شرح التعريف بضروري التصريف

ابن إياز النحوي

أوزان الاسم الثلاثي

بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد سيد المرسلين, وعلى آله وصحبه, رب زدني علماً أحمد الله على سرائر نعمائه حمداً يملأ أطباق أرضه وسمائه, وأمجده وإن قصر الشكر من أدراك ثنائه, وأنزهه كما نزه نفسه بصفاته وأسمائه, وأصلي على سيدنا محمد الذي أرسله بالوعد والصدق, والوجه الطلق فكان بحق حبيب الحق وشفيع الخلق, وعلى آله ذوي الأخلاق الشريفة, والأحساب المنيفة وصحبة الأخيار التابعين له في الإعلان والأسرار. وبعد ... فإن جماعة من المشتغلين علي, والمترددين إلي التمسوا مني أن أبين ما ألغزه الشيخ الإمام ابن مالك المغربي في تصريفه, واتبع كل فصل بما يليق به من تصحيحه أو تزييفه فأجبت ملتمسهم, وشرحته, وكشفته كشفاً شافياً, وأوضحته, ونبهت على ضوابطه الجامعة, واحترازاته اللقيطة النافعة, وأرجو مم يقف عليه, ويتأمل ما أودعته فيه أن يمهد في التقصير عذري فإني والهموم تجاذب فكري, والله سبحانه المعين والموفق. قال: "الاسم المجرد من الزوائد إما ثلاثي كـ: فَلْس, وفَرَس, وكَبِد وعَضُد, وحِبْر, وعِنَب, وإبل, وبُرْد, وصُرَد وعُنُق." قلت: بدأ بتبيين وزن الاسم لأنه هو الأصل, ولما كان الاسم ينقسم إلى مجرد عن الزوائد

ومزيد فيه, بدأ بالمجرد لأنه الأصل أيضاً, ولما كان المجرد ينقسم إلى ثلاثي, ورباعي, وخماسي بدأ بالثلاثي لأنه الأخف, والأكثر استعمالاً. أما أنه أخف فلأنه على العدة التي تقضيها حكمة الوضع, ألا ترى أن الحرف الأول للابتداء, ولا يكون إلا متحركاً, والأخير للوقف, ويسكن فيه ويتحرك في الوصل, والحرف الثاني للفصل بينهما لئلا يلي الابتداء الوقف لأن المتجاورين كالشيء الواحد, والابتداء والوقف متضادان ففصل بينهما, ولهذا لم يجز البصريون ترخيمه مطلقاً, وأجاز الكوفيون ترخيمه إذا كان متحرك الوسط. وها هنا تنبيه؛ وهو أنه ليس المراد بالاعتدال قلة الحروف إذا يلزم من ذلك أن يكون الأخف نحو: من, وكم, ولا يقال ذلك, بل المراد بذلك ما قدمنا. وأما أنه أكثر استعمالاً فلكثرة أخويه, ومن يتأمل كلامهم عرف صحة ذلك. واعلم أن التقسيم يقتضي أن يكون أبنية الثلاثي عشر بناء؛ وبيانه أن الفاء إما أن تكون مفتوحة, أو مضمومة, أو مكسورة, والعين كذلك, وتزيد عليها بالسكون, وثلاثة في أربعة اثنا عشر.

لكن عُدِم مع ضم الفاء في الأسماء بناء, ومع كسرها بناء مطلقاً فبقيت أبنيته عشرة. وبدأ بالمفتوح الفاء, وله أربعة أبنية. فَعْلٌ بفتح وسكون العين, ويكون اسماً وصفةً. فالاسم: صَقْر, والصفة: صَقَب. وفَعَلٌ: بفتحها, ويكون ذلك كـ: جَمَل, وبَطَل. وفَعِل بفتح الفاء وكسر العين// ويكون نحو: كَبِد, وحَذِر. وفَعُل بفتح الفاء وضم العين, ويكون كذلك كعَضُد, وجَدُب. وتني بمكسورها؛ وله ثلاثة أبنية: فِعْل بكسر الفاء وسكون العين, ويكون كذلك نحو: عِدْل, ونِضْو. وفِعَل بكسر الفاء وفتح العين؛ وهو الاسم نحو: عِنَب. قال التصريفيون: لا نعلمه جاء صفة إلا في قولهم: قوم عدى وهو اسم جنس وصف به الجمع كالسفر, والركب, وليس تكسير لأنه لا نضير له في الجموع المكسرة.

وفِعٌلُ بكسرهما, ويكون كذلك كإبل, وبِلِز للمرأة العظيمة, وقيل: القصيرة. والمعدوم منه: فِعُل بكسر الفاء وضم العين, وعللوه بأنهم كرهوا الخروج من الكسر الذي هو ثقيل إلى الضم الذي هو أثقل منه. وأما: حِبُل بكسر الحاء وضم الباء فقد أستضعف, وأجيب عنه بأنه من التداخل, وذلك لأنه يقال: (حُبُلُ) كُعُنُق, (حِبُل) كابِل, فالمتكلم بـ (حِبُل) كأنه قصد الكسر أولاً ثم غفل فذكر الضم ثانياً. وأكثر ما يكون التداخل من كلمتين كقنَطُ يقنَطُ بفتح العين منها فإنه لما قيل: قنَط يقنِطُ كضرَبَ يضرِبُ, وقنط يقنَطُ كعَلِمَ يعلَم فَمَن فتح العين فيهما ركبهما من اللغتين, وثلث بمضمومهما, وله ثلاثة أبنية: فُعْلٌ بضم الفاء وسكون العين؛ ويكون كذلك كبُرْد, وعُبرِ.

يقال: ناقة عُبْر. أي لا تزال يسافر عليها. بضم الفاء وفتح العين, ويكون كذلك كرُبَع, وسُكَع. وفُعُل بضمهما, ويكون كذلك كطُنُب وسُرُح يقل: ناقة سُرُح. والمعدوم منه في الأسماء (فُعِل) بضم الفاء وكسر العين, ويحنص بالفعل الثلاثي الصحيح العين غير المضاعف المبني للمفعول كضُرِبَ. أما دُئِل اسم قبيلة أبي الأسود فقيل: إنها معرفة, من المعارف غير معول عليها في الأبنية لجواز أن تكون منقولة. وقيل: إنه اسم دويبة بابن عرس حكاه الأخفش. ونقل الميداني, أنه يقال: وُعِل لغة في الوَعِل.

أوزان الاسم الرباعي

وعن الليث: رئم: اسم للأست وهذا كله شاذ. قال: "وأما الرباعي فجعفر, وودرهم, ووزبرج, ودرفس, وبرثن, وجخدب". قلت: ذكر للرباعي ستة أبنية وأئمة هذا الفن جعلوها خمسة, وسنبين الذي فيه الخلاف عند الوصول إليه إن شاء الله تعالى. فالخمسة: فَعْلَلٌ بفتح الفاء, وسكون العين, وفتح اللام. ويكون اسماً وصفةً كجَعْفَر, وسَلْهَب للطويل إن كانت الفاء أصلاً. وفِعْلِل بكسر الفاء, وسكون العين, وكسر اللام. ويكون كذلك كزَبْرِج, وعِنْفِض للمرأة القليلة الحياء.

وفُعْلَل. بضم الفاء, وسكون العين, وفتح اللام. ويكون كذلك كبُرْثُن وجُرْشُع. وفِعْلَل. بكسر الفاء, وسكون العين, وفتح اللام الأولى. كدِرْهَم وهِبْلَع. إن كانت الهاء أصلاً. وفِعَلْل. بكسر الفاء, وفتح العين, وسكون اللام الأولى. كقِمَطْر وسِبَطْر. والسادس هو المختلف فيه, وهو فُعْلَل. بضم الفاء, وسكون العين, وفتح اللام الأولى. ذهب هذا المصنف لإثباته, وقد تبع في ذلك شيخه أبا البقاء يعيش الحلبي, فإنه عنه أخذ علم العربية. أخبرني بذلك جماعة. //. وهو مذهب الأخفش,

ونقل المازني أنه رأى الكوفيين, وحجتهم ما رواه الفراء, وغيره من قولهم: برقع, وطحلب, وجؤذر, وجخدب. وهنا تنبيه. وهو أن الألف في بهماة على هذا تكون للإلحاق إذ قد امتنع أن يكون للتأنيث لدخول تائه عليه؛ ونظيره أن إحدى للتأنيث, فإذا قلت: إحدى عشرة فهي للإلحاق بدرهم إذا المركب جار مجرى الكلمة الواحدة, ولا تجمع علامتا تأنيث فيها هذا قول أبي علي في التذكرة, وقال بعضهم: مسوغ ذلك أنهما وإن ركبا كلمتان

بدليل "أحدَ عشرَ", وقد علم أن أربعة أحرف متحركة لا تتوالى فما ظنك بستة, وسيبويه وأصحابه لم يثبتوا ذلك وتمسكوا بعدم النقل, فألف "بهماة" على هذا للتكثير كقبعثري. قال الزعفراني في كتاب (الأسماء الأعجمية) والصحيح رأي سيبويه, ولا حجة فيما يتعلق به الكوفيون. أما "جؤذر" فإنه أعجمي, وأما "برقع" و"طحلب" فالأجود فيهما ضم القاف واللام فيكونان كبرثن, وكذلك الرواية الجيدة في "جُخدب" بضم الدال. وعلى هذا لو ثبت فتحهما أمكن أن يكون محذوفاً من: "جُخادب" انتهى كلامه. أقول: كان شيخي الثقة المحقق سعد بن أحمد المغربي جزاه الله عني أحسن

الجزاء يصوب قول الأخفش, وهو أن الفراء روى ذلك, وهو ثقة لا سبيل إلى رد روايته, ويدل على صحة ذلك قولهم: عُندد وعُنبب, والدال الثانية, والباء الثانية فيهما للإلحاق, ولذلك فك الإدغام, ولو لم يكونا له لقيل: عُند, وعُنب, ومعلوم أن اللإلحاق يستدعي مثالاً يلحق به, فلو كان هذا البناء معدوما ورد عنهم ما هو يلحق به. فالجواب ما قدمنا من كون الحرف الثاني المكرر فيهما للإلحاق دليلاً على أصالة النون, وأيضاً فعندد مأخوذ من قولهم: "يعند" أي: يحجز. ومعنى "مالي عنه عندد" مالي عنه حاجز. وعُنبب محمول في ذلك عليه, لأنه لم يعلم له اشتقاق. وقول الزعفراني: إن الأجود في "برقع" و"وطحلب" ضم القاف واللام يدل على أنه روي فيهما الفتح, لكن رغم أن الضم أجود والنزاع لآن ليس في الأصح بل في إثبات هذا البناء وعدمه, فلا يجوز أن يكون "جخدب" منقوصاً من "جخادب" بدليل إمكان الخاء ولو كان منه لقيل: "جخدب" "كعلبط" و"هدبد" لما كانا محذوفين من: علابط, وهدابد.

أوزان الاسم الخماسي

قال: "وأما الخماسي كسفرجل, وجحمرش, وجردحل, وقذعمل". قلت: الخماسي له أربعة أبنية وقع عليها الاتفاق وهي: فَعَللَل. بفتح الفاء والعين, وسكون اللام الأولى وفتح اللام الثانية, ويكون اسماً كـ "سفرجل" و"شمردل". وفَعْلَلِل. بفتح الفاء, وسكون العين, وفتح اللام الأولى, وكسر الثانية, قال أبو عثمان, وأبو الفتح: يكون اسماً وصفة كـ"قهبلس" و"جحمرش" للمرأة المسنة. وقال أبو العباس: لا يكون إلا صفة. وفِعْلَل بكسر الفاء, وسكون العين, وفتح اللام الأولى, وسكون اللام الثانية,

ويكون كذلك كـ"قرطغب" و"جردحل" وفُعَلِلل. بضم الفاء, وفتح العين, وسكون اللام الأولى, وكسر الثانية ويكون كذلك كـ " قُذَعِمل" و"خُبَعْثِن" للشديد. وقد ذكر ابن السراج بناء خمامساً هو: "هندلع" لبقلة, والظاهر أنه رباعي, ونونه زائدة, ووزنه: فُنْعَلِل. فنقول في مثله من "وأيت": وُنأي, وأصله: وُنأيي, فأستثقلت الضمة على الياء فأسكنت, وحذفت لالتقاء الساكنين فإن خففت الهمزة نقلت فتحتها إلى النون وحذفتها فقلت: "وي" وإن شئت قلت: "وُنآي" فقلبت اليا المكسورة ألفاً لتحركها, وانفتاح ما قبلها, وفتحت الياء الأخيرة لأن الألف قبلها أصلية, فاعرفه.

أوزان الفعل

قال: "والفعل المجرد إما ثلاثي كـ "ذهب وعلم" وإما رباعي كـ "دحرج". قلت: لما تكلم على أوزان الاسم أخذ في الكلام على أوزان الفعل, وهو على ضربين: مجرد من الزيادة, وذو زيادة, فبدأ بالمجرد, وهو قسمان: ثلاثيو ورباعي, وليس في الفعل ما هو أكثر من ذلك, كأنهم حطوه عن درجة الأسماء لأصالتها وفرعيته, وخفتها ووثقله, واستغنائها عنه, وافتقاره إليها, وقال عبد القاهر: إن الفعل متصل به الضمائر, وتتنزل منه منزلة أحد حروفه بالأدلة المذكورة في هذه النحو, فلو كان فيه خماسي, واتصل به الضمير لزادت عدته على عدة حروف الأسماء التي هي الأصول. وللثلاثي ثلاثة أبنية: فَعَل. كـ "نَصَرَ", وفَعِلَ. كـ "عَلِمَ", وفَعُلَ ك "ظَرُفَ", فأما فَعُلَ فإنه مختص بما لم يسم فاعله كـ "ضُرِبَ", وأصله أن يكون حديثاً عن الفاعل, ثم ينقل فيصير حديثاً عن

المفعول, وإنما يكون من: فَعَل, وفَعِل بفتح العين وكسرها, ولا يكون من: فَعُل بضمها لأنه لا يتعدى. نعم. إن كان معه ظرف متصرف, أو جار ومجرور جاز أن يبنى منه, وذهب المبرد إلى أنه بناء مستقل غير متفرع على بناء الفعل, وليس هذا موضع بسطه. وليس في الأفعال فعل بسكون العين. فأما قوله: (فإن أهجه يضجر كما ضجر بازل ... من الأدم دبرت صفحتاه وغاربه) فإنه أراد: ضجر, ودبر, كعلم لكنه سكن استقالاً للكسرة ولذا كرر إسكان الضمة. فأما المفتوح فمجيء الإسكان منه شاذ. قال: (وقالوا: ترابي فقلت صدقتم ... أبي من تراب خلقه الله آدما) أراد خلقه.

وقال الآخر: (وما كل مبتاع ولو سلف صفقة ... براجع ما قد فاته برداد) أراد: سلف وقال أبو الفتح: "يحتمل أن يكون مخففاً من فعل مكسور العين, ولكنه فعل غير مستعمل إلا أنه في تقدير الاستعمال, وإن لم ينطق به. كما أن قولهم: (تفرعوا عبابيد وشماطيط) , كأنهم قد نطقوا [فيه] بالواحد من هذين الجمعين وإن لم يكن مستعملا في اللفظ". فإن قيل: فلم نسمع عنهم: "نسلف" بفتح اللام فما ينكر أن يكون هذا يدل على أنهم لا يريدون: "سلف" بكسر اللام على وجه؟ ألا ترى من قال: "علم" بسكون اللام لا يقول في مضارعه إلا "علم" بكسرها؟ فالجواب: أنهم لما لم ينطقوا بالمكسور على وجه, واستغنوا بالمفتوح صار عندهم كالمفروض الذي لا أصل له, وأجمعوا على مضارع المفتوح, فهذا ينبغي أن يكون مما ذكر سيبويه, إنهم يستغنون فيه بالشيء عن الشيء حتى يكون المستغنى عنه مسقطاً.

فإن قيل: ما وزن "ليس", والظاهر أنه: فعل بسكون العين؟ فالجواب: وزنه: فَعِلَ سكنت عينه, ويدل على ذلك أنه لا جائز أن يكون فتحها إذ لا يسكن, ولا جائز أن يكون بضمها لأن ما عينه ياء على: فَعُلَ بالضم, فتعين ما قدمنا. فإن قيل: لو كان هذا لقيل: "لست" كهبت, بكسر اللام ولم يقل: "لست بفتحها, وهو المسموع؟ فالجواب أنه لما ألزمت العين السكون, ولم تقلب الياء ألفاً كـ "هاب" جرت العين مجرى ما لا حظ له في الحركة, وأيضاً فبقاء: فَعِلَ جامد ضعيف, وقد ذهب أبو علي إلى حرفيته والنقل إنما بابه الفعل القوي المتصرف, وهذا واضح.

وللرباعي مثال واحد وهو: "فَعْلَلَ" كـ "دَحْرَجَ", وسَرْهَفَ زيد الصبي إذا أحسن غذاءه. وهنا تنبيه؛ وهو أنهم كما حطوا الأفعال عن رتبة الأسماء كذلك حطوا الحروف عنهما فيجيء على حرف واحد كواو العطف, والحرفين كـ "من", وثلاثة أحرف كـ "نعم", ولا يجيء على أربعة أحرف إلا ورابعها حرف لين // نحو "حتى" و"أما" إذ حرف الين جار مجرى الحركة والزيادة للاطلاق. فإن قيل: ففي الحروف نحو: كأن, ولعل, ولكن, وهي على أكثر من ثلاثة أحرف, وليس معها حرف لين؟ فالجواب أن "كأن" مركبة, والأصل: إن زيداً كالأسد, فقدموا الحرف الدال على التشبيه اهتماماً به, وفتحوا الهمزة لضرب من إصلاح اللفظ إذ لا يكون ما بعد حرف الجر إلا المفتوحة, غير أنهم لما ركبوا الكاف مع أن ومزجوهما حدث لها حكم آخر, وليس موضع أن جراً بالكاف.

واللام في (لعل) زائدة بدليل صرفها كثيراً في "عل". قال الشعر: (عل الهوى من قريب أن يقربه ... أم النجوم وقد القوم بالغلس) وقال الآخر: (يا أبتا علك أو عساكا) وأما "لكن" فحرف نادر, وذهب الكوفي إلى أنه مركب, وقد استقصيت القول فيه في "مأخذ المتبع" قال: "وما خرج عن هذه الأوزان من الأسماء والأفعال فشاذ, أو مزيد فيه, أو محذوف منه, أو اسم يشبه الحرف, أو أعجمي, أو صيغ للمفعول, أو لأمر". قلت: يقول: لما ضبطت أوزان الأسماء والأفعال فما خرج عنها يكون على واحد من هذه

الأقسام التي بينها. فأما مثال الشذوذ فنحو: "حبُل" و"دُل" وقد ذكرناهما. وأما زيد منه فنحو: "ترتب" التاء الأولى زائدة لوجهين: أحدهما: الاشتقاق, وهو أنه من "رَتَبَ". والثاني: عدم النظير, وهو أنه ليس في الكلام: فُعْلَل بضم الفاء؛ ونحو: "انطلقَ" وزنه: انفعلَ. وأما المحذوف فيه فنحو: "اسم" وزنه عند البصريين: (إفْعُ) , لأنه محذوف اللام, وعند الكوفيين: (إعْل) , لأنه محذوف الفاء؛ وهذا أيُقٌ, قيل أصله "أنْوقٌ", فحذفت العين, وعوض منها ياء زائدة فوزنه: "أيفل", وقيل: قدمت العين على الفاء ثم قلبت ياء لأن التعبير () بالتغيير فوزنه: (اغْفُل) وهو اختيار أبي الفتح,

لأن الفراء حكى: أونق. وكذا "قلت" ووزنه: (فلت) لأنه محذوف العين. وأما الاسم المشبهه للحرف فنحو: "من" و"كم" و"إذا" فهذا النوع لا يحمل عليه بزيادة, ولا حذف, ولا قلب لأنه كالحرف, والحرف لا يدخله شيء من ذلك. وأما الأعجمي فنحو: "بابُونَج" اسم هذه الحشيشة, ووزنه: (فاعونل) فالألف والواو, والنون فيه زوائد. أما الألف والواو فلأنهما لا يكونان في الثلاثي فصاعدا إلا زائدتين, وأما النون فلأن الكلمة خارجة عن أمثلة الأصول. فإن قيل: فهلا جعلت الألف منقلبة قياساً على ما جوزه أبو الحسن الأخفش في الألف "قارون" من جعلها زائدة, فالوزن (فاعول) , أو منقلبة فالوزن: (فعلول)

كـ "زَرَجُون", بل الواجب أن يكون ألف بابونج منقلبة لئلا يلزم من زيادتها إدخال الكلمة في باب دون, وهو قليل لا يحمل عليه مع إمكان غيره؟ . فالجواب من وجهين: الأول: أن قارون جاء على أمثلة الأصول, وهو ما قدمنا من: (فِعْلَول) كـ "فِرْنَوس"وو"بانونج" ليس له نظير فكيف نجعل ألفه منقلبة؟ والثاني: أن قارون انقلاب ألفه شاذ لأن (مفعولا) بناء خارج عن أبنية الأفعال مع أن له نظيراً في السماء, فكيف يحمل "بابونج" على الشذوذ؟ فإن بنيت مثله من "رميت" قلت: "رامويا" وأصله: "راموني", فقلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها, وأما المصوغ للمفعول فنحو: "ضُرِبَ" و"قُتِلَ".

الأسماء والأفعال باعتبار الأصلية والزيادة

وأما المصوغ للأمر فنحو: "ع" ووزنه: "ع", لأنه من: "وَعِيَ" فحذف الواو من: "يعي" لوقوعها بين ياء وكسرة, وحذفت الياء للوقف فبقيت العين خاصة فاعرفه. قال: "وما تعلم زيادته من الحروف [بدليل]. فهو أصل." قلت: أعلم أن حروف الأسماء المتمكنة العربية, والأفعال على ضربين أصلية وزائدة, وهذا // لا يحتاج إلى أربعة فصول. الأول: أن الأصل عندهم عبارة عن الحروف اللازمة للكلمة كيف تصرفت وهي تجري مجرى الجنس للأنواع نحو: الحياة مثلا للإنسان, والفرس والطائر, ولابد من وجودها في واحد من هذه الأنواع وإن اختلفت حقائقها, وكذلك الحروف الأصلية هي مادة لما بينا من الأبنية المختلفة موجودة في جميعها نحوك ضرب, يضرب, ضارب, مضروب, فالضاد, والراء, والباء موجودة في جميع هذه الأبنية. نعم, ربما حذف شيء من الأصل لعلة نحو: لم يغز, ولم يرم, ولم يخش, وهي حروف الجزم, وكذلك حذف هذه الحروف في: لم يقم, ولم يبع, ولم يخف, لالتقاء الساكنين.

وظائف الزيادة

والثاني: أن الزائد عكسه, كالهمزة, والسين, والتاء في: "استخرج" ألا ترى أن سقوطها في (خرج) , وكذلك ألف "خارج", وياء "يخرج" كسقوطهما في "خرج". وهنا تنبيه, وهو أن الزائد قد يكون للمعنى كألف "ضارب" الدالة على اسم الفاعل, والميم في "مكرم" الدالة عليه, والهمزة في "أذهبته" الموجبة للتعدية؛ وقد يكون للإلحاق كواو "كوثر" وياء "صيرف" فإنهما ألحقا الكلمة بـ "جعفر". وكذا: "خروع" ملحق ب" درهم", وذكر أبو الفتح أنه ليس في اللغة: (فِعول) ألا "بِرْوَع" في اسم ناقة, و"جِدْوَل" لغة في الجدول. وخِروع. وهذا الإلحاق ليس بمقيس, وإنما المقيس الإلحاق باللام

كـ "قُعْدَدِ" و"مَهْدَدِ", و"جَلْبَبِ". وقد يكون للمد كواو "عجوز" وياء "قضيب", وألف "كاتب"؛ وقد يكون للعوض كهاء "زنادقة", وسين "يسطيع"؛ وقد يكون للتكثير كميم "زرقم"؛ وقد يكون للإسكان

حروف الزيادة

كألف الوصل, وقد يكون للبيان كـ "سلطانية". والثالث: أن حروف الزيادة عشرة يجمعها قولهم: (هم يتساءلون) , و (ياهول استم) , وأسلمني وتاه) , و (السمان هويت) , و (أتاه سليمان) وإنما حصروها بذلك

الوصف الصوتي للهمزة

دون غيرها لأن أول ما زيد حروف المد واللين, إذ كل كلمة لا تخلو منها, ألا ترى أنها إذا خلت فإنها لا تخلو من الضمة, والفتحة, والكسرة, وهذه الحركات أبعاض لها, فما كثر استعمالها كانت بالزيادة أولى لأنهم يتسعون فيما يكثر استعماله, ويتصرفون فيه بأنواع التصرفات فما ليس كذلك, وباقي الحروف الزوائد مبنية بها, وبيان ذلك أن الهمزة كثيرة الاعتلال والتغيير, ولذلك عدها بعضهم في جملة الحروف المعتلة, وهي مجاورة للألف في المخرج, وإن الميم من مخرج الواو,

الوصف الصوتي للنون

وهو الشفة وبها غُنة فمد إلى الخيشوم فناسبت بذلك حروف العلة. وأن النون بها غُنة, وهي إذا كانت ساكنة في الخيشوم تمد فهي كإمداد الألف في الحلق, لهذا إذا أمسك الإنسان أنفه لم يمكنه النطق بها, وقد حذفوها لالتقاء الساكنين. قال الشاعر: (ولاك اسقني إن كان ... ماؤك ذا فضل) بحذف النون من "لكن" ولم يحركها, وكذلك: لم يك الحق.

الوصف الصوتي للتاء

وأن التاء فيها همس تناسبه حروف العلة, ومخرجها قريب من مخرج النون, وأبدلوها من الواو في "تراث", ومن الياء في: "يئس". وأن الهاء حرف مهموس, وهو مجاور للألف, وأبو الحسن يدعي أن مخرجهما واحد وهي خفية ولذلك قالوا: "ردها" بفتح الدال, و"ردا" و"ردا", والمبرد أخرجها من حروف الزيادة.

الوصف الصوتي للسين

لأنها لم تزد إلا في الآخر للوقف, وهو ضعيف لأنها زيدت في غير ذلك على ما سنذكره إن شاء الله تعالى. وأن "السين" حرف مهموس يقرب من مخرج التاء, ولذلك أبدلوها منها فقالوا: "استخذ", واصله: "إتخذ", وعكسه: "ست", وأصله: "سدس", لأنه من: "التسديس" فأبدلت تاء, وكذلك الدال. وأن اللام مشابه النون, وقريب من مخرجه, ولذلك يدغم فيه نحو:

الأدلة على الزيادة

"من لدنه", ويحذف معها نون الوقاية كما يحذف مع مثلها, قالوا: "لعلي" كما قالوا: "إني", وأبدلت من النون في: أُصيلال. والرابع: أن الأدلة على الزيادة ثلاثة. فأولها: الاشتقاق, وهو اقتطاع فرد عن أصل تدور في تصاريفه مع ترتيب الحروف

وزيادة المعنى, وذلك كقولهم: إن الياء في: "ضيغم" زائدة لأنه مشتق من "الضغم", وكذلك الواو في "كوثر" لأنه من: "الكثرة", والألف في "كاثر" لأنه منها. والثاني: عدم النظير؛ وذلك نحو: "قرنفل", ألا ترى أنه لا تكون النون أصلية لعدم: (فَعَلْل) كـ "سَفَرْجُل", وكذلك نون "نَرْجِس" زائدة لعدم: (فَعْلِل) كـ "جَعْفِر". والثالث: وقوع الحرف موقعاً تكثر فيه زيادته كالهمزة إذا وقعت أولاً وبعدها ثلاثة أصول نحو: "أحمر", وكالنون إذا وقعت ثالثة ساكنة نحو: "جَحَنْفَل". وهنا تنبيه؛ إذ يدل على زيادة التاء الاشتقاق لأنه من: "رَتَبَ", وعدم النظير,

طريقة الوزن الصرفي

وهو أنه ليس في الكلام (فُعْلَلٌ) كـ "جُعْفَر" بضم الفاء. وقد تجتمع الثلاث كـ "عُرُنْد" لأنها ثالثة ساكنة, ولا لبس في الكلام "كَجُعْفُر" بضم الفاء, والعين, وللاشتقاق لأنهم قالوا: عُرُدٌ. قال الشاعر: (والقوس فيها وتر عرد) قال: ويسمى أول الأصول فاء, وثانيها عيناً, وثالثها ورابعها وخامسها لا مات لمقابلتها في الوزن بهذه الأحرف." قلت: اعلم أن التصريفيين بما ملون الحروف الأصلية بالفاء, والعين, واللام, وأما الزائد فإنه يؤتى به في المثال بلفظة من غير مقابلة له بشيء من ذلك فيقولون وزن: "أحمر":

أفعل فيأتون بالهمزة, ويقابلون الحاء بالفاء, والميم بالعين, والراء باللام, وكذلك "عذافر" فعالل, و"عنتريس" فعلليل. وهنا تنبيه؛ وهو أن الزائد قد لا يقال بلفظه وذلك في مواضع؛ منها: أن يكون مبدلاً من تاء الافتعال, نحو: "اصطلح" فإن وزنه (افتعل) ,ولا يقولون: (افطعل) , وإن كانت الطاء زائدة فيه. منها أن يكون مكرراً للالحاق, فوزن: "قرددن" (فَعْلَل) ,ولا: (فلعد) إذ الحرف الملحق جار مجرى الأصل فعومل بما يعامل به, ومنها أن تكون العين مكررة كـ"ضرب", فوزنه: (فَعل) , ولا يقال: (فَعْوَلَ) , ولا: "فرعل".

لم كان الميزان ثلاثيا

فإن قيل: فلم خص الميزان الأحرف الثلاثة دون غيرها؟ فالجواب أنهم لما أرادوا أن يصوغوا مثالاً يكون كالميزان لمعرفة الأصل من الزائد جعلوا ذلك لفظ الفعل لعمومه وشموله كل فعل علاجاً كان أو غير علاج, غريزة كان, أو غير غريزة. قال الله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] , فهو أعم ما يعبر به عن الأفعال فوزنوا به لعمومه. فإن قيل: كان الميزان ثلاثياً ولم يكن رباعياً ولا خماسياً؟ فالجواب وجهين: أحدهما: أن الثلاثي الأكثر تصرفاً من غيره// الثاني: لو كان رباعياً لما أمكن وزن الثلاثي به إلا بإسقاط, وكذلك الخماسي, فجعل ثلاثياً, وإذا احتيج الوزن الرباعي كررت لامه مرة, وإذا احتيج الوزن الخماسي كررت لامه مرتين, لأن الزيادة أسهل عندهم من الحذف, ولهذا كان القول بزيادة الهاء في "أمهات" أحسن من ادعاء حذفها في "أمات".

مواضع حروف الزيادة

صرح بذلك ابن جني في سر الصناعة قال: "فصل" إذا صحب أكثر من أصلين ألف, أو واو, أو ياء, أو حرف مقرون بمثله, أو همزة مصدرة لا مؤخرة. قلت: إن حروف العلة تزاد في الثلاثي فصاعداً زيادة مطردة, فإذا كانت ثلاثة أحرف أصولاً فصاعداً, ومنها ألف, أو واو, أو ياء حكمت عليها بالزيادة, وذلك [نحو]: "عجوز" و"قضيب" و"كتاب" لأنها مأخوذ من: العجز, والقصب, والكتب, وكثر معرفة ذلك بالاشتقاق حتى حكم بذلك على كلمات كثيرة لم يعرف اشتقاقها لكن قيست على ما عرف. وهنا تنبيه؛ وهو أنه لو حصل في الكلمة تكرير لم يحكم على حرف العلة بالزيادة, وذلك نحو: "صيصة" وعلته أنه لو جعل الأول زائداً لصيرت الكلمة من باب "ددن"

ولو جعل الثاني كذلك لصيرت من باب "سلس" وهما بابان قليلان لا يحمل عليهما مع إمكان الانصراف عنهما. فإن قيل: فما الدليل على أنه "صيصة" من مضاعف الياء, وهلا كان من مضاعف الواو, والأصل هو: "صوه" فقلبت الواو الأولى ياء لسكونها وانكسار ما قبلها؟ فالجواب أن ذلك لا يجوز لقولهم في جمعها: "الصياصي", ولو كان أصل الياء واواً لقيل: "الصواصي" ولما ثبت أصالة الأول دل ذلك على أصالة الثانية إذا كان يلزم أن يكون احدهما أصلاً والآخر زائداً لزوال التكرير, وقد تقدم أن ذلك لا يجوز الحمل عليه.

وقوله: أو حرف مقرون بمثله. يعني نحو: "عدبس" فإحدى البائين زائدة, واختلف في أيهما الزائد, فمذهب الخليل أنه الأول وتعلق بوجهين: الأول: قولهم في "الصواغ": "الصياغ". وذلك لأنه إما أن تقلب الواو الأولى ياء, وتقلب الثانية لها. أو تقلب الثانية ياء, وتقلب الأولى لها, وقلب الأولى أولى لأنها ساكنة, والتطرف على الساكن بالتغيير أولى من التطرف على المتحرك, وما أسرع إليه التغيير هو أولى بالزيادة. والثاني: قولهم: "صمحمح"والصاد والميم أصلان, والميم الثانية هي عين

الكلمة المكررة, ولا يفصل بين العين إلا بزائد كما تقول في: "عثوثل" و"عقنقل" فإذا نعد أن الحاء الأولى زائدة, وكذلك الميم الأولى. الأول: قولهم: "الخنافق" في جمع "خنفقيق", ولا يخلو إما أن يكون حذف القاف الأخيرة أو الأولى لقال: "خنافيق" إذ كان واحدة: "خفقق", والياء الرابعة تثبت ولا تحذف فلما لم يكن دل على حذف الثانية فبقي: "حنفقي" ثم حذف الياء لأنها خامسة, وتقدم أن الزائد أولى بالحذف. والثاني: في قولهم: "اقعنسس" والنون إنما يكتنفها ألان كـ "احرنجم"

زيادة الهمزة

فوجب // أن تكون السين الأولى في: "اقعنسس" أصلية, والثانية زائدة فاعرفه. وقوله: أو همزة مصدرة لا مؤخرة يعني أنه متى كانت الهمزة أولاً وبعدها ثلاثة أصول حكم بزيادتها سواء عرف بالاشتقاق أو لم يعرف, وذلك لغلبة زيادتها عند وجود هذا الشرط فيما عرف بالاشتقاق من نحو: "أحمر" و (أخضر) ثم حمل عليه ما لم يعرف له اشتقاق نحو: "أفْكَلِ" وهو الرعدة, وجمعه: "أفاكل" فلو سميت به رجلاً لم تصرفه للتعريف ووزن الفعل, وكذلك "أيدع", وهو اسم طائر, وقيل: اسم للزعفران, ووزنه: (أفعل) حملاً على الأكثر, إذ باب: (أفْعَلٍ) أكثر من باب: (فَيْعَل)؛ وحكي: يدعت الثوب: صبغته بالزعفران, فاسقط الهمزة, واثبت الياء,

وكذلك حكمها إذا كان بعدها أكثر من أربعة لكن بعضها زائد,: كـ "إمخاض" ووزنه: (إفعال) لأنه من: "المخض", و"إجفيل" ووزنه (إفعيل) , لأنه من: "جفل" و"إخريط" كذلك لأنه من: "الخرط". فإذا كان بعد الهمزة حرفان وليس هناك حرف محذوف فهي أصل كـ "أخذ" و"أكل" "وأزار". ويخرج على هذا "ابن" و"اسم" لأن هناك حرفاً محذوفاً إذ الأصل: "بنو" و"سمو"؛ وكذلك إذا كان بعدها أربعة أحرف أصول نحو: "إصطبل"

لأن الرباعي لا يزاد أوله إلا أن يكون جارياً على فعل نحو: "يدحرج" ويدلك على ذلك قولهم في التصغير: "أُصطَيبل", ولو كانت زائدة لقيل" "صطيبل". قال أبو البقاء: الدليل على أصالتها وجهان: أحدهما: أنهما ثقيلة والكلمة الرباعية مستقلة, وليست الهمزة فيها لمعنى فلا وجه لزيادتها. والثاني: أنها لفظة أعجمية, والأعجمي لا يعرف له أصل, ولذلك حكم بأصالة الهمزة في "إبراهيم" و"إسماعيل". ومثل إصطبل: "إصطخر".

وقال بعضهم: إنما لم يزد أول الرباعي لقلة التصرف في الرباعية, وإنما قل ذلك لقلته في الكلام لأن الكلمة إذا تكثر لم يكثر التصرف فيها, ولذلك لم يكن للرباعي إلا مثال واحد في الجمع, ولما كان الخماسي [على] حرف واحد. وقوله: "لا مؤخرة" يعني أن الهمزة متى كانت غير أول حكم عليها بالأصالة إلا إذا قام الدليل على أصالتها. كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وقال أبو الفتح المملوكي: وقد إطردت زيادة الهمزة آخراً نحو: "حمراء" و"صفراء", و"عشراء", وشبهه وقال ابن يعيش: حكم الهمزة إذا وقعت آخراً كحكمها إذا وقعت حشواً, ولا يقضى بزيادة إلا بثبت, فأما نحو: "حمراء"

زيادة الألف والنون

و"صفراء" فإن الهمزة فيه () بدل من ألف التأنيث المقصورة في نحو: "حبلى" و"سكرى" وإنما زيدت قبلها ألف أخرى للمد فاجتمع ألفان ساكنان فقلبت الثانية همزة, وحقها أن تذكر في باب البدل, وإنما ذكرها هنا للفظها فاعرفه. قال: "أو نون بعد ألف زائدة, أو ميم مصدرة حكم بالزيادة". قلت: أصل هذه الألف والنون أن تلحق الصفات مما كان مؤنثة: (فَعْلَى) نحو: "غضبان" و"غضبى", و"عطشان" و"عطشى", و"سكران", و"سكرى"؛ لأن الصفات بالزيادة أولى من الأسماء حيث أنها مشبهة بالأفعال, والفعل أقعد في الزيادة من الاسم, والأعلام نحو: "قحطان" "عمران" و"عثمان" محمولة عليها.

زيادة الميم

وقال التصريفيون متى رأيت ألفاً ونوناً فاحكم بأنهما زائدتان, إلا أن تقوم دلالة على الأصالة كم في: "فتيان" وهو من: "الفتى" //, وكذلك "حسان" إذا أخذته من "الحسن" وقوله: : "أو ميم مصدرة" ليعلم أن الميم متى وقعت أولاً وبعدها ثلاثة أحرف أصول حكم بزيادتها, وهي في ذلك مساوية للهمزة, وإنما كانت كذلك لأنها تقابلها في المخرج, فالهمزة من أول المخارج والميم من آخرها. وقيل: إنها لما كانت أخت الواو وقد منعت الواو من الزيادة أولاً زيدت الميم أولاً لتكون كالعوض منها, وذلك نحو: "مضرب" و"مقتل".

وقال بعضهم: اطردت زيادتها في خمسة أصناف في: اسم الفاعل, والمفعول, والمصدر, والزمان, والمكان, وكذلك فيما [فيه] عدول عن اسم الفاعل للمبالغة كـ "مضراب", و"مطعان", وكذلك في اسم الآلة, وكذلك في مأسدة ومسبعة قال: "إلا أن يعارض دليل الأصالة لملازمة ميم معد في الاشتقاق وكالتقدم على أربعة أصول من غير فعل, أو اسم يشبهه". قلت: الميم في "معد" أصل, وهي فاء لقولهم: "تمعدد" أي: صار على خلق معدي أو تعلم كلامه, وهو: (يفَلَلَ) كـ "يدحرج". ولا يكون: (تمفعل) لأنه لا يعرف فصيحاً, و"تمسكن" إذا أظهر السكينة, و"تمددع" إذا لبس الدرع, و"تمندل" من: المنديل من قبل الغلط, والجيد: تسكن, وتدرع,

وتمدل. قال أبو عثمان: وهو كلام أكثر العرب. وقوله: "وكالتقدم على أربعة أصول" يعني أنه متى كانت الميم أولاً لأربعة أصول حكم بأصالتها كميم: "مرزجوش" فإنها أصل, والوزن: (فَعْلَلول) كـ " عضرفوط", وذلك لما ذكرناه من أن الزيادة لا تلحق بنات الأربعة لقلة التصرف فيها, وأيضاً فإن الزيادة أولاً (لا يمكن تمكينها) حشواً, ألا ترى أن الواو الواحدة لا تزداد أولاً البتة وتزداد حشواً مضاعفة وغير مضاعفة نحو: "كروس" و"عطود"

و"اجلوذ" و"اخروط", وغير المضاعفة نحو: "عجوز" و"جرموق". وقوله: "من غير فعل" نحو: "ادحرج", فإن الفعل أقوى في الزيادة من الاسم: , لذلك يجوز أن نلحق أول الفعل زياتان وثلاث, كـ "انطلق"؛ و"استخرج" ولا يجيء ذلك في الاسم ثلاثياً, ولا رباعياً إلا ما شذ. من ذلك قولهم: "رجل 'نقحل وانزهو" فإن الهمزة والنون منهما زائدتان لأنهما مشتقان من: "القحل" و"الزهو" ولا نضير لهما. نعم. ذهب أبو الفتح إلى أن "إنقحلاً" من معنى القحل لا من لفظه ووزنه:

"فِعْلَل" كـ "جردحل", وتقول في تصغيره: "أنيقح" كـ "جريدح", وعلى الأول أنت مخير إن حذفت الهمزة قلت: "نقيحل", وإن حذفت النون قلت: "أقيحل". وذهب الزعفراني, إلى جواز كون الهمزة بدلاً من العين في: "عنزهو" فهي إذا أصل والنون والواو زائدتان لأنهما بازاء: "قندأو" وسندأو" و" حنطأو" "والوزن": (فنعلو) , وإنما زيدت الواو ها هنا لخفاء الهمزة والهاء في الوقف؛ وعكسه ما حكاه البشتي في التعليق من أنه جرى عند أبي على ذكر ما فات سيبويه من الأبنية,

وقيل إن منها: "عياهما" والظاهر أنه (فَيَاعل). فقال أبو الفتح: يجوز أن تكون العين مبدلة من الهمزة, والأصل: "أياهم" كـ "أجاد". وسيبويه قد ذلك فارتضاه أبو علي, وأقول هذا وجه جيد ذهب إلى مثله المتقدمون في قول خطام. أنشده أبو بكر بن الأنباري والزعفراني: (عن كيف بالوصل لكم أم كيف لي) قيل: أصله؛ "أن كيف" فأبدلت الهمزة عيناً, و"أن" على أحد وجهين إما أن تكون مخففة من الثقيلة, وأما أن تكون بمعنى: أي كقوله تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} [الأنعام: 151] والتقدير: أي لا تشركوا. وقيل: إن "عليكم" إغراء, وأن لا تشركوا, نصب به, ويقوي هذا أن الزعفراني

نقل أن قلب الهمزة عيناً لغة لبني تميم. فإن قيل: فكيف جاز دخول "أم" من حروف الاستفهام, وأخلصت للعطف, والعطف بـ "أم", والسؤال بكيف فلا يجوز أن تجرد "كيف" في الاستفهام لأن بناءها كذلك فلو جردت لأعربت وهذا واضح. وقوله: "أو اسم يشبهه" نحو: "مدحرج", و "مرهف".

قال: "وكون التكرير على نحو: ما هو في: سندس, وسمسم". قلت: اعلم أن وزن "قرقف": (فَعْلل) , فالقاف فاء, والراء علين, والقاف الثانية والفاء لامان, ولا يجوز أن يكون: (مفعلاً) لأنه لم يعهد في لغة العرب تكرير يراد به الزيادة مع الفصل بحرف أصلي مغاير لما زيد؛ و"مرمريس" زيدت الفاء والعين بعد الفاء والعين من غير فصل بينهما, وكذلك جميع ما يكون زائداً, فلما كان "قرقف" قد فصل بين القافين الراء وجب أن تكون الثانية غير تكرير للفاء, وهو عند الكوفي فصل, وكذا: "سمسم" و"سندس".

زيادة الألف

قال: "فإن لم تثبت زيادة الألف بدل لا أصل إلا في حرف أو شبهه". قلت: الألف في الأسماء المعربة والأفعال لا تكون إلا زائدة أو منقلبة فإن لم تكن زائدة فهي منقلبة, وألفات الحروف أصول غير زائدة, ولا منقلبة. أما الأول فلن الحرف لا يشتق ولا يشتق منه فانسد () باب عرفان الزيادة منه, وأيضاً فإن ذلك تصرف لا يليق به. وأما الثاني: فلأن ألف "لا" لو كانت من الواو لقيل: "لو" ولو كانت من الياء لقيل: "لي" وذلك لأنه الحرف مبني على السكون وإنما تقلب الواو مع تحركهما وانفتاح ما قبلهما وأيضاً فإن ذلك تصرف وهو بعيد منه. نعم لو سمي بالحرف الذي آخره ألف نحو (ال) لحكت أن ألفه منقلبة عن واو لكونها لم تُمل, ولذلك يقولون في التثنية: "ألوان". فإن قيل: قد تقدم أنها ليست بمبدلة فلم لم تقلب واواً من حيث ليس لها أصل في الواو ولا في الياء؟

فالجواب لما سمي به خرج إلى حكم الأسماء المتمكنة فقضي على ألفه كما قضي على الألف التي لا تسوغ أمالته كـ (قفا) , وكما قيل: " قفوان" قيل "الوان", و"نظير ذلك: "ضرب" فإن حكمه إذا سمي به مخلوعاً فيه الضم أن يعرفب فيقال. "ضرب" ورأيت ضرباً, ومررت بضرب. وقوله: "أو شبهه" يعني ما أشبه الحرف من الأسماء نحو: "إذا, ومتى, وأنى, فإن قيل: فلم حكمتم في ألف "ذا" المشار به بالانقلاب وهو كذلك؟ فالجواب: أن ذلك استجيز فيه لدخول أحكام الأسماء المعربة عليه من وصفه, والوصف به, وتصغيره, وتثنيته, إذ ألفه منقلبة عن ياء بدليل إمالتها, وإذا كانت العين ياء وجب أن تكون اللام كذلك لأن سيبويه نص على أن "حيوت" ليس في لغتهم.

زيادة النون

وأما "الحيوان" فالواو فيه منقلبة عن الياء التي هي في: "حييت" والأصل // "حييان" فلما كره اجتماع مثلين قلبت الثانية واواً. فإن قيل: فلم قلبت الثانية, وهلا قلبت الأولى؟ فالجواب: أن إعلال اللام أولى من العين, ولذلك كثر الحذف فيه وقل في العين؛ وذهب أبو عثمان إلى أن واوه غير منقلبة وأنه مصدر فعل لم يستعمل, وشبهه بقولهم: "فاظ الميت يفيظ فيظاً", و"فوظ" مصدر فعل لم يستعمل, وأجازه بعض المتأخرين. فإن سمي بـ "حكم على ألفه بالانقلاب فقيل في تثنيته: "إذوان", فاعرفه. قال: "وزيدت النون في نحو: نفعل, وانصرف, واحرنجم, ومسلمين, وغضنفر". قلت: زيدت النون في أول المضارع إذا كان المتكلم مع غيره, أو للواحد العظم كقولك: "نكتب", وزيدت للمطاوعة في: (انفعل) كقولك: "كسرته فانكسر, وجبرته فانجبر" وهو يناسب هذا المعنى. إلا ترى أنه حرف أغني خفيف فيه سهولة, وامتداد إلى

الخيشوم فكان مناسبا لمعنى السهولة والمطاوعة. وزيدت في: "احرنجم" ووزنه: "إفعلل", والفعل الرباعي. زيدت بعد التثنية كقولك: "الزيدان" و"العمران" عوضاً عن الحركة والتنوين اللذين كانا في الواحد لأن الاسم يستحق الحركة والتنوين بحكم الاسمية والتمكن, فلما ضم إليه غيره لا سبيل العطف وزيد عليه حرف لمعنى التثنية, وامتنع ما قبله من الإعراب والتنوين وألزم حركة واحدة, ولم تكن التثنية أزالت عنه ما كان له عوض. نعم, قد كان ينبغي أن يكون العوض أحد حروف العلة غير أنهم لو فعلوا ذلك للزمهم انقلابه لوقوع ألف التثنية قبله, أو حذفه لاللتقاء الساكنين. وهنا تنبيه؛ وهو أن بعضهم يفتح هذه النون. قال:

(أعرف منها الأنف والعينانا ... ومنخرين أشبها ظبيانا) ويحتمل ذلك وجهين: أحدهما: أن ذلك التقاء الساكنين, وهذه الحركة لا تأتي على منهاج واحد, ألا ترى أنهم قالوا: "رد, ورد, وأمس, وعِوض, وعوض, فكما كانت محركة بالكسر حركت عند هؤلاء بالفتح. والثاني: أنه يجوز أن يكون ذلك حرف للإعراب تشبيهاً بالجمع حيث يقولون: " مضت سنين" ومن قوله: (دعاني من نجد فإن سنينه ... لعبن بنا شيباً وشيبننا مردا) فعلى حركة النون حركة إعراب, وعلى الأول حركة بناء.

وللفراء مذهبان في النون التثنية وكسرها استقصيت الكلام في المسائل الخلافية. وزيدت في جمع المذكر السالم, والكلام عليها كالكلام على نون التثنية. وزيدت ثالثة ساكنة في نحو "عقنقل" و"جحنفل". وإنما حكم بذلك لأنها وقعت لموقع الألف الزائدة, ألا تراهما قد تعاورتا الكلمة الواحدة في نحو: "شرنبث"

و"شُرابث", و"حَرِنفَش", و"حَرافش" فالألف هنا زائدة, لأنها لا تكون أصلاً في بنات الأربعة؛ وكذلك ما وقع موقعها من حروف الزيادة؛ وقيل: لوقوعها موقع ما لا يكون إلا زائداً وهو حرف العلة نحو: "فدوكس" و"سميدع" و"عذافر". وهنا تنبيه؛ وهو أن الكلمة التي فيها النون ترد تارة موافقة للأصول نحو: "جَحَنْفَل". ألا ترى لولا زيادة النون لكان كـ "سَفَرْجَل", وتارة مخالفة كـ "قَرَنْفُل" إذا ليس في الأصول "سفرجل" بضم الجيم.

زيادة التاء

قال: «والتاء في: تفعل، وتفعل، وتفاعل، [وتفعلل]، وافتعل ومسلمة». قلت: تزاد التاء في الفعل المضارع كقولك: "تفعل" وهي للمؤنثة الغائبة وللمخاطب، والمخاطبة، والمخاطبين، والمخاطبتين، والمخاطبين، وتزد: غب (تفعل) // وهو مطاوع (فعل) كقولك: "ناولته فتناول"، و (تفوعل) مطاوع: (فوعل) كـ"ضوربته فتضورب" و (تفعيل) مطاوع: (فعيل) كـ "بيطرته فتبيطر" و (إفتعل) مطاوع (فعل)، كـ"شويته فاشتوى). واعلم أن النون أقعد في المطاوعة من التاء، والتاء محمولة عليها في ذلك لأنها أختها في الزيادة وقريبة منها في المخرج. ولشدتها طاوعت في بنات الأربعة، ولسهولة النون طاوعت في بنات الثلاثة وتزاد علامة التأنيث في نحو: "قائمة"، و"قاعدة"، فهذه التاء علم التأنيث والهاء بدل منها في الوقف، وذلك لأن التاء هي الثابتة في الوصل الذي تجري فيه الأسماء على الأصل، والهاء الثانية في الوقف الذي تخرج

فيه الأشياء عن أصلها ولهذا كان فيه البدل، ونقل الحركة، والتضعيف، والروم، والاشمام، وغير ذلك فهو خارج عن الأصل، ويقويه أن بعضهم يقف بالتاء، ومنه قول الشاعر: (الله نجاك بكفي مسلمت ... من بعد ما [وبعد ما] وبعدمت) (صارت نفوس القوم عند الغلصمت ... وكادت الحرة أن تدعى أمت)

زيادة السين

والكوفي يذهب إلى أن الهاء الأصل، والتاء بدل منها، وقد ذكرته في المسائل الخلافية. قال: «والسين معها في: استفعل وفروعه». قلت: السين تزدا زيادة مطردة في: (استفعل) وهو على ضربين: متعد نحو: "استخفه" و"استأخر" ويكون فعل منه متعديا نحو: "علم" و"استعلم"، و"فهم" واستفهم، وغير متعد: "قبح" واستقبح" و"حسن واستحسن" وله أربعة معان: أولها: الطلب. كقولك: "استعطيت زيدا" أي: طلبت منه العطية. وثانيها: الإصابة كقولك: "استكرمته" أي: أصبته كريما. وثالثهما: أن يكون للتحول من حال إلى حال، كقولك، "استنوق الجمل" إذا تخلق

زيادة الهاء

بأخلاق الناقة. ورابعها: أن يكون لمعنى: (تفعل) كقولك: "تكبر واستكبر"، والغالب على هذا البناء الأول، والثاني يحفظ. وقوله: "معها" أي: مع التاء. وقوله: "وفروعه" أي: مع المستقبل، والمصدر، اسم الفاعل، واسم المفعول والأمر، والنهي. كقولك: "استخرج، يستخرج، استخراج، فهو مستخرج، ومستخرج، واستخرج، ولا تستخرج". قال: «والهاء وقفا في نحو: اقتده ولمه». قلت: الهاء تزاد زيادة مطردة، وتكون في نحو "فيمه، ولمه" والأصل: "فيما، ولما" ولكن حذفت ألف ما الاستفهامية لما دخل عليها حرف الجر فرقا بينها وبين الخبرية التي

هي موصول، وكان الحذف من الاستفهامية أولى لأن الموصولة مع صلتها كلمة واحدة فالألف حينئذ حشو، وألف الاستفهامية طرف، والتغيير إلى الطرف أسرع منه إلى الحشو، وربما جاءت الألف ثابتة في الشعر. قال الكميت: (إنا قتلنا بقتلانا سراتكم ... أهل اللواء ففيما يكثر القيل) وقال الآخر: (على ما قم يشتمني لئيم ... كخنزير تمرغ في دمال) والدمال: السرجين. ولما حذفت الألف بقيت الفتحة دالة عليها فكرهوا حذفها في الوقف فيزول الدليل والمدلول عليه، فزادوا الهاء ليكون الوقف عليها، وتسلم الفتحة الدالة على الألف. وقد وقف ابن كثير على: "عم" في قوله سبحانه: {عم يتساءلون} [النبأ: 2] بالهاء.

ومثل ذلك: "أغزه، وارمه، واخشه" أتو بالهاء مخافة مجيء الحركات الدالة على الألفات المحذوفة.// وهنا تنبيهان: الأول: أنها على ضربين لازمة وغير لازمة، فاللازمة إذا كان الفعل [الذي] تلحقه هذه الهاء على حرف واحد نحو: "عه، وقه". وغير اللازمة إذا كان ما تلحقه على أكثر من ذلك نحو: "لمه، وفيمه، واغزه، وارمه، واخشه". قال سيبوية: الأكثر في الوقف على "اغز" وشبهه بالحاق الهاء، ومنهم من لا يلحقها فيه. فأما: "قه" فحكمها لحقها فيه. والثاني: أنها تلحق الحركات المتوغلة في البناء من حيث كان موضوعة على اللزوم والثبات، ولا تدخل على حركات في الإعراب، ولا على ما يشبهها كحركة الفعل الماضي، والمنادى، والغايات، ولهذا استشكل أبو علي الهاء في قوله:

زيادة اللام

(أرفض من تحت وأضحى من عله) ولا يكون هاء سكت لما ذكرناه، ولا يكون هاء ضمير لأن الغاي متى أضيفت أعربت. وقال ابن الخشاب في الشرح (العوني) إنها بدل من الواو في "علو" وأحد اللغات في هذه الكلم. ونظيره قول الشاعر: (وقد رابني قولها يا هنا ... هـ ويحك ألحقت شراً بشر) والأصل: "هناؤ" (فعال" من "هنول" فادلت الواو هاء، وقد استقصيت هذا في "المسائل الخلافية" قال: «واللام في ذلك وأخواته»

قلت: اللام قلت زيادتها، واستبعد الجرمي كونها من حروف الزيادة، وعليه أنها أبعد الحروف شبها بحروف العلة، وقد زيدت في أسماء الإشارة لتدل على بعد المشار إليه، فهي نقيضة (ها) فالتي للتنبيه الدالة على القرب ولذلك لا يجتمعان لتناقضهما، وحركت لالتقاء الساكنين، وكسرت لئلا تلتبس بلام الملك، فقالوا: ذلك. ويعني (بإخواته) التثنية، والجمع، والمؤنث، وتثنيته وجمعه كقولك: "ذلك، وذلكم، والإلك، وتلك، وتلكما، وتلكن" وقد حذفت ياء "تي" لالتقاء الساكنين الياء واللام.

نعم لم تحرك كما حركت في ذلك فراراً من وقوع التاء بين كسرتين وذا مستثقل، أو لا ترى تحريكها في: "تالك" حيث انتفى ذلك الجمع المستكره. وهنا تنبيهان: - الأول: أن أسماء الإشارة بالنسبة إلى الكاف وحرف التنبيه ترد على أربعة أوجه: أحدهما: أن تستعمل بهما كقولك: "هاذاك" والثاني: أن تتجرد منهما كقولك: "ذا". الثالث: أن تستعمل بالكاف وحدها كقولك: "ذاك" والرابع: أن تستعمل بحرف التثنية وحده كقولك: "هذا". - والثاني: أن هذه الكاف حرف خطاب لا موضع لها من الإعراب بدليل أنها لا تكون رفعا لعدم الرافع، ولا نصبا لعدم الناصب ولا جراً إذ لا يكون إلا بحرف الإضافة، وهو غير موجود، أو بالإضافة وهو ممتنع لأن أسماء الإشارة معرفة فما أغناه عنها.

بعض مواضع أصلية الهمزة

ومن طريف زيادة اللام ما حكاه لي شيخي الثقة سعد المغربي عن الشيخ النظام الواسطي أن أبا علي الفارسي ذهب إلى أن اللام في: "ورتتل" زائدة وذلك أنه لا سبيل إلى جعل الواو زائدة لأنها أول الكلمة، وهي لا تزاد كذلك، ولا سبيل إلى جعلها أصلا إذ الكلمة الثنائية فصاعداً لا تكون حروف العلة فيها إلا زوائد لما لم يعرض التكرير وقد سلف هذا. فإذا كانت اللام زائدة زال الإشكال إذ الكلمة أنها كانت ثلاثية بالواو والمراد أن تكون ثلاثية بغيرها. ولو بنيت مثله من "أأأه" لقلت: أوبال فإن خففت الهمزة قلت: "أوبل" فنقلت حركتها إلى الساكن قبلها وحذفتها وجاز// اجتماع أربع متحركات لأن التحقيق هو الأصل وفيه لا يحصل ذلك فاعرفه. قال: «ونقل زيادة هذه الأحرف خالية مما قيدت به، ولا يسلم ذللك إلا بدليل.» قلت: الهمزة إذا وقعت حشواً كانت أصلا لا زائدة، ولا يحكم عليها بالزيادة إلا بدليل،

فالهمزة في "شمأل" و"شأمل" زائذة لقولهم: "شملت الريح" ووزنها: "فعال" و (فأعل)، فنقول من: "أويت" على الأول: "أوأي" وأصله: "أوأي" فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت الفاً، ثم حذفت الألف لالتقاء الساكنين، وإن خففت الهمزة قلت: أوي. ونقول على الثاني: "أاوي" فالهمزة لأولى فاء، والثانية زائدة، فقلبت الثانية الفاً لسكونها وانفتاح ما قبلها ووجب القلب كراهة لاجتماع الهمزتين، وقلبت الثانية ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت لما ذكرنا. والهمزة في: "أحبنطي" زائدة، وكذلك النون لأنها من "الحبط" فوزنه: "أفعلاء" وكذلك الميم إذا وقعت حشوا، أو آخراً حكمها أن لا يحكم عليها بالزيادة إلا بدليل، فمن ذلك الميم في دلامص، ذهب الخليل إلى أنها زائدة لقولهم: "درع دلنص، ودلامص" فسقوطها في الاشتقاق دليل على زيادتها، وقيل: "دلمص" فحذفوا الألف

كما قيل: "هدبد". وقال أبو عثمان المازني: لو قال إن "دلامصا" من الأربعة معناه: "دليص" وليس بمشتق منه لكان قولا قوياً كما أن "لآلآ" فيه بعض حروف "اللؤلؤ" وليس منه. ألا ترى أن: (فعالا) إنما يبني من الثلاثي و"لؤلؤ" رباعي، وروى أبو عبيدة عن الفراء أنه كان يقول لبائع اللؤلؤ: "لأأ" بوزن: (لعاع)، وكره قول الناس: "لأل" قال ابن بري المصري: وإنما اختار "لأاء" لكون اللؤلؤ لامه همزة فاختيار أن يكون المشتق منه كذلك، وهذا غلط منه لأنه خالف المسموع وهو: "لأءل" وكلاهما خارج عن القياس؛ أما: "الأول فإنه مبني من "لأل" والهمزة الأخيرة ساقطة، أما "لأ" فإنه مبني من: "لأأ" واللام ساقطة، فالأصل المسموع أولى. وأيضا فقول الفراء ضعيف لأنه

خالف قياس كلام العرب، ألا ترى أنهم إذا اشتقوا من الرباعي ثلاثيا حذفوا الرابع من الكلمة وهو آخرها فقالوا: «الأرض مثعلة، وتعقرة» للكثيرة العقارب والثعالب فحذفوا الباء وهو الحرف الرابع، وكذلك فعلوا في "لآلء" () وتقول في مثال "دلامص" من "وأيت" على قول الخليل: "وأأم" وأصله: "وأامي" فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت الياء لالتقاء الساكنين، فإن همزة الواو لكونها مضمومة اجتمع همزتان فقلبت الثانية واواً فقيل: "أوام" وعلى قول أبي عثمان المازني: "وأي واواي" وسلمت الياء الثانية وإن كانت بعد ألف زائدة لأنها ليست طرفا إذ بعدها ياء أخرى بعدها صاد دلامص حذفت لالتقاء الساكنين. والميم في: "زرقم" زائدة لأنه مأخوذ من: "الزرقة" ووزنه: (فعل).

زيادة النونو أيضا

قال: "ونون: "رعشن" و "بلغن" في "الرعش، والبلوغ"، وها/ "أمهات" و"هبلع" في "الأمومة والبلع" قلت: النون في "رعشن" و"بلغن" زائدة لأنها من: "الرعشة، والبلوغ" ووزنهما: (فعلن)، وقبلها: "ضيفن" عن أبي عثمان. وعند أبي زيد أن النون أصلية، والياء زائدة، ووزنه: (فيعل) كـ "صيرف"، و"خيفق" وقال بعضهم: هذا قوي لكثرة: (فيعل)، وقلة: (فعلن).

وأما "أمهات" فالهاء زائدة ووزنه: "فعلمات" والواحدة "أم"، فالهمزة فاء، والميم عين، والميم الثانية لام، وهذا يدل على الزيادة، وكذلك "أمات"، وقد غلبت "الأمهات" على الأناسي، و"الأمات" على البهائم، وقد جاءت "الأمهات" منهما جميعاً. وأجاز أبو بكر بن السراج أن يكون الهاء أصلا كقولهم في الواحد: "أمهة" قال الشاعر

(أمهتي خندف والبأس أبي) وفي كتاب العين: "تأمهت أماً" قال أبو الفتح: والأول أظهر كقولهم: أم بينة الأمومة// وأمهة شاذ، و"تأمهت" أشذ منه، وهو من مسترذل الكتاب المذكور. والتحقيق في هذا أن قولهم: "أمهة وتأمهت" معارض ب"أم بينة الأمومة" والرجيح للنقل والقياس. أما النقل فلأن "الأمومة" نقلها ثعلب، وتأمهت، وأمهته حكاهما صاحب العين وفيه من الاضطراب، والتصريف الفاسد ما لا ينكر. وأما القياس فإن اعتماد زيادة الهاء أولى من اعتماد حذفها لأن ما زيد أضعاف ما حذف.

وعندي أن مذهب ابن السراج قوي، وذلك لأنه لا يجوز أن تعادل رواية الخليل رواية غيره، والعين وإن وقع في تصريفه غلط فذلك منسوب إلى الأصحاب الذين نقلوا عنه لا إليه، وفي كتاب الفصيح على قلة أوراقه أغلاط كثيرة نبه عليها شارحوه. وأما قوله: «إن ما زيد فيه أضعاف ما حذف منه» فلا يلزم لأنه نقول: "أم وأمهات" ثلاثيات والهمزة فاء، والميمان عين مضاعفة، والهاء لام فهي إذا ما يععقب عليه لامان: الهاء تارة"، والميم أخرى، وهذا له نظائر ك، "سنة، وعضة" على رأي. في مثله على الأول من: "وأيت" "وأيل" وعلى الثاني: "ويأي" فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فإن خففت الهمزة قلت: "ويي". وقوله: (كلزوم عدم النظير بتقدير أصالة نون نرجس) يريد أن نون "نرجس" بفتح النون زائدة إذ لو كانت أصلا لكان الوزن (فعللا)، وهو بناء معدوم في الرباعي، وكذلك حالها مع الكسرة لثبوت زيادتها مع الفتح.

فإن قيل: فكيف حكم بزيادة النون في "نرجس" وهي أعجمي مجراه مجرى الحروف؟ فالجواب أنه لما تكلمت العرب بذلك وفرقته في الجمع والتصغير وغيرهما أجروه مجرى العربي، وكذا حكم على ألف: "لجام"، وواو: "نوروز" وياء: "إبراهيم" بالزيادة لقولهم: "لجم"، ونواريز، وأبارهمة" "ويا هناه" على رأي، وهذا بين. و"هبلع" هاؤه زائدة عند الخليل لأنه من: "البلع"، وهو الأولى؛ والذي عليه الأكثرون أنها أصل لقلة زيادتها، فوزنه على الأول: (هفعل)، وعلى الثاني: (فعلل). قال: «ولام فحجل، وهدمل في: أفحج» وهدم، وكلزوم عدم النظير بتقدير أصالة نون: نرجس، وعرند، وكهنبل، وتاء: تنضب".

قلت: اللام في: "فحجل"، و"هدمل" زائدة للاشتقاق، وهو واضح؛ ومثلهما: "عنسل" إذا أخذ من: "العنس" فالنون عين، واللام زائدة؛ وإن أخذ من: "العسلان" فالنون زائدة، واللام أصل، وهو رأي سيبويه، فتقول: قال الزعفراني: وقد يشتق من الأسماء الأعجمية كاشتقاقها من الأسماء العربية، وذلك نحو قول رؤبة، أنشده أبو علي: (هل يتجيني حلف سختيت ... أو فضة، أو ذهب كبريت) فـ"سختيت" مشتق من: "السخت" وهو الشديد. ومع ذلك قلنا الحكم على الأعجمي بالزيادة قياسا على العربي، وبتقدير أنه لو كان عربيا لكان كذا.

فإن قيل: فهلا جعلتم النون أصلا وإن خالفت الكلمة الأصول حملا على ما ذهب إليه أبو الحسن الأخفش في "جالينوس" من كونها أصلا وإن خرج الوزن على الأصول؟ فالجواب: أن الفرق بينهما: كون: "جالينوس" علما في لغة أهلى كـ"زيد وعمرو" في لغة العرب، وقد تقرر أن الإعلام يستجاز فيها ما لا يستجاز في غيرها، وليس كذا في "نرجس" لأنه اسم جنس فاعرفه. ونون: "عرند" زائدة لثلاثة أوجه: الأول: أن: (فعنلا) ليس في الكلام، وهو الذي أراد المصنف، فإن قيل: ففي كلامهم: "جبن" و"عتل" وهما (فعل)؟ فالجواب أن المراد أن يكون اللامان مختلفين كـ"دحرج". مثلا، ولاما: "جبن، وعتل" من حرف واحد. والثاني كونها ثالثة ساكنة. والثالث: سقوطها في الاشتقاق. أنشد عبد القاهر في المقتصد:

(والقوس فيها وترعرد) ونون: "كنهبل" زائدة لعدم: (فعلل) كـ"سفرجل" بضم الجيم. وأما: "تنضب" ففيه ثلاث لغات: الأول: فتح التاء وسكون النون، وضم الضاد المعجمة، والباء زائدة لعدم: "جعفر" بضم الفاء للاشتقاق من: "نضب". والثانية: بضم التاء، وسكون النون، وفتح الضاد. والثالث: بضم التاء والضاد وسكون النون، والتاء زائدة لثبوت ذلك في اللغتين والاشتثاث، وهذا جلي.

قال: «فصل وتبدل الهمزة من كل واو وياء تطرفت لفظاً أو تقديراً بعد ألف زائدة». قلت: يريد نحو "كساء ورواء" وأصلهما: "كساء وردائي" بدليل قولهم: "كسوت، والردية"، ولا دليل في: "ترديت"لاحتمال أن تكون التاء منقلبة عن الواو لوقوعها رابعة كما في: "أصليت، وأدنيت"؛ وقال الأصفهاني: يدل على انه من الياء قولهم في التثنية: "ردايان" وأرى فيه نظراً، وذلك أن الهمزة التي حكي فيها قلبها ياء إنما هي همزة التأنيث كـ"حمراء". ونقل عن الكسائي أنه يجيز في ذلك للافراد كقولك: "حمراءان" وقبلهما ياء كقولك: "حمرايان فإن كانت أصلا كـ"قراء" وجب اثباتها إلا أن يجيء القلب في شذوذ. وإن كانت منقلبة عن أصل نحو: "كساء" و"رداء" جاز الاثبات والقلب واواً نحو: كساأان وكساوان" والأول أحسن

وإن كانت منقلبة عن حرف زيد للالحاق نحو: "حرباء" جاز الاثبات والقلب واواً، والثاني أحسن، ولم أر أحداً ذكر جواز القلب في هذه الهمزة ياء، فلما وقعتا طرفاً بعد ألف زائدة، والألف في حكم الفتحة لزيادتها في مخرجها تبين ذلك أنهم أجروا (فعالا) في التكسير مجرى (فعل) نحو: "جواد واجواد" فصار ذلك كـ"علم وأعلام" و"جيل وأجيال" وكذلك اجروا (فعيلا) مجرى (فعل) قالوا: "يتيم وأيتام" فصار ذلك كـ"كتف وأكتاف" فقلبتا حينئذ الفين كما تقلبان بعد الفتحة، فالتقى ألفان الأولى زائدة والثانية المنقلبة غير أنهم كرهوا حذف إحداهما لزوال المد المقلوب، فحركوا الثانية ليحصل المد، ولأنها متطرفة فتغييرها أولى لأن لها أصلا في الحركة فانقلبت همزة من كل واو وياء) فيه أرسال إذ الهمزة منقلبة عن ألف انقلبت عن احداهما، فالألف أصل الهمزة الأقرب، وهما أصلهما الأبعد. وقوله: (تطرفت) أي كانت الواو والياء طرفا، والطرف محل التغيير ولهذا كثر الحذف فيه ويكفيك أن الإعراب محله ذلك. وقوله: (تقديراً) يريد نحو: "عباءة وصلاءة" إذ الأصل"عباية وصلاية" غير أن تاء

التأنيث حيث كانت زائدة على المذكر داخلة على حروفه ومقدراً فيها الانفصال جرى التاء مجرى المتطرفة في التقدير. وقوله: (بعد ألف زائدة) يحترز به من نحو: "آي" جمع: "أية" و"راي" جمع راية للعلم، والأصل فيهما: "آيي" و"روي" بدليل قولهم: "إياء" ولم يقولوا: "إواء" من: "رويت الحديث" إذا أظهرته، إذ الراية تظهر أمر صاحبها، فالألف فيها منقلبة عن أصل، وإنما لم يجز القلب لأمرين:

الإعلال في اسم الفاعل

أحدهما: أنه كان يؤدي إلى اجتماع إعلالين، وقلب العين ألفا، وقلب اللام همزة. والقاني: أن الألف الزائدة لزيادتها تجري مجرى الحركة الزائدة بخلاف الألف الأصلية. وهنا تنبيه: وهو أنهما مخالفتان للقياس وذلك لأن العين واللام إذا كانا// حرفي على أعلت اللام دون العين وذلك نحو: "طوى" و"شوى" وقد رأيت كيف أعلت عيناهما دون لاميهما وهذا واضح. قل: «أو كانت عين فعل أعتلت فيه عينه». قلت: اسم الفاعل لما كان بينه وبين الفعل مضارعة ومشابهة، وذلك لأنه جار عليه في عدة حروفه، وسكونه، فـ"يضرب" كـ"ضارب" ولذلك عمل عمله وجب أن يصح بصحته، ويعتل باعتلاله ليكون العمل فيهما من جهة واحدة، ولولا اعتلال فعله لما اعتل، فإذا قلت: "قائم" فالأصل: "قادم" لكن حيث قصد اعلاله فأما أن يكون بالحذف أو القلب، فالأول ممتنع لأنه مزيل لصيغة اسم الفاعل ويصيرها إلى لفظ الفعل فخيف اللبس. فإن قيل: الإعراب والتنوين يفصلان بينهما فإذا كانا فيه علم انه اسم فاعل، فإذا تجرد منهما علم أنه فعل؟

قيل: لا يكفي ذلك في الفرق لأنه قد يوقف عليه فيزول الإعراب والتنوين فيحصل اللبس عند ذلك، ولما تعين القلب عدل إليه فقيل: قلبت العين همزة () من غير تلاح وهو قول عبد القاهرة. وقيل: قلبت العين ألفا لوقوعها بعد ألف زائدة قريبة من الطرف كما قلبوا الواوين في: "صيم" حملا على: "عصي" ثم قلبوا الألف همزة. فإن قيل: صيم يجوز فيه الأصل فيقال: "صوم" و"قائم" لا يجوز فيه الأصل، فما الفرق بينهما؟ قيل: الاعلال في اسم الفاعل إنما كان لاعلال الفعل فوجب فيه لوجوبه، ثم لما وجب الاعلال لذلك، وقربت الواو من الطرف () قدم انقلابها القائم قلبت الألف همزة، وهذا غير موجود في: "صيم". ونقل عن أبي الفتح أنه قال: لما قلب العين فقي "قام" وبنيت اسم الفاعل منه (جئت بألف أخرى) فانعقد الفان وامتنع الحذف لما تقدم تحركت الثانية بالكسرة فصارت همزة، واستضعف لأنه لو كان الأمر على ما ذكره لقيل: "مقيئم" بالهمز لأن الألف في الماضي نقلت إلى اسم الفاعل ثم حركت يا بالكسر فصارت: همزة ولا قائل بذلك.

حكم التضعيف في أول الكلمة من الإدغام

وقوله: (فعل أعتلت عينه) محترز من نحو: "عرف" فهو: "عارف" فإن عين اسم لفاعل تصح لصحتها في الفعل فاعرفه. قال: «ومن أول واوين صدرتا، وليست الثانية مدة مزيدة، أو مبدلة». قلت: التضعيف في أوائل الكلمة قليل لأن اجتماع المثلين مستثقل، والادغام متعذر، فقد جاءت ألفاظ واوها وعينها من جنس واحد ولكن فصل بينهما نحو: "كوكب" و"ديدن" ومنه: "ديدن" ومنه: "أبنبم" وزنه: (أفنعل)، فالهمزة زائدة، والباء الأولى فاء، والنون زائدة والباء الثانية عين، والميم لام. وإنما دعاهم إلى ذلك الحرص على زيادة الهمزة، ولولا ذلك لجاز أن يكون: (فعنعلا) كـ"عقنقل" ويؤكد ذلك أمران:

الأول: أنه () اسم. الثاني: أنه لا يؤدي إلى جعل الفاء والعين من جنس واحد. فإن قيل: فإن كان الحرص على زيادة الهمزة كذا فما بال إبي عثمان المازني يجعل: (أما) إذا سمي بها: (فعلى) كـ"سلمى" ولا يجعلها: (أفعل)، والهمزة زائدة فراراً من جعل الفاء والعين من جنس واحد؟ قيل: الفرق بينهما مجيء الفصل في "أبنبم" وعدمه في "اما" فقد سوغ الفصل بالولاء لما ساغ. أو لا ترى أن "سير وسيار فنطقوا بالنون. والرافع الفصل الواقع بينهما، ولم يقولوا: "سير" فيجمعوا بينهما متلاصقين؛ ولو قيل: إن (أفعل) حرصا على زيادة الهمزة كون الفاء، والعين من جنس واحد جواز الإدغام وزال الفصل بذلك لم أر به بأسا. وبينه قول أبي علي الفارسي في المسائل الشيرازية أن"أول" (افعل)، وفاؤها واو، وعينها كذلك، وجوزه الإدغام، بخلاف: "ددن" و"أواول" التضعيف في الحروف

الصحيحة أمتنع في الواو لثقلها كيف وهي معرضة لدخول واو القسم عليها، أو واو العطف فتجمع ثلاث واوات وذلك مستثقلات جداً، فإذا جمعت: "واصلة" قلت: "أواصل" والأصل: ، ، // "وواصل: فالواو الأولى الفاء، والواو الثانية منقلبة عن ألف "واصلة كما قلبتها في "صوار" فاجتمع واوان، فقلبت الأولى همزة وهنا سؤلان. أحدهما: لم قلبت الأولى دون الثانية؟ والجواب: أن الحرف الواقع طرفا أولى بالتغيير مما ليس كذلك. والثاني: لم قلبت همزة دون غيرها؟ والجواب: أن الهمزة ألف مجيئها أولا وكثر ذلك فقلبت الواو إليها لذلك. ونظير ما قلته قول أبي سعيد السيرافي أنهم إنما عوضوا الميم في "اللهم" لأنها ألف زيادتها آخراً كـ"زرقم" وستهم" وكذلك تقول: "أويصل" في تصغير "واصل"، والأصل: "وويصل" فقلبت الواو الأولى همزة استثقالا لاجتماعهما.

وقوله: (صدرتا) أي: وقعتا صدر الكلمة احترازاً من وقوعهما حشوا كقولك في النسب إلى: "هوى، ونوى" هووي، ونووي". وقوله: (وليست الثانية مدة "مزيدة" تحرز به من نحو قوله تعالى: {ما وزري عنهما} إذ الواو الأولى سلمت من القلب مع وقوع واو أخرى بعدها، وعلله أبو الفتح بأن الواو الثانية بدل من ألف "واريت" فلما لم يلزم لم يعتد بها لذلك صحت في قولهم: "سوير" و"بويع" مع وقوعها ساكنة قبل الياء، وذلك موجب لقلبها وادغامها في الياء، وأتي (بمزيدة) لحترز عن: "أولى" تأنيث "أول" إذ أصله: "وولي" فقلبت الأولى همزة، وإن كانت الثانية مدة لكونها عينا لازمة.

وقال ابن الحاجب في تصريفه: إذا اجتمعت واوان متحركان في أول الكلمة أبدلت الأولى التي هي فاء همزة والتزموه في الأولى حملا على الأول". انتهى كلامه. وفيه نظر من وجهين: الأول: أنهم قالوا: لو بنيت من: "وعد، ووزن" مثل: "كوثر" لقلت: "أوعد وأوزن" والأصل: "ووعد، ووزن" فقلبت الواو الأولى همزة لاجتماعهما أولا، وإن كانت الثانية ساكنة، ولو سميت بهما لصرفتهما لأنهما: (فوعل) لا: (أفعل). والثاني: أنه ادعي: حمل (الأولى) على: (الأول) في وجوب الهمزة وذلك حمل للمد الذي هو الأصل على الجمع الذي هو الفرع، وذلك ممتنع، وله أن يقول: "الأولى" فيه علم التأنيث، و"الأول" مجرد من ذلك فهو مذكر فقد حملت مؤنثا على مذكر، وذلك جائز وقد سبق إلى مثلى ذلك الخليل فيما حكي عنه. وقوله: (أو مبدلة) تحرز به عن مثل: (فعل) من: "وأيت" فإن القياس أن يقول: "وءي" فإن خففت الهمزة قلبتها واواً لسكونها وانضمام ما قبلها فصار إلى: "ووي".

الإعلال في (مفاعل)

فلم تقلب الواو الأولى همزة لأن الثانية مبدلة عن الهمزة فكأن الهمزة موجودة، وكذلك لم تقلب ياء لأجل الياء التي بعدها. وحكي الخليل أنه قال أقول: "أوي". وقال ابن جني: فيه تناقض؛ لأنه اعتد بها حيث لم الثانية فقلب لها الأولى همزة، ولم يعتد بها حيث لم يقلبها ياء لوقوعها قبل الياء الساكنة، وهذا واضح. قال. «وما تلا ألف شبه مفاعل من مزيد لمد الواحد». أقول: إذا جمعت "رسالة" ونحوها جمع تكسير زدت عليها ألف الجمع ثالثة، فالتقى ألفان، الأولى ألف الجمع، والثانية ألف رسالة الزائدة، فحركت الثانية بالكسر فصارت همزة فقلت: "رسائل". وحملوا على الألف الواو في "عجوز" والياء في "صحيفة"، فقلبوهما، كقولك: "عجائز، وصحائف" إذا تحريك الواو والياء ليس بمعتذر بخالف الألف فإن ذلك متعذر فيها.

وقوله: (مما تلا ألف شبه مفاعل) يعني: قلبت الهمزة في الألف، والواو، والياء الواقعة بعد ألف الجمع. و"صحائق" في التحقيق: (مفاعل) وليس ب، (مفاعل)، ولذا قال: شبه مفاعل. وقوله: (من مزيد لمد الواحد) تحرز به عن نحو: "معيشة" و"معونة"، فإن الياء والواو أصلان فيهما، وهمت عينان فيحتمل: "معيشة" عند سيبويه أن يكون: (مفعلة) فقلبت الكسرة من الياء إلى العين. ويحتمل أن يكون: (مفعلة) بضمها فقلبت الضمة إلى العين فوقعت الياء ساكنة بعد ضم فكان يجب أن تقلب واواً كما في"موسر" و"موفي" فقلبت الضمة كسرة محافظة على الياء، و"معونة" نعلمه بضم العين فإذا جمعتهما حركت الياء والواو بالكسر من غير قلب لها همزة فقلت: "معايش" و"معاون" وذلك لأنها// هنا أصلان ولهما حظ في الحركة بخلافهما في: "صحيفة" و"عجوز" فإنهما زائدان لا حظ لهما منها.

ونقل خارجة عن نافع همز: "معايش". فقال أبو القاسم الزمخشري: ورواية خارجة عن الصواب خارجة".

وأما "مصائب" إذ بالهمز فحكي عن العرب، وقد ذكره أبو الفتح في جملة أغلاطهم، إذ أصل "مصيبة: "مصوبة"، فنقلت كسرة الواو إلى الصاد، فسكنت الواو مفردة بعد كسرة فانقلبت ياء: وقياس جمعه: "مصاوب". قال أبو إسحق الزجاج: الهمزة منقلبة عن الواو في مصاوب الخارجة عن القياس. ورده أبو علي بأن الواو المكسورة إنما تقلب إذا كانت أولا كـ"أشياح" في: "وشاح، وإسادة" في: "وسادة" ولم ينقل قلب المكسورة حشوا. وقال أبو الحسن الأخفش لما اعتلت الواو في الواحد نقلبها ياء اعتلت نقلبها في الجمع همزة، واستضعفه أبو الفتح إذ يلزم منه: "مقائم" ولا قائل به.

الإعلال في (أوائل) ونحوه

قال: «أو ثاني لينبن اكتنفاها، وليس الثاني بدلا». فقلت: ألف الجمع إذا اكتنفها واوان أو ياءان، أو واو وياء، أو ياء وواو، وكان الثاني منهما ملاصقا للطرف لفظاً، أو تقديراً وجب قلبه همزة، وذلك نحو: "أوائل" جمع "أول"، وأصله "أواول" و"جيائز" جمع: "جير" و"سائق" جمع: سيقة. وعللوا ذلك بوجهين: الأول: أنهم كثيراً ما يعطون الجار حكم مجاوره بدليل: "صيم" و"قيم" في "صوم" وقوم" فقلبوا الواوين قلبهما في: "عصى ورحى" وكذلك فعلوا في: "أوائل" كما قلبوا في: "كساء" و"رداء". والثاني أنهم استثقلوا وقوع حرفي علة بينهما ألف وهو حاجز غير حصين في جمع هو ثقيل لكونه أقصى الجمع وغايته. وقوله: (ثاني اثنين مطلقا) وهو رأي سيبويه والخليل، وأما الأخفش فإنه لا يرى الهمز إلا في الواو فقط، وعلل بالسماع والقياس، أما السماع فقولهم: "ضياون" في جمع "ضيون" وأما القياس فلأن النقل في الواوين أكثر منه في غيرهما.

والجواب أن أبا عثمان المازني سأل الأصمعي عن: "عيل"، كيف يكسره العرب؟ فقال: "عيائل" بالهمز. فهذا نص في محل النزاع شاهد لهما دونه. وأما: "ضياون" فهو شاذ خرج منبته على أصل هذا الكتاب كـ "القود" و"استنوق الجمل" و"أي" في أحد الأقوال. وقيل لما صح في الواحد صح في الجمع، وعكسه: "ديمة، وديم" وذلك لأنه اعتل الجمع بالقلب لاعتلال الواحد به. وأما القياس فلأن العلة القرب من الطرف كما قدمنا، وذلك يتساوى فيه الواو والياء،

والياء كالواو. ولذلك يجتمعان ردفا كـ"سعيد، وعمود" ولا يجوز معهما (). وهنا تنبيه: وهو أن كلامه خال عن التقييد بمجاورة الثاني للطرف، والحق ما ذكرته، ولذلك لم يقلب في "طواويس" جمع: "طاووس" و"نواويس" جمع "ناووس" حيث بعد عن الطرف بحجز الياء بين حرف العلة وبينه. وأما قوله: (وكحل العينين بالعواور) فإنما صح مع المجاورة لطرف لفظاً لبعده عنه تقديراً، وأصله: "عواوير" بدليل أنه جمع: "عوار" وحرف العلة إذا كان في المفرد رابعاً لم يحذف في الجمع بل يقلب ياء إن لم يليها نحو: "حملاق وحماليق" و"جرموق وجراميق" و"قنديل وقناديل"

، فلما حذفها للضرورة جرى مجرى المنطوق به فوجب التصحيح. وعكسه: "عيائل" بالهمز والياء، ذلك لأنه حيث اشبع الكسرة فزيدت الياء، فكان التقدير بها السقوط أبقى الهمزة. ونقل أبو الفتح في تعاقبه أنهم قالوا: "هواوسة" في جمع: "هواس" للأسد، وذهب إلى أن التصحيح أحسن منه في "العواوير" لأمرين: أحدهما: أن التاء عوض عن الياء المحذوفة إذ قياسه: "هواويس" كـ"زناديق" فحذفت الياء وعوض منها التاء كـ"زنادفة" في "زنديق" وإذا كان التصحيح اعتباراً بالياء المقدرة، فاعتبار ما عوض عنه أولى من اعتبار ما لم يعوض منه. والثاني: بعد المعتل من الطرف لفظاً بخلاف: "العواور" وقوله: (وليس الثاني بدلا)., يحترز به، من نحو: "روايا" في جمع: "رواية"، فإنه قد اكتنف ألف الجمع واو () من ألف رواية، ونبين لك ذلك في البحث الذي يتلو هذا// إن شاء الله تعالى. قال: "وتفتح الهمزة مجعولة واواً إن كانت اللام واواً، سلمت في الواحد بعد ألف، ومجعولة ياء إن كانت اللام همزة أو حرف لين غير الواو المذكورة".

الإعلال في جمع (دواة)

قلت: يعني نحو قولك: "أداوي" في جمع "دواة"، وذلك لأنك إذا أدخلت ألف الجمع ثالثة بعد الدال فالتقى الفان، ألف الجمع، وألف الواحد، فهمزت الثانية وكسرت، فيقي: "أدائو"، فوقعت الواو متطرفة بعد كسرة فانقلبت ياء فبقي: "أدائي" فحصل () فجمع وفيه همزة عارضة، وآخره حرف عليل، ومجموع هذا مستعمل. فخفف بأن أبدلت كسرة همزته فتحة فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فبقي "أداء" ومعلوم شدة شبه الألف للهمزة فكأنه إذا اجتمع ثلاث همزات، أو ثلاث ألفات فقلبت الهمزة واواً لظهورها في الواحد الذي هو: "أداة" وقال أبو بكر بن السراج ليكون آخر الجمع كأخر الواحد، وليست الواو في "أداوي" هي الواو التي في "إداوة" لأن الواو التي في "إداوة" قد انقلبت ياء وهي طرف، والألف التي هي: "أداوي" منقلبة عنها وليست للتأنيث، والواو في "أداوي" منقلبة عن الهمزة التي كانت بدلا من الألف التي في

"إداوة"، الألف التي في "أداوي" بدل من الواو في "إداوة" وألزموا الواو في هذا كما ألزموا الياء في "مطايا" فقد تبين. معنى قوله: (وتفتح الهمزة مجعولة واواً" أي أن الأصل: "أدأي" ثم: "أداءا" ثم "أداوي". وقوله: (إن كانت اللام واواً سلمت في الواحد) أي: ليناسب الجمع الواحد كما قدمنا. وقوله: (وياء إذا كانت اللام همزة) يريد نحو: "خطيئة" تقول في الجمع: "خطايا" والأصل: "خطاءو" فالهمزة الأولى منقلبة عن الياء المزيدة في الوحد للمد والثانية لام الكلمة فقلبت الثانية ياء كراهة لاجتماعها غير عينين فصار: "خطائي" ثم فتحت الهمزة فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار: "خطاءا" همزة بين العين فقلبت الهمزة ياء استثقالا لوقوعها بينهما، وكان القلب إلى الياء لما ذكرناه من طلب مشاكلة الجمع لواحده، فالياء في: "خطايا" ليس التي في "خطيئة" بل هي منقلبة عن الهمزة المنقلبة عن الياء في "خطيئة" والألف في "خطايا" منقلبة عن اليائ التي هي لام وهي همزة: "خطيئة.

وقوله: (أو حرف لين غير الواو المذكورة) يريد: "مطايا" جمع "مطية" وهي فعلية فلما جمعتها قلبت الياء همزة على حد: "صحائف" فصار "مطاءي" ففتحت الهمزة فانقلبت الياء ألفا فصار: "مطاءا" وهنا تنبيه: وهو أنه إنما قال: (أو حرف لين)، ولم يقل: أو ياء، لأن اللام قد تكون ياء منقلبة عن الواو كما في "مطية وزكية" إذ أصلهما: "مطيوة وزكيوة" من: "مطا يمطو" و"الزكوة" وقد تكون ياء غير منقلبة كما في: "هدية". وقوله: (غير الواو المذكورة) يتحرز به عن الواو المذكورة لدخولها تحت حرف اللين فالحكم بها مختلف فاعرفه. قال: «فصل تبدل الهمزة الساكنة بعد همزة متصلة متحركة مدة تجانس الحركة». أقول: هذا الفصل يتضمن تخفيف الهمزة، وهي لا تخلو من أن تكون ساكنة أو متحركة،

قلب الهمزة واوا

وتقدم القول على الساكنة لأن السكون في الحرف هو الأصل، ولهذا قال محققو التصريفيين إن أصل: "شاة": "شوهة" بسكون الواو، ولعدم الدلالة على الحركة لا يقال دليلها قلبها ألفا في: "شاة" ولو كانت ساكنة لسلمت في "نوق" لأنا نقول لما حذفت الهاء وهي اللام لاقت الواو تاء التأنيث وقد علم أنها لا تكون فيما قبلها إلا مفتوحاً كقائمة وصائمة اللهم إلا أن يكون الألف كـ "قطاة" ففتحت الواو لها ثم انقلبت الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ واستدل بعضهم على ذلك بقلب الواو ياء في "شياه" إذ من جملة شروط القلب بسكون واو (الواحد) وذلك بقلب الواو ياء في "شياه" إذ من جملة شروط القلب بسكون واو (الواحد) وذلك نحو: "ثوب وثياب" وحوض وحياض" و"سوط وسياط" لفوات السكون في: "طويل" سلمت في: "طوال، وشذت في: "طيال". في قوله: (تبين لي أن القماءة ذلة ... وأن أشداء الرجال طيالها)

أصل كلمة شاة

[وقد ذكره] // أيضا السيد النقيب ضياء الدين ابن الشجري في أمياله، ولا أراه ينهض وذلك لأن العين إذا اعلت بالقلب في الواحد قلبت في الجمع؛ ألا تراهم قالوا: "دار وديار" فقلبوا الواو في "ديار" وإن كانت متحركة في "دار" حيث اعتلت بالقلب. وقائل أن يقول: إن الواو في "شياه" متحركة فقلبت في "شاه" لاعتلالها بالقلب في الواو في الواحد، وهذه المسألة مستقصاة في المسائل الخلافية. فإذا كانت الهمزة ساكنة وقبلها همزة وجب تخفيف الثانية الساكنة، وتخفيفها أن تلقب إلى حرف لين مجانس لحركة الحرف الذي قبلها فقلبت واواً بعد الضمة، وياء بعد الكسرة، وألفا بعد الفتحة فالأول نحو: "آدم" وأصله: "أأدم" بهمزتين الأولى زائدة والثانية فاء الكلمة فخففنا في الكلمة وجوبا كراهة لاجتماعهما. هلا كانت الأولى فاء الكلمة، والثانية زائدة؟ إنا نقول: يفسر ذلك شيئان: لأحدهما: أن الهمزة تقل زيادتها حشواً، ويكثر أولا، والحمل على الكثير المطرد أولى. والثاني: أن وزنه على هذا: (فاعل) كـ"ساءل" فيجب أن يصرف فلما لم يرد مصروفا دل ذلك على أنه: "أفعل" ولا يقال: "آدم" كـ"حاتم" لأن نقول كان يجب صرفه.

إبدال الهمزتين المتحركتين

وهنا تنبيه: وهو أن الألف وإن كان أصلها الهمزة فإنها تجري مجرى غير المنقلبة ولذلك تقلب واواً في: "أوادم" و"أويدم" وفي ذلك ترجيح لمن أجاز وقوعها تأسيسا ً في الشعر فاعرفع. والثاني: نحو: "إيلاف" والأصل: "إألاف بهمزنين، الأولى همزة (إفعال)، والثانية فاء الكلمة، فقلبت ياء لما ذكرناه لا يقال: "إيلاف": (فيقال) كـ "صيراف" "وأألف" (فاعل) كـ "ضارب" لأنا نقول: لا يجوز ذلك لوجهين: أحدهما: أنه كان يلزم أن يجيء فيه: "آلاف" كـ "ضراب" أكثر من: "ضيراب" وإن كان الأصل. والثاني: أن: (فاعل) يجيء أيضاً مصدره على "مفاعلة" كـ "مضاربة" ولم ينقل ذلك في "أألف". قال: "وإن تحركنا أبدلت الثانية ياء، إن كسرت، أو وليت كسرة، ولم تضم، أو كانت موضع اللام مطلقا.

قلت: لما تكلم على الهمزتين والثانية ساكنة أخذ يتكلم عليها وهما متحركتان فقال: إذا اجتمعنا متحركين مأما أن تبدل الثانية ياء، أو واوا فذك للأول ثلاثة مواضع. الأول: أن تكون مكسورة وذلك نحو: "أيمة" وأصله: "أأممة" بوزن أردية واحده: "إمام"، فالهمزة الأولى زائدة، والثانية فاء الكلمة، والميم الأولى عين، والميم الثانية لام، فثقل اجتماع المثلين وهما الميمان، فنقلبت حركة الميم الأولى إلى الهمزة الثانية ووقع الادغام فصار: "أامة" ثم قلبت الهمزة الثانية ياء فقيل: "أيمة". ونقل عن بعض الكوفيين: "أأمة" بهمزتين. والثالث: "أوتمن" والأصل: "أأتمن" فقلبت الهمزة الثانية واواً لذلك أيضا. وقوله: (بعد همزة متحركة متصلة) تحرز به من أن تكون ساكنة بعد حرف غير الهمزة، فلا يجب تخفيفها حينئذ بل يجوز. وغرضه كـ"رأس، وجؤنة، وذئب". ومعنى: (متصلة) أن تكون الهمزة الساكنة بعد الهمزة المتحركة، ولو قال: تبدل الهمزة الساكنة بعد همزة متحركة لأوهم أن ذلك يجب مع وقوعها حاجز بينهما.

وقوله: (مدة تجانس الحركة) ظاهراً والمراد تبدل ياء بعد الكسرة، وواواً بعد الضمة، وألفاً بعد الفتحة. والثاني: أن تلي كسرة، وذلك نحو: جاء وأصله: "جاء" فالهمزة الأولى منقلبة عن الياء التي هي عين كما قلبت في: "بائع" والثانية لام الكلمة فقلبت اللام ياء لانكسار الأولى () التقى ساكنان فحذفت الياء// لالتقائهما. وذهب الخليل إلى أن الهمزة في: "الجائي" لام الفعل والياء عين فقدموا اللام، وأخروا العين، ووزنه: (فالع) وحجته من وجهين: الأول: أن لولا تقدير ذلك للزم توالي آعلالين: قلب العين همزة، وقلب اللام ياء وذلك مرفوض. والثاني: أن العرب تؤخر العين المعتلة إلى موضع اللام فيقولون في موضع: «شائك السلاح: شاكي السلاح» وفي: "هاير: هار" وإنما قلبوا لئلا يهمزوا عين الفعل التي ليس لها أصل في: "هار" فجاء هذا فيما كان لامه همزة والعين معتلة لئلا تنضم

همزة العين إلى همزة لامه، وإذا أخروا لم يلزمهم ذلك. وقد حكى سيبويه عنه خلاف هذا، وذلك لأنه سأله عن العلة في تخفيف الهمزة الثانية من الهمزتين إذا كانتا في كلمتين؟ فأجابه أن العرب يخففون الثانية إذا اجتمعتا في كلمة واحدة نحو: "جائي وآدم" فهذا التصريح منه بأن الياء مبدلة من الهمزة التي هي لام. وقوله: (ولم تضم) أي: ولم تضم الياء المبدلة من الهمزة كما لم تضم الياء الخالصة التي هي غير مبدلة، وذلك لأن البدل فيها واجب لاجتماع الهمزتين فأطرح حكم الهمزة فلم يبق للياء التفات البتة، وهذا بخلاف ما إذا قلبت الهمزة وكانت مفردة نحو: "يستهزءون" على قول الأخفش فإنك تقلب الهمزة ياء، ويجوز ضمها مراعاة للهمزة ونظراً إليها. وهنا تنبيه: وهو أنه ليس لتخصيصه امتناع الضم في هذه الياء وجه إذ لا يجوز كسرها أيضا، فقد كان يجب إذا أن ينبه عليه. ونحو: "جائي" في الضرورة أنشد ابن الدهان

في "الغرة": (لعمرك ما ندري متى الموت جائي ... ولكن أقصى مدة العمر غافل) والثالث: أن يكون موضع اللام مطلقا، وذلك بأن يبنى من "قرأ" مثل: "جعفر" فتقول: "قرأي" وأصله: "قرأأ" زيدت همزتان فقلبت الثانية ياء. وهنا سؤالان: الأول: لم قلبت الثانية دون الأولى؟ والجواب أنها لام، واللام أولى من العين بالإعلال لتطرفه. والثاني: لم كان القلب إلى الياء؟ والجواب لأن الياء تغلب على اللام. ألا ترى أن الواو متى وقعت رابعة فصاعداً انقلبت ياء كـ"أعزيت، واستعديت، وأدنيت،

وإستدنيت" ولذلك قال البصريون إن الألف إذا كان لاماً وجبل أصلها حملت على الانقلاب عن الياء بخلاف ما إذا كانت عيناً فإنها تحمل على الانقلاب عن الواو. وقوله: (مطلقاً) أي: سواء في ذلك انفتح ما قبلها، أم انضم، أو انكسر. فالتح قد تقدم، والضم كما لو بنيت مثل: "برثن" من "قرأت" لقلت: "قراء" واصله: "قرأأ" فقلبت الثانية ياء، وكسر ما قبلها كما كسر ما قبل الياء في "أظب" جمع: "ظبي"، وحذفت بعد أسكانها لالتقاء الساكنين. والكسر كما لو بنيت مثل: "زبرج" لقلت: "قرأي" وأصله "قرأأ" فقلبت الثانية ياء ثم أسقطت بعد الإسكان أيضاً فاعرفه.

تصغير أيمة

قال: : وواواً في ما سوى ذلك خلافاً للمازني في استصحاب الياء المبدلة منها لكسرة أزالها تصغير، أو تكسير، وفي إبدال الياء فاء لأفعل" قلت: إن الهمزة تقلب واواً فيما عد هذه الأماكن التي ذكرها. وقوله: (خلافا) للمازني في استصحاب الياء) ينبئ عن مسألة وقع فيها خلاف بينه وبين أبي الحسن الأخفش، أنا أذكرها مستقصاة إن شاء الله تعالى. قال أبو عثمان: سألت أبا الحسن عن بناء: (أفعل) من: "أممت" أي قصدت؟ فقال: أقول: "أوم من هذا" فجعلها واواً حتى تحركت بالفتحة كما فعلوا ذلك في: "أويدم". فقلت له: كيف تصنع بـ "أيمة" ألا تراها: (أفعلة) والفاء منها همزة؟ فقال: لما حركوها بالكسر جعلوها ياء، وقال: لو بنيت مثل: "أبلم" لقلت: "أوم" أجعلها واواً. فسألته: كيف تصغر: "أيمة" فقال: "أويمة" لأنها قد تحركت بالفتح". قال أبو عثمان: «وليس القول عندي كما قال لأنها حين أبدلت في: "أدم" وأخواتها ألفا ثبتت في اللفظ ألفاً كالألف التي لا أصل لها في الياء. ولا في الواو فحين احتاجوا إلى حركتها فعلوا بها ما فعلوا بالألف».

فأما ما كان مضاعفا فإنه تلقى حركته على الفاء، ولا تبدل همزته ألفاً، ولو [أبدلت] ألفا لما حركوا الألف لأن الألف قد يقع بعدها [المدغم] ولا تغير فتغيرهم: "أيمة" يدل على [أنها] لا تجري مجرى ما [تبدل] منه الألف [والقياس عندي أن أقول في//. «هذا أفعل من هذا» مثل: أممت هذا أيم من هذا، وأصغر: "أيمة" "أيمة" ولا أبدل الياء واواً لأنها قد ثبتت ياء بدلا من الهمزة، إلا أن هذه الهمزة إذا لم طرفها تحريك فبنيت من: "الأدمة" مثل: "أبكم" لقلت: "أودم" ومثل: "إصبع": "إيدم"، ومثل: "أفكل": "آدم" فاجعلها واواً إذا انفتح ما قبلها، وياء ساكنة إذا انكسر ما قبلها، واواً ساكنة إذا انضم ما قبلها، فإذا احتجت إلى تحريكها في تكسير أو تصغير جعلت كل واحدة منهن على لفظها الذي قد بنيت عليه، فاترك الياء ياء، والواو واواً، وأقلب الألف واواً كما فعلت العرب ذلك في تكسير: "آدم" وتصغيره فهذا هو القياس عندي

جمع (آدم)

وأبو الحسن يرى أنها إذا تحركت بفتحة أبدلها واواً كما ذكرت لك. وإذا قال العالم قولا متقدماً فللمتعلم الاقتداء به، والاحتجاج لقوله، والاختيار لخلافه إذا وجد لذلك قياساً. قال أبو الفتح: يقول أبو عثمان لما ثبتت الياء في "أيمة" بدلا من الهمزة فسبيلها أن تجري مجرى الياء التي لا حظ لها في الهمز؛ وهو ألف: "طالب" وهذا القول ليس بمرضي من أبي عثمان، لأن الياء في: "ايمة" إنما انقلبت عن الهمزة لانكسارها؛ فإذا زالت الكسرة زالت الياء التي وجبت عنهما؛ كما أن الياء في "ميزان" لما وجب انقلابها عن الواو لانكسار ما قبلها، زالت عند زوال الكسرة في قولهم: "موازين ومويزين". فإن قيل فألف: "آدم" لا ترجع إلى الهمزة وإن زالت عن هذا الموضع؛ ألا تراهم يقولون: "أوادم وأويدم" ولا يردون الهمزة كما يردونها في قولهم: "موازين ومويزين" فما تنكر أن يكون البناء "أيمة" أقوى منه في ميزان، فلا تزول [الياء] وإن زالت الكسرة؟ قيل: هذا إلزام فاسد؛ لأنك لو جمعت: "آدم" على (فعل) و (فعلان) لقلت: "أدم وأدمان" فرجعت الهمزة لما زالت الأولى، وإنما لم ترد فاء (افعل) في: "أوادم، وأويدم) إلى الهمزة لأنه كان يلزم ما منه هربوا، وهو اجتماع همزتين، ألا ترى الهمزة

لأنه لو قالوا: "أآدم، وأأيدم" فلما كان يجب في التحقير والتكسير اجتماع همزتين، لم يمكن إقرار الهمزة فيهما، كما لم يمكن ذلك في الواحد" وليس كذلك في "ميزان" لأن الياء إنما وجب انقلابها عن الواو لانكسار ما قبلها وسكونها، فإذا زال ذلك رجعت الواو". فإن قيل: أليس القياس عند سيبويه أن يقول في تحقير: "قائم قويئم" فيقر الهمزة ولا يحذفها وإن كانت الألف التي عنها وجبت الهمزة قد زالت، ويحتج في لزوم الهمزة بأنها قوية لكونها عيناً والعين أقوى من اللام فما تنكر أن يكون البدل في: "أيمة" لازماً أيضا، بل يكون هذا أجرى لأن الهمزة فاء والفاء أقوى من العين". قيل: إن شبه ياء التحقير بألف التكسير فجرت الياء في: "قويم" مجرى ألف "قوائم" كما صححوا في "أسيود" حملاً على: "أساود" «وأيضا فإن الياء قريبة من الألف ولذلك ولذلك قالوا: "طيء" طاء" وفي "الحيرة: حاري».

بناء (قمطر) من قرأت

ولو صح قول الأخفش: "ذوائب" في جمع: "ذؤابة" والأصل: "ذأابة" بهمزتين بنهما ألف، الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة والألف كالهمزة فكأنه اجتمع ثلاث ألفاتن أو ثلاث همزات، واجتماع مثلين مستكره، فاستكراه الثلاثة أولى، فقلبت الأولى واواً فقيل: "ذوائب" وكل واحد من الواو والهمزة ينقلب إلى صاحبه. قال المبرد لأن الهمزة في مخرجها نظيرة الواو في ذلك، وهو أنهما طرفان هذه أسفل الحروف وهذه أعلاها. فاعرفع. قال: «فإن سكنت الأولى أبدلت الثانية ياء [إن] كانت موضع اللام وإلا صححت». قلت: يشير إلى أنك لو بنيت مثل: "قمطر" من: "قرأت" لقلت: "قرأي" [والأصل: قرائي] فقلبت الهمزة الثانية ياء. فإن قيل: فلم لم تدغم الأولى في الثانية ويستغنى عن القلب// كما في: "سال، ورءاس" فالجواب من وجهين:

أحدهما أن أبا عثمان ذكر أنه سال أبا الحسن عن ذلك فأجابه بما معناه أن العينين لا تكون إلا بلظ واحد، وأما اللامان فقد يكونان مختلفين كـ"سبطر، ودرهم، وبرثن، وسفرجل" ومتفقين كـ "معدد، ورمدد، وجلبب" فلذلك افترقت الحال بينهما. والثاني: أنه يجوز في الحشو ما لا يجوز في الطرف. ألا ترى أنه لا يجوز اجتماع الواوين أولا، وسيأتي تقدير هذا، ويجوز اجتماعها حشوا نحو: "هووي" في النسب إلى: "هو وطو" وكذلك لا يجوز زيادة الواو أولا، ويجوز زيادتها منقلبة حشواً كـ"عطود". قال: «ولو توالى أكثر من همزتين ألحق بالأولى الثالث، والخامسة وبالثانية الرابعة».

بناء كلمة من خمس همزات على (أترجة)

قلت: يعني مسألة ذكرها أبو الفتح في مصنفه، وهو أنك إذا بنيت من كلمة كلها همزات مثل: "أترجة" لاجتمعت خمس همزات فقلبت الثانية واواً لسكونها وانضمام ما قبلها فحجزت بين الهمزة الأولى والثالثة، ثم قلبت الهمزة الرابعة واواً أيضا لتلك العلة فحجزت بين الرابعة والخامسة فقلت: "أوأوؤه" بوزن/ (عوعوعة) فقد رأيت هذا يخفف الثالثة والخامسة بالأولى في التصحيح وكيف يخفف الرابعة بالثانية في القلب، فإن خففت الهمزة التي بعد الواو الأولى نقلت حركتها إليها وحذفتها فقلت: "أؤواة"، وإن خففت الهمزة التي قبل الياء تقلب كما تقلب ذلك أيضا فقلت: "أوءوءة" فإن قيل: فهلا قلبت الهمزة واواً وادغمت الواو في الواو كما في "مقروءة" حين قلت: "مقروة"؟ فالجواب أن الواو في: "مقروءة" زائدة للمد فتحريكها يبطل ذلك، بخلاف الواوين في: "أوأوأة" فإنهما متقلبتان عن حرف أصل.

الإعلال في الياء

نعم. قد قيل في: "ضوء: صو" وفي: "شيء" شي" فخففت الهمزة بالقلب والادغام بعد الواو وهما أصليتان فنقول على هذا: "أووة" بتشديدها؛ فإن جمعته قلت: "أواء" وأصله: "أأأء" بهمزتين مفتوحتين بعدهما ألف وهمزة مكسورة أخرى هي حرف الإعراب، فقلب الثانية واواً كما في: "ذوائب" ثم قلبت لأخيرة ياء وحذفتها ونونت الكلمة كما في جوار فإن عوضت قلت: "أواءي"، فاعدت الهمزة الأخيرة التي خففت الهمزة منقلبة لحجز الياء التي للتعويض بين الهمزتين، فإن خففت الهمزة الأخيرة ياء، ثم حذفتها بعد إسكانها مرفوعة، وادغمت الياء في الياء فقلت: "اوي" فإن نسبت إليه حذفت ياء التصغير ثم قلبت الياء ألف لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم قلبت الألف واواً فقلت: "أووي"؛ فالواو الثانية إذا منقلبة عن ألف منقلبة عن ياء منقلبة عن همزة. متفهمه. قال: «فصل تبدل الياء بعد كسرة من الواو الكائنة عين مصدر أعتلت في فعله، أو عين فعال جمعاً لواحد سكنت فيه، أو أعتلت وصحت اللام».

قلت: أصل الاعتلال إنما هو في الفعل، والاسم في ذلك محمول عليه بدليل أن الاسم إنما يعل إذا وافقه في وزنه فإن خرج عن ذلك صح، وسنبين هذا. فقلب الواو في "قيام، وعياد" لاعتلالها في: "قام، وعاد" وانكسار ما قبلها، ولصحتها في "قاوم وعاود" صحت في: "قوام، وعواد" قوله: (أو عين فعال جمعاً لواحد) نحو: "ثياب" جمع: "ثوب" و"حياض" جمع "حوض" وقد قال أبو الفتح إن أغلب هذا () //. احتراز من "خوان" الذي يؤكل عليه، و"صوان" للتخت، وأن يكون قبل الواو

قلب الهاء همزة

كسرة () وأن يكون بعدها ألف. ووامتنع المصنف عن تفصيل ذلك بقوله: (فعال) إذ قد اشتمل على كسر الأول ووقوع الألف بعد الواو. وأن تكون العين ساكنة في الواحد لأن السكون يضعف الحرف والحركة تقويه، ويقوم مقام السكون الإعتلال كـ "درا وديار". وأن تكون اللام صحيحة احترازاً من "طوى" جمع: طيان، فإن العين لو اعتلت بالقلب ياء مع اعتلال اللام بالقلب همزة لتوالى إعلالان، إعلال العين واللام، وذلك مرفوض في كلامهم لم يجيء منه سوى: "ماء" واصلهما "موة، وشوه" فقلبت العين ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وقلبت الهاء همزة". وهنا تنبيهان: الأول: أن عبد القاهر لم يعد قلب الهاء همزة اعلالا إذ لا يرى ذلك إلا في حروف المد التي يطرح التغيير فيها، وقلب الحرف الصحيح شاذ نادر.

الإعلال في: ديم وقيم

والثاني: قال بعضهم إنما قلبوا الهاء همزة في: "ماء" لئلا يقولوا: "ماهه" وو"ماهها" فيلتقي هاءات، واستضعف بأنه يقال: "مياهه، ومياهها" والجمع أولى بالإشتغال. قال: «ولا يفعل ذلك غالبا بعين فعل، ولا فعلة، إلا أن اعتلت في الواحد». قلت: اعلم أن: "ديما"، و"قيماً" جمع "قيمة"، و"حيلا" جمع: "حيلة" لأنها من: "دام يدون" و"قام يقوم" و"حال يحول" فقلبت الواوو في الواحد لسكونها مفردة، وانكسارها ما قبلها، ثم لما جمع ترك مقلوباً بحاله وإن كان سكونا الواو دائما لما ثبت في الواحد. قال أبو الفتح: «ولهذا في كلامهم غير نظير، ألا ترى أنهم قالوا في جمع "حبلي: حالي" فأمالوا الألف كما أمالوها في الواحد مع أن الألف في الجمع ببدل من

الإعلال في: ثيرة جمعا لثور

ياء: (فعال) فكأنه قال: "حبال" بمنزلة: "جوار، ثم أبدل من الكسرة فتحة فانقلبت الياء ألفا، فصار: "حبالي".» وكذلك قولهم في جمع: "إداوة": "أداوي" فابدلوا همزة: (فعائل) واواً حيث كانت في الواحد واواً. وقالوا: "خطايا" فأبدلوا ياء حيث كانت في الواحد ياء. وقيل: قلبوا ليكون ذلك فرقا بين ما واحده بالواو وبين ما واحده ليس كذلك. وقوله: (لا يفعل ذلك غالباً بعين فعلة) تحرز به من نحو: "ثيرة" جمع "ثور"، ألا ترى أن واوة قلبت في الجمع وإن كانت سالمة في الواحدة، فهذا شاذ قياساً لا استعمالا.

كاستحوذ فيه أربعة أقوال: الأول: لأبي العباس المبرد، وهو أنهم قالوا: "ثيرة" ليكون القلب دليلا على أنه جمع: "ثور" من الحيوان، لا جمع ثور من الأقط. ولم يذكر [] المخصص. ويمكن أن يكون حيث قيل: "ثيران" فقلبوا الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، حمل: "ثيرة" على "ثيران" في القلب، وليس لـ "ثورة" جمع "ثور" من الأقط فيما يحمل جمعه في القلب عليه، وأيضا لما تصرفوا في جمع الحيوان، تصرفوا فيه بالقلب بخلاف الآخر. والثاني: له أيضا، وهو أن أصله: "فعلة" بسكون العين، فقلبت الواو ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها ثم لما حركت أقرت بحالها. والثالث: قاله ابن السراج، وهو أنه منقوص من (فعالة) كأنه في الأصل: "ثيارة" فرجب القلب كما في سياط. قال أبو الفتح: «وكأنهم لما حذفوا أبقوا القلب إمارة ودلالة على ذلك».

قال أبو علي: «وقد أو ما سيبويه في باب "أسد" إلى أنه مقصور من: (فعول) وكأنه: "اسود" ثم حذفت الواو وسكنت السين كما يسكنون المضموم في غير هذا الموضع». فإن قيل: لم نسعهم قالوا: "ثيارة" والجواب أنه لا ينكر أن يكون في الكلام أصول مهجورة، وهي مع ذلك مقدرة. فتبين لك أن أصل: "قام: قوم" وأصل: "باع: بيع"، و"ميقات: موقات" ولم يستعمل شيء من ذلك. فإن قيل: فإن (فعال) جمع (فعل) بفتح العين كـ "حجر وحجارة" و"ذكر وذكارة" و"ثور" ساكن العين فكيف يجمع على ذلك؟ والجواب أن (فعلا) الساكن العين المعتلها يجري في كثير من أحكامه مجرى (فعل) السالم العين، ألا تراهم قالوا: «سوط وأسواط وسياط» فهذا كـ «جمل وأجمال وجمال». والرابع: قاله أبو سعيد السيرافي، وهو أنه لما الين بقلب الواو ياء في "ثيران وثيرة" لسكونها وانكسرا ما قبلها حمل () ذلك عليه، وإن تحركت الياء، ولا أرى به بأسا.

قلب الألف والواو ياء

قال: «فصل: تبدل ياء لانكسار ما// ما قبلها الألف، والواو الساكنة المفردة والمتطرفة لفظاً، أو تقديراً». قلت الألف إذا انكسر ما قبلها قلبت ياء. كقولك: "مفاتيح" في جمع: "مفتاح" و"محاريب" في جمع "محراب" ولذلك لعذر اللفظ بها بعد غير فتحة. وقوله: (الواو الساكنة المفردة) يعني نحو: "ميقات وميزان" إذا أصلهما: "موقات وموزان" لأنهما من الوقت والوزن، غير أن الواو والياء متى سكنتا، وكان قبلهما منهما حركة من جنسها كانتا مدتين كالألف فكما تنقلب الألف إذا انضم ما قبلها أو انكسر كـ "ضويرب ومفاتيح" فكذلك حالها للمشابهة التي حصل بينهما ألا ترى أن النطق بالواو الساكنة بعد كسر ليس مستحيلا كاستحالة ذلك مع الألف بل هو مستثقل، وكذلك النطق بالياء الساكنة بعد الضمة؛ فإن تحركت الواو، وزالت الكسرة قبلها عادت إلى أصلها لقوتها بالحركة، وزال الكسر، فنقول: "موقيت ومواقيت".

وقيد الواو بالأفراد احترازا من: "اجلواذ" و"اجرواط" فإن الواو لا تقلب وإن سكنت بعد كسرة لوجهين: الأول خروجها عن شبه الألف بالادغام، ألا ترى أن الألف لا تدغم ولا يدغم فيها. والثاني: أنها تحصنت بالواو الأخرى التي أدغمت فيها، وتقوت بها، والأكثرون يقولون: (متى كانت الواو ساكنة غير مدغمة) والمعنى واحد. وقوله: (أو المتطرفة لفظا، أو تقديراً) يعني نحو: "هذا الغازي" وأصله: (الغازو) فأستثقلت الضمة على الواو فأسكنت، وكذلك الكسرة فسكنت بعد كسرة فانقلبت ياء فإذا نصبت بقي القلب وإن زال السكون حملا للمنصوب على المرفوع والمجرور. قال عبد القاهر: هذا أقيس من "أعد، ونعد، ويعد" حين حملت حذف الواو على: "تعداد"، وحملوا هنا ثلاثة أشياء على شيء واحد، وفي الأول حملوا شيئا على شيئين وهما كثر المحمول عليه وقل المحمول نحو: "أفلس" من: "الفلس".

وقال أبو الفتح: إنما يشترط سكون الواو في القلب إذا كانت الواو عيناً لتحصنها بذلك فأحتيج إلى السكون ليضعف فيسلط عليها التغيير، وأما إذا وقعت لاما فقد قام وقوعها في مقابلة فيه التغيير مقام السكون فقلبت وهي متحركة، ثم بعد ذلك تستثقل الضمة والكسرة فتحذفان. وقوله: (أو تقديراً) نحو: "غازية" إذ الياء زائدة يقدر بها الانفصال، وكأن الواو تطرفت تقديراً. وقيل: لما استقر القلب في المذكر الذي هو الأصل عمل المؤنث الذي هو فرع عليها في ذلك. قال: وإن تطرفت الواو كذلك رابعة فصاعدا. قلت: يريد نحو: "أغزيت"، وأصله: "أغزوت" لأنه من: "الغزو" ولكن حيث قالوا: "يغزي" فقلبوا الواو ياء لوقوعها طرفا وانكسار ما قبلها كرهوا أن يقولوا: "اغزوت" فاعلوه لاعلال المضراع كما أعلوا: "يقول ويبيع" بالنقل لاعلال: "قال وباع" بالقلب. فإن قيل: يشكل ذلك بقولهك: "تغازينا وترجينا: والمضارع: "نتغازى ونترجى" بفتح ما قبل الآخر لا بكسره؟ فالجواب: أن الأصل "يغازي ويرجي" لأنهما مضارعا: "غازيت ورجيت" فلما كان بكسر آخر المضارع في ذلك وادخلت الياء على القلب الذي كان في الفعل قبل دخولها.

وعكس ذلك قولهم: "يرضيان" فالأصل "يرضوان" لأنه من "الرضوان" فقلبت الواو ياء حملا على: "رضي" فساد المضارع على الماضي، وفي ذلك حمل الماضي عل المضارع. وقال أبو الفتح: «وهذا يدلك على تقارب هذه الأمثلة وتناسبها، فإذا كانوا قد أعلوا اسم الفاعل لاعلال الفعل، فاعلال الماضي والمضارع للماضي أجدر». وقوله: (وإن تطرفت الواو كذلك) يعني لفظاً أو تقديرا، فاللفظ نحو: "أغزاه" فالألف منقلبة عن الياء التي قدر انقلابها عن الواو؛ والتقدير: "أغزيت" إذ التاء ضمير فاعل، وآخر الفعل إنما هو الياء؛ وكذلك نحو: "مليهان ومغزيان" لأنك لو بنيت فعلا في أوله الميم بوزن: (مفعل) لقلت: "مغزين وملهيت" فقلبت الواو ياء كما في: "أغزوت" فحمل الاسم على الفعل كما حمل المصدر عليه في () التثنية،

قلب الألف والياء الساكنة واوا

وإن كانت حرف إعراب، كأنها لما أفادت الإعراب جرت مجرى الحركة، ولذلك ساغ وقوع التأنيث قبلهما في: "ضاربتان" () // لتدخل فيه نحو: "استغريت، واستدنيت". وقوله: (فكذلك) يعني تنقلب فيه الواو ياء كما انقلبت فيما تقدم. قال: «وتبدل واواً لانضمام ما قبلها الألف والياء الساكنة المفردة». قلت: إذا انضم ما قبل الألف فلبت واواً وذلك لاستحالة التلفظ بها نحو قولك في تصغير: "ضارب: ضويرب"، وفي "قاتل: قويتل" وكذلك: "ضورب" في: "ضارب". وقوله: (والياء الساكنة) يريد نحو: "الكوسي" و"الطوبي" وأصلهما: "الكيسي والطيبي" لأنهما مأخوذان من: "الكيس والطيب" لكن قبلت الياء واواً لسكونها وانضمام ما قبلها، وإن تحركت لم تقلب نحو: "العيبة: لقوتها بالحركة، واعتضادها بها، وخروجها عن شبه الألف.

وقوله: (المفردة). يحترز به عن: "الميل والسيل" وإنما صحت عند الادغام لما قد منا في: اجلواذ" وعندي شيء آخر وهو أن الياء لو قلبت واواً لسكونها والضمة لاجتمعت الواو والياء وسبق الأول بالسكون فكان يجب قلب الواو ياء وادغام الياء في لياء، فلما كان الأمر كذلك اقتضى القياس الوقوف على أول رتبة، فاعرفه. قال: «أو الواقعة آخر: فعل، أو قبل زيادتي: فعلان». قلت: يعني نحو: "يقضو الرجل" إذا جاء قضاؤه، والأصل فيه: "قضي" لأنه من: "قضيت" فقلبت الواو ياء لوقوعها طرفا، وانضمام ما قبلها؛ وكذلك: "رمو الرجل" إذا بلغ مبلغا في الرق فتعجب منه. قال ابن عصفور المغربي: " وأما التعجب على

طريقة: (فعل) فلا يجوز أيضا إلا مما يتعجب منه على طريقة: (ما فعله)، ولا يلزم الفاعل الألف واللام، بل تقول: "ضرب زيد" و"ضرب بزيد" أي: "ما أضربهما". ويجوز دخول الياء الزائدة على الفاعل، فيقال: "ضرب بزيد" اجراء به مجرى: "أضرب بزيد" لأنهما في معنى واحد، ومن ذلك قوله: (حب بالزور الذي لا يرى ... منه إلا صفحة أو لمام) وإذا بنيت الفعل المعتل اللام بالياء على: (فعل) قلبت الياء واوا لانضمام ما قبلها، فتقول: كـ"رمو الرجل" انتهى كلامه. وقوله: (أو قبل زيادتي فعلان) يريد أنك تقول في: (فعلان) من: "حييت: حيوان"

فقلبت الياء التي هي لام واوا لانضمام ما قبلها ووقوعها طرفا تقديرا، فإن اسكنت الياء قلت: "حيوان" ولم تعد الواو إلى الياء وإن زالت الضمة التي كانت سببا إلى الواو لأن السكون عارض. وقالوا: "لقضو" باسكان الضاد والواو. وقال أبو الفتح: ولو كانت الياء عيناً لم تقلب واواً بعد الضمة، وذلك لقوة العين وضعف اللام"، وهنا تنبيه. قال الزعفراني في التعليق: لو بنيت (فعلان) من: "حييت" لجاز فيه الإدغام والإظهار، والإدغام الوجه؛ من حيث كان في الكلمة حرفان من جنس واحد، واجتماعهما وهما متحركان والأول متحركان والأول مكسور فجرى مجرى: (فعلان) من: "رددت" في قولك: "ردان" ووجهه أن بزيادة الألف والنون قد خرج عن شبه الفعل كخروج "ولل" لو بني على: (فعل) أو (فعل)، وأيضا فإن هذه الياء قد ظهرت في: "حي يحيا"، ولو كان مكانها حرف صحيح لازم لأدغم كـ"ضن يضن"؛ وإذا كان بهذه المنزلة

بناء (مفعلة) من: رميت

اتضح أن للحرف المعتل في الإظهار قاعدة ليس للصحيح، فاعرفه. قال: «أو علامة تأنيث بنيت الكلمة عليها». قلت: يريد أنك لو بنيت مثل: (مفعلة) من: "رميت" فبنيت الكلمة على التأنيث بمعنى أنك لا تقدر الكلمة منفلة من الهاء لكنها في بناءها عليها مثل: "غرفة، وسوقاً" في بنائها عليها، ألا ترى أنك لا تقدر: "غرقا، وسوقاً" ثم دخلت الهاء، فلذلك تجعل ما بنيته من: "رقيت" غير منفكة منه التاء، وإن كان ذلك قلبت الياء واوا فقلت: "مرموه" لأن الواو واقعة حشواً، وإذا بنيت على البدلية بمعنى أنك تقدر// بناء الكلمة مستعملا من غير ياء ثم دخلت الياء بعد ذلك كما تقدر دخول التاء على" قائمة وقاعدة" بعد: "قائم، وقاعد" قلت: "مرميه" والأصل: "مرمية" بضم الميم، فقلبت من الفتحة كسرة لتصح الياء.

كسر أول الجمع إذا كان مضموما

قال: «فإن اتصلت الياء الساكنة بالآخر لفظاً أو تقديراً أو كانت عين فعل وصفا، وقيت الابدال بجعل الضمة كسرة». قلت: اعلم أن سيبويه والأخفش اتفقا على أنه يكسر أول الجمع إذا كان مضموما ً وثانيه ياء لتظهر الياء وذلك نحو: "بيض" والأصل: "بيض" بضم الياء لأنه جمع "أبيض" كـ "حمر" في جمع: "أحمر" لكت أبدلت الضمة كسرة لذلك. واختلفا في المفرد فقاسه سيبويه على الجمع في القلب فراراً من القلب، وخالفه الأخفش فأبقى الضمة فانقلبت واوا، فحجة الأول أن تغيير الحركة أهون من تغيير الحرف، ألا ترى إلى قلة: "بوع المتاع" وكثرة: "بيع" مذهبه أبداً اعتبار قلة التغيير، ألا ترى إلى مذهبه في: "مفعول" من الياء، وقوله: لولا مع الضمر حرف الجر، لأن تغيير شيء واحد أسهل من تغيير أشياء، وهي المضمرات الواقعة بعدها عند جعل لولا على أصلها. وحجة الثاني أن الجمع أثقل من الواحد فكان أحوج إلى التخفيف فيه فيكسروا أوله لتسلمه ياؤه التي هي أخف من الواو.

ألا تراهم قالوا في جمع: "صائم: صوم، وصوم، وصيم"، وفي جمع: "قائل: قول، وقتيل"، ولم يقولوا في قولهم: "رجل حوال" أي: حسن الحيلة" موسر وموقن" والأصل: "ميسر وميقن" لأنهما من اليسار واليقين دليل على ذلك، أيضا فإنهم قالوا: "قضو ورمو" فلم يغيروه. وأيضا فقد قالوا: "الطابي والمضوفة" وهما من "الطيب وضاف يضيف" إلا مال والتجأ. ولقائل أن يجيب عن الأول بما تقدم من قلة التغيير، وعن الثاني بالبعد عن الطرف، وغير خفي أن القرب منه له أثر في الإعلال، والبعد عنه له أثر في التصحيح، دليله إعلال "صيم" وصحة "صوام" إلا شاذا. وعن الثالث أن الفعل قصد به هنا التعجب فلو غير لاختل هذا المعنى، ولأنهم فرقوا بين الاسم والفعل، والفعل تأتي في آخره ياء قبلها ضمة ولا يأتي ذلك في الاسم.

بناء: معيشة

وعن الرابع أنه شاذ خرج تنبيها على الأصل كـ"القود والقصوى" وعندي أنه بعد عن الطرف أيضا. أما قولهك: "طوبي" فلأن ألف التأنيث بنيت الكلمة عليها، ولهذا سبق بها في الجمع، ويجرون التأنيث بها مجرى ياء "شين" فهي لازمة. وأما "مضوفة" فلأن الكلمة أيضا مبنية على الياء فلا يسوغ تقدير انفصالها لأن: "مفعلا" يأتي بغير تاء. وهنا تنبيهان: الأول: أن "معيشة" عند سيبويه يجوز أن تكون: (مفعلة) بكسر العين فنقلبت الكسرة من الياء إلى العين، وأن تكون: (مفعلة) بضمها، فنقلت الضمة إلى العين ثم أبدلت كسرة. وعند الأخفش لا تكون إلا (مفعلة) بالكسر إذا لو كانت بالضم لقيل: "معوشة"

والثاني: أنك لو بنيت من البيع مثل: "ترتب" قلت على قول سيبويه: "تبيع" بضم التاء وكسر الياء والأصل: "تبيع" كـ"برثن" فنقلت ضمة الياء إلى الباء وابدلت كسرة. وعلى قول الأخفش: "تبوع" فحوللت الضمة إلى الياء وقلبت الياء واوا. وقوله: (إذا اتصلت الياء الساكنة بالآخر) لفظاً نحو: "بيض" فإن الياء متصلة بالضاد، أو تقديرا نحو: "معيشة" فإن التاء للتأنيث هي الآخر لفظاً، والياء الساكنة متصلة بالشين، لكن تاء التأنيث يقدر سقوطها فالشين آخر تقديراً، فاعرفه. وقوله: (إذا كانت عين فعل وصفا) يريد نحو قولهم: "قسمة ضيزى" و"مشية حبكي"، والأصلي: "ضيزى وحبكى" بضم الأول فأبدلت الضمة كسرة لما تقدم// وإنما لما يجعلوا الكسرة أصلا لعدم: (فعلى) صفة في كلامهم. وقيده المصنف (بكون فعل وصفا) احترازاً من: "طوبي" و"كوهي" فإنه لم تقلب الفتحة كسرة حيث كانا اسمين غير وصفين، وكأنهم قصدوا إلى الفرق بينهما،

الإبدال في الياء التي تليها ضمة

وخصوا قلب الضمة كسرة بالصفة لأنها أثقل، فهي إلى الياء الخفيفة أحوج، ولأن الصفة أولى بالتغيير من الاسم المحض لقربها من الفعل. وقوله: (وقيت الابدال بجعل الضمة كسرة) ظاهر. قال: «وكذلك يفعل بكل ضمة تلتها ياء، أو واو وهي آخر اسم، أو مدغمة في ياء، أو هي آخر اسم لفظاً أو تقديراً». قلت: مثال الياء التي تلت الضمة فأبدلت كسرة طلباً لسلامة الياء ياء: "أظب" جمع: "ظبي" أصله بضم الباء كـ"أفلس" لكن أبدلت كسرة فاستثقلت الضمة والكسرة على الباء فحذفتا، فالتقى ساكنان: الياء والتنوين فحذفت الياء، فقيل: "أظب" ووزنه: (أفع). ومثال الواو واو: "أدل" جمع" دلو" والأصل: "أدلو" فأبدلت الضمة كسرة، والواو ياء على ما ذكرناه. وعلته أنه ليس في الكلام اسم متمكن في آخره واو قبلها ضمة، فالتمكن احترازاً من: "هذوان" وقعت الواو أخيرة وقبلها ضمة لكنه مبني.

وآخره واو؛ احتراز من"أفعوان، وعنفوان، وقحدوه، وقلنسوه. وقبلها ضمة: احتراز من: "دلو" فإن قيل: فهلا تركت الواو بحالها من غير قلب؟ والجواب من وجهين: أحدهما: اختيار أبي الفتح، وهو أن الأسماء يلحقها الجر وياء النسب والإضافة إلى ياء المتكلم، فكان يلزم أن يقال: "ادولو" فتجتمع ضمة وواو، وكسرة كذلك: "أدلوي" فتجتمع ضمة واو، ووكسرة، وياءان؛ وكذلك: "أدلومي" مع ياء المتكلم فتجتمع ضمة، وكسرة، وواو، وياؤ واحدة، وذلك مستثقل، فقلبت الواو ياء لأن على كل حال أخف من الواو. وأما الفعل فقد أمن لحاق ذلك أجمع له. لا جرم جاء فيه كـ"يغزو ويدعو" نعم لو سميت "يغزو" رجلا وهو مجرد من الضمير لقلبت الضمة كسرة، والواو ياء فقلت: "هذا يغز، ومررت بيغر" منونين في حالتي الرفع والجر كـ"جوار"، و"رأيت يغزي" غير منون في حالة النصب ك، "جواري"، ولو سيمت به، وفيه ضمير لحكيته لأنه جملة.

والثاني: قاله أبو عثمان، وهو أنهم "قلبوا أواخر الأسماء لتكون أواخرها مخالفة لأواخر الأفعال؟ وقال أبو الفتح: «فيه تسامح. لأنه لا يجب أن يكون آخر الاسم أبدا يخالف آخر الفعل، ألا ترى أن آخر: "ضارب" كآخر: "يضرب"» فإن قيل: إنما أراد المعتل دون الصحيح؟ قيل: قد راينا آخر"يزم" كآخر: "رام". انتهى كلامه. وأقول: لو مثل "بالرامي" بالألف واللام لكان أحسن، وذلك لأن معهما تثبت الياء فيكون آخر: "يرمي" كآخر: "الرامي" لفظاً؛ وأما إذا حذفتها وجب حذف الياء للتنوين، ولا يكون لفظاً كآخره، ونظيره قول عبد القاهر: لو مثل أبو علي المقصور باللام لكان أحسن لتثبت الألف، فأما إذا مثل بالمنكر حذفت الألف.

بناء (غزوت) من (ترقوة)

وهنا تنبيه: وهو أنه لما كرهت الواو على ما ذكرناه بدئ بتغيير الحركة الضعيفة اعتباطاً، وقلبوها كسرة، وتوصلوا بذلك إلى قلب الواو قلباً صناعيا، وهذا أحسن من قبل الواو ياء بغير توصل لقوة الحروف. وقد نقل بعض المتأخرين ممن أدركته خلاف هذا عن أبي علي، وكان كثير الحذف مشهور بذلك. وقوله: (أو مدغمة في ياء هي آخر اسم لفظاً أو تقديراً) يعني نحو: "مرمي" في اسم المفعول من: "رميت" وأصله: "مرموي" فلما اجتمعت الياء والوا، والثاني ساكن قلبت الواو ياء، والضمة التي قبلها كسرة، وادغمت الياء التي هي آخر لفظاً؟ ويعني بالتقدير نحو: "مرمية" وهذا ظاهر. قال: "وبكل ضمة واو قبل تاء التأنيث، فإن كانت في غير واو لم تبدل إلا إن قدر () التاء. قلت: يعني أنك لو بنيت من: "غزوت" مثل: "ترقوة" لقلت: "غزوية"، والأصل: "غزووة" فالواو الأولى المضمومة لام الكلمة، والثانية زائدة بإزاء الواو في: "ترقوة"، فلما اجتمعت// الواو أن قبل الأول ضمة وذلك مستثقل، قلبت الضمة،

فانقلبت الواو الأخيرة ياء فقيل: "غزوية" قال ابن السراج: وهذا يدل على صحة قول الأخفش في: (افعوعل) من"القول": "أقويل"، والأصل: "أقووول" بثلاث واوات، فقلبت الواوين الأخيرين ياءين كراهية لاجتماعهما. قال أبو الفتح: والخليل يقول: "أموول"، ولا يلزمه ما ذكره ابن السراج لأن الواو وقد ثبتت في الفعل في الموضع الذي لا يثبت مثله في الاسم، وذلك نحو: "يغزو" وقد تقدم. وقوله: (فإن كان في غير واو لم تبدل) يعني أنك لو بنيت من: "رميت" مثل ذلك لقلت "رميوة"، ولا تبدل الضمة كسرة لأنا إنما أبدلناها هناك طلباً لزوال الواوين، وهنا لم يجتمعا، ولا يكره الواوان ضم ما قبلهما لأن الكلمة مبنية على التأنيث فهي حشو، وإنما نغير إذا كان طرفا؛ ولهذا قال: إلا إن قدراً طرفا التاء. يعني أن التاء داخلة على المذكر فحينئذ يجب ابدال الضمة كسرة فنقول: "رمية" فافهمه.

قال: «وفي ضمة متلوة الياء المدغمة وفيها نفسها مبدوابها [الضم] وجهان، وقد تعطى فعل وصفا ما له اسماً من بقاء الضمة والقلب». قلت: يعني أنه يجوز في "عصي" جمع: "عصا" ضم العين وكسرها، والضم الأصل، والكسر اتباع للصاد، وليكون العمل من وجه واحد فمتلوة الياء المدغمة الصاد، والذي قبلها العين. وقوله: (وفيها نفسها مبدواً بها الضم) يرجع إلى المتلوة، أي: وإن كانت الضمة في متلوة الياء لا في الذي قبلها جاز الضم والكسر. كقولهم: "قرن ألوى" و"قرون لي" بضم اللام من "لي" وكسرها. وقوله" (وقد تعطي فعل وصفا) إلى آخره. يريد أن منهم من يقول: "جلوذي" كـ"طوبي" فيبقى الضمة ويقلب الياء واواً كما يفعل ذلك في الاسم وأتى بلفظ "قد" ايذاناً بقلة هذا.

النسب إلى ما ثالثه ياء مشددة

قال: «فصل. تحذف الياء المدغمة في مثلها قبل مدغمة في مثلها إن كانت زائدة ثالثة غير متحدة للتصغير، أو ثالثة عينا، ويفتح ما قبلها مكسوراً». قلت: يعني نحو قولك في النسب إلى: "غني، وصبي: عنوي، وصبوي" والأصل: "غنيي" فالياء الأولى زائدة للمد، والثانية لام لامه من: "الغنية، وصبو" لأنه من "صبوت" فاجتمعت الياء والوا، وسبقت الأولى بالسكون فقلبت الواو ياء وادغمت في الياء، ووزنهما: (فعنل) فلما أريد النسب إليهما حذفت الياء الزائدة، وهي المشار إليها بقوله: "تحذف الياء المدغمة في مثلها" فبقي: "غني وصبي" فأبدل الكسرة فتحة لأنهما ثلاثيان مسكوران الحشو. ومثله قولهم في "النمر: نمري" نعم. هذا هو بالفتح أجدر لإعتلاله، وصحة ذلك فانقلبت الياء ألفا، ثم قلبت واواً فقيل: "غنوي، وصبوي" وإنما حملعم على هذا الحذف والتغيير الفرار من الجمع بين أربع ياءات وكسرتين لو بنيت على لفظه. وهذا معنى قوله: "ياء مدغمة في مثلها" أي: هذا الحذف والتغيير كان لوقوعهما قبل ياء مدغمة في مثلها. وهنا تنبيه: وهو أن ابن الحاجب قال في شرح تصريفه: "وجاء أميي" بخلاف "غنوي" فإنه لم يجيء"غنيي" لأنهم قالوا: "غنيي" يجمعوا بين كسرتين وأربع ياءات. و"أميي" ليس قبل الياء الأولى كسرة، فاغتفر فيه هذه اللغة، ولم يغتفر في: "غنيي". انتهى كلامه.

وأرى فيه نظراً؛ وذلك أن العبدي وجماعة من النحاة نقلوا أنه قيل: "عديي" فجمع بين أربع ياءات وكسرتين. وعندي أن الفرق بينهما أن الياء الأولى: "أمية"للتصغير، والياء الثانية منقلبة عن الواو وذلك لأنها تصغير: "أمة" وأصل "أمة: "أموة" بدليل قولهم في الجمع: "أموات" ثم لما اجتمعت الياء والواو ساكنة قلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، بخلاف الياء الأولى في: "غنيي" فإنها زائدة لغير معنى، واحتمل ذلك النقل في "أميي" فحافظة على العين، وكان ذلك أحسن من "عديي" لأنه فيه احتمالاً للنقل من غير محافظة على شيء. وقوله: "إن كانت زائدة ثالثة غير متحددة للتصغير" يحترز به من نحو"أسيد، وحمير" في تصغير: "أسود، وحار" والياء الأولى فيهنا للتصغير، والياء الثانية في: "أسيد" منقلبة عن الواو، والأصل: "أسيود" وقد يستعمل ذلك حملا على: ()، // والياء الأولى في "حمير" للتصغير، والثانية منقلبة عن ألف "حمار لما

وقعت بعدها، ويتعذر النطق بالألف لسكون ياء التصغير قبلها. قال أبو الفتح نص في كتاب: سر الصناعة على أن الألف في هذا النحو تبدل في التصغير واوا () تبدل ياء لما تقدم من اجتماعهما، وفيه تعسف. فإذا نسبت إلى ذلك حذفت الأصلية، واثبت الزائدة فقلت: "أسدي، وحميري"، وإنما وحب الحذف كراهة للثقل باجتماع أربع ياءات يتوسطها حرف مكسور، ووجب حذف الثانية لأن حذف الأولى كان يبقيها مكسور، والكسرة على الياء المتحرك ما قبلها مستثقلة، وأيضا كان يؤدي إلى اجتماع ياءين وكسرتين وهو مجتنب. وقوله: "أو ثالثة عيناً" يريد نحو: "تحية" فإنك تنسب إليها: "تحوي" وذلك لأن أصلها: "تحيية" ووزنها: (تفعلة) نقلت حركة الياء الأولى وهي العين إلى الحاء، ثم أدغمت الياء في الياء، فلما أردت النسب فررت من اجتماع الياءات، حذفت العين لأنها مشابهة في اللفظ للياء الزائدة في: "حنفية وبخيلة" وابدلت من الكسرة فتحة، وقلبت الياء ألفا، والألف واواً، فوزنه الآن: (تفلي) فنقول في مثله من: "وعد": "تودي"

وهنا تنبيه: وهو أن أهل التصريف نصوا على أنه ليس في اللغة العربية ما حذفت عينه سوى: "مدرسة () " في قول أبي إسحاق، ولا يذكرون مع ذلك "تحويا" وشبهه، وكان ذلك لعروض الحذف. وقوله: "ويفتح ما قبلها مكسوراً" ظاهر، إذ نقول: "غنوي" فنفتح النون، وقد كانت مكسورة في: "غني" وكذلك في "تحية" قال: «وإن كانت ثانية فتجب فإن كان أصلها واواً ردت إليه وتبدل الثانية واواً.» أقول: إذا نسبت: "لية" منقلبة عن الواو، والأصل: "لوية" لأنه من: "لويت" لكن قلبت الواو ياء لاجتماعهما وسبق الأولى ساكنة، فإذا أردت النسب حركت الأولى بالفتح فعادت إلى الواو لأنها قلبت لما كانت ساكنة، وقد فعد ذلك. قال أبو علي الفارسي: «وقد قالوا في النسب إلى "الرمل"رملي وإلى: "الحمص: " حمصي" ففتحوا العين الساكنة مع أنه لا يفضي إلى تخفيف، ففتحها للإفضاء إليه كما في"لية أول" قم قلبت الياء الثانية وهي اللام ألفا، وقلبت الألف واواً

النسب إلى فعيلة ومفعولة

فقيل: "لووي" فهذا معنى قوله: «فإن كان أصلها واوً ردت إليه وإن لم يكن أصلها ذاك فتحت فقط، كقولك: "حيوي" لأن الياء الأولى عين، إذا هي "حييت.» وقوله: "وتبدل الثانية واواً" أي تبدل الثانية في "لية" واواً لقولك: "لووي" وقد صرح بأن الياء تبدل واواً في غير توسط، والمشهور ما قدمته من تعذر قلب الياء ألفا ثم قلب الألف واواً، وهو الأولى. ألا ترى أنه لولا إرادة ذلك لما كان لفتح الياء الأولى وجه، وأيضا فإنهم قالوا: "فاضوي" ففتحوا الضاد لما أرادوا قلب الياء. نعم: لما كانت الواو منقلبة عن الألف المنقلبة عن الياء أطلق عليها أنها منقلبة عن الياء، والياء الأصل الأول، وهي الملفوظ بها بخلاف الألف فإنه محكوم به تقديرا. قال: «وإن فصلهما حرف لين حذف أيضا، وإن زيدتا، أو وقعتا بعد ثلاثة أحرف [حذفتا]»؟ أقول: الهاء في" فصلهما" يعود إلى العين، أي: وإن فصل العين عن اللام حرف لين

حذف، وذلك نحو: "حنيفة، وشنوءة" تقول: "حنفي، شنئي" فكأنهم أرادوا بذلك الفرق بين النسب إلى: (فعلية وفعول، وفعولة وفعول) فذو الياء يحذف حرف منه، وتفتح كسرته، أو ضمته، والمجرد منها يبقى على حاله. وخص الأول بالحذف لأنه ثقيل يناسبه فكأم تخفيفه أولى، وأيضا فإنه لا مندوحة عن حذف الياء، فلما دخله التغيير بحذفها كان تغييره أولى مما لا يدخله تغيير، ألا ترى أنه لا يرخم إلا ما أحدث فيه النداء البناء، وما بقى على إعرابه فإنه لا يرخم، // فكذلك

(جاه إذ أصله): وجه لما غيرت الكلمة بتقديم عينها على فائها كان القياس أن يقال: "جوه" بواو ساكنة، لكن حديث غيرت بالتقديم غيرت بتحريك عينها، فانقلبت الفاء لتحركها وانفتاح ما قبلها فوزنها: (عفل) فلو بنيت مثله من: "أأأه" لقلت: "وأاه" والأصل: "واأة" فقلبت الهمزة الثانية ياء لاجتماع الهمزتين، ثم قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، والأصل: الأةل: "أوا" لأن أصل "أأأة": "أوأة" ولهذا قيل في تصغيرها: "أوياه". وهنا تنبيهان الأول: أنه إنما تحذف هذه الواو والياء بشرط أن تكون العين صحيحة فلا تقول في "طويلة: طولي" لئلا يلزم القلب بعد الحذف. وأن لا تكون العين واللام من جنس واحد، فلا تقول في: "شديد: شددي" لئلا يلقتي المثلان. والثاني: " أن حرف العلة وأن فصل العين لا يحذف مطلقاُ بل إذا كان في المؤنث، فإن ورد الحذف في غيره كان قليلا كقولهم في "ثقيف: ثقفي" وعكسه: "عميري" في عميرة كلب.

النسب إلى: نحو ترقوة وزبينة

وكلام المصنف خال من التقييد. وقوله: "وإن زيدتا أو وقعتا بعد ثلاثة أحرف". كذا وجدتها في النسخة التي وصلت إلى وأحسبه: "وإن زيدتا وقعتا" وذلك نحو: "ترقوة، وزبينة" تقول في النسب إليه: "ترقوي، وزباني" فتحذفهما لاستثقال الكسرة عليهما ولطول الكلمة. وقيد الزيادة بأن تكون بعد ثلاثة أحرف لأنها لو كانت حشوا لم تحذف البتة. نحو: "فدوكس، وسميدع وعذافر، نقول: "فدوكسي سميدعي عذافري" هذا واضح. قال: «تبدل واواً أيضا بعد فتح ما ليته أن كان مكسوراً الياء الواقعة ثالثة بعد متحرك، أو قبل ياء أدغمت في أخرى من كلمتها وتحذف رابعة فصاعدا». أقول: يعني نحو قولك في النسب إلى: "غم، وشج، عموي، وشجوي" ألا ترى أنك لما أردت إلحاق الياء المشددة آخر هذه الضرب أبدلت من كسرة الياءين فتحة كراهة لاجتماع الكسرتين واليائين فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار مقصوراً كـ (حصي)، ثم قلبت الألف واوا فقيل: "عمي، وشجوي".

وقوله: "الواقعة ثالثة" احتراز من الواقعة رابعة فإنه لا يتعين فيها القلب بل أنت متخير فيها بين الحذف والقلب، كما سيأتي بعون الله سبحانه. وقوله: "بعد متحرك" كأنه يحترز به من قول يونس في النسبة إلى: "ظبية: ظبيوي" لأنه يحرك الياء ويفتحها فتقلب الياء ألف وإن كان أصلها السكون. نقل أن الخليل كان يقدره في بنات الياء دون بنات الوا ذلك لأنه فر من اجتماع الياءات في: "طيء" فحرك وقلب، وأما نحو: "عرؤة" فلا تجتمع فيه الياءات فلا وجه للتحريك والقلب.

النسب غلى ما كانت ياؤه رابعة

قال العبدي في البرهان: " وأما يونس فقال إذا حذفت الياء لا يمتنع أن تكون الكلمة في الأصل على مثال: (فعلة وفعلة) فحذفت الضمة والكسرة فبقي: "ظبية ورمية" استثقالا لهاتين الحركتين مع وجود تاء التأنيث المقارنة لحروف المد واللين على ما مضي، فيصير كأنك تنسب إلى: "ظب" فابدلت من الكسرة فتحة ومن الياء ألفا ثم قلبتها واوا فقلت: "ظبوي" وفي: "دمية: دموي" فابدلت من الضمة كسرة، وعاملت الياء معاملة ياء "قاض" ثم ابدلت الكسرة فتحة، والياء ألفا ثم قلبتها واوا كما فعلت في ذلك في: "شج وعم" حتى قلت: "شجوي، وعموي" وفيه نظر استقصيته في (شرح الفصول) إن شاء الله تعالى. وقوله: "تحذف رابعة فصاعداً" يعني: نحو قولك في النسب إلى "قاض".

النسب غلى ما كانت ياؤه خامسة

قاضي" وإنما جاز الحذف هنا بخلاف: "شج" لأن الثلاثي أعدل الأوزان، وأحقها، والحذف منه أخلق به، والرباعي قد تجاوز ذلك فدخله التخفيف بالحذف. () //امتناع ترخيم الأول وجوازه في الثاني. وهنا تنبيه: وهو أنه لا يجب الحذف في () يجوز وليس في كلامه تبين بل هو مرسل. وإذا كانت الياء خامسة فصاعدا وجب حذفها، تقول في النسب إلى: "مشتر: مشتري، ولا يجوز الابدال وعلته الطول وكثرة الحروف، وهذا جلي؟ قال" «كذا ما وقع هذا الموقع من ألف وواو تلت ضمة» أقول: يعني أن الألف متى وقعت ثالثة فأردت النسب إلى ما هي فيه نحو: "عصا، ورجا" فإنك تقلب منها واواً وتكسرها لأجل الياء كقولك" "عصوي، ورجوي"، ولا تقلبها ياء فرقت في ذلك بين ما أصله الواو والياء، فإن القلب إلى الواو، وإنما ردت الألف ولم تقر لأن هذه الياء تلزم كسر ما قبلها، وقد علم أن الألف لا تثبت مع التحريك بل تصير همزة فكأن الرد إلى ذلك الأصل أولى من إدخال الكلمة حرفا ليس منها.

نعم يمكن الرد إلى الياء فيما أصل الألف ذلك لئلا تتوالى الياءات والكسرتان فعدل إلى اجتماعهما وهي الواو، أو لا ترى ذلك اجتماعهما ردفين في القصيدة الواحدة نحو: "سعيد، وعمود، وكثير، وقدور" ولا يجوز مع واحد منهما الألف البتة، ولذلك قال أبو عثمان في الخصاص، أو غيرها: إذا خففت الهمزة في "جيئل" لا يجوز قلب الياء ألفا على مذهب من أجرى العارض مجرى اللازم، واعتد به فقال في: رؤيا تخفيف. رؤيا فقلب الواو لاجتماعهما، والسابق ساكن، وذلك لشدة الشبه بينهما وبعدهما من الألف. فإن قيل: فياء المتكلم يلزم ما قبلها الكسرة ومع ذلك قد سلمت الألف قبلها في "عصاي، وهداي" فهلا كانت ياء النسبة كذلك؟ قيل: كسر ما قبلها وإن كان لازما لكن التغيير في النسب أكثر، ألا ترى أنه ينكسر ما قبلها، وأنها تنقل الاسم إلى الصفة بعد أن لم يكن يوصف به، وأنه يصير حرف إعراب

النسب إلى المقصور ذي الألف الرابعة

الكلمة حشوًا، وتكون هي حرف للإعراب () أن الألف لا تحذف في الإضافة إلى ياء المتكلم أين وقعت. نقول في: "حباري: حباراي" ويحذف هذا في النسب على طريق الوجوب، كذلك، "حباري" وقد أوضحت ذلك فاعرفه. وإن وقعت رابعة سكن ثاني الكلمة نحو: "ملهى" وإن وقعت خامس فصاعداً وجب حذفها تقول في: "قبعثرى: قبعثري" لا غرو في ذلك لما تقدم. وقوله: "أو واو تلت ضمة" يريك أنك لو بنيت مثل: (فعلة) بضم العين من: "رميت" لقلت: "رموة" وذلك مع بناء الكلمة على تاء التأنيث؛ فإذا نسبت إليه قلت: "رموي" وإذا كانت رابعة نحو: "مريوة" فأنت مخير في إقراراها وحذفها تقول: "مريوي، مريي". وإذا كانت خامسة نحو: "قلنسوة" وجب حذفها في النسب تقول: "قلنسي" وكذلك ما زاد.

وقوله: "تلت ضمة" لا حاجة إليه إذا لا تثبت الألف إلا كذلك، لأنه إن انكسر ما قبلها وجب قبلها ياء؛ فأما "حذوة" فإنه شاذ. وقال أبو الفتح: "صحح كراهة اللبس إذ: "حيدوة": (فعلوه) قلو: قلبت الواو ياء لكان) فعلية) كـ "هدية" ولم يعلم انقلاب الياء غير الواو، وإن يفتح ما قبلها قلبب ألفا. قال: «فإن وقعت الألف لغير تأنيث أجيز قبلها واواً، وقد تقلب رابعة للتأنيث فيما يسكن ثانيه». أقول: الألف متى وقعت رابعة فإما أن تكون منقلبة عن حرف أصلي كـ "مغزى، وملهى"، والأصل: "مغزو، وملهو" لأنهما من"الغزو واللهو" لكن قلبت ياء لوقوعها رابعة ثم قللبت ألف لتحركها وانفتاح ما قبلها، فهذه مختار في النسب قبلها واواً كقولك: "مغزوي، وملهوي" ويجوز حذفها كقولك: "مغزي، وملهي" فوجه الأول: أنها منقلبة عن أصل، والأصل يحافظ عليه. ووجه الثاني: كونها بعد ثلاثة أحرف فحذفت استخفافاً وأيضا تقدم أن النسب باب تغيير فجاز حذفها فيه. وهنا تنبيه: وهو أنه إنما قال: "فإن وقعت لغير تأنيث" ولم يقل" فإن وقعت أصلية، ليدخل فيه "أرطي" ونحوه إذا ألفه ليست أصلية بل زائدة للالحاق بجعفر، فحكمها حكم الأصلية، فنقول: "أرطوي، وأرطي".

وقوله: "وقد تقلب رابعة، إنما أتى بـ "قد" للتقليل، ولأن الحذف إذا كانت [الألف] للتأنيث رابعة كثير، والقلب قليل، تقول في: "سكرى وسكروي" فوجه الأول// أنها زائدة [فحذفها] أولى من حذف الأصل، ولأن الكلمة تغلب بها، ولأن الياء يجب حذفها في الاسم المنسوب والألف أختها في التأنيث فحمل عليها في الحذف. والثاني: أنها جرت مجرى الحروف الأصلية في بناء الكلمة عليها، وأنها لا تفارقها، ولذلك اعتدوا تأنيثها بتأنيثين، وقد يرون قلبها ألفا مع قلبها واوا فيقولون: "حبلاوي". وقوله: "فيما يسكن ثانية" يحترز به من مثل: "جمزى بشكي" فإنه لا يجوز في ألفه القلب، وعللوه بأن الحركة عندهم جارية مجرى الحرف، فكأن الألف إذا خامسة، والألف كذلك يجب حذفها كقولك في: "مصطفى: مصطفي" وعندي أن المانع من ذلك يجوز أن يكون هربا من اجتماع أربع متحركات في كلمة، وذلك منتف في اللغة فاعرفه.

النسب إلى اسم الفاعل

قال: «قد يقال: مرموي ورامواي في النسب إلى مرمى ورام [وكذا ما أشبههما]». قلت: اعلم أن الأصل: "مرمي وراموي" لأن اسم المفعول من: "رميت" فلما جمعت الواو والياء، وسبقت الأولى بالسكون قلبت الواو الأولى وأدغمت الياء في الياء، وقلبت ضمة الميم كسرة، فالياء الأولى زائدة، والثانية لام، فإذا نسبت إليه ففيه وجهان: أحدهما: أن يعامل معالمة: "عدي" فيحذفوا الياء الأولى لأنها ساكنة زائدة، وتبدل من كسرة الميم فتحة، ومن الياء ألفا، ثم تقلب الألف واواً فنقول: "مرموي". والآخر: أن تحذفهما جميعا فنقول: "مرمي" فوزن الأول: (مفعلي) ووزن الياني: (مفعي) إذ هو محذوف اللام. وأما: "رامي" ففيه إشكال لأنه إن كانت ياؤه المشددة للنسب فمتى أردت أن تنسب إليه وجب حذفها، ولا يجوز حذف واحدهما. نعم إن أراد بـ "رامي" أنه (فاعول) كـ "عاقول" فقلبت الواو لما قدمنا جاز حينئذ "راموي" لأنهما ليستا زائدتين، وبل الأولى زائدة، والثانية لام؛ وإن كان "رامي" منقوصا، وجاز فيه: "رامي" بحذف الياء، وو"راموي" بابدالها واواً. وهذا بين. قال: «وتحذف أيضا كل ياء تطرفت لفظاً أو تقديراً بعد ياء مكسورة مدغم فيها أخرى ما لم

يكن ذلك في فعل أو جار عليه». قلت: يشير إلى "محي" وهو اسم الفاعل من: "حييته" كـ "مكسر" اسم افعل من: "كسرته" وأصله: "محيي" الياء المشددة عين، والثانية لام؛ فإذا نسبت إليه تصورت أنك حذفت الياء الأخيرة، لئلا تجمع خمس ياءات. كذا قال العبدي في برهانه. وأرى ها هنا تفصيلا، وهو أنه إن كان النسب إليه وهو منكر مرفوع أو مجرور، فلا حاجة إلى أن يقال التي هي لام حذفت لئلا تجتمع خمس ياءات لأنها محذوفة لالتقاء الساكنين هي والتنوين وإن نسبت إليه وهو منصوب أو معرف بلام أو إضافة فالقول [ما] قال العبدي، ولعل ذلك () فلا غنى عن حذف إحدى اليائين لئلا كـ"هدى" فتقول: "محيوي" كـ "هدوي" والوزن: (مفعي) لأنه محذوف اللام.

التصغير

وقوله: "ما لم يكن ذلك في فعل" يريد: "أحيي" و"هو يحيي" وقوله: "أو اسم جار عليه" يريد بالجاري اسم الفاعل، أو المفعول وفيه نظير. وذلك لأن اسم الفاعل في النسب تحذف منه الياء على سبيل الوجوب، وإذا لم تنسب إليه فإن فإن كان منوناً مرفوعا أو مجروراً حذفت ياءه لالتقاء الساكنين، وإن كان معترفا فإن ياءه تثبت؛ والاسم المفعول تقلب ياؤه ألفا ثم تحذف الألف لالتقاء الساكنين، وبعد ذلك تحذف الياء الساكنة أيضا فنقول: "محيوي" في النسب إليه، ولهذا قال أبو علي في التكملة: "يستوي لفظ الفاعل والمفعول" والله تعالى أعلم بالصواب. قال: «فصل. تبدل ياء الألف التالية ياء التصغير ما لم تستحق الحذف». قلت: إذا صغرت نحو: "كتاب، غراب، غوال" فإن ياء التصغير تقع تالية فيقع الألف

بعدها، ومحال أن يلفظ بها بعد حروف ساكن فتقلبها ياء، وتدغم ياء التصغير فتقول: "كتيب". هنا تنبيه: وهو أن الضمة في: "غريب" غيرها في "غراب" إذ هي فيه حادثة للتصغير، والاختلاف بتقدير اللفظ. ونظيره ما قاله عبد القاهر في مقتصده، وهو أن من قال: "ثبون" بضم الثاء، فالضمة غيرها في: "ثبة" وكذلك قول الجميع في ترخيم: "منصور: با منص" على لغة من يقول: "يا حار" بضم الواو وكذلك "فلك" للواحد والجمع. وقوله: "ما لم يستحق الحذف" يحترز به من: "عذافر وجوالق فإن تصغيرهما:

"عذيفر وجويلق" بحذف الألف دون قبلها لأن (الكلمة بها) خماسية فلا بد من حذفها بخلاف ما سبق فإن الكلمة بها رباعية. قال: «والواو الملاقية ياء في كلمة [ما] لم// تشد أو ترد بأضعف الوجهين إن سكن سابقهما لزوما، ولم يكن بدلا غير لازم، ويتعين الادغام» قلت: يعني أن الياء إذا اجتمعا، وسبق الأول بالسكون قلبت الواو ياء، وأدغم الياء في الياء، ولا مبالاة بالمدوئة منها نحو: "سيد، وميت، وطيي، وشي" والأصل: "سيود، وميوت، وطوي، وشوي" (فعيل) يدلك ما ذكرناه. وهنا سؤالان: الأول: أن يقال لم وجب ذلك وليسأ بمثلين؟ والثاني: لم يتعين قلب الواو، ولم يكن الأمر بالعكس؟

والجواب عن الأول أنهما يجريان مجرى المثلين لوجوه؛ منها: اجتماعهما في المد واللين، ومنها كونهما بيانا للأسماء المضمرة نحو، "به، وعلامه" ومنها أنهما يحذفان في الفواصل والقوافي تخفيفا الوقوف كقوله: (وبعض العوم يخلق ثم لا يفري) وقوله: (وقلت لشفاع المدينة أوجف) يريد: أوجفوا ومنها أن الياء إذا وقعت ساكنة وقبلها ضمة قلبت واوا، والواو إذا وقعت ساكنة وقبلها كسرة قلبت ياء. ومنها قلبها إذا تحركا وانفتح ما قبلهما، وليس ذلك مطلقا، ويأتي تفصيله إن شاء الله تعالى. ومنها قلبهما همزة عند وقوعها طرفا بعد ألف زائدة.

ومنهما اجتماعهما في الردف كقوله: (يا حبذا قريبتي وعموم .. وحبذا منطقها الرخيم) ومنها أبدال الألف منهما ساكنين نحو: "تاجل" في "توجل" و: "يا بس في: ياءس"، وهو في الياء أكثر. نص عليه أبو الفتح في منصفه، ولذلك ترجح قول الخليل: في "هاهيت" على قول أبي عثمان.

"هاهيت" على قول أبي عثمان. والجواب عن الثاني من وجهين: أحدهما: قاله أبو علي في التكملة، وهو أن الياء من حروف الفم، والواو من حروف الشفة، والادغام في حروف الفم أكثر منه في حروف الطرفين، ويؤكده الباء في الفاء كقولك: "اذهب في ذلك" ولم يجيزوا ادغام الفاء في الباء. ومما يحكي عن الكسائي من إدغام الفاء في الباء في قوله تعالى: {نخسف بهم}

فقد استضعف وحمل على الاخفاء. والثاني: أن الياء أخف من الواو فكان القلب أسرع لها كذلك. قوله: "لم يشذ" يعني: "ضيون" و"عوى الكلب عوية" وقوله: "أو ترد بأضعف الوجهين" يريد نحو: "قيسور" في تصغير: "قسور"، و"جديول" في تصغير"جدول" وإنما سلمت حملا على: "قساور وجداول" وذلك لأن التصغير والتكبير من واد واحد فيحمل هذا على هذا تارة، وذلك على هذا أخرى. فإن قيل: فأيهما يكثر حمله على صاحبه؟ والجواب أن الذي يكثر إنما هو حمل التصغير على التكثير، ويقل عكسه، وما ذكره

أبو الفتح في التعاقب من أن ذلك إنما يحمل أضعف التصغيرين على أقواهما، ألا ترى أنك لما صغرت الاسم فأنت تقيم على الأفراد الذي هو الحالة الأولى الأصلية، وإذا كسرته فقد انقلب إلى الجمع الذي هو الحالة الفرعية، ولذلك اعتد بالتكثير شيئا مانعاً من الصرف دون التصغير. والحد أن يقول: "قسير، وجديل" فيقلب لما ذكرناه. وقوله: "إن سكن سابقهما لزوما" إنما اشترط سكون الأول ليصح الادغام، فإن شرطه أن يكون الأول ساكنا، فإن عرض فيه السكون لم يقلب الواو ياء، وذلك أن نبني من: "طويت" مثل"عضد" ثم يسكن الضاد فنقول: "طوي" لا يقلب الواو ياء مع الاجتماع المذكور ولأن السكون عارض. وقوله: "ولم يكن بدلا غير لازم" يريد نحو: "رييا" فإنك عند التخفيف تقلبها واوا لسكونها، وانضمام ما قبلها، وبعد ذلكل ال تقلب ياء، لأن أصلها الهمزة والتخفيف عارض والأصل التحقيق. وكذلك واو: "سوير" منقلبة عن ألف "سائر" فهي عارضة، وإذا لأصل البناء للفاعل، والبناء للمفعول فرع عليه. وقيل: لو قلبت الواو ياء فقيل: "سيير" لم يعلم أ (فيعل) وزنه أو (فوعل) فصححت

اجتنابا لللبس. وهنا تنبيه. وهو أن فائدة قوله: "غير//لازم" لا يظهر () فإن الواو حينئذ لا تصح بل يجب قلبها ياء، ومثاله أنك لو بنيت مثل: أبلم": من "الآية" وعينها ياء لقلت: "أي"، والأصل: "اأيي" فالهمزة الأولى زائدة، والثاني فاء، والياء الأولى عين، والثانية لام لكن وجب قلب الهمزة الثانية كراهية للمزتين، وقلبت واوا لسكونها وانضماما ما قبلها فبقي: "أويي" فحذفت لالتقائهما فبقي: "أي" منقوصا، ووزنه (أفع) بحذف لامه. فافهمه ففيه نوع غموض. وقوله: "ويتعين الادغام" ظاهر لأنك إذا قلبت الواو ياء اجتمع مثلان، والأول ساكن، ولا مانع من الادغام فتعين المصير إليه.

قال: «وكذلك تبدل ياء الواو المتطرف لفظاً، أو تقديراً بعد واوين سكنت ثانيتهما». قلت: يعني أنك لو بنيت مثال: (فعلول) كـ"عصفور" من"غزوت" لقلت: "غزوي" والأصل: "غزووو" بثلاث واوات، الأولى مضمومة، والثاني ساكن، والثالثة لام وهي طرف لفظاً، وذلك مستثقل فقلبت الآخرة ياء، ثم قلبت التي قبلها وهي الساكن ياء أيضا لاجتماعهما على الوصف السابق، فيبقى: "غزوي" فإن أدخلت على الكلمة تاء التأنيث صارت الواو متطرفة تقديرا لا لفظا. قال: «أو الكائنة لام فعول جمعا، ويعطي متلوهما ما ذكر من إبدال وإدغام». قلت: "أو الكائنة" معطوف على قوله: "وكذلك تبدل ياء الواو المتطرفة" ويشير إلى "عصي" في جمع: عصا" وأصله: "عصوو" بواوين، الأولى زائدة ساكنة ومقابلة الواو في "كعوب" والثانية لام الكلمة، ولائمة التصريف في طريقة الاعلال تقرير أحدهما أن

الكلمة جمع، والجمع مستثقل، والواو الأولى مد زائد فلم يعتد بها فصارت الواو هي لام الكلمة كأنها ليت الضمة التي في الصاد، فكأنه: "عصو" فقلبت الواو ياء على حد القلب في: "أدل وأحق" فاجتمعت الياء المنقلبة مع الواو الزائدة مثلها فقلبت الواو الزائدة ياء وادغمت الياء في الياء، ثم كسرت الصاد تمكيناً للياء وطلباً لسلامتها. ومنهم من يكسر الياء اتباعاً لكسرة العين. ومنهم من يبقيا على حركتها وهي الضم. والآخر: أنهم يجرون الحرف مجرى الحركة؛ ألا ترى إلى حذفهم الحروف في: "لم يغزو، ولم يدم، ولم يخش" كما يحذفون الحركة في "لم يضرب" وإذا كان كذلك فالواو كذلك فالواو الساكنة في "عصو" كأنها ضمة، وكأن الواو التي هي لام قد وليتها ثم بعد ذلك جرى الابدال على ما ذكرنا. وقد أتي بعض ذلك على أصله شاذا كـ"نحو" في جمع: "نحو" وهو أول ما تيسر من () و"بهو" في جمع "بهو" وهو الصدر. قال أبو عثمان المازني: «هذا شاذ مشبه بما ليس مثله نحو: "صم" كما شبه الذين قالوا: "صيم" بباب "عصي" إلا أن "صيما" يطرد».

وقوله: "لام (فعول) جمعا" يحترز به من (فعل) الذي لامه واو ليس بجمع ولكنه مصدر نحو: "عتو" مصدر: "عتا" فإن الوجه الجيد في هذا التصحيح، والقلب ضعيف. وقوله: "ويعطي متلوهما ما ذكر من إبدال وادغام" يريد "بمتلوهما": الواو الزائد التي قبل الواو التي هي لام، والضمير الذي يعود إلى (فعلل) كـ"غزوي" وإلى (فعول) كـ"عصى" يبين أنهما يبدلان ويدغمان. قال: «فإن كانت لام مفعول ليست عينه واواً، ولا مكسورة أو لام فعول مصدراً، أو غين فعل جمعاً، فوجهان؛ التصحيح أكثر». قلت: فإن كانت الواو (مفعول)، / وليست عينة واواً وذلك نحو: "معدو" فإنه يجيء منه: "معدي" وجاء في: "معدو معدي". قال الشاعر: (وقد علمت عرسي مليكة أنني ... أن الليث معديا عليه وعادياً)

إنما أعل تشبيها له بالجمع، وهو أقيس من التصحيح في الجمع. قال سيبويه: ومنهم من يقول: مغزي تشبيها له بـ"ادلوا" على ما مضى من الوجهين الوجه التصحيح. وقوله: " [وليست عينه واواً] " يحترز به [من نحو] قولك: "ربك مقوي عليه" اللأصل:// "مقوود" لأن العين واللام واوان لكن قد تقدم أن اجتماع ثلاث واوات في الآخر مهجور فقلبت الواوان يا أين، وأبدلت الأولى كسرة فصار: "مقويا" وقوله: "ولا مكسورة" يحترز به من "رضي" فإت أصله: "رضو" لأنه من "الرضوان" فقلبت الواو ياء لوقوعها طرفا وانكسار ما قبلها فصار: "رضي" ونقول في اسم المفعول منه: "مرضي" و"مرضو" على الأصل؛ وهو قليل. وهو أنه لما استثنى ذلك لأن الأول يجب فيه القلب إلا أن يشذ فيه شيء فيحفظ. والباقي الأكثر فيه القلب، والتصحيح قليل، والمصنف قصده ما يكثر فيه التصححي، ويقل فيه القلب. وقوله: "أو غير فعل جمعا" وذلك نحو: "صيم وصووم، وقيم، وقوم" فإثبات الواو

على الأصل، وقلبها لمجموع أسباب، وهو ان هذا جمع لواحد أعتلت عينه وهو: "صائم وقائم" والجمع أثقل من الواحد، وقد جاوزت الواو الطرف فأشبه: "عصيا". وربما كسر أوله كما كسر أول: عصي، / فقالوا: "صيم، وقيم"، ويدلك على الاعتداد بالقرب من الطرف عنا أنه إذا بعد صح نحو: "صوام وقوام" وهذا واضح. قال: «فإن كان (مفعول) من: " (فعل) رجح الاعلال. وقد يعل بذا الإعلال ما لامه همزة، وربما مححت الواو لام (فعول) واعتلت عين: (فعال) جميعن». قلت: وقد قدمت أن (مفعولا) إذا كان من (فعل) نحو: (مرضي) كان الاعتلال هو الوجه المستعمل. وقوله: «وقد يعل بذا الاعلال ما لامه همزة» إنما أتي بـ"قد" ليعرفك أن هذا قليل؛ وذلك نحو: "مقروء" اسم مفعول من: "قرأت"، فإذا خففت الهمزة قلبتها واواً، وادغمت الواو التي قبلها فيها فقلت: "مقرو" بواو مشددة.

ومنهم من يقلبها ياءيت فيقول: "مقريي" كـ"مغزيي" وقوله: «ربما صححت الواو لام (فعول) واعتلت عين: (فعال) جميعن» يريد بالتصحيح نحو: "بهو" في جمع "بهو" وقد سبق بيانه. ويريد بالاعلال نحو: "نيام" في قوله: " (ألا طرقتنا مية ابنة منذر ... فما ارق النيام إلا سلامها) وقالوا: "فلان في صبابة قومه، وصوابة قومه" أي: في خيارهم. حكاها الفراء. وهذا شاذ في القياس والاستعمال لأن القلب إذا ضعف مع المجاورة في "صيم" كان مع الفعل أولى بالضعف، وأما الاستعمال فلقلة من استعمله. قال: «فصل. تبدل الياء من الواو لاما، لفعلى صفة محضة، أو جارية مجرى الأسماء، وشذ إبدال الواو من الياء لاما لفعلي اسما، فإن كان صفة فلا إبدال».

قلت: أول هذا الفصل عجب، وذلك لأنه قالك "تبدل الياء من الواو لاما لفعلي صفة محضة، أو جارية مجرى الأسماء. الذي رأيته من كلام علماء هذا الفن لا لطائفة، قال أبو علي في التكملة: «وإذا كانت الواو لاما في (فعلي) فإنها تبدل في الصفات الجارية مجرى الأسماء، وذلك نحو: "الدنيا، والعليا، والقصيا" وقد قالوا: "القصوى" فجاء على لأصل كما جاء: "قود، واستحوذ" انتهى كلامه». وقال العبدي شارح الإيضاح: «فأما فعلى فإن اللام إذا كانت واواً للفرق بين الاسم والصفة نحو: "الدنيا، والعليا والقصيا" فهذا كأنه أسهل من" () " لأن هذا قلب الثقيل إلى الخفيف /، وذلك قلب الخفيف إلى الثقيل».

فإن قيل: كيف تقول إن هذه أسماء وأنت قد تصف بها إذا قلت: "الدار الدنيا، والمنزلة العليا؟ قيل هذه إن كنت تراها صفات فإنها لا تكون إلا في حال التعريف ولا تقول//: «وأنت في منزلة عليا، ولا في دار دنيا» والصفة لا تلزم صفة واحدة، وإنما شأنها أن تكون مختلفة تارة نكرة وتارة معرفة، فما لزمت هذه كونها معرفة صفة كان كونها كلا صفة، وذا بين". انتهى كلامخ. وقال أبو الفتح ابن جني: "الدنيا والعليا والقصيا" وإن كانت صفات إلا إنها خرجت إلى مذهب الأسماء، كما تقول في: "الأجرع، أو الابرق" إنها الآن أسماء، فاستعملوها استعمال الأسماء، وإن كانت في الأصل صفات. ألأا تراهم قالوا: "أبرق، وأبارق، واجرع، واجارع" فصرفوا: "أبرقا وأجرعا" وجمعوهما على فعال: "أحمد وأحامد" وأما: "القصوى وخزوى" فهما في الأصل [صفتان نقول] الغاية القصوى"وأما: "حزوى" فمنقولة عن الصفة كأحمر، فالشذوذ منتف" انتهى كلامه.

قال الزمخشري: "و (فعلى) يقلب واواها ياء في الاسم دون الصفة فالاسم نحو: "الدنيا" وقد يشذ "القصوى وخزوى" والصفة قولك [إذا] بنيت فعلى من: "غزوت: غزوى" فأقول: الذي أنكرته من قول المصنف قوله: "لفعلى صفة محضة؟ فإنه مخالف لأقوال هؤلاء الذين ذكرتهم. وقولع: "وشد إبدال الواو والياء لاما لـ "فعلى" اسماً فإن كان صفة فلا إبدال" والتقوى، والدعوى" والأصل: "البقيا، والتقيا، والدعيا" لأنها مشتقات من: "بقيت، وتقيت، ودعيت" وعلة ذلك إرادة الفرق بين الاسم والصف. وخص به الاسم دونها أخف منها، والواو أثقل من الياء فجعل الأثقل مع الأخف تعديلا.

وأيضا فالصفة لا تخلو عن نوع ملاحظة الفعل المضارع قلباً وتصحيحاً، ولذلك اعتل: "قائم، وبائع" ولم يعتل: "مقاوم ومبايع" فإن قلب الاسم، أحمل من الصفة فالقلب به أولى لأنه مكون الفرق، إذا أدوم وأبقى. وقال أبو الفتح: «إنما قلبوا هنا لأنهم قد قلبوا لام (فعلى) بالضم إذا كانت لامها واواً طلباً للخفة نحو: "الدنيا، والعليا" فلما قلبوا الواو في هذه عوضوا الواو من غلبة الياء عليها في أكثر المواضع ليكون ذلك ضربا من التعويض والتكافؤ». ومن المسائل المذكورة ها هنا: "العواء" قال صاحب الصحيح: "العواء: كوكب، وقيل: هي نجوم مجتمعة" قال أبو علي في المسائل الشيرازية: "ذكر أبو إسحق الزجاج أنها مأخوذة من: "عويت يده. أي: "لويتها" وذلك الذي فيها، وأصلها: "عيوا" فقلبت الياء واوا وأدغمت الواو في الواو. وقال أبو علي: «قولهم: "للعرف ريا" لا يخلو أن يكون من باب "طويت" أو من باب: "حييت" ومن أيها كانت فهي زائدة، فإن كانت من الأول يجب أن يقال: "روا" وإن كانت من الثاني». كما في: "نقوى" فيصير: "ريوا" يم يجب قلب الواو ياء وادغام الياء في الياء، وهذا

عود إلى الإعلال

لا يجوز لأنه يفضي إلى انقلاب الحرف مرتين فيجتمع في الحرف إعلالان. وعندي فيه نظر وليس موضع بيانه. وأما «صفة فلا تغير ذلك نحو: حزيا، وحديا». قال: «فصل: تبدل الألف بعد فتحة متصلة من الواو والياء المتحركة في الأصل إن لم يسكن ما بعدهما، أو يعل». قلت: الفصل يتضمن إبدال الألف وحذف الواو والياء، فاعلم أن الألف تبدل من الواو والياء إذا تحركا وانفتح ما قبلهما؛ وعلل ذلك بوجوه. الأول: أن كل واحد منهما مقدر بحركتين، فإذا انضم إلى ذلك حركته وحركه ما قبله أجتمع في التقدير أربع متحركات متواليات في كلمة، وذلك مستثقل فاجتنبوه كما اجتنبوا ما هو دونه في الثقل من اجتماع المثلين في مد ففروا إلى الادغام، كذلك هنا فروا إلى القلب. والثاني: أن الواو والياء إذا تحركا صار كل منهما بمنزلة حرفي مد فالواو المفتوحة كواو وألف، والمكسورة كواو وياء، والمضمومة كواوين، وكذا حكم الياء، واجتماع حروف العلة مستثقل، فقلبوها إلى الألف لأنه حرف تؤمن معه الحركة.

والثالث: قاله السيرافي وهو أن هذه الأفعال لو سلمت في الماضي للزمها في المستقبل، لأنهم لو قالوا: "بيع، وقول" للزمهم أن يقولوا في المستقبل: "يبيع ويقول" حيث جعلوا الماضي بمنزلة: "يقيل" فيضم الواو وتكسر الياء، وذلك ثقيل لثقل الأفعال: "قاول". وفي هذا نظر. وذلك به يقتضي أن يكون إعلال الماضي تبعاً لإعلال المضارع، وإعلال المضارع هو الأصل، وإنما إعلال المضارع إنما كان لثقل الضمة على الواو، والكسرة على الياء مع سكون ما قبلهما. وقد استقصيت الكلام على هذا في كتاب: (الإسعاف بتتمة الإنصاف). وقوله: "بعد فتحةٍ متصلة" يريد أنه لا يكون بين الفتحة والواو حاجز، أو لا ترى

قولك: "قاول، وبايع" فهما وإن وقعا بعد فتحة لكنهما ليسا متصلين بها إذ بينهما حاجز وهو الألف. فإن قيل: يشكل بقولهم: "كساء، ورداء" وقول التصرفيين إنه قلبت الياء ثم قلبت الألف؟ فالجواب: أن لهم هنا طريقتين: الأولى: أنهم أجروا الألف مجرى الحركة، وإذا كان كذلك فالواو والياء متصلان بالألف الجارية مجراهما. والثانية: أن الساكن حاجز غير حصين، فإذا كان صحيحاً فالمعتل أولى بأن يكون كذلك، فكأنهما ووليا الفتحة حتى قبل الألف، ولو أن المصنف قال: بعد فتحة متصلة لفظاً أو تقديراً لكان جيداً. نعم ربما كان يذهب إلى أنهما قلبا همزة من أول الحال، وقد استجاده عبد القاهر، ولا يحتاج إلى الاحتراز إذاً. وقوله: "من الواو الياء المتحركة في الأصل" يحترز به من أن تكون الحركة عارضةً، ووذلك كقوله تعالى: {اشتروا الضلالة} [البقرة: 16]، {ولا تنسوا الفضل بينكم} [البقرة: 237]،

وذلك لأنها هنا لالتقاء الساكنين؛ وكذلك قولهم: "صنو، سي" في تخفيف: "صنو، أو سي" إذ أصلهما السكون، وإنما تحركا عند التخفيف، والتحقيق يزيله ويرده إلى السكون الأصلي. وقوله: "إن لم يكن ما بعدهما" تحترز به من: "دعوى، ورميا" لأنهما لو قلبا ألفاً وبعدهما ألف التثنية لوجب حذف اللفظ الأولى دون التي للتثنية، لأن هذه الثانية لمعنى بخلاف الأولى فيبقى اللفظ في التثنية كاللفظ في الواحد؛ وكذلك: " () وعليان" لو قلبا فيهما لالتقى ألفان: الألف المتصلة وألف (فعلان) الزائدة، فتحذف الأولى دون الثانية ذلك لأنه يصاحب النون ويلازمها فلا يجوز حذفها دونها فيبقى: "ران وعلان" فيصير وزنه: (فعلان) معتل اللام: (تفعال) ولامه نون وصل إنما لم يقلبا لخروج الكلمة بالألف والنون عن الفعل. وقوله: "أو يعل" يحترز به من "هوى، وشوى" وذلك لأن الأصل: "هوي، وشويٌ" فقلبت الياء التي هي لامٌ ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ولم يقلبوا العين التي هي الواو لئلا يجتمع إعلالان متواليان في كلمة واحدة.

فإن قيل: فهلا أعلوا العين، وصححوا اللام فقالوا: "هاوى" وشاوى"؟ والجواب: أن إعلال اللام أولى من إعلال العين لتطرفه، ولذلك يكثر الحذف فيه. والضمير في قوله: "ويعل" يرجع إلى ما بعدها، والتقدير: أو يعل ما بعدها، وهذا بين. قال: "أو يكون ما هما فيه كـ "عور" فإنه محمولٌ على: أعورٌ، أو كالعور فإنه محمولٌ على: "عور"، أو كـ "اجتوروا" فإنه محمولٌ على: "تجاوروا"، أو كـ "الجولان والصورى" فإن في آخرهما زياد تخص الأسماء". قلت: اعلم أنهم لم يقلبوا الواو في: "عور" ألفاً وإن تحركت وانفتح ما قبلها لأنه محذوف من "اعور" ومنتقصٌ منه فجعل تصحيحه إمارةٌ على ذلك.

ومثله تصحيح: "محيط" لما كان محذوفاً من: "محتاط" وإنما حذفت الزوائد لضرب من التخفيف والمبالغة فـ "عور" صحيحٌ لانتقاصه من: "أعور"، و"العور" صحيحٌ لأنه مصدر: "عور"، والمصدر تبع الفعل في الصح والاعلال. فإن قيل: فهلا عكس الأمر، وكان صحة الفعل لصحة المصدر؟ فالجواب: أن الفعل هو الأصل في الزياد والاعلال لكونه أصلاً في التصرف، وكون الاسم أصلاً في الجمود، ألا ترى إلى قول التصريفيين: لا يجمع زائدان أول كلمة إلا أن تكون جارية على فعل كـ "منطلقٍ" وكذلك لا يراد أول الرباعي إلا فيه كـ "مدحرج". وقولهم: "إنما يعل الاسم إذا كان على وزن الفعل، إن اخرج عنه لم يعل، فلذلك حمل صح المصدر على الفعل، ولم يعكس؛ وأيضاً فلو جعل المصدر الأصل في ذلك لم يكن لتصحيحه وجه بخلاف الفعل إذ هو كما قدمنا منتقصٌ من: "اعوار"، وكذلك: "اجتوروا" فحمل في التصحيح على: "تجاوروا". وقوله: "أو الجولان والصورى فإن آخرهما زيادةٌ تخص الأسماء". اعلم أن في في "الجولان" وشبهه خلافاً، فنقل الزعفراني في تصحيحه أن سيبويه يذهب إلى أن التصحيح إنما كان فيه للحاق الألف والنون واختصاص ذلك بالاسم دون الفعل، و"هاهان، وداران" عنده شاذٌ والقياس: "موهان، ودوران.".

قال أبو علي: "ويقويه تكسيرهم الكلمة عليها، وذلك نحو: "سرحان: وسراحين، و: ورشان، وراشين" فهذا كـ "سرداح". والمبرد يقول: إن الألف والنون لا تخرجه عن شبه الفعل لأنهما غير معتد بهما حيث قوي بهما الانفصال، ولهذا يصغر الاسم ثم يؤتى بهما كما يصغر ما فيه الياء ثم يؤتى بها. قال أبو علي الفارسي مقوياً له: تصغيرهم "زعفراناً" على: "زعيفران" فنقلوهما في

التصغير دليل على ذلك: "فماهان وداران عنده قياس، و"الجولان" شاذ. وقيل لما صحح: "الثوران، والعليان" وحرف العلة فيه لام، واللام محل التغيير صحح في بعض المواضع العين "كالجولان" إذ العين أولى بالتصحيح من اللام لتوسطها، والتغيير إنما يسلط على الأطراف؛ "والصورى" صحح لاتصال الألف التي هي للتأنيث به، ولا شك في أنها لازمة مخرجة للبناء من أبنية الأفعال. قال: "أو يقصدد التنبيه على الأصل كـ "مود، غيب". قلت: اعلم أن العرب إذا طردوا الاعلال في كلامهم أخرجوا بعض الكلمات مصححاً تنبيهاً على الأصل، وذلك كما مثل به من: "القود" و"الغيب". وكأنهم لما راموا ذلك نزلوا الفتحة منزلة الحرف فصار (فعلٌ) كـ: (فعالٍ)، وجرى "قود" في التصحيح مجرى: "جوار" و"غيب" مجرى: (سيال) فقد انعكس التقدير في الحركة إذ هي سبب الاعلال في: "قام"، وهنا هي السبب في الصحة، ويدلك على إجرائهم الحرف مجرى الحركة قوله:

(في ليلةٍ من جمادى ذات أنديةٍ ... لا [يبصر الكلب] من ظلمائها الطنبا) و"أندية": (أفعلةٌ وأفعلة) تكسير: (فعال) كـ "جراب وأجربة" فلولا إجراؤهم: "نوى" مقصوراً مجرى: "بداء" ممدوداً لما جاز ذلك. وهنا تنبيه: في التنبيه على الأصل. وذلك أنه جاز في الأسماء دون الأفعال، وذلك لما تقدم من فرعيه الاسم في الاعلال، وأصالة الفعل فيه، وجاز في العين دون اللام لقوة العين وضعف اللام، وكثر في الواو، وقل في الياء لقرب الياء من الألف وبعد الواو عنها. واختم هذا البحث بفائدةٍ وأقول: صرح أبو الفتح والعبدي بأن قلب الواو والياء ألفاً إنما كان بعد إضعافهما، ولا يقدر انقلابهما متحركين لأنهما بها تحصنا من التغيير. فإن قيل: فهلا قلبا في: "القول والبيع"؟ فالجواب: أن الحرف إذا كرهت الحركة عليه جعل تسكينه وصلةً إلى تغييره، فإذا كان ساكناً فلا كراهية فيه.

وقال السخاوي قلباً متحركين لثلاثة أوجه: الأول: أن التغيير كلما قل كان أولى، وعلى قولها يحصل تغييران: إسكان وقلب، وعلى قولي يحصل تغيير واحدٌ، وهو القلب. والثاني: أن هذا الإسكان لم يلفظ به فلا فائدة في تقديره. والثالث: أن المقصود الإسكان، فلو سكن لم يكن وجهٌ إلى القلب". وعندي لا يلزم ما ذكره، وذلك لأن الانقلاب بموجب ما يقتضيه التصغير لا ينكر، أو () التغيير الذي في: "خطايا" وأنه يقدر أن الياء منقلبةٌ عن الهمزة المنقلبة عن الياء في: "خطيةٍ"، ولم أجد أحداً أنكر ذلك حيث اقتضاه القياس، وكذا الناس استحسنوا

الباب الذي وسمه أبو الفتوح بباب ملاطفة الصنعة ومبناه على التدريج في القلب، وأنه لا يقلب ذلك من غير ملاطفة. وقوله: "السكون" لا يلفظ به غير لازم لأن كل ما يقدر بسكونه لا يلزم النطق به، ألا ترى أن "قيل" حيث تقلب الكسرة في الواو إلى القاف ثم قلبت الواو ياء ليس لقائلٍ أن يقول: هذا لا يجوز لعدم النطق به، وهذه الأشياء التي يقولها التصريفيون إنما تقدر أصلاً لازماً ووقتاً ومولداً لغرض السكون، فلو حمل لما قلبت الواو والياء ألفاً غير لازم لأن الغرض القلب إلى حرف تؤمن معه الحرك، وهو الألف وليس هو مطلوباً لنفسه، فاعرفه. قال: "ويحذفان بعد الإبدال إن ضمتا، أو كسرتا لامين قبل واوٍ أو ياءٍ ساكنٍ مفردةة". قلت: يريد بذلك قولك: "هؤلاء غازين، ومررت بغازين" وأصله؛ "غازُوُن وغازُوِن" فأستثقلت الضمة والكسر على الواو وهو الزاي بعد إسكانه، إذ الحرف يستحيل استعماله بحركتين، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين هم واو الجمع أو ياؤه.

وكذا حكم ما لامه ياء نحو قولك: "هؤلاء رامون، ومررت برامين" والأصل: "راميون" فعل ما ذكرنا. وإنما نقلت الضم في: "غازون ورامون" ولم تحذف محافظة على واو الجمع، وصناً لها عن التغيير، ألا تراك لو حذفتها لوليت الواو المذكورة كسرة الزاي والميم، فكان يجب قلبها ياءً. فإن قيل: أما علة النقل مع الواو فواضحةٌ ولكن الإشكال مع الياء لو لم نقدر نقل الكسرة من الياء إلى ما قبلها لم يتغير لأن ما قبلها مكسور؟ فالجواب: أن قاعدة العرب والنحاة أنه إذا حصل في بعض الكلمة إعلال لعلة أعل في ياءٍ تحمل عليه وإن خلا منها، ألا ترى أن حذفهم الواو من: "أعد، وبعد، ونعد" حملاً على: "تعد"، وكذلك حذفوا الهمزة من: "مكرِمٍ ومكرَمٍ، ونكرم" حملاً على: "إكرم". وكذلك حمل قلب الواو ياءً في: "رايت غازياً" على: جاءني الغازي،

تاء (إفتعل)

ومررت بالغازي". وهنا قدر إبدال الكسرة قبل الياء كما فعل ذلك بالواو. ومثله ما ذهب إليه سيبويه من أن "أخوك" واخواته حركات العينات فيها تابعةٌ للحركات المقدرة في لاماتها، إذ أصله "أخوٌ" بفتح الخاء، ويجمع على (أفعالٍ) و (أفعالٌ) جمع: (فعلٍ) بفتح العين كـ "علمٍ وأعلام، وجبل وأجبال" ثم ضمت العين، وكسرت إتباعاً للضمة والكسرة المقدرتين. وكذا يقدر الاتباع في (أخاك)، ويحكم بأن فتحة الخاء غير فتحة: "أخوٍ" حملاً لحالة النصب على الرفع والجر. قال: "فضلٌ. تبدل التاء من فاء" الافتعال وفروعه إن كانت واواً أو تاءً غير مبدلةٍ من همزة.". قلت: إذا بنيت (إفتعل) مما فاؤه واو، أو ياء فإنك تقلب الواو والياء تاءً ويدغمهما في تاء افتعل وذلك نحو: "اتزن يتزن" فهو: "متزن"، والأصل: "إوتزن، وموتزن" تفعل به ما ذكرنا. وكذلك: "اتسر ومتسرٌ ويتسر" من: "اليسر" أو من: "اليسار". () والعلة في ذلك أنهم لو لم يقلبوهما تاءً لزمهم قلب الواو ياءً إذا انكسر ما قبلها نحو: "إتزن

وايتزن" في الأمر وألفاً إذا انفتح ما قبلها في لغ من يقول: "يا جل"، وذلك نحو: "يأتزن ثم ترد إلى الواو. وإذا انضم ما قبلها نحو: "موتزن" وكذلك حكم الياء في التغيير خلا أنها تثبت بعد الكسر، فلما رأوا مصيرهم إلى تغييرهما لتغيير ما قبلهما قلبوهما إلى الحرف جاد يتغير ما قبله في التصغير، وهو التاء لأنه قريب المخرج من الواو، وفيه همسٌ يناسب لينهما، وأيضاً يقصدوا بذلك موافقة لفظه لما بعده فيقع الإدغام ويرتفع اللسان بهما ارتفاعةً واحد. واعلم أن من العرب من يجري ذلك على أصله من غير إبدال، ويحتمل من التغيير ما يحتمله أولئك. وقوله: "من تاء الإفتعال وفروعه" يريد نحو: "الاتعاد، والاتسار وفروعه، هي الماضي، والمستقبل، والأمر، والنهي، واسم الفاعل، والمفعول. ولا إشكال في أنها فروعه إذ المصدر هو الأصل عند البصري. وقوله: "أو تاء غير مبدلةٍ من همزةٍ" يريد أنك لو بنيت (افتعل) من "أكل" لقلت:

"إتكل" فقلبت الهمز الثانية وهي الفاء ياء لسكونها، وانكسار ما قبلها؛ ووجب القلب لاجتماع الهمزتين فهذه الياء لا تبدل تاءً، لأن هذا البدل إنما يجب بدخول همزة الوصل عليها، وذلك غير واجبٍ فيها، ولا مطرد في تصاريفها، إنما يلزم في هذا المثال. وإذا لم تكن أصلاً، ولا لازمة، لم يجز ابدالها لأن الابدال في الياء الأصلية قليل؛ إنما يكثر في الواو، وجاء في الياء تشبيهاً بالواو، وإذا قل في الياء الأصلية لم يجز في الياء العارضة. وقال الخوارزمي: وإنما أبدل لإجراء الياء مجرى الواو كما ألحقت الواو بالياء في "خطوات" ساكنة الطاء تشبيهاً. () وذلك لأنك لو حركتها لانقلبت الياء واواً لانضمام ما قبلها، وإذا كانت الياء لا تكاد تبدل من الياء، فكيف إذا كانت منقلبةً عن همزةٍ؟ قال: "وتبدل تاء الافتعال تاء بعد التاء وتدغم فيها، ودالاً بعد الدال الذال أو الزاي،

وطاءً بعد الطاء أو الظاء، أو الصاد، أو الضاد، وتدغم في إبدالها الظاء والدال، أو يظهران، وقد تجعل مثل ما قبلها من ظاءٍ، أو ذالٍ، أو حرف صغيرٍ، وقد تبدل دالاً بعد الجيم.". قلت: إذا بنيت (افتعل) من: "تزد" قلت: "اتزد" وأصله: "ايتزد" فأبدلت الياء تاء وأدغمت في التاء. وقوله: "ودالاً بعد الآل أو الذال" يريد أنك لو بنيت من: "درأ" أي: "دفع" (افتعل) من: "ذكر" قلت: "ادكر"، وأصله: "اذتكر". والعلة في ذلك أن الدال والذال حرفان مهجوران والتاء حرف مهموس وبينهما تنافٍ وتنافر في الصوت فأبدلوا التاء دالاً لأنها من مخرجها رغبة تجانس الصوت وفراراً من تنافره. وقوله: "وطاءً بعد الطاء أو الظاء، أو الصاد أو الضاد" يعني أنك إذا بنيت (افتعل) مما فاؤه طاءً أو ظاءً، أو صاداً أو ضاداً، أبدلت من التاء طاءً، وذلك نحو: "اطرد" وأصله: "اطترد" و"اضطرب" وأصله: "اضترب"، و"اصطبر".

وأصله: "اصبر"؛ فعل ما ذكرنا من الابذال، لأن هذه الحروف من حروف الاستعلاء وهي مطبقة، والتاء حرف مهموس منفتح غير مستعل، فكرهوا التلفظ بحرف وقبله معاقبه فابدلوا من التاء طاء لأنهما من مخرج واحدٍ، ألا ترى أنه لو كان الاطباق والطاء لكانت دالاً، ولولا جهر الدال لكانت تاءً فمخرج هذه الحروف واحدٌ، لكن تمر أحوال تفرق بينهما كالجهر والاطباق والهمس في الطاء، إطباق واستعلاء وتوافق ما قبله فقلبوا التاء طاء ليتوافق الصوت، ولا يتنافر. وكذلك الصاد قالوا في "مصدر: مزدر": أبدلوا من الصاد الزاي لأنها أختها في المخرج والصفير وموافق الدال في الجهر.

وقالوا في: "سراط: صراط" وفي: "سويق: صويق" طلباً للمجانسة. وقالوا: "عالم" بالامالة لذلك أيضاً. وهنا تنبيهٌ: وهو أن هذا الابدال فيما وجب حتى صار الأصل فيه مرفوضاً لا يتكلم به، كما لا يتكلم بالأصل في: "قامَ وباعَ" وشبههما، ولا () وتأته إلا شاذاً. وقوله: "وتدغم في بدلها الظاء والذال، أو يظهران. يعني: إن من العرب من إذا بنى (افتعل) ما فاؤه ظاء معجم أبدل التاء طاء غير معجمة ثم تبدل من الظاء التي هي فاءٌ طاء أيضاً لما بينهما من المقاربة ثم يدغمها في الطاء المبدلة من تاء الافتعال، فيقول: "اطلم" بالظاء غير المعجمة، وأصلهُ: "اظتلم" ثم: "اظطلم" ثم: "اطلم" ولا يفعلون ذلك مع الصاد والضاد لئلا يزيل الادغام صغير الصاد، وتفشي الضاد. وكذلك إذا بنيت (افتعل) من: "الذكر" فأبدلت من التاء دالا.

ومنهم من يبدل من الذال دالاً، ويدغم الدال في الدال فيقول: "ادكر". وقوله: "أو يظهران" يعني: يظهر الظاء والدال، وهو المشهور. وقوله: "وقد تجعل مثل ما قبلها من ظاءٍ، أو ذالٍ، أو حرف صغير". يريد: أن منهم من يبدل تاء الافتعال إلى لفظ ما قبلها من الطاء والدال، أو حرف الصفير، فيقول: "اطلم واصبر" وقرى: "أن يصلحا" في: "أن يصطلحا" و "ازجر". وهنا تنبيه: وهو أنه لا يجوز قلب الصاد أو الراء إلى لفظ ما بعدهما، وذلك لأن فيهما صفيراً يذهبه الادغام، ولذلك يستضعف الكل قراءة أبي عمر: "نغفر لكم" بادغام الراء في اللام لأن الادغام يزيل التكرير الذي قبلها.

وقوله: "وقد يبدل دالاً بعد الجيم". يريد: "اجدمعوا" في: "اجتمعوا" وهو ظاهر. قال: "فضل. إن كانت الياء أو الواو عين فعلٍ لا لنعجبٍ، ولا مصرفٍ من: "عور" ونحوه، أو عين اسم غير جار على فعل مصحح أوله ميمٌ زائدة غير مكسورة، أو مصدر على: إفعال أو: استفعال أبدل منها إن لم تكن حرف لينٍ، ولم تعل اللام أو تضاعف". قلت: يعني أنه متى كانت الواو والياء عين فعلٍ نحو قولك: "أعان، وأبان" قلبتا ألفاً، والأصل: "أعون، وأبين" لأنهما من: "العون، والبيان" فنقلت الحركة التي فيها إلى الساكن قبلهما وقلبها ألفاً لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلهما الآن. ونقل عبد القاهر عن شيخه أنه استضعف هذا إذ يؤدي إلى أن يكون الوزن: (أفعل) بفتح الهمزة والفاء وسكون العين، وهو بناء معدوم فلا يحمل عليه. واختار أن تكون الهمزة أدخلت على الماضي بعد حصول القلب فيه، فبقي على حاله. وهذا فيه نظر؛ إذ يلزمه أن يكون الوزن: (أفعل) بفتح الهمزة، والفاء، وهو بناء معدومٌ، وقد وقع فيما فر منه. ومما يضعفه عندي قول النحاة: وأن "أغليت المرأة،

وأجودت، وأطبت، واستحوذ، واستتيست الشأ". إنما يصح ذلك وشبهة منبهة على أن أصل: "أقام، أعاذ، واستقام، واستعاد: أقوم، وأعوذ، واسقتوم، واستعوذ". وقوله: "لا لتعجب" يعني أن فعل التعجب لا تقلب عينه. تقول: "ما أقوله، وما أبيعه" وإنما لم تقلب لوجهين:

الأول: أنه لما لم تنصرف تصرف الأفعال لم يدخلوه الاعلال، بل أجروه في الصحة مجرى الأسماء. والثاني: أنهم قصدوا الفرق بين (أفعل) في التعجب، وبينه في غيره مما كان معتل العين، وكان في التعجب أحق بالتصحيح لشبهه بالأسماء ويدلك على ضعفه في الفعلية ذهاب الأكثرين إلى أنه لا يجوز استعمال المصدر معه، وأنه لا يحول بينه وبين مفعوله بالجار والمجرور قيداً يحط عن درجه آبٍ، ولصحته ذهب الكوفيون إلى أنه اسم. وقوله: "ولا مصرف من عور ونحوه." يريد أن "عور" صح وإن تحركت واوه وانفتح ما قبلها لأنه في معنى: "اعور"، فجعل مثله في الصحة حيث وافقه في المعنى. والمصرف منه هو المضارع، واسم الفاعل، والكفعول كـ: "تعور وعاور ومعمورة

عينه. ومثله: "ازدجروا، وواجتوروا" صححا حيث كانا بمعنى: "تزاوجوا وتجاوروا". وهنا تنبيه: وهو أن من قال عار (فأعله أو [اراد]) أن يعل ما تصرف منه على قياس مثليه فيقول: "تعار، واستعار، وعاى" بالهمز. وقوله: "أو عين فعلٍ جارٍ على فعلٍ مصحح، أوله ميم مكسورة. يعني نحو: "مقال، ومتاع، ومقام" بضم الميم. والأصل: "مقول، ومبيع، ومقوم" فنقلت الحركة إلى الساكن قبلها، وقلبت العين ألفاً. واحترز بقوله: "غير جارٍ على فعلٍ مصحح عن: "معورٍ من: "عور" فإنه يجب تصحيحه لصحة: "عور". واحترز بقوله: "أوله ميم مكسورة" عن "مخيط، ومقولٍ" وإنما صح ذلك لأنه من: "مقوال، ومخياط" ولو اعتل هذا لالتقى ألفان، فلم يكن بد من حذف أحدهما فيقال: "مخاط، ومقال" وحينئذ لا يعلم أيهما (فعال أو مفعل). وقوله: "أو مصدر (افعال واستفعال) يعني نحو: "اقامة واستقامةٍ" والأصل: "اقوام، واستقوام" كـ "اخراجٍ" فالتقى ألفان: الأولى المنقلبة عن العين لاعتلالها.

ومن كلامهم أن الاعلال يؤنس بالاعلال، فوزنها: (إفالة) واستفالة" فنقول على الأول في مثلهما من: "وأيت: إوائةٌ واستوائة" بهمزةٍ". وعلى الثاني: "إوايةٌ واستوايةٌ" بألفٍ. نعم؛ لو خففت الهمزة الأولى لقلبتها ألفاً لسكونها، وانفتاح ما قبلها فيتفق اللفظ حينئذٍ على المذهبين. وقوله: "أُبدل منهما إن لم يجانس حركتها مجانسها بعد نقلها إلى الساكن قبلها". يعني: أن العين في: "أقام، ومقامٍ" متحركةٌ بالفتح وهي واوٌ وغير خفي أن تكون الفتحة لا تجانس الواو، وإنما مجانسها الضمة؛ وكذلك الياء في: "باع ومباعٍ"، وهي مفتوحة، ومجانسها الكسرة. والضمير في: "قبلها" يعود إلى العين، والضمير في "مجانسها" يعود إلى الحركة إذ الفتحة تجانس الألف، وهي بعضها، وقد تقدم الكلام على المعتل بما فيه كفايةٌ. وقوله: "إن لم تكن حرف لينٍ، ولم تعل اللام أو تضاعف". يعني: إن لم يكن الساكن حرف لين نحو: "قاول، وعود، وزين، " وذلك لأنه لو اعتل بالسكون لالتقى ساكنان فيقضي إما إلى حذف أحدهما، أو قبله، والحذف متعذرٌ، والقلب أيضاً يوجب لها تغييراً بعد تغيير، ولأنهما يفتحان إذا سكن ما قبلهما كما في "غني، وطي". ويحترز بقوله: "ولم يعل اللام" ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فلو أعلت العين لاجتمع إعلالان ولم يكن بدٌ من تغيير آخر ويحترز بقوله: "ولم يضاعف" عن "اسواد" لأنه لو أعل تحركت السين وحذفت فلا ندري أهو: (إفعال أو فعل) وهذا واضح.

قال: "وتحذف واو: مفعول، ويفعل بعينه ما ذكر، وإن كانت ياء وقت الإبدال بجعل الضمة المنقولة منها كسرة". قلت: قوله: "وتحذف واو مفعول" وهو قول سيبوبه: وذلك نحو: "مقول، ومعدر" والأصلل: "مقوول ومعدوو" بوزن: "مضروب" فلما قصد أعلاله حملاً على أعلال الفعل نقلت الضمة من الواو التي هي الواوان: العين والزائدة، وذهب سيبوبه إلى أن المحذوفة الزائدة، والوزن (مفعل) وتمسك بوجوه:

الأول: حذف الزائد أولى من حذف الأصل إذ لم يخل الحذف بمعنى والمحافظة على الأصول أولى، وهنا لم يخل إذ بمعنى إذ ليس في اللفظ بينهما فرق بل ذلك أمر حكمي تقديري، والمعنى مفهوم من التقديرين فإذا تعارضا، وتساويا في عدم الاخلال كان حذف الزائد أولى. والثاني: أن الأصل في هذا المثال أن تدل الحركة في العين والميم على اسم المفعول كما في اسم الفاعل نحو: "مقيمٍ" وملومٍ"، وإنما قصدوا بزيادة الواو الفرق يحصل بحذف أيهما كان، وفي حذف الزائد اقرار الأصل، فكان أولى. والثالث: أن المحذوف لو كان الأصل لقيل: مبيوع، إذ لا حاجة إلى قلب الواو ياءً. والرابع: أنه ليس في مذهب سيبويه إلا نقل الحركة والحذف. ومذهب الأخفش النقل والحذف وابدال الضمة كسرة. ومهما قل التغيير كان أولى. وذهب الأخفش إلى أن المحذوفة الأصلية، والوزن: (معول)، واحتج بأن الزائدة لمعنى فيجب أن يحذف ما قبله قياساً على ياء المنقوص، والف المقصور إذا

نوتا، وهذه قاعدة مطردة في الساكنين إذا التقيا وجب تغيير الأول، إما بحذف كما تقدم، أو بالتغيير نحو: "قامت المرأة، ولم يقم الرجل". قال ألو عثمان المازني: "وكلا القولين حسن جميل، ومذهب أبي الحسن الأخفش أقيس من جهة قاعدة الحذف للأول إذا وليه ساكنٌ، ومذهب سيبويه أقل كلفة وعملاً.". وهما تنبيهان: الأول: أن كل واحد منهما خالف أصله في هذه المسألة. أما سيبويه فإن الأصل عنده إذا اجتمع ساكنان والأول منهما حرف لينٍ حذف الأول منهما، وقد رأيت كيف خالف ذلك ها هنا وحذف الثاني. أما الأخفش فإن الأصل عنده أن الفاء إذا كانت مضمومة وبعدها ياء أصلية قلبت واواً لانضمام ما قبله محافظة على الضمة وقد رأيت كيف خالف ذلك هنا فقلبت الضمة كسرة.

بناء الخماسي والسداسي الأجوف

والثاني: أنهما مع ذلك حافظا على أصليهما من جهة أخرى، فحافظ سيبويه على أصله وهو أن الياء التي هي عين إذا انضم ما قبلها قلبت الضمة كسرة فلما رأى العين التي هي الياء في: "مبيع" كسرت غلب ظنه أن الكسرة لأجل الياء. وحافظ الأخفش على أصله وهو أن الياء الأصلية لو بقيت لانقلبت واواً لانضمام ما قبلها فزعم أن الكسرة للفرق بين ذوات الواو والياء. فاعرفه قيداً وصحة. وقوله: "ويفعل بعينه ما ذكر" يعني ما تقدم من نقل الحركة والحذف لالتقاء الساكنين. وقوله: "وإن كانت ياءً وقيت الابدال" بين بما ذكرته، وهو رأي سيبويه. قال: "وتحذف ألف إفعال، واستفعال، وتعوض منها هاء التأنيث". قلت: وقد تقدم أن قولك: "إقوام، واستقوام" لما نقلت الحركة من العين إلى الفاء، ووقلبت الفاء، وحذفت الف (استفعالٍ). وهو رأي سيبويه ولما حذفت إحداهما عوضت منها التاء.

إعلال الإسم الثلاثي

وقال الكوفيون: لا يجوز حذفها إلا في الاضافة كقوله تعالى {وإقام الصلوة} [النور: 37] لأن المضاف إليه كأنه قام مقامها في ذلك، والبصريون يجيزون حذفها في غير إضافة، وهذا مستقصى في المسائل الخلاقية. ولو قال: تاء التأنيث لكان أحسن من قوله: "هاء التأنيث" لأن التاء أصل، والهاء بدل منها للوقف، وقد وقع ذلك في عبارة جملة من المصنفين. قال: "ويعل بهذا الاعلال المذكور من الأسماء ما وافق المضارع في زيادته لا في وزنه، أو فيهما بشرط كونه منقولاً.". قلت: شرط اعلال الاسم غير الثلاثي أن يكون موافقاً الفعل في الحركات والسكنات لكن يخالفه في أحد أمرين: الأول: أن تكون زيادته مختصة بنوعه من الأسماء؛ ألا ترى أن (مفعلا) كـ "مقامٍ"

وهو على وزن الفعل غير أن زائدة وهو الميم لا يكون في الأفعال فيدل ذللك على أنه اسم. والثاني: أن يخالفه في الزنة وذلك كأن يبنى من "البيع" مثل: (مفعلٍ) لقلت: "مبيع"، فنقلت كسرة الياء إلى الباء، ولو بنيت مثل: "يضرب" لقلت: "يبيع" من غير نقلٍ. والفرق بينهما أن في الأولى مع النقل لا يقع لبس بين الفعل والاسم، لأن الوزن فارقٌ، بخلافه في الثاني فإنهما متفقان فيخاف اللبس. وهنا تنبيه. وهو أن المصنف إنما ذكر ما وافق الفعل في الزيادة وخالفه في الوزن كما ذكرناه، ولم يذكر القسم الآخر، والأجود ما فصلته. وقوله: "أو فيهما بشرط كونه منقولاً". أي: يوافقه الزيادة والزنة إذ كان في الأصل فعلاً وسمي به نحو يزيد في الأعلام وذلك لأنه أعل وهو فعل ثم سمي به فبقي على حاله، فقد رأيت موافقة: "يزيد" للفعل في الزيادة وهي الياء، والوزن وهو: (يفعل) كيصرف فاعرفه.

حركة عين المضارع

قال: "فصل. حق المضارع أن يكون ثانيه الحرف الذي هو أول الماضي فحذفت الواو في نحو: يعد لاستثقالها بين ياءٍ مفتوحةٍ وكسرةٍ لازمةٍ ظاهرةٍ أو منويةٍ، وحمل على ذي الياء أخواته". قلت: اعلم أن ثاني المضارع هو أول الماضي، وغرض المصنف بهذا أن يقرر عليك أن أصل: يعد: يوعد" لكن حذفت الواو والحذف على ضربين: حذف لعلةٍ فيطرد حيث وجدت العلة. وحذف لغير علة فيقتصر فيه على السماع. فالأول: يكون في أحرف، منها: الواو في هذا الموضع وهو وقوعها بين ياءٍ وكسرةٍ، وعلته أن الواو جنس الضمة، وتقدر بضمتين والكسرة التي بعدها من جنس الياء التي قبلها، ووقوع الشيء بين شيئين تضادانه أمر مستثقل، فوجب الفرار منه لا سيما إذا

غلب الشيئان الشيء الواحد، وقد وجد ذلك هنا، لأن الياء متحركة فهي كثلاث حركاتٍ والكسرة رابعة والواو بحركتين، فالمتجانسات أكثر فقلبت. يدل عليه أنهم استثقلوا الخروج من كسر إلى ضم لازم لذا مالوا. وفيه عندي نظر؛ لأنهم جعلوا الكسرة رابعة المتجانسات بناءً على أن الياء بكسرتين وهي متحركة لكن هذا يستقيم. إن كانت حركتها كسرة. وأما الفتحة فليست من جنس الكسرة، فإن أريد القريب يعني أنها أقرب إلى الكسرة من الضمة فله وجه، وهو بعيد. وقال بعض المتأخرين: الفعل ثقيل وما يعرض فيه أثقل مما يعرض في الاسم فلما حصل هذا الثقل وجب رفعه وذلك بحذف شيء فلا يجوز حذف الكلمة، فلم يبق إلا حذف الواو. وأيضاً فحذفه أبلغ في التخفيف من حذف أحدهما.

وقال الخوارزمي: إنما حذفت لكونها أجنبية بين أختين حقيقة وفي "تسع" ولكونها أجنبية بين أختين تقديراً لأن الأصل في السين الكسر. وقوله: "بين ياء مفتوحة [يحترز به] من: "يوعد" مستقبل: "أوعد" و "يوزن مستقبل: أوزن" فإن الواو ها هنا تثبت ولا تحذف لأمورٍ. الأول: أن أصل: "يوعد: يؤوعد"، فحذفت الهمزة، فالواو في التقدير ليست بين ياء وكسرة بل بين همزة وكسرة. والثاني أنه لو حذفت الواو بعد حذف الهمزة لتوالى حذفان متلاصقان. والثالث: أن الواو جانسها ما قبلها وهو ضم الياء فلم تبق إلا الكسرة وحدها مضادة فاحتملت، وإن انفتح ما بعدها كانت أحق بالإثبات كقوله تعالى: {ولم يولد} [الإخلاص: 3]. وقوله: "وكسرة لازمةٍ ظاهرةٍ أو منويةٍ" الظاهرة كـ "يعد"، والمنوية: يسع ويهب"، والأصل الكسر، والفتحة عارضةٌ لأجل حرف الحلق، والعارض لا اعتداد به.

إعلال المصدر لاعتلال فعله

وهنا تنبيه: وهو أن أصل "يذر": "يوذر" فحذفت الواو لما ذكرنا، ثم فتحت الذال، وإن لم يكن اللام حرف حلقٍ حملاً على: "يدع" حيث كان بمعناه. قال أبو علي: "كما قالوا: "لا نولك أن تفعل" فادخلوا (لا) على المعرفة حيث كان معناه: لا ينبغي لك." واعلم أن عروض الفتحة هنا كعروض الضمة في: "وجد: يجد" حكاه البشتي في تعليقه. وقوله: "وحمل على ذي الياء اخواته" يعني: حذفت الواو لوقوعها بين () في لغتهم فإنه عندهم معتبرٌ. قال: "والأمر وفعلهٌ مصدراً محرك العين بحركة الفاء وكذلك فعلةٌ من ذي الكسرة المنوية."

قلت: قوله: "والأمر" معطوفٌ على قوله: "وحمل على ذي الياء اخواته" وقد أعلت في الفعل، فأعلت في المصدر، والعلة ذات وصفين: كون الواو مكسورة وهي مستثقلة. وكون (فعلةٍ) معتلاً، واعتلال المصدر باعتلال فعله قاعدةٌ مستمرة. ألا تراك تقول: "قمت قياماً، ولذت لياذاً" والأصل: "قواماً، ولواذاً." فأعلا بالقلب لاعتلال الفعل، ولو صح الفعل لم يعتل المصدر. قالوا: "لاوذ لواذاً، وقاوم قواماً، فصححوا المصدر حيث صححوا الفعل طلباً للتشاكل والتوافق؛ إلا أنه عوض من حذف الواو التأنيث لئلا يدخل الوهن على الاسم الذي هو الأصل، وليس موضعاً للتصريف، ولأن المحافظة على الأصول أولى من المحافظة على الفروع، والذي يدل على أن التاء عوضٌ أنك متى حذفتها أعدت الواو مفتوحة نحو: "الوعد، والوزن" وإنما صح المصدر هنا لزوال أحد وصفي العلة، وهو كسر الواو وأصله، فلم يحذفوا الواو، وإن كانت مكسورةً لأنها لم تحذف في الفعل. وهنا تنبيه: وهو أنه لما قصد حذف الواو لما ذكرنا نقلت كسرة الواو إلى العين ثم حذفوها، وإنما لم تحذف متحركةً لئلا تزيد إعلال الاسم على إعلال الفعل، وهي في الفعل حذفت

ساكنةً لا متحركةً. فإن قيل: فقد قالوا: "وجهة" فجمعوا بين العوض والمعوض عنه.؟ فالجواب من وجهين: الأول: أنها ليست مصدراً جارياً على الفعل بل هي اسمٌ للجهة والتوجه؛ الهاء، والواو تثبت في الاسم نحو: "ولدة" فالاسم "وعدة"، والمصدر: "عدة". والثاني أنها مصدر لكن خرجت مصححة منبهةً على الأصل كـ "القود، واستحوذ" وهذا قول أبي عثمان المازني، وشبهه بـ "ضيون، وحياة، وبنات ألببه.". واستضعف هذا أبو علي في المسائل المشكلة، لأنه لو كان كذلك للزم أن يجئ فعله مصححاً، لأن هذه المعلات إذا صحت في موضعٍ تبعها باقي ذلك، وإن لم يجئ شيء

من هذه الأفعال مصححاً دلالة على أن "وجهه" اسمٌ للتوجه لا مصدر. فإن قيل: قد جاء: "القول والبيع" مصححين مع أن فعلهما معتلٌ فما ينكر في: "الوجه" ذلك؟ فالجواب أن: "القول والبيع" ليسا على وزن الفعل بخلاف: "وجهةٍ" والموافقة في الوزن توجب الاعلال، ألا ترى أن: "بأبأ، وتأتأ" لما وافقا بناء الفعل أعلا، ولم يعل نحو: "عينةٍ وعوضٍ" لعدم موافقته له في ذلك" انتهى كلامه. وفيه عندي نظر من وجهين: أحدهما: أن "وجهةةً" إنما يكون على وزن الفعل إذا اجتمعت الواو والياء حتى يكون حرف متحرك وبعده حرفٌ ساكنٌ، وبعده حرفان كما أن الفعل كذلك، وقد عرفت أن التاء لما كانت عوضاً عن الواو فإنما يقدر دخولها بعد حذفه، ولا يجوز اجتماعهما معه، وإذا لم يجز ذلك فكيف يكون وزنه؟ نعم. له أن يقول إنما يقدر كونها عوضاً بعد حذف الواو، وإلا يجوز اجتماعهما، وهذه كما يقول في الظرف الواقع خبراً لأنه يسوغ اظهار عامله معه إذا كان بدلاً، أما إذا لم يجعله بدلاً من جاز استعماله معه.

والآخر: أن موافقة المصدر للفعل في الزنة لم يذكرها أحد من البصريين. فإن كان قد تفرد بها أبو علي قبل منه لأنه المقدم في هذه الطماعة، ولا يجاريه أحد في اعتقادي. وقوله: "وكذلك فعل من ذي الكسرة المنوية". يعني نحو: "سعة" إذ الأصل فيه: "سعة" بكسر السين فتحت لما تقدم من حرف الحلق، وهذا واضح. قال: واستثقلت همزة: (أفعل) بعد همزة المضارع فحذفت وحملت على ذي الهمزة اخواته، و (المُفعِل والمُفعَل).". قلت: أما "أكرم" فأصله: "أاكرم" بهمزتين الأولى همزة المتكلم، والثانية الزائدة في: "أكرم"، فاستثقل اجتماعهما فحذفت الثانية لأن الأولى لمعنى، ثم حذف في: "نكرم، ويكرم، وتكرم" حملاً على: "أكرم".

وعندي أن هذا أقيس في الحمل من بابا: "أعد" لأن الأصل هنا المتكلم، وباقي الأفعال محمول عليه، وهذا الأصل: "يعد" وهو فعل الغائب، وهم يقولون: المتكلم أصلٌ، فكان حمل فعله أصلاً أولى من حمل فعل غيره أصلاً، وأيضاً فإن المحذوف هنا حرف زائد، وهناك حرفٌ أصلٌ وهو فاء، وحذف الزائد أسهل من حذف الأصل. وقال أبو الفتح: "لو بنينا من "أخذ" مثل: "دحرج" لقلت: "أخذذ، وأقول في المستقبل: "يؤخذذ" كـ "يدحرج" ولا أحذف الهمزة كما حذفت في: "يكرم" لأمرين: الأول: أن: "أخذذ" ملحقٌ بـ "يدحرج"، ولو حذفت الهمزة لاختل الوزن، وبطل الالحاق، وليس من الحكمة أن تقصد شيئاً ثم تفعل ما يبطله. والثاني أن الهمزة أصل فاء، وفي: "أكرم" زائدةٌ، والزائد مستجاز فيه من الحذف ما لا يستجاز في الأصل.". وهنا تنبيه: وهو أنه كان القياس في تخفيف هذه الهمزة أن تقلب واواً لانفتاحها وانضمام ما قبلها فيقال: "أوكرم" كما يقال في: "جؤنٍ: جون" غير أنه واجب في: "أكرم" لاجتماع الهمزتين.

الإدغام

وجاز في "جؤنٍ" لانفرادها. إلا أنهم كرهوا ذلك لأن حرف المضارع قبله بعرضة الزوال من الفعل الأمر، فيقع الواو أولاً، وذلك مما يكرهونه. ألا ترى أنهم امتنعوا من زيادتها أولاً، وقد كرهوها، وإنما جاء بعض ذلك على أصله. قال الشاعر: (فإنه أهل لأن يؤكر ما) وقال الآخر: (وصالياتٍ ككما يؤثنين) وهو: (يؤ فعلين). وقوله: "والمفَعِل والمَفعَلُ" يريد اسم الفاعل، واسم المفعول. نحو: "زيد مكرم عمراً"، وأصله: "مؤكرم" فخفف الهمزة، وكذلك: "زيد مكوم"، وأصله: "مؤكرم" فحذفت أيضاً، وكل ذلك محمول على: "أكرم". قال: "فصل. يدغم أول المثلين وجوباً إن سكن. وليس هاء سكتٍ، ولا همزةً منفصلةً عن الفاء، أو مدةً في آخرٍ، أو مبدلة من غير دون لزوم."

مفهومه في اللغة والاصطلاح

قلت: اعلم أن الادغام في اللغة: "الادخال" قاله ابن دريد. ادغمت اللجام في الفرس: إذا أدخلته في فيه. وقال ابن السراج في تعريفه: "هو وصلك حرفاً بحرفٍ مثله من موضعه من غير فاصلٍ بينهما، ولا وقفٍ، فيصيران بتداخلهما كحرفٍ واحدٍ يرتفع بها اللسان رفعة واحدةً". وقال ابن الحاجب: "هو أن تأتي بحرفين ساكن فمتحرك من مخرج واحدٍ من غير فصلٍ". وقوله: "ساكن فمتحرك" جنس له، وأتى بالفاء ليدل على انتفاء المهلة. وقوله: "من مخرج واحدٍ" فصل يفصله عن () فإنك وإن كنت جئت بساكنٍ ومتحركٍ لكنهما ليسا من مخرجٍ واحدٍ. وقوله: "من غير فصل" ليخرج نحو: "ربياً" فإنه ساكن ومتحرك من مخرجٍ واحدٍ

الغرض من الإدغام

لكنه فصل بينهما. والفصل قد يكون بنقل اللسان من محل إلى محل، أو من المحل ثم إليه، بخلاف النطق بهما دفعةً واحدةً. والغرض به التخفيف. وقال الخوارزمي: الخفة في الادغام من حيث أن التباعد المفرط بين الحرفين يجعل التلفظ بهما بمنزل الوثبة، وذلك أجيز الإبدال، والتقارب للفظ بجعل التلفظ بهما بمنزلة: حجلان المقيد. وقوله: "يدغم أول المثلثين وجوباً إن سكن وليس هاء سكتٍ" يعني أنه متى يسكن الأول وتحرك الثاني وجب الادغام كقولك: "إضراب بكراً". وإنما لم يدغم المتحرك لوجهين: أحدهما: أن الحرف المتحرك أقوى. والحرف الساكن ضعيف، ولهذا أجازوا في

الإدغام والإعلال

قسور قسير وقسور صحيح الواو. ولم يجيزوا في "عجوز، وعمود" إلا القلب فقالوا: "عجيز، وعميد" ولهذا أجازوا حذف الألف في "كسرى" وأوجبوه في: "حبارى"، ولم يحذف أحدٌ الهمزة في حمراء. والادغام نوعٌ من الاعلال، فالمتحرك يتحصن بتحريكه منه، والساكن () بضعفه له. والثاني: أن أبا الفتح قدر أن الحركة تعين الحرف فإذا كان المثل الأول متحركاً كانت حركته فاصلةً بينه وبين الثاني وامتنع الادغام، ومتى كان الأول هاء سكتٍ لا يجوز الادغام كقولك: "اعزه هلالاً" وإن كان أول المثلين ساكناً من قبل أن هذه الهاء تحق الوقف. والادغام اتصال الكلمة الأولى بالثانية، وذلك متناقض.

مواضع الإدغام

وقوله: "ولا همزة منفصلةً عن الفاء" يعني أنه متى كانت الهمزة عيناً ساكنة جاز ادغامها في همزة اخرى نحو: "سأأل ورأأس" وإن كانت غير عينٍ، وهي التي أراد بقوله: "منفصلة عن الفاء" لأن العين متصلة بالفاء، واللام منفصلة عنها، امتنع الادغام، وذلك كأن تبنى من: "قرأت" مثل: "سبطرٍ" فتقول: "قرأيٌ" فنقلت الهمزة الثانية ياءً كراهةً لاجتماعهما، ولا يجوز الادغام. وقد تقدم هذا. وقوله: "أو مدة في آخرٍ () نحو () () لأنهم كرهوا الادغام لما يؤدي إليه من زوال المد الذي هو من ضعفها في هذا المحل، كذا عللوه. وقوله: "أو مبدلة من غيرها دون لزوم" يعني: أن تكون المدة مبدلة من غيرها بدلاً غير لازمٍ، وذلك نحو: "موول" فعلٌ لما لم يسم فاعله من: "ماول".

وقد اشتمل كلامه على احترازين. الأول: أن المدة إذا كانت غير مبدلةٍ أدغمت نحو: "مغزو، ومدعو". والثاني: أنها إذا كانت غير مبدلةٍ ابدالاً لازماً جاز الادغام، وذلك كأن تبني مثل: "أويت" مثل: "أبلمٍ" فنقول: "أو" والأصل: "أأوي" فقلبت الهمزة الثانية واواً قلباً لازماً تجنباً للهمزتين، وأدغمت الواو المبدلة في الواو التي هي عينٌ، ثم أبدلت ضمة هذه كسرةً محافظةً على الياء هي لام، رجرى على الياء الأسكان والحذف كما جرى على ياء: "قاضٍ"، وكون الواو منقلبةً عن همزة أصلية لا يخرجها عن أن تكون للمد، أو هي ساكنةٌ بعد ضمةٍ. قال: "أو تحركا في كلمةٍ واحدةٍ، لم يصدرا، أو لم يكونا واوين متطرفين، أو يائين غير لازم تحريكهما، أو مسبوقين بمدغم [في] أولهما". قلت: متى اجتمع في الكلمة حرفان متحركان وتصدرا إمتنع الادغام لأن من شرطه سكون

الأول، والابتداء بالساكن متعذر، وذلك نحو: "ددن"، وقد مضى ذلك. وقوله: "ولم يكونا واوين متطرفين" يريد: "قوي" وأصله "قوو" فقلبت الواو الثانية ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها، ولما حصل القلب امتنع الادغام لاختلاف الحرفين. ومثله: "ارعوى"، وأصله؛ "ارعوو" كـ "احمر" لكن لما قلبت الواو الثانية امتنع الادغام. وقوله: "أو ياءين غير لازم تحريكهما" يريد: نحو قولك: رأيت المحي" فإن تحريك الثانية غير لازمٍ في الرفع، والجر. كقولك: "هذا المحيي، ومررت بالمحيي".

وقوله: "أو مسبوقين بمدغمٍ في أولهما" يعني نحو: "مس سفر" فإن السين الأولى من: "مس" تدغم في الثانية، فلو رمت ادغام الثانية في: "سفرٍ" لانفك ذلك الادغام. قال: "أو بمزيدٍ للالحاق، أو زائداً أحدهما لذلك، أو عارضاً تحريك ثانيهما." قلت: يريد بذلك لو ألحقت: "ضرباً" بـ "جمحرشٍ" لقلت: "ضربيت"، ولم تدغم لزوال الالحاق وبطلانه فالبآن مغايران ذاك الالحاق، وإما أن يكون أحدهما للالحاق. وقوله: "أو عارضاً تحريك ثانيها" يعني نحو: "إردد القوم" ألا ترى أن تحريك الثانية لالتقاء الساكنين وليس ذلك بلازم.

بناء (فعلان)

قال: "أو كائناً ما هما فيه اسماً يوازن بجملته أو صدره: فَعَلاً أو فِعَلا، أو فُعلاً.". قلت: (فعل) لا يدغم نحو: "طللٍ"، و"شررٍ" لأنه لو أدغم لم يدر أهو: (فعل) بفتح العين في الأصل وسكن لأجل الإدغام، أو (فعل) بسكون العين من أول التركيب. فإن قلت: قد أدغموا نحو: "رد"؟ فالجواب أن هذه الإدغام منفك إدغامه. وعندي فرق آخر فتعلم حينئذٍ أن السكون عارض. وأما: "فعل" فنحو: "سرر" في جمع: "سريرٍ"، و"سررٍ" في جمع: "سرة" وهذا لا يدغم لخروجه عن أبنية الأفعال. قال: "بجملته أو صدره". قلت: يعني: (فعلان) بفتح الفاء والعين، و (فعلان) بضمها، أو (فعلان) بضم الفاء، وفتح العين نحو: "ردان، ورددان، وردان" ومعلوم أن هذه الأبنية على ما ذكر لا جملته، وهذا

حركة المدغم

مذهب الخليل وسيبويه وأبي عثمان. فإن بنيت من: "رددن" مثل: (فعلان) بفتح الفاء وضم العين أو كسرها أدغمت فقلت: "ردان". وكان الأخفش يظهر فيهما، ويقول: "هذا ملحق بالألف والنون فوجب أن يظهر المضاعف ليسلم البناء". قال أبو عثمان: "والقول عندي على خلاف ذلك لأن الألف والنون كالشيء المنفصل، ألا ترى أنهما لا يحتسب بهما في التصغير كما لا يحتسب بألفي التأنيث، ولو احتسبت بهما لحذفا كما يحذف ما زيد على الأربعة". قال: "وتنقل حركة المدغم إلى ما قبله إن سكن، وإن لم يكن حرف مد، أو ياء تصفير.". قلت: اعلم أن أصل: "يرد": "يردد"، و"يعض: يعضض"، و"يجد: يجدد" فنقلت حركة المدغم إلى الساكن قبله ليمكن الإدغام والنطق ( ... ) إن لم يكن حرف لينٍ نحو:

صيغة (أفعل) والإدغام

"دابةٍ" وأصله: "داببة" فحفت حركة الباء الأولى وأدغمت في الثانية، ولم يتنقل حركة المدغم إلى الساكن قبله لأنه حرف مد، وتحريكه يخرجه عن ذلك. وكذلك: "الضالين" وأصله: "الضاللين"، نفعل ما ذكرنا. وقوله: "أو ياء تصغير" وذلك نحو: "مديق" وأصله: "مديقق" فأسكنت القاف الأولى، وأدغمت في الثانية، ولم تنقل حركة المدغم لأن قبله ياء تصغير، وهي لا تتحرك كما أن ألف الجمع كذلك. قال: "فإن سكن المدغم لاتصاله بضمير مرفوع، أو كان ما هما فيه أفعل تعجباً تعين الفك." قلت: "رد" مدغم، فإن اتصل به ضمير متكلمٍ، أو مخاطب فككت الإدغام، فقلت: "رددت"، وذلك لن هذا الضمير يجب سكون ما قبله، ورد إلى الحرف الأول حركته التي كانت حذفت لأجل الإدغام، والفرق بين هذا و"ترد" أن سكون: رددت لازم لا ينفك مع التاء، وفي: "لم ترد" يزول عند زوال الجازم.

فإن قيل: اتصال التاء بـ"رددت" كاتصال الجاز بـ"ترد" فكما أن ذلك لازم فكذلك هذا؟ فالجواب أن التاء بمنزلة الحركة من الكلمة، والجازم كلمة مستقلة فلذلك فرق بنو تميم، فادغموا في نمو: "لم تر" ولم يدغم أحد في: "رددا" إلا في شذوذ ردئ. وأما: (أفعل) تعجباً فنحو: "أشدد" وهذا لا يجوز فيه الإدغام للزوم المثل الثاني السكون وعدم وصول الحركة إليه. قال: "وإن سكن جزماً أو بناء في غير (أفعل) المذكور، أو كان ياء لازماً تحريكها، أو ولي المثلان فاء افتعالٍ، أو افعلالٍ، أو فروعهما، أو كان أولهما بدل غير مدةٍ دون لزوم، أو كانا واوي: "فواوان" ونحوه، جاز الفك الإدغام." قلت: يريد نحو قولك: "لم يرد، ورد، ولم يرود، واردد" أما فك الإدغام وهو لغة الحجازيين فظاهر لتحرك الأول وسكون الثاني، وذلك ضد الشرطر المعتبر فيه. وأما الإدغام- وهو لغة التميميين- فوجهه أن الحركة قد تدخله () عليه، وتلك

الحركة إما لالتقاء الساكنين، أو لتخفيف الهمزة، وإذا كان (أمر) تؤول إلى الحركة فقد صار فيدغم. وقد ورد التنزيل باللغتين قال تعالى: {ومن يرتدد منكم عن دينه} [البقرة: 217]، وقال تعالى: {لا تضار والدة} [البقرة: 233]، ولا بد من ذكر شيء يستدل به على قوة حركة التقاء الساكنين، وقوة حركة الهمزة المخففةة، فالأول يدل عليه قول الشاعر: (لها متنتان خظاتا، كما ... أكب على ساعديه النمر) وأصله: "خظا: يخظو" إذا كثر لحمه، ثم انقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما

قبلها، ثم دخلت تاء التأنيث وهي ساكنة فحذفت الألف لالتقاء الساكنين، فقيل: "خظيت" فلما كان ألف الضمير فتحت الياء لالتقاء الساكنين، وإن كانت الحركة عارضة. والثاني: يدل عليه قول بعضهم: "لحمر"، وذلك أن أصله: "الأحمر" نقلت حركة الهمزة إلى لام التعريف فبقي: "ألحمر" فحذفت همزة الوصل لأجل تحرك اللام، ولو كانت الحركة المنقولة من الهمزة غير معتد بها لم يجز ذلك. وقوله: "أو كان ياء لازماً تحريكها". يريد نحو: "حيي". أما إدغامه فلاجتماع المثلين، فيسكن الأول، ويدغم في الثاني وأما فكه فلأنهم رأوا ذلك يفضي إلى ضم الياء في المضارع، وذلك مرفوض. وقوله: "أو ولي المثلان فاء افتعال، أو افعلالٍ، وفروعهما". يريد نحو: "اقتتل اقتتالاً"، و"اجواع اجوواعاً" فالأول قال ابن السراج: واستثقلوا

الإدغام في (إمتثل)

فليس بملحق، والعرب تختلف في الإدغام وتركه، فمنهم من يجريه مجرى المتصلين فلا يدغم كما لا يدغم. "اسم موسى" وإنما فعل به ذلك لأن الياء دخلت لمعنى، فمن كره الإدغام كره أن يزيل البناء الذي دخلت له، فيزول المعنى، وأيضاً فالياء غير لازمةٍ بخلاف راء: "احمررت". ومنهم من ادغم لما كان الحرفان في كلمةٍ، ومضى على القياس وكسر القاف لالتقاء الساكنين، فقال: "قتلوا"، وقال آخرون: "قتلوا" بفتح القاف، القوا عليها حركة الياء، وتصديق ذلك من قراءة من قرأ: {إلا من خطف الخطفة}. بفتح الخاء، فعل ما ذكرنا. قال السيرافي: الإدغام في: "امتثل" على وجهين: قيل: بفتح القاف وكسرها. أما المضارع فعلى أربعة أوجهٍ:

تقتل: بفتح التاء والقاف. وتقتل: بكسرهما. وتقتل: بفتح التاء، وكسر القاف. وتقتل: بتسكين القاف. فمن فتح القاف ألقى عليها حركة التاء، ومن كسرها لم يلق عليها حركة التاء بل يحركها لالتقاء الساكنين، وكانت كسرة الاتباع، والاسكان مع الادغام ضعيف، ولكن الناس ينكرونه. وقيل في اسم الفاعل منه على الادغام: "مقتلين" بكسر الميم والقاف، ومنهم منت يضمهما فيقول: "مقتلين" فيتبع، ومنهم يكسرها اتباعاً للميم كسرة القاف. ومصدره على الاظهار: "اقتتال"، وعلى الادغام: "قتال" حذفت همزة الوصل

استغناء بحركة القاف المنقولة إليها من [التاء] المدغمة وإن شئت قلت إن كسرة القاف لالتقاء الساكنين. والياء في قولك: "احواوى"، وأصله: "احواوو" فقلبوا الواو الثانية ألفاً. فإن قيل: فهلا ادغموا؟ فالجواب ما قاله أبو القاسم الزمخشري وهو أن الادغام يصيرهم إلى ما رفضوه من تحريك الواو بالضم نحو: ["يغزو ويسرو"] لو قالوا: "احواو: يحواو" قال الخوارزمي: فيه نظر لأن رفع الواو في يغزو مستثقل بخلاف: "يحواوٍ" لكونه مشدداً. ومصدره: "احوياء" وأصله: "حويواء" فالياء منقلبة عن الف: "احواوي" ثم تقلب الواو ياء لاجتماعهما على الوصف المشروط، وتدغم.

فإن قيل: فقد منع سيبويه من قلب الواو ياء في: "سوير" لأن الواو بدل من ألف: "سائرٍ"، ولكن يقلبه ها هنا لأن الياء التي قبلها بدل من الف: "احواوى"؟ فالجواب: أن "سوير" فعل ضمر أوله للدلالة على فعل ما لم يسم فاعله. والمصدر ليس كذلك لأنه قد تلحقه زيادات حروفٍ على الفعل كقولك: "كفر تكفيراً". ألف "احواوى" في مصدره، والفعل المسمى للمفعول لا يتغير في حركاته دون الحروف. ومن قال: "اشهيباب" قال "احويواء". ثم إن شئت تركته مظهراً وإن شئت ادغمت فقلت حوا. وقوله: "وفروعها". يريد فروع الفعل الماضي، والمضارع دون (افعال)، فإنه

لا يجيء فيه شيء من ذلك. وقوله: "أو كان أولها بدلاً غير مدة دون لزوم.". يريد نحو: "ييا" تخفيف "رئيا" فأولهما بدل من الهمزة، وهو غير مدة لكونه عين الكلمة غير زائدة، وليس البدل بلازمٍ وجائز فيه الإدغام والفك وقد تقدم تعليله. وقوله: "أو كانا واوي مووان". اعلم أن سيبويه قال في (فعلان) من: "قويت": "قووان. وقال أبو العباس المبرد هذا غلط من سيبويه، يجب إن لم يدغم أن يقول: "مويان" فيكسر الواو الأخرى لتنقلب الثانية ياء هرباً من اجتماع واوين، الأولى مضمومة، والأخرى متحركة وذكر أنه قول أبي عمر الجرمي.

قال: والوجه عندي إدغامه ليسلم من اجتماعهما، والكسر حصل فيها منه التباس: "فعلان بـ بعلان". فإن قيل: فمع الإدغام يفع اللبس أيضاً، فالجواب أنه لو كان (فعلان) بكسر العين لقيل: "قويان". وامتنع الإدغام حينئذ لاختلاف الحرفين، فلما ادغم ولم يعل ذلك دل على أن فعلان بضم العين لا غير. فعند سيبويه يجوز الإظهار محافظة على البناء، والإدغام؛ لأن المثلين في كلمة واحدة. هذا آخر ما تيسر بعون الله عز اسمه من شرح هذا التصريف، وأسأل الله تعالى أن ينفع به من ينصفني في حالتي النظر والتعسف. تم الكتاب ولله الحمد والمنة. اللهم صل على محمدٍ وآل محمدٍ، واغفر لكاتبه، وانفعه بالعلم، واجعله من خيار أهله، حسبنا الله ونعم الوكيل. نجز بحمد الله وتيسيره في رجب سنة ست وسبع مائة.

§1/1