شرح الدروس المهمة لعامة الأمة

عبد الكريم الخضير

الدروس المهمة لعامة الأمة (1)

الدروس المهمة لعامة الأمة (1) شرح رسالة الشيخ ابن باز التي بعنوان: (الدروس المهمة لعامة الأمة) الدرس الأول: سورة الفاتحة وما أمكن من قصار السور، الدرس الثاني: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، الدرس الثالث: أركان الإيمان، الدرس الرابع: أقسام التوحيد، الدرس الخامس: أركان الإسلام، الدرس السادس: شروط الصلاة، الدرس السابع: في أركان الصلاة، الدرس الثامن: واجبات الصلاة. الشيخ/ عبد الكريم الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وصفيه من خلقه، صلى الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد: مقدمة حول رسالة الشيخ ابن باز التي بعنوان: (الدروس المهمة لعامة الأمة): فاستجابة لطلب الإخوة المنظمين لهذه الكلمات في هذا المسجد، والأصل كلمات، ومعنى الكلمات يعني وجيزات مختصرات، وليس دروس كما علق في الإعلان، على هذا اتفقنا، وهي كلمات يسيرة يعلق فيها على كتاب سماحة شيخنا العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله-، والكتاب خدم، فشرح من قبل بعض طلبة العلم، ويوجد في الأسواق شرحان: أولهما: للشيخ: أحمد الطويان، وثانيهما: للشيخ: محمد العرفج، وهناك أشرطة سجلت في دورات علمية حول هذا الكتاب، وفيها شي من البسط والتوضيح، فنحيل المستمعين إليها، وهي أكثر من دورة، وشاركت في اثنتين منها، أولاهم: في جامع ابن القيم في حي المنار، وسجلت الأشرطة، ووزعت، وانتشرت انتشاراً واسعاً، وأخرى في الخرج، وكذالك حضرها جمع غفير، وعلى كل حال مثل ما ذكرت، الكتاب إنما ألف في الأصل للعوام، لعامة الأمة، وعلى هذا فالحديث سوف يكون مختصراً مقتضباً، وليس المجال مجال بسط على مسائل الكتاب؛ لأن هذا يرتقي عن مستوى العامة، وإن كان أكثر الحاضرين من طلبة العلم.

شرح المقدمة:

على كل حال الكتاب فريد في بابه، وإن كان هناك محاولات ممن تقدم مثل: (فتح المعين لفهم الضروري من علوم الدين) لكنه كتاب فقه هذا، وشرح بمجلدات، هناك معرفة ما لا بد منه من أمور الدين، المقصود أن الباب مطروق، لكن بهذا القدر وبهذا الحجم الذي يتناسب مع عوام المسلمين فريد في بابه، فرحمة الله على الشيخ رحمة واسعة، ومما ينبغي التنبه له أن بعض الطبعات تخلو من المقدمة، وأعتمدها بعض الشارحين فشرح الكتاب على أنه لا تقدمة له، ولا يليق بالشيخ -رحمه الله- أن يبدأ دون بسملة ولا حمدلة، وهناك طبعات أخرى فيها مقدمة يسيرة نقرأها على الإخوة. شرح المقدمة: يقول -رحمه الله-: بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة: "الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، يقول: أما بعد: فهذه كلمات موجزة في بيان بعض ما يجب أن يعرفه العامة عن دين الإسلام، سميتها: الدروس المهمة لعامة الأمة"، فقوله: "سميتها" يدل على أن هذه المقدمة من وضع الشيخ، وإن خلت منها بعض الطبعات، هذه ليس فيها مقدمة إطلاقاً، وبعض الشارحين شرح على أن الكتاب لا تقدمة له، وهنا يقول: "أما بعد: فهذه كلمات موجزة في بيان بعض ما يجب أن يعرفه العامة عن دين الإسلام، سميتها: الدروس المهمة لعامة الأمة، وأسأل الله أن ينفع بها المسلمين، وأن يتقبلها مني، إنه جواد كريم". مؤلفه -رحمه الله-. آمين.

لا شك أن العوام والمقصود بهم الذين لا يقرؤون ولا يكتبون على حسب مستوى الكتاب؛ لأنه بدأ الكتاب بتلقين الفاتحة وقصار السور، ومثل هذا لا يخاطب به من يقرأ ويكتب؛ لأنه يقرأ بنفسه، ولا يقتصر على هذه السور التي أشار إليها الشيخ -رحمه الله-، والناس إلى وقت قريب لاسيما أهل العلم وأئمة المساجد لهم عناية بالعوام، فيلقنونهم الضروري من علوم الدين، لاسيما ما يتعلق بالعقائد الأصلية، كالأصول الثلاثة مثلاً، وما يتعلق بكلمة التوحيد إلا أن هذا مع الأسف الشديد هجر منذ أزمان، فلمن يترك عامة الناس، أهل الشر يقذفون بشرهم من كل جانب، وأهل العلم يؤدون بعض ما عليهم في تعليم العلم لأهله ولطلبته، أما عامة الناس فلا تجد من يلتفت إليهم، إلا في كلمة عابرة، أو موعظة مختصرة تتجه إلى القلب من الرقائق ونحوها، أما تعليمهم ما يجب أن يتعلموه، وما يجب عليهم أن يعرفوه، هذا انتبه له الشيخ -رحمه الله- فألف هذه الرسالة المختصرة، والرسالة ابتدأها كما سمعنا الشيخ -رحمه الله- بالبسملة والحمدلة اقتداءً بالقرآن الكريم، وعمل بالحديث الذي يحسنه جمع من أهل العلم ((كل عمل ذي بال لا يبتدئ بحمد الله فهو أقطع)) هذه الرواية حسنها جمع من أهل العلم، وإن حكم بعضهم على الحديث بجميع طرقه وألفاظه بالضعف، على كل حال لو لم يكن في ذلك إلا الاقتداء بالقرآن، فالقرآن مفتتح بالبسملة والحمدلة، ثم أعقب ذلك بالصلاة والسلام على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا سنة مؤكدة، أمر الله -سبحانه وتعالى- في كتابه، وجاءت الأحاديث بالحث عليه، بل ذم من سمع ذكره -عليه الصلاة والسلام- ولم يصل عليه، وجمع -رحمه الله- بين الصلاة والسلام لامتثال الأمر، فإن الأمر لا يتم امتثاله إلا بالجمع بينهما، الجمع بين الصلاة والسلام، فمن أفرد السلام دون الصلاة، أو الصلاة دون السلام أطلق النووي في ذلك الكراهة، وإن خصه ابن حجر -رحمه الله- إن خص الكراهة بمن كان ديدنه ذلك، بأن يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- مطلقاً، ولا يسلم عليه، أو يسلم عليه فيقول: عليه السلام ولا يصلي عليه دائماً، أما من كان يجمع بينهما تارة، ويفرد الصلاة تارة، ويفرد السلام تارة فإنه لا تتناوله

الدرس الأول: سورة الفاتحة وما أمكن من قصار السور:

الكراهة حينئذٍ. "وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: " وهذه كلمة يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر، وهي سنة أستعملها النبي -عليه الصلاة والسلام- في خطبه ومكاتباته، ووردت في أكثر من ثلاثين حديثاً، "فهذه" الفاء واقعة في جواب (أما) "كلمات موجزة" يعني مختصرة قليلة، فالإيجاز هو: التعبير عن المعنى بألفاظ قليلة، يقابله الإطناب: بأن تكون الألفاظ أكثر من المعاني، والثالث المساواة: أن تكون الألفاظ على قدر المعاني، وهنا ألفاظ وكلمات موجزة، يعني مختصرة في بيان بعض ما يجب أن يعرفه العامة عن دين الإسلام، بعض ما يجب يعرفه العامة، يعني في أهم المهمات، وإن كان هناك شيء كثير من المهمات، ذكر أهل العلم من نواقض الإسلام الإعراض عن دين الله، لا يتعلمه، ولا يلقي له بالاً، وإذا دعي إليه أعرض، نسأل الله العافية، يقول: "سميتها الدروس المهمة لعامة الأمة، وأسأل الله أن ينفع بها المسلمين، وأن يتقبلها مني، أنه جواد كريم" رحمه الله رحمة وسعة. الدرس الأول: سورة الفاتحة وما أمكن من قصار السور: يقول -رحمه الله-: "منهج الدروس المهمة لعامة الأمة، الدرس الأول:

يقول: "سورة الفاتحة وما أمكن من قصار السور -وما أمكن- من سورة الزلزلة إلى سورة الناس، تلقيناً وتصحيحاً للقراءة، وتحفيظاً وشرحاً لما يجب فهمه"، سورة الفاتحة أعظم سورة في كتاب الله، ولا تصح الصلاة بدونها، في الصحيحين وغيرهما من حديث عبادة بن الصامت: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)) فهي ركن من أركان الصلاة، تجب على الإمام والمأموم والمنفرد، دون المسبوق عند جمهور العلماء، فالمسبوق تسقط عنه لحديث أبي بكرة، أما من أدرك قراءتها ولو كان مأموماً فإنه يجب عليه أن يقرأها، في حديث أبي سعيد بن المعلى في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وعده أن يخبره قبل أن يخرج من المسجد بأعظم سورة في القرآن، فلما أراد أن يخرج سأله عنها، فقال: ((هي فاتحة الكتاب، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته)) وإذا كانت الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام لا تصح بدونها عند جمهور العلماء، فحري بكل مسلم أن يحفظها، ويحافظ عليها، وجاء في فضلها أحاديث كثيرة، وقد رقى بها أبو سعيد الخدري سيد القوم الذي لدغ فبرئ فكأنما نشط من عقال، وحديثه في الصحيح، قرأ عليه الفاتحة فبرئ كأن لم يكن به وجع، في الترمذي أنه قرأها عليه سبع مرات، المقصود أن هذه السورة لا بد من تعلمها لتصحيح الصلاة.

يقول: "وما أمكن من قصار السور" فإذا عرفنا فضلها فعلينا أن نحفظها، وأن نتقنها ونجودها، وأن نعربها الإعراب التام، فإذا حفظت على خطأ استمر الخطأ، فلا بد أن تلقن صحيحة بمدودها وشداتها وحركاتها، يعني إذا قرأ القارئ في الصلاة: "صراط الذين أنعمتُ عليهم" صلاته باطلة، "أهدنا الصراط" كذلك، فلا بد من ضبطها وإتقانها، والكلام هذا وإن كان معروف لدى طلاب العلم ألا أن الكتاب مؤلف لعامة المسلمين، وعلى أئمة المساجد وطلبة العلم التبعة في تلقين عامة المسلمين هذه السورة، وحثهم عليها، وإذا كانت البيوت مملوءة بمن يقرأ القرآن من ذكور وإناث، من صغار وكبار، وحلاقات التحفيظ -ولله الحمد- كثيرة متوافرة في كل حي، فما بقي لأحد عذر، لم يبقَ لأحد عذر، ولا عيب ولا ضير على أحد سواء كان كبيراً أو صغيراً أن يجلس إلى من يعلمه القرآن، ففي الحديث الصحيح: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).

"وما أمكن من قصار السور من سورة الزلزلة إلى سورة الناس" تفسير الفاتحة يحتاج إلى أوقات، وما فيها من علوم؛ لأن علوم الكتب السماوية كلها جمعها القرآن الكريم، ويقول أهل العلم: إن جميع علوم القرآن في الفاتحة، وعلم الفاتحة في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [(5) سورة الفاتحة] فتفسيرها وتوضيحها يحتاج إلى وقت طويل، فكيف إذا قرن معها سور؟! بضعة عشر سورة: الزلزلة والعاديات والقارعة والتكاثر والعصر الهمزة الفيل قريش الماعون الكوثر الكافرون النصر تبت الإخلاص المعوذتين، هذا يحتاج إلى وقت طويل، وعلى كل حال إذا عرفنا منزلة القرآن علينا أن نهتم به، وأن نديم النظر في كتاب الله، وأن نليه عناية تامة، فإذا كان عموم المسلمين ينظرون في الصحف المجلات الساعات الطوال، وليس لكتاب الله نصيب، هذا مسخ للقلوب، نسأل الله العافية، فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه، الأمر ليس بسهل، فلا بد من إدامة النظر في كتاب الله، وحفظ ما يمكن حفظه منه، {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [(49) سورة العنكبوت] القلب الذي ليس فيه شيء من القرآن كالبيت الخرب، فعلينا أن نعتني بحفظ القرآن، وإدامة النظر فيه، وملازمة تلاوته، وأن نجعل لنا حزب يومي لا تغيب شمس اليوم إلا بعد قراءته، وعلينا أيضاً أن نقرأ مع الفهم والتدبر؛ لأنه كلام الله، وكلام موجه إليك، افعل أو اترك، فكيف تفعل أو تترك وأنت لا تفهم؟ والعلوم كلها تحت تدبر القرآن، يقول ابن القيم -رحمه الله-: فتدبر القرآن إن رمت الهدى ... فالعلم تحت تدبر القرآنِ الآن لو جاء نظام موجه إلي عموم الموظفين لتطبيقه، تجد أول ما يرد هذا النظام مدير الدائرة ووكلاؤه ورؤساء الأقسام، يحتجبون عن الناس لمدارسة هذا النظام وفهمه، وهو نظام بشر، لكن تمر عليهم الآيات والكلمات التي تحتاج إلى فهم، تحتاج إلى توضيح واستيضاح من أهل العلم، أو بالرجوع إلى الكتب تمر كأنها لا تعني القارئ، أو لا تعني السامع.

"وما أمكن من قصار السور من سورة الزلزلة" ولا أعرف لتخصيص هذا القدر بالنسبة لعامة الناس أصل، وكأن الشيخ -رحمه الله- نظر إلى أن سورة البينة صعبة على كثير من الناس، فقصر الأمر دونها، نعم يروي الترمذي -وإن كان الحديث فيه مقال- أن أعرابي سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- ماذا يحفظ من القرآن؟ لأن كبر سنه، وصعب عليه الفهم والحفظ، ولسانه لا يطاوعه، فقال: ((اقرأ من ذوات ألف لام ميم راء)) أو ألف لام راء، فذكر أنه لا يستطيع ذلك فقال: ((اقرأ من ال حاء ميم)) فأعاد عليه فقال: ((اقرأ إذا زلزلت)) فإن كان الشيخ أعتمد على هذا النص وإلا فلا أعرف لتخصيص هذا القدر من الزلزلة إلى الناس أصل، فعلى كل إنسان أن يحفظ من القرآن ما يتيسر له حفظه، ما لم يعجز عنه يحفظه، وإذا عرفنا فضل القرآن، وفضل تلاوته القرآن، له في كل حرف عشر حسنات، يعني لو تقرأ جرايد الدنيا وش لك من الحسنات؟ كتب الدنيا كلها ما فيها أجر مرتب على حروفها إلا هذا الكتاب، حتى السنة ليس فيها مثل هذا الأجر، نعم من قرأ السنة ليتفقه ويتعلم يرجى له ما يرجى لأهل العلم، ويرجى له ما يرجى لمن سلك طريق يلتمس فيه علماً، لكن كل حرف عشر حسنات! الختمة الواحدة ثلاثة ملايين حسنة بل أكثر، هذا شيء عظيم، ولا يفرط به إلا محروم، لكن الذي لا يستطيع لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، شخص يعالج نفسه الأيام والشهور والأعوام ليحفظ القرآن ما أستطاع، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لكن عليه أن يحفظ ما يستطيع، فيبدأ بالفاتحة لما ذكرنا، ويبدأ بالمعوذتين وسورة الإخلاص، وقل يا أيها الكافرون، ومن المهم مما أهمله الشيخ أية الكرسي، وأواخر سورة البقرة، وأواخر الحشر، وعشر آيات من سورة الكهف، من أولها أو من أخرها، فإذا حفظ هذا القدر، واستطاع أن يحفظ غيره فإن أستكثر فالله أكثر، لكن ما نقول: أن هذا الشخص لا بد أن يحفظ من الزلزلة إلى الناس، هذا عامي هذا فرضه، هذا نصيبه، لا، يحفظ ما تيسر، إن حفظ هذا القدر يزيد عليه، وليس هناك حد محدود للقدر الذي يحفظه، وأعتاد الناس أن يلقنوا الصبيان المفصل يبدءون به قبل أن يدخلونهم في بقية العلوم، ثم يحفظون الباقي على التدرج مع بقية العلوم والفنون

الدرس الثاني: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله:

الأخرى، وهذه طريقة المشارقة، يخلطون القرآن بغيره في أول الأمر، أما طريقة المغاربة فلا يلتفتون إلى شيء من العلوم قبل حفظ القرآن كاملاً، "من سورة الناس إلى سورة الزلزلة تلقيناً" لأن المسألة مفترضة في من؟ فيمن لا يقرأ ولا يكتب، يحرص على من يلقنه هذه السور، من ابن أو بنتٍ أو زوجة أو أخ أو إمام المسجد، أو عالم يتصدى لإقراء الناس، والملاحظ أن العلماء لا ينتبهون ولا يلتفتون لمثل هذه الأمور، بل يتركونها لغيرهم، قصار السور يقرأها المقرءون، وأنا أتفرغ لكبار العلم، لا، العالم الرباني كما في الصحيح عن ابن عباس معلق، "الذي يبدأ بتعلم الناس صغار العلم قبل كباره" فيجعل من وقته للمبتدئين، ويجعل من وقته قسط للمتوسطين، ويخص أيضاً طلبة العلم المدركين بجل وقته، كما هو معروف. "تلقيناً وتصحيحاً للقراءة وتحفيظاً وشرحاً لما يجب فهمه" هناك كلمات في هذه السورة وفي غيرها يحتاج إلى حلها، يحتاج إلى تفهيمها وشرحها وتوضيحها وبسطها، وهناك تفاسير ميسرة، يفهمها طالب العلم، ويفهمها العامي، ويفهمها المبتدئ والمتوسط، ويستفيد منها المنتهي، فتفسير الشيخ ابن السعدي -رحمه الله-، تفسير ميسر ومسهل، مبسوط بأبسط عبارة، تفسير الشيخ فيصل بن مبارك -رحمه الله-، تفسير نفيس، يستفيد منه طلاب العلم، فعلينا أن نراجع تفسير هذه السور وغيرها مما يشكل في هذه الكتب المذكورة، أما التصدي لتفسير هذه السور السبعة عشر سورة، سورة سورة مع الفاتحة هذا يحتاج إلى وقت طويل، يحتاج إلى دورات، وليس إلى دورة واحدة، لكن يحال الإخوة إلى التفاسير الميسورة السهلة. الدرس الثاني: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله:

الدرس الثاني: وينبغي أن يكون أوله الدرس الأول، وإنما أخر، أخره الشيخ لما يتعلق به، وإلا فأول واجب على المكلف قبل الفاتحة وغير الفاتحة شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، أول واجب على المكلف التلفظ بالشهادتين خلافاً لما يقوله المبتدعة يكون أول واجب على المكلف النظر، أو القصد إلى النظر وبعضهم قال: أول واجب الشك، أول ما يجب عليك تشك، ثم بعد ذالك تبحث، لا، لا، كل هذا لا دليل عليه، إنما أول وأجب على المكلف أن يقول: أشهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وبهذا يدخل في الإسلام بشرح معانيها: "لا إله" معروف أن (لا) نافية، نافية جميع ما يعبد من دون الله، "لا إله" تنفي جميع الآلهة، من أي نوع، من أي صنف كانت، سواء كانت من الحجارة أو الأشجار أو من الملائكة أو من البشر أو من الملوك والرؤساء والعظماء من الأحبار من الرهبان وغيرهم، "لا إله إلا الله" تثبت العبادة لله وحده لا شريك له، فبعد أن نفى العبادة عن جميع ما سوى الله -سبحانه وتعالى- أثبتها لله -سبحانه وتعالى-، فإذا قال المكلف: لا إله إلا الله، أو أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمد رسول الله دخل في الإسلام، وهذا خلاف لما يقوله المبتدعة من أنه قد يقول: لا إله، ثم يموت من غير أن يكمل، فينفي جميع الآلهة ولا يتمكن من إثباتها، لله - سبحانه وتعالى- فهو يقتصر على لفظ الجلالة (الله)، ويغلو بعضهم ويزيد فيقول: قد يموت بعد النطق ببعض الكلمة دون بعض فيقتصر على الضمير: هو، هو، نسأل الله العافية، والضلال لا نهاية له، فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يهدينا الصراط المستقيم، وأن يجنبنا طريق المغضوب عليهم، ولا الضالين، يقول بعضهم في اليوم الواحد منهم مائة ألف مرة: الله، الله هذه الكلمة مفيدة؟! الكلام المفيد الذي يحسن السكوت عليه، فإذا قلت: الله، يقول قائل: ماذا عن الله؟ أخبرنا، فاللفظ المفرد لا تقع به فائدة، ولا تكمن به الفائدة، وبعضهم ليل نهار: هوهو، هو هو، نسأل الله العافية، ويحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وإذا كان أمامهم ومقدمهم يقول: بذكر الله تزداد الذنوب ... وتنطمس البصائر والقلوب

هذا أمامهم ومقدمهم، ويدعون فيه الولاية، بل يعبد من دون الله، نسأل الله العافية، فلا بد أن ينطق بها على هذه الكيفية، كما وردت في نصوص، ومعناها: "لا إله" شرحها الشيخ -رحمه الله- باختصار، نافياً جميع ما يعبد من دون الله، "إلا الله" مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له، وبعضهم يقدر، لا إله موجود، وهذا التقدير موجود لوجود الآلهة التي تعبد من دون الله، "لا إله"، قد يقول القائل: كيف نفى مع وجود الآلهة؟ نقول: هذه الآلهة وإن أدعى عابدوها أنها آلهة فهي في الحقيقة ليست بآلهة، وجودها مثل عدمها، وجودها مثل عدمها. يقول: "بشرح معانيه مع بيان شروط لا إله إلا الله" شروط لا إله إلا الله، أركان لا إله إلا الله، أركان لا إله إلا الله، إيش؟ نعم، النفي والإثبات، نعم، شروط لا إله إلا الله سبعة، وأضاف بعضهم شرط ثامناً، أولاها: العلم المنافي للجهل، لا بد أن نعلم معنى لا إله إلا الله، وإلا الذي لا يعرف معنى لا إله إلا الله يقع فيما يضادها، وهو لا يشعر، تجد الشخص يقول: لا إله إلا الله وهو مع ذلك يطوف بالقبر، يزاول الشرك وهو يقول: لا إله إلا الله، هذا دليل على معرفته بلا إله إلا الله أو دليل على جهله؟ دليل على جهله، الذي يعرفون معنى لا إله إلا الله لما قيل لهم: قولوا، قالوا: أجعل الآلهة إله واحداً، أنكروا، وحال كثير ممن ينتسبوا إلى الإسلام دون حال أبي جهل في معرفة معنى: لا إله إلا الله، يطوف بالقبر ويقول: لا إله إلا الله، تنفعه لا إله إلا الله؟ لا.

اليقين المنافي للشك، إذا كان شخص يتردد، مرة يقول: لا إله إلا الله، ومرة يأتي بما يناقضها، ومرة على مزاجه، إن شاء قالها، وإن شاء نقضها، هذا ليس على يقين منها، ولا من الثواب المرتب عليها، فالذي يتردد هو الشاك، فالشك هنا يشمل ما يحتمل النقيض بجميع صوره، فيشمل الظن المقصود به الاصطلاحي، ويشمل الشك ويشمل الوهم، فما يحتمل النقيض يقابله اليقين؛ لأن اليقين هو العلم الذي لا يحتمل النقيض الجازم بنسبة مائة بالمائة، إذا نزلت النسبة عن مائة بالمائة قابل اليقين، وهنا يعبرون بالشك، والشك في اصطلاح أهل العلم هو: الاحتمال المساوي، الاحتمال يعني أن الخبر يحتمل النقيض مع المساواة، يعني إذا كان النسبة خمسين بالمائة قالوا: شك، إذا ارتفعت النسبة من خمسين إلى ما يقرب من المائة هذا ظن، والاحتمال الراجح إذا نزل عن الخمسين فهو وهم، فهل معنى الكلام هنا المنافي للشك أنه إذا نزلت النسبة عن المائة يعني موقن بنسبة، أو معتقد بنسبة تسعين بالمائة، عنده شكوك بنسبة عشرة بالمائة عشرين بالمائة نقول: هذا محقق لـ (لا إله إلا الله) إذا عرفنا الظن الاصطلاحي وهو ما يحتمل النقيض، فماذا عن قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ} [(46) سورة البقرة] هذا ظن ويكفي هذا الظن، نقول: الظن هنا بمعنى اليقين، الظن هنا عند أهل العلم هو اليقين والاعتقاد الجازم، وإلا فمن يشك في لقاء الله، أو يتردد في لقاء الله، أو هناك نسبة ولو يسيرة في احتمال أنه لا يلاقي ربه هذا لا يصح إيمانه.

الإخلاص المنافي للشرك، الإخلاص لا بد منه، وهو شرط لكل عبادة، فلا عبادة مقبولة إلا مع الإخلاص، ولا بد من إضافة شرط ثان وهو المتابعة، لا بد أن يكون العمل ومنه ما نحن بصدده أن يكون خالصاً لوجه الله -سبحانه وتعالى-، يقول: "لا إله إلا الله مخلص لله" لا بتأثير قريب أو بعيد، كبير أو صغير، متبوع أو رئيس، قل: لا إله إلا الله .. !، من الطرائف: وجدنا شخص ممن يقود السيارة لبعض الأسر في المسجد يصلي، سئل هل هو مسلم؟ لأنهم يغلب على ظنهم أنه ليس مسلم، قال: بابه مسلم، كفيله مسلم، هذا لا ينفعه مثل هذا، لا بد أن تكون أنت مسلم، وأن تكون صلاتك خلاصه لله -سبحانه وتعالى-، فالذي ينافي الإخلاص الشرك. والصدق المنافي للكذب: أن يقول هذه الكلمة صادقاً في قولها، مصدقاً بها، عاملاً بمقتضاها، المحبة المنافية للبغض، محبة الله -سبحانه وتعالى-، وما يصدر عن الله، أما من يحب أحداً كحبه لله هذا شرك، هذا شرك أو يبغض ما جاء عن لله، سواء أبغض الله أو ما جاء عن الله، فهذا ينقض لا إله إلا الله؛ لأن هذه المحبة شرط من شروط لا إله إلا الله، من شروط صحتها، ونفعها للمكلف، وإلا إذا أبغض ما جاء عن الله في كتابه أو على لسان رسوله، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا} إيش؟ طالب: {مَا أَنزَلَ اللَّهُ} {فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [(9) سورة محمد] فكراهية الله، أو كراهية ما جاء عن الله، أو كراهية الدين، أو كراهية الرسول، أو كراهية دين الرسول، أو بعض ما جاء عن الرسول هذا منافي لقول: لا إله إلا الله، قد يقول قائل: نرى كثير من الناس يكره بعض الشعائر، أو بعض من يأمره بالشعائر، بعض الناس يكره اللحية، ويتقزز من رأيتها وحاملها، هذا على خطر عظيم، هذه سنة المصطفي -عليه الصلاة والسلام-، بعض الناس يكره الذين يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر؛ لأنهم يأمرونه بتطبيق دين الرسول -عليه الصلاة والسلام-، هذا على خطر عظيم، إذا كان يكرههم للأمر والنهي، أما إذا كان يكره شخص من الناس من أهل الحسبة؛ لأنه حصل بينه وبينه قضيه هذا الأمر سهل ثاني يعني غير الأول، أما إذا كرهه وأبغضه لأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر هذا خطر عظيم بلا شك.

الانقياد المنافي للترك، لا بد أن ينقاد المسلم ويستسلم لله -سبحانه وتعالى-، فلإسلام هو الاستسلام والانقياد والإذعان، وإلا فما معنى مسلم لا ينقاد لأوامر الله، ولا يستسلم لأوامره، قد يقول قائل: كثير من المسلمين لا ينقادون، هل معنى هذا أنهم غير مسلمين؟ إذا كانوا لا ينقادون مع اعترافهم بأنهم مخالفون، هؤلاء ارتكبوا معاصي، لكن إذا استحلوا الترك والمأمور به دليله قطعي يخرجون من الدين، إذا أنكروا أمراً معلوم من الدين بالضرورة، إذا قيل له: صلِ، قال: ما أنا مصلي، إذا قيل: قل: لا إله إلا الله، قال: ما أنا بقائل، هذا تارك، لكن هل تركه للصلاة مع جحد وجوبها يكفر قولاً واحداً، إذا كان تركه للصلاة تكاسل وتهاون هذه المسألة خلافية، والمفتى به، والمعمول به عند جمع من أهل التحقيق أنه يكفر إذا ترك ولو أقر بوجوبها، لكن نفترض في مسألة ثانية قيل له: صم رمضان، قال: ما أنا بصائم، لماذا؟ قال: والله الصيام ما هو بواجب، قلنا: كافر؛ لأن وجوب الصيام معلوم من الدين بالضرورة، لكن لو قال: والله حر، وأنا عندي عمل، وعندي أسرة أنفق عليهم، ما أنا بصائم في رمضان، ارتكب أمراً عظيماً، وعلى خطر كبير، من أهل العلم من يرى أنه يكفر بترك الأركان، لكن المعتمد عندهم أنه لا يوجد ما يكفر به إلا الصلاة من الأركان. القبول المنافي للرد: لا بد أن تقبل لا إله إلا الله، وأن تقبل جميع ما تلزمك به لا إله إلا الله، فلا ترد شيء من مقتضيات لا إله إلا الله. والكفر بما يعبد من دون الله: هذا الثامن، الكفر بما يعبد من دون الله، هذا هو الشرط الثامن، هذا هو الشرط الثامن الكفر بما يعبد من دون الله، ولذا جاءت هذه الشروط مجموعة في بيتين: علم يقين .. ، السبعة في بيت واحد، والثامن في البيت الثاني. علم يقين وإخلاص وصدقك مع ... محبة وانقياد والقبول لها علم، يقين، إخلاص، صدق، محبة، انقياد، قبول، سبعة. وزيد ثامنها الكفران منك بما ... سوى الإله من الأوثان قد أله

الدرس الثالث: أركان الإيمان:

لا بد أن يكفر بما يعبد من دون الله، لا يتصور أن شخصاً يعبد الله بهذه الشروط السبعة، ويقول: لا إله إلا الله ولا يكفر بما يعبد من دون الله، لا بد من الإيمان بالله، والكفر بالطاغوت، هما ركنا الإيمان، هما ركنا لا إله إلا الله، ولا تصح شهادة ألا إله إلا الله إلا بالكفر بجميع ما يعبد من دون الله كائناً من كان، مهما كانت منزلته عند الله -سبحانه وتعالى-. الدرس الثالث: أركان الإيمان: ثم ذكر الشيخ -رحمه الله تعالى- في الدرس الثاني الشهادتين، ومعناهما، وشروط لا إله إلا الله، ثم في الدرس الثالث ذكر -رحمه الله تعالى- أركان الإيمان، وقال: "هي أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وتؤمن بالقدر خيره شره من الله تعالى"، أولاً: الإيمان في الأصل هو: التصديق الجازم، وهو في الشرع: قول باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالأركان، وهو عند المحققين يزيد وينقص، كما قرره سلف هذه الأمة، والأركان المتعلقة بالإيمان ستة: ذكرت في مواضع من القرآن، وأجاب النبي -عليه الصلاة والسلام- بها في تعريف الإيمان لما سأله جبريل عن الإيمان قال: ((أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الأخر وتؤمن بالقدر)) الإيمان بالله أن تعترف بوجود لله، وأن تقر وتعتقد اعتقاداً جازماً أنه موجود، وأنه هو المستحق للعبادة وحده دون من سواه، وأن تذعن لأوامره، وأن تجتنب نواهيه، والإيمان بالملائكة أن تعتقد اعتقاداً جازماً لا يساوره أدنى شك بان لله ملائكة جاء وصفهم في الكتاب والسنة بأنهم لا يعصون الله -سبحانه وتعالى-، وأنهم في عبادته وخدمته، وأنهم عدد كبير وجمع غفير، فنؤمن بمن نعرف اسمه من الملائكة، ونؤمن بالبقية أجمالاً, وأن لله -سبحانه وتعالى- ملائكة عدد كببر، كما جاء في الأخبار في حديت الأطيط: ((أطت السماء وحق لها أن تئط فما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو قائم)) والبيت المعمور يدخله في اليوم سبعون ألف ملك، كل يوم يدخله سبعون ألف ملك لا يعودون إليه آخر ما عليهم.

فالملائكة خلق نوراني، خلق من نور، خلقهم الله -سبحانه وتعالى- لخدمته وعبادته، والمقصود بالخدمة لا يعني أنها من حاجة، فالخلق كلهم خالقهم الله -سبحانه وتعالى- من غير حاجة إليهم، ولا يزيدون في ملكه، ولا ينقصون منه شيئاً، فلو كان الخلق كلهم جنهم وإنسهم، حيهم وميتهم، قديمهم وحديثهم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما ضر من ملك الله شيء، وبالعكس لو كانوا على أتقى قلب رجل، فليس خلق الله –سبحانه وتعالى- للملائكة ولغيرهم من المخلوقات لحاجة إليهم، بل هو الغني الغنى المطلق. والإيمان بالرسل ركن من أركان الإيمان لا يتم الإيمان إلا به، فنعتقد اعتقاداً جازماً، ونوقن يقيناً لا يساوره أدنى شك بأن الله -سبحانه وتعالى- أرسل الرسل إلى الأمم ليحذروهم وينذروهم، وأن عددهم كما جاء في حديث أبي ذر على ما فيه من الكلام أكثر من ثلاثمائة، وأما الأنبياء فجم غفير، ونؤمن بمن عرفنا اسمه من هؤلاء الرسل، وعلينا أن نؤمن بالرسل كلهم، سواء عرفنا أسماءهم أو لم نعرف أسماءهم، ووظيفة الرسول أنه يأمر الخلق بطاعة الله -سبحانه وتعالى- وبعبادته، بعبادته -عز وجل-، وليس عليهم إلا البلاغ، ولا يجوز أن يصرف لهم أي حق من حقوق الله -سبحانه وتعالى-، وأفضل الرسل كما هو معروف محمد -عليه الصلاة والسلام-، وهو رسول مرسل من عند الله -سبحانه وتعالى-، وهو أيضاً في الوقت نفسه عبد من عباد لله، ذكره الله -سبحانه وتعالى- بالعبودية في أشرف المقامات {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ} [(1) سورة الإسراء] {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ} [(19) سورة الجن] إلى غير ذلك، فلا يجوز أن يصرف له، ولا لغيره من الرسل والأنبياء أي شيء مما يجب صرفه لله -سبحانه وتعالى-، فهم خلق من خلقه، نعم لهم مزية على بقية الخلق، شرفهم الله بحمل هذه الرسالة، لكن لا يجوز أن يصرف لهم شيء من حقوق الله -سبحانه وتعالى-، والإيمان بالرسل ولاسيما نبينا -عليه الصلاة والسلام-، يستلزم الإيمان به: طاعته فيما أمر، والتصديق بما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع -عليه الصلاة والسلام-.

الدرس الرابع: أقسام التوحيد:

وباليوم الآخر: نؤمن بأن هناك يوم آخر، وأنه بعد الموت بعث، لا بد من الإيمان بالبعث بعد الموت، نؤمن به كما جاء في النصوص، وأن الله -سبحانه وتعالى- يعيد الخلق بعد موتهم، والإيمان بالقدر خيره وشره من الله -سبحانه وتعالى-، وأن كل شيء بقدر، وأنه لا يصب الإنسان، ولا يصيب الشعوب والأمم إلا شيء كتبه الله -سبحانه وتعالى- عليهم، لا يكون في خلقه ما لا يريده -سبحانه وتعالى-. الإيمان بالقدر أن تعلم وتوقن وتجزم بأن ما أصبك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطئك لم يكن ليصيبك، وأن الأمم لو اجتمعت عليك ليضروك بشيء لم يكتبه الله -سبحانه وتعالى- عليك فإنهم لا يستطيعون ذلك، ولو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يقدره الله لك ولم يكتبه لك لم يستطيعوا ذلك. الدرس الرابع: أقسام التوحيد: الدرس الرابع: أقسام التوحيد، وهي ثلاثة: توحيد الإلوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات. توحيد الإلوهية هو: توحيد الله -سبحانه وتعالى- وإفراده بالعبادة، هذا توحيد العبد وإفراده ربه -عز وجل- بعبادته بأن لا يصرف لغيره شيئاً مما يختص به الله -سبحانه وتعالى-، فلا يجوز أن يعبد ولا يؤلّه غير الله -سبحانه وتعالى-، فلا ينذر إلا له، ولا يستغاث إلا به، ولا يدعى سواه، ولا يصلى إلا له، وهكذا جميع أنواع العبادة لا يجوز صرف شيئاً منها لغير لله -عز وجل-، وبهذا يتم تحقيق توحيد الإلوهية. وأما توحيد الربوبية والإقرار بوجوده، وأنه الرب الخالق الرازق المتصرف الذي لا شريك له في هذا الباب في الخلق ولا في الرزق، والإقرار به والاعتراف بتوحيد الربوبية لا يكفي وحده دون تخليص توحيد الإلوهية من الشوائب؛ لأنه لو كان كافياً لما قاتل النبي –عليه الصلاة والسلام- الكفار حتى يقولوا: لا إله إلا الله، هم يعترفون بوجود الله، وأنه لا خالق غيره، وأنه لا رازق سواه، ولكنهم يشركون معه غيره.

وأما توحيد الأسماء والصفات: فالله -سبحانه وتعالى- له الأسماء الحسنى وله الصفات العلى، يجب الإيمان بجميع ما جاء عن الله -سبحانه وتعالى- في كتابه، وعلى لسان رسوله -عليه الصلاة والسلام- كما جاءت، ولا نتعرض لتأويلها ولا تحريفها ولا التكيف، نؤمن بأن الله -سبحانه وتعالى- له الأسماء الحسنى، ونؤمن بجميع ما جاء في النصوص مما صح عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام-، كما يليق بجلاله وعظمته، ونؤمن بأن له الصفات العلى الكاملة الكمال المطلق الذي لا يعتريه نقص بوجه من الوجوه، وكذلك الإيمان بالصفات يكون توقيفياً، فلا نصف ولا نسمي الله -سبحانه وتعالى- إلا بما سمى به نفسه، أو وصفه بها، ثم ذكر -رحمه الله- أقسام الشرك، وأنها ثلاثة: شرك أكبر، وشرك أصغر، وشرك خفي، الشرك الأكبر: أن تعبد مع الله -سبحانه وتعالى- غيره، وهذا الشرك هو المحبط للعمل، وهو الذي يوجب الخلود في النار، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر]، {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء]، وأما الشرك الأصغر فأمره أسهل من الشرك الأكبر، وإن كان خطراً عظيماً، وإن كان الشرك الأصغر خطراً عظيماً حتى قال بعضهم: إنه لا يغفر، ولا يدخل تحت المشيئة كالكبائر، كبائر الذنوب التي يقترفها المسلم داخلة تحت المشيئة إن شاء الله -سبحانه وتعالى- عذبه، وإن شاء غفر له، لكن الشرك الأصغر إطلاق الشرك عليه يقتضي أنه لا يغفر، بل يدخل في قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء]، وعلى كل حال هو لا يقتضي الخلود في النار، ولا يخرج من الملة، فصاحبه إذا عُذب ونقي من هذا الشرك فإنه مآله إلى الجنة -إن شاء الله تعالى-، الشرك الخفي وهو الرياء، من أمثلة الشرك الأصغر: الحلف بغير الله -سبحانه وتعالى-، وقول: ما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان، هذا شرك أصغر.

والشرك الخفي هو الرياء، مرآة الغير بعمل الخير، تطيل الصلاة، تسكن في صلاتك، تخشع في قراءتك لما ترى من نظر غيرك إليك، هذا نسأل الله العافية من أنواع الشرك، وهو في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل، وله كفارة كما جاء في الخبر تقول: "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم" هذا فيما تخشى أن تقع فيه؛ لأنه خفي، والشيطان حريص على إحباط أعمال الإنسان، وهذا الرياء وهذا الشرك إذا خالط العمل الصالح إن لم يبطله ويحبطه نقص ثوابه، فإن قارنه من أوله إلى أخره فلا شك في بطلانه، وإن طرأ على المصلي أو على الصائم أو على الحاج أو غير ذلك ثم قاومه فإنه لا يضره -إن شاء الله -سبحانه وتعالى-. من أنواع الشرك ما يسمى بالتشريك في العبادة، تعمل العمل لله ولغيره، نعم هذا تشرك في العبادة، أن تعمل لله ولغيره، فمن التشريك ما يضر بالعبادة، ومنه ما لا يضر، إذا شركت في العبادة أمراًً محرماً ضر، وأن شركت بها أمراً مباحاً فالأمر أسهل، وأن شركت عبادة بعبادة فالأمر -إن شاء الله- لا شيء فيه، لو قدر أن شخص تزوج لقضاء الوطر، نقول: يؤجر، وهو في عبادة، وإن كان تزوج من أجل قضاء شهوته كما جاء في الحديث: ((وفي بضع أحدكم صدقة)) قالوا: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: ((نعم، أرأيتم لو وضعها في حرام)) فإذا شرك العبادة بغيرها طاف بالبيت ويقصد بذلك ثواب هذا الطواف، ويقصد مع ذلك التخفيف، نصحه الأطباء بأن يمشي، يكثر المشي مثلاً، فقال: بدلاً من أن أمشي في الأسواق والطرقات أمشي في المطاف له أجر وإلا ليس له أجر؟ نعم، له أجر، يؤجر -إن شاء الله تعالى- لأن عدله من المشي في الطرقات إلى المطاف لا شك أنه عدول إلى خير، لو أمر بحمية، فقال: أصوم بدلاً من أن أفطم نفسي بدون أجر، أصوم وأحتمي في الوقت نفسه يؤجر -إن شاء الله تعالى- لأنه عدوله إلى هذه العبادة خير له، لكن من خلصت نيته للعبادة لا شك أنه أعظم أجراً، تطويل الركوع من أجل الداخل هذا تشريك في العبادة لكن فيه مصلحة لأخيك المسلم من أجل أن يدرك الركعة، فلا شيء فيه عند أهل العلم ما لم يضر بالمصلين، وإن قال القرطبي ونقل عن المالكية: أنه من التشريك المذموم.

يقول الشيخ -رحمه الله-: فالشرك الأكبر يوجب حُبوط العمل، والخلود في النار، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [(88) سورة الأنعام] وقال تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ} [(17) سورة التوبة] لا شك أن عمارة المساجد من أفضل الأعمال، لكن لا بد أن يقترن بالعمارة الحسية العمارة المعنوية {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ} [(18) سورة التوبة] قد يقول القائل: لماذا هذا الحصر؟ ما المانع مثلاً أن يتبرع كافر ببناء مسجد؟ نقول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ} [(18) سورة التوبة] أما عمارة الكافر للمسجد فإنها لا تنفعه، بل هي حابطة؛ لأنه مشرك، وبعض الناس يذم من يعمر المساجد ويقول: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ} [(19) سورة التوبة] يرددها بعض الناس، ويقول: إن عمارة المسجد الحرام .. ، نعم هي ليست كمن آمن بالله، لكن إذا قارنت الإيمان فهي من أفضل الأعمال، أما إذا صارت قسيماً للإيمان عمارة المساجد أو الإيمان بالله، فعمارة المساجد وسقاية الحاج لا خير فيها دون الإيمان، ولا أجر فيها ولا ثواب بدون الإيمان؛ لأن الإيمان شرط لقبول جميع الأعمال، وهذا عمل من أعمال الخير. يقول: "وأن من مات عليه فلن يغفر له، والجنة عليه حرام، قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء] وقال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [(72) سورة المائدة] نسأل الله العافية.

يقول الشيخ: "ومن أنواعه: دعاء الأموات والأصنام، والاستغاثة بهم، والنذر لهم، والذبح لهم، ونحو ذلك" وغير ذلك من أنواع العبادة التي لا يجوز صرف شيء منها لغير لله -سبحانه وتعالى-، التوكل على غير الله، السجود لغير الله، نسأل الله العافية كل هذا من الشرك الأكبر. أما الشرك الأصغر يقول: "فهو ما ثبت بالنصوص من الكتاب والسنة تسميته شركاً، ولكنه ليس من جنس الشرك الأكبر كالرياء في بعض الأعمال، والحلف بغير الله، وقول: ما شاء الله وشاء فلان، ونحو ذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر)) فسئل عنه فقال: ((الرياء)) رواه الإمام أحمد والطبراني والبيهقي عن محمود بن لبيد الأنصاري -رضي الله عنه- بإسناد جيد، ورواه الطبراني بأسانيد جيدة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج عن النبي -صلى الله عليه وسلم-" مرة يروى عن محمود بن لبيد بدون واسطة ومرة بواسطة رافع بن خديج، ومحمود بن لبيد معروف أنه صحابي صغير جداً عقل المجة التي مجها النبي -عليه الصلاة والسلام- في وجهه وهو ابن خمس سنين، فلا يبعد أن يروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بواسطة. "وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((من حلف بشيء دون الله فقد أشرك)) رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ورواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء فلان)) أخرجه أبو داود بإسناد صحيح عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-"، وهذه أمثله للشرك الأصغر، يقول -رحمه الله-: "وهذا النوع لا يوجب الردة، ولا يوجب الخلود في النار، ولكنه ينافي كمال التوحيد الواجب" هذا النوع لا يوجب الردة، ولا يوجب الخلود في النار، لا يحبط العمل، ولا يلزم منه أن يخلد، يبقى خالداً في النار لا يخرج منها، والجنة ليست عليه حرام، أنما يعذب بقدر شركه هذا الأصغر، ثم إذا نقي يدخل الجنة -إن شاء الله تعالى-.

الدرس الخامس: أركان الإسلام:

"أما النوع الثلاث: وهو الشرك الخفي، فدليله قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ )) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((الشرك الخفي، يقوم الرجل فيصلي فزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه)) رواه الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري" هذا هو الرياء، هذا هو إيش؟ الرياء الذي هو نوع من أنواع الشرك الأصغر، وهذا الخفي مع دقته وخفائه على المسلم أن يلاحظه، وأن يراقب قلبه، فلا يجعله يشرد ويذهب يميناً وشمالاً، بل عليه أن يخلص وجه لله -سبحانه وتعالى-. "ويجوز أن يقسم الشرك إلى نوعين فقط: أكبر وأصغر، فأما الشرك الخفي فإنه يعمهما" يعني يدخل في الأكبر والأصغر "فيقع في الأكبر كشرك المنافقين؛ لأنهم يخفون عقائدهم الباطلة، ويتظاهرون بالإسلام رياءً وخوفاً على أنفسهم، ويكون في الشرك الأصغر كالرياء كما في حديث محمود بن لبيد الأنصاري المتقدم، والله أعلم". مقصود الشيخ -رحمه الله- أن الشرك يقسم إلى ثلاثة أنواع أكبر أصغر وخفي، ويكمن أن يجعل الخفي من النوعين، قسم من النوع الأول، وقسم من النوع الثاني، داخل في النوع فما ظهر من الشرك الأكبر يكون شرك جلي، وما خفي من الشرك الأكبر يكون شركاً خفياً، وما ظهر من الشرك الأصغر يكون شرك أصغر جلي وما خفي منه يكون شرك أصغر خفي، وعلى كل حال فالتقسيم مجرد اصطلاح، والحصر مرده الاستقرار. الدرس الخامس: أركان الإسلام:

بعد هذا تعرض الشيخ -رحمه الله- في الدرس الخامس لأركان الإسلام، وهي خمسة، جاءت في الصحيحين وغيرهم من حديث ابن عمر: ((شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلاً))، وفي الصحيح من حديث ابن عمر يقول: ((بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً))، وفي صحيح البخاري: ((وحج البيت، وصيام رمضان)) بتقديم الحج على الصيام، وعلى كل حال هذه أركان خمسة، شأنها عظيم، شأنها عظيم جداً، من ترك شيئاً منها فهو على خطر عظيم، أما من ترك الشهادتين فإنه ليس بمسلم أصلاً، ومن ترك الصلاة وإن أعترف بوجوبها وأقر به فإنه كافر عند جمع من أهل التحقيق، وأما إيتاء الزكاة فإنه إذا أعترف بوجوبها ولم يدفعها فإنه لا يكفر عند جمهور العلماء، وإن قيل بكفره ككافر تارك بقية الأركان، فالقول بكفر تارك الأركان الخمسة أو واحد منها قول معتبر عند أهل العلم، وهو قول في مذهب الإمام أحمد، يكفر بترك الزكاة، يكفر بعدم صيام رمضان وإن أعترف بوجوبه، يكفر بترك الحج، وعلى كل حال هذه دعائم الإسلام، لا يقوم الإسلام إلا عليها، ولذا بني عليها الإسلام، وأي بناء دون أركان فإنه لا يثبت، فتارك شيئاً منها على خطر عظيم، فمن ترك هذه الأركان فعليه أن يبادر بالتوبة والاستغفار، وأن يؤديها على الوجه المطلوب؛ لأن الكفر شأنه عظيم، وأمره خطير، المعاصي تحت المشيئة بلا شك، وهي أيضاً بريد إلى الكفر، لكن أمرها أخف من الكفر الموجب للخلود في النار، فترك الصلاة المقرر عند أهل العلم المحققين منهم أنه كفر، فمن يترك الصلاة فهو كافر وإن أعترف بوجوبها، أما بقية الأركان الثلاثة فقيل بكفره، والجمهور على أنه لا يكفر، لكنه على خطر عظيم، وجاء الوعيد الشديد لمن أعطاه الله من المال ما يقوم به، أو ما تقوم به حياته ومصالحة ومع ذلك يبخل بالقدر اليسير الذي فرضه الله عليه، ومن عافاه الله في بدنه وأقره في وطنه ولم يصم في رمضان فهذا أيضاً على خطر، من أفطر في يوم من رمضان من غير عذر لا يقضه صيام

الدهر وإن صامه، فالأمر جد خطير، وحج البيت جاء الوعيد الشديد فيمن ترك الحج مع القدرة عليه، وجاءت الآثار والأخبار المرفوعة والموقوفة في التشديد بالنسبة لمن تركه مع القدرة عليه، عمر بن الخطاب كتب إلى الآفاق أن ينظروا من كان ذا جدة ولم يحج فليضربوا عليه الجزية، ما هم بمسلمين، ما هم بـ .. ، ولذا ذيل الله -سبحانه وتعالى- آية وجوب الحج: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [(97) سورة آل عمران] من كفر يعني لم يحج، هذه من أدلة من يقول بكفر تارك الحج. الدرس السادس: شروط الصلاة: يقول -رحمه الله-: "الدرس السادس: شروط الصلاة، شروط الصلاة تسعة، الإسلام، والعقل، والتميز، ورفع الحدث، وإزالة النجس، وستر العورة، ودخول الوقت، واستقبال القبلة، والنية" الشرط: ما يلزم من عدمه العدم، فإذا عدم الشرط عدم المشروط ولو وجدت صورته، لو صلى شخص غير مسلم، ماذا نقول؟ الإسلام شرط لصحة الصلاة، لكن هم يقولون: إن صلى فمسلم حكماً؛ لأن الصلاة متضمنة للشهادتين، يكون قد تشهد، فكيف يكون الإسلام شرط لصحة الصلاة، وهم يقولون: من صلى فسلم حكماً؟ نقول: هو مسلم حكماً يعامل معاملة المسلمين، وليس مسلم حقيقة إن استمر فله ما للمسلمين، وعليه ما عليهم، وإن نقض مقتضى هذه الصلاة فأنه يقتل مرتداً، وأمره أعظم من المشرك الذي لم يصلِ، المشرك الكافر الأصلي المرتد أشد، فالإسلام لا شك أنه شرط، والعقل أيضاً شرط لصحة الصلاة؛ لأن غير العاقل سواءً كان مجنوناً أو صغيراً لا يميز فإنه لا يعقل هذه الصلاة، ولا يكمن أن يؤديها على الوجه المطلوب.

والتميز: التميز شرط لصحة الصلاة أيضاً، فعدم المميز داخل في حكم من لا يعقل، ولذا جاء الحديث: ((رفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق، والصبي -الصغير- حتى يبلغ)) هؤلاء رفع القلم عنهم، فالنائم رفعه مؤقت حتى يستيقظ، والمجنون كذلك حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ، كيف يقولون: حتى يبلغ ويكلف وهنا الذي يشترط الصلاة التميز وليس البلوغ؟ هذا شرط صحة، وذاك شرط وجوب، فالصبي إذا ميز، بلغ سبع سنين يأمر بالصلاة للتمرين عليها، لكن لا يأثم بتركها، فليس بشرط للوجوب، والتميز يكون بسبع سنين، وإن ميز وعرف قبل السابع بأن كان عمره خمس سنين ويفهم، يفهم السؤال ويرد الجواب المطابق، لكنه لا يأمر بالصلاة حتى يتم له سبع سنين؛ لأن هذا تشريع عام ولو ترك للناس ولتميز كل واحد بحسبه ما انضبطت الأمور، تجد الناس من شفقتهم على أولادهم قد يتم عشر سنين، وإذا قيل له: ابنك لماذا لا يصلي؟ قال: ما بعد ميز، لكن ربط بسبع سنين؛ لأن هذا تشريع عام يعم الناس كلهم، ومثله البلوغ ربط بعلامات ظاهرة.

ومن شروط الصلاة رفع الحدث سواءً كان أكبر أو أصغر، فالحدث الأكبر يرفع بالغسل والحدث الأصغر يرفع بالوضوء، ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] إزالة النجاسة {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [(4) سورة المدثر] لا تصح الصلاة ممن على بدنه أو ثوبه نجاسة أو بقعته التي يصلي عليها، لا بد من تطهير المكان، ولا بد من تطهير الثواب، ولا بد من تطهير البدن من هذه النجاسة، لكن لو نسي وصلى قبل أن يرفع الحدث، هذا شخص نسي الوضوء فصلى، وآخر نسي النجاسة التي على ثوبه أو بدنه فصلى، هل هناك فرق أو ما في فرق؟ كلهما شرط، فعندنا اثنان: شخص صلى من طهارة ناسياً، وآخر على بدنه أو ثوبه نجاسة نسي فصلى بهذه النجاسة، الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ هم يقولون: رفع الحدث وإزالة النجاسة شرط، والناسي له حكم، {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] فهل نقول: إنه ما دام ناسي تصح صلاته ولو صلى بغير طاهرة ولو صلى وعلى بدنه نجاسة؟ أو نقول: هذا إن شرط لا بد من تحققه فلا تصح الصلاة من غير طاهرة كما قال -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) كما أنها لا تصح صلاة من على ثوبه أو بدنه نجاسة حتى يتخلص من هذه النجاسة؟ أو أن هناك فرق بين المسألتين؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- لما صلى بالنعلين وفيهما نجاسة أعاد الصلاة وإلا أمر بخلعهما؟ أمر بخلهما، فدل أن الصلاة صلاة الناسي مع النجاسة صحيحة، وإلا لو كانت باطلة لأمر بإعادتها؛ لأن النسيان يقرر أهل العلم أنه ينزل الموجود منزلة المعدوم، هذه النجاسة الموجودة نسياناً تنزل منزلة المعدوم كأنها غير موجودة، أما المعدوم الذي هو الوضوء معدوم، فإن النسيان لا ينزل المعدوم منزلة الموجود، وعلى هذا لو صلى بغير طاهرة لا بد أن يعيد هذه الصلاة، ولو صلى ناسياً وعلى بدنه نجاسة فلا يلزمه أعادتها، المسألة عند الحنابلة كما هو معروف والمشهور عندهم أنه أن علمها ثم جهلها أو نسيها أعاد، هذا المقرر عندهم، لكن الصوب أن النسيان كما قال الله -سبحانه وتعالى- في أخر البقرة:

{رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [(286) سورة البقرة] وقال: ((قد فعلت)) وفي حديث: ((رفع عن أمتي الخطاء والنسيان وما استكرهوا عليه)). ستر العورة شرط لصحة الصلاة، والعورة بالنسبة للرجل من السرة إلى الركبة، فإذا صلى وقد بدأ شيء من هذا القدر فإن صلاته لا تصح، من السرة إلى الركبة، ويجب عليه ستر المنكبين أو أحدهما، لحديث: ((لا يصلي أحدكم في الثواب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) إذاً كيف يقولون: إن العورة من السرة إلى الركبة ولا يدخلون أحد المنكبين؟ نقول: فرق بين أن يكون الشيء واجباً وبين أن يكون شرطاً، فإذا كان واجباً وصلى بدونه صلاته صحيحة لكن يأثم، أما إذا قلنا: إنه شرط فإن الصلاة لا تصح، فيجب على الرجل أن يستر المنكبين، كما جاء في بعض الروايات: ((ليس على منكبيه منه شيء)) أو أحدهما، كما جاء في الروايات الأخرى: ((ليس على منكبه منه شيء)) على كل حال لا بد أن يستر المنكبين أو أقل الأحوال أحد المنكبين، فأما العورة المشترط سترها للصلاة بالنسبة للرجل من السرة إلى الركبة، أما بالنسبة إلى المرأة فجميع بدنها عورة إلا الوجه إذا لم يكن لديها رجال أجانب فإنها تصلي كاشفة الوجه، لا بد أن تكشف وجهها، أما إذا وجد هناك رجال أجانب فإنها يجب عليها أن تستر وجهها، وقال بعضهم: بأن الكفين لهما حكم الوجه، فلو كشفت كفيها فلا بأس حينئذٍ، وألحق بعضهم وهو مذهب الحنفية ويميل إليه شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- الرجلين، يعني لو صلت وبطون قدميها أو قدميها ظاهرتين يعني يتجاوز في ذلك، لكن الأحوط أن تستر جميع بدنها لا يخرج منه شيء، هذا هو الأحوط، أن تستر جميع بدنها لا يخرج لا يدين ولا رجلين، ولا يخرج ولا يظهر إلا الوجه، على كل حال هذه المسألة .. ، بالنسبة لليدين والرجلين الأمر أخف، لكن ما عدا ذلك لا بد من ستره، نعم. طالب:. . . . . . . . .

هذا عند النساء، هذا قالوا عند النساء، مع أنه قول مرجوح، كما هو معروف، بل عورة المرأة عند النساء كعورتها عند محارمها، يعني عند أخيها تكشف من السرة إلى الركبة؟ يجوز أن تكشف لأخيه من السرة إلى الركبة؟ لا يجوز، ولذا النساء أو نسائهن في الآية عطفت على المحارم. ودخول الوقت شرط لصحة الصلاة، {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [(103) سورة النساء] يعني مفروضاً في الأوقات، والصلوات الخمس لها أوقات محددة، لها أول ولها آخر، فأول وقت صلاة الظهر التي هي الصلاة الأولى من زوال الشمس إلى مصير ظل الشيء مثله، إلى أن يكون ظل الشيء مثله، ووقت صلاة العصر من مصير ظل الشيء مثله إلى غروب الشمس، كل هذا الوقت يشمل الاختيار والضرورة ووقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق، ووقت صلاة العشاء من مغيب الشفق إلى منتصف الليل، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ويدل على هذا حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم، ومن الأدلة على المواقيت حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر، نعم فيه اختلاف يسير بين حديث إمامة جبريل وحديث عبد الله بن عمرو؛ لأن في حديث عبد الله بن عمرو ينتهي وقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط، وفي حديث إمامة جبريل إلى ثلث الليل، وعلى كل حال حديث عبد الله بن عمرو متأخر، وهو أقوى منه؛ لأنه في الصحيح وذاك في السنن، والمقصود أن هذه أوقات الصلاة إجمالاً، ولا تصح الصلاة قبل وقتها بحال، بل يجب على من صلى الصلاة قبل دخول وقتها أن يعيد الصلاة، ما لم يكن ممن يصوغ له جمع التقديم، كما أنه لا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن وقتها، يحرم عليه أن يؤخر الصلاة عن وقتها إلا لعذر، أما إذا لم يكن ثم عذر فأنه قد ارتكب أمر عظيماً حتى قال جمع من أهل العلم: إنه إذا أخرجها عن وقتها عمداً فإنه لا يصلي، لا تنفعه صلاته، كما لو صلها قبل دخول الوقت، لكن قول جمهور العلماء أنه يجب عليه قضى هذه الصلاة، إذا خرج وقتها يجب عليها قضاؤها، وهو الأحوط.

الدرس السابع: في أركان الصلاة:

استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، لا تصح الصلاة إلا مع استقبال القبلة، والمقصود باستقبال القبلة جهة الكعبة، المقصود جهتها لا عُينها، وإن قال بعض أهل العلم: إن المطلوب استقبال عين الكعبة، وهذا فيه مشقة شديدة، وأما استقبال الجهة فهو كافي لحديث: ((بين المشرق والمغرب قبلة)) دل على أن الاختلاف اليسير أمره يسير -إن شاء الله تعالى-، بل على الإنسان أن يتحرى أن يصيب الجهة، ولا يستثنى من ذلك إلا التطوع في السفر على الراحلة، إذا كان الإنسان مسافر وعلى راحلة فله أن يتطوع ولو إلى غير جهة القبلة، ويخصه الجمهور بالسفر، ولعل في حكمه الحضر إذا طالت المسافة يعني إذا كنت هناك سرة في السيارة وإلا شيء، ويعرف أنه يكمن يصلي ركعتين قبل أن تنفك السرة، إيش المانع؟ يلحق بالسفر -إن شاء الله تعالى-، والتطوع في هذا الباب أمره واسع، أما الفريضة فلا، لا تصح إلا مع الاستقبال، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . المريض الذي لا يستطيع مع الإمكان المقصود بالإمكان، إمكان الاستقبال، أما مع عدم الإمكان فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها، لو مريض مربط إلى سرير ووجهه إلى الشرق يصلي، يصلي حسب حاله. والنية: النية شرط لصحة الصلاة، فلا تصح الصلاة إلا بنية، كما أنه لا يصح سائر الأعمال المشروعة إلا بنية لحديث عمر -رضي الله عنه- في الصحيحين وغيرهما: ((إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هجر إليه)) الدرس السابع: في أركان الصلاة: والآن في الدرس السابع في أركان الصلاة:

والركن كالشرط لا تصح الصلاة إلا به، لكن الفرق بين الركن والشرط أن الركن داخل الماهية، داخل الصلاة والشرط خارج الماهية يعني خارج الصلاة، ولا يمنع من استمراره كونه شرط لا يمنع من الاستمرار، لكن الأصل أن وجوده خارج الصلاة، فشروط الصلاة التي تقدمت تسعة، وأركانها أربعة عشر، أول هذه الأركان القيام مع القدرة، فالقيام بالنسبة للقادر المستطيع ركن من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا به، والمقصود بذلك صلاة الفريضة، لقوله -عليه الصلاة والسلام- في حديث عمران بن الحصين: ((صلِ قائماً، فأن لم تستطع فقاعداً، فان لم تستطع فعلى جنب)) فلا تصح صلاة الفريضة من قعود بالنسبة لمن يستطيع القيام، ولا على جنب بالنسبة لمن يستطيع القعود، هذا كله بالنسبة للفريضة، أما النافلة فتصح من قعود مع الاستطاعة، لكن على النصف من أجر صلاة القائم، الشخص الذي يصلي قاعداً وهو يستطيع القيام إن كانت الصلاة فريضة فصلاته باطلة، وإن كانت الصلاة نافلة فصلاته صحيحة، لكن له نصف الأجر فقط، وجاء في الحديث الصحيح: ((صلاة القاعد على النصف من أجر صلاة القائم)) وهذا محمول على النافلة لما تقدم في حديث عمران بن حصين، ولما جاء في سبب ورود الحديث الثاني أن النبي –عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد والمدينة محمة، يعني فيها شيء من الحمى، والناس يصلون من قعود، دخل المسجد وهم يصلون من قعود، فقال –عليه الصلاة والسلام-: ((صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم)) فتجشم الناس الصلاة قياماً، فدل سبب الورود على أن هذه الصلاة نافلة؛ لأن صلاة الفريضة لم يكونوا يفتاتون عليه -عليه الصلاة والسلام- ويصلون قبل حضوره، إلا في حالات خاصة، مع علمهم أنه سوف يتأخر، بل أناب من يصلي عنه، وأيضاً النص خاص بمن يستطيع القيام، بدليل قوله: "فتجشم الناس الصلاة قياماً"، وأما الذي يصلي النافلة من قعود وهو لا يستطيع القيام أجره تام -إن شاء الله تعالى-.

وتكبيرة الإحرام أيضاً ركن من أركان الصلاة، لا تصح إلا بها، هذا قول جماهير أهل العلم أن تكبيرة الإحرام ركن، وعند الحنفية كما هو معروف شرط، قد يقول القائل: إيش الفرق بين مذهب الحنفية وقول الجمهور؟ الصلاة لا تصح بدون تكبيرة الإحرام سواءً قلنا: ركن أو شرط ما الفرق؟ ألمحنا سابقاً أن الركن داخل الماهية والشرط خارج الماهية، وعلى هذا لو كبر تكبيرة الإحرام وهو حامل نجاسة فوضع النجاسة مع نهاية التكبير صلاته عند الجمهور إيش؟ صحيحة وإلا باطلة؟ باطلة؛ لأنه حمل النجاسة وهو داخل الصلاة، وصلاته عند الحنفية صحيحة؛ لأن حمله للنجاسة خارج الصلاة، أيضاً لو قلب نيته قبل نهاية التكبير إلى فرض أو إلى نفل صحت عند الحنفية، ولا تصح عند الجمهور، تكبيرة الإحرام بأن يقول: الله أكبر، لا يصح، ولا يجزئ غير هذا اللفظ، فلا يصح: الله الأكبر، أو الله الكبير كما يقول الشافعية، أو الله الأعز، أو الله الأجل كما يقول الحنفية، لا بد من الإتيان بهذا اللفظ؛ لأنه هو المأثور والمتواتر عنه -عليه الصلاة والسلام- وعن خلفائه من بعده، ولو جاز غير هذا اللفظ لفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ولو مرة واحدة لبيان الجواز، فلما دوام عليه وواظب عليه خلفائه من بعده دل على أنه لا يجزئ غيره. وقراءة الفاتحة: ركن من أركان الصلاة في حديث عبادة بن الصامت: ((لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتب)) فالذي يصلي ولا يقرأ بفاتحة الكتاب صلاته غير صحيحة، ويستوي في ذلك الإمام والمأموم والمنفرد، على الجميع أن يقرأ بفاتحة الكتاب دون المسبوق، المسبوق الذي دخل والإمام راكع، أو لم يتمكن من قراءة الفاتحة قبل الركوع هذا لا يلزمه أن يقرأ الفاتحة، ولم يستثنَ من النص إلا هذا، بدليل حديث أبي بكرة، حينما ركع دون الصف دخل والنبي -عليه الصلاة والسلام- راكع فركع دون الصف، ثم مشى إلى الصف، وهو راكع، هنا لم يأمره النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإعادة فدل على أن المسبوق لا تلزمه الفاتحة.

والركوع: الركوع ركن من أركان الصلاة لا تدرك الركعة إلا بإدراكه، يعني لو فات القيام وفاتت قراءة الفاتحة وأدرك الركوع مع الإمام .. ، الركوع ركن عظيم تدرك به الركعة، بمعنى أن يستوي المأموم راكعاً قبل أن يشرع الإمام في الرفع من الركوع، والرفع منه كذلك، بعد قوله: "سمع الله لمن حمده" ينهض من الركوع هذا أيضاً ركن، والاعتدال بعد الركوع يعني لا يكفي أن ينهض ثم يسجد مباشرة، بل لا بد أن يعتدل قائماً، كما في حديث المسيء، قد يقول قائل: لماذا جعل الرفع والاعتدال ركنين ولم يجعلهما ركن واحد؟ قد يحصل الرفع من الركوع بأدنى ما ينطبق عليه هذا الفظ، لكن لا يحصل منه الاعتدال بعد الركوع، فلا بد من فصل أحدهما عن الآخر. والسجود على الأعضاء السبعة ركن من أركان الصلاة، لا تتم الصلاة إلا به، ولا بد من تمكين الأعضاء السبعة على ما يسجد عليه، الأعضاء السبعة: الجبهة مع الأنف، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، لحديث: ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم)) فأشار بيده على جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وأطراف قدميه، وكثير من الناس إذا سجد يرفع رجليه، أو يرفع واحدة، هذا صلاته فيها خلال كبير، بمقتضى هذا القول أنها لا تصح صلاته، صلاته باطلة، لكن لو رفعها رفعاً يسيراً رفع إحدى رجليه أو رجليه ثم أعادهما هذا لا يؤثر، لكنه حركة لا تنبغي أن توجد في الصلاة إلا لحاجة، أحتاج أن يحك أحدى رجليه بالأخرى أضطر إلى ذلك، لكن عليه أن يعود إلى تمكين أطراف القدمين من الأرض. والرفع منه: الرفع من السجود أيضاً ركن من أركان الصلاة، والمقصود بالسجود القدر المطلوب منه، يكفي أن يقال: سبحان ربي الأعلى، ومثله الركوع إذا استوى راكعاً ومكن أعضاه السبعة من الأرض وقال: سبحان ربي الأعلى ولو مرة واحدة أجزأه مثل هذا السجود، وما عدا ذلك فهو سنة يأتي بيانه في السنن -إن شاء الله تعالى-. والجلسة بين السجدتين أيضاً ركن، لا تتم الصلاة إلا به والطمأنينة في جميع الأفعال، كما علم النبي -عليه الصلاة والسلام- المسيء في صلاته ((اركع حتى تطمئن راكعاً)) ((ارفع حتى تطمئن)) ((اسجد حتى تطمئن)) لا بد من الطمأنينة، فالطمأنينة ركن من أركان الصلاة.

الدرس الثامن: واجبات الصلاة:

التشهد الأخير والجلوس له، التشهد الأخير ركن لا تصح الصلاة إلا به، بخلاف التشهد الأول، التشهد الأخير يراد به الذكر الذي يقال عندما يجلس الشخص في نهاية الصلاة في أخر الصلاة، هذا هو التشهد الأخير، ولذا قالوا: التشهد الأخير والجلوس له، فالتشهد الأخير غير الجلوس للتشهد، فالتشهد هو الذكر، وأما التشهد الأول فسيأتي في الواجبات. والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- ركن عند جمع من أهل العلم، وإن كان جمع أيضاً من أهل العلم يقول: بوجوب الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- دون أن تكون ركناً، كما في قوله: سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأعلى. والتسليمتان أيضاً ركن، وهي العلامة على انتهاء الصلاة، وهي تحليل الصلاة، ((تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)) وقول: السلام عليكم ورحمة الله من جهة اليمين وجهة الشمال، مرتين على اليمين وعلى الشمال ركن على هذا الكلام، على كلام الشيخ، وهو المعتمد عند الحنابلة، وإن كان جمع من أهل العلم يرون أن التسليم يتم بواحدة، والثانية سنة، لكن لا شك أن الأحوط قول: السلام عليكم ورحمة الله على جهة اليمين، والسلام عليكم ورحمة الله على جهة الشمال. من واجبات الصلاة الفرق بين الواجب والركن، الركن لا بد أن يؤتى به، ومن شك فيه فكأنه تركه، شك في قراءة الفاتحة، شك في الركوع، شك في السجود، لا بد أن يأتي به، وإذا فات محله بطلت الركعة التي هو منها، وإذا طال الفصل بطلت الصلاة كلها، يعيد الصلاة من جديد، لو قال شخص: أنا نسيت سجدة من الركعة الثلاثة من الصلاة تأتي بركعة كاملة، أما إذا طال الفصل فتأتي بالصلاة كلها، لكن لو قال: نسيت تكبيرة من التكبيرات، كبر للركوع فنسي أن يكبر، هوى للركوع من غير تكبير، هوى للسجود من غير تكبير، نسي التشهد الأول، نسي أن يقول: سبحان ربي العظيم، نقول: لا تعيد الصلاة، بل عليك أن تسجد للسهو، فالواجب يجبر بسجود السهو بخلاف الركن والشرط. الدرس الثامن: واجبات الصلاة:

يقول الشيخ -رحمه الله تعالى-: "الدرس الثامن: واجبات الصلاة، وهي ثمانية: جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام"، تكبيرة الإحرام ليست واجبة؟ هنا يقول: "واجبات الصلاة: جميع التكبيرات واجبة غير تكبيرة الإحرام" غير واجبة تكبيرة الإحرام؟ الأمر أعظم من ذلك هي ركن من أركان الصلاة على ما تقدم. "وقول: سمع الله لما حمده للإمام وللمنفرد" سمع الله لما حمده للإمام وللمنفرد، يعني دون المأموم، بدليل قوله –عليه الصلاة والسلام-: ((وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)) ما قال: قولوا: سمع الله لمن حمده، فدل على أن المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، الإمام والمنفرد يقول: سمع الله لمن حمده وأما المأموم فيقول: ربنا ولك الحمد، ومثله الإمام والمنفرد، فقول: ربنا ولك الحمد، أو ربنا لك الحمد بدون واو، أو اللهم ربنا لك الحمد، أو اللهم ربنا ولك الحمد، أربع صيغ يقولها كل مصلٍ، يقتصر على إحداها، إن شاء قال: ربنا ولك الحمد الإمام والمأموم والمنفرد، وإن شاء قال: ربنا لك الحمد بدون واو، وإن شاء زاد: اللهم وواو، أو اللهم دون الواو، للكل، لكل مصلٍ، فالأمام إذا قال: سمع الله لمن حمده يقول: ربنا ولك الحمد والمأموم إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فأنه يقول: ربنا ولك الحمد، وكذلك المنفرد. وقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وقول: سبحان ربي الأعلى في السجود كل هذه واجبات من واجبات الصلاة تجبر بسجود السهو، وإن كان جمع من أهل العلم يرى أنها سنن لا تؤثر في الصلاة، لكن على المسلم أن يحافظ عليها، ومثله الدعاء بين السجدتين: ربي اغفر لي، وارحمني، وارزقني، واجبرني، إلى آخره. والتشهد الأول: قلنا: في التشهد الثاني -أو الأخير- ركن، والتشهد الأول واجب، والجلوس له واجب، لماذا لا نقول: ركن مثل التشهد الأخير؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تركه ولم يرجع إليه، بل جبره بسجود السهو.

ثم بين -رحمه الله تعالى- في الدرس التاسع: بيان التشهد، والتشهد جاء على صيغ متعددة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، جاء تشهد ابن مسعود، وتشهد ابن عباس، وتشهد عمر، يعني من رواية ابن مسعود، من رواية ابن عباس، من رواية عمر، من رواية غيرهم من الصحابة، وكله مضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ليس معنى هذا أنه موقوف على عمر، أو على ابن عباس، أو على ابن مسعود، لا، بل هو مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن أضيف إلى راويه، وكل واحد من الأئمة أختار تشهداً من هذه التشهدات، تشهد عمر أختاره جمع من أهل العلم، وتشهد ابن مسعود الذي هو معنا الآن أختاره جمع من أهل العلم كالحنابلة وغيرهم، وأعتمده الشيخ، وتشهد ابن عباس أيضاً أختاره الشافعية، وبعض أهل العلم، وعلى كل حال من حفظ هذه التشهدات كلها جميع الصيغ، وراوح بينها، بأن جاء مرة بتشهد ابن مسعود، ومرة بتشهد عمر، ومرة بتشهد ابن عباس كان أولى؛ لأنها كلها ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- والاختلاف بينها اختلاف تنوع، وليس اختلاف تضاد ليرجح بينها، كما يقال مثل ذلك في الاستفتاح، كما يقال ذلك في الاستفتاح، جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- في الاستفتاح أكثر من ذكر، فعلى الإنسان أن يعتني بجميع ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يقول "وهو: "التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله"، ولا نحتاج أن نقول: وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله، وإن كان يقوله بعض عوام المسلمين من باب الاحترام للنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن من أراد أن يحترم النبي حق الاحترام فليقتدِ به، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- علمنا هذه الصيغة في ذكر متعبد به في عبادة، فكيف نزيد على ما أرشدنا إليه -عليه الصلاة والسلام-، نعم إذا كانت خارج الصلاة أنت في سعة تقول: سيدنا، وهو الذي يقول: ((أنا سيد ولد آدم ولا فخر)) لكن في الأذكار التي تعبدت بتلاوتها وبقراءتها وبحفظها لا تزيد على ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-، فالمحبة هي الأتباع.

لو كان حبك صادقاً لاطعته ... إن المحب لمن يحب مطيعُ "اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، في العالمين، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد"، هذا يقال في التشهد الأول والثاني، وإن أقتصر على قوله: أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، ولم يصلِ على النبي في التشهد الأول فلا بأس، وإن صلى على النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا بأس أيضاً، وبكلٍ قال جمع من أهل العلم، ثم في التشهد الأخير بعد نهاية الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- يستعيذ بالله من أربع، والاستعاذة بالله من هذه الأربع سنة: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، وهي سنة عند جمهور من أهل العلم، وإن قال طاووس بأنها واجبة، الاستعاذة بالله من أربع واجبة، بل أمر ابنه عبد الله أن يعيد الصلاة لما لم يستعيذ بالله من هذه الأربع، لكن هي سنة مؤكدة، تنبغي المحافظة عليها والمداومة عليها. ثم يتخير من الدعاء ما شاء، ولا سميا المأثور بعد أن ينتهي من التشهد والصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأخير، ويستعيذ بالله من أربع يختار من المسألة ما شاء، يختار من الدعاء ما شاء، ويعتني بالمأثور، ومن ذلك: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك" في حديث معاذ: ((إني أحبك فلا تدع أن تقول في دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)) دبر الصلاة يحتمل أن يكون قبل السلام، ويحتمل أن يكون بعدها، فلو قال قبل السلام: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، كما أختاره الشيخ هنا فلا بأس، وإن أخره إلى ما بعد السلام أيضاً فلا بأس؛ لأن اللفظ محتمل، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً أيضاً هذا وارد، وسمع منه -عليه الصلاة والسلام-، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فغفر لي مغفرة من عندك، وهذا علمه النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا بكر، لما سأله ذكراً أو دعاء يقوله في صلاته، قال: ((اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً)) في رواية: ((كبيراً)) ((ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني أنك أنت الغفور الرحيم)) وإذا قال بعد الصلاة ....

الدروس المهمة لعامة الأمة (2)

الدروس المهمة لعامة الأمة (2) الدرس العاشر: سنن الصلاة. الدرس الحادي عشر: مبطلات الصلاة الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعملنا، من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل الله فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله، وأمينه على وحيه وصفيه من خلقه -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد: الدرس العاشر: في سنن الصلاة: "الدرس العاشر: سنن الصلاة" من هذه السنن "الاستفتاح" والاستفتاح جاء على صيغ عنه -عليه الصلاة والسلام-، ففي الصحيحان من حديث أبي هريرة: ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب)) .. إلى آخره، وهذا من أصح ما يذكر به هنا، أو يدعى به في مثل هذا الموضع؛ لأنه في الصحيحين، متفق عليه، وجاء من حديث عمر: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك" .. إلى آخره، هذا استفتاح عن عمر موقوف عليه، ويروى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مرفوع. هناك استفتاحات خاصة بدعاء الليل: ((اللهم رب جبرائيل وميكائيل واسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة)) .. إلى آخره، على كلٍ الاستفتاحات عنه -عليه الصلاة والسلام- متنوعة، والاختلاف بينها اختلاف تنوع، وليس اختلاف تضاد، يعني ينبغي للمسلم أن يحفظ جميع هذه الأنواع، ويراوح بينها، أحياناً يقول كذا، وأحياناً يقول كذا؛ ليعمل بجميع ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-. من السنن: "جعل كف اليد اليمنى على كف اليد اليسرى فوق الصدر حين القيام" ويشمل القيام ما قبل الركوع وما بعده، القيام يشمل ما قبل الركوع أثناء القراءة وما بعد الركوع إذا رفع من الركوع وأعتدل قائماً يضع يديه، يده اليمنى على اليسرى فوق الصدر.

ومن السنن: "رفع اليدين مضمومتي الأصابع حذو المنكبين -يعني كتفيه- أو الأذنين" لأنه صح هذا وذاك عنه -عليه الصلاة والسلام-، يرفع إلى فروع أذنيه، أو حذو منكبيه، وكل ذلك ثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- فلو فعل هذا أو ذاك لا بأس، ومنهم من يقول: إن رؤوس الأصابع حذو فروع الأذنين، وظهور الأكف حذو المنكبين، وعلى كل حال تحصل السنة إذا حاذى بذلك المنكبين أو فروع الأذنين.

"عند التكبير الأول" يعني مع تكبيرة الإحرام، يرفع اليدين في مواضع في الصلاة، لا على سبيل الوجوب، أنما هو سنة عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من الركعتين بعد التشهد الأول، يقول الشيخ: "رفع اليدين مضمومتي الأصابع حذو المنكبين أو الأذنين عند التكبير الأول -عند التكبيرة الإحرام- وعند الركوع، والرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول إلى الثالثة" فالمواضع أربعة، وهذا الموضع الرابع ثابت في صحيح البخاري، كلها في الصحيحين، لكن الموضع الرابع ثابت في صحيح البخاري، من حديث بن عمر، قد يقول القائل: نحن ندرس في المختصرات على المذهب لا سيما (الزاد) في المعاهد العلمية أن مواضع الرافع ثلاثة، كيف يخفى على الأصحاب مثل حديث ابن عمر وهو في الصحيحين؟ كيف يخفى عليهم مثل هذا؟ نقول: حديث ابن عمر وأن ثبت في صحيح البخاري -وهو في صحيح البخاري وليس لأحد كلام مادام الحديث في الصحيح- لكن البخاري لا يلزم الإمام أحمد بقوله؛ لأنه إمام مثله، فحديث ابن عمر لم يثبت عند الإمام أحمد مرفوعاً، بل الإمام أحمد يرى أنه موقوف على ابن عمر، وعلى هذا لا نقول: الحنابلة وش عندهم؟ لأن بعض الناس يجرؤ يقول: حديث في البخاري ولا يذكر في زاد المستقنع ويش يعني؟ نقول: زاد المستقنع معتمد مذهب، وهو مذهب الإمام أحمد، والإمام أحمد لا يثبت الخبر مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، بل هو من قول ابن عمر عنده، والثابت والمرجح عند الإمام البخاري أنه مرفوع، وعلى كل حال هذه هي أقوال الأئمة، وهذه اجتهاداتهم، ولا يلزم بعضهم بقول بعض لكن على المتعبد وطالب الحق وناشد الحق أن يطلبه من مضانه، ولا يقلد في دينه الرجال، مادام الخبر ثابت وفي صحيح البخاري فلا مندوحة لنا من الأخذ به، لكن هذا مجرد اعتذار لمن لم يقل به من الأصحاب، من السنن: "ما زاد عن واحدة في تسبيح في الركوع والسجود" عرفنا أن التسبيح في السجود والركوع مرة واحدة واجب، لكن ما زاد على ذلك إلى ثلاثة إلى سبعة سنة مستحب، لا يأثم بتركه، ولا يسجد من أجله، لكن إن فعله رتب عليه الثواب.

قال: "ما زاد عن واحدة في الدعاء بالمغفرة بين السجدتين" سنة، ولو قال: "ربي أغفر لي" مرة واحدة خلاص كفى، تأدى به الواجب، وأن زاد على ذلك فحسن. "جعل الرأس حيال الظهر في الركوع" يعني إذا ركع يستوي راكعاً، لا يشخص راسه ولا يصوبه، لا يرقع الرأس حال الركوع ولا ينزله، بل يجعل الرأس في مستوى الظهر، وجاء في وصف ركوعه -عليه الصلاة والسلام- أنه لو صب الماء على ظهره لأستقر، ونشاهد بعض الناس أما ينحي كثيراً فيطأطئ رأسه، أو يرفع رأسه، وجاء في حديث أبي حميد وغيره في صفة ركوعه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه، يشخص رأسه: يرفعه، يصوبه: يطأطئه إلى الأرض، ينزله إلى أسفل، ومنه سمي المطر صيب؛ لأنه ينزل. "مجافاة العضدين عن الجنبين، والبطن عن الفخذين ... في السجود" المجافاة سنة، لكن بحيث لا يؤذي أحداً، ما هو معناه أنه يجافي ويؤذي من في جواره، أو يلزم عليه وجود فرج في الصفوف، لا، مع الإمكان، لكن هذه سنن، ليس معنى أنك تخل بواجب الذي هو التراص في الصف من أجل المجافاة، أو تؤذي، إذا ترتب على فعل السنة أذى لغيرك فالسنة في ترك هذه السنة كما هو معروف. "والبطن عن الفخذين في السجود" بعض الناس إذا سجد أجتمع، أنظم بعضه إلى بعض، والسنة المجافاة، يرفع بطنه عن فخذيه، ويجافي بين عضديه عن جنبيه. "رفع الذراعين عن الأرض حين السجود" جاء النهي عن مشابهة الكلب، والنهي عن الافتراش كافتراش السبع، فرفع الذراعين عن الأرض حين السجود يقول الشيخ: إنه سنة، ولو قيل: بوجوبه، لكن لا يلزم عليه سجود سهو هذا الأشكال، لا ينضبط باعتبار لو أدخلناه في الواجبات لقلنا: من فعله يلزمه سجود سهو، لكن فعل المحظور -هذا محظور وليس بترك واجب- فعل المحظور يعفى عن السهو والجهل وما أشبه ذلك، لكن من خالف النص نهي عن افتراش كافتراش السبع ويفعله لا شك أنه معرض نفسه للإثم.

ومن السنن التي ذكرها الشيخ

"جلوس المصلي على رجله اليسرى، ونصب اليمنى في التشهد الأول وبين السجدتين" يفترش، يفرش رجله اليسرى، وينصب اليمنى في التشهد الأول وبين السجدتين، وفي الصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد، كالثنائية مثلاً، وأما إذا كان في الصلاة أكثر من تشهد، فيها تشهد أول وثاني ففي التشهد الأخير يتورك، بمعنى أنه يقدم رجله اليسرى ويجلس على مقعدته وينصب اليمنى. ومن السنن التي ذكرها الشيخ: "الصلاة والتبريك على محمد وعلى آل محمد وعلى إبراهيم وآل إبراهيم في التشهد الأول" وأما في التشهد الثاني فهو على ما تقدم، ركن من أركان الصلاة، الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في التشهد الأخير ركن، وأما في التشهد الأول فأثبته الشيخ -رحمه الله- مع السنن. من السنن أيضاً: "الدعاء في التشهد الأخير" ثم يتخير من المسألة ما شاء، والاستعاذة بالله من الأربع كلها سنن.

الدرس الحادي عشر: مبطلات الصلاة:

"والجهر بالقراءة في صلاة الفجر .. " وفي الركعتين الأولين من صلاة المغرب والعشاء، يعني الجهر في صلاة الفجر والمغرب والعشاء سنة، والأسرار في صلاة الظهر والعصر والركعة الثلاثة في صلاة المغرب والركعتين الثالثة والرابعة من صلاة العشاء سنة، إيش معنى هذا؟ إنه لو جهر أحياناً صلاته صحيحة في صلاة الظهر، لو أسر في صلاة المغرب أو العشاء أو الفجر صلاته صحيحة، لكن خالف السنة، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يسمعهم الآية أحياناً في صلاة الظهر أو العصر، فدل على أن الأسرار أو الجهر في هذه المواضع سنة، وفعله لهذا الجهر لبيان الجواز، لكان لو قدر أن شخص طول عمره في صلاة الصبح أمام يسر، ثم إذا جاء يصلي الظهر جهر سنة وإلا لا؟ نقول: هذا مبتدع، لا يكفي أن نقول: إنه ترك سنة نقول: هذا مبتدع، لا ينبغي أن يتقدم أمام المسلمين؛ لأنه خالف الثابت عنه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الإصرار على ترك السنن والمعاندة لا يكفي أن يقال: إنه ترك المشروع وعدل عنه إلى المكروه، لا، إذا تعمد ترك السنة وأصر عليه يذم، يعرض نفسه للعقاب، ولذا جاء عن الإمام أحمد -رحمه الله- وهو يقول بسنية الوتر، يقول: "من ترك الوتر -يعني وواظب على تركه- فهو رجل سوء، ينبغي ألا تقبل شهادته" لكن لو فعله أحياناً وتركه أحياناً لا ضير عليه، لكنه من السنن المؤكدة. "الأسرار بالقراءة في الظهر والعصر، والثالثة في المغرب، والأخيرتين من العشاء" على ما تقدم. "قراءة ما زاد عن الفاتحة من القرآن" الركن قراءة الفاتحة، لكن ما زاد على ذلك فهو سنة، "مع مراعاة بقية ما ورد من السنن سوء ما ذكرنا" من السنن ما يسمى بجلسة الاستراحة سنة ثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث مالك بن الحويرث، النبي إذا أراد أن ينهض إلى الثانية جلس، وإذا أراد أن ينهض إلى الرابعة جلس، هذه الجلسة وأن سماها أهل العلم استراحة إلا أنها سنة، وهي جلسة خفيفة جداً، لا تعوق عن متابعة الإمام ولو لم يفعلها، مادامت ثابتة عنه -عليه الصلاة والسلام- ففعلها سنة، علينا أن نقتدي به -عليه الصلاة والسلام-. الدرس الحادي عشر: مبطلات الصلاة: "الدرس الحادي عشر: مبطلات الصلاة"

إذا عرفنا شروط الصلاة، وأركان الصلاة، وواجبات الصلاة، وسنن الصلاة، فما الذي يبطلها؟ ما الذي يبطل الصلاة؟ يبطلها ثمانية أشياء: "الكلام العمد مع الذكر"، ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها كلام الناس)) فمن تكلم وبان من كلامه ما يفهم، وما يؤدي إلى معنى، عالماً عامداً صلاته باطلة، وأهل العلم يعلقون البطلان ببيان حرفين، يقول: "فبان حرفان بطلت" لو قال: (لن) (لا) (لم) متعمد للكلام، ذاكراً لصلاته صلاته تبطل، "أما الناسي والجاهل لا تبطل صلاته بذلك" المضطر أو الذي تكلم بغير قصد، شخص يصلي فوقع عليه شيء سقط عليه شيء آلامه فقال: أح، بان حرفين نقول: صلاته باطلة؟ لا هذا مجبر على هذا الكلام، لا شعوري يقول هذا الكلام، لكن الكلام على من اختار، تعمد الكلام وكان ذاكراً لصلاته، وهو يعرف أنه في صلاة، لكن إذا تكلم وهو يغلب على ظنه أنه انتهت صلاته، عنده أن الصلاة انتهت، صلى الظهر ثلاث ركعات وسلم وسولف مع جاره، أو قال له جاره: أنت ما صليت إلا ثلاث، قال: لا أنا صليت أربع، ثم دار بينهما نقاش، ثم ترجح عنده أنه صلى ثلاث يأتي بالرابعة ولا يضره مثل هذا الكلام، وهذا جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- في حديث ذي اليدين، صلى في إحدى صلاتي العشي فسلم من ركعتين، وحاور الصحابة، قالوا له: أقصرت الصلاة أما نسيت؟ قال: ((لم أنسَ ولم تقصر)) فتكلم الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وكلمه الصحابة، بناء على غلبة الظن أن الصلاة قد تمت. "الضحك" أيضاً يبطل الصلاة؛ لأنه يخالف مقصود الصلاة، الصلاة المقصود منها المثول بين يدي الرب، مع الخشوع والاستكانة والتضرع، فالضحك ينافي روح الصلاة ولبها، وإذا قلنا: إنه يبطل الصلاة لا يعني أنه يبطل الوضوء كما يقول الحنفية، الحنفية يقولون: إذا قهقه في الصلاة بطل وضوؤه فضلاً عن صلاته ويعتمدون في ذلك على حديث ضعيف، ضعفه معلوم عند جمهور العلماء.

"الأكل" أيضاً يبطل الصلاة، تسامح بعض السلف في الشرب في النافلة، لكن ينبغي أن يعتني المسلم في صلاته سوء كانت نافلة أو فريضة؛ لأنه لا فرق بين الفريضة والنافلة إلا ما خصه الدليل، الإنسان واقف بين يدي ربه، ينجي ربه سواء كان في الفريضة أو النافلة، فينبغي أن يعتني بصلاته، ويقبل بكليته على ربه، وينكسر بين يديه ويتذلل، "الأكل والشرب". "انكشاف العورة" ستر العورة قلنا فيما تقدم شرط لصحة الصلاة، تقدم تحديد العورة فإذا انكشف من هذه العورة شيء فأن كان من العورة المغلظة السوءتين فتبطل الصلاة مباشرة، وإذا كان مما خف مما دون السوءتين، فأن طال بطلت الصلاة، وإن غطاه فلا. "الانحراف الكثير عن جهة القبلة" قلنا: إن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة، والانحراف اليسير لا يضر؛ لأن المطلوب في الاستقبال هو جهة الكعبة لا عين الكعبة، خلاف للشافعية الذين يقولون: إنه لا بد من إصابة عين الكعبة بغلبة الظن، يعني إذا غلب على ظنك أنك إلى عين الكعبة تصلي يكفي، أما الجمهور فيقولون: يكفي أن تتجه إلى جهة الكعبة، ويستدلون بحديث: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) إذا وضعت إحدى الجهات عن يمينك والأخرى عن يسارك والقبلة تجاه وجهك ولو ملت يميناً أو شمالاً ما لم تقصد، والمقصود بهذا البعيد عن الكعبة، أما من يشاهد الكعبة ففرضه استقبال عينها، لا يجوز له أن يحيد قيد أنملة عن الكعبة. "العبث الكثير المتوالي في الصلاة" عرفاً، فإذا عده الناس كثير فهو كثير، وإلا فهو قليل، وجمع من أهل العلم يحدونه بثلاث حركات في الركن الواحد؛ يعني إذا اجتمع في ركن واحد ثلاث حركات صار كثير. "وانتقاض الطهارة" انتقاض الطهارة مبطل للصلاة بلا شك؛ لأن الله -سبحانه وتعالى- لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ، ولا بد أن تستمر الطهارة إلى تمام الصلاة، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الدروس المهمة لعامة الأمة (3)

الدروس المهمة لعامة الأمة (3) شرح: الدرس الثاني عشر: شروط الوضوء، والدرس الثالث عشر: فروض الوضوء، والدرس الرابع عشر: نواقض الوضوء، والدرس الخامس عشر: الأخلاق المشروعة لكل مسلم، والدرس السابع عشر: التحذير من الشرك وأنواع المعاصي، والدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه. الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير تكملة لما بدأنا به من التعليق على كتاب الشيخ -رحمه الله تعالى-: (الدروس المهمة لعامة الأمة). الدرس الثاني عشر: شروط الوضوء: "الدرس الثاني عشر: شروط الوضوء" معلوم أن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، والصلاة لها شروط تقدم ذكرها، منها: الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((لا يقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ)) والوضوء المراد به رفع الحدث الأصغر، ويراد برفع الحدث الأكبر الغسل، وعندنا في هذا الدرس شروط رفع الحدث الأصغر، فشروط الوضوء عشرة: "الإسلام" يعني لو توضأ الكافر يصح وضوؤه وإلا لا؟ لا يصح؛ لأن الأعمال بالنيات، النية شروط لصحة الوضوء، والكافر ليس من أهل النية ولا من أهل القصد، ليس من أهل قصد التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بهذه العبادة، فلا تصح هذه العبادة منه. "والعقل" لو توضأ مجنون أو وُضئ المجنون لا يجزئ مثل هذا الوضوء، بحيث لو أفاق لزمه أعادة الوضوء من أجل الصلاة؛ لأنه لا قصد له، ولا نية له، والقلم مرفوع عنه. "والتميز" من شروط الوضوء: التميز بأن يكمل سبع سنوات حتى يطالب بالصلاة التي من أجلها يطلب رفع الحدث، فالذي لا يميز لا يصح منه وضوء، كما أنها لا تصح صلاته، ولا يطالب بها، ولذا جاء في الحديث: ((أمروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر)) والسبع مظنة لأن يميز فيها الطفل، غالب الأطفال يميز لسبع، وكثير منهم يميز قبل ذلك، والقليل النادر من يجاوز السابعة ولم يميز، والشرع إذا أراد أن يثبت حكماً نظر إلى غالب الناس؛ لأن الحكم للغالب، وإلا فلو ميز قبل السبع لا يطلب بالصلاة، ولا يأمر بها، لكنه يُبدأ بتعليمه؛ لأنه يفهم، فينبغي أن يبادر بتعليمه ولو لم يكمل السبع، كما هو معمول به الآن.

"والنية" شرط من شروط الوضوء لحديث عمر المتفق عليه في الصحيحين وغيرهما: ((إنما الأعمال بنيات، وإنما لكل أمريء ما نوى)) ((فلا عمل إلا بنية)) كما جاء في بعض الأحاديث، لا عمل شرعي إلا بنية، فلا تصح الأعمال الشرعية إلا بالنيات، فإذا لم يقصد الإنسان ولم يخطر على باله هذا العمل فأنه لا يصح منه، ولو كان عملاً عادياً، فأنه لا يأجر عليه إلا إذا قصد به التقرب إلى الله -سبحانه وتعالى-، والاستعانة به على طاعة الله -عز وجل-. "واستصحاب حكمها" حكم النية، عندنا حكم وعندنا ذكر، استصحاب حكم النية شرط لصحة الوضوء، بأن لا ينوى قطع الطهارة حتى تتم، وأما استصحاب ذكرها بمعنى أنها لا تعزب عن باله من بدأ الوضوء إلى نهايته هذا ليس بشرط، نعم هو مستحب، إذا قصد الإنسان إلى المغسلة -مثلاً- مغسلة اليدين، وغسل يديه وكفيه ووجهه وذراعيه ومسح رأسه وغسل رجليه هذا وضوء، لكن بعض الناس عنده الوضوء روتين، قد ينتهي من غدائه أو عشائه من أكله ثم يذهب إلى المغسلة فلا يشعر إلا وقد أكمل الوضوء، وهو ما قصد أن يتوضأ، قصد يغسل يديه فقط مثل هذا الوضوء يصح وإلا ما يصح؟ لا يصح؛ لأنه غير منوي.

شخص قصد المغسلة، وهو قاصد أنه يغسل يديه، ويتوضأ بعد ذلك لصلاة العصر مثلاً، نوى أن يتوضأ، ولا يحتاج أن يقول: نويت أن أتوضأ، أو نويت أن .. ، لا ما يحتاج، بل النطق بالنية بدعة، قصد الوضوء، قصد أن يغسل يديه من الغداء ويتوضأ لصلاة العصر، نقول: النية المشترطة لصحة هذه العبادة موجودة، لكن يشترط لذلك أمر آخر ألا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة، وهو يتوضأ بعد أن غسل يديه وكفيه ووجهه وتمضمض واستنشق، وغسل ذراعيه تحرك بطنه، وجد حركة في بطنه، فقال: أعرض نفسي على الدورة لعله يخرج شيء، ذهب إلى الدورة ما خرج شيء، يكمل وإلا يستأنف؟ لا بد من الاستئناف؛ لأنه نوى قطع الطهارة قبل تمامها، نوى قطع الطهارة قبل تمامها، لكن لو تمت الطهارة، غسل كفيه ووجهه وتمضمض واستنشق وغسل ذراعيه إلى المرفقين، ومسح رأسه وغسل رجليه، فوجد هذه الحركة في بطنه، فقال: أعرض نفسي على الدورة فلعله يخرج مني شيء بدل ما إذا ذهبت إلى المسجد يمكن أحتاج إلى الدورة، عرض نفسه على الدورة ما خرج شيء، يعني نوى قطع الطهارة قبل كمالها، ما تصح الطهارة، لا بد أن يستأنف، نوى قطع الطهارة بعد كمالها ما يؤثر، ولذا المشترط استصحاب الحكم، ومعنى استصحاب الحكم ألا ينوي قطعها حتى تتم الطهارة، أما استصحاب الذكر هذا مستحب، يعني تستحضر أنك تتوضأ وتتقرب إلى الله -سبحانه وتعالى- بهذا الوضوء، بهذه العبادة التي افترضها الله عليك، هذه سنة، استصحاب الذكر، ذكر النية واستصحاب القصد إلى الوضوء. "وانقطاع موجب الوضوء" الموجب للوضوء الحدث الأصغر، لا بد أن ينقطع فلا بد أن ينقطع الموجب للوضوء، بول، غائط، ريح، سلس، مذي، وغير ذلك، كل هذا لا بد أن ينقطع قبل أن تشرع بالطهارة، ولا بد أن تستنجي بعده، أن تغسل فرجك وتنظفه من هذا الخارج، ثم بعد ذلك تتوضأ.

"واستنجاء أو استجمار قبله" لأنه لا يصح قبل الاستنجاء أو الاستجمار وضوء ولا تيمم، لا بد أن يسبق الوضوء أو التيمم الاستنجاء أو الاستجمار، ولنعلم أن الاستنجاء والاستجمار ليس من فروض الوضوء، بعض الناس إذا أراد أن يتوضأ دخل الدورة وغسل ولو ما خرج منه شيء، ظاناً منه أن الاستنجاء من فروض الوضوء، وهو ليس من فروض الوضوء، إذا أنت ما أنته محتاج للدورة ما يحتاج تدخل، إذا أنت حاقن ادخل الدورة وانقض الوضوء واغسل فرجك، عليك الاستنجاء، لكن ما أنت محتاج للدورة، بعض الناس يظن أن الدخول للدورة وغسل الفرجين من فرائض الوضوء، وهذا ليس بصحيح، إذا لم يحتج الدورة يعمد إلى مكان الوضوء، الميضأة ويغسل كفيه ووجهه وذراعيه، ويمسح رأسه ورجليه، وهذا هو الوضوء.

"طهورية ماء وإباحته" لا بد أن يكون الماء الذي يتوضأ به طاهراً، مباحاً، طاهراً: لم تقع فيه نجاسة، ومباحاً: ليس بمغصوب ولا مسروق، يعني شخص أراد أن يتوضأ بحث عن ماء ما وجد، فإذا بجواره بقالة ذهب إلى هذه البقالة فسرق قارورة ماء ووضعها في جيبه، قال: السرقة أهون من أن أصلي بدون وضوء، نعم، الصلاة لا تصح إلا بوضوء، والسرقة معصية، وسرقة ريال ريالين أهون من كوني أصلي بدون طهارة، نقول: لا، تيمم، أنت غير قادر، والمسألة المفترضة ما هو في مسجد ما وجد فيه ماء والمسجد الثاني بجواره أو بإمكانه أن يطرق باب ويأخذ ماء ليتوضأ به، المسألة المفترضة أنه ما يوجد في البلد إلا هذه القارورة، قارورة الماء التي في البقالة، بمعنى أنه إذا فقد هذه القارورة التي سرقها يكون عادماً للماء يعدل إلى التيمم، فالماء غير المباح لا يرفع الحدث، لا بد أن يكون مباحاً، طيب بحث عن ماء في دورة المياه التي حول المسجد ما وجد، وجد برادة الماء، هذه البرادة موقوفة للوضوء أو للشرب؟ للشرب، يجوز أن يتوضأ منها وإلا ما يجوز؟ نعم، يجوز أن يتوضأ منها وإلا ما يجوز؟ الأصل أنه ما يجوز؛ لأن الواقف الذي وقف هذه الماء عين المصرف، وجعله للشرب لا للوضوء، لكن مثل هذا ما يقال بأن الطهارة باطلة، والصلاة غير صحيحة، لا، لكنه أساء، تصرف في غير مصرف الوقف، قد يقول قائل: هذه الكراسي التي يوضع عليها المصاحف، وقفت من أجل المصاحف، يوضع عليها مصحف وتقرأ، الواقف وضعها لهذا الأمر، هل يجوز أن تسفطها وتجعلها وراء ظهرك تستند إليها؟ لأن الناس ما يرتاح للشيء الواقف مثل الجدار ذا، فلا بد أن يضع شيء منبسط من أجل أن يرتاح في جلوسه، يصح وإلا ما يصح؟ يجوز وإلا ما يجوز؟ الواقف إنما وقفها لأي شيء؟ للمصاحف وللقراءة، لكن هذا أمره أيسر من الماء؛ لأن العين ما تتأثر، العين الموقوفة ما تتأثر ولا تنقص؛ شريطة ألا يحتاج إليها للقراءة، إذا وجد عدد وقدر زائد، فلا مانع أن تستعملها لتعينك على طاعة الله، لكن الأصل أنها موقوفة للمصحف، لو جاء شخص يريد أن يقرأ فهو أحق بها منك.

الدرس الثالث عشر: فروض الوضوء:

"وإزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة" شرط، بويا، على اليد بويا، البويا فيها مادة دهنية ينبو عنها الماء، أو دهن مثلاً، أو فكس أو فازلين ينبو الماء ما يصل إلى البشرة، لا بد من إزالته ليصل الماء إلى البشرة، عجين مثلاً، ما يسمى المناكير اللي يحط على الأظفار، كل هذا لا بد من إزالته، لا بد من إزالته، كي يصل الماء إلى البشرة. "دخول وقت الصلاة في حق من حدثه دائم" من حدثه دائم، شخص به سلس ما يقف، أراد أن يتوضأ قبل دخول الوقت، نقول: لا انتظر، لا بد أن يدخل عليك الوقت؛ لأن طهارتك ضرورة، وليست طهارة تامة، تستبيح بها الصلاة، فانتظر حتى تقرب الصلاة، ولذا قالوا: دخول وقت الصلاة في حق من حدثه دائم مثل من به سلس، المرأة المستحاضة التي يأيتها النزيف باستمرار مثل هذه تنتظر حتى يدخل وقت الصلاة، من به سلس ريح، هذا موجود من بعض الناس، نسأل الله العافية، نعم، من به سلس ريح، يخرج منه الريح من غير اختياره، مثل هذا ينتظر؛ لأن طهارته ضرورة. الدرس الثالث عشر: فروض الوضوء: "فروض الوضوء" فروض الوضوء ستة، يقول الشيخ -رحمه الله تعالى-: "فروض الوضوء –في الدرس الثالث عشر– .... ستة: غسل الوجه ومنه المضمضة والاستنشاق" طيب غسل اليدين قبل الوجه، غسل الكفين هذا من فروض الوضوء؟ لا هذا سنة ليس فرض، إن غسلت فبها ونعمت، وإن لم تغسل فلا بأس، تغسل وجهك مباشرة، لكن إذا كنت مستيقظاً من النوم فلا يجوز لك أن تدخل يديك في الإناء الذي فيه الماء حتى تغسلهما ثلاثاً ((إذا قام أحدكم من النوم فليغسل يديه ثلاثاً قبل أن يغمسها في الماء، فإنه لا يدري أين باتت يده؟ )) لا بد من غسلها، لكن لو غمسها قبل أن يغسلها، الماء ما يتأثر، ولكنه آثم لمخالفته هذا النهي، وغسل الكفين عرفنا أنه سنة وليس بواجب، وليس من فروض الوضوء. قوله: ((أين باتت يده؟ )) المبيت غالباً في الليل، ولذا خص بعض أهل العلم القيام من نوم الليل دون النهار، ومنهم من يقول: إن المبيت الأصل فيه الليل، ويلحق به ما كان في حكمه من النوم الطويل ولو في النهار.

"غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق" {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] هذا فرض اتفاقاً، منصوص عليه في الكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، لا يصح الوضوء إلا بغسل الوجه. المضمضة والاستنشاق: جاء فيهما أخبار وأحاديث ((إذا توضأت فمضمض)) و ((بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) ((إذا قام أحدكم من النوم فليجعل في منخريه من الماء ثم لينتثر)) كل هذا يدل على وجوب المضمضة والاستنشاق، وأن المضمضة والاستنشاق والفم والأنف داخلان في مسمى الوجه، ولا يتم غسل الوجه إلا مع المضمضة والاستنشاق، بخلاف داخل العين، فإنه ليس داخلاً في مسمى الوجه، فلا يلزم الإنسان أن يغسل داخل عيونه، لا يلزمه هذا. وحد الوجه الواجب غسله والمفترض غسله: من منابت شعر الرأس إلى الذقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً. "وغسل اليدين إلى المرفقين" إلى المرفقين، يعني من أطراف الأصابع إلى المرفق، بعض الناس إذا غسل يديه قبل غسل الوجه يكتفي بغسل الذراعين فقط، اليد يطلق عليها يد من أطراف الأصابع إلى المرفق، إلى المرفقين، فلا بد من الانتباه لذلك، والمرفق داخل، لأنه -عليه الصلاة والسلام- إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه، والمراد بالمرفق: المفصل، المفصل هذا، بعض الناس يسميه إيش؟ كوع، يسميه كوع، هذا خطأ، نعم خطأ، ليس هذا هو الكوع، هذا هو المرفق، أين الكوع؟ "فعظم يلي الإبهام" هذا العظم الذي يلي الإبهام. فعظم يلي الإبهام وكوع وما يلي ... لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط الرسغ هو الوسط، فالعظم الذي يلي الإبهام هو الكوع، والذي يلي الخنصر هو الكرسوع، وكثير من الناس ما يعرف كوعه من كرسوعه، وبعض الناس يقول: ما يعرف كوعه من بوعه.

"ومسح جميع الرأس ومنه الأذنان" مسح جميع الرأس، لا يكفي أن يمسح البعض من البعض، وإن قال بالاكتفاء ببعضه بعض أهل العلم، لكن الرأس إنما يطلق على جميعه {وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ} [(6) سورة المائدة] فالمفترض مسح جميع الرأس ((والأذنان من الرأس)) كما جاء في بعض الأحاديث ((الأذنان من الرأس)) ولا بد في مسح الرأس أن يأخذ له ماء جديد، غير ما فضل بيديه، أما الأذنان فباعتبار أنهما تبعاً للرأس فيمسحان بما فضل من الماء الذي مسح به الرأس. "وغسل الرجلين إلى الكعبين" وهما العظمان الناتئان في جانبي القدم، وكل رجل فيها كعبان، وليس المراد بالكعب العظم الناتئ في ظهر القدم الذي هو معقد الشراك –كما يقوله بعض المبتدعة- لأن لكل رجل كعبين، الأمر الثاني مما يدل على ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ويل للأعقاب من النار)) ((أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار)) وإذا قلنا: إن المراد بالكعبين هما العظمان الناتئين على ظهر القدم عند معقد الشراك، ما يلزم غسل العقبين، لكن لا بد من غسل العقبين إلى الكعبين، وهما العظمان الناتئان في جانبي القدم. "والترتيب" الترتيب لا بد منه، فرض من فرائض الوضوء، لو مسح رأسه قبل غسل وجهه يكفي وإلا ما يكفي؟ ما يكفي، لو غسل رجليه قبل يديه؟ ما يكفي، لا بد من أن يرتب كما أمر الله -سبحانه وتعالى- {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [(6) سورة المائدة] على الترتيب، كما ذكر الله، ((توضأ كما أمرك الله)) الواو الأصل فيها أنها لمقتضى التشريك، ولا تفيد الترتيب، لكن إدخال المسموح بين المغسولات لحكمة، ولا حكمة هنا سوى إرادة الترتيب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- توضأ مرتباً، ولم يؤثر عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه خالف هذا الترتيب. "والموالاة" الموالاة بين الأعضاء، بحيث لا يترك عضو حتى ينشف قبل غسل العضو الآخر، بل لا بد من الموالاة بينها، غسل وجهه، ثم ذهب تقهوى رجع غسل يديه، يصح وإلا ما يصح؟ ما يصح، لا بد من الموالاة، يغسل وجهه، ثم يديه، ثم يمسح رأسه، ثم رجليه، لا بد من الموالاة بين أعضاء الوضوء.

الدرس الرابع عشر: نواقض الوضوء:

الدرس الرابع عشر: نواقض الوضوء: "الدرس الرابع عشر: نواقض الوضوء" إذا تم الوضوء توافرت شروطه، ووجدت صورته المشروحة في الكتاب والسنة، فما الذي ينقضه؟ ينقضه ستة أشياء: "الخارج من السبيلين" والخارج من السبيلين يشمل المعتاد وغير المعتاد، مقتضى قوله: "الخارج من السبيلين" كغيره من أهل العلم أنه يشمل المعتاد يشمل البول والغائط وغير المعتاد لو خرج منه دود مثلاً، أو خرج منه شيء يابس حصاة وإلا شبهها، هذا خارج من السبيل، هذا موجب أو ناقض من نواقض الوضوء. "الخارج الفاحش النجس من الجسد" القيء مثلاً، القيء نجس، فإذا كثر فإنه ناقض للوضوء، والدم عند جمهور العلماء إذا كثر فإنه ينقض الوضوء؛ لأنه نجس عند الجمهور وهو فاحش، وعلى كلام الشيخ يكون ناقضاً من نواقض الوضوء. "زوال العقل بنوم أو غيره" النوم إذا كان مستغرق بحيث لا يحس بما حوله، فإنه ينقض الوضوء؛ لأنه لا يدري لعله أحدث ((العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ)) ((إذا نامت العينيان استطلق الوكاء)) بغيره، زال عقله بسكر ينتقض وضوؤه من باب أولى، زال عقله ببنج، كل هذا ناقض للوضوء، ولذا يقولون: من نواقض الوضوء زوال العقل بنوم أو غيره. "مس الفرج باليد قبلاً كان أو دبراً، بغير حائل" حديث بسرة في السنن ((من مس ذكره فليتوضأ)) وهو حديث لا بأس به مقبول في مثل هذا، يعارضه حديث طلق بن عدي ((إنما هو بضعة منك)) لكن حديث بسرة أصح. وشيخ الإسلام يحاول الجمع بين الحديثين ليقول: إن نقض الوضوء من باب الاستحباب ((من مس ذكره فليتوضأ)) استحباباً؛ لأنه مظنة إذا مسه وعبث به أن يخرج منه شيء، فالأولى والأحوط أن يتوضأ. "وأكل لحم الإبل" للأمر به، وثبت به حديثان صحيحان، في صحيح مسلم أكل لحم الإبل، ويدخل في ذلك جميع ما حواه الجلد، فمن أكل لحم الإبل فعليه أن يتوضأ، "أنتوضأ من لحم الغنم؟ قال: ((إن شئت)) أنتوضأ من لحم الإبل؟ قال: ((نعم))، جاء في الحديث الآخر: ((كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار)) ولحم الإبل تمسه النار، لا شك أن هذا عام مخصص بما جاء في لحم الإبل على وجه الخصوص، فهو مقدم عليه.

"الردة عن الإسلام" أعاذنا الله والمسلمين من ذلك، الردة تنقض الوضوء؛ لأنه بردته –نسأل الله العافية– حبط عمله، فإذا حبط العمل ومنه –من العمل– الوضوء، يعني بطل عمله، نسأل الله العافية، كثير من الناس يتصور الردة إما يصير يهودي وإلا نصراني وإلا مشرك يلتحق بالمشركين، قد يرتد بكلمة –نسأل الله العافية– يستهزأ بما جاء عن الله، يستهزئ بالرسول، أو بما جاء عن الرسول، يكون مرتد -نسأل الله العافية-. يقول الشيخ: "تنبيه هام: أما غسل الميت فالصحيح أنه لا ينقض الوضوء، وهو قول أكثر أهل العلم لعدم الدليل على ذلك، لكن لو أصابت يد الغاسل فرج الميت من غير حائل وجب عليه الوضوء" الحديث الوارد في ((من غسل ميتاًَ فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)) ضعيف، فمن غسل الميت لا شيء عليه، وضوؤه صحيح، ولا ينتقض وضوؤه، لكن لو أصابت يد الغاسل فرج الميت من غير حائل وجب عليه الوضوء، كما لو مس فرجه هو، لو مس فرج نفسه ينتقض وضوؤه على ما اختاره الشيخ -رحمه الله تعالى-، وعرفنا أن ذلك عند شيخ الإسلام ابن تيمية على سبيل الاستحباب لا على سبيل اللزوم. "والواجب عليه ألا يمس فرج الميت إلا من وراء حائل" لا يجوز للغاسل أن يباشر عورات الأموات، بل لا بد أن يوضع عليها حائل، ويمكن غسلها من وراء ذلك الحائل "وهكذا مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً سواء كان ذلك عن شهوة أو غير شهوة في أصح قولي العلماء" لأنه ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقبل، فيخرج إلى الصلاة ولا يعيد الوضوء، "ما لم يخرج منه شيء" إذا خرج منه شيء انتقض وضوؤه من أجل ذلك الخارج، لا من أجل مس المرأة، ولو كان بشهوة "لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ".

الدرس الخامس عشر: الأخلاق المشروعة لكل مسلم:

"أما قوله -سبحانه وتعالى- في آيتي النساء والمائدة {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] [(6) سورة المائدة] فالمراد به الجماع في الأصح من قولي العلماء، وهو قول ابن عباس -رضي الله عنهما- وجماعة .. " مع أن من أهل العلم من يرى أن مس المرأة بشهوة أو بغير شهوة مجرد مس المرأة ناقض للوضوء، لقوله تعالى: {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] ينقض الوضوء، عند جمع من أهل العلم، ومنهم من يقيد ذلك بالشهوة، فإذا وجدت الشهوة انتقض الوضوء؛ لأنه مظنة لأن يخرج منه شيء، والشيخ -رحمه الله- رجح أن المراد بالآية {أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء} [(43) سورة النساء] المراد به الجماع، ومجرد المس ولو كان بشهوة فإنه لا ينقض الوضوء. الدرس الخامس عشر: الأخلاق المشروعة لكل مسلم: "الدرس الخامس عشر: الأخلاق المشروعة لكل مسلم" يشرع لكل مسلم أخلاق وآداب وصفات ينبغي أن يتحلى بها، "منها: الصدق" الصدق كما جاء في الحديث: ((يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة ... ، والكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار)) فالصدق خصلة حميدة على الإنسان أن يلتزم بها، ولا يقول: إن الظروف اقتضت علي، أو ألزمتني أن أجانب الصدق؛ لأن الصدق منجاة، من صدق ولو في أحلك الظروف نجا، وهذا شيء مجرب، قصة كعب بن مالك، الثلاثة الذين خلفوا، صريحة في هذا، فالكذب حرام اتفاقاً، يباح منه بعض الصور، للإصلاح بين الناس، والكذب على الزوجة في حدود ما يؤلف القلوب، وما أشبه ذلك، وأما ما عدا ذلك فالكذب حرام، والكذب درجات، الكذب على الناس محرم بلا شك، وأعظم منه الكذب على الله وعلى رسوله، ومن الكذب على الله الفتيا بغير علم، نسأل الله العافية، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] "كذبوا على الله" من أولى من يدخل في هذا الباب من يفتي ويقول على الله بغير علم.

"الأمانة" الأمانة خلق واجب، والخيانة حرام، والخديعة مخادعة المسلمين وغشهم، وجحد الأمانات والعواري كل هذا محرم بالكتاب والسنة، وإجماع أهل العلم، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [(58) سورة النساء] {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ} [(72) سورة الأحزاب] لا بد من أداء هذه الأمانة، ومن الأمانات ما كلف به المسلم من الشرائع، الصلاة أمانة، الصيام أمانة، الغسل من الجنابة أمانة، فلا يجوز له أن يخون هذه الأمانة بحال. "العفاف" لا بد أن يكون الإنسان عفيفاً بجميع ما تحتمله هذه الكلمة من صور، ومعانٍ يكون عفيف القلب، فلا يحقد ولا يحسد، عفيف اللسان، لا يتكلم بأحد إلا بحق، ولا يستطيل في أعراض المسلمين، ولا يكون صخاباً في الأسواق، ولا غضوباً لجلاجاً، ويكون عفيفاً عن المحارم كلها، ومن أظهر صور العفة عفة الإزار بأن لا يحل إزاره إلا على ما أحله الله له وأباحه له. "والحياء" والحياء لا يأت إلا بخير، وجاء في الحديث الصحيح: ((إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت)) ((إنما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت)) فالحياء لا يأتي إلا بخير، وهو خلق ينبغي أن يتجمل به المسلم، ويكمل به نفسه، والمراد بالحياء: الحياء الذي يمنع من ارتكاب ما منع منه شرعاً أو عرفاً، لكن الحياء الذي يمنع من إقامة الواجبات أو يمنع من ترك المحظورات، يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يمنع من إرشاد الجاهل، هذا يسمى حياء، هذا خجل مذموم هذا، نسأل الله العافية. "الشجاعة" الجبن خلق ذميم، تعوذ منه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى كل مسلم أن يتعوذ منه، فالشجاعة خلق ينبغي أن يتحلى به المسلم، فيشرع لكل مسلم أن يكون شجاعاً، قوالاً للحق عاملاً به، شجاعاً في مواطن الشجاعة، في الحروب، في الكلمة، الصدع بالحق عند الحاجة إليه وهكذا. "الكرم" البخل أيضاً خلق ذميم، فعلى المسلم أن يكون كريماً باذلاً لما يطلب منه فيما لا يضر به ويشق عليه.

الآداب الإسلامية:

"الوفاء" الوفاء بالعهود، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ} [(1) سورة المائدة] فلا بد من أن يكون المسلم وفياً لمن له عليه حق، ولمن عاهده وعاقده على شيء، لا بد أن يفي له بما التزم. "النزاهة عن كل ما حرم الله" النزاهة عن كل ما حرم الله، فكل ما حرم عليه ينبغي أن يبتعد عنه ويتنزه منه، لا يزاول شيئاً مما حرمه الله عليه سواء كان خالياً بمفرده أو كان بمجمع من الناس، ولا شك أن العلانية أشد، ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين)) لكن أيضاً ارتكاب المحرمات، ولو كان الإنسان خالياً هذا أمر رتب عليه العقاب، وهو تحت المشيئة، لكن أشد من ذلك المجاهرة. "حسن الجوار" فالجار له حقوق، له حق الإخوة في الدين، له حق الجوار، وإذا كان قريب زاد حق ثالث، وهو حق القرابة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) ((والله لا يؤمن ... من لا يأمن جاره بوائقه)) فلا بد من حسن الجوار، وعدم التعرض للجار بأي أذى. "مساعدة ذوي الحاجات حسب الطاقة" تعين صانع أو تصنع لأخرق هذا من أفضل الأعمال، ذوي الحاجات، الأعمى الذي يحتاج من يقوده، وبحاجة إلى من يقوده، تمسك بيديه فتقوده، توصله إلى المسجد إلى البقالة، إلى عمله، إلى ما يريد، لكن بما لا يشق عليك ولا يعطل مصالحك، أنت عندك دوام ووجدت أعمى دوامه في جهة غير جهتك تترك دوامك وتروح توديه؟ لا، بما لا يشق عليك ولا يعطل مصالحك. "مساعدة ذوي الحاجات حسب الطاقة" حسب الجهد، حسب المستطاع، وغير ذلك من الأخلاق التي دل عليها الكتاب والسنة على مشروعيتها. الآداب الإسلامية: هنا الآداب الإسلامية، الآداب الإسلامية، في الدرس السادس عشر، منها:

"السلام" السلام، بذل السلام للعَالم من المسلمين، على من تعرف ومن لا تعرف، وجاء ما يدل على أن السلام في آخر الزمان يكون حسب المعرفة، والله تعرفه السلام عليكم، ما تعرفه .. ، هذا ما ينبغي، الأجر رتب على إفشاء السلام، إذا قلت: السلام عليكم عشر حسنات، تعرفه ولا ما تعرفه، وكل ما زدت زاد الأجر، ورحمة الله عشر ثانية، وبركاته عشر، ثلاثين حسنة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ثلاثين حسنة، تضرك؟! مر عليك واحد، اثنين، ثلاثة تسلم عليهم، ما يضر، لا يكلف شيء، ولا محسوب عليك شيء، فتبذل السلام ((ألا أخبركم بأمر إذا فعلتموه تحاببتم)) أو كما جاء في الحديث، قالوا: بلى، قال: ((أفشوا السلام بينكم)) وآكد من السلام رده، فإذا سلمت كتب لك الثواب، وإذا سلم عليك لزمك الجواب، وعليك أن ترد السلام، ترد التحية بمثلها، أو أفضل منها، فإذا قيل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ترد مثلها على أقل الأحوال، أو تزيد عليها، تقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته مرحباً، كما أجاب النبي -عليه الصلاة والسلام- أم هانئ، قال: مرحباً بأم هانئ، فإذا زاد حصل له من الأجر أكثر. "البشاشة" البشاشة في وجه أخيك المسلم أمر مطلوب، نعم المتزندق والمبتدع والكافر ما تبش في وجهه إلا بغرض الدعوة، إذا كان غرضك صحيح، وبشتت في وجهه من أن يقبل الدعوة، ويهديه الله بك ((فلأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) وإلا فالأصل: لا تلقِ مبتدعاً ولا متزندقاً ... إلا بعبسة مالك الغضبانِ لا بد من المصارمة، لا بد من المنافرة بينك وبين عدوك، لكن إذا ترتب على هذه البشاشة وهذا اللين مع العدو مصلحة من أجل الدعوة فلا بأس، وأما فالمسلم فلا يجوز أن تعبس في وجهه، وجاء العتاب للنبي -عليه الصلاة والسلام- بسورة {عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَن جَاءهُ الْأَعْمَى} [(2) سورة عبس] عوتب النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان مشتغلاً بالدعوة، بأمر يرى أنه أهم من ذلك، يبقى أن المسلم له حق، وهو أولى من غيره بالتقدير والاحترام ورعاية الحقوق.

"والآداب الشرعية عند دخول المسجد أو المنزل والخروج منهما" الآداب الشرعية عند دخول المسجد تقدم الرجل اليمنى، وكذلك المسجد والخروج منه وتقدم اليسرى، وإذا أردت دخول الدورة تقدم اليسرى، وإذا خرجت تقدم اليمنى، وهكذا .. ، كل هذه آداب ينبغي مراعاتها. "وعند السفر" تقول ما ورد عند دخول المسجد، وعند دخول المنزل، وعندما تخرج منهما، وعند دخول الخلاء، وعندما تخرج منه، وعند إرادة السفر، وعند الركوب، وأثناء السفر، كل هذه لها أذكار خاصة ألفت فيها كتب الأذكار، على المسلم أن يعتني بهذه الأذكار، وهي لا تكلف شيء، لا تكلف شيئاً، أمرها يسير لكن على من يسرها الله عليه، بعض الناس عنده استعداد يقرأ جرائد الدنيا ولا يقول: سبحان الله وبحمده مرة واحدة، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)) ((من قال في يوم: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) كم تأخذ؟ ساعتين وإلا ثلاث؟ دقيقة ونصف ((سبحان الله وبحمده مائة مرة)) دقيقة ونصف ((حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) فعلينا أن نعتني بهذا الباب، بهذا الجانب، حرز من الشيطان أن تقول إذا أصبحت: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة)) يكتب له مائة حسنة، ويحط لك عنك مائة خطيئة، وهي حرز لك من الشيطان.

الدرس السابع عشر: التحذير من الشرك وأنواع المعاصي:

الإحسان مع الوالدين، يعني بر الوالدين واجب شرعي، صلة الأقارب والأرحام، والإحسان إلى الجيران، والكبار والصغار، تحسن إلى الرجل الكبير من المسلمين، وتعطف على الصغير، ولا تكون فظاً غليظاً من رآك هابك وخافك ((شر الناس من تركه الناس اتقاء شره)) فبر الوالدين أمر واجب، كذلك صلة الأرحامِ، والتأدب مع الجيران والكبار، والعطف على الصغار، والإحسان إلى المحتاجين، كل هذه آداب إسلامية مطلوبة، جاءت نصوص الكتاب والسنة تحث عليها، وتؤكد هذه الحقوق ((من سره أن ينسأ له في أثره، ويبسط له في رزقه فليصل رحمه)) والعقوق موبقة من الموبقات، كبيرة من كبائر الذنوب، قطيعة الأرحام أيضاً كبيرة، فلا بد من العناية بهذا الباب، والله المستعان. "التهنئة بالمولود" التهنئة بما يسر أخاك المسلم، جاءه مولد تهنئه، وتدعو له، وتدعو لولده، حصل له ما يسره تهنئه أيضاً، تبارك له في ذلك، وتدعو له، كل هذا يزرع المودة والمحبة بين المسلمين، ويزيل البغضاء والشحناء بينهم. "والتعزية في المصاب" إن مات له أحد سواء كان من أقاربك أو من غيرهم تعزيه، وتواسيه، بما فقده من حبيب، وغير ذلك من الآداب الإسلامية التي مظنتها كتب الآداب الشرعية. الدرس السابع عشر: التحذير من الشرك وأنواع المعاصي: "الدرس السابع عشر: التحذير من الشرك وأنواع المعاصي" الشرك هو أعظم ما عصي الله به -سبحانه وتعالى-، وهذا هو الظلم العظيم {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [(13) سورة لقمان] وهو أعظم الموبقات، المهلكات السبع، ومن صوره السحر، والسحر ملازم للشرك غالباً، وأفرد للاهتمام بشأنه، كثير من الناس يتساهل بأمره وهو عظيم، هو شرك. "وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق" قتل النفس عمداً عدواناً {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ} [(93) سورة النساء] نسأل الله العافية، حتى ذكر عن ابن عباس أن توبته لا تقبل، توبة القاتل العمد وإن كان جمهور العلماء على أنه تقبل توبته. "أكل مال اليتيم" أكل أموال الناس بالباطل كله حرام، لكن اليتيم الذي ليس له من يدافع عنه أشد، ولذا جاءت النصوص في التشديد في مال اليتيم.

"أكل الربا" {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} [(275) سورة البقرة] جمع من المفسرين يقولون: إن آكل الربا يبعث مجنوناً يوم القيامة، يبعث مجنوناً يوم القيامة، وهو محارب لله ورسوله {فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ} [(279) سورة البقرة] هل له يدان بمحاربة الله؟ العبد الضعيف المسكين؟! حمله الطمع والجشع على أن يرابي، هل يستطيع أن يحارب الله؟ الله المستعان. "التولي يوم الزحف" يعني إذا التقى الصفان في الجهاد فيهرب واحد، هذه كبيرة، موبقة من كبائر الذنوب، قبل أن يحضر إلى الصف أمره أسهل، لكن إذا حضر يفتح باب لغيره، فالتولي يوم الزحف كبيرة وموبقة من كبائر الذنوب، ويقصد بذلك الهرب عند التقاء الصفين في القتال، الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله. "قذف المحصنات الغافلات المؤمنات" رمي المرأة العفيفة بالزنا، نسأل الله العافية، هذا موبقة من الموبقات، وقد جاء في بعض الأخبار أن قذف محصنة يحبط عبادة ستين سنة، الأمر ليس بالسهل ولا بالهين، أن ترمي المحصنة الغافلة العفيفة بالزنا، ومن ذلكم الزوجات؛ لأن بعض الناس يتساهل ويقذف زوجته نسأل الله العافية هذا أمره عظيم، فإذا قذفها إما أن يجلد الحد ثمانين جلدة، أو يلاعن ليدرأ عنه الحد. "من الكبائر عقوق الوالدين" عقوق الوالدين قطيعة الأرحام سبق الحديث عنهما. "شهادة الزور" ((ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور .. )) ما زال يكررها ((ألا وقول الزور)) تشهد لزيد من الناس بأن له حق على فلان، والأمر على خلاف ذلك، أو تشهد أن هذه الأرض لفلان وهي ليست له، هذه شهادة الزور، ((والمتشبع بما لم يعطَ كلابس ثوبي زور)) الذي يزعم أن عنده وعنده وعنده وفعل وترك كلابس ثوبي زور، لكن شهادة الزور أمرها عظيم، ما زال النبي -صلى الله عليه وسلم- يكررها حتى قالوا: "ليته سكت".

"الأيمان الكاذبة" {وَلاَ تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ} [(224) سورة البقرة] هذا في حال الصدق، في كل عمل أو في كل مقال تذكره تقول: والله وبلى والله وتالله، لكن إذا كان اليمين كاذب فالأمر أشد، إذا ترتب على هذه اليمين الكاذبة اقتطاع حق امرئ مسلم فالأمر أعظم، هذه اليمين الغموس، إذا حلف على السلعة لينفقها من أجل أن تدرج أيضاً هذا أمره ليس بالهين. "وإيذاء الجار" تقدم الإلماح إلى ما للجار من حق، وأن الشرع اعتنى به، وأكد على حقه، وظلم الناس في الدماء والأموال والأعراض وغير ذلك كل هذا حرام، في حديث أبي ذر الإلهي القدسي: ((يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا)) الله -سبحانه وتعالى- حرم الظلم على نفسه، والظلم: وضع الشيء في غير موضعه، والاعتداء على الناس إما على دمائهم أو أعراضهم أو أموالهم، قل ذلك أو كثر، كله ظلم، نسأل الله العافية، وغير ذلك مما نهى الله عنه أو رسوله -صلى الله عليه وسلم-. طالب:. . . . . . . . . أما بالنسبة للصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- جاء الأمر بها في الكتاب والسنة {إيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] فلا بد أن يُصلى عليه ويُسلم، ولا يتم امتثال هذا الأمر إلا بالصلاة والسلام، يعني ما تكفي عليه الصلاة، أو عليه السلام فقط، لكن إذا جمعت بينما تارة وأفردت السلام تارة لا بأس، أما أن تلتزم الصلاة فقط، أو السلام فقط، لا يتم امتثالك للأمر الوارد في قوله تعالى: {إيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [(56) سورة الأحزاب] لا بد من الصلاة عليه والسلام. امتثال الأمر واجب، هذا الأصل في الأمر، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [(63) سورة النور] فامتثال الأمر واجب، لكن كل ما ذكر -عليه الصلاة والسلام- يصلى عليه استحباباً عند أكثر العلماء، وإن قال بعضهم بوجوبه، تجب الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في مواطن مثل: التشهد الأخير على ما تقدم، وما عدا ذلك سنة.

الدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه:

الدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه: ومع الدرس الثامن عشر: في تجهيز الميت والصلاة عليه، وهو آخر الدروس. الموت نهاية كل حي، فلا بد أن يمر على كل مخلوق ذي روح، ولذا وجب على المتعلمين تعلمه، والمعلمين تعليمه؛ لأن ما يتعلق بالموت من فروض الكفايات، من تجهيز الميت وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، وغير ذلك مما يتعلق به. يقول: "وإليك تفصيل ذلك" تجهيز الميت "إذا تيقن الموت أغمضت عيناه، وشد لحياه"، لا بد من تيقن خروج الروح، ولا يكفي موت الدماغ، وإن قرر الأطباء أنه في حكم الميت، لكنه ليس بميت، حتى تخرج روحه، وعلى هذا لا يجوز أن يفعل به أي شيء مما يتعلق بالأموات، أو يتسبب في موته، ما دامت الروح باقية، ولو قرر الأطباء أنه قد مات دماغياً، فإذا تيقن الموت بخروج الروح والعلامات ظاهرة، يعرفها من زاولها.

يقول: "إذا تيقن الموت أغمضت عيناه" لأن العين إذا خرجت الروح تتبع الروح، فإذا خرجت الروح تبعها البصر وشخص، وحينئذ تغمض عيناه، ليكون شكله مقبولاً، ولئلا يدخل في هذه العين شيء من الهوام، "وشد لحياه" لئلا ينفتح فمه، وهذا كله من حرمة المسلم، ليكون شكله بعد وفاته مقبولاً كشكله حال حياته، وعند تغسيله "تستر عورته" وجوباً، لا يجوز أن تكشف عورة الميت؛ لأن حرمة الميت كحرمة الحي، لا يجوز أن تكشف العورة، بل على غاسله أن يستر عورته ولا يباشر شيئاً منها، "ثم يرفع قليلاً" لكي يخرج ما في بطنه، "ويعصر بطنه عصراً رفيقاً" لا بشدة وقوة، بل يكون برفق، لكي يخرج ما يمكن خروجه من بطنه، "ثم يلف الغاسل على يده خرقة أو نحوها فينجيه بها" ينجيه يزيل ما على مخرجه، أو ما علق، أو ما في مخرجه من نجاسة، هذا الاستنجاء، إزالة أثر النجاسة من المخرج، "ثم يوضئه وضوء الصلاة" يوضئه وضوء الصلاة، وقد جاء في حديث أم عطية أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لهن وهن بصدد غسل ابنته زينب: ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) فيوضأ الميت وضوء الصلاة، كما يفعل الحي إذا أراد الاغتسال المشروع، يتوضأ وضوءاً كاملاً ثم يغتسل، "ثم يغسل رأسه ولحيته بماء وسدر أو نحوه" السدر ينظف البدن، يقوم مقامه المنظفات الأخرى مما يزيل الأوساخ كالصابون والأشنان، والشامبو وما أشبه ذلك، المقصود التنظيف، "ثم يغسل شقه الأيمن" ((ابدأن بميامنها)) "ثم الأيسر، ثم يغسله كذلك مرة ثانية وثالثة" يغسل الميت أولى وثانية وثالثة، فإن رأى الغاسل الزيادة على ذلك فلا بأس إلى السبع، للحاجة ((إن رأيتن ذلك)) ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن ذلك)) وليس مرد هذه الرؤية إلى التشهي، إن كان قريباً يزاد في غسله ليزداد التنظيف، لا، إن كانت الحاجة داعية إلى الزيادة على ثلاث فليزاد عليها، وليقطع على وتر. "يمر في كل مرة يده على بطنه، فإن خرج منه شيء غسله وسد المحل بقطن" يعني إذا انتهى من هذه الغسلات "سد المحل بقطن أو نحوه، فإن لم يستمسك" بالقطن خرج مع وجود القطن "فبطين حر" طين حر، أو ما يقوم مقامه.

يقول: "أو بوسائل الطب الحديثة كاللزق ونحوه" وهناك أمور يسد بها هذا المخرج لئلا يخرج منه شيء، وموجود في المستشفيات والصيدليات وغيرها، فلا يلزم أن يكون بالطين، كان هذا معمول به عند المتقدمين ما عندهم إلا طين أو شبهه، الطين الحر: يعني يشبه الأسمنت في قوته وتماسكه "ويعيد وضوئه" يعني إن خرج منه شيء؛ لأنه في حكم المنتقض، "وإن لم ينقي بثلاث زيد إلى خمس أو إلى سبع" كما سمعنا في حديث أم عطية: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن ذلك)) يعني إن كانت الحاجة داعية إلى سبع "ثم ينشف بثوب، ويجعل الطيب في مغابنه، ومواضع سجوده" ((اجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)) الكافور: طيب، نوع من الطيب، فيه خاصية أيضاً يطرد الهوام، ويصلب الجسد، الكافور يقوم مقامه الأطياب الأخرى، سواء كانت سائلة أو بخور، "يجعل الطيب في مغابنه" يعني الأماكن التي يغطي بعضها بعضاً، هذه المغابن، "ومواضع سجوده" لشرفها، "وإن طيبه كله كان حسناً" يعني إذا كان الطيب يستوعب البطن كله أفضل، "ويجمر أكفانه بالبخور، وإن كان شاربه أو أضافره طويلة أخذ منها ... ولا يسرح شعره" لئلا يسقط منه شيء، فيبقى الشعر كما هو، والمرأة يظفر شعرها ثلاثة قرون، ويستل من ورائها، يجعل شعر المرأة ثلاث ظفائر، ثلاث ظفائر تجعل خلف المرأة، ثلاث، كما جاء في حديث أم عطية. ثم بعد ذلكم تكفين الميت.

يقول: "الأفضل أن يكفن الرجل في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة" كما ثبت في الصحيح من حديث عائشة: "أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن بثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة" هذا ما فعله الصحابة بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، وبعضهم يرى أنه لا بأس أن يكفن في قميص، بل الأفضل أن يكفن بالقميص؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن ابن أبي بالقميص، ولا يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا الأفضل، النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيح كُفن بثلاثة أثواب، وجاء النص على أنه ليس فيها قميص ولا عمامة، فكيف يقال: إنه يكفن في القميص أفضل؟ نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن ابن أبي في قميصه مكافئة له، لما أعطى العباس قميصاً كافأه النبي -عليه الصلاة والسلام- فكفنه بقميصه، وجبراً لخاطر ولده، "يدرج فيه إدراجاً" يعني لف لف، "وإن كف في قميص وإزار ولفافة فلا بأس" المقصود أن يستر البدن، لكن الأفضل أن تكون ثلاثة أثواب، إيش معنى أثواب؟ لها أكمام ولها أزار وإلا لا؟ نعم، لا، ثلاث قطع من القماش، فالقطعة يقال لها: ثوب. يقول: "وإن كفن في قميص وإزار ولفافة فلا بأس" يجوز ذلك، لكن الأفضل أن تكون ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة، "والمرأة تكفن في خمسة أثواب" لأن المرأة بحاجة إلى الستر أكثر من الرجل، فيزاد في كفنها، فتكفن في خمسة أثواب في "درع وخمار وإزار ولفافتين، ويكفن الصبي في ثوب واحد إلى ثلاثة أثواب، وتكفن الصغيرة في قميص ولفافتين" يعني الصبي الذي لم يكلف، أمره أخف من المكلف، فإذا كان الرجل المكلف يكفن في ثلاثة أثواب فالصبي من الذكور في ثواب واحد إن احتيج إلى ثاني لا بأس، إن احتيج إلى ثالث فلا بأس، لكن الأصل واحد، وتكفن الصغيرة في قميص ولفافتين، بدل من أن تكفن المكلفة بخمسة أثواب. من أحق الناس بغسل الميت؟

الصلاة على الميت:

أحق الناس بغسل الميت –يعني عند المشاحة– ما هو إذا جيء الميت إلى مغسلة يقال: لا، لا تغسله، انتظر حتى يأتي الوصي، يأتي الأب، يأتي الابن، يأتي القريب، لا، يغسل في المغاسل، لكن عند المشاحة، إذا قال: أنا وصاني الميت، أو فلان يشهد وفلان أن الميت قال: لا يغسلني إلا فلان، فهو أولى من غيره، وهذا عند المشاحة كما هو معروف. "أحق الناس بغسله والصلاة عليه ودفنه وصيه في ذلك" يعني إذا قال الميت قبل وفاته: يغسلني فلان، ويصلي عليّ فلان، ويدفنني فلان، فهو أولى الناس بذلك، "ثم الأب ثم الجد" يعني بحثوا عن الوصي ما وجدوا، ينتظر حتى يأتي الوصي؟ لا، يقال للأب: أنت لك المرتبة الثانية بعد الوصي غسل ابنك، "ثم الجد، ثم الأقرب فالأقرب من العصبات" الأخ والعم وابن الأخ وما أشبه ذلك. "والأولى بغسل المرأة وصيتها" يعني من النساء، الأول وصيه من الرجال، والأولى بغسل المرأة وصيتها يعني من النساء، لو أوصت بأن يغسلها ولدها أو أبوها تنفذ الوصية وإلا لا؟ لا، لا تنفذ الوصية؛ لأن الرجال ليس لهم أن يغسلوا النساء، ليس للرجال أن يغسلوا النساء، ولا العكس، إلا الزوجين، يجوز أن يغسل أحدهما الآخر، وما عدا ذلك فلا، هذا بالنسبة إذا كان الميت تجاوز السبع من الرجال أو النساء، "ثم الأم -بعد الوصية- ثم الجدة" يعني مثلما قيل: الوصي، ثم الأب، ثم الجدة، "ثم الأقرب فالأقرب من نسائها" وهناك الأقرب فالأقرب من الرجال العصبات، وهنا الأقرب فالأقرب من نسائها. "وللزوجين أن يغسل أحدهما الآخر" لأن الصديق -رضي الله عنه- غسلته زوجته، زوجته من؟ اسمها إيش؟ أسماء بنت عميس غسلت أبا بكر الصديق -رضي الله عنه-؛ ولأن علياً -رضي الله عنه- غسل زوجته فاطمة -رضي الله عنها-، فيجوز للزوج أن يغسل زوجته، وللزوجة أن تغسل زوجها. الصلاة على الميت:

أما الصلاة على الميت فيكبر الإمام "ويقرأ بعد -التكبيرة- الأولى الفاتحة"، دون دعاء للاستفتاح، فيقول: الله أكبر، ثم يتعوذ، ويسمي، ويبسمل، ثم يقرأ الفاتحة، "إن قرأ معها سورة قصيرة أو آية فلا بأس" لا بأس بذلك، وإن لم يقرأ كفت الفاتحة، "للحديث الوارد في ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-" في قراءة الفاتحة وسورة، "ثم يكبر الثانية فيصلي على النبي كصلاته عليه في التشهد" فيقول: اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، يعني كما يقول في التشهد، "ثم يكبر الثالثة -فيدعو للميت- فيقول: اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا" إنك تعلم منقلبنا ومثوانا، "اللهم من أحيته منا فأحييه على الإسلام، ومن توفيته فتوفه على الإيمان" .. إلى آخر الدعاء المشهور وذكره الشيخ -رحمه الله-. يقول: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه، واعف عنه، وأكرم نزله، وأوسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وجازه بالحسنات إحساناً، وبالسيئات عفواً ورضواناً .. " المقصود أنه يدعو للميت، ويخلص الدعاء له، يخلص الدعاء له، وهذا من حق المسلم على المسلم، والصلاة على الميت فرض كفاية، إذا حصل من يكفي سقط الإثم عن الباقين. للإنسان إذا قام الواجب بغيره ألا يصلي، لكن كونه لا يصلي حرمان؛ لأن له بكل صلاة على جنازة قيراط، وهنا التفريط في القراريط، القيراط ليس أمره بالسهل، القيراط من الذهب كم؟ خمسة ريال أو ستة؟ القيراط بأربعين، بأربعين، الجنيه كان بأربعين، ثم صار القيراط بأربعين، الله المستعان.

القيراط مثل جبل أحد من الحسنات، فمن ترك الصلاة على الجنازة فهو محروم لا سيما مع يسرها وقربها منه، إذا عرفنا هذا الأجر، والثواب العظيم المرتب على الصلاة على الجنازة فعلينا أن نقصدها للصلاة عليها، وإذا كان هناك أكثر من جنازة أحياناً خمس جنائز ست، خمسة قراريط ستة قراريط في ثلاث دقائق، يعني ما يعوق الإنسان من مصالحه، فالمحروم من حرم، من حرم التوفيق، وليس هذه علامة توفيق أن يزهد الإنسان في مثل هذه الأمور فضلاً عن أن يسعى في قراريط السيئات، وأن ينقص من أجره كل يوم قيراط، كما يقتني الكلب {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [(4) سورة الليل] بعض الناس يقصد المساجد التي يصلى فيها على الجنائز ليحصل هذه القراريط، ومن الناس من يبتلى بكلب ينقص من أجره كل يوم قيراط، لا شك أن الناس يتفاوتون تفاوتاً بيناً، ونرى بعض الناس يُصلى على ميت وهو جالس، تنتهي الصلاة وهو جالس، ما عنده شيء وليست فيه علة، لكن الحرمان، الحرمان لا نهاية له، هذا مشاهد لا سيما في بلاد الحرمين، يمل بعض الناس إذا قيل الصلاة الميت قام فصلى ثم مرة ثانية خلاص صلينا يا أخي إيش تدور؟ استكثروا فالله أكثر، كل صلاة فيها قيراط، كل ميت له قيراط، وفضل الله لا يحد، لكن الإنسان .. ((كل الناس يدخلون الجنة إلا من أبى؟ )) قالوا: كيف يأبى يا سول الله؟! قال: ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)) يُتصور الإنسان يقال له: تعال إلى الجنة فيقول لا؟ يعني عقلاً ما يتصور، لكن حقيقة وواقع الناس كثر، يقال لهم: هلموا إلى الجنة فيقولون: لا، ((من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى)) فكيف بمن تقام صلاة الجنازة وهو جالس؟! لا يهتم لذلك، ويعرف أن الصلاة فيها قيراط، وقد تكون جنائز في آن واحد، ولكل واحدة قيراط.

"اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار، وافسح له في قبره، ونور له فيه .. "، وإن زاد على ذلك مما جاء في السنن "اللهم أنت ربه، وأنت خلقته، وأنت هديته للإسلام جئناك شفعاء فشفعنا فيه، اللهم إنه في ذمتك وحبل جوارك، فاقه فتنة القبر وعذاب النار" كل هذا لا بأس به. ثم بعد التكبيرة الرابعة إن قال: "اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله فحسن" وإن قال ذلك تبعاً للدعاء بعد الثالثة فلا بأس، "ثم يكبر الرابعة ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه" والتكبيرات أربع، والخلاف موجود بين الصحابة والتابعين في عدد التكبيرات، من ثلاث إلى تسع، فإذا كبر على ميت ثلاث، وعلى آخر خمس وسبع وتسع هذا الخلاف موجود بين أهل العلم، لكنه استقر قول جماهير أهل العلم على الأربع، على أربع تكبيرات، بل نقل بعضهم الاتفاق على ذلك، فلا ينبغي أن يزاد على الأربع. "ويستحب أن يرفع يديه مع كل تكبيرة" يقول: الله أكبر، يعني مثلما يرفع في الصلاة، وفي ذلك الخبر الثابت عن ابن عمر موقوفاً عليه خرجه البخاري معلقاً مجزوماً به، وفيه خبر مرفوع، لكنه ضعيف، صح عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه، وجاء خبر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يرفع يديه، لكنه ضعيف، فلذا المتجه رفع اليدين في تكبيرات الجنازة. ولذا يقول الشيخ -رحمه الله-: "ويستحب أن يرفع يديه مع كل تكبيرة، وإذا كان الميت امرأة يقول: اللهم اغفر لها" هناك: اللهم اغفر له وارحمه، بناء على أنه ذكر، وإذا كان الميت امرأة قال: اللهم اغفر لها وارحمها، وعافها واعف عنها؛ لأن الرجل له ضمير والمرأة لها ضمير، ولكل ما يخص من الضمائر، لكن إذا أشكل عليه الأمر، جاؤوا والناس يصلون ما يدري هو ذكر أو امرأة؟ وقال: اللهم اغفر له يقصد الميت لا بأس، والميت يحتمل أن يكون ذكر، ويحتمل أن يكون أثنى، أو اغفر لها: يعني الجنازة، سواء كانت ذكراً أو أنثى فلا بأس.

وإذا كانا اثنين قال: اللهم اغفر لهما وارحمهما وعافهما واعف عنهما .. ، وإذا كانوا جماعة قال: اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، فيكيف الضمير على حسب مقتضى الحال، "وإذا كانت الجنائز اثنتين يقال: اللهم اغفر لهما" وبالجمع إذا كانت أكثر. "أما إذا كان فرطاً صغيراً، فيقال بدل الدعاء بالمغفرة" ما يقال: اللهم اغفره له وارحمه، وعافه واعف عنه، ليس له ذنوب لتطلب له المغفرة، ليس عنده ذنوب، ولم يجر عليه قلم التكليف، لتطلب له المغفرة والرحمة، فليس بحاجة إلى ذلك، بل يقال: "اللهم اجعله فرطاً -يعني متقدماً- وذخراً لوالديه، وشفيعاً مجاباً، اللهم ثقل به موازينهما، وأعظم به أجورهما، وألحقه بصالح المؤمنين، واجعله في كفالة إبراهيم، وقه برحمتك عذاب الجحيم". يقول -رحمه الله-: "والسنة أن يقف الإمام حذاء رأس الرجل، ووسط المرأة" هذه السنة بالنسبة للرجل يقف الإمام مقابل رأسه، والمرأة يقف في وسطها، ولذا ينبغي عند صف الجنائز أن يكون وسط المرأة بإزاء رأس الرجل، فإذا قدر أن هذا رجل وهذه امرأة وهذا وسط المرأة يكون هكذا، بإزاء رأس الرجل، ليقف الإمام هنا، موازياً لرأس الرجل ووسط المرأة، "وأن يكون الرجل مما يلي الإمام" الرجل هو الذي يلي الإمام، هو الأقرب إلى الإمام، يعني إذا كان هناك أكثر من جنازة، رجال ونساء، فالرجال هم المقربون للإمام، تليهم النساء. يقول: "وأن يكون الرجل مما يلي الإمام إن اجتمعت الجنائز، والمرأة مما يلي القبلة، وإن كان معهم أطفال قدم الصبي على المرأة" يجعل الصبي هنا بين الرجل والمرأة، والطفلة تجعل بعد المرأة "ثم المرأة ثم الطفلة" الرجل ثم الطفل ثم المرأة ثم الطفلة، وإذا اجتمع رجال، افترضنا أن هذين رجلان من نقدم؟ نقدم الأحفظ لكتاب الله، الأحفظ لكتاب الله هو المقدم، يقدم الأحفظ لكتاب الله؛ لأنه أحق، فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته.

"ويكون رأس الصبي حيال رأس الرجل -الصبي حيال رأس الرجل- ووسط الطفلة حيال وسط المرأة، ووسط المرأة حيال رأس الرجل وهكذا الطفلة يكون رأسها حيال رأس المرأة، ويكون وسطها حيال رأس الرجل، ويكون المصلون جميعاً خلف الإمام" المصلون كلهم خلف الإمام، وينبغي أن تكثر الصفوف ولو لم تكمل؛ لأنه ورد فيمن صلى عليه ثلاثة صفوف فأكثر، ورد من صلى عليه أربعون فأكثر، ورد من صلى عليه مائة من المسلمين شفعوا فيه، فنحرص على تطبيق هذه السنن لننال من ذلك الأجر الجزيل من الله -سبحانه وتعالى-. "ويكون المصلون جميعهم خلف الإمام إلا أن يكون واحداً لم يجد مكاناً خلف الإمام فإنه يقف عن يمينه" وهذا يحصل كثيراً أهل الميت إذا قاموا ليحضروا الميت إلى الإمام أو إلى موضع الإمام، يجي الناس يصفون في أماكنهم، يتقدمون الناس في أماكنهم، وحينئذ لا يكون لهم مكان يصلون فيه، يصلون بجوار الإمام، إما عن يمينه كلهم، أو خلفه مباشرة، بينه وبين الصف، أو بعضهم عن يمينه وبعضهم عن شماله، إن أمكنهم أن يصلوا خلفه ولو ضاقت المسافة فلا بأس؛ لأنهم لا يحتاجون إلى بعد المسافة لركوع ولا سجود. "إلا أن يكون واحداً لم يجد مكاناً خلف الإمام فإنه يقف عن يمينه". يقول -رحمه الله تعالى-: "صفة الدفن: المشروع تعميق القبر إلى وسط الرجل" يعني إلى سرة الرجل، لماذا؟ لئلا تنبعث روائح منه، إذا أعمق القبر مهما طال الزمن لا تنبعث منه روائح من جهة، ولئلا تجرفه السيول والرياح مع الوقت ينكشف الميت، والمقصود ستره، فيسن تعميقه إلى نصف قامة رجل "وأن يكون فيه لحد من جهة القبلة" فاللحد أفضل من الشق إذا تيسر، أما إذا كانت الأرض هيار ما يمكن التلحيد فيها فالشق يكفي، "وأن يكون فيه لحد من جهة القبلة" يعني حفرة داخل القبر إلى جهة القبلة. طالب:. . . . . . . . . إيش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . لا هم قالوا عند الحاجة، إذا لم يتيسر اللحد، إذا كان كلما لحدوه انهار القبر؛ لأن بعض الأماكن ما يمكن تلحيده، وإلا لا شك أن اللحد أفضل.

"وأن يوضع الميت في اللحد على جنبه الأيمن" ليكون مستقبلاً القبلة، كما جاءت السنة بذلك في الموتة الصغرى، التي هي النوم، النوم موت {للَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [(42) سورة الزمر] نعم، المقصود أن النوم موت، شبه الموت، فينبغي أن ينام على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، ومن باب أولى إذا مات يوضع في اللحد على جنبه الأيمن. "وتحل عقد الكفن" تحل عقد الكفن، وتبقى في مكانها، ما تسحب و "لا تنزع، بل تترك، ولا يكشف وجهه، سواء كان الميت رجلاً أو امرأة" ولا يكشف وجه الميت سواء كان رجلاً أو امرأة. من العجب أنه حضر شخص جنازة امرأة من عامة الناس، ونسب إلى بعض أهل العلم من العلماء المشهورين المعروفين عندنا قال: إن الشيخ فلان يقول: اجعلوها مستلقية على ظهرها واكشفوا وجهها، واجعلوها مستلقية تنظر إلى السماء، هذا جهل مركب، وافتراء على هذا الشيخ، على كل حال ما أطاعوه، يعرفون أن هذا كله خطأ، فطرةً هذا خطأ. "ولا يكشف وجهه سواء كان الميت رجلاً أو امرأة، ثم ينصب عليه اللبن" ما هو بعليه بحيث يضغط على الميت، لا، إنما إذا تصورنا أن اللحد فتحة في القبر هكذا فينصب اللبن -وقد رأيتموه يعني كثيراً- هكذا، والميت داخل في اللحد، داخل في اللحد هنا، بحيث لا يضغطه اللبن، يُجعل فيه فرصة لئلا يُساء إلى الميت، ثم ينصب عليه اللبن "ويطين حتى يثبت" يعني يجعل بين اللبنات طين لكي تثبت هذه اللبنات، ولا يكثر ماؤها، ولا تكون لينة بحيث تؤثر على اللبن فينهار على الميت؛ لأنه إذا أكثر الماء في الطين أثر على اللبن، ثم بعد ذلكم أنهار على الميت "ويقيه التراب" يقيه التراب، لأن لو لم نجعل الطين بين اللبنات لانهال عليه التراب، والمقصود أن يحمى من هذا التراب. "فإن لم يتيسر اللبن فبغير ذلك من ألواح" خشب، إذا ما وجد لبن، لكن إذا وجد لبن فهو متعين، لكن إن لم يتيسر، ما وجد لبن لا بأس خشب، نعم؟ كيف؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا، مما مسته النار أو تبي تمسه النار؟ أنت تبي تقول: الخشب يمكن تمسه النار؟ طالب:. . . . . . . . . حتى مسته النار، هذا كان آخر ... طالب:. . . . . . . . .

بس هذا ما مسته النار، الخشب تمسه النار؟ طالب:. . . . . . . . . تمسه النار؟ طالب:. . . . . . . . . لا، لا. يقول: "فبغير ذلك من ألواح أو أحجاز أو خشب يقيه التراب، ثم يهال عليه التراب، ويستحب أن يقال عند ذلك: بسم الله، وعلى ملة رسول الله، ويرفع القبر قدر شبر" فقط، لا يزاد على الشبر عن الأرض؛ لأنه إذا أشرف وزاد على ذلك فقد أمرنا بتسويته، قد أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- علي بن أبي طالب ألا يرى قبراً مشرفاً إلا سواه "ويوضع عليه حصباء إن تيسر ذلك" لأنها تحفظ التراب من أن تذروه الرياح "ويرش" بالماء لكي يثبت. "ويشرع للمشيعين أن يقفوا عند القبر، ويدعو للميت -يدعون له بالتثبيت- لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه" لا سيما إن كان من الصالحين، فيتأكد في حقه أن يقف عند القبر، ويدعو للميت "وقال: ((استغفروا لأخيكم، واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل)) ". ثم قال الشيخ -رحمه الله تعالى-: "تاسعاً: ويشرع لمن لم يصل عليه أن يصلي عليه بعد الدفن؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك، على أن يكون ذلك في حدود شهر فأقل" النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على القبر بعد شهر، فأخذ منه أهل العلم الحد إلى شهر؛ لكن هل في هذا ما يدل على أنه لا يصلى عليه بعد ذلك؟ هذا وقع من النبي -عليه الصلاة والسلام- اتفاقاً، وليس فيه ما يدل على أنه لا يزاد على ذلك. يقول: "لأنه لم ينقل عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى على قبر بعد شهر من دفن الميت" يعني كونه فعل بعد شهر لا يعني أنه لا يزاد على الشهر، وإن اقتصر على الشهر كما اختاره الشيخ -رحمه الله- فلا بأس. "عاشراً: لا يجوز لأهل الميت أن يصنعوا طعاماً للناس، لقول جرير بن عبد الله البجلي الصحابي الجليل -رضي الله عنه-: "كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام بعد الدفن من النياحة" رواه الإمام أحمد بسند حسن". أما صنع الطعام لهم يعني كون غيرهم يصنع الطعام لهم، ولو شاركهم بعض الوافدين عليهم لا بأس، ما لم يكن الطعام من الميت، أو من مال الميت أو من أهله.

"أما صنع الطعام لهم أو لضيوفهم فلا بأس، ويشرع لأقاربه وجيرانه أن يصنعوا لهم الطعام؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاءه الخبر بموت جعفر بن أبي طالب في الشام أمر أهله أن يصنعوا طعاماً لأهل جعفر، وقال: ((إنه أتاهم ما يشغلهم)) " وهذه السنة معمول بها، من مات له ميت صنع له الناس من الأقارب والجيران الطعام؛ لأنهم في الحقيقة شغلوا. يقول: "ولا حرج على أهل الميت أن يدعو جيرانهم أو غيرهم للأكل من الطعام المهدى إليهم" ليس هذا من مظاهر الولائم، لكنه باعتبار أنه طعام أهدي إليهم فمن باب إكرام الجيران والأقارب؛ ولأنه طعام فيه قدر زائد على الحاجة، فلا بأس. يقول: "وليس لذلك وقت محدود فيما نعلم من الشرع" يعني ليس له يوم يومين ثلاثة، ما له وقت محدود. "الحادي عشر: لا يجوز للمرأة الإحداد على ميت أكثر من ثلاثة أيام إلا على زوجها، فإنه يجب عليها أن تحد أربعة أشهر وعشراً، إلا أن تكون حاملاً فإلى وضع الحمل، لثبوت السنة الصحيحة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بذلك" فالحامل تخرج من العدة والإحداد بوضع الحمل، سواء كان لحظة يوم أو أقل من يوم، أو تسعة أشهر كاملة، إذا لم تكن حاملاً فبمضي أربعة أشهر وعشر ليال تخرج من الإحداد. "أما الرجل فلا يجوز له أن يحد على أحد من الأقارب أو غيرهم" المرأة تحد على أبيها على ولدها، ثلاثة أيام فأقل، وأما على الزوج فأربعة أشهر وعشراً. "الثاني عشر: يشرع للرجال زيارة القبور بين وقت وآخر للدعاء لهم، والترحم عليهم، وتذكر الموت وما بعده" للإحسان إلى الميت، والدعاء له، وللإحسان إلى النفس بالتذكر والاعتبار والاتعاظ، هذه الزيادة المشروعة، لا للتبرك ولا للطواف، ولا لمزاولة عبادة في المقبرة، كل هذا منهي عنه "لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)) " خرجه الإمام مسلم في صحيحه ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزورها)) وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: ((السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)).

"أما النساء فليس لهن زيارة القبور؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لعن زائرات القبور" واللعن يقتضي التحريم، والعلة في ذلك ما يخشى من الفتنة، في زيارة القبور وقلة الصبر، وإذا منعت النساء فالمنع يشمل الكبار والصغار من النساء، نعم الصغيرة ليست مكلفة فلا يتجه إليها نهي، لكن النهي يتجه على وليها، كما يمنع الصبي مما يمنع منه الرجال كلبس الذهب والحرير، الأمر متجه إلى وليه، وكذلك الصبية تمنع من دخول المقبرة لا لأنها مؤاخذة ومعاقبة على دخولها، لكن التكليف متجه إلى وليها "وهكذا لا يجوز لهن اتباع الجنائز إلى المقبرة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- نهاهن عن ذلك". "أما الصلاة على الميت في المسجد أو في المصلى فهي مشروعة للرجال والنساء جميعاً" القيراط يحصل للرجل، ويحصل للمرأة، إذا صلت على الجنائز، فالنساء شقائق الرجال، النساء شقائق الرجال، لهن من الأجر في الصلاة على الميت مثلما للرجال، لكن لا يجوز لهن أن يتبعن الجنازة، ولا أن يدخلن المقبرة، ولا يزرن القبور. الصلاة على الميت في المسجد يكرهه بعض العلماء؛ لأنه يخشى أن يلوث المسجد، لكن ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على ابني بيضاء في المسجد، وأبو بكر صُلي عليه في المسجد، عمر صُلي عليه في المسجد، وهكذا .. ، فلا وجه لمنع الصلاة على الميت في المسجد، نعم أكثر ما تكون الصلوات في مصلى الجنائز، الجنائز لهن مصلى خاص، والصلاة في المسجد جائزة، لا إشكال فيها. أما تخصيص يوم الجمعة فليس فيه إلا خبر ضعيف ((من زار أبويه يوم الجمعة كتب براً)) وهذا ضعيف، لكن من خصص يوم الجمعة لأنه تكثر فيه الجنائز ليشارك في الدفن مثلاً، فلا بأس، هذا مقصد صحيح، أما تخصيصه لأنه يوم الجمعة، فلا، فيوم الجمعة لا يخص لا بصيام ولا بقيام ولا بغيره. أما توزيع الماء إن كانت الحاجة قائمة إليه، الناس يعطشون، وقت حار، فأحسن إليهم أحد بتوزيع الماء على أن لا يكون عادة مطردة يعرف هذا به لا بأس؛ لأن هذه حاجة قائمة. طالب:. . . . . . . . . المحرم ويش فيه؟ طالب:. . . . . . . . . لا يخمر رأسه إذا كان رجل، لا يخمر رأسه. طالب:. . . . . . . . .

لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً، كما جاء في الحديث الصحيح في الرجل الذي وقصته دآبته، ((كفنوه في ثوبيه، ولا تخمروا رأسه)) وفي رواية: ((ولا وجهه)) لأنه يبعث يوم القيامة ملبياً. طالب:. . . . . . . . . كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هو يبعث ملبي، يبعث في هيئة الملبي، أما كون الناس يبعثون كلهم عراة، وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم فهذا لا إشكال فيه، الشهيد أيضاً يدفن في ثيابه التي قتل فيها، ومع ذلك يبعث عاري. طالب:. . . . . . . . . الخارج الفاحش النجس كالدم مثلاً، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . القيء نجس عند جماهير أهل العلم، والدم كذلك، ونقل عليه الإجماع، وبعضهم يرى أنه طاهر لعدم الدليل على نجاسته، وأن عمر -رضي الله عنه- صلى وجرحه يثعب وما أشبه ذلك، لكن أجابوا عن ذلك بأنه صلى وجرحه يجري، دمه من باب الضرورة كالمستحاضة، كمن حدثه دائم، لا يستطيع أن يسده، ما هناك شيء تخاط به الجروح، وما أشبهه في وقتهم، أما دم الحيض فهو نجس اتفاقاً، هم يقولون: لا فرق بين دم الحيض وغيره، نعم؟ طالب:. . . . . . . . . الحجامة إذا خرج من البدن دم كثير فهو نجس. طالب:. . . . . . . . . على القول بأن خروج الفاحش النجس من البدن، وعلى القول بنجاسته فإنه ينقض الوضوء، لا فرق، نعم. طالب:. . . . . . . . . لا، الشرك بالله أعظم، وإن كان ختمت الآية {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [(33) سورة الأعراف] والآية فيها التدرج، لكن حمل هذا على القول على الله بغير علم، بإثبات الولد له، وهو نوع من الكفر، نسأل الله العافية. طالب:. . . . . . . . . ويش غيرهن؟ يعني المضمضة والاستنشاق؟ نعم، نقول: واردة في الآية {فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] منه الفم والأنف، إضافة إلى ما جاء في النصوص الأخرى من الأحاديث. طالب:. . . . . . . . . ألبان الإبل لا شيء فيها، ما فيها شيء، الكلام على اللحم، جاء في الترمذي: ((توضئوا من اللبن، فإن له دسماً)) المقصود به المضمضة، دسم تمضمض منه. طالب:. . . . . . . . . نعم صحيح، ينصح أخاه في الحياء، قال: ((دعه فإن الحياء لا يأتي إلا بخير)). طالب:. . . . . . . . .

كيف؟ طالب:. . . . . . . . . هو يستحي، يستحي يقابل الناس، يستحي كذا، يقول له: لا تستحِِ يا أخي، لا تستحِِ، الحياء لا يأتي إلا بخير، يقول: (دعه). طالب:. . . . . . . . . كيفية التوبة؟ لا بد أن تتوافر شروط التوبة، الإقلاع والندم، والعزم على أن لا يعود، وإن كان تضمنت المعصية حق لآدمي لا بد من رده، وأن تكون في زمن الإمكان قبل الغرغرة، وقبل طلوع الشمس من مغربها، وأن يخلص في ذلك لله -سبحانه وتعالى-، إذا توافرت هذه الأمور صحت التوبة -إن شاء الله تعالى-، وصارت نصوح. والحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبيه محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. وبهذا نكون قد أنهينا توضيح هذا الكتاب المختصر النافع المفيد فرحمة الله على مؤلفه، رحمه الله رحمة واسعة، وجمعنا به في رحمته ومستقر جنته.

§1/1