيّن انفصال الضمير، إذا رفع بمصدر مضاف إلى المنصوب، مثل: (عجبت من ضربك هو) وقال ... البيت. ولفظ الشاهد «بنصركم نحن». 497 - إذا كنت معنيّا بمجد وسودد … فلا تك إلا المجمل القول والفعلا البيت بلا نسبة في [الهمع ج 2/ 96]. وأنشده السيوطي شاهدا لعمل اسم الفاعل المحلى ب «أل» الدال على الحال. وهو قوله: (المجمل القول)، والدليل على نصبه المفعول؛ عطفه «الفعلا» عليه. 498 - دع المغمّر لا تسأل بمصرعه … واسأل بمصقلة البكريّ ما فعلا البيت للأخطل، ورواه سيبويه بسكون «اللام» من «فعلا»؛ حيث لم يرد الترنم؛ ومدّ الصوت. والمغمر: لقب رجل. ولا تسأل بمصرعه، أي: عن مصرعه، ومصقله: هو ابن هبيرة، من شجعان العرب. [سيبويه/ 4/ 208، هارون]. 499 - قالت فطيمة حلّ شعرك مدحه … أفبعد كندة تمدحنّ قبيلا البيت لامرئ القيس في ديوانه، وهو بلا نسبة (شطره الثاني) في كتاب [سيبويه ج 2/ 151، والهمع ج 2/ 78، والأشموني ج 3/ 214، والخزانة ج 11/ 383]، وهو شاهد لتوكيد الفعل (تمدحنّ) بالنون؛ لوقوعه بعد الاستفهام، وهو الهمزة. 500 - لقيتم بالجزيرة خيل قيس … فقلتم مارسرجس لا قتالا البيت لجرير، وهو شاهد للمركب المزجي، ويجوز فيه إضافة الأول إلى الثاني، فإن أضفت، أعربت الأول بما يستحقه من الاعراب، ونظرت في الثاني، فإن كان مما يتصرف، صرفته وإن كان مما لا ينصرف، لم تصرفه. ومار سرجس: علم أعجمي، مركب من «مار»، و «سرجس»، والمضاف إليه، الجزء الثاني لا يتصرف. ويجوز في الشاهد، بناؤه على الضم، على أن يجعل الثاني من تمام الأول بمنزلة «هاء» التأنيث من المذكر. ومعنى البيت: فقلتم: يا مارسرجس، لا نقاتلهم، جبنا وخورا، يقول هذا لبني تغلب

501 - فألفيته غير مستعتب … ولا ذاكر الله إلا قليلا

في محاربتهم لقيس عيلان، ومارسرجس، اسم نبطي، سمى تغلب به، نفيا لهم عن العرب. ورواية البيت في الديوان: قال الأخيطل إذ رأى راياتهم … يا مارسرجس لا نريد قتالا [شرح المفصل/ 1/ 65، وسيبويه/ 2/ 50، وديوان جرير/ 57]. 501 - فألفيته غير مستعتب … ولا ذاكر الله إلا قليلا البيت لأبي الأسود الدؤلي من قصيدة يحكي فيها قصة امرأة، زينت له أن يتزوجها، فكانت على غير ما ظّن. وألفى: بمعنى: وجد، ينصب مفعولين. والمستعتب: اسم فاعل، الراجع بالإعتاب، والمعنى: ذكّرته ما كان بيننا من العهود، وعاتبته على تركها، فوجدته غير طالب رضائي. و «ذاكر»: بالنصب عطفا على «غير». ولفظ الجلالة: منصوب ب «ذاكر» اسم الفاعل. والشاهد: أن حذف التنوين من «ذاكر»؛ لضرورة الشعر. [كتاب سيبويه ج 1/ 85، والخزانة ج 11/ 374، وشرح المفصل ج 2/ 5، والإنصاف ص 659]. 502 - ولو أنها إياك عضّتك مثلها … جررت على ما شئت نحرا وكلكلا البيت للمرّار الأسدي، يصف داهية شديدة، يقول لمخاطبه: لو أصابك مثلها، لصرعت على الأرض، وجررت على ما شئت منها نحرك وصدرك. والشاهد: نصب «إياك» بفعل فسّره ما بعده، يقدّر بعد «إيّاك»؛ لأنه ضمير منفصل لا يجوز اتصاله بالفعل. [سيبويه/ 1/ 150، هارون]. 503 - إنّ لكم أصل البلاد وفرعها … فالخير فيكم ثابتا مبذولا البيت في كتاب سيبويه بلا نسبة [ج 1/ 262، وكتاب النحاس ص 192]، قال النحاس: هذا حجة لنصب «ثابت مبذول»، كقولك: «الرجل عندك قائما»، ونصبه على الحال؛ لأن الكلام قد تمّ دونه. 504 - إنّ الألى وصفوا قومي لهم فبهم … هذا اعتصم تلق من عاداك مخذولا البيت في [الأشموني ج 3/ 136]، غير منسوب. قال الصبّان: قومي: خبر «إنّ». «لهم»:

505 - عددت قشيرا إذ فخرت فلم أسأ … بذاك ولم أزعمك عن ذاك معزلا

متعلق بصلة الموصول، وهي: «وصفوا»، فيكون قد فصل بين العامل والمعمول بأجنبي؛ للضرورة. 505 - عددت قشيرا إذ فخرت فلم أسأ … بذاك ولم أزعمك عن ذاك معزلا البيت للنابغة الجعدي، يخاطب رجلا من قشير، وهم إخوة جعدة قبيلة النابغة، يقول: إن عددت سادات قشير مفاخرا، فإن ذلك لن يسوءني، ولم أظنك ذا معزل عن ذلك. فمعزلا: منصوب على المفعولية، بتقدير مضاف، أو على الظرف الواقع موقع المفعول الثاني، وشاهده: إعمال «زعم». [سيبويه/ 1/ 121، هارون]. 506 - حتى إذا لم يتركوا لعظامه … لحما ولا لفؤاده معقولا البيت للراعي النميري في ديوانه، وهو شاهد لمجيء المصدر على زنة اسم المفعول في الثلاثي، نحو: جلد جلدا، ومجلودا، و «معقول» في البيت. [الأشموني ج 2/ 310]. 507 - تحنّن عليّ هداك الملي … ك فإنّ لكلّ مقام مقالا البيت للحطيئة. وأنشده السيوطي شاهدا للنطق بفعل المصدر المثنى (حنانيك). [الهمع ج 1/ 189، واللسان «حنن»]. 508 - بنيت مرافقهنّ فوق مزلّة … لا يستطيع بها القراد مقيلا البيت للراعي النميري، وهو في [كتاب سيبويه ج 2/ 247، والنحاس 330]، قال النحاس: يريد «قيلولة»، فوضع المقيل، وهو المكان، موضع المصدر. وفي حاشية هارون: أن «مقيل»، مصدر ميمي. وينعت الشاعر نوقا ملس الجلود، ولا يجد القراد فيهنّ موضعا يثبت فيه؛ لشدة امّلاسهن. والمزلة: الموضع الذي يزل فيه، أي: يزلق. 509 - أزمان قومي والجماعة كالذي … منع الرّحالة أن تميل مميلا البيت للراعي النميري، عبيد بن حصين، ولقب الراعي؛ لكثرة وصفه الإبل في شعره. والبيت من قصيدة مدح بها عبد الملك، وشكا فيها من السعاة الذين يأخذون الزكاة.

510 - وما شنتا خرقاء واهيتا الكلى … سقى فيهما ساق ولما تبللا بأضيع من عينيك للدمع كلما … تعرفت دارا أو توهمت منزلا

وقوله: أزمان: منصوب على الظرفية، وعامل النصب في بيت سابق، وهو قوله: من نعمة الرحمن لا من حيلتي … إنّي أعدّ له عليّ فضولا والجماعة: بالنصب، مفعول معه، على تقدير: أزمان كان قومي والجماعة، على تقدير، إضمار الفعل. [كتاب سيبويه ج 1/ 154، والهمع ج 1/ 122، والأشموني ج 2/ 138]. 510 - وما شنّتا خرقاء واهيتا الكلى … سقى فيهما ساق ولمّا تبلّلا بأضيع من عينيك للدمع كلّما … تعرّفت دارا أو توهّمت منزلا البيتان الذي الرّمة، في [الأمالي للقالي ج 1/ 208، والمقرب ج 1/ 73، واللسان «سقى»]. 511 - دعوت امرأ أيّ امرئ فأجابني … وكنت وإيّاه ملاذا وموئلا البيت غير منسوب في [الهمع ج 1/ 92]، وهو شاهد لمجيء «أي»، صفة لنكرة. 512 - عهدت مغيثا مغنيا من أجرته … فلم أتخذ إلا فناءك موئلا البيت غير منسوب. والشاهد: «مغيثا»، من الإغاثة، و «مغنيا» من الإغناء، فإنهما حالان تنازعا في (من أجرته)، و «الفاء» في قوله: «فلم»، للتعليل، أي: فلأجل ذلك لم أتخذ موئلا. [الأشموني ج 2/ 99، وعليه العيني]. 513 - ما المجد إلّا قد تبيّن أنّه … بندى وحلم لا يزال مؤثّلا البيت بلا نسبة. قال السيوطي: يلي إلّا في النفي فعل مضارع مطلقا، سواء تقدمها فعل أو اسم، ويليها ماض بشرط أن يتقدمها فعل نحو: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا .... * [الحجر: 11 ويس: 30]. وقال ابن مالك: ويغني عن تقديم فعل، اقتران الماضي ب «قد»، كقوله: (البيت)؛ لأنه تقرّبه من الحال، فأشبه المضارع. [الهمع ج 1/ 230]. والبيت كما في الهمع من الكامل، وجاء في غيره من الطويل: «وما المجد ... ببذل وحلم». 514 - أنجب أيام والداه به … إذ نجلاه فنعم ما نجلا البيت للأعشى، يمدح رجلا. وأنجب الرجل، إذا ولد نجيبا. ونجلاه: من النجل،

515 - يوما تراها كشبه أردية ال … عصب ويوما أديمها نغلا

وهو النّسل، ونجلا: الألف: ضمير الاثنين، والمخصوص محذوف. والشاهد: الفصل بين المضاف «أيام» والمضاف إليه بالفاعل «والداه»، والتقدير: أنجب والداه به أيام إذ نجلاه. [الأشموني ج 2/ 277، والهمع ج 2/ 53]. 515 - يوما تراها كشبه أردية ال … عصب ويوما أديمها نغلا البيت للأعشى، من قصيدة مدح بها سلامة ذا فائش الحميري. وقوله: يوما تراها: يعود الضمير على الأرض في بيت سابق. و «الكاف»: زائدة. وأردية: جمع رداء. والعصب، برد يصبغ غزله ثم ينسج. شبه الأرض به إذا أخصبت، وبالأديم النّغل إذا أجدبت. ونغل الأديم إذا فسد. [شرح أبيات المغني ج 2/ 163، واللسان «نغل» والخصائص ج 2/ 395]. 516 - فأقبل على رهطي ورهطك نبتحث … مساعينا حتى نرى كيف تفعلا البيت للنابغة الجعدي. والرهط: العصابة دون العشرة، وقيل: بل إلى الأربعين. ونبتحث: مجزوم، جواب الأمر، أي: نفتش، والتقدير: عن مساعينا؛ لأنه لا يقال إلا بحث عنه. والشاهد: «كيف نفعلا»، أصله: «نفعلن»، بنون التوكيد الخفيفة، أكده لوقوع الفعل بعد اسم الاستفهام، فأبدل «النون» «ألفا»: لأجل القافية. [الأشموني ج 3/ 214، وكتاب سيبويه ج 2/ 151، والهمع ج 2/ 78]. 517 - ألا يا عباد الله قلبي متيّم … بأحسن من صلّى وأفضلهم نفلا البيت غير منسوب في [الهمع ج 2/ 70]. وأنشد السيوطي شطره الأول شاهدا لورود «ألا» الاستفتاحية قبل النداء كثيرا. 518 - خلا أنّ حيّا من قريش تفضّلوا … على الناس أو أنّ الأكارم نهشلا البيت منسوب للأخطل، وليس في ديوانه. وخلا: من أدوات الاستثناء. والحيّ: القبيلة. قالوا: وكأنه أراد بتنكيره بني هاشم. وهذا مشكوك فيه. لأن الذي يمدح بني هاشم

519 - الود أنت المستحقة صفوه … مني وإن لم أرج منك نوالا

ويفضلهم على الناس، يجعلهم يرجحون بسبب النبوّة التي كانت فيهم، والأخطل لا يؤمن بالنبوة المحمدية. ونهشل: أبو قبيلة، بدل من الأكارم. وقد أنشدوا البيت ردّا على الكوفيين في اشتراطهم لحذف الخبر، تنكير الاسم (يقصدون خبر إنّ)، وردا على الفرّاء في اشتراطه تكرير «إنّ»، حيث - زعموا - أن خبر «أنّ» في البيت محذوف، واسمها «الأكارم» معرفة. وهو ردّ مردود عليهم؛ لأنّ الكوفيين يشترطون هذا في «إنّ» المكسورة. ثم إن هذا البيت لا يعلم قائله على وجه اليقين، ولسنا متأكدين أن هذا البيت آخر القصيدة. فافهم أن البصريين وأنصارهم يتعلقون بأوهى الأسباب للردّ على الكوفيين، وقد ظلم الكوفيون عند ما نحيّ نحوهم، بل ظلمت العربية بهذا التعصب الذي لا يخلو من هوى سياسي، أو عقديّ. [شرح المفصل ج 1/ 104، والخصائص ج 2/ 374، والخزانة ج 10/ 461]. 519 - الودّ أنت المستحقّة صفوه … منّي وإن لم أرج منك نوالا البيت غير منسوب. الودّ: مبتدأ. وأنت: مبتدأ ثان، والمستحقة صفوه: خبره، والجملة: خبر الأول، وفيه الشاهد: فإن «المستحقة»، مضاف إلى صفوه، وهو مضاف لضمير ما هو مقرون ب «أل»، وهو «الودّ». وزعم المبرد أن مثل هذا لا يجوز فيه إلا النصب. والصحيح جواز الجرّ كما في الشاهد. قلت: ومن الذي سمع من الشاعر جرّ «صفوه»، فإن النصب في «صفوه» قويّ. [الأشموني ج 2/ 246، والهمع ج 1/ 48، والعيني ج 3/ 392]. 520 - فلم أر مثلها خباسة واحد … ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله البيت منسوب لعامر بن جوين الطائي، من أبيات قالها عند ما نزل عنده امرؤ القيس بماله، فهمّ عامر أن يغدر به، فتحمل امرؤ القيس وارتحل. وقوله: فلم أر مثلها. قالوا: يريد: مثل هند أخت امرئ القيس، وربما كان يريد أموال امرئ القيس. والخباسة: بضم الخاء، الغنيمة. يقول: لم أر مثل هذه الغنيمة، غنيمة رجل واحد، وإنما يحوي هذه الغنيمة جيش عظيم. ونهنهت: كففت نفسي عن أخذ هذه الغنيمة، بعد ما كدت آخذها. و «الهاء» في «أفعله»، ضمير المصدر، أي: بعد ما كدت أفعل الفعل. والمشكل في البيت «أفعله»، فالقوافي قبل البيت منصوبة، واللام من «أفعله»، منصوبة، فما

521 - مزقوا جيب فتاتهم … لم يبالوا حرمة الرجله

الذي نصبها، وهو فعل مضارع لم يسبقه ناصب؟ فقال سيبويه وآخرون: إن الفعل منصوب ب «أن» مصدرية محذوفة، وعلامة نصبه الفتحة، مع أنهم يقولون: إن دخول «أن» على خبر «كاد» ضرورة في الشعر، فالحذف ضرورة بعد ضرورة. والذين يتأولون كلام سيبويه دائما؛ ليكون صحيحا قالوا: إن الشاعر أجرى «كاد» مجرى «عسى»، و «عسى» تدخل «أن» في خبرها. وقال آخرون: إن الفتحة للبناء، فالفعل مبني على الفتح؛ لاتصاله بنون توكيد خفيفة، ثم حذفت «النون»، وأصله «أفعلنه»، وفي هذا التخريج توكيد الفعل بدون سبب موجب، أو مجبر للتوكيد. وقال المبرد: أصله: «أفعلها»، فالفعل مرفوع ثم حذف «الألف»، ونقل حركة «الهاء» لما قبلها. قلت: وتخريجاتهم كلها باطلة تقوم على الوهم؛ لأنهم لم يسمعوا هذا الشعر من صاحبه، ولا تحققوا أن البيت قاله ذاك العربيّ، فقصة امرئ القيس فيها كثير من الخلط والتخليط، وهي بعيدة عن زمن الرواية، ونحن نقول: ربما زاد أحدهم هذا البيت؛ لغرض في نفسه، وأراد أن يماحك النحويين، ويوقع البلبلة بينهم، وربّما قال هذا الشعر المنسوب إليه حقا، ولكنه وقع في الوهم فنصب. وإنني ليشتد عجبي من النحويين الذين يلتمسون الأعذار لشعر لا يعلم من سمعه من صاحبه، وهم ينقضّون كالضواري على نصّ حديث نبويّ، أو قراءة من القراءات، ويصفون رواة الحديث والقراءات بما لا يليق من أوصاف، مع أن الزمن بين رواية الحديث وتدوينه كانت قصيرة، بل الزمن بين الصحابة وتدوين اللغة والنحو، ليس بشاسع كما هو بين قول الشعر واستنباط النحو. مع العلم أن الحرص على لفظ الحديث والقراءات أشدّ من الحرص على لفظ الشعر، ولكن يظهر أن الخصومة هي التي أفرزت هذه الأحكام، فأهل الحديث لا يثقون برواية أهل اللغة، وقلّما تجد راوي شعر أو لغة موثقا في رواية الحديث، فأراد اللغويون أن يكيلوا الصاع صاعين، فقالوا ما قالوا، ولو أنهم أنصفوا، لكانت القراءات والأحاديث مقدّمة على رواية الشعر؛ لأنها أحدث عهدا وأقرب زمنا، ورواة الحديث والقراءات أوثق وأصدق، والله أعلم. [كتاب سيبويه ج 1/ 155، والإنصاف ص 561، والهمع ج 1/ 58 وج 2/ 17، والأشموني ج 1/ 261، واللسان «خبس»]. 521 - مزّقوا جيب فتاتهم … لم يبالوا حرمة الرّجله البيت منسوب لطرفة بن العبد. واستشهدوا بالبيت على أنه قد جاء عن العرب، «رجله»، ب «التاء»؛ للفرق بين جنس المذكر والمؤنث. [شرح المفصل ج 5/ 98، واللسان «رجل»].

522 - أبى الله للشم الألاء كأنهم … سيوف أجاد القين يوما صقالها

522 - أبى الله للشّمّ الألاء كأنّهم … سيوف أجاد القين يوما صقالها البيت لكثيّر عزّة. والألاء: أحد جمعي «الذي»، يمدّ كما في البيت، ويقصر، فيقال: «الألى»، والدليل على أنه للجمع. المذكر أنه وصف به المذكّر «الشم»، جمع «أشمّ». والقين: الحداد، وهو فاعل «أجاد». وصقالها: مفعول أجاد. [الأشموني ج 1/ 149، والهمع ج 1/ 83، والعيني ج 1/ 459]. 523 - وداهية من دواهي المنون … يحسبها الناس لا فالها دفعت سنا برقها إذ بدت … وكنت على الجهد حمّالها البيتان لعامر بن جوين الطائي، من أهل الجاهلية. ومعنى: (لا فالها)، يريد: لا فم لها، ويقصد: لا مدخل لمعاناتها والتداوي منها، أي: هي داهية مشكلة. والمنون: الموت، و «فا»: منصوب ب «لا» النافية. و «اللام» في «لها» مقحمة. والخبر محذوف، أي: في الدنيا، أو فيما يعلمه الناس على تخريج «لا أبالك». والسنا: في البيت الثاني: الضوء. يريد أنه دفع شرّها والتهاب نارها حين أقبلت، وكان هو حمال أثقالها. [الخزانة ج 2/ 117، واللسان «فوه»، وكتاب سيبويه ج 1/ 159]. 524 - عتوا إذ أجبناهم إلى السّلم رأفة … فسقناهم سوق البغاث الأجادل البيت بلا نسبة في [الأشموني ج 2/ 276، والعيني ج 3/ 465]. وعتوا: أفسدوا، وإذ: بمعنى حين. والسلم: الصلح. والأجادل: جمع أجدل. لعله الصقر. والشاهد: «سوق البغاث الأجادل». وأصله: (سوق الأجادل البغاث)، ففصل بين المضاف (سوق)، والمضاف إليه (الأجادل)، بمفعول المضاف، وهو (البغاث). فالبغاث: طير صغير، يصاد ولا يصيد. وهذه إحدى الحالات التي جوزوا فيها الفصل بين المتضايفين، وهي أن يكون المضاف مصدرا، والمضاف إليه فاعله، والفاصل مفعوله، ومنه قوله تعالى في قراءة ابن عامر: قتل أولادهم شركائهم. [الأنعام: 137]. [الأشموني ج 2/ 276، والعيني ج 3/ 465]. 525 - ألا يا اسقياني قبل غارة سنجال … وقبل منايا باكرات وآجال

526 - وما هجرتك، لا، بل زادني شغفا … هجر وبعد تراخى لا إلى أجل

البيت للشماخ، معقل بن ضرار الغطفاني، من قصيدة رثى بها بكير بن شدّاد الليثي، وكان قتل في فتوح أذربيجان. والشماخ، مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، وله صحبة، وشهد القادسية، وغزا مع سعيد بن العاص حتى فتح أذربيجان، واستشهد في غزوة (موقان) زمن عثمان بن عفان. وسنجال: قرية من قرى أرمينية. يقول: اسقياني قبل هذه الوقعة، وقبل هذه المنايا المقدرة، علما منه أن ربّما قتل فيها، هو أو أحد أودّائه، فيشغله ذلك عن اللذات. والشاهد: دخول «ياء» النداء على الفعل. فقيل «يا»: حرف نداء، والمنادى مقدر، والتقدير هنا: (يا هذان اسقياني). وقيل: هي حرف تنبيه، ولا منادى. [شرح المفصل ج 8/ 115، وشرح أبيات المغني ج 6/ 168، وكتاب سيبويه ج 2/ 307، ومعجم البلدان]. 526 - وما هجرتك، لا، بل زادني شغفا … هجر وبعد تراخى لا إلى أجل البيت بلا نسبة. والشاهد: زيادة «لا» قبل «بل»؛ لتوكيد تقريرها ما قبلها بعد النفي. [الأشموني ج 3/ 113، والهمع ج 1/ 136]. 527 - وهل يعمن من كان أحدث عهده … ثلاثين شهرا في ثلاثة أحوال البيت لامرئ القيس، وقبله: ألا عم صباحا أيها الطلل البالي … وهل يعمن من كان في العصر الخالي وعم صباحا: تحيتهم في الجاهلية، وقد تكون من (أنعم صباحا). ويعمن: مضارع مبني على الفتح. والعصر: لغة في العصر، وهو الدهر، والخالي. الماضي. والشاهد: «في ثلاثة». قالوا: «في»، بمعنى «من»، على أن «الأحوال» جمع «حول»، وهو العام، أو بمعنى «مع». ولعلها كانت «من» فصحفوها؛ ليختلفوا حولها. والحق أنها «في» الظرفية؛ لأن «الأحوال» جمع «حال». وأراد ب «الأحوال»: تقلبات الزمن، من مطر، ورياح، وقدم. الأقوى أن الشطر مصنوع؛ لأنه كلام بارد لا حياة فيه، ولماذا اختار ثلاثين شهرا، وهل كان امرؤ القيس فارغ البال لعدّ الشهور؟ إنه لم يكن يعرف أمسه من غده؛

528 - فقالت سباك الله إنك فاضحي … ألست ترى السمار والناس أحوالي

لأن شخصيته التي صورتها كتب الأدب، تجعله لا يفيق من سكره وفسقه وضلاله، من أين له رؤية القمر الذي يعدون به الليالي؟ [شرح أبيات المغني ج 4/ 77، والأشموني ج 2/ 219، والهمع ج 2/ 30]. 528 - فقالت سباك الله إنّك فاضحي … ألست ترى السّمّار والناس أحوالي البيت لامرئ القيس، وقبله: سموت إليها بعد ما نام أهلها … سموّ حباب الماء حالا على حال والسموّ: العلوّ، وأراد به: النهوض. يقول: جئت إليها بعد ما نام أهلها. والحباب: بالفتح، النفاخات التي تعلو الماء، وقيل: الطرائق التي في الماء، كأنها الوشي. وقولها: سباك الله: أبعدك وأذهبك إلى غربة، وقيل: لعنك الله. وأحوالي: أطرافي، جمع حول. وقد أنشد السيوطي الشطر الثاني في باب: الظروف المكانية التي عدم فيه التصرف، فلم يخرج عن الظرفية. ومنها: حول، وحوالي، وحولي، وحوالى، وأحوال، وأحوالي. [الهمع ج 1/ 201، وشرح أبيات المغني ج 4/ 103]. 529 - إذا هي لم تستك بعود أراكة … تنخّل، فاستاكت به عود إسحل البيت لعمر بن أبي ربيعة، أو لطفيل الغنوي، أو للمقنّع الكندي. قال العيني: والصواب أنه لطفيل الغنوي، من قصيدة يصف فيها امرأة تدعى سعدى. وقوله: تنخّل: مجهول، جواب الشرط، يعني: اختير. والشاهد فيه، وفي «استاكت»، حيث تنازعا في «عود إسحل»، فأعمل الأول، وأضمر الثاني. و «به»: في محل النصب على أنه مفعول «فاستاكت»، و «الفاء» للعطف. والإسحل: بكسر الهمزة، والحاء مفتوحة أو مكسورة، روايتان، شجر يتخذ منه السواك. وكأن تركيب البيت هكذا: إذا هي لم تستك بعود أراكة، اختير عود إسحل، فاستاكت به. قلت: والشاعر بهذا البيت، لم يتغزل، وإنما يتصنع الغزل؛ لأن غزله لا ينساب كالماء الرقراق. [الأشموني ج 2/ 105، وشرح المفصل ج 1/ 79، وكتاب سيبويه ج 1/ 40، والهمع ج 1/ 66].

530 - أغر الثنايا أحم اللثات … يحسنها سوك الإسحل

530 - أغرّ الثنايا أحمّ اللّثات … يحسّنها سوك الإسحل أغرّ: أبيض. وأحمّ: من الحمة، وهي لون بين الدهمة والكمتة (الحمرة). والسّوك: جمع سواك. والإسحل: شجر. والشاهد: «سوك»، بضم السين والواو. والقياس فيه سكون الواو «سوك». [الأشموني ج 4/ 130، واللسان، «سوك»]. والبيت لعبد الرحمن بن حسان. 531 - أجبيل إنّ أباك كارب يومه … فإذا دعيت إلى العظائم فاعجل البيت من قصيدة لعبد قيس بن خفاف، شاعر جاهلي، والقصيدة برقم 116 في المفضليات، وكلها في دعوى ابنه إلى الكرم والبرّ، ولكنّ نظمها بارد وفاتر، لا تحس فيه بحرارة الشعر، وتشبه النظم العلمي في العصر العباسي، أو نظم المواعظ، ولعلّ هذا الذي جعل السيوطي يقول: إن الشاعر إسلامي. والشاهد: «كارب يومه»، حيث استعمل من «كرب»، اسم الفاعل وقد أوله الجوهري أنه اسم فاعل من (كرب) التامة في نحو قولهم: كرب الشتاء، أي: قرب، وليس هو من «كرب» من أفعال المقاربة التي تستدعى الاسم والخبر. وإذا كانت ناقصة، فإن «كارب» أضيف إلى الاسم، والخبر محذوف، أي: كارب يومه أن يأتي. [الأشموني ج 1/ 265، وشرح أبيات المغني ج 2/ 223]. 532 - وإنا لنرجو عاجلا منك مثل ما … رجوناه قدما من ذويك الأفاضل البيت للأحوص الأنصاري. والشاهد: «من ذويك»، فقد أنشد السيوطي شطر البيت شاهدا لجواز إضافة (ذوو) إلى ضمير، والأصل فيه أن يضاف إلى اسم جنس، أو إلى العلم سماعا. [الهمع ج 2/ 50، واللسان (ذو)]. 533 - ربّ رفد هرقته ذلك اليو … م وأسرى من معشر أقيال البيت للأعشى ميمون، يمدح الأسود بن المنذر. والرفد، بكسر الراء: القدح الضخم، وإراقة الرفد: كناية عن القتل والإماتة. والبيت شاهد على أن الأكثر مراعاة الأصل في

534 - رب رفد هرقته ذلك اليو … م وأسرى من معشر أقتال

وقوع صفة مجرور «ربّ»، جملة فعلية، سواء كانت مذكورة أو مقدرة، وقد اجتمعا في هذا البيت، فجملة «هرقته»، صفة ل «رفد». وقوله: وأسرى: مجرور ب «ربّ» المذكورة بطريق التبعية، و «من معشر»: متعلق ب «أسرى» وصفة «أسرى» محذوفة تقديره: (حصلت لك)، ولا جواب ل «ربّ» في الموضعين؛ لأن معنى الكلام تام لا يفتقر إلى شيء سوى الصفة المقدرة. وفي المعنى أن «من معشر» صفة ل «أسرى»، ولا يجوز أن يتعلق به؛ لئلا يخلو مجرور «ربّ» من صفة. [شرح المفصل ج 8/ 28، والهمع ج 1/ 9، وشرح أبيات المغني ج 7/ 233، والخزانة ج 9/ 559]. 534 - ربّ رفد هرقته ذلك اليو … م وأسرى من معشر أقتال هو البيت السابق برواية القافية (أقتال)، ب «التاء»، جمع (قتل)، بكسر «القاف» وله معنيان أحدهما: العدوّ المقاتل. والثاني: الشبه والنظير في المقاتلة. أما الأقيال: بالياء، فهو جمع «قيل»، وهو الملك، قيل: مطلقا، وقيل: خاص بملوك حمير. 535 - غير ميل ولا عواوير في الهيجا … ولا عزّل ولا أكفال للأعشى، من قصيدته التي مطلعها: ما بكاء الكبير بالأطلال … وسؤالي وما تردّ سؤالي وقوله: ميل: جمع أميل، وهو الذي لا سلاح له. والعواوير: جمع «عوّار»، وهو الجبان. والأكفال: الذين لا يثبتون على الخيل. والشاهد: «عواوير»، جمع «عوّار»، وهو جمع تكسير، وحقه ب «الواو» و «النون». [شرح المفصل ج 5/ 67، واللسان «عور»]. 536 - هوينني وهويت الغانيات إلى … أن شبت فانصرفت عنهنّ آمالي البيت بلا نسبة. والشاهد: «هوينني وهويت»، حيث تنازعا في «الغانيات»، فأعمل الثاني وأضمر في الأول، وهو جمع «غانية»، وهي المرأة التي تستغني بجمالها عن الحلي. [الأشموني ج 2/ 104].

537 - ظني بهم كعسى وهم بتنوفة … يتنازعون جوائز الأمثال

537 - ظنّي بهم كعسى وهم بتنوفة … يتنازعون جوائز الأمثال البيت لابن مقبل، وهو شاعر إسلامي. وقوله: ظنّي بهم، أي: يقيني بهم. فالظنّ هنا: بمعنى اليقين، كقوله تعالى في سورة القيامة: وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ. [الآية: 28]. وظني: مبتدأ: خبره «كعسى»، أي: يقيني بهم، كشكّ في حال كونهم في الفلاة (التنوفة)، إذ لست أعلم الغيب، يريد أنه لا يقين له بهم. ويتنازعون: يتجاذبون. وجوائز الأمثال، أي: الأمثال السائرة في البلاد من جاز البلاد، قطعها، وهو كقولنا: يتجاذبون أطراف الحديث، ويروى: جوائب الأمثال. والمشكل في البيت «كعسى»، هل هي بمعنى اليقين، أو بمعنى الشك. فقد افترقوا شيعا حول الجوابين. وأنا أرجح أن ابن مقبل لم يقل هذا البيت، وإن كان قاله، لم يقل: (ظني بهم كعسى)، لأن ابن مقبل شاعر مخضرم، وكان جوّاب صحارى، وإفراد «عسى» بصفتها فعلا، لم يكن إلا عند المتأخرين، ثم إنه شبه «الظنّ»، وهو اسم ب «عسى»، وهو فعل، فنحن لا نقول: أكلي كشرب. [الخزانة ج 9/ 313، وشرح المفصل ج 7/ 120، واللسان «جوز، عسى»]. 538 - ولكنما أسعى لمجد مؤثّل … وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي البيت لامرئ القيس. والشاهد: «لكنّما»، ألغيت بدخول «ما» عليها، ودخلت على الفعل، فلم تعد مختصة بالدخول على الأسماء. [الهمع ج 1/ 143]. 539 - لأجهدنّ فإمّا درء واقعة … تخشى وإما بلوغ السؤل والأمل البيت غير منسوب. وأنشده السيوطي في الهمع من مواضع حذف عامل المصدر إذا وقع في تفصيل عاقبة خبر. فقوله: «درء»، و «بلوغ»، مصدران منصوبان لفعلين محذوفين. [الهمع/ 1/ 192]. 540 - إلى ماجد الآباء قرم عثمثم … إلى عطن رحب المباءة آهل لذي الرّمة، وهو في كتاب سيبويه ج 2/ 90، وفي ملحق الديوان، الشطر الثاني فقط. والعطن: مبرك الإبل عند الماء. والمباءة: المنزل، من باء يبوء، إذا رجع.

541 - ولما أبى إلا جماحا فؤاده … ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل تسلى بأخرى غيرها فإذا التي … تسلى بها تغري بليلى ولا تسلي

والشاهد: «آهل»، بمعنى: ذي أهل. وقد استشهد به سيبويه في باب «الإضافة تحذف فيه ياءي الإضافة؛ وذلك إذا جعلته صاحب شيء يزاوله، أو ذا شيء». ويريد بالإضافة هنا النسب. وهو يذكر أمثلة من النسب بدون «ياء» النسبة، وجعل «ياء» النسبة ياءين؛ لأنها مشدّدة. قال سيبويه: وتقول مكان «آهل»، أي ذو أهل، وأنشد شطر البيت. [سيبويه/ 3/ 382، هارون]. 541 - ولمّا أبى إلا جماحا فؤاده … ولم يسل عن ليلى بمال ولا أهل تسلّى بأخرى غيرها فإذا التي … تسلّى بها تغري بليلى ولا تسلي في الحماسة بشرح المرزوقي، (وقال) بعد قطعة نسبها إلى الشماميط الغطفاني. فهل يعني العطف أنها للشماميط؟ ولكن التبريزي قال قبل البيتين: وقال آخر. وهذا يعني أنها ليست للأول. وقال العيني: إن البيتين لدعبل الخزاعي، وهو عباسي محدث لا يحتج بشعره، وأما الشماميط، فقد عاصر ابن ميادة، والأخير توفي سنة 149 هـ. يقول: لما عصى قلبه، وتأبّى إلا جماحا في لجاجته، وخروجا عن طاعته، ولم تنصرف نفسه عن ليلى شغلا بتثمير مال، ولا بإرضاء أهل، واستصلاح عشيرة، أخذ يطلب السلوّ عنها في مواصلة غيرها من النساء، وشغل القلب بحب دونها، فإذا التي طلب التّسلّي بها، تبعث على الرجوع إلى ليلى، وتحض على ترك الإيثار عليها؛ لأنه يظهر من زيادات محاسنها، ما يدعو إلى التشبّث بها. وجواب «لمّا» في البيت الأول، «تسلّى» في البيت الثاني. والجماح: من قولهم: جمح الفرس، إذا جرى جريا غالبا لراكبه. وقوله: فإذا التي ... إذا: هذه التي للمفاجأة، ومن الظروف المكانية لا الزمانية، وما بعده مبتدأ وخبر. وفؤاده: فاعل «أبى»، بمعنى امتنع: وإلا جماحا: استثناء موجب، فيجوز نصبه. والحقيقة: أن جماحا مفعول حصر ب «إلا»، وتقدم على فاعله. وفيه الشاهد، حيث احتج به البصريون على جواز تقديم المفعول المحصور ب «إلا» على فاعله. [الأشموني/ 2/ 57، والمرزوقي/ 1292، والهمع/ 1/ 161]. 542 - لات هنّا ذكرى جبيرة أم من … جاء منها بطائف الأهوال البيت للأعشى ميمون، من قصيدة مدح بها الأسود بن المنذر اللخمي، أخا النعمان ابن المنذر، ومطلعها:

543 - ملك الخورنق والسدير ودانه … ما بين حمير أهلها وأوال

ما بكاء الكبير بالأطلال … وسؤالي وما يردّ سؤالي وهو من الشواهد في باب اللام. والبيت الشاهد، ثالث أبيات القصيدة. وجبيرة: اسم امرأة. ولات: بمعنى ليس. و «هنّا»: بفتح الهاء وكسرها مع تشديد النون، اسم إشارة للقريب، وعند ابن مالك للبعيد، ومن لازم اسم الإشارة التعريف، وعدم إضافته إلى شيء، وقد ورد في الشعر كثيرا. «لات هنّا»، فقال أبو علي، الفارسي وابن مالك: إن «لات» هنا مهملة؛ لأنها لا يصح إعمالها في معرفة ومكان، وقالا: إذا دخلت «لات» على «هنّا»، كانت مهملة، وكانت «هنّا»، منصوبة على الظرف، في موضع رفع على الخبر لمبتدأ بعدها، كما في البيت (هنّا ذكرى). وقال الرضيّ: هنّا: في الأصل للمكان، وتستعار بعد «لات» للزمان، وأنه مضاف إلى جملة فعلية. وفي البيت الشاهد، جاء بعدها اسم مفرد، فقال البغدادي: إن «ذكرى»، مفعول مطلق عامله محذوف، أي: لات هنّا أذكر ذكرى جبيرة، فالجملة محذوفة، مع بقاء أثرها. قلت: «هنّا» في البيت تحتمل المكانية والزمانية: أما المكانية، فلأن البيت الشاهد جاء بعد قوله: دمنة قفرة تعاورها الصي … ف بريحين من صبا وشمال فكأنه يقول: ليس في هذا المكان ذكرى جبيرة؛ لأن ما يدل على ذكراها فقد انمحى، أو ليس في هذا الموضع ذكرى جبيرة، يريد مكانه في مجلس الممدوح. وأما الزمانية: إذا أراد ب «هنّا»، زمن الشيخوخة والكبر، إذا كان ينكر الحنين بعد الكبر، وذلك يتحقق بالزمان. ويقويه قوله في بقية البيت: أم من جاء منها ... الخ، فهو يقول: من الذي دلّ علينا خيالها في هذا الوقت؟ والحقيقة لا نعرفها إلا إذا التقينا الشاعر، وسألناه عن مراده. [الهمع/ 1/ 126، والخزانة/ 4/ 198]. 543 - ملك الخورنق والسّدير ودانه … ما بين حمير أهلها وأوال البيت للنابغة الجعدي، يذكر بعض ملوك لخم أنه ملك الخورنق والسدير، وهما قصران بالعراق قرب الحيرة. ودانه: أي: أطاعه، والدين: الطاعة. وأوال: كغراب،

544 - أيا طعنة ما شيخ … كبير يفن بالي تقيم المأتم الأعلى … على جهد وإعوال ولولا نبل عوض في … أعالي وأوصالي لطاعنت صدور الخي … ل طعنا ليس بالآلي

اسم موضع مما يلي الشام، وأوال أيضا: موضع قديم في شرق الجزيرة العربية، بالقرب من الخليج العربي. وحمير: أراد بها البلدة، سماها باسمه؛ لنزوله بها. أوال: صرفه الشاعر للضرورة، ولكنهم قد يصرفون على معنى الموضع وإذا منعوه، يكون على معنى القرية. والشاهد: إبدال «أهلها» من «حمير». يريد: ما بين أهل حمير. فأبدل «الأهل» من «حمير». [سيبويه/ 1/ 161، هارون، واللسان «أول»]. 544 - أيا طعنة ما شيخ … كبير يفن بالي تقيم المأتم الأعلى … على جهد وإعوال ولولا نبل عوض في … أعاليّ وأوصالي لطاعنت صدور الخي … ل طعنا ليس بالآلي الأبيات للفند الزّمّاني، من أهل الجاهلية. وقوله: أيا طعنة، أراد: يا طعنة شيخ، و «ما» زائدة. واللفظ لفظ نداء، والمعنى للتعجب والتفخيم، أراد: ما أهولها من طعنة، ويا لها طعنة بدرت من شيخ كبير السن. واليفن: الشيخ الهرم، ويجوز أن يكون المنادى محذوفا، و «طعنة» منصوب بفعل مضمر، كأنه أراد: يا قوم اذكروا طعنة. وقوله: تقيم المأتم، أي: تقتل من تصيبه، فيجتمع الناس للرزيّة. وقوله: الأعلى، يريد: المأتم الأفظع؛ لأن المقتول كان رئيسا. والإعوال: رفع الصوت بالبكاء. والجهد: أراد شدة البلاء. وقوله: ولولا نبل عوض، عوض هنا: اسم الدهر، وقال بعضهم: رجل كان يعمل النبال جيدة. وقوله: أعاليّ، يريد: انحناء ظهره، وتشنج جلده، واضطراب خلقه، وانحلال قواه. ويروى مكان أعالي: (حظبّاي)، بضم الحاء والظاء، ثم باء مشددة، ومعناها الظهر.

545 - لو اعتصمت بنا لم تعتصم بعدا … بل أولياء كفاة غير أوكال

وروي: (خضمّاتي)، جمع «خضمّة»، وهي ما غلظ من الساق والذراع. والأوصال جمع (وصل)، بكسر الواو، وهو المفصل، والمعنى: لولا رميات الدهر في مفاصلي، ومجماع أعضائي، لكان تأثيري في الحرب أكثر ما كان. وقوله: صدور الخيل، أراد بالخيل: الفرسان، وأراد بالصدور: الرؤساء والأكابر، أي: لولا ما قدمت من العذر، لدافعت بالطعن أوائل الخيل طعنا لا تقصير فيه ولا قصور. والآلي: من ألوت في الأمر آلو، أي: قصّرت، وجعل التقصير للطعن على المجاز. والشاهد في الأبيات قوله: (نبل عوض)، على أن «عوضا»، قد يستعمل لمجرد الزمان فيعرب، أي الزمان المجرد عن العموم والاستغراق؛ بأن يكون نكرة غير مضمّن معنى الإضافة، فإن ضمّن الإضافة، بني على الضم، وإن أضيف لفظا، أعرب، ويكون ل «عوض» ثلاثة وجوه: الأول: ما نكّر، بأن قطع عن الإضافة لفظا ومعنى، فيعرب جرا؛ لكونه مضافا إليه. والثاني: ما حذف منه المضاف إليه وضمن معناه، فبني على الضم، نحو: لا أفعله عوض، والأصل: عوض العائضين. والثالث: ما أضيف لفظا، ك «عوض العائضين»، وهنا ينصب. وعوض في الأصل: مصدر عاضني الله منه عوضا، بفتح فسكون، وعوضا، بكسر ففتح، وعياضا. فالعوض: كل إعطاء يكون خلفا من شيء، وسمي الدهر «عوضا»؛ لأنه من التعويض، وذلك أنه كلما مضى جزء من الدهر، خلف آخر من بعيده، فكان الثاني كالعوض من الأول. [الحماسة بشرح المرزوقي 538، والهمع/ ج 1/ 213، والخزانة ج 7/ 116]. 545 - لو اعتصمت بنا لم تعتصم بعدا … بل أولياء كفاة غير أوكال البيت بلا نسبة في العيني ج 4/ 156. 546 - وما هو من يأسو الكلوم وتتّقى … به نائبات الدّهر كالدائم البخل البيت بلا نسبة في [الهمع ج 1/ 67]. وأنشده السيوطي شاهدا لبروز ضمير الشأن، ووقوعه اسم «ما» العاملة عمل ليس. والجملة بعده في محل نصب، خبر «ما». 547 - ويوما على ظهر الكثيب تعذّرت … عليّ وآلت حلفة لم تحلّل

548 - هلا سألت وخبر قوم عندهم … وشفاء غيك خابرا أن تسألي

البيت لامرئ القيس. ويوما: ظرف منصوب متعلق ب «تعذّرت». والكثيب: الرمل المجتمع المرتفع على غيره. و «على ظهر»: متعلق ب «تعذرت»، أي: جاءت بالمعاذير من غير عذر. وآلت: حلفت. ونصب «حلفة»، بفتح الحاء، على المصدر من غير لفظه. وقوله: لم تحلل: من التحلل في اليمين، وهو الاستثناء، وروي بفتح «اللام»، على أن الجملة صفة ل «حلفة»، وروي بكسرها، على أن الجملة حال من ضمير «آلت». قال الباقلاني: يتعجب من ذلك اليوم، وإنما تشددت وتعسرت وحلفت عليه، فهو كلام رديء النسج، لا فائدة لذكره لنا أن حبيبته تمنّعت عليه يوما بموضع يسمّيه ويصفه، وأنت تجد في شعر المحدثين من هذا الجنس في التغزل ما يذوب معه اللب، وتطرب عليه النفس، وهذا مما يشمئز منه القلب، وليس فيه شيء من الإحسان والحسن. [إعجاز القرآن 256، وشرح أبيات المغني ج 1/ 16، والهمع ج 1/ 187]. 548 - هلّا سألت وخبر قوم عندهم … وشفاء غيّك خابرا أن تسألي وبعد البيت: هل نكرم الأضياف إن نزلوا بنا … ونسود بالمعروف غير تنحّل والبيتان من قصيدة لربيعة بن مقروم، وهو شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام وأسلم. وأنشد الرضي البيت الأول على أن تقدم (خابرا) على «أن»، نادر، أو هو منصوب بفعل يدل عليه المذكور، والتقدير: تسألين خابرا، وقال قوم: لا يجوز القول: أقوم زيدا كي تضرب. وخرج بعضهم البيت أن (خابرا) حال، وأنا أضيف وجهين مقبولين: الأول: رفع خابر على أنه خبر للمبتدا «شفاء» و «إن» شرطية، والتقدير: شفاء نفسك خبير، كما تقول: شفاء دائك أكل البطيخ، أو شفاء جهلك العلم، والثاني: أن تكون خابرا اسم فاعل، بمعنى المصدر، ويكون منصوبا على أنه مفعول لأجله. هذا ونقل البغدادي عن الحماسة البصرية، قالت امرأة من بني سليم: هلّا سألت خبير قوم عنهم … وشفاء علمك خابرا أن تسألي يبدي لك العلم الجليّ بفهمه … فيلوح قبل تفكّر وتأمل [الخزانة ج 8/ 433].

549 - فيا رب يوم قد لهوت وليلة … بآنسة كأنها خط تمثال

549 - فيا ربّ يوم قد لهوت وليلة … بآنسة كأنّها خطّ تمثال وقبل البيت (وهو لامرئ القيس): ألا زعمت بسباسة اليوم أنني … كبرت وأن لا يشهد اللهو أمثالي وبسباسة: زعموا أنها امرأة من بني أسد. وهذا خبر بلا دليل، وإنما هي امرأة في خيال الرواة. وقوله: فيا ربّ، يا: الداخلة على «ربّ» ليست للنداء، وإنما هي للتنبيه، كالداخلة على «ليت» و «حبّذا»، وروي بدله (بلى ربّ يوم)، وجملة «لهوت»: صفة يوم. والآنسة: المرأة التي تأنس بحديثك. والخط: الكتابة. والتمثال: الصورة. شبهها بصورة الصنم المنقوشة، في حسن المنظر وتناسب الأعضاء. قال أبو أحمد: وهذا يدلّ على فساد الذوق. ذلك أن الصنم قبيح المنظر، ويكفي أن تكون عيناه غائرتين، ليكون أبشع صورة. وهل يبلغ خلق الإنسان، جمال خلق الله؟! والبيت أنشده ابن هشام في المغني شاهدا على أنّ «ربّ» للتكثير. وقال غيره: «ربّ» هنا، للمباهاة والافتخار؛ لتقليل النظير. [شرح أبيات المغني ج 3/ 161]. 550 - لن تزالوا كذلكم ثم لا زلت … لكم خالدا خلود الجبال البيت للأعشى ميمون، من قصيدة مدح بها الأسود بن المنذر اللخمي، ومطلعها: ما بكاء الكبير بالأطلال … وسؤالي فما يردّ سؤالي وأنشدوا البيت على أن (لن) فيه للدعاء. واستدلوا على كونها للدعاء، كونه عطف قوله: (لا زلت لكم)، وهو دعاء، وإذا كانت (لن) خبرا، لزم عطف الإنشاء على الخبر. وردّ بأن الدعاء لا يكون للمتكلم، وإنما يكون للمخاطب أو الغائب. والحقيقة أن البيت حرّفه النحاة، وروايته الصحيحة. لن يزالوا كذلكم ثم لا زلت … لهم خالدا خلود الجبال فالضمير في (يزالوا) بالياء، يعود على من أسر وسبى من الأعداء، وكان اللخمي قد غزا أسدا فأباح حيّهم، ثم جاءه الأعشى وأنشده القصيدة، وطلب منه إرجاع ما أخذ.

551 - حسن فعلا لقاء ذي الثروة الممل … ق بالبشر والعطاء الجزيل

وقوله: لا زلت خطاب للخمي. وبهذا يستقيم المعنى. وهكذا ترى أن النحويين - رحمهم الله - يقيمون وليمة أحيانا على ما حرّفوا من الكلام، والله يحفظهم، ويغفر لهم. [شرح أبيات المغني ج 5/ 156، والهمع ج 2/ 4، والأشموني والصبان ج 3/ 278]. 551 - حسن فعلا لقاء ذي الثروة الممل … ق بالبشر والعطاء الجزيل البيت في [الهمع/ 2/ 89] واستشهد به السيوطي على أن «فعل» الذي يستعمل ك «نعم» في المدح، يجوز نقل ضمة «عينه» إلى «الفاء»، فتسكن العين. 552 - ولا يبادر في الشتاء وليدنا … ألقدر ينزلها بغير جعال ينسب البيت لحاجب بن حبيب الأسدي، وإلى لبيد العامري، ويروى: ولا تبادر في الشتاء وليدتي … ... تنزلها ... والجعال، والجعالة: ما تنزل به القدر من خرقة أو غيرها، والجمع جعل، مثل كتاب وكتب، كأنه يريد أن القدر تبقى فوق النار، ولا تبرد، كناية عن كثرة إطعامهم الناس في الشتاء وقت قلة المال. والشاهد: «ألقدر»، بقطع همزة الوصل، وهذا يفعل في أنصاف الأبيات؛ لأنه يوقف على نهاية الشطر الأول، ويبتدأ بالشطر الثاني. [اللسان «كأس، وجعل»، كتاب سيبويه ج 2/ 274، وشرح المفصل ج 9/ 138]. 553 - ألا لا أرى إثنين أحسن شيمة … على حدثان الدّهر منّي ومن جمل البيت لجميل بثينة. وألا: للتنبيه. وشيمة: تمييز. وجمل: اسم امرأة. والشاهد: «إثنين»، حيث قطع همزة الوصل للضرورة، ولكن البيت يروى في الأغاني لابن دارة، برواية: ولم أر محزونين أجمل لوعة … على نائبات .. قال أبو أحمد: وهو الأقوى؛ لأن جميل بثينة، يفترض أنه لم يهم إلا بحب بثينة. [الأشموني ج 4/ 273، والخزانة ج 7/ 202، واللسان (ثنى)]. 554 - ولن يلبث الجهّال أن يتهضّموا … أخا الحلم ما لم يستعن بجهول

555 - فلا تعجلي يا عز أن تتفهمي … بنصح أتى الواشون أم بحبول

البيت بلا نسبة في الهمع. وأنشده السيوطي شاهدا لنيابة (ما) عن ظرف الزمان والمقصود: (ما) مع الفعل بعدها. [الهمع ج 1/ 82]. 555 - فلا تعجلي يا عزّ أن تتفهّمي … بنصح أتى الواشون أم بحبول البيت لكثير عزّة. والحبول: بضم الحاء، جمع حبل، وهي الداهية. وقوله: بنصح أتى ... الخ، حذف الهمزة، والتقدير: أبنصح. [شرح أبيات المغني ج 4/ 361، واللسان «حبل» والعيني ج 3/ 404]. 556 - إذا قلت يا نومان لم يجهل الذي … أريد ولم يأخذ بشيء سوى حجلي البيت بلا نسبة. والحجل: بكسر الحاء وفتحها، الخلخال. وأنشد السيوطي البيت شاهدا ل «نومان»، على أنه من الألفاظ التي تلازم النداء، ولا تأتي لغير النداء. فلا تستعمل مبتدأ ولا فاعلا ولا مفعولا. ونومان: في نداء كثير النوم. [الهمع ج 1/ 178]. 557 - يا خليليّ أربعا واستخبرا ال … منزل الدارس عن حيّ حلال مثل سحق البرد عفّى بعدك ال … قطر مغناه وتأويب الشّمال البيتين لعبيد بن الأبرص. واربعا، أي: قفا وانتظرا. وحلال: بكسر الحاء، جمع حالّ، أي: حيّ حالّين، أي: نازلين. ومثل: بالنصب، صفة لمنزل. والسحق: الثوب البالي. والبرد: ثوب مخطط. فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف. والمغنى: المنزل الذي غني به أهله ثم ارتحلوا. والتأويب: الرجوع، والمراد: تردد هبوبها. والشّمال: الريح المعروفة. والشاهد: أن الخليل استدل بما في البيتين على أن حرف التعريف «أل»، لا «اللام» وحدها؛ لأن الشاعر فصل «أل» من المعرف بها، ولو كانت «اللام» وحدها حرف تعريف، لما جاز فصلها من المعرّف. وقد جاءت القصيدة كلها على هذه الشاكلة ما عدا بيتا واحدا، وأنكر ابن جني ذلك، وزعم أن حرف التعريف هو «اللام» فقط. [الخزانة ج 7/ 205، والخصائص ج 2/ 255، وشرح المفصل ج 9/ 170، والأشموني ج 1/ 177، وفيها حاشية العيني، وحاشية الصبّان]. 558 - منت لك أن تلاقيني المنايا … أحاد أحاد في شهر حلال

559 - خالفاني ولم أخالف خلي … ي ولا خير في خلاف الخليل

البيت منسوب لعمرو ذي الكلب العجلاني، ولصخر الغي. وقوله: منت، أي: قدرت لك الأقدار، ومنه سميت المنيّة. والشاهد: «أحاد أحاد»، صفة معدولة عن العدد «واحد». [شرح المفصل ج 1/ 62، واللسان «مني»، والهمع، وفيه القافية ميميّة (الشهر الحرام)]. 559 - خالفاني ولم أخالف خلي … يّ ولا خير في خلاف الخليل البيت بلا نسبة. وأنشده السيوطي في مبحث التنازع، بإلغاء الأول وإعمال الثاني. [الهمع ج 2/ 109]. 560 - فإن تك فقعس بانت وبنّا … فنعم ذوو مجاملة الخليل البيت في الهمع ج 2/ 85، بلا نسبة. وأنشده السيوطي شاهدا على فاعل «نعم» المضاف إلى ما أضيف إلى ما فيه «أل» ذوو: فاعل، وهو مضاف، ومجاملة: مضاف إليه، وهو مضاف، والخليل: مضاف إليه. 561 - أو يكن طبّك الدّلال فلو في … سالف الدّهر والسنين الخوالي البيت لعبيد بن الأبرص، وقبل البيت: تلك عرسي غضبى تريد زيالي … ألبين تريد أم لدلال إن يكن طبّك الفراق فلا أحف … ل أن تعطفي صدور الجمال والعرس: بالكسر، الزوجة. والزّيال: بالكسر، المزايلة، وهي المباينة. والطّب بالكسر: العادة. وقد أنشد ابن هشام البيت في المغني شاهدا لحذف أكثر من جملة. قال: أي: إن كان عادتك الدلال، فلو كان هذا فيما مضى لاحتملناه منك. [المغني برقم 1110، وشرح شواهده ج 8/ 8]. 562 - جاءوا بجيش لو قيس معرسه … ما كان إلا كمعرس الدّئل البيت قاله كعب بن مالك الأنصاري، يصف جيش أبي سفيان حين غزا المدينة. والمعرس: المنزل، والمكان. والدئل: دويبة، سميت بها قبيلة بني كنانة، وهي التي ينسب إليها أبو الأسود الدؤلي.

563 - بتنا بتدورة يضيء وجوهنا … دسم السليط يضيء فوق ذبال

والشاهد: «الدئل» فذهب جماعة إلى أن هذا الوزن مستعمل، واحتجوا به، وخالفهم الجمهور، إلى أن هذا مهمل وهو نادر. [الأشموني ج 4/ 239، وعليه العيني]. 563 - بتنا بتدورة يضيء وجوهنا … دسم السّليط يضيء فوق ذبال البيت لابن مقبل. و «التدورة»، ويروى: بديّرة، وهي: رمل مستدير، وربما قعدوا فيها وشربوا، أو هي: المجلس، يكون في الرمل. و «السليط»: الزيت مطلقا، أو هو زيت السمسم. و «الذّبال»: جمع ذبالة، وهي: الفتيلة التي تسرج؛ ولذلك جاءت روايته في كتاب سيبويه (دسم السليط على فتيل ذبال). [كتاب سيبويه ج 2/ 365، واللسان «ذبل»، و «دور»]. 564 - سيصبح فوقي أقتم الريش واقعا … بقالي قلا أو من وراء دبيل البيت بلا نسبة. و «أقتم الريش»: طائر. و «أقتم»: من القتمة، وهي: سواد ليس بالشديد. و «قالي قلا»: مكان. ودبيل: موضع. والشاعر كان يتوقع موته بهذين الموضعين. قال ابن منظور: فلم يلبث هذا الشاعر أن صلب بها، والمصلوب تأكله الطير. و «قالي قلا»: ترسم كما في البيت، وترسم: «قاليقلا». قال سيبويه: هو بمنزلة خمسة عشر، يريد أنها مركبة، ومن العرب من يضيف فينون. وقال الجوهري: قالي قلا، اسمان جعلا واحدا، قال ابن السراج: بني كلّ واحد منهما على الوقف؛ لأنهم كرهوا الفتحة في الياء والألف. [اللسان «قلا، قتم، دبل»، وكتاب سيبويه ج 2/ 54]، قال الأصمعي: إن هذا الشاعر كان عليه دين لرجل من يحصب، فلما حان قضاء الدين، فرّ وترك رقعة مكتوبا فيها البيت السابق وبيت قبله، وهو: إذا حان دين اليحصبيّ فقل له … تزوّد بزاد واستعن بدليل قال الأصمعي: فأخبرني من رآه ب «قالي قلا» مصلوبا وعليه نسر أقتم الريش، و «قالي قلا»: من مدن خراسان، أو من ديار بكر. «ودبيل»: من مدن السند. والله أعلم. 565 - ليس حيّ على المنون بخال … فلوى ذروة فجنبي ذيال البيت لعبيد بن الأبرص. وخال، أي: خالد. وأنشد السيوطي الشطر شاهدا لترخيم غير العلم، في غير النداء؛ للضرورة، ولكن يروى الشطر في ديوانه: «ليس رسم على الدفين ببالي». [الهمع ج 1/ 181، والعيني 4/ 461].

566 - ألا لا بارك الله في سهيل … إذا ما الله بارك في الرجال

566 - ألا لا بارك الله في سهيل … إذا ما الله بارك في الرجال البيت غير منسوب، وهو من الوافر. وأنشدوه شاهدا لحذف الألف من لفظ الجلالة في الشطر الأول، فتقرأ «الله» بدون مدّ، وعلى «الهاء» ضمة، لأنه فاعل بارك. قال القاضي البيضاوي: حذف «ألف» لفظ الجلالة لحن تفسد به الصلاة ولا ينعقد به صريح اليمين. قال أبو أحمد: وأظنه بيتا مصنوعا؛ للانتصار لأحد الأقول في اشتقاق لفظ الجلالة، وكثير من نقلة اللغة فساق لا يتورعون عن الاختراع والكذب؛ لإظهار براعة في العلم، أو للانتصار لمذهب، وقد أسندوا إلى أهل المعرفة أن قطربا صنع البيت التالي من الرجز: أقبل سيل جاء من عند الله … يحرد حرد الجنّة المغلّه فقد قال المبرد في الكامل، ذكر أبو عبيد أنّ أبا حاتم قال: هذا البيت مصنوع، صنعه من لا أحسن الله ذكره، يعني قطربا. ولفظ الجلالة كما جاء في بيت قطرب، ينطقه أهل البادية في زماننا كما قال، فيقال: باسم الله، وهكذا يأتي في نظمهم. [اللسان «أله» والخزانة ج 10/ 355، والخصائص ج 3/ 134، والضرائر 131]. 567 - خناثى يأكلون التّمر ليسوا … بزوجات يلدن ولا رجال البيت بلا نسبة في كتاب سيبويه ج 2/ 196، ومنسوب للقحيف العقيلي في الأمثال المؤرج السدوسي ص 49. والخناثى، مثل الحبالى، مفرده الخنثى. ويجمع على خناث أيضا؛ ولذلك جاءت روايته في لسان العرب، كما يأتي: لعمرك ما الخناث بنو قشير … بنسوان يلدن ولا رجال قال ابن منظور: والخنثى: الذي له ما للرجال والنساء جميعا. قال أبو أحمد: وأظنّ أن الخنثى، كما يظهر للناس: لا رجل ولا أنثى، قد يكون للإنسان فتحة مثل فرج المرأة، ولكن لا يظهر له عند البلوغ أثداء، وقد يظهر له لحية. وحقيقته أنه رجل غاب ذكره بين اللحم؛ لعيب خلقي، فإذا فتش عنه بعملية، ظهر. وكان في حينا بخان يونس، فتاة بدوية ترعى الغنم اسمها حمدة، ثم غابت فجأة، فقالوا: إنها

568 - نصحت بني عوف فلم يتقبلوا … رسولي ولم تنجح لديهم رسائلي

قلبت رجلا، بعد عملية جراحية. والصحيح أنها لم تتغير، وإنما أظهروا بالعملية الذكر المختفي. وسميت بعد (محمد)؛ ولذلك لا يصح أن للخنثى ما للرجال، وإنما يظهر فيما بعد، ولم نعلم أن رجلا تحول إلى امرأة، أما تحول المرأة ظاهريا إلى رجل، فهذا كثير في عصرنا الحاضر، بعد تقدّم العمليات الجراحية، والله أعلم. 568 - نصحت بني عوف فلم يتقبّلوا … رسولي ولم تنجح لديهم رسائلي البيت للنابغة الذبياني في ديوانه، وأمالي ابن الشجري/ 1/ 362، والمقتضب/ 4/ 238. 569 - فما كنت ضفّاطا ولكنّ راكبا … أناخ قليلا فوق ظهر سبيل البيت للأخضر بن هبيرة. والضفاط: بالطاء، التاجر الذي يحمل الطعام وغيره، والضفاط: الذي يكري من قرية إلى قرية أخرى. وقوله: ولكنّ راكبا، يروى: «طالبا»، والتقدير: ولكن طالبا منيخا أنا. وجاء البيت تعقيبا على رفع الاسم بعد «لكنّ» المشددة في قول الشاعر: (ولكنّ زنجيّ عظيم المشافر). قال: سيبويه: والنصب أجود. [كتاب سيبويه ج 1/ 282، واللسان «ضفط»، وشرح أبيات المغني ج 5/ 197]. 570 - لله درّ أنو شروان من رجل … ما كان أعرفه بالدّون والسّفل البيت غير منسوب. وأنو شروان: ملك الفرس، الذي ولد في زمنه النبي صلّى الله عليه وسلّم. وقوله: ما كان أعرفه: كان: زائدة بين «ما» وفعل التعجب. والدون: بمعنى الرديء. والسّفل: بكسر السين وفتح الفاء، جمع سفلة، بكسر الأول وسكون الثاني، وسفل الناس: أسافلهم وغوغاؤهم، والبيت شاهد على أن قوله: (من رجل)، تمييز عن النسبة الحاصلة بالإضافة. [الخزانة ج 3/ 285]. قلت: والشاعر كاذب فيما وصف، ففي العرب من هو أحكم منه وأكثر فطنة، ولعلّ الشاعر ممن يفضل العجم على العرب. 571 - أبيتم قبول السّلم منا فكدتم … لدى الحرب أن تغنوا السيوف عن السّلّ

572 - سيوشك أن تنيخ إلى كريم … ينالك بالندى قبل السؤال

البيت غير منسوب. وقوله: أن تغنوا، يريد: عرضنا عليكم الصلح، فأبيتم، فلما التقينا، جنبتم حتى كدتم تغنونا عن سلّ السيوف. والشاهد: «أن تغنوا»، خبر «كاد»، جاء مقرونا ب «أن»، وهم يزعمون أن هذا قليل، ولا يكون في سعة الكلام. وليس كما زعموا. [الأشموني ج 1/ 261، وفيه حاشية العيني]. 572 - سيوشك أن تنيخ إلى كريم … ينالك بالندى قبل السؤال البيت منسوب لكثير عزّة. قال السيوطي: يسند «أوشك»، و «عسى»، و «اخلولق» إلى (أن يفعل) فيغني عن الخبر، ويكون (أن والفعل) سادة مسدّ الجزئين. وقيل: بل هي تامة مكتفية بالمرفوع. [الهمع ج 1/ 131]. 573 - فأخذت أسأل والرسوم تجيبني … إلّا اعتبار إجابة وسؤال البيت بلا نسبة في الهمع ج 1/ 128. وأنشده شاهدا لأحد أفعال الشروع (أخذ)، وهو من الأفعال الناسخة، ف «التاء»: اسمه، وأسأل: المضارع خبره. 574 - فلو متّ في يوم ولم آت عجزة … يضعّفني فيها امرؤ غير عاقل لأكرم بها من ميتة إن لقيتها … أطاعن فيها كلّ خرق منازل البيتان لعبد الله بن الحرّ، وهما في الهمع. ذكرهما شاهدا لمجيء جواب «لو» فعل تعجب مقرون ب «اللام»، وهو قوله: «لأكرم بها». [الهمع ج 2/ 66]. 575 - وما لكم والفرط لا تقربونه … وقد خلته أدنى مردّ لعاقل البيت لعبد مناف بن ربع الهذلي. والفرط: طريق بتهامة. يقول: قد عجزتم أن تقربوا هذا المكان، ولو قربتموه، لمنعتكم منه وقتلتكم. وخلته: علمته. والعاقل: المتحصن في المعقل، يعني أن هذا المكان يردّ عن المتحصن فيه أعداءه. والشاهد: نصب «الفرط» بتقدير: وملابستكم. [سيبويه/ 1/ 308 هارون]. 576 - فرشني بخير لا أكونن ومدحتي … كناحت - يوما - صخرة بعسيل

577 - ندمت على ما فاتني يوم بنتم … فيا حسرتا أن لا يرين عويلي

وقوله: فرشني، أي: أصلح حالي بخير، على التشبيه من رشت السهم، إذا ألزقت عليه الريش، وربما تكون من راش الطير، نبت ريشه. وقوله: «ومدحتي»، الواو: بمعنى مع. والعسيل: مكنسة العطار التي يجمع بها العطر، وهو كناية عن كون سعيه فيها لا فائدة فيه، مع حصول الكدّ والتعب. والشاهد: «كناحت صخرة»، ناحت: مضاف، وصخرة: مضاف إليه، فصل بينهما بالظرف «يوما». وأجازه الأشموني إذا كان المضاف وصفا (مشتقا) والمضاف إليه «مفعوله»، والفاصل (ظرفه). [الأشموني ج 2/ 277، والهمع ج 2/ 52، واللسان «عسل»]. 577 - ندمت على ما فاتني يوم بنتم … فيا حسرتا أن لا يرين عويلي البيت لكثيّر عزّة في العيني 3/ 403. 578 - علين بكديون وأبطنّ كرّة … فهنّ إضاء صافيات الغلائل البيت للنابغة يصف دروعا. جليت بالكديون: والكديون: تراب دقيق مخلوط بالزيت تجلى به الدروع. والكرّة: البعر العفن تجلى به الدروع. وإضاء: يعني: وضاء لامعات، جمع أضاءة، بفتح الهمزة، وهو جمع نادر، وقياس جمعه أن يجمع كجمع السلامة لمؤنث. [شرح المفصل ج 5/ 22، واللسان «كدن، وكرر»]. 579 - أما تنفكّ تركبني بلومى … لهجت بها كما لهج الفصيل البيت لأبي الغول الطهوي. والشاهد: «لومى» على وزن فعلى، فهو مصدر بمعنى «اللوم»، ولذلك أنثه، فعاد الضمير عليه مؤنثا بقوله: بها. [شرح المفصل ج 5/ 109]. 580 - وجدنا نهشلا فضلت فقيما … كفضل ابن المخاض على الفصيل البيت للفرزدق، وهو في كتاب سيبويه ج 1/ 266، وشرح المفصل ج 1/ 35. والمخاض: اسم للنوق الحوامل؛ وبنت المخاض، وابن المخاض: ما دخل في السنة الثانية؛ لأن أمه لحقت بالمخاض، أي: الحوامل، وإن لم تكن حاملا. 581 - ألا إنّما المستوجبون تفضّلا … بدارا إلى نيل التقدّم في الفصل

582 - أصبح الدهر وقد ألوى بهم … غير تقوالك من قيل وقال

البيت بلا نسبة، وهو في الهمع ج 1/ 192. وأنشده السيوطي في المواضع التي يحذف فيها عامل المصدر، ومنها أسلوب الحصر، كما في البيت، والتقدير: يبادرون بدارا، والمصدر هنا نائب عن خبر. 582 - أصبح الدهر وقد ألوى بهم … غير تقوالك من قيل وقال البيت لابن مقبل في كتاب سيبويه ج 2/ 35، واللسان «لوي». قال النحاس: جعل «قال، وقيل»، وهما فعلان، اسمين فجرّهما. وألوى بهم الدهر: أهلكهم. 583 - جزيتك ضعف الودّ لمّا استثبته … وما إن جزاك الضّعف من أحد قبلي البيت لأبي ذؤيب الهذلي. واستثبته: طلبت ثوابه، والثواب: الجزاء، وما إن: إن: زائدة لا عمل لها. من أحد: فاعل، و «من»: زائدة للاستغراق. [شرح أبيات المغني ج 5/ 128، واللسان «ضعف»، والعيني 1/ 455]. 584 - لقد ظفر الزّوّار أقفية العدا … بما جاوز الآمال مل أسر والقتل البيت غير منسوب. والزوّار: جمع زائر، وفيه الشاهد، حيث أضيف - وهو بالألف واللام - إلى «أقفية»، التي هي جمع «قفا»، التي هي مضافة إلى «العدا»، بالألف واللام، جمع عدو. كما في الضارب رأس الجاني؛ لكون الإضافة لفظية. وتحرير القضية: أن المضاف يخلو من «أل»، ويجوز تحليته ب «أل» إذا كان مشتقا، وكان المضاف إليه محلى ب «أل»، مثل: جاء فلان الجعد الشعر، أو كان مضافا إلى نكرة، مضافة إلى المعرفة، كما في البيت. وقوله: «مل أسر»، أصله من الأسر على لغة أهل اليمن. [الأشموني ج 2/ 245]. 585 - نظرت إليها والنجوم كأنّها … مصابيح رهبان تشبّ لقفّال البيت لامرئ القيس. والضمير في «إليها»، راجع إلى النار المفهوم من: «تنورتها» في البيت السابق، وهو قوله: تنورتها من أذرعات وأهلها … بيثرب أدنى دارها نظر عال وجملة «والنجوم ... الخ»: حال من الفاعل. وجملة «تشبّ»: حال من ضمير النار؛

586 - كلما نادى مناد منهم … يا لتيم الله قلنا يا لمال

ذلك أن أحياء العرب بالبادية إذا قفلت إلى مواضعها التي تأوي إليها، من مصيف إلى مشتى إلى مربع، أوقدت لها نيران، على قدر كثرة منازلها وقلتها؛ ليهتدوا بها. فشبه النجوم ومواقعها من السماء، بتفرق تلك النيران واجتماعها من مكان بعد مكان على حسب منازل القفّال، بالنيران الموقدة لهم. والشاعر كذّاب؛ لأنه يزعم أنه رأى نارها - نار المرأة - من أذرعات، ومنزلها في يثرب، وأذرعات يظنّ أنها (درعا) اليوم في الحدود بين ديار الأردن، وديار سورية، ويترب - أظنها بالتاء - وهي في ديار كندة بحضرموت، وليست يثرب المدينة النبوية، كما كانت تسمى في الجاهلية. [الخزانة ج 1/ 68، والهمع ج 1/ 246]. وأنشده السيوطي شاهدا على أن جملة الحال، جملة ابتدائية (والنجوم ... الخ). 586 - كلّما نادى مناد منهم … يا لتيم الله قلنا يا لمال قاله مرّة بن الروّاع الأسدي. وكلّما: نصب على الظرف، وناصبه جوابه وهو: (قلنا). ولتيم الله: منادى مستغاث به. والشاهد في: «يا لمال»، إذ أصله: يا لمالك، فرخم المستغاث به، وفيه «اللام»، وهو ضرورة، أو شاذ، فمن شروط الترخيم أن لا يكون مستغاثا فيه «اللام». [الأشموني ج 3/ 176]. 587 - المنّ للذمّ داع بالعطاء فلا … تمنن فتلقى بلا حمد ولا مال البيت بلا نسبة في [الأشموني ج 2/ 292]. وقال: ليست الباء الجارة ل «العطاء» متعلقة ب «المنّ»؛ ليكون التقدير: المنّ بالعطاء داع للذم، وإن كان المعنى عليه، لفساد الإعراب؛ لأنه يستلزم محذورين، هما: الفصل بين المصدر ومتعلقه بأجنبي، والإخبار عن موصول قبل تمام صلته. قال: والمخلص من ذلك: تعلّق «الباء» بمحذوف، كأنه قيل: المنّ للذم داع المنّ بالعطاء، ف «المن» الثاني بدل من «المن» الأول، فحذف وأبقى ما يتعلق به دليلا عليه. وقد سدّد الأشموني، ولم يصب الهدف؛ لأنه أراد أن يخضع النصوص والمعاني للإعراب، وكأنهما شيئان منفصلان؛ لأنه قال: المعنى صحيح، ولكنه فاسد الإعراب، ثم إنه أراد أن يخضع الكلام لقواعد وضعها هو، وأخيرا فإن البيت الذي أتعب نفسه بتأويله

588 - قعدت له وصحبتي بين ضارج … وبين العذيب بعد ما متأملي

مصنوع، ولا يستحق منه هذا الجهد، وخير من هذا أن نقول لصاحب النظم: أخطأت؛ لأنك عقدت المعنى، ولم توضحه. وتركيب الشطر الأول هكذا: المنّ بالعطاء داع للذم فلا تمنن، فالمنّ: مبتدأ، بالعطاء: متعلق به، داع: خبره، وللذم: متعلق بداع. ونص الشاعر المصنوع أوضح من تأويل الأشموني. 588 - قعدت له وصحبتي بين ضارج … وبين العذيب بعد ما متأمّلي البيت لامرئ القيس. وقوله: قعدت له: يعود الضمير على البرق في بيت سابق، يقول في أوله: (أصاح ترى برقا أريك وميضه) شبهه بتحرّك اليدين، وبمصابيح راهب. وصحبة بالضم: اسم جمع صاحب. وضارج والعذيب: مكانان، أي: قعدت لذلك البرق أنظر من أين يجيء بالمطر، أو قعدت للنظر إلى السحاب وأصحابي بين هذين الموضعين، وكنت معهم، فبعد متأمّلي، وهو المنظور إليه، أي: بعد السحاب الذي كنت أنظر إليه وأرقب مطره. وبعد: بفتح الباء وضمها، وسكون العين، فعل ماض، و «ما»: زائدة، وقيل: ما، موصولة، وتقديره: بعد ما هو متأمّلي، فحذف المبتدأ، وتقديره على هذا: بعد السحاب الذي هو متأملي. والشاهد: أن «بعد» في البيت للمدح والتعجب، وأصله: «بعد»، ثم ألحق بفعل المدح، ويجوز في بائه الفتح والضم. كما يجوز في كل فعل المراد به المدح أو التعجب. واشترط ابن مالك في نقل حركة «العين» إلى «الفاء» بكون الفاء حرفا حلقيا مثل: حبّ وحسن، و «ما» بعد (بعد): إما زائدة، ومتأملي: فاعل، والمخصوص بالمدح محذوف، وإما اسم نكرة منصوبة المحل على التمييز للضمير المستتر في (بعد)، ومتأملي مخصوص بالمدح والتعجب، فتكون «ما» كما في قوله تعالى: فَنِعِمَّا هِيَ [البقرة: 271]. [الخزانة ج 9/ 224]. 589 - كلّ أمر مباعد أو مدان … فمنوط بحكمة المتعالي البيت في [الهمع ج 1/ 110]. وأنشده السيوطي شاهدا لدخول «الفاء» في خبر المبتدأ (كلّ)، غير مضافة إلى الموصول. 590 - هؤلا ثمّ هاؤلائك … أعطيت نعالا محذوّة بنعال البيت للأعشى، من قصيدته التي مطلعها (ما بكاء الكبير ... وما تردّ سؤالي)، ومضت أبيات منها، ومناسبتها.

591 - عدو عينيك وشانيهما … أصبح مشغول بمشغول

والشاهد في قوله: «هؤلا»، حيث حذف الهمزة التي في آخره، فأما «الألف» التي بعد «هاء» التنبيه، فتحتمل أن تكون محذوفة، فيكون فيه شاهدان، وتحتمل أن تكون باقية، وقد أنشده ابن يعيش على أن «هؤلاء» اسم إشارة، ولكن البغدادي في شرح أبيات مغني اللبيب قال: إنّ «ألى» في بيت الأعشى، هي المبهمة، وروي البيت كالتالي: هاؤلى ثم هاؤلى كلّا أعطيت … نعالا، محذوّة بنعال وفي الديوان (محذوة بمثال). [شرح أبيات مغني اللبيب ج 2/ 195، وشرح المفصل ج 3/ 137]. 591 - عدوّ عينيك وشانيهما … أصبح مشغول بمشغول البيت بلا نسبة في [الأشموني ج 1/ 241، والهمع ج 1/ 120]. وقوله: وشانيهما، أي: مبغضهما. وقوله: مشغول بمشغول: دعاء عليه بعشق شخص مشغول عنه بعشق غيره، أو المراد مشغول بمشغول به؛ لأن المحب لا يرضى الشركة في حبيبه. وأنشدوا البيت شاهدا لزيادة «أصبح» في البيت، قال: وأجاز أبو علي زيادة أصبح في قوله: (البيت). 592 - قومي اللّذو بعكاظ طيّروا شررا … من روس قومك ضربا بالمصاقيل البيت لأمية بن الأسكر الكناني. واللذو: اللذون. وعكاظ: السوق الجاهلية المعروفة، قالوا: واتخذت سوقا بعد الفيل بخمس عشرة سنة، وبقيت حتى سنة 129 هـ. وكانت تقوم صبح هلال ذي القعدة، ومكانها في نواحي الطائف. وروس: رؤوس، بحذف الهمزة. وضربا: إما منصوب بنزع الخافض، أي: بضرب، وإما منصوب بعامل محذوف حال من «الواو» في «طيروا»، أي: يضربون ضربا، أو ضاربين ضربا. والمصاقيل: جمع مصقول، من الصّقل، وهو جلاء الحديد وتحديده؛ لجعله قاطعا، أراد كل آلة حديد من السلاح. والبيت شاهد لحذف «النون» من «اللذون». وأمية بن الأسكر، مخضرم، صحابي، أسلم وابنه كلاب. ولهما مع عمر بن الخطاب قصّة محزنة، انظرها في الإصابة. [الخزانة ج 6/ 14].

593 - فرأيتنا ما بيننا من حاجز … إلا المجن ونصل أبيض مصقل

593 - فرأيتنا ما بيننا من حاجز … إلا المجنّ ونصل أبيض مصقل البيت لعنترة بن شداد. قال السيوطي: والجملة الواقعة حالا، إما ابتدائية، أو مصدرة ب «لا» التبرئة (النافية)، أو ب «ما»، وأنشد شطر البيت، فتكون جملة (ما بيننا من حاجز)، هي الجملة الحالية. بيننا: خبر مقدم. من حاجز: من: زائدة، وحاجز: مبتدأ. [الهمع ج 1/ 246]. 594 - فإن يك يومي قد دنا وأخاله … كواردة يوما إلى ظمء منهل فقبلي مات الخالدان كلاهما … عميد بني جحوان وابن المضلّل البيتان للأسود بن يعفر الشاعر الجاهلي. يقول: إن كان قد دنا يومي، فلست بأول الموتى، قد مات قبلي الخالدان، وكانا سيدين، وأظنّ أنه قد قرب، وبقي منه كما بقي من مسير الإبل إلى الماء للشرب. والشاهد: «الخالدان»، والمراد: خالد بن قيس من بني جحوان، وخالد بن قيس بن نضلة. ووجه الشاهد: أنه لما ثنى «الخالدان» نكّرا، وإذا أريد تعريفهما، عرفهما بالألف واللام، وصار تعريفهما بعد التثنية تعريف عهد، بعد أن كان تعريف علمية. [شرح المفصل ج 1/ 47، واللسان «خلد»]. 595 - إن يمس نشوان بمصروفة … منها بريّ وعلى مرجل لا تقه الموت وقيّاته … خطّ له ذلك في المحبل البيتان للمتنخّل الهذلي. ونشوان: سكران. والمصروفة، أي: بخمر صرف. وعلى مرجل، أي: على لحم في قدر. يقول: وإن كان هذا دائما، فليس يقيه الموت. خطّ له ذلك في المحبل، أي: كتب له الموت حين حبلت به أمه. والمحبل بكسر الباء: موضع الحبل من الرحم والمحبل بفتح الباء: أوان الحبل، ويروى: (في المهبل). وقوله: وقيّاته: ما توقى به من ماله. [اللسان «حبل، وقى»]. 596 - وشوهاء تعدو بي إلى صارخ الوغى … بمستلئم مثل الفتيق المرحّل البيت بلا نسبة في العيني 4/ 195، وشواهد التوضيح 208. 597 - إذا فاقد خطباء فرخين رجّعت … ذكرت سليمى في الخليط المزايل

598 - وإن حديثا منك لو تعلمينه … جنى النحل في ألبان عوذ مطافل

البيت قاله بشر بن أبي خازم. والفاقد: المرأة التي تفقد ولديها. وخطباء: صفة، أي: بيّنة الخطب، وهو الأمر العظيم. وفرخين: أراد: ولدين. ورجّعت: من الترجيع، وهو أن يقول عند المصيبة، إنا لله وإنا إليه راجعون. والخليط: المخالط. والمزايل: المباين. هكذا نقلته من شرح الشواهد للعيني على حاشية الأشموني، وأرى أنه لم يصب المعنى. ف «الفاقد» هنا ليست امرأة، وإنما هي طير. قال ابن منظور: وظبية فاقد، وبقرة فاقد، شبع ولدها، وكذلك حمامة فاقد (وأنشد البيت). ولكن قافيته (المباين). والخطباء: من الخطبة، وهو لون يضرب إلى الكدرة مشرب حمرة في صفرة، كلون الحنظلة الخطباء قبل أن تيبس. ورجّعت هنا: من رجّع الحمام في غنائه. ثم إنّ المرأة لا تفقد فرخين، وإنما تفقد فرخا واحدا؛ لأن الفرخ يستعار للطفل الصغير، كما قال الحطيئة: (ماذا اقول لأفراخ بذي مرخ). أما الطير، فإنها تفقد فرخين، إذا كان معنى الفاقد، التي فقدت ولدها؛ لأنها تفرخ بيضتين، ومن العادة، أن أصوات الطيور هي التي تذكر الأحبة بأحبابهم. وفي تفسير رجّعت خطأ فادح؛ حيث قال: إن معناها أن تقول: (إنا لله ... الخ)، فهذه العبارة إسلامية، والشاعر بشر المنسوب إليه البيت جاهلي قديم. ومن العجيب أن الصبّان وافق العيني على ما قال، ونقل كلامه. وقوله: فاقد: مرفوع بفعل مقدر يفسره الموجود. وخطباء: صفة اسم الفاعل. و (فرخين): مفعول (فاقد) عند الكسائي؛ حيث يرى أن اسم الفاعل الموصوف يجوز إعماله. أما سيبويه ومن والاه، فيرون أن اسم الفاعل إذا وصف، قرب من الاسم، وفارق شبه الفعل، فلا يعمل. وأن «فرخين» منصوب بفعل مقدر تقديره: فقدت فرخين. قلت: لعل البيت مصنوع؛ لأنه بيت مفرد، يروى بقافية النون، وقافية اللام، ولم يجمعوا على نسبته إلى بشر. [الأشموني والعيني والصبان ج 2/ 294، واللسان «فقد»]. 598 - وإنّ حديثا منك لو تعلمينه … جنى النحل في ألبان عوذ مطافل البيت لأبي ذؤيب الهذلي. والعوذ: النوق، واحدتها عائذ، وهي التي تكون حديثة النتاج. والمطافل: جمع مطفل، وناقة مطفل، معها ابنها ونوق مطافل، ومطافيل. وقد

599 - رحلت إليك من جنفاء حتى … أنخت فناء بيتك بالمطالي

أجاد الشاعر وأبدع في هذا الوصف، عند ما شبه حديث الحبيبة بالعسل مخلوطا بلبن النوق، وهو غاية في العذوبة. وقد أنشد السيوطي شطره الأول، على أن الفصل بين المضاف والمضاف إليه ب «من»، لا يدلّ على أن الإضافة بمعنى «من»: لأن شرطها بمعنى «من»، إذا كان الأول بعض الثاني، وصح الإخبار به عنه، كثوب خزّ، وخاتم فضة. قال: وقد فصل بها ما ليس بجزء منها، قال: (وأنشد شطر البيت). ونقل هذا عن ابن مالك. ولكن كيف لا يكون حديثها منها، وإن جمال الحديث الذي حدثنا عنه، لا ينفصل عن الحبيبة، صحيح أنه ليس جزءا بمعنى العضو، أو الجزئية المادية، ولكنه لا ينفك عنها، فالكلام بعامة من صفات الإنسان، فكيف إذا كان الحديث حديث حبيب، فإنه لا يخرج إلا ومعه شذرات من القلب. [الهمع ج 2/ 46، واللسان «بكر، وطفل»، والخصائص ج 1/ 219]. 599 - رحلت إليك من جنفاء حتّى … أنخت فناء بيتك بالمطالي البيت لزياد بن سيّار الفزاري، أو (زيّان)، جاء في اللسان بروايتين. وفي المفضليات (زبّان) بالباء، وهو الأصح. وجنفا: بفتحات ثلاث متوالية، ماء لبني فزارة في نواحي خيبر. والمطالي: جمع مطلاء، وهي ما انخفض من الأرض، أو واحدتها مطلى، وهي روضات. وقوله: أنخت فناء بيتك، والتقدير: أنخت في فناء بيتك. والشاهد: «جنفاء»، وندرة هذا الوزن. [اللسان «طلي وجنف»، وكتاب سيبويه ج 2/ 322]. 600 - تصدّ وتبدي عن أسيل وتتّقي … بناظرة من وحش وجرة مطفل البيت لامرئ القيس من معلقته. والصدّ: الإعراض، والأسيل: الخدّ المستوي. والأسالة: امتداد وطول في الخدّ. ويروى: عن شتيت. أي: عن ثغر مفلج يريد: تظهر أسنانها بالتبسم بعد أن تعرض عنا استحياء. والاتقاء: الحجز بين الشيئين. والناظرة: أراد: بعين بقرة ناظرة، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه، ثم حذفه وأقام صفته

601 - حبذا الصبر شيمة لامرئ را … م مباراة مولع بالمعالي

مقامه. ووجرة: مأوى للوحش. ومطفل: ذات طفل. وخصّ المطفل؛ لأنها تحنو على ولدها، فتكثر التلفت. أراد: أنها حذرة من الرقباء، فهي متشوفة مثل هذه البقرة. وأوردوا البيت على أن «تبدي» ضمّن معنى «تكشف» في تعديته إلى المفعول الثاني ب «عن»، وأما الأول، فهو محذوف، باعتبار أن «تبدي» متعد بنفسه إلى مفعول واحد، فلولا التضمين، لكانت «عن»، إما زائدة بالنسبة إلى تبدي، وإما بمعنى «الباء» بالنسبة إلى تصد، فإنه يقال: صدّ عنه بكذا. والأجدر أن يكون «أبدى» لازما يتعدى ب «عن»، تقول: أبديت عن الشيء. وحينئذ فلا تضمين. [الخزانة ج 10/ 125]. 601 - حبذا الصبر شيمة لامرئ را … م مباراة مولع بالمعالي البيت غير منسوب. وأنشده السيوطي في باب (حبذا)، وكونه يأتي بعد مخصوصها نكرة منصوبة مطابقة للمخصوص، فيقال: حبذا زيد رجلا، وحبذا الزيدان رجلين. وفي البيت: الصبر: مخصوص بالمدح، وشيمة: تمييز. [الهمع ج 2/ 89]. 602 - بئستم وخلتم أنّه ليس ناصر … فبوّئتم من نصرنا خير معقل البيت غير منسوب. وأنشده السيوطي شاهدا لحذف خبر «ليس»، إذا كان اسمها نكرة، نقلا عن ابن مالك، أنه منع حذف خبر الأفعال الناسخة، إلا «ليس»، إذا كان اسمها نكرة تشبيها ب «لا». [الهمع ج 1/ 116]. 603 - فمثلك بكرا ... … ... ذي تمائم مغيل البيت لامرئ القيس، رواية أخرى بقافية (مغيل). 604 - مطافيل أبكار حديث نتاجها … يشاب بماء مثل ماء المفاصل البيت لأبي ذؤيب الهذلي، وهو يتبع بيتا سابقا: وإنّ حديثا منك لو تبذلينه … جنى النحل في ألبان عوذ مطافيل وقوله: مطافيل: لغة في مطافل، وهي جمع مطفل، الناقة التي معها طفلها. ومطافيل: بدل من عوذ في البيت السابق مجرور بالفتحة؛ لأنه ممنوع من الصرف على صيغة منتهى الجموع.

605 - أتت ذكر عودن أحشاء قلبه … خفوقا ورفضات الهوى في المفصال

والأبكار: التي وضعت بطنا واحدا؛ لأن ذلك أول نتاجها، ولبنها أطيب وأشهى؛ ولذلك خصه وجعله مزاجا للعسل. ويشاب: في البيت السابق، أي: مشوبة بماء متناه في الصفاء. والمفاصل: مفاصل الجبل؛ حيث يقطر الماء، وذلك أصفى من مياه المناقع والعيون. [الخزانة ج 5/ 490]. 605 - أتت ذكر عوّدن أحشاء قلبه … خفوقا ورفضات الهوى في المفصال البيت لذي الرّمة، وقبل البيت: إذا قلت ودّع وصل خرقاء واجتنب … زيارتها تخلق حبال الوسائل وقوله: أتت: وفي رواية (أبت)، وهو جواب «إذا» في البيت السابق وذكر: جمع ذكر، اسم لذكرته بلساني وقلبي. والنون من «عوّدن» ضمير الذكر. وخفوقا: مفعول ثان ل «عود»، وهو مصدر خفق. ورفضات: معطوف على (ذكر)، ورفضات الهوى: تفرقه في المفاصل. والشاهد: على أن «رفضات»، كان يستحق فتح «الفاء»، فسكن للضرورة؛ لأن رفضات جمع رفضة، «وفعلة» إذا كان اسما لا صفة ك «صعبه»، يجب فتح فائها إذا جمعت بالألف والتاء، ورفضة هنا اسم؛ لأنه مصدر محض ليس فيه من معنى الوصفية شيء. [الخزانة ج 8/ 87، وشرح المفصل ج 5/ 28]. 606 - أبت أجأ أن تسلم العام جارها … فمن شاء فلينهض لها من مقاتل البيت لامرئ القيس في معجم البلدان (أجأ)، ومعجم ما استعجم، وشرح شواهد الشافية ص 38. 607 - أصاح ترى برقا أريك وميضه … كلمع اليدين في حبيّ مكلّل البيت لامرئ القيس. وقوله: أصاح، الهمزة: لنداء القريب، وصاح: مرخم صاحب. وترى: أصله أترى؛ فحذف همزة الاستفهام. والوميض: اللمعان. والّلمع: التحرك والتحريك، جميعا. والحبيّ: السحاب المتراكم، سمي به؛ لأنه حبا بعض إلى بعض، أي: تراكم وجعله مكلّلا؛ لأنه صار كالإكليل لأسفله. يقول: يا صاحبي هل ترى برقا أريك لمعانه في سحاب متراكم صار أعلاه كالإكليل لأسفله، أو في سحاب متبسم بالبرق، يشبه برقه تحريك اليدين. وتقدير البيت: أريك ومضه في حبيّ مكلل كلمع

608 - إما تري رأسي تغير لونه … شمطا فأصبح كالثغام الممحل

اليدين. شبه لمعان البرق وتحريكه بتحرك اليدين. وقوله: في حبيّ، متعلق ب «وميضه». وفي البيت شاهدان: الأول: أصاح؛ فالكلمة مؤلفة من حرف النداء، ومنادى مضاف لياء المتكلم، وقد رخمه الشاعر بحذف ياء المتكلم، وحذف حرف من أصل الكلمة وأصله. صاحبي. وهذا الترخيم شاذ، ولا يكون مثله عند البصريين إلا في ضرورة الشعر؛ لأنهم لا يجيزون ترخيم الاسم المضاف. قلت: أما ترخيم صاحبي، فلا شذوذ فيه، لأنه كثر في كلامهم، والشواهد عليه كثيرة، وكأنه ثبت عند الشعراء أنه قائم على ثلاث حروف «صاح»، ويرخمونه أيضا في النثر. الثاني: روى سيبويه البيت (أحار ترى برقا) أراد يا حارث، فرخم بحذف الثاء، وهو عند سيبويه قليل بالنسبة لترك الترخيم. ولكنه قال: قد كثر عندهم ترخيم حارث، ومالك وعامر، لكثرة استعمالها في الشعر، والأصل في الترخيم حذف ما آخره تاء في النداء، ثم توسعوا. [الإنصاف ص 684، والخزانة ج 9/ 425، وكتاب سيبويه ج 1/ 335]. 608 - إمّا تري رأسي تغيّر لونه … شمطا فأصبح كالثّغام الممحل البيت لحسان بن ثابت. والثغام: نبات، واحدته ثغامة، وإذا جفت ابيضت كلها، وهو مرعى تعلفه الخيل، وإذا أمحل الثغام كان أشدّ ما يكون بياضا، ويشبه به الشيب. والشاهد: إمّا تري، إما شرطية. قالوا: تلزم نون التوكيد الفعل التالي إمّا الشرطية، ولم يقع في القرآن إلا مؤكدا بالنون، وتحذف في الشعر ضرورة. ومنها هذا البيت (وتري) فعل الشرط مجزوم، وعلامة جزمه حذف النون، لأنه يخاطب امرأة. [الهمع ج 2/ 78، والخزانة ج 11/ 234]. 609 - وما كنت ذا نيرب فيهم … ولا منمش فيهم منمل هذا البيت غير معزوّ إلى قائله ... والنّيرب: بفتح النون وسكون الياء: هي النميمة ورجل ذو نيرب: ذو نميمة، والهاء: في (فيهم) راجعة إلى العشيرة. والمنمش: اسم فاعل من أنمش: وهو المفسد ذات البين، ومنمل: اسم فاعل من أنمل الرجل إذا نمّ، ورجل نمل ونامل.

610 - فظلوا ومنهم سابق دمعه له … وآخر يثني دمعة العين بالمهل

وروي البيت بالجرّ: على أنه عطف منمش بالجرّ على ذا نيرب المنصوب، وهو خبر كنت، على توهم زيادة الباء في خبرها المنفي، فإنها تزاد فيه بقلة كقول الشنفرى: إذا مدّت الأيدي إلى الزاد لم أكن … بأعجلهم إذ أجشع القوم أعجل ولكنّ للبيت أخا قافيته مرفوعة وهو: ولكننّي رائب صدعهم … رموء لما بينهم مسمل فيخرج إما على الإقواء، وهو التخالف بالجر والرفع في القافية، وإما أن يرفع (منمل) على أنه صفة مقطوعة، لأن النكرة (نيرب) وصفت بغيره. [الهمع ج 2/ 142، واللسان نمش، وفي (نمس) جاء (ولا منمسا بينهم أنمل)، وشرح أبيات المغني ج 7/ 50]. 610 - فظلّوا ومنهم سابق دمعه له … وآخر يثني دمعة العين بالمهل البيت غير منسوب إلى قائله، وهو في حاشية الصبّان على [الأشموني ج 1/ 246، والهمع ج 1/ 116]، وأنشدوه شاهدا لاقتران الجملة المخبر بها عن الأفعال الناقصة بالواو تشبيها لها بالجملة الحالية ... وهذا مذهب الأخفش دون غيره ... قالوا: ويحتمل أن ظلّ تامة والجملة بعدها حالية. 611 - وليس بذي رمح فيطعنني به … وليس بذي سيف وليس بنبّال البيت لامرئ القيس ... وهو شاهد على أنّ (نبّال) هنا للنسبة، أي: ليس بذي نبل، وليس صيغة مبالغة، وهو مثال بغّال، وحمّار، أي: هو ذو بغال وحمير، ومثلها: سيّاف، ولبّان وتمّار، وقبل البيت: أيقتلني والمشرفيّ مضاجعي … ومسنونة زرق كأنياب أغوال وزعموا أنه يحكي في هذه القصيدة قصته مع بنت ملك الروم وأنها عشقت امرأ القيس، وراسلها وصار إليها وقال فيها: حلفت لها بالله حلفة فاجر … لناموا فما إن من حديث ولا صال وهذا كذب يسخرون به من عقولنا. فكيف راسلها، وبأي لغة كتب لها.

612 - إني بحبلك واصل حبلي … وبريش نبلك رائش نبلي

وقوله: حلفت لها، بأي لغة حلف ... وهو يحلف لها أنّ أهلها ناموا ... وهي أعرف بالمكان منه. الحقّ أن القصة موضوعة، وإن كان قالها، فهي من أوهامه وقت سكره ... ثم إن زيارته لملك الروم لم تثبت، وإذا ثبتت فيجب لعنه كلما ذكرناها كما لعنوا أبا رغال الذي دلّ أبرهة على البيت العتيق. [شرح أبيات مغني اللبيب ج 2/ 395، وشرح المفصل ج 6/ 14، والصبان 4/ 200، وسيبويه ج 2/ 91]. 612 - إني بحبلك واصل حبلي … وبريش نبلك رائش نبلي البيت لامرئ القيس، ونسب أيضا إلى النمر بن تولب، وهو في كتاب [سيبويه ج 1/ 83، والنحاس، ص 106]. قال: هذا حجة لقولك (هذا ضارب زيدا غدا) لأن اسم الفاعل إذا كان في الحال ولم يكن «فعل» فالأصل فيه أن ينون، فمن أجل ذلك نوّن (واصل). 613 - طوى الجديدان ما قد كنت أنشره … وأنكرتني ذوات الأعين النّجل البيت لأبي سعيد المخزومي ... والجديدان: الليل والنهار، والنجل: جمع نجلاء من النجل وهو سعة شقّ العين. والشاهد: تحريك الجيم للضرورة في (النجل) والقياس تسكينها. [الأشموني ج 4/ 128، والهمع ج 2/ 175، وأمالي القالي ج 1/ 259]. 614 - وإذا الحرب شمّرت لم تكن، كي … حين تدعو الكماة فيها نزال البيت منسوب لبشّار بن برد، ولم يثبت. وقوله: كي: مكونة من الكاف، وياء المتكلم على معنى لم تكن أنت مثلي ... قالوا: ولا يستعمل هذا إلا في ضرورة. وهذا باطل: لا يصحّ في ضرورة ولا غير ضرورة، لأنه يشبه اللغة الباكستانية، فالكاف لا تدخل على ضمير المتكلم والمخاطب، ونسبوا إلى الحسن البصري الفصيح أنه قال: أنت كك وأنت كي، وهذا باطل فالحسن البصري كان من أفصح الناس، وهو ينتقي كلماته لتدخل إلى قلوب الناس. [الأشموني ج 2/ 209، والهمع ج 2/ 31، والخزانة ج 10/ 197].

615 - وقد علمت سلامة أن سيفي … كريه كلما دعيت نزال

615 - وقد علمت سلامة أنّ سيفي … كريه كلّما دعيت نزال البيت لزيد الخير (الخيل) ... ونزال: أصله اسم فعل أمر مبني على الكسر بمعنى انزل، ولكنه في هذا البيت أريد لفظه، فإعرابه نائب فاعل للفعل دعيت، ولفظه مؤنث ولذلك أنّث الفعل قبله ... قلت: وقد يكون تأنيث الفعل (دعيت) على معنى قيلت كلمة نزال. [الخزانة ج 6/ 317، واللسان (نزل)]. 616 - ردوا فو الله لا ذدناكم أبدا … ما دام في مائنا ورد لنزّال البيت غير منسوب، وهو في الهمع ج 2/ 41، قال السيوطي، ويتلقى في جواب القسم، في النفي بما، ولا، سواء كانت الجملة اسمية أم فعلية. وسواء أكان الفعل مضارعا أم ماضيا. وقوله: (لا ذدناكم) جواب القسم، وهو مكوّن من لا النافية والفعل الماضي. 617 - فلما رأونا باديا ركباتنا … على موطن لا تخلط الجدّ بالهزل البيت غير منسوب. والشاهد: (ركباتنا) جمع ركبة. وما كان على وزن (فعلة) يجمع على «فعلات» إذا جمع جمع قلّة، بالألف والتاء. مثل غرفة وغرفات. ومن العرب من يفتح العين إذا جمعت بالتاء، فيقول: ركبات، وغرفات. هذا، وبدوّ الركبة كناية عن التأهب للحرب. على موطن، أي: في موطن من مواطن الحرب يجد من يحضره ولا يهزل. [سيبويه/ 3/ 579 وشرح المفصل/ 5/ 29]. 618 - رأت مرّ السنين أخذن منّي … كما أخذ السّرار من الهلال ... البيت لجرير، والسّرار: بكسر السين: الليلة التي يستسرّ فيها القمر، أو آخر ليلة من الشهر، وهو مشتق من قولهم: استسرّ القمر، أي: خفي ليلة السّرار، فربما كان ليلة وربما كان ليلتين. وأنشد السيوطي شطر البيت على أن بعض بني تميم وبني عامر يجعل الإعراب في النون ويلزم الياء في (سنين) وقال: أخذن: جعل الضمير للسنين وهو المضاف إليه. [الهمع/ ج 1/ 47، واللسان (خضع)]. 619 - أروح ولم أحدث لليلى زيارة … لبئس إذن راعي المودّة والوصل

620 - ألا هل لهذا الدهر من متعلل … عن الناس مهما شاء بالناس يفعل وهذا ردائي عنده يستعيره … ليسلبني عزي أمال بن حنظل

البيت منسوب لمجنون ليلى. قال المرزوقي: كأنّ من صحبه من أهله استعجلوه عن زيارة ليلى فيقول منكرا ومفظّعا: أروح من غير أن أقضي حقّها، لبئس راعي المودة أنا. حذف المذموم ببئس، لأن المراد مفهوم. وأورد السيوطي شطر البيت شاهدا للفصل بين بئس وفاعلها ب إذن. [الهمع ج 2/ 85، والمرزوقي 1318]. 620 - ألا هل لهذا الدّهر من متعلّل … عن الناس مهما شاء بالناس يفعل وهذا ردائي عنده يستعيره … ليسلبني عزّي أمال بن حنظل البيتان للشاعر الأسود بن يعفر. قال النحاس: يروى «أمال، وأمال» بالكسر والضم فمن كسر أراد أمالك، فرخم الكاف، وترك اللام على الكسر. ومن رواه (أمال) فإنه لما رخمه، جعل ما بقي اسما، فصار كقولك أزيد، وفيه حجة أخرى، أنه رخم حنظلة، وهو غير منادى، وإنما ترخم الاسم الذي تناديه، ولكنه رخم حنظلة لأنه اضطر. وأجراه بعد الترخيم مجرى اسم لم يرخم، فلذا جرّ بالإضافة. والمتعلل في البيت الأول: مصدر ميمي من التعلل، وهو اللهو والشغل، يقول: إن الدهر يلح على الناس بصروفه دائبا لا يشغله شيء عما يريد أن يفعله. وقوله: وهذا ردائي: كنى عن الشباب بالرداء لأنه أجمل الثياب، وجعل ما ذهب من شبابه حقا غصبه إياه وغلبه عليه. ثم نادى مالك بن حنظلة مستغيثا بهم لأنه منهم. [سيبويه/ 2/ 246، والنحاس/ 230]. 621 - ألا إنني شربت أسود حالكا … ألا بجلي من الشراب ألا بجل البيت لطرفة بن العبد. والأسود: أراد الماء، أو سقيت سمّ أسود. وربما كان المعنى الثاني هو الأقرب: لأن الأسودين: التمر والماء، فالتمر هو الأسود، وثني التمر والماء، للتغليب. وبجل: بمعنى حسب، وهي ساكنة أبدا. وبجلي بدون نون وقاية: حسبي. [اللسان سود - وشرح أبيات المغني ج 2/ 398، والجنى الداني/ 420]. 622 - وتداعى منخراه بدم … مثل ما أثمر حمّاض الجبل البيت غير منسوب لقائله. والحمّاض: بقلة بريّة تنبت أيام الربيع في مسايل الماء ولها ثمرة حمراء ...

623 - وسميت كعبا بشر العظام … وكان أبوك يسمى الجعل

والشاهد: أن مثل، مبني لإضافته إلى غير متمكن (مبني) و «ما» مصدرية وهي مع ما بعدها في تأويل مصدر، مضاف إليه. والمبني هنا الحرف المصدري وصلته، أما الاسم الذي يؤول إليه فهو معرب. [شرح المفصل ج 8/ 135، واللسان حمض]. 623 - وسمّيت كعبا بشرّ العظام … وكان أبوك يسمّى الجعل البيت للأخطل، أو لغيره في هجاء كعب بن جعيل: والجعل: الدويّبة التي تكوّر القاذورات وتدحرجها إلى وكرها. ويسمونه في بعض بلاد العرب (الجعران). [الخزانة ج 1/ 460، وج 3/ 50]. 624 - لقتل بني أسد ربّها … ألا كلّ شيء سواه جلل البيت لامرئ القيس، وربّها: يعني سيدها، ويريد أباه، وجلل هنا بمعنى حقير أو قليل أو يسير. [الخزانة ج 10/ 23، وشرح أبيات مغني اللبيب ج 3/ 78]. وقبل البيت: أرقت لبرق بليل أهلّ … يضيء سناه بأعلى الجبل أتاني حديث فكذّبته … بأمر تزعزع منه القلل 625 - ثم أضحوا لعب الدهر بهم … وكذاك الدهر حالا بعد حال البيت لعديّ بن زيد. والشاهد: مجيء خبر أضحى فعلا ماضيا، مجردا من «قد». [الهمع ج 1/ 113]. 626 - لم يك الحقّ سوى أن هاجه … رسم دار قد تعفّت بالطّلل لحسيل بن عرفطة، جاهلي، وأنشده السيوطي شاهدا لحذف نون يكن قبل ساكن للضرورة. [الهمع ج 2/ 156]، وقد مضى البيت بقافية «بالسّرر». 627 - ذكرت ابن عباس بباب ابن عامر … وما مرّ من يومي ذكرت وما فضل البيت لأبي الأسود الدؤلي. والشاهد: فضل - بكسر العين في الماضي (يفضل) وضمّها في المضارع، قالوا: وهذا

628 - أميران كانا صاحبي كلاهما … فكلا جزاه الله عني بما فعل

نادر قليل. [شرح المفصل ج 7/ 154]. 628 - أميران كانا صاحبيّ كلاهما … فكلّا جزاه الله عنّي بما فعل البيت لأبي الأسود الدؤلي. والشاهد: نصب «كلّا» على الدعاء، والتقدير: جزى الله كلّا. [شرح المفصل ج 2/ 38، وكتاب سيبويه ج 1/ 71]. 629 - يفديك يا زرع أبي وخالي … قد مرّ يومان وهذا الثالي وأنت بالهجران لا تبالي رجز غير منسوب. واستشهدوا به على أنّ إبدال الياء من الثاء من الضرورات، والأصل: قد مرّ يومان وهذا الثالث. [شرح المفصل/ 10/ 28، والهمع/ 2/ 157، والدرر/ 2/ 212، والأشموني/ 4/ 337].

قافية الميم

قافية الميم 1 - فما ترك الصّنع الذي قد صنعته … ولا الغيظ منّي ليس جلدا وأعظما البيت للأحوص الأنصاري من قصيدة أرسلها إلى عمر بن عبد العزيز وهو منفي بجزيرة دهلك، والبيت شاهد على أن «ليس ولا يكون، وخلا، وعدا»، لا يستعملن في الاستثناء المفرّغ. وقد جاء التفريغ في ليس كما في البيت، فإن المستثنى منه محذوف، أي: ما ترك الصّنع شيئا إلا جلدا وأعظما، فالمنصوب بعد ليس خبرها. [الخزانة/ 3/ 337]. 2 - فهل لكم فيها إليّ فإنني … طبيب بما أعيا النّطاسيّ حذيما البيت لأوس بن حجر. والتقدير: فهل لكم ميل فيها .. يعود الضمير إلى المعزى المذكورة في الأبيات السابقة. والبيت شاهد على حذف مضاف، أي: ابن حذيما، فحذف المضاف. وابن حذيم: طبيب مشهور عند العرب في الجاهلية. [الخزانة/ 4/ 370، وشرح المفصل/ 3/ 25، والخصائص/ 2/ 453]. 3 - فذلك إن يلق الكريهة يلقها … حميدا وإن يستغن يوما فربّما .. فذلك .. الإشارة إلى الصعلوك في بيت أول المقطوعة: لحا الله صعلوكا مناه وهمّه … من الدهر أن يلقى لبوسا ومطعما أي: ذلك الصعلوك الذي يساور همه ولا يثنيه شيء عن الغزو للغنائم، إن أدركته المنيّة قبل بلوغ الأمنية لقيها محمودا إذ كان قد فعل ما وجب عليه. وإن نال الغنى يوما، فكثيرا ما يحمد أمره. والبيت الأول شاهد على أن الفعل قد يحذف بعد ربّما، والتقدير: يحمد أمره. والبيت الشاهد منسوب إلى عروة بن الورد - ومنسوب إلى حاتم، وعند حاتم أبيات ميميّة فيها بعض ألفاظ البيت ... ولعروة بن الورد قصيدة رائية، وفيها البيت بألفاظه ما عدا القافية وهو:

4 - تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد … لنفسي حياة مثل أن أتقدما فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا … ولكن على أقدامنا تقطر الدما

فذلك إن يلق المنيّة يلقها … حميدا وإن يستغن يوما فأجدر [الخزانة/ 10/ 9، وشرح التصريح/ 2/ 90، والمرزوقي/ 424، والأشموني/ 3/ 20، وابن عقيل/ 2/ 226]. 4 - تأخّرت أستبقي الحياة فلم أجد … لنفسي حياة مثل أن أتقدّما فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا … ولكن على أقدامنا تقطر الدّما ... البيتان للحصين بن الحمام المريّ، من شعراء الجاهلية. يقول في البيت الأول: نكصت على عقبي رغبة في الحياة، فرأيت الحياة في التقدم مثل قولهم: «الشجاع موقّى» أي: تتهيبه الأقران، فيتحامونه فيكون ذلك وقاية له. ويقول في البيت الثاني: نتوجه نحو الأعداء في الحرب، ولا نعرض عنهم، فإذا جرحنا كانت الجراحات في مقدّمنا، لا في مؤخرنا، وسالت الدماء على أقدامنا لا على أعقابنا. والشاهد في قوله: «تقطر الدما» ويروى: يقطر الدّما: الدّما: بفتح الدال: فاعل مرفوع، والضمة مقدرة لأنه اسم مقصور. وتقطر الدّما: أي: تقطر كلومنا الدم. فالدم مفعول به للفعل تقطر. ونقطر الدّما: أي: نقطر دما من جراحنا. فالفعل بنون المتكلمين. وتقطر الدّما: أي: الدماء، فقصر الممدود. فإن كان الفعل لازما، فالدما: فاعل وإن كان متعديا، فإنه مفعول به، والفاعل ضمير «كلومنا». [الخزانة/ 7/ 490، والمرزوقي/ 198، والشعر والشعراء/ 2/ 648]. 5 - أما والدّماء المائرات تخالها … على قنّة العزّى وبالنّسر عندما البيت للشاعر الجاهلي عمرو بن عبد الجنّ. وهو شاهد على أن لام التعريف قد تزاد في العلم. كما في قوله «النّسر» فقد ورد في القرآن، بدون الألف واللام. [الخزانة/ 7/ 214]. 6 - لأورث بعدي سنّة يقتدى بها … وأجلو عمى ذي شبهة إن توهّما

7 - هما إبلان فيهما ما علمتم … فأدوهما إن شئتم أن نسالما

البيت للمتلمس، واسمه جرير بن عبد المسيح .. والبيت شاهد على أن اللام الداخلة على المضارع، لام الابتداء، دخلت على المضارع للتوكيد وليست في جواب القسم. وقوله «لأورث»: مضارع أورث، يتعدى لمفعولين بالهمزة. الأول محذوف والتقدير لأورث الناس. وسنّة: المفعول الثاني. وجملة يقتدى بها: صفة لسنّة. وأجلو: معطوف على «أورث». والعمى: مستعار للضلالة. والشبهة: الظنّ المشتبه بالعلم، أو مشابهة الحق للباطل والباطل للحق من وجه، إذا حقق النظر فيه ذهب. والبيت من قصيدة مطلعها: يعيّرني أمّي رجال ولا أرى … أخا كرم إلا بأن يتكرّما ومن كان ذا عرض كريم فلم يصن … له حسبا كان اللئيم المذمّما [الأصمعيات/ 246، والخزانة/ 10/ 58]. 7 - هما إبلان فيهما ما علمتم … فأدّوهما إن شئتم أن نسالما البيت للشاعر الجاهلي عوف بن عطية بن الخرع، وهو شاهد على أنه يجوز تثنية اسم الجمع على تأويل فرقتين وجماعتين. ولذلك ثنى «إبل». [الخزانة/ 7/ 569]. 8 - خليليّ هبّا طالما قد رقدتما … أجدّكما لا تقضيان كراكما هذا البيت من شعر قسّ بن ساعدة، أو عيسى بن قدامة الأسدي، أو الحسن بن الحارث، وقالوا: إن «جدّكما» منصوب بنزع الخافض، أو حال، أو مصدر حذف عامله وجوبا. [الخزانة/ 2/ 77، والمرزوقي/ 875، وشرح المفصل/ 1/ 116]. 9 - نودي قم واركبن بأهلك إنّ … الله موف للناس ما زعما البيت للنابغة الجعدي يذكر قصة نوح عليه السلام. وهو شاهد على أن «زعم» قد يستعمل في التحقيق، فقوله «زعم» فعل ماض، والألف للإطلاق. ومعناه: القول، أو الضمان، أو الوعد. [الخزانة/ 9/ 131]. 10 - رفوني وقالوا يا خويلد لا ترع … فقلت - وأنكرت الوجوه - هم هم .. البيت لأبي خراش الهذلي، واسمه خويلد، ذكره ابن حجر ممن أسلموا، ولم يرد

11 - عليك بأوساط الأمور فإنها … طريق إلى نهج الصواب قويم ولا تك فيها مفرطا أو مفرطا … كلا طرفي قصد الأمور ذميم

في خبر أنهم اجتمعوا بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم. والبيت من قصيدة ذكر فيها تفلّته من أعدائه حين صادفهم في الطريق كامنين له وسرعة عدوه حتى نجا منهم. ورفوني: من رفوت الرجل: إذا سكّنته. والشاهد: في البيت «هم هم» على أنّ عدم مغايرة الخبر للمبتدأ إنما هو للدلالة على الشهرة، أي: هم الذين يطرونني ويطلبون دمي. ومثله قول أبي النجم العجلي: (أنا أبو النجم وشعري شعري). [الخصائص/ 1/ 247، والخزانة/ 1/ 440]. 11 - عليك بأوساط الأمور فإنّها … طريق إلى نهج الصّواب قويم ولا تك فيها مفرطا أو مفرّطا … كلا طرفي قصد الأمور ذميم ... ليس لهما قائل معروف، وهما نظم للحديث «الجاهل إمّا مفرط أو مفرّط»، وفيهما شاهد على أن «القصد» في الأمر خلاف القصور والإفراط، فإنه يقال: قصد في الأمر قصدا: توسط، وطلب الأشدّ ولم يجاوز الحدّ. [الخزانة/ 2/ 122]. 12 - للفتى عقل يعيش به … حيث تهدي ساقه قدمه ... البيت لطرفة بن العبد. ويرى الأخفش أنّ «حيث» تأتي بمعنى «الحين» أي: ظرف زمان كما في البيت. وردّ عليه بأن المعنى في البيت «أين مشى» فجاءت مكانية على الأصل. [الخزانة/ 7/ 20]. 13 - إنّ الخليفة إنّ الله سربله … لباس ملك به تزجى الخواتيم .. هذا البيت لجرير .. وقوله: به تزجى الخواتيم: الخواتيم: جمع خاتام لغة في الخاتم. يريد أن سلاطين الآفاق يرسلون إليه خواتمهم خوفا منه فيضاف ملكهم إلى ملكه، ويروى «ترجى» بالراء. والبيت شاهد على أنّ (إنّ) المكسورة يجوز أن تقع خبرا للأحرف الستة، ومنه قوله تعالى في سورة الحج آية (17): إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا، إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ .. الآية، وفي الموضوع جدل طويل مع أن رواية أخرى للبيت: «يكفي الخليفة أنّ الله سربله ...» وعليه، لا شاهد فيه لما يريدون. [الخزانة/ 10/ 364، واللسان «ختم»].

14 - لا ينعش الطرف إلا ما تخونه … داع يناديه باسم الماء مبغوم

14 - لا ينعش الطرف إلا ما تخوّنه … داع يناديه باسم الماء مبغوم البيت من قصيدة لذي الرّمة، تغزل فيها بمحبوبته خرقاء، ومطلعها: أأن توهمت من خرقاء منزلة … ماء الصبابة من عينيك مسجوم ... وفي البيت الشاهد يصف غزالا، ويقول: إنه ناعس لا يرفع طرفه إلا أن تجيء أمه، وهي المتعهدة له، وقوله: ينعش، أي: يرفع، و «ما» مصدرية وقبلها «وقت» محذوف، أي: لا يرفع طرفه إلا وقت تعهدها إياه، بلفظة «ماء ماء» وحكى صوتها، ومبغوم: أي صوت مبغوم. والشاهد في البيت أن لفظ «اسم» مقحم. [الخزانة/ 4/ 344]. 15 - فإنّ الكثر أعياني قديما … ولم أقتر لدن أنّي غلام البيت منسوب لعمرو بن حسان من بني الحارث بن همام .. وقوله: فإن الكثر أعياني: أي: طلب الغنى في أول أمري وحين شبابي، فلم أبلغ ما في نفسي منه، ومع ذلك فلم أكن فقيرا: فلا تأمرني بطلب المال وجمعه، وترك تفريقه فإني لا أبلغ نهاية الغنى بالمنع، ولا أفتقر بالبذل. والبيت شاهد على أن الجملة بعد «لدن» يجوز تصديرها بحرف مصدري. [الخزانة/ 7/ 112]. 16 - العاطفون تحين ما من عاطف … والمسبغون يدا إذا ما أنعموا البيت لأبي وجزة السعدي (يزيد بن عبيد) توفي سنة 130 هـ، من قصيدة مدح بها آل الزبير بن العوام، والإشكال في قوله «تحين» وفيه تخريجات: الأول: أنّ التاء من «تحين» بقية «لات» حذفت «لا» وبقيت التاء. والثاني: أنّ التاء أصلها هاء السكت، لا حقه لقوله «العاطفون» والأصل (العاطفونه). الثالث: أن «تحين» لغة في «حين» وأن قوله تعالى: لاتَ حِينَ مَناصٍ [ص: 3] التاء من تمام حين، و «لا» نافية للجنس. [الخزانة/ 4/ 175]. 17 - باكرت حاجتها الدجاج بسحرة … لأعلّ منها حين هبّ نيامها

18 - أقضي اللبانة لا أفرط ريبة … أو أن يلوم بحاجة لوامها

البيت من معلقة لبيد بن ربيعة. يتحدث عن الخمرة. يقول: بادرت بحاجتي إلى شربها وقت أصوات الديكة لأشرب منها مرة بعد مرّة، والبيت شاهد على أن «الدجاج» منصوب على الظرف بتقدير مضافين، أي: وقت صياح الدجاج، إذا كانت (باكرت) بمعنى «بكرت» لا، غالبت البكور. [الخزانة/ 3/ 104]. 18 - أقضي اللّبانة لا أفرّط ريبة … أو أن يلوم بحاجة لوّامها البيت للشاعر لبيد بن ربيعة: يقول: أقضي وطري ولا أفرط في طلب بغيتي ولا أدع ريبة إلا أن يلومني لائم. والمعنى: أنه لا يقصر، لكنه لا يمكنه الاحتراز عن لوم اللوام. والبيت شاهد على أنّ (أن) قد ظهرت بعد (أو) التي بمعنى (إلا أن). [الخزانة/ 8/ 576]. 19 - فإنّا رأينا العرض أحوج ساعة … إلى الصّون من ريط يمان مسهّم البيت من قصيدة لأوس بن حجر، والعرض: بكسر العين، هو موضع المدح والذم من الإنسان، ويدخل فيه الرجل نفسه وآباءه وأجداده، لأنّ كلّ ذلك مما يمدح به ويذمّ. والمعنى: أنّ العرض يصان عند ترك السّفه في أقل من ساعة، إذا ملك نفسه، فكيف لا يصان إذا داوم عليه. والعرض أكثر احتياجا إلى الصّون من الثياب النفيسة، فإن عرض الرجل أحوج إلى الصيانة عن الدنس من الثوب الموشّى، وعنى بالساعة: ساعة الغضب والأنفة فإنه كثيرا ما أهلك الحلم وأتلفه وفي المثل «الغضب غول الحلم». والبيت شاهد على أنه يجب أن يلي أفعل التفضيل إمّا «من» التفضيلية كما في قولهم: زيد أفضل من عمرو، وإما معموله كما في البيت، فإنّ ساعة، ظرف لأحوج. [شرح المفصل/ 2/ 61، والشذور/ 415، والخزانة/ 8/ 263]. 20 - تمشّي بها الدّرماء تسحب قصبها … كأن بطن حبلى ذات أونين متئم وقبله: وخيفاء ألقى الليث فيها ذراعه … فسرّت وساءت كلّ ماش ومصرم .. والخيفاء: الروضة ... وألقى الليث .. الخ، أي: مطرت بنوء ذارع الأسد. والماشي: صاحب الماشية، والمصرم: الذي لا مال له، لأن الماشي، يرعيها ماشيته،

21 - فكلا أراهم أصبحوا يعقلونه … صحيحات مال طالعات بمخرم

والمصرم: يتلهف على ما يرى من حسنها وليس له ما يرعيها .. والدّرماء: الأرنب، سميت لتقارب خطوها، وقصبها: الأصل: المعى ويريد بطنها. يقول: فالأرنب كبر بطنها من أكل الكلأ وسمنت فكأنها حبلى. والأونان: العدلان. يقول: كأنّ عليها عدلين لخروج جنبيها وانتفاخهما. والبيت الأول شاهد على أنّ (كأن) المخففة إذا وقع بعدها مفرد فاسمها يكون غير ضمير الشأن، والتقدير: كأن بطنها بطن حبلى. وإنما عدل عن ضمير الشأن، لأنّ خبره لا يكون إلا جملة. [الخزانة/ 10/ 408]. 21 - فكلّا أراهم أصبحوا يعقلونه … صحيحات مال طالعات بمخرم هذا البيت من معلقة زهير، يحكي ما كان بين عبس وذبيان في حرب داحس والغبراء. وهو شاهد على أنه مما اشتغل الفعل فيه بنفس الضمير، إذ التقدير (يعقلون كلا). [الخزانة/ 3/ 3]. 22 - وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم … وما هو عنها بالحديث المرجّم .. البيت من معلقة زهير. وهو شاهد على أنّ الظرف والجار والمجرور يعمل فيهما ما هو في غاية البعد من العمل، كحرف النفي والضّمير، كما في هذا البيت، فإن قوله (عنها) متعلق ب (هو) أي: ما حديثي عنها. فقد جعل الضمير كناية عن الحديث الذي هو قول. وقال قوم: إنّ الضمير راجع إلى العلم، أي: ما العلم عنها بالحديث .. أي: ما الخبر عنها بحديث يرجّم فيه بالظن، فقوله (هو) كناية عن العلم. [الخزانة/ 8/ 119]. 23 - يمينا لنعم السيدان وجدتما … على كلّ حال من سحيل ومبرم البيت لزهير من معلقته، وهو شاهد على أنه قد يدخل الفعل الناسخ على المخصوص بالمدح أو الذم، كما في هذا البيت، وأصله «لنعم السيدان أنتما» فدخل عليه الناسخ (وجد) فصار وجدتما فضمير التثنية نائب الفاعل لوجد، وهو المفعول الأول له، وقوله «لنعم السيدان» جواب القسم. والقسم وجوابه في موضع المفعول الثاني لوجد. [الخزانة/ 9/ 387]، والسحيل والمبرم، كنايتان عن الأمر السهل والشديد. 24 - وكان طوى كشحا على مستكنّة … فلا هو أبداها ولم يتقدّم

25 - ومسكنها بين الفرات إلى اللوى … إلى شعب ترعى بهن فعيهم

هذا البيت لزهير بن أبي سلمى، من معلقته، وقبله: لعمري لنعم الحيّ جرّ عليهم … بما لا يؤاتيهم حصين بن ضمضم وجناية الحصين، أنه لما اصطلحت قبيلة ذبيان مع عبس امتنع حصين بن ضمضم من الصلح واستتر منها ثم عدا على رجل من عبس فقتله، وإنما مدح بني ذبيان لتحملهم الديات إصلاحا لذات البين. وضمير كان وطوى، لحصين. والكشح: الخاصرة، وطوى كشحه عن فعلة، إذا أضمرها في نفسه. والمستكنة: المستترة. أي: أضمر على غدرة مستترة. وقوله: فلا هو أبداها: المعنى، فلم يظهرها، ولم يتقدم فيها قبل مكانها. والبيت شاهد على أنّ خبر (كان) يجوز أن يأتي ماضيا بدون تقدير (قد). [الخزانة/ 4/ 3]. 25 - ومسكنها بين الفرات إلى اللّوى … إلى شعب ترعى بهنّ فعيهم البيت للنابغة الجعدي الصحابي، وهو شاهد على جواز حذف حرف العطف، حيث حذف الواو من (إلى شعب) .. وسمع أبو زيد من العرب من يقول: أكلت خبزا، لحما، تمرا. [الخزانة/ 11/ 25]. 26 - وإلا فمن آل المرار فإنّهم … ملوك عظام من كرام أعاظم ... وقبله: توسّمته لما رأيت مهابة … عليه وقلت: المرء من آل هاشم ... والبيتان من قطعة لأعرابي نزل عنده عبيد الله بن العباس، على غير معرفة فذبح الأعرابيّ شاته الوحيدة، وأكرم ضيفه، وقال فيه أبياتا. والبيت الأول شاهد على أن أعاظم بمعنى عظام، وهو جمع «أعظم» بمعنى عظيم غير مراد به التفضيل، ولو كان مرادا به التفضيل للزم الإفراد والتذكير. [الخزانة/ 8/ 282]. 27 - ثلاث مئين للملوك وفى بها … ردائي وجلّت عن وجوه الأهاتم

28 - تداعين باسم الشيب في متثلم … جوانبه من بصرة وسلام

البيت للفرزدق ... وله قصة تقول: إنّ الفرزدق رهن رداءه بوفاء بني تميم، لثلاث ديات ... وكل دية مائة من الإبل. والشاهد: أنه جاء ثلاث مئين في ضرورة الشعر، وهو الأصل في القياس ولكن العرب لم تجمع (مائة) مع الأعداد من 3 - 10، كما هو معهود في تمييز هذه الأعداد. ولكن البيت يروى: فدى لسيوف من تميم وفى بها … ردائي وجلّت ... [الخزانة/ 7/ 370]. 28 - تداعين باسم الشّيب في متثلّم … جوانبه من بصرة وسلام البيت لذي الرّمة (غيلان بن عقبة). وقوله: تداعين: دعا بعض القلص بعضا، والشيب: حكاية أصوات مشافر الإبل عند الشرب، والصوت «شيب شيب»، جعل هذا الصوت مما يدعوهنّ إلى الشرب، والمتثلم: - المتهدم: أراد: الحوض. والبصرة: بفتح الباء، حجارة رخوة فيها بياض، وبه سميت «البصرة» والسّلام بكسر المهملة، جمع سلمة، بفتح السين وكسر اللام، وهي الحجارة. والبيت شاهد على أنّ اسم الصوت (الشيب) إنما أعرب في هذا للتركيب، وإن كان بناؤها أصليا. بشرط إرادة اللفظ لا المعنى، كما يجوز إعراب الحروف إذا قصد ألفاظها، والإعراب مع اللام أكثر من البناء لكونه علامة الاسم الذي أصله الإعراب، لكنه لا توجبه بدليل (الآن) و (الذي) و (الخمسة عشر). [الخزانة/ 1/ 104]. 29 - ندمت على لسان كان منّي … فليت بأنّه في جوف عكم ... البيت للحطيئة ... واللسان: الكلام، وكان: هنا تامة، بمعنى حدث وجرى. والعكم: بكسر العين المهملة: العدل، وهو مثل الجوالق. .. والبيت شاهد على أن الباء قد تزاد بعد ليت كما في البيت، وتكون أنّ مع الجار في موضع نصب، ويكون ما جرى في صلة أنّ قد سدّ مسدّ خبر ليت، كما أنها في «ظننت أنّ زيدا منطلق»، كذلك. [الخزانة/ 4/ 152]. 30 - وساغ لي الشراب وكنت قبلا … أغصّ بنقطة الماء الحميم

31 - نبئت عمرا غير شاكر نعمتي … والكفر مخبثة لنفس المنعم

هذا البيت من قطعة ليزيد بن الصّعق - من أهل الجاهلية .. ولها قصة. والحميم: الماء الحار، والماء البارد. من الأضداد. ويريد هنا: البارد. يريد أنه قبل أن يأخذ بثأره كان يغصّ بالماء البارد، ويريد (يشرق) لأن الغصة من الطعام. وهو شاهد على أنّ «قبلا» أصله «قبل هذا» فحذف المضاف إليه، ولم ينو لفظه ولا معناه، ولهذا نكّر، فنوّن. [الخزانة/ 1/ 426]. 31 - نبئت عمرا غير شاكر نعمتي … والكفر مخبثة لنفس المنعم .. البيت من معلقة عنترة. والكفر: الجحد. يقول: من أنعمت عليه نعمة فلم ينشرها ولم يشكرها فإنّ ذلك سبب لتغيّر نفس المنعم من الإنعام على كل أحد. والبيت شاهد على أن «أعلم» وأخواتها مما يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، ومنها نبئت: التاء، نائب فاعل، وهو المفعول الأول. وعمرا: الثاني، وغير الثالث. [الخزانة/ 1/ 336]. 32 - غادرته جزر السباع ينشنه … ما بين قلّة رأسه والمعصم قوله: قلة الرأس: أعلاه، والمعصم: موضع السوار من الذراع، وكان الوجه أن يقول: ما بين قلة رأسه والقدم، فاستعار المعصم، لما فوق القدم من الساق، ربما لأنه محلّ الخلخال، كما أن المعصم محلّ السوار. والبيت شاهد على أنّ «غادر» ملحق بصيّر في العمل والمعنى، إذا كان ثاني المنصوبين معرفة كما في البيت، ويروى «وتركته جزر السباع»، والمعنى والعمل واحد. [الخزانة/ 9/ 165]. 33 - ذمّ المنازل بعد منزلة اللّوى … والعيش بعد أولئك الأيام .. البيت لجرير، من قصيدة هجا بها الفرزدق. والبيت شاهد على أن (أولاء) يشار به إلى جمع، عاقلا كان أو غيره كما في البيت فإن أولاء أشير به إلى الأيام وهو جمع لغير من يعقل، كقوله تعالى: إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا [الاسراء: 36]، ويروى البيت (بعد أولئك الأقوام)، فلا شاهد فيه. [شرح المفصل/ 3/ 126، والأشموني ج 1/ 139]. 34 - في لجّة غمرت أباك بحورها … في الجاهليّة كان والإسلام

35 - سيان كسر رغيفه … أو كسر عظم من عظامه

البيت من قصيدة للفرزدق هجا بها جريرا .. وهو شاهد على أنّ (كان) زائدة بين المتعاطفين، لا عمل لها، ولا دلالة على مضيّ. [الأشموني/ 1/ 240، والخزانة/ 9/ 211]. 35 - سيّان كسر رغيفه … أو كسر عظم من عظامه .. البيت لأبي محمد اليزيدي، وهو يحيى بن المبارك بن المغيرة، كان مؤدّب المأمون ابن الرشيد، والبيت من قطعة يهجو بها بعض أهل عصره. وهو شاهد على أنّ (أو) فيه بمعنى «الواو». [الخزانة/ 11/ 71]. 36 - كانت فريضة ما تقول كما … أنّ الزّناء فريضة الرّجم نسبه ابن منظور إلى النابغة الجعدي .. ومحل الشاهد «أن الزناء فريضة الرجم». فإن هذه العبارة مقلوبة، وأصلها «الرجم فريضة الزنا [الخزانة/ 4/ 263، و 9/ 203، واللسان «زنا»]. 37 - كفّاك كفّ لا تليق درهما … جودا وأخرى تعط بالسيف الدّما أنشده ابن منظور ولم ينسبه، وفلان ما يليق بكفه درهم: من مثال: باع يبيع، أي: ما يحتبس، وما يبقى في كفه، ويقال: ما يليق: مثال أنال ينيل، أي: ما يحبس وما يبقى درهما أيضا .. والشاهد: «تعط» أراد «تعطي» بالياء لأن الفعل مرفوع لا مجزوم فحذف الياء مجتزئا بالكسرة التي قبلها. [الإنصاف/ 387، واللسان «ليق»]. 38 - فأصبحت بعد (خطّ) بهجتها … كأنّ قفرا رسومها قلما أنشده ابن منظور ولم ينسبه. وما أظنّ عربيا قاله. يصف الشاعر الديار بالخلاء وارتحال الأنيس وذهاب المعالم وأصل نظام البيت: فأصبحت بعد بهجتها قفرا كأنّ قلما خطّ رسومها، ففصل بين أصبح وخبرها: وبين المضاف والمضاف إليه، وبين الفعل ومفعوله. وبين كأنّ واسمها، وقدّم خبر كأنّ عليها وعلى اسمها .. فصار البيت أحجية وإليك تفكيك تركيبه: 1 - فأصبحت قفرا: قفرا خبر أصبح واسمها مستتر.

39 - كلا أخوينا ذو رجال كأنهم … أسود الشرى من كل أغلب ضيغم

2 - بعد بهجتها: بعد: ظرف بهجتها مضاف إليه (وفصل الفعل خط بين المتضايفين). 3 - خطّ رسومها: خطّ: فعل ماض، رسومها: مفعول به، وجملة خط خبر كأنّ مقدم، وفاعله مستتر يعود إلى القلم. 4 - كأنّ قلما خط رسومها: كأنّ حرف مشبه بالفعل، قلما: اسمه وجملة خطّ خبره. [الخصائص/ 1/ 330، والإنصاف/ 431، واللسان «خطط»]. 39 - كلا أخوينا ذو رجال كأنّهم … أسود الشّرى من كلّ أغلب ضيغم الشرى: موضع تنسب إليه الأسود، والأغلب، والضيغم: من أسماء الأسد، أو من صفاته. والشاهد: كلا أخوينا ذو، أخبر عن «كلا» بالمفرد. فدلّ على أن «كلا» له جهة إفراد في اللفظ. [الإنصاف/ 422]. 40 - كلا يومي أمامة يوم صدّ … وإن لم نأتها إلّا لماما البيت لجرير بن عطية، وفلانا لا يزورنا إلا لماما. تريد أنه يزور في بعض الأحيان على غير مواظبة. ومحل الشاهد: كلا يومي أمامة يوم صد. فأخبر بيوم وهو مفرد عن «كلا». [الإنصاف/ 444، وشرح المفصل/ 1/ 54]. 41 - إلى الملك القرم وابن الهمام … وليث الكتيبة في المزدحم وذا الرأي حين تغمّ الأمور … بذات الصّليل وذات اللّجم ... القرم: أصله الجمل المكرم الذي أعدّ للضراب ثم أطلقوه على الرجل العظيم، وذات الصليل، وذات اللجم: معارك الحرب التي يسمع فيها صوت السيوف، وتقاد فيها الخيول، وفي البيت الأول شاهد على تتابع الصفات لموصوف واحد. وفي البيت الثاني «ذا» حيث قطعه عما قبله إلى النصب بفعل محذوف تقديره «أمدح» أو أذكر، أو أعني. [الإنصاف/ 469، والخزانة/ 1/ 451، و 5/ 107]. 42 - عرضنا نزال فلم ينزلوا … وكانت نزال عليهم أطم قاله جريبة الفقعسي (اللسان - نزل) وقوله: أطم: أفعل تفضيل من قولهم «طمّ الأمر،

43 - أولئك قومي إن هجوني هجوتهم … وأعبد أن تهجى تميم بدارم

أي: تفاقم»، وأصله: طمّ الماء، أي: غمر. والشاهد: نزال: المشتق من الفعل الثلاثي التام المتصرف على وزن (فعال) اسم فعل أمر ولكن «نزال» هنا أريد لفظها فجاءت في الشطر الأول مفعولا به، وجاءت في الشطر الثاني اسما لكان، وبقيت مبنيّة على الكسر للحكاية. [الإنصاف/ 535، والحماسة/ 776، واللسان «نزل»]. 43 - أولئك قومي إن هجوني هجوتهم … وأعبد أن تهجى تميم بدارم ... البيت منسوب للفرزدق ... والشاهد «أعبد» فإنه فعل مضارع، ماضيه (عبد) من باب (فرح) ومعناه أنف وغضب قال الإمام علي «عبدت فصمتّ» أي: أنفت فسكتّ، وقد جاء البصريون بهذا البيت للاستشهاد به على أن «العابدين» بمعنى الآنفين، في قوله تعالى: قُلْ: إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ [الزخرف: 81]، وأنّ (إن) في الآية شرطية. ردا على الكوفيين القائلين بأنّ «إن» هنا، بمعنى (ما) النافية. [الإنصاف/ 637، واللسان - عبد]. 44 - تمخّضت المنون له بيوم … أنى ولكلّ حاملة تمام نسبه ابن منظور إلى عمرو بن حسان، وإلى خالد بن حقّ. وتمخض: أصل معناها: تحرك. تمخض اللبن: تحرك. وتمخض الولد: تحرك في بطن أمه ... وقوله: أنى: بالنون، أي: أدرك وبلغ مداه، وقوله: لكل حاملة تمام: تذييل. والشاهد: حاملة: جاء بالوصف مؤنثا بالتاء مع أنه خاص بالمؤنث، لأنه جعله جاريا على الفعل، أي: حاملة شيئا، أي: يريد به الحدوث لا أنه قائم بصاحبه ومنسوب إليه ... فإذا أريد به الثبوت والنسبة فلا تلحق به التاء. فإن أردت بالحائض: الدم الذي يقطر منها أو أردت بمرضع أن ثديها في فم ولدها، لا بدّ أن تلحقها التاء، وعلى هذا صح أن تقول: حامل، وحاملة، ومرضع ومرضعة، وحائض وحائضة حسب المعنى الجاري فيه الكلام. [الخزانة/ 7/ 112] بقافية «ولكل حاملة غلام». 45 - ينباع من ذفرى غضوب جسرة … زيّافة مثل الفنيق المكدم لعنترة بن شداد من معلقته. وقوله: ينباع: معناه: ينبع، تقول: نبع الماء والعرق، ينبع، من باب فتح، ومن باب نصر، وضرب.

46 - ولكن نصفا لو سببت وسبني … بنو عبد شمس من مناف وهاشم

والذفرى: بكسر الذال وسكون الفاء: العظم الذي خلف الأذن. وغضوب: هي الناقة. وجسرة: الطويلة العظيمة الجسم. وزيّافة: السريعة السير. والفنيق: الفحل المكرم الذي لا يؤذى لكرامته على أهله. والمكدم: الفحل القوي. والشاهد: ينباع: فإن أصله «ينبع» فلما اضطر لإقامة الوزن أشبع فتحة الباء فنشأت عن هذا الإشباع ألفا ووزنه «يفعال» وقيل إن «انباع» بمعنى سال، ومضارعه «ينباع» ولا شاهد فيه حينئذ «الخزانة/ 1/ 122». 46 - ولكنّ نصفا لو سببت وسبّني … بنو عبد شمس من مناف وهاشم البيت للفرزدق، وقبله في الديوان: وليس بعدل أن سببت مقاعسا … بآبائي الشّمّ الكرام الخضارم والنصف، بالكسر والفتح: العدل. يقول: ليس من الإنصاف أن أسابّ مقاعسا بآبائي. وذلك لضعتهم وشرفي، فلا أذم عرضي، بذم أعراضهم ولكن الإنصاف أن أسبّ أشراف قريش وتسبني. وبنو عبد شمس من أشراف قريش، أبوهم عبد مناف بن قصيّ، وهاشم وعبد شمس أخوان توأمان. فهاشم في البيت معطوف على عبد شمس، لا على مناف. والشاهد: سببت وسبّني بنو عبد شمس «فإنّ هذه العبارة من باب الاشتغال حيث تقدم عاملان وهما قوله: سببت، وقوله: سبّني. وتأخر عنهما معمول واحد هو «بنو عبد شمس» والأول يطلبه مفعولا والثاني يطلبه فاعلا. وقد أعمل فيه الثاني. ولو أعمل الأول لقال: سببت وسبوني بني عبد شمس. وهذا يدل على أن إعمال العامل الثاني في باب التنازع جائز ولكنه ليس أولى من إعمال الأول. فقد يتكافأ العاملان في جواز الإعمال [سيبويه/ 1/ 79، والإنصاف/ 87، وشرح المفصّل/ 1/ 78.]. 47 - قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه … وعزّة ممطول معنّى غريمها البيت لكثيرّ عزّة، كثير بن عبد الرحمن. والشاهد: قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه» .. فالعبارة من باب التنازع حيث تقدم «قضى - وفّى - وهما يطلبان «غريمه» مفعولا. وقد أعمل الشاعر العامل الثاني في لفظ المفعول، لأنه لو أعمل الأول لوجب أن يقول: قضى كل ذي دين فوفاه غريمه - على

48 - فلولا المزعجات من الليالي … لما ترك القطا طيب المنام إذا قالت حذام فصدقوها … فإن القول ما قالت حذام

أن يكون التقدير: قضى كلّ ذي دين غريمه فوفاه. [الإنصاف/ 90 - وشرح المفصل/ 1/ 80. والشذور/ 421 والهمع/ 2/ 111، والأشموني/ 2/ 101.]. 48 - فلولا المزعجات من الليالي … لما ترك القطا طيب المنام إذا قالت حذام فصدقوها … فإن القول ما قالت حذام نسب البيتان للشاعر ديسم بن طارق أحد شعراء الجاهلية، ونسبهما ابن منظور إلى لجيم بن صعب، زوج حذام، وفيها يقولهما. والقطا: طائر يشبه الحمام .. والمنام: النوم. والمعنى: هذه المرأة صادقة في كلّ ما تذكره من قول. والشاهد: في البيت الثاني «حذام» فإن الرواية فيها بكسر الميم بدليل القوافي، وهي فاعل في الموضعين، مبني على الكسر في محل جرّ - وهذه لغة أهل الحجاز، في بناء كلّ ما كان على هذا الوزن على الكسر، وفي لغة تميم تفصيل آخر. [الخصائص/ 2/ 178 - وشرح المفصل/ 4/ 64، والشذور: 95، والأشموني/ 3/ 268 وشرح أبيات المغنى/ 4/ 329.]. 49 - ومهما تكن عند امرئ من خليقة … وإن خالها تخفى على الناس - تعلم هذا البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته. وفي هذا البيت خلاف حول «مهما» أهي حرف، أم اسم. 1 - فقال قوم إنها (حرف) وتكن فعل ناقص فعل الشرط. و «عند» ظرف متعلق بمحذوف خبرها. (من خليقة) من: حرف جر زائد، خليقة: اسم تكن. وإن خالها: إن شرطية خالها: فعل الشرط. والهاء مفعولها الأول، وتخفى: الجملة مفعوله الثاني. وجواب الشرط محذوف - وتعلم: جواب شرط مهما. 2 - وقال آخرون: مهما: اسم شرط .. مبتدأ. وتكن: فعل الشرط، ناقص، واسمه مستتر يعود على مهما. (عند) الظرف خبر تكن. و (من خليقة) بيان لمهما، متعلقان بمحذوف حال منها. 3 - وقال آخرون: مهما: اسم شرط، خبر تكن مقدم. وتكن: فعل الشرط .. ومن

50 - أقول لهم بالشعب إذ يأسرونني … ألم تيأسوا أني ابن فارس زهدم

خليقة: من: زائدة. وخليقة: اسم تكن. والظرف «عند» متعلق بتكن. 50 - أقول لهم بالشّعب إذ يأسرونني … ألم تيأسوا أنّي ابن فارس زهدم منسوب إلى سحيم بن وثيل اليربوعي، أو بعض أولاده، لأن فارس زهدم هو سحيم (وزهدم اسم فرس). يقول: إنني حين وقعت في أيدي هؤلاء القوم أسيرا وصرت معهم في الشّعب، قلت لهم: ألم تعلموا أني ابن ذلك الرجل الفارس المشهور، يخوّفهم بأبيه، ويتهددهم بأنه لا يمكن أن يبقيه في أيديهم أسيرا .. والشاهد في البيت: «تيأسوا» فإن هذه الكلمة بمعنى «تعلموا» ويؤيد ذلك. أنه روي في مكانه «ألم تعلموا» والأصل أن تكون الروايات المختلفة لفظا بمعنى واحد. وقد استشهد به النحاة على أن «ييأس» في قوله تعالى: أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً [الرعد: 31]. بمعنى يعلم وبالتالي يدل هذا البيت على أن «أن» في الآية مخففة من الثقيلة لأنها مسبوقة بما يدل على العلم .. و «يئس» بمعنى «علم» لغة النّخع، وهوازن. [الكشاف، سورة الرعد]. 51 - وكنت إذا غمزت قناة قوم … كسرت كعوبها أو تستقيما قاله زياد الأعجم .. غمزت: الغمز: الجسّ. والكعوب: جمع كعب، وهو طرف الأنبوبة الناشز. أراد: أنه إذا هجا قوما وقال فيهم شعرا لم يترك لهم أديما صحيحا حتى يرجعوا عن معاداته، وضرب لذلك مثلا: حالة من يثقف الرماح فيجسها بيده، وما يزال بها حتى تعتدل أو يكسرها. والشاهد: تستقيما: حيث نصب الفعل المضارع - وهو قوله «تستقيم، بأن المضمرة وجوبا بعد «أو» التي بمعنى «إلّا». - ولكن هذا البيت يروى مرفوع القافية مع مجموعة من الأبيات رواها صاحب الأغاني، حيث ينقض بها زياد الأعجم قصيدة للمغيرة بن حبناء مرفوعة القوافي .. والأصل في روايته بالنصب عن سيبويه وقد رواه سيبويه عمن يثق به منصوبا .. واعتذروا عن سيبويه باعتذارات تبعده عن الوهم .. وقصيدة المغيرة بن حبناء، مطلعها: أزياد إنّك والذي أنا عبده … ما دون آدم من أب لك يعلم

52 - لاتنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم

أما أبيات زياد الأعجم فهي ثمانية، خمسة منها مضمومة القافية، وثلاثة مكسورة القافية فيها إقواء. وهذه بعض أبيات زياد: ألم تر أنني أو ترت قوسي … لأبقع من كلاب بني تميم عوى فرميته بسهام موت … كذاك يردّ ذو الحمق اللئيم وكنت إذ غمزت ... … ... أو تستقيم هم الحشو القليل لكلّ حيّ … وهم تبع كزائدة الظّليم فلست بسابقي هربا ولمّا … تمرّ على نواجذك القدوم انظر (شرح أبيات مغني اللبيب - للبغدادي ج 2/ 71] وانظر كتاب «الشعر والشعراء» لابن قتيبة ص 42، من المقدمة، وذكر عددا من الشواهد التي أوردها سيبويه على غير الوجه الذي قاله الشاعر، وعدّها ابن قتيبة من الغلط، ولم يعتذر لسيبويه. 52 - لاتنه عن خلق وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيم قاله: أبو الأسود الدؤلي، وقبل هذا البيت قوله: يا أيها الرجل المعلّم غيره … هلّا لنفسك كان ذا التعليم تصف الدواء لذي السّقام وذي الضنى … كيما يصحّ به، وأنت سقيم ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها … فإذا انتهت عنه فأنت حكيم فهناك يسمع ما تقول ويشتفى … بالقول منك وينفع التعليم وقوله: عار عليك: مبتدأ وخبر - وعظيم: صفة للمبتدأ، والصفة سوغت الابتداء بالنكرة. والشاهد: وتأتي .. حيث نصب المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد الواو الدالة على المعية في جواب النهي. [شرح المفصّل/ 2/ 15، وشذور الذهب/ 238 وو سيبويه/ 1/ 424، والأشموني ج 2/ 207، وشرح أبيات المغني/ 6/ 112، والخزانة/ 8/ 564]. هذا والبيت الشاهد، يروى للأخطل، ويروى لسابق البربري، وللطرمّاح، وللمتوكّل الليثي. قلت: وهذا عيب في هذا الشاهد، وفي كلّ شاهد، تتعدد انتماءاته. وما الفرق بين الشاهد المجهول القائل، والشاهد الذي ينسب لعدد من الشعراء كلاهما مجهول والفرق أن الشاهد المجهول القائل، لم ينحل لأحد من الشعراء، وأما المنسوب،

53 - نصلي للذي صلت قريش … ونعبده وإن جحد العموم

فهو منحول .. وما سمي الشاهد الشعريّ شاهدا، إلا لأنه معلوم الهويّة والنسبة، يشهد في قضية لغوية كالشاهد الذي يدعى للشهادة في قضية أمام القاضي، وإذا كان الشاهد غير معروف فإن القاضي لا يقبل شهادته، ثم إن البيت «لا تنه .. الخ» لا يصلح شاهدا على نصب المضارع بعد واو المعية، لأن وزن البيت (الكامل) يستقيم بتحريك الياء من (تأتي) وبإسكانها على أنه مرفوع. 53 - نصلّي للذي صلّت قريش … ونعبده وإن جحد العموم مجهول القائل .. والشاهد: للذي صلّت قريش: حيث حذف من جملة الصلة «صلّت قريش» العائد إلى الاسم الموصول وهو قوله «الذي» المجرور محلا باللام. وهذا العائد ضمير مجرور بحرف جرّ، تقديره: صلت له. [قطر الندى/ 113.]. 54 - وإنّ مولاي ذو يعاتبني … لا إحنة عنده ولا جرمه ينصرني منك غير معتذر … يرمي ورائي بامسهم وامسلمه منسوبان إلى بجير بن عتمة الطائي .. مولاي: أراد به الناصر والمعين. ذو يعاتبني. أي: الذي يعاتبني. إحنة: حقد. جرمة: الجرم والجريمة. بامسهم. أراد بالسهم. وامسلمة: بفتح السين وكسر اللام: الواحدة من السّلم، بفتح فكسر وهي الحجارة الصلبة. والشاهد: بامسهم وامسلمه: أراد بالسهم والسلمة. فاستعمل «أم» حرفا دالا على التعريف مثل «أل» وهذه لغة جماعة من العرب، هم حمير، وروي عن رسول الله أنه قال «ليس من امبرّ امصيام في امسفر». جوابا عمن سأله «هل من امبرّ امصيام في امسفر؟ -» وحديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رواه الإمام أحمد 5/ 434. والطبراني في معجمه من حديث كعب بن عاصم الأشقري، وسنده صحيح باللفظ نفسه .. وحدثني من أثق بنقله ممّن عمل في جنوب المملكة العربية السعودية، أن هذه اللغة ما زالت دارجة على ألسنة الناس هناك [شرح المفصل/ 9/ 17، والهمع/ 1/ 79، والأشموني/ 1/ 157، وشرح أبيات المغني/ 1/ 287]. 55 - لا طيب للعيش ما دامت منغصّة … لذّاته بادّكار الموت والهرم لا يعرف قائله ..

56 - لا تقربن الدهر آل مطرف … إن ظالما أبدا وإن مظلوما

والشاهد فيه: «ما دامت منغّصة لذاته». نصب «منفصّعة على أنه خبر «ما دام» مقدم. و «لذاته» اسمها مؤخر .. وقد أنكر ابن معطي في ألفيته تقديم خبر «ما دام» على اسمها .. وعدّوا هذا البيت ردا عليه. [الهمع/ 1/ 117، والأشموني/ 1/ 232، والعيني/ 2/ 20]. 56 - لا تقربنّ الدّهر آل مطرّف … إن ظالما أبدا وإن مظلوما من كلام ليلى الأخيلية. وآل مطرّف، هم قوم ليلى الأخيلية .. تصف قومها بالعزّ والمنعة وتحذر من الإغارة عليهم - لأنّ المغير إذا كان ظالما لم يقدر على إيذائهم لشوكتهم. وإن كان مظلوما طالبا لثأر عندهم عجز عن «الانتصاف منهم .. قوله: الدهر: ظرف زمان. والشاهد في الشطر الثاني: حيث حذف كان واسمها بعد إن الشرطية وأبقى خبرها .. وجواب الشرط محذوف في الموضعين. والشواهد على ذلك كثيرة [سيبويه/ 1/ 132، والعيني/ 2/ 47، والهمع/ 1/ 121، والحماسة/ 1609]. 57 - ويوما توافينا بوجه مقسّم … كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم قاله باعث بن صريم اليشكري .. ومعنى: توافينا: تجيئنا. وجه مقسّم: جميل مأخوذ من القسام - بفتح القاف والسين، وهو الجمال. تعطو: تمدّ عنقها لتتناول وارق السلم: شجر السلم. يصف امرأة بأن لها وجها جميلا وعنقا كعنق الظبية طويلا. والشاهد: «كأن ظبية» حيث يروى على ثلاثة أوجه: الأول: نصب ظبية على أنه اسم كأنّ، وخبرها محذوف. الثاني: رفع «ظبية» على أنه خبر كأن واسمها محذوف. فدلت الروايتان جميعا على أنه إذا خففت «كأن» جاز ذكر اسمها كما يجوز حذفه الثالث. جرّ «ظبية» وتكون الكاف حرف جرّ (وأن) زائدة وظبية مجرور بالكاف [سيبويه/ 1/ 281، والإنصاف/ 52، وشرح المفصل/ 8/ 72، والشذور، والهمع/ 1/ 143، والأشموني/ 1/ 293]. 58 - كأنّي من أخبار إنّ ولم يجز … له أحد في النحو أن يتقدّما القائل أحد المتأخرين .. وهو ليس شاهدا نحويا وإنما هو بيان لقاعدة نحوية شبّه حاله بحال خبر (إنّ) إذا لم يكن ظرفا أو جارا ومجرورا، فإنه لا يتقدم على الاسم، أما إذا كان ظرفا أو جارا ومجرورا فإنه يتقدم قال تعالى: إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالًا وَجَحِيماً

59 - ولقد علمت لتأتين منيتي … إن المنايا لا تطيش سهامها

[المزمل: 12] إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى [النازعات: 26] وقائل البيت: شرف الدين أبو العباس محمد بن نصر الله بن نصر بن الحسين بن عنين، توفي سنة 630 هـ. ولد في دمشق وتوفي فيها. 59 - ولقد علمت لتأتينّ منيّتي … إنّ المنايا لا تطيش سهامها من كلام لبيد بن ربيعة العامري، من معلقته. والشاهد: «علمت لتأتينّ منيتي» حيث وقع الفعل الذي من شأنه أن ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر (علم) قبل لام القسم، فعلّق عن العمل في لفظ الجملة، فلم ينصب طرفيها وعمل في الجملة محلا. [سيبويه/ 1/ 456، والشذور، والهمع/ 1/ 154، والأشموني/ 2/ 30 وشرح أبيات المغنى/ 6/ 232]. 60 - تنكّرت منّا بعد معرفة لمي … وبعد التّصافي والشّباب المكرّم البيت لأوس بن حجر، يقول: إنك يا لميس قد أنكرتنا في الكبر والشيخوخة بعد المعرفة التي كانت بيننا زمن الشباب. والشاهد: لمي «حيث رخّمه بحذف آخره وحده، وأصله «لميس» فلم يحذف إلا السين، لكون الحرف السابق عليها - وهو الياء - غير مسبوق إلا بحرفين والترخيم حذف آخر الاسم المنادى، وشرطه أن يكون معرفة، فإن كان مختوما بالتاء لم يشترط فيه علمية ولا زيادة على الثلاثة. وإن لم يكن مختوما بالتاء فله ثلاثة شروط: البناء على الضم، والعلمية، وأن يتجاوز ثلاثة أحرف. والمحذوف للترخيم على ثلاثة أقسام: أحدها أن يكون حرفا واحدا مثل جعف، وفاطم .. من جعفر وفاطمة. والثاني: أن يكون المحذوف حرفين فيما اجتمعت فيه أربعة شروط: أن يكون ما قبل الحرف الأخير زائدا وأن يكون معتلا وأن يكون ساكنا، وأن يكون قبله ثلاثة أحرف فما فوقها نحو سلمان ومنصور ومسكين. والثالث أن يكون المحذوف كلمة برأسها في المركب المزجي: نحو معدي كرب وحضرموت، تقول: يا حضر. [سيبويه/ 1/ 336]. 61 - كلت كفّيه توالي دائما … بجيوش من عقاب ونعم

62 - أرقني الليلة برق بالتهم … يالك برقا من يشقه لا يلم

ليس منسوبا .. وقوله: توالي: أي تتابع. ومراد الشاعر أن إحدى يدي الممدوح تفيد النعم لأوليائه، والأخرى توقع النقم بأعدائه. والشاهد: «كلت» يرى الكوفيون أنها مفرد «كلتا» بمعنى إحدى. والأقرب أن تكون «كلت» هي «كلتا» حذفت الألف للضرورة. إن كان قال هذا البيت شاعر. ويبدو أنه مصنوع لتقوية مذهب الكوفيين فأعجب به بعض علماء النحو الذين يرفضون الاستشهاد بألفاظ الحديث النبوي، لزعمهم أن ألسنة العجم تداولته، ومع ذلك يستشهدون بمثل هذا البيت الذي لا يعرف قائله وربما صنعه رجل أعجمي من أهل النحو. [الخزانة/ 1/ 133]. 62 - أرّقني الليلة برق بالتّهم … يالك برقا من يشقه لا يلم رجز لم يسمّ قائله: وقوله: بالتّهم: بفتح التاء والهاء: يريد تهامة. وقوله: يشقه، من شاقني الشيء أي: جعلني مشتاقا. وقوله: يا لك برقا: تعجّب من البرق واستعظام له. وإنما جعله البرق مشتاقا لأنّ حبيبته في تلك الأرض، وتذكّر بالبرق وميض ثناياها، فلم ينم. كما قال الشاعر: تذكرت لمّا أن رأيت جبينها … هلال الدجى، والشيء بالشيء يذكر والشاهد: «بالتّهم» وأنها بمعنى «تهامة» بكسر التاء، والنسبة إلى «تهم» بفتح التاء، تهام، فالألف عوض من إحدى يائي النسب، كما في يمان، إذ هو منسوب إلى «يمن» فقولنا: رجل تهام أي من أهل تهامة والأصل. تهميّ، لأن «تهما» قد وضع موضع تهامة لكنهم حذفوا إحدى ياءي النسبة وأبدلوا منها ألفا. [اللسان - تهم - والخصائص/ 2/ 111، والخزانة/ 1/ 154، وفي معجم هارون بقافية (لا ينم)]. 63 - وا حرّ قلباه ممّن قلبه شبم … ومن بجسمي وحالي عنده سقم - البيت للمتنبي - وا حرّ قلباه: أراد أن يقول: وا حرّ قلبي، بياء المتكلم ويلحق به ألف الندبة، وكان من حقه أن يقول: وا حرّ قلبياه، فيفتح ياء المتكلم، إلا أنه حذف

64 - وتضيء في وجه الظلام منيرة … كجمانة البحري سل نظامها

الياء .. والهاء للسكت. وقد ألحقها في الوصل وهي ضرورة. وشبم: بارد .. وا: حرف نداء، للندبة. حرّ: منادى منصوب. وهو مضاف: و «قلب» مضاف إليه مجرور بكسرة مقدرة على آخره .. والألف في «قلباه» للدلالة على الندبة والهاء للسكت. وزيادتها في الوصل مخالف لما اتفق عليه أهل اللغة. أو ضرورة. .. قلبه: مبتدأ، ومضاف إليه .. شبم: خبر المبتدأ، والجملة: صلة الموصول في «ممن» بمعنى «من الذي». - بجسمي: خبر مقدم .. سقم: مبتدأ مؤخر والجملة صلة الموصول الثاني. والتمثيل بالبيت في قوله «وا حرّ قلباه» فإن هذا يدل على أن المندوب متوجع منه لأن العاشق يتوجع من حرارة قلبه. 64 - وتضيء في وجه الظلام منيرة … كجمانة البحريّ سلّ نظامها من معلقة لبيد بن ربيعة العامري من أبيات يصف فيها بقرة من بقر الوحش: .. تضيء: يريد أنها شديدة البياض. وجه الظلام: أوله. والجمانة: اللؤلؤة، البحري: الغواص. نظامها: خيطها. والشاهد: قوله: «منيرة» فإنه حال من فاعل «تضيء» ومعنى هذه الحال قد فهم من قوله «تضيء» لأن الإضاءة والإنارة بمعنى واحد تقريبا فتكون هذه الحال، مؤكدة لعاملها. ومن أمثلة الحال المؤكدة: وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ [البقرة: 60] ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ [التوبة: 25] وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [مريم: 33] فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً [النمل: 19]. 65 - لعلّ الله فضّلكم علينا … بشيء أنّ أمّكم شريم لا يعرف قائله .. وشريم: وصف مذموم لأمهم .. وامرأة شريم: شقّ مسلكاها فصارا شيئا واحدا .. والشاهد هنا: لعلّ الله: حيث نسب ابن هشام البيت إلى بني عقيل، وهؤلاء يجرّون ب لعلّ. فلفظ الجلالة مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ. وجملة فضلكم: خبره. أنّ أمّكم .. أنّ ومعموليها في تأويل مصدر مجرور بدل من «شيء». [الخزانة/ 10/ 422 والأشموني/ 2/ 204، والعيني/ 3/ 247].

66 - إني حلفت برافعين أكفهم … بين الحطيم وبين حوضي زمزم

66 - إنّي حلفت برافعين أكفّهم … بين الحطيم وبين حوضي زمزم غير منسوب .. الحطيم: اسم لحجر البيت الحرام في مكة. والشاهد: قوله: «برافعين أكفهم» حيث أعمل، جمع اسم الفاعل، وهو قوله «رافعين» عمل الفعل فنصب به المفعول به «أكفهم» لكونه معتمدا على موصوف محذوف، إذ التقدير: حلفت برجال رافعين أكفهم .. والمحذوف المدلول عليه كالمذكور. 67 - أتاركة تدلّلها قطام … رضينا بالتّحية والسلام مطلع قصيدة للنابغة الذبياني يمدح فيها عمرو بن هند .. أتاركة: الهمزة للاستفهام. تاركة: مبتدأ. تدلّلها: مفعول به والهاء مضاف إليه. قطام: فاعل سدّ مسدّ الخبر. مبني على الكسر في محل رفع. والشاهد: قطام: على وزن فعال: معدول عن قاطمة، وهو مكسور في حالة الرفع فذلك دليل على أنه مبني .. ولكنه في مذهب بني تميم يجرّ بالفتحة .. [شرح المفصل/ 4/ 64]. 68 - الليل والخيل والبيداء تعرفني … والسيف والرمح والقرطاس والقلم قاله المتنبي، يصف نفسه بالشجاعة وبأنه كاتب عظيم .. والتمثيل بالبيت لقوله: الخيل، والليل والبيداء والسيف والرمح والقرطاس والقلم. فإن هذه الكلمات السبع أسماء بدليل دخول «أل» على كل واحدة منها أما دخولها على الفعل في قول الفرزدق «ما أنت بالحكم الترضى ..» فهو ضرورة قبيحة. وال: في ذلك اسم موصول، بمعنى الذي. 69 - أشارت بطرف العين خيفة أهلها … إشارة محزون ولم تتكلّم فأيقنت أنّ الطرف قد قال مرحبا … وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم لعمر بن أبي ربيعة .. وقوله: خيفة: مفعول لأجله .. مرحبا: مفعول مطلق لفعل محذوف وتقديره: أرحب مرحبا، أي: أرحب بك ترحيبا. وأهلا وسهلا: كل منهما مفعول لفعل محذوف أي:

70 - تزود منا بين أذناه طعنة … دعته إلى هابي التراب عقيم

صادفت أهلا ولقيت مكانا سهلا. - والشاهد: أن الإشارة يصح أن يطلق عليها في اللغة «كلام» وهو نوع من الكلام المعنوي، لأنه إنما نفى الكلام اللفظي بقوله: ولم تتكلم .. وأثبت الكلام المفهوم من النظر .. حيث أثبت للطرف كلاما. 70 - تزوّد منّا بين أذناه طعنة … دعته إلى هابي التّراب عقيم نسبه في اللسان إلى هوبر الحارثي. - وهابي التراب: ما ارتفع ودقّ. ويقال موضع التراب إذا كان ترابه مثل الهباء. والمعنى: يصف رجلا قتله أبطالهم، ويذكر أنهم طعنوه طعنة واحدة فخرّ فيها ميتا لأنها طعنة خبير بموضع الطعن المميت .. وقد جاءت القافية «عقيم» بالرفع وهي في المعنى من أوصاف «طعنة» وتخرّج على أنها خبر لمبتدأ محذوف على أنها نعت مقطوع، والطعنة العقيم: النافذة .. وقد روى ابن هشام في الشذور هذا البيت. شاهدا على لزوم المثنى الألف، وإعرابه بالحركات المقدرة، لأن «أذناه» في البيت مضاف إليه، وحقه الجرّ بالياء ولكنه رواه بالألف على هيئة الرفع -. وذكر ابن هشام البيت لتوجيه قراءة «إنّ هذان لساحران» [طه: 63] على أنها لغة بلحارث، وخثعم .. ولكن البيت مروي في اللسان مجرورا بالياء «بين أذنيه» ولا يختلّ وزن البيت. [شرح المفصل/ 3/ 128، والشذور، والهمع/ 1/ 40]. 71 - ثمّ انقضت تلك السنون وأهلها … فكأنها وكأنّهم أحلام البيت لأبي تمام .. المتوفى سنة 221 هـ. يصف أيام سروره بلقاء أحبابه بأنها قصيرة ويشبهها بعد أن مضت بحلم يراه النائم، فكأنه خيال لا حقيقة له. وأبو تمام ممن لا يحتج بشعرهم في اللغة والنحو، ولكن بعض اللغويين أجاز. الاستئناس بشعره، لأنه حجة فيما يرويه في الحماسة، فيكون حجة فيما يقوله. والشاهد: السنون فهي بدل من (تلك) وتلك فاعل في محل رفع .. وقد جاءت الكلمة بالواو، لأنها ملحق بجمع المذكر السالم. لأن مفردها «سنة».

72 - فلا لغو ولا تأثيم فيها … وما فاهوا به أبدا مقيم

72 - فلا لغو ولا تأثيم فيها … وما فاهوا به أبدا مقيم من كلام أمية بن أبي الصلت، يصف الجنة. وقوله: لا تأثيم: نسبة إلى الإثم وهو الحرام، تقول: أثّم محمد خالدا: أي: نسبه إلى الإثم .. والشاهد: قوله: «فلا لغو ولا تأثيم فيها» حيث رفع الاسم الواقع بعد «لا» الأولى على أن «لا» مهملة. وفتح الاسم الواقع بعد «لا» الثابتة على أنها «لا» النافية للجنس عاملة عمل (إنّ). ويجوز أن يكون رفع ما بعد «لا» الأولى على أنها عاملة عمل ليس والمرفوع اسمها .. وهذا البيت يمثل أحد الوجوه الخمسة إذا تكررت «لا» وتكرر اسمها. ويمثلون بها ب «لا حول ولا قوة إلا بالله». 1 - لا حول ولا قوة: بفتح الاثنين «لا لغو فيها ولا تأثيم». 2 - لا حول ولا قوة: بفتح الأول ورفع الثاني. «لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب». 3 - لا حول ولا قوة: بفتح الأول ونصب الثاني «لا نسب اليوم ولا خلّة». 4 - لا حول ولا قوة: رفع الأول وفتح الثاني، «فلا لغو ولا تأثيم». 5 - لا حول ولا قوة: رفع الأول والثاني: «لا بيع فيه ولا خلّة». [الشذور/ 88، والأشموني/ 2/ 11، والخزانة/ 4/ 494]. 73 - سلام الله يا مطر عليها … وليس عليك يا مطر السلام للأحوص بن محمد الأنصاري، وكان يهوى امرأة ويشبب بها ولا يفصح عنها فتزوجها رجل اسمه مطر، فغلب الوجد على الأحوص فقال هذا الشعر. سلام: مبتدأ - عليها: خبر - يا مطر: منادى مبنى على الضم ونوّن للضرورة وليس عليك السلام: فعل ناقص، وعليك: خبره، والسلام: اسمه .. والشاهد: يا مطر: حيث نوّن المنادى المفرد العلم وأبقاه على الضم حين اضطر لإقامة الوزن [الخزانة/ 2/ 192]. 74 - فغدت كلا الفرجين تحسب أنّه … مولى المخافة خلفها وأمامها

75 - تولى قتال المارقين بنفسه … وقد أسلماه، مبعد وحميم

من معلقة لبيد بن ربيعة العامري، .. الفرجين: مثنى فرج، وهو الثغرة في الجبل، مولى المخافة: الموضع الذي فيه المخافة، أي: الخوف .. يصف بقرة وحشية سمعت صوت الصيادين فأخذت تعدو في الجبل، وهي كلما ذهبت إلى طريق حسبت أنه المكان الذي تجد فيه الصيادين، في الطريق الذي أمامها والطريق الذي خلفها. كلا: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة لإضافته إلى الاسم الظاهر .. أنه مولى: المصدر المؤول سدّ مسدّ معمولي تحسب. وجملة تحسب: خبر «كلا» خلفها: بالرفع: بدل من «كلا» وأمامها: معطوف على «خلفها» بالرفع. والشاهد: أمامها: بالرفع والقوافي مرفوعة، فدلّ ذلك على أنّ «أمام» من الظروف المتصرفة التي تخرج عن النصب على الظرفية وعن الجرّ بمن، إلى التأثر بالعوامل [سيبويه/ 1/ 202، وشرح المفصل/ 2/ 44، والشذور، والهمع/ 1/ 210]. 75 - تولّى قتال المارقين بنفسه … وقد أسلماه، مبعد وحميم من قصيدة عبيد الله بن قيس الرقيّات يرثي فيها مصعب بن الزبير .. المارقون: الخارجون عن الدين. المبعد: الأجنبي. الحميم: الصديق. والشاهد: أسلماه مبعد، حيث وصل بالفعل ألف التثنيه مع أن الفاعل اسم ظاهر مذكور بعده .. وهذه لغة جماعة من العرب .. وهي اللغة الموسومة بلغة «أكلوني البراغيث». ويرى جماعة أن الألف التي تلحق الفعل في حال التثنيه، والواو في حال الجمع .. هي حرف، علامة التثنية أو الجمع، كما أنّ التاء في «درست هند» علامة للتأنيث .. ومن هذا الأسلوب الحديث «يتعاقبون فيكم ملائكة» وقد اعتمده ابن مالك أساسا لهذه اللغة، وصارت تسمى لغة «يتعاقبون فيكم» وهو حديث صحيح رواه الإمام مالك، والبخاري في مواضع متعددة. وخرّجوا عليه بعض الآيات القرآنية ومنها وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا .. [الأنبياء: 3] وفي إعرابه خلاف مشهور. [الشذور/ 177، والهمع/ 1/ 160، والأشموني/ 2/ 47، وشرح أبيات المغني/ 6/ 138]. 76 - ما برئت من ريبة وذمّ … في حربنا إلّا بنات العمّ رجز غير منسوب ..

77 - ندم البغاة ولات ساعة مندم … والبغي مرتع مبتغيه وخيم

والشاهد: «ما برئت إلا بنات العمّ» حيث وصل الفعل بتاء التأنيث مع كونه مفصولا من فاعله بإلا. ودخول التاء في هذه الحال مرجوح أو أنه ضرورة شعرية والرأي الأول أقوى، لكثرة الشواهد عليه. [الشذور/ 176، والهمع/ 2/ 171، والأشموني/ 2/ 52]. 77 - ندم البغاة ولات ساعة مندم … والبغي مرتع مبتغيه وخيم منسوب إلى عدد من الشعراء: لرجل من طيّئ دون تعيينه، وإلى محمد بن عيسى ابن طلحة بن عبد الله التيمي، وإلى مهلهل بن مالك الكناني. والشاهد: ولات ساعة مندم: حيث أعمل لات في لفظ دال على الزمان وهو ساعة. ولم يعمله في لفظ «حين» وللعلماء في إعمال «لات» «رأيان» أحدهما أنها لا تعمل إلا في لفظ «الحين». والثاني: أنها تعمل فيه وفيما رادفه من الساعة والأوان ونحوهما. و «لات» حرف نفي يعمل عمل ليس. والواو: للحال واسمها محذوف. وساعة: خبر لات. والتقدير: ليست الساعة ساعة ندم. [الشذور، والعيني/ 2/ 146، والهمع/ 1/ 126، والأشموني/ 1/ 256]. 78 - وكنت أرى زيدا كما قيل سيّدا … إذا أنّه عبد القفا واللهازم من شواهد سيبويه التي لا يعرف قائلها. واللهازم: جمع لهزمة بكسر اللام والزاي - وهو طرف الحلقوم. ويقال: هي عظم ناتئ تحت الأذن. وقوله: عبد القفا واللهازم. كناية عن الخسة والمهانة والذلة. لأن العبد يصفع على قفاه حتى يتورم، ويلكز حتى ينتأ له نتوء .. قوله: أرى: بمعنى أظنّ: ينصب مفعولين. الأول: زيدا. والثاني: سيدا. كما: الكاف حرف جر - ما: اسم موصول. وجملة: قيل: صلة الموصول. إذا: فجائية: أنّه: أنّ واسمها. عبّد: خبر. والشاهد: إذا أنه .. روي بفتح همزة «أنّ» - وهي ومعمولاها: مبتدأ. و «إذا» الفجائية: ظرف متعلق بمحذوف، خبر مقدم. وقيل: «إذا» حرف وخبر المبتدأ محذوف.

79 - على حالة لو أن في القوم حاتما … على جوده لضن بالماء حاتم

والوجه الثاني: كسر همزة إنّ على تقدير أنّ ما بعدها جملة غير محتاجة إلى شيء. وعلى هذا يجوز. فتح همزة (أن) وكسرها، بعد إذا الفجائية [الخزانة/ 10/ 265]. 79 - على حالة لو أنّ في القوم حاتما … على جوده لضنّ بالماء حاتم .. للفرزدق يفخر بإيثاره بالماء غيره. ولكن البيت على هذه الرواية - بالضم - يكون فيه إقواء، لأن قافية القصيدة مجرورة، ويروى الشطر الثاني. على جوده ضنّت به نفس حاتم» وقبل البيت المرويّ: فآثرته بالماء لما رأيت الذي به … على القوم أخشى لا حقات الملاوم وقوله: على حالة: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير في قوله «آثرته» أقصد الضمير المستتر. لو: حرف شرط. و «أنّ في القوم حاتما» مؤول بمصدر مرفوع فاعل لفعل الشرط المحذوف. على جوده: متعلقان ب (ضن) الآتي. (وعلى جوده) «على» هنا بمعنى «مع». والبيت شاهد لغوي على أن كلمة (الحال) قد يؤنث لفظها فيقال «حالة» ولفظ «الحال» يذكر ويؤنث، والتأنيث هو الأفصح، يقال: حال حسن، وحال حسنة. [شذور الذهب/ 245]. 80 - فيها اثنتان وأربعون حلوبة … سودا كخافية الغراب الأسحم من معلقة عنترة بن شداد العبسي. وحلوبة أي: محلوبة. تستعمل بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع. والخافية: للطائر أربع خواف، وهو ريش الجناح مما يلي الظهر. والأسحم: الأسود. والشاهد: «سودا» يروى بالنصب: ويحتمل ثلاثة أوجه: الأول. صفة لحلوبة والثاني: حال من العدد. الثالث: حال من حلوبة. ويروى بالرفع: فهو نعت لقوله «اثنتان وأربعون» لأنهما بمنزلة قولك: «جاء زيد وعمر الظريفان».

81 - لا يهولنك اصطلاء لظى الحر … ب فمحذورها كأن قد ألما

والبيت شاهد على مجيء صاحب الحال نكرة محضة وهو «حلوبة» وتكون حلوبة بمعنى «حلائب» وقد يكون صاحب الحال «العدد» لأن معنى الجمع ملحوظ في العدد. 81 - لا يهولنّك اصطلاء لظى الحر … ب فمحذورها كأن قد ألمّا لم يعرف قائله. والشاهد: «كأن قد ألمّا» حيث استعمل فيه «كأن» المخففة وأعمله في اسم هو ضمير الشأن، وفي خبر هو جملة «ألمّا» مع فاعله، وفصل بين كأن والجملة الفعلية ب «قد» كما هو مشروط في القاعدة، وقد تفصل ب: لم نحو «كأن لم تغن بالأمس» [يونس: 24]. [شذور الذهب/ 286، والأشموني/ 1/ 294]. 82 - بل بلد ملء الفجاج قتمه … لا يشترى كتّانه وجهرمه من رجز رؤبة بن العجاج. والفجاج جمع فجّ وهو الطريق الواسع. قتمه: أصله: قتامه: فخففه بحذف الألف، والقتام: الغبار. والجهرم: البساط. بل: حرف نائب عن «ربّ». بلد: مبتدأ مجرور لفظا مرفوع محلا. ملء: مبتدأ ثان. قتمه: خبر المبتدأ الثاني. والجملة صفة لبلد وخبر المبتدأ الواقع بعد «بل» في بيت من أبيات القصيدة الآتية. والشاهد: بل بلد: حيث حذف حرف الجر «ربّ» وأبقى عمله بعد (بل) وذلك قليل. [الإنصاف/ 529، وشرح المفصل/ 8/ 105، وشرح أبيات المغني/ 3/ 3، والشذور، والهمع/ 2/ 36 والأشموني/ 2/ 232]. 83 - فطلّقها فلست لها بكفء … وإلا يعل مفرقك الحسام للأحوص محمد بن عبد الله الأنصاري. وهو صاحب الشاهد الذي يهجو فيه «مطرا» وقد سبق. والمفرق: وسط الرأس. والشاهد: «وإلا يعل» حيث حذف فعل الشرط لكونه معلوما من سابق الكلام ولكون أداة الشرط «إن» المدغمة في «لا» النافية. ولا يجوز حذف فعل الشرط إلا على مثل هذه

84 - وإن أتاه خليل يوم مسغبة … يقول: لا غائب مالي ولا حرم

الصورة. والكثير حذف جواب الشرط. [سيبويه/ 1/ 195، والإنصاف/ 72، والشذور، والهمع/ 2/ 62، والأشموني/ 4/ 25، وشرح أبيات المغنى/ 8/ 6]. 84 - وإن أتاه خليل يوم مسغبة … يقول: لا غائب مالي ولا حرم من قصيدة لزهير بن أبي سلمى يمدح فيها هرم بن سنان. والمسغبة: الحاجة والفقر. والحرم: الممنوع. لا غائب: لا: نافية عاملة عمل ليس، أو ملغاة. غائب: اسم لا، أو مبتدأ. مالي: فاعل: سدّ مسدّ الخبر. الشاهد: «يقول» حيث جاء في جواب إن الشرطية، وهو مرفوع، وللعلماء فيه مذهبان: الأول: مذهب سيبويه الذي قال: إن هذا الفعل المرفوع ليس جوابا للشرط السابق ولكنه دليل على الجواب وهو على نية التقديم وإن تأخر في اللفظ فكأنه قال: يقول لا غائب مالي إن أتاه خليل. الثاني: مذهب المبرد والكوفيين: ذهبوا إلى أنه جواب الشرط على تقدير الفاء أي: إن أتاه خليل فهو يقول. وهذا الخلاف إذا كان فعل الشرط ماضيا كما في البيت، أمّا إذا كان فعل الشرط مضارعا، فيجب جزم الجواب إلا في ضرورة شعرية قبيحة كما في قول جرير بن عبد الله البجلي. يا أقرع بن حابس يا أقرع … إنّك إن يصرع أخوك تصرع وشواهد أخرى عند سيبويه. [شرح أبيات المغني/ 6/ 290، وسيبويه/ 1/ 346، والإنصاف/ 625 والشذور، والهمع: 2/ 60، والأشموني/ 4/ 17. 85 - ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه … ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما غير منسوب. والشاهد: «ويخضع» بالنصب. حيث جاء بعد الواو منصوبا مع أنه مسبوق بفعل الشرط المجزوم: وجواز النصب عند مجيء الفعل بعد الواو، على أنها واو المعية، والفعل منصوب بأن مضرة وجوبا بعد واو المعية. ويجوز فيه الجزم في غير بيت الشعر. فإذا كان العطف على الجواب، جاز فيه النصب، والجزم، والرفع على الاستئناف. وقد جاء قوله «ولا يخش» مجزوما بالعطف على الجواب [شرح أبيات

86 - ولقد نزلت فلا تظني غيره … مني بمنزلة المحب المكرم

المغني/ 7/ 196، والشذور، والأشموني/ 4/ 251]. 86 - ولقد نزلت فلا تظنّي غيره … منّي بمنزلة المحبّ المكرم من معلقة عنترة بن شداد العبسي .. ولقد: الواو: للقسم، والمقسم به محذوف واللام واقعة في جواب القسم. قد حرف تحقيق. وجملة نزلت جواب القسم .. مني: الجار والمجرور متعلقان ب نزلت ... بمنزلة: الجار والمجرور متعلقان بنزلت. والمكرم: صفة للمحب. والشاهد: قوله: فلا تظني غيره: حيث حذف المفعول به الثاني لظنّ اختصارا مع قيام الدليل على ذلك المحذوف وتقديره. ولقد نزلت فلا تظني غيره واقعا. [الخصائص/ 2/ 216، والخزانة/ 3/ 227، والشذور، والهمع/ 1/ 252]. 87 - متى تقول القلص الرّواسما … يدنين أمّ قاسم وقاسما قاله هدبه .. بن خشرم العذري. القلّص: جمع قلوص، بفتح القاف، وهي الشابة الفتية من الإبل، الرواسم: المسرعات في سيرهن مأخوذ من الرسيم وهو ضرب من سير الإبل السريع. متى: اسم استفهام، متعلق بتقول. القلّص: مفعول أول، لتقول والرواسم: صفة للقلّص. يدنين: مضارع مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ونون النسوة فاعله. وجملة (يدنين) مع فاعله ومفعوله في محل نصب مفعول ثان لتقول. وقاسما: معطوف على «أمّ قاسم» بالنّصب. والشاهد: تقول القلّص يدنين: حيث أجرى تقول، مجرى تظنّ فنصب به مفعولين. - واستخدام القول بمعنى الظن فيه مذهبان: الأول يجيزه مطلقا فيقولون: قلت: زيدا منطلقا. والثاني: يوجب الحكاية فيقول: «قلت زيد منطلق» ولا يجيز إجراء القول مجرى الظن إلا بثلاثة شروط: أحدها: أن تكون الصيغة «تقول» بتاء الخطاب. والثاني: أن يكون

88 - أبعد بعد تقول الدار جامعة … شملي بهم؟ أم تقول البعد محتوما

مسبوقا باستفهام. والثالث: أن يكون الاستفهام متصلا بالفعل أو منفصلا عنه بظرف أو مجرور أو مفعول. والبيت مثال على اتصال تقول بالاستفهام. [الشذور، والهمع/ 1/ 157، والأشموني/ 2/ 36]. 88 - أبعد بعد تقول الدار جامعة … شملي بهم؟ أم تقول البعد محتوما غير منسوب. والشاهد: أبعد بعد تقول الدار جامعة ... حيث أعمل «تقول» عمل «تظن» وهو مضارع مبدوء بالتاء الدالة على الخطاب، ومسبوق بهمزة الاستفهام، وقد فصل بينه وبين هذه الهمزة بالظرف المتعلق بتقول. وفيه شاهد آخر لإجراء القول مجرى الظن وذلك في قوله «أم تقول البعد محتوما» والفعل في هذه الجملة مسبوق بأم المعادلة لهمزة الاستفهام. وهذا يدل على أنّ معادل الاستفهام مثل الاستفهام في هذا الموضع [شرح أبيات المغني/ 8/ 107، والشذور، والهمع/ 1/ 157، والأشموني/ 2/ 36]. 89 - شتّان هذا والعناق والنوم … والمشرب البارد في ظلّ الدّوم من كلام لقيط بن زرارة بن عدس، وهو أخو حاجب بن زرارة الذي يضرب المثل بقوسه. والدوم: شجر. والشاهد: شتّان هذا: حيث استعمل «شتان» اسم فعل ماض بمعنى افترق. ورفع به فاعلا وهو «هذا» وعطف على الفاعل لما كان الافتراق لا يكون إلا بين شيئين فصاعدا. [شرح المفصل/ 4/ 37، واللسان «دوم» والشذور/ 403]. 90 - لشتّان ما بين اليزيدين في النّدى … يزيد سليم والأغرّ ابن حاتم من قصيدة للشاعر ربيعة الرقي يمدح فيها يزيد بن حاتم المهلبي، ويذم يزيد بن أسيد السلمي، والاثنان وليا مصر في زمن الشاعر، أحدهما أعطاه، والآخر منعه. لشتان: اللام للابتداء. وشتان: اسم فعل ماض بمعنى افترق. (ما) اسم موصول فاعل لشتّان. بين: ظرف مكان. في الندى: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من فاعل شتان. يزيد: بدل من اليزيدين.

91 - أظلوم إن مصابكم رجلا … أهدى السلام تحية ظلم

الشاهد: شتان ما بين: فإنّ الأصمعي أنكر زيادة (ما) بعد شتان ولكن العلماء قبلوا هذا الأسلوب وخرّجوه على ما أعربنا. [شرح المفصل/ 4/ 37، والشذور، والخزانة/ 6/ 275]. 91 - أظلوم إنّ مصابكم رجلا … أهدى السّلام تحيّة ظلم نسبه بعضهم إلى العرجي، ونسبه آخرون إلى الحارث بن خالد المخزومي. والاثنان في العصر الأموي. وظلوم: اسم امرأة. وتروى: أظليم بالتصغير و «مصاب» بضم الميم في أوله، مصدر ميمي بمعنى الإصابة. والهمزة في قوله: أظلوم: للنداء - ظلوم: منادى. مصابكم: اسم إنّ وهو مصدر بمعنى إصابتكم، ورجلا: مفعول بالمصدر. وأهدى السلام: جملة في موضع نصب على أنه صفة «رجلا». تحية: مفعول لأجله وظلم. خبر إنّ. والشاهد: مصابكم رجلا: حيث أعمل المصدر الميمي الذي هو مصاب، عمل الفعل فرفع الفاعل الذي هو ضمير المخاطب - المضاف إليه - ونصب به المفعول به وهو «رجلا». ولهذا البيت حكاية شهيرة وقعت في مجلس أحد خلفاء بني العباس تدور حول خلاف الحضور حول «مصابكم رجلا» حيث صدحت به المغنية ناصبة فردّها أحد الحاضرين إلى الرفع «مصابكم رجل» وجرى في هذا مناظرة في حضرة الخليفة. وهي قصة جميلة، فيها فوائد جليلة من النواحي التاريخية والأدبية واللغوية، فلا تحرم نفسك من الاستمتاع بها. وهي موجودة في معجم الأدباء في ترجمة أبي عثمان المازني. وفي كتاب «شرح أبيات المغنى» روايات متعددة منها (ج 7/ 158)، وانظر «الشذور، والعيني/ 2/ 502 والتصريح/ 2/ 64، والهمع/ 2/ 94، والأشموني/ 2/ 288]. 92 - قضى كلّ ذي دين فوفّى غريمه … وعزّة ممطول معنّى غريمها من شعر كثير بن عبد الرحمن المعروف بكثير عزّة. وقضى: فعل ماض. كلّ: فاعل. ذي: مضاف إليه مجرور بالياء نيابة عن الكسرة لأنه من الأسماء الستة. وفّى: فعل ماض، وفاعله مستتر، وغريمه: مفعول به. وعزّة: الواو للحال عزّة: مبتدأ. ممطول خبر المبتدأ. والجملة حالية و «معنّى»: خبر ثان، غريمها: نائب فاعل تنازعه كل من العاملين. ممطول، و «معنّى». وهو موطن

93 - أو عدني بالسجن والأداهم … رجلي فرجلي شثنة المناسم

الشاهد. وقد يعرب إعرابا يبعده عن التنازع: غريمها: مبتدأ. وممطول، ومعنّى خبران. أو ممطول خبر ومعنّى: صفة له أو حال من ضميره. [الانصاف/ 90، وشرح المفصل/ 1/ 8 والشذور، والهمع: 2/ 111، والأشموني في/ 2/ 101]. 93 - أو عدني بالسّجن والأداهم … رجلي فرجلي شثنة المناسم منسوب إلى العديل بن الفرخ. وكان من حديثه أنه هجا الحجاج بن يوسف فلما خاف أن تناله يده، هرب إلى بلاد الروم، واستنجد بالقيصر، فحماه، فلما علم الحجاج بأمره بعث إلى القيصر يتهدده، فأرسله إليه. ومعنى أوعدني: تهددني بشرّ. الآداهم: جمع أدهم، وهو القيد، شثنة: غليظة المناسم: جمع منسم - وزن مجلس - وأصله طرف خف البعير، فاستعمله في الإنسان وإنما حسن ذلك أنه أراد وصف رجليه بالقوة والجلادة والصبر على احتمال القيد. والشاهد: أوعدني. رجلي: حيث أبدل الاسم الظاهر وهو قوله «رجلي» من ضمير الحاضر وهو ياء المتكلم - بدل بعض من كلّ. وقوله: فرجلي. الفاء فاء الفصيحة. رجلي: مبتدأ. شثنة خبر. [شرح المفصل/ 3/ 70، والشذور، والعيني/ 4/ 190، والهمع/ 2/ 127، والأشموني/ 3/ 129 واللسان «وعد»]. 94 - وندمان يزيد الكأس طيبا … سقيت وقد تغوّرت النجوم من كلام البرج بن مسهر - يقوله في الحصين بن الحمام المري، وكانا نديمين. والندمان: الذي ينادمك على الشراب ويشاركك فيه، ومؤنثه: ندمانة. أما «ندمان» من الندم فمؤنثه. «ندمى» مثل: ظمآن، وظمأى .. والكأس. مؤنث بدون علامة. ولا يقال كأس: إلا أن يكون فيه شراب، فإذا خلا من الشراب، فهو كوب. وتغوّرت النجوم: غربت. وقوله: وندمان: الواو واو ربّ. ندمان: مبتدأ مرفوع بضمة مقدره، يزيد: مضارع، وفاعله ضمير ندمان. والكأس: مفعول أول. وطيبا مفعول ثان ليزيد. والجملة صفة ندمان. والرابط ضمير ب سقيت، محذوف.

95 - بأبه اقتدى عدي في الكرم … ومن يشابه أبه فما ظلم

ويصح إعراب «ندمان» مفعولا به لسقيت تقدم عليه، وهو الأرجح. وقد: الواو للحال - وقد: حرف تحقيق. تغورت النجوم: فعل ماض وفاعله والجملة حالية. والشاهد: ندمان: حيث صرفه (نوّنه) مع أنه وصف في آخره ألف ونون زائدتان، وذلك بسبب أن مؤنث ندمان، ندمانه - بالتاء ومن شرط تأثير الوصفية ألا يكون الوصف مما مؤنثه بزيادة التاء عليه، فلو كان (ندمان) من الندم، امتنع من الصرف لأن مؤنثه (ندمى) مثل سكران، وسكرى. أما ندمان هنا: فهو الذي يرافقك على الشراب ويقال فيه «نديم» أيضا. [الشذور/ 453، والحماسة/ 1272، وشرح أبيات المغني/ 2/ 234]. 95 - بأبه اقتدى عديّ في الكرم … ومن يشابه أبه فما ظلم ينسب لرؤبة بن العجّاج، من أبيات يقال إنه مدح فيها عديّ بن حاتم الطائي ولا أظن أن رؤبة رأى عدي بن حاتم، حيث توفي عدي سنة 68 هـ. وتوفي رؤبة سنة 145 هـ. وبين وفاة حاتم، ووفاة رؤبة سبعة وسبعون عاما، ولعله عديّ آخر من سلالة حاتم أو أنه ضربه مثلا للوراثة المحمودة. وقوله: فما ظلم: يريد أنه لم يظلم أمه لأنه جاء على مثال أبيه الذي ينسب إليه، وذلك لأنه لو جاء مخالفا لما عليه أبوه لنسبه الناس إلى غيره فكان في ذلك ظلم لأمه واتهام لها. والشاهد: بأبه ... ويشابه أبه: حيث جرّ الأول بالكسرة الظاهرة ونصب الثاني بالفتحة الظاهرة وهذا يدل على أن قوما من العرب يعربون هذا الاسم بالحركات الظاهرة، ولا يجلبون لها حروف العلة لتكون علامة إعراب. [العيني/ 1/ 129، والتصريح/ 1/ 64، والهمع/ 1/ 39، والأشموني/ 1/ 170]. 96 - غير لاه عداك فاطرح اللهو … ولا تغترر بعارض سلم غير منسوب ... لاه: اسم فاعل من اللهو. اطرح: اترك. سلم. بفتح السين أو كسرها. أي: صلح وموادعة، وأضاف عارض إليه من إضافة الصفة للموصوف. والمعنى: إن أعداءك غير غافلين عنك - بل يتربصون بك الدوائر فلا تركن إلى الغفلة ولا تغتر بما يبدو لك منهم من المهادنة وترك القتال فإنهم يأخذون في الأهبة والاستعداد.

97 - ينام بإحدى مقلتيه ويتقي … بأخرى المنايا فهو يقظان نائم

غير: مبتدأ. لاه: مضاف إليه. عداك: عدى: فاعل «لاه» سدّ مسدّ خبر المبتدأ، لأن المضاف والمضاف إليه كالشيء الواحد. والشاهد: غير لاه عداك: حيث استغنى بفاعل «لاه» عن خبر المبتدأ وهو «غير» لأن المبتدأ المضاف لاسم الفاعل دال على النفي. فكأنه «ما» في قولك «ما قائم محمد» فالوصف مخصوص لفظا بإضافة المبتدأ إليه وهو في قوة المرفوع بالابتداء. والإشكال هنا: أن النفي الذي سبق اسم الفاعل ليسوغ عمله، مركب مع اسم الفاعل تركيبا إضافيا لأنه اسم، فهو واسم الفاعل يكونان كلمة واحدة ... فلم يقع اسم الفاعل مبتدأ. وانظر أيضا في حرف النون «غير مأسوف ... والحزن». [شرح أبيات مغنى البيب/ 8/ 44، والأشموني/ 1/ 191]. 97 - ينام بإحدى مقلتيه ويتقي … بأخرى المنايا فهو يقظان نائم قاله حميد بن ثور الهلالي من قطعة يصف فيها الذئب. ولكن القصيدة عينية وصحة الرواية «يقظان هاجع» وإنما ذكرته في حرف الميم لأنه روي كذلك في كتب النحو. والشاهد: فهو يقظان هاجع» حيث أخبر عن مبتدأ واحد وهو قوله «هو» بخبرين، وهما: «يقظان هاجع». من غير عطف الثاني منهما على الأول. والشواهد على هذا كثيرة ومنها في القرآن «كلا إنها لظى نزاعة للشوى» [المعارج: 15]. [الأشموني/ 1/ 222، وديوان الشاعر، بقافية العين]. 98 - فكيف إذا مررت بدار قوم … وجيران لنا كانوا كرام من قصيدة للفرزدق يمدح فيها هشام بن عبد الملك. كيف: اسم استفهام أشرب معنى التعجب في محل نصب حال من فاعل هو ضمير مستتر في فعل محذوف وتقدير الكلام. كيف أكون .. بدار: مجرور وقوم مضاف إليه وجيران: معطوفة - لنا: الجار والمجرور متعلقان بصفة لجيران. وكرام: صفة مجرورة لجيران. كانوا: زائدة لتوكيد المضي. والشاهد: كانوا: حيث زيدت بين الصفة «كرام» والموصوف «جيران» وأنكر ابن هشام

99 - أكثرت في العذل ملحا دائما … لا تكثرن إني عسيت صائما

والمبرّد زيادتها في هذا البيت، لأنها تزاد عادة مفردة و «كانوا» اتصل بها اسمها. ورأوا أن خبرها مقدم عليها وهو «لنا» ويكون الفصل بين الصفة والموصوف بالجملة. والمذهب الأول مذهب سيبويه. [سيبويه/ 1/ 192، والأشموني/ 1/ 240، وشرح أبيات المغني/ 5/ 168 والخزانة/ 9/ 217]. 99 - أكثرت في العذل ملحّا دائما … لا تكثرن إنّي عسيت صائما غير منسوب. والعذل: الملامة .. وألحّ: أي: أكثر. والمعنى: أيها العاذل الملحّ في عذله، إنه لا يمكن مقابلة كلامك بما يناسبه من السبّ فإنني صائم. وهو مقتبس من الحديث، فليقل إني صائم. وفي البيت مسألتان: 1 - الأولى كونه مجهول القائل، ويستدل به على قاعدة نحوية. 2 - والثانية: موطن الاستشهاد. أما كونه مجهول: فقد قال البغدادي في «شرح أبيات المغنى» ج 3/ 341. الشاهد الذي جهل قائله إن أنشده ثقة كسيبويه وابن السّراج والمبرد، ونحوهم، فهو مقبول يعتمد عليه ولا يضر جهل قائله، فإن الثقة لو لم يعلم أنه من شعر من يصح الاستدلال به، ما أنشده. أما موطن الاستشهاد، فهو عسيت صائما: حيث أجرى «عسى» مجرى «كان» فرفع بها الاسم ونصب الخبر وجاء بخبرها اسما «مفردا» والأصل أن يكون خبرها جملة فعلية فعلها مضارع. وقال البغدادي: إنّ «عسى» هنا، فعل تام خبري، لا فعل ناقص إنشائي ويدلك على أنه خبري وقوعه خبرا ل (إنّ) ولا يجوز بالاتفاق «إنّ زيدا هل قائم». وعلى هذا فالمعنى في البيت. «إني رجوت أن أكون صائما» فصائما: خبر ل كان المحذوفة، وأن والفعل مفعول - لعسى، وسيبويه - يجيز حذف (أن والفعل) إذا قويت الدلالة على المحذوف [الخصائص/

100 - ما أعطياني ولا سألتهما … إلا وإني لحاجزي كرمي

1/ 68، وشرح المفصّل/ 7/ 14، 112، والأشموني/ 1/ 259. وشرح أبيات المغني/ 3/ 341]. 100 - ما أعطياني ولا سألتهما … إلا وإنّي لحاجزي كرمي من قصيدة لكثيّر عزّة يمدح فيها عبد الملك بن مروان وأخاه عبد العزيز. ومعنى «حاجزي» أي، مانعي. يريد أنه إذا سألهما وأعطياه، حجزه كرمه عن الإلحاف في السؤال. وقوله: إلا وإني: إلا: أداة استثناء والمستثنى منه محذوف، أي: ما أعطياني ولا سألتهما في حالة من الأحوال. إني: إنّ واسمها والواو قبلهما للحال، وإنّ مكسورة الهمزة. لحاجزي: اللام للتوكيد حاجزي، حاجز: خبر إنّ مضاف إلى ياء المتكلم من إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله. كرمي: فاعل بحاجز وجمله «إن» واسمها وخبرها في محل نصب حال، وهذه الحال في المعنى، مستثناة من عموم الأحوال، وكأنه قال: ما أعطياني ولا سألتهما في حالة إلا هذه. والشاهد: إلا، وإني: حيث جاءت همزة إنّ مكسورة لأنها وقعت موضع الحال وسبب آخر، أنها دخلت اللام في خبرها، وهذا مثل قوله تعالى. «وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ» [الفرقان: 20] [سيبويه/ 1/ 472. والعيني/ 2/ 308، والهمع/ 1/ 246، والأشموني/ 1/ 275]. 101 - ألا ارعواء لمن ولّت شبيبته … وآذنت بمشيب بعده هرم غير منسوب. والارعواء: الانتهاء والانكفاف. ألا: الهمزة للاستفهام .. لا: نافية للجنس، وقصد بالحرفين جميعا: التوبيخ والإنكار. ارعواء: اسم «لا» - لمن: الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر «لا» وموطن الشاهد: ألا .. حيث أبقى للا النافية عملها الذي تستحقه مع دخول همزة الاستفهام عليها لأنه قصد بالحرفين جميعا التوبيخ والإنكار. [شرح أبيات المغنى/ 2/ 92، والهمع/ 1/ 147، والأشموني/ 2/ 14].

102 - فلا تعدد المولى شريكك في الغنى … ولكنما المولى شريكك في العدم

102 - فلا تعدد المولى شريكك في الغنى … ولكنما المولى شريكك في العدم البيت للنعمان بن بشير الأنصاري ... ومعنى «لا تعدد» لا تظن .. والمولى هنا معناه الحليف، أو الناصر. والعدم. بضم العين وسكون الدال. الفقر والمعنى: لا تظن أن صديقك هو الذي يشاطرك المودة أيام غناك، فإنما الصديق الحقّ هو الذي يلوذ بك ويشاركك أيام فقرك. والشاهد: فلا تعدد المولى شريكك. حيث استعمل المضارع من «عدّ» بمعنى ظنّ ونصب به مفعولين. أحدهما «المولى» والثاني «شريكك» [الهمع/ 1/ 148، والأشموني/ 2/ 22، والخزانة/ 3/ 57]. 103 - فلم يدر إلّا الله ماهيّجت لنا … عشية آناء الدّيار وشامها من شواهد سيبويه، ولم ينسبه، وهو من قصيدة لذي الرّمة غيلان بن عقبة ومطلعها: مررنا على دار لميّة مرّة … وجاراتها قد كاد يعفو مقامها آناء: على وزن آرام وآبار. أو «آناء» على وزن أعمال. إما جمع (نأي) وهو البعد أو جمع «نؤي. وهو الحفيرة تحفر حول الخباء لتمنع عنه المطر ... والشام: جمع شامة - وهي العلامة، وشام معطوف إما على آناء وإما على عشية. والمعنى: لا يعلم إلا الله مقدار ما هيجنه فينا من كوامن الشوق هذه العشية التي قضيناها بجوار آثار دار المحبوبة وعلامات هذه الدار. لم يدر: فعل مجزوم. الله: فاعل. ما: اسم موصول مفعول به ليدري وجملة «هيجت» صلة الموصول. لنا: الجار والمجرور متعلقان ب: هيجت. عشيّة: يجوز أن يكون فاعل «هيجت» آناء: مضاف إليه ... وشامها: معطوف على عشية إن جعلته فاعل «هيجت» ويجوز نصب «عشية» على الظرفية، و «آناء» فاعل هيجت، وحذف تنوين عشية ضرورة. ويكون «شامها» معطوفا على «آناء الديار». والإعراب الأول أقوى. الشاهد: فلم يدر إلا الله ما .. حيث قدم الفاعل المحصور ب إلا على المفعول به وهذا رأي الكسائي. والجمهور على أنه ممنوع وعندهم أن «ما» اسم موصول، مفعول به

104 - تزودت من ليلى بتكليم ساعة … فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها

لفعل محذوف والتقدير: فلم يدر إلا الله، درى ما هيجت لنا. [الهمع/ 1/ 161، والأشموني/ 2/ 57]. 104 - تزوّدت من ليلى بتكليم ساعة … فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها منسوب إلى قيس بن الملوح صاحب ليلى. فما زاد إلا: ما نافية. زاد: ماض - إلا: أداة حصر. ضعف: مفعول به ل زاد (ما) اسم موصول مضاف إليه. (بي) جار ومجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول. كلامها: فاعل (زاد). الشاهد: «فما زاد إلا ضعف ما بي كلامها: حيث قدم المفعول به وهو «ضعف» على الفاعل وهو «كلامها» مع كون المفعول منحصرا ب إلا. وهذا جائز عند الكسائي وأكثر البصريين. [الهمع/ 1/ 161، والأشموني/ 2/ 57]. 105 - ولو أنّ مجدا أخلد الدّهر واحدا … من الناس أبقى مجده الدّهر مطعما لحسان بن ثابت يرثي مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصيّ أحد أجواد مكة. يريد: أنه لا بقاء لأحد في هذه الدنيا مهما يكن نافعا لمجموع البشر. لو: حرف شرط غير جازم. (أن مجدا أخلد) المصدر المؤول فاعل لفعل محذوف والتقدير: لو ثبت ... وهو فعل الشرط. الدهر: منصوب على الظرفية الزمانية. أبقى: جواب الشرط. مجده: فاعل أبقى - والهاء: مضاف إليه يعود إلى «مطعم» المتأخر. والشاهد: أبقى مجده مطعما: حيث أخر المفعول به - مطعما - عن الفاعل، وهو، «مجده» مع أنّ الفاعل مضاف إلى ضمير يعود إلى المفعول، فيقتضي أن يرجع الضمير إلى متأخر لفظا ورتبة. ويبدو أن القول بأن المفعول به متأخر في الرتبة، ليس ثابتا، لأن المفعول به قد يتقدم في منازل لا يتطاول إليها الفاعل، حيث يتقدم كثيرا على الفعل فتقول: «الكتاب قرأت» والفاعل لا يتقدم. ويتقدم على الفاعل كثيرا فنقول: «قرأ الكتاب محمد». فهاتان منزلتان يتقدم فيها المفعول، وليس للفاعل إلا منزلة واحدة. ويتقدم المفعول به على الفاعل، لأهداف بلاغية، لا تذكر لتقدم الفاعل على المفعول .. حيث يتقدم الفاعل

106 - تمرون الديار ولم تعوجوا … كلامكم علي إذا حرام

فقط، لأنه الأصل، أو الركن وفيه نظر: لأن المفعول به قد يوجد قبل أن يوجد الفاعل - ولا أريد الفاعل الجسم - وإلا فالمفعول الجسم، هو موجود أيضا - ولكني أريد الفاعل (المعنى) بمعنى الفعل الخالق للمفعول ... والتصور الفلسفي: أنّ زيدا موجود، ولكن لا يكون فاعلا قبل أن يفعل المفعول ... ثم يطرأ أمامه طارئ الفعل، فيوجد معنى الفاعل فيه ليفعله. وبهذا يسبق المفعول به الفاعل في رتبة خلق الأشياء. فمن أين جاءت إلى النحويين فكرة القول: إن الفاعل متقدم لفظا ورتبة والمفعول مؤخر في اللفظ والرتبة. لعلّ ذلك جاءهم من فكرة أن الله الخالق، متقدم، أو هو القديم، والمخلوق متأخر. ولكن هذا مردود: لأن الفاعل والمفعول في النحو، متعلقان بالناس والمخلوقين فقط. ثم إن خلق الله مكتوب في اللوح، وهو قديم، لأن «الخالق» من صفات الله القديمة، فيكون مخلوقه قديم محدث ولكنه محدث بالنظر إلى رؤيتنا له. والله أعلم. [الأشموني/ 2/ 58، وشرح أبيات المغني/ 7/ 71]. 106 - تمرون الديار ولم تعوجوا … كلامكم عليّ إذا حرام البيت لجرير بن عطية بن الخطفي. والشاهد: تمرون الديار: حيث حذف الجار وأوصل الفعل اللازم إلى الاسم الذي كان مجرورا فنصبه وأصله «تمرون بالديار» ويسمى ذلك «الحذف والإيصال» وهذا قاصر على السماع، ولا يجوز ارتكابه في سعة الكلام إلا إذا كان المجرور مصدرا مؤولا من «أنّ» الناسخة مع اسمها وخبرها أو من «أن» المصدرية مع فعلها. [ابن عقيل/ 1/ 456، والهمع/ 1/ 83، والخزانة/ 9/ 118، والدرر/ 1/ 107]. 107 - وأغفر عوراء الكريم ادّخاره … وأعرض عن شتم اللئيم تكرّما من شعر حاتم الطائي. والعوراء: الكلمة القبيحة. ادخاره: استبقاء لمودته. وأعرض: أصفح. ادخاره: مفعول لأجله. وتكرّما: مفعول لأجله. والشاهد: ادخاره: حيث وقع مفعولا لأجله مع أنه مضاف للضمير، ولو جرّه باللام فقال: لادخاره. لكان سائغا مقبولا. وهو ردّ على من زعم أن المفعول لأجله لا يكون

108 - لا يركنن أحد إلى الإحجام … يوم الوغى متخوفا لحمام

معرفة لا بإضافة، ولا بأل. [سيبويه/ 1/ 184، وشرح المفصل/ 2/ 54، وشرح التصريح/ 1/ 392]. 108 - لا يركنن أحد إلى الإحجام … يوم الوغى متخّوفا لحمام لقطري بن الفجاءة، أو الطرماح بن حكيم. والمعنى: لا ينبغي لأحد أن يميل إلى الإعراض عن اقتحام الحرب ويركن إلى التواني خوفا من الموت. والشاهد: متخوّفا: حيث وقع حالا من النكرة التي هي قوله «أحد» والذي سوّغ ذلك وقوعها في حيّز. النهي. [ابن عقيل/ 2/ 80، والدرر/ 1/ 200، والمزورقي/ 136، وشرح التصريح/ 1/ 377، والأشموني/ 2/ 175]. 109 - ولقد أراني للرّماح دريئة … من عن يميني تارة وأمامي لقطري بن الفجاءة الخارجي. وقوله: درئية: هي حلقة يرمي فيها المتعلم ويطعن للتدرب على إصابة الهدف. وأراد بهذه العبارة أنه جريء على اقتحام الأهوال. ومنازلة الأبطال. وأنه ثابت عند اللقاء، ولو أن الأعداء قصدوا إليه وتناولته رماحهم من كل جانب. وذكر اليمين، والأمام وحدهما وترك اليسار والظهر لأنه يعلم أن اليسار كاليمين وأن الظهر قد جرت العادة ألا يمكن الفارس منه أحدا بل لأن الطعن في الظهر دليل الفرار. وقوله: أراني: مضارع، والياء مفعوله الأول - درئية مفعوله الثاني (من عن) من حرف جرّ - و «عن» اسم بمعنى «جانب، مجرور بمن في محل جرّ. وتارة: منصوب على الظرفية، بمعنى «مرة». والشاهد: «من عن» حيث استعمل «عن» اسما بمعنى «جهة» .. بدليل دخول حرف الجرّ عليه. [شرح التصريح/ 2/ 19، والأشموني/ 2/ 226، وابن عقيل/ 2/ 130، والمرزوقي/ 136، والدرر/ 1/ 138]. 110 - فإنّ الحمر من شرّ المطايا … كما الحبطات شرّ بني تميم البيت لزياد الأعجم .. والحمر: الحمير، ويروى «فإن النيب» والنيب: جمع ناب،

111 - وأعلم أنني وأبا حميد … كما النشوان والرجل الحليم

وهي الناقة المسنة. والحبطات: بفتح الحاء وكسر الباء، هم بنو الحارث بن عمر بن تميم وكان أبوهم الحارث في سفر فأكل أكلا انتفخ منه بطنه فمات، فصار بنو تميم يعيّرون بالطعام حتى قال الشاعر في هجائهم: إذا ما مات ميت من تميم … فسرّك أن يعيش فجئ بزاد والبيت الشاهد معه بيتان مرفوعا القافية، فيكون فيه إقواء، والبيتان هما: وأعلم أنني وأبا حميد. … كما النّشوان والرجل الحليم أريد حباءه ويريد قتلي … وأعلم أنه الرجل اللئيم والشاهد: كما الحبطات: حيث زيدت «ما» بعد الكاف، فمنعتها من جرّ ما بعدها ووقع بعدها جمله من مبتدأ وخبر: الحبطات: مبتدأ - شرّ: خبر. [الخزانة/ 10/ 208]. 111 - وأعلم أنّني وأبا حميد … كما النشوان والرجل الحليم لزياد الأعجم ... والنشوان: السكران: وأراد به لازمه وهو الذي يعيب كثيرا. ويقول ما لا يحتمل. بدليل ذكر الحليم في مقابلته. والشاهد فيه «كما النشوان، على أنّ «ما» هنا، كفّت الكاف عن عمل الجرّ. أقول: قد تعدّ الكاف هنا عاملة مع وجود (ما) وتكون النشوان - مجرورة، ويعطف عليها بالجر، ويكون الإقواء في البيت المرفوع القافية ... بل إن ما زعموه إقواء هو، من تحريف الرواة، وما أظن الشاعر يقوي في ثلاثة أبيات، فالإقواء أكثر ما يكون مبنيا على الوهم من الشاعر، لبعد المسافة بين القوافي. وربما كانت رواية البيت في الشطر الثاني «لكالنشوان والرجل الحليم» وعليه فلا شاهد في البيت وإذا صحت الأبيات الثلاثة التي منها هذا البيت، يكون الإقواء في القافية المرفوعة. ومن العجيب أن الأبيات الثلاثة التي منها هذا الشاهد جاءت على وزن وقافية الأبيات التي ذكرنا في سياقها البيت: وكنت إذا غمزت قناة قوم … كسرت كعوبها أو تستقيما وهي للشاعر نفسه، وفي هجاء بني تميم أيضا، وفي تلك الأبيات كان إقواء بين الرفع والجرّ. فهل كان زياد الأعجم ضعيف الذاكرة، قليل الذوق الأدبي. أم أن هذا من خلط

112 - ماوي يا ربتما غارة … شعواء كاللذعة بالميسم

الرواة؟ الصحيح أن هذا من خلط الرواة، وأن البيت السابق برقم (111) عملت الكاف الجرّ، ولم تكف، وأن البيت الثالث يمكن روايته: أريد حباءه ويريد قتلي … فأعلم فعله فعل اللئيم لأنّ من يقابل الإحسان بالإساءة، يكون فعله فعل لئيم. [شرح أبيات المغني/ 4/ 125]. 112 - ماويّ يا ربتما غارة … شعواء كاللّذعة بالميسم قاله ضمرة النهشلي ... والغارة: من أغار القوم، أي: أسرعوا في السير للحرب. شعواء: منتشرة متفرقة. اللذعة: مأخوذ من لذعته النار، أي: أحرقته. الميسم: ما يوسم به البعير، بالنار. أي: يعلم ليعرف وكان لكل قبيلة وسم مخصوص يطبعونه على إبلهم بالكيّ لتعرف. ماويّ: منادى مرخّم. وحرف النداء محذوف، وأصله: يا ماوية ... يا ربتما: يا: حرف تنبيه. ربتما: ربّ حرف جر شبيه بالزائد، والتاء لتأنيث اللفظ و «ما» زائدة. غارة: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره ... شعواء: صفة مجرورة بالفتحة، لأنه ممنوع من الصرف .. كاللذعة: الجار والمجرور صفة ثانية وخبر المبتدأ في بيت تال وهو قوله: «ناهبتها الغنم». والشاهد: ربتما غارة: حيث دخلت «ما» الزائدة على «ربّ» فلم تكفّها عن عمل الجرّ. [الإنصاف/ 105، وشرح المفصل/ 8/ 31، والهمع/ 2/ 38 والعيني/ 3/ 330، والخزانة/ 9/ 384]. 113 - وننصر مولانا ونعلم أنّه … كما الناس مجروم عليه وجارم قاله عمرو بن براقة الهمداني .. والمعنى: إننا نعين حليفنا ونساعده على عدوّه مع أننا نعلم أنه كسائر الناس، يجني، ويجنى عليه. كما: الكاف، جارة وما: زائدة والناس مجرور، والجار والمجرور خبران. ومجروم: خبر ثان. وعليه: واقع موقع نائب الفاعل لمجروم. وجارم: معطوف.

114 - مشين كما اهتزت رماح تسفهت … أعاليها مر الرياح النواسم

والشاهد: كما الناس «زيدت» «ما» ولم تمنع الكاف من الجرّ. [الأشموني/ 2/ 231، والهمع/ 2/ 38، 130، والعيني/ 3/ 332، والمؤتلف/ 67]. 114 - مشين كما اهتزّت رماح تسفّهت … أعاليها مرّ الرياح النواسم البيت لذي الرّمة غيلان بن عقبة. تسفّهت من قولهم: تسفّهت الرياح الغصون: إذا أمالتها وحركتها. النواسم: جمع ناسمة، وهي الرياح اللينة أول هبوبها، وأراد من الرماح الأغصان. يقول: إنّ هؤلاء النسوة قد مشين في اهتزاز وتمايل، فهنّ يحاكين رماحا - أي غصونا - مرت بها ريح فأمالتها. كما اهتزت: الكاف جارة، و «ما» مصدرية. والمصدر المؤول بها مع الفعل مجرور. أعاليها: مفعول به لتسفهت ... مرّ: فاعل. والنواسم. صفة الرياح مجرورة، لأن «الرياح» مضاف إليه مجرور. والشاهد: قوله «تسفهت. مرّ الرياح ... حيث أنّث الفعل بتاء التأنيث مع أن فاعله مذكر وهو قوله «مرّ» والذي جلب له ذلك إنما هو المضاف إليه وهو «الرياح». حيث يمكن الاستغناء عن «المرّ» بالرياح فنقول تسفهت الرياح أعاليها». [سيبويه/ 1/ 25، والأشموني/ 2/ 248 واللسان «سفه»]. 115 - ألا تسألون الناس أيّي وأيّكم … غداة التقينا كان خيرا وأكرما لا يعرف قائله. ألا: أداة استفتاح وتنبيه. - أيّي: أيّ: مبتدأ، وأيّ مضاف وياء المتكلم مضاف إليه - وأيكم: معطوف على أيّي. غداة: ظرف زمان. وكان: فعل ناقص ... واسمه ضمير مستتر، والجملة خبر المبتدأ الذي هو «أيّ». وجملة المبتدأ والخبر في محلّ نصب مفعول ثان ل: «تسألون» في أول البيت. والشاهد: «أيّي. وأيكم: حيث أضاف «أيا» إلى المعرفة، وهي ضمير المتكلم في الأول وضمير المخاطبين في الثاني، والذي سوّغ ذلك تكرارها.

116 - فريشي منكم وهواي معكم … وإن كانت زيارتكم لماما

والاسم أي: من الأسماء التي تلازم الإضافة لفظا ومعنى، أو معنى ولا تضاف إلى مفرد معرفة إلا إذا تكررت كالمثال الشاهد أو قصدت الأجزاء كقولك: أيّ هند أحسن: أي: أيّ أجزاء هند أحسن، فيقال: عيناها، أو أنفها. وأيّ: تكون استفهامية وشرطية وصفة، وحالا، وموصولة. أما الموصولة، فإنها تضاف غالبا إلى معرفة، تقول: يعجبني أيّهم قائم. أما الصفة، فهي التي تكون صفة لنكرة ولا تضاف إلا إلى نكرة نحو مررت برجل أيّ رجل. وأما الحال ... فلا تضاف إلا إلى نكرة، وتكون حالا بعد معرفة مثل «مررت بزيد أيّ فتى». وأما الشرطية والاستفهامية، فتضافان إلى المعرفة وإلى النكرة مطلقا. واعلم أن «أي». إن كانت صفة أو حالا فهي ملازمة للإضافة لفظا ومعنى نحو «مررت برجل أيّ رجل، وبزيد أيّ فتى». وإن كانت استفهامية أو شرطية أو موصولة: فهي ملازمة للإضافة معنى لا لفظا نحو: أيّ رجل عندك؟ وأيّ عندك. وأيّ رجل تضرب أضرب، وأيا، تضرب أضرب. ويعجبني أيّهم عندك، ويعجبني أيّ عندك [الأشموني/ 261]. 116 - فريشي منكم وهواي معكم … وإن كانت زيارتكم لماما البيت لجرير بن عطية من قصيدة يمدح فيها هشام بن عبد الملك بن مروان. والريش: يطلق على عدة معان، منها: اللباس الفاخر. والخصب، والمعاش، والقوة. لماما: بكسر اللام: متقطعة بعد كل حين مرة. ريشي: مبتدأ - منكم: خبر. هواي: مبتدأ. معكم: ظرف متعلق بمحذوف خبر. والشاهد: معكم: حيث سكّن العين من «مع». منهم من قال: ضرورة ومنهم من قال

117 - ولئن حلفت على يديك لأحلفن … بيمين- أصدق من يمينك- مقسم

إنها لغة «قيس». [سيبويه/ 2/ 45، وشرح المفصل/ 2/ 128، والأشموني/ 2/ 256]. 117 - ولئن حلفت على يديك لأحلفن … بيمين - أصدق من يمينك - مقسم للفرزدق همام بن غالب. وقوله: على يديك: أراد على فعل يديك، فحذف المضاف، والمقصود: بفعل يديه العطاء والجود وسعة الإنفاق. يقرر أنه متأكد من كرم المخاطب وجوده حتى إنه لو حلف عليه لكان حلفه يمين مقسم صادق لا يشوب حلفه شك. وقوله: لئن: اللام موطئة للقسم. إن: شرطية ... وحلفت: فعل الشرط. لأحلفن: اللام واقعة في جواب القسم. وأحلفن - جواب القسم مبني على الفتح وجواب الشرط محذوف يدل عليه جواب القسم. بيمين: متعلقان بأحلف. أصدق: نعت ليمين. من يمينك - متعلقان بأصدق. ويمين الأول مضاف، ومقسم مضاف إليه. وفي البيت شاهدان: الأول: قوله: بيمين - أصدق من يمينك - مقسم: حين فصل بين المضاف وهو يمين - والمضاف إليه وهو مقسم، بنعت المضاف، وهو «أصدق من يمينك، وأصل الكلام: بيمين مقسم أصدق من يمينك. والثاني: قوله: لأحلفنّ: حيث أتى بجواب القسم وحذف جواب الشرط. لكون القسم الموطأ له باللام في قوله «لئن» مقدما على الشرط. [الأشموني/ 1/ 278]. 118 - كأنّ برذون - أبا عصام … زيد حمار دقّ باللجام لم ينسب. والمعنى: يصف برذون رجل اسمه «زيد» بأنه غير جيد ولا ممدوح وأنه لولا اللجام الذي يظهره من مظهر الخيل، لكان في نظر من يراه، حمارا، لصغره في عين الناظر ولضعفه. الشاهد: كأنّ برذون أبا عصام، زيد: حيث فصل بين المضاف، وهو برذون والمضاف إليه وهو «زيد» بالنداء وهو قوله «أبا عصام» وأصل الكلام:

119 - حتى تهجر في الرواح وهاجها … طلب المعقب حقه المظلوم

كأنّ برذون زيد، يا أبا عصام ... وهذا الفصل ضرورة قبيحة، لأنه يعقّد الكلام ويجعله ملتبسا، والكلام وجد للإفهام. [الهمع/ 2/ 53، والأشموني/ 2/ 278]. 119 - حتى تهجّر في الرواح وهاجها … طلب المعقّب حقّه المظلوم لبيد بن ربيعة العامري، يصف حمارا وحشيا وأتانه، شبه به ناقته. وتهجّر: سار في وقت الهاجرة. الرواح: هو الوقت من زوال الشمس إلى الليل. ويقابله الغدوّ .. هاجها: أزعجها. المعقّب: الذي يطلب حقه مرّة بعد أخرى المعنى: يقول: إن هذا - المسحل - وهو حمار الوحش، قد عجل رواحه إلى الماء وقت اعتداد الهاجرة، وأزعج الأتان. وطلبها إلى الماء مثل طلب الغريم الذي مطله مدين يدين له، فهو يلحّ في طلبه المرة بعد الأخرى. وقوله: تهجّر: فعل ماض فاعله مستتر يعود إلى الحمار الوحشي .. وهاجها: فعل ماض، وفاعله يعود على الحمار. والهاء: تعود على الأتان. طلب: مصدر تشبيهي مفعول مطلق عامله «هاجها» أي: هاجها لكي تطلب الماء حثيثا، مثل طلب المعقّب. والمعقب: مضاف إليه من إضافة المصدر إلى فاعله .. حقه: حق: مفعول به للمصدر الذي هو «طلب». ويجوز أن يكون مفعولا للمعقب، لأنه اسم فاعل، ومعناه الطالب، والمظلوم نعت للمعقب باعتبار المحلّ، لأنه وإن كان مجرور اللفظ، مرفوع المحل، لأنه فاعل. الشاهد: طلب المعقّب - المظلوم، حيث أضاف المصدر. وهو «طلب». إلى فاعله وهو المعقب، ثم أتبع الفاعل بالنعت وهو المظلوم «وجاء بهذا التابع مرفوعا، نظرا لمحلّ المتبوع. [الخزانة/ 2/ 240، وشرح التصريح/ 2/ 65، والأشموني/ 2/ 290، والهمع/ 2/ 145]. 120 - وكم مالئ عينيه من شيء غيره … إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى البيت لعمر بن أبي ربيعة. والجمرة: مجتمع الحصى بمنى. البيض: جمع بيضاء - وهو صفة لموصوف

121 - وقال نبي المسلمين: تقدموا … وأحبب إلينا أن تكون المقدما

محذوف، أي: النساء البيض. الدمى جمع دمية. وهي الصورة من العاج، وبها تشبه النساء في الحسن والبياض، تخالطه صفرة. المعنى: كثير من الناس يتطلعون إلى النساء الجميلات المشابهات للدمى من بياضهن وحسنهن وقت ذهابهن إلى الجمرات ولكن الناظر إليهنّ لا يفيد شيئا. كم: خبرية، مبتدأ. مالئ: تمييز مجرور بمن المقدرة أو بإضافة كم إليه، عينيه: مفعول به، لمالئ. من شيء: متعلقان بمالئ ... غيره: مضاف إليه. إذا: ظرفية - راح: فعل ماض. نحو: ظرف مكان منصوب - البيض: فاعل (راح) كالدّمى: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من البيض. الشاهد: «مالئ عينيه. حيث عمل اسم الفاعل وهو «مالئ» النصّب. في المفعول به بسبب كونه معتمدا على موصوف محذوف معلوم من الكلام وتقديره: وكم شخص مالئ. والمعمول هو «عينيه» فهو مفعول به منصوب وعلامة نصبه الياء. [سيبويه/ 1/ 165، هارون، وابن عقيل/ 2/ 193]. 121 - وقال نبيّ المسلمين: تقدّموا … وأحبب إلينا أن تكون المقدّما البيت للعباس بن مرداس .. أحد المؤلفة قلوبهم الذين أعطاهم رسول الله من سبي حنين مائة من الإبل. الشاهد: قوله: «أحبب إلينا .. الخ -. أحبب: فعل ماض جاء على صورة الأمر، للتعجب. إلينا: جار ومجرور متعلقان بأحبب - وقد فصل بين فعل التعجب وفاعله الآتي. (أن تكون). المصدر المؤول المجرور بباء زائدة مقدرة، فاعل فعل التعجب وأصل الكلام وأحبب إلينا بكونك المقدمة. ومثل هذا الشاهد. أخلق بذي الصّبر أن يحظى بحاجته … ومدمن القرع للأبواب أن يلجا فإنّ المصدر المنسبك من «أن يحظى. مجرور بباء زائدة مقدرة وهو فاعل (أخلق) وقد فصل بينهما. بقوله: «بذي الصبر». [الهمع/ 2/ 90، والعيني/ 3/ 656].

122 - إني إذا ما حدث ألما … أقول: يا اللهم يا اللهما

122 - إني إذا ما حدث ألمّا … أقول: يا اللهمّ يا اللهمّا هذا البيت لأمية بن أبي الصلت. وقيل: إنه لأبي خراش الهذلي. ويسبقه بيت مشهور. إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا … وأيّ عبد لك لا ألمّا وقوله: ألمّا: في البيت الشاهد: بمعنى نزل. وألمّا: الثانية في البيت التالي: من قولهم ألمّ فلان بالذنب يريدون فعله أو قاربه. والمعنى، يريد أنه كلما نزلت به حادثة وأصابه مكروه لجأ إلى الله في كشف ما يتنزل به. وقوله: اللهم: منادى مبني على الضم في محل نصب والميم المشددة زائدة. والشاهد: يا اللهم. حيث جمع بين حرف النداء والميم المشددة التي يؤتى بها للتعويض عن حرف النداء. وهذا شاذ. [الإنصاف/ 341، وشرح المفصل/ 2/ 16، وشرح المغني/ 4/ 397]. 123 - يحسبه الجاهل ما لم يعلما … شيخا على كرسيّه معمّما البيت لأبي الصمعاء مساور بن هند العبسي، وهو شاعر مخضرم. وقوله: يحسبه: الضمير يعود على القمع - بكسر القاف وفتح الميم - وهو آلة تجعل في فم السقاء ونحوه، ويصبّ فيها اللبن، حيث يتحدث في أبيات سابقة عن غزارة الحليب الذي تحلبه النوق وكون هذا القمع يكسى بالرغوة العظيمة التي يصفها الشاعر في البيت الشاهد. فقال: «وقمعا يكسى ثمالا قشعما» والثمال: الرغوة، والقشعم العظيم الضخم. شبه القمع والرغوة التي تعلوه بشيخ معمم جالس على كرسي. وعدم الاطلاع على الأبيات السابقة، جعل بعض الشراح يظن أن الموصوف جبل قد عمّه النبات. وليس كذلك. وقوله: ما لم يعلما: ما مصدرية. ولم: نافية جازمة، ويعلما: مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف. والشاهد: «لم يعلما» حيث أكدّ المضارع المنفي بلم، وأصله ما لم يعلمن - فقلبت

124 - فإن يهلك أبو قابوس يهلك … ربيع الناس والبلد الحرام ونأخذ بعده بذناب عيش … أجب الظهر ليس له سنام

النون ألفا للوقف، وهذا التوكيد لا يجوز إلا في الضرورة عند سيبويه. [سيبويه/ 2/ 152، والإنصاف/ 53، وشرح المفصل/ 9/ 42، والأشموني/ 3/ 218]. 124 - فإن يهلك أبو قابوس يهلك … ربيع الناس والبلد الحرام ونأخذ بعده بذناب عيش … أجبّ الظّهر ليس له سنام البيتان للنابغة الذبياني، وكان النابغة قد وفد على النعمان بن المنذر، إبّان مرضه ولما أراد الدخول عليه منعه عصام بن شهبرة الجرمي صاحب النعمان ... فقال يخاطبه. ألم أقسم عليك لتخبرنّي … أمحمول على النعش الهمام فإني لا ألام على دخول … ولكن ما وراءك يا عصام وبعدهما البيتان. يهلك. من باب ضرب يضرب، فعل لازم يتعدى بالهمزة .. وأبو قابوس: كنية النعمان. و «قابوس» يمتنع من الصرف للعلمية والعجمة. وقوله: والبلد الحرام: كنى به عن أمن الناس، وطمأنينتهم وراحة بالهم وذهاب خوفهم، وجعله كذلك لأنه سبب فيه. ذنابّ بكسر الذال .. وذناب كل شيء: عقبه وآخره. أجبّ الظهر: مقطوع السنام شبه الحياة بعد النعمان والعيش في ظلال غيره وما يلاقية الناس من المشقة، ببعير قد أضمره الهزال، وقطع الإعياء سنامه. وقوله: ليس له سنام: فضل في الكلام يدل عليها سابقه. والشاهد: «ونأخذ» حيث روي بالجزم والنصب والرفع: الجزم بالعطف على جواب. الشرط «يهلك» في نهاية الشطر الأول. ويروى بالنصب: فالواو للمعية، والفعل منصوب بأن وإنما ساغ ذلك، مع أن شرط النصب بعد واو المعية أن تكون واقعة بعد نفي أو طلب، لأن مضمون الجزاء، لم يتحقق وقوعه لكونه معلقا بالشرط، فأشبه الواقع بعد الاستفهام. ويروى بالرفع: فالواو للاستئناف. وهذه الوجوه الثلاثة تجوز في الفعل المعطوف على جواب الشرط، بالواو والفاء ... وفي هذا البيت تجوز الوجوه الثلاثة، لأن الوزن الشعري لا يأباها. [الأشموني/ 4/ 24، والخزانة/ 7/ 115].

125 - أتوا ناري فقلت منون أنتم … فقالوا الجن قلت: عموا ظلاما فقلت: إلى الطعام فقال منهم … زعيم: نحسد الإنس الطعاما

125 - أتوا ناري فقلت منون أنتم … فقالوا الجنّ قلت: عموا ظلاما فقلت: إلى الطعام فقال منهم … زعيم: نحسد الإنس الطعاما قالها شمير بن الحارث، ذكر في البيتين أنّ الجنّ طرقته وقد أوقد نارا لطعامه فدعاهم إلى الأكل منه فلم يجيبوه وزعموا أنهم يحسدون الإنس في الأكل وأنهمّ فضلوا عليهم بأكل الطعام. والشاهد «منون» حيث جمعه في الوصل ضرورة، وإنما يجمع في الوقف وهو جمع «من». [سيبويه/ 1/ 402، والخصائص/ 1/ 129، وشرح المفصّل/ 4/ 16]. 126 - بنيّ إنّ البرّ شيء هيّن … المنطق الطّيّب والطّعيّم ليس له قائل مسمّى، وإنما يرويه الثقات عن الأعراب، ولكن هذا الرجز يروى. بنّي إنّ البر شيء هيّن … وجه طليق وكلام ليّن أما الرواية التي ذكرتها وآخرها «الطعيم» بالميم تصغير الطعام، فهي شاهد على إعطاء الحرف حكم مقاربه في المخرج متى اجتمعا رويّين (هيّن) و «طعيّم» لتقارب الميم والنون في المخرج، فجعل قافية الميم مثل النون [شرح المفصل/ 10/ 35، 144. وشرح أبيات المغني/ 8/ 67]. 127 - لا يبعد الله التّلبّب وال … غارات إذ قال الخميس نعم من قصيدة للمرقش الأكبر في المفضليات، واسم الشاعر عوف بن سعد، وسمي المرقش لقوله: الدار قفر والرسوم كما … رقّش في ظهر الأديم قلم ومعنى رقش: زيّن، وحسّن، والمرقش الأصغر ابن أخيه. والاثنان جاهليان. ذكر ابن هشام البيت في الباب الخامس تحت عنوان «في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها .. وذكر عشر جهات، وأولها وهي أهمها: أن يراعي المعرب ما يقتضيه ظاهر الصناعة ولا يراعى المعنى، وكثيرا ما تزل الأقدام بسبب ذلك». وأول واجب على المعرب أن يفهم معنى ما يعربه، مفردا أو مركبا، ولهذا لا يجوز

128 - وأنت التي حببت شغبا إلى بدا … إلي وأوطاني بلاد سواهما حللت بهذا حلة ثم حلة … بهذا فطاب الواديان كلاهما

إعراب فواتح السور على القول بأنها من المتشابه الذي استأثر الله بعلمه. وحكى أن بعض المشايخ أعرب لتلميذ له البيت الشاهد فقال: «نعم» حرف جواب. ثم طلبا محل الشاهد في البيت فلم يجداه، فظهر لي حسن لغة كنانة في «نعم» الجوابية وهي «نعم» بكسر العين. يريد أننا لو أخذنا بلغة كنانة. ما حصل التباس في ذهن القارئ بين «نعم» واحد الأنعام، وبين «نعم» حرف الجواب. قال: وإنما «نعم» هنا واحد الأنعام، وهو خبر لمبتدأ محذوف، أي: هذه نعم». ومعنى التلبب. لبس السلاح كله، والخميس الجيش. والنّعم: الإبل. أي: إذا قال الجيش: هذا نعم، فأغيروا عليه. ولفظ البيت يريد به الدوام والاستمرار. أي: أدام الله عليّ - لبس السلاح والغارة على أموال الناس. «وإذ» ظرف متعلق بالغارات. ومراده: لا يبعد الله عني. [شرح أبيات المغنى/ 7/ 142]. 128 - وأنت التي حبّبت شغبا إلى بدا … إليّ وأوطاني بلاد سواهما حللت بهذا حلّة ثم حلّة … بهذا فطاب الواديان كلاهما البيتان لكثير عزّة. أوردهما أبو تمام في الحماسة .. وشغب: بفتح الشين وسكون الغين ضيعة كانت في نواحي وادي القرى (العلا). و «بدا» مثلها. وذكروا البيت الأول شاهدا على أن «إلى» في الشطر الأول تدلّ على الترتيب بمنزلة الفاء. والذي دعا إلى هذا الفهم أنه رتب الحلول والنزول في البيت الثاني ولم يجعل نزولها في المكانين في وقت واحد. وقال أيضا: حببت شغبا إلى بدا. ولم يقل «من شغب إلى بدا» لتدل «إلى» على الغاية والنهاية ثم إن حبه يدخل فيه وادي «بدا». ولو قلنا إنّ «إلى» بمعنى الغاية، يقف الحب عند بداية «بدا» لأنها النهاية. قالوا: وقد تكون «إلى» هنا، بمعنى «مع» وهو أقوى، والله أعلم. [شرح أبيات المغني/ 4/ 28]. 129 - ولو أنها عصفورة لحسبتها … مسوّمة تدعو عبيدا وأزنما البيت للعوّام بن شوذب من قصيدة، يقولها في يوم من أيام العرب في الجاهلية، وذكرها بعض الشراح في ديوان جرير، وهي ليست له. والشاعر يهجو خصومه بأنهم قد حلّ الرعب بهم حتى إنهم يظنون العصفورة خيلا مسوّمة. والعصفورة: الطير الصغير. والهاء في «أنها» راجع إلى شيء معلوم من المقام.

130 - أقول له ارحل لا تقيمن عندنا … وإلا فكن في السر والجهر مسلما

و «حسبتها» بتاء الخطاب. وعبيد، بالتصغير، وأزنم، بطنان من بني يربوع لا ينصرفان. ومسوّمة: أي خيلا مسومة. وهي المعلمة بعلامة. والبيت شاهد على أن خبر «أنّ» الواقعة بعد «لو» جاء اسما. ردّا على من زعم أنه لا بدّ أن يكون خبر «أنّ» الواقعة بعد «لو» فعلا والشواهد على وقوعه اسما كثيرة ... وإنكار وقوع خبر «أن» في هذا المقام اسما، إذا أعربنا المصدر المؤول فاعلا لفعل محذوف تقديره «ثبت». أما من يعرب المصدر المؤول مبتدأ، فلا يشترط هذا الشرط [شرح أبيات المغني/ 5/ 97]. 130 - أقول له ارحل لا تقيمنّ عندنا … وإلّا فكن في السّرّ والجهر مسلما مجهول القائل. والشاهد: أن جملة «لا تقيمنّ عندنا» بدل من جملة «ارحل». والثانية أوفى بتأدية المراد من الأولى [شرح أبيات المغني/ 6/ 200]. 131 - إذا المرء عينا قرّ بالعيش مثريا … ولم يعن بالإحسان كان مذمّما البيت منسوب لحسان بن ثابت رضي الله عنه وليس في ديوانه ... وإذا: ظرفية شرطية. المرء: فاعل لفعل الشرط المحذوف - عينا: تمييز وعامله «قرّ». مثريا: حال من المرء. والمذمم: ضد الممدوح. والبيت شاهد على تقدم التمييز «عينا» على عامله المتصرف كالحال. وهو مذهب ابن مالك. [شرح أبيات المغني/ 7/ 25]. 132 - تحلّم عن الأدنين واستبق ودّهم … ولن تستطيع الأمر حتى تحلّما البيت منسوب لحاتم الطائي. ويروى: ولن تستطيع الحلم. والبيت شاهد على أن «الأدنين» جمع «أدنى» بمعنى أقرب، لأن نونها مفتوحة أما المثنى فإن نونه مكسورة .. وفيه شاهد: على أن «تحلّم» لتكلف الحلم. لأن وزن «تفعّل» يكون لمن أدخل نفسه في الشيء وإن لم يكن من أهله، كما قالوا: تعرّب، وتقيّس، أي: أدخل نفسه في العرب والقيسيين. أما «تحلما» في آخر البيت، فهي مضارع، وأصله «تتحلم» بتائين ثم حذف التاء، وهو مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا والألف فيه

133 - إن الذين قتلتم أمس سيدهم … لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما

للإطلاق. [شرح أبيات المغنى 8/ 39]. 133 - إنّ الذين قتلتم أمس سيّدهم … لا تحسبوا ليلهم عن ليلكم ناما قاله أبو مكعت، أخو بني سعد بن مالك. وإسناد نام إلى ضمير الليل مجاز، والمراد: نوم أهله، أي: لا تحسبوهم سكتوا عنكم، وتركوا الأخذ بثأر سيدهم منكم، جعل سكوتهم عن الأخذ بثأر سيدهم نوما، على سبيل الاستعارة، وخصّ الليل، لأنه وقت إعمال الفكر والتدبير لأخذ الثأر بالغارة ونحوها، والبيت شاهد على أن جملة النهي وهي «لا تحسبوا» وقعت خبرا عن اسم إنّ، بتأويل لأنها جملة إنشائية، والخبر لا يكون إلا جملة خبرية. [شرح أبيات المغني/ 7/ 229]. 134 - فلا تشلل يد فتكت بعمرو … فإنّك لن تذلّ ولن تضاما قاله رجل من بني بكر بن وائل، في الجاهلية، ورواه أهل الثقة في النقل .. شلّت، وتشلل - بالبناء للمعلوم ولا يقال - شلّت يده. فهو فعل لازم يتعدى بالهمزة، فيقال أشلّ الله يده .. وأشلّت يده. بالبناء للمجهول. وفي البيت أسلوب الالتفات حيث دعا لصاحبه على الغيبة ثم خاطبه فقال: فإنك. والبيت شاهد على أنّ «لا» فيه للدعاء، دعا له بأن لا تشلّ يده. [شرح أبيات المغني/ ج 5/ 15]. 135 - بآية يقدمون الخيل شعثا … كأنّ على سنابكها مداما البيت للأعشى. الآية: العلامة. وشعث: متغيرة من السفر والجهد. والسنابك جمع سنبك، وهو مقدم الحافر. يقول: أبلغهم عني كذا، بعلاقة إقدامهم الخيل للقاء شعثا. وشبه ما ينصبّ من عرقها ممتزجا بالدم على سنابكها، بالخمر أراد: أن ذلك لما صار عادة وأمرا لازما، صار علامة ... والشاهد: إضافة «آية» إلى الجملة الفعلية على تأويل المصدر أي: بآية إقدامكم الخيل. [شرح أبيات المغني/ 6/ 277]. 136 - ألا من مبلغ عنّي تميما … بآية ما يحبّون الطعاما قاله يزيد بن عمرو بن الصعق الكلابي يهجو بني تميم .. والشاهد: بآية ما يحبون .. يرى سيبويه أن «ما» زائدة. وآية مضافة إلى الجملة

137 - لا يلفك الراجوك إلا مظهرا … خلق الكرام ولو تكون عديما

الفعلية. ويرى ابن جني أن «ما» مصدرية، وآية: مضافة إلى المصدر المؤول ... وقد هجا بني تميم بأنهم يحبون الطعام، لأن أحد سادتهم أكل طعاما فمات به. فعيروا أنهم يحبون الطعام منذ ذلك الوقت. [شرح أبيات المغنى/ 6/ 285]. 137 - لا يلفك الراجوك إلا مظهرا … خلق الكرام ولو تكون عديما ليس له قائل معروف ... يلفك: مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون. والكاف مفعوله الأول - ومظهرا: مفعوله الثاني. والراجوك: فاعل مرفوع بالواو، وحذفت النون للإضافة. خلق: مفعول - مظهرا». والشاهد: ولو تكون عديما: على أن الفعل الذي بعد «لو» للاستقبال. يعني أن «لو» فيه بمعنى «إن» الشرطية والمضارع بعدها مستقبل لأنّ المعنى على الاستقبال. يريد: لا يجدك أحد من السائلين إلا وأنت تظهر لهم خلقا جميلا مثل أخلاق الكرماء ولو كنت حالتئذ لا تملك شيئا. والمعروف أنّ «لو» حرف شرط للمستقبل، فإذا دخل على الماضي يصرفه إلى المستقبل. وإذا وقع بعده مضارع فهو مستقبل المعنى]. [شرح أبيات المغني/ 5/ 44]. 138 - إن تغفر اللهمّ تغفر جمّا … وأيّ عبد لك لا ألمّا قاله أمية بن أبي الصلت وقد هلك في عصر النبي صلّى الله عليه وسلّم. والشاهد: أن مجيء «لا» هنا، غير مكررة شاذ ... فإن «لا» إذا كان ما بعدها جملة اسمية صدرها معرفة أو نكرة ولم تعمل فيها، أو فعلا ماضيا لفظا وتقديرا، وجب تكرارها ... وقد دخلت في هذا الشاهد على الفعل الماضي «ألمّ» ولم تكرر. وهذا شاذ في حكم أهل النحو. وقوله «ألمّ» ومضارعه يلمّ: أتى الفاحشة. يريد إن تغفر ذنوبنا فقد غفرت ذنوبا كثيرة فإن جميع عبادك خطاؤون. [شرح أبيات المغنى/ 4/ 397]. 139 - سقتها الرواعد من صيّف … وإن من خريف فلن يعدما البيت للنمر بن تولب الصحابي من قصيدة طويلة .. والرواعد: السحابة الممطرة وفيها

140 - فإن أنت لاقيت في نجدة … فلا تتهيبك أن تقدما

صوت الرعد غالبا. والصيّف، بالتشديد في الياء: المطر الذي يجيء في الصيف. والخريف: أراد مطره. والبيت شاهد على أن «إمّا» عند سيبويه مركبة من «إن» و «ما». وقد حذفت «ما» بعد (إن) في بداية الشطر الثاني. والأصل: إما من صيّف، وإما من خريف فحذف لضرورة الشعر «إما» الأولى و «ما» من إمّا الثانية. ولما حذفت «ما» رجعت النون المنقلبة ميما للإدغام، إلى أصلها. [شرح أبيات المغني/ 1/ 377]. 140 - فإن أنت لاقيت في نجدة … فلا تتهيّبك أن تقدما قاله النمر بن تولب الصحابي .. والنجدة: الشجاعة والبأس والقوة، وحذف مفعول «لاقيت» يريد لاقيت قوما ذوي نجدة في حرب ونحوها. والشاهد: قوله: فلا تتهيبك: معناه، لا تتهيبها، فهو من المقلوب. 141 - فأقسم أن لو التقينا وأنتم … لكان لكم يوم من الشّرّ مظلم قاله المسيب بن علس، يخاطب بني عامر بن ذهل بن ثعلبة، والمسيب: هو خال الأعشى ميمون ... والمسيّب: اسم فاعل، لقّب به، لأنه كان يرعى إبل أبيه فسيّبها وقيل: إن اسمه زهير ... ومعنى البيت: لو التقينا متحاربين لأظلم نهاركم فصرتم منه في مثل الليل، وكان «تامة» أو ناقصة و «لكم» خبرها. قال ابن هشام: إنّ «أن» الواقعة بين «لو» وفعل القسم، زائدة عند سيبويه. وقيل: هي حرف جيء به لربط الجواب بالقسم. وفي البيت من ضرائر الشعر: العطف على ضمير الرفع المتّصل من غير تأكيده بضمير منفصل وكأن الوجه: أن يقال: التقينا نحن وأنتم. وقوله: لكان لكم: جواب القسم وهو دليل جواب «لو» المحذوف ... أو هو جواب «لو» ولو مع جوابها جواب القسم. [شرح أبيات المغنى/ 1/ 153]. 142 - فإن ترفقي يا هند فالرّفق أيمن … وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم فأنت طلاق والطلاق عزيمة … ثلاث ومن يخرق أعقّ وأظلم فبيني بها أن كنت غير رفيقة … وما لا مرئ بعد الثلاث مقدّم

هذه الأبيات من أبيات المسائل الفقهية النحوية، ولا يعلم قائلها، وإذا صحت الروايات التي تقال حولها، فإنها ترجع إلى القرن الثاني الهجري، لأن أكثر الروايات تذكرها زمن الرشيد، وقد توفي في العقد الأخير من القرن الثاني، ويذكر من أبطال رواياتها أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة، وقد توفي سنة 182 هـ. وقوله: فإن ترفقي: الرفق الملاءمة والملاطفة، ضد العنف. والخرق: بضم الأول وفعله من باب «قتل» ومن باب «فرح» إذا فعل شيئا فلم يرفق به، فهو أخرق وهي خرقاء والاسم الخرق بالضم. وأيمن: وصف بمعنى ذي يمن وبركة لا أنه أفعل تفضيل. وكذلك الأشأم، معناه ذو شآمة ونحوسة. والعزيمة: بمعنى المعزوم عليه، أي: الذي وقع التصميم فكان واقعا قطعا. وهو في الاصطلاح: ضدّ. الرخصة. وأعقّ: أفعل تفضيل من العقوق ضد البرّ. وقوله: ومن يخرق أعقّ. أعق: جواب الشرط ولكنه حذف الفاء والتقدير فهو أعقّ. وهو من ضرورات الشعر القبيحة. وقوله: فبيني: من البينونة، وهي الفراق. وضمير بها للثلاث أي: كوني ذات طلاق بائن بهذه التطليقات الثلاث. لكونك غير رفيقة. أن: مفتوحة الهمزة مقدر قبلها لام العلة. ومقدّم: مصدر ميمي، أي: ليس لأحد تقدّم إلى العشرة والإلفة بعد إيقاع الثلاث. وقيل: معنى مقدّم: بمعنى مهر مقدّم. أي ليس له بعد الثلاث مهر يقدمه لمطلقة ثلاثا إلا بعد زوج آخر. فيكون مقدّم اسم مفعول ... وتروي كتب النحو أن الرشيد أمير المؤمنين، كتب ليلة إلى أبي يوسف بهذه الأبيات. وسأله: ماذا يلزمه: إذا رفع الثلاث وإذا نصبها حيث روي البيت الثاني: هكذا. فأنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاثا. فأنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاث. قالوا: فتخوّف أبو يوسف الإجابة، لأنها مسألة نحوية فقهية. فسأل الكسائي عنها. ويظنّ أنّ القصة مصنوعة، وصانعها من أنصار الكسائي، لأنه لا تليق نسبة الجهل إلى

أبي يوسف، وهو الإمام الذي أخذ علم أبي حنيفة. ولا يظنّ أن فقيها مجتهدا من أهل القرون الأولى، يحتاج إلى سؤال غيره في مسألة نحوية، فما تصدّر أبو يوسف هذه المنزلة إلا وهو متضلع من فنون العربية،. ولذلك نقل آخرون أن المرسل بالفتوى الكسائي إلى محمد بن الحسن، ولا دخل لأبي يوسف فيها. وسواء أصحت القصة أم كانت ملفقة، فإننا نتطلع إلى المعاني التي تنشأ عن وجوه الإعراب ولا يهمنا من الذي قال وأفتى. فكلّ من ذكر في القصة، من أهل العلم، ولا نفضّل واحدا على آخر. ونبدأ في بيان الجواب: الوجه الأول: أنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاثا: برفع عزيمة ونصب «ثلاثا» وهنا يقع الطلاق ثلاثا. ويكون قوله «والطلاق عزيمة: مبتدأ وخبر، فكأنه قال: والطلاق مني جدّ غير لغو. وقوله «ثلاثا: معناه: أنت طالق ثلاثا وما بين - طالق - وثلاثا: جملة معترضة. الوجه الثاني: أنت طلاق والطلاق عزيمة ثلاث: بنصب عزيمة، ورفع ثلاث. وهنا تطلق طلقة واحدة. والطلاق: مبتدأ. ثلاث: خبر - عزيمة: بالنصب على إضمار فعل تقديره: أعزم عليك عزيمة. أو التقدير: والطلاق إذا كان عزيمة ثلاث -. فقوله: أنت طالق. مبتدأ وخبر، يكون قد أخبرها بطلاقها. ثم أخبر أن الطلاق مداه ثلاث طلقات. وقال ابن هشام في المغني: الرفع والنصب محتمل لوقوع الثلاث ولوقوع الواحدة. أما الرفع: فلأن أل: في الطلاق إما لمجاز الجنس كما نقول: «زيد الرجل» أي هو الرجل المعتدّ به. وإما للعهد الذكري كقوله تعالى: فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ [المزمل: 16]. أي: وهذا الطلاق المذكور عزيمة ثلاث. فعلى العهدية: تقع الثلاث. وعلى الجنسية: تقع واحدة. قال: وأما النصب: فلأنه محتمل لأن يكون على المفعول المطلق، وحينئذ يقتضي وقوع الطلاق الثلاث. إذ المعنى: أنت طالق ثلاثا - ثم اعترض بينهما بقوله: والطلاق عزيمة. ومحتمل لأن يكون «ثلاثا» حالا من الضمير المستتر في عزيمة وحينئذ لا يلزم وقوع الثلاث لأنّ المعنى. والطلاق عزيمة إذا كان ثلاثا، فإنما يقع مانواه ...

143 - أما والذي لا يعلم الغيب غيره … ومن هو يحيي العظم وهو رميم لقد كنت أطوي البطن والزاد يشتهى … محافظة من أن يقال لئيم وإني لأستحيي رفيقي ودونه … ودون يدي داجي الظلام بهيم

ثم قال: والذي نواه وأراده الشاعر. (الثلاث) لأن البيت الثالث يقول: فبيني بها. [شرح أبيات المغني/ 1/ 324]. 143 - أما والذي لا يعلم الغيب غيره … ومن هو يحيي العظم وهو رميم لقد كنت أطوي البطن والزاد يشتهى … محافظة من أن يقال لئيم وإني لأستحيي رفيقي ودونه … ودون يدي داجي الظلام بهيم تروى لحاتم الطائي. وتروى لغيره ممن لم يسمّ. وقوله في البيت الثالث. أستحيي: أي: أنقبض وأنزوي. يتعدى بنفسه وبالحرف فيقال: استحييت منه، واستحييته. يقول: إذا أكلت مع ضيفي في زمن الجدب أستحيي منه فأدع الأكل وأوثره بالطعام حتى يشبع وأوهمه أني آكل معه والحال أن ظلام الليل مانع من أن يرى كلّ منا يد الآخر. فجملة - (ودونه) إلى آخر البيت حال من الفاعل والمفعول معا. وقوله: ودونه. أي: دون يده وفي هذا التفسير مبالغة، لأن ليل مضارب البادية لا يحول دون رؤية الإنسان ملاصقه وهذا الوصف يكون لمن يسكن البيوت المغلقة. والشاهد في البيت الأول: على أنّ «أما» مثل «ألا» من مقدّمات اليمين. وجواب القسم في أول البيت الثاني. [شرح أبيات المغني/ 2/ 75]. 144 - أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة … قليل بها الأصوات إلا بغامها البيت من قصيدة للشاعر ذي الرّمة. يصف ناقته. وأنيخت ماض مبني للمجهول: وأنختها: أبركتها. والبلدة الأولى: الصدر. والبلدة الثانية. الأرض. والبغام: بضم الباء: هنا، صوت الناقة. والشاهد: «إلا بغامها» على أن «إلّا» صفة للأصوات، وهي لتعريفها بلام الجنس شبيهة بالمنكر. ولما كانت «إلا» الوصفية في صورة الحرف الاستثنائي نقل إعرابها الذي تستحقه إلى ما بعدها: كأل الموصولة لما كانت في صورة حرف التعريف نقل إعرابها أيضا إلى صلتها، وهو الوصف. فرفع: «بغامها» إنما هو بطريق النقل من «إلا» إليه، والمعنى: إنّ صوتا غير بغام الناقة قليل في تلك البلدة، وأما بغامها فهو كثير. والخلاصة: أن أحد أحوال «إلا» أن تكون صفة بمنزلة غير فيوصف بها وبتاليها، جمع منكّر، أو شبهه، ومثال

145 - إذا هملت عيني لها قال صاحبي … بمثلك- هذا- لوعة وغرام

الجمع المنكر: قوله تعالى. لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [الأنبياء: 22] فلا يصح كون «إلا» هنا للاستثناء لفساد المعنى. ولأنه لا يستثنى من الجمع المنكّر. ومثال الجمع المنكر أيضا. «قليل بها الأصوات إلا بغامها» فإن تعريف الأصوات، تعريف الجنس. [شرح أبيات المغني/ 2/ 100]. 145 - إذا هملت عيني لها قال صاحبي … بمثلك - هذا - لوعة وغرام البيت قاله الشاعر ذو الرّمّة ... وقوله: لها - أي لأطلال صاحبته. بمثلك: الجار والمجرور خبر مقدم. ولوعة: مبتدأ مؤخر، وهذا، منادى بتقدير يا هذا. والشاهد حذف حرف النداء [شرح أبيات المغني/ 7/ 352]. 146 - وكائن لنا فضلا عليكم ومنّة … قديما ولا تدرون ما منّ منعم لم يعرف قائله. والشاهد: أنه جاء فيه مميّز كائن منصوبا، على غير الغالب. وقوله: ما منّ: (ما) مصدرية وصلت بالفعل الماضي، أي: لا تدرون منّة منعم. [شرح أبيات المغني/ 4/ 167]. 147 - ألا ياسنا برق على قلل الحمى … لهنّك من برق عليّ كريم لم يسمّ قائله. وهو أول أبيات خمسة في التشوق إلى الديار. والسنا: بالقصر: ضوء البرق. والقلل: جمع قلة: أعلى الجبل وغيره. و «من برق» تمييز مجرور بمن. وكريم: خبر لهنك. وكريم بمعنى عزيز ونفيس. وقوله «لهنك». اللام للتوكيد. دخلت على إنّ، المقلوبة همزتها هاء. والبيت شاهد على أن لام التوكيد، موضعها في الأصل قبل «إنّ». وكان حقها في البيت أن تدخل على كريم فيقال: إنك لكريم. وقيل: إنّ «اللام» جواب قسم مقدر. وقيل. إنها زائدة. [شرح أبيات المغني/ 4/ 347]. 148 - إذا ما خرجنا من دمشق فلا نعد … لها أبدا ما دام فيها الجراضم

149 - إذا غاب عنكم أسود العين كنتم … كراما وأنتم ما أقام ألائم

منسوب للفرزدق. ومنسوب للوليد بن عقبة، أخي عثمان بن عفان لأمه والجراضم: بضم الجيم - العظيم البطن أو الأكول. والبيت شاهد على أنّ «لا» في البيت تحتمل النهي والدعاء. (ونعد) مضارع عاد، إذا رجع، واللام في «لها» بمعنى «إلى». [شرح أبيات المغنى/ 5/ 17]. 149 - إذا غاب عنكم أسود العين كنتم … كراما وأنتم ما أقام ألائم قاله الفرزدق. وأسود العين اسم جبل يقول: إنهم لا ينتقلون عن اللؤم إلى الكرم أبدا، لأنهم لا يفقدون هذا الجبل أبدا. والبيت شاهد على أن واحد «ألائم» هو «ألأم» ليس أفعل تفضيل وإنما هو وصف بمعنى «لئيم». [شرح أبيات المغني/ 6/ 178]. 150 - فلا تبدها باللّوم قبل سؤالها … لعلّ لها عذر وأنت تلوم لم يسمّ قائله. وذكروه شاهدا على أن هذا القول أول لحن سمع بالبصرة. وقوله: تبدها: أصله تبدأها. ولكنهم خرجوا هذا الذي قيل إنه لحن بأن اسم لعل ضمير الشأن، (لها عذر) مبتدأ وخبر، خبر لعلّ. [شرح أبيات المغني/ 5/ 173]. 151 - صددت فأطولت الصدود وقلّما … وصال على طول الصّدود يدوم قاله المرّار الفقعسي. والشاهد: قلّما وصال. حيث دخلت «قلما» على الاسم «وصال» و «قلما» لا تدخل إلا على الأفعال. لأنها مركبة من «قلّ» المكفوف ب (ما). وهنا أولاها الشاعر فعلا مقدّرا، و «وصال» مرفوع ب: «يدوم» محذوفا مفسّرا بالمذكور. وقد يكون وليها جملة اسمية (وصال يدوم). والحق أن الشاعر تابع السليقة العربية التي ترفض الصنعة. فالتعبير سليم ولا غبار عليه. والقصور في القاعدة التي سنّوها، وجعلوا كلّ ما يخالفها شاذا أو ضرورة. والسليقة والطبيعة لا تقف عند زمن ولا مكان، ما دام القائل في العصر الذي يستشهد بكلام أهله. والمرّار الفقعسي أو الأسدي ابن سعيد بن حبيب من شعراء الدولة الأموية وأدرك الدولة العباسية. [شرح أبيات المغني/ برقم 508].

152 - وإن لساني شهدة يشتفى بها … وهو على من صبه الله علقم

152 - وإنّ لساني شهدة يشتفى بها … وهوّ على من صبّه الله علقم لا يعرف قائله. وفي البيت أربعة شواهد: الأول: تشديد واو هوّ. الثاني: تعليق الجار بالجامد، لتأويله بالمشتق، وذلك لأن قوله: هوّ علقم مبتدأ وخبر، والعلقم: الحنظل، وليس المراد هذا، بل المراد شديد أو صعب فلذلك علق به «على» المذكورة. الثالث: جواز تقديم معمول الجامد المؤول بالمشتق إذا كان ظرفا. الرابع: جواز حذف العائد المجرور بالحرف مع اختلاف المعلق. إذ التقدير: وهو علقم على من صبه الله عليه و (على) المذكورة متعلقة بعلقم، والمحذوفة متعلقة ب (صبّ). [شرح أبيات المغني/ 6/ 317]. 153 - وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني … وأشمتّ بي من كان فيك يلوم وأبرزتني للناس حتى تركتني … لهم غرضا أرمى وأنت سليم فلو أنّ قولا يكلم الجسم قد بدا … بجسمي من قول الوشاة كلوم هذه الأبيات الثلاثة أوردها أبو تمام في باب «النسيب» من الحماسة لامرأة أجابت بها قول ابن الدمينة: وأنت التي كلّفتني دلج السّرى … وجون القطا بالجلهتين جثوم وأنت التي قطعت قلبي حزازة … وقرّفت قرح القلب وهو كليم وأنت التي أحفظت قومي فكلّهم … بعيد الرّضا داني الصدود كظيم واسم المرأة أميمة، كان ابن الدمينة يعشقها ويهيم بها مدة، فلما وصلته تجنّى عليها وجعل ينقطع عنها ثم زارها يوما: فتعاتبا طويلا: فقال لها وقالت له، ما أثبتناه. والأبيات من رقيق العتاب، وعذب الشعر ولهذا أثبتّ الجوابين. والشاهد في الشطر الأول من أبيات أميمة - ذكره ابن هشام في المغني تحت عنوان الأشياء التي تحتاج إلى رابط. ومنها «الجملة الموصول بها الأسماء» ولا يربطها غالبا إلا الضمير. إمّا مذكورا، أو مقدّرا. قال: وقد يربطها ظاهر يخلف الضمير كقوله:

154 - لقد كان في حول ثواء ثويته … تقضى لبانات ويسأم سائم

(فيا ربّ ليلى في رحمة الله أطمع) وقد مضى في حرف العين. وهو قليل. قالوا: وتقديره: وأنت الذي في رحمته - وقد كان يمكنهم أن يقدروا «في رحمتك» كقوله: (وأنت الذي، البيت الأول). وكأنهم كرهوا بناء القليل على القليل إذ الغالب «أنت الذي فعل» وقولهم «فعلت» قليل. ولكن مع هذا مقيس. [شرح أبيات المغني/ 7/ 86]. 154 - لقد كان في حول ثواء ثويته … تقضّى لبانات ويسأم سائم البيت من قصيدة للأعشي ميمون عاتب بها يزيد بن مسهر الشيباني، وتهدده ومطلع القصيدة: هريرة ودّعها وإن لام لائم … غداة غد أم أنت للبين واجم لقد كان ... وهريرة: صاحبة الأعشى، قيل إنها صاحبة شعر. فقط، فهو لا يعرف امرأة بهذا الاسم، وهو منصوب بفعل محذوف يفسره الموجود. و «أم» منقطعة بمعنى «بل» والواجم: الشديد الحزن حتى لا يطيق على الكلام. وفي البيت مجموعة من الفوائد والشواهد: 1 - ثواء: تروى بالجرّ. على أنه بدل اشتمال من حول. لأنّ الثواء في الحول. والتقدير: لقد كان في ثواء حول ثويته. 2 - جملة «ثويته» صفة لثواء، والهاء عائدة على الثواء، وقيل: عائدة على «الحول» وهو الأقوى وهو مفعوله على السعة لأنّ الأصل ثويت فيه فاتسع بحذف الحرف. وعلى كلا الحالين: إذا جعلت الهاء عائدة على الثواء فلا بدّ من عائد على الحول، فتقدّر ضميرا آخر تقديره: ثويت فيه. 3 - يروى «ثواء» بالنصب: منصوب على المصدر أو مفعول لأجله. 4 - يروى «ثواء» بالرفع على أن يكون اسم كان، و «في حول» خبرها. 5 - ويسأم يروى بالرفع على أنه معطوف على «تقضّى» فعل مضارع مرفوع. ويروى «ويسأم» بالنصب - على أنّ «تقضّي» مصدر مرفوع اسم كان. و «يسأم» منصوب بأن

155 - وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه … بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه

مضمرة بعد الواو، ليكون عطف المصدر المؤول على المصدر الصريح. [شرح أبيات المغني/ 7/ 91]. 155 - وفاؤكما كالرّبع أشجاه طاسمه … بأن تسعدا والدّمع أشفاه ساجمه مطلع قصيدة للمتنبي. الطاسم: الدارس. خاطب صاحبيه وقد كانا عاهداه بأن يسعداه ببكائهما عند ربع أحبته فقال: وفاؤكما بإسعادي شبه للربيع ثم بيّن وجه الشبه بينهما بقوله: أشجاه طاسمه، يعني أن الربع إذا تقادم عهده فدرس، كان أشجى لزائره: أي: أبعث لشجوه وحزنه لأنه لا يتسلى به المحب كما يتسلى بالربع الواضح وكذلك الوفاء بالإسعاد إذا لم يكن بدمع ساجم أي: هامل كان أبعث للحزن، فأراد: ابكيا معي بدمع ساجم، فإن الدمع أشفى للغليل إذا سجم كما أن الربع أشجى للمحب إذا عفا وطسم. وقوله: بأن تسعدا: المصدر المجرور متعلق في المعنى بالوفاء لأنه أراد «وفاؤكما بأن تسعدا كالربع»، فلما فصل بينهما بأجنبي وجب عند النحويين تعليقه بمضمر، تقديره «وفيتما بأن تسعدا». ووفاؤكما: مبتدأ. خبره كالربع. وفيه مجيء. الخبر عن اسم قبل أن تأتي مكملاته، وهو الجار والمجرور. [شرح أبيات المغني/ 7/ 167]. 156 - أيا جبلي نعمان بالله خلّيا … نسيم الصّبا يخلص إليّ نسيمها يروى للمجنون صاحب ليلى ونعمان: بفتح النون. واد بين مكة والطائف والبيت شاهد على أن «أيا» ترد لنداء البعيد، وقد تستخدم لنداء القريب حكما، فالمحب عند ما ينادي ديار المحبوبة، يجعلها قريبة منه وإن كانت بعيدة عنه، وفي هذا البيت يستحضر الشاعر مواطن الأحبة، ويتمثلها أمامه بل هي موصولة بذكرياته الكامنة في قلبه. [شرح أبيات المغنى/ 1/ 67. وشرح التصريح/ 1/ 152]. 157 - ستعلم ليلى أيّ دين تداينت … وأيّ غريم: في التقاضي غريمها القائل مجهول. أنشده ابن هشام على أنّ الصواب في إنشاده نصب «أيّ» الأولى بتداينت على أنها مفعول به، أو على المفعولية المطلقة، والتقدير. أي تداين تداينت.

158 - زارت رويقة شعثا بعد ما هجعوا … لدى نواحل في أرساغها الخدم فقمت للطيف مرتاعا فأرقني … فقلت أهي سرت أم عادني حلم

ورفع «أيّ» الثانية بجعل جملتها معلقة على الجملة السابقة المعلقة على العمل فيها. [شرح أبيات المغنى/ 6/ 270]. 158 - زارت رويقة شعثا بعد ما هجعوا … لدى نواحل في أرساغها الخدم فقمت للطيف مرتاعا فأرّقني … فقلت أهي سرت أم عادني حلم من قصيدة للمّرار بن منقذ وهو شاعر أموي. ورويقة: صاحبته. وشعثا أي: قوما شعثا. لدى نواحل: أي إبل نواحل والخدم: سيور القدّ جمع خدمة. والبيت شاهد على: أنّ «أم» الواقعة بعد همزة التسوية يمكن أن تقع بين جملتين فعليتين: فقوله: أهي. - هي: فاعل يفسره الفعل المذكور. وذلك لأن الجملة معادلة للجملة الفعلية بعد أم. وهذا تكلف ظاهر. وفيه شاهد على إسكان هاء الضمير «هي» مع همزة الاستفهام. [شرح أبيات المغني/ ج 1/ 201]. 159 - وما أصاحب من قوم فأذكرهم … إلا يزيدهم حبّا إليّ هم البيت للمرار بن منقذ العدوي. قال ابن مالك: أصله يزيدون أنفسهم فحذف «أنفس» فصار «يزيدونهم» ثم فصل الفاعل وهو الواو فصار «هم» وأخّر بعد المفعول فصار: يزيدهم حبا إليّ هم. فهم الأخيرة فاعل. «وهم» الأولى في الأصل مضافا إليه أو «أنفس» المحذوف هو المفعول المضاف و «هم» في المواضع الثلاثة ضمير قوم الشاعر، ولا يجوز أن يكون «هم» في «يزيدهم، مفعولا «وهم» الأخيرة فاعلا. [شرح أبيات المغني/ 3/ 275]. 160 - أعن ترسّمت من خرقاء منزلة … ماء الصّبابة من عينيك مسجوم وقوله: ترسمت: الترسّم: التفرس والتثبت في أثر الرسم. وقوله: أعن: أصلها: أأن، والهمزة للاستفهام التقريري، وأن ترسمت في تأويل مصدر مجرور بلام محذوفة متعلقه بمسجوم والتقدير: ألأجل ترسمك ونظرك دارها التي نزلت فيها بكت عينك وأسالت دموعها. وخرقاء. اسم صاحبته.

161 - ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر … تنبو الحوادث عنه وهو ملموم

والشاهد: أن «عن» هي أن المصدرية عند بني تميم، وتميم وأسد يحولون همزتها عينا. وذلك في (أن) وأنّ خاصة ولا يجوز مثل ذلك في المكسورة. وهي لغة مرجوجة. قال ثعلب: ارتفعت قريش في الفصاحة عن «عنعنة تميم» وكشكشة ربيعة وكسكسة هوازن، وتضجّع قيس، وعجرفيّة ضبّة، وتلتلة بهراء. أما العنعنة: أن تقول في موضع (أنّ) عن. وأما تلتلة بهراء: فإنهم يقولون: تعلمون وتفعلون، بكسر أوائل الحروف. وأما كشكشة ربيعة: فقولها مع ضمير المؤنث «إنّكش، ورأيتكش» تفعل هذا في الوقف فإذا وصلت أسقطت الشين. وأما الكسكسة: فقولهم: أعطيتكس، ومنكس، وهذا أيضا في الوقف دون الوصل. [شرح أبيات المغني/ 3/ 306]. 161 - ما أطيب العيش لو أنّ الفتى حجر … تنبو الحوادث عنه وهو ملموم قاله تميم بن مقبل، مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام. وقوله: لو أن الفتى حجر. لم يرد أن يكون حجرا على الحقيقة وإنما أراد بقاءه وثباته مع مرور الحوادث عليه. وتنبو: من نبا السيف عن الضريبة، إذا رجع من غير قطع. والملموم: المجموع. والبيت شاهد على خبر أنّ الواقعة بعد «لو» فيه اسم جامد. وزعم بعض النحويين أنه لا بد أن يكون خبر أنّ الواقعة بعد «لو» فعلا. [شرح المغني/ 5/ 94]. 162 - يغضي حياء ويغضى من مهابته … فما يكلّم إلا حين يبتسم البيت للفرزدق من قصيدته التي يمدح فيها زين العابدين. وفيه شاهد على أنّ «من» فيه للتعليل. ونائب الفاعل في قوله «يغضى» المبني للمجهول ضمير المصدر، وهو الإغضاء. ولا يكون «من مهابته» نائب فاعل لأنه مفعول لأجله، والمفعول لأجله لا يكون نائب فاعل. [شرح أبيات المغني/ 5/ 311]. 163 - إن يستغيثوا بنا إن يذعروا يجدوا … منّا معاقل عزّ زانها كرم

164 - نطوف ما نطوف ثم نأوي … ذوو الأموال منا والعديم إلى حفر أسافلهن جوف … وأعلاهن صفاح مقيم

لم يسمّ قائله. وذكروه شاهدا على أنه إذا اعترض شرط على آخر فإن الجواب المذكور للسابق. [شرح أبيات المغني/ 7/ 286]. 164 - نطوّف ما نطوّف ثمّ نأوي … ذوو الأموال منّا والعديم إلى حفر أسافلهنّ جوف … وأعلاهنّ صفّاح مقيم قالهما البرج بن مسهر الطائي، وهما من مقطوعة في حماسة أبي تمّام. ويريد بالحفر، القبور، أي: آخر أمر ذي المال، والعديم إلى القبور، والعديم: هو من لا شيء له. والصّفاح: الحجارة العراض. وقوله: نطوّف: بالتشديد، للتكثير في الفعل و «ما» مصدرية زمانية، أي: نطوف مدة تطوافنا. وقوله: إلى حفر: متعلق بنأوي. وفيه العيب الشعري المسمّى بالتضمين، وهو أن يتوقف معنى البيت الأولى على الثاني، وجوف: جمع أجوف، بمعنى: ذي جوف. وذكر ابن هشام البيتين على أن الرواية في «نأوي» بالنون، فلا يمكن أن يكون فاعله «ذوو». فاحتيج إلى التأويل بجعله فاعلا لفعل مقدر مبدوء بياء الغيبة، يفسره «نأوي» والتقدير: يأوي ذوو الأموال. فيكون مع ما بعده توكيدا لنأوي، بالنون .. ولكن الرواية المشهورة «يأوي» بالياء. [شرح أبيات المغني/ 7/ 215]. 165 - فأصبح بطن مكّة مقشعرّا … كأنّ الأرض ليس بها هشام من شعر للحارث بن أميّة الأصغر، رثى بها هشام بن المغيرة، وهشام، هو أبو عثمان ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم - وكان سيدا مطاعا في الجاهلية، وكانت تؤرخ قريش بموته كما تؤرخ بعام الفيل. والشاعر القائل، جاهلي. والبيت شاهد على أنّ «كأنّ» فيه عند الكوفيين للتحقيق. وقال المبرد في الكامل: يقول: هو وإن كان مات، فهو مدفون في الأرض، فقد كان يجب من أجله أن لا ينالها جدب. وهذا التفسير على قول من جعل «كأنّ» من هذا البيت بمعنى التعجب، فكأنه يعجب من إجداب الأرض وهشام مدفون فيها. وإنما كان ينبغي أن لا تجدب لكونه فيها. وبعضهم يجعلها بمعنى «الشكّ» ومعناه: إن الأرض أجدبت حتى ظنّ وتوهم أن هشاما ليس مدفونا فيها. ومن ذهب إلى أنّ «كأنّ» هنا للتحقيق، يكون المعنى: إنّ الأرض

166 - ألا يا نخلة من ذات عرق … عليك ورحمة الله السلام

أجدبت وهشام ليس فيها، أي: ليس على ظهرها. وقيل: إن الكاف من كأن للتعليل المرادفة للام. أي «لأن الأرض ليس بها هشام». وعلى هذا حمل قوله تعالى وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ [القصص: 82] فقيل: معناه: أعجب لأنه لا يفلح الكافرون. [شرح أبيات المغني/ 4/ 169]. 166 - ألا يا نخلة من ذات عرق … عليك ورحمة الله السلام البيت للأحوص الأنصاري. وذات عرق، موضع بالحجاز. وقوله «يا نخلة» منادى منكّر. والمنادى المنكّر يكون منصوبا. وقيل: نخلة: منادى مقصود، ولما نوّنها، نصبها حيث إن كل نكرة تؤنث، فلا تكون إلا منصوبة وإن كانت مقصودة معينة. وسلم على النخلة: لأنه معهد أحبابه وملعبه مع أترابه. ويحتمل أن يكون كنى عن محبوبته بالنخلة لئلا يشهرها وخوفا من أهلها وأقاربها. والشاهد: على أن عطف المقدم على متبوعه في الضرورة لا يكون إلا بالواو وأصله: وعليك السلام ورحمة الله. [شرح أبيات المغني/ 6/ 53]. 167 - فلا وأبي لنأتيها جميعا … ولو كانت بها عرب وروم البيت لعبد الله بن رواحة من أبيات يحرض الناس على حرب الروم يوم مؤتة. والشاهد «لنأتيها» وكان عليه أن يقول: «لنأتينها» باللام ونون التوكيد فترك نون التوكيد لضرورة الشعر. ورحم الله أعلام النحو في القديم، فقد كانوا يبنون على تحريفات الخطاطين قواعد النحو الشاذة، لأنهم يعتمدون على البيت المفرد دون النظر إلى سوابقه ولواحقه، ولأنهم لم يحققوا النصّ الذي نقلوه، بمقارنته بروايات أخرى، فاعتمدوا أوّل رواية تقع لهم وهذا ما حصل في هذا البيت، حيث يروى البيت في السيرة: «فلا وأبي، مآب لنأتينها». بنون التوكيد. ومآب: من قرى البلقاء، ولعلها التي تكتب اليوم «مؤاب» وينسب إليها المؤابيون. [شرح أبيات المغني/ 7/ 356]. 168 - كضرائر الحسناء قلن لوجهها … حسدا وبغيا إنّه لدميم

169 - جالت لتصرعني فقلت لها اقصري … إني امرؤ صرعي عليك حرام

لأبي الأسود الدؤلي، من قصيدة مطلعها: حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه … فالقوم أعداء له وخصوم والبيت شاهد على أنّ اللام من قوله «لوجهها» بمعنى «عن». وعندي أنّ اللام بمعناها الأصلي، كقولك: قلت له. وتوجيه القول إلى الوجه أبلغ. ويكون قوله: إنه لدميم. التفات. [شرح أبيات المغني/ 4/ 295]. 169 - جالت لتصرعني فقلت لها اقصري … إنّي امرؤ صرعي عليك حرام البيت لامرئ القيس من قصيدة ميمية مكسورة الحرف الأخير، في وصف ناقته فقوله: جالت: يعود الضمير على الناقة. وقوله: اقصري: من القصر الذي هو الحبس، أي: احبسي جولانك. وقوله: صرعي عليك حرام: المعنى أنه حاذق بالركوب، فهذه الناقة لا تقدر أن تصرعه. أو معناه: قد أتيت إليك من الإحسان مالا ينبغي لك معه أن تصرعيني، أي: حرّم إحساني إليك صرعي عليك. والشاهد: حرام: فحقه في الإعراب الرفع، ولكنه جاء برواية مجرورة، فقالوا: إنه أخرجه مخرج «حذام» قالوا: ولو رفعه بالإقواء كان أحسن. أو يكون ألحقها ياء النسب للمبالغة، وكان حقها أن تكتب «حرامي». [شرح أبيات المغني/ 8/ 64]. 170 - ولقد علمت لتأتينّ منيّتي … إنّ المنايا لا تطيش سهامها من شعر لبيد بن ربيعة. والبيت شاهد على أن «علم» نزّل منزلة القسم وجملة «لتأتينّ» جوابه وحينئذ لا تقتضي معمولا، كأنه قال: والله لتأتين منيتي. ويجوز أن تبقى «علم» على بابها، وتكون معلقة بلام القسم، ويكون لتأتينّ جوابا لقسم محذوف تقديره: ولقد علمت والله لتأتينّ منيّتي. وجملتا القسم وجوابه، في موضع نصب ب علمت المعلّق. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 6/ 232]. 171 - الشّعر صعب وطويل سلّمه … إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه

172 - يا سعد عم الماء ورد يدهمه … يوم تلاقى شاؤه ونعمه واختلفت أفراسه وقتمه … فإنما أنت أخ لا نعدمه

زلّت به إلى الحضيض قدمه … يريد أن يعربه فيعجمه فالشعر لا يستطيعه من يظلمه هذا الرجز، للحطيئة جرول بن أوس. ومعناه: أن من لا يعرف أساليب الكلام ولا يستطيع توفية كلّ مقام حقّه من العبارة، إذا تعاطى الشعر، يريد أن يأتي به عربيا فصيحا، فيزلّ بسبب جهله بمقتضيات الأحوال فيعجمه - أي: يأتي به عجميا. لا رونق له ولا فصاحة. وقوله: لا يستطيعه من يظلمه: يقول: من ليس من رجال الشعر، إذا تعاطى نظمه ظلمه ولم يستطع أن يأتي به كما ينبغي. والشاهد: قوله: فيعجمه: برفع الميم من الفعل المضارع، لأن القوافي كلها مرفوعه. والمعنى: فإذا هو يعجمه. ولا يجوز نصبه على تقدير «أن» عطفا على سابقه، لفساد المعنى، لأنه لا يريد إعجامه. قالوا: إذا رأيت الفعل منصوبا، وبعده فعل قد نسّق عليه بواو أو فاء أو «ثم» أو «أو» فإن كان يشاكل معنى الفعل الذي قبله نسقته عليه وإن رأيته غير مشاكل معناه، استأنفته فرفعته. وهذا حال الفعل «فيعجمه» رفعه على المخالفة، لأنه يريد أن يعربه، ولا يريد أن يعجمه. [شرح أبيات المغني/ 4/ 57]. 172 - يا سعد عمّ الماء ورد يدهمه … يوم تلاقى شاؤه ونعمه واختلفت أفراسه وقتمه … فإنّما أنت أخ لا نعدمه هذا رجز رواه ثعلب في مجالسه لأبي محمد الحذلمي الفقعسي. والشاهد: جملة «لا نعدمه» فهي جملة دعائية جعلها صفة للنكرة، والجمل الإنشائية لا يوصف بها. وأولوها: بالقول، أو بالدعاء: يعني يقول له؛ أو مدعوّ له. ولكنها قد تكون دعائية غير وصفية في هذا البيت، وأراد بقوله «أنت أخ» أنت الذي تمت له الصفات التي تكون في الأخ. ثم أتى بجملة الدعاء. [شرح أبيات المغني/ 7/ 226]. 173 - إنّ من صاد عقعقا لمشوم … كيف من صاد عقعقان وبوم

174 - وليس كليبي إذا جن ليله … إذا لم يجد ريح الأتان بنائم يقول إذا اقلولى عليها واقردت … ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم

لم يعرف قائله. والعقق: طائر أبلق بسواد وبياض، أذنب يعقعق بصوته، يشبه صوته العين والقاف ... ومشوم: أصله مشئوم. والبيت آخر شاهد في «المغني» ذكره تحت عنوان «من ملح كلامهم تقارض اللفظين في الأحكام». ومنها إعطاء الفاعل حكم المفعول، وعكسه، عند أمن اللبس، من ذلك قولهم: «خرق الثوب المسمار» وكسر الزجاج الحجرّ. وفي البيت الشاهد: رفع المفعول به «العقعقان» وهو مفعول به لصاد، و «بوم» معطوف على المفعول به المرفوع. [شرح أبيات المغني/ 8/ 128]. 174 - وليس كليبيّ إذا جنّ ليله … إذا لم يجد ريح الأتان بنائم يقول إذا اقلولى عليها واقردت … ألا هل أخو عيش لذيذ بدائم البيتان للفرزدق من قصيدة للفرزدق هجا بها جريرا، ورمى رهطه بإتيان الأتن. ومعنى: اقلولى: ارتفع. وأقردت بالقاف: سكنت. والشاهد في البيت الثاني: هل أخو. بدائم. على أن الاستفهام فيه بمعنى النفي ولذا زيدت الباء في خبر المبتدأ. وإنما تدخل الباء في خبر «ما» النافية فلما كانت النيّة في «هل» يراد بها الجحد، أدخلت لها الباء. [شرح المغني/ 6/ 56]. 175 - ألم ترني عاهدت ربّي وإنني … لبين رتاج قائما ومقام على حلفة لا أشتم الدهر مسلّما … ولا خارجا من فيّ زور كلام البيتان للفرزدق. وقوله: ألم ترني: الرؤية هنا علمية. وجملة وإنني - بكسر همزة إنّ حال من التاء من عاهدت. وبين رتاج: ظرف متعلق بمحذوف. خبر (أنّ) واللام للتوكيد. وقائما: حال من فاعل متعلق الظرف ويجوز رفعه على أنه خبر (أنّ) و «بين» متعلق به، ويجوز أن يكون خبرا، بعد خبر. ومقام: معطوف على رتاج. والرتاج: بكسر الراء الباب العظيم، وأراد به باب الكعبة. وأراد بالمقام مقام إبراهيم. ويقال: أرتج: على فلان: أي: أغلق عليه الكلام، وقولهم: «ارتجّ» بضم التاء وتشديد الجيم، ضعيف. والحلفة: بالكسر، العهد، والفتح: المرة الواحدة من الحلف.

176 - فشد ولم تفزع بيوت كثيرة … لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم

وقوله: على حلفة: حال من التاء في «عاهدت» متعلق بمحذوف تقديره: عاهدت ربي صادقا على حلفة. والبيتان من قصيدة أعلن الفرزدق فيها توبته عن الهجو. وأقبل على الصلاح. ثم رجع إلى ما كان عليه. والشاهد: «خارجا» على أنه معطوف على محل جملة «لا أشتم» الواقعة حالا. فكأنه قال: حلفت غير شاتم ولا خارجا. فيكون الذي عاهد عليه غير مذكور. أو جعل جملة «لا أشتم» في موضع المفعول الثاني لترني. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 6/ 241]. 176 - فشدّ ولم تفزع بيوت كثيرة … لدى حيث ألقت رحلها أمّ قشعم .. البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته، يذكر ما فعله حصين بن ضمضم، حيث أضمر في نفسه قتل قاتل أخيه مع انعقاد الصلح بين القبيلتين عبس وذبيان وكاد أن ينتقض الصلح بين القبيلتين. وقوله فشدّ: أي: حمل الحصين على ذلك الرجل العبسي وقتله. وقوله: ولم تفزع بيوت: أي: لم يعلم أكثر قومه بفعله. يقول: لو علموا بفعله لفزعوا أي: لأغاثوا الرجل العبسي ولم يدعوا حصينا، يقتله. وإنما أراد زهير بقوله هذا، أن لا يفسدوا صلحهم بفعل حصين. وقوله: حيث ألقت: أي حيث كانت شدة الأمر، يعني: موضع الحرب وأم قشعم: كنية الحرب والمعنى: أنّ حصينا شدّ على الرجل العبسي فقتله بعد الصلح وحين حطت رحلها الحرب وسكنت. ويقال: هو دعاء على الحصين، أي: عدا على الرجل بعد الصلح، وخالف الجماعة، فصيره الله إلى هذه الشدّة، ويكون معنى «ألقت: ثبتت وتمكنت». والشاهد: أنّ حيث قد تخفض بغير «من» فإنها هنا خفضت بإضافة لدى إليها. وقد تجر «حيث» ب «في» و «على» والباء وبإلى. فروي «إلى حيث ألقت». [شرح أبيات المغني/ 3/ 133].

177 - فمن مبلغ الأحلاف عني رسالة … وذبيان هل أقسمتم كل مقسم

177 - فمن مبلغ الأحلاف عنّي رسالة … وذبيان هل أقسمتم كلّ مقسم البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته. ويروى: ألا أبلغ. والأحلاف. أسد وغطفان حلفاء ذبيان. وذبيان: معطوف: معطوف على الأحلاف. وقوله: هل أقسمتم. معناه: هل أقسمتم كلّ إقسام أنكم تفعلون ما لا ينبغي. و «هل» بمعنى «قد» يقول: أبلغ ذبيان وحلفاءها وقل لهم: قد حلفتم على إبرام حبل الصلح كلّ حلف فتحرجوا من الحنث وتجنبّوه. والشاهد: أن «هل» دخلت على الماضي، حيث يرى بعضهم أنّ الفعل المستفهم عنه لا يكون إلا مستقبلا. والبيت شاهد على كونه يأتي ماضيا. 178 - لعلّ التفاتا منك نحوي مقدّر … يمل بك من بعد القساوة للرّحم مجهول القائل. ونحوي: أي: جهتي، وهو ظرف لمقدّر، وهو خبر لعلّ. وقوله: يمل بك: الباء للتعدية، تساوق الهمزة، أي: يملك. والقساوة، غلظة القلب والرحم: بالضم، الرحمة. والبيت شاهد على جزم جواب «لعلّ» عند سقوط الفاء. وكلّ ما يجاب بالفاء فينتصب المضارع بعد الفاء، يصح أن يجاب بمضارع مجزوم إلا النفي، لأنّ غير النفي فيها طلب، والنفي خبر محض، والطلب أظهر في تضمن معنى الشرط إذا ذكر بعده ما يصلح للجزاء. [شرح أبيات المغني/ 3/ 388]. 179 - تناوله بالرّمح ثمّ اتّنى له … فخرّ صريعا لليدين وللفم من قصيدة لجابر بن حنيّ التغلبي، ذكر فيها قتل شرحبيل عمّ امرئ القيس وكان رأس قبيلة بكر يوم الكلاب، وهو من أشهر أيام العرب في الجاهلية وكان بين بكر وتغلب، ففخر الشاعر بذلك وقصيدته في «المفضليات» ص 209 - 212. وقوله: تناوله بالرمح: الفاعل يعود على قاتل شرحبيل في بيت سابق. وقوله: اتّنى: أراد: انثنى، فأدغم النون في الثاء ثم أبدلها تاء. والبيت شاهد على أنّ اللام من قوله «لليدين» بمعنى على، ومنه قوله تعالى: وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ [الإسراء: 107] ومعنى خرّ لليدين: أي: على اليدين، وعلى الفم ومنهم من تأولها وأمثالها لتكون على معناها الأصلي، وهو الاستحقاق، بأنه لما كانت البدن تتقدمان سائر البدن صار

180 - أقول لعبد الله لما سقاؤنا … ونحن بوادي عبد شمس وها شم

ذلك شبيها بما يسقط لسقوط غيره. 180 - أقول لعبد الله لمّا سقاؤنا … ونحن بوادي عبد شمس وها شم قاله تميم بن رافع المخزومي. وقوله: وها: حقها أن تكتب بالألف المقصورة، لأنها فعل ماض «وهى، يهي» بمعنى تخرّق، وانشقّ. وإنما رسم بالألف من أجل التعمية والإلغاز. لمجاورته عبد شمس. وقوله: «شم» من قولك شمت البرق إذا نظرت إليه. والمعنى: أقول لما وهى سقاؤنا ونحن بوادي عبد شمس، ولم يبق فيه شيء من الماء، شم البرق. ومفعول «شم» محذوف، وهو البرق. وإنما أمره بالشيم ترجيا للمطر. وجملة «ونحن بوادي عبد شمس - حال من فاعل أقول» وذكر البيت ابن هشام على أنه من مشكل «لمّا» حيث يسأل السائل: أين فعلاها. والجواب: أن «سقاؤنا» فاعل بفعل محذوف يفسره «وهى» بمعنى تخرّق. والجواب محذوف تقديره: قلت. بدليل: قوله «أقول». وجملة مقول القول، هي جملة «شم». وعدّ بعضهم «لما ظرفية» وليست شرطية، فلا تحتاج إلى جواب، والظرف متعلق ب (أقول). [شرح أبيات المغني/ 5/ 153]. 181 - وإنّا لممّا نضرب الكبش ضربة … على رأسه تلقي اللسان من الفم البيت لأبي حيّة النميري. والشطر الأول أخذه من الفرزدق برمته. والكبش: الرئيس، لأنه يقارع دون القوم ويحميهم. مدح نفسه أو قومه بالشجاعة. والبيت شاهد على أنّ «ما» كفّت «من» عن الجرّ. وإذا كفّت (من) ب (ما) أصبحت كلمة واحدة بمعنى «ربّ». [شرح أبيات المغني/ 5/ 263، وسيبويه/ 1/ 477، والهمع/ 2/ 35، 38]. 182 - ولولا بنوها حولها لخبطتها … كخبطة عصفور ولم أتلعثم البيت لكعب بن مالك الأنصاري. وكان كعب بن مالك عتب على امرأته، فضربها حتى حال بنوها بينه وبينها ... فقال. ونسبه بعضهم إلى الزبير بن العوّام، وكان الزبير رضي الله عنه ضرّابا للنساء، وكانت أسماء رابعة أربع نسوة عنده، فإذا غضب على إحداهنّ ضربها بعود المشجب حتى يكسره، وكان أولاد أسماء يحولون بينه وبين ضربها، ولا سيما ولده عبد الله. وكان

183 - وتشرق بالقول الذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدم

ذلك سبب فراقها وذلك أنها استغاثت مرة بولدها عبد الله فجاء يخلصها من أبيه، فقال: «هي طالق إن حلت بيني وبينها، ففعل، وبانت منه» ... ولكن البيت لكعب بن مالك ... والشاهد قوله «حولها» حيث وقع الظرف خبرا مذكورا بعد «لولا» وهذا قليل لأن خبر المبتدأ بعد لولا يكون محذوفا في الأغلب. [شرح أبيات المغني/ 6/ 309]. 183 - وتشرق بالقول الذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدّم البيت للأعشى. يخاطب عمير بن عبد الله بن المنذر، وكان بينهما مهاجاة. وتشرق: بالنصب عطفا على فعل منصوب في بيت سابق .. ومعنى تشرق: ينقطع كلامك في حلقك، يريد أنه ينقطع كلامك حتى لا تقدر على أن تتكلم لما تسمعه من هجائي لك، بسبب ما تذيعه وتنشره من السب والشتم لي. .. كما شرقت صدر القناة، يريد: أنّ الدم إذا وقع على صدر القناة وكثر عليها لم يتجاوز الصدر إلى غيره لأنه يجمد عليه، فأراد أنّ كلامه يقف في حلقه ولا يمكنه إخراجه كما يقف الدم على صدر القناة فلا يذهب ... و «ما» في «كما» مصدرية. والشاهد: أن كلمة «صدر» اكتسبت التأنيث من القناة، بالإضافة ولذلك أنّث الفعل المسند إليه وهو «شرقت» لأن المضاف يكتسب من المضاف إليه عشرة أشياء: التعريف، والتنكير، والاستفهام، والشرط، والتأنيث والتذكير، والبناء، ومعنى الظرف من الزّمان والمكان، ومعنى المصدر وقد أشار ابن حزم إلى أثر الإضافة في المضاف في هذين البيتين. تجنّب صديقا مثل «ما» واحذر الذي … يكون كعمرو بين عرب وأعجم فإن صديق السوء يزري وشاهدي … كما شرقت صدر القناة من الدم ومراده بمثل «ما» الكناية عن الرجل الناقص كنقص «ما» الموصولة، في حاجتها إلى التمام. وبعمر: الكناية عن الرجل المريد أخذ ما ليس له، كأخذ «عمرو» الواو في الخط. وقوله: وشاهدي. الخ أن لفظ «صدر» المذكّر، لما صادق، أي: أضيف إلى لفظ

184 - لأجتذبن منهن قلبي تحلما … على حين يستصبين كل حليم

«القناة» المؤنث، أصابه السوء والزراية من هذا الصديق فجاء الفعل الذي أسند إليه مؤنثا، وهو «شرقت». [شرح أبيات المغني/ 7/ 140]. 184 - لأجتذبن منهنّ قلبي تحلّما … على حين يستصبين كلّ حليم .. لأجتذبن. اللام للقسم .. بل في جواب قسم مقدر .. تقديره: والله لأجتذبن. ومنهنّ: أي: من هواهنّ. وتحلّما: أي يتحلّم: أي: أستخلص من هواهنّ باستعمال الحلم، والتأنيّ. وقوله: على حين الخ: أي: في زمان كمال حسنهنّ الذي يصبي العاقل والوقور إليهن. والشاهد على أنّ «حين» اكتسب البناء من إضافته إلى الفعل المبني [المغني 7/ 125]. 185 - ويرغب أن يبني المعالي خالد … ويرغب أن يرضى صنيع الألائم .. الشاهد: (أن يبني) حيث سكّن آخر الفعل المنصوب المعتل بالياء، ضرورة وحسنها. مشاكلة «أن يرضى» في الشطر الثاني، ولكن «يرضى» مختوم بالألف وتقدر عليه الحركات. [شرح أبيات المغني/ 7/ 136]. 186 - يا ليت شعري ولا منجى من الهرم … أم هل على العيش بعد الشيب من ندم مطلع قصيدة لساعدة بن جؤية الهذلي، رثى بها قوما. والبيت شاهد على أنّ «أم» فيه زائدة. يريد: هل يندم أحد، على أن لا يعيش بعد أن يشيب، وهل على فوت العيش من ندم. وجملة (لا منجى من الهرم) معترضة. وجملة: هل على العيش. في محل نصب بشعري، علّقت بالاستفهام. وخبر ليت محذوف تقديره: ليس علمي حاصل. [شرح أبيات المغني ج 1/ 284]. 187 - حتّى شآها كليل موهنا عمل … بانت طرابا وبات الليل لم ينم البيت من قصيدة لساعدة بن جؤيّة الهذلي ... وقوله: شآها: يعني: شأى البقر، أي: سبقها وهيّجها. والضمير يعود على جماعة البقر في بيت سابق. والكليل: البرق الضعيف. وموهنا: بعد هدء من الليل. وعمل: ذو عمل لا يفتر البرق من اللمعان. وباتت طرابا: يعني البقر. وبات الليل: يعني البرق.

188 - سائل فوارس يربوع بشدتنا … أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم

وعمل: دائب. وقوله لم ينم: يعني أن البرق متصل من أول الليل إلى آخره. والبيت شاهد على أن «موهنا» ظرف لكليل، لا مفعول به، خلافا لسيبويه. [شرح أبيات المغني/ 6/ 324]. 188 - سائل فوارس يربوع بشدّتنا … أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم قاله زيد الخير (الخيل) الطائي الصحابي من أبيات قالها في إغارة على بني يربوع. قوله: بشدّتنا: الباء بمعنى «عن» والشدّة: بفتح الشين، الحملة، والقاع: المستوي من الأرض. والشاهد: أن «هل» فيه بمعنى «قد». [شرح أبيات المغني/ 6/ 67، وشرح المفصل/ 8/ 153، والهمع/ 2/ 77]. 189 - ولا هداك إلى أرض كعالمها … ولا أعانك في عزم كعزّام البيت لعمرو بن برّاقة، وهو شاعر جاهلي. وفي الأمثال «قتل أرضا عالمها» و «قتلت أرض جاهلها». وذكر البيت ابن هشام في الباب السابع من المغني «في كيفية الإعراب». تقول: الكاف «من كعالمها» فاعل، ولا تقول «ك» فاعل. يريد أنك عند الإعراب تأتي باسم الحرف الذي يكون اسما. [شرح أبيات المغني/ 8/ 30]. 190 - تبلت فؤادك في المنام خريدة … تسقي الضجيع ببارد بسّام قاله حسان بن ثابت. وقوله: تبلت فؤادك: أصابته بتبل، وهو الدخل والسقم وأراد بالبارد البسام: ثغرها. والخريدة: الحيّية. والضجيع: هو الذي يضع جنبه على الأرض إلى جانبها. والمراد بالبارد البسام: الثغر والمفعول الثاني ل: «سقى» محذوف تقديره: تسقى الضجيع ريقها بثغر بارد بسام. - وتكون الباء للاستعانة. وقيل: الباء زائدة في المفعول الثاني، على أن المراد بالبارد البسام: ريقها، من باب وصف الشيء بصفة محله، لأنّ التبسم صفة الثغر. [شرح أبيات المغني/ 2/ 373].

191 - قومي هم قتلوا أميم أخي … وإذا رميت يصيبني سهمي فلئن عفوت لأعفون جللا … ولئن سطوت لأوهنن عظمي

191 - قومي هم قتلوا أميم أخي … وإذا رميت يصيبني سهمي فلئن عفوت لأعفون جللا … ولئن سطوت لأوهنن عظمي البيتان للحارث بن وعلة الذهلي ... وأميم: منادى مرخم أصله يا أميمة، وكانت تحرضه على أخذ الثأر وتلومه على تركه فاعتذر في ذلك بما قاله. حيث يقول: قومي هم الذين فجعوني بأخي فإذا رمت الانتصاف منهم عاد ذلك بالكناية في نفسي - لأن عزّ الرجل بعشيرته، وهذا الكلام تحزّن وتفجع، وليس بإخبار ... ويقول في البيت الثاني: إن تركت طلب الانتقام صفحت عن أمر عظيم وإن انتقمت منهم أوهنت عظمي. والسطو: الأخذ بعنف. والجلل: من الأضداد: يكون الصغير والعظيم، وهو المراد هنا والله أعلم. [المرزوقي/ 204 واللسان «جلل» والهمع/ 2/ 72، وشرح أبيات المغني/ 3/ 75]. 192 - حاشا أبا ثوبان إنّ به … ضنّا على الملحاة والشّتم قاله الجميع الأسدي. والشاهد أنه روي ما بعد حاشا، بالنصب والجر. [الهمع/ 1/ 232، والدرر/ 1/ 196، والأشموني/ 2/ 165، وشرح المفصل/ 2/ 84]. 193 - بطل كأنّ ثيابه في سرحة … يحذى نعال السّبت ليس بتوأم لعنترة بن شداد من معلقته. بطل: بالجرّ - صفة لموصوف مجرور في بيت سابق ويجوز رفعه على تقدير هو بطل. والسرحه: الشجرة العظيمة، يريد أنه طويل القامة كامل الجسم، فكأن ثيابه على شجرة عالية. ويحذى: مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير، ونعال: مفعوله الثاني. والسبت: بكسر السين: جلود البقر خاصة، يريد أنه من الملوك. الذين يحتذون النعال السبتية. وقوله: ليس بتوأم: يريد أنه لم يزاحمه أحد في بطن أمه فيكون ضعيف الخلقة والشاهد أنّ «في» بمعنى «على». [شرح أبيات المغني/ 4/ 65]. 194 - جادت عليه كلّ عين ثرّة … فتركن كلّ حديقة كالدّرهم لعنترة بن شداد من معلقته ... وفي البيت مناظرة بين العلماء في «فتركن» هل يعود الضمير على «كل» أو على مجموع العيون المستفادة من الكلام.

195 - يا شاة من قنص لمن حلت له … حرمت علي وليتها لم تحرم

والمعروف أنّ «كلّ» تأخذ معناها من المضاف إليه، وبناء على ذلك يعود الضمير إلى كلّ أو الوصف ... والظاهر في البيت أنّ قوله: فتركن يعود على كلّ، ومعناه أنّ «كل» لم تستفد الإفراد من المضاف إليه، ولكنّ التحقيق أنّ الضمير يعود على العيون التي دلّ عليها قوله: «كل عين ثرة» ولا يعود على (عين). [شرح أبيات المغني ج 4/ 221]. 195 - يا شاة من قنص لمن حلّت له … حرمت عليّ وليتها لم تحرم لعنترة بن شداد من معلقته. والمشهور من الرواية «يا شاة ما قنص» و «ما» زائدة. والشاة: كناية عن المرأة والعرب تكني عنها بالنعجة. وقنص: مصدر بمعنى المفعول وهو مجرور بإضافة شاة إليه. وفي زيادة «ما» وتنكير «قنص» ما يدل على أنها صيد عظيم يغتبط بها من يحوزها. وقوله: لمن حلت له: أي: لمن قدر عليها. فيكون في قوله: حرمت عليه: الدلالة على التحزن التام على فوات الغنيمة. وعلى رواية «يا شاة «من» قنص» أن البيت شاهد على زيادة «من» وفي ذلك خلاف. [شرح أبيات المغني/ 5/ 341]. 196 - ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها … قيل الفوارس ويك عنتر أقدم لعنترة بن شداد من معلقته. وذكروا البيت شاهدا على أن الكاف في قوله «ويك» تالية ل «وي» اسم الفعل. بمعنى أتعجب. والكاف حرف خطاب، كالكاف في «رويدك». وقال آخرون «ويك» بمعنى «ويلك» حذفت اللام، لكثرة استعمال هذه اللفظة. وعنتر: منادى مرخم. [شرح أبيات المغني/ 6/ 148]. 197 - يدعون عنتر والرماح كأنها … أشطان بئر في لبان الأدهم لعنترة من معلقته. والشاهد «عنتر» بالضم. على أنّ جملة (يا عنتر) بضم الراء. وتقديره: يا عنتر، محكية بقول محذوف. فإذا نصبنا «عنتر» فيه وجهان: الأول: مفعول يدعون، ويكون الترخيم في غير النداء للضرورة.

198 - لولا الحياء وأن رأسي قد عسا … فيه المشيب لزرت أم القاسم

الثاني: أن يكون منادى على لغة من ينتظر فتكون جملة المنادى محكية أيضا. 198 - لولا الحياء وأنّ رأسي قد عسا … فيه المشيب لزرت أمّ القاسم من قصيدة لعدي بن الرقاع مدح بها الوليد بن عبد الملك. والبيت شاهد على أن «عسا» هنا بمعنى اشتد، لا «عسى» الجامدة. وفي رواية «عثا» فيه المشيب، ورواية أخرى «علا فيه المشيب». [شرح أبيات المغني ج 4/ 96] واللسان «عثا» وشرح التصريح/ 1/ 214، والشعر والشعراء/ 620]. 199 - لو غيركم علق الزبير بحبله … أدّى الجوار إلى بني العوّام من قصيدة لجرير هجا بها الفرزدق. والبيت يشير إلى غدر رهط الفرزدق بالزبير ابن العوام رضي الله عنه، منصرفه من وقعة الجمل، غدر به ابن جرموز وهو في طريقه إلى المدينة .. والشاهد: قوله: لو غيركم. قال ابن هشام (غيركم) مرفوع بفعل يفسره ما بعده تقديره، لو علق غيركم. قال البغدادي: وهذا لا يصح، لأن المتعلق بالحبل ابن الزبير، لا «الغير». وقيدّه غيره بالنصب بفعل مضمر، يفسره ما بعده، والمعنى: لو علق الزبير غيركم. وإنما لم يجعل مفعولا مقدما لعلق المذكور لأنه استوفى معموله وهو قوله «بحبله» فيكون «غير» منصوبا بفعل آخر يفسره المذكور في باب الاشتغال، كقولك: زيد أمررت به. [شرح أبيات المغني 5/ 76]. 200 - احفظ وديعتك التي استودعتها … يوم الأعازب إن وصلت وإن لم البيت لإبراهيم بن هرمة. وهو إبراهيم بن عليّ من أواخر من يحتج بشعرهم، وهو من مخضرمي الدولتين. والبيت شاهد على أنّ مجزوم «لم» قد حذف لضرورة الشعر، تقديره وإن لم تصل. ويوم الأعازب غير معروف. [شرح أبيات المغنى/ 5/ 151]. 201 - ولا تلمني اليوم يا ابن عميّ … عند أبي الصّهباء أقصى همّي

202 - ولكنني استبقيت أعراض مازن … وأيامها من مستنير ومظلم أناسا بثغر لا تزال رماحهم … شوارع من غير العشيرة في الدم

بيض ثلاث كنعاج جمّ … يضحكن عن كالبرد المنهمّ .. الرجز للعجّاج .. وأبو الصهّباء: كنية رجل. والهم: بالفتح، والهمة بالكسر: أول العزم، وهو الإرادة وقد يطلق على العزم القوي. وبيض: بالرفع: إما بدل من أقصى همي وإما خبر لمبتدأ محذوف، أي: هو. والجملة جواب سؤال مقدر، وقيل: بيض: بالجرّ: بدل من همي، وقيل: بيض: مبتدأ. وجملة يضحكن: خبر وقيل: خبر لمبتدأ محذوف أي: هنّ بيض. والبيض: الحسان. والنعاج: جمع نعجة وهي الأنثى من الضأن. والعرب تكنى عن المرأة بالنعجة. والجمّ: جمع جماء وهي التي لا قرن لها. وفائدة الوصف بجمّ نفي ما يكسبهنّ سماجة. والبرد: حب الغمام. والمنهمّ: الذائب. شبه ثغر النساء بالبرد الذائب في اللطافة والجلاء. والشاهد: يضحكن عن كالبرد ... على أن الكاف الاسمية لا تكون إلا في الشعر عند سيبويه - وهي هنا بمعنى مثل، مجرور بعن. [شرح أبيات المغني اللبيب/ 4/ 135، وشرح التصريح/ 2/ 18، والهمع/ 2/ 31 والأشموني/ 2/ 225]. 202 - ولكنّني استبقيت أعراض مازن … وأيامها من مستنير ومظلم أناسا بثغر لا تزال رماحهم … شوارع من غير العشيرة في الدّم البيتان للفرزدق ... يذكر أنه استثنى بني مازن وهم من فزارة، مما هجا به قيسا وإنّ كانوا منهم، لفضلهم وشهرة أيامهم في حروبهم. والثغر: موضع المخافة ... يقول: هم مقيمون في الثغر يذبّون عنه ويحمونه. والشوارع: من شرع في الماء، أي: ورد. أي: يوقعون بأعدائهم دون أهلهم فيوردون رماحهم في دماء أعدائهم. والشاهد: نصب «أناسا» على التعظيم والمدح، ولا يحسن نصبه حالا لأنه لا يتعلق بمعنى قبله يقع فيه [كتاب سيبويه ج 1/ 288]. 203 - ولم أر ليلى بعد يوم تعرّضت … لنا بين أثواب الطّراف من الأدم كلابيّة وبريّة حبتريّة … نأتك وخانت بالمواعيد والذّمم أناسا عدى علّقت فيهم وليتني … طلبت الهوى في رأس ذي زلق أشم

204 - وأغفر عوراء الكريم ادخاره … وأعرض عن شتم اللئيم تكرما

من قول عمرو بن شأس الأسدي، كما في كتاب سيبويه. وقوله: تعرضت: أي: بدت. والأثواب: الستور. والطراف: وزن كتاب: قبة من أدم تكون لأهل الغنى واليسار. والأدم: بالتحريك: جمع أديم وهو الجلد. وقوله: كلابية ... الخ ينسبها إلى قبيلتها ثم حيّها ثم فصيلتها ورهطها. ونأتك: بعدت عنك، يقال: نآه، ونأى عنه. والباء في «بالمواعيد» زائدة. وقوله أناسا: يعني القبائل التي نسبها إليها. وهم من بني عامر وكان بينهم وبين بني أسد قومه حروب ومغاورة، فجعلهم عدى لذلك. أي: علقها وهي بينهم فلا سبيل إليها، ولذا تمنّى أن يكون قد طلب هواه في رأس جبل أشمّ، أي: مرتفع. ذو زلق: أملس لا تثبت عليه القدم، يقول: هي أبعد منالا من الأروى التي تألف شواهق الجبال. وفي الأبيات من الشواهد: نصب «كلابية» وما بعدها، على التعظيم، لا على الحال. ونصب أناسا على الاختصاص والتشنيع لا على الحال لفساد المعنى. [سيبويه/ 1/ 288]. 204 - وأغفر عوراء الكريم ادّخاره … وأعرض عن شتم اللّئيم تكرّما لحاتم الطائي ... والعوراء: الكلمة القبيحة أو الفعلة. ادخاره: أي إبقاء عليه أي: إذا جهل عليه الكريم احتمل جهله، وإذا شتمه اللئيم الدنيء أعرض عن شتمه إكراما لنفسه عنه. والشاهد: نصب «ادّخاره» و «تكرّما» على المفعول له (لأجله). [الخزانة/ 3/ 122، وسيبويه/ 1/ 184، وشرح المفصل/ 2/ 54 والأشموني/ 2/ 189، وشرح التصريح/ 1/ 392]. 205 - لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضّحى … وأسيافنا يقطرن من نجدة دما .. البيت لحسان بن ثابت رضي الله عنه والغرّ: البيض. جمع غرّاء يريد: بياض الشحم. يقول: جفاننا معدة للضيفان ومساكين الحيّ بالغداة، وسيوفنا تقطر بالدم لنجدتنا وكثرة حروبنا. والشاهد في البيت «الجفنات» و «أسيافنا» حيث ذكرت كتب تاريخ النقد قصة لقاء

206 - ولولا رجال من رزام أعزة … وآل سبيع أو أسوءك علقما

حسان والنابغة والخنساء والأعشى في سوق عكاظ، وأن حسان بن ثابت أنشد النابغة القصيدة التي منها البيت، فعابه بأنه قال «الجفنات» و «أسيافنا» فقلل جفان قومه وأسيافهم - لأن - يزعمون - جمع المؤنث السالم، يدلّ على القلة، ووزن أفعال من جموع التكسر من جموع القلة. والحقيقة أنّ القصة موضوعة، لأنّ جمع المؤنث السالم يستعمل للقلّة والكثرة. وهي هنا للكثرة على رأي من يقول إنّ جمع المؤنث للقلة، لاقترانها بلام التعريف الجنسيّة. وأما جمع القلة «أسياف» فإنّه إذا قرن بما يصرفه إلى معنى الكثرة انصرف إليها، كأن تسبق أل تعريف الجنس، أو يضاف إلى ما يدل على الكثرة وإضافة الأسياف إليهم «أسيافنا» صرفها إلى الكثرة. [سيبويه/ 2/ 181، وشرح المفصل/ 5/ 10، والأشموني/ 4/ 121. والخزانة/ 8/ 106]. 206 - ولولا رجال من رزام أعزّة … وآل سبيع أو أسوءك علقما قاله الحصين بن حمام المرّي. والشاهد: أو أسوءك: حيث نصب الفعل بإضمار (أن) ليعطف اسم على اسم. قال سيبويه رحمه الله: يضمر أن، وذاك لأنه امتنع أن يجعل الفعل على «لولا» فأضمر «أن» كأنه قال: لولا ذاك أو لولا أن أسوءك. [الخزانة/ 3/ 324 وسيبويه/ 1/ 429. والهمع/ 2/ 10، والأشموني/ 3/ 296، والمفضليات/ 66]. 207 - لنا هضبة لا يدخل الذلّ وسطها … ويأوي إليها المستجير فيعصما لطرفة بن العبد ... والشاهد: نصب «يعصم» بعد الفاء في الضرورة لأن الفعل لم يسبق بطلب أو نفي. ووجودهما أو وجود أحدهما شرط للنصب بأن مضمرة. [سيبويه 1/ 423]. 208 - فما كان قيس هلكه هلك واحد … ولكنّه بنيان قوم تهدّما للشاعر عبدة بن الطبيب من قصيدة يرثى بها قيس بن عاصم المنقري. يقول: مات بموته خلق كثير، وتقوّض بتقوّض بنيته وعزّه بنيان رفيع. والشاهد: رفع «هلكه» بدلا من قيس، فعلى ذلك يكون. «هلك» منصوبا على خبر

209 - هم القائلون الخير والآمرونه … إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما

كان، ويجوز رفعه على أنه مبتدأ، وهلك: خبره مرفوعا. [سيبويه/ 1/ 77، وشرح المفصل/ 3/ 65، والحماسة/ 792]. 209 - هم القائلون الخير والآمرونه … إذا ما خشوا من محدث الأمر معظما رواه سيبويه وقال: وزعموا أنه مصنوع. ومحدث الأمر: حادثه. والمعظم: الأمر يعظم دفعه. والشاهد: الجمع بين النون والضمير في «الآمرونه» مع أن حق الضمير أن يعاقب النون والتنوين لأنه بمنزلتهما في الضعف والاتصال. [سيبويه/ 1/ 96، وشرح المفصل/ 2/ 125، والهمع/ 2/ 157، والخزانة/ 4/ 169]. 210 - هما - أخوا - في الحرب - من لا أخاله … إذا خاف يوما نبوة فدعاهما القائلة عمرة الخثعمية ترثي ابنيها، كما في الحماسة. تقول: كانا ينصران من لا ناصر له من القوم إذا خشي نبوة من نبوات الدهر أو خشي أن ينبو عن مقاومة عدوّه، فدعاهما مستغيثا. والشاهد في البيت: الفصل بالجار والمجرور وهو «في الحرب» بين المضاف والمضاف إليه. [الإنصاف/ 434]. 211 - ألم تر إنّي وابن أسود ليلة … لنسري إلى نارين يعلو سناهما مجهول. والشاهد منه كسر همزة إنّ لمجيء اللام في خبرها ولولا اللام لفتحت لأنها مع اسمها وخبرها سدّت مسدّ مفعولي «ترى». وعن المازني أنه أجاز الفتح مطلقا. وعن الفراء أنه أجازه بشرط طول الكلام. [سيبويه/ 1/ 474، والأشموني/ 1/ 275]. 212 - ألا أضحت حبالكم دماما … وأضحت منك شاسعة أماما البيت لجرير بن عطية - والحبال: حبال الوصل وأسبابه. والرمام: جمع رميم، وهو الخلق البالي والشاسعة: البعيدة. والشاهد: فيه، ترخيم «أمامة» في غير النداء للضرورة، وترك الميم على لفظها مفتوحة وهي في موضع رفع. وسيبويه يجيز معاملة غير المنادي معاملة المنادى على وجهي الترخيم، والمبرد لا يجوّز في هذا إلا التصرف بوجوه الإعراب فقط. وقد نقدّر فعلا.

213 - حدبت علي بطون ضنة كلها … إن ظالما فيهم وإن مظلوما

لنصب «اماما» به تقديره «أذكر». [سيبويه/ 1/ 343، والإنصاف/ 353، والأشموني/ 3/ 184، والخزانة/ 2/ 363]. 213 - حدبت عليّ بطون ضنّة كلّها … إن ظالما فيهم وإن مظلوما للنابغة الذبياني ... والشاهد: نصب ظالما ومظلوما، على تقدير فعل يقتضيه الشرط، تقديره «كان». [سيبويه/ 1/ 132، والأشموني/ 1/ 242]. 214 - قد سألتني بنت عمرو عن ال … أرض التي تنكر أعلامها لما رأت «ساتيدما» استعبرت … لله درّ اليوم من لامها تذكرت أرضا بها أهلها … أخوالها فيها وأعمامها الأبيات لعمرو بن قميئة. و «ساتيدما» جبل. واستعبرت: بكت من وحشة الغربة ولبعدها عن أراضي أهلها، وكان عمرو بن قميئة قد خرج مع امرئ القيس في رحلته المزعومة إلى ملك الروم. وزعم بعضهم أن عمرو بن قميئة يخاطب ابنته حيث صحبها في رحلته، وهذا باطل، فإن الشاعر يريد نفسه، فكنى عن نفسه بابنته. وقوله: «لله درّ من لامها: أي جعل الله عمل من يلومها في الأشياء الحسنة التي يرضاها. وإنما دعا للائمها بالخير، نكاية بها - لأنها فارقت أهلها باختيارها، فيكون هذا تسفيها لها بغربتها. قلت: وكنت أول من لام امرأ القيس وصاحبه على هذه الرحلة، ولم أجد من لامه على ذلك قبلي، فرحلة امرئ القيس إلى ملك الروم إن صحّت، رحلة خبيثة. فإن كان عمرو قد ندم وتاب من مرافقته امرأ القيس، وكانت له دعوة مقبولة في جاهليته فأرجو أن ينالني شيء منها وإن لم يكن، وكان قوله للمدح فقط فلي حظ منه إن شاء الله. والشاهد في البيت الثاني. إضافة «درّ» إلى «من» مع الفصل بينهما بالظرف للضرورة، وامتنع نصب من - لأن «درّ» ليس باسم فاعل ولا اسم فعل. وفي البيت الثالث: نصب «أخوالها» وأعمامها بفعل مقدر تقديره «تذكرت». [سيبويه ج 1/ 91، والإنصاف 432، وشرح المفصل/ ج 2/ 46 و 3/ 19، 20]. 215 - من سبأ الحاضرين مأرب إذ … يبنون من دون سيله العرما

216 - عشية لا تغني الرماح مكانها … ولا النبل إلا المشرفي المصمم

سبأ: هم سبأ بن يشجب. الحاضرون: المقيمون على الماء. ومأرب: أرض باليمن والعرم: جمع عرمة، وهو السد. والشاهد: ترك صرف «سبأ» على معنى القبيلة والأم، ولو أمكنه الصرف على معني الحيّ والأب لجاز، وقد قرئ بهما في القرآن الكريم «وجئتك من سبأ». [النمل: 22] [سيبويه/ 2/ 28، والإنصاف/ 502]. 216 - عشيّة لا تغني الرّماح مكانها … ولا النّبل إلا المشرفيّ المصمّم قاله الحصين بن الحمام المرّي. وقوله: مكانها: ظرف لقوله «لا تغني» أي: في مكان استعمالها. والمشرفيّ: السيف. والمصمم: الذي يمضي في صميم العظيم ويبريه. وإنما يلجؤون إلى السيوف حين تشتدّ الحرب ويلتحمون. والشاهد في البيت عند سيبويه: إبدال المشرفي - بالرفع - وهو السيف من الرماح والنبل، وإن لم يكن من جنسهما وذلك على المجاز. ولكن البيت مروي في قصيدة منصوبة الرويّ، في المفضليات رقم 12/ 65. 217 - فأقسم أن لو التقينا وأنتم … لكان لكم يوم من الشرّ مظلم قاله المسيب بن علس. والشاهد: إدخال «أن» توكيدا للقسم كما تدخل اللام بعده، ولذلك لا يجمع بينهما، فلا يقال: أقسم «لأن». [سيبويه/ 1/ 455، وشرح المفصل/ 9/ 94]. 218 - تحلّل وعالج ذات نفسك وانظرن … أبا جعل لعلّما أنت حالم قاله سويد بن كراع: .. يهزأ برجل توعده. وتحلل من يمينك: أي: اخرج منها وذلك أن يباشر من الفعل الذي يقسم عليه مقدارا يبرّ به قسمه ويحلله مثل أن يحلف على النزول في مكان، فلو وقع به وقعة خفيفة أجزأته. والتحلل أيضا أن يخرج من يمينه بكفارة، أو حنث يوجب الكفارة. ذات نفسك: أي: نفسك. طلب منه أن يعالج ما ذهب من عقله وتعاطيه ما ليس في وسعه ثم يقول: إنك كالحالم في وعيدك إيّاي. والشاهد: إلغاء «لعل» لأنها جعلت مع «ما» من حروف الابتداء. [سيبويه/ 1/ 283، وشرح المفصّل/ 8/ 54].

219 - بني ثعل لا تنكعوا العنز شربها … بني ثعل من ينكع العنز ظالم

219 - بني ثعل لا تنكعوا العنز شربها … بني ثعل من ينكع العنز ظالم في كتاب سيبويه: وقال الأسدي. ولم يعينه أحد. وبني ثعل: نداء. والنكع: المنع. والشرب: بالكسر: الحظّ من الماء. والشاهد: حذف الفاء من جواب الشرط ضرورة، وحسّن الحذف هنا، شبه «من» الشرطية، ب «من» الموصولة. [سيبويه/ 1/ 436، والأشموني/ 4/ 21]. 220 - رأته على شيب القذال وأنّها … تواقع بعلا مرّة وتئيم قاله ساعدة بن جؤيّة الهذلي. يصف امرأة فقدت ولدها الذي رزقته بعد أن شاب قذالها وبعد أن مرّت بتجارب الزواج والطلاق، فهي امرأة تنكح فتوطأ ومرة تطلق فتئيم والأيم: التي لا زوج لها، وقبل البيت: وما وجدت وجدي بها أمّ واحد … على النأي شمطاء القذال عقيم والشاهد في البيت: فتح «أنّ» حملا على «رأت» ولو كسرت على القطع لجاز. [سيبويه/ 1/ 462]. 221 - صددت فأطولت الصّدود وقلّما … وصال على طول الصّدود يدوم لعمر بن أبي ربيعة. وفي البيت تقديم «وصال» وهو الفاعل على فعله يدوم «لأن «قلّ» هنا مكفوفة ب «ما» فلا تعمل في الفاعل، وجعله بعضهم فاعلا لفعل مقدر قبله، أي: قلّ، وصال. وبعضهم جعل «ما» بعد «قلّ» زائدة، لا كافة، فارتفع بها الفاعل. [سيبويه/ 1/ 2، والمغني/ برقم 508، والإنصاف/ 144]. 222 - فرطن فلا ردّ لما بتّ وانقضى … ولكن بغوض أن يقال عديم قاله مزاحم العقيلي. وصف كبره وذهاب شبابه وقوته، فيقول: فرطن: أي ذهبن، وتقدمن، فلا ردّ لما فات منهنّ. بتّ: قطع. بغوض: مبغض إلى الناس، فعول بمعنى مفعول. كجزور بمعنى مجزور. وعديم: عدم شبابه ويروى «تعوض» بالأمر: أي: تعوض من شبابك حلما خشية أن يقال: هو عديم شباب وحلم. والشاهد: رفع «ردّ» تشبيها ل «لا» بليس. [سيبويه/ 2/ 355].

223 - وكنا ورثناه على عهد تبع … طويلا (سواريه) شديدا دعائمه

223 - وكنّا ورثناه على عهد تبّع … طويلا (سواريه) شديدا دعائمه قاله الفرزدق. وقبله: وما زال باني العزّ منا وبيته … وفي الناس باني بيت عزّ وهادمه يفخر بعزّ قومه ومجدهم أنهما قديمان قدم تبّع، وهو من ملوك اليمن القدماء والسوّاري: جمع سارية، وهي الأسطوانة من حجر أو آجر. والدعامة. عماد البيت الذي يقوم عليه، جعل المجد كالبناء المحكم. والشاهد: حذف الهاء من «طويلة» و «شديدة» لأن فاعله مؤنث مجازي. [سيبويه/ 1/ 238]. 224 - وإنّ بني حرب كما قد علمتم … مناط الثّريّا قد تعلّت نجومها قائله الأحوص الأنصاري ... ومناط الثريا: متعلقها، من نطت الشيء أنوطه، إذا علقته وأراد ببني حرب آل أبي سفيان بن حرب، يقول: هم في ارتفاع منزلتهم وعلو مرتبتهم كالثريا إذا صارت على قمة الرأس. والشاهد: نصب «مناط الثريا» على الظرف، مع اختصاصه، تشبيها له بالمكان. [سيبويه/ 1/ 206]. 225 - أهاجتك أطلال تعفّت رسومها … كما كتبت كاف تلوح وميمها قاله: الراعي. شبه آثار الديار بحروف الكتاب. والشاهد: تأنيث «كاف» حملا على معنى اللفظة .. ، والكلمة. [اللسان/ كوف، وسيبويه/ 2/ 31، وشرح المفصل/ 6/ 29]. 226 - نبّئت عبد الله بالجوّ أصبحت … كراما مواليها لئيما صميمها قاله الفرزدق. وعبد الله: قبيلة. والجوّ: اسم موضع. والصميم: الخالص بنسبه. ويرى سيبويه أنّ نبئت يتعدى بالحرف فقط مع أنه يتعدى بنفسه وبالحرف كما في اللسان. [سيبويه/ 1/ 17، والأشموني/ 2/ 70]. 227 - لا الدار غيّرها بعدي الأنيس ولا … بالدار لو كلّمت ذا حاجة صمم

228 - هذا الجواد الذي يعطيك نائله … عفوا ويظلم أحيانا فيطلم

قاله زهير بن أبي سلمى. يصف دارا خلت من أهلها ولم يخلفهم غيرهم فيها فغيروا ما عرفه من آثارها ورسومها. ويقول: ليس بها صمم عن تحيتي، لأني تكلمت بقدر ما تسمع، ولكنها لم تكلمني ولا ردّت جوابي وشاهده: نصب «الدار» بتقدير فعل مفسر. [سيبويه/ 1/ 73]. 228 - هذا الجواد الذي يعطيك نائله … عفوا ويظلم أحيانا فيطّلم لزهير بن أبي سلمى. يقوله لهرم بن سنان. والنائل: العطاء ويظلم: يسأل في حال العسر - فيكلف ما ليس في وسعه. ويطلم. بالتشديد يحتمل ذلك الظلم ويتكلفه. والشاهد: قلب الظاء من يظلم طاء مهملة - لأنّ حكم الإدغام أن يدغم الأول في الثاني ولا يراعى فيه أصل ولا زيادة -[شرح المفصل/ 10/ 47]. 229 - هل ما علمت وما استودعت مكتوم … أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم أم هلّ كبير بكى لم يقض عبرته … إثر الأحبّة يوم البيّن مشكوم لعلقمة بن عبدة. يقول: هل تبوح بما استودعتك من سرّها يأسا منها أو تصرم حبلها، أي: تقطعه لنأيها عنك وبعدها. ثم استأنف السؤال، فقال: أم هل تجازيك ببكائك على إثرها وأنت شيخ، وأراد بالكبير نفسه. والعبرة: الدمعة. لم يقضها: أي: هو دائم البكاء. والمشكوم المجازى، من الشكم، العطية عن مجازاة، فإن كانت العطية ابتداء فهي الشكر والشاهد: أن «أم» إذا جاءت بعد «هل» يجوز أن يعاد معها «هل» ويجوز أن لا يعاد. بخلاف أم إذا جاءت بعد اسم استفهام فإنه يجب أن يعاد معها ذلك الاسم. وقد اجتمع في البيتين إعادة «هل» وتركها. فإن «أم» الأولى جاءت بعد «هل» ولم تعد «هل» معها. وقد أعادها مع «أم» الثانية في البيت الثاني [الخزانة/ 11/ 294، وسيبويه/ 1/ 478، والهمع/ 2/ 233، والمفضليات/ 397]. 230 - فأمّا كيّس فنجا ولكن … عسى يغترّ بي حمق لئيم هدبة بن الخشرم العذريّ - والشاهد إسقاط «أن» بعد عسى ضرورة ورفع الفعل. [سيبويه/ 1/ 478]. 231 - أو كلّما وردت عكاظ قبيلة … بعثوا إليّ عريفهم يتوسّم

232 - عهدي بها الحي الجميع وفيهم … قبل التفرق ميسر وندام

قاله طريف بن تميم العنبري. يقول: لشهرتي وفضلي في عشيرتي، كلما وردت سوقا من أسواق العرب كعكاظ تسامعت بي القبائل، وأرسلت كل قبيلة رسولا يتعرفني، والتوسم التثبّت في النظر ليتبيّن الشخص. والشاهد: فيه: بناء «عارف» على «عريف» لإرادة الوصف بالمعرفة دون إرادة الفعل. [سيبويه/ 2/ 215، والأصمعيات 127]. 232 - عهدي بها الحيّ الجميع وفيهم … قبل التفرّق ميسر وندام ... قاله لبيد - والجميع: المجتمعون. والميسر: القمار على الجزور ليعود نفعه على المعوزين. والندام: المنادمة. أو: الندام: جمع نديم، أو ندمان، وعهدي مبتدأ سدّ الحال مسدّ خبره. وهو جملة: «وفيهم ميسر» كما نقول: جلوسك متكئا وأكلك مرتفقا. والشاهد: نصب «الحيّ» بعهدي - وهو، أي: «العهد» مصدر غير منون. [سيبويه 1/ 98]. 233 - ولقد أبيت من الفتاة بمنزل … فأبيت لا حرج ولا محروم من شعر الأخطل. وقوله: بمنزل: أي في مكان قريب مكين. لا حرج: لا أنحرج من لذة. لا محروم: لا أحرم ما اشتهي. والشاهد: رفع «حرج» و «محروم». وهو في مذهب الخليل: على الحمل على الحكاية أي كالذي يقال له: لا حرج ولا محروم. ويجوز رفعه على إضمار خبر، أي: أبيت لا حرج ولا محروم في المكان الذي أبيت فيه. وكان وجه الكلام نصبهما على الخبر، أو الحال. [سيبويه/ 259، والإنصاف/ 710، وشرح المفصل/ 3/ 46]. 234 - ما أبالي أنبّ بالحزن تيس … أم لحاني بظهر غيب لئيم قاله حسان بن ثابت ... والحزن: ما غلظ من الأرض. وخصه لأن الجبال أخصب للمعز من السهول. لحاني: لا مني وشتمني. بظهر الغيب: في غيبتي. يقول: قد استوى

235 - لئن كنت في جب ثمانين قامة … ورقيت أسباب السماء بسلم ليستدرجنك القول حتى تهره … وتعلم أني عنك لست بمحرم

عندي نبيب التيس، ونيل اللئيم من عرضي بظهر الغيب، ونبيب التيس. صوته عند الهياج. والشاهد: دخول «أم» معادلة للألف، ولا يجوز «أو» هنا، لأن قوله «ما أبالي» يفيد التسوية. [سيبويه/ 1/ 488، والخزانة/ 11/ 155]. 235 - لئن كنت في جبّ ثمانين قامة … ورقّيت أسباب السماء بسلّم ليستدرجنك القول حتى تهرّه … وتعلم أني عنك لست بمحرم البيتان للأعشي يخاطب عمير بن عبد الله بن المنذر من بني ثعلبة، يقول: أنت لا تعتصم من هجائي بشيء، ولا يمكنك دفعه، فلئن جعلت في قرار الأرض أو أصعدت إلى السماء ليلحقنك من هجائي ما لا تطيقه. والجبّ: البئر القديمة. والاستدراج: إيقاع الإنسان في بليّة ما كان يشعر بها. وتهرّه: تكرهه. والمحرم: الذي قد دخل في الشهر الحرام. يقول: لست امتنع من هجائك في حال من الأحوال. والشاهد: جعل ثمانين، وصفا لجبّ، لأنها نائبة مناب طويل وعميق. [سيبويه/ 1/ 230، وشرح المفصّل ج 2/ 74، واللسان «رقي»]. 236 - تنكّرت منّا بعد معرفة لمي … وبعد التصابي والشباب المكرّم لأوس بن حجر: يقول: أنكرتنا لمكان الكبر، بعد معرفة بنا زمان الشباب. والشاهد: ترخيم «لميس» بحذف السين كما تحذف الهاء. ولميس: اسم امرأة، وأصل معناه المرأة اللينة الملمس. [سيبويه/ 1/ 336]. 237 - وقدر ككفّ القرد لا مستعيرها … يعار ولا من يأتها يتدسّم البيت لابن مقبل. هجا قوما فجعل قدرهم في ضآلتها ككفّ القرد يضنون بها على المستعير فارغة، ولا يجد طالب القرى فيها ما يتدسم به وذلك للؤمهم وبخلهم. والشاهد: مجازاته بمن بعد «لا» لأنها تخالف ما النافية في أنها تكون لغوا وتقع بين الجار والمجرور فلا تغيّر الكلام عن حاله، فلذلك دخلت على جملة الشرط فلم يغيّر عمله. [سيبويه/ 1/ 441]. 238 - ولكنني أغدو عليّ مفاضة … دلاص كأعيان الجراد المنظّم

239 - إذا لم تزل في كل دار عرفتها … لها واكف من دمع عينك يسجم

قاله يزيد بن عبد المدان، والمفاضة: الدرع السابغة. والدلاص: البرّاقة وشبهها بعيون الجراد في الدقة وتقارب السرد. والمنظم: المجموع بعضه إلى بعض. والشاهد: جمع عين على «أعيان» وهو القياس. لأن الضمة تستثقل في الياء كما تستثقل في الواو، إلا أن المستعمل في الكلام «أعين» على قياس «فعل» في الصحيح. [سيبويه/ 2/ 176، واللسان «عين»]. 239 - إذا لم تزل في كلّ دار عرفتها … لها واكف من دمع عينك يسجم لبعض السلوقيين. أو لجرير وقافيته «يسكب». والشاهد: الجزم بإذا في ضرورة الشعر. فالجواب «يسجم» مجزوم في جواب إذا هكذا رواه سيبويه. [سيبويه/ 1/ 434]. 240 - فلست بشاويّ عليه دمامة … إذا ما غدا يغدو بقوس وأسهم مجهول من أبيات سيبويه. أي: لست براع دميم المنظر سلاحه قوس وأسهم. ويعني أنه صاحب حرب وعتاد، والدمامة: حقارة المنظر. والشاهد: في «شاوي» نسبة إلى الشاء، والوجه، شائي، كما يقال: كسائي وعطائي إلا أنه ردّ الهمزة إلى أصلها وهو الواو، لأنهم يقولون الشوي في الشاء فجرى على مذهب من يبدل الهمزة في كساء فيقول: كساوي. [سيبويه/ 2/ 84، واللسان «شوه»]. 241 - منعت تميما منك أنّي أنا ابنها … وشاعرها المعروف عند المواسم البيت للفرزدق يخاطب جريرا. وكلاهما تميميّ، إلا أنّه نفى عنها جريرا للؤمه عنده، واحتقاره له. فكأنه غير معدود في رهطه. والشاهد: فتح «أنّي» على معنى «لأني» ويجوز كسرها على الاستئناف والقطع [سيبويه/ 1/ 464] 242 - أزيد أخا ورقاء إن كنت ثائرا … فقد عرضت أحناء حقّ فخاصم ورقاء: حيّ من قيس، وتقول العرب. فلان أخو تميم، أي: من قومهم والثائر:

243 - عمرتك الله إلا ما ذكرت لنا … هل كنت جارتنا أيام ذي سلم

طالب الثأر. وأحناء الأمور: أطرافها ونواحيها جمع حنو. أي: إن كنت طالبا لثأرك فقد أمكنك ذلك فاطلبه وخاصم فيه. والشاهد: نصب أخا ورقاء «جريا» على محل المنادى المفرد وهو النصب. [سيبويه/ 1/ 303، وشرح المفصّل/ 2/ 4، واللسان «حنا»]. 243 - عمّرتك الله إلا ما ذكرت لنا … هل كنت جارتنا أيام ذي سلم البيت للأحوص الأنصاري ... عمرتك الله: أي: سألته تعميرك وطول بقائك. وقيل معناه: ذكّرتك به وأصله من عمارة الموضع، فكأنه جعل تذكيره عمارة لقلبه قال أبو حيان: والذي يكون بعد نشدتك الله، وعمرتك الله، أحد ستة أشياء: استفهام، وأمر، ونهي، وأن، وإلّا، ولمّا بمعنى إلّا، ثم قال، وإذا كان «إلا» أو، ما في معناها، فالفعل مثلها في صورة الموجب وهو منفي في المعنى: والمعنى: ما أسألك إلا كذا، فالمثبت لفظا منفيّ معنى ليأتي التفريغ .. و «ما» زائدة. وذو سلم. موضع قرب المدينة النبوية. والشاهد. «عمّرتك الله» وضعت موضع «عمرك الله». [الأشموني/ 3/ 213 والهمع/ 2/ 78]. 244 - يا حار لا تجهل على أشياخنا … إنّا ذوو السّورات والأحلام قاله المهلهل بن ربيعة. والشاهد ترخيم (حارث) فقال: يا حار. وذلك لكثرة الاستعمال. [سيبويه/ 1/ 335، وشرح المفصل/ 2/ 22]. 245 - فصالحونا جميعا إن بدا لكم … ولا تقولوا لنا أمثالها عام البيت للنابغة الذيباني، يقوله لبني عامر بن صعصعة، وكانوا عرضوا عليه وعلى قومه مقاطعة بني أسد ومحالفتهم دونهم فيقول لهم: صالحونا وإياهم جميعا إن شئتم، فلن ننفرد بصلح معكم دونهم. والشاهد: في «عام» وهي ترخيم «عامر» وهو علم كثير الاستعمال. [سيبويه/ 1/ 5 / 33].

246 - قالت بنو عامر خالوا بني أسد … يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام

246 - قالت بنو عامر خالوا بني أسد … يا بؤس للجهل ضرّارا لأقوام للنابغة الذبياني. وخالوا: منّ المخالاة، وهي المتاركة والمقاطعة، وكان بنو عامر قد بعثوا إلى حصن بن حذيفة الفزاري الذبياني وابنه عيينة أن يقطعوا حلف ما بينهم وبين بني أسد ويلحقونهم ببني كنانة على أن تحالف بنو عامر بني ذبيان، فهمّ عيينة بذلك، فقالت بنو ذبيان أخرجوا من فيكم من الحلفاء، ونخرج من فينا، فأبوا، فقال النابغة في ذلك قصيدة مطلعها هذا البيت. يا بؤس للجهل: يعني: ما أبأس الجهل على صاحبه وأضره له. والشاهد: إقحام اللام بين المتضايفين توكيدا للإضافة في قوله (يا بؤس للجهل) [سيبويه/ 1/ 346، وشرح المفصل/ 3/ 68، والمرزوقي/ 1483، والهمع/ 1/ 173]. 247 - أخذت بسجلهم فنفحت فيه … محافظة لهنّ إخا الذمّام السّجل: الدلو ملأى ماء. نفحت: أعطيت. إخا الذمام: أي: إخاء الذمام والذمام: الحقّ والحرمة. والتقدير: لأن حافظت إخاء الذمام، أي: راعيته وقارضت به، والمعنى أنه يقارضهن بما فعلن ... والشاهد إعمال المصدر «محافظة» عمل الفعل. [سيبويه/ 1/ 97]. 248 - إذا ما المرء كان أبوه عبس … فحسبك ما تريد إلى الكلام لرجل من بني عبس ... نسب البلاغة والفصاحة إلى عبس لأنه منهم، وهم بنو عبس بن بغيض ... و (إلى) هنا، بمعنى «من» وفيها بعد، لأنها ضدها. والأجود أن يريد: فحسبك ما تريد من الشرف إلى الكلام، أي مع الكلام. والبيت ذكره سيبويه في أعقاب إعراب حديث «كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهودانه وينصرانه». قال: ففيه ثلاثة أوجه: فالرفع وجهان والنصب وجه واحد. فأحد وجهي الرفع أن يكون المولود مضمرا في يكون - والأبوان هما، مبتدآن وما بعدهما مبني عليهما كأنه قال: - حتى يكون المولود أبواه اللذان يهودانه» ومن ذلك قول الشاعر .. البيت. والوجه الآخر: أن تعمل «يكون» في «الأبوين» ويكون هما مبتدأ وما بعده خبرا له، والنصب على أن تجعل «هما» فصلا.

249 - إذا بعض السنين تعرقتنا … كفى الأيتام فقد أبي اليتيم

وفي «شرح أبيات سيبويه» للنحاس. رواية البيت «فحسبك ما تريد من الكلام» وقال: فرفع الاسم والخبر ب (كان) ونقول: كان زيد قائم، وكان عمرو منطلق. وبنو عيسى وبنو أسد، وبنو قيس يقولون: كان فلان قائم. وإنما يفعلون ذلك على القصة والحديث والشأن، كأنك إذا قلت «كان زيد قائم» فمعناه: كان زيد من قصته وحديثه، وشأنه قائم. وقال الآخر: إذا متّ كان الناس نصفان: شامت … وآخر مثن بالذي كنت أصنع والبيت الأخير مضى في قافية العين من هذا الكتاب. [سيبويه/ 1/ 396، واللسان «رود». 249 - إذا بعض السنين تعرّقتنا … كفى الأيتام فقد أبي اليتيم قاله جرير في مدح هشام بن عبد الملك .. والسنة: الجدب. تعرقتنا: ذهبت بأموالنا كما يتعرق الآكل العظم فيذهب ما عليه من اللحم. أي: كفى اليتيم فقد أبيه. والشاهد: تعرقتنا. أنث الفعل العائد فاعله على (بعض) لأنها مضافة إلى السنين المؤنثة. حيث أضيف بعض إلى مؤنث هو منه، لأن بعض السنين، سنين. [سيبويه/ 1/ 25، وشرح المفصل/ 5/ 96، واللسان «عرق» والخزانة/ 4/ 220]. 250 - أبي الإسلام لا أب لي سواه … إذا افتخروا بقيس أو تميم القائل: نهار بن توسعة اليشكري. يقول: إنما فخره بدينه لا بنسبه. والشاهد: جعله الجار والمجرور خبر «لا» في قوله (لا أب لي) ولو كان قاصدا للإضافة وتوكيدها باللام الزائدة لقال: لا أبالي، فاحتاج إلى إضمار الخبر، كما يحتاج إليه في الإضافة إذا قال: (لا أباك) كما في قوله «وأيّ كريم لا أباك يخلّد. [سيبويه/ 1/ 348، وشرح المفصل/ 2/ 104، والهمع/ 1/ 145]. 251 - لولا ابن حارثة الأمير لقد … أغضيت من شتمي على رغم إلّا كمعرض المحسّر بكره … عمدا يسبّبني على الظلم للنابغة الجعدي، يقول لرجل شتمه وله من الأمير مكانة، فلم يقدم على سبه والانتصار لمكانته، ثم استثنى رجلا آخر يقال له «معرض» فجعله ممن يباح له شتمه

252 - يا ذا المخوفنا بمقتل شيخه … حجر تمني صاحب الأحلام

لشتمه إياه ظلما. يقول في البيت الأول لولا هذا الأمير ومكانك منه لشتمتك، فأغضيت من شتمي على رغم وهوان. ويقول في البيت الثاني: أي: ولكنّ معرضا المحسر بكره، المكثر من سبّي مباح له سبّه. والتحسير: الإتعاب. والبكر: الفتى من الإبل. وهو لا يحتمل الإتعاب والتحسير لضعفه، فضربه مثلا في تقصيره عن مقاومته في السباب والهجاء ... وسبّبه: أكثر سبّه ... والشاهد: إلّا كمعرض .. استخدمها بمعنى «لكن» وقال النحاس إن «إلا» بمعنى الواو. [سيبويه/ 1/ 368، واللسان «سب»]. 252 - يا ذا المخوّفنا بمقتل شيخه … حجر تمنّي صاحب الأحلام قاله عبيد بن الأبرص. يخاطب امرأ القيس بن حجر، وكان امرؤ القيس قد توعد بني أسد الذين قتلوا أباه، يقول: ما تمنيته لن يقع وإنما هو أضغاث أحلام. والشاهد: وصف المنادى «ياذا» بالمضاف بعده، مع رفع المضاف. [سيبويه/ 1/ 307، والخزانة/ 2/ 212]. 253 - ولقد خبطن بيوت يشكر خبطة … أخوالنا وهم بنو الأعمام قاله مهلهل بن ربيعة. وقوله: خبطن: يعني: الخيل وفرسانها والخبط: الضرب الشديد. والمراد بالبيوت: القبائل والأحياء، وإنما ذكر العمومة لأنه من تغلب بن وائل، ويشكر: من بكر بن وائل. والشاهد فيه: «أخوالنا» بالرفع، على القطع. ويجوز فيه النصب أيضا. [سيبويه/ 1/ 225، 248]. 254 - لنا هضبة لا ينزل الذلّ وسطها … ويأوى إليها المستجير ليعصما .. لطرفة بن العبد.

255 - كذبت وبيت الله لو كنت صادقا … لما سبقتني بالبكاء الحمائم

والشاهد: ليعصما: على أن اللام بمعنى الفاء - وليس كذلك وإنما هي على معناها الأصلي. [سيبويه/ 1/ 423، والخصائص/ 1/ 389]. 255 - كذبت وبيت الله لو كنت صادقا … لما سبقتني بالبكاء الحمائم قاله مجنون ليلى، وينسب إلى نصيب. والشاهد دخول اللام على جواب «لو» المنفي. [المرزوقي/ 1289، والعيني/ 4/ 473]. 256 - جزى الله عنّي، والجزاء بفضله … ربيعة خيرا ما أعفّ وأكرما .. منسوب للإمام علي كرم الله وجهه .. وربيعة: مفعول جزى الأول. وخيرا مفعوله الثاني وجملة (والجزاء بفضله) من المبتدأ والخبر، معترضة بين الفعل ومفعوله. والشاهد: حذف المتعجب منه المنصوب في قوله: ما أعفّ وأكرما. أي: ما أعفّهم وأكرمهم. [الهمع/ 2/ 91 والأشموني/ 3/ 20]. 257 - يمينا لنعم السيدان وجدتما … على كلّ حال من سحيل ومبرم لزهير بن أبي سلمى من معلقته يمدح هرم بن سنان والحارث بن عوف. وقوله: وجدتما: التاء، نائب فاعل لوجد وهي مفعولها الأول. والجملة قبلها مفعولها الثاني. والأصل: نعم السيدان أنتما. فلما دخلت (وجد) اتصل الضمير. والسحيل: السهل. وأصله الخيط غير المفتول. والمبرم: الصعب: وأصله الخيط المفتول. فكنى عن سهولة الأمر بالسحيل. وبالمبرم: عن صعوبته. والشاهد: مباشرة المخصوص نواسخ المبتدأ والخبر. فالمخصوص هنا التاء في «وجدتما» وقد جاء نائب فاعل - وهو المفعول الأول - لوجد الذي ينصب مفعولين. 258 - نعم الفتى فجعت به إخوانه … يوم البقيع حوادث الأيام والشاهد فيه حذف المخصوص بالمدح. أي: نعم الفتى فتى، فجعت حوادث الأيام به إخوانه يوم البقيع: فجملة: فجعت: في موضع رفع صفة ل «فتى» المحذوف - وهو المخصوص المحذوف .. [البيت لابن هرمة، أو لمحمد بن بشير الخارجي، أو عمير بن

259 - تخيره فلم يعدل سواه … فنعم المرء من رجل تهامي

عامر، في الخزانة/ 9/ 402، والمرزوقي/ 808]. 259 - تخيّره فلم يعدل سواه … فنعم المرء من رجل تهامي الشاهد: من رجل .. حيث اجتمع التمييز والفاعل الظاهر. وجاء التمييز مجرورا والغرض من مجيء التمييز هنا، التأكيد، لا التوضيح، كقوله تعالى: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً [التوبة: 36] فشهرا تمييز لم يذكر للبيان ورفع الإبهام لأن ذكر الشهور قبل العدد مزيل لإبهامه. وإنما أريد بذكر التمييز التأكيد. لأبي بكر بن الأسود. [الأشموني/ 2/ 200، 3/ 35، وشرح التصريح/ 1/ 399، والهمع/ 2/ 86]. 260 - إذا ما غضبنا غضبة مضريّة … هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما لبشار بن برد. والشاهد: قطرت. فالضمير في «قطرت» يعود إلى السيوف التي يدل عليها سياق الكلام - فهي ليست مذكورة لا لفظا ولا معنى، وإنما يعينها سياق الكلام. 261 - وكائن ترى من صامت لك معجب … زيادته أو نقصه في التّكلم لزهير بن أبي سلمى من معلقته. والشاهد: وكائن. جاءت على هذه الصورة، لغة في «كأيّن» وهي في معنى «كم» الخبرية، ويكون مميزها مفردا مجرورا بمن، كما في البيت وقد ينصب قليلا كما في البيت التالي. 262 - وكائن لنا فضلا عليكم ومنّة … قديما ولا تدرون ما منّ منعم الشاهد نصب تمييز «كائن» على قلّة. [الهمع/ 1/ 255، والأشموني/ 4/ 85 وشرح أبيات المغني/ 4/ 167]. 263 - ألست بنعم الجار يؤلف بيته … أخا قلّة أو معدم المال مصرما البيت لحسان بن ثابت .. والجار هنا: الذي يستجير به الناس من الفقر والحاجة ويؤلف بيته: بالبناء للمعلوم، أي: يجعل المقلّ يألف بيته وذلك ببذل العرف وبسط الكف، وأخو القلة: الفقير. المصرم: أراد به المعدم الذي لا يجد شيئا وأصله من

264 - ألا يا اسلمي لا صرم لي اليوم فاطما … ولا أبدا ما دام وصلك دائما

الصرم، الذي هو القطع. والشاهد: «بنعم الجار» فإن الكوفيين استدلوا بهذا البيت على أن «نعم» اسم بمعنى «الممدوح» بدليل دخول حرف الجرّ عليه. ولكن البصريين يرفضون ذلك، ويقولون إن «نعم، وبئس» فعلان - بدليل دخول تاء التأنيث عليهما. لقوله عليه السلام «من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت» وتقول «بئست المرأة حمالة الحطب». قالوا وحرف الجرّ قد يدخل على لفظ الفعل، ولكنه في التقدير داخل على الاسم ومنه قول الشاعر: والله ما ليلي بنام صاحبه … ولا مخالط الليان جانبه والتقدير: والله ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه «وكذلك تأويل قول حسان: أي: بجار مقول فيه نعم الجار». والحقّ في هذه المسألة مع البصريين. [شرح المفصّل/ 7/ 127، والإنصاف/ 97]. 264 - ألا يا اسلمي لا صرم لي اليوم فاطما … ولا أبدا ما دام وصلك دائما البيت للمرقّش - بكسر القاف - الأصغر، ربيعة بن سفيان صاحب فاطمة. لأن «فاطما» منادى مرخم. والشاهد: ألا يا اسلمي حيث دخلت يا النداء على الفعل، والفعل لا ينادى، ولذلك يقدر منادى محذوف والتقدير: ألا يا فاطمة اسلمي. وعلى هذا فدخول حرف النداء على الفعل، لا يعني أنه اسم، وكذلك دخول (يا) على «نعم» لا يدل على اسميتها في قولهم «يا نعم المولى ويا نعم النصير» فالمنادى محذوف والتقدير: «يا الله نعم المولى.»، فلا يستقيم هذا الدليل للكوفيين على اسمية «نعم وبئس». [الإنصاف/ 100، والمفضليات/ 244، والشعر والشعراء، (ترجمته)]. 265 - العاطفون تحين ما من عاطف … والمطعمون زمان أين المطعم هذا البيت لأبي وجزة السّعدي - ووجزة - بالزاي.

266 - وتضيء في وجه الظلام منيرة … كجمانة البحري سل نظامها

والشاهد: «تحين» فقالوا إن بعض العرب يزيدون التاء في أول «حين» وفي أول «الآن» فيقولون «تالآن». ويقال إنّ التاء زائدة على «العاطفون» وأصلها هاء السكت «العاطفونه» ثم قلبت تاء حيث أبقاها في الوصل. [الانصاف/ 108 والأشموني/ 4/ 339 واللسان حين، والخزانة/ 4/ 175 وج 9/ 383]. 266 - وتضيء في وجه الظلام منيرة … كجمانة البحريّ سلّ نظامها قاله لبيد بن ربيعة. ووجه الظلام: أوله وكذا وجه النهار. والجمانة: واحدة الجمان، وهو حبّ من الفضة يعمل على شكل اللؤلؤة. وقد يسمى اللؤلؤ جمانا كما هنا، فإنه أراد بالجمانة اللؤلؤة البحرية نفسها، لأنه أضافها إلى البحري الذي يغوص عليها. والنظام: الخيط ينظم فيه اللؤلؤ. يصف الشاعر بقرة وحشية بأنها يشرق لونها ليلا كلما تحركت، كما تشرق اللؤلؤة انقطع سلكها فسقطت. وإنما وصف اللؤلؤة بذلك. لأنها إذا انقطع خيطها فسقطت، كانت أضوأ وأشرق بسبب حركتها. والشاهد: كجمانة البحريّ سلّ نظامها: فجمانة: نكرة أضيفت إلى البحري المعرف بأل الجنسية - والجملة «سلّ نظامها: يجوز فيها أن تكون نعتا والتقدير: مسلول نظامها» ويجوز أن تكون حالا «مسلو لا نظامها». [اللسان «جمن» والعيني/ 3/ 181]. 267 - فإن المنيّة من يخشها … فسوف تصادفه أينما الشاهد: حذف الشرط والجواب بعد «أينما» أي: أينما يذهب تصادفه. 268 - ما برئت من ريبة وذمّ … في حربنا إلا بنات العمّ الشاهد: ما برئت. إلا بنات. وذلك أنه يجب تذكير الفعل مع الفاعل المؤنث، إذا فصل بينهما بإلا. وذلك لأن الفاعل في الحقيقة إنما هو المستثنى منه المحذوف إذ التقدير: ما برئ أحد. إلا بنات. فلما حذف الفاعل تفرغ الفعل لما بعد «إلا» فرفع ما بعدها على أنه فاعل في اللفظ لا في المعنى. وفي البيت الشاهد أنّث الفعل المفصول ب إلا. وهو خاص بالشعر. [شذور الذهب/ 176، والأشموني/ 2/ 52، وشرح التصريح/ 1/ 279، والهمع/ 2/ 171]. 269 - وكان طوى كشحا على مستكنّة … فلا هو أبداها ولم يتقدّم

270 - في لجة غمرت أباك بحورها … في الجاهلية «كان» والإسلام

الشاهد. وكان طوى. حيث جاء خبر «كان» جملة فعلية فعلها ماض، ولم يقترن ب (قد) وهو قليل، والبيت لزهير من معلقته، ويريد به الحصين بن ضمضم، الذي أضمر غدرا. [الخزانة/ 4/ 3، وشروح المعلقات]. 270 - في لجّة غمرت أباك بحورها … في الجاهليّة «كان» والإسلام البيت للفرزدق، يهجو جريرا. وهو شاهد على أن «كان» زائدة بين المتعاطفين، لا عمل لها، ولا دلالة على مضيّ. [الخزانة/ 9/ 211، والأشموني/ 1/ 240]. 271 - فإن لم تك المرآة أبدت وسامة … فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم الشاهد: فإن لم تك. حذفت نون المضارع، وبعده حرف ساكن. وهو قليل ويكون في ضرورة الشعر. والأكثر أن تحذف نون المضارع إذا كان مجزوما بالسكون وأن لا يكون بعده ساكن. ولا ضمير متصل. مثال: «ألم أك جاركم ويكون بيني». والبيت لخنجر بن صخر الأسدي. [الخزانة/ 9/ 304، وشرح التصريح/ 1/ 196، والهمع/ 1/ 122]. 272 - إذا لم تك الحاجات من همّة الفتى … فليس بمغن عنه عقد الرّتائم الرتائم: جمع رتيمة. وهو خيط يعقد في الأصبع للتذكير، وتجمع أيضا على «رتم» بضمتين. والشاهد: إذا لم تك الحاجات. حيث حذفت نون المضارع المجزوم، وبعده حرف ساكن وهو في ضرورة الشعر. كما زعموا. ويروى «عقد التمائم». [الهمع/ 1/ 122، والدرر/ 1/ 93]. 273 - يا لعنة الله على أهل الرّقم … أهل الحمير والوقير والخزم هذا البيت لابن دارة سالم بن مسافع، ودارة أمه. والرّقم: بفتح الراء والقاف، جمع رقمه. والرقمة: نبات يقال إنه الخبازي. وقيل: الرقمة من العشب، العظام، تنبت في السهل ولا يكاد المال يأكلها إلا من حاجة. والوقير: صغار الشاء. والخزم: جمع خزومة، وهي البقرة. والشاهد «يا لعنة الله» حيث وقع بعد حرف النداء جملة مؤلفة من مبتدأ وخبر (لعنة الله

274 - بحسبك أن قد سدت أخزم كلها … لكل أناس سادة ودعائم

على أهل الرّقم». وذلك مبني على أنّ الرواية برفع «لعنة الله» ولو رويته بنصب اللعنة كان الكلام على تقدير عامل يعمل النصب وعلى تقدير المنادى بيا أيضا. وتقدير الكلام: «يا هؤلاء استدعي لعنة الله. والجار والمجرور متعلقان باللعنة - والتخريج الثاني أن تجعل (يا) للتنبيه، والتخريج الثالث على رواية النصب: أن تكون اللعنة هي المنادى، وكأنه قال: يا لعنة الله صبي على ...» كما نودي الأسف في قوله تعالى: يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ [يوسف: 84]. [الإنصاف/ 1/ 118، واللسان «خزم»]. 274 - بحسبك أن قد سدت أخزم كلّها … لكل أناس سادة ودعائم من أبيات رواها أبو تمام في الحماسة ولم يعزها. وحسبك: أي: كافيك. وسدتّ: من السيادة. قال المرزوقي: والمعنى: كافيك أن ترأست على أخزم. ثم أزرى برياسته وبهم فقال: ولكل طائفة من الناس رؤساء، وعمد وهذا يجري مجرى الإلتفات، كأنه بعد ما قال ذلك التفت إلى من حوله يؤنسهم ويقول: ليس ذا بمنكر، فلكل قوم من يسوسهم ويدعمهم. والشاهد «بحسبك» حيث زيدت الباء في المبتدأ الذي هو «حسب» الذي بمعنى «كافيك» وخبره المصدر المؤول. من أن المخففة وما وليها وكأنه قال: كافيك سيادتك أخزم كلها. والباء لا تزاد في المبتدأ إلا أن يكون المبتدأ لفظ «حسب». [الإنصاف/ 169]. 275 - لقد ولد الأخيطل أمّ سوء … على باب استها صلب وشام ... هذا من مقذعات جرير. وتجرئه على هجاء الأخطل، بما لا يستطيع ردّه هو عيب في هجاء جرير لأن جريرا يعيّر الأخطل بدينه، ورموز دينه، والأخطل نصراني. وجرير مسلم، والدولة للإسلام، ولذلك لا يستطيع الأخطل أنّ يردّ الشتيمة بمثلها، وهذا من المواقف غير المتكافئة وقوله: صلب: جمع صليب - وشام جمع شامة وهي العلامة. وقوله «استها» من الأسماء التي تكون همزتها همزة وصل. والشاهد: «ولد الأخيطل أمّ سوء» ولد: ماض - والفاعل: أمّ: وهي مؤنثة، وترك تأنيث الفعل لوجود الفاصل بين الفعل والفاعل، بالمفعول به «الأخيطل» [الإنصاف/ 175].

276 - لعن الإله تعلة بن مسافر … لعنا يشن عليه من قدام

276 - لعن الإله تعلّة بن مسافر … لعنا يشنّ عليه من قدّام الشاهد «من قدّام» فهو من الجهات الست، وقطع عن الإضافة لفظا لا معنى مبني على الضم، والتقدير: من قدامه. [شرح التصريح/ 2/ 51، والأشموني/ 2/ 268، والهمع/ 1/ 210، والدرر/ 1/ 177]. 277 - فسقى ديارك غير مفسدها … صوب الربيع وديمة تهمي الشاهد: غير مفسدها. حيث تقدم الحال على صاحبه جوازا .. ولكن هذا التقديم لأمر بلاغي، من باب الاحتراس ... فإذا تأخر، فإن المعنى قد يفسد. والنحويون لا يهمهم إلا الشكل في التركيب. والبيت لطرفة بن العبد. [الهمع/ 1/ 241، والدرر/ 1/ 201]. 278 - ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر … للحرب دائرة على ابني ضمضم الشاهد: ولم تدر. فهي جملة حالية. فعلها مضارع منفي بلم، وجب ربطها بالواو. والبيت لعنترة العبسي من معلقته. [العيني/ 3/ 198، والشعر والشعراء/ ترجمة الشاعر. والخزانة/ 1/ 129]. 279 - كأنّ فتات العهن - في كل منزل … نزلن به - حبّ الفنا لم يحطّم .. العهن: الصوف. والفنا: عنب الثعلب وهو شجر له حب أحمر، كان النساء يتخذن منه القلائد وقد شبه الشاعر ما يتساقط من العهن - من هوادجهنّ - بهذا الحب الأحمر الذي لم يتحطم. والبيت لزهير بن أبي سلمى. والشاهد: لم يحطّم: جملة حالية فعلها مضارع منفي بلم، ربطت بالضمير المستتر وحده. [الأشموني/ 2/ 191، والعيني/ 3/ 194]. 280 - وخيفاء ألقى الليث فيها ذراعه … فسرّت وساءت كلّ ماش ومصرم تمشّي بها الدّرماء تسحب قصبها … كأن بطن حبلى ذات أونين متئم نسب البيتان لرجل من بني سعد بن زيد بن مناة، وهما أيضا في ملحق شعر ذي الرّمة غيلان بن عقبة. والخيفاء هنا: الأرض المختلفة ألوان النبات قد مطرت بنوء الأسد - زعموا - فسرّت من له ماشية، وساءت من كان مصرما، لا إبل له. والدرماء: الأرنب

281 - فتعلمي أن قد كلفت بكم … ثم افعلي ما شئت عن علم

يقول: سمنت حتى سحبت قصبها كأن بطنها بطن حبلى، متئم، والقصب: بضم القاف وسكون الصاد - المعي وأراد البطن، وذات أونين: الأون: العدل والخرج، وذات أونين ذات خرجين، ولعله أراد هنا ذات خاصرتين كبيرتين متعادلتين. والشاهد «كأن بطن حبلى. حيث خفف كأن الدالة على التشبيه وجاء بعدها بالاسم مرفوعا على أنه خبرها واسمها محذوف، والتقدير: كأن بطنها بطن حبلى. ويجوز في «بطن» الجرّ - على أن الكاف حرف جرّ. و «أن» زائدة. ويجوز النصب على أن يكون «كأن» حرف تشبيه مخفف من الثقيل و «بطن» اسمها وخبره محذوف. [الإنصاف/ 204، والخزانة/ 10/ 408، واللسان «أون» و «درم»]. 281 - فتعلّمي أن قد كلفت بكم … ثم افعلي ما شئت عن علم قاله أبو صخر الهذلي، أو الحارث بن وعلة. وتعلّمي. أي: اعلمي واستيقني وهو ملازم لصيغة الأمر. والشاهد: «فتعلمي أن قد كلفت» حيث جاء بأن المخفقة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن محذوف، وخبرها جملة «كلفت بكم» ولكون هذه الجملة فعلية فعلها متصرف غير دعاء، فصل بينها وبين (أن بقد). [الإنصاف/ 205]. 282 - ولست بلوّام على الأمر بعد ما … يفوت ولكن علّ أن أتقدما .. نسبه ابن منظور لنافع بن سعد الغنوي. والشاهد: «علّ» حيث استشهد البصريون بالبيت على أنّ حذف اللام من أول «لعلّ» يدل على أنها زائدة. .. وليس الأمر كما قالوا: فقد تكونان لغتين. وكل واحدة مستقلة برأسها وقد يكون الأصل «لعلّ» وحذفت اللام ... فهذا جدل فيما لا فائدة فيه». [الإنصاف/ 219، والمرزوقي/ 1162]. 283 - ألا يا صاحبيّ قفا لغنّا … يرى العرصات أو أثر الخيام البيت للفرزدق.

284 - قد لمتنا يا أم غيلان في السرى … ونمت وما ليل المطي بنائم

وقوله: لغنّا - بالغين المعجمة - قالوا: إنها لغة في لعلّ، ويروى بالعين المهملة (لعنّا). [الإنصاف/ 225، وشرح التصريح/ 1/ 192]. 284 - قد لمتنا يا أمّ غيلان في السّرى … ونمت وما ليل المطيّ بنائم لجرير بن عطية. والشاهد: «وما ليل المطيّ بنائم» حيث أسند النوم إلى ضمير مستتر يعود إلى الليل وجعل الليل نائما بسبب كونه ظرفا يقع فيه النوم. [الإنصاف/ 243، وسيبويه/ 1/ 80، والخزانة/ 1/ 465]. 285 - أما ودماء مائرات تخالها … على قنّة العزّى وبالنّسر عند ما وما سبّح الرهبان في كلّ بيعة … أبيل الأبيلين المسيح ابن مريما لقد ذاق منا عامر يوم لعلع … حساما إذا ما هزّ بالكفّ صمّما الأبيات لعمرو بن عبد الجنّ التنوخي، شاعر جاهلي قديم، خلف على ملك جذيمة ابن الأبرش بعد قتله. والدماء المائرات: المائجات، يريد أنها كثيرة، والقنة: أعلى الجبل، والعزى اسم صنم ونسر: اسم صنم أيضا. وفي القرآن وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً [نوح: 23] وقد أدخل الشاعر عليه الألف واللام. والعندم هو دم الأخوين، ويقال: دم الغزال بلحاء شجر الأرطى يطبخان فتختضب به الجواري. والبيعة: بكسر الباء: معبد النصارى. والأبيل: رئيس النصارى. أو الراهب. ولعلع: اسم موضع. والشاهد: «النسر» حيث أدخل الشاعر الألف واللام على العلم الخاص للضرورة - وهذا ردّ على الكوفيين الذين يرون أن العدد المركب يعرف الجزآن منه وقالوا بجواز «الخمسة العشر درهما» على أنهم سمعوه من العرب فقيل لهم إن «أل» قد تزاد ولا يراد بها التعريف. [الخزانة/ 7/ 214، ومعجم المزرباني/ 210، واللسان «نسر»]. 286 - وما عليك أن تقولي كلّما … صلّيت أو سبّحت يا الّلهما أردد علينا شيخنا مسلّما ثلاثة أبيات من الرجز المشطور، روتها كتب اللغة.

وقوله: «وما عليك» ما: استفهامية، مبتدأ. خبره الجار والمجرور (عليك) والمعنى: أي شيء عليك. وشيخنا: أراد أبانا. وقوله «يا اللهما». رسمت في بعض الكتب على هذه الصورة التي تراها، وفي بعضها «يا اللهمّ ما» على أن الميم في «ما» زائدة، والألف للاطلاق، نشأت عن مدّ الفتحة. والشاهد «يا اللهمّ» حيث جمع بين حرف النداء، والميم المشددة، وزاد ميما مفردة بعد الميم المشددة، والجمع بين الميم المشددة في آخر لفظ الجلالة، وياء النداء مستهجن عند أهل النحو، لأن الميم جاءت عوضا عن ياء النداء، ولا يجمع بين العوض والمعوض منه. أقول: ولم يكن واحد منهم عند العرب أول ما نطقوها ليعرفوا السبب في زيادة الميم المشددة. والأحسن عدّها لغة في نداء اسم الله الأعظم، والجمع بين ياء النداء والميم المشددة، أبلغ من حذفها، لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى. هذا ونداء لفظ الجلالة، قد ورد على أوجه: الأول: وهو الأصل، والأكثر استعمالا: يا الله: تدخل حرف النداء على الاسم الجليل وتقطع الهمزة. الثاني: يا الله. تجعل همزته همزة وصل. الثالث: اللهمّ: بحذف حرف النداء وإلحاق الاسم بميم مشددة. قال البصريون. هي عوض عن حرف النداء، وقال الفرّاء، وآخرون: هي بقية كلمة، وأصل العبارة «يا الله أمنا بخير» قالوا: وشذّ الجمع بين ياء النداء، والميم المشددة فقال ابن مالك: والأكثر اللهم بالتعويض … وشذّ يا اللهم في القريض الوجه الرابع: أن تقول: «لاهمّ» فتحذف حرف النداء من أول الاسم الكريم وتجيء بالميم المشددة في آخره. وأكثر هذه الوجوه هو الوجه الثالث. وهو الذي ورد استعماله في القرآن الكريم. أما إعراب اللهمّ. منادى مبني على الضم، وضمة الهاء هي ضمة الاسم المنادى المفرد. والميم المشدّدة مفتوحة ... وقوله تعالى: قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا [المائدة: 114] قال سيبويه: إن اللهم

287 - أقول وما قولي عليكم بسبة … إليك ابن سلمى أنت حافر زمزم حفيرة إبراهيم يوم ابن هاجر … وركضة جبريل على عهد آدم

كالصوت وإنه لا يوصف وإن «ربنا» منصوب على نداء آخر [الإنصاف/ 342، والخزانة/ 2/ 296]. 287 - أقول وما قولي عليكم بسبّة … إليك ابن سلمى أنت حافر زمزم حفيرة إبراهيم يوم ابن هاجر … وركضة جبريل على عهد آدم هذان البيتان لخويلد بن أسد بن عبد العزّى، وهو والد أم المؤمنين خديجة، وجدّ الزبير بن العوّام بن خويلد. وابن سلمى: هو عبد المطلب بن هاشم. وسلمى. من الخزرج. والشاهد: «إليك ابن سلمى أنت حافر زمزم» فإنه يدل على أن عبد المطلب ابن هاشم كان مشهورا بأنه حافر زمزم. فإذا قال قائل «وا من حفر بئر زمزماه» فكأنه قال: وا عبد المطلباه» وهذا جواب البصريين عن قول الكوفيين بجواز ندبة الأسماء الموصولة. فالبصريون يمنعون ذلك لأنها مبهمة، والمبهمات والنكرات لا تندب - وأجاز ذلك الكوفيون، مستدلّين بمن قال: «وا من حفر زمزماه» فقال البصريون: إن «من» في هذا المثال، ليست مبهمة لأنها تدل على حافر زمزم وهو مشهور. [الإنصاف/ 363]. 288 - وما خذل قومي فأخضع للعدا … ولكن إذا أدعوهم فهم هم البيت غير منسوب، وهو في [«شرح التصريح/ 1/ 198، والأشموني/ 1/ 248»]. وقوله: ما خذل: ما: نافية. وخذل: جمع خاذل، وهو الذي يترك النصرة. وخذل: خبر مقدم. وقومي: مبتدأ مؤخر. فأخضع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية. وقوله: فهم هم: الفاء رابطة لجواب الشرط. و «هم هم» مبتدأ وخبر والجملة الاسمية جواب الشرط. ومعنى «فهم هم» الكاملون. والبيت شاهد على إلغاء ما النافية، لأن الخبر تقدم على المبتدأ. 289 - لا ينسك الأسى تأسّيا فما … ما من حمام أحد معتصما ليس للبيت قائل معروف. ومعناه: لا ينسك ما أصابك من الحزن على من فقدته أن تتأسى بمن سبقك ممّن فقد أحبابه. فليس أحد ممنوعا من الموت.

290 - من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه … يحد عن سبيل المجد والكرم

والبيت من شواهد الكوفيين على إعمال «ما» النافية الحجازية إذا تكررت. وهم يوردونه على تحقيق رواية النصب في البيت. بني غدانة ما إن أنتم ذهبا … ولا صريفا ولكن أنتم الخزف وعدّوا «إن» في البيت نافية. ومن زعم أنّ «ما» إذا تكررت يبطل عملها، جعل منفيّ «ما» الأولى محذوفا، أي: فما ينفعك الحزن. ويظهر أن البيت ليس فيه تكرار: فالشاعر أنشد الجزء الأول من البيت، ثم سكت، ثم تخيّل سائلا يقول له: ماذا تريد أن تنفي فأجاب بإنشاد الجزء الثاني من البيت ففي الشطر الأول نفى صامتا، ثم جهر بالنفي. فالكلام على البدلية، والله أعلم. [الخزانة/ 4/ 120، والأشموني/ 3/ 83، والهمع/ 1/ 124، والدرر/ 1/ 95]. 290 - من يعن بالحمد لم ينطق بما سفه … يحد عن سبيل المجد والكرم ليس للبيت قائل معروف. وقوله: بما. الباء حرف جر. و «ما» اسم موصول. و «سفه» خبر لمبتدأ محذوف والبيت شاهد على حذف العائد الذي يربط جملة الصلة بالاسم الموصول. والتقدير هنا: بما هو سفه. [شرح التصريح/ 1/ 144، والأشموني/ 1/ 169، والهمع/ 1/ 90، والدرر/ 1/ 69]. 291 - لو بأبانين جاء يخطبها … زمّل - ما - أنف خاطب بدم البيت للمهلهل بن ربيعة، من قطعة قالها حين تنقّل في القبائل بعد حرب البسوس، حتى جاور قوما من مذحج يقال لهم «جنب» وخطبوا إليه أخته، وكان مهرهم الأدم. وقوله «بأبانين» مثنى «أبان» فهما جبلان الأول: أبان الأبيض، والثاني أبان الأسود. وقوله: «زمّل» من التزميل وهو الإخفاء واللف في الثوب. يقول: لو خطبها في بلادي لهشمت أنفه حتى كان يخفيه بالثوب. ويروى «ضرّج» بدل «زمّل». والبيت شاهد على أن «ما» زائدة، بين العامل والمعمول. [شرح أبيات المغنى ج 5 /

292 - تراه وقد فات الرماة كأنه … أمام الكلاب مصغي الخد أصلم

41 والهمع/ 158، والدرر/ 2/ 221، والشعر والشعراء/ 1/ 299، واللسان «أبن» ومعجم البلدان «أبانين». 292 - تراه وقد فات الرّماة كأنّه … أمام الكلاب مصغي الخدّ أصلم البيت لأبي خراش الهذلي في ديوان الهذليين ج 2/ 146، والخصائص ج 1/ 258. 293 - آت الموت تعلمون فلا ير … هبكم من لظى الحروب اضطرام غير منسوب. والمعنى: تعلمون أنّ الموت آت فلا يخوفكم اضطرام نار الحرب. وقوله (آت) اسم فاعل من «أتى» مرفوع بضمة مقدرة على أنه خبر مقدم. و «الموت» مبتدأ مؤخر. والجملة مفعول تعلمون وفيه. الشاهد: حيث ألغى عمل تعلمون - من أفعال القلوب - لتأخره عن المعمول. والفاء: جواب شرط محذوف، تقديره: إن كان الأمر كذلك - فلا يرهبكم، وهو نفي وليس بنهي. واضطرام: فاعله [الأشموني، وعليه العيني ج 2/ 28]. 294 - لا أعدّ الإقتار عدما ولكن … فقد من قد رزئته الإعدام البيت لأبي دواد الإيادي - جاهلي اسمه جارية بن الحجاج، أو حنطلة بن الشّرقيّ. وكان في عصر كعب بن مامة الإيادي الذي آثر بنصيبه من الماء رفيقه النّمريّ، فمات عطشا فضرب به المثل في الجود، ورثاه أبو دواد بقصيدة منها البيت. وأنشد النحويون البيت على عمل «عدّ، وأعدّ» عمل الأفعال التي تنصب مفعولين، والإقتار أولها، وعدما ثانيها، وهي هنا بمعنى (أعتقد). وأنكره بعضهم، وزعم أن «عدما» حال. [الخزانة ج 3/ 56 وج 9/ 590 والهمع ج 1/ 148]. 295 - يلومونني في اشتراء النخيل … أهلي فكلّهم ألوم البيت للشاعر أحيحة بن الجلاح الأوسي جاهلي. وقد أنشد النحويون البيت بقافية الميم والصحيح أنه من قطعة لامية، وقد مضى في حرف اللام بقافية (يعذل). ويذكرونه شاهدا على لغة (أكلوني البراغيث) وهي إظهار الفاعل بعد الضمير المتصل. (يلومونني

296 - وكذاكم مصير كل أناس … سوف حقا تبليهم الأيام

أهلي). [شرح أبيات المغني ج 6/ 132، والهمع ج 1/ 160، والأشموني ج 2/ 47، والدرر 1/ 142]. 296 - وكذاكم مصير كلّ أناس … سوف حقّا تبليهم الأيام البيت غير منسوب. وأنشده السيوطي شاهدا للمصدر المؤكد مضمون الجملة، الذي يحذف عامله (أي الفعل العامل فيه) وأن هذا المصدر لا يتقدم على الجملة التي يؤكّد مضمونها، لأن العامل فيه فعل يفسره مضمونها من جهة المعنى، وأجاز الزجاج توسيطه. واستشهد بالبيت وأصله (سوف تبليهم الأيام حقّا). [الهمع ج 1/ 192، والدرر ج 1/ 166]. 297 - ليت شعري وأين منّي ليت … أعلى العهد يلبن فبرام البيت لأبي قطيفة الوليد بن عقبة بن أبي معيط، كان يسكن المدينة النبوية أيام ابن الزبير فأخرجه عبد الله بن الزبير مع من أخرجهم من بني أمية، فسكن الشام، فقال أشعارا يحن فيها إلى معالم المدينة ويدعو إلى جمع الشمل. وقد زعم - شوقي ضيف - في كتابه (صدر الإسلام والعصر الأموي) أن الشاعر يحن إلى مجالس الغناء والشراب في المدينة، وهذا خطأ وقع فيه، لأنه لا يعرف معنى الحنين إلى الأوطان. ويلبن، وبرام: من معالم وادي العقيق المبارك في المدينة. وقد استعمل الشاعر (ليت) الثانية، وأراد لفظها، فوقعت اسما مرفوعا، يعرب مبتدأ. 298 - لئن كان - سلمى - الشيب بالصّدّ مغريا … لقد هوّن السّلوان عنها التّحلّم .. لا يعرف قائل البيت. وأنشده الأشموني، شاهدا لولاية معمول خبر كان، الفعل. وهو «سلمى» الذي يعرب مفعولا ل «مغريا»، ومغريا، خبر كان. وترتيب الكلام. لئن كان الشيب مغريا سلمى بالصّد» ... وهذا ضرورة. والتحلّم: تكلّف الحلم، وهو فاعل هوّن. وقيل: هو رؤيتها في الحلم، وهذا أقوى في هذا المقام، لأنّ الحلم، بمعنى سعة الصدر عند وقوع الأذى قد لا يكون له مكان في الغزل، والله أعلم. [الأشموني ج 1/ 238]. 299 - معروريا رمض الرّضراض يركضه … والشمس حيرى لها في الجوّ تدويم

300 - كي تجنحون إلى سلم وما ثئرت … قتلاكم ولظى الهيجاء تضطرم

قاله ذو الرّمة، يصف جندبا، ومعروري، راكب، من اعرورى. والرمض: شدة الحرّ. والرضراض. ما دقّ من الحصى. والرضراضة. حجارة ترضرض على وجه الأرض، أي: تتحرك ولا تلبث، وقيل: أي: تتكسر. يقول: كأنها لا تمضي، أي: قد ركب حرّ الرضراض. ويركضه يضربه برجله، وكذا يفعل الجندب ومعنى قوله: والشمس حيرى: أي: تقف الشمس (بالهاجرة) عن المسير مقدار ما تسير ستين فرسخا، تدور على مكانها، ويقال: تحير الماء في الروضة، إذا لم يكن له جهة يمضي فيها، يقول: كأنها متحيرة، لدورانها. والتدويم: الدوران. [اللسان «دوم»]. 300 - كي تجنحون إلى سلم وما ثئرت … قتلاكم ولظى الهيجاء تضطرم .. الشاهد في كي: فإنه بمعنى: كيف، كما يقال: سو، في سوف. أي: كيف تجنحون، أي تميلون إلى سلم وما ثئرت قتلاكم، جملة حالية، أي، ما قتل قاتلوهم. ولظى الهيجاء: مبتدأ. وتضطرم خبره. والجملة حال أيضا. وتضطرم: أي: تشتعل. [الأشموني ج 3/ 279، والهمع ج 1/ 214 والدرر ج 1/ 184]. 301 - وقالوا أخانا لا تخشّع لظالم … عزيز ولا - ذا حقّ قومك - تظلم البيت غير منسوب. وأنشده الأشموني شاهدا للفصل بين «لا» الناهية، الجازمة، وبين الفعل والمراد «لا» التي في الشطر الثاني. وقوله: أخانا: منادى، أي: يا أخانا. وعزيز: صفة لظالم بمعنى قوي وترتيب الشطر الثاني: ولا تظلم ذا حقّ قومك. و «ذا» مفعول به، وحقّ مضاف إليه، وقومك مضاف إليه، وزعم العيني، أن «حقّ» مفعول ثان، وقوله يوحي بأن «ذا» اسم إشارة ومهما كان التقدير فاللفظ ركيك، والمعنى معقد. [الأشموني ج 4/ 4، والهمع ج 2/ 56 والدر ج 2/ 71]. 302 - أيها الشاتمي لتحسب مثلي … إنّما أنت في الضلال تهيم البيت لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت. وأنشد الزمخشري في المفصل، هذا البيت للاستشهاد على أن ياء المتكلم في اسم الفاعل «الشاتمي» في محل جرّ بالاضافة. وردّ ابن يعيش في شرح المفصل هذا القول، فقال: إنها في محل نصب مفعول به. [شرح المفصل ج 2/ 123].

303 - لعمري وما عمري علي بهين … لبئس الفتى المدعو بالليل حاتم

303 - لعمري وما عمري عليّ بهيّن … لبئس الفتى المدعوّ بالليل حاتم البيت للشاعر يزيد بن قنافة الطائي، من أربعة أبيات في الحماسة في هجاء حاتم الطائي، وقد هرب ناجيا بنفسه، تاركا من تجب عليه حمايتهم يتعرضون لغارة الأعداء. وكنت أظنّ أن حاتما لم يهج قطّ وأنه يجمع بين الكرم والشجاعة، فوجدته غير كريم البتة، لأن أعلى درجات الكرم أن تجود بنفسك دفاعا عن الحرمات. فهل يمكن القول: إن الخرافة الرمزية في شخصية حاتم، تفوق الواقع والحقيقة. .. وقوله: لعمري: مبتدأ، حذف خبره. لبئس: الجواب. والفتى: فاعل بئس وحاتم: مخصوص بالذم. خبر لمبتدأ محذوف أو مبتدأ وجملة الذم خبره مقدم. وقال بالليل لشدة الهول فيه. وقوله: «المدعوّ» يرى كثير من النحويين أنه بدل من «الفتى» ولا يجوز كونه صفة، لأن نعم وبئس يرفعان من المعارف اسم الجنس، وما يدل على الجنس لا يوصف، ويرى ابن جني والمرزوقي وغيرهما تجويز كونه وصفا. لعلة ذكروها. [المرزوقي 1464، والأشموني ج 3/ 31، والهمع ج 2/ 84 والخزانة - ج 9/ 405]. 304 - لئن كان النكاح أحلّ شيء … فإنّ نكاحها مطر حرام البيت للأحوص الأنصاري، يزعم الرواة أن الأحوص قاله - مع الأبيات - في مطر، زوج أخت زوجته (عديله) وأظنّ أن قصتها مكذوبة، لأن مصدرها أبو الفرج الأصبهاني الكذاب. وقوله: أحلّ شيء: هكذا رواه كثيرون على أن «أحلّ» اسم تفضيل، خبر كان. فإن كان لمعنى التفضيل، فهو ضعيف، لأن النكاح ليس أحلّ شيء في الحلال ... وإن كان بمعنى، الوصف أو المصدر فهو مقبول. ورواه الزجاجي (أحلّ شيئا) على أن (أحلّ) فعل ماض، وشيئا، مفعوله. ومع ذلك يبقى المعنى غامض، لأن الذي يحلّه النكاح ليس شيئا من الأشياء، وإنما يحلّ الاتصال بالمرأة التي عقد نكاحها. وقوله «نكاحها مطرا» يروى بثلاثة وجوه: الرفع على أنه فاعل المصدر (نكاحها) ويكون المصدر مضافا إلى مفعوله. والنصب: على أنه مفعول المصدر، فيكون المصدر مضافا إلى فاعله. والجرّ: على أنه مضاف إليه - ووقع الفصل بين المتضايفين بضمير

305 - جالت لتصرعني فقلت لها اقصري … إني امرؤ قتلي عليك حرام

الفاعل أو المفعول. مع أن الشاعر لم ينطق إلا بواحدة. وأظنها النصب فقط (نكاحها مطرا) وربما صحت صناعة، ولا تصحّ معنى. [الخزانة ج 2/ 151، وشرح أبيات المغني ج 8/ 41 والأشموني ج 2/ 279]. 305 - جالت لتصرعني فقلت لها اقصري … إني امرؤ قتلي عليك حرام البيت لامرئ القيس. وقد مضى بقافية مجرورة (حرام) وهو في [كتاب المغني لابن هشام برقم 1152 ص 892]. 306 - نحو الأميلح من سمنان مبتكرا … بفتية فيهم المرّار والحكم وقبل البيت: بل ليت شعري متى أغدو تعارضني … جرداء سابحة أو سابح قدم والبيتان من قصيدة مطلعها: لا حبّذا أنت يا صنعاء من بلد … ولا شعوب هوى منّي ولا نقم ونسبت إلى ثلاثة شعراء: زياد بن حمل، أو زياد بن منقذ، أو للمرّار بن سعيد الفقعسي قال البغدادي: والصواب أنها لزياد بن منقذ العدوي. قوله: لا حبّذا. أسلوب ذمّ. وقد وجدت البيت في حماسة المرزوقي بدون (لا) هكذا: (حبذا) ويبدو أن واحدا ممن عمل في تنضيد الطباعة ساءه أن تذمّ صنعاء، لما له فيها من ذكريات طيبة، وشعوب، ونقم، موضعان باليمن. وقوله: هوى مني: أي: لا أهواهما ولا أحنّ إليهما. وقوله: بل ليت شعري: بل للإضراب عما قبله. وتعارضني: أي: أقودها فتسبقني من سلاسة قيادها والجرداء: الفرس القصيرة الشعر، وهو محمود في الخيل، وسابحة: كأنها تسبح في سيرها وجريها. وقدم: بمعنى متقدم، يوصف به المذكر والمؤنث. وقوله في البيت الشاهد: نحو: ظرف متعلق بأغدو. والأمليح: اسم ماء. وسمنان: ديار الشاعر. والمرّار والحكم، رجلان. والشاهد: سمنان: إما أن يكون بزيادة الألف والنون، وأصله (سمن) كما زيدا في «سلمان» وإما أن يكون مكرر اللام للإلحاق بزلزال،

307 - كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا … لما سبقتني بالبكاء الحمائم

ولا دليل في هذا البيت يمنع صرف سمنان على كونه (فعلان) لجواز كونه (فعلال) وامتناع صرفه لتأويله بالأرض، والبقعة لأنه اسم موضع. [الخزانة ج 5/ 249 - والمرزوقي 1402، وشرح شواهد الشافية ص 7]. 307 - كذبت وبيت الله لو كنت عاشقا … لما سبقتني بالبكاء الحمائم وقبل البيت: لقد هتفت في جنح ليل حمامة … على فنن وهنا وإني لنائم البيتان للشاعر نصيب بن رباح، مولى عبد العزيز بن مروان. وجنح الليل: ما مال من الليل ووهنا بعد ساعة من الليل، وقوله: لما سبقتني: اشتمل على جواب القسم وجواب «لو». [المرزوقي 1289، والعيني ج 4/ 473]. قال أبو أحمد: وقد كثر في شعرهم ذكر شجو الحمام ونوحه وذكره إلفه، فقال عديّ بن الرّقاع: فلو قبل مبكاها بكيت صبابة … بلبنى شفيت النفس قبل التّندّم ولكن بكت قبلي فهاج لي البكا … بكاها فقلت: الفضل للمتقدّم وقال حميد بن ثور: وما هاج هذا الشّوق إلا حمامة … دعت ساق حرّ ترحة وترنّما وساق حرّ: الذكر من القماريّ، سمي بصوته. وقال الشماخ: كادت تساقطني والرّحل إذ نطقت … حمامة فدعت ساقا على ساق و «ساقا» يريد هو ذكر القماريّ. ولذلك قال بعضهم: إنّ «حرّ» هو فرخها. وقال الكميت: تغريد ساق على ساق يجاوبها … من الهواتف ذات الطّوق والعطل أراد بالساق الأول، الحمامة، والثاني: ساق الشجرة.

308 - ليت شعري هل ثم هل آتينهم … أم يحولن دون ذاك حمام

وقال آخر: ناحت مطوّقة بباب الطاق … فجرت سوابق دمعي المهراق والمطوّقة: الحمامة التي في رقبتها طوق. والطاق: البناء. وقال أبو فراس: أقول وقد ناحت بقربي حمامة … أيا جارتا هل تشعرين بحالي ويربطون غالبا بين صوت الحمام والحزن لفراق الوطن والأحبّة، ويسمعون في صوت الحمام نحيب الفقد، وشجو الثكالى، وأنين المتيمين، ولكن أبا تمام الحكيم نبّه الشعراء إلى الحقيقة عند ما قال: لا تشجينّ لها فإنّ بكاءها … ضحك وإن بكاءك استغرام ولكن من الذي أعلم أبا تمام أن بكاءها ضحك، أليست الحمامة خلقا من خلق الله، يمكن أن تتألم للفقد، وتحسّ بالوجد، وقد أخبرنا الله أن هذه المخلوقات أمم أمثالنا، وربما كان لها، ما لنا من الفكر والأحاسيس، وفي القرآن قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ .. الآية [النمل: 18] وهذا يدل على الوعي بالكوارث، ومعرفة طرق الوقاية منها. وإن كان لها عقل مدبّر، فمن الأقرب أن يكون لها أحاسيس. وإذا كنّا لا نفرق بين صوت الحزن، وصوت الفرح، فلا يعني ذلك أنه غير موجود. بل هو موجود، ولذلك تعددت أحاسيس الشعراء بصوت الطيور، فمنهم من يراه نواحا، ومنهم من يراه خطبة، ومنهم من يراه غناء، ومنهم من رآه سجعا، ومنه أخذوا اسم الكلام المسجوع. والموضوع طويل، وممتع يستحقّ أن تكتب فيه رسالة بل كتاب. 308 - ليت شعري هل ثم هل آتينّهم … أم يحولنّ دون ذاك حمام منسوب للكميت بن زيد، أو للكميت بن معروف. والشاهد (هل ثمّ هل) حيث أكّد هل الأولى بهل الثانية وفصل بينهما بحرف العطف «ثمّ». قال السيوطي: فإن كان المؤكّد ضميرا متصلا أو حرفا غير جواب، لم يعد اختيارا إلا مع ما دخل عليه، لكونه كالجزء منه، نحو قمت قمت ... إنّ زيدا إنّ زيدا قائم. أو مفصولا بفاصل ما، ولو حرف عطف

309 - ولا أنبأن أن وجهك شانه … خموش وإن كان الحميم حميم

وأنشد شطر البيت. [الهمع ج 2/ 125، والأشموني ج 3/ 83، والدرر ج 2/ 161]. 309 - ولا أنبأنّ أنّ وجهك شانه … خموش وإن كان الحميم حميم البيت لعبد قيس بن خفاف البرجمي، في الإيضاح ص 105، ونوادر أبي زيد ص 126. 310 - كأس عزيز من الأعناب عتّقها … لبعض أحيانها حانيّة حوم وقبل البيت: قد أشهد الشّرب فيهم مزهر رنم … والقوم تصرعهم صهباء خرطوم البيتان للشاعر علقمة بن عبدة، وهو جاهليّ. من قصيدته التي مطلعها: هل ما علمت وما استودعت مكتوم … أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم والشّرب: جمع شارب. والمزهر: العود. والرنم: المترنم. والصهباء: خمر من عصير عنب أبيض. والخرطوم: أول ما ينزل منها صافية. وقوله: كأس عزيز: أي: كأس ملك. ولبعض أحيانها: يقول: أعدها أهلها لفصح أو عيد، أو نحو ذلك. وتروى (أربابها). وحانيّة: بتشديد الياء. قوم خمارون، نسبوا إلى الحانة - دكان الخمر - الواحد (حاني) والحوم: بضم الحاء: الكثير، وهو لغة في الحوم، بفتح الحاء، مثل شهد، وشهد أو الحوم: جمع حائم، مثل «صبر» جمع صابر، فأصل الواو مضمومة فخففت، ويكون من حام يحوم، إذا طاف حولها. وهذا الشرح عن شروحات أحمد شاكر وعبد السلام هارون، للمفضليات. وشرحها محشّي كتاب ابن يعيش على غير هذا. [المفضلية رقم 120، وشرح المفصل ج 5/ 152، وكتاب سيبويه ج 2/ 72، واللسان، كأس، وحوم]. 311 - يقلن حرام ما أحلّ بربّنا … وتترك أموال عليها الخواتم البيت للأعشى. ومن شواهده (الخواتم) فقد أنشده ابن يعيش شاهدا على أن الألف إذا كانت ثانية في نحو «خاتم» وضارب، قلبت في جمع التكسير والتصغير واوا. [شرح المفصل ج 10/ 29، والخصائص ج 2/ 490].

312 - متى كان الخيام بذي طلوح … سقيت الغيث أيتها الخيامو

312 - متى كان الخيام بذي طلوح … سقيت الغيث أيتها الخيامو البيت لجرير، مطلع قصيدة هجا بها الأخطل. ومتى استفهام إنكاري. يقول: كأنّه لم يكن بذي طلوح خيام قطّ. وذو طلوح، واد، سمي به لكثرة شجر الطلح به، وهو شجر عظيم. وسقيت، بالبناء للمجهول وكسر التاء، والغيث بالنصب: المطر. دعا لخيام أحبابه بالسقيا على عادة العرب، فإنهم يدعون لمن أحبوا بالسقيا، والمراد: لازمه، وهو النضارة والحسن والبهجة. والبيت أنشده سيبويه في باب وجوه القوافي في الإنشاد. قال: أمّا إذا ترنموا، فإنهم يلحقون الألف والواو والياء، ما ينون وما لا ينون، لأنهم أرادوا مدّ الصوت. وإنما ألحقوا هذه المدة من حروف الرويّ، لأن الشعر وضع للغناء والترنم، فألحقوا كل حرف الذي حركته منه. والشاهد هنا (الخيامو) بمدّ الضمة، لتصبح واوا عند الترنم بالشعر. [كتاب سيبويه ج 2/ 298، وشرح أبيات المغني للبغدادي ج 6/ 141 وشرح المفصل ج 9/ 78، والمرزوقي 617. 313 - خليليّ إنّ العامريّ لغارم … ولولاه ما قلّت لديّ الدراهم البيت غير منسوب. وأنشد السيوطي شطره الثاني شاهدا على «لولا» الجارّة. الامتناعية إذا تلاها ضمير جرّ، نحو، لولاي، ولولاك ولولاه. قال سيبويه والجمهور: موضعه الجرّ بها. قالوا: ولا يجوز أن تكون الضمائر مرفوعة، لأنها ليست ضمائر رفع، ولا منصوبة، وإلا لجاز وصلها بنون الوقاية، مع ياء المتكلم، كالياء المتصلة بالحروف. وأما الأخفش والكوفية، فقالوا: موضع الضمير المتصل ب (لولا) الرفع على الابتداء، وذكروا عللهم في هذا الوجه [الهمع ج 2/ 33]. 314 - سلامك ربّنا في كل فجر … بريئا ما تغنّثك الذّموم البيت لأمية بن أبي الصلت. وقوله: تغنثك: أي: ما تلزق بك ولا تنتسب إليك. والذّموم: العيوب. قال ابن منظور. والسّلام: البراءة من العيوب في قول أميّة. وقوله «سلامك: بنصب الميم - فهو منصوب انتصاب حمدا وشكرا، بفعل محذوف. [كتاب سيبويه ج 1/ 164، والخزانة ج 7/ 235، واللسان - غنث، وسلم وذمم والعيني ج 3/ 183].

315 - صل الذي والتي متا بآصرة … وإن نأت عن مدى مرماهم الرحم

315 - صل الذي والتي متّا بآصرة … وإن نأت عن مدى مرماهم الرّحم .. البيت غير منسوب. وقوله «متا» من مت، يمتّ، والألف للمثنى. قال السيوطي. قد ترد صلة بعد موصولين أو أكثر، فيكتفى بها. [الهمع ج 1/ 88]. 316 - أما والّذي لا يعلم الغيب غيره … ومن هو يحيي العظم وهو رميم البيت لحاتم الطائي. وأنشده ابن هشام في المغني شاهدا على أنّ «أما» أخت «ألا» من مقدمات اليمين، وتدل على التحقيق. وجواب القسم قوله. لقد كنت أطوي البطن والزّاد يشتهى … محافظة من أن يقال لئيم قلت: إن الذي فخر به حاتم، يفعله ألوف من الناس الفقراء في أيامنا، ولا يفاخرون به لأن الفخر، فيه لون من المنّ. [شرح أبيات المغنى ج 2/ 75، والمرزوقي 1715]. 317 - داويّة ودجى ليل كأنّهما … يمّ تراطن في حافاته الرّوم البيت لذي الرّمة. والشاهد: «داويّة» في النسب إلى الدوّ، بتشديد الواو وهي الأرض المستوية، وقيل هي أرض ملساء، ليس فيها جبل ولا رمل. قال ابن يعيش ونسبوا إلى «دوّ» داويّ، قلبوا من الواو الأولى الساكنة ألفا. ويجوز أن يكون بنى من الدوّ فاعلا (اسم فاعل) ثم نسب إليه، ولكن يروى البيت (دوّيّة) ويكون نسب إلى الأصل. [شرح المفصل ج 10/ 19، والعيني ج 1/ 413]. 318 - أبا ثابت لا تعلقنك رماحنا … أبا ثابت فاذهب وعرضك سالم البيت للأعشي. وهو في كتاب سيبويه ج 2/ 150 وشرح أبيات مغني اللبيب ج 7/ 94 وهو شاهد على النون التوكيدية الخفيفة في قوله «تعلقنك». 319 - لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا … تبنى له في السموات السّلاليم البيت للشاعر: تميم بن أبيّ بن مقبل، ويختصر ب (ابن مقبل) أو تميم بن مقبل. وهو شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام. وقوله: لا تحرز المرء: من أحرزه، إذا صانه وحفظه. والمرء: مفعوله. وأحجاء:

320 - لا الدار غيرها بعد الأنيس ولا … بالدار لو كلمت ذا حاجة صمم

فاعله، وهو جمع حجا، بفتح الحاء، فجيم فألف مقصورة وأحجاء البلاد، نواحيها وأطرافها، أو الملاجئ التي يلتجأ إليها. والسلاليم: جمع سلّم، وقياسه السلالم والياء للإشباع زادها للضرورة. [شرح أبيات مغنى اللبيب ج 5/ 96 واللسان: حجا]. 320 - لا الدار غيّرها بعد الأنيس ولا … بالدّار لو كلّمت ذا حاجة صمم البيت لزهير بن أبي سلمى، وهو في كتاب سيبويه ج 1/ 73، والنحاس ص 52 قال أبو جعفر النحاس: هذا حجة لنصب الدار في الشطر الأول بفعل مضمر بين (لا) وبين «الدار» كأنه قال: لم يغيّر الدار بعد الأنيس. 321 - وددت وما تغني الودادة أنّني … بما في ضمير الحاجبيّة عالم البيت لكثير عزّة ... وقوله: (وما تغنى الودادة) أي تنفع، جملته معترضة بين وددت وبين معموله، وهو أنني عالم، المصدر المؤول. والحاجبية: هي عزّة محبوبة كثير، منسوبة إلى أحد أجدادها. وقوله: وددت: تأتي بمعنى أحببته تقول: وددتّه: أي، أحببته. وتأتي بمعنى تمنيت. والشاهد: أنّ (أنّ) المفتوحة يجوز أن تقع بعد فعل غير دال على العلم واليقين كما في البيت، خلافا للزمخشري في المفصل، فإن وددت هنا بمعنى: تمنيت فهو يقول، تمنيت أني عالم بما ينطوي عليه قلب هذه المرأة لي ... ويرى الزمخشري، أن (أنّ) المفتوحة المشددة، أو المخففة منها، لا تدخل إلا على فعل يشاكلها في التحقيق، فإن لم يكن كذلك نحو أطمع وأرجو وأخاف فيدخل على أن الناصبة للفعل. [الخزانة ج 8/ 383، والمرزوقي 1287]. 322 - إنّ ابن حارث إن أشتق لرؤيته … أو أمتدحه فإنّ الناس قد علموا البيت للشاعر أوس بن حبناء التميمي. والشاهد في (ابن حارث) حيث رخمه في غير النداء للضرورة، إذ أصله ابن حارثة، وأشتق: فعل الشرط. وجوابه (فإن الناس ..) ومفعول علم، محذوف، تقديره: علموا ذلك مني. [الأشموني ج 3/ 184 والإنصاف ص 354 والهمع ج 1/ 181، وكتاب سيبويه ج 1/ 343].

323 - هيهات خرقاء إلا أن يقربها … ذو العرش والشعشعانات العياهيم

323 - هيهات خرقاء إلّا أن يقرّبها … ذو العرش والشّعشعانات العياهيم البيت لذي الرمة، وخرقاء: صاحبته. والشعشعانات: الواحدة شعشعانة، وهي الناقة الخفيفة الطويلة، ولكن البيت قافيته بائية بلفظ «الهراجيب» جمع هرجاب، وهي الناقة الطويلة الضخمة، والعياهيم: الناقة الماضية. [اللسان «شعشع» وعهم، والخزانة/ 1/ 254]. 324 - يهدي بها أكلف الخدّين مختبر … من الجمال كثير اللحم عيثوم البيت للشاعر علقمة بن عبدة الفحل، والبيت من آخر قصيدة في المفضليات. وهو في البيت يتحدث عن إبله. وقوله: يهدي بها: أي: يهديها، أي: يتقدمها. وأكلف الخدين: يعني فحلها، والكلفة: حمرة فيها سواد. ومختبر: بكسر الباء مجرب، وبفتحها: معروف بالنجابة. والعيثوم: الضخم الجرم الكثير اللحم، وفيه الشاهد، [المفضليات برقم (120) وكتاب سيبويه ج 2/ 325، واللسان (عثم)]. 325 - قتلنا ناجيا بقتيل عمرو … وخير الطالبي التّرة الغشوم البيت غير منسوب. ولكن الشطر الثاني جاء في شعر منسوب إلى الوليد بن عقبة ابن أبي معيط، يزعم رواته أن الوليد يحرض معاوية على قتال عليّ. وهو شعر منحول مكذوب لأن مضمونه يكذبه، فهو يجعل من أسباب الدعوة إلى الحرب قوله: فقومك بالمدينة قد تردّوا … فهم صرعى كأنهم الهشيم وبنو أمية لم يصبهم بأس أثناء الفتنة بين معاوية وعلي، وإنما كان ذلك في أواخر عهد يزيد أثناء معركة الحرّة أيام يزيد. وفي مادة (غشم) من اللسان، جاء الشطر الثاني (وجرّ الطالب الترة الغشوم) بإفراد (الطالب) فقال: بنصب الترة. قال: ويقال: ضرب غشمشم وغشوم. والغشوم: الذي يخبط الناس ويأخذ كل ما قدر عليه، وبه يستقيم الخبر (الغشوم) عن المبتدأ، كما رواه ابن منظور. والشطر الثاني أنشده السيوطي شاهدا على حذف نون جمع المذكر، لغير الإضافة قال: وتحدث النون لتقصير صلة الألف واللام. وأصله: وخير الطالبين الترة،

326 - للو لا قاسم ويدا بسيل … لقد جرت عليك يد غشوم

وبقي النصب بعد حذف النون، [الهمع ج 1/ 49، واللسان، غشم، وحلم]. 326 - للو لا قاسم ويدا بسيل … لقد جرّت عليك يد غشوم البيت غير منسوب، وليس له سابق أو لاحق. وقاسم وبسيل: رجلان. والبسيل في اللغة: الكريه الوجه وعلى هذا قد يكون بسيل صفة لموصوف محذوف. وجرّت: من جرّ عليهم جريرة، أي: جنى جناية. وغشوم: جائرة. والغشم: الظلم والحرب غشوم. لأنها تنال غير الجاني. وقد أنشدوا البيت شاهدا على أن اللام الداخلة على «لولا» زائدة، وأما لام «لقد» بدون «لولا» فالمشهور أنها لام القسم. [اللسان - غشيم، والخزانة ج 10/ 333]. 327 - بسلهبة صريحيّ أبوها … تهان بها الغلامة والغلام البيت للشاعر أوس بن غلفاء الهجيمي يصف فرسا. وقوله: بسلهبة: أي: فرس طويلة ولكن حقه أن يكون مرفوعا معطوفا بالواو على مرفوع (وسلهبة) لأن الشاعر، يعدّ وسائل الحرب، التي أعانته على الحرب فقال: أعان على الحرب زعف ومطرد ومركضة - هكذا جاءت في اللسان، وصريحي: فرس أصيل، أو منسوب إلى فرس اسمه «صريح» وتهان بها، وفي رواية و «لها» أي: يخدمها الغلام والغلامة. وفيه (الشاهد حيث زاد التاء على الغلام للفرق بين جنسي المذكر والمؤنث والمشهور أنه بلفظ واحد [شرح المفصل ج 5/ 97، واللسان (غلم) و «صرح»]. 328 - ألم تسأل فتخبرك الرّسوم … على فرتاج والطّلل القديم البيت للشاعر البرج بن مسهر الطائي، وهو في اللسان (فرتج) وكتاب سيبويه ج 1/ 421] وفرتاج: علم على مكان. والشاهد: نصب تخبرك في جواب الاستفهام بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية. 329 - شمّ مهاوين ... … ... لا خور ولا قزم ورد في بعض المصادر مرفوع الميم، وهو مجرور (قزم) والبيت للكميت بن زيد أو لابن مقبل، فابحث عنه في الميم المكسورة.

330 - لا يصعب الأمر إلا ريث يركبه … ولا يبيت على مال له قسم

330 - لا يصعب الأمر إلّا ريث يركبه … ولا يبيت على مال له قسم البيت للحطيئة في ديوانه، والهمع ج 1/ 213 والدرر ج 1/ 182. ولكن شطره الثاني رواه ابن منظور عن الأصمعي هكذا (وكلّ أمر سوى الفحشاء يأتمر). وقال: إنه لأعشى باهلة. قال السيوطي: ريث: مصدر راث، يريث، إذا أبطأ، فإذا استعمل في معنى الزمان، جاز أن يضاف إلى الفعل. فلما خرجت إلى ظروف الزمان جاز فيها ما جاز في الزمان أنه مبنيّ كسائر أسماء الزمان المضافة إلى الفعل المبني، فلذا ذكرته في الظروف المبنيات، ومن شواهده (لا يصعب .. الخ) قلت: ولكنه أضيف هنا إلى فعل معرب (يركبه) فهل يكون هنا معربا؟ وأنه يبنى إذا جاء بعد فعل مبني، كقول الآخر (خليليّ رفقا ريث أقضي لبانة؟). 331 - أو مسحل شنج عضادة سمحج … بسراته ندب لها وكلوم وقبل البيت: حرف أضرّ بها السّفار كأنّها … بعد الكلال مسدّم محجوم والبيتان للشاعر لبيد بن ربيعة، يصف ناقته، والحرف: الضامر، وأضرّ بها السّفار: أضناها وهزلها. والكلال: التعب. والمسدّم: الفحل من الإبل الذي حبس عن الضراب. والمحجوم: المشدود الفم. وقوله في الشاهد: أو مسحل: معطوف على مسدّم في البيت الذي سبقه والمسحل: حمار الوحش. والشّنج: المتقبض في الأصل. ويراد به في البيت: الملازم. وعضادة: جنب. والسّمحج: الأتان الطويلة. وسراتها: أعلاها والنّدب: الأثر. والكلوم: الجراحات. يريد أن هذه الأتان بها آثار من عضّ الحمار كأنها جراحات. يقول: إن ناقتة كأنها مسحل ملازم جنب أتان لا يفارقها، وكأنّ هذه الناقة بعد ما كلّت بعير مسدّم أو مسحل موصوف بما ذكر. والشاهد في البيت أن «شنج» اسم مبالغة عمل عمل فعله، فنصب «عضادة» وقد أنشد أنصار سيبويه البيت دفاعا عنه في مسألة عمل «فعل» من أوزان المبالغة وقد روى سيبويه في الموضوع: البيت: حذر أمورا ... … ... من الأقدار

332 - فأما كيس فنجا ولكن … عسى يغتر بي حمق لئيم

في حرف الراء. وقالوا: إن البيت مصنوع، وزعم المخالفون لسيبويه أن أبان اللاحقي الفاسق - في زمن هارون الرشيد، روى لهم أن سيبويه سأله عن شاهد في تعدّى «فعل» فعمل له هذا البيت. فعضد أنصار سيبويه موقفه بأن الشواهد على عمل «فعل» موجودة في غير ما ذكر. ومنها البيت الشاهد. ومنها في حرف الدال. (أتاني أنهم مزقن عرضي ... لها فديد) وهو لزيد الخيل الطائي الصحابي. قال أبو أحمد: وهذه الضجّة التي افتعلها خصوم سيبويه زوبعة في فنجان، بل هي أقل من ذلك، لأسباب: الأول: لو فرضنا أنّ أبان بن عبد الحميد اللاحقي صنع البيت لسيبويه فإن هذا لا يمنع صحة التركيب، لأن المعنى يستقيم به، وكون أبان جاء في العصر الذي لا يستشهد بشعره، لا يمنع صحة كلامه، فهو شاعر مطبوع، والشاعر المطبوع يكون قد حفظ ونسي ولكنه تأثر بما حفظ. فما يصدر عنه من شعر تغلب عليه الصحة. وكون أبان فاسقا مطعونا عليه في دينه، لا يمنع الاستشهاد بشعره. والثاني: الرواية التي تقول إنه من صناعة أبان، هي من رواية أبان نفسه، والرجل مطعون عليه، منغمس في الفجور حتى أذنيه، فكيف نقبل روايته في الطعن على سيبويه؟ الثالث: لا يحقّ لنحويّ أن يدّعي أنه سمع كل ما قالت العرب من الشعر، ومن سمع حجة على من لم يسمع. فلا تلتفتنّ إلى كلّ ما تقرأ من المجادلات النحويّة، التي يفتعلها الخصوم، لأن التحاسد كان مستفحلا بين العلماء في ذلك العصر. والله أعلم. [الخزانة ج 8/ 169، وشرح المفصل ج 6/ 72، وسيبويه 1/ 57، والأشموني ج 2/ 298]. 332 - فأمّا كيّس فنجا ولكن … عسى يغترّ بي حمق لئيم البيت للمرّار بن سعيد الأسدي. والشاهد: إسقاط «أن» من خبر «عسى». [شرح أبيات المغني ج 3/ 339 والخزانة ج 9/ 328، وكتاب سيبويه ج 1/ 478]. 333 - أبا مالك هل لمتني مذ حضضتني … على القتل أم هل لامني لك لائم

334 - حب بالزور الذي لا يرى … منه إلا صفحة أو لمام

الشاهد للجحّاف بن حكيم السلمي، من العصر الأموي. وأبا مالك، يريد الأخطل التغلبي وكان الأخطل عيّر الجحّاف بهزيمتهم وقتل رئيسهم في حروب جرت مع بني تغلب، فقال: ألا سائل الجحاف هل هو ثائر … بقتلى أصيبوا من سليم وعامر فكان من أثر ذلك، وقعة «البشر» التي قتل الحجاف فيها عددا كبيرا من بني تغلب و «البشر» ماء، أو موطن، كان لبني تغلب، بالقرب من الفرات. فقال الحجاف القصيدة التي منها البيت. وفي البيت جعل تعيير الأخطل له، لوما وحضا على الأخذ بالثأر. يقول للأخطل: أنت الذي حثثتني على قتل قومك. وأنشد السيوطي الشطر الثاني شاهدا على دخول «أم» على «هل» وتكون بمعنى (بل) [الهمع ج 2/ 33، و «المؤتلف والمختلف» للآمدي ص 76]. 334 - حبّ بالزّور الذي لا يرى … منه إلا صفحة أو لمام البيت للطرمّاح. والزّور: بالفتح، الزائر، يستوي فيه المفرد وغيره. وصفحة كل شيء: جانبه. واللمام بالكسر، جمع لمه: بكسر اللام وتشديد الميم، وهو الشعر المجاوز شحمة الأذن، فإذا بلغت المنكبين فهي جمّة، فإذا لم يبلغ شحمة الأذن، سمي وفرة. والشاهد في «حبّ» أصلها حبب، نقلت حركة الباء إلى الحاء بعد سلب حركتها وأدغم. ويحوّل الفعل إلى هذه الصيغة لإرادة المدح أو الذمّ، ويعمل عمل «نعم وبئس» ويأخذ شروطهما في الفاعل وعدم التصرف. ويجوز في فاعل هذه الأفعال المحوّلة أن تزاد عليه الباء قلت: وتقول العامّة اليوم «ونعم بالله» فهل قاسوها على ما ذكر؟ وقوله: «حبّ بالزور» يجوز في الحاء، الضمّ، والفتح. [الهمع ج 2/ 89، والأشموني ج 3/ 39 والعيني 4/ 15، والدرر ج 2/ 119، واللسان (زور)]. 335 - فالعين منّي كأن غرب تحطّ به … دهماء حاركها بالقتب محزوم البيت لعلقمة بن عبدة الفحل، من المفضلية رقم (120) يصف بكاءه في أثر نأي الحبيب. والغرب: جلد ثور يتخذ دلوا. وتحط به: تعتمد في جذبها إياه على أحد

336 - أو مذهب جدد على ألواحه … ألناطق المبروز والمختوم

شقيها. والدهماء: الناقة. وجعلها دهماء لأن الدهم أقوى الإبل. والحارك: ملتقى الكتفين. والقتب: الرحل الصغير على سنام البعير، يضعونه لربط حبل الدلو به. يقول: كأن عينيّ من كثرة دموعهما، غرب هذه حاله. وأنشد السيوطي شطر البيت شاهدا على أن الإضافة قد تكون بتقدير «من» بدليل ظهورها بين المضاف والمضاف إليه، وكأن الأصل «فعيني كأن غرب» وقال ابن مالك: إن الفصل بمن لا يدل على أن الإضافة بمعناها. [الهمع ج 2/ 46، والمفضليات ص 938، لشاكر وهارون]. 336 - أو مذهب جدد على ألواحه … ألناطق المبروز والمختوم المذهب: الشيء المطليّ بالذهب. والناطق: البيّن. وقوله: المبروز: قال ابن منظور. وأبرز الكتاب، أخرجه، فهو مبروز، وأبرزه: نشره، فهو مبرز، ومبروز، شاذّ على غير قياس، جاء على حذف الزائد. (قال لبيد .. البيت) قال ابن جني: أراد، المبروز به ثم حذف حرف الجرّ، فارتفع الضمير واستتر من اسم المفعول. قال: وأنشد بعضهم «المبرز» على احتمال الخزل في متفاعلن. قال أبو حاتم: إنما هو (الناطق المبرز والمختوم) مزاحف، فغيره الرواة فرارا من الزحاف. وقال بعضهم لعله «المزبور» وهو المكتوب. وقوله (الناطق) بقطع همزة الوصل. وهذا جائز في ابتداء أنصاف الأبيات عند الوقف على آخر الشطر الأول. [اللسان - برز، ونطق وكتاب سيبويه ج 2/ 274 والخصائص ج 1/ 193] والبيت من شعر لبيد بن ربيعة. 337 - وقد علوت قتود الرّحل يسفعني … يوم تجيء به الجوزاء مسموم البيت لعلقمة بن عبدة الفحل من المفضلية رقم (120) من شرح شاكر وهارون. ويذكر هنا سيره في الهواجر. وقتود الرحل: عيدانه. ويسفعني: يصيبني حرّه. والجوزاء: من بروج السماء ومسموم: فيه السّموم. 338 - هل ما علمت وما استودعت مكتوم … أم حبلها إذنأتك اليوم مصروم

339 - أم هل كبير بكى لم يقض عبرته … إثر الأحبة يوم البين مشكوم

339 - أم هل كبير بكى لم يقض عبرته … إثر الأحبّة يوم البين مشكوم البيتان لعلقمة الفحل، وهما مطلع قصيدته الميميّة في المفضليات. وقوله: هل ما .. الخ: هل دخلت على الجملة الاسمية فإن «ما» موصولة، مبتدأ. و «ما» الثانية، معطوفة. ومكتوم: خبر المبتدأ، و «أم» حرف استئناف، بمعنى «بل» لأنها منقطعة وفيها معنى الهمزة، وجملة «حبلها مصروم» من المبتدأ والخبر استئنافية. وإذ: تعليلية، متعلقة بمصروم، بمعنى مقطوع. والحبل: استعارة للوصل والمحبة. ونأتك: أصله، نأت عنك، فحذف (عن) ووصل الضمير. ونأت: بعدت. والمعنى هل تكتم الحبيبة، وتحتفظ ما علمت من ودّ هالك، وما استودعته من قولها لك: أنا على العهد، لا أحول عنك. بل انصرم حبلها منك لبعدها عنك، فإن من غاب عن العين غاب عن القلب وهذه شيمة الغواني، كما قال كثير عزّة: وإن حلفت لا ينقض النأي عهدها … فليس لمخضوب البنان يمين وقوله: أم هل كبير: أم هنا منقطعة بمعنى «بل» ومجردة عن الاستفهام لدخولها على «هل» وكبير: مبتدأ، ومشكوم - بمعنى مجازى، خبره. وجملة بكى، صفة (كبير). وعليه فإنّ دخول هل على «كبير» ليس ضرورة، كما زعم بعضهم. فالضرورة القبيحة، عند ما تدخل هل على اسم يليه فعل يكون محدّثا به، كقولك، هل زيد قام؟ والقاعدة العامة: إذا وقع بعد أدوات الاستفهام ما عدا الهمزة - اسم وفعل، فإنك تقدم الفعل على الاسم في سعة الكلام، ولا يجوز تقديم الاسم على الفعل إلا في ضرورة الشعر. وما في البيت ليس منه، لأن (هل) هنا، داخلة على جملة اسمية نحو «هل زيد قائم». وقوله «لم يقض عبرته» صفة ثانية ل (كبير) يريد: لم يشتف من البكاء، لأنّ في ذلك راحة. قال: «وإنّ شفائي عبرة» وقيل: معناه: لم ينفد ماء شؤونه ولم يخرج دمعه كلّه، لأنه إذا لم يخرجه كان أشدّ لأسفه واحتراق قلبه. والشاهد في البيت الأول: أنه يجوز أن تأتي (هل) بعد «أم» وليس فيه جمع بين استفهامين، لأنّ أم مجردة عن الاستفهام، إذا وقع بعدها أداة استفهام. و «أم» المنقطعة، حرف استئناف بمعنى «بل» فقط، وليست عاطفة، كما يرى كثير من النحويين. ولكن ابن مالك يرى أنها قد تعطف المفرد كقول العرب «إنها لإبل أم شاء» فقال: هنا، لمجرد

الإضراب عاطفة ما بعدها على ما قبلها، كما يكون ما بعد «بل». وفي المسألة خلاف. فانظر. [كتاب سيبويه ج 1/ 487، وشرح المفصل ج 4/ 18، وج 8/ 153، والهمع ج 2/ 77، 133]. قصّة ونقدها: نقل البغدادي في خزانته عن صاحب الأغاني قال: «مرّ رجل من مزينة على باب رجل من الأنصار، وكان يتّهم بامرأته، فلما حاذى بابه تنفّس ثم تمثل: هل ما علمت وما استودعت مكتوم … أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم فعلق الأنصاريّ به، فرفعه إلى عمر بن الخطاب، فاستعداه عليه، فقال له المتمثل: وما عليّ إذا أنشدت بيت شعر؟ فقال له عمر: مالك لم تنشده قبل أن تبلغ إلى بابه؟ ولكنك عرضت به، مع ما تعلمه من القالة فيك. ثم أمر به فضرب عشرين سوطا» قلت: القصة فيها رائحة الوضع، للأسباب التالية. 1 - لأن أبا الفرج صاحب الأغاني كاذب ولا تحمل أخباره محمل الجدّ. 2 - والقصة مروية عن العباس بن هشام عن أبيه: وأظنه يريد العباس بن هشام ابن عروة بن الزبير. وسند هشام إلى عهد عمر بن الخطاب منقطع، لأن جدهم عروة لم يرو عن أبيه الزبير المتوفى سنة 36 هـ، فكيف يروي هشام عن عمر بن الخطاب المتوفى سنة 23 هـ. 3 - في القصة أن الرجل المنشد متهم بامرأة الأنصاري: وهذا سبب علوقه به. ولكن الإمساك بالرجل لهذا السبب يجعل الزوج يتهم زوجته ويرميها بالزنى، بغير دليل: وهنا يستحق الزوج الجلد وليس المنشد. وإذا كان الزوج مثبتا التهمة على زوجه، فكيف يبقيها عنده؟ 4 - وقول عمر «مع ما تعلم من القالة فيك» كأنّه يعيد ما يقوله الناس، وهذا لا يكون من عمر بن الخطاب لأنّ إعادة ما يقوله الناس من نوع إشاعة الفاحشة في المسلمين. وهذا منهيّ عنه، فكيف يفعله عمر. 5 - المشهور في القصص التي تروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حكمه على أهل الريب، أنه كان يغرّبهم. فلماذا اكتفى بجلد الرجل عشرين. مع وصول أقوال الناس إلى عمر.

340 - حتى تهجر في الرواح وهاجها … طلب المعقب حقه المظلوم

6 - إنّ تورية الرجل بهذا البيت عن علاقته بامرأة الأنصاري المزعومة، بعيدة، ولا تناسب الحال. 7 - قوله: فلما حاذى بابه تنفس ثم تمثّل لعل هذا هو الهدف من وضع القصة، وهو بيان كيفية إنشاد الشعر، فإن المتيمّ الذي ينشد مثل هذا البيت، لا بدّ أن يملأ صدره بالهواء ثم يدخل على البيت، وهذا الاستنشاق، يناسب لفظ هل، فكأنه يقول. ها هل. ليكون معبرا عن المعنى وحال المنشد. والله أعلم. 340 - حتّى تهجّر في الرواح وهاجها … طلب المعقّب حقّه المظلوم البيت للشاعر لبيد بن ربيعة، من قصيدة يصف فيها حمارا وأتانا، كانا في خصب زمانا حتى إذا هاج النبات ونضبت المياه، وخاف أن ترشقه سهام من القناص، أسرع مع أتانه إلى كل نجد يرجوان فيه أطيب الكلأ وأهنأ الورد. وحتى: للغاية، والضمير في تهجّر إلى الحمار الوحشي في بيت سابق، وتهجر: سار في الهاجرة، وضميره للحمار وهاجها: أي: أثارها في طلب الماء، والضمير لأتان مرافقة لذلك الحمار. وطلب: مفعول مطلق، وهو مصدر تشبيهي، أي: أثارها، وساقها أمامه متعقبا لها، ملصقا رأسه بمؤخرتها، كما يتبع المعقب المظلوم حقّه. وطلب: مصدر مضاف إلى فاعله وجاء بعده المفعول به فنصبه وهو (حقه) والمظلوم صفة المعقّب على المحل. هكذا قالوا. وربما كان في الجعبة أقوال أخرى. [الأشموني ج 2/ 290 واللسان - عقب والدرر ج 2/ 202 والعيني ج 3/ 513 والإنصاف 187 والهمع ج 2/ 145]. 341 - فتعرّفوني إنّني أنا ذاكم … شاك سلاحي في الحوادث معلم البيت لطريف بن تميم العنبري (جاهلي) والفارس المعلم: الذي أعلم نفسه في الحرب بعلامة إدلالا بجرأته. والشاهد فيه قلب «شاك» من «شائك» وهو الحديد ذو الشوكة والقوة. فشاك، من «شكا» وشائك، من «شوك» وهو المراد في وصف السلاح. [الأصمعيات/ 128، وسيبويه/ 3/ 466، هارون]. 342 - وقد أقود أمام الحيّ سلهبة … يهدي بها نسب في الحيّ معلوم البيت لعلقمة بن عبده الفحل من المفضلية رقم (120). والسلهبة: الطويلة من الخيل. يهدي بها: يقدمها، أي: يقودها نسب لا ينقطع لأنها ذات عرق كريم.

343 - لحقت حلاق بهم على أكسائهم … ضرب الرقاب ولا يهم المغنم

343 - لحقت حلاق بهم على أكسائهم … ضرب الرّقاب ولا يهمّ المغنم الشاهد للأخزم بن قارب الطائي، أو المقعد بن عمرو. وحلاق اسم للمنية معدول عن «الحالقة» وسميت بذلك لأنها تحلق وتستأصل. وقوله: على أكسائهم، أي: على أدبارهم، واحدها كسء ونصب «ضرب الرقاب» لأنه وضعه موضع الفعل. والشاهد: حلاق: مبني على الكسر، لأنه حصل فيها العدل والتأنيث، والصفة الغالبة. [اللسان - حلق - وشرح المفصل ج 4/ 59]. 344 - حتّى تذكّر بيضات وهيّجه … يوم الرذاد عليه الريح مغيوم البيت لعلقمة بن عبدة الفحل من المفضلية رقم (120). قوله: حتّى: تدل على الغاية، وفاعل تذكّر الظليم في بيت سابق، يشبه به ناقته. يقول إن هذا الظليم (ذكر النعام) بقي يرعى، حتى تذكّر بيضه، وهيّجه الرذاذ، وهو المطر الخفيف. وقوله: الريح ... يروى (الدّجن) وهو إلباس الغيم السماء. والشاهد في (مغيوم) أي: فيه غيم، وأخرجه على أصله بدون إعلال، وأكثر ما يجيء معلّا فيقال «مغيم» وقالوا أيضا: مبيوع، من باع يبيع، ومطيوب، من طاب يطيب. [الأشموني ج 4/ 325 وشرح المفصّل ج 10/ 78، والخصائص ج 1/ 261]. 345 - لا سافر النّيّ مدخول ولا هبج … عاري العظام عليه الودع منظوم البيت لابن مقبل. وسافر: منكشف ظاهر من السفور. والنّي: بالفتح والكسر: الشحم. والمدخول: المهزول. والهبج: المتورم، عنى الكثير الشحم. والودع: الخرز. نعت امرأة فشبهها بظبي هذه صفته. والشاهد فيه: رفع «منظوم» على الخبرية للودع. على تقدير: الودع منظوم عليه. ولو نصب «منظوم» على الحالية لجاز، واعتبار «عليه» خبر مقدم، والودع مبتدأ. [ديوان ابن مقبل، واللسان «هبج، وسفر» وسيبويه/ 2/ 90، هارون] ويروى البيت في القاموس والتاج:

346 - عهدي بها الحي الجميع وفيهم … قبل التفرق ميسر وندام

لا سافر اللحم مدخول ولا هبج … كاسي العظام لطيف الكشح مهضوم قال: وفرس سافر اللحم، أي: قليله. وكأنه يرى أن البيت وصف لفرس. 346 - عهدي بها الحيّ الجميع وفيهم … قبل التّفرّق ميسر وندام البيت للشاعر لبيد بن ربيعة. قوله: بها. الضمير يعود إلى أماكن ذكرها في أبيات سابقة. وعهدي: مبتدأ. والحيّ: مفعول بعهدي، والجميع نعته. وفيهم قبل التفرّق ميسر: جملة ابتدائية في موضع نصب على الحال، سدّت مسدّ خبر المبتدأ، الذي هو «عهدي» على حد قولهم: وعهدي بزيد «قائما» وندام: يجوز أن يكون جمع نديم، كظريف، وظراف، ويجوز أن يكون جمع ندمان، كغرثان، وغراث. [اللسان حضر، وكتاب سيبويه 1/ 98]. 347 - لا حبّذا أنت يا صنعاء من بلد … ولا شعوب هوى منّي ولا نقم البيت لزياد بن منقذ العدوي، في [الخزانة ج 5/ 249، والمرزوقي 1402، والهمع ج 2/ 89]. والشاهد (لا حبذا) صارت فعل ذمّ، لسبقها ب (لا) وقد مضى شرحه في شاهد سابق (نحو الأمليح .. المرار والحكم) 348 - فليتك يوم الملتقى ترينّني … لكي تعلمي أنّي امرؤ بك هائم البيت غير منسوب إلى قائله. والشاهد في «ترينني» حيث أكده بالنون الثقيلة لوقوع الفعل بعد التمني، وهو خبر ليت. [الأشموني ج 3/ 213، والهمع ج 2/ 78، والدر ج 2/ 96 والعيني ج 4/ 323]. 349 - وكم قد فاتني بطل كريم … وياسر فتية سمح هضوم الهضوم، المتهضم للناس، يعطيهم ماله. قال النحاس: هذا البيت حجة في أنه قد فصل بين «بطل» وبين «كم» ولم ينصب. وإذا فصل في باب كم، فالوجه النصب. يريد: كم الخبرية. وإنما أراد: كم بطل قد فاتني. ويجوز أن تقول: كم فيها رجل». [كتاب

350 - أصرمت حبل الحي أم صرموا … يا صاح بل صرم الحبال هم

سيبويه 1/ 295، والنحاس ص 208] ونسب البيت للأشهب بن رميلة. 350 - أصرمت حبل الحيّ أم صرموا … يا صاح بل صرم الحبال هم البيت لم ينسب لقائله. وأنشده السيوطي في الهمع ج 1/ 60. قال: قال سيبويه: لا تقع «أنا» في موضع التاء التي في «فعلت» لا يجوز أن يقال: فعل أنا. لأنهم استغنوا بالتاء عن «أنا» وأجاز غير سيبويه «فعل أنا» واختلف مجيزوه، فمنهم من قصره على الشعر وعليه الجرمي، ومنهم من أجازه في الشعر وغيره، وعليه المبرد، وادعى أن إجازته على معنى ليس في المتصل، لأنه يدخله معنى النفي والإيجاب، ومعناه: ما قام إلا أنا. وأنشد الأخفش الصغير، تقوية لذلك (البيت). 351 - هنّا وهنّا ومن وهنّا لهنّ بها … ذات الشمائل والأيمان هينوم البيت لذي الرّمة. وهو من قصيدة يصف الفلاة. والهينوم: الصوت الخفيّ. والشاهد: هنّا يروى بفتحة على هاء الثلاث. وروي بفتح الأول، وكسر الثاني. وضم الثالث، مع التشديد. والضمير في لهنّ للجنّ. وفي «بها» للأرجاء في البيت قبله (للجنّ بالليل في أرجائها زجل)، وذات: نصب على الظرفية، والعامل فيه، استقرّ المقدر في «بها». وهينوم: مبتدأ، خبره، لهنّ. و «هنّا» إشارة إلى المكان، ولكنها تختلف في القرب والبعد، فبالضم يشار إلى القريب، وبالآخرين إلى البعيد. [الأشموني والعيني ج 1/ 145، واللسان (هنا) والخصائص ج 3/ 38]. 352 - هريرة ودّعها وإن لام لائم … غداة غد أم أنت للبين واجم مطلع قصيدة للأعشى ميمون، عاتب بها يزيد بن مسهر الشيباني، وتهدده لسبب وقع بينهما. وهريرة: منصوب بفعل محذوف يفسره ودّعها، ويجوز رفعه، والأول أحسن. وهريرة: بالتصغير قينة، وقيل: أمه سوداء كان الأعشى ينسب بها، وقيل: إنّ الأعشى سئل عنها، فقال: لا أعرفها وإنما هي اسم ألقي في روعي. وغداة: ظرف متعلق ب «ودّع» ويجوز أن يتعلق ب «لام». و «أم» منقطعة بمعنى «بل» والبين: الفراق. والواجم: الشديد الحزن حتى لا يطيق على الكلام. [شرح أبيات مغني اللبيب للبغدادي ج 7/ 94، وسيبويه ج 2/ 298]. 353 - وكيد ضباع القفّ يأكلن جثّتي … وكيد خراش بعد ذلك ييتم

354 - فعلا فروع الأيهقان وأطفلت … بالجهلتين ظباؤها ونعامها

البيت لأبي خراش الهذلي، والقفّ: أصله ما ارتفع من الأرض ولم يبلغ أن يكون جبلا. وقد يعني صفة زائدة على ذلك من معالم الأرض. وخراش: ابن الشاعر. والشاهد «كيد» روي شاهدا على أن بعض العرب قد يقول «كيد» من «كاد» و «زيل» من «زال» وهذا يعتمد على السماع. فلو قالوا «كاد» في البيت، يستقيم الوزن. [شرح المفصل ج 10/ 72 واللسان (كيد، وزيل)]. 354 - فعلا فروع الأيهقان وأطفلت … بالجهلتين ظباؤها ونعامها هذا هو البيت السادس من معلقة لبيد بن ربيعة. وقبل البيت يذكر الأطلال، وأن الأمطار جاءتها، فارتوت أرضها، وأنبتت، فعلا .. الخ. وعلا: ارتفع. والأيهقان قال الزوزني: هو الجرجير البرّي. وعلا: تروى: غلا، بالغين، من غلا، السعر، أي ارتفع، وغلا الصبيّ، شبّ. ويروى (فاعتمّ نور الأيهقان) والمعنى واحد. فاعتمّ بمعنى ارتفع. ومن روى (علا) بالعين، رفع (فروع) على الفاعلية، ومنهم من نصب، على أن الفاعل ضمير مستتر يعود على السيل أو الماء. وفروع: مفعول به. وزعم المرزوقي، أن النصب ضعيف، لأنه لا يناسب المعنى، لأنه إذا علا السيل الفروع، فقد أفسد الحياة .. الخ قلت: هذا وهم لأن إطفال الظباء جاء بعد السيل، وإذا جاء السيل، واستنقع ماؤها أدى ذلك إلى ريّ النبات وارتفاعه، أكثر من ارتفاعه إذا جاء مطر فقط. وإذا ارتفع النبات وجدت الحيوانات مرعى، ومأوى. وقوله: أطفلت، أي: ولدت أولادا. والجلهتان: جانبا الوادي .. وهذا يؤكد معنى النصب، لأن النبات علت فروعه على الشاطئين، وليس في أرض الوادي. والشاهد: ونعامها: قالوا: ظاهره أنه معطوف على (ظباؤها) والظباء تلد، ولكن النعام يفرخ، أو يبيض .. والتوجيه أن (ونعامها) مرفوع بعامل محذوف، مناسب. والتقدير (وأفرخت نعامها) وتكون الواو عطفت جملة على جملة أو يكون الشاعر توسع في معنى (أطفلت) فصيّره كقولك «أنتجت» وما يؤدي مؤداه وحينئذ يصح تسلطه على الظباء والنعام. والمعنى الأخير هو الأقوى. [الإنصاف ص 611، والخصائص]. 355 - أغلي السّباء بكلّ أدكن عاتق … أو جونة قدحت وفضّ ختامها البيت للشاعر لبيد من معلقته، وهو البيت (59) وهو من جملة أبيات يفخر فيها أنه

356 - غلب تشذر بالذحول كأنها … جن البدي رواسيا أقدامها

يسامر الندماء، ويشتري الخمر إذا غلت وقلّ وجودها، يصف نفسه بأنه جواد. وقوله: أغلي: من أغليت الشيء: اشتريته غاليا، وصيرته غاليا ووجدته غاليا. والسّباء: شراء الخمر خاصة، يقال: سبأت الخمر أسبؤها سباء. اشتريتها. ولا يقال لغير الخمر. والأدكن: يريد زقّ الخمر الذي يضرب لونه إلى السواد. وعاتق: صفة «أدكن» وهو القديم. وقوله: بكل، الباء ظرفية، متعلقة بحال محذوفة، إذ المراد أغلى سباء الخمر كائنة في أدكن. والجونة: الخابية، مطلية بالقار وقدحت: فيها ثلاثة معان: الأول: استخرج ما فيها من الخمر. والثاني مزجت. والثالث: ثقبت واستخرج ما فيها. وفضّ ختامها: كسر. والختام: الطين يوضع على فمها. وأنشدوا البيت شاهدا على أن «الواو» لا تدل على ترتيب، بل قد تدخل على متقدّم على ما قبله كما في البيت، فإن فضّ الختام قبل القدح - إذا قلنا إن القدح: استخراج الخمر، أو غرفه. قال أبو أحمد: وهذا كلام لا يصح مطلقا دون قيد، لأن المعنى يأباه: فإذا كانت الأشياء المتعاطفة مرتبة على بعضها، يكون الثاني مرحلة تالية بعد الأول، فإنه يحسن الترتيب لأنك إذا قلت: أكلت وطبخت، يكون فيه خلط، وكذلك إذا قلت: أكلت الثمرة وجنيتها. وفيه هذا البيت، فإن «قدحت» يكون معناها ثقبت، والقدح غير الفض، فإن القدح بمعنى الثقب، يكون بفتح فجوة صغيرة في الطين بمثقاب، أو بمقدح، ليسهل بعد ذلك فضّ الختام كلّه. وقد يكون قدحت: بمعنى أنه ضرب الطينة بمقدح لتكسر، وليسهل إزالة الختام، فهما إذن مرحلتان متتاليتان. وفي أسماء الآلة (مقدح، أو مقداح) وهو الحجر الذي يقدح به. أما إذا لم يكن بين المتعاطفين ترتيب مرحلي، فلا بأس بالجمع دون ترتيب. فإذا أخبرنا عن مجيء الوفد، أو الضيوف نقول: جاءنا الليلة محمد، وأحمد، وخالد .. وقد يكون خالد هو المقدم. [الخزانة ج 11/ 3، وشرح المفصل ج 8/ 92، والعيني ج 4/ 125]. 356 - غلب تشذّر بالذّحول كأنّها … جنّ البديّ رواسيا أقدامها البيت للشاعر لبيد من معلقته، رقم (71) وهو في سياق أبيات يفخر فيها بنفسه.

357 - فمضى وقدمها وكانت عادة … منه- إذا هي عردت- إقدامها

ويشير إلى مناظرة جرت بينه وبين الربيع بن زياد في مجلس النعمان، ويذكر أنه كان في المجلس أصناف شتى من الناس ويصفهم، وغلب: تروى بالجرّ، والرفع. الواحد أغلب، وهو الغليظ العنق، كالأسد. وهو خبر لمبتدأ محذوف أي: هم غلب، يعود الضمير على القوم في المجلس. وتشذّر: أي: تتشذر: يريد، يهدد بعضهم بعضا. والذحول: جمع ذحل، وهو الحقد والضغن. ويروى (تشاذر) أي نظر بعضهم إلى بعض بمؤخر عينه. والبديّ: اسم مكان، تضاف إليه الجنّ، ورواسيا: حال، وصرفه للضرورة، ومعناها الثوابت. وأقدامها: فاعل بالرواسي. يصف خصومه بالقوة، وكلما كان الخصم أقوى وأشدّ، كان قاهره أقوى وأشدّ. ويعقّب على وصف خصومه بقوله في البيت التالي: أنكرت باطلها وبؤت بحقّها … عندي ولم يفخر عليّ كرامها وأنشدوا البيت شاهدا على أن الباء في قوله (بالذحول) للسببية. 357 - فمضى وقدّمها وكانت عادة … منه - إذا هي عرّدت - إقدامها البيت للشاعر لبيد من معلقته، برقم (33) وهو في سياق أبيات وصف فيها ناقته ثم شبهها بالحمار الوحشي. وهذا الحمار يسرع الجري في الصحراء بحثا عن الماء، ومعه أتانه. يقول: فمضى: فاعله ضمير يعود على الحمار، وقدّمها: أي جعل أتانه أمامه. وعرّدت: تركت الطريق وعدلت عنه. واسم كان «إقدامها» في آخر البيت، مصدر أقدم إقداما. وعادة: خبرها مقدم وهي محل الخلاف قال الكوفيون: إنه لما أولى كان خبرها، وفرق بينها وبين اسمها، توهم التأنيث فأنث. وكان الكسائي يقول: إذا كان خبر كان مؤنثا واسمها مذكرا، وأوليتها الخبر، فمن العرب من يؤنث، كأنه يتوهم أن الاسم مؤنث، إذا كان الخبر مؤنثا. وقال غير الكسائي: إنما بنى كلامه على، وكانت عادة تقدمتها، لأن التقدمة، مصدر قدّمها، إلا أنه انتهى إلى آخر القافية، فلم يجد التقدم تصلح لها، فقال «إقدامها». قال أبو أحمد: وعندي قول ثالث: وهو أن يكون اسم كان مستتر تقديره، وكانت هذه الفعلة، عادة منه، وإقدامها: جواب إذا، حذفت فاؤه الرابطه، والتقدير: إذا هي عردت فإقدامها حاصل. أما قولهم: إن الشاعر توهم التأنيث، فأنّث، فهو مرفوض، لأن الكلام لا يبنى على الوهم، والشعراء أهل ذوق، وهم يعرفون آخر كلامهم من أوله. وخير من

358 - وقائلة نعم الفتى أنت من فتى … إذا المرضع العوجاء جال بريمها

هذه التأويلات أن نقول بجواز هذا الأسلوب لأنه يؤدي المعنى وليس فيه إلباس. ولا بأس بالقول: كانت عادة كرمه، وكان عادة كرمه. [الإنصاف ص 772، بتحقيق الشيخ محمد محيي الدين عبد الحميد، رحمه الله تعالى]. 358 - وقائلة نعم الفتى أنت من فتى … إذا المرضع العوجاء جال بريمها البيت للشاعر الكروّس بن الحصن أو ابن زيد. والمرضع: المرأة التي ترضع. والبريم: حبل تشدّ به المرأة وسطها. ويكون فيه لونان ومزين بجوهر. وجولانه على وسطها كناية عن هزالها. والعوجاء، بالواو، رواية العيني، وفي اللسان (عرجاء) بالراء. وقائلة: أي: ربّ امرأة قائلة والشاهد (من فتى) حيث جمع بعد فعل المدح (نعم) بين الفاعل الظاهر والتمييز. نعم: فعل ماض الفتى: فاعله، أنت: مخصوص بالمدح ومن فتى: تمييز. [الأشموني ج 3/ 35، واللسان (برم)]. والشاعر الكروس إسلامي عاش أيام ولاية مروان بن الحكم على المدينة [المؤتلف والمختلف]. 359 - ترّاك أمكنة إذا لم أرضها … أو يعتلق بعض النفوس حمامها قاله لبيد بن ربيعة، في معلقته برقم (56) وهو في سياق أبيات يفخر فيها بنفسه. وترّاك: مبالغة (تارك) خبر بعد خبر لأنّ في البيت السابق. أولم تكن تدري نوار بأننّي … وصّال عقد حبائل جذّامها وقوله: يعتلق: أي: يحبس. وبعض النفوس: يريد نفسه. والحمام: الموت. والإشكال في قوله «أو يعتلق» بالجزم. فقال قوم: إنه مجزوم على الأصل، لأن أصل الأفعال ألّا تعرب، وإنما أعربت للمضارعة. ولكن هل ذهبت المضارعة هنا؟ وقال قوم: إنه منصوب، لأن (أو) بمعنى إلّا أن، وأسكنه ردا إلى أصله. وهذا كسابقه، إلا أنه يجعل «أو» ناصبة. والقول الثالث: أنه مجزوم عطفا على (لم أرضها) وهو الصحيح، فالمعنى: إني أترك الأمكنة إذا رأيت فيها ما يكره، أو إذا لم أرضها، أو لم يعتلق بعض ... (فأو) حرف عطف. [الخصائص ج 1/ 74، والمعلقات السبع، أو العشر، وشرح شواهد الشافية 415].

360 - ألا طرقتنا مية ابنة منذر … فما أرق النيام إلا سلامها

360 - ألا طرقتنا ميّة ابنة منذر … فما أرّق النّيّام إلا سلامها يروى البيت لأبي الغمر الكلابي ... كما في اللسان (نوم) والعيني على حاشية الأشموني ج 4/ 328 فإن صحّ أنه لأبي الغمر، فإنه شديد الشبه ببيت لذي الرّمة، من الوزن والقافية والمعنى: يقول: ألا خيّلت ميّ وقد نام صحبتي … فما نفّر التهويم إلا سلامها ففي البيت الأول: طرقتنا. وطرق: أتى ليلا، وفي البيت الثاني: خيّلت: ومعناه أرتنا خيالها في المنام. والنوم يكون ليلا، في الغالب. وفي البيتين: اسم المحبوبة «ميّ» أو «ميّة» وهما اسمان لمسمى واحد، أو هما لغتان. ووازن الشطرين الأخيرين تجدهما متقاربين. وينشدون البيت المنسوب لأبي الغمر، شاهدا على أن «النيّام» جمع نائم، شاذ، والقياس (النّوّام» لأن عينه واو، من «النوم». [الأشموني ج 4/ 328 والخزانة ج 3/ 419، واللسان (نوم)]. 361 - ألا طرقتنا ... … ... إلا كلامها رواية أخرى في البيت السابق، بلفظ (كلامها). 362 - شهدنا فما نلقى لنا من كتيبة … يد الدهر إلا جبرئيل أمامها هذا بيت مفرد منسوب إلى كعب بن مالك، وإلى حسان بن ثابت، ولم أر من نسبه إلى قصيدة لواحد من الشاعرين. مع وجود أبيات لكعب في السيرة من البحر الطويل، وقافيتها مرفوعة. .. وقوله: شهدنا: أي: شهدنا غزوات النبي صلّى الله عليه وسلّم. و «يد الدهر» بمعنى مدى الدهر. ظرف متعلق بقوله: نلقى،. (وجبرئيل) بفتح الجيم والهمز، قالوا: وهذه أجود اللغات فيه. ولكن قرئ قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ [البقرة: 97] بدون همز، فكيف يكون الهمز أجود اللغات فيه. وقالوا: معنى «جبريل» عبد الله. «جبر» العبد. و «إيل» الله تعالى. والبيت أنشده الرضي على أن الظرف الواقع خبرا، إذا كان معرفة يجوز رفعه بمرجوحية، والراجح نصبه. وجبرئيل: مبتدأ. وأمامها: بالرفع، خبره والجملة صفة للكتيبة. وعلى هذا يجوز أيضا نصب (أمامها) .. على أنه ظرف متعلق بمحذوف خبر .. [الخزانة ج 1/ 414 واللسان (جبر)].

363 - وإني على ليلى لزار وإنني … على ذاك فيما بيننا مستديمها

363 - وإنّي على ليلى لزار وإنّني … على ذاك فيما بيننا مستديمها البيت لقيس بن الملوح. وزار: من زريت عليه زراية، إذا عتبت عليه، والمعنى: وإني لعاتب على ليلى، وإني مستديمها على ذلك العتب. والشاهد: وصل إنّ بنون الوقاية مرة، وتجريدها مرة أخرى، والوجهان متساويان. [شرح التصريح/ 1/ 112، والعيني/ 1/ 374، واللسان «دوم».]. 364 - وإنّي لقوّام مقاوم لم يكن … جرير ولا مولى جرير يقومها ينسب البيت للأخطل والفرزدق. والشاهد قوله «مقاوم» جمع مقامة، وأصلها مجلس القوم، ومقامات الناس مجالسهم، ومن المجاز إطلاق المقامة على القوم يجتمعون في المجلس. والمشهور جمع المقامة على المقامات. [شرح المفصل ج 10/ 90، والخصائص ج 3/ 145]. 365 - لقد زعموا أنّي جزعت عليهما … وهل جزع أن قلت: وا بأبا هما الشاهد للشاعرة عمرة الخثعمّية، ترثي ابنيها. وقولها: زعموا: الزعم يستعمل كثيرا فيما لا حقيقة له، ولذلك قالت فيما حكت عن القوم: زعموا. تريد أن تظهر الإنكار والتكذيب فيما توهموه. فقالت: وهل جزع أن قلت: وا، بأبا، هما، تريد أن ما قالته يقوله كلّ من فقد عزيزا عليه. ولفظة «وا» حرف للندبة للتألم والتشكي. وقولها: بأبا هما» أرادت: بأبي هما، ففرّت من الكسرة وبعدها ياء إلى الفتحة، فانقلبت ألفا، وأظنهم عدلوا إلى الألف لأنها تساعد على تضمين صوت البكاء قدرا من التألم والحزن، أكثر من الياء. وقولها: هل جزع ارتفع جزع على أنه خبر مقدم، و «أن قلت» في موضع المبتدأ تقديره «وهل جزع قولي كذا» وارتفع «هما» من «وا بأبا هما» في موضع المبتدأ. و «بأبا» خبره. ورواه بعضهم «بأناهما» أي: أفديهما بنفسي، وأنا، ضمير مرفوع، وقع موقع المجرور، وكقولهم «هو كأنا، وأنا كهو». [الحماسة ص 1082، واللسان (أبى)، وشرح المفصل ج 2/ 12]. 366 - ولدنا بني العنقاء وابني محرّق … فأكرم بنا خالا وأكرم بنا ابنما البيت لحسان بن ثابت، من قصيدة جاهلية. ولدنا: فعل وفاعل. بني: مفعول به.

367 - وهل لي أم غيرها إن ذكرتها … أبى الله إلا أن أكون لها ابنما

وبني العنقاء وابني محرّق. من ملوك غساسنة الشام. وقوله: أكرم بنا: تعجب، أي: ما أكرمنا خالا وما أكرمنا ابنا و «ما» زائدة. وقد زعموا أن النابغة عاب حسان بن ثابت، لأنه فخر بمن يلد ولم يفخر بمن ولده. والقصة هذه موضوعة لا تصحّ، وإنما وضعها المعلمون أو خصوم حسان. لأن الفخر بالأبناء، يدلّ على كمال الآباء، يريد أن يقول إنهم ذوو عرق لا ينجب إلا النجباء، والعرب تقول: تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس. وقد أثبت بطلان قصة نقد النابغة لحسان عند الكلام على البيت: لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضحى … وأسيافنا يقطرن من نجدة دما وأثبت أهل الفطنة الأدبية أن جمع المؤنث يصلح للكثير والقليل وأن (أفعال) جمع القلّة، إذا أضيف إلى الضمير دلّ على الكثرة، وأن اللمعان في الضحى أقوى من يبرقن بالدجى، ويقطرن تساوي يجرين، بل لو قال يجرين لكان مستهجنا. [كتاب سيبويه ج 2/ 181، والخصائص ج 2/ 206 وشرح المفصل ج 5/ 10 والأشموني ج 4/ 121]. 367 - وهل لي أمّ غيرها إن ذكرتها … أبى الله إلا أن أكون لها ابنما البيت للشاعر المتلمس. وقوله: لي أمّ: مبتدأ وخبر. وغيرها: بالرفع، صفه لأمّ. وجواب إن محذوف دلّ عليه الكلام السابق. و «أن» في الشطر الثاني مصدرية، والتقدير: إلا كوني ابنا لها، أي: لأمي. و «ابنما» منصوب لأنه خبر كان وفيه الشاهد: فإن أصله «ابن» زيدت فيه الميم، للمبالغة، لأن زيادة الحروف يدل على زيادة المعنى. قلت: ولم أفهم معنى المبالغة في قوله «ابنما» والبيت من قصيدة، جاء في أولها: يعيرني أمّي رجال ولا أرى … أخا كرم إلا بأن يتكرّما ومن كان ذا عرض كريم فلم يصن … له حسبا كان اللئيم المذمّما [الخزانة ج 10/ 58 - 59، والأشموني ج 4/ 276، والخصائص ج 2/ 182]. 368 - لقيم بن لقمان من أخته … فكان ابن أخت له وابنما

من قصيدة للنمر بن تولب الصحابي. أولها: سلا عن تذكّره تكتما … وكان رهينا بها مغرما ... سلا: فعل ماض. وتذكره: مصدر مضاف، وتكتما: اسم امرأة، منصوب بالمصدر. والقصيدة عدة أبياتها 23 بيتا. من 1 - 20: في الحكمة والموعظة. وفي الأبيات الثلاثة الأخيرة ترك ما كان فيه وسلك طريقا أخرى بلا مناسبة. ويذكر في الأبيات الثلاثة قصة غريبة، لا عبرة فيها ولا حكمة، ومنها البيت الشاهد: الذي يقول فيه: إنّ لقيم بن لقمان من أخته التي نام معها وهو لا يعلم، فأنجبت لقيما، فكان ابنا وابن أخت. وهي تشبه إلى حدّ بعيد القصة الاسرائيلية التي تزعم أن بنات لوط سقينه الخمر لينجبن منه. وقد نقل البغدادي في خزانته نقلا عن ابن حبيب، والجاحظ في البيان والتبيين والعيني، وجميعهم نقل ولم يضعّف أن أخت لقمان كانت عند رجل، وكانت تنجب ضعافا فاتفقت مع زوج لقمان، أن تسكر لقمان، وتنام مع أخيها. وقيل إن لقمان لم يكن ينجب، فاتفقت مع أخته أن تنام مع أخيها لتحمل منه، وهذا يعني أن امرأة لقمان التي لم تكن تنجب. وقالوا: إن لقمان هذا الذي تذكره العرب، هو لقمان بن عاد الأكبر، وليس المذكور في القرآن. قلت: وهذه القصة الخرافية، ما كان لهؤلاء الأدباء أن يذكروها، وإذا ذكروها، كان عليهم أن يكذبوها لأنها لا يليق ذكرها في تاريخ العرب، ولا يليق وضعها على لسان الشاعر النمر بن تولب - بكسر اللام - الصحابي. وكان الأجدر بالبغدادي وهو الناقد الأدبي المجرب - أن ينفيها عن صاحبها وقد رأى أن الأبيات منقطعة عما قبلها، ولكن عدّ هذا نوعا من البديع سماه (الاقتضاب) فهذه الأبيات مصنوعة ومزادة على قصيدة النمر بن تولب، لأنها لا تجري مع سياق المعنى العام ولأنهم ذكروا أن النمر بن تولب عاش مئتي سنة، وخرف، وألقى على لسانه: انحروا للضيف أعطوا السائل، أصبحوا الراكب، فكان يقولها. قالوا: وألقى بعض البطّالين على لسانه «نيكوا الراكب» فكان يقولها. وهذا يعني أنه لم يكن يفهم ما يقول. وهم لم يعرفوا متى قال الشاعر هذه القصيدة، فلعله قالها في أواخر عمره عند ما خرف، وربما قال أحد البطالين هذه الأبيات وأنشدها أمام النمر، فزادها ورددها كما كان يعيد كل كلام يقال له. والأغلب، أن واحدا من صنّاع الشعر قالها، وزادها على القصيدة، أو أنها لم تكن من القصيدة فرآها الرواة مشابهة الوزن والقافية فألحقوها بها. ومن العجيب أن النحويين تلقفوا هذه الأبيات

369 - لا تملن طاعة الله لا بل … طاعة الله ما حييت استديما

وجعلوها شواهد. فقالوا: لقيم: مبتدأ و «من أخته» خبر، وهو خبر كاذب، ولا يحتمل إلا الكذب. وقالوا: في قوله «فكان ابن أخت له وابنهما» دليل على جواز تعاطف الخبرين، المستقلّ كلّ منهما بنفسه، وهو كذب أيضا. لأنه يريد بنوة التربية، فلعلّ لقيما هذا - إن كان موجودا في التاريخ - أخذ الحكمة عن خاله، وتربى في حجره، فكان كأنه ابنه. وقوله: وابنما: هو ابن، زيدت عليه الميم. انظر [الخزانة ج 11 ص 100 - 108، والشعر والشعراء - ترجمة النمر بن تولب. والعيني 1/ 574]. 369 - لا تملّنّ طاعة الله لا بل … طاعة الله ما حييت استديما البيت غير منسوب. وهو في الدرر 2/ 188، والهمع 2/ 136. وأنشده السيوطي شاهدا لجواز زيادة «لا» قبل «بل» لتوكيد تقرير ما قبلها بعد النفي والنهي ... والبيت شاهد على زيادة «لا» بعد النهي، وقبل «بل» وهو قوله: «لا تملّنّ. لا، بل» وفي البيت «استديما» إن كان فعل أمر، كان حقه أن يقول «استدم» بحذف الياء لالتقاء الساكنين. 370 - إنّ إنّ الكريم يحلم ما لم … يرين من أجاره قد ضيما البيت غير منسوب. والمعنى: إن الكريم يحلم مدة عدم رؤيته ضيم من أجاره. والشاهد: إنّ إنّ، حيث كررت للتأكيد بغير اللفظ الذي وصلت به وهذا شاذ وكان حقه أن يقول: إنّ الكريم إنّ الكريم، أو إنّ الكريم إنّه، فيعاد ما دخل عليه الحرف أو ضميره. [الأشموني ج 3/ 82، الهمع ج 2/ 125، والدرر 2/ 161، والعيني]. 371 - رأى برقا فأوضع فوق بكر … فلا بك ما أسال ولا أغاما البيت لعمر بن يربوع بن حنظلة، في نوادر أبي زيد، وأوضع: أسرع. والبكر: الناقة. وقوله «بك» الباء للقسم. والكاف، ضمير الخطاب، مقسم به، وهو الشاهد: على أنّ أصل حروف القسم الباء، بدليل اختصاصها بالدخول على الضمائر، لأن الضمائر ترد الأشياء إلى أصولها أما الواو، فلا تقول معها «وك، وه». [الأشموني ج 8/ 34، وج 9/ 101، والخصائص ج 2/ 19، ونوادر أبي زيد ص 146].

372 - فأما الألى يسكن غور تهامة … فكل فتاة تترك الحجل أقصما

372 - فأمّا الألى يسكنّ غور تهامة … فكلّ فتاة تترك الحجل أقصما البيت بلا نسبة في العيني ج 1/ 453. 373 - فدع عنك ذكر اللهو واعمد بمدحة … لخير معدّ كلّها حيث انتمى 374 - لأعظمها قدرا وأكرمها أبا … وأحسنها وجها وأعلنها سما ويروى البيت الثاني: لأوضحها وجها وأكرمها أبا … وأسمحها كفّا وأبعدها سما البيتان منسوبان لرجل من كلب، في المقصور والممدود للقالي. ص 200، ونوادر أبي زيد 166، وشرح شواهد الشافية 177، وأمالي ابن الشجري 2/ 66، واللسان (سما) قال ابن منظور: السما: مقصور: سما الرجل: بعد ذهاب اسمه، يعني: الصيت. قال أبو أحمد: إن لم يكن صاحب الأوصاف المذكورة، محمدا صلّى الله عليه وسلّم، فمن يكون إذن؟ 375 - مهامها وخروقا لا أنيس بها … إلا الضوابح والأصداء والبوما البيت للأسود بن يعفر، من شعراء العصر الجاهلي. وهو آخر بيت في المفضلية رقم 125 ومطلعها: قد أصبح الحبل من أسماء مصروما … بعد ائتلاف وحبّ كان مكتوما والبيت الشاهد يسبقه بيت يذكر فيه أنه يقطع الفيافي على ناقة نشيطة قوية. وقوله: مهامها: بدل من قوله «أرضا» في البيت السابق. والمهمه: القفر. والضوابح، جمع ضابح، وهو الثعلب، والأصداء: جمع صدى، وهو ذكر البوم والخروق في أول البيت، جمع خرق، وهي الفلاة التي تنخرق فيها الرياح. والشاهد «إلا الضوابح» على الاستثناء المنقطع، لأن الضوابح وما بعده ليست من جنس الأنيس. [الخزانة ج 3/ 382، والمفضليات برقم 125 (شاكر وهارون)]. 376 - كأنّ وحى الصّردان في جوف ضالة … تلهجم لحييه إذا ما تلهجما البيت لحميد بن ثور الهلالي. الوحى: هو الصوت. والصّردان: واحدة الصّرد طائر

377 - ما الراحم القلب ظلاما وإن ظلما … ولا الكريم بمناع وإن حرما

فوق العصفور، يصيد العصافير. والضالة: واحدة الضال؛ نوع من الشجر. وتلهجم مصدر تلهجم لحيا البعير إذا تحركا، يقول: كأنّ تلهجم لحيي هذا البعير، وحى الصّردان. وقوله: وحى، بالألف: خبر كأنّ مقدم، وتلهجم اسمها مؤخر. [اللسان - صرد - ولهجم]. 377 - ما الراحم القلب ظلّاما وإن ظلما … ولا الكريم بمنّاع وإن حرما البيت لم ينسب إلى قائله. والشاهد (الراحم القلب) حيث أضيف اسم الفاعل من الفعل المتعدي لواحد إلى فاعله، وحذف مفعوله، وهذا لا يجوز إلا إذا أمن اللبس، والجمهور يمنع هذا: أما إذا كان اسم الفاعل غير متعد، وقصد ثبوت معناه، عومل معاملة الصفة المشبهة، وساغت إضافته إلى مرفوعه، فتقول: زيد قائم الأب، وزيد قائم الأب، وزيد قائم الأب برفع الأب، ونصبه وجره على حدّ (حسن الوجه). [الأشموني ج 2/ 303، والهمع ج 2/ 101 والدرر 2/ 136]. 378 - إحدى بليّ وما هام الفؤاد بها … إلّا السّفاه وإلا ذكرة حلما البيت للنابغة الذبياني. وبليّ - على وزن (فعيل) قبيلة عربية، وينسب إليها البلوي ... والشاهد: إضافة إحدى إلى العلم، والأصل أن تضاف إلى غير علم، كقوله تعالى لَإِحْدَى الْكُبَرِ [المدثر: 35] وقوله إِحْدَى ابْنَتَيَّ [القصص: 27] [الهمع ج 2/ 150]. 379 - وما هي إلّا في إزار وعلقة … مغار ابن همّام على حيّ خثعما البيت لحميد بن ثور. والعلقة: بكسر العين: ثوب يعلق في الرقبة بدون جيب ولا كمّين. والشاهد (مغار) من الفعل «أغار» وهذا الوزن يصلح أن يكون اسم مفعول، واسم زمان ومكان ومصدرا ميميّا. وقال النحاس: هذا حجة بأن جعل «مغار» وهو مفعل، ظرفا، وهو مصدر وإنما أراد من (أغار إغارة» فأقام مغار مقام إغارة، وجعلها ظرفا.

380 - فو الله لو كنا الشهود وغبتم … إذن لملأنا جوف جيرانهم دما

وقال ابن منظور: إنه محذوف المضاف، أي: وقت إغارة ابن همّام على حيّ خثعم، ألا تراه قد عدّاه إلى قوله (على حيّ خثعما). [اللسان - علق، ولحس - وشرح المفصل ج 6/ 109 وسيبويه ج 1/ 120، والنحاس ص 117، والخصائص ج 2/ 208]. 380 - فو الله لو كنّا الشهود وغبتم … إذن لملأنا جوف جيرانهم دما البيت بلا نسبة في الهمع ج 2/ 43، واستشهد به السيوطي على أنه إذا اجتمع قسم وشرط وأتي بجواب لا يصلح للقسم، فإنه جواب للشرط، والشرط وجوابه، جواب للقسم. 381 - غفلت ثم أتت ترقبه … فإذا هي بعظام ودما وقبل البيت: كأطوم فقدت برغزها … أعقبتها الغبس منه عدما وهما لشاعر لا يعرف. والأطوم: البقرة الوحشية. والبرغز: ولدها. والغبس: جمع أغبس وهي الذئاب وقيل: هي الكلاب وأنشد السيوطي البيت شاهدا على أنّ «دما» اسم مقصور وهي لغة فيه. فهو مجرور بكسرة مقدرة لأنه معطوف على مجرور. وأنشده ابن يعيش على أن المبرد استدل به على أن الدم، أصله «فعل» بتحريك العين، ولامه ياء محذوفة، بدليل أن الشاعر لما اضطر أخرجه على أصله، وجاء به على الوضع الأول، فقوله «ودما» معطوف على «عظام» والكسرة مقدرة على الألف، لأنه اسم مقصور، وأصله «دمي» تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، والدليل على أن اللام ياء قولهم في التثنية «دميان» وفي الفعل «دميت يده». وقال ابن جني: إن «دما» هنا ليست «الدم» وإنما هي مصدر، دمي دما، كفرح فرحا وفيه حذف مضاف، أي: هي بعظام ذي دمى. وانظر البيت (فلسنا على الأعقاب .... يقطر الدّما) فالمناقشة واحدة. [الخزانة ج 7/ 491 وشرح المفصل ج 5/ 84 والهمع ج 1/ 39]. 382 - إذا شاء طالع مسجورة … ترى حولها النّبع والسّاسما البيت للنمر بن تولب. والبيت في سياق أبيات من القصيدة، يقول: إن الموت لا يفرّ

383 - أنا سيف العشيرة فاعرفوني … حميدا قد تذريت السناما

منه أحد. ولو كان مخلوق ينجو من الموت، لنجا وعل في رأس جبل عال. وقوله: طالع: يعود الضمير على الوعل، وطالعت الشيء: طلعت عليه، وأشرفت عليه. وقيل: طالع: يعني أتى. ومسجورة: مملوءة، ويريد العين من الماء. والنبع: شجر يتخذ منه القوس. والساسم: شجر، يزعمون أن القوس تصنع منه، وينبت في الشواهق. [الخزانة ج 11/ 101 واللسان (سسم).] وانظر ما كتبناه عن القصيدة التي منها البيت في الشاهد «لقيم بن لقمان ... فكان ابن أخت له وابنما». 383 - أنا سيف العشيرة فاعرفوني … حميدا قد تذرّيت السّناما البيت للشاعر حميد بن بحدل، أو حميد بن حريث بن بحدل، وهو شاعر إسلامي، عمته ميسون بنت بحدل أم يزيد بن معاوية، وهو من بني كلب بن وبرة من قضاعة، وهو الذي قاد قومه أيام الفتنة بعد موت يزيد بن معاوية. وقوله: حميدا. بدل من ياء، اعرفوني، أو منصوب بإضمار فعل على المدح، كأنه قال: فاعرفوني مشهورا. وتذريت السنام: علوته من الذّروة، وهي أعلى السنام. والبيت شاهد على أن ثبوت ألف «أنا» في الوصل عند غير بني تميم لا يكون إلا في الضرورة. [شرح المفصل ج 3/ 93، والخزانة ج 5/ 242، وشرح شواهد الشافية 232]. 384 - فأطرق إطراق الشجاع ولو يرى … مساغا لناباه الشجاع لصمّما البيت للشاعر المتلمّس ... وهو في سياق قصيدة يعاتب فيها أخواله. وكان المتلمس ينزل عند أخواله، فأرادوا انتقاصه، فغض عن ذلك للرحم، وقال: لو هجوت قومي كنت كمن قطع بيده يده الأخرى. والبيت أنشده ابن يعيش والأشموني شاهدا على أن قوما من العرب يلزمون المثنى الألف دائما. ولذلك قال: (لناباه) فاللام حرف جرّ. ناباه، مثنى ناب، ولو أجراه على المشهور لقال «لنابيه» وتعزى هذه اللغة، لكنانة، وبني الحارث ابن كعب، وبني العنبر، وبطون من ربيعة وزبيد وخثعم وهمدان وعذرة، وخرّج عليها قوله تعالى: إِنْ هذانِ لَساحِرانِ [طه: 63] وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا وتران في ليلة». والشواهد الشعرية على هذه اللغة كثيرة، [انظر شرح المفصل ج 3/ 128] وفي الخزانة روي البيت «لنابيه» على الأصل، وكذلك في «المؤتلف والمختلف للآمدي». [الأشموني ج 1 /

385 - أمن دمنتين عرس الركب فيهما … بحقل الرخامى قد أنى لبلاهما

79، والخزانة ج 10/ 58، وفيه قصيدة البيت، وشرح المفصل ج 3/ 128 - 129]. 385 - أمن دمنتين عرّس الرّكب فيهما … بحقل الرّخامى قد أنى لبلاهما 386 - أقامت على ربعيهما جارتا صفا … كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما البيتان للشمّاخ بن ضرار. وقوله: أمن: الهمزة للاستفهام. ومن دمنتين: الجار متعلق بمحذوف، تقديره: أتحزن من دمنتين، رأيتهما فتذكرت من كان يحلّ بهما، و (من) للتعليل والاستفهام تقريري، والخطاب لنفسه، والدمنة، بالكسر: الموضع الذي أثر فيه الناس بنزولهم وإقامتهم فيه، أو ما بقي من آثار الديار. وعرّس: من التعريس: وهو نزول المسافرين في آخر الليل قليلا للاستراحة ثم يرتحلون. والحقل: المزرعة التي ليس عليها بناء ولا شجر. والرّخامى: شجر وهو السدر البري. وبحقل الرخامى: حال من الضمير في «فيهما» وأنى: بالنون، فعل ماض بمعنى حان. والبلى: الفناء. واللام زائدة، أي: قد حان بلاهما. وقد روي (قد عفا كلاهما) والأول أصوب، لأن هذه تتكرر بعد قليل، وإنما يقع فيه من لا ينظر في الشعر كاملا. وقوله «أقامت»: أي: بعد ارتحال أهلها، وعلى ربعيهما: الربع: الدار والمنزل والضمير المثنى، للدمنتين. وجارتا: فاعل، أقامت، وهو مضاف، وصفا: مضاف إليه. والصّفا: الصخر الأملس، واحده صفاة، وقال: جارتا صفا: لأن الأثفيتين توضعان قريبا من الجبل، لتكون حجارة الجبل ثالثة لهما، وممسكة للقدر معهما، ولتصد الرياح عن النار، ولهذا تقول العرب: «رماه بثالثة الأثافي» أي: بالصخرة أو الجبل وقوله: كميتا الأعالي: هو صفة «جارتا صفا» وهو تركيب إضافي مثله. وكميتا: مثنى. كميت بالتصغير، من الكمتة، وهي الحمرة الشديدة المائلة إلى السواد. وأراد بالأعالي. أعالي الجارتين، يعني أن الأعالي من الأثفيتين لم تسودّ لبعدهما من مباشرة النار، فهي على لون الجبل. أو يريد: أن أعالي الأثافي ظهر فيها لون الكمتة من ارتفاع النار إليها. وقوله: جونتا مصطلاهما: نعت ثان، لقوله «جارتا صفا» وهو تركيب إضافي أيضا والجونة: السوداء - والجون: الأسود، وهو صفة مشبهة، ويأتي بمعنى الأبيض وليس بمراد هنا، والمصطلى: اسم مكان الصلاء، أي: الاحتراق بالنار، فيكون المصطلى:

387 - تخيرها أخو عانات شهرا … ورجى خيرها عاما فعاما

موضع إحراق النار. يريد: أن أسافل الأثافي قد اسودّت من إيقاد النار بينهما. والضمير المثنى في مصطلاهما عند سيبويه لقوله «جارتا صفا». والشاهد: جونتا مصطلاهما: فإن جونتا صفة مشبهة من جان يجون، أضيفت إلى ما أضيف إلى ضمير موصوفهما أعنى (مصطلاهما) وضمير مصطلاهما يعود إلى «جارتا» فهي حينئذ مثل: مررت برجل حسن وجهه، بالإضافة، والمبرد يمنعه مطلقا، وسيبويه يجيزه وأجازته الكوفية في السعة، وقد ذكر الأشموني لاستعمال الصفة المشهبة خمس عشرة صورة. [الأشموني ج 3/ 11 والخزانة ج 4/ 293 وسيبويه 1/ 102 وشرح المفصل ج 6/ 86، والهمع ج 2/ 99]. 387 - تخيّرها أخو عانات شهرا … ورجّى خيرها عاما فعاما البيت للأعشي ميمون، يصف الخمر. وعانات، لغة في «عانة» بلدة، لعلها تكون اليوم في إقليم العراق، وكان ينسب إليها الخمر. والشاهد «عانات» لغة في «عانة» كما قالوا في عرفة، عرفات. وفيها ثلاث لغات: الفتح بدون تنوين إذا كانت مجرورة والكسر بدون تنوين، والتنوين مع الجرّ. [الخزانة ج 1/ 56، واللسان (عان)]. 388 - أصيب به فرعا سليم كلاهما … وعزّ علينا أن يصابا وعزّ ما البيت للخنساء. وأنشده السيوطي شاهدا على حذف صلة الموصول الاسمي في قوله «وعزّ ما» أي: وعزّ ما أصيبا به. [الهمع ج 1/ 89 والدرر ج 1/ 68]. 389 - هما سيّدانا يزعمان وإنّما … يسوداننا أن يسّرت غنماهما وقبل البيت: إنّ لنا شيخين لا ينفعاننا … غنيّين لا يجدي علينا غناهما والبيتان لأبي أسيدة الدّبيري. يقول: ليس فيهما من السيادة إلا كونهما قد يسّرت غنماهما، والسّودد يوجب البذل والعطاء والحراسة والحماية وحسن التدبير والحلم، وليس عندهما من ذلك شيء. ومعنى يسّرت: كثرت وكثر لبنها ونسلها. والبيت أنشده السيوطي شاهدا على إلغاء الفعل، يزعم، القلبي، لأنه تأخر عن معموليه. [الهمع ج 1 /

390 - عجبت لها أنى يكون غناؤها … فصيحا ولم تفغر بمنطقها فما

153 واللسان (يسر)]. 390 - عجبت لها أنّى يكون غناؤها … فصيحا ولم تفغر بمنطقها فما البيت للشاعر حميد بن ثور، يصف حمامة. والمنطق هنا: مصدر ميمي، أي لم تفتح بنطقها فما. وأراد البكاء. قال: ولا يقال للحيوانات ناطق، إلا مقيدا أو على طريق التشبيه، كقول حميد بن ثور. [الخزانة ج 1/ 37، واللسان (فغر) و (غنا)]. 391 - عهدتك ما تصبو وفيك شبيبة … فما لك بعد الشّيب صبّا متيّما لم ينسب إلى قائله. وأنشده الأشموني شاهدا على أحد المواضع التي يمتنع فيها اقتران الجملة الحالية بالواو، وهو المضارع المنفي ب «ما» وهو قوله: «عهدتك ما تصبو» [الأشموني ج 2/ 189، والهمع ج 1/ 246، والدرر 1/ 203]. 392 - وقد علموا ما هنّ كهي فكيف لي … سلوّ ولا أنفكّ صبّا متيّما البيت غير منسوب إلى قائل. وأنشده السيوطي شاهدا على تسكين هاء «هي» بعد كاف الجرّ. وهو قوله «كهي» [الهمع ج 1/ 61، والدرر 1/ 37]. 393 - ألا ربّ مأخوذ بإجرام غيره … فلا تسأمن هجران من كان مجرما البيت غير منسوب وأنشده السيوطي شاهدا على جواز أن تسبق «ربّ» ب «ألا». [الهمع ج 2/ 28 والدرر ج 2/ 22]. 394 - إذا رمت ممّن لا يريم متيّما … سلوّا فقد أبعدت في رومك المرمى البيت غير منسوب، وأنشده السيوطي شاهدا لعمل «لا يريم» من «رام» عمل الأفعال الناقصة، وحاجتها إلى الاسم والخبر. [الهمع ج 1/ 112، والدرر 1/ 82]. 395 - قليلا به ما يحمدنّك وارث … إذا نال ممّا كنت تجمع مغنما البيت لحاتم الطائي. والضمير في «به» يرجع إلى المال، في قوله: أهن للّذي تهوى التّلاد فإنّه … إذا متّ كان المال نهبا مقسّما وقليلا: منصوب على أنه صفة لمصدر محذوف، أي: حمدا قليلا، يحمدونك.

396 - قليلا به ... … ... مقسما

والشاهد: في تأكيد «يحمدنّك» بالنون الثقيلة - وهذا بعد «ما» الزائدة، قليل ولا سيما إذا لم يسبق ب (إن) الشرطية. [الأشموني ج 3/ 217، والهمع ج 2/ 78، والدرر 2/ 99، وشرح أبيات المغني ج 8/ 39]. وقافيته في شرح أبيات المغني (مقسما). 396 - قليلا به ... … ... مقسما البيت السابق بقافية [مقسما). 397 - لقي ابني أخويه خائفا … منجديه فأصابوا مغنما البيت غير منسوب وهو من المديد. والشاهد في (خائفا، ومنجديه) حيث وقع خائفا حالا من (ابني) ومنجديه، حالا من (أخويه) والعامل فيهما «لقي» وهذا مثال لتعدد الحال، مع تعدد صاحبها. [الأشموني ج 2/ 184، والعيني 3/ 215]. 398 - ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي … جعلت لهم فوق العرانين ميسما قاله المتلمس، يعاتب أخواله. وقوله: جعلت لهم .. الخ يقول، هجوتهم هجاء يلزمهم لزوم الميسم للأنف [الخزانة ج 10/ 59، والأصمعيات 245، والوحشيات 112]. 399 - ومن لا يزل ينقاد للغيّ والصبّا … سيلفى على طول السلامة نادما البيت غير منسوب. والغيّ: الضلال. والشاهد: سيلفى: أي: سيوجد: فإنها جملة متصدرة بالسين، وقعت جواب الشرط، ولم تقترن بالفاء، وهذا قليل. وقوله: نادما: مفعول ثان لسيلفى أو حال. [الأشموني ج 4/ 21، والعيني ج 4/ 433]. 400 - فبادرت شربها عجلى مثابرة … حتى استقت دون محنى جيدها نغما البيت غير منسوب. وفيه شاهد على إبدال الحروف. فقوله «نغما» أراد نغبا فأبدل

401 - فأما تميم، تميم بن مر … فألفاهم القوم روبى نياما

الميم من الباء، لقربهما، والنغب: جمع نغبة: بفتح النون وضمها، وهي الجرعة. وهذا الإبدال مع صحة وقوعه، يحتاج اثباته إلى صحة السماع أولا، وإلى تكرار السماع، لأنّ المرّة الواحدة، قد تكون من سبق اللسان، وبعض الناس يكون الإبدال بسبب عاهة في اللسان، أو أجهزة النطق. [شرح المفصل ج 10/ 35 والأشموني ج 4/ 340. ويروى في المصادر «فبادرت شاتها» ومحنى جيدها: لعله مصدر، يريد دون أن تحني جيدها. [اللسان - نغب]. 401 - فأمّا تميم، تميم بن مرّ … فألفاهم القوم روبى نياما البيت لبشر بن أبي خازم، والرّوبى: الذين أتعبهم السفر والوجع، فاستثقلوا نوما أو الذين شربوا من الرائب فسكروا. واحدهم «روبان» أو رائب، واستشهد به سيبويه على أنّ حكم الاسم بعد «أمّا» حكمه في الابتداء، لأنها لا تعمل شيئا، فكأنها لم تذكر قبله. [سيبويه/ 1/ 82 هارون]. 402 - في المعقب البغي أهل البغي ما … ينهى امرأ حازما أن يسأما ليس له قائل معروف. يريد أن في الشيء الذي يعقبه البغي أهل البغي، ما يمنع الرجل الضابط أن يسأم من سلوك طريق السداد، فالبغي (الأولى) فاعل، وأهل مفعوله الأول مؤخر، والهاء المحذوفة، مفعوله الثاني، مقدم، أي: المعقبة، فالمعقب. اسم فاعل من أعقب، وهو يتعدى إلى مفعولين، قال تعالى فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً. [التوبة: 77] والشاهد: حذف العائد المنصوب، باسم الفاعل، وهو قليل. وقوله «في المعقب». خبر مقدم و «ما» من قوله ما ينهى: مبتدأ. وينهى صلة الموصول وامرأ مفعول به وحازما صفته. وأن: مصدرية، والتقدير: ينهاه عن السآمة في سلوك طريق السداد. [الأشموني ج 1/ 171، والعيني 1/ 470]. 403 - ضربت خماس ضربة عبشميّ … أدار سداس أن لا يستقيما البيت مجهول. وأنشده السيوطي شاهدا على ورود «سداس» المعدول عن العدد ستة ردّا على من أنكره، [الهمع ج 1/ 26 والدرر ج 1/ 8]. 404 - عيّوا بأمرهم كما … عيّت ببيضتها الحمامه

405 - فلم أرعاما عوض أكثر هالكا … ووجه غلام يسترى وغلامه

منسوب إلى عبيد بن الأبرص، وإلى غيره، ويقال: عيّ بأمره، وعيي، إذا لم يهتد لوجهه والإدغام أكثر، وتقول في الجمع: عيوا، مخففا، ويقال أيضا: عيّوا، بالتشديد. [اللسان - عيا، وسيبويه ج 2/ 387، وشرح شواهد الشافية 356 وشرح المفصل ج 10/ 117]. والشاهد «عيّوا، وعيّت»: وإجراؤهما مجرى «ظنّوا، وظنت» ونحوهما من الصحيح ولذلك سلم من الاعتلال والحذف، لما لحقه من الإدغام. وبعد البيت: وضعت لها عودين من … ضعة وآخر من ثمامه وصف قومه بني أسد بأنهم يخرقون في أمورهم ويعجزون عن القيام بها، وضرب لهم المثل بخرق الحمامة وتفريطها في التمهيد لبيضها، لأنها لا تتخذ عشها إلا من كسار الأعواد، وربما طارت عنها العيدان، فتفرق عشها وسقطت البيضة، ولذلك قالوا في المثل «أخرق من حمامة». وقد بين خرقها في البيت الثاني، أي: جعلت لها مهادا من هذين الصنفين من الشجر. ولكن البيت يرويه أبو الفرج هكذا: برمت بنو أسد كما … برمت ببيضتها النعامه وبذلك، لا شاهد فيه. والبيت الشاهد، من أبيات عدتها اثنا عشر بيتا، أنشدها عبيد ابن الأبرص أمام حجر، والد امرئ القيس، وكان حجر له عليهم إتاوة سنوية، فأرسل جباته، فمنعوهم ذلك، وضربوهم فأرسل إليهم حجر، جيشا، قتل وضرب وأسر، وكان من المأسورين عبيد بن الأبرص فقال الأبيات يعتذر إلى الملك، فعفا عنهم، ثم كان مقتل حجر على يد بني أسد وتبعته الأحداث التالية في حياة الضلّيل امرئ القيس. 405 - فلم أرعاما عوض أكثر هالكا … ووجه غلام يسترى وغلامه لا يعرف قائله. وقوله «يسترى» بالسين المهملة: يقال: استريت الشيء اخترت سراته وأعلاه رتبة. ويروى (يشترى) بالشين. ووجه: معطوف على «عاما» وكذلك غلامه. ولعلّ «غلامة» مؤنث غلام، انقلبت التاء المربوطة هاء للوقف. قال السيوطي: من الظروف المبنية «عوض» وهو للوقت المستقبل عموما كأبدا، وقد ترد للمضي كقوله (شطر البيت). وبناؤه إما على الضمّ، كقبل، وبعد، أو على الفتح طلبا للخفة. أو على الكسر، على

406 - جزاني الزهدمان جزاء سوء … وكنت المرء أجزى بالكرامه

أصل التقاء الساكنين، فإن أضيف إلى العائضين، كقولهم «لا أفعل ذلك عوض العائضين» أي: دهر الداهرين. أو أضيف إليه، أعرب في الحالتين. [الهمع ج 1/ 212، والدرر ج 1/ 183، وشرح أبيات مغني اللبيب ج 3/ 325]. 406 - جزاني الزّهدمان جزاء سوء … وكنت المرء أجزى بالكرامه لقيس بن زهير. وزهدم، والزهدم: الصقر، وزهدم: من أسماء الأسد. والزهدمان هنا: أخوان من بني عبس، هما زهدم، وقيس، أو زهدم، وكردم. وهما اللذان أدركا حاجب بن زرارة يوم جبلة ليأسراه فغلبهما عليه مالك ذو الرّقيبة القشيري، وفيها يقول قيس بن زهير (البيت) ولعلهم استشهدوا به في باب التغليب. [اللسان - زهدم]. 407 - ألا، م، تقول الناعيات ألا، مه … ألا فاندبا أهل النّدى والكرامه لم أعرف قائله، والبيت مصرّع. و «ألا» للتنبيه. و «م» أصلها «ما» الاستفهامية في محل رفع على الابتداء، والجملة (تقول) خبره، هكذا قال العيني. وأحسن منه أن نجعل «ما» مفعول «تقول»، لأنه في معنى الجملة، أي: أيّ كلام تقول. والناعيات: جمع ناعية. وفي رواية: «الناعيان» مثنى، الناعي، وهو الأنسب. لقوله «ألا فاندبا» وأكثر ما يخاطب الشعراء اثنين، ولو كانت «الناعيات» لقال: فاندبن. والشاهد في: «ألا، مه» فإن الألف حذف في «ما» الاستفهامية، مع أنها غير مجرورة، للضرورة، إلا أنه أراد التصريع، فلم يمكن ذلك إلا بإدخال هاء السكت في آخرها. ولكن لماذا حذفت الألف من «ما» الأولى، والوزن الشعري لا يرفضه؟. إن الضرورة فقط في (مه) في نهاية المصراع الأول. [الأشموني ج 4/ 216، والعيني، والهمع ج 2/ 217، والدرر ج 2/ 239]. 408 - تذكّرت أرضا بها أهلها … أخوالها فيها وأعمامها البيت لعمرو بن قميئة، في سياق أبيات يذكر فيها ندمه على متابعة امرئ القيس في رحلته المزعومة إلى ملك الروم، ويصف حزنه لفراقه وطنه، وضمير تذكّرت يعود إلى نفسه التي كنى عنها بابنته، فلا يعقل أن يصحب ابنته معه في رحلة طويلة شاقّة. واستشهد سيبويه وغيره بهذا البيت على أنّ قوله أخوالها وأعمامها، منصوب بفعل مضمر، وهو تذكرت، لأن الكلام قد تمّ في قوله «تذكرت أرضا بها أهلها» ثم حمل ما

409 - شهدنا فما تلقى لنا من كتيبة … يد الدهر إلا جبرئيل أمامها

بعده على معنى التذكر. [الخزانة ج 4/ 407، وسيبويه ج 1/ 144، والخصائص ج 2/ 427 وشرح المفصل ج 1/ 126]. 409 - شهدنا فما تلقى لنا من كتيبة … يد الدهر إلا جبرئيل أمامها هو لكعب، أو حسان، وقد مضى في الميم المضمومة. 410 - شمّ مهاوين أبدان الجزور مخا … ميص العشيّات لا خور ولا قزم وقبل البيت: يأوي إلى مجلس باد مكارمهم … لا مطمعي ظالم فيهم ولا ظلم وقوله: يأوي: فاعله ضمير مستتر. والمجلس: موضع الجلوس، وقد أطلق هنا على أهله، تسمية للحالّ، باسم المحلّ، يقال: انفضّ المجلس. بدليل الأوصاف التالية، ولهذا عاد الضمير إليه من «مكارمهم» بجمع العقلاء. وباد: بمعنى ظاهر، نعت سببي لمجلس. وقوله: لا مطمعي: صفة ثانية لمجلس. وأصله مطمعين، حذفت نونه للإضافة. وقوله: ولا ظلم: جمع ظلوم صفة ثالثة لمجلس. يريد: أن الناس قد عرفوا أنه من ظلمهم انتصفوا منه، فليس أحد يطمع في ظلمهم، ولا هم يظلمون أحدا. وقوله: شمّ، جمع أشم: صفة رابعة لمجلس. وصفهم بالارتفاع إما في النسب أو الكرم أو القدر أو العزّة. وقوله: مهاوين: صفة خامسة لمجلس، وهو مجرور بالفتحة، لأنه على صيغة منتهى الجموع، وهو جمع مهوان، مبالغة مهين، من أهانه، أي: أذله، والأبدان هنا: جمع بدن، وهو من الجسد ما عدا الرأس واليدين والرجلين، وإنما آثر ذكره على غيره، لإفادة زيادة وصفهم بالكرم، فإنهم إذا فرقوا أفضل لحم الجزور، فتفريق ما سواه يكون بالطريق الأولى، والإضافة، من إضافة بعض الشيء إلى كله، والجزور: يقع على الذكر والأنثى من الإبل خاصة، والجمع جزر، وجزائر، ولفظ الجزور أنثى، فيقال: رعت الجزور. ومخاميص: صفة سادسة لمجلس مجرور بالكسرة لأنه مضاف، وهو جمع مخماص، مبالغة خميص، من خمص إذا جاع. والعشيات: جمع عشي، من صلاة المغرب إلى

411 - لقد شهدت قيس فما كان نصرها … قتيبة إلا عضها بالأباهم

العتمة يريد أنهم يؤخرون العشاء لأجل ضيف يطرق، فبطونهم خميصة في عشياتهم لتأخر الطعام عنهم. وقوله: لا خور بالجر، صفة سابعة لمجلس والخور الضعفاء عند الشدة جمع أخور وقوله: ولا قزم: بالجرّ صفة ثامنة، وهو بفتح القاف والزاي. والقزم بالتحريك الدناءة والقماءة، والقزم: رذّال الناس وسفلتهم، يقال: رجل قزم والذكر والأنثى والواحد والجمع فيه سواء، لأنه في الأصل مصدر. والشاهد: مهاوين، جمع مهوان، من أهان، وبناء مهوان من أفعل قليل نادر، والكثير من «فعل». وعلى أن ما جمع من اسم الفاعل، يعمل عمل المفرد، لأنه نصب «أبدان» على المفعولية. والبيتان منسوبان للكميت بن زيد الأسدي، وإلى تميم بن أبيّ بن مقبل. [كتاب سيبويه ج 1/ 59، وشرح المفصل: ج 6/ 74، 76، والهمع ج 2/ 97، والعيني ج 3/ 569 والخزانة ج 8/ 150]. 411 - لقد شهدت قيس فما كان نصرها … قتيبة إلا عضّها بالأباهم البيت من قصيدة للفرزدق عدة أبياتها 158 بيتا، مدح بها سليمان بن عبد الملك، وهجا جريرا. وقيس: أبو قبيلة، ولجرير خؤولة في قيس، وقتيبة، هو ابن مسلم الباهلي. وكان قتل في خراسان سنة 96 هـ. وكان واليا على خراسان من قبل عبد الملك، وابنه الوليد ثلاث عشرة سنة ... فخلعه سليمان بن عبد الملك، وكانت فتنة قتل قتيبة فيها وباهلة فخذ من قيس. وقوله: بالأباهم، جمع إبهام، والأصل أباهيم، حذفت ياؤه للضرورة. وقوله: عضها بالأباهم: ذلك أن العاجز عن الانتقام، يعض إبهامه من غيظه. 412 - أتغضب إن أذنا قتيبة حزّتا … جهارا ولم تغضب لقتل ابن خازم؟ للفرزدق، من قصيدة البيت السابق. وقتيبة، هو ابن مسلم الباهلي. وابن خازم: هو عبد الله بن خازم السلمي، كان أمير خراسان من قبل ابن الزبير، ولما قتل مصعب ابن الزبير، كتب إليه عبد الملك يطلب منه البيعة، فامتنع، فكانت فتنة قتل فيها. وحزّ

413 - هو القين وابن القين، لا قين مثله … لبطح المساحي أو لجدل الأداهم

الأذنين كناية عن القتل. وجهارا: أي: حزّا جهارا، أو غضبا جهارا. يريد أن قيسا غضبت من أمر يسير، ولم تغضب لأمر عظيم، وقد أنكر منها هذا على سبيل الاستهزاء. وقوله: أتغضب: فاعل تغضب، ضمير قيس، وأنّث الّفعل لأنه أراد به القبيلة، والاستفهام للتعجب والتوبيخ، ويجوز أن يكون فاعل «تغضب» أنت، المستتر فيه، هو خطاب لجرير. والإشكال في «إن» فقد رويت «إن» بكسر الهمزة، ونون ساكنة وزعم الكوفيون أنها بمعنى إذ، قالوا: وليست شرطية لأن الشرط مستقبل، وهذه القصة قد مضت. وأجاب الجمهور أنها شرطية، ويحمل المعنى على وجهين: أحدهما أن يكون على إقامة السبب مقام المسبّب، والأصل: أتغضب إن افتخر مفتخر بسبب كذا، إذ الافتخار بذلك يكون سببا للغضب، ومسببا عن الحزّ. والثاني: أن يكون على معنى التبيين، أي: أتغضب إن تبين في المستقبل أن أذني قتيبة حزتا فيما مضى وقرئت: أن: مفتوحة الهمزة، ساكنة النون: قال الخليل والمبرد: الصواب أن أذناه، بفتح الهمزة من «أن» أي لأنّ أذنا. وهي عند الخليل أن الناصبة، وعند المبرد أنها «أن» المخففة من الثقيلة. [كتاب سيبويه ج 1/ 479، والصبان على الأشموني ج 4/ 9، وشرح أبيات مغني اللبيب ج 1/ 117، والمغني الشاهد رقم 28 ص 39]. 413 - هو القين وابن القين، لا قين مثله … لبطح المساحي أو لجدل الأداهم البيت لجرير. وقوله: الأداهم: جمع الأدهم. وهو القيد، لسواده. وكسّروه، تكسير الأسماء، وإن كان في الأصل صفة، لأنه غلب غلبة الاسم. وبطح المساحي: طرق حديد الفؤوس يريد أن يقول إنهم يعملون بالحدادة. أقول: لو كنت يا جرير حدادا، لاكتسبت قوتك من عمل يدك، وحفظت ماء وجهك، وجنبت نفسك الهوان والذل الذي جلبته لنفسك من المدح، إنك يا جرير بهذا الهجاء أشعت في العرب كره المهنة فجعلتهم يتخلفون عن ركب المدنية آلاف السنين. ولذلك فإن هذا الهجاء يكتب في ميزان سيئاتك يوم القيامة، لأنك ذممت الناس بما يجب أن يمدحوا به، ولأنك قذفت الناس بما ليس فيهم، فاستحققت الجلد ألف حدّ. 414 - لا يبرمون إذا ما الأفق جلّله … برد الشتاء من الإمحال كالأدم البيت للنابغة الذبياني، وأنشده السيوطي شاهدا على وقوع الكاف، مفعولا به،

415 - يا دار عبلة بالجواء تكلمي … وعمي صباحا دار عبلة واسلمي

والتقدير جلله برد الشتاء مثل الأدم. [الهمع ج 2/ 31، والدرر ج 2/ 39]. 415 - يا دار عبلة بالجواء تكلمي … وعمي صباحا دار عبلة واسلمي لعنترة العبسي. واختلفوا في معنى «عمي» واشتقاقها. وهي كلمة تحية عند العرب يقال: عم صباحا، وعم مساء، وعم ظلاما، وزعم بعضهم أنه يقال: وعم، يعم، كوعد يعد، وذهب قوم إلى أنها من «نعم المطر» إذا كثر، ونعم البحر إذا كثر زبده كأنه يدعو لها بالسقيا وكثرة الخير. وقال الأصمعي والفراء: إنما هو دعاء بالنعيم والأهل ولم يذكر صاحب الصحاح مادة «وعم» قال: وقولهم «عم صباحا» كأنه محذوف من «نعم، ينعم» بالكسر. وزعم ابن مالك في التسهيل: أن «عم» فعل أمر غير متصرف. قال أبو أحمد: لقد رحل علماء اللغة إلى البادية، فلماذا لم يسألوا أهلها عن معنى هذه الكلمة. ولو فعلوا، لكانوا أراحونا من عناء هذه التأويلات. والظاهر أنها من «عمّ»، يعمّ بمعنى شمل، ثم خففوا التشديد، ويريدون بالدعاء: أن يعمّ الخير ديار المحبوبة، أو الديار التي يحييها. والله أعلم. 416 - عيرات الفعال والحسب العدّ … إليهم محطوطة الأعكام البيت من قصيدة للكميت بن زيد الأسدي، يمتدح بها آل البيت النبوي، أولها: من لقلب متيّم مستهام … غير ما صبوة ولا أحلام والعيرات: بكسر العين وفتح الراء، جمع عير، وهي الإبل تحمل الطعام والميرة. قال: ابن يعيش: وسيبويه ذكره، عيرات بفتح الأول والثاني في الجمع على لغة هذيل نحو «أخو بيضات» وحكى ذلك عن العرب، ولا أعرف العير - بكسر العين - مؤنثا، إلا أن يكون جمع أعيرة بالتاء، فإنه يقال للذكر، من الحمر «عير» والأنثى «عيرة». والبيت ذكره صاحب المفصل شاهدا لفتح عين ما جمع بالألف والتاء، مما لا تاء فيه. والظاهر أنها جمع «عير» بكسر العين، وهو جمع لا مفرد له من لفظه. وجمع بالألف والتاء على معنى «القافلة» قال ابن منظور: والعير: مؤنثة: القافلة. والفعال: بالفتح: الكرم. والعدّ: بالكسر، الشيء الكثير، وماله مادة لا تنقطع. والحسب: كرم الرجل.

417 - وكريمة من آل قيس ألفته … حتى تبذخ فارتقى الأعلام

وقوله: محطوطة الأعكام، أي: تركب الإبل بأعكامها، أي: بأحمالها، فيهم، بالحسب والرشد، والأفعال الحسنة. [شرح المفصل ج 5/ 34]. 417 - وكريمة من آل قيس ألفته … حتّى تبذّخ فارتقى الأعلام البيت لم ينسب إلى قائل ... وقوله: ألفته: من باب ضرب: أعطيته ألفا. أما ما كان من الإلف فهو من باب «علم» وتبذّخ: تكبّر، وعلا، من البذخ، بفتحتين، وهو الكبر. والأعلام، جمع علم، وهو الجبل. قال العيني: وفيه ثلاث تعسفات: إدخال الهاء في كريمة، وهو صفة مذكر أي: ربّ رجل كريم. وحذف التنوين من قيس - قلت: قد تكون هذه على معنى القبيلة) وحذف «إلى» في قوله «الأعلام» أي: إلى الأعلام، وذكره الأشموني شاهدا لقول ابن مالك: «وقد يجرّ بسوى ربّ لدى حذف» حيث أن ربّ قد تحذف، ويبقى مجرورها بالكسرة قال: وهذا بعضه، أي: بعض ما نبّه إليه ابن مالك، يروى غير مطرد، يقتصر فيه على السماع كقول رؤبة «وقد قيل له: كيف أصبحت؟ قال: خير، عافاك الله، والتقدير: على خير. وقول الشاعر «أشارت كليب بالأكف الأصابع» أي: «إلى كليب» وذكر البيت: قلت: ولكن هذا البيت مفرد، ولم نعرف سياق قافيته. وربما قال القائل: فارتقى الأعلاما. [الأشموني ج 2/ 234، والهمع ج 2/ 36، والدرر ج 2/ 37، واللسان (ألف). وفيه أن التاء من (كريمة) للمبالغة. 418 - خالي ابن كبشة قد علمت مكانه … وأبو يزيد ورهطه أعمامي البيت لامرئ القيس. قال السيوطي: ولا بدّ للجملة الواقعة حالا من رابط، وهو ضمير صاحبها، أو الواو، ويتعين الضمير في المؤكدة. (وأنشد شطر البيت الأول). [الهمع ج 1/ 246، والدرر ج 1/ 203]. 419 - ما خلتني زلت بعدكم ضمنا … أشكو إليكم حموّة الألم لم يعرف قائله. والضّمن: الذي به ضمانة في جسده من زمانة أو بلاء أو كسر. تقول منه: رجل ضمن. وقد فصل بين - ما - النافية، وبين «زال» فكانت جملة «خلتني» معترضة. [اللسان - ضمن. والعيني ج 2/ 386، والخزانة ج 9/ 152]. 420 - أشارت بطرف العين خيفة أهلها … إشارة محزون ولم تتكلّم

421 - بكل قريشي عليه مهابة … سريع إلى داعي الندى والتكرم

فأيقنت أنّ الطرف قد قال مرحبا … وأهلا وسهلا بالحبيب المتيّم البيتان لعمر بن أبي ربيعة. وفيهما أن الإشارة نوع من الكلام، أو أن الكلام قد يكون بالإشارة. [شذور الذهب، والخزانة ج 1/ 226]. 421 - بكلّ قريشيّ عليه مهابة … سريع إلى داعي النّدى والتّكرّم البيت بلا نسبة في سيبويه ج 2/ 70، والإنصاف ص 350، واللسان (قرش وشرح المفصل ج 6/ 11]. والشاهد «قريشيّ» في النسبة إلى قريش، فلم يحذف الياء فيقول: قرشيّ لأن كون الياء في وسط الكلمة يحصنها من الحذف، وهو الأصل والقياس، ولكنهم يغايرون ذلك ويعدلون عنه حين يقولون قرشي. 422 - قد أوبيت كلّ ماء فهي صاوية … مهما تصب أفقا من بارق تشم البيت للشاعر ساعدة بن جؤيّة، من قصيدة رثى بها من أصيب من قومه يوم معيط، وهو شاعر مخضرم، وشعره محشوّ بالغريب والمعاني الغامضة، والبيت في سياق أبيات يذكر فيها أنه لا يخلد حيّ مهما طال أجله، وتحصّن في الجبال، وعاش في الفيافي البعيدة. ويضرب أمثلة بالوعول، وجماعات البقر الوحشي، والبيت في سياق وصف قطيع من البقر. وقوله: أوبيت: أي منعت، أو منعت كلّ ماء، أي: قطع عنها. وصاوية: يبست من العطش. وفي رواية (طاوية). وقوله: مهما .. الخ: أي: ناحية من بارق، أي: من سحاب فيه برق. وتشم: تنظر إليه. والضمير يرجع إلى القطيع، والإشكال في «مهما» وفيه آراء: الأول: أنها حرف شرط مثل «إن» - والثاني: أنها مفعول «تصب» واقفا: ظرف. ومن بارق: تفسير لمهما، أو متعلق بتصب، فمعناها التبعيض والمعنى: أيّ شيء تصب في أفق من البوارق تشم. والثالث: مهما: ظرف زمان، والمعنى: أيّ وقت تصب بارقا من أفق، فقلب الكلام. أو «في أفق بارقا» فزاد «من» واستعمل «أفقا» ظرفا. [الخزانة ج 8/ 163، وشرح أبيات مغني اللبيب ج 5/ 345. والهمع ج 2/ 57 واللسان (أبي)].

423 - يذكرني (حاميم) والرمح شاجر … فهلاتلا «حاميم» قبل التقدم

423 - يذكّرني (حاميم) والرمح شاجر … فهلّاتلا «حاميم» قبل التّقدّم هذا البيت، من أربعة أبيات، تنسب إلى ستة شعراء: كعب بن حدير النّقدي والمكعبر الأسدي، والمكعبر الضبي، وشريح بن أوفى العنسي، وعصام بن المقشعر العبسي، والأشعث بن قيس الكندي. وفاعل يذكّرني: محمد بن طلحة بن عبيد الله القرشي المعروف بالسجّاد، لكثرة عبادته. وقوله: يذكرني «حم» يقول قائل الأبيات: إنّ محمد بن طلحة، كان، حضر فتنة الجمل، مع عائشة، ولا يريد القتال. فإذا حمل عليه رجل ذكّره بآية من كتاب الله «قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى» من سورة الشورى، التي تبدأ بقوله تعالى حم فلم يؤثر تذكيره في الشاعر، فأقدم على قتله، يوم الجمل. وشجر الرمح: اختلف، والتشجار: التخاصم. قال الزمخشري: ما كان من أسماء السور على زنة مفرد ك (حم، وطس، ويس) فإنها موازنة لقابيل وهابيل، يجوز فيه الأمران: الإعراب والحكاية. وفي البيت أعرب حم ومنعها من الصرف، وهكذا كل ما أعرب من أخواتها، لاجتماع سببي منع الصرف فيها، وهما العلمية والتأنيث. [الاستيعاب - والكشاف ج 1/ 171، وشرح أبيات المغني ج 4/ 290]. 424 - إذا لم تك الحاجات من همّة الفتى … فليس بمغن عنه عقد التّمائم البيت بلا نسبة. والشاهد (إذا لم تك الحاجات) حيث حذف نون (تكن) مع اتصالها. [الهمع ج 1/ 22، والدرر ج 1/ 93]. 425 - غداة طفت علماء بكر بن وائل … وعاجت صدور الخيل شطر تميم منسوب لقطري بن الفجاءة الخارجي، ولغيره. والشاهد: قوله «علماء» والمراد «على الماء» فهمزة الوصل تسقط للدرج، وألف (على) تحذف لالتقائها مع لام المعرفة، فصار اللفظ (علماء) فكرهوا المثلين، فحذفوا لام (على)، كما حذفوا اللام في «ظلت (ظللت) لاجتماع المثلين. [شرح المفصل

426 - أقول لأم زنباع أقيمي … صدور الخيل شطر بني تميم

ج 10/ 154، وشرح شواهد الشافية]. 426 - أقول لأمّ زنباع أقيمي … صدور الخيل شطر بني تميم البيت لأبي جندب الهذلي، أو لأبي ذؤيب الهذلي أو لأبي زنباع الجذامي. قال السيوطي: ومما أهمل النحويون ذكره من الظروف التي لا تتصرف «شطر» بمعنى «نحو» وذكر البيت. [الهمع - ج 1/ 201 والدرر ج 1/ 170، واللسان (شطر) والمرزوقي 705 ومعنى أقيمي: اقصدي وتوجهي نحوهم. 427 - فقل للّت تلومك إنّ نفسي … أراها لا تعوّذ بالتميم غير منسوب. والتميم: جمع تميمة، وهي التعويذة. وأنشدوه على أنّ الياء حذفت من التي، وسكّن تاؤها. [الخزانة ج 6/ 6، والهمع ج 1/ 82، والدرر ج 1/ 56]. 428 - تبصر خليلي هل ترى من ظعائن … تحمّلن بالعلياء من فوق جرثم البيت بهذه القافية لزهير بن أبي سلمى من معلقته. ولكن شطره الأول جاء في شعر غير زهير. ومنهم امرؤ القيس. وشطره الثاني عند امرئ القيس (سوالك نقبا بين حزمي شعبعب) والظعائن: جمع ظعينة، لأنها تظعن مع زوجها، من الظعن، وهو الارتحال. وتبصّر: انظر. وخليلي: منادى مضاف إلى ياء المتكلم. وجرثم. مكان. والشاهد: في «ظعائن» حيث صرفه، وهو غير مصروف، وهذا يفعله الشعراء. 429 - طويل متلّ العنق أشرف كاهلا … أشقّ رحيب الجوف معتدل الجرم البيت لعمرو بن عمار النهدي. وقوله: متلّ العنق: قال ابن منصور: المتلّ: الشديد من الناس والإبل، ورجل متلّ، إذا كان غليظا شديدا ... وأنشد البيت، وقال: عنى ما انتصب منه. وقال النحاس: قوله: أشرف كاهلا. نصبه كنصب «ذهب صعدا» أخبر أن الإشراف والذّهاب كانا على هذه الحال. وقال: متلّ العنق: طويله. وعلى هذا تكون القراءة بتنوين «طويل» أي: هو طويل. [سيبويه ج 1/ 81، واللسان (تلل)]. 430 - فليت سليمى في الممات ضجيعتي … هنالك أم في جنّة أم جهنّم

431 - عوجا على الطلل القديم لأننا … نبكي الديار كما بكى ابن خذام

البيت مجهول القائل. يتمنى أن تكون معه سلمى بعد الموت، سواء كان في الجنة أو في النار وهنالك: اسم اشارة إلى «الممات» ويروى «في المنام» و «أم» في جنة، عطف على في المنام، ثم أضرب عن ذلك بقوله «أم جهنم» لأن «أم» ههنا بمعنى «بل». والشاهد: مجيء أم المنقطعة بعد الخبر متجردة عن الاستفهام، لأن المعنى، بل في جهنم. وقد نقلت كلام العيني برمته، ولست راضيا عما قال. [الأشموني، وعليه العيني ج 3/ 105]. 431 - عوجا على الطّلل القديم لأنّنا … نبكي الدّيار كما بكى ابن خذام البيت لامرئ القيس. وتروى قافيته: كما أثبتنا، وتروى «حمام» وتروى «حذام» وابن (حذام) قالوا إنه شاعر قديم في الزمن الغابر. ويستدلون بقوله «كما بكى» أن امرأ القيس ليس أول من بكى الديار، بشهادة امرئ القيس نفسه. ولذلك يسقط قولهم «أول من بكى واستبكى .. الخ» امرؤ القيس. لعل امرأ القيس أقدم من وصلنا شعره في بكاء الديار. والشاهد النحوي في البيت «لأننا» قال السيوطي في «لعلّ» الحرف الناسخ ثلاث عشرة لغة، منها «لأنّ» بإبدال العين همزة واللام نونا وأنشد البيت. وعلى هذا تكون قراءه «لأننا» بفتح اللام، يريد لعلنا. وقال ابن رشيق في العمدة: يروى في البيت «لأننا» بمعنى لعلنا. ولم يذكر الإبدال. قال: وهي لغة امرئ القيس فيما زعم بعض المؤلفين، والذي كنت أعرف «لعنّنا» بالعين ونونين. قلت: ولعلّ هذا كله من تحريفات النحويين، فالبيت يروى على الأصل «لعلّنا» والله أعلم بما قاله امرؤ القيس. [الخزانة ج 4/ 378، والهمع ج 1/ 134]. 432 - بذلنا مارن الخطيّ فيهم … وكلّ مهنّد ذكر حسام 433 - منا أن ذرّ قرن الشمس حتى … أغاث شريدهم فنن الظلام ويروى الشطر الثاني من البيت الثاني «أغاب شريدهم قبر الظلام». والشاهد «منا»: قال الكسائي والفرّاء: أصل «من» الجارة «منا» فحذفت الألف لكثرة الاستعمال، واستدلا بقوله (البيتان) قال: فردّ في البيتين «من» إلى أصلها لما احتاج إلى ذلك، فعلى هذا، هي ثلاثية، والجمهور أنها ثنائية. وأوّلوا البيت على أن «منا» مصدر، منى يمني، إذا قدّر، استعمل ظرفا، كخفوق النجم، أي: تقدير أن ذرّ قرن الشمس

434 - لأجتذبن منهن قلبي تحلما … على حين يستصبين كل حليم

وموازنته إلى أن غربت، وقال ابن مالك، هو لغة لبعض العرب. قالوا: وهي لغة قضاعة، وقد أنشد الكسائي البيتين عن بعض قضاعة. [اللسان - منن، والهمع ج 2/ 34 والدرر ج 2/ 34]. 434 - لأجتذبن منهنّ قلبي تحلّما … على حين يستصبين كلّ حليم لم يعرف قائله. والشاهد «على حين» حين، ظرف مبهم، بني على الفتح؛ لأنه مضاف إلى جملة صدرها مبني، وهو «يستصبين» المبني على السكون لاتصاله بنون النسوة. والبناء في هذه الحال راجح، وليس واجبا، والبناء مرجوح إذا أضيفت الظروف المبهمة، إلى جملة صدرها معرب. [الهمع ج 1/ 218، والأشموني ج 2/ 256 والدرر ج 1/ 187]. 435 - فساغ لي الشّراب وكنت قبلا … أكاد أغصّ بالماء الحميم .. ينسب إلى يزيد بن الصعق، وإلى عبد الله بن يعرب. وهو في [الهمع ج 1/ 210 وشرح المفصل ج 4/ 88، وشرح شذور الذهب، والأشموني ج 2/ 269، والعيني 3/ 435 والخزانة ج 1/ 426]. ومضى الكلام عليه في حرف التاء (الفرات) حيث يروى بهذه القافية. والماء الحميم، الماء الحار، والماء البارد، من الأضداد. والبيت مع أربعة أبيات ميميّة، في الخزانة. 436 - أبأنا بهم قتلى وما في دمائهم … وفاء وهنّ الشافيات الحوائم البيت للفرزدق من قصيدة مذكورة في المناقضات، وفيها يذكر مقتل قتيبة بن مسلم الباهلي ويمدح سليمان بن عبد الملك يقول: ليس الشفاء في الدماء التي تهريقها السيوف وإنما الدماء هي الشافيات لأنه لولاها لما سفكت الدماء. والشاهد في قوله: «الشافيات الحوائم» حيث دخلت الألف واللام على الشافيات التي هي مضافة إلى الحوائم، لأن الإضافة لفظية، كما في «الجعد الشعر» والمقصد أن «أل» لا تدخل على المضاف إلا إذا كانت الإضافة لفظية لم تفد تعريفا، ويكون المضاف مشتقا. قال ابن مالك رحمه الله: ووصل أل بذا المضاف مغتفر … إن وصلت بالثان كالجعد الشعر

437 - بنا كالجوى مما نخاف وقد نرى … شفاء القلوب الصاديات الحوائم

أو بالذي له أضيف الثاني … كزيد الضارب رأس الجاني وقوله الحوائم. جمع حائمة. والحوائم: العطاش التي تحوم حول الماء. ولعله يريد هنا الطيور الحائمة حول القتلى. [الأشموني ج 2/ 245، والخزانة ج 7/ 373]. 437 - بنا كالجوى مما نخاف وقد نرى … شفاء القلوب الصاديات الحوائم لم يعرف قائله. والشاهد وقوع الكاف مبتدأ. في قوله «بنا كالجوى» بنا: خبر مقدم والكاف بمعنى مثل، مبتدأ مؤخر. [الهمع ج 2/ 31، والدرر ج 2/ 39]. 438 - أزيد أخا ورقاء إن كنت ثائرا … فقد عرضت أحناء حقّ فخاصم البيت غير منسوب. وقوله: أخا ورقاء: يريد: الذي ينتمي إلى ورقاء، فورقاء: حيّ من قيس والثائر: طالب الدم. يقول: إن كنت طالبا لثأرك فقد أمكنك ذلك فاطلبه وخاصم فيه والأحناء: الجوانب، جمع حنو، قال ابن يعيش: وإن كان تابع المنادى المبني على الضمّ مضافا، لم يكن فيه إلا النصب، صفة كان أو غير صفة، مثال الصفة «يا زيد ذا الجمّة» ويا زيد أخانا. قال الشاعر: (البيت) والشاهد فيه نصب الصفة، لأنها مضافة. [شرح المفصل ج 2/ 4، وسيبويه ج 1/ 303، واللسان (حنا)]. 439 - مضى ثلاث سنين منذ حلّ بها … وعام حلّت وهذا التّابع الخامي وقبل البيت: كم للمنازل من شهر وأعوام … بالمنحنى بين أنهار وآجام البيتان، للحادرة، واسمه قطبة بن أوس. والشاهد: «الخامي» ويريد «الخامس» ذكره السيوطي في باب الضرائر، والضرورة هنا: حذف السين من خامس، ولكن ابن منظور لم يقيدها بالضرورة. قال: ويقال: جاء فلان خامسا، وخاميا. [اللسان (خمس) والهمع ج 2/ 156]. 440 - إذا شدّ العصابة ذات يوم … وقام إلى المجالس والخصوم

441 - وأربد فارس الهيجا إذا ما … تقعرت المشاجر بالخيام

البيت لأبي قيس بن الأسلت، في الهمع ج 1/ 197، والدرر ج 1/ 168. قال السيوطي: وألحق العرب أيضا بالممنوع التصرف في التزام النصب على الظرفية، (ذا) و (ذات) مضافين إلى زمان. وأنشد شطر البيت. والعصابة: العمامة، وكل ما يعصب به الرأس. 441 - وأربد فارس الهيجا إذا ما … تقعّرت المشاجر بالخيام البيت للشاعر لبيد بن ربيعة. والمشاجر، مراكب النساء. [اللسان - هيج، وقعر، وشجر] وتروى القافية (الفئام، والقيام) والفئام: وطاء يكون للمشاجر، وقيل: هو الهودج الذي وسع أسفله بشيء زيد فيه وقيل: هو عكم مثل الجوالق صغير الفم يغطى به مركب المرأة، يجعل واحد من هذا الجانب وآخر من هذا الجانب. والجمع (فؤوم). ومعنى: انقعرت: انقلبت فانصرعت. وذلك في شدة القتال عند الانهزام. وأربد: هو أخو لبيد لأمه (أربد بن قيس) وكان أتى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، غادرا، فدعا الله عليه فأصابته بعد منصرفه صاعقة، فأحرقته. 442 - فلن تستطيعوا أن تزيلوا الذي رسا … لها عند عال فوق سبعين دائم لم أعرف قائله: وسبعين: مثنى «سبعة» من العدد. قال: السيوطي: ولا تثنى ولا تجمع أسماء العدد، خلافا للأخفش - غير مائة وألف. قال: واستدل الأخفش على ما أجازه وأنشد شطر البيت. لعله يريد الأرضين السبع، والسموات السبع. [الهمع 1/ 43]. 443 - فعوّضني عنها غناي ولم تكن … تساوي عندي غير خمس دراهم لم أعرف قائله. والشاهد (تساوي) فعل مضارع مرفوع ظهرت على آخره الضمة مع أنه معتل الآخر بالياء، وحقه أن تقدر على آخره الضمة للثقل. وهذا ضرورة، أو شاذ ولا يقاس عليه [الهمع - ج 1/ 53، والدرر ج 1/ 30]. 444 - ألا تنتهي عنّا ملوك وتتّقي … محارمنا لا يبأء الدّم بالدّم البيت للشاعر التغلبي جابر بن حنيّ.

445 - الشاتمي عرضي ولم أشتمهما … والناذرين إذا لم ألقهما دمي

وقوله: لا يبأء: من أبأته، أبيئه، إباءة وهو أخذ القود والقصاص. وهو الجزاء. يقول جدار أن يباء الدم بالدم، ويروى: لا يبوء الدم بالدم، أي: حذار أن تبوء دماؤهم بدماء من قتلوه. وأنشد سيبويه البيت شاهدا على الجزم في جواب الطلب، فجزم «لا يبأء» لأنه جواب «ألا تنتهي» [سيبويه ج 1/ 450، والنحاس 294، واللسان (بوأ). 445 - الشاتمي عرضي ولم أشتمهما … والنّاذرين إذا لم ألقهما دمي من معلقة عنترة بن شداد. وقبل البيت: ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن … للحرب دائرة على ابني ضمضم وابنا ضمضم: هما هرم وحصين ابنا ضمضم المرّيان، وكان عنترة قتل أباهما فكانا يتوعدانه. وقوله: الشاتمي عرضي: أي: اللذان شتما عرضي. والنون حذفت من المثنى (الشاتمي) للتخفيف. تقول: جاء الضاربا زيد، والمعنى الضاربان زيدا. وإنما جاز أن تجمع بين الألف واللام والإضافة، لأن المعنى «الضاربان زيدا». وقوله: إذا لم ألقهما: تقرأ همزة «القهما» دون تحقيق للوزن، ولذلك يروى (إذا لقيتمها) والناذرين: مثنى الناذر، من نذرت دم فلان إذا أبحته. والشاهد (الناذرين) حيث عمل عمل فعله وهو مثنى اسم الفاعل. وتثنية اسم الفاعل وجمعه كالمفرد في العمل والشروط. [الأشموني ج 2/ 299، وشروح المعلقات]. 446 - وتشرق بالقول الذي قد أذعته … كما شرقت صدر القناة من الدم البيت للأعشى. والشاهد (شرقت صدر القناة) فقد أنّث الفعل، مع أن الفاعل (صدر) مذكر، ولكنه لما أضافه للقناة سرى منها التأنيث إليه، فالمضاف يستفيد من المضاف إليه التأنيث. [الخزانة ج 5/ 106، والأشموني وعليه العيني ج 2/ 248] وسيبويه ج 1/ 25 واللسان - صدر. والهمع ج 2/ 49، والخصائص ج 2/ 417]. 447 - تركنا أخا بكر ينوء بصدره … بصفين مخضوب الجبين من الدّم

448 - أسمعتكم يوم أدعوني مربأة … لولاكم ساغ لحمي عندها ودمي

منسوب لزيد بن عديّ بن زيد. قال السيوطي: إذا سمي بالمثنى والجمع فهو باق على ما كان عليه قبل التسمية من الإعراب بالألف والواو والياء، وذكر أعلاما منها فلسطون وصفّون (يريد صفّين) ودارون (دارين). قال: كلها أعلام منقولة من الجمع فترفع بالواو وتنصب وتجر بالياء، وأنشد البيت شاهدا على «صفين» الموقع المشهور. قال: وفي الحديث «شهدت صفين، وبئست صفّون» قلت: وهذا إن صحّ في الأعلام المنقولة عن المسميات العربية، فإنه لا يصح في الأعلام ذات الأصل الأعجمي. فقد ذكر «فلسطين» وقال إنها منقولة من الجمع، والصحيح أنّ «فلسطين» لفظ أعجمي، وأصلها «بلست، أو بلستي. وعرّبها العرب بفلسطين، ويبدو أن هذا التعريب بالنون جاء في العهد الإسلامي، وأما في العصر الجاهلي فذكروها باسم «فلسط» وهو قريب من اللفظ الأعجمي، ولذلك نسبوا إليها «فلسطي» قال الشاعر يصف الخمر «تخله فلسطيا إذا ذقت طعمه» وقال ابن هرمة في العصر الإسلامي (كأس فلسطيّة معتقة). [الهمع ج 1/ 50، والدرر ج 1/ 24]. 448 - أسمعتكم يوم أدعوني مربّأة … لولاكم ساغ لحمي عندها ودمي لم يعرف قائله. وأنشده السيوطي شاهدا على استعمال «لولا» الامتناعية، حرف جرّ، إذا اتصلت بضمير جر «الكاف، والهاء، والياء ونا» [الهمع ج 2/ 33]. 449 - لو عدّ قبر وقبر كنت أكرمهم … ميتا وأبعدهم عن منزل الذّام البيت من أربعة أبيات، أوردها أبو تمام في الحماسة، ونسبها لعصام بن عبيد الزّمّاني. ونسبها الجاحظ في البيان والتبيين لهمّام الرّقاشي، والشاعر يخاطب رجلا حجبه عن الدخول، وقدّم آخرين عليه، فقال قبل البيت: أدخلت قبلي قوما لم يكن لهم … في الحقّ أن يلجوا الأبواب قدّامي والذام: لغة في الذمّ، بالتشديد في الميم. وأنشدوا البيت شاهدا على أن تعاطف المفردين (قبر وقبر) لقصد التكثير، إذ المراد لو عدّت القبور قبرا قبرا. ولم يرد قبرين فقط وإنما أراد الجنس متتابعا واحدا بعد واحد، يعني: إذا حصّلت أنساب الموتى، وجدتني أكرمهم نسبا وأبعدهم من الذمّ.

450 - أمن عمل الجراف أمس وظلمه … وعدوانه أعتبتمونا براسم

والشاعر عصام، جاهلي. وهو كاذب فيما قال، لأن أنساب الأنبياء عليهم السلام خير من نسبه. [الخزانة ج 7/ 473]، وحماسة المرزوقي 1122]. 450 - أمن عمل الجرّاف أمس وظلمه … وعدوانه أعتبتمونا براسم 451 - أميري عداء إن حبسنا عليهما … بهائم مال أوديا بالبهائم لعبد الرحمن بن جهم. والجرّاف: اسم رجل، وراسم كذلك. وكان الجرّاف ولي صدقات هؤلاء القوم فظلمهم، فشكوه، فعزل وولي راسم مكانه فظلم أكثر من الجرّاف. والإعتاب: الإرضاء، وإزالة الشكوى. وروي (أعنتّمونا) من الإعنات، وهو الإيقاع في العنت والمشقة. وقوله: (أميري عداء) نصب أميري، على الذمّ، والتقدير أذمّ أميري عداء. [اللسان - جرف، وسيبويه ج 1/ 288، والخزانة ج 2/ 196]. 452 - فقلت لها أصبت حصاة قلبي … وربّت رمية من غير رامي وقبل البيت: رمتني يوم ذات الغمر سلمى … بسهم مطعم للصّيد لامي والبيتان لم يعرف قائلهما. وسهم لامي: أي عليه ريش، وأصله مهموز العين. وحصاة القلب: حبته. والشاهد (ربّت) على أن تاء التأنيث قد تلحق الحرف ربّ. [الخزانة ج 7/ 420]. 453 - هما نفثا في فيّ من فمويهما … على النابح العاوي أشدّ رجام البيت للفرزدق من قصيدته التي قالها آخر عمره تائبا إلى الله مما فرط منه من مهاجاته الناس وقذف المحصنات، وذمّ فيها إبليس لإغوائه إياه في شبابه وقبل البيت الشاهد: وإنّ ابن إبليس وإبليس ألبنا … لهم بعذاب الناس كلّ غلام وقوله: ألبنا: سقيا اللبن. يريد أنّ إبليس وابنه سقيا كلّ غلام من الشعراء هجاء وكلاما، خبيثا.

454 - ليس الأخلاء بالمصغي مسامعهم … إلى الوشاة ولو كانوا ذوي رحم

وقوله: هما نفثا: ضمير التثنية راجع إلى إبليس وابنه. ونفثا: أي: ألقيا على لساني. والنابح: أراد به من يتعرض للهجو والسب من الشعراء، وأصله في الكلب ومثله العاوي، والرّجام: مصدر راجمه بالحجارة أي: راماه. جعل الهجاء كالمراجمة لجعله الهاجي كالكلب النابح. والبيت شاهد على أن الشاعر جمع بين البدل والمبدل منه وهما الميم والواو في «فمويهما» وزعموا أن الميم في «فم» بدل من الواو في «فوه» فإذا رجعت الواو، كان يحسن أن تحذف الميم. وقولهم: هذا الحرف مبدل من ذاك أمر فرضي وليس وصفا لواقع. والأحسن أن تقول: إن الفم، هي لغة، وأن (فو) لغة وأن «فمو» لغة. والله أعلم. [سيبويه ج 2/ 83، والخصائص ج 1/ 170 و/ 3/ 147. والإنصاف ص 345، والهمع ج 1/ 51]. 454 - ليس الأخلاء بالمصغي مسامعهم … إلى الوشاة ولو كانوا ذوي رحم البيت غير منسوب وهو في الهمع ج 2/ 48 والعيني ج 3/ 394. وقوله: بالمصغي. جمع مذكر سالم، مفرده المصغي. حذفت النون للإضافة، أو للتخفيف، والذي سوغ تحلية المضاف المشتق بأل مع خلو المضاف إليه منها أنّ الإضافة لا تفيد تعريفا، وهذه الإضافة تكون في المثنى والمجموع. 455 - لولا ابن حارثة الأمير لقد … أغضيت من شتمي على رغمي 456 - إلا كمعرض المحسّر بكره … عمدا يسبّبني على الظّلم ... البيتان منسوبان للنابغة الجعدي: وهما في [اللسان (عرض، وسبّ، وحسر). وسيبويه ج 1/ 368]. قال النحاس معقبا: كأنه قال: وكمعرض، فإلّا في معنى الواو (206) وفي اللسان: حسّر الدابة أتعبها. فقال: أراد إلا معرضا فزاد الكاف. وقال في (سبب) سبّبه: أكثر سبّه. وأراد إلا معرضا، فزاد الكاف، وهذا من الاستثناء المنقطع عن الأول، ومعناه: لكن معرضا. 457 - أرقت ولم تهجع لعيني هجعة … وو الله ما دهري بعسر ولا سقم لم أعرف قائله، وأنشده السيوطي عن أبي حيان على أنه لو كان أصل واو القسم العطف ما دخلت عليها واو العطف في قول الشاعر (البيت) [الهمع ج 2/ 39 والدرر ج 2/ 44].

458 - فيه الرماح وفيه كل سابغة … جدلاء محكمة من نسج سلام

458 - فيه الرّماح وفيه كلّ سابغة … جدلاء محكمة من نسج سلّام البيت منسوب للحطيئة في ديوانه. قال صاحب الأغاني: قدم حمّاد الراوية البصرة على بلال بن أبي بردة وهو عليها، فقال له: ما أطرفتني شيئا يا حماد، فعاد إليه فأنشده قول الحطيئة في أبي موسى، فقال له: ويحك أيمدح الحطيئة أبا موسى وأنا أروي شعره كله، ولا أعلم بهذه؟ أذعها، تذهب في الناس. والسابغة: الدرع الضافية. والجدلاء: الدرع المحكمة النسيج. وسلّام: هو سليمان بن داود عليهما السلام. وفيه الشاهد: قال السيوطي: ومن الضرائر: العدول عن صيغة لأخرى. وأنشد شطر البيت، وقال: أي: سليمان. قال أبو أحمد: وهذه من أقبح الضرائر التي قرأتها. بل هما ضرورتان في اسم واحد: أولاهما: كونه قال «سلّام» بدل سليمان. وهذه غاية في اللبس. وسلّام: صيغة عربية وسليمان: صيغة أعجمية، ولا يخطر إلى ذهن القارئ أن يكون سلّام، هو سليمان. والثانية: أن سليمان عليه السلام لم يشهر بصناعة أدوات الحرب، وإنما كانت الشهرة لأبيه، كما جاء في القرآن. وإنما شهر سليمان بالبناءات العظيمة، لأن الله سخّر له الجنّ، ولذلك نسب إليه النابغة بناء تدمر فقال: (يبنون تدمر بالصفّاح والجمد). قلت: سلّام: عدل بها عن الصيغة العربية لسليمان، ولكنه لم يبعد كثيرا عن الصيغة العبرية - لأن اسمه بالعبرية (شلومو) ولعلها تعني السلام، ومنها (أور - شليم) لمدينة القدس، ومعناها مدينة السلام. وقد تبيّن أن من ينسب صناعة السلاح إلى (سليمان) يريد أباه داود، ففي لسان العرب ذكر بيت الحطيئة وذكر قول النابغة «ونسج سليم كلّ قضّا ذائل» قال: أراد نسج داود فجعله سليمان ثم غير الاسم فقال: سلّام، وسليم» ولكن «سليم» تشبه الترخيم، مع أن الترخيم لا يكون إلا في المنادى المضموم. [الهمع ج 2/ 156، واللسان - جدل، وسلم]. 459 - هلّا تمنّن بوعد غير مخلفة … كما عهدتك في أيام ذي سلم البيت لم نعرف قائله. والشاهد: «هلا تمنّن» حيث أكد الفعل بنون التوكيد الخفيفة بعد حرف التحضيض، الدال على الطلب، وأصله «تمنين» خطاب للمؤنث فلما دخلت عليه هلّا التي للطلب

460 - ومن هاب أسباب المنايا ينلنه … ولو رام أسباب السماء بسلم

سقطت النون وصار: هلا تمني، ثم لما دخلت عليه نون التأكيد الخفيفة وهي ساكنة، التقى ساكنان وهما النون والياء، فحذف الياء فصار (تمنّن) وغير: منصوب على الحال. وذي سلم: اسم موضع أو واد بالحجاز يكثر فيه شجر السلم ويكثر ذكره في شعر الحنين إلى الحجاز، وشعر المتشوقين إلى الديار المقدسة. فقال البوصيري في بردته: أمن تذكر جيران بذي سلم … مزجت دمعا جرى من مقلة بدم [الأشموني ج 3/ 213، وعليه العيني، والهمع ج 2/ 78، والدرر ج 2/ 96]. 460 - ومن هاب أسباب المنايا ينلنه … ولو رام أسباب السماء بسلّم البيت لزهير من معلقته ويروى: ومن يبغ أطراف الرماح ينلنه … ولو رام أن يرقى السماء بسلّم يقول: من تعرض للرماح نالته. ورام: معناه حاول. والأسباب: النواحي. ويروى أيضا: ومن هاب أسباب المنيّة يلقها … ولو رام أسباب السماء بسلّم وإنما عنى بها من يهاب كراهة أن تناله، لأن المنايا تنال من يهابها ومن لا يهابها. وهو نظير قوله تعالى: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ [الجمعة: 8] والموت يلاقي من يفرّ ومن لا يفرّ. وقوله ينلنه: في رواية الشاهد: النون للنسوة، لأن الضمير يعود على «أسباب المنايا». [شرح المعلقات، واللسان (سلم، وسبب) والخصائص ج 3/ 324]. 461 - أذلّا إذا شبّ العدا نار حربهم … وزهوا إذا ما يجنحون إلى السّلم لم يعرف قائله. قال السيوطي: من المواضع التي يجب فيها حذف عامل المصدر، ما وقع في توبيخ، سواء كان مع استفهام، كقوله .. (البيت). والمقصود في البيت «أذلا» و «زهوا» فهما منصوبان بفعل محذوف. [الهمع ج 1/ 192 والدرر ج 1/ 165].

462 - وأنا الذي قتلت بكرا بالقنا … وتركت مرة غير ذات سنام

462 - وأنا الذي قتّلت بكرا بالقنا … وتركت مرّة غير ذات سنام البيت لمهلهل بن ربيعة ويروى الشطر الثاني (وتركت تغلب) والأول أقرب إلى ما يكون من تاريخ حرب البسوس. وقد استشهد به ابن يعيش، لإعادة الضمير على «الذي» بلفظ ضمير الحاضر، لجريان «الذي» على حاضر، وهو المتكلم، وإن كان لفظه من ألفاظ الغيبة. [شرح المفصل ج 4/ 25]. 463 - كأنّا على أولاد أحقب لاحها … ورمي السّفى أنفاسها بسهام جنوب ذوت عنها التناهي وأنزلت … بها يوم ذبّاب السّبيب صيام البيتان للشاعر ذي الرّمة من قصيدة يمدح بها إبراهيم بن هشام المخزومي خال الخليفة هشام بن عبد الملك، وهو يصف الإبل التي أوصلته إلى الممدوح ويشبهها بالحمر الوحشية، فقوله: كأنا على أولاد .. الخ: يريد كأنا على حمر. والأحقب فحل في موضع الحقب منه بياض، ولاحها: غيرها، وأضمرها. والسفى: شوك، تأكله الحمر. وأنفاسها: أراد مكان أنفاسها. وذلك أنها تأكل السفا، فيصيبها، فكأنها سهام. وجنوب: أظنها ريح الجنوب، وذوت: جفّت. والتناهي: حيث ينتهي الماء، فيحتبس يقول: الجنوب أنزلت بهذه الحمر، أي: أحلّت بها يوما شديد الحرّ، فهي تذب بأذنها من شدّة الحرّ، والسبيب: الذنب. والصيام: القائمة، والصائم الثابت في مكانه لا يبرحه. والصيام: مجرور، لأنه صفة أولاد، أراد كأنه على أولاد أحقب صيام. وقوله: لاحها: فعل ماض، والها: مفعوله. وجنوب: في البيت الثاني: هي الفاعل. ورمي: معطوف على «جنوب». وفيه الشاهد: وهو أنّه عطف الرمي على الجنوب وقدّم المعطوف على المعطوف عليه. [ديوان ذي الرّمة ج 2/ 1072، وسيبويه/ 1/ 266 والأشموني/ 3/ 118، وجاء فيه محرفا، برواية «خيام» برفع قافية البيت الثاني وجرّ قافية البيت الأول. 464 - تيمّمت همدان الذين هم هم … إذا ناب أمر جنّتي وسهامي البيت منسوب لعليّ بن أبي طالب. قال السيوطي في الهمع ج 2/ 125: الثاني من قسمي التوكيد: لفظي، وهو بإعادة اللفظ الأول. وأنشد البيت. والبيت من ستة أبيات أوردها ابن رشيق في العمدة (ج 1/ 34) قالها يوم صفّين،

يذكر همدان ونصرهم إياه .. وفيها يقول: ولما رأيت الخيل ترجم بالقنا … نواصيّها حمر النحور دوامي ونادى ابن هند في الكلاع وحمير … وكندة في لخم وحيّ جذام تيممت همدان ... … ... فخاضوا لظاها واستطاروا شرارها … وكانوا لدى الهيجا كشرب مدام فلو كنت بوّابا على باب جنّة … لقلت لهمدان ادخلوا بسلام قلت: وفي هذه الأبيات ما يدفع نسبتها إلى الإمام علي رضي الله عنه. منها: أن الأبيات ليس لها سند يوصلها إلى الإمام عليّ، وهي مرويّة في كتب المتأخرين ومنها: قوله: ونادى ابن هند. ومعاوية ينسب إلى أبي سفيان، وإضافته إلى هند أمه، كأنه يعيره بها، لكونها شجعت على قتل حمزة، وأكلت من كبده، كما رووا ولكن هندا، أسلمت، وبايعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وعليّ بن أبي طالب كان تقيّا عفيفا لا يكون منه، تعيير مسلم بماضيه قبل إسلامه، فالظاهر، بل المحقق أن كلّ من أسلم في العهد النبويّ، حسن إسلامه، ولم يبق في قلبه شيء من كفر. ومنها: قوله: ونادى ابن هند في الكلاع .. الخ وتيممت همدان: وهذا معناه أن الحرب كانت عصبية قبلية. وجعل عليّ همدان جنّته وسهامه. الخ وعليّ لا يقول هذا لأنه كان يرى أن الحرب كانت في سبيل الحقّ، لا دفاعا عن شخصه، وإذا أيدّت همدان عليا، فإنما تدافع عن الحقّ الذي يمثله عليّ في رأيها. ومنها قوله (وكانوا لدى الهيجا كشرب مدام) فالشّرب: جماعة الشاربين. والمدام الخمر، وكأنه يجعلهم في الحرب، منتشين كشاربي الخمر. والإمام عليّ لن يقول هذا لأن فيه مدحا للخمر. ومنها قوله: فلو كنت بوابا على باب جنة. الخ: وهذا لا يملكه الإمام عليّ، لأن دخول الجنة بأمر الله تعالى. ولو فرضنا أنه يقول هذا لمن قتل معه، باعتباره شهيدا، فهل يملك هذا لمن بقي منهم بعد المعركة. وكأنه ساوى بين أهل صفين وأهل بدر. وهذا لم يقل به أحد. هذا، وقد شدّد البغدادي النكير على من طعن في نسبة الأشعار إلى عليّ بن أبي طالب مع كثرة ما روي له منها حتى كانت ديوانا. وقال: وأنا أعجب من

465 - يا صاح إما تجدني غير ذي جدة … فما التخلي عن الخلان من شيمي

إنكار هؤلاء نسبة سائر أشعاره الكثيرة إليه الثابتة له بنقل العلماء المتقنين. الخ [شرح أبيات مغنى اللبيب ج 4/ 191 - 192]. وهو يردّ بهذا على رواة الشعر الذين أنكروا شعر الإمام علي. فقال السيوطي: قال المرزباني في تاريخ النحاة: قال يونس: ما صحّ عندنا ولا بلغنا أن عليّ بن أبي طالب قال شعرا إلا هذين البيتين (وأنشد بيتين). وفي القاموس المحيط قال: قال المازني: لم يصح أن عليا تكلم بشيء من الشعر غير هذين البيتين، وصوّبه الزمخشري. [القاموس باب (ودق)]. قلت: وما قاله يونس، والمازني، فهو الأقرب إلى الحقّ، فهؤلاء رواة أثبات في الشعر وأما الذين رووا أشعار عليّ، فلم يذكروا لها سندا، وأكثر ما يقولون: قال الإمام عليّ. ثم إن الأشعار التي أوردها ابن إسحاق في السيرة لا يصحّ منها إلا القليل، وهذا فيما نسب إلى شعراء يقولون الشعر، كحسان وكعب، وعبد الله بن رواحة أما من لم يشهر عنهم قول الشعر، فلم يصح منه إلا القليل جدا، وأكثره موضوع ومصنوع. وأما ما رواه الإمام مسلم في كتاب الجهاد والسير من قول الإمام علي، لمرحب ملك خيبر. أنا الذي سمّتني أمّي حيدره … كليث غابات كريه المنظرة فهو رجز، وكان الرجز على لسان المجاهدين في المعارك، ولا تخلو سيرة بطل من أبطال العرب، من إنشاء الرجز في الحرب، أو التمثل به، وقد تمثل النبي صلّى الله عليه وسلّم بالرجز عند بناء المسجد، وعند حفر الخندق. والله أعلم. 465 - يا صاح إمّا تجدني غير ذي جدة … فما التخلّي عن الخلّان من شيمي لم يعرف قائله. وقوله: يا صاح: أي: يا صاحبي. منادى مفرد مرخم. وإمّا: أداة شرط إن+ ما، وتجدني: فعل الشرط، وفيه الشاهد: حيث ترك التوكيد بالنون مع وقوع الفعل بعد إمّا المركبة من إن وما، إما للضرورة، وإما أنه قليل. والياء في تجدني: مفعوله الأول. وغير: مفعوله الثاني، والجدة: المال، والغنى. والفاء في «فما» في جواب الشرط

466 - ظللنا بمستن الحرور كأننا … لدى فرس مستقبل الريح صائم

[الأشموني ج 3/ 216، والعيني 4/ 339]. 466 - ظللنا بمستنّ الحرور كأنّنا … لدى فرس مستقبل الريح صائم البيت لجرير. وعنى بمستنّ الحرور: موضع جري السراب، وقيل: موضع اشتداد حرّها ويجوز أن يكون مجرى الريح. والصائم من الخيل: القائم الساكن الذي لا يطعم شيئا. والصائم: القائم على قوائمه الأربع. والخلاف: هل تكون «صائم» صفة لفرس، أو صفة لمستقبل. قال ابن جني إن الوصف لا يوصف، ولهذا فلا تكون «صائم» صفة لمستقبل لأنه اسم فاعل بمنزلة الفعل والجملة، وإن كثرت الصفات فهي للأول. وقال السيوطي: كل اسم قابل للوصف، وقد أجاز سيبويه «يا زيد الطويل ذو الجمة» على جعل «ذو الجمة» نعتا للطويل. وجعل صائما من قوله (لدى فرس - الخ) صفة لمستقبل وهو عامل. [الهمع ج 2/ 118 وسيبويه ج 1/ 211، والدرر ج 2/ 149]. 467 - فرّت يهود وأسلمت جيرانها … صمّي لما فعلت يهود صمام البيت للأسود بن يعفر - وهو جاهلي. ويهود: جرى من كلامهم مجرى القبيلة فهو معرفة مؤنث ممنوع من الصرف. ومعنى: صمّي: اخرسي. أمر من «صمم» من باب علم أصله «اصممي» بوزن اعلمي. والخطاب للداهية، التي هي «صمام» على وزن فعال كقطام اسم للداهية، وصمام: منادى. ومعنى صمي يا صمام أي: زيدي يا داهية ومنهم من جعل الضمير في صمّي، للأذن، وصمام اسم فعل مثل نزال، أي: صمّي يا أذن لما فعلت يهود صمام، وعلى المعنى الثاني، استشهد به الأشموني، على التوكيد اللفظي، لتقوية اللفظ بموافقة معنى. [الأشموني ج 3/ 81، والعيني، واللسان، هود وصمم]. 468 - صدّت كما صدّ عمّا لا يحلّ له … ساقي نصارى قبيل الفصح صوّام البيت للنمر بن تولب. قال النحاس: جعل النصارى نكرة. يدلك على ذلك، أنه وصفهم بنكرة، فقال: صوّام، وجعل واحدهم: نصران - كسكران، وسكارى. والفصح: أراد به عيد الفصح عند النصارى، وهو عيد نهاية الصوم عندهم. [النحاس ص 313، وكتاب سيبويه ج 2/ 29]. 469 - أرى النّيك يجلو الهمّ والغمّ والعمى … ولا سيّما (إن نكت) بالمرس الضّخم

470 - ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن … للحرب دائرة على ابني ضمضم

لم يعرف قائله. ولم أعرف معنى «المرس» فإن كان بكسر الراء، فهو صفة وإن كان بفتح الراء، فهو جمع مرسة، وهو الحبل. والبيت استشهد به السيوطي على فصل «لا سيما» عن مصحوبها بالجملة الشرطية، فتكون «ما» كافة. [الهمع ج 3/ 294، والدرر ج 3/ 185]. 470 - ولقد خشيت بأن أموت ولم تكن … للحرب دائرة على ابني ضمضم لعنترة في معلقته. وابنا ضمم، رجلان كانا يضمران له العداوة، ويتربصان به لأنه قتل أباهما. ضمضم. وقوله: لم تكن يحتمل أن تكون «تكن» تامة، أي: لم تحدث وفيه رواية مشهورة (ولم تدر للحرب دائرة) وقد مضى البيت مع لاحقه بقافية (دمي). 471 - نرى أسهما للموت تصمي ولا تنمي … ولا نرعوي عن نقض - أهواؤنا - العزم البيت غير منسوب. وتصمي: من أصميته إذا رميته فقتلته بحيث تراه. ولا تنمي: من أنميتّه، إذا رميته، فغاب عنك ثم مات. والمعنى: نرى أسهما للموت تقتل ولا تبطئ. والارعواء: الكفّ عن القبيح. والشاهد: عن نقض - أهواؤنا - العزم - حيث فصل «أهواؤنا» المرفوع بالمصدر، بين المضاف، وهو نقض، والمضاف إليه، وهو العزم، والتقدير: عن نقض العزم أهواؤنا، أي: عن أن ينقض أهواؤنا العزم. [الأشموني ج 2/ 279، والعيني]. 472 - تزوّد منّا بين أذناه طعنة … دعته إلى هابي التراب عقيم ينسب البيت إلى هوبر الحارثي: مضى هذا البيت في قافية الميم المرفوعة (عقيم) ويستشهدون به على استعمال المثنى بالألف دائما، كما ورد في البيت. ولكن بعض المصادر ترويه على اللغة القرشية (أذنيه)، فقد جاء في اللسان، مرتين، بالياء. وهذا يدلّ على أن سماع لغة الألف ليست موثوقة، أو ليست قوية. والذين رووا القافية مرفوعة أو مجرورة، لم يقولوا سبب الجرّ أو الرفع. فعقيم: معناه الذي لا يلد، أو التي لا تلد. فأيّ شيء وصفت في البيت. وكونها صفة ل (طعنة) أقرب إلى المعنى، لكن طعنة (منصوبة ب (تزوّد)، ليس هناك من تأويل، إلا أن تكون (ضربة) مجرورة مبدلة من الضمير المجرور (منّا). وفي لسان العرب ذكر بيتا سابقا مجرور القافية، وهو:

473 - وإلا أكن كل الشجاع فإنني … بضرب الطلى والهام حق عليم

بمصرعنا النعمان يوم تألبت … علينا تميم من شظى وصميم ومع ذلك فإن ابن منظور يروي البيت مفردا في مادة (هبا) وضبط برفع القافية (عقيم) فإن صحت رواية الرفع فإن تخريجها يكون سهلا. وهو أن تكون «عقيم» فاعل «دعته» أي: دعته عقيم إلى هابي التراب. والعقيم: الحرب. [شرح المفصل ج 3/ 128 والهمع ج 1/ 40. واللسان - صرع، وهبا، وشظى]. قال في مادة «شظى» والشظى من الناس: الموالي، والتبّاع وشظى القوم، خلاف صميمهم، وهم الأتباع والدخلاء عليهم بالحلق، وروى هنا ثلاثة أبيات لهوبر الحارثي، أولها: ألا هل أتى التّيم بن عبد مناءة … على الشنء فيما بيننا ابن تميم وتلاحظ أن قافيته مجرورة، ولكنها جاءت قلقة مضطربة في غير محلها، وكأنها صناعة طالب علم مبتدئ، يعرف العروض، ولم يتمكن من اللغة، وأراد أن يقول الشعر، فقاله يدرّب نفسه على تركيب الوزن الشعري، دون النظر إلى صحة المعنى. والله أعلم. 473 - وإلّا أكن كلّ الشجاع فإنني … بضرب الطّلى والهام حقّ عليم في حماسة أبي تمام، وقال بعض بني أسد. وقال التبريزي: قيل: لعبد العزيز ابن زرارة. وقوله «كلّ الشجاع» أي: الكامل في معناه. والطّلى: الأعناق، الواحدة طلية. والباء في قوله: بضرب الطلى تعلّق، بقوله «عليم». وبهذا تقدم معمول المضاف إليه على المضاف. والمشهور أنه لا يقدم معمول المضاف إليه على المضاف، وقد أجازه بعضهم إذا كان المضاف كلمة (حقّ) كما في البيت. ذلك أن قوله «حقّ عليم» لا زيادة فيه إلا التوكيد فلم يقيّد بالمضاف، فحمل الكلام على المعنى لا على اللفظ، فكأنه قال: «إنني بضرب الطلى عليم جدا» ومما تقدم معمول المضاف إليه على المضاف في قطعة البيت الشاهد، قوله: وإلّا أكن كلّ الجواد فإنني … على الزاد في الظلماء غير شتيم فقوله على الزاد متعلق بشتيم، وهو مضاف إليه. والذي سوغه أن «غير» تساوي «لا» النافية، فحمل الكلام على المعنى، لا على اللفظ. [المرزوقي 83، والهمع ج 2/ 49].

474 - ونطعنهم حيث الكلى بعد ضربهم … ببيض المواضي حيث لي العمائم

474 - ونطعنهم حيث الكلى بعد ضربهم … ببيض المواضي حيث ليّ العمائم لا يعرف قائله. والكلى، جمع كلية، أو كلوة، والمواضي: السيوف. وليّ: مصدر لوى العمامة على رأسه، أي: لفّها ومكان لفّ العمامة هو الرأس. وأنشدوه على ندرة إضافة «حيث» إلى المفرد، فتكون حيث بمعنى مكان، وليّ، مجرور بإضافة حيث إليه. وفي خزانة الأدب ج 6/ 553، بحث ضاف حول هذا البيت. وانظر [شرح المفصل ج 4/ 90، والهمع ج 1/ 212، والأشموني ج 4/ 65]. 475 - شغفت بك اللّت تيمتك فمثل ما … بك ما بها من لوعة وغرام لا يعرف قائله. وأنشده السيوطي شاهدا على حذف ياء «التي» وكسر ما قبلها. مثال «اللّت» كما في البيت. ويظهر أن هذا الحذف لضرورة الوزن، في النطق فقط ولو رسمت الياء لكان أحسن. [الهمع ج 1/ 82]. 476 - قلب من عيل صبره كيف يسلو … صاليا نار لوعة وغرام منسوب لرجل من طي، وأنشده السيوطي شاهدا لوقوع الجملة الطلبية خبرا فقوله: قلب: مبتدأ خبره (كيف يسلو). [الهمع ج 1/ 96، والدرر ج 1/ 73]. 477 - فما أنت من قيس فتنبح دونها … ولا من تميم في اللها والغلاصم البيت للفرزدق، من قصيدة يهجو بها جريرا. وقيس وتميم: قبيلتان، وصرفهما على معنى الأب، وقيس، إذا كانت مؤنثة، يجوز صرفها، لأنه ثلاثي ساكن الوسط مثل (هند) واللها: جمع لهاة، وهي لحمة حمراء في الحنك معلقة على عكدة اللسان، أو هي القطعة اللحمية المطبقة في أقصى سقف الفم. والغلاصم: جمع مفرده الغلصمة، وهو الموضع الناتئ في الحلق، وقيل: اللحمة التي بين الرأس والعنق، وقيل غير ذلك - ولا تخرج اللها والغلاصم عن منطقة الرأس والعنق. ولكن الحكم بأيها هي اللهاة، أو الغلصمة تحتاج إلى عالم بالتشريح. والشاعر مثّل باللها والغلاصم لأعالي القوم وجلّتهم. ولذلك جاءت رواية أخرى للبيت على النحو التالي: 478 - وما أنت من قيس فتنبح دونها … ولا من تميم في الرؤوس الأعاظم والبيت أنشده سيبويه شاهدا على النصب بعد الفاء (فتنبح) لأنها مسبوقة بنفي، وفي

479 - قد كنت أحسبني كأغنى واحد … نزل المدينة عن زراعة فوم

كتاب النحاس وغيره (يقولون: النصب بالفاء) فجعلوها الناصبة، ونحن نقول اليوم: منصوب بأن مضمرة بعد الفاء. وهو أمر مشكل لصغار المتعلمين الذين لا يعرفون التأويل، ولذلك فإن القول: النصب بالفاء، وحتى، ولام التعليل. أجود المذهبين. [كتاب سيبويه ج 1/ 420، والنحاس 274، واللسان (غلم) والهمع ج 2/ 13]. 479 - قد كنت أحسبني كأغنى واحد … نزل المدينة عن زراعة فوم البيت منسوب لأبي محجن الثقفي. والفوم: أقوى الأقوال فيه «أنه الحنطة، وسائر الحبوب التي تختبز» والقول بأنه «الثوم» بالثاء، ضعيف جدا، قال ابن منظور وأزد السراة يسمون السنبل فوما، الواحدة فومة، والسنبل لا يقال إلا لنتاج القمح والشعير، ثم إنهم طلبوا ثلاثة أشياء تكوّن مائدة وهي العدس، والفوم (الخبز) والبصل. قال السيوطي: تختصّ الأفعال القلبية بجواز إعمالها في ضميرين متصلين لمسمى واحد، فاعلا والآخر مفعولا نحو: ظننتني خارجا. وأنشد شطر البيت وفيه أحسبني: مضارع، وفاعله مستتر، والياء مفعول أول. [الهمع ج 1/ 156 واللسان (فوم). 480 - لم ألف بالدار ذا نطق سوى طلل … قد كاد يعفو وما بالعهد من قدم البيت غير منسوب وأنشده السيوطي شاهدا لاستعمال «سوى» بمعنى «غير» للاستثناء. [الهمع ج 1/ 202 والدرر ج 1/ 171، والعيني ج 3/ 119]. 481 - فهم مثل الناس الذي يعرفونه … وأهل الوفا من حادث وقديم لم يعرف قائله. وقوله: مثل: بفتح الميم والثاء. أراد أن هؤلاء القوم الذين مدحتهم، يضربون مثلا للناس في كلّ حسن، وفي كل أنواع البرّ. والشاهد قصر الممدود «الوفا» فأصله «الوفاء». [الأشموني ج 4/ 109، والهمع ج 2/ 156 والدرر ج 2/ 211]. 482 - أسيّد ذو خريّطة نهارا … من المتلقّطي قرد القمام البيت للفرزدق. والقرد: بالتحريك: ما تمعط من الوبر والصوف وتلبد، وقيل نفاية الصوف خاصة، ثم استعمل فيما سواه من الوبر والشعر والكتان. والخريّطة: مصغر

483 - دمت الحميد فما تنفك منتصرا … على العدا في سبيل المجد والكرم

خرطة، وهو شبه الكيس، يصنع من قماش. والقمام: الكناسة، أو القمامة. قال ابن منظور: يعني بالأسيّد هنا «سوداء» وقال من المتلقطي قرد القمام، ليثبت أنها امرأة، لأنه لا يتتبع قرد القمام إلا النساء. قال: وهذا البيت مضمن لأنه قوله أسيدّ، فاعل بما قبله، ألا ترى أن قبله: سيأتيهم بوحي القول عنّي … ويدخل رأسه تحت القرام القرام: بكسر الراء، ثوب من صوف ملوّن فيه ألوان من العهن، وهو صفيق يتخذ سترا وقيل: هو الستر الرقيق، والقرام: سترفيه رقم ونقوش. والقرام: ثوب من صوف غليظ جدا يفرش في الهودج. وقيل غير ذلك مما لا يخرج عن المنسوج. قال ابن سيدة: وذلك أنه لو قال، أسيّد ذو خريطة نهارا، ولم يتبعه ما بعده لظنّ رجلا فكان ذلك عارا بالفرزدق وبالنساء، فانتفى من هذا وبرأ النساء منه بأن قال: من المتلقطي قرد القمام، ليثبت أنها امرأة، لأنه لا تتبع قرد القمام إلا النساء، يقول: من اللائي يتتبعن القرد في القمامات ويلتقطنه ليغزلنه بعد أن يفنى غزلهن. عنى أنه يدسّها إلى من يحب. والشاهد: المتلقطي قرد: حذف النون من جمع اسم الفاعل، لإضافته إلى «قرد» ولو أثبت النون لنصب ما بعده. [سيبويه/ 1/ 185، هارون، واللسان «قرد»]. 483 - دمت الحميد فما تنفكّ منتصرا … على العدا في سبيل المجد والكرم البيت غير منسوب. وأنشده السيوطي شاهدا على «أل» الزائدة في الأحوال وهو قوله: (دمت الحميد) وهي زائدة غير لازمة، كالداخلة على بعض الأعلام، والأحوال والتمييز في قولهم «وطبت النفس يا قيس» وفي البيت: أصله (دمت حميدا) و «دام» تامة. لأنها لم تسبق ب (ما). [الهمع/ ج 1/ 80]. والدرر ج 1/ 53]. 484 - نستوقد النّبل بالحضيض ونص … طاد نفوسا بنت على الكرم في الحماسة: قال بعض بني بولان من طيّئ، ويسبق البيت بيت هو: نحن حبسنا بني جديلة في … نار من الحرب جحمة الضّرم يقول: حبسنا هؤلاء القوم على نار من الحرب شديدة الالتهاب. وقوله: نستوقد النبل. من فصيح الكلام، كأنه جعل خروج النار من الحجر عند صدمة

485 - كيف أصبحت كيف أمسيت مما … يغرس الود في فؤاد الكريم

النبل، استيقادا منهم. يقول: تنفذ سهامنا في الرّميّة حتى تصل إلى حضيض الجبل، فتخرج منه النار، لشدّة رمينا وقوة سواعدنا، ونصيد بها نفوسا مبنية على كرم، أي: نقتل الرؤساء، ومن تكرم نفسه وتعزّ حياته. فالحضيض: قرار الأرض عند سفح الجبل. وقوله بنت: أصله بنيت، فأخرجه على لغة طيّئ، لأنهم يقولون في (بقي) «بقى» وفي «رضي» و «رضى» كأنهم يفرّون من الكسرة بعدها ياء إلى الفتحة، فتنقلب الياء ألفا. قال أبو أحمد: قوله: كأنهم يفرّون .. الخ يعللون بهذا اللفظ (الفرار) كثيرا مما يفعله العرب من الإعلال والإبدال. وربّما كانت الكلمة غير دقيقة في وصف ما يحصل. وأنا أقول: إن لهجة القول، ينطق بها الناطق وهو لا يدري، ولعلّ ذلك من تأثير البيئة الجغرافية، وتأثير المكان والهواء، والماء، فتجد كل بقعة أو إقليم صغير، له طريقة في نطق بعض الحروف، تعرف إقليمه منها، وتبقى موروثة متناقلة حتى لو انتقل هؤلاء جماعيا إلى إقليم آخر، وسكنوا ... مجتمعين. وما يتركه قوم من طرق النطق، يتكلم به آخرون، فبعض الأقاليم يقولون (كيف حالك) بالألف في (حالك) وبعضهم ينطقها «حولك» وبعضهم يقول: خبز: بضم الباء، وبعضهم يقول: خبز، بكسر الباء و (بندورة) بسكون النون، وبندورة، بفتح النون. قالوا: وبلفظة بندورة، كان اليهود يميزون بين اللبناني والفلسطيني، عند ما اجتاحوا لبنان، في إحدى سنوات المحن التي توالت على الناس. [الحماسة، بشرح المرزوقي ص 165 واللسان (بني)]. 485 - كيف أصبحت كيف أمسيت ممّا … يغرس الودّ في فؤاد الكريم لا يعرف قائله. وأنشده الأشموني والسيوطي شاهدا لحذف حرف العطف وبقاء المعطوف، أي: وكيف أمسيت. قال: ومنع ذلك ابن جني والسهيلي وابن الضائع لأن الحروف دالة على معاني في نفس المتكلم وإضمارها لا يفيد معناها، وقياسا على حروف النفي والتأكيد والتمني، فإنه لا يجوز حذفها. قلت: قد لا يكون المقصود مما ذكر في البيت العطف، وإنما يراد به معنى واحد وهو «التحية» كأنه قال: التحيّة تغرس -. والجملة الثانية مبدلة من الأولى، وليس شرطا أن يقول العبارتين ليغرس الودّ. وكذلك الحديث الذي رواه السيوطي في الباب «تصدق رجل من ديناره، من درهمه من صاع برّه، من صاع تمره» فالمراد تصدق رجل بصدقة، من واحد مما ذكر.

486 - كأن أخا الكتاب يجد خطا … بكاف في منازلها ولام

قال الصبّان: وقد خرّج المانع حذف حرف العطف، في الأمثلة على بدل الإضراب، ويحتمل بعضها الاستئناف، كالبيت (كيف أصبحت ..). [الأشموني، وعليه العيني والصبان ج 3/ 116، والهمع ج 2/ 140، والخصائص ج 1/ 290 وج 2/ 280]. 486 - كأنّ أخا الكتاب يجدّ خطا … بكاف في منازلها ولام البيت غير منسوب في المقتضب للمبرد ج 1/ 237. 487 - ألا أيها الطير المربّة بالضّحى … على خالد لقد وقعت على لحم البيت لواحد من الهذليين: أبي خراش، أو ابنه خراش، أو أبي ذؤيب. والبيت من قصيدة في رثاء خالد بن زهير، ابن أخت أبي ذؤيب، وكان مقتله في الجاهلية بسبب قصة حبّ فيها غدر. ملخصها: أن رجلا اسمه وهب بن جابر هوي امرأة من هذيل كان يقال لها أم عمرو، فاصطاد يوما ظبية، وقال فيها شعرا ثم أطلقها لأنها تشبه صاحبته فبلغ ذلك أم عمرو، فعطفت عليه، وكان رسولها إليه أبا ذؤيب - وكان صغيرا - فلما كبر وشب، رغبت فيه وتركت وهبا ... ففشا أمره، فكان يرسل إليها رسوله، ابن أخته خالد بن زهير، وبعد أمد هويت خالدا وتركت أبا ذؤيب، فدار بين الخال وابن أخته أشعار هجائية حول القصة، فاستغل وهب بن جابر فرصة ما كان بين أبي ذؤيب وابن أخته، فأرسل إليها ابنه عمرو بن وهب، فبذل لها المال، فعطفها على نفسه بالطمع، لكنها بقيت تسرّ الحب لخالد، وتظهر الودّ لعمرو، فجاء خالد يوما فوجد عمرا عندها فقتله. فبلغ الأمر وهب بن جابر، فمشوا إليه وقتلوه. - فقالوا الشعر في رثائه. والله أعلم. وقوله: الطير المربّه: أي: المقيمة، تأكل من لحمه. وأنشدوا البيت شاهدا على أن الصفة ربما تنوى ولا تذكر - للعلم بها كما هنا، فإن التقدير: على لحم أيّ لحم وفي مطلع البيت روايات أخرى. انظر [الخزانة ج 5/ 75 - 86 وديوان الهذليين ج 2/ 154]. 488 - فإمّا أعش حتى أدبّ على العصى … فو الله أنسى ليلتي بالمسالم البيت لقيس بن العيزرة الهذلي، والعيزرة أمه، وهو قيس بن خويلد، جاهلي. فإما: أداة شرط، وأعش: فعل الشرط، وأدبّ منصوب بحتى. والله: مقسم به مجرور وأنسى: أي: لا أنسى، حذف حرف النفي، وهذا كثير. قال السيوطي: إذا توالى شرط

489 - أتقول إنك بالحياة ممتع … وقد استبحت دم امرئ مستسلم

وقسم وتقدمهما طالب خبر فالجواب للشرط، تقدم أو تأخر حتما نحو «زيد والله إن تقم يقم» وزيد إن يقم والله أقم» فإذا لم يتقدمهما طالب خبر، فالجواب للسابق في الأصح، قسما كان أو شرطا، وجواب الآخر محذوف، نحو: والله إن قام زيد لأقومنّ» وإن يقم والله أقم. قال وجعل ابن مالك الجواب للقسم المؤخر إن اقترن بالفاء لدلالته على الاستئناف .. كما في البيت الشاهد. 489 - أتقول إنّك بالحياة ممتّع … وقد استبحت دم امرئ مستسلم نسبوه إلى الفرزدق. والفرزدق لا يقول بيتا في رقّة هذا البيت، بل إنّ مثل الفرزدق ليس في قلبه ذرّة من العواطف الإنسانية النبيلة. وقوله: أتقول: الهمزة للاستفهام الإنكاري. والشاهد قوله: إنك ممتّع: يجوز فيه فتح همزة أنّ، وإعمال «تقول» عمل ظنّ ويجوز الكسر (إنك) على الحكاية، والواو في «وقد» للحال. [الأشموني ج 1/ 275]. 490 - وليت فلم تقطع لدن أن وليتنا … قرابة ذي قربى ولا حقّ مسلم لم يعرف قائله. قال السيوطي: ومنع ابن الدهّان من إضافة «لدن» إلى الجملة وأوّل ما ورد من ذلك على تقدير «أن» المصدرية، بدليل ظهورها معها. وأنشد البيت. [الهمع ج 1/ 215]. 491 - هل تبلغنّي دارها شدنيّة … لعنت بمحروم الشّراب مصرّم لعنترة من معلقته. وتبلغني: توصلني، ودارها: أي دار عبلة. شدنية: ناقة منسوبة إلى «شدن» بفتحتين، وهي حيّ باليمن، وقيل: أرض فيه. ومفهوم الشطر الثاني: إمّا أنه يدعو عليها أن لا تلد، وأن لا يكون من ضرعها لبن، لأن ذلك أقوى لها، وإما أنه يخبر عن هذه الناقة أنها كذلك. والشاهد: تبلغنّي على أن النون الأولى نون التوكيد الخفيفة، والنون الثانية، للوقاية. [الخزانة ج 5/ 369، وشروح المعلقات]. 492 - ألم ترني عاهدت ربّي وإنّني … لبين رتاج قائما ومقام

493 - لا ينعش الطرف إلا ما تخونه … داع يناديه باسم الماء مبغوم

البيت للفرزدق، من قصيدة يعلن فيها رجوعه عن الفسق وزور الكلام من الهجاء. وقوله: ألم ترني: تنصب مفعولين، لأنها قلبية. وجملة إنني - بكسر الهمزة حال من التاء في عاهدت. وبين: خبر إنّ. وقائما: حال من فاعل متعلق الظرف، ومقام معطوف على رتاج، وهو الباب المغلق، والباب العظيم، وأراد به باب الكعبة، والمقام: مقام إبراهيم. والبيت سبق مع أخيه، بقافية (زور كلام). [شرح أبيات مغني اللبيب ج 6/ 241، وشرح المفصل ج 2/ 59 وج 6/ 50، والخزانة ج 1/ 223 وج 4/ 463]. 493 - لا ينعش الطّرف إلا ما تخوّنه … داع يناديه باسم الماء مبغوم البيت لذي الرّمة. ومضى الكلام عليه في حرف الميم المضمومة، (مبغوم) وإنما أعدته في الميم المجرورة، لأنه جاء في الأشموني كذلك (مبغوم) والصحيح أنه مرفوع. وهو في الخزانة ج 4/ 344، وشرح المفصل ج 3/ 14، والأشموني/ 3/ 212. 494 - وما يشعر الرمح الأصمّ كعوبه … بثروة رهط الأعيط المتظلّم البيت للنابغة الجعدي. أي: من كان عزيزا كثير العدد فالرمح لا يشعر به ولا يباليه، بقوله متوعدا والثروة: كثرة العدد، وكثرة المال. والأعيط: الطويل. والمراد: المتطاول كبرا. والمتظلّم: الظالم. ويروى أنه لما قال هذا، أجابه المتوعّد: لكن حامله يشعر فيقدمه يا أبا ليلى، فأفحمه. والشاهد: رفع «كعوبه» بالأصمّ، وإفراده تشبيها له بما يسلم جمعه من الصفات، وكان وجه الكلام أن يقول «الصمّ» لأن أصمّ لا يجمع جمع السلامة. [سيبويه/ 2/ 42، هارون، واللسان، عيط وظلم]. 495 - وإنّي لأطوي الكشح من دون ما انطوى … وأقطع بالخرق الهبوع المراجم البيت غير منسوب. والخرق: الصحراء. والهبوع: يقال: هبع بعنقه هبعا وهبوعا فهو هابع - وهبوع: إذا استعجل واستعان بعنقه. وأصل الكلام: أقطع الخرق بالهبوع. قال ابن منظور: إنما أراد وأقطع الخرق بالهبوع، فأتبع الجرّ الجرّ. وقال السيوطي: يجوز فصل الجار من مجروره، للضرورة، بالمفعول به. وأنشد البيت أي: وأقطع الخرق بالهبوع. [اللسان - هبع، والهمع ج 2/ 37].

496 - علقتها عرضا وأقتل قومها … زعما لعمر أبيك ليس بمزعم

496 - علّقتها عرضا وأقتل قومها … زعما لعمر أبيك ليس بمزعم لعنترة بن شداد من معلقته. وعلّقتها: أي وقع في قلبي حبها، وكلفت بها. يقال: علق فلان بفلانة، إذا تعلّق بها، وعشقها. وعرضا: أي فجأة من غير قصد له. وعرضا: تعرب تمييز، وزعما: أي: طمعا. من زعم يزعم، بكسر العيّن إذا طمع. وزعما: منصوب على المصدر، بفعل محذوف. والعمر، والعمر: الحياة: ولا يقسم به إلا بفتح العين. وهو مبتدأ خبره محذوف، واللام للتأكيد وخبره محذوف. والمزعم: المطمع خبر ليس، والباء زائدة. والشاهد: وأقتل أهلها. وجملته وقعت حالا، وهو مضارع مثبت، وسبقته الواو. والجملة الحالية إذا وقعت مضارعية يجب أن تخلو من الواو؛. وتلزم مع المضارع إذا كان مسبوقا بقد نحو وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ [الصف: 5] فإذا كانت منفية وجب خلّوها من الواو. نحو (عهدتك ما تصبو) وفي مثال البيت أوجب ابن مالك جعل المضارع خبرا لمبتدأ محذوف فقال: وذات بدء بمضارع ثبت … حوت ضميرا ومن الواو خلت وذات واو بعدها انو مبتدا … له المضارع اجعلنّ مسندا [شروح المعلقات، الأشموني ج 2/ 187]. 497 - إذا ما نعشناه على الرّحل ينثني … مساليه عنه من وراء ومقدم البيت لأبي حيّة النميري. وقبل البيت: فما قام إلّا بين أيد تقيمه … كما عطفت ريح الصّبا خوط ساسم وصف راكبا أدام السرى حتى غلبه النوم فطفق ينثني في عطفيه وناحيتيه سميّا (مسالين) لأنهما أسيلا، أي سهلا في طول وانحدار. ونعشناه: أي: رفعناه. وعنه: أي: عن الرحل. من وراء ومقدم: أي: من مقدم الرحل ومؤخره. والشاهد فيه: نصب «مساليه» على الظرف أي: في مساليه. ومسالاه: عطفاه. [سيبويه/ 1/ 205، واللسان «مسل»]. 498 - منعت تميما منك أنّي أنا ابنها … وشاعرها المعروف عند المواسم

499 - وبايعت أقواما وفيت بعهدهم … وببة قد بايعته غير نادم

البيت للفرزدق، يخاطب جريرا. وكلاهما تميمي، إلا أنه نفى عنها جريرا للؤمه عنده، واحتقاره له، فكأنه غير معدود في رهطه. والمواسم: جمع موسم، وهو المجتمع. والشاهد فيه: فتح «أني» على معنى «لأنّي» ويجوز كسرها على الاستئناف والقطع. [سيبويه/ 3/ 128]. 499 - وبايعت أقواما وفيت بعهدهم … وببّة قد بايعته غير نادم البيت منسوب للفرزدق في العيني/ 1/ 404، وليس في ديوان الفرزدق. 500 - إلّا الإفادة فاستولت ركائبنا … عند الجبابير بالبأساء والنّعم البيت لتميم بن مقبل. والإفادة: الوفادة، وهي الوفود على السلطان. والجبابير: جمع جبار، وهو الملك. يقول: نفد على السلطان فمرة ننال من خيره وإنعامه، ومرة نرجع خائبين مبتئسين من عنده. واستولت: أي: رجعت وعطفت. والشاهد: إبدال واو «وفادة» همزة، استثقالا للابتداء بها مكسورة. [سيبويه/ 4/ 332، هارون، وشرح المفصل/ 10/ 14، واللسان «وفد»]. 501 - كأنّما يقع البصريّ بينهم … من الطوائف والأعناق بالوذم البيت منسوب لساعدة بن جؤيّة: يصف قوما هزموا فأعملت فيهم السيوف. وأراد بالبصري: سيفا طبع في «بصرى» بضم الباء وهي مدينة في محافظة «درعا» من سورية. والطوائف: النواحي. والوذم: سيور تشدّ بها عراقي الدلو إلى آذانها، فشبه وقع السيوف بأعناقهم بوقعها بالوذم. والشاهد: البصري. نسبه إلى «بصرى» ويجوز «بصروي» كما يقال: حبلى، وحبلوي. [سيبويه/ 3/ 354 هارون وشرح أشعار الهذليين/ 1134]. 502 - قد بتّ أحرسني وحدي ويمنعني … صوت السباع به يضبحن والهام البيت، لأبي دواد الإيادي، الجاهلي. أو للنمر بن تولب، المخضرم ... ولكن يصحّ منه الشطر الثاني فقط، أما الشطر الأول فهو محرّف. وقد نقله ابن هشام في المغني بهذه الصورة، وابن عصفور في كتاب الضرائر. وشاهدهم فيه «أحرسني» على أنه عدّى

503 - نزور امرأ أما الإله فيتقي … وأما بفعل الصالحين فيأتمي

«أحرس» المسند لضمير المتكلم المتصل، إلى الضمير المتصل، وهو ياء المتكلم، مع أنه ليس من باب (ظنّ، وفقد، وعدم) وملخصه أن أفعال باب ظنّ، يصح أن يكون فاعلها ومفعولها واحدا، كقولك «أظنني فعلت كذا، وأحسبني قرأت كذا فالفاعل «أنا» و «ياء المتكلم» أنا. وقد استعمل الشاعر في البيت الفعل أحرس، استعمال ظن وأخواتها، وهذا غير جائز. ولكن الشاعر لم يقل الشطر الأول على هذه الصورة وإنما جاء في شعر للنمر بن تولب كما يأتي، مع بيت قبله: ومنهل لا ينام القوم حضرته … من المخافة أجن ماؤه طامي قد بت أحرسه ليلا ويسهرني … صوت السباع به يضبحن والهام وقوله: ومنهل: أي: وربّ منهل. وحضرته: أي: من حضوره. وأجن: بفتح الألف وسكون الجيم. قد أنتن وتغيرت ريحه. وماء طام: أي: مرتفع لقلة الورّاد. وقوله: والهام: معطوف بالجرّ على السباع، جمع هامة، وهو من طير الليل. .. ومثل الرواية السابقة جاء في شعر لأبي دواد الإيادي، وبهذا لا يكون فيه شاهد فأنت تلاحظ، أنهم يحرّفون بيت الشعر، ويقيمون عليه وليمة نحوية. ومما حرفوه في البيت أيضا قوله «يضبحن» وهو من الضبح، بالضاد المعجمة، يقال ضبح الثعلب يضبح وكذلك البوم. فقال بعض النحويين: إن أصبح تكون زائدة واستشهد بهذا (البيت، فقال: (يصبحن) بالصاد المهملة من أصبح. وانظر. [شرح أبيات مغني اللبيب ج 3/ 280] والمغني بالرقم 257]. 503 - نزور امرأ أمّا الإله فيتقي … وأمّا بفعل الصّالحين فيأتمي غير منسوب والشاهد «فيأتم» أصله «فيأتمّ» بتشديد الميم، فأبدل من الميم الثانية ياء. [الأشموني ج 4/ 337، وشرح المفصل ج 10/ 24]. 504 - ووطئتنا وطئا على حنق … وطء المقيّد نابت الهرم البيت للشاعر الحارث بن وعلة الذّهلي .... وهو غير الحارث بن وعله الجرمي. والهرم: ضرب من الحمض ترعاه الإبل. يقول: أثّرت فينا تأثير الحنق الغضبان، كما يؤثر البعير المقيّد إذا وطئ هذه الشجيرة، وخصّ المقيّد لأن وطأته أثقل، وخصّ الحنق لأن ضربته تكون قاتلة. وانتصبت (وطء) على البدل، أي: وطئا يشبه هذا الوطء وقال

505 - وكان طوى كشحا على مستكنة … فلا هو أبداها ولم يتجمجم

السيوطي: منع الأخفش والمبرد وابن السراج، والأكثرون، عمل الفعل في مصدرين مؤكدّ، ومبيّن. ويخرجون الثاني على أنه بدل، ومن المسموع في ذلك: (وأنشد البيت) ولكن روى الشطر الثاني (وطء المقيّد ثابت القدم). وأتبعه بالقول: ولا يصحّ فيه البدل، لأن الثاني غير الأول، فيخرج على إضمار فعل. [الهمع ج 1/ 188]. هذا، والبيت الشاهد من سبعة أبيات جاءت في الحماسة ص 204، ومما تحسن روايته منها قوله؛ من أولها: قومي هم قتلوا أميم أخي … فإذا رميت يصيبني سهمي فلئن عفوت لأعفون جللا … ولئن سطوت لأوهنن عظمي لا تأمنن قوما ظلمتهم … وبدأتهم بالشّتم والرّغم وقوله (أميم) منادى، مرخم أميمة. وأخي: مفعول قتلوا. فالمنادى معترض بين الفعل والمفعول. 505 - وكان طوى كشحا على مستكنّة … فلا هو أبداها ولم يتجمجم لزهير من معلقته. وقوله: كان طوى: فاعله مستتر يعود على الحصين بن ضمضم في بيت سابق وكان المذكور أبى أن يدخل في الصلح المعقود بين عبس وذبيان، واستتر فيهم ثم عدا على رجل من عبس فقتله. وجملة طوى: خبر كان، بتقدير (قد) عند المبرد، فهو يرى أنّ كان فعل ماض اسمها ضمير حصين، ولا يخبر عنه إلا باسم، أو بما ضارعه (مضارع) وخالفه أصحابه في هذا. والكشح: الجنب، ويريد أضمر في نفسه أمرا. والمستكنة: أي: غدرة مستكنة، أي مستترة. ولم يتجمجم: أي: لم يدع التقدم فيما أضمر ولم يتردد في إنفاذه. والشاهد في البيت مجيء خبر كان فعلا ماضيا بدون لفظ «قد». [الخزانة ج 3/ 14 وج 4/ 3، والهمع ج 1/ 148، وشرح المعلقات]. 506 - كأنّ فتات العهن في كلّ منزل … نزلن به حبّ الفنا لم يحطّم لزهير من معلقته. والعهن: الصوف، وحبّ الفنا: ثمر لونه أحمر، يقال لشجرته عنب

507 - ومن لا يزل يستحمل الناس نفسه … ولا يغنها يوما من الدهر يسأم

الذئب يشبه فتات الصوف المتساقط من الهوادج، بحبّ الفنا قبل أن يكسر، فإذا كسر ذهب لونه الأحمر. والشاهد (لم يحطّم) ومع المضارع المنفي بلم حالا، مجردة من الواو. [الأشموني ج 2/ 191 والعيني على حاشية الأشموني. وشروح المعلقات]. 507 - ومن لا يزل يستحمل الناس نفسه … ولا يغنها يوما من الدهر يسأم البيت لزهير من معلقته، وهو ثابت في بعض رواياتها، وساقط من بعضها. وقوله: يستحمل الناس، يعني يحمل الناس على عيبه. ويروى: يسترحل الناس نفسه: أراد: بجعل نفسه كالراحلة للناس يركبونه ويذمونه. والشاهد فيه رفع (يستحمل) لأنه أراد من لا يزل مستحملا يكون من أمره ذلك. ولو رفع (يغنها) جاز وكان حسنا، كأنه قال: من لا يزل لا يغني نفسه. [سيبويه ج 1/ 445، والهمع ج 2/ 63، والخزانة ج 9/ 90]. 508 - جريء متى يظلم يعاقب بظلمه … سريعا وإلّا يبد بالظلم يظلم البيت لزهير من معلقته. وجريء: مجرور، صفة لموصوف مجرور في بيت سابق متى: شرطية. يظلم: فعل الشرط. يعاقب: الجواب. وسريعا: حال، أو صفة مصدر، أي: يعاقب عقابا سريعا. وإلّا: إن الشرطية، مع «لا» النافية. ويبد: أصلها يبدأ إلا أنه لما اضطر أبدل من الهمزة ألفا، ثم حذف الألف للجزم. قالوا: وهذا من أقبح الضرورات يقول: هو شجاع، متى ظلم عاقب الظالم بظلمه سريعا فإن لم يظلمه أحد، ظلم الناس إظهارا لحسن بلائه. [شرح الزوزني، والخزانة ج 3/ 17 والهمع ج 1/ 52]. 509 - فإذا شربت فإنني مستهلك … مالي وعرضي وافر لم يكلم لعنترة من معلقته. يقول: فإذا شربت الخمر، فإنني أهلك مالي بجودي ولا أشين عرضي فأكون تام العرض، مهلك المال، لا يكلم عرضي، عيب عائب. يفتخر بأن سكره يحمله على محامد الأخلاق، ويكفه عن المثالب. وهو كاذب فيما قال. ولو أنه انهمك في شرب الخمر ما استطاع الدفاع عن القبيلة، وما كان له هذا الذكر في الشجاعة. والبيت أنشده السيوطي في المواطن التي يحذف فيها الفاعل ويبنى الفعل للمجهول وهو (يكلم) لإقامة الوزن. وهذا خطأ من السيوطي. لأن الفعل يكلم، هنا، بني للمجهول

510 - أماوي مهمن يسمعن في صديقه … أقاويل هذا الناس ماوي يندم

ليس لإقامة الوزن، وإنما لإرادة عموم نفي من يكلم عرضه، ولو أنني أردت التعبير بالنثر عن المعنى، ما اخترت إلا هذا الأسلوب، وليس في النثر إقامة وزن. [الهمع ج 1/ 162 وشرح الزوزني]. 510 - أماويّ مهمن يسمعن في صديقه … أقاويل هذا الناس ماويّ يندم هذا يشبه شعر حاتم الطائي، ولكن لم ينسب له ولا لغيره. وقوله: أماويّ: منادى مرخم (ماوية) (ومهمن) مركبة من (مه+ من) اسم شرط، فعله الأول يسمعن، والثاني يندم، وماويّ الثانية، منادى، وحرف النداء محذوف. وهذا شاهد رواه الكوفيون، شاهدا لمجئ مهمن، بمعنى «من» تأييدا للقول بأن مهما مركبه من مه+ ما الشرطية ومن سمع حجة على من لم يسمع. ومما يدلّ على صحته، أن العامة في خان يونس يقولون: مهمن عملت ما يرضيك ويحذفون الفاء الرابطة وهو جائز واللغة منقولة بالسماع المتوارث. [الخزانة/ 9/ 16]. 511 - يا دار أقوت بعد أصرامها … عاما وما يبكيك من عامها البيت للطرّماح. والأصرام: جمع الصّرم، الفرقة من الناس ليسوا بالكثير. يقول: خربت الديار، وذهب أهلها. وقوله: وما يبكيك، يروى: وما يعنيك أي: وما يهمّك. قال النحاس: لم ينصب دارا كما تقول: يا رجلا ركب. لأنه إنما أراد: يا دار، كما تقول: يا رجل ويا زيد، ثم أقبل فأخبر عنها، فقال: أقوت بعد أصرامها، ولم يجعل أقوت وصفا للدار، كقولك يا دارا خربت. يريد أن يقول: إنه ناداها باعتبارها نكرة مقصودة، ولو أنه أراد أيّ دار، لنصبها، لأن النكرة غير المقصودة تنصب. 512 - شمّ مهاوين أبدان الجزور … مخاميص العشيات لا خور ولا قزم منسوب إلى الكميت بن زيد، وإلى تميم بن أبيّ بن مقبل. والأوصاف في البيت مجرورة لأن البيت الذي قبله كذلك: وهو: يأوي إلى مجلس باد مكارمهم … لا مطمعي ظالم فيهم ولا ظلم وقوله: يأوي. أي: أقام. وفاعله مستتر. والمجلس: موضع الجلوس، وأطلق هنا

513 - نحن آل الله في بلدتنا … لم نزل آلا على عهد إرم

على أهله. لعود الضمير إليهم. وباد: نعت سببي لمجلس، لا مطمعي: صفة ثانية مجلس، وأصله: مطمعين، حذفت النون للإضافة. وظلم: جمع ظالم، صفة ثالثة لمجلس. وشمّ: صفة رابعة، وهو جمع أشمّ، وصف من الشمم، وهو كناية عن العزة والأنفة ومهاوين: صفة خامسة لمجلس: جمع مهوان، من أهان، مبالغة مهين. ومخاميص جمع مخماص، مبالغة خميص، صفة سادسة لمجلس: والمخماص: الشديد الجوع. وإضافتها إلى العشيات، يعني مخاميص في العشيات. فهم يؤخرون العشاء لأجل ضيف يطرق. والشاهد: نصب أبدان، بقوله: مهاوين، لأنه جمع مهوان، ومهوان تكثير مهين فعمل الجمع منه عمل المفرد. يريد أنهم يهينون للأضياف أبدان الجزور، جمع (بدن) يعني إنهم يطعمون الضيف أحسن ما في جسم الحيوان. وفي البيت أيضا أن «مفعال» يعمل عمل فعله. [كتاب سيبويه ج 1/ 59 وشرح المفصل 6/ 74، والهمع ج 2/ 97]. وقد جاء البيت في الميم المضمومة، وأعدته في الميم المكسورة لأنه يروى بالقافيتين. 513 - نحن آل الله في بلدتنا … لم نزل آلا على عهد إرم أنشده السيوطي شاهدا على أن (آل) من الأسماء التي تلازم الإضافة، غالبا. وقد اجتمعت الإضافة، وعدم الإضافة. في البيت [الهمع/ 2/ 50، والدرر/ 2/ 62]. 514 - روافده أكرم الرافدات … بخ لك بخّ لبحر خضمّ البيت غير منسوب، وهو شاهد على مجيء (بخ) بتخفيف الخاء مع الكسر والتنوين. وتشديدها مع التنوين. وبخ: كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء، وهو اسم فعل مضارع بمعنى أستحسن. والخضم، الكثير العظيم الكثرة، وصف البيت بالكرم وأراد كرم من هو بيته. [الخزانة ج 6/ 424، وشرح المفصل ج 4/ 79]. 515 - ترانا إذا أضمرتك البلا … د نجفى ويقطع منّا الرّحم

516 - تقول هلكنا إن هلكت وإنما … على الله أرزاق العباد كما زعم

للأعشى ميمون من قصيدة يمدح بها قيس بن معد يكرب. وقوله: ترانا: بضم النون من الرؤية بمعنى الظنّ. ونجفى: بضم النون من الجفوة، أي: نعامل بها. [الخزانة ج 4/ 447 والمرزوقي 1240، 1515]. 516 - تقول هلكنا إن هلكت وإنّما … على الله أرزاق العباد كما زعم قال السيوطي: فإن كانت (زعم) بمعنى «كفل» تعدت إلى واحد، والمصدر الزعامة، وأنشد البيت، والبيت لعمرو بن شأس. [الخزانة ج 9/ 131، والهمع ج 1/ 149]. 517 - ومكن الضبّاب طعام العريب … ولا تشتهيه نفوس العجم ومكن الضبّاب: المكن: بفتح وسكون، بيض الضبة، وقد أراد به هنا البيض مجردا والضّباب: جمع ضب، وهو حيوان تأكله العرب، ويعيّر به بنو تميم، قال الشاعر: إذا ما تميميّ أتاك مفاخرا … فقل عدّ عن ذا كيف أكلك للضبّ والشاهد: عريب. في تصغير العرب. ومن حقّ الاسم الثلاثي المؤنث بلا تاء عند تصغيره أن تزاد له تاء، للدلالة على المراد منه، والدليل على أن العرب مؤنث في المعنى قولهم: عرب بائدة وعاربة، ومستعربة، فيصفونه بالمؤنث. ويوجّه هنا، بأنه أراد الجيل من الناس. [شرح المفصل ج 4/ 127، واللسان (مكن). 518 - إلى المرء قيس أطيل السّرى … وآخذ من كلّ حيّ عصم البيت للأعشي ميمون من قصيدة مدح بها قيس بن معد يكرب: ومطلعها: أتهجر غانية أتلم … أم الحبل واه بها منجذم أم الصّبر أحجى فإنّ امرأ … سينفعه علمه إن علم ثم يصف الطريق، والناقة التي أوصلته إلى الممدوح فيقول: ويهماء تعزف جنّاتها … مناهلها آجنات سدم قطعت برسامة جسرة … عذافرة كالفنيق القطم واليهماء - بالياء في أولها - الفلاة التي لا يهتدى إلى الطريق فيها، يصوّت فيها الجن ومناهلها فاسدة، ومدّفنة، وناقته رسامة: تؤثر في الطريق بمشيها، وهي جسرة قوية وفيها

نشاط مثل الفحل الهائج في وقت الضرّاب، ثم يقول: ذكرا فوائد الناقة: تفرّج للمرء من همّه … ويشفى عليها الفؤاد السّقم ثم يذكر البيت الشاهد: وقوله إلى المرء: ال: في المرء لاستغراق خصائص الأفراد نحو زيد الرجل أي: الكامل في هذه الصفة. وقيس: بدل من المرء. والسّرى: يكون أول الليل وأوسطه وآخره. وقوله: وآخذ: معطوف على أطيل السرى، وعصم: جمع عصام، يعني عهدا يبلغ به ويعزّ به أو عصم: جمع عصمة: بكسر العين، وهو الحبل والسبب مثل قوله تعالى وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [الممتحنة: 10] وإنما كان يأخذ من كل قبيلة عهدا إلى قبيلة أخرى، لأن له في كل حيّ أعداء، ممن هجاهم أو ممن يكره ممدوحه، فيخشى القتل، فيأخذ عهدا، ليصل سالما إلى ممدوحه. وهذا من الخيوط الدقيقة التي تربط أجزاء القصائد القديمة، من غزل، ووصف طريق، ووصف ناقة، ووصف معاناة الطريق وإن شئت قلت: هي كالمقدمة الموسيقية التي تهيج وتشوق إلى سماع الإنشاد، فليست مبتوتة الصلة بما بعدها كما يزعم الجهلة الذين يقرؤن الشعر القديم، وينعقون وراء كل ناعق. ومحل الشاهد في البيت: أن الشاعر وقف على المنصوب المنون بالسكون، ولم يبدل تنوينه ألفا. وكان القياس أن يقول: عصما: لأنه مفعول (آخذ) ولكن وقف عليه كما يوقف على المرفوع والمجرور. هذا: وفي القصيدة، صور إنسانية صادقة، تأخذ بمجامع قلب الغريب عن أبنائه، وتحثه إلى شدّ الرحال للعودة إليهم، لتغذيتهم بالحنان الأبويّ الذي لا يغني عنه مال الدنيا، يضعه تحت أقدامهم. فاستمع إلى أبياته التالية، وعش هذه التجربة: تقول ابنتي حين جدّ الرحيل … أرانا سواء ومن قد يتم فيا أبتا لا تزل عندنا … فإنا نخاف بأن نخترم فلا رمت يا أبتا عندنا … فإنا بخير إذا لم ترم ترانا إذا أضمرتك البلا … د نجفى ويقطع منا الرّحم [الخزانة ج 4/ 446، والخصائص ج 2/ 97 وشرح المفصل ج 9/ 70، وديوان الأعشى].

519 - من خمر بيسان تخيرتها … ترياقة توشك فتر العظام

519 - من خمر بيسان تخيّرتها … ترياقة توشك فتر العظام البيت لحسان بن ثابت. وقبله: نشربها صرفا وممزوجة … ثم نغنّي في بيوت الرّخام وبيسان: بلدة كانت حتى سنة 1947 م غربي نهر الأردن، ثم أزيلت وصارت (بيت شآن) فنضب خمرها، واجتث نخلها، وتفرق أهلها أيدي سبا. ينسب إلى بيسان التابعي رجاء بن حيوه الكندي، حيث كانت كندة تسكنها قبل الفتح وبعده، وينسب إليها القاضي الفاضل وهذان الرجلان كان لهما يد بيضاء في تاريخ الإسلام. فرجاء، كان سببا في ولاية عمر بن عبد العزيز الخلافة، لإشارته على سليمان بن عبد الملك بأن يوليه، فكان وزير صدق، أخلص للأمة. والقاضي الفاضل: كان وزير صلاح الدين، وكاتبه، والناطق بلسانه والمبشر بفتوحاته. حتى قال صلاح الدين لرجال عسكره «ما فتحت البلاد بسيوفكم ولكن بقلم الفاضل». لقد شهدت بيسان مواطئ أقدام الصحابة الذين فتحوها وطردوا الروم الغرباء منها، وكانت فيها وبجوارها معارك جهادية، تمدّ الأجيال بالأمثال. واليوم سنة 1993 م يطلب إخوان أبي رغال من لصوص «الأرض أن يرضوا عنهم، وقلبت الموازين، فصار اللص مالكا، والمالك لصّا، ويعترف للمعتدي بأنه صاحب الحقّ وليس معه حجة، وتنبذ كلّ الحجج، والصكوك التي يملكها أصحاب الحقّ. وكلّ هذا يفعله من تزعّم، أو زعّم، ليضع كرسي الزعامة فوق أنقاض المجد. وصدق من قال: ومن أخذ (الزعامة) دون حقّ … يهون عليه تسليم البلاد قف يا قلم. فهذا كتاب نحو وقواعد، وليس كتاب سياسة، فمالك تهبع في طريق غير الطريق الذي نهجته للكتاب. لبّيك وسعديك أيها المنادي، وها أناذا أعود إلى النحو لأقول: الشاهد في البيت: توشك فتر: حيث جاء خبر توشك اسما مفردا والمشهور أنه يكون خبرها فعلا مضارعا موصولا بأن. قال ابن برى: هذا البيت محرف، والذي في شعره (تسرع فتر العظام) قال: وهو الصحيح لأن أوشك بابه أن يكون بعده أن والفعل، وقد تحذف أن بعده، ولكن يبقي الخبر مضارعا. والله أعلم. [اللسان: بيس - وشرح التصريح 1/ 204].

520 - أولئك إخواني الذين عرفتهم … وأخدانك اللاءات زين بالكتم

520 - أولئك إخواني الذين عرفتهم … وأخدانك اللاءات زيّن بالكتم البيت غير منسوب. والكتم: بالتحريك مع الفتح نبات فيه حمرة، يخلط مع الحناء، فيكون اللون أسود وقد يخضب بالكتم وحده. والشاهد: اللاءات، حيث عدها السيوطي من ألفاظ الأسماء الموصولة لجمع المؤنث «التي» بدون ياء. ومراده: أصحابي من تعرف فضلهم، وأنت زير نساء. ويروى: «وأخواتك» جمع أخت. ويريد أنهنّ غير مصونات. [الهمع/ 1/ 83]. 521 - لا تشتم الناس كما لا تشتم رجز لرؤبة بن العجاج. لا ناهية. وتشتم: مجزوم. وتشتم: الأخيرة بالبناء للمجهول مضارع مرفوع. وهو من شواهد البصريين على أن (كما) لا تنصب المضارع. وأن أصلها كاف التشبيه المكفوفة ب ما، قد تغير معناها بالتركيب، فصارت بمعنى لعلّ. [سيبويه ج 1/ 459، والإنصاف 591، والأشموني ج 3/ 282، والهمع ج 2/ 38] والكوفيون يروونه: (لا تشتموا الناس كما لا تشتموا) على أنها ناصبة. 522 - لا تظلموا الناس كما لا تظلموا رجز لرؤبة بن العجاج. وهو حجة عند الكوفيين والمبرد أن (كما) أصلها (كيما) حذفت الياء تخفيفا، و «لا تظلموا» الأخير منصوب ب (كما)، وعلامة نصبه حذف النون والبصريون يمنعون ذلك، ويروون هذا البيت كسابقه، بالتوحيد. «لا تظلم الناس كما لا تظلم». [الإنصاف 587، والخزانة ج 8/ 500]. 523 - هما اللّتا لو ولدت تميم … لقيل فخر لهم صميم رجز منسوب للأخطل. هما: مبتدأ، واللتا (اللتان) خبره، بتقدير موصوف: أي: هما المرأتان اللتان. والجملة الشرطية صلة الموصول والعائد محذوف أي: ولدتهما. وتميم فاعل ولدت، وهو أبو قبيلة والصميم الخالص النقي، وهو صفة للمبتدأ (فخر) ولهم: خبر المبتدأ والجملة مقول القول. والشاهد: أن نون اللتان، حذفت لاستطالة الموصول بالصلة تخفيفا. وقالوا: هي لغة بني الحارث، وبعض بني ربيعة. [الخزانة ج 6/ 14، والهمع ج 1/ 49].

524 - باسم الذي في كل سورة سمه

524 - باسم الذي في كلّ سورة سمه رجز. والشاهد سمه: بضم السين، بدون همزة لغة في اسم وفيه لغات (اسم، بكسر الهمزة، و «أسم» بضم الهمزة و «سم» بكسر السين بدون همزة و «سم» بضم السين والبيت شاهده. ومن شواهد كسر السين بدون همزة. الشاهد التالي [شرح المفصل ج 1/ 24]. 525 - وعامنا أعجبنا مقدّمه … يدعى أبا السّمح وقرضاب سمه رجز، يروى بضم السين وكسرها في «سمه». وقرضب الرجل إذا أكل شيئا يابسا فهو قرضاب. [شرح المفصل ج 1/ 24]. 526 - كالحوت لا يرويه شيء يلقمه … يصبح ظمآن وفي البحر فمه لرؤبة بن العجاج. وهذا مثل يضرب لمن عاش بخيلا شرها. والشاهد (فمه) على أنه يقال في غير الأفصح، فمي وفمه، وفم زيد في جميع حالات الإضافة. بل إن إثبات الميم عند الإضافة فصيح فصاحة لا مزيد عليها، لأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك». [الخزانة ج 4/ 451 والهمع ج 1/ 40]. 527 - أو كتبا بيّنّ من حاميما … قد علمت أبناء إبراهيما رجز للحمّاني. يذكر أن القرآن وما اشتمل عليه من شأن رسالة الإسلام معلوم عند أهل الكتاب، وخصّ سور حاميم لكثرة ما فيها من قصص النبيين. وأراد بأبناء إبراهيم، أهل الكتاب من بني إسرائيل وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. والشاهد فيه: ترك صرف «حاميم». وعلله ابن سيده في «المخصص» بأن. «فاعيل» ليس من أبنية كلام العرب. [سيبويه/ 3/ 257، هارون]. 528 - أكثرت في العذل ملحّا دائما … لا تكثرن إنّي عسيت صائما رواه الثقات. يقول: أيها العاذل الملحّ في عذله، إنه لا يمكن مقابلة كلامك بما يناسبه من السبّ، فإني صائم، مقتبس من الحديث (فليقل إني صائم) والشاهد في قوله «صائما» فإنه اسم مفرد جيء به خبرا لعسى. والمعروف أن خبرها يكون مضارعا. وقد

529 - كافا وميمين وسينا طاسما

استدل جماعة بالرجز، على أن «عسى» مثل «كان» في عملها. وأجاب البغدادي: أن عسى التي تكون خبرها مضارعا هي عسى الدعائية الإنشائية، أما عسى في البيت فهي خبرية لدلالة وقوعها مع مرفوعها خبرا لإنّ، والإنشاء لا يقع خبرا فلا تقول. إن زيدا أهل قام. والراجز في البيت يخبر أنه صائم. والمعنى! إني رجوت أن أكون صائما، فصائما: خبر لكان وأن الفعل. مفعول لعسى ... قلت: وتخريج البغدادي طويل، وقدّر حذفا كثيرا، والإعراب بدون حذف أقوى فعسى هنا فيها معنى الإنشاء والرجاء والدعاء، لأن الذي يؤدي عبادة، أو يكون عليها لا يكون متيقنا من تمامها، وقبولها، فإذا أخبر عن حاله، أجاب بصيغة الرجاء أن يكون من المقبول عملهم. وهذا كذلك أما كونها وقعت خبرا لإنّ، فهي لا تقاس على «إن زيدا هل حضر» لأن هل: حرف، وعسى: فعل، فكما تقول: إني أرجو الله أن أكون صائما وإن زيدا يرجو الله. وهو دعاء فكذلك يقال: إني عسى أن أفعل. ويؤيد هذا الرجز المثل المشهور «عسى الغوير أبؤسا» وتخريجه على غير هذا الوجه فيه تعنّت. [الخزانة ج 9/ 316، والخصائص ج 1/ 98 وشرح المفصل ج 7/ 14، 122، والهمع ج 1/ 130، والأشموني ج 1/ 259]. 529 - كافا وميمين وسينا طاسما هذا رجز روته الثقات. يشبه آثار الديار بحروف الكتاب، والطاسم: الدارس. والشاهد في تذكير «طاسم» وهو نعت للسين، لأنه أراد الحرف، ولو أمكنه التأنيث على معنى الكلمة لجاز، ويروى (كافا وميمين وسينا طامسا» والطامس، مثل الطاسم. وقد استشهد سيبويه بالرجز على تذكير الحروف واستشهد به ابن يعيش، على أن حروف المعجم إذا تعاطفت أعربت، فالأول والثالث منصوبان بالفتحة والثاني منصوب بالياء لأنه مثنى (ميم) [شرح المفصل ج 6/ 29، وسيبويه ج 2/ 31]. 530 - كن لي لا عليّ يا ابن عمّا … نعش عزيزين ونكفى الهمّا في العيني ج 4/ 250، والشاهد (يا ابن عمّا) وأصلها يا ابن (عمي). 531 - قم قائما قم قائما قم قائما … إنك لا ترجع إلا سالما أنشده السيوطي شاهدا على التوكيد اللفظي، بإعادة لفظ الجملة ثلاث مرات. [الهمع ج 2/ 125].

532 - قد لفها الليل بسواق حطم … ليس براعي إبل ولا غنم

532 - قد لفّها الليل بسوّاق حطم … ليس براعي إبل ولا غنم في الحماسة: قال: ابن رميض العنبري. وقوله: قد لفّها الليل: يريد الإبل، وجعل الفعل لليل على المجاز، والمعنى جمعها برجل متناهي القوة، عنيف السوق. وحطم: بناء للمبالغة وهو من الحطم، يعني الكسر: يعني أنه لا يرفق بما يسوق رفق الرعاة لأن الراعي مكترى لاستصلاح مرعيّه وحفظ ما ضمّ إليه بجهده. [سيبويه ج 2/ 14، والمرزوقي 355]. 533 - أقبلن من ثهلان أو وادي خيم … على قلاص مثل خيطان السّلم هذا رجز لجرير. وقوله: قلاص. جمع قلوص وهي الناقة الشابّة. وخيطان: جمع خوط وهو الغصن. أراد أن القلاص هزلت من شدة السفر حتى صارت كأغصان السلم في الدقة والضمر - والبيت شاهد على أنه يجوز أن يقال في جمع المذكر العاقل المكسّر «الرجال كلهنّ» باعتبار أنّ. نون أقبلن، ضمير العقلاء الذكور: أي: الرجال أو الركب، وإنما أنث لتأويله بالجماعة. والدليل على أن مرجع الضمير إلى الذكور أنه قال فيما بعد: حتى أنخناها إلى باب الحكم … خليفة الحجاج غير المتّهم .. ويؤيد هذا القول، قول الفرزدق «بحوران يعصرن السليط أقاربه» هذا، والحكم المذكور في الرجز هو الحكم بن أيوب الثقفي، وكان ابن عمّ الحجاج وعامله على البصرة. وهذا أول شعره قاله جرير في مدح الحكم، ثم أوصله هذا إلى الحجاج. [الخزانة ج 5/ 163].

قافية النون

قافية النون 1 - وإذا فلان مات عن أكرومة … رقعوا معاوز فقده بفلان ... البيت للمرّار الفقعسي. والمعاوز: جمع المعوز: الثوب الخلق. يقول: إذا مات منهم سيّد أقاموا موضعه سيّدا آخر. والبيت شاهد على أنّ فلانا يجوز أن يأتي في غير الحكاية، فإن فلانا الأول، وقع فاعلا لفعل يفسره ما بعده. وفلانا الثاني جرّ بالباء. وهما وقعا في غير الحكاية. [الخزانة/ 7/ 248، والأمالي للقالي/ 1/ 66]. 2 - أيها المنكح الثّريّا سهيلا … عمرك الله كيف يلتقيان هي شاميّة إذا ما استقلّت … وسهيل إذا استقلّ يماني ... البيتان لعمر بن أبي ربيعة ... والثريّا: هي بنت علي بن عبد الله بن الحارث ابن أمية الأصغر ... وسهيل: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزّهري، وكنيته أبو الأبيض. تزوج الثريا، فقال عمر بن أبي ربيعة يضرب لهما المثل بالكوكبين. والبيت الأول شاهد على أن «عمرك الله» يستعمل في القسم السؤالي ويكون جوابه ما فيه الطلب، وهو هنا جملة (كيف يلتقيان) فإن الاستفهام طلب الفهم، وهو هنا تعجّبيّ. [الخزانة/ 2/ 28، والشعر والشعراء/ 462، وشرح المفصل/ 9/ 91]. قال أبو أحمد: وليس في شعر القرن الأول، أرقّ وأعذب من شعر عمر بن أبي ربيعة. وما زال حتى يومنا رقيقا سهلا، وكأنك تقرأ شعرا حديثا معاصرا وهو يأسرك بقصصه الغزلي، حيث يمثّل لك القصة شاخصة أمامك، ولم يحسن شاعر الحوار الشعري، كما أحسنه عمر، تقرأ قصيدته فيخيل إليك أنك أمام مشهد مسرحيّ حيّ. هذا هو الصحيح في الحكم على شعر عمر بن أبي ربيعة ولكن: هل لشعره واقع اجتماعي؟ وهل كانت

3 - لو كنت من مازن لم تستبح إبلي … بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا إذن لقام بنصري معشر خشن … عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا

قصصه حقيقة؟ الجواب: ليس لمضمون قصصه واقع اجتماعي، فكل ما قاله خيال شاعر يتمنى، ولا يصل إلى ما يتمناه، ويذكر أسماء فتيات، ولا حقيقة لهنّ، قد يصادف وجود أسمائهن في الواقع، ولكن لا علاقة بين الاسم الشعري، والاسم الموجود في المجتمع. وكل ما كتبه مؤرخو الأدب من تفسيرات، هو تأويلات أكثرها باطلة. ومما يدل على ذلك أنهم اختلفوا في تفسير اسم الثريا، واسم سهيل: فقالوا: الثريا هي: بنت علي بن عبد الله بن الحارث بن أمية أو هي: الثريا بنت عبد لله بن الحارث، أو هي: الثريا بنت عبد الله بن محمد بن عبد الله. وأما سهيل: فقالوا: هو سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. أو سهيل بن عبد العزيز بن مروان. وإذا صحت نسبة هذا الشعر إليه، فإن الثريا، وسهيلا، وهما الكوكبان، ضربهما مثلا لأي اثنين في ذهنه رأى أنهما ليسا كفأين للزواج، وليس فيهما تورية كما قالوا عن سهيل وثريا حقيقيين. هذا، والقصص الذي يذكرونه عن علاقة الثريا الحقيقية، بعمر بن أبي ربيعة، قصص موضوع، لأنه ليس له سند يركن إليه، وليس في متنه ما يصدقّه العقل، لأن مثل هذه القصص لم تكن في الجاهلية، فكيف تكون في القرن الأول الإسلامي، وفي المدينة ومكة؟! 3 - لو كنت من مازن لم تستبح إبلي … بنو اللّقيطة من ذهل بن شيبانا إذن لقام بنصري معشر خشن … عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا البيتان للشاعر قريط بن أنيف العنبري، وهو شاعر إسلامي. هذا ما نقله البغدادي في (خ/ 7/ 446). ونقل عن التبريزي، أنه تتبّع كتب الشعراء فلم يظفر له بترجمة وإذا لم تكن له ترجمة، ولم يعرفه أحد، فكيف حكموا بأنه شاعر إسلامي. ولم يقولوا من أي العصور الإسلامية هو. مع أنّ مؤرخي الأدب يذكرون أحد أبيات المقطوعة التي منها البيتان، شاهدا على عقيدة «انصر أخاك ظالما أو مظلوما» الجاهلية. وهو البيت: لا يسألون أخاهم حين يندبهم … في النائبات على ما قال برهانا لعلّ الذي قال: إن الشاعر إسلامي، بنى حكمه على المعاني التي تشبه المعاني الإسلامية التي وردت في قول الشاعر: من المقطوعة.

4 - فنعم صاحب قوم لا سلاح لهم … وصاحب الركب عثمان بن عفانا

يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة … ومن إساءة أهل السوء إحسانا كأنّ ربّك لم يخلق لخشيته … سواهم من جميع الناس إنسانا ولكن قد تكون هذه المعاني معروفة في الجاهلية. وإن لم تكن معروفة، فإن الأبيات تكون ملفّقه، ففيها أبيات معانيها جاهلية صرفة، كالبيتين المذكورين للاستشهاد. والله أعلم. ويروى البيت الأول. (بنو الشقيقة) وهو الأصح. والشاعر قصد في الأبيات إلى بعث قومه على الانتقام من أعدائه، لا إلى ذمّهم وكيف يذمهم ووبال الذم راجع إليه (¬1). وفي البيتين شاهدان: الأول: أنّ «بنون» أشبه جمع المكسّر لتغير مفرده في الجمع فجاز تأنيث الفعل المسند إليه، كما يجوز في «الأبناء» الذي هو جمع مكسر. والثاني: أن «إذن» متضمنة لمعنى الشرط. وإذا كانت بمعنى الشرط الماضي جاز إجراؤها مجرى «لو» في إدخال اللام في جوابها كما في البيت. وفي هذا الشاهد أقوال أخرى. قال المرزوقي: مازن بن مالك، هم بنو أخي العنبر، وإذا كان كذلك، فمدح هذا الشاعر لهم، يجري مجرى الافتخار بهم. وقصد الشاعر في هذه الأبيات إلى بعث قومه على الانتقام له من أعدائه، وتهييجهم وهزّهم، لا ذمّهم، وكيف يذمهم، ووبال الذمّ راجع إليه. [الخزانة/ 7/ 441، وج 8/ 446، والمرزوقي/ 23]. 4 - فنعم صاحب قوم لا سلاح لهم … وصاحب الرّكب عثمان بن عفّانا البيت منسوب للشاعر كثيرّ بن عبد الله بن مالك النهشلي. شاعر مخضرم. وهو في رثاء عثمان بن عفّان رضي الله عنه. وفيه شاهد على أنّ مجيء فاعل نعم نكرة مضافة إلى مثلها، قليل. [الخزانة/ 9/ 415، وشرح المفصل/ 7/ 131، والدرر/ 2/ 113]. 5 - فما وجدت بنات بني نزار … حلائل أسودين وأحمرينا .. هذا البيت من قصيدة لحكيم الأعور ابن عيّاش الكلبي، من شعراء الشام هجا بها ¬

_ (¬1) أما الأعلم الشنتمري فيذكر في شرح حماسة أبي تمام أن الأبيات لأبي الغول الطّهوي وهو شاعر إسلامي (الناشر).

6 - وكان لنا فزارة عم سوء … وكنت له كشر بني الأخينا

مضر، ورمى فيها امرأة الكميت بن زيد بأهل الحبس، لما فرّ منه بثياب امرأته. ونزار: والد مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان. والبيت شاهد على أنّ جمع «أسود، وأحمر» جمع تصحيح شاذ. فكل صفة لا تلحقها التاء فكأنها من قبيل الأسماء، فلذا لم يجمع هذا الجمع: (أفعل فعلاء، وفعلان فعلى) وأجاز بعضهم أن يقال «أحمرون وسكرانون» واستدل بهذا البيت، وهو من الشذوذ [الخزانة/ 1/ 178، والدرر/ 1/ 19 والأشموني/ 1/ 81، والهمع/ 1/ 45]. 6 - وكان لنا فزارة عمّ سوء … وكنت له كشرّ بني الأخينا منسوب إلى عقيل بن علّفة المرّيّ، من شعراء الدولة الأموية. والبيت شاهد على أنّ «أخا» يجمع على «أخين» جمع مذكر سالما، كما يجمع (أب) على «أبين». [الخزانة/ 4/ 478]. 7 - إليكم يا بني بكر إليكم … ألمّا تعرفوا منّا اليقينا لعمرو بن كلثوم، من معلقته يخاطب بني عمه بكر بن وائل. وإليكم: اسم فعل، أي: ابعدوا وتنحوا عنا إلى أقصى ما يمكن من البعد. وكررها تأكيدا للأولى. والبيت شاهد على أن الهمزة الداخلة على «لمّا» للاستفهام التقريري أي: ألم تعرفوا منا إلى الآن الجدّ في الحرب عرفانا يقينا. أي: قد علمتم ذلك، فلم تتعرضوا لنا. [الخزانة/ 9/ 10]. 8 - وما إن طبّنا جبن ولكن … منايانا ودولة آخرينا البيت من أبيات لفروة بن مسيك المراديّ. وهو صحابيّ أسلم عام الفتح. والطب - بالكسر هنا، بمعنى: العلة والسبب، أي: لم يكن سبب قتلنا، الجبن. وإنما كان ما جرى به القدر من حضور المنيّة، وانتقال الحال عنا والدولة. والبيت شاهد على أنّ (ما الحجازية) إذا زيد بعدها (إن) لا تعمل عمل ليس، كما في هذا البيت. [الخزانة/ 4/ 112 والدرر/ 1/ 94 وشرح المفصل/ 8/ 129]. 9 - فإن أدع اللواتي من أناس … أضاعوهنّ لا أدع الذينا

10 - وقائلة أسيت فقلت جير … أسي إنني من ذاك إنه

البيت للكميت من قصيدة طويلة هجا بها قبائل اليمن، تعصبا لمضر. والمعنى: إن أدع ذكر النساء، فلا أدع الذين، يريد الرجال، أي: إني تركت شتم النساء فلا أترك شتم الرجال ... وهو شاهد على حذف صلة الموصول (الذين) وهذا لا يكون إلا عند ما تفهم صلة الموصول من السياق، كما في هذا البيت، أي: لا أدع الذين أضاعوا النساء. ولا يصحّ القول: جاء الذين. إذا لم يسبقه كلام لأنه كلام غير مفيد، هذا، وتقول العامة «يا ابن الذين.» ولا يذكرون الصلة. [الخزانة/ 6/ 157]. 10 - وقائلة أسيت فقلت جير … أسيّ إنني من ذاك إنّه لم أعرف قائل البيت. وقوله: وقائلة: أي: وربّ امرأة قائلة. وأسيت: حزنت. وأسيّ: حزين، وزنا ومعنى. والتقدير: أنا أسيّ. وخبر إنني، محذوف. أي: إنني أسيّ من ذاك، أي: بسبب ذاك. وإنّه: بمعنى، نعم، والهاء للسكت، و «جير» بمعنى «نعم» أو بمعنى «حقا». والشاهد قوله: «جير» فقال بعضهم: إن التنوين يدل على أن «جير» اسم وقال آخرون: «جير» حرف، والتنوين، لضرورة الشعر. [الخزانة/ 10/ 111 والدرر/ 2/ 52، والهمع/ 2/ 44، واللسان «أسا»]. 11 - إنّ المنايا يطّلعن … على الأناس الآمنينا البيت من قطعة منسوبة إلى (ذو جدن) من ملوك اليمن قبل الإسلام. عاش ثلاثمائة سنة. ولا أدري من الذي سمعها ونقلها، فملوك اليمن موغلون في القدم ولا يعرف لهم تاريخ. ويذكر علماء اللغة، أن لغة اليمن في صدر الإسلام، لم تكن من اللهجة القرشية، فكيف بها في الزمن الغابر. وأعجب من علماء النحو الذين يرفضون الاستشهاد بلغة الحديث الشريف التي رواها الثقات الضابطون، ويستشهدون بلغة الشعر الذي لا تعرف له نسبة صحيحة. والشاهد في البيت أن اجتماع (أل) والهمزة في «الأناس» لا يكون إلا في الشعر، والقياس «الناس» فإنّ أصله «أناس» فحذفت الهمزة وعوض عنها (أل) إلا أنها ليست

12 - تنفك تسمع ما حيي … ت بهالك حتى تكونه والمرء قد يرجو الحيا … ة مؤملا والموت دونه

لازمة، إذ يقال في السعة «ناس». وفي الموضوع آراء أخرى. [الخزانة/ 2/ 280]. 12 - تنفكّ تسمع ما حيي … ت بهالك حتى تكونه والمرء قد يرجو الحيا … ة مؤمّلا والموت دونه البيتان منسوبان لخليفة بن براز، وهو جاهلي. والمعنى: ما تزال تسمع: مات فلان، حتى تكون الهالك، والخطاب لغير معيّن. وقد أخذ بعضهم البيت الأول فقال: يقال فلان مات في كلّ ساعة … ويوشك يوما أن تكون فلانا وقوله: تنفك: أي: لا تنفكّ. وجملة تسمع خبر (لا تنفكّ) و «ما» مصدرية ظرفية. والهاء في (تكونه) ضمير الهالك، والأكثر في خبر كان إذا كان ضميرا أن يكون منفصلا، وهذا من القليل. والشاهد: أن حرف النفي من (تنفكّ) محذوف، والتقدير (لا تنفكّ) والأكثر أن يكون الحذف في جواب قسم، وأن يكون حرف النفي المحذوف (لا). [الخزانة/ 9/ 242] والهمع/ 1/ 111، والدرر/ 1/ 81 وشرح المفصل/ 7/ 109]. 13 - أخذت بعين المال حتى نهكته … وبالدّين حتى ما أكاد أدان وحتى سألت القرض عند ذوي الغنى … وردّ فلان حاجتي وفلان البيتان لمعن بن أوس المزني، وللبيتين قصة مع عبيد الله بن عباس. وقوله: نهكته: أي: أتلفته، يعني: تصرفت بالمال النّقد وأسرفت فيه إلى أن فني. ويقول في الشطر الثاني: أخذت الدّين من هنا ومن هنا حتى ما بقي من يقرضني. والبيت الثاني شاهد على أن «فلان» يجوز أن يأتي في غير الحكاية لأن «فلان» فاعل «ردّ». ويرى آخرون أن «فلان» لا تأتي إلا حكاية. ويرون أنه لا يقال: جاءني فلان، ولكن يقال: قال زيد: جاءني فلان. قال الله تعالى: يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا. [الفرقان: 27 - 28]. [الخزانة/ 7/ 253]. 14 - وكان لنا أبو حسن عليّ … أبا برّا ونحن له بنين

15 - فليت لنا من ماء زمزم شربة … مبردة باتت على طهيان

البيت منسوب لسعيد بن قيس الهمداني، قاله في أحد أيام صفّين. من قصيدة ترافقها قصّة. وأظنّ القصة والشعر مكذوبين، لأن أخبار حرب الجمل وصفين دخلها كثير من الوضع والكذب. وقوله: لنا: كان في الأصل نعتا لقوله «أبا برا» فلما قدم عليه صار حالا منه. ونحن: مبتدأ. وبنين: خبره. والبيت شاهد على رفع «بنين» بالضمة على النون، مع لزوم الياء. وقيل إنّه لا يكون إلا في الشعر، للضرورة. [الخزانة/ 8/ 75]. 15 - فليت لنا من ماء زمزم شربة … مبرّدة باتت على طهيان هذا البيت من قصيدة ليعلى الأحول الأزديّ. شاعر إسلامي لصّ قال هذه القصيدة وهو محبوس بمكة عند نافع بن علقمة الكناني والي مكة في خلافة عبد الملك بن مروان. وهو يتشوق في الأبيات إلى دياره، ويفضل العيش فيها على العيش بمكة، شوقا لا بغضا حيث يقول: وما بي بغض للبلاد ولا قلى … ولكنّ شوقا في سواه دعاني ويقول: وليت لنا بالجوز واللوز غيلة … جناها لنا من بطن حلية جاني وليت لنا بالديك مكّاء روضة … على فنن من بطن حلية داني وليت لنا من ماء زمزم. البيت. وهو صادق في شوقه، لأن الوطن موطنه القلب، والحنين إليه غريزة في النفس. وطهيان: في البيت الشاهد: جبل. والغيلة: بكسر الغين، ثمرة الأراك الرطبة، يفضلها على الجوز واللوز في مكة. وحلية: روضة في اليمن، وهي اليوم في جنوب السعودية. والبيت شاهد على أنّ «من» قد تأتي للبدل، أي: فليت لنا شربة بدل ماء زمزم. [الخزانة/ 9/ 453]. 16 - علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم … بأبيض ماضي الشّفرتين يمان

17 - غير مأسوف على زمن … ينقضي بالهم والحزن

فبتّ لدى البيت العتيق أريغه … ومطواي مشتاقان له أرقان هذا البيت من قصيدة ليعلى الأحول الأزدي، قالها وهو محبوس في مكة أيام عبد الملك بن مروان. وأريغه: أطلبه. وفي رواية: أشيمه: أي: أنظر إليه. ومطواي: مثنى: مطو، بكسر الميم وضمها: الصاحب. والبيت شاهد على أن بني عقيل وبني كلاب يجوّزون تسكين الهاء، كما في قوله «له» بسكون الهاء. وهي لغة لأزد السراة أيضا ويروى البيت: (ومطواي من شوق له أرقان) وعليه، لا شاهد له. [الخزانة/ 2/ 224]. 17 - غير مأسوف على زمن … ينقضي بالهمّ والحزن البيت لأبي نواس، الحسن بن هانئ، وبعده: إنّما يرجو الحياة فتى … عاش في أمن من المحن وأبو نواس، ليس ممن يستشهد بكلامه، وإنما تأتي أبياته في كتب النحو للتمثيل. وكذلك يكثر التمثيل بأبيات المتنبي مع أنه متأخر. والرأي عندي أن الاستشهاد بشعر المتنبي وأبي نواس خير من الاستشهاد بكثير من الشعر الذي يقال إنه جاهلي وهو غير معروف النسبة، أو معروف النسبة ولكنه غير موثوق بروايته، كالشعر الذي ينسب إلى ملوك اليمن وتبابعتهم وأمثالهم. والذي ينسب إلى الزبّاء. والبيت، مثال لإجراء غير قائم الزيدان، مجرى (ما قائم الزيدان) لكونه بمعناه. [الخزانة/ 1/ 345]. 18 - لأصبح الحيّ أوبادا ولم يجدوا … عند التفرّق في الهيجا جمالين وقبله: سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا … فكيف لو سعى عمرو عقالين البيتان قالهما عمرو بن العدّاء الكلبيّ. وعمرو: في البيت الثاني، هو عمرو بن عتبة ابن أبي سفيان، استعمله معاوية بن أبي سفيان على صدقات كلب، فاعتدى عليهم. وقوله: سعى: في الموضعين، من: سعى الرجل على الصدقة، أي: الزكاة، عمل في

19 - الله أعطاك فضلا من عطيته … على هن وهن فيما مضى وهن

أخذها من أربابها. وعقالا: وعقالين: منصوبان على الظرف: أراد: مدة عقال، ومدة عقالين. والعقال: صدقة عام. والسّبد: الشعر والوبر. وقولهم: ماله سبد ولا لبد: فمعناه: ماله ذو سبد، وهي الإبل والمعز ولا ذو لبد: وهي الغنم. ثم كثر حتى صار مثلا مضروبا للفقر. وكيف: خبر لمبتدأ محذوف أي: كيف حالنا. يقول: تولى علينا هذا الرجل سنة في أخذ الزكاة، فلم يترك لنا شيئا لظلمه، فلو تولى سنتين علينا على أي حال. كنا نكون؟ وقوله: لأصبح: جواب قسم مقدر. والحيّ: القبيلة. والأوباد جمع وبد، بفتحتين: شدة العيش وسوء الحال. وجمالين: تثنية «الجمال» جعل صنفا لترحّلهم، وصنفا لحربهم. والشاهد: أنه يجوز تثنية الجمع المكسر، فإن «جمالين» مثنى «جمال» أي: قطيعين من الجمال. ومنه الحديث «مثل المنافق كالشاة العائرة بين غنمين». [الخزانة/ 7/ 581، وشرح المفصل/ 4/ 153، والهمع/ 1/ 42]. 19 - الله أعطاك فضلا من عطيّته … على هن وهن فيما مضى وهن البيت لإبراهيم بن هرمة. أدرك الدولتين ومات في مدة هارون الرشيد. و «فضلا: الفضل: الزيادة، هنا، يقول: إن الله أعطاك فضلا على أبناء عمّك، أي: فضلّك عليهم. وقوله: فيما مضى: أي: من الأزل. وعبّر عن كلّ واحد منهم - بهن، الموضوع لما يستقبح ذكره من أسماء الجنس وليس «هن» هنا، كناية عن علم كلّ من المفضولين، ولو كان كناية عنهم لما غضبوا على الشاعر، كما تقول القصة. والمخاطب في البيت حسن ابن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ولو كان الغضب لمجرد التفضيل، ما بلغ غضبهم مبلغا كبيرا. والبيت شاهد على أنه قد يكنى بهن عن العلم الذي لا يراد التصريح به لغرض. [الخزانة/ 7/ 265]. 20 - عرفنا جعفرا وبني أبيه … وأنكرنا زعانف آخرين البيت لجرير، يخاطب فضالة العرنيّ. وأنكرنا: (نا) فاعل. وزعانف مفعوله. والزعانف: جمع زعنفه. والزعانف: الأتباع.

21 - وماذا يدري الشعراء مني … وقد جاوزت حد الأربعين

والبيت شاهد على أن نون الجمع قد تكسر في ضرورة الشعر كما في (آخرين). [الخزانة/ 8/ 6، وشرح التصريح/ 1/ 79، والهمع/ 1/ 79، والأشموني/ 1/ 89]. 21 - وماذا يدّري الشّعراء منّي … وقد جاوزت حدّ الأربعين البيت للشاعر سحيم بن وثيل. وقوله «يدّري» يقال: ادّراه، يدّريه، إذا ختله، وخدعه يقول: كيف يطمع الشعراء في خديعتي وقد جاوزت أربعين سنة، وقد جربت وعرفت الخديعة والمكر، فلا يتمّ عليّ شيء. والبيت شاهد على أنّ نون الجمع قد تعرب بالحركة على النون كما في (الأربعين). فقد جاءت «الأربعين» مكسورة النون، لأن البيت من قصيدة مكسورة القافية للشاعر: سحيم بن وثيل الرياحي، مطلعها البيت المشهور: أنا ابن جلا وطلّاع الثنايا … متى أضع العمامة تعرفوني وسحيم، شاعر مخضرم، عاش في الجاهلية أربعين سنة، وفي الاسلام ستين. [شرح المفصل/ 5/ 11، 13، وشرح التصريح/ 1/ 77، 99، والهمع/ 1/ 49، والأشموني/ 1/ 89 والأصمعيات/ 19، والخزانة/ 8/ 65]. 22 - كلا يومي طوالة وصل أروى … ظنون، آن مطّرح الظّنون للشماخ بن ضرار. وطوالة: موضع. وأروى: من أسماء النساء. والشاهد: «كلا يومي طوالة وصل أروى، ظنون» فإن قوله: «وصل أروى» مبتدأ. وقوله: «ظنون»: خبر المبتدأ وقد تقدم المبتدأ وتأخر الخبر على الأصل، ولكن قوله: «كلا يومي طوالة» ظرف متعلق بظنون الذي هو الخبر وقد تقدم هذا الظرف على المبتدأ. وتقديم المعمول يدل على أن العامل فيه يجوز أن يتقدم، فيكون في موضع هذا المعمول. فلما تقدم الظرف وهو معمول للخبر دلّ على أن الخبر العامل في هذا الظرف يجوز: أن يقع في الموضع الذي وقع فيه الظرف. [الإنصاف/ 67، وشرح المفصل/ 3/ 101].

23 - أصاب الملوك فأفناهم … وأخرج من بيته ذا جدن

23 - أصاب الملوك فأفناهم … وأخرج من بيته ذا جدن للأعشى، صناجة العرب. وذو يزن: من ملوك حمير. وذا جدن: صاحب جدن وجدن: اسم قصر. والشاهد: في «بيته» فالهاء من (بيته) يعود إلى «ذا جدن» ويروى (ذا يزن) وهو متأخر عن الضمير. وذلك يدل على أن العرب كانوا يعيدون الضمير على متأخر. [الإنصاف/ 69]. 24 - ألا يا اسلمي قبل الفراق ظعينا … تحيّة من أمسى إليك حزينا .. وقوله: يا اسلمي. المنادى محذوف تقديره: يا ظعينة اسلمي، لأن الفعل لا ينادى. وظعينا: منادى مرخم. يا ظعينة. على لغة من لا ينتظر. وتحية: يجوز نصبه على المفعول المطلق. أحييك تحية. ويجوز رفعه، خبرا لمبتدأ محذوف. [الإنصاف/ 101]. 25 - امتلأ الحوض وقال قطني … مهلا، رويدا، قد ملأت بطني قطني: اسم بمعنى: حسب: أو اسم فعل بمعنى: يكفي. ومهلا: مصدر نائب عن الفعل تقول: مهلا يا رجل، ومهلا يا رجلان. ويا رجال. وفي التأنيث كذلك بلفظ واحد، والمراد: أمهل وتريث. ورويدا: يأتي على واحد من أربعة أوجه: اسم فعل بمعنى «أرود» أي: أمهل. والثاني: مصدرا نائبا عن فعله. والثالث: أن يقع صفه كما تقول: سارسيرا رويدا. والرابع: أن يقع حالا كما تقول: ساروا رويدا. بحذف المصدر الذي نصبته على المفعول المطلق في الاستعمال الثالث. ومحل الشاهد في البيت «قطني» حيث وصل نون الوقاية بقط عند إضافته لياء المتكلم، وليس «قط» فعلا. فدل ذلك على أن نون الوقاية قد تلحق بعض الأسماء، لغرض من الأغراض. والغرض هنا المحافظة على سكون «قط» حتى لا يذهب ما بني عليه اللفظ وهو السكون - وعلى ذلك، فلحاق نون الوقاية لكلمة من الكلمات لا يدل على أنه فعل. [شرح المفصل/ 2/ 131، والأشموني/ 1/ 125 والخصائص/ 1/ 32]. 26 - نعمت جزاء المتقين الجنة … دار الأماني والمنى والمنّه

27 - قالوا كلامك هندا وهي مصغية … يشفيك؟ قلت: صحيح ذاك لو كانا

جزاء: فاعل نعمت - والجنة: مبتدأ مؤخر، وجملة (نعم) خبر مقدم. دار: بدل من الجنة. والشاهد: نعمت: فإن دخول تاء التأنيث الساكنة يدل على أن «نعم» فعل ماض. [الشذور: 21]. 27 - قالوا كلامك هندا وهي مصغية … يشفيك؟ قلت: صحيح ذاك لو كانا مجهول. وقوله: كلامك: مبتدأ - والكاف: مضاف إليه. هندا: مفعول به، لاسم المصدر «كلام». وهي مصغية - جملة حالية. يشفيك: الجملة خبر المبتدأ. صحيح: خبر مقدم. ذاك: اسم الإشارة مبتدأ مؤخر. كان - فعل ماض تام بمعنى حصل. والشاهد: كلامك هندا. حيث عمل (الكلام) عمل المصدر، التكليم، فنصب مفعولا به. [الشذور، والأشموني/ 2/ 288]. 28 - إنّ الثمانين - وبلّغتها - … قد أحوجت سمعي إلى ترجمان من قصيدة لأبي المنهال عوف بن محلم الخزاعي - يقولها في مدح عبد الله بن طاهر - وكان قد دخل عليه فسلّم، وأجابه عبد الله، فلم يسمع، فلما أعلم بذلك، دنا منه، وارتجل هذه القصيدة. وهو يعتذر عن عدم سماعه تحية الممدوح بأنه قد طعن في السن، ويدعو للممدوح أن يطيل الله في أجله. والشاهد: وبلغتها: فإن هذه الجملة معترضة بين جزئي جملة، وهما اسم إن وخبرها. والجملة المعترضة هنا دعائية لا محل لها من الإعراب. [الشذور، والهمع/ 1/ 248، وشرح أبيات المغني/ 6/ 199]. 29 - نحمي حقيقتنا وبعض القوم يسقط بين بينا لعبيد بن الأبرص الأسدي من كلمة يقولها لامرئ القيس. وكان بنو أسد قد قتلوا

30 - تذكر ما تذكر من سليمى … على حين التواصل غير دان

حجرا أبا امرئ القيس فأنذرهم امرؤ القيس وهددهم وفي ذلك يقول عبيد من قصيدة الشاهد. يا ذا المخوّفنا بقتل أبيه إذلالا وجبنا .... والحقيقة: ما يجب على الرجل أن يحفظه ويحميه، كالنفس والعرض والمال. والشاهد: (بين، بينا) حيث ركب الظرفين معا وجعلهما بمنزلة اسم واحد. فبناهما على فتح الجزئين لكونه أراد بهما معا الظرفية والظرف هنا، المركب متعلق بمحذوف حال من الضمير المستتر في «يسقط» والتقدير: وبعض القوم يسقط (هو) متوسطا: أي: واقعا في وسط المعركة. [شرح المفصل/ 4/ 117، والشذور/ 74، والهمع/ 2/ 229]. 30 - تذكّر ما تذكر من سليمى … على حين التواصل غير دان لم يعرف له قائل. والشاهد: «على حين التواصل غير دان» حيث روي لفظ «حين» على وجهين: الأول: الجرّ على أنه معرب، تأثر بالعامل الذي قبله وهو حرف الجر. والثاني: الفتح: على أنه مبني على الفتح في محل جرّ. وبعده جملة اسمية من مبتدأ وخبره، وهي في محل جرّ بإضافة حين إليها. فدل ذلك على أنّ لفظ «حين» وشبهه إذا أضيف إلى جملة اسمية. جاز فيه وجهان البناء والإعراب ولكن الإعراب في هذه الحال أرجح من البناء. وتجويز الأمرين هو مذهب الكوفيين، ويرى البصريون أنّ الظرف يعرب إذا جاور معربا، ويبنى إذا جاور مبنيا. [الشذور/ 80، والهمع/ 1/ 218، والأشموني/ 2/ 257]. 31 - ألم تريا أني حميت حقيقتي … وباشرت حدّ الموت والموت دونها والشاهد: والموت دونها: الواو: للحال. الموت: مبتدأ. دون: بالرفع خبر المبتدأ مرفوع بالضمة. والشاهد: رفع (دون) على أنه معرب متأثر بالعامل الذي هو المبتدأ - ويجوز فيه البناء على الفتح» إذا كانت القوافي منصوبة. [الشذور/ 81، والهمع/ 1/ 213، والحماسة/ 371، والبيت لموسى بن جابر.

32 - يحشر الناس لا بنين ولا آباء … إلا وقد عنتهم شؤون

32 - يحشر الناس لا بنين ولا آباء … إلّا وقد عنتهم شؤون لم يعرف قائله. قوله: لا بنين: لا: نافية للجنس، بنين: اسمها مبني على الياء، وخبرها محذوف. لا آباء: لا، واسمها مبني على الفتح والخبر محذوف. إلّا: استثناء. (وقد عنتهم شؤون) جملة حالية. وهذا الحال في المعنى مستثنى من عموم الأحوال. والشاهد: لا بنين: حيث جاء اسم «لا» جمعا، فبني على الياء. خلافا للمبرد الذي يرى أن المثنى وجمع المذكر السالم، يعربان إذا جاءا اسم «لا» النافية للجنس. [الشذور/ 84، والهمع/ 1/ 146، والأشموني/ 2/ 7]. 33 - يا طلحة بن عبيد الله قد وجبت … لك الجنان وبوّئت المها العينا منسوب إلى أبي بكر رضي الله عنه يقوله في طلحة بن عبيد الله - طلحة الفياض وكان قد قام في يوم أحد مقاما محمودا إذ دفع عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. وقوله: بوّئت: أراد هنا معنى أفردت بها. والمها: البقرة الوحشية، والعرب تستعيرها للمرأة. والعين: جمع عيناء وهي واسعة العينين. يا: أداة نداء. طلحة: منادى. يجوز ضمه وفتحه، فإن ضممته فهو مبني على الضمّ في محل نصب لأنه مفرد علم. وإن فتحته: فقيل: هو مبني على الضم المقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة الاتباع وقيل: هو منصوب بالفتحة لأنه مضاف إلى ما بعد ابن، ولفظ (ابن) مقحم وقيل: هو مع ابن مركبان تركيب (خمسة عشر) فهو مبني على فتح الجزئين. والأول أقوى. وقوله «ابن» هو بالفتح: فإن ضممت طلحة فهو نعت له بالنظر إلى محله. وإن فتحت «طلحة» فهو نعت له بالنظر إلى محله أيضا، لأن فتحة طلحة، فتحة إتباع. وقوله: المها: إما منصوب على نزع الخافض وإما مفعول ثاني ل «بوّئت». والشاهد: يا طلحة بن عبيد الله. فإن المنادى هنا وهو طلحة، علم مفرد وقد وصف بابن وهذا الوصف مضاف إلى علم، وهو عبيد الله، وهذا العلم الثاني أبو العلم الأول، والمنادى إذا كان بهذه الصفة جاز فيه الضم على الأصل والفتح على أحد وجوه ثلاثة:

34 - أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا … إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا

للاتباع، أو للبناء على فتح الجزئين - والإعراب، على أنّ «ابن» مقحمة بين المضاف والمضاف إليه. الشذور/ 114]. 34 - أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا … إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا والشاهد: أقاطن قوم: حيث اكتفى بالفاعل «قوم» عن خبر المبتدأ لكون ذلك المبتدأ وصفا معتمدا على أداة الاستفهام وهي الهمزة. وقوله: فعجيب: الفاء: واقعة في جواب الشرط. عجيب: خبر مقدم. عيش: مبتدأ مؤخر. والجملة جواب الشرط. [شذور الذهب/ 181، وشرح التصريح/ 1/ 157]. 35 - أنكرتها بعد أعوام مضين لها … لا الدار دارا ولا الجيران جيرانا قوله: أنكرتها: أي: لم أعرفها لدثور علاماتها الدالة عليها. يصف دارا كان يلقى أحبابه فيها قبل مضي أعوام بأنه لما مرّ بها لم يعرفها لتغيرها وذهاب معارفها. والشاهد: لا الدار دارا. ولا الجيران جيرانا حيث أعمل «لا» في الموضعين عمل «ليس» مع أن اسمها في الموضعين معرفة. وحق اسمها التنكير. وقد جاء في شعر المتنبي: «فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا». [شذور الذهب]. 36 - صددت الكأس عنّا أمّ عمرو … وكان الكأس مجراها اليمينا لعمرو بن كلثوم من معلقته. وكان: الواو: للحال، كان الكأس: كان واسمها. مجراها: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة. اليمينا: ظرف مكان متعلق بمحذوف خبر المبتدأ. وجملة المبتدأ والخبر خبر كان. ويجوز أن يكون قوله «مجراها» بدلا من الكأس. وقوله اليمينا: ظرف متعلق بمحذوف خبر كان. والشاهد: «اليمينا» حيث نصبه على الظرف، وكونه خبر المبتدأ. 37 - إذا ما الغانيات برزن يوما … وزجّجن الحواجب والعيونا

38 - إن يقل هن من بني عبد شمس … فحرى أن يكون، ذاك، وكانا

للراعي النميري من قصيدة مطلعها: أبت آيات حبّي أن تبينا … لنا خبرا، وأبكين الحزينا والشاهد: والعيونا: فإن هذه الكلمة لا تصلح أن تكون معطوفة على ما قبلها عطف مفرد على مفرد، لانتفاء اشتراك المعطوف - وهو العيون - مع المعطوف عليه وهو الحواجب - في العامل، وهو «زججت، لأن التزجيح هو ترقيق الحواجب. ولا يصلح أن يكون قوله «العيون» مفعولا معه لأن الإخبار بالمعية هاهنا لا يفيد شيئا. ولذلك وجب واحد من أمرين: الأول: أن يتضمن العامل. زجج - معنى فعل آخر يصلح تسليطه عليهما مثل «جملن وحسّنّ. وحينئذ يكون الثاني معطوفا على الأول. والثاني: أن تجعل العيون مفعولا به لفعل محذوف، تقديره وكحلن. [الإنصاف/ 610، والشذور، والهمع/ 1/ 22، والأشموني/ 2/ 140، وشرح المفصل/ 6/ 92]. 38 - إن يقل هنّ من بني عبد شمس … فحرى أن يكون، ذاك، وكانا منسوب للأعشى ميمون. فحرى: الفاء واقعة في جواب الشرط حرى: فعل ماض ناقص. أن يكون: المصدر المؤول خبرها. ذاك: اسم الإشارة اسم حرى. ويكون: فعل تام فاعله مستتر. وكان: فعل تام، فاعله مستتر. والشاهد: (حرى) حيث استعمل فعلا دالا على الرجاء. [الشذور/ 268، والهمع/ 1/ 128]. 39 - لمّا تبيّن مين الكاشحين لكم … أنشأت أعرب عما كان مكنونا الكاشحون: المبغضون. والمين: الكذب. وأنشأت: شرعت. والشاهد: أنشأت أعرب: حيث أتى بخبر «أنشأ» فعلا مضارعا مجردا من أن المصدرية وذلك واجب في هذا الفعل وفي أفعال الشروع كلها. [الشذور: 277 والهمع/ 1/ 128]. 40 - إن هو مستوليا على أحد … إلا على أضعف المجانين غير منسوب.

41 - ووجه مشرق اللون … كأن ثدياه حقان

والشاهد: إن هو مستوليا حيث أعمل «إن» النافية عمل ليس، فرفع بها الاسم، وهو الضمير المنفصل، ونصب بها الخبر وهو قوله «مستوليا» ويؤخذ من هذا الشاهد: أن «إن» النافية مثل «ما» من أنها لا تختص بالنكرات كما تختص بها «لا» فإن الاسم في البيت ضمير. والشاعر يصف رجلا بالعجز وضعف التأثير فيقول: إنه ليس غالبا لأحد من الناس ولا مؤثرا فيه إلا أن يكون ذلك المغلوب والمؤثر فيه من ضعاف العقول. [الخزانة/ 4/ 166، والشذور، والهمع/ 1/ 125، والأشموني/ 1/ 255]. 41 - ووجه مشرق اللون … كأن ثدياه حقّان غير منسوب. والحقان: تثنية حقّ، وهو قطعة من خشب أو عاج تنحت أو تسوّى، شبه بهما الثديين في نهودهما واكتنازهما. قوله: ووجه: يروى بالرفع على أن الواو للعطف والاسم معطوف على مذكور سابق ويروى بالجر على أن الواو واو ربّ، ووجه: مبتدأ. مرفوع بضمة مقدرة ومشرق: صفة. والشاهد: كأن ثدياه حقان: حيث خفف كأن وحذف اسمه وجاء بخبره جملة اسمية من المبتدأ وخبره «ثدياه حقان». ولما كانت جملة الخبر اسمية لم يحتج إلى فاصل يفصلها من «كأن». [سيبويه/ 3/ 128، والشذور، والإنصاف/ 197، وشرح المفصل/ 8/ 72، والهمع/ 1/ 143 والخزانة/ 10، 398]. 42 - ربّ وفّقني فلا أعدل عن … سنن الساعين في خير سنن مجهول. والسّنن: بفتح السين والنون: الطريق. والشاهد: فلا أعدل. حيث نصب المضارع «أعدل» بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب فعل الدعاء الذي هو «وفّق» ومنه يتبين أن الفصل بلا النافية بين الفاء والفعل لا يمنع من عمل النصب. [الشذور، والهمع/ 2/ 11، والأشموني/ 3/ 302]. 43 - ألا رسول لنا منا فيخبرنا … ما بعد غايتنا من رأس مجرانا لأمية بن أبي الصلت: يقول: إن الإنسان إذا مات لم يعرف مدة إقامته في القبر إلى أن

44 - فقلت ادعي وأدعو إن أندى … لصوت أن ينادي داعيان

يبعث، فيتمنّى أن يجيئه رسول من الأموات يخبره بحقيقة ذلك ... ألا: كلمة أصلها مركبة من همزة الاستفهام ولا النافية للجنس، وصار معناها التمني. وبقي ل «لا» عملها بعد التركيب: رسول: اسمها مبني على الفتح وخبرها الجار والمجرور «لنا» ويروى لنا (منها) أي: من القبور. ما بعد: ما استفهامية مبتدأ. بعد: خبر المبتدأ. والشاهد: فيخبرنا: حيث نصب المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية. الواقعة في جواب التمني المدلول عليه بقوله «ألا». [سيبويه/ 1/ 240، والشذور/ 309]. 44 - فقلت ادعي وأدعو إنّ أندى … لصوت أن ينادي داعيان يروى للأعشى، ويروى للحطيئة. ونسب إلى الفرزدق، ونسب إلى غيرهم. وقوله: أندى: أفعل تفضيل من قولهم: ندي صوته يندى ندى: من باب فرح - إذا بعد أمده وامتدّ. وقوله: ادعي: فعل أمر، والياء فاعله. وأدعو: مضارع منصوب بأن مضمرة بعد واو المعية. إنّ أندى: إنّ واسمها: لصوت: متعلقان ب «أندى» وقيل: اللام زائدة، وأندى: مضاف، وصوت مضاف إليه. وخبر (إنّ) المصدر المؤول (أن ينادي داعيان) وداعيان: فاعل، ينادي. والشاهد: وأدعو: منصوب بأن مضمرة بعد واو المعية الواقعة في جواب الأمر. وقبل البيت الشاهد: تقول حليلتي لما اشتكينا … سيدركنا بنو القرم الهجان ويروى الشاهد: فقلت ادعي وأدع فإنّ أندى، أي: ولأدع، مجزوم بلام أمر محذوفة. ولكن ابن قتيبة عاب هذه الرواية، وعدها من عيوب الإعراب في مقدمة كتاب «الشعر والشعراء». [سيبويه/ 1/ 226، والإنصاف/ 531، وشرح المفصل/ 7/ 33، وشرح المغني/ 6/ 229، والشذور]. 45 - أبالموت الذي لا بدّ أنّي … ملاق - لا أباك - تخوّفيني

46 - حيثما تستقم يقدر لك الل … هـ نجاحا في غابر الأزمان

لأبي حية النميري. وقوله: أبالموت: الهمزة للاستفهام - بالموت: جار ومجرور متعلقان بالفعل في آخر البيت. الذي: صفة للموت. لا بدّ: لا: النافية للجنس. بدّ: اسمها مبني على الفتح. وقوله: (أني ملاق) أنّ واسمها وخبرها: مصدر مجرور بحرف جرّ محذوف، متعلقان بمحذوف خبر «لا». (لا أباك) أبا: اسم لا منصوب بالألف نيابة عن الفتحة، والكاف مضاف إليه. وخبر «لا» محذوف. تخوفيني: مضارع مرفوع بالنون المحذوفة تخفيفا، والنون الموجودة للوقاية والياء الأولى فاعل، والياء الثانية، مفعول به. والشاهد: «لا أباك» حيث استعمل «أبا» اسما للا النافية للجنس وأضافه إلى ضمير المخاطبة، فيكون قولهم «لا أباك» من باب الإضافة واللام مقحمة بين المضاف والمضاف إليه، وهذا أحد أقوال كثيرة في هذا التعبير. ومثله قول الدارمي: وقد مات شمّاخ ومات مزرّد … وأيّ كريم: لا أباك مخلّد وفيه شاهد آخر: في «تخوفيني»: حيث حذف نون الرفع وأبقى نون الوقاية ومنهم من يثبت النونين. تخوفينني. ومنهم من يدغم فيقول: تخوفونّي. ومنهم من يرى أنّ المحذوف نون الوقاية، ونون الرفع باقية وهو الأنسب لعدم وقوع الالتباس. [شرح المفصل/ 2/ 105، والشذور والهمع/ 1/ 145]. 46 - حيثما تستقم يقدر لك الل … هـ نجاحا في غابر الأزمان غير منسوب. وغابر الأزمان: باقيها. والشاهد: حيثما تستقم يقدر: حيث جزم بحيثما فعلين. [الشذور، وشرح المغني/ 3/ 153]. 47 - دعتني أخاها أمّ عمرو ولم أكن … أخاها، ولم أرضع لها بلبان قاله عبد الرحمن بن الحكم، من أبيات يشبب فيها بامرأة مروان بن الحكم فيما زعموا. دعتني: فعل ماض - والياء مفعوله الأول. أخاها: مفعوله الثاني ولم أكن أخاها: الجملة حالية.

48 - أجهالا تقول بني لؤي … لعمر أبيك أم متجاهلينا

والشاهد: دعتني أخاها: حيث عدى الفعل (دعا) إلى مفعولين من غير توسط حرف الجر بينه وبين أحدهما. ودعا: هنا: بمعنى سمّى، فكأنه قال: سمته أخاها. فإن كان بمعنى «نادى» تعدت إلى واحد. [شرح المفصل/ 6/ 27 والشذور]. 48 - أجهّالا تقول بني لؤيّ … لعمر أبيك أم متجاهلينا قاله الكميت بن زيد الأسدي. أجهّالا: الهمزة للاستفهام. جهّالا: مفعول ثان لتقول «الآتي» تقدم عليه. تقول: بمعنى تظن: بني: مفعوله الأول. لعمر أبيك، اللام للابتداء. عمر: مبتدأ. وخبره محذوف وجوبا. أم متجاهلينا: معطوف على «أجهالا» في أول البيت. والشاهد: إعمال «تقول» عمل «تظن» وهو مضارع مبدوء بتاء الخطاب ومسبوق بهمزة الاستفهام، وقد فصل بينه وبين الهمزة، بأحد المفعولين وهو قوله «أجهّالا». [سيبويه/ 1/ 63، وشرح المفصل/ 7/ 78، والشذور، والهمع/ 1/ 157، والأشموني 2/ 37]. 49 - فلا أعني بذلك أسفليكم … ولكنّي أريد به الذّوينا هنا البيت من قصيدة الكميت بن زيد هجا بها أهل اليمن تعصبا لمضر. والذوين: الأذواء، وهم ملوك اليمن المسمون بذي يزن، وذي جدن وذي نواس وهم التبابعة. يقول: لا أعني بهجوي إياكم أراذلكم وإنما أعني عليتكم وملوككم وفي البيت شواهد كثيرة. 1 - على أن الذوين داخل في حدّ الجمع، لأن واحده (ذو). 2 - وعلى أنّ قطع «ذو» عن الإضافة وإدخال اللام عليه شاذ. 3 - وعلى أن كسر عين الكلمة (الواو) من الذوين، مخالف للقاعدة، وكان حقها أن تفتح، لأن (ذوين) جمع «ذوى» فعينه مفتوحة. فلو سميت رجلا «ذو» لقلت هذا «ذوى» فتردّ ما ذهب منه لأنه لا يكون اسم على حرفين وسيبويه/ 2/ 43، والهمع/ 2/ 50، والدرر/ 2/ 62 والخزانة/ 1/ 140]. 50 - ليت شعري مقيم العذر قومي … لي أم هم في الحبّ لي عاذلونا البيت غير منسوب.

51 - ما رأيت امرأ أحب إليه … البذل منه إليك يا ابن سنان

ليت شعري: ليت: واسمها، وخبرها محذوف أي: ليت علمي حاصل. مقيم: مبتدأ العذر: مفعوله. قومي: فاعل سدّ مسدّ الخبر. وفي البيت شاهدان: الأول: مقيم العذر قومي. حيث أعمل اسم الفاعل (مقيم) عمل الفعل لكونه معتمدا على همزة استفهام محذوفة. والأصل «أمقيم .. ؟» والدليل على وجود الاستفهام قوله «ليت شعري» فإن هذه العبارة يقع بعدها الاستفهام البتة إما مذكورا وإما مقدّرا. ووجود (أم) فإنها تعادل الهمزة. والشاهد الثاني: ليت شعري: وهي كلمة تساق عند التعجب من الأمر وإظهار غرابته. وخبر ليت لا يذكر في هذا التركيب قال قوم: إنه محذوف بلا تقدير ولا تعويض. فتكون جملة الاستفهام بعده في محل نصب مفعول به «لشعري» كأنه قال: ليت علمي جواب هذا الاستفهام حاصل. وقال آخرون: الاستفهام قائم مقام خبر ليت. [الشذور، والهمع/ 2/ 95]. 51 - ما رأيت امرأ أحبّ إليه … البذل منه إليك يا ابن سنان مجهول. وليس لزهير كما يظنّ، وأظنه من صناعة النحويين على الشاهد: «أحبّ. البذل» حيث رفع أفعل التفضيل «أحبّ» الاسم الظاهر غير السّببي. وهو «البذل» لكونه وقع وصفا لاسم جنس وهو قوله «امرأ» مسبوق بنفي (ما رأيت) والاسم الظاهر مفضل على نفسه باعتبارين: فالبذل باعتبار كونه محبوبا لابن سنان، غيره باعتبار كونه محبوبا لمن عدا ابن سنان. وهو مفضل في الحالة الأولى على نفسه في الحالة الثانية وهو الذي يعبّر عنه العلماء «بمسألة الكحل». [الشذور، والهمع/ 2/ 102]. 52 - أنا ابن جلا وطلّاع الثّنايا … متى أضع العمامة تعرفوني قاله: سحيم بن وثيل الرياحي. وتمثّل به الحجاج بن يوسف، وللحجاج فضل شهرة هذا البيت. وجلا: أصله فعل ماض ثم سمّي به كما سمّي بيزيد ويشكر. وقيل هو فعل وهو مع فاعله، صفة لموصوف محذوف تقديره: أنا ابن رجل جلا الأمور وأوضحها. وقيل: هو «جلا» بالتنوين، مصدر أصله المدّ فقصره. والأصل أنا ابن جلاء. والمعنى: أنه واضح

ظاهر لا يخاف ولا يداهن وإنما هو شجاع. وحمله على المعنيين الثاني والثالث أولى، لأنّ حمله على الأول، معناه أنّ اسم أبي الشاعر «جلا» أو أحد أجداده وليس في آبائه من سمي بهذا الاسم، أو لقّب به. أنا: مبتدأ. ابن: خبره. وجلا: مضاف إليه. إذا كان اسما علما. وطلّاع: معطوف على خبر المبتدأ بالرفع. والشاهد: متى أضع. تعرفوني حيث جزم بمتى فعلين. الأول «أضع» والثاني تعرفوني. وعلامة جزم الجواب حذف النون، والنون الموجودة، نون الوقاية، ولو كان مرفوعا لقال: تعرفونني. وقوله: أضع. بمعنى أخلع العمامة. وقصة الحجاج تدل على ذلك، لأنه وقف على المنبر ملثّما ثم أزال اللثام. ووضعت المرأة ثوبها: خلعته وفي التعبيرات الدارجة اليوم: وضعت السرج على الحصان، أو وضعت العمامة على رأسي. ولم أجد هذا الأسلوب في الأساليب المستعملة. وإنما يقال. وضع فلان الشيء: ألقاه من يده وحطّه، ضد رفعه. ووضع الشيء إلى الأرض: أنزله. ووضع الشيء في المكان: أثبته. ووضع يده في الطعام: إذا جعل يأكله. ووضع عنه الأمر: أسقطه. ووضع الشيء وضعا: تركه. وعلى هذا نقول: وضعت العمامة أو العقال في رأسي، وليس على رأسي. ويروى أنّ ملك اليمن (يحيى حميد الدين) علم أنّ مندوب اليمن في الجامعة العربية يخلع عمامته عند ما يجتمع بالناس، فأرسل إليه (متى أضع العمامة تعرفوني) والبيت في سياق خلع العمامة وليس إثباتها. ولكن قد يستشهد بالبيت في مجال «لبس العمامة» فكما أن خلع العمامة يوضّح لابسها، فكذلك لبس العمامة يعرّف بصاحبه، لأن العمامة زيّ وشعار به تعرف الأقوام ولذلك يمكن تفسير قول إمام اليمن بمعنى «متى أضع العمامة في رأسي، أو أضع رأسي في العمامة على القلب. وإنما ذكرت قصة إمام اليمن (المتوفى سنة 1948 م) لأنه كان أديبا ناظما، ولا يخفى عليه معنى بيت الشعر. وكان - رحمه الله - يرى الاعتماد على النفس في تعمير البلاد، ومن كلامه: «لأن تبقى البلاد خربة وهي تحكم نفسها أولى من أن تكون عامرة ويحكمها أجنبي». وصدق ظنه، فما جنينا من الانفتاح على حضارة الغرب إلا مزيدا من القيود والاستعمار. [سيبويه/ 2/ 7 /، وشرح المفصل/ 1/ 61، و 3/ 59، والخزانة/ 1/ 255 وشرح أبيات المغني/ 4/ 6 والهمع/ 1/ 30، والأشموني/ 3/ 260].

53 - صاح شمر، ولا تزل ذاكر المو … ت فنسيانه ضلال مبين

53 - صاح شمّر، ولا تزل ذاكر المو … ت فنسيانه ضلال مبين غير منسوب. صاح: منادى مرخم بحرف نداء محذوف، وأصله - يا صاحبي. شمّر: فعل أمر. لا تزل: لا: الناهية. تزل: مضارع مجزوم، وهو فعل ناقص واسمه مستتر، ذاكر: خبره. وهو الشاهد: حيث عمل مضارع «زال» في الاسم والخبر، وهو مسبوق بالنهي، الذي هو أخو النفي. 54 - فو الله ما فارقتكم قاليا لكم … ولكنّ ما يقضى فسوف يكون البيت للأفوه الأودي، في [الهمع/ 1/ 110، والأشموني/ 1/ 225]. البيت للأفوه الأودي، في [الهمع/ 1/ 110، والأشموني/ 1/ 225]. والشاهد: ولكنّ ما يقضى. وقد توهم ابن هشام في «القطر» أنّ (لكنّ) مكفوفة ب (ما). وليس كذلك لأن «ما» هنا اسم موصول اسم لكنّ. وجملة سوف يكون: خبر لكن ويكون في آخر البيت: تامة، وفاعله مستتر. وما أظنّ أن ابن هشام يغيب عنه هذا المعنى، ولعله من زيادات النساخين. 55 - أنا ابن أباة الضيم من آل مالك … وإن مالك كانت كرام المعادن البيت للطرماح، الحكم بن حكيم. [في الهمع/ 1/ 141، والأشموني/ 1/ 289]. والشاهد: «وإن مالك: حيث خفف (إنّ) المؤكدة وأهملها فلم ينصب بها الاسم، بل جاء بعدها بالمبتدأ مرفوعا وبخبره. ولم يدخل اللام في خبرها لتكون فارقة بين النفي والإثبات. ولو أدخل اللام لقال: وإن مالك لكانت. وإنما لم يدخل اللام هنا، ارتكانا على انفهام المعنى ووضوحه لأنّ البيت مسوق للافتخار والتمدّح بكرم الآباء فلو حملت «إن» على أنها نافية لكان المعنى مناقضا لما سيق له البيت. 56 - ولست براجع ما فات مني … بلهف ولا بليت ولا لوانّي لم يعرف قائله. وليس براجع. ليس واسمها وخبرها. والباء في «براجع» زائدة «ما» مفعول به لراجع. وفاعل «راجع» ضمير مستتر.

57 - يا يزيدا لآمل نيل عز … وغنى بعد فاقة وهوان

وقوله: بلهف: الباء حرف جرّ. والمجرور محذوف. ولهف: منادى مضاف لياء المتكلم بحرف نداء محذوف والتقدير: بقولي: يا لهفي والتقدير في قوله «بليت» بقولي: يا ليتني. والشاهد - بلهف - وبليت فإنهما مناديان بحرف نداء محذوف وأصل كل منهما مضاف لياء المتكلم ثم قلبت ياء المتكلم ألفا بعد أن قلبت الكسرة التي قبلها فتحة ثم حذفت من كلّ منهما الألف المنقلبة عن ياء المتكلم واكتفي بالفتحة التي قبلها. والأحسن أن تعدّ «بلهف» بمعنى التلهف. وليت بمعنى التمني ويكون الإعراب للفظ نفسه - لهف: مجرور، وكذلك لفظ ليت. [الإنصاف/ 390، والأشموني/ 2/ 282، والخصائص/ 3/ 135]. 57 - يا يزيدا لآمل نيل عزّ … وغنى بعد فاقة وهوان غير منسوب. وقوله: يا يزيدا: منادى مستغاث به مبني على الضم المقدر على آخره منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة المأتي بها من أجل الألف. وهو الشاهد: حيث ألحق به الألف ولم يدخل عليه اللام في أوله، وهو مستغاث به. وحقه أن يقول: يا ليزيد. [الأشموني/ 3/ 166، وشرح أبيات المغني/ 6/ 158]. 58 - ولقد علمت بأنّ دين محمد … من خير أديان البرية دينا من كلام أبي طالب عم النبي صلّى الله عليه وسلّم. ولقد: اللام موطئة للقسم ... وجملة علمت: جواب القسم ودينا: تمييز، وهو الشاهد. [الخزانة/ 2/ 76، وج 9/ 397]. 59 - هل تذكرون إلى الدّيرين هجرتكم … ومسحكم صلبكم رحمان قربانا البيت لجرير يهجو الأخطل النصراني من قصيدته التي مطلعها: بان الخليط ولو طوعت ما بانا … وقطّعوا من حبال الوصل أقرانا

60 - أعرف منها الجيد والعينانا … ومنخرين أشبها ظبيانا

والشاهد. «رحمن» فهو معمول لقول محذوف وهذا القول المحذوف مصدر فيكون فيه إعمال المصدر وهو محذوف. فقوله: رحمن: منادى بحرف نداء محذوف، وجملة النداء مقول لقول محذوف والتقدير: وقولكم يا رحمان. قلت: هذا هجاء تافه. وما كان لجرير أن يشغل الناس به، لأنهم يعرفونه ولا يطربون لذكره. وهو أيضا، هجاء لا يؤذي الأخطل وبني تغلب، لأنهم يفعلونه وهم مؤمنون به، ويرون فيه عادة مستحسنة يربون أولادهم عليها. ولو كان جرير بارعا في الهجاء - كما يزعم النّقاد - لجاءنا بما لم نعرف، وبما يعرفه المهجو ويكتمه، لأنه يرى فيه منقصة. وهجاء النصراني بنصرانيته، لا يعدّه النصراني عيبا، والإسلام الذي يؤمن به جرير، خيّر النصراني بين البقاء على دينه ونصرانيته، وبين الجزية، والجزية ليست عقوبة، ولكنها ضريبة حماية لهم، ولذلك، عند ما فتح خالد ابن الوليد حمص، وأخذ الجزية من أهلها، ثم سحب قواته منها، أعاد الجزية إلى أهلها، لأنّ ضريبة الجزية لا تجب إلا على من يكونون في حماية المسلمين. ولو أبيح للأخطل أن يجيب جريرا بمثل ما يهجوه به لعاب جريرا وقومه، بما يراه النصارى عيبا. فالمعركة الأدبية هنا ليست متكافئة. ومع ذلك كله، فإن هجاء النصارى وعيبهم بدينهم، ليس من المنهج الإسلامي، لأن الإسلام أبقاهم على دينهم وكفل لهم حماية أماكن عبادتهم. ولو نهج المسلمون المنهج الإسلامي الصحيح - بعد الصدر الأول - لاختار النصارى دين الإسلام، ولم يبق نصرانيّ. 60 - أعرف منها الجيد والعينانا … ومنخرين أشبها ظبيانا قاله رجل من ضبّة، وقيل لرؤبة. وظبيان: اسم رجل. أراد: أشبها منخري ظبيان. والشاهد في البيت: والعينانا: حيث فتح نون المثنى مع الألف، وحقّه «العينين» لأنه معطوف على منصوب. [شرح المفصل/ 3/ 129]. و [الهمع/ 1/ 49، والأشموني/ 1/ 90، والخزانة/ 7/ 452]. 61 - أيها السائل عنهم وعني … لست من قيس ولا قيس مني مجهول. أو موضوع.

62 - قومي ذرا المجد بانوها وقد علمت … بكنه ذلك عدنان وقحطان

والشاهد: عني - ومني. حيث حذف نون الوقاية منها شذوذا للضرورة. فقوله «عني» بتخفيف النون وكذلك «مني». [الخزانة/ 5/ 380]. 62 - قومي ذرا المجد بانوها وقد علمت … بكنه ذلك عدنان وقحطان مجهول. وقومي: مبتدأ: ذرا: مبتدأ ثان. بانوها: خبر المبتدأ الثاني وجملة وقد علمت: حالية. والشاهد: «قومي ذرا المجد بانوها»: حيث جاء بخبر المبتدأ مشتقا ولم يبرز الضمير لأمن اللبس. والتقدير: بانوها هم. [العيني/ 1/ 157، والهمع/ 1/ 96]. 63 - لك العزّ إن مولاك عزّ وإن يهن … فأنت لدى بحبوحة الهون كائن غير منسوب. والبحبوحة: وسط الشيء. والشاهد: «كائن»: حيث صرح به وهو متعلق الظرف الواقع خبرا، شذوذا، وذلك لأن الأصل إذا كان الخبر ظرفا أو جارا ومجرورا أن يكون كل منهما متعلقا بكون عام واجب الحذف. وليس بشيء هذا، فإن الذوق لا يأباه. [الهمع/ 1/ 98 وج 2/ 108، وشرح أبيات المغني/ 6/ 342]. 64 - لولا اصطبار لأودى كلّ ذي مقة … لمّا استقلّت مطاياهنّ للظّعن غير منسوب. والشاهد: «اصطبار» فإنه مبتدأ، مع كونه نكرة، والمسوّغ لوقوعه مبتدأ، وقوعه بعد «لولا» فحاجة لولا إلى الجواب يقلل شيوع النكرة. وقوله: «أودى». هلك. والمقة: الحب. وفعله «ومق». [الهمع/ 1/ 101، والعيني/ 1/ 352، والتصريح/ 1/ 170]. 65 - فأصبحوا والنّوى عالي معرّسهم … وليس كلّ النوى تلقي المساكين البيت قاله «حميد الأرقط» وكان بخيلا فنزل به أضياف، فقدم لهم تمرا. يصف أضيافا نزلوا به فقراهم تمرا يقول: لما أصبحوا ظهر على مكان نزولهم نوى التمر كومة مرتفعة، مع أنهم لم يكونوا يرمون كل نواة يأكلون تمرها بل كانوا يلقون بعض النوى ويبلعون

66 - نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل … فبؤئت حصنا بالكماة حصينا

بعضا، إشارة إلى كثرة ما قدم لهم منه وكثرة ما أكلوا. ووصفهم بالشره. وقوله «ليس» فعل ناقص، واسمه ضمير شأن - كلّ: مفعول به مقدم لقوله «تلقي». والمساكين: فاعل. والجملة (خبر ليس). ويروى برفع «كلّ» وليس فعل ناقص، وكلّ اسمها. وجملة تلقي، الخبر. [سيبويه/ 1/ 35، والأشموني/ 1/ 239]. 66 - نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل … فبؤّئت حصنا بالكماة حصينا غير منسوب. والشاهد: لا صاحب غير خاذل. حيث أعمل «لا» عمل ليس واسمها وخبرها نكرتان. [شرح أبيات المغني/ 4/ 378]. 67 - قالت وكنت رجلا فطينا … هذا لعمر الله إسرائينا .. البيت لأعرابي صاد ضبا، فأتى به أهله، فقالت له امرأته: هذا لعمر الله إسرائيل. أي: هو ما مسخ من بني إسرائيل. ويروى «إسرائيل». وإسرائين: لغة في إسرائيل كما قالوا: جبرين، وإسماعين ... وما زالت هذه اللهجة موجودة في فلسطين. قالت: فعل ماضي، والتاء للتأنيث. «وكنت رجلا فطينا» الجملة حالية. هذا: مفعول قالت: مفعول أول. لأنها بمعنى «ظنت» وإسرائينا مفعول ثان. والشاهد: إعمال «قال» عمل ظنّ، فنصب مفعولين، ويجوز إعراب: هذا: مبتدأ - والخبر محذوف وتقديره: ممسوخ إسرائينا، وحذف المضاف وإبقاء المضاف إليه، مجرورا جائز، وإن كان قليلا. [ابن عقيل 1/ 183 / الهمع/ 1/ 157، الأشموني/ 2/ 37]. 68 - وما عليك إذا أخبرتني دنفا … وغاب بعلك يوما أن تعوديني لرجل من بني كلاب وهو من مختار أبي تمام في ديوان الحماسة، ولكن رواية الحماسة: وما عليك إذا خبّرتني دنفا … رهن المنية يوما أن تعودينا

69 - فليت لي بهم قوما إذا ركبوا … شنوا الإغارة فرسانا وركبانا

وقوله: وما عليك: ما: اسم استفهام. عليك: الجار والمجرور خبر. أخبرتني ماض مبني للمجهول والتاء نائب فاعل. وهو المفعول الأول والنون للوقاية ياء المتكلم مفعول ثان. دنفا: مفعول ثالث. وجملة (وغاب بعلك) حالية. على تقدير «قد غاب ...» (أن تعوديني) مصدر مجرور بفي محذوفة والتقدير «في عيادتي» وحذف حرف الجرّ هنا قياس. والشاهد: أخبرتني دنفا، حيث أعمل «أخبر» في ثلاثة مفاعيل. 69 - فليت لي بهم قوما إذا ركبوا … شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا من أبيات لقريط بن أنيف من مختار أبي تمام في الحماسة يتمنى بدل قومه قوما آخرين من صفتهم أنهم إذا ركبوا للحرب تفرقوا لأجل الهجوم على الأعداء، ما بين فارس وراكب، وقصده حث قومه على قتال أعدائه وليس الهجاء. والشاهد: الإغارة. حيث وقع مفعولا لأجله منصوبا مع اقترانه بأل. وهو ردّ على من يقول إنّ المفعول لأجله لا يكون إلا نكرة. وقوله: فرسانا: حال من الواو في شنوا. وركبانا: معطوف عليه. [ابن عقيل/ 2/ 28 والهمع/ 1/ 195، والأشموني/ 2/ 220]. 70 - ولا ينطق الفحشاء من كان منهم … إذا جلسوا منّا ولا من سوائنا قاله المرّار بن سلامة العجلي. وقوله: جلسوا منا: الجار والمجرور متعلقان ب (جلسوا) و (من) بمعنى «مع». و «سواء» بالفتح والمدّ، مثل «سوى» بالقصر والكسر. وهي بمعنى «غير» ويرى قوم أنها ظرف مكان بمعنى «بدل» أو بمعنى «مكان» وقولنا مررت برجل سواك، أي: برجل مكانك، أي: يغنى غناءك ويسدّ مكانك. وهذا رأي البصريين، أما الكوفيّون. فيرون أنها تكون اسما، وتكون ظرفا، في الشعر وغير الشعر. ومن أدله اسميتها دخول حرف الجرّ عليها، كما في البيت. أقول: وهذه المسألة، ليست مما يقال فيه «يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره»، وإنما تجوز في النثر أيضا. لأن نسبتها إلى الضرائر الشعرية، فيها إساءة إلى الشعر والشعراء، ولو تتبعنا مسائل الخلاف

71 - ولم يبق سوى العدوا … ن دناهم كما دانوا

في الشواهد التي وردت في هذا الكتاب، لوجدناها تعدّ بالمئين، وجعلها من الضرورات، يدلّ على ضعف الشعراء فلا يلجأ إلى الضرورات والرخص إلا الضعيف العاجز. وأحسن من هذا أن نعدّها لغات تجوز في الشعر والنثر. [سيبويه/ 1/ 13، وابن عقيل/ 2/ 57، واللسان «سوا» والإنصاف/ 167، والأشموني/ 2/ 158]. والشاهد: «من سوائنا» حيث خرجت فيه عن الظرفية واستعملت مجرورة بمن متأثرة به، وهو من ضرورة الشعر وقد جعلها بمنزلة «غير». 71 - ولم يبق سوى العدوا … ن دنّاهم كما دانوا البيت للفند الزمّاني من أبيات يقولها في حرب البسوس، واسم الفند شهل ابن شيبان بن ربيعة، وقبل البيت في ديوان الحماسة: صفحنا عن بني ذهل … وقلنا القوم إخوان عسى الأيام أن يرجع … ن قوما كالذي كانوا فلما صرّح الشرّ … وأمسى وهو عريان ولم يبق. وقوله: دنّاهم: جازيناهم. وجملة «دنّاهم» جواب، لمّا في قوله (فلما صرّح). والشاهد: قوله «سوى العدوان» حيث وقعت «سوى» فاعلا وخرجت عن الظرفية. ويرى سيبويه والفراء أنّ «سوى» لا تكون إلا ظرفا فإذا قلت قام القوم سوى زيد. فسوّى عندهم منصوبة على الظرفية، وهي مشعرة بالاستثناء ولا تخرج عن الظرفية إلا في ضرورة الشعر. ويرى آخرون، منهم ابن مالك أنها تعامل معاملة «غير». من الرفع والنصب، والجرّ. [المرزوقي/ 35، والدرر/ 1/ 170، والأشموني/ 2/ 159 / وابن عقيل/ 2/ 59]. 72 - حاشا قريشا فإن الله فضلهم … على البرية بالإسلام والدين البيت للفرزدق. والشاهد: قوله «حاشا قريشا»، فإنه استعمل «حاشا» فعلا ونصب به ما بعده، وأكثر النحوين على أن «حاشا» لا تسبقها «ما». وقد تسبقها «ما» على قلة.

73 - نجيت يا رب نوحا واستجبت له … في فلك ماخر في اليم مشحونا وعاش يدعو بآيات مبينة … في قومه ألف عام غير خمسينا

[الهمع 1/ 232، والأشموني 2/ 165، وابن عقيل/ 2/ 66]. 73 - نجيّت يا ربّ نوحا واستجبت له … في فلك ماخر في اليمّ مشحونا وعاش يدعو بآيات مبيّنة … في قومه ألف عام غير خمسينا لم يعرف قائلهما. وقوله: مشحونا: حال من «فلك» وجملة يدعو حالية. - وألف: مفعول فيه. غير: منصوب على الاستثناء أو على الحال. والشاهد: «مشحونا» حيث وقع حالا من النكرة وهي قوله «فلك» والذي سوّغ مجيء الحال من النكرة أنها وصفت بقوله «ما خر» فقربت من المعرفة. [شرح التصريح/ 1/ 376، والأشموني/ 2/ 175، وابن عقيل/ 2/ 77]. 74 - أتطمع فينا من أراق دماءنا … ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن البيت لعمرو بن العاص. يقوله: لمعاوية بن أبي سفيان، في شأن الحسن بن علي ... وأظنه مكذوبا على عمرو ابن العاص. وقوله «لولاك» لولا: حرف امتناع لوجود، وجرّ. والكاف في محل جرّ بها ولها محل آخر هو الرفع بالابتداء كما هو مذهب سيبويه والخبر محذوف وجوبا. والتقدير: لولاك موجود وجملة المبتدأ والخبر شرط لولا. والشاهد: قوله: لولاك. فإن فيه ردا على المبرّد الذي زعم أن «لولا» لم تجئ متصلة بضمائر الجرّ، كالكاف والهاء والياء. [الإنصاف/ 693، والأشموني/ 2/ 206]. 75 - لاه ابن عمّك لا أفضلت في حسب … عنّي ولا أنت ديّاني فتخزوني البيت لذي الاصبع حرثان بن الحارث العدواني. وقوله: أفضلت: زدت. دياني: الديان: القاهر المالك للأمور الذي يجازي عليها. تخزوني: تسومني الذل وتقهرني. والمعنى: لله ابن عمك، فلقد ساواك في الحسب وشابهك في رفعة الأصل، فما من مزية لك عليه ولا أنت مالك أمره والمدبر لشؤونه فتقهره وتذله.

76 - إنك لو دعوتني ودوني … زوراء ذات مترع بيون لقلت لبيه لمن يدعوني

لاه ... أصله «لله» جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدم ثم حذفت لام الجرّ وأبقى عمله شذوذا فصار «الله» ثم حذف أداة التعريف فصار كما ترى «لاه». ابن: مبتدأ مؤخر: أفضلت: فعل وفاعل. والشاهد: «عني» فإن «عن» هنا، بمعنى «على» والسرّ في ذلك أن «أفضل» بمعنى زاد في الفضل إنما يتعدى بعلى. [الدرر/ 2/ 24، وشرح التصريح/ 2/ 15، والأشموني/ 2/ 223، والهمع/ 2/ 29 والإنصاف/ 394]. 76 - إنك لو دعوتني ودوني … زوراء ذات مترع بيون لقلت لبّيه لمن يدعوني .. مجهول القائل ... والزوراء: الأرض البعيدة الأطراف. مترع: ممتد. بيون: بزنة صبور. البئر البعيدة القعر. - لبيه: في هذا اللفظ التفات من الخطاب إلى الغيبة والأصل أن يقول: لقلت لك لبيك. والشاهد: لبيه: حيث أضاف «لبّي» إلى ضمير الغائب وذاك شاذ. [ابن عقيل/ 2/ 150، وشرح التصريح/ 2/ 38 والهمع/ 1/ 190، والشذور/ 307]. 77 - قد كنت داينت بها حسّانا … مخافة الإفلاس واللّيّانا البيت لزياد العنبري. وينسب أيضا إلى رؤبة بن العجاج. وقوله: داينت بها: أخذتها بدلا عن دين لي عنده. والضمير في بها، يعود إلى «أمة» الليّانا: بفتح اللام وتشديد الياء المثناة، المطل والتسويف في قضاء الدين. يقول: قد كنت أخذت هذه الأمة من حسّان بدلا من دين لي عنده لمخافتي أن يفلس أو يمطلني فلا يؤديني حقي. والشاهد: «الليّانا» حيث عطفه بالنصب على «الإفلاس» الذي أضيف المصدر إليه نظرا إلى محله ... ويجوز العطف على لفظه. [سيبويه/ 1/ 98، وشرح التصريح/ 2/ 65، وشرح المفصل/ 6/ 65، والأشموني/ 2/ 291]. 78 - ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني … فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

79 - لعمرك ما أدري وإن كنت داريا … بسبع رمين الجمر أم بثمان

نسبه الأصمعي في «الأصمعيات» إلى شمر بن عمر الحنفي. واللئيم: الشحيح الدنيء النفس يقول: والله إني لأمرّ على الرجل الدنيء النفس الذي من عادته أن يسبني، فأتركه وأذهب عنه وأرضى بقولي لنفسي: إنه لا يقصدني بهذا السباب. والشاهد: «اللئيم يسبني» حيث وقعت الجملة نعتا للمعرفة وهو المقرون بأل، وساغ ذلك لأن أل - جنسية فهو قريب من النكرة. وقوله «ثمّت» حرف عطف والتاء: لتأنيث اللفظ. [سيبويه/ 1/ 416 وشرح التصريح/ 2/ 111، والدرر/ 1/ 4، وابن عقيل/ 2/ 261، والأشموني/ 1/ 180]. 79 - لعمرك ما أدري وإن كنت داريا … بسبع رمين الجمر أم بثمان لعمر بن أبي ربيعة. ما أدري: ما: نافية. أدري: مضارع ينصب مفعولين. وقد علق عنهما بالهمزة المقدرة قبل قوله: (بسبع). وقوله: وإن كنت داريا: الواو: للحال. و «إن» زائدة. والشاهد: قوله: بسبع. أم بثمان. حيث حذف منه الهمزة. وأصل الكلام «أبسبع رمين» وإنما حذفها اعتمادا على انسياق المعنى، وعدم خفائه. [سيبويه/ 1/ 485، والدرر/ 2/ 175، وابن عقيل/ 2/ 286، والهمع/ 2/ 132]. 80 - وحمّلت زفرات الضّحى فأطقتها … ومالي بزفرات العشيّ يدان البيت لعروة بن حزام أحد بني عذرة من قصيدة يقولها في عفراء ابنة عمه. ومطلعها: خليليّ من عليا هلال بن عامر … بعفراء عوجا اليوم وانتظراني والشاهد: زفرات. من الموضعين حيث سكن العين للضرورة إقامة للوزن وقياسها الفتح إتباعا لحركة فاء الكلمة وهي الزاي. [الأشموني/ 4/ 118، والهمع/ 1/ 24، وابن عقيل/ 3/ 158، وشرح التصريح/ 2/ 298]. 81 - لسان السوء تهديها إلينا … وحنت وما حسبتك أن تحينا لا يعرف قائله. وقوله: تهديها: الضمير راجع إلى «لسان» المراد به كلمة السوء، وفي إطلاق الهدية

82 - قالت له بالله يا ذا البردين … لما غنثت نفسا أو اثنين

عليها تمليح. وحسبتك: ظننتك. وتحين، وحنت، كلاهما من الحين، وهو الهلاك. وذكر ابن هشام البيت على أن الكاف في «حسبتك» حرف خطاب. والمصدر المؤول سد مسدّ مفعولي حسب. [الدرر/ 1/ 51، والهمع/ 1/ 77، والمغني/ 1/ 156]. 82 - قالت له بالله يا ذا البردين … لمّا غنثت نفسا أو اثنين لم يسمّ قائله. وغنث: من اللبن: أن يشرب ثم يتنفس. يقال: إذا شربت فاغنث ولا تعبّ. والشاهد أن «لمّا» بمعنى (إلّا). [الدرر/ 1/ 200، والهمع/ 1/ 236، واللسان «غنث»]. 83 - قالت بنات العمّ يا سلمى وإن … كان فقيرا معدما قالت وإن منسوب إلى رؤبة ... والشاهد «وإن» الأخيرة، على أنه حذف الشرط والجواب بعد «إن» الشرطية، لأنها أمّ الباب، أي: وإن كان كما تصفين فزوّجنيه. وأما «إن» الأولى فإنما حذف منها جوابها والتقدير: وإن كان فقيرا أترضين به؟ لأن «كان» فعل شرطها واسم كان مستتر فيها يعود إلى «بعل» في بيت مقدّم وهو: قالت سليمى ليت لي بعلا يمن … يغسل جلدي وينسيني الحزن وحاجة ما إن لها عندي ثمن … ميسورة قضاؤها منه ومن وقولها: يمن، مضارع من المنّة، وخفف النون للضرورة. وهو بتقدير يمنّ عليّ. وقولها: يغسل جلدي: تفسير لقولها «يمنّ» وقولها: وحاجة: منصوب بتقدير، ويقضي لي حاجة، وهي قضاء شهوة النوم. وكون هذه الحاجة لا ثمن لها عندها، لغلائها وعزتها. ميسورة: صفة حاجة، وأرادت قضاءها من البعل ومنّي، فحذف الياء من نون الوقاية ضرورة. [الدرر/ 2/ 78، 105، والهمع/ 2/ 62، وشرح التصريح/ 1/ 37، 195 والأشموني/ 1/ 33، 4/ 26]. 84 - هل ترجعنّ ليال قد مضين لنا … والعيش منقلب إذ ذاك أفنانا

85 - كانت منازل ألاف عهدتهم … إذ نحن إذ ذاك دون الناس إخوانا

نسب لابن المعتز، وقيل: لأعرابي من بني تميم. والشاهد: أن الجملة المضاف إليها «إذ» قد حذف عجزها، والتقدير: إذ ذاك كذلك. وقوله: أفنانا: حال من «ليال» أو من ضمير منقلب. 85 - كانت منازل ألّاف عهدتهم … إذ نحن إذ ذاك دون الناس إخوانا البيت للأخطل. وهو شاهد على أنّ خبر المبتدأين بعد «إذ» في الموضعين محذوف. تقديره: إذ نحن متألفون إذ ذاك كائن. [شرح أبيات المغني/ 2/ 179]. 86 - تامت فؤادك لو يحزنك ما صنعت … إحدى نساء بني ذهل بن شيبانا قاله: لقيط بن زرارة. وهو فارس جاهلي. وقوله: تامت المرأة الرجل: إذا ذهبت بعقله. لو يحزنك: لو شرطية وجوابها محذوف يدل عليه تامت. وفؤادك: مفعول تامت. وإحدى: فاعله إن أضمرنا في «صنعت» ضميره على سبيل التنازع. و «ما» فاعل يحزنك. والمعنى: أنها لو أرادت حزنك بشيء مما تصنعه كتمنّع من المجيء إليك، لهيمتك. ولكنها قصدت سرورك. فجاءت إليك. والشاهد: «لو يحزنك» على أن «لو» تجزم في الشعر. [شرح أبيات المغني/ 5/ 109، والأشموني/ 4/ 14، 43]. 87 - يا خزر تغلب ماذا بال نسوتكم … لا يستفقن إلى الدّيرين تحنانا من قصيدة لجرير هجا بها الأخطل النصراني. وخزر: جمع أخزر وهو الذي في عينه ضيق، وصغر، وهذا وصف العجم، فكأنه نسبه إلى العجم وأخرجه من العرب. والبال: الحال والشأن. وتحنان: تمييز أو مفعول لأجله. والديرين: مثنى دير، وأراد ديرا واحدا. والبيت شاهد على أن «ماذا» كله استفهام مركب في محل رفع على الابتداء. وبال: خبره. [الدرر/ 1/ 59، والهمع/ 1/ 84، وشرح أبيات المغني/ 5/ 228].

88 - يا رب غابطنا لو كان يطلبكم … لاقى مباعدة منكم وحرمانا

88 - يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم … لاقى مباعدة منكم وحرمانا البيت لجرير. من قصيدة هجا بها الأخطل. والبيت شاهد على أنّ إضافة غابط إلى الضمير للتخفيف لا تفيده تعريفا بدليل دخول «ربّ» عليه وهي مختصة بالنكرة. يقول: ربّ رجل يظن أنا نظفر منكم بما رغبناه وأنكم تبذلون لنا من فضلكم ما أملناه، فيغبطنا على ذلك ولو طلب وصلكم كما نطلب لم يظفر منكم بشيء مما كان يرغب. [سيبويه/ 1/ 212، والدرر/ 2/ 56، وشرح التصريح/ 2/ 28 والأشموني 2/ 240، والهمع/ 2/ 47]. 89 - يا حبذا جبل الريان من جبل … وحبذا ساكن الريان من كانا وحبذا نفحات من يمانية … تأتيك من قبل الريّان أحيانا البيتان لجرير. وقوله: يا حبذا. يحتمل «يا» للنداء. والمنادى محذوف كأنه قال: يا قوم حبذا. وقوله: من جبل: في موضع نصب على التمييز. وقولهّ: «من كانا» من: فيه أقوال: قيل: هو تمييز، وما بعدها صفة وقيل: من: إستفهامية خبر كان المقدم والتقدير: أي شيء كان فإني أحبه، وقيل: بدل من «ساكن» واسم كان مستتر عائد على «من» والخبر محذوف. والبيت الثاني شاهد على أنه قيل: الاسم الذي بعد «حبذا» عطف بيان لذا، ويرده هذا البيت فإن المعرفة لا تبين بالنكرة. وحبذا: فيها إعرابات: الأول: خبر مقدم .. وما بعدها مبتدأ، وقيل: حبذا: مبتدأ، خبرها ما بعدها. ويجوز كون المخصوص خبرا لمبتدأ محذوف [الهمع/ 2/ 88، والدرر/ 2/ 115، وشرح أبيات المغني/ 7/ 185]. 90 - يا حبذا المال مبذولا بلا سرف … في أوجه البرّ إسرارا وإعلانا والبيت شاهد: على أن «مبذولا» حال، لا تمييز. وتنفرد «حبذا» من «نعم» بدخول «يا» عليها وبكثرة وقوع تمييز أو حال قبل مخصوص حبذا وبعده. وجاءت الحال هنا بعد المخصوص.

91 - نزلتم منزل الأضياف منا … فعجلنا القرى أن تشتمونا

[شرح أبيات مغني اللبيب/ 7/ 26]. 91 - نزلتم منزل الأضياف منّا … فعجّلنا القرى أن تشتمونا لعمرو بن كلثوم. وقوله: أن تشتمونا: أي: مخافة أن تشتمونا أو: لئلا تشتمونا. والمعنى: جئتم للقتال فعاجلناكم بالحرب ولم ننتظركم أن تشتمونا، أو: عاجلناكم بالقتال قبل أن توقعوا بنا فتكونوا سببا لشتم الناس إيانا ... وقوله: منزل الأضياف: على التهكم، فاستعار القرى، للقتل. والشاهد: (أن) فهي بمعنى «لئلا» .. وتشتمونا: مضارع منصوب، و «نا» في محل نصب. [ش أبيات مغني اللبيب/ 1/ 181]. 92 - فجئت قبورهم بدءا ولمّا … فناديت القبور فلم تجبنه لا يعرف قائله .. فانظر تخريجه في [الخزانة/ 10/ 113]: وقوله: بدءا، البدء: السيد: سمي به لأنه يبدأ به في العدّ وغيره. يقول: ما كنت سيدا حين قتلوا بل صرت سيدا بعدهم. والشاهد: أن مجزوم «لما» محذوف، تقديره: ولما أكن بدءا، أي: سيدا أو «ولما أسد». [شرح أبيات المغني/ 5/ 151، والخزانة/ 10/ 113]. 93 - وقدّمت الأديم لراهشيه … وألفى قولها كذبا ومينا البيت من قصيدة لعدي بن زيد العبادي، خاطب بها النعمان بن المنذر لما كان في حبسه، وعظه بها وحذره تقلب الدهر به. والأديم: النطع واللام بمعنى إلى. والراهشان: عرقان في بطن الذراعين. وقدمت: من التقديم أي: أتت بالنطع إلى راهشيه لما فصدتهما، وضمير «قدمت» للزبّاء. وألفى، بمعنى وجد. والمين: بفتح الميم، الكذب، والشاعر يذكر للنعمان ما آل إليه أمر جذيمة الوضّاح وغدر الزبّاء به وأخذ قصير الثأر منها. والشاهد: كذبا ومينا: على أنّ عطف المرادف إنما يكون بالواو فإن المين هو الكذب، وقد ذكر ابن هشام البيت، للاستشهاد به على أنّ الواو تختص بعطف الشيء على مرادفه. ولعلّه يردّ على ابن مالك الذي يرى أنّ ذلك يكون أيضا ب «أو» وذكر ابن مالك منه قوله

94 - شجاك أظن ربع الظاعنينا … ولم تعبأ بعذل العاذلينا

تعالى وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً [النساء: 112]. والبيت مثال عند علماء المعاني للتطويل، وهو أن يكون اللفظ زائدا على أصل المراد، لا لفائدة، وقال الفرّاء في «معاني القرآن» عند قوله تعالى وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ [البقرة: 53] إن العرب لتجمع بين الحرفين بمعنى واحد، إذا اختلف لفظهما «وذكر بيت عديّ بن زيد شاهدا. واستشهد ابن هشام في «المغني» على رأيه بآيات وحديث نبويّ. قلت: قول أهل النحو، وقول علماء المعاني، في هذا العطف، فيه نظر: لأننا لو أخذنا بقولهم، لحكمنا على اللغة العربية بالفقر، ولجاء من يقول بإمكان الاستغناء عن أكثر من نصف مفردات اللغة العربية لأنّ غيرها يؤدي معناها. وهذا باطل، فالمترادفات في اللغة لا تقوم مقام بعضها البعض البعض لأنّ في كل مفردة معنى زائدا عن أختها مع وجود الاشتراك بينهما. فالبيت الذي ذكروه شاهدا يروى «كذبا مبينا» فلا ترادف. وما ذكروه من وجود الترادف في القرآن، لا يصح أن يكون لأنه ينافي إعجاز القرآن. وقد قال أبو سليمان الخطابي في كتاب «بيان إعجاز القرآن». «إن في الكلام ألفاظا متقاربة في المعاني يحسب أكثر الناس أنها متساوية في إفادة بيان مراد الخطاب، كالعلم والمعرفة، والحمد والشكر والبخل والشحّ، والنعت والصفة .. الخ والأمر فيها وفي ترتيبها عند علماء اللغة بخلاف ذلك، لأن لكل لفظة منها خاصية تتميز بها عن صاحبتها في بعض معانيها، وإن كانا قد يشتركان في بعضها.». وانظر أمثلة الخصوصية للمفردات في كتاب «فقه اللغة وسرّ العربية» للثعالبي. [الهمع/ 2/ 129، والدرر/ 2/ 167، وشرح أبيات المغني/ 6/ 97]. 94 - شجاك أظنّ ربع الظّاعنينا … ولم تعبأ بعذل العاذلينا البيت شاهد على أن جملة «أظنّ» معترضة بين الفعل والفاعل. فمن رفع «ربع» جعله فاعل شجاك، وأظنّ ملغاة. ومن نصب «ربع» جعله مفعولا أول لظنّ وجملة شجاك مفعولا ثانيا مقدما وفاعله ضمير مستتر راجع إلى الربع: لأنه مؤخر لفظا مقدم تقديرا. [شرح أبيات المغني/ 6/ 182، والهمع/ 1/ 153، والدرر/ 1/ 136، والأشموني/ 2/ 28]. 95 - فمن تكن الحضارة أعجبته … فأيّ رجال بادية ترانا

96 - نحن الألى فاجمع جمو … عك ثم جهزهم إلينا

البيت للشاعر القطامي. والحضارة: يريد الأمصار. تقول العرب: فلان حاضر، وفلان باد. وأيّ رجال. أي: اسم استفهام يدل على الكمال منصوب ب ترى. وأي الكمالية تضاف إلى النكرة تقول: مررت برجل أيّ رجل. إذا جعلته صفة. وأيّ رجل أخوك: إذا جعلته خبرا، ويراد به المدح والتفخيم. يقول القطامي: من أعجبته رجال الحضر، فأيّ أناس بدو نحن. والمعنى: إنّا سادة البدو. والشاهد في الشطر الأول: أنّ جواب اسم الشرط - المرفوع بالابتداء هنا محذوف، وبالتالي فإن الرابط محذوف، والتقدير: فلسنا على صفته. وبعد البيت الشاهد: ومن ربط الجحاش فإنّ فينا … قنا سلبا وأفراسا حسانا أغرن من الضّباب على حلال … وضبّة إنّه من حان حانا وأحيانا على بكر أخينا … إذا ما لم نجد إلّا أخانا وقوله: قنا سلبا: أي: رماحا طوالا. والضّباب، وضبه: قبيلتان. وحيّ حلال: نازلون، كثيرون. وقوله: من حان .. الخ أي من أهلك بغزونا فقد أهلك. وقوله: وأحيانا على بكر .. الخ بكر، أخو تغلب، والشاعر القطامي تغلبي اسمه عمير بن شييم. يريد: أنهم لاعتيادهم الغارة لا يصبرون عنها، حتى إذا أعوزهم الأباعد، عطفوا على الأقارب. وهو يذكر صفة قبيلته وليس ذلك من طبائع العرب الجاهليين بعامّة. والقطامي شاعر إسلامي أموي فهو ابن أخت الأخطل المشهور، ولكن القطامي كان مسلما، والأخطل بقي على نصرانيته. [شرح أبيات المغني/ 7/ 95، والمرزوقي/ 1/ 347]. 96 - نحن الألى فاجمع جمو … عك ثم جهّزهم إلينا من قصيدة لعبيد بن الأبرص يردّ فيها على تهديد امرئ القيس حين قتل بنو أسد أباه ومطلعها؟ وبعض أبيات منها سبقت في هذا المعجم: يا ذا المخوّفنا بقتل … أبيه إذلالا وحينا أزعمت أنك قد قتلت … سراتنا كذبا ومينا نحمي حقيقتنا وبعض القوم … يسقط بين بيننا

97 - فكفى بنا فضلا على من غيرنا … حب النبي محمد إيانا

نحن الألى ... … .. البيت ولقد أبحنا ما حميت … ولا مبيح لما حمينا لا يبلغ الباني ولو … رفع الدعائم ما بنينا وأوانس مثل الدّمى … حور العيون قد استبينا إنّا لعمرك ما يضا … م حليفنا أبدا لدينا والبيت الأول شاهد على أن صلة الموصول «الألى» محذوفة، تقديرها «نحن الألى عرفوا». وقد حذفت الصلة لشهرتها». [شرح التصريح/ 1/ 142، والهمع/ 1/ 89، والأشموني/ 1/ 161، وشرح أبيات المغني/ 2/ 193]. 97 - فكفى بنا فضلا على من غيرنا … حبّ النبيّ محمد إيّانا لكعب بن مالك الأنصاري. والبيت شاهد على أنّ الباء زائدة في مفعول «كفى» المتعدية لواحد. وخرجه بعضهم على زيادة الباء في الفاعل و «حبّ النبي» بدل اشتمال من المجرور بالباء. ومن جعل الباء زائدة في المفعول جعل «حبّ النبي» الفاعل. وفيه شاهد آخر: على أن «من» في البيت نكرة موصوفة بمفرد وهو «غيرنا». وحبّ: مصدر مضاف إلى فاعله. وإيانا: مفعوله. و «محمد» عطف بيان للنبي. و «فضلا»: تمييز. [الخزانة/ 6/ 120، والدرر/ 1/ 70، وسيبويه/ 1/ 269، والهمع/ 1/ 92، وينسب أيضا لحسان بن ثابت، ولعبد الله بن رواحة، ولبشر بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك]. 98 - والله لن يصلوا إليك بجمعهم … حتّى أوسّد في التراب دفينا البيت لأبي طالبّ عم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. والبيت شاهد على أن «لن» مع منصوبها قد تقع جوابا للقسم بقلّة. كما في البيت. [الخزانة/ 3/ 296، وشرح أبيات المغني/ 5/ 158، والهمع/ 2/ 41، والدرر/ 2/ 45]. 99 - وأتى صواحبها فقلن هذا الذي … منح المودة غيرنا وجفانا

100 - ويقلن شيب قد علا … ك وقد كبرت فقلت: إنه

نسبه صاحب اللسان إلى «جميل». والبيت شاهد على أنّ الأصل في «هذا» أذا الذي؟ فقلبت همزة الاستفهام هاء. ولذلك تضبط «هذا» بفتحتين متواليتين في البيت. [شرع المفصل/ 10/ 43]. 100 - ويقلن شيب قد علا … ك وقد كبرت فقلت: إنّه البيت لعبيد الله بن قيس الرقيات. وهو شاهد عند من ذكره على أن «إنّ» المرسومة «إنّه» بمعنى «نعم» وقد بيّنت حركة النون بهاء السكت. وقال آخرون: هي: «إنّه» المحذوفة الخبر كأنه قال: إن الشيب قد علاني، فأضمره. [شرح أبيات المغني/ 1/ 188، والخزانة/ 11/ 213، وشرح المفصل/ 3/ 130]. 101 - اللهم لولّا أنت ما اهتدينا … ولا تصّدقنا ولا صلّينا فاغفر فداء لك ما أبقينا … وثبّت الأقدام إن لاقينا وألقين سكينة علينا … إنّا إذا صيح بنا أتينا إنّ الذين قد بغوا علينا … إذا أرادوا فتنة أبينا ونحن عن فضلك ما استغنينا هذا الرجز لعامر بن الأكوع الصحابي، قاله يحدو بالقوم عند خروج المسلمين إلى خيبر. والشاهد في البيت الأخير، وإنما ذكرت ما سبق، لجمال تعبيره وصدق عاطفته، ولحصول البركة بإنشاده، ولحاجة المسلمين اليوم إلى مثل هذا الإنشاد يدفعهم إلى معركة الصراع مع العدو الكافر. والبيت الأخير شاهد على أنّ «عن» متعلقة باستغنينا لضرورة الشعر لأن «ما» النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، لأن لها الصدر، كإن النافية دون «لا، ولم، ولن». وكلامهم هذا، في الصناعة المحضة والصناعة لا تقف أمام تدفق المعاني. وقوله «فأنزلن». فيه شاهد على أن فعل الأمر يجوز توكيده بالنون من غير شرط ولو كان دعاء. [شرح أبيات المغني/ 2/ 250]. ويروى هذا الشعر لعبد الله بن رواحة.

102 - رجلان من مكة أخبرانا … إنا رأينا رجلا عريانا

102 - رجلان من مكة أخبرانا … إنا رأينا رجلا عريانا مجهول. ورجلان - تثنية رجل، بسكون الجيم في المثنى، إمّا لغة وإمّا ضرورة. والبيت شاهد على أنه روي بكسر همزة «إنّ» لأنه محكي بقول محذوف تقديره وقالا: إنا. ولو لم يكن هذا التقدير لفتحنا همزة (أن). [شرح أبيات المغني/ 6/ 258]. 103 - قد علمت سلمى وجاراتها … ما قطّر الفارس إلا أنا البيت لعمرو بن معدي كرب. وكان قد شهد القادسية وهو ابن مئة وعشرين سنة. ومعنى «قطّر» صرعه على أحد قطريه أي على أحد جانبيه. والقطر: الجانب. والشاهد: إظهار «أنا» وانفصاله بعد «إلا» حيث لم يقدر على الضمير المتصل بالفعل. ومثله قول الفرزدق: أنا الفارس الحامي الذّمار وإنما … يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي فعاملوا «إنما» معاملة النفي، وإلا، في فصل الضمير بعدها فكأنه قال: «ما يدافع عن أحسابهم إلا أنا ..». [شرح أبيات المغني/ 5/ 256، وشرح المفصل/ 3/ 101 والمرزوقي/ 411، واللسان «قطر» وسيبويه/ 1/ 379]. 104 - جود يمناك فاض في الخلق حتى … بائس دان بالإساءة دينا قوله: دان بالإساءة: أي: تعبّد بها، أي: اتخذها عادة. والمعنى: إن جوده عمّ من أساء ومن لم يسئ. والشاهد: أنّ (حتى) فيه عاطفة، عطفت «بائس» على الخلق. [الهمع/ 2/ 137، والدرر/ 2/ 189، والأشموني/ 3/ 98، وشرح أبيات المغني/ 3/ 113]. 105 - لتقم أنت يا ابن خير قريش … فلتقضّي حوائج المسلمينا مجهول القائل. والياء في «فلتقضي» للإشباع، نشأت من إشباع الكسرة لأن الفعل مجزوم. [شرح أبيات المغني/ 4/ 344، وشرح التصريح/ 1/ 55، والإنصاف/ 525]. 106 - عافت الماء في الشتاء فقلنا … برّديه تصادفيه سخينا

107 - قول يا للرجال ينهض منا … مسرعين الكهول والشبانا

من ألغاز ابن هشام. وبرّديه: أصله بل رديه. [شرح أبيات المغني/ 5/ 155]. 107 - قول يا للرّجال ينهض منا … مسرعين الكهول والشّبّانا البيت شاهد على أنّ جملة الاستغاثة وهي «يا للرجال» بفتح اللام، مضاف إليها وفي محل نصب لكونها محكية بالقول. وقول: مبتدأ وجملة ينهض: خبر المبتدأ. والكهول: مفعول به ومسرعين: حال منه ومن الشبان. يقول: إذا استغاث بنا ملهوف فعند قوله: يا للرجال، يقوم الكبير والصغير لنصرته. [شرح أبيات المغني/ 6/ 288، والهمع/ 1/ 157، والدرر/ 1/ 139]. 108 - فللموت تغذو الوالدات سخالها … كما لخراب الدور تبنى المساكن البيت لأبي سعيد سابق بن عبد الله البربري، وهو من موالي بني أمية سكن الرقة ووفد على عمر بن عبد العزيز وله شعر في الزهد. والبيت شاهد على أنّ اللام في للموت لام الصيرورة. [شرح أبيات المغني/ 4/ 295]. 109 - وربّ السموات العلى وبروجها … والأرض وما فيها المقدّر كائن شاهد على أن اللام في جواب القسم محذوف تقديره «للمقّدر كائن» و «ربّ» مجرور بواو القسم. [شرح أبيات المغني/ 6/ 342، والهمع/ 2/ 42، والدرر/ 2/ 49]. 110 - بلاد بها كنّا وكنّا نحبّها … إذ الناس ناس والزمان زمان ويروى «إذ الناس ناس والبلاد بلاد». والبيت لرجل من قوم «عاد» كما ذكر الأصبهاني في أغانيه. ولا أدري من الذي حفظه عن قوم عاد. والبيت ذكره ابن هشام في المغني تحت عنوان «قولهم: إنّ النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وإذا أعيدت معرفة أو أعيدت المعرفة معرفة أو نكرة كان الثاني عين الأول». [شرح أبيات المغني/ 8/ 20]. 111 - ما كلّ ما يتمنى المرء يدركه … تجري الرياح بما لا تشتهي السّفن البيت للمتنبي. وذكروه على أن النفي هنا لسلب العموم. والمعنى: إن المرء لا يحصل له كل متمنياته بل إنما يحصل بعضها دون بعض. يريد: إن أعدائي لا يدركون ما

112 - إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحا … مني وما سمعوا من صالح دفنوا

يتمنون بي، فالرياح لا تجري كلها على ما تريد السفن، يعني أهلها. 112 - إن يسمعوا سبّة طاروا بها فرحا … منّي وما سمعوا من صالح دفنوا البيت لقعنب ابن أمّ صاحب الغطفاني، كان في أيام الوليد بن عبد الملك. وبعد البيت في الحماسة. صمّ إذا سمعوا خيرا ذكرت به … وإن ذكرت بشرّ عندهم أذنوا جهلا علينا وجبنا من عدوّهم … لبئست الخلّتان الجهل والجبن قال ابن جني: يقبح أن يجزم حرف الشرط جزما يظهر إلى اللفظ ثم لا يكون جوابه مجزوما أو بالفاء، لكنّ هذا يجوز في الشعر. فأراد: إن يسمعوا عني ريبة، ففصل، ونحوه: إن تضرب توجعه زيدا على إعمال الأول. وقوله: منّي: أراد من جهتي. قوله: فرحا مفعول لأجله. قال المرزوقي وكان الواجب أن يقول: يطيروا بها فرحا، لأنه لا يجوز أن يعمل حرف الشرط. في الشرط بالجزم ويجعل الجواب ماضيا في الكلام. وإن كان يجوز في الشعر. وقوله: صمّ: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم صمّ. وقوله: أذنوا: أي: علموه. يقال: أذن يأذن أذنا. ويجوز أن يكون اشتقاقه من الأذن الحاسة. [الحماسة ج 3/ 1450، والأشموني/ 4/ 17، وشرح أبيات المغني/ 8/ 101]. 113 - علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم … بأبيض ماضي الشّفرتين يمان البيت شاهد على أن العلم ينكر ثم يضاف .. ومثله القول في التثنية من قولك جاء الزيدان. فأنت سلبته التعريف ثم ثنيته لأن المعرفة لا تثنى. [شرح أبيات المغني/ 1/ 308، وشرح التصريح/ 1/ 153، والأشموني/ 1/ 186]. 114 - سريت بهم حتى تكلّ مطيّهم … وحتى الجياد ما يقدن بأرسان لامرئ القيس. وقوله: سريت بهم: الباء متعلقة بسريت. وتكلّ مطيهم: في موضع خفض بحتى.

115 - قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان … وربع عفت آثاره منذ أزمان

هذا في رواية النصب. وأما رواية رفع «تكلّ» فعل تقديره بالماضي أو أن يكون بمعنى الحال. وقوله: ما يقدن: خبر المبتدأ (الجياد). فحتى الثانية ابتدائية وما بعدها مرفوع. [سيبويه/ 1/ 417، وشرح أبيات المغني/ 3/ 108، والأشموني/ 3/ 98، والدرر/ 2/ 188]. 115 - قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان … وربع عفت آثاره منذ أزمان لامرئ القيس. وقوله: وعرفان: أي: معرفته منزل الحبيب. و «من» للتعليل. والبيت شاهد على أنّ الكثير جرّ «منذ» للزمان الماضي. [شرح أبيات المغني/ 6/ 22، وشرح التصريح/ 2/ 17، والهمع/ 1/ 217، والأشموني/ 2/ 229]. 116 - ألا ربّ مولود وليس له أب … وذي ولد لم يلده أبوان وذي شامة غرّاء في حرّ وجهه … مجلّلة لا تنقضي لأوان ويكمل في تسع وخمس شبابه … ويهرم في سبع معا وثمان هذه ألغاز. في البيت الأول: عيسى، وآدم عليهما السلام وفي البيتين الثاني والثالث القمر. وهي شاهد على أن ربّ للتقليل. لأن الملغز عنها كلها في غاية القلة. [وهي لرجل من أزد السراة، وقيل: لعمرو الجنبي في سيبويه/ 1/ 341، وشرح أبيات المغني/ 3/ 173، وشرح التصريح/ 2/ 18، وشرح المفصل/ 4/ 48، والأشموني/ 2/ 230]. 117 - تحنّ فتبدي ما بها من صبابة … وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني ومع البيت قوله: فمن يك لم يغرض فإني وناقتي … بحجر إلى أهل الحمى غرضان وقوله: لم يغرض: لم يشتق. والصبابة: رقة الشوق. والأسى: بضم الهمزة جمع أسوة. كالعرى والعروة. والأسوة: الاقتداء، وما يتأسى به الحزين ويتعزّى، أي: يتصبّر. والبيتان لعروة بن حزام.

118 - وكل رفيقي كل رحل وإن هما … تعاطى القنا قوماهما أخوان

والبيت شاهد على أن «قضاني» أصله: قضى (عليّ) فحذف (على) ونصب ما بعدها على أنه مفعول به. [شرح أبيات المغني/ 3/ 227، واللسان «غرض» والدرر/ 2/ 22، وينسب لعروة بن حزام. 118 - وكلّ رفيقي كلّ رحل وإن هما … تعاطى القنا قوماهما أخوان البيت للفرزدق. وهو شاهد على أن «كلّ» هنا لإضافتها إلى المثنى رجع ضمير المثنى إليه، لأنه بحسب ما يضاف إليه. وأخوان: خبر «كلّ» وجملة (وإن هما تعاطى ..) معترضة. وتعاطى. فعل مفرد وفاعله «قوماهما». وقد وهم ابن هشام في «المغني» واستشكل هذا البيت - ولكل جواد زلة - ويعجبني قول البغدادي بعد قول ابن هشام باستشكال البيت: «هذا على حدّ قولهم زنّاه فحدّه» وإنما استشكله لأنه ظنّ «قوما» مفردا منونا، وليس كذلك وإنما «قوماهما» مثنى قوم. [شرح أبيات المغني/ 4/ 208]. 119 - تعشّ فإن عاهدتني لا تخونني … نكن مثل من يا ذئب يصطحبان البيت للفرزدق من قصيدته التي يصف فيها لقاءه مع الذئب، وهي من عيون الشعر العربي. والبيت شاهد على أنّ جملة (لا تخونني) يحتمل أن تكون جواب القسم الذي هو «عاهدتني» ويحتمل أن تكون حالا. واستشهد به سيبويه على رجوع ضمير الاثنين من «يصطحبان» على «من» حملا على المعنى. لأنه أريد ب «من» اثنان. والنداء معترض بين (من) وصلتها. [شرح أبيات المغني/ 6/ 237]. 120 - إلى الله أشكو بالمدينة حاجة … وبالشام أخرى كيف تلتقيان وهو شاهد على أنّ جملة (كيف تلتقيان) بدل من مفرد وهو «حاجة» وهو أحسن من الاستئناف لأنه يشكو تعذر التقاء الحاجتين ولا يريد استقبال الاستفهام عنهما. [شرح أبيات المغني/ 4/ 272، وشرح التصريح/ 2/ 162، والأشموني/ 3/ 132، والهمع/ 2/ 128].

121 - رويد بني شيبان بعض وعيدكم … تلاقوا غدا خيلي على سفوان تلاقوا جيادا لا تحيد عن الوغي … إذا ما غدت في المأزق المتداني تلاقوهم فتعرفوا كيف صبرهم … على ما جنت فيهم يد الحدثان

121 - رويد بني شيبان بعض وعيدكم … تلاقوا غدا خيلي على سفوان تلاقوا جيادا لا تحيد عن الوغي … إذا ما غدت في المأزق المتداني تلاقوهم فتعرفوا كيف صبرهم … على ما جنت فيهم يد الحدثان الأبيات للشاعر ودّاك بن ثميل المازني، شاعر إسلامي في الدولة المروانية. وقوله: رويد: يروى بغير تنوين، فهو اسم فعل أمر. ويروى بالتنوين فهو مصدر منصوب، أي: أرود إروادا. وبنو شيبان. منصوب للنداء في الروايتين جميعا. ولا تجوز إضافة (رويد) إلى بني شيبان لأن اسم الفعل «رويد» لا يؤمر بها الغائب وإنما هي موضوعة لأمر الحاضر، تقول: عليك زيدا. ولا يجوز «عليه زيدا». وقوله «بعض» منصوب بفعل مضمر دلّ عليه رويد فكأنه لما قال أرودوا يا بني شيبان، قال: كفّوا بعض الوعيد. وهذا تهكم. وتلاقوا: مجزوم على أنه جواب الأمر الذي دلّ عليه «رويد». وقوله «غدا» لم يرد به اليوم الذي هو غد يومه وإنما دلّ به على تقريب الأمر. وقوله: تلاقوا جيادا: بدل من تلاقوا الأول، ونبه بهذا على أن المراد بالخيل الفرسان. وقوله: فتعرفوا: أي: من بلائهم ما يستدل به على حسن صبرهم. على ما جنت: أي: على جناية، وموضعه نصب على الحال والعامل فيه «تعرفوا». ويد الحدثان: مثل، وليس للحدثان يد، إنّما استعير لذلك. [شرح أبيات المغني/ 7/ 3 / وشرح المفصل/ 4/ 41، والعيني/ 4/ 321]. 122 - خليليّ هل طبّ فإنّي وأنتما … وإن لم تبوحا بالهوى دنفان خليلي: منادى مضاف. والطب: علاج الجسم والنفس. وهو مبتدأ محذوف الخبر. والتقدير: هل عندكما طب. و «دنفان» خبر أنتما. وخبر «إني» محذوف والتقدير: فإني دنف. [شرح أبيات المغني/ 7/ 42 والتصريح/ 1/ 229، والأشموني/ 1/ 286]. 123 - أهمّ بأمر الحزم لو أستطيعه … وقد حيل بين العير والنّزوان البيت لصخر بن عمرو الشريد أخي الخنساء. وذلك أنه طعنه ربيعة الأسدي فمرض

124 - أنى جزوا عامرا سوأى بفعلهم … أم كيف يجزونني السوأى من الحسن أم كيف ينفع ما تعطي العلوق به … رئمان أنف إذا ماضن باللبن

زمانا حتى ملّته زوجته، فمرّ بها رجل، وكانت ذات خلق وأوراك فقال لها: كيف مريضكم، فقالت: لا حيّ فيرجى ولا ميت فينعى ثم قال لها: هل يباع الكفل؟ قالت: نعم، عما قليل، وذلك بمسمع من صخر فقال لها: أما والله لئن قدرت لأقدمنّك قبلي، وقال لها: ناوليني السيف أنظر إليه هل تقلّه يدي، فناولته فإذا هو لا يقلّه فقال: أرى أمّ صخر لا تملّ عيادتي … وملّت سليمى موضعي ومكاني فأيّ امرئ ساوى بأم حليلة … فلا عاش إلّا في شقى وهوان أهمّ بأمر ... … .. البيت وقوله: أهم بأمر الحزم. مراده قتل زوجته. و «لو» للتمني، والنزوان: بفتح النون والزاي، مصدر، نزا الحمار ينزو على أنثاه، إذا وثب عليها للجماع. والشطر الأخير مثل يضرب في منع الرجل مراده. والبيت ذكره ابن هشام في المغني تحت عنوان «الأمور التي يكتسبها الاسم بالإضافة، وهي أحد عشر. والحادي عشر هو البناء، وذلك في ثلاثة أبواب: أحدها، أن يكون المضاف مبهما، كغير ومثل، ودون. وفي البيت الشاهد قوله «حيل بين العير» على أن «بين» مفتوح الآخر فتحة بناء، ووقع نائب فاعل. ولكن قال الدّماميني: إن التأويل في هذا البيت متعيّن، إذ لا سبيل إلى أن يقال بأنّ فتحة «بين» فتحة بناء، لأنه مضاف إلى معرب، فيجب التأويل، بأن يدعى أن النائب عن الفاعل ضمير مصدر مقرب معهود، والمعنى: حيل الحول بين العير والنزوان. [شرح أبيات المغني/ 7/ 116، والخزانة/ 1/ 348، والأصمعيات/ ص 146، واللسان «نزا»]. 124 - أنّى جزوا عامرا سوأى بفعلهم … أم كيف يجزونني السّوأى من الحسن أم كيف ينفع ما تعطي العلوق به … رئمان أنف إذا ماضنّ باللّبن الشاعر أفنون، ظالم بن معشر من شعراء تغلب في الجاهلية. وقوله: أنّى جزوا. استفهام تعجبي. وأنّى: بمعنى كيف. والواو: ضمير عشيرته. وعامر: أبو القبيلة، والمراد هنا القبيلة، وصرفه باعتبار الحيّ. والباء: للمقابلة. والسّوأى: نقيض الحسنى، مؤنث الأسوأ. ولأجل القافية قابل السوأى بالحسن، وحقه «الحسنى». يقول: أتعجب لقومي كيف عاملوا بني عامر بالسوء في مقابلة فعلهم الجميل.

125 - من يفعل الحسنات الله يشكرها … والشر بالشر عند الله مثلان

وقوله: أم كيف يجزونني: أم، للإضراب عن الأول، يقول: بل أتعجب من قومي كيف يعاملونني بالسوء حال كونه بدلا من الفعل الحسن. وأضرب عن الأول للإشارة إلى أنّ إساءتهم لبني عامر سهل بالنسبة إلى إساءتهم إليه. وقوله: أم كيف ينفع: أم، هذه للإضراب أيضا، وكيف: للاستفهام الإنكاري والرئمان: بكسر الراء، والهمز: مصدر رئمت الناقة ولدها من باب فرح، إذا أحبته وعطفت عليه. وقوله: إذا ما ضنّ: بالبناء للمجهول وفي الأمثال «لا أحبّ رئمان أنف وأمنع الضرع». يضرب لمن يظهر الشفقة ويمنع خيره. وأصله أنّ «العلوق» وهي الناقة التي تفقد ولدها بنحر أو موت، فيسلخ جلده ويحشى تبنا ويقدم إليها لترأمه أي لتعطف عليه ويدرّ لبنها فينتفع به، فهي تشمه بأنفها وينكره قلبها، فتعطف عليه ولا ترسل اللبن فشبّه ذاك بهذا. وللبيتين في مجالس الخلفاء قصة بين الأصمعي والكسائي في حضرة الرشيد. حيث رأى الأصمعي أن «رئمان» بالرفع فقط. وأما الكسائي فقال: فيها الرفع، والنصب. والجرّ. أما الرفع: فعلى البدل من «ما» التي تعرب فاعلا في محل رفع. والنصب: بالفعل «تعطي». والجر: بدل من الهاء في «به» [شرح أبيات مغني اللبيب 1/ 240، والمفضليات/ 263، واللسان «سوأ» والخزانة/ 11/ 140]. 125 - من يفعل الحسنات الله يشكرها … والشرّ بالشرّ عند الله مثلان البيت منسوب لعبد الرحمن بن حسان بن ثابت، ونسب إلى كعب بن مالك. والشاهد: الله يشكرها. فهو جواب الشرط (جملة اسمية) وحذف الفاء الرابطة للضرورة. والأصل: فالله يشكرها. وروي عن الأصمعي أنه قال: هذا البيت غيّره النحويون والرواية «من يفعل الخير فالرحمن يشكره» والبيت من روايات سيبويه، ولا يرضى أنصاره بقول الأصمعي، لأنه طعن في رواية الشيخ: وكثيرا ما يعتذرون عن سيبويه

126 - كفى بجسمي نحولا أنني رجل … لولا مخاطبتي إياك لم ترني

بالقول: لقد روي له، أو روى الثقات له فأخذ به. فلماذا لا يكون هذا البيت كذلك .. [شرح أبيات المغني/ 1/ 240]. 126 - كفى بجسمي نحولا أنني رجل … لولا مخاطبتي إياك لم ترني البيت للمتنبي. وذكروه مثالا لزيادة الباء في مفعول «كفى» وقد مرّ بيت كعب «فكفى ... إيانا». شرح أبيات المغنى/ 2/ 281]. 127 - أبلى الهوى أسفا يوم النوى بدني … وفرّق الهجر بين الجفن والوسن للمتنبي. ومثلوا به، لإعراب «أسفا» مفعولا من أجله، وكان القياس يقتضي مجيء اللام، إذ ليس هو لفاعل الفعل المعلل. فيكون حذفها لضرورة الشعر. [شرح أبيات المغني/ 7/ 190]. 128 - لو في طهيّة أحلام لما عرضوا … دون الذي أنا أرميه ويرميني البيت لجرير. يهجو الفرزدق. ودون: أمام. وأراد بالذي: الفرزدق. والبيت شاهد على أن «لو» دخلت على جملة اسمية فيقدر كان الشأنية فتكون الجملة الاسمية في محل نصب خبرها وفي البيت دخول اللام في جواب «لو» المنفي. [شرح أبيات المغني/ 5/ 84]. 129 - عندي اصطبار وأمّا أنني جزع … يوم النوى فلوجد كاد يبريني وهو شاهد على أنه قد جاء خبر المبتدأ بعد «أمّا» مؤخرا فإن قوله: أنني جزع. مصدر، (جزعي) والخبر، الجار والمجرور بعد الفاء. وجملة (كاد يبريني) صفة لوجد. ويوم: متعلق ب جزع. وسبب هذا الشاهد، لأن المبتدأ جاء مصدرا مؤولا. والخبر جار ومجرور. وبدون «أما» يجب تقديم الخبر كقوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ. [فصلت: 39]. [شرح أبيات المغني/ 5/ 93]. 130 - فإمّا أن تكون أخي بصدق … فأعرف منك غثّي من سميني وإلا فاطّرحني واتّخذني … عدوّا أتّقيك وتتّقيني للمثقب العبدي، محصن بن ثعلبة. شاعر جاهلي.

131 - وكل أخ مفارقه أخوه … لعمر أبيك إلا الفرقدان

وفي البيتين شاهد على أنه قد يستغنى عن «إمّا» الثانية بذكر ما يغني عنها وهو قوله هنا «وإلا» وهي إن الشرطية المدغمة «بلا» النافية والأصل: وإمّا أن تطرحني. وقوله: فإما أن تكون، في تأويل مصدر مرفوع، خبر لمبتدأ محذوف تقديره: إمّا شأنك كونك أخا بحق. أو يكون مصدرا منصوبا مفعولا لفعل محذوف، والتقدير: اختر إما كونك أخا. وقوله: بحقّ: نائب عن المفعول المطلق، أو صفة لأخي. وقوله: فأعرف: بالنصب: معطوف على تكون. و «منك» في موضع الحال المقدمة من المفعول. و «من» الثانية للتمييز متعلقة بأعرف. [شرح أبيات المغني/ 2/ 12]. 131 - وكلّ أخ مفارقه أخوه … لعمر أبيك إلّا الفرقدان البيت منسوب لعمرو بن معدي كرب الزبيدي، ومنسوب إلى حضرمي بن عامر. الأول صحابي، والثاني صحابي أيضا والفرقدان: نجمان قريبان من القطب وذكر ابن هشام البيت في باب «إلا» الاستثنائية التي يوصف بها وبتاليها جمع منكر أو شبهه إذا تعذّر الاستثناء. ونقل عن ابن الحاجب، أن الوصف بها في هذا البيت من الشذوذ، لأنه يجوز نصب الفرقدين على الاستثناء. قال السيرافي: تقديره: وكلّ أخ إلا الفرقدان مفارقه أخوه «وإلّا» صفة لكلّ. ومفارقه: خبره ولو كان صفة للأخ، لقال: الفرقدين. لأن ما بعد إلا يعرب بإعراب «غير» الذي يقع موقعه. فالمرفوع نعت «كلّ» والمخفوض نعت أخ. وذكر غيره وجوها من الإعراب. أحدها: كلّ مبتدأ. مفارقه خبره. وأخوه: فاعل مفارقه. الثاني: كل: مبتدأ، مفارقه: مبتدأ ثان. وأخوه: خبره والجملة خبر الأول. الثالث: كلّ: مبتدأ وأخوه: مبتدأ ثان ومفارقه خبره، والجملة، خبر الأول. الرابع: كل: مبتدأ، مفارقه: بدل منه وأخوه خبر كل، أي: مفارق كل أخ أخوه. الخامس: أن يكون مفارقه، بدلا من «كل» وأخوه: مبتدأ. وكل أخ مفارقه. خبر مقدم. وكلّ هذا العجن والخبز، لأنّ الشاعر، رفع «الفرقدان» وإذا ثبت أنه بيت مفرد، فإنه يصح أن تقول «الفرقدين» شعرا ونحوا. أو «الفرقدان» على الاستثناء، ويكون منصوبا على لغة من يبقي المثنى بالألف دائما. ولكن الصراع الفكري، وحب الانتصار في

132 - على حين انحنيت وشاب رأسي … فأي فتى دعوت وأي حين

المناظرات، جعل بعض النحويين يصنعون الأمثلة كما يحلو لهم لتوافق رأيهم. [شرح أبيات المغني/ 2/ 105]. 132 - على حين انحنيت وشاب رأسي … فأيّ فتى دعوت وأيّ حين والشاهد: على حين: حيث وردت «حين» بالفتح حيث بني الظرف لإضافته إلى جملة صدرها الفعل الماضي المبني. [الإنصاف/ 184]. 133 - فلو أنّا على حجر ذبحنا … جرى الدّميان بالخبر اليقين منسوب إلى المثقب العبدي. والشاهد: «الدميان» جعل لام «دم» في المثنى «ياء» والتثنية والجمع ترد الأشياء إلى أصولها، فدل على أن الحرف المحذوف من «دم» ياء. والمشهور أنه واو في أشهر الأقوال. [الإنصاف/ 357، وشرح المفصل/ 4/ 151 وج 5/ 84، و 6/ 5، والأشموني/ 4/ 119، والخزانة/ 7/ 482، منسوب للشاعر علي بن بدّال]. 134 - فإن أهلك فربّ فتى سيبكي … عليّ مهذّب رخص البنان منسوب إلى جحدر اللص بن معاوية وهو شاهد على جواز استقبال ما بعد ربّ وليس بواجب دخولها على الماضي. فإن قوله: سيبكي، مضارع مستقبل. ولكن الخلاف في جواز استقبال ما بعد «ربّ» إنما هو في جوابها العامل في موضع مجرورها. أما وقوع المستقبل صفة لمجرورها فلا يمنعه أحد. [شرح أبيات المغني/ 3/ 203]. 135 - على ما قام يشتمني لئيم … كخنزير تمرّغ في دمان لحسان بن ثابت في هجاء بني عابد. ولكن قافية الأبيات، دالية «في رماد». وروي أيضا: «ففيم تقول يشتمني لئيم» ولا شاهد فيه على ما ذكروه. والبيت شاهد على أن ثبوت ألف «ما» الاستفهامية المجرورة لضرورة الشعر، وحقه أن يقول «علام». [شرح أبيات المغني/ 5/ 220]. 136 - دعي ماذا علمت سأتقّيه … ولكن بالمغيّب نبئيني

137 - أليس الليل يجمع أم عمرو … وإيانا، فذاك بنا تداني نعم، وأرى الهلال كما تراه … ويعلوها النهار كما علاني

مجهول. والشاهد: في «ماذا» خلاف بين النحويين. قال سيبويه: وأما إجراؤهم «ذا» مع «ما» بمنزلة اسم واحد، فهو قولك «ماذا رأيت» تقول: خيرا كأنك قلت: ما رأيت، فلو كانت «ذا» لغوا لما قالت العرب «عما ذا تساءل» ولقالوا «عم ذا تسأل» ولكنهم جعلوا، ما، وذا، اسما واحدا، كما جعلوا ما، وإنّ حرفا واحدا حين قالوا «إنما» ومثل ذلك، حيثما في الجزاء. ولو كان «ذا» بمنزلة الذي، في ذا الموضع البتة، لكان الوجه في ماذا رأيت؟ إذا أراد الجواب يقول: خير، وقال الشاعر: دعي ماذا. البيت. فالذي لا يجوز في هذا الموضع، و «ما» لا يحسن أن تلغيها. [شرح أبيات المغني/ 5/ 230 والهمع/ 1/ 84، والعيني/ 1/ 488]. 137 - أليس الليل يجمع أمّ عمرو … وإيّانا، فذاك بنا تداني نعم، وأرى الهلال كما تراه … ويعلوها النهار كما علاني البيتان لجحدر بن معاوية العكلي. والبيتان شاهد على جواز الإجابة بنعم، في جواب الاستفهام المنفي عند أمن اللبس. والأصل الإجابة ب (بلى) للايجاب، و «نعم» للنفي، ويروي البيت الثاني «بلى وأرى» وبهذا يبطل الاستشهاد. ويروى «أرى وضح الهلال كما تراه». [شرح أبيات المغني ج 6/ 58]. 138 - مضت سنة لعام ولدت فيه … وعشر بعد ذاك وحجّتان البيت للنابغة الجعدي من قصيدة هجا بها الأخطل. وصواب الرواية: «مضت مئة» وهو شاهد على أن رجوع الضمير الرابط من الجملة المضاف إليها إلى المضاف، نادر. فإن الضمير «فيه» عائد على «عام» وجملة ولدت، مضاف إليه و «عام» مضاف. [شرح أبيات مغني اللبيب ج 7/ 253]. 139 - ولقد رمقتك في المجالس كلّها … فإذا وأنت تعين من يبغيني لأبي العيال الهذلي. مخضرم، أدرك الجاهلية وأسلم زمن عمر. والبيت شاهد على أن الواو فيه زائدة (فإذا وأنت) وزيادتها هنا متحتمة، لأن إذا الفجائية لا تدخل إلا على جملة اسمية يكون مبتدؤها مجرّدا من حرف العطف. [شرح أبيات المغني/ 6/ 126].

140 - ما تنقم الحرب العوان مني … بازل عامين حديث سني لمثل هذا ولدتني أمي

140 - ما تنقم الحرب العوان مني … بازل عامين حديث سنّي لمثل هذا ولدتني أمّي منسوبة إلى أبي جهل، في معركة بدر. وقوله: ما تنقم. ما استفهامية إنكارية منصوبة المحل ب «تنقم» وتنقم بمعنى تكره. وقيّد الحرب، بالعوان مبالغة بشجاعته. والعوان: المحاربة الثانية، يريد التجربة في الحرب. والبازل من الإبل الذي تم له ثماني سنين. ومعنى: بازل عامين: مرّ عليه بعد نزوله عامان، فهو متناهي القوة. وفي قوله «بازل» وجوه: الرفع: على الاستئناف، خبر لمبتدأ محذوف أي: أنا بازل. والجرّ: على الاتباع أي: بإبداله من ياء المتكلم في «منى». والنصب: على الحال، من ياء المتكلم أيضا، وهذه الوجوه تجري أيضا. في قوله «حديث سني» فإذا نوّن «حديث» يكون سني مضافا للياء فاعلا لحديث. لاعتماده على المبتدأ المقدر، ويكون «حديث» خبرا بعد خبر. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 1/ 254، واللسان «بزل» ومجمع الزوائد/ 6/ 77]. 141 - عمدا فعلت ذاك بيد أني … أخاف لو هلكت لم ترنّي هذا الرجز قاله منظور بن حبّة. وقوله: لم ترنّي: من الرنين، يقول: على أني أخاف ذاك. وأرنّت المرأة: صاحت. قيل: بيد: هنا بمعنى «أجل» وقيل بمعنى «غير». وقيل معناها: «على» شرح أبيات المغني 3/ 23]. 142 - كيف تراني قالبا مجنّي … أضرب أمري ظهره لبطن قد قتل الله زيادا عنّى هذا الرجز للفرزدق. وقوله: قلب المجنّ: عبارة عن رميه من يده لعدم الاحتياج إليه. فإن الفرزدق هرب من البصرة إلى المدينة خوفا من زياد بن أبيه لغضبة كان غضبها زياد عليه. فلما جاء إلى

143 - يا رب من يبغض أذوادنا … رحن على بغضائه واغتدين

المدينة خبر موته ظهر بعد الاختفاء وأنشد هذه الأبيات الثلاثة إظهارا للشماتة وفرحا بسلامته منه. والشاهد: قتله عني .. استخدم حرف الجرّ «عن» مع «قتل» لأن معنى: «قتل» صرف «والأصل» صرفه الله عني. فاستخدام حرف مكان حرف إنما يكون بتضمين الفعل معنى فعل آخر يصلح للمقام. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 8/ 86 والأشموني 2/ 95، والخصائص 2/ 310]. 143 - يا ربّ من يبغض أذوادنا … رحن على بغضائه واغتدين .. لعمرو بن قميئة .. والأذواد: جمع ذود. وهو القطيع من الإبل ما بين الثلاث إلى الثلاثين. يعني أنهم أعزاء لا يستطيع أحد صدّ إبلهم عن مرعى مما لهم من قوة ومنعة. والشاهد: دخول «ربّ» على «من» دليل على قابليتها للتنكير، لأن ربّ لا تدخل إلا على نكرة فالجملة بعد «من» صفة لها. [سيبويه 1/ 270، وشرح المفصل 4/ 11]. 144 - فهل يمنعنّي ارتيادي البلا … د حذر الموت أن يأتين للأعشى، ميمون. والشاهد: توكيد «يمنعنّي»: بالنون الثقيلة بعد الاستفهام لأنه غير موجب كالأمر، فيؤكد كما يؤكد الأمر. وفيه شاهد على حذف الياء في الوقف من «يأتيني» [سيبويه 2/ 151، وشرح المفصل 9/ 40، والهمع 2/ 78]. 145 - فكونوا كمن واسى أخاه بنفسه … نعيش جميعا أو نموت كلانا قاله معروف الدبيري. والشاهد: رفع نعيش في جواب الطلب، على القطع [سيبويه 1/ 451]. 146 - الحمد لله ممسانا ومصبحنا … بالخير صبّحنا ربي ومسّانا لأمية بن أبي الصلت. والشاهد: مجيئه ب: «ممسانا، ومصبحنا، بمعنى الإمساء والإصباح. أي: نحمده في مسائنا وصباحنا لأنه يوالي أنعامه علينا كل حين [سيبويه 2/ 250، وشرح المفصل 6/ 50].

147 - هبت جنوبا فذكرى ما ذكرتكم … عند الصفاة التي شرقي حورانا

147 - هبّت جنوبا فذكرى ما ذكرتكم … عند الصفاة التي شرقيّ حورانا البيت لجرير يقول: كلما هبت الرياح من قبل الجنوب ذكر أهله وأحبابه لهبوبها من ناحيتهم. وحوران: صقع في ديار سورية. و «ما» في «ما ذكرتكم زائدة مؤكدة أي: فذكرتكم ذكرى. والصفاة: الصخرة الملساء. والبيت شاهد على استخدام «شرقيّ» ظرفا. ويجوز في غير هذا البيت أن لا تكون ظرفا. 148 - مبرأ من عيوب الناس كلّهم … فالله يرعى أبا حرب وإيّانا من أبيات سيبويه التي لم ينسبها. والشاهد: استعمال «إيّانا» الضمير المنفصل حيث لم يقدر على المتّصل [شرح المفصل 3/ 75، والهمع 1/ 63]. 149 - بلونا فضل مالك يا ابن ليلى … فلم تك عند عسرتنا أخانا أراك جمعت مسألة وحرصا … وعند الحقّ زحّارا أنانا البيتان للمغيرة بن حبناء .. يخاطب أخاه صخرا وكنيته ابن ليلى. والمسألة يعني سؤال الناس عند الحق. أي: عند ما يلزمك من حق. والزحّار: الذي يئنّ عند السؤال لبخله. وأنان: صفة على وزن «خفاف» مثل الأنين. والشاهد: نصب زحارا، وهو مبالغة زاحر. موضع المصدر وهو الزحير الواقع بدلا من اللفظ بالفعل «تزحر» [اللسان - أنن، وسيبويه 1/ 171]. 150 - فلما تبيّنّ أصواتنا … بكين وفدّيننا بالأبينا لزياد بن واصل السلمي - شاعر جاهلي. والشاهد: جمع أب، جمع سلامة على «أبين» وهو جمع غريب لأن جمع السلامة إنما يكون في الأعلام والصفات المشتقة. [سيبويه 2/ 101، وش المفصل 3/ 37، والخزانة 4/ 474]. 151 - رويد عليا جدّ ما ثدي أمّهم … إلينا ولكن بغضهم متماين

152 - مهلا أعاذل قد جربت من خلقي … أني جواد لأقوام وإن ضننوا

عليّ: اسم قبيلة. وجدّ: قطع. وجدّ ثدي أمهم إلينا: أي: بيننا وبينهم خؤولة رحم وقرابة من قبل أمهم، وهم منقطعون إلينا بها. وإن كان في ودّهم لنا مين أي: كذب وملق. يذكر قطيعة كانت بينهم وبين هؤلاء على ما بينهم من قرابة وأخوة. وشاهده: نصب «عليا» برويد على أنه اسم فعل أمر والبيت لمالك بن خالد الهذلي في شرح أشعار الهذليين/ 477 وسيبويه 1/ 124، واللسان «جود» و «مأن» والأشموني 3/ 202، وش المفصل 4/ 40. 152 - مهلا أعاذل قد جرّبت من خلقي … أنّي جواد لأقوام وإن ضننوا قاله قعنب بن أمّ صاحب، يقول: إنه جواد لا يصرفه العذل عن الجود وإن كان من يجود عليهم بخلاء، فليس يكفّه شيء عن سجيّته. وقوله: «ضننوا»: أراد «ضنّوا فأظهر التضعيف ضرورة [سيبويه 1/ 11، واللسان «ضن»، والخصائص 1/ 160]. 153 - ليت شعري مسافر بن أبي عم … رو وليت يقولها المحزون لأبي طالب يرثي صديقه مسافر بن أبي عمرو. ومسافر: منادى مبني على الضم ويجوز فتحه لوصفه بابن المضاف إلى ما هو كالعلم لشهرته به. والشاهد: إعراب «ليت» وتأنيثها لأنه جعلها اسما للكلمة. سيبويه 2/ 32، والخزانة 10/ 463]. 154 - ما بالمدينة دار غير واحدة … دار الخليفة إلا دار مروان البيت للفرزدق، عن سيبويه. ومروان هو مروان بن الحكم. والشاهد: إجراء «غير» على «دار» نعتا لها، فلذا رفع ما بعد «إلا»، فما بعد إلا بدل من دار الأولى، ولو جعل «غير» استثناء بمنزلة «إلا» واحدة. لجاز نصبها على الاستثناء ورفعها على البدل. فإذا رفعت على البدل وجب نصب ما بعد «إلا» لأنه استثناء بعد استثناء. ومعنى «غير واحدة» إذا كانت نعتا هي مفضلة على دور. ودار الخليفة تبيين للدار الأولى وتكرير. [سيبويه 1/ 373]. ويروى «مروانا» بالنون المفتوحة.

155 - دع الخمر تشربها الغواة فإنني … رأيت أخاها مجزئا بمكانها فإن لا يكنها أو تكنه فإنه … أخوها غذته أمه بلبانها

155 - دع الخمر تشربها الغواة فإنني … رأيت أخاها مجزئا بمكانها فإن لا يكنها أو تكنه فإنّه … أخوها غذته أمه بلبانها ... لأبي الأسود الدؤلي .. وشاهده: - البيت الثاني - تصرّف كان تصرف الأفعال الحقيقية في عملها فيتصل بها ضمير خبرها اتصال ضمير المفعول بالفعل الحقيقي نحو «ضربني» وضربته. قلت: وأنا لا أستبعد أن يكون البيتان مصنوعين ومنحولين، للاحتجاج بهما على قضية «النبيذ» أحلال هو أم حرام؟ لأن المفسرين اختلفوا في مراد الشاعر: فذكر بعضهم أن سبب هذا الشعر أن مولى لأبي الأسود الدؤلي كان يحمل تجارة إلى الأهواز، وكان إذا مضى إليها، تناول شيئا من الشراب، فاضطرب أمر البضاعة. فقال أبو الأسود هذا الشعر ينهاه عن شرب الخمر. فاسم «يكنها» ضمير الأخ. و «ها» ضمير الخمر وهو خبر يكن، واسم تكنه ضمير الخمر، والهاء ضمير الأخ وهو خبر تكن. وأراد بأخي الخمر الزبيب يقول: دع الخمر، ولا تشربها، فإني رأيت الزبيب الذي هو أخوها ومن شجرتها مغنيا مكانها، فإلا يكن الزبيب الخمر أو تكن الخمر الزبيب، فإن الزبيب أخو الخمر، غذته أمه بلبانها، يعني أن الزبيب شرب من عروق الكرمة كما شرب العنب الذي عصر خمرا، وليس ثمة لبان وإنما هو استعارة. وقال جماعة: أراد بأخي الخمر نبيذ الزبيب: فوصف نبيذ الزبيب وأطلقه على مذهب العراقيين في الأنبذة، وحثّ على شربه وترك الخمر بعينها للإجماع على تحريمها، وجعل الزبيب أصلا للخمر لأن أصلها الكرمة، واستعار اللّبان لما ذكره من الأخوة. وقال الزجّاج في تفسير قوله تعالى «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ ...» الآية [البقرة: 219]: وقد لبّس على أبي الأسود الدؤلي فقيل له: إن هذا المسكر الذي سمّوه بغير الخمر حلال، فظنّ أن ذلك كما قيل، ثم ردّه طبعه إلى أن حكم بأنهما واحد. فقال: دع الخمر يشربها الغواة ... البيتين. والذين قالوا: إنه أباح النبيذ، لا يصحّ قولهم، وكذلك لا يصحّ قول الزجاج بأنه لبّس عليه: فأبو الأسود تابعيّ ثقة عند أهل الحديث، وقالوا: إنه كان ذا دين وعقل ولسان

156 - ما بال جهلك بعد الحلم والدين … وقد علاك مشيب حين لا حين

وبيان وفهم وذكاء وحزم. والحقّ أن كتب الأدب تقوّلت على أبي الأسود الأقاويل، وجعلته بطلا في كثير من قصصها الموضوعة. وقد نقل البغدادي في الخزانة (ج 5/ 330) عن كتاب «مساوئ الخمرة» لأبي القاسم عبد الرحمن السعدي المتوفى سنة 555 هـ؛ أن أبا الأسود الدؤلي قال: دع الخمر يشربها الغواة ... البيت. فقيل له: فنبيذ الخمر؟ فقال: فإلا يكنها أو تكنه .. البيت. وعلى هذه الرواية، فلا تلبيس، ولا إباحة للنبيذ في البيتين. والله أعلم. [الإنصاف/ 823، وسيبويه 1/ 21، وش المفصل 3/ 117]. 156 - ما بال جهلك بعد الحلم والدّين … وقد علاك مشيب حين لا حين البيت مطلع قصيدة لجرير هجا بها الفرزدق، والخطاب في البيت لنفسه. وبعد ظرف متعلق بجهلك. وحين: متعلق ب علاك. وجملة «وقد علاك مشيب» حال. والمشكل في البيت «حين لا حين» فقال سيبويه والرضيّ: إن «لا» زائدة لفظا ومعنى. وإنما أضاف الشاعر «حين» إلى «حين» لأنه قدّر أحدهما بمعنى التوقيت، فكأنه قال: حين وقت حدوثه ووجوبه. ويجوز أن يكون المعنى: ما بال جهلك بعد الحلم والدين، حين لا حين جهل وصبا، فتكون «لا» لغوا في اللفظ، دون المعنى. وقد رجح أبو علي الفارسي في «الحجة» أن تكون «لا» زائدة لفظا ومعنى، لأنك لو جعلت «لا» زائدة لفظا فقط، ونافية معنى، تكون قد نفيت ما أثبته قبلها .. وانظر تفصيلا أوسع في [الخزانة 4/ 47، وسيبويه 1/ 358 والدرر 1/ 168]. 157 - إذا حاولت في أسد فجورا … فإنّي لست منك ولست منّ وهم وردوا الجفار على تميم … وهم أصحاب يوم عكاظ إنّ البيتان للنابغة الذبياني. ويقول البيت الأول لعيينة بن حصن الفزاري وكان بنو عبس قد قتلوا نضلة الأسدي، وقتلت بنو أسد منهم رجلين، فأراد عيينة عون بني عبس، وأن يخرج

158 - من اجلك يا التي تيمت قلبي … وأنت بخيلة بالود عني

بني أسد من حلف ذبيان، فأبى عليه النابغة ذلك وتوعده بهم. وأراد بالفجور، نقض الحلف. وفي البيت الثاني يمدح بني أسد ويذكر فعالهم. والجفار: موضع كانت فيه وقعة لبني أسد على بني تميم، ففخر لهم بذلك على عيينة بن حصن الفزاري. والبيتان أنشدهما سيبويه في باب «ما يحذف من الأسماء من الياءات في الوقف التي لا تذهب في الوصل «ولا يلحقها تنوين» يقول: إنه سمع ممن يرويه عن العرب الموثوق بهم، أنهم يحذفون الياء من «منّ» في الوقف، ومن «إنّ» وأصلها: منّي، وإنّي ومنه قراءة «فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ» ورَبِّي أَهانَنِ [الفجر: 15، 16] على الوقف [سيبويه 4/ 186، هارون]. 158 - من اجلك يا التي تيّمت قلبي … وأنت بخيلة بالودّ عنّي البيت لا يعرف قائله، وليس له سابق، ولا لاحق، وقوله «من اجلك» يقرأ بنقل فتحة ألف «أجلك» إلى نون «من» وقوله: من اجلك: علة معلولها محذوف، أي: من أجلك قاسيت ما قاسيت، أو خبر مبتدأ محذوف أي: من أجلك مقاساتي. وجملة: أنت بخيلة، حال، عاملها «تيّمت». وقوله «عني» أي: عليّ، من نيابة الحرف عن الحرف. والشاهد: نداء ما فيه «أل» وهو «التي» تشبيها بقولهم: «يا الله». وقيل: هو على الحذف، والتقدير، يا أيتها التي تيمت قلبي. فحذف، وأقام النعت مقام المنعوت [سيبويه 2/ 197، هارون، والخزانة 2/ 293 وشرح المفصل 2/ 8، والهمع 1/ 174]. 159 - ولي نفس أقول لها إذا ما … تنازعني لعلّي أو عساني البيت لعمران بن حطّان، أحد رؤوس الخوارج، وهو من التابعين، خرّج له البخاري وأبو داود. وقالوا: إنما خرج البخاري عنه ما حدّث به قبل أن يبتدع. واعتذر أبو داود عن التخريج بأن الخوارج أصح أهل الأهواء حديثا عن قتادة. قلت: وربّما خرّجا له، لأن الخوارج يرون الكذب من الكبائر التي تخلّد في النار. ويقول في البيت: إذا نازعتني نفسي في حملها على ما هو أصلح لها أقول لها: طاوعيني لعلي أجد المراد والظفر. أو قلت لها: لعلي أفعل هذا الذي تدعوني إليه، فإذا قلت لها هذا القول طاوعتني. والشاهد: عساني. استدل به سيبويه على كون الضمير وهو الياء منصوبا بلحوق نون

160 - ألا أبلغ بني خلف رسولا … أحقا أن أخطلكم هجاني

الوقاية في «عساني» ويستدل به على أن الكاف في «عساك» منصوبة، ولو كانت الكاف مجرورة لقال: «عساي» وفي المسألة تفصيل وخلاف، انظره في [الخزانة 5/ 349، وسيبويه 1/ 388، وشرح المفصل ح 3/ 10، 118، 120، والخصائص 3/ 25]. 160 - ألا أبلغ بني خلف رسولا … أحقّا أنّ أخطلكم هجاني البيت للنابغة الجعدي. بنو خلف: رهط الأخطل من بني تغلب، وكان بين النابغة وبين الأخطل مهاجاة. والرسول: الرسالة. والشاهد: نصب «حقّا» على الظرفية، وفتح «أنّ» لأنها وما بعدها مبتدأ، خبره الظرف. والتقدير أفي حق هجاني. ولا يجوز كسر همزة «إنّ» لأن الظرف لا يتقدم على إنّ المكسورة لانقطاعها عما قبلها. [سيبويه 3/ 137، هارون، والهمع 1/ 72، والأشموني 1/ 185]. 161 - أعزز بنا وأكف إن دعينا … يوما إلى نصرة من يلينا الشاهد فيه: حذف المتعجب منه المجرور بعد «أفعل» في قوله: «وأكف» أي: وأكف بنا. 162 - حبّذا الصبر شيمة لامرئ … رام مباراة مولع بالمغاني المغاني: جمع مغنى، وهو المنزل الذي أقام به أهله، ثم ارتحلوا من «غني» بالمكان إذا أقام فيه. والشاهد: تأخير التمييز عن المخصوص بالمدح، وهو قوله: «شيمة» في قوله حبذا الصبر شيمة. 163 - يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن … وإن لقيت معدّيا فعدناني

164 - إذا المرء لم يخزن عليه لسانه … فليس على شيء سواه بخزان

البيت لعمران بن حطان الخارجي كان لما طلبه السلطان يتنقل بين الناس، وينتسب في كل قوم إلى قومهم. وقوله: فعدناني: أصله مشدد الياء فخففها للضرورة، وهو جواب الشرط مقترن بالفاء، والتقدير: فأنا عدناني [الخزانة 5/ 357]. 164 - إذا المرء لم يخزن عليه لسانه … فليس على شيء سواه بخزّان البيت شاهد على حذف الفعل بعد أداة الشرط، والمرء: فاعل لفعل محذوف، والبيت لامرئ القيس [الخزانة 1/ 79، و 8/ 550]. 165 - خير اقترابي من المولى حليف رضا … وشرّ بعدي عنه وهو غضبان المولى: ابن العمّ. والبيت شاهد على حذف الخبر وجوبا لوقوع المبتدأ اسم تفضيل مضاف إلى مصدر صريح خير اقترابي ... وشرّ بعدي ... وجاء الحال الذي سدّ مسدّ الخبر مفردا في الشطر الأول وهو (حليف) وجملة في الشطر الثاني وهو (وهو غضبان) [الهمع 1/ 107 والأشموني 1/ 219]. 166 - تمنّوا لي الموت الذي يشعب الفتى … وكلّ امرئ والموت يلتقيان .. يشعب الفتى: يغتال ويهلك. والشاهد: وكل امرئ والموت يلتقيان أثبت خبر المبتدأ «كلّ» لعدم تعيّن وقوعه بعد واو بمعنى «مع» وهو قوله «يلتقيان» [الأشموني 1/ 217]. 167 - تيقّنت أن ربّ امرئ، خيل خائنا … أمين، وخوّان يخال أمينا امرئ: مجرور بربّ، وهو في محل رفع مبتدأ. وخيل: مجهول خال، ونائب فاعله، مفعوله الأول، وخائنا: مفعوله الثاني، والجملة صفة لامرئ. وأمين: خبره. أي: ربّ امرئ يظن خائنا وهو أمين، وربّ خائن يظنّ أمينا. والشاهد: أن ربّ امرئ، خيل .. أن: مخففة من الثقيلة، جاءت بعدها جملة فعلية فعلها متصرف وهي. خيل، فوجب الفصل بينها وبين الفعل بفاصل وهذا الفاصل هنا «ربّ» وقد يفصل بقد، وحرف التنفيس، والنفي بلم، أو لن، أو لا. [الهمع 1/ 143، وح 2/ 26].

168 - يا رب لا تسلبني حبها أبدا … ويرحم الله عبدا قال آمينا

168 - يا ربّ لا تسلبنّي حبّها أبدا … ويرحم الله عبدا قال آمينا منسوب إلى قيس بن الملوح. مجنون ليلى. والشاهد: «آمينا» أو «آمين» على وزن فاعيل، وهي إحدى أربع لغات في لفظ «آمين» اسم فعل أمر. [شرح المفصل 4/ 34، والشذور، والأشموني 3/ 197، واللسان «أمن»]. 169 - يا أمّ عبد الملك اصرميني … وبيّني صرمك أو صليني لجميل صاحب بثينة. وأم عبد الملك، كنية بثينة. [الخزانة 1/ 397]. 170 - طال ليلي وبتّ كالمجنون … واعترتني الهموم بالماطرون هذا مطلع قصيدة، تنسب لأبي دهبل الجمحي (وهب بن زمعة) وتنسب إلى عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. ويظهر أن القصيدة منحولة، أو أن قصتها موضوعة. حيث يزعم الرواة أن أبا دهبل قالها متغزلا في عاتكة بنت معاوية، أو رملة بنت معاوية وكذلك تروى المناسبة في نسبتها إلى عبد الرحمن بن حسان. وقلت: إن القصة موضوعة لأنهم يختلفون في اسم المرأة المتغزل بها، وهي غير مذكورة في الشعر، ويجعلون المرأة مرة أخت معاوية، ومرة ابنته. ويرويها ثعلب عن أبي دهبل دون أن يلصقها بمعاوية. وثعلب في أماليه، يعدّ أصدق رواة الأدب. والماطرون: قالوا: إنه موضع أو قرية بناحية الشام، ولم يعرفه أحد. وهو محلّ الشاهد في البيت. حيث ذكر الرضي، أن أبا علي الفارسي قال: الماطرون مجرور بكسرة على النون. وليس هذا غريبا. فالماطرون، إن صح أنه علم على مكان فالواو والنون فيه أصليتان، لأنه اسم مفرد، ولم ينقل من الجمع ليوضع على المفرد. وربما كان اسما أعجميا. وقد توهّم بعضهم أن له شبها بجمع المذكر السالم المنتهي بالواو والنون، الذي يسمى به، وتجعل الحركة فيه على النون في آخره. وانظر البيت والقصيدة في [الخزانة 7/ 314]. 171 - نجران إذ ما مثلها نجران ... هذا نصف بيت من الرجز أو الكامل المضمر، وقد يكون بيتا مشطورا من الرجز وهو

172 - ومن حسد يجور علي قومي … وأي الدهر ذو لم يحسدوني

من شواهد الهمع ح 1/ 124. ولم ينسبه إلى قائل. وهو شاهد: على إعمال «ما» الحجازية، إذا تقدم خبرها على اسمها. فقوله: «مثلها» خبر مقدم. ونجران: اسمها مؤخر وقد سمع «ما مسيئا من أعتب» بنصب «مسيئا» .. ومثله قول الفرزدق: فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم … إذ هم قريش، وإذ ما مثلهم بشر 172 - ومن حسد يجور عليّ قومي … وأيّ الدهر ذو لم يحسدوني نسب البيت إلى حاتم الطائي. وهو شاهد على حذف العائد إلى الاسم الموصول والموصول هنا «ذو» وتقدير العائد المحذوف، «لم يحسدوني فيه» [الأشموني 1/ 174، والعيني 1/ 451، والتصريح 1/ 147]. 173 - وبعض الحلم عند الجه … ل للذلّة إذعان .. قائله: الفند الزّماني في حرب البسوس من قصيدة مطلعها [وهي في الحماسة رقم 2]. صفحنا عن بني ذهل … وقلنا القوم إخوان واسم الشاعر: شهل بن شيبان ... والشاعر يعتذر من تركهم التحلّم مع الأقارب لمّا كان مفضيا إلى اكتساء الذل، واكتساب خضوع وعار. أو التقدير: بعض الحلم إذعان للذلة عند جهل الجاهل. والشاهد «للذلة إذعان» قال ابن هشام: إن اللام متعلق. بإذعان محذوف يدل عليه الإذعان المذكور. لأن «الإذعان» مصدر، ولا يتقدم على المصدر معموله. قال هذا في ردّ أحد وجوه إعراب قولهم: «الإعراب لغة البيان» وما شابهه من التعريفات. فقد ظنّ أن «لغة» منصوب على نزع الخافض وأن يقدر المجرور متعلق بالخبر المتأخر «البيان». وقد اختار ابن هشام أن يكون إعراب «لغة» حالا، مع التأويل البعيد. [الهمع/ 2/ 93، والأشموني/ 2/ 291، والحماسة/ 38]. 174 - صفحنا عن بني ذهل … وقلنا: القوم إخوان

175 - فظل لنسوة النعمان منا … على سفوان يوم أرونان

للشاعر الجاهلي: شهل بن شيبان الزّماني. ويلقب: الفند. والفند في اللغة. القطعة العظيمة من الجبل، وجمعه أفناد. وصفحنا: عفونا. وحقيقته: أعرضنا عنهم وأوليناهم صفحة عنقنا. والقوم: مبتدأ. إخوان: خبر. والجملة مقول القول. [الخزانة ج 3/ 431، والحماسة ص 32]. 175 - فظلّ لنسوة النعمان منّا … على سفوان يوم أرونان هذا البيت للنابغة الجعدي ... ولكنني سوف أشرحه في النون المكسورة، لأنه من قصيدة رويّها مكسور، وقد روته بعض المصادر بالنون المرفوعة، لأنها لم تنظر إلى البيت في سياقه. وهو في [اللسان - رون - والخزانة ج 10/ 279]. 176 - إنّ حيث استقرّ من أنت راعي … هـ حمى فيه عزّة وأمان البيت غير منسوب. قال السيوطي: إنّ تصرّف «حيث» نادر، ومن وقوعها مجردة عن الظرفية: (وأنشد البيت) وقال: فحيث اسم إنّ. وقال أبو حيان: هذا خطأ، لأن كونها اسما لإنّ، تكون مبتدأ «ولم يسمع ذلك فيها البتة. بل اسم إنّ في البيت «حمى» وحيث، الخبر لأنه ظرف، والصحيح أن حيث لا تتصرف، فلا تكون فاعلا ولا مفعولا ..». [الهمع ج 1/ 212]. 177 - ألا من مبلغ حسّان عنّي … أطبّ كان داءك أم جنون البيت لأبي قيس بن الأسلت. كان يهاجي حسان في الجاهلية. وقد اختلف في إسلامه. يقول: أذهب عنك عقلك بسحر، حتى اجترأت على هجائي، أم أصابك جنون؟ فلم تدر ما صنعت. يعظم في نفس حسان ما يأتي من هجاء الأوس وشعرائها ويتوعده بالمقارضة. وكان حسان خزرجيا، وأبو قيس أوسيا. والطب: بالكسر معناه السحر. والشاهد: (كان داءك أم جنون) على أنه يصح في بابي كان، وإنّ الإخبار بمعرفة عن نكرة ... فإن (داءك) خبر كان، مضاف إلى ضمير، والضمير من المعارف، فيكون (داء) معرفة. ومثله: «أظبي كان أمّك أم حمار». وقد حرّف الخبثاء البيت الشاهد في كتاب

178 - فأصبحت كنتيا وهيجت عاجنا … وشر خصال المرء كنت وعاجن وما كنت كنتيا وما كنت عاجنا … وشر الرجال الكنتني وعاجن قد كنت كنتيا فأصبحت عاجنا … وشر رجال الناس كنت وعاجن فأصبحت كنتيا وأصبحت عاجنا … وشر خصال المرء كنت وعاجن وما أنت ك

النحاس (شرح أبيات سيبويه) فروى الشطر الثاني (أظبي كان أمّك أم حمار) مع أن بيت أبي الاسلت من قصيدة نونية، وهذا الشطر من قصيدة رائية، لثروان بن فزارة، وقد مضى في حرف الراء هذا: وقد قالوا إن بيت ثروان بن فزارة محرّف أيضا، وإن الأصل فيه. فإنّك لا يضرّك بعد عام … أظبي ناك أمّك أم حمار وربما قلبوا اللفظة من (ناك) إلى (كان) تحرّجا. مع أن قوله (أظبي كان أمك ..) فيه إشكال. ذلك أن الظبي والحمار ذكران، وهو يقول «أمك» وكان حقه أن يقول أبوك ... فاعتذروا عن ذلك، بأن «الأم» معناها الأصل. ودار بينهم الجدل حول بيت محرف، ولم يكلفوا أنفسهم مراجعة الأصول للتثبت من الرواية. وصدق القائل: إذا اجتمعوا على ألف وواو … وياء هاج بينهم جدال [الخزانة ج 9/ 295، وسيبويه ج 1/ 23، واللسان (طبب). 178 - فأصبحت كنتيّا وهيّجت عاجنا … وشرّ خصال المرء كنت وعاجن وما كنت كنتيا وما كنت عاجنا … وشرّ الرجال الكنتنيّ وعاجن قد كنت كنتيّا فأصبحت عاجنا … وشرّ رجال الناس كنت وعاجن فأصبحت كنتيّا وأصبحت عاجنا … وشرّ خصال المرء كنت وعاجن وما أنتّ ك نتيّ وما أنا عاجن … وشرّ الرجال الكنتنيّ وعاجن هذه خمس روايات لبيت واحد .. فالقافية واحدة (وعاجن) والبحر واحد (الطويل) وبداية الشطر الثاني واحدة (وشرّ) وبداية الشطر الأول تبدأ بفعل ناقص، ما عدا الأخير. واتفقوا على معنى كلمة (عاجن) وهو الذي أسنّ، فإذا قام، عجن بيديه. يقال: خبز وعجن، وثنّى وثلث، وورّص، كله من نعت الكبير، وأعجن، وعجن، إذا أسنّ فلم يقم إلا عاجنا. وفي حديث ابن عمر. أنه كان يعجن في الصلاة، فقيل له: ما هذا فقال: رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يعجن في الصلاة، أي: يعتمد على يديه إذا قام كما يفعل الذي يعجن العجين. أما الكنتيّ: فهو منسوب إلى «كنت»، الفعل الناسخ مع التاء. فقال بعضهم: معناه الشديد القوي. لقوله: قد كنت كنتّيا فأصبحت عاجنا، وقيل: هو الشيخ الضعيف. والحق أنه قويّ شديد باعتبار ما كان، لأن الكنتي: الذي يقول: كنت في شبابي كذا ..

179 - عباس يا الملك المتوج والذي … عرفت له بيت العلا عدنان

وهو ضعيف باعتبار الحال الذي هو فيه، لأنه لا يقول كنت إلا في شيخوخته. والشاهد: كنتي، وكنتنيّ: وهو النسبة إلى الجملة، باعتبار الفعل والفاعل شيئا واحدا ومن قال: كنتني: أدخل نون الوقاية ليسلم الفعل من الكسر، ولكن النسبة إليه أخرجته عن كونه فعلا، لأنه اسم وصف به الرجل الكبير، والدليل على اسميته أنه جاء غير منسوب إليه في البيت الأول، ونون في بعض الروايات فقالوا «كنت». وهذا البيت نسبه السيوطي في الهمع إلى الأعشى، ولا أدري أيّ الأعشين أراد. [شرح المفصل ج 6/ 7، والهمع ج 2/ 193، واللسان (عجن، وكون]. هذا ويرى سيبويه أن القياس في النسبة إلى ما سبق (كوني) بإرجاعه إلى الأصل. 179 - عبّاس يا الملك المتوّج والذي … عرفت له بيت العلا عدنان البيت مجهول القائل. ويظهر أن قائله متأخر جدا، فالخلفاء حتى نهاية بني أميّة ليس منهم من تسمّى أو تلقب بعباس، والطبقة العالية من خلفاء بني العباس، حتى المعتصم ليس فيهم من كان اسمه عباسا ... ولست متأكدا من المتأخرين لأنهم عرفوا بألقابهم. والشاهد في البيت «يا الملك». فقد احتجت به الكوفية على جواز دخول حرف النداء على المعرف بأل، وأجيب عنه بأنه ضرورة، أو: المنادى فيه محذوف، تقديره يا أيها الملك. قال ابن مالك رحمه الله: وباضطرار خصّ جمع يا وأل … إلا مع الله، ومحكيّ الجمل ومثال محكي الجمل، ما سمّي به نحو «المنطلق زيد» تقول: «يا المنطلق زيد». وزاد المبرد ما سمّي به من موصول مبدوء بأل نحو «الذي» و «التي». [الأشموني ج 3/ 147، والهمع ج 1/ 174، والدرر والعيني، بالتبعيّة]. 180 - فلمّا صرّح الشّرّ … فأضحى وهو عريان البيت للفند الزّمّاني، واسمه شهل بن شيبان بن ربيعة بن زمّان، فهو منسوب إلى جدّ أبيه والبيت من قطعة قالها في حرب البسوس، ومعنى صرّح: انكشف. وعريان. مثل لظهور الشرّ. وجملة (وهو عريان) الاسمية خبر أضحى. جاءت مقترنة بالواو ... وجواب لمّا، في أول البيت، جاء في بيت لا حق هو:

181 - داويت عين أبي الدهيق بمطله … حتى المصيف ويغلو القعدان

ولم يبق سوى العدوا … ن دنّاهم كما دانوا ومعنى: دنّاهم: جازيناهم. يقول: لما أصرّوا على البغي وأبوا أن يدعوا الظلم، لم يبق إلا أن نقاتلهم ونعتدي عليهم، كما اعتدوا علينا، جازيناهم بفعلهم القبيح، كما ابتدؤونا به وإطلاق المجازاة على فعلهم مشاكلة، على حدّ قوله تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ، فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ [البقرة: 194]. [الخزانة ج 3/ 431، والحماسة بشرح المرزوقي ص 32]. 181 - داويت عين أبي الدّهيق بمطله … حتّى المصيف ويغلو القعدان البيت أنشده الأنباري في «الإنصاف» ولم ينسبه إلى شاعر. وأبو الدهيق: كنية رجل. والمطل: التسويف في قضاء الحاجة. والمصيف: زمان الصيف. ويغلو القعدان: القعدان: جمع قعود: وهو ما اتخذه الراعي للركوب وحمل الزاد. أو الذي يقتعده الراعي في كل حاجة: والقعود من الإبل: هو البكر حين يركب. أي: يمكن ظهره من الركوب، وأدنى ذلك أن يأتي عليه سنتان، وهو اسم للذكر، والأنثى: قلوص. ويغلو: إذا ارتفع في سيره فجاوز حسن السير، هكذا شرحه أبو رجاء، ولكن ما العلاقة بين المصيف، وغلوّ القعدان في السير؟ ربما كان المراد: حتى تكبر الأبكار وتصبح قعدانا تركب، وربما كان المعنى: أن يغلو سعر القعدان، وهذا خلاف في غير محله، لأن موضوع الخلاف - بيت الشعر - لا تدري أهو قول شاعر، أم صناعة نحوي؟ فليس للبيت مصدر إلا نقل الأنباري عن البصريين، محتجين به لرأيهم في النصب بعد «حتى»: فهم يقولون: إن الفعل بعدها منصوب بأن مقدرة بعد الواو العاطفة، ويكون منها والفعل مصدر مؤول، معطوف على المصيف المجرور بحتى. أما الكوفيون: فيرون أن حتى تنصب الفعل بنفسها، لأنها إما أن تكون بمعنى كي، مثل: «أطع الله حتى يدخلك الجنة» أو بمعنى (إلى أن) كقولك: اذكر الله حتى تطلع الشمس، فإذا أخذ الحرف معنى الحرف الآخر عمل عمله. والحقّ في هذه المسألة مع الكوفيين، لأن إعمال الظاهر خير من إعمال المضمر. ولم نلتق العرب الأقدمين الذين نطقوها منصوبة، لنسألهم لماذا نصبتم، وما يتعلل به البصريون ضرب من الحكم على الغيب، والغيب لا يعلمه إلا الله. [الإنصاف ص 599].

182 - إذا جاوز الإثنين سر فإنه … بنث وتكثير الوشاة قمين

182 - إذا جاوز الإثنين سرّ فإنّه … بنثّ وتكثير الوشاة قمين لقيس بن الخطيم الأنصاري ... والنثّ: نشر الحديث، أو هو نشر الحديث الذي كتمه أحقّ من نشره. قال السيوطي: ولا تثبت همزة الوصل غير مبدوء بها إلا في ضرورة (وأنشد البيت) والمراد همزة (الاثنين) فإنها قطعت في الوصل لضرورة الوزن، وإنما يصح قطعها في ابتداء الكلام. [اللسان نثث، وقمن، والهمع ج 2/ 211]. 183 - بك أو بي استعان خليل أمّا … أنا أو أنت ما ابتغى المستعين البيت بلا نسبة في العيني/ 1/ 299. 184 - قد كان قومك يحسبونك سيّدا … وأخال أنّك سيّد معيون قاله العباس بن مرداس. ومعنى معيون: أصيب بالعين. اسم مفعول من عانه، من باب باع يبيع، والقياس فيه، معين، مثل مبيع، فجاء به الشاعر على الأصل دون حذف. وقوله: أنك سيد: المصدر المؤول حلّ محل مفعولي خال. [الأشموني ج 4/ 325، واللسان (عين) والخصائص ج 1/ 261]. 185 - وذلك أنّ ألقكم قليل … لواحدنا أجل أيضا ومين البيت لحسان بن ثابت رضي الله عنه. وأنشده السيوطي شاهدا على حذف همزة (مئين) في الضرورة. [الهمع ج 2/ 156، والدرر ج 2/ 210]. 186 - ماذا الوقوف على نار وقد خمدت … يا طالما أوقدت في الحرب نيران أنشده السيوطي في شرح شواهد المغني، ولم ينسبه. 187 - تردّ بحيّهل وعاج وإنّما … من العاج والحيّهل جنّ جنونها منسوب إلى جهم بن العباس، قال البغداديّ في الخزانة: ولم أره إلا في شرح الرضي ولا أعرف جهما من هو. والبيت شاهد على أن اسم الصوت إذا قصد به لفظه أعرب كما في البيت، فإن عاج وهو زجر للإبل لتسرع، لما قصد لفظه أعرب بالجرّ والتنوين في الشطر الأول، وبالجر والتعريف في الشطر الثاني .. أي: إنها ترد لسماع هذه الكلمة .. وقس على ذلك:

188 - وخيل كفاها ولم يكفها … ثناء الرجال ووحدانها

(حيّهل). [الخزانة ج 6/ 387]. 188 - وخيل كفاها ولم يكفها … ثناء الرجال ووحدانها البيت غير منسوب ... وقال السيوطي: إن الألفاظ المعدولة عن الأعداد على وزن فعال ومفعل، لم تستعملها العرب إلا نكرات. ولم يسمع تعريفها بأل، وقلّ إضافتها (وأنشد البيت) واللفظ المعدول في البيت هو «ثناء». [الهمع ج 1/ 27، والدرر ج 1/ 9 وشرح التصريح ج 2/ 215]. 189 - أمرّت من الكتّان خيطا وأرسلت … رسولا إلى أخرى جريّا يعينها الشاهد بلا نسبة في الخصائص ج 2/ 396] وقد فصل بين الصفة والموصوف (رسولا جريّا). 190 - يدعن نساءكم في الدّار نوحا … يندّمن البعولة والأبينا البيت للشاعر غيلان بن سلمة الثقفي. والشاهد جمع الأب جمع المذكر السالم فقوله (الأبين) جمع (أب) وأصله «أبو» وفي التثنية نقول: أبوان، وهذا دليل على أن المحذوف من (أب) هو الواو. ولكن بعض العرب تثنيه على حذفه فتقول (أبان) تثنية (أب) ويقولون في الجمع «أبون» وهذه الواو الموجودة للجمع، ويرفع بالواو وينصب ويجر بالياء. [اللسان أبي]. 191 - وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة … يوما سراة كرام الناس فادعينا البيت أحد أربعة أبيات في المفضليات برقم 128 منسوبة إلى المرقش الأكبر ... وهو أيضا في قصيدة أنشدها أبو تمام في الحماسة، وشرحها المرزوقي ص 110، ومنسوبة إلى بشامة بن حزن النهشلي. والله أعلم بمن قالها. ومطلع أبيات الحماسة، البيت التالي: 192 - إنّا محيّوك يا سلمى فحيّينا … وإن سقيت كرام الناس فاسقينا وقوله: إلى جلّى: جلّى: فعلى، أجراها مجرى الأسماء، ويراد بها جليلة، كما يراد بأفعل، فاعل، وفعيل. يقول: إن أشدت بذكر خيار الناس، بجليلة نابت أو مكرمة

193 - حاولت لوا فقلت لها … إن لوا ذاك أعيانا

عرضت، فأشيدي بذكرنا أيضا. والشاهد (جلّى) فالظاهر أنها فعلى، مؤنث (أفعل) للتفضيل ... واسم التفضيل إذا نكّر يلزم أن تأتي بعده (من) الجارة. فنقول: زيد أفضل من عمرو. ولا تقول: زيد أفضل. وإذا عرّف خلا من مصاحبة (من) فلا يقال: زيد الأفضل من عمرو. وكذلك مؤنثة (فعلى) إذا خلت من مصاحبة ال: إمّا أن تعرف بالألف واللام، أو الإضافة وإما أن تقرن بمن. و (فعلى) جلّى في البيت جاءت خالية من التعريف ولم تقرن بمن قال ابن يعيش في توجيه البيت: الجيد أن تكون «جلّى» مصدرا كالرجعى، بمعنى الرجوع ... وليس بتأنيث الأجلّ، لأنه إذا كان مصدرا جاز تعريفه وتنكيره. [الخزانة ج 8/ 301، وشرح المفصل ج 6/ 100، والحماسة بشرح المرزوقي 101]. 193 - حاولت لوّا فقلت لها … إنّ لوّا ذاك أعيانا [البيت للنمر بن تولب في ديوانه. والمقتضب 1/ 235]. 194 - رقيّ بعمركم لا تهجرينا … ومنّينا المنى ثم امطلينا البيت لعبيد الله بن قيس الرقيّات: ورقيّ: واحدة من الرقيات اللواتي شبب بهن، مرخم رقيّة. بعمركم: قسم. لا: ناهية. تهجرينا: مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف النون، والياء: فاعل. ونا: مفعول به. وأسلوب النهي، من أنواع الطلب أجيب به القسم. [الهمع ج 2/ 41، والدرر ج 2/ 45، وديوان الشاعر]. 195 - ألا هبّي بصحنك فاصبحينا … ولا تبقي خمور الأندرينا هذا مطلع معلقة عمرو بن كلثوم التغلبي. ألا: للتنبيه، يفتتح بها الكلام. ويعربونها اليوم حرف استفتاح فقط، وهذا، عدول بالإعراب عن معناه، فالإعراب معناه الإفصاح والبيان، وإذا ذكرت عمل الحرف دون معناه، فما أعربت، فيحسن إضافة الحروف العاملة إلى معناها، واتباعه بالعمل. فيقال مثلا: «لم» حرف نفي وجزم و «لا» الناهية حرف نهي وجزم، وإنّ: حرف توكيد ونصب، وهكذا. وهبي: قومي من نومك ... هكذا قال شارح المعلقات، وما أظنه يطلب أن تهب من نومها، وإنما يريد أن تنهض من قعودها وأن تبادره بالشراب، لأنه قال: بصحنك، وكيف تهب بصحنها من نومها وليس معها الصحن، وإنما يكون هذا خطابا للجارية أو ساقية الخمر، والصحن: القدح الكبير

196 - كأنا يوم قرى … إنما نقتل إيانا

وقوله: فاصبحينا، أمر ماضيه صبح وصبحه، يصبحه صبحا، وصبحه سقاه صبوحا، فهو مصطبح. والصبوح في الأصل، كلّ ما أكل وشرب غدوة، ويقابله الغبوق في المساء. وكذلك «الغداء» فإنه الطعام الذي يؤكل في الغداة. واستخدامه فيما نأكله من الطعام بعد الظهر، مولّد، كما أنه ليس من كلام العرب «الفطور، أو الإفطار لطعام الصباح، فالفطور خاص بشهر رمضان، أو لكل صائم يأكل عند مغيب الشمس. والأندرين: قالوا إنها بليدة في قضاء حلب، كانوا يجلبون منها الخمر في الجاهلية، ولا يعرفها الآن أحد، لأن ياقوت الحموي ذكرها وقال إنها خراب في أيامه. هذا، وقد كانت معلقة عمرو بن كلثوم النشيد القومي لقبيلة تغلب، زمنا طويلا، وفي هذا يقول ابن شرف القيرواني في رسائل الانتقاد (رسائل البلغاء ص 316): وجعلتها تغلب قبلتها التي تصلي إليها، وملتها التي تعتمد عليها، فلم يتركوا إعادتها، ولا خلعوا عبادتها إلا بعد قول القائل: ألهى بني تغلب عن كلّ مكرمة … قصيدة قالها عمرو بن كلثوم 196 - كأنّا يوم قرّى … إنّما نقتل إيّانا 197 - قتلنا منهم كلّ … فتى أبيض حسّانا ... البيتان لذي الإصبع العدواني - وهذا لقبه ونسبه. وأما اسمه فهو حرثان ابن محرّث. زعموا أن حيّة نهشت إصبعه فقيل له: ذو الإصبع، وزعموا أيضا أنه عاش ثلاث مئة سنة، كلها في الجاهلية. وقوله: كأنا .. الخ. يحكي قصة حرب دارت بين قومه، وبين خصومهم، ربّما كان المتقاتلون ذوي قربى، لأنه جعل قتلهم، كأنهم يقتلون أنفسهم، وهذا الشعور لا يتحرك إلا إذا كان الخصم من أبناء العمّ. وفي هذا المعنى، وأوضح وأرقّ، قول الحارث ابن وعلة الذّهلي، الجاهلي: في الحماسة ص 204. قومي هم قتلوا أميم أخي … فإذا رميت يصيبني سهمي فلئن عفوت لأعفون جللا … ولئن سطوت لأوهنن عظمي وقرّى: بضمّ القاف وتشديد الرّاء: اسم مكان حدثت عنده الحرب.

وقوله: نقتل إيّانا أي: نقتل أنفسنا. وقوله: أبيض: أي: نقيّ العرض. وحسّان: صيغة مبالغة من الحسن، مثل كبّار. والشاهد في البيت الأول: إيّانا: فهو ضمير منفصل، وضعه موضع الضمير المتصل، لأنه لا يمكنه أن يأتي بالمتصل فيقول (نقتلنا) لأن الفعل لا يتعدى فاعله إلى ضميره، إلا أن يكون من أفعال القلوب. فأنت لا تقول: ضربتني، ولا أضربني ولا ضربتك، بفتح التاء، ولكن تقول: ضربت نفسي، وضربت نفسك، وذلك لئلا يكون الفاعل مفعولا في اللفظ، وأجازوا هذا في أفعال القلوب، فتقول: حسبتني في الدار. وفي فعلين آخرين هما: عدمتني، وفقدتني فكان حقه أن يقول نقتل أنفسنا. والمسوّغ لقوله: نقتل إيانا: وقوع الضمير بعد معنى (إلا) وهو شاذ. وقد جوّزوا هذا في الشعر، ومنعوه في النثر. وفي البيت الثاني: نصب أبيض، وحسّانا، صفتين لكلّ ... ولو كان في النثر لجاز أن يقول «حسّانين» وصفا لكل على معناها، لأن لفظها واحد ومعناها جمع. وقال البغدادي: يجوز جرهما صفتين لفتى، وفتحتهما نيابة عن الكسرة لأنهما ممنوعان من الصرف. ولكننا نسلم برأي البغدادي في «أبيض» ولا نسلم به في «حسّان» لأنهم اتفقوا على أنها مبالغة في الحسن، ومعنى هذا أن النون أصلية، فكيف نمنعه من الصرف، لعله جعلها مثل «حسّان» بفتح الحاء، وفيه وجهان. [كتاب سيبويه ج 1/ 271، 383، والخصائص ج 2/ 194، والإنصاف 699، وشرح المفصل ج 3/ 101]. ملاحظتان: الأولى: قولهم يجوز هذا في الشعر، ولا يجوز في النثر، يعجبني في الجواب عن هذا قول ابن فارس: «ما رأينا أميرا أو ذا شوكة أكرم شاعرا على ارتكاب ضرورة، فإمّا أن يأتي بشعر سالم، أو لا يعمل شيئا». قال أبو أحمد: والقول بالضرورة الشعرية، من اصطلاحات النحويين ... ويقولون ذلك عند ما يجدون كلمة في بيت شعر خالفت ما وصلهم من الشواهد. تقول: وهل وصلهم كلّ ما قال العرب من الشعر؟ الملاحظة الثانية: البيتان المثبتان شاهدين: من الهزج، وهذا البحر قليل جدا. في الشعر القديم ... وإذا صحت نسبة الأبيات إلى العصر الجاهلي، فإنها تثبت أن بعض الأشعار كانوا يقولونها للغناء والإنشاد المصحوب بالرقص الجماعي، أو الرقص

198 - أما الرحيل فدون بعد غد … فمتى تقول الدار تجمعنا

الفردي ... وحاول أن تنشد البيتين وأنت جالس في مكانك دون أن تحرك أعضاء جسمك، فإنها تستعصي عليك، وتجدها قليلة التأثير، بل لا يمكنك إنشادها دون تطريب وتقطيع، كما يمكنك فعله في الأوزان الأخرى. 198 - أمّا الرحيل فدون بعد غد … فمتى تقول الدار تجمعنا البيت لعمر بن أبي ربيعة. يقول: قد حان رحيلنا عمن نحب، ومفارقتنا في غد، وعبر عنه بقوله (دون بعد غد) فمتى تجمعنا الدار بعد هذا الافتراق فيما تظنّ وتعتقده. والشاهد: نصب (الدار) بالفعل «تقول» لخروجها إلى معنى الظنّ. وقد شرط الزمخشري لاستعمال «تقول» بمعنى «تظن» أن يكون معه استفهام، وأن يكون القول فعلا للمخاطب، وأن لا يفصل بين أداة الاستفهام والفعل بغير الظرف. فإن لم تتحقق في الفعل هذه الشروط، يكون ما بعدها منقولا على الحكاية. وبنو سليم يعملون القول، عمل الظن مطلقا دون شروط. [كتاب سيبويه ج 1/ 63 - وشرح المفصل ج 7/ 79، والخزانة ج 2/ 349 وج 9/ 185]. 199 - نوّلي قبل نأي داري جمانا … وصلينا كما زعمت تلانا البيت لجميل بن معمر. وبعده: إنّ خير المواصلين صفاء … من يوافي خليله حيث كانا وقوله: نولي: يقال أناله، ونوّله معروفة، أي: أعطاه معروفة، وجمانا: منادى مرخم «جمانة» على لغة من ينتظر، فأبقى النون مفتوحة، ولذلك مدّها بالألف. والشاهد: تلانا: في معنى «الآن». [اللسان - تلن، والإنصاف ص 110]. 200 - بأيّة تيلك الدّمن الخوالي … عجبت منازلا لو تنطقينا البيت غير منسوب. فأنشده السيوطي عن الفراء شاهدا على «تيلك» بكسر التاء واللام، لغة في «تلك» اسم الإشارة المؤنث. [الهمع ج 1/ 75 والدرر ج 1/ 49]. 201 - تفقّأ فوقه القلع السّواري … وجنّ الخازباز به جنونا البيت للشاعر عمرو بن أحمر الباهلي. أدرك الجاهلية والإسلام، وأسلم، ولكنه ليس

202 - ألا إن قلبي مع الظاعنينا … حزين فمن ذا يعزي الحزينا

بصحابي، وحضر الدولة الأموية. والبيت، من أبيات يصف فيها نعاما يحفّ بيضات في روضة، ويصف الروضة بأن المطر قد سقاها غدقا، وطال النبات فيها وجنّ. وقوله: تفقأ فوقه: أي فوق المكان الذي باضت فيه النعامة. وتفقأ: أي: تتفقأ أي: تنشق السحائب فوق هذه الروضة، بالمطر. والقلع: جمع قلعة، وهي القطعة العظيمة من السحاب. والسواري: جمع سارية وهي السحابة التي تأتي ليلا. والخازباز: هنا نبت، وجنونه، طوله وسرعة نباته. و (به) أي: بهذا المكان. وهو لفظ «الهجل» في بيت سابق، بمعنى الأرض المنخفضة. وقد فسر بعضهم «الخازباز» بأنه الذبّان، وأن جنونه، هو هزجه وطيرانه. والشاهد: أن لام التعريف إذا دخلت على «الخازباز» لم تغير ما كان مبنيا عن بنائه، فهو مبني على الكسر. [سيبويه ج 2/ 52، والإنصاف ص 313 وشرح المفصل ج 4/ 121، والخزانة ج 6/ 242]. 202 - ألا إنّ قلبي مع الظّاعنينا … حزين فمن ذا يعزّي الحزينا البيت للشاعر أميّة بن أبي عائذ، شاعر إسلامي مخضرم، وفي الأغاني: أنه من شعراء الدولة الأموية وأحد مدّاحيهم، له في عبد الملك بن مروان وعبد العزيز قصائد مشهورة، وقد وفد إلى عبد العزيز بن مروان بمصر، وأنشده قصيدته التي أولها .. ألا إنّ قلبي ... البيت. وسار بمدحة عبد العز … يز ركبان مكة والمنجدونا وقد ذهبوا كلّ أوب بها … فكلّ أناس بها معجبونا محبّرة من صحيح الكلا … م ليست كما لفّق المحدثونا وقد نقلت هذا، من خزانة الأدب بتحقيق العلّامة عبد السلام هارون ج 2/ 436 وعزا الأبيات في الحاشية إلى الأغاني ج 20/ 115 - 116، وقال: إن عددها أحد عشر بيتا وإلى شرح السكري لأشعار الهذليين. ومع ذلك فإن الشيخ عبد السلام هارون - يرحمه الله - قد عزا البيت الشاهد إلى أمية ابن أبي الصلت. في كتابه «معجم شواهد العربية ج 1/ 390، وأحال إلى كتاب التصريح، وديوان الشاعر ... ولم يذكر الخزانة مصدرا.

203 - لها فرط يكون ولا تراه … أماما من معرسنا ودونا

قال أبو أحمد: وقد وقعت على هفوات مثل هذه في غير هذا الشاهد، ولكنني لم أكن أنبّه إليها حتى لا يظنّ ظانّ - ممن لا يفهم معنى النقد - أنني أنتقص شيخ التحقيق الأستاذ عبد السلام هارون. وأنا أحبّه وأرفع منزلته بين المحققين وأثق بما يكتب ولكنه ربما أوكل بعض أعماله إلى بعض المساعدين، فأوقع الشيخ في هذا الخطأ وهو بريء منه، لأن الخزانة من تحقيقه، وكتب ما كتب بقلمه وكتاب المعجم، منسوب إليه كل ما فيه. مع أن الطبعة الأولى من الخزانة سنة 1967 م والطبعة الأولى من المعجم سنة 1972 م، فالخزانة سابقة على المعجم. ونقلت عن الطبعة الثالثة من الخزانة سنة 1989 م، قبل وفاة عبد السلام هارون. هذا وقد نقل عن «معجم شواهد العربية» لعبد السلام هارون. صاحب «معجم شواهد النحو الشعرية» الدكتور حنا حدّاد، فوقع في الخطأ نفسه. مع أن الأخير لم يذكر كتاب عبد السلام مرجعا له، ولم يشر إلى اسمه في الكتاب كلّه وهو يزعم أنه رجع إلى مصادر الشواهد، ولكنه كذّاب ومنكر للجميل، لأنه لم يعترف بالفضل لمن سبقه وقد صدر كتابه سنة 1984 م، وليس من المعقول أن الكتاب لم يصله وهو يزعم أنه في دائرة اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك بالأردن. 203 - لها فرط يكون ولا تراه … أماما من معرّسنا ودونا البيت للنابغة الجعدي، يصف كتيبة إذا عرّست بمكان كان لها فرط، أي: فضول. والشاهد تنكير «أمام» و «دون» وتنوينهما، لتمكنهما من التنكير. [سيبويه/ 3/ 291، هارون، واللسان «دون»]. 204 - ما جاد رأيا ولا أجدى محاولة … إلا امرؤ لم يضع دنيا ولا دينا البيت غير منسوب: وقال السيوطي: والأصحّ أنه لا تنازع في نحو: ما قام وقعد إلا زيد وقول الشاعر (البيت) بل هو من باب الحذف العام، لدلالة القرائن اللفظية عليه، والتقدير «أحد» حذف، واكتفي بقصده، ودلالة النفي والاستثناء. وقيل: إنه من باب التنازع، لأن المحذوف فاعل، ولا يجوز حذفه، فتعين أن يكون من التنازع. [الهمع ج 2/ 110]. 205 - يا للرّجال ذوي الألباب من نفر … لا يبرح السّفه المردي لهم دينا غير منسوب. واللام الأولى في «للرجال» لام الاستغاثة، وهي مفتوحة.

206 - ورثت مهلهلا والخير منه … زهيرا نعم ذخر الذاخرينا

والشاهد: «من نفر» وهو المستغاث من أجله. قال الأشموني: قد يجرّ المستغاث من أجله بمن. فقال الصبّان: إذا كان مستنصرا عليه، كما في البيت. لأن النفر، المستغاث من أجلهم يطلب الشاعر الاستنصار عليهم لأنهم أشرار. أما المستغاث له، الذي نستنصر من أجل إعانتهم، فلا يجرّ إلا باللام المكسورة. و «من» التي يجربها المستغاث من أجله، تكون سببية، وتعلق بفعل الدعاء، أو بفعل مفهوم. [الأشموني ج 3/ 165، والعيني على حاشيته. والهمع ج 1/ 180]. 206 - ورثت مهلهلا والخير منه … زهيرا نعم ذخر الذّاخرينا البيت لعمرو بن كلثوم من معلقته. ومهلهلا: جدّ الشاعر من قبل أمّه. وهو المذكور في حرب البسوس، أخو كليب بن وائل الذي قتله جساس، وقامت الحرب من أجله. وزهير جدّ الشاعر من قبل أبيه، وهو جدّ بعيد وليس الجدّ الأدنى. وقوله: ورثت: مهلهلا. أي: ورث مجد مهلهل على تقدير مضاف وكذلك زهير. وزهيرا: يعرب عطف بيان للخير. ونعم: فعل مدح. وفاعله «ذخر» والمخصوص بالمدح زهير. أي: نعم ذخر الذاخرين مجد زهير. والشاهد (والخير منه) وهو مشكل: فاسم التفضيل لا يستعمل إلا بمن إذا كان نكرة، فإذا عرّف أو أضيف خلا من «من» الجارة، وقد خرجوه على أن (ال) زائدة، و «من» في «منه» تفضلية. ويجوز أن يقدّر «أفعل» آخر عاريا من اللام - يتعلق به «من» والتقدير: «والخير خيرا منه». قال أبو أحمد: إن النحويين قد استعجلوا في إصدار الأحكام وتعميم القواعد، ولم يكن استقراؤهم النصوص كاملا، أو أنهم استقرؤوا ما وصل إليهم فظنوا أنه كلّ ما قالته العرب، فإذا جاءتهم بعد ذلك نصوص تخالف قواعدهم عزّ عليهم أن يرجعوا عنها، وأخذوا يؤولون ما يجدونه. وقد مضى معنا في هذا الحرف بيت الشاعر: وإن دعوت إلى جلّى ومكرمة … ... فادعينا فجلّى، فعلى مؤنث أجلّ، وهو نكرة. ولم يقترن ب (من) فأولوه ليناسب القاعدة والبيت الشاهد: خالف القاعدة وجاء اسم التفضيل معرفا مقرونا بأل، فأوّلوه أيضا. قلت: ولماذا لا يكون قول عمرو صحيحا، إذا صحت نسبته إليه، وبه نقول بجواز

207 - ومعزى هدبا يعلو … قران الأرض سودانا

الوجهين، وليس هناك مانع معنوي، ونحن نفهم التفضيل لو قال (خيرا) أو «الخير» فهذه القصيدة التي منها البيت، معلقة، وهم يزعمون أن المعلقات خير ما قيل من الشعر الجاهلي. ولكن لي تعليقة نقدية على هذا البيت غير ما ذكروا، وهي: أن البيت نظم بارد لا حياة فيه تهزّ المشاعر، وتزيد برودة البيت عند ما تقرأ معه البيت التالي الذي يعدد فيه بقية آبائه، وهو: وعتّابا وكلثوما جميعا … بهم نلنا تراث الأكرمينا فهو لم يزد على أن عدّ أسماء آبائه وأجداده، دون أن ينسب لهم عملا يحرك في نفس القارئ نوعا من التقدير لهم. ثم إنه قال. مهلهلا، والخير منه: وما كان له أن يفاضل بين أجداده، ويجعل جدّه من ناحية أبيه خيرا من جده من ناحية أمه. وكان عليه أن يجعلهما فاضلين مع وجود التفاوت في المرتبة في النفس. وإذا كان زهير خيرا من مهلهل، فلماذا قدم مهلهلا في الذكر. فكان بإمكانه أن يقدم المفضّل، زهيرا، ويتبعه بالمهلهل، ويستغنى عن لفظ التفضيل، وإذا كان هناك تفضيل عرفه السامع من السياق، لكونه قدّم زهيرا على المهلهل ... ولو أنه جاء باسم التفضيل دون أن يتبعه ب (من) التفضيلية، لقلنا إن اسم التفضيل، لا يراد به الزيادة في الدرجة. وأنه يريد به «الفاضل» حيث تخرج أحيانا صيغة التفضيل عن معنى المفاضلة إلى معنى اسم الفاعل، كما قال الفرزدق: إنّ الذي سمك السماء بنى لنا … بيتنا دعائمه أعزّ وأطول 207 - ومعزى هدبا يعلو … قران الأرض سودانا البيت رواه الثقات ولم ينسبوه. وقران: بكسر القاف، زنة كتاب، جمع قرن، وهو أعلى الجبل. وسودان: جمع أسود، وهو صفة معزى. ومعزى: اسم للجمع، مفرده ما عزة، ومعزاة، وهي من الماعز، ذي الشعر من الغنم، خلاف الضأن. وقوله: هدبا: بالباء، الموحدة التحتيّة، الكثير الهدب، ويعني به الشعر. والشاهد في البيت (معزى) والمفهوم من كلام سيبويه وابن يعيش: أنّ معزى، ألفها للإلحاق وليست للتأنيث ولذلك فهي مصروفة، فهي تنوّن، ولو كانت ألفها للتأنيث لمنعت من التنوين. ووصفت بالمذكر، فقال «سودانا» جمع أسود. ومعنى الإلحاق: تكثير الكلمة وتطويلها،

208 - ما صاب قلبي وأضناه وتيمه … إلا كواعب من ذهل بن شيبانا

بزيادة حروف على آخرها، لتلحق بغيرها في الوزن، ومعزى، ألحقت بدرهم. ولكن يؤخذ من كلام سيبويه أنّ بعض العرب يمنعونها من الصرف ويعدونها مؤنثة، لأنه قال سألت يونس عن معزى، فيمن نوّن، وهذا ينبئ أن في العرب جماعة لا ينونونه. وفيه شاهد آخر، وهو «سودان» جمع أسود: قال ابن يعيش: يجمع أفعل، الذي مؤنثه فعلاء، على فعل، مثل أحمر وحمر، ويجمع على فعلان مثل حمران وسودان وأنشد البيت. [شرح المفصل ج 5/ 63 وج 9/ 147، وسيبويه ج 2/ 12 واللسان (قرن)]. 208 - ما صاب قلبي وأضناه وتيّمه … إلا كواعب من ذهل بن شيبانا قوله: صاب قلبي. لغة في أصاب. قال الأشموني: لا يتأتى التنازع في نحو «ما قام وقعد إلا زيد» وما ورد مما ظاهره جواز ذلك، مؤول ... وأنشد الصبان في حاشيته على الأشموني، البيت وقال: يؤول أنه من الحذف لدليل، لكن يلزم عليه حذف الفاعل، وأجيب بأنه سوّغ ذلك وجوده معنى، باعتبار المذكور. قال: وفيه ما فيه فتأمل. ويقصد أن الفاعل ركن، ولا يجوز حذفه، فتعين أن يكون من التنازع كما قال السيوطي في الهمع [الهمع ج 2/ 110، وحاشية الصبّان ج 2/ 109]. 209 - يرى الرّاؤون بالشّفرات منها … كنار أبي حباحب والظّبينا البيت للكميت بن زيد يصف السيوف. ونار أبي حباحب: الشرر الذي يسقط من الزناد، وقيل: هو ذباب يطير بالليل، كأنه نار. وقد ترك الكميت صرفها، لأنه جعل حباحب اسما لمؤنث. وقوله: والظبين: المعروف أن «الظبين» جمع ظبة. السيف، وهو طرفه، ويجمع على «الظّباة» أيضا. ولكن في عطفه إشكال. فقد جاء بعد نار أبي حباحب، وهذا يوهم أنه معطوف على «نار» المجرورة بالكاف. ولكن يبدو أن «والظبين» معطوف على «الشفرات» وتركيب البيت «يرى الراؤون من السيوف بالشفرات والظبين كنار أبي حباحب». فإن صحّ هذا التأويل، فإن الشاعر قد أرهق السامع والقارئ بهذا الفصل بين المتعاطفين. وحقّ الكلام الجيد، أن يسير فيه اللفظ والمعنى متعانقين. [اللسان - شفر، والخزانة ج 7/ 151].

210 - أقول وقد تلاحقت المطايا … كفاك القول إن عليك عينا

210 - أقول وقد تلاحقت المطايا … كفاك القول إنّ عليك عينا البيت لجرير. وتلاحقت المطايا: أي: لحق بعضها بعضا. وقوله: كفاك القول: أي: ارفق وأمسك عن القول. [اللسان - لحق. والعيني/ 4/ 319]. 211 - فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة … وابشر بذاك وقرّ منه عيونا البيت لأبي طالب عمّ النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، يخاطب ابن أخيه محمدا صلّى الله عليه وسلّم. وقوله: اصدع بأمرك: أي: اجهر به. والغضاضة: الذلة والمنقصة. وابشر: بفتح الشين، لأنه يقال: بشر بكذا، يبشر، مثل فرح يفرح، زنة ومعنى، وهو الاستبشار أيضا، والمصدر البشور، ويتعدى بالحركة فيقال: بشرته، أبشره، من باب قتل في لغة تهامة وما والاها، والاسم منه البشر، بضم الباء، والتعدي بالتثقيل لغة عامة العرب. وقوله: قرّ منه عيونا: أي: من أجله. وعيونا تمييز محول عن الفاعل. وفيه الشاهد. وهو أنه يجوز جمع المثنى في التمييز إذا لم يلبس. إذ كان الظاهر أن يقال: وقرّ منه عينين، أو عينا، لكنه جمع، لعدم اللّبس، ولأن أقل الجمع اثنان، على رأي. [الخزانة ج 3/ 295]. 212 - تذكّر حبّ ليلى لات حينا … وأمسى الشّيب قد قطع القرينا البيت غير منسوب. قال السيوطي: ومن أحكام «لات» أنها قد يضاف إليها لفظا أو تقديرا. وأنشد شطر البيت شاهدا على المضاف المقدر. وتقديره في البيت: حين لات حين تذكّر. [الهمع ج 1/ 126]. 213 - نعم الفتى عمدت إليه مطيّتي … في حين جدّ بنا المسير كلانا البيت غير منسوب، وأنشده الأشموني شاهدا على إعراب «كلا» إعراب الاسم المقصور مطلقا. ولو جرى على القاعدة المتبعة لقال: كلينا، لأنها توكيد لمجرور. [الأشموني ج 1/ 77]. 214 - فإنّ الله يعلمني ووهبا … ويعلم أن سيلقاه كلانا

215 - لا ترج أو تخش غير الله إن أذى … واقيكه الله لا ينفك مأمونا

البيت للشاعر النمر بن تولب، شاعر إسلامي، أدرك الجاهلية والإسلام وأسلم. والشاهد: إضافة «كلا» إلى «نا» وهو ضمير جمع، و «كلا» إنما يضاف إلى مثنى. وذلك، لأن الاثنين والجمع في الكناية عن المتكلم واحد، أو هو للجمع، ولكن حمل الكلام على المعنى، لأنه عنى نفسه ووهبا. وفيه شاهد آخر: وهو أنه عطف وهبا على الياء في يعلمني من غير تأكيد. لأن الضمير في يعلمني منصوب الموضع. فإن كان الضمير المعطوف عليه في محل رفع، لم يجز العطف عليه إلا بعد تأكيده. نحو: زيد قام هو وعمر، وقمت أنا وزيد. وقال تعالى اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ [البقرة: 35]. [شرح المفصل ج 3/ 2، 77]. 215 - لا ترج أو تخش غير الله إنّ أذى … واقيكه الله لا ينفكّ مأمونا البيت غير منسوب. والشاهد: واقيكه: حيث اتصل الضمير (الهاء) مع سبقه بضمير مجرور «الكاف» والفصل. أرجح، إذا كان العامل اسم فاعل كما في البيت. [شرح التصريح/ 1/ 107]. 216 - مظاهرة نيّا عتيقا وعوططا … فقد أحكما خلقا لها متباينا البيت غير منسوب. والنّيّ: الشحم. وعوطط: من عاطت الناقة، تعيط عياطا إذا لم تحمل سنين من غير عقر. قال: وربما كان اعتياط الناقة من كثر شحمها. وقالوا: عائط، وعيط، وعوطط، فبالغوا في ذلك. والعوطط عند سيبويه اسم في معنى المصدر قلبت فيه الياء واوا، وهو اسم مصدر من الاعتياط، وهو ألّا تحمل الناقة لسمنها وكثرة شحمها. والشاهد: قلب الياء واوا في العوطط، لسكونها وانضمام ما قبلها، كما انقلبت في موقن، وأصله من اليقين. [سيبويه ج 2/ 377، واللسان (عيط)]. 217 - ما بالمدينة دار غير واحدة … دار الخليفة إلّا دار مروانا البيت للفرزدق، برواية سيبويه، وهو بيت مفرد، وتروى قافيته مجرورة، وتروى مفتوحة، وقد تكلمت عنه في النون المكسورة، فانظر في فهرس القوافي، لتعرف رقمه في هذا المعجم.

218 - لو علمنا إخلافكم عدة السل … م عدمتم على النجاة معينا

218 - لو علمنا إخلافكم عدة السل … م عدمتم على النّجاة معينا البيت غير منسوب. وأنشده السيوطي شاهدا للمصدر الذي يقدّر بأن المخففة والفعل. [الهمع ج 2/ 92]. 219 - تهدّدنا وتوعدنا رويدا … متى كنّا لأمّك مقتوينا البيت لعمرو بن كلثوم من معلقته. وقوله: تهددنا: الخطاب لعمرو بن هند، أحد ملوك العرب في الجاهلية. وكان عمرو بن كلثوم قتل عمرو بن هند، بسبب قصة فيها ما يصدّق، وفيها المصنوع، فلا بدّ أن الرواة أخذوها من بني تغلب، وبين الرواية والقصة وقت طويل. وإذا تناقل أهل مفخرة قصة المفخرة، يزيد فيها كلّ جيل ما لم يكن في الجيل السابق، لتصبح الحادثة الصغيرة أسطورة قوميّة، يستخدمونها في حث أبنائهم على الشجاعة والمجالدة، وقد قالوا إن بني تغلب كانوا يتفاخرون زمنا طويلا بقصة عمرو بن كلثوم، ويتناشدون القصيدة التي تحكي القصة، حتى وصل أمرهم إلى الانحطاط، فقال قائل: ألهى بني تغلب عن كلّ مكرمة … قصيدة قالها عمرو بن كلثوم وفي عهد الضعف يكثر الخلق الفني لشخصيات خيالية، أو تضخيم شخصيات كان لها شأن يذكر في باب الشجاعة. ويبدو لي - والله أعلم - أن عصور الضعف التي حلت بالعرب المسلمين، هي التي ضخمت شخصية عنترة بن شداد، ومن لفّ لفّه من القصص الشعبي، وهي قصص رمزي يصنعه أهل الغيرة على الوطن، لحثّ الناس على الجهاد، وربما ألفّوا كتبا ونسبوها إلى شخصيات حقيقية في زمن سابق، كما فعلوا في كتاب «فتوح الشام» الذي نسبوه إلى الواقدي، وليس له صلة بالواقدي وإنما صنعه المؤلفون، ووضعوا فيه تاريخ فتح الشام بصورة تمزج الخيال بالواقع لحث الناس على طرد الصليبيين من بلاد الشام التي تضمخت بدماء الصحابة الفاتحين. وربما كان من الشخصيات التي جمعت بين الحقيقة والخيال: شخصية ضرار بن الأزور وأخته خولة، لأن ضرار بن الأزور قتل أيام حرب الردّة، فكيف يشارك في فتح الشام؟ نعود إلى البيت: قوله: تهددنا: يروى بالمضارع كما أثبتّ ويروى: تهدّدنا وأوعدنا، بالجزم على أنه

أمر. وهذا استهزاء به، أي: ترفق في تهددنا وإيعادنا ولا تبالغ فيهما، متى كنا لأمك خدما حتى نهتم بتهديدك ووعيدك إيانا «ورويدا»: بالتنوين أحد استعمالات لفظ «رويد» ويعرب هنا مفعولا مطلقا منصوبا ناب عن فعله «أرود» والمشكل في البيت؛ كلمة «مقتوين» وإعرابه هنا خبر كان منصوب ولكن الإشكال في لفظه، فروي بكسر الواو، وفتحها. فقالوا: إن مقتوين جمع مقتويّ، بياء النسبة المشددة، فلما جمع جمع تصحيح حذفت ياء النسبة والمقتويّ: بفتح الميم، نسبة إلى «المقتى، بفتح الميم، فقلبت الألف واوا في النسبة، كما تقول: معلوي، في النسبة إلى «معلى» والمقتى: مصدر ميمي قال الجوهري: القتو: الخدمة، وقد قتوت أقتو قتوا، ومقتى، أي: خدمت مثل غزوت أغزو غزوا ومغزى. ويقال للخادم «مقتويّ، بفتح الميم وتشديد الياء، كأنه منسوب إلى المقتى، ويجوز تخفيف ياء النسبة كما قال الشاعر «مقتوينا» وكان قياسه أن يقول: «مقتويّون» كما اذا جمع «بصريّ وكوفي قيل: كوفيّون، وبصريّون». وهناك رواية في الصحاح تجعل «مقتوين»، بكسر الواو بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمؤنث والمذكر: قال: وهم الذين يعملون للناس بطعام بطونهم، ومعرب بالحركة. وفي رواية بفتح الواو «مقتوين» ومعرب بالحركة أيضا. قلت: لعلها مشتقة من «القوت» بمعنى الطعام لأنها وضعت لمن يخدم القوم بطعام بطنه. لأن القوت هو ما يمسك الرمق من الرزق، والخادم يقوت بطنه، إنما يعمل ليحصل على ما يقوم به بدنه، فقتو، وقوت موحدة الحروف مختلفة الترتيب. وقوله: متى كنّا لأمّك مقتوين: يشير إلى القصة التي تقول: إن أمّ عمرو بن هند طلبت من أم عمرو بن كلثوم أن تناولها شيئا، إذلالا لها، فاستغاثت الأم فسمع عمرو بن كلثوم الاستغاثة وهو في القبة مع الملك، فتناول سيفا معلقا لابن هند وقتله به، ونادى في بني تغلب فانتهبوا جميع ما في الرواق واستاقوا نجائبه وساروا نحو الجزيرة. قلت: هذا لا يكون: لأن عمرو بن هند دعا عمرو بن كلثوم في مملكته. فهل كان عمرو بن هند، خاليا من الجند والحرس، ليكون ما كان. وإذا كان عمرو بن كلثوم قتل عمرو بن هند، فكيف يقول له في المعلقة: أبا هند فلا تعجل علينا … وأنظرنا نخبرك اليقينا بأنّا نورد الرايات بيضا … ونصدرهنّ حمرا قد روينا

220 - وإنا سوف تدركنا المنايا … مقدرة لنا ومقدرينا

وفي البيت الشاهد يخاطبه متوعدا. قلت: إنّ قصة القصيدة مضطربة، ويروى في سببها روايات مختلفة. وربما كانت أبياتا مفرّقة قيلت في مناسبات متعددة ثم جمعت في سلك واحد، لكنها لا تخلو من زيادات لم يقلها عمرو، لأنّه لا يعقل أن يقول شعرا في مناسبات متعددة ويكون كله من الوزن والقافية. والله أعلم. 220 - وإنّا سوف تدركنا المنايا … مقدرة لنا ومقدّرينا هذا البيت من معلقة عمرو بن كلثوم، ويأتي بعد المقدّمة الخمرية، وموقعه في القصيدة يجعله غريبا عمّا قبله، وعما بعده. يقول: سوف تدركنا مقادير موتنا، وقد قدرت تلك المقادير لنا، وقدّرنا لها. والبيت شاهد على أنه يجوز عطف أحد حالي الفاعل، والمفعول على الآخر، فإنّ «مقدّرة» حال من الفاعل، وهو المنايا. ومقدّرين: حال من المفعول، أي: ضمير المتكلم مع غيره: أي: تدركنا المنايا في حال كوننا مقدّرين لأوقاتها، وكونها مقدّرة لنا. والمنايا: جمع منية، وهي الموت وسمي منيّة، لأنه مقدر من «منى» له أي: قدّر. [الخزانة ج 3/ 177 والمعلقات السبع أو العشر]. 221 - لا تنو إلا الذي خير فما شقيت … إلا نفوس الألى للشرّ ناوونا غير منسوب. وهو في الأشموني أنشده شاهدا على حذف صدر جملة صلة الموصول من غير استطالة الصلة الذي اشترطوه لجواز الحذف. فالذي: اسم موصول. وخير خبر لمبتدأ محذوف، تقديره: هو خير. والجملة صلة الموصول. وقد أجاز الكوفيون هذا الحذف، ومنه قراءة يحيى بن معمر «تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ» [الأنعام: 154] أي: الذي هو أحسن. وقراءة مالك بن دينار «ما بَعُوضَةً» [البقرة: 26] بالرفع. قلت: وإذا جاءت في القراءات ولو كانت شاذة، فإن ذلك يصح في الكلام. [الأشموني ج 1/ 168]. 222 - لأنت معتاد في الهيجا مصابرة … يصلى بها كلّ من عاداك نيرانا البيت بلا نسبة في العيني ج 3/ 485. وقوله «معتاد» خبر المبتدأ «أنت» ومنعه من التنوين بدون علّة. 223 - فضمّ قواصي الأحياء منهم … فقد رجعوا كحيّ واحدينا

224 - أعاذل هل يأتي القبائل حظها … من الموت أم خلي لنا الموت وحدنا

البيت للكميت بن زيد. وشاهده جمع «واحد» على «واحدين» بالواو والنون. وأراد به «مجتمعين». [اللسان: وحد، وديوان الكميت]. 224 - أعاذل هل يأتي القبائل حظّها … من الموت أم خلّي لنا الموت وحدنا البيت غير منسوب: قال السيوطي: مسألة: في أسماء لازمة الإضافة لاحتياجها إليها في فهم معناها. ومنها: الإضافة إلى ضمير «وحده» فلا يضاف إلى ظاهر وسواء ضمير الغائب وغيره، وتجب مطابقته لما قبله، وأنشد البيت في إضافة «وحدنا» مضافا إلى ضمير المتكلمين. [الهمع ج 2/ 50]. 225 - متى عذتم بنا ولو فئة منّا … كفيتم ولم تخشوا هوانا ولا وهنا البيت غير منسوب. وهو شاهد على حذف الحرف - حرف الجرّ - وبقاء عمله. وذكر الأشموني ثلاثة عشر موضعا منها «في المعطوف عليه بحرف منفصل ب (لو) فقوله «ولو فئة» أي: ولو بفئة، أي: ولو عذتم بفئة. ولا يصح أن يكون الجرّ هنا بالعطف على «نا» لأن «لو» لا تدخل إلا على الجملة دون المفرد قال السيوطي في الهمع: بعد إنشاده البيت: وإن كان المعتاد في مثل هذا النصب كقولهم: آتني بدابة ولو حمارا» على تقدير ولو كان حمارا. [الهمع ج 2/ 37 والأشموني ج 2/ 234]. 226 - إنّا بني نهشل - لا ندّعي لأب … عنه ولا هو بالأبناء يشرينا في الحماسة: قال: بعض بني قيس بن ثعلبة. ويقال: إنها لبشامة بن جزء النهشلي. وفي الخزانة (ابن حزن) وفي الشعر والشعراء (نهشل بن حرى). قال البغدادي: والظاهر أنه إسلامي، كما يظهر من شرح المبرد لأبياته، أي: لتنبيهه على أنه أخذ بعض معانيه في القصيدة من شعراء إسلاميين وقوله «ندّعي» يقال ادعى فلان في بني هاشم، إذا انتسب إليهم، وادعى عنهم، إذا عدل بنسبه عنهم، كما يقال: رغبت في كذا ورغبت عن كذا. وقوله: (عنه) تعلق ب ندعي: أي: لا نرغب عن أبوته. وقوله: لأب أي: من أجل أب. وقوله: يشرينا: بمعنى: يبيعنا. يقال: شريت الشيء بمعنى بعته، واشتريته جميعا.

227 - لئن كان حبيك لي كاذبا … لقد كان حبيك حقا يقينا

يقول: إننا لا نرغب عن أبينا فننتسب إلى غيره، وهو لا يرغب عنا فيتبنّى غيرنا ويبيعنا به، لأنه رضي كلّ منا بصاحبه، علما بأن الاختبار لا يعدوه، لو خيّر فاختار. وقوله (بني نهشل) انتصب على إضمار فعل، كأنه قال: اذكر بني نهشل وهذا على المدح والاختصاص. وخبر إنّ، لا ندعي. ولو رفع فقال: (بنو نهشل) على أن يكون خبرا لإن لكان «لا ندعي» في موضع الحال. والفرق بين أن يكون اختصاصا وبين أن يكون خبرا، هو أنه لو جعله خبرا لكان قصده إلى تعريف نفسه عند المخاطب وكان لا يخلو فعله لذلك من خمول فيهم، أو جهل من المخاطب بشأنهم، فإذا جعل اختصاصا، فقد أمن هو الأمرين جميعا، فقال مفتخرا، إنا نذكر من لا يخفى شأنه، لا نفعل كذا وكذا. [المرزوقي ص 102، والخزانة ج 1/ 468، وشذور الذهب والمؤتلف والمختلف للآمدي ص 66]. 227 - لئن كان حبّيك لي كاذبا … لقد كان حبّيك حقّا يقينا البيت غير منسوب. وقال العيني: هو من أبيات الحماسة، ولا أدري أيّ حماسة يقصد. وقد فتشت عنه في حماسة أبي تمام وفي شرحها للمرزوقي فلم أجده. وقوله: لئن اللام موطئة للقسم، وتسمى المؤذنة أيضا، لأنها تؤذن بأن الجواب بعد أداة الشرط التي دخلت عليها، مبني على قسم قبلها. وقد جاءت «حبيك» في الشطرين. قال العيني: وقد ضبط أكثرهم «لئن كان حبّك» بدون ضمير المتكلم، والتقدير: إن كان حبّك إياي، كاذبا، لقد كان حبي إياك حقا يقينا. قال: والصحيح أن حبيك في الشطر الأول بياء المتكلم، وأن حبيك مصدر مضاف إلى مفعوله وهو ياء المتكلم والكاف فاعله، وفيه الشاهد، حيث أتى بالاتصال عند اجتماع الضميرين، مع أن الفصل أرجح، والقياس: حبّك إياي، لكنه أتى بالاتصال للضرورة. ومنهم من جعل الشاهد في الشطر الثاني فقط، وهو الأقوى. [الأشموني ج 1/ 117، وفيها حاشية الصبان والعيني]. 228 - ماذا عليك إذا خبّرتني دنفا … رهن المنيّة يوما أن تعودينا البيت في الحماسة بشرح المرزوقي ص 1423 .. ويروى في كتب النحو بالنون المجرورة «تعوديني» فأثبته وشرحته هناك. 229 - إنّي أبيّ أبيّ ذو محافظة … وابن أبيّ أبيّ من أبيّين

230 - إن عمرا لا خير في اليوم عمرو … إن عمرا مكثر الأحزان

البيت لذي الإصبع العدواني، وهو شاعر جاهلي. ونذكر بعد البيت بيتا ليعرف سبب سوق الشاهد: وهو قوله: وأنتم معشر زيد على مئة … فأجمعوا كيدكم طرّا فكيدوني فالقصيدة ذات رويّ مكسور، وجاءت كلمة «أبيين» جمع «أبيّ» مكسورة النون و «أبيين» جمع مذكر سالم، يرفع بالواو، وينصب ويجر بالباء ونونه دائما مفتوحة. فما الذي جاء بها مكسورة هنا؟ قال المبرد: إنه جعل جمع المذكر السالم، كباقي الجموع. تظهر الحركة على آخره. وفي القرآن «إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ» [الحاقة: 36] بالجر بالحركة، فإن قال قائل إن غسلين مفرد فجوابه أن كل ما كان على بناء الجمع، فإعرابه إعراب الجمع، فعشرون تعرب إعراب الجمع وليس لها واحد، ويقولون: هذه فلسطون ورأيت فلسطين. وهذا القول أجود وعلى هذا فإن إعراب جمع المذكر السالم بالحركة على النون لغة. وقال ابن جني: إن الكسرة في «أبيين» للضرورة والجمع معرب بالحرف، فهو مجرور بالياء. [الخزانة ج 8/ 67، والمفضليات برقم 31]. 230 - إنّ عمرا لا خير في اليوم عمرو … إنّ عمرا مكثّر الأحزان أنشد السيوطي البيت شاهدا على الفصل بين حرف الجرّ، ومجروره بالظرف للضرورة. [الهمع ج 2/ 37]. 231 - لنعم مؤئلا المولى إذا حذرت … بأساء ذي البغي واستيلاء ذي الإحن غير منسوب. والمولى هنا: الله تعالى، والبأساء: الشدة. والبغي: الظلم. والإحن: جمع إحنة، وهي الحقد. والشاهد: نعم موئلا المولى: نعم فعل جامد، وفاعله مستتر موئلا تمييز. والمولى: مخصوص بالمدح، مبتدأ. والجملة المقدمة خبره. [الأشموني ج 3/ 32]. 232 - أخي حسبتك إيّاه وقد ملئت … أرجاء صدرك بالأضغان والإحن البيت غير منسوب. والشاهد (حسبتك إيّاه) حسب: فعل ماض ينصب مفعولين. أولهما الكاف، والثاني

233 - دعتني أخاها بعد ما كان بيننا … من الأمر ما لا يفعل الأخوان

«إياه» حيث انفصل الضمير، وهو اختيار الجمهور نظرا إلى أنه خبر في الأصل، واختارت طائفة الاتصال لكونه أخصر. وملخص القضية. أنه إذا اجتمع ضميران. والعامل فيهما ناسخ للابتداء، فقد اختار ابن مالك الاتصال لأنه الأصل. واختار سيبويه وطائفة الانفصال، لأن الضمير الثاني خبر في الأصل وحق الخبر الانفصال، وكلاهما مسموع، ففيم الخلاف؟. [الأشموني ج 1/ 119، وعليه العيني وشرح التصريح ج 1/ 107]. 233 - دعتني أخاها بعد ما كان بيننا … من الأمر ما لا يفعل الأخوان وقبل البيت: دعتني أخاها أمّ عمرو ولم أكن … أخاها ولم أرضع لها بلبان والبيتان غير منسوبين. والشاهد في البيت الأول «أخوان» فهو في البيت مثنى أخ وأخت فثني تثنية المذكّر من باب التغليب. [شرح المفصل ج 6/ 27]. 234 - فكأنها هي بعد غبّ كلالها … أو أسفع الخدّين شاة إران للشاعر لبيد في وصف الناقة. والشاة هنا: الثور والإران: النشاط. والإران: الثور. أو الثور الوحشي، لأنه يؤارن البقرة، أي: يطلبها. وقوله: فكأنها هي. أي: كأن ناقته تلك السفينة التي ذكرها في بيتين قبله. وغبّ كلالها، أي: بعد تعب تلك الناقة بيوم: والسفعة: سواد يضرب إلى الحمرة. شبه الناقة بالسفينة، وبالثور الوحشي. والشاهد: إظهار «هي» لأنّ «كأنّ» حرف لا يستكنّ فيه ضمير الرفع كما يستكن في الفعل. [سيبويه/ 2/ 353، هارون، واللسان (أرن، وشوه)]. 235 - سريت بهم حتى تكلّ مطيّهم … وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان البيت لامرئ القيس من قصيدة قالها عند ما تشقق لحمه من الحلّة المسمومة التي أرسلها قيصر له، فلبسها بعد خروجه من الحمام. وليته نفق قبل أن يفعل فعلته القذرة. وفي «حتى تكلّ»، وجهان: الأول: النصب: على أن الجملة في موضع خفض بحتى

236 - فما جزعا ورب الناس أبكي … ولا حرصا على الدنيا اعتراني

وتقديرها تقدير المصدر الساد عن الظرف كأنه قال: إلى حين كلال مطيهم والثاني: الرفع (حتى تكلّ) على أن ترفعه مقدرا بالماضي، بمعنى إلى أن كلت، أو أن يكون بمعنى الحال. ومن رفع جعل الجملة معطوفة على سريت، كأنه قال: سريت بهم حتى كلت، فهي حال محكية بعد زمان وقوعها. وقوله: ما يقدن بأرسان: جملة في موضع رفع على خبر المبتدأ وكأنه قال: وحتى الجياد غير مقودات. ومعنى ما يقدن بأرسان: أنها قد أعيت، فلا تحتاج أن تقاد. وأما (حتى) الثانية فهي ابتدائية. [شرح أبيات مغني اللبيب ج 3/ 108، وشرح المفصل 7/ 31 و 8/ 15، 19 والهمع ج 2/ 136 والأشموني 3/ 98]. 236 - فما جزعا وربّ الناس أبكي … ولا حرصا على الدنيا اعتراني البيت نسبه الشنقيطي في «الدرر» لجحدر من قصيدته النونية التي كتبها وهو في سجن الحجاج، ولم أجد البيت فيما نقله البغدادي منها. والبيت أنشده السيوطي شاهدا على جواز تقديم المفعول له (لأجله) على عامله وهو قوله: فما جزعا أبكى. [الهمع ج 1/ 195]. 237 - فنعم مزكأ من ضاقت مذاهبه … ونعم من هو في سرّ وإعلان وقبل البيت: وكيف أرهب أمرا أو أراع له … وقد زكأت إلى بشر بن مروان لم يعرف قائلهما. وقوله: زكأت: أي: لجأت. والمزكأ: الملجأ. والخلاف في «من» بعد نعم. هل هي اسم موصول، أو نكرة موصوفة، أو نكرة تامة قال ابن مالك: وما يدل على أنّ فاعل «نعم» قد يكون موصولا، ومضافا إلى موصول قول الشاعر «و نعم مزكأ من ضاقت مذاهبه» فلو لم يكن في هذا إلا إسناد «نعم» إلى المضاف إلى، «من» لكان فيه حجة على صحة إسناد «نعم» إلى «من» لأن فاعل «نعم» لا يضاف في غير ندور إلى ما يصلح إسناد نعم إليه. فكيف وفيه «ونعم من هو». [شرح أبيات المغني ج 5/ 338 والهمع ج 1/ 92 والأشموني ج 1/ 155].

238 - فقد أروع قلوب الغانيات به … حتى يملن بأجياد وأعيان

238 - فقد أروع قلوب الغانيات به … حتى يملن بأجياد وأعيان البيت منسوب لرومي بن شريك الضبي في نوادر أبي زيد ص 22 وفي المقتضب 2/ 199، والمنصف ج 3/ 51]. 239 - أيا ربّ من تغتشّه لك ناصح … ومنتصح بالغيب غير أمين للشاعر عبد الله بن همّام. واغتششت فلانا: عددته غاشا. البيت شاهد على وقوع «من» نكرة موصوفة. وأنكر بعضهم وقوعها نكرة موصوفة لأنها لا تستقل بنفسها. وردّ بأن من الصفات ما يلزم الموصوف نحو «الجماء الغفير» ويا أيها الرجل. و «من» من هذا القبيل. وزعم الكسائي أن العرب لا تستعمل (من) نكرة موصوفة إلا في موضع يختص بالنكرة كوقوعها بعد «ربّ» وذكر الفارسي أن «من» تقع نكرة تامة، بلا صلة ولا صفة ولا تضمن شرط ولا استفهام كقوله: «ونعم من هو في سرّ وإعلان» ولم يوافقه أحد على ذلك. قلت وقد ردّ ابن مالك شاهده، ورأى أن «من» اسم موصول في شاهد قبل هذا بشاهد. برقم 237 [الهمع ج 1/ 92 وسيبويه ج 1/ 271، واللسان (غشش) والدرر ج 1/ 69]. 240 - أهلا بأهل وبيتا مثل بيتكم … وبالأناسين أبدال الأناسين البيت منسوب في المخصص ج 1/ 16 لرويشد، وبلا نسبة في العيني ج 4/ 531. 241 - حسان مواضع النّقب الأعالي … غراث الوشح صامتة البرين من قصيدة للطرمّاح عدتها سبعون بيتا كلها غزل ونسيب. وقبله: ظعائن كنت أعهدهنّ قدما … وهنّ لدى الأمانة غير خون وحسان: جمع امرأة حسنة، بمعنى حسناء، والنقب. بضمتين جمع نقاب، ومواضع النّقب: الوجه. وأراد بالأعالي: ما يظهر للشمس من الوجه والعنق وأطرافه، فإنها، مع ظهورها للشمس والهواء والحرّ والبرد إذا كانت في غاية الحسن، ونهاية اللطف، فغيرها يكون أحسن. وغراث: جمع غرثان بمعنى الجوعان، وأراد لازمه وهو الهزيل. والوشح:

242 - أصلمعة بن قلمعة بن فقع … لهنك لا أبالك تزدريني

جمع وشاح، وهو شيء ينسج عريضا من أديم ويرصع بالجواهر، وتشدّه المرأة بين عاتقيها وكشحيها. يريد أنها دقيقة الخصر لا يملأ وشاحها، فكأنه غرثان. وصامتة: أي: ساكتة، والبرين: جمع برة، كلّ حلقة من سوار أو قرط وخلخال، ويريد هنا الخلخال. وسكوت البرة كناية عن امتلاء ساقيها لحما بحيث لا يتحرك ليسمع له صوت. والشاهد (البرين) جمع برة، وأنه معرب بالحركة على النون. ولكن هذه لا يقال فيها «برون» لتكون مدعّمة لمن قال: (أربعين) بكسر النون، فالقياس فيها بعيد. [الخزانة ج 8/ 70]. 242 - أصلمعة بن قلمعة بن فقع … لهنّك لا أبالك تزدريني البيت لمغلس بن لقيط. وصلمع الشيء: قلعه من أصله. وصلمعة بن قلمعة كناية عمن لا يعرف، ولا يعرف أبوه. والفقع: أردأ أنواع الكمأة ويشبه به الرجل الذليل، فيقال: فقع قرقر. لأنه يخرج على وجه الأرض وتطأه الدواب بأرجلها. وقوله لهنك: هي «لإنك» قلبت الهمزة هاء. والخلاف في «أصلمعة، وقلمعة»: هل يجوز ترخيمهما؟ فقال قوم لا يجوز لأنه كناية عن مجهول، وقال آخرون يجوز، لأنه علم، ألا ترى أنهم منعوه من الصرف للعلمية والتأنيث. [الهمع ج 1/ 182، واللسان (صلمع). 243 - ماذا عليك إذا خبّرتني دنفا … رهن المنيّة يوما أن تعوديني أو تجعلي نطفة في القعب باردة … وتغمسي فاك فيها ثمّ تسقيني البيتان في الحماسة غير منسوبين. وقوله «دنفا»: أي: مشرفا على الهلاك. وانتصب على أنه مفعول ثالث ل: خبّر. ويروى «أخبرتني» و «ماذا» لفظه استفهام ومعناه تقريع وبعث. وانتصب «رهن» لأنه صفة ل «دنفا» والمراد: أيّ شيء عليك من أن تعودينا، إذا أخبرتني عليلا. وقوله: عليك يقتضي فعلا وذلك الفعل يعمل في «أن تعوديني» وقد حذف حرف الجرّ منه أي: لا عار عليك ولا ضرر من عيادتي، ولا من مداواتي بماء هذه صفته، فهلا فعلت.

244 - إذا ذكرت عيني الزمان الذي مضى … بصحراء فلج ظلتا تكفان

وقوله: يوما ظرف لخبرتني. والشاهد: خبّر: نصب ثلاثة مفاعيل الأول نائب فاعل، والثاني الياء والثالث دنفا. [المرزوقي 1423، والأشموني ج 1/ 41، وفيه الشطر الثاني (وغاب بعلك يوما أن تعوديني) وهذا تحريف وكذب، لأنه يدعوها أن تخون زوجها، وهو من تحريفات الفسّاق. 244 - إذا ذكرت عيني الزّمان الذي مضى … بصحراء فلج ظلّتا تكفان البيت غير منسوب. وأنشده السيوطي شاهدا على أن المفرد قد يستعمل للدلالة على المثنى. فقال الشاعر: ذكرت عيني، أي: عيناي. ثم ثنى الضمير الراجع إلى العين في آخر البيت فقال: ظلتا تكفان. [الهمع ج 1/ 50]. 245 - ألا يا ليتني حجرا بواد … أقام وليت أمّي لم تلدني البيت غير منسوب، ونقله السيوطي مع عدد من الشواهد المسموعة في نصب ليت، الجزئين بعدها. ومنه «إنّ حراسنا أسدا». [الهمع ج 1/ 134]. 246 - عمرك الله يا سعاد عديني … بعض ما أبتغي ولا تؤيسيني البيت غير منسوب وأنشده السيوطي شاهدا على لفظ القسم المجاب بالطلب وهو قوله: عمرك الله عديني. [الهمع ج 2/ 45]. 247 - رؤية الفكر ما يؤول له الأم … ر معين على اجتناب التّواني البيت غير منسوب. والشاهد: رؤية الفكر ما يؤول له. فرؤية: مبتدأ مؤنث، أضيف إلى «الفكر» المذكر، فاستفاد منه التذكير، فعاد الضمير عليه بقوله «له» ولم يقل «لها» وقال في الخبر «معين» ولم يقل «معينة». قال السيوطي: وقد يكتسب المضاف من المضاف إليه تأنيثا وتذكيرا، إن صح حذفه، ولم يختل الكلام به، وكان بعضا من المضاف إليه، أو كبعض منه. وأنشد البيت الذي فيه الشاهد مطابقا للشروط. [الهمع ج 2/ 49، والأشموني ج 2/ 248].

248 - فإن أمس مكروبا فيا رب بهمة … كشفت إذا ما اسود وجه جبان

248 - فإن أمس مكروبا فيا ربّ بهمة … كشفت إذا ما اسودّ وجه جبان البيت لامرئ القيس من أبيات قالها بعد أن تقرح جلده، وأشرف على الهلاك. والبهمة: بضم الباء: الأمر المشكل. وفي الهمع: «فتية» وهو كاذب فيما قال فلو كان شجاعا ما ذهب إلى قيصر الروم ليستعين به على قتل أبناء جلدته. وأنشد السيوطي البيت شاهدا لدخول ياء النداء على «ربّ» واقعة صدر جواب شرط. وهو قوله: فإن أمس. فيا ربّ. [الهمع ج 2/ 28]. 249 - وكنت كذي رجلين رجل صحيحة … ورجل رمت فيها يد الحدثان البيت للشاعر النجاشي الحارثي، لعله من المخضرمين، وقالوا إن هذا البيت سرقه كثيّر في بيته الذي يقول: وكنت كذي رجلين رجل صحيحة … ورجل رمى فيها الزمان فشلّت فارجع إلى بيت كثير في حرف التاء من هذا المعجم. [الخزانة ج 5/ 214] [واللسان أزد]. 250 - ولا تبلى بسألتهم وإن هم … صلوا بالحرب حينا بعد حين لأبي الغول الطّهويّ، وهو شاعر إسلامي كان في الدولة المروانية. والبيت من قطعة في الحماسة أولها: فدت نفسي وما ملكت يميني … فوارس صدّقوا فيهم ظنوني يصفهم بالاستمرار على حالة واحدة في مزاولة الحرب، وأن شجاعتهم لا تنقص ولا تبلى عند امتداد الشرّ واتصال البلاء. وأورد الرضيّ البيت شاهدا على أن أصل «حين حين» بالتركيب، حينا بعد حين، كما في البيت. [المرزوقي ص 40، والخزانة ج 6/ 433]. 251 - فقلت له: لا والذي حجّ حاتم … أخونك عهدا إنّني غير خوّان البيت لعريان بن سهلة الجرمي من شعراء الجاهلية. وقوله: والذي: الواو للقسم، والذي مقسم به، وحج حاتم صلة الذي، والعائد

252 - قد صرح السير عن كتمان وابتذلت … وقع المحاجن بالمهرية الذقن

محذوف. وجملة أخونك جواب القسم بتقدير لا النافية، كقوله تعالى تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ [يوسف: 25] والكاف مفعول أول. وعهدا مفعول ثان. وجملة: إنني غير خوّان: استئناف بياني. والمشكل قوله «حجّ حاتم» قالوا: إن أراد بالذي، الكعبة، فالضمير محذوف تقديره حجّه حاتم، لأن هذا الفعل متعدّ، قال تعالى فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ [البقرة: 158] وإن كان عنى بالذي «الله» فالتقدير: لا والذي حج له حاتم، فحذف (له) من الصلة. [الخزانة ج 6/ 56، وفي الحماسة بشرح المرزوقي ص 1628 تسعة أبيات للشاعر نفسه في موضوع البيت، ولكن البيت ليس منها. ورواية البيت الشاهد في نوادر أبي زيد 65 يبدأ بقوله: فقال مجيبا والذي ... البيت. 252 - قد صرّح السّير عن كتمان وابتذلت … وقع المحاجن بالمهريّة الذّقن البيت لابن مقبل، وكتمان: موضع أو اسم جبل: والمحاجن: جمع محجن: عصا معقوفة الطرف والمهرية: الإبل المنسوبة إلى مهرة بن حيدان، وهو أبو قبيلة. والذّقن: جمع مفرد الذّقون من الإبل، وهي التي تميل ذقنها إلى الأرض تستعين بذلك على السير، وقيل: هي السريعة: وتقدير البيت: ابتزلت المهرية الذّقن بوقع المحاجن فيها نضربها بها، فقلب، وأنث الوقع، حيث كان من سبب المحاجن. [اللسان - ذقن - وكتم، والخصائص ج 2/ 418]. 253 - رماني بأمر كنت منه ووالدي … بريئا ومن أجل الطّويّ رماني البيت منسوب لابن أحمر، وإلى الأزرق بن طرفة بن العمرّد. وقد رواه ابن منظور في لسان العرب في «جول» وأثبت «ومن جول الطويّ» بدل من أجل. قال: المعنى: رماني بأمر عاد عليه قبحه، لأن الذي يرمي من جول البئر يعود ما رمى به عليه. والجول بالضم: كلّ ناحية من نواحي البئر إلى أعلاها من أسفلها. قال: ويروى: ومن أجل الطويّ. وهو الصحيح، لأن الشاعر كان بينه وبين خصمه حكومة في بئر، فقال خصمه، إنه لصّ ابن لصّ فقال هذه القصيدة وبعد البيت. دعاني لصّا في لصوص وما دعا … بها والدي فيما مضى رجلان

254 - حالت وحيل بها وغير آيها … صرف البلى تجري بها الريحان

والشاهد: برئيا: قال النحاس: وكان الوجه أن يقول: كنت منه ووالدي بريئين لأنهما اثنان، ولكن الثاني معلق بالأول، فحذف خبر الأول. [سيبويه ج 1/ 38 والنحاس: ص 34، واللسان (جول). 254 - حالت وحيل بها وغيّر آيها … صرف البلى تجري بها الرّيحان 255 - ريح الجنوب مع الشّمال وتارة … رهم الربيع وواكف التّهتان البيتان من رواية سيبويه ومن في طبقته. وقوله: حالت، وحيل بها، أي: أتى عليها أحوال. والآي: المعالم والعلامات. والريحان: مثنى ريح. والريح مؤنثة ولذلك أنث الفعل لها فقال: تجري. قال النحاس. جعل الجنوب اسما، وأضاف إليها الريح فهذا يقول في لغته، هذه ريح دبور. [النحاس 312، واللسان، حول، وجنب]. 256 - درس المنا بمتالع وأبان … فتقادمت بالحبس فالسّوبان البيت منسوب للشاعر لبيد بن ربيعة العامري، وأنشدوه شاهدا على النقص المجحف في الكلمة، لأنه حذف الزاي واللام، من المنازل. قال أبو أحمد: لو أقسم رجل بالطلاق ثلاثا أن الشاعر لم يقل «المنا» ما طلقت زوجه. لأن الشاعر لم يقل (المنا) وإنما قال شيئا آخر على وزنها، يناسب السياق. [الهمع ج 2/ 156 واللسان «أبن» والأشموني ج 3/ 161]. 257 - أمسى أبان ذليلا بعد عزّته … وما أبان لمن أعلاج سودان البيت غير منسوب، وأنشدوه شاهدا: لدخول اللام على خبر «ما» في قوله (لمن). وهذا من نادر الكلام ومن شواذه. [الهمع ج 1/ 141، والأشموني ج 1/ 280]. 258 - أشاء ما شئت حتّى لا أزال لما … لا أنت شائية من شأننا شاني هذا لا يجدر به أن يسمّى شاهدا، لأنه لم يقله شاعر، وإنما قاله نحوي يهوى الألغاز. فقوله. أشاء: مضارع، شاء، و «ما» بمعنى الذي مفعوله، وشئت: صلة الموصول. وحتى: للغاية، تضمر بعدها (أن) تنصب «أزال» المضارع الناقص، واسمه مستتر. وخيره (شاني) في آخر البيت، بمعنى «كاره» وأخفى حركة النصب للإلغاز.

259 - كأنك من جمال بني أقيش … يقعقع خلف رجليه بشن

وقوله: لما للذي، متعلق بشاني في آخر البيت وأصل التركيب. حتى لا أزال شانيا لما لا .. «لا» نافية. وأنت مبتدأ، شائية بمعنى مريدة، من الفعل (شاء). من شأننا: مجرور متعلق ب شائية منفصلا عنها بفاصل، يجب تكرارها. ويرى المبرد، وابن كيسان، أنه لا يشترط التكرار مطلقا، عند إلغائها. قال العيني: بعد الكلام على رأي المبرد وابن كيسان، وأنهما لا يشترطان التكرار. قال: (واحتجّا به) أي احتجا بهذا البيت. وهل تصدق أن المبرّد يحتج بهذا البيت، بل لا يقول هذا البيت ناظم في عصر المبرّد. قلت: إنّ العيني يقع في أوهام كثيرة، فلا تأخذنّ كل ما يقول وتثبّت من آرائه، فالمنقول، أن المبرد وابن كيسان احتجا بالبيت التالي: بكت أسفا واسترجعت ثم آذنت … ركائبها أن لا إلينا رجوعها وقد أثبتنا هذا الشاهد في حرف العين، وفيه الفصل بين «لا» واسمها بقوله «إلينا» والبيت من شواهد سيبويه. [الأشموني ج 2/ 4 والهمع ج 1/ 148، والعيني ج 2/ 325، والدرر ج 1/ 129]. 259 - كأنّك من جمال بني أقيش … يقعقع خلف رجليه بشنّ البيت من قصيدة للنابغة الذيباني. من قصيدة يلوم فيها عيينة بن حصن الفزاري لأنه أراد أن يعين بني عبس في قصة، مع أنه كان محالفا لبني ذبيان وبني أسد وهم الطرف الثاني في الموضوع. وبنو أقيش: حيّ من عكل، وجمالهم ضعاف تنفر من كل شيء تراه. ويقعقع: مبني للمجهول، والقعقعة: تحريك الشيء اليابس الصلب. والشّن: بالفتح: القربة البالية، وتقعقعها: يكون بوضع الحصا فيها وتحريكها فيسمع منها صوت، وهذا مما يزيد الإبل نفورا، ومنه المثل: «فلان لا يقعقع له بالشنّان» جمع شنّ. يضرب لمن لا يهتز به من حوادث الدهر. ولا يروعه ما لا حقيقة له، وقال الحجاج على منبر الكوفة «إني والله يا أهل العراق ما يقعقع لي بالشنّان». والبيت شاهد على أن حذف الموصوف هنا بدون أن يكون بعضا من مجرور بمن أو «في» لضرورة الشعر. والتقدير: كأنك جمل من جمال بني أقيش. وهذا مثل لقيام. الظرف مقام الموصوف. وقال بعضهم: إن هذا البيت شاهد على أن الموصوف بالجملة أو الظرف إذا كان بعضا من مجرور بمن أو «في» يجوز حذفه كثيرا وليس ضرورة شعرية. وبيانه أنّ الموصوف يقدر هنا قبل «يقعقع» والجملة صفة له، أي: كأنك جمل يقعقع،

260 - ما ترى الدهر قد أباد معدا … وأباد السراة من عدنان

وهو بعض من المجرور بمن، ويكون قوله من جمال بني أقيش حالا من ضمير «يقعقع» الراجع إلى جمل المحذوف. وعلى المذهب الأول (من جمال) خبر كأن، [سيبويه ج 1/ 375، وشرح المفصل ج 1/ 61، ج 3/ 59، والأشموني ج 3/ 71، والخزانة ج 5/ 67]. 260 - ما ترى الدّهر قد أباد معدّا … وأباد السّراة من عدنان لم يعرف قائله. وقد أنشده السيوطي شاهدا على أنّ «أما» مثل «ألا» حرف تنبيه واستفتاح، وأن «أما» قد تحذف همزتها فيقال «ما» كما في البيت. [الهمع ج 2/ 70]. 261 - ولو أنّ حيّا فائت الموت فاته … أخو الحرب فوق القارح العدوان البيت للشاعر صخر بن عمرو السلمي. والقارح: الفرس الذي عمره خمس سنين. والعدوان: بفتحات. شديد العدو. وأخو الحرب: ملازمها. والشاهد فيه وقوع خبر أنّ بعد «لو» اسما، وهو قوله «فائت الموت» وموقع هذا الشاهد في قصة «لو» فهي تختص بمباشرة «أنّ» نحو «وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا» [البقرة: 103] واختلفوا في موقع المصدر من أنّ وما دخلت عليه. فقال قوم: مبتدأ ولا يحتاج إلى خبر. وقيل: الخبر محذوف. فقيل يقدّر مقدما أي: لو ثابت كذا وقال آخرون: يقدّر مؤخرا. وقال قوم: إنّ المصدر، (فاعل) لفعل مقدر تقديره «ثبت» ومن ثمّ قال قوم: يجب أن يكون خبر «أنّ» فعلا ليكون عوضا عن المحذوف، فردّ بقوله تعالى وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ [لقمان: 27] فردّ من قال بضرورة أن يكون الخبر فعلا، بأنّ ذلك يكون في الخبر المشتق لا الجامد فردّ ابن مالك قول هؤلاء بأنه قد جاء اسما مشتقا، ومنه البيت. وعدّ صاحب المغني أن من الخبر المشتق قوله تعالى يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ. [الأحزاب: 20] قال أبو أحمد: إن مثل هذه المناظرة ممتعة، وتدعو إلى البحث والتفكر ولولا مثل هذه المناظرات، لما وقعنا على هذه النصوص التي كانوا يبحثون عنها لتسجيل انتصار في حلبة الصراع النحوي. [الأشموني ج 4/ 40، واللسان (عدا)]. 262 - يا لأناس أبوا إلّا مثابرة … على التّوغّل في بغي وعدوان البيت غير منسوب. قال الأشموني: قد يحذف المستغاث، فيلي «يا» المستغاث من

263 - رأيت بني البكري في حومة الوغي … كفا غري الأفواه عند عرين

أجله، لكونه غير صالح لأن يكون مستغاثا. وأورد البيت. وإنما كان ما ولي «يا» غير صالح لكونه مستغاثا، مع صحة نداء الناس في الجملة، لكونهم مهجّوين بالوصف الذي وصفهم به، فلم يقصدوا للإنتصار، لأن العامل لا يهجو من يستنصر به، والتقدير في البيت: يا لقومي لأناس». [الأشموني ج 3/ 167، وعليه العيني، والهمع ج 1/ 181، والدرر ج 1/ 156]. 263 - رأيت بني البكريّ في حومة الوغي … كفا غري الأفواه عند عرين البيت غير منسوب. قال السيوطي: الأصل في كلام العرب دلالة كل لفظ على ما وضع له فيدل المفرد على المفرد والمثنى على المثنى والجمع على جمع. وقد يخرج عن هذا الأصل، وذلك قسمان، مسموع ومقيس. أما المقيس: فهو ما أضيف إلى متضمنه وهو مثنى لفظا نحو قطعت رؤوس الكبشين، أي: رأسيهما. أو معنى نحو (البيت) أي: كأسدين فاغرين أفواههما عند عرينهما. فقوله: كفاغري: مثنى فاغر والذي سوّغ هذا أن البيت من الطويل، ولا يمكن قراءة (فاغري) على أنها جمع [الهمع ج 1/ 50 والدرر ج 1/ 25، وحاشية الشيخ ياسين ج 2/ 122]. 264 - لا تظلموا مسورا فإنّه لكم … من الذين وفوا في السّر والعلن البيت غير منسوب. قال السيوطي: مسألة: في جواز تقديم الظرف والجار والمجرور والمتعلق بالصلة على الموصول. وفيها مذاهب: منها: الجواز مع «أل» إذا جرّت بمن نحو: «وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ» [يوسف: 20] ومنها: المنع في غير (ال) مطلقا وفيها إذا لم تجرّ بمن، وعليه ابن مالك. قال السيوطي: ويدلّ للجواز في غير (ال) قوله (البيت) والشاهد في الشطر الثاني وترتيب الشطر بدون تقديم، «من الذين وفوا في السرّ والعلن لكم» فلكم، متعلق بقوله «وفوا» وهو صلة الموصول. فيكون تقدم المتعلق على الصلة. [الهمع ج 1/ 88، والدرر ج 1/ 66]. 265 - تالله قد علمت نفس إذا قذفت … ريح الشتاء بيوت الحيّ بالعنن البيت لزهير بن أبي سلمى. والعنن، جمع عنّة، وهي حظيرة من شجر تعمل حول البيت لترد الريح عنهم فإذا اشتدت الريح قلعتها فرمت بها على البيت.

266 - إن يغنيا عني المستوطنا عدن … فإنني لست يوما عنهما بغني

قال بعض النحويين. حقّ الماضي المثبت المجاب به القسم أن يقرن باللام و «قد» والصحيح أنه يجوز الجمع بينهما، ويجوز حذف (قد) ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم «والذي نفسي بيده لوددت أن أقاتل» ويجوز أيضا حذف اللام وبقاء «قد» وشاهده البيت. (تالله قد). وفي الهمع «تالله قد علمت قيس». [الخزانة ج 10/ 75، والهمع ج 2/ 42، وديوان زهير]. 266 - إن يغنيا عنّي المستوطنا عدن … فإنني لست يوما عنهما بغني البيت غير منسوب. وقوله: يغنيا: بفتح النون، مضارع غني، بكسرها، أي: استغنى وأثبت الألف في «يغنيا» مع أنّ الفعل مسند إلى الظاهر «المستوطنا» على لغة «يتعاقبون فيكم ملائكة» والباء في «بغني» زائدة في خبر ليس، وتخفيف الياء للضرورة، وأصلها «غنيّ» بالتشديد. والشاهد: «المستوطنا عدن» فالمستوطنا: مثنى «المستوطن» اسم فاعل مشتق. وأجاز ابن مالك أن يعرف الوصف المشتق بأل، إذا كان مضافا، ووجدت ال في المضاف إليه، أو مضاف إلى المضاف إلى المعرف بها، أو كان المضاف مثنى أو جمعا. والمثنى كما في البيت. فقال. ووصل أل بذا المضاف مغتفر … إن وصلت بالثاني كالجعد الشّعر أو بالذي له أضيف الثاني … كزيد الضارب رأس الجاني وكونها في الوصف كاف إن وقع … مثنّى أو جمعا سبيله اتبع [الأشموني ج 2/ 246 والهمع ج 2/ 48]. 267 - … وكتمانها أكنى بأمّ فلان شطر بيت ذكره ابن هشام في شذور الذهب/ 374، شاهدا على تعدية الفعل تكنى إلى مفعولين: الأول: نائب الفاعل، الضمير المستتر، والثاني المجرور بحرف الجر. 268 - تراه كالثّغام يعلّ مسكا … يسوء الفاليات إذا فليني لعمرو بن معد يكرب، قالها في امرأة لأبيه تزوجها بعده في الجاهلية. وقبل البيت:

269 - لا تلمني عتيق حسبي الذي بي … إن بي يا عتيق ما قد كفاني

تقول حليلتي لما قلتني … شرائج بين كدريّ وجون وقلتني: كرهتني. وشرائج، جمع شريج، وهو الضّرب والنوع أو كل لونين مختلفين. وقوله شرائج: خبر مبتدأ محذوف، أي: شعرك شرائج والكدريّ: الأغبر. والجون: جمع جونة بالفتح، وهو مصدر الجون بالفتح وهو من الأضداد، يقال للأبيض والأسود. تريد أن بعض شعره كدري، وبعضه جون. وقوله: تراه: الفاعل يعود إلى الحليلة، بمعنى الزوجة. وتراه: أي الشعر. والثغام: نبت له نور أبيض يشبه به الشيب. ويعلّ مسكا: يكثر فيه المسك. والفاليات: جمع الفالية، وهي التي تفلي الشعر، أي: تخرج القمل منه. والشاهد: فليني: على أنه قد جاء حذف نون الوقاية مع نون الضمير للضرورة والأصل: فلينني، بنونين. إحداهما نون النسوة. قلت: والدليل على أن هذه المرأة كانت زوجا لأبيه قوله في آخر الأبيات: فلولا إخوتي وبنيّ منها … ملأت لها بذي شطب يميني وذو شطب: هو السيف. يريد لولا إخواني منها وأبنائي لقتلتها بالسيف. [سيبويه ج 2/ 154، وشرح المفصل ج 3/ 19، والهمع ج 1/ 95، واللسان (فلا) والخزانة ج 5/ 371]. 269 - لا تلمني عتيق حسبي الذي بي … إنّ بي يا عتيق ما قد كفاني البيت لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه. والشاهد: عتيق. أراد: يا ابن أبي عتيق. حيث حذف المضاف، وخلفه المضاف إليه في إعرابه. [شرح التصريح/ 2/ 55]. 270 - يطفن بحوزيّ المراتع لم يرع … بواديه من قرع القسيّ الكنائن هذا البيت للطرمّاح بن حكيم. وهو في وصف بقر الوحش. وتطفن: أي: تدرن حوله. تقول: طاف الرجل بالقوم وطاف عليهم، وأطاف أيضا: أي: استدار، وأطاف بالأمر: إذا أحاط به. وأصل الحوزي: المتوحد المتفرد وأراد به فحل البقر الوحشي،

271 - ذعرت به القطا ونفيت عنه … مقام الذئب كالرجل اللعين

الذي يصفه. والمراتع: جمع مرتع، مكان الرتع. يريد أنه منفرد بهذه الأماكن يرتع فيها ما شاء. ولم يرع: لم يخف والقرع: الضرب، والقسي: جمع قوس. والكنائن: جمع كنانة، وهي جراب توضع فيه السهام. ومحل الاستشهاد بالبيت «قرع القسيّ الكنائن» فإن الرواية بنصب القسي وجرّ الكنائن، فيكون تخريجه على أن قوله: قرع مصدر مضاف إلى قوله «الكنائن» الذي هو فاعل مصدر، وقد فصل بين المضاف والمضاف إليه بقوله «القسي» الذي هو مفعول المصدر. وهذا مثل قوله تعالى في قراءة ابن عامر وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ [الأنعام 137] بنصب «أولادهم» وجرّ (شركائهم) على أن «قتل» مصدر مضاف إلى فاعله وهو قوله «شركائهم» وقد فصل بينهما بمفعول المصدر. وقد استشهد به الكوفيون على جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه، بغير الظرف وحرف الخفض. [الإنصاف 429، واللسان (حوز) والخصائص ج 2/ 406 والعيني ج 3/ 462]. 271 - ذعرت به القطا ونفيت عنه … مقام الذئب كالرّجل اللّعين البيت للشماخ بن ضرار من قصيدة مدح بها عرابة بن أوس. وقبل البيت: وماء قد وردت لوصل أروى … عليه الطير كالورق اللّجين والورق اللجين، الورق المبلول الذي تلبد بعضه فوق بعض. وقوله: ذعرت به القطا: يريد أنه جاء إلى الماء متنكرا. وذعرته: خوفته. ولقيت: أي طردت. وخص القطا، والذئب. لأن القطا أهدى الطير، والذئب أهدى السباع، وهما السابقان إلى الماء. واللعين: المطرود، المنفي المقصى. ويظهر أنه يريد أن يقول: إنني طردت عن هذا الماء إقامة الذئب، مشبها الرجل اللعين المطرود من قومه. وقد استشهد بهذا البيت على أن لفظ «مقام» مقحم. وليس كما قالوا، وإنما يريد طردت الذئب عن هذا الماء، فلا مقام له إما أنه شبهه في حال وجوده على الماء كالرجل اللعين، أو شبهه في حال طرد، يعني أنه طرده كما يطرد الرجل اللعين. [الخزانة ج 4/ 347، وشرح المفصل ج 3/ 13]. 272 - ولا يجزون من حسن بسوءى … ولا يجزون من غلظ بلين

273 - كأن حمولهم لما استقلت … ثلاثة أكلب يتطاردان

لأبي الغول الطّهويّ من شعراء الدولة المروانية. وهو يصف فوارس ذكرهم في أبيات سابقة. يقول: إنهم يعرفون مجاري الأمور ومقادير الأحوال فيوازنون الخشن بالخشن واللين باللين. وقد أنشد بعضهم البيت على أن «سوءى» مصدر، كالرجعى والبشرى وليس مؤنث أسوأ. ذلك أن اسم التفضيل إذا كان معرى من ال يجب اقترانه ب (من) فأراد أن يعتذر عن ذلك، بأن اسم التفضيل هنا لا يراد به التفضيل، وإنما يراد به المصدر، ولكن هذا اللفظ يروى بصور أخرى. ففي الحماسة (بسيء) يعني بسيّئ، فخفف، كما قالوا: هيّن، وهين وروي «بسوء» وفي كتاب الشعر والشعراء «ولا يجزون من خير بشرّ». [الخزانة ج 8/ 314، وشرح المفصل ج 6/ 100، 200، والحماسة بشرح المرزوقي ص 40]. 273 - كأنّ حمولهم لما استقلّت … ثلاثة أكلب يتطاردان البيت غير منسوب، وأنشده الرضي على أن بعضهم أجاز وصف البعض دون البعض فهذا الشاعر، قال: يتطاردان. فوصف اثنين، وترك الثالث. وهذا لا يحتمله القياس. وفي البيت مبالغة في الهجو، لأن الإبل التي يعدونها عندهم كثيرة، عدتها ثلاثة لا غير وأنها صغيرة في الجثة جدا حتى أنها مع ما عليها في مقدار جرم الكلاب وأنها ليس عليها ما يثقلها من الأثاث ولذلك تطارد لخفة ما عليها. وأن بعضها هزيل جدا لا يقدر على الطراد، وهو الثالث الذي لم يصفه. [الخزانة - ج 5/ 39]. 274 - سقى العلم الفرد الذي في ظلاله … غزالان مكحولان مختضبان البيت بلا نسبة في أمالي ابن الشجري ج 1/ 160، والمخّصص 16/ 188. 275 - أنا ابن أباة الضيم من آل مالك … وإن مالك كانت كرام المنازل البيت للطرماح بن حكيم. والشاهد: وإن مالك. فقد ألغيت (إنّ) بعد تسكينها ولم تقترن باللام الفارقة بينها وبين (إن) النافية والذي سوّغ ذلك القرينة المعنوية، فالشاعر يفخر بقبيلته. فذكر «مالك» في الشطر الأول وأراد جدّ القبيلة وذكره ثانيا وأراد القبيلة نفسها. [الأشموني ج 1/ 289 والهمع ج 1/ 141 والدرر ج 1/ 118]. 276 - بثين الزمي، لا، إنّ، لا، إن لزمته … على كثرة الواشين أيّ معون

277 - لولا فوارس تغلب ابنة وائل … ورد العدو عليك كل مكان

البيت لجميل. يقول: نعم العون قولك «لا» في ردّ الوشاة، وإن كثروا. والشاهد: (معون) وأصلها «معونة» فحذف الهاء. [اللسان «عون» والخصائص ج 3/ 212]. 277 - لولا فوارس تغلب ابنة وائل … ورد العدوّ عليك كلّ مكان البيت للفرزدق. وتغلب أبو قبيلة وإنما يقولون: ابنة وائل، إنما يذهبون بالتأنيث إلى القبيلة. وعلى هذا تمنع تغلب من الصرف لثلاث علل. إما العلمية والتأنيث. إذا أردنا القبيلة. وإما العلمية ووزن الفعل، حتى لو أردنا الأب. [اللسان - غلب، والمقتضب ج 3/ 360، وديوان الشاعر]. 278 - ونحن منعنا البحر أن تشربوا به … وقد كان منكم ماؤه بمكان البيت غير منسوب. وقوله: تشربوا به. والأصل: تشربوا منه. لأن الفعل شرب يتعدى بمن، ولكن الشاعر عدى الفعل بالباء، لأن شرب هنا بمعنى «روي» وروي تتعدى بالباء، فضمن شرب معنى روي، وعداه بالباء كما قال أبو ذؤيب: شربن بماء البحر ثم ترفّعت … متى حبشيّات لهنّ نئيج يصف سحابا شرب ماء البحر ثم صعد فأمطر، وروّين. وهذا يدلّ على أن العرب كانوا يعرفون أن السحاب يتكون من تبخّر ماء البحر إلا إذا أراد المبالغة في وصف كثرة ماء السحاب. [اللسان شرب والعيني. 3/ 173]. 279 - ألا يا ديار الحيّ بالسّبعان … أملّ عليها بالبلى الملوان 280 - ألا يا ديار الحيّ بالسبعان … عفت حججا بعدي وهنّ ثماني الأول ورد في شعر لتميم بن مقبل، وهو شاعر إسلامي والثاني ورد في شعر لشاعر جاهلي من بني عقيل. والاستشهاد بالشعر الأول على أن «السّبعان» أعرب بالحركة على النون مع لزوم الألف واذا نسب إليه قيل سبعاني. وهو اسم مكان. وهو في الأصل تثنية سبع، ولو أجراه مجرى المثنى لقال: بالسبعين، ولكنه أجراه مجرى عثمان وسلمان

281 - أيها السائل عنهم وعني … لست من قيس ولا قيس مني

وعمران ولعلّ الذي سوغ هذا، كونه أصبح علما مفردا. وقوله: ألا: حرف تنبيه، يتأسف على ديار قومه بهذا المكان، ويخبر أن الملوين وهما الليل والنهار، أبلياها ودرساها. والحيّ: القبيلة. وقوله: بالسبعان، متعلق بمحذوف، على أنه حال من ديار. وقوله: أملّ عليها: فيه التفات، لأنه لم يقل عليك. وأملّ، من أمللت الكتاب أملّه. أو من أمللت الرجل، إذا أضجرته وأكثرت عليه ما يؤذيه، كأن الليل والنهار أملاها من كثرة ما فعلا بها من البلى والأول أقوى، فأملّ عليها، بمعنى أملى عليها بمعنى أجبراها على البلى، فقد يقال: أملى عليه بأن يفعل كذا، أي أكرهه. والملوان: الليل والنهار، ولا مفرد له. والباء في «بالبلى». زائدة، والمراد أملّ عليها أسباب البلى. [كتاب سيبويه ج 2/ 322 والخصائص ج 3/ 203، وشرح المفصل ج 5/ 144، والخزانة ج 7/ 302 والأشموني ج 4/ 309، وزهر الآداب 926]. 281 - أيها السائل عنهم وعني … لست من قيس ولا قيس مني البيت غير منسوب، وقالوا إنه لأحد النحويين. والشاهد فيه حذف النون من (عنّي ومنّي) فجاء باللفظين مخففين، فالأول (عن والياء) والثاني من - والباء وإذا جرت الياء بمن وعن وجبت النون حفظا للسكون، لأنها الأصل فيما يبنى. وقيس جاءت ممنوعة من الصرف للعلمية والتأنيث باعتبارها قبيلة. ومن قيس الأول خبر ليس. وقيس الثانية: مبتدأ لأن «لا» لا تعمل في المعارف، والبيت من بحر الرمل ولا يتأتى تشديد النون من عنّى ومني. [الخزانة ج 5/ 380، والأشموني ج 1/ 124، وشرح المفصل ج 3/ 125، والهمع ج 1/ 64]. 282 - ألم تر أنّ البغّل يتبع إلفه … كما عامر واللؤم مؤتلفان البيت غير منسوب. وذكره السيوطي شاهدا على أن «ما» كفت «الكاف» عن العمل، فدخلت على الجملة. قلت: إذا كان قوله «مؤتلفان» هي التي جعلتهم يقولون إن «ما» كفت الكاف، فإننا يمكن أن نقرأها «يأتلفان». [الهمع ج 2/ 38]. 283 - ما سدّ حيّ ولا ميت مسدّهما … إلا الخلائف من بعد النبيّين

284 - وأهجو من هجاني من سواهم … وأعرض منهم عمن هجاني

وقبل البيت: إني لباك على ابني يوسف جزعا … ومثل فقدهما للدّين يبكيني والبيتان نسبهما المبرد في الكامل إلى الفرزدق، في رثاء محمد أخي الحجاج ابن يوسف ومحمد ابن الحجاج بن يوسف، فإنه جاءه نعي أخيه يوم مات ابنه ولا أعلم سبب الموت، فإن كانا قد ماتا في معركة جهادية، أو ماتا مرابطين في جيش على الثغور، فإننا نقول: يرحمهما الله، مع المبالغة في تفضيلهما على الناس بعد الخلفاء. أما إذا ماتا حتف أنفهما، فإننا نقول للشاعر كذبت، لأننا لا نعلم للرجلين سوابق محمودة. وللحجاج، على ما ذكروا من سفكه الدماء أعمال محمودة في الفتح، ولعلّ الله يغفر له بسببها ما اقترف من الذنوب وقد ذكر النحوّيون البيت الشاهد، لأنّ الشاعر كسر نون النبيين، فجره بالكسرة على النون مع أنه جمع مذكر سالم، ويعرب بالواو والياء، فقال قائل: إنها ضرورة، وقال قائل إنهم يجرّون كل الجموع بالحركات، وقد جاءت أمثلة كثيرة لهذا الشاهد، يجرّون جمع المذكر السالم بالكسرة. وقد لاحظت أن أغلب الأمثلة جاءت في حال الجرّ ولم أجد مثالا في حال الرفع، فلم يقل واحد مثل «من المسلمون» ولذلك يمكن القول: لعلها لغة في هذا الجمع أن يجر بالكسرة حين يكون مجرورا بالياء. والله أعلم. [الخزانة ج 8/ 60، 66، وشرح المفصل ج 5/ 14، والهمع ج 1/ 49، والشعر ليس في ديوان الفرزدق]. 284 - وأهجو من هجاني من سواهم … وأعرض منهم عمّن هجاني البيت غير منسوب، وأنشده السيوطي شاهدا لتقديم متعلق الصلة على الاسم الموصول. وذلك في الشطر الثاني. قوله: منهم عمن هجاني. وأصل الكلام وأعرض عمن هجاني منهم. [الهمع ج 1/ 88]. 285 - ربّه امرأ بك نال أمنع عزّة … وغنى بعيد خصاصة وهوان البيت غير منسوب. وأنشده السيوطي شاهدا على أن «ربّ» تجرّ ضميرا ويجب كون هذا الضمير مفردا مذكرا، وإن كان المميز مثنى أو جمعا أو مؤنثا. وكونه يفسره نكرة منصوبة، مطابقة للمعنى الذي يقصده المتكلم، وتليه النكرة غير مفصولة عنه، فيقال: ربّه رجلا ورجالا، وربّه امرأة ورّبّه امرأتين .. وأنشد البيت.

286 - جيء ثم حالف وقف بالقوم إنهم … لمن أجاروا ذوو عز بلا هون

والشاهد فيه: ربّه امرأ. [الهمع ج 2/ 27]. 286 - جيء ثمّ حالف وقف بالقوم إنّهم … لمن أجاروا ذوو عزّ بلا هون البيت غير منسوب، وأورده الأشموني شاهدا لإعمال الفعل الثالث عند التنازع والشاهد قوله: جيء ثم حالف وقف بالقوم. فأعمل «قف» وعدّاه بالحرف وحذف الضمير من، جيء، وحالف. [الأشموني ج 2/ 102]. 287 - أألخير الذي أنا أبتغيه … أم الشّرّ الذي هو يبتغيني البيت للمثقّب العبدي من قصيدة في المفضليات. وهو شاعر جاهلي قديم. وقبل البيت: وما أدري إذا يمّمت أمرا … أريد الخير أيّهما يليني وقوله: وما أدري: ما نافيه. وأدري: أعلم. وجملة: أيهما يليني: في محل المفعولين لأدري، لأنه معلق عن العمل باسم الاستفهام. ويممت أمرا: قصدت وجها وجملة يممت: حال من فاعل يممت. وقوله: أألخير: بدل من أيّ في البيت السابق، ولهذا قرن بحرف الاستفهام. والهمزة الثانية من أألخير: همزة وصل دخلت عليها همزة الاستفهام، وكان القياس أن يستغني عنها، لكنها لم تحذف وخففت بتسهيلها بين بين، إذ لولا ذلك لم يتزن البيت (من الوافر). [الخزانة ج 11/ 80، والمرزوقي 1587، والعيني ج 1/ 192 - وشرح أبيات مغني اللبيب. ج 2/ 13]. 288 - ومن حسد يجور عليّ قومي … وأيّ الدّهر ذو لم يحسدوني البيت لحاتم الطائي. وقوله: من حسد: من للتعليل. أي: لأجل الحسد يجور عليّ قومي وقوله: وأي الدهر: أي استفهامية أضيفت إلى الدهر وذووا: الطائية اسم موصول. وجملة لم يحسدوني: صلتها والعائد محذوف، تقديره: لم يحسدوني في الطعام، كرم النفس، ولو جمع بينهما، لاستولى على قلوب قومه ولم يحسدوه. [الأشموني ج 1/ 174، ومعه العيني].

289 - ألحق عذابك بالقوم الذين طغوا … وعائذا بك أن يعلوا فيطغوني

289 - ألحق عذابك بالقوم الذين طغوا … وعائذا بك أن يعلوا فيطغوني البيت لعبد الله بن الحارث السهمي. وقوله: عائذا: قال سيبويه وقالوا: عائذا بالله من شرها، فوضعوا الاسم موضع المصدر، كأنه قال أعوذ بالله عائذا، وعياذا، وقال النحاس: هذا حجة لنصب (عائذ) كأنه قال: أعوذ عياذا. وعبد الله بن الحارث من الصحابة. ويعني بالذين طغوا، المشركين، الذين كانوا يضطهدون مسلمي مكة، واضطروهم للهجرة إلى الحبشة، يقول: أعوذ بك يا رب أن يعلوا المسلمين ويظهروا عليهم، فيطغوني وإياهم [سيبويه/ 1/ 342، هارون، والحماسة بشرح المرزوقي/ 475، واللسان «عوذ» والروض الأنف/ 1/ 208]. 290 - تخذت غراز إثرهم دليلا … وفرّوا في الحجاز ليعجزوني قاله أبو جندب بن مرّة الهذلي. وتخذت: أي: اتخذت. نصب مفعولين أولهما: غراز، والثاني: دليلا. وغراز: اسم واد، أو مكان ومنع من الصرف للعلمية وتأنيث المكان. وربما كان المانع العلمية والعدل. وقيل: غراز: اسم رجل، والذي يوحي بهذا، أنه اتخذ غراز دليلا. فإن لم يكن رجلا. يكون بمعنى وجهة واتجاها أي: عرفت مكانهم ويممت نحو غراز، فكانت المعرفة كالدليل. وإثرهم: ظرف وفي الحجاز: بمعنى إلى الحجاز، ويعجزوني: منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه حذف النون، والنون الموجودة للوقاية. [الأشموني ج 2/ 25 وعليه العيني]. 291 - تمنّوا لي الموت الذي يشعب الفتى … وكلّ امرئ والموت يجتمعان البيت للفرزدق. وقوله: يشعب: أي: يفرق، وكلّ: مبتدأ. والموت عطف عليه يلتقيان: خبره. وفيه الشاهد: حيث أثبت فيه ذكر خبر المبتدأ المعطوف عليه بالواو، لأنها ليست صريحة في المعية، فلم يجب الحذف. وإذا كانت الواو صريحة في المعية، فلا يجوز إظهار الخبر نحو «كلّ ثوب وقيمته» لأن الواو وما بعدها قاما مقام (مع) وسدا مسدّ الخبر. [الأشموني ج 1/ 217، وفيه حاشية العيني، وشرح التصريح ج 1/ 180]. 292 - محيّاه يلقى ينال السّؤال راجيه ريثما ينثني

293 - وظل لنسوة النعمان منا … على سفوان يوم أروناني

ليس له قائل. وأورده السيوطي شاهدا للفصل بين الفعل، وريث ب (ما) وريث ظرف زمان يضاف إلى الفعل المبني، فيبنى. و «ما» التي فصلت بين الفعل وريث، قيل: زائدة، وقيل: مصدرية. [الهمع ج 1/ 213]. 293 - وظلّ لنسوة النعمان منّا … على سفوان يوم أروناني البيت للنابغة الجعدي، من قصيدة هجا بها الأخطل وبني سعد بن زيد مناة، ومدح بها كعب بن جعيل، وبعد البيت. فأعتقنا حليلته وجئنا … بما قد كان جمّع من هجان وسفوان: اسم ماء. وأروناني: شديد. والحليلة: الزوجة. والهجان: كرائم الأموال وأشرفها. [الخزانة ج 10/ 279]. 294 - وأنبئت قيسا ولم أبله … كما زعموا خير أهل اليمن البيت من قصيدة للأعشى يمدح بها قيس بن معدي كرب. والشاهد: أنبئت حيث نصب ثلاثة مفاعيل. التاء، وقيسا، وخير أهل اليمن. وقوله: ولم أبله حال، أي: لم أختبره، من بلوته، إذا جربته واختبرته. وقوله: كما زعموا، صفة لمصدر محذوف، أي: لم أبله بلوا مثل الذي زعموا. و «ما» موصولة والعائد محذوف، أي: كما زعموا فيه، ويجوز أن تكون مصدرية، أي: كزعمهم فيه أنّه من خير أهل اليمن. [الأشموني ج 2/ 41، والعيني]. 295 - لها ثنايا أربع حسان … وأربع فثغرها ثمان رجز غير منسوب. وهو شاهد على أنّه قد تحذف الياء من «ثماني» ويجعل الإعراب على النون، واستشهد به الزمخشري على قراءة وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ [الرحمن: 24]. بحذف الياء من الجوار» ورفع الراء كما في «ثمان» وفي الحديث الذي رواه مسلم «صلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات». يريد: ركع ثمان مرات. والثنايا: جمع ثنيّة، وهي أربع من مقدم الأسنان، ثنتان من فوق وثنتان من

296 - وصاني العجاج فيما وصني ..

تحت. وأراد بالأربع الثاني «الرّباعيات» بفتح الراء وتخفيف الياء، جمع رباعية، على وزن ثمانية، والرباعيات: أربع أسنان، ثنتان من يمين الثنيّة وواحدة من فوق وواحدة من تحت، وثنتان من شمالها. [الخزانة/ 7/ 367، وشرح التصريح/ 2/ 274]. 296 - وصاني العجّاج فيما وصّني .. لرؤبة بن العجاج. والشاهد حذف الألف من وصاني، واكتفى عنها بالفتحة. [الخزانة/ 1/ 131، والإنصاف/ 449]. 297 - ألا ليت اللحى كانت حشيشا … فترعاها خيول المسلمينا البيت للشاعر يزيد بن ربيعة بن مفرّغ يقوله في هجاء عباد بن زياد. والشاهد: فترعاها. فالفعل منصوب بأن مضمرة بعد الفاء. ويروى «فنعلفها». [الخزانة/ 4/ 326].

قافية الهاء

قافية الهاء 1 - واها لسلمى ثمّ واها واها … يا ليت عيناها لنا وفاها منسوب إلى رؤبة بن العجاج، ولأبي النجم العجلي، ولأبي الغول الطهوي من أهل اليمن. والبيت شاهد أن «واها» في المواضع الثلاثة، اسم فعل مضارع بمعنى أعجب مثل «وي» ومثل «وا» وقد رفع ضميرا مستترا فيه وجوبا تقديره «أنا» وفي البيت «عيناها» يروى بالألف، على لغة قوم من العرب يلزمون المثنى الألف في الأحوال كلها، وهو بهذا اللفظ، منصوب بفتحة مقدرة على الألف. ولو نصبه بالياء لصح شعرا ولغة، ولكنهم يروونه بالألف. [شرح أبيات المغني/ 6/ 144، والأشموني/ 3/ 17، وشرح التصريح/ 3/ 197]. 2 - ألقى الصحيفة كي يخفّف رحله … والزاد حتى نعله ألقاها منسوب إلى أبي مروان النحوي، يقوله في قصة المتلمس وفراره من عمرو بن هند وكان عمرو بن هند قد كتب له كتابا إلى عامله يأمره فيه بقتل المتلمس، وأوهم المتلمس أنه أمر له بعطاء عظيم، ففتحه، فلما علم ما فيه رمى به في النهر. وبعد البيت: ومضى يظنّ بريد عمرو خلفه … خوفا وفارق أرضه وقلاها والشاهد: «حتى نعله ألقاها» فمن شرط العطف بحتّى أن يكون المعطوف بها جزءا من المعطوف عليه، إما تحقيقا مثل «أكلت السمكة حتى رأسها» أو تقديرا، كما في البيت. على رواية النصب. فإنّ النعل وإن لم تكن جزءا من الذي قبلها على وجه الحقيقة فهي جزء منه بسبب التأويل فيما قبلها، لأن معنى الكلام: ألقى كلّ شيء يثقله حتى نعله، ولا شك أن النعل بعض ما يثقله. ويجوز في البيت «رفع نعله» وتكون حتى ابتدائيه وما بعدها

3 - علفتها تبنا وماء باردا … حتى غدت همالة عيناها

مبتدأ وخبر. [سيبويه/ 1/ 50، وشرح التصريح/ 2/ 141، والأشموني/ 2/ 214، والهمع 2/ 24، وشرح المفصل 8/ 19]. 3 - علفتها تبنا وماء باردا … حتى غدت همّالة عيناها الشاهد: وماء: فإنه لا يمكن عطفه على ما قبله لكون العامل في المعطوف عليه لا يصح تسليطه على المعطوف مع بقاء معنى هذا العامل في حاله. وخرّجوه على أنه مفعول لفعل محذوف يناسبه. وقيل: مفعول معه. أو معطوف على ما سبقه عطف مفرد على مفرد، مع تضمين الفعل معنى، يصح أن يتسلط على المعطوف والمعطوف عليه جميعا. وهو «أنلتها» أو قدّمت لها. والحق أنه لا يحتاج إلى تأويل، لأن العلف لا يكون بغير ماء، والماء لا يكون بغير علف. فالماء أيضا من العلف، وبخاصة إذا كان المأكول تبنا أو حبا. أما لو قال: علفتها العشب، أو الربيع. فإنه قد يستغني الراعي عن الماء. والله أعلم. [شرح أبيات المغني/ 7/ 323 وابن عقيل/ 2/ 44، والخصائص/ 2/ 431، والشذور/ 240، والأشموني/ 2/ 140 والمرزوقي/ 1147، وشرح التصريح/ 1/ 346، والهمع/ 2/ 130]. 4 - إذا رضيت عليّ بنو قشير … لعمر الله أعجبني رضاها البيت - للقحيف العقيلي من أبيات يمدح فيها حكيم بن المسيّب القشيري. والشاهد: رضيت عليّ. فإنّ «على» فيه بمعنى «عن» لأن رضي يتعدى ب «عن». لقوله تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [المائدة: 119] وقد حمل الشاعر (رضي) على ضده، وهو سخط فعّداه بالحرف الذي يتعدى به ضده، وهو «على» والعرب تحمل الشيء على ضده كما تحمله على نظيره. [شرح أبيات المغني/ 7/ 195، وشرح التصريح/ 2/ 14، وابن عقيل/ 2/ 126، والهمع/ 2/ 28]. 5 - تقول عرسي وهي لي في عومره … بئس امرأ وإنني بئس المره لا يعرف قائل هذا الرجز. والعومرة: الصياح والصخب. والشاهد: بئس امرأ. حيث رفع بئس ضميرا مستترا، وقد فسّر التمييز بعده - امرأ - هذا الضمير. وخبر إنني - إما جملة بئس، وهو شاذ، لأنه جملة إنشائية أو مؤول على تقدير قول محذوف يقع خبرا لإنّ، وتقع هذه الجملة مقولة له. [الأشموني/ 3/ 32،

6 - أحجاج لا تعطي العصاة مناهم … ولا الله يعطي للعصاة مناها

وقد مرّ في حرف الراء]. 6 - أحجّاج لا تعطي العصاة مناهم … ولا الله يعطي للعصاة مناها تقوله ليلى الأخيلية في مدح الحجاج بن يوسف. والبيت شاهد على أنّ اللام زيدت شذوذا مع أحد المفعولين المتأخرين عن الفعل المتعدي. ويروى البيت (ولا الله لا يعطي العصاة مناها» ولا شاهد فيه. [شرح أبيات المغني/ 4/ 318، والهمع/ 2/ 33، وشرح التصريح/ 2/ 11]. 7 - بربّك هل ضممت إليك ليلى … قبيل الصّبح أو قبّلت فاها وهل مالت عليك ذؤابتاها … كمثل الأقحوانة في نداها للمجنون العامري، وقد مرّ ذات يوم بزوج ليلى. والبيت الأول شاهد على أن القسم الاستعطافي يجب أن يكون جوابه جملة إنشائية كما في البيت ... فإن جملة «هل ضممت» جواب قوله: بربك .. وهو قسم استعطافي. [شرح أبيات المغني/ 4/ 318، والهمع/ 2/ 33، وشرح التصريح/ 2/ 11]. 8 - عهدت سعاد ذات هوى معنّى … فزدت وعاد سلوانا هواها .. ذات هوى - بالنصب، حال من مفعول عهدت، وهو سعاد. ومعنّى: حال من فاعل عهدت، وهو التاء. والمراد بالمعنّى: العاشق. يقول: كنت وسعاد متحابين فأما أنا، فصرت إلى ازدياد، وأما هي فصارت إلى السلو والنسيان. [شرح أبيات المغنى/ 7/ 195، والأشموني/ 1/ 863، والعيني/ 3/ 180]. 9 - فما رجعت بخائبة ركاب … حكيم بن المسيّب منتهاها قاله القحيف العقيلي في مدح حكيم بن المسيب القشيري. والقحيف شاعر إسلامي والبيت شاهد على أن الباء زيدت في الحال المنفية (بخائبة). [شرح أبيات المغني/ 2/ 391، والهمع/ 1/ 127، والخزانة/ 10/ 137]. 10 - إنّ أباها وأبا أباها … قد بلغا في المجد غايتاها منسوب إلى أبي النجم، وقيل لغيره.

11 - وكل قوم أطاعوا أمر مرشدهم … إلا نميرا أطاعت أمر غاويها الظاعنين ولما يظعنوا أحدا … والقائلون، لمن دار نخليها

والبيت شاهد على استخدام المثنى بالألف دائما وهو «غايتاها» وحقه «غايتيها» واستخدام الأسماء الخمسة بالألف في قوله «وأبا أباها» وهو في الأصل، وأبا أبيها. وكان الظاهر أن يقول «بلغا في المجد غايتيه» بضمير المذكر الراجع إلى المجد، لكنه أنث الضمير لتأويل المجد بالأصالة، والمراد بالغايتين: الطرفان من شرف الأبوين، كما يقال: أصيل الطرفين. [شرح أبيات المغني/ 1/ 193، وشرح التصريح/ 1/ 65، وابن عقيل/ 1/ 46، والهمع/ 1/ 39، والأشموني/ 1/ 70، والشذور/ 48، وشرح المفصل/ 1/ 53]. 11 - وكلّ قوم أطاعوا أمر مرشدهم … إلا نميرا أطاعت أمر غاويها الظاعنين ولمّا يظعنوا أحدا … والقائلون، لمن دار نخلّيها لابن حماط العكلي ... ونمير: قبيلة. والغاوي: المغوي ... أي يخافون عدوهم لقلتهم وذلتهم فيحملهم ذلك على الظعن والهجرة، ولما يظعنوا أحدا أي: لا يخافهم عدّوهم فيظعن عن داره خوفا. وقوله: لمن دار نخليها: أي: إذا رحلوا عن دار لم يعرفوا من يحلها بعدهم، لخوفهم من القبائل طرّا. والشاهد: نصب الظاعنين، بإضمار فعل، ورفع «القائلون» على إضمار مبتدأ، لما قصد من معنى الذم فيهما، ولو أراد الوصف لأجراه على ما قبله نعتا له. [سيبويه/ 1/ 249، والإنصاف/ 480، والخزانة/ 5/ 42]. 12 - فأيّي ما وأيّك كان شرّا … فسيق إلى المقامة لا يراها للعباس بن مرداس. والمقامة: بالضم: المجلس وجماعة الناس: والمراد: أعماه الله حتى صار يقاد إلى مجلسه - وجيء بالفاء في قوله: فسيق؛ لأنه دعاء، فهو كالأمر في وجوب الفاء. والشاهد: إفراد (أي) لكل واحد من الاسمين وإخلاصهما له توكيدا والمستعمل إضافتها إليهما معا فيقال: أيّنا، و «ما» زائدة للتوكيد. وأيّي: مبتدأ، وأيّك: معطوف عليه، واسم كان ضمير، أي: أيّنا، وشرا: خبره. والجملة خبر المبتدأ. وجملة: لا يراها، حال من ضمير «سيق» ويروى «فقيد». يدعو على الشرّ منهما، أي: من كان منّا

13 - لعمرك ما إن أبو مالك … بوان ولا بضعيف قواه

شرا أعماه الله في الدنيا، فلا يبصر حتى يقاد إلى مجلسه [الخزانة/ 4/ 367، وسيبويه/ 1/ 399، وشرح المفصل/ 2/ 231]. 13 - لعمرك ما إن أبو مالك … بوان ولا بضعيف قواه هذا البيت، للشاعر المتنّخل الهذلي (مالك بن عويمر) شاعر جاهلي. وقوله: لعمرك: اللام، لام الابتداء لتوكيد مضمون الجملة. وعمرك: بفتح العين: بمعنى حياتك: مبتدأ خبره محذوف. وأبو مالك: هو أبو الشاعر واسمه عويمر. وان: اسم فاعل من ونى في الأمر، بمعنى ضعف، وفتر. يريد: أن أباه كان جلدا شهما لا يكل أمره إلى أحد. والبيت شاهد على أن الباء تزاد بعد ما النافية المكفوفة بإن اتفاقا وهذا يدل على أنه لا اختصاص لزيادة الباء في خبر ما الحجازية. والبيت من قطعة يرثي بها أباه، ومنها بعد البيت الشاهد: ولكنّه هيّن ليّن … كعالية الرّمح عرد نساه إذا سدته سدت مطواعة … ومهما وكلت إليه كفاه ألا من ينادي أبا مالك … أفي أمرنا هو أم في سواه أبو مالك قاصر فقره … على نفسه ومشيع غناه ومعنى كونه لينا كعالية الرمح، أنه إذا دعي أجاب كعالية الرمح، فإنه إذا هزّ الرمح اضطرب، وانهزّ للينه، وعرد شديد: والنّسا: عرق في الفخد، والضمير يعود لأبي مالك. [الخزانة/ 4/ 146، والهمع/ 1/ 127، والأشموني/ 1/ 252 والشعر والشعراء/ 553، وقال: إن الشاعر يرثي أخاه]. 14 - إذا ما ترعرع فينا الغلام … فما إن يقال له: من هوه؟ والشاهد: هوه: فإذا وقفت على «هو، وهي» قلت: هو، وهي، بإسكان الواو والياء، و «هوه، وهيه» بزيادة هاء السكت. وفي القرآن: وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ [القارعة: 10] وهذا في لغة من فتح الواو والياء في «هو وهي» في الوصل. أما من سكّنها في درج الكلام، فلا يقف بهاء السكت، بل بالواو والياء ساكنين، كما ينّطق بهما كذلك في الدّرج.

15 - ولقد أرى تغنى به سيفانة … تصبي الحليم ومثلها أصباه

والبيت منسوب لحسان بن ثابت في قصة غريبة. فقد نقل البغدادي في خزانة الأدب (ج 2/ 428) أنّ السعلاة لقيت حسان بن ثابت في بعض طرقات المدينة، وهو غلام قبل أن يقول الشعر، فبركت على صدره، وقالت: أنت الذي يرجو قومك أن تكون شاعرهم؟ قال: نعم. قالت: فأنشدني ثلاثة أبيات على رويّ واحد، وإلا قتلتك، فقال: إذا ما ترعرع فينا الغلام .. البيت. إذا لم يسد قبل شدّ الإزار … فذلك فينا الذي لا هوه ولي صاحب من بني الشيصبان … فحينا أقول وحينا هوه فخلّت سبيله. والسعلاة: ساحرة الجن، أو أنثى الغيلان. والشيصبان: ابن جنّي، من الجن. وقد ذكرت قصة الأبيات التي منها الشاهد، لغرابتها، وتطلية القواعد النحوية وتسلية القارئ. وليس اعتقادا بصحتها. ولو أردنا أن نحقق صحة نسبة الأخبار الأدبية إلى أصحابها، لنفينا أكثر ما ورد في كتب الأدب. ومع ذلك فإننا نستمتع بقراءته، ولا نفكّر في صدقه أو كذبه، لأن الإمتاع الفني يتأثر بالنصّ ولا يبحث عن القائل. ولكننا عند ما نريد استنباط أحكام تاريخية من النصّ نحرص على تحقيق سنده ومتنه. وتاريخ اللغة من التواريخ التي يجب أن نحقق نصوصها. [شرح المفصل/ 9/ 84، واللسان «شصب]. 15 - ولقد أرى تغنى به سيفانة … تصبي الحليم ومثلها أصباه البيت لرجل من باهلة. وصف منزلا خلا من أهله. تغنى به: تقيم. والسيفانة: المرأة الممشوقة الشبيهة بالسيف في إرهافه، وتصبي الحليم: تدعو إلى الصبا. أراد: لقد أرى سيفانة، تغنى به سيفانة. فالفعل الأول معمل في المعنى فقط، والآخر معمل في اللفظ والمعنى. [سيبويه/ 1/ 77 هارون]. 16 - أيا من لست أقلاه … ولا في البعد أنساه لك الله على ذاك … لك الله لك الله لا يعرف قائل هذا الهزج المرقص، وأنشدوه شاهدا على التوكيد اللفظي بتكرير الجملة. «لك الله، لك الله» ويروى الشطر الأول: أيا من لست ألقاه. وعلى الرواية

17 - فلا تصحب أخا الجهل … وإياك وإياه

المثبتة «أقلاه» بمعنى أبغضه، قال العيني: يقلاه: لغة طيّئ، والبيت على لغتهم. [الأشموني/ ج 3/ 80، والعيني في حاشيته. والهمع ج 2/ 175]. 17 - فلا تصحب أخا الجهل … وإيّاك وإيّاه لا يعرف قائل هذا الهزج وأنشده السيوطي في باب التحذير، وقال: ولا يكون المحذور ظاهرا ولا ضمير غائب، إلا وهو معطوف، وأنشد البيت شاهدا لضمير الغائب. وأوّله بقوله «أي: باعد منه، وباعده منك». [الهمع ج 1/ 170، والدرر ج 1/ 145]. 18 - إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه لم يذكروا الشاعر الذي قاله. ويبدو أنه كلام قديم، فقد استشهد ابن منظور، بما يشبه البيت، ولم ينسبه، وهو قوله: إنما يصطنع المعروف في الناس ذووه قال ابن يعيش، يرحمه الله، في مبحث الأسماء الخمسة: وأما «ذو» فلا تستعمل إلا مضافة ولا تضاف إلا إلى اسم جنس من نحو «مال، وعقل» ونحوهما، ولا تضاف إلى صفة ولا مضمر فلا يقال: ذو صالح، ولا طالح، ولا يجوز «ذوه» و «ذوك» لأنها لم تدخل إلا وصلة إلى وصف الأسماء بالأجناس، كما دخلت «الذي» وصلة إلى وصف المعطوف بالجمل وكما أتي بأي، وصلة إلى نداء ما فيه ال، في قولك «أيها الرجل». قال: وقد جاء مضافا إلى المضمر (وأنشد البيت) قال: والذي جسّر على ذلك كون الضمير عائدا إلى اسم الجنس، وأضعف من ذلك، قول من يقول: اللهم صل على محمد وذويه» لأن الضمير لا يعود إلى جنس، والذي حسنه قليلا: أنها ليست بصفة موجودة الموصوف، فجرت مجرى ما ليس بصفة ونقل ابن منظور عن ابن بري. قوله: إذا خرجت (ذو) عن أن تكون وصلة إلى الوصف بأسماء الأجناس، لم يمتنع أن تدخل على الأعلام والمضمرات. ومن أمثلة الأعلام قولهم: ذو الخلصة. والخلصة، اسم علم لصنم، وذو كناية عن بيته، ومثله «ذو رعين، وذو جدن، وذو يزن» وهذه كلها أعلام. [اللسان - ذو، وشرح المفصّل ج 1/ 53، ج 3/ 38، والهمع ج 2/ 50]. 19 - ألا يا عمرو عمراه … وعمرو بن الزّبيراه

20 - لها أشارير من لحم تتمره … من الثعالي ووخز من أرانيها

غير منسوب. ويظهر أنه كلام قديم، إن كان المنادى المندوب عمرو بن الزبير ابن العوّام. قال الأشموني: إنّ الهاء التي في آخر الاسم المندوب لا تثبت وصلا، وربما ثبتت في الضرورة، مضمومة ومكسورة، وأجاز الفرّاء إثباتها في الوصل، بالوجهين، ومنه قوله (وأنشد البيت). قال الصبّان: الشاهد في «عمراه» في نهاية الشطر الأول لأن محل الوصل العروض، وأما الضرب فمحل وقف (الزبيراه) وفي الوقف تزاد الهاء قال: وقد يقال: العروض هنا مصرّعة، فهي في حكم الضرب، فتكون أيضا محل وقف فلا شاهد فيه، وعمرو الأول منادى، وعمراه، تأكيد للمنادى ومندوب. [الأشموني ج 3/ 171، والعيني]. 20 - لها أشارير من لحم تتمّره … من الثّعالي ووخز من أرانيها البيت للنمر بن تولب. يذكر راحلته، ويشبهها بعقاب. وقبل البيت: كأنّ رحلي على شغواء حادرة … ظمياء قد بلّ من طلّ خوافيها والشغواء: العقاب، سميت بذلك لاعوجاج منقارها. والشّغاء: العوج والحادرة: الغليظة. والظمياء، فسرها ابن منظور مرة: المائلة إلى السواد. ومرة: العطشى الى الدّم. والخوافي: قصار ريش جناحها. وأشارير: جمع إشرارة، وهي القطعة من القديد. تتمّره، تيّبسه. والتتمير: أن يقطع اللحم صغارا ويجفف. والثعالي: الثعالب. والأراني: الأرانب. والوخز: شيء ليس بالكثير، قال ابن منظور: يقول: إن هذه العقاب تصيد الأرانب والثعالب. قلت: لكن قوله «من أرانيها»: يعني أرانبها، كأن الهاء تعود إلى الثعالي. ولعله يريد: أن هذه العقاب تتمّر اللحم مما تأخذه مما تصيده الثعالب من الحيوانات الكبيرة التي لا تستطيع أكلها فيبقى منه شيء تأخذه العقاب. أما الأرانب لصغرها فإنها تأكلها، ولا يبقى منها إلّا «وخز» أي: قليل. و (من) قبل الثعالي للابتداء، كما تقول: أخذت القلم من أحمد. أو تكون على حذف مضاف تقديره من لحم تتركه الثعالي، فتكون للتبعبض. وأما «من» الأخيره، فهي للتبعيض والله أعلم. والشاهد في البيت: الثعالي، والأراني: أبدل من الباء - موحدة - (ياء) مثناة، قال بعضهم: يجوز في جمع ثعلب وأرنب: ثعال، وأران وقال سيبويه، لا يجوز إلا في

21 - يا باري القوس بريا لست تحسنها … لا تفسدنها وأعط القوس باريها

الشعر. [اللسان رنب، وثعلب، وتمر وسيبويه ج 1/ 344، وشرح المفصل/ ج 10/ 24، والأشموني ج 4/ 284 والهمع ج 1/ 181]. 21 - يا باري القوس بريا لست تحسنها … لا تفسدنها وأعط القوس باريها لم يعرف قائله. وآخره المثل المشهور «أعط القوس باريها» أي: استعن على عملك بأهل المعرفة والحذق فيه. وأوردوه، أو أوردوا المثل على أنه قد يقدّر النصب على الياء في السعة. فأعط: أمر، من أعطى الذي ينصب مفعولين. والقوس أولها، وباريها: الثاني، وآخره ياء (باري) وحقّ الفتحة أن تظهر على الياء ولكن سكن الياء، وقدّر الفتحة. وهذا له أمثلة كثيرة في الشعر. ولكن سبب التقدير في البيت، لأنه مثل مروي على هذه الصورة. ولو قرأته بإظهار الفتحة لا يفسد البيت. ولكن يظهر أن البيت ركّب على المثل، ولم يكن المثل جزءا من البيت في الأصل. لأنه يروى في كتب الأمثال: «أعط القوس باريها». قال أبو أحمد: الأمثال العربية تمثل حال المجتمع، وكانت العرب أمّة حرب في جاهليتها وأمّة جهاد في إسلامها، فجاء هذا المثل واصفا جوانب من حياتها. وفي العصر الحديث، صارهمّ العرب لقمة الخبز فجاءت أمثلتهم في اتقان الصنعة تمثل اهتماماتهم، فقالوا في معنى «أعط القوس باريها»: «أعط الخبز لخبّازه ولو أكل نصفه». أرأيت الدّرك الأسفل الذي انحططنا إليه. أقول هذا في أواخر سنة 1413 هـ، وأقول: لعلها سياسة فرضت علينا، لاستئصال روح الجهاد من نفوسنا، وإشغالنا بالطعام، دون أن نصل إلى الطعام إلا بشقّ الأنفس ومما يدلك على هذا، أنه عند ما تحركت الروح الجهادية في نفوس الشباب وصفوها، بالتطرف، وهم يذكرون التطرف في الدين، ولكنهم يريدون حماسة الجهاد للدفاع عن ... [الخزانة ج 8/ 349، وشرح شواهد الشافية 411] والبيت منسوب إلى الحطيئة وليس في ديوانه. 22 - بآية الخال منها عند برقعها … وقول ركبتها قض حين تثنيها لمزاحم بن عمرو السّلولي. والآية: العلامة. والخال: شامة سوداء في البدن وقيل: هي نكتة سوداء في البدن ويقال لما لا شخص له شامة، وما له شخص (خال) ولا فعل له. وأحسن ما يكون في الوجه، أو في الوجنة. فقال بعضهم يشبب بأسود أو سوداء:

23 - صبحنا الخزرجية مرهفات … أبار ذوي أرومتها ذووها

الناس تعشق من خال بوجنته … فكيف إن كان حبّي كلّه خال وقض: بكسر القاف، حكاية صوت الركبة إذا صاتت. والبيت أنشده السيوطي، شاهدا لإضافة «آية» بمعنى علامة، إلى الجملة، الاسمية. فقوله: الخال: مبتدأ و «عند» خبره. [الهمع ج 2/ 50، واللسان (قضض)]. 23 - صبحنا الخزرجيّة مرهفات … أبار ذوي أرومتها ذووها البيت لكعب بن زهير. وقوله: صبحنا: معناه أتيناهم وقت الصبح. والمرهفات السيوف القواطع. وأبار: أفنى وأباد. والأرومة: الأصل. والشاهد فيه «ذووها» فقد أضافها الشاعر إلى الضمير. ويعدون هذا شاذا لأن الأكثر، أن تضاف «ذو» إلى اسم جنس. كقولنا: فلان ذو مال، وذو عيال. وانظر في حرف الهاء الشاهد (إنما يعرف .. ذووه). فقد بسطنا القول في حكم «ذو». [شرح المفصل ج 1/ 53، وج 3/ 36، والهمع ج 2/ 50، وديوان الشاعر]. 24 - أشدّ على الكتيبة لا أبالي … أحتفي كان فيها أم سواها البيت للعباس بن مرداس. وقد احتج الكوفيون بالبيت على أن «سوى» تكون ظرفا وتكون اسما، واحتجوا على أنها تكون اسما بمنزلة «غير» ولا تلزم الظرفية أنهم يدخلون عليها حرف الجرّ. والتقدير في البيت: أحتفي كان فيها أم في سواها. ويرى البصريون أنها لا تكون إلا ظرفا، وأجابوا عن شواهد الكوفيين أنها من ضرورة الشعر. والحقّ في المسألة مع الكوفيين، لأنهم جاءوا بأربعة شواهد شعرية لشعراء فحول. وأربعة شهداء يثبت بهم حدّ الرّجم، فهي كافية لإثبات صحة كلام الكوفيين. أما قولهم: ضرورة شعرية فهذه مماحكة باطلة، لطخوا بها جبهة الشعر العربي الناصعة، حتى أصبح المرء يظنّ أن الشعر العربي، لا يساير لغة العرب، أو أن الشعراء يجهلون لغتهم، مع أن الشاعر لا يستعمل الكلمة إلا إذا مزجها بدمه وقلبه، وعرف أنها تكون ذات أثر في السامعين. فالشاعر لا يقول لنفسه فقط وإنما يقول للناس، وبخاصة شعر الفخر والحرب، والغزل. فإذا استخدم لفظة مما لا يألفه الناس، فكيف يصل أثر كلامه إلى الناس. [الخزانة، ج 3/ 438، والإنصاف ص 296].

25 - ما بال هم عميد بات يطرقني … بالواد من هند إذ تعدو عواديها

25 - ما بال همّ عميد بات يطرقني … بالواد من هند إذ تعدو عواديها البيت للشاعر، هبيرة بن وهب، أو كعب بن مالك. والعميد: والمعمود: الذي بلغ الحبّ منه، شبه بالسنام الذي انشدخ انشداخا، والواد: بدون الياء، هو الوادي، بالياء، ولكنهم قد يكتفون بالكسرة الدالة على الياء. [الإنصاف ص 389 والسيرة ص 612]. 26 - إنّا - بني منقر - قوم ذوو حسب … فينا سراة بني سعد وناديها البيت للشاعر عمرو بن الأهتم. وسراة القوم: أشرافهم. والنادي: المجلس. والشاهد - بني منقر - «بني» منصوب بفعل محذوف، تقدير أذكر أو أمدح، وإنّا: إنّ واسمها وقوم: خبرها. ولو رفع «بني» على الخبرية لجاز لغة ونحوا، ولكنه يكون أقلّ بلاغة. [سيبويه ج 1/ 327، والنحاس 227، والهمع ج 1/ 171]. 27 - وأشرب الماء ما بي نحوه عطش … إلّا لأنّ عيونه سيل واديها البيت مجهول. والشاهد «عيونه» بتسكين الهاء دون مدّ. وهذا كان يغتفر في الوقف، أما هذا، فقد أسكن في الوصل. وقالوا: إنها لغة لأزد السراة. وقوله واديها: قد يفهم من عود الضمير المؤنث، أنه يقصد المحبوبة. ولكن الذي ذاق مرارة الغربة عن الوطن، وأحس بالظمأ إلى ربوعه، يفسر هاء التأنيث، أنها راجعة إلى الأرض، أو الربوع، أو الجبال. [الخزانة ج 5/ 270، وج 6/ 450، والخصائص/ ج 1/ 371، وج 2/ 18، والهمع ج 1/ 59 واللسان (ها)] ويروى أيضا «عيونه اسم واديها)]. 28 - إنّي لأكني بأجبال عن اجبلها … وباسم أودية عن ذكر واديها مجهول. وفيه أنه حرك نون «عن» ووصل همزة القطع في «أجبل» وأضاف «اسم» إلى الأودية، فاستعمل المفرد مكان الجمع، والأصل «بأسماء أودية». [الخصائص ج 3/ 59، والأغاني ج 5/ 1976، 1978]. 29 - يا دار هند عفت إلا أثافيها … بين الطّويّ فصارات فواديها

30 - قبيلة ألأم الأحياء أكرمها … وأغدر الناس بالجيران وافيها

البيت للحطيئة: الأثافي: جمع أثفية، وهي الحجارة التي توضع عليها القدر. والطويّ بتشديد الياء، وصارات: اسمان للمكانين. والاستثناء في إلا أثافيها: تام موجب - وحقه أن ينصب بتحريك الياء في أثافيها، لأن الياء تظهر عليها الفتحة ولكن الشاعر سكّن الياء وقدّر النصب، ضرورة. ويحتمل أن تكون «أثافيها» مرفوعة من قبيل الحمل على المعنى، لأن «عفت» بمعنى انمحت، وكأنه قال: لم يتبق إلا أثافيها، وهذان التأويلان على تقدير أن الأثافي، مخففة الياء المنقوصة (أثافي) بدون تشديد وإلا فهناك لغة أقوى بتشديد الياء (أثافيّها) ولكنها لا تصلح للقراءة هنا، مع صحة الوزن بها، لأن البيت مصرّع، فإذا قرأنا بالتحريك، والتشديد اختلفت موسيقا العروض عن الضرب. [ديوان الحطيئة، وسيبويه ج 2/ 55، وشرح المفصّل ج 10/ 102]. 30 - قبيلة ألأم الأحياء أكرمها … وأغدر الناس بالجيران وافيها لحسان بن ثابت. أنشده السيوطي شاهدا على جواز تقديم الخبر على المبتدأ إذا تساوى المبتدأ والخبر في التعريف. وهنا: أكرمها مبتدأ، وألأم خبر، أي: أكرمها ألأم الأحياء، وسوّغ التقديم وجود قرينة مانعة من التوهم بابتدائية الخبر، إذ المراد الإخبار عن «أكرمها» بأنه ألأم الأحياء. وعن «وافيها بأنه أغدر الناس». [الهمع/ 1/ 102، والدرر برقم «328». 31 - أليس عجيبا بأنّ الفتى … يصاب ببعض الذي في يديه البيت لمحمود الورّاق بن الحسن - متوفى في خلافة المعتصم في حدود سنة 230 هـ وأكثر شعره في الوعظ. والبيت شاهد على أنّ الباء قد زيدت في اسم ليس المؤخر. وترتيب الكلام: أليس مصاب الفتى. عجيبا. والبيت مع بيتين بعده، هما: فمن بين باك له موجع … وبين معزّ مغذّ إليه ويسلبه الشّيب شرخ الشباب … فليس يعزّيه خلق عليه [شرح أبيات المغني ج 2/ 385، والمغني، وحاشية الأمير 1/ 102]. 32 - لولا تعوجين يا سلمى على دنف … فتخمدي نار وجد كاد يفنيه

33 - إذا سدته سدت مطواعة … ومهما وكلت إليه كفاه

مجهول: ولولا: للتحضيض، والحث. وتعوجين: مضارع مرفوع بثبوت النون فتخمدي: الفاء سببية، وتخمدي مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء، في جواب الطلب الذي هو التحضيض ب «لولا» هنا. [الأشموني ج 3/ 303، والهمع ج 2/ 12]. 33 - إذا سدته سدت مطواعة … ومهما وكلت إليه كفاه البيت للمتنخّل الهذلي من قطعة يرثي بها أباه. وقوله: سدته: ذكروا معنيين: الأول: إذا ساررته، من المساودة، التي هي المساررة. والثاني: سدت من السيادة. يعني إذا كنت فوقه سيدا له، طاوعك ولم يحسدك، وإن وكلت إليه شيئا كفاك ولعلّ الذي جاء بالمعنى الأول، نظر إلى طبيعة العرب وحبّها السيادة، وكون الشاعر يرثي أباه، ويذكر له من محامد العرب ما يرفع شأنه. والبيت شاهد على أن «مهما» اسم، بدليل رجوع الضمير إليه، وهو الهاء من كفاه، والضمير لا يرجع إلا إلى اسم وأما الضمير في إليه، فراجع إلى الممدوح. وكون «مهما» اسما، ظاهر في كل ما تعبر بها عنه، فلا داعي للخصام أو الخصومة، أو المخاصمة. [الخزانة ج 4/ 147، وج 9/ 76، وشرح المفصل ج 7/ 43]. 34 - يا با المغيرة ربّ أمر معضل … فرجته بالمكر منّي والدّها البيت لأبي الأسود الدؤلي، في أمالي ابن الشجري 2/ 16، والمقرّب 2/ 199 وقد يروى من باب الألف اللينة. 35 - مبارك هو ومن سمّاه … على اسمك اللهمّ يا الله رجز غير منسوب، في الإنصاف/ 339، واللسان «أله». 36 - عدا سليمى وعدا أباها رجز غير منسوب. واستشهد به السيوطي في «الهمع» على أنّ «عدا» إذا نصب ما بعدها، فهي فعل، وما بعدها منصوب به على المفعولية. [الهمع/ 232، والدرر/ 1/ 196]. 37 - طاروا علاهنّ فطر علاها … واشدد بمثنى حقب حقواها

38 - تمد بالأعناق أو تلويها … وتشتكي لو أننا نشكيها

هذا رجز غير منسوب. وطار القوم: أي: نفروا مسرعين. والمراد: ارتفعوا على إبلهم، فارتفع عليها. والحقب: حبل يشدّ به الرحل إلى بطن البعير. وحقواها مثنى حقو، هو الخصر ومشدّ الإزار. والشاهد: علاهنّ، وعلاها: وهي لغة قوم من العرب لا يقلبون الألف ياء من «على» مع المضمر، في «علاهنّ»، وعلاها. والأصل: عليهنّ، وعليها. وكذلك في المثنى، فقال: «حقواها» بالألف، والأصل «حقويها» لأنه مثنى مفعول به. [الخزانة/ 7/ 113، وشرح المفصل/ 3/ 34، ونوادر أبي زيد/ 58، 164، والخصائص ج 2/ 269]. 38 - تمدّ بالأعناق أو تلويها … وتشتكي لو أنّنا نشكيها رجز غير منسوب. يصف إبلا قد أتعبها، فهي تمدّ أعناقها، والإبل إذا أعيت ذلّت ومدّت أعناقها أو لوتها. وقوله: تشتكي. يقول: قد ظهر بهذه الإبل من الكلال ما لو كانت ناطقة لشكته وذكرته، فظهور مثل ذلك بها يقوم مقام شكوى اللسان. ونشكيها: بضم النون، مضارع أشكيته، إذا نزعت عنه شكاتيه. والرجز شاهد على أن مجيء المضارع خبر أنّ الواقعة بعد «لو» قليل. والكثير، الماضي. [الخزانة/ 11/ 316، والخصائص/ 3/ 77، واللسان «شكا»]. 39 - في كلّ يوم ما وكلّ ليلاه … حتّى يقول من رآه إذ راه يا ويحه من جمل ما أشقاه رجز غير منسوب. واستشهدوا به على أن «ليلاه» قد استعملت قليلا، فلذلك جعلوا الليالي مجموعة عليها. وقال ابن جنّي في باب «الاستغناء بالشيء عن الشيء» ومن ذلك استغناؤهم بليلة عن «ليلاة» بالهاء المنقوطة، وعليها جاءت «ليال» و «راه» بحذف عين الفعل، وهي الهمزة. [شرح أبيات المغني/ 1/ 280، والخصائص/ 1/ 267، وشرح المفصل/ 5/ 73 واللسان «ليل»].

قافية الواو، والياء، والألف اللينة

قافية الواو، والياء، والألف اللينة 1 - وكم موطن لولايّ طحت كما هوى … بأجرامه من قلّة النّيق منهوي البيت من قصيدة ليزيد بن الحكم الثقفي، المتوفى سنة 105 هـ عاتب فيها ابن عمّه. وكم، لإنشاء التكثير، خبرها، تقديره «لي» والموطن: الموقف من مواقف الحرب. وطاح: هلك والجملة وصف لموطن. وقد سدت مسدّ جواب لولا عند من يجعلها على بابها أو الجملة الشرطية كلها في موضع الصفة. وهوى: سقط. والأجرام: جمع جرم بالكسر، وهو الجسد. والقلّة: ما استدار من رأس الجبل. والنيق: أعلى الجبل. والشاهد: الإتيان بضمير الخفض بعد لولا، وهي من حروف الابتداء، ووجه ذلك أنّ المبتدأ بعد لولا لا يذكر خبره فأشبه المجرور في انفراده، والأكثر أن يقال، لولا أنت. واختلفوا في موضع الياء والكاف بعد لولا فقال سيبويه، موضعه جرّ، وحكاه عن الخليل ويونس وقال الأخفش الكاف والياء في: لولاك ولولاي في موضع رفع. [الخزانة/ 5/ 336، وسيبويه/ 1/ 388، والخصائص/ 2/ 259، والانصاف/ 691، وشرح المفصل/ 3/ 118، والهمع/ 2/ 33، والأشموني/ 2/ 206 وحاشية ياسين/ 1/ 310]. 2 - فليت كفافا كان خيرك كلّه … وشرّك عني ما ارتوى الماء مرتوي من قصيدة البيت السابق، ليزيد بن الحكم الثقفي، ومطلعها: تكاشرني كرها كأنّك ناصح … وعينك تبدي أنّ صدرك لي دوي وقوله: دوي. أي: انطوى على حقد. قال ابن هشام: من مشكل باب «ليت» قول الشاعر. وإشكاله من أوجه: 1 - عدم ارتباط خبر ليت باسمها، إذ الظاهر أن «كفافا» اسم ليت وأن كان تامة وأنها وفاعلها الخبر. ولا ضمير في هذه الجملة.

3 - جمعت وفحشا غيبة ونميمة … ثلاث خلال لست منها بمرعوي

2 - تعليقه (عن) بمرتوي. 3 - إيقاعه الماء فاعلا بارتوى، وإنما يقال: ارتوى الشارب. والجواب: عن الأول: أن «كفافا» خبر ل «كان» مقدم عليها وهو بمعنى «كاف» واسم ليت محذوف للضرورة أي: فليتك أو: فليته أي: فليت الشأن، ومثله قول الشاعر: عدي بن زيد. فليت دفعت الهمّ عني ساعة … فبتنا على ما خيّلت ناعمي بال [وقوله: على ما خيّلت: أي: على كل حال]. وخيرك: اسم كان. وكله توكيد له. والجملة: خبر ليت. وأما وشرّك: فيروى بالرفع، عطفا على «خيرك» فخبره إما محذوف تقديره «كفافا» فمرتو فاعل بارتوى. وإما مرتو، على أنه سكن للضرورة. وروي بالنصب: (أي: وشرّك) إمّا على أنه اسم ل: ليت، محذوفة وسهل حذفها تقدم ذكرها. وإمّا على العطف على اسم ليت المذكورة إن قدّر ضمير المخاطب، فأما ضمير الشأن فلا يعطف عليه لو ذكر: فكيف وهو محذوف. ومرتو على الوجهين: مرفوع، إمّا لأنه خبر «ليت» المحذوفة، أو لأنه عطف على خبر «ليت» المذكورة والجواب عن الإشكال الثاني: بأنه ضمّن «مرتو» معنى (كافّ) لأنّ المرتوي يكفّ عن الشرب. والجواب عن الإشكال الثالث: أنه إمّا على حذف مضاف، أي: شارب الماء وإمّا على جعل «الماء» مرتويا مجازا. ويروى «الماء» بالنصب على تقدير (من) كما في قوله تعالى: وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا [الأعراف: 155]. ففاعل ارتوى على هذا «مرتو» كما تقول: ما شرب الماء شارب [الخزانة/ 10/ 472، والإنصاف/ 184، وشرح أبيات المغني ج 5/ 180]. 3 - جمعت وفحشا غيبة ونميمة … ثلاث خلال لست منها بمرعوي هذا البيت من قصيدة ليزيد بن الحكم بن أبي العاص الثقفي، عاتب فيها ابن عمه عبد الرحمن بن عثمان بن أبي العاص. - وقيل: في عتاب أخيه عبد ربّه ابن الحكم.

4 - يطالبني عمي ثمانين ناقة … ومالي يا عفراء إلا ثمانيا

والبيت شاهد على جواز تقدم المفعول معه على المعمول المصاحب. والأصل: جمعت غيبة وفحشا. وهذا في ضرورة الشعر. [الخزانة/ 3/ 130، والخصائص/ 2/ 383، والهمع/ 1/ 220، والأشموني/ 2/ 137]. 4 - يطالبني عمّي ثمانين ناقة … ومالي يا عفراء إلا ثمانيا هذا البيت من قصيدة لعروة بن حزام العذري. وذكروه على أنّ الفرّاء يجيز النصب على الاستثناء المفرّغ، فإن المستثنى منه محذوف تقديره، ومالي نوق إلا ثمانيا. ولكن هذا البيت من قصيدة نونية مكسورة النون، أولها: خليليّ من عليا هلال بن عامر … بصنعاء عوجا اليوم وانتظراني ورواية البيت: يكلّفني عمي ثمانين بكرة … ومالي يا عفراء غير ثمان وعلى هذا فالاستثناء على الطريقة المألوفة، وعروة بن حزام من عذرة أحد عشاق العرب المشهورين، كان في مدّة معاوية بن أبي سفيان أحب ابنة عمّه عفراء، ثم كانت لغيره، فقال في الحنين إليها شعرا رقيقا يعدّ. مع الشعر العذريّ. من أعذب وأرق الشعر الذي قالته العرب. وأنت إن جعلت الأسماء في هذا الشعر رمزا، فإنك تجده ممثلا حالة كل من أحبّ. أحبّ وطنا فحرم منه وأحبّ أهلا فاغترب عنهم، وحنّ إليهم، وتشوّق إلى الأحضان الحانية. كلّ محبّ يصاب بما أصيب به عروة بن حزام، ويسليه من يسليه لعله ينسى، أو يصحّ فما إلى ذلك سبيل، وما يكون الدواء إلا باللقاء، وما أكثر ما ننشد مع عروة: جعلت لعرّاف اليمامة حكمه … وعرّاف حجر إن هما شفياني فما تركا من حيلة يعلمانها … ولا سلوة إلا بها سقياني فقالا: شفاك الله والله ما لنا … بما حمّلت منك الضلوع يدان وأنشد: وعينان: ما أوفيت نشزا فتنظرا … بمأقيهما إلا هما تكفان كأن قطاة علّقت بجناحها … على كبدي من شدّة الخفقان

5 - وإنك إذ ما تأت ما أنت آمر … به تلف من إياه تأمر آتيا

5 - وإنّك إذ ما تأت ما أنت آمر … به تلف من إيّاه تأمر آتيا والمعنى: إذا كنت تفعل ما تأمر الناس بفعله فإنهم يتأثرون بأوامرك فيفعلون ما تأمرهم به يريد: إنه ينبغي للإنسان أن لا يأمر بشيء إلا بعد أن يكون هو آتيا به. والشاهد: إذما تأت. حيث جزم. بإذما فعلين، أولهما «تأت» وثانيهما «تلف». [الأشموني/ 4/ 11]. 6 - تعزّ فلا شيء على الأرض باقيا … ولا وزر مما قضى الله واقيا الشاهد: قوله: لا شيء باقيا و «لا وزر واقيا» حيث أعمل، لا النافية في الموضعين عمل ليس. [الشذور، والهمع/ 1/ 125، والأشموني/ 1/ 253، وشرح أبيات المغني/ 4/ 377]. 7 - إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى … فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا لأبي الطيب المتنبي. والتمثيل به في قوله: لا الحمد مكسوبا - ولا المال باقيا فإنه أعمل «لا» عمل ليس في الموضعين، مع كون اسمها في الموضعين معرفة وقد ذكر النحويون بيت المتنبي، لبيان خروجه على القاعدة، وأن جعل اسم «لا» العاملة عمل ليس معرفة خطأ. ولكن بعضهم أجازه مستدلا بقول النابغة الجعدي: وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا … سواها، ولا عن حبّها متراخيا وقول الآخر: أنكرتها بعد أعوام مضين لها … لا الدار دارا ولا الجيران جيرانا فلا محلّ بعد ذلك لتغليط المتنبي، لأنه على درجة من العلم بكلام العرب وأساليبهم. بحيث لا يقدم على الكلام إلا محتذيا بعض أساليبهم. [شرح أبيات المغني/ 4/ 382]. 8 - فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغا … نداماي من نجران أن لا تلاقيا هذا البيت لعبد يغوث بن وقاص الحارثي من قصيدة يقولها وقد أسر في إحدى الحروب. وهي من شعر المفضليات.

9 - عميرة ودع إن تجهزت غازيا … كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا

وقوله: عرضت: أتيت العروض، وهو مكة والمدينة وما حولهما، وقيل: هي جبال نجد ويروى: أيا .. وتكون حرف نداء. والشاهد: أيا راكبا حيث جاء بالمنادى منصوبا لفظا، لكونه نكرة غير مقصودة فهو لا يريد راكبا بعينه. [سيبويه/ 1/ 312، والشذور، والمفضليات/ 156، والخزانة/ 2/ 194]. 9 - عميرة ودّع إن تجهزت غازيا … كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا من مطلع قصيدة لسحيم عبد بني الحسحاس. وعميرة: اسم امرأة والمعنى: اترك مواصلة الغواني إذا كنت قد عزمت على أن تقطع ما بينك وبين شواغل الدنيا، ثم بيّن أن الإسلام والشيخوخة يردعان من لا يرتدع. ويروى أن عمر بن الخطاب سمعه فقال: لو قدمت الإسلام على الشيب لأجزتك. وهو قول لا يصحّ، لأن عمر بن الخطاب يعرف أن الشاعر لا يقدم أحد الرادعين حيث عطف بالواو، وهي لمطلق الجمع، ويعلم أيضا أن لفظ الإسلام لا يقدم على الشيب من حيث وزن البيت. والشاهد: كفى الشيب ناهيا .. كفى: فعل ماض - والشيب: فاعل. ناهيا: حال من الشيب. وهو محل الشاهد: فإن الشاعر قد أتى بفاعل كفى غير مجرور بالباء الزائدة كما في قوله تعالى كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً [الفتح: 28] فدل البيت على أن الباء غير لازمة في فاعل كفى، وهذا وجه مفارقة هذه الباء، للباء في فاعل «أفعل به» في التعجب فإن باء التعجب لا يجوز إسقاطها من الكلام [الخزانة/ 1/ 267، وسيبويه 1/ 230، والإنصاف/ 168، وشرح المفصل 2/ 115]. 10 - لتقعدنّ مقعد القصيّ … منّي ذي القاذورة المقليّ أو تحلفي بربّك العليّ … أني أبو ذيّالك الصّبيّ هذا الرجز منسوب إلى رؤبة بن العجاج، وينسب إلى أعرابي قدم من سفر فوجد امرأته وضعت ولدا فأنكره. والقصيّ: البعيد النائي. ذي القاذورة: المراد به، الذي لا يصاحبه الناس لسوء خلقه ويقال: هذا رجل قاذورة، وهذا رجل ذو قاذورة، إذا كان الناس يتحامون صحبته لسوء

11 - ما حم من موت حمى واقيا … ولا ترى من أحد باقيا

أخلاقه، ودنيء طباعه. المقليّ: المكروه، من قولهم: قلاه، يقليه. إذا أبغضه، ويأتي من قلاه يقلوه، فهو واوي ويائي. ولكن اسم المفعول هنا من اليائي، وإلا لقال: مقلوّ. لتقعدن: اللام في جواب قسم محذوف - تقعدن: مضارع مرفوع بالنون المحذوفة لتوالي الأمثال - وياء المؤنثة المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين: فاعل. مقعد: مفعول فيه، ظرف مكان. ذي: نعت للقصي مجرورة بالياء. أو: حرف عطف بمعنى إلا. تحلفي: مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد أو. ذيّالك: اسم إشارة، واللام للبعد، والكاف: حرف خطاب. والصبي: بدل منه. والشاهد: أنّي: حيث يجوز في همزة (أن) الكسر والفتح، لكونها واقعة بعد فعل قسم، لا لام بعده. أما الفتح: فعلى تأويل أنّ مع اسمها وخبرها بمصدر مجرور بحرف جرّ محذوف والتقدير: أو تحلفي على كوني أبا لهذا الصبي. وأما الكسر: فعلى اعتبار إنّ واسمها وخبرها جملة لا محل لها، جواب القسم ووجه جواز الوجهين في هذا الموضع: أنّ القسم يستدعي جوابا. لا بدّ أن يكون جملة، ويستدعي محلوفا، عليه يكون مفردا، ويتعدى له فعل القسم بعلى، فإن قدرت (أنّ) بمصدر، كان هو المحلوف عليه وكان مفردا مجرورا بعلى محذوفة. وإن قدرت (إنّ) جملة فهي جواب القسم [الأشموني/ 1/ 276، والخزانة/ 11/ 275]. 11 - ما حمّ من موت حمى واقيا … ولا ترى من أحد باقيا لراجز مجهول: وحمّ: مبني للمجهول، أي: قدّر وتقول: أحمّ الله هذا الأمر وحمّه، إذا قدّر وقوعه. والمعنى: إن الله تعالى لم يقدر شيئا يحمي من الموت ولم يكتب الله لأحد الخلود. ما: نافية: حمّ: مبني للمجهول. من موت: متعلقان ب واقيا بعده. حمى: نائب فاعل. واقيا حال من «حمى» من أحد: من زائدة. أحد: مفعول به لترى. باقيا حال من أحد. وهذا مبني على أنّ «ترى» بصرية فإذا عددت «ترى» قلبية كان قوله «باقيا» مفعولا ثانيا.

12 - تقول ابنتي: إن انطلاقك واحدا … إلى الروع يوما تاركي لا أبا ليا

والشاهد: واقيا، وباقيا: حيث وقع كل منهما حالا من النكرة وهي «حمى» بالنسبة إلى «واقيا» و «أحد» بالنسبة ل «باقيا» والذي سوغ ذلك أن النكرة مسبوقة بالنفي في الموضعين [الأشموني/ 2/ 175، وابن عقيل/ 2/ 78]. 12 - تقول ابنتي: إنّ انطلاقك واحدا … إلى الرّوع يوما تاركي لا أبا ليا لمالك بن الريب من قصيدته التي يقول منها: ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة … بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه … وليت الغضى ماشى الركاب لياليا ومعنى الشاهد: أنّ ابنتي تقول لي: إن ذهابك إلى القتال منفردا يصيرني لا محالة بلا أب، لأنك تقتحم لظاها فتموت. إن انطلاقك .. تاركي .. إن واسمها وخبرها. واحدا حال من الكاف التي هي ضمير المخاطب في «انطلاقك» لا أباليا: لا: نافية للجنس. أبا: اسمها، ليا: جار ومجرور خبر «لا» والجملة مفعول ثان لتارك. ويجوز أن يكون «أبا» اسم لا منصوبا بفتحة مقدرة على ما قبل ياء المتكلم. واللام في «ليا» زائدة. وياء المتكلم مضاف إليه.: وخبر «لا» محذوف وكأنه قال: لا أبي موجود. والشاهد: «واحدا» حيث وقع حالا من المضاف إليه وهو الكاف في (انطلاقك) والذي سوّغ هذا أنّ المضاف إلى الكاف مصدر يعمل عمل الفعل، فهو يتطلب فاعلا وهذه الكاف هي الفاعل، فكان المضاف عاملا في المضاف إليه ويصحّ أن يعمل في الحال لأنّه مصدر. ويروى البيت: تقول ابنتي لمّا رأت طول رحلتي … سفارك هذا تاركي لا أبا ليا وعليه، فلا شاهد فيه، إذا كان الشاهد كلمة «واحدا». هذا وقصيدة البيت عدتها ثمانية وخمسون بيتا مطلعها: ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة … بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا وقالوا: إن مالك بن الريب، كان لصا يقطع الطريق، وعند ما ولّى معاوية، سعيد ابن

عثمان بن عفّان على خراسان لقيه في الطريق، فعرض عليه أن يغنيه ويستصحبه ويكف عما يفعل، فقبل مالك، فأجرى عليه سعيد خمسمائة دينار في كلّ شهر. ولذلك يقول في القصيدة: ألم ترني بعت الضلالة بالهدى … وأصبحت في جيش ابن عفّان غازيا [ولكن لماذا قال «ابن عفان» ولم يقل «ابن عثمان» والوزن واحد، والأب عثمان أشهر من الجدّ «عفّان» وقد نسبوا أحفاد عثمان إليه فقالوا «العثماني»]. وذكروا في سبب قول القصيدة أقوالا: قالوا: مكث مالك بخراسان فمات هناك، فقال يذكر مرضه وغربته. وقالوا: بل مات في غزو سعيد، طعن، فسقط وهو بآخر رمق. وقالوا: بل مات في «خان» فرثته الجنّ لما رأت من غربته ووحدته، ووضعت الجنّ الصحيفة التي فيها القصيدة تحت رأسه. قلت: وهذه أول مرّة أسمع فيها أن الجنّ تكتب .. نعم: لقد زعموا أنّ الجنّ قالت شعرا وأنشدته وسمعه من سمعه. ولكني لم أعرف أنهم كتبوا!! ولعبد يغوث بن وقّاص، أحد فرسان الجاهلية وشعرائها، قصيدة، تتّحد مع قصيدة مالك بن الريب في الوزن والقافية والرويّ، مطلعها: ألا لا تلوماني كفى اللّوم مابيا … وما لكما في اللّوم خير ولا ليا ويتشابه في القصيدتين بيتان، حيث قال عبد يغوث: فياراكبا إمّا عرضت فبلّغن … نداماي من نجران أن لا تلاقيا وقال مالك بن الريب: فيا راكبا إمّا عرضت فبلّغن … بني مالك والرّيب أن لا تلاقيا وتتشابه المناسبتان، ذلك أن عبد يغوث، قال القصيدة، وهو في الأسر ينتظر الموت [الخزانة/ 2/ 203، والمفضليات/ 156، والأشموني/ 2/ 179، وابن عقيل/ 2/ 85].

13 - ومستبدل من بعد غضيا صريمة … فأحر به من طول فقر وأحريا

13 - ومستبدل من بعد غضيا صريمة … فأحر به من طول فقر وأحريا البيت غير منسوب. وغضيا: اسم للمئة من الإبل، ويروى «غضبى» بالباء، والأول أصح. والصّريمة: تصغير: صرمة، بكسر أوله، القطعة من الإبل ما بين العشرين والثلاثين وقد تقرأ بفتح الصاد، بمعنى القطعة من الإبل، والنخل ومن الأول قول عمر لحارس الحمى: «أدخل ربّ الصريمة والغنيمة» يريد صاحب الإبل القليلة. والغنم القليلة. ومستبدل: مجرور بواو ربّ - وهو مبتدأ. وصريمة: مفعول به لمستبدل. فأحر: فعل ماض جاء على صيغة الأمر به: الباء زائدة والضمير فاعل أحر. ومن طول: من، بمعنى الباء، ويروى (لطول فقر). وأحريا: فعل ماض جاء على صورة الأمر والألف منقلبة عن نون التوكيد الخفيفة وهو الشاهد. حيث أكد صيغة التعجب بالنون الخفيفة، وهو دليل على فعليتها، لأن التوكيد بالنون من خصائص الأفعال. وقد روعي في توكيده الصورة فقط، لأن الماضي لا يؤكد بالنون. [شرح أبيات المغني/ 6/ 39، والهمع/ 2/ 78 والأشموني/ 3/ 221]. 14 - ألا حبّذا أهل الملا غير أنّه … إذا ذكرت ميّ فلا حبّذا هيا البيت لكنزة أمّ شملة بن برد المنقري من أبيات تهجو فيها «ميّة» صاحبة ذي الرمة. كذا قال أبو تمام في الحماسة. والملا: بالقصر: الفضاء الواسع. حبذا: فعل وفاعل والجملة خبر مقدم، وأهل: مبتدأ مؤخر. غير: نصب على الاستثناء. أنه: أنّ، وضمير القصة اسمها. - وجملة الشرط وجوابه خبر أنّ. لا حبذا: فعل وفاعل: خبر مقدم. هي: مبتدأ مؤخر. والجملة جواب (إذا). والشاهد: «حبذا أهل ..» ولا حبذا هيا - حيث استعمل حبذا للمدح مثل نعم و «لا حبذا» للذم استعمال «بئس». [الحماسة/ 1542، والهمع/ 2/ 89، والأشموني/ 3/ 4]. 15 - مررت على وادي السّباع ولا أرى … كوادي السباع - حين يظلم - واديا أقلّ به ركب أتوه تئيّة … وأخوف - إلا ما وقى الله - ساريا البيتان لسحيم بن وثيل الرياحي. وادي السباع: موضع بطريق البصرة إلى المدينة وهو

16 - ألا طال كتماني بثينة حاجة … من الحاج ما تدري بثينة ما هيا أحاذر أن تعلم بها فتردها … فتتركها ثقلا علي كما هيا

الذي قتل فيه الزبير رضي الله عنه. تئيّة: بفتح التاء وكسر الهمزة وتشديد الياء، مصدر تأيّا بالمكان أي: توقف وتأنى. يقول: مررت على وادي السباع فإذا هو واد قد أقبل ظلامه واشتد حندسه فلا تضاهيه أودية، ولا تماثله في تمهل من يرده من الركبان، ولا في ذعر المسافرين أو خوف القادمين عليه في أي وقت، إلا في الوقت الذي يقي الله السارين ويؤمن فزعمهم. وقوله: ولا أرى. الواو للحال، والجملة حالية. وأرى: إما بصرية - فيكون - كوادي. متعلقان بمحذوف حال من «واديا» الآتي. وإذا قدرتها قلبية: يكون الجار والمجرور: المفعول الثاني - واديا: مفعول أول. أقلّ: اسم تفضيل - على وزن أفعل نعت لقوله: واديا. (به) الجار والمجرور متعلقان بمحذوف حال من «ركب» بعده. ركب: فاعل لأقلّ. وجملة أتوه: صفة لركب تئيّة: تمييز لأفعل التفضيل. وأخوف: معطوف على أقلّ. ساريا: تمييز لأفعل التفضيل «أخوف». إلا ما وقى الله: إلا: ملغاة. ما: مصدرية ظرفية. وهي وما دخلت على مصدر منصوب على الظرفية الزمانية. وفيها رائحة - الاسم الموصول. والمستثنى منه محذوف. والشاهد: أقلّ به ركب. حيث رفع أفعل التفضيل اسما ظاهرا. والتمثيل بهذا الشعر لعمل اسم التفضيل في الظاهر أجمل من التمثيل بمسألة الكحل المصنوعة. [سيبويه/ 1/ 233، والخزانة/ 8/ 327]. 16 - ألا طال كتماني بثينة حاجة … من الحاج ما تدري بثينة ما هيا أحاذر أن تعلم بها فتردّها … فتتركها ثقلا عليّ كما هيا من قصيدة لجميل العذري صاحب بثينة. وروى النحويون البيت الثاني بقوله: «أن تعلم» بجزم «تعلم» بعد «أن» للقول إنّ بعض العرب يجزمون بها. ولكن البيت مروي أيضا. أخاف إذا أنبأتها أن تضيعها .. البيت .. وبهذا لا شاهد فيه. [الهمع/ 2/ 3، والأشموني/ 3/ 385، وشرح أبيات المغني/ 1/ 121].

17 - تقول عجوز مدرجي متروحا … على بابها من عند رحلي وغاديا أذو زوجة بالمصر أم ذو خصومة … أراك لها بالبصرة العام ثاويا فقلت لها: لا، إن أهلي لجيرة … لأكثبة الدهنا جميعا وماليا وما كنت مذ أبصرتني في خصومة … أراجع فيها يا ابنة العم قاضيا

17 - تقول عجوز مدرجي متروّحا … على بابها من عند رحلي وغاديا أذو زوجة بالمصر أم ذو خصومة … أراك لها بالبصرة العام ثاويا فقلت لها: لا، إنّ أهلي لجيرة … لأكثبة الدّهنا جميعا وماليا وما كنت مذ أبصرتني في خصومة … أراجع فيها يا ابنة العمّ قاضيا هذه الأبيات للشاعر ذي الرّمة من قصيدة يمدح بها بلال بن أبي بردة. وقوله: مدرجي. أي: ممرّي. ومدرجي: مبتدأ. ومتروحا: حال من ياء المتكلم في «مدرجي» وصح مجيء الحال من المضاف إليه لأن المضاف مصدر عامل في صاحب الحال والحال. وغاديا: معطوف على «متروحا». وخبر المبتدأ «على بابها» أو «من عند أهلي» ويجوز أن يكون محذوفا، لئلا نعطف على معمولات المصدر قبل أن يستكمل معمولاته. وقوله: أذو زوجة. ذو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: أذو زوجة أنت. وقوله: بالمصر. صفة لزوجة. وثاويا: حال من الكاف إن كانت الرؤية بصرية ومفعول ثان! إن كانت الرؤية علمية وفي البيت دليل على صحة القول «زوجة الرجل» بتاء التأنيث وإن كان التذكير أقوى لوروده في القرآن. ويقال: زوجات الرسول عليه السلام. وهو جمع زوجة. أما زوج. فجمعها أزواج. وقوله: فقلت لها: أي: فقلت للعجوز. إني لا زوجة لي هنا ولم أجئ في خصومة إنّ أهلي ومالي بأكثبة الدهناء. قال ابن هشام في «المغني» أم المتصلة التي تستحق الجواب، إنما تجاب بالتعيين لأنها سؤال عنه، فإذا قيل: أزيد عندك أم عمرو، قيل في الجواب: زيد أو قيل: عمرو ولا يقال: «لا» ولا «نعم». فإن قلت: فقد قال ذو الرمة. «الأبيات». قلت: ليس قوله: «لا» جوابا لسؤالها، بل ردّ لما توهمته من وقوع أحد الأمرين، كونه ذا زوجة، وكونه ذا خصومة، ولهذا لم يكتف بقوله «لا» إذ كان ردّ ما لم تلفظ به إنما يكون بالكلام التام فلهذا قال: «إنّ أهلي جيرة» و «ما كنت مذ أبصرتني» البيت. [شرح أبيات المغني/ 1/ 219]. 18 - كأني وقد خلّفت تسعين حجّة … خلعت بها عن منكبيّ ردائيا

19 - أراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى … فثم إذا أمسيت أمسيت غاديا

بدا لي أني لست مدرك ما مضى … ولا سابق شيئا إذا كان جائيا لزهير بن أبي سلمى: يقول: في البيت الثاني - وهو محلّ الشاهد - اعتبرت حال الزمان، فبدا لي أني لست أدرك ما فات منه ولا أسبق ما لم يجئ بعد فيه قبل وقته. والمعنى أنّ الإنسان مدبّر لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا. والبيت الثاني شاهد - عند ابن هشام - على إبطال قول من قال: إنّ ناصب «إذا» ما في جوابها من فعل وشبهه، لأن تقدير الجواب في البيت: إذا كان جائيا فلا أسبقه، ولا يصح أن يقال: لأسبق شيئا وقت مجيئه. ويرى ابن هشام أن ناصب «إذا» شرطها، وهو قول المحققين. واستشهد سيبويه بهذا البيت على جرّ سابق، بالعطف على «مدرك» على توهم الباء فيه. [سيبويه/ 1/ 83، والخصائص/ 2/ 353، والإنصاف/ 191، و 395، وشرح المفصل/ 2/ 52 وشرح أبيات المغني/ 2/ 242. والهمع/ 2/ 141]. 19 - أراني إذا أصبحت أصبحت ذا هوى … فثمّ إذا أمسيت أمسيت غاديا لزهير بن أبي سلمى، مع أخويه السابقين في قصيدة واحدة. والشاهد أنّ الفاء في قوله «فثم» زائدة، لما بين الفاء وثم من التنافي، فالفاء تدل على الاتّصال. وثمّ تدلّ على الانفصال. [شرح أبيات المغني/ 3/ 36، وشرح المفصل/ 8/ 69]. 20 - وآس سراة الحيّ حيث لقيتهم … ولا تك عن حمل الرّباعة وانيا للأعشى، ميمون. والرباعة: ما ناب من نائبة. وهو شاهد على أن «عن» فيه بمعنى «في .. لقوله تعالى وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي [طه: 42]. والبيت من قصيدة للأعشى تشتمل على نصائح وأمر بمكارم الأخلاق، وأولها: ذريني لك الويلات آتي الغوانيا … متى كنت زرّاعا أسوق السّوانيا وفي القصيدة أبيات ذات معان إسلامية خالصة، مع أن الشاعر جاهلي، يقال: إنه همّ بالإسلام فردّته قريش فمات كافرا، ولم يسمع القرآن. وجاء في القصيدة. وإياك والميتات لا تقربنّها … كفى بكلام الله عن ذاك ناهيا [انظر شرح أبيات مغني اللبيب ج 3/ 298]. 21 - أتانا فلم نعدل سواه بغيره … نبيّ بدا في ظلمة الليل هاديا

22 - وقائلة خولان فانكح فتاتهم … وأكرومة الحيين خلو كما هيا

نسبته كتب النحو، والمعاني لحسان بن ثابت. وجعلوه من مشكل الشعر، وانبروا لإيجاد التأويلات له، لأنه قال: «فلم نعدل سواه بغيره» وسواه، هو غيره فأيّ مدح في هذا لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال قوم: (سواه) مقحمة زائدة وقال آخرون، (سوى) بمعنى نفس، فيكون المعنى: فلم نعدل نفسه بغيره فيختلف عود الضمير، ويصح المعنى، وأحسن ما في هذه المعارك المفتعلة، أنها تجبر العلماء على التعمق في البحث، والإتيان بالمعاني الجديدة، والشواهد الجديدة ومما استحضروه من الشواهد على أنّ (سوى) بمعنى «نفس، قول الحطيئة: أبى لك أقوام، أبى لك مجدهم … سوى المجد، فانظر صاغرا من تفاخره وقول الآخر: وكنت إذا مولاك خاف ظلامة … أتاك فلم يعدل سواك بناصر ولكن تبيّن للباحثين فيما بعد، أن المعركة أثارها أهل الفتنة اللغوية وكانت فتنا مستحبّة - لأن البيت ليس لحسان بن ثابت، وإنما هو لعبد الله بن رواحة أو لكعب بن مالك من قصيدة رواها ابن هشام في السيرة: ورواية البيت هكذا: أطعناه لم نعدله فينا بغيره .. البيت. وفي رواية: أطعنا ولم نعدله فينا بغيره. ومعنى «لم نعدله» لم نسوّه. [شرح أبيات المغني/ 4/ 13]. 22 - وقائلة خولان فانكح فتاتهم … وأكرومة الحيّين خلو كما هيا خولان: حيّ باليمن. وجملتا: هذه خولان، فانكح فتاتهم: مقول القول. وعمل «قائلة» عمل اسم الفاعل لأنه معتمد على موصوف محذوف، أي: رب جماعة قائلة وربّ: للتكثير، وجوابها محذوف، أي: أدركتها. والأكرومة: فعل الكرم، مصدر بمعنى اسم المفعول، أي: ومكرمة الحيّين، وأراد بالحيّين: حيّ أبيها وحيّ أمها. والخلو: بالكسر: الخالية من الزوج.

23 - كلانا غني عن أخيه حياته … ونحن إذا متنا أشد تغانيا

وقوله: كما هيا: صفة لخلو، أي: كعهدها من بكارتها؟ فحذف المضاف إلى الهاء، ولما كانت الكاف لا تدخل على المضمر المتصل، جعل مكانه المنفصل، فصار: كهي، ثم زادوا «ما» عوضا عن المحذوف. والشاهد: أن الفاء «فانكح، زائدة في خبر المبتدأ، وهو فانكح. ويرى سيبويه أنها غير زائدة والأصل: هذه خولان، فانكح فتاتهم. ومن جعل الفاء زائدة أجاز في خولان النصب والرفع. كقولك: زيدا فاضربه، وعلى قول سيبويه. الفاء إما لعطف الإنشاء على الخبر، وهو جائز فيما له محل من الإعراب، وإما لربط جواب شرط محذوف، أي: إذا كان كذلك فانكح. وقال السيرافي الجمل كلها يجوز أن تكون أجوبتها بالفاء، نحو «زيد أبوك فقم إليه». فإن كونه أباه سبب وعلة للقيام إليه. وكذلك الفاء في «فانكح» يدل على أن وجود هذه القبيلة علة لأن يتزوج منهم ويتقرب إليهم. [شرح أبيات المغني/ 4/ 37، وسيبويه/ 1/ 70]. 23 - كلانا غنيّ عن أخيه حياته … ونحن إذا متنا أشدّ تغانيا لعبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. ووجد البيت في شعر لحارثة بن بدر وفي قصيدة: لسيّار بن هبيرة. انظر (شرح أبيات المغني، للبغدادي). والبيت شاهد على أنّ مراعاة لفظ «كلا» هنا متعين. لأن معناها، كلّ منا غني عن أخيه، والضابط: أنه متى نسب إلى كل منهما حكم الآخر بالنسبة إليه، لا إلى ثالث، تعيّن الإفراد. [الأشموني/ 2/ 260، واللسان «غنا» وشرح أبيات المغني/ 4/ 266]. 24 - لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا … أصم في نهار القيظ، للشمس باديا وهو شاهد على أنّ اللام في «لئن» زائدة. والجواب للشرط، وقال الفرّاء إنّ الشرط قد يجاب مع تقدم القسم عليه. وقوله «ما» حدثته: ما: اسم موصول. أي: الكلام الذي حدثته: بالبناء للمجهول. والهاء: عائدة على «ما» وصادقا خبر كان. وأصم: جواب الشرط. وباديا: حال من فاعل: أصم. والجار والمجرور متعلقان بقوله: باديا. [شرح أبيات المغني/ 4/ 371]. 25 - وحلّت سواد القلب لا أنا باغيا … سواها ولا في حبّها متراخيا

26 - لقيت المرورى والشناخيب دونه … وجبت هجيرا يترك الماء صاديا

للنابغة الجعدي حسان بن قيس. صحابي من المعمرين، وفد على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنشده وقال له: لا فضّ فوك. والبيت شاهد على أن «لا» النافية العاملة عمل ليس، عملت في المعرفة. ويروى البيت: وحلت سواد القلب لا أنا مبتغ .. البيت: والقافية منصوبة ولا شك. لأنه مسبوق، وملحوق بقواف منصوبة. وعلى الرواية الثانية، فإن كانت «لا» عاملة، فإن «مبتغ» خبرها، وكان حقه أن ينصب، ولكن أسكن الياء في موضع النصب - وإذا كان كذلك فالنصب في قوله «متراخيا»: بالعطف على «مبتغ» لأنه منصوب الموضع. فإن جعلت «لا» الأولى ملغاة، كان قوله: أنا مبتغ: مبتدأ وخبر، ولزم إعمال الثانية، ويكون اسمها محذوفا تقديره «ولا أنا عن حبها متراخيا» وحسن حذفه لتقدم ذكره. [شرح أبيات المغني/ 4/ 378، والهمع/ 1/ 125، والأشموني ج 2/ 253]. 26 - لقيت المرورى والشناخيب دونه … وجبت هجيرا يترك الماء صاديا للمتنبي من قصيدة يمدح فيها كافورا الأخشيدي. والمرورى: جمع المروراة وهي الفلاة الواسعة. والشناخيب: جمع شنخوب، وهي ناحية الجبل المشرفة وفيها حجارة ناتئة. والصادي: العطشان. يذكر ما لقي من التعب في الطريق إليه وما قاسى من حر الهواجر التي تيبّس الماء، والماء لا يكون صاديا، ولكنه مبالغة. 27 - يقولون لا تبعد وهم يدفنونني … وأين مكان البعد إلا مكانيا لمالك بن الريب، من قصيدة رثى بها نفسه، وكان لصا ثم تاب وغزا، فاستشهد. والبيت شاهد على أن «لا» فيه للدعاء. وقولهم للميت «لا تبعد: تنبيه على شدة الحاجة إليه، وتناهي الجزع وغلبة التحسّر عليه. 28 - وتضحك منّي شيخة عبشمية … كأن لم ترى قبلي أسيرا يمانيا من قصيدة لعبد يغوث الحارثي، مطلعها: ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا … فما لكما في اللوم خير ولا ليا ألم تعلما أن الملامة نفعها … قليل وما لومي أخي من شماليا

29 - ولو أن واش باليمامة داره … وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا

أيا راكبا .... البيت سبق في هذا الباب. والقصيدة في «المفضليات». وكان الشاعر فارسا جاهليا. قال الجاحظ «ليس في الأرض أعجب من طرفة بن العبد، وعبد يغوث فإن ناقشنا جودة أشعارهما في وقت موتهما، فلم تكن دون سائر أشعارهما في حال الأمن والرفاهية» وكان عبد يغوث قد أسر يوم الكلاب الثاني، وأسره فتى من بني عبد شمس، فقالت أمه: من هذا، فقال عبد يغوث: أنا سيد القوم، فضحكت، وقالت: قبّحك الله من سيد قوم حين أسرك هذا الأهوج وإليه أشار بقوله في البيت الشاهد. وتضحك مني. والشاهد: «لم ترى» يروى بالألف، على الإخبار، ولم يجزم - بحذف الألف - ضرورة ويروى: «لم تري» بالياء حيث رجع من الإخبار إلى الخطاب. وبذلك يكون مجزوما وعلامة جزمه حذف النون. [شرح المفصّل/ 5/ 97، وشرح أبيات المغني/ 5/ 137، والمفضليات]. 29 - ولو أنّ واش باليمامة داره … وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا البيت من شعر مجنون ليلى. واليمامة: في نواحي مدينة الرياض بالسعودية. وحضرموت: معروفة في اليمن الجنوبي. وقوله: اهتدى ليا: اللام بمعنى إلى. والشاهد: أنّ واش: أصله «أن واشيا» فسكّن الياء لضرورة الشعر، ثم حذفها لالتقاء الساكنين، بسبب التنوين ويروى: «فلو كان واش» فلا شاهد فيه. [شرح أبيات المغني/ 5/ 189، والهمع/ 1/ 53، والأشموني/ 1/ 100]. 30 - لما نافع يسعى اللبيب فلا تكن … لشيء بعيد نفعه الدّهر ساعيا البيت شاهد على أن «ما» نكرة موصوفة «بنافع» في قوله «لما نافع» و «بعيد» بالجر صفة جرت على غير من هي له (نعت سببي)، ونفعه: فاعل بعيد. والدهر: ظرف لما بعده. [شرح أبيات المغني/ 5/ 212، والأشموني/ 1/ 154]. 31 - فإمّا كرام موسرون لقيتهم … فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا البيت لمنظور بن سحيم الفقعسي، شاعر إسلامي مخضرم. وقبل البيت:

32 - ألم تر أني يوم جو سويقة … بكيت فنادتني هنيدة ماليا

ولست بهاج في القرى أهل منزل … على زادهم أبكي وأبكي البواكيا فإما كرام موسرون ... البيت. وإمّا كرام معسرون عذرتهم … وإمّا لئام فادّخرت حيائيا وعرضي أبقى ما ادخرت ذخيرة … وبطني أطويه كطيّ ردائيا ومعنى الشعر التمدح بالقناعة والكفّ عن أعراض الناس. يقول: الناس ثلاثة أنواع: موسرون كرام، فاكتفي منهم بمقدار كفايتي. ومعسرون كرام، فأعذرهم وموسرون لئام فأكف عن ذمهم حياء. وقوله: في القرى: بكسر القاف: طعام الضيف، وفي للسببية. وقوله: على زادهم .. الخ صورته الإثبات ومعناه النفي، لأنه تفسير لخبر ليس. وإن قدّر خبرا ثانيا فلا إشكال. وذكر البكاء: تمثيل، والمعنى أنه لا يأسف لما يرى من الحرمان، أسف من يبكي ويبكي غيره. وقوله: فإمّا: بكسر الهمزة. وهي: إمّا: التي في قولك: جاءني إما زيد وإمّا عمرو وأن الاسم بعدها خبر لمبتدأ مقدّر قبله، أي: فالناس إما كرام، بدليل قوله: وإمّا لئام، وجعلها بعضهم «إمّا» الشرطية المكونة من «إن» الشرطية و «ما» زائدة. والاسم بعدها معمول لفعل محذوف، وبعده فعل يفسر المحذوف. والجملتان: من قوله: لقيتهم، وعذرتهم، صفتان. والشاهد: من ذي عندهم على أن «ذو» الموصولة، معربة في لغة طيئ. وإعرابها كإعراب الأسماء الستة بالحروف، فذو، مجرورة هنا بالياء. ويروى «فحسبي من ذو عندهم» على أنه اسم موصول مبني، بلفظ واحد. [شرح أبيات المغني/ 6/ 250، وشرح التصريح/ 1/ 63، والأشموني/ 1/ 157، والمرزوقي/ 1158، والهمع/ 1/ 74]. 32 - ألم تر أنّي يوم جوّ سويقة … بكيت فنادتني هنيدة ماليا ... البيت للفرزدق من قصيدة هجا بها جريرا وقومه. ويوم جوّ سويقة: من أيام العرب وحروبها. وجوّ سويقة: موضع قرب المدينة النبوية. ويروى «نعف سويقة»

33 - علي إذا ما زرت ليلى بخفية … زيارة بيت الله رجلان حافيا

والنعف: ما ارتفع عن الوادي إلى الأرض. وهنيدة عمة الفرزدق. والشاهد: (ماليا) على أن الأصل «مالك» لأنه خطاب منها له، لكنه عدل عنه، فحكى قولها بالمعنى. [شرح أبيات المغني/ 6/ 262]. 33 - عليّ إذا ما زرت ليلى بخفية … زيارة بيت الله رجلان حافيا ... البيت لمجنون ليلى قيس العامري ... ومن القصيدة قوله: أصلّي فما أدري إذا ما ذكرتها … أللشرق أم للغرب كانت صلاتيا أصلي فما أدري إذا ما ذكرتها … أثنتين صليت الضحى أم ثمانيا على أنني راض بأن أحمل الهوى … وأخلص منه لا عليّ ولا ليا واشترط في البيت الشاهد - الزيارة خفية، ليتمكن من الكلام معها. والرجلان: الراجل، والجمع رجلى، ورجال. والبيت شاهد على أن «رجلان - وحافيا» حالان متعددان من فاعل المصدر المحذوف، والأصل: زيارتي بيت الله، فلما حذف الفاعل، وهو الياء، أضيف المصدر إلى المفعول،. ويجوز أن يكون صاحب الحال، الياء في «عليّ» أو ضمير المتكلم في رواية: «نذرت إذا لاقيت ليلى». [شرح أبيات المغني 7/ 18، والأشموني/ 2/ 84، وشرح التصريح/ 1/ 385]. 34 - ولست مقرّا للرجال ظلامة … أبى ذاك عمّي الأكرمان وخاليا لا يعرف قائله. والشاعر يمدح نفسه بالعزّة، وأنه لا يقدر أحد على أن يظلمه. والشاهد: «أبى ذاك عمي الأكرمان وخاليا» يريد أبى ذلك عمي وخالي الأكرمان فقدم النعت على أحد المنعوتين. وقوله: مقرا اسم فاعل من أقرّ الشيء بحاله إذا تركه ولم يزله، وليس من الإقرار بمعنى الاعتراف. [شرح أبيات المغني/ 7/ 289، والهمع/ 2/ 120، والأشموني/ 3/ 58]. 35 - بأهبة حزم لذ وإن كنت آمنا … فما كلّ حين من توالي مواليا

36 - فأبلوني بليتكم لعلي … أصالحكم وأستدرج نويا

غير معروف القائل. والأهبة: التأهب: والحزم: التيقظ من جميع الأمور. و «لذ» فعل أمر من لاذ به، أي: اعتصم به. وكلّ حين: ظرف لتوالي والموالاة: مخالصة الودّ. و «من» اسم ما، ومواليا: خبرها. أي: إنّ «ما» عملت عمل ليس. و «من» اسم موصول في محل رفع اسمها. وكلّ حين: نصب على الظرف، وهو معمول الخبر «مواليا» فلما تقدم، لم يبطل عمل «ما». وفيه الشاهد: لأن معمول الخبر إذا كان ظرفا أو مجرورا، لا يبطل به العمل إذا تقدم على اسمها. [شرح التصريح/ 1/ 199، والأشموني/ 1/ 249]. 36 - فأبلوني بليّتكم لعلّي … أصالحكم وأستدرج نويّا لأبي دواد الإيادي. وقوله: أبلوني: أعطوني البليّة، وهي الناقة تربط عند قبر صاحبها حتى تموت. نويّا: أصلها: نواي، والنوى: الجهة التي ينويها المسافر. وقوله: استدرج: من قولك: رجع أدراجه، أي: من حيث جاء. وكان أبو دواد قد جاور هلال بن كعب. من تميم. فبينما الغلمان يلعبون في مستنقع ماء، غطّسوا ابن أبي دواد فمات فقال أبو دواد البيت الشاهد وقبله. ألم تر أنني جاورت كعبا … وكان جوار بعض الناس غيّا وأراد بكعب: كعب بن مامة الجواد المشهور. والشاهد: أستدرج حيث جاء بالجزم. وليس قبله ما ظاهره الجزم ليعطف عليه فقيل: سكنه، لكثرة الحركات. وقيل: حمل على موضع الفاء المحذوفة وما بعدها من «لعلي» لأنه مجزوم جواب الأمر. [شرح أبيات المغني/ 6/ 292]. 37 - يا ربّ قائلة غدا … يا لهف أمّ معاويه لهند بنت عتبة ترثي قتلى بدر من قومها المشركين. وقولها: يا ربّ: يجوز أن تكون «يا» للنداء لمنادى محذوف ويجوز أن تكون للتنبيه ورب للتكثير وجملة «يا لهف» مقولة بقائلة. والبيت شاهد على أن فيه دليلا على جواز استقبال ما بعد «ربّ» وليس بواجب دخولها على الماضي. فإن قائلة: مستقبل، لعمله في الظرف المستقبل. [شرح أبيات

38 - إني إذا ما القوم كانوا أنجيه … واضطرب القوم اضطراب الأرشيه وشد فوق بعضهم بالأروية … هناك أوصيني ولا توصي بيه

المغني/ 3/ 202]. 38 - إنّي إذا ما القوم كانوا أنجيه … واضطرب القوم اضطراب الأرشيه وشدّ فوق بعضهم بالأروية … هناك أوصيني ولا توصي بيه هذا الرجز في كتاب الحماسة لأبي تمام، ولم ينسبه، ونسبه المحقق إلى سحيم ابن وثيل اليربوعي. شاعر مخضرم عاش في الجاهلية أربعين سنة وفي الإسلام ستين سنة. وقوله كانوا أنجية: جمع نجيّ، ويقع النجيّ للواحد والجمع. ومعنى كانوا أنجية أي: صاروا فرقا لما حزبهم من الشرّ ودهمهم من الخوف يتناجون ويتشاورون. وقوله: واضطرب القوم. أي: أخذهم القيام والقعود وفارقهم القرار والهدوّ فأقبل بعضهم يمشي إلى بعض. فشبّه ميلانهم وترجحهم في اختلافهم بترجح الأرشية (الحبال) عند الاستقاء عليها من الآبار البعيدة القعر، وميلانها. وقوله وشدّ فوق بعضهم بالأروية. يعني أنهم ركبوا الليل وداوموا السير فغلب النعاس على طائفة منهم حتى خيف عليهم السقوط، فشدّت الحبال فوقهم. والأروية: جمع الرّواء: وهو الحبل الذي يروى به، أي: يستقى. وفيه قيل: الراوية. وقوله هناك أوصيني. الخطاب لأنثى. فالفعل مبني على حذف النون والمعنى: في ذلك الوقت يوجد الكفاء والغناء عندي ويحصل الصبر والمداومة مني، والمعنى: إني أهل لأن يوصى إليّ حينئذ في غيري ولا يوصى غيري بي. وقوله: إني. إنّ واسمها وخبر إنّ أوصيني. وهو فعل أمر. وهو شاهد على صحة وقوع خبر اسم إنّ جملة إنشائية. [شرح أبيات المغني/ 7/ 231، والمرزوقي/ 656، واللسان «روى»]. 39 - مهما لي الليلة مهما ليه … أودى بنعليّ وسرباليه مطلع قصيدة للشاعر، عمرو بن ملقط الطائي. شاعر جاهلي. وقوله: مهما: بمعنى (ما) الاستفهامية. والشاهد: أن الباء زائدة في الفاعل للضرورة في قوله «بنعليّ» والأصل: أودى نعلاي.

40 - ألفيتا عيناك عن القفا … أولى فأولى لك ذا واقيه

وقد تكون الباء زائدة في المفعول به والفاعل مضمر. [شرح أبيات المغني/ 2/ 361، والهمع/ 2/ 58، واللسان «مهه»]. 40 - ألفيتا عيناك عن القفا … أولى فأولى لك ذا واقيه من قصيدة عمرو بن ملقط الطائي. وقوله: أولى: كلمة تهديد بمعنى: وليك الشرّ، أي: قرب منك. مبتدأ، ولك: خبره. وحذف خبر أولى الثانية للدليل، وكرر للتوكيد، والجملة معترضة بين صاحب الحال. والحال: فإنّ «ذا واقية» حال من الكاف. وصح مجيء الحال من المضاف إليه، لكون المضاف جزءا من المضاف إليه. يصفه بالهروب ويقول: أنت ذو وقاية من عينيك عند فرارك تحترس بهما ولكثر تلفتك إلى خلفك حينئذ، صارت عيناك كأنهما في قفاك. والبيت شاهد على أن الألف في «ألفيتا» حرف علامة الاثنين. وعيناك فاعل ألفيتا. [شرح أبيات المغني/ 6/ 154، وشرح التصريح/ 1/ 275]. 41 - أليس عجيبا بأنّ الفتى … يصاب ببعض الذي في يديه البيت شاهد على أن الباء زيدت في اسم ليس المؤخر (بأن الفتى) يقول: أتعجب من أن الرجل يعزّى على تلف ماله ولا يعزى على تلف شبابه. ويفهم هذا المعنى من قوله بعد البيت السابق: فمن بين باك له موجع … وبين معزّ مغذّ إليه ويسلبه الشيب شرخ الشبا … ب فليس يعزّيه خلق عليه والأبيات لمحمود الورّاق. متوفى في خلافة المعتصم. في حدود 230 هـ وأكثر شعره في الوعظ، ومنه: ما إن بكيت زمانا … إلا بكيت عليه ولا ذممت صديقا … إلا رجعت إليه [شرح أبيات المغني/ 2/ 385]. 42 - أطربا وأنت قنّسريّ … والدهر بالإنسان دوّاريّ

43 - له ما رأت عين البصير وفوقه … سماء الإله فوق سبع سمائيا

من أرجوزة للعجاج. ولد في الجاهلية ومات في أيام الوليد بن عبد الملك، وهو أول من رفع الرجز وشبهه بالقصيد وجعل له أوائل. والقنسري: المسنّ. ودوّاري: أراد: دوّار، وأدخل عليه ياء النسب والدوار الذي يدور بالناس من حالة إلى حالة. والبيت استشهد به سيبويه على نصب «طربا» بفعل مضمر دلّ عليه الاستفهام لأنه بالفعل أولى. والتقدير: أتطرب طربا. وإنما ذكر المصدر دون الفعل لأنه أعمّ وأبلغ في المراد. واستشهد به ابن مالك على وجوب حذف عامل المصدر الواقع في التوبيخ. فالمصدر منصوب بفعل محذوف وجملة (وأنت قنسري) حال من ضمير تطرب المحذوف. [شرح أبيات مغني اللبيب/ 1/ 54، وسيبويه/ 1/ 170، والمرزوقي/ 1818 والهمع/ 1/ 192، 2/ 198]. 43 - له ما رأت عين البصير وفوقه … سماء الإله فوق سبع سمائيا لأمية بن أبي الصلت. وأرد بسماء الله: العرش وهو مبتدأ خبره الظرف في صدر البيت. وضمير فوقه عائد على «ما». والشاهد: سمائيا: حيث حرّك الياء في الجرّ ضرورة. ويضاف إلى هذا ضرورتان أخريان: جمع سماء على فعائل - مثل شمال وشمائل. والمستعمل فيها سماوات والأخرى أنه لم يغيرها إلى الفتح والقلب فيقول: سمايا، كما يقال: خطايا. [سيبويه 2/ 59، والخزانة 1/ 244]. 44 - هي الدار إذ ميّ لأهلك جيرة … ليالي لا أمثالهنّ لياليا قاله ذو الرّمة: يقول: هي الدار التي أحمل لها في نفسي أطيب الذكرى حيث كان الشمل مجتمعا والأحياء متجاورة زمن المرتبع، فليس كلياليها في التنعّم بالوصال والتئام الشمل. والشاهد: نصب أمثالهنّ ب «لا» و «ليالي» على البيان لها ولو حمل على المعنى وهو الرفع لجاز. ويجوز نصب «ليالي» على التمييز، كما تقول: لا مثلك رجلا. وفيه قبح

45 - ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى … من الأمر أو يبدو لهم ما بدا ليا

لأن حكم التمييز أن يكون واحدا يؤدي عن الجميع. [سيبويه/ 1/ 352، وشرح المفصل/ 2/ 103]. 45 - ألا ليت شعري هل يرى الناس ما أرى … من الأمر أو يبدو لهم ما بدا ليا قاله زهير بن أبي سلمى: وبعده: بدا لي أنّ الناس تفنى نفوسهم … وأموالهم ولا أرى الدهر فانيا قال الشنتمري: وكذب، لا بدّ من فناء الدهر. والشاهد: دخول «أو» العاطفة بعد الاستفهام على حدّ قولك: هل تقوم أو تقعد. ولو جاء بأم وجعلها استفهاما منقطعا لجاز كما تقول: هل تجلس أم تسير. بمعنى. بل هل تسير، استفهاما منقطعا بعد استفهام. [سيبويه/ 1/ 486]. 46 - فلو كان عبد الله مولى هجوته … ولكنّ عبد الله مولى مواليا قاله الفرزدق: يقوله لعبد الله بن أبي إسحاق النحوي، وكان يلحّن الفرزدق فهجاه بذلك، وكان عبد الله مولى آل الحضرمي، وآل الحضرمي كانوا حلفاء لبني عبد شمس بالولاء، يقول: لو كان ذليلا (مولى) لهجوته، ولكنه أذلّ من الذليل، لأنه مولى الموالي. والشاهد: مولى مواليا: فالاسم المنقوص المستحق المنع من الصرف، كجوار، وغواش تحذف ياؤه رفعا وجرّا، وينوّن، نحو جاءت جوار ومررت بجوار وهؤلاء موال. ويكون الجرّ بفتحة مقدرة على الياء المحذوفة، والرفع بضمة مقدرة عليها كذلك أما في حالة النصب فتثبت الياء مفتوحة. وأما في بيت الفرزدق فقد أثبت الياء في حالة الجرّ. وكان حقه أن يقول: ولكن عبد الله مولى موال، بحذف يائها وتنوينها تنوين العوض. [سيبويه/ 2/ 58، واللسان «ولي» وشرح التصريح/ 2/ 229]. 47 - ونحن اقتسمنا المال نصفين بيننا … فقلت لهم: هذا لها هاوذاليا البيت قاله لبيد بن ربيعة. والشاهد: الفصل بين «ها» و «ذا» بالواو والتقدير «وهذا لي» كما قالوا: هأنذا،

48 - لها بعد إسناد الكليم وهدئه … ورنة من يبكي إذا كان باكيا هدير هدير الثور ينفض رأسه … يذب بروقيه الكلاب الضواريا

والتقدير هذا أنا. [شرح المفصل/ 8/ 114، والهمع/ 1/ 76، وسيبويه/ 2/ 354، هارون]. 48 - لها بعد إسناد الكليم وهدئه … ورنّة من يبكي إذا كان باكيا هدير هدير الثور ينفض رأسه … يذبّ بروقيه الكلاب الضواريا للنابغة الجعدي. وصف طعنة جائفة تهدر عند خروج دمها وفوره. والكليم: المجروح. والهدء: بالفتح: السكون والنوم. والرنة: الصوت بالبكاء. وإسناد الكليم: إقعاده معتمدا بظهره على شيء ليمسكه. وينفض: أو ينغض: بالغين. يذب: يدفع. والروق: القرن. والشاهد: لها هدير هدير الثور: حيث نصب المصدر (هدير) الثاني بفعل متروك إظهاره، لأنه مصدر مشبه به. [سيبويه/ 1/ 178]. 49 - وكانت قشير شامتا بصديقها … وآخر مرزيّا وآخر رازيا للنابغة الجعدي ... قشير: قبيلة هجاهم فجعل منهم من يشمت بصديقه إذا أصيب بنكبة، ومن يرزأ الآخر للؤمهم واستطالة قويّهم على ضعيفهم. وأصل: مرزيا: مرزوءا خفف الهمزة بقلبها واوا ثم قلب تلك الواو ياء طلبا للخفة. كما قالوا: رحل معدوّ عليه ومعديّ عليه. والشاهد: مرزيا. ورازيا حيث نصب الكلمتين على البدل من (شامت) ولولا ذلك لقال: مرزيّ عليه وراز، على الابتداء. [سيبويه/ 1/ 222، والخزانة/ 5/ 34]. 50 - فتى كملت خيراته غير أنه … جواد فلا يبقي من المال باقيا للنابغة الجعدي. والشاهد: (غير أنه) استثنى جوده وإتلافه للمال من الخيرات التي كملت له، مبالغة في المدح، فجعلهما في اللفظ كأنهما من غير الخيرات، كما جعل تفلّل السيوف من عيوب الممدوحين في قول النابغة الذيباني. ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم … بهنّ فلول من قراع الكتائب [الخزانة/ 3/ 334، سيبويه/ 1/ 367، والحماسة/ 969].

51 - ألا ليت شعري هل تغيرت الرحا … رحا الحزن أو أضحت بفلج كما هيا

51 - ألا ليت شعري هل تغيّرت الرّحا … رحا الحزن أو أضحت بفلج كما هيا قاله مالك بن الريب عند ما حضرته الوفاة بخراسان. وهو مازني تميمي. والحزن: بلاد تميم وكذلك فلج. والرحا: مكان مستدير غليظ يكون بين الرمال ويروى البيت «أم أضحت». والشاهد: أم أضحت: على الرواية الثانية، على الانقطاع والاستئناف. [سيبويه/ 1/ 487، والخزانة/ 11/ 294]. 52 - أبلغ الحارث بن ظالم المو … عد والناذر النّذور عليّا أنّما تقتل النيام ولا تقتل … يقظان ذا سلاح كميّا لعمرو بن الإطنابة. كان الحارث بن ظالم توعده بالقتل ويشير إلى أنّ الحارث قتل خالد بن جعفر بن كلاب غيلة وهو نائم في قبته. والشاهد: فتح «أنما» حملا على أبلغ وجريها مجرى (أنّ) لأنّ «ما» فيها صلة فلا تغيرها عن جواز الفتح والكسر فيها. [سيبويه/ 1/ 465، وشرح المفصل/ 7/ 56]. 53 - كأنّ العقيليين حين لقيتهم … فراخ القطا لاقين أجدل بازيا والشاهد: «أجدل» حيث منعه من الصرف، مع أنه اسم للصّقر وليس صفة وكذلك في البيت. وقد منعه من الصرف لامحا فيه معنى الصفة على وزن أفعل. وهي صفة القوة، والبيت للقطامي، أو لجعفر بن علبة الحارثي. [شرح التصريح/ 2/ 214، والأشموني/ 3/ 237]. 54 - ماذا على من شمّ تربة أحمد … أن لا يشمّ مدى الزمان غواليا من كلام السيدة فاطمة رضي الله عنها، ترثى أباها محمدا صلّى الله عليه وسلّم. ويشم: بفتح الشين من باب (علم يعلم) هذه هي اللغة الفصحى، وفيها لغة أخرى، وهي ضمّ الشين من باب (ردّ يرد). والغوالي. جمع غالية وهي أخلاط من الطيب. والشاهد «أحمد» حيث صرف لضرورة الشعر.

55 - إذا كان لا يرضيك حتى تردني … إلى قطري لا إخالك راضيا

55 - إذا كان لا يرضيك حتى تردّني … إلى قطريّ لا إخالك راضيا أي: إذا كان ما تشاهده مني لا يرضيك. فاسم كان ضمير يعود إلى ما دلت عليه الحال، وفاعل يرضيك كذلك، وجملة يرضيك خبر كان. وقطري: هو ابن الفجاءة. الخارجي. والشاهد: حذف الفاعل عند ما دلت عليه الحال المشاهدة. وذلك في «يرضيك». والبيت لسوار بن المضرب يقوله حين هرب من الحجاج خوفا على نفسه. [شرح التصريح/ 1/ 272، والأشموني/ 2/ 45]. 56 - لا هيثم الليلة للمطيّ … ولا فتى مثل ابن خيبريّ والشاهد: لا هيثم. وقع اسم لا النافية للجنس معرفة مؤولة بنكرة يراد بها الجنس، لأنّ هيثم رجل مشهور بصفة. أي: لا حادي حسن الحداء كهيثم. ومنه قول عمر: قضية ولا أبا حسن لها: [الخزانة/ 4/ 59 وشرح المفصل/ 2/ 102، والهمع/ 1/ 145، والأشموني/ 2/ 4]. 57 - متى أنام لا يؤرقني الكري … ليلا ولا أسمع أجراس المطي الكري: المكاري، وهو الذي يكريك دابته. والكراء: الأجر، والأجراس جمع جرس، بالتحريك: وهو الجلجل الذي يعلق في عنق الدابة. والشاهد: جزم يؤرقني، على، جواب الاستفهام. والرجز غير منسوب. [سيبويه/ 1/ 450، والخصائص/ 1/ 73، واللسان «مطا»]. 58 - فاومأت إيماء خفيّا لحبتر … فلّله عينا حبتر أيّما فتى البيت للراعي النميري. يقول: إني أشرت إلى حبتر (غلامه) إشارة خفيّة فما كان أحدّ بصره وأنفذه، لأنه رآني مع خفاء إشارتي. والشاهد: «أيّما فتى» حيث أضاف «أيّ» الوصفية إلى النكرة. وتعرب «أيّ» هنا حالا من حبتر. و «ما» زائدة. وهذه إحدى حالتي «أيّ» الوصفية التي تضاف إلى النكرة - والحالة الثانية تعرب صفة إذا جاءت بعد نكرة كقولك: مررت برجل أيّ رجل. [سيبويه/ 1/ 302، الهمع/ 1/ 93، والأشموني/ 1/ 168. والحماسة/ 1502].

59 - ويركب يوم الروع منا فوارس … بصيرون في طعن الأباهر والكلى

59 - ويركب يوم الرّوع منّا فوارس … بصيرون في طعن الأباهر والكلى لزيد الخير (الخيل) الطائي. والأباهر والكلى: مقتلان. والأبهر عرق في المتن. أي: هم بصراء عالمون بمواضع الطعن، والكلى: بضم الكاف، وللإنسان والحيوان كليتان والواحدة كلية: بضم الكاف. والشاهد: «بصيرون في طعن ..» على أنّ في بمعنى الباء. وقوله: يوم الروع منا، يروى: (فيها) أي: من أجلها. من أجل شيء تخاصموا فيه. [شرح أبيات المغني/ 4/ 71]. 60 - فلمّا تبيّنّا الهدى كان كلّنا … على طاعة الرحمن والحقّ والتّقى للإمام علي كرم الله وجهه. والشاهد: كان كلنا. على أنّ كلنا وقع اسما لكان. وحمله ابن مالك على أنه مبتدأ وما بعده خبر، وقدر في كان ضمير الشأن اسمها. [شرح أبيات المغني/ 4/ 190]. 61 - على مثل أصحاب البعوضة فاخمشي … لك الويل حرّ الوجه أو يبك من بكى البيت لمتمم بن نويرة من الصحابة. والبعوضة: اسم ماء في حمى «فيد» أو رملة في أرض طيّ. والبيت رثاء في أخيه مالك. والبيت شاهد على حذف لام الأمر الجازمة من قوله: أويبك. والتقدير: أو ليبك. من بكى. ويرى سيبويه أنّ لام الأمر تعمل مضمرة. 62 - ثمّت لاح في الملبّين إلى … حيث تحجّى المأزمان ومنى من مقصورة ابن دريد. وثمت: مخصومة بعطف الجمل بخلاف ثمّ فإنها تعطف المفرد والجملة. وتحجىّ بالمكان: إذا أقام فيه والمأزمان: جبلان بين المزدلفة وعرفة. والشاهد: «حيث» على أنها تجردت هنا عن الظرفية إلى الاسمية. وصارت بمعنى «مكان» فالجملة بعدها صفة لها، وكان حقها أن تجرّ بالكسرة وتنون ولا وجه لبقاء (بنائها) على الضم. [شرح أبيات المغني/ 6/ 274]. 63 - يا ظبية أشبه شيء بالمها … ترعى الخزامى بين أشجار النّقى

64 - إن امرأ القيس جرى إلى مدى … فاعتاقه حمامه دون المدى

إمّا ترى رأسي حاكي لونه … طرّة صبح تحت أذيال الدجا واشتعل، المبيضّ في مسودّه … مثل اشتعال النار في جزل الغضى فكان كالليل البهيم حلّ في … أرجائه ضوء صباح فانجلى من مطلع مقصورة ابن دريد. والشاهد في البيت الثالث وإنما ذكرت هذه الأبيات لجمال لفظها وعذوبة رونقها ومائها، وسهولة الترنمّ بها. والشاهد: ذكره ابن هشام في المغني، مثالا لتعلق المجرور بالفعل وبشبهه. فقال: وقد تقدر (في) الأولى متعلقة بالمبيض فيكون تعلق الجارين بالاسم. ولكن تعلق الثاني بالاشتعال يرجح تعلق الأول بفعله لأنه اسم لمعنى التشبيه، وقد يجوز تعلق «في» الثانية بكون محذوف حالا من النار ويبعده أن الأصل عدم الحذف. وفيه شاهد آخر وهو انتصاب «مثل» على الحال، من ضمير مصدر الفعل والتقدير: واشتعل الاشتعال. ويرى بعضهم إعراب «مثل» نعتا لمصدر محذوف تقديره: اشتعالا مثل اشتعال النار. 64 - إنّ امرأ القيس جرى إلى مدى … فاعتاقه حمامه دون المدى من مقصورة ابن دريد. وجرى إلى مدى: إلى غاية، وهي طلب الملك، ويدل عليه قوله لصاحبه. فقلت له لا تبك عينك إنّما … نحاول ملكا أو نموت فنعذرا واعتاقه: حبسه. والحمام: بالكسر: الموت، ودون المدى: أي: دون تلك الغاية وهي طلب الموت. والمدى: يكتب بالياء. قال ابن هشام. فإن المتبادر، تعلق «إلى» ب «جرى» ولو كان كذلك، لكان الجري قد انتهى إلى ذلك المدى، وذلك مناقض لقوله: «فاعتاقه حمامه دون المدى» وإنما (إلى مدى) متعلق بكون خاص، منصوب على الحال، أي: طالبا إلى مدى

65 - ينوي التي فضلها رب العلا … لما دحا تربتها على البنى

ونظيره قوله أيضا يصف الحاج، من المقصورة نفسها لابن دريد. 65 - ينوي التي فضّلها ربّ العلا … لمّا دحا تربتها على البنى ينوي: يقصد، وفاعله، ضمير يعود على مذكور في بيت سابق. وجملة ينوي صفة لهذا المذكور. والتي ينوي: هي مكة المكرمة. والبنى: بكسر الموحدة بعدها نون: جمع بنية: كقرب، جمع قربة، وفيها الضمّ أيضا فيكون، مثل «عرى» جمع عروة، وتكتب بالياء. قال ابن هشام: فإن قوله «على البنى» متعلق، بأبعد الفعلين، وهو فضّل لا، بأقربهما، وهو «دحا» بمعنى «بسط» لفساد المعنى. [والبيت لابن دريد في المقصورة]. 66 - فإن عثرت بعدها إن وألت … نفسي من هاتا، فقولا: لا، لعا من مقصورة ابن دريد. فإن عثرت: أي: سقطت. ووألت، بالهمز: نجت ومضارعه «تئل» ومنه «الموئل» وهو الملجأ. وهاتا: بمعنى، هذه. قال الخليل: «لعا» كلمة تقال عند العثرة، وقال ابن سيده: كلمة يدعى بها للعاثر معناها، الارتفاع. وقال ابن السيّد. وهو اسم فعل، مبنيّ على السكون، والتنوين فيه للتنكير. والفعل الذي يدل عليه «نعشك الله، ورفعك». والمعنى: إن نجوت من هذه القصة، ثم إن عثرت ثانية، فقولا لي: لا لعا، أي: لا نجاة. والبيت شاهد على أنه إذا اعترض شرط على آخر، فإن الجواب المذكور للسابق منهما. وجواب الثاني محذوف مدلول عليه بالشرط الأول وجوابه. كما قالوا: في الجواب المتأخر عن القسم والشرط. 67 - ومن مالئ عينيه من شيء غيره … إذا راح نحو الجمرة البيض كالدّمى لعمر بن أبي ربيعة. ومن شيء غيره: نساء غيره. والجمرة: موضع رمي الجمار بمنى. والبيض: النساء. والدمى: صور الرخام. شبه النساء بها لأن الصانع لا يدخر جهدا في تحسينها وتلطيفها، ولما لهنّ من السكينة والوقار. والشاهد: إعمال «مالئ» عمل الفعل بعد تنوينه، لأنه في معناه ومن لفظه. [العيني/ 3/ 531].

68 - لم يعن بالعلياء إلا سيدا … ولا شفى ذا الغي إلا ذو هدى

68 - لم يعن بالعلياء إلا سيّدا … ولا شفى ذا الغيّ إلا ذو هدى بالعلياء: مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه نائب فاعل «ليعن» وسيدا مفعول به له، وقد أناب المجرور مع وجود المفعول الصريح وحقه أن يقول: لم يعن بالعلياء إلا سيد. الرجز، للعجاج، أو لرؤبة. ويروى الشطر الثاني «ولا جفا» «ويروى» «ولا شجى». [شرح التصريح/ 1/ 291، والأشموني/ 2/ 68، وابن عقيل/ 1/ 171]. والدرر/ 1/ 144]. 69 - إذا رمت ممّن لا يريم متيمّا … سلوّا فقد أبعدت في رومك المرمى قوله: سلوّا: مفعول به لرمت. والشاهد إعمال «لا يريم» عمل «ما يزال» الناقصة. والتقدير: لا يزال. أو لا يبرح، متيّما. [الهمع/ 1/ 112، والدرر/ 1/ 82]. 70 - أطرق كرا أطرق كرا … إنّ النّعام في القرى الكرا: الكروان: وقولهم: أطرق كرا مثل يضرب للرجل الحقير إذا تكلم في الموضوع الذي ليس له، ولا لأمثاله الكلام فيه. كأنه قيل: اسكت يا حقير، فإنّ الأجلّاء أولى بهذا الكلام. وقيل: معناه: إنّ الكروان ذليل في الطير، والنعام عزيز، أي: اسكن عند الأعزة ولا تستشرف الذي لست له بندّ، ويشبه الأعزة بالنعام، والأذلة بالكروان. والشاهد: أطرق «كرا» فإن كرا، منادى، حذف معه حرف النداء والكرا: ذكر الكروان، وليس مرخما للنداء. وقلّ أن يحذف حرف النداء من النكرة المقصودة بالنداء. [الخزانة/ 2/ 374]. 71 - يشكو إليّ جملي طول السّرى … صبر جميل فكلانا مبتلى والشاهد: رفع «صبر» على الابتداء أي: وصبر جميل أمثل. أو: على الخبر أي: أمرك صبر جميل. والبيت للراجز ملبد بن حرملة. [سيبويه/ 1/ 162، والأشموني/ 1/ 221]. 72 - قد وعدتني أمّ عمرو أن تا … تدهن رأسي وتفلّيني وا وتمسح القنفاء حتّى تنتا

73 - من اللواتي والتي واللاتي … زعمن أني كبرت لداتي

رجز لحكيم بن معية التميمي. والقنفاء: الكمرة. وتنتا: أي: تنتأ وتبدو. وهو بفتح التاء وكسرها. والرجز شاهد على حذف المعطوف وبقاء حرف العطف، لضرورة الشعر، ولأنه أعاد الحرف في أول البيت التالي، فجاز الغاء حرف العطف الأول بعد أن دعمه بحرف الإطلاق وأعاده، فعرف ما أراد بالأول. [الهمع/ 2/ 210، واللسان «نتأ، والخصائص/ 1/ 291]. 73 - من اللّواتي والتي واللاتي … زعمن أني كبرت لداتي البيت من الرجز، أنشده الرضيّ في شرح الكافية، ولم ينسبه. واستشهد به على أنّ جملة «زعمن» صلة الموصول الأخير، وصلة كلّ من الموصولين الأوّلين محذوفة للدلالة عليها بصلة الثالث. ومثله: قول العجّاج. بعد اللّتيّا واللّتيّا والتي … إذا علتها أنفس تردّت وقول سلمى بن ربيعة السّيدي: ولقد رأبت ثأي العشيرة بينها … وكفيت جانبها اللّتيّا والّتي واللتيّا: مصغرّ من التي، للتعظيم. وحذف الصلة من هذا الضرب من الموصولات لتعظيم الأمر وتفخيمه. [الخزانة/ 6/ 154]. 74 - أغض ما اسطعت فالكريم الذيّ … يألف الحلم إن جفاه بذيّ لا يعرف قائله، وقد ذكره السيوطي شاهدا على تشديد ياء الذي، لتكون (الّذيّ) مضمومة. وقال أبو حيّان: وظاهر كلام ابن مالك أن الكسر والضمّ مع التشديد بناء، وبه صرّح بعض أصحابنا، وصرّح أيضا مع البناء بجواز الجري بوجوه الإعراب. [الهمع ج 1/ 82، والدرر ج 1/ 56]. 75 - فكأنّها بين النساء سبيكة … تمشي بسدّة بيتها فتعيّ البيت رواه الفرّاء في مسألة الإدغام: والسبيكة، قطعة مستطيلة من فضة وسدّة البيت: بضم السين: بابه.

76 - على أطرقا باليات الخيا … م إلا الثمام وإلا العصي

وقوله: فتعيّ: مضارع، أعيا، وهو في الأصل «تعيي، بيائين، وقبل الياء الأولى ساكن. فلما أدغم الياء في الياء، اقترضت العين كسرة جارتها الياء، عند إرادة ادغامها في الياء الثانية. والفرّاء يرى جواز أن نقول: أعيا، يعيي، إذا سكن ما قبل الياء الأولى، ونقول: يعيّ، بالإدغام للمذكر، وتعيّ، بالإدغام للمؤنث، وأنشد البيت على جواز الإدغام، وأنكر عليه النحويون هذا المذهب، ووصفوا ما جاء في البيت بالشذوذ، وقالوا: إن هذا الإدغام يكون في الماضي فتقول: عيي، وعيّ، وحيي، وحيّ، مما عينه ولامه ياءان، لازم تحريكهما. ومضارعهما يعيا، ويحيا، وفي القرآن «وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ» [الأنفال: 42] وفي القرآن أيضا «يُحْيِي وَيُمِيتُ» * بدون إدغام. قلت: ومسألة الإعلال والإدغام في حروف العلة من أكثر المسائل التي ثار حولها الجدل بين النحويين، ولذلك قال القائل: إذا اجتمعوا على ألف وواو … وياء ثار بينهم جدال [اللسان - عيا، والأشموني ج 4/ 349، والهمع ج 1/ 53]. 76 - على أطرقا باليات الخيا … م إلّا الثّمام وإلّا العصي البيت لأبي ذؤيب الهذلي خويلد بن خالد، جاهلي إسلامي من قصيدة أولها: عرفت الدّيار كرقم الدواة … يزبرها الكاتب الحميري يزبرها: يكتبها، وذكر الحميري: لأن الكتابة أصلها من اليمن. يقول: عرفت رسوم الديار وآثارها، خفيّة كآثار الخط القديم. وقوله: على أطرقا: أراد: عرفت الديار على «أطرقا» والثمام: شجر يلقى على الخيام. والعصيّ: خشب بيوت الأعراب والخيمة عند العرب: بيت من عيدان. والثمام: نبت ضعيف يحشى به خصاص البيوت ويستر به جوانب الخيمة، فالثمام والعصي استثناء من الخيام، ويكون الاستثناء متصلا. وقوله: على أطرقا: نصب على الحال من الديار، وكذلك، باليات الخيام: حال. وقوله: إلا الثمام: يروى برفع الثمام ونصبه، فمن نصب فهو استثناء من موجب ومن رفع، فبالابتداء، والخبر محذوف، والتقدير: إلا الثمام وإلا العصي. لم تبل. ومن نصب

77 - وركضك لولا هو لقيت الذي لقوا … فأصبحت قد جاورت قوما أعاديا

الثمام ورفع العصي، فإنه يحمله على المعنى، وذلك أنه لما قال: بليت إلا الثمام كان معناه: بقي الثمام، فعطف على المعنى وتوهّم اللفظ. والشاهد في البيت: «أطرقا» بصيغة فعل الأمر مع ألف المثنى. فهو علم منقول عن هذا الفعل. وكأن الرجل كان يقول لصاحبيه في هذا المكان: أطرقا، مخافة ومهابة ومعنى: اطرقا: اسكتا. [الأشموني ج 1/ 132، والخزانة ج 7/ 336، 342 واللسان (طرق)، وشرح المفصل ج 1/ 29). 77 - وركضك لولا هو لقيت الذي لقوا … فأصبحت قد جاورت قوما أعاديا البيت لم يعرف قائله. وذكره السيوطي شاهدا، على أن تسكين الواو من (هو) لغة قيس وأسد. و (هو) في البيت ساكنة الواو، والبيت من البحر الطويل، ولا يقرأ إلا بتسكين الواو من (هو) [الهمع ج 1/ 60 والدرر ج 1/ 37]. 78 - وأركب حمارا بين سرج وفروة … وأعر من الخاتام صغرى شماليا لامرأة من عقيل، وقبل البيت: لئن كان ما حدّثته اليوم صادقا … أصم في نهار القيظ للشمس باديا وقد مضى هذا البيت، في حرف الياء شاهدا على الجزم في جواب الشرط مع سبق أداة الشرط باللام الموطئة للقسم، والأغلب في حال وجودها أن يكون الجواب للقسم، ويقدر جواب الشرط، أو يكتفى به. والبيت الثاني: وأركب: معطوف بالجزم على أصم. وركوب الحمار على الهيئة التي ذكرت تكون لمن يندد به ويفضح بين الناس. وقولها: وأعر، مجزوم بحذف الياء للعطف على أصم، وهو مضارع أعراه إعراء، أي: جعله عاريا. والخاتام: لغة في الخاتم. وأراد بصغرى شماله: الخنصر، فإن الخاتم يكون زينة للشمال، فإن اليمين لها فضيلة اليمن - فجعل الخاتم في الشمال للتعادل. يقول: إن كان ما نقل لك عني من الحديث صحيحا، جعلني الله صائما في تلك الصفة، وأركبني حمارا للخزي والفضيحة وجعل خنصر شمالي عارية من حسنها وزينتها، بقطعها. قال أبو أحمد: وقوله «وأعر من الخاتام صغرى شماليا» يؤخذ منه أنّ وضع الخاتم في إصبع اليد

79 - من آل أبي موسى ترى الناس حوله … كأنهم الكروان أبصرن بازيا

اليسرى عادة قديمة، فالمتزوج اليوم يضع خاتم الزواج في يده اليسرى وكذلك المرأة. وفي أيام الخطبة يكون في اليمين ثم ينقل إلى الشمال بعد الزواج. [الخزانة ج 11/ 336، واللسان ختم، والأشموني ج 4/ 29 والهمع ج 2/ 43]. 79 - من آل أبي موسى ترى الناس حوله … كأنّهم الكروان أبصرن بازيّا البيت لذي الرّمة. قال البغدادي. وزعم الرياشي أن الكروان، والكروان، للواحد. قال: ويردّه قول ذي الرّمة (البيت) لأن الشاعر قال: أبصرن فجعل الضمير جمعا، وهذا يدل على أن الكروان، للجمع. [الخزانة ج 2/ 377]. 80 - ألا هل إلى ميّ سبيل وساعة … تكلّمني فيها شفاء لما بيا نسبه هارون في معجمه إلى ذي الرمّة، وليس في الديوان، ولا في ملحقاته. وذكر أنه في الهمع ج 2/ 95 والذي في الهمع «هذا الشطر»: فإنّ كلامها شفاء لما بيا» ذكره السيوطي شاهدا لعمل اسم المصدر (كلامها). 81 - وقد يجمع الله الشّتيتين بعد ما … يظنّان كلّ الظّنّ ألّا تلاقيا البيت لقيس بن الملوح، مجنون ليلى. والشاهد: كلّ الظنّ. حيث نصب «كلّ» نيابة عن المصدر، لإضافته إلى المصدر (الظنّ) ويعرب نائب مفعول مطلق. وقوله: ألّا: أن: مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير شأن (أنه) لا: نافية للجنس وتلاقي: اسمها وخبرها محذوف. وأن المخففة واسمها وخبرها سدّت مسدّ مفعولي (يظنان). [الأشموني ج 2/ 113، وعليه العيني واللسان (شتت). والخصائص ج 2/ 448]. 82 - ألكني إليها عمرك الله يا فتى … بآية ما جاءت إلينا تهاديا من قصيدة لسحيم عبد بني الحسحاس. وألكني إليها: معناه أبلغ رسالتي إليها. والألوك: الرسالة. وعمرك الله: دعاء، منصوب بفعل محذوف تقديره: أسأل الله عمرك بمعنى تعميرك.

وقوله: بآية: علامة: وآية هنا مضافة إلى الجملة بعدها، أو إلى المصدر المؤول من (ما والفعل) وتهاديا: منصوب ب جاءت، إما على أنه مصدر وإما على أنه مصدر مؤول بالحال أي: جاءت متهادية. هذا، وقالوا إن سحيما هذا كان عبدا حبشيا، ونسبوا إليه مع غيره أشياء يشكك في صحتها. منها أنه كان يرتضخ لكنة حبشية، وأنه كان ينشد الشعر ويقول: أهشند والله يريد: أحسنت. وأنه أنشد عمر قصيدته التي فيها (كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا) فقال له عمر: (لو قدمت الإسلام لأجزتك) فقال: ما سعرت - يعني ما شعرت أما كونه كان يرتضخ لكنة أعجمية في الجاهلية وهو يقول الشعر الممتاز، فهذا لا يكون لأن قوله الشعر، يعني أنه ولد بين العرب وأخذ لغتهم وأجاد نطقهم ونسي لهجة قومه. وميله إلى لهجة الحبشة الأعجمية يعني أنه جاء إلى الجزيرة كبيرا، فتعلم العربية. وهذا لا يؤهله لقول هذا الشعر الفصيح ولعله إذا قال «سعرت، أو أهشند» كان ذلك بسبب عيب خلقي في اللفظ، فصادف ذلك شبها باللكنة الأعجمية. وقد كذبوا على بلال أيضا وزعموا أنه كان يقول في الأذان (أسهد أن لا إله إلا الله) وهذا لم يثبت. أما قولهم إن عمر قال له: لو قدمت الإسلام .. الخ لأجزتك: فهذا أيضا مشكوك فيه فعمر لم يكن يجيز الشعراء على قول الشعر، وإنما كان يعطي كل مسلم عطاءه من بيت مال المسلمين. وقول عمر لو قدّمت الإسلام .. الخ فإن عمر لا يقول هذا: لأنه يعلم أن هذا شعر، وتقديم الإسلام يفسد البيت. وأن الواو العاطفة لا تعني الترتيب ولا تعني أنه يجعل الشيب أكثر نهيا من الإسلام. وكيف يجيزه عمر على هذه القصيدة، وفيها من الفحش والفجور، ما لو سمعه عمر لجلده وغربه عليه. اسمع ماذا يقول في قصته مع عمرة، أو (عميرة) يصف خلوة بها: توسدني كفّا وتثني بمعصم … عليّ وتحوي رجلها من ورائيا فما زال بردي طيّبا من ثيابها … إلى الحول حتى أنهج البرد باليا وفي قصته أشياء كثيرة متناقضة، تجعله شخصية أقرب إلى الخيال. وعلماء النحو واللغة والأدب الأقدمون، مع علوّ منزلتهم في فهم النص الأدبي

83 - وأنت غريم لا أظن قضاءه … ولا العنزي القارظ الدهر جائيا

واللغوي، إلا أنهم يروون القصص الكاذب تاريخيا ولا يحققون فيه فلا يهمهم من القصة إلا النص الشعري أو الأدبي أما ما يقال حوله من القصص، فهذه لا تعنيهم، وقلما تجد أديبا يكذّب قصة أو يحقق في ما هيتها، ولذلك لا تأخذن كلّ ما يرويه الأدباء من القصص المتعلقة بالنصوص، على أنها تاريخ واقع، فخذ منهم الشعر، وفهم اللغة فقط واترك ما حوله من القصص. وقد عدّ ابن العربيّ في كتابه (العواصم) أهل الأدب من الكذابين ولم يوثّق منهم إلا (ثعلب) صاحب المجالس المشهورة. والله أعلم. وانظر في قصة سحيم، مع تحليل النصوص التاريخية ونقدها: [شرح شواهد مغني اللبيب ج 2/ 338 - 344، والخزانة ج 2/ 99 - 106] وكلاهما للبغدادي. قلت: وما رأيت في القديم والحديث أقدر على نقد الشعر وفهمه، كالبغدادي ولكن إذا روى القصص، نقل ولم يحقق. 83 - وأنت غريم لا أظنّ قضاءه … ولا العنزيّ القارظ الدّهر جائيا أنشده الأشموني ولم ينسبه، وقال الصبان في حاشيته: قال بعضهم هو من كلام ذي الرّمة. وأنت: الخطاب للمحبوبة، والعنزي: منسوب إلى قبيلة عنزة، وهو أحد رجلين خرجا يجنيان القرظ، فلم يرجعا أصلا فضرب بهما المثل، في استحالة العودة، فقالوا: لا يرجى إيابه حتى يؤوب العنزي القارظ، والقرظ: شجر يدبغ به. والشاهد في البيت، تقديم المعطوف على المعطوف عليه، وتقدير الكلام: لا أظنّ قضاءه جائيا هو ولا العنزي. هكذا قدّره الأشموني، والله أعلم. [الأشموني ج 3/ 119]. 84 - رضيت بك اللهمّ ربّا فلن أرى … أدين إلها غيرك الله راضيا البيت لأمية بن أبي الصلت في ديوانه، وشرح التصريح ج 2/ 165 والعيني ج 4/ 243. والشاهد: حذف يا النداء، من لفظ الجلالة، ولم يعوض في آخره الميم المشددة، في قوله «الله» وهذا نادر شاذ. وأدين: مضارع، دان بالشيء، والأصل: أن أدين، فحذفت أن، فارتفع المضارع، على حدّ قولهم: «تسمع بالمعيديّ» إلها: مفعوله. وراضيا: منصوب برضيت، إما على الحالية من فاعله، أو على المفعولية المطلقة، على حدّ قولهم: قم قائما، أي: قياما، وعلى الوجهين، فهو مؤكد له، وما بينهما اعتراض.

85 - ألم تعلما أن الملامة نفعها قليل … وما لومي أخي من شماليا

وربّا: مفعول: رضيت، والمعنى: رضيت رضى بك ربا يا الله، فلن أرى أن أتخذ إلها غيرك يا الله. 85 - ألم تعلما أنّ الملامة نفعها قليل … وما لومي أخي من شماليا البيت لعبد يغوث الحارثي اليمني من قصيدة قالها بعد أن أسر، يوم الكلاب الثاني، في الجاهلية. وزعموا أنهم عند ما همّوا بقتله، قال: اقتلوني قتلة كريمة: اسقوني الخمر ودعوني أنوح على نفسي، فسقوه خمرا وقطعوا عرقه الأكحل وتركوه ينزف، وتركوا عنده رجلين، فقالا له: جمعت أهل اليمن وجئت تقتلنا، كيف رأيت صنع الله بك، فقال القصيدة التي منها البيت ومطلعها: ألا لا تلوماني كفى اللّوم ما بيا … فما لكما في اللوّم خير ولا ليا فهو يخاطب اثنين حقيقة. واللوم: مفعول مقدم و «ما» فاعل مؤخر، أي كفى اللوم ما أنا فيه، فلا تحتاجون إلى لومي مع ما ترون من إساري. وشمال: في البيت الشاهد بكسر الشين، بمعنى الخلق والطبع، واستشهد به صاحب الشافيه أن «شمال» يأتي مفردا وجمعا، وفي هذا البيت جمع، أي: من شمائلي. [الخزانة ج 2/ 197، واللسان: شمل]. 86 - أبى الهجر أنّي قد أصابوا كريمتي … وأن ليس إهداء الخنا من شماليا هذا البيت قاله صخر بن عمرو أخو الخنساء. وقبل البيت: وقالوا ألا تهجو فوارس هاشم … ومالي وإهداء الخناثم ماليا وكان قد قتل أخوه معاوية في حروب، فقال له الناس ألا تهجو هؤلاء الذين قتلوا أخاك. فأجابهم. ومالي ... وإهداء: انتصب بفعل مضمر، وتكريره «ماليا» دلالة على استقباحه لما دعي إليه. وقوله: أبى الهجر: الهجر: الفحش والقول البذيء والهجر: مفعول به، وفاعله: أنيّ قد أصابوا، المصدر المؤول. والكريمة: التاء للمبالغة، وفي الحديث: إذا أتاكم كريمة قوم فأكرموه».

87 - لقد أغدوا على أشق … ر يغتال الصحاريا

وقوله: وأن ليس: أن مخففة واسمها ضمير، وجملة «ليس» خبره. وموضع أن ومدخولها عطف بالرفع على أنّي الأولى. [الحماسة بشرح المرزوقي ص 1094]. 87 - لقد أغدوا على أشق … ر يغتال الصّحاريّا البيت للوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان. وقوله: لقد أغدو: الغدو، ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس. والأشقر من الخيل الذي حمرته صافية، والشّقرة في الإنسان، حمرة يعلوها بياض ويغتال: يهلك. واستعار يغتال لقطع المسافة بسرعة شديدة. والصحراء: الفضاء الواسع. والشاهد: أنه جمع صحراء، فلما قلبت الألف بعد الراء في الجمع ياء، قلبت الهمزة التي أصلها ألف التأنيث أيضا. فاجتمعت ياءان وأدغمت. [الإنصاف ص 816، والخزانة ج 7/ 424، وشرح المفصل ج 5/ 58]. 88 - دعاهنّ ردفي فارعوين لصوته … كما رعت بالجوت الظماء الصواديا 89 - وأوده ردفي فارعوين لصوته … ... الصواديا وقع البيت في شعري شاعرين. الأول في شعر عويف بن معاوية، من شعراء الدولة الأموية، وقيل له «عويف القوافي» لقوله: سأكذب من قد كان يزعم أنني … إذا قلت قولا لا أجيد القوافيا وأما الثاني، فهو في شعر سحيم عبد بني الحسحاس - كما قال البغدادي - وهو شاعر مخضرم عاش الجاهلية والإسلام، واختلفوا في معنى بيت عويف: فقالوا: أراد بالرّدف: تابعه من الجنّ، وضمير دعاهنّ: للقوافي: أي: دعا شيطاني القوافي فأجبنه وانثلن عليه، يعني: أن الشعر أطاعه، وكانوا يزعمون أن لكل شاعر تابعا من الجنّ يوحي له بالشعر. والرّدف في الأصل: الذي يركب خلف الراكب والارعواء: النزوع عن الجهل، وحسن الرجوع عنه ورعت بالخطاب، وهو من قولهم: هذه شربة راع بها فؤادي، أي: برد بها غلّة روعي - بالضم - وهو القلب أو موضع الفزع منه وقيل: هو من راعه، بمعنى أعجبه. والظماء: جمع ظمآنة، وظمآن من ظمئ كفرح أي: عطش أو اشتد عطشه. والصوادي: جمع صاديه، من الصدى وهو العطش. والجوت - صوت نداء الإبل للماء.

90 - وقد علمت عرسي مليكة أنني … أنا الليث معديا عليه وعاديا

والمعنى الثاني للبيت: أن رديفه لما دعا النساء، اجتمعن ورجعن عما كنّ عليه من الشغل، كما لو دعت إلى الشرب الإبل، فالتففن وتضاممن للشرب. فضمير دعاهن للناس. والبيت مفرد، لا يمكن الحكم بأيّ المعنيين أصحّ. وأما قول سحيم «أوده: فهو فعل ماض: أي: صاح بالإبل لتشرب. والشاهد: أن بعض الأصوات قد يدخله أداة التعريف كما في (جوت) صوت دعاء الإبل، وأصله «جوت» مفتوح الجيم. فإما أن يبقى مبنيا على الكسر، أو على الضم، أو على الفتح، حيث يروى بالثلاث. وإما أن يعرب بالحركات، كما قال ابن الناظم في شرح الألفية. [الخزانة ج 6/ 381، وشرح المفصل ج 4/ 75، 82]. 90 - وقد علمت عرسي مليكة أنني … أنا الليث معديّا عليه وعاديا البيت للشاعر عبد يغوث الحارثي من أهل الجاهلية من قصيدة قالها يوم أسر. وعرس الرجل: امرأته، ومليكه: عطف بيان أو بدل. من عرسي. أنني: سدت مسدّ مفعولي علمت. والشاهد في «معدي». فهو من الفعل «عدا» يعدو. واسم المفعول منه «معدوّ» ولكنه جاء في البيت «معديّ» فقالوا: إنه شاذ، لأنه بناه من (عدي، يعدي) ولكن الرواية جاءت في الخزانة على الأصل «معدوّا» وكذلك جاء في المفضليات (معدوّا) فهو إذن من تحريفات الرواة، وجاء عند الزمخشري في المفصل (مغزيّا عليه وغازيا) وهو مثل «معديّ» في حكمه. وقوله: معديّا: حال. وعاديا. معطوف على الحال. [شرح المفصل ج 5/ 36، والأشموني ج 4/ 326، وسيبويه ج 2/ 382، واللسان (عدا) والمفضليات]. 91 - علمتك منّانا فلست بآمل … نداك ولو ظمآن غرثان عاريا لم أعرف قائله. وعلمت: بمعنى تيقنت نصبت مفعولين. الكاف - ومنانا. وقوله «ولو ظمآن» شاهد على حذف كان واسمها بعد «لو» الشرطية. وظمآن خبر. وغرثان: جائع. [الهمع ج 1/ 121، والأشموني ج 2/ 21].

92 - ضاحكا ما قبلتها حين قالوا … نقضوا صكها وردت عليا

92 - ضاحكا ما قبّلتها حين قالوا … نقضوا صكّها وردّت عليّا في المقتضب 4/ 170. 93 - أبلغ الحارث بن ظالم المو … عد والناذر النّذور عليّا 94 - أنّما تقتل النيام ولا تقت … ل يقظان ذا السلاح كميّا البيتان لعمرو بن الإطنابة الأنصاري، يقولهما للحارث بن ظالم المريّ وكان قد توعده بالقتل ونذر دمه إن ظفر به. وقال: تقتل النيام، لأن الحارث كان قد قتل خالد ابن جعفر بن كلاب غيلة وهو نائم في قبته. والشاهد فيهما: أنما تقتل. بفتح همزة «أنما» ذلك أن «ما» إذا دخلت على (أنّ) تكفها عن العمل فيما بعدها، وتدخل على الجمل الفعلية، أو الاسمية، ولكنّ دخول «ما» عليها أعطاها حكمها في الفتح .. و «أنّما» وما بعدها في محل مفعول ثان ل «أبلغ» في البيت الأول. وإذا وقعت أن ومدخولها مفعولا تفتح، كما لو قلت: «أنّك تقتل» وقد أجاز سيبويه الكسر في «إنما» في البيت على الابتداء. [شرح المفصل ج 8/ 56، وسيبويه ج 1/ 465]. 95 - يا أيها الذّكر الذي قد سؤتني … وفضحتني وطردت أمّ عياليا البيت لأبي النجم العجلي في المقتضب 4/ 132 وأمالي ابن الشجري 2/ 152. 96 - أقاتلي الحّجاج إن لم أزر له … دراب وأترك عند هند فؤاديا البيت لسوّار بن المضرّب السعدي. قاله عند ما قدم الحجاج الكوفة وأمر الناس باللحق بالمهلّب بن أبي صفرة، لقتال الخوارج. ودراب: هي درا بجرد: كورة في بلاد فارس. [الخزانة ج 7/ 55، والدرر ج 1/ 159، والعيني ج 2/ 451] وقد أنشده السيوطي شاهدا على ترخيم المركب المزجي في غير النداء للضرورة حيث رخم الشاعر «درا بجرد» وقال: (دراب) والمسألة خلافية في الجواز وعدمه. [انظرها في الهمع ج 1/ 182]. 97 - أعان عليّ الدّهر إذ حلّ بركه … كفى الدهر لو وكّلته بي كافيا

98 - إذا أعجبتك الدهر حال من امرئ … فدعه وواكل أمره واللياليا

البيت غير منسوب في الإنصاف ص 169. وبركه: صدره، وكلكله، شبه الدهر بالبعير. 98 - إذا أعجبتك الدّهر حال من امرئ … فدعه وواكل أمره واللياليا وقوله «واكل» أمر من واكلت فلانا مواكلة، إذا اتكلت عليه واتكل هو عليك. والشاهد في «واللياليا» حيث نصب لأنه مفعول معه، وهذا أرجح من يقول إنه منصوب باعتبار العطف: ومعنى أعجبتك: هنا: أوقعتك في عجب والفاعل: الحال. وهذا البيت شاهد على أنّ «الحال» أي لفظه جاء هنا مؤنثا، لأن الفعل أنث له. وقد يأتي مذكرا. [الأشموني ج 2/ 139، 169 والعيني] والبيت لأفنون التغلبي في حماسة البحتري. 99 - لها بحقيل فالنّميرة منزل … ترى الوحش عوذات به ومتاليا البيت للراعي. وحقيل: ونميرة: مكانان. والعوذات: النياق الحديثة العهد بالنتاج. والمتالي: أصلها النياق تفطم أولادها فتتلوها، والولد تلو وجمعه أتلاء، ويقال كذلك لولد الحمار، وبالهاء للأنثى. والشاهد في البيت: في جمع «عوذ» الذي هو جمع «عائذ» ثم جمع الجمع على «عوذات» جمع مؤنث وعوذات: هنا تعرب حالا منصوبة بالكسرة. لأن ترى: بصريّة. [شرح المفصّل ج 5/ 77 واللسان (عوذ) و «تلا» وسيبويه ج 2/ 200]. 100 - وقد شفّني أن لا يزال يروعني … خيالك إمّا طارقا أو مغاديا منسوب للأخطل، وليس في ديوانه. والطارق: الذي يطرق ليلا. ومغاديا: في الصباح قال السيوطي: ويجب للحال إذا وقعت بعد (إمّا) أن تردف بأخرى، معادا معها «إمّا» أو «أو» كقوله تعالى: إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً [الإنسان: 3]. وقول الشاعر: (البيت). قال: وإفرادها بعد إمّا ممنوع في النثر والنظم. [الهمع ج 1/ 245، والدرر ج 1/ 202]. 101 - هببت ألوم القلب في طاعة الهوى … فلجّ كأنّي كنت باللوم مغريا غير منسوب.

102 - فما برحت أقدامنا في مقامنا … ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا

والشاهد قوله «هببت ألوم» حيث جاء هبّ من أفعال الشروع التي تحتاج إلى اسم وخبر. واسمه التاء، وخبره الفعل المضارع ألوم. [الهمع ج 1/ 128، والدرر ج 1/ 103، وشذور الذهب]. 102 - فما برحت أقدامنا في مقامنا … ثلاثتنا حتى أزيروا المنائيا قاله عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عمّ النبي صلّى الله عليه وسلّم. ويحكي قصة يوم بدر ومبارزته الكفار، هو وعلي وحمزة. وهم المقصودون بثلاثتنا. وكان عبيدة قد قطعت رجله يوم بدر وتوفي بالصفراء في طريق العودة بعد بدر نحو المدينة. وأزيروا: مبني للمجهول من «أزار» ويريد بهم الكفار. والمنائيا: المنايا جمع منية. والشاهد: مجيء «ثلاثتنا» بدلا من ضمير المتكلمين في «مقامنا» بدل كلّ من كلّ، حيث دلّ على الإحاطة. وقوله: المنائيا، وحقه أن يقول: المنايا. [الأشموني ج 3/ 129، وج 4/ 292]. 103 - قعيدكما الله الذي أنتما له … ألم تسمعا بالبيضتين المناديا البيت للفرزدق، ونسبه ابن منظور مرة للفرزدق، ومرة لجرير، وقعيدكما: لفظ قسم، وهو مصدر استعمل منصوبا، بفعل مضمر، والمعنى: بصاحبك الذي هو صاحب كلّ نجوى، كما يقال: نشدتك الله. وقيل: إنه استعطاف وليس بقسم (والبيضتان) مكانان، كلاهما يسمى «البيضة». وقوله: ألم تسمعا. جواب القسم. [اللسان - قعد، وبيض - والهمع ج 2/ 45، والدرر ج 2/ 54]. 104 - بأهبة حزم لذ وإن كنت آمنا … فما كلّ حين من توالي مواليا مجهول. والأهبة: الاستعداد. والحزم: ضبط الأمر. ولذ: من لاذ، يلوذ وبأهبة: متعلق ب لذ. و «ما» نافية. كلّ: منصوب على الظرفية، لإضافته إلى الظرف والظرف متعلق ب (مواليا) خبر «ما» و «من» اسم «ما» وجاز تقدم معمول الخبر، على الاسم، لأنه ظرف. [الأشموني ج 1/ 249، والعيني وشرح التصريح ج 1/ 199]. 105 - أقول لصاحبيّ وقد بدا لي … معالم منهما وهما نجيّا

106 - لعمر أبي دهماء زالت عزيزة … علي وإن قللت منها نصيبيا

قال السيوطي: تحذف نون المثنى وجمع المذكر السالم، للإضافة، ولشبه الإضافة كما في (اثني عشر) ولتقصير الصلة، صلة الألف واللام وما ثني وجمع من الأسماء الموصولة. قال وحذفها فيما عدا ذلك ضرورة. وأنشد البيت. والشاهد (وهما نجيّا) أي «نجيّان» تثنية «نجيّ». [الهمع ج 1/ 50، واللسان (نجا)]. 106 - لعمر أبي دهماء زالت عزيزة … عليّ وإن قلّلت منها نصيبيا مجهول. والشاهد: تقدير النفي قبل «زال» وبقاء عملها. والتقدير: لا زالت عزيزة. [الهمع ج 1/ 11]. 107 - فيا ليت شعري هل تغيّرت الرّحى … رحى المثل أو أمست بفلج كما هيا لمالك بن الرّيب من قصيدته المشهورة التي مطلعها: ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة … بجنب الغضى أزجي القلاص النّواجيا والغضى: شجر. أزجي: أسوق. والقلاص: النوق. النواجي: السريعة جمع ناجية ورحى المثل: بضم الميم، موضع في فلج، وفلج موضع في طريق البصرة إلى مكة وفي رواية سيبويه «رحى الحزن» وأورده سيبويه في باب «أو» وقال: وكذلك سمعناه ممن ينشده من بني عمه. وقال: قال أناس أم أضحت. على أن «أم» هي المنقطعة. و «أم» إذا جاءت بعد «هل» يجوز أن يعاد معها هل، ويجوز أن لا يعاد. وفي البيت جاءت بدون تكرار «هل» لو وضعنا «أم» مكان «أو». [الخزانة ج 11/ 294، وسيبويه ج 1/ 487]. 108 - خليليّ ما إن أنتما الصادقا هوى … إذا خفتما فيه عذولا وواشيا لم يعرف قائله. قال السيوطي: وتحذف نون المثنى وجمع المذكر السالم، للإضافة ولشبه الإضافة في (اثنا عشر واثني عشر) ولتقصير الصلة: صلة الألف واللام، وما ثني أو جمع من الموصول. وأنشد البيت شاهدا على حذف النون من المثنى الذي يكون صلة (ال) وهو قوله: الصادقا. والأصل: الصادقان هوى. بتقدير: ما أنتما اللذان تصدقان

109 - فأشهد عند الله أن قد رأيتها … وعشرون منها إصبعا من ورائيا

هوى. [الهمع ج 1/ 49، والدرر ج 1/ 23]. 109 - فأشهد عند الله أن قد رأيتها … وعشرون منها إصبعا من ورائيا زعموا أنّ هذا البيت لشاعر يدعى سحيما عبد بني الحسحاس، وأنه من القصيدة التي مطلعها: عميرة ودع إن تجهزت غازيا … كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا وزعموا أن عمر بن الخطاب سمع منه القصيدة، ولم يعبه إلا في تقديم الشيب على الإسلام. وهذا كله كذب وبهتان. فكيف يسمعها عمر، وفيها هذا البيت المفحش، ولو أن الشاعر قاله في زوجته حليلته ما كان مرضيا. فهذا البيت يقول: إنها كانت تحتضنه بيديها ورجليها، فأصابع اليدين عشرة، وأصابع القدمين عشرة، والمجموع عشرون ومما يدلك على أن هذا البيت مصنوع، أنه جاء بالقافية نفسها، بصورة أخرى يقول: توسدني كفّا وتثني بمعصم … عليّ وتحوي رجلها من ورائيا وهنا تكون الأصابع التي وراءه عشر فقط لأن إحدى يديها تطوقه، وكفها وسادة له، وتحوي قدما واحدة وراءه. وقد استشهدوا بالبيت للفصل بين العدد وتمييزه (عشرون - منها - إصبعا) وذلك للضرورة. ولو كان الذي قال هذا البيت شاعرا ما اقترف هذه الضرورة القبيحة - وإنما هذه صناعة نحوي سمج. قلت: في التعليق على أبيات سابقة له: إن الأدباء، ورواة الأدب، لا يهمهم إلا أن يقال: إن هذا الشعر منسوب لفلان، ولا يحققون في قصة الشعر، ولذلك فإنهم يسخرون من عقول القرّاء عند ما يسجلون أحداثا كاذبة في كتبهم تنافي وتخالف الواقع التاريخي. فزعموا أنّ سحيما هذا أحرقه أهل عميرة التي يشبب بها بالنار. ومتى كان هذا؟ في عهد الخلفاء الراشدين. ألم يكن هناك خليفة يحكم بما أنزل الله؟ وهل هناك حدّ للزنى أكثر من الرجم؟ ثم إنّ سحيما لم يثبت عليه الزنى، وإنما قال شعرا يذكر أنه فعل الفاحشة بعمرة. فهلّا ساقوه إلى الخليفة - وكان في أيام عثمان كما زعموا - فإن أقرّ على نفسه رجم إن كان محصنا وجلد وغرّب إن كان أعزبا. وإن لم يقرّ، ولم يشهد عليه شهود غرّب عن موطنه الذي فيه الحبيبة، كما روي أن عمر كان يفعل. وينقل ابن حجر في الإصابة -

110 - ولكل ما نال الفتى … قد نلته إلا التحيه

وهذه غريبة منه - سبب قتله: أن يهوديا أسر امرأة من بني الحسحاس وجعلها في حصن له، فبلغ ذلك سحيما فأخذته الغيرة فخلص المرأة من اليهودي، وأوصلها إلى قومها. فأرادت أن تكافئه، فكان بينهما هوى، وغزل ففطنوا له وقتلوه خشية العار. أما القتل خشية العار، فهذا إما جاهلي، وإما أن يكون في العقود المتأخرة عن صدر الإسلام، لأن القصاص في عصر الخلفاء الراشدين، لم يكن إلا بحكم شرعي. وتقول قصته أنه قتل في عهد عثمان، وأنه خلّص امرأة من يهودي .. الخ. أين كان هذا اليهودي صاحب الحصن؟ والمعروف المشهور الثابت أنه لم يبق يهوديّ في الجزيرة العربية في عهد عمر بن الخطاب: أما المدينة التي تدور فيها أحداث قصته فقد خلت من اليهود تماما في العهد النبويّ، وبقيت قلّة في خيبر ووادي القرى، فلما تولى عمر أجلاهم، لأن رسول الله قال: لا يجتمع في جزيرة العرب دينان: فأين كان هذا اليهودي الذي يأسر الفتيات وله قوة وحصن؟. وقد يقول قائل: ما بالك تخلط في هذا المعجم بين الشواهد النحوية والتاريخ؟ قلت: وما أرهقت نفسي في إخراج هذا المعجم. إلا من أجل هذا، لأنني وجدت أكثر ما يرّوج من التاريخ الكاذب، عن طريق الشواهد النحوية. وقولي هذا، لا يطعن في هذه الشواهد كلّ الطعن، ولكنني أطعن فيما حاكوه حول الشاهد من القصص. فالبيت الشاهد، قد يكون قاله الشاعر المنسوب إليه ولكن الأدباء عند ما دونوا هذه الأشعار وصلتهم في عهد متأخر عن زمن قولها فأرادوا أن يقدموا مناسبة القول بين يدي النصّ، فضلوا وأضلوا، لأنهم لا يملكون أخبارا مسندة إلى زمن الشاعر. فلجأوا إلى أهل القصة وأخذوا منهم ما قالوه دون تحقيق. 110 - ولكلّ ما نال الفتى … قد نلته إلّا التحيّه البيت لزهير بن جناب، وهو جاهليّ قديم، وكان قد عمّر طويلا، فقال قبل البيت الشاهد: الموت خير للفتى … فليهلكن وبه بقيّه من أن يرى الشيخ الكبير … يقاد يهدى بالعشيّه

111 - تبكيهم أسماء معولة … وتقول سلمى وا رزيتيه

قال المرزوقي. المراد بالتحيّة هنا: تحيّة الملوك خاصة، وهو قولهم: أبيت اللعن. [المرزوقي ص 100، والشعر والشعراء، ترجمة الشاعر ص 294، واللسان (حيا) والخزانة ج 5/ 298]. 111 - تبكيهم أسماء معولة … وتقول سلمى وا رزيّتيه لعبيد الله بن قيس الرقيات. قال النحاس: أراد، وا رزيّتي، فأدخل الهاء لتحرك الياء. [سيبويه ج 1/ 321، والنحاس 225، والعيني 4/ 274]. 112 - فإياكم وحيّة بطن واد … هموز النّاب ليس لكم بسيّ البيت للحطيئة من قصيدة مدح بها عديّ بن فزارة وعيينة بن حصن وحذيفة بن بدر. وقوله: وإياكم وحيّة، إيّاكم: محذّر، وحيّة: محذّر منه منصوبان بفعلين، أي: أبعدوا أنفسكم، واحذروا الحية، وأراد بالحية نفسه يعني أنه يحمي ناحيته، ويتّقى منه، كما يتقى من الحيّة الحامية لبطن واديها وهموز: فعول من الهمز، بمعنى، الغمز والضغط. والسيّ: المثل، أي لا تستوون معه، بل هو أشرف منكم. وقوله: ليس لكم .. الخ هذا يدل على تذكير الحيّة. ولو كانت مؤنثة لقال: ليست. والمشهور في رواية البيت بجرّ هموز. وقد استدل به سيبويه على جرّ الجوار، لأن هموز، نعت لحيّة المنصوبة، وجرّ لمجاورته لأحد المجرورين، وهو بطن، أو واد. [الخزانة ج 5/ 86، وشرح المفصل ج 2/ 85، واللسان (سوا)، والمرزوقي 417]. 113 - منعّمة تصون إليك منها … كصونك من رداء شرعبيّ [البيت للحطيئة في ديوانه، والخصائص ج 2/ 372]. 114 - وليس المال فاعلمه بمال … وإن أغناك إلّا للذيّ يريد به العلاء ويصطفيه … لأقرب أقربيه وللقصيّ لا يعرف قائلهما. وجملة (يريد) في أول البيت الثاني، صلة الموصول (الذي) في آخر البيت الأول. والبيتان، ذكرا على أن «كسرة الياء المشددة من الذي، كسرة بناء. [الخزانة ج 5/ 504، والإنصاف ص 675، والهمع ج 1/ 82].

115 - وبلدة ليس بها طوري … ولا خلا الجن بها إنسي

115 - وبلدة ليس بها طوريّ … ولا خلا الجنّ بها إنسيّ هذا رجز للعجاج. تقول العرب، ما بالدار طوريّ ولا دوريّ، أي: أحد. ويروى «طوئيّ» والمعنى واحد. والرجز جاء به السيوطي شاهدا على جواز تقديم المستثنى على المستثنى منه. والتقدير: ولا بها إنسيّ خلا الجنّ. فالجنّ، مستثنى والإنسيّ، مستثنى منه. [الهمع ج 1/ 226، 232، وفيه أن «خلا» تنصب فتكون فعلا، وتجرّ فتكون حرفا، ولا متعلق لها. واللسان (طور، وطأى)]. 116 - يا مرحباه بحمار ناجيه … إذا أتى قرّبته للسّانيه يا مرحباه: المنادى محذوف، ومرحبا: مصدر منصوب بعامل محذوف، أي: صادف رحبا وسعة، حذف تنوينه، لنية الوقف، ثم بعد أن وصل به هاء السكت، عنّ له الوصل فوصل. وناجية: اسم رجل، وبنو ناجية قوم من العرب والباء بحمار متعلق بقوله مرحبا. والسانية: الدلو العظيمة وأداتها، والنّاقة التي يسنى عليها، أي: يستقى عليها من البئر، وأراد بتقريب الحمار للسانية: أن يستقى عليه من البئر بالدلو العظيمة. وذكروا الرجز، على أن هاء السكت الواقعة بعد الألف، يضمها بعض العرب، ويفتحها في حالة الوصل في الشعر. [الخزانة ج 2/ 387، والخصائص ج 2/ 358، وشرح المفصل ج 9/ 46، والهمع ج 2/ 157]. 117 - لا هيثم الليلة للمطيّ .... رجز في كتب اللغة والنحو، ينسب لرجل لم يسمّ. وهيثم: اسم رجل كان حسن الحداء للإبل، أو جيد الرّعية. والمطيّ: الركائب. ولا: نافية للجنس. وهي لا تدخل إلا على نكرات فكيف دخلت على العلم؟ وقد تأولوه بأحد تأويلين: الأول: على حذف مضاف، وهو «مثل» باعتبار أن الإضافة إلى العلم لم تعرّف المضاف والتقدير: لا مثل هيثم. والتأويل الثاني: بتأويل العلم باسم جنس، والمعنى: لا حادي للمطي. ومثله: لا حاتم اليوم، باعتبار حاتم مثلا للكرم لا يراد العلم. وقد نقول لا صلاح الدين للقدس. وهذا الجزء من الرجز أحد أبيات تمثل بها الحجاج يوم دخل الكوفة، ومنها:

118 - وهي تنزي دلوها تنزيا … كما تنزي شهلة صبيا

قد حشّها الليل بعصلبيّ … مهاجر ليس بأعرابيّ أروع خرّاج من الدويّ … عمرّس كالمرس الملويّ وحشها: حثها، والعصلبيّ: الشديد. ومهاجر: يريد خبيرا بالحياة. والأروع: الحديد الفؤاد. والدويّ: الصحراء. والعمرّس: الشديد. والمرس: الحبل. [الخزانة ج 4/ 57، وشرح المفصل ج 2/ 102، وسيبويه ج 1/ 354]. 118 - وهي تنزّي دلوها تنزّيا … كما تنزّي شهلة صبيّا رجز غير منسوب. وتنزّي: تحرك. والشهلة: العجوز. يصف ناقة، وشبه يديها إذا أخذت الدلو بهما لتخرجه من البئر بيدي امرأة عجوز ترقص صبيّا، وخصّ الشهلة، لأنها أضعف من الشابة. والشاهد: تنزيّا: مصدر الفعل: نزّى، والقياس فيه «تنزية» على وزن تفعلة فحذف الهاء، حمله على ما هو بمعناه، أي: تحرك دلوها تحريكا. [التصريح/ 2/ 76، والأشموني/ 2/ 307، وابن عقيل/ 2/ 209، واللسان «نزا»]. 119 - بنيته بعصبة من ماليا … أخشى ركيبا أو رجيلا عاديا الرجز لشاعر يثربي قديم، هو أحيحة بن الجلاح، يذكر الحصن الذي بناه في الموقع المسمى «العصبة» والشاهد كونه جعل الركب، ضد الرجل، وضد الرجل يدخل فيه راكب الفرس وراكب الحمار وغيرهما، وفيه ردّ على من قال: إن الركب، أصحاب الإبل، وأن الراكب يقال لراكب البعير خاصة. [الخزانة/ 6/ 253، وشرح المفصّل/ 5/ 77، واللسان «رجل»]. 120 - ذكّرتني الطّعن وكنت ناسيا لرهيم بن حزن الهلالي، في شرح شواهد الشافية/ 109. 121 - حيدة خالي ولقيط وعلي … وحاتم الطائيّ وهّاب المئي لامرأة من بني عقيل. وحيدة، ولقيط، وعلي: أعلام أشخاص. وفي البيت حذف التنوين من «حاتم» للضرورة. وفيه حذف النون من «المئين» لضرورة الشعر. [الخزانة/ 7/ 375، والإنصاف/ 663].

انتهى كتاب «شرح الشواهد الشعرية في أمّهات الكتب النحوية» الذي صنفته في حيّ النصر بالمدينة النبوية في السنوات الأخيرة من الجوار الطيب الذي انتهى جسما، ودام روحا سنة 1414 هـ. وفرغت من قراءة تجربة التنضيد في داريا الشام جوار أبي مسلم الخولاني، ليلة الاثنين الحادي والعشرين من ربيع المولد النبويّ 1417 هـ الموافق الخامس من آب سنة 1996 م. والحمد لله على نعمائه. محمد محمد حسن شرّاب

§1/1