شرح ابن ماجه لمغلطاي

علاء الدين مغلطاي

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم ترجمة المصنف اسمه ونسبه: هو: الإِمام الحافظ علاء الدين مغلطاي بن قليج بن عبد الله الحنفي، ولد سنة تسع وثمانين وستمائة من هجرة أبي القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسمع من الدبوسي والختني وخلائق، وولي تدريس الحديث بالظاهرية بعد ابن سيّد الناس وغيرها، وله مآخذ على المحدثين وأهل اللغة. ولد سنة تسع وثمانين وستمائة. نشأتَه وطلبه للعلم: نشأ مغلطاي- رحمه الله تعالى- في بيت علم وفضل؛ فنشأ نشأة دينية طاهرة، وتلقى فيها معارفه الأولى على والده وأهل العلم والفضل في بلدته، فحفظ القرآن الكريم وجوّده. وكان- يرحمه الله- كثير الاشتغال بمطالعة كتب الحديث والتاريخ والأدب، وهو لا يزال مشتغلا بحفظ القرآن الكريم. وممّا ساعد مغلطاي على طلب العلم والنبوغ المبكّر: وجوده وتربيته في بيت العلم والفضل، كما أنّ أكثر أهل بلده كانوا- كذلك- من أهل العلم والفضل. واستطاع مغلطاي أن يستفيد من علماء عصره، وما أكثرهم، فأخذ يطلب العلم بجميع فنونه على مشايخ عصره، وظلّ ينتقل بين العلماء، يتلقَّى عليهم، ويستفيد منهم، حتى صار إماما يشار إليه بالبنان، ورأسا يرحل إليه؛ فقصده طلاب العلم والمعرفة للأخذ عنه، من اليمن، والهند، وغيرهما حتى صار صيته في جميع البلاد، وانتفع بعلمه كثير من النّاس.

ثناء العلماء عليه صفاته الخلقية كثيرة مشهورة، ومناقبه جمّة، فقد بدأ حياته منقبضا عن النّاس، لا يتصل بأحد منهم، إلا في طلب العلم ونشره، وكان يرسل فتاواه ويصدر أحكامه دون أن يتقاضى عليها أجرَا. والشّيخ لم تكن الدُّنيا أكبر همّه؛ لأنه كان يعلم أنّ عرضها الزائل لم يكن يشغله عن الهدف الأسمى الذي وضعه لنفسه؛ وهو نشر دين الله تعالى، وإحقاق الحقّ. ولذلك كان يقدّر أهل العلم والفضل، الذين لا يتكالبون على جمع حطام الدُّنيا، والتقرّب إلى الحكّام، وكان يعش حياة بسيطة مقشفة، فلم يسمع منه أحد من تلامذته كلمة مؤذنة بالخضوع لمطلب من مطالب الدُّنيا، لا تصريحَا ولا تلويحَا. وكان- رحمه الله تعالى- بارَا بشيوخه وتلاميذه، فتح أمامهم أبواب العمل، ودافع عنهم، وتشفع لهم عند الأئمة في كل أمر وقعوا فيه. وبالرغم من حدة ذكائه، وجودة ذهنه، فكانت قسوته على الأفكار لا على الأشخاص؛ لأنه كان يدرك أنه سبق جيله بأجيال، فترك ثروته الفكرية والعلمية لتتفاعل مع الزمن، يكشف عن وجهها ما تبديه قرائح العلماء. مصنفاته كان الإمام مغلطاي عارفَا بالأنساب معرفة جيّدة، وأمّا غبرها من متعلّقات الحديث فلهَ بها خبرة متوسطة، وتصانيفه أكثر من مائة منها: 1- شرح البخاري- لم يكمل. 2- شرح أبي داود- ولم يتمه وجمع. 3- أوهام الأطراف. 4- ذيل على التهذيب. 5- ذيل على المؤتلف والمختلف- لابن نقطة.

6- الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم. 7- رتب المبهمات على الأبواب. 8- رتب بيان الوهم لابن القطّان. 9- تخريج زوائد ابن حبان على الصحيحين، وكانت وفاته في رابع عشري شعبان سنة اثنتين وستين وسبعمائة من هجرة أبي القاسم صلى الله عليه وسلّم.

مقدمة التحقيق

مقدمة التحقيق الحمد لله رب العالمين، قيوم السموات والأرضين، مُدبِّر الخلائق أجمعين، باعث الرسل- صلواته وسلامه عليهم- إلى المكلَّفين؛ لهدايتهم وبيان شرائع الدِّين، بالدلائل القطعية وواضحات البراهين. أحمده على جميع نعمه، وأسأله المزيدَ من فضله وكَرَمه. وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهَّار، الكريمُ الغفَّار. وأشهد أنّ سيدنا محمدا عبده ورسوله وحبيبه وخليله، أفضل المخلوقين المكرَّم بالقرآن العزيز، المعجزة المستمرة على تعاقب السنين، وبالسنن المستنيرة للمسترشدين، المخصوص بجوامع الكلم وسماحة الدين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين والمرسلين، وآل كل وسائر الصالحين. أما بعد: فقد يسَّر الله بفضله وكرمه، مكتبة نزار الباز بمكة المكرمة وفروعها المختلفة بالمملكة، نعمة خدمة كتب السنن، وتقديمها للناس بهذا التحقيق، والتخريج المفيد، والتعليق النافع، والطبع الأنيق، والفهرسة المعُينة الميسَّرة، التي تساعد القارئ على استعمال الكتاب، والحصول على جوهرة العلم الثَّمين في أيسر وقت؛ ليجلى ضالّته التي اختفت عليه في طيَّات صفحات عديدة، ومجلَّدات كثيرة، يصعب عليه فرزها لحصوله على ما خفي عليه. وجزى بالخير الأخ الأستاذ نزار مصطفى الباز صاحب هذه المكتبة على ما قدّم من خدمة السُّنة المطهرة من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقوال الصحابة والتابعين والعلماء والمفتن، وكلّ من نهج نهجهم إلى هذا العصر الذي أرسل الله فيه رجالا تحفظ دينه وتنشر سنة نبيّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. واليوم تقدّم مكتبة نزار الباز:"شرح سنن ابن ماجة"لأحد حفاظ عصره: الإمام علاء الدّين مغلطاي الحنفي، رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جنَّاته مع النبيين والصديقين والشهداء، ومن نهج نهجهم بصالح الأعمال إلى يوم يبعث الله العباد ليوم الميعاد.

وهذا الكتاب"السنن"، أحد المصادر المعتبرة التي جمعت الكلام النبوي الشّريف، والسنّة المطهرة، باتباع منهج سليم واضح، بعيد عن الهوى والتعصّب، الذي سار عليه بعض أهل الزيغ من الذين وضعوا نصب أعينهم الفكرة المسبقة؛ فهم يجمعون ويصححون تبعا للمذهبية والتقليد. وقد قام الإمام الحافظ علاء الدين مغلطاي بشرح سن ابن ماجة، إلَّا أن المنية اخترمته قبَل أن يتمّه. وهذا الشّرح الوافر الذي قام به مغلطاي، وضع قواعده على "سنن ابن ماجة"التي ضمّت صحيح البخاري، ومسلم، وسنن أبي داود والترمذي والنسائي والدرامي، وموطأ مالك، ومسند أحمد، وصحيح ابن خزيمة، والمختارة، وما يماثلها من الكتب التي اعتمدت المنهجية والأمانة والدّقة في نقل الأحاديث. واليوم أيها المسلم الكريم، نضع بين يديك الطاهرتين:"شرح سنن ابن ماجة"لعلاء الدين مغلطاي بما فيه من أحاديث مصححة ومضعفة، أشار إليها الشّارح بسلسلة طويلة في الجرح والتعديل لسلسلة الإِسناد، وقد قمنا- بفضل الله تعالى- بوضع حكم الصحة أو الحسن أو غيرهما لنضع الحكم النهائي على الحديث بتخريج وتعديل العلماء كل على حسب جهده، وقد اعتمدنا في ذلك على كتب الجرح والتعديل مثل"التهذيب"و"التقريب" و"الثقات"و"الجرح والتعديل"و"الميزان"و"لسان الميزان " و"الضعفاء الكبير " و"الفوائد"و"اللآلئ"و"الموضوعات"و"المجروحين"و"المغني في الضعفاء"وغيرهم من الكتب. ثم نضع حكم"الشّيخ الألباني "، إلا أننا وجدنا بعض الاختلافات في الحكم على الحديث بين مغلطاي والألباني، تنبهّنا من هذا الاختلاف أنّ مغلطاي لم يعتمد على قاعدة ابن حبّان في الجرح والتعديل، حيث يخلط أحيانا في الجرح والتعديل للعلم الواحد، وهذا وجهة الخلاف بينهما- نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا من الزيغ، ويغفر لنا ذنوبنا، ويرحمنا رحمة واسعة من عنده، ويغفر لصاحب المكتبة التجارية الذي يأتي لنا بكلّ نادر عزيز، وأن يبارك الله له في نفسه وأهله والعاملين معه، وصلى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلم.

عملنا في الكتاب ووصف المخطوط

عملنا في الكتاب ووصف المخطوط (1) قمنا بنسخ الخطوط، ووضع خطّة التحقيق أثناء النسخ، حيث الإمام علاء الدين مغلطاي كان واسع الاطلاع، متنّوع الثقافة، متبحرا في سائر العلوم النقلية والعقلية، والمطلع في كتابه يدرك تنوّع الكتب والمصادر التي أخذ"مغلطاي " منها شرحه هذا، كما يدرك سعة اطلاعه، حيث يحيط بالمسائل الأصولية من جميع جوانبها، بالرجوع إلى كتب اللغة، والحديث، والتفسير، علاوة على أمهات كتب الأصول، الأمر الذي جعل كتابه هذا موسوعة علمية لا يستغني عنها أي باحث. (2) وقد اعتمدنا في النسخ على مخطوطتين، الأولى: مخطوط دار الكتب المصرية- مكونة من"155"لوحة، مقياس 18* 27 سم. وينتهي هذا المخطوط ب"باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة- وهذا المخطوط برقم"2750"حديث. والمخطوط الثاني: هو مخطوط"حيدر آباد " بالهند- وفد بدأ بـ " باب تحت كلّ شعرة جنابة"إلى آخر الكتاب - ويقع تحت رقم"1200"حديث، أسطره"17"، مقاسه 40* 20 سم. (3) بعد نسخ المخطوط، قسّمنا الكتاب إلى جمل وفقرات، وصحّحنا ما فيه من اللغة؛ لكي يستطيع أن يستوعبها القارئ العادي. (4) قمنا بتخريج الآيات من المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم للشيخ محمد فؤاد عبد الباقي. (5) قمنا بتخريج الأحاديث من المعاجم والموسوعات المختلفة، والحكم على الحديث بالصحة أو الضعف بتصحيح سند الحديث، ووضع حكم الشّيخ الألباني كلّما أمكن ذلك.

(6) وقمنا بوضع مفردات اللغة التي تساعد القارئ على فهم الكتاب، وذكر الفوائد المشتملة عليها. وأخيرا..... أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يرحمني يوم لا ينفع مال ولا بنون، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله. ***

صور المخطوط

صور المخطوط

لوحة الغلاف للجزء الثاني من المخطوطة الأولى

اللوحة الأولى من الجزء الرابع من المخطوطة الثانية

بسم الله الرحمن الرحيم (1) /وصلى (2) الله على سيدنا محمد (3) وآله (4) وصحبه وسلَّم، قال الإمام العلامة أبو عبد الله بن ماجة رحمه الله تعالى:

_ (1) قوله:"بسم الله الرحمن الرحيم"، اختلف العلماء في البسملة، هل هي آية من كل سورة افتتحت بها، أو هي آية مستقلة أنزلت للفصل بها بين السور، وللتبرك بالابتداء بها، والمختار القول الثاني. واتفقوا على أنها جزء آية من سورة النمل، وعلى تركها في أول سورة براءة؛ لأنها جعلت هي والأنفال كسورة واحدة. وابتدأ بها المصنف لقوله:"كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بسم الله فْهو أبتر"وفي رواية: "أجذم"، إتحاف (3/466) وكنز (2511) وتذكرة (80) . (2) قوله:"وصلى الله"، الصلاة في اللغة: الدعاء، قال تعالى:"وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم"، وأصح ما قيل في صلاة الله على رسوله هو ما ذكره البخاري في صحيحه، عن أبي العالية قال:"صلاة الله على رسوله ثناؤه عليه عند الملائكة"، والمشهور أن الصلاة من الملائكة الاستغفار كما في الحديث الصحيح"والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي فيه"يقولون: اللهم اغفر له اللهم ارحمه"، ومن الآدميين: التضرع والدعاء. (شرح العقيدة الواسطية لهراس: ص/12) . (3) قوله:"محمد"، قيل لجده عبد المطلب لِتم سميته محمد وليس من أسماء أبائك ولا قومك؟ فقال: رجوت أن يحمد في السماء والأرض، وقد حقق الله رجاءه، وإنما خصه بالذكر دون غيره من أسمائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لشهرته وذكره في القرآن أكثر من غيره. (حامدي على الكفراوي) (4) قوله:"وآله"، آل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند الإمام الشافعي: أقاربه المؤمنون من بني هاشم والمطلب لحديث مسلم في الصدقة:"إنها لا تحلَ لمحمد، ولا لآل محمد"، وقال في حديث رواه الطبراني:"إن لكم في الخمس ما يكفيكم، أو يغنيكم"وقد قسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخمس على بني هاشم والمطلب تاركا أخويهم بني نوفل، وعبد شمس مع سؤالهم له. (تدريب الراوي: 1/60)

كتاب الطهارة

كتاب الطهارة 1- باب ما جاء في مقدار الوضوء والغسل من الجنابة - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أبي ريحانة، عن سفينة قال:"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع"هذا حديث رواه مسلم (1) في صحيحه، وخرجه هو والدارمي في مسنده (2) بسماع إسماعيل بن أبي ريحانة. وفي بعض طرقه:"أو قال يطهره المد"، قال: وقد كان كبر وقال: أبي يحدثه، ولفظ العسكري:"كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغسله الصاع من الجنابة ويوضيه المد" (3) . وقال فيه أبو عيسى: حسن صحيح، وبنحوه قاله أبو علي الطوسي في أحكامه، وفيه علة خفيت على من صححه، وهي الانقطاع المنافي للصحة فيما بين أبي ريحانة وسفينة. نص على ذلك أبو حاتم البستي، فإنه لما ذكره في الثقات تردد في سماعه من سفينة بعد وصفه إياه بالخطأ! وبنحوه ذكره الإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل فإن محمد بن موسى لما سأله عنه قال: ما أعَلم إلا خيرا، قلت: سمع من سفينة! قال: ينبغي هو قديم سمع من ابن عمر، فهذا من أبي عبد الله ظن وحسبان لا قطع ببرهان ولا كل من سمع من شخص ينبغي له السّماع من قرينه، هذا الزهري سمع من

_ (1، 2) صحيح. رواه مسلم في الحيض باب:"10"رقم"51"والترمذي (56، 609) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (المياه باب:"14") وابن ماجة (ح/267، 268، 269) وفي أحمد (6/121، 133) والبيهقي (1/194، 195) والطبراني (7/96) والقرطبي (5/214) ومعاني (2/50) وأصفهان (1/270) والدارمي (ح 688) وبلفظ: "كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ ويغتسل بالصاع". (3) بنحوه صحيح. رواه مسلم في (الحيض باب"10"رقم"52"وإتحاف (4/55) ومعاني (2/50) . قلت:"إلا أن السند المذكور أعله الشارح بالانقطاع".

جماعة من الصحابة، منهم ابن عمر، ولم يسمع من بعض التابعين، والحسن سمع من علي وأبي عثمان، ولم يسمع ممن توفى بعدهما بنحو من ثلاثين سنة والله أعلم، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث مرجا بن رجاء بن ريحانة ثم قال: ولم يروه عن مرجا إلا يعقوب بن إسحاق الحضرمي حديث أبو بكر بن شيبة عن يزيد بن هارون عن همام عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت:"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع". هذا حديث إسناده صحيح متصل، وإلى هذا سار أبو عيسى، وفي كتاب أبي داود: رواه أبان عن قتادة قال: سمعت صفية، يعني بذلك ما رواه أبو ذكر البيهقي في السن الكبير/، ثنا أبو الحسن علي بن أحمد المقري، نا أحمد بن سليمان، نا جعفر وسالم، نا عفان، نا أبان به في سن الدارقطني بنحو المد وبنحو الصاع، وقال في العلل، رواه عن قتادة: الدستوائي وابن عروة وعمران القطان والجماعة وابن الزبير، وقيل عن شعبة كلّهم عن قتادة عن شعبة، وقال عمرو بن عامر: عن قتادة عن ابن المسيب عن عائشة، وقال حماد بن سلمة: عن قتادة عن معاذة عن عائشة، وقال شيبان: عن قتادة عن الحسن عن أمه عن عائشة، وأصحها قول من قال قتادة عن صفية، ورواه أبو حصين وإبراهيم بن المهاجر عن صفية، قال: وهو غريب بهذا الإِسناد. ورواه أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب التمييز بإسناد صحيح عن محمد ابن عبيد، نا يحيى بن زكريا عن موسى بن عبد الله الجهني، وكان ثقة، قال لي مجاهد: بقدح حررته ثمانية أرطال، وقال: أخبرتني عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغتسل بمثل هذا في مسند أحمد بن منيع البغوي حررته ثمانية أو تسعة أو عشرة أرطال، وفي هذا الحديث بيان لصحة سماع مجاهد من عائشة، وسيأتي بيان ذلك بعد إن شاء الله تعالى في قول الدارقطني: وقال حماد عن قتادة عن معاذة عن عائشة نظرا لما قال. رواه الكيني في سننه عن أبي عمر ثنا حماد عن قتادة عن صفية أو معاذة- شَك حماد- عن عائشة فهذا كما ترى 3- حماد لم ينقل عن واحدة منهما خبرا ما والله أعلم. حدثنا هشام بن عمار، نا الربيع ابن بدر، نا ابن الزبير بن جابر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان يتوضأ

بالمد ويغتسل بالصاع"هذا حديث في إسناده علّتان، الأولى: ضعف الربيع (1) ابن بدر الملقب عليلة، فإن أبا إسحاق الجوزجاني وهاه، وقال أبو حاتم الرازي: ذاهب الحديث، وقال النسائي والأزدي والدارقطني، متروك الحديث، وقال البستي: كان يقلب الأسانيد ويروى عن الثقات المعلومات، وعن الضعفاء الموضوعات، وقال أبو داود: لا يكتب حديثه، وقال يعقوب بن سفيان الفسوي في تاريخه الكبير: لا يُكتب حديثه، وقال في موضع آخر: ضعيف متروك، وقال البخاري في الأوسط: مخالف، وذكره الساجي والعقيلي والبلخي وأبو أحمد بن عدي وأبو العرب القيرواني وأبو إسحاق الحربي/في الضعفاء، الثانية: الاختلاف في سماع محمد' بن مسلم بن بدر بن أبي الزبير عن جابر، حتى قال أبو الحسن القطان وغيره: كما لم يصرح فيه بالسماع، ولم يكن من رواية الليث عنه منقطع، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث الربيع بن صباح عن أبي الزبير وقال: لم يروه عن الربيع إلا الوليد بن مسلم. تفرد به محمد بن أبي التبري، ومن حديث أبي جَص محمد بن علي بن الحسين عن جابر بمثله، وقال: لم يروه عن شعبة- يعني عن مخول بن راشد- عن جعفر عنه إّلا سعد بن عامر الضبعي: ولفظه عن جابر في المعجم الكبير:"يجزئ من الغسل صاع ومن الوضوء مد" (2) وأرسله ابن أبي شيبة في المصنف. رواه عن عبد الرحمن بن سليمان عن الحجاج عن أبي جعفر به، وقد وقع لنا هذا الحديث من طرق صحيحة سوى ما أسلفناه، ذكرها أبو عبد الله في مستدركه عن أبي بكر بن إسحاق، نا محمد بن عبد الله الحضرمي، نا هارون بن إسحاق، نا محمد بن فضيل عن حُصَير عن سالم عن سالم بن أبي الجعد عن جابر وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه

_ (1) الربيع بن بَدر عُلَيلَة السعدي، عن ثابت. قال الدارقطني وغيره:"متروك". وضعْفه أبو داود. روى له الترمذي وابن ماجة. (المغني في الضعفاء: 1/227/2087) . (2) مرسل. رواه ابن أبي شيبة في"مصنفه" (1/65) وابن خزيمة في"صحيحه" (117) وأحمد في"المسند" (3/370) . والبيهقي في"الكبرى" (1/195) .

بهذا اللفظ، ولما ذكره أبو داود في سننه من حديث أحمد نا هشيم نا يزيد بن أبي زياد عن سالم به، ضعفه أبو محمد المنذري يزيد بقوله: لا يحتج به، وفيه نظر في موضعين، الأول: اضطرابه في يزيد؛ فتارة يحسن حديثا هو فيه، وتارة يضعفه كما فعل هذا، وتارة يسكت عنه موهما صحته، وسنبيّنه، إن شاء الله تعالى- في أليق المواضع به، وليس لقائل أن يقول فعله ذلك لما يقصده من متابع أو شاهد أو عدمهما، لما أسلفناه من متابعة الربيعين وابن الحسن وحصين، الثاني: محمد بن فضيل الثقة العدل رواه عن يزيد وحصن عن سالم فسلم الحديث من طعن إن كان في يزيد. ذكر ذلك أبو بكر البيهقي عن الحاكم، نا أبو العباس، نا أحمد بن عبد الجبار نا بن فضيل به، وعلى البيهقي في هذا الإسناد استدراك؛ لأجل ضعف أحمد بن عبد الجبار وعدوله عن حديث الحاكم المذكور إلى هذا، ورويناه في كتاب الحافظ أبي بكر بن خزيمة عن هارون بن إسحاق الهمداني في كتابه، نا ابن فضيل عنهما/ يذكره حدثنا محمد بن الصباح وعباد بن الوليد قالا: حدثنا بكر بن يحيى بن زيان، نا حبان بن علي عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن أبيه عن جدّه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"يجزي من الوضوء مد ومن الغسل صاع، فقال رجل: لا يجزينا فقال: من كان يجزئ من هو خير منك وأكثر شعرا، يعني النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم" (1) هذا حديث في إسناده ضعفان. الأول: حبان (2) بن علي العنزي بن علي الكوفي- رحمه الله وغفر له- روى عن التابعين، قال فيه حجر بن عبد الجبار: ما رأى فقيها بالكوفة أفضل منه، وقال يحيى بن معين: صدوق، وفي

_ (1) ضعيف الإسناد. رواه ابن ماجه: (ح/270) . وفي الزوائد: إسناده ضعيف لضعف حبان بن يزيد. قلت: ولكن الحديث له طرق صحيحة. صححها الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجة. (2) حبان بن علي العَنزِي، عن التابعين، ضعفه النسائي وجماعة، ولم يترك. وقال ابن حجر: ضعيف من الثامنة، وكان له فقه وفضل. روى له ابن ماجة) المغني في الضعفاء للذهبي: 1/145/1277) .

رواية: ليس حديثه بشيء، وقال ابن نميرة: في حديثه وحديث أخيه مندل بعض الغلط، وقال أبو زرعة: ليّن، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وسئل عنه ابن المديني فضعفه، وقال الدارقطني: متروك رموه، قال، ضعيف ويخرج حديثه، وقال أبو الحسان الزيادي توفى سنة اثنتين وسبعين ومائة، ويقال سنة إحدى فإن مولده سنة إحدى عشرة، وقال البخاري: ليس هو عندهم بالقوي: وقال النسائي: ضعيف، وكذلك قاله ابن سعيد، وقال العجلي: صدوق، وقال الخطيب: كان رجلا صالحا دينا، وقال أبو داود: لا أحدّث عنه، وقال المرزباني قال حبان لأخيه مندل وكان يسمى عمرا: عجبا يا عمرو من غفلتنا ... والمنايا مقبلات عنفا قاصدات نحونا مسرعة ... تتخللن إلينا الطرقا وإذا أذكر فقدان أخي ... أتقلب في فراشي أرقا وأخي ابن أخ مثل أخي ... قد جرى في كل خير سبقا وقال ابن قانع: ضعيف، وبنحوه قاله ابن طاهرٍ. الثاني: يزيد (1) بن أبي زياد، وقد اختلف فيه فأمّا البخاري في الأوسط فإنه قال: ابن زياد أو ابن أبي زياد عن الزهري منكر الحديث، وتتبع ذلك عليه أبو محمد بن أبي حاتم فقال: قال أبو زرعة: إنّما هو يزيد بن أبي زياد، وسمعت أبي يقول كما قال انتهى. فعلى ما أسلفناه في التاريخ الأوسط لا وهم عليه،/وكذا فرّق النسائي بين ابن زياد وابن أبي زياد وقال في ابن زياد: متروك الحديث، وقال الآجري: سألت أبا داود عن ابن أبي زياد فقال: ثبت لا أعلم أحدا يترك حديثه وغيره أحب إليّ منه، وقال ابن سعد: كان ثقة في نفسه إلا أنّه اختلط في آخر عمره فجاء بالعجائب، وقال ابن المديني وابن معين: ضعيف الحديث لا نحتج به، وقال ابن المبارك: أرْمَ به، وقال أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث، كل أحاديثه موضوعة وباطلة، وقال ابن حبان: كان

_ (1) يزيد بن أبي زياد، ويقال ابن زياد الشامي، عن الزهري. قال البخاري:"منكر الحديث". وقال النسائي:"متروك". (المغني في الضعفاء للذهبي: 2/749/7102) .

صدوفا إّلا انه لما كبر ساء حفظه وتغيّر، وكان يلقّن ما لقن فوقعت المناكير في حديثه فسماع من سمع منه قبل التغيّر صحيح، وبنحوه ذكره الساجي، وذكر ابن الجوزي يزيد بن زياد ويقال ابن أبي زياد ويقال أبو زياد اسمه، واسم ابنه: ميسرة في ترجمة واحدة وبنحوه ذكره ابن سرور المقدسي وذكر أنّ مسلما روى له وقال ابن نمير: ليس بشيء، وقال الترمذي: ضعيف في الحديث، الثالث: عبد الله (1) بن محمد بن عقيل بن أبي طالب أبو محمد الهاشمي المدني سمع جماعة من الصحابة، كان أحمد بن حنبل وإسحاق يحتجان بحديثه، ولكن ليس بالمتين عنهما. قاله الحاكم، وقال ابن سعد: منكر الحديث لا يحتج بحديثه، وكان كثبر العلم، ومات سنة خمس وأربعين ومائة. وقال أبو معمر: كان ابن عيينة (2) لا يحمد حفظه، وقال ابن معين: ليس بذاك، وفي رواية: ضعيف، وقال أبو حاتم: ليّن الحديث ليس ممن يحتج بحديثه ونكتب حديثه، وهو أحب إلينا من تمام بن نجيج، وسئل عنه أبو زرعة فقال: يختلف عليه في الأسانيد، وقال العجلي: جائز الحديث، وقال الترمذي: صدوق لكن تكلّم فيه بعضهم من قبل حفظه، وقال الفسوي: صدوق وفي حديثه ضعف، وقال ابن عدي: نكتب حديثه وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ يحدث على التوّهم فيجئ بالخبر على غير سننه فوجب مجانبة أخباره، وأما الحاكم فإنه صحّح حديثه في مستدركه، وذكره أبو عبد الله البرقي في كتاب الطبقات، في باب من ينسب إلى الضعف ممن يُكتب حديثه، وروى لنا عن القطان أنه قال: عاصم عندي/نحو ابن عقيل في الضعف، الرابع: أبو عبد الله بن محمد عقيل وهو مجهول لا يُعرف حاله، ولا نعرف بأي من

_ (1) عبد الله بن محمد بن عقيل، ابن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد، المدني، أمه زينب بنتُ عَلي، صدوق، في حديثه لين، ويقال تغبر بآخره، من الرابعة، مات بعد الأربعين. روى له البخاري وا بو داود والترمذي وابن ماجة. (تقريب: 1/447/607) . (2) سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي الأعور. أحد أئمة الإسلام. قال ابن المديني: ما في أصحاب الزهري أتقن من ابن عيينة. وقال الشافعي: لولا ماَلك وسفيان لذهب علم الحجاز. مات بمكة أول يوم من رجب سنة ثمان وتسعين ومائة. ) طبقات الحفاظ: ص/119) .

روايته عن أبيه ورواية ابنه عنه والله أعلم، ومع هذا فباعتبار مجموع الأحاديث المتقدّمة يكون حسنا؛ لما أسلفناه من الاختلاف في حال إسناده، وفيه زيادة على ما قاله الترمذي: أنّ حديث سفينة في الباب المتقدّم عن عائشة وجابر وأنس بن مالك، وأغفل أيضَا حديث أم سلمة من رواية الحسن عن أمه عنها. ذكره الطبراني في الأوسط، وقال: لم يروه عن أشعث بن عبد المالك- يعني عن الحسن- إلا سيف بن محمد. تفرد به جمهور بن منصور، وحديث أنس عند البخاري:"يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمدّ" وحديث ابن عباس من عنده أيضا مرفوعا:"يجزئ في الوضوء مد وفي الغسل صاع" (1) . وقال: لم يروه غير حصين عن عكرمة عنه إلا عبد العزيز بن عبد الرحمن الباسلي. تفرّد به، وذكره أبو الحسن الدارقطني في كتابه الأفراد من حديث إسرائيل عن مسلم الأعور عن مجاهد وإسناده عالي. تفرّد إسرائيل به، وحديث أبي عمارة عن أبي داود"يرفعه قدر ثلثي المد" وإسناده صحيح، وحديث زينب بنت أبي سلمة سمعناه. ذكره القشيري، وحديث أبي أمامة. ذكره الطبراني في المعجم الكبير وابن عدي في الكامل من حديث الصلت بن دينار عن شهر بن حوشب، وضعفه بهما، وخرجه ابن أبي سعيد مرفوعَا من مسند ابن أبي أسامة من حديث عطية عنه، وكان الشافعي وأحمد يقولان: ليس معنى هذا الحديث على الترتيب أنه لا يجوز أكثر منه ولا أقل منه؛ بل هو قدر ما يكفي، والله أعلم:"لا يقبل الله صلاة بغير طهور" (2) نا محمد بن بشار، نا يحيى بن سعيد، نا محمد بن جعفر ح، ونا بكر بن خلف أبو بشر ختر المقري، نا يزيد بن بريع بالراء، نا شعبة عن قتادة عن أبي المليح بن أسامة عن ابنه أسامة عن عمير الهذلي قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يقبل الله

_ (1) ضعيف. وتقدم روايته عند ابن ماجة (ح/270) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/59) والنسائي في (الطهارة، باب"103"وفي الزكاة باب 489" (وللترمذي (ح/1) وقال: هذا حديث حسن. وأحمد في"المسند" (2/20، 39، 51، 57، 53) والدارمي (1/175) . وحسنه الشيخ الألباني. (الإِرواء: 1/267) .

صلاة من غير طهور، ولا يقبل صدقة من غلول"نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا عبيد بن سعيد وسرابة بن سوار عن شعبة نحوه في مسند أبي داود الطيالسي، ثنا/شعبة عن قتادة قال أبا المليح يحدث عن أبيه فذكره. هذا حديث صحيح خرجه ابن حبان (1) في كتابه من جهة قتادة، وقال البغوي فيما رويناه عنه في شرح السنة: هذا حديث صحيح ألزم الدارقطني الشيخين إخراجه، وخرّجه الإسفرايني في صحيحه في كتاب البيهقي أن الله لا يقبل. وأبو المليح اسمه: عامر بن أسامة بن عمير بن عباس بن أقيش، واسمه عمِر خرجا حديثه في صحيحيهما، قال ابن شعبة: توفى سنة ثنتي عشرة ومائة، وقال الفلاس: توفى سنة ثمان وتسعين. ذكر مسلم في كتاب الوحدات والعسكري والطبري في المزيل: أنه لم يرد عن أبيه غيره، وكذلك قال ابن بنت منيع في معاوية وابن عبد البر، نا على بن محمد، نا وكيع، نا إسرائيل عن سماك ح، وحدّثنا محمد بن يحيى، نا وهب بن جرير، نا شعبة عن سماك بن جرير عن مصعب بن سعد عن ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يقبل الله صلاة إلا بطهور، ولا صدقة من غلول" في كتاب مسلم عن سماك عن مصعب: دخل ابن عمر على ابن عباس- يعني عبد الله- يعوده وهو مريض فقال: ألا تدعو الله لي يا ابن عمر فقال لي: سمعت النبي- عليه السلام- يقول: فذكره، وفي آخره وكنت على البصرة، وفي صحيح ابن خزيمة عنه: فجعلوا يبنون عليه وابن عمر ساكت، فقال: أما إني لست باعثهم لك ولكن النبي- عليه السلام- قال: فذكره، ولما ذكره الترمذي قال: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن شيء ذكره أبو القاسم، في الأوسط من حديث مندل عن عبد الله بن عمر عن نافع عنه بلفظ: " لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا صلاة لمن لا طهور له، ولا دين لمن لا صلاة له، وإنما موضع الصلاة من الدين كموضع الدائر من الحد " (2) لم يروه عن ابن عمر إّلا مندل، ولا عن مندل

_ (1) صحيح. رواه ابن حبان: (ح/145) . (2) حسن. رواه أحمد في"سنده" (3/135، 154، 210، 251) والطبراني في"الكبير" (8/230، 10/280) وابن أبي شيبة في"المصنف" (11/11) والمجمع (1/292) وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"و"الصغير"من حديث ابن عمر، وقال: تفرد به الحسين بن

إّلا حسن أبو زهير عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أني حبيب عن سنان بن سعد عن أنس بن مالك سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"لا يقبل الله/صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول"وهذا حديث أخرجه أبو عوانة (1) في صحيحه، من حديث سهل بن أبي سهل واسمه، زنجلة، روى عنه جماعة، وقال أبو حاتم: صدوق وأبو زهير بن عبد الرحمن بن مغر بن الحرث بن عبد الله بن وهب الكوفي قاضي الأردن، سئل عنه وكيع فقال: طلب الحديث قبلنا وبعدنا. وكان أبو خالد الأحمر يحسن إلينا عليه، وقال أبو زرعة: صدوق، وتكلّم ابن المديني في روايته عن الأعمش وسنان بن سعد لما ذكره ابن حبان في كتاب الثقات قال: حدّث عنه المصريون وهم يختلفون فيه، فيقولون سنان بن سعد وسعد بن سنان، وأرجو أن يكون سنان بن سعد، وقد اعتبرت حديثه فرأيت ما روى عن سنان بن سعد يشبه أحاديث الثقات ما روى عن سعد بن سنان فيه المناكير، فكأنهما- والله أعلم- اثنان، وصحح البخاري قول من قال سنان وكذلك ابن يونس وسئل عنه ابن معين فقال: ثقة، وكذلك قاله الدارقطني. قال النسائي في كتاب التمييز: ضعيف وبنحوه قال الإِمام أحمد. وقال أبو داود: قلت لأحمد بن صالح: سنان بن سعد سمع أنسا! فغضب من إجلاله له، وقال العجلي: سعد بن سنان مصري تابعي ثقة نا محمد بن عقيل نا الخليل بن زكريا، نا هشام بن حسان عن الحسن عن أبي بكرة، نا قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول" هذا حديث قال ابن عدي: رواه الخليل بن زكريا عن هشام عن الحسن، ورواه عن الحسن أيضا المنهال بن حسن وبه يعرف، والخليل أضعف من منهال، وذكره في باب محمد بن عبد العزيز الزبيري عن منهال وقال: هذا بهذا الإِسناد باطل فذكر محمد عن منهال، ورواه الخليل، والمنهال خير من الخليل،

_ الحكم الجبري. والتمهيد (9/255) وشرح السنة (1/75) والمشكاة (35) والكنز (5501) والحلية (3/220) وابن عدي في"الكامل" (3/1112، 6/2221) والخفاء (2/485) . قلت: وللحديث طرق وشواهد أخرى يرتقى بها تفرد الهيثمي إلى درجة الحسن. (1) صحيح. رواه أبو عوانة (1/236) . وللحديث متابعات صحيحة بنحوه.

ولما ذكره أبو نعيم في كتابه فقال: هذا حديث مشهور (1) لا يعرف الأمر حديث ابن عقيل بهذا اللفظ من حديث علي. انتهى. وهو معلَل بأشياء منها: محمد بن عقيل، وإن كان الحاكم قال فيه: هو من الثقات مات سنة سبع وخمسين ومائتين، فقد ذكر أنه أنكر عليه حديثان، والخليل وإن قال فيه جعفر/الصائغ (2) : كان ثقة مأمونا، فقد كذبه القاسم بن زكريا: وقال ابن عدي: عامة أحاديثه مناكير، وقال العقيلي: يحدث بالبواطيل، وقال أبو الفتح الأزدي: متروك الحديث، وسماع الحسن بن أبي بكرة مختلف فيه، فمن أنكره أبو الحسن الدارقطني قال: هو عن أبي بكرة مرسل لم يسمع منه، ذكره في سؤالات الحاكم له، وفي صحيح البخاري في كتاب الفتن، قال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: فذكر حديثا وفي كتاب الصلح أيضا قال: سمعت أبا بكرة يقول: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إن ابني هذا سيد وسيصلح اللَه به بين فئتين عظيمتين من المسلمين" (3) قال أبو عبد اللَه: قال ابن المديني: إنما يثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث، وفي كتاب ابن بطال: وزعم الداودي أنّ راوي هذا عن أبي بكرة

_ (1) الحديث المشهور: ما رواه ثلاثة فأكثر ولم يبلغ حد التواتر، مثاله. قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ودمه". صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/9، 8/127) ومسلم في الإِيمان (ح/ 65) والترمذي (ح/2627) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود (ح/2481) والنسائي (8/ 105) وأحمد في"المسند" (2/163، 192، 195، 203، 205، 209) والدارمي (2/300) والبيهقي في"الكبرى" (10/187) والحاكم في"المستدرك" (1/10، 3/517) وابن حبان في صحيحه (26) والطبراني (1/356، 18/309، 19/176) والحميدي (595) والمشكاة (6/33) والبغوي (1/27) وللترغيب (3/522) والمغني عن حمل الأسفار للعراقي (2/191) والحلية لأني نْعيم (4/333) والخطيب في"تاريخه" (5/139، 11/416) . (2) جعفر بن محمد بن شاكر الصائغ، أبو محمد البغدادي، ثقة، عارف بالحديث، من الحادية عشرة، مات في آخر سنة تسع وسبعين، وله تسعون سنة. روى له أبو داود. أتقريب: 1/96/132) . (3) صحيح. رواه البخاري"تعليقا"في: الصلح، باب"9"، وأبو داود (ح/4662) والترمذي (ح/3773) والنسائي في (الجمعة، باب"26") والجوامع (6058) وابن عساكر في"التاريخ" (4/226) وأذكار النووي (321) والنبوة للبيهقي (6/442) والمشكاة (5/ 617) والقرطبي في"تفسيره" (4/77، 104، 7/32) وشرح السنة للبغوي (14/136) .

إنما هو الحسن بن علي ابن أبي طالب- رضى الله عنهم- وفي كتاب المراسيل لابن أبي حاتم: عن بهز سمع الحسن من أبي بكرة شيئا قال: لا، قال الباجي في إسناد رجال البخاري: أخرج البخاري حديثا فيه، قال الحسن: سمعت أبا بكرة فأولّه الدارقطني وغيره من الحفاظ على أنه الحسن بن علي؛ لأن الحسن البصري عندهم لم يسمع من أبي بكرة، ولما ذكره الحاكم في التاريخ رواه عن محمد بن علي بن عمر بن محمد بن عقيل، نا الخليل به، وزاد بعد قوله:"ولا صدقة من غلول، وابدأ بمن تعول"وفيه ردّ لما قاله الترمذي وزيادة علَّته وكذا حديث عمران بن حصين قال: قال عليه الصلاة والسلام:"لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول"رواه الحاكم في تاريخ بلده عن أبي الفضل محمد بن أحمد القاضي، نا أبو سعيد عبد الرحمن بن الحسين، نا أحمد بن عبيد الله، نا زيد بن حباب عن شعبة عن قتادة عن أبي البرار عنه، وحدّث علي نحوه، ذكره ابن أبي عروة في مسنده، وحديث أبي هريرة الذي أشار إليه، ذكره الحافظ أبو بكر بن حزم- رحمه الله تعالى- فيما رويناه عنه في صحيحه فقال: نا ابن عمار الحسين بن حريث، نا عبد العزيز بن أبي حازم عن كثير وهو زيد- عن الوليد- وهو ابن رباح- عن أبي هريرة، فذكره، ولما ذكر ابن عدي هذا الحديث من جهة ابن سلمة وابن سيرين قال: لا أعلم مربعه إلَّا/غسّان بن عبيد الموصلي، ورواه عثمان بن أبي حنيفة مرفوعا، وغيرهما أوقفه، وهذا بهذا الإِسناد باطل. انتهى. وما أسلفناه من عند ابن حرمة يرد قوله، ولما ذكره الطبراني في الأوسط قال: لم يروه عن الأعمش يعني عن أبي مسافع عنه إلا أبو مريم وابن فضل وابن عاصم، وأغفل أيضا حديث جابر بن عبد الله، ذكره الطبراني في المعجم الأوسط من حديث سليمان بن قدم عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عنه مرفوعا، نا المصري الصالح موسى الحنفي الكردي- رحمه الله- أبو نصر نا زنجويه نا محمد بن أسلم، نا يعلي بن عبيد، نا يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا يقبل الله صلاة بغير طهور، ولا صدقة من غلول"ورواه ابن المنذر في كتاب الإقناع عن الربيع أنبأ ابن وهب، أخبرني سليمان بن بلال، أخبرني ابن عبد اللَه بن عمير عنه وحدّثه أبو

عوانة في صحيحه، وحديث أبي سعيد الخدري مرفوعَا:"لا يقبل الله صدقة من غلول، ولا صلاة بغير طهور"ورواه الأسفرايني في صحيحه وأبو القاسم في الأوسط من حديث مكحول عن رجاء بن حيوة عنه وقال: لم يروه عن مكحول إلا محمد بن سليمان بن أني داود، تفرد به محمد بن عبيد الله بن يزيد القردواني عن أبيه، ورواه ابن أبي أسد في مسنده عن محمد بن فضيل عن أبي سُفيان السعدي عن أبي نضرة عنه ولفظه:"مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم" (1) ، وفي كل ركعتين تسليمة، ولا صلاة لكل من لم يقرأ في كل ركعة بالحمد وسورة في الفريضة وغيرها، وحديث أبي بكر الصديق، قال عليه السلام:"لا يقبل الله صدقة من غلول، ولا صلاة بغير طهور، وابدأ بمن تعول"ذكره أبو عوانة في صحيحه، وحديث عبد الله بن عباس ذكره أيضا من حديث نافع مولى يوسف السلمي عن عطاء بن عباس يرفعه، وقال: لم يروه عن عطاء غير نافع، ولا عن نافع إّلا سعيد أنّ ابن يحيى تفرد به سليمان بن عبد الرحمن ولا يروى عن ابن عباس إّلا بهذا الإِسناد. انتهى كلامه، وفيه نظر لما ذكره الحاكم في تاريخ بلده أبو بكر الجوزي، نا إبراهيم بن محمد بن يزيد السكري، نا عبد العزيز بن زينب المروذي، نا إسحاق بن عبد الله بن أبان عن عكرمة فذكره، ولما ذكره ابن أبي شيبة أيضا في مصنفه في ابن خالد الأحمر عن ابن كرب عن أبيه عن ابن عباس/مرفوعا، وحديث الزبير بن العوام عنده أيضا وقال: لم يروه عن الليث بن سعد، يعني عن هشام عن أبيه عن الزبير إلا أبو قتادة الحراني ولا يروى عن الزبير إلا بهذا الإِسناد، وقال القزاز: سمى بذلك لأن الرجل كان إذا أخذ منه شيئَا ستره في متاعه، فقيل للخائن: غال ومغل من هذا يعني قوله على الماء والسيل: يغل غللا وغلولا إذا جرى من الشجر، وغللت الشيء

_ (1) صحيح. رواه أبو داود في (الطهارة، باب"31"، ح/61) والترمذي (ح/3، 238) وقال: هذا الحديث أصح شيء في هذا للباب وأحسن. والدارس (1/175) وابن أفط شيبة في"مصنفه" (1/229) الدارقطني في"السنن (1/359، 379) وعبد الرزاق في"مصنْفه" (2539) والمجمع (2/104) رابن عدي في"الكامل" (4/1448، 6/2405) والتمهيد (9/185) وإتحاف (2/303، 3/41) وتلخيص (1/216) . وصححه الشيخ الألباني. (الإرواء: 2/9) .

أغلّه غلا: سترته، والطهور بالفتح: الماء الذي يتطهر به، وبالضم: الفعل، وقال سيبويه: بالفتح يقع على الماء والمصدر معَا، وقال الخليل: الفتح في الفعل والماء ولم يعرف الضم وحكى الضم فيهما جميعَا مفتاح الصلاة الطهور أنبأ على بن محمد، نا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن أبيه- رضى الله عنه- قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم"هذا حديث خرجه الترمذي من حديث سفيان عن ابن عقيل وقال: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وابن عقيل صدوق، وقد تكلّم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. انتهى. وقد تقدّم الكلام في ابن عقيل قبل وذكر حديثه هذا الحافظ ضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة من حديث وكيع عن سفيان عنه وخرّجه الإِمام أحمد بن حنبل في مسنده عن وكيع وشرطه معروف، وقال ابن العربي في الأجودي: إسناد أبي داود أصح من مسند الترمذي ولا وجه لما قاله؛ لأن مداره على ابن عقيل، وقد جاء التكبير في غير ما حديث عن أبي هريرة في الصحيحين:"كان النبي- عليه السلام- إذا أقام إلى الصلاة يكبر حين يقوم" (1) وفي حديث المسيء صلاته:"إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر" (2) وحديث عمران بن حصين وابن عباس، وكلهم في الصحيح، وابن عمر عند الفسوي وابن مسعود، صححه الترمذي، والتسليم كذلك. رواه ابن مسعود وسعد بن أبي وقاص، وهما في الصحيح، وسهل بن سعد عند أحمد ووائل بن حجر وحذيفة وغيرهم، وسيأتي الكلام على ذلك

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/200) ومسلم في (الصلاة باب"10"رقم "28، 29") والنسائي (2/233) وأحمد في"المسند" (4/45) والبيهقي في"الكبرى" (2/ 67، 93، 127) وإتحاف (5/94) وشرح السنة (3/91) وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (8/69، 169) ومسلم في (الصلاة، ح/45، 46) وابن ماجة (ح/447، 1060) والبيهقي في"الكبرى" (2/15، 126، 372، 373) وابن خزيمة في"صحيحه" (454) وشرح السنة (3/3) والمشكاة (790) والترغيب (1/ 340) وتلخيص (1/218) وابن أبي شيبة في"مصنفه" (1/288) . وصححه الشيخ الألباني. (الإِرواء: 1/321) .

في موضعه- إن شاء الله تعالى- ولفظ أبي نعيم في تاريخ أصبهان"مفتاح الصلاة الوضوء" (1) ثنا سويد بن سعيد، ثنا علي بن مسهر/عن أبي سفيان بن سعيد طريف السعدي ح ونا أبو كريب، نا أبو معاوية عن أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم". وخرجه الترمذي بزيادة:"ولا صلاة لمن لم يقرأ بالحمد وسورة في فريضة (2) أو غيرها"هذا حديث رواه بحشل في تاريخ واسط عن محمد بن حسان البرجلاني، نا محمد بن يزيد، نا أبو شيبة إيراهيم بن عثمان بن أبي سفيان ولفظه:"مفتاح الصلاة الوضوء، وتحريمها التكبير، وأدائها التسليم""ولا يجزى صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن" (3) وبغيرها من القرآن، وإذا ركع فليضع يده على ركبتيه وليس ظهره، ولا يذبح بذبيح الحمار، وحديث علي أجود إسنادا وأصح من حديث أبي سعيد، وخالف ذلك الحاكم لما ذكره من جهة الثوري عن أبي سفيان عن أبي نضرة به، هذا حديث صحيح الإِسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه عن أبي سفيان عن أبي نضرة كبرة فقد رواه أبو حنيفة وحمزة الزيات وأبو مالك النخعي، وأشهر إسنادا فيه حديث ابن عقيل. انتهى. وفيما قاله نظر، وذلك أن أبا طريف لم يخرج مسلم له شيئا، وسيأتي الكلام على ضعفه، ورواه البزار في مسنده عن علي بن المنذر، نا محمد بن فضيل أبو سفيان أنه زاد في كل ركعة قراءة بفاتحة الكتاب وسورة، قال: وهذا الكلام لا نعلم أحدا رواه بهذا اللفظ إلا أبو سعيد بهذا الإِسناد، وإن كان همّام قد

_ (1) حسن. رواه الترمذي (ح/4) وأحمد في "المستدرك" (1/129) والبيهقي في "الكبرى" (2/ 180، 380) وابن عدي في"الكامل" (2/783، 784) والحاكم في"المستدرك" (1/132) وصححه. وشفع (193) وأصفهان لأني نعيم (176، 275) والعقيلي (2/137) . (2) حسن. رواه الترمذي (ح/238) ونصب الراية (1/363) . (3) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/192) ومسلم في (الصلاة باب"11 دارقم 34، 36) وأبو داود في (الاستفتاح باب"22") والترمذي (ح/247، 311) وصححه. وأحمد في"المسند" (5/322) والبيهقي في الكبرى" (2/374) والدارقطني في"سننه" (1/ 322) وعبد الرزاق في"مصنفه" (2623) ونصب الراية (1/338) والكنز (19664) وأبو عوانة في"صحيحه" (2/124، 125) .

روى عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن النبي عليه الصلاة والسلام: "أمر أن يقرأ في الصلاة بفاتحة الكتاب وما تيسر" (1) . فحديث همام يؤيّد حديث أبي سفيان وإن كان بغير لفظه. انتهى. وخرّجه الدارقطني (2) بلفظ:"مفتاح الصلاة الوضوء"، أبو سفيان اسمه طريف بن شهاب الأشبل، وقال البخاري: كان عطارديا، وقال أيضا أبو معاوية طريف بن سعد ويقال: طريف بن سفيان، وجمع أبو عمر بين السعدي والعطاردي، وهو الصحيح؛ لأن عطارد وهو من عواد بن كعب بن سور بن زيد مناه بن تميم، وقال: أجمعوا على أنّه ضعيف الحديث. انتهى. أبو إسحاق الحربي يفهم من كلامه غير ما قاله أبو عمرو ذلك أنه لما/ذكره في كتاب العلل قال: ليس هو أوثق الناس، وتقدّم تصحيح الحاكم حديثه، وقال ابن عدي: أسانيده مستقيمة، وفي كتاب الدارقطني حديث عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد عن النبي- عليه السلام- مثل حديث ابن عقيل، وإسناده لا بأس به، وذلك أنه رواه عن محمد بن عمر وابن البحيري، قال الخطيب: كان ثقة ثبتا عن أحمد بن الخليل، وقد وثّقه النسائي والحاكم محمد بن نعمان الضبيّ عن الواقدي ومحمد بن عمر، وقد أثنى عليه مالك ووثقه غيره من الأئمة، وسيأتي الكلام عليه مستوفي- إن شاء الله تعالى- عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة- وهو مذكور في كتاب الثقات- لابن حبان عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن يزيد، ورواه البيهقي في كتاب السن الكبير عن أبي عبد الله

_ (1) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/192) ومسلم في (الصلاة، باب"11"رقم "34") وأبو داود (ح/822) والترمذي (ح/247، 311) وصححه. والنسائي (2/137، 138) وأحمد في"المسند" (5/314) والبيهقي في"الكبرى" (2/38، 61، 164، 375) وابن أبي شيبة في"مصنفه" (1/360) والدارقطني في"سننه" (1/321، 322) وتغليق (1904) وا بو عوانة (2/124) والمشكل (822) وشرح السنة للبغوي (3/83) ونصب الراية (1/365) . وصححه الشيخ الألباني. (الإرواء: 2/10، 11) . (2) صحيح. رواه الدارقطني في"سننه" (1/359) والشافعي في"مسنده" (ح/34) وشرح السنة للبغوي (3/17) .

الحافظ، نا أبو بكر بن إسحاق، نا الحسن بن علي بن زياد، نا إبراهيم بن موسى الرازي، نا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة: نا شعبة عن حبيب ابن زيد عن عباد بن تميم، وقال أبو زرعة الرازي: يسند متابع لما تقدّم، ولما ذكره أبو القاسم في الأوسط قال: تفرّد به الواقدي ولا يروى عن ابن زيد إّلا بهذا الإِسناد، حديث ابن عمارة أصح، يعني الحديث المذكور من عند أبي داود قبل والله أعلم، وخالف في ذلك الحافظ أبو بكر بن خزيمة؛ فرواه في صحيحه عن أبي كريب، نا يحيى فذكره بلفظ أتى بثلثي مد فتوضأ فجعل بذلك ذراعه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفيه رد لما ذكره أبو عيسى من أن حديث علي أصح شيء في هذا الباب، لكنه ردّ عليه أيضَا في قوله، وفي الباب عن علي وعائشة وكذا حديث جابر بن عبد الله المذكور عند أبو القاسم في الأوسط من حديث سلمان بن قرمز عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عنه يرفعه:"ومفتاح الصلاة الوضوء "، وحديث ابن عباس مرفوعَا:"مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم " المذكور عنده من حديث نافع مولى يوسف السلمي عن عطاء عنه، وقال: لم يروه عن عطاء إّلا نافع، ولا عن نافع إّلا سعد أن ابن يحيى تفرّد به سليمان بن عبد الرحمن، ولا يروى عن ابن عباس إلّا بهذا الإِسناد، وأما الصحابة فقد/روى عن جماعة منهم ذلك موقوفا، منهم ابن مسعود وابن عباس وإسناد حديثهما وعائشة، قال الطحاوي: ذهب قوم إلى أنّ الرجل إذا انصرف من صلاته بغير تسليم فصلاته باطلة، وخالفهم في ذلك آخرون، وافترقوا على قولن؛ فمنهم من قال: إذا قعد قدر التشهد فقد تمّت صلاته وإنْ لم يسلم، ومنهم من قال: إذا رفع رأسه من أخر سجدة من صلاته فقد تمت صلاته وإن لم يتشهّد ولم يسلم، فكان من الحجة للفريقين على أهل المقالة الأولى ما روى عن النبي- عليه السلام-: لا تحليلها التسليم، إنما روى عن على وقد روى عنه من رأيه في مثل ذلك، ما يدل على أن معنى ذلك عنده على غير ما حمله عليه أهل المقالة الأولى وهو ما

رواه أبو عوانة عن الحكم عن عاصم عن علي قال:"إذا رفع رأسه من أخر سجدة فقد تمت صلاته". وقد روى عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"إذا رفع رأسه من أخر السجود فقد مضت صلاته إذا هو أحدث" (1) وفي بعض ألفاظه:"إذا قضى الإِمام الصلاة فقعد فأحدث هو أو أحد ممن أتمّ معه الصلاة قبل أن يسلم الإِمام، فقد تمّت صلاته، فلا يعود فيها" (2) قال أبو جعفر: فهذا معناه غير معنى الحديث الأوّل، وقد روى بلفظ أخر: اإذا رفع المصلي رأسه من آخر الصلاة وقضى تشهده ثم أحدث، فقد تمت صلاته فلا يعود" (3) واحتج الذين قالوا: لا تتم الصلاة حتى تقعد قدر التشهد، نا فهد، نا أبو نعيم وأبو غسان قالا: نا زهير عن الحسن بن الحرجة ابن القاسم بن مخيمر قال: أخذ علقمة بيدي فحدّثني أنَّ ابن مسعود أخذ بيده"أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيده فعلّمه التشّهد" (4) وفال فيه: فإذا فعلت هذا أو قضيت هذا فقد تمت صلاتك، إنْ شئت أن تقم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد، وقد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يدل على أنَّ ترك التسليم غير مفسد للصلاة وهو أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"صلى الظهر خمسَا، فلما ختم ثنى رجله فسجد سجدتن" (5) فهذا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل في الصلاة أمه/من

_ (1) المنحة: (468) . (2) حسن. رواه أبو داود (617) والبيهقي في"الكبير" (2/167) والدارقطني في"سننه (1/379) و"شرح السنة للبغوي (3/276) ونصب الراية (2/63) والكنز (19900) . (3) انظر: الحاشية رقم"1". (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الاستئذان، باب 27، 28) ومسلم في (الصلاة، ح 59. 60، 61) ورواه النسائي في (التطبيق، باب (100، 103، 104"، والسهو باب "42، 45" (وابن ماجة (ح/899) وأحمد في"المسند" (1/292، 394، 413، 414، 422، 450، 459، 5/363) . (5) صحيح. رواه البخاري في (السهو باب"3" (والنسائي في (الإمامة، باب"17" ( وابن ماجة (ح/1205) وأحمد في (المسند" (1/463، 2/499، 3/237، 4/59،

غيرها قبل السلام ولم ير ذلك مفسد للصلاة، ولو رأى ذلك منه مفسدا لها لأعادها لا عادها فلما لم يعدها، وقد خرج منها إلى الخامسة لا بتسليم؛ دَلَّ ذلك على أن السلام ليس من حلتها، ألا ترى أنّه لو كان جاء بالخامسة وقد بقى عليه مما قبلها سجدة كان ذلك مفسدا للأربع؛ لأنه خلطهن بما ليس منهن، ولو كان السلام واجبَا كوجوب السجود لكان حكمه أيضا كذلك، ولكنّه بخلافه فهو سنّة. انتهى. وعليه فيه مآخذ، الأول، قوله: إنما روى عن علي يريد انه لم يروه غيره وقد قدمنا حديثين منها غير روايته أحدهما صحيح، والثاني: ردّه المرفوع بالموقوف (1) الذي هو من رواية عاصم بن ضمرة وهو متكلّم فيه حتى قال ابن عدي: ينفرد عن علي بأحاديث باطلة لا تتابعه الرواة عليها والعلية منه، وقال ابن حسان: كان رديء الحفظ فاحش الخطأ يرفع عن علي قوله كثيرا، فلما فحش ذلك منه استحق الترك، وعلى تقدير صحته يكون العمل بروايته لا برأيه هذا هو مذهب أكثر العلماء، الثالث: ابن أنعم وابن رافع ضعيفان، وحديث عبد الرحمن عن ابن عمرو منقطع (2) فيما ذكره ابن أبي حاتم مع ضعفه ونكارة حديثه فيما قاله البخاري، وبكر بن سوادة- وإن كان ثقة- فحديثه عن ابن عمرو لم أر أحدا صرح به ولا ذكر له رواية عنه فيما أعلم، والذي وصفه به ابن يونس: روى عن سهل بن سعد والتابعين، الرابع: حديث ابن مسعود:"فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك"وهي زيادة ذكر الخطيب وغيره أنها مدرجة وليست من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

_ 60، 288، 413، 5/112، 6/10) وابن أبي شيبة في"المصنف" (4/164) . (1) الحديث الموقوف: وهو المروي عن الصحابة قولا لهم أوْ فعلا أو نحوه مُتصلا كان أو منقطعا، ويستعمل في غيرهم مقيدا، فيقال: وقفه فلان على الزهري ونحوه، وعند فقهاء خراسان تسمية الموقوف بالأثر، والمرفوع بالخبر، وعند المحدثين: كل هذا يُسمى أثرا. (تدريب الراوي: 1/184- 185) . (2) الحد المنقطع: ما حذف من أثناء سنده راويان وقد يراد به: كل ما لم يتصل سنده فيشمل الأقسام الأربعة كلها- منها المعضل، والمرسل، والمعلق-. (مصطلح الحديث لابن عثيمين: ص/14) .

المحافظة على الوضوء نا على بن محمد، نا وكيع عن سفيان عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"استقيموا ولا تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" (1) . هذا حديث قال فيه أبو عبد الله النيسابوري لما خرّجه من حديث منصور عن سالم ومن حديث الأعمش عن سالم بلفظ:"واعلموا أن خير دينكم الصلاة "، صحيح على شرط الشيخين./ولم أعرف علة من العلل يُعَلَّل مثلها هذا الحديث، إلَّا وهم من وهم أبي بلال الأشعري؛ فإنه وهم فيه على أبي معاوية فيما حدثناه أبو بكر بن إسحاق الفقيه، نا الحسن بن بشار الخياط، نا أبو بلال الأشعري، نا أبو حازم عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "استقيموا ولا تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولن يواظب على الوضوء إّلا مؤمن". انتهى كلامه، وليس كما قال: فإن هذا حديث منقطع، والمنقطع ليس صحيحا، وممن صرح بذلك الإِمام أحمد قائله قال: سالم بن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان، بينهما معدان بن أبي طلحة، وقال أبو حاتم الرازي: لم يدركه، وبنحوه قاله ابن حبان، وأما تحسين الترمذي حديثه عن ثوبان يرفعه والذين يكنزون الذهب والفضة، فالكلام معه كالكلام مع الحاكم، وقد وضع أيضا حديث ثوبان متصل سند صحيح، ذكره أبو حاتم بن حبّان في كتابه الصحيح فقال: نا أبو يعلي، نا شريح بن يونس وأبو خيثمة قالا: نا الوليد بن مسلم، نا ابن ثوبان، نا حسان بن عطية أن أبا البشر السلولي حدّثه أنّه سمع ثوبان قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"سددوا وقاربوا واعلموا

_ (1) ضعيف الإسناد. رواه ابن ماجة (ح/277، 278) وأحمد في"المسند" (5/277، 282) والدارمي (1/168) والبيهقي في"الكبرى" (1/82، 457) والحاكم في"المستدرك" (1/30) والموطأ (34) والطبراني (2/98، 7/28) وفي"الصغير" (1/11، 2/88) والمشكاة (292) وابن كثير (5/458) والخطيب في"تاريخه" (1/293) والمنحة (46) والترغيب (1/162، 557) وكشاف (95) والعقيلي (4/168) . فلت: ولكن الحديث قد صحح إسناده من قبل الشيخ الألباني.

أن خير أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" (1) قال أبو حاتم: خبر سالم عن ثوبان منقطع فلذلك كتباه، وفي مسند الطيالسي إشارة إلى حديث ابن حبان هذا، وأله لما ذكر خبر سالم قال: ويروى هذا الحديث عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن ثابت عن حسان عن أبي كبشة عن ثوبان عن النبي- عليه السلام- ورواه الدرامي عن يحيى بن بشر، نا الوليد فذكره، نا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب، نا المعتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " استقيموا، ولن تحصوا، واعلموا أن من أفضل أعمالكم الصلاة ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن" (2) . هذا الإِسناد لا بأس به؛ لأن إسحاق هذا قال فيه أحمد: صدوق، وقال الدارقطني فيه: مأمون وتابعه على ذلك الحسين بن علي عند ابن أبي شيبة في مسنده عن زائدة عن ليث ومحمد بن أبي شيبة عند ابن طاهر في كتاب صفة التصوف، وليث (3) ابن أبي سليمان حاله في الضعف مشهورة، ومع ذلك قال عبد الغني: خرّج حديثه الشيخان ومجاهد، فمنصوص على سماعه من ابن عمرو، والله أعلم. /ثنا محمد بن يحيى، نا ابن أبي مريم، نا يحيى بن أيوب، حدثني إسحاق بن أسيد عن أبي حفص الدمشقي عن أبي أمامة يرفع الحديث قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"استقيموا، ونعما إذا استطعتم، وخير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلّا مؤمن " (4) . إسحاق بن أسيد وإن كان مذكورا في كتاب الثّقات لابن حبان، فقد وصفه بالخطأ معِ ذلك، وقال ابن حبان: ليس

_ (1) صحيح. رواه الترمذي في الترغيب (1/162) والكنز (5399) وابن حبان (164) وأحمد (3/362) . وصححه السيوطي في"الجامع الصغير" (1/37) . (2) تقدم ص 37. (3) انظر ترجمته في:"المغني للضعفاء للذهبي: 2/536/5126". (4) ضعيف. رواه ابن ماجة: (ح/279) . في الزوائد: إسناده ضعيف لضعف التابع. وضعّفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/57) ، والإرواء (2/137) ، والروض (177)

بالمشهور ولا يشتغل به، وقال أبو أحمد بن عدي: هو مجهول- يعني بذلك جهالة الحال لا العين. وذلك أنه روى عن جماعة منهم حيوة بن شريح، والليث بن سعد بن سعيد بن أبي أيوب، وعقبة بن نافع، ويحيى بن أيوب، ذكر أبو محمد بن سرور أنّ جماعة رووا حديثه إلَّا مسلفا، وروى ذلك أبو الحسن بن القطان فقال: هو ممن يجب على مسلم إخراج حديثه، وأيضا فالبخاري لم يخرج حديثا صحيحا به إنّما روى عنه تعليقا. بَيَّنَ ذلك أبو نصر الكلاباذي- رحمهم الله تعالى-. أبو حفص الدمشقي لم يذكره ابن أبي حاتم ولا البخاري، وذكر أبو عمر في كتاب الاستفتاء: أنّه روى عن مكحول قال: وروى عنه إسحاق بَن أسيد حديثا منكرا، وقد قيل: انّه عثمان بن أبي العاتكة وليس ممن تقوم به حجة. انتهى. فعلى هذا تكون روايته عن أبي أمامة منقطعة مع ضعفها، قال أبو عمر: يعني استقيموا على الطريقة الهجة؛ التي نهجت لكم، وسددوا وقاربوا فإنكم لن تطبقوا الإِحاطة في أعمال البر، ولابدّ للمخلوق من ملال وتقصير في الأعمال، فإن قاربتم ووفقتم كنتم أجدر أن تبلغوا ما يراد منكم.

2- باب الوضوء شطر الإيمان

2- باب الوضوء شطر الإِيمان نا عبد الرحمن بن إبراهيم، نا محمد بن شعيب بن شابور، أخبرني معاوية بن سلام عن أخيه أنه أخبره عن جده أبي سلام عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"إسباغ الوضوء شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، والتسبيح والتكبير ملء السموات، والأرض، والَصلاة فور، والزكاة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك وعليك، كلّ الناس تغدوا فبايع نفسه فمعتقها أو موبقها"خرجه/مسلم (1) عن إسحاق بن منصور، نا حيان بن هلال، نا أبان، نا يحيى أن زيدا حدّثه أن أبا سلام حدّثه عن أبي مالك به، وتتبع ذلك الدارقطني عليه، وزعم أن الصواب ما قاله معاوية بن سلام، يعني بذلك المذكور عند ابن ماجة والفسوي، والترمذي، قال المازري: يحتمل قوله:"الطهر شطر الإِيمان"وجهين، الأول: أنه يحتمل تضعيف الأجر به إلى نصف أجر الإيمان من غير تضعيف، وهذا إلى حد التأويلات في قوله عليه السلام أن:"قَل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن" (2) ، الثاني: أن يكون معناه أن الإِيمان يجب ما قبله من الآثام، وقد أخبر عليه السلام أن الوضوء أيضا يذهب عن الإنسان الخطايا إلا أنه قد قام الدليل أنَّ الوضوء لا يصح الانتفاع به إلا مع مضَامة الإيمان له، فكأنه لم يحصل به رفع إلا مع مضامة شيء ثان، ولما كان الإيمان مَحو الآثام المتقدّمة عليه بانفراده صار الطهور في التشبيه كاله على الشَطر منه، وفي هذا الحديث حجة على هن يرى أن الوضوء لا يفتقر إلى نية.

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة ح لم 41) قوله:"كل الناس يغدوا إلخ"فمعناه: كل إنسان يسعى بنفسه. فمنهم من يبيعها لله بطاعته فيعتقها من العذاب، ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتباعها فيوبقها، أي يهلكها. (2) صحيح. رواه مسلم في (صلاة المسافرين، باب"45"رقم"295") والترمذي (ح/ 2894، 2899) والنسائي (2/172، 250) وابن ماجة (ح/3787، 3788) وأحمد في "المسند" (3/23، 4/122، 5/418، 6/404) والطبراني في"الكبرى" (4/198، 10/ 172، 12/82، 405) وعبد الرزاق في"الصنف (6003) ، ومشكل الآثار (2/82) والمشكاة (2169) وابن كثير في"تفسيره" (8/480، 541) .

3- باب ثواب الطهور

3- باب ثواب الطهور نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إنَّ أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، حتى يدخل المسجد " أخرجاه في الصحيح بلفظ:"صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه خمسا وعشرين درجة، وذلك أنَّ أحدكمَ إذا توضأ فأحسن الوضوء وأتى المسجد لا يريد إلا الصلاة ولا ينهزه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفع الله له بها درجة، وحطَّ عنه بها خطيئة، حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة في حبسه، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تب عليه، اللهم ما لم يزد فيه أو يحدث فيه " (1) قوله ينهزه: أي لا يبغته ولا يشخصه وبه انتهاء الغرمة وهو الانبعاث لها والمبادرة، وهي بفتح الياء نهز الرجل/ينهز، وحُكى فيه ضم الياء ومنه أنّ هذه المعاني أسباب الدرجات، وأضيف إلى ذلك أمور أخر وردت في ذلك من الدعاء عند دخول المسجد، والخروج منه، والسلام على أهل المسجد وتحمِته، وغير ذلك نقل أن التضعيف لمجرّد الجماعة وهي كلّها زيادة على الدرجات. نا سويد بن سعيد، نا حفص بن ميسرة، حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من توضأ فتمضمض واستنشق خرجت خطاياه من فيه وأنفه، وإذا غسل وجهه خرجت خطاياه من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت خطاياه من يديه، فإذا مسح برأسه خرجت

_ (1) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ومسلم في (المساجد، باب"49"رقم "272") وأبو داود في (الصلاة، باب"49") وابن ماجة (ح 786، 787، 790) والدرامي (1/192) والطبراني في"الكبير" (8/41) وابن حبان (431) وإتحاف (3/14) وابن كثير في تفسيره (6/69) والقرطبي في "تفسيره" (1/250، 12/276) والكنز

خطاياه من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة" (1) . هذا حديث مختلف في إرساله، وقد خرج مسلم معناه من حديث عمرو بن عنبسة، وفيه طول، وفي آخره: وحدَّث عمرو بهذا الحديث، أما أمامة صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: نا عمرو بن عنبسة: انظر ما تقول في مقام واحد يعظم هذا الرجل، فقال عمرو: لقد كبر سني ورقّ عظمي، وكما رواه حفص هنا رواه عن مالك في الموطأ يحيى بن يحيى والقعنبي وجمهور الرواة، وقالت طائفة منهم مطرف وإسحاق بن عيسى الطباع: عن مالك عن زيد عن عطاء عن أبي عبد الله الصنابحي، واختلف عن زيد بن أسلم في ذلك، فقالت طائفة: عنه كما قال مالك في أكثر الروايات عنه: وقالت طائفة أخرى: عن زيد عن عطاء عن عبد الله الصنابحي، قال أبو عمر: ما أظن هذا الاضطراب جاء إلا من زيد بن أسلم، والصواب فول من قال: فيه أبو عبد الله وهو عبد الرحمن بن عسيلة تابعي ثقة ليست له صحبة، وروى زهر بن محمد عن زيد عن عطاء عن عبد الله الصنابحي قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: فذكر قوله:"إنّ الشّمس تطلع ومعها قرن الشيطان لما الحديث، وهو خطأ عند أهل العلم، والصنابحي لم/يلق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وزهير بن محمد لا يحتج به إذا خالفه نميزة، وقد روى عن ابن معين أنه يسأل عن عبد الله الصنابحي يروى عنه المدنيون فقال: يشبه أن يكون له صحبة، وأصح من هذا عن ابن معين أنه سئل عن أحاديث الصنابحي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لمن سأله: ليست له صحبة، وبنحوه قال الترمذي في كتاب العلل الكبير عن البخاري- رحمهما الله تعالى-، وأما قول أبي عمر أن زهير بن محمد لا يحتج به، فليس ذلك؛ لأنه ممن خرج حديثه الشيخان في صحيحيهما، ومن كانت هذه حاله لا يقال فيه ما ذكره لا سيما مع عدم الحالة المصرَح بها، بل

_ (1) صحيح. رواه النسائي في (الطهارة، باب"84") وابن ماجة (ح/282) ومالك في الموطأ (طهارة/ح/30) وأحمد في"المسند" (1/348، 349) . وصححه الشيخ الألباني. كما في صحيح ابن ماجة.

هو في المعنى متابعة مالك، وفي ذلك عتبة، والله أعلم، قال أبو عمر: صدق ابن معين ليس في الصحابة أحد يقال له: عبد الله الصنابحي وإنما فيهم الصنابحي بن الأعسر الأحمسي، كوفي روى عنه قيس بن أبي حازم أحاديث، وفي الباب أيضَا أحد يقال له عبد الله الصنابحي، مشهور في التابعين، كبير من كبرائهم واسمه عبد الرحمن بن غسيلهَ، وهو جليل، كان عبادة بن الصامت يقول: من سره أن ينظر إلى رجل كأنه رفع فوق السموات ثم ردّ يعمل على ما رأى فلينظر إلى عبد الله الصنابحي، قال ابن إسحاق: عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الرحمن بن غسيلة قال: لم يكن بيني وبين وفَاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا خمس ليال، توفى وأنا بالجحفة، كذا زعم ابن عمر أن الذي يروى عنه مرثد هو الذي يروى عن عطاء، وأبو حاتم يخالف ذلك، ذكر ابنه في كتاب المراسيل سمعت أبي يقول: الصنابحي هم ثلاثة: الذي يروى عنه عطاء بن يسار وهو عبد الله الصنابحي، لم تصح صحبته، والذي يروى أبو الخير فهو عبد الرحمن بن غسيلة الصنابحي روى عن أبي بكر، والصنابحي بن الأعسر له صحبة، وفي هذا أيضَا يوهم من ادّعى أن مالكا وهم في تسميته عبد الله، وقد قيل ذلك له فلم يرجع؛ بل أصر عليه، وزعم أن لذلك حفظ فوجده كذلك في كتابه، ففي هذا دلالة انه لم يرجع إلى ما قيل له لعلّة أنّه غير صواب إذ لو كان صوابَا لكان أسرع الناس رجوعَا إليه مع تسليمه أنّ الخطأ لا يسلم أحد منه بذكر لم البلل رأسه. فهؤلاء كلهم اختاروا الوضوء بالماء المستعمل، وأما مالك والشّافعي وأبو حنيفة ومن قال بقولهم، فلا يجوز ذلك عندهم، ولو فعل لم يجزه، وكان عليه الإعادة لكلّ ما صلى بذلك الوضوء لأنه قد أدّى به فرض فلا يؤدي به فرض أخَر كالحمار وشبهها قال أبو عمر: الحمار مختلف فيه، وقال بعض المفتين من آل العلم من أهل عصرنا: إنَّ الكبائر والصغائر يكفرها الطهارة والصلاة، واحتج بطاهر حديث الصنابحي وبمثله من الآثار وبقوله:"فما ترون ذلك يبقى من دونه، وهذا جهل بيّن وموافقة للمرجئة، وكيف يجوز لذي لب أن يحمل هذه الآثار على عمومها وهو يسمع قوله تعالى: {يا أيها

الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا} (1) وقوله تبارك وتعالى: {وتوبوا إلى الله جميعا أيّهَ المؤمنون لعلكم تفلحون} (2) في آيات كثيرة، ولو كانت الطهارة والصلاة وأعمال البرّ مكفرة للكبائر، والمتطهر المصلي غير ذاكر لذنبه ولا قَاصد إليه ولا حضره في حينه ذلك الندم عليه لما كان لأمر الله عليه بالتوبة معنى، ولكان كلّ من يتوضأ وصلى يشهد له بالجنة بأثر سلامه من صلاته، وإن ارتكب مثلها ما شاء من المرتكبات الكبائر، وهذا لا يقوله أحد ممن له فهم صحيح، وقد أجمع المسلمون أنَّ التوبة على المذنب فرض، والفروض لا يصح أداء شيء منها إّلا بقصد ونية، وقال عليه السلام:"الندم توبة (3) وقال: " الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر" (4) وهذا يبيّن لك ما ذكرنا

_ (1) سورة التحريم آية: 8. (2) سورة النور آية: 31. (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/4252) وأحمد في"المسند" (1/376، 423، 433) والبيهقي في الكبرى" (10/154) والحاكم في"المستدرك" (4/243) والحميدي (105) والفتح (11/103) والطبراني في"الصغير" (1/33) والتمهيد (4/45) والترغيب (4/ 97، 98) وشرح السنة (5/91) ومشكل الآثار (2/199) وآمالي الشجري (1/195، 196) والحلية لأبي نعيم (8/51، 312،، 10/398) وابن عساكر في"التاريخ" (3/ 314) وابن عدي في"الكامل" (1/203، 4/1329، 1381، 1364، 1499، 7/ 2668) . وكذا صححه الشْيخ الألباني. (4) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة ح/14، 15، 16) وابن ماجة (ح/598) والترمذي (ح/214) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (رقم 1029 ج 2 ص 484) . ورواه مسلم أيضا من طريق ابن وهب عن أبي صخر حميد بن زياد عن عمر بن إسحاق مولى زائدة عن أبيه عن أبي هريرة. ورواه أحمد أيضا مختصرا من طريق حماد بن سلمة عن علي بن زيد، وصالح المعلم، وحميد، ويونس عن الحسن عن أبي هريرة (رقم 9345. ح 2، ص 414) . والطبراني (4/185) ومطالب (581) والتمهيد (4/45، 46، 50) وأبو عوانة (2/20) وشرح السنة (2/177) وللكنز (18894) والمغني عن حمل الأسفار (1/146، 4/16) والمجمع (1/298، 300) والبغوي (1/515، 3/257) وابن خزيمة (314، 1814) واستذكار (1/254) والمشكاة (564) والطبري (1/386) .

ويوضح لك أن الصغائر تكفر بالصلوات لمن اجتنب الكبائر، فيكون على هذا المعنى قوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم} (1) الصغائر بالصلاة والصوم والحج وأداء الفرائض وإن لم تجتنبوا الكبائر ولم تتوبوا منها، لم تنتفعوا بتكفير الصغائر إذا واقعتم الموبقات المهلكات، وهذا كله قتل الموت، وبهذا قال جماعة المسلمين، وجاعت بها الآثار الصحاح ولو تدبر هذا القائل الحديث الذي فيه ذكر خروج الخطايا من فيه ويديه ورأسه ورجليه؛ لعلم أنّها الصغائر في الأغلب، ولعلم ألها معفو عنها بترك الكبائر، دليله قوله عليه السلام:"العينان يزنيان،/- والفم يزني، ويصدق ذلك كله الفرج أو يكذبه" (2) يريد- والله أعلم- أن الفرج بعمله يوجب الهلكة وما لم يكن كذلك وأعمال البر تغسل ذلك كلّه والله أعلم. حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن يسار قالا: نا عن محمد بن جعفر عن شعبة عن يعلي عن عطاء عن يزيد بن طلق عن عبد الرحمن بن السلماني عن عمرو بن عنبسة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن العبد إذا توضأ فغسل يديه خرت خطاياه من يديه، فإذا غسل وجهه خرت خطاياه من وجهه، فإذا غسل ذراعيه ومسح برأسه خرت خطاياه من ذراعيه ورأسه، فإذا غسل رجليه خرت خطاياه من رجليه" (3) هذا الحديث أخرجه أبو عبد الله في مستدركه من حديث عبد العزيز بن أبي حازم عن الضحاك بن عثمان عن أيوب بن موسى عن أبي عبيد مولى سلمان بن عبد المالك عن ابن عنبسة وقال فيه: صحيح الإِسناد على شرطهما ولم يخرجاه، وأبو عبيد تابعي، إذ لا شك في سماعه من عمرو، وفي الحديث صحة سماعه، وله شاهد على شرط مسلم عن عمرو بن عنبسة،

_ (1) سورة النساء آية: 31. (2) صحيح. رواه أحمد في"المسند" (2/372، 411، 528. 535) والطبراني في"الكبير" (10/192) والمجمع (6/256) وعزاه إلى أحمد وأبي يعلي والبزار والطبراني وإسنادهما جيد. وتلخيص (3/225) ونصب الراية (4/248) وابن حبيب (2/55) وإتحاف (5/321، 7/ 434) والكنز (13062) والخفاء (2/100) . (3) صحيح. رواه الحاكم في"المستدرك" (1/129) . ووافقه الذهبي.

وأما حديث ابن ماجة ففي إسناده ضعف، وقد تقدَّم معناه من كتاب مسلم، وسبب ضعفه عبد الرحمن (1) بن البيلماني الأنهاري- والبيلمان هي خرق تعمل منها القلوع- وقال الرشاطي: بيلمان من بلاد السند، قال فيه أبو حيان الرازي والدارقطني: ضعيف لا يقوم به حجة، وإذا وصل الحديث فكيف ما يرسله، قال أبو الفتح الأزدي: منكر الحديث روى عن ابن عمر بواطيل، ولما ذكره أبو حبان في كتاب الثقات قال: لا يجب أن نعمر بشيء من حديثه، وإذا كان من رواية ابنه؛ لأن ابنه يضع على أبيه العجائب، وممن ضعفه أيضا: يعقوب بن طاهر. وذكر الحاكم في كتاب المدخل: أن الشيخين اتفقا على تخريج حديث عمرو بن عنبسة، ولم يرد ذلك، وعبد الغني بن سعيد فيما ردّه فكأنه قرّره وتتبع ذلك عليهما الحافظ ابن محمد بن يربوع الشنتمدي، فزعم أن مسلما يرد لحديثه دون البخاري والله أعلم. حدثنا محمد بن يحيى بن هشام بن عبد الملك، نا حماد بن عاصم عن رزين بن حبيش أنّ عبد الله بن مسعود قال: قيل: يا رسول الله كيف تعرف من لم تر من أمتك؟ قال:"غر محجلون بلق من آثار الطهور" خرجه أبو حاتم البستي في صحيحه (2) . /عن أبي يعلي، نا كامل بن طلحة، نا حماد به، ولفظ أحمد في مسنده (3) :"من آثار الوضوء"وفي الأوسط عن أبي إسرائيل الملائي عن عطية عن أبي سعيد قالوا: يا رسول الله، كيف تعرف من لم تر من أمتك؟ فقال ح: لم يروه عن أبي إسرائيل إلا حسن بن حسين العرفي، وفيه حديث جابر بن عبد الله أيضا، أو قال: لم يروه عن الأعمش- يعني عن أبي مسلم- عن جابر إّلا يحيى بن يمان.

_ (1) عبد الرحمن بن البيلماني، تابع مشهور. قال أبو حاتم:"لين"، وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الدارقطني:"ضعيف". (المغني في الضعفاء: 2/277/3536) . (2) صحيح. رواه ابن حبان في"صحيحه": (9/183) . (3) صحيح. رواه أحمد في"المسند": (1/282، 296، 403، 452، 453، 30012، 334، 362، 400، 408، 523، 3/431، 4/207، 5/199، 262) .

وفي صحيح مسلم حديث أدي هريرة يرفعه:"أرأيت لو أنَّ رجلا له خيل محجلة بين ظهري خيل دهم بهم، ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض" (1) الحديث، وفي كتاب الترمذي بيان الغرّة م هي، إذ هي في الأحاديث السابقة مجملة، عن عبد الله بن بشر مرفوعا:"أمتي يوم القيامة غر من السجود، محجلون من الوضوء" (2) وقال: هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه. حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، نا الوليد بن مسلم، نا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، حدثني محمد بن إبراهيم، حدثني شفيق بن سلمة، حدثني حمران مولى عثمان فْال:"رأيت عثمان بن عفان قاعدا في القاعد، فدعا بوضوءٍ فتوضأ، ثم قال: من توضأ مثل وضوئي هذا غفر له ما تقدم من ذنبه" (3) وقال رسول اللَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ولا تغتروا"حدّثنا هشام بن عمار، نا عبد الحميد بن حبيب، نا الأوزاعي، نا يحيى، حدّثني محمد بن إبراهيم، حدثني عِيسى بن طلحة، حدثني حمران عن عثمان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه. هذا حديث إسناده صحيح؟ لأن الوليد إنما يحذر منه التدليس أو التشويه وهنا أمِنا ذلك لسرعته بسماعه، وسماع شيخه ومتابعة عبد الحميد له

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الرقاق، باب (53"، والفتن، باب"1" (ومسلم في ) الطهارة، ح/39، والإمارة، ح/10، والفضائل، ح/25، 26، 29- 32، 44، 45) وابن ماجة في ) الزهد، باب"36" (وأَحمد في"المسند" (1/257، 384، 402، 4056، 407، 2/408، 3/18، 62، 166، 5/41، 86، 88، 89، 339، 393، 412) . (2) صحيح. رواه الترمذي (607) والجوامع (4387) والكنز (34450) . وقد ورد هذا المعنى في أحاديث أخر في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة، وعند ابن ماجة وابن حبان من حديث ابن مسعود، وعند أحمد والطبراني من حديث أبي أمامة، وعند أحمد من حديث أبي الدرداء، وانظر الترغيب (1/92- 94) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه احمد في"مسند" (1/64، 66) والترغيب (1/152) ومشكل (3/199) وفي لفظه:"من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتن لها يحدث فيها نفسه، غفر الله له ما تقدْم من ذنبه". ورواه أبو داود (ح/106) والنسائي (1/64، 65، 80) وإتحاف (2/373) والمشكاة (387) والكنز (18951) والعلل (444) بلفظ:"من توضأ مثل وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدّث فيهما نفسه، غفر الله له".

وإن كان قد أتى بعيسى مكان شقيق وهما ببيان، فلا يضر ذلك الحديث، ويكون محمد سمع منهما، أو يكون القول في ذلك قول الوليد ليفسد به على عبد الحميد، فإن بعضهم- وهو ابن أبي حاتم- يزعم أنَّه ليس بصاحب حديث، وقال النسائي: ليس بالقوي ويكون أراد ذكر شقيق فوهم إلى عيسى، والله تعالى أعلم، وتبع ذلك فله أصل في الصحيحين من حديث الزهري عن عفان بن زيد عن حمران من غير زيادة"ولا تفتروا"وهي في/ صحيح أبي حاتم البستي وقال: نا ابن مسلم، نا عبد الرحمن بعد ولفظه: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من توضأ مثل وضوئي هذا غفر له ما تقدم من ذنبه" (1) ثم قال عليه السلام:"ولا تغتروا"وفي حديث مسلم:"وكانت صلاته ومشيه إلى المسجد نافلة" (2) فوله: واستنشق يعني حر الماء يزيح الأنف قال الفراء: النشق مصدر نشقت الشيء النشقة بشيقاء إذا أشممته واسم ما يستنشقه النشوق، والشيء يستنشق وتقول: نشق الرجل بمعنى استنشق؛ ولذلك قال الملتمس: ولو أن محموما بخيبر مدنفا تنشق رياها لأقلع صالبه أي: وجد ريحها، وتقول للرجل: استنشق يا فلان هذه الريح، وهذه ريح مكروهة النشق أي الرائحة ومنه فول رؤبة: كأنها مستنشق من العزقِ ... حرا من الخردل مكروه النشق وفي الغريبين أي ببلغ الماء خياشيمه، وذكر ابن قتيبة أنّ الاستنشاق والاستنثار سواء، مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف، ويشبه أن يكون وهم؛ لأنّ أهل اللغة فرّقوا بينهما، وفي نفس الحديث:"فليجعل في أنفه ثم لينثر" فدلَّ على أنَّ النثر طرح الماء بريح الأنف متبددا وقد أنكر ذلك عليه غير واحد من الأمة. قوله: إشفار عينيه يعني حروف أشفاره واحدها شفر بضم الشين من لذا ذكره ثعلب، وذكر ابن قتيبة فتح الشين في أدب الكاتب، وفي الجامع مع شفير كلّ شيء حدّه، وفي المحكم وشافره أيضا فحكى فيه الضم وأنكره

_ (1) تقدم ص 47. (2) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة ح/13) والنسائي في الصغرى (2/112) والبيهقي في"الكبرى (1/82) والمنذري في"الترغيب" (1/239) وأبو عوانة في"صحيحه" (2/ 79) والكنز (18953) .

بعضهم قوله: خرت خطاياه، قال في الجمهرة: خر يخز خرَا إذا هوى من علو إلى أسفل، وكل واقع من حائط وغيره فقد خرّ يخر خرّا، وكذلك الرجل إذا سقط وهو قائم على وجهه، وقال الهروي: سقط مخرور خرورَا بضم الخاء، وبنحوه قال الجوهري: قوله خرب البياض في الوجه: والغرَّة بياض في جبهة الفرس تفوق الدرهم، يقال فرس أغر، والأغر الأبيض، وقوم غران قال امرؤ القيس: ثياب بني عوف طهادي نقبه ووجوههم عند المشاهد غرّان، ورجل أغر أي شريف وفلان غُرةُ قومه أي سيدهم وغُرَّةُ كل شيء أوّله/وأكرمه ذكره صاحب الصحاح، وفي الجمهرة وكلِّ شيء بذاك من ضوءٍ أو صباح فقد بدت لك غزَته، وقال القزاز: الأغر والغراء الأبيض والبيضاء ومنه قول الأعشى: غراء فرعاء مصقول عوارضها تمشي الهوينا كما يمشي الوجي الوحل وقيل: الغراء الواسعة الجبهة، وقمِل: هي البيضاء النقية العرض، وقالت العرب: هي التي تتسع جبهتها وسلاح ما بين عينها وتباعد قضبتها من جبينها، وقيل: هي البيضاء العينين، وهذا أمير أغز محجّل أي رامج، ولذلك قال الشاعر: ألا حبّبا ليلى وقولا لها هلا لقد ركبت أمرا أغر محجلا وفي كتاب النبات لأبي حنيفة:"الغراء من نبات البدو لها زهرة بيضاء شديدة البياض ناصعة، وقال أبو نصر: الغراء تمرة بيضاء يعنى بالتمرة الزهرة، قال أبو حنيفة: ونباتها مثل نبات الجذر وحبّها كحبّه" (1) ، وهي طيبة الريح أنشد أبو العباس للفلاح بقوله لإِبراهيم بن النعمان بن بشير لما زوج أخته من يحصي بن أبي حفصة مولى عثمان: لله درّ جياد أنت قائدها برد منها وبها التحجيل والغرار وفي الكتابة وإذا كان بوجه الفرس بياض يسير بقدر الدرهم فما دون ذلك فذلك الفرس أفرج، فإذا جاور ذلك فهو الغزة، فإن كانت قوائمه الأربع بيضَا

_ (1) سقط"بالأصل"لا يغير سياق الكلام.

لا يبلغ البياض منها الركبتين فهو المحجل، فإن كان البياض بيديه دون رجليه فهو أعظم، وذكر الأصمعي: أنه الذي يرتفع البياض إلى موضع القيد، قال: ومنه الحجل، وفي الصحاح: التحجيل بياض في قوائم الفرس أو في ثلاث بها أو في رجليه، قلّ أو كثر بعد أن تجاوز الأرساغ، ولا يجاوز الركبتين والعرقوبين فإذا كان في قوائمه الأربع فهو محجل أربع، وإن كان قْي الرجلين جميعا فهو محجل الرجلين، فإن كان بأحد رجليه وجاوز الأرساغ فهو محجّل الرجل اليمنى أو اليسرى، فإن كان البياض في ثلاث قوائم دون رجل أو دون يد فهو محجل ثلاث مطلق يد أو رجل، فلا يكون/التحجيل واقعا بيد أو جدين ما لم يكن معها أو معهما رجل أو رجلان، فإن كان محجلا يد ورجل من شق فهو ممسك الأيامن مطلق الأياسر، أو ممسك الأياسر مطلق الأيامن من ولعا المقاعد فذكر القاضي، والمشارق أنَّها موضع عند باب المسجد، وقيل مصاطب حوله، وقيل: هي دكاكين عند دار عثمان، وقال الداوودي: هي الدرج، وفي سن الدارقطني، هي حيث مصلّى الجنائز عند المسجد.

4- باب السواك

4- باب السواك نا محمد بن عبد الله بن نمير، نا أبو معاوية وأبي عن الأعمش ح، ثنا علي بن محمد، نا وكيع عن سفيان عن منصور بن حصن عن أبي وائل عن حذيفة قال:"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام من الليل يتهجد يشوص فاه بالسواك"أخرجاه في صحيحيهما (1) ، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو أسامة وعبد الله بن نمير عن عبد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد المقري عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كلّ صلاة"أخرجاه في الصحيح (2) . حدثنا سفيان بن وكيع، نا عثمان بن علي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس:"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل ركعتين ركعتين ثم ينصرف فيستاك"رواه النسائي (3) في الصلاة عن قتيبة عن عثام، وبذلك صح إسناده؛ لأن سفيان ضعيف، ومنهم من اتهمه بالكذب، وهو أبو زرعة الرازي، وقال البخاري: يتكلمون فيه لأشياء لفتوه إيها، وقال النسائي ليس بشيء وقال ابن حبان: قيل له في أشياء لفتها فلم يرجع عنها فاستحق الترك لإِصراره، وقال ابن عدي: كان إذا لقن وبنحوه قال أبو حاتم الرازي وعثام

_ (1) صحيح. رواه البخاري (2/64) ومسلم في (الطهارة باب"5 ا"رقم"46" (وأحمد (5/402) وأبو عوانة (1/193) . (2) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (2/5، 3/40، 9/106) ومسلم في (الطهارة باب "15"رقم"42" (وأبو داود (46، 47) والترمذي (22، 23) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (1/12) وابن ماجة (287) وأحمد (1/221، 326، 2/245، 250، 287) والمجمع (1/221، 2/97، 98) والبيهقي (1/35، 36، 37) وحبيب (2211، 46) وإتحاف (2/348، 350، 351) والمشكاة (390) والترغيب (1/164) . وصححه الشيخ الألباني. (الإِرواء: 1/108، 109، 2/197) . (3) صحيح. رواه النسائي في:) قيام الليل، باب"10" (بلفظ:"كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك".

ممن احتج به في الصحيح، ووصف مع ذلك بالثقة والصدق، وزعم أبو القاسم ابن عساكر- رحمه الله- في كتاب الأطراف أنّ ابن ماجة خرّج هذا الحديث بهذا الإِسناد في كتاب السنة، وتبعه على ذلك الحافظ المزني، وما قدّمناه يقضي على قولهما وقد استظهرت/بنسخ من السن فوجدته كذلك، وقال الحاكم عندما أخرجه من حديث محمد بن حسان نا عثام هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وليس كما زعم لكونه على شرط البخاري وحده لمفرّده بعثمان فيما ذكره ابن سرور وغيره عندما رواه عن محمد بن عبد الله بن بزيع، نا عثام فذكره مختصرَا، وهذا الحديث لا نعلم أحدَا رواه عن الأعمش إلَّا عثمان بن علي، وهو ثقة. حدّثنا هشام بن عمار، نا محمد بن شعيب نا عثمان بن أبي العاتكة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم، مرضاة للربِّ، ما جاءني جبريل إّلا وصاني بالسّواك حتى خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي ولولا أن أخاف أن أشق على أمتي لفرضته لهم، وأني لأستاك حتى أني لقد خشيت أن أخفي مقادم فمي" (1) هذا حديث إسناده معلل بأشياء منها: عثمان بن أبي العاتكة سليمان بن حفص الأزدي الدمشقي القاضي قال فيه ابن معن ليس بشيء، وقال النسائي: ضعيف، وقال أبو احمد الحاكم، هو مع ضعفه نكتب حديثه مع أن دحيمَا كان يثني عليه وينسبه إلى الصدق ولم ينكر حديثه عن غير علي بن يزيد إلا من قبل علي، وقال أبو حاتم: لا بأس به، فكتبه من كثرة روايته عن علي، وأما ما روى عن عليّ فمقارب" (2) ، ومنها علي بن زيد أبو عبد الملك الألهاني الدمشقي قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال ابن حاتم الرازي: ضعيف الحديث، أحاديثه

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (289) والفتح (2/376) والترغيب (1/166) والمنثور (1/ 113) وكحال (2/117) وابن عساكر (4/464) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف ابن ماجة". ارجع لرقم"298"فيه. (2) قلت: هذا باب من أبواب الضعف.

منكرة، وقال النسائي والأزدي والدارقطني: متروك، وقال يعقوب بن شيبة: واهي الحديث، وقال أحمد: هو ضعيف، ولما ذكره أبو مسهر قال: ما أعلم إلا خيرا وذكر أبو عبد الله في مستدركه حديثا من رواية يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن خير عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا:"إن أغبط الناس عندي المؤمن خفيف الحاد" (1) ثم قال إسناده للشامين صحيح عندهم ولم يخرجاه- يعني الشيخين- وليس كما/ترجمه لما أسلفناه، ولما قاله ابن حسان وغبره من أنّ هؤلاء إذا اجتمعوا في إسناد كان ذلك الحديث من عمل أيديهم، وإنه اعتمد على قول أبي مسهر في علي والبخاري في ابن زحر والله أعلم، ومنها القاسم بن عبد الرحمن مولى خالد بن يزيد بن معاوية، وهو- وإن قال فيه الكوفي- شامي تابعي نكتب حديثه وليس بالقويّ، وقال إبراهيم بن الحسين عن ابن معين: هو ثقة إذا روى عن الثقات، وقال الحربي في كتاب العلل من ثقات المسلمين: توفى سنة ثنتي عشرة ومائة، وقال الجوزجاني في تاريخه: كان خيارا فاضلا، وقال المزي: ثقة، وسئل عنه أبو حاتم فقال: حديث الثقات عنه مستقيم لا بأس به، وإنما ينكر عليه من قبل الضعفاء، فقد قال فيه الإِمام أحمد بن حنبل: منكر الحديث، حدث عنه علي بن يزيد بأعاجيب وما أراها إلا من قبله، وقال أبو حاتم البستي: كان يروي عن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المعضلات، وفي سؤالات الآجري عن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (4117) وأحمد (5/255) والحاكم (4/123) والطبراني (8/ 242) وخمر (11) والكنز (5928) . وفي الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف أيوب بن سليمان. قال فيه أبو حاتم: مجهول. وتبعه على ذلك الذهبي في الطبقات وغيرها. وصدقه ابن عبد الله متفق على تضعيفه. ا. هـ كلام الزوائد. وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة، والمشكاة (5189) (ح/897) . قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي: حديث أبي أمامة، رواه الترمذي بزيادة، بإسناد آخر قد حشنه. قلت: والزيادة التي رواها الترمذي من طريق آخر لا تُزيل علّة الضعف، إذا كان الطريقان كلْ له راو يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبذلك يتبين علة ضعف الطريق الآخر التي حكم بها وجزم عليها الشّيخ الألباني بضعفه.

أحمد بن صالح تضعيفه، وفي الأوسط للبخاري روى عنه المعلى وغيره أحاديث متقاربة، وأما من يتكلم فيه مثل علي بن يزيد ونحوه؛ ففي حديثه مناكير واضطراب، ومع ذلك ففي سننه أشياء لها أصول صحيحة وشواهد حسنة: أما قوله:"السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب" (1) فهو في حديث عائشة عند ابن خزيمة والحاكم وابن حبان، وذكره البخاري تعليقا، وقال البغوي في شرح السنة: هذا حديث حسن، وعند ابن حبان أيضا من حديث أبي هريرة، قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرث" (2) وعند القاضي أبي بكر أحمد بن علي المروزي في مسند أبي بكر الصديق من حديثه عن أبي حنيفة، نا يونس بن عمر، نا حماد عن أبي عتيق عن أبيه عن أبي بكر سمعت النبي لم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب" (3) وسنده صحيح، وحدثنا ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب" (4) ، طبقات الموصلي من حديث ابن لهيعة عن عبد الله بن أبي جعفر عن نافع عنه، وقوله:"ما جاءني جبريل- عليه السلام- إلا أوصاني بالسواك، السواك واجب، السواك واجب " شاهده عند ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن حنظلة:"كان عليه السلام أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرَا كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بالسواك عند كل صلاة " (6) وقوله:"ولقد خشيت أن يفرض علي " (7)

_ (1) حسن. رواه ابن خزيمة في"صحيحه" (135) وابن حبان في"صحيحه" (143) والحاكم في"مستدركه"وصححاه. وللبخا ري"تعليقا" (3/40) . (2) ضعيف رواه ابن حبان (144) وابن أبي شيبة (2/96) والترغيب (1/166) والفتح (2/ 376) وإتحاف (5/267، 349، 351) والمغني عن حمل الأسفار (1/132) وأصفهان (2/ 26) وابن عدي (3/929) والمجمع (1/220) وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف. (3، 4، 5) تقدمت قريبَا في الهوامش السابقة. (6) بنحوه. رواه احمد في"المسند" (1/282) والبيهقي في"الكبير" (1/42) والشمائل للترمذي (95) ولفظه:"أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة". (7) ضعيف. رواه أحمد في"مسند" (3/490) والجوامع (4423، 4430، 4436) والمنذري في"الترغيب" (1/166) والمجمع (2/98) .

شاهده ما رواه أحمد في مسنده من حديث ابن عباس، قال عليه السلام: "ولقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه سينزل علي قرآن أو وحي" (1) وعنده أيضا عن واثلة، قال عليه السلام:"أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي"وذكر أبو نعيم من جهة محمد بن مسلمة أن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن صهيب قال: سمعت عبد الله بن عمر بن خلخلة، ورافع بن خديج قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"السواك واجب، السواك واجب" (2) وقوله:"لفرضته" شاهده حديث تمام بن عباس- رضى الله عنهما- قال عليه السلام:"مالي أراكم تأتون قلحا استاكوا، لولا أن أشقَّ على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم الوضوء" (3) . رواه أحمد. وعلّله ابن القطان، وفيما أعلَّه به نظر، ولما رواه في الأفراد من حديث جعفر تمام بن عباس عن أبيه عن العباس قال: هذا حديث غريب من حديث الثوري عن منصور تفرد أبو خالد عبد العزيز بن أبان عنه، ولا نعلم حدّث به عنه غير الحسن بن ملزم، وحديث أبي هريرة:"لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك مع الوضوء" (4) قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرطهما، وفي الدلائل لابن عدي قال/عليه السلام:"لولا أن أشق على أمتي لجعلت السواك عليهم عزيمة"، وفي الصحيح:"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"وقوله:"حتى لقد خشيت أن أخفي مقاديم فمي"شاهده حديث عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال عليه السلام:"لقد أمرت بالسواك حتى خفت على أسناني" (5)

_ (1) صحيح. رواه أحمد في "المسند" (1/237، 337) وفي المجمع أورده الهيثمي (2/98) وعزاه لأبي يعلي. (2) 1لمنثور (1/114) وإتحاف (2/350) . (3) ضعيف. أبو حنيفة: (24) ورواه أحمد في"المسند" (3/442) . (4) تقدم قبل حواش قليلة. (5) ضعيف. أورده الهيثمي في"المجمع" (2/98) وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط".

قال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن عطاء إلا الحسين بن واقد، وحديث جرير تطهر مرفوعا:"لقد أمرت بالسواك، حتى لقد خشيت أن يدردنى" (1) فقد طهر لك بمجموع ما ذكر صحة المتن، وعرفان مخرجه، وضعف الإِسناد، وفي صحيح الإِسناد، وفي صحيح ابن خزيمة وابن حبان والمستدرك لأبي عبد الله:"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع الوضوء عند كل صلاة". حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا شريك عن المقدام بن شريج بن هانئ عن أليه عن عائشة قالت: قلت: أخبرني بأي شيء كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبدأ إذا دخل عليك؟ قالت:"كان إذا دخل يبدأ السواك"رواه مسلم (2) في صحيحه، وذكر ابن عبد الله بن منده الإِجماع على صحته، وفيما قاله نظر لأمرين، الأول: إن أراد إجماع أهل العلم قاطبة فمتعدد، وإن أراد إجماع الأئمة المتعاصرين أصحاب الليث- وهو الأشبه بمصطلحه؛ لا بين في غير موضع أنه يريد ذلك- فغير صواب أيضا؛ لأنه لم يخرجه أحد منهم زيادة على ما ذكرناه غير النسائي والسجستاني في رواية ابن داست فقط، فأي إجماع مع مخالفة البخاري والترمذي!، وعند ابن خزيمة وأبي عوانة، وسيأتي له تتمة عند أحمد- رحمه الله تعالى- إذا دخل بيته، حدثنا محمد بن عبد العزيز، نا مسلم بن إبراهيم، نا بحر بن كثير عن عثمان بن ساج عن سعيد بن جبير عن علي بن أبي طالب- رضى الله عنه- قال:"إن أفواهكم طرق القرآن فطيبوها بالسواك" (3) هذا أبر إسناده ضعيف لضعف بحر

_ وفيه عطاء بن السائب. فلت: فيه اختلاف لاختلاطه في آخره. (1) صحيح. المصدر السابق (2/99) وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"ورجاله رجال للصحيح. (2) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، باب"15"، ح/44) وأحمد (6/188) والكنز (17859) . (3) ضعيف. إتحاف (2/340) والكنز (2751) والحلية (4/296) والجوامع (6249) وتلخيص (1/70) والمنثور (1/113) والمغني عن حمل الأسفار (1/131) .

رواية مولى بأهله السقا، قال فيه يزيد بن زريع: لا شيء، وقال يحيى: ليس بشيء، ولا كتب حديثه/كل الناس أحب إلي منه، وقال النسائي وابن الجنيد والدارقطني: ليس ثقة، ولا نكتب حديثه، وقال الحربي في العلل: ضعيف، وفي كتاب الآجري: سمل أبو داود عنه فقال: ضعيف، وسئل عنه مرة أخرى وعن عمران فقال عمر: فوق مجر متروك، وقال أبو حاتم: ضعيف، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال ابن سعد: مات سنة ستين ومائة، وكان ضعيفا، وقال البخاري في التاريخ: ليس عندهم بالقوى، الثاني: الجهالة بحال عثمان وإن كان ابن أبي حاتم قد وصفه بالرواية عن خصيف وبرواية المعتمر بن سليمان، نا محمد بن يزيد بن سنان عنه وضعفه البخاري بأنه من الجزيرة فلم أر أحدا تعرّض للمعرفة بحاله، وهو وبحر مما يستدرك ذكرهما علي بن سرور، الثالث: وكذلك يستدرك الحديث وزعم بعض المتأخرين أنّ عثمان بن ساج هذا هو عثمان بن عمرو بن ساج، نسب إلى جدّه أخذا من طبقات الجزر لأبي عروبة، وبها علم أن أبا محمد بن أبي حاتم فرّق بينهما ولا يعدل عن كلامه، إّلا بيان واضح. الثالث: نا محمد بن عبد العزيز أيضا لا يدري من هو؛ لأنَّ ابن سرور ذكر فيمن روي عنه ابن ماجة اثنين يقال لكل منهما محمد بن عبد العزيز: الأول المعروف بابن أبي رزمة، والثاني لم يصفه، قال من رواية ابن ماجة عنه فالله أعلم أيهما هذا أبي رزمة، وما أخاله فهو مشهور بالثقة، وإن كان الآخر فهو مجهول وبنحو ما ذكرهما به ذكره الشيخ جمال الدين ولم يذكر أحدا منهما برواية عن مسلم بن إبراهيم، وكذلك الخطيب في تاريخه على كثرة تعدادهما للمشايخ، الرابع: انقطاع ما بن سعيد وعلي؛ فإن ابن أبي حاتم ذكر في كتاب المراسيل: سئل أبو زرعة عن سعيد بن حر عن علي فقال: مرسل، وفي التاريخ الأوسط عن أبي معشر عن سعيد بن جبير قال: رأيت عقبة بن عمرو، نا أبو معمر، نا عبد الوارث نحوه، نا يحيى قال: مات أبو مسعود أيام علي،/ولا أحسبه حفظ؛ لأن سعيد بن حر لم يدرك أيام علي. انتهى. قول البخاري: ولا أحسبه حفظ؛ يعني وفاة ابن مسعود؛ لأنه

هو صرح في ذلك بسماع سعيد منه، ويكون مولد سعيد على ما ذكره هو وغيره بعد موت علي- رضى الله عنه- سنة ستين؛ لأنه قيل سنة خمس وتسعين وهو ابن تسع وأربعين والله أعلم، وقد وقع لنا هذا الحديث مرفوعا من طريق سالمة من المذكورين نا بها المعتمر أبو التقي صالح بن مختار- رحمه الله تعالى- قرأه عليه وأنا أسمع، نا المسند أبو العباس بن عبد الدايم بقراءة والدي عليه، نا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي قرأه عليه، نا أبو القاسم الجوزي أبو الحسن، نا الربيع نا عمر بن نعيم وكل المتقى من أصل سماعه نا حمدون بن الحرث بن ميمون المقري، نا العباس بن الوليد بن عبد الرحمن الجارودي شعبة عن الحسن بن عبيد الله عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن العبد إذا قام يصلي وقد تسوك أتاه الملك فقام خلفه، ولا يخرج منه شيء إّلا دخل جوف الملك، فطهروا أفواهكم بالسواك" (1) . أخبرنا المسند المعمر أبو زكريا يحيى المقدسي- رحمه الله- عن العلامة ابن بنت الحميري، نا بشهدة، نا أبو عبد الله الحسين بن طلحة، نا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله، نا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل، نا عبيد الله بن سعد الزهري، نا عمي، نا أبي عن ابن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن سالم بن عبد الله عن أبي الجراح مولى أم حبيبة أنها حدثت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضئون"وروى مجالد عن الشعبي عن عبد الله بن جعفر، قال عليه السلام:"إذا قام أحدكم إلى الصلاة فليغسل يده من الغمر، ما قام عبد إلى الصلاة قط إلا التقم ملك فاه فلا يخرج من بداية إلا في فم الملك " (2) ذكره البيهقي يحيى عن أبي الرضا في كتاب نمرة الصحاح من تأليفه/وفي مجموع

_ (1) صحيح. رواه البزار في"مسنده") ص. 6) وقال:"لا نعلمه عن علي بأحسن من هذا الإِسناد". وإسناده جيَد، رجاله رجال البخاري، وفي الفضيل كلام لا يضرَ، وقد قال المنذري في"الترغيب" (1/102) :"رواه البزار بإسناد جيد لا بأس به، وروى ابن ماجة بعضه موقوفا، ولعله أشبه". (2) راجع:"الكنز، ح/20105) .

الزغايب لابن عساكر عن أبي هريرة:"كان أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسواكهم خلف آذانهم يستنون لكل صلاة. السواك"والمسواك ما يدلك به الأسنان من العيدان. قال القزاز: استعمل منه سكت الشيء أسوكه سوكَا إذا دلكته، ومنه اشتقاق السواك يقول: ساك فمه يسوكه سوكَا إذا دلكه بالمسواك، فإذا قلت استاك لم يذكر الفم، والمسواك يذكر ويؤنث، والتذكير أكثر وهو نفس العود الذي استاك به، وأصله للشيء الضعيف، يقال: جاءت الغنم والإِبل تستاك هنا لا أدري ما تحرك رؤوسها، وقد تساوكت الإبل وغيرها: أصابها الهزال، قال عبيد الله بن الحر الجعفي.. إلى الله أشكوا مَا أرى بجياد تساوك هذا لا مخمن قليل.. والسواك متن الجائع، وفي الصحاح ويجمع على سوك، مثل كتاب وكتب قال الشاعر: أغر الثنايا أحمر اللثات تمنحه سوك الأسجل وشرع السواك لتعظيم شأن العبادة وشأن المناجي؛ ليكون على كمال من الطهارة والنظافة؛ لأنه مزيل القلح، مضعف للأجر، مطيب للنكهة، مكره للصداع، مذهب لوجع الأضراس، يزيد صاحبه فصاحة، مذهب البلغم، مجلي للبصر. جاء ذلك في آثار مرسلة ذكرها أبو نعيم والطبراني، ومذهب الجمهور عدم وجوبه للصلاة خلافَا لإسحاق بن راهويه وداود إذ أوجباه، وبالغ إسحاق وأبطل الصلاة بتعمد تركَه، قال أبو عمر: فضل السواك مجمع عليه لا اختلاف فيه، والصلاة عند الجميع بسواك أفضل منها بغير سواك، حتى قال الأوزاعي: هو شطر الوضوء وقتادة عند إرادة طلبه الصلاة وعند الوضوء وقراءة القرآن والاستيقاظ من النوم وعند تغيّر الفم، ويستحب بين كل ركعتين من صلاة الليل، ويوم الجمعة، وقبل النوم، وبعد الوتر، وعند الأكل، وفي السحر، والأولى الاستياك من شجر الزيتون في حديث معاذ مرفوعَا:"نعم السواك/

_ (1) إبراهيم بن أبي عَبلة، بسكون الموحدة، واسمه شمر: بكسر المعجمة ابن يقظان الشامي، يكنى أبا إسماعيل، ثقة من الخامسة، مات سنة اثنتين وخمسين. روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. (تقريب: 1/39/239) . والحديث ضعيف. أورده الهيثمي في المجمع (2/100) وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"وفيه معلل بن محمد ولم أجد من ذكره.

الزيتون، من شجرة مباركة، تطيب الفم، وتذهب الحفر، وهو سواكي وسواك الأنبياء قبلي"ذكره الطبراني في الأوسط من حديث إبراهيم (1) بن أبي عبلة عن عبد الله بن الديلمي عن عبد الرحمن بن غنم عنه، وقال ابن برون عن إيراهيم إلا إيراهيم بن محصن، ثم بكل ما يجلو الأسنان إذا لم يكن فيه صبغ ولون خلا الريحان والقصب، واستضعف ابن العربي الأول، وقاسه على الكحل، وحمل بعض الحنفية السواك للصلاة على صلاة المتيمم، أو من لم يجد ماءَ ولا ترابَا حتى لا يخلو المصلي من سواك، إن لم يكن عند الوضوء فعند الصلاة جمعَا بين الأحاديث، أو يحمل على ما في حديث يوسف السمتي عن الأعمش عن أنس:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستاك بفضل وضوئه" (1) وحمل بعض العلماء:"يشوص على ذلك السن بالأصابع " وهو في حديث ضعفه البيهقي عن أنس مرفوعَا:"يجزئ من السواك الأصابع" (2) وفي حديث لم ير عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جدَّه، قال عليه السلام:"الأصابع تجزئ مجزئ السواك إذا لم يكن سواك " (3) قال ابن القاسم في كتابه الأوسط: لم يروه عن أبي إلا أبو غزنة محمد بن موسى، تفرد به هارون بن موسى القروي، وبعضهم يزعم أنّه الدلك عرضَا، وقال بعضهم: هو الغسل وقيل: التقية. قاله أبو عبيد، وقيل: هو الحك. قاله ابن عبد البر، ويستحب الاستياك طولا لحديث أبي موسى عند أحمد:"دخلت على النبي- عليه السلام- وهو يستاك وهو رافع طرف السواك على لسانه يستن إلى فوق" (4) قال حماد ووضعه لنا غيلان كأنه يستن طولا، وحديث

_ (1) ضعيف جدا. رواه الدارقطني في"سننه " (1/40) و"المطالب العالية"لابن حجر (70) والكنز (17860) وابن عساكر في"التاريخ" (2/246) والخطيب في"تاريخه" (11/16) . وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 657 ح 4551) 0 انظر: (الضعيفة: ح/4268) . (2) ضعيف. رواه ابن عدي في"الكامل": (5/1971) . وأورده الألباني في"ضعيف الجامع: ص 930 ح/6415) وعزاه إلى"الضياء"من حديث أنى. وانظر:) الإِرواء: ح 69) . (3) ضعيف. أورده الهيثم في"مجمع الزوائد" (2/100) وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط"وكثير ضعيف وقد حسن الترمذي حديثه. (4) صحيح. رواه أحمد: (4/417) .

بهز وربيعة بن الشمر وعطاء بن أبي رباح:"كان عليه السلام يستاك عرضا، (1) ضعَّفه البيهقي، وحديث عائشة مرفوعا:"كان يستاك عرضا ولا يستاك طولا" (2) ، ذكره وهو ضعيف، وزعم بعضهم أنه من حديث أبي موسى ومن ذكرناه تعارض، فإن حديث أبي موسى يدل على أن تسوك اللسان والحلق طولا، وحديث بهز يوضحه ومن تابعه يكون في الأسنان عرضا وفي قوله عليه السلام/:"لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة"، يقتضي جواز الاستياك للصائم أخذا بعموم اللفظ، يوضحه حديث عامر بن ربيعة:"رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لا أحصى يتسوك وهو صائم" (3) قال فيه الترمذي: حسن، وحديث عائشة ترفعه:"من خير خصال الصائم السواك" (4) وحديث أنس: "لا بأس بالسواك للصائم" (5) ، وحديث ابن عمر:"كان عليه السلام يستاك آخر النهار وهو صائم" (6) ذكره ابن طاهر في التذكرة، وضعفه على معارضة غيرهم لهم في ذلك، وسيأتي في موضعه- إن شاء الله تعالى-،

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في المجمع (2/100) وعزاه إلى الطبراني في"الكبير' وفيه بنيت بن كثير وهو ضعيف. والتمهيد (1/394، 395) وإتحاف (7/124) والكنز (17861) والخفاء (1/134، 296) والفوائد (11) . وضعفه الشيخ الألباني. (الضعيفة: ح/942) . (2) انظر: الحاشية السابقة. (3) حسن. رواه أبو داود (ح/2364) والترمذي (ح/725) . وقال الترمذي: حديث عامر بن ربيعة حديث حسن. والعمل على هذا عند أهل العلم. لا يرون بالسواك للصائم بأسا. إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم بالعود الرطب، وكرهوا له السواك آخر النهار. ولم ير الشافعي بالسواك باسا أول النهار ولا آخره. وكره أحمد وإسحاق السواك آخر النهار. (4) ضعيف. رواه البيهقي في"الكبرى" (4/272) والكنز (23861) وضعفه الشيخ الألباني. ) ضعيف الجامع: ص 472 ح/2908) 0 انظر:) الضعيفة: ح 3574، وابن ماجة 1677) . (5) قوله:"للصائم"غير واضحة"با لأصل"، وكذا أثبتناه. (6) باطل. أورده الألباني في"الضعيفة: ح/402) . وقال: أخرجه ابن حبان في"كتاب الضعفاء"عن أحمد بن عبد الله بن ميسرة الحراني عن شجاع بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.

وما قدمناه أحسن دلالة ممن قال ذلك يؤخذ من قول عائشة:"بأي شيء كان عليه السلام يبدأ إذا دخل عليك بيتك؟ فالت: بالسواك" (5) لأن الحديث إنما جاء في دخوله البيت ليلَا؛ فلا حجة فيه، بيانه رواية شريح قلت لعائشة:"بأي شيء كان يبدأ عليه السلام إذا دخل عليك بيتك؟ قالت: يبدأ بالسواك، ونختم بركعتي الفجر"ذكره الإِمام أبو حاتم في صحيحه.

_ وأعلَه ابن حبان بابن ميسرة وقال: لا يحتج به، ورفعه باطل، والصحيح عن ابن عمر من فعله، كذا في نصب الراية (2/460) .

5- باب الفطرة

5- باب الفطرة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"الفطرة خمس- أو خمس من الفطرة- الختان، والاستحداد، وتقليم الأظفار، ونتف الإِبط، وقص الشارب " (1) خرجاه في صحيحيهما وأما سعيد بن أبي سعيد، فرواه عنه مالك في موطئه عن أبي هريرة موقوفا له، ورواه أكثر رواة الموطأ إلا بسر بن عمر، فإنه رواه عنه موقِوفا وبلفظ ابن حبان قال:"من فطرة الإِسلام: الغسل يوم الجمعة، والاستنان، وأخذ الشارب، وإعفاء اللحى فإن ألمجوس تحفي شواربها وتحفي لحاها، فخالفوهم، خذوا شواربكم وأعفوا لحاكم" (2) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا وكيع، نا زكريا بن أبي زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن صا عن ابن الزبير عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"عشر من الفطرة: قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، والاستنشاق بالماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإِبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء " يعني: الاستنجاء. قال زكريا: قال مصعب: ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة، رواه مسلم (3) في صحيحه لم والترمذي، وقال: حسن، وقد

_ (1) صحيح. رواه البخاري في (اللباس، باب قص الشارب، وتقليم الأظافر) ومسلم في (الطهارة، باب خصال الفطرة) وأبو داود في (الترجل، باب "16") والترمذي (ح/2756) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (1/14، 7/129، 181) وابن ماجة (ح/292) وأحمد في"المسند" (2/229، 239، 283، 410، 489) والبيهقي في"الكبير" (1/149) والحميدي (936) وعبد الرزاق (20234) وابن أني شيبة في"مصنفه" (1/195، 9/58) والقرطبي في"تفسيره (14/25) الخطيب في"تاريخه" (5/438) والموطأ (921) . (2) انظر: الحاشية السابقة. (3) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/56) وأبو داود (ح/53) والترمذي في (ح/ 2757) وحسنه. وابن ماجه (ح/293) والنسائي في (الزينة باب"1") وأحمد في "المسند" (6/137) والبيهقي في"للكبرى" (1/36، 52، 53. 300) وأبو عوانة (1/191) وابن أبي شيبة (1/195) وتلخيص (1/66) ومشكل (1/297) والمشكاة (379، 380) وشرح السنة (1/398) وإتحاف (2/350، 427) والدارقطني في"سننه" (1/95) ونصب الراية (1/76) . قوله:"البراجم"هي غصون الأصابع من أسفل.

اختلف في رفعه ووقفه؛ فرواه مرفوعا مصعب منفردا به عن طلق ورواه سلمان التيمي بن جعفر بن إياس عن طلق قال: كان يقال عشر من الفطرة، كذا في كتاب الفسوي، ورواية الرفع انفرد بها ابن زائدة عن مصعب، واختلف في تصحيحه؛ فأباه الإِمام أحمد بن حنبل فقال: مصعب بن شيبة أحاديثه مناكير، منها عشر من الفطرة، والنسائي وقال: حديث التميمي أشبه بالصواب من حديث مصعب، ومصعب منكر الحديث، وفي موضع آخر: وحديث التيمي، وأبي بشر، أولى حيث قال التيمي: وابن إياس أثبت منه وأصح حديثا وأبو عبد الله بن منده الأصبهاني حيث قال: خرجه مسلم وتركه البخاري وهو حديث معلوم، رواه التيمي عن طلق مرسلا، وقيل: الرفع صحيح اعتبارا بتوثيق مصعب عن ابن معين والعجلي وأبن خزيمة لذكره، حديثه هذا في صحيحه من حديث محمد بن بشر، نا زكريا، نا مصعب وحديث محمد بن رافع، نا ابن نمير عن زكريا لم يذكر العاشرة، لا يتيقن ولا يشك، وفي حديث عنده العاشرة لا أدري ما هي إلَّا أن تكون المضمضة، ومذهب مسلم بن حجاج وغيرهما وسيأتي أحاديث متابعة عطاء، وشاهده: حدّثنا سهل بن أبي سهل، ومحمد بن يحمى قالا: نا أبو الوليد، نا حماد عن علي بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر عن عمار بن ياسر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من الفطرة: المضمضة، والاستنشاق، والسواك، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإِبط، والاستحداد، وغسل البراجم، والانتضاح، والاختتان" (1) هذا حديث معلول، ولما ذكره البيهقي في كتاب المعرفة قال: هذا حديث ضعيف، ولم يبيّن سبب ذلك، وهو ما ذكره أبو داود حين خرجه عن موسى بن إسماعيل، وداود بن شيب قالا: نا حماد عَن علي بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر عن عمار بن ياسر أن رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من الفطرة: المضمضة، والاستنشاق، والسواك، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الإِبط، والاستحداد، وغسل البراجم، والانتضاح، والاختتان"هذا حديث معلول، ولما ذكره البيهقي في كتاب المعرفة قال: هذا حديث ضعيف ولم يبين سبب ذلك وهو ما ذكره أبو داود حين خرجه عن

_ (1) قوله:"هذا"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه 0

موسى بن إسماعيل، قال موسى: عن أبيه، وقال داود: عن عمار، فعلى قول موسى يكون الحديث مرسلا (1) ؛ لأن أباه لم يذكر أحد أن له صحبة، وعلى قول داود يكون منقطعا؛ لأن حديثه عن جدّه قال ابن معين: مرسل، وقال البخاري: لا يعرف أنّه سمع منه، وقال عنه: لم يره ومع ذلك فحاله مجهولة لا نعرف أحدا تعرض لذكرها، دان كان أبوه قد ذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقد تابع داود حجاج بن منهال وابن عمر الضرير وهدية بن خالد فيما ذكره الطبراني في المعجم الكبير، فهذا كما ترى متابع لحديث طلق، ومنه ما ذكره أبو داود فيما رواه عنه ابن العَثد قال: روى نحوه عن ابن عباس قال:"خمس كلها في الرأس، منها العزق". ولم يذكر إعفاء اللحية، وعن إبراهيم النخعي نحوه ذكر إعفاء اللحية، والختان، ولفظ الطيالسي عن حماد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"الفطرة ... "فذكره وفي حديث يعلي بن الأشدق عن عبد الله بن حراد- وهو مختلف في صحبته- قال عليه السلام: "السواك من الفطرة" (2) وفي حديث ابن عباس المذكور عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أنّ جبريل أبطأ عنه، فذكر ذلك له فقال: كيف لا نبطئ عنكم وأنتم حولي لا تستنون ولَا تقَلِّمون أظفاركم ولا تحفون من حواجبكم" (3) حدثنا شمر بن هلال الصواف، نا جعفر بن سلمان عن أبي عمران الجوني عن أنس بن مالك قال:"وقّت لنا في قصّ الشارب، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتقليم الأظافر، لا نترك أكثر من أربعن ليلة" (4) . حدثنا/جعفر بن أحَمد بن عمر، نا عفان بن مسلم، نا حماد بن سلمة عن علي بن زيد مثله، هذا حديث صحيح رواه مسلم عن يحيى بن يحيى وقتيبة كلاهما عن جعفر به، قال ابن منده عند تخريجه إياه من حديث جعفر: وهذا حديث صحيح أخرجه مسلم (5) ، وتركه البخاري من هذا الوجه، ورواه هشيم وغيره عن صدقة

_ (1) قلت: هذه فقرة كررها الشارح. (2) قلت: هو طرف من حديث صحيح سابق لفظه:"الفطرة عشر.. ط ذكر منها السواك. (3) صحيح. رواه أحمد في"مسنده: (1/243) . (4) صحيح. رواه أبو داود (ح/4200) والبيهقي في"الكبرى" (1/150) . (5) انظر: الحاشية السابقة.

الدقيقي عن أبي عمران عن أنس قال:"وقت لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قص الشارب ... "الحديث، وقال: هذا حديث صحيح على رسم البخاري. انتهى. وفيِما قاله نظر، وذلك أن صدقة بن موسى أبو المغيرة، ويقال: أبو محمد السلمي الدقيقي البصري ليس من شرط البخاري في شيء وأتى ذلك مع قول ابن معين: ليس بشيء وفي موضع آخر: ضعيف، وبنحوه قاله النسائي، وقال ابن عدي: بعض أحاديثه مما يتابع عليه وبعضها مما لا يتابع عليه وهو ضعيف، وقال ابن حبان: كان شيخا صالحَا إلَّا أنّ الحديث لم يكن صناعته؛ فكان إذا روى قلب الأخبار فخرج عن حد الاحتجاج به، ولما خرّج الترمذي حديثه هذا، خرج بعده حديث جعفر، وقال: هذا، أصح من الأول، وهو في ذلك كما قيل حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا خراش، وبعض الشواهد من بعض؛ لأن جعفر بن سلمان تكلّم فمِه غير واحد وإن كان مسلم قد خرج حديثه منفردا به، منهم سليمان بن حرب وابن المديني وابن سعد وابن عدي ويحيى بن سعيد وغيرهم، والله أعلم، ولما ذكره البزار من جهة جعفر قال: لا نعلم أحدا مشهورا رواه عن أنس إلا الجوني، وصدقة ليس عندهم بالحافظ، ولا نعلم رواه عن النبي- عليه السلام- إلَّا أنس بن مالك. الأصل في الفطرة: الفطر، وهو المصدر مفتوح الفاء وهو الابتداء والاختراع، يقال: فطره الله تعالى: أي ابدأه واخترعه، وكذلك افتطر فيما ذكره الزمخشري في أساس البلاغة. قال ابن عباس: كنت لا أدري ما فاطر السموات والأرض، حتى أتاني/إعرابيان مختصمان، فقال أحدهما: أنا فطرتها أي ابتدأتها، وهي لفظة يقال بالإِشراك على الفطرة والجبلة التي خلق الله تعالى الخلقَ عليها، وفي الحديث:"كل مولود يولد على الفطرة" (1) قيل: على نوع من الجبلة

_ (1) صحيح. رواه البخاري (2/125) وا بو داود (ح/4714، 4716) والترمذي (ح/ 2138) وا حمد في "المسند" (2/233، 275، 282، 393، 410، 481، 3/353) والحميدي (1113) وتجريد (258) وحنيفة (6) وإتحاف (2/218، 7/233، 234، 8/ 567) وابن كثير في"تفسيره (2/368، 3/386، 5/53، 6/321، 8/311، 400، 434، 449، 500) والقرطبي في"تفسيره" (5/395، 14/26، 18/133) وأبو نعيم في "الحلية" (9/228) وأخبار أصفهان (2/226) والموطأ (241) .

والطبع المنتهي لقبول الدين، فلو تُرك عليها لاستمر على لزومها وعلى معرفة الله- تعالى- والإقرار به أي: يولد لما كان أقربه لما خرج من ظهر آدم. حكى ذلك القزاز في تفسير غريب البخاري، وزعم أنّ الأول أولى الوجوه فيها، وقال الخطابي: فسّره أكثر العلماء بالسنة، وقد جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عمر مرفوعا:"من السنة: قص الشارب، ونتف الإِبط، وتقليم الأظفار " (1) وفي صحيح ابن حبان من حديث زيد بن أرقم مرفوعا:"من السنة: قص الشارب؛ من لم يأخذ من شاربه فليس منا" (2) وفسرها آخرون بالدين، منهم الماوردي، ويدلّ عليه وروده صريحا في بعض الروايات، وأما إعفاء اللحية فهو توفيرها، قال الجوهري: عفا الشعر وأنتف وغيرهما أكثر زاد ابن سيّده في المحكم وطال قال الجوهري، ومنه قوله حتى إذا عفوا أي كثر، وعفوته وعفيته: لغتان، والعافي: الطويل الشعر، وفي كتاب الأضداد لابن السكيت: عفا الشعر إذا وفا، وعفا إذا درس، قال الهروي: ومنه قوله عليه السلام:"فعلى الدنيا العفا" (3) أي الدروس، كره لنا أن نعفها كفعل بعض الأعاجم، وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن، وأما الأظفار، فهو جمع ظفر مضموم الظاء والفاء، وبضم الظاء وإسكان الفاء وبكسر الظاء وسكون الفاء وأظافير جمع أظفور لغة في الظفر، ورجل أظفر: طويل الأظفار عريضها، وظفر الجديد الظفر. قاله في الأساس، والبراجم واحدها برجمة بضم الباء وهي عقد الأصابع ومفاصِلها، وبه سميت البراجم من تميم وعبد القيس،/وقال أبو عبيد: البراجم والرواجب جميعا: مفاصل الأصابع وألى ذلك غيره؛ فقال: الرواجب هي ما بين العقد من داخل واحدها راجبة، والبراجم: من ظهور الأصابع، والإِبط، باطن المنكب يذكر ويؤنث، والتذكير أعلا،

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/2761) والنسائي (1/15، 8/129) وأحمد في"المسند" (4/ 366، 368) والطبراني في"الكبير" (5/208) وابن عدي في"الكامل" (6/2360) وإتحاف السادة المتقين (2/411، 413) وشرح السنة (12/108) والمشكاة (4438) ومشكل (2/ 138) والكنز (17242) والخفاء (2/430) والطبراني في"الصغير" (1/100) . (2) انظر: الحاشية السابقة. (3) /أقف إلا في' الإِتحاف: 8/160"بلفظ:"على الدنيا وأهلها منط المّمار".

والجمع إباط، قال الجواليقي وبعض المتحذلقين يقوله بكسر الباء والصواب سكونها. انتهى. يشهد لقائل ذلك فول الراجز مما أنشده الهذاز: كان هوى في خوا إبطه ليس يمهل البروك فرشطه وأما المبرد فزعم أن ذلك للاتباع كقول عبد مناف بن ربع الهذلي: إذا تأوب نوح وأساء معه ضربا أليما بسبب بلعج الجلدا والعانة: النابت من الشعر حول القبل، وقيل: نبت الشعر هناك، وتصغيرها عوينة، وانتقاص الماء بقاف وصاد مهملة وفُسر بالاستنجاء ويؤيّده ورود ذلك صريحا في الموقوف عن ابن عباس، والحديثان بيان واحد في تعداد خصال الفطرة، والمعنى انقطاع البول بالماء عند الغسل. قاله أبو عبيد، وقيل: الماء يذهب الماء وزعم ابن الأثير أنّ الصواب بفاءٍ وصاد مهملة، فالمراد نضحه على الذكر من قولهم: ليصح الدّم الغليل نقصه وجمعها نقص والأول أعرف، والختان: قال الأزهري: أصله انقطع ويطلق على قطع الغُلفَة من العتل تارة، وعلى موضع القطع أخرى، والمراد: الأول، ويقال: فيه الختانة. قاله الجوهري يقال: ختن " (1) الغلام والجارية يختنهما ويختنهما ختنا وختانا فيما قال أبو زيد: وقال: الختن للرجال، والخفض للنساء، والختين المجنون والمجنونة، الذكر والأنثى في ذلك سواء، وحكم ذلك يذكر في بابه إن شاء الله تعالى، وفي قوله: إلا أن تكون المضمضة، قال عياض- رحمه الله- ولقبها اللسان، وهو أولى لأنه في حديث أبي هريرة مذكور، واستضعف ذلك لوجهن، أحدهما: أنّ خصال الفطرة لم ترد على جهة الحصر، ولهذا/أختلف تعدادها في الأحاديث، وجاءت بصيغة التعديد بالنص على شيء منها في حديث الخمس لا يدل على فرد معنى لسببه رواه من حديث العشر الثاني ما رجّح بعينه بوروده في حديث أبي هريرة معارض بوروده في حديث أبيِ هريرة معارض بورود ما تقدّم في حديث عمار وعبد الله بن عباس، ويرجّح ذلك لأمرين: أحدهما: في حديث عمار وابن عباس مع حديث عائشة كالمتن الواحد من جهة تعداد العشر، فما قصد في ضبطه بعض رواته بقرب إتمامه من ضبط

_ (1) كذا"بالأصل""حين"، والصحيح ما أثبتناه.

الأخر؛ ولهذا أوردهما ابن ماجة في باب واحد، وكذلك غيره، الثاني: المضمضة والاستنشاق قريبان؛ فورود المضمضة يقرب ورود الآخر، واختلف في الناس لذلك؛ فعند وكيع عن زكريا أنه مصعب، كما في الكتاب، وقال يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه أنه هو، وروى ذلك مسلم في صحيحه، وقيل غير ذلك كما أسلفناه من صحيح ابن خزيمة.

6- باب ما يقول إذا دخل الخلاء

6- باب ما يقول إذا دخل الخلاء حدثنا محمد بن بشار، نا محمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي، قالا: حدثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا دخل أحدكم فليقل اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث" (1) حدثنا جميل بن الحسن العتكي، نا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، نا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ح، ونا هارون بن إسحاق عبده عن سعيد عن قتادة عن القاسم بن عوف الشيباني عن زيد بن أرقم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... فذكر الحديث، هذا حديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (2) عن محمد بن بشار بن محمد بن عبد الأعلى، نا خالد يعني ابن الحرث، نا شعبة، ونا يحمى بن حكيم، نا ابن أبي عون، نا شعبة، ونا يحيى بن حكيم، نا أبو داود، نا شعبة، فذكره، وقال: هذا حديث بندار غير أنّه/قال عن النّضر بن أنس وكذا قال يحيى بن حكيم في حديث ابن أبي عدي عن النضر بن أنس، قال أبو عيسى في كتاب الجامع: في إسناده اضطراب (3) فذكر ما تقدّم وزاد، وقال معمر عن النضر بن أنس عن أبيه، زاد

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/6) وابن ماجة (ح/296) وأحمد في"المسند" (4/369، 373) والبيهقي في"الكبرى" (1/96) والحاكم في"المستدرك" (1/187) وصححاه والمشكاة (357) والطبراني في"الكبير" (5/232، 236) وإتحاف (2/339) وابن أبي شيبة (1/11، 453) وابن حبان في"صحيحه" (126) وتلخيص (1/105) . وصححه الشيخ الألباني. (الصحيحة: ح/1070) . قوله:"الحشوش"واحد الحش وهي الكنف، وأصله جماعة النخل الكثيف وكانوا يقضون حوائجهم إليها قبل اتخاذ الكنف في البيوت. (2) رواه ابن خزيمة: (ح/99) . (3) قلت: الحديث أشار إليه الترمذي (1/11) وأعلَه بقوله:"في إسناده اضطراب"، روى هشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة، فقال سعيد: عن القاسم بن عوت الشيباني عن زيد بن أرقم، وقال هشام الدستواثي: عن قتادة عن زيد بن أرقم، ورواه شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن أليه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال الترمذي: سألت محمدا- يعني البخاري- عن هذا فقال: يحتمل أن يكون قتادة،

البزار: وقال بسام بن مصل عن قتادة عن القاسم بن ربيعة بن زيد، قال: وهذا الحديث قد اختلفوا في إسناده عن قتادة، وفي كتاب العلل للترمذي، وسألت محمدَا عنه وقلت له: أي الروايات عندك أصح؟ فقال: لعلّ محمد اتبع منها جميعَا عن زيد، ولم يقض في هذا الشيء، وفي قوله عن زيد إشارة إلى عدم صحة حديث النضر عن أبيه، وقدّمنا ذلك مصرحَا به من كلام الإِمام أحمد فيما ذكره البيهقي، وإنّ تعليل الحديث بالاضطراب على قتادة ليس فيه، لاحتمال سماعه منهما كما قال البخاري، وهما تقيان فسواء كان عنهما أو عن أحدهما، وإلى كونه صحيحَا عنهما قال أبو حاتم البستي: فرواه في صحيحه من جهة عيسى بن يونس عن شعبة عن قتادة عن القاسم، وقال: هذا الحديث مشهور عن شعبة وسعيد جميعَا مما تفرد به قتادة، نا عمر بن محمد بن عبد الأعلى، نا خالد بن الحرث عن شعبة عن قتادة، سمعت النضر بن أنس يحدث عن زيد ... فذكره، ورواه الحاكم (1) من جهة عمر بن روق، نا شعبة عن قتادة عن النضَّر عن زيد بلفظ:"فإذا دخل أحدكم الغائط فليقل أعوذ بالله من الرجس النجس الشيطان الرجيم" (2) ثم قال: قد احتج مسلم بحديث لقتادة عن النضر عن زيد، واحتج البخاري بعمرو بن مرزوق، وهذا الحديث مختلف فيه عن قتادة، ورواه شعبة عنه عن القاسم عن زيد وكلا الإسنادين من شرط الصحيح ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وزعم الأشبل أنه اخَتلف في إسناده، قال: والذي أسنده ثقة؛ وفيما قاله نظر؛ لأن

_ روى عنهما جميعا. وهذا الذي ذكره البخاري- رحمه الله- هو الذي نجزم به مطمئنين، قتادة رواه عن النضر بن أنس، وعن القاسم بن عوف الشيباني، كلاهما عن زيد بن أرقم، وذلك لأنَ قتادة ثقة حافظ ثبت، فمثله جائز أن يكون له في الحديث إسنادان فأكثر، فإذا كان الا مر كذلك فلا نرى إعلال الحديث بأمر جائز الوقوع، بل هو واقع في كثير من الأحاديث، كما يشهد بذلك من له ممارسة بهذا الشأن. (1) صحيح. رواه الحاكم: (1/187) من الوجهين عن شعبة وعن سعيد، ثم قال: كلا الإِسناد من شرط الصحيح، ووافقه الذهبي. (2) ضعيف. رواه ابن عدي في"الكامل" (5/1825/والميزان (5966) ترجمة: علي بن يزيد الا لهاني الشامي. قال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، وقال الدارقطني: متروك.

الحديث لم يرم بالإِرسال حتى يكون الحكم للثقة المسند، إنما رمي ما ذكرناه آنفا والله أعلم. حدثنا محمد بن حميد، نا الحكم بن بشر بن سليمان خالد الصَّفَّار عن الحكم البصري/عن أبي إسحاق عن أبي جحيفة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ستر ما بين الجن وعورات بني آدم: إذا دخل الكنيف أن يقول: بسم الله" (1) هذا حديث قال فيه أبو علي الطوسي: غريب ولا نعرفه إلَّا من هذا الوجه، وقد روى في هذا الباب يعني التسمية عند دخول الخلاء حديث، وليس إسناده بذاك وقال الترمذي: عندما خرج عن محمد بن (2) حميد غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده ليس بالقوي، ولا أدري ما الموجب لذلك؛ لأن جميع من في إسناده غير مطعون عليه بوجه من الوجوه فيما رأيت، بل لو قال فيه قائل إنّ إسناده صحيح لكان مصيبا، وبيان ذلك أنَّ محمد بن حميد قال فيه يحيى: ليس به بأس كيس، وقال جعفر بن أبي عثمان الطيالسي: ثقة، وسئل عنه الذهلي؟ فقال: ألا ترى أني هو ذا أحدث عنه، وفيل الصنعاني. يحدّث عن ابن حميد فقال: وما لي لا أحدّث عنه، وفد حدّث عنه الإمام أحمد وابن معين، وأما الحكم فروى عنه إبراهيم بن موسى، وزرع ومحمد بن بهران الجمال، ويحيى بن أبي المغيرة، وعمرو بن رافع، وأبنه عبد الرحمن بن الحكم، وقال أبو حاتم الرازي: هو صدوق، وأما خالد الصَّفّار أبو مسلم الكوفي فروى عنه عمرو بن محمد وحسين الجعفي، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، والحكم بن عبد الله البصري حديثه في صحيح مسلم، ووصف مع ذلك بالثقة. حدثنا عمرو بن نافع، نا إسماعيل بن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال:"كان رسول الله

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في:) كتاب الطهارة، ح/297) . قلت: وعلْته محمد بن حميد. انظر: ضعيف ابن ماجة للشيخ الألباني"برقم"الحديث السابق. تجده قد صحّحه بطريقة غاير فيها مغلطاي كما أشرت في مقدمة الكتاب. قلت: وقد رأيت تضعيف مغلطاي أرجح من تصحيح الألباني لهذا الحديث. (2) محمد بن حُميد الرازي الحافظ، عن يعقوب العمي وجرير وابن المبارك، ضعيف لا من قبل الحفظ. قال يعقوب بن شيبة:"كثير المناكير". وقال البخاري:"فيه نظر". وقال أبو زرعة:"يكذب". وقال النسائي:"ليس بثقة". وقال صالح جزرة:"ما رأيت أحذق بالكذب منه، ومن ابن المسائط كوني". (المغني في الضعفاء: 2/573/5449) .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث "أخرجه الجماعة (1) في كتبهم، وذكره البزار في مسنده من حديث إسماعيل (2) ، بن مسلم عن الحسن وقتادة عن أنس أن النبي- عليه السلام- قال:"إذا دخل أحدكم الخلاء فليفل"الحديث. وإسماعيل ضعيف، وفي كتاب أبي داود من طريق ابن العبد: أنه حدّث عبد العزيز وقال وهب فيتعوذ بالله تعالى، وقال فيه الترمذي: هو أصح شيء في هذا الباب/وأحسن، وفي كتاب الذخيرة لابن طاهر بزيادة عن أنس:"كان عليه السلام إذا دخل الكنيف قال بسم الله، ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك"فال: رواه أبو معشر نجيح، وهو ضعيف عن أبي طلحة عنه، وفيهَ ردّ لما ذكره الإِمام أحمد بن حنبل ما سأله ههنا عن هذا الحديث تعرفه عن أحد من غير وجه عبد العزيز؟ قال: لا، ويقال بعبد العزيز بن صهيب فإنه ثقة ثبت بصري قال: نعم هو في كتاب الإِفراد لأبي الحسن، رواه عدي بن أبي عمارة عن قتادة عن أنس، وهو غريب من حديث قتادة تفرد به عدي عنه ورواه الطبراني في الأوسط من حديث صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عنه، وقال: لم يروه عن الزهري إلا صالح، تفرد به إبراهيم بن حميد الطويل، حدثنا محمد بن يحيى بن أبي مريم، نا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زجر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول: اللَّهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث الشيطان الرجيم " (3) قال أبو الحسن

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/48، 8/88) وأبو داود (ح/4) والنسائي في (الطهارة، باب"18" والترمذي (5/6) والبيهقي في الكبرى" (1/95) وإتحاف السادة المتقين (2/ 339) وأبو عوانة في"صحيحه (1/216) والكنز (17877) وابن السني في عمل اليوم والليلة (16، 24) . وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/90) . (2) له ترجمة في:"الضعفاء الكبير: 1/87. (3) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب"9"، (ح/299) . في الزوائد: إسناده ضعيف. قال ابن حبان: إذا اجتمع في إسناد خبرٍ عبيدُ الله بن زَحْر وعلي بن يزيد والقاسم، فذاك مما عملته أيديهم أ. هـ وكذا ضعفه الشيخ الألباني كما "وجدناه"في"ضعيف سنن ابن ماجة"برقمه السّابق. (ح/59/299) . وانظر: الضعيفة (ح/ 4189) ، وضعيف الجامع (ح/6354) .

القطان: نا أبو حاتم، نا ابن أبي مريم، فذكره ولم يقل في حديثه:"الرجس النجس"وإنّما قال:"من الخبيث المخنث الشيطان الرجيم"هذا الحديث إسناده ضعيف لضعف روايته، وقد تقدم ذكره قريبا، وفي الباب حديث رواه أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود، نا به المسند شرف الدين المصري، نا الإِمام بهاء الدين إجازة، الأمر به قراءة عليه، نا ابن خزيمة، نا النبهاني، نا إسماعيل ابن نصر بن عبد الله بن محمد، وكان صاحب حديث، نا إسماعيل بن عبد الجبار السكوني، نا أبو يوسف القاضي عن أبي إسحاق الشيباني عن أبي الأحوص عن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا دخل الغائط قال: " أعوذ بالله من الخبث والخبائث " (1) وأشار اليزيدي إلى حديث جابر، واعتل حديث أبي أمامة هذا وحديث اليزيدي من عند ابن عدي في كامله، وضعفه بحسن بن عمر، قال ابن سليمان الخطابي: الخبث بضم الباء: جماعة الخبث، والخبائث: جمع الخبيثة يزيد ذكر أن الشياطين وإناثهم، وعامة أصحاب الحديث يقولون:/ الخبث مسكنة والصواب مضمومة الباء، وفيما قاله نظر؛ لأنّ الذي أنكره هو الذي حكاه أبو عبيد بن سلام والداراني في كتاب ديوان الأدب، فلا إنكار على المحدثين إذا والله أعلم، وأيضا ففعل- بضم الفاء والعين- تسكن عينه قياسا، فلعل من سكنها سلك ذلك المسلك، وأمّا معناه فذكر ابن الأعرابي أنَّ أصله في كلام العرب: المكروه، فإن كان من الكلام فهو ألستم، وإن كان من الملل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار، قال ابن الأنباري: الخبث الكفر، والخبائث الشياطين، وقال غيره: الخبث الشيطان، والخبائث المعاصي، وزاد بعض المتأخرين على ابن الأعرابي، وقيل: الخبائث الأفعال المذمومة، والخصال الرديئة، وليس ذلك بزيادة لدخوله في معنى كلامه، وقوله إذا دخل الخلاء، يريد به إذا أراد دخول الخلاء، كما في صحيح البخاري وكقوله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة} ويحتمل أن

_ (1) ضعيف. رواه ابن السني في"عمل اليوم والليلة" (17) والكنز (17875، 27220) والخطب في"التاريخ" (4/262، 8/62) . وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 637، ح/4392) 0 انظر: (الضعيفة: ح/ 4189) .

يراد به ابتداء الدخول، وينبني عليه من دخل ونسى التعوذ هل يتعوذ أم لا؟ كرهه ابن عباس وغيره، وأجازه جماعة منهم ابن عمر، أخذا بقول عائشة رضى الله عنها- فالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يذكر الله على كل إجابة، وقد نقل القولان عن مالك. هذا كله في الكنف المتخذة في البيوت لا في الصحراء، وهو ظاهر في لفظة دخل والحش، والحش البستان والجمع حشان نصف ونصفان، والحَشِّ والحُشِّ المخرج أيضا؛ لأنهم كانوا يقضون حوائجهم في البساتين، والجمع حشوش، والمحشة- بالفتح- الدبر، ونهى عن إتيان النساء في محاشهن، وربما جاء بالسين من الصحاح وفي الجمهرة، ويسمى أيضا الحاتش، قال الشاعر: ثعلب أتل زل عن جلاجل أو مثمر من حاتش حلاحل وفي المغيث: واحد الحشوش حش، ويجمع على حشان، كبطن وبطان، فإذا استعمل في الكنيف فبالفتح لا غير، سمى للجمع فيه، وكل شيء جمعته فقد حششته، وزعم الخطابي أنه يفتح ويضم كما تقدم من كلام الجوهري، وكلامه على أبي موسى- والله أعلم- وهو صريح في الردة.

7- باب ما يقول إذا خرج من المخرج /حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا يحيى بن أبي بكر، نا إسرائيل، نا يوسف ابن أبي بردة، سمعت أبي يقول: دخلت على عائشة فسمعتها تقول:"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إذا خرج من الغائط: غفرانك" (1) ، قال أبو الحسن بن سلمة: نا أبو حاتم، نا أبو غسان النهدي، نا إسرائيل نحوه، أخرجه الترمذي (2) وقال: هذا حديث غريب حسن لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف، ولا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيما قاله نظر من وجوه، الأول: قوله: لا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة، إن أراد مطلق القول عند الخروج ففي الباب أحاديث عدّة؛ منها حديث أنس الآتي في هذا الباب عند ابن ماجة، وحديث أبي ذر:"كان عليه السلام إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب علي الأذى وعافاني" (3) من عند النسائي، وذكر فيه خلاه وذكره أبو حاتم في كتاب العلل وضعفه، وحديث ابن عمر يرفعه:"الحمد لله الذي أذاقني لذّته، وأبقى فيّ قوته، وأذهب عني أذاه" (4) وحديث طاوس من سنن الدارقطني (5) عن ابن عباس مرفوعا بلفظ:

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/30) وابن ماجة (ح/300) والبيهقي في"الكبرى" (1/97) والكنز (17869، 17871، 27211) وابن أبي شيبة في"مصنفه " (1/2) وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (23) . (2) راجع سنن الترمذي: 5- باب ما يقول إذا خرج من الخلاء، (ح/7) - من أبواب الطهارة. (3) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 10- باب ما يقول إذا خرج من الخلاء، (ح/301) . قال محققه:"عن إسماعيل بن مسلم"في الزوائد: هو متفق على تضعيفه. والحديث بهذا اللفظ غير ثابت أ. هـ وضعْفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/60) والمشكاة (374) والإرواء (53) . (4) رواه الزبيدي في"إتحاف السادة المتقين" (2/340) والكنز (17877) وأذكار النووي (29) . (5) رواه الدارقطني في"سننه" (1/57) والبيهقي في"الكبرى" (3/111) .

"فليقل الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني، وأمسك علي ما ينفعني"، وحديث سهل بن أبي خيثمة بنحوه ذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية، وإن أراد قول غير فيتجه له قوله، الثاني: استقراء به إيَّاه من غير تصحيح، وإن كانت الغرابة لا تنافي الصحة، ولذلك لم يلتفت ابن خزيمة إلى ذلك، بل ذكره في صحيحه، وكذلك ابن حبان والحاكم، وخرجه ابن الجارود في المنتقى، وقال أبو حاتم الرازي: هو أصح شيء في هذا الباب، وإن كانت هذه اللفظة لا تعطي تصحيحا مطلقا، وتشعر بأن في الباب غيره، بخلاف ما قاله الترمذي، الثالث: الجمعِ بين قوله: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل، وبين قوله: لا يعرف في هذا الباب إلَّا حديث عائشة، فإنه أثبت له غرابة السند بتفرد إسرائيل بمن قرنه وغرابة المتن بكونه لا يعرف غيره، ثم وصفه بعد ذلك بالحسن/ولو لم تكن إلا الغرابة الراجعة إلى الإسناد لما عارضت في ذلك، وأما أن لا يعرف في الباب إلَّا هو مع قوله في الَحسن أنه يروي مثل ذلك الحديث أو نحوه من وجه آخر؛ فهذا الحديث قد يوهم منا فالأحسن الذي وصفه به على شرطه، فيحتاج الجواب على ذلك فنقول: لا يشترط في كل حسن أن يكون كذلك، بل الذي نحتاج فيه إلى أن نروي نحوه من وجه أخر هو من كان راويه في درجة المستور، ومن لم تثبت عدالته ولا ارتقى إلى أن يدخل في الصحيح مع متابعة روايته، فهناك يحتاج إلى تقويته بالمتابعات والشواهد ليصل لمجموع ذلك إلى الدرجة، وأما هذا فقد كان من شأنه أن يكون من الصحيح فإن إسرائيل المنفرد به متفق على إخراج حديثه عند الشيخين، والثقة إذا انفرد بحديث ولم يتابع عليه الأثر ارتقى إلى درجة الصحيح، حتى يكون مع الثقة في المرتبة العليا من الحفظ والإتقان، وإن لم يتجاوز الثقة فحديثه هناك حسن، كما أن المستور مع التفرد لا يرتقي إلى درجة الحسن؛ بل تفرده مردود، فكذلك هذا الحديث، لو وجد شاهد كما وصف عند مرتبة الحسن وربما لم يقف عندها لما بينا من تصحيح من صححه، أو يكون الترمذي لما شرط الحسن وتقويته بالمتابعات عرف بنوع منه وهو أكثر وقوعا عنده لا بكل أنواعه، وهذا نوع آخر منه مستفاد من كلامه وكلام الخليل والحاكم وغيرهم من الحفاظ؛ فعلى هذين القولين تسنى كلام

الترمذي أو تكون الغرابة بالنسبة إلى الراوي لا إلى الحديث؛ إذ الغرابة والحسن في المتن لا يجتمعان، وذكر بعض الحفاظ أن جمهور الروايات على لفظ الخلاء بدلا من الغائط ولفظ الغائط تفرد بها هاشم بن القاسم عن إسرائيل، وحديث ابن ماجة المذكور يقضي على قوله؛ لأن يحيى قال ذلك عنه بما ينفي التفرد، والله أعلم. حدثنا هارون بن إسحاق، نا عبد الرحمن المجاري عن إسماعيل بن مسلم عن الحسن وقتادة عن أنس بن مالك:/"كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني" (1) هذا حديث ضعيف؛ لضعف رواية إسماعيل بن مسلم المخزومي المكي أبي ربيعة، قال فيه سفيان: كان يخطئ في الحديث، وضعفه ابن المبارك، وقال فيه أحمد: منكر الحديث، وقال يحيى بن سعيد القطان: لم يزل مختلطا، وليس بشيء، كان يحدّث بالحديث على ثلاثة ضروب، وقال ابن المديني: ضعيف لا نكتب حديثه، أجمع أصحابنا على ترك حديثه، وقال النسائي وابن الجنيد: متروك الحديث، وقال الحربي: في حديثه شيء، وقال السعدي: واهي الحديث جدا، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث مختلط، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقال البخاري: تركه ابن المبارك، وربما روى عنه، وتركه يحيى وابن المهدي، وقال الفلاس: كان يري القدر وهو ضعيف يحدث عن الحسن وقتادة بأحاديث بواطيل، وهو متروك الحديث، وقد اجتمع أهل العلم على ترك حديثه، وإنّما يحدّث عنه من لا يبصر الرجال، وقال يعقوب وابن معين: لا شيء، وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة عن أهل الحجاز والكوفة والبصرة إلَّا أنه ممن نكتب حديثه، وقال أبو الفرج ابن الجوزي: وحمله من يحيى في الحديث إسماعيل بن مسلم خمسة، هذا أحدهم، والثاني أبو محمد العبدي سمع أبا المتوكل والحسن، والثالث: مولى بنى مخزوم يروى عن ابن جبير، والرابع ابن أبي الفداك دينار مولى بني الدبل، والخامس: مولى رفاعة الزرقي يروي عن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب"10"، (ح/301) وعلته: إسماعيل بن مسلم. ضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف سنن ابن ماجة. (ح/60) والمشكاة (374) والإرواء

محمد بن كعب، لم نعلم في أحد منهم طعنا إلَّا في الأول. انتهى كلامه، وقد اغفل إسماعيل بن مسلم السكوني شامي، قال فيه الدارقطني يضع الحديث، وإسماعيل بن مسلم اليشكري حدّث عن ابن عوف حديثا منكرا ذكره العقيلي، وإنما ذكرت ذلك انتصارا لابن عدي؛ لأنه ذكر في كامله أنهم ثلاثة، فزاد أبو الفرج اثنين، ولو تتبعنا ذلك حق التتبع لألفينا أكثر من ذلك ولله الحمد، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق سالمة من إسماعيل هذا، ذكرها الحاكم في تاريخ بلده فقال: نا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعد أبو بكر محمد بن ياسين: نا أبي: نا عبد السلام بن نهيك عن أبيه عن قرّة عن الحسن عن أنس قال:"كان/النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل الخلاء قال: بسم الله اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبث الشيطان الرجيم، وإذا خرج قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني (1) وأما الغفران، فمصدر كالمغفرة قال الخطابي: نصبه بإضمار الطلب، وقيل في تأويل قوله ذلك قولان: الأول: أنه استغفر من تركه ذكر الله تعالى مدّة لبثه في الخلاء. الثاني: قيل معناه التوبة من تقصيره في شكر النعمة التي أنعم الله بها عليه فأطعمه ثمٍ هضمه، ويحتمل أن يكون فعله عليه السلام ذلك للتشريع والتعليم فحق من خرج سالما معاذا مما استعاذ من الخبث والخبائث أن يؤدي شكر نعمة الله عليه في إعادته وإجابة سؤاله، وأن يستغفر الله خوفا أن لا يؤدي شكر تلك النعمة، وهو قريب من حمد العاطس على سلامته، ويحتمل أن يكون حاله التخلي لما كان محظورا فيها الذكر والتوجه إلى الله- تعالى- حسن أن يكون الذكر والاستغفار أوّل ما يصدر منه عند الخروج، كما كان أخر ما ختم به عند الدخول، كقول الشاعر: وآخر شيء أنت أول هجعة وأول شيء أنت عند هبوبي ونص جماعة من الفقهاء منهم أحمد على أنه ليس قول ذلك إذا خرج المتخلي، وعند غيرهم من الآداب، والله- تعالى- أعلم.

_ (1) تقدم في أول الباب ص 76.

8- باب ذكر الله على الخلاء

8- باب ذكر الله على الخلاء والخاتم في الخلاء حدثنا سويد بن سعيد، نا يحيى بن زكريا عن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة عن عبد الله البهي عن عروة عن عائشة:"أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يذكر الله على كل أحيانه" (1) رواه الترمذي عن أبي كريب ومحمد بن عبيد، نا يحيى عن أبيه، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث زائدة، وزعم بعض المتأخرين من العلماء أن في كلام الترمذي ما يقتضي أن يحيى بن زكريا تفرد به عن أبيه، وليس كذلك؛ لأن إسحاق بن يوسف الأزرق رواه عن زكريا أيضا، قال: ولكنه يتخلى شهر. انتهى كلامه، وفيه نظر من حيث أن الترمذي لم يتبيّن أي بني زائدة تفرّد به./ ويحيى وأبوه يصدق على كل منهما ابن أبي زائدة؛ فيحتمل أن يكون المعنى به عنده بالتفرد زكريا لا ابنه، ويحتمل الآخر، وإذا كان كذلك فليس لنا أن نقول: أراد وأحلّ العينة إذ لم يبيّن هو نفسه ذلك، وإذا تطرق الاحتمال سقط الاستدلال، وفي قول الترمذي حسن غريب، يريد بذلك تفرد به ابن أبي زائدة، وكان ينبغي أن يكون على رأيه صحيحا لا حسنا؛ لأن تفرد أبي زائدة لا نحطه عن درجة الصحيح؛ ولذلك لم يعتمده مسلم؛ بل خرجه في صحيحه، وأيضا فرجاله عند الترمذي ممن يصح أحاديثهم دائما. حدثنا نصر بن علي الجهضمي، نا أبو بكر الحنفي، نا همام بن يحيى عن ابن جريج عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان إذا دخل الخلاء وضع

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه الترمذي (ح/3384) والبخاري (1/83، 163) ومسلم في (الحيض، باب"30"رقم"117") وأبو داود (ح/18) وابن ماجة (ح/302) وأحمد في "المسند" (6/70، 153، 278) وإتحاف (6/287، 7/110) وكنز (17980) والسنة للبغوي (2/44) والقرطبي في"تفسيره" (4/310) والمشكاة (456) وتغليق (172، 173) ومعاني (1/88، 91) . وصححه الشيخ الألباني. الإِرواء (2/244) والصحيحة (ح/406) .

خاتمه" (1) هذا حديث اختلف في تصحيحه وتضعيفه، صححه أبو حاتم البستي في صحيحه، والترمذي وقال: حسن صحيح غريب، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، إنما أخرجا حديث نقش الخاتم فقط، وزعم أبو عبد الرحمن النسائي أنه غير محفوظ، وقال أبو داود: هذا حديث منكر وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اتخذ خاتما من ورق ثم ألقاه" (2) والوهم فيه من همام، ولم يرق إلا همتكم زاد في التفرد، يخاف أن يكون هذا الحديث ليس بمحفوظ، وفيه نظر من وجوه: الأول: قوله هذا حديث منكر، وهو مردود بما أسلفناه. الثاني: قوله لم يروه إلا همام مردود برواته يحيى بن المتوكل. ذكره الحاكم عن علي بن حماد (3) ثنا عبيد بن عبد الواحد، ثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي، ثنا يحمى بن المتوكل البصري عن ابن جريج عن الزهري به، ورواه أبو نعيم في تاريخ بلده من حديث عثمان بن أبي شيبة عن يحيى به، وقال الحاكم، صحيح الإسناد وفيما قاله نظر، وذلك أن يحيى قال فيه:/أحمد واهي الحديث، وقالَ يحيى: ليس بشيء، وقال مرة: ضعيف، وكذلك قال ابن المديني وعمرو بن علي والرازي والنسائي، وقال ابن حبان: ينفرد بأشياء ليس لها أصول من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا يرتاب المنمعر في الصناعة أنها معمولة، وأطن- والله أعلم- أن تضعيف يحيى هو الذي ألجأ البغوي إلى أن قال فيه حين رواه في شرحه من جهة إسحاق بن الخليل عنه، هذا حديث غريب، والبيهقي في فوله: هذا شاهد ضعيف.

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/19) وابن ماجة (ح/303) والبيهقي في"الكبرى" (1/95) والقرطبي (10/88) والكنز (17872) ، وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 636 ح/4389) 0 انظر: (الضعيفة: ح/4188) . وضعيف ابن ماجة (ح/61) وضعيف أبى داود (ح/4) ومختصر الشمائل (ح/75) . (2) انظر: رواية أبو داود في"الحاشية السابقة". (3) قوله: "حَماد" وردت "بالأصل" "حمشاد" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه

الثالث: على صحة ما يقوله من تفرد بهمام يوهم ضعفا فيه، وليس كذلك؛ لاحتجاج الشيخين به في صحيحيهما، ولقول يزيد بن هارون: كان همام قويا في الحديث، وقول أحمد: همام ثبت في كلّ المشايخ، وقول ابن معين وأبي حاتم وأبي سعد فيه: ثقة؛ فظهر مجموع ما تقدّم ترجيح قول من صحّحه على من ضعفه وأن ضعفه، يشبه أنَّ يكون ذلك عنده لتفرّد همام، وقد بينا ذلك في قول الترمذي: حسن يوضح كذا لا تفرد والله أعلم، أو يكون ظنا منهما أن الحديثين اللذين أشار إليهما أبو داود أساسهما على همام، وليس بثقة؛ لأن ذلك إنما يتأتى من سوء الحفظ وليس همام، كذلك لما بين الحديثين من التباين، وفي مسند أنس بن مالك لأبي علي إسماعيل بن قراط العذري: قالوا لابن جريج فقال: قال طارئ: إنما لبسَه يوما واحدا، والخاتم فيه لغات: فتح التاء، وكسرها بالألف بعدها، ومن آخر الحروف قبلها عوضَا عن الألف مع فتح الخاء، وختام وختم، وعلى هذا قول الأعشى وصهباء طاف يهوديها وأبرزها وعليها ختم، قال الليلي: فأمّا الذي يختم به فبالكسر لا غير، وجمعه خياتيم على إبدال الياء من الواو، والحديث أصل في استحباب رفع ما فيه اسم الله تعالى عند الخلاء؛ لأن:"خاتمه عليه السلام كان نقشه؛ محمد رسول اللَّه " (1) وعلى ذلك ففيها الإِمصار، واختلفوا في الاستصحاب؛ فأباحه مالك وأحمد بشرط الستر إن كان خاتما فبإدارته قصد إلى الكف، وإن كان درهما فبصيرة هذا الحديث/العذري هو نافع عن ابن عمر:"كان عليه السلام يتختم في خنصره الأيمن فإذا دخل الخلاء جعل الكتاب مما يلي كفه، وإن كان في اليسرى جعله في اليمنى" (2) وفد جاء ذلك مصرحا أيضا في

_ (1) صحيح. رواه ابن سعد في "الطبقات": (1/2/164، 165) ولفظه: "كأن نقش خاتم رسول الله: محمد رسول الله". ورواه الترمذي في: 25- كتاب اللباس، باب"17"، (ح/1747) . وقال:"حديث حسن صحيح غريب". (2) صحيح. وبنحوه. رواه أبو داود (ح/4226) والترمذي (ح/1744) وابن ماجة (ح/ 3647) والنسائي في (الزينة، باب"45") وأحمد في"المسند" (1/204، 205) والطبراني في"الكبير" (8/291) والمجمع (5/153) وإتحاف (7/129) وابن أبي شيبة في "مصنفه" (8/286) والمشكاة (4391، 4392) والشمائل (48) والفتح (10/326) وابن سعد (1/2/166) وشرح السنة (12/67، 68) والكنز (17400، 17402)

حديث رواه علي بن أبي طالب عند ابن طاهر، وقال فيه الجوزجاني: حديث منكر، رفعت أيضا حديث ابن عمر وأبو حنيفة والشافعي قالا بكراهة الاستصحاب تنزيها، والله أعلم.

_ وأخلاق (124، 125، 126، 129) وهامش المواهب (68، 69) والإِرواء (3/299، 301، 303) ، وكذا صححه الشيخ الألباني.

كراهية البول في المغتسل حدثنا محمد بن يحيى عبد الرزاق، نا معمر عن أشعب بن عبد الله عن الحسن عن عبد الله بن مغفل، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لا يبولن أحدكم في مستحمه، فإنّ عامة الوسواس منه" (1) هذا حديث صحيح خرجه أبو حاتم البستي في صحيحه (2) بلفظ:"فإن عامة الوسواس تكون منه"وقال البخاري في تاريخه الصغير: رواه- يعني الحديث- ابن المبارك عن أشعث بن عبد الله ورواه بعضهم عن أشعث بن جابر. انتهى. وهو يقتضي التفرقة بينهما وليس كذلك للتذكرة بعد، وقال الحاكم (3) : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وفيما قاله نظر؛ لأن أشعث بن عبد الله بن جابر أبو عبد الله الأعمى الجداني البصري الأزدي الجملي لم يخرجا له شيئا في صحيحيهما ولا أحدهما إلا البخاري تعليقا، وسبب ذلك: الاختلاف في حاله فابن معين وابن حبان والنسائي وغيرهم يوثقونه، وقال العقيلي: في حديثه وهم، ذكر البرقاني قلت لم يعن الدارقطني أشعث عن الحسن قال: هم ثلاثة يحدثون جميعا عن الحسن: أحدهم الحمراني، منسوب إلى حمران مولى عثمان، بصري ثقة، وأشعث بن عبد الله الجداني يعتبر به، يروى عن الحسن، وأشعث بن سوار الكوفي، يعتبر به، وهو أضعفهم، وذكره ابن الجارود في كتاب المنتفى، وأحمد بلفظ:"ثم يتوضأ فيه"وعلل برواية شعبة عن قتادة عن ابن مغفل موقوفا:"البول في المغتسل يأخذ منه الوسواس"، وفي لفظ: أنّ ابن مغفل سُئِلَ عن الرجل يبول في مغتسله فقال: يخاف منه الوسواس؛/ولذلك قال بعض الحفاظ: الوقف أصح، وكذلك رواه يزيد بن إبراهيم التستري عن قتادة عن الحسن عن ابن مغفل، أنه كان يكره البول في

_ (1، 2) صحيح. رواه ابن ماجة (304) وأبو داود (27) والنسائي (1/34) واحمد (5/ 56) والبيهقي (1/98) وعبد الرزاق (978) والمشكاة (353) وإتحاف (2/338) وموضح (1/240) والفتح (8/588) وابن حبان (1/274- 276) ولفظ ابن حبان:"لا يبولن أحدكم في الماء الدائم"من حديث أبي هريرة. (3) صحيح. رواه الحاكم في"المستدرك" (1/167، 185) وصححه.

المغتسل، وقال: إنه منه الوسواس، وقال الإمام أحمد فيما حكاه عنه الخلال: إنما يروى عن الحسن مرسلا، ويشبه أن يكوَن هذا مستند بن عيسى البُوْعي في قوله: هذا حديث أشعث وليس ذلك بعلّة؛ لأن أشعث يحتمل رفعه الحديث، تابعه عليه غيره خلافا له وللبخاري وأحمد في قولهما لا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه، وهو ما رواه الحاكم، وزعم أنّه على شرطهما. عن أبي بكر بن إسحاق أبو المثنى، نا محمد بن المنهال، نا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عقبة بن صهبان عن عبد الله بن مغفل قال:"نهى- أو زجر- أن يبال في المغتسل" (1) وصيغة نهي أو زجر من الصحابي محمولة على الرفع كما هو مقرر في هذا الفن، وما ذكره أبو القاسم الكبير في معجمه بسند لا بأس به عن الحسين بن إسحاق القشيري عن سهل بن عثمان عن عليّ بن هاشم أولى من النافي، ومن علم حجة على من لم يعلم، وأمّا ما ذكره البيهقي من أن البخاري يروى أن أشعث هذا هو ابن جابر الجداني، وقال معمر: أشعث بن عبد الله، قال: وقيل: هو أشعث بن عبد الله بن جابر؛ فهذا اختلاف يدل على اضطراب الحفظ وعدم الضبط فكلام لا حاصل تحته؛ لأن عبد الغني بن سعيد المصري قال: أشعث بن جابر الجدَّاني البصري، وأشعث بن عبد الله البصري، وأشعث بن عبد الله بن جابر، وأشعث الأعمى، والأشعث الأزدي، والأشعث الحميلي وأحد، وفي كلام البيهقي المذكور آنفا أشعثان ببعض ذلك؛ فهو تارة ينسبه الراوي عنه إلى أبيه، وتارة إلى جدّه، وتارة إلى لقبه، وتارة إلى قبيلته، وتارة إلى غير ذلك، وما هذا سبيله فليس من الاضطراب في شيء، وأيضا فهذا اختلاف في نسبه ليس في نفسه ولا حاله، ولو كان مثل ذلك صار لكان الذهلي وغيره أجدر بهذا، وأيضا فقوله: فهذا الاختلاف يدل على اضطراب الحفظ، إن أراد حفظ الذين سموه/بذلك فليس بشيء؛ لأن معمرا وابن المبارك لا يحسن فيهما هذا، وإن أراد حفظه هو فليس بشيء أيضا لأنه هو لا يتهم في تسبب نفسه فلا يَنسبُّ ذلك الاضطراب إليه، وسبب ذلك- والله أعلم- أنهم كانوا يحفظون ولا

_ (1) صحيح. رواه الحاكم في"المستدرك" (1/185) وصححاه. والبيهقي في"الكبرى (1/98) .

يكتبون، فتارة ينشط الراوي بنسب شيخه، وتارة يقتصر على بعض نسبه، أو يكون كثير الرواية عنه فيبدثه أو غير ذلك من الأغراض، ومثل ذلك لا يعد اضطرابَا ولئن عددناه اضطرابَا؛ فبالنسبة إلى من أدَّى وأرَّخ لا إليه، والله أعلم، وأمّا ما ذكره عبد الحق الأشبيلي من أنّ هذا الحديث أرسله الأشعث عن الحسن ولم يسمعه منه ما ذكره العقيلي عن القطان قال: قيل للأشعث: أسمعته من الحسن؟ قال: لا نوهم منه على العقيلي لم يقله، والذي فيه رواه ابن المديني عن يحيى القطان عن الحسن بن ذكوان عن الحسن: قيل لابن ذكوان: أسمعته من الحسن؟ قال: لا، قال العقيلي: لعله سمعه من الأشعث عنه. وابن ذكوان لا مدخل له فيما نحن بصدده وأمّا ما ذكره أبو القاسم في الأوسط من أنّه لم يروه عن الأشعث إلَّا معمر؛ فحبذا معمر وما رواه، وهذا هو الذي سيّره عند الترمذي غريبَا، والله أعلم، وقد روى عن جماعة من الصحابة نحوه، منهم عمران بن حصين وعائشة وابن مسعود وأبو بكرة ورجل له صحبة وحديثه عند أبي داود إسناده صحيح، وإن كان قد جعله بعضهم ما لا يقدح فيه، والله أعلم، وعبد الله بن سرجس، وحديثه عندنا عن النسوي وابن عمر وحديثه في تاريخ الموصل وسيأتي في حديث ابن يزيد الجهني: "نهى النبي أن يبال في الماء المجتمع المستنقع" (1) ذكره أبو موسى من حديث بشر بن عمارة عن الأحوص بن حكيم عن الحرث بن زياد عنه، المستحم المغتسل مشتق من الحميم وهو الماء المسخن لملازمة المغتسل له غالبَا، وحكى الأزهري عن ابن الأعرابي إطلاق الحميم على البارد، فهو من الأضداد، وفي الصحاح: الغسول الماء الذي يغتسل به وكذلك قال الله تعالى: {هذا مغتسل بارد وشراب} (2) والمغتسل: المكان الذي يغتسل فيه، وهو المراد هنا وعامة يعبر بها عن الجميع، وتستعمل في الأكثر توسعَا، والوسواس بالفتح،

_ (1) بنحوه. رواه أحمد في فالمسند" (2/288، 492، 532، 350الخطيب (4/252، 278، 9/193، 14/278) والعقيلي (1/242) ترجمة الحسن بن محمدالبلخي، قال العقيلي: منكر الحديث، يروى الموضوعات والأحاديث المقلوبة عن الثقات، وكل أحاديثه مناكير، الميزان (1/519) ، والمجروحين (1/238) . ولفظه:"نهى النبي- عليه السلام- أن يبال في الماء الراكد"قلت: والحديث على هذا النحو ضعيف جدا. (2) صورة ص: آية: 42.

حديث النفس، فَال في المطالع هو ما/يلقيه الشيطان في القلب، وفَد يطلق ويراد به الشيطان، وبالكسر المصدر، سمعت محمد بن يزيد سمعت علي بن محمد الطنافسي يقول: إنّما هذا في الحفرة فأمّا القوم فلمغتسلاتهم الجصّ والصاروج والقير، فإذا بال فأرسل عليه الماء فلا بأس به، الجص بكسر الجيم، حكاه ثعلب، وحكى ابن عبيد في الغريب ويعقوب في الاصطلاح فتح الجيم أيضا، وكذلك المطرز قال: ويقال له أيضا: الصُّرّاج والقَصة، زاد ابن هشام، والفَصّ والصاروج بصاد مهملة وجيم، قال القزاز: هو الجير الذي تعمل به الحمامات، قال الجواليقي: هو البؤرة وأخلاطها التي تصرّج بها الحياض وهو فارسي معرب، وكذلك كله فيما حكاه وجيم؛ لأنهما لا يجتمعان في كلمة واحدة من كلام العرب. قاله الجوهري وصاحب الجمهرة وآنفا قال أبو حنيفة: هو شجر مرٌ قال بشر بن أبي حازم: يسومون الصلاح بذات كهف وما فيها هم سلعٌ ونار، وقال ابن الأعرابي: يقال هذا أقير منه إذا كان أمر، وفي الجامع القار والقير لغتان، وهو الذي يطلى به السفن، وبنحوه قاله في الصحاح، وبنحوه ما قاله الطنافسي: قاله أبو سليمان الخطابي وأحمد بن حنبل، وقال الترمذي: ورخص فيه، يعني إطلاق البول في المغتسل سواء كان حدد أو غيره: ابن سيرين والقاسم بن محمد.

ما جاء في البول قائما حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا شريك وهشيم ووكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة:"أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى سباطة قوم فبال عليها " (1) فإنما أخرجوه في كتبهم بزيادة فدعاني، حتى كنت عند عقبة: رواه الطبراني في الأوسط من جهة زكريا عن الشعبي عن شقيق عنه وزاد:"لم ينحت (2) ، ثم أتى بماء فتوضأ ومسح على حقبه " وقال: لم يروه عن الشعبي إلا زكريا، ولا عن زكريا إلَّا عيسى بن يونس، تفرد به أحمد بن سليمان الفروبي، وفي مسند المجري تصريح الأعمش بسماعه إياه من أبي وائل، وأما قول القاسم عبيد الله/ابن أحمد بن محمود البلخي في كتابه المسمى بـ "قبول الأخبار معرفة الرجال " أن حديث حذيفة فاحش منكر لا نراه الأمر قبل بعض الزيادة فيه كلام سوءٍ دليل من قائله على تحامل أو جهل، والله تعالى أعلم، ورواه في الأوسط أحمد بن سليمان الغواري، حدثنا إسحاق بن منصور، نا أبو داود، نا شعبة عن عاصم عن أبي وائل عن الغيرة بن شعبة:"أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى سباطة قوم فبال قائما "قال شعبة: قال عاصم: يومئذ، وهذا الأعمش يرويه عن أبي وائل عن حذيفة وما حفظه، فسألت عنه منصور فحديثه عن أبي وائل عن حذيفة:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى سباطة قوم فبال قائما"هذا حديث أخرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن محمد بن عبد الله المحرمي، نا يونس بن محمد، نا حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان وعاصم ابن بهدله عن أبي وائل فذكره بلفظ "ففج رجليه"، وحديث أبي وائل عن حذيفة أصح. كذا ذكره في الجامع، وفي العلل الكبير نحوه، وفيه تصريح

_ (1) صحيح. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة باب (12) البول قائما، (ح/23) . وابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، (13) باب"ما جاء في البول قائما، (ح/306) . وصححه الشيخ الألباني. قوله:"سباطة"أي كناسة. (2) كذا في"الأصل""ينحت".

بسماع قاسم من أبي وائل، قال الدارقطني: حديث أبي وائل عن المغيرة خطأ، وبنحوه قاله البرنقي، ويشبه أن يكون قول خزيمة أولاهما وأقربهما إلى الصواب لصحة إسناده وعدالة راويه، وأنّه لا بُعد في أن يكون أبو وائل رواه عن اثنين، وأن الاثنين رأيا ما شاهداه من فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنّ أبا وائل أدَّى الخبرين عنهما فسمعه منه جماعة فإذا كل ما سمعه وقْد روى فعله ذاك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جماعة غير من تقدّم، منهم سهل بن سعد الساعدي، وحديثه عند ابن خزيمة في صحيحه، وأبو هريرة، وفي حديثه بيان لسبب ذلك؛ وهو خرج بما نصه عند الحاكم، وقال: رواته كلّهم ثقات، وقال البيهقي: هذا حديث صحيح./وفيما قالاه نظر؛ لأنّ حماد بن غسان الجعفي راويه عن معن بن عيسى عن مالك ضعف به الدارقطني هذا الحديث وكذلك البيهقي، وقال: إسناده لا يثبت، وأبو القاسم بن عساكر في كتابه المسمّى مجموع الرغائب في أحاديث مالك العرايب وثبت عن عمر وابنه وزيد أنّهم فعلوا ذلك. قاله ابن المنذر، وقيل أيضا عن علي وسعيد بن عبادة وأنس، وأما قول ابن عساكر في كتاب الأطراف: رواه ابن ماجه في الطهارة عن إسحاق عن أبي داود عن شعبة عن عاصم عن أبي وائل وعن إسحاق بن منصور عن أبي داود عن سفيان عن عاصم عن المغيرة به ولم يذكر أبا وائل، وتبعه على ذلك الحافظ المزني؛ فلم أر ذلك في عدّة من نسخ ابن ماجة، وليس فيها إلا ما أسلفناه، قال الخطابي: فعل عليه السلام ذلك ة لأنه لم يجد للقعود مكانا، وعن الشّافعي: كانت العرب تستشفي لموضع الصلب بالبول قائما، فيرى أنه كان به إذ ذاك، وقال عياض: كان ذلك لشغله بأمور المسلمين فلعلّه طال عليه المجلس حين حضره البول ولم يمكنه التباعد كعادته، فأتى السباطة لدمتها، وأقام حذيفة يستره عن الناس، وفي المعلم: كان ذلك لأنها حالة يؤمن فيها خروج الحدث من السبيل الآخر، بخلاف القعود، ومنه قول عمر: البول قائما أحصن للدبر الجلوس، ويحتمل أنه عليه السلام فعل ذلك لبيان الجواز ورفع الحرج، وأما قول المنذري: أو لعله كان فيها نجاستان رطبة وهي رخوة فخشى أن تتطاير عليه، فليس ظاهر الكون قائم أجدر بهذه الخشية من القاعد، وقول حذيفة: دعاني، ظاهر في جواز التكلم على قضاء الحاجة، وزعم بعضهم أن كلامه له

الإشارة لا باللفظ، اعتمادا على ما في البخاري، فأشار إلى طريق الجمع أن قولَه/دعاني يعني بالإِشارة، وكذا قوله: لم ينجس إن كانت صحيحة فيكون إنكارَا بالإِشارة أيضَا، أو يقول أنه جعل الإِشارة تأكيدَا للفظ والسباطة الموضع الذي يرمى فيه التراب، ويكون بالأبنية مرففا وقيل: السباطة الكناسة نفسها، وكانت بالمدينة، جاء ذلك، في حديث محمد بن طلحة بن مصرف عن الأعمش، وهو مضعف لقول من قال: أن المسح على الخف لا يكون إلَّا في سفر، وعلى ذلك بكونها للناس عامة أو لأنها كانت مواتَا مباحة، وأضيفت للقوم على سبيل الاختصاص لا الملك، أو لأن هذا كان خاصَا به لعدم كراهية الناس، لذلك قال الطحاوي: وقيل: إنّه فعل ذلك مرة. روى وكيع عن زائدة عن عبد العزيز بن عبد الله عن مجاهد قال: ما قال عليه السلام في كتيب أعجبه. انتهى حديث حذيفة، والمغيرة يردّه، ويوضح أنّه ليس في كتيب، فدلّ على العداد. * * *

9- باب في البول قاعدا

9- باب في البول قاعدا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وسويد بن سعيد، وإسماعيل بن موسى السدي، قالوا: نا شريك عن المقدام بن شريح بن هانئ عن أبيه عن عائشة قالت:"من حدّثك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال قائما فلا تصدقه، أنا رأيته يبول قاعدا " (1) هذا حديث لما أخرجه الترمذي، فال فيه: هذا الحديث أحسن شيء في هذا الباب وأصح، وأبو حاتم وابن حبان (2) ذكره في صحيحه بلفظ:"من حدثكم أنه كان يبول قائما ... ، وكذلك أبو عوانة (3) الإِسفرايني، وأخرجه الحاكم (4) في مستدركه من جهة سفيان عن المقدام عن أبيه:"سمعت عائشة تقسم بالله ما رأى أحد النبي- عليه السلام- يبول قائما منذ أنزل عليه القرآن"وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والذي عندي أنهما لما اتفقا على حديث حذيفة:/"أتى سباطة قوم فبال قائما"، وجدا حديث عائشة معارضا له، فتركاه والله أعلم. انتهى. وفيه نظر من حيث أنّ شأن المحدث النظر إلى الإِسناد وصحته، والمتن وكونه محفوظا، وأما التعارض فليس من شأنه، ذاك من شأن الفقهاء، ولئن سلمنا أن ذلك من شأنهم؛ فلا تعارض بين الحديثين؛ لأنّ عائشة- رضى الله عنها- أخبرت عمّا شاهدت من فعله عليه السلام في بيته، والبيت ليس محلا للأعداد المذكورة قبل، وعلى رواية أبي عوانة يكون النفي ورد على صيغة الاستمرار في الأغلب، وحديث حذيفة ليس فيه) كاف (؛ فلا يدلّ إّلا على مطلق الفعل، ولا مخالفة، والله

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (12) وفي"مسند"أحمد (4/196) وكذلك رواه ابن ماجة (ح/307) وأبو داود وقال الحافظ في الفتح (1/282) :" هو حديث صحيح، صححه الدارقطني وغيره". (2) صحيح. رواه ابن حبان: (2/350) . (3، 4) رواه أبو عوانة في"صحيحه" (1/198) والحاكم في"المستدرك" (1/181) والبيهقي في"الكبرى" (1/1101) وأحمد في"المسند" (1/136، 192، 213) من طريق عن سفيان به، وقال الحاكم:"صحيح على شرط الشيخين"، ووافقه الذهبي، وفيه نظر، فإن المقدام بن شريح وأباه لم يحتج لهما البخاري فهو على شرط مسلم وحده، وقال الذهبي في"المهذب" (1/2/22) :"سنده صحيح".

أعلم. وفي قولها:"أنا رأيته " وهي لفظة تفرد بها شريك، وزعم بعضهم أيضا أنها غير محفوظة ولئن كانت صحيحة؛ فتكون على معنى الإخبار عن الحال المستمرة في روايتها وعلمها، ولم تطلع على ما اطلع عليهَ غيرها؛ ولهذا عذلت مسبّبة إنكارها بروايتها، ومع ذلك فهي نافية وغيرها مثبت، وإذا تعارضا فالمثبت مقدم، ويؤيّده ما ذكره ابن ماجة عن سفيان الثوري: الرجل أعلم بهذا من المرأة، وأيضا فحديث عائشة إنّما جاء من جهة المقدام عن أبيه، وهما ليسا من شرط البخاري؛ فلذلك أضرب عن ذكره، فلو قال على شرط مسلم لكان صوابا من قوله، والله أعلم. وحدّثه سالم من ابن بنت السدي الذي في هذا الباب، وقد رمى بالغلو في التشيّع ومنهم من ضعّفه، حدّثنا محمد بن يحيى، ثنا عبد الرزاق، نا ابن جريج عن عبد الكريم أبي أمنة عن نافع عن ابن عمر قال:"رآني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أبول قائما فقال: يا عمر لا تبل قائما، فما بلت قائما بعد هذا " (1) قال ابن حبان عند تخريج هذا الحديث في صحيحه: عن أبي جابر بن زيد بن عبد العزيز بن درهم بن إسماعيل الجوهري، نا إبراهيم بن موسى/الفراء ثنا هشام بن يوسف عن ابن جريج عن نافع قال: قال عليه السلام: الحديث، أخاف أن يكون ابن جريج لم يسمع من نافع هذا الخبر. انتهى. إذا شككت في اتصاله فلا نحكم بصحته؛ لأنّ الاتصال شرط في الصحة، والله أعلم، وحديث ابن ماجة يوضح ما شكّ فيه أبو حاتم، وبذلك لم يصح، وكذا ذكره الكرابيسي في كتاب المدلّسين، ولفظ البزار: "أتى وأنا أبول قائما؛ فقال: مه! قال عمر: فما بلت قائما بعدها، وقال الترمذي: رفع هذا الحديث عبد الكريم، وهو ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه أبو أيوب السختياني، وتكلّم فيه، وروى عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال عمر:"ما بلت قائما منذ أسلمت " (2) وهذا أصح من حديث عبد الكريم، وبنحوه قاله الكرابيسي، وفي قوله: ضعفه أيوب نظر؛ وذلك أنّ المعروف

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب للطهارة، 14- باب في البول قاعدا،) رقم: 308) . في الزوائد: عبد الكريم متفق على تضعيفه. وكذا ضعفه الشيخ الألباني. كما في ضعيف ابن ماجة. (ح/63) والمشكاة (363) والضعيفة (ح/934) . (2) صحيح. رواه الحاكم في"المستدرك" (1/182) وصححه. وأورده الهيثمي في=

حاله، أنّ أيوب رماه بالكذب وقال: أحمد اشتهر به، وضربت على حديثه، وهو سببه المتروك، وقال يحيى: ليس بشيء، قال السعدي: غير ثقة، وقال ابن حبان: كثير الوهم فاحش الخطأ، فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث، وقال أبو داود: لم يحدث بذلك عن أحمد أضعف من عبد الكريم، وقال الحربي: كان يتفقه ويرى الإرجاء وغيره أوثق منه، وفي تاريخ البخاري الأوسط: قال علي: عن سفيان لم أر مثل عبد الكريم، إن شئت قلت عن أبي، إنّما يقول سمعت، وقال ابن أبي حاتم: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه، وقال أبي: ضعيف الحديث: وقال أبو زرعة: لن، وروى الأعمش عن زيد بن وهب:"أنه رأى عمر بن الخطاب يبول قائما " (1) مخالفا لرواية الحجازيين له. قاله ابن عبدة في كتاب التفرد، حدثنا يحيى بن الفضل، نا أبو عامر، نا عدي بن الفضل عن علي بن الحكم عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله قال:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجل أن يبول قائما" (2) هذا حديث ضعيف؛ لضعف/رواية عدي بن الفضل أبي حاتم البصري مولى بني تميم، قال فيه يحيى: ليس بشيء، وسئل مرّة أخرى أنكتب حديثه؟ قال: لا ولإِكرامه قال أبو حاتم الرازي والنسائي: متروك الحديث، وسأل ابن أبي شيبة ابن المديني عنه فقال: كان ضعيفا وقال ابن حسان: ظهرت المقال في حديثه بروايته؛ فبطل الاحتجاج بروايته، وترك أبو زرعة حديثه وقال: ليس بالقوي وقال الدارقطني: متروك وقال الآجري: سئل أبو داود عن عدي بن الفضل للقال: ضعيف، وفي موضع آخر: لا نكتب حديثه، وأمّا قول الترمذي وفي الباب عن عمر بن بريدة قال: وحديث بريدة في هذا غير محفوظ ففيه نظر من وجهين، الأول: إغفاله حديث جابر وحديث أبي موسى الأشعري المذكور في تاريخ واسط من حديث علي بن

_ = "مجمع الزوائد" (1/206) وعزاه إلى البزار، ورجاله ثقات. (1) الذي وجدناه في"الكامل"لابن عدي:"5/2001" لفظه:"رأيت عمر بن الخطاب بال ثم مسح بالتراب". (2) ضعيف. رواه البيهقي (1/102) وابن عدي في"الكامل" (5/2013) .

عاصم، نا خالد الحذاء عن ثوبة العنبري أبي المودع عن أبي بردة عن أبي موسى قال:"رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبول جالسا" (1) وقد جافى بين فخذيه حتى أنّي لا أرى له من طول الجلوس، ثم قام قابضا على ثلاث وستين فقال: صب فصاحب بني إسرائيل كان في البول أشدّ منكم، كان إذا أصاب جسده شيء من قوله برأه" (2) وفي الباب عن عمر وبريدة، قال: وحديث بريدة في هذا غير محفوظ ففيه نظر من وجهن: الأول: إغفاله حديث جابر الذي حدثت به عائشة وحديث أبي هريرة: "نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبول الرجل قائما " ذكره أبو سعيد الحسن بن الحسين السجزي المعول في فوائده نا أبو وهب جعفر بن محمد النيسابوري عبد الله بن عمير، نا حماد بن سلمة عن أيوب عن علي عنه، الثاني: قوله في حديث بريدة: غير محفوظ ففيه نظر من وجهين، وليس بصحيح ة لأن البزار رواه في مسنده من طرق صحيحة: فقال: نا نصر بن علي، نا عبد الله بن داود، نا سعيد بن عبد الله، نا عبد الله بن يريدة عن أبيه وقال: لا أعلم رواه عن أبي بريدة إلَّا سعيد بن عبيد الله، قال الثَّقفي:/معنى قول عائشة:"ما بال عليه السلام قائما في منزله". * * *

_ (1) بنحوه. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب (14) ، (ح/309) ضعيف. لاتفاقهم على ضعف عدي بن الفضل. قلت: والحديث ضعيف جدا. ضعفه الشيخ الألباني. انظر: ابن ماجة (ح/309) والضعيفة (ح/938) . (2) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/209) من حديث أبي موسى، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"وفيه علي بن عاصم، وكان كثير الخطا والغلط، وينبه على غلطه فلا يرجع، ويحتقر الحفاظ.

كراهة مس الذكر باليمين والاستنجاء باليمين حدثنا هشام بن عمار، نا عبد الحميد بن حبيب بن أبيِ العشرين الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير حدّثني عبد الله بن أبي قتادة، أخبرني أبي أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بيمينه" (1) نا عبد الرحمن بن عمر، نا الوليد، نا الأوزاعي بإسناده نحوه. هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم من غير هذه الطريق، وهذه الطريق حسنه للاختلاف في ابنَ أبي العشرين، وقد تقدّم ذكره قبل، والإِسناد الثاني صحيح، وذكر ابن منده أن إسناده مجمع على صحته، ورواه أبان عن يحيى منفردا"وإذا شرب فلا يشرب نفسا واحدا" (2) حدثنا عليَ بن محمد، نا وكيع، نا الصلت بن دينار عن عقبة بن صهبان قال: سمعت عثمان بن عفان يقول:"ما تغنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (3) هذا أثر ضعيف رواه الصلت بن دينار أبي شعيب البصري الأزدي المجنون، ويقال: الهنائي، كذا قاله عبد الغني كلاهما أنّ الأزدي وهُناه غير مجتمعين، وليس كذلك؛ لأن هناه مجلز من الأزد، قال فيه يحيى بن معن، ليس بشيء، وقال أحمد: متروك الحديث ترك الناس حديثه، وقال الفلاس: كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه، قال: وهو كثير الغلط متروك الحديث، وقال السعدي: ليس بقوي في الحديث، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يبايعه الناس عليه، وكان شعبة يتكلم فيه، وقال علي بن الجنيد:

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الوضوء، باب"18"والأشربة باب"25" ( ومسلم في (الطهارة، ح/63) وأبو داود (ح/31) وابن ماجة (ح/310) والنسائي في ) الطهارة، باب"41" (وأحمد في"المسند" (4/383، 5/296، 309، 310، 311) . (2) ضعيف جدا. إتحاف السادة المتقين (7/125) والفوائد (185) والمغني عن حمل الأسفار (2/371) وتذكرة (146) . (3) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة في: ا- كتاب الطهارة، 5 ا- باب كراهة مس الذكر باليمين والاستنجاء باليمين (ح/311) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني. كما وجدته في"ضعيف ابن ماجة". (ح/311) وأشار إليه بالضعف.

متروك، وسئل عنه أبو داود فقال: ضعيف، ورواه ابن يونس في تاريخ مصر عن العباس بن محمد البصري، نا جعفر بن مسافر، نا عبد الله بن يوسف، نا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو المغافري أنه سمع أبا ثور الفهمي يقول: قدمت على عثمان فذكر الحديث وفيه:"إني اختبأت عند ربي عشرا/: إنِّي لرابع أربعة في الإِسلام، ولقد ائتمنني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ابنتيه، ووالله ما زنيت ولا سرقت في جاهلية ولا إسلام قط، ولا تغنّيت ولا تمنَّيت ولا مسست فرجي بيميني منذ بايعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولقد ختمت القرآن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا مضت لي جمعة إلا وأنا أعتق فيها رقبة منذ أسلمت، إلا أن لا أجد في تلك الجمعة فأعتق لما بعد"وفي الأوسط: نا أحمد بن يحيى الحلواني، نا سعيد بن سليمان عن عبد الأعلى بن أبي المساور، حدثني محمد بن إبراهيم بن حاطب عن عبد الرحمن بن محيرز عن زيد بن أرقم قال:"بعثني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أبي بكر ... "فذكر حديثا طويلا فيه أنه بعثه إلى عثمان، وأنّ عثمان جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إن زيد أتاني فقال: إنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ عليك السلام ويقول: أبشر بالجنة بعد بلاء شديد وأي بلاء يصيبني يا رسول الله، والذي بعثك بالحق ما تغنيّت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك، فقال: هو ذاك " ثم قال: لا يروى هذا الحديث عن زيد إلا بهذا الإِسناد يرويه ابن أبي المساور، ولما ذكر ابن الحرث هذا الحديث في علله قال: ابن أبي المساور- رحمنا الله وإيّاه- وإبراهيم بن محمد بن حاطب رجل معروف، حدّثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، نا المغيرة بن عبد الرحمن وعبد الله بن رجاء المكي عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"إذا استطاب أحدكم فلا يستطب بيمينه، ليستنج بشماله " (1) هذا الحديث قطعة من الحديث الذي في الباب بعده. كذا قاله ابن عساكر في كتاب الأطراف وغيره، وفي ذلك نظر- والله أعلم- اليمين فعيل من اليمن، وقيل من القوّة، قال تعالى: {لأخذنا مضه باليمين} (2)

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/312) وابن عساكر في"التاريخ" (3/378) وجامع المسانيد (2/690) . وصححه الشيخ الألباني. (2) سورة الحاقة آية: 45.

وقال تعطونه أي: لأخذنا بيمينه فمعناه من التصرف، وعلى الوجه الأولى قال الشماخ: إذا ما غاية رفعت لمجد تلقاها عن آية باليمين/قال الجوهري: وتصغيرها يميِّن بالتشديد بلا هاء، وفي الجمهرة: والجمع أيمن فيه دلالة على المنع من مس الذكر باليمين حالة الاستنجاء ويؤخذ من مفهومه: إذا بال أحدكم جواز مس الذكر باليمين فصاعدا حال التحلي، فإن وجد ما يقتضى المنع منه قبل ولا فجواز المس باق بحاله، وقول عثمان- رضى الله عنه- ليس من هذه البَينة العلة، وفيه المنع من الاستنجاء باليمين، فمن العلماء من حمله على التنزيه ويحتاج إلى دليل، ومنهم من حمله على التحريم، وهو الصحيح، وبه قال أحمد بن حنبل وجماعة من الشافعين، وأهل الظاهر.

10- باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة

10- باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة حدثنا محمد بن الصباح، نا سفيان بن عيينة عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إنما أنا لكم مثل الوالد، أعلمكم إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، وأمر بثلاثة أحجار، ونهى عن الروث والرمة، ونهى أن يستطيب:-، الرجل بيمينه" (1) هذا حديث خرجه أبو عوانة الإسفرايني في صحيحه من حديث ابن عيينة، روى مسلم (2) في صحيحه منه قطعة عن أحمد بن الحسن بن خراش، نا عمر بن عبد الوهاب، نا يزيد بن زريع، نا روح عن سهيل عن القعقاع:"إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها" وتتبع ذلك عليه أبو الفضل الهروي الحافظ فزعم أن هذا الحديث أخطأ فيه عمر بن عبد الوهاب على يزيد؛ لأنه حديث يعرف نا ابن عجلان عن القعقاع، وليصر لسهيل في هذا الإِسناد أصل، ورواه ابن بسطام عن يزيد على الصواب عن روح عن ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح بطوله، وحديث عمر مختصر، وبنحوه قاله أبو الحسن الدارقطني في كتاب البيع، وقال في موضع آخر: وكان في الكتاب مما تركه عن عمر الرياحي/عن يزيد بن رُوج عن روح بن القاسم عن سهيل عن القعقاع ... الحديث، وهو مما وهم فيه الرياحي، وخالفه أمية فرواه عن يزيد عن روح عن ابن عجلان وهو الصواب، قال ابن مسعود: إذا لم يروه عن كتابه بحال فلا معنى لنسبته إلى الوهم، وفي ذلك نظر من حيث الموجودين كتاب مسلم لم يتركه بحال، وأخرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه، كما رواه ابن ماجة مطولا عن أبي يعلي، نا

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/7) والنسائي في"الصغرى" (1/38) وابن ماجة (ح/313) والدارمي (1/173) وللبيهقي (1/91، 102، 112) وابن خزيمة (80) وابن حبان (128) وشفيع (53) وتلخيص (1/102) والمشكاة (347) وإتحاف (1/336، 8/593، 9/94) وحبيب (1/29) ومعاني (4/223) والكنز (272027) وابن عساكر في"التاريخ" (3/ 378) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/60) ونصب الراية (2/102) . 98

إبراهيم بن الحجاج السامري، نا وهيب وأبو يعلي، نا محمد بن يحيى بن سعيد العلاف، حدثني أبي، ونا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، نا الوليد بن شجاع، نا ابن وهب، أخبرني حيوة والليث كلهم عن ابن عجلان، وكلهم وفي مسند الحميدي، التصريح بسماع ابن عيينة من ابن عجلان، ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن بندار، نا يحيى بن سعيد، نا ابن عجلان به مطولا، ورواه الدارقطني بلفظ:"نهى أن يستنجى بروث أو عظم" (1) وقال: إنهما لا يطهران، ثم قال: إسناده صحيح، وفيه نظر؛ لأن في إسناده بن رجاء، وقد أثبتنا عليه الثناء غير واحد، حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، نا يحيى بن سعيد القطان عن زهير عن أبي إسحاق قال: ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود عن عبد الله بن مسعود:"أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الخلاء فقال: ائتني بثلاثة أحجار، فأتيته بحجرين وروثة، فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال: هي رجس"هذا حديث خرجه البخاري (2) عن أبي نعيم: نا زهرة ... فذكره وقد ردّ بكونه مدلسا؛ لأنّ الشعبي من العلماء لم يصرح إسماعه أو لم يأتيه ضيع ذلك المعتبرة، ذكر الحاكم أن علي بن المديني قال: كان هو وإسرائيل قولان عن أبي إسحاق أنه كان يقول ليس أبو عبيدة حدّثنا، ولكن الحديث في الاستنجاء بالأحجار، قال ابن الشاذكوني: ما سمعت بتدليس قط لم أعجب من هذا ولا أخفى، قال أبو عبيدة: لم يحدثني ذلك عبد الرحمن عن الأسود عن فلان ولم يقل حدثني فجاز الحديث وسار، ولما ذكره الإِسماعيلي في صحيحه قال: كان يحيى بن سعيد لا يرضى أن نأخذ عن زهير عن أبي إسحاق ما ليس بسماع لأبي إسحاق، ففي هذا إشعار، بل تصريح الحديث ويزيد ذلك وضوحا ما علّقه البخاري بصيغة الجزم في بعض النسخ المعتبرة حديث أبي نعيم فقال: وقال إبراهيم بن يوسف عن

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني (1/56) وفتح الباري (1/256) . وكذا أسنده الحافظ ابن حجر. (2) صحيح. رواه البخاري في (الوضوء، باب (21") وابن ماجة (ح/314) وأحمد في "المسند" (1/427) وابن خزيمة (70) ومعاني الآثار (1/122) والطبراني في"الكبير" (10/ 74- 76) والعقيلي (214) والترمذي (ح/17) .

أبيه عن إسحاق: عن أبي إسحاق: حدثني عبد الرحمن مُدَّةَ ويوسف معروف بالسماع من جدّه أبي إسحاق، وإن كان البيهقي أبَى ذلك فم كتاب الخلافيات فغير مسلم له، ويؤيّده ما ذكره الكرابيسي في كتاب المدلسين أبو إسحاق يقول في هذا مرة: حدثني عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله، ومرّة: حدثني علقمة عن عبد الله ومرة: حدثني أبو عبيدة، ومرة يقول: ابن أبو عبيدة حدثنى جدي عبد الرحمن بن الأسود عن عبد الله وأما ابن أبي حاتم فذكر عن أبى زرعة أنهم اختلفوا في هذا والصحيح عندي حديث أبى عبيدة، وأما الترمذي فإنه ذكر أن أصح الروايات في هذا عنده حديث إسرائيل، وبنَّ ابن أبي الربيع عن أبي عبيدة عن عبد الله فال: لأن إسرائيل أثبت وأحفظ لحديث أبي إسحاق من هؤلاء، وتابعه على ذلك قيس وزهير عن أبي إسحاق: ليس بذاك لأن سماعه منه بآخره سمعت أحمد بن الحسن سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا سمعت الحديث عن زائدة وزهير فلا تبالي أن لا تسمعه من غيرهما إلَّا حديث إسحاق، ورواه زكريا عن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله، وهذا حديث به اضطراب، قال: وسألت الدارمي أي الروايات في هذا عن أبي إسحاق أصح فلم يقضِ فيه بشيء، وسألت محمد عن هذا فلم يقضِ فيه بشيء، وكأنه رأى حديث زهير أشبه فوضعه في جامعه، وأبو عبيدة لم يسمع من ثانية، ولا زهير يعرف اسمه، وفيما قاله نظر من تأخره الأول:/بترجيحه حديث إسرائيل على حديث زهير،/وهو معارض بما حكاه الإِسماعيلي عن القطان وما حكاه الآجري، وسألت أبا داود عن زهير وإسماعيل عن أبي إسحاق فقال: زهير فوق إسرائيل بكثير، وهذا يصلح أن يكون تامَا في الردّ على الترمذي؛ لتقديمه إسرائيل على زهير في أبي إسحاق، ورأيت جماعة بايعوا زهيرَا فيما حكاه الدارقطني، وهم: أبو حماد الحنفي وأبو مريم وشريك وزكريا ابن أبي زائدة في رواية، وربما تقدم من متابعة يوسف له أيضَا من عند البخاري المصرّح فيها بسماع أبي إسحاق من عبد الرحمن، وبأن زهيرا لم يختلف عليه، وبأن إسرائيل بايع زهيرا كما أسلفناه.

الثاني: اعتماده على متابعة من ابن الربيع، وهي كل شيء لسنده ما يرمى به من الضعف ومكاره الحديث، وإضرابه عن متابعة الثوري ويونس وهما هما. الثالث: قوله أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، وإذا كان كذلك فكيف يرجح على حديث متصل؟ الظاهر على انه قد قيل إنه سمع من أبيه فيما ذكر صالح بن أحمد: نا ابن المديني، سمعت سلم بن قتيبة قال: قلت لشعبة: إن البُري يحدثنا عن أبي إسحاق أنه سمع أبا عبيدة يحدّث أنه سمع ابن مسعود فقال: أوَكان أبو عبيدة ابن سبع سنين، وجعل يقرب جهته. انتهى أن سمع فلا ينكر سماعه من الغرباء جماعة المحدثين، فكيف من الآباء، وذكر ابن أبي حاتم أنه سأل أباه عن أبي عبيدة هل سمع من أبيه؟ قال: فقال أنه لم يسمع منه بل كان عبد الرحمن بن زياد يروى عن أبي مالك الأشجعي عن عبد الله بن أبي هند عن أبي عبيدة، قال: خرجت مع أبي لصلاة الصبح، قال أبي: ما أدري ما هذا، وما أدري ابن أبي هند من هو، وفي المعجم الأوسط للطبراني من حديث زياد بن سعيد عن أبي الزبير: حدثني يوسف بن غياث الكوفي، سمعت أبا عبيدة بن عبد الله يذكر أنه سمع أباه يقول:"أنه كان مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر إلى مكة،/وأنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا خرج إلى الغائط أبعد" (1) وسيأتي ذكره عن قريب. الرابع: قوله في أبي عبيدة: ولا يعرف اسمه، وفي العلل الكبير عزا ذلك إلى البخاري ولير كذلك؛ لأن مسلم بن الحجاج سماه في كتاب الكنى عامرا. الخامس: إخراجه عن الحديث المتصل إلى منقطع على زعمه، وهو ما رواه الدارقطني عن حماد بن أحمد الدقاق، نا محمد بق عيسى بن حبان، نا الحسن بن قيعة، نا يونس ابن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الأحوص عن ابن مسعود ... فذكره. السادس: اقتصاره على ما ذكر من التعليل والاضطراب، وأضرب عن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، (ح/333) . وكذا صححه للشْيخ الألباني.

أشياء لان كان ذلك غير لازم له، وإنما ذكرناه تبرعا وإعلاما إذا تم غير ما ذكر من غير أتباع تتبع، بل ليستدل على عرضنا في ذلك فمن ذلك ما رواه حماد بن زريق وورقاء ومعمر وسليمان بن قدم وإبراهيم الصانع وعبد الكبير بن دينار وأبو شيبة ومحمد بن جابر وشعبة بن الحجاج وصياح بن يحيى المزني وروح بن مسافر عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبيد الله، قال أبو الحسن الدارقطني وكذلك قال إسحاق الأزرق عن شريك، وروى عن علي بن صالح بن حي بن مالك بن مغول، ويوسف بن أبي إسحاق بن خديج بن معاوية، وشريك عن أبي إسحاق عن الأسود عن عبد الله، ورواه أبو سنان عن أبي إسحاق عن هبيرة ابن مريم عن عبد الله بزيادة"فتوضأ"ولم يمسّ بما قال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن أبي إسحاق عن هبيرة إلَّا أبو سنان، تفرد به الصباح بن محارب ولفظ أبي نعيم في تاريخ أصبهان:"لا تستنجوا بالعظام والروث" (1) ورواه من حديث أبي كريب، نا حفص، نا داود عن الشعبي عن علقمة السابع قوله: رواه زكريا إلى آخره جازما بذلك، وليس هو كذلك، بل روى عنه على وجوه، فمنها برواية عبد الرحمن والأزرق وإسماعيل بن أبان، وهي المذكورة عند الترمذي، ومنها رواية سهيل عن يحمى عنه عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن/ولم ينسه، قال منجاب: عن يحيى عنه عن أبيه عن أبي إسحاق عن الأسود، لم يذكر بين أبي إسحاق والأسود أحدا. الثامن: رواية إسرائيل المرجحة عنده مضطربة أيضا بما ذكره عباد القطراني وخالد العبد عنه عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله، ورواه الحميدي عن ابن عيينة عنه عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد، وإنما منعنا من استقصاء الخلاف على أبي إسحاق في هذا قول الدارقطني: اختلف عنه فيه اختلافا شديدا- والله تعالى أعلم- والذي يظهر من ذلك أنّ أبا إسحاق سمعه من جماعة، ولكنه كان غالبا إنّما يحدثهم به عن أبي عبيدة، فلما نشط قال: ليس أبو عبيدة الذي هو في ذهنكم أبي حدّثكم عنه حدّثني وحده، ولكن عبد الرحمن، يؤيد ذلك مجيئه عنه أيضا عن غير المذكورين أو يكون

_ (1) تاريخ أصبهان: (2/349) .

من باب السلب والإيجاب نفي حديث أبي عبيدة، وثبت حديث عبد الرحمن وهذا امتد على الترمذي لكونه نفي لحديث ابنه هو، ولعلّ البخاري لم ير ذلك متعارضا وجعلهما إسنادين، وأسانيدهما قدّمناه، وروى الدارقطني في سننه هذا الحديث من جهة أبي إسحاق عن علقمة، وفي أخره"ائتني بحجر"وفي لفظ"ائتني"بغيرها، وهو منقطع فيما بين أبي إسحاق وعلقمة، ورواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق سالم بن أبي إسحاق وأبي عبيدة وزهير بزيادة تستفاد، فقال: نا سعيد عبد الله بن سعيد الأشج زياد بن الحسن بن فرات عن أبيه عن جدّه عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبيد الله، قال: "أراد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتبرز، فقال: ائتني بثلاثة أحجار، فوجدت له حجر ورثة حمار فأمسك الحجرين وطرح الروثة وقال: هي رجس". قال الإمام أبو بكر: فيه بيان على أن أرواث الحمر نجسة، وإذا كانت أرواث الحمَر نجسة بحكم النبي- عليه السلام- كان حكم جميع أرواث ما لا يؤكل لحومها من ذوات الأربع مثل أرواث الحمر. حدثنا محمد بن الصباح، نا سفيان بن عيينة، ونا علي بن محمد، نا وكيع جميعا عن هشام/ بن عروة عن ابن خزيمة عن عمارة بن خزيمة عن خزيمة بن ثابت، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"في الاستنجاء ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع" (1) كذا صرّح به ابن المديني في الأحاديث المعلّلة التي رواها عنه الباغندي. ذكره البستي في كتاب الثقات، وعمارة روى أيضَا الزهري وأبو جعفر الحمصي ومحمد بن زرارة، وغيرهم، ذكره العجلي فقال: تابعي ثقة، ولما ذكر البستي الثقات قال: توفى بالرقة سنة خمس ومائة، وهو ابن خصر وسبعين سنة، ووثقه النسائي أيضا، قال ابن سعد: توفى بالمدينة، وفي أوّل كلام الواقدي عبد المالك، وكان ثقة قليل الحديث، ومع ذلك فقد علل بالاضطراب والاختلاف في إسناده، وذلك أنّ الجمع الغفير رووه عن هشام، تقدّم منهم عبيدة بن سليمان وابن نمير وأبو أسامة ومحمد بن بشر العبدي وعبد الرحمن بن سليمان وعلي بن مسهر والمفضل بن فضالة، واختلف على ابن عيينة؛ فرواه كرواية

_ (1) صحيح، شرح المعاني (1/121) واستذكار (1/230) .

الجماعة أولا، وقيل: عنه عن هشام عن أبيِ وجزة عن عمارة، ورواه أبو معاوية الضرير عن هشام عن عبد الرحمن بن سعد عن عمرو بن خزيمة، ورواه إسماعيل بن عياش عن هشام عن أبيه عن عمارة، وهشام من أهل الحجاز؛ فرواية إسماعيل عنه غير معتبرة والصواب الأول. قاله ابن المديني، والبخاري، وأبو زرعة الرازي. حدّثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن الأعمش، وثنا محمد بن بشار، نا عبد الرحمن، نا سفيان عن منصور، والأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سليمان قال: قال له بعض المشركين وهم يستهزؤون به: إني أرى صاحبكم يعلمكم كل شيء حتى المخراة قال: أجل:"أمرنا أن لا نستقبل القبلة، وأن لا نستنجي بأيماننا، ولا ينبغي بدون ثلاثة أحجار" (1) وفي حديث ابن رياح عنه:"نهى أن نستنجي بعظم حائل، أو روثة أو جمجمة " (2) قال الدارقطني: علي لا يثبت سماعه من ابن مسعود، وعن ابن مسعود، أن النبي- عليه السلام-/قال:"ائتني أتمسح به، ولا تقربني حائلا ولا رجيعا" (3) وفي إسناده ليث (4) بن أبي سليم ليس فيها رجيع ولا عظم، ورواه مسلم (5) في صحيحه بلفظ:"لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط وبول"وقال فيه الترمذي (6) : حسن صحيح، وذكر الحربي في كتاب العلل: كان سفيان إذا حكى عن اثنين حكى أصح الروايتين، وإنهما قد فعل ذلك في غير حديث منها عن الأعمش ومنصور عن إبراهيم، فذكر حديث سليمان فقال: عن سليمان، وأما منصور كان يقول: عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كذا حكاه عن منصور وجرير وشعبة وزائدة وإسرائيل

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/10) وابن ماجة (ح/319، 325) وأحمد في"المسند" (4/ 210) وابن عدي في"الكامل" (1/247) والفتح (1/246) وابن أبي شيبة (1/151) . قلت: والحديث حسن لتعدد طرقه، وقد حسنه الترمذي في"سننه: ح/16". (2) رواه الدارقطني: (1/56) . (3) رواه أحمد (1/426) والطبراني (10/75) . (4) ليث بن أبي سليم، تقدمت ترجمته في"المغنى للضعفاء للإمام الذهبي". (5، 6) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/57) والترمذي (ح/16) وقال:"هذا حديث حسن صحيح"وأبو داود (ح/7) والنسائي في"الصغرى" (1/38) ومعاني (4/232) .

وفضيل، فلما جمع سفيان بين الأعمش ومنصور استحيا أن يقول عن سليمان، وزعم أبو عيسى أن في الباب عن عائشة وخزيمة وجابر وخلاد بن السائب عن أبيه، وفي ذلك نظر؛ لإِغفاله حديث أبي هريرة المتقدم أيضا، وحديث سعد المتقدّم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"أو لا يجبر أحدكم حجرين للمسربة" (1) رواه الدارقطني وقال: إسناده حسن، وحديث ابن عباس مرفوعا:"ثم استطب بثلاثة أحجار، أو ثلاثة أعواد، أو ثلاثة حفنات من تراب" (2) رواه الدارقطني وضعفه، وحديث أنس بن مالك قال عليه السلام:"الاستنجاء بثلاثة أحجار" ذكره البيهقي (3) ، وضعفه بعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، وحديث أبي أيوب من عند ابن عبد البر مرفوعا:"إذا تغوط أحدكم فليستنج بثلاثة أحجار، فإن ذلك مطهرة" (4) وحديث أبي أمامة من عند أبي أحمد مرفوعا: "يطهر المؤمن بثلاثة أحجار" (5) وضعفه، وحديث الزبير بن العوام، نا أبو بكر المقدسي ابن الحمدي إجازة، نا شهدة، نا ابن خزيمة نا البزار، نا الإِسماعيلي، أخبرني موسى بن جعفر بن محمد بن التاجر، نا يعقوب بن سفيان، نا سليمان بن سلمة، نا معه ابن نمير معروف بن حذاء الخبري عن أبيه عن عمه ابن ربيعة، نا الزبير بن العوام قال:"صلى بنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/صلاة الصبح في مسجد المدينة، فلما فرغ قال: أيكم يتبعني إلي وفد الجن الليلة" (6) فذكر الحديث، وفيه:"فأخذ عطفا وروثة فضمّ إحداهما بالأخرى"، وروى فيه: "فملهما ثم قال:"هذا طعام الجن"قال الزبير: فلا يحل لأحد سمع هذا

_ (1) حسن. رواه الدارقطني في"سننه": (1/56) . (2) ضعيف. المصدر السابق. (3) ضعيف. شفع (54) والحلية (5/150) وابن أبي شيبة في"مصنفه" (1/154) . (4) صحيح. الجوامع: (1521) والمجمع (1/211) وعزاه إلى الطبراني في"الكبير" و"الأوسط"ورجاله موثوقون، إلا أن أبا شعيب صاحب أبي أيوب لم أر فيه تعديلا ولا جرحا. وأ حمد (3/336) وأزهر (31) . (5) ضعيف. رواه الطبراني في"الكبير" (8/248) والميزان (5359) . قلت: وضعفه لضعف عبيد الله بن زحر. (6) رواه أحمد: (1/449) . قلت: ولقد رأيته موضوعا في"لسان الميزان"ولم أجد له أصلا.

الحديث أن يستنجى بعظم ولا روثة ولا بغير حديث عقبة بن عامر:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الكي" (1) . وكان ابن جص في الحنتم، وكان إذا اكتحل اكتحل وبزاد إذا استنجى استجمر وندا رواه أحمد بن جابر بن أبي عبيدة في مسند عقبة من حديث تراجعه عن الحرث بن يزيد عن عبد الرحمن بن يزيد عنه، وحديث خلاد بن السائب الذي أشار إليه، ذكره ابن زبير في معجمه عن البغوي، نا هدبة نا حماد بن الجعد، نا قتادة، نا خلاد، ويتحقق بهذا: الاستنجاء بالتراب، وهو في حديث رواه عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:"رأيت عمر بن الخطاب، قال: فمسح ذكره بالتراب ثم التفت إلينا وقال: هكذا علمناه ذكره أبِو القاسم في الأوسط وقال: لم يروه عن أبي ليلى إلا عطاء ولا عن عطاء الأروح بن جناح. تفرد به الوليد بن مسلم. وفي حديث أبي الدرداء:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مال إلى راحلته، ثم أخذ نواة فوضعها على ذكره ثلاث مرات" (2) ذكره الخطيب أبو بكر بسند ضعيف، وحديث ابن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة يرفعه: " يطهر المؤمن ثلاثة أحجار والماء والطين" (3) وحديث جابر بن عبد الله مرفوعا: "نهانا أن نمسح بحطم أو بحرة" (4) وحديث ابن عمر عن ابن يونس من جهة ابن لهيعة عن عبد الله بن زهرة عن عبد الله بن معيب عنه مرفوعا: "إذا بال الرجل ومسح ذكره، فإن خرج منه شيء فلا وضوء عليه، (5) قال أبو سعيد: الصحيح من هذا موقوف على ابن عمر وهو/في جامع عبد الرزاق مسندا، والله أعلم، وحديث سراقة بن مالك بن جعشم وقال له رجل:

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/3865) وأحمد في"المسند" (4/156، 430، 444، 446) والتمهيد (5/273) وذهبي في"الطب" (126) والحاكم في"المستدرك" (4/213، 416) وصححاه والطبراني (17/338، 18/122، 127، 141، 149، 152، 207) ومعاني (4/321) وكحال (1/150) . (2) حديث ضعيف كما ذكر السارح. (3، 4) تقدَما في هذا الباب. (5) موقوف على ابن عمر- من مسند عبد الرزاق كما ذكر الشّارح.

ما بقى إلا أن نعلمكم التغوط فقال ... الحديث. ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث إبراهيم بن خالد الصنعاني، نا رباح بن زيد عن معمر عن سليمان بن الفضل بن رشدين عنه، وحديث رويفع من حديث يرفعه:"من استنجى برجيع دابة أو عظم، فإن محمدا منه برئ"رواه أبو داود (1) زاد في التفرد: نا ابن وهب نا الفضل بن عياش أنّ شنتمر بن بيان أخبره بهذا الحديث أيضا عن سالم الجيشاني أنه سمع عبد الله بن عمرو يذكر ذلك، وهو معه بواسط يحضر باب اليون قوله:"نهى عليه السلام أن يستطيب بيمينه" (2) قال الخطابي: أي لا يستنج بها، وسمى الاستنجاء استطابة لما فيه من إزالة النجاسة، يقال: استطاب الرجل إذا استنجى، فهو مستطيب، وأطاب فهو مطبب، ومعنى الطب هنا الطهارة، ومنه قوله تعالى: {سلام عليكم طبتم} ونهى عليه السلام أن تسمى المدينة يثرب، قال الهروي: لأن الثرب فساد، وأمر أن تسمى طائة يعني طيبة. ذكره بعض العلماء، ولا أدري من الهروي ا إن كان اللغوي فليس هذا منه، ولعله بعض الفقهاء أصحاب الهروي، قال الخطابي: يعني طهارة التربة؛ فدلّ ذلك على جواز التيمم بالسباخ، وقيل: معناه الطهارة من النفاق، وأصل الاستنجاء: الذهاب إلى النجوة من الأرض الساجة، وهي المرتفعة، كانوا يسترون بها إذا قعدوا للتخلي فقيل من هذا استنجى الرجل: أي أزال النجو عن بدنه، والنجو كناية عن الحدث كما كنى عنه بالغائط، وقيل: أصله نزع الشيء من موضعه وتخليه منه، وقال المديني: يقال أنجى إذا أزال النجو وهو الغدرة عن مقعدته يقال شرب دواء ما أنجاه أي ما أسهل بطنه ونجا ينجو استطلق بطنه ونجا وأنجا قضى حاجته من النجو، وقيل: الاستنجاء: الاستخراج؛ لنجو البطن وهو ما يخرج منه، وقيل: هو/من نجوت الشجر وأنجيتها إذا قطعتها كاله قطع الأذى عن نفسه بالحجارة، وقال

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 19- باب ما ينهى عنه أن يستنجى به، (ح/36) ولفظه:"يا رويفع لعل الحياة ستطول بك بعدي؛ فأخبر الناس أنه من عقد لحيته، أو تقلد وترا، أو استنجى برجيع دابة! أو عظم، فإنَ محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه برئ". (2) صحيح. رواه الهروي: (1/180) . قلت: وللحديث طرق صحيحة، ومتابعات بنحوه يرقى به الحديث إلى درجة الصحيح.

القزّاز: نجا ينجو إذا حدث وحكى أن فلان أنجا من الغائط وهو المطمئن من الأرض، والغوط أشد انخفاضا من الغائط، والجمع أغواط، وهذا غوط بطين أي بعيد، ويجمع على غيطان أيضا، قال أبو سليمان: وفي نهيه عليه السلام عن الروث والرمة دليل على أن أغبان الحجارة غير مختص بهذا المعنى، دون غيرها من الأشياء التي تعمل عمل الحجارة وذلك أنه لما أمر بالأحجار ثم أستثنى الروث والرمة فخصهما بالنهي؛ دلّ على أنّ ماعدا الروث والرمة دخل في الإِباحة، وأنّ الاستنجاء به جائز، خلافا لأهل الطاهر، وفيه نظر؛ لأن في حديث أبي هريرة مرفوعا:"نهي أن نستنجي بعظم أو روث، وقال إنهما لا يطهران" (1) قال القزاز مسلم عند تحريمه: إسناده صحيح، والرمة العظام البالية، وقد جاء مصرحا به في حديث ابن مسعود من كتاب الدارقطني، ويقال إنها سميت بذلك لأنّ الإِبل ترمها أي تأكلها، قال القزاز: تتلمح بها قال لبيد: والنمس أن تعرمني ثقة خلفا بعد الممات فإني كنت أَنيرُ، قال الجوهري: والجمع رمم ورمامة، تقول: رم العظم يرم بالكسر رمة أي بلى فهو رميم، وفي الأساس الرم الرمامة يرون الرفات فال: ظلّت عليه تعلك الرمَامَاه أي: تتملح به، والرجيع الروث، وهو اسم يقع على كلِّ حدث، وسمى بذلك لأنه رجع عن الحالة الأولى، وكذا كلّ شيء حدث أو فعل إذا ردّد فهو رجيع، فعيل بمعنى مفعول، قال الشاعر: وفلاة كأنها طهر ترس ليس إلَّا الرجيع فيها علاق وذكر الزمخشري الرجيع في ثلث المجاز، وبنحوه قال ابن دريد، وذكر الزمخشري بيت الأعشى المستشهد به دليلا على وسع البعير رجيعه أي جرّته. قال ابن سليمان الخراءة مكسورة الخاء ممدودة الألف، أدب التخَلِي/القعود عند الحاجة، وأكثر الرواة يفتحون الخاء ولا يمدون الألف فيعمش معناه، وقد اختلف، فعند مالك وأبي حنيفة هو سنة، وقال الشافعي وأحمد: هو فرض، واختلفوا في العدد، فأبو حنيفة ومالك إلى الإنقاء، والشافعي وأحمد لا يجوز عندهما الاقتصار على ما دون الثلاثة، وإن حصل الانفكاك بدونها، وأجاز

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني في"سننه": (1/56) .

الطبري الاستنجاء بكل طاهر ونجس، وكره الاستنجاء بأشياء، منها: العظم والرجيع والروث والطعام والفحم والزجاج والورق والخزف وورق الشجر والشعر والجلد؛ لمجيء ذلك في الحديث.

11- باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول

11- باب النهي عن استقبال القبلة بالغائط والبول حدثنا محمد بن رمح المصري، نا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب سمع عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي يقول: أنا أول من سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"لا يبولن أحدكم في الماء الدائم مستقبل القبلة"وأنا أول من حدث الناس بذلك (1) هذا حديث ألزم الدارقطني الشيخين إخراجه، وخرجه ابن حبان في صحيحه (2) عن أبي خليفة، نا أبو الوليد، نا عوف ابن أبي سليمان عن زياد المصري، نا أبي قال: دخلنا على عبد الله بن الحرث بن جن في يوم جمعة، فدعا بطست وقال للجارية: استريني فسترته، فبال فيه ثم قال: "سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهي أن يبول أحدكم فيها مستقبل القبلة" وأشار الطبراني في الأوسط (3) إلى أنه لم يروه عن غوث إلا ابن الوليد، وفي مسند ابن وهب: أخبرني الليث وعمرو بن الحرث وابن لهيعة عن يزيد، قال لي الليث، وحدثني به سهل بن ثعلبة عنه قال ابن لهيعة: وحدثنيه سليمان بن يزيد الحضرمي عنه. انتهى حديثه عن سليمان. ذكره أبو جعفر أحمد بن منيع المروزودي في مسنده عن الحسن بن موسى عنه مختصرا، ولما ذكره ابن يونس في تاريخه من جهة نا محمد بن حمد أبو قرّة الدعيني، نا عثمان بن صالح، نا ابن لهيعة عن يزيد عن جبلة بن نافع الفهمي من بني شبابة،/ سمعت عبد الله بن الحرث يذكره قال: وهو حديث معلول. انتهى. وفيه نظر؛ وذلك أنه إذا أراد سنده ساقه فهو بلا شك معلول، نا ابن لهيعة، وإن أراد علّة أخرى فكان ينبغي له بيانها مع خلو الباب من علّة ظاهرة، وإن أراد كون الليث اختلف عليه فيه بأن رواه عن قول اللخمي، نا أبو الوليد ليث، نا يزيد وسهل بن ثعلبة، وتارة أفرده فرواه عن سهل عن عبد الله كما أسلفناه؛ فليس

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/317) وأحمد في فالمسند" (4/191) وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/151) ونصب الراية (2/103) والحلية (7/326) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن حبان: (1/274- 276) . (3) صحيح. رواه الطبراني ومعاني (4/223) . وللحديث متابعة صحيحه رواه أبو داود في "سننه"من حديث ابن عمر.

بعلّة أيضا لمتابعة عمرو بن الحرث له على تصريح يزيد، فسمّاه وناهيك به جلالة ونبلا، وذكره أبو القاسم في الكبير وفي الأوسط، زاد الحسن بن ثوبان: وقال لم يروه عن الحسن إلّا رشدين بن سعيد، وأيضا فذكر اللخمي في مسنده، نا أبو الوليد، نا ليث، نا يزيد وثعلبة جميعا، فيشبه أن يكون تصحف على الناسخ، والنسخة التي نقلت منها في غاية الجودة، فالله أعلم، فليس ما أورده قادحا في إسناد حديث الباب إذ فيه دخول جبلة بن يزيد وعبد الله لتصريح يزيد فيه بالسماع من عبد الله، ويكون على هذا سمعه منه وعنه؛ فأولا سمعه من جبلة فحدّث به، ثم أنّه رأى عبد الله فسأله عما سمعه عنه فحدّثه به؛ فحصل لهْ نزول ثم علّق، وهذا شأن جماعة من العلماء. حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمر بن السرح، نا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عطاء بن يزيد أنّه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يستقبل الذي يذهب الغائط القبلة، وقال: شرقوا أو غربوا " هذا حديث أخرجه الأئمة الستة (1) في كتبهم بزيادة:"فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله عز وجل"وفي مسلم: " ببول أو غائط " وفي النسائي من حديث مالك عن إسحاق عن رافع بن إسحاق سمع أبا أيوب وهو بمصر يقول: والله ما أدري كيف أصنع بهذه الكرابيس وقد قال عليه السلام ... الحديث، ولعل قائلا يقول: سفيان والزهري يدلسان، ولم يصرحا هنا بالسماع فلعلّ ذلك يكون علّة، فيقال له: ليس كما توهمت؛ لأن كلا من المذكورين صرح بسماعه؛ ففي البخاري: نا مسند الحميدي بتصريح الزهري بسماعه إياه من عطاء، وكذا عن أبي أيوب، وفي مسلم: عن يحيى قلت/لابن عيينة: سمعت الزهري يذكر عن عطاء ... الحديث فقال: نعم، وقال الترمذي: حديث أبي أيوب أحسن شيء في هذا الباب وأصح، وفي بعض النسخ: وأصح صحيح وقد رواه عن أبي أيوب غير عطاء جماعة منهم عمر بن نافع وثابت ابن إسحاق وأبو الأحوص وعبد

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (ح/144، 394) ومسلم في (الطهارة، ح/59) وأبو داود (ح/9) والترمذي (ح/8) وقال الترمذي: حديث أبي أيوب أحسن شيء في هذا الباب وأصح. والنسائي في (الطهارة باب"19، 60") وابن ماجة (ح/318) .

الرحمن بن يزيد بن حارثة، وعن الزهري جماعة منهم: ابن أبي ذئب، ومعمر، ويونس، وابن أخي الزهري، والنعمان بن راشد، وسليمان بن كثير، وعبد الرحمن بن إسحاق، وأبو سعيد الجزيئي، ومحمد بن أبي حفصة، ويزيد بن أبي حبيب، وعقيل، واختلف عنه؛ فرواه سلامة ورشدين عنه عن الزهري عن أبيّ بن كعب، ووهم، والصواب أبي أيوب وإبراهيم بن سعد رواه عن الزهري عن عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة عن أبي أيوب، وقيل: عن إبراهيم عن الزهري عن رجل عن أبي أيوب، وأرسله نافع عن ابن عمر الجمحي عن رجل عن الزهري عن النبي- عليه السّلام- قال الشيخ أبو الحسن: والقول قول ابن عيينة ومن تابعه، قال الحميدي في مسنده أن نافعا الجمحي لا يسنده، فقال لكن احفظه واسنده كما قلت لك، ثم قال إن المكين إنما أخذوا كتابا جاء به حميد الأعرج من الشام قد كتب عن الزهري، فوقع إلى ابن جُرحة، فكان المكيون يعرضون ذلك الكتاب على ابن شهاب؛ فا ما نحن فإنما كنا نسمع من فيه. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا خالد بن مخلد عن سليمان بن بلال، حدثني عمر بن يحيى المازني عن أبي زيد مولى الثّعلبيين عن معقل بن أبي معقل الأسدي وقد صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نستقبل القبلة ببول أو غالط" (1) وهذا حديث إسناده ضعيف؛ للجهل بحال راوية- أي زيد- فإنه لم يروه عنه غير عمرو، وينضم إلى جهالته انقطاع حديثه فيما ذكره العسكري من أن معقلا مات في أيام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا كان كذلك فيكون حديثه عنه منقطعا؛ لا نه ليس صحابيا، ولا ذكره منهم أحد؛ فتعيّن انقطاع حديثه هذا على قول ابن سرور يكون متصلا؛/لأنه قال أف توفى على عهد معاوية والقلبُ إلى قولنا أميل؛ لأن الطبراني ذكر عن عمرو بن يحيى أن معقلا حدّثه مصرّحا بذلك صريح ما قاله من وفاته زمن معاوية، والله أعلم. قاله مسلم في كتاب الوجدان من تأليفه، وفيه نظر من حيث أن يحيى بن عمرو حدّث عنه فيما ذكره الطبراني في الكبير، ولم أر أحدا فيما اعلم تعرّض

_ (1) تقدَم في هذا الباب.

لمعرفة حاله، وسمّاه أبو داود: الوليد. وذكره أبو عمرو في كتاب الاستغناء، في القسم الذين تعرف أسماؤهم، ولم يسمه، ويشبه أن يكون ذلك وهما من فعله وليس بكاف سكوت أبي داود عنه، وقوله: أبو زيد مولى ثعلبة، وكذا سكوت المنذري عنه، وأما قول ابن نافع عن معقل بن أبي الهيثم الأسدي، كذا وقع وأما هو معقل بن أبي معقل؛ فليس بشيء؛ لأنه معقل بن الهيثم، وابن أبي معقل، وابن أبي الهيثم، وابن أم معقل، وكلّه واحد. كذا ذكره ابن عبد البر وابن بنت منيع وغيرهما، وعند ابن سعد علّة ثالثة؛ وهي أنّ الحديث من رواية معقل عن أبي الهيثم لا عن معقل، بيان ذلك قوله: نا أحمد بن محمد بن الوليد الأزرقي، نا مسلم، حدثني عبد الرحيم بن عمرو عن عمرو بن يحيى عن أبي زيد عن معقل عن أبيِ الهيثم الأسدي- حليف لهم قد صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"نهى أن تستقبل القبلة ببول وغائط". قال مسلم: ثم لقيت عمرو بن يحيى فحدثني هذا الحديث عن معقل عن أبي الهيثم، فهذا كما ترى معقل هنا، وإن كانت له صحبة ولأبيه، فهو هنا بمنزلة تابع، والله أعلم. حدثنا أبو العباس بن الوليد الدمشقي، نا مروان بن محمد، نا ابن لهيعة عن أبي الزهير عن جابر بن عبد الله قال: حدّثني أبو سعيد الخدري:"أنه شهد على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه نهى أن تستقبل القبلة بغائط أو بول ". حدثنا أبو سعد عمير بن مرداس البُزونفي، نا عبد الرحمن بن إبراهيم أبو عيسى لم المقري، نا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر سمع أبا سعيد يقول: " إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن أشرب قائما، أو أبول مستقبل القبلة (1) كذا هو

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/3717) والترمذي (ح/1879) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد في"المسند" (2/327، 3/45، 118، 214) وشرح السنة (11/380) والمشكاة (4266) وكحال (1/110) وأصفهان (2/346) والعقيلي (1/152) ترجمة: بكر ابن بكار أبو عمرو القرشي. قال العقيلي:"هذا حديث يحيى بن سعيد القطان، حدثناه عبد بن أحمد عن أبيه عن يحيى، لم يأت به غيره ولا يحفظ عن شعبة إلا عنه؛ والحديث فما نفسه صحيح".

في عدة نسخ، وفي بعض النسخ هذه زيادة من القطان، ويشتبه أن يكون صحيحا؛ لأني لم أر هذا الحديث مذكورا في شيء من كتب الأطراف، ولا رأيت عمرا مذكورا في شرح ابن ماجة، وكذا المقري، والله أعلم. هذا حديث إسناده ضعيف بابن لهيعة؛ فإنه ممن تكلّم فيه جماعة من العلماء فيهم كثرة، ومع ذلك فقد قال فيه الثوري: عنده الأصول وعندنا الفروع، وقال ابن مهدي: وددت أنّي سمعت منه خمس مائة حديث، وأنّي غرمت مالي، وحدث ابن وهب بحديث فقال: من حدثك هذا؟ فقال: حدّثني به والله الصادق البار ابن لهيعة، وروى البخاري في صحيحه: حدّثنا ... قال فيه: عن ابن فلان ولم يُسَمِّه فذكر أبو نعيم الحافظ والإِسماعيلي وصاحب الأطراف أنّه ابن لهيعة، وفي الروض الأنف أبي زيد- رحمه الله تعالى- كان مالك يحسن القول فيه ويقول: إن الذي رَوَّى عنه حديث العريان في الموطأ عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب بن لهيعة ويقال: بل الثقة ابن وهب حدّثه به عن ابن لهيعة، وذكر الآجري عن أبي داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من كان مثل ابن لهيعة مصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه، وحدّث عنه أحمد، يحدّث كثيرا، وإنّما ذكرت هذا؛ لأنّ، البيهقي في كتاب السنن الكبير أهل الحديث أجمعوا على ضعفه وأي إجماع مع مخالفة هؤلاء فتأمّله، والله أعلم، وفي حديث الدُوْنَقِي بضم الدال وبعد الساكنة نون بعدها قاف، نسبة إلى دونق: قرية من بناوند شيء ليس في الحديث الأول، على تقدير أن يكون من الأصل، أو كان من غيره فلا ضير والله أعلم، وذلك أن عمرو بن علي قال عن ابن لهيعة: احترقت كتبه؛ فمن كتب عنه/قبل ذلك مثل ابن المبارك والمصري أصح ممن كتب عنه بعد الاحتراق، وبنحوه قاله ابن سعد، وهذه كتب من حديث المقري، والله أعلم، وخرجه الترمذي في العلل من حديث ابن لهيعة عن أبي الزببر عن جابر عن

أبي قتادة:"أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبول مستقبل القبلة" (1) ، وقال: حديث جابر عن قتادة غير محفوظ، وفيه ردّ لما قاله أبو عيسى أثر حديث أبي أيوب، وفي الباب عن عبد الله بن الحرث ومعقل وأبي أمامة وأبي هريرة وسهل بن حنيف، وكذا حديث أبي سعيد المتقدّم، وحديث عبد الله بن مسعود المذكور عند ابن عدي، وحديث ابن عباس المذكور عند الدارقطني، وضعفه، وقد تقدّم فريبا، وحديث سراقة بن مالك بن جعشم سأل ابن أبي حاتم عنه أباه فضعفه ولفظه:"إذا أتى أحدكم البراز"قليل من قبله لديه، وحديث عمرو بن العجلان عن ابن عدي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"نهى أن يستقبل شيء من الغائط والبول"ولفظ البرقي في تاريخه: " نهى أن تستقبل القبلة بغائط أو بول " وضعفه بعبد الله بن نافع، وحديث رجل من الأنصار ذكره ابن زهير في مسنده ففَال: أخبرني مالك وابن سمعان عن نافع عن رجل من الأنصار عن أبيه:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... "الحديث، وفي السنن لأبي قرّة ذكر مالك عن نافع أنَّ رجلا من الأنصار أخبره وحديث أنس بن مالك:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبول الرجل مستقبل القبلة" رواه أبو زكريا الموصلي في تاريخه عن سليمان بن عرَّام الحناط ثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقا، ثنا ضمرة بن ربيعة عن عباد بن كثبِر الثقفي عن الأعرج عنه، أمّا حديث أبي هريرة فذكره أبو القاسم في الأوسط، وقال: لم يروه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمهَ عنه إلَّا إبراهيم، ولا عن إبراهيم إلَّا القاسم/تفرد به أحمد بن حرب، وحديث زيد بن العجلان: " سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهي أن يبال مستقبل القبلة".

_ (1) بنحوه. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 3- باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء، (ح/11) ولفظه: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا صفوان بن عيسى، عن الحسن بن ذكوان، عن مروان الأصفر، قال: رأيت ابن عمر أنَاخَ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا ابا عبد الرحمن، أليس قد نُهِي عن هذا؟ قال: بلى، إنما نُهِي عن ذلك في الفضاء، فإذا

ذكره المنذر بن حرب بن أبي فديك عن عبد الله بن نافع عن أبيه قال: سمعت عبد الله بن زيد يحدّث عبد الله بن عمر عن أبيه أبي العجلان فذكره والرخصة في ذلك في الكنيف، وإباحته دون الصحاري، وحدّثنا هشام بن عمار، نا عبد الحميد بن حبيب، نا الأوزاعي، حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري، ثنا أبو بكر بن خلاف، ثنا محمد بن يحيى قالا: نا يزيد بن هارون، أنا يحيى بن سعيد أن محمد بن يحيى بن حبان أخبره أن عمّه بن حبان أخبره أن عبد الله بن عمر قال: يقول أناس: إذا قعدت للغائط فلا تستقبل القبلة، لقد ظهرت يوما من الأيام على ظهر بيتنا، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاعدا على لبنتين مستقبل بيت المقدس، هذا حديث يزيد بن هارون خرج هذا الحديث الا لمة الستة (1) في كتبهم، وفي حديث البخاري:"فلا تستقبل القبلة، ولا بيت المقدس"وفي حديث أبي صالح كاتب الليث عن الليث عن ابن عجلان عن محمد بن يحيى عبيد الله بن موسى عن عيسى الخياط عن نافع عن ابن عمر قال:"رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كنيف مستقبل القبلة" (2) قال عيسى: فقلت ذلك للشعبي فقال: صدق ابن عمر، وصدق أبو هريرة؛ أما قول أبي هريرة فقال في الصحراء، وأما قوله:"لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها" (3) وا ما قول ابن عمر: فإن الكنيف ليس فيه قبلة، فاستقبل حيث شئت، وفي رواية أبي حاتم عن عبيد الله فإنه كيف صنع للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس. قلت: والحديث حسن على قاعدة أبي داود. (1) صحيح، رواه البخاري في (الوضوء باب"1") والترمذي (9) وحسنه ومسلم في (الطهارة ح/59) وابن ماجة (319) والدارمي في الوضوء باب"6"ومالك في (القبلة، ح/2) وأحمد (3/12،6/406) . (2) صحيح. رواه ابن عبد البر في"التمهيد" (1/308) والخطب في"الفقيه والمتفقه" (1/223) . (3) ضعيف. رواه الزبيدي في"إتحاف السادة المتقين" (6/447) 0 انظر: طرقه في الضعيفة (ح/944) .

لأقبله ونستقبل به حيث شئت. هذا حديث ضعفه الدارقطني لما أخرجه لقيس الخياط ولفظه:"أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حاجة، فلما دخلت إليه إذا هو في المخرج على لبنتين مستقبل القبلة" (1) وقال البزار:/لا نعلم أحدا رواه عن نافع الأعمشي، وهو عيسى بن أبي بسرة الخياط بخاء مهملة وبخاء معجمة وبالتاء المثناة والمرصدة، وفرق البخاري بينهما، فقال عيسى: ميسرة، وبعده قال: عيسى بن أبي عيسى، والصواب الأول وعلى ذلك قالا أبو عبد الرحمن وأبو الحسن فيه أحمد: لا يساوي شيئا، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك، وفال ابن حبان: كان سيئ الحفظ والفهم واستحق الترك، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ولا يحتج به، وقال الحربي: كان به ضعف، وقال البخاري: ضعفه علي، وقال الفلاس: متروك الحديث وأحاديثه منكرة، وقال ابن عدي: أحاديثه لا يتابع عليها متنا ولا إسنادا، وبنحوه قاله ابن طاهر، وقال يعقوب الفسوي: يرغب عنه، وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد وكيع عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عراك بن مالك عن عائشة، قالت:"ذكر عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوم يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة، فقال: أراهم قد فعلوا استقبلوا بفروجكم القبلة (2) ". هذا حديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه وإرساله ووصله، أما إسناده فصحيح ظاهر الاتصال؛ لأنّ خالد بن أبي الصلت عامل عمر بن عبد العزيز روى عنه أيضا المنزل بن فضالة وسلم بن حسين وواصل مولى أبي عيينة وذكره ابن حبان في كتاب"الثقات"وذكر بحشل في تاريخ واسط عن سفيان بن حسن، نا خالد بن أبي الصلت، وكان عينا لعمر بن عبد العزيز بواسط، وكان له غبة فأتيناه يوما وقد مرض وإذا بحته

_ (1) ضعيف. كما هو ظاهر في كلام السارح. (2) بنحوه. رواه ابن السني في"عمل اليوم والليلة" (1/151) .

شاذ كونية خلفه من متاع ربّ فعلنا له في ذلك فقال: إنكم كنتم تأتون وأنا في حال دنيا، وأنكم الآن أتيتموني وأنا في حال الآخرة، ثم ذكر روايته عن جماعة من الأئمة، وليس في الإِسنادين سماع، وأما عِرَاك فظاهر حديثه الاتصال؛ لأن مسلما وأبا حاتم البستي خرجاه في صحيحيهما/وهو منهما محمول على السماع حتى يقوم الدليل على خلافه، دليلهما قول الإِمام أحمد عند تخريجه حديث عائشة: أحسن ما روى في الرخصة حديث عراك وإن كان مرسلا، فإن مخرجه حسن، كذا ذكره في المسند، وفال ابن أبي حاتم في المراسيل: كتب إلي علي بن أبي طاهر، نا أحمد بن محمد بن هانئ سمعت أبا عبد الله وذكر حديث خالد- يعني هذا- فقال مرسل، فقلت له: عراك بن مالك، قال: سمعت عائشة فأنكره، وقال عراك: من أين سمع عائشة؟ ما له ولعائشة؟ إنّما يروى عن عروة هذا خطأ، قال لي: من روى هذا؟ قلت: حماد بن سلمة عن خالد الحذاء، فقال غير واحد عن خالد ليس فيه سمعت، وقال غير وأحد أيضا عن حماد بن سلمة ليس فيه سمعت، فليس فيه تصريح بعدم سماعه منها، إنّما فيه أنّه روى عن عروة عنها، وذلك لا يدل على عدم سماعه منها، لا سيما وقد جمعهما بلد واحد وعصر واحد، فسماعه منها ممكن جائز، وقد صرح بذلك بعض الأئمة، وهو ابن سرور- رحمه الله تعالى- وقد تابع حماد ابن سلمة على قوله عن عراك: سمعت عائشة علي بن عاصم عند الدارقطني، وأما قول الترمذي في العلل الكبير: حدّثنا علي بن حَشْرَمْ، ثنا عيسى بن يرمز عن أبي عبد الله عن الحذاء عن عراك به، ثم قال: رواه حماد بن سلمة عن خالد عن ابن أبي الصلت قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز فذكروا استقبال القبلة فقال عراك ... الحديث، فسألت محمد عن هذا الحديث فقال: هذا حديث فيه اضطراب، والصحيح عن عائشة قولها، وقال أبو محمد بن حزم، هذا حديث ساقط؛

لأن راوية خالد بن أبي الصلت، وهو مجهول لا يدري من هو، وأخطأ فيه عبد الرزاق فرواه عن خالد الحذاء عن كثير بن أبي الصلت، وهذا أبطل وأبطل؛ لأن الحذاء لم يدرك كثيرا، وفيه نظر من وجوه، الأول: الاضطراب المشار إليه، لم يشبه أن يكون قول حماد ولعلي بن عاصم أولى؛ لكونهم أثبتوا زيادة أحل بها أبو عوانة ويحيى بن مطر والقاسم بن مطيب، والزيادة من الثقة مقبولة، والمثبت أولى من النافي. الثاني: قول أبي محِمد أنّ خالد بن أبي الصلت مجهول لا يدري من هو، قد بينا قبل حاله، وأنها غير مجهولة. الثالث: قوله كثير بن أبي الصلت، لم يذكره الحذاء وهو لا شيء؛ لأنّ البخاري وابن أبي حاتم ومن بعدهم كابن عبد البر وغيره أما سموه كثير بن الصلت لا ابن أبي الصلت، فإن كان ذلك من خطأ ابن عبد الرزاق فكان ينبغي أن ينبّه عليه، وما أظنّ ذلك؛ لتقريره له وعدم إنكاره عليه ذلك، أو لعلّه يكون تصحف على الناسخ. الرابع: إنكاره سماع خالد منه إن كان ذلك بتوقيت فسمعا وطاعة، ولكنه لم أر أحدا قاله غيره، وإن كان استبعادا لذلك من حيث أنّ كثيرا ولد في زمنه عليه السلام، فغير مستبعد بسماعه منه لرؤيته أنس بن مالك، وبذلك نا تابعياً، حدّثنا محمد بن بشار، نا وهب بن جرير، نا أبي، سمعنا محمد بن إسحاق يحدّث عن أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر قال:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها" (1) ثنا محمد بن بشار عن وهب به ولفظه:"نهاني أن أستقبل القبلة" (2) الحديث، هذا حديث خرجه ابن خزيمة عن ابن بشار شيخ أبي عبد الله وخرجه أيضا الحاكم، وزعم أنه صحيح

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/13) والترمذي (ح/9) وقال: هذا حديث حسن غريب. وابن ماجة (325) . ورواه البزار والحاكم وابن الجارود وابن خزيمة، وحسنه البزار، وصححه ابن السكن، كما نقله الشوكاني. (2) انظر:"الحاشية السابقة".

على شرط مسلم، وليس كما زعم، فإن أبان بن صالح لم يخرج مسلم له شيئاً، وأخرجه ابن حبان في كتابه الصحيح وفيه فأنكره تصريح ابن إسحاق بسماعه وأبان فقال: ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عمرو الناقد، ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي عن ابن إسحاق، حدثني أبان ... فذكره وقال/الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ورواه ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر عن أبي قتادة:"أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبول مستقبل القبلة"ثنا بذلك قتيبة، ثنا ابن لهيعة بهذا، وحديث جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصح من حديث ابن لهيعة، ولما رواه البزار في مسنده عن محمد بن المثنى، نا وهب قال: وهذا حديث لا نعلمه يروى عن جابر بهذا اللفظ بإسناد أحسن من هذا الإِسناد. وذكر الترمذي في كتاب الخلافيات، وأبو الحسن الخزرجي في تقريب المدارك، وعبد الحق الأشبيلي أنّ الترمذي سأل البخاري عن حديث أبي إسحاق هذا فقال: هذا حديث صحيح، كذا ذكروه عنه، والذي في نسختي من كتاب العلل: سألت محمد عن هذا الحديث فقال: رواه غير واحد عن ابن إسحاق فقط، فلعله سقط منها شيء، والله أعلم، وأما قول ابن حزم حين أراد ردّه: حديث جابر رواه أبان بن صالح، وليس بالمشهور، فقول مردود لما أسلفنا من توثيقه عند من صحح حديثه؛ ولقول ابن معين وأبي زرعة وابن أبي حاتم ويعقوب بن شيبة والعجلي فيه ثقة، وقال النسائي: كان حاكمَا بالمدينة وليس به بأس، روى عنه إبراهيم بن أبي عبلة، وأسامة بن زيد، وابن جريج، وإسحاق بن أبي فروة، وعقيل، ومحمد الجندي، وابن عجلان، وموسى بن عبيدة، والحرث بن يعقوب والد عمرو، وعبد الله بن عامر الأسلمي، وسعد بن كعب بن عجرة، وعبد الله بن أبي جعفر، وهو مرسي جَدّ مَشْكَدْ- أنّه استشهد به محمد في باب عمرة القضاء من كتاب المغازي، وفال ابن سعد: ولد سنة ستين ومات بعسقلان سنة بضع عشرة ومائة،/زاد يعقوب الفسوي في تاريخه: وهو ابن خمس وخمسين سنة، فأي شهرة أرفع من هذه وأعلى وأما قول أبي عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد: ردّ أحمد بن حنبل حديث جابر، قال أبو عمرو وليس حديث جابر بصحيح، فيعرج عليه؛ لأنّ أبان بن صالح راويه ضعيف ففيه نظر من وجهين: الأول: قوله ردّه أحمد، إن أراد الردّ

الصناعي فغير صحيح؛ لثبوته في مسنده، لم يضرب عليه ولم ننزعه منه كعادته فيما ليس بصحيح عنده أو مردود. بين ذلك أبو موسى المديني عنه الباني تضعيفه الحديث بأبان، وهو قول لا سلف له فيما أعلم، وقد عارضه قول من أسلفناه، وقول الترمذي حسن غريب وهما لفظان متغايران، اللهم إلَّا أن يكون بعض رواته تفرد به، وإن كان كذلك فما أظنه غير أبان، والله تعالى أعلم، وفي كتاب الطبراني لذلك حديث عمار، ثنا محمد بن الفضل السقطي، ثنا الحكم بن موسى، ثنا عيسى بن يونس عن جعفر بن الزبير عن القاسم بن عثمان قال:"رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستقبل القبلة بعد النهي عن الغائط أو بول"ولما ذكر الترمذي الأحاديث التي في الباب أغفل حديث ابن عمر:"إنّما نهى عن ذلك في الفضاء؛ فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس"رواه أبو داود (1) ؛ وقال فيه الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وأما قول ابن حزم: النهي عن ذلك يعني عن استقبال القدس لن يصح، فمردود أسلفناه من عند البخاري، فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس، البيت جمعه بيوت وأبيات. وأبابيت عن سيبويه، مثل فول وأقاويل، وتصغيره بييت ويبيت أيضا بكسر أوله، والعامة تقول وبت. قاله الجوهري: وقوله: طهرت بمعنى علوت، وفي بعض الروايات: رقيت بمعنى صعدت، وهو العلو، قال تعالى: {فما اسطاعوا أن يظهروه} وقال: {ومعارج عليها يظهرون} أي: يعلون قال النابغة: بلغنا السماء بابَا وجدودتا وأنّا لنبغي فوق ذلك مطهرا وأما اللبن مثل كلم، فواحدة لبنة ككلمة، ويقال: لبنة ولبن مثل لبدة ولبد، قال القزاز: وهو المضروب مرتعَا وكل شيء ربعته فقد لبنته، والملبن هو الفاعل، وهو الذي يضرب به، وأما الكنيف فهو البناء الذي انتزع من الدور لقضاء الحاجة، وأصله، الشيء الساتر؛ لأنه يستر ويغطى، أو لأنه كنف في أستر النواحي؛ ولذلك قالوا للترس كنيفَا، قال لبيدو لا الحجف الكنيف، ولحظيرة الإِبل كذلك حديث:"أن أبا بكر- رضى الله عنه- أشرف من

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، باب"4"، (ح/11) .

كيف" (1) أي ستر، قال القزاز: ومنه قولهم: اذهب في كف الله أي ستره وحياطته واختلف الناس في تأويل ما اختلف من الأخبار في استقبال القبلة واستدبارها؛ فذهب أبو أيوب إلى تعميم النهي والتسوية في ذلك بين الصحاري والأبنية، وهو مذهب الثوري والكوفي وأحمد وأبي ثور، واحتجوا بحديث أبي أيوب وغيره من الأحاديث الواردة في النهي، وفيها كثرة، وقال آخرون: جائز استقبال القبلة وبيت المقدس على كلّ حال، واستدبارهما في الصحاري والبيوت، قال الخطابي. وذهب ابن عمر إلى أنّ النهي إنّما جاء في الصحاري؛ ولذلك قاله الشعبي، وإليه ذهب مالك والشافعي، وقد قيل أن المعنى في ذلك هو أنَّ الفضاء من الأرض موضع للصلاة، ومتعبد للملائكة والإنس والجن؛ ففاعل ذلك مستهدف الأمصار وهو في الأبنية مأمون، وفي قولَ ابن عمر جمع بين الأخبار والله أعلم.

_ (1) قوله:"كيف"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه.

12- الاستبراء بعد البول

12- الاستبراء بعد البول /حدثنا علي بن محمد، نا وكيع ح، ونا محمد بن يحيى، نا أبو نعيم قالا: ثنا ربيعة بن صالح عن عيسى بن يزداد اليماني عن أبيه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرّات" (1) ثنا علي بن عبد العزيز، نا أبو نعيم، ثنا ربيعة، فذكر نحوه، هذا حديث اختلف في اتصاله وإرساله وضعفه؛ فمن قال أنه مرسل أبو حاتم الرازي، قال: ليس ليزداد صحبة، وقال في موضع أَخر: لا يصح حديثه وليس لأبيه صحبة، ومنهم من يدخله في المسند، وهو وأبوه مجهولان، وفي الاستيعاب: يزداد والد عيسى، فقال: له صحبة وأكثرهم لا يعرفون ولم يرو عنه غير ابنه عيسى، وهو حديث يدور على ربيعة، وقال البخاري: ليس حديثه بالقائم، وقال يحيى بن معين: لا تعرف عيسى هذا ولا أبوه، وقال أبو عمرو: هو تحامل، وفيما قاله نظر؛ لأن أبا حاتم ذكر ذلك أيضا كما قدمنا فذهب ما توهمه، وذكره أبو داود في المراسيل، وقال ابن عساكر: يزداد ويقال ازداد مولى يحمر بن زيان اليماني عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويقال هو مرسل، وبنحوه قاله عبد الحق، وزاد: لا يصح حديثه، وقرر ذلك أبو الحسن بن القطان، وأما قول أبي عمر: لم يرو عنه غير ابنه عيسى فغير صحيح؛ وذلك أن البخاري ذكر أن عكرمة روى عنه أيضا، وقال: ويزداد صاحب عدن، وأما الإِمام أحمد فإنه ذكر حديثه في مسنده اعتمادا على أنّ له صحبة، وأن حاله جيدة عنده، وكذلك العسكري قال: وهو من أهل اليمامة ذكر بعضهم في حديثه أنه أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر أيضا أن يحيى بن العلاء قال ذلك، وكذلك ذكره البغوي في معجم الصحابة، وابن حبان البستي قال سأله فقال له صحبة: إلا أني لست احتج بحديثه بخبر

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/326) وأحمد في"المسند" (4/347) والمجمع (1/207) وعزاه إلى أحمد، وفيه عيسى بن يزداد تكلم فيه انه مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات. وضعفه الشيخ الألباني: (ضعيف الجامع: ص ح/413) . انظر: (الضعيفة: ح/1621) .

ربيعة بن صالح. كذا قال في ربيعة، وهو جند يماني روى عنه جماعة، وقال فيه ابن معين: صويلح الحديث، وقال الفلاس: جائز الحديث مع الضعف الذي فيه وقال السعدي: هما مثله، وقال ابن عدي: رّبما يهم في بعض/ما يرويه، وأرجو أنَّ حديثه صالح لا بأس به، وروى مسلم له مقرونا عن محمد بن أبي حفصة، وتكلّم فيه غير واحد، قال ابن عساكر: رواه جماعة عن ربيعة، يعني حديث يزداد- منهم عيسى بن يونس، وابن عيينة، والمعتمر بن سليمان، وأبو أحمد التبريزي، وإسماعيل بن عباس، وأبو داود الطيالسي، وعبد الرزاق، وابن أبى عاصم وروح بن عبادة، وفي كتاب العسكري، وابن هراشة، ووكيع وزكريا بن إسحاق، ثنا يحيى بن علي، ثنا نصر بن داود، نا أبو نعيم، نا زمعة، عن عيسى بن يزداد عن أبيه قال:"كان النبي- عليه السلام- إذا بال نثر ذكره ثلاث مرات" (1) قال العسكري: كذا جعله من فعله عليه السلام، وغيره يجعله من قوله، وفي حديث قرة بن خالد ويحيى بن العلاء عنه:"إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرات فإن ذلك يكفيه"، وهذا يدل على اضطراب وعدم ضبط، وأما قول ابن معين في عيسى: لا يعرف، إن أراد عيينة فمردود برواية رفعة وزكريا ابن إسحاق المكي عنه، وإن أراد حاله، فكذلك لذكره في كتاب الثقات؛ لابن حبان والنثر بالياء المثناه: جذب في جفوة. قاله في الصحاح من قال ولم تمسّ. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو أسامة عن عبد الله بن يحيى التوأم عن ابن أبي مليكة عن أمه عن عائشة قالت:"انطلق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبول فاتبعه عمر بماء فقال: ما هذا يا عمر؟ قال: ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ ولو فعلت لكانت سنة" (2) بوّب أبو داود على هذا الحديث باب في الاستبراء، ورده الشيخ زكي الدين بقوله: التي روته عن عائشة مجهولة، وليس ذلك بشيء لأمرين؛ الأول: ليس كما زعم في أم ابن أبي مليكة غير أنهَّا مجهولة، بل معروفة الاسم والحال والنسب،

_ (1) قوله:"قال"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه. (2) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 2- باب من بال ولم يمس ماء، (ح/327) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني. انظر له: ضعيف ابن ماجة. (ح/70) ، والمشكاة (368) ، وضعيف أبي داود (ح/9) .

ذكرها الزبير وابن حبان في كتاب الثقات أن اسمها ميمونة بنت الوليد بن أبي حسين بن الحرث بن عامر بن يزيد/بن عبد مناف، روى عنها ابنها عن عائشة- يعني هذا الحديث- نا محمد بن إسحاق بن خزيمة نا قتيبة بن سعيد، نا التوأم به، وفي كتاب الوجدان للقشتري: وابن أبي مليكة تفرد عن أمه وعنه التوأم، وخالفه أيوب السختياني. والثاني: إغفاله النظر في حال التوأم، وهو مختلف، وابن معين يضعفه، وكذلك النسائي، وابن حبان يوثقه، ولذلك قال فيه بعض الحفاظ، هذا حديث غريب، وفي الباب حديث ابن مسعود:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ولم يمس ماء"رواه الطبراني في الأوسط من حديث أبي إسحاق عن هبيرة بن مريم عنه، وقال: لم يروه عن أبي إسحاق إلا أبو سنان. تفرد به الصباح بن محارب، وأما حديث الباب يدل على إتيان عمر بالماء كان لقصد أن يستعمله عليه السلام، مع الحجارة علما من عمر لطلوبيّه ذلك، وإنما يتم كون هذا المعنى مرادا في الخبر حمل الوضوء منه غلى الغسل لغة، وعلى هذا يكون الخبر دليلا على استحباب الجمع بين الماء والحجر، ووبخه الدلالة قوله عليه السلام:"ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ" (1) فيقتض فعل الوضوء المذكور في بعض الحالات بطريق المفهوم، وذلك مفيد للندب، وقد يدلّ على الجمع حديث أورده البزار في مسنده من رواية محمد بن عبد العزيز الزهري، وهو ضعيف لا يحتج به. عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله-عن ابن عباس نزلت هذه الآية في أهل قباء: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا} فسألهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: إنّا نتبع الحجارة الماء " (2) وقد وردت أحاديث مخالفة الظاهر لحديث الباب تأتي بعد، وفيه دليل على أن مداومته عليه السلام على الفعل يقتضي وجوب ذلك الفعل علينا، ما لم يقم دليل على عدم الوجوب والله أعلم.

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/42) وابن ماجة (ح/327) وأحمد في"المسند" (6/95) وابن أبي شيبة في"مصنفه (1/54) والمجمع (1/242) والمشكاة (368) وإتحاف (2/ 348) . وانظر: مصادر الشيخ الألباني في الحديث السابق. (2) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 22- باب في الاستنجاء بالماء، (ح/ 44) . قلت: وحسنه على القاعدة الأصولية التي صنف عليها أبو داود كتابهَ"السنن".

13- النهي عن الخلاء على قارعة الطريق

13- النهي عن الخلاء على قارعة الطريق حدثنا حرملة بن يحيى، نا عبد الله بن وهب، أخبرني نافع بن يزيد/عن حيوة بن شريح أن أبا سعيد الحميري حدثه قال: كان معاذ بن جبل يتحدّث ما لم يسمع أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويسكت عما يسمعوه فبلغ عبد الله بن عمرو ما يتحدّث به، فقال: والله ما سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال هذا، وأوشك معاذ أن يفتنكم في الخلاء، فبلغ ذلك معاذ، فقال معاذ: يا أبا عبد الله بن عمرو إنّ التكذيب بحديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفاق بما من قاله، لقد سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، والظل، وقارعة الطريق" (1) هذا حديث خرجه أبو عبد الله في مسنده من رواية سعيد بن الحكم عن نافع، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه إنّما تفرد مسلم بحديث العلاء عن أبيه عن أبي هريرة:"اتقوا الملاعن" (2) وفيما قاله نظر ذلك أنّ هذا حديث منقطع، فيه رجل مجهول، بيانه: ما ذكره أبو داود عن إسحاق بن سويد وعمر بن الخطاب عن سعيد بن الحكم، نا نافع ... فذكره مختصرا. كذا هو في رواية اللؤلؤي، وابن داسر وفي رواية ابن العبد في كتاب التفرد له زيادة عليهما، وهي قال أبو داود: ليس هذا بمتصل- يعني بذلك انقطاع ما بين أبي سعيد ومعاذ- وبنحوه قال الأشبيلي أيضا وابن القطان، وهو رجل مجهول لا يعرف اسمه ولا حاله ولا من روى عنه غير حيوة، ولا روى هو عن غير معاذ ولا رواه عن حيوة غير نافع ومع ذلك فله

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/26) وابن ماجة (ح/328) وأحمد في"المسند" (1/ 299) وللترغيب (8/134) والمجمع (1/204) وعزاه إلى أحمد، وفيه ابن لهيعة ورجل لم يسم. والحاكم في"المستدرك" (1/167) وتلخيص (1/105) والمشكاة (355) وصححه للشيخ الألباني. (الإِرواء: 1/100، 101) . (2) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 14- باب المواضع التي نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن البول فيها، (ح/25) قوله:"الملاعن"جمع ملعنة، وهي المفعلة التي يلعن بها فاعلها، كأنها مظنة اللعن، ومحل

شاهد جيّد من حديث سراقة بن مالك أورده حرب بن إسماعيل الكرماني في مسائله عن عباس العنبري، أورد عبد الرزاق: نا معمر عن سفيان بن الفضل عن أبي رشد بن الجندي أنّ سراقة بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا أتى أحدكم من الغائط/فليكرم قبلة الله ولا يستقبل القبلة، واتقوا مجالس اللعن: الطل والماء وقارعة الطريق ... " (1) الحديث. أبو رشد بن زياد وثقَهُ ابن حبان وسماك، ووثقه النسائي والبستي ووثقه من في الإِسناد والبستي وثقة ومن في الإِسناد لا يسأل عنهم قال: ورواه حبان بن موسى عن ابن المبارك عنَ معمر موقوفا، وشاهده ذكره عبد الله بن زهير في مسنده عن ابن لهيعة عن عبد الله بن لهيعة السبائي: أخبرني من سمع ابن عباس سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"اتقوا الملاعن الثلاث، قيل: وما الملاعن يا رسول الله؟ قال: أن يقعد أحدكم في ظل يستظل فيه، أو في طريق، أو نقع ماء"وأخرجه الإِمام أحمد في مسنده من حديث ابن المبارك عن ابن لهيعة قال: حدّث ابن هبيرة، وهو: وإن كان مرسلا لإيهام الراوي عن ابن عباس؛ فإنّ الشواهد لا يعتبر لها شرط الصحيح من كلَ وجه، وابن لهيعة مختلف في حاله كما أسلفناه، وقد زال تدليسه بتصريحه بالسماع، وأيضا فابن المبارك حمل عنه قبل احتراق كتبه، وكان يتبع أصوله، وشاهد آخر ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث ميمون بن مهران عن ابن عمر: "نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتخلى الرجل تحت شجرة مثمرة"ا (2) "ونهى أن يتخلى

_ (1) نصب الراية: (2/103) . وبنحوه. أورده الا لباني فما"ضعيف الجامع: ص 40 ح 277- 86) وعزاه إلى ابن عدي في"الكامل" و"البيهقي"في"المعرفة"من حديث طاوس مرسلا. وقالا:"ضعيف". وتمام لفظه:"إذا أتى أحدكم البراز، فليكرم قبلة الله، فلا يستقبلها ولا يستدبرها، ثُمَ ليستطب بثلاثة أحجار، أو ثلاثة أعواد، أوْ ثلاث حثيات من تراب، ثم ليقل: الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني، وأمسك علي ما ينفعُني". (2) ضعيف جدا. رواه أبو نعيم في:"الحلية": (4/93) والعقيلي في"الضعفاء" (3/458) . وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 866، ح/6007) .

على ضفة نهر جاري" (1) قال: لم يروه عن ميمون إلا قراب بن السائب، تفرد به الحكم بن مروان الكوفي قراب. قال البخاري فيه: منكر الحديث، تركوه. حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عمرو بن أبي سلمة عن زهير قال: قال سالم: سمعت الحسن يقول: جابر بن عبد الله، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إياكم والتعريس على جواد الطريق، والصلاة عليها، فإنها مأوى الحيات والسباع"./وقضاء الحاجة عليها فإنها من الملاعن" (2) ، هذا حديث معلل بأمرين: الأول: ضعف عمرو بن أبي سلمة؛ فإنه ممن قال فيه ابن أبي حاتم: لا يحتج به، وقال يحيى: ضعيف. الثاني: انقطاع ما بين الحسن وجابر فممن ذكر ذلك ابن المديني وبهز وأبو زرعة وأبو حاتم والبزار، وفي حديث الباب تصريح بسماعه منه لو كانت الطريق سالمة من عمرو، على أنه قد توبع على ذلك فيما ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه هشام بن حسان يقول عن الحسن ثنا جابر بن عبد الله، وأنا أنكر هذا، وروى شريك عن أشعب عن الحسن. سألت جابرا فال أبو داود: لا يصح، ولو رأينا الحديث الذي في مسند أحمد من تتبع لأذعنا له سمعا وطاعة قال: حدّثنا يزيد- يعني ابن هارون ثنا أحمد الطويل، قال: حدثنا الحسن

_ (1) ضعيف جدا. رواه ابن عدي في"الكامل": (6/1672) والعقيلي (3/458) . فلت:"والحديثان كما وضْحت أوردهما العقيلي في الضعفاء الكبير"ترجمة: الفرات بن السائب: قال البخاري: منكر الحديث، متروك. تاريخ ابن معين (2/471) ، والتاريخ الكبير (1/4/130) ، والجرح لم/2/80) ، والمجروحين (2/207) ، والميزان (3/341) . وأوردهما الشيخ الألباني في"متن واحد". (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/329) في للزوائد: إسناده ضعيف. والجوامع (9355) والكنز (17504) . وكذا ضعْفه للشيخ الألباني. انظر ضعيف ابن ماجة (ح/71) قلت: وقد علْق للشْيخ الألباني عليه فقال: حسن- دون"والصلاة عليها"الإرواء1/101، والصحيحة 2433، وللتعليق الرغيب 1/83. قوله:"التعريس"نزول للمسافر آخر الليل للنوم والاستراحة. و"جواد الطريق": جمع جادة، وهي وسط الطريق، والطريق الأعظم الذي يجمع الطرق.

إحدى صلاتي العشاء، فأطال، فرأيت اضطراب لحيته، فلما انصرف قلت: أكنت تقرأ؟ فقال لي عامته تسبيح ودعاء، ثم قال: " جابر بن عبد الله قال: "كنا ندعوا قياما وقعودا وركوعا وسجودا" (1) . فهذا كما ترى بسند كالشمس فيه تصريح بسماعه منه، ولا مطعن في سماعه بعد هذا، وإذا أثبت هذا فقد وقع لنا هذا الحديث مختصرا بإسناد صحيح على شرط مسلم، ذكره المروروذي في مسنده فقال: حدّثنا إسحاق الأزرق عن هشام عن الحسن عن جابر قال:"نهى عن الصلاة على جواد الطريق" (2) . والصحابي إذا قال نهى أو أمر كان محمولاً على الاتصال كما تقدم قبل، ورواه يزيد بن هارون عن هشام مرفوعا مطولاً، قال: وقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا كنتم في الخصب فامنحوا الركاب حقها- أو كلمة نحوها ولا تعدوا المنازل، وإذا كنتم في الجدب فعليكم بالدلجة؛ فإن الأرض تطوى بالليل، وإذا تقولت/لكم الغيلان فبادروا بالأذان، ولا تصلوا على قارعة الطريق تبدلوا عليها فإنها مأوى الحيّات والسباع، ولا تقضوا عليها الحاجات فإنها ملاعن"رواه البزار (3) عن محمد بن معمر عن يزيد وقال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد، وهم يتكلمون في سماع الحسن من جابر، وفيما قاله نظر؛ لأن حديث الباب بغير هذا الإِسناد، والله أعلم، وله شاهد من

_ (1) الكنز: (ح/22663) . (2) هذا طريق من حديث ضعيف. كما ذكر الشارح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 21- باب النهي عن الخلاء على قارعة الطريق، (ح/329) وتمام لفظه:"إياكم والتعريس على جواد الطريق، والصلاة عليها، فإنها مأوى الحيات والسباع. وقضاء الحاجة عليها، فإنها من الملاعن". في الزوائد: إسناده ضعيف. وكذا ضعفه الشيخ الألباني. انظر ضعيف ابن ماجة (ح/71) ز قلت: وقد سبق أن بيتَا تحسين الشيخ الألباني لهذا الحديث، وبينا سبب الضعف. (3) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (3/213) وقال: رواه أبو داود وغيره باختصار كثير، ورواه ابو يعلي، ورجاله رجال الصحيح.

حديث أبي هريرة مرفوعا:"اتقوا اللعانين، قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم"رواه مسلم (1) في صحيحه، ومن حديثه أيضا عند ابن عدي مرفوعا:"نهى أن يتغوط الرجل في الفرع، قيل: وما الفرع؟ قال: أن يأتي أحدكم الأرض فيها النبات كأنما قمت قمامته، فتلك مساكن أخوانكم من الجن" (2) وفي بعض الروايات: "فإنه مصلى الخافين- يعني الجن"رواه أبو أحمد من طريق سلام بن سليم الطويل، وهو متروك. حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عمرو بن خالد، ثنا لهيعة عن قرة عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"نهى أن يصلي على قارعة الطريق، أو يضرب الخلاء عليها، أو يبال عليها" (3) ابن لهيعة تقدم ذكره، وقرة هو ابن عبد الرحمن بن حَيُوئل اسمه يحيى، قال ابن حبان: من ثقات أهل مصر، وخرّج حديثه في صحيحه، ومسلم فرنه بغيره، وأبو عيسى يصحح حديثه، وكذلك الحاكم، وقال الأوزاعي: ما أحد أعلم بالزهري منه، وقال ابن عدي: لم أر له حديثا منكرا جدا، وأرجو أنه لا بأس به، وخالف ذلك أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو داود وابن القطان/وعمرو بن خالد القرشي الأعشى القاسمي، مولاهم وأصله كوفي، قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقال أحمد بن حنبل: متروك الحديث ليس بشيء، وقال أحمد بن محمد قال أبو عبد الله: لعله ابن خالد الواسطي، كذاب يروي عن زيد بن علي عن أبانة نسخة موضوعة بكذب، وكذلك قاله وكيع وإسحاق بن زاهر وأبو زرعة، وقال ابن معين: كذاب، وقال أبو داود ويعقوب بن سفيان: لا شيء وقد وردت أحاديث تدلّ على المنع من البول في مواضع:"لا يبولن

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/68) . (2) ضعيف جد. رواه ابن عدي في"الكامل"وفيه سلام بن سليم الطويل أحد المتروكين. (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/330) والطبراني (12/281) . قال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في الزوائد: إسناده ضعيف، ولكن المتن له شواهد صحيحة، وكذا ضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف| بن ماجة (ح/72) والإرواء (1/101- 102، 319) .

أحدكم في حجر" (1) من عند النسوي وإسناده صحيح وإن كان ابن عروة ذكر أن أهل البصرة تفردوا به، ولا بأس بذلك، وحديث ابن عمر قال عليه السلام:"لا تبولوا في الماء الناقع" (2) ذكره أبو نعيم في تاريخ أصبهان من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن نافع، عنه، ومن مراسيل أبي داود عن أبي مجلز:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر عمر أن ينهي أن يبال في قبلة المسجد" (3) وفيه عن مكحول:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يبال بأبواب المساجد " وعند العقيلي عن أبي هريرة:"كان عليه السلام يكره البول في الهواء" (4) وضعفه بأبي الفيض يوسف بن السفر، وحديث ابن معقل:"لا يبولن أحدكم في مستحمه" (5) وقد تقدم وحديث رجل من الصحابة: "نهى عليه السلام أن يتمشط أحدنا كل يوم، أو يبول في مغتسله"عند أبي داود (6) ، الموارد جمع مورد، وهو مفعل من الورود أي: الحضور، قال الجوهري: ورد فلان، ويردوا حضروا، وأورده غير أحضره، والمورد مقول على طريق الماء على منهل الماء، والأول المراد في الحديث على ما قاله جماعة من العلماء، والظاهر أن المراد هو الثاني؛ وذلك أن الحديث رواه ابن عباس كما مر، وفيه:"أو نقع الماء"وفي حديث سراقة:"والماء"وفيها للبيان/لمحمل

_ (1) ضعيف جدا. رواه النسائي (1/33) والمشكاة (354) . وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 912 ح/6324- 1132) . انظر: ضعيف أبي داود لها والإِرواء 55. (2) صحيح. تاريخ أصفهان: (2/258) . قلت: وللحديث متابعة صحيحة كقول:"نهى أن يبول في الماء الراكد". (3) ضعيف. أورده الألباني في"ضعيف الجامع: ص 866 ح/6005) . وعزاه إلى أبي داود في"مراسيله"عن أني مجلز مرسلا. (4) موضوع. أورده ابن القيسراني في الموضوعات: (557) . (5) حسن. رواه الترمذي (21) وأحمد في' المسند" (5/56) وأبو داود (27) . وسكت عنه المنذري أيضا. (6) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، باب"15"، (ح/28) . فلت: وتحسينه- كما ترى- على قاعدة أبي داود الذي صنف عليها كتابه "السنن".

المورود؛ فوجب المصير إليه؛ ولأن الحديث يفسر بعضه بعضَا، وإذا انفرد هذا فالذي يظهر تخصيصه بالماء الراكد لتقيد الإِطلاق بنقع الماء في حديث ابن عباس، ولأن ما كثر وجرى لا تأثير للأخبثين فيه، وقارعة الطريق هي الجادة، واشتُقت من القرع أي الضرب فهي مقروعة بالقدم وغيره، وذلك من باب تسمية المفعول بالفاعل، وفيه منع التخلي بفعل الأشجار المثمرة صونَا لشرائط الثمر عن التنجس، والفقهاء يختلفون في المنع؛ فمنهم من يطرده في جميع الزمان، ومنهم من يخصه بزمن الثمار لحديث ابن عمر مرفوعَا:"نهى أن يتخلى الرجل تحت شجرة مثمرة، أو ضفة نهر جاري" (1) وفي معناه تحريم التخلي فيما ينقع من الأمكنة، كالنيل والمربد ويحتمل التعميم، وفي معنى الظل: الشمس في السماء؛ فإنها تعضد لمنع البرد، كما أن الظل يقصده المسافر للقيلولة، يدل عليه ما رواه أبو خيثمة عن أبي قطن لم يرو عن فلان، قال: رأيته حرَا في الشمس، فيحمل ما قلناه أو على كشف عورته وقت ذاك، والظل على ما حكاه يقلب للشجرة وغيرها بالغداة والفيء بالعشي، قال الشاعر: فلا الظل في وقت الضحى يستطيعه ولا الفيء من برد العشي تذوق قال: وأخبرت عن أبي عبيدة قال: قال رؤبة بن العجاج: كلما كانت عليه الشمس فهو طل، قال ابن سيدة: وجمعه أظلال وظلال وظلول. وهو التباعد للبراز في الخلاء، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا إسماعيل بن علية عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن المغيرة بن شعبة قال:"كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ذهب المذهب أبعد " خرجه الترمذي (2) . وقال فيه حسن صحيح،

_ (1) تقدم من أحاديث الباب. (2) صحيح. رواه الترمذي (20) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (4/248) والبيهقي (1/93) وأبو داود (1) والنسائي في (الطهارة باب"16"وابن ماجة (331) وابن خزيمة (50) والكنز (17879) وصححه الشيخ الألباني. (الصحيحة: ح/1159) .

وخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن علي بن حجر، نا إسماعيل بن جعفر، نا محمد بن عمرو ... فذكره، وفي الصحيحين (1) عنه:"كنت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر/فقال: يا مغيرة خذ الأداوة فأخذتها، فانطلق حتى توارى عني فقضى حاجته"وذكر الدارقطني أن محمد بن عمرو رواه عنه عن المغيرة إسماعيل، وأسباط بن محمد، وأبو بدر شجاع بن الوليد، وخالفهم عبدة بن سليمان فقال عن ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، والصحيح الأول، وفي الأوسط، وذكره من حديث ابن سيرين عن عمرو بن وهب عنه، ولم يروه عن ابن سيرين إلا جرير بن حازم. تفرد به علي بن عبد المجيد المعني. حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا عمر بن عبيد عن عمر بن المثنى عن عطاء الخراساني عن أنس قال:"كنت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فتنحى لحاجته، ثم جاء فتوضأ" (2) هذا الحديث فيه علل ثلاث: الأولى: الجهالة بحال عمر بن المثنى؛ فإني لم أره في تاريخ البخاري ولا ابن أبي حاتم ولا البستي، ولما ذكره ابن سرور قال: سمع عطاء ببيت المقدس، روى عنه عمر بن عبيد الطنافسي، والعلاء بن هلال الباهلي، روى له ابن ماجة، لم يزد على ذلك، وليس بكاف في معرفة حاله، وذكره أبو عروة في الطبقة الثانية والثالثة من أهل الجزيرة، وبنحوه ذكره السيّد جمال الدين ولم يزد. الثانية: ضعف عطاء بن أبي مسلم عبد الله، ويقال ميسرة أبو أيوب الخراساني الأزدي البلخي الشامي، ويقال أبو عثمان، ويقال أبو محمد، ويقال أبو صالح مولى المهلب، وإن كان مسلم خرّج حديثه في صحيحه فقد كذّبه سعيد بن المسيب، وقال ابن حبان: كان رديء الحفظ مخطئ ولا يعلم؛ فبطل الاحتجاج به.

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/101) ومسلم (229) وأحمد (4/250) وأبو عوانة (1/194، 257) وابن أبي شيبة (1/107، 176) والبيهقي (2/412) . (2) ضعيف. رواه ابن عدي في"الكامل"، (5/1998) . انظر: تعليقات مغلطاي على إسناده.

الثالثة: انقطاع ما بينه وبين أنس بن مالك. نص على ذلك أبو زكريا يحيى بن معين، وأبو زرعة الرازي وغيرهما. حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، نا يحيى بن سليمان عن ابن جشم عن يونس بن خباب عن يعلي بن مرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان إذا ذهب إلى الغائط أبعد" (1) هذا حديث معلل بثلاثة أشياء:/ الأول: ضعف يعقوب بن حميد المدني، قال أبو حاتم: ضعيف. وسئل عنه أبو زرعة فحرك رأسه، فقيل: صدوق؟ فقال: لهذا شروط، وقال مرة أخرى: قلبي لا يسكن إليه، وقال العنبري: يوصل الحديث، وقال يحيى والنسوي: ليس بشيء. الثاني: يونس بن خباب أبو حمزة ويقال: أبو الجهم، كوفي، قال يحيى بن سعيد فيه: ما تعجبنا الرواية عنه، كان كذابا، وقال أحمد: كان عبد الرحمن لا يحدّث عنه، وقال ابن معين: هو لا شيء، رجل سوء، وقال مرة أخرى: ضعيف، وكذلك قاله النسائي الفسوي في تاريخه، وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث ليس بالقوي، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه، وقال الدارقطني: كان رجل سيء فيه شيعة مفرطة، وكان يسب عثمان، وقال عبّاد ابن العوام سمعه بحديث القبر وزاد فيه:"ويسأل عن علي"قال: فقلت له: لم نسمع بهذا"قال: أنت من هؤلاء الذين يحبون عثمان الذي قتل ابنتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قلت له قتل واحدة فزوَّجه الأخرى، وقال أبو داود: كان له رأي سوء في حديث القبر على رأي تام لأصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال أبو داود: وحدثني ابن شمعة قال: لا أحدث عنه حتى أتوصد يميني، قال أبو داود: وقد رأيت أحاديث شعبة عنه مستقيمة وليست الرافضة كذلك، وقال العجلي: كوفي شيعي خبيث. الثالث: انقطاع ما بينه وبين يعلي أن جمع من نظر في كلامه، لما ذكر ترجمته لم يذكر في أشياخه صحابيا كبيرا ولا صغيرا، إنّما يذكر في أشياخه التابعين كمجاهد وطاوس وغيرهما، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق ليس

_ (1) تقدم قبل ذلك في أحاديث الباب ص 132. وبنحوه الحديث السابق.

فيها إلا علّة واحدة، وعلى قول بعضهم تكون صحيحة لا علة فيها، وهي مذكورة في كتاب البغوي عن داود بن رشيد ثنا إسماعيل بن عياش، حدثني عبد الله/بن عثمان بن جشم عن سعيد بن راشد عن يعلي بن مرّة قال: "كان النبي- عليه السلام- إذا خرج إلى الخلاء استبعد وتوارى"رواه ابن نافع عن إبراهيم البلدي، نا أدم بن أبي إياس نا إسماعيل به، ورواه الخطابي في كتاب الغريب عن محمد بن العباس المكتب، نا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل، نا هارون بن إسحاق الهمداني، ثنا مطلب بن زياد عن عمر عن عبد الله عن حليمة- امرأة يعلي- عن يعلي- ولفظه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أنه انطلق للبراز، فقال لرجل كان معه: سر لي بما بين الأنبياء بين فعل أصحابي جمعاء، فاجتمعا فقضى حاجته"إسماعيل وثقة ابن معين ويعقوب بن سفيان مطلقا، وقال ابن عدي: وفي الجملة هو ممن نكتب حديثه، وكذا قاله أبو حاتم: وأكثر العلماء ضعفه، وسعيد حديثه في الصحيح، وفي كتاب الاستيعاب: يعلي بن مرة بن وهب، واسم أمه شبابة فربما نسب إليها فقيل: يعلي بن شبابة، يكنى أبا المرزام كوفي، وقيل أن له دار بالبصرة، شهد مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديبية وخيبر والفتح وحنينا والطائف. كذا ذكر نسبه، وغالبا إنما يذكر النسب من كتاب المذيل للطبري، وعندي نسخته التي عليها مواضع بخطه، وليست على ما ذكره، إنما هو يعلي بن مرة بن عباب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف، والنسب الذي ذكره أبو عمر ذكره ابن سعد وابن بنت منيع وأبو أحمد العسكري وابن قانع، وفي جمع أبي عمر بيَّن أن شبابة أمه، وابن منده نظر، وإن كان ابن سعد قد ذكر ذلك وقال: هي أمه أوجدّته، فقد أنكر ذلك ابن حبان في قوله: يعلي بن مرّة الثقفي العامري، ومن قال انه ابن شبابة فقد وهم، وكذا فرّق بينهما العسكري حاتم الرازي، وجملة وذكر نسب كلّ واحد منهما على خلاف ما ذكره الآخر، فأما ابن مرّة فذكره كما تقدّم، وأما ابن شبابة فقال: شبابة ابن عثمان بن جري بن ربيعة بن سعيد بن أبي عتبة بن مالك بن كعب بن عمرو/بن سعد بن عوف بن نسي وهو بستي، ثم أعاد ذكر ابن مرة في ساكن البصرة كما تقدّم وحده، والطبراني في الكبير فرق بينهما، بين ابن

مرة العامري، وابن مرة الثقفي، وابن أمية، وابن شبابة على قول أبي القاسم الاعتماد؛ لان تعيّنا لا تجتمع مع عامر بحال إلا مختلف أو نزول أو غير ذلك، وأما الترمذي فإٍنه لم يذكر في تاريخه غير ابن مرة الثقفي، وكذا يعقوب الحموي. حدثنا ابو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن بشار وقالا: نا يحيى بن سعيد القطان عن أبي جعفر الخطمي- واسمه عمير بن يزيد- عن عمارة بن خزيمة والحرث بن فضيل عن عبد الرحمن بن أبي فزاد قال:"حججنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذهب لحاجته فا بعد"هذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه عن بندار ثنا يحيى بن سعيد به، ولفظ النسائي:"خرجت مع النبي- عليه السلام-...... (1) فكان إذا أراد الحاجة أبعد" ولما رواه البزار عن عمرو بن علي، نا يحيى به، قال: لا يعلم روى عبد الرحمن عن النبي هذا الحديث، وقد زاد فيه غير يحيى كلاما، وكذا قاله ابن بنت منيع في معجمه، وخالف ذلك أبو عمرو بن عبد البر فقال: له حديث آخر في الوضوء، وله أحاديث بعد في أهل الحجاز وأما ما ذكره ابن نافع من أنَّ عمارة روى هذا الحديث عن الحرث بن عبد بن عمرو، فيشبه أن يكون وهفا، ولعلّه من الناسخ، ولفظه:"فرأيته خرج من الخلاء فاتبعته بأداوة وجلست له على الطريق، وكان إذا أتى الحاجة أبعد"حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبيد الله بن موسى، نا إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر قال:"خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكان عليه السلام لا يأتي البراز حتى يتغيّب فلا يرى"هذا حديث إسناده ضعيف، لضعف رواته إسماعيل بن عبد الملك (2) ابن رفيع بن أخي عبد العزيز أبو عبد الملك، وهو ابن أُبي الصُّغير المكي، روى عنه الثوري، وعيسى بن يونس، وأبو نعيم، وعبد الواحد/ابن زياد، قال القطان: تركته ثم كتبت عن سفيان عنه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث وليس حده

_ (1) شطب' بالأصل". (2) إسماعيل بن عبد الملك بن أبى الصغير عن عطاء، وعِدة، وفاه ابن مهدي. وقال ابن معين وغيره:"ليس بالقوي"ومشاه بعضهم. وقال ابن حجر: صدوق كثير الوهم، من السادسة. روى له الدارس وأبو داود والترمذي وابن ماجة. (المغني في الضعفاء: 1/84/ 686) .

الترك، قال ابنه: يكون مثل أشعث بن سوار في الضعف؟ قال: نعم، وقال ابن معين والنسائي: ليس بالقوي، وقال البخاري: نكتب حديثه، وقال ابن حبان: تعلت ما روى، وقال ابن مهدي: أضرب على حديثه وذكر ابن عدي حديثه هذا فما أنكر عليه، ثم قال: وهو ممن يكتب حديثه، وقال الآجري: سألت عنه أبا داود، فقال: ضعيف، وفي موضع آخر: ليس بذاك، وسيأتي ما للناس في حديث عن أبي الزبير عن جابر من الضعف، وغير ذلك عن قريب- إن شاء الله تعالى-، وأمّا قول الحاكم إثر حديث المغيرة المتقدّم: شاهده حديث إسماعيل بن عبد المالك عن أبي الزبير بالشواهد، لا يلتزم فيها الصحة من كلّ وجه. حدثَنا العباس بن عبد العظيم العنبري، نا عبد الله بن كثير عن جعفر نا عوف المزني عن أبيه عن جدّه عن بلال بن الحرث المزني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان إذا أراد الحاجة أبعد"زاد العسكري:"خرجنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض أسفاره فخرج لحاجته، وكان إذا خرج يبعد"ورواه في الأفراد مطولا، فذكر الشجرتين اللتين سترتاه عليه السلام، وقال: غريب من حديث جابر، تفرد به إسماعيل منه. هذا حديث ضعيف لضعف رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني؛ وذلك لأن الإِمام أحمد قال: لا تحدّث عنه، وقال مرة: منكر الحديث ليس بشيء، وقال مرة: لا يساوي شيئاً، وضرب على حديثه في المسند ولم يحدث به، قال يحيى: ليس حديثه بشيء ولا يكتب، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال الشافعي: هو ركن من أركان الكذب، وقال ابن حبان: يروي عن أبيه بنسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب، ولا الرواية عنه إلَّا على جهة التعجب،/وقال أبو أحمد: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وقال ابن السكن: جدّه عمر وله صحبة يروي عنه بهذا الإسناد أحاديث فيها نظر، وقال أبو داود: كان أحد الكذابين، وقال أبو عمر: َ كثير مجتمع على ضعفه، لا يحتج بمثله، وفيه نظر؛ لأنّ الترمذي خرج في جامعه حديث عمر بن شعيب عن أبيه عن جدّه في تكبير العيد سبعا، وحديث كثير هذا، وقال هذا حديث حسن، وهو أحسن شيء في الباب، وقال في العلل الكبير: سألت محمدا عن هذا الحديث- يعني المذكور في العيد من رواية عمرو- فقال:

صحيح، وعن حديث كثير منه أيضا فقال: هو أصح شيء في الباب وبه أقول، وذكر له حديثا آخر: في الجمعة ساعة، وقال فيه حديث غريب، وحدّثنا به الصلح جابر بن المسلم وقال فيه: حسن صحيح وحدثنا منه:"من أحيا سنني" (1) قال: فيه حسن، وفي الإيمان قال فيه: حسن، فأين الإِجماع مع مخالفة أبي عبد الله وأبي عيسى اوأَما أبوه عبد الله فتفرد عنه بالرواية أبيه مكين، فيما رواه البخاري وأبو حاتم والبستي في كتاب الثقات، ومقدار إبعاده عليه السلام غير مبين فيما مضى من الأحاديث، وفي الباب غير ما حدث، من ذلك حديث زياد ابن سعد عن أبي الزبير جبر بن يونس بن حبان الكوفي: سمعت أبا عبيدة بن عبد الله يذكر أنه سمع أباه يقول:"كان النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا معه مسافرين إلى مكة فكان إذا خرج إلى الغائط أبعد حتى لا يراه أحد، قال: فيصر بشجرتين متباعدتين فقال: يا ابن مسعود اذهب إليهما فقل لهما أنّ النبي يأمركما أن تجتمعا فيتوارى بكما"الحديث. قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن زياد إلا ربيعة بن صالح، تفرد به أبو قرّة، وقد جاء مقدار ذلك البعد مصرحا به في حديث عبد الله بن عمر. ذكره الطبري في تهذيب الآثار قال:"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذهب إلى حاجته إلى المغمس" (2) قال نافع عن ابن عمر: نحو ميلين من مكة، وفي

_ (1) حسن. رواه الترمذي (ح/2677) والمشكاة (ح/168، 169) وإتحاف السادة المتقين (1/118) والكنز (933) والعقيلي في"الضعفاء" (2/3، 3/1350) . قلت: وإن كان للحديث طرق ضعيفة، إِلا أن الحديث حسن، وعلامة حسنه ظاهرة. (2) صحيح. رواه الطبراني في"الكبير" (12/451) والمجمع (1/203) والمطالب العالية (34) وأبو نعيم في"الحلية" (3/353) . ورواه السراج في"الثاني"من"الأول"من"مسنده" (2/20) : حدثنا محمد بن سهل بن عسكر، ثنا ابن أبي مريم، ثنا نافع بن عمر عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعا وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم، وأورده عبد الحق الإشبيلي في"كتأب التهجد" (1/3) وقال:"وهو حديث صحيح ذكره أبو جعفر الطبري، وسكَت عليه في"الأحكام الكبرى" (رقم 159) ، ورواه ابن السكن أيضا في"سننه"، كما في"معجم البلدان"وذكر أن"المغمس"على ثلثي فرسخ من مكة، وا نه كان مستور، إما بهضاب، وإما بعضاه.

مسند السراج: عن واثلة، وحديث ابن عمر هذا ويعلي وأنس بن مالك/ مستدرك ذكرهم على الترمذي في قوله: وفي الباب عن أبي قتادة وعبد الرحمن بن أبي فزاد، ويحيى بن عبيد عن أبيه وأبي موسى وابن عباس وبلال بن الحرث وجابر فيه دليل على الأبعاد إذا كان في صراح من الأرض، ويدخل في معناه ضرب الحجب وإرخاء الستور وأعماق الآبار والحفائر، ونحو ذلك من الأمور الساترة للعورات، وذلك من آداب التخلي، وكذلك لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض (1) ، والالتفات يمينه وشماله، وتغطية الرأس وترك الكلام، والاستنجاء باليسار، وغسل اليد بعد الفراغ بالتراب، والاستجمار بثلاث، وأن يجتنب الروثَ والرمة، وأن لا يتوضأ في المغتسل، ونزع الخاتم إذا كان فيه اسم الله تعالى وما في معناه، وارتياد الموضع الرمث. وأن لا يستقبل الشمس والقمر والقبلة ولا يستدبرها في البيوت، وأن لا يبول قائما، ولا في طريق الناس وظلّهم، والماء الراكد ومساقط الثمار وضفة الأنهار، وأن يتكئ على رجله اليسرى، ويتنحنح، وينثر ذكره ثلاثا، قال الخطابي: البراز بفتح الباء اسم للفضاء الواسع من الأرض، كَنَوا به عن حاجة الإنسان كما كنوا بالخلاء عنه، يقال: تبرز الرجل إذا تغوط، وهو أن يخرج إلىَ البراز، كما يقال تخلى إذا صار إلى الخلاء، وأكثر الرواة يقولون البراز بكسر الباء وهو غلط، وإنما البراز مصدر بارزت الرجل في الحرب مبارزة وبرازا. انتهى ما أنكره غير منكر، ولا مردود لذكره في كتاب الصحاح وغيره من كتب اللغة، والله أعلم. وصححه الشيخ الألباني: (الصحيحة: ح/1072) . (1) ودليل ذلك ما رواه ابن أبي شيبة في"مصنفه" (1/107) الخطيب في"تاريخه" (14/ 208) ولفظه:' كان لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض".

14- الارتياد للغائط والبول

14- الارتياد للغائط والبول حدّثنا محمد بن بشار، نا عبد الملك بن الصباح نا ثور بن يزيد عن حصن الحميدي عن أبي سعد الخير عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من استجمر فليوتر" (1) من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج، ومن تحلل فليفض، ومن لاك فليبتلع من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن أتى الخلاء فليستتر، فإن لم يجد إلا كثيب رملٍ/فليمره عليه، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم فمن فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج عليه حدّثنا عبد الرحمن بن عمر، ثنا عبد الملك الصباح بإسناده نحوه، وزاد فيه:"ومن اكتحل فليوتر، فمن فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج عليه" (2) . هذا حديث خرجه أبو حاتم (3) في صحيحه عن محمد بن عبد الله بن عبد السلام مكحول قال: نا سليمان بن سيف، نا أبو عاصم، نا أبو زيد، ورواه البخاري في التاريخ الكبير عن عاصم مختصرا، والإِمام أحمد في مسنده، وقال: وكان من أصحاب عمر بن الخطاب، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث أبي عامر الخزاز عن عطاء عنه مختصرا، وقال: لم يروه عن أبي عامر إلّا

_ (1) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/52) ومسلم في (الطهارة، ح/22) وأبو داود في (الطهارة، باب"19") والنسائي في (الطهارة باب"71"مختصرا) وابن ماجة (ح/ 337، 409) وأحمد في"المسند" (2/236، 278، 371، 401، 463) والبيهقي في "الكبرى" (1/49، 104) وابن خزيمة (75) وأبو عوانة (1/247) وابن حبيب (1/22) وابن أبي شيبة (1/27) وتلخيص (1/110) وإتحاف السادة المتَقين (2/342 مكرر) . ونصب الراية (1/217) . (2) ضعيف. رواه أبو داود في (الطهارة، باب"15") وابن ماجة (ح/338، 2496) وأحمد في فالمسند" (2/371) والدارمي (1/170) وكحال (2/47) ومشكل (1/42) والمشكاة (352) وشرح السنة (12/118) والكنز (41641) ومعاني الآثار (1/122) وضعفه الشيخ الألباني (ضعيف الجامع: ص 788 ح/5468) . انظر: (الضعيفة 1028، وضعيف أبي داود ح/8) . (3) قوله:"أبو حاتم"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه.

روح بن عبادة. تفرد به إبراهيم بن بسطام، وخرجه من حديث ابن شهاب، قال: سمعت أبا إدريس يخبر عن أبي هريرة مختصرا، ورواه أيضا من جهة الأوزاعي عن عثمان بن أبي سودة عن أبي سعد الخير، وقال: لم يروه مرفوعا عن الأوزاعي إلَّا الصقل. تفرد به عمرو بن هاشم وأبي ذلك عمر بن عبد البر، وقال: ليس إسناده بالقائم، فيه مجهولان، وأبو محمد بن حزم وأبو بكر البيهقي وأبو محمد الأشبيلي، ويشبه أن يكون قول أبي حاتم أقرب إلى الصواب؛ وذلك أن العلّة عند من ضعفه إنّما هي الجهل بحال حصين وأبي سعد، أما حصين فهو أبوِ سعيد حصين بن عبد الله الحبرانِي، ويقال: الحميري، ونسبه بعضهم حبرا نيا ولعلّه تصحيف الحمراني وحبران قيل من حمير وحمران ليست منهم بحال. ذكره البستي في كتاب الثقات، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة وعنه فقال: شيخ، وقال أبو زرعة: الدمشقي شيخ معروف، وقال يعقوب: لا أعلم إلَّا خيرا، وهو مما استدرك على ابن عساكر العلل في التاريخ الكبير حمصا، وأما أبو سعد فاختلف فيه؛ فقال جماعة: أبو سعد كما تقدّم، وقال بعضهم: أبو سعيد، قال الدارقطني: والصواب الأول، وقد اختلف في صحبته فممن/ذكره في الصحابة أبو داود قال: لما خرج حديثه هذا في رواية ابن داست: أبو سعد الخير، هو من أصحاب النبي- عليه السلام-، وقال أبو عمر: أبو سعيد الخير، ويقال: أبو سعد الخير الإِنماري، له صحبة، قيل اسمه عامر بن سعد، وقيل: عمرو بن سعد، سكن الشام، له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحاديث يسيرة، وأمّا ابن عساكر فزعم أن الصحابي الملقب أبا سعد الإِنماري المسمى بهذين الاسمين، هو المكنى أيضَا أبا البشر، فالله أعلم، وبنحوه ما ذكره أبو عمر ذكره يعقوب وابن منيع وغيره، وأما ابن أبي حاتم ذكره في كتابه سألت أبا زرعة عنه فقال: لا أعرفه، فقلت: لقى أبا هريرة؟ فقال: على هذا يرفع، وذلك ليس بمؤثر في عدم المعرفة بحاله، على تقدير أن يكون تابعيا؛ لأن ابن حبان البستي عرفهم؛ فلذلك أدخله في كتاب الثقات، وإن كان صحابيا كما تقدم فلا يطرد في حاله، وقول أحمد: كان من أصحاب عمر لا ينافي صحبته؛ لأن الصحابة

كلهم من أصحابه، وإن كان العرف يقضي على ذلك؛ فظهر بمجموع ما أسلفناه ترجيح قول من رجح الحديث على قول من ضعفه؛ لأن من علم، حجة على من لم يعلم ومن أثبت حجة على من نَفَى، وفي رواية الطحاوي تصريح بسماع ثور من حصين بن حصين بن أبي سعد، وزعم بعض العلماء أنه لا يعرف اسمه، وليس كما زعم لما تقدّم، وزاد بعض مشايخنا زيادة: ولا أعلم له منه سلفا. حدّثنا علي بن محمد، نا وكيع عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن يعلي بن مرّة عن أبيه قال:"كنت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فإذا أراد أن يقضي حاجته فقال: ائت تلك الأشياء تين"قال وكيع:"يعني النخل الصغار""فقل لهما أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمركما أن تجتمعا، فاجتمعا، فاستقر بهما يقضي حاجته ثم قال لي، زينهما فقل لهما/ترجع كل واحدة منكما إلى مكانها، فقلت لهما فرجعتا" (1) هذا حديث إسناده صحيح، واختلف على وكيع فيه، فتارة رواه كما تقدّم، وتارة عن يعلي من غير ذكر أبيه. ذكره عنه ابن أبي شيبة في مسنده وهو الصحيح. والأول وهم. نص على ذلك البخاري وابن عساكر. انتهى. قد وجد متابعَا لوكيع على رواية بعضهم، وهو محاض بن الروع فيما ذكره البغوي عن هارون بن عبد الله عنه، ورواه أحمد بن منيع في مسنده من غير طريق وكيع بزيادات يستفدن في أعلام النبوة. عن حسين بن محمد، نا المسعودي عن يونس بن خباب عن أبي يعلي بن مرّة عن يعلي بن مرّة أنه قال:"شهدت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشهدَا لم يشهده غيري، نزلت معه في سفر فقال لي: يعلي بن مرّة هل ترى شيئاً يواريني؟ وأراد الحاجة، فقلت والله يا رسول الله ما أرى شيئَا يواريك إلا شجرتين لعلهما إن اجتمعتا، قال: فقل لهما فليجتمعا يإذن الله تعالى، فأتت إحداهما إلى الأخرى، فلما قضى حاجته قال: قل لهما فلترجع كل واحدة منهما إلى مكانها، ثم إن امرأة عرضت له بابن لها فقالت: يا رسول الله هذا ابني قد أصابه لمم فتفل عليه السلام في فيه، ثم قال: باسم الله، محمد رسول الله، أخس عدو الله، فلما رجعنا من سفرنا إذا تهدى لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتخبره

_ (1) صحيح. الشفاء: (1/574) . وتقدْم بتخريج مطول؛ فارجع إليه.

أنه لم يصبه شيء منذ فارقهما، فلما أتينا المدينة إذا بعير قد وضع جرانه مهملات عيينة فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يخبرني أنه نضح على أهله كذا وكذا، ثم أرادوا أن ينحروه فالتمسوا صاحبه، فلما جاء صاحبه قال: يعني بعيرك هذا،/ قال: هو لك، قال: فاجعله في إبلك وأحسن إليه". وروى بعضه الحاكم في مستدركه (1) حدثنا محمد بن يحيى، نا أبو النعمان، نا مهدي بن ميمون محمد بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد عن عبد الله بن جعفر قال: كان أحب ما استتر به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته هدفا أو جائش نخل" (2) . هذا حديث صحيح خرجه مسلم (3) بن حجاج في صحيحه عن شيبان بن عبد الله بن محمد بن إسحاق، ثنا مهدي بلفظ:"أردفني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم، فأسرّ إلي حديثا لا أحدثه أحدا من الناس ... "الحديث. حدثنا محمد بن عقيل بن خويلد، نا حفص بن عبد الله، حدّثني إبراهيم بن طهمان عن محمد بن ذكران عن يعلي بن حكيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: "عدل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الشعب، فبال حتى أني لا أرى له من فكِّ وركيه حين بال" (4) . هذا حديث إسناده ضعيف وذلك أنّ راويه محمد بن عقيل ابن خويلد بن معاوية بن أسد بن يزيد الخزاعي، كان من أعيان علماء نيسابور، قال فيه الحاكم أبو محمد: حدَّث عن حفص بن عبد الله بحديثين لم يتابع

_ (1) رواه الحاكم، والقاضي عياض في"الشفاء": (1/576) . (2، 3) صحيحان. إتحاف (7/181) وسنة (1/384) وابن عساكر في"التاريخ" (7/ 328) والبيهقي (1/94) وبداية (6/157) والكنز (17882) وأبو عوانة (1/197) ومسلم في (الحيض، ح/79) وابن ماجة (ح/340) . قوله:"الجائش"أي: الملتف من النخل. (4) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 23- باب الارتياد للغائط والبول، (ح/341) . في الزوائد: إسناده ضعيف. قال البخاري: محمد بن ذكوان منكر الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات، ثم أعاده في الضعفاء. وقال: سقط الاحتجاج به، وضعفه النسائي، والدارقطني، وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/75) .

عليهما، ويقال: دخل له حديث في حديث، وكان أحد الثقات النبلاء. انتهى حديثه المذكور هنا، هو عن حفص تعجيل أن يكون أحد الحديثين المذكورين والله أعلم. وأمّا محمد بن ذكوان البطاحي الأزدي الجهضمي مولاهم، فهو خال ولد حماد بن زيد، ذكره البخاري في التاريخ الأوسط، فقال: هو منكر الحديث، وكذلك قال فيه أبو حاتم الرازي والنسائي، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان: سقط الاحتجاج به، الاستجمار عبارة عن تنح/ الخارج المعتاد من السبيلين بالأحجار، وأسبق من الجمار، وهي الأحجار الصغار يرمى الجمار في الحج، وسئل ابن عيينة عن معنى هذا فسكت، فقيل له: أترمني بما قال مالك؟ قال: وما قال مالك؟ قال: الاستجمار الاستطابة، فقال ابن عيينة: تقل بمثل مالك كما قال الأول: وابن اللبُون إذا ما لُنّ في قرن لم يستطع مِؤلَه الئزْلِ الفَنا عنْس. حكاه الدارقطني والخطابي، وفيه ردّ لمن قيل أنّ مالكَا- رحمه الله تعالى- حمل الاستنجاء هنا على استعمال البخور، مشتقَا ذلك من التجمير وهو التبخير، وليس بشيء؛ لأنّ الحديث أماسِيُون (1) الاستطابة لا في التبخير ولن يصح ذلك عن مالك فقد سبقه أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب- رضى الله عنهما- ومثل ما قاله مالك أولَا قاله أصحاب اللغة سرهم فيما أعلم، وزعم الزمخشري أنّ ذلك حقيقة فيها، والله أعلم قوله فليلفظ معناه فليقذف، ومضارعه مكسور الفاء، قال الجوهري: وذلك الشيء لفاظة وفي الحبا مع (2) كل ما تركته من يدلّ فقد لفظته، فهو لفاظ ولفيظ وملفوظ، واسم ذلك الشيء الملفوظ اللفظ، ولا يقال لفظته بكسر الفاء. قوله ما لاك يعني: أدراه في فيه، ولاك الفرس اللجام يلوكه لوكا إذا أدراه في فيه، وكلّ شيء لكته فقد مضغته لوكَا، وفلان يلوك أعراض الناس إذا كان يقع فيهم. قاله القزاز والجوهري بنحوه، وأمّا الشيطان فذكر ابن الأنباري في اشتقاقه قولين: الأوّل لتباعده من الخير أحدَا من قول العرب

_ (1) في"الأصل"قال مغلطاي"أماسيون"ورجما أراد بها"المصنف":"لأنْ الحديث إنما ورد في الاستطابة". (2) كذا ورد هذا السياق"بالأصل".

دارشطون ونوى بشطوان أبي بعيدة قال نابغة بني شيبان: فأضحت بعدما وصلت بدار شطون لا نعاد ولا نفود. الثاني: لغيه وهلاكه أخذا من قولهم: قد شاط الرجل يشيط إذا هلك، قال الأعشى: قد تطعن الغير في مكنون قائله وقد شط على أرماحنا البطل لم فإذا ارتفعت عن الأيدي فهي جبارة، ثم رَقْلَةٌ ثم سحوق، وذكر العسكري في كتاب التلخيص: أنها التي لا تحتمل، وقيل: هي التي ثبت من عراس ويقال له بالفارسية خدود، قال أبو حنيفة: هي بين شواب النخل وصغاره حين نهضت، والجمع أشاءات، أشاء، وفي الصحاح: الآشاء بالفتح والمد، والواحدة أشاءة، والهمزة فيه منقلبة من الباء؛ لأن تصغيرها أشيء، قال الشاعر: وحبذا حين تمشي الريح باردة ... وادي أشي وفتيان به هضم يا ليت شعري عن جنبي مُلَسحَة ... وحيث تبني من الحياة الألم عن الأشاءة هل زالت مخارمها ... وهل تغيّر من أرامها أرم ولو كانت الهمزة أصلية لقال أشيئ، والهدف القطعة من الجبل أو الحائط، والجمع أهداف، وهو أيضا حبل مشرف من الرمل. ذكر ذلك القزاز، وفي الصحاح: هو كلّ شيء مرتفع، وفي الغريب المصنف عن الأصمعي تقييده بالعظم والحائش جماعة النخل، لا واحد له، كما قالوا لجماعة البقر ديرب قال الأخطل: وكان طعن الحي جائش قربة وإنّ جناه طيب الأثمار فأصل الحائش المجتمع من الشَّجر نخلا كان أو غبره يقال: حائش الطرفا. ذكره أبو نصر بن حماد، وفي كتاب الهروي. هو جماعة النخل، ومثله الصور والغيطل والأيكة والرعل والغيل والغريف والشعراء والرازة والأباه والخيش والأشب، والشِّعْب بالكسر الطريق في الجبل، والجمع الشعاب. قاله الجوهري، وفي الجامع: ما انفرج بين الجبلين، ومعنى أوى أرق وأرثى له، يقال أو بن قصة لفلان وأنا أوى له أويه، بقلب الواو بالكسرة ما قبلها وتدغم وماو به وما واه من كتاب الصحاح، قال الشاعر: .............../ولو أنني استأويته ما أوى ليا

النهي عن الاجتماع على الخلاء والحديث عنده حدّثنا محمد بن يحيى، نا عبد الله بن رجاء، نا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض عن أبي سعيد الخدري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يتناجى اثنان على غائطهما ينظر كلّ واحد منهما إلى عورة صاحبه، فإن الله تعالى يمقت ذلك " (1) حدّثنا محمد بن يحيى، نا سالم بن إبراهيم الوراق، نا عكرمة عن يحيى عن عياض بن هلال قال: محمد بن يحيى، وهو الصواب نا محمد بن حميد، نا علي لن أبي بكر عن سفيان الثوري عن عكرمة بن عمار عن يحيى بن عياض بن عبد الله نحوه، هذا حديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه؛ فممّن ضعَّفه أبو داود- رحمه الله- فإنه قال: لم يسنده إلا عكرمة، وفي كتاب ابن داسة عنه: هو من حديث المدنين، وفي كتاب ابن العبد عنه، هو مرسل عندهم، وفي كتاب ابن الأعرابي وأبي عمرو أحمد بن علي البصري عنه: وعكرمة في يحيى ليس بذاك. نا أبو سلمة نا أبان عن يحيى بن أبي كثير عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. نحو حديث عكرمة. انتهي. وفي قوله: هو من حديث المدنين نظر؛ لأنه من مفردات أهل اليمامة. كذا ذكره غير واحد منهم ابن عقدة في كتاب المفردات من تأليفه، وقال عبد الحق نحوه، زاد: وقد اضطرب فيه، قال أبو الحسن بن القطان عليه حقيقة الجهل بحال رواته عن أبي سعيد، وهو هلال بن عياض. كذا رواه به عن يحيى أبان بن يزيد- يعني كما رواه عكرمة- وروته جماعة عن يحيى فقالت: عياض بن هلال. كذا رواه عن هشام الدستوائي وعلي ابن المبارك وحرب بن شدّاد كلّهم عكس ما قاله عكرمة وأبان فقالوا: عياض بن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: ا- كتاب الطهارة، 24- باب النهي عن الاجتماع على الخلاء والحديث عنده، رقم: (342) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني. (ح/76) كما أورده في " ضعيف ابن ماجة " والمشكاة (356) وضعيف أبى داود (ح/3) والتعليق الرغيب (1/85) وتمام المنة (2) . قلت: وقد اختلف العلماء في تصحيح وتضعيف هذا الحديث. وقد وجدت بنحوه صحيح كما في " صحيح الجامع الصغير " (ح/6013) عن ابن عمر، وجابر. قوله: " يمقت " أي: يبغض.

هلال. انتهى كلامه، ورواه الترمذي ابن مهدي عند أبي نعيم في الحلية عن يحيى خبر ابن هلال بن أبي عياض. كذا في أصل سماعنا/، قال ابن القطان: ورواه الأوزاعي عن يحيى فقال: نا عياض بن أبي زهرة، وهذا كلّه اضطراب، ولكنه عن يحيى لا عن عكرمة، فيحتمل أن يكون ذلك من يحيى نفسه، ويحتمل أن يكون من أصحابه، يقول لي محمد لم يسنده إلَّا عكرمة، وقد اضطرب فيه، ينبغي أن يكون ضبطه اضطراب مبيّنا لما لم يسم، فإنّه إن أسند الفعل إلى عكرمة كان خطأ، ويحيى أحد الأئمة ولكن هذا الرجل الذي أخذ عنه هذا الحديث هو من لا يعرف، ولا نحصل من أمره شيء، وهكذا هو عند مصنفي الرواة، لم يعرفوا من أمره زيادة على هذا. للحديث مع هذا علّة أخرى؛ وهي اضطراب منه، وبيان ذلك هو أنّ ابن مهدي رواه عن عكرمة فقال: ما تقدّم جعل المقت على التكشف والتحدّث في حال قضاء الحاجة، ورواه بعضهم فجعل المقت على التحدّث كذلك فقط، ورواه بعضهم فجعل المقت على الكشف والنظر ولم يذكر التحدّث، وهذا قد كان يتكلّف جمعه لو كان راويه معتمدا، واضطرابه دليل سر حال راويه وقلة تحصيله، فكيف وهو من لا يعرف! والآن فقد بلغنا الغرض المقصود، وهو أنّ للحديث طريقا جيدا غير هذا، قال أبو علي بن السكن: نا يحيى بن محمد بن صاعد، نا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، نا مسكين بن بكير عن الأوزاعي عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا تغوط الرجلان فيتوارى كلّ واحد منهما عن صاحبه، ولا يتحدّثا على طوافهما فإن الله يمقت على ذلك " (1) . قال ابن السكن: رواه عكرمة عن يحيى عن هلال بن عياض عن أبي سعيد الخدري، وأرجو أن يكونا صحيحين. انتهى. وليس فيه تصحيح حديث أبي سعيد الذي فرغنا من تعليله، وإنّما يعني أن القولين عن يحيى صحيحان، وصدق في ذلك، وصحّ عن يحيى أنّه قال: عن محمد بن عبد الرحمن بن لم جابر أنه قال عن عياض وعن عبد الرحمن عن أبي سعيد، ولم يقض على حديث أبي سعيد بالصحة أصلا، ولو فعل كان مخطئا، فإن الأمر به على ما بينا؛ فأمّا حديث جابر هذا فصحيح، ومحمد بن

_ (1) صحيح. رواه الخطيب: (12/122) .

عبد الرحمن ثقة، وفد صح سماعه من جابر، ومسكين بن بكير أبو عبد الرحمن الحذاء لا باًس به. قاله ابن معين، وكذا أيضا قال فيه أبو حاتم، والحسن بن أحمد بن أبي شعيب أبو مسلم: صدوق لا بأس به، وسائر من في الإِسناد لا يسأل عنه، وعن يحيى في هذا المعنى غير هذا مما ذكره الدارقطني في علله، إلَّا أنه لم يوصل به إليه الأسانيد. انتهى ما ذكره، وفيه نظر من وجوه، الأول: كونه عصب الجنابة برأس الراوي عن أبي سعيد، وحكم عليه بالجهالة؛ ولذلك صح له تضعيف حديثه، وليس كذلك، فإنه ممن وثقة الحافظان أبو بكر بن خزيمة وأبو حاتم البستي، قال أبو حاتم: عياض بن هلال الأنصاري، ومن زعم أنّه هلال بن عياض فقد وهم، قال ابن أبي حاتم: وعياض بن هلال أشبه، ورجّحه البخاري ومسلم بن الحجاج في الوجدان، والدارقطني، وذكر البخاري في شواهد صحّ فيه الحديث، وفي مسلم معناه: " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل " (1) ولما ذكر الترمذي في جامعه حديث: " إذا لم يدرك أحدكم كم صلى " (2) من رواته عياض هذا عن أبيِ سعيد، قال فيه: حسن، ولما خرج ابن خزيمة في صحيحه عن أبي موسى، نا ابن مهدي، نا عكرمة عن يحيى عن هلال بن عياض، حدثني أبو سعيد ... فذكره، اتبعه قول: نا محمد بن يحيى، نا مسلم بن إبراهيم- يعني الوراق- نا عكرمة بن عمار عن يحيى عن عياض بهذا الإِسناد نحوه قال: وهذا هو الصحيح، هذا الشيخ هو عياض بن هلال، روى عنه يحيى بن أبيِ كثير غير حديث، وأحسب الوهم من عكرمة حين قال: عن هلال، ورواه ابن حبان في صحيحه/عن أبي يعلي، نا محمد بن أبي بكر المقدسي، نا إسماعيل بن

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، باب " 17 "، ح/74) وأبو داود في (الحمام، باب " 3 ") والترمذي (ح/2793) وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح. والبيهقي (7/98) وابن أبي شيبة (1/106) والحاكم (1/158) وصححاه. وشرح (9/20) والمشكاة (3100) وابن خزيمة (72) وابن عدي في " للكامل " (2/745) . وصححه الشيخ الألباني. (الإرواء: 6/211) . (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (2/87) ومسلم في (المساجد، ح/83) والدارقطني في " سننه " (1/371) والدرامي في " سننه " (1/351) والتمهيد لابن عبد البر (5/21 والترمذي (ح/396) .

سنان، نا عكرمة يحيى بن عياض بن هلال ... فذكره، ولفظه: " لا يقعد الرجلان على الغائط يتحدثان يرى كل واحد منهما عورة صاحبه، فإن الله يمقت على ذلك ". الثاني: قوله في الحسن بن أحمد: صدوق لا بأس به، ففيه أيضا نظر؛ وذلك أنه ممن شرح مسلم حديثه في صحيحه وقال فيه: علي بن الحسن ثقة مأمون، وقال الخطيب نحوه، فعلى هذا لا يقال فيه صدوق لا بأس به مكتفيا بذلك عرفا. الثالث: في تصحيحه هذا الحديث نظر، وذلك أن الذي نقل أبو الحسن كلامه ذكر طريق مسكين هذه ولم يصححها، وزعم أن أشبه الأقوال بالصواب حديث عياض بن هلال، فعلى هذا لا يكتفي بجودة الطرائق إذ ثبت عند الدارقطني تقليله، اللهم إلَّا لو لم تكن مذكورة عنده كأن يقال أنه لم يروها فأما عند الرواية فلا، والله أعلم. الرابع: قد وجدنا لهذا الحديث طريقا جيّدة لا مطعن فيها، ذكرها أبو القاسم الطبراني في الأوسط، فقال: حدّثنا أحمد بن محمد بن صدقة، نا محمد بن عبد الله محمد بن عبيد بن عقيل المصري، نا جدي عبيد بن عقيل، نا عكرمة بن عمار عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال عليه السلام: " لا يخرج الرجلان ... " الحديث. قال عكرمة: يعني هكذا إلا عبيد بن عقيل. انتهى. هذا عبيد روى عنه جماعة، وقال فيه أبو حاتم الرازي: صدوق، وقال يعقوب: لا أعلم إلَا خيرا، وابن ابنه روى عنه جماعة أيضا، منهم النسائي، وقال: لا بأس به، ولم أر أحدا من الأئمة تفرض لتقليلها، والله أعلم. الخامس: ضبطه اضطراب- بضم الهمزة- فغير صواب؛ لأنّ عكرمة يضعفه اضطراب فيه كيحيى، لما تقدّم من كلام أبي داود عن ابن خزيمة وأبي القاسم- رحمهم الله تعالى-. السادس: عيبه على أبي محمد قوله: لم يسنده إلا عكرمة، فليس بشيء؛

لأنّ عبد الحق خرّج الحديث/من عند أبي داود وهو قائل ذاك كما تقدّم فهو في ذلك متقلّد لأبي داود، فإن كان عيب فلأبي داود، لا له. السابع: هو دائمًا يعيب على الإشبيلي أبعاده النجعة، وهنا استعملها لأنّ الحديث عند أبي الحسن في كتاب العلل كما قدمناه، فذكره من عند ابن السكن أبعاد للنجعة، ولو كان سبقًا، ولعل قائلًا يقول: إنما ذكره من عنده لتصحيحه إياه، وليس كذلك؛ لأن أبا علي لم يصححه، إذ لو صححه لكان مصححًا حديث أبي سعيد، وابن القطّان أبي ذلك؛ ولهذا ذكر حال رجال إسناده، ويشبه أن يكون عذره في ذلك كون الدارقطني ذكره منقطعًا بلا إسناد موصل إليه، ومع ذلك فلا عذر له في تركه كلام الدارقطني مع رؤيته له، والله أعلم، وقد ذكره أيضًا الإِسماعيلي من حديث يحيى بن أبي كثير، ذكرنا ذلك استظهارًا، ولا يطالبه به، وفي قول أبي داود: هو مرسل إشعار بأن وصله غير صواب عنده، وإلَّا فالطريق المذكور عنده لا خلاف في رفعها ووصلها، وأمّا قوله أنّ عكرمة في يحيى ليس بذاك، فقد خالفه في ذلك الإمام أبو الحسين حيث خرج له عنه في صحيحه- حدّثنا بذلك- واستشهد البَخاري بحديثه عنه أيضًا في صحيحه، وأما فول من قال: عياض بن عبد الله، وفي تاريخ البخاري عياض بن أبي زهير، فيشبه أن يكون شيبان؛ لما رواه عن يحيى نسى اسم أبيه فسمّاه عبد الله، والخلق كلهم عبيد الله، وقول الأوزاعي: ابن أبي زهير يحتمل أن يكون كنية أبيه، وبهذا وبما أسلفناه تجتمع الأقوال، ويصير مذهب التهاون والاختلال.

النهي عن البول في الماء الراكد حدثنا محمد بن رمح، نا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه: " نهى أن يبال في الماء الراكد " هذا حديث خرجه مسلم (1) في صحيحه من حديث الليث/، وكان لا يقبل من حديث أبي الزبير إلَّا ما كان مسموعا له، فيما ذكره ابن القطان عنه، وذكره الحاكم في تاريخ نيسابور من حديث سفيان عنه، أنا جابر به، ورواه أبو نعيم من حديث عباد بن كثير عن أبي الزبير بلفظ: " لا يبولن أحدكم في الماء الراكد الدائم ثم يتوضأ منه " أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يبولن أحدكم في الماء الراكد " وهذا اجتمع على تخرج أصله الأئمة الستة من حديث أبي هريرة، وحديث الباب أخرجه ابن حبان في صحيحه، ورواه أبو داود عن مسدد ثنا يحيى عن محمد بن عجلان، فخالف أبا خالد في لفظه، وصرح بسماعه من أبيه، وسماع أبيه من أبي هريرة، ولفظه: " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ولا يغتسل به من الجنابة " (2) . وفي لفظ البخاري: " ثم يتوضأ منه " وفي لفظ: " نهى أو نهي أن يبول الرجل في الماء الدائم أو الراكد، ثم يتوضأ فيه أو يغتسل منه " (3) وفي رواية: " أو يشرب منه " وأعاد ابن

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/94) والترمذي (ح/68) وقال: هذا حديث حسن صحيح بلفظ: " نهي اًن يبال في الماء الدائم ثم يتوضأ منه "، والنسائي في (الطهارة، باب " 30، 139 ") واًحمد في " المسند " (2/288، 492، 532، 3/350) الخطيب في " تاريخه " (4/252، 193/9278، 14/278) وابن ماجة (ح/343) . (2) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/69) ومسلم في (الطهارة باب " 28 "، ح/95) وأبو داود (ح/69) والنسائي (1/49) وابن عدي في " الكامل " (3/111) والحميدي (ح/ 969) ومعاني (1/14، 15) والشافعي في " المسند " (ح/165) واستذكار (1/253) . (3) تقدم من أحاديث الباب، وقد رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 17- باب ما جاء في كراهية البول في المغتسل، (ح/21) بلفظ: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يبول الرجل في مستحمه، وقال: إن عامة الوسواس منه ".

ماجة (1) ذكره في باب: الجنب ينغمس في الماء الدائم: حدثنا بلفظ: " لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم " حدثنا محمد بن يحيى، نا محمد بن المبارك، نا يحيى بن حمزة، نا ابن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يبولن أحدكم في الماء الناقع " (2) هذا حديث ضعيف الإِسناد برواية إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عبد الرحمن بن الأسود بن سوارة، ويقال: الأسود بن عمرو بن رياش، ويقال: كيسان أبو سليمان القرشي البلوى، ضعيف، ذاهب الحديث، وسيأتي ذكره بعد في باب الوضوء من سنن البزار- إن شاء الله تعالى- الماء الراكد. هو الدائم الذي لا يجري، يقال: ركد الماء ركودًا، وركدت الريح سكنت، وركد الميزان إذا استوى، والناقع المجتمع في فزارة. ذكره الهروي.

_ قال: وفي الباب عند رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: هذا حديث غريب، لا نعرفه مرفوعَا إلا من حديث أشعث بن عبد الله، ويقال له: أشعث الأعمى. (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 109- باب الجنب ينغمس في الماء الدائم أيجزئه، (ح/605) . وكذا صححه الشيخ الألباني. (2) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة وسننها، (ح/345) . في الزوائد: إسناده ضعيف، ابن أبي فروة اسمه إسحاق، متفق على تركه، وأصله في الصحيحين، بلفظ: " الماء الدائم ". قلت: والحديث صحيح بلفظ: " لا يتبُولن أحدكُم في الماء الناقع ". انظر: صحيح أبي داود (ح/62) والضعيفة (ح/4814) .

التشديد في البول حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب لم عن عبد الرحمن بن حسنة قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي يده الدرقة فوضعها، ثم جلس فبال إليها، فقال بعضهم: انظروا إليه يبول كما تبول المرأة، فسمعه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " ويحك أما علمت ما أصاب صاحب بني إسرائيل؛ كانوا إذا أصابهم البول قرضوه بالمقاريض فنهاهم، فعذب في قبره " (1) ، هذا حديث قال فيه الحاكم لما خرجه من حديث سفيان وعبيد الله بن موسى وزائدة وعبد الواحد بن زياد قالوا: حدثنا الأعمش بلفظ: " انطلقت أنا وعمرو بن العاص إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فخرج ومعه درقة ... " (2) الحديث: هذا حديث صحيح الإِسناد، ومن شرط الشيخين إلى أن يبلغ: تفرد زيد بن وهب بالرواية عن ابن حسنة، ولم يخرجا هذا اللفظ، وفيما قاله نظر، بل هو على شرطهما، ولا نظر إلى تفرد زيد؛ لأنهما رويا عن جماعة لم يرو عن أحدهم إلَّا شخص واحد، وهذا مما وهم عليهما فيه، وقد بيّنا ذلك في أوهامه في كتاب علوم الحديث، ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلي، نا أبو حاتم، نا خيثمة، ثنا محمد بن حازم كحديث الباب لا ذكر لعمرو فيه، وزيد المشار إليه هو ابن وهب الجهني أبو سالم الكوفي، رحل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَا فَقُبِض وهو في الطريق؛ فلذلك عُد من المخضرمين، وإن كان مسلم لم يذكره فيهم، وزعم ابن منجويه أنه من همدان، وجمع الكلاباذي بين النسبين، ولا جمع إلَّا أن يكون بخلف أو شبهة، قال أبو سعد: زيد جهني أحد بني حسل بن نضر بن مالك بن عدي بن الطول بن عوف بن عطفان بن يثرب بن جهينة بن قضاعة- وبنحوه ذكره الكلبي في الجامع وغيره، حديثه في الصحيحين، وعبد الرحمن بن حسنة- وهي أمه- وأبو عبد الله بن المطاع بن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/346) وأحمد في " المسند " (4/196) . وكذا صححه الشَيخ الألباني. (2) قلت: والحديث صحيح بلفظه الثاني: " كما في رواية الحاكم " في " مستدركه ". و" الدرقة " الترس إذا كان من جلد وليس فيه خشب ولا عصب.

الغطريف بن عبد العزي بن جثامة بن مالك بن ملازم بن مالك بن رُهم بن سكر بن ميسر، رواه كما رواه منصور، فظهر بذلك ترجيح حديثه على غيره، ابن العزيز مراجي بن مُرّ/ويقال كان ويقال أنه كان من كندة، وهو أخو شرحبيل بن حسنة. كذا ذكره البخاري وأبو داود السجستاني في كتاب الأخوة وأبو زرعة الدمشقي في كتاب الأخوة أيضًا، وأنكر ذلك ابن أبي خيثمة وبعده اليشكري، وكانت أمه مولاة لعمر بن حبيب بن وهب بن حذاقة بن جمح، وهاجرت إلى الحبشة؛ فلذلك عدّه ابن شهاب في خلفاء بني جمح، وقيل: إنّها ليست أمه بل تبنَّته، ونسبه البخاري قرشيًا، ولا منافاة بينه وبين ما تقدّم؛ لأنه قرشي بالخلف في زهرة، أو بالولاء في جمح، وأمّا من قال: كندي فبالنسبة إلى نسب أمه، فإنّها منهم، والله أعلم، واختلف في القائل: " انظروا إليه يبول كما تبول المرأة " فعند أبي داود والعسكري أن عمرًا وابن حسنة قالا ذلك، وفي كتاب البغوي: فقال بعضنا لبعض، وعند النسائي: بعض القوم لبعض، وكل ذلك قريب، وفي حديث البغوي والطبراني زيادة تبيّن معنى الإنكار على أي وجه كان، وهو قوله: " انظروا إليه يبول كما تبول المرأة " وفيَ لفظة: " إما أن يكون سمع وإما أن يكون أخبر " فإن الأحاديث المتقدّمة موهمة أنّ ذلك للاستتار أو للجلوس. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس قال: " مر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقبرين جديدين فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أمّا أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة " (1) وفي صحيح ابن حبان حديث أبي هريرة بمثل حديث ابن عباس مطولًا. هذا حديث اجتمع على تخريجه الأئمة الستة في كتبهم، وقال الترمذي: حديث صحيح، وروى منصور هذا الحديث عن مجاهد عن ابن

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 55، 56 "، والجنائز، باب " 89 "، والأدب باب " 46، 49 ") ومسلم في (الطهارة، ح/111) وأبو داود (ح/20) والترمذي (ح/70) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (الطهارة، باب " 26، 116 ") وابن ماجة (ح/347) وأبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة (ح/د 2646) . وشعبة حجة كبير، فروايته تؤيد أن الأعمش رواه على الوجهين معا. ورواه أحمد في " مسنده " (1/225، 5/35، 39) والدارمي (الوضوء، باب " 61 ") .

عباس، ولم يذكر فيه طاوسا، ورواية الأعمش أصح، وكذا ذكره البخاري في كتاب العلل، وخالف وأبى ذلك في جامعه الصحيح، فذكر حديث منصور أثر حديث الأعمش؛ فيحتاج إلى تأويل ذلك بأن يكون ظهر له ترجيحه بوجه من الوجوه،/وأظن ذلك؛ لأن شعبة روى عن الأعمش كما رواه منصور. ذكر ذلك أبو موسى المدني في كتاب الترغيب من حديث أبي داود الطيالسي، نا شعبة به، ولفظه: " أما أحدهما فكان يأكل لحوم الناس، وأما الآخر فكان صاحب نميمة " (1) وقال أخره: كذا قال عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس، والمحفوظ من حديث الأعمش عن مجاهد عن طاوس، وفي حديث الأعمش الإسماعيلي من طريق شعبة عنه: ثنا مجاهد قال شعبة: وأخبرني به منصور مثلَ إسناد سليمان وحديثه، فلم أنكره منه، فهذا الأعمش رواه كما رواه منصور؛ فظهر بذلك ترجيح حديث على غيره، وأما أبو حاتم البستي فذكر في صحيحه الحديثين جمعيا، وقال: سمع مجاهد هذا الخبر عن ابن عباس، وسمعه عن طاوس؛ فالطريقان جمعيا محفوظان، ففي هذا شفاء للنفس وإزالة للبس بتصريحه بسماع مجاهد هذا الحديث من ابن عباس- رضى الله عنهما- ولولا ذلك لكان لقائل أن يقول أن مجاهدا مدلس، فلو عدى عنه ذلك أو صرّح بالسماع كنّا نقول: رواه عنهما، وأما ما في هذه الحالة فنجزم بالانقطاع، وعلى تقدير صحة ذلك لم يكن حديث الأعمش أصح، إنما يكونا صحيحين، وفي لفظ البخاري: " ثم أخذ جريدة رطبة فشقّها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة، قالوا: يا رسول الله لم فعلت هذا؟ قال: لعله يخفّف عنهما ما لم ييبسا " (2) . وفي رواية: " وما يعذبان في كبير، ثم قال: بلى كان أحدهما " (3) وفي لفظ مسلم: " لا يستنزه عن البول- أو من البول- " مع لفظ لأبي داود و" يستتر " مكان يستنزه، وفي لفظ للبخاري: " يستبرئ " زاد ابن الجوزي في قصة يوسف- عليه السلام- فأورق كل واحد من الفصين واخضر وأورق من ساعته، ففرح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: " رفع عنهما العذاب بشفاعتي " (4) .

_ (1) انظر: الحاشية السابقة ص 154. (2- 4) انظر: الحاشية قبل السابقة.

حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا عفان، نا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أكثر عذاب/القبر من البول " (1) هذا حديث صحيح الإسناد، قال الشيخ ضياء الدين المقدسي لما ذكره: إسناده حسن، وما أعلم بأن الحاكم حَكم بصحته على شرط الشيخين، قال: ولا أعرف له علّة، وله شاهد من حديث أبي يحيى: " عامة عذاب القبر من البول " (2) ، وصححه أيضًا البخاري- رحمه الله-، حدّثنا أبو بكر بن شيبة، نا وكيع، نا الأسود بن شيبان، حدثني ابن مرّار عن جدّه أبي بكرة قال: " مرّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقبر فقال: إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فيعذب في البول، وأما الآخر فيعذَّب في الغيبة " هذا حديث معلّل (3) بأمرين: الأول: الاختلاف في حال ابن مرّار، واسمه بحر بن مرار بن عبد الرحمن بن أبي بكرة، يكنى أبا معاذ، ثقفي بصري، روى عنه الأسود ويحيى بن سعيد القطان وأثنى عليه خيرَا، وكذا قاله ابن بشر، وسيأتي عن ابن حبان وغيره عكسه، والله أعلم، وروى عنه أيضا شعبة وحماد بن زيد، وقال فيه ابن معين وابن ماكولا وقال البزار: مصري معروف، وقال النسائي في التمييز: ليس به بأس، وقال في موضع آخر: تغير، وقال ابن حبان: اختلط بآخره حتى كان لا يدري ما يحدث، فاختلط حديثه الأخير بالقديم، ولم يتميز ذكره يحيى بن سعيد القطان في تاريخ البخاري عن القطان رأيت بحرا اختلط بآخره حتى كان لا يدري ما يقول يحدّث، فاختلط حديثه الأخير بالقديم ولم يتميز. ذكره يحيى بن سعيد القطان. الثاني: انقطاع ما بين بحر وجدِّ أبيه فإنه لم يسمع منه شيئا ولا أدركه

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/348) في الزوائد: إسناده صحيح، وله شواهد. والحاكم في " المستدرك " (1/183) وصححاه. والدارقطني (1/128) بإسناد صحيح، والترغيب (1/ 139) ونصب الراية (1/128) والفتح (1/318) والخفاء (1/201) وأبن أبي شيبة في " مصنفه " (1/122) . وصححه الشْيخ الألباني (2) ضعيف. رواه الحاكم (1/184) والمجمع (1/207) وعزاه إلى " البزار " و" الطبراني في الكبير " وفيه أبو يحيى الفتات , وثقة يحيى بن معين في رواية، وضعفه الباقون. قلت: وعلى قول الهيثمي فالحديث ضعيف. (3) انظر: العلل: (ح/1081) . ولمعرفة علْة الضعف، انظر: كلام المصنف.

إنّما يروي عن جدّه عبد الرحمن بن أبي بكرة كذا ذكره البزار وغيره، ولو سكت أبو عبد الله ابن ماجة عن تغير الجدّ لحمل على عبد الرحمن وكان الحديث مرسلا، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق متصلة وقال ابن معِين ومن تابعه تكون صحيحة، ذكرها البخاري في تاريخه الكبير فقال: نا مسلم، نا الأسود بن شيبان، نا بحر عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: حدّث أبو بكرة/قال: قال لي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صاحبا القبر يُعذّبان بلا كبير: الغيبة والبول ". نا الجعفي، نا عبد الصمد، نا الأسود، نا بحر عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، ونا إسحاق قال: نا عبد الصمد، نا الأسود، نا بحر بن مرار يحدّث عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال: " كنت مع النبي- عليه السلام ... " الحديث. وبنحوه ذكره الطبري في الكبير (1) وابن رافع والعسكري، فهذا كما ترى مصرح فيه بالسماع عن جدّه عن أبيه، والله تعالى أعلم، ولماّ ذكره الدارقطني في العلل قال: الصواب قول من قال: عن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي بكرة يعني عن أبي بكرة- وقال الترمذي- (2) أثر حديث ابن عباس وفي الباب عن زيد بن ثابت وأبي بكرة وأبي هريرة وأبي موسى وابن حسنة، واغفل حديث عائشة المذكور عند الدارقطني، وحديث عبادة بن الصامت مرفوعًا: " أني أظن منه عذاب القبر " يعني البول. ذكره البزار (3) ، وحديث يعلي بن شبابة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مرّ بقبر يعذّب صاحبه فقال: إنَّ هذا القبر يعذب صاحبه في غير كبير " ذكره الطبراني (4) واين أبي شيبة الحديث، وحديث أبي أمامة الباهلي وأبي رافع.

_ (1) قوله: " الكبير " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) سنن الترمذي: (1/103) تحت (ح/70) ، 53- باب ما جاء في التشديد في البول، من أبواب الطهارة. (3) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/208) وعزاه إلى " البزار " وفيه يوسف بن خالد السمتي، ونسب إلى الكذب. (4) ضعيف جدًا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/207) بنحوه من حديث عائشة. وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " ورجاله موثوقون إلا شيخ الطبراني محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي المصري، فإني لم أعرفه.

ذكرهما أبو موسى المصري في كتاب الترغيب والترهيب، وحديث ميمونة. ذكره أبو القاسم في الأوسط، وحديث جابر بن عبد الله. ذكره بحشل في تاريخه من حديث الأعمش عن أبي سفيان عنه: " دخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حائطَا لأمه ميسرة، وإذا بقبرين، فدعا بجريدة رطبة فشقها نصفين، ثم وضع واحدة على أحد القبرين والأخرى على الآخر، ثم قال: لا يرفعان عنهما العذاب حتى يجفّا، فقيل: يا رسول الله في أي شيء يعذبان؟ فقال: أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من البول " (1) رواه عن موسى بن شبيب. نا عبد الله بن موسى، نا أبو إسرائيل عن الأعمش، وحديث أنس بن مالك: " مرّ النبي- عليه السلام- بقبرين من بني النجّار يعذبان في النميمة والبول، فأخذ سعفة رطبة فشقها نصفين، فجعل على ذا القبر نصفَا، وعلى ذا القبر شقا، وقال: لا يزال يخفف عنهما العذاب/ما داما رطبتين " (2) ، نا به المسند المعمر حسن بن عمر بن خليل، قرأة علينا من لفظه، نا ابن الليث، قرأة عليه وأنا حاضر في الرابعة، نا ابن النحاس، نا السراج، قرأة عليه، نا ابن شبادان قرأة عليه نا أبو عمر وعثمان بن أحمد الدقاق، قرأة عليه، نا حسين بن حميد بن الربيع، ثنا عبيد بن عبد الرحمن، نا عيسى بن طهمان عن أنس ... فذكره، وحديث ميمونة راويه ليس بثقة: " أشدّ عذاب القبر في الغيبة والبول " ذكره ابن المنذر، وحديث عائشة: " مرّ النبي- عليه السلام- بقبرين يعذّبان، فقال: إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، كان أحدهما لا يستنزه من البول، وكان الآخر يمشي بالنميمة، فدعا بجريدة رطبة ... " الحديث، ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث عبيدة بن حميد عن منصور

_ = قلت: ولقد بحثت عن محمد بن أحمد بن جعفر الوكيعي المصري في التاريخ الكبير للبخاري فلم أجده، وكذلك في الثقات لابن حبان، وكذلك في الجرح والتعديل للرازي، فلم أقف له على ترجمة، قلت: فلعله مجهول، ولم نعرف له إلا اّنه كان شيخا للطبراني. (1) قلت: " ألفاظ هذا الحديث غير واضحة " " من نسخة الأصل " وأثبتنا بعضه من " مجمع الزوائد " (1/208) . قلت: ولعله صحيحا، بل هو حسن، وإسناده ضعيف. (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/208) وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الأوسط " وفيه عبيد بن عبد الرحمن، وهو ضعيف.

عن أبي وائل عن مسروق عنها، وقال: لم بروه عن منصور إلا عشرة. تفرّد به علي بن جعفر الأحمر- يعني شيخ شيخه موسى بن أحمد الكوكبي- وحديث عبد الله بن عمر: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر بقبور ومعه جريدة رطبة فشقها باثنين، ووضع واحدة على قبر والأخرى على قبر آخر، ثم مضى، قلنا: يا رسول الله لم فعلت ذلك؟ فقال: أما أحدهما فكان يعذب في النميمة، وأما الآخر فكان لا يقي البول، ولن يعذبا ما دامت هذه رطبة " (1) ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث غسان بن الربيع، نا جعفر بن ميسرة عن أبيه عنه قال: لا يروى هذا الحديث عن ابن عمر إلا بهذا الإِسناد، والقبر جمعه قبور في الكثرة، وفي القلة أقبر، واستعمل مصدرًا، قالوا: قبرته أقبرة قبرًا وفي الغريبين قبرته ودفنته وأقبرته: جعلت له قبرًا، وقال القزاز: موضع قبر، ومن أسمائه أيضًا فيما ذكره ابن السكيت في كتاب الألفاظ، وأبو هلال العسكري في التلخيص: أنجدت والمنهال والجدف والرمس والرَمس والجباب والقريح واللحد، وفي هذه الأحاديث وغيرها إثبات عذاب القبر على ما هو المعروف عند أهل السنة، واشتهرت به الأخبار، ولم تخالف في ذلك إلا المعتزلة، كذا رأيت جماعة من العلماء ذكروا/عند كلامهم على هذا الحديث وشبهه، ويشبه أن يكون ذلك وهمًا منهم على المعتزلة؛ لما ذكره القاضي عبد الجبار له عن المعتزلة، ومصنفهم في كتاب الطبقات من تأليفه إن قيل: إنّ مذهبكم أدَّاكم إلى إنكار عذاب القبر وهو قد أتفّقت (2) عليه الأمة، وظهر فيه الآثار والدلائل قيل أن هذا الأمر إنّما أنكره أولًا ضرار بن عمرو، ولما كان من أصحاب واصل ظنوا أن ذلك مما أنكرته المعتزلة، وليس الأمر كذلك بل المعتزلة رجلان: أحدهما يجوز ذلك كما وردت به الأخبار، والثاني يقطع بذلك، وأكثر شيوخنا يقطعون بذلك إنّما ينكرون قول طائفة من الجهلة أنّهم يعذبون وهم موتى، ودليل العقل يمنع من ذلك، وبنحوه قاله أبو عبد الله المرزباني في كتاب الطبقات أيضًا، واختلف في فتنة القبر؛ هل هي للمسلمين

_ (1) منكر. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 لم 208) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه جعفر بن ميسرة، وهو منكر الحديث. (2) قوله: " اتفقت " وردت " بالأصل " " أطبقت " وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.

أو للكافرين! فذهب أبو عمر بن عبد البر إلى أن لا تكون إلا لمؤمن أو منافق من أهل القبلة ممن حقن الإِسلام دمه، وبنحوه قاله الحكيم أبو عبد الله الترمذي في نوادر الأصول، وخالفهم أبو محمد الإشبيلي فزعم أنها تعم المؤمن والمنافق والكافر، واختاره القرطبي في التذكرة قال: وقد اختلف في هذين المعذبين- أعني اللذين في حديث ابن عباس- هل كانا من أهل القبلة أم لا، فقال: إن كانا منها فالمرجو لهما بذلك تخفيف العذاب عنهما مطلقا، وإن كانا كافرين فالمرجو تخفيف العذاب المطلق بهذين الديتين المذكورين، أما قوله: إن كانا كافرين إلى آخره، فهو طريق الشكّ، وهو قول مسنده فيما أظن، والله أعلم. حديث رواه أبو موسى المدني في كتاب الترغيب والترهيب من حديث ابن لهيعة عن أسامة بن زيد عن أبي الزبير عن جابر قال: " مر نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قبرين من بني النجار هلكا في الجاهلية،/فسمعها، يعذبان في البول والنميمة " (1) . كذا قال: هذا حديث حسن وإن كان إسناده ليس بالقوي؛ لأنهما لو كانا مسلمين لما كان لشفاعته لهما إلى أن ييبسا معنى، ولكنه لما رآهما يعذبان لم يستجز من عطفه ولطفه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرمهما من ذلك فشفع لهما إلى المدّة المذكورة، والله أعلم وقد نا بحديث أبي الحسن البغدادي، أنا شهرة قرأه عليه وأنا أسمع، نا الحسن بن طلحة الثعالبي قرأه عليه ونحن نسمع، نا أبو القاسم الحسن بن الحسن المسندي، أنا أبو علي البردعي، نا أبو بكر بن أبي الدنيا محمد بن علي، نا النضر بن شميل، نا أبو الغرام- واسمه عبد العزيز بن ربيع الباهلي- نا أبو الزبير عن جابر، ولفظه غير اللفظ الذي ساقه أبو موسى قال: " كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسيرنا، فأتى على قبرين يعذب صاحباهما فقال: إنهما لا يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان يغتاب الناس، وأمّا الآخر فكان لا يتبارى من بوله، ودعا بجريدة ... " الحديث. ولفظ أبي القاسم في الأوسط أخرجه من حديث ابن لهيعة عن أسامة بن زيد عن أبي الزبير عن جابر: " مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قبور نساء من بني النجار هلكن في الجاهلية، في. فسمعهن يعذبن في النميمة، فأتى بجريدة " (1) عن

_ (1) تقدم في أحاديث الباب.

أسامة، إلا أنّ ابن لهيعة ولئن كان كذلك فهو تصريح لا شك فيه، ولكن يعلو عليه ما جاء في حديث ابن عباس في بعض ألفاظه: " من مر بقبر من قبور الأنصار، وبنو النجار من الأنصار " فيحتمل أن يكون الراوي قاله بالمعنى الأول، والأنصار لفظة إسلامية لم يعرف بها مُسمى في الجاهلية؛ ولذلك قال النعمان بن بشير الأنصاري- رضى الله عنهما- يخاطب عمرو بن العاص./ يا عم ولا تعد الدعاء فما لنا نسب يحدث فيه سوى الأنصار نسب تخيره إلَا له لصحبنا أثقل به نسبًا على الكفار، وحديث القبرين الجديدين وفي حديث مسلم: " فأحببت بشفاعتي أن تخفف ذلك عنهما "، والشفاعة لا تكون إلا لمؤمن وفي الصحيحة، كونهما جديدين، وأما رواية: " من رفيق المدينة أو مكة وهو البخاري في الصحيح، فيحتمل أن يكون سهوا من أحد الرواة، وقد استدرك ذلك أبو عبد الله؛ فذكره في كتاب الأدب على الصواب المدينة، وقوله: وما يعذبان في كبير تحمل معنيين، والذي يجب أن يحمل عليه منهما أنَّهما لا يعذبان في كبير إزالته أو دفعه أو الاحتراز عنه، وأنه سهل يسير على من يريد التوفي منه، ولا يراد بذلك أنه صغير من الذنوب؛ لأنه ورد في الصحيح وإنه لكبير، قال الماوردي: والنميمة قد تكون من الكبائر؛ فيحتمل على أنه يريد به في كثير علمهم تركه- وإن كان كبيرًا عند الله تعالى- ولا شك أن النميمة كبيرة، قال: المنهي عنه على ثلاثة أنحاء؛ منه ما يشق تركه على الطباع، كالبلاد المنهي عنها، ومنه ما ينبو عنه الطبع ولا تدعو إليه، كالنهي عن قتل نفسه وغيره، ومنه ما لا مشقة فيه على النفس في تركه، فهذا القسم مما يقال فيه ليس بكثير على الإنسان تركه، وقال عياض: قوله وما يعذبان في كبير إذا كبير عندكم، كقولهَ تعالى: (وتحسبونه هينًا وهو مند الله عظيم) (2) أو سبب ذلك أن عدم التنزه من البول يلزم منه بطلان الصلاة، وتركها كبيرة، وأما النميمة فقد تكون كبيرة، ولا سيما إذا تكررت، وبذلك أشعر قوله: كان يمشي بالنميمة، وفي كتاب الإحياء للشيخ أبي حامد- رحمه الله تعالى- إنما تطلق في الأكثر على من يتم قول الغير إلى

_ (1) تقدم ذكره في: " الحاشية السابقة ". (2) سورة النور آية: 15.

المقول فيه، كما يقول: فلان يتكلّم فيك بكذا، وليست النميمة مخصوصة هذا بل؛ حدّ النميمة/: كشف ما يكره/كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه، وسواء أكان ذلك بالكتابة أو الرمز أو الإِيماء، فحقيقة النميمة إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه؛ فلو رآه يخبئ مالا لنفسه فذكره فهو نميمة، وكلّ من حملت إليه نميمة، وقيل له: فلان يقول فيك أو يفعل فيك كذا فعليه ستة أمور: الأول: أن لا يصدقه؛ لأن النمّام فاسق. الثاني: ينهاه عن ذلك. الثالث: يبغضه في الله. الرابع: لا يظن بأخيه الغائب سوغا. الخامس: لا يحمله ما حكاه له على التجسس والبحث عن ذلك. السادس: لا يرضى لنفسه ما نهى عنه النّمام، فلا يحكي بنميمة عمه فيقول: فلان حكى كذا؛ فيصير نمّاما؛ لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم، فإن كانت النميمة في مصلحة، فلا مانع منها وذلك كما إذا أخبره أن إنسانا يريد الفتك به أو بأهله أو ماله، أو أخبر الإمام أو من له ولاية أنّ إنسانًا يسعى بما فيه مفسدة؛ فيجب على صاحب الولايةَ الكشف عن ذلك وإزالته، فكلّ هذا وشبهه ليس بحرام، وقد يكون بعضه واجبًا وبعضه مستحبا على حسب المواطن. انتهى. أهل اللغة يفرقون نميت- مخففة- ونميت- مشدّدة- فالأول إذا بلغته على وجه الإصلاح، والخبر الثاني على وجه الإِفساد، ولم يبين الشيخ أبو حامد ذلك فيَ كلامه، فليس على من لا يعرف اشتقاق التمهيد، والله أعلم. وأما حديث أبي بكرة: " فيعذّب في الغيبة " فالغيبة مخالفة للتمهيد؛ إذ هي ذكر المرء بسوء فيه من رواية، وفي قول الشيخ أبي حامد: النميمة هتك الستر معنى من معاني الغيبة؛ لأنك إذا ذكرنه بسوءٍ فقد هتكت ستره بذكرك ذلك، وإذا كان كذلك كانا بمعنى واحد، ويكون الراوي يمح في هذا المعنى، وقوله:

" من البول " يؤخذ منه نجاسة/الأبوال مطلقَا، قليلها وكثيرها، إلا ما عفا عنه الشّارع- صلوات الله عليه وسلامه- وأما لعلّ فهو حرف لتوقع مرجو أو مخوِّف، وفيها لغات: لعلّ وعن ولعنّ وأنّ ولأنّ، وفيه دليل على انتفاع الميت بتلاوة القرآن العظيم أخذًا من غرز العسيب، فإذا انتفع بتسبيح النبات فقراءة القرآن من الإِنسان أولى، وفي الصحيح للبخاري (1) : " أوصى بريرة أن يجعل في قبره جريدتان تبركًا بفعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك " واختلف فْي وصول ثواب القرآن العظيم للميت؛ فمذهبنا ومذهب أحمد وصول ذلك إليه، وأبي ذلك جماعة من العلماء مستدليّن بقوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلَّا ما سعى) (2) وبقوله عليه السَلام: " إذا مات المرء انقطع عمله ... " (3) والكلام في ذلك يأتي بعد في كتاب الجنائز- إن شاء الله تعالى. وأمّا الدرقة، فهي ضرب من الترسة تتخذ من جلود دواب تكون في بلاد الحبشة، والجمع درق وأدراق. قاله القزاز، وفي الصحاح: هي الجحفة إذا كانت من جلود ليس فيها خشب ولا عقب، وأما بنو إسرائيل فهم أولاد يعقوب- عليه السلام- وهو اسم عبراني، وفيه لغات: إسرائيل بكسر أوله والمدّ والباء بعد الراء والهمزة، وقيل كذلك إلَّا أنّه بغير همز وبيائين، وقيل: بفتح أوله مع الوجوه الثلاثة وقيل: إسرائيل بغير مدّ ولا ياء بكسر أوّله وقد يفتح، وقيل: بكسر الهمزتين بغير ألف بعد الراء، وقيل كذلك إلا أنه بياء من غير همز، وقيل: بدلا عن إعلام على الوجوه كلها، وقيل غير ذلك. ولا خلاف أن " إِيْل " هو اسم الله تعالى في اللغة العبرية.

_ (1) صحيح- رواه البخاري: في: كتاب الجنائز، بأب (82) . (2) سورة النجم آية: 39. (3) صحيح. رواه مسلم في (الوصية، ح/14) وأبو داود (ح/2880) والترمذي (ح/ 1376) وقال: هذا حديث حسن صحيح. ونصب الراية (3/159) وإتحاف (1/114، 5/ 22، 9/87) وابن كثير (6/551، 7/409) والبغوي (1/220) والترغيب (1/99، 110، 118) وتلخيص (6813) والمغني عن حمل الأسفار (1/12، 2/23) والخفاء (1/ 105) والبداية (11/27) .

واختلف في " إسراء " فزعم السهيلي أنله عبد، وقيل: صفوة، وقيل: هو مركب من عجمي وعربي معناه: أسرى إلى الله، وذلك أن يعقوب- عليه السلام- أسرى ليلة في الهجرة إلى الربّ- سبحانه/وتعالى- فسمى إسرائيل بذلك، والله أعلم. ***

الرجل يسلم عليه وهو يبول حدّثنا إسماعيل بن محمد الطلحي، نا روح بن عبادة عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن حصين بن المنذر بن الحرث بن وعلة عن ساسان الرقاشي عن المهاجر بن منقذ بن عمير بن جدعان قال: " أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ فسلّمت عليه، فلم يرد علي، فلما فرغ من وضوئه قال: إنه لم يمنعني من أن أرد عليك إلا أني كنت على غير وضوء " (1) هذا حديث قال فيه الحاكم لما أخرجه في مستدركه من حديث عبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد الله بن خيران قالا: نا سعيد به هذا حديث: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ وفيه نظر من، وجهين: الأول: حصين من أفراد مسلم، لم يخرج له البخاري شيئًا. الثاني: ينظر في سعيد؛ فإنه ممن اختلط اختلاطًا قبيحًا ولا نعلم من سمع منه أخيرًا، ولم يذكر الحديث من رواية غيره ليكون ضائعًا له، والله أعلم. وذكره ابن حبان في صحيحه عن ابن خزيمة: نا محمد بن المثنى، نا عبد الأعلى به، ورواه أبو أحمد العسكري من حديث مكي بن إبراهيم عن سعيد، وزاد: " ولا تسلم علي وأنا في مثل هذه الحالة، فإنّك إن سلّمت علي لم أرد عليك " (2) وذكر البغوي في معجمه أن معاذ بن معاذ رواه عن قتادة

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في (ح/350) وأحمد في " المسند " (4/345، 5/80) والحاكم وصححه. وأبو داود (331) : حدثنا جعفر بن مسافر، ثنا عبد الله بن يحيى البرلسي، ثنا حيوة بن شريح، عن ابن الهاد، أن نافعا حدّثه عر. ابن عمر قال: أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الغائط فلقيه رجل عند بئر جمل، فسلم عليه، فلم يرد عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أقبل على الحائط، فوضع يده على الحائط، ثم مسح وجهه ويديه، ثم رد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السلام. قلت: والحديث صحيح لوجود المتابعات. (2) صحيح وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب " 37 " (ح/352) . في الزوائد: إسناده واه فإن سويد لم يتفرد به. وتمام لفظه: " أن رجلا مر على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول؛ فسلم عليه، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي،. فإنك إن فعلت في ذلك، لم أرُد عليك ".

عن حصين من غير ذكر، قال: ورواه الخفاف، فأثبت فيه الحسن. كذا قال البزار، وذكر رواية معاذ عن ابن مثنى عنه بثبوت الحسن، وكذلك ذكر أبو القاسم في الكبير من حديث معاذ بن هشام، فالله أعلم، وهذا الحديث معدود مما جرّده قتادة، ورواه عنه شعبة والدستوائي مما رواه ابن أبي عروبة وذهب ما كنا نخشاه من اختلاطه فكأنه غير موجود، والله أعلم، وقد روي عن الحسن عن مهاجر من أسلافهما. ذكره الطبراني، قال ذلك عنه حميد ويونس وعبيد الله بن المختار وزياد الأعلم وأبو عبيدة بن مجاعة والحسن بن دينار فيما ذكره ابن قانع ولفظه: " فقمت مهمومًا " /. فدعا بوضوءٍ فتوضَّأ ورد عليّ وقال: " إني كرهت أن أذكر الله تعالى وأنا على غير وضوء " رواه أبو عبيدة (1) الناجي وهو ليِّن الحديث عن الحسن عن البراء مخالفا لرواية الجميع، وحصين هذا بضاد معجمة اسم مفرد فيما قاله البرذكي، وقيل فيه بضاد مهملة، وهو قليل، كنيته أبو محمد، ولقبه أبو ساسان فيما ذكره الحاكم وأبو حاتم والسراج قْي مسنده، وكان من أصحاب أمير المؤمنين علي، وفيه يقول: وكنت رأيته بمكة وعليه راية سوداء يخفق طلها إذا قيل قدمها حضين تقدّما، وأما المهاجر فاسمه عمرو، قال العسكري: سُمّي بذلك لما قَدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الفتح، فقال عليه السلام: " هذا المهاجر حقًا " وبنحوه قاله ابن سعد بن منقذ، واسمه خلف، قال الطبراني: يقال له: سارب الذهب أيضًا ابن عمير بن جدعان. حدّثنا هشام بن عمار، نا مسلم بن علي، نا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: " مرّ رجل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول، فسلّم عليه فلم يرد، فلما فرغ ضرب بكفيه الأرض فتيمم ثم ردّ عليه السلام " (2) هذا حديث قال فيه أبو القاسم الطبراني

_ وفي " صحيح ابن ماجة " أورده الشيخ الألباني بعدما صحح إسناده. (1) أبو عبيدة الناجي، ضعفه أبو داود، وهو بكر بن الأسود، روى عن الحسن وابن سيرين. فال النسائي: " ليس بثقة ". وقال ابن معين: " كذاب " وقال مرَة: " ضعيف " (المغني: 1/112/965) . وفي اللسان: ضعيف، لا يستحق التكذيب. (2) ضعيف. ج، رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب " 27 " (ح/351) . في الزوائد: إسناده ضعيف لضعف مسلمة بن عليَ، وقال البخاري وأبو زرعة:

لما ذكره في الأوسط من حديث هشام: لم يروه عن الأوزاعي إلا مسلمة. تفرّد به هشام، ومسلمة الخشني الدمشقي كان يسكن البلاط، روى عنه جماعة كثيرة، قال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال الدارقطني والنسائي والأزدي: متروك الحديث، وفي موضع آخر قال النسائي: ليس بثقة، وقال دحيم وابن معين: ليس بشيء، وقال يعقوب بن سفيان: لا ينبغي لأهل العلم أن يشغلوا أنفسهم بحديثه، وفي موضع آخر: ضعيف الحديث، وقال الحاكم: أبو أحمد ذاهب الحديث، وقال ابن يونس قدم مصر وسكنها وحدّث بها ولم يكن عندهم بذلك في الحديث وتوفى بها سنة تسعين ومائة، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: لا نشتغل به، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد، وروى/عن الثقات ما ليس من حديثهم توهما، فلما فحش ذلك مه بطل الاحتجاج به، وقال الآجري عن أبي، داود: غير ثقة ولا مأمون، والله أعلم. حدّثنا سويد بن سعيد، نا عيسى بن يونس عن هاشم بن البريد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن لمجد الله: " أنّ رجلا مرّ على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول فسلم عليه، فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم علي، فإنك إن فعلت ذلك لم أردّ عليك " (1) . هذا حديث إسناده لا بأس به. هاشم وثقة ابن معين وابن حبان، وقال الإِمام أحمد: لا بأس به، وابن عقيل، تقدّم ذكره، وأن جماعة كانوا يحتجون بحديثهم منهم: أحمد، وإسحاق، مع ما عضد حديثه من المتابعات في الشواهد، والله أعلم. حدّثنا عبد الله بن سعيد والحسين بن أبي السري منكر الحديث، وقال الحاكم: يروي عن الأوزاعيَ وغيره المنكرات والموضوعات. وقال السدي: لكن الحديث جاء من رواية أبي الجهيم وابن عمر. رواه أبو داود في باب التيمم. وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/276) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " وقال: تفرد به الفضل بن أبي حسان، قلت: ولم أجد من ذكره. قلت: والحديث صحيح بلفظ: " الجدار " مكان " الأرض'. انظر: صحيح أبي داود للشيخ الألباني، 256: ق. (1) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب " 27 "، (ح/352) . في الزوائد: إسناده واه- فإن سويدا لم ينفرد به. قلت: وللحديث تابع صحيح ارتقى به الحديث إلى درجة الصحة. انظر: صحيح ابن ماجة للشيخ الألباني.

العسقلاني قالا: حدّثنا أبو داود عن سفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع بن عمر: " مرّ رجل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه " هذا حديث أخرجه مسلم (1) في صحيحه، وقال فيه الترمذي: (2) صحيح، وهو أحسن شيء في الباب، وقال ابن مندة: هذا إسناد صحيح أخرجه الجماعة إلا البخاري للضحاك بن عثمان، وأخرجه أيضًا أبو عوانة في صحيحه، وقال أبو داود: فإنّه أخرجه وروى عن ابن عمر وغيره أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تيمّم ثم ردّ على الرجل السلام " (3) وفي الأوسط لأبي القاسم ما يدل على أن الضحاك رواه عن نافع مختصرًا، وهو ما رواه من حديث محمد بن ثابت عن نافع قال: " انطلقت مع ابن عمر في حاجة إلى ابن عباس، فقضى ابن عمر حاجته من ابن عباس، وكان حديثه يومئذ أن قال: مرّ رجل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في سكة من السكك وقد خرج من بول أو غائط، فسلّم عليه ولم يرد عليه السلام، حتى إذا كان الرجل أن يتوارى في السكة ضرب بيديه على الحائط فمسح وجهه، ثم ضرب ضربة أخرى/بيده على الحائط فمسح ذراعيه ثم رد على الرجل السلام، وقال: أنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني لم أكن على طهر " (4) ، وقال: لم يروه بهذا التمام عن نافع إلا محمد بن ثابت، وسيأتي له مزيد بيان في كتاب التيمم، وأن أبا داود أخرجه، ورواه الإِمام الشافعي- رضى الله عنه- في مسنده (5) عن إبراهيم عن محمد: أخبرني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن عن نافع عن ابن عمر: " أن رجلًا مر على

_ (1، 2) تقدّم من أحاديث هذا الباب. ص 165. وفي لفظ مسلم (المساجد، ح/37، 38) : " إنه لمَ يمنعني أن أكلمك إلا إني كنت أُصَلي ". (3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب للطهارة، باب " 123 "، (ح/331) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح/330) والبيهقي في " الكبرى " (1/90، 206 قال أبو داود: لم يتابع محمد بن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورووه فعل ابن عمر. والمشكاة (ح/466) والنشور (1/306، 307) وشرح السنة للبغوي (2/116) والكنز (25317) الخطيب في " تاريخه " (13/136) والدارقطني في " سننه " (1/177، 397) . (5) صحيح. رواه الشافعي (ح/11) والشفع (60) . قلت: وللحديث طرق وشواهد صحيحة إذا كان قد أبرم المصنف صحته لضعف إسناده.

النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول، فسلم عليه الرجل، فرد عليه السلام فلما جاوزه نادوا النبي - عليه السلام- فقال: إنما حملني على الردّ عليك خشية أن تقول أني سلّمت على النبي- عليه السلام- فلم برد علي، فإذا رأيتني على هذه الحال فلا تسلم علي، فإنك إن تفعل لا أردّ عليك " وهذا لو صح إسناده وسلم من إبراهيم لكان مخالفًا للأول، ولَكنّه عديم الصحة، وفد وقع لنا من طريق سالما به من إبراهيم ذكرها البزار في مسنده، فقال: نا سعيد بن سلمة، نا أبو بكر، فصح الحديث والمخالفة؛ ولهذا قال عبد الحق أثر هذا أبو بكر هذا فيما أعلم، وهو ابن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر، روى عنه مالك وغيره، وهو لا بأس به، ولكن حديث مسلم أصح، ولعلّه كان ذلك في موطنين، وإّنما قال ذلك لأجل المعارضة الظاهرة، واعترض عليه أبو الحسن بن القطان بأن قال ما قاله عبد الحق تصحيح للخبر مطلقا نطقا لا سكوتا، وإن كان رجح عليه حديث مسلم، فقد يُرجح في ذلك، والتمس له مخرجًا تجعله إيّاه في موطن آخر وقصة أخرى، وهذا الذي ذكره في أبي بكر ينبغي أن يتوقف فيه، فإنه لا يعلم منه أكثر من أنه من ولد عبد الله بن عمر؛ فمن أين له هدْا النسب؟ وأنّه الذي روى عنه مالك، وقد كان مانعا له من أن يقول ذلك لو ثبت أنَّ الذي في الإِسناد يروى عن نافع، والذي توهمه أنه معلوم الرواية عن ابن عمر، روى عنه مالك ابن طهمان وإسحاق بن شارقي وعبد الله بن عمر. انتهى كلامه، وفيه نظر، وذلك أنَّ عبد الحق- رحمه الله تعالى- احترز بقوله: فيما أعلم، فعلم من هذا الإِيراد لكونه لم يجزم به، وعلى ذلك فهو كما قاله./صرّح بذلك الإِمام الشافعي كما سبق، وناهيك به جلالة ونُبلا، ولعل قائلا يقول: إنّما ساق نسبه إبراهيم، وهو ضعيف لا يحتج به، فلو استظهرت على ذلك بكلام عنه لثلج بذلك الصدر، فيقال له. قد ذكر ذلك غير واحد في مصنفه؛ منهم ابن الجارود في كتاب المنتقى، فقال: نا محمد بن يحيى، نا عبد الله بن رجاء، نا سعيد- يعني ابن سلمة- حدّثني أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ... فذكره، وكذلك أبو العباس السراج في مسنده، فقال،: نا محمد بن إدريس، نا ابن رجاء نا سعيد نا أبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن

نافع ... فذكره فذهب بحمد الله ما توهمه على ابني محمد، وصحَّ بما ذكرناه الحديث؛ لأن سعيدا وأبا بكر حديثهما في الصحيح، والله أعلم. وأما المعارضة فيحتمل أن يكون الرد كان بعد التيمم، كما جاء في رواية غير أبي بكر عن نافع، وزعم الطحاوي في شرح الإمام أن حديث المنع من رد السلام منسوخ بآية الوضوء، وقيل بحديث عائشة: " كان يذكر الله تعالى على كل أحيانه " (1) . وقد جاء ذلك مصرحا به في حديث رواه جابر الجعفي عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن حزم عن عبد الله بن علقمة بن الغفراء عن أبيه قال: " كان النبي- عليه السلام- إذا أراد الماء نكلّمه فلا يكلّمنا، ونسلم عليه فلا يسلم علينا، حتى نزلت آية الرخصة (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ... " (2) . وزعم الحسن أنه ليس منسوخا، وتمسك بمقتضاه فأوجب الطهارة للذكر ومنعه للحدث، ثم ناقض بإيجابه للتسمية للطهارتين، فإنه مستلزم لإيقاع الذكر حالة الحديث، وروى عن عمر إيجابه الطهارة للذكر، وقيل: يتأوّل الخبر عني الاستحباب؛ لأن ابن عمر راويه رأى ذلك، والصحابي الراوي أعلم بالمقصود، وهو حسن إن لم يثبت حديث جابر الجعفي لتضمنه الجمع بين الأدلة، وفي حديث جابر بن سمرة ذكر الوضوء لا التيمم. ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث الفضل بن أبي حسان، نا عمرو بن حماد بن طلحة العناد، نا

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/83، 163) ومسلم في (الحيض باب " 30 " رقم " 117 " (وأبو داود (18) والترمذي (ح/3384) وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن زكريا بن زائدة، وابن ماجة (ح/302) وأحمد في " المسند " (6/70، 153، 278) والبيهقي في " الكبرى " (1/90) وأبو عوانة (1/217) وإتحاف (6/287، 7/ 110) والكنز (17980) وشرح السنة (2/44) والفتح (2/114) والقرطبي (4/310) والمشكاة (456) وتغليق (172، 173، 269) والمعاني (1/مه، 91) . وصححه الشيخ الألباني (الإرواء: 2/244) . (2) سورة المائدة آية: 6 راجع تفسير القرطبي: (4/2088) طبعة الريان. قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف جابر الجعفي.

أسباط بن نصر عن سماك/بن حرب عن جابر بن سمرة قال: " دخلت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول، فسلمت عليه فلم يردّ علي، ثم دخل إلى بيته فتوضأ ثم خرج فقال: وعليك السلام " (1) قال: لم يرو عن جابر إلا هذا الإِسناد. تفرد به الفضل. وذكر الخطابي أن السلام الذي يحيّا به الناس اسم من أسماء الله تعالى. جاء ذلك في حديث رواه أبو هريرة مرفوعا: " السلام اسم من أسماء الله تعالى، فأفشوه بينكم " (2) . كذا ذكره، والذي رأيت في حديث أبي هريرة: " السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه في الأرض تحية لأهل ديننا، وأمانًا لأهل ذمتنا " قال فيه الطبراني في الأوسط: لم يروه عن يحيى بن سعيد الأنصاري إلا يحيى عن المسيب عن أبي هريرة إلا عقبة بن محمد الأنصاري، تفرد به محمد بن يحيى الأنيسي، وذكر الحليمي في المنهاج معنى السلام: السالم من المعايب إذ هي غير جائزة على القديم، فإن جوازها على المصنوعات لأنّها أحداث، وقد اتبع فكما جاز أن يوجد وأبعد إن لم يكونوا موجودين جاز أن يعدموا بعدما وجدوا، القديم لا علّة لوجوده، فلا يجوز التغيّر عليه، ولا يمكن أن يعارضه نقص أو شيء، أو يكون له صفة تخالف الفضل والكمال، وفي كتاب القزاز: وقول القائل: السلام عليكم يريد اسم الله عليكم، قال لبيد يخاطب ابنته إلى الحول ثم اسم السلام عليكم ومن ينكحو لا كاملا فقد اعتذر يريد اسم الله

_ (1) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/276) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " وقال تفرد به الفضل بن أبي حسان، نلت ولم أجد من ذكره. (2) صحيح. رواه البزار برقم (1999) من ثلاث طرق موقوفة، فأسنده ورقاء وشريك وأيوب بن جابر. والثاني: إسناده ضعيف، لسوء حفظ شريك- وهو ابن عبد الله القاضي- وابنه. قال الحافظ في الأدب: " صدوق يخطن كثيرا، تغير حفظه منذ ولي الفْضاء ". وقال في الأدب: " صدوق يخطئ ". لكنهما فد توبعا كما في الإسناد الأول، وقد أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (رقم 10392) من هذا الوجه وإَسناده جيد، رجاله ثقات رجال مسلم، غير الفضل بن سهل، قال الحافظ: " صدوق ". ولفظه: " السلام اسم من أسماء الله وضعه في الأرض ... " الحديث.

عليكم، وقيل السلام عليك: أي سلمت مني لا أنالك بيدي ولا لساني، وقيل: معناه السلامة من الله وقيل: هو الرحمة وقيل: هو الإيمان، وقيل: الصلح. قال الخطابي: وفي الحديث من الفقه أنه يتيمم لغير مرض ولا حرج، وإليه ذهب الأوزاعي في الجنب يخاف أن يغتسل قبل أن تطلع الشمس، قال: يتيمم ويصلي قبل فوات الوقت، وبه قال مالك في بعض الروايات، ومذهبنا أن ذلك في الجنائز والعيدين، قال أبو سليمان: وفيه حجة للشّافعي فيمن كان محبوسًا في حَش أو نحوه فلم يقدر على الطهارة بالماء أنه يتيمم ويصلي على حسب الإِمكان، إلَّا أنه لا يرى عليه/الإعادة إذا قدر عليها، وكذلك قال في المصلوب، وفيمن لا يجد ماءً ولا تراباً، إلَّا أنه يعيد، وفيه المنع من ذكر الله تعالى على الخلا، ولو نسب كالعطاس والموافقة في الأذان، وهو مذهبنا ومذهب الشّافعي وأحمد، خلافًا لقوم من السلف ومالك في حمد العاطس.

الاستنجاء بالماء حدثنا هناد بن السرى، نا أبو الأحوص عن منصور عن إِبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: " ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من غائط قطّ إلا مس ماءً " (1) هذا حديث أخرجه أبو حاتم البستي في صحيحه (2) كما قدمناه، فقال: نا الحسن بن سفيان، نا يحيى بن طلحة اليربوعي، نا أبو الأحوص بزيادة: " ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صائما العشر قط، ولا خرج من الخلاء إلا مس ماء " ولما ذكره البزار (3) في مسنده حديث الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عنها: " ما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صائمًا العشر قط " عن ابن المثنى وعمر بن علي قالا: نا أبو معاوية عن الأعمش قال: وهذا الحديث لا يعلم له طريقًا عن عائشة إلا هذا الطريق، وقد تابع الأعمش الحسن بن عبد الله عن إبراهيم. انتهى، وفيما قاله نظر؛ لما أسلفناه عند ابن حبان، والله أعلم. حدّثنا هشام بن عمار، نا صدقة بن خالد، نا عتبة بن أبي حاتم، حدثني طلحة بن نافع، أخبرني أبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك، قال لما نزلت: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرّين) (4) قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا معشر الأنصار إن الله قد أثنى عليكم في الطهور، فما طهوركم؟ قالوا نتوضأ للصلاة ونغتسل للجنابة ونستنجي بالماء، قال: فهو ذاك فعليكموه هذا " (5) معلل بأشياء: الأول: ضعف عتبة (6) بن أبي حكيم الهمداني أبا العباس الشامي

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 28- باب الاستنجاء بالماء، (ح/ 354) . وصححه الشيخ الألباني (2) صحيح. رواه ابن حبان: (5/247) . (3) صحيح. رواه البزار. وابن ماجة (1729) ، وأبو داود (2439) . (4) سورة التوبة آية: 108. (5، 6) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه أبن ماجة (355) والبيهقي (1/105) والحاكم والدارقطني (1/62) والكنز (33709) ونصب الراية (1/219) والمشكاة (369) والمنثور (3/278) والقرطبي (8/260) . في الزوائد: عتبة بن أبي حكيم: ضعيف، وطلحة لم يدرك أبا أيوب. وكذا صححه الشيخ الألباني: راجع صحيح أبن ماجة.

الطبراني الأزدي، فيما قاله أبو عبد الرحمن النسائي وابن معين، وفي كتاب الآجري قال أبو داود: سألت ابن معين عنه فقال: والله الذي لا إله إلا هو أنه لمنكر الحديث، وكان الإِمام أحمد يوهِّنه قليلًا،/وقال ابن عدي: أرجوا أنّه لا بأس به، وقال السعدي: كان غير محمود في الحديث وقال محمد بن عوض الحمصي: ضعيف الحديث، ومع ذلك فقد وثقة مروان الظاهري وأبو زرعة الدمشقي وأبو القاسم الطبراني، وقال أبو حاتم: لا بأس به. الثاني: يوسف بن طلحة بن نافع- وإن كان مسلم خرج حديثه- فقد تكلّم فيه غير واحد، منهم ابن معين بقوله: ليس بشيء، ويعقوب بن سفيان والحربي وأبو محمد بن حزم والأشبيلي وغيرهم. الثالث: انقطاع حديثه؛ وذلك أن ابن أبي حاتم ذكر في كتاب المراسيل: سمعت أبي يقول ... وذكر حديثا رواه عنه ابن أبي حكيم عن أبي سفيان، قال: حدثني أبو أيوب وجابر وأنس عن النبي- عليه السلام- فقال لي: لم يسمع أبو سفيان من أبي أيوب، فأما جابر قال شعبة: يقول سمع أبو سفيان من جابر أربعة أحاديث، قال أبي: وأما أنس فإنه يحتمل أن يقال: إنّ أبا سفيان أخذ صحيفة جابر وصحيفة سليمان اليشكري، وقال وكيع عن شعبة حديثه عن جابر صحيفة، وبمثله قاله سفيان بن عيينة، وقول الأعمش عنه: جاورت جابرًا ستّة أشهر، ليس صريحًا في السماع، فكم من مجاور لا يعرف حال جاره، وآخر مسافر مطلع على أسراره، وقال البستي في كتاب الثقات: وحديث الثقات يقضي له بالسماع منهم، لكنه على لسان ضعيف؛ فلهذا لم يعتبره أبو حاتم، والله أعلم. وقد روى عن أنس ولم يرو المقاطيع، ولما أخرجه الحاكم من حديث محمد بن شعيب بن شابور، حدّثني عتبة به قال: هذا حديث صحيح كبير في كتاب الطهارة، فإنّ محمد بن شعيب وعتبة بن أبي حكيم من أئمة أهل الشام، والشيخان إنّما أخذا مخ الروايات، ومثل هذا لا يترك، قال إبراهيم بن يعقوب: محمد بن شعيب أعرف الناس بحديث الشاميين، وله شاهد بإسناد صحيح. أحمد بن سليمان. نا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نا إسماعيل بن أبي أويس، نا أبي عن شرحبيل بن سعد عن عويمر بن ساعدة الأنصاري ثم العجلاني أن النبي- عليه السلام- قال لأهل قباء: " إن

الله قد أحسن الثناء عليكم/في الطهور وقال: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا ... ) حتى انقضت الآية " (1) فقال لهم: ما هذا الطهور؟ ... " الحديث. قال أبو العباس: نا محمد بن خالد عن مجاهد عن ابن عباس: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا) قال لما في نزلت هذه الآية بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عويمر فقال: ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به، قال: يا نبي الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل دبره- أو قال مقعدته- فقال عليه السلام: ففي هذا قال " (2) هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وقد حدث به سلمة بن الفضل هكذا عن ابن إسحاق، ولما ذكره الطبراني في الأوسط من حديث إسماعيل بن صبيح، نا أبو أويس به، قال: لم يروه عن عويمر إلا بهذا الإِسناد، فيحتمل أن يكون أراد إسماعيل فمن بعده، فإن كان كذلك فهذا يرُدّ عليه، وإن أراد أنه لم يقع إلا بهذا الإسناد فقريب، والله أعلم. قال الحاكم: وحديث أبي أيوب شاهده نا أبوَ بكر بن إسحاق، نا محمد بن أيوب، وأخبرني عبد الله بن محمد بن موسى، نا إسماعيل بن قتيبة، نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا عبد الرحيم بن سليمان عن رَجُلَين السائب الرقاشي عن عطاء بن أبي رباح وابن سَروة عن عمه أبي أيوب قال: قالوا يا رسول الله: من هؤلاء الذين نزل منهم: " فيه رجال يحبون أن يتطهروا " الحديث. انتهى ما ذكر، وقد تقدّم في حديث طلحة ما فيه كفاية، وأما تصحيحه حديث سهيل بن سعد، وكذلك ابن خزيمة لما رواه في صحيحه عن محمد بن يحيى، نا إسماعيل بن أبي أويس به فيه نظر؛ وذلك أنه ممن وصفه ابن سعد بالاختلاط وعدم الاحتجاج به، وقال ابن إسحاق بن يسار: نحن لا نروي عنه شيئا، وكان منهما وقال سفيان: احتاج فكأنهم اتهموه، وكانوا

_ (1) ضعيف. رواه أحمد في " المسند " (3/422) والحاكم في " المستدرك " (1/155) وابن خزيمة (83) والمجمع (1/212) وعزاه إلى " أحمد " والطبراني في الثلاثة " وفيه شرحبيل بن سعد، ضعفه مالك وابن معين وأبو زرعة، ووثقه ابن حبان. والكنز (4417) والطبري في " تفسيره " (11/22) والقرطبي (8/ 259) ولبن كثير في " تفسيره " (4/151) وبداية (3/209) . (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد" (1/212) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وإسناده حسن إلا أن ابن إسحاق مدلس، وقد عنعنه.

يخالفون إذا جاء الرجل وطلب منه شيء إذا لم يعضده أن يقول: لم يشهد أبوك بدينار، وقال ابن أبي ذئب: أما شرحبيل فهو شرحبيل وقد بينّا لكم- يعني، أمره- وكان متهمًا، وقال أبو زرعة: فيه لين، وقال مالك:/ليس بثقة، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن معين: ليس هو بشيء، ضعيف، وقال الدارقطني: يعتبر به، وهو ضعيف، وقال ابن عدي: وفي عامة ما يرويه إنكار، الثاني: انقطاع حديثه، وذلك أن عويمرًا توفى في حياة النبي- عليه السلام- يقبل في خلافة عمرو أيامًا كان فمتعذر سماعه منه؛ لأني لم أر له شيخًا مذكورًا في العلماء أقدم موتًا من زيد بن ثابت- رضى الله عنه- وكانت وفاته أيام معاوية. حدّثنا علي بن محمد، نا وكيع عن شريك عن جابر عن زيد العمي عن أبي بكر الصديق الناجي عن عائشة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغسل مقعدته ثلاثًا، قال ابن عمر: فعلناه فوجدناه دواءً وطهورًا " (1) هذا حديث قال فيه الطبراني في الأوسط: لم بروه عن أبي الصديق الناجي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا العمي، ولا عنه إلَّا جابر. تفرد به وأخرجه في موضع آخر بلفظ: قال عليه السلام: " استنجوا بالماء البارد، فإنه مصحة للبواسير " (2) رواه عن عبد الوارث بن إبراهيم، نا عمار بن هارون أبو الربيع السمار عن هشام عن أمه عنها، وقال: لم يروه عن هشام إلَّا أبو الربيع. تفرد به عمار- يعني المخرج حديثه في صحيح عبد الله- ولما ذكره أبو حاتم في الثقات قال: رّبما أخطأ، فهذا- والله أعلم- أصح من حديث ابن ماجة معلل مع التفرد بأشياء: الأول: جابر بن الحرث بن عبد يغوث بن كعب بن الحرث بن معاوية بن قائل بن مراي بن جعفر بن سعد العشيرة بن عبد الله، ويقال: أبو يزيد،

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 28- باب الاستنجاء بالماء، (ح/356) . في الزوائد: إسناده ضعيف لضعف زيد العمي. وجابر الجعفي، وإن وثقة شعبة وسفيان الثوري، فقد كذبه أيوب السختياني. وكذا ضعْفه الشيخ الألباني ضعيف ابن ماجة (ح/79) . (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5 /100) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عمار بن هارون، وهو متروك. وضعفه الشيخ الألباني: (ضعيف الجامع: ص 119 ح/830) .

ويقال: أبو محمد الكوفي التابعي، وإن وثقة سفيان الثوري وشعبة، فقد قال فيه أيوب السختياني وابن معين: كان كذابًا، وفي موضع آخر: لا نكتب حديثه ولا كرامة، وقال إسماعيل بن أبي خالد: قال الشعبي: يا جابر لا تموت حتى تكذب على النبي- عليه السلام- قال إسماعيل: ما مضى الأيام والليالي حتى اتّهم بالكذب، وقال البخاري: تركه ابن مهدي، وابن سعيد قال تركناه قبل/أن يقدم علينا الثوري، وقال زائدة: كان- والله- كذابًا يدين بالرجعة، وقال الإِمام أبو حنيفة: ما لقيت فيمن أكذب من جابر، ما أتيته بشيء من رأي إلا جاءني فيه بأثر، وقال فيه النسائي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: حديثه صالح، روى عنه الثوري الكثير، وشعبة أقل رواية عنه من الثوري، وقد احتمله الناس ورووا عنه وغاية ما قدموه أنّه كان يرى بالرجعة، ولم يختلف أحد في الرواية عنه، وهو مع هذا كلّه أقرب إلى الضعف منه إلى الصدق. انتهى كلامه، وفيه نظر في قوله: لم يختلف أحد في الرواية عنه؛ لما أسلفناه من كلام جرير وابن مهدي ويحيى بن سعيد وغيرهم، وفي قول أحمد: لم يتكلم أحد في حديثه أيضَا لما تقدّم عند ابن سعد وغيره. الثاني: زيد بن الحواري قاضي هراة أيام قتيبة بن مسلم، قال ابن أبي حاتم: قيل له ذلك لأنه كان كلّما سئل عن شيء قال: حتى أسئل عمي، قال يحيى: لا شيء، وفي موضع آخر: صالح، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، نكتب حديثه ولا نحتج به، وقال أبو زرعة: ليس بقوي، واهي الحديث، ضعيف، وقال النسائي: ضعيف، نا الشيخ الإمام نور الدين يوسف بن عمر الحنفي بقراءتي عليه قال: أنبأنا الإمامان الحافظ زكَي الدين المنذري، نا أبو محمد العثماني قراءة عليه، نا السلفيَ، وأبو التقا صالح بن شجاع إذنًا- إن لم يكن سماعًا- عن السلفي ناهية الله بن أحمد الأكفاني، نا أبو محمد عبد العزيز الكناني، نا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني، نا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي نا أبو بكر القاسم بن عيسى العصار نا أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني الحافظ المعروف بالسعدي بجمع كتاب الضعفاء من تأليفه، قال: ويزيد بن الحواري متماسك، وقال الدارقطني: صالح، وقال أبو أحمد: وعامة ما يرويه ويروى عنه ضعفاء، على أن شعبة قد

روى عنه، ولعلّ شعبة لم/يرو عن أضعف منه، وقال أحمد بن صالح: وقال ابن أبي شيبة: سألت أبن المديني عنه فقال: كان ضعيفَا عندنا، وقال ابن حبان: يروى عن أنمى أشياء موضوعة، لا يجوز الاحتجاج بخبره. الثالث: ما يوهم من انقطاع ما بين أبي بكر الصديق وعائشة، فإني لم أر أحدَا ذكر ذلك حين عددت مشايخه، ولم يأت هنا ما يدلّ على سماعه منها، فيتوقف فيه إلى أن تظهر ذلك، والله أعلم. حدّثنا أبو كريب: نا معاوية بن هشام عن يونس بن الحرث عن إبراهيم بن أبي مَصْونة عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نزلت في أهل قباء: (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) قال: كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية " (1) هذا حديث قال فيه الترمذي عند تخريجه غريب من هذا الوجه، ولما ذكره أبو داود سكت عنه، وكذلك عبد الحق، وتعقب عليه أبو الحسن ابن القطان بأن قال: احتمل أن يكون من قاسم ما يتسمح فيه وهو حديث إنّما يرويه إبراهيم بن أبي ميمونة، وهو مجهول الحال ... لا يعرف روى عنه غير يونس بن الحرث الطالقي وهو ضعيف، قال فيه ابن معين: لا شي وقال فيه أحمد: مضطرب الحديث، وحكى أبو أحمد عن ابن معين أنه قال: فيه ضعيف، وعنه قول أخر أنّه ليس به بأس، نكتب حديثه، وقال النسائي: ليس بالقوي، وعندي أنه لم تثبت عدالته وليس له من الحديث إلا اليسير. قاله ابن عدي: والجهل بحال إبراهيم كاف في تعليل الخبر، والله تعالى أعلم. انتهى قوله، وفيه نظر لكونه قد عصب الجناية برأس إبراهيم، وليس كذلك فإنّه ممن ذكره أبو حاتم البستي في كتاب الثقات، فذهب ما يوهمه من جهالة حاله، والله أعلم، فيشبه أن يكون سكوت أبي محمد تابعَا لسكوت أبي داود والترمذي، فلم نقض عليه بشيء، إذ الغرابة تكون في الحديث الصحيح، وقول ابن معين: لا بأس به نكتب حديثه، توثيق، وكذا قاله ابن عدي، لم وقال أبو داود: مشهور، روى عنه غير واحد، ومع ذلك فمنه معروف

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/357) وأبو داود (ح/44) ورواه الترمذي في التفسير. وقد نبه علي ذلك صاحب الزوائد. وصححه الشيخ الألباني.

في غير ما حدّث، وأما قول الترمذي: وفي الباب عن أبي أيوب وأنس وابن سلام ففيه نظر؛ لإِغفاله حديث جابر بن عبد الله، وحديث جابر عويمر وابن عباس المذكورين قبل، وحديث عمر بن الحطاب، قال فيهما: ذكرت لأحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: رأيت عمر بن الخطاب قال: فمسح ذكره بالأرض، ثم توضأ، ثم التفت إلي فقال: هكذا علمنا، قال أحمد: ليس بصحيح، قال شعبة: قال الحاكم: أما كان لعبد الرحمن بن أبي ليلى حين قتل عمر ست أو سبع سنين شعبة! عن الحكم عن ابن أبي ليلى قال: كان لعمر مكان يتبول فيه، لم يذكر. رأيت عمر، وحديث محمد بن عبد الله بن سلام ذكر للفدائي عن مالك بن معول: سمعت سالما أبا الحكم يذكر عن مسهر عن محمد بن عبد الله بن سلام قال: لما قدم علينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله أثنى عليكم في الطهور، قال رجال يحبون أن يتطهروا، ألا تخبروني! قالوا: يا رسول الله إنا نخبره مكتوبًا علينا في التوراة أن نستنجي بالماء ". ذكره البرقي في تاريخه، والله تعالى أعلم. وفي كتاب ابن حبان والترمذي من حديث أبي عوانة عن قتادة عن معاذة عن عائشة، أنها قالت: " مُزن أزواجكن أن يغسلوا أثر الغائط والبول بالماء؛ فإن النبي- عليه السلام- كان يفعله " (1) وقال فيه الترمذي: حسن صحيح، وفي لفظ لأحمد: (2) وهو " شفاء من الناسور " كذا هو في المسند، ولما سئل عنه فما ذكره حرب الكرماني، قال: لم يصح في الاستنجاء بالماء حديث، قال: فحديث عائشة! قال: لا يصح؛ لأنّ غير قتادة لم برفعه، وفي كلامه نظر؛ لأن الحربيِ ذكر في كتاب العلل من تأليفه: هذا الحديث واختلف فيه أصحاب معاذة؛ فرفعه قتادة، وليس منتشرا عنه، وأوقفه يزيد الرشك واتفق على ذلك أصحابه، إلَّا ابن شوذب فإنه رفعه،

_ (1) صحيح رواه البيهقي في " الكبرى " (1/106) والترمذي (ح/19) بلفظ: " مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء، فإني أستحيهم، فإنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعله " وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". (2) صحيح. رواه أحمد في " المسند ": (6/93) . قلت: وفد روى مرفوعا وموقوفا. قلت: والحديث صحيح في المسند بمتابعاته، ولما أخطأ فيه حرب الكرماني بقوله: لم يصح في الاستنجاء بالماء حديث. فقد روى أبو عوانة في صحيحه: " إذا تبرز لحاجته آتيته بالماء فتغسل به ". وهذه متابعة صحيحة.

والوهم في ذلك منه أو من ضمرة،/والصواب ما أجمع عليه شعبة وابن علية وحماد بن زيد وعبد الوارث وجعفر بن سليمان ورواه أبو قلابة أيضَا فأوقفه، ولم أسمعه عنه إلا من حديث أيوب، ولم يختلف أصحاب أيوب إلا ابن طهمان، فإنه رفعه ورواه عاصم الأحول فأوقفه، إلَّا أن أبا زيد قد رفعه عنه، وعاصم أحفظ من أبي زيد- إن شاء الله- ورواه إسحاق بن سويد وعائشة ابنة عزار فأوقفاه، والحديث عندي، والله أعلم- موقوف لكثرة من أجمع على ذلك ممن تقدّم ذكره، فهذا كما نرى غير قتادة رفعه، ووهم ابن شوذب عن يزيد وابن طهمان وأبو زيد عن أيوب، وفي كلام أبي إسحاق الحربي نظر، وذلك في قوله وفي حديث عائشة ابنة عزار وإسحاق بن سويد: موقوف، ولما ذكره الطبراني في الأوسط، فإنه لما ذكر حديث عائشة مرفوعَا، قال: لم يروه عنها إلَّا هشام بن حسان. تفرد به عمر بن المغيرة، وقال في حديث إسحاق حين رواه كذلك: لم يروه عنه إلَّا إبراهيم بن يزيد العدوي تفرد به جوهرة ابن أشرس، ولئن سلمنا لهم أن غير قتادة لم يرويه، وأنه منفرد بذلك، فلا يضر ذلك الحديث؛ لاعنه مع علمه وحفظه إذا رفع حديثَا خالفه فيه غيره قبل قوله وهو الصحيح؛ لكوخها زيادة من حافظ، والله تعالى أعلم، وفي حديث معاذة المذكور علة أغفلاها، عن الإِمامين أحمد والحربي، وهي انقطاع ما بين قتادة ومعاذة. ذكر ذلك يحيى بن معين فيما حكاه عنه ابن أبي حاتم، وفي كتاب البلخي: قال شعبة: كنت إذا قدمت المدينة يسألني الأعمش عن حديث قتادة، فقلت له يومَا: نا قتادة عن معاذة فقال: عن امرأة أعزب، وفي قول الإِمام أحمد: لم يصح في الاستنجاء حديث نظرَا لما في الصحيح من حديث أنس: كنت أحمل أنا وغلام نحوي إداوة ماء فيستنجي بالماء، ولفظ أبي عوانة/في صحيحه (1) يرد ما قاله فخرج عليها: وقد استنجى بالماء وفي لفظ له: " إذا تبرز لحاجته آتيته بالماء فتغسل به " لو سلم من كلام قاله الأصيلي: وهو القائل فيستنجي بالماء هو أبو الوليد هشام بن الوليد، وفي الصحيح: وانتقاص الماء هو فسد بالاستنجاء، وقد تقدم وجه حديث عائشة المذكور عند ابن ماجة. وابن حبان، وحديث جرير الآتي بعد: " فأتيته بماء

_ (1) رواه أبو عوانة في " صحيحه ": (1/221) .

فاستنجى به " وهو مصحح وغير ذلك، وٍ حديث معاذة مذكور في مسنده، وهو قد أخبر عن نفسه أنَه لا يقع فيه إلا ما صحَ عنده، أنا بذلك الشيخ الإِمام كمال الدين عبد الرحيم بن عبد المحسن بن ضرغام- رحمه الله تعالى- عليه، نا الإمام نجيب الدين الحراني عن الحافظ- أي محمد عبد الغني المقدسي- قالَ: قرأت على الإمام الحافظ محيي السنة أبي موسى المقدسي في كتاب خصائص المسند تألَيفه فذكره، فلا عدول عنه على هذا، والله أعلم، وطريق الجمع بين هذه الأخبار وحديث عمر: " ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ، ولو فعلت لكانت سنة " (1) الحمل على النّدب لا الوجوب، استدامة للطهارة لما تقدّم في استحباب الجمع، وقد يروى في فضل ذلك حديث رواه بريدة مرفوعا، قولها: " يغسل مقعدته " (2) يعني دبره، ومن أسمائها: العجز والعجيزة والسد والمؤخر والإلية والكفل والبوص والمعرض والسند والوجعاء والصحاري والجهوة والذعرة وَالوباعة وأم سويد وأم خبور وأم النعمة وأم عزم وأم عزمة وأم عزيمة وأم عرمل وأم سكين وأم تسعين وأم كيسان، لخصت ذلك من كتاب العرب المصنف، وجامع القرآن، والتلخيص لأبي هلال العسكري، والآباء والأمهات لعيسى بن إبراهيم العيسى، وكتاب البنت والبنات لأبي السرى عبد الرحيم بن محمد/بن أحمد، وأعرضت عما ذكره النباشي في كتاب فصل الخطاب، يكون معظمه لم تتكلم به العرب، وأما قباء فهو فيما ذكره البكري في كتاب معجم ما استعجم: ممدود على وزن فعال، من العرب من تذكره وتصرفه، ومنهم من يؤنثه ولا يصرفه، وهما موضعان موضع في طريق مكة من البصرة وبالمدينة، وقال ابن الأنباري في

_ (1) صحيح، وإسناده ضعيف. وتقدم. رواه أبو داود (ح/42) وابن ماجة (ح/327) وأحمد في " المسند " (6/95) وابن أبي شيبة في " المصنف (1/45) والمجمع (1/241) وعزاه إلى أحمد من رواية ابن أبي مليكة عن أمه، ولم أر من ترجمتها، وروى أبو يعلي عن ابن أبي مليكة عن أبيه عن عائشة. والمشكاة (386) والميزان (9662) (2) تقدم من أحاديث الباب ص 176، وهو ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 28- باب الاستنجاء بالماء، (ح/356) . وضعَفه الشيخ الألباني: ضعيف ابن ماجة (ح/79) . وفي الزوائد: إسناده ضعيف لضعف زيد العمي، وجابر الجعفي، وإن وثقة شعبة وسفيان الثوري، فقد كذبه أيوب السختياني.

كتاب للتذكير وا لتأنيث، وقاسم في الدلائل: وقد جاءت قباء مقصورًا وأنشد فلا يغنيكم قبا وعوارضًا ولا قبلن الخيل لأنه ضَرعد وهذا وهم منهما؛ لأنّ الذي في البيت إنّما هو قنا بفتح القاف بعدها نون، وهو جبل في ديار بني ديبان، وهو الذي يصلح أن يقرن ذكره بعوارض، وكذلك انشده جميع الرواة الموثوق بروايتهم ونقلهم في هذا البيت، وقال الهمداني: القباء اسم للأرض للغة حمير. انتهى كلامه، وفيه نظر في موضوعين: الأول: في قوله: وهما موضعان، يفهم من كلامه أنه ليس غيرهما، وليس كذلك، فإنّ ياقوت زاد ثالثا قال: وهي قرية في أول أرض اليمن من عمل الكور، ورابعا بلدة كبيرة هن نواحي فرغانة قرب الشاش، ينسب إليها أبو المكارم رزق الله بن محمد بن أبي الحسن القباني، سكن بخارى، وكان أديبا فاضلًا، سمع منه أبو سعد وغيره. والثاني: قوله: موضع في طريق مكة إلى آخره؛ لأن الحنفي زعم أنه منهل، وكذا ذكره أبو حاتم السجستاني- رحمهما الله- إن كانت اللغة لا تمنع من تسمية للنهل موضعا، فإن العرب يقضى عليها، والله أعلم. من دلك يده بالأرض بعد الاستنجاء حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: نا وكيع عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن أبي زرعة عن عمر بن حزم عن أبي هريرة. " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى حاجته، ثم استنجى من تور ثم دلك يده بالأرض " (1) هذا حديث أخرجه/أبو حاتم البستي في صحيحه (2) ، فقال: نا إسحاق بن إبراهيم وإسماعيل بن مبشر قالا: نا محمد بن آدم بن أبيِ إياس، نا شريك، نا إبرا هيم، وقال في الأوسط: لم يروه عن أبي زرعة إلَا إبراهيم. تفرد به

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: ا- كتاب الطهارة، 29- باب من دلك يده بالأرض بعد الاستنجاء، (ح/358) . وكذا صحّحه الشيخ الألباني قوله: " تور " إناء من صفر أو حجارة. (2) قوله: " صحيحة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

شريك، وسكت عنه الإشبيلي، واعترض عليه ابن القطان فقال: لا يصلح لعلتين: إحداهما: شريك، فإنه سيء الحفظ، مشهور بالتدليس، وهو في سوء الحفظ مثل ابن أبي ليلى ونضر بن الربيع، وكلهم اعتراهم سوء الحفظ لما ولوا أمر القضاء. والثانية: إبراهيم، فإنه لا يعرف حاله. وهو كوفي يروى عن أبيه مرسلًا، ومنهم من يقول: حدّثني أبي. انتهى كلامه وعلّهُ فيه مآخذ: منها تدليس شريك المخوف زال بحديثَ آدم عنه المصرح فيه بحدّثنا إبراهيم من عند ابن حبان، ومنها تسويته بين شريك وقليس ومحمد في سوء الحفظ، وليس كذلك؛ لأنه ممن خرج مسلم حديثه في صحيحه، وقال فيه ابن معين: ثقة وهو أحب إلي من أبي الأحوص وجرير وليس يقاس هؤلاء به وفي رواته ثقة إلَا أنه لا ينفذ ويغلط ويذهب بنفسه على سفيان وشعبة، قال فيه الإمام أحمد نحو ذلك وزاد، وهو في أبي إسحاق أثبت من زهير وإسرائيل، وخالف في ذلك ابن أبي داود، وسيأتي كلامه، وقال وكيع: لم نر أحدًا من الكوفيين مثل شريك، وحدث عنه ابن مهدي، وقال العجلي: ثقة حسن الحديث، وقال ابن عدي: والغالب على حالته الصحة والاستواء، وقال أبو داود: ثقة يخطئ على الأعمش زهير، وإسرائيل قرنه، وقال الآجري: وسمعت أبا داود يقول: إسرائيل أصح حديثًا من شريك، وسمعت أبا داود يقول: أبو بكر بن عياش بعد شريك، قال الآجري: سمعت أحمد بن عمار بن خالد، سمعت سعدويه يقول لإبراهيم بن محمد بن عرعرة: أدوا هذا لنا، سمعت عبد الله بن المبارك يقول: شريك أعلم بحديث الكوفة من سفيان، وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا، كتب الحديث وكان يغلط، توفى في ذي القعدة سنة سبع/وسبعين ومائة، ولما ذكره الحربي في كتاب العلل قال: كان ثقة، وكذلك الفسوي في تاريخه، ثقة صدوق، صحيح الكتاب، رديء الحفظ مضطربة، وقال النسائي في التمييز: ليس به بأس، فكيف يشبه من يكون هذه حالته بابن أبي ليلى القائل فيه شعبة بن الحجاج: ما رأيت أسوأ حفظًا منه، قال أحمد: سيء الحفظ، مضطرب في الحديث، وكذلك قاله

يحيى بن سعيد زاد حدا، وقال أبو حاتم: شغل بالقضاء فساء حفظه، وقال ابن حبان: كان فاحش الخطأ، رديء الحفظ فكثرت المناكير في حديثه، فاستحق الترك، تركه أحمد ويحيى وكذلك زائدة، وقال الدارقطني: هو رديء الحفظ، كثير الوهم، وقال ابن طاهر في كتاب التذكرة: أجمعوا على ضعفه، وليس كما ذكر؛ لأنّ العجلي ذكره في تاريخه فقال: كان صدوفا جائز الحديث، صاحب سنة، فلا إجماع إذا- والله تعالى أعلم- وأما قيس بن الربيع فقال فيه أحمد لما سئل عنه: لم يترك الناس حديثه فقال: كان يتشيع ويخطئ في الحديث ويروى أحاديث منكرة، وقال الجوزجاني: ساقط، وقال أبو داود: إنما أتى من قبل ابن له، كان يدخل أحاديث الناس في شرح كتابه، ولا يعرف الشيخ ذلك، وقال الأزدي: كان يعلّق النساء بثديهن ويرسل عليهن الزنا بيد فتكلم فيه غير هؤلاء، ومنها قوله: إبراهيم لا يعرف حاله، وليس كما قال: فإنه ممن روى عنه أبان بن عبد الله العجلي، وحميد بن مالك اللخمي، وداود بن عبد الجبار، وزياد بن أبي سفيان، وقيس بن مسلم، وشريك، وذكره أبو حاتم في كتاب الثقات، وقال ابن عدي: لم يضعفه في نفسه، وإنما قيل: لم يسمع من أبيه شيئا، وأحاديثه. مستقيمة تكتب، ومنها قوله: ومنهم من يقول: حدثني أبي وذلك لا يستقيم، وأني له بالسّماع من أبيه مع قول ابن سعيد فيه: مولده بعد موت أبيه، وكذلك قال الحربي في كتاب العلل، وبنحوه ذكره الآجري، ومنها إغفاله علّة هي في الحقيقة لم إن صحت علة الخبر لا ما ذكر أبو عبد الله أحمد بن حنبل حسن سؤال حنبل له عنه، هذا حديث قيل: وأشد من هذا ما ذكر أبو داود من رواية ابن العبد عنه: نا محمد بن عبد الله المخزومي، نا وكيع عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن المغيرة عن أبي زرعة عن أبي هريرة، فهذا كما ترى إبراهيم صرح بأنه لم

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 23- باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى، (ح/45) . قلت: وحسنه على قاعدة أبي داود، الذي صنف عليها كتابه " السنن ". (2) صحيح. رواه النسائي في " الصغرى ": 1- كتاب الطهارة، 40- باب الاستنجاء بالماء (1/42) .

يسمعه من أبي زرعة، أما سمعه من المغيرة عنه، ولو كان أتى بلفظ يشعر بسماعه منه لكنا نقول: سمعه منه وعنه، فلما لم يأت بذلك، إنما قاله معنعنا؛ دلنا ذلك عن انقطاع حديثه له لروايتنا واسطة بينهما، ولا أدري من هو في جماعة مسمين بهذا الاسم، وفي هذه الطبقة، ولفظ أبي داود: " كان عليه السلام إذا أتى الخلاء أتيته بماء في تور أو ركوة، فاستنجى ثم مسح يده على الأرض، ثم أتيته بإناء آخر يتوضأ " (1) ولما ذكر الحافظان أبو محمد المنذري وأبو عبد الله محمد بن عبد الواحد في كتابيهما، فالا: أخرجه أبو داود وابن ماجة تبعا في ذلك الحافظ أبا القاسم ابن عساكر، وهو وهم منه؛ لأنّه ثابت في كتاب السنن للنسائي المجتبي والكبير، ولفظه: " فتوضأ، فلما استنجى دلك يده بالأرض " (2) رواه عن محمد بن عبد الله بن المبارك، نا وكيع عن شريك وأشار الطبراني في الأوسط إلى إبراهيم تفرّد به وعنه شريك، وأما قول من قال من العلماء المتأخرين: إن ابن خزيمة أخرجه في صحيحه فيشبه أن يكون وهم؛ لأنّي نظرت كتاب ابن خزيمة فلم أجد ذلك فيه، إنّما فيه حديثه- أعني إبراهيم- عن أبيه الآتي بعد، فلعله اشتبه عليه، والله أعلم، ورواه أبان بن عبد الله عن مولى لأبي هريرة عن أبي هريرة، قال عليه السلام: " ائتني بوضوء، ثم دخل غيضة فأتيته بماء؛ فاستنجى ثم مسح يده بالتراب، ثم غسل يده " ذكره الدارمي (1) في مسنده عن محمد بن يوسف عنه، وأبو يوسف اختلف في اسمه، فذكر الحافظ أبو عبد الرحمن النسائي/في كتاب الأسماء والكنى من تأليفه أنَّ اسمه عمرو بن عمرو بن محيرز بن عبد الله، نا محمد بن عيسى، سمعت عباسًا، سمعت يحيى يقول: اسم أبي زرعة بن عمرو بن جرير: عمرو بن عمرو بن جرير، وفرَق بينه وبين أبي زرعة هَرِم، وقال عن علي هرم أبو زرعة ليس هو ابن عمرو بن جرير، إنما هو آخر، ثم في

_ (1) حسن. رواه الدارمي (ح/678) وأبو داود (ح/45) والنسائي (كتاب الطهارة، باب دلك اليد بالأرض بعد الاستنجاء1/45) . قلت: وفي سنده عند أبي داود والنسائي شريك القاضي، وفيه مقال. وعند الدارمي فيه رجل لم يسم، ولكن حسنه لشواهده. (2) صحيح. رواه ابن خزيمة في: كتاب الطهارة، باب الاستنجاء بالماء.

الطبقات لابن سعد: كان لجرير ابن يقال له عمرو، وبه كان يكنى، هلك في إمارة عثمان، فولد له ابن فسماه جرير بن عبد الله باسم أبيه، وغلبه عليه أبو زرعة، وأبي ذلك أبو حاتم بن حبان في كتاب الثقات، وأبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستذكار فلم يذكرا غيره، زاد أبو حاتم: وقد قيل اسمه كنيته، وأما أبو حاتم الرازي، وأبو زرعة فسمّاه عبد الرحمن، وأما مسلم فاختلف قوله، فسماه في الطبقات عبد الله وفي الكُنى هرما. حدثنا محمد بن يحيى أبو نعيم، نا أبان بن عبد الله حدّثني إبراهيم بن جرير عن أبيه: " أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل الغيضة فقضى حاجته، وأتاه جرير بإداوة من ماءٍ، فاستنجى بها ومسح يده بالتراب " (2) هذا حديث رواه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن محمد بن يحيى، كما رواه أبو عبد الله، ولما أخرجه أبو عبد الرحمن النسائي إثر حديث شريك المتقدم قال: هذا أشبه بالصواب من حديث شريك، ومع ذلك ففيه علّتان لضعف الحديث بواحدة منها. الأولى: ما أسلفناه من أن جريرًا توفى قبل ولادة ابنه إبراهيم، وقال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه، وكذلك قاله يعقوب، ولما ذكر الدارقطني حديثه عن أبيه في المسح على الخفين، ومن رواه عنه كذلك قال: خالفهما شريك؛ فرواه عن إبراهيم عن قيس بن أبي حازم عن جرير، وهو أشبه، والله تعالى أعلم. وذكر بعضهم أنه أحد قوله حدثني أبي إلا داود بن عبد الجبار وهو متهم بالكذب. الثانية: أبان بن عبد الله البجلي المعروف بابن أبي حازم- وإن كان قد وثق- فقد قال فيه ابن حبان: كان ممن فحش خطؤه وانفرد بالمناكير ولم يحدث عنه يحيى بشيء، وقد روى نحوهما عن عائشة، التور بالتاء: إناء يشرب فيه. ذكره الجوهري، وفي الجمهرة لابن دريد: التور عربي معروف، هكذا يقول قوم، وقال آخرون: هو دخل فأمّا التور الرسول فعربي صحيح، وقال الجواليقي هو إناء معروف يذكره العرب، قال أبو عبيد عن أبي عبيدة: ومما دخل في كلام العرب. الطست والتور والطاجن، وهي فارسية كلها، وقال الزمخشري في الأساس: هو إناء صغير مذكر عند أهل اللغة، ومررت بباب

العمرة على امرأة تقول لجارتها: أعيريني تويرتك، وسُمي بذلك لأنه يتعاور، سمى بالتور وهو الرسول الذي يدور من العساب، ومأخذه من الترة؛ لأنه تارة عند هذا، وتارة عند هذا، وذكر أبو موسى في المغيث أنّه إناء يشبه الإِجانة من صفر أو حجارة، يتوضأ فيه ويؤكل، والجمع والغيضة الأجمة، وهي مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر، والجمع غياض وأغياض، وغيض الأسد أي ألف الغيضة. ذكره في الصحاح، وقال أبو موسى: هو شجر ملتف، وفي الجامع: يقال لما كثر من الطرفا والإِبل وما أشبهه: غيض، وقال أبو حنيفة: الغيضة ما كان من العرب خاصة، والِذي جاءت به الأشعار خلاف هذا قال رؤبة: في غيضه شجراء لم تمعَّر ... من خُشْب عاش وغاب مثمر فجعلها من المثمر وغير المثمر، وجعلها أيَضَا غابة وأي عَرب بنجد بلى غُرب الأرياف إذا اجتمعت فهي عياض، وكذلك إن كانت من غير العرب بعد أن تجتمع وتلتف، قال الطرماح: ومخاريج من شعار وغيل وغماليل مُدجنات الغياض،/والغلول: بطن من الأرض غامض ذو شجر الغال نحو منه ذكر. ذلك أبو عمرو فجعلها غياضا وهي ألفاف من الشجر، وليست منابت غرب، وشبيه به الغيل والغيلة والغابة، وفي الغريب المصنف: ونحو منه السرداج والخبراء والسَّلان والعقرة، وفي كتاب أسماء الشجر لأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري، ومثله الحرجة والنوطة والفرش والوهط والسليل والرحبلة وقصيمة، والآبار والعصل والشجر والأجمة والخميلة. تغطية الإِناء حدّثنا محمد بن يحيى بن يعلي بن عبيد، نا عبد المالك بن أبي سليمان عن أبي الزبير عن جابر قال: " أمرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نوكي أسقيتنا ونغطي آنيتنا " هذا حديث لما أخرجه الترمذي (1) قال فيه: حسن صحيح، وأخرجه

_ (1) صحيح. رواه الترمذي في: 26- كتاب الأطعمة، باب " 15 "، (ح/1812) وقال: " هذا حديث حسن صحيح ".

ابن خزيمة (1) في صحيحه، وقال ابن منده: إسناده صحيح على رسم الجماعة، إلا البخاري لأبي الزبير، وسعيد ذكره مطولا في كتاب الأشربة حيث أعاد أبو عبد الله، ذكره فيه- إن شاء الله تعالى- حدثنا عصمة بن الفضل ويحيى بن حكيم قالا: حدّثنا حرمي بن عمارة بن أبي خصيمة، نا حريش بن خربت، نا ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: " كنت أضع لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثة آنية من الليل مخمرة؛ إناء لطهورها وإناء لسواكه، وإناء لشربه " (2) هذا حديث إسناده ضعيف لضعف رواته حريش (3) أخي الزبير بن خريت، وإن كان قد روى عنه حرمي ومسلم بن إبراهيم والمؤرج بن عمرو السدوسي، فقد قال فيه البخاري: فيه نظر، وهو إذ قال هذا اللفظ بريد أنه لا يحمل هكذا أُخبر عن اصطلاحه فيما ذكره الذلال عنه، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال الرازي: لا يحتج بحديثه، وقال الدارقطني:/يعتبر به، وقال ابن عدي: ولا أعرف له كثير حديث فأعتبر حديثه فأعرف ضعفه من صدقه، ولما رواه البزار من حديث جرمي قال: وهذا الحديث لا نعلمه بروى إلا عن عائشة، ولا نعلم له إسنادً اعن عائشة إلا هذا الإِسناد، قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن ابن أبي مليكة إلا الحريش. لفرد به جرمي، حدّثنا أبو بدر عباد بن الوليد، نا مطهر بن الهيثم، نا علقمة بن أبي جمرة عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يكل طهوره إلى أحد، ولا صدقته التي يتصدّق بها، ويكون هو الذي يتولاها بنفسه " (4) هذا حديث معلل بأمرين:

_ (1) صحيح. رواه ابن خزيمة (132) وأحمد (3/301) والكنز (41264) وبداية (1/62) . (2) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب تغطية الإِناء، (ح/361) . وكذا ضعْفه الشيخ الألباني. أنظر: ضعيف ابن ماجة (ح/80) . قوله: " مخمرة " أي مغطاة، وجاء الأمر بتغطية أواني الطْعام والشراب غير هذا، والخُمرة: قطعة صغيرة من القماش أو الخوص، وقد يُصلى عليها، وتكون محل السجود. (3) حدثني بن الخريت، أخو للزبير بن خريت. قال البخاري: " فيه نظر ". (روى عنه مسلم بن إبراهيم) . قال أبو زرعة: واهي الحديث. (4) ضعيف جدْا. رواه ابن ماجة (ح/362) في الزوائد: إسناده ضعيف. لضعف مطهر بن

الأول: الجهالة بحال علقمة هذا، فإني لم أر أحدًا ذكره ولا ذكر له راويا غير ما في هذا الإِسناد بغير زائد عليه. الثاني: مطهر بن الهيثم- وإن كان قد روى عنه جماعة- فقد قال فيه ابن يونس: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروى عن موسى بن علي ما لا يتابع عليه وعن غيره من الثقات ما لا يشبه حديث الإثبات، وقد وقع لنا هذا الحديث يعلو درجتين فإني سمعته من طريق ابن ماجة من المسند (1) المعمر بدر الدين التركي بقراءتي عليه، أنبأكم ابن رواح عن أبي الطاهر، نا أبو القاسم الأرخى أبو الحسن الدارقطنِي بكتاب المعلين من أبناء المكذبين، نا محمد بن مخلد، نا أبو بدر فذكر، وفي كتاب البغوي الكبير: نا أبو العلاء، نا الليث عن معاوية بن صالح أن أبا جمرة حدّثه عن عائشة فذكرت حديثًا فيه: " ولا رأيت النبي- عليه السلام- وكل وضوءه إلى غير نفسه، حتى يكون هو الذي يأتي وضوءه لنفسه حتى يقوم من الليل " وأما الوكاء، فذكر ابن دريد في الجمهرة أنه كل خيط شدّدت به وعاءً متحفظا له، وفي الجامع تقييده بالمدّ وبكلّ حبل وخيط، وفي الصحاح تقييده بالذي يشدّ به رأس القربة. وذكره/الزمخشري في باب الحقيقة، وأما السقا، فذكر ابن دريد أنه القربة الصغيرة، والجمع أسقية، وفي الجامع تقييده بالمدّ، وفي الصحاح يكون في اللبن والماء والجمع أسقية وأسقيات، والكثير أساق

_ الهيثم، وإتحاف (4/171) والكنز (17845) والمغني عن حمل الأسفار (1/227) . وكذا ضعْفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف سنن ابن ماجة (ح/81) ، والضعيفة (ح/4250) . (1) " بالأصل " وردت " تركية " ليس لها أهمية للقارئ.

غسل الإِناء من ولوغ الكلب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي رزين قال: رأيت أبا هريرة يضرب جبهته بيده ويقول: يا أهل العراق ألم تزعمون أتي أكذب على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليكون لكم الهناء وعلي الإِثم؟ أشهد لسمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات " (1) ثنا محمد بن يحيى، نا روح بن عبادة مالك بن أنس عن أبي زياد عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات " هذا حديث اجتمع على تخريج أصله الأئمة الستة، وفي مسلم (2) : " طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات أولهن بالتراب " وفي الترمذي (3) : " أولاهن أو أخراهن، وإذا ولغت فيه الهرة غسل مرة "، وقال: حسن صحيح، وفي مسلم (4) من حديث الأعمش عن أبي رزين بن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعَا: " فليتربه وليغسله سبعَا، زاد ابن خزيمة من حديث علي بن حجر عن علي بن مسهر عن الأعمش ": " يصلحه " وزعم النسائي أن هذه ألم بالصحة الزيادة لم يتابع ابن حجر عليها أحدَا عن قوله: " وإذا انقطع شسع أحدكم فلا مشي فيه " (5) . وفي الصحيح: " إذا شرب " من حديث مالك، وكذا هو في الموطأ، قال أبو

_ (1- 3) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/93) وأبو داود (ح/73) والنسائي (1/ 54، 177) والدارمي (1/188) والبيهقي في " الكبرى " (1/18، 241، 242، 251) والدارقطني في " سننه " (1/64، 65) وعبد الرزاق في " مصنفه " (33) وابن خزيمة (98) ونصب الراية (1/131، 133) والمجمع (1/287) وابن ماجة (363- 366) وتلخيص (39، 238) والترمذي (ح/91) وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". (4) انظر: الحاشية السابقة. (5) صحيح. رواه مسلم في (اللباس، ح/69، 71) وأبو داود في (اللباس، باب " 43 "، والنسائي (8/118) وأحمد (2/314) وعبد الرزاق (20216) والطبراني (7/337) وشرح السنة (2/77) والبخاري في " الأدب المفرد " (ح/956) ومشكل (2/142) والكنز (41601) ومطالب (3352) والمجمع (5/139) وصفة (2/331) .

عمر بن عبد البرهان: أقال مالك: إذا شرب، وغيره من رواة حديث أبي هريرة يقول: " إذا ولغ ". وهو الذي يعرفه أهل اللغة، وتابعه على ذلك الإِسماعيلي وابن مندة وليس كما قالوا/لأمرين: الأول: مالك- رحمه الله- لم ينفرد بهذه اللفظة، بل تابعه عليها غيره عن الأعرج- وهو المغيرة بن عبد الرحمن- وورقاء، فيما ذكره الجوزقي وغيره، ووقعت هذه اللفظة أيضا من رواية أبي هشام محمد بن الزبرقان قال: نا هشام بن حسان عن محمد عن أبي هريرة. الثاني: في قوله: أبي: عمر هكذا قال مالك: يقتضي ظاهره اتفاق الرواة عنه على ذلك، فإنهم لو اختلفوا كان القول منسوبا إلى رواة هذه اللفظة عنه دون غيرهم، وقد رواه الإسماعيلي عن محمد بن يحيى بن سليمان عن أبي عبيد القاسم بن سلام عن عمر بن مالك بإسناده سواء، ولفظه: " إذا ولغ " وذكر الدارقطني- رحمه الله- أنَّ أبا علي الحنفي رواه عن مالك، وأنه مما عرِف به- والله تعالى أعلم- وفي كتاب أبي الشيخ الأصبهاني: " فليمضه بالماء سبعا " وفي الأوسط للطبراني من رواية هشام بن حسان وموسى بن عبيد عن ابن سيرين: " أولاهن بالتراب " ورواه أبان عن قتادة عن: " السابعة بالتراب " ورواه خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة: " أولاهن " قال البيهقي: غريب إن كان حفظه معا- يعني عن أبيه عن قتادة عن خلاس- فهو حسن؛ لأن التراب في هذا الحديث لم يروه ثقة غير ابن سيرين عن أبي هريرة، وإنما رووه عن هشام عن أبي قتادة عن ابن سيرين، ورواه ابن أبي عروبة عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة: " أولاهن " وفي رواية أبان وغيره عن قتادة عن السابعة، وفي رواية يزيد بن إبراهيم عن ابن سيرين " إحداهن " انتهى، وفي قوله لم يروه عن أبي هريرة ثقة غير ابن سيرين نظر؛ لما أورده أبو الحسن الدارقطني في كتاب السنن بإسناد حسن فقال: نا أبو بكر النيسابوري، نا يزيد بن سنان، نا خالد بن يحيى الهلالي، نا سعيد عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي-/عليه السلام-: " طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه يغسل سبع مرات الأولى بالتراب " الحسن أنكر سماعه عن أبي هريرة جماعة، وفي كتاب الطبراني الأوسط ما يوضح لك أنّ ذلك ليس

بصواب، وأن الصواب عكسه، قال أبو القاسم: نا محمد بن زياد الأنزاري، نا عبد الأعلى بن حماد، نا أبو عاصم العباداني، نا الفضل بن عيسى الرقاشي عن الحسن قال: خطبنا أبو هريرة فذكر حديثًا طويلًا قال في آخره: لا يروى هذا الحديث عن أبي هريرة إلا هذا الإِسناد. تفرّد به عبد الأعلى، وهذا الحديث يؤيد قول من قال أن الحسن سمع من أبي هريرة بالمدينة، وقد رأى الحسن عثمان يخطب على المنبر- والله أعلم- وفي المعجم الصغير له قال: وقال بعض أهل العلم أنه سمع منه، وفي كتاب أبي موسى المدني المسمّى بالترغيب والترهيب من حديث عمرو بن عدي عن صالح بن محمد بن سلمة الكندي عن حماد بن عبد الله سمعت الحسن يقول: سمعت أبا هريرة يقول ... فذكر الحديث، وفي كتاب النصيحة للآجري، وتفسير القرآن العظيم للثعلبي: لا يحضرني الآن ذكره، وفي كتاب المناهي تأليف أبي القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل الأزجي: نا أبو بكر محمد بن أحمد المقيد، نا أحمد بن محمد الغساني، نا مهدي بن جعفر الرملي، نا أبو الجليل العباس بن الجليل الطائي الحمصي، نا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، قال حدثنا ضمرة بن ربيعة: نا عباد بن كثير بن قيس الثقفي، نا عثمان بن الفرح عن الحسن بن أبي الحسن قال: حدّثني سبعة رهط من الصحابة- عبد الله بن عمر وأبو هريرة الدوسي وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين ومعقل بن يسار وأنس- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكر حديثًا مطولًا. عن الحسن قال: سألت عمران بن حصين وأبا هريرة عن قصور الجنة فقالا: على الخبر بها سقط الحديث، وفي مسند أبي داود الطيالسي بإسناده على شرط/ الشيخين: نا عباد بن راشد، نا الحسن، نا أبو هريرة ونحن إذ ذاك بالمدينة قال: " يحيى الإِسلام يوم القيامة " (1) الحديث. نا أبو الأشهب عن الحسن قال: " قدم رجل من أهل المدينة فلقى أبا هريرة " فذكر حديثًا طويلًا، في آخره قال أبو داود: سمعت شيخنا في المسجد الحرام يحدّث بهذا الحديث، قال: وقال الحسن وهو في مجلس أبي هريرة لما حدث هذا الحديث ... فذكر كلامًا، وفي كتاب الناسخ والمنسوخ لابن شاهين: نا عبد الله بن سليمان بن

_ (1) قوله: " للقيامة " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

الأشعث وما كتبه إلَا عنه، نا أحمد بن محمد التمامي، نا النَّضر بن محمد، نا شعبة عن موسى بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة قال عليه السلام: " إذا أراد أحدكم أن يغشى المرأة " (1) الحديث. قال هذا صحيح غريب، ما كتبناه عن أحد إلَّا عن عبد الله بن سليمان، وقال الدارقطني في كتاب العلل: نا دعلج قال: سمعت موسى بن هارون يقول: سمع الحسن من أبي هريرة، إلَا أنّه لم يسمع منه عن النبي- كليه السلام-: " إذا قعد بيْ شعبها الأربع بينهما " (2) أبا رافع ولما خرج الترمذي (3) حديث: " لعن عبد الدينار والدرهم " وحديث موسي عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعًا، قال فيه: حسن غريب، وقال في حديث أبي هريرة أن موسى كان يُحدِّث عن عبد بن حميد عن روح بن عبادة عن عوف عن الحسن بن محمد بن خلاس عنه، قال: هذا حديث حسن صحيح، ولما خرج ابن حبان في صحيحه حديث الإِسراء من جهة همام بن يحيى عن قتادة عن أنس بن مالك بن صعصعة، قال في وسطه: قال قتادة: ونا الحسن عن أبي هريرة عن النبي- عليه السلام-: " أنه رأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون منه " ثم رجع إلى حديث أنس فذكره، وأما ما في كتاب المراسيل لابن أبي حاتم: نا علي بن الحسن الهسجاني، نا إبراهيم بن عبد الله الهروي، نا إسماعيل بن علية عن

_ (1) ضعيف. رواه أحمد في " المسند ": (3/28) (2) صحيح متفق عليه. رواه البخاري في (الغسل، باب " 28 ") ومسلم في) الحيض، ح/87، 88) وأبو داود (ح/216) والنسائي في) الطهارة، باب " 12 " (وابن ماجة (ح/610) والداري في (الوضوء، باب " 75 " (وأحمد في " المسند " (2/234، 393، 347، 471، 520، 6/47، 112) والبيهقي في " الكبير " (1/163) والدارقطني في " سننه " (1/113) الخطيب في " تاريخه " (12/ 381، 384) والحلية (8/294، 1295) . وصححه الشيخ الألباني. (الإِرواء: 1/163) . (3) حسن. رواه الترمذي في: 37- كتاب الزهد، باب " 42 "، (ح/2375) . وقال: " هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه، عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيضا أتم هن هذا وأطول ". قلت: وقد زالت غرابة ضعف الحديث، لما ذكر الترمذي شاهد الحديث من الوجه الثاني؟ وعلى هذا فالحديث حسن.

شعبة عن قتادة قال: قال الحسن إنا والله- ما أدركنا إلا وقد مضى صدر من أصحاب محمد/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأول، قال قتادة: إنما أخذ الحسن عن أبي هريرة، قلت له: زعم زياد الأعلم أنَ الحسن لم يلق أبا هريرة قال: لا أدري، فظاهره يحتمل إنكار قول زياد وعدم رجوع قتادة إليه، وأنه أخبر بالواقع الذي عنده، وأنَه يصوب لا أدري منكما بقول زياد- والله تعالى أعلم- فقد ظهر من مجموع ما ذكرنا صحة قول من قال أنه سمع من أبي هريرة، وفساد قول من خالف ذلك، وفي كتاب البزار عن يونس عن ابن سيرين: " أو لهن أو أخراهن "، وفي رواية عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فلا يجعل فيه شيئًا حتى يغسله سبع مرات ". قال في الأوسط: لم يروه عن صفوان بن سليمان غير عطاء إلا إبراهيم بن محمد. تفرد به إسماعيل بن عباس، وفي نسخة ابن المثنى: " إذا ولغ الكلب في الإِناء غسل سبع مرات أولهن بالتراب، وإذا ولغ الهر غسل مرة " وسيأتي الأصلان في ولوغ الهر، وفي تاريخ أبي عبد الله محمد بن الحسين بن عمر اليمني، ومن خطه نقلت: نا الحسن بن عبد الله، نا الربيع بن سليمان الخبري، نا سعيد بن عقير، نا يحيى بن أيوب عن ابن جريح عن عمرو بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: " يغسل الإِناء من الخمر كما يغسل من الكلاب " قال أبو عبد الله: تفرد به يحيى بن أيوب. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة: نا شبابة، نا شعبة عن أبي الرياح، سمعت مطرفًا يحدث عن عبد الله بن المغفل أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا ولغ الكلب في الإِناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة بالتراب " (1) هذا حديث أخرجه مسلم في صحيحه بزيادة: " أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتل الكلاب، ثم قال: ما بالهم وبال الكلاب، ورخص في كلب الصيد وكلب الغنم وقال: إذا ولغ ... " الحديث. حدثنا محمد بن يحيى، نا ابن أبي مريم، نا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات " هذا حديث ظاهر إسناده صحيح على شرط الشيخين، وليس كذلك/لقول ابن عساكر في كتاب

_ (1) تقدْم من أحاديث الباب. ص 190.

الأطراف: وفي نسخة عبد الله وهو أشبه، ولما ذكر ابن سرور ومشايخ سعيد بن الحكم بن أبي مريم، لم يذكر عبيد الله فيهم، إنما ذكر عبد الله، وبذلك يخرج الإِسناد من الصحة إلى الضعف؛ إنما قيل في عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبي عبد الرحمن، ويقال: أبو القاسم القرشي العدوي أخي عبيد الله، قال: دخلت وإن كان مسلم قد خرج حديثه معروفا، قال عمرو بن علي: كان يحيى لا يحدّث عنه، وسئل عنه ابن المديني فقال: ضعيف، وقيل لأحمد: كيف حديثه؟ فقال: كان في قرية في الأسانيد، وكان رجلا صالحا، وقال أبو حاتِم: نكتب حديثه ولا نحتج به، وقال ابن معين: ضعيف، وفي رواية ليس به بأس نكتب حديثه ولا نحتج به، وقال منصور بن إسحاق، صويلح وقال صالح بن محمد، لين مختلط الحديث، وقال ابن عدي: لا بأس به في رواياته: صدق وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال العجلي: لا بأس به، وقال البخاري: ذاهب لا أروى عنه شيء، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث مستضعف، وقال ابن حبان: غلب عليه التعبّد حتى غفل عن حفظ الأخبار أجودة الحفظ، فوقعت المناكير في روايته، فلما فحش خطأه استحق الترك، وفيه ردّ لما قال الترمذي إثر حديث أبي هريرة: وفي الباب عن ابن معقل، وأغفل أيضا حديث علي بن أبي طالب من الدارقطني يرفعه: " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات إحداهن بالبطحاء " وإسناده لا بأس به، ولما رواه أبو القاسم في الأوسط (1) مطولا قال: لم يروه عن أبي إسحاق- يعني عن هبيرة بن مريم عن علي- إلا إسرائيل، ولا عنه إلَّا الجارود بن يزيد، ولا يروى عن علي إلَّا هذا الإِسناد. قوله: " إذا ولغ " الولغ من الكلاب والسباع كلها هو أن يدخل لسانه في الماء وغيره من كل تتابع، فيحركه فيه عن بعد تحريكًا قليلا أو كثيرًا. قاله المطرد، وقال مكي في شرحه: فإن كان غير مائع قيل: لعقه ولحسه، قال المطرز فإن كان الإِناء فارغا/يقال: لحس معاً: وإن كان فيه شيء قيل: ولغ، وقال البيلي: هذا

_ (1) ضعيف جدا، أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/286) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " من طريق الجارود عن إسرائيل، والجارود لم أعرفه. وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 105 ح 733) .

يقتضي أنه إذا كان في الإِناء شيء مائعَا كان أو غير مائع فإنه يقال فيه ولغ، وهو خلاف ما تقدّم. قيل عنه وعن غيره، وقال ابن درستويه: معنى ولغ لطعه بلسان، شرب فيه أو لم يشرب، كانّ فيه ماء أو لم يكن، وفي الصحاح ولغ الكلب لشرابنا وفي شرابنا ومن شرابنا، وقال المطرز: ولا يقال ولغ في شيء من جوارحه سوى لسانه، وقال ابن جنِّي في شرحه شعر المتنبي: أصل الولع: شرب السباع بألسنتها الماء، ثم كثر فصار للشرب مطلقًا، وعن ثعلب: سمعت ابن الأعرابي وقد سئل أيكون الولوغ للطير؟ قال: لا يكون إلَّا في باب وحده، وتبعه على ذلك المطرز في كتاب الياقوت، والجوهري، وغيرهما، أنشد المطرز: ندب عنه كف بها رمق ... طير عكوفًا كزور العرس عما قليل خلس مهجته ... فهن من والغ ومنتهس وفي كتاب الفصيح: ولغ- يعني بفتح اللام- الكلب في الإناء يلغ ويولغ، إذا أولغه صاحبه، وينشد هذا البيت: ما مر يوم إلَّا وعندهما ... لحم رجال أو يولغان وما وذكر عنه المطرز انه يقال فيه: ولغ بكسر اللام، ولكنّها لغة غير فصيحة، وتبعه على ذلك أبو علي وابن القطاع وابن سيده في المحكم وأبو حاتم السجستاني في تقويم المفسد، زاد: وسكن بعضهم اللام فقال: ولغ قال ابن جني: مستقبله يلغ بفتح اللام وكسرها، وفي مستقبل ولغ بالكسر يلغ بالفتح، زاد ابن القطاع: ويلغ بكسر اللام كما في الماضي، وقد جاء في بعض ألفاظ حديث أبي هريرة مرفوعًا: " يغسله بالماء ثلاثًا أو سبعًا "، ولكن في الطريق إسماعيل بن عباس، وهو ضعيف، وعنه عبد الوهاب بن الضحاك، قال الدارقطني: تفرّد به وهو متروك/الحديث، وغيره يرويه عن إسماعيل بهذا الإسناد فاغسلوه تتبعًا، وهو الصواب، ومن طريق عبد المالك عن عطاء: " إذا ولغَ الكلب في الإناء فأهرقه ثم أغسله ثلاث مرات " (1) قال الدارقطني: هذا موقوف، ولم يروه هكذا غير عبد المالك عن عطاء، هذا تعلّق الحنفيون اعتمادًا

_ (1) ضعيف جدا. رواه الدارقطني في " سنه ": (1/64، 65) .

منهم أن أبا هريرة لا يخالف ما روى إلا لأمر مثبت عنده في روايته، وغيرهم يقول: الحجة في روايته لا في رأيه، وهو الصواب وعليه أكثر المحدثين وقال الحرريان: حديث الثلاث منكر، والأصل فيه موقوف ليس منه: فليرقه وليغسله ثلاث مرات. الوضوء لسؤر الهرة والرخصة في ذلك حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا زيد بن الحباب، نا مالك بن أنس، أخبرني إسحاق بن عبد الله بن طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رافع عن كبشة بنت كعب- وكانت تحت بعض ولد أبي قتادة- أنها صبت لأبي قتادة ماءَ يتوضأ به، فجاءت هرة تشرب، فأصغى لها الإناء، فجعلت أنظر إليه فقال: يا بنت أخي أتعجبين؟ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنها ليست بنجس، هي من الطوافين والطوافات " (1) هذا حديث قال فيه الترمذي لما أخرجه: حسن صحيح، وهذا أحسن شيء في الباب، وقد جرد مالك هذا الحديث عن إسحاق، ولم يأت به أحدَا آمّ من مالك، وقال البخاري: جوّد مالك هذا الحديث، وروايته أصح من رواية غيره، وأخرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه، وأبو حاتم في صحيحه أيضَا، وقال فيه الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه على أنهما فيها صلاة لا يعذران في تركه إذ هما قد شهدا جميعَا الملك بأنه الحكم في حديث المدنيين، وهذا الحديث مما صححه واحتج به في الموطأ، ولما ذكره ابن المنذر وحكم بثبوته، وصححه أيضَا أبو بحمد بن حزم، وأبو عمر بن عبد البر، وأبو محمد الإشبيلي، وخالف ذلك " لحافظ ابن مندة بقوله: أم يحيى اسمها حميدة، وخالتها هي كبشة، لا يعرف لهما رواية/إلا في هذا الحديث، ومحلهما محل الجهالة، لا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه، وسبيله سبيل المعلول، وليس معلول علي، وله ما تقدّم من إخراج مالك وغيرهما حدّثهما

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/92) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود (ح/ 75) والنسائي (1/55، 178) وابن ماجة (ح/367) والدارمي (1/188 والحاكم في " المستدرك " (1/159) وصححاه. ومشكل (3/270) وابن حبان (121) وتجريد (22) والدارقطني في " سننه " (1/69، 70) والموطأ (23) وأحمد في " المسند " (5/296) والبيهقي في " الكبرى " (1/245، 247) والمشكاة (482، 483) . وصححه الشّيخ الألباني.

ويوثق من وثقهما، وقول الإِمام أحمد بن حنبل: إذا روى مالك عن رجل لا يعرف فهو حجة، وقد روى عن إسحاق لرواية مالك جماعة منهم: همام بن حيي، وحسين المعلم، وابن عيينة، وهشام، وإن كانا لم يتما إسناده وكلّهم يقول في الحديث: عن النبي- عليه السلام- أنه قال: " إنها ليست بنجس " ومن أسقط ذلك فلم يحفظه لثبوته في رواية الحفاظ، قال أبو عمرو: رواه يحيى بن يحيى عن حميدة بنت أبي عبيد، والصواب بنت عبيد بن رفاعة بن رافع الأنصاري، وقال: عن خالتها، وسائر رواة الموطأ لا يذكرون ذلك، واختلف في رفع الحاء ونصبها من حميدة، والضم أكثر، وتكنى أم يحيى، قال امرأة إسحاق. ذكر ذلك القطان عن مالك وكذلك قال فيه ابن المبارك، إلَّا أنه قال كبشة امرأة أبي قتادة، وهو وهم. انتهى كلامه، وفيه نظر، وذلك أن ابن المبارك رواه على الصواب، فلعلّ الاختلاف كان عليه لا منه. ذكر ذلك ابن أبي شيبة في مصنفه فقال: نا وكيع، نا هشام وابن المبارك عن إسحاق عن حميدة عن امرأة عبد الله بن أبي قتادة عنه ... فذكره، ولئن كان ابن المبارك تفرد بهذه اللفظة- كما قال أبو عمر- فقد توبع عليها، قال النسائي في كتاب مسند مالك: نا قتيبة وعتبة بن عبد الله عن مالك عن إسحاق عن حميدة عن كبشة وكانت تحت قتادة ... الحديث، وفي كتاب الدارقطني، وكذا قاله البستي وعبد الرزاق نحو مالك، وفي مسند الشافعي نحوه وكذا رواه زهير بن الحباب عن مالك عند الحاكم، وهو خلاف ما عند ابن ماجة في الباب، قال. أبو عمرو روى مرسلا ومرفوعا، وهو الصحيح، ولعل من وثقة لم يسأل أبا قتادة نقل عنده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثر أم لا؛ لأنهم حلوا فْعلى أبي قتادة/كتب أحسنهما إسنادا ما رواه مالك، فحفظ أسماء النسوة وأنسابهن، وجود ذلك ورفعه، والله أعلم. حدّثنا أبو عمر بن رافع وإسماعيل بن توبة قالا: ثنا زكريا يحيى بن أبي زائدة عن حارثة عن حمزة عن عائشة قالت: " كنت أتوضأ أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد قد أصاب منه الهرة قبل ذلك " (1) هذا حديث معلل بأمرين:

_ (1) ضعيف. رواه الدارقطني في " سننه " (1/69) وعبد الرزاق في " مصنفه " (356) .

الأول: ضعف حارثة بن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حارثة بن النعمان المدني؛ فإن الإِمام أحمد لما سئل عنه قال: ضعيف ليس بشيء، وسئل عنه أبو زرعة فقال: واهي الحديث ضعيف، وقال عبد الرحمن: سمعت أبي يقول: هو منكر الحديث، ضعيف، وقال ابن عدي: عامة ما يرويه منكر، وقال النسائي: متروك الحديث، وفي موضع آخر: ليس بثقة ولا نكتب حديثه، وقال عيسى بكلام فيه من قبل حفظه، وقال ابن معين: ليس بثقة ولا نكتب حديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال علي بن الجنيد: متروك الحديث، وقال ابن حبان، فحش خطأه وكثر وهمه؛ فترك حديثه أحمد ويحيى، ولما ذكره أبو جعفر في كتاب المشكل قال: إنّما يرويه حارثة، وهو ممن تكلم في حديثه، وضعفهْ غاية الضعف. الثاني: انقطاع ما بين حارثة وجدته عمرة وأنه جاء عنه أنه روى الحديث عن أمّه عنها، فيما رواه الطحاوي، وأمه مجهولة العين فضلًا عن الحال، وإنّ معروف السماع من جدّته فهذا أورثنا شبهة من كونه لم يصرح بالسماع، إنما أتى بلفظه على ذلك، وقال الساجي: منكر الحديث، وقال أبو داود: ليس بشيء، وقد وقع لنا هذا الحديث من طرق صحيحة لها ذكر لحارثة فيها، قال الحاكم. أبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى القاضي ببخاري، أنا محمد بن أيوب، نا محمد، نا أيوب، نا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي، نا سليمان بن شافع بن شيبة الحجي قال. سمعت منصور/بن صفية بنت شيبة يحدّث عن أمه صفية عن عائشة فذكره، وقال فيه إسناده صحيح، وله في كتاب أبي داود طريق أخرى جيفة قال: نا عبد الله بن سلمة، نا عبد العزيز عن داود بن صالح بن دينار اليمان عن أمه: " أن مولاتها أرسلتها بهدية إلى عائشة " الحديث. قال الدارقطني في السنن: تفرد به عبد العزيز عن داود بن صالح عن أمه هذه الألفاظ، وبنحوه قاله الطبراني في الأوسط. انتهى. داود هذا قال فيه الإمام أحمد: لا أعلم به بأسًا، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى حديثها أيضًاَ المغربي في معجمه عن أشعث بن عبد الرحمن بن زيد الإِمامي، نا أبو عباد عبد الله بن سعيد عن أبيه، حدّثنا محمد بن يسار عبيد الله بن عبد المجيد، نا عبد الرحمن بن عبد الزيادي عن أبيه عن أبي

سلمة عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الهرة لا تقطع الصلاة؛ لأنها من متاع البيت " (1) هذا حديث إسناده جيد لا بأس به، وعلى رأي أبي عبد الله بن الربيع يكون صحيحا، وذلك أنه لما خرج حديث وسيلة آدم بالمصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فيه: هذا حديث صحيح الإسناد، وهو حديث صحيح عن عبد الرحمن، ولها في ذلك سلف صالح، وهو قول مالك بن معين فيه: هو من أثبت الناس في هشام بن عروة، وخرج البخاري حديثه في صحيحه على طريق الاستشهاد، وقال ابن مهدي: حديثه بالمدينة حديث مقارن، وما حدّث بالعراق فهو مضطرب، وكذلك قاله الساجي، وقال أبو حاتم: نكتب حديثه ولا نحتج به، فهذا كما ترى ثناء الناس عليه وعلى حديثه المدني، وحديثه هذا منه لا سيما مع ما تقدّم من شواهده، وقد تابعه الحكم بن أبان فيما ذكره ابن خزيمة في صحيحه فقال محمد بن يحيى: نا إبراهيم ابن الحكم بن أبان قال: حدثني أبي عن عكرمة قال: قال أبو هريرة، قال النبي- عليه السلام- : " الهرة من متاع البيت " وأما قول الترمذي أنّه حديث أبي قتادة/وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة ففيه نظر؛ لما أسلفناه من حديث أبي سعيد الخدري، ولما في الأوسط للطبراني من حديث أبي جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه علي بن الحسن عن أنس قال: " خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أرض بالمدينة يقال لها بطحان، فقال: يا أنس اسكب لي وضوءا، فسكبت له، فلما قضى حاجته أقبل إلى الإناء وفداني هو، فولغ في الإناء، فوقف له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقفة حتى شرب الهر ثم توضأ، فقلت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمن الهر؟ فقال: الهر من متاع البيت لن يقدر شيء ولم ينجسه " قال: لم يروه عن جعفر إلَّا عمر بن حفص ولا روى علي بن الحسين عن أنس حديثا غير هذا، قال الحاكم وقد

_ (1) ضعيف الإسناد والمتن صحيح. رواه ابن ماجة (ح/369) والحاكم (1/255) وصححه. وابن عدي (4/1586) . في الزوائد: رواه ابن خزيمة في صحيحه، والحاكم في المستدرك من حديث بندار وهو محمد بن بشار. وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/82) . وقد أعله ابن خزيمة بالوقف- تعليق الشيخ الألباني على ابن خزيمة (828، 829) ، والضعيف (ح/1512) . وضعيف الجامع (ح/1512) . وضعيف الجامع (ح/6106) .

صح على شرط الشيخين في الهرة ضد هذا ولم يخرجاه، ثم ذكر من حديث أبي بكرة عن أبي عاصم عن قرد بن خالد عن ابن سيرين عن أبي هريرة: " طهور أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب، والهر مثل ذلك " (1) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، وعلى شرط الشيخين، فإن أبا بكرة ثقة مأمون، ومن توهم أن أبا بكرَة تفرّد به عن أبي عاصم فهو وهم، فقد حدث به غيره عن أبي عاصم ولئن تفرد به فهو حجة. نا أبو الحسن علي بن عمر الحافظ، نا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد الفقيه، نا بكار بن قتيبة وحماد بن الحسن بن عنبسة، قال أبو عاصم فذكره، وقد تتبعا على ابن نصر عن قرة في بيان هذه اللفظة. نا أبو محمد المزني، نا أبو معشر، نا الحسن بن سليمان الدارمي، نا نصر بن علي، نا أبي، نا قرة بن خالد عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب ". ثم ذكر أبو هريرة الهر لا أدري قال مرة أو مرتين، قال نصر: وجدته في كتاب أبي في موضع آخر في الكلب مسندًا وفي الهر موقوفًا، تابعه في توقيف ذكر الهر مسلم بن إبراهيم، فقد ثبت الرجوع في حكم الشريعة إلى حديث مالك في طهارة المهر. انتهى كلامه، وفيه نظر من وجوه: الأول:/إذا كان الحديث قد صح عندك وقفه فلأي شيء حكمت بصحة رفعه مع وجود هذه العلّة عندك. الثاني: على أن الطحاوي لم يعتد بذلك، ولم يجعله علّة؛ لأن ابن سيرين كان يقول: كلما أحدث به أبي هريرة فهو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله في حديث بكار: صحيح على شرط الشيخين،، ليس كما زعم؛ فإنه لم يخرج له

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/91، 92) وأبو داود (ح/71) وأحمد في " المسند " (2/427) والبيهقي في "الكبرى " (1/240، 247) والحاكم في " المستدرك " (1/ 160 وابن خزيمة (95، 16) والدارقطني في " سننه " (1/64، 68) والمشكاة (490) وأبو عوانة في " صحيحه " (208) ومشكل (3803) .

الشيخان في صحيحيهما شيئًا، ولا يمكن ذلك، ولو خرجه من جهة البزار لصح له قوله، فإن البزار رواه عن عمرو بن علي، نا أبو عاصم، نا قرة فذكره. الثالث: أنت قد صححت حديث الهرة سبع من حديث عيسى بن المسيب، وقال: تفرّد به أبي زرعة إلا أنه صدوق لم يخرج قط، إلا أنّا سلمنا لك ذلك خلقًا بل أن يقول: إذا كانت من السباع كان سؤرها غير طاهر؛ لأنّ أسار السباع كذلك. وقد جاء ذلك في حديث تقدّم ذكره بإسناد صحيح أيضًا، وذكره الدارقطني- رحمه الله تعالى- من عند الحكم من حديث يحيى بن أيوب- يعني الغافقي المصري- وحديثه في الصحيح عن ابن جريح عن عمرو بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: " يغسل الإِناء من الهر كما يغسل من الكلب " (1) وروى عن أبي هريرة موقوفًا من غير وجه، وكذلك عن غير من التابعين، وحديث ابن عمر: سئل عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب فقال: " إذا كان الماء قلتين فلن يحمل الخبث " (2) وأما حديث: " لها ما في بطنها، وما بقى فهو لنا طهور " (3) ففيه كلام، ولا يصح فيها ذكره. الطحاوي فحصل بذلك التعارض، لا كما زعم، والله أعلم. الرابع: قوله في عيسى بن المسيب: لم يخرج قط، فليس كما زعم فإنه ممن قال فيه يحيى والنسائي والدارقطني: ضعيف، وقال يحيى مرة: ليس بشيء، وقال الرازي وأبو زرعة: ليس بالقوي، وقال ابن حبان: يقلب الأخبار

_ (1) رواه البيهقي في "الكبرى " (1/248) . وبلفظ: " يغسل الإناء إذا الهر ... ". رواه الدارقطني في " سننه " (1/68) والقرطبي في " تفسيره " (13/48) . (2) صحيح. شرح السنة (2/58) . وبلفظ: " إذا كان الماء قلتين لم تلحقه نجاسة ". التمهيد (1/328) واستذكار (1/203) وأبو داود (63) والدارس (1/187) والترمذي (67) والبيهقي (1/259، 260، 261، 262، 263) والحاكم (1/133) والمشكاة (4177) ونصب الراية (1/104، 105) ومشكل (3/366) وإتحاف (2/325) . (3) ضعيف. مشكل: 31/267) .

ولا يعلم، ويخطئ ولا يفهم حتى خرج عن حدّ الاحتجاج، فلذلك ذكر ابن الجوزي حديثه هذا في كتاب العلل المتناهية، قال الخطابي: الطوافون هم الذين يريدون الأجر والمواساة، وقال ابن عبد البر/هم الذين تداخلوا ما قال تعالى: (يطوف عليهم ولدان مخلدون) (1) وفيه أن خبر الواحد النساء والرجال فيه سواء، وفيه إباحة اتخاذ الهر وما أبيح اتخاذه، للانتفاع جاز بيعه وأكل ثمنه إلا أن تحصى شيئًا من ذلك دليل فيخرجه عق أصله وفيه أن سؤره طاهر وهو قول هالك والشافعي وأبي يوسف، وفيه دليل على أن ما أبيح اتخاذه فسؤره طاهر لأنه من الطوافين علينا، وطهارة الهر تدل على طهارة الكلب وأن ليس في حي نجاسة إلا الخنزير، لأن الكلب من الطوافين علينا ومما أبيح اتخاذه لأمور وإذا كان حكمه كذلك في تلك المواضع فمعلوم أن سؤره في غير تلك المواضع لسؤره فيها لأن عينه لا تنتقل، ودلّ على ما ذكرنا أن ما جاء في الكلب من غسل الإناء سبعًا أنه تعبد واستحباب، ولا لْعلم أحدًا من الصحابة روى عنه في الهرَ أنه لا يتوضأ بسؤره، إلا أبا هريرة على اختلاف عنه، وسائر التابعين بالحجاز والعراق يقولون في الهر أنه طاهر لا بأس بالوضوء في سؤره إلا عطاء وابن المسيب والحسن، والحجة عند التنازع سنة المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا أعلم حجة لمن كره الوضوء بسؤره أحسن من أنه لم يبلغه حديث أبي قتادة، وبلغه حديث أبي هريرة في الكلب فقاسه عليه وقد فرقت السنة بينهما في باب التعبد وجمعت بينهما على ما قدمنا كلامه، وفيه نظر من وجوه:- الأول: قوله: ولا نعلم أحدًا من الصحابة روى عنه في الهر إلا أبا هريرة وليس كما قال: بل قد قال منهم أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما. الثاني. قوله. إلا عطاء وابن المسيب والحسن، وليس كذلك؛ بل قد قاله غير هؤلاء وهم ابن أبي ليلى وحيي بن لسيد الأنصاري وطاوس بالغ إلى أن قال يغسل سبعًا بمنزلة الكلب ذكر ذلك ابن المنذر في كتاب الأشراف.

_ (1) سورة الواقعة آية: 17.

الثالث: قوله لأن الكلب من الطوافين علينا أي أخره ليس كذلك، ولا تابعه على ذلك العلماء، والكلام معه ومع غيره مستوفى في كتب الفقهاء، أول/ب] ولا يليق ذكره هذا التحضير/تشعب الكلام فيه. الرابع: قوله: وبلغه حديث أبي هريرة في الكلب فقاس الهر عليه، وليس كذلك؛ بل يكون بلغة حديث أبي هريرة المتقدّم من عند الحاكم والدارقطني المصرّح فيه بالغسل من سؤر الهرة سبعا، فأي حاجة للقياس مع هذا النص الصريح، والله تعالى أعلم. وأما السؤر- مهموز- فهو مما بقى من الشراب وغيره في الإناء وغيرها فيما ذكره أبو العباس أحمد بن يحيى في كتاب الفصيح، قالَ ابن درسه: والعامة لا يهمن، وتركها الهمزاني بخطأ، وقال الليلي: يستعمل في كل ثقبة قال: ويسار فلان من الطعام إذا بقى منه، من أسماء الهر: الخيطل والسنور والابوسنورة والضيون، ولفظ السنور مؤنث ولصوته الهواء ما يمؤمؤا. قاله العسكري في كتاب التلخيص، وفيه نظر من حيث جعله الوبر ولد القط وذلك أن الوبر رأيتها دويبة أرض الشام، لا سيما بالغور صغيرة برية، لا يزيد مقدارها على القطاط بل هي أصغر من السنانير، وبهذه الصفة محكاة عن غير واحد من اللغوين، قال الأجداني: هي دويبة تعرب من السؤر، ولها بول يختر ويبس يتداوي الناس به يسمى الصن، وقال القزاز: الوبر بسكون الباء دويبة أصغر من السنور، طحل اللون، لا ذنب لها، وبنحوه قاله في الصحاح والجمهرة وفي الغريب المصنف: جمع الهر هررة، وجمع الهرة هرر، والله أعلم.

الرخصة بفضل وضوء المرأة حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: " اغتسل بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جفنة فجاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليغتسل أو يتوضأ، فقالت: يا رسول الله إني كنت جنبا، فقال: إن الماء لا يجنب " (1) هذا حديث اختلف في تصحيحه؛ فممن صححه أبو عيسى فإنّه قال فيه: حسن صحيح، وأخرجه أبو حاتم في صحيحه عن عمر بن إسماعيل/الثقفي ببغداد، نا عثمان بن أبي شيبة، نا أبو الأحوص عن سماك، نا أبو يعلي أبو معمر القطيعي، نا أبو الأحوص، نا الحرث بن سفيان، نا حيان بن موسى، نا عبد الله عن سفْيان، نا شهر فذكره مختصرا، قال: ولم يقل أحد عن سماك في حسنه غير أبيِ الأحوص، ولما خرجه ابن خزيمة من حديث محمد بن يحيى وأحمد بن المقدام قال: نا محمد بن بكر، نا شعبة عن سماك به ولفظه: " الماء لا ينجسه شيء " (2) قال: هذا حديث أحمد بن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/370) وأحمد في " المسند " (6/129، 157) والترمذي (ح/65) وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أبو داود والنسائي والحاكم (1/195) في طريق الثوري وشعبة عن سماك بن حرب. وقال: هذا حديث صحيح في الطهارة ولم يخرَجاه، ولا يحفظ له عفة. ووافقه الذهبي. وقال الحافظ في الفتح (1/260) : وقد أعله قوم بسماك بن حرب، لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة، وهو لا يحتمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم ". قلت: وقد صححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه النسائي في " الصغرى " (1/174) وأحمد في فالمسند " (1/235، 308) والبيهقي في " الكبرى " (1/265، 266، 279) والحاكم في " المستدرك " (1/159) وصححاه. وابن حبان (116) والطبراني في " الكبير " (8/123) وابن خزيمة (91، 901) والدارقطني في " سننه " (1/59، 52) والمطالب لابن حجر (1) والمجمع (1 أ 213) وعزاه إلى أحمد، ورجاله ثقات. وفي (ص 214 ج ا) من حديث ميمونة عزاه إلى الطبراني في " الكبير " ورجاله موثوقون. ونصب الراية (1/984، 95) واستذكار (1/205، 206، 211) والتمهيد (1/332، 333) والقرطبي (13/50، 51) والمعاني (1/12، 16) وأصفهان (2/ 344) الخطيب (423) وابن عدي في " الكامل " (2/459، 6/4231) .

المقدام، وأخرجه الحاكم من حديث سفيان وشعبة عن سماك، وقال: قد احتج البخاري بأحاديث علي به، ومسلم بسماك، وهذا حديث صحيح ولم يخرجاه ولا يحفظ له علّة وفي الحلافيات، وروى مرسلًا، ومن أسند أحفظ، وروى مسلم معناه في صحيحه من حديث عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يغتسل بفضل وضوء ميمونة " (1) وفي بعض طرقه عن عمر البرعلي، والذي يخطر على بالي أن أبا الشعثاء أخبرني عن ابن عباس، وذلك يوجب تعليله- والله أعلم- لكن ذكر أبو عمر أنه في صحيحه، نا عمرو، نا جابر أبو الشعثاء سمع ابن عباس، فرواه وقال: قال سفيان: هذا الإسناد كان يعجب به شعبة. أخبرني شعبة فإنّه إّنما يوصله؛ فزالت تلك العَلّة، والله أعلم، ولما أخرجه البزار من طريقيهما قال: وهذا الحديث لا نعلم أحدا أسنده عن شعبة إلَّا محمد بن بكر، ورواه غيره مرسلا، وقد رواه جماعة عن سماك: واقتصرنا على هذين، ولا نعلمه يروى عن ابن عباس إلَّا من هذا الوجه، وأخرجه ابن الجارود في المنتقى من حديث سفيان، وممن ضعفه الإِمام أحمد بن حنبل بقوله: هذا حديث مضطرب. ذكره عنه الأثرم في سؤالاته، وقال ابن حزم: لا يصح لأن سماك كان يقبل التلقين، شهد عليه بذلك شعبة وغيره وهذه أخرجه ظاهره (2) ، وذكره ابن ماجة في موضع آخر، والدارقطني في سننه من حديث شريك/عن سماك فجعله في مسند ميمونة، قال ابن القطان: فعلى هذا يجب أن يكون راوية غيره مرسلة، وتبين برواية شريك أن ابن عباس لم يشهد ذلك إنّما تلقاه من خالته ميمونة. انتهى. ويجاب عن الاضطراب بأن ذلك لا يقدح إلا مع التساوي، ولا تساوي هنا؛ لأنّ من أرسله لا يقاوم من رفعه، ويجاب عن قول ابن حزم بأن شعبة أي شهد على سماك بالتلقين، وفي رواية الميموني عنه لم يجئ بحديث

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، باب " 10 " رقم " 48 ") وأحمد (1/366) والبيهقي (1/188) وعبد الرزاق (1037) والكنز (27506) والقرطبي (13/55) والدارقطني (1/ 35) . (2) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ".

سماك غيره، والمعروف أنهما اغتسلا جميعَا، وقال أبو طالب: قال أحمد: هذا فيه اختلاف شديد؛ وبعضهم يرفعه وبعضهم لا يرفعه، وأكثر أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولون: إذا خلت فلا يتوضأ منه، ويجاب عن قول ابن القطان بأمرين: الأول: شريك لا يقاس بشعبة والثوري. الثاني: على تقدير صحة حديثه فكان ماذا قصاراه (1) أن يقول: هو مرسل صحابي ولين، كان ذلك فلا ضير لكونه مسندَا على الصحيح، ومن المعلوم أنّ ابن عباس لم يكن ليشهد مثل هذا من المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكونه غير جائز له- والله أعلم- فيتبين من مجموع ما تقدم أن قول من صححه راجح على قول من ضعفه؛ بل هو الصواب، والله أعلم، وأما قول ابن حبان: لم يقل أحد عن سماك في حقّه غير أبي الأحوص؛ فيشبه أن يكون ليس كذلك؛ لاًنّ الدارمي ذكر في مسنده يحيى بن حسان عن يزيد بن عطاء عن سماك عن عكرمة به، وفيه ذكر الجفنة ثم قال: ونا عبيد الله عن سفيان عن سماك بنحوه، اللهم إلَّا أن يكون أراد بالغير ثقة، فلا يردّ عليه حديث يزيد هذا لضعفه، والله أعلم. النهي عن ذلك حدثنا محمد بن يسار، نا أبو داود، نا شعبة عن عاصم الأحول عن أبي حاجب عن الحكم بن عمرو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نهى أن يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة " (2) هذا حديث اختلف في! فصححه جماعة وضعفه

_ (1) نفس كلام الحاشية السابقة. (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/82) والترمذي (ح/64) وقال. هذا حديث حسن. وابن ماجة (ح/373) وأحمد في " المسند " (4/213) وفي لفظهم " طهور " بدل " وضوء ". ورواية أحمد من عبد الصمد ابن عبد الوارث عن شعبة، على الشك. ورواه أيضا (4/213) عن وهب بن جرير عن شعبة، فقال: " نهى أن يتوضأ الرجل من سور المرأة " والمفهوم من الروايات أن المراد بالسؤر هو فضل الطهور، لا فضل الشراب، فإن أصل السؤر هو البقية من كل شيء. ورواه النسائي (1/179) وابن ماجة (373) . قال الحافظ في (الفتح: 1/260) : " أخرجه أصحاب السنن، وحسنه الترمذي، وصححه

آخرون، فمن المصححين له/أبو محمد بن حزم، ولما ذكر ابن ماجة حديث ابن سرجس بعده قال: الصحيح الأول، والثاني وهم، وأخرجه أبو حاتم البستي من حديث أبي داود عن شعبة عن عاصم: سمعت أبا حاجب يحدّث فذكره، ولما أخرجه أبو عيسى في جامعه قال فيه: حديث حسن. ومن المضعفين له أبو عبد الله البخاري فإن الترمذي سأله عنه فقال: ليس بصحيح. كذا في كتاب العلل، وفي التاريخ الكبير: قال سواء بن عاصم أبو حاجب العنبري يعد في البصريين، ويقال الغفاري، ولا أراه يصح عن الحكم بن عمرو، وهذا الكلام لا يعطي الحديث على صراحة- الحديث تضعيفًا ولا تصحيحًا، وإن كان المنذري قد ذكره في معرض ردّ الحديث لاحتمال أن يكون لفظ الصحة فيه عائدة إلى نسبه إلى غفار، وذلك لا يوجب تضعيفًا، لكن تضمنه ما في العلل تبيّن الضعف، ولا يخلص ذلك المنذري؛ لأنه لم ير ما في العلل فلذلك لم يحكه، والذي حكاه في التاريخ لا يوضح بقصده- والله تعالى أعلم- وقد يكون عائدًا على الانقطاع فيما بين أبي حاجب والحكم ولئن كان كذلك فليس بشيء أيضًا؛ لما صحّ عن أبي حاجب أنه سمعه منه فْيما تبينّ ذلك بعد، وذكر ابن منده أنه لا يثبت من جهة السند، ولما ذكر أبو عمر حديث الحكم هذا قال: الآثار في هذا الباب مضطربة لا تقوم بها حجة، وذكر الميموني أنه سأل أبا عبد الله عنه فقلت: يسنده أحد غير عاصم قال: لا، ويضطربون فيه عن شعبة، وليس هو في كتاب غندر، وبعضهم يقول عن فضل سؤر المرأة، وبعضهم يقول فضل وضوء المرأة ولا يتفقون عليه، ورواه التيمي، إلَّا أنه لم يسمه، قال: عن رجل من الصحابة، والآثار الصحاح واردة بالإِباحة، وقال الدارقطني: اختلف عنه- يعني أبا حاجب- فرواه عمران ابن جدير وغزوان بن حجين السدوسي عنه موقوفًا من قول الحكم، ورواه أبو كدينة عن سليمان عن أبي حاجب عن أبي هريرة-/وهو وهم- انتهى. ويشبه أن يكون قول من صحح أرجح من قول من ضعف: وذلك أن الإِسناد ظاهره السلامة من مضعف وانقطاع، وذلك يرد قول ابن منده أمّا الأول؛ فلأنّ أبا حاجب سوادة بن عاصم روى عنه جماعة منهم سليمان التيمي وعاصم وعمران بن

_ ابن حبان، وأغرب النووي فقال: اتفق الحفاظ على تضعيفه ".

حدير وشعبة، ووثقه ابن معين وغبره، وخرَج حديثه مسلم في صحيحه على ما قاله الألكاني، وأبو إسحاق الحبال وغيرهما، ومن مثله في الإِسناد لا يسأل عنه الثاني: تدليس عاصم المخوف زال بما ذكره ابن حبان وسوادة صرّح بسماعه من الحكم ابن أبي شيبة في المصنف بقول سوادة: انتهيت إلى الحكم بن عمرو بالمربد وهو ينهاهم عن فضل طهور المرأة فقلت: ألا حبذا صفرة ذراعيها، إلا حبذا كذا، فأخذ شيئًا فرمى نحوي وقال لك ولأصحابك، ويجاب عن قول البخاري المذكور في التاريخ بما تقدّم، والقول المذكور في العلل بخلاف الترمذي له حين حسنه، ولولا ظهور ترجيح لما جاز له الإقدام على خلافه، أو يحمل على أنه لم يصح صحة المجمع عليه من الأحاديثَ، إذ الصحة تتفاوت عنده وعند غيره، أو يكون قوله صحيحًا لا يتبع الحسن، ويجاب عن قول أحمد، بأن تفرد عاصم بالرفع لا يؤثر في صحة الحديث إذا رفعه ثقة غيره؛ بل يكون ذلك مقبولًا، وكونه ليس في كتاب غندر ليس قادحا أيضًا؛ لأنّ ابن جعفر لم يدع الإِحاطة بجميع حديث شعبة، وقد رواه عن شعبة كرواية أبي داود مواسيًا له، الربيع بن يحيى الإِشناني فيما ذكره الطبراني في الكبير وعبد الصمد بن عبد الوارث ابن بنت منيع في معجمه، وتقوى الرفع بزيادة: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الدباء والحنتم والمزفت " (1) . / ولم أر فيه مع سؤر المرأة، ويجاب عن الاضطراب بأن معنى ما روى يرجع إلى شيء واحد- وهو البقيّة- إذ الرواية بالمعنى جائزة، يقول من روى: فضل طهور المرأة وسؤر المرأة واحد وذلك يريبه البقّة، وقد جاء مصرحًا به في كتاب الطبراني الكبير بفضل وضوء المرأة وإذا كان كذلك فلا خلاف، ويجاب عن إيهام اسم الصحابي بأن ذلك لا يضر إذ كلّهم عدول، فسواء

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/1868) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (8/ 305) وأحمد في " المسند " (4/87، 5/57) والبيهقي في " الكبرى " (8/293، 308، 309) والتاريخ الكبير (4/185، 5/92، 7/59) والخطيب (11/333، 12/45) والمعاني (4/223، 225، 226) وابن ماجة (ح/3404) . وصححه الشيخ الألباني الدباء: الظرف المتخذ من الدباء، وهو القرع الحنتم: هي الجرة المدهونة، تحمل الخمر فيها. المزفت: المطي بالزفت.

أبرز اسمه التابعي أو أبهمه، لكن بعد أن يشهد له بالصحبة كما يشترطه أبو الحسن بن القطان- رحمه الله تعالى- وأيضًا ففي الطبراني الكبير: المسمّى عن رجل من غفار، والحكم غفاري، فعلى هذا لا فرق بين القولين إذَا قول من قال عمّن قيل منه الحكم وقول من قال رجل غفاري له صحبة، ولأنّ المسمى روى عنه أيضًا غير هذا الحديث مصرحَا باسمه، فمحى ذلك هن كتاب البساط وعدمه- والله تعالى أعلم- ويجاب عن قول من وفَّقه بأمرين: الأول لسببين، الثاني يجعل ذلك من قبيل الفتيا لا من قبيل التعارض في الرواية، وأما من نسب الحكم غفاريًا يعني بذلك أن قبيلته منهم، فيشبه أن يكون ليس كذلك، وممن نسبه غفاريا أبو عبد الله البخاري في تاريخه الكبير، وأبو حاتم الرازي، وأبو عيسى الترمذي في كتابه الجامع والتاريخ، ومسلم في كتاب الطبقات وأبو بكر بن أبي شيبة في كتابه المصنف والمسند، وغيرهم، وليس كما زعموا بل هو من نفيلة، وحي غُفار من مُلَيل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة نسب غفاريَا لدخوله فيهم. نص على ذلك ابن الكلبي وابن سعد وأبو أحمد العسكري وأبو حاتم بن حبان والطبري في المزيل والأمير أبو نصر والبغوي في معجمه وابن قانع، قالوا: هو الحكم بن مجدع بن حذيم بن الحرث بن مغيلة بن مليل، إلَّا العسكري فانَّه قال: مغيلة بن حدي بن مُليل، لم وفي كتاب خليفة جدثم بن خلوان بن الحرث، والصواب الأول، توفى سنة خمس وأربعين، ويقال خمسين ويقال إحدى وخمسين، وحدّثنا محمد بن يحيى، نا المعلي بن أسد، نا عبد العزيز بن المختار، نا عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس قال: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغتسل الرجل بفضل وضوء المرأة، والمرأة بفضل وضوء الرجل " (1) ولكن يشرعان جمعيا، هذا الحديث اختلف في رفعه ووقفه؛ فأما البخاري فذكر عنه أبو عيسى في كتاب العلل أنّ هذا حديث موقوف، ومن رفعه فهو خطأ، وقد تقدم كلام ابن ماجة فيه، ولما رواه في الأوسط قال: لم يروه عن عاصم عن ابن سرجس غير عبد العزيز.

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/374) والدارقطني في " سننه " (1/117) ومعاني) . والراويان الأخيران بلفظ: " نهى أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل ... " الحديث. وصححه الشّيخ الألباني.

تفرد به يعلي بن أسيد، ورواه غبره عن عاصم الأحول عن سوادة بن عمر عن الحكم الغفاري، ولما ذكره الدارقطني قال: خالفه شعبة فوقفه، وهو أولى، وقال البزار: لا نعلم أحدًا أسنده عن عاصم عن ابن سرجس إلَّا عبد العزيز، وخالف ذلك أبو محمد بن حزم فصححه مرفوعًا، وذكر عبد الحق أنَّ النسائي أخرجه، ووهم ذلك فيما بينه أبو الحسن، قال أبو الحسن عبد العزيز بن المختار: قد رجحه وهو ثقة ولا يضره وقف من وقفه، وتوقف في تصحيحه؛ لأنه لم يروه إلا في كتاب الدارقطني، وشيخ الدارقطني فيه لم يعرف حاله، ولو رأه هنا لما توقف؛ لأن رجاله كلهم حديثهم في الصحيحين، وفي قول أبي عيسى إثر حديث الحكم وفي الباب عن ابن سرجس نظر من حيث إغفاله حديث أبي داود من جهة داود الأودي عنه حميد الحميري قال: لقيت رجلًا صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما صحبه أبو هريرة قال: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغتسل الرجل بفضل المرأة، أو تغتسل المرأة بفضل الرجل، وليغترفا جميعًا " وهو حديث صحيح الإسناد، وممن صححه أيضًا ابن مفوز وابن القطان وقال أحمد: إسناده حسن وَلا التفات إلى قول ابن حزم/عندما أراد تضعيفه، إن كان داود هو عم عبد الله بن إدريس فهو ضعيف، وإن لم يكن أباه فهو مجهول، وقد كتب الحميدي إلى ابن حزم من العراق يخبره بصحة هذا الخبر، وبين له أمر داود هذا بأنه داود بن عبد الله الزعافري الأزدي أبو العلاء الكوفي روى عنه ووثقه الإِمام أحمد وغيره، ولما ذكره أبو داود في كتاب التفرد قال: الذي تفرد به هن هذا الحديث قوله: " نهي أن يغتسل " قال ابن يعقوب: لا أدري رجع عن قوله أم لا، ولما ذكره البيهقي في كتاب المعرفة، قال: هو منقطع، وداود بن عبد الله ينفرد به، وقْال في السنن الكبير: رواته ثقات إلَّا أن حميدًا لم يسم الصحابي الذي حدّثه، فهو معنى المرسل، إلا أنه مرسل جيّد، لولا مخالفة الأحاديث الثابتة الموصولة قبله، وداود لم يحتج به الشيخان. انتهى. وعلته فيه مأخذ الأول: قوله أنه بمعنى إن أراد أنه يشبهه في أنّه لم يسم الصحابي فصحيح لكنه لا يسمع خصمه من الاحتجاج ذاهبًا إلى أنّه لا حاجة إلى تسمية الصحابي بعد أن حكم الصحابي بكونه صحابيًا وإن أراد أنه في

معناه من أنه لا يحتج به قوم كما لا يحتجون بمرسل التابعي فغير صحيح لما تقدم. الثاني: قوله: مرسل جيّد غير جيّد بل هو مسند على الصحيح من قول العلماء. الثالث: قوله: لولا مخالفة الأحاديث الثابتة- يعني بذلك ما تقدّم- فليس بجيّد أيضًا لأمرين: الأول: شأن المحدّث الإعراض عن المعارضة كما قررناه في غير موضع. الثاني: على تقدير تسليمنا ذلك، يجاب عنه بأنه لا بأس أن يتوضأ أو يغتسلا جميعًا من إناء واحد يتنازعه على حديث عائشة وميمونة وأنس وابن عمر وأم هانئ وأم سلمة وأم حبيبة وغيرهن، وعلي إذ لا يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة على حديث الحكم، ولأن الأحاديث التي وردت بعد في الكراهة عن الصحابة والتابعين لم يكن في شيء منهما أنَّ الكراهة في ذلك للرجل أن يتطهر بفضل طهور/المرأة، ولتلك الأحاديث علل، ذكر ذلك أبو بكر الأثرم في كتاب الناسخ والمنسوخ. الرابع: قوله: وداود لم يحتج به الشيخان، وفيه نظر لأمرين: الأول: إن أراد عيبه بذلك فليس ذلك. بعيب عند المحدثين قاطبة؛ لأنهما لم يلتن بالإِخراج عن كل ثقة ولو التزماه ما أطاقاه. الثاني: إن كان بريد بهذا الكلام ردّ الحديث- وهو الأقرب- يضمنه كلامه على انقطاعه وغيره، فهو كلام متناقض، ولا حاصل تحته لما سلف من توثيقه برجاله. الخامس: قوله: منقطع لما يريد به الإرسال الذي أشار إليه في السنْن الكبير، لا الانقطاع الصناعي- والله أعلم- وزعم أبو عمر بن عبد البر أن أبا عوانة رواه عن داود عن حميد عن أبي هريرة فأخطأ فيه، وزعم أبو الحسن القطان أنَّ المبهم هنا قيل: هو عبد الله بن مغفل، وقيل: ابن سرجس، وقطع أبو محمد بن حزم بأن حكم الإباحة منسوخ، وهذا الباب وما فيه من

الأحاديث ناسخ، وأبي ذلك ابن العربي فزعم أنّ الناسخ حديث ميمونة؛ بدليل أنّه عليه السلام لما أراد أن يغتسل قالت له: إني توضأت به، وهذا يدّل على تقدّم النهي من تاريخه، وبنحوه قاله الخطابي: واعمَلّ أيضَا- أعني الترمذي- حديث أبي إسحاق عن الحرث عن رجل: " كان نبي الله- عليه السلام- وأهله يغتسلون من إناء واحد، لا يغتسل أحد مما يفضل صاحبه " قال أبو بكر الأثرم: لم يسمعه أبو إسحاق من الحرث، وحديث عائشة: " سئل عليه السلام عن فضل وضوء المرأة فقال: لا بأس به ما لم تخل به، فإذا خلت به فلا يتوضأ بفضل وضوءها " ذكره أبن عدي وأعلّه بعمر بن صالح، وحديث أبي ذر وأبي هريرة ذكرهما ابن منده وأشار إلى أنهما لا يثبتان من قبل سندهما، وقد سبق الإِشارة إلى حديث أبي هريرة أيضَا.

الرجل والمرأة يغتسلان من إناء واحد حدثنا محمد بن رمح/، نا الليث بن سعد عن ابن شهاب، ح ونا أبو بكر بن أبي شيبة، نا ابن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد " هذا الحديث اتفقا على تخريجه بزيادة تختلف فيه أيدينا، زاد ابن عوانة (1) في صحيحه وتلتقي. رواه عن عائشة جماعة. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن خالته ميمونة قالت: " كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد " هذا حديث أخرجه مسلم (2) في صحيحه عن أبي بكر بن أبي شيبة، والبخاري عن أبي نعيم عن ابن عيينة عن عمرو عن جابر عن ابن عباس لم قال: كان ابن عيينة أخيرا يقول عن ابن عباس عن ميمونة، والصحيح ما رواه أبو نعيم، وقد تقدم التنبيه على طرق منه، قيل- والله أعلم- وأخرجه الترمذي كما تقدم وقال: حسن صحيح،

_ (1) صحيح متفق عليه. رواه مسلم في (الحيض، ح/45) والبخاري في (الغسل، باب " 9 ") وأبو داود (ح/77) وابن ماجة (ح/376) وأحمد في " المسند " (6/366، 367) وللدارقطني في " سننه " (1/69) وعبد الرزاق في " مصنفه " (356) وابن عدي في " الكامل " (7/5218) والكنز (27511، 27512، 28513) وشرح السنة (2/23) وأبو عوانة (1/ 295) والتمهيد (8/100) ومعاني (1/25، 26، 49) والترمذي (65) وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". ورواه الحاكم في المستدرك (1/159) من طريق الثوري عن شعبة عن سماك بن حرب. وقال: " هذا حديث صحيح في الطهارة ولم يخرجاه، ولا يحفظ له علة ". ووقفه قوم بسماك بن حرب، لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه عنه شعبة، وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم ". (2) صحيح متفق عليه. رواه مسلم في (الحيض، ح/45) والبخاري في (الغسل، باب " 9 ") وأبو داود (ح/77) وابن ماجة (ح/376) وأحمد في " المسند " (6/366، 367) والدارقطني في " سننه " (1/69) وعبد الرزاق في " مصنفه " (356) وابن عدي في " الكامل " (7/5218) وللكنز (27511، 27512، 28513) وشرح السنة (2/23) وأبو عوانة (1/ 295) والتمهيد (8/100) ومعاني (1/25، 26، 49) والترمذي (65) وقال: " هذا حديث حسن صحيح ".

وكذا الإِسماعيلي أن المقدمي وابن أبي شيبة والترسى وإسحاق الطالقاني وأبو خيثمة وابن أبي عمرو شريج وابن منيع والمخزومي وعثمان بن أبي شيبة وعبد الجبار وابن همام وأبو موسى الأنصاري وابن وكيع الأحمسي، كلّهم عن سفيان في هذا الحديث عن ميمونة قال: وهكذا يقول ابن مهدي، وقال الدارقطني: خالف ابن عيينة ابن جريح فرواه عن عمرو عن جابر عن ابن عباس أن النبي- عليه السلام-: " كان يغتسل بفضل ميمونة " (1) قال: وقوله: ابن جريج أشبه. حدثنا أبو عامر الأشعري عبد الله بن عامر، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا إبراهيم بن نافع عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم هانئ: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغتسل وميمونة من إناءٍ واحد، في قصعة فيها أثر العجين ". هذا حديث إسناده ضعيف؛ للجهل بحال أبي عامر عبد الله بن عامر بن مراد بن يوسف بن أبي يردة، قال الحافظ: الذي ظنّ أنه ابن مراد، يعني الذي حديثه في الصحيح، وليس كذلك، ولم يذكر أحدًا/من أصحاب الكتب روى عن هذا إلا ابن ماجة فقط، ولم يعرف بشيء من حاله، ولم أر قبله أحدًا عرف بحاله، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق صحيحة سالمة عن أبي عامر، هكذا ذكرها الحافظ النسائي فقال: نا محمد بن بشار، حدّثني ابن نافع فذكره. حذثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب بنت أم سلمة أنها: " كانت ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسلان من إناء واحد " (2) . هذا حديث أخرجه البخاري في صحيحه عن سعيد بن حفص، نا سفيان عن يحيى به كذا ذكره خلف في أطرافه، وزعم الشيخ ضياء الدين: أنهما اتفقا عليه- والله أعلم- ورواية ابن ماجة عن ابن أبي شيبة فيها تقصير منه؛

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، باب " 10 " رقم " 48 ") وأحمد في " المسند " (1/ 366) والبيهقي في " الكبرى " (1/188) وعبد الرزاق في " المصنف " (1037) والكنز (27506) والقرطبي في " تفسيره " (13/55) والدارقطني في " سننه " (1/35) . (2) تقدَم من أحاديث الباب.

لأن ابن أبي شيبة روى هذا الحديث في مسنده عن إسماعيل: " وكان يقبلها وهو صائم " (1) ورواه كرواية ابن ماجة عثمان بن أبي شيبة عند الطبراني، وعند أحمد بن منيع عنبسة بن عمار القزازي، نا يحيى فذكره، وتابعه عمار الذهلي عند الطبراني، ورواه عن أم سلمة أيضًا عنده سليمان مولاها، ولفظه: " من إناء واحد نحو نصف الفرق " فيبادر أن الغسل جميعًا يبدأ بتلى وخيرة أم الحسن البصري بزيادة فأقول أترك وعبيد بن عمير لفظه: " يأخذ كل منّا على حدة " وعبد الله بن رافع، وقد روى عن علي بن أبي طالب نحوه مرفوعًا. ذكره أحمد بن حنبل ومطين في مسندهما، وفي البخاري من حديث أنس نحوه: " الرجل والمرأة يتوضاءن من إناء واحد "، حدّثنا هشام بن عمار، نا مالك بن أنس، حدّثني نافع عن ابن عمر قال: " كان الرجال والنساء يتوضؤون على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد " هذا حديث أخرجه البخاري (2) في صحيحه، ولفظه ولفظ أبي حاتم من الإناء الواحد جميعًا، وفي لفظ له: " كنا نتوضأ نحن والنساء/من إناء واحدَ على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ندلي فيه أيدينا " (3) وفي لفظ: " من الميضأة " حدّثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا أنس بن عياض، ثنا أسامة بن زيد عن سالم بن النعمان- وهو ابن شرح- عن أم صبية الجهنية قالت: " ربما اختلفت يدي ويد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوضوء من إناء واحد " (4) قال أبو عبد الله: سمعت محمدًا يقول: أم صبية: هي خولة بنت قيس، فذكرته لأبي زرعة: فقال: صدق هذا حديث حسن الإِسناد للاختلاف في حال أسامة، ولولا ذلك لكان

_ (1) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/88) ومسلم في المقدمة، باب " 6 " رقم " 32 " ( وأبو داود (ح/2386) وأحمد في " المسند " (6/39، 123، 234، 280، 291، 310، 318) وأبو عوانة في " صحيحه " (1/310) والدارقطني في " سننه " (1/142) والحميدي (197) وشفع (688) وسنة (6/278) والتمهيد (5/123) والمشكاة (2005) والمعاني (2/ 90، 91) والطبراني (5/68) وابن كثير في " تفسيره " (2/278) وابن عساكر في " التاريخ " (2/82، 299) . (2) صحيح. رواه البخاري في: 5- كتاب الغسل، باب " 9 "، (ح/264) . (3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، باب " 38 "، (ح/80) . (4) صحيح. رواه أبو داود (ح/78) وابن ماجة (ح/382) . وصححه الشيخ الألباني.

صحيحَا، وأمّا سالم بن شرح أبو النعمان ويقال: ابن خربزد، قال الحاكم: من قال ابن شرح غَرّبَهُ، ومن قال خَربزد: أراد به الأكاف بالفارسيَّة، وقال الدارقطني: شرح يعرف بخربزد، ووهم وكيع فقال: عن أسامة عن النعمان بن خربزد. قاله البخاري، قال: والصواب سالم بن خربزد أي: النعمان. روى عنه آنفًا خارجة بن عبد الله بن الحجاج، قال فيه ابن معين: شيحْ مشهور ثقة، وذكره البستي في الثقات، وفي كتاب العلل الكبير للترمذي تصريح سالم بسماعه من خولة هذا الحديث، وكانت من المبايعات، وروت عن النبي- عليه الصلاة والسلام- أحاديث، وهي جدّة خارجة، ومولاة سالم. قاله ابن سعد وغيره، وفرق ابن حبان بينها وبين خولة الأنصارية امرأة حمزة بن عبد المطلب، واعترض بعضهم على صحة هذا الحديث بكونه عليه السلام لم يمس امرأة لا تحل له، قال: وخولة هذه لم يأت في خبر صحيح ولا غيره أنها كانت بهذه الصفة، وفي الذي قاله نظر، وذلك من قولها، تختلف؛ لأن الاختلاف لا يوجب مسًا. الثاني: لا برفع صحة الحديث لتخيّل معارضة إذا عُدلت رواته وسَلِمَ من شائبة/الانقطاع، والله تعالى أعلم. حدّثنا محمد بن يحيى، نا داود بن شهيب، نا حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن عكرمة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنهما كانا يتوضأن جميعًا للصلاة " (1) . هذا حديث صحيح الإِسناد متصلة، وإن كان ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل خالف ذلك بقوله: سمعت أبي يقول: عكرمة لم يسمع من عائشة، فغير صواب لبغضه ذلك في كتابه الجرح والتعديل، قيل لأبي أسمع عكرمة من عائشة فقال: نعم، وكذلك قاله البخاري وخرج

_ (1) قلت: هذا حديث علق عليه الشارح وإن كنا قد أثبتناه من النسخة الثانية. والحديث رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 36- باب الرجل والمرأة يتوضآن من إناء واحد، (ح/383) . قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات. ورأيته في " صحيح ابن ماجة " للشَيخ الألباني.

حديثه عنها في صحيحه، وكذلك الترمذي وصححه، وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: سمع عكرمة من عائشة، ورواه عن عائشة- رضى الله عنها- جماعة منهم أبو سلمة ومعاذة وحفصة عند مسلم، وعطاء عد عبد الرزاق، وعبيد بن عمير عند الدارقطني، ومسروق وأم منصور بن عبد الرحمن عند الطحاوي، وابن المسيب عند ابن عبد البر، وإبراهيم- على انقطاعه- عند ابن أبي شيبة، وأبو أمامة الأنصاري بحديثه الإِمام تاج الدين أبو العباس أحمد بن علي بن وهب القشيري- المعروف بابن دقيق العيد- قرأه عليه وأنا أسمع، نا أبو عبد الله القاسم بن الفضل الأصبهاني قراءة عليه في سنة ثمان وثمانين وأربع مائة، نا أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ، نا أحمد بن محمد بن زياد القطان، نا علي بن إبراهيم الواسطي، نا يزيد بن هارون جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة عن عائشة قالت: " لقد كنت أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تختلف أيدينا في الإِناء الواحد في الغسل من الجنابة " (1) والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وفي حديثه زيادات، ثنا به جماعة من شيوخنا بقراءتنا وقراءة عليهم وأنا أسمع قالوا: ثنا جماعة منهم ابن خطيب المرة وأبو بكر المقدسي والشريف عماد الدين وابن أبي حباب، ثنا ابن خربزد وأنبأنا به- رحمه الله-/الإِمام أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد المقدسي عرف بابن البخاري أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقري، نا أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني، نا أبو طالب محمد بن إبراهيم البزار، نا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، نا جعفر بن محمد أبو بكر القاضي، نا محمد بن عثمان العثماني، نا إبراهيم بن سعيد عن ابن شهاب عن القاسم عن عائشة بمثله، يعني حدّثنا قبله مه: " كنت أغتسل

_ (1) صحيح. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، باب " 38 "، (ح/77) . ورواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب " 35 "، (ح/376) . ولم يذكر فيه قوله: في الغسل من الجنابة.

معه عليه السلام من إناء واحد " قال داود في حديثه: هو الفرق، قال ابن شهاب: الفرق خمسة أقساط وبه قال الشافعي. قال: نا عبد الرحمن بن إسحاق الدمشقي، نا محمد، نا ابن لهيعة، نا عطاء بن خباب المكي عن القاسم عن عائشة قالت: " كنت اغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد، فإن سبقني لم أقربه وإن سبقته لم يقربه " وبه قال يوسف بن يعقوب، نا محمد بن أبي بكر ونصر بن علي قالا: نا عبد العزيز بن عبد الصمد عن عباد بن منصور عن القاسم عن عائشة قالت: " كنت أغتسل أنا والنبي- عليه السلام- من إناءٍ واحد، غير أنه يبدأ قبلي " وحديث عبد الرحمن بن القاسم عنه أن ليس بالكثير الماء، قال أبو عمر بن عبد البرّ: في هذه المسألة خمسة أقوال: الأول: قال ابن عمر: لا بأس أن يغتسل الرجل بفضل المرأة ما لم تكن حائضا أو جنبا. الثاني: الكراهة أن يتوضأ الرجل بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل. الثالث: الكراهة في أن يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة، والترخيص أن تتطهر المرأة بفضل وضوء الرجل. الرابع: أنّهما إذا شرعا جمعيا في التطهير فلا بأس به، وإذا خلت المرأة بالطهور فلا خير في أن يتوضأ بفضل طهورها، وهو قول أحمد بن حنبل. الخامس. لا بأس أن يتوضأ كل واحد منهما بفضل طهور الآخر/شرعا، جمعيا أو خلا كل واحد منهما به، وعليه فقهاء الأمصار والآثار في معناه متواترة، وذكر ابن المنذر معناها وقال: وبه نقول. الوضوء بالنبيذ حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: نا وكيع عن أبيه وثنا محمد بن يحيى، نا عبد الرزاق عن سفيان عن أبي فزارة العبسي عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ليلة

الجن: " عندك طهور؟ قالا: لا، إلّا شيء من نبيذ في إداوة، قال: تمرة طيبة وماء طهور فتوضأ " (1) ، نا العباس بن الوليد الدمشقي، نا مروان بن محمد بن لهيعة، نا قيس بن الحجاج عن حفص الصنعاني عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعبد الله بن مسعود ليلة الجن: " أمعك ماء؟ قال: لا، إلا نبيذ في سطيحة، فقال عليه الصلاة والسلام: تمرة طيبة وماء طهور، صب علي، قال: فصببت عليه " هذا حديث قال فيه الحافظ أبو الحسن علي بن الفضل المقدسي: نقلته من خطّ ابن سالس البرزالي حديث صحيح، وما تركوه إلا بسبب أبي فزارة، وأبي زيد؛ لأنهما غير معروفين، وأبو فزارة اسمه راشد بن كيسان، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث. انتهى كلامه. وهو حديث معلل بأمور: الأولى: جهالة حال أبي زيد وضعف حديثه، فقد قال الترمذي عند تخريجه: إنّما روي هذا الحديث عن أبي زيد عن عبد الله عن النبي- عليه

_ (1) باطل. رواه أبو داود (ح/84) والترمذي (ح/88) وأحمد في " المسند " (1/42، 450) . قلت: وأبو زيد رجل عند أهل الحديث مجهول لا يعرف له رواية غير هذا الحديث، ويقال: أبو زيد إنه المخزومي مولى عمرو بن حريث، ولا يعرف اسمه. وقال أبو داود: كان أبو زيد نباذا بالكوفة. ونقل الزيلعي في نصب الراية (1/72) عن كتاب الضعفاء لابن حبان قال: " أبو زيد شيخ يروى عن أبن مسعود، وليس يدري من هو، ولا يعرف ولا بلده، ومن كان هذا النعت ثم روى خبرا واحدا خالف فيه الكتاب والسنة والإِجماع والقياس: استحق مجانبة ما رواه ". ونقل عن ابن عدي عن البخاري قال: " أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ: مجهول لا يعرف بصحبة عبد الله، ولا يصح هذا الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو خلاف القرآن ". ونقل ابن عبد البر في الاستيعاب قال: " أبو زبد مولى عمرو بن حريث مجهول عندهم، ولا يعرف بغير رواية أبي فزارة، وحديثه عد ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ منكر لا أصل له، ولا رواه من يوثق به، ولا يثبت. وقال ابن أبي حاتم في العلل (رقم 14 ج 1 ص 17) : " سمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي فزارة ليس بصحيح، وأبو زيد مجهول ". وقْد ضعف الطحاوي في معاني الآثار أسانيد حديث ابن مسعود في هذا كلها، واختار اَنه لا يجوز الوضوء به في حال من الأحوال. انظر شرح معاني الآثار (1/57- 58) .

السلام- وأبو زيد رجل مجهول عند أهل العلم لا يعرف له رواية غير هذا الحديث. انتهى، وفيه نظر من حيث زعمه أن أبا زيد تفرّد به عن ابن مسعود؛ لرواية جماعة نحوه عنه منهم عمرو التعالى الصحابي. ذكره الحاكم أبو أحمد في كتاب الكنى، فقال: نا أبو القاسم البغوي، نا عبد الأعلى بن حماد البُرسي معتمر سليمان عن أبيه، أخبرني أبو تميمة/عن عمرو- لعلّه قد قال البقال- عن عبد الله بن مسعود أنه قال: " استتبعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال فانطلقنا حتى أتينا مكان كذا وكذا ... " فذكر حديث ليلة الجن ومنهم أبو رافع. ذكر حديثه أبو عبد الله الحاكم من جهة أبي سعيد مولى أبي هشام عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن ابن مسعود أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له ليلة الجن: " أمعك ماء؟ قال: لا، قال: أمعك نبيذ؟ قال: نعم، قال: فتوضأ به " قال الجوزجاني: هذا حديث باطل، وقال أبو عبد الله: تفرد به أبو سعيد عن حماد، وفيما قاله نظر؛ وذلك أن الدارقطني لما ذكره من جهة أبي سعيد قال: علي ضعيف، وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، وليس هذا الحديث في مصنفات حماد، وقد رواه أيضًا عبد العزيز بن أبي زرعة- وليس هو بقوي- عن حماد مثله، فهذا عبد العزيز قد بايع آراء سعيد، وفي قول أبي الحسن وأبو رافع: لم يثبت سماعه من ابن مسعود نظر من حيث كونه جاهليا من كتاب التابعين، قال أبو عمر: روى عن أبي بكر وعمر وابن مسعود، فمن كان بهذه المتابعة لا ينكر سماعه من ابن مسعود، لا سيما وقد جمعهما العصر والبلد، وفي قوله: لم يثبت، إشعار بعدم النفي، إذ لو كان ثابتا عنده لجزم به كعادته، ويشبه أن يكون روايته عنه إنّما جاءت على لسان متكلّم فيه؛ فلذلك قال: لم يشا، وفي كلامه أيضا إشعار بترجيح مذهب من يشترط أنّه لابُدّ من أن يعرف سماعه من المروى عنه ولئن كان كذلك فهو مذهب مرجوح، أطنب مسلم- رحمه الله تعالى- في الردّ على قائله، وفي قوله أيضا: وليس هذا الحديث من مصنفات حماد نظر؛ لأن المصنف الكبير لا يذكر في جميعه جميع روايته إمّا بعدم استحضاره له، أو لكونه لم يرفضه، وقد يحتمل أن يكون ذكره في مصنف لم يره الدارقطني،/وذلك مأخوذ من

قوله: مصنفاته بغير إله الحضر لماّ نظر وحكاه غاليا- والله أعلم- فعلى ما تقرر شبه أن يكون أمثل أسانيد هذا الحديث ومنهم: أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأبو الأحوص، نا بذلك الشيخ المسند المعمر حسن بن عمر بن عيسى بن خليل الكردي من لفظه، قال: نا أبو المنجا عبد الله الدقّاق، قال: نا محمد بن عيسى المدائني، نا الحسن بن قتيبة بن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي عبدة، وأبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: " مر بي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة فقال: خذ الإداوة منّى ثم انطلق وأنا معه قال: ثم خطّ على خطا ثم قال: لا تخرج من هذا الخط قال: ثم مضى عليه السلام فسمعت، لغطا شديدا خطّ على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والله أحفظ لرسوله مني فإذا هم وفد الجن، فلما انصرف النبي- عليه السلام- قال: فأتاني فقلت: يا رسول الله: سمعت لغطا شديدا قال: هذا. وفد أهل نصيبين من الجن أتوتي قال: فلما قمت تبعوني يسألوني الرزق فأمرت لهم بالعظام والروث قال: ثم تبرز ثم جاء فقال: ناولني ثلاثة أحجار فناولته حجرين وروثه قال: فرمى بالروثة وقال: هذا ركس أو رجس قال: فلما أفرغت عليه من الإِداوة إذا هو نبيذ، فقلت: يا رسول الله، أخطأت بالنبيذ فقال: تمرة حلوة وماء عذب " (1) ولما ذكره الحاكم قال: لم نكتبه إلا بهذا الإِسناد؛ والحمل فيه على محمد بن عيسى المدائني، وهو واهي الحديث، وذكره البيهقي في الخلافيات نحوا من الذي يقدم، وزاد، والحديث باطل بالمرة، وفيما قاله نظر؛ لأن الخطيب ذكر في تاريخه: سمعت البرقاني يقول (2) ...... وسأله عنه مرة

_ (1) تقدم. ورواه أبو داود (ح/84) والترمذي (ح/مه) وابن ماجة (ح/384، 385) والحاكم. وأحمد في " المسند " (1/449، 450، 458) وعبد الرزاق في " المصنف (693) وابن أبي شيبة في " المصنف " (1/26) والكنز (15233، 27498) وابن كثير في " تفسيره " (7/277) والقرطبي في " تفسيره " (13/52، 16/212) والدارقطني في " سننه " (1/78) والبيهقي (1/10) . قلت: وهذا حديث ضعيف. ضعفه الشيخ الألباني ومن قبله إلى داود كما في إسناد حديثه. انظر للشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/84، 85) وضعيف أبي داود (ح/ 10) والمشكاة (480) . (2) بياض " بالأصل ".

أخرى فقال: لا بأس به، وسألت اللالكائي عنه فقال: صالح ليس يدفع عن السماع لكن كان الغالب عليه؛ لكونه جعله جاما لترجمته وذلك عادته فيما ذكره عن نفسه، وأما/الدارقطني فقال: تفرد به الحسن بن قتيبة عن يونس بن أبي إسحاق، والحسن ومحمد بن عيسى المتقدم ضعيفان، وفيما قاله نظر لما أسلفنا من حال محمد، والحسن ممن قال فيه ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، قاله يعقوب بن سفيان، ومن كان بهذه المثابة لا يقال فيه: ضعيف ليُردّ حديثه، وإّنما الموثق ما ذكره البخاري في الصغير قال عمرو: قلت لأبي عبيدة أكان أبوك مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة الجن؟ فقال: وذكره البخاري في الأوسط والصغير فقال: لا يصح ومنهم عبد الله بن سلمة ذكره الحافظ أبو الحسن بن المظفر في كتاب غرائب حديث شعبة عن عمرو بن مرّة عن عبد الله بن سلمة عنه، وذكره البخاري في الأوسط والصغير فقال: لا يصح ومنهم قابوس بن أبي طبيان عن أبيه نا ابن مسعود نحوه ومنهم عبد الله بن عمرو بن غيلان الثقفي ذكره الإِسماعيلي في جمعه حديث يحيى بن أبي كثير عنه، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل وأعله بجهالة حال ابن غيلان هذا، وقال الدارقطني: يقال: اسمه عمرو ونيل: عبد الله بن عمرو بن غيلان، وفي الخلافيات قيل: عن فلان عن ابن غيلان وبنحوه قاله الجوزجاني ومنهم علاء بن رباح ولم يسمع به ولم يره ولم تبلغه سنة ذكره البيهقي في الخلافيات، ومنهم عبد الله بن عباس من طريق ابن لهيعة عن حنش الصنعاني ذكره ابن ماجة ثنا وقال البيهقي: تفرّد بها ابن لهيعة ومنهم أبو وائل شقيق ابن سلمة. ذكره الدارقطني من جهة الحسين بن عبد الله العجلي وقال: كان وضاعًا، قال الحاكم أبو عبد الله فيما ذكره أبو بكر في الخلافيات: ومنهم ابن لعبد الله، روى أبو عبيدة بن عبد الله عن طلحة بن عبد الله عنه أن أباه حدثه، قال البخاري في التاريخ الأوسط: ولا نعرف لطلحة سماعًا من ابن عبد الله، وأما حديث أبي عثمان النهدي عن عبد الله حين خرج مع النبي، فسنده صحيح، ورواه الدارقطني في مسند عبد الله بن زيد عن أبي هارون، نا إبراهيم التيمي عن أبي عثمان،/وأما حديث أبي تميمة العُجيمي وعمرو البكالي

عن ابن مسعود، وليس في حديث واحد منهما ذكر نبيذ التمر، إنّما ذكر خروجه مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تلك اللّيلة على اضطراب في إسناد حديثهما، وعلى هذا فلا تقوم بهما حجة، وأبو عثمان بن شيبة ذكره ابن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ من طريق ضعيف، كذا ذكره البيهقي، وفيه نظر؛ لأنّ حديث عمرو سنده صحيح، ورواه الدارقطني عن غيلان المعمر قال: قال أبي: حدّثني عمرو البكالي فذكره، فقد ثبت بمجموع ما تقدّم أنله لم يروه أبو زيد عن ابن مسعود وحده، كما يفهم من كلام الترمذي المنكر، والله أعلم. رجعنا إلى ذكر أبي زيد ومن جهله، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي فزارة ليس بصحيح- يعني في الوضوء بالنبيذ- وأبو زيد مجهول وذكر في العلل نحو من هذا، وقال أبو عبد الله البخاري أبو زيد رجل مجهول لا يعرف أبوه ولا بلده، قال أبو أحمد الحاكم: هو رجل مجهول لا يوقف على صحة كنيته واسمه، ولا يعرف راويًا عن أبي فزارة ولا رواية من وجه ثابت إلا حديث النبيذ، وقال البخاري في كتاب الناسخ والمنسوخ: وأبو زيد لا يعرف وما يدري أين هو؟ وقال الجورباني: منهم من سمّاه ومنهم من كنّاه، ولكنه رجل مجهول، وقال أبو عمر في كتاب الاستغناء: هو عند أهل الحديث رجل مجهول، روى عن ابن مسعود حديثًا منكرًا لم يتابع عليه، ولم يرو عنه غير أبي فزارة، ولا يصح حديث أبي زيد هذا عند أهل الحديث، ولا قال به أحد من أهل الحجاز، ولا رواه من يوثق به ولا يثبت، وقال أبو الحسن محمد بن محمد بن عبد الله الباهلي في مسند عبد الله بن مسعود- تأليف أحمد بن إبراهيم الدورقي وهذا الحديث يدخله شيئان، أحدهما: أن يكون هذا من قبل حفظ الباطن، والوجه الآخر: أن يكون قوله: ما رأيت مثلهم إلا ليلة الجن حين رأى ناسًا من الزط يعني: ما علمت إلَّا ما علمت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/؛ لأن الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: " ما كنت ليلتئذ مع النبي- عليه السلام- " وقال أبو أحمد الكرابيسي: وفي هذا الخبر إبطال كتاب الله تعالى وذلك أن الله تعالى قال:

(فلم تجدوا فتيمموا صعيدا طيبا) (1) وقال عليه السلام لعمار: " إن لم تجد الماء فعليك بالصعيد " (2) وقد اجتمعت الأمة أنه لا يتوضأ بغير الماء، ولا يغتسل به من الجنابة مثل الخل ونبيذ التمر والعسل وماء العصفر يومًا أشبه ذلك، ولا يثبت في هذا الباب من هذه الرواية حديث، بل الأخبار الصحيحة عن ابن مسعود ناطقة بخلافه، وقال أبو جعفر الطحاوي: هذه الطرق لا تقوم بها الحجة عند من يقبل خبر الواحد، وقال أبو بكر بن المنذر: حديث ليس بثابت، وقال ابن عدي: ولا يصح هذا الحديث عن النبي- عليه السلام- وهو خلاف القرآن، وبنحوه قاله الترمذي، وفي علل الحربي: وأبو زيد رجل مجهول، وقد روى حديثه هذا عن أبي فزارة سبعة أنفس، وقالوا خمسة أقاويل: فقال إسرائيل ووكيع وشريك وسفيان: عن أبيِ زيد، وقال أبو العميس: عن زيد، وقال عبد الملك بن أبي سليمان: عن عبد الله بن يزيد بن الأصم، وقال ليث: عن رجل، وقال عبد الملك بن أبي سليمان: عن عبد الله بن يزيد بن الأصم، وقال ليث: عن رجل، وقال أبو عبد الله الشهري: عن شريك أنه حدّثه عن أبي زائدة خلاف ما حكاه عن سعدونة، والقول قول من قال عن أبي زيد. الثاني: التردد، في أبي فزارة، هل هو راشد بن كيسان أم لا؟ فالذي يظهر من كلام أحمد أنهما رجلان، فإنه قال: أبو فزارة في حديث ابن مسعود رجل مجهول، وكذلك ذكره البخاري، ولكنه جعل راوي حديث النبيذ راشد بن كيسان، ولما ذكر بحشل في تاريخ واسط حديث أبي فزارة قال: سألت أنسًا عن الركعتين قبل المغرب، قال: ليس هذا أبو فزارة

_ (1) سورة النساء آية: 43. (2) حسن. رواه أبو داود في: ا- كتاب الطهارة، 121- باب التيمم، (ح/318) . ولفظه: " حدثنا أحمد بن صالح، ثنا عبد الله بن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عتبة حدثه عن عمار بن ياسر أًنه كان يُحدث أًهم تمسحوا وهم مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالصعيد لصلاة الفجر، فضربوا بأكفهم للصعيد، ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا بأيديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم.

الكوفي، ذاك راشد بن كيسان، وقال ابن عدي: مداره على أبي فزارة، وهو مشهور، واسمه راشد، وكذا سمّاه الدارقطني وأبو عمر وقال: روى عنه الثوري وعلي بن عباس وجعفر بن ريّان/وشريك، وهو ثقة عندهم، ليس به بأس، وذكر إسحاق بن منصور عن ابن معين: أبو فزارة ثقة، وقال في موضع آخر: أبو فزارة العبسي كوفي، روى عن مصقلة بن مالك: روى عنه الثوري، فلا أدري أهما اثنان أم واحد، وقد خرج عبد الرزاق في أماليه التي رواها عنه الرمادي، فقال: أخبرني الثوري عن أبي فزارة العبسي، وأما النسائي فلم يذكر في كتاب الكني غير راشد، فعلى قول البخاري ومن بعده يكون قول من قال فيه مجهول غير جيد، لا سيما على قول الحربي من أن سبعة رووه عنه، وذكر جماعة من العلماء، فأين مطلق الجهالة مع هذا؟ والله أعلم. وأما قول ابن الجوزي في كتاب التحقيق: فإن قيل أبو فزارة اسمه راشد بن كيسان أخرج عنه مسلم؛ فلذلك قال الدارقطني: أبو فزارة في حديث النبيذ اسمه راشد، فجوابه من وجهين أحدهما أنهما اثنان؛ والمجهول هو الذي في هذا الحديث، ودليل هذا قول أحمد: أبو فزارة في حديث ابن مسعود مجهول، فاعلم أنه غير المعروف. الثاني. أن معرفة اسمه لا تخرجه عن الجهالة فيه نظرًا لما أسلفناه. الثالث: وهو إنكار كون ابن مسعود- رضى الله عنه- وغيره شهد ليلة الجن، وقد أسلفنا ما يدلّ على أنّه هو حضرها، ولما رأى قومًا من الزطّ قال: هؤلاء أشبه من رأيت بالجن ليلة الجن، وأنكر ذلك علقمة فيما ذكره مسلم في صحيحه وأبو عبيدة ابنه فيما ذكره البخاري في الأوسط، ولما ذكره أبو جعفر الطحاوي رجّحه مع علمه بانقطاعه قال: لأنّ الله يعلم حال أبيه وإبراهيم النخعي فيما ذكره البيهقي، وقال في التحقيق عن اللالكائي. أحاديث الوضوء بالنبيذ وضعت على أصحاب ابن مسعود عند ظهور العصبية، ويجاب عن إنكار أبي عبيدة بأمرين: الأول: ضعف الإِسناد الموصل إليه. الثاني: ما أسلفناه من روايته عكس ذلك، وعن قول إبراهيم بانقطاعه

ويشبه أنّه إنّما أخذه عن علقمة، وعن قول علقمة بأن عبد الله لم يشهد الجن، وما قالوا وصدق/في ذلك كان في الخط الذي خطه له المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولهذا إنك لا تجد رواية ضعيفة ولا صحيحة أنه شهد الجن، إنما يقولوا: ليلة الجن، وذلك بيّن في حديث أبي الأحوص المتقدّم، وأن الوضوء بالنبيذ كان بعد مجيئه عليه السلام من عند الجن، ومال الطحاوي- رحمه الله- إلى أن ابن مسعود لم يحضرها، ويزيد ذلك وضوحَا ما ذكره الكرابيسي في كتاب المدلّسين من تأليفه: أخبرني من سمع عبد الرزاق يحدّث عن أبيه عن ميناء عن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له ليلة الجن: " يا عبد الله نعيت إلى نفسي " الحديث في ذكر الخلافة، وحديث التيمي عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله: " أنّه رأى ناسَا من الزطّ فقال: ما رأيت شبههم إلا ليلة الجن مع النبي- عليه السلام- " وأمّا قول اللالكائي فظاهر في التعصب، والله أعلم. ويزيد ذلك وضوحا حضور الزبير بن العوام ليلة الجنّ. روى ذلك الإِسماعيلي عن موسى ابن جعفر بن يعقوب بن سفيان، نا سليمان، نا أبو محمد الفقيه بن الوليد، حدّثني نمير بن يزيد الحمصي- معروف حسن الحديث- عن أبيه عن عمه مجاهد ابن ربيعة، نا الزبير بن العوام قال: " صلى بنا النبي- عليه السلام- صلاة الصبح في مسجد المدينة فلما فرغ قال: أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة " (1) الحديث. وأيما مر رجل فلم يجزم بعدم حضوره، لكنه تردد، قال الأثرم: سألت أبا عبد الله الذي يصح عندك أن النبي- عليه السلام- صحبه عبد الله ليلة الجن؟ فقال: لا أدري، وقال ابن السند في كتاب استيعاب الخلاف: أما أوجبت التعارض أن الذي روى الحديث الأول- يعني حديث عبد الله- أسقط منه كلمة، وإنّما الحديث ما شهدها أحد غيري، ومال الطحاوي- رحمه الله- إلى أن ابن مسعود لم يحضرها فقال: فهذا الباب إن كان من طريق الإِسناد؛ فهذا الحديث الذي فيه الإِنكار أولى- يعني حديث علقمة- لاستقامة طريقه ومتنه وثبت/رواته، وإن كان من طريق النظر فإنا قد رأينا الأصل المتفق عليه، أنه لا يتوضأ بنبيذ الزبيب ولا بالخل، فكان

_ (1) أثبتنا تمام لفظ الحديث من " الثانية ".

النظر على ذلك أن يكون نبيذ التمر أيضًا كذلك، وقد أجمع العلماء أن نبيذ التمر إذا كان موجودا في حال وجود الماء أنّه لا يتوضأ به؛ لأنه له ليس ماءً فكما كان خارجًا عن حكم المياه في حال وجود الماء، كان كذلك هو في عدم الماء، وتوضأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان وهو غير مسافر، فلو ثبت هذا الأثر أنّ النبيذ يجوز التوضيء به في البوادي والأمصار، ثبت أنّه يجوز التوضيء به في حال وجود الماء وعدمه، فلما أجمعوا على ترك ذلك والعمل بضدّه ثبت بذلك تركهم الحديث، وخرج حكم ذلك النبيذ من حكم سائر المياه، وثبت بذلك ألَّا يجوز التوضيء به في حال من الأحوال، وهو قول أبي يوسف وهو النظر عندنا، والأول قول أبي حنيفة، وفي تاريخ الموصلي من حديث شريك عن أبي فزارة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " قد أمرت أن أتلوا على إخوانكم الجن فليقم معي من ليس في قلبه مثقال خردلة من غش "، وفى سنن الدارقطني من جهة المسيب بن واضح، نا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " النبيذ وضوء من لم يجد الماء " قال: ووهم فيه في موضعين: في ذكره ابن عباس، وفي ذكره النبي- عليه السلام-، والمحفوظ في قول عكرمة غير مرفوع إلى النبي- عليه السلام- ولا إلى ابن عباس والمسيب ضعيف، وقد رواه جماعة، وهو ضعيف عن أبان، وهو متروك عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا، ولما ذكره الجوزجاني قال: هذا حديث باطل، والصحيح رأى عكرمة غير مرفوع، ولما ذكره البيهقي في الخلافيات قال: هذا الحديث واهي، وروى أبو إسحاق السبيعي عن الحرث ومزيدة بن جابر عن علي أنه كان لا يرى بالوضوء به بأسًا، قال ابن المنذر: وهو قول الحسن البصري والأوزاعي، قال الدارقطني: وبه قال/ابن عباس وعكرمة، قال الترمذي: وبه قال الثوري: وروى عن أبي العالية نحوه، وذهب بعضهم إلى أنّه لو صح لكان منسوخَا؛ لأنه كان بمكة في صدر الإسلام وقوله تعالى: (فلم تجدوا ماءً) نزل في غزوة المريسيع، وممن قالَ ذلك ابن القصار من المالكية وغيره، وأما قول أبي حنيفة: لا يجوز الوضوء بشيء من الأنبذة إلا نبيذ التمر، ففيه نظر؛ لما روى الدارقطني عن أبي العالية أما كان ذلك ريب وما واصل النبيذ الطرح والرفض قال الله تعالى: (فنبذوه وراء

ظهورهم) (1) وإذا أردت عمله لتطهير قلت: نبذت النبيذ بغير إلف. ذكره ثعلب وكراع وابن السكيت القزاز، وأما ما ذكره ابن درستويه من أن قول العامة: أنبذت خطأ، فيشبه أن يكون وهم؛ لأنّ جماعة من اللغوين ذكروا ذلك فلا عيب على العامة، قال اللحيائي في نوادره: وأنبذت لغة ولكنّها قليلة، وبنحوه ذكره ثعلب في كتاب فعلت وأفعلت، وابن سيدة في المحكم، قال: والانتباذ قيل: هو المعالجة أو الوضوء بماء البحر. حدّثنا هشام بن عمار، نا مالك بن أنس، حدّثني صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة- هو من آل ابن الأزرق- أن المغيرة بن أبي بردة- وهو من بني عبد الدار- حدّثه أنه سمع أبا هريرة يقول: ْ " جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هو الطهور ماؤه، الحلّ ميتته " (2) . هذا الحديث قال فيه أبو عيسى لما أخرجه: هذا حديث حسن صحيح، قال: وسألت محمدًا عنه فقال: هو حديث صحيح، قال أبو عمر بن عبد البر: ما أدري ما هذا من البخاري، فإن أهل الحديث لا يحتجون بمثل إسناد هذا الحديث، ولو كان صحيحًا عنده لوضعه في كتابه، والحديث عندي صحيح؛ لأن العلماء تلقوه بالقبول وحاصل ما يعبد به على هذا الحديث أربعة أوجه: أحدها: الجهالة بشعبة بن سلمة والمغيرة،/وادعى أنه لم يرو عن سعيد غير صفوان، ولا عن المغيرة غير سعيد، وفي موضع آخر: وليس إسناده مما يقوم به حجة رجلان غير معروفين يحمل العلم. انتهى كلامه، وفيه نظر من وجوه: الأول: قوله: ولو كان صحيحًا لوضعه في كتابه، وذلك أنه هو قد أخبر

_ (1) سورة آل عمران آية: 187. (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/83) والترمذي (ح/69) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (1/50، 176) وابن ماجة (ح/386، 387، 388) وأحمد في " المسند " (2/ 237، 361، 3/373، 5/365) والدارمي (1/286، 2/91) والبيهقي في " الكبرى " (1/3، 4/254، 9/252، 256) والموطأ (22، 495) والحاكم في " المستدرك " (1/ 141، 142، 143) وابن أبي شيبة في " مصنفه " (1/130) وابن حبان في " صحيحه " (199، 120) والطبراني في " الكبير " (2/203) . وكذا صححه الشيخ الألباني.

عن نفسه أنه خرج كتابه هذا من مائة ألف حديث صحيحة قال: ولم أخرج هنا إلا ما أجمعوا عليه، فهذا صحيح غير مجمع عليه. الثاني: ما ادّعا أنّه لم يرو عن سعيد غير صفوان، وليس كذلك بل يروي عنه أيضًا الجلاخ أبو كثير فيما ذكره النسائي في كتاب السنن، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في كتاب السنن الكبير بلفظ: " كا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَا فجاء صيّاد فقال: يا رسوَل الله إنا ننطلق في البحر نريد الصيد فيحمل معه أحدنا الإداوه وهو يرجو أن يأخذ الصيد حتى يبلغ من البحر مكان لم يظن أن يبلغه، فلعله يحتلم أو يتوضأ، فإن اغتسل أو توضأ نفذ الماء، فلعل أحدنا يهلكه العطش فهل ترى في ماء البحر أن يغتسل منه أو يتوضأ به إذا خفنا ذلك؟ فزعم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " اغتسلوا به وتوضؤوا منه فإنه الطهور ماؤه الحل ميتته ". الثالث: المغيرة روى عنه غير سعيد، وهو يحيى بن سعيد ويزيد بن محمد القرشي. فيما ذكره البيهقي وعبد الله بن أبي صالح من رواية ابن وهب عنه. ذكره أبو بكر في رياض السوس، والحرث بن يزيد ويزيد بن أبي حبيب وعبد العزيز بن صالح وأبو مرزوق التجيبي وموسى بن الأشعث البلوي وغيرهم. فيما ذكره ابن يونس، وقال عبد الغني وصفوان بن سليمان وعبد الله ابنه فيما ذكره أبو حصن أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد في كتابه التعريف تصريح التاريخ. الرابع: جهالة سعيد مرتفعه، فذكره عند من خرّج حديثه مصححًا له ممن أسلفناه، وممن نذكره بعد حتى قال ابن مندة واتفاق صفوان والجلاخ مما يوجب شهادة سعيد والنسائي، قال: هو ثقة. الخامس:/جهالة حال المغيرة مرتفعة بما ذكرنا في سعيد، ويقول ابن منده اتفاق يحيى وسعيد على المغيرة مما يوجب شهرته، وبنحوه قال في المستدرك، ولما سئل عنه أبو داود: قال هو معروف من آل الأزرق، ولما ذكره ابن حبان في كتاب الثقات قال: ومن أدخل بينه وبين أبي هريرة أبَا فقد وهم، وقال ابن عبد الحكم في كتابه فتوح مصر: لما قيل يزيد بن مسلم بإفريقية اجتمع

الناس على رجل يقوم بأمرهم إلى أن يأتي يزيد بن عبد المالك، فرضوا بالمغيرة فخوف فلم يرض، فاجتمعوا على محمد بن أوس فلما سمع الخليفة بذلك قال: أما كان بالبلدين من قريش أحد؟ قيل: بلى المغيرة بن أبي بردة، قال: قد عرفته قال: فما باله لم يقم؟ قيل أبي ذلك وأحب العزلة، وقال أبو بكر عبد الله بن محمد المالكي في كتاب طبقات علماء القيروان: كان المغيرة قد حالف بني عبد الدار، من أهل الفضل، كثير الصدقة، لا برد سائلًا يسأله غزا، وهو أبو عبد الله بن المغيرة قاضي القيروان لعمر بن عبد العزيز سنة تسع وتسعين، وكان زاهدا دينا عادلا ورعًا فاضلا تابعيا أيضا، وذكره أبو العرب فيمن دخل إفريقية من أجلًه التابعين، وقال ابن يونس في تاريخ علماء مصر: ولى غزو البحر لسليمان بن عبد الملك سنة ثمان وتسعين، والبعث من مصر لعمر بن عبد العزيز سنة مائة، وولده بإفريقية إلى اليوم، قال ابن أبي خلف: شهد قتل أصحاب يزيد بن المهلب، وممن صححه أيضًا أبو حاتم البستي، ثم قال: وذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذه الستة تفرد بها سعيد بن سلمة، فذكر حديث جابر الآتي بعد، ورجّح ابن منده صحته، وقال ابن المنذر: ثبت أن النبي- عليه السلام- قال في البحر: " هو الطهور ماؤه " وقال البيهقي: هو حديث صحيح، وإنما لم يخرجه البخاري في الصحيح لأجل اختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة والمغيرة، وذكره الجارود في المنتقى. نا النسخ المسند المعمر مجد الدين إبراهيم بن علي بقراءتي عليه، أخبركم الإِمام الرحّال صدر الدين أبو علي الحسن بن محمد بن محمد /البكري إجازة- إن لم يكن سماعا- نا أبو روح عبد المعز محمد بن أبي الفضل الهروي قراءة عليه، أخبركم أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد السحامي قراءة عليه وأنت تسمع، نا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الجندرودسي، نا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح السلمي النيسابوري، حدثني الإِمام أبو بكر بجمع كتاب الصحيح من تأليفه قال: نا يونس بن عبد الأعلى الصفدي، نا ابن وهب أنّ مالكًا حدثه يحيى بن حكيم، نا بشر يعني ابن عمر الزهراني، نا مالك، نا صفوان عن سعيد بن سلمة فذكره قال: هذا حديث يونس، وقال يحيى: عن

صفوان، ولم يقل من آل ابن الأزرق ولا من بني عبد الدار، وقال: نركب البحر أزمانًا، والحاكم في المستدرك، ومع ذلك فقد أعل بأمور منها: الاختلاف في سعيد بن سلمة، فيما ذكره البيهقي في السنن الكبير، فقيل: عن سلمة بن سعيد وقيل: عن عبد الله بن سعيد المخزومي، وقيل: من آل ابن الأزرق، وقيل: من آل بني الأزرق، ومنها: الإِرسال فيما ذكره أبو عمر من أن ابن عمير الحميدي والمخزومي رووه عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد عن رجل من أهل المغرب يقال له المغيرة إن أناسًا من بني مدلج أتو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: الحديث بمعنى حدّث مالك، قال: ويحيى بن سعيد أحفظ من صفوان، وأمّا عن سعيد بن سلمة، ومنها: الاضطراب واختلاف الروايات. قاله ابن إسحاق، فرواه عن يزيد بن أبي حبيب عن الجلاخ عن عبد الله بن سعيد المخزومي عن المغيرة عن أبيه عن أبي هريرة قال: " أتى رجال من بني مدلج " وفي رواية عن ابن إسحاق سلمة بن سعيد عن المغيرة حليف بني عبد الدار عن أبي هريرة. ذكره السراج في مسنده وفي البيهقي، واختلف في رواية يحيى بن سعيد اختلافًا كثيرًا، فقيل: عن المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة عن رجل من بني مدلج عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/هذه رواية أبي عبيد القاسم بن سلام عن هشيم عنه، ورواه بعضهم عن هشيم فقال: عن المغيرة بن أبي برزة- وهو وهم- وحمل أبو عيسى الوهم فيه عن هشيم. انتهى كلامه، وفيه نظر من حيث ألزم الوهم هشيم، أو ليس بالذم له إذا اتفق الرواة عنه في ذلك فأما وقد اختلف عليه فلا، وقد تقدّمت رواية أبي عبيد عنه على الصواب، والله أعلم. قال البيهقي: ورواه سفيان عن يحيى فقال: عن المغيرة بن عبد الله بن عبدان- رجل من بني مدلج- ورواه سليمان بن بلال عن يحيى عن عبد الله بن المغيرة الكندي عن رجل من مدلج، وقيل: عن المغيرة بن عبد الله عن أبيه قال البيهقي في معرفة السنن: وهذه الاختلافات تدل على أنه لم يحفظه كما ينبغي، والجواب عن ذلك أنّ من لم يحفظ لا يكون حجة على من حفظ، وذلك أن ابن يوسف جوده عن ذلك. فيما ذكره الحافظ ابن عساكر- رحمه الله- في كتابه مجموع الرغائب، قال وقد جوده عبد الله بن يوسف عن مالك عن صفوان عن سعيد، سمع المغيرة أبا هريرة، وفي كتاب التاريخ

للبخاري، وحديث مالك أصح، قال البيهقي: وقد تابعه الليث وعمرو بن الحرث، كلاهما عن سعيد بن سلمة عن يزيد بن محمد عن المغيرة، أمّا الاختلاف في نسبة المغيرة فكلّه متفاوت غير ضار. قاله أبو عمر، وأمّا رواية ابن إسحاق فقد خالفه في ذلك الليث، حيث رواه كمالك، والليث لا يقاربه ابن إسحاق، وقد وقع لنا حديث أبي هريرة- رحمه الله- من غير طريق المغيرة، من جهة الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه، نا بذلك أبو النون يونس بن إبراهيم الكناني إذنًا ومناولة عن ابن الكناني المغيرة قال: نا أبو الكرم الشهرزوري قال: أبو الحسن بن المهتدي في كتابه عن أبي الحسن علي بن مهدي البغدادي الحافظ، نا يحيى بن إسماعيل، نا محمد بن عبد الله بن منصور، نا أبو أبوب سليمان بن عبد الرحمن، نا محمد بن غزوان، نا الأوزاعي به، ومن جهة ابن المسيب عن أبي هريرة ذكره ابن حبان في الضعفاء من طريق عبد الله بن محمد القدلعي، نا إبراهيم بن سعد عن الزهري عنه، ومن جهة الأعرج عن أبي هريرة ذكره ابن منده وأشار إلى عدم ثبوته في المستدرك، وقد روى هذا، قال مالك في طريق هذا الحديث من ثلاثة أسماء من شرط هذا الكتاب، وهم: عبد الرحمن بن إسحاق، والقداس، والحرث بن إبرا هيم المزني، وإنّما حملني على ذلك أن نعرف العالمين أن هذه المتابعات والشواهد لهذا الأصل الذي صدّر به مالك كتاب الموطأ، وتداوله فقهاء الأمصار من عصره إلى وقتنا هذا " لا يرد بجهالة سعيد والمغيرة، على أنّ اسم الجهالة مرفوع عنهما بهذه المتابعات، ورواه الدارقطني من حديث إبراهيم بن المختار عن عبد العزيز بن عمر بن سعيد بن شهاب عن أبي هند عن أبي هريرة ولفظه: " من لم يطهره ماء البحر فلا طهّره الله " (1) حدّثنا سهل بن أبي سهل، نا يحيى بن أبي بكر، حدّثني الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي قال: كنت أصيد، وكانت لي قربة أجعل فيها ماءً وإني توضأت بماء البحر، فذكرت ذلك لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " هذا حديث سأل الترمذي (1) ضعيف. رواه الدارقطني: (1/396) . وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 843 ح 5843) .

البخاري عنه فقال: هو مرسل، ابن الفراسي لم يدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبوه له صحبة، وقَال الإشبيلي: لمِ يروه فيما أعلم إلا ابن مخشي (1) وابن مخشي لم يروه- فيما أعلم- عنه إلّا بكر بن سوادة، هذا نص ما ذكر، وخفي عليه انقطاع حديثه، وذلك أنه من عد ابن عبد البر، ونص ما عده عن مسلم أنّ الفراسي قال: كنت أجيد الحديث وناقض ذلك الإشبيلي حين ذكر حديث " إذا كنت سائلَا فسل الصالحين " بقوله: ابن الفراسي لم يرو عنه إلا مسلم، وقال أبو الحسن بن القطان: فتبيّن من هناك أن مسلما لا يروى عن الفراسي إلا بوساطة ابنه، وليست لابنه صحبة. انتهى كلامه. وقال أبو عمر: إسناده ليس بالقائم، وقد وقع لنا/هذا الحديث من طريق متصلة صحيحة، ذكرها أبو بكر بن أبي شيبة في مسند قتيبة: نا ليث عن جعفر عن بكر عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراس أن الفراسي قال: قلت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فذكر الحديث، فهذا كما ترى أنّ الفراسي رواه عن أبيه، فذهب ما توهم البخاري وغيره من انقطاعه، على أن البخاري قد خولف في ذلك فذكر ابن بنت منيع في معجمه أنّ ابن الفراسي له صحبة أيضَا، وزعم ابن الأثير أنَّ ابن الفراسي والفراسي واحد، ويشبه أن يكون وهمَا، والله أعلم، وأما بكر بن سوادة أبو ثمامة المصري الفقيه المفتي، فروى عن سهل بن سعد الساعدي وغيره من الصحابة، وروى عنه جماعة منهم: عمرو بن الحرث وعبد الرحمن بن زياد والليث ابن سعد قال ابن سعد: كان ثقة- إن شاء الله تعالى- وروى له مسلم في صحيحه، واستشهد به البخاري، وبكر بن سوادة وثقة أبو حاتم البستي- رحمه الله- فصح بذلك الحديث، والله تعالى أعلم، ويقال في الفراسي ولم يذكر البخاري في الكبير غيره وهو من فراس بن مالك بن كنانة حديثه عند أهل مصر ومخرج حديثه عنهم. كذا ذكره ابن عمرو وفيه نظر؛ لأن فراسَا ليس هو ابن مالك إنما هو ابن عثمان بن ثعلبة بن مالك، قال أبو محمد الرشاطي: وثبوتهما هو الصواب. حدّثنا محمد بن يحيى، نا أحمد بن حنبل أبو القاسم بن أبي الزياد، حدّثني إسحاق بن حازم عن ابن مقسم

_ (1) قوله: " مخشي " وقع في " بعض النسخ ": " يخنس "، والصحيح ما أثبتناه.

عبيد الله عن جابر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن ماء البحر فقال: " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " هذا حديث ذكره الشيخ تقي الدين أن ابن السكن وأخرجه في مصنفه وقال: هو أصح ما روى في هذا الباب وخالفه ابن منده في هذا فقال: روى هذا الحديث عبيد الله بن مقسم عن جابر وعن الأعرج عن أبي هريرة، ولا يثبت والظاهر أن القول كما قاله ابن السكن وذلك أنّ رجال إسناده/ثقات بيانه أن أبا القاسم بن أبي الزياد لما سئل عنه أبو زرعة فقال أبيه كيته لا يعرف له اسم وتبعه على ذلك الحافظان مسلم بن الحجاج وأبو عمرو عنهما من المتأخرين، وخالف ذلك أبو عمرو بن الصلاح فذكر أن اسمه مبررَا بذلك قاضي قضاة بدر الدين ابن جماعة فقال قاضي القضاه تقي الدين ابن رزين بن الصلاح وأنبأنا به جماعة من شيوخنا الشاميين عنه به، وقال العباس بن محمد سئل عنه يحيى بن معين فقال: ليس به بأس قد سمع منه أحمد، قرأة على الشيخ المعمر أبي بكر المقدسي أخبركم ابن رواح إجازة أن لم يكن سماعَا- نا الحافظ أبو طاهر قراءة عليه وأنا أسمع بثغر الإسكندرية في يوم الأحد العشرين من جمادي الأولى سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة، نا الشيخ أبو القاسم محمود بن سعادة بن أحمد بن يوسف بن عمران الهلالي بثغر سلماس من أصل سماعه سنة ست وخمس مائة، نا أبو يعلي الخليل بن عبد الله القزويني قدم علينا سنة اثنين وعشرين وأربع مائة، ثنا أبي عن علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، نا علي بن أحمد بن الصباح، نا أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ- رحمه الله- قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل ذكر أبا القاسم بن أبي الزياد فأنني عليه وقال: كتبنا عنه وهو شاب فأمّا إسحاق بن حازم. وقيل: ابن أبي حازم المديني فروى عنه عبد الله بن وهب وعبد الله بن نافع وخالد بن مخلد ومعن بن عيسى قال فيه (1) ابن معين: ثقة، وكذلك قاله أحمد بن حنبل، وقال أبو حاتم الرازي: صحيح الإِسناد، وأخرجه الحاكم في مستدرك علي بن قانع. نا محمد بن علي بن شعيب، نا الحسن بن بشر، نا الماعي بن عمران عن ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر،

_ (1) " بالأصل " وردت كلمتان زائدتان.

ورواه الدارقطني عن علي بن الفضل، نا أحمد بن أبي عمران، نا سهل بن تمام نا مبارك بن فضالة عن أبي الزبير به، قال: وخالفه عبد العزيز بن عمران، وليس بالقوي./وأسنده عن أبي بكر الصديق، وجعله عن وهب عن ابن كيسان عن جابر، ولما ذكره في العلل قال: تفرد به عبد العزيز، وهو مدني ضعيف الحديث، وقد روى عن أبي بكر من قوله غير مرفوع من رواية صحيحة من حديث عمرو بن دينار عن أبي الطفيل عنه، ورواه ابن راطا (1) عن شيخ له من حديث عبد الله بن عمرو عن عمرو بن دينار عن أبي الطفيل عن أبي بكر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووهم في رفعه، والموقوف أصح، ولما ذكره ابن صخر في فرائدة قال: قال لنا أبو محمد الحسن بن علي: هذا حديث غريب من حديث أبي بكر عن النبي، انفرد بروايته بهذا الإِسناد محمد بن يحيى المدني، وما كتبناه إلَّا من حديث عمر بن شبه، وقد حدّث به الزنادي فقال: حدّثني أبو زيد النحوي- يعني ابن شيبة- نا محمد بن يحيى، حدّثني عبد العزيز فذكره، وقال صاحب كتاب الوقوف على معرفة الموقوف: الصحيح موقوف على أبي بكر، وفي هذا ردّ لما ذكره أبو عيسى، وفي الباب عن جابر والفراسي، وفيه أيضا حديث عن ابن عباس أخرجه الحاكم في مستدركه من حديث حماد بن سلمة عن أبي التياح عن موسى بن سلمة عنه، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وشواهده، كثيرة ولم يخرجاه، وأبى ذلك الدارقطني، وزعم أن وقفه هو الصواب، وفيه أيضا حديث عليّ بن أبي طالب. أخرجه الحاكم من حديث محمد بن الحسين بن علي، حدّثني أبي عن أبيه عن جدّه عنه، وفيه أيضا حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. أخرجه الحاكم من حديث الهقل بن زياد عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه، وفيه أيضَا حديث أنس بن مالك به يونس بن إبراهيم إذنَا ومناولة عن ابن المقبرّ فقال: أنا أبو الكرم الشهرزوري، نا محمد بن علي في كتابه، نا علي بن عمر قال: نا علي بن مبشر، نا محمد بن حرب، نا محمد بن يزيد عن أبان عن أنس به قال أبان: هو ابن أبي شيبة، وهو متروك الحديث، وفيه

_ (1) كذا في " الأصل ": " راطا ".

أيضا حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب. ذكره الدارقطني، وقال:/باطل هذا الإسناد، مقلوب، وفيه أيضَا حديث العركي، أنابه الإِمام تاج الدين ابن دقيق العيد- رحمه الله- إجازة عن الفقيه أبي الحسن بن الحميري، قال: ثنا الحافظ أبو الظاهر بن سلفة قال: نا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي قراءة عليه وأنا أسمع بمصر قال: نا القاضي أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى السعدي قال: نا أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن حمدان العكبري، قال: قرأ على أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، نا عثمان بن أبي شيبة، نا حاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر عن عياش بن عباس عن عبد الله بن جرير عن العركي الذي سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يا رسول الله: إنا نركب الإِرمات فتبعد في البحر ومعنا ماء لسقاؤنا " الحديث. قال أبو القاسم: هكذا نا عثمان عن حاتم عن حميد بن صخر وهو وعمرو إنما هو حميد بن زياد أبو صخر المدني، وهو صالح الحديث، قال: والعركي بلغني اسمه عندما رواه ابن قتيبة في غريبه عن القرشي، نا محمد بن عتاب المكي، نا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد عن عبد الرحيم عن عبد الله ابن ذر بن الغافقي عن العركي به، وأما البحر فمختلف فيه؛ فزعم بعضهم أن ذلك يعم العذب والملح، وقال بعضهم: بل ذلك مخصوص بالملح فقط، ممن قال ذلك القزاز فإنه ذكر أنه سمى بذلك لسعته من قولهم: تبحر الرجل في العلم إذا اتسع فيه، وإذا اجتمع الملح من الماء والعذب سموهما باسم الملح، قال تعالى: (مرج البحرين يلتقيان) (1) فجعل الماء العذب بحرًا المقارنة الملح، قال الشاعر: وقد عاد عذب الماء بحرًا فزاد بي ... على مرضي أن أهجر المشرب العذب انتهى كلامه، وفيه تصريح بأن البحر يطلق على الملح لا العذب، وإن أطلق فعلى سبيل المجاز، وكذا ذكره ابن فارس في محكمه بقوله: ماء بحر أي ملح يقال: أبحر الماء إذا أملح، وفي الغريب المصنف عن الأموي والأصمعي:/البحر هو: الملح، يقال منه قد أبحر الماء أي صار ملحَا، وكذا

_ (1) سورة الرحمن آية: 19.

ذكره الزمخشري في أساس البلاغة بقوله: وما بحر وصف به لملوحته، وقد أبحر المشرب العذب، قال ذو الرمة: بأرض هجان الترب وسميه الثرى غداة فأت عنها الملوحة والبحر، وفي كلام الجوهري ما يفهم منه خلاف ذلك لقوله: البحر خلاف البر، سمى بذلك لعمقه واتساعه، والجمع أبحر وبحار وبحور، وكل نهر عظيم بحر، قال عدي: سره ماله وكثرة ما يملك والبحر مُعْرضًا والسرير يعق الفرات، وقال الشافعي- رحمه الله تعالى- في كتاب المناسك وغيره: والبحر الماء العذب والملح، وإليه نجا أبو محمد بن بري في كتابه المسمى بالتنبيه والإِفصاح عمّا وقع في كتاب الصحاح، الذي أنا بجميعه الشيخ تاج الدين أحمد بن علي بن وهب المعروف بابن دقيق العيد، إذنًا عن الفقيه هاء الدين عنه قال: كان الأموي يجعل البحر من الماء الملح فقط، قال: وسمّى بحرًا لملوحته، يقال: ماء بحر أي ملح، وأما غيره فقال: إنما سمي بحرًا لسعته وانبساطه، ومنه قولهم: أنّ فلانًا كالبحر أي: واسع المعروف، فعلى هذا يكون البحر للملح والعذب، وشاهد العذب قول ابن مقبل: ونحن منا لبحر أن تشربوا به، وقد كان منكم ماؤه بمكان، وقال جرير أعطوا هتيده بحذوها ثمانية ما في عطائهم من ولا شرف كومًا هارس مثل الهضب لو وردت ما أنقرأت لكاد ينير (1) ، وقال الكميت إناس: إذا وردت نحوهم سوادي الغرائب لم يضرب، وقد أجمع أهل اللغة أن اليم هو البحر، وجاء في التنزيل (فألقيه في اليم) قال أهل التفسير: هو نيل مصر، وفي كتاب الجمهرة لابن دريد: والعرب تسمى الماء الملح والعذب بحرًا إذا كثر، وفي التنزيل: (مرج / البحرين يلتقيان) يعني الملح والعذب وفي كتاب الغريب لابن قتيبة، سئل ابن عباس عن الوضوء بماء البحر فقال. هما البحران لا تبالي بأيهما توضأت، والله أعلم، وكذا ذكره الأحداني في كتاب الكفاية التي قرأتها على غلامه، وفيه شيخ مشايخ البلاد أبي حيان عن طهر قلب في مجلس واحد، وأخبر بها عن الشيخ الصالح المقري سيّد الدين عبد النصير بن علي الهمداني وغيره، عن أبي الفضل جعفر بن أبي البركات،

_ (1) قوله: " ينير " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

وأنبأني بها جماعة من أصحاب جعفر عن أبي الصالح رضوان بن مخلوف عن أبي الحسن علي بن الحسن بن حفص القرشي سماعًا من والده وعن أبي محمد بن عبد الله بن المؤلف لها، أي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الطرابلسي، كلاهما عن مؤلّفها أبي إسحاق، قال: والبحر الماء الكثير المتسع، عذبًا كان أو ملحا، وإنما سمي بحرا لكثرته، ومن أسمائه: اليم وإلزاما والمهرقا وحضارة، والقاموس: وسطة وغواريه: أمواجه، والحال: طيبة وترابه، والعبر: ساحل البحر وهو الشّط والشاطئ والسيف والصيف والضفة والجد والجدة والغبقة، ويقال: ماء رَعْرَبَ وماء تليذم وماء خضرم إذا كان كثيرا متسعًا، وفي الغريب المصنف: والبلالق الماء الكثير، وفي كتاب الألفاظ لابن السكيت: ماء سُعر وسعبت وطنيس وطيسل وزينب وجوار على فعال أي كثير، وفي كتاب السيف اللسان للحميري: ولا يقولون بحر إلَّا بما كان ملحًا خاصة، والبحر يقع على الملح والعذب. انتهى كلامه، وفيه نظر من حيث عيبه على من يقول ذلك من الناس، ولا غيب عليهم لما أسلفناه من قول جماعة من أهل العلم باللغة، والله أعلم. وأما السائل فزعم السمعاني أنه العركي قال: وهو اسم يشبه النسبة- والله أعلم- انتهى، وفيه نظر من حيث جعله اسما، وليس كذلك بل هو نعت لمن كان صيادًا، وقد سبق بيان ذلك في الكتاب الموسوم برفع الارتياب/ في الكلام على اللباب، وملخصه ما ذكره القزاز وغيره، والعرولث الصيادون، والواحد عركي قال زهير: يغشى الحذأة تبارعث الكثيب كما يغشى السَّفين موج اللجة العرك، وكتب المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقوم من اليهود: إنّ عليكم ربع ما أخرجت نخلكم وربع ما صاد عروككم، ويزيد ذلك وضوحا قول البغوي: قيل: اسمه عبد كما أسلفناه. واختلف في الوضوء من ماء البحر؛ فكره الوضوء منه جماعة، منهم: أبو هريرة وعبد الله بن عمر وأبو العالية. فيما ذكره ابن أبي شيبة في المصنف، وفي الأشراف عن ابن المسيب: إذا لجُئت إليه تقوض منه، وقد انعقد الإِجماع على جواز الوضوء منه فيما حكاه ابن عبد البر، وإنما كره الوضوء منه من كرهه لما روى في بعض الأحاديث من أنّ الله تعالى يسقط فيه الكواكب يوم

القيامة ويصيره نارًا، وفي حديث يعلي من تاريخ محمد بن إسماعيل مرفوعًا: " البحر من جهنم، أحاط هم سرادقها، والله لا أدخله حتى أعرض على الله تعالى " (1) وكنت لم أسمع هذا الحديث، فلما سافرت إلى الشام سنة تسع وسبع مائة في شوال، نزلنا منزلة العريش على شاطئ البحر يوم الثلاثاء تاسعة، وجب علي غسل، فلما أردت أن أغتسل من البحر وجدت ناسا كثيرًا مختفين بالشاطئ فبصر فاستوضؤا، فقمت وقت القائلة فرأبت في منامي برية واسعة ملئ جمر الهبة الكرس إذا وقد عليه، فجعلت أفكر فيه فسمعت قائلا يقول: هذا البحر الملح صيره- أو يصيره- الله نارًا يوم القيامة، ولا تقربه فاستيقظت فزعًا ولم أقربه ولا ماءه، فلما قدمنا من الشام ومرت علينا أعوام رأيت هذا الحديث في كتب المسانيد، فحمدت الله تعالى الذي وفاتي سره وصدق رؤياي الرّجل يستعين علي وضوءه فنصب عليه./حدّثنا هشام بن عمار، نا عيسى بن يونس، نا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن المغيرة بن شعبة قال: " خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبعض حاجته، فلما رجع تلقيته بالإِداوة، فصببت عليه فغسل يديه ثم غسل وجهه، ثم ذهب يغسل ذراعيه، فضاقت الجبة فأخرجهما من تحت الجبة فغسلها ومسح على جبهته ثم صلى بنا " (2) هذا حديث أخرجه الشيخان " في صحيحيهما حدّثنا محمد بن يحيى، نا الهيثم بن حميلي، نا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ قالت: " أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بميضأة فقال: اسكبي، فسكبت فغسل وجهه وذراعيه، وأخذ ماءً جديدا فمسح به رأسه مقدّمه ومؤخّره، وغسل قدميه ثلاثًا ثلاثًا " (3) هذا حديث قال فيه أبو عيسى حين خرجه: هذا حديث حسن،

_ (1) ضيف. الجوامع (10275) والكنز (35341) والتاريخ الكبير للبخاري (1/70، 8/ وضعفه الشيخ الألباني. (ضيف الجامع: ص 350 ح 2366) . (2) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (ح لم 203) ومسلم في (الطهارة، ح / 78) النسائي في (الطهارة، باب " 95') وابن ماجة (ح/381) وأحمد في " المسند " (1 / 33، 3/421، 443، 4/23، 224، 237، 5/20) . (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/390) وأبو داود (ح/126) ، وأحمد في " المسند " (6/461) .-

وحديث ابن زيد أصح من هذا وأجود إسنادًا، وفي موضع آخر قال: وحديث الربيع حديث حسن صحيح- يعني بذلك نفس حديثها في الوضوء- يدلّ على ذلك قوله: حديث الربيع ولم يقل هذا حديث صحيح كعادته، وسبب ذلك الاختلاف في حال ابن عقيل فهو بحسب المتابعات والشواهد صحيح، ومع تعذّر ذلك حسن، ولما ذكره الحاكم في المستدرك قال: لم يحتجا بابن عقيل، وهو مستقيم الحديث مقدم في الشرف، والله أعلم. حدّثنا بشر بن آدم حدّثنى زيد بن الحباب، حدّثني الوليد بن عقبة حدّثني حذيفة بن أبي حذيفة الأزدي عن صفوان بن عسال قال: " صببت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الماء في السفر والحضر في الوضوء " (1) هذا حديث إسناده صحيح على شرط أبي حاتم البستي، أبو ربيعة رواية الوليد وحذيفة، أما حذيفة فإن عبد الغني لم يذكره جملة، واستدركه عليه الحافظ المزني، ولم يعرف بحاله مع كثرة نظره ونقله في كتاب الثقات لابن حبّان، حدّثنا كردوس بن أبي عبد الله الواسطي، ثنا عبد الكريم بن روح أخو روح بن عنسبة بن سعيد عن جدّته أم أبيه أم عياش فكانت أمة لرقيّة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: " كنت/أوضئ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا قائمة وهو قاعد " (2) هذا حديث معلل بأمور: الأول: عبد الكريم بن روح، فإنه ممن قال فيه أبو حاتم: بن روح رآه عمر بن رافع، وقال: دخلت عليه بالبصرة ولم أسمع منه، وهو مجهول، ويقال

_ قوله: " الميضأة " مطهرة يتوضأ منها. وزنها مفعلة ومفعالة. والميم زائدة. وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/86) . قلت: والحديث حسن- دون " الماء الجديد ". انظر: صحيح أبي داود. (ح/117- 122) . (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 39- باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه، (ح/391) . وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/87) . (2) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 39- باب الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه، (ح/392) في للزوائد: إسناد مجهول. و" عبد الكريم " مختلف فيه. قلت: وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/88) .

أنه متروك الحديث، سمعت أبي يقول: ذلك وقال فيه الدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان يخطئ ويخالف لما ذكره في الثقات. الثاني: جهالة حال روح بن غنية فإني لم أجد له ذكرًا في شيء من كتب الأئمة: البخاري وابن أبي حاتم وابن سعد وابن حبان، والساجي، والنسائي، وغيرهم، وإنما ذكره من المتأخرين بما في هذا الإِسناد لم يزد، والله أعلم، وكذلك عنبسة أيضا لم أجده في الكتب المذكورة، ولم يزد من ذكره على ما في نفس الإِسناد. حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، نا الوليد بن مسلم، نا الأوزاعي، حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أيضا، حدثاه عن أبي هريرة أنه كان يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا استيقظ أحدكم من الليل فلا يدخل يده في الإناء حتى يفرغ عليها مرتين أو ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده " (1) هذا حديث أخرجه الترمذي وقال فيه: حسن صحيح، وفيما قاله نظر؛ وذلك أنه رواه عن أبي الوليد أحمد بن عبد الرحمن ابن بكار البشري الدمشقي البغدادي عن الوليد بن مسلم ولم يسمع منه فيما ذكره الحافظ أبو بكر الخطيب في تاريخه وقال: قرأت في كتاب علي بن أحمد بن أبي الفوارس: نا أبي، نا الباغندي قال: سمعت أبا عبد الله- يعني إسماعيل بن عبد الله اليشكري- يقول: كأن لم يسمع الوليد من الوليد بن مسلم شيئًا قط، ولم أره عند الوليد قط، وقد أقمت تسع سنين والوليد حي، ما رأيته قط؛ فعلى هذا يكون حديثه المذكور عنده/ منقطعا، ويكون حديث الباب أصح إسنادا منه؛ لسلامته من هذه الوصمة، ولتصريح كل منهم بسماعه من الآخر، وهو في الصحيح بلفظ: " حتى

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/24) وقال: حديث حسن صحيح. ومسلم في (الطهارة، ح/87) وأبو داود (ح/105) وابن ماجة (ح/394) وأحمد في " المسند " (2/241، 455، 471، 507) والبيهقي في " الكبرى " (1/45- 49، 118، 244) والدارقطني في " سننه " (1/49، 50) وابن خزيمة (145، 146) وشرح السنة (1/407) ونصب الراية (1/2) وإتحاف (2/353) وتلخيص (1/73، 344) والمجمع (1/220) وابن كثير (3/43) .

يغسلهما ثلاثا " وفي لفظ للبخاري (1) : " إذا استيقظ أحدكم من نومه " وفي لفظ عند مسلم: " فليفرغ على يده ثلاث مرات "، وفي لفظ: " إذا كان أحدكم نائما ثم استيقظ فأراد الوضوء، فلا يضع يده في الإِناء حتى يصب على يده، فإنه لا يدري أين باتت يده " (2) وعند أبي داود: " إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الإِناء حتى يغسلها ثلاث مرات " (3) وعند البخاري: " فلا يغمس يده في الوضوء " وعند الدارقطني: " في إنائه " أو " في وضوءه " وفي رواية ابن ثابت: " تطوف يده " وفي الأوسط عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الأعرج بزيادة: " ويسمى قبل أن يدخلها "، وقال: لم يروه عن هشام إلَّا عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة. تفرد به إبراهيم بن المنذر إلَّا وقال أحمد: ممن رواه عن أبي الزناد ويسمى هشام، ولفظ ابن وهب في جامعه: " حتى يغسل يده- أو يفرغ فيها- فإنه لا يدري حيث باتت يده "، وفي علل الرازي: " فليغرف على يده ثلاث غرفات " مع لفظ: " ثم ليغترف بيمينه من إنائه " وعند البيهقي: " أين باتت يده منه ". وقال: قوله: تفرد بها محمد بن الوليد البُشرِي، وفيما قاله نظر لما ذكره ابن منده عن عبد الله بن شقيق من رواية خالد الحذاء عنه قال: " فإنه لا يدري أين باتت يده منه "، قال: وكذلك رواه محمد بن الوليد عن غندر ومحمد بن يحيى عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن شعبة عن الحذاء عن ابن شقيق عن أبي هريرة، وقال فيه: " فإنه لا يدري أين باتت يده منه " وقال: ما أراهما محفوظين بهذه الزيادة، إلَّا أن رواة هذه الزيادة

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/52) وأحمد في " المسند " (2/465) والدارس (1/196) وشرح السنة (1/406) وشفع (64) والبيهقي في " الكبرى " (1/45) والموطأ (21) . (2) رواه أحمد (2/271) والبيهقي (1/256) وابن عدي (7/2752) . (3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 48- باب التسمية على الوضوء، (ح/ 103) . قلت: وتحسين الحديث على قاعدة أبي داود التي بنى عليها كتابه " السنن ".

ثقات معتدلون، وبنحوه قاله الدارقطني، فهذا كما ترى غير اليسرى رواة كرواته، ورواه الحسن عن أبي هريرة عند ابن عدي قال: غمس يده قبل أن يغسلها، فليرق ذلك الماء وفي كتاب الكجي حتى يصب عليها صبة أو صبتين / وفي رواية: " على من باتت يده " وفي المصنف لابن أبي شيبة: " كان أصحاب عبد الله إذا ذكر عندهم حديث أبي هريرة قالوا: كيف يصنع أبو هريرة بالمهراس الذي في المدينة " ورواه عن أبي هريرة من غير ذكر العدد جماعة، منهم: همام وعبد الرحمن بن يعقوب وثابت مولى عبد بن زيد وعمار بن أبي عمار وابن سيرين، قال أبو عمرو: رواه جماعة، منهم: جابر بن عبد الله الصحابي وابن المسيب وأبو سلمة وعبد الله بن شقيق وأبو صالح وأبو رزين وأبو مريم الأنصاري. انتهى، وفيما قاله نظر، لما ذكره أبو نعيم في مستخرجه أنّ المقدمي روى عن زياد بن ثابت ذكر العدد. حدّثنا حرملة بن يحيى، نا عبد الله بن وهب، أخبرني ابن لهيعة ابن إسماعيل عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإِناء حتى يغسلها " هذا حديث إسناده صحيح على رسم مسلم (1) ؛ لتفرد جابر بن إسماعيل الحضرمي أبي عباد البصري في كتاب العلل لأبي عيسى بقوله، وذلك أنّه ذكر عن سفيان بن وكيع: نا عبد الله بن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه مرفوعا: " إذا قمت من منامك فلا تضع يدك في الإناء حتى تفرغ عليها ثلاث مرات " وقال: سألت محمدا عن هذا الحديث فقَال: وهم فيه، إنما روى وهب هذا عن جابر بن إسماعيل عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولما ذكره أبو الحسن البغدادي في سننه من حديث ابن أخي وهب عن عمّه عنهما بلفظ: " حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده. أو أين طافت يده " فقال له رجل: أرأيت إن كان حوضًا فحصبه ابن عمر وقال: أخبرك عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتقول إن كان حوضًا ... " (2) قال: إسناد حسن، وبنحوه قاله أبو بكر البيهقي. حدّثنا

_ (1) راجع: قبل ذلك بثلاث حواش. (2) بنحوه. رواه البيهقي: (1/47) .

إسماعيل عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولما ذكره أبو الحسن البغدادي في سننه من حديث ابن وهب عن عمّه عنهما بلفظ: " حتى يغسلها ثلاث مرات، فإنه لا يدري أين باتت يده- أو أين طافت- يده " فقال له رجل: إن كان حوضًا قال: إسناد حسن، وبنحوه قاله أبو بكر البيهقي (1) . حدّثنا إسماعيل بن تومة، نا زيد بن عبد الله البكالي عن عبد الله بن سليمان عن أبي الزبير عن جابر، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قام أحدكم من النوم فأراد أن يتوضأ، فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها؛ فإنه لا يدري أين باتت يده، ولا على ما وضعها " (2) هذا حديث قال فيه الدارقطني لما رواه من حديث محمد بن نوح عن زياد: إسناد حسن، وفي قول أبي القاسم في الأوسط: لم يروه عن عبد الملك بن زياد: تفرّد به موسى بن يحيى المروزي، ولا يروى عن جابر إلَّا بهذا الإِسناد، وفيه نظر لما تقدّم عند ابن ماجة والدارقطني من عدم تفرد موسى به. حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن الحرث قال. " دعا علي- عليه السلام- بماء فغسل يديه قبل أن يدخلها الإناء، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (3) هذا حديث جمع ضعفًا وانقطاَعًا. الأول: الحرث بن عبد الله أبو زهير الأعور الهمداني الخارقي الكوفي، ويقال: الحرث بن عبيد الله، قال أبو بكر بن عياش: لم يكن الحرث أرضاهم، كان غيره أرضى منه، وكانوا يقولون أنّه صاحب كتب، وكان ابن مهدي قد ترك حديثه، وقال ابن أبي خيثمة سمعت أبي يقول: هو كذاب وقال بندار: أخذ عني وعبد الرحمن العلم من يدي قصر بأعلى نحو أربعين حديثًا من حديث الحرث عن علي، وقال الشعبي: نا الحرث وأشهد أنه أحد

_ (1) انظر: المصدر السابق. (2) صحيح رواه ابن ماجة (ح/395) . بدون قوله: " ولا على ما وضعها ". قلت: وهذا اللفظ الذي أورده المصنف، فالحديث منكر، وهو في " صحيح مسلم " بدونها. انظر: صحيح أبي داود (ح/93) . (3) صحيح. رواه ابن ماجة في: ا- كتاب الطهارة، باب (40) ، (ح/396) . قلت: وكذا صححه الشيخ الألباني.

الكذاب، وقال أبو إسحاق السبيعي: زعم الحارث الأعور، وكان كذابًا، وقال أبو زرعة: لا يحتج بحديثه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي ولا يحتج بحديثه، وقال أبو حمزة الزيات: سمع مُرّة الهمداني من الحارث/شيئًا فأنكره فقال: أقعد حتى أخرج! إليك فدخل مرة واشتمل على سيفه، وأحس الحارث بالشر فذهب، وقال ابن المديني: الحارث كذاب، وقال أبو أحمد بن عدي: وعامة أصحابنا يرويه عنهما- يعني عليًا وابن مسعود- غير محفوظ، وقال أبو بكر بن أبي داود: كان الحارث حُوتيًا من حوت- بطن من همدان- وفي كتاب الدوري عن ابن معين عن عون أنّه ليس من همدان، يقولون أنه من الابنا (1) ، وقال النسائي ليس بالقوي وقال أبو إسحاق: الحسن البغدادي ضعيف، وذكر ابن الجنيد جماعة ضعفاء ثم قال: وأضعف القوم الحرث عن علي، وقال ابن سعد: كان له رأي سوء وهو ضعيف في رأيه، توفى بالكوفة أيّام عبد الله بن الزبير. الثاني: انقطاع ما بين أبي إسحاق والحارث، وبين الحارث وعلي فإن ابن نمير قال: لم يسمع السبيعي من الحارث إلَّا أربعة أحاديث، وإنما أخذ حديثه من صحيفة، وفي تاريخ السعدي ثلاثة أحاديث، وقال ابن المديني في كتاب العلل الصغير الذي قرأته على المسند المعمر أبي الحسن بن الصلاح عن ابن رواح عن السلفي: نا أبو الحسن علي بن المشرف الأنماطي من أصل سماعه وأبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء الموصلي بمصر قالا: نا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحافظ المصري، نا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن سعيد المعروف بابن النحاس المعدل، قرأه عليه بمصر في المحرم سنة سبع وأربع مائة أبو محمد دعلج بن أحمد بن عبد الرحمن السجزي، وقدم علينا سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة (2) ، نا أبو الحسن محمد بن أحمد بن البراء في ربيع الأول سنة ثمان وثمانين ومائتين قال: نا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي المعروف بابن المديني: سمع أبو إسحاق من الحرث أربعة

_ (1) كذا ورد " بالأصل ". (2) قوله: " ثلاثمائة " وردت " بالأصل " " ثلثمائة " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.

أحاديث ثم قال: وإنما علمت الحرث روى عن علي حديثين يختلف عنه في أحدهما، وذلك في العلل الكبير. ذلك عن شعبة بن الحجاج، قال: وكان ابن سيرين يرى أن عامة ما يروى عن علي باطل. قرأت على الإمام المعمر أبي العباس أحمد بن محمد بن علي بن شجاع/الهاشمي: أخبرَكم أبو محمد عبد الوهاب المصري إجازة، نا أبو الظاهر الشعري قراءة عليه وأنا أسمع، نا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيري من أصيلة، نا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري بقراءة مسعود بن ناصر السجزي، نا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوة فيما أذن لي أبو الطيب محمد بن القاسم بن جعفر الكوكبي، نا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد قال: الحرث الأعور أحاديثه عن علي بن أبي طالب أخذها من كتاب، وقد وقع لنا معنى حديث علي هذا من طريق صحيحة، ذكرها أبو داود من حديث عبد خير عن علي: " أخذ بيمينه فألقاه على يده اليسرى، ثم غسل كفيه، ثم أخذ بيده اليمنى الإناء فأفرغ على يده اليسرى ثم غسل كفيه فعله ثلاث مرات " وفي آخره: " من سرّه أن يعلم وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو هذا " (1) وسيأتي طرف منه في موضعه- إن شاء الله- قدر ذلك ومعناه، وفي الباب حديث آخر عن عائشة. ذكره ابن وهب في جامعه قال: أخبرني ابن ذئب عمن سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن بن عوف يقول: حدّثتني عائشة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله- يعني حديث أبي هريرة- قال: إلَّا أنه قال: " فليغرف على يديه ثلاث غرف قبل أن يدخلها في وضوءه " ذهب عامة أهل العلم إلى أنّ ذلك على الاستحباب، وله أن يغمس يده في الإناء قبل أن يغسلها، فإن الماء طاهر ما لم يتيقن نجاسة يده، وذهب أبو داود والَطبري إلى إيجاب ذلك، وأن الماء ينجس به إن لم تكن اليد مغسولة، وفرق أحمد وبعض الظاهرية بين نوم النهار والليل؛ لأنّ الحديث جاء في نوم الليل وكان الإنسان لا ينكشف لنوم النهار وينكشف لليل غالبا، وأبي دْلك الحسن البصرَي وإسحاق حين قال الحسن: ما رأيته فيما حكاه ابن المنذر، وفي تاريخ أبي زرعة عنه وسأله عن

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، باب " 49 "، (ح/111) - ورواه النسائي (1/1/68) .

التسمية على الوضوء فقال: فيها أحاديث ليست بذلك: (يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) (1) الآية فلا أوجب عليه، وفيه/دليل على أن الماء القليل إذا وردت عليه النجاسة- وإن قلت- غيرت حكمه.

_ (1) سورة المائدة آية: 6.

15- باب ما جاء في التسمية فى الوضوء

15- باب ما جاء في التسمية في الوضوء حدّثنا أبو كريب محمد بن العلاء، نا زيد بن الحباب، ح ونا محمد بن بشار، نا أبو عامر العقدي، ح وثنا أحمد بن منيع، نا أبو أحمد الزهري قالوا: نا كثير بن زيد عن رُبيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبي عن أبي سعيد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " هذا حديث ذكره الحاكم في مستدركه (1) .مستشهدا به وذكر عن أحمد أنه أحسن ما يروى في هذا، ولما ذكره ص المروزي عن أحمد قال: لم يصححه وقال: ليس فيه شيء يثبت، وفي تاريخ أبي زرعة الدمشقي عنه، وسأله عن التسمية على الوضوء فقال: فيها أحاديث ليست بذاك، قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) الآية فلا أوجبه عليه، وقال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن الرجل يتوضأ ولم يسم قال: ليس في هذا حديث يثبت، وأحسنها حديث كثير بن زيد، وفي كتاب العلل للخلال: ذكر أبو عبد الله ربيحًا فقال: ليس بمعروف، وفي مسائل أبي عمر خطاب بن بشر الوراق للإِمام أحمد: وسألته عن قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا وضوء لمن لم يسم الله " فقال: ليس الخبر بصحيح، روى عن رجل ليس بالمشهور- واسمه رُبيح: وهذا لا يناقض كلامه الأول؛ لأنه حسّنه على علّاته ولما ذكره البزار في كتاب من تضعيفه الذي رويناه عن جماعة من شيوخنا عن ملكهم من أصحاب أبي طاهر عنه، نا أبو الفتح أحمد بن محمد بن سعيد الحداد سماعًا، نا أبو الفتح عبد الغفار بن إبراهيم، نا أبو الفتح محمد بن حيان عنه قال: لا نعلمه عن أبي سعيد إلا بهذا الإِسناد.

_ (1) حسن. رواه الحاكم في " المستدرك " (4/60) وأبو داود (ح/101) والترمذي (ح/25، 26) وقال: قال أحمد بن حنبل: لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد. وابن ماجة (ح/397) في الزوائد: هذا حديث إسناد حسن. وأحمد في " المسد " (2/418، 3/41، 4/70، 6/397) والدارمي (1/176) والبيهقي (1/41، 43، 2/379) والدارقطني (1/ 71، 73، 79) وابن أبي شيبة (1/3) ونصب الراية (1/426) والمشكاة (402، 403) والمجمع (1/228) وابن السني (25) والتركيب (1/164) وأذكار (29) وأصفهان (1/ 306) وابن عدي (3/1034) .

وكثير، قد روى عنه جماعة من أهل العلم، فاحتملوا حديثه، وربيح روى عنه فليح والدراوردي/وكثير بن عبد الله بن عمرو، وكثير بن زيد يتابع على هذا الحديث عن أبي سعيد، ولما ذكره في مسنده قال: لا نعلمه يروى عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بهذا الإسناد، وكثير صالح الحديث، قد روى عنه سليمان بن بلال وعبد العزيز بن أَبي حازم والدراوردي وسفيان بن حمزة وأبو أحمد وأبو عامر وزيد بن الحباب، وأما قول ابن عدي: لم يروه عن ربيح غير كثير، ولا عن كثير غير زيد فليس بشيء لما تقدّم من عند ابن ماجة، وكلام البزار يدور على نجيح كثير، وإغفال ذكر ربيح وأحمد قد تقدّم كلامه فيه، وقال فيه البخاري منكر الحديث. ذكره عنه الترمذي في كتاب العلل الكبير عند إعلاله هذا الحديث. وخالف ذلك ابن حبان فذكره له في كتاب الثقات، وقال أبو زرعة فيه: شيخ، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وكثير ابن زيد وثقة ابن عمار وابن معين في رواية، وقال أبو حاتم: صالح، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث، وخرج ابن خزيمة له حديثَا في صحيحه؛ فعلى هذا يكون حديثَا حسنَا باعتبار سنده، وبما يشهد له من الشواهد والله أعلم. ورواه الحافظ عبد الرحمن في مسنده في كتاب الوضوء من تصنيفه عن عمر بن أحمد بن عمر الصفار: نا الطبراني الحضرمي، نا الحمامي، نا قيس ابن الربيع عن أبي هاشم عن قيس بن عباد عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من قال إذا توضأ: بسم الله، وإذا فرغ قال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا الله ... " (1) الحديث، وسيأتي بعد- إن شاء الله تعالى- حدّثنا الحسن بن على الخلال، نا يزيد بن هارون، نا يزيد بن عياض، نا أبو ثفال عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان أنه سمع جدّنه بنت سعيد بن زيد تحدّث أنها سمعت أباها سعيد بن زيد يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن يذكر اسم الله عليه " (1) هذا حديث اختلف في تحسينه/وتضعيفه؛ فممن حسنه أبو عبد الله البخاري بقوله فيما حكاه عنه أبو

_ (1) إتحاف: (2/368) .

عيسى: هو أحسن شيء في هذا الباب عندي، ولما ذكره البزار: قال وحديث ابن حرملة رواه جماعة ثقات، وأبو ثفال مشهور، ورباح وجدّته لا تعلمهما رويا إلَّا هذا الحديث، ولما سئل عنه أبو الحسن البغدادي قال: رواه عبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثقال، واختلف عنه وهيب وبشر ومن تابعهما، وذكره الحافظ ضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختلفة من طريق عفان عن وهيب بزيادة: " ولا يؤمن بالله ولا يؤمن بي ولا يؤمن لي من لا يحب الأنصار "، ولما ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل قال: ذكرته لأبي وأبي زرعة فقالا: ليس عندنا بذاك، الصحيح أبو ثقال مجهول وأبو رباح مجهول، ولما ذكره ابن القطان قال: إن كان يعني عبد الحق اعتمد قول البخاري، فقد توهم أنه حسن، وليس كذلك، وما هو إلَّا ضعيف جدَا؛ لأنّ في إسناده ثلاثة مجاهيل الأحوال، أولهم: جدّة رباح فإنها لا تعرف بغير هذا ولا يعرف لها اسم ولا حال، وغاية ما تعرفنا هذا أنها ابنة لسعيد. الثاني: رباح فهو مجهول الحال كذلك، ولم يعرف ابن أبي حاتم من حاله بأكثر مما أخذ من هذا الإِسناد. الثالث: أبو ثقال مجهول كذلك، وهو أشهرهم؛ لرواية جماعة عنه، منهم ابن حرملة وسليمان بن بلال وصدقة مولى الزبير والدراوردي والحسن ابن أبي جعفر وعبد الله بن عبد العزيز. قاله أبو حاتم، وفيما قاله نظر من وجوه:

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/101) وابن ماجة (ح/398، 400) وسكت ابن ماجة عن الحديث الأول. وعن الثاني علق عليه الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي قال: في الزوائد: ضعيف؛ لا تفاقهم على ضعف عبد المهيمن، وقال السدي: لكن لم ينفرد به عبد المهيمن، فقد تابعه عليه ابن أخي عبد المهيمن. رواه الطبراني في المعجم الكبير. ورواه أحمد في " المسند " (2/418، 4/70، 5/382، 6/383) والبيهقي في " الكبرى " (1/41، 43، 2/ 379) والحاكم في " المستدرك " (1/146، 147، 269، 4/60) والطبراني (6/148) والدارقطني (1/73، 79) وابن أبي شيبة (1/3، 5) وتلخيص (1/72) ونصب الراية (1/ 3، 426) والمشكاة (404) وإتحاف (8/160) والترغيب (1/164) وشرح السنة (1/ 409) وابن حبيب (1/23) والمجمع (1/228) وابن عساكر في " التاريخ " (5/298) وأصفهان (1/306) وابن عدي في " الكامل " (5/1883) وأسرار (480) والمتناهية (1/ 337) والعقيلي (1/1/177) .

الأول: ما ذكره من جهالة حال أبي ثقال، وليست كذلك فإنه مما قاله فيه البخاري: في حديثه نظر، والبخاري إذا قال ذلك يكون غير محتمل عنده، وقد أسلفنا فيه ذكر من حسن حديثه، وما ذاك إلا بعد تحسين حاله، وسيأتي كلام ابن حبان فيه. الثاني: ابنة سعيد بن زيد، اسمها أسماء، سماها بذلك البيهقي في كتاب السنن الكبير، وقوله أنها مجهولة الحال ليست كذلك؛ بل معروفة، ذكرها ابن حبان/في كتاب الثقات، وقال: لا أدري ما أسمها، روى عنها رباح بن عبد الرحمن إلا أن لست بالمعتمد على ما انفرد به أبو ثقال تمامة المزي. الثالث: قوله في رباح أنله مجهول الحال ليس كذلك، فإنه ممن ذكره ابن حبان في كتاب الثقات أيضًا، قال المقدسي، وروى عنه حديثه غير منسوب والحكم بن القاسم الأوسي، فعلى هذا لولا أن أبا ثقال في السند لكان الحديث صحيحَا على رسم ابن حبان، ولكان قول القاسم في كتاب الطهور أقرب إلى الصواب، وذلك أنه لما ذكره وذكر حديثه أبي سعيد قال: فقد كان بعض أهل الحديث يطعن في إسنادهما، لمكان المرأة المجهولة في الأول، ولما في الأخرى ذكر الرجل ليس يروي عنه كثير، فإن كانا مجهولين فإنما يوجهان على ما ذكر الله تعالى عند الطهور من الفضيلة والثواب. حدثنا أبو كريب وعبد الرحمن بن إبراهيم قالا: نا ابن أبي فديك، نا محمد بن موسى بن أبي عبد الله عن يعقوب بن سلمة الليثي عن أبيه عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " هذا حديث اختلف فيه، فمنهم من أعله ومنهم من صححه؛ فأما المعلل فالبخاري لما سأله عنه الترمذي فقال: محمد بن موسى المخزومي لا بأس به متقارب الحديث، ويعقوب بن سلمة مدني، لا يعرف له سماع من أبيه، ولا يعرف لأبيه سماع من أبي هريرة، والعجب من المنذري في إيراده لكلام البخاري هذا ثم قال: وهذا الحديث أمثل الأحاديث الواردة إسنادا، وقد أسلفنا ذكر أحاديث متصلة حسنة الإِسناد، ولا تقاس بهذا، وأمّا المصحح فالحاكم لما ذكره في مستدركه من حديث قتيبة بن سعيد، نا محمد بن موسى يعقوب ابن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ...

الحديث ثم قال: رواه ابن أبي فديك عن محمد بن موسى المخزومي، أخبرناه أبو الحسن أحمد ابن محمد بن عبدوس، نا عثمان بن سعيد نا أحمد بن صالح،/نا ابن أبي فديك قال: وهذا حديث صحيح الإسناد، وقد احتج مسلم بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون، واسم أبي سَلمة: دينار، ولم يخرجاه. انتهى كلامه، وعليه فيه مآخذ الأول: حكمه عليه بالصحة، وهو عدمها لأمرين: الأوّل: ما ذكره البخاري، الثاني: جهالة حال يعقوب وأبيه سلمة، فإني لم أر أحدا لعرّض لذكر جالهما، وأما ذكره ابن سرور في باب سلمة من قوله: روى عنه ابنه يعقوب، نا محمد بن موسى الفطري وأبو عقيل يحيى بن المتوكل توهم منه ذكره في باب يعقوب على الصواب، ولو كان ما قاله صحيحا لخرج سلمة، وجهالة العين برواية جماعة عنه، وليس كذلك، وإنّما تبع عبد الغني في ذلك ابن أبي حاتم حيث قال: سلمة الليثي روى عن أبي هريرة روى عنه أبيه يعقوب روى عنه محمد بن موسى وأبو عقيل، فاعتقد أنّ الضمير في محمد بن موسى عائد على سلمة، وإنما هو يرجع إلى يعقوب. يفهم ذلك من قوله روى مرتين على أنّ هذا لابد فيه من أضيف إذ الاصطلاح غيره، وأما البخاري فذكره في الكبير على الصواب، وتبعه على ذلك غير واحد من المتأخرين. الثالث: قوله: يعقوب بن أبي سلمة، وليس صحيحا إذ لو كان ابن أبي سلمة لكان صحيحا كما زعم، ولكنه ليس به، والترمذي لم يقل أحد ما قاله غيره بغير متابع له عليه، وممن رواه كرواية ابن ماجة والترمذي في العلل، وأبو داود والدارقطني والإِمام أحمد بن حنبل والطبراني في المعجم الكبير وفي الأوسط وقال: لم يروه عن يعقوب إلا الفطري، وغيرهم، ويشبه أن يكون وقع ذلك منه لاعتماده على حفظه، إن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون أجود على الذهن مق يعقوب بن سلمة، فانتقل عنه مق هذا إلى هذا وأكّده بذكر أخيه، والله تعالى أعلم. الرابع: لو سلم له قوله أنّه ابن سلمة لكان يحتاج إلى معرفة حال أبيه

دينار (1) ، وهي غير معروفة، بل لم يذكره في الرواة أحد من أصحاب التاريخ فيما أعلم، ورواه أيوب بن النجار عن يحيى بن أبيِ كثير بن أبي سلمة عن أبي هريرة/مرفوعًا بلفظ: " ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه " ذكره الدارقطني (2) في الأول من فوائده رواية ابن معروف عنه، ولما ذكره الحافظ أبو بكر في سننه قال: وهذا الحديث لا يعرف من حديث يحيى عن أبي سلمة إلا من هذا الوجه، وكان ابن النجار يقول: لم أسمع من يحيى إلَّا حديثًا واحدًا التقى آدم وموسى. ذكره ابن معين فحديثه على هذا لا يكون منقطعًا، وروى من حديث إبراهيم بن المنذر، نا عبد الله بن محمد بن هشام بن عروة عن أبيِ الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة نحوها قال أبو نصر الوابلى: هذا حديث غريب من حديث هشام عن أبي الزناد وهو من المذبح، وفي كتاب أبي الحسن من حديث مجاهد عن أبي هريرة نحوه، وفيه جماعة مجاهيل، ورواه أبو القاسم في الأصغر من حديث علي بن ثابت عن محمد عنه يرفعه. " إذا توضأت فقل بسم الله والحمد لله، فإن حفظتك لا تستريح تكتب لك حسنات حتى تحدث من ذلك الوضوء " (3) وقال: لم يروه عن علي بن ثابت أخي عروة ابن ثابت إلَّا إبراهيم بن محمد البصري. تفرد به عمرو بن أبي سلمة، وفي كتاب الشيرازي من حديث الحسين بن علوان: " من سمى على وضوئه لم يزل كاتباه يكتبان له الحسنات حتى يحدث من ذلك الوضوء. حدّثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، نا ابن أبي فديك عن عبد الرحمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جدّه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا صلاة

_ (1) قوله: " دينار " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) ضعيف جدا. رواه الدارقطني في " سننه " (1/71) والبيهقي في " الكبرى " (1/44) ونصب الراية (1/4) والميزان (8370) ولسان (6/7) . وفي " الميزان " أورده الحافظ الذهبي في ترجمة: محمود بن محمد الظفري. قال الدارقطني: ليس بالقوي، فيه نظر، وقال الحافظ ابن حجر في " لسان الميزان ": للحديث علَة أخرى لابن معين قال عن أيوب بن النجار: لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحدا. قلت: فالحديث به علتان: الأولى: الضعف، والثانية: الانقطاع. (3) رواه الطبراني في " الصغير " (1/73) والفوائد (12) وتذكرة (31) .

لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار " (1) هدْا حديث أخرجه الحاكم في مستدركه وقال: لم يخرج على شرطهما، وإسناده ضعيف لضعف رواية عبد المهيمن، فإنه ممن قال فيه البخاري: منكر الحديث، وقاك ابن الجنيد وابن معين: ضعيف الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: لما فحش الوهم في روايته: بطل الاحتجاج به، وقال الدارقطني: ليس بالقوي، وقال النسائي: منكر الحديث، وقال الحربي في كتاب العلل: غيره أوثق منه،/وأما حديث عائشة مرفوعًا: " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله " فإن الحربي ذكر في كتاب العلل أنَّ إسحاق بن راهويه عمل مختصر سنن، فجاء به علي بن الجهم إلى أحمد بن حنبل، فأول حديث فيه حديث حارثة عن عمرة عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ... الحديث، قال: فرمى أحمد بالكتاب من يده وقال: هذا يزعم أنّه اختار أصح شيء في هذا أضعف حديث في الباب، حديث ربيح وحديث سعيد بن زيد أصح من هذا؛ ولهذا إنّ البزار لما ذكره في مسنده ضعفه بحارثة وقال: قد حدّث عنه جماعة وعنده أحاديث لم يتابع عليها، وكلما روى في ذلك فليس بالقوي الإِسناد، وإن ما يثبت هذه الأسانيد، ولفظ الدارقطني: " إذا مس طهورًا يسمى الله تعالى " (2) وفي لفظ: " إذا قام إلى الوضوء يسمى الله تعالى " ولما قال الترمذي: وفي الباب عن أنس، فيشبه أن يريد بذلك الحديث الذي أخرجه الإمام أبو الحق بن الخيمي بقراءتي عليه، أخبركم الحافظ البكري إجازة إن لم يكَن سماعًا- نا أبو روح الهروي قراءة عليه، نا أبو القاسم زاهر السحامي قراءة عليه، نا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن الخبرروذي، نا أبو طاهر

_ (1) رواه الحاكم (1/146، 147، 269، 4/60) وقال: لم يخرج على شرطهما، وإسناده ضعيف لضعف رواية عبد المهيمن. ممن رواه ابن ماجة (400) في الزوائد: ضعيف، لاتفاقهم على ضعف عبد المهيمن. وقال السدي: لكن لم ينفرد به عبد المهيمن، فقد تابعه عليه ابن أخي عبد المهيمن. ورواه الطبراني في الكبير. وفي " ضعيف " ابن ماجة (ح/90) : قال الشيخ الألباني: متكرر بالشطر الثاني. انظر: الضعيفة (ح/2166، 4806) . (2) قلت: وقد أثبتنا صحة متن هذا الحديث هن النسخة الثانية.

محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق بن خزيمة، نا جدي الإِمام أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة في كتابه الصحيح، نا محمد بن يحيى وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم قالا: حدثنا عبد الرزاق، ثنا معمر عن ثابت وقتادة عن أنس قال: " نظر بعض أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضوءَا فلم يجدوا، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هاهنا ماء، فرأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضع يده في الإِناء الذي فيه الماء ثم قال: توضئوا بسم الله، فرأيت الماء يفور من بين أصابعه والقوم يتوضؤون حتى توضئوا عن آخرهم " (1) قال ثابت: قلت لأنس: كم تراهم كانوا؟ قال: نحوا من سبعين، وأخرجه النسائي أيضًا وأصله متفق عليه، وفي الباب مما لم يدر الترمذي حديث جابر، وفيه طول، وفي آخره: " فقلت/إلا وضوء وفيه قال: حدثنا جابر: " فصب علي وقل بسم الله، فصببت عليه وقلت بسم الله " (2) رواه مسلم في صحيحه، وهو أصرح من حديث أنس؛ إذ لقائل أن يقول: أراد بسم الله الإذن لا التسمية، وفيه رد لقول من زعم ليس في الباب حديثًا له إسناد جيد كَما قدمناه، وفي حديث ندع العنزي عن جابر عند أحمد: " فوضع النبي كفه في الماء والقدح ثم قال: بسم الله ثم قال: أسبغوا الوضوء " (3) وفي حديث سالم عن أبي الجعد عنه عنده أيضًا: " فوضع يده في تور من ماءٍ بين يديه فجعل يفور من خلال

_ (1) صحيح. رواه عبد الرزق في " المصنف " (20535، 20536) وابن عبد البر في " التمهيد " (1/211) والدارقطني في " السنن " (1/71) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/77، 78، 81) ، والطبراني (7/89) والمجمع (1/251) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه داود بن يزيد الأودي وقد ضعفوها إلا ابن عدي فقال: لم أر له حديثا منكرا جاوز الحد إذا روى عنه ثقة، وإن كان ليس بالقوي في الحديث، فإنه يكتب حديثه ويقبل إذا روى عنه ثقة، وهذا روى عنه مكي بن إبراهيم- وهو من رجال الصحيح- فهو مقبول على ما قاله ابن عدي، والله أعلم. (3) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/26) وأبو داود في (للطهارة، باب " 46 ") والنسائي في (الطهارة باب " 105 ") وابن ماجة (ح/450) وأحمد في " المسند " (2/164، 169، 193) والبيهقي في " الكبرى " (1/69، 2/89) وإتحاف (2/208، 7/172) وابن عساكر في " التاريخ " (3/17) الخطيب (4/6) . وصححه الشيخ الألباني.

أصابعه كأنها عيون ثم قال: خذوا بسم الله، حتى وسعنا وكفانا " وروى البخاري (1) ومسلم هذا الحديث من رواية سالم عن جابر بغير ذكر التسمية، وإسناد أحمد فيه على رسم الصحيح، وحديث أبي سبرة ذكره ابن بنت منيع في معجمه عن صلت ابن مسعود الخدري، نا يحيى بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس، حدثني عيسى بن سبرة عن أبيه عن جدّه أبي سبرة مرفوعا ... الحديث، ولما رواه الطبراني في الأوسط قال: لم يرو هذا الحديث عن أبي سبرة إلَّا بهذا الإِسناد، ويشبه أن يكون لما رواه ابن أبي عاصم في كتاب الآحاد، والثاني عن الصلت نا يحيى بن أنس بن سبرة عن مولى لقريش عن أبيه عن جده زاد الموَلى، وليس عبده، والله أعلم، وفي حديث عبد الله بن مسعود مرفوعا، وحديث خصيف عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقطوع ومعضل. ذكره أبو بكر البيهقي في كتاب السنن وضعفه، وحديث علي بن أبي طالب. ذكره أبو أحمد بن عدي وضعفه، وحديث عبد الله بن عمر. ذكره الدارقطني وضعفه بالداهري، وحديث ابن سبرة: " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر الله، ولا يؤمن به من لا يحب الأنصار " ذكره أبو موسى وقال: قال جعفر: في إسناده نظر، وحديث ذكره ابن أبي شيبة، فوقفه به عبد المحسن المصري قراءة عليه، نا جدي القاضي أبو القاسم عبد الصمد، نا ابن أبي الفتح السلمي، نا الشريف/الحسين بن محمد الخطيب، نا أبو الحسن العلمي، نا طلحة بن عبد الله بن موسى ابن إسحاق، نا جدّي، نا يحيى بن هشام، نا الأعمق عن سفيان عنه، ونا أعلى من هذا بدرجة قاضي القضاة كمال الدين بن محمد بن سليمان- رحمه الله تعالى- قرأة عليه وأنا أسمع، نا أبو حفص البغدادي، نا أبو القاسم بن الحصين، نا أبو طالب محمد بن إبراهيم، نا أبو بكر الشافعي، نا محمد بن غالب، نا يحيى بن هاشم الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله به، واختلف في وجوب التسمية عند الوضوء؛ فاستحب كثير منهم أن يسمى، وقال قوم: إن تركه عامدًا فلا شيء عليه، كذلك قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد، وقال إسحاق: إذا تركه ساهيًا فلا

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (المغازي، باب " 35 ") ومسلم في- (الزهد، ح/74) وأحمد في " المسند " (3/165، 329) .

شيء عليه، وإذا تعمد ذلك أعاد، قال ابن المنذر: وعندي لا شيء عليه، قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن في تفسير: " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " أنه الذي يتوضأ ويغتسل، ولا ينوي وضوءً للصلاة ولا غسلا للجنابة، وقال أبو عبيد بن سلام: وأنا لا أرى لبشر أن يدع ذكر الله تعالى عند طهوره وإني ما تركته ساهيا حتى يمضي بعض وضوئي، فأعيده من أوّله بالتسمية، وهذا اختيار مني لنفسي آخذها به وأراه لمن قبل رأبي من غير أن أوجبه، ولا أفسد بتركه صلاة من صلى ولا طهوره.

16- باب اللمس في الوضوء

16- باب اللمس في الوضوء حدّثنا هناد بن السرى، نا أبو الأحوص عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن مسروق عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يحب التيمن في الطهور إذا تطهر، وفي ترجله إذا ترجل، وفي انتقاله إذا انتقل " (1) هذا حديث اتفقا على تخريجه، حدّثنا محمد بن يحيى، نا أبو جعفر النفيلي، نا زهير بن معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله لم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا توضأتم فابدؤوا بيمناكم " (2) هذا حديث إسناده صحيح، وخرج ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما قطعة منه على نصر بن علي، نا عبد الصمد، نا شعبة عن الأعمش به: إذا ألبس قميصًا بدأ يمينًا منه، وفي موضع آخر: " إذا لبستم أو توضأتم " (3) ورواه أيضًا الترمذي عن نصر، وقال: قد روى هذا غير واحد عن شعبة عن الأعمش بهذا الإِسناد، ولما ذكره في الأوسط أشار إلى تفرد زهير به عن الأعمش عن أبي هريرة موقوفًا، ولا نعلم أحدًا رفعه عن عبد الصمد عن شعبة، وفي مسلم (4) عن أبي هريرة مرفوعًا: " إذا انتقل أحدكم فليبدأ باليمين " وله شاهد في صحيح ابن حبان من حديث ابن عمر: " نهى

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/608) وابن ماجة (ح/401) والبيهقي في " الكبرى " (1/ 86) والمجمع (5/71) والكنز (42037) والفتح (10/309) وأحمد في " المسند " (6/94، " 1637 "، (147) وأبو عوانة في " صحيحه " (1/222) ومسلم في (الطهارة، باب " 9 ا " رقم (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/402) وأحمد في " المسند " (2/354) ونصب الراية (1/ 34) وابن السني (15) وتلخيص (1/88) وإتحاف (2/361) . وصححه الشيخ الألباني. (3) حسن. رواه البيهقي (3/86) وشرح السنة (1/423) وأبو داود (4141) والمشكاة (401) ونصب الراية (1/34) وابن حبان (147، 1452) والكنز (41096) . (4) صحيح متفق عليه. رواه مسلم في (اللباس، ح/67) والبخاري (7/199) وأبو داود (ح/4139) والترمذي (ح/1779) وصححه ابن ماجة (ح/3616) وأحمد في " المسند " (2/233، 245، 265، 283، 340، 477) والبيهقي في " الكبرى " (2/432) وعبد الرزاق في " المصنف " (20215) والطبراني في " الصغير " (1/25) وشرح السنة (12/75) والمشكاة (4410) والكنز (31604) وابن حبيب (2/70) والشمائل (43) والحلية (6/ 132) وهامش المواهب (63) والموطأ (916) .

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتعاطى أحدنا شيئًا بشماله " (1) وفي كتاب الأشراف " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعجبه التيمن ما استطاع " (2) وقد اجمعوا على أنه لا إعادة على من بدأ بيساره في الوضوء قبل يمينه، وروينا عن علي وابن مسعود أنهما قالا: " فلا يبالي بأيهما بدأت " زاد الدارقطني أبا هريرة.

_ (1) بنحوه. رواه أحمد في " المسند " (3/202، 254، 293، 344، 387) والخطيب في " تاريخه " (1/319) وحبيب (2/304) وابن عدي في " الكامل " (7/250) ولفظه: " نهي أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بشماله ... " الحديث. (2) صحيح. رواه البخاري (7/211) والفتح (10/368) وأحمد (6/188) والبيهقي (1/86، 216) .

17- باب المضمضة: والاستنشاق عن كف واحد

17- باب المضمضة: والاستنشاق عن كف واحد حدّثنا عبد الله بن الجراح وأبو بكر بن خلاد، نا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمضمض واستنشق من غرفة واحدة " هذا حديث أخرجه ابن ماجة (1) في موضعين آخرين، وهو قطعة من حديث مطول رواه البخاري (2) في صحيحه، والحاكم (3) في مستدركه وِلفظه: " وجمع بين المضمضة والاستنشاق " وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ، والحافظ أبو بكر في صحيحه، وجوده الإِمام أحمد فيما حكاه الخلال، ولما أخرجه أبو عيسى (4) قال: حديث/ابن عباس أحسن شيء في هذا الباب وأصح، وروى رشدين بن سعد وغيره هذا الحديث عن الضحاك بن شرحبيل عن زيد بن أسلم عن أمه عن عمر بن الخطاب: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مَرةًّ مرة " (5) وليس هذا بشيء، والصحيح ما روى هشام بن سعد والثوري وعبد العزيز بن محمد عن زيد عن عطاء، وبنحوه قاله أبو حاتم الرازي حين سأله ابنه عن حديث رواه ابن لهيعة عن الضحاك هذا. حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا شريك عن خالد عن علقمة عن عبد خير عن علي: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ،:فمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا من كف واحد " (6) هذا حديث أخرجه الحافظان أبو بكر بن خزيمة وأبو حاتم البستي في صحيحيهما من حديث خالد بن علقمة الهمداني عن عبد خير مطولًا، وقال فيه الترمذي: حسن صحيح، ولما ذكره البغوي في شرح السنة قال: حديث عبد خير صحيح حسن. نا بذلك العلامة أبو

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/403، 404) . وصححه الشيخ الألباني. (2، 3) صحيح رواه البخاري في: الوضوء، باب " 41 "، (ح/191) . (4) صحيح رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، باب " 21 "، (ح/27) . وقال: هذا حديث حسن صحيح والنسائي في الطهارة، باب " 83 ") (5) سبق في بابه أكثر من هرة. (6) انظر: الحاشية رقم (1) .

الحسن ابن موسى الحجازي بقراءتي عليه في شهور سنة إحدى عشرة وسبع مائة، جميع كتاب الطهارة منه والزكاة والحج ومناولة لباقي ذلك، وأخبرني أنه سمع بعضه من لفظ شيخه شيخ الإِسلام شمر الدين زكي بن الحسن وبقيته قراءة عليه وأنا اسمع بلغة عدن في شهور سنة تسع وستين وستمائة قال: أخبرني الفقيه رشيد الدين زاهد بن محمد بن أحمد بن وكيع، نا شيخ الإسلام عماد الدين أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله المروزي قال: نا البَغوي، فذكره، ورواه النسائي (1) في مسند علي مطولًا: " فملأ فمه فمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى، يفعل هذا مرارًا " في الحديث ثلاث مرات، وكذا ذكره أحمد بن سنان القطان في مسنده، ورواه شعبة فقال: عن مالك بن عرفطة، ووهمه في ذلك أبو داود والنسائي والإمام أحمد ومسلم في كتاب شرح شعبة من تأليفه والبزار، وقال: قد رواه غيَر واحد عن خالد بن علقمة، ورواه سفيان موقوفًا، ولا نعلم أحدًا حسن له سياقًا ولا أتم كلامًا من زائدة، ولما ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل عن أبي زرعة قال: وهم فيه شعبة، إنما أراد خالد بن علقمة، ورواه سفيان موقوفًا، لم يرفعه، وفي ذلك نظر؛ لأن الدارقطني ذكر رواية الثوري هذا الحديث مرفوعًا ثم قال: وخالف الجماعة الحجاج بن أرطأة، فجعله عن خالد عن عمرو ذي مر ووهم في ذلك، والصواب قول من قال: عبد خير عن علي، انتهى، وفي توهم الجماعة شعبة وعقبهم الجنابة برأس تعسّف لأمرين، الأوّل: لروايته ذلك كرواية الجماعة سفيان وشريك وأبو عوانة وأبو الأشهب، وغيرهم. نص على ذلك أبو الحسن البغدادي. الثاني: متابعة أبي عوانة له على ذلك مطلقًا من عْير تقييد أبو داود في رواية ابن العبد، والترمذي في جامعه، وأبو حاتم كما أسلفناه، والدارقطني وعن الإِمام أحمد أنله رجع عن ذلك لما قيل له: إن شعبة وهم، وقَال ما يدرين؟ أنا سمعته وهو يخالفني في اسمه فقلت: لعله أعلم فاتبعته ويتم أبو عبد الله عند هذا، وقال خالد بن علقمة: كوفي ثقة، وحكى الدارقطني: روى عن أبي

_ (1) صحيح. رواه النسائي في (الطهارة، باب " 73 ".

سفيان عن جابر يروي عنه، وأصل مولى أبي عيينة. ذكره ابن حبان في كتاب الثقات وفي مسند الدارمي: فبايع له، وهو حسن بن عقبة المرادي المذكور في كتاب البستي حدّثنا علي بن محمد، نا أبو الحسن العكلي عن خالد بن عبد الله عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد الأنصاري قال: " أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألنا وضوءًا، فأتيته بماء فمضمض واستنشق من كف واحد " (1) وأما ما ذكره خالد بن عبد الله- وهو ثقة- هذا حديث أصله في الصحيحين، وقال فيه أبو عيسى: حسن غريب، وقد روى مالك وابن عيينة وغير واحد هذا الحديث عن هجر، ولم يذكروا هنا الكف والغرف من كف واحد، وإنما ذكره خالد بن عبد الله، وهو معه/حافظ عند أهل الحديث. انتهى كلامه، وفيه نظر في موضعين، الأول: قوله: عن مالك وغيره، لم يذكروا من كف واحد، إن أراد اللفظ فكذلك هو، وإن أراد المعنى فليس كذلك؛ لأن لفظ حديث مالك وغيره: " فمضمض واستنشق ثلاث مرات من غرفة واحدة "، وفي لفظ: " ثلاث مرات من ثلاث غرفات " وفي رواية: " من ثلاث حصيات " وفي رواية: " فمضمض واستنشق ثلاثًا بثلاث غرفات من ماء " فهذا كما ترى مالك وغيره ذكروا معنى ما ذكره خالد، والله أعلم. الثاني: تحسيه الحديث مع شهادته للمتفرد به بالحفظ، والحافظ إذا تفرد بحديث عنده كان صحيحًا، لا سيما إذا عضده متابع وشاهد كهذا مع قطع النظر عمن صححه قبل، وذكر أبو عبيد في كتاب الطهور: وجدنا الآثار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثبتة، فبعضها معناه إنهما كانا بغرفة واحدة، وفي بعضها جدد لكل واحد منها غرفة، ففي هذا شاهد أنّ الأمرين جميعًا واسعان وأنهما من سنته، وقد علمت العلماء بالرخصة منهما المبالغة.

_ (1) صحيح. رواه النسائي في: الطهارة، باب " 74 ". ورواه الترمذي في: أبواب الطهارة، باب " 22 "، (ح/28) . قال بعض أهل العلم: المضمضة والاستنشاق من كفْ واحد يجزئ، وقال بعضهم: تفريقهما أحب إلينا. وقال الشافعي: إن جمعهما في كف واحل! فهو جائز، وإن فرقهما فهو أحب إلينا.

في الاستنشاق والاستتار حدّثنا أحمد بن عبده، نا أحمد بن زيد عن منصور، ح ونا أبو بكر بن أبي شيبة نا أبو الأحوص عن منصور عن هلال بن يسار عن سلمة بن قيس، قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا توضأت فانثر، وإذا استجمرت فأوتر " (1) هذا حديث قال فيه أبو عيسى: حسن صحيح، وذكره ابن حزم صحيحا به، وألزم الدارقطني الشيخين إخراجه، ولما ذكره أبو ذر الهروي في مستخرجه زاد: " إلَّا وإنما هن أربع؛ ألا تشركوا بالله شيئا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلَّا بالحق، ولا تزنوا، ولا تسرقوا " وفي لفظ: " أربع ما أنا بأشح بهن مني يوم سمعتهن " وفي لفظ كان ذلك في حجة الوداع، وأمّا النسائي والطبراني وغيرهما فجعلوهما حديثين، ولفظ ابن أبي خيثمة في تاريخه الأوسط وابن قانع والطبراني: " إذا استنشقت " وقد وقع لنا هذا الحديث يعلو ثلاث درجات على طريق ابن ماجة./نا المسند المعمر يحيى لن أبي محمد الدمشقي بقراءتي عليه من مفتي المسلمين علي بن هبة الله، أخبرتنا شهرة، نا الحسن بن علي، نا عبد الله بن يحيى فروى علي بن إسماعيل بن أحمد، نا أبو عيينة بن منصور، فذكره، وقال الدارقطني في الأفراد: ورواه من حديث موسى بن مطهر، هذا غريب من حديث موسى عن منصور، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا يحيى بن سليمان الطائفي عن إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبهِ قال: قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال: " أسبغ الوضوء، وبالغ في الاستنشاق، إلَّا أن تكون صائما " (2) هذا حديث رواه أبو داود (3) مطولا بلفظ: " كنت وأفد بني المصطلق أو في وفد بني

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (27) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (1/67) وابن ماجة (406) وأحمد (4/313، 339، 340) والطبراني (7/41) والمنحة (145، 170) الخطيب (1/ 286) . قوله: " فانثر " يقال: نثر وانتثر إذا حرك طرف أنفه لإِخراج ما فيه من الأذى، بعد الاستنشاق. (2) صحيح. رواه النسائي في (الطهارة، باب " 7 ") وابن ماجة (407) واستذكار (1/ 172) . وصححه الشيخ الألباني. (3) حسن. رواه أبو داود (142) والحاكم في " المستدرك " (4/110، 160) وابن حبان في " صحيحه " (159) .

المصطلق فلما قدمنا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم نصادفه في منزله، وصادفنا عائشة قال: فأمرت لنا بخزيرة فصنعت لنا قال: وأتينا بقناع، ولم يُقم قتيبة القناع الطبق فيه تمر ثم جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: هل أصبتم شيئا أوامر لكم بشيء؟ قال: قلنا: نعم يا رسول الله قال: فبينما نحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جلوسا إذ رفع الراعي غنمه إلى المراع ومعه سخلة يطعمها فقال: ما ولدت يا فلان؟ قال: بهمة، قال: فاذبح لنا مكانها شاة ثم قال لا تحسبن ولم يقل ولا تحسين أنا من أجلك ذبحناها! لنا غنم مائة، لا يزيد إن تزيد فإذا وأد الراعي بهمة ذبحنا مكانها شاة قلت: يا رسول الله إن لي امرأة، وإن في لسانها شيئا- يعني البلدا- قال: فطلقها إذا قلت: يا رسول الله إنّ لها صحبة ولي منها ولد قال: فمرها يقول عظها فإن يك فيها خير فستفعل ولا تضرب ظعينتك كضربك أُميّتك قلت: يا رسول الله أخبرني عن الوضوء؟ قال: أسبغ الوضوء، وخلل بين الأصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما " نا عقبة عن مكرم، نا يحيى بن سعيد، نا ابن جريج، حدّثني إسماعيل، فذكر معناه، قال: فلم ننشب أن جاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتكفأ ينقلع وقال عصيدة مكان جريدة. نا محمد بن يحيى بن فارس، نا أبو عاصم، نا ابن جريج بهذا الحديث قال فيه: " إذا توضأت فمضمض " والترمذي مختصرا، وقال فيه: حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه من حديث شريح عن الطائفي/ مطولا، والحافظ أبو بكر بن خزيمة عن الحسن بن محمد الزعفراني، وزياد بن يحيى الحساني، وإسحاق بن حاتم المدائني وجماعة قالوا: نا يحيى بن سليم بمثل حديث ابن ماجة وابن الجارود في كتاب المنتقى، وصححه أيضا البغوي في شرح السنة، وأبو محمد الإشبيلي، وصحح إسناده الطبري وأبو الحسن ابن القطان وأبو بشر الدولابي في جمعه حديث الثوري، ورجحه أبو القاسم في الأوسط، وذلك لما رواه من حديث قرة بن خالد عن إسماعيل قال: لم يروه عن قرّة إلا الحسن بن سعيد. تفرّد به علي بن حسان، فإن كان علي

_ قَوله: " الخزيرة " لحم يقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق، وقيل: إذا كان من نخالة فهو خزيرة. و' السخلة " بفتح السين وسكون الخاء المعجمة- ولد الشاة من الضأن والمز حين يولد ذكرا كان أو أنثى، وقل: يختص بأولاد المعز، وبهذا جزم صاحب النهاية.

القطان حفظه فهو غريب من حديث قرة؛ لأن علي رواه عن يحيى بن سعيد عن ابن جريح عن إسماعيل، ورواه أيضَا من حديث محمد بن طارق عن أبيه عن لقيط بلفظ: " إذا كنت صائمَا فاستيسر " وقال: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن طارق إلَّا بشر بن رافع. تفرد به حسن بن عيسى وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه، وهو جملة ما قلنا إنّهما اعرضا عن الصحابي (1) الذي لا يروى عنه غير الواحد، وقد اجتمعا جميعًا ببعض هذا الحديث بعينه. قاله شاهد من حديث ابن عباس- يعني الأتيِ بعد- وفيما قاله نظر من وجهين: الأول: قوله أنّهما أعرضا عن الصحابي الذي لا يروى عنه غير الواحد، وليس كما زعم بعدم اشتراطهما ذلك، ولما في كتابيهما من أحاديث جماعة بهذه المثابة، منهم: المسيب بن حرث، وأبو قيس بن أبي حازم، ومرداس الأسلمي، وربيعة بن كعب الأسلمي، وغيرهم. الثاني: لو سلمنا له قوله كان لفظ هذا خارجًا عن ذلك؛ لرواية جماعة منهم ابن أخيه وكيع بن حرش وابنه عاصم وعمرو بن أوس. فيما ذكره ابن سعد وأبو عمر قال: ومنهم من يجعل لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله ابن المنتفق بن عامر بن عقيل المكني أبا رزين غير لقيط بن صبرة، وليس بشيء بل هما واحد، نسب إلى جدّه، وكذلك قاله البخاري وأبو حاتم الرازي وأبو أحمد العسكري والفسوي في تاريخه وابن حبان وعبد الغني بن سعيد، وغيرهم، وأما ما ذكره الخلال في كتاب العلل عن الإِمام أحمد بن حنبل: عاصم لم يسمع غير مكي رواية- أي ليس/بمشهور في الرواية عنه- فمردود، بما أسلفنا ذكره عند من صحح حديثه، وما ذكره العسكري والطبري في الأوسط: ولفظ فاستروا يداه من جهة بشر بن رافع عن محمد بن طارق عن أبيه عن لقيط قال: لم يروه عن ابن طارق إلَّا بشر بن رافْع. تفرد به صفوان بن عيسى من جهة القطان عن قرّة بن خالد عن إسماعيل قال: لم يروه عن قرّة إلَّا يحيى بن سعيد. تفرد به علي بن حسّان القطان، فإن بان على حفظه فهو غريب من حديث قرة؛ لأن غير ابن حبان رواه عن محمد بن

_ (1) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ".

سعيد عن ابن جريج عن إسماعيل، ولما ذكره الخطيب في تاريخه من رواية وكيع عن مسعر قال: تفرد به وكيع عنه، وحبذا بوكيع، وكذا قول عبدان الذي حكاه العسكري: أتيت سفيان الثوري فلمّا قدمت على شعبة قال لي: ما سمعت من سفيان؟ فقلت: حدّثني سفيان عن إسماعيل بن كثير عن عاصم ... الحديث فقال: آوه منعتني لو جئت به عن غير سفْيان لقلت فيه؛ لأنه عديم المحاباه، فلو تجد له قول فيه لقال وحمل على أنه قاله مداعبة، ولفظها السفيان، والله أعلم، وكذا ذكره أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد، الذي نابه المسند المعمر يوسف الحنفي عن عبد الوهاب المصري، نا أحمد بن محمد الإسكندري المبارك ابن عبد الجبار، نا أبو يعلي أحمد بن عبد الواحد، نا أبو الحسنَ أحمد بن الفرج عنه أنه حديث تفرد به أهل الطائف عن غيرهم من البلاد؛ لأنّ هذا التفرد لا يوجب ضعفًا كما توهمه بعض الناس فيه. وقد رواه الحاكم في تاريخ بلده من غير طريق إسماعيل قال: نا أبو بكر البوشنجي، نا إبراهيم الحزامي، نا أبو إسحاق نا عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الله الحزامي حدّثني عبد الرحمن بن عباس الأنصاري عن دلهم بن الأسود عن عبد الله بن حاجب بن عاصم بن المنتفق العضلي عن جدّه عبد الله عن عمه لقيط قال دلهم- وحديثه أيضا إلى الأسود عن عاصم بن لقيط به مطولا- قال عبد الله: سمعت أبا بكر يقول: سمعت أبا عبد الله يقول: هذا حديث إبراهيم كتبه عنه ابن معين وابن حبان وحفّاظ الحديث ببغداد، ولم يرو عبد الرحمن غير هذا الحديث، ولا كتبناه عن أحد إلا عن الحزامى وهو من قرية لا من مخزوم بن عبد الله/هذا هو الحارثي، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا إسحاق بن سليمان، ح وثنا علي بن محمد، نا وكيع عن أبي ذئب عن قارط ابن شيبة عن أبي غطفان المزي عن ابن عباس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " استعيدوا مرتين بالعين أو ثلاثًا " هذا حديث ذكره أبو عبد الله مستشهدا به كما وصفنا، والجارود في منتقاة، نا المسند المعمر أبو محمد عيسى بن عبد الرحمن بن معالي المقدسي فيما أجزناه غير مرة، نا جعفر بن أبي البركات، نا الحافظ أبو طاهر الأصفهاني، نا الشيخان المبرك بن عبد الجبار وأبو طالب عبد القادر بن محمد، نا أبو إسحاق إيراهيم بن أحمد البرمكي، نا

أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن حمدان بن مطة، حدّثني أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب، نا أبو زرعة البصري قال: سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد ابن حبان عن أي الحديثين أوكد: حديث ابن عباس أم حديث أبي هريرة قال: هما جميعا الاستنثار أشد تأكيدا أو ذكر حديث ابن أبي ذئب عن قامط رأسه (1) بن عم كانه حديث يعمل عليه- وفي كتاب الخلال- قيل لأحمد- قال عليه السلام: " ثنتين بالغتين " قال: ذاك في إسناده شيء. انتهى. ولا معارضة بين القولين، والله أعلم، ولما ذكره الأسلمي قال: قارط هو ابن شيبة، وهو لا بأس به، والصحيح ما تقدّم من الأمر بالوتر والاستنثار، قال أبو الحسن بن القطان: لم يعتل على هذا الحديث بأكثر من هذا وحكمه على قارط بأنه لا بأس به، وعلى الحديث بالضعيف؛ لتضعيفه أبا غطفان لإِبراره إياه، وأبو غطفان- وهو من طريق ابن مالك المري- يروي عن أبي هريرة وابن عباس، روى عنه داود بن حصين وقارط وكانت له بالمدينة دار عند دار عمر بن عبد العزيز، أخرج له مسلم، وقال الأودي عن ابن معين فيه: ثقة، وقارط بن شيبة هو أخو عمر بن شيبة من بني ليث بن كنانة، خلفاء قريش، قال النسائي: لا بأس به، فإنه في خلافة سليمان بن عبد الملك بالمدينة. قاله أبو حاتم، ولقيه من في الإِسناد لا يسئل عنهم وإنّهم أئمة، ووظيفة المحدّث النظر في الأسانيد من حيث الرواة والاتصال/والانقطاع، فأما معارضة هذا المتن ذاك الآخر وأشباه ذلك فليس من نظره. انتهى كلامه، ويشبه أن يكون لكلام أبي محمد وجفا، وذلك أن الدارقطني ذكر عن أبي داود: أبو غطفان رجل مجهول، فيحتمل أن يكون ذلك هو الذي اعتل به على الحديث، وكلام أبي الحسن يفهم منه أنّ أبا غطفان الرازي عن ابن عباس وأبي هريرة واحد، وذاك هو المحكي له نقل كلام من وثقة، وليس هو بأبيِ عذرة ذلك، وقد قاله قبله ابن أبي حاتم وأبو عمرو عنهما، وأما الحافظ أبو بكر البزار فإنه فرق بينهما، وزعم أن المري روى عن أبي هريرة وأبا غطفان عن ابن عباس، ويرجح ذلك قول ابن معين أبو غطفان

_ (1) كذا ورد " بالأصل ".

الذي روى عنه داود بن حصين، فيحتمل أن عبد الحق لما رأى ذلك وما أسلفناه، ورأى حديثه مخالفا لحديث غيره من الثقات، توهمه المجهول لا الموثق، والله أعلم، ولما أخرجه أبو نعيم من حديث الربيع بن بدر عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تمضمضوا واستنشقوا، والأذنان من الرأس " (1) قال: هذا غريب من حديث ابن جريج في المضمضة والاستنشاق، لا أعلم رواه عنه إلا الربيع. حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا زيد بن الحباب وداود بن عبد الله، نا مالك بن أنس عن ابن شهاب عن أبي إدريس الخولاني عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من توضأ فليستنثر، ومن استجمر فليَوتر " (2) هذا حديث اتفقا على تخريجه وفي الباب من الفقه أن الاستنشاق في الوضوء غير واجب، ولو كان فرضًا لكان على الصائم كما هو على المفطر، وهذه مسألة اختلف فيها؛ فكان عطاء والزهري وابن أبي ليلى وحماد وإسحاق يقولون: يعيد إذا تركها في الوضوء، وقال الحسن وعطاء آخر قولته والزهري والحكم وقتادة وربيعة ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والليث بن سعد والشّافعي: لا يعيد، وقال أحمد: يعيد في

_ (1) حديث [الأذنان من الرأس] حديث صحيح. رواه د (ح/134) - ت (ح/37) وقال: هذا حديث حسن ص (443، 444، 445) - حم في " المسند " (5: 258- 264- 268 هق في " الكبرى " (1: 67266) - عب في " المصنف (23- طب في " الكبير " (10: 391) - مشكاة 416- نصب: 1: 18، 19 تلخيص 1: 101 طبري 6: 101- طبري 6: 72- خط 4: 161، 6: 384، 7: 406- صنف 1: 231 سن 1: 17- مجمع 1: 234- إتحاف 2: 364- غليل 1: 124- كنز 26809- حبيب 1: 28224- عقيلي 1: 32، 113- قط 1: 97- ميزان 1133، 83161936- لسان 2: 1039، 5: 1180، 1403- علل 133- خفا 1: 96. قلت: وقد روى ابن ماجة هذا الحديث من ثلاث طرق: الأول: من طريق عباد بن تميم، وإسناده حسن. الثاني: من طريق شهر بن حوشب، وإسناده جيد. الثالث: من طريق سعيد بن المسيب، وإسناده ضعيف؛ لضعف عمرو بن الحصين ومحمد بن عبد الله. (2) صحيح بشواهده. رواه أحمد في " المسند " (2/236، 401، 518) وابن أبي شيبة في " المصنف (1/27) بلفظ: " من توضأ فليستنثر وهن استجمر فليوتر ".

الاستنشاق خاصة، ولا يعيد من ترك المضمضة، وبه قال أبو عبيد وأبو ثور، وقال أبو حنيفة/والثوري: يعيد إن تركها في الجنابة، ولا يعيد في الوضوء. وحديث وائل بن حجر من عند البزار مرفوعًا: " فمضمض واستنشق ثلاثًا " وسيأتي له زيادة (1) في باب الغسل، قال ابن المنذر: يقول أحمد: أقول وفي المحلي لأبي محمد، وذكر قول أحمد، وهذا هو الحق؛ لأن المضمضة ليست فرضًا، وإن تركها فوضوءه تام وصلاته تامة عمدًا تركها أو نسيانًا؛ لأنه لم يصح بها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر، وإنما هي فعل فعله عليه السلام، وأفعاله ليست فرضًا، وإنما فيها ألا ينشأ به عليه السلام. انتهى كلامه، وفيه نظر؛ لأن الأمر بالمضمضة صحيح، لا كما زعمه لما أسلفناه في حديث لقيط المذكور عند أبي داود (2) عن ابن فارس، نا أبو عاصم عن ابن جريج بهذا الحديث قال فيه: " إذا توضأت فمضمض " فهذا أثر ظاهر صحيح الإِسناد على ما سنشرح آنفًا، نا المسند المعمر أبو الفضل عبد المحسن بن أحمد- رحمه الله- في المعجم الأوسط من حديث يزيد بن عبد الملك النوفلي عن أبي موسى الخياط عن ابن المنذر عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا توضأ أحدكم فليمضمض ثلاثا " (3) الحديث. قال: لم يروه عن ابن المنكدر إلا أبو موسى. تفرد به النوفلي، وذكر أيضا من حديث إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن أبي هريرة قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا توضأ أحدكم فليمضمض " (4) ثم قال: لم يروه عن عطاء إلا إسماعيل. تفرد به علي بن هاشم ابن البريد قرأه عليه وأنا أسمع عن جدّي الحافظ أبو حامد أن القاضي أبو القاسم الأنصاري، ثنا أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد بن

_ (1) يأتي كما ذكر المصنف. (2) حسن. د (ح/44) هق في " الكبرى " (1: 52) ونصب (1: 16) . (3) ضعيف جدا. رواه قط في " سننه " (1: 101) مجمع (1: 233) وفيه أبو موسى الحناط، وهو متروك. (4) رواه قط (1: 101) مجمع (1: 233) كما في المصدر السابق.

أبي الفتح، ثنا أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد، ثنا أبو الحسين محمد بن أحمد الغساني، ثنا محمد بن جعفر عن الحافظ، ثنا الحُسين بن محمد بن أحمد بن المعمر، ثنا هدية بن كنانة، ثنا حماد عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمر بالمضمضة والاستنشاق " (1) . ولما ذكره البيهقي من طريق هديه صحّح إسناده ثم قال: وقال مرّة أخرى مرسلا لم يقل عن أبي هريرة، وداود بن مخبر عن حماد في رحله، قال البيهقي / وغيرهما يرويه مرسلًا. وخالفه إبراهيم بن سليمان الخلال شيخ يعقوب بن سفيان فقال: عن حماد عن ابن عباس، كلاهما عن محفوظ- والله أعلم- وقد وردت أحاديث شاهدة لهما، وفي إسنادها مقال فمنها ما ذكره أبو القاسم في سنن البيهقي من حديث عصام بن يوسف عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة ترفعه: " المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لابد منه " (2) . ورواه إسماعيل بن أسد عن عصام بنحوه، إلَّا أنه قال: " من الوضوء الذي لا تتم الصلاة إلَّا به " قال الدارقطني: تفرد به عصام ووهم فيه، والصواب: ابن جريج عن سليمان مرسلا، ورواه محمد بن الأغر، وهو ضعيف عن الشيباني عن ابن جريج بإسناد عصام، ومتن الجماعة: " فليمضمض " وهو خطأ، والصواب مرسل زاد في السن من تأليفه، وأحسب عصامًا حدث به من حفظه فاختلط عليه، واشتبه بإسناد حديث رسمه ابن جريج عن سليمان عن

_ (1) صحيح رواه. م (الطهارة (20، 21 ود (ح/1: 140) والنسائي (1/66) وحم (2: 242) وهق (1: 49) وسنة (1: 412) و (نصب 1: 2) و (تجريد 272) وفتح (1: 262) وكثير (3: 44) " إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء، ثم ليستنثر ... الحديث ". (2) رواه ابن عدي في " الكامل " (3: 1116) وقط في " سننه " (1: 284، 600) ونصب (3) رواه حميدي 228- ك (2: 168) - مجمع (4: 285) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه يعقوب غير مسمى، فإذا كان هو التوم فقد وثقة ابن حبان، وضعفه

الزهري: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها " 31) وفي الأفراد: هذا غريب من حديث الزهري عن عروة عنه، وانفرد به سليمان بن موسى الدمشقي عنه، ولم يروه عنه غير ابن جريج، وهو غريب من حديث ابن المبارك عن ابن جريج تفرد به عنه عصام، وذكر من حديث الربيع بن بدر- وهو متروك- عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وضعفها كلها- والله أعلم- فسند ما تقدم من الأحاديث الصحيحة، وغيرها صحة ما استدللنا عليه، والله الموفق.

_ ابن معين، وإن كان غيره فلم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. قلت: وعلى قول الهيثمي فالحديث ضعيف.

18- باب ما جاء في الوضوء مرة مرة

18- باب ما جاء في الوضوء مرةً مرةً حدّثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، ثنا شريك عن ثابت بن أبي صفيَّة الثمالي قال: سألت أبا جعفر- عليه السلام- قلت له: حدثت عن جابر ابن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " توضأ مرة مرة؟ قال: نعم. ومرتين مرتين؟ قال: نعم، وثلاثَا ثلاثا؟ قال: نعم " (1) هذا حديث قال فيه البزار: لا نعلمه يُروى عن جابر إلا هذا الإِسناد، ولا رواه عن محمد بن علي إلا أبو حمزة الثمالي، وفيما قاله نظر؟ لما ثنا به الإمام المسند المعمر عن أبي الفتح المقدسي، فزاد عليه وأنا أسمع عن العلامة الخطيب أي: الحسن اللخمي/ثنا شهرة قراءةَ عليها وأنا أسمع، ثنا أبو منصور محمد بن الحسين قراءة عليه، ثنا الحافظ أحمد بن غالب، ثنا الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم الجرجاني، ثنا محمد بن علي بن حفص- عُرف بحيدرة-، ثنا عبد الله بن هاشم الطبري، ثنا الحرث بن عمران الجعفري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر، فذكره، ورواه أيضا ابن البيّع في تاريخ نيسابور من حديث الحرث بن عمران، ورواه الترمذي من حديث شريك ثم قال: وروى وكيع هذا الحديث عن ثابت، قلت لأبي جعفر: حدَّثك جابر: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مرة مرة " وهذا أصح من حديث شريك؛ لأنه رُوى عن غير وجه هذا عن ثابت نحو رواية وكيع، وشريك كثير الغلط، وذكر في كناب العلل أنه سأل محمدا عن الحديثين فقال: الصحيح ما رواه وكيع عن أبي حمزة، وحديث شريك ليس بصحيح، ولما سئل هنا الإمام أحمد عن الوضوء مرة مرة قال: الأحاديث ضعيفة، ثم ذكر حديث جابَر هذا في الأحاديث الضعاف، وسيأتي الكلام مع أحمد في موضعه عند ذكر حديث ابن عباس المخرج في صحيح البخاري- إن شاء الله

_ (1) أورده الهيثمي في " مجمع " (1: 232) وعزاه إلى " البزار " والطبراني في " الأوسط "، وزاد ثم قام فصلى، وفيه مندل بن علي ضعفه أحمد وابن المديني وابن معين في رواية، ووثقه في أخرى. قلت: وعلى قول الهيثمي فالحديث حسن.

تعالى- وثابت هذا هو ابن دينار، ويقال: ابن حمزة أبو حمزة، وروي عن جماعة من التابعين، قال العقيلي: عن مسرور بن هارون كان يؤمن بالرجعة، وثابت هذا هو ابن دينار، وروى عن جماعة من التابعين قال فيه أبو حاتم: نكتب حديثه ولا نحتج به، وقال الدارقطني: متروك، وقال أبو زرعة: ليّن، وقال ابن حنبل: ضعيف الحديث ليس بشيء، وقال الجوزجاني: واهي الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن عدي: وضعفه بيَّن على رواياته، وهو إلى الضعف أقرب، وقال ابن سعد: كان ضعيفًا، وقال ابن الجنُيد: متروك، وقال الآجري عن أبي داود. جاءه ابن المبارك فرفع له صحيفة فيها حديث سُوْء في عثمان، فردّ الصحيفة على الجارية وقال: قولي له: قبحك الله وقبح صحيفتك، وذكره الفسوي في جملة من يرغب عن الرواية عنهم، وقال التاجي: هو ضعيف من أهل الصدق، يقدّم عليًّا على عثمان، فلا/ يحدث عنه يحيى ولا ابن مهدي، وذكره الغساني في كتاب الضعفاء من تأليفه، وزعم شيخنا العلامة المزي أن ابن ماجة وأبا داود لم يخرجا حديثه، وحديث البزار كان في الردّ عليه حدّثنا أبو كريب، ثنا رشدين بن سعد، ثنا الضحاك بن شرحبيل عن زيد بن أسلم عن أبيه عمر قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة توضأ مرة مرة " هذا حديث سبق فيه كلام الترمذي وأبي حاتم في باب المضمضة والاستنشاق، وقال البزار: هذا حديث- يعني حديث ابن عباس المتقدّم- وافقهم جماعة وخالفهم الضحاك، فرواه عن عمر وأغفل في إسناده قصد الصواب، قال: وقد تابعه ابن لهيعة وخالفها من سمينا من الثقات، وما أتى هذا إلَّا من الضحاك بن شرحبيل. انتهى، وفي عَصْبه الجنابة برأس الضحاك نظر؛ لأنه ممن قال فيه أبو زرعة: صدوق لا بأس به، وذكره الحافظ البستي في كتاب الثقات وقال: كان أصله من عكا ثم انتقل إلى مصر، وروى عن ابن عمر، وفيما قاله نظر؛ لأن البخاري وابن يونس وابن أبي حاتم لم يذكروا له رواية عن الصحابة، إنّما هي عن التابعين وأتباعهم، وفي علل أبي الحسن: وخالف الضحاك عبد الله بن سنان، فرواه عن زيد بن أسلم عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: وكلاهما وهم، ولما ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل بيّن الغزوة المبهمة بأنها الحديبيَّة، وفي الباب حديث أبي رافع

مرفوعا قال البخاري: فيه اضطراب، ورواه البزار من جهة الدراوردي عن عمر بن أبي عمرو عن أبي رافع عن أبيه، وقال: لا نعلم يروي هذا الحديث عن أبي رافع إلا بهذا الإسناد، ولما ذكره أبو عبيد بن سلام من جهة عمرو قال: عبد العزيز لست أَسميه عن عُبيد الله بن أبي رافع عن أبيه، قال أبو عبيدة: ففي غير حديث تسمية هذا الرجل أنله عبيد الله بن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جدّه، ففي هذا كما ترى زيادة رجل لم تكن في إسناد حديث البزار، وفيه بيان اسم الابن المبهم عنده، ويشبه أن يكون هذا هو الاضطراب/المشار إليه عند البخاري، ولئِن كان إيَّاه فلا ضرر فيه؛ لأن المبهم وغير المبهم من رجاله حديثهم في الصحيح، والله أعلم، ورواه أبو عبيد أيضًا من جهة عمرو عن يعقوب بن خالد عن أبي رافع، وقال أبو الحسن المقبري في كتاب العلل: ورواه الدراوردي أيضًا عن محمد بن عمارة ويعقوب بن المسيب، وأشبه بالصواب حديث عمرو بن عبد الله بن عبيد الله عرام عن حرمة فسر- بما ذكرنا- فساد قول من زعم أنه لا يروى عن أبي رافع إلا بهذا الإسناد، وقال الساجي عنه: فيه ضعف، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، َ ولما سُئل عنه أبو داود قَال: قال أبو نعيم: ما بقى أحد كان مختلف إلى سفيان غيره، وحديث بريدة ذكره البزار فقال: أبو كُريب، ثنا علي بن آدم، ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبي بريدة عن أبيه وهو سلمان بن يزيدة، قال: هذا الحديث لا نعلم رواه عن الثوري عن علقمة عن أبي بريدة عن أبيه- وهو سلمان بن بريدة- إلا أن قادم أنهى ابن قادم- وإن كان أبو حاتم قال فيه: محلّه الصرف- فقد قَال ابن سعد-: كان متهمًا منكر الحديث شديد التشَّيع، وقال ابن معين: ضعيف، وقال ابن عدي: نقمت عليه أحاديث رواها عن الثوري غير محفوظة، وقال ابن القطان: مستضعف وذكره العتكي في الضعفاء حديث عبيد المذكور، ولما ذكر بعض الحفاظ حديث يزيد هذا، قال: إسناده جيّد، وحكى عن ابن قَادم ما قاله أبو حاتم فقط أخذًا لذلك من كتاب العمال لابن سرور، وفيما قاله نظر لما أسلفناه، وحديث عبد الله بن عمر قال فيه البزار لما رواه من طريق مندل بن أبي نجيح، وهذا الحديث لا نعلمه. رواه عن ابن عمر إلا مجاهد، ولا عن مجاهد إلا ابن أبي نجيح،

وفي الأوسط: لم يروه عن ابن أبي نجيح إلَّا مندل. تفرد به بكير بن يحيى بن زيات، وحديث ابن المسيّبِ عن زيد بن ثابت: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مرة مرة " رواه الدارقطني في الأفراد وقال: تفرد به علي بن الحسن (1) الشامي عن مالك عن ربيعة الرأي عنه، وحديث عمرو بن أبي الحسن الأنصاري: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/توضأ فمضمض واستنشق مرة واحدة " ذكره المديني من جهة حديث محمد بن هلال المزي، عن عمرو بن يحيى بن عمارة عن عمه، وحديث ابن العالة- واسمه سبرة- ثنا ح حديثه المسند المعمر يحيى بن أبي محمد الناصري عن مفتي المسلمين أبي الحسن المعمري عن أبي الطاهر العمري، ثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي، ثنا القاضي أبو الفضل محمد بن أحمد السعدي قرأة عليه، ثنا عبيد الله بن محمد العكبري قرأة عليه قال: قرأت على أبي القاسم عبد الله: ثنا عبد الله بن محمد البغوي وأنا أسمع، ثنا علي بن الجعد، ثنا عدي بن الفضل عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن ابن العالة قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مرة مرة " (2) وحديث معاذ وحديث ابن عباس مخرج في الصحيح، وسيأتي ذكره في باب الانفتاح، ذكره الخلال في علله عن علي بن سعيد أنّه قال: فقلت له: يعني الإِمام أحمد بن حنبل- فحديث معاذ في الوضوء مرة مرة، فلم يعرفه، وقال: من رواه؟ قلت: ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن زياد- يعني الإفريقي- عن عتبة بن حميد الضبّي قال: فجعل يتعجّب وقال: أخاف أن يكَون هذا مثل

_ (1) الحسن بن عتبة الشامي، مجهول، كذا بيض له ابن أبي حاتم. (المغني في الضعفاء: 1/162/1427) . (2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/232) وعزاه إلى " البزار " والطبراني في " الأوسط " وزاد " ثم قام فصلى " وفيه مندل بن علي ضعفَه أحمد وابن المديني وابن معين في رواية ووثقه في أخرى. قلت: وعلى قول الهيثمي فالحديث ضعيف. وفي صحيح البخاري: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال: " توضأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرة مرة ". 4- كتاب الوضوء، 22- باب الوضوء مرة مرة، (ح/157) . قلت: ولكن للحديث شاهد صحيح من رواية البخاري، وعلى هذا فالحديث يرتقى من رواية الضعف إلى رواية الصحيح. وهذا الحديث يختلف في معناه عن الحديث السابق له مباشرة.

حديث قصة محمد بن سعيد؛ الذي يروى فيه المنديل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن لا نروي عن الإفريقي، وحديث عبد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر، قال الدارقطني: رفعه وهم، والصواب موقوف، وحديث القيس. ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل، وحديث عائشة. ذكره ابن عدي، وضعفه بيحي بن ميمون، وحديث عبد الرحمن بن أبي قراد ذكره البخاري في التاريخ الكبير، وحديث أبي هريرة ذكره ابن عساكر في التاريخ الكبير.

19- باب الوضوء ثلاثا ثلاثا

19- باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا حدثنا محمود بن خالد الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم الدمشقي عن ابن ثوبان عن عَبدة بن أبي لبابة عن شقيق بن سلمة قال: " رأيت عثمان وعليًّا يتوضآن ثلاثا، ويقولان: هكذا كان وضوء رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1) . هذا حديث إسناده صحيح، ومعناه في الصحيح من حديث عثمان أيضا، ولما ذكر أبو عيسى في علله حديث فليح عن سعيد بن الحرث بن خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد أن عثمان توضأ ثلاثا، وقال: هكذا رأيت النبي يتوضأ، قال: سألت محمدًا عن هذا الحديث، قال: هو حديث حسن، قال أبو عيسى: وهو غريب من هذا الوجه، وذكر أبو جعفر بن مُنيع في مسنده من طريق ابن لهيعة، ثنا أبو النصر عثمان عمن رأى عثمان دعا بوضوء، وعنده الزبير وسعد بن أبي وقاص، فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا ثم قال: أنشدكم الله أتعلمون أن النبي كان يتوضأ كما توضأت؟ قالوا: نعم، وفي كتاب أبي عبيد: وعنده علي وطلحة والزبير وسعد ... الحديث، ولما ذكر حديث ابن ماجة هذا بعض الحفاظ المبرزين قال: رواه ابن ماجة (2) عن محمود بن خالد عن الوليد

_ (1) صحيح. رواه ابن عدي (4/1592) بلفظ " رأيت عليا وعثمان ... الحديث " وفي صحيح البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال حدثني إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد أخبره أنْ حُمران مولى عثمان أخبره أنه رأى عثمان ابن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرات فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ثُمً مسح برأَسه ثم غسل رجيه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحدْث فيهما نفسه، غفر له ما تقدّم من ذنبه ". 4- كتاب الوضوء، 24- باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/159) . أطرافه في: [1601، 164، 1934، 6433،] قلت: وكفى برواية البخاري شاهدا صحيحا لما رواه ابن عدي في " الكامل ". (2) صحيح. رواه ابن ماجة في 10- كتاب الطهارة، 46- باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/ 413) . حدْثنا محمود بن خالد الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم الدمشقي، عن ابن ثوبان، عن عبدة بن أبي لبابة، عن شقيق بن سلمة؛ قال: رأيت عثمان وعليا يتوضآن ثلاثا

عن ابن ثوبان عن عبدة عن شقيق، قال: بمعنى أبيِ حاتم، عن أبي نعيم ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، فذكر نحوه، ويشبه أن يكون ذلك وهمًا؛ لأن القائل ثنا أبو حاتم إلى آخره، إنما هو أبو الحسن بن سلمة القطان الرازي عن ابن ماجة ليعني أن الحديث عنده عال من غير طريق ابن ماجة فعل ذلك في غير حديث، ورأيته مفصولًا في نسخة، ويؤيد ما قلناه إعراض أصحاب الأطراف عن ذكره، والله أعلم. حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن ابن عمر: " أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ورفع ذلك إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " هذا حديث قال: ذكره ابن حبان في صحيحه (1) عن الحسن بن سفيان، ثنا حبان بن عبد الله، ثنا المطلب، فذكره، وصححه ابن حزم أيضًا، واحتج به، ومع ذلك فهو معلّل بأمرين: الأول: الانقطاع، قال ابن عساكر في كتاب الأطراف، تابعه بشر بن بُكير، ورواهما وليد بن مزيد، فجعله عن ابن عباس، والمطلب قيل لم يسمع من ابن عمر،/وقال ابن حاتم: عامة رواته يعني المطلب- مرسلة-، وروي عن ابن عمر وابن عباس، ولا ندري أنه سمع منهما أم لا، وفي كتابه الجرح والتعديل: مطلب عن ابن عباس وابن عمر مرسل لم يتردّد. الثاني: ضعف المطلب، وإن كان أبو زرعة والفسوي والدارقطني وثقوه، فقد قال فيه ابن سعد: كان كثير الحديث، وليس يحتج بحديثه؛ لأنه يرسل عن النبي كثيرًا، وليس له لقى، وعامة أصحابه يدلّسون، وذكر الخلال حديثه هذا في علله، وفي المسند زيادة: وأنّ ابن عباس: " كان يتوضأ مرّة مرّة "،

_ = ثلاثا ويقولان: هكذا كان وضوء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال أبو الحسن بن سلمة: حدثناه أبو حاتم،. ثنا أبو نعيم، ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان. فذكر نحوه. وصححه الشيخ الألباني. (1) صحيح. رواه ابن حبان: (2/205، ح/1076) . أخبرنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا حبان ابن موسى قال: أخبرنا زائدة بن قدامة قال: حدثنا ابن علقمة الهمداني قال: حدثنا عبد نمير قال: " دخل علي- رضوان الله عليه- الرحبة بعدما صلى الفجر، فجلس في الرحبة ثم قال للغلام: ائتني بطهور، فأتاه الغلام لإناء فيه ماء وطست ... " الحديث.

ويسند ذلك إلى النبي- عليه السلام- " (1) . حدثنا أبو كريب، ثنا خالد بن حبان عن سالم أبي المهاجر عن ميمون بن مهران عن عائشة وأبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ ثلاثا ثلاثا " (2) هذا حديث معلّل بأمرين: الأول: انقطاع ما بين ميمون وشيخيه، أما عائشة فذكر الكناني: قلت له- يعني أبا حاتم الرازي- ميمون، هل سمع من عائشة شيئًا؟ قال: لا، وأما أبو هريرة فذكر ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل: ثنا رحمونة سمعت أبا طالب قال: قلت لأحمد بن حنبل: ميمون سمع عن بن حزام؟ قال: لا، من أين لقيه؟ لم يرو إلا عن ابن عباس وابن عمر، فهذا حكم من أحمد على عدم سماعه من صحابي غير هذين ولم تركته مخالفا نرجع إلى قوله، الثاني: الاختلاف في حال خالد بن حبان أبي يزيد الرقي الكندي مولاهم الخراز، فأمّا ابن عمَار وابن معين وابن سعد فذكروا أنه ثقة، وأمّا الإِمام أحمد فقال: لم يكن به بأس، كان يروي عن جعفر غرائب وقال عمرو بن علي: ضعيف الحديث، وقال يعقوب: أنكرت عليه أحاديث تفرد بها، وسئل عنه علي بن ميمون فقال: كان منكرًا- يعني في الضبط والحفظ- وشكّ التقوى والتحرز. انتهى كلامه، وفيه نظر، إذ لقائل أن يقول: لو لم يكن فيه إلَّا قول من وثقة لكان ما ذكرته حسنًا، ولكن لما روى مضعفًا راويًا للغرائب جوز حمله على نكارة الحديث/لا غيرها اصطلاحًا ولغة، وقد وقع لنا حديث أبي هريرة من طريق صحيحة، ومسند البزار رواها عن كرشي عن الحجاج بن منهال عن هاشم عن همام عن عامر الأحول عن عطاء بن أبي رباح عنه أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ ثلاثًا ثلاثًا " (3) ، وقال: هذا الحديث لم نعلمه روى عن أبي هريرة بأصح من هذا الإِسناد، وحديث عائشة من طريق متصلة، وصحح الطْبري إسناده في تهذيب الآثار. ذكرها أبو عبد الرحمن البزار في كتاب الكنى فقال: حدّثنا الحسين بن حريث، ثنا الفضل بن موسى عن جُنيد بن عبد الرحمن، أخبرني

_ (1) تقدم في أحاديث الباب. (2) تقدم في أحاديث الباب. (3) تقدم في أحاديث الباب.

عبد الملك بن مروان بن الحرث ابن أبي ذئاب، أخبرني سالم سيلان قال: " أرتني عائشة كيف كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ قال: يتمضمض ثلاثَا " الحديث. حدّثنا سفيان بن وكيع، ثنا عيسى بن موسى عق فائد أبي الورقاء وعبد الرحمن عن عبد الله بن أبي أوفى قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يتوضأ ثلاثا ثلاثا، ومسح برأسه مرة " (1) هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف سفيان بن وكيع المتقدّم الذكر، ونكارة حديث فائد، وإن كان ليس من نظير ما ذكره لمتابعة أبي يعقوب عبد الرحمن عبيد بن نسطاس الثقة الثبت له، فكأنه ليس بموجود في هذا الحديث فلم يبق إلَّا تعليله بسفيان، وإن كان ليس علّة له فقد وقع لنا من طريق سالمة منه، ثناها الشيخ الإِمام المسند المعمر أبو بكر بن عمر الحميدي، ثنا عبد الهادي عن فاطمة قالت: ثنا فاطمة، ثنا ابن زيدة، ثنا أبو القاسم، ثنا الحسن بن إسحاق، ثنا عليِ بن يحيى، أخبرني عيسى بن يونس عن فائد: سمعت ابن أبي حاتم أوفى يقول: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ثلاثا ثلاثا، ومسح برأسه مرّة " (2) وبه إلى أبي القاسم، ثنا عليّ بن عبد العزيز، ثنا محمد بن يحيى المروزي، ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام، ثنا مروان بن معاوية عن أبي الورقاء عق عبد الله بن أبي أوفى أنه: " توضأ ثلاثا ثلاثا فخلّل لحيته "، وقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفْعل هذا " (3) فصح إسناده/ على هذا، والله تعالى أعلم. ولما ذكر أبو القاسم بن عساكر هذا الحديث، لم يذكره من رواية عبد الرحمن عن أبي أوفى، ولما ذكر لمن اسمه برواية عنه استظهرت على ذلك بعده بنسخ أما ذكره من حديث فائد فقط، وعزاه لابن ماجة وبايعه على ذلك جماعة من المتأخرين، منهم ابن سرور والحافظ المزّي في كتابيه، وحديث ابن ماجة يرد قولهم، وممن نبه (4) على أنّ عبد الرحمن هذا هو أبو يعقوب الصغير أبو عبد الرحمن بن حبّان، وأبو نعيم الأصفهاني

_ (1) تقدم في أحاديث الباب. (2) تقدم في أحاديث الباب. (3) تقدم في أحاديث الباب. (4) كذا وردت " بالأصل ".

وأبو أحمد العسكري في كتاب الصحابة من تأليفهما، وقبلهم الحميدي في مسنده. حدثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن يوسف عن سفيان عن ليث عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَا يتوضأ ثلاثًا ثلاثَا " (1) هذا حديث إسناده جيّد، ولولا الاختلاف في حال رواته لقيل فيه صحيحا، لما عضده من الشواهد والمتابعات، ولأنه لم يتكلم فيها بقادح بُرّد به حديثهما وللعرفان بحال الواسطة ونفيه، أما ليث؛ فهو ابن أبي سليم أنس. كذا ذكره ابن الجوزي، ويشبه أن يكون وهم؛ لأن العقيلي فرق بين ابن أبي سليم زياد، وبين ليث بن أنس بن الليثي الراوي عن ابن إسرائيل- يكنى أبا بكر، ويقال بكير- كوفي، وإن كان ابن سرور ذكر أنّ الشيخين رووا له، فيشبه أن يكون وهما؛ وذلك أن الكلاباذي والحاكم اللالكائي والخيال والباجي لم يذكره أحد منهم في كتابه، اللهم إلَّا لو قال أنّ محمدَا استشهد به، ويروي له في رفع اليدين، وقرنه مسلم بابن إسحاق الشيباني لكان صوابًا، وكذلك قاله ابن معين، زاد أبو الحسن: سئل وكيع عن حديث من حديثه فقال: ليث لين وقال: كان سفيان لا يسمى لينَا، وقال البخاري: كان صدوقًا، وقال ابن عدي: أحاديثه صالحة، وروى عنه شعبة والثوري وغيرهما من ثقات الناس، ومع الضعفاء الذي/فيه فكتب حديثه، فقد قال أبو النصر معْمر: كان ابن عيينة لا يحمد حفظه، وفي رواية: ضعيف، وقال ابن مهدي: ليث وعطاء بن السائب ويزيد بن أبي زياد، ليث أحسنهم عندي، وقال جرير: كان ليث أكثرهم تخليطًا، وقال عيسى بن يونس: كان قد اختلط كان يصعد المنارة ارتفاع النهار فيؤذن، وقال أحمد بن حنبل: هو مضطرب الحديث، ولكن: حدث الناس عنه، وفي علل الترمذي عنه: لا نفرح بحديثه وقال أبو زرعة وأبو حاتم: لا نشتغل به، مضطرب الحديث، زاد أبو حاتم: هو أحب إلي من يزيد بن أبي زياد، وقال الفلاس: كان يحيى لا

_ (1) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/417) وأحمد في " المسد " (1/125، 2/ 8) وابن أبي شيبة في " المصنف " (1/15) والكنز (26893، 26952) . وفي الزوائد: هذا الإسناد ضعيف، وليث: هو ابن أبي صيف. وقال السديَ: وشهر قد تكلَموا فيه. قلت: وصححه الشيخ الألباني. انظر: صحيح ابن ماجة.

يحدّث عنه، وكان ابن مهدي يحدّث عنه، وقال الدارقطني: صاحب سنة، وكذلك قاله ابن معين، زاد أبو الحسن: نخرج حديثه، إنّما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد فحسب، وقال يحيى لأحمد: حديثه ذكره عنه الحاكم، وقال ابن سعد: كان رجلَا صالحا عابدَا ضعيفَا في الحديث، يقال كان يساًل عطاء، وقال الساجي: صدوق فيه ضعف، كان سيء الحفظ كثير الغلط، وكان أبو داود لا يدخل حديثه في كتاب السنن الذي صنفه، وفيما قاله نظر من حيث إنّ أبا داود إذا أطلق كان في العرف محمولَا على السجستاني، فإن كان عناه فهو ثقة، خرج حديثه في كتابه، وإن كان غيره فيلزمه بيانه، وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ضعيف، وقال ابن طاهر مثله، زاد خيرَا فقال: كان يسأل عطاء وطاوسَا ومجاهدَا عن الشيء يختلفون فيه، فيروى أنّهم اتفقوا من غير تعمّد لذلك، وفي تاريخ ابن أبي خيثمة: قال ابن معين: ليس بذاك، وفي كتاب الآجري قال يحيى: ليس به بأس، وفي كتاب العقيلي عنه: هو أضعف من يزيد بن برقوقة، وفي رواية ضعيف: إلَّا أنله كان يُكتب حديثه، ليث/أضعف العالمين، وقال السعدي: نضعّف حديثه، ليس بثبت، وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره فكان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم، تركه القطان وابن مهدي وأحمد وابن معين. انتهى كلامه، وفي إطلاقه ذلك نظر؛ لانا أسلفنا عن الفلاس بحديث القطان عنه، وثنا أحمد عليه، وكذلك ابن معين، والصواب في ذلك قول الساجي: كان يحيى القطان بآخره لا يحدّث عنه، ففي هذا جمع بين قول يحيى والفلاس، وأما ابن معين فلا وجه لما حكاه عنه، وقال ابن المديني: مجاهد أحبّ إلي منه، وقال العجلي: كوفي جائز الحديث، وفي كتاب الآجري قال أبو داود أحمد بن يونس. سمعت أبا داود يقول: سمعت يحيى يقول: عامة شيوخه لا يعرفون، الثاني: شهر بن حوشب أبو سعيد، ويقال: أبو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو الجعد الأشعري الحمصي، ويقال: الدمشقي، وإن كان مسلم قد خرج حديثه، وحسّن الترمذي والبخاري حديثه، وروى له في كتاب الأدب، وقال أحمد: ما أحسن حديثه، ووثّقه، وفي رواية: هو حسن الحديث، وقوى أمره، قال: وإنما

يتكلم فيه ابن عون، يعني بقوله: تركوه، وفي رواية: لا بأس به، وفي رواية: ثبت وقال العجلي: ثقة، وكذلك قاله ابن معين، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال موسى بن هارون: ضعيف، وبمثله قاله ابن سَعْد، وقال يعقوب بن شيبة: سمعت ابن المديني يقول: وقد قيل له ترضى حديث شهر فقال: أنا ما أحدّث عنه قال: فأنا لا أدع حديث الرجل إلا أن يجتمع عليه يحيى وعبد الرحمن- يعني على تركه- قال يعقوب: وهو ثقة على أنّ بعضهم قد طعن فيه، وقال الفسوي في تاريخه: وإن كان ابن عون تركوه فهو ثقة لم وفي هذا رّد لما ذكره أبو عبد الله في تاريخ نيسابور: وثقة ابن معين وأبو زرعة الرازي، وشذّ عنه سائر المشايخ، والله أعلم، وقال أبو حاتم: هو أحبّ (1) إلي من أبي هارون وبشر بن حرب، وليس يرون أبي الزبير، ولا نحتج به، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال محمد بن عبد الله ابن عمّار: روى عنه النّاس، وما أعلم أحدًا قال فيه غير شعبة قال: يكون حديثه حجة؟ قال: لا، وقال صالح بن محمد: لم نقف منه على كذب، وكان رجلًا ينسك، إلَّا أنه روى أحاديث تفرّد بها لم يشركه فيها أحد، فقد تركه شعبة، ولم يحدّث عنه ابن مهدي، وقال النسائي وابن عدي: ليس بالقوي، زاد ابن عدي. ولا نحتج بحديثه، وقال ابن حبان: كان يروى عن الثقات المعضلات، قابل عبّاد بن منصور في الحج فسرق عبيته فهو القائل: لقد باع شهر دِينَهُ بخريطةٍ ... فمن يأمن القراء بعدك يا شهر كذا شهر، ذكره ويشبه أن يكون وهمًا؛ لأنّ المعروف أنّ الخريطة إنمّا كانت من بيت المال حين ذكره ليزيد بن المهُلب وقال الهذلي: كان على خزائن يزيد، فلما سأله عنها أتاه بها، فدعا يزيد الذي وقع فيه فشهد، وقال لشهر: هي لك فقال: لا حاجة لي فيها، فقال القطامي الكلبي: عن شهر بن حَوْشَبٍ قال: يقال في الحسن بن سعد حربلة؟ قلت: نعم، فقال: يا هؤلاء إنّه قد وثقة، ويقال: سنان بن مُكْمل النميري البيت، وبعده أخذت له شيئًا طفيفًا، وبعته من ابن خزنبيداد هذا هو الغَدْرُ، وصحَّف بعض حفّاظ

_ (1) قوله: " هو أخت " وردت بالأصل " مواجب " وهو تحريف، وللصحيح ما أثبتناه.

عصرنا هذا البيت فقال: من ابن جرير أنّ هذا هو الغَدْرُ، ويقال: الشرفي المسمّى الوليد بن العطامي وهو الحسين بن جمال النسابة وقال مرة النخعي لشهر: يا ابن المهلب ما أردت إلى امرءا لولاك كان كصالح القراء؛ فتبيّن مما ذكرناه فساد قول من عَزَا ذلك لعبّاد- يعني الشعر والخريطة-/اللهم إلا لو. ذكر خيانته له لكان صوابا من فعله؛ لأن شعبة شهد عليه أنّه رافق رجلا من أهل الشام فخانه. فيما ذكر؟ الساجي، ثم ذكر قصته في بيت المال بعد، فجعلهما مرّتين، وهو الأشبه، والله أعلم، وفي كتاب الترمذي عن النضر شهر تركوه، ويشبه أن يكون وهما وذلك أنّ الساجي والعقيلي والسعدي وغيرهم إنما ذكروا روايته عن ابن عون، لا عن نفسه، وقال العيني: ضعيف، وفي تاريخ ابن أبي خيثمة عن ابن معين عن مسلم عن رجل ذهب على يحيى اسمه قال: كنت مع شهر في طريق مكة فكنّا إذا نزلنا منزلا قال: هاتوا عبوديا سووا طنبوريا، فإنا إنّما جمل خبزنا- يعني الحديث- وفي كتاب العقل نحوه وعن قتادة قال: جاء شهر يستأذن على الأمير، قال: فخرج الإِذن فقال: إن الأمير يقول: لا تأذن له فإنه سيأتي قال: فقلت إنّ خادم البيت يخبرك بما في أنفسهم قال: ثمّ قال قتادة: لا غفر الله لمن لا يستغفر لهما- يعني عليا وعثمان- رضى الله عنهما- وقال الساجي: فيه ضعف وليس الحافظ، وقال السعدي: أحاديثه لا تشبه أحاديث النّاس، وذكره مسلم في مقدمته بالضعف، وكذلك الرازي فسير مجموع ما ذكر أنّ لا قادح فيها، وذلك إن يشأ غالب ما رمى به الجمع والاختلاط، أمّا الأول فهذا الحديث عارضه، وأمّا الثاني فقد رمى جماعة من المجمع على عدالتهم، وهذا إنما كان اختلاط في أمر غيره، وسفيان ممن أخذ عنه قديما، وأما ذمية الاختلاط وسُوْء الحفظ فقد أسلفنا له متابعان وشواهد من ذاك معها، وأمّا شهر؛ فمعظم ما رمى به إّنما أتى على لسان شاعر مرمى بالكذب متعرّض، لا يدري أمحقِّ أم مبطل ولئن كان محقا قول علي أنّ له حقًا في بيت المال أخذ بعضه، وهذا لاقدح فيه وأمّا خيانته لعباد إن بعثت فيحتمل أن يكون من جاء أو ظفرا أو

لأنه يرى اختلاف الآراء يوجب إباحة الأموال، وذلك أن عبادًا رماه ابن حبان بالدعاء/إلى القدر، فإن كان هذه المثابة كان عند بعضهم كافرًا، وأما تسويته الطنبور فهو قول مردود بما ذكره عثمان بن بريدة عنه قال: " دُعى شَهْر إلى وليمة وأنا معه، فدخلنا فأصبنا من الطعام، فلما سمع شهر المزمار وضع أصبعيه في أذنيه وخرج حتى لا يسمعه " وعلى تقدير صحته، فهو مذهب لأهل المدينة مشهور لا عيب فيه على من تعاطاه ممن يراه، وأمّا رميه بأنه سيأتي فإنما جاء على لسان من لا يعرف اسمه ولا حاله ولا غبنه، ومثل هذا لا يقبل خبره فكيف تفرده بما لم يأت به غيره من الأئمة؟ ولئن كان ما قاله صحيحًا فلا عيب فيه على من لا يدعو إليه، وأما ترك شعبة له فإنّما هو بسبب خيانته لعباد كما تقدّم مبينًا، وأما قول ابن عون فيه: تركوه فقد قيل فيه بالنون والزاي بمعنى طعنوه وهو الصحيح؛ لانا أسلفنا كلام الأئمة، وليس فيهم أحد تركه ولا صَرحَّ بذلك فبقى محمولًا على الطعن الذي بيّناه الذي لم يسلم غالبًا منه أحد، وأمّا قول السعدي فحمل على بغضه للشيعة وتعصّبه عليهم لفرط نَصبه، والله أعلم، وبنحو ما قلناه ذكره ابن القطان في كتاب الوهم والإِيهام فقال: لم أسمع لمضعفه حجة، وما ذكروه من تزينه بزي الجند وسماعه القنا بالآلات وفرقه بأخذ خريطة، فكذب عليه إما لا يصح وإما خارج مخرج لا يضره، وشر ما قيل فيه إنه يروي منكرات عن ثقات، وهذا إذا كثرت منه سقطت الرواية به، والله أعلم، وأما قول ابن دحية في كتابه العلم المشهور وأعظم جرحه أنه كان شرطيًا للحجاج، وليس كذلك ولئن كان إنّما كان عاملًا لابن المهلب ولئن عمل للحجاج حمل على جبره له كما جبر غيره، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق ليس فيها ليث، مشعرة بانقطاع ما بين شهر وأبي ملك بدخول واسطة بينهما، ولكنه غير ضار لثقته وعدالته رواها ابن أبي شيبة في مسنده عن محمد بن بشر عن سعيد عن قتادة عن شهر عن عبد الرحمن/بن عمر أنَّ أبا مالك جمع قومه، فذكره مطولًا. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: ثنا وكيع عن سفيان عن عبد

الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ثلاثا ثلاثًا " (1) هذا حديث مختلف في صحته وضعفه للاختلاف في حال ابن عقيل المذكور قبل، وقال الترمذي فيه: حسن، وفي حديث الزبير وسعد وطلحة والمطلب بن أبي أوفى وأبي مالك الأشعري المذكورين قبل رد لا أغفله الترمذي، حين تعداده الصحابة الذين رووا هذا المعنى، وكذا حديث المقدام بن معد يكرب (2) وابن عباس المذكورين عند أبي داود، والله أعلم، وحديث دليل بن حجر المذكور عند البزار- رحمه الله- وعبد الله بن جعفر المذكور عند الطبراني في-الأوسط، وقال: لم يروه عن إبراهيم إلا قتادة. تفرّد به الزبير، وحديث ذكره إبراهيم بن محمد بن عبيد في مسنده عن سهل بن إسماعيل النصبي، ثنا سهل بن رعلة الرازي، ثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي، ثنا تمام بن نحيح عن الحسن عنه: " توضأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فغسل يده ثلاثا؛ وتمضمض ثلاثًا " (3) الحديث. وحديث المغيرة بن شعبة عند الطبري في التهذيب. رواه عن أحمد بن محمد الطوسي، ثنا يعقوب بن محمد، ثنا أبيِ

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 16- باب الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/ 418) ورواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 34- باب ما جاء في الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/44) . من حديث علي. قال الترمذي: وفي الباب عن عثمان، وعائشة، والربيع، وابن عمر، وأبي أمامة، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية، وأبي هريرة، وجابر، وعبد الله بن زيد، وأبي بن كعب، وقال: حديث علي أحسن شيء في هذا الباب وأصح؛ لأنه قد رُوى هن غير وجه عن علي- رضوان الله عليه- والعمل على هذا عند عامة أهل العلم: أن الوضوء يُجزئ هرة هرة، ومرتين أفضل، وأفضله ثلاث، وليس بعده شيء. وقال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم. وقال أحمد وإسحاق: لا يزيد على الثلاث إلا رجل مبتلى. (2) قوله: " يكرب " وردت " بالأصل ": " كرب " والصحيح ما أثبتناه. (3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/230) من حديث البراء بن عازب نحوه، وعزاه إلى " أحمد " ورجاله موثقون.

عن صالح بن كيسان عن ابن شهاب، حدثني عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن أبيه، وحديث علي من طريق ابن إسحاق عن الحرث عنه، وحديث أبي أمامة من طريق سنان بن شعبة عن شهر عنه، وروى البغوي في حديث أبي أمامة أيضًا عن يزيد، ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن شهر سمع عنه، وحديث معاوية بن أبي سفيان قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ثلاثًا ثلاًثا، وقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي " (1) ثنا به المسند أبو محمد البصري- رحمه الله- أنا أحمد بن عبد الله القدوة، ثنا يوسف بن عبد الدمشقي، ثنا أبو طاهر الخشوعي، ثنا أبو القاسم عامر بن محمد بن عبد الله الرازي الحافظ قال: حدّثني أبو الحسن لم علي بن الحسن بن غيلان، ثنا أبو علي أحمد بن الحسن بن عبد الله المقري، ثنا عليّ بن محمد بن أبان المصري، حدّثني أبي عن علي بن حملة عن أبيه عبد الملك بن مروان، حدّثني أبو خالد حدثنى أمير المؤمنين معاوية به، وحديث أنس بن مالك قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، وخلّل لحيته مرتين أو ثلاثا ثم قال: هكذا أمرني ربي " (2) ثنا به المسند العلامة أبو الفرح المقري- رحمه الله تعالى- ثنا أبو الفضل الموصلي، ثنا عمر بن طراد، ثنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، ثنا عمر بن إبراهيم الخفاف، ثنا أبو الحسن محمد بن المظفر الحافظ البزار، ثنا أبو عبد الله أحمد بن الحسين عن يزيد الرقاشي عنه، ولما ذكره في الأوسط من حديث الزبير بن محمد، ثنا قتادة بن الفضيل الرهاوي، ثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن أنس بن مالك، قال: لم يروه عن إبراهيم إلا قتادة. تفرد به الزببر، وبنحوه قاله أبو الحسن في الأفراد، وحديث زيد بن ثابت، ثنا به المشايخ المسندون له، وعبد الله محمد بن إبراهيم وأبو يوسف يعقوب بن عوض بن عبد الله بن إبراهيم بن إسماعيل الشطبوقي قراءة عليه، ونحن نستمع، ثنا به

_ (1) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/231) من حديث بريدة بنحوها وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف. قلت: وعلى قول الهيثمي فالحديث ضعيف. (2) رواه ابن عدي (2: 561) بلفظ: " رأيت النبي توضأ وخلل لحيته ... ".

ثابت قراءة عليه، ثنا أبو الحسن المبارك بن الحسين المقري قراءة عليه، ثنا الحافظ أبو محمد الحسني بن محمد الخلال إملاءً، ثنا أبو يوسف القواس ثنا محمد بن إبراهيم بن فيروز الأنماطي، ثنا محمد بن عمر بن نافع، ثنا علي بن الحسين، ثنا مالك عن ربيعة عن ابن المسيب عن زيد وأبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دعا بماء فتوضأ مرة مرة فقال: هذا الذي لا يقبل الله الصلاة إلا به، وتوضأ مرتين مرتين وقال: هذا يضاعف الله الأجر مرتين، وثلاثاً ثلاثا وقال: هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي " (1) إن الشيخ الزاهد ضياء الدين الزرزاري المقري- رحمه الله- قرأه عليه وأنا أسمع، ثنا الشيخ نجيب الدين قرأه عليه عن اللبان والجمال، ثنا أبو علي، ثنا إيراهيم، ثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن أيوب، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني، ثنا أحمد بن حنبل سنة ثمان وعشرين/في المحرم، ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا شعبة الحريري عن أبي عائد يوسف السعدي، وأثنى عليه خيرًا عن يزيد بن البراء بن عازب: " قال وكان أميرًا لعمان وكان خير الأمراء قال: قال لي اجتمعوا فلأريكم كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ وكيف كان يصلي، فإني لا أدري ما قدر صحبة إياكم، فجمع بنيه وأهله، فدعا بوضوء فمضمض واستنشق، وغسل وجهه ثلاثًا، وغسل هذه اليد- يعني اليمنى- ثلاثاً، وغسل هذه- يعني اليسرى- ثلاثا، ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وغسل هذه الرجل- يعني اليمنى- ثلاثا وغسل هذه الرجل ثلاثاً- يعني اليسرى- ثم قال: هكذا أردت أن أريكم كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ " (2) ثم دخل بيته فذكر صفة الصلاة، وحديث معاذ بن جبل قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ واحدة واحدة، واثنتين اثنتين، وثلاثًا ثلاثاً، وغسل رجله غسلًا " (3) ذكره ابن شاهين عن عبد الله بن أحمد بن

_ (1) رواه ابن عدي (3: 146، 1147) بلفظ: " دعا النبي بماء فتوضأ واحدة واحدة ... ". (2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/230) وعزاه إلى احمد، ورجاله موثقون. (3) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/233) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه محمد بن سعيد المصلوب وهو ضعيف. والكنز (ح/17857) . قلت: وهو ضعيف.

إبراهيم المارستاني، ثنا روح بن عبد الرحمن البوشنجي، ثنا الهيثم بن ربيع أبو، المثنى العقيلي، ثنا الأصبع بن زيد عن سليمان بن الحكم عن موسى بن سعيد عن عبادة بن نستي عن عبد الرحمن بن غنم عنه، وحديث أبي أمامة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ ثلاثَا ثلاًثا، ومسح الساقين " (1) ، ورواه قاسم في كتاب الدلائل عن موسى بن هارون: نا يحيى الجمل، ثنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر عنه، وحديث أبي رافع. ذكره في الأوسط بلفظ: " ومسح برأسه وأذنيه، وغسل رجليه ثلاثًا " (2) وقال: لا يروى عن أبي رافع إلا بهذا الإِسناد، تفرد به الدراوردي- يعني عن عمرو- وثنا عمرو عن عبد الله بن عبد الله بن أبي رافع عنه. *** (1) حسن أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/230) وعزاه إلى الطبراني في' الكبير " من طريق سمع عنه، وإسناده حسن، وسمع ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: لا أدري من هو، ولا من أين هو، والظاهر أًله اعتمد في توثيقه على غيره. (2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/231) وعزاه إلى " البزار " والطبراني في " الأوسط " وله في " الكبير ": " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ثلاثا ثلاثا، ومرتين مرتين، ومرة مرة " ورجالهما رجال الصحيح. قلت: وللحديث شواهد صحيحة سبق أن ذكرناها، رواها البخاري في " صحيحه "، وابن عدي في " كامله ".

ما جاء في الوضُوءِ هرةً ومرتين وثلاثًا ثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، حدّثني مرحوم بن عبد العزيز العطار، حدّثني عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن ابن عمر قال: " توضأ / رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدة واحدة، فقال: هذا وضوء من لا يقبل الله منه صلاة إلا به، ثم توضأ اثنتين ثنتين، فقال: هذا وضوء العدد من الوضوء، وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال: هذا أسبغ الوضوء، وهو وضُوءئي ووضوء خليل الله إبراهيم، ومن توضأ هكذا ثم قال عند فراغه: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدَا عبده ورسوله، فتح له أبواب الجنة يدخل من أيها شاء " (1) هذا حديث جمع ضعفَا وانقطاعَا؛ أما الأولى: فأبو زيد عبد الرحيم بن زيد، قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال مرة أخرى: كذاب، وقال البخاري: يكره، وقال أبو داود والسمعاني: ضعيف، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال الجوزجاني: هو غير ثقة، وفي موضع آخر: متروك، وقال ابن عدي: يروى عن أبيه غير حديث منكر، وله أحاديث لا يتابعه الثقات عليها، وقال أبو حاتم الرازي: ترك حديثه، وفي العلل: متروك الحديث، وكذا قاله الدارقطني، وقال أبو زرعة: وله وأبوه زيد بن الحواري أبو الحواري، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، نكتب حديثه ولا نحتج به، وقال أبو زرعة: ليس بالقوي، واهي الحديث، ضعيف، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن معين: نكتب حديثه على ضعفه، وفي رواية: ليس بشيء، وقال الجُوزجاني: متماسك، وقال الدارقطني وأحمد: صالح، وقال

_ (1) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 17- باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثا، (ح/419) . وفي الزوائد: في الإسناد، زيد العمي وهو ضعيف. وعبد الرحيم متروك؛ بل كذاب، ومعاوية بن قرة لم يلق ابنَ عمر. قاله أبو حاتم في العلل، وصرح به الحاكم في المستدرك. ورواه ابن عدي في " الكامل ": (3/146، 1147) قوله: " أسبغ الوضوء " أي: أكمل جنس الوضوء. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/92) ، والضعيفة (ح/4735) ، والإرواء (ح/85) ، والتعليق والرغيب (1/98) .

ابن عدي: وعامة ما يرويه ويروى عنه ضعفاء، وهو علي بن شعبة، قد روى عنه، ولعلّ شعبة لم يرو عن أضعف منه، ولما سأل ابن أبي شيبة عليًّا عنه قال: كان ضعيفًا عندنا، ولما ذكر الحديث ابن طاهر في ذخيرة الحفاظ ضعفه هما، وذكره البيهقي في الخلافيات وقال: حديث غير ثابت، وقال أبو حاتم البستي: يروى عن أنس أشياء موضوعة، لا يجوز الاحتجاج بخبره، وقال الرشاطي: كان واهي الحديث، وأما الانقطاع فذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل: أنه سأل أباه عن هذا الحديث فقال: لا يصح هذا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسئل أبو زرعة عنه فقال: هو عندي/حديث واه ومعاوية بن قرة لم يلحق ابن عمر، قلت لأبي: فاٍن الربيع بن سليمان ثنا هذا الحديث من أسد بن موسى عن سلَّام بن سليمان عن زيد عن معاوية بن قرّة عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: هذا سلام الطويل، وهو متروك الحديث، وزيد هذا هو القمي، وهو ضعيف الحديث، وفي علل الدارقطني: رواه سلام، ثنا محمد بن الفضل بن عطية وعبد الرحمن عن زيد عن معاوية عن ابن عمر، ورواه أبو إسرائيل الملائي عن العمي عن نافع عن ابن عمر، ووهم فيه، والصواب قول من قال: عن معاوية بن قرّة، وقال فيه ابن حزم العطار: عن عبد الرحيم بن زيد عن أبيه عن معاوية بين قرّة مرسلًا، كذا ذكره، وحديث ابن ماجة يرد قوله- والله أعلم- وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق سالمة من هذين الضعيفين. ذكرها عبد الغني بن سعيد في كتاب إيضاح الإشكال فقال: ثنا أبو يعقوب يوسف الصنعاني بن محمد بن إبراهيم الديلي حدّثهم، ثنا إبراهيم بن عبد الرحيم، ثنا أبو بكر الكلبي عن مسعد بن إبراهيم عن معاوية فذكره، ولما ذكر الحاكم حديث أبي هريرة مرفوعًا: " توضأ مرتين مرتين " (1) قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، وشاهده الحديث المرسل المشهور عن معاوية بن قرة عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ مرة مرة ... " (2) الحديث بطوله، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق حسنة: ثنا

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 51- باب الوضوء مرتين، (ح/ 136) . قلت: وحسنه على قاعدة أبي داود التي صنف عليها كتابه " السنن ". (2) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 17- باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثا (ح/420) .-

جماعة من شيوخنا إجازة عن يوسف بن خليل، ثنا خليل بن أبي البرازتي (1) بقراءتي عليه، أخبركم أبو علي الحداد، ثنا الإِمام أبو نعيم بجميع كتاب حديث عبد الله بن دمن من الثقة، ثنا محمد بن أحمد بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا المسيب بن واضح، وثنا أبو محمد بن حيان، ثنا عبدان، وثنا أبو أحمد الحافظ، ثنا أبو عروبة الحزاني، وثنا محمد بن إبراهيم، ثنا أبو عروبة قالوا: ثنا المسيب بن واضح، ثنا جعفر بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر. المسيب روى عنه/جماعة منهم الروايات، وابن أبي داود وأبو عروبة والباغندي وتقي ابن مخلد سُئل عنه ابن أبي حاتم فقال: هارون كان يخطئ كثيرًا، فإذا قيل له لم يقبل، وقال أبو عروبة: كان لا يحدث إلا بشيء نعرفه نقف عليه، وقال أبو نصر هبة الله بن عبد الجبار بن فاخر بن معاذ الهجري: كان شيخًا جليلًا ثقة مرتفع الاتباع، وكان يخطئ، وقيل لعبدان: أيهما أحب إليك المسيب، أو إسماعيل بن عياش؟ فقال: كلاهما سواء، وكان عبد الرحمن النسائي حسن الرأي فيه، ويقول الناس: تفرّد وينافيه أي يتكلمون فيه، وقال ابن عدي: وهو ممن نكتب حديثه، وهو لا بأس به، ولما روى الدارقطني حديثه هذا عن دعلج عن الحسن قال: تفرد به عن جعفر المسيب، وهو ضعيف ولما ذكره البيهقي قال: وهذا الحديث من هذا الوجه ينفرّد به المسيب وليس بالقوي، وقال في المعرفة: المسيب غير محتج به، وروى من أوجه كلها ضعيفة، وقال الساجي: تكلّموا أنّ في أحاديثه مناكير؛ فلزم من مجموع ما تقدم ألا عيب فيه إلا الخطأ، وذلك مرفوع هنا لما سلف من متابعيه. حدّثنا جعفر بن مسافر، ثنا إسماعيل بن مَعْيبَ أبو بشر، ثنا عبد الله بن عَرَادة الشهيالي عن زيد بن الحَواري، عن معاوية بن قرة عن عبيد بن عمر عن أبي بن كعب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دعا بماء فتوضأ مرةً مرةً فقال: هذا وظيفة

_ في الزوائد: في إسناده يزيد، وهو العمي، ضعيف، ورواه الإِمام أحمد في مسنده عن أبي إسرائيل عن يزيد العمي عن نافع عن ابن عمر. قلت: وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/93) ، والإرواء (ح/85) . (1) قوله: " البزاراتي " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. كما وردت " بالأصل ".

الوضوء وقال: وضوء، من لم يتوضأه لم يقبل الله له صلاة، ثم توضأ مرتين مرتين ثم قال: هذا وضوء من توضأ أعطاه الله كفلِن من الأجر، ثم توضأ ثلاثَا ثلاثَا فقال: هذا وضوئي ووضُوء المرسلين قبلي " (1) هذا حديث قال فيه أبو الحسن الدارقطني في كتاب العلل الكبير: لم يتابع ابن غزوان عليه وأغض عن ذكره في سننه ولا إعضالَا به ممن قال فيه ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث وقال النسائي: ضعيف، وقال الحربي/في كتاب العلل: ابن عواده غير معروف، وقال ابن عدي: ما يرويه لا يتابع عليه، وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار، لا يجوز الاحتجاج به. وفي الباب أحاديث غير هذين؛ منها: حديث عائشة. ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل من تأليفه، فقال: سئل أبو زرعة عن حديث رواه عياش النوسي عن يحيى بن ميمون عن ابن جريج عن عطاء عن عائشة عن النبي- عليه السلام- في صفة الوضوء مرة مرة فقال: لا هذا الذي افترض الله عليكم، ثم توضأ مرتين مرتين فقال: من ضعف ضعف الله له، ثم أعادها الثالث فقال: هذا وضوؤنا معشر الأنبياء: قال أبو زرعة: هذا حديث واهي منكر ضعيف، وفي موضع آخر: " فمن زاد على ذلك فقد أساء " وقال أبو زرعة: ليس هذا أصل، وامتنع من قراءته علينا. ومنها حديث عكراش بن دلب اليمني الذي شهد مع عائشة الجمل فقال الأحنف: كأنكم به قد أتي به قتيلَا أو به جراحة لا تفارقه حتى يموت، فقرب ضربه على أنفه، فعاش بعدها مائة سنة وأثر الغربة به. ذكر ذلك في الإِسعاف الكبير؛ فعلى هذا يكون قول من قال: إن أبا الطفيل آخر من مات من الصحابة غير صواب؛ لتأخّر عكراش عن ذلك، قال الخطيب في ترجمة عبد الوهاب بن أبي عصمة: ثنا النضر بن طاهر، ثنا عبد الله بن عكراش، حدثني

_ (1) انظر: تخريج الحديث السابق ص 293.

أبي قال: قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مرة مرة وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به، وتوضأ مرتين مرتين وقال: هذا وسط من الوضوء " (1) . ولما ذكر ابن حبان عكراشا في كتاب الصحابة قال: غير أتي: لست بالمعتمد على إسناد خبره، والله أعلم، ومنها حديث أبي رافع المتقدم الذكر، ومنها حديث بريدة بن الخصيب ذكره الطبراني في الأوسط مرة حديث ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن ابن بريدة عن أبيه: " دعا عليه السلام بوضوء فتوضأ واحدة واحدة، وقال: هذا هو الوضوء الذي لا يقبل/الله الصلاة إلا به، وتوضأ مرتين مرتين ... " (2) الحديث. ثم قال: لا يُروى عن ابن بريدة إلا هذا الإِسناد. تفرد به محمد بن أبي السدي، وحديث زيد بن ثابت وأبي هريرة مرفوعَا، المذكورين عند ابن عساكر في مجموع الرغايب وقال: تفرد به علي بن الحسن الشّامي عن مالك، وحديث عبد الله بن زيد المذكور عند البغوي الكبير: " توضأ النبي مرتين مرتين " وروى عن شريح: ثنا فليح عن عبد الله ابن أبي بكر عن عبادة عنه، وحديث حسين بن زيد، قال عليه السلام: " الوضوء واحدة واحدة وثنتان وثلاثة، لا يحل زيادة، ولا تنقص من واحدة " (3) ذكره المديني من حديث عبد الرحمن بن حسلة عن حسين بن زيد الكندي عن ابن حبيب عن أبيه حبيب *** (1) رواه ابن عدي في " الكاهل ": (3/1102) . وتقدم في أكثر من موضع. (2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/226) وعزاه إلى " أحمد " ورجاله رجال الصحيح. (3) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، باب " 34 "، (ح/44) . وقد سبق التعليق عليه.

20- باب ما جاء في الفقه بلا توضؤ وكراهة التعدي فيه

20- باب ما جاء في الفقه بلا توضؤ وكراهة التعدي فيه حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو داود، ثنا خارجة بن مصعب عن يونس بن عبيد عن الحسن عن يحيى بن ضمرة السعدي عن أبي بن كعب، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن للوضوء شيطانا يقال له ولهان، فاتقوا وسواس الماءِ " (1) هذا حديث مختلف فيه؛ فممن صححه: الحافظ أبو بكر بن خزيمة وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الواحدي المقدسي؛ فذكر أنه من الأحاديث المختارة، وأبو عبد الله بن الربيع فذكر له شاهد ونبه على تفرد خارجة به، وكذلك قال الترمذي: هذا حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، لا نعلم أحدًا أسنده غير خارجة، وقد رُوى هذا الحديث من غير وجه عن الحسن في مستدركه، ولا يصح في هذا الباب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء، وخارجة ليس بالقوي عند أصحابنا، وقد ضعَّفه ابن المبارك، وبنحوه قاله ابن الجوزي وفي العلل لابن أبي حاتم عن أبيه، كذا رواه خارجة وأخطأ فيه، ورواه النووي عن يونس عن الحسن، ورواه غير الثوري عن يونس/عن الحسن أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه منكر وقال في موضع آخر: هو عندي منكر، وفي كتاب التاريخ لأبي حاتم وقال له الكَناني: روى هذا الحديث غير خارجة؟ فقال خارجة من رواة هذا (1) ضعيف جدا. رواه أبن ماجة (421) . ورواه الترمذي بهذا الإسناد، وقال: حديث غريب، ليس إسناده بالقوي عند أهل الحديث؛ لانَا لا نعلم أحدا أسنَده عن خارجة، وليس هو بالقوي عند أصحابنا. وضعفه ابن المبارك. وروى هذا الحديث من غير وجه عن الحسن. ورواه البيهقي في " الكبرى " (1/197) وابن خزيمة (122) وتلخيص (1/101) والمشكاة (419) وإتحاف (7/288) والمغني عن حمل الأسفار (3/37) والميزان (2397) والمتناهية (1/346) . وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 285 ح 1970) . قوله: " ولهان " مصدر " وله ". إذا تحيَر الشيطان لإلقاء الناس في التخير سُمى بهذا الاسم. و" وسواس الماء " أي: وسواس يفض إلى كثرة إراَقة الماء حاله الوضوء والاستنجاء، والمراد: التردد في طهارة الماء ونجاسته بلا ظهور علامات النجاسة.

الحديث، وهو متروك الحديث، ولا يرويه عن يونس غيره، وفيما قالوه نظر؛ لانا رأينا غير خارجة رواه أحمضا وأسنده؛ وهو محمد بن دينار الثقة برفع الباًس عنه عند ابن معين وأبي حاتم، الصدوق عند أبي زرعة، الحسن الحديث عند ابن عدي، قال الهيثم بن كليب في مسنده: ثنا أبو بكر بن أبي خيثمة، ثنا موسى بن إسماعيل المقري عن محمد بن دينار عن يونس ... فذكره مرفوعًا، ولنذكر من حال أبي الحجاج خارجة بن مصعب الضبعي الخراساني ما يبين أمره ويوضحه، وذلك أنه ممن ذكر البخاري أنّ وكيعًا تركه قال: وكان يدلس على غياث بن إبراهيم، ولا نعرف صحيح حديثه من سقيمه، وسئِل عنه ابن معين فقال: ليس نشئ، وقال مرة: ليس بثقة وقال أبو حاتم: مضطرب الحديث، ليس بقوي، نكتب حديثه ولا نحتج به مثل سلم بن خالد، لم يكن مخلّد محل الكذب، وقال أحمد: لا نكتب حديثه، وفي كتاب المروزي: سئل عنه فضعفه وقال: ما روى عنه ابن المبارك شيمًا في كتبه، فقال له ابن أبي ذر: حدّثنا حديثًا واحدًا، قال: وقد قالوا لابن المبارك فيه فقال: كيف أخذت عن رجل حدث بكذا لحديث منكر، وقال يحيى بن يحيى: هو مستقيم عندنا ولا ننكر من حديثه إلا ما كان يُدلس عن غياث، وإنّا كنّا نعرف تلك الأحاديث، وقال النسائي وابن خراش: متروك الحديث، وقال الدارقطني: هو وأخوه علي ضعيفان، وقال ابن عدي: وهو ممن نكتب حديثه، وعندي أنّه إذا خالف في الإسناد أو المتن فإنّه يغلط ولا يتعمّد الكذب، وإذا روى حديثًا منكرًا فيكون دلَيلًا ممن روى عنه، فيكون ضعيفًا، وقال ابن أبي شيبة: سألت عليًا عنه فقال: هو عندنا ضعيف، وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به،/وفي كتاب الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: ضعيف، وفي موضع آخر: سألت أبا داود عنه فقال: ليس بشيء، وذكره العُقيلي والبلخي ويعقوب بن سفيان في الضعفاء، وقال الساجي: كان مذهبه الإرجاء، تركه وكيع فتبيّن بمجموع ما ذكر أنّ الصواب قول من ضعف الَحديث بخارجة وممن صححّه بوجوه وتفرده على ما زعم لا عذر له، وأنّ الحديث الذي أورده الهيثم صحيح الإِسناد، والله أعلم. حدّثنا علي بن محمد، ثنا خالي يَعْلِي عن سفيان عن شيخي موسى بن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب

عن أبيه عن جذه قال: " جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن الوضوء فأراه ثلاثَا ثلاثَا ثم قال: هذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء- أو تعدى أو ظلم- " (1) أخرجه أبو داود في باب: ما تفرد به أهل الطائف بلفظ: " أن رجلَا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفّيه ثلاثَا، ثم غسل وجهه ثلاثَا، ثم غسل ذراعيه ثلاثَا ثم مسح برأسه وأدخل أصبعيه السبابتين في أذنيه ماسح بإبهامه ظاهر أذنيه وبالسبابتين باطن أُذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثَا، ثم قال: هكذا الوضوء " (2) هذا حديث أخرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة (3) في صحيحه عن يعقوب بن إبراهيم الدوري، ثنا الأشجعي عن سفيان ثم قال: لم يوصل هذا الخبر غير الأشجعي ويعلي، وأخرجه أيضَا ابن الجارود في المنتقى، وإسناده صحيح إلى عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص أبي إبراهيم، وحاله مختلف فيها على أربعة: هل هو ثقة أم لا؟ وهل حديثه متصل أم لا؟ فأما الأول: فذكر ابن معين أنه ثقة في نفسه بما يلي بكتاب أبيه عن جدّه، وقال أبو الفتح الأزدي: سمعت عدة من أهل العلم بالحديث يذكرون أنّ عمرَا فيما روى عن ابن المسيب وغيره فهو صدوق، وما رواه عن أبيه عن جدّه يجب التوقّف فيه وقال النسائي: سمعت ابن راهويه يقول:/عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عندنا عدل، إنما دخل حديثه الوهن لرواية الضعفاء عنه، وقد روى عنه جماعة من الأئمة، قال أبو عبد الرحمن: وهو لا بأس به وسئل أبو حاتم عمرو أحب إليك أو بهز عن أبيه عن جدّه، قال: عمرو عن أبيه عن جده أحب، إلي، وسأله الكناني عن حديث عمرو عن أبيه عن جده

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهور، 18- باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه، (ح/422) . وكذا صححه الشّيخ الألباني (2) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 50- باب " الوضوء ثلاثا ثلاثا، (ح/ 135) . (3) صحيح. رواه النسائي (1/ول) وابن خزيمة. والمجمع (1/231) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وله في الصحيح حديث غير هذا، وفيه سويد بن عبد العزيز، ضعفه أحمد ويحيى وجماعة ووثقه دحيم. والبيهقي (1/79) وشرح السنة (1/445) والمعاني (1/36) . فلت: وما ذكره الهيثمي شاهد صحيح لرواية النسائي؟ فعلى هذا فالحديث صحيح.

فقال: يكُتب ما روى عنه الثقات، ولا نحتج به، وفي رواية: وسئل عنه أيضَا فقال: ما شأنه؟ وغضب وقال: ما أقول فيه؟ روى عنه الأئمة، وفي رواية يحيى بن منصور: نكتب حديثه، وفي كتاب الطبقات لمحمد بن عبد الله البرقي: قال لي ابن معين: كان عمرو ثبتَا وقال العجلي: هو ثقة، وقال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله والحميدي وإسحاق بن إبراهيم وأبا عبيد وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو عن أبيه عن جده، وقال أحمد بن تميم: قلت لمن يتكلم فيه: تقول ماذا؟ قال: يقولون عما كثر أو نحو هذا، وقال الدارقطني: لم يترك حديثه أحد من الأئمة، إذا بين جدّه فهو صحيح، وقال أبو زرعة: مكي كانه ثقة في نفسه، إنّما تكلم فيه بسبب كتاب كان عند النسائي، قال أبو أيوب السختياني: كنت إذا أتيته غطيت رأسي حياء من الناس، وقال الليث: عليك بطاوس ومجاهد ودعني من حواليك عمرو بن شعيب وبلال ومالك، روى عن رجل عنه، وفي سؤالات الميموني سمعت أحمد يقول: عمرو له أشياء مثال، وإّنما نكتب حديثه ليعتبر أن يكون حجة فلا، وقال يحيى بن سعيد: حديثه عندنا واهٍ، وقال أحمد: وأنا أكتب حديثه، وربّما احتججنا به، ورّبما وقع في القلب منه شيء، وله مناكير، وفي رواية: ليس بحجة، وفي هذا معارضة لما ذكره البخاري، قيل: وقال أبو حاتم: ليس بقوي، نكتب حديثه، وما روى عنه الثقات فيذاكر به، وفي رواية ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: ليس بذاك، وقال الآجري: سألت أبا داود: عمرو عندك حجة: قال: لا، ولا نصف حجة، ومن موضع آخر قال أبو داود عن أحمد: أصحاب الحديث إذ شاءوا./احتجوا بحديث عمرو عن أبيه عن جدّها وإذا شاءوا تركوه، وقال ابن عدي: أحاديثه عن أبيه عن جدّه احتمله الناس مع احتمالهم إيّاه، ولم يدخلوه في صحيح خرجوه وقالوا: هي صحيفة، ولما ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء قال: قال سفيان بن عيينة: غيره خير منه، وفي كتاب ابن أبي حاتم عنه: وكان حديثه عند الناس فيه شيء، وقال أبو عمرو بن العلاء: كان قتادة وعمرو بن شعيب لا يُعاب عليهما شيء إلا أنّهما كانا لا يسمعان شيئَا إلَّا حدّثا به، وفى كتاب الساجي: ثنا ابن المثنى، ثنا حماد بن سلمة عن حمير قال: الناس يتهمون

عمرًا في حديث رواه عن أبيه عن جدّه عن عمر بن الخطاب أن النبي- عليه السلام-: " قضى في موالي المرأة لعصبتها دون ابنها " (1) وذكره البرقي في كتاب الطبقات في باب من ينسب من الثقات إلى الضعف. الثالث: قال البخاري في تاريخه الكبير: شعيب بن محمد سمع عبد الله بن عمرو سمع منه ابنه عمرو، وقال أبو عاصم: عن حَيوة عن زياد بن عمرو سمع شعيب بن محمد سمع عبد الله بن عمرو، قال البخاري: إنّما أردنا هذا أن شعيبًا سمع من عبد الله، وقال أبو صغير أحمد بن سعيد الدارمي عمرو ثقة، روى عنه الذين نظروا في الرجال، واحتج أصحابنا بحديثه، وسمع أبوه من عبد الله بن عمرو، وقال أبو الحسن البغدادي، رأى شعيب عبد الله وقال في كتاب السنن قال محمد بن علي الوراق: قلت لأحمد بن حنبل: عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئًا؟ قال: يقول حدّثني أبي قلت فأبوه سمع من ابن عمرو، قال: نعم أرَاهُ قد سمع منه، قال: وسمعت أبا بكر النيسابوري، يقول: هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو ابن العاص، وقد صح سماع عمرو من أبيه شعيب، وسماع شعيب من جدّه عبد الله، وبنحوه قاله ابن سرور، وأمّا قول البيهقي في المعرفة: لا نعلم خلافًا بين أهل العلم في سماع عمرو من أبيه، وإنّما الخلاف في سماع جدّه عبد الله، وقد ذكرنا في مسألة (2) الجماع في ما دلّ على أبيه، سماع شعيب من عبد الله بن عمرو، وما يذكره بعد من الخلاف/، رد عليه قوله، والحمد لله وحده. الرابع: ذكر العقيلي عن يحيى حديث عمرو كتاب، إنما هو عمرو ابن شعيب بن محمد بن عبد الله وهو يقول: أبي عن جدّي عن النبي فمن هنا ضُعّف أو نحو هذا، وقال الدارمي عنه: إذا حدّث عمرو عن أبيه فهو كتاب وفي كتاب الطبقات للبرقي: كانوا يرون ما روى عن أبيه عن جدّه، وقال أبو

_ (1) ضعيف. رواه البيهقي في " الكبرى ": (7/264) . (2) قوله: " مسألة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

زرعة: إنّما أنكروا عليه أنه روى صحيفة كانت عنده، وكان مغيرة بن مقسم لا يعباً بصحيفة عمرو، وقال: ما يسرني أن صحيفته عندي بتمرتين أو بفلسين، وفي كتاب الساجي، عن أبيه عن جده لا حجة فيه، وليس هو بمتصل، وهو ضعيف من قبل أنه مرسل، وجدّ شعيب كتب عبد الله بن عمرو فكان يروى عن جدّه إرسالًا، وهي صحاح عن ابن عمرو، غير أنه لم يسمعها، وفي تاريخ ابن أبي خيثمة الأوسط: سئل يحيى عن حديث عمرو عن أبيه عن جدّه فقال: ليس بذاك قال: وسمعت هارون بن معروف يقول: لم يسمع عمرو من أبيه شيئًا إنما وجده في كتاب، وبنحوه قاله الترمذي: وقال الترمذي: وقال ابن حازم في كتاب الثقات: شعيب يروى عن ابن عباس، روى عنه ابنه عمرو، ويُقال أنه سمع جدّه عبد الله، وليس ذلك بصحيح عندي. حدثنا أبو إسحاق الشّافعي إبراهيم بن محمد بن العباس، ثنا سفيان عن عمرو سمع كريبًا سمعت ابن عباس يقول: " بت عند خالتي ميمونة فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتوضأ من سنة وضوءً أتعلله، فقمت فصنعت كما صنع " هذا حديث أخرجه الشيخان (1) في صحيحيهما مطولًا بذكر العدل وغيرها، وسيأتي طرف منه بعد- إن شاء الله تعالى- وميمونَةُ هي بنت الحرث بن حَزْن بن بحير بن الهُزَم بن رُوبية بن عبد الله بن هلال أخت لبابة الكبرى أم ابن عباس، ولبابة الصغرى أم خالد وعَصْماء وعن هُزَيلة لأب وأم، وأخواتها لأمها أسماء وسلمى وسلامة بنات عُمَيس، تزوجها- عليه السلام- بسرف وهو محرم، وقيل. وهو حلال في شوال سنة سبع وبنى بها به وتوفّيت به سنة/ثلاث وقيل. ست وستين وقيل: إحدى وخمسين وقيل: اثنين وخمسين، وضعفها ابن عساكر خلا الحادي والخمسين، وقيل: سنة ثمان وثلاثين، ذكره البكري

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (العلم، باب " 41 " والوضوء باب " 5 " والأذان باب " 57، 59، 161 "، وتفسير صورة 3/17، 18، واللباس باب " 71 " والأدب باب " 118 "، والتوحيد باب " 27 "، ومسلم في) المسافرين، ح / 181، 182، 184، 189، 192، 193) والنسائي في (الإمامة، باب " 22 " (، والتطبيق باب " 63 ") وابن ماجة 3 / 423) :

أبو عُبيد، وهي آخر زوجة تزوجها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثنا محمد بن المصفي الحمصي، ثنا بقية عن محمد بن الفضل عن أبيه عن سالم عن ابن عمر قال: " رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا يتوضأ فقال: لا تسرف لا تغرف " (1) هذا حديث إسناده معلل بأمور؛ منها بقية بن الوليد بن صائد بن كعب بن جرير الكلاعي الحميدي المتيَّمي، وإن كان مسلم قد خرج له حديثًا في صحيحه واحدًا في كتاب النكاح، واستشهد به البخاري في باب: من أخف الصلاة، وصحح له الترمذي أحاديث، وقال ابن المبارك في خارجة: كان صدوقًا، ولكنه كان يكتب عمن أقبل وأدبر، وقال ابن معين: كان شعبة مبجلا لبقية حيث قدم بغداد، وقال أبو زرعة: ما له عيب إلَا كثرة روايته عن المجهولين، فأما الصدق فلا يؤتى من الصدق، إِذا حدّث عن الثقات فهو ثقة، وقال يعقوب: هو ثقة إذا حدث عن المعروفين، وحدّث عن قوم متروكي الحديث وعن الضعفاء ويحيل عن أسمائهم إلى كناهم، وعن كناهم إلى أسمائهم ويحدث عمن هو أصغر منه، وقال محمد بن سَعْد: كان ثقة في روايته عن الثقات، ضعيفَا في روايته عن الضعفاء، وقال النسائي: إذا قال: ثنا فهو ثقة، وإذا قال عن فلان فلا يؤخذ عنه لأنه لا يدري عمن أخذه، وقال العجلي: هو ثقة فيما روى عن المعروفين، وما روى عن المجهولين فليس بشيء، وعن عبد الله بن أحمد قال: سمعت عطية يقول: أنا عطية بن بقية أحاديث بقية، فإذا مات عطية ذهب حديث بقية، وذكر الحازمي أنه ثقة في نفسه، وإذا روى عن المعروفين فمحتج به، فقد قال ابن عيينة: وسئل عن حديث فقال: أنا أبو العجب أنا بقية ابن

_ (1) صحيح وإسناده ضعيف. رواه عقيلي (4 / 16) بلفظ " رأى النبي يتوضأ فأنكر ذلك ... " ورواه ابن ماجة (406) في الزوائد: إسناده ضعيف. بقية مدلّس. وهو أحد الأئمة الحفاظ، يروى عمن دب ودرج، وله غرائب تستنكر أيضا عن الثقات لكثرة حديثه. قال ابن خزيمة: لا أحتج ببقية، وقال أحمد بن حنبل: له مناكير عن الثقات. وقال ابن عدي: لبقية أحاديث صالحة، ويخالف الثقات واذا روى عن غير الشاميين خلط كما يفعل إسماعيل بن عياش. وقال كير واحد: كان يدلس عن قوم متروكين. قلت: وللحديث شاهد صحيح، وطرق رفعت درجة الحديث إلى الصحيح مع ضعف إسناده.

الوليد، ثم قال: لا تسمعوا من بقية ما كان في سُنة، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره، وقال/أبو مسهر: بقية ليست أحاديثه نقية فكن منها على تقية، وقال أحمد بن حنبل: إذا حدّث عن قوم ليسوا بمعروفين فلا تقبلوه، وقال أبو حاتم: نكتب حديثه ولا نحتج به، وفي سؤالات السلمي للدارقطني: وأخرج البخاري عن بقية، وبهز اعتبارا قال: لأن بقية يحدث عن الضعفاء وبهز متوسط، وقال ابن عدي: يخالف في بعض رواياته الثقات، وإذا روى عن أهل الشام فهو ثبت، وإذا روى عن غيرهم خلط، وإذا روى عن المجهولين فالعهدة منه لا منهم، وهوْ صاحب حديث، وفي الخلافيات لأبي بكر في أثناء كلام له: كيف وقد أجمعوا على أن بقية ليس بحجة؟ انتهى. وهو كلام يحتاج إلى تأويل وصرف عن ظاهره، وقال أبو حاتم ابن حبان: سمع من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة، ثم سمع من أقوام كذابين عن شعبة ومالك فروى عن الثقات بالتدليس ما سمع من الضعفاء، وكان أصحابه يفعلون ذلك، ولا نحتج به، وفي كتاب العقيلي عن بقية قال: ذاكرت حماد بن زيد بأحاديث فقال: ما أجود أحاديثك لو كان لها أجنحة، يعني: أسانيد، وقال وكيع: ما سمعت أحدا أجرأ على أن يقول: قال النبي- عليه السلام- من بقية، وقال أبو عبد الله: وما سمعته يتناول أحدا إلا بقية، ولما ذكره الساجي في كتاب الضعفاء قال: فيه اختلاف. الثاني: محمد بن الفضل بن عطية العَبسي أبو عبد الله المروزي، قال فيه ابن معين: ليس بشيء، ولا نكتب حديثه، وفي رواية: أنه كان له أبا، وفي رواية: حديثه حديث أهل الكذب، وقال الجوزجاني: كان كذابا، سألت ابن حنبل عنه فقال: ذاك عجب يأتي بالطّامات، ولم يرضه، وهو صاحب حديث ناقة (1) ثمود، وبلال المؤذن، وقال ابن المديني: روى عجائب، وضعفه، وقال النسائي ومسلم: متروك الحديث، وقال صالح بن محمد: كان يضع الحديث، وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: متروك الحديث، وقال مرة:

_ (1) قوله: " ناقة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

كذاب، وقال أبو بكر: قلت له- يعني الدارقطني- عنه قال: متروك، وقال ابن أبي حاتم: ثنا محمد بن يحيى، أخبرني صالح بن الضريس يقول لعمر بن عيسى وحدث عن محمد بن الفضل فقال الحراء: نهيت عن هذا الكذاب/ وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه فقال: ليس بشيء، وقال الآجريّ: سألت أبا داود عنه فوهاه، وقال عمرو بن علي: متروك الحديث كذاب، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: ذاهب الحديث، ترك حديثه، وقال عبد السلام بن عاصم: سمعت إسحاق ابن سليمان يسأل عن حديث من حديثه فقال: تسألوني عن حديث الكذابين؟ وقال ابن راهوية: قال ليحيى بن يحيى: كتبت عن محمد بن الفضل ثم مزّقته، قلت: كان أصلهُ، قال إسحاق: وكان أبوه ثقة، وقال ابن عدي: وله غير ما ذكرت من الحديث، وعامة حديثه ما لا يتابعه عليه الثقات، وقال أبو موسى المديني: ومحمد هذا ممن لا يُرتاب في تركه، وكان أبو بكر بن أبي شيبة شديد الحمل عليه، وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتب حديثه إلا على سبيل الاعتبار، وقال الدارقطني: ضعيف، ونحوه. وقاله الفسوي في تاريخه الثالث: أبوه فضل بن عطية، وإن كان ابن حبان وابن معين قالا فيه: ليس به بأس قال أبو زرعة: ووثقه أبو داود لما سأله عنه الآجري، وابن حبان ذكره في كتاب الثقات، فقد قال فيه: يعتبر حديثه من عند رواية ابنه عنه؛ لأن ابنه في الحديث ليس بشيء، وقال عمرو بن علي وأبو أحمد بن عدي: ضعيف، ذكره في كامله من حديث ابن الفضل عن ابنه عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يتعوذ بالله من وسوسة الوضوء " (1) فخالف هذه الرواية في الإسناد واللفظ. حدّثنا محمد بن حيي، ثنا قتيبة بن لهيعة عن جرير بن عبد اللَه المغافري عن أبي عبد الرحمن الحلي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مرّ على سعد وهو يتوضأ فقال: ما هذا السرف قال: أفي الوضوء إسراف؟ قال: نعم، وإن كنت على نهر جار " (2) هذا حديث إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة

_ (1) راجع: (ح/421) من سنن ابن ماجه، والحديث ضعيف جدا. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/94) . (2) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 48- باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه، (ح/425) . وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/96) ، والإرواء (ح/140) ، والمشكاة (ح/427) والرد على بليق (ح/98) .

وحسين بن عبد الله- أي عبد الله المغافري/المصري- قال فيه أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير، وقال البخاري: فيه نظر، ولما ذكره ابن عدي قال: أرجو أنه لا بأس به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء، ولما ذكره الساجي قال: عنده مناكير، وقال ابن معين: لا بأس به، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وفي هذا المعنى حديث إسناده صحيح رواه أبو حاتم البُستي في صحيحه من حد الجريري عن أبي الولاء قال: سمع عبد الله بن مغفل ابنا له وهو يقول: " اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال: يا بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النّار، فإني سمعت النبي- عليه السلام- يقول: إنه سيكون في هذه الأمهَ قوم يعتدون في الطهور في الدعاء " (1) ثم قال: سمع هذا الخبر الجريري عن يزيد بن عبد الله ابن الشخير وأبي نعامة العدوي، فالطريقان جمعيا محفوظان، وحديث أبي نعامة المشار إليه، روى ابن ماجة حديثه في كتاب الدعاء مقتصرا على ذلك، ورواه أبو داود مطولا في كتاب الطهارة، وحديث عمران بن الحصين. ذكره البيهقي في كتاب السن، وحديث ذي مخبر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ وضوء لم يلبث منه التراب " (2) ، ذكره البرقي في تاريخه، ورواه آدم عن ابن جرير، ثنا يزيد بن صالح عنه، وحديث أبي كاهل: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا كاهل ضع الوضوء منك مواضعه وأبق فضل وضوئك لأهلك لا تعطش أهلك ولا تشق على خادمك " (3) . رواه أيضا عن آدم، ثنا الهيثم بن عمار عن أبي كبير عنه، وحديث أبي الدرداء. ذكره أبو عبيد في كتاب الطهور فقال: ثنا أبو أيوب ونعيم بن حماد عن وابصة، ثنا أبو بكر بن أبي مريم قال: قال أبو أيوب عن شريح بن عبيد، وقال نعيم عن حبيب عن ابن أبي عبيد عن أبي الدرداء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه مر بنهر فنزل وأخذ شنًا فملأه من الماء يريحا/عنه، فتوضأ

_ = وفما الزوائد: إسناده ضعيف، فيه حمي بن عبد الله وابن لهيعة. (1) رواه ابن حبان: (8/269) . (2) قوله: " ذكره " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) ضعيف جدا، أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/233) وعزاه الطبراني في " الكبير " وفيه الهيثم بن جماز وهو متروك. ولفظه: " يا كاهل ضع الطهور مواضعه وأبق فضل طهورك لأهلك لا تعطش أهلك ولا تشق على خدمك ".

ففضل من ذلك الماء، فرده إلى النهر وقال: يبلغه الله- عز وجل- أنسانا أو دابة وأشباهه ينفعهم الله تعالى " (1) وذكره أبو إسحاق بن إبراهيم بن محمد بن عُبيد في مسند أبي الدرداء ولما ذكر ابن أبي حاتم هذا الحديث في العلل قال: قال ابن حبيب عن أبي الدرداء مرسل، وحديث أنس بن مالك قال عليه السلام: " لا خير في صب الماء " وقال: " إنه من الشيطان " يعني صب الماء، ذكره أبو نعيم في تاريخه (2) من حديث محمد بن جعفر الزركاني، ثنا سعد بن ميسرة. الشيطان اشتقاقه من قولهم: دار شطون، ونوى شطون أي بعيدة، قال نابغة بني شيبان: فأصبحت بعد ما وصلت ... بدارٍ شَطُون لا تُقاد ولا تعودُ معنى تباعده من الخير وتكون لغيه وهلاكه، أخذ من قولهم: قد شاط الرجل يشيط إذا هلك قال الأعشى: قد تطعن العير في مكنون قابله ... وقد يشيط على أرماحنا البطل أرادوا: قد هلك على أرماحنا. ذكره ابن الأنباري وأبو القاسم الزجاجي، وقوله: ثنا- أي في الأدب- بتركه السنة والتأدب بآداب الشّرع، وظلم نفسه بما نقصها من الثواب بتردد المَرات في الوضوء، وقيل: ظلم، جاوز الحد وتعمد يحتمل أن يزيد من نقصان العضو، والشنّة كل وعاءٍ من أدم خلق، والجمع الشنان وقد تشأن إذا أخلق، قال أبو عمر: الشنن قطران الماء من الشنن شيء يعني وهو الشنتين قال الشاعر: يا من له مع دائم الشنن وفي الصحيح تقييده الشنة بالصغيرة

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/220) مختصرا من حديث أبي الدرداء، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه أبو بكر بن أبي هريم، وهو ضعيف. والمجروحين (3/147) . قلت: والشن: الوعاء هن الجلد. (2) ضعيف رواه أبو نعيم في: " أخبار أصفهان " (2/92) وابن عدي في " الكاهل " (3/

21- باب ما جاء في إسباغ الوضوء

21- باب ما جاء في إسباغ الوضوءِ حدّثنا أحمد بن عَبدة، ثنا حمّاد بن زيد، ثنا موسى بن جهضم، ثنا عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس قال: " أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسباغ الوضوء " (1) هذا/حديث وهم ابن ماجة في موضعين منه: الأول: قوله: موسى بن جَهْضَم، وإنّما هو موسى بن سالم. الثاني: قوله: موسى بن عبيد الله بن عبد الله، وإنما هو عبد الله بن عبيد الله وذكر ذلك أبو عيسى حين أخرجه عن أبي كريب: ثنا إسماعيل بن إبراهيم، ثنا موسى بن سالم- أبو جهضم- عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبدا مأمورًا، ما اختصّنا دون الناس بشيء إلا بثلاث: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا ناكل الصدقة، وأن لا نترى حمارا على فرس " (2) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وروى سفيان الثوري عن أبي جَهْضَم: فقال عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، وسمعت محمدا يقول: حديث الثوري غير محفوظ، وهم فيه الثوري، والصحيح ما روى إسماعيل ابن علية وعبد الوارث. عن أبي جَهْضَم عن عَبد الله بن عُبَيد الله وكذا سمّاه النسائي في كتاب الكنى: عن قرّة بن خالد وأبو بشر الدولابي ومسلم بن الحجاج وأبو حاتم الرازي وأبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستغفار، وقال ابن عساكر: قال ابن ماجة:

_ (1) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/237) من حديث ابن مسعود، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عثمان بن صفوان وتقدم في موضع قبل ذلك بلفظ: " أسبغوا الوضوء " والحديث صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/26) وأبو داود في (الطهارة، باب " 46 ") والنسائي في (الطهارة باب " 105 ") وابن ماجة (450) وأحمد (2/164، 169، 193) والبيهقي (1/69، 2/89) وإتحاف (2/4) والتاريخ الكبير للبخاري (4/ 248) وابن كثير (3/50) والطبري (6/85) وابن أبي شيبة في " مصنفه " (1/26) . (2) صحيح. رواه أبو داود (في الصلاة، باب " 127 ") والترمذي (ح/1701) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (الخيل، باب " 10 "، والطهارة باب " 105 ") وأحمد في " المسند " (1/225، 232، 249) .

موسى بن جهضم، وهو وهم، وأخرجه في ترجمة عبد الله بن عبيد الله، وأخرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن ابن عبدة- شيخ ابن ماجة- قال: ثنا حماد بن زيد عن موسى بن سالم عن أبي الجَهْضم قال: حدثني عبد الله بن عبيد الله، ثم أخرجه ابن علية عن موسى بن سالم عن عبد الله بمثله، وزاد، قال موسى: يلقب عبد الله بن حسن، فقلت: إن عبد الله بن عبيد الله حدّثني بكذا وكذا فقال: إن الخيل كانت في بني هاشم قليلة، فأحب أن تكثر فيهم، فسنن بمجموع ما أسلفناه أن الوهم من صاحب الكتاب لا من غيره من شيوخه، وإن كان ابن أبي حاتم ذكر في كتاب العلل عن أبيه إنما هو عبد الله بن عبيد الله أخطأ فيه حماد قال: وقالا جمعيا: رواه حماد بن زيد وعبد الوارث ومرجا/ فقالوا كلهم: عن أبي جهضم عن عبد الله بن عبيد الله، وهو الصحيح، فقد بينّا رواته حماد وابن عبدة على الصواب، وأن الراوي رواه عن مسرد عن حماد فقال عبيد الله بن عبد الله، ورواه الترمذي أيضًا من حديث أيوب عن أبي قلابة عنه مطولًا ثم قال: وقد ذكروا بين أبي قلابة وابن عباس في هذا الحديث رجلًا، وهو جلد بن الجلاح، قال: وهو حديث حسن غريب. حدثنا أبو شيبة، ثنا محيى بن أبي بكير، ثنا زُهير بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا ويزيد به في الحسنات، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة " (1) هذا حديث إسناده ضعيف بعبد الله بن عقيل المتقدم الذكر. حدّثنا يعقوب بن حميد بن حاسب، ثنا سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " كفارات الخطايا: إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد " (2) هذا

_ (1) صحيح، وإسناده ضعيف. هـ (427، 776) - حم في " المسند " (2: 277، 3: 3) - والدارمي (1: 177) - ك (1: 191) - مجمع (2: 36، 292، 133) - كنز (43200، 43292، 43325) ، خزيمة (177، 307) - ترغيب (1: 285- طب 162) . (2) صحيح وإسناده ضعيف. قلت: وقد صححه الشيخ الألباني في " الإرواء " =

حديث إسناده حسن؛ للاختلاف في حال كثير؛ فإنه ممن صحح له الترمذي حديثا، ورواه أبو عاصم النيل عن الثوري عن عبد الله بن أبي بكر عن ابن المسيب عن أبي سعيد برفعه: " ألا أدلكم على شيء يكفر الخطايا ويزيد في الحسنات ... " (1) فذكره، وفيه: " إذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم " (2) وعاصم بن عدي أبو الدرّاج، وفي الحديث زيادة: " وسدوا الفُرج، وإذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد، آخر صفوف الرجال المقَدم " وفيه: " يا معشر النساء إذا سجد الرجال فاخفضن أبصاركن " قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: قال أبي: هذا وهم، إنما هو الثوري عن ابن عقيل، وليس لعبد الله بن أبي بكر معنى، وخرَج ابن خزيمة له حديثًا في صحيحه، وقال ابن معين: ثقة، ومرة: ليس بشيء، ومرة/: ليس بذاك القوي، ومرّة: صالح، وقال محمد بن عبد الله بن عمار: ثقة، وذكره النسائي في الثقات، وقال النسائي: ضعيف، وقال أبو زرعة: لين، وأمّا الوليد بن رباح بن عاصم بن عدي أبو البراح الدوسي المديني مولى ابن أبي ذئاب، فقال عبد الرحمن: سئل أبي عنه، فقال: صالح، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وسفيان، ووصفه أبو زرعة الصدق، وقال أبو حاتم: وأغفل ذكره ابن سرور، ولا ينبغي له ذلك، وهو في صحيح مسلم عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ألا أخبركم بما يمحُ اللهُ به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط" (3) ولما ذكره ابن منده في صحيحه قال: هذا صحيح على شرط

_ = (ح/428) - مجمع (2: 37) وعزاه إلى أحمد، ورجاله فيهم من له يسم. (1) رواه ابن حبان (417) عقيلي (ط: 223) . (2) صحيح. رواه النسائي (3/42) ونصب الراية (1/313) والمنثور (5/294) وابن حبان (417) والكنز (20607) وابن أبي شيبة (1/379) . (3) صحيح. ن الطهارة ب 106- حم 2: 303- هق 1: 82- تجويد 348- منثور 3: 114 كثير 2: 170- سنة 1: 320- بغوي 1: 472- مسير 1: 533 إتحاف 2: 374- حبيب ا: 24- أبو عوانة 1: 231. وروى الحديث بلفظ: " ألا أدلكم ما يمحو الله به ... ".

الجماعة، إلا البخاري؛ فإنه لم يخرج في كتابه عن العلاء إلا استشهادا، وقد روى هذا الحديث عن العلاء جماعة؛ منهم: شعبة ومحمد وإسماعيل بن جعفر والدراوردي ونَهْر بن حمد وحفص بن ميسرة وسعيد بن سلمة بن أبي الجشام، وكل مقبول عندهم. انتهى. وما ذكره فيه فعلى من حيث زعم أنّ البخاري استشهد له، وذلك قول لم أره لغيره، والله أعلم، وفي المستدرك من حديث صفوان بن عيسى: ثنا الحرث بن أبي ذئب عن ابن المسيب عن علي، قال عليه السلام: " إسباغ الوضوء على المكاره وإعمال الإِقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا " (1) . قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وذكر في الأوسط من حديث علي بن زيد عن المسيب عنه: " من أسبغ الوضوء في البرد الشديد كان له من الأجر كِفْلان " (2) وقال: لم يروه عن علي / إلا أبو حفص العبدي- واسمه عمر بن حفص- وفي كتاب النحوي للخطيب البغدادي من حديث عبد الله بن موسى عن الربيع بن حبيب عن نوفل بن عبد المالك عن أبيه عنه: " نهاني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النظر في النجوم، وأمرني بإسباغ الوضوء " (3) ومن حديث المقدسي: ثنا هارون بن مسلم، ثنا القسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن محمد بن علي عن أبيه عن علي بنحو هذا، وفى صحيح ابن خزيمة: ثنا محمد بن عبد الله بن أبي صفوان، حدّثني أبي، ثنا سفيان عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله- وهو ابن مسعود- عن أبيه قال: " الصفقة بالصفقة ربا، وأمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسباغ الوضوء " (4) ولما رواه رسول الله

_ (1) صحيح حم (3/30) . (2) ضعيف. ترغيب (1: 158) - مجمع الزوائد (1: 237) خط في " تاريخه " (5: 191) - الضعيفة (839، 84) . (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/236) من حديث علي. قال: رواه عبد الله في زيادته في المسند عن أبيه، وروى أبو داود منه: إتراء الحمر على الخيل، وفيه القاسم بن عبد الرحمن، وفيه ضعف. وتمام لفظه: " يا علي أسبغ الوضوء وإن شقْ عليك ولا تأكل الصدقة، ولا تنزي الحمر على الخيل، ولا تجالس أصحاب النجوم ". (4) ضعيف عقيلي (3: 288) بلفظ " الصفقتان ربا..... الحديث ".

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث سفيان إسناد إلى تفرد ابن صفوان به عن أبيه عن سفيان، وفي تصحيح ابن خزيمة لهذا الحديث نظر؛ لأن عبد الرحمن أنكر سماعه من أبيه، واختلف قول البخاري في ذلك عند أبي حاتم، ففي كتاب الجرح والتعديل: سمع أباه، وفي كتاب التاريخ: يدخل في المسند ولا يصح سماعه من أبيه، واختلف قول البخاري في ذلك أيضًا؛ فذكر في التاريخ الكبير أنّه سمع من أبيه، وفي الأوسط: قال محمد بن شعبة: لم يسمع عبد الرحمن من أبيه، ويجمع بما قاله ابن المديني في كتاب العلل، ولعل عمل لهما سمع من أبيه حديثين: حديث الضب، وحديث: كنت مع أبي فأخر ابن عقبة الصلاة، قرأت على المسند البقية شرف الدين المقدسي- رحمه الله- عن أبي محمد القرشي، ثنا العلامة أبو طاهر الإِسكندري، قرأت على أبي الحسين بن عبد الجبار بن أحمد، سمعت أبا مسلم عمر بن علي بن الليث يقول للبخاري: سمعت أبا الحسن علي بن أبي بكر الحافظ الجرجاني بنيسابور، سمعت مسعود بن علي السجزي، سمعت الحاكم أبا عبد الله الحافظ يقول ... وذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود/فقال: اتفق مشايخ الحديث على أنه لم يسمع من أبيه، وفي مسند البزار: ثنا خالد بن يوسف- يعني السمتي- عن أبيه، ثنا موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى بن أخي عبادة بن الصامت قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطيئة، ويمحو به الذنوب؟ قالوا: نعم، قال: إسباغ الوضوء عند المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط " (1) وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم الحافظ: عن امرأة من المبايعات قالت: " جاءنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بني سَلمة، فقربنا له طعامًا، فأكل ومعه أصحابه، ثم قرب إليه وضوءً فتوضأ ثم أقبل على أصحابه فقال: ألا أخبركم بمكفرات الخطايا؟

_ (1) صحيح. رواه هـ (ح/427، 576) حم في " المسند " (2: 277، 3: 3) مى (1: 177- ك 1: 191) مجمع (2: 92236، 133) وعزاه إلى البزار، وعاصم بن بهدلة لم يسمع من أنس، وبقية رجاله ثقات. كنز (43200، 43292، 43325) خزيمة 177- 307 ترغيب (1: 285) حب (162) . وصححه الشيخ الألباني.

قالوا: بلى، قال: إسباغ الوضوء " (1) الحديث. وفي مسند أبي يعلي الموصلي عن عُبيدة بن عمرو الخلال قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فأسبغ الوضوء، وفي سنن الكجي عن ربيعة بنت أبي عياض الكلابية قالت: حدّثني ربيعة الكلابي قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فأسبغ الوضوء وفي كتاب أبي موسى المديني من حديث عبد الله بن عمرو الكلبي: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فأسبغ الوضوء، وفي لفظ: فأسبغ الوضوء. رواه من حديث سعيد بن خيثم عن ربيعة بنت عياض الكلابية قالت. حدثني ربيعة، وفي موضع آخر: حدّثني جدّي عبيدة، قال ابن موسى: وهو الصواب، وفي تاريخ الموصلي: ثنا علي بن جابر، ثنا أبو العباس محمد بن عمارة القرشي، ثنا الثوري عن آدم بن علي عن ابن عمر عن النبي- عليه السلام-: " يُدعا يوم القيامة قوم يقال لهم المنقوصون، قيل: يا رسول الله وما المنقصون؟ /قال: الذين لا يتمون وضوءهم ويلتفتون في صلاتهم " وسألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن صحيح، وفي كتاب الترمذي- رحمة الله عليه- عن معاذ بن جبل ولفظه: " وإسباغ الوضوء حين الكرهات " (2) ، وقال: حديث حسن صحيح، وهو أصح من حديث الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ثنا خالد بن الجلاح، حدّثني عبد الرحمن بن عائش الحضري قالي: سمعت النبي- عليه السلام- فذكر الحديث، وهذا غير محفوظ كذا ذكر الوليد في حديثه من عبد الرحمن بن عايش: سمعت النبي، وروى بسر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر هذا الحديث بهذا الإِسناد عن ابن عابس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا أصح، وابن عايش لم يسمع من النبي- عليه السلام- وذكر ابن الجوزي في علله هذا الحديث من عدّة طرق، وفي كتاب الكامل لأبي أحمد من حديث أشعث بن نزار: ثنا ثابت عن أنس قال عليه

_ (1) حسن. أورده الهيثمي في " مجمع للزوائد " (1/236) وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير " وإسناده محتمل. قلت: وتحسينه لاحتمال إسناده عند الهيثمي. (2) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، باب " 39 "، (ح/51) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح.

السلام: " يا أنس أسبغ الوضوء يُزَد في عمرك " (1) وقال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: سألت أبي وأبا زرعة عن أحاديث تروى عن أنس مرفوعا في إسباغ الوضوء، وذكرت لهما الأسانيد المروية في ذلك فضعفاها كلها، وقالا: ليس في إسباغ الوضوء زيد في العمر الحديث صحيح، وقال: سألت أبا زرعة عن حديث رواه عبد الوهاب بن بحيرة الجُرطي عن إسماعيل بن عياش عن حبيب بن صالح عن ثابت بن أبي ثابت عن عبد الله بن حانق الدمشقي عن عبد الرحمن بن غنم الدمشقي الأشعري عن أبي عامر الأشعري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إسباغ الوضوء نصف الإِيمان " (2) فقال: عبد الوهاب شيخ صالح من حَوْط من مرجح، وأبو عامر اسمه عبيد، قتل بخيبر وإنما هو عن أبي مالك الأشعري، وهو أشبه؛ لأن الشيخ قال أبو عامر من حديث لقيط بق صَبرة. تقدم ذكره وفي المعجم الأوسط عن أنس: قال عليه الصلاة والسلام: " أسبغ الوضوء يزد في عمرك ... " (3) الحديث بطوله،/وقال: لم يروه على التمام بهذا السند عن ابن المسيب إلا علي بق يزيد بق جدعان، ولا عن علي إلا عبد الله اليمني. تفرد به مسلم بن حاتم عن الأنصاري عن أبيه، وتفرّد به محمد بن الحسن عن ابن أبي يزيد عن عباد المنقري.

_ (12) ضعيف. عدي 1: 367، 409، 3: 1201- كر 3: 145- لسان 105101، 1405: 01168 إتحاف 6: 274- كنز 43571- طص 2: 20- عر 2: 200- كثير 6: 95 ميزان 3181، 6526- لئ 2: 205- تناهيه 1: 351. (2) صحيح. رواه ن (5: 5) - هـ (280) - حب (2336) بلفظ: إسباغ الوضوء شطر الإِيمان. 31) رواه ابن عدي (1/367، 409، 3/1201) وابن عساكر في " التاريخ " (3/145 "، ولسان (1/1051، 1405، 4/1168) وإتحاف (6/274) والكنز (43571) والطبراني في " الصغير " (2/20) والمغني عن حمل الأسفار (2/200) وابن كثير (6/95) .

22- باب ما جاء في تخليل اللحية

22- باب ما جاء في تخليل اللحية حدّثنا محمد بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان عن عبد الكريم أبي أمية عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر، وثنا ابن أبي عمر قال: ثنا سفيان عن سعيد بن أبي عروة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخلل لحيته " (1) هذا حديث حرف ابن ماجة ألفاظه، وذلك أن ابن أبي شيبة لم يروه وإنما قال في مسنده: ثنا سفيان عن عبد الملك بن أبي المخارق عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخلل لحيته " (2) ثنا سفيان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر عن النبي- عليه السلام- مثله. هذا نص ما في مسنده، وكذلك رواه عنه الترمذي لا يغادر حرفًا، فقد سرد لك تحريف فعله وانتقاله من التصريح بالسماع والرواية، إلى الفقيه المشعرة (3) لعلّة الاتصال، لا سيما من كوفي، وقد كنت قديمًا رأيت من تكلم في هذا الحديث بنحو من هذه العلة فقط، وهو أبو محمد بن حزم، قال حسان بن بلال: محمول، وأيضا فلا نعرف له رواية عن عمار، وفيما قاله نظر؛ لأن ابن حبّان قد سبقه بقوله: روى عن عمار إن كان قد سمع منه حين ذكره الثقات، لما تقدم من تصريحه بالرواية والسماع عند ابن ماجة والمكي وابن

_ (1) عدى (2: 561) بلفظ " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فخلل لحيته ". (2) صحيح ش (14: 261) بلفظ: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضعه [لخليل اللحية] قلت: وقد روى الحديث ابن ماجة بثلاثة ألفاظ: الأول: (ح/429) وهو عن عمار بن ياسر قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخلل لحيته ". (وهو صحيح) . الثاني: (ح/430) وهو عن أبي وائل قال: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضَأ فخلل لحيته ". (وهو صحيح) . الثالث: (ح/431) وهو عن أنس بن مالك قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ خلل لحيته ". (وهو ضعيف) . (3) كذا ورد في هذا للسياق " بالأصل ".

منده في كتاب الوضوء من مصنفه، ولأنه قد روى عنه جماعة منهم، وفي رواية: ليس بشيء، قد ضربت على حديثه، وهو شبيه المتروك، والذي يظهر من العذر لابن ماجة، أنه عدل عن حديث عبد الكريم بن مخارق/قيس- ويقال: طارق- أبي أمية البصري فقد قال فيه أيوب أنه غير ثقة، سألني عن حديثه لعكرمة، فحدثته ثم قال: حدثني عكرمة، وذكر ابن أبي زرعة أنّه اتهمه بالكذب، وإن كان مسلم قد خرج له في صحيحه. كذا ذكره ابن مسرور، وأظنّه وهم؛ لأني لم أر ذلك لغيره، خرّج له البخاري مستشهدًا في باب التهجد بقوله: قال سفيان وزاد عبد الكريم أبو أمية، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ومسلم إنما خرج له في المتابعات، ولهذا قال أبو محمد بن يربوع: أمّا مسلم فقد خرج في صدر كتابه، وأمّا البخاري فلم ينبه من أمره على شيء؛ فدل أنه عندي على الاحتمال؛ لأنه قد قال في التاريخ: كل من لم أسم فيه جرحه فهو على الاحتمال، وإذا قلت: فيه نظر فلا يحتمل وقال: قد تركت فيهم- يعني أبا أمية- قال أحمد: كان يوافقه على الإِرجاء، وكان ابن عيينة يستضعفه، وقال أحمد: هو ضعيف، وفي رواية: ليس بشيء قد ضربت على حديثه، وهو شبيه بالمتروك، وفي إطلاق ذلك نظر لما ذكره ابن أبي حاتم عنه، وذكروا مرة عند يحيى يوم الجمعة في مسجد الجامع قال عمرو وأنا شاهد التراويح في الصلاة فقال: يذكرون عن مسلم بن يسار وأبي العالية، فقال له عفان من حديث من قال فيما بينه وبينه وأنا أسمع: نا هشام عن عبد الكريم المعلم عن عمير بن أبي يزيد، وأما عبد الرحمن فإني سألته فيما بيني وبينه فقال: فأين البغوي؟ انتهى. فهذا يحيى قد حدّث عنه، وقال الفلاس (1) : كان ابن محيي ومهدي لا يحدثان عنه، وقال ابن عدي: والضعف من على كل ما يرويه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال مرّة: هو ضعيف، وقال السعدي: غير ثقة، وقال ابن حبان: كثير الوهم فاحش الخطأ، فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به، وقال النسائي وأبو الحسن والدارقطني: متروك، وقال الحربي في كتاب العلل من تأليفه: ويرى الإرجاء، غيره أوثق منه، وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: لم يحدث/مالك عن أحد

_ (1) قوله: " الفلاس " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

أضعف من عبد الكريم، وسمعه يقول: مرجئة البصرة ثلاثة: عبد الكريم، وعثمان بن عتاب، والقاسم بن الفضل، وقال أبو عمر- في التمهيد يعني- ضعيف متروك، مجتمع على ضعفه، لقيه مالك بمكة فروى عنه، ولم يكن عرفه قبل، وفي موضع آخر: عبد الكريم ضعيف لا يختلف العلماء في ضعفه، إلَا أنّ منّهم من قبله في غير الأحكام خاصة، ولا نحتج به على كل حال من أجل من جرحه، وطرحه أبو العالية وأيوب مع ورعه، ثم شعبة ويحيى القطان وأحمد وابن المديني وابن معين، وكان مؤدب كتاب غز ملكًا منه سَمْته (1) ولم يكن من أهل بلده، لم يخرج عنه في موطأه به حكمًا، إنما ذكر عنه فيه ترغيبًا وفضلًا، ولقائل أن يقول: إنّ ذلك ليس كما زعم بل روى عنه حكمًا وهو قوله: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت " (2) " ووضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، وتعجيل الفطر وتأخير السحور " (3) فهذه الأحاديث لا شك أنها أحكام- والله أعلم- ولما ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء قال: ثنا أحمد بن محمود، ثنا عثمان بن سعيد قال: سمعت الحسن يقول: عبد الكريم ابن أبي المخارق ليس بشيء، وقال الساجي: فيه ضعف ليس بحجة في الأحكام، وذكره البلخي في الضعفاء، وكذلك يعقوب بن سفيان، وضعف به ابن طاهر غير حديث، وسئل عنه أبو حاتم فقال: ضعيف، وسئل أبو زرعة فقال: ليّن، وأما ابن راهويه فإن حَرَما لما سأله عن الجليل قال: سنة، وذكر له حديثه في معرض الاحتجاج

_ (1) كذا ورد " بالأصل ". (2) ضعيف جدا العلل (2538) وتلخيص (4 لم 200) والميزان (7972) ترجمة: محمد بن علي القاضي، أبو الحسين البصري شيخ المعتزلة. قال الذهبي: ليس بأهل للرواية. قال الخطيب: كان يروي حديثا واحدا حدْثنيه من حفظه. أخبرنا هلال بن محمد، أخبرنا الكجي، وجماعة، قالوا: أخبرنا القعنبي عن شعبة بحديث: " إذا لم تستح فاصنع " والخطيب (12/136) وابن عساكر في " التاريخ " (4/362) والدرر (35) والبداية (12 / 54) والطبراني (17/236، 237، 238) . (3) اللفظ الأول من الحديث: رواه مسلم في: الصيام، باب " 9 "، (ح/49، 50) . بلفظ: " كان يعجل الإِفطار ويعجل الصلاة " المغرب والإفطار ".

بسماعه له من عمار، وهو فيه تجريح حسان ردّ على من نفاه إلى حديث أبي عروبة العدالة رواية وتفهيم، وذلك هو المحوج لأبي عبد الله الحاكم إلى تصحيحه، ولعمري لو كان ذلك عذرا لوضحّ، لكن مهنأ ذكر عن أحمد عن ابن المديني أنه قال أنّ قتادة لم يسمع هذا الحديث إلَّا من عبد الكريم فلا عدد إذا، والله أعلم، وفيه تصريح بسماع سفيان من سعيد، وقال البخاري في الكبير: إنّ ابن عيينة/قال مرّة: عن سعيد عن قتادة عن حسان، ولا يصح سعيد، ومع ضعفه حديث عبد الكريم فيه انقطاع أيضَا فيما بينه وبن حسان، قال الترمذي: سمعت إسحاق بن منصور، سمعت أحمد بن حنبل قال: قال ابن عيينة: لم يسمع عبد الكريم من حسان حديث التخليل (1) ، وكذا ذكره البخاري في التاريخ، فهاتان علّتان كافيتان في عدم الاحتجاج بالحديث، ولو كانت واحدة لكانت كافية، وأمّا ما ذكره منها قلت لأحمد: حدّثوني عن الحميدي عن سفيان ابن عيينة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حسان بن بلال عن هنّاد ... الحديث فقال أبو عبد الله: إمَّا أن يكون الحميدي اختلط وإمّا أن يكون الذي حدّث عنه خلط، قلت: كيف؟ فحدثني أحمد قال: ثنا سفيان عن عبد الكريم عن حسان بن بلال عن عمار. انتهى. وفي عصْبة الجنابة برأس الحميري أو الراوي عنه نظر لما أسلفناه من عند ابن أبي عمر، وهو كاف في الردّ عليه، وأما قول ابن أبي حاتم في كتاب العلل: سألت أبي عن حديث رواه ابن عيينة عن سعيد- يعني هذا- فقال: لم يحدث بهذا أحد سوى ابن عيينة عن أبي عروبة فقلت هو صحيح فقال: لو كان صحيحَا لكان في مصنفات ابن أبي عروبة، ولم يذكر ابن عيينة في هذا الحديث- يعني سماعا- وهذا أيضَا مما يوهنه فليس كما زعم، لما أسلفناه من عند الحاكم لم يحدّث بالسماع لهذا الحديث من سعيد، فزال ما يخشى من تدليسه، وأمّا كونه ليس في كتبه فليس بشيء أيضَا، إذ العالم قد يشذ عنه عند التصنيف الكثير من روايته، وأمّا قول الطبراني في المعجم الصغير: لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلَّا سعيد. تفرد به ابن عيينة، فليس يوهن له أدنى الصحيح الكبير من إفراد الثقات، فكيف الحفاظ!

_ (1) قوله: " التخليل " وردت " بالأصل " الخليل وهو تحريف، والصحيح الأول.

ورواه أبو القاسم في الكبير عن إيراهيم بن موسى، ثنا صالح بن قطان، ثنا محمد بن عثمان بن محمد بن عمّار، حدثني أبي عن جدي عن عمار قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ وخلل لحيته " (1) . حدثنا محمد بن أبي خلف، نا عبد الرزاق عن إسرائيل عن عامر بن شقيق الأسدي لم، عن أبي وائل كنى عثمان أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ فخلل لحيته " (2) . هذا حديث أخرجه ابن حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ابن معمر، ثنا إسرائيل وقال فيه الترمذي: حسن صحيح، وقال في العلل: قال محمد: أصح شيء عدي في التخليل حديث عثمان، قلت: إنهم يتكلمون في هذا الحديث قال: هو حسن ورواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه وابن الجارود في منتقاه عن إسحاق بن منصور، ثنا ابن مهدي، ثنا إسرائيل عن عامر بن شقيق ابن سلمة قال: " رأيت عثمان توضأ فغسل كفيه ثلاثًا ومضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثاً ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما ثلاثًا وغسل رجليه ثلاثاً وخلّل أصابعه وخلل لحيته حتى غسل وجهه ثلاثًا وقال: هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل كما رأيتموني فعلت " (3) . وقال الحاكم: قد اتفق الشيخان على إخراج طرق حديث عثمان، ولم يذكرا في روايتهما تخليل اللحية وهذا إسناده صحيح وقد احتجا بجميع رواته غير عامر بن شقيق ولا أعلم فيه طعنًا بوجه من الوجوه، وله في تخليل اللحية شاهد صحيح عن عمار وأنس وعائشة- رضى الله عنهم- وقال أحمد فيما ذكره عن الخلال: ليس يثبت في التخليل حديث، وأحسن شيء فيه حديث شقيق عن عثمان، وأما ما اعتل به ابن حزم حيث قال: هذا حديث لا يصح؛ لأنّ إسرائيل ليس بالقوي عن عامر بن شقيق وليس مشهورًا بقوة النقل فليس بشيء؛ لأن

_ (1) صحيح. رواه ابن عدي في الكامل: (2 / 561) . قوله: " خلْل " التخليل تفريق شعر اللحية وغيرها. وأصله إدخال شيء في خلال شيء آخر. (2) صحيح. عدي (2: 561) وابن ماجة (430) . وصححه الشيخ الألباني. (3) ضعيف. والمتن صحيح. مجمع 1: 229 بلفظ: " رأيت عثمان بن عفان دعا بوضوء ... " وعزاه إلى " أبي يعلي " وأبو النضر لم يسمع من أحد من العشرة، وفيه غسان بن الربيع ضعْفه الدارقطني.

إسرائيل لا يحتاج إلى تعريف حاله؛ لأنه ممّن خرج له الشيخان في صحيحيهما ووثّقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وابن سفيان وابن حبان وأبو داود وابن سعد وغيرهم، وأما عامر فروى عنه جماعة منهم الثوري وابن عيينة ومسعر وشريك وذكره أبو حاتم في كتاب المروروذي وذكره يعني: أحمد فلم يتكلّم فيه بشيء، وقال النسائي: لا بأس به فإنه بهذه أكثر من يده، وأمّا قول ابن معين فيه ضعيف فليس يعارض ما أسلفناه من توثيقه عند من صحح حديثه أو حسنه ويكون ضعيفَا بالنسبة إلى غيره من الثقات/وكذا ذكره ابن أبي حاتم الرازي وقال: ليس بقوي، وقال: معنى ذلك أبو الحسن بن القطان ولما ذكره الدارقطني في كتاب السنن من حديث أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا ابن نمير عن إسرائيل بلفظ: " رأيت عثمان يتوضأ فغسل يديه ثلاثَا وغسل وجهه ثلاثَا ومضمض ثلاثَا واستنشق ثلاثَا " (1) الحديث. قال: قال موسى بن هارون: في هذا الحديث موضع وهم عندنا؛ لأن فيه ابتدأ بغسل الوجه قبل المضمضة والاستنشاق، وقد رواه ابن مهدي وأبو غسان على الصواب وبنحوه ذكره في العلل لم يزد على ذلك شيئَا والله أعلم، وأما قول البزار: وهذا الحديث الا نعلمه يروى إلا من هذا الوجه عن عثمان يشبه أن يكون وهمَا لما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث عطا الخراساني عن ابن المسيب: " رأيت عثمانَ توضأ فخلل لحيته ثم قال: رأيت النبي عليه السلام توضأ فخلل لحيته " (2) . وقال: لم يروه عن عطاء إلا شعيب بن زريق، وقال أبو نعيم: لما رواه أيضَا يحيى من حديث عطاء تفرّد به شعيب وفي كتاب العلل للرازي: سألت أبي عن حديث رواه ثقة عن أبي سفيان الأنصاري عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن ابن المسيب عن عمّار الحديث؟ فقال: هو

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/229) من حديث حمران، وعزاه إلى " أحمد " وهو في الصحيح باختصار ورجاله موثقون. (2) صحيح. وبنحوه: رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 50- باب ما جاء في تخليل اللحية، (ح/430) . وصححه الشيخ الألباني.

حديث موضوع، وأبو سفيان مجهول، حدّثنا محمد بن عبد الله بن حفص ابن هشام بن زيد بن أنس بن ملك بن محي بن كثير أبو النصر صاحب البصري عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ خلل لحيته وفرج أصابعه مرتين " (1) . هذا حديث لما ذكره الدارقطني في الإِفراد حال تفرّد به محمد بن جرير عن سلمة بن القزاز عن موسى بن أبي عائشة عنه، ولم يروه عنه غير عيسى بن المنذر الحمصي، وما أسلفناه من عند ابن ماجة يرد عليه، وعلى هذا فإسناده في غاية الضعف أما شيخ ابن ماجة فحاله جهولة، وأما يحيى بن كثير فقال فيه الرازيان وابن معين: ضعيف. زاد أبو حاتم: ذاهب الحديث جدًا، وقال الدارقطني: متروك الحديث. وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم لا يجوز الاحتجاج به فيما انفرد به، وقال الفلاس: لا يتعمد الكذب ويكثر الغلط، وقال العُقيلي:/ منكر الحديث لا يتابع على حديثه، وقال الساجي: يعرف وفي التشييع كان ضعيف الحديث جدًا متروك، يحدّث عن الثقات بأحاديث بواطيل ذكره يعقوب في باب من يُرغب عن الرواية عنهم، وأمّا يزيد بن أبان أبو عمرو فكان يحيى بن سعيد لا يحدّث عنه وكان عبد الرحمن يحدّث عنه فيما قاله عمرو بن علي، وقال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: يزيد لم يترك حديثه هوى كان فيه. قال: لا ولكن كان منكر الحديث. وقال عبد الله: سمعت أبي يقول: هو فوق أبان ابن عباس، وكان شعبة يشبهه بابان. وفي رواية قال أحمد: لا يكتب عنه شيء كان منكر الحديث وقال ابن معين: ضعيف، وفي رواية خير من أبان وفي رواية: لا شي، وفي رواية: هو رجل صالح وليس حديثه بشيء، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال التيمي: ليس بثقة وقال الفسوي: فيه ضعف، وقال ابن عدي: أرجو أنّه لا بأس به لرواية

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 50- باب ما جاء في تخليل اللحية، (ح/431) . في الزوائد: في إسناد حديث أنس عبد الواحد، وهو مختلف فيه. قلت: والحديث صحيح- دون المرتين. انظر: الإرواء (ح/92) ، وصحيح أبي داود (ح/ 133) .

الثقات عنه، وثنا ابن أبي شيبة سألت ابن المديني عن يزيد؟ فقال: كان ضعيفًا وقال الدارقطني: مثله وقال ابن حبان: كان من خيار عباد الله من البكائين بالليل، لكنه غفل عن حفظ الحديث شغلًا بالعبادة حتى كان يقلب كلام الحسن فجعله عن أنس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا تحل الرواية عنه إلا على جهة التعجب، وفي كتاب الساجي: كان رجلًا صالحًا يتم ولا يحفظ ويحتمل حديثه لصدقه وصلاحه وفضله، وفي كتاب العقيلي قال شعبة: لأن أذني أحب إلي من أن أروى عن زيد وقد وقع لنا هذا الحديث بزيادة: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ يقول بيده في ذقنه يخلل يفعل ذلك مرتين وربما فعله ثلاثًا أو أكثر من مرتين " (1) . نا المعمر أبو الفضل الصابوني- رحمة الله عليه- قراءة عليه وأنا أسمع ثنا جدي قراءة عليه ثنا ابن الخرستاني ثنا السلم قراءة عليه ثنا ابن طلاب ثنا ابن جميع ثنا زكريا بن أحمد بمصر، ثنا أبو غسان، ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد ثنا الرجيل بن مطرية عن الرقاشي فذكره وقد وقع لنا أيضًا من طريق صالحة من هؤلاء الضعفاء حسّنه بل صححه لما حضرها من الشواهد/احتمل قول الله عز وجل: (فامسحوا برؤوسكم) بعض الرأس ومسح جميعه فدلت السنة أن مَسح بعضه يجزي، وقال في موضع: فإن قيل فقد قال الله عز وجل: في التيمم فامسحوا بوجوهكم أيجزي بعض الوجه في التيمم؟ قيل لمه مسح التيمم في الوجه يدلّ على عموم غسله، ولابُدّ أن يأني بالمسح على جمع موضع الغسل منه ومسح الرأس أصل فهذا فرق ما بينهما، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنْ مسح المتوضئ ربع رأسه أجزاء ويبدأ بمقدم رأسه إلى مؤخره، قال الدبوسي: وإن كرر إقبالًا وإدبارًا لم يكن به بأس وأخذ الماء لكلِّ مرّة بدعة، واختلف أصحاب داود فقال بعضهم كقول مالك، وقال بعضهم: المسح ليس شأنه في اللسان الاستيعاب والبعض يجزئ وقال الثوري: والأوزاعي والليث: يجزئ مسح بعض الرأس ويمسح

_ (1) ضعيف. أورده العقيلي في " الضعفاء الكبير " وبلفظ آخر رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب " 50 "، (ح/432) . وضعف هذا اللفظ الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص/633، ح/4363) . " كان إذا توضأ عرك عارضيه بعض للعراة، ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها ".

المقدم وهو قول أحمد، وقال أبو حنيفة: إن مسح رأسه أو بعضه ثلاثة أصابع فما زاد أجزأه وإن مسح رأسه أو بعضه بثلاثة أصابع فما زاد أجزأه وإن مسح بأقل من ذلك لم يجزه والمراد عند جميع العلماء في مسح رأسها كالرجل سواء واتفق مالك والشّافعي وأبو حنيفة وأصحابهم: أنّ الرأس لا يجزئ مسحه إلا بماء جديد، ومن مسح رأسه بماء فضل من البلل في يديه من غسل ذراعيه لم يجزه، وقال جماعة والأوزاعي: يجزي انتهى كلامه، وفي تضعيفه الرواية عن ابن عمر إذا بدأ بوسط رأسه نظر؛ لما ذكره ابن حزم محتجا به، ولا يحتج بضعيف وروينا عن عمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه كان يدخل يده في الوضوء فيمسح به مسحة واحدة اليافوخ فقط ورويناه أيضا من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عنه قال: ولا يعرف عن أحد من الصحابة خلاف لما رويناه في ذلك والله أعلم. وفي حديث أبي هريرة المذكور عند ابن نافع تقوية لذلك. ***

23- باب ما جاء في مسح الأذنين

23- باب ما جاء في مسح الأُذُنين /حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن إدريس عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح أذنيه داخلهما بالسبابتين وخالف إبهاميه إلى ظاهر أذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما " (1) . هذا حديث أخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن سعيد الأشج عن ابن إدريس ولفظه: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ :فمضمض واستنشق ثم غَرف فغسل وجهه ثم غَرف غَرفة فغسل يده اليمنى وغرف غرفة فغسل يده اليسرى وغرف غَرفة فمسح رأسه وباطن أذنيه ظاهرهما وأدخل أصبعيه فيهما وغرف غرفة فغسل رجله اليمنى وغَرف غَرفة فغسل رجله اليسرى " (2) . وأخرجه ابن منده أيضًا وابن حبان عن أبي يعلي، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة. ثنا ابن إدريس مطولًا ولما أخرجه الترمذي قال: حديث حسن صحيح وصححه الطبري في مسنده تهذيب الآثار، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد ثنا وكيع عن الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معود بن عفراء: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فأدخل أصبعيه في حجري أذنيه " (3) . هذا حديث تقدّم الكلام على سنده وأن ابن القطان رحجه على حديث المقدام وسكت عنه أبو محمد حين

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 52- باب ما جاء في مسح الأذنين، (ح/439) . وصححه الشيخ الألباني (2) صحيح. رواه البخاري في: 4- كتاب الوضوء، 7- باب غسل الوجه باليدين في غرفة واحدة، (ح/140) ولفظه: " أنه توضأ فغسل وجهه، أخذ غرفة من ماء فمضمض ما واستنشق، ثم أخذ غرفة من ماء فجعلها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فنسل هما وجهه، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله- يعني اليسرى- ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ ". (3) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كناب الطهارة، 52- باب ما جاء في مسح الأذنين، (ح/441) . قوله: " حجري أذنيه " الحجر باطن الأذن. وصححه الشْيخ الألباني.

إيراده وذكره بحشل في تاريخه من حديث ليث بن أبي سليمان عن النعمان بن سالم عنها، ولفظها فغسل أذنيه ظاهرهما وباطنهما حدثنا هشام بن عمار، ثنا الوليد بن جرير بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن المقدام بن معد يكرب: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فمسح برأسه وأذنيه/ظاهرهما وباطنهما " (1) . هذا حديث لما ذكره أبو محمد الإشبيلي من عند أبي داود سكت عنه وعاب ذلك عليه أبو الحسن بن القطان فقال: رواه الوليد بن مسلم عن جرير عن عبد الرحمن بن ميسرة عن المقدام وعبد الرحمن هذا مجهول، كان لا يعرف روى عنه الآخرون وإلى ذلك فإن جريرًا كان له فيما زعموا رأي سيء في بعض الصحابة، والوليد بن مسلم كان يدلس ويسوي ولم يقل في هذا الحديث، ثنا ولا أنبأنا ولا سمعت ولا ذكر أنه قال ذلك فمن حيث هو مدلس يمكن أن يكون قد أسقط بينه وبن جرير وعبد الرحمن بن ميسرة واسطة، وقد زعم الدارقطني أنه كان يفعل ذلك قْي حديث الأوزاعي يعمد إلى أحاديث رواها الأوزاعي عن أشياخ له ضعفاء عن أشياخ له ثقات فأسقط الضعفاء من الوسط وتركها عن الأوزاعي عن أشياخ له الثقات كانه سمعها منهم، وهذا هو التسوية (2) بإسقاط الضعفاء وهو أقبح التسوية فإنها على قسمين إما بإسقاط الثقات وإما بإسقاط الضعفاء، كما أن التدليس أيضًا إمَّا بإسقاط الثقات وإما بإسقاط الضعفاء فما كان من التدليس والتسوية بإسقاط الضعفاء ينقسم قسمين: قسم هو إسقاط قوم ضعفاء عند غيره ثقات عنده وهو لا يكون به مجرحًا، ومن هذا القبيل هو قول الدارقطني المحكي عن الوليد أعني: أن يكون يُسقط من بين الأوزاعي وبن أشياخه الثقات قومًا روى عنهم

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 52- باب ما جاء في مسح الأذنين، (ح/442) . وصححه الشيخ الألباني. (2) انظر: شرح الموقظة للذهبي. تحقيق للشيخ- كامل عويضة. المطبوعة في دار الكلمة بمصر. وهى من الكتب التي سردت التسوية بأمثلة متنوعة.

الأوزاعي وهم عند الوليد ثقات، وكان غيره يضعفهم فلا يكون يعلمه المذكور مضعفَا والله أعلم. انتهى كلامه وفيه نظر من وجوه: الأوّل: قوله: الوليد لم يَنْقل في هذا الحديث ثنا ولا ذكر عن جرير أنّه قال ذلك، وهو ذهول شديد عن الكتاب الذي نقل منه أعني: كتاب السنن فإنّ لفظه ثنا محمود بن خالد ويعقوب بن كعب الأنطاكي عن الوليد عن جرير ثم رواه بمدّ عني محمود وهشام بن خالد قالا: ثنا الوليد بهذا الإِسناد، قال: ومسح بأذنيه./فأحال أبو داود على الإسناد الأول وقد صَرح محمود فيه يقول الوليد: أخبرني جرير وروى أبو المغيَرة عن جرير قال: حدّثني عبد الرحمن بن ميسرة قال: سمعت المقدام يذكره وفيه ثم مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما فعلى هذا الحديث إسناده واحد اختلف في بعض ألفاظه، وفي اختصاره وإكماله فإذا كان واحدَا فبرواته محمود عن الوليد بزول التدليس، ويُروى أنه أتى المغيرة عن جرير تزول التسوية، ولذلك رواه أبو جعفر الطحاوي عن محمد بن عبد الله بن ميمون البغدادي قال: ثنا الوليد بن مسلم قال: ثنا جرير بن عثمان وكذا أسلفناه من عند ابن مليكة. الثاني: عتبة بن الوليد بالتدليس والتسوية وهو كما قال، ولكن وقع لنا من غير رواية ذكرها أبو داود، هذا الحديث أيضَا من حديث الإمام أحمد بن حنبل ثنا أبو المغيرة ثنا جرير قال: حدّثني عبد الرحمن سمعتَ المقدام يذكره بلفظ: " فمسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما فهذا أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني الثقة الثبت المخرج حديثه عند الأئمة الستة تابع الوليد على روايته، وكأنّ روايته لم تكن فإن اعترض معترض بأنّ حديث الوليد فيه ذكر الصحاح، وهذا لها ذكر له فيه فالجواب ما أسلفناه من أنّه حديث واحد اختلف في اختصاره وإكماله، وأنه روى بالمعنى وإدخال أصبعه لمسح باطن الأذن هو معنى نوله وادخل أصابعه في صماخ أذنيه، ويوضح ذلك قول الطبراني في الكبير أثر حديث أبي المغيرة ثنا هاشم بن مرثد ثنا صفوان بن

صالح ثنا الوليد عن جرير عن ابن مَيسرة عن المقدام مثله، ويؤيد حديث الربيع وأدخل أصبعيه في حجري أذنيه. الثالث: قوله: وعبد الرحمن هذا مجهول الحال، وليس كما زعم؛ لأن العجلي لما ذكره في كتابه قال: هو شامي تابعي ثقة، ولما ذكره البُستي في كتاب الثقات عرفه بروايته عن أبي أمامة والمقدام قال: وهو حضرمي وقال/ ابن سرور: عن أبي الحبراني وجبير بن نفير. الرابع: قوله في جرير كان له رأي سيء في بعض الصحابة لم يزد على ذلك مزيدًا به والله أعلم. عيبَهُ ولا عيب عليه في أمر كان منه ورجع عنه في فيما حكاه علي بن عياش حكى ذلك ابن حبان، وفي كتاب الغسل على علي بن حبان سمعت جَريرًا يقول لرجل: ويحك تزعم أني أشتم عليَا والله ما شتمته قط، وذكر ابن عدي عنه أنه قال: والله ما شتمت عليَا قط، وقال أبو حاتم: حسن الحديث ولا يصح عندي في رواية ما، يقال في رأيه ولا أعلم بالشام أثبت منه وهو ثقة متقن، وفي رواية البخاري عن أبي اليمان يتناول من رجل ثم نزل ذلك الفعل، وقال أبو بكر الخطيب كان ثقة، وحكى عنه من سوء المذهب والاعتقاد ما لم يثبت عليه، وقال العقيلي محمد بن إسماعيل ثنا الحسن بن علي الحلواني ثنا شبابة قال: سمعت جريرًا قال له رجل: نا أبو عمر وبلغني عنك أنك لا ترخم على علي، فقال له: أسكت ما أنت وهذا ثم التفت إلي فقال رحمه الله مائة مرة، وقال ابن سرور: روى له الجماعة إلا النسائي وتتبع ذلك عليه الشيخ جمال الدين فزعم أن الجماعة رووا حديثه إلا مسلم بن الحجاج وأتى ذلك الحافظان اللالكائي والحبال فزعما أنه خرج حديثه والله أعلم. الخامس: سكوته عن علة إن صحت كانت فادحة بخلاف ما ذكره من العلل ذكرها العسكري أبو أحمد عن هشام بن محمد السائب العلي أن المقدام بن معد يكرب وفد على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأقام بالمدينة أربعين يوما ثم هلك، فعلى هذا يكون حديث عبد الرحمن بن ميسرة عنه منقطعًا؛ لأنه ليس

صحابيًا، وإما وفدت الوفود سنة تسع والله أعلم، ولما ذكر أبو عدي حديث ابن عباس قال: وفي الباب عن الربيع واغفل حديث الباب وحديثًا ذكره ابن وهب في مسنده فقال: ثنا أسامة بن زيد الليثي عن عطاء بن أبي رباح: " أنّ عثمان مسح على ظاهر أذنيه وباطنهما وقال: هكذا رأيت النبي- عليه السلام- يتوضأ " (1) . وذكره أيضًا القاضي أبو أحمد في/مسنده، وهو قطعة من حديث تقدم الكلام عليه قبلَ من هذه الطريق المنقطعة، ومن حديث عامر بن شقيق عن أبي وائل عنه، وحديثًا عند أبي عوانة من جهة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: " أنّ رجلَا أتى نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: كيف الطهور؟ فدعى بماء فتوضأ فأدخل أصبعيه السبابتين بين أذنيه فمسح بإبهاميه باطن أذنيه وبالسبابتين ظاهر أذنيه " (2) . وحديثا في المستدرك ذكره في الشواهد الصحاح، وصححه الطبراني أيضَا في مسنده من جهة حميد عن أنس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فمسح ظاهر أذنيه وباطنهما ". ثم قال ذلك: ابن قدامة ثقة مأمون، وقد أسنده عن الثوري، وخالفه البيهقي وحديثًا عند البغوي من جهة عمرة قالت: سألت عائشة عن الأذنين قالت-: هما من الرأس، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على أذنيه ظاهرهما وباطنهما إذا توضأ " (3) . رواه عن طالوت ثنا اليمان أبو حذيفة عنها، ولما ذكره الدارقطني أعله بقوله اليمان ضعيف، ورواه النسائي في كتاب الكُنى من حديث سالم بن سلام عنها راوية وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه ومسحت رأسها

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب " 51 "، (ح/435) . وصححه الشيخ الألباني (1) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/231) وعزا هـ إلى الطبراني في " الكبير " وله في الصحيح حديث غير هذا، وفيه سويد بن عبد العزيز ضعفه أحمد ويحيى وجماعة ووثقه دحيم. قلت: وهذا حديث صحيح بشاهده. (3) صحيح. رواه للدارقطني: (1/105) ولفظه: " كان يمسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما ".

مسحة واحدة الوضوء مرة أو مرتين ثم مرت بيديها بأذنيها ثم مرتين على الجلد، وعند البزار من جهة أبي الخافش محمد بن حجر وهو ضعيف، عن سعيد بن عبد الجبار، عن أبيه عن أمه عن وائل بن حجر قال: " رأيت النبي- عليه السلام- وأتى بإناء فيه ماء فذكر وضوءه ثم قال: وغسل باطن أذنيه وأدخل أصبعيه في باطن أذنيه " (1) . *** (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/232) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " و" البزار " وفيه سعيد بن عبد الجبار، قال النسائي: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في الثقات وفي سند البزار والطبراني محمد بن حجر وهو ضعيف. قلت: وهو حديث ضعيف بكلام الهيثمي. ولكن للحديث شواهد صحيحة بمعناه فالحديث إذن صحيح.

24- باب الأذنان من الرأس

24- باب الأذنان من الرأس حدّثنا سويد بن سعيد، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن شعبة، عن حبيب بن زيد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأذنان من الرأس " (1) . هذا حديث أخرجه أبو حاتم في صحيحه ولم يلتفت إلى ما أعل به؛ وذلك أن سويدًا خرج له مسلم في صحيحه حديثه محتجًا به ووثقه غير واحد؛/ورمى بالتدليس وهو هنا مأمون (2) وبالاختلاط لما عمى والتلقين وهو هنا معدوم؛ لأن ابن ماجة أخذ عنه قديمًا وقول البيهقي في الخلافيات: إثر حديث خالف الشّافعي اختلط بعد أن كتب عنه مسلم، ولعلّه لو عرف تغيّره ما روى عنه في الصحيح، فكلام لا معنى له، ولعل الملجئ له إلى ذلك التعصب؛ لأنه طال ما صحح أحاديث من روايته غير مُبيّن منها سماعًا ولا تحدَّثنا ولا حال لا بل يحيل على من وثقة، وخرج مسلم حديثه، وقد بين الدارقطني حاله بيانا شافيًا حين سأله حمزة عنه فقال: تكلّم فيه ابن معين، وقال: حدث عن أبي معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " (3) . قال يحيى: وهذا حديث باطل عن أبي معاوية لم يروه غير سويد، وجرح سويدًا لروايته هذا الحديث قال أبو الحسن:

_ (1) تقدم تخريجه موصولا، وهو في: سنن ابن ماجة: 1- كتاب الطهارة، باب " 53 "، (ح/443) . قلت: والحديث صحيح، صححه الشيخ الألباني. (2) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". (3) صحيح. ت (3768) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. خط 11: 90- حم 3: 3، 62، 64، 82، ك 3: 196، 167- طب 3: 25، 28، 29: 272- مجمع 9: 187، 182: 183، 184- حب 2228- ومشكل 2: 393- منثور 4: 262، كنز 17795- 34246، 34259- 34260، 34282، 34285، 34682- ش 12: 96، 97- سنن 14: 138- بدا ية 2: 51، 8: 35- صحيح 796- حلية 4: 939، 140، 5: 58، 71- شج ا: 44- 2: 235- كر 2: 59، 4: 209، 255، 317، 7: 368، أصفهان 1: 342- خط 1: 140، 2: 185، 4: 207، 6: 371، 9: 231- خصائص 62، 67 وحرجان (395) وابن عدي (2/638، 768، 02، 3/1270، 1370، 5/1959، 6/ 2378، 7/2738) والخفاء (1/429) وتذكرة (98) والدرر (71) .

فلم نزل نظن ما قاله حتى دخلت مصر سنة سبع وخمسين وثلاثمائة فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، وكان ثقة ودلس عن أبى كريب قال: عن ابن لهيعة معاوية كما قال: سويد سواء وتخلص سويد. وصح الحديث عن أبي معاوية، ثنا بذلك المسند المعمر أبو الحسن الصوفي بقراءتي عليه يوم الأربعاء سابع عشرين جمادي الأولى سنة سبع عشرة وسبع مائة أخبركم الإمام أبو محمد بن ظافر المصري أجازة إن لم يكن سماعًا عن الحافظ السلفيَ قال: سمعت المؤتمن الساجي يقول: سمعت إسماعيل بن مسعدة يقول: فذكره وقد أشبع الكلام فيه في كتاب الواضح المبيّن في ذكر من مات من المحبين. وأما قول أبي عيسى الترمذي، قلت: للبخاري فإنهم يذكرون عن سويد بن سعيد عن ابن أبي زائدة عن شعبة عن حبيب بن زيد فذكر كلامًا وكان بعده ما صورته وضعف جدًا، وقال: كلما لقّن شيئًا تلفته وضَعَّف أمره فإنما يريد سويدًا لا الحديث؛ لأنّ مذهبه في سويد معلوم، وحبيب بن زيد بن خلَّاد حفيد عبد الله بن زيد، وثقة/النسائي وابن حبان، وقال أبو حاتم الحنظلي: صالح وباقي من في الإِسناد لا يقال عن حالهم، حدّثنا محمد بن زياد، ثنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"الأذنان من الرأس، وكان يمسح رأسه مرة وكان يمسح المأقين" (1) . هذا حديث مختلف في وقفه ورفعه وتحسينه وضعفه. فأمّا أبو داود فذكر في كتاب التفرد عن سليمان بن حرب بقول أبو أمامة يعني الأذنين، أمّا الترمذي فإنه لما ذكره قال: الإسناد ليس بذلك القائم وقال الدارقطني رفعه وهم، والصواب أنه موقوف، ثم ذَكر من تابع شهر على رفعه

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب (53) ، (ح/444) . والمأق: طرف العين الذي يلي الأنف. قلت: والحديث صحيح دون"مسح المأقين". انظر: صحيح أبى داود ح/123، والمشكاة 416، والصحيحة ح/36.

وهو راشد بن سعد من طريق أبي صريح وهو ضعيف، والقاسم من طريق جعفر بن الزبير وهو متروك، ولما ذكر ابن عدي راشد هذه قال: هذا يعرف من طريق حماد بن زيد عن عبد الله بن أحمد بن عيسى يوسف عن عيسى بن يونس عن ابن أبي مريم هكذا، وأسجل منه عليه، وقال قتيبة: قال حماد لا أدري هو من قول النبي عليه السلام أو أبي أمامة- يعني قصة الأذنين- وقال في الخلافيات: ما منها حديث- يعني الأذنان من الرأس- إلا وله عفة وقال البيهقي في السنن الكبير: روى حديث الأذنان من الرأس بأسانيد ضعاف أشهرها حديث شهر، وهو معلل من وجهين: الأول: ضعف بعض رواته والآخر: الشك في رفعه، وبنحوه قال الدارقطني، وفيما قالاه نظر؛ لأن حديث ابن زيد المذكور أصح من حديث شَهْر وأَشْهر، ولما سئل موسى بن هارون عن حديث أبي أمامة قال: ليس بشيء فيه شَهْر والحديث في رفعه شك، وقال سليمان بن حريث الأذنان من الرأس، إنّما هو من قول أبي أمامة، فمن قال غير هذا فقد بدل أو كله، قالها سليمان أي أخطأ، ولما ذكره الدارقطني في سننه قال شهر: ليس بالقوي، وقد وقفه ابن حُريث عن حماد وهو ثقة ثبت، ولما ذكره الإشبيلي / أبرز من إسناده شهرا فقط، قال ابن القطان: ليم يتقدّم له ذكر شهر قبل هذا فهو إذا لن يعتمد فيه مقدما قدمه، وشهر قد وثقة قوم وضعفه آخرون وجنح إلى توثيقه كما أسلفناه قبل، ويرويه عنه أبو ربيعة سنان ابن ربيعة قال فيه أبو حاتم: شيخ مضطرب الحديث، وقال ابن معين ليس بالقوي وقد أخرج له البخاري، فهذا الذي فسرناه من عفة هذا الخبر وهو الذي لا يسمح من أجله عنده. والله أعلم، وفي كتاب العلل للحنظلي: سألت أبي عن حديث رواه حماد بن سلمة عن سنان بن ربيعة عن أنس أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان إذا توضأ غسل ما في عينيه" (1) قال أبي: يعني عن حماد بن زيد عن سنان عن شَهْر عن أبي أمامة عن النبي وحماد بن زيد أحفظ وأثبت من ابن سلمة، وسنان مضطرب الحديث، حدّثنا محمد بن يحيى، ثنا عمرو بن الحصين، ثنا محمد بن عبد الله بن عُلاثة عن عبد الكريم

_ (1) رواه قط: (1/104) . وقد تقدم في أكثر من موضع.

الجزري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الأذنان من الرأس" (1) هذا حديث. قال أبو محمد الأشبيلي: لا يصح ولم يبيّن ذلك، وهو حديث معلل بأمرين: الأول: عمرو بن الحصنين البصري العقيلي قال ابن أبي حاتم: سمع منه أبي وقال: تركت الرواية عنه ولم يُحدّثنا بحديثه وقال: هو ذاهب الحديث ليس بشيء، أخرج أوّل الشيء أحاديث مشبهة حسانا، ثم أخرج بعد لابن عُلاثة أحاديث موضوعة فأفسد علينا ما كتبنا عنه فترك حديثه، وسئل أبو زرعة عنه عندما امتنع عن التحدث عنه فقال: ليس هو في موضع من تحدث عنه هو واهي الحديث، وقال أبو الفتح: لا أدري ضعيف جدا يتكلّمون فيه، وفال ابن عدي: حدث عن الثقات بغير حديث منكر وهو متروك الحديث، وقال الدارقطني: متروك وقال في السنن: لما ذكر الحديث عمرو بن عُلاثة ضعيفان. ثم ذكره من رواية/جماعة وضعفها كلّها وأغفل ذكره الحافظ المقدسي في كماله ولا ينبغي ذاك. الثاني: أبو اليُسر محمد بن عبد الله بن عُلاثة العقيلي قاض بغداد لمحمد أبي جعفر، ويُعرف بقاضي الجن وإن كان ابن معين وثقة، وقال ابن أبي شيبة: كان ثقة إن شاء الله تعالى، وقال أبو زرعة: صالح فقد قال أبو حاتم الرازي: نكتب حديثه ولا نحتج به، وقال البخاري: في حديثه نظر، وقال أبو الفتح الأزدي: أقنع من البخاري بهذا حديثه يدل على كذبه، وكان أحد العُضل في التزيد، وفي موضع آخر كان واهي الحديث لا يحل كتب حديثه عن الأوزاعي وحديثه يدل على كذبه، قال أبو بكر الخطيب: قد أفرط الموصلي في أصل علي بن علاثة، وأحسبه وقعت إليه روايات لعمرو بن الحصين عن ابن علاثة فنسبه إلى الكذب لأجلها، والعلة في تلك من جهة عمرو؛ فإنّه كان كذابا وأمّا ابن عُلاثة فقد وصفه ابن معين بالثقة، ولم أحفظ لأحد من الأئمة فيه خلاف ما وصفه عنه يحيى. انتهى كلامه، وما ذكرناه من كلام الأئمة يرد قوله وقال ابن عدي: ابن عُلَاثة حسن، وأرجوا انه لا بأس به،

_ (1) تقدم قريبا ص 330.

وقال الدارقطني: عمرو بن الحصين وابن علاثة ضعيفان متروكان، وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقات لا يحل ذكره إلا على جهة القدح فيه، ورّد به ابن القطّان حديثًا وكذلك ابن طاهر وردّ حديثه ما عظمت نعمة الله على عبد بقوله ليس بحجة، ولما ذكر أبو عيسى حديث شَهْر قال: وفي الباب عن أنس لم يرد شيئًا، وقد تقدّم حديث عبد الله بن زيد وأبو هريرة، وفيهما رّد لما ذكروا وكذا حديث عبد الله بن عباس القائل فيه عبد الحق وهو ضعيف، وأنكر ذلك أبو الحسن فقال: هو عندي ليس كذلك، بل إما صحيح وإما حسن وبيانه هو ما ذكره الدارقطني، ثنا محمد بن عبد الله بن زكريا النيسابوري بمصر، ثنا أحمد بن عمرو بن عبد الخالق، ثنا أبو كامل،/ثنا غندر عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"الأذنان من الرأس" (1) حدّثني به أبي قال: ثنا الباغندي، ثنا أبو كامل مثله هذا الإِسناد ثقة رواته، واتصاله، وإنما أعلّه الدارقطني بالاضطراب في إسناده فتبعه أبو محمد علي ذلك، وهو ليس أصل فيه، والذي قال فيه الدارقطني: هو أن أبا كامل تفرّد به من عنده ووهم فيه عليه، هذا ما قال ولم يؤيّده بشيء ولا عضده بحجة، غير أنّه ذكر أنّ ابن جريج الذي دار الحديث عليه يُروى عنه عن سليمان بن موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلًا، وما أدري ما الذي يمنع أن يكون عنده في ذلك حديثان مسند ومرسل. انتهى كلامه، وفي قول ابن القطان عن الدارقطني تفرّد به أبو كامل عن غندر فقط، نطر لإِغفاله قوله وتابعه الربيع بن بدر وهو متروك عن ابن جريج وكذا ذكره أبو أحمد الجرجاني من رواته الربيع بن بدر عن ابن جريج، ولا يرد به عند عليلة، وعند صاحب شعبة وهو من حديث عبد، وليس بمحفوظ والربيع بن بدر متروك، وحديثه عن غندر أبو كامل والمعمري ففي قوله والمعمري رّد لما قاله الدارقطني من تفرّد أبي كامل به عن غدر، ورواه أيضًا من جهة محمد بن زياد الطحان عن ميمون بن زيد عن ابن عباس:"سئل عليه السلام عن الأذنين"الحديث وحديث سلمة بن قيس الأشجعي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"إذا توضأت فانشر

_ (1) تقدّم قريبا ص 330.

وإذا استجمرت فأوتر والأذنان من الرأس" (1) . ذكره أبو بكر الحافظ في كتاب المدرج من الأحاديث من حديث حيينة بن سليمان عن زرين القاسم الجبلي عن آدم عن شعبة عن منصور عن هلال بن سنان وعنه قال: قوله في هذا الحديث:"الأذنان من الرأس"خطأ فظيع ووهم، وذلك أنّ المثنى المرفوع/آخره فأوله وحسب لا زيادة عليه، والوهم في هذا الحديث مردود به وهمه على احتراز من جهة وهمه، وروا الحديث في كتاب آدم ممن تبعه آخره فأوتر، وبعده في أثره روى بإسناد آخر عن عبد الله بن عمر:"الأذنان من الرأس"فأسقط الناقل بحديث سلمة ما بعده من إسناد حديث ابن عمر ووصل منه بلفظ حديث سلمة، وقد روى معمر والثوري وزائدة وموسى بن مطير وقيس بن سلمة هذا الحديث فلم يزيدوا على ما قلت لك، وكذا رواه أبو الوليد عن شعبة عن منصور، وروى إبراهيم بن القاسم البلدي عن آدم عن شعبة حديث سلمة هذا، وأتبعه بحديث ابن عمر، وميّز كل واحد منها عن صاحبه وحديث عبد الله بن عمر ذكره ابن عدي الحافظ من رواية زيد العمي عن نافع عنه وعن زيد بن محمد بن الفضل بن عقبة قال: ولعلّ البلاء منه، وأنّه أضعف من زيد، وذكره أيضا في ترجمة إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن نافع عنه قال: وهذا الحديث لم يحدث به عن إسماعيل غير ضمرة ولا عن يحيى غير إسماعيل، وقال الدارقطني: رفعه وهم والصواب موقوف، وحديث أبي موسى الأشعري ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث علي بن سعد الرازي، ثنا الأحمر وقال: لم يروه عن الأشعث إلا علي بن شهر تفرّد به علي بن زياد، ولا يروى عن أبي موسى إلا بهذا الإِسناد، وقال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: سمعت أبي وذكر حديث علي بن جعفر الأحمر عن عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث عن أبي ذاكرت أبا زرعة بهذا الحديث فقال: حدّثنا إبراهيم بن موسى عن عبد الرحيم فقال عن أبي موسى موقوف، ولما ذكره ابن عدي قال: لا أعلم أحدا رفعه عن عبد الرحيم غير علي الأحمر، حديث عائشة قال فيه الدارقطني: إرساله أصح

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب"44"، (ح/409) من حديث أني هريرة. وليس فيه"والأذنان من الرأس". وصححه الشيخ الألباني.

وحديث علي ذكره الدبوسي في الأسرار،/وحديث جابر بن عبد الله وسمرة بن خروف ذكرهما البيهقي في كتاب الخلافيات، وأعلهما وعمر أبو محمد بن حزم بضعف الأحاديث الّتي في الباب ووهاها، وفيه نظر لما أسلفناه قال أبو عمر في كتاب التمهيد: قال مالك فيما روى عنه ابن وهب وابن القاسم وأشهب وغيرهم:"الأذنان من الرأس"قال: يستأنف لهما ماءا جديدا سوى الماء الذي مسح به الرأس، فوافق الشافعي في هذا لأن الشافعي قال: يمسح الأذنين بماء جديد كما قال مالك، ولكنه قال: هما سنة على حيالهما لا من الوجه ولا من الرأس أقبح بحديث ابن جدعان، أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ لهما ماء جديدا وكذلك روى أنه عليه السلام:"مسح مسند مسحتيه لأذنيه"وذكر ذلك أبو زيد وفي حديث عبد الله بن زيد المصحح إسناده عند البيهقي دلالة واضحة للشّافعي وهو واحد لأذنيه ما خلاف الماء الذي أخذ لرأسه، وذكره أبو عبد الله بن البيع في النوع الخامس والعشرين من علوم الحديث بسند صحيح، ثنا بذلك المسند المعمر أبو المزن الدبوسي بقراءتي عليه عن ابن المقر، ثنا أبو علي الحافظ، ثنا أبو الطاهر المديني بمصر، ثنا جبريل بن يحيى، ثنا بن وهب، ثنا عمرو بن الحرث عن حيان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد فذكره، وقال: هذه سنة غريبة تفرد بها أهل مصر، ولم يشركهم فيها أحد. ورواه الترمذي بهذا الإسناد بلفظ:"مسح رأسه بماء غير فضل يديه" (1) وقال فيه صحيح كذا قالَ: مسح رأسه ولم يذكر الأذنين،

_ (1) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 27- باب ما جاء اَنه يأخذ لرأسه ماءا جديدا، (ح/35) . وقال:"هذا حديث حسن صحيح". ورواه مسلم مطولا (1/83) من طريق ابن وهب، ورواه أبو داود من طريقه مختصر (1/46- 47) . وروا 5 الدرامي في سننه (1/180) قال:"حدثنا يحيى بن حسان ثنا ابن لهيعة ثنا حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد المازني قال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ بالجحفة، فتمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثا، ثم غسل يديه ثلاثا، ثم مسح رأسه، وغسل رجليه حتى أنقاهما، ثم مسح رأسه بماء غير فضل يديه. ورواه أحمد في المسند مرتين (4/39، 40) عن موسى بن داود عن ابن لهيعة، وفيه: "بماء غير فضل يديه"ورواه أيضا مرة ثالثة (ص 42) عن الحسن بن موسى عن ابن لهيعة، قريبا من رواية الدرامي، ورواه مرة رابعة (ص 41- 42) عن علي بن إسحاق وعتاب عن ابن المبارك عن ابن لهيعة، وفيه:"بماء هن غير فضل يده ".

وكذا حديث مالك عن ابن عمر أنه:"كان إذا توضأ يعيد أصبعيه في الماء فيمسح بهما أذنيه"وقال عبد الحق: روى هذا بن حارثة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"تجريد الماء للأذنين"، وهو ضعيف، وزعم ابن القطان أنه حديث لا وجود له أصلًا، وقال أبو عمر: وقول أبي ثور في ذلك كقوله سواء، وقال أحمد بن حنبل كقول/مالك، وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه:"الأذنان من الرأس يمسحان مع الرأس بماء واحد"وروى عن جماعة من السلف من الصحابة والتابعين مثل هذا القول، وقال ابن شهاب: الأذنان من الوجه، وقال الشعبي: ما أقبل منهما من الوجه وظاهرهما من الرأس، وبه قال الحسن بن يحيى وابن راهويه وحكى ابن راهويه هذا القول عن الشافعي، والمشهور ما تقدّم ذكره رواه عنه المزني والربيع والبويطي والزعفراني وغيرهم، وقد روى عن أحمد مثل قول الشعبي وإسحاق، وقال داود: إن مسح أذنيه فحسن، وإن لم يمسح فلا شيء عليه، وأهل العلم يكرهون للمتوضئ ترك مسح أذنيه ويجعلونه تارك سنة من سنن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يوجبون عليه إعادة، إلا إسحاق فإنّه قال: إن ترك مسح أذنيه عمدَا لم يجزه، وقال أحمد: إنّ تركهما عمدًا أحببت أن يعيد، وقد كان علي بن زياد صاحب مالك يقول: من ترك سنة من سنن الوضوء أو الصلاة عامدًا عاد، وهذا عند الفقهاء ضعيف وليس يقابله نص ولا له حظ من النظر ولو كان كذلك لم يُعرق الغرض الواجب مرة غيره، واحتج مالك والشافعي في أخذهما للأذنين ماء جديدَا؛ لأنّ ابن عمر كان يفعل ذلك وحجة أبي حنيفة حديث زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه فعل ذلك، وحديث الصنابحي حيث قال عليه السلام:"فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من أذنيه"كما قال في الوجه:"من أشفار عينيه"وفي اليدين:"من تحت أظفاره"ومن المعلوم أن العمل في ذلك واحد بماء واحد، واحتجوا أيضَا بما رواه أبو داود عن ابن عباس، ومسح برأسه مسحة واحدة وأكثر الآثار على هذا، وحجة من قال: يغسل ظاهرهما مع الوجه، ويمسح باطنهما مع الرأس أن الله عز وجل قد أمر بغسل الوجه، وهو مأخوذ من المواجهة فكل ما وقع عليه اسم وجه وجب غسله، وأمر عز وجل بمسح الرأس وما لم يواجهك من الأذنين فمن الرأس؛

لأنهما في الرأس فوجب/المسح على ما لم يوجه منها مع الرأس، وهو قول ترده الآثار الثابتة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه:"كان يمسح ظهور أذنيه وبطونهما" (1) من حديث علي وابن عباس وغيرهما ومجد بن شهاب أنهما من الوجه؛ لأنه لم يكن قفا والله تعالى قد أمر بغسل الوجه أمرًا مطلقًا وفي حديث عثمان: "فأخذ ماء فمسح يرأسه وأذنيه فغسل ظواهرهما وبطنهما" (2) ومن الحجة له أيضًا ما صح عنه عليه السلام أنّه:"كان يقول في سجوده سجد وجهي للذي خلقه فشق سمعه وبصره" (3) فأضاف السمع والبصر إلى الوجه، وحجة الشافعي في قوله: إن مسحهما سنة على حبالهما، اجتماع العلماء على أنّ الذي يجب عليه حلق رأسه في الحج ليس عليه أن يأخذ ماء على أذنيه من الشعر، قال أبو أحمد: ولا يختلف أحد في أنّ البياض الذي بين منابت الشّعر من الأذنين ليس هو من الرأس في حكم الوضوء، فمن المحال أن يكون بين أجزاء رأس الحي عضو ليس من الرأس، وأن يكون بعض رأس الحي مباينًا لسائر رأسه، وأيضًا لو كان من الرأس لأجزأ أن يمسحا عن مسح الرأس، وهذا لا يقول به أحد، وحكى الخطابي أن قوله عليه السلام:"الأذنان من الرأس" له تأويلان أحدهما يمسحان مع الرأس تبعًا، والآخر إنهما يمسحان كما يمسح الرأس ولا يُغسلان كالوجه وإضافتها إلى الرأس إضافة تشبيه وتقريب لا إضافة تخفيف، وإنما هو في معنى دون معنى، كقوله: مولى القوم منهم أي في حكم النصر مولد ولاه دون حك النسب واستحقاق الإرث، ولو أوصى رجل لبني هاشم لم يعط مواليهم ومولى اليهودي لا يؤخذ بَالجزية، وفائدة الكلام ومعناه عنهم إبانة الأذن عن الوجه في حكم الغسل وقطع الشبه فيها لما بينهما من

_ (1) صحيح. رواه القرطبي في"تفسيره": (6/91) . (2) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/229) من حديث حمران، وعزاه إلى " أحمد"وهو في الصحيح باختصار ورجاله موثقون. (3) صحيح. رواه مسلم في (المسافرين، باب"26"، ح/201، 201) والترمذي (ح/ 580، 3421، 3423، 3425) والنسائي في (الافتتاح، باب"15"، والقرآن باب"10") والحاكم في"المستدرك" (1/220) وصححاه. والطبراني في"الكبير" (19/232) وابن أبي شيبة في"المصنف" (2/20) والقرطبي في"تفسيره" (4/45، 6/91) وأحمد في' المسند" (6/30) .

الشبه في الصورة، وذلك إنما وجدا في أصل الخلقة بلا شعر، وجُعلا محلَا لحاسة من الحواس، ومعظم الحواس محلها الوجه فقيل: الأذنان/من الرأس ليعلم أنهما ليسا من الوجه. ***

25- باب تخليل الأصابع

25- باب تخليل الأصابع حدثنا محمد بن المصفي الحمصي، ثنا محمد بن حمير عن أبي لهيعة، حدّثني يزيد بن عمرو المغافري عن أبيِ عبد الرحمن الحنبلي عن المستورد بن شداد قال:"رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ فخلل أصابع رجليه بخنصره" (1) . هذا حديث قال فيه أبو عيسى: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة ولفظه ذلك أصابع رجليه بخنصره، وقال البزار: لا نعلم أحدا يرويه بهذا اللفظ إلا بهذا الإسناد عن المستورد، وقد روى نحو هذا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير وجه بغير هذَا اللفظ وفيما قالاه نظر لما سنذكره بعد، وذكره العسكري في معين الصحابة وشرطه أن يذكر حسن ما روى ذلك الصحابي ما عرفه، ولما ذكره المسندي وعبد الحق وغيرهما ضعفوه بابن لهيعة وتتبع ذلك أبو الحسن علي بن أبي أحمد فقال: رواه غيره فصح وهو ما ذكره ابن أبي حاتم، ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن أخي وهب قال: سمعت عمي، سمعت مالك يسأل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء، قال: ليس ذلك على الناس، قال: فتركته حتى خف الناس فقلت له: عندنا في ذلك شنة، قال: ما هي؟ قلت: ثنا الليث وابن لهيعة وعمرو بن الحرث عن يزيد بن عمرو المغافري عن أبي عبد الرحمن فذكره، فقال: إن هذا الحديث حسن ما

_ (1) صحيح. مجمع (1: 34) بلفظ:"رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ فبدأ بغسل"، ورواه ابن ماجة في: ا- كتاب الطهارة، 54- باب: تخليل الأصابع، (ح/446) . ورواه الترمذي في: أبواب الطهارة، باب"30"، (ح/38) وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أحمد (4/33) عن وكيع. ورواه أبو داود مطولا (1/54- 55) . ورواه النسائي (1/ 30- 31) بلفظ:"أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع"ورواه الحاكم (1/147- 148) مطولا بأسانيد متعددة وصحيحة، ورواه مختصرا (1/182) . ورواه ابن الجارود (ص 46) والبيهقي (1/51، 76) . ورواه ابن حجر في"الإصابة"في "ترجمة لقيط" (6/8) بإسناده من طريق الفضل بن دكين عن الثوري، وقَال:"هذا حديث صحيح".

سمعته قط إلا الساعة ثم سمعت بعد ذلك سأل، فأمر بتخليل الأصابع أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قد وثقة أهل زمانه، قال ابن أبي حاتم: سألت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم عنه، فقال: ثقة ما رأينا إلا افتراء قلت: سمع من عمه، قال: أي والله، وقال ابن أبي حاتم: سمعت عبد الملك بن شعيب ابن الليث يقول: ابن أخي ابن وهب ثقة ما رأينا افتراء، قلت: سمعت من عمه، قال: أي والله، وقال أبو حاتم: وقد أخرج له مسلم/وأما ما آثار عليه بعض من تأخر من أحاديث رواها بآخره عن عمه، وهذا لا يغبّره إذ هو ثقة أن ينفرد بأحاديث ما لم يكن ذلك الغالب عليه، وإنما الذي يجب أن يتفقّد من أمر هذا الحديث قول ابن أبي حاتم، نا أحمد بن عبد الرحمن فإني أظنّه يعني في الإجازة فإنه لما ذكره في بابه قال: إذْ أَنَّ أبا زرعة أدركه ولم يكتب عنه وإن إياه قال: لا أدركته، وكتبت عنه فظاهر هذا انه هو لم يسمع منه فإنّه لم يقل: كتبت عنه مع أبي لعادته أن يقول: فيمن يشترك مع أبيه، والحديث المذكور وقع له في آخر المقدمة في ذكره مالك بن أنس انتهى كلامه بنصه، وفيما قاله نظر من وجوه: الأول: قوله: وقد أخرج له مسلم مقتصرا على ذلك في مَعْرَض مدحه ولو قال والبخاري لكان أمدح، وممن نقل على أنّ البخاري خرج حديثه في صحيحه من غير أن ينسبه أبو أحمد الحاكم الحافظ فيما ذكره عنه الكلاباذي وأبو علي الحبائي في تقييد المهمل، وابن عساكر في النبل وصاحب زهرة المتعلمين في أسامي مجاهير المحدّثين. الثاني: قوله: وإنّما أنكر عليه بعض من تأخر موهما أنّ القدماء أثنوا عليه والمتأخرون وحدهم أساءُوا في الثناء عليه، وليس كذلك؛ لأنا رأينا جماعة من القدماء تكلموا فيه منهم أبو حاتم الرازي حيث قال: كتبنا عنه وأمره مستقيم ثم خلط ثم يأتي خبره أنه رجع عن التخليط، ولما بلغ أبو زرعة رجوعه قال: هذا نحس حاله، ولا نبلغ به المنزلة التي كان من قبل قال: وأدركناه ولم نكتب عنه، وقال ابن عدي: رأيت شيوخ أهل مصر الذين لحقتهم مجمعين على ضعفه، وقال أبو سعيد بن يونس: لا تقوم بحديثه حجة، وقال عبد الرحمن الشيباني: كان كذابا.

الثالث: ما ذكرهَ من تفقد سماع ابن أبي حاتم من أحمد بن عبد الرحمن مردود بأمرين: الأول: أنّ ابن أبي حاتم ليس مدلسا وقد صرح بالتحديث المشعر بالسماع وذلك مقبول إجماعًا من المدلسين فكيف من غيره؛ ولإن سلمنا له ما/قاله: من أنه روى عنه بالإجازة كان أيضًا متصلًا عند جماهير أهل العلم من المحدثين وعنهم حتى قالَ أبو الوليد الباجي: لا خلاف في جواز الرواية بالإجازة من سلف هذه الأمة وخلفها وادّعى الإِجماع من غير تفصيل، وحَكى الخلاف في العمل ورد عليه ادعاء الإِجماع برواية عن الشافعي رواها عنه الربيع بن سليمان ثم قال: وأنا أخالفه في ذلك، وتبع الشافعي القاضي حسين والماوردي والإِمام أبو إسحاق الحربي وأبو الشيخ وأبو نصر إلى مجزي وعنهم النسائي فجئ هذا الحديث بغية من غير روايته من طريق صحيحة ذكرها أبو الحسن الدارقطني في كتاب غرائب حديث مالك عن أبي جعفر الأسواني عن أبي بشر محمد بن أحمد الدولابيِ قال: ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب قال: سمعت عمن يذكره، وذكره أبو عبد الله محمد بن الربيع بنت سليمان الجيزي في كتاب من دخل مصر من الصحابة مر، جهة جماعة عن ابن لهيعة منهم عبد الله بن عبد الحكم وابن وهب، وفي روايتها عنده ذكر سماع يزيد ابن أبي عبد الرحمن وسماع أبي عبد الرحمن من المستورد وكذا ذكره ابن وهب في مسنده وأبو عبيد في كتاب الطبري،، وأما أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الجبُلي المعافري فمنسوب إلى جُبل أخي مُقْرًا بخبر سبيع بن الحرث بن زيد بن غوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن قطن بن غريب بن رهَيد بن المزبن هميسع بن حمير بن سبأ كذا ساق نسبه ابن الكلبي في جامعه وجمهرة الجمهرة والجمهرة وأبو عبيد بن سلام وغيرهما من البساتين، وخالف في ذالك أبو سعد السمعاني فزعم أنه منسوب إلى بني الحُبلي سالم بن غانم بن عوف بن الخزرْج بن حارب وكذا قاله أبو زيد السهيلي، وهو وهم منها يثبت ذلك في كتابي المسمى بالزهر الباسم بشواهده فأعني عن إعادته/هنا والله اعلم،

حدَثنا ابن إبراهيم بن سعيد الجوهري ثنا سعيد بن عبد الحميد بن جعفر عن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن صالح مَولى التوأمة عن ابن عباس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء واجعل لما بين أصابع يديك ورجليك" (1) . هذا حديث قال فيه الترمذي حين رواه من حديث عبد الرحمن بن أبي الزياد عن موسى: هذا حديث حسن غريب، وقال في العلل الكبير: سألت محمدَا عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن وموسى بن عقبة سمع من صالح قديمَا، وكان أحمد يقول: من سمع من صالح قديمَا فسماعه حسن، ومن سمع منه خبرَا فكأنه يضعف سماعه، فال محمد وابن أبي ذئب: سماعه منه أخيرَا، وقد روى ذلك عنه مناكير، ولما ذكر أبو عبد الله في مستدركه عن صالح عن ابن عباس به، قال صالح: هذا أظنّه مولى التوأمة وإن كان أبان فليس من شرط هذا الكتاب، وإنَما أخرجه شاهدَا، وأمَا قول الترمذي حسن غريب فيعني ذلك حسن المتن؛ لأنه روى نحوه من غير وجه، والغرابة في الإسناد وهي تفرد ابن أبي الزياد به وهو ممن ذكر قبل ما للناس فيه من الكَلام، وأمّا سعيد بن عبد الحميد فذكر في النص الأنصار يدّعى انه سمع عرض ابن مالك، قال أحمد: والناس ينكرون عليه ذلك هو هنا ببغداد لم يحج كيف سمع عرض مالك وذكر منها انه سأل أحمد وابن معين وأبا خيثمة عن كيف هو؟ فقالوا: كان هاهنا، وأمّا صالح بن نبهان فهو ممن قال فيه مالك بن أنس: ليس بثقة فلا يأخذون عنه شيئَا، وقال أبو زرعة: ضعيف وفال أبو حاتم: ليس بالقوي، وكان شعبة لا يروي عنه، وينهي عنه، واختلف قول يحيى عنه فمرة قال: ثقة حجة، ومرة قال: لم يكن ثقة، وقال ابن حبان: تغيّر سنة خصر وعشرين وما به، وجعل يأتي بالأشياء التي تشبه

_ (1) صحيح متفق عليه. خ 8: 69، 169- م صلاة 45، 46 هـ 447، 1060- هق 2: 15، 372126، 373- خزيمة 454- سنة 3: 3- مشكاة 790- ترغيب ا: 340 تلخيص 1: 218- فتح 11: 36، 549- غليل 1: 321- كد ابن عساكر 19626- سن 1: 288 والترمذي. وقال:"هذا حديث حسن غريب".

الموضوعات من الثقات فاختلط حديثه الأخير بحديثه القديم/ولم يميز فاستحق الترك، وفال ابن سَعْد: رأيتهم يهابون حديثه، وقال ابن معين: لقيه مالك بعد ما كبَّر وخرف وكذلك الثوري ولكن ابن أبي ذئب سمع منه قبل أن يخرف، وقال ابن عدي: لا بأس به إذا روى عنه القدماء، ابن أبي ذئب وابن جريج وزياد بن سَعْد وغيرهم، ومن سمع منه بآخره وهو مختلط مثل مالك والثوري فغير شيء. وفيما قالاه نظر مخالف لما ذكره البخاري من أنّ ابن أبي ذئب سمع منه بآخره وذكر العقيلي والساجي ويعقوب في الضعفاء وكذا أحمد في مسنده وخرجه عن سليمان بن داود الهاشمي، ثنا عبد الرحمن بن أبى الزياد عن موسى بن عقبة عن صالح سأل رجل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شيء من أمر الصلاة فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"خلل أصابع يديك ورجليك" (1) . يعني: إسباغ الوضوء وإذا ركعت فضع كفيك على ركبتيك حتى تطمئن وإذا سجدت فلتمكن جسمك من الأرض حتى تجد حجر الأرض، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن كعب عن لقيط بن صَبرة عن أبيه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أسبغ الوضوء وخلل بين الأصابع" (2) . هذا حديث تقدم الكلام عليه في باب المبالغة في المضمضة مستوفيا هناك. ثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا معَمَّر بن محمد عن عبيد الله بن

_ (1) صحيح. رواه أحمد (1/278) من طريق موسى بن عقبة عن صالح مولى التوأمة قال: سمعت ابن عباس يقول: سأل رجل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن شيء من أمر الصلاة؟ فقال له رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... فذكره. ورجاله موثقون، إلا أن صالحا هذا وهو ابن نبهان كان اختلط، لكنهم قد ذكروا ابن أبي ذئب، وغيره من القدماء قد روى عه قبل الاختلاط 0 (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/2366) والترمذي (ح/788) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (الطهارة، باب"57"وابن ماجة (ح/448) والبيهقي في"الكبرى" (1/52) وابن أبي شيبة في"المصنف" (1/11) وابن كثير في"تفسيره" (3/52) .

أبي رافع حدثني أبي عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كان إذا توضأ حرك خاتمه" (1) . هذا حديث ذكره أبو أحمد وضعفه وكذلك أبو الحسن البيهقي وتبعهم على تضعيفه أبو محمد الإشبيلي وأبو الحسن بن القطان ومحمد بن طاهر وأبو الفرج البغدادي ويحيى بن عبد الواحد المقدسي بقوله: رواه معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، قال البخاري: هو منكر الحديث وفيما قاله نظر؛ لأن القائل فيه البخاري هذا القول هو أبوه لا هو، كذا هو في كتاب الإشبيلي وابن الجوزي وغيرهما، وقال عنه يحيى: ليس بشيء، وقال الرازي: ذاهب، وقال الدارقطني: ضعيف/الحديث، منكر الحديث جدًا ذاهب، وقال أبو أحمد كوفي في عداد شيعة الكوفة ويروى من الفضائل أشياء لا يتابع عليها، وذكره أبو جعفر في كتاب الضعفاء وكذلك يعقوب ابن سفيان، وقال الساجي: ضعيف الحديث عنده مناكير وابنه معمر، قال ابن معين: ما كان ثقة ولا مأمونًا، وقال أبو حاتم: رأيته ولم أكتب عنه في سنة ثلاث عشرة وما يتبين فخرج علينا وهو مخضوب الرأس واللحية فلم أسأله عن شيء فدخل فرأى بعض أصحاب الحديث وأنا قاعد فقال: ما يقعد؟ فقلت: انتظر الشيخ أن يخرج، قال: هذا كذاب. وقال ابن عدي: ومقدار ما يرويه لا يتابع عليه، وقال صالح بن محمد: ليس بشيء، وقال ابن حبان: ينفرد عن أبيه بنسخة أكثرها مقلوب لا يجوز الاحتجاج به، وفال العقيلي: لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به وعبد المالك بن محمد أبو قلابة الرقاشي الضرير الرجل الصالح وإن كان أبو داود قال فيه: رجل صدوق أمين، فقد قال الدارقطني: صدوق كثير الخطأ في الأسانيد والمتون، وكان يحدث من حفظه فكثرت الأوهام منه، ولما ذكر البيهقي هذا الحديث قال: والاعتماد في هذا الباب على الأثر عن علي وغيره ثم روى أثرَا عن علي من جهة سمير (2) عن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (449) في الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف معمر وأبيه محمد بن عبيد الله. والبيهقي (1/57) والدارقطني (1/83) . والمشكاة (429) . وضعفه الشيخ الألباني. أنظر: ضعيف ابن ماجة (ح/100) . (2) كذا ورد"بالأصل".

أبيه قال:"وضأت عليا فكان إذا توضأ حرك خاتمه". ومن جهة الأزرق بن قيس قال:"رأيت ابن عمر إذا توضأ حرك خاتمه". وروى ابن أبي خيثمة عن يحيى بن عبد الحميد، ثنا عبيد بن هاشم عن عُبَيدة ابنة نائِل قالت: "رأيت عائشة ابنة سَعْد وفي يدها خاتمان فكانت إذا توضأت حركتهما". وفي غريب الحديث لابن قتيبة من رواية ابن لهيعة عن عمرو بن الحرث عن عقبة بن مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبُلي عن الصنابحي أن أبا بكر- رضى الله عه- رأى رجلًا يتوضأ فقال: عليك بالمغْفَلة والمنشلة" (1) . قالوا: المغْفلة العنقفة سميت بذلك؛ لأن كثيرا من الناس يغفل عنها وعما تحتها، والمنْشَلَة: موضع/الخاتم من الخنصر ولا أحسبه سمى بذلك إلا أنه إذا أراد غسله نشل الخاتم من ذلك الموضع أي: اقتلعه منها ثم غسله ورد الخاتم وذكر الحديث في كتاب الترغيب عن مبرور الشيخي أنه قال: رأيت في المنام إصبعي الصغرى تكلمني، فقالت: ما لي من بين أصابعك أُعذب؟ قلت: ولم ذاك؟ قالت: إنك إذا توضأت لا تحرك خاتمك، قال أبو موسى وقد ثبت عن النبي عليه السلام أنه قال:"ويل للأعقاب من النار ومن ترك شعرة لم يصبها الماء من الجنابة فعل الله به كذا وكذا في النار" (2) . قال علي:"فلذلك عادت رأسي" (3) وخللوا أصابعكم بالماء قبل أن يخللها نيران جهنم في غير ذلك، ومن الأحاديث في كتاب تخليل الأصابع غير حديث سوى ما ذكره أبو عبد الله فمن ذلك حديث أبي هريرة رواه الدارقطني من حديث يحيى بن

_ (1) قوله:"المنشلة"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه. (2) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/23، 35، 52، 53) ومسلم في (الطهارة، ح/ 25، 38، 30) والترمذي (ح/41) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود (ح/97) والنسائي في (الطهارة، باب"88" (وابن ماجة (ح/450، 451، 453، 455) وأحمد في"المسند" (2/193، 205، 211، 226، 282) وا لموطأ (20) وا لدرامي (1/179) والبيهقي في"الكبرى" (1/69، 84) والدارقطني في"سنه" (1/95، 108) وشفع (75) وابن خزيمة (162، 166) وابن أبى شيبة (1/26) والحميدي (161) وأبو عوانة (1/229، 250) وموصح (1/291، 292) واستذكار (1/176) . (3) كذا"بالأصل".

ميمون بن عطاء وكان له فيما ذكره ابن أبى حاتم عن ليث عن عقبة عن مجاهد عنه قال عليه السلام:"خللوا أصابعكم لا يخللها الله يوم القيامة في النار" (1) . وحديث عائشة رواه أيضًا من حديث سَنْدل وهو متروك الحديث، قال ذلك أبو حاتم وغيره عن ابن شهاب عن عروة عنها قالت:"كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ ويخلل بين أصابعه ويدلك عقبيه ويقول: خللوا أصابعكم لا يخلل الله بينهما في النار" (2) . وحديث ابن مسعود ذكره ابن أبي حاتم فقال: سألت أبي عن حديث رواه زيد بن الزرقا عن الثوري عن مسكين عن هزيل بن شرحبيل عن ابن مسعود قال عليه السلام:"ليخللن أحدكم أصابعه قبل أن تنهكها النار" (3) . فقال أبي رفعة منكر وحديث أبي أيوب أخرجه أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي في إملائه سنة ثلثين وثلثمائة من رواية ابن الربيع عنه من حديث رباح بن عمرو/بن يحيى الرقاشي ابن أخي أبي أيوب عنه قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:"حبذا المتخللون بالوضُوء والطعام" (4) . وذكره عبد الحميد في مسنده أنَّ يزيد بن هارون ثنا رباح وحديث عثمان الذي عند الدارقطني تقدم تصحيحه عن جماعة في باب تخليل اللحية أنه:"توضأ فخلل أصابع قدميه وقال: رأيت النبي- عليه السلام- فعل كما فعلت" (5) .

_ (1) ضعيف جدا. نصب الراية (1/26) والدارقطني في"سننه " (1/95) والخفاء (1/459) والفوائد (11) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع: (ح/2846) . (2) أورده الألباني في"ضعيف الجامع") ص 419، ح/2845) . وعزاه إلى الدارقطني من حديث عائشة وقال: ضعيف. (3) منكر. كما ذكر الشارح. (4) ضعيف. رواه أحمد في"المسند" (5/416) والطبراني في"الكبير" (4/212) والمطالب لابن حجر (92) وابن عدي في"الكامل" (7/2547) والخفاء (1/412) وابن أني شيبة (1/12) والمجمع (1/ 235) وعزاه إلى أحمد والطبراني في"الكبير"وفي إسنادهما واصل الرقاشي وهو ضعيف. (5) صحيح. المجمع (2/130) وا لصحيحة (1349) وا لخفاء (1/459) وأحمد (1/287) ولفظه:"خلل أصابع ديك ورجليك ... "الحديث.

وحديث أبي الدرداء وذكر وضوئه عليه السلام وخلل ما بين أصابع رجليه سرس (1) إلى الكعبين ذكره أبو إسحاق بن عبيد في مسنده فقال: حدّثني سهل بن إسماعيل، ثنا سهل بن زنجلة، ثنا مبشر الحلبي، ثنا ثابت بن نجيح عن الحسن عنه وحديث الربيع ووصفها وضوءه عليه السلام قالت: ويغسل رجليه ثلاثًا فخلل بين أصابعه، ذكره أبو القاسم في الأوسط وقال: لم يروه عن النعمان بن سالم يعني عنها إلا ابن أبي سليم وعن ابن أبي سليم إلا يزيد ابن إبراهيم القشيري ولا عن يزيد إلا حجاج بن منهال تفرد به أبيه عبيد الله ابن حجاج، وحديث أنس مرفوعًا:"حبذا المتخللون من الوضوء"انتهى. ذكره في تاريخ الموصل من حديثه عن أحمد بن علي ثنا ابن عمار ثنا عفيف بن سالم عن محمد بن أبي جعفر العطار عن رقية عنه وفي حديث أبي هريرة وعائشة وابن مسعود وعثمان وأنس وأبي الربط والربيع وحماد ردّه لما ذكره الترمذي وأغفله حنِن تعداده أصحابه والله أعلم، وكان ابن سيرين وعمرو بن دينار وعمر بن عبد العزيز والحسن وابن عيينة وأبو ثور يحرّكون خاتمهم في الوضوء ورخص فيه مالك والأوزاعي ويعني ذلك عن سالم، وقال عبد العزيز بن أبي سلمة وأحمد بن حنبل: إن كان ضعيفًا يحيله ويدعه إن كان سليمًا قال أبو بكر: وبذلك أقول. ***

_ (1) كذا ورد"بالأصل".

26- باب غسل العراقيب

26- باب غسل العراقيب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، ثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن هلال بن سيار عن أبي يحيى عن عبيد الله بن عمرو قال:"أتى/ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قومًا يتوضئون وأعقابهم تارخ فقال: ويل للأعقاب من النار وأسبغوا الوضوء" (1) . هذا حديث خرجاه في الصحيحين، ولفظ البخاري: "تخلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر سافرناه فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة صلاة العصر". وفي لفظ لمسلم:"رجعنا مع النبي عينا من مكة إلى المدينة". وفي مستخرج أبي نعيم وصحح ابن ماجة وابن خزيمة:"بيض تلوح لم يمسها الماء". حدثنا أبو جابر ثنا عبد المؤمن بن علي ثنا عبد السلام بن حرب عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ويل للأعقاب من النار" (2) . وأخرجه أيضَا من حديث سعيد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيِ سلمة عنها قال:"رَأَيَت عائشة عبد الرحمن وهو يتوضأ الحديث بلفظ:"العراقيب" (3) هذا حديث رواه مسلم في صحيحه من حديث عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير، ثنا أبو سلمة حدّثني سالم مولى شداد قال: دخلت على عائشة يوم توفى سعد بن أبي وقاص فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فتوضأ عندها فقالت يا عبد الرحمن: "أسبغ الوُضوء". الحديث. وحديث أبي سلمة عنها، وفي علل أبي عيسى قال محمد: حديث أبي سلمة عنها يعني عائشة حديث حسن، وحدثنا سالم عنها حديث حسن، وقال أبو زرعة في كتاب العلل: وهم شيبان النحوي فأدخل بين سالم وعائشة أبا هريرة، والصحيح حديث الأوزاعي عن يحيى عن حسين المعلم عن يحيى عن سالم عنها، ولما ذكره الحافظ أبو الفضل الهروي في علله قال: هذا حديث، قد خالف أصحاب يحيى عكرمة فرواه

_ (1، 2) تقديم الحديث قريبا ص 345. (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/452) . وصححه الشيخ الألباني.

علي بن المبارك وحرب بن شداد والأوزاعي عن يحيى قال: حدّثني سالم، وقد قيل في هذا الحديث: حدّثني أبو سالم وليس بمحفوظ، وذكر أبو سلمة في حديث يحيى غيره محفوظ وقد روى عن أبي سلمة وعائشة من غير رواية يحيى ومن غير ذكر سالم انتهى، وفي كلامه استشعار،/فإن عكرمة هو المخالف لا غيره، وليس كذلك لما ذكره الطبراني في الأوسط من حديث أبي عبيد بن سلام، ثنا عمر بن يونس البخاري عن عبد الرحمن بن حرب عن أبيه عنها وقال: لم يروه عن هشام إلا عبد السلام تفرّد به عبد الرحمن بن علي، ورواه أيضًا من حديث عكرمة عن يحيى حدّثني أبو أسامة حدّثني سالم أو قال أبو سلام به قال: لم يدخل في إسناد هذا الحديث بين يحيى وسالم أبا سلمة ولا عكرمة ولا غير عكرمة إلا عمر بن يونس تفّرد به أبو عبيدة، وفي كتاب الطيالسي:"ويل للأعقاب من النار يوم القيامة" (1) . حدّثنا محمد بن عبد المالك بن أبي الشوارب ثنا عبد العزيز بن النجار، ثنا سهل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"ويل للأعقاب من النار". هذا حديث أخرجاه في صحيحيهما، ولما رواه البخاري بلفظ:"ويل للعقب من النار". قال: هذا أعجب إلي من حديث عبد الله بن عمر، وهذا حديث إسناده صحيح على شرط الشيخين إلا سعيد بن أبي كريب ويقال: كرب، والأول أصح فيما ذكره الدارقطني والبزار وإن كان لم يرو عنه غير أبي إسحاق، فقد قال فيه أبو زرعة: كوفي ثقة، وذكره أبو حاتم البُستي في كتاب الثقات، وأخرجه في الحلية من حديث سليمان ثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو عبيد ثنا ابن مهدي ثنا سفيان عن أبي إسحاق، وقال: غريب من حديث الثوري

_ (1) صحيح. رواه الطبراني في الكبير والطيالسي وابن خزيمة في صحيحه والأول والثالث من حديث عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي مرفوعا، ورواه أحمد موقوفا عليه". وكذلك نسبه الهيثمي في"المجمع" (1/240) إلى الطبراني مرفوعا وأحمد موقوفا. ولكن الحديث في مسند أحمد في موضعين (4/191) من طريق ابن لهيعة عن حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم عن عبد الله بن الحرث، وإسناده صحيح، وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبرى (1/ 70) من طريق يحيى بن بكير عن الليث عن حيوة عن عقبة بن مسلم، وكذلك رواه ابن عبد الحكم في فتوح مصر) ص 299) من طريق الليث بن سعد وابن لهيعة ونافع بن يزيد كلهم عن حيوة عن عقبة. وهذه أسانيد صحاح كلها.

تفرّد به ابن مهدي وأخرجه أبو القاسم في الأوسط من طريق عمرو بن أبي زائدة عن أبى إسحاق عن سعيد وقال: لم يروه عن عمرو إلا أبو عبيدة الحدّاد ذكره البزار أيضًا من حديث الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن النبي- عليه السلام- رواه عن عمرو بن علي عن أبي معاوية عنه قاله في معرض سعيد أبي إسحاق المتقدّم عنه، ولا يعتلى لأمرين: الأول: ما أسلفناه من يوثق سعيد أنه محتاج إلى غيره وفي هذا أيضًا رد عليه حيث قال: إنما ثبت مثالًا/لحفظه من غيره، وهذا قد حفظه هو عن غيره فلم أثبته هنا والله أعلم. الثاني: حديث الأعمش عن أبي سفيان منقطع، والمنقطع ضعيف لا يشهد حديث صحيح، وممن نصّ على انقطاع ما بيتهما أبو بكر البزار ثقة قال: وقد روى عنه نحوا من مائة حديث، وإنما من حديث ما لا يحفظه من غيره لهذه العلة، وقال في موضع آخر: إنما هي صحيفة عُرضت عليه. وفي موضع آخر وذكر حدثنا عن الناس ثنا يحيى بن سعيد ثنا الأعمش قال: حدّثني أبو سفيان يعني: طلحة بن نافع فذكر حدّثنا قال في أثره: كان يحيى يذكر أحاديث الأخبار وربما حدّث بها غيره فيدخل منها رجلًا فعلى هذا لا يتبع فيه، وقال الطبراني في الأوسط: ورواه من حديث أبي الأسباط ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقري عن الحسن بن صالح وعمّار بن زريق عن أبي إسحاق لم يرو هذا الحديث عن الحسن بن صالح إلا عبد الرحمن تفرد به أبو الأسباط والله أعلم، وذكر ابن شاهين حديث جابر في كتاب الناسخ والمنسوخ من جهة العزرمي عن عطاء عنه قال:"أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأنا أن نغسل أرجلنا". حدّثنا العباس بن عثمان وعثمان بن إسماعيل الدمشقيان قالا: ثنا الوليد بن مسلم ثنا شيبة بن الأحنف عن أبي سلام الأسود عن أبي صالح الأشعري قال: ثنا أبو عبد الله الأشعري عن خالد بن الوليد وابن يزيد أبي عن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة وعمرو بن العاص كل هؤلاء سمعوه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"أتموا الوضوء ويل للأعقاب من

النار" (1) . هذا حديث قال فيه الترمذي في العلل عن البخاري: هذا حديث حسن. ولما سأل ابن أبي الغنايم أبا زرعة عنه، قال: أبو صالح وأبو عبد الله لا يعرف أسماؤهم، ورواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن إسماعيل بن إسحاق الكوفي قال: ثنا سفيان بن صالح ثنا الوليد بن مسلم ثنا شيبة عن أبي سلام عن أبي صالح حدّثني أبو عبد الله الأشعري قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ثم جلس في طائفة منهم فدخل رجل فقام يصلي فجعل لا يركع وينقر في سجوه والنبي- عليه السلام- ينظر إليه فقال:"أترون هذا لو مات على هذا لمات على غير ملة محمد؛ فينقر في صلاته كما ينقر الغراب الدم مثل الذي يصلي ولا يركع وينقر في سجوده كالجائع لا يأكل إلا تمرة أو تمرتين فما يغنيان عنه فأسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار، وأتموا الركوع والسجود" (2) . قال أبو صالح الأشعري: فقلت لأبّي عبد الله الأشعري: من حدثك هذا الحديث؟ قال: أمر الأجناد: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص ويزيد بن أبي سفيان وشرحبيل بن حسنة كل هؤلاء سمعوا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي الباب غير حديث من ذلك حديث عبد الله بن جَزْء ذكره الحافظ أبو بكر بن خزيمة وأبو عبد الله، وذكره ابن أبي حاتم في علله من حديث علي بن يزيد عن عبيد الله بن زجر عن أبي القاسم عنه وزعم أن أبا زرعة ضعّفه، رواه الحاكم من حديث الليث بن سعد عن وجوه عن شريح عن عقبة، وحديث أبي أمامة ذكره الطبراني وحديث أخي أبي أمامة ذكره أيضَا أبو القاسم من حديث جرير عن ليث عن ابن سابط عن أخي أبي أمامة قال:"رأى النبي- عليه السلام- قومَا يتوضئون فبقى على أقدامهم قدر الدرهم لم يُصِبه الماءُ فقال:

_ (1) أورده الألباني في"الصحيحة: ح/872) وقال: أخرجه ابن ماجة (1/170) هن طريق الوليد بن مسلم. وقال: وهذا إسناد رجاله ثقات غير شيبة الأخنف وذكره ابن حبان في الثقات. وقال البوصيري في الزوائد (ق 2/34) :"هذا إسناد حسن، ما علمت في رجاله ضعفا". (2) صحيح. رواه ابن ماجة مختصرا في: 1- كتاب الطهارة، باب (55/ح/455) . في الزوائد: إسناده حسن. ما علمت في رجاله ضعفا. وصححه الشيخ الألباني.

ويل للأعقاب من النار" (1) ورواه الدارقطني (2) في سننه من حديث عبد الواحد بن زياد، ثنا ليث ثنا ابن سابط عن أبي أمامة أو عن أخي أبي أمامة قد ذكره وفيه فكان أحدهم ينظر فإذا رأى موضعَا لم يصبه الماء أعاد الوضوء، وفي الأوسط لأبي القاسم من حديث سويد بن سعد ثنا علي بن مُسهر وقال عن أبي أمامة وأخيه: جمع بينهما من غير شكّ ولا ترّدد في أحدهما، وكذا ذكره المديني في حديث الصحابة عنهما، ولما سئل أبو زرعة عن هذا الحديث قال: أخو أبو أمامة لا أعرف اسمه. وحديث أبي ذر خرجه ولم يسمع الكجي في سننه من حديث ابن عيينة عن عبد الكريم أبي أمية عن مجاهد عنه ولم يسمع منه قال: أشرف علينا النبي- عليه السلام- ونحن نتوضأ فقال:"ويل للأعقاب من النار"./ وحديث مُعَيقِب رواه البزار عن عمرو بن علي عن أبي داود ثنا أترب بن عتبة عن يحيى بن أبي بكر عن أبي سلمة عنه قال- عليه السلام-:"ويل للأعقاب من النار" (3) . وقال: لا نعلمه يروى عن مُعيقب إلا بهذا الإِسناد. وقال الترمذي في كتاب العلل: قال البخاري: وحديث أني سلمة عن مُعَيقب ليس بشيء كان أيوب لا يعرف صحيح حديثه من سقيمه؛ فلا أحدّث عنه، وضعّفه جدَا. ولما سأل ابن أني حاتم أباه عن هذا الحديث قال: إنّما هو عن يحيى عن سالم وعن عائشة ومنهم من يقول: يحيى عن أبي سلمة عن سالم عن عائشة وحديث الأعمى ذكره الشّافعي في مسنده وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأعمى يتوضأ:"بطن القدم فجعل الأعمى يغسل بطن القدم ولا يسمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسُمِّى البصير" (4) وفي تفسير

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/240) وعزاه إلى الطبراني في"الكبير" من طرق: ففي بعضها عن أبي أمامة وأخيه وفي بعضها عن أني أمامة. ومدار طرفه على ليث بن أبي سليم وهو ضعيف. (2) رواه الدارقطني في"سننه": (1/95، 108) . وانظر: المجمع (1 لم 240) . (3) تقدم تخريجه في أكثر من موضع من هذا الباب. وأقربه الحاشية رقم (1) . (4) ضعيف. رواه عبد الرزاق في"المصنف" (75) والترغيب (1/170) والمجمع (1/240) وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف، وبكسر بن سوادة ما أظنه سمع=

الثعلبي سمَّى أبا بصير غسِيلُ ورواه أبو موسى في معرفة الصحابة من حديث محمد بن محمود وله صحبة، وحديث أبي سعيد الخدري ذكر5 أبو إسحاق الشيرازي في كتاب غسل الرجلين؛ الذي قرأته على الشيخ المسند المعمر علي بن الصلاح رحمة الله عليه. أخبركم الحافظ صدر الدين إجازة إن لم يكن سماعًا عن أبي القاسم عبد المحسن بن عبد الله الحافظ الخطيب الطبري ثنا والدي أن الإمام أبو إسحاق وثنا به عاليا أبو البدر عن ابن الموعن أبي الكريم عنه، ويشَبه أن يكون في كلامه نظر؛ لأنّ حديث أبي سعيد ذكره الدرامي، وليس فيه إلَّا إسباغ الوضوء ولا ذكر للأعقاب فيه والله أعلم. وفي حديث أبي أمامة وأخيه وأبي ذر وأبي سعيد والأعمى ردّ على أبي عيسى إذا أعضلهم والله أعلم. العُرقوب موصل القدمين بالساق من الإِنسان قاله البزار، وقال الجوهري: هو العصب الغليظ الموتر فوق عَقب الإِنسان وعرقوب الدابة في رجلها بمنزلة الركبة في يدها، قال أبو داود: حديث الطرق والمنكب والعرقوب والقلب، قال الأصمعي: كل ذي أربع عرقوباه في رجليه وركبتاه في يديه، قال أبو جعفر: العزب تقول: الكعبان هما العرقوبان، والعقب بكسر القاف/مؤخر القدم وهي مؤنثة، وحكى بعضهم سكونها قال: أراد صاحبها فحذف المضاف وقوله: أنهما الصّلاة أي: أخرناها حتى كادت تدنو من الأخرى، وقال الخليل: أرهقنا أستأخرنا عنها. وقال أبو زيد: أرهقنا عن الصلاة أخرناها ورهقنا حانت، وقال النَّضر: أرهقت الشيء غشيته ورهقتني دنا منّي، وقال الأعرابي رهقته وأرهقته بمعنى دنوت منه، وأرهق الحلم دنا مه قال عياض: ويكون أرهقنا بمعنى أعجلتنا لضيق وقتها ويقال: أرهقته أعجلته، ومنه المراهق فالحج بالفتح ويقال بالكسر الذي أعجله ضيق الوقت أن يطوف، وقيل: الوقوف بعرفة. ***

_ = أبا الهيثم، والله أعلم.

27- باب ما جاء في غسل القدمين

27- باب ما جاء في غسل القدمين ذكر فيه حديث لأبي حية عن علي الوايلي فيه الجوربان صحيح، وحديث المقدام بن معد يكرب (1) وحديث الربيع، وقد تقدّم ذكر هؤلاء، وأغفل حديث عمرو بن عنبسة الطويل من عند مسلم، وفيه كما أمره الله وحديث جابر عند الدارقطني قال:"أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأنا للصلاة أن نغسل أرجلنا" (2) . وحديث أنس المذكور عنده:"أن رجلًا توضأ وترك على قدميه مثل الظفر فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أحسن وضوءك" (3) . وحديث خالد بن مَعْدان عن بعض الصحابة عند أبي داود أن رجلا صلى وفي ظهر قدميه لمعة فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أعد الوضوء والصلاة" (4) . وحديث عثمان بن عيدان أخرجه وفيه فغسل قدميه، وحديث أبي بكير: "بينا أنا جالس عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ جاءه رجل قد توضأ وبقى على ظهر قدميه مثل الظفر" (5) . ذكره الدارقطني في كتاب الإِفراد والغرائب وقال: غريب من حديث سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جدّه عن أبي تفرّد به الوازع بن نافع عنه وتفرّد به الربيعة بن سقلاب عن الوازع، وذكر أنّ ابن شاهين من جهة الوازع بن نافع عن سالم عن ابن عمر عن أبي بكر وعمر/ بنحوه وحديث محمد بن محمود:"رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعمى يتوضأ فقال: اغسل باطن قدميك فجعل يغسل باطن قدميه" (6) . *** (1) قوله:"يكرب"وردت"بالأصل" "كرب"، والصحيح ما أثبتناه. (2) صحيح. رواه الدارقطني: (1/107) . وابن أبي شيبة في"المصنف" (1/41) . (3) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/31) وأبو داود (173) وأحمد (1/21، 23، 3/146) . (4) حسن. الكشاف: (52) وأبو داود في (الطهارة، باب"66"، (ح/175) . (5) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/241) وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط"و"الصغير"وفيه الوازع بن نافع وهو مجمع على ضعفه. (6) تقدّم في أحاديث الباب ص 352.

ذكره المديني في كتاب العلل من حديث عبدان عن الأشج، ثنا أبو خالد ثنا يحيى بن سعد عنه وحديث أبي الهيثم:"رآني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتوضأ فقال اغسل بطن القدم يا أبا الهيثم". ذكره الطبراني وحديث ابن هيثم عن بكر بن سوادة عنه، قال أبو إسحاق الفرضي: في الرجلين في الوضوء الغسل إلى الكعبين: وهما العظمان النابتان في مفصل الساق والقدم. هذا مذهب الشافعي، وبه قال من الصحابة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وحذيفة وأنس بن مالك وأبو هريرة وتميم الداري وسلمة بن الأكوع وعائشة، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحابه على غسل القدمين وقد لقى عبد الرحمن مائة وعشرين صحابيَا، وقال عطاء بن أبي رباح لم أدرك أحدَا منهم يمسح على القدمين، وقد لقى عطاء عشرة من الصحابة، وهو مذهب الشعبي والحسن وابن سيرين والزهري وعكرمة ومحمد بن علي بن الحسين وجعفر بن محمد وعطاء الخراساني، وهو قول مالك والليث والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي عُبيد والحسن بن صالح وداود بن علي، وذهب الإِمامية من الشيعة إلى أنّ الواجب هو السح على ظهر القدم من الأصابع إلى الكعبين، والكعب عندهم في ظهر القدم ووافقهم على الكعب محمد بن الحسن ولكن لم يوافقهم في المسح، وقال بعض أهل الطاهر: يجب الجمع بين المسح والغسل، وقال ابن حزم: هو بالخيار بين المسح والغسل، والدليل على فساد ما ذهبوا إليه أنّ الأخبار تواترت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحكى قوم وضوءه، وروى قوم أمره، وروى قوم الوعيد في ترك غسل الأعقاب، وأمّا ما ذهبوا إليه من أنّ هذه الأحبار آحاد فلا نقبلها ولا نعمل بها فيجاب بأنّ هذا ليس بآحاد؛ لأنّ مجموعها تواتر معناها، وأما قراءة من قرءوا رجلكم بالخفض فمعارضة بمن نصبها، وهو نافع وابن عباس وعلي بن حمزة وهو أحد/الروايتين عن عاصم فلا حجة إذا الوجود المعارضة فإن قيل: نحن نحمل قرأه النصب على أنّها محمولة على المخل؛ لأن محل الرأس النصب وإنّما انخفض بدخول الباء فيكون

نصب الأرجل على العطف على المحل، وإذا حملناه على ذلك لم يكن منهما تعارض بل يكون معناهما المسح وإن اختلف اللفظ فيها، ومتى أمكن الجمع لم يجز الحمل على التعارض والأحكام والدليل على جواز العطف على المحل قوله تبارك وتعالى:) واتقوا الله الذي تساءلون * به والأرحام ((1) ... وقول الشاعر: الاخى ندماني عُمَير بن عامرٍ ... إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدًا فنصب غدا على المحل وقول الشاعر: مَعَاوِي إننا بَشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا فنصب الحديد على المحل، وقال جندح: كبير أناس في بحادٍ مُزَمَّلُ، وقال ضعيف سواءٍ! قَدير مُعَجَّل وقال زهير: لعب الزمان بها وغمَّرها ... بعدي سَوَاء في المودِ والفطر وقال النابغة: لم يبق إلَّا يسير غير منقلب أو ... موثق في حبال القدّ مَسلُوبُ وقال جرير: فما أتت إن ماتت إن تك داخل ... إلى أنّ بسطام بن قيسٍ تحاطب وقال آخر: حي دارًا أعلامها بالجناب ... مثل ما لاح في الأديم الكتاب وقال دوَيْد: فجئت إليه والرماحُ تتوشُه ... كوقع الصباحي في النسيج الممدَّد فدافعت عنه الخيل حتى تبدّدت ... وحتَّى علا ذلك من اللّون أسود وقال آخر: كأنما مددت قدام أعينهما قطنًا ... بمستحصل الأوتاد محلوج

_ (1) سورة النساء آية: 1.

ويجاب بأنّ العطف على المحلّ خلاف يشبه، وإجماع الصحابة فإنّما الشبه فحديث عمرو بن عَنْبَسَة يعني المتقدم الذكر، وأما الإِجماع فهو ما روى عاصم عن أبي عبد الرحمن السلّمي قال:"بينما (1) أنا يوم والحسن نقرأ وإن رجلكم على علي، وجليس قاعد إلى علي/رضى الله عنه محادثه فسمع نفرَا، وأرجلكم ففتح عليه الجليس الخفض فقال: علي وزجره إنّما هو فاغسلوا وجوهكم واغسلوا أرجلكم من تقديم القرآن وتأخيره، وروى عن ابن مسعود أنه قرأ وأرجلكم وقال: رجع الأمر إلى الغسل، وعن ابن عباس نحوه عن عروة ومجاهد وعكرمة والحسن ومحمد بن علي بن الحسين وعبد الرحمن الأعرج والضحاك وعبد الله بن عمرو بن غيلان، زاد البيهقي وعطاء ويعقوب الحضرمي وإبراهيم بن يزيد التيمي وأبي بكر بن عياش، وأمّا قول أبي إسحاق هو مذهب الشعبي وعكرمة والحسن ففيه نظر لما ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه بأسانيد صحيحة عنهم بالمسح، وأمّا ما قاله علي وابن عباس فقد ردّه أبو محمد بن خزيمة، وذكر ألهما قالا به، وأما ما ذكره عن محمد بن الحسن بأنّ الكعب عنده في طهر القدم فكذلك، ولكن بزيادة في كلّ رجل كعبان في القدم كعب، وفي السارق كعب حكى ذلك أبو جعفر هو الرائد مغرز، الساق وهو مجمع العروق من ظهر القدم إلى العراقيب، وأمّا ما ذكره من الإجماع فلا دليل عليه قوله، ولم يذكر هو سببَا من ذلك، ولا يكفي في الإَجماع أنَّ عليا وابن مسعود وابن عمر قالوا به: لأنّ عليًا لم يقل شيئًا مخالفا فيه ابن مسعود فكيف يتجّه قوله على هذا فانظر فيه والله أعلم، وأمّا قوله أنّ عطاء لقى عشرة من الصحابة في معرض مدحه وذلك مشعر بالَّا زيادة على ذلك، وليس كذلك لما ذكره الحافظ ابن سرور من أنّه رأى عقيل بن أبي طالب وأبا الدرداء، وسمع ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وجابر وأبا هريرة ورافع بن حديج ومعاوية بن أبي سفيان وزيد بن خالد وجابر بن عُمر الأنصاري وأبا سعيد الخدري وعائشة انتهى كلامه. وفيه نظر لما ذكره، هو أنّ عطاء وكذا في آخر خلافة عثمان وأبو الدرداء توفى سنة إحدى أو ست

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/241) وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط"و"الصفير"وفيه الوازع بن نافع وهو مجمع على ضعفه.

فلأتبين، فكيف نتصوّر روايته لأبيِ الدرداء وهذا لا يمكن أصلًا، وقد وردت أحاديث/لابد من تأويلها أو ردَّها وهو رفاعة بن رافع سمع النبي عليه الصلاة والسلام يقول: فدّل حديثَا فيه ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، وسيأتي ذكره في الباب الذي تعدّها، وحديث على كنت أرى أنَّ باطن القدم أدقّ بالمسح حتى رأيت النبي يمسح رأيت النبي يمسح ظاهرهما، وقد تقدّم طرق منه، وهذان الحديثان إلى من قال: من أهل الطاهر بالجمع وإن كان ابن شاهين ذكر أن هشيمًا قال: كان هذا في مبدأ الإِسلام، وكذا حديث أوس بن أبي أوس والله أعلم وحديث عبد الله بن زيد:"رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ فمسح بالماء على رجليه"ذكره ابن أبي شيبة في مسنده (1) عن أبي عبد الرحمن المولى عن سعيد بن أبي أيوب حدّثني أبو الأسود عن عبّاد بن تميم، به وأبو الأسود هذا لا أدري من هو، وقال الجوزجاني: هذا حديث منكر، وحديث ابن عباس عند أبي داود (2) مرفوعًا:"فقبض قبضة من الماء ورشَّ على رجليه اليمني". وفيها النعل قد مسحها بيده فوق القدم، ويد تحت النعل ثم صنع باليسرى مثل ذلك، وفي إسناده هشام بن سعد وهو ضعيف عند ابن معين وابن سعيد وغيرهما، وحديث علي بن أبيِ طالب كذلك ذكره أيضًا وإسناده لا بأس به ولفظه قال: قلت وفي النعلين قلنا: وحديث عثمان:"مسح رأسه وظهر قدميه، وفيه أن النبي توضأ نحو وضوءه" (3) هذا ذكره أحمد بن علي القاضي في مسند عثمان عن القواريري ثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد عن قتادة عن مسلم بن يسير عن حمران فذكره وسنده صحيح، وحديث عباد بن تميم عن أبيه:"رأيت النبي يمسح ثلاثًا على رجليه" (4)

_ (1) قوله:"بينما"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه. (2) منكر. كما ذكر الشْارح. (3) ضعيف. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 51- باب الوضوء مرتين، (ح/ قلت: والحديث ضعيف لضعف هشام بن سعد. (4) ضعيف أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/229) وعزاه إلى"أبي يعلي"وأبو النضر لم يسمع من أحد من العشرة، وفيه أيضا غسان بن الربيع ضعفه الدارقطني مرة وقال مرة=

رواه البخاري في تاريخه عن رجاء وإبراهيم بن شهاب عن أبيه عن سعيد بن أيوب بن إسحاق حدّثني أبو الأسود عنه قال: عبد الحق أبو الأسود لا أدري من هو وقال ابن الحضان أهو تميم بن عروة؟ وحديث عمر:"أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على القدم مرة" (1) ذكره ابن شاهين من حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عباد بن تميم عنه، وحديث جابر:"خرج عليه السلام إلى نقيع الغَرقد فتوضأ وغسل وجهه ويديه/ومسح رأسه، وتناول الماء بيده اليمنى فرش على قدميه فغسلهما"رواه أبو القاسم في الأوسط (2) وقال: لم يروه عن سلمة بن عبد الله بن الحضر إلا ابن لهيعة قالا ابن جرير: بعد ذكر حديث عبد الله بن عمر، وما أشبهه فأمر عليه السلام بإسباغ الوضوء في الرجلين وتوعد بالنار على ترك الأعقاب، وكان هذا الخبر زائد على ما في الآية وعلى الأخبار التي رويناها يعني حديث رفاعة وعلي وناسخًا لما فيها ولما في الآية والأخذ بالزائد واجب، ولقد كان يلزم من يقول بترك الأخبار للقرآن أن يترك هذا الخبر للآية؛ لانا وجدنا الرجلين يسقط حكمهما في التيمم كما يسقط حكم الرأس فكان حملهما على ما يسقطان بسقوطه ويثنان بثنائه أولى من حملهما على ما لا يثبتان بثباته، وأيضًا فالرجلان مذكوران مع الرأس فكان حملهما على ما ذكر معه أولى من حملهما على ما لا يذكر من مسحُهما بيده معه، وأيضًا فالرأس طرف والرجلان طرف والرجلان تعرف، وكان قياس الطرق على الطرق أولى من قياس الطرق على الوسط، وأيضًا فإنهم يقولون: بالمسح على الخفين فكان تعويض المسح أولى من يغوص المسح

_ = صالح، وذكره ابن حبان في الثقات. (1) الذي عثرنا عليه: الأول: بلفظ:"رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح خفيه، ظاهرهما ... ". المغيرة بن شعبة: (1/ 328) من التاريخ الصغير. والثاني بلفظ:"رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفَين ... ". أنس: (2/4/100) من التاريخ الكبير. (2) قلت: وفي"النسخة الأولى"سقطت بعض الكلمات من هذا الحديث، وكذا أثبتناها من"الثانية".

من الغسل، وأيضًا فإنّه لما جاز المسح على سائر الرجلين، ولم يجز على سائر دون الوجه والذراعين حل على أصول أصحاب القياس أنّ أمر الرجلين أخف وأقيس من أمر الوجه والذراعين كان ذلك كذلك فليس إلا المسح، ولابدّ فهذا أصح قياس في الأرض لو كان القياس حقًا والله أعلم، وأمّا قوله وذهبت الإِمامية من الشيعة فكلام مجمل يحتاج إلى بيان، وذلك أنّ الإِمامية أصلهم على ما ذكر السمعاني من قال بإمامة علي بعد النبي عليه السلام أيضًا ظاهرًا، وهذا قول يعم جميع الشيعة، ولهذا أطلق الفقهاء من غير تقييد بأنه مذهب الشيعة، قال المسعودي وفراق الإِمامية يعني الشيعة كانوا على ما ذكر من السلف من أصحاب الكتب ثلاثًا وثلاثين فرقة ثم يتنازعوا ويتباينوا حتى بلغوا ثلاثًا وسبعين فرقة، وفي كتاب الشهرستاني ثم أن الإِمامية لم يثبتوا في تعيين الأئمة/بعد الحسن والحسين على رأي واحد، بل اختلافاتهم أكثر من اختلافات الفرق كلها حتى قال بعضهم: إنَّ نيفًا وسبعين فرقة من الفرق المذكورين في الخبر هو من الإِمامية خاصة، ومن عداهم فخارجون عن الملّة، والإِمامة بعضها معتزلة أما وعيدية وإما تفصيلية وبَعْضها إجبارية إمّا مشبهة داما من أنّ الكعب في ظهر القدم فكان ينبغي له ردّه بما لا طاقة لهم به، وهو قول إمام اللغة عبد الملك بن حرث فإنه أنكر ذلك القول على قائله، وأبو عبيدة وغيرهما، دان كان قد ذكر أبو إسحاق ذلك أخيرًا فذكره هنا أولى، قال أبو موسى المديني: ذهب عامة الصحابة والتابعين إلى أن الملتصق بالساق المحادي للعقب وليس بالظاهر في ظهر القدم، وقال أبو بكر بن خزيمة في مسنده الصحيح أنه حديث عثمان الذي فيه، وغسل رجليه إلى الكعبين ثلاث هرات واليسرى مثل ذلك الكعبان هما العظمان النائيان في جانبي القدم، إذ لو كان العظم الثَّاني على ظهر القدم لكان للرجل لليمنى كعب لا كعبان ثم ذكر حديث طارق الذي فيه ورجل خلفه الذي يرميه بالحجارة، وقد أرمى كعبه وعرقوبيه فقال: وهذا دلالة على أن الكعب هو العظم النائي في جانبي القدم إذا الرمية إذا جاءت من وراء الماشي لا تكاد تصيب القدم، إذ الساق مانع أن تصيب الرمية طهر القدم ذكر حديث النعمان فرأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه وركبته صاحبه، أما قوله أنّ عبد الرحمن أدرك عشرين

ومائة فيحتاج إلى زيادة بيان، وذلك أنّ عطاء بن السائب روى عنه أدركت عشرين ومائة من الصحابة كلّهم من الأنصار فهذا هو أخبر عن نفسه إدراكه هؤلاء الأنصار فكيف بمن تعدّيتم من بقية الصحابة غيرهم والله أعلم، وزعم ابن حزم أنّ القرآن نزل بالمسح، وسواء ترى بفتح اللام وتخفيفها هي على كلِّ حال عطف على الرأس أمّا على اللفظ/وأمّا على الموضع لا يجوز غير ذلك؛ لأنه لا يجوز أن يحال بين المعطوف والمعطوف عليه ببعضه مبتدأه، وهكذا جاء عن ابن عباس، وفي أمالي ابن الحاجب الصواب انه نصب على الاستئناف والله أعلم. ***

28- باب ما جاء في الوضوء على أمر الله تعالى

28- باب ما جاء في الوضوء على أمر الله تعالى حدّثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جامع بن شداد أبي صخرة قال: سمعت حمران يحدث أبا بردة في المسجد انه سمع عثمان يحدث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من أتمّ الوضوء كما أمره الله فالصلوات المكتوبة كفارات لما بينهن" (1) . هذا حديث رواه مسلم في صحيحه عن عبيد الله بن معاذ ثنا أبي وثنا محمد بن مثنى وابن يسار قالا: ثنا محمد بن جعفر وقالا جميعًا ثنا شعبة عن جامع كما ذكره ابن ماجة، ومثل هذا حديث ابن معاذ، وليس في حديث غندر في أبيك سمعت عثمان يحدّث أبا بردة في إمارة بشر أن عثمان فذكره، ولا ذكر المكتوبات، وفي لفظ النسائي فالصلوات الخمس، حدّثنا محمد بن محي ثنا حجاج ثنا همام ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدّثني علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة ابن رافع: أنه كان جالسًا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:"إنها لا تتم صلاة لأحد حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى بغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح يرأسه ورجليه إلى الكعبين" (2) . هذا حديث لما رواه الترمذي (3) عن علي بن حجر أنا إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي بن محيى بن خلاد بن رافع الزرقي عن جدّه عن رفاعة بن رافع بأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"بينما هو جالس في المسجد يومًا قال رفاعة ونحن معه: إذا جاءه رجل كالبدوي فصلى فأخذ صلاته ثم انحرف فسلّم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال النبي: وعليك فارجع

_ (1) ضعيف أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/233) وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط" وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف. (2) صحيح مسلم (208) صحيح. ن 9111 حم: 56، 66، 69 أبو عوانة: 228 سنة 327، كنز 18959- كر 4: 438 وابن ماجة (ح/459) والترغيب (1/159) . وصححه الشيخ الألباني. (3) رواه الطبراني (5/29) وتلخيص (1/59، 217) وإتحاف (2/381) والمنثور (2/ 263) والتاريخ الكبير (0/323) .

فصل فإنّك لم تصل فرجع فصلى ثم جاء/فسلم عليه فقال وعليك فارجع فصل فإنك لم تصل ففعل ذلك مرتين أو ثلاثًا كل ذلك يأتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيسلم فيقول: وعليك فارجع فصل فإنك لم تصل فخاف الناس وكبُر عليهم أنّ يكون من أخف صلاته فقال الرجل في آخر ذلك: فأرني وعلمني فإنّما أنا بشر أصيب وأخطأُ فقال: أجل إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله به ثم تشهد فأقم الصلاة فإن كان معك قرآن فأقرأه وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع فاطمئن راكعًا ثم اعتدل قائمًا ثم اسجد فاعتدل ساجدًا ثم اجلس فاطمئن جالسًا ثم قم فإذا فعلت ذلك فقد تمّت صلاتك وإن انتقصت منه شيئا انتقصت من صلاتك"قال: وكان هذا أهون عليهم من الأول إنه من انتقص من ذلك شيئًا انتقص من صلاته ولم تذهب كلّها قال: هذا حديث حسن، وقد روى عن رفاعة هذا الحديث من غير وجه، ورواه أبو داود مطولًا من حديث إسحاق عن علي بن محيي بن محمد بلفظ:"أنه لا تتم صلاة لأحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء يعني مواضعه ثم يكبر ويحمد الله عز وجل ويثنى عليه، ويقرأ ما شئت من القرآن ثم يقول الله أكبر ثم تركع حتى تطمئن مفاصله ثم يقول: سمع الله لمن حمده حين يستوي قائما ثم يقول: الله أكير يسجد حتى تطمئن مفاصله ثم يرفع رأسه فيكبّر فإذا فعل ذلك تمت صلاته"وعن إسحاق عن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه فذكر لفظ ابن ماجه، ولما ذكر المفاصل أراد حتى يسترخي ثم يكبّر فيستوي قاعدًا على مقعده، ويقيم صلبه فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات

_ (1) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/192، 193، 6918، 169) ومسلم في (الصلاة، ح/45) وأبو داود في (استفتاح الصلاة، باب"33"والترمذي (303) وصححه. والنسائي (3/59. 60) وابن ماجة (1060) وأحمد (2/437، 0/394) . والبيهقي (2/15، 37، 62، 101، 122، 126، 345، 372) والحاكم (1/241) والدارقطني (1/96) وعبد الرزاق (3739) وابن خزيمة (ح/461، 590) ومناقب (2/37) والحلية (9/78) والترغيب (0/341) وإتحاف (3/422) والكنز (28338) والتمهيد (7/51، 9/182، 183) والطبراني (5/30، 36) . قلت: وفى المصطلح الاعتبار أولا برواية الترمذي كما أشار مغلطاي؛ ولكنى وضعت في أول الحديث رواية الشيخين تأكيدا على صحة الحديث المتفق عليه.

حتى فرغ لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك. نا واهب ابن نجية عن خاله عن محمد بن عمر وعن يحيى بن خلاد عن رفاعة بن رافع بهذه القصّة قال: إذا قمت فتوجهت إلى القبلة فكبر ثم اقرأ آية من القرآن أو ما شاء الله أن تقرأ وإذا ركعت/فضع راحتيك على ركبتيك وأمدد ظهرك، قال: وإذا سجدت فمكّن سجودك، وإذا رفعت فاقعد على فخذك اليسرى" (1) وفي حديث محمد بن إسحق حدّثني علي بن يحيى بن خلاد بن رافع عن أبيه عن عمه بهذه القصة فإذا جلست في وسط الصلاة فاطمئن وافترش اليسرى ثم تشهد ثم إذا قمت فمثل ذلك حتى تفرغ، ولفظ النسائي (2) عن عمر له وروى فيه حتى كان عند الثالثة أو الرابعة قال:"والذي أنزل عليك الكتاب لقد جَهدت وحَرصت فأرني وعلمني فذكره"روى معنى الحديث أبي عيسى وذكره الحافظ أبو حاتم في صحيحه من حديث محمد بن عمرو، وفي معجم الطبراني (3) الكبير: " صلى صلاة خفيفة لا يتم ركوعها ولا سجودها وفيه فإذا لم يفعل ذلك فلا تتم صلاته وفيه أنه كان من الأنصار"وذكره أيضا أبو محمد بن حزم مصححا، ولما ذكره البزار (4) بلفظ:"ما أدري ما تعيد علي من صلاتي وما الوتر فقال عليه السلام:"أنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى فيغسل يديه ووجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين"ثم ذكره وقال: هذا الحديث لا نعلم أحدا رواه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا رفاعة وأبو هريرة، وحديث رفاعة ثم حديث أبي هريرة وهو حديث حسن انتهى كلامه وفيه نظر لما ذكره الترمذي

_ (1) حسن. رواه أبو داود (859) والبيهقي (2/334) ونصب الراية (1/364، 366) والفتح (2/243) . (2) رواه النسائي: (3/59، 60) . (3) رواه الطبراني: (0/35، 36) . (4) رواه الطبراني (5/29) وتلخيص (1/59، 217) والبزار وإتحاف (2/381) والمنثور (2/ 263) والتاريخ الكبير (0/323) .

من أنّ عمارا روى ذلك أيضا، وعاب أبو الحسن على أبي محمد عبد الخالق سكوته عنه، وأعلّه بيحيى بن علي بن خلاد فإنه لا يعرف له حال، وليس فيه مزيد على الإِسناد انتهى كلامه وفيه نظر لما أسلفنا ذكره عند من صححّ حديثه، وذلك لا يكون إلَّا بعد معرفة حاله خصوصًا ابن حبان فإنه ذكره في كتاب الثقات. ***

29- باب في النضح في بعد الوضوء

29- باب في النضح في بعد الوضوء حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن بشر، ثنا زكريا بن أبي زائدة قال:/نا منصور وثنا مجاهد عن الحكم بن سفيان الثقفي أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ثم أخذ كفا من ماء فنضح به فرجه" (1) . هذا حديث اختلف في تصحيحه وضعفه وإرساله ووصله؛ فممن حكم باتصاله: أبو زرعة فيما حكاه عنه عبد الرحمن حين قال: سمعت أبا زرعة يقول: رواه جرير عن منصور عن مجاهد بن الحكم بن سفيان أو أبي الحكم بن سفيان ورواه الثوري عن منصور فقال: عن الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم ورواه وهب عن الحكم عن أبيه، ورواه ابن عيينة عن منصور وابن أبي نُجيح عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه، وقال: والصحيح مجاهد عن الحكم بن سفيان وله صحبة والنسائي (2) حين رواه في سننه عن الحكم قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما عند ابن ماجة وكذلك ذكره ابن ماجة، ولما أخرجه أبو عبد الله في مستدركه من طريق سفيان عن منصور عن مجاهد عن سفيان بن الحكم، أو الحكم بن سفيان قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وإنما تركاه للشك فيه، وليس ذلك مما يوهنه، وقد رواه جماعة عن منصور عن مجاهد عن الحكم ابن سفيان قال في كتاب المري: رواه عن منصور ثنا به عشرة رجالي وقالوا: في إسناده شبه أقاويل، قال سلام بن أبي مطيع وزكريا وإسرائيل الحكم ابن سفيان وقال سفيان وزائدة ومعمر وهو من سفيان بن الحكم أو الحكم بن سفيان وقال أبو عوانة وجرير وأبو عبيدة وقيس بن شيبان وأبو المجباه وحسن عن الحكم أو ابن الحكم، وقال شعبة ووهب عن الحكم أو أبي الحكم عن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب ما جاء في النضح بعد الوضوء، (ح/461) قوله:"فنضح به فرجه"أي رشْه عليه لنفي الوسوسة. وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه النسائي في: الغسل، باب"49"، ومسلم في (الحيض، ح/19) وأحمد (1/104) والبيهقي (1/115) وابن خزيمة (22) وأبو عوانة (1/273) بلفظ: "توضأ وانضح فرجك".

أبيه وقال ابن عيينة: عن رجل عن أبيه وأرسله مسعود، والذي عندي أنه الحكم ابن سفيان رجل من ثقيف له صحبة، نزل الطائف فسمع منه مجاهد بمكة وقال ابن حبان في كتاب الصحابة: الحكم بن سفيان عن عثمان بن عامر بن مغيث الثقفي من أهل الحجاز هو الذي/يقال له: سفيان بن الحكم يخطئ الرواة في اسمه واسم أبيه، وأم الحكم عائشة بنت أبي عقيل بن مسعود بن عامر بن معتب. وقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر وابن الجويني في كتاب الصحابة: الحكم بن سفيان وسفيان بن الحكم، وقيل ابن أبي سفيان وقيل أبو الحكم الثقفي واحد، وذكره في الصحابة أيضًا ابن أبي خيثمة في تاريخه الأوسط وأبو القاسم الطبراني وأبو جعفر الطبري في المذيل، وأبو إسحاق الجرمي في كتاب العلل وقال: نزل الطائف فسمع منه مجاهد وأبو أحمد العسكري وأبو نعيم، وقال ابن عبد البر: سماعه عندي صحيح يعني من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخالف ذلك البخاري في التاريخ الكبير بعد ذكره اختلاف ألفاظ الرواة فقال: وقال بعض ولد الحكم بن سفيان: لم يدرك الحكم النبي عليه السلام، وزاد الترمذي في العلل: لم يروه، وفي كتاب العلل قال أبي يعني- أبا حاتم الرازي-: الصحيح الحكم عن أبيه ولأبيه صحبة، وخالف ذلك في كتاب الجرح والتعديل فذكر في باب الحكم أنّه رأى النبي- عليه السلام- وبنحو ما قاله البخاري قاله أحمد في كتاب العلل وابن بنت منيع في معجمه عن ابن عيينة. وذكر الحاكم في تاريخ نيسابور قال محمد بن يحيى الذهلي: قلت لابن المديني الصحيح عندك عن الحكم أو عن أبيه فقالا: عن أبيه: كذا يقول شعبة ولما ذكره الأشبيلي قال: اختلف في إسناد هذا الحديث، وفي اسم الصاحب وأصح/الأسانيد فيه إسناد النسائي الحكم عن أبيه كذا قال الترمذي عن البخاري حين رواه عن أبي عمر عن ابن عيينة عن منصور، وابن أبي نجيح عن مجاهد رجل من ثقيف عن أبيه قال: وقال بعضهم: الحكم بن سفيان، وقال بعضهم: سفيان بن الحكم واضطربوا في هذا الحديث، وفي هذا ردًا على ابن عساكر في إغفاله ذكر الترمذي، وربيعة على ذلك المنذري وهو غير

صواب منها وقال أبو عمر: هذا حديث مضطرب جدًا، وكذا قاله العسكري قال أبو الحسن بن القطان: كلامه يوهم صحة الحديث من وجهين: أحدهما: سكوته عن إعلاله، والأخرى: قوله إن هذه الطريق أصخ، وهو قد عدم الصحة لوجوه: أحدها: الاضطراب. والثاني: الجهل بحال الحكم بن سفيان، فإنه غير معروف، ولا سيما على ما ارتضى أبو محمد من النسائي بأن يكون تابعًا. والثالث: أبوه المذكور لا تعرف صحبته، ولا روايته لشيء غير هذا. والرابع: تهافت لفظ الحديث المذكور المجتمع من روايات رواته، وشرح ذلك أن مداره عَلَى ابن منصور، وهو قد تلوث وتلوث عليهم ألوانًا فرواية شعبة عن الحكم عن أبيه، وفي رواية أخرى الحكم وأبو الحكم عن أبيه، وفي أخرى الحكم أو أبو الحكم أنه رأى النبي وهو خطأ؛ لأن الرجل الذي لا يعرف إذا قال عن نفسه أنه ثقة فذلك غير مقبول منه، وأما قوله: كان فيبعد أن يكون على ظاهره، ولو أطلق ألزم الناس للنبي- عليه السلام- وكلام البخاري لا يعطي حكمًا بصحة الحديث إنّما هو كما يقال: هذا المرسل أصح فلا تخرج من شيء من ذلك تصحح ما رواه ضعيف أو متروك أو ما روى مرسلًا، وأيضا فالبخاري لم يقل ذلك إنما سألَهُ الترمذي عنه فقال الصحيح: ما رواه شعبة وَوَهبْ وقال عن أبيه، وربما قال ابن عيينة في هذا الحديث عن أبيه فما هذا عن البخاري أنه قال: هو أصح الأسانيد، وإنما قال: الصحيح زيادة من زاد على أبيه، وتعين أن ننظر في حالة تكوينه تابعيًا وعدالته، وهي لم تثبت، ولعل قائلًا يقول: فلعلّه أيضًا قد رأى النبي- عليه السلام- كما رآه أبوه أخذًا من رواية من لم يقل عن أبيه فيقول: ما في هذا أكثر من إنهما ادّعيا إنهما رأيا وسمعا فإذا لم يعرفا بالعدالة لم يقبل منهما، وأيضًا فقد نص

العلماء على أن الحكم لم يدرك النبي قال ذلك البخاري. فكلام ابن عبد البر حيث قال: سماعه من النبي- عليه السلام- عندي صحيح يعد (1) لأنه قلد الثقات منهم الثوري ولم يخالفه من هو مثله كذا قاله وهو غير صحيح، قال /الثوري: كان رواه عن منصور فلم يقل عن أبيه فشعبة قال ذلك ووهب ووهما، فإن قيل قد اختلف على شعبة فلم يذكر النضر عنه قوله عن أبيه قلنا: والثوري عنه في هذا أقوال منها: قول محمد بن بشر عنه سفيان بن الحكم أو الحكم عن سفيان كان النبي، فإن احتج أبو عمر بهذه الرواية حيث لم يقل فيها عن أبيه قلنا هي محتملة أن يكون شاكَا في اسم الرجل الذي قال إنّه رأى النبي، أو أن يكون شكّا في انه الأب أو الابن فهي بهذا الاحتمال الثاني متردد فيها الإِرسال والانقطاع كانه يقول: لا أدري أعن سفيان بن الحكم فيكون مرسلَا أو عن أبيه الحكم بن سفيان فيكون منقطعًا، ولم يذكر فيه الرواية والسماع فيقطع النزاع ويرتفع الاحتمال؛ إنما فيها لفظة كان فيها وما فيها، ورواه أيضَا كذلك عن سفيان بغير زيادة عن أبيه عن أبي، والشك في الحكم أو سفيان بن مهدي ولفظه أحسن ولفظ محمد بن كثير قال:"رأيت النبي عليه السلام بال فتوضأ" (2) ذكر ذلك ابن السكن ولفظه، ورواه كذلك معمر ممن رواه عن سفيان بغير زيادة عن أبيه دون شك في الأب والابن محمد بن يوسف وهي التي يمكن أن يحتج بها ابن عبد البر لما ذهب إليه من تصحيح صحة الحكم قال فيه عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن الحكم بن سفيان قال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكر ذلك عنه البخاري في التاريخ، ويمنعه من الاحتجاج به رواية من رواه عنه بالشك كما قدمناه، وقد رواه عن منصور

_ (1) قوله:"يعد"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه. (2) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/256) من حديث عوسجة بن مسلم عن أبيه، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"وعوسجة بن مسلم لم أجد من ذكره إلا الذهبي. قال عوسجة بن أقرم روى عن يحيى بن عوسجة حديثه في المسح على الخفين لم يصح- قاله البخاري.

هذا بغير شك ولا زيادة عمار عن أبيه عمار بن رُزيق وجرير بن عبد الحميد بغير لفظه كان إما أخبر عن فعله واحدة، ورواه كذلك زكريا والذي يقوله: لا يترك رواية من زاد عن أبيه لترك من يترك ذلك، وأمر الحفظ حجة على من لم يحفظ، وإذا لم يكن بدا من زيادته فالحكم تابعي فيحتاج أن تعرف من عدالته ما يلزمنا به قبول روايته، وإن لم يثبت ذلك لم تصح عندنا روايته/ونسأل من صححها عمّا علم من حاله وليس بمعين لها فيما أعلم. والله تعالى أعلم انتهى كلامه، وفيه نظر من وجوه: الأول: تفرقته بين الاضطراب والتهافت ثم جمع بينهما حين بيّنت التهافت فذكر لفظ الاضطراب سواء بغير زيادة ولو أراد التهافت الاصطلاح الذي هو السقوط لما ساعده. الثاني: قوله: أن الراوي شكّ فقال سفيان بن الحكم أو الحكم بن سفيان فقد أسلفنا قول ابن حبان وغيره في ذلك. الثالث: قوله: كان بعيدًا أن يكون على ظاهره أو ما علم أنّ لفظة كان لا يُقتضى الدوام والاستمرار، ويؤيّد ذلك ما ذكره البيهقي في الكبير رواه إسرائيل وسلام بن أبىَ مطيع، وذكرنا فقالوا عن الحكم: بغير شك وهؤلاء حفاظ أثبات جزموا ما يثبت لديهم، قالت عائشة:"كنت أقتل قلائد هدي النبي عليه السلام" (1) ومن المعلوم أنّ ذلك إنما كان مرة. الرابعُ: على تقدير صحة ما يرجحه من ذكره من اقتضاء التكرار فحديث ابن ماجة سالم من ذلك. الخامس: قوله: وأن يكون شكُّا في كونه الأب أو الابن إلى آخره، فقول لم يقله أحدًا غيره، وإنما يحتمل ما قاله إذا ثبت إن للحكم ولدًا يقال له سفيان فأما إن ثبت له ولدًا بالوهم فالاحتمال، ويركب عليه التردّد فما أظنّه يستقيم.

_ (1) صحيح. رواه النسائي (1/156، 171، 173، 174) وابن خزيمة (2573) والحميدي (208، 209، 218) والتمهيد (2/264) وابن عدي (3/1032) .

السادس: قوله: وتعين أمّا ننظر في حاله لكونه تابعيًا غير مستقيم؛ لأنّ كلّ من روى حديثًا غير صحابي لا يكون تابعيا؛ لأنَ الصحابة يروي بعضهم عن بعض، ولئن أثبتنا روايته لهذا الحديث عن أبيه فيكون عند من أسقطها من مراسيل الصحابة، وذلك مقبول عند الجماهير. السابع: تطرقّه إلى أبيه سفيان لعدم قبول روايته وهو في ذلك غير منصف؛ لأنّ سفيان أباه ذكره في الصحابة أبو أحمد العسكري، وذكر عنده جماعة رووا عنه عدَة أحاديث فصح بهذا المجموع قول الحاكم وغيره. الثامن: إغفاله ما ذكره أبو إسحاق من اله يقال له: أيضا الحكم والله تعالى أعلم. لم حدّثنا إبراهيم بن محمد العبراني، حدّثنا حسان بن عبد الله، ثنا ابن لهيعة عن عُقيل عن الزهري عن عروة، ثنا أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"علمني جبريل الوضوء وأمرني أن أنضح تحت ثوبي لما يخرج من البول بعد الوضوء" (1) . هذا حديث إسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة، ولما سئل عنه أبو حاتم الرازي قال: هذا حديث كذب باطل قال ابنه: وقد كان أبو زرعة يضعفه أيضا وضعفه أيضا ابن عدي وابن طاهر، وأبو الفرج أخرج هذا الحديث في كتاب المختصر عن ابن أبي شيبة عن الأشيب عن ابن لهيعة فظننت أنه قديما للمعرفة وحاله يقرب من حال ابن لهيعة. ورواه أحمد في مسنده من جهة رشد بن سعد عن عقيل بحذف زيد أبي أسامة، ولما ذكر الإشبيلي حديث زيد بن حارثة المتقدّم من عند البزار قال: هذا يرويه ابن لهيعة وهو ضعيف عندهم، وقد رُوى أيضًا من طريق رشدين

_ (1) ضعيف ومتنه صحيح. رواه هـ 462- إتحاف 2: 429- صحيحة 2: 520 قلت: وعلته ضعف ابن لهيعة. وضعفه الشيخ الألباني) ضعيف الجامع. ص 545) . قلعت والحديث حسن. دون الأمر- المشكاة 336، والضعيفة 1312، وصحيح أبي داود 159.

أسنده إلى زيد بن حارثة وهو ضعيف عندهم لذلك، وهو غير صواب من فعله لأن حديث رشدين لا ذكر فيه لزيد كما سقته لكم أولا فاعلمه وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق جبيرة لا ذكر فيها لابن لهيعة ولا لرشدين ذكرها أبو القاسم في معجمه الأوسط من حديث سعد بن شرحبيل، ثنا الليث بن سعد عن عُقيل عن ابن شهاب عن عروة عن أسامة عن أبيه زيد. الحديث فال: لم يروه عن الليث إلا سعد بن سهل، والمشهور من حديث ابن لهيعة، حدثنا الحرث بن سلمة أحمدي، ثنا سلمة بن قتيبة، ثنا الحسن بن علي الهاشمي عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا توضأت فانضج" (1) هذا حديث قال فيه أبو عيسى: هذا حديث/غريب وسمعت محمدًا يقول: الحسن بن علي منكر الحديث، وقال ابن حبان هذا حديث باطل، ولما ذكره البغوي في شرح السنة قال: إسناده غريب، وذكره ابن عدي فيما أنكره من حديث الهاشمي، ولما ذكره العقيلي وحديثا آخر قال: لا يُتابع عليه من هذا الوجه، فأمّا الإِيضاح فقد روى بغير هذا الإِسناد بإسناد صالح، وأمّا الثاني: فلا يحفظ إلَّا عنه، وقال الدارقطني: كان يروى عن الأعرج عن أبي هريرة مناكير، الحديث وأخرجه الحافظ أبو نعيم من حديث ابن قتيبة: حدّثني الحسن الهاشمي قال: قلت لابن لهيعة قال عادلته إلى مصر وكان مولى لنا، عن أبي هريرة قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"قال لي جبريل: إذا توضأت فانضح"حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عاصم بن علي، ثنا قيس عن ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال:"توضأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنضح فرجه" هذا حديث إسناده ضعيف لضعف رواته الأول: عاصم بن علي أبو الحسين الواسطي وإن كان البخاري قد خرج حديثه وأثنى عليه الإمام أحمد بن حنبل فقد قال فيه يحيى بن معين: لا يساوي شيئًا، وفى رواته كَذابّ بن كذاب. الثاني: قيس بن الربيع أبو محمد الأسدي الكوفي وإن أبو حفص وشعبة أثنى عليه فقد وثّقه أبو الوليد الطيالسي، وكذا قاله أبو عفان والثوري وشعبة

_ (1) ضعيف. ومتنه صحيح. هـ463- إتحاف 2: 429. وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/103) ، والضعيفة (ح/1312) وا لصحيحة (2/519- 520) ، والمشكاة (ح/367) .

فقد قال عمرو بن علي كان يحيى وعبد الرحمن لا يحدّثان عنه، وكان عبد الرحمن ثنا عنه قبل ذلك ثم تركه وقال عفان: كان ربما أدخل حديث مغيرة في حديث منصور، وسئل عنه أحمد فلينه وقيل له مرة أخرى لم ترك الناس حديثه قال: كان يتشيّع، وكان كثير الخطأ في الحديث، وروى أحاديث منكرة، وكان ابن المديني ووكيع يضعفانه وكان وكيع إذا ذكره قال: الله المستعان، وسئل عنه ابن معين فقال ليس بشيء وقال مرة: ضعيف، وقال ابن نمير وأبو داود: كان له ابن هو آفته،/وقد رواه أصحاب الحديث في كتبهم فأنكروا حديثه فطنوا أنه قد غيرها، وقال ابن عدي وغالب رواياته مستقيمة، والقول فيه ما قال شعبة: كان لا بأس به، وقال ابن سعد أبو محمد بن قيس بن الربيع الجوَّال توفي بالكوفة سنة ثمان وستين ومائة، وكان كثير الحديث ضعيفًا فيه، وقال السعدي: ساقط، وقال الدارقطني: ضعيف الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان تتبعت حديثه فرأيته صادقا إلَّا أنه لما كبر ساء حفظه فيدخل عليه فختم فيه ثقة ما ثقة فوقعت المناكير في روايته واستحق المجانبة، وقال أبو الفتح الأزدي: ثنا ابن سبع، ثنا محمود بن غيلان قال لي محمد بن عُبيد: كان قيس بن الربيع استعمله أبو جعفر على المدائن فكان يعلّق النساء بأثدائهن ويرسل عليهن أناس، وقال ابن القطان: إنما ساء حفظه بعد ولايته القضاء فهو مثل شريك وابن أبي ليلى، وذكره الساجي والعقيلي في كتاب الضعفاء وضعّف به ابن طاهر غير ما حديث. الثالث: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى بيسار وقيل: داود الأنصاري الفقيه القاضي قال سعيد ما رأيت أسوأ حفظًا منه أفادني أحاديث فإذا هي مقلوبة، وقال أحمد بن يونس كان زائدة لا يروى عنه، وكان قد ترك حديثه، وقال أحمد: كان يحيى بن سعيد يضعفه وفي رواية سيء الحفظ، وقال أحمد: هو سيء الحفظ مضطرب الحديث وكان فقيه أحب إلي من حديثه، فيه اضطراب جدَا وفي موضع آخر ضعيف، وعن عطاء أكثر خطأ إنّما دخل عليه وهو ضعيف، وقال مرة: ضعيف الحديث، وقال يحيى: ليس بذلك، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال العجلي: كان فقيها صاحب سنة،

وكان قارئا للقرآن عالما به، قرأ حمزة عليه وكان حمزة يقول: إنما تعلمنا جَودة القراءة عند ابن أبي ليلى، وكان من أحسن الناس وأحفظهم للمصحف وأخطهم قلمًا وكان جميلا نبيلًا، وأؤل من استقضاه على الكوفة/يوسف بن عمر الثقفي، وكان يرزقه في كل شهر مائة درهم، وفي موضع آخر كان كوفيا صدوفا، قال أبو حاتم الرازي: شُغل بالقضاء فساءَ حفظه ولا يتهم بشيء من الكذب إنما ينكر عليه كثرة الخطأ فلا تصح به، وقال ابن حبان: كان فاحش الخطأ، رديء الحفظ فكثرت المناكير في حديثه فاستحق الترك، تركه أحمد ويحيى وقال الدارقطني: وهو رديء الحفظ كثير الوهم، وقال ابن طاهر في كتاب التذكرة: أجمعوا على تركه، وفيما قاله نظر لما أسلفناه من عند العجلي، وذكره أبو جعفر العضلي وأبو القاسم البلخي في كتاب الضعفاء، وكذلك يعقوب بن سفيان، وضعف به أبو أحمد والإشبيلي وابن القطان ومحمد بن عبد الواحد المقدسي وأبو محمد بن حزم وأبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد، وأبو الفرج في العلل المتناهية والتعليق، وللبيهقي الخلافيات والكبير والمعرفة غير ما حديث، ولما ذكره الساجي في كتاب الضعفاء قال: كان صاحب فقه ورأي وكان سيء الحفظ لا يتعمد الكذب، وكان يُمتدح في فقهه وقضائه، فأما في الحديث فلم يكن بحجة، وقد ذكر الدارمي في مسنده: حدثنا إسناده صحيح هو أولى بالذكر مما تقدم من الأحاديث، رواه عن قَبيصة، ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"توضأ مرةً مرة ونضح" (1) وهو في صحيح البخاري بغير هذه الزيادة، وقال الإِمام أحمد فيما حكاه عنه البيهقي: قوله ونضح تفرد بها قبيصة عن سفيان، وقد رواه جماعة عن سفيان بدون هذه الزيادة، وقد روى من وجه آخر عن ابن عباس من حديث الحسين بن علي عن يزيد الصرائي عن إبراهيم بن فروخ مولى عمر بن الخطاب عن أبيه عن ابن عباس مطولا فذكر نومه عند ميمونة، قال ابن أبي حاتم: سألت عنه أبي فقال: هذا حديث منكر وإبراهيم عنه مجهول، ورواه الحافظ أبو الشيخ في فوائد الأصفهانيين عن/عبيد الله بن محمد زكريا عن. حمد بكير عن

_ (1) تقدْم في بابه.

مَحيّرز بن مَحْرز عن إبراهيم بن عبد الله بن فرح عن أبيه عن ابن عباس ولفظه:"توضأ ونضح فرجه"وقال: هذا حديث لم يروه إلا محيّرز بن محرز تفرد به، وفيما أسلفناه من عند الدارمي ردّ عليه كاف والله أعلم، وروى أبو الحسن في غرائب حديث مالك من حديث القاسم بن عبد الله إلا حميمي عن سحرم بن عبد الله القيرواني عنه عن الزهري عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان إذا توضأ نضح عانته"ثم قال: هذا باطل عن ذاك ولا يصح، وحديث عمار بن ياسر المتقدم عند ابن ماجة في خصال الفطرة وفيه الانتضاح، وذكر الحافظ أبو بكر الإِسماعيلي في جمعه"مسند الحسن أبو القاسم البغوي، ثنا أحمد بن حازم الغفاري، ثنا عبد الله بن محمد بن سالم، حدّثني حسين بن زيد بن علي بن الحسن عن أبيه عن الحسن بن علي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان إذا توضأ أفضل لموضع سجوده ماءً حتى يسيله على موضع السجود" (1) ولما ذكره أبو جعفر الطبري في كتاب تهذيب الآثار عن ابن حازم، قال: وهذا عندنا خبر صحيح إسناده وقد يحب أن تكون على مذهب الآَخرين سقيما لعلتين: إحداهما: أنه خبر لا يُعرف له مخرج يصح عن النبي عليه السلام إلا من هذا الوجه، والخبر إذا انفرد به منفرد وجب التثبت فيه، والثانية: أن ذلك لا يعرفه العامة وهو عمل من أعمال الطهارة ولو كان صحيحَا عن النبي عليه السلام لم تجهله العامة، كذا قال أبو جعفر: ولم أجد في تاريخ محمد بن إسماعيل، ولا في كتاب ابن أبي حاتم سماعَا ولا رواية لزيد بن الحسن عن أبيه إنّما ذكر روايته عن ابن عباس أنه تطيب بالمسك لم يذكروا له رواية عن غيره، وقال ابن عدي: الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب روى عن أبيه وعكرمة أحاديث مُفضلة، وروايته عن أبيه أنكرها عن عكرمة، وفي حديث جابرا وابن عباس وأنس بن مالك والحسن وعمار ردٌ لما أغفله الترمذي. النضح: الرش، نضحت البيت- بالفتحة وبالكسر- وهو أيضا الشرب دون الذي ذكره الجوهري، وفي الحديث الصحيح: النضح من النضْح يريدُ من أصابه نَضحٌ من البول فعليه أن ينضحه

_ (1) صحيح. كما في تهذيب الآثار.

بالماء، والنضح دون النضح وفي المغيث هما متقاربان في المعنى، وقيل بالخاء ما بقى له أثر، وقيل: ما كان على اعتاد، وبالحاء بخلافهما وقيل بالمهملة أدق ومعناه إذا توضأت فصبّ الماء على العضو صبًا، ولا يقتصر على مسحه فأنه لا يجزئ فيه إلَّا الغسل، وقيل: استبراء الماءِ بالنثر والتنحنح يقال: نضحت أسلت وانتضحت تعاطيت الإسالة، وقيل: رش الإزار الذي على الفرج بالماء ليكون أذهب للوسواس وقيلَ: معناه الاستنجاءَ بالماء إشارة إلى الجمع بينه وبين الأحجار، وفي المحكم قال أبو علي: النضح ما كان من علو إلى سُفل. ***

30- باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل

30- باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل حدّثنا محمد بن رمح، ثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعد ابن أبي هند أن أبا مرة مولى عقيل حدثه أنّ أمّ هانئ بنت أبي طالب حدّثته:"أنه لما كان عام الفتح قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى غسله فسترت عليه فاطمة ثم أخذ ثوبه فالتحف به" (1) هذا حديث اتفقا على تخريجه وذكر أبو عمر بن عبد البر من حديث سعيد بن أبي سعيد عن أبي مرّة عنها قالت: "أتاني يوم حمران فأجرتهما فجاء علي يريد قتلهما فأتينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالأبطح بأعلى مكة وقد ذكرت غسله ثم قالت: قلت يا رسول الله إني أجرت حمو بن أبي وإن ابن أمي عليًا أراد قتلهما فقال عليه السلام: ليس له ذلك قد أجرنا من أجرت" (2) قال أبو عمر: الذي أجارته هو ولد هبيرة بن أبي وهب المخزومي واحدا كان واثنين، لأن في حديث ابن أبى النضر ما يدلُّ على أنه كان واحدا وفي حديث لم المقبري. اثنان وهبيرة زوجها وولده حمولها، وقيل: إنّ الذي أجارته الحرث ابن هشام وعبد الله بن أبي ربيعة المخزوميان، وأمّا قول من قال أنه جعدة بن هبيرة فما أدري ما هذا؛ لأنّ جَعْدة ابنها لا حموها، ولم يذكر أهل النسب ابنَا لهبيرة يسمّى جَعْدَة من غير أم هانئ. والله أعلم، حدّثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن محمد بن عبد الأكمل بن سعد بن زرارة عن محمد بن شرحبيل عن قيس بن سَعْد قال:"أتانا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوضعنا له ماءً فاغتسل ثم أتيناه بملحفة ورسية فاشتمل بها، فكأني أنظر إلى أثر الورس عليه" (3) .

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 59- باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل، (ح/465) . وصححه الشيخ الألباني. قوله:"إلى غسله"بفتح الغين، أي اغتساله. وبضمها إلى الماء. و"فالتحف به"أي اشتمل به. فصار الثوب للبدن كالمنديل الذي ينشف به أثر الماء. (2) صحيح متفق عليه. رواه البخاري (1/100، 4/122، 8/46) ومسلم في (صلاة المسافرين، ح/ 82) وأبو داود (ح/2763) وأحمد في"المسند" (6/341، 342، 343، 423، 424، 425) والبيهقي في"الكبرى" (9/95) والحاكم في"المستدرك" (4/45، 53) ومنصور (2612) والموطأ (152) والنبوة (5/81) وتجريد (147) ومعاني (3/223، 323) والمنتقى (1055) . (3) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 59- باب المنديل بعد الوضوء-

هذا حديث إسناده ضعيف بابن أبي ليلى المتقدّم ذكره، ورواه أبو محمد بن حزم في كتابه مصححَا له من طريق آخر مختصرَا، وفي تصحيحه له نظر، وذلك أنّ أبا داود رواه في سننه عن هشام وابن مثنى قالا: ثنا الوليد ابن مسلم، ثنا الأوزاعي، سمعت يحيى بن أبي كثير، حدّثني محمد بن عبد الرحمن عن قيس قال:"زارنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منزلنا فقال: السلام عليكم ورحمة الله، قال قيس: فرد سعد ردًّا خفيًا قال قيس: فقلت ألا تأذن لرسول الله قال: ذره يكثر علينا من السلام فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عليكم ورحمة الله، ثم رجع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأتبعه سعد فقال: يا رسول الله إني كنت أسمع تسليمك وأرد عليك ردًا خفيًا لتكثر علينا من السلام، قال: فانصرف معه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمر له سَعْد فاغتسل، ثم ناوله ملحفة مصبوغة زعفران فناوله فاشتمل ثم رفع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يديه وهو يقول:"اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عُبادة، قال: ثم أصاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الطعام، فلما أراد الانصراف قرب له سعد حمارًا قد وطيء عليه بقبطيتة، فركب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/: فقال سعد: يا قيس اصحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قال قيس: فقال: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اركب فأبيت فقال: إما أن تركب وإما أن تنصرف، قال: فانصرفت" (1) . قال أبو داود: رواه عمر بن عبد الواحد وأبن سماعة عن الأوزاعي مرسلا ولم يذكرا قيسا، فهذا كما ترى سقط من هذه الطريق محمد بن شرحبيل الذي لم يتصل والله أعلم، ورواه النسائي (2) من طريق ابن أبيِ ليلى فقال

_ = وبعد الغسل، (ح/466) في طريق قولع:"ورسية"مصبوغة بالورس. وهو نبت أصفر يصبغ به. وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/104) . وتتمة لفظه:"على عكنه" قلت: والعكنة: البطن في البان من السمن. (1) الكنز (33772) وابن السني (657) ومنثور (0/273) والجوامع (9917) وابن أبي شيبة (12/156) والطبراني (18/350) . لتعدد طرقه الضعيفة. وله طريق حسن لذاته دون الذي في إسناده ابن أبي ليلى. (2) قوله:"النسائي"سقط من"الأصل"وأثبتناه من"المطبوع".

عمرو بن شرحبيل عن قيس بنحوه، وعن محمد بن حاتم عن حبان عن ابن المبارك عن الأوزاعي عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أن النبي- عليه السلام- مرسل- زاد البراء فقال:"اللهم صلِ على الأنصار وعلى ذرية الأنصار وعلى ذرية ذرية الأنصار، ثم أوقف سعد حمارًا له عليه قطيفة فقال لابنه: اذهب فرد الحمار فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اركب على صدر حمارك فأبك ربه، فقال: هو لك يا رسول الله" (1) وذكر حديث ميمونة في اغتساله من الجنابة وسيأتي ذكره، وفي معناه حديث وائل بن عبد الجبار بن وائل عن سعد بن عبد الجبار عن وائل عن أبيه عن جدّه عنه مرفوعا فترك الوضوء وفيه ولم أراه تنشف، وحديث عبد الله بن جعفر: ذهب عليه السلام إلى الحائط فتوضأ بعد أن قضى حاجته فأقبل والماء يقطر من لحيته على صدره. ذكرهما أبو علي الحسن بن علي بن شبيب العمري في كتاب ما ينبغي للرجل أن يستعمله في يومه وليلته، حدّثنا العباس بن الوليد وأحمد بن الأزهر قالا: حدّثنا مروان بن محمد، ثنا يزيد بن السمط، ثنا الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن سليمان الفارسي: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فقلب جُبة صوف كانت عليه فمسح بها وجهه" (2) هذا حديث قال عنه أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن الوضين إلا ابن السمَطَ،/ تفرّد به مروان الظاهري بن عطاء بن كنانة بن عبد الله بن مصدع الخزاعي، أبا كنانة الدمشقي وإن كان قد قال فيه أحمد بن حنبل: هو ثقة وفي موضع: ما كان به بأس، كان يرى القدر، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وكذلك قاله دُحَيم، وفال أبو داود: صالح الحديث قيل له هو ثقة قال: وهو ثقة وتكلّم فيه السعدي بقوله: واهي الحديث، وقال المزني: غيره أوثق منه، وقال ابن سعد: كان ضعيفًا في الحديث، ولما ذكره العقيلي في كتاب الضعفاء قال أحمد بن محصي: ثنا الهيثم بن خارجة، ثنا الوليد بن مسلم قال: مات الوليد حتى كان صاحب خُطب

_ (1) صحيح. بشواهده. الكنز (33772) وا بن السني (657) ومنثور (0/273) والجوامع (9917) وابن أبي شيبة (12/156) والطبراني (18/350) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 59- باب المنديل بعد الوضوء وبعد الغسل، (ح/468) . في الزوائد: إسناده صحيح، ورواته ثقات، وفي سماع محفوظ من سليمان، نطر. وصححه الشيخ الألباني.

ولم يكن في حديثه بذاك، وذكره الساجي في كتاب الضعفاء، وزعم أنّ عنده حديثًا منكرًا وهو:"وكاءَ السه العينان" (1) ، ورد ابن عدي هذا الحديث وقال ابن عدي: القول فيه قول دحيم؟ لأنه أعرف به، وضعفه أبو الحسن القطان، وما أرى بحديثه بأسا، وكذا ضعفه البلخي، ولما ذكر الترَمذي حديث عائشة عن سفيان بن وكيع، ثنا عبد الله بن وهب عن زيد بن حبان عن أبي معاذ عن الزهري عن عروة عنها قالت:"كان للنبي- عليه السلام- خرقة يتنشف بها بعد الوضوء" (2) قال: وفي الباب عن معاذ ثنا قتيبة، ثنا رشدين عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عتبة بن حميد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ قال:"رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه" (3) قال أبو عيسى: هذا حديث غريب وإسناده ضعيف، ورشدين وابن أنعم يضعفانه في الحديث، وقال ابن القسم في الأوسط: لا يروى هذا الحديث عن معاذ إلا بهذا الإِسناد تفرّد به رشدين، قال أبو عيسى: وحديث عائشة ليس بالقائم ولا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيء/وأبو معاذ يقولون: هو سليمان بن أرقم وهو ضعيف عند أهل الحديث. انتهى كلامه وفيه نظر من وجوه: الأول: أبو معاذ يقولون هو ابن أرقم يعني تحرّصًا لا يقينًا، وقد أتى ذلك الإِمام أحمد بن حنبل حين سأله مهنأ عنه فقال: هو حديث منكر وأبو معاذ ياسين بن معاذ وهو ضعيف وهو أقوى من سليمان بن أرقم، وأما عبد الله الحاكم فأنه لما ذكر 5 في مستدركه قال أبو معاذ: هو الفضل بن ميسرة روى عنه يحيى بن سعيد وأثنى عليه، وهذا حديث صحيح وقد روى عن أنس وغيره ولم يخرجاه فليس قوله بأولى من قوليهما.

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/203) وشرح السنة (1/337) قوله:"الوكاء"ما تشد به القربة ونحوها من الأوعية، والسه- بفتح السين تاء محذوفة- اسم من أسماء الدبر. قلت: وحسنه على قاعدة الشيخ أبي داود الذي صنف عليها كتابه السنن. (2) ضعيف جدا وعلامات النكارة عليه واضحة. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 40- باب ما جاء في التمندل بعد الوضوء، (ح/53) قال أبو عيسى:"حديث عائشة ليس بالقائم. ولا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيء". (3) الكنز: (17843) .

الثاني: قوله ولم يصحّ عن النبي- عليه السلام- في هذا الباب شيء مردود بحديث أم هانئ لو لم يكن في الباب غيره على رأي من لم يفرق بين التنشُّف من الغسل والتنشُّف من الوضوء. الثالث: اقتصاره على ذكر حديث معاذ وأغفل ما أسلفناه، وكذا حديث أبي بكر رضى الله عنه أن النبي عليه السلام:"كانت له خرقة يتنشف بها بعد الوضوء"قال: قال البيهقي إسناده غير قوي، قال: وإنما رواه أبو عمرو بن العلاء عن إياس بن جعفر أن رجلا حدّثه:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت له خرقة أو منديل يتنشف بها بعد الوضوء"وهو المحفوظ، وقال الدارقطني في كتاب الإفراد والغرائب: هكذا رواه الصولي عن أبي العلاء عن أبي سعيد بن أوس عنَ أبي عمرو بن العلاء عن أنس بن خالد عنه، ورواه عون بن عمارة عن أبي عمرو بن إياس بن صالح عن رجل:"أن النبي- عليه السلام- كانت له خرقة أو منديل"وقال: غيره عن أبي عمرو عن إياس بن جعفر عن رجل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحديث أنس بن مالك قال البيهقي: ثنا أبو الحسين بن يسر أنّ ابن السماك ثنا حنبل بن إسحاق، ثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو قال: سألت عبد الوارث (1) عن حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس:"أن النبي عليه السلام كان له خرقة/أو منديل فإذا توضأ مسح وجهه، فقال: كان في قطنية فأخذه ابن علية فلست أرويه، قال الشّيخ: وهذا لو رواه عبد الوارث عن عبد العزيز عن أنس وكان سندا صحيحا إلَّا أنه امتنع من روايته، ويحتمل أنه كان عند الإسناد الأوّل- يعني إسناد حديث أبي عنه ابن العلاء المتقدّم له المستور لما سئَل أبو حاتم عنه قال: رأيته في بعض الروايات عن عبد العزيز أنه كان لأنس خرقة، والموقوف أشبه ولا يحمل أن يكون مسندا وحذف إسناده الأودي، ثنا به المسند المعمر أبو بكر بن علي الحميدي بقرأتي عليه، أخبركم المشايخ أبو المفاخر المخزومي وابن الشمعة وغيرهما، ثنا عبد العزيز بن عمر، ثنا أبو زرعة، ثنا والدي الحافظ محمد بن طاهر المقدسي، ثنا الخسر بن أحمد السمرقندي، ثنا أبو العباس جعفر بن

_ (1) قوله:"عبد الوارث"غير واضحة"بالأصل"وكذا أثبتناه.

محمد، ثنا الخليل بن أحمد، ثنا زيد، ثنا يحيى بن يونس، حدثني أبو الحسن سئل النسائي، ثنا سليمان بن عبد الرحمن التيمي، ثنا عتبة بن حماد بن الحكم، ثنا مُنِيبْ بن مدرك الأودي عن أبيه عن جده قال:"رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجاهلية وهو يدعو الناس إلى التوحيد والإِيمان وهم يردون عليه ويلقون التراب على وجهه حتى تعالى النهار، فأقبلت جارية تحمل قدحا ومنديلًا فأخذ النبي- عليه السلام- القدح فغسل وجهه- يعني توضأ- ومسح بالمنديل وجهه ثم قال: يابنية" (1) فذكر حديثًا طويلا قال ابن طاهر: رواه أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي عن سليمان التيمي مختصرًا، وعلونا فيه إليه. وحديث أبي مريم إياس بن جعفر بن الصلت عن فلان- رجل من الصحابة- أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان له منديل أو خرقة يمسح بها وجهه إذا توضأ"رواه النسائي في كتابه الكبير عن إبراهيم بن يعقوب وسهل بن حماد، ثنا أبو عمرو، ثنا العلاء فأخبرني أبو مريم فذكره، وروى مَشعَر عن سويد مولى عمرو بن حُريث"أن عليًا اغتسل فأتى بثوب/فدخل فيه يعني تنشف به، وهذه رواية وكيع عن مسعود"ورواه أبو نعيم عن سُوَيد مولى عمرو بن حُريث عن عمرو بن حُريث أنه:"أتى عليًا وقد اغتسل فأخذ ثوبًا فلبسه أو قال دخل فيه"ذكرهما أبو بكر الإِسماعيلي في جَمعه حديث مُسعَر، وقد اختلف الناس في التمندل: فأمّا ابن المنذر فذكر أنه أخذ المنديل بعد الوضوء عثمان والحسن بن علي وأنس بن مالك وبشير بن أبي مسعود، ورخّص فيه الحسن وابن سيرين وعلقمة والأسود ومسروق والضحاك، وكان مالك والثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي لا يرون به بأس، وروينا عن جابر أنه:"كان إذا توضّأ لا يتمندل"وكره ذلك عبد الرحمن بن أبي ليلى وابن المسيب والنخعي ومجاهد وأبو العالية وعن ابن عباس كراهيته في الوضوء دون الغسل من الجنابة، ورخص فيها آخرون قال أبو بكر: ذلك كلّه مباح، قال أبو عيسى: إنما كرهه من كرهه من قبل أنه قيل إن الوضوء يوزن. روى ذلك عن ابن المسيب والزهري، ثنا محمد بن حميد، ثنا جرير،

_ هـ (1) صحيح. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد 21/61) وعزاه إلى"الطبراني"ورجاله ثقات.

حدّثنا علي بن مجاهد وهو عندي ثقة عن ثعلبة عن الزهري قال: إنما كره المنديل بعد الغسل والوضوء؛ لأن الوضوء يوزن، وأما المنديل فنونه وياؤه زائدتان وميمه مكسورة قاله الجوهري: تقول منه مندلت بالمنديل وتمندلت وأنكرها الكسائي، وفي تاريخ الموصل: ثنا العلاء بن أيوب، ثنا سليمان بن محمد بن حبان، ثنا يحيى بن عيينة عن حميد عن أنس فال عليه الصلاة والسلام:"لا يتوضأ أحدكم موضع استنجائه فإن الوضوء يوضع مع الحسنات" (1) . وذهب أبو محمد إلى أنه يكره للمغتسل أن يتنشف في ثوب غير ثوبه، ولا يكره ذلك في الوضوء، وتمندل بالمنديل لغة في مندل وتمدل تمدلت؛ لأن المنديل مفعيل من مدلت يده يدك إذا أغمرت، فقيل: منديل لأنه يسمح به ذلك ويقال: مندل في معنى منديل، وحكى ابن محيى فتح الميم قال: واشتقاقه من الندم وهو الحرب، وأبو مرة اسمه زيد لزم عقلًا فنسب إليه وإنما هو/مولى أم هانئ واسمها فاختة وصححه الكلاباذي، وقيل هند وقال بعضهم: جمانة، قال أبو الحداد وهو خطأ إنما جمانة أمها، وهي شقيقة علي، وفي ذلك نظر لأنّ أم علي لا خلاف في أن اسمها فاطمة إلَّا أن يكون جمانة لقبًا، والله أعلم. ***

_ (1) رواه ابن عدي في"الكامل": (7/2709) .

31- باب ما يقال بعد الوضوء

31- باب ما يقال بعد الوضوء حدّثنا موسى بن عبد الرحمن، ثنا الحسن بن علي وزيد بن الحبُاب، ح وثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو نعيم، وثنا إبراهيم بن نصر، ثنا أبو نعيم، ثنا زيد العُمي عن أنس بن مالك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من توضأ فأحسن الوضوء ليشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ويشهد أن محمدًا رسول الله؛ فتح الله له ثمانية أبواب الجنة من أيّها شاء دخل" (1) . هذا حديث إسناده ضعيف لضعف رواته زيد العمي المتقدّم الذكر، ولما ذكره البخاري الحاكم شاهدًا ضعفه، وكذلك ابن أبي حاتم في علله حتى سأله أبا زرعة عنه وخرجه ابن منده في كتاب الوضوء من تأليفه من حديث عمرو بن عبيد الله بن موهب عن زيد حدّثنا علقمة بن عمرو الرواسي، ثنا أبو بكر بن عباس عن أبي إسحاق عن عبد الله بن عطاء البجلي عن عقبة بن عامر الجهني عن عمر بن الخطاب قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ما من مسلم يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله؛ إلا فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها باب شاء" (2) هذا حديث خرجه أبو عيسى من

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 60- باب ما يقال بعد الوضوء، (ح/469) . في الزوائد: في إسناده زيد العمي وهو ضعيف. قال السندي: قلت لكن أصل الحديث صحيح من حديث عمر بن الخطاب. رواه مسلم وأبو داود والترمذي. كما رواه المصنف من رواية عمر أيضا. ولا عبرة بتضعيف الترمذي الحديث في رواية عمر، كما نبه عليه، والعجب من صاحب الزوائد أنه اقتصر على كلام الترمذي مع ثبوت الحديث في صحيح مسلم. راجع: إتحاف (2/368) واللآليء (2/118) والحاوي (2/197) وأذكار (30) . وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/105) ، والضعيفة (ح/4578) . (2) ضعيف. رواه الترمذي (ح/55) من حديث عمر. وقال أبو عيسى: حديث عمر قد خُولف زيد بن حُباب في هذا الحديث. قال: وروى عبد الله بن صالح وغيره عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس عن عقبة بن عامر عن عمر، وعن ربيعة عن=

حديث أبي إدريس وأبي عثمان عن عمرو قال: هذا حديث في إسناده اضطراب، قال الدارقطني: ورواه عبد الله بن عطاء وقيل: عن ابن عطاء عن سَعْد بن إبراهيم عن زياد بن مخراق عن شَهْر بن حَوشب ففسّر الحديث عند شعبة لما فحص عنه، وفي كتاب العلل للحربي: ثنا المثنى عن معاذ قال: قلت لأبي لم نهيت عن حديث عقبة بن عامر هذا من كتاب شعبة؟ فقال: سل أنس بن النضر عنه، فسألته فقال: ثنا شعبة قلت لأبي إسحاق: ممن سمعت حديث/عقبة هذا قال: من الأسود الذي يجالسنا، وذكر أسود ليس بشيء، فسألت أسود فقال: سمعته من ابن المنكدر، فلقيت ابن المنكدر في الحج فسألته فقال: حدّثني به زياد بن مخراق، فرجعت إلى البصرة فسألته فقال: بلغني عن شهر ولا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب كبير شيء، وفيما قاله نظر، لأنّ مسلفا- رحمه الله تعالى- ذكر في صحيحه: حدّثني محمد بن حاتم، ثنا ابن مهدي، ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة- يعني ابن يزيد- عن أبي إدريس الخولاني- عن عقبة بن عامر، وحدّثني أبو عثمان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر قال: كانت علينا رعاية الإِبل فجاءت نوبتي فروحتها بعشي، فأدركت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائمَا يحدّث الناس فأدركت من قوله:"ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقول: ... فيصلى ركعتين فيقبل عليها بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة" (1) قال: فقلت من الذي جوّد هذه فإذا قال بين يدي يقول التي خلفها أجود، فنظرت فإذا عمر قال لي: قد رأيتك أجبت آنفا، قال: ما منكم قال:"ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ- أو يسبغ وضوءه- ثم يقول: أشهد أن لا أنه إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله

_ = أبي عثمان عن جُبير بن نفير عن عمر. وهذا حديث في إسناده اضطراب. ولا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب كبير شيء. قال محمد: وأبو إدريس لم يسمع من عمر شيئًا. قلت: وحديث أنس رواه ابن ماجة (1/89- 90) وأحمد في المسند (رقم 1328 ص 265) وفي إسناده زيد العمي وهو صدوق تكلموا في حفظه. (1) رواه أحمد في"المسند" (4/153) والكنز (18978) .

إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء". وثناه أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا زيد بن حُباب، ثنا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن جبريل بن نُفير عن عقبة به، ولما أخرجه أبو عوانة في صحيحه بين أنّ معاوية بن صالح هو القائل وحدّثني ربيعة بن يزيد، ولما أخرجه ابن منده قال: هذا حديث مشهور من طرق وعن عقبة وعن عمر، والعجب من أبي عيسى في إخراجه حديث أبي إدريس وتركه حديث غيره وهو قد سأل البخاري في كتاب العلل عن حديث أبي إدريس فقال: هذا خطأ إنّما هو معاوية بن صالح عن ربيعة عن أبي إدريس عن عقبة عن عمر ومعونة عن ربيعة عن عثمان عن جبير بن نفير عن عمرو وليس لابن إدريس سماع من عمر، قلت: من أبو عثمان هذا؟ قال شيخ: لم أعرف/اسمه فالذي يصححه يجد رواية أبي إدريس وأبي عثمان مرسله، ويأخذ بالزيادة في إثبات عقبة بن عامر من أبي إدريس بن عمرو إثبات جبير بن نفير بين أبي عثمان وعمر، فإن الأخذ بالزائد أولى، وفي علل أبيِ الحسن رواه عن عقبة عن عمر أبو إدريس وجبير وليث بن سليمان الجهني وابن عمر زهير بن مَعْبد ومحمد بن ثابت القرشي، وممطور والقاسم أبو عبد الرحمن وأبو الأحوص حكم بن عُمير وحمير بن هلال وإن سمع من عقبة، وأحسن أسانيده ما رواه معاوية عن ربيعة عن أبي إدريس وأبي عثمان من جبير عن عقبة وحديث يحيى بن حمزة عن يزيد بن أبي مريم عن القاسم أبي عبد الرحمن عن عقبة ليس به بأس أيضًا، ورواه يزيد بن أبي منصور عن دحيم أبي الهيثم عن عقبة عن أبي بكر الصديق، وذكره ابن أبي عروة في مسند عقبة من تأليفه عن أبي نعيم، ثنا خالد بن إياس عن صالح بن محمد بن زائدة عن عقبة، وذكره أبو جعفر أحمد بن سنان في مسنده عن يعقوب بن محمد الزهري، ثنا إبراهيم بن محمد بن ثابت، حدّثني أبي عن عقبة قال: وذكره أبو القاسم في الأوسط بغير اللفظ الذي سقناه مطولًا من عقبة قال: جئت في اثني عشر راكبًا حتى حللنا بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أصحابي من يرعى إبلنا وننطلق نحن نقتبس من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإذا راح اقتبسنا ما سمع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: أنا، ثم قلت في نفسي:

لعلي مغبون يسمع أصحابي ما لم أسمع، فحضرت يوما فسمعت رجلا يقول: قال نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من توضأ وضوءَا كاملا ثم قام إلى صلاته قام من خطيئته كيوم ولدته أمه"" (1) فتعجبت من ذلك فقال عمر بن الخطاب: فكيف لو سمعت الكلام الآخر كنت أشدّ عجبًا، فقلت أزد علي جعلني الله فداك، فقال عمر: إن نبي الله قال:"من مات لا يشرك بالله شيئًا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء"أو لها ثمانية أبواب؟ فخرج علينا نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجلست مستقبله فصرف وجهه عني ثلاًثا، فلما كانت/الرابعة قلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي لم تصرف وجهك عني، فأقبل علي فقال: أو أحدٌ أحب إليك أو اثنا عشر، مرتين أو ثلاثًا، فلما رأيت ذلك إلى أصحابي" (2) فال أبو القاسم: لم يروه عن الوضين- يعني: عن القسم أبي عبد الرحمن عن عقبة- إلا يحيى بن حمزة، وأما قول الترمذي وفي الباب عن أنس وعقبة فقد أغفل حديثًا رواه ثوبان مرفوعًا:"من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع طرفه إلى السماء فقال. أشهد أن لا أنه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله، فتحت له أبواب الجنة الثمانية فيدخل من أيّها شاء" (3) وفي الباب عن أنس وعقبة ذكره البزار في كتاب السنن عن ابن مثنى عن شجاع بن الوليد، ثنا أبو سعد عن أبي سلمة عنه وقال: لا يعلمه يروى عن ثوبان إلا من هذا الوجه، وفيما قاله نظر لما ذكره أنه القاسم في الأوسط من حديث مسور بن دورع العنبري ثنا الأعمش عن سالم أبي الجعد، عن ثوبان مرفوعًا بلفظ:"فساعة يفرغ من وضوءه يقول: أشهد أن لا أنه إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين" (4) الحديث. وهم، ولم يروه عن الأعمش إلا مسور، وحديثًا ذكره

_ (1) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في المجمع (1/234) وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"وفي إسناده القاسم أبو عبد الرحمن وهو متروك. (2) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/23) وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط"وفي إسناده القسم أبو عبد الرحمن وهو متروك. (3) صحيح. إتحاف (2/375) وبلفظ:"من توضأ فأحسن الوضوء ثم رفع بصره إلى السماء" إتحاف (2/367، 368) واللآلئ (2/33) والحاوي (2/191) والمغني عن حمل الأسفار (1/ 135) وابن السني (29) . وصححه الشيخ الألباني في: الإرواء (1/135) بشواهده. (4) صحيح. تقدم. ورواه الترمذي في: أبواب الطهارة، باب"41"، (ح/55) .=

النسائي في كتاب اليوم والليلة من حديث يحيى بن أبي كثير أن غسان عن شعبة عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عباد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من توضأ فقال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا أنه إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك؛ كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة" (1) ثم رواه عن ابن بشار عن محمد بن شعبة عن أبي هاشم سمعت أبا مجلز يُحدث عن قيس بن عباد عن أبي سعيد قال: ما من مسلم موقوفا، وفي مسائل أخرى يحدث، ثنا شعبة عن منصور، ثنا هشيم عن أبي هاشم فذكره مرفوعا بلفظ:"من توضأ فقال عند فراغه ... ثم قال: طبع على قلبه، فيرفع تحت العَرش فلا يقضي إلى يوم القيامة"وقال: لم يرو هذا/الحديث مرفوعا عن شعبة إلا يحيى، وفي فوائد المزكي تخريج الدارقطني حدث روح بن القاسم عن أبي هاشم مرفوعا بلفظ:"من توضأ ففرغ من وضوءه فقال: سبحانك اللهم وبحمدك"الحديث. قال: غريب عن روح تفرد به عيسى بن شعيب عن روح، وفيه رواه ابن منده في كتاب الوضوء بزيادة البسملة في أوله، وقد تقدّم ذكره، وحديث ذكره الإِسماعيلي في جمعه حديث الأعمش من حديث سعيد بن عثمان قال: حدّثني عمرو بن شمر عن سليمان عن شقيق عن عبد الله قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا فرغ أحدكم من طهوره فليشهد أن لا أنه إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويصلي علي فأنه إذا فعل ذلك فتحت له أبواب الجنة السبعة"ورواه أيضا أبو نعيم الحافظ في تاريخه (2) من حديث يحيى بن هاشم الغساني وهو متروك، ثنا الأعمش بزيادة:"إذا تطهر أحدكم فليذكر الله؛ فأنه يطهر جسده كلّه فإن لم يذكر أحدكم اسم الله على طهره لم يطهر إلا ما مرّ عليه وإذا فرغ ... " (3) الحديث. ولما ذكره أبو موسى في

_ = قال الترمذي:"وهذا حديث في إسناده اضطراب. ولا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيء. قلت: وصحة هذا الحديث بشواهده. انظر: الإرواء (1/135) . (1) صحيح. أورده ابن حجر في تلخيص الحبير (1/101) والترغيب (1/172) والمجمع (1/ 239) وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"ورجاله رجال الصحيح إلا أن النسائي قال بعد تخريجه في اليوم والليلة: هذا خطأ والصواب موقوفا، ثم رواه من رواية الثوري وغندر عن شعبة موقوفا. (2) ضعيف جدا. تاريخ أصفهان: (1/198) . (3) ضعيف جدا. رواه البيهقي في"الكبرى" (1/44) والدارقطني في"سننه" (1/73) ونصب الراية (1/7) وإتحاف (2/369) .

كتاب الترغيب والترهيب قال: هذا حديث مشهور له طرق عن عمر وعقبة وثوبان وأنس، وليس في شيء منها ذكر الصلاة إلا في هذه الرواية، وحديث ذكره أبو الحسن البغدادي من حديث صالح بن عبد الجبار ثنا ابن السلماني عن أبيه عبد الرحمن بن السلماني عن عثمان بن عفان يرفعه:"من توضأ فقال هكذا"ولم يتكلم ثم فال: أشهد أن لا أنه إلا الله" (1) الحديث وفيه"غفر الله له ما بين الوضوءين". وفي مسند عثمان للقاضي أحمد بن علي:"من توضأ فغسل يديه ثلاثًا ثم تمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثا وغسل يديه ثلاثًا إلى المرفقين ثلاثا ومسح رأسه ثم غسل رجليه" (2) الحديث رواه عن القواريري ثنا محمد بن الحرب الحارس عبيد بن محمد بن عبد الرحمن السلماني، وأما الدعاء عند غسل كل عضو فمروى عن علي عن النبي من طرق وفي كلّها ضعفاء ومجاهيل، وفي بعضها مع/ ذلك انقطاع. ذكر منها ابن عساكر طرفا في أماليه وابن الجوزي والله أعلم، ولما دخلت حمص سنة تسع وسبع مائة أفادني بعض الفضلاء جزءًا من الحديث لا أدري الآن من مخرّجه ولا ما سنده فيقال: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان يقرأ بعد فراغه من وضوءه سورة القدر ثم يرفع رأسه فيقول: أشهد أن لا أنه إلا الله" (3) الحديث. *** (1) ضعيف. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/239) وعزاه إلى"أبى يعلي"وفيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو مجمع على ضعفه. (2) ضعيف. المسانيد، (2/12) والترغيب (1/872) والكنز (1/1999) والمجمع (1/239) وعلقنا عليه في الحاشية السابقة. (3) سقطت بعض ألفاظ هذا الحديث من"الأولى"وأثبتناها في"الثانية". [

32- باب الوضوء في الصفر

32- باب الوضوء في الصفر حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة أحمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن الماجشون ثنا عمرو بن محيى عن أمه عن عبيد الله بن زيد صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخرجنا له ماءً في ثور من صُفر فتوضأ به"هذا حديث خرجه البخاري (1) وخرج مسلم أصله ولم يذكر الثور. حدثنا يعقوب ابن حميد بن كاسب، ثنا عبد العزيز محمد الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن جحش عن أبيه عن زينب بنت جحش أنه كان لها مُخضَبٌ من صُفر قالت:"كنت أرجل رأس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (2) هذا حديث إسناده صحيح إبراهيم وثقة ابن حبان وأبوه محمد روى عنه أيضًا مولاه أبو كبير، وقال ابن أبي حاتم له صحبة، قتل أبوه يوم أحد وهو غير مطابق لما ترجم له أبو عبد الله، والذي رواه أحمد في مسنده مطابق فكان أولى بالذكر قالت:"كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ في مخضب من صفر" (3) لفظه في الإِفراد:"توضأ النبي في مخضبي هذا مخضب من صفْر"ورواه من حديث الدراوردي عن إبراهيم بن محمد عن أبيه عنها وعن الدراوردي عن إبراهيم بن عبد الله بن جحش عنها، وفال: اختلفنا في إسناده وهو حديث غريب تفرد به الدراوردي عن عبيد الله بن عمر ولفظه عند أبي عبيد: "أن زينب كانت تغسل رأس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مخضب من صفر"قال/ العمري: وقد رأيت ذلك المخضب. حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: ثنا وكيع عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن أبي زرعة بن

_ (1) صحيح. رواه البخاري في (الوضوء، باب"45") وابن ماجة (471) . وذكره الشيخ الألباني في"صحيح ابن ماجة". (2) صحيح. رواه مسلم في (اللباس، ح/76) والفتح (1/401، 10/368) وأبو عوانة (1/312) والكنز (27456) وتمام لفظه: "كنت أرجل رأس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا حائض". (3) ضعيف. رواه أحمد (6/324) والتاريخ الكبير (1/320) .

عمرو بن جرير عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"توضأ في ثور" (1) هذا حديث إسناده صحيح، وهو غير مطابق؛ إذ الثور يكون من غير الصفر والله أعلم، وفي الباب أيضا حديث عائشة قالت:"كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثور من شبّه" (2) ذكره أبو داود وفي صحيح ابن خزيمة من حديثها أيضًا قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مرضه الذي مات فيه:"صبوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن قالت: فأجلسناه في مخضب لحفصة من نحاس وسكبنا عليه الماء" (3) الحديث. وقال: ثنا محمد بن يحيى سمعت عبد الرزاق يذكر عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة نحوه غير أنه لم يقل من نحاس حين حمل الحديث عن عروة، ولا شك. وفي كتاب البيهقي عن عائشة من طريق فيها ضعف ولكنها متصلة قالت:"كنت أغتسل أنا والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثور من شبه"وذكره أبو داود من طريق منقطعة وفي الأوسط عن جابر:"توضأ عليه السلام في طست فأخذته فصببته في زير لنا"وقال: لا يروي عن جابر إلا بهذا الإِسناد أبن المبارك، أنا عمر بن سمكة بن أبي مزيد المديني عن أبيه عن جابر تفرّد به ابن المبارك وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفي كتاب الطهور لأبي عبيد بن سلام: نا ابن أبي عدي عن ابن عون عن ابن سيرين قال:"كانت الخلفاء

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/251) وعزاه إلى"البزار"وهو في الصحيح خلا قوله:"ثم أكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ"ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ البزار. ورواية الصحيح: له شواهد صحيحة بنحوه. ورواه مسلم في (الحيض، ح/90) والترمذي (79) والنسائي في (الطهارة، باب"121") وأحمد (1/366، 2/265، 389، 427، 479، 503) . (2) صحيح. رواه الحاكم في"المستدرك": (1/169) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه أحمد (6/151، 228) والبيهقي (1/31) وإتحاف (10/287) وابن خزيمة (258) والفتح (10/240) وعبد الرزاق (179) والكنز (18842، 32195) والمغنى عن حمل الأسفار (1/262) وابن عدي (6/2438) والمجمع (9/42) وإسناده حسن. وعزاه الطبراني في"الأوسط"و"الكبير"باختصار.

يتوضئون في طست في المسجد"وعن الحسن قال:"رأيت عثمان يصب عليه من إبريق"وعن عبد الرحمن بن أبي الموالي قال: حدّثني حسن بن علي بن محمد بن علي ورأيته يتوضأ في ثور فذكر وضوؤه، ثم قال: أخبرني أبي عن أبيه: أنّ عليَا كان يتوضأ، هكذا قال أبو عبيد وعلى هذا أمر الناس في الرخصة والتوسعة في الوضوء في آنية النحاس وأشباهه من الجواهر يروي عن ابن عمر من الكراهة،/ثنا حجاج عن شعبة عن عبد الله بن جبر الأنصاري قال: جاء ابن عمر إلى بني عبد الأشهل فطلب وضوءا فأتيته بثور من ماء فقال: رده وأتني به في قصعة أو ركوة، وفي كتاب الأشراف: توضأ أنى بن مالك في طست، ورخص كثير من أهل العلم في ذلك، وبه قال الثوري وابن المبارك والشافعي، وما علمت أبي رأيت أحدًا من أهل العلم كره الوضوء في آنية الصفر وكذا الرصاص والنحاس وما أشبهه، وبه نقول، والأشياء على الإِباحة، وليس يحرم فا هو مباح. موقوف على ابن عمر. وكان الشافعي وإسحاق وأبو ثور يكرهون الوضوء في آنية الذهب والفضة وبه نقول، ولو توضأ فيه متوضئ أجزأه وقد أساء، وحكى عن أبي حنيفة أنه كان يكره فيها الأكل والشرب في آنية الفضة، وكان لا يرى بأسًا بالمفضّض، وكان لا يرى بالوضوء منه بأسًا، وفي قوله: ما علمت أحدًا كره الوضوء في آنية الصفر والنحاس وآلات الصفر هو النحاس، وفى قول أبي عبيدة ثنا علي بن إبراهيم عن ابن عمر نظر لما ذكره في الأشراف عن معاوية أيضا، وأمّا الصّفر: فهو النحاس بالضم حكاه ثعلب في فصيحه، وروى المطرّز عنه: النّاس كلّهم يقولون صفر وأبو عبيدة يكسره يعني الصاد وقال ابن درستويه: سُمّى النحاس صفرا لصفرته، والذي يصنع بالنوشادر ويقال له الشبه؛ لأنه يشبه الذهب. وفي الجامع هو النحاس الجيد والمخصب المزكن وهي الإِجانة التي يغسل فيها الثياب. كذا في الصحاح وفى الغريب شبه المزكن، والله أعلم.

33- باب الوضوء من النوم

33- باب الوضوء من النوم حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، ثنا وكيع ثنا، الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت:"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينام حتى ينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ" (1) قال الطنافسي: قال وكيع: تعني وهو ساجد، هذا حديث إسناده على شرط الشيخين،/حدّثنا عبد الله بن عامر بن زرارة ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن حجاج عن فضل بن عمرو عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله:! أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى نفح ثم قام فصلى"هذا حديث إسناده صحيح على شرط مسلم، ولفظ أبي عبيد الله أحمد بن إبراهيم الدورقي في مسند ابن مسعود:"كان عليه السلام ينام وهو ساجد، وكنا نعرف ذلك بنفخه، ثم يقوم فيمضي في صلاته" (2) ورواه محمد بن الصلت بن منصور بن أبي الأسود عن الأعمى عن إبراهيم، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا ابن أبي زائدة بن حجاج عن فضل- يعني العصبي- عن إبراهيم نحوه، قال حجاج: فسألت عطاء فقال النبي- عليه السلام-:أليس كغيره"ولما ذكره في الأوسط وقال: لم يروه عن الأعمى إلا منصور، وفي إسناد الدارقطني علي أبي محمد السمعي، ثنا أحمد بن الحسن، ثنا عبد الجبار، ثنا أبو خيثمة عن محمد بن حازم عن حجاج عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبيد الله:"كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينام مستلقيًا حتى ينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ" (3) . حدّثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، ثنا ابن أبيِ زائدة عن حريث بن أبي مطر عن يحيى بن عباد أبي هبيرة الأنصاري عن سعيد بن جبير عن أبن عباس قال: كان نومه ذلك وهو جالس، كذا فيما رأيت من النسخ، وفي الأطراف لأبي القاسم زيادة من نفس السنن- يعني النوم الذي

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/474) وأحمد في"المسند" (6/135) وابن أبي شيبة في "المصنف" (1/132) والكنز (17852) . وصححه الشيخ الألباني. (2) ضعيف. رواه ابن أبي شيبة في"المصنف" (1/133) والكنز (27137، 27177) . (3) صحيح. رواه أحمد (1/426) والمجمع (8/266) وعزاه إلى"أبي يعلي"و"البزار"، ورجال أبي يعلي رجال الصحيح.

لم يتوضأ منه- ولما رواه أبو القاسم في الأوسط من حديث أبي هريرة عن ابن المسيب عن أبن عباس:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام وهو قاعد ثم قام فصلى ولم يتوضأ"قال: لم يروه عن أشعث عن أبي هريرة عن سعيد إلا شريك 0 ورواه غيره عن أشعث عن أبي هريرة عن ابن جبير، وفي موضع آخر "فأخر العشاء حتى نام القوم واستيقظوا وهو ساجد، ثم ناموا واستيقظوا فصلى بهم ولم يذكر أنهم توضئوا" (1) وقال: لم يروه عن يونس بن عبيد/العمي عن عطاء عنه إلا حماد بن مسلمة تفرّد به يونس المؤذن وابن عائشة، رواه عن محمد بن الصلت ثنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمى عن إبراهيم ثنا سعيد بن سليمان، ثنا ابن أبي زائدة، ثنا حجاج عن فضيل- يعني الفقيمي- عن إبراهيم نحوه قال: حجاج فسألت عطاء فقال النبي عليه السلام ليس كغيره. وفي الدارقطني على أبي محمد السمعي، ثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، ثنا أبو خيثمةْ عن محمد بن حازم عن حجاج عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن دينار:"كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينام مستلقيًا حتى ينفخ ثم يقوم فيصلي ولا يتوضأ" (2) وهو حديث ضعيف لضعف رواته، وحريث أبي عمر أحد الحفاظ فأنه ممن قال فيه البخاري، فيه نظر وفي رواته عنه ليس عندهم بالقوي، وقال عمرو ابن علي: لم أسمع يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عنه ابني قط وهو حديث ابن عمرو وهو ضعيف الحديث بأبي عبيدة الضبي وعبد الأعلى الجرار وانظاره وبنحوه، قال أبو حاتم الرازي وابن عدي: وفي مسند الإِمام أحمد بن حنبل ثنا حميد عن عبد الله بن عبيد عن رجل قال:"رأيت نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى نفخ ثم قام فصلى ولم يتوضأ" (3)

_ (1) رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 57- باب ما جاء في الوضوء من النوم، (ح/57) . قال: وفي الباب عن عائشة، وا بن مسعود، وأبو هريرة. ورواه أحمد (رقم 2315 ج 1 ص 256) وأبو داود (1/80) والبيهقي (1/121) كلهم من طريق عبد السلام بن حرب. قلت: ولم يحكم الترمذي على هذا الحديث بشيء من صحة أو ضعف. (2) تقدم وهو حديث ضعيف. ص 393 (3) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (8/266) وعزاه إلى "أحمد"وإسناده جيد.

وسئل عمن نام وهو جالس فقال: يعيد وضوءه، ذكره في تاريخ الموصل من جهة المغيرة بن زياد عن أبي رباح عنه، وقال يحيى بن معين: لا شيء، وفى رواية ضعيف، وقال النسائي: متروك الحديث، وكذا قاله علي بن الجنيد وقال الحربي في كتاب العلل: ليس هو حجة، وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء، وقال الساجي: ضعيف الحديث عنده مناكير، ومَعْنى حديثه هذا في صحيح مسلم بل هو واضح في الدلالة من حديث ابن عباس قال:"بت عند خالتي ميمونة فقلت لها: إذا قام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأيقظيني، فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقمت إلى جنبه الأيسر فأخذ بيدي فجعلني في شقه الأيمن، فجعلت إذا أغفيت يأخذ سخمة أذني، قال: فصلى إحدى عشرة ركعة، ثم أجبني حتى أني لأسمع نفسه زائدًا، فلما/تبيّن له الفجر فصلى ركعتين خفيفين" (1) وقد ورد في نوم القاعد غير ما حديث، من ذلك حديث ابن المبارك: ثنا معمّر عن قتادة عن أنس قال:"لقد رأيت أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوقظون للصلاة حتى أني لأسمع غطيطا، ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون" (2) قال ابن المبارك: هذا عندنا وهم جلوس: قال الحافظ البيهقي: وعلى هذا جملة عبد الرحمن ومهدي والشّافعي، وهو محتمل لما قالوه، لكن وردت زيادة تمنع من هذا التأويل، ويردّه على من أوله ذكرها أبو محمد بن حزم مصححًا لها، وذكرها أيضًا أبو الحسن ابن القطان من رواته يحيى بن سعد القطان عن سعيد عن قتادة عن أنس:"أنّ أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينتظرون الصلاة فيضعون

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: كتاب الصلاة، 27- باب في صلاة الليل، (ح/1374) . ولفظه: "بت عنده ليلة وهو عند ميمونة فنام حتى إذا ذهب ثلث الليل أو نصفه استيقظ فقام إلى شن فيه ماء فتوضأ وتوضأت معه، ثم قام فقمت إلى جنبه على يساره فجعلني على يمينه، ثم وضع يده على رأسي كأنه يمس أذني كأنه يوقظني، فصلّى ركعتين خفيفتين قد قرأ فيهما بأم القرآن في كل ركعة، ثم سلْم، ثم صلْى حتى صلّى إحدى عشرة ركعة بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال فقال: الصلاة يا رسول الله، فقام فركع ركعتين، ثم صلى بالناس". انظر، الصحيحة: (2/498) . ورواه الترمذي: (ح/78) وقال:"هذا حديث حسن صحيح". (2) قوله:"ولا يتوضؤن "سقطت من"الأصل"وكذا أثبتناه.

جنوبهم، فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة " قال قاسم بن أصبغ: ثنا محمد بن عبد السلام الخشني، ثنا ابن بشار ثنا يحيى بن سعيد فذكره، وهو كما نرى صحيح من رواية إمام عن سعيد فأعلَّه. ورواه البزار (1) من حديث أبو عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن أنس:" أنّ أصحاب النبي- عليه السلام- كانوا يضعون جنوبهم فمنهم من يتوضأ ومنهم من لا يتوضأ"وقال ابن المنذر: حديث ابن عباس يعني هذا لا يثبت، وفي كتاب ابن عدي من حديث محمد بن مسلم الطائفي عن قتادة عن أنس قال:"كنا ننام في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا نُحْدِثُ لذلك وضوءَا" (2) وقد أكد حديث سعيد ما في الصحيح من حديث ابن عباس ونومه عند النبي عليه السلام قال:"ثم اضطجع فنام حتى نفخ"ولكن قد قال هو:"إنّ عيني تنامان ولا ينام قلبي" (3) وقال سفيان: هذا للنبي خاصة أو كذا قاله عكرمة فعلى هذا لا حجة فيه على التأكيد، وقد روى ذلك عن عائشة وأنس وجابر وأبو هريرة، وقد روى يزيد بن أبي زيادة وهو منكر الحديث عن مقسم عن ابن عباس قال: وجب الوضوء على كلّ نائم إلا من خفق خفقة برأسه، قال البيهقي: هكذا رواه جماعة عن يزيد موقوفَا، وروى ذلك مرفوعا ولا يثبت رفعه/. وقال ابن المنذر: حديث ابن عباس هذا لا يثبت، قال الأثرم: قال أبو عبد الله عند ذكر حديث عبد الأعلى يضعون جنوبهم ما في هذا أحسن من حديث أنس:"كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون" هكذا قال شعبة، وقال هشام: يخفقون برؤوسهم، وقال ابن أبي عروبة: فيضعون جنوبهم وتبسم أبو عبد الله ثم قال: هذا مرّة يضعون جنوبهم، وفي

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/248) من حديث أنس، وعزاه إلى "البزار"ورجاله رجال صحيح. (2) ضعيف. رواه ابن عدي في"الكامل": (6/2219) . (3) صحيح. متفق عليهِ. رواه البخاري (2/67) ومسلم في (صلاة المسافرين، ح/125) والنسائي (3/234) والترمذي (439) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (4/106) وابن خزيمة (49) وتلخيص (3/135) ومشكل (4/353) واستذكار (1/99) والشمائل (144) والشفا (1/189، 2/349، 409) والتمهيد (5/208، 209، 6/392، 393) .

السنن أيضًا من حديث أبي الجعد: ثنا شعبة عن الجُريري عن خالد بن علاثة عن أبي هريرة قال:"من استحق النوم فقد وجب عليه الوضوء" (1) وفي لفظ:"فسألناه عن استحقاق النومْ فقال: هو أن يضع جنبه"قال البيهقي. وروى ذلك مرفوعا ولا يصح، وفي كتاب أبي داود عن أنس قال:" كان أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون" (2) قال أبو داود: وزاد فيه سعيد عن قتادة قال: على عهد النبي- عليه السلام- وفي رواية معمر عن قتادة:"حتى أني أسمع لأحدهم غطيطًا"وفي رواية كتاب الترمذي من حديث عبد السلام بن حرب عن خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس:"أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام وهو ساجد حتى غطّ أو نفخ ثم قام فصلى، فقلت: يا رسول الله، إنك قد نمت، قال: إنّ الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعا فأنه إذا اضطجع استرخت مفاصله" (3) ، قال أبو عيسى: رواه سعيد عن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله: ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه، ولما ذكره دعلج في مسند ابن عباس من تأليفه، قال: سمعت موسى بن هارون

_ (1) شاذ لا يصح."غرائبً شعبة" (2/148) والبغوي في"الجعديات" (7/1/69) ومن طريقه البيهقي (1/119) . وعلي بن الجعد ثقة ثبت، وقد تابعه ثقات، فقال ابن أبي شيبة في "المصنف" (1/2/39) : حدثنا هُشيم وابن عُلَية عن الجريري عن خالد بن غِلاف القيسي عن أبى هريرة قال: فذكره موقوفا عليه. ولعله الصواب. وزاد ابن علية، قال الجريري: فسألنا عن استحقاق النوم؟ فقالوا:"إذا وضع جنبه". انظر: الضعيفة (ح/954) . (2) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 79- باب الوضوء من النوم، (ح/ قوله:"تخفق"خفق يخفق- من باب ضرب يضررب- يقال: خفق برأسه، إذا أخذته سنة من النعاس فمال برأسه دون جسده. (3) منكر. رواه الترمذي (ح/77) وأبو داود (ح/202) قلت: وقد سبق أن وضحنا أن الترمذي لم يعلّق على هذا الحديث بالحسن أو غيره. ولكن قال أبو داود عقب حديثه: "الوضوء على من نام مضطجعا"هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني عن قتادة. وقال: وذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل فانتهرني استعظاما له، وقال: ما ليزيد الدالاني يدخل على أصحاب قتادة؟ ولم يعبأ بالحديث.

يقول: هذا حديث منكر لا نعلم أحدا رواه إلا الدالانى؛ ولما رواه أبو داود قال: قوله:"الوضوء على من نام مضطجعَا"هو منكر لم يروه إلا الدالاني عن قتادة، وروى له جماعة عن ابن عباس لم يذكروا شيئا من هذا، وكان النبي- عليه السلام- محفوظًا في نومه، وقال شعبة: إنّما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث/بحديث يونس بن مَتَّى، وحديث ابن عمر في الصلاة وحديث:"القضاة ثلاثة ... " (1) ، وحديث ابن عباس قال: وذكرت حديث يزيد للإِمام أحمد فقال: ما للدلاني يدخل على أصحاب قتادة، بهذا الحديث، قال البيهقي: يعني به أحمد ما ذكره، وقاله في التفرّد وقال أبو داود: لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية ولم يجئ به إلا يزيد، قال البيهقي: يعني به أحمد ما ذكره البخاري من أنه لا يعرف لأبي خالد بسماع من قتادة، ولما ذكره أبن أبي داود في كتاب الطهارة من السنن قال: هذا حديث معلول لم يسمع قتادة من أبي العالية إلَّا أربع أحاديث معروفة ليس هذا منها وهذا مرسل من قتادة، وأبى العالية يحتاج وصل آخر، وهذه سنة تفرد بها أهل البصرة وحفظها أهل الكوفة من صحة، وفي كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء رواه ابن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله: ولم يذكر فيه أبا العالية، ولا نعرف لأبي خالد سماعَا من قتادة، وفال الدارقطني: تفرّد به الدالاني ولا يصح، وقال البيهقي: وأمّا هذا الحديث فقد أنكره على ابن أبي خالد جميع الحفاظ، وقال الخزرجي في كتاب تقريب المدارك: حديث أبي العالية هذا منكر، وليس بمتصل الإسناد وأما ردّ ابن حزم هذا الحديث بعبد السلام بن جرير فغير صواب؛ لأنه ممن زيَّفه جماعة، وخرج الشيخان حديثه في صحيحيهما، وقول

_ (1) صحيح. رواه البيهقي في"الكبرى" (10/116، 117) والمجمع (4/193، 195) وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"و"الكبير"ولفظه:"قاض قضى بالهوى فهو في النار، وقاض قضى بغير علم فهو في النار، وقاض قضى بالحق فهو في الجنة". وشرح السنة (10/94) والترغيب (3/155) والفتح (13/319) والمشكاة (3735) وتلخيص (4/185) وابن عساكر في"التاريخ" (7/309) والخفاء (2/144) . وتمام لفظ الحديث: "عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: القضاة ثلاثة: واحد ناج واثنان في النار من قضى بالجور أو بالهوى هلك، ومن قضى بالحق نجا".

من قال أنه تفرّد بهذا اللفظ- أعني الدالاني- نظرا لما يذكره من متابعة يعقوب بن مقاتل له بعد. والله أعلم، وفي الاستذكار حديث أبي خالد هذا عند أهل الحديث منكر لم يروه غير أبي خالد عن قتادة؛ ولما ذكر ابن الجوزي في التحقيق كلام الدارقطني، قال: قد ذكرنا مذهب المحققين أثناء قول أنَّى وقف الحديث احتياطا وليس هذا. بشيء، وقول الدارقطني: لا يصح لأنه دعوى بلا دليل وقد ذكرت هذا الحديث مستوفيا العلل في كتابي المسمى بالسنن في الكلام على أحاديث السنن ولله الحمد والمنّة. /وفي كتاب الدارقطني من حديث يعقوب بن عطاء. وهو ضعيف عند أحمد وابن معين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من نام جالسا فلا وضوء عليه ومن وضع جنبه فعليه الوضوء" (1) وذكره ابن عدي في كامله من حديث مقاتل بن سليمان المتهم بالوضع عند النسائي عنه، وفي التاريخ نيسابور من حديث الجارود بن يزيد عن أبي زيد عن الزهري عن ابن المسيب عنه يرفعه:"الوضوء من سبعة أقطار: البول والدم السائل والقئ، ومن دسعه علا بها الفم والنوم المضطجع والرجل في الصلاة، ومن خروج الدم" (2) وفي الكاهل أيضا من حديث معاوية بن يحيى وهو واهي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة:"إذا وضع أحدكم جنْبه فليتوضأ" (3) ، قال الجوني: هذا حديث هو منكر وفيه من حديث فرعة ابن سويد عن يحيى بن كثير وهو منكر الحديث عن ميمون الحفاظ عن أبي عياض عن حذيفة بن اليمان قال."كنت في مسجد المدينة جالسا أخفق واحتضنني رجل من خلفي فالتفت فإذا النبي- عليه السلام- فقلت: يا رسول الله هل وجب علي وضوء قال: لا حتى تضجع جنبك" (4)

_ (1) ضعيف جدا. رواه ابن عدي في (الكامل" (6/2431) والدارقطني (1/161) والقرطبي (5/223) . (2) "الكامل"لابن عدي: (6/2431) . (3) منكر. رواه ابن عدي في"الكامل": (6/2396) . (4) ضعيف جدا. العقيلي: (2/75) . وأورده الهيثمي في ترجمة: زيد بن عياض أبو عياض البصري. قال العقيلي: هذا حديث غير محفوظ.

قال البيهقي تفرّد به بحر السقا وفيه أيضًا حديث ابن عباس مرفوعًا:"وجب الوضوء على كل نائم إلا من خفق برأسه خفقة أو خفقتين" (1) قال الدارقطني: إنما يروى عن ابن عباس من قوله قد تقدّم: حدّثنا محمد بن المصفى الحمصي، ثنا بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الله بن عائذ الأودي عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ" (2) هذا حديث لما ذكره الساجي في كتاب الضعفاء في ترجمة الوضين قال: عنده حديث واحد منكر وذكر هذا ثم قال: ورأيت أبا داود يدخل هذا الحديث في كتاب السنن ولا أراه وضعه إلا وهو صحيح عنده، ولما سئل أحمد عن هذا الحديث وحديث معاوية قال: حديث علي أثبت وأقوى، وفي الخلافيات نحوه، ولما ذكره أبو محمد الفارسي قال: هذا أثر ساقط،/قال أبو الأشبل: حديث علي ليس بمتصل، وقال ابن القطان: هو كما قال ليس بمتصل، ولكن بقى عليه أن يبيّن أنه من رواية بقية وهو ضعيف عن الوضين وهو واهي، وقد أنكر عليه هذا الحديث نفسه عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ وهو مجهول الحال عن علي، ولم يسمع منه فهذه ثلاث علل سوى الإِرسال كل واحدة تمنع من تصححه مسندًا كان أو مرسلًا، وفيما قاله نظر حيث قال: عن ابن عائذ مجهول الحال وليس كذلك؛ فأنه لا يحتاج إلى معرفة حاله ولا الكشف عنها لكونه صحابيًا مشهورًا بذلك قد ذكره في الصحابة جماعة منهم البغوي بن بنت منيع وأبو نعيم الأصفهاني والعسكري، وقال: كان من أصحاب النبي- عليه السلام- وأصحاب أصحابه، وكان من حملة العلم، وذكر له حديثًا فيه سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"لو حلفت يمينًا لبَررْت أنه لا يدخل

_ (1) رواه الطبراني (8/290) بلفظ:"الوضوء على من نام". واستذكار (1/190) بلفظ: "الوضوء على من نام مضطجعا". (2) ضعيف. رواه ابن عدي في"الكامل": (7/2551) . وأدخله أبو داود في كتابه "السنن" ولم يضعف إسناده. وفي"الخلافيات"بنحوه. ولكن وهى إسناده بالانقطاع غير واحد، وبه بقية وهو ضعيف. قلت: بالإضافة إلى علة الإرسال.

الجنة قبل الرعيل الأول من أمتي قبل خمسة عشر إلا إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وموسى ومريم ابنة عمران" (1) ، وقال أبو عمر بن عبد الله، ويقال عبد بن عبد أبو الحجاج اليماني، ويقال عبد الله بن عائذ من الأزد يُعدّ في الشاميين حديثه عند بقية بن الوليد، لما ذكره ابن حبان في كتاب الثقات قال.: يقال أن له صحبة، قاله صفوان بن عمرو السكسكي وفي قول الأشبيلي حديث على ليس بمتصل فيه نظر إن أراد الحديث الذي من رواية عبد الرحمن، فمسلم على أن ابن حبان ذكر أنه روى عن علي قال: وقد قيل أنه لقى عليا روى عنه أهل الشام وإن أراد نفس الحديث فغير مسلم لما أسلفناه من رواية غير عبد الرحمن والله أعلم، وفي رواية البيهقي من حديث بقية عن أبي بكر بن أبي مريم في عطية بن قيس عن معاوية قال عليه السلام:"العين وكان السه، فإذا نامت العين استطلق الوكاء" (2) قال: ورواه مروان بن جناح والوليد بن مسلم عن عطية عن معاوية موقوفا والوليد ومروان/ْ أثبت من أبي مريم، وبمثله قاله ابن عدي في الكامل، ولما ذكره في الخلافيات من حديث ابن عباس وأبي هريرة قال: حديث علي الذي يرويه الوضين أثبت منه في هذا الباب وقال: أبو عمر بن عبد البرّ وأبو محمد حديث علي ومعاوية ضعيفان، زاد أبو عمر: ولا حجة فيهما من جهة النقل، ولما رواه عبد الله بن أحمد وجاده في كتاب أبيه بخط يده قال: كان في المحنة، وقد ضرب على هذا الحديث في كتابه، ولما سأل ابن أبي حاتم إياه وأبا زرعة عن حديث علي ومعاوية قالا: ليسا بقويين ولما ذكره ابن أني داود في سننه من حديث الوليد بن أني مريم عن عطية قال: هذه سنة تفرد بها أهل حمص، قال ابن الجوزي: فيهما مقال. حدّثنا أبو

_ (1) المنثور: (1/140) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/477) والبيهقي في"الكبرى" (1/118) ونصب الراية (1/ 46) والدارقطني في"سننه" (0/161) وابن عساكر في"تاريخه" (4/288، 6/237) والحلية (5/154) وابن عدي في"الكامل" (2/471) . وصححه الشيخ الألباني (الإرواء: 1/148) .

بكر بن أبي شيبة، ثنا سفيان عن عيينة عن عاصم عن زر عن صفوان بن عسال قال:"كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام إلا من جنابة. لكن من غائط وبول ونوم"هذا حديث رواه ابن ماجة (1) في موضع آخر، ورواه ابن أبي عمر في مسنده عن سفيان مطولًا بلفظ:"أتيت صفوان ابن عسال أسأله عن المسح على الخفين فقال: ما جاء بك يا زر؟ قلنا: تبعَا للعلم، فقال: إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضَا بما يطلب قلت: أنه حك في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول، وكنت امرءَا من أصحاب النبي- عليه السلام- فجئت أسأل هل سمعت في ذلك شيئًا؟ قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنَّا سفرَا- أو مسافرين- أن لا ننزع خفافنا بعد ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم قال: قلت: هل سمعته يذكر في النجوى شيئَا قال: نعم كنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في السفر فبينا نحن عنده إذ ناداه أعرابي بصوت له جهوري: يا محمد. فأجابه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصوت على نحو من صوته: هاؤم قلنا: ويحك اغضض من صوتك فإنك عند النبي- عليه السلام- وقد نهيت عن هذا، فقال: والله لا أغضض، قال/ الأعرابي: المرء يحب القوم ولما يلحق بهم قال النبي: المرءُ مع من أحب يوم القيامة، فما زال يحدّثنا حتى ذكر بابَا من قبل المغرب مسيرة عرضه- أو يسير الراكب في عرضه- أربعين أو سبعين عامًا () قال سفيان:"قبل الشام خلقه الله يوم خلق السموات والأرض مفتوحًا يعني للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه"ورواه الترمذي (2) عن أحمد بن عبدة ثنا حماد بن زيد عن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 62- باب الوضوء من النوم، (ح/ 478) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 71- باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم، (ح/96) . وقال:"هذا حديث حسن صحيح"قلت: والحديث نسبه ابن حجر في "التلخيص (ص 85) "إلى الشافعي وأحمد والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والبيهقي. ورواه أيضا الخطابي بإٍسناده في معالم السنن (1/60-62) مطولا، وشرحه شرحا جيدا. قلت: ورواه الترمذي أيضَا: (ح/3535) والنسائي (1/84) . واْحمد في"المسند" (4/240) والبيهقي (1/114، 118، 276) والحميدي (881) وشرح=

عاصم، وقال: حسن صحيح، وخرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن أحمد بن عبدة، ثنا حماد وعن علي بن خشرم ثنا ابن عيينة والحافظ أبو حاتم البستي عن الحسين بن محمود بن. أبي معشر، ثنا عبد الرحمن بن عمرو البجلي، ثنا زهير بن معاوية عن عاصم، وثنا أبو يعلي، ثنا هارون بن معروف، ثنا سفيان، وثنا عبد الله بن محمد الأزدي، ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر عن عاصم، وثنا ابن خزيمة، ثنا محمد بن يحيى وابن رافع، ثنا عبد الرزاق فذكره، ولما ذكره الحاكم في مستدركه قال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأخرجه ابن الجارود في منتقاه عن محمد بن عبد الله بن يزيد، ثنا سفيان وصححه أبو محمد بن حزم، وفي كتاب ابن السكن ما يرد على الحاكم قوله، وهو: وقال الصعق بن حزن عن علي بن الحكم عن المنهال بن عمرو عن زر عن بن مسعود قال: جاء رجل من مراد يقال له صفوان فذكر هذا الحديث، وفي معجم الطبراني (1) من جهة عبد الكريم بن أبي المخارق عن حبيب بن أبي ثابت عن زر بقصة المسح. والله أعلم. أما حديث أبي هريرة قال عليه السلام:"من وضع جنبه فنام فليتوضأ" (2) ، فإن الحربي لما ذكره في علله قال: هذا منكر لم يروه عن الزهري إلا معاوية بن يحيي السَّه: اسم من أسماء الدبر، وقيل: هي حلقة الدبر فيما ذكره الهروي، والوكاء: الحبل الذي يشد فوهة القربة قال: ولا القرب وكاء الزاد أحسبه لقد علمت بأن الزاد مأكول وفي بعض الأمالي: حفظ ما في الوعاء بشدّ الوكاء قال أبو بكر بن المنذر في كتاب الأشراف: واختلفوا في الوضوء من النوم فكان الحسن لم يقول: إذا

_ = السنة (1/335) والطبراني (8/72) والشافعي (18) وابن عساكر في"تاريخه" (5/378) والإرواء (1/140) . وقد جاء أيضا في الزهد لابن ماجة ببعضه (ح/2388) . (1) رواه الطبراني في"الكبير": (8/72) . (2) تقدم من أحاديث الباب ص 399.

خالط النوم قلب أحدكم فليتوضأ وهو قول سعيد بن المسيب وإسحاق بن أبي عُبيد، وروينا معناه عن أبي هريرة وابن عباس وأنس وقال الزهري وربيعة ومالك: إن نام قليلًا قاعدًا لم ينتقض وضوءه، وإن تطاول ذلك توضأ، وقال الأوزاعي معنا ذلك، وبه قال أحمد وكان حماد بن أبي سليمان والحكم وسفيان وأصحاب الرأي يقولون: إنّ من نام قائمًا أو قاعدًا فلا ينتقض وضوءه، وإذا نام مضطجعًا أو متكئًا انتقض وضوءه، واحتجوا بحديث عن ابن عباس ولا يثبت وفيه قول رابع: وهو من نام ساجدًا في صلاة فليس عليه وضوء، فإن نام ساجدًا في غير صلاة توضأ، وإن تعمّد النوم ساجدًا في الصلاة فعليه الوضوء وهو قول ابن المبارك. وفيه قول خامس: وهو أن من زاد عن حدّ الاستواء قاعدًا أو نام قائمًا أو راكعًا أو ساجدًا أو مضطجعًا فعليه الوضوء وهو قول الشافعي. وفيه قول سادس: وهو أن الوضوء لا يجب من النوم على أي حال كان حتى يحدث حدثًا غير النوم، روى معنى هذا القول عن أبي موسى الأشعري قال: في شرح السنة- وهو فول الأعرج-: قال أبن المنذر وعن ابن المسيب أنه كان ينام مرارًا مضطجعًا ينتظر الصلاة ثم يصلي ولا يعيد الوضوء، قال أبو بكر: والقول الأول أقوى استدلالًا بالسنة وبإجماعهم على أنّ من زال عقله بغير النوم فعليه الوضوء، والنائم زائل العقل أو في معناه، وقال ابن حزم: والنوم في ذاته حدث ينتقض الوضوء سواء قلّ أو كثر، قاعدًا أو قائمًا، في صلاة أو غيرها، أو راكعًا أو ساجدًا، ومتكئًا أو مضطجعًا أيقن من حواليه أنه لم يحدث أو لم يوقنوا، برهان ذلك حديث صفوان يعم عليه السلام، كل نوم ولم يخص قليله من كثيره ولا حالًا من حال وسوى بينه وبين الغائط والبول، وهذا قول أبي هريرة،/وأبي رافع وعروة بن الزبير وعطاء والحسن وابن المسيَّب وعكرمة والزهري وغيرهم، وذهب الأوزاعي إلى أن النوم لا ينقض كيف كان لما أسلفناه من عند ابن المنذر وهو قول صحيح عن جماعة من الصحابة، وعن ابن عمر ومكحول وعبيدة وذكر حديث:"فيضعون جنوبهم"، وحديث:"ينامون ثم يصلون"، قال: لو جاز القطع بالإِجماع فيما لا يتيقن أده يشذ عنه أحد؛ لكان هذا يجب أن يقطع فيه أنه إجماع لا

تلك الدعاوي التي يدعونها وذهب داود بن علي إلى أنّ النوم لا ينقض الوضوء؛ إلا نوم المضطجع فقط وهو قول روى عن عمر بن الحطاب وابن عباس ولم يصح عنهما وعن ابن عمر، وصح عن النخعي وعطاء والليث والثوري والحسن بن يحمى، وذهب أبو حنيفة إلى قول يعني ما تقدم لا نعلمه عن أحد من المتقدّمين إلَّا أن بعضهم ذكر ذلك عن أبي سليمان والحكم، ولا يعلم كيف قالا، وأمّا قول الشّافعي: فما نعلم تقسيمه يصح عن أحد من المتقدّمين، إلا أنّ بعض الناس ذكر ذلك عن طاووس وابن سيرين ولا يحفظ وانتهى كلامه، وفيما حكاه عن أنه رواه البيهقي من جهة يزيد بن أبي زيادة قال: وقد روى مرفوعا، والمرسل إذا عُضِّد بمرسل آخر أو قول صحابي كان عند جماهير المحدثين أقوى من مسندٍ لو عارضه. والله أعلم. ***

34- باب الوضوء من مس الذكر

34- باب الوضوء من مس الذكر حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا عبد الله بن إدريس عن هشام بن عروة عن أليه، عن مروان بن الحكم، عن بُسرة بن صفوان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إذا مسّ أحدكم ذكره فليتوضأ" (1) . هذا حديث احترت في تصحيحه وتضعيفه؛ فأما أبو عيسى الترمذي فأنه لما رواه من جهة يحيى بن سعيد عن هشام أخبرني أبي عن بسرة فال فيه: حسن صحيح. قال: وهكذا روى غير/واحد مثل هذا عن هشام عن أبيه عن بُسرة، وفد روى أبو أسامة الزياد عن عروة عن بُسرة، ولما سأل البخاري عنه في كتاب العلل؟ قال: أصح

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/479) والنسائي (0/101) وأحمد في"المسند" (6/407) والبيهقي في"الكبرى" (1/128) والحاكم في"المستدرك" (1/138) وصححاه. والدارقطني (1/146، 147، 148) وعبد الرزاق (412) وابن خزيمة (33) وشرح السنة (1/340) والخفاء (1/106) والمطالب (139، 141) والموطأً (42) وشفع (90) والبغوي (1/535) وا بن حبان (214) وابن عساكر في التاريخ (1/403) والشافعي (12) والحلية (7/159) والخطيب (4/311) والترمذي (82) وقال:"هذا حديث حسن صحيح". قلت: وأصل الحديث رواية مالك في الموطأ:"عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن خزام: أنه سمع عروة بن الزبير يقول: دخلت على مروان بن الحكم فذاكرنا ما يكون عنه من الوضوء، فقال مروان: ومن سق الذكر الوضوء. فقال عروة: ما علمت هذا، فقال مروان بن الحكم: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ". ورواية أحمد والنسائي من طريق شعيب عن الزهري قال:"أخبرني عبد الله بن أبي بكر بن حزم الأنصاري أنه سمع عروة بن الزبير يقول: ذكر مروان في إمارته على المدينة أنه يتوضأ من مس الذكر إذا أفضى إليه الرجل بيده، فأنكرت ذلك عليه، فقلت: لا وضوء على من مسه، فقال مروان: أخبرتني بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر ما يتوضأ منه، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ويتوضأ من س الذكر. قال عروة: فلم أزل أماري مروان حتى دعا رجلا من حرسه فأرسله إلى بسرة يسألها عما حدثت من ذلك؟ فأرسلت إليه بسرة بمثل الذي حدثني عنها مروان". ثم أخذ عروة بن الزبير بهذا الحديث وصار يفتي به ويناظر عليه، فروى ابن الجارود في المنتقى (ص 19) من طريق سفيان بن عيينة:"عن عبد الله بن أبي بكر قال: تذاكر أبي وعروة وما يتوضأ منه، فذكر عروهَ وذكر، حتى ذكر الوضوء من مس الذكر".

شيء عندي في مس الذكر حديث بسرة، والصحيح عروة عن مروان عن بسرة، وذكر البيهقي عن إسماعيل القاضي قال: سمعت ابن المديني يقول: وذكر حديث شعيب بن إسحاق عن هشام الذي يذكر فيه سماع عروة من بسرة فقال: على هذا مما يدّلك أنّ يحيى بن سعيد قد حفظ عن هشام عن أبيه أخبرني بسرة، وقال ابن عدي في كامله: إنّما رواه عروة عن بسرة ولما سأل داود عبد الرحمن أبا عبد الله أحمد بن حنبل؟ قلت: حديث بسرة ليس بصحيح في مسّ الذكر، قال: بلى هو الصحيح؛ وذلك أنّ مروان حدثهم ثم جاءهم الرسول عنها بذلك، وروى يعقوب بن حبان عن أحمد أنه سئل عن حديث بسرة فقال: هو صحيح، وأنا أذهب إليه قيل له: على الاختيار أو على الوجوب، قال: على الاختيار، وفي كتاب الميموني قلت: لابن معين أي حديث عن النبي- عليه السلام- أثبت في الوضوء من مسّ الذكر قال: حديث بسرة من أثبتها، وإنّما يطعن عليه من لا يذهب إليه، قلت: فلما لا تتوضأ أنت منه؟! قال: لأنيْ رأيت أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يتوضأ بعضهم. قلت: فإذا اختلف الصحابة في شيء وأنت تجده عن النبي- عليه السلام- تدعه، ولما سأله مضر بن محمد قال: ما صح فيه شيء، إلا حديث بسرة وحديث بسرة فيه شيء ولما خرجه الحافظ أبو بكر بن إسحاق السلمي في صحيحه من حديث هشام عن أبيه عن مروان عنها قال: سمعت يونس بن عبد الأًعلى يقول: نا ابن وهب عن مالك قال:"أرى الوضوء من مس الذكر استحبابًا لا أوجبه، وكان الشّافعي يوجب الوضوء من مس الذكر اتباعا لخبر بسرة لا بأس، قال أبو بكر: ويقول الشافعي: أقول: لأنّ عروة قد سمع خبر بسرة منها لا كما يوهمه بعض الناس من أنّ الخبر واهي بضعفه في مروان، ولما ذكره ابن حبان في صحيحه من جهة/عروة سمعت بُسرة قال: معاذ الله أن نحتج بمروان وخرجه ابن الجارود في منتقاه من حديث عروة عن مروان وفي آخره قال عروة: فسألت بسرة فصدقته ولما ذكره في المعرفة قال: إذا ثبت سؤال عروة بسرة له كان صحيحًا على البخاري ومسلم جميعًا، ولما خرجه ابن الربيع في مستدركه من جهة خلف عن حماد بن زيد عن هشام أنّ عروة

كان عند مروان فسئل عن مس الذكر؟ فقال عروة: إن بسرة حدّثني أنّ النبي- عليه السلام- قال:"إذا أفضى أحدكم إلى ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ" (1) . فبعث مروان حرسيا الحديث قال: هكذا ساق ابن زيد هذا الحديث وذكر فيه سماع عروة من بسره وخلف بن هشام ثقة وهو أحد أئمة القراء، ومما يدل على صحة روايته رواية الجمهور من أصحاب هشام عن أبيه عن بسرة منهم أيوب السختياني وقيس بن سعد المكي وابن جريج وابن عيينة، وعبد العزيز بن أبي حازم ومحيى بن سعد ومحيى بن سلمة ومعمر وهشام بن حسان وعبد الله بن محمد أبو علقمة وعاصم بن هلال، ويحيى بن ثعلبة المازني وسعيد بن عبد الرحمن. الجمحي وعلي بن المبارك وأبان بن العطار ومحمد بن عبد الرحمن. الطقاوي وعبد الرحمن بن جعفر الأنصاري، والدراوردي ويزيد بن سنان وعبد الرحمن بن أبي الزياد وعبد الرحمن بن أبي عبد العزيز، وحامد بن هرم الفقيمي وأبو مَعْشر وعباد بن مُهَيب وغيرهم، وقد خالفهم فيه جماعة فرواه عن هشام عن أبيه عن مروان عن بسرة منهم الثوري ورواية عن هشام بن حسان ورواية عن حماد بن سلمة ومالك ووهب بن خالد وسلام بن أبي مطبع وعمر بن علي المقدسي وعبد الله بن إدريس وعلي بن مُسهر وأبو أسامة وغيرهم، وقد ظهر الخلاف فيه على هشام من أصحابه فنظر، فإذا القوم من الذين أثبتوا سماع عروة عن بسرة أكثر وبعضهم أحفظ من الذين جعلوه عن مروان، إلا أنّ جماعة من الأئمة الحفاظ ذكروا عن مروان منهم مالك والثوري ونظرا وبها، فنظر جماعة ممن لم يمعن النظر في هذا الاختلاف أنّ الخبر واهي، لطعن أئمة الحديث على مروان فنظرنا فوجدنا جماعة من الثقات/الحفاظ رووا عن هشام عن أبيه عن مروان عن بسرة ثم ذكروا في رواياتهم أنّ عروة قال: ثم لقيت بعد ذلك بسرة فحدّثني بالحديث كما حدّثني مروان عنها؛ فدّلنا ذلك على صحة الحديث وثبوته على شرط الشيخين وزال عنه الخلاف والشبهة

_ (1) ضعيف. رواه الحاكم (1/136) والمشكاة (321، 322) والشفع (91، 92) . وفي شرح السنة (1/341) بلفظ:"إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينه ... "الحديث. قلت: وعلته مروان، فقد طُعن من أئمة الحديث.

وثبت سماع عروة من بسرة فممن (1) ذكرنا من سماع عروة منهم شعيب بن إسحاق الدمشقي وربيعة بن عثمان التيمي والمنذر بن عبد الله الحرامي، وعنبسة بن عبد الواحد القرشي وأبو الأسود حميد بن الأسود الثقة المأمون، وقد رواه عن عروة جماعة منهم عبد الله بن أبي بكر وابن شهاب وأبو الزياد ومحمد بن عروة ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن عبد الحميد بن حزم الأنصاري، والحسن بن مسلم بن يقاق وغيرهم من التابعين وأتباعهم، ورواه عن بسرة جماعة من الصحابة والتابعين منهم عبد الله بن عمرو بن العاص، وسعيد بن المسيب، وابن أبي مليكة، وعمرة بنت عبد الرحمن، وسليمان بن موسى، ولما سئل أبو داود عن حديث في مسّ الذكر؟ قال: حديث أبي بكر عن عروة عن بسرة، ولما ذكره أبو محمد الفارسي في كتابه مصححا به قال: فإن قيل: إن هذا رواه الزهري عن عروة وعن عبد الله بن أبي بكر عن عروة. قلنا: مرحبا بهذا عبد الله ثقة والزهري لا خلاف أنه سمع من عروة وجالسه، فهذا قوة للخبر والحمد لله تعالى، ولما ذكره الأشبيلي صححه وكذلك ابن الحصار في كتابه: تقريب المدارك، وقال البغوي في شرح السنة: هو حديث حسن، وقال أبو بكر الحازمي: حديث بسرة- وإن لم يخرجاه- لا خلاف يقع في سماع عروة؛ إذ هو عن مروان عنها فقد احتجا بسائر رواة حديثها مروان فمن دونه وكلامه يقتضي أنهما خرجا لمروان وليس كذلك؛ لأنه معدود في إفراد البخاري وبنحو ما قلنا نبّه عليه البيهقي في المعرفة وصححه أيضا ابن وضاح، وأما الذين ضعّفوه ابن السكن وأبو عمر والدارقطني وقال ابن الجوزي في التحقيق: هذا السند مطعن فيه، ولما ذكره في كتاب العلل قال بعد كلامه: فلما ورد الاختلاف على هشام أشكل أمر هذا/الحديث، وطن كثير من الناس ممن لم يمعن النظر في الاختلاف أن هذا الحديث غير ثابت؛ لاختلافهم فيدلان الواجب في الحكم أن يكون القول قول من أراد في الإِسناد؛ لأنهم ثقات والثقات زياداتهم مقبولة فحكم حديث قيس عندنا أثبت من حديث بسرة، وقال ابن معين: أي حديث بسرة لولا أن قابل طلحة في الطريق وكان ابن

_ (1) في"الأصل"ورد"من ما"وليس لها محل في سياق الكلام.

المديني يقول نحو ذلك وفي كتاب الدبوسي، قال ابن معين: ثلاثة أخبار لا تصح عن النبي- عليه السلام- منها حديث:"من مس ذكره فليتوضأ"، قال الحربي في كتاب العلل: حديث بسرة يرويه شرطي عن شرطي عن امرأة، وهو يخالف لما قدمناه عن ابن معين، وروى الدارقطني في سننه، ثنا محمد بن الحسن النقاش ثنا عبد الله بن يحيى القاضي السرخسي، ثنا رجاء بن مرجأ الحافظ قال: اجتمعنا في مسجد الخيف أنا وأحمد بن حنبل وعلي بن المديني ويحيى بن معين فتناظروا في مسّ الذكر فقال يحيى: يتوضأ منه، وقال علي: يقول الكوفيون ونقله قولهم، واحتج ابن معين بحديث بسرة، واحتج علي بحديث قيس بن طلق وقال ليحيى: كيف نحتج بتقلّد إسناد بسرة؟ ومروان أرسل شرطيًا حتى ردّ جوابها إليه فقال يحمى: وقد أكمر النّاس في قيس بن طلق ولا نحتجّ بحديثه، فقال أحمد: كلا الحديثين على ما قلتما. فقال يحيى عن نافع عن ابن عمر:"أنه توضأ من مس الذكر". فقال علي: كان ابن مسعود لا يتوضأ منه، إنما هو بضعة من جسدك، فقال يحيى: من قال سفيان عن أبي قيس عن هُزيل عن عبد الله فإذا اجتمع ابن مسعود وابن عمر واختلفا فابن مسعود أولى أن يتبع فقال له أحمد نعم، ولكن أبو قيس لا نحتج بحديثه فقال: حدّثني أبو نعيم حدّثنا مُشعَر عن عمر بن سعيد عن عمار بن ياسر فقال: ما أبالي مسسناه وأنفى، قال أحمد: ابن عمر وعمارًا سويا فمن شاء أخذ بهذا، ومن شاء أخذ بهذا، وذكر الخطابي أنّ هذه المناظرة كانت بين أحمد ويحيى وأنّ أحمد احتج بحديث ابن عمر ولم يدفعه يحيى فلعلّهما واقعتان، ولما ذكره أبو جعفر الطحاوي في شرحه من جهة عبد الرزاق عن عمر عن الزهري عن عروة بلفظ فأرسل إليها مروان شرطيا قال: هذا عروة لم يرفع بحديث بسرة رأسا وذلك بأنها عنده في حال من لا يؤخذ ذلك لم عنها ففي تضعيف من هو أقل من عروة ليس ما يسقط به حديثها، وقد تابعه على ذلك ربيعة بن عبد الرحمن وقال: لو وضعت يدي في دم أو حيض ما نقض وضوئي، فمس الذكر أيسر أم الدم، وكان يقول لهم ويحكي مثل هذا يؤخذ به ويعمل بحديث بسرة، والله لو أن بسرة شهدت على هذا الفعل لما أجزت، فلم يكن في الصحابة من يقيم هذا الدين إلا بسرة قال ابن يزيد: على هذا أدركا مشيختنا ما منهم أحد يرى في مس

الذكر وضوءا، وإن كان إنما ترك أن يرفع بذلك رأسا؛ لأنّ مروان ليس عنده في حال من يجب القبول من مثله، فإنّ خبر شرطي من مروان عن بسرة دون خبره عنها، فإن كان خبر مروان في نفسه عند عروة غير مقبول فخبر شرطية إيّاه عنها بذلك أحرى أن لا يكون مقبولا، وأيضا فهذا الحديث لم يسمعه الزهري من عروة إنّما دلّس به عن عبد الله بن أبي بكر عنه، وهذا الأمر وإنما هو عند الزهري عن عبد الله بن عروة فقد خطّ بذلك درجة؛ لأنّ عبد الله ليس في حديثه عن عروة كحديث الزهري عن عروة ولا عبد الرحمن في حديثه عنهم بالمتقن بعد، حدّثني يحيى بن عثمان، ثنا ابن وزير سمعت الشّافعي سمعت ابن عيينة يقول: كنّا إذا رأينا الرجل يكتب الحديث عن واحد من نفر سماهم منهم عبد الله بن أبي بكر سخرنا به؛ لأنهم لم يكونوا يعرفون الحديث وأنهم قد يضعون الحديث ما هو مثل هذا، ثنا من كلام ابن عيينة، وقال آخرون: الذي بين الزهري وعروة في هذا الحديث أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم فإن قالوا: فقد روى هذا الحديث فشام عن أبيه فليس ممن تكلّم في روايته بشيء قيل له: إنّ هشاما لم يسمع هذا من أبيه، إنما أخذه من أبي بكر أيضًا فدلس به عن أبيه، ثنا بذلك سليمان بن شعيب، ثنا الخصيب ثنا همام عن هشام قال: حدّثني أبو بكر بن محمد عن عروة، فإن قالوا: فقد رواه عن عروة غير الزهري وهشام وهو ما رواه ابن لهيعة، ثنا أبو الأسود عن عروة قيل لهم: كيف تحتجون في هذا بابن لهيعة وأنتم لا تجعلونه حجة لخصمكم فيما يحتج به عليكم؟ ولم أرد بشيء من ذلك الطعن على عبد الله بن أبي بكر ولا ابن لهيعة ولا عنهما، ولكن أردت إتيان ظلم الخصم فثبت بها حديث الزهري/ بالذي دخل بيته، وعن عروة وبها حديث الزهري أيضا وهشام بالذي بين عروة وبسرة؛ لأن عروة لم يقبل ذلك، ولم يرفع به رأسا وبه يسقط الحديث بأقل من ذلك، فإن احتجوا في ذلك بحديث يحيى ابن أبي كثير أنه سمع رجلا يحدّث في مسجد النبي- عليه السلام- بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن بسرة سألت النبي- عليه السلام- الحديث؟ قيل لهم: أنتم تزعمون أنّ عمرا لم يسمع من أبيه شيئا، إّنما حدّثه صحيفة فهذا على قولكم

منقطع والمنقطع لا يجب به عندكم حجة انتهى قوله، وعليه فيه مآخذ الأول: قوله: إنّ عروة لم يرفع بحديث بسرة رأسًا، وذلك أنها عنده في حال من لا يؤخذ عنها ففي الصحيح لكونها صحابية معروفة الصحبة، ومن كانت بهذه المثابة فأجدر بأن يرفع لحديثها الرؤوس، قال الحاكم: هي من سيدات قريش قال فيها مالك بن أنس: أنه دوّن من هي جدّة عبد الملك أم أمه فاعرفوا هذا، وذكر مُصْعب الزبيري أنها من المبايعات وورقة بن نوفل عمّها وليس لصفوان بن نوفل عقب الأمر قبلها وهي زوج المغيرة بن أبي العاص روى عنها جماعة، وروينا لها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمسة أحاديث غير هذا الحديث، فقد ثبت مما ذكرنا أخبارها وأنّ اسم الجهالة مرتفع عنها بهذه الروايات، وذكر الشّافعي أنّ لها سابقة وهجرة قديمة وصحبة بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: وفد حدثت بهذا الحديث في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون، فلم يدفعه منهم أحد بل علمنا بعضهم صار إليه عن روايتها منهم عروة بعد إنكاره ذلك وعبد الله ابن عمر بن الخطاب، وفي الاستيعاب ولدت للمغيرة معاوية وعائشة وكانت عائشة أخت مروان، وفي كتاب الزبير بن أبي بكر هي أم معاوية وجدّة عائشة بنت معاوية وعائشة هي أم عبد الملك وكانت من المبايعات، وبنحوه ذكره ابن الكلبي في جامعه، وزعم أنها من كنانة قال ابن عمر: وليس ذلك بشيء، والصواب أنها من بني أسد بن عبد العزي انتهى كلامه وفيه نظر؛ لأنّ أسد بن عبد العزي لا مخرج له عن نسب كنانة فكان البر في نسبها إلى الجذم لا إلى الفضيلة والله أعلم، ولما ذكرها ابن سعد قال: بسرة بنت صفوان بن نوفل بن عبد العزي اابن قُصي أمهَّا سالمة بنت أمية بن حارثة الأوقص بن مرّة بن هلال بن فالج بن ذكّوان بن ثعلبة بن بُهثه بن سُلَيم وأخوها لأمها عقبة بن أبي معيط وابنها معاوية قتل منصرف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أحد وهو جدّ عبد الملك، وقال ابن حبان: هي من المهاجرات وخديجة أم المهاجرات وخديجة أم المؤمنين عمة ابنها. وقال أبو محمد الأموي: وصح أن بسرة صحابية مشهورة. وابن أبي شيبة في كتاب أخبار المدينة على ساكنها الصلاة والسلام قال محمد: يعني ابن طلحة الطويل التيمي:"صلى عليه الصلاة والسلام في دار بسرة بنت

صفوان" رضى الله عنها وأما ما قاله الحافظ بن سرور: من أنها خالة مروان "فسيء" (1) لم أعرفه لغيره وأيضًا فقد أسلفنا أنه أخذ عنها هذا الحديث نفسه، وحدث به عنها بغير واسطة كما سبق فدل أنها عنده أهل وموضع للرواية لا كما زعم لا سيما عمل به رواته ورجوعه إليه بعد إنكاره ذلك. الثاني: قوله: إن هشامًا لم يسمعه من أبيه، ولعمري لقد قال ذلك قبله شعبة فيما حكاه عنه الإمام أحمد في تاريخه الذي رواه عن أبيه أبي بكر الحضرمي قال شعبة: لمَ يسمع هشام حديث مس الذكر من أبيه قال يحيى: فسألت هشامًا؟ فقال: أخبرني أبي ثم رواه في مسنده أخبرني يحيى عن هشام قال: حدثني أني أن بُسرة حدّثته فذكر الحديث. وقد أسلفنا قول ابن المديني في ذلك أيضًا، وشبه أن يكون مستند من قال ذلك: رواية داود العطار عنه ووهم في ذلك، قال الحاكم: أبو عبد الله وروى داود العطار عن هشام عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة حديث بسرة وهو وهم، وقال في موضع آخر: ما. روى من وجه يعتمد وفيما قاله نظر؛ لما رواه أبو القاسم في الأوسط عن علي بن عبد العزيز عن حجاج بن منهال عن همام بن يحيى عن هشام عن عبد الله بن أبي بكر به وهؤلاء كلّهم ثقات ويحمل ذلك على أنه سمعه عنه أولًا، ثم شافهه آخر الصحة الروايتين عنه بذاك ولإن كان ما قاله أبو جعفر صحيحًا فلا وجه على الحرث فيه؛ لأن عبد الله ممن خرج الشيخان حديثه في صحيحيهما، وقال مالك: النجم فيه كان رجل صدق، وقال أحمد بن حنبل: حديثه شفاء، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث عالماً، ووثقه ابن معين وأبو حاتم الرازي/وابن حبان والعجلي والبرقي وغيرهم، فعلى هذا يتناول ما نقله عن ابن عيينة، وأنه ليس بطعن يردّ به حديثه فسواء برز أو لم يُبرز لعدالته وثقته ولعدم افتقارنا إلى وجوده، ولما ذكرنا من سماع هشام له من أبيه وسماع الزهري من عروة كما سبق بيانه من عند ابن حزم وغيره. الثالث: قوله: لأن مروان عنده ليس في حال من يجب القبول من مثله

_ (1) كذا ورد"بالأصل".

إلى آخره. قد بيتا أنّ مروان ليس له ولا لشرطه في هذا الحديث مدخل، ولسنا ممن نعتمد على قول البيهقي في المعرفة، ولولا ثقة الحربي عند عروة لما قبله من أن عروة مشي إلى بسرة فشافهته به فذكر أولئك ضرب من التشعيب الذي لا طائل تحته، ولئن سلمنا إلى ما قاله فمروان ليس ممن تفرد به الأحاديث؛ لأنه ممن ذكره في الصحابة جماعة من الأئمة، وروى له البخاري في صحيحة حديث محتجًا به عن علي بن أبي طالب وفاطمة وآخر مقرونًا بالمسوَر بن مخرمة وأما ما قُرن به من قبل طلحة منّي لم يثبت عليه، ولم يأت إلَّا على لسان مؤرخ مقدوح في عدالته كأني مختف وهشام وغيرهما والله أعلم، وسيأتي ذكر من سمّاه المهاجرين علي بعد إن شاء الله تعالى. الرابع: ما حكاه عن ربيعة مردود بما سنذكره بعد من رواية جماعة من الصحابة لذلك كروايتها. الخامس: ذكره حديث عروة بن شعيب وادّعاؤه فيه الانقطاع مردودًا بما أسلفناه قبل من اتصاله عند جماعة من العلماء ولكن منعنا من أن يحتج به جهالة حال المحدّث بهن أبي كثير؛ لأنا لا نقبل ذلك إلا بعد معرفة عينه وحاله أو ما يقوى مقامهما كما بيناه. السادس: وقوله: إنّ أبا الأسود رواه أيضًا عن عروة لكن من طريق ابن لهيعة يفهم أن غيره لم يروه كروايته عنه وهو غير صحيح؟ لما ذكره أبو عبد الله بن الربيع من أن محمد بن عبد الله بن عروة رواه عن عروة، وكذلك محمد بن عبد الرحمن بن نوفل وعبد الحميد بن حزم والحسن بن نياق، وفي الترمذي ثنا علي، ثنا بن حجر ثنا عبد الرحمن بن أبي الزياد عن أبيه عن عروة عن بسرة ومنهم/من عابه بالاختلاف في إسناده وألفاظه؛ وذلك أنه مروى من جهة الزهري ومالك وهشام بن عروة، فأمّا الزهري فقد اختلف عليه على وجوه أحدها عنه عن عروة عن مروان عن بسرة، وهذه رواية الطبراني أن عبد الرزاق عن معمر عن عروة قال: قد أكثر هو ومروان الوضوء من مس الفرج، فقال مروان: حدّثتني بسرة أنها سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالوضُوء من

مس الفرج، فكان عروة لم يرفع بحديثه فأرسل مروان إليها شرطيا فرجع فأخبرهم أنها سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالوضوء من مس الفرج. وكذلك رواه عبد الرحمن بن نمير اليحصبي عن الزهري عن عروة أنه سمع مروان قال: أخبرتني بسرة الحديث أخرجها الطبراني عن أحمد بن معلي الدمشقي عن هشام بن عمار عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن نمير الثاني عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو ثم اختلفوا فقيل: عن أبي بكر عن عروة عن بسرة، وهذه رواية يحيى بن عبد الله البابلتي عن الأوزاعي عن الزهري بلفظ:"سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: يتوضأ الرجل من مس الذكر" (1) . وكذلك رواية الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي بكر عن عروة عن بسرة من جهة دحيم عن أبيه عن الوليد وقيل: عن أبي بكر عن مروان عن بسرة، وهذه رواية إسحاق بن راشد عن الزهري قال فيها: عن أبي بكر أنَّ عروة حدَّثه أنَّ مروان في كر أن بسرة قالت: أنها سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"من مس فرجه فليتوضأ () . وهذه الرواية شاهدا من حديث سعيد بن سفيان الجحدري عن سعيد عن أبي بكر سمعت عروة يقول: أرسل مروان إلى بسرة فسألها عنه؟ فحدثت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ". أخرجها أبو بكر ثم اختلفوا فقيل: عروة عن مروان عن بسرة وهذا من جهة الليث بن سعد عن الزهري من رواية سعيد بن يحيى وعبد الله بن صالح

_ (1) صحيح. رواه أبو داود في: كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، (ح/181) . والترمذي في: أبواب الطهارة، باب الوضوء من مس الذكر، (ح/82-84) . ورواه النسائي (1/100- من كتاب الطهارة) ، باب الوضوء من مس الذكر، (ح/749) . ورواه الدارمي في: كتاب الطهارة، 50- باب الوضوء من مس الذكر، (ح/725) . ورواه مالك في: كتاب الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج، (ح/58) . ورواه أحمد: (م/223، 5/194، 6/406-407) . والحاكم في المستدرك. قال البخاري: هو اْصح شيء في هذا الباب. وقال الألباني في صحيح الجامع (5/359) :"صحيح"ا. هـ.

عن الليث، وكذلك رواية ابن أبي ذئيب عن الزهري رواها الطبراني عن إبراهيم بن محمد بن غرق بن عمرو بن عثمان عن عبد الملك بن محمد الصنعاني عن زهر بن محمد/عن ابن أبي ذئيب، وكذلك رواية شعيب عن الزهري ذكرها النسائي وكذلك رواية عبد الرحمن بن خالد عن ابن شهاب من رواية عبد الله بن صالح عن الليث عنه، وكذلك رواية الليث عن يونس عن ابن شهاب، ورواية عبد الله بن صالح وقيل: عن الزهري عن عبد الله ابن أبي بكر عن عروة عن بسرة أو زيد بن خالد رواها الطبراني عن الزبيري عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب. وأمّا مالك فالصحيح عنه ما أسلفناه وقيل عنه: عن هشام عن أبيه عن بسرة رواها الطبراني عن أحمد بن عمرو الخلاد عن إبراهيم بن المنذر عن أبي علقمة القروي وقيل: عن نافع عن ابن عمر عن بُسرة سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"الوضوء من مس الذكر" (1) . ورواها أبو الحسن البغدادي في غرائب مالك، وقال: هذا الحديث معروض بحفص بن عمر العدوي عن مالك وحفص ليس بقوي في الحديث، وهذا في الموطأ من فعل ابن عمر غير مرفوع وهو الصواب، وروى عن أبي مُصْعب عن مالك كرواية حفص، ولا يصح عن أبي مصعب ثم قال: حدّثني إبراهيم بن محمد وعمر بن أحمد بن عثمان، ثنا الحسن بن مهدي بن عبدة المروزي، ثنا محمد بن علي بن المنذر أبو عبد الله، ثنا أبو مصعب المدني، ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن بسرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من مس فرجه فليتوضأ". وقال ابن عدي: هذا ليس يرويه عن مالك إلا حفص، وهذا الحديث في الموطأ عن مالك عن ابن عمر موقوف وفي حديث ابن صاعد بيان ذلك، وأما قوله: عن بسرة فهو باطل انتهى ما قدّمناه من عند الدارقطني، تفرّد قوله: ورواه ابن مانع بلفظ آخر من جهة ابن مصعب عن حفص بلفظ قال عليه

_ (1) ضعيف. رواه ابن عدي في"الكامل": (2/793) .

السلام:"من مس فرجه فليتوضأ" (1) . وأما هشام فقيل عنه: عن أبيه عن بسرة وهذه رواية الترمذي ولفظه:"من مس ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ" (2) . وقال: حسن صحيح، وقال: هكذا رواه عن واحد عن هشام، وروى أبو أسامة وغير واحد هذا الحديث عن هشام عن أبيه عن مروان ولفظ الدارقطني:"وضوءه للصلاة"، وروى إسماعيل بن عباس عن هشام زاد: "إذا مست المحاه قبلها فليتوضأ". وضعف هذه الرواية وقيل عنه: عن أبي بكر بن محمد عن/عروة عن بسرة أخرجها الطبراني عن علي بن عبد العزيز عن حجاج بن منهال عن همام بن محيي عنه عن أمه عائشة وقيل: عنه عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة وقيل: عنه عن أبيه وفي كتاب الطبراني من قول عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عنها أنها سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرأة تقرب بيدها فت فتصيب فرجها؟ قال: تتوضأ يا بسرة. أخرجه عن حفص بن سليمان النوفلي عن إبراهيم بن المنذر عن معن بن عيسى عن عبد الله بن الموصل عنه، وقد أسلفنا حمدًا لله تعالى الجواب عن جميع ما ذكر من الاختلاف، وإن ذلك ليس لما في التعليل بما تقدَم والله تعالى أعلم.

_ (1) صحيح وإسناده ضعيف. رواه النسائي (1/216) وابن ماجة (ح/481، 482) والحديث قال عنه في الزوائد: في الإِسناد مقال: ففيه مكحول الدمشقي، وهو مدلس. وقد رواه بالعنعنة فوجب ترك حديثه. لا سيما وقد قال فيه البخاري وأبو زُرعة: أنه لم يسمع من عنيسة بن أبي سفيان. فالإِسناد منقطع. والثاني: في إسناده إسحاق بن أبي فروة. اتفقوا على ضعفه. وابن عدي في"الكامل" (1/196، 2/793، 6/2125) وأحمد في"المسند" (6/406) والبيهقي في"الكبرى" (1/ 130) والدارمي (1/185) والحاكم (1/137، 138) والطبراني (5/279) وابن حبان (211) والدارقطني (1/146) وابن أبي شيبة (1/163) واللآلئ (2/118) ونصب الراية (1/ 56، 57. 60) والعقيلي (2/144، 3/163) وابن القيسراني (891) . راجع الارواء: (1/150) . قلت: وصحح إسناده الشيخ الألباني. (2) صحيح. تقدم. ورواه الترمذي (82- 84) والنسائي (1/216) وأحمد (6/407) والحاكم (1/137) والصحيحة (3/237) .

حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ثنا معن بن عيسى ح، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا عبد الله بن نافع جميعَا عن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن عنه، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء". هذا حديث قال فيه ابن شاهين: غريب لا أعلم جودته إلا دحيم وأحمد ابن صالح، وحدث بن محمد بن محمس النيسابوري قال محمد بن عوف: ثنا الحسن بن محمد الزعفراني والعباس بن محمد جميعَا عن دحيم ولما ذكره أبو عمر قال: هذا إسناده صالح كلّ مذكور فيه ثقة معروف بالعلم إلا عقبة بن عبد الرحمن فأنه ليس بالمشهور بالعلم، فقال: هو عقبة بن عبد الرحمن بن معمر ويقال عقبة بن عبد الرحمن بن جابر ويقال عقبة بن عبد الرحمن بن معمر أبي عمر وانتهى كلامه أو يحتمل على أنه تارة ينسب لجده الأعلى، وتارة للأدنى، ويكون أبوه يكنى: أبا عمرو؛ وذلك لا يتأتى إلَّا بعد معرفة خالد فنظرنا فإذا أبو حاتم البستي ذكره في كتاب الثقات نحو ما قلناه فقال عقبة بن عبد الرحمن: من أهل المدينة ويعرف بابن أبي عمرو، ولما ذكره الحافظ قال: ما أعلم بحديث جابر بأسا وأتى ذلك البخاري فقال: ما ذكره عقبة روى عنه ابن أبي ذئب مرسل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مس الذكر ورآه عبد الله بن نافع عن جابر ولا يصح وقال الشّافعي- رحمه (1) الله تعالى-:/ وسمعت غير واحد من الحفاظ يرويه لم يذكروا جابرا، وفال أبو داود: وسئل أحمد عن حديث ابن أبي ذئيب يعني هذا فقال: هذا من ابن نافع عبد الله بن نافع قال أبو داود: يريد أن قوله عن جابر وهم، وان الحديث عن محمد بن عبد الرحمن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل، وقال أبو طالب: سألت أبا عبد الله عن حديث عبد الله بن نافع هذا فأنكره إنكارا شديدَا، وقال: هذا ليس يرفع وعبد الله بن نافع منكر الحديث، وقد رأيته وجالسته، وكان من المعدودين من أصحاب مالك وأعلمهم بقوله وكان يفتي بالمدينة وكان رجلا

_ (1) قوله:"رحمة"وردت"بالأصل""نعمة"وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.

صالحَا قلت له: فما له لم يكن صاحب حديث ولا يعرفه أحاديثه منكره، وقال أبو حاتم: سألت أبي عن حديث رواه دَحَيم يعني هذا فقال لي: هذا خطأ الناس يروونه عن ابن ثوبان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلَا لا يذكرون جابراَ، وإلى هذا مال الطحاوي وذكر مضر عن أبي زكريا قلت له: فحديث جابر، قال: نعم رواه ابن أبي ذئيب وليس بصحيح، ولقائل أن يقول: قد تبيّن بمجموع ما تقدم ضعف قول أبي عمرو المقدسي؛ لأنه أتى بأثر أشدّ من قول محمد بن إسماعيل البخاري في عبد الله بن نافع الصائغ هذا في حفظه شيء يعرف وينكر في حفظه وكتابه، وقول أحمد المتقدّم فيه وقال ابن عدي: روى عن مالك غرائب وذكره العقيلي في كتاب الضعفاء وكذلك يعقوب بن سفيان الفسوي والبلخي فيقال له: على طريقة معلومة الرفع بزيادة وهي من الثقة مقبولة وابن نافع قال فيه: أبو زكريا بابن معين ثقة، وقال العجلي: ثقة مرمى متعبد، وقال ابن عدي: هو مستقيم بالحديث وأنا يعني عنه سئل عبد الوهاب بن يحيى يكون ذلك دليلًا على جلالته وقال محمد بن سعد: كان يلزم لزومَا شديدًا، وكان لا يقدم عليه أحدَا وهو دون معنى وقال سحنون: لزم مالكًا أربعين سنة حكاه الشيرازي، وقال أبو الفرج ابن الجوزي: لم أرى عنه طعنًا يعني قادحًا وإلا فمن المعلوم أنه رأى بعض ما تقدّم، وإّنما ذكر/العقيلي والبلخي وابن عدي له في كتاب الضعفاء فأنه لما ذكروا فيه كلام البخاري وكلامه يُتئوّل؛ لعدم صراحته بالضعف، وكذلك كلام أحمد، ولئن سلمنا ضعفه ووهمه فنحن عنه غير محتاجين لمتابعة معزلة كما سبق في الباب والله أعلم، وفي قول البيهقي: روى يعني حديث جابر دحيم موصولًا إشعار بمفرّده بذلك، وليس كما قال لما ذكره أبو نعيم الحافظ في تاريخ بلده، ثنا أبي، ثنا الفضل بن الحصيب بن نصر، ثنا النضر بن سلمة، ثنا شاذان المروزي، ثنا عبد الله بن نافع، ثنا ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن عن ابن ثوبان عن جابر الحديث مرفوعَا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا المعلي بن منصور، وثنا عبد الله بن أحمد بن بشر بن ذكوان الدمشقي، ثنا مروان بن محمد قالا: ثنا الهيثم بن حميد ثنا العلاء بن الحرث عن مكحول عن

عنبسة بن أبيِ سفيان عن أم حبيبة قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من مس فرجه فليتوضأ". هذا حديث قال فيه علي بن سعد: سألت أبا عبد الله عما يروي في مس الذكر أيّها أصح عندك؟ قال: حديث أم حبيبة، وقال أبو طالب: قلت لأحمد: حديث أم حبيبة أصحها، قال: نعم هو أصحها، وقال محمد بن عوف: قال لي أحمد: حديثك انتهى. أسمعه حديث عنبسة وقال مهنأ: سالمت أحمد عن الهيثم بن حميد؟ فقال: لا بأس به قلت: إنّ الهيثم بن خارجة قال: هو متروك الحديث، قال: لم يكن به بأس، ولكنه كان يرى القدر وسألت أحمد عن العلاء بن الحرث؟ فقال: هو من أصحاب مكحول، وفي الاستذكار حديث أم حبيبة صحيح لا أدفعه، وفي التمهيد كان أحمد يقول: في مسّ الذكر حديث حسن ثابت وهو حديث أم حبيبة وقال أبو زرعة: كتب إلى أحمد بن حنبل لأكتب بحديثه في مسّ الفرج من جهة بن محمود عن أبي مسهر أخبرني محمد بن مهاجر أنه يعرف الهيثم يطلب العلم قال أبو زرعة: قلت: فأعلم أهل/دمشق بحديث مكحول وأتبعه فقال الهيثم: ومحيى ابن حمزة وقد ذكره أبو القاسم في الأوسط، فإذا لم يروه عن مكحول إلَّا العلاء ولا يروى عن أم حبيبة إلا بهذا، ولما سأل أبو عيسى في كتاب العلل الكبير أبا زرعة عنه استحسنه قال: ورأيته كأنه يعدّه محفوظا، وفي موضع آخر قال: هو صحيح عَنْ شاذ، وقال أبو عمر في التمهيد: قد صحّ عند أهل العلم سماع مكحول من عنبسة ذكره ذلك دَحيم وغيره، وذكره البيهقي في الخلافيات عن إسناده ابن عبد الله هذا حديث حدّث به الإِمام أحمد ويحيى بن معين ثبت بسماع مكحول، قال: يعني الحاكم فإذا ثبت سماعه منه فهو أصح حديث في الباب، وقال الخلال في كتاب العلل: قال أبو زرعة عبد الرحمن وعمرو الثغري: حدّثني محمد بن زرعة الرعيشي قال: سألت داود بن محمد عن مكحول سمع من عنبسة فلم ينكر ذاك قال الخلال: ولو لم يكن عند أبي عبد الله أنّ مكحولا سمع من عنبسة لم ينوا بدعة، والرواية تصحح حديث أم حبيبة، وقال ابن السكن: ولا أعلم في حديث أم حبيبة علّة إلا أنه قيل: أنه لم يسمع من عنبسة، وإلى ذلك

ذهب الحافظ البخاري لما سأله عنه الترمذي يقول مكحول: لم يسمع من عنبسة روى عن رجل عن عنبسة عن أم حبيبة:"من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة" (1) . وكأنه لم ير هذا الحديث صحيحا وفي مراسيل ابن أبي حاتم، وسئل أبو زرعة عن أم حبيبة في مس الفرج فقال مكحول: لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان شيئَا؛ ولذا ذكره أبو عبد الرحمن النسائي، وفي كتاب العلل للرازي قلت لأبي: حديث أم حبيبة فيمن مسّ ذكره فقال: روى ابن لهيعة في هذا الحديث مما يوهن الحديث، قال أبو محمد: أي تدل روايته إن مكحولَا قد دخل بينه وبين عنبسة رجل، وفي الاستذكار لم يسمع مكحولا من عنبسة حديث أم حبيبة في مسّ الذكر، وفي موضع آخر منه مكحول لم يسمع عنبسة، وذكر أبو زيد الدبوسي في كتاب الأسرار: وكان أحمد يقول: يصح هذا الحديث ثم وجده مرسلَا أنّ مكحولَا لم يلق/عنبسة، وفي سؤالات مضر بن محمد سألت يحيى بن معين عن قول أحمد أصحّ حديث في مسّ الفرج قاله مكحول عن عنبسة فقال يحيى: هذا لضعيف قلت: وكيف قال مكحول: لم يسمع من عنبسة شيئَا؟ وفي كتاب التمهيد عنه قلت: فإن أحمد يدرك أصحّ حديث من حديث الهيثم عن العلاء عن مكحول فسكت، قال الطحاوي: حديث أم حبيبة منقطع وضعفه ابن وضاح أيضَا مما زاده في الضعف وكيع بن الجراح بن مليح، والذي يرجح من هذه الأقوال قول أحمد، وذلك أنّ المضعَّف إّنما ضعَّفوه بسبب، وقد بيتا من أثبت سماع مكحول من عنبسة والمثبت مقدم على المنفي، وقد ذكر الدارقطني في علله ما يسدّ ذلك، وقد رواه يحيى من حديث أم حبيبة في التطوع، حدّثنا النعمان عن مكحول عن عنبسة أخبر عن أم حبيبة فذكره، وأما قول أبي زرعة: أن حمل عليه بعد فعنده صحيح.

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/41هـ) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (3/ 263) وأحمد (4/413، 6/326) وشرح السنة (3/443) والكنز (21363) والمغني عن حمل الأسفار (1/149) وابن ماجة (1141) وابن أبي شيبة (2/203) والمجمع (2/231) والمشكاة (11هـ9) والخطيب (هـ/81) .

حدثنا سفيان بن وكيع نا عبد السلام بن حرب عن إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن أبي أيوب قال: سمعت رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"من مش فرجه فليتوضأ" (1) . هذا حديث رواه ابن شاهين في الناسخ عن البغوي عن عبد الله بن عمر الكوفي عن أبي غسان عن عبد السلام سالما من ابن وكيع ولفظه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"يتوضأ من مس الذكر" (2) . وربما قال:"من مس ذكره فليتوضأ". وفي رواية الأبواب عن عثمان بن أحمد الدقاق، ثنا أحمد بن ملاعب، ثنا أبي غسان، وثنا علي بن محمد المصري ثنا يحيى بن أيوب، حدثني سعيد بن غفير، ثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عروة عن بُسرة وأبي أيوب الأنصاري ولفظه:"إذا مس أحدكم ذكره فلا يصلي حتى يتوضأ" (3) . وقال البيهقي في الخلافيات: هذا حديث غير محفوظ بهذا الإسناد، وقال ابن وضاح: هو غير صحيح وأجدر به أن يكون كذلك لما يذكَره بعد في الباب الذي بعد هذا ورواية إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عبد الرحمن بن الأسود بن سوارة ويقال: الأسود بن عمرو بن رياش، ويقال: ليان القرشي الأموي أخي إسماعيل وصالح وعبد الأعلى وعبد الحكم وعمار بن ياسر ويونس ومحمد فأنه ممن قال فيه أبو عيسى: تركه بعض أهل العلم منهم الإمام أحمد، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد يقول: لا تحل الرواية عنه، فقلَت: يا أبا عبد الله لا تحل. قال: عندي، وقال أبو حاتم والفلاس والنسائي وعلي بن الجنيد والدارقطني: زاد الفلاس منكر الحديث، وقال البخاري: قد تركوه، وقال أبو زرعة: ذاهب الحديث، وقال يحيى: ليس بشيء لا نكتب حديثه، وفي رواية: كذاب وسئل سعدون عن حديث يعلي بن ثابت عن الوازع بن نافع؟

_ (1) تقدم أكثر من مرة، وكذا رقم"2"، وكذا رقم"3". (2) صحيح. رواه النسائي (1/100) وابن ماجة (ح/479) وأحمد في"المسند" (6/407) والبيهقي في"الكبرى" (1/128) والحاكم في"المستدرك" (1/138) والدارقطني (1/146- 148) والموطأ (42) . (3) صحيح. بشواهده. رواه البيهقي في"الكبرى" (1/128، 129، 130، 2666) ومعاني الآثار (1/73) وبلفظ فيه"فرجه"رواه ابن حبان (214) والخطيب (1/29) .

فقال: لا يروي الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مثل الوزاع، وسئل عن حديث إسحاق بن أبي فروة؟ فقال: شرَا مما قال في التواريخ، وقال ابن المديني: هو منكر الحديث، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث يروي أحاديث منكرة ولا يحتجون بحديثه وكان يرى رأي الخوارج، وقال الساجي: ضعيف الحديث ليس بحجة وكان له أخ/يقال له: الحكم ضعيف مثله، وكان أبو فروة يسمى كيسان وكان حفَّارَا من رقيق الإِمارة الذين يحفرون القبور، وفي كتاب العقيلي جلس إسحاق في مسجد المدينة بحديث والزهري إلى جانبه فجعل يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما أكثر قال الزهري: قاتلك الله يا ابن أبي فروة ما أجرأك على الله ألا نستر، حديثك إنّك تتحدّث بأحاديث ليس لها خطم ولا أزمّة، وقال محمد بن عاصم: كان من أهل الصدق قدمت المدينة ومالك حي فلم أر أهل المدينة يشكون أن إسحاق بن أبي فروة متَّهم على الدين، وقال أبو غسان: جاءني ابن المديني يكتب عن عبد السلام أحاديث ابن أبي فروة فقلت: أي شيء نصنع بها؟ فقال: أعرفها لئلا تقلب، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء زاد أنّ النسائي قال: ليس بثقة ولا نكتب حديثه، وقال ابن البرقي: هو ممن ترك حديثه واتهم في روايته وفي سؤالات الآجري: سمعت أبا داود يقول: إسحاق بن أبي فروة مولى عثمان قتلته الخوارج ودفن في المسجد وقال ابن نافع ضعيف، وقال البزار: ليّن الحديث وضعفه أيضَا الفسوي وضعّف به ابن الجوزي غير حديث وكذلك ابن طاهر في كتابيه الذخيرة والتذكرة، وفي الباب غير ما حديث عكس ما يوهمه كلام ربيعة الرازي بقوله: أما كان في الصحابة من يحمل هذا الدين إلا بُشرة من ذلك حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، ثنا به أبو النون العسقلاني- رحمه الله- قرأه عليه وأنا أسمع بن المقر عن ابن ناصر، ثنا أبو منصور محمد بن أحمد المعمري- رحمة الله عليه- وأنبأ الإِمام بدر الدين محمد بن خالد بقراءتي عليه أخبركم ابن الغراب قرأه عليه عن فاطمة بنت سعد، ثنا أبي ثنا المعمري، ثنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر بن أبي حفص، ثنا الحافظ أبو جعفر بن شاهين قال عبد بن سليمان بن الأشعث، ثنا هشام بن عبد الملك ثنا عبد الله بن محمد البغوي، ثنا محمد بن سليمان الباهلي قالا:

ثنا أحمد بن الفرح الحمصي ثنا بقية ثنا الزبيدي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/من حديث (1) سعيد بن المسيب عنها أنها قالت: " يا رسول الله، كيف تتوضأ إحدانا أتمس فرجها بعد أن تتوضأ؟ فقال: من مسّ فرجه فليتوضأ ". ومن حديث ابن عمر عنها أيضا، ولما ذكره أيضا في حديث عائشة من طريق ابن أبي شريح الرجال والنساء سواء، ولما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث عمرو بن سعيد عن أبيه عن جده عن بسرة: " سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرأة تدخل يدها في فرجها؟ فقال: عليها الوضوء ". قال: لم يرو عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان إلا يحيى بن أسد تفرد به سليمان بن داود، ولم يأت بعد في حديث عائشة- رضى الله عنها- وفي كتاب العلل لأبي عيسى الترمذي قال: محمد وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص في مس الذكر هو عندي صحيح، وفي كتاب المعرفة للبيهقي ورواه عن عمرو كذلك يعني موصولا عن عبد الله بن المؤمل المخزومي وثابت بن ثوبان، وفي كتاب السنن الكبير وهو غير ثابت غرسه. قال: وخالفهم المثنى بن الصباح عن عمرو في إسناده وليس بالقوي، وخرجه ابن الجارود في المنتقى وأبي ذلك الإمام أحمد بن حنبل حين سُئل عنه فقال: ليس بذاك كأنه ضعفه، ذكره الخلال في علله وفيه إشكال من حيث تخريجه في مسنده أو لا يخرج فيه إلا ما صح عنده، كذا ذكر أبو موسى الحديثى فيما رويناه عنه، وقال ابن وضاح: هو غير صحيح فصرح بذلك الطحاوي. والقول والقلب إلى ما قاله البخاري: ومن تابعه أميل. والله أعلم، وحديث زيد بن خالد الجهني- رضى الله عنه- ذكره أحمد بن أبي عزرة في مسنده عن الحسن بن الرسخ، ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو همام عن ابن إسحاق، رواه ابن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ عن الحسن بن حبيب الدمشقي، ثنا أحمد بن عبد الرحيم العراقي، ثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا صدقة (2) بن عبد الله عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن زيد بن خالد الجهني عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من مس فرجه فليتوضأ " ثنا البغوي،

_ (1) هنا بياض بالأصل غير واضح تماما. (2) قوله: " صدقة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

ثنا ابن هانئ، ثنا أحمد بن حنبل، ثنا أحمد بن يعقوب بن إبراهيم، ثنا أبي عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن مسلم / الزهري فذكره وقال مهنأ سألت أبا عبد الله في حديث ابن إسحاق عن الزهري عن عروة عن زيد بن خالد في مس الذكر فقال: ليس بصحيح الحديث حديث بسرة فقلت: من قبِل منْ جاء خطاؤه؟ قال: من قبل ابن إسحاق أخطأ فيه، قلت: وكان ابن إسحاق يخطئ في مثل هذا؟ قال: نعم له غير شيء، ولما ذكره أبو جعفر الطحاوي قال: نفس هذا الحديث منكر وأخلق به أن يكون غلطا، وذلك أن عروة أنكره لما سأله مروان بن الحكم عن مس الفرج فأجابه برأيه إلا وضوء فيه، فلما قال له: مروان بن بسرة ما قال، قال عروة: ما سمعت به وذلك بعد موت زيد بن خالد، فكيف يجوز أن ينكر ما حدّثه إياه زيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورد ذلك عليه الحافظ البيهقي بقوله: وأما ما قال من تقديم موت زيد بن خالد فهذا منه توهم ولا ينبغي لأهل العلم أن يطعنوا في الأخبار بالتوهم، فقد بقى زيد إلى سنة ثمان وسبعين، ومات مروان سنة خمس وستين كذا ذكره أهل العلم بالتواريخ يجوز أن يكون عروة لم يسمع من أحد حين سأله مروان، ثم سمعه من بسرة ثم سمعه بعد ذلك من زيد، فرجع إلى رأيها وحديثها، وفي سؤالات مُضر قلت له- يعني يحيى بن معين- فحديث زيد بن خالد قال: خطأ أخطأ فيه ابن إسحاق، وقال لابن عبد البر: هو خطأ لا شك فيه، ويقول يعقوب بن إسحاق: سفيان، وقال ابن المنذر: لا أعلم لابن إسحاق إلا حديثين منكرين نافع عن ابن عمر مرفوعا: " إذا نعس أحدكم يوم الجمعة " (1) ، والزهري عن عروة عن زيد بن خالد: " إذا مس أحدكم فرجه " كذا ذكره البيهقي في الخلافيات، وفي كتاب العقيلي لم ينكر على أبي إسحاق إلا حديث نافع إذا نعس أحدكم لم يذكر الثاني، وفي كتاب العلل الترمذي قلت له- يعني البخاري-: فحديث محمد بن إسحاق عن الزهري

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/526) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والبيهقي في " الكبرى " (3/238) وشرح السنة (4/269) والمشكاة (1394) والخطيب (1/229) وابن حبان (57) والكنز (21162) وابن أبي شيبة (2/120) والمجمع (2/180) وعزا هـ إلى " البزار " و" الطبراني في الكبير " وفيه إسماعيل في الجامع الصغير أيضا لأحمد.

عن عروة عنها عن زيد قال: إنما روى هذا الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن بُسرة، ولم يعد حديث زيد بن خالد محفوظا، وقال ابن وضاح هذا حديث لا يصح. انتهى، والكل عصبوا الجناية برأس ابن إسحاق، وقد بويع ابن إسحاق على ذلك فسلم الحديث/وهو من الحجاز، وذكر ابن أبي حاتم في كتاب العلل: سألت أبي عن حديث رواه عبد الرزاق وأبو قرة موسى بن طارق عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن عروة عن بُسرة وزيد بن خالد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مس الذكر فقال لي: أخشى أن يكون ابن جريج أخذ هذا الحديث من إبراهيم بن أبي يحيى؛ لأن أبا جعفر ثنا قال: سمعت إبراهيم بن أبي يحيى يقول: جاءني ابن جريج يكتب مثل هذا خفض يده اليسرى ورفع يده اليمني مقدار بضعة عشر حرفا فقال: أروي هذا عنك، فقال: نعم، وفي كتاب المعرفة لأبي بكر الحافظ- رحمه الله- وهذا الحديث إنما ذكره صاحبنا الشافعي من جهة ابن جريج عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة، عن بُسرة وزيد وخالد، وقد أخرجه إسحاق ابن إبراهيم الحنظلي في مسنده كما ذكرناها وهو إسناد صحيح ليس فيه محمد بن إسحاق ولا أحد مما يختلف في عدالته، وإنما المنكر عن ابن إسحاق روايته عن الزهري عن عروة نفسه؛ فإن الزهري لم يسمعه من عروة، وإنما أنكر عليه ذكر زيد بن خالد في روايته من لم يبلغه رواية ابن جريج أو بلغته بالشد، وقال في الخلافيات: رواه ابن جريج عن ابن شهاب عن ابن أبي بكر، ثم اختلف عليه فقيل عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن بُسرة أو زيد بن خالد على الشك، وهذه رواية محمد بن أبي بكر عن ابن جريج: أخبرني الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة، ولم أسمع ذلك منه، وكذا رواية ابن خزيمة عن ابن رافع عن عبد الرزاق، أخبرني ابن جريج، حدثني ابن شهاب عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة قال: ولم أسمع ذلك أنه كان يحدث عن بُسرة أو عن زيد بن خالد، وكذلك إبراهيم بن الحسن عن حجاج قال: قال ابن جريج فذكر الإسناد والشك بين بُسرة وزيد، وفيه ولم أسمع ذلك منه- يعني الزهري- قائل ذلك روايته في مسند إسحاق فلا أشك، ورواية بن إسحاق بن يسار تدل على صحة رواية إسحاق، وقال: وقد

بين ابن جريج هذا الحديث عن ابن شهاب عن عبد الله عن عروة/عن بُسرة وزيد بن خالد، رواه إسحاق في مسنده عن محمد بن بكر البرساني عن ابن جريج قال: حدثني الزهري فذكره قال: هذا إسناد صحيح. انتهى كلامه، وفيه إشارة إلى دفع ما أعله به أبو حاتم؛ إذ فيه تصريح ابن جريج بالحديث والله أعلم، ورواه ابن عدي في كامله من جهة أحمد بن هارون المصيصي وقال: كان يروي مناكير عن قوم ثقات لا يتابعه عليها أحد عن حجاج عن الزهري عن عروة عن عائشة وزيد بن خالد الحديث من غير تردّد، قال البيهقي في الخلافيات: أخطأ فيه هذا المصيصي حيث قال عن عائشة وإنّما هو عن بُسرة، وبنحوه ذكره الحافظ بن طاهر في كتاب الذخيرة وفي كتاب المعرفة، وتعليل من علل حديث الزهري باختلاف الرواة عليه في إقامة إسناده لا يقدح في رواية من أقام إسناده، فالذي أقامه حافظ ثقة وخطأ من أخطأ فيه على الزهري حين قال عن عروة عن عائشة، أو على هشام حين قال: فيه عن عروة، ولا يقدح في رواته أهل الثقة فمثل ذلك موجود في رواية الضعفاء لأحاديث أهل الحفظ، فلم يقدح ذلك في روايتهم، ولم يرد به أحد من أهل العلم حديثهم والله أعلم، وحديث حفصة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مس فرجه فليتوضأ ". وذكر الشيرازي عن الفرج عن مالك عن نافع عن ابن عمر عنها ثم قال: هكذا قال، والصواب مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة وزيد بن خالد وحديث أبي هريرة رواه الدارقطني في كتاب السنن فقال: حدثنا أحمد بن خالد الدقاق، ثنا حسن بن سالم السواق، ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ثنا يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي عن سعيد بن أبي سعيد المغيري عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه، فليتوضأ وضوه للصلاة " (1) وهو حديث قال فيه الأثرم: قلت لأبي عبد الله: حديث

_ (1) حسن. رواه للنسائي (1/216) وللبيهقي (1/132، 134) والدارقطني (1/147) ونصب الراية (1/56) وللطبراني في " الصغير " (1/42) وتلخيص (1/125) . قلت: تعددت طُرقه للضعيفة فحسنته.

أبي هريرة في مس الذكر أدخلوا بين يزيد عبد الملك وبين المقبري رجلا قال: أنا موسى الخياط/قال: من قال هذا؟ قلت: عبد الله بن نافع الصائغ، قال: ذلك لم يكن بحفظ الحديث، كان الغالب عليه الرأي، وأما أبو سعد مولى بني هاشم فقال عن يزيد سمعت سعيد المقبري ثم قال: لا أبعد أن يكون هذا من هذا الشيخ يزيد بن عبد الملك، فإنه يروى أحاديث مناكير، قلت له: يروى عن يزيد بن حفصة حصيفة أحاديث مناكير، قال: نعم، قال الخلال: ثنا عبد الله، ثنا أبي ثنا يحيى بن يزيد بن عبد الملك يعني النوفلي، ثنا أبي ذكره عن سعيد بن أبي سعيد أنه أخبره عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من أفضى بيده إلى ذكره وليس عليه ستر فقد وجب عليه الوضوء " (1) أخبرني يوسف بن موسى أن أبا عبد الله قال: يزيد بن عبد الملك مدني ليس به بأس، وقال غيره: وصحح فيه، وقال ابن وضاح: هذا حديث لا يصح وضعّفه الطحاوي وأبو عمر بن يزيد النوفلي وقال الشّافعي: روى حديث يزيد عدد منهم سليمان بن عمرو ومحمد بن عبد الله بن دينار عنه لا يذكرون أبا موسى الخياط، وقد سمع يزيد من سعيد المقبري، كذا ذكره عنه البيهقي في المعرفة ثم قال: وروى عبد الرحمن بن القاسم ومعن بن عيسى وإسحاق القروي وغيرهم عن زيد بن سعد كما قال الشّافعي، وفي سؤالات مضر قلت له: يعني ابن معين فحديث أبي هريرة قال: رواه يزيد بن عبد الملك عن سعيد وقد أدخلوا فيها رجلا مجهولا، ولما ذكره أبو بكر البزار في مسنده عن سعيد بن بحر القراطيسي عن معن بن عيسى عن يزيد عن المقبري عن أبي هريرة قال: وهذا حديث لا نعلمه يروى عن أبي هريرة هذا اللفظ، وفيه نظر لذا ذكره الحازمي، وقد روى عن نافع بن عمر الجمحي عن سعيد المقبري كما رواه يزيد بن عبد الملك، وإذا اجتمعت هذه الطرق، ولتنا على أن هذا الحديث له أصل من رواية أبي هريرة، ولما ثنا أبو البركات محمد

_ (1) ضعيف. رواه أحمد (2/333) والمعاني (1/74) والبيهقي (1/333، 134) ونصب الراية (1/56) والمجمع (1/245) وعزاه إلى " أحمد " و" الطبراني " في " الأوسط " و" الصغير " و" البزار " وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي، وقد ضعفه أكثر الناس ووثقه يحيى بن معين في رواية.

الصوفي- رحمه الله- بقرآتي عليه أخبركم أبو محمد بن عبد العزيز بن عبد الرحمن وعبد العزيز الحراني قال الأول: ثنا أبا أسعد بن سعيد/الأصفهاني وأم هانئ عفيفة الفارمانية وعائشة بنت معمر بن عبد الواحد وقال البراني: أنبأنا عفيفة قالوا: ثنا فاطمة الجرزدانية، ثنا ابن يزيد، ثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي، ثنا أحمد بن عبد الله بن العباس الطلي البغدادي، ثنا أحمد بن سعيد الصمداني، ثنا أصبع بن الفرح، ثنا عبد الرحمن بن القاسم عن نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك النوفلي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب فقد وجب عليه الوضوء " قال الطبراني: لم يروه عن نافع إلا عبد الرحمن بن القاسم الفقيه المصري، ولا عن عبد الرحمن إلا إصبع تفرد به أحمد سعيد، وفيما قاله نظر لما يذكره الحاكم بعد، وخرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه من جهة نافع ويزيد كما قدمناه، ثم قال: اعتمادنا إنما هو علي نافع، فأما يزيد فقد تبرأنا من عهدته في كتاب الضعفاء، وذكر أبو عمر أن ابن السكن قال: هو أجود ما روى في هذا الباب لرواية أصبع عن ابن القاسم صاحب مالك عن نافع ويزيد جميعا عن سعيد عن أبي هريرة، وأصبع وابن القاسم فقيهان أعيان فصح الحديث بنقل العدل عن العدل على ما ذكر ابن السكن، إلا أن الإِمام أحمد كان لا يرضى نافع بن أبي نعيم وخالفه ابن معين فقال: هو ثقة ورواه أبو عبد الله في مستدركه فقال: ثنا أبو الحسين محمد بن محمد الحافظ عن علي ابن أحمد بن سليمان، ثنا علان عن محمد بن أصبع حدّثني أبي، ثنا نافع بن أبي نعيم عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من مس فرجه فليتوضأ " وقال: هذا صحيح شاهده الحديث المشهور عن يزيد بن عبد الملك عن سعيد، ولما ذكره أبو القاسم في الأوسط، ثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، ثنا محمد بن خلف العسقلاني، ثنا حبيب كاتب الملك، ثنا شبل بن عبادة عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال:/قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ " ثم قال: لم يروه عن شبل إلا حبيب، وحديث عائشة- رضى الله عنها- قال الدارقطني في السنن الكبير: ثنا

محمد بن مخلد، ثنا حمزة عن سعيد بن العباس المروزي، ثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا يحيى بن مُعلي، ثنا عتيق بن يعقوب، حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ويل للذين يمسون فروجهم ولا يتوضئون " (1) قالت عائشة بأبي أنت وأمي هذا للرجال أفرأيت النساء قال: إذا أفضت أحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة ثم قال عبد الرحمن العمري: ضعيف، وفي كتاب الكبير للنسائي: ثنا محمود بن خالد، ثنا الوليد، ثنا صدقة أبو معاوية وحديثه عن ابن وهب عن سليمان بن موسى عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة مرفوعا: " توضئوا من مس الذكر " ورواه ابن شاهين من جهة إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيِبة عن عمرو بن شريح عن الزهري عن عروة عنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مس فرجه فليتوضأ "، قال: وقال الأموي: ذكره ثنا سعيد بن قيس الصواب ثنا جامع بن سوادة، ثنا زياد بن يونس الحضرمي، ثنا يحيى بن أيوب عن هشام بن عروة عن أبيه عنها قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مس فرجه فليتوضأ " ثنا عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري علي بن سعيد بن النعمان النسائي، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدّثني أبي عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي بكر عن المهاجر بن عكرمة عن الزهري عن عروة/عن عائشة أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعاد الوضوء في مجلس فسألوه عن ذلك فقال: " إني دككت ذكري " (2) . ولما سئل البخاري فيه بقول الترمذي قلت له: فحديث عروة عن عائشة وعن أبي عن أروى فقال: ما يصنع بهذا هذا مما لا يستعمل به ولم يعبأ بهما، وفي علل ابن أبي حاتم سألت أبي عن حديث رواه حسن الحلواني عن عبد الصمد بن عبد الوراث عن أبيه عن حسين عن يحيى بن أبي كثير عن المهاجر عن عكرمة عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي عليه السلام: " من مس ذكره فليتوضأ ".

_ (1) هذا حديث سقط من " الأولى " وأثبتناه من الثانية. (2) سقطت بعض للكلمات من " هذا الحديث " وأثبتناها من النسخة " الثانية ".

ورواه شعيب بن إسحاق عن هشام عن يحيى عن عروة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به قال أبي: هذا حديث ضعيف لم يسمعه يحيى من الزهري وأدخل بينهما رجل ليس بالمشهور، ولا أعلم أحد روى عنه إلا يحيى، وإنما يرويه الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن عروة عن مروان عن بسرة، ولو أن عروة سمع من عائشة لم يدخل بينهما أحد، وهذا يدل على وهن الحديث وقد ذكر أبو نعيم الحافظ في هذا الحديث علة أخرى: وهي أن الزهري سمعه من عروة فقال في تاريخ أصبهان، ثنا عبد الله بن محمد، ثنا عامر بن أحمد الفرائضي، ثنا إبراهيم بن فهد، ثنا أحمد بن شبيب، ثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب عن عمرو بن شعيب عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مس فرجه فليتوضأ " قال: سألت أبا عبد الله عن حديث عبد العزيز عن الدستوائي عن يحيي بن أبي بكر عن أبي سلمة عن عروة عن عائشة في مس الذكر فقال: ليس بصحيح، إنما كان يحدث به الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن عائشة، قال الخليل: وقال غير مهنأ يعني عنه ولو كان عنده يعني عروة صحيحا عن عائشة لم نحتج أن يجادل مروان إنما الحديث حديث بسرة، ورواه أبو جعفر الطحاوي، ومن هذا ويعمر بن شريح وقال ابن وضاح (1) : ليس بصحيح وأشار في المعرفة إلى أنه خطأ، وفي المستدرك لأبي عبد الله وقد صحت الرواية عن عائشة بنت الصديق- رضى الله عنهما- أنها قالت: " إذا مست المرأة فرجها توضأت " وسيأتي في الباب الذي بعد هذا ما يناقض ذلك، وحديث عبد الله بن العباس أخرجه أحمد بن عدي في كامله من جهة الضحاك بن حيوة قال: وليس بشيء كل رواياته مناكير أما شاذا عن الهيثم الراسبي عن عبد الله بن يزيد عن يحيى بن يعمر عنه مرفوعا: " من مس ذكره فليتوضأ " ولما ذكره البيهقي في الخلافيات ضعفه بالضحاك هذا وأجدر أن يضعف / به الأحاديث؛ ولأنه ممن قال فيه ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به، وقال الدارقطني: يضع الحديث والله أعلم، وحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب- رضى الله عنهما- ذكره ابن (1) قوله: " وضاح " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

شاهين فقال: ثنا الحسن بن حبيب بن عبد الملك بدمشق، ثنا أحمد بن عبد الرحيم البرقي، ثنا عمرو بن أبي سلمة، ثنا صدقة بن عبد الله الدقيقي، ثنا هاشم بن زيد عن نافع عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من مس فرجه فليتوضأ " ثنا أحمد بن محمد بن زيد الزعفراني، ثنا القاسم بن هاشم، ثنا يحيى بن صالح، ثنا العلاء بن سليمان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مس فرجه فليتوضأ " ثنا أحمد بن محمد بن زيد ورواه الحاكم في تاريخ نيسابور عن أبي زكريا يحيى بن محمد، ثنا إيراهيم بن أبي طالب، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا عمرو بن أبي سلمة بلفظ: " من مس ذكره فليتوضأ "، ورواه أيضا عن الأصم، ثنا أبو الحسن الشعراني، ثنا السر بن جرير الثقة وفوق الثقة، ثنا سعيد بن هبيرة ثنا جرير به عن نافع ورواه أيضا فيما قاله البيهقي عن أبي بكر بن أبي العزائم الرباعي عن عبد العزيز بن أبان، ورواه عن الثوري عن أيوب عن ابن سيرين عنه، وقال: تفرّد به أبو بكر عن عبد العزيز بن أبان، ورواه البيهقي أيضا من جهة عمرو بن خالد عن العلاء بن سليمان عن الزهري وقال: هذا ضعيف، والحمل فيه على العلاء فيما أظن، ورواه أيضا من جهة ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب، وقال ابن لهيعة: لا نحتج به، قال: ورواه الشافعي في القديم ثم عن الزنجي عن ابن جريج عن عبد الواحد بن قيس وعن مسلم بن خالد عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عنه وكلاهما منقطع وفي سؤالات مضر قلت: وحديث ابن عمر قال: الصحيح منه غير مرفوع وضعّفه الطحاوي بصدقة وبالعلاء، وقال الخليل: هذا منكر بهذا الإِسناد لا يصح من حديث أيوب يعني عن ابن أيوب- يعني عن ابن سيرين/عنه- ولا من حديث الثوري، والحمل فيه على عبد العزيز بن إبان الكوفي ضعفّوه. آخر الجزء والله أعلم، يتلوه في الجزء الذي بعده إن شاء الله تعالى وحديث أروي ابنه أنيس، وكان الفراغ منه في يوم الأحد المبارك سادس عشر من جمادي الأولى سنة سبع ثمان مائة أحسن الله بعضها بخير منه وكرمه والحمد لله رب العالمين. اللهم صلى على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل

بسم الله الرحمن الرحيم صلّى الله على سيّدنا محمّد وآلِهِ وصحْبه وسلّم وحديث أروى ابنة أنيس. ذكره الحافظ أبو زكريا، وقد تقدّم تضعيف البخاري له من كتاب العلل الكبير الترمذي، وكلام البيهقي في المعرفة أيضا. وحديث يحيى بن أبي كثير عن رجال من الأنصار أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ ". رواه الشافعي (1) عن مسلم وسعيد بن سالم عن ابن جريج عن يحيى به، وإسناده صحيح عند جماعة لتوثيقهم يحيى، وفي المعرفة للحافظ أبي بكر: أنبأنا أبو عبد الرحمن السُّلمي، أنّ أبا الحسن محمد بن عبد الله بن محمد بن صبيح أخبرهم، أنا عبد الله بن محمد بن شيرويه، أنا إسحاق الحنظلي، أنا محمد بن بكر البرساني، ثنا ابن جُريج قال: وقال يحيى بن أبي كثير عن رجل من الأنصار: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ثم عاد في مجلسه فتوضأ، ثم أعاد الصلاة فقال: إنّي كنت مسست ذكرى فنسيت " (2) . هذا ضعيف لضعف السلمي، وحديث سعد بن أبي وقاص وأم سلمة زوج المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكرهما أبو عبد الله الحاكم في كتاب المستدرك. وحديث قيس بن طلق عن أبيه، ذكره الطبراني، وسيأتي، وفي حديث عبد الله بن عمر وسعد وأم سلمة والرجال والرجل من الأنصار،

_ (1) صحيح. رواه الشافعي (12) والنسائي (1/100) وابن ماجة (479) وأحمد في " المسند" (6/407) والبيهقي (1/138) والحاكم (1/138) والدارقطني (1/146- 147) وعبد الرزاق (412) وابن خزيمة (33) وشرح السنة (1/340) والخطيب (4/311) والحلية (7/159) والخفاء (1/106) ومطالب (139، 141) والموطأ (42) وشفع (90) والبغوي (1/535) وابن حبان (214) وابن عساكر في " التاريخ " (1/403) والعقيلي (1/274) وابن سعد (8/179) وحبيب (1/27226) (2) ضعيف وتقدم من أحاديث الباب

35- باب الرخصة في ذلك

وإن كان ظاهرهما الإرسال، وابن عباس وطلق ردّ لما أغفله الترمذي حين تعداده الرواة. 35- باب الرخصة في ذلك حدثنا علي بن محمد بن جابر قال: سمعت قيس بن طلق الحنفي (1) عن أبيه: " سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن مس الذكر فقال: ليس فيه وضوء إنما هو منك ". هذا حديث ضعيف بضعف الإسناد؛ لأن محمد بن جابر بن سيار بن طلق أبا عبد الله اليمامي الحنفي السحمي أخا أيوب بن جابر، قال فيه يحيي بن معين: ضعيف، وقال مرة: ليس بشيء، وسئل عنه محمد بن جابر فقال: لا بأس به، وفي تاريخ ابن المبارك قال عبد الله بن محمد بن جابر: هذا وهو الحديث الثاني من أبيه لا يحفظ جزئية، فقلت له: أيّها الشيخ إنك حدثتني بكذا وكذا، قال: فوثب أولئك على المسار للحديث فكفّهم محمّد عني قال: ثم جاءني محمد إلى رحلي ومعه كتابه فقال: انظر، فنظرت فإذا هو صحيح على ما حدثني فقلت: رحمه الله لا أحدِّث إلا من كتابه، ولفظ أبي داود في كتاب التفرد/عن محمد بن جابر قال في الصّلاة، كذا رواه الثوري وربيعة وهشام بن حسان وابن عيينة وجرير عن ابن جابر، وفي رواية عباس أنه كان أعمى واختلط حديثه، وكان كوفيا ثم انتقل إلى اليمامة، وقال أحمد: لا يحدث عنه إلا من هو شرّ منه، وقال البخاري: ليس بالقوي، تكلموا فيه، وقال: ذهب في آخر عمره واختلط وساء حفظه، وكان يلقن، وقال ابن حبان: كان أعمى يلحق في كتبه ما ليس من حديثه ويسرق ما ذكر فيحّدث به، وقال عبد الله بن أحمد (2) : سمعت أبي يقول: كان محمد رُبّما ألحق في كتابه أو لحق كتابه- يعني الحديث- وربما الحق، وهذا حديث ليس بصحيح، وهو كذب، وفي كتاب العقيلي عن عبد الله قال الفلاس: صدوق كثير الوهم متروك الحديث، وكان ابن مهدي يحدث عنه ثم تركه بعد، وكان يروي أحاديث مناكير، وهو معروف بالسّماع، جيِّد اللقاء وفي كتبه لحن، وحديثه عن حمّاد فيه اضطراب، وقال النسائي:

_ (1) قوله: " الحنفي " وردت " بالثانية ": " الختني "، وهو تحريف، والصحيح الأولى. (2) شطب " بالأصل ".

ضعيف، وقال ابن عدي ولمحمد بن جابر من الحديث غير ما ذكرت، وعند إسحاق بن إسرائيل عنه أحاديث صالحة، وكان يعني ابن إسرائيل يفضله على جماعة شيوخ هم أفضل منه وأوثق، وقد روى عنه من الكبار أيوب وابن عون وهشام وحسان والثوري وشعبة وغيرهم، ولولا أن محمد بن جابر في ذلك المحل لم يروه عنه هؤلاء الذين هو دونهم، وقد خالف في أحاديث، ومع ما تكلم فيه من تكلم فكتب حديثه، وفي سؤالات الآجري: سألت أبا داود عن محمد بن جابر اليمامي فقال: ليس بشيء، وفي موضع آخر: سمعت أبا داود يقول: روى شعبة وسفيان عن محمد بن جابر ذاك الحديث، وسفيان أظنّه كتب به إليه، وقال الدولابي في كتاب الكني: ضعيف، وقال العجلي: ضعيف، وذكره أبو العز عن ابن مهدي، وذكر محمد بن جابر فجعل يضعفه، وقال محمد بن عيسى: قال لي أخي- يعني إسحاق-: حديث محمد بن جابر كان يحدّث لشريك عن أبي إسحاق، قال: وأبيه في كتابه قد ألحقه ين سطرين من كتابه طري (1) ، قرأت على أبي الفنون وأبي الحسن بن أبي بكر/الضرير- رحمهما الله تعالى- قلت للأول: أنبأك المقبري عن المدني وابن ناصر، وقال المدني: نا وقال ابن ناصر أنبأنا ابن خلف، والثاني: أنبأك الحافظ البكري أنا القاسم بن عبد الله الصفّار، ثنا عمه والد عائشة بنت أحمد عن أبي بكر بن خلف، قال: أنا الحاكم أبو عبد الله النيسابوري، أنا أبو بكر بن إسحاق الإمام أنا أبو مسلم عبد الله بن رجاء، ثنا همام عن محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه: " أنّه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو سأله رجل- فقال: بينا أنا في الصلاة ذهبت أحك فخذي فأصابت يدي ذكري فقال: هل هو إلا بضعة منك " (2) . قال الحاكم: هذا حديث رواه جماعة من التابعين عن محمد بن جابر فلم يذكر الزيادة في حك الفخذ غير عبد الله بن رجاء عن همام بن يحيي، وهما ثقتان. وفي تاريخ أصبهان (3) لأبي نعيم من حديث ابن جابر: " إنما هو بضعة منك فأنى أعزله "، وقال ابن شاهين: هذا حديث

_ (1) كذا ورد هذا اللفظ " بالأصل ". (2، 3) رواه النسائي (1/101) وأحمد (4/23) والبيهقي (1/134) وابن أبي شيبة=

اشتهر به محمد بن جابر، ورواه عنه الأكابر ممن هو أسنّ منه وأقدم موتا، منهم: أيوب السختياني وعبد الله بن عون وسفيان الثوري وهشام بن حسان وقيس بن الربيع وهمام بن يحيى وصالح المزي وحّماد بن زيد وسفيان بن عبد الله ووكيع وابن فضيل والمفضل ابن صدقة وأخوه أيوب بن جابر، وجماعة ذكروا في الأكابر عن الأصاغر، وذكر الحافظ أبو القاسم الطبراني لمحمد بن جابر متابعا؛ وهو أيوب بن عتبة عن قيس بلفظ: " سأل رجل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله أرأيت إذا مس أحدنا ذكره يتوضأ؟! فقال: لا، إنما هو بضعة منك " (1) ، وفي لفظ: " سأله عن مس فرجه "، وأيوب أشُدّ من محمد، فإنّه ممن قال فيه يحيى: ليس بشيء، وفي رواية: ليس بالقوي، وقال مرّة: ضعيف الحديث، وكذلك قال مسلم وأبو زرعة، وقال النسائي: مضطرب الحديث، وقال علي بن الجنيد: شبه المتروك، وقال البخاري: لا أحدث عنه، كان لا يعرف صحيح حديثه من سقيمه، وقال الترمذي: وضعّفه محمد بن رجاء، وقال أبو داود: منكر الحديث، وقال السعدي: ضعيف، ولما ذكره الشامي في كتاب الضعفاء قال: قال العلاء: وضعّفه يحيى، وليس هو ساقط الحديث، وقال أحمد: ضعيف الحديث، وفي كتاب أبي العرب/قال ابن البرقي أيوب بن النجار: والمحاملي وأيوب بن عتبة ممن نسب إلى الضعف واحتملت روايتهما، وذكر البيهقي أنّ أيوب ومحمد ضعيفان، وكذا قاله الحازمي وابن طاهر وابن الجوزي في العلل الساهرة، ورواه أيضا رجل آخر يسمى أيوب بن محمد عن قيس بن طلق، في مس الذكر لا أعرفه، بل أعرف لأبي داود شيخا يقال له أيوب بن محمد العجلي روى عن بشير له وطعنه ابن علي، وأيوب بن محمد شيخ مصري يلقب أبا الجمل، ثنا عنه عبد الله بن صالح بحديث عن أيوب بن موسى بن يحيى بن أبي كثير، فلعل عبد الحميد أراد هذا إذ أيوب أخا محمد بن جابر، فقال ابن محمد: أو أراد بقول

_ (1/165) وتلخيص (1/125) والمشكاة (320) وابن سعد (5/402) والمعاني (1/76) وأصفهان (2/222) . (1) رواه أحمد (4/22) والحلية (03/17) والفتح (1/254) والمتناهية (1/362، 363) وأصفهان (3/353) والدارقطني (11/49) وابن عدي في " الكامل " (1/344) .

أيوب بن عتبة، وكان هذا أشبه من روى الحديث عمن يقال له أيوب تسعون رجلا، وضعف هذا الحديث أيضا طلق الراوي له عن أبيه، وفي تاريخ أبي زرعة: كان أحمد يضعف رواية أيوب عن يحيى بن أبي كثيِر قال: ذكر ابن أبي حاتم في كتاب العلل: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه في مس الذكر، فلم يثبتاه، وقالا: قيس بن طلق ليس ممن تقوم به حجه ووهّناه، وفي كتاب " العلل " للخلال: قيل له- يعني: للإِمام أحمد- حديت قيس بن طلق عن أبيه قال: قد رواه وغيره أثبت منه (1) ، وقاله الشافعي في " القديم "، وزعم بعض من خالفنا أن قاضي اليمامة يعني: أيوب بن عتبه- ومحمد بن جابر ذكرا عن قيس بن طلق عن أبيه عن النبي- عليه السلام- ما يدلّ على أن لا وضوء منه، قال الشّافعي: قد سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره، وقد عارضه من وصفنا ثقته ورجاحته في الحديث وثبته، وقال يحيى بن معين: لقد أكثر الناس في قيس بن خلف وإنّه لا يحتج بحديثه، وأُعلّ أيضا باختلاف الرواة في ألفاظه فيما ذكره المحاربي. وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق سالمة من هؤلاء الضعفاء، وحكم بصحيحها جماعة؛ منهم: الإمام أبو حاتم البستي، فإنه ذكر في كتابه الصحيح: ثنا الحسن بن سفيان، ثنا نصر بن علي، ثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدْر/عن قيس بن طلق عن أبيه قال: " خرج وفد إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء رجل فقال: يا نبي الله ... " الحديث ثم قال: ذكر الخبر المرخص فول من زعم أن هذا الخبر ما رواه ثقة عن قيس بن طلق خلا ملازم بن عمرو، وأنا محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري بمكة، ثنا محمد بن عبد الوهاب الفراء، ثنا حسين بن الوليد عن عكرمة بن عمار عن قيس بن طلق عن أبيه: " أنّه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يمس ذكره فقال: لا بأس إنه كبعض جسدك " (2) . ولما ذكره أبو عبد الله في تاريخ نيسابور، ثنا محمد بن يعقوب (1) قوله: " أثبت منه " سقط من " الأولى "، وأثبتناه من " الثانية ". (2) روى الترمذي في سننه: حدثنا هنّاد، حدثنا مُلازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن=

الحافظ ثنا الفراء، قال: تفّرد به الحسين بن الوليد الثقة المأخوذ عن عكرمة، ومنهم الحافظ أبو محمد الفارسي في كتابه المحلّي، ورجحه ابن مندة على حديث سبرة، وحكي نحو ذلك عن الفلاس وابن المديني، وقال أبو عيسى عندما رواه في جامعه من حديث ابن بدُر عن قيس: وهذا الحديث أحسن شيء في هذا الباب، وقد روى هذا الحديث أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر، وقد تكلّم بعض أهل الحديث في محمد بن جابر وأيوب بن عتبة، وحديث ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر أصح وأحسن، وأمّا قول أبي عمرو: ملازم بن عمرو ثقة وعلى حديثه عوّل أبو داود والنسائي وكل من خرج في الصحيح ذكر حديث سبرة في هذا الباب وحديث طلق بن علي إلا البخاري فإنهما عنده متعارضان معلولان، وعند غيره هما صحيحان، وفيه نظر؛ لأنّ مسلما لم يخرّج واحدا منهما، وكذا ابن خزيمة لم يخرّج حديث طلق، وهما ممن يخرج في الصحيح، وأمّا قول البيهقي في المعرفة والخلافيات: حديث عكرمة بن عمار عن قيس منقطع؛ لأنه قال عن قيس: إن طلقا سأل وقيس لم يشهد سؤال طلق، وعكرمة بن عمّار أقوى من رواه عنْ نفر، وإن كان هو أيضا يختلف في عدالته؛ فاحتج به مسلم في غير هذا الحديث وتركه البخاري، وتبعه على ذلك الحازمي فغير الصواب منها؛ لما قدّمناه قبل من عند ابن حبان من أنّ روايته متصلة لاشكّ فيها، وإذا صحّ للحديث طريق، وسلم من شوائب/الطعن تعين المصير إليه، ولا عبرة باختلاف الباقين.

_ - قيس بن طلق بن علي- هو الحنفي- عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " وهل هو إلا مضغة منه؟! " وبضعة منه؟! ". قال أبو عيسى: وقد رُوي عن غير واحد من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعض التابعين: أنهم لم يروا الوضوء من مس الذكر. وهو قول أهل الكوفة وابن مبارك. وقد روى هذا الحديث أيوب عن عتبة ومحمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه. وقد تكلم بعض أهل الحديث في محمد بن جابر وأيوب بن عتبة، وحديث ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر وهو أصح وأحسن. قلت: والحديث رواه النسائي. (1/38) عن هناد شيخ الترمذي فيه، ويظهر أن الترمذي اختصره، ولفظ النسائي: " أخبرنا هناد عن ملازم قال: حدثنا عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق بن علي عن أبيه قال: خرجنا وفدا حتى قدمنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبايعناه وصلينا معه، فلما قضى الصلاة جاء رجل كانه بدوي، فقال: يا رسول الله، ما ترى في رجل مس ذكره في الصلاة؟ قال: وهل هو إلا مضغة منك؟! أو بضعة منك؟! ".

ورجحه أيضا محمد بن يحيى الذهلي بقوله: الوضوء من مس الذكر استحبابا لا إيجابا؛ لحديث عبد الله بن بدْر عن قيس بن طلق عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. حكاه الحافظ بن خزيمة في صحيحه، وذكره أيضا ابن الجارود في كتاب المنتقى، وكذلك الإمام أحمد بن حنبل، وسكت عنه أبو محمد الأودي، وذلك مشعر بصحّته عنده، وتبع ذلك أبو الحسن عليه، وقال: هو حسن صحيح، وقال أبو عمر بن عبد البر: أحسن أسانيده من جهة ملازم، وأشار الطبراني- رحمه الله تعالى- إلى صحته، وأما تضعيف من ضعفه بقيس فغير صحيح؛ لأنه ممن ذكره غير واحد في جملة الصحابة، وعلى تقرير لا يكون صحابيّا فقد وثقة ابن معين فيما حكاه ابن عبد الحميد (1) وغيره، ولا معارضة بينه وبن ما حكياه عنه من أنّه لا يحتج به؛ لاحتمال أن يكون أحد الأمرين قبل الآخر، أو يكون الحجة عنده فوق الثقة، ووثقه أيضا أحمد بن عبد الله العجلي الحافظ، وذكره أبو حاتم البستي في كتاب الثقات، وروى عنه جماعة؛ منهم: عبد الله بن بدْر ومحمد بن جابر وعبد الله بن النعمان السّحيمي وابن أخيه عجيبة بن عبد الحميد بن طلق وابنه هودة بن قيس وعكرمة بن عمار وأيوب بن عتبة وأيوب بن محمد وموسى بن عُمير اليماني وسراج بن عقبة وعيسى بن حيثم، وفي ذلك رد لقول من قال: قد سألنا عنه فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره؛ لأنّ هؤلاء عرفوه فرووا عنه، وأولئك عرفوا حاله فأخبروا عنها، ولولا عرفانها لما جاز لهم تصحيح خبره، والله أعلم. ومن كان بما وصفناه كان حديثه صحيحا لا علّة فيه، حسنا بغير شبهة تعتريه؛ أمّا الصحة فقد تقدّم سببها، وأمّا الحسن فلعرفان مخرجه بما يأتي بعد، إن شاء الله تعالى. حدثنا عمرو بن عثمان بن سعد بن كثير بن دينار الحمصي ثنا مروان بن معاوية عن جعْفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامه سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مس الذكر فقال: " إنما هو جزء منك " (2) . وفي مصنف وكيع بن الجرّاح: " إنما هو جِذْوةٌ منك ". هذا حديث معلّل بأمرين:

_ (1) قوله: " عبد الحميد لما وردت في " الأولى ": " الخير "، والصحيح الثاني. (2) الكنز (27073) والمتناهية (1/363) .

الأول: جعفر بن الزبير الدمشقي الباهلي وقيل: الحنفي العابد العزاء، قال عليِ بن المديني:/سمعت يحيى وذكره فقال: لو شئت أن كتب عنه ألفا لكتبت، كان يروي عن ابن المسيب نحوا من أربعين حديثا، وضعفه يحيى جدا، وقال يزيد بن هارون: كان جعفر ابن الزبير وعمران بن جُرير في مسجد واحد، وكان الزحام على جعفر وليس عند عمران أحد فكان شعبة يمرّ بهما فيقول: عجبا! الناس اجتمعوا على أكذب الناس وتركوا أحذق الناس، قال يزيد: فما أتى علينا إلا العلل حتى رأيت ذلك الزِّحام على عمران وتركوا جعفرا ليس عنده واحد، وقال غندر: رأيت شعبة راكبا على حمار، قيل له: أين تريد يا أبا بسطام فقال: أذهب وأستعدى على هذا- يعني: جعفرا- وضع على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعمائة حديث كذب، وقال يحيى بن معين: جعفر ضعيف، وفي رواية: ليس بثقة، وقال الفلاس: متروك الحديث، كثير الوهم، وقال أبو زرعة: اضربوا على حديثه، لا أحدّث عنه بشيء، وقال السعدي: نبذوا حديثه، وقال البخاري: متروك الحديث، وفي التاريخ الأوسط: أدركه وكيع ثم تركه، وقال النسائي والدارقطني وعلي بن الجنيد والأودي: متروك الحديث، وقال أبو أحمد: وعامة أحاديثه لا يتابع عليها، والضعف على حديثه بيّن، وتركه الإمام أحمد، وفي موضع آخر ضرب على حديثه، وفي كتاب العلل عنه: أنّه أذهب رواية جعفر بن الزبير؛ لأنه إنّما كانت رواية عن القاسم، وذكره القيرواني في كتاب الضعفاء وذكر العقيلي عن محمد بن المثنى: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن حدثا عنه شيئا قط. الثاني: أبو عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن الشامي مولى عبد الرحمن بن خالد بن يزيد بن معاوية ويقال: مولى جويرية بنت أبي سفيان، قال أبو زرعة الدمشقي: وهو أحبّ القولين إلي، وقال الطبراني: مولى معاوية بن أبي سفيان، وإن كان قد وثقة يعقوب بن سفيان وابن معين والترمذي ويعقوب بن شيبة والحربي، وقال عبد الرحمن بن يزيد بن جابر: ما رأيت أحدا أفضل منه، وقال الجرجاني: كان خيرا فاضلا، فقد قال الإمام أحمد ... وذكر فحمل عليه، وقال: يروي عنه علي بن يزيد أعاجيب، وتكّلم فيها، وقال: ما أدّى هذا الأمر إلا من قبل القاسم وهو منكر الحديث، وفي

كتاب/العقيلي: هذه الأحاديث المناكير يقولون: من قبل القاسم، وسئل عنه أبو حاتم فقال: حدّث الثقات عنه، مستقيم، لا بأس به، وإنمّا ينكر عليه الضعفاء، وقال ابن حبان: كان يروي عن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المعضلات وقال الكوفي: نكتب حديثه، وليس بالقوي، وقال إبراهيم بن عبد الحميد (1) : سمعت ابن معين يقول: القاسم ثقة إذا روى عنه الثقات أرسلوا ما رفع هؤلاء، وفي رواية البرقي عنه: ضعيف ذكر ثنا أبو العرب، وفي الأوسط للبخاري: روى عنه المعلي بن الحرث وكثير بن الحرث وسليمان بن عبد الرحمن ويحيى بن الحرث وابن جابر أحاديث مقاربة، وأمّا من تكلّم فيه مثل جعفر بن الزبير وعلي بن يزيد وبشر بن نمير ونحوهم ففي حديثهم مناكير واضطراب، وفي كتاب العقيلي: لما حدّث بشر بن نمير عن القاسم قال شعبة: ألحقوه به، وعن أبي داود: هو أبو عبد الرحمن ومولى عبد الرحمن وأهل الشام ينكرون أن يكون ابن عبد الرحمن ويقولون: هو سيء، قال أبو داود: وهم أعلم به، وقال الآجري: وسمعت أبا داود يقول: سمعت أحمد بن صالح يقول: إنما هو القاسم مولى وأدخل بينه وبن أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثنا امامة وعمرو بن عنبسة وعليا وجماعة لا أعرفهم، فضعف لحال هذا- والله أعلم- ذكره الساجي والبلخي في كتاب الضعفاء. وفي الباب غير ما حديث بخلاف ما يوهمه كلام أبي عيسى؛ من ذلك: حديث عمر بن الخطاب وعصمة بن ملك الخظْمي- وكان من الصحابة- أنّ رجلا قال: " يا رسول الله، إنِّي أحنكم في الصلاة فأصابت يدي فرجى فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأنا أفعل ذلك". رواه الدارقطني (2) عن محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق قال: ثنا أحمد بن محمد بن رشدين عن ابن غفير عن الفضل بن المختار عن الصلت بن دينار عن ابن أبي عثمان المهدي عن عمر بن الخطاب، وعن عبد الله بن موهب عن عصمة بن الصلت، قال أحمد وعمرو بن علي: ليس بالقوي، وفي رواية عن أحمد: ترك الناس حديثه، وقال علي بن الجنيد: متروك، والفضل بن المختار قال ابن عدي: له أحاديث منكرة، وغايتها لا يتابع عليها، وقال أبو حاتم الرازي:

_ (1) قوله: " عبد الحميد " وردت " بالأولى ": " بن الحيد "، والصحيح ما أثبتناه من الثانية. (2) رواه الدارقطني في " السنن ": (1/149) .

مجهول، وأحاديثه/مُنكرة، يُحدثُ بالأباطيل، وقال الأزدي: منكر الحديث جذا، ولما ذكرهما البيهقي في الخلافيات ضعفهما بنحو ما قدمناه بعد فصْله بينهما. وحديث الحنفي: " أن رجلا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وأنّا ربما كان ذلك أمضى في صلاتك " (1) . رواه الحافظ محمد بن إسحاق بن مندة في كتاب معرفة الصحابة عن عبدوس بن الحسين النيسابوري عن محمد بن المغيرة الهمداني عن القاسم بن الحكم العربي عن سلام الطويل عن إسماعيل بن رافع بن حكيم بن سلمة عنه وسلام بن سلم وقيل: ابن سليمان وقيل: ابن سالم أبو عبد الله السعدني الخراساني، سكن المدائن، قال فيه يحيى: ضعيف لا نكتب حديثه، وقال مرّة: ليس بشيء، وضعفه ابن المديني جدا، وقال الإمام أحمد: منكر الحديث، وقال البخاري والرازي: تركوه، وقال أحمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: كذاب، وقال النسائي وعلي بن الجنيد والأزدي والدارقطني: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروى عن الثقات الموضوعات كانه كان المتعّمد لها، وإسماعيل بن رافع أبو رافع مات بالمدينة قديما، وكان كثير الحديث ضعيفا وهو الذي روى حديث الصور بطوله. قاله ابن سعْد، وقال أحمد ويحيى: ضعيف الحديث، وفي رواية عن يحيى: ليس بشيء، وقال الفلاس: منكر الحديث، وقال النسائي وعليِ بن الجنيد: متروك الحديث. انتهى. ويشبه أن يكون حديثه عن الصحابة لأني لم أر أحدا ذكر أنه سمع من الصحابة، وإنما وصف بالرواية عن التابعين، ولما ذكره البيهقي في الخلافيات عن رجل من بني حنيفة ولم يسمعه قال: هذا منقطع، والله أعلم. وحديث مرثد بن الصلت عن أبيه: " إنّه وفد على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن مس الذكر، فقال: إنما هو بضعة منك " (2) . رواه ابن بنت منيع الحافظ في

_ (1) الكنز: (ح 27179) . (2) تقدم من أحاديث الباب انظر ص 427.

معجمه عن محمد بن خلف المقري ثنا أحمد بن محمد بن شماس ثنا عبد الرحمن بن عمرو قال: سمعت عبد الرحمن بن مرثد الجعْفي يحّدث عن أبيه مرثْد بن الصلت، ثم قال: وهذا حديث منكر، والذي حدث به عبد الرحمن ابن عمرو بن جبلة، وهو ضعيف الحديث جدا. وحديث أبي أيوب الأنصاري قال: " سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: مسست ذكرى وأنا في الصلاة، فقال: لا بأس ". ذكره أبو زيد في كتاب الأسرار بغير إسناد، ويشبه أن يكون ضعيفا؛ لاعنا نعرف اختلافه قبل./ وحديث عائشة- رضي الله عنها- أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سئل عن مسّ الذكر فقال: ما أبالي مسسته أو مسست أنفى " (1) ذكره البيهقي في الخلافيات، وقال: هذا حديث منكر، روينا خلافه عنها وحديث جاء من بني حنيفة بنحوه ذكره أيضا ورماه بالانقطاع، وحديث ابن أبي ليلى. قد ذكره البيهقي في السنن الكبير عن أبي بكر القاضي وأبي سعيد بن أبي عمرو قالا: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن عمران حدّثني ابن أبي ليلى عن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ليلى قال: " كنّا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء الحسن، فأقبل يتمرغ عليه، فرفع عن قميصه وقبل ربيبته ". ذكره إثر حديث طلق ثم قال: هذا إسناد غير قوي، وليس فيه أنه مسّه بيده ثم صلى ولم يتوضأ. اختلف أهل العلم في هذا الباب ة فذهب بعضهم إلى هذه الأحاديث، ورأوا ترك الوضوء من مسّ الذكر. يروى ذلك عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر وابن مسعود وعبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان وعمران بن حصين وأبي الدرداء وسعد بن أبي وقّاص- في إحدى الروايتين- وعمر بن خطاب في رواية وعمران بن حصين، وأنس بن مالك ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر وأبي بكر الصديق وأبي هريرة- في إحدى الروايتين عنه- وأبي

_ (1) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/244) من حديث سيف بن عبد الله الحميري، وعزاه إلى " أبي يعلى " من رواية رجل من أهل اليمامة عن حسين بن دفاع عن أبيه عن سيف وهؤلاء مجهولون، وهو أقل ما يقال فيهم.

أيوب وعائشة- في إحدى الروايتين عنها- قال أبو عمران عبد البرقي: الأسانيد عن الصحابة في إسقاط الوضوء منه أسانيد صحاح من نقل الثقات. انتهى كلامه (1) . وفيه نظر إن أراد هؤلاء المسمين؛ لأن حديث ابن مسعود تقدّم ردّه بأبي قيس الأودي، وحديث ابن عمر وعائشة تقدّم الكلام عليهما قبل، وحديث حذيفة أعلّه أبو حاتم الرازي فيما حكاه عنه ابنه، وكذلك حديث أبي أيوب وعمر بن الخطاب تقدم ذكرهما، وحديث عمران مشكوك في اتصاله أنه من رواية الحسن عنه وغيره أحد زعم أنه منقطع وقال: فيه أيضا ابن المسيب والشعبي وإبراهيم وسعيد بن جبير والحسن البصري وعكرمة وقتادة وطاوس وأبو عبد الرحمن السلمي والضحاك ومكحول وأبو جعفر محمد بن علي بن الحسين- جدّ الثوري- وأبو حنيفة وأصحابه وربيعة بن عبد الرحمن وشريك والحسن بن حيي وعبيد الله بن الحسين، وقال/أبو عمر: وجمهور علماء العراقيين معنى على ذلك أسلافُهم، ويحيى بن معين وابن المبارك؛ وخالفهم في ذلك آخرون؛ فذهبوا إلى إيجاب الوضوء من مسّ الذكر فممن يروى عنه ذلك: عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبو أيوب وزيد بن خالد وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وجابر بن عبد الله وعائشة وأم حبيبة وبُسرة بنت صفوان وسعد بن أبي وقاص وابن عباس وعروة بن الزبير وسليمان بن يسار وعطاء ابن أبي رباح وأبان بن عثمان وجابر بن زيد والزهري ومصعب بن سعد ويحيى بن أبي كثير وسعيد بن المسيب، قال الحازمي في أصّح الروايتين عنه: وهشام بن عروة والأوزاعي وأكثر أهل الحديث وجماعة أهل الشام والمغرب والشّافعي وأحمد وإسحاق والمشهور من قول مالك ومجاهد وعبد الرحمن بن القاسم وحُميد الطويل وسلمان التيمي وأبو العالية والشعبي. قال أبو عمر بن عبد البرغي الثوري قال: دعاني ابن جريج وبعض الأمراء فسُئلْنا عن مسّ الذكر فقال ابن جريج: يتوضأ من مسّ الذكر، وقلت أنا: لا وضوء على/من مسّ ذكره فلما اختلفنا قلت لابن جُريج: أرأيت لو أنّ رجلا وضع يده في مني؟! قال: يغسل يده. قلت: فأيهما نجس

_ (1) قلت: كذا ورد هذا القول " بالأصل "، ولعل علاء الدين مغلطاي يقصد أنه يقلب الأسانيد عن الصحابة.

المني أم الذكر؟ قال: المني. قلت: فكيف هذا؟ قال: ما ألقاها على لسانك إلا شيطان. قال أبو عمر: يقول الثوري: إذا لم يجب الوضوء من مس المني فأجدر ألا يجب من مس الذكر، فإذا لم يجب من النجس فأحرى ألا يجب من الطاهر، وإنما ساقت المناظرة وصارت المعارضة عنده في هذه المسألة لاختلاف الآثار فيها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واختلاف الصحابة رضي الله عنهم، ومن تعلم في ذلك، ولو كان فيها أثر لا معارض له ولا مطعن فيه لسلّم الجميع له وقالوا به، قال أبو بكر بن حازم: ومن ذهب إلى إيجاب الوضوء ادّعى أنّ حديث طلق منسوخ، وناسخه حديث بُسرة وأبي هريرة وعبد الله بن عمر؛ لتأخّرهم في الإسلام، وقال بعض من ذهب إلى الرخصة المصير إلى حديث طلق (1) أولى؛ لأسباب: منها: إشهار طلق بالصحبة، ومنها: طول صحبته وكثرة روايته، ثم لو سلمنا ثبوت حديث بُسرة فمن أين لكم ادعاء النسخ في ذلك إذ ليس في حديث بُسرة/ما يدل على النسخ؟ بل أولى الطرق أن يجمع بين الحديثان كما حكى عن ابن عيينة، فإنه قال: تفسير حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مس ذكره فليتوضأ " معناه: أن يغسل يده إذا مسّه، وردّ ذلك ابن حزْم فقال: هذا باطل، لم يقل أحدٌ أنّ غسل اليد واجب أو مستحب من مس الفرج، لا المتأولون لهذا التأويل الفاسد ولا غيرهم، ويقال لهم: إن كان كما تقولون فأنتم مخالفين الأمر، وأيضا فإنه لا يطلق الوضوء في الشّريعة إّلا الوضوء للصلاة، وقد أنكر- عليه السلام- اتباع هذه اللفظة على غير الوضوء للصلاة لما أتى من الغائط فأتى بطعام فقيل: ألا تتوضأ؟ فقال: لم أصل فأتوضأ، وقد جاء مبينا في حديث بُسّرة: " فليتوضأ وضوءه للصلاة "، وقال ابن حبّان: خبر طلق منسوخ؛ لأن قدومه على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول سنة من سنين الهجرة، وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضُوء من مسّ الذكر، وأبو هريرة أسلم سنة سبْع، ذلك على أن خبر أبي هريرة كان بعد خبر طلق بسبع سنين، ثم قال: ذكر الخبر المصّرح برجوع طلق إلى بلده بعد قدمته، قال: أنبأنا خليفة نا (1) قوله: " طلق " وردت في " النسخة الأولى ": " طوق "، وهو تحريف، والصحيح " طلق " كما في النسخة الثانية.

مسدد نا ملازم نا عبد الله عن قيس عن أبيه قال: " خرجنا ستة وفدا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمسة من بني حنيفة، ورجل من بني ضبيعة من ربيعة حتى قدمنا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبايعناه وجلسنا معه، وأخبرناه بأن بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه من فضل طهوره فدعا بماء فتوضأ منه وتمضمض وصبّ لنا في إداوة ثم قال: اذهبوا هذا الماء فإذا قدمتم بلدكم فاكسروا بيعتكم، ثم انضحوا مكانها من هذا الماء واتخذوا مكانها مسجدا، قلنا يا رسول الله، البلد بعيد، والماء ينشف قال: فأمدوه من الماء فإنّه لا يزيده إلا طيبا، فخرجنا فتشاجرنا على حمل الإداوة أيّنا يحملها، فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك يوما لكل رجل يوما وليلة فخرجنا بها حتى قدمنا بلدنا فعملنا الذي أمرنا، وراهب ذلك القوم رجل من طيء فنادينا بالصلاة، فقال/الراهب: دعوة حق ثم ذهب فلم ير بعد قال أبو حاتم: في هذا الخبر بيان واضح ان طلقا رجع إلى بلده بعد القدْمة التي ذكرنا قال: ثم لا يُعلم له رجوع إلى المدينة بعد ذلك فمن ادعّى رجوعه بعد ذلك فعليه أن يأتي ببينة مصرحة (1) ، ولا سبيل له إلى ذلك وبنحوه قاله البيهقي والبغوي في شرح السنة وفيه نظر لما ذكره أبو القاسم الطبري نا الحسن بن علي الفسوي ثنا حماد بن محمد الحنفي ثنا أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق عن أبيه طلق عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من مس فرجه فليتوضأ ". قال الطبراني: لم يرد هذا الحديث عن أيوب بن عتبة إلا حماد بن محمد وهما عندي صحيحان يشبه أن يكون سمع الحديث الأوّل من النبي عليه السلام قبل هذا ثم سمع هذا بعد فوافق حديث بسرة وغيرها فسمع الناسخ والمنسوخ انتهى، وفيه إشعار برجوعه مرة أخرى فإن الإيجاب وعدمه لإثبات في أيام قليلة غالبا لما قيل عنه: من أنّ مقامه بالمدينة كان قليلا نص على ذلك الأئمة، وإذا كان كذلك كان حديثها ظاهرا في النسخ ولا احتياج إلى حديث أبي هريرة لتقدّمه عليه، وممن قال ذلك إسماعيل بن سعد الفقيه والاحتياط في ذلك أبلغ يروى عن النبي عليه السلام بإسناد صحيح أنه: " نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه " (2) أفلا ترون ان الذكر لا يشبه سائر الجسد، ولو كان ذلك بمنزلة

_ (1) قوله: " مصرحة " وردت " بالأولى ": " مفرجة "، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من " الثانية ". (2) صحيح. رواه الترمذي (15) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والحميدي (428) =

الإِبهام والأنف والأذن وما هو منّا لكان لا بأس علينا أن نمسّه بأيماننا فكيف يشبه الذكر بما وصفوا من الإبهام وغير ذلك فلو كان شرعا سواء لكان سببه في المسّ سبيل ما سمّينا، ولكن ها هنا علّة قد غابت عنا معرفتها، ولعل ذلك أن يكون عقوبة لكي يترك الناس مس الذكر فيصير من ذلك إلى الاحتياط انتهى كلامه، وفي استدلاله بحديث مسّ الذكر باليمين نظر؛ لإغفاله قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول لما فيه من الاستهانة باليمين وخشية الاستنجاء، والله أعلم. وقال أبو محمد/بن حزْم: خبر طلق صحيح إلا إنه لا حجة فيه لوجوده أحدها أنّ هذا الخبر موافق لما كان الناس عليه قبل ورود الأمر بالوضوء من مسّ الفرج، هذا ما لا شك فيه، وهو كذلك فحكمه منسوخ يقينا حين أمر- عليه السّلام- بالوضوء منه، ولا يحل ترك ما يتيقّن أنه ناسخ والأخذ بما يتيقّن أنّه منسوخ، وثانيها: أن كلامه- عليه السلام- هل هو إلا بضعة منك؟! " دليل على أنه كان قبل الأمر بالوضوء منه؛ لأنه لو كان بعده لم يقل- عليه السلام- هذا الكلام؛ بل كان بيّن على أنّ الأمر بذلك قد نسخ، وقوله هذا يدل على أنه لم يكن سلف قد حكم أصلا وأنّه كسائر الأعضاء، وقال الخطابي: وترك خبر طلق على أنه أراد اللمس ودونه حائل، واستدلوا على ذلك برواية الثوري وشعبة وابن عيينة أنّه سأله عن مسّه في الصلاة والمصلي لا يمس فرجه من غير حائل بينه وبينه انتهى. وفي قوله: والمصلي لا يمس فرجه من غير حائل نظر؛ لما ذكره أبو عمر من حديث أبي الوليد الطيالسي ثنا نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة عن عمر بن الخطاب: " أنه صلى بالناس فأهوى بيده فأصاب فرجه فأشار إليهم كما أنتم، فخرج فتوضأ ثم رجع إليهم فأعاد "، وفي الإسرار: ومطلق المس اسم للمس بلا حائل، وهذه المسألة وقعت في زمن عبد الملك بن مروان،

_ والخطيب (3/111) . وتمام لفظه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه ". قلت: وأخرجه الشيخان بلفظ: " إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإِناء، وإذا أتى الخلاء فلا يمسّ ذكره بيمينه، ولا يتمسح بيمينه ". وأخرجه أبو داود (1/12) من طريق أبان عن يحيى بن أبي كثير. قال المنذري: " وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة مطولا ومختصرا ".

فشاور الصحابة فأجمع من بقي من الصحابة أنه لا وضوء فيها، وقالوا: لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبيّنا لقول امرأة لا تدري أصدقت أم كذبت يعْنُون بُسرة، ومعنى قولهم: كتاب ربنا، بين الأحداث في كتابه وكانت نجسة من دم حيض ومنى وغائط وشرع الاستنجاء بالماء بقوله: (رجال يحبون أن يتطهروا) (1) الآية. فكانوا يتبعون الحجارة الماء والاستنجاء بالماء لا يتصور إلا بمس الفرجين جميعا، فلما ثبت بالنص أنه من التطهير لم يجز أن يجعل حدثا بخبر غريب تعظم به البلوى، فسقط على ما هو الأصل في خبر الواحد؛ لأنه ورد بخلاف القياس، وقد ثبت من مذهب أبي هريرة ما يذكر أنه ليس بحديث، والراوي إذا ذهب إلى خلاف ما روى دل على زيافة الحديث على ما عرف في موضعه، قال أبو محمد بن حزْم: وقول من قال: تعظم به البلوى، ولو كان لما جهله/ابن مسعود ولا غيره حماقة قد غاب عن جمهور الصحابة الغسل من الإيلاج الذي لا إنزال معه، وهو مما تكثر به البلوى، وقد رأى أبو حنيفة الوضوء من الرعاف، وهو مما تكثر به البلوى، ولم يعلم ذلك جمهور العلماء، ورأى الوضوء من ملك الفم من القلس ولم يره في أقل من ذلك، وهذا تعظم به البلوى، ولم نعلم قال ذلك قبله أحدٌ من ولد آدم- عليه السلام- والله أعلم. وأما الوضوء من مسّ الإبط، فقد جاء في حديث رواه الزهري عن عبد الله بن عتبة عن عمر: أنه رأى رجلا يتوضأ من مسّ الإبط. قال البيهقي: هذا مرسل، وقد أنكره الزهري بعد ما حدث به، ويمكن أن يكون أمره بغسل اليد تنظفا، وروى أبو الحسن من حديث ابن عرفة: ثنا خلف بن خليفة عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر: " إذا توضأ الرجل ومس إبطه أعاد الوضوء ". قال: وعن ابن عباس: ليس عليه إعادة، وروى البيهقي أن ابن عمر أدخل يده في إبطه وهو في الصلاة ثم مضى. وأما الوضُوء من مسّ الصنم فذكر المدائني في تفسيره من حديث محمد بن الوليد عن يعلى بن عبيد عن صالح بن حبان عن ابن بُريدْة عن أبيه: " أن

_ (1) سورة التوبة آية: 108.

النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بريدة وقد مس بريدة صنما فتوضأ " (1) . وفي مصنف عبد الرازق، وعن سفيان بن عيينة عن عمار الرهني عن أبي عمرو النسائي أن علي بن أبي طالب لما استناب المستورد العجلي مسّ صليبا كان في عُنقه فلما دخل في الصلاة قدم رجلا ثم أخبر الناس إنه لم يفعل ذلك لحدثٍ أحدثه، ولكنّه من مس هذه الأحداث فأجبت أن أحدث وضوءا. وفي الأوسط للطبراني: ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا معاوية بن هشام ثنا شيبان أبو معاوية عن جابر الجعفي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن ابن مسعود قال: " كنا نتوضأ من الأبرص إذا مسسناه " (2) . لا يروى هذا الحديث عن ابن مسعود إلا بهذا الإسناد. تفرد به ابن نُمير ولم يكتبه إلا عن الحضرمي، وكتبه عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل من حديث شعبة عن عمر وابن أبي عمرو عن طاوس عن ابن عباس قال- عليه السلام:- " الحدث حدثان: حدث اللسان وحدث الفرج، وحدث اللسان أشد من حدث الفرج ومنهما الوضُوءُ " (3) . وقد روى عن ابن عباس موقوفا، وروى داود بن المحبّر القائل به/ابن المديني وهب حديثه عن شعبة عن قتادة عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يتوضأ من الحدث وأذى المسلم " (4) ، وقالت عائشة: " يتوضأ أحدكم من الطعام الطّيب ولا يتوضأ من الكلمة العوراء " (5) يقولها لأخيه؟! وعن إبراهيم النخعي: إني لأصلّي الظهر والعصر

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/246) وعزاه إلى " البزار " وفيه صالح بن حبان، وهو ضعيف. (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/246) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الكبير "، وفيه جابر الجعفي، وثقة شعبة والثوري، وضعّفه الناس. (3) العلل المتناهية: (1/365) . (4) روى ابن ماجة في سننه: حدثنا محمد بن الصباح، قال: أنبأنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد، وعباد بن تميم، عن عمه، قال: شُكي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجُل يجدُ الشيء في الصلاة فقال: " لا، حتى يجد ريحا، أو يسمع صوتا ". 1- كتاب الطهارة، 74- باب لا وضوء إلا من حدث، (ح/513) . قلت: وهذا حديث صحيح الإسناد. (5) ضعيف. رواه عبد الرزاق (470) والمطالب (120) . قلت: هذا حديث موقوف عن عائشة، مُعلل.

والمغرب بوضُوء واحد إلا أن أحدث، أو قول منكر، الوضوء من الحدث وأذى المسلم، وعن عبيدة السلماني نحوه، وفي كتاب الترهيب لأبي محمد عبد الله بن محمد الأصبهاني: ثنا محمد بن سعيد الشافعي عن محمد بن عامر عن سعيد بن عبد الحميد بن جعفر ثنا عثمان بن مظفر عن أبي عبيدة عن علي بن زيد عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من فسر القرآن برأيه وهو على وضوء فليعد وضوءه " (1) ، وعن ابن مسعود: " لأن أتوضأ من الكلمة الخبيثة أحب إليّ من أن أتوضأ من الطعام الطيب " (2) . ذكره ابن حزم، وعلّل الجميع قال: وقد أوجب الوضوء من قرقرة البطن في الصلاة إبراهيم النخعي، وأوجب الوضوء في الإيقاظ والتذكر والمس على الثوب بشهوة بعض المتأخرين، وروينا إيجاب الغسل من نتف الإبط عن علي وعبد الله بن عمرو، وعن مجاهد، الوضوء من تنقية الأنف، وقد صح عن عروة: " الوضوء من مس الاثنين " (3) ، وروينا عن علي بن أبي طالب ومجاهد وذر والد عُمر بن ذر الحبان: " الوضوء من قص الأظفار، وقص الشعر "،- والله تعالى أعلم- قال ابن المنذر: وبه قال الحكم وحمّاد، ومن ارتد ثم رجع إلى الإِسلام كان الأوزاعي يقول: يستأنف الوضوء. (4)

_ (1) ضعيف. إتحاف: (4/526) . قلت: هذا حديث موقوف عن ابن مسعود، مُعلل. (2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/254) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، ورجاله موثقون. (3) الكامل لابن عدي: (2/793) بلفظ: " الوضوء من مس الذكر ". (4) قوله: " الوضوء " زائدة في " الأولى " التي عليها العمل، فكذا أثبتناها.

36- باب الوضوء مما غيرت النار

36- باب الوضُوءِ مما غيرت النّار حدثنا محمد بن الصباح ثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " توضئوا مما مسّته النار " (1) ، فقال ابن عباس أتوضأ من الحميم فقال: يا ابن أخي إذا سمعت عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثا فلا تضرب له الأمثال. هذا حديث رواه مسلم في صحيحه مرفوعا من حديث ابن شهاب. أخبرني عمر بن عبد العزيز أنّ عبد الله/بن إبراهيم بن قارظ أخبره: " أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على المسجد فقال: إنما أتوضأ من ثور أقط أكلتها؛ لأني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " توضئوا مما مسته النار ". رواه الترمذي (2) عن ابن

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/352، 353) وأبو داود (195) وابن ماجة (485، 487) والطبراني (4/167، 5/107، 139) وعبد الرزاق (666، 667) والفتح (1/311) وابن عساكر في " التاريخ " (6/127) والبيهقي (1/141، 155، 157) والتمهيد (3/335، 338) والمشكاة (303) والمجمع (1/249) وابن أبي شيبة (1/50، 51) وأبو عوانة (1/269) وشرح السنة (1/348) والتاريخ الكبير (2/18، 6/409) والخطيب (6/ 375) وابن عدي في " الكامل " (3/883، 4/1580) . (2) صحيح. رواه الترمذي (79) ومسلم في (الحيض، ح/90) والنسائي في (الطهارة، باب " 121 ") وأحمد (1/366، 2/265، 271، 389، 427، 479، 503) وفي مسند أحمد حديث يشبهه في معناه، رواه في مسند ابن عباس (رقم 3464 ج 1 ص 236) قال: " حدثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني محمد بن يوسف: أن سليمان بن يسار أخبره: أنه سمع ابن عباس ورأى أبا هريرة يتوضأ، فقال: أتدري مما أتوضأ؟ قال: لا، قال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل كتف لحم ثم قام إلى الصلاة وما توضأ. قال: وسليمان حاضر ذلك جميعا ". وهذا إسناد صحيح، رواته أئمة ثقات، وهو مع رواية الترمذي يدلان على أن الجدل في هذا كان شديدا بين ابن عباس وأبي هريرة، وأنه لم يقتنع أحدهما بحجة الآخر. ويؤيد ذلك ما رواه أحمد في المسند (رقم 10860 ج 2 ص 529) والنسائي (1/39) واللفظ له، من طريق يحيى بن أبي كثير عن الأوزاعي أنه سمع المطلب بن عبد الله بن حنطب يقول: " قال ابن عباس: أتوضأ من أشهد عدد هذا الحصى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " توضئوا مما مست النار ". قوله: " الأقط " بفتح الهمزة وكسر القاف: لين مجفف يابس، كانه نوع من الجبن، و" الثور ": القطعة منه.

عمر. ثنا سفيان بن عيينة فذكره وفيه فقال ابن عباس: أنتوضأ من الدهن؟ أنتوضأ من اللحم " (1) ؟! ولم يحكم عليه بشيء، والذي رأيت في مسند ابن أبي عمر: ثنا الدراوردي وابن عيينة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضئوا مّما مسته النار، ولو من ثور أقط "، فقال له ابن عباس: يا أبا هريرة أنتوضأ من الحميم؟ فقال له أبو هريرة ... الحديث، وفي مسند أبي العباس السراج من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال: اجتمع أبو هريرة وابن عباس فقال ابن عباس: ليس في طعام وضوُء وقال: آكل الطعام ولم يتوضأ، قال: فناول أبا هريرة كفا من حصباء فقال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عدد هذه الحصباء يقول توضئوا مما غيرت النار " (2) وفي لفظ: " ولو من ثور أقط "، وفي لفظ: " مما أنضجت النار " (3) ، وفي لفظ: " قال ابن عباس: أتوضأ من طعام أخذه حلالا في كتاب الله عز وجل؛ لأن النار نجسته؟! "، وقال البيهقي في كتاب السنن الكبير: وذهب بعض أهل العلم إلى أن حديث أبي هريرة- يعني هذا- معلول بفتواه بعد وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بألا وضوء منه. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما علم من مذاهب المحدثين بأنّ العبرة مما روى لا بما رأى، خلافا للحسين. حدثنا حرملة بن يحيى بن وهب ثنا يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضئوا مما مسته النار ". هذا حديث لم يسمعه ابن شهاب من عروة بيان ذلك في كتاب مسلم وغبره، قال مسلم: ثنا عبد الملك بن شعيب حدثني أبي عن جدّي حدّثني عقيل بن خالد قال: قال ابن شهاب: أخبرني

_ (1) في " العقيلي: 3/296 ": " أنتوضأ من الأطيبين: اللحم والخبز؟ ! ". (2) صحيح. رواه ابن ماجة (485) وأبو داود (195) والنسائي في (الطهارة، باب " 121 ") وأحمد (1/248، 249) واللآليء (1/172) والمجمع (1/248، 249) والتمهيد (3/ 330، 332، 339) والحلية (7/160) ومطالب (130) والخطيب (13/100) وابن عدي (5/1865) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه النسائي (الطهارة، باب " 16 " وأحمد (2/458، 4/30) وابن عدي في " الكامل " (1/180) .

عبد الملك بن عبد الرحمن بن الحرث بن شهاب أن خارجة بن زيد الأنصاري أخبره أن أباه زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " /الوضوء مما مسته النار ". قال ابن شهاب: وأخبرني عمر بن عبد العزيز بن عبد الله بن إبراهيم بن قارط، أخبره أنه وجد أبا هريرة يتوضأ على المسجد فقال. " أنا أتوضأ من أثوار أقط أكلتها؛ لأني سمعت من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: توضئوا مما مست النار ". قال (1) ابن شهاب: أخبرني سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان، وأنا أخترت هذا الحديث أنه سأل عروة بن الزبير عن الوضوء مما مست النار فقال عروة: سمعت عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضئوا مما مست النار ". وفي مسند السراج: ثنا محمد بن يحيى ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أن سعيد بن خالد أخبره أن عروة أخبره ... فذكر الحديث، وفي كتاب ابن شاهين من حديث ثواب بن يحيى: ثنا أبي عن الزهري عن القاسم سمعتُ عائشة تقول: " ما ترك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الوضوء مما مست النار حتى قبض " (2) . قال محمد بن عمر الحافظ: روى عن الزهري عن عروة عن عائشة، وقيل: عن الزهري عن سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان عن عروة عنها، وقيل: عن الزهري عن خارجة بن زيد عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقيل: عن الزهري عن عبد الملك بن أبي بكر عن خارجة بن زيد عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولما ذكر الحربي حديث الزهري عن عبد الملك بن أبي بكر عن خارجة بن زيد عن أبيه قال: إن كان معمر لم يزل عبد الملك بن أبي بكر بقدر عمدا معمر أنه رواه في كتابه، وقد وافقه صالح وابن أبي ذئب ويونس وشعيب وعقيل وعبد الرحمن بن خالد، وأما قول ابن لهيعة: عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه فالقول قول ليث؛ لأنه رواه كما رووه. حدثنا هشام بن خالد الأزرق ثنا خالد بن يزيد بن أبي ملك عن أبيه عن

_ (1) قوله: " قال " وردت في " الأولى ": " فلما "، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من " الثانية ". (2) قلت: سقطت كلمتان من لفظ هذا الحديث، وصححناه من " النسخة الثانية ".

أنس بن مالك قال: كان يضع يديه على أذنيه ويقول: صحت إن لم أكن سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " توضئوا مما مست النار " هذا حديث قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن يزيد- يعني: عن أنس- إلا ابنه خالد بن يزيد بن أبي مالك- واسمه هانئ يكنى: أبا هاشم- وإن قال فيه العجلي: كان ثقة، وقال أبو حاتم البستي: هو من فقهاء الشّام، وكان صدوقا في الرواية، ولكنه كان يخطيء أكثر، وفي حديثه مناكير، قال ابن عدي: لم أر له إلا ما يحتمل، أو يرويه/عن ضعيف، فيكون البلاء من الضعيف لا منه، ولا يعجبني، والاحتجاج به إذا انفرد عن أبيه وما أقربه ممن ينسبه إلى التعديل، وهو ممن استخير الله- تعالى- فيه فقد قال فيه الإمام أحمد وابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الرازي: يروى أحاديث مناكير، وقال الدارقطني: ضعيف، وذكره العقيلي والساجي في كتاب الضعفاء ويزيده ضعفا وعدم حفظه؛ وذلك أن هماما رواه عن مطر عن الحسن عن أنس عن ابن طلحة قال- عليه السلام-: " الوضُوء مما غيرت النار لونه ". أنا بذلك الإمام شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف المنجي رحمه الله بقراءتي عليه أخبرتكم المسندة أم أحمد زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحرانية أنا أبو حفص بن طرزدان أن أبو غالب بن البنا أنا أبو الغنائم بن المأمون نا أبو القاسم بن حبانة نا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني الحافظ قال: نا محمد بن المؤمل ثنا بشر بن عمر نا همام ... فذكره، وإسناده صحيح، ورواه السراج في مسنده عن إسحاق بن إبراهيم ثنا بشر ... فذكره، ورواه عبد الرحمن، وفي الباب غير ما حديث؛ من ذلك: حديث زيد بن ثابت خرجه مسلم في صحيحه، وقد تقّدم ذكره، وحديث أم حبيبة وشرب عندها ابن أختها أبو سفيان بن سعيد سويقا وقالت: يا ابن أختي، توضأ فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " توضئوا مما مست النار ". خرجه أبو داود (1) ، وإسناده صحيح، وقال الحربي: رواه عن الزهري ثلاثة عشر، وقالوا: أربعة أقاويل؛ فقال يزيد بن زريع عن معمر: دخل عليها سعيد بن سفيان بن المغيرة،

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: كتاب الطهارة، 75- باب التشديد في ذلك (ح/ 195) .

وهذا مما أوهم فيه معمر بالبصرة، وقال عبد الرزاق عنه، فدخل عليها أبو سفيان بن المغيرة ولم يصب أيضا، إنما هو أبو سفيان بن سعيد بن المغيرة بن الأخنس، وأسقط عثمان بن حكم أبا سلمة بن عبد الرحمن- يعني: شيخ الزهري- قال الماجشون عن عبيد الله: وهذا وهم منه لا شك فيه، وليس كقول من قال: عن أبي سلمة عن أبي سفيان بن سعيد بن المغيرة، وفي الأوسط: لم يروه عن بكير إّلا جعفر بن ربيعة، وذكر عن الزهري أنّ أبا سفيان ابن أخت أم حبيبة. وحديث أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري خرجه عبد الرحمن النسائي، وإسناده جيِّد وصححه ابن حزْم. وحديث عبد الله بن عمر قال ابن أبي حاتم: سألت أبي/عن حديث رواه عبد الرحمن بن حميد بن سالم المهدي عن عقيل عن سالم عن أبيه يرفعه: " توضئوا مما مست النار "، فقال أبي: هذا خطأ، ولم يبيِّن الصواب ما هو وما علّة ذلك، والصحيح ما رواه معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه موقوفا، ورواه شعيب بن أبي حمزة وابن أبي ذئب وعبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عمر بن عبد العزيز عن ابن قارظ عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد يرفع حميد بن سالم ذكر القشيري في تاريخ الترمذي: ثنا هلال عمرو بن عثمان ثنا العلاء بن سليمان الرقي عن الزهري عن سالم عن أبيه به مرفوعا، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث عقيل عن ابن شهاب، وقال: لم يروه عن عقيل إلا حال أبي عن عبد الله الطاهر- واسمه موسى بن ربيعة. وحديث سلمة بن سلامة وكان آخر أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إّلا أن يكون أنس بن مالك فإنه قد بقى بعده، إلا أنهما دخلا وليمة وسلمة على وضوءٍ فأكلوا ثم خرجوا فتوضأ سلمة فقال له: ألم تكن على وضُوء؟ قال: بلى، ولكن سنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخرجنا من دعوة دعيناها ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على وضُوء فأكل ثم توضأ فقلت: ألم تكن على وضوء يا رسول الله؟ قال: " بلى ولكن الأمر يحدث " (1) . وهذا مما يحدث خرجه الحافظ أبو بكر بن أبي داود في سننه

_ (1) ضعيف. رواه الحاكم (3/418) والطبراني (7/47) والمجمع (1/249) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وثقة عبد الملك بن شعيب ابن الليث، وضعفه أحمد وجماعة، واتهم بالكذب.

عن عبد الملك بن شُعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي حدثني زيد بن حُبيرة بن محمود بن أبي حُبيرة الأنصاري ثم الأشهلي عن أبيه حبيرة عن محمود عنه. وحديث عبد الله بن زيد. قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا وضوء إلا مما مست النار، أو حدث، أو ريح " (1) . رواه ابن شاهين عن الحسين بن أحمد ابن صدقه ثنا أحمد بن سعيد ثنا يوسف بن عدي ثنا ابن المبارك عن محمد بن أبي حفصة عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه فذكرها ورواه أبو القاسم في الأوسط عن أحمد بن رشد بن عبدُ الرحمن ثنا يوسف بن عدي ثم قال: لا يروي هذا الحديث عن الزهري إّلا محمد ابن أبي حفصة. تفّرد به ابن المبارك. وحديث زيد بن ثابت مرفوعا: " توضئوا مما مست النار " (2) . قال الدارقطني: ورواه في الأفراد. تفرد به ابن المنذر بن محمد عن أبيه عن جبارة بن مسلم عن عبد الله عن الزهري/عن عمران بن إبان عنه. وحديث بسرة بنت صفوان أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " توضئوا مما أنضجت النار ". وذكره ابن عدي في كامله (3) من طريق أحمد بن عبد الله بن ميسرة عن سليمان بن داود الشرقي عن الزهري عن ابن المسيب عنها، وضعفه بأحمد وسليمان، وقال: إسناد غير محفوظ. وحديث ابن خزيمة في صحيحه من حديث حماد بن زيد عن هشام عن محمد بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس ثم قال: خبر حماد بن زيد عن هشام عن محمد بن عمرو غير متصل الإسناد، غلطنا في إخراجه فأتت بين هشام وعروة وبين محمد بن عمرو وهب أن إسناد ذلك رواه يحيى بن سعد وعبدة بن سليمان، ورواه وهب عن محمد بن عمرو ولفظه: " ولم يتمضمض ولم يمس ماء ". وحديث رجل من الصحابة قال: " كنا نتوضأ ممّا غيرت النار ونتمضمض من اللبن ولا نتمضمض من

_ (1) صحيح بشواهده. رواه أحمد (2/410، 435) وتغليق (110) والفتح (1/315) . بلفظ: " لا وضوء إلا من حدث أو ريح ". قلت: وإسناد هذا الحديث ضعيف، إلا ان له متابعات صحيحة بنحوه مرت في هذا الباب قوت إسناده. (2) تقدم من أحاديث الباب ص 446. (3) ضعيف. رواه ابن عدي في " الكامل " (1/180) والنسائي في (الطهارة، باب " 121 ") وأحمد في " المسند " (2/ 458، 4/30) . قلت: في إسناد الحديث أحمد وسليمان، وإسناده غير محفوظ.

37- باب الرخصة في ذلك

التمر " (1) . رواه الكجي في سننه عن حجاج، ثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عنه. وحديث أبي سعد الخير الأنصاري. ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم حدثنا الوليد بن سليمان بن أبي السائب ثنا فراش الشعار، سمعت أبا سعد الخير، سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " الوضوء مما مسته النار " (2) . وعلت المراجل. وحديث أبي موسى الأشعري، ذكره حرب في مسائله. وحديث أم سلمة- زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضئوا مما مست النار " (3) . رواه الكجي في سننه: ثنا أبو عاصم عن أبي ذئب عن الحرث عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن عبد الله بن عبد الله عنها، وهو مشكل بما يذكره عنها بعد- إن شاء الله تعالى- أو يكون قد روت الأمرين الناسخ والمنسوخ جميعا، والله تعالى أعلم. 37- باب الرخصة في ذلك حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: " أكل نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتفا، ثم مسح يده بمسح كان تحته، ثم قام إلى الصلاة فصلى ". هذا حديث خرجاه (4) في صحيحيهما من حديث ملك بن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، وقال ابن عبد البر: وعن عطاء في هذا أيضا حديث أم سلمة أنّها أخبرته: " أنها/قد أتت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبنا مشويا فأكل ثم صلى ولم يتوضأ " (5) . وليس هذا

_ (1) صحيح. رواه الطحاوي في " شرح معاني الآثار ": (1/64) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/90) وأبو داود (ح/195) والترمذي (ح/79) والبيهقي في " الكبرى " (1/155) والمجمع (1/249) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، ورجاله رجال الصحيح. (3) صحيح، متفق عليه، وتقدم من أحاديث الباب ص 446. (4) صحيح. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 50 ") ومسلم في (الحيض، ح/91) وأبو داود (189) ومالك (طهارة، ح/19) وأحمد (1/267، 281، 366، 2/ 389) والتمهيد (3/329، 333، 345) والشافعي (131) . قوله: " مسح " بكسر الميم وسكون السين، وهو كساء معروف. (5) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 74- باب: في ترك الوضوء مما=

باختلاف على عطاء في إسنادها وهذان حديثان مسندان صحيحان، وفي مسند السراج عن قتيبة عن الدراوردي عن زيد زيادة: " ولم يتمضمض". ولما خرج أبو موسى حديث عطاء بن حبة بن جريج قال: حسن صحيح، وقال ابن عساكر: كذا رواه روح عن ابن جريج، ورواه خالد بن الحرث وأبو عاصم عن ابن جريج عن محمد بن يوسف عن سليمان- يعني: ابن يسار-، وقال أبو عيسى: رواه ابن سيرين وعلى بن عبد الله بن عباس وعطاء وعكرمة ومحمد بن عمرو بن عطاء وغير واحد عن ابن عباس. وفي مسند الإمام: أحمد ثنا حفص بن عمر عن همام عن قتادة عن يحيى بن يعمر عن ابن عباس أن النبي- عليه السلام-: " أنهش من كتف، ثم صلى ولم يتوضأ " (1) . ورواه أيضا عن يحيى عن ابن جريج حدثنا سعيد بن الحويرث، وفي كتاب السراج: ثنا زياد بن أيوب بن إسماعيل بن إبراهيم ثنا أيوب عن أبي مليكة، وفي كتاب ابن شاهين: ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا الحسن بن عرفة ثنا هُشيم عن جابر الجعفي عن أبي جعفر محمد بن علي كلهم عن ابن عباس بنحوه، وفي المصنف من حديث محمد بن عمرو بن عطاء: " أكل من عظم، أو يغرف من ضلع ". وفي حديث أبي جعفر: " مر بقدر تفور فأخذ منها عرقا- أو كتفا- فأكله ثم تمضمض ولم يتوضأ " (2) . وفي سنن أبي داود

_ مست النار، (ح/190) . قوله:" انتهش " هو بالشين المعجمة: أخذ اللحم بالأضراس، وبالسين المهملة: أخذ اللحم بمقدم الفم. وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/251) وعزاه إلى " أبي يعلى "، وفيه حسام بن مصك، وقد أجمعوا على ضعفه. قلت: وتحسينه لوجود أكثر من طريق له. (1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/254) من حديث أم عامر بنت يزيد بن السكن، وكانت من المبايعات: " أنها أتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعرق فتعرقه وهو في مسجد بنت عبد الأشهل، ثم قام فصلى ولم يتوضأ ". وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي خليفة عن عبد الرحمن بن ثابت بن صامت عنها، ولم أجد من ذكر هذين. (2) في " مجمع الزوائد " (1 / 254) عن عمرو بن محمد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال: سمعت هند بنت سعيد بن أبي سعيد الخدري تحدث عن عمتها قالت: " جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عائدا لأبي سعيد الخدري فقدمنا إليه ذراع شاة فأكل، وحضرت الصلاة فتمضمض ثم صلى ولم يتوضأ ". رواه الطبراني في " الكبير " عن محمد بن يوسف عنها، ولم أجد من ذكر محمدا هذا.

قال ابن عباس: " فرأيته يسأل على لحيته أساج من دم وماء ثم قام إلى الصلاة " (1) . وفي مسند ابن عباس تصنيف القاضي إسماعيل بن إسحاق من حديث حجاج عن سعد بن إبراهيم عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه أن النبي- عليه السلام-: " أكل في بيت ضباعة بنت الحرث كنفا " (2) . وقال: هكذا رواه أبو معاوية عن حجاج، وخالفه يزيد بن هارون، ورواه عن حجاج: " دخل على ضباعة بنت الزبير فأكل عندها كتفا من لحم ... " الحديث. وفي تاريخ بحْشلْ من حديث سعيد بن جبير: " أكل ابن عباس لحما ثم صلى ولم يتوضأ ". ولم يتبين من/البساط شيئا. حدثنا محمد بن الصباح، ثنا سفيان عن محمد بن المنكدر وعمرو بن دينار وعبد الله بن محمد عقيل عن جابر بن عبد الله قال: " أكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر خبزا ولحما ولم يتوضئوا ". هذا حديث رواه الترمذي (3) عن ابن عمر، ثنا ابن عيينة ثنا ابن عقيل، سمع جابرا قال سفيان: ثنا ابن المنكدر عن جابر قال: " خرج النبي- عليه السلام- وأنا معه، فدخل على امرأة من الأنصار فذبحت له شاة وأكل، وآتته صاعا من رطب فأكل منه، ثم توضأ للظهر وصلى ثم انصرف، فأتته بعُلالة الشاة فأكل ثم صلى العصر ولم يتوضأ " (4) . ولم يحكم عليه بشيء، وفيه نقص عما رواه له شيخه، والذي في

_ (1) صحيح. تقدم من أحاديث الباب. (2) صحيح التمهيد (3/344، 346) والشافعي (13) بلفظ: " أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ". وفي " مجمع الزوائد " (1/253) : " أنها وضعت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحما فانتهش منه، ثم صلْى ولم يتوضأ " وعزاه إلى أبي يعلى وأحمد، ورجاله ثقات. (3) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 66- باب الرخصة في ذلك، (ح/ 489) . في الزوائد: رجال هذا الإِسناد ثقات. وصححه الشيخ الألباني. (4) صحيح رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 59- باب ما جاء في ترك الوضوء مما غيرت النار: (ح/80) . هذا حديث صحيح، ليست له علة. وقد حاول بعضهم أن يعلله؛ فنقل البيهقي في المعرفة عن الشافعي أنه قال: لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر، إنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر. وهو مردود برواية ابن جريج عن أحمد (رقم 14505 ج 3 ص 322) وأبي داود (1/75) قال: " أخبرني محمد بن المنكدر قال: سمعت=

مسنده: " ففرشت لنا تحت صوْر لها- والصوْر: النخلات المجتمعات- وفي آخره: وشهدت أبا بكر دخل على أهله فقال: هل من طعام؟ قالوا: لا، قال: فأين شاتكم الوالد؟ فأتى بها فحلها ثم أمر بلبانها فطبخ فأكل منه، ثم صلى ولم يتوضأ، ثم شهدت عمر بن الحطاب وأتى بحفنتين فوضعت إحداهما بين يديه والأخرى من خلفه، فأكل وأكلنا معه ثم صلى ولم يتوضأ ". وقال فيه الجوزجاني: حديث صحيح. رواه عن ابن المنكدر جماعة، وخرجه أبو حاتم البُستي في صحيحه (1) عن عبد الله بن محمد الأزدي، ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا أبو علقمة عبد الله بن محمد بن أبي فزوة، حدثني محمد بن المنكدر عن جابر قال: " رأيت النبي- عليه السلام- أكل طعاما مما مسته النار ثم صلى قبل أن يتوضأ، ثم رأيت بعد النبي أبا بكر أكل طعاما مما مسته النار ثم صلى قبل أن يتوضأ، ثم رأيت بعد أبي بكر عمر أكل طعاما مما مسته النار ثم صلى ولم يتوضأ "، وفي لفظ: " دعت امرأة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكل هو وأصحابه، وحضرت الصلاة فتوضأ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصلى، ثم دعا إلى بيتها فأقبلوا فحضرت العصر فلم يتوضأ النبي، عليه السلام " (2) ، وفي لفظ: " أكل النبي- عليه السلام- لحما ومعه أبو بكر وعمر، ثم قاموا إلى العصر ولم يتوضأ " (3) . وفي صحيح ابن خزيمة: ثنا موسى بن سهْل الرملي، ثنا علي بن عياش، ثنا شعيب بن أبي حمزة عن ابن المنكدر عن جابر/قال: " آخر الأمرين من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ترك الوضوء مما غيرت النار " (4) . أخرجه ابن حبان في صحيحه عنه قال: هذا خبر مختصر، ثم حدّث حديثا طويلا

_ جابر بن عبد الله يقول: قربت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خبزا ولحما فأكل ولم يتوضأ ". قوله: " علالة " العلالة: بضم العين للمهملة: البقية، أو ما يتعلل به شيئا بعد شيء، من العلل- بفتح العين- وهو الشرب بعد الشرب. (1) صحيح. رواه ابن حبان: (2/228- 230) . (2) للصدر السابق: (2/230- 231) . (3) راجع للصدر الأول " الحاشية رقم 1 ". (4) صحيح. التمهيد (3/347) وللعقيلي (3/4) وابن حبان، وابن خزيمة، والمنتقى (24) وأبو داود (ح/4864) والنسائي (1/108) والبيهقي (1/106) .

اختصره شُعيب متوهما لنسخ إيجاب الوضوء مما مست النار مطلقا، وأما نسخ الإيجاب بالوضوءِ مما مست النار خلا الجزور فقط، وقال أبو داود عند تخريجه: هذا اختصار من الحديث الأول، ولفظ الحاكم في التاريخ عن ابن عقيل عنه: " أكلت مع النبي من شاة صنعت له قبل العصر، فحضرت الصلاة فصلى ولم يمس ماء، ثم حضرت عمر في ولايته فأتى بحفنة فيها ثريد ولحم فأكلها مع ناس من المهاجرين، وحضرت الصلاة ولم يمس عمر ولا أحد ممن أكل معه ماء " (1) . وقال الدارقطني في الأفراد: تفرد به شعيب عنه، ولا أعلم رواه عنه غير علي بن عباس، ورواه في موضع آخر منه بلفظ: " بينما نحن مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكل مما مست النار ". هكذا حديث غريب من حديث ابن عيينة عن الثوري. تفرد به طاهر بن الفضل الحلبي عن ابن عيينة، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه علي بن عباس: " كان آخر الأمرين ... ". فقال: هذا حديث مضطرب المتن، إنّما هو أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أكل كتفا ولم يتوضأ ". كذا رواه الثقات عن ابن المنكدر عن جابر، ويمكن أن يكون شعيبا حدّث به من لفظه فوهم فيه، وقال في موضع آخر: إنّما هو أنّ النبي- عليه السلام-: " أكل كتفا ثم صلى ولم يتوضأ ". ولقائل أن يقول: الذي سلف من عند أبي داود وابن حبان أقرب مما ذكره الرازْي؛ لتباعد لفظ المتنين، ولعدم جواز التعبير بأحدهما عن الآخر، والانتقال من أحدهما إلى الآخر إنما يكون عن غفلة شديدة ببعد منها شعيب، وقول أبي داود أقرب؛ لأنّه يمكن أن يعبر بهذه العبارة عن معنى الرواية الأولى، ولقائل أن يقول أيضا: المراد بآخر الأمرين ذكره جابر أولا من أنه أكل لحما وخبزا ثم توضأ ثم أكل فضل طعامه، أجل ثم لم يتوضأ، فكان الآخر من الفعل الأول ترك الوضوء فصحّ إذا الاختصار كان جائزا فهم من التابع الراوي عنه أنّه عرف روايته للحديث الأوّل، فعبر له بعبارة موجزة يفهمها السامع- والله أعلم-، وعلى هذا لا يعلو إن ادّعى النسخ بقوله:/آخر الأمرين. وأمّا ابن حزم فزعم بعد تصحيحه حديث آخر الأمرين أنّ من قال إنّه مختصر من الأول قول

_ (1) ضعيف. راجع: المجمع (1/254) .

بالظن، والظن أكذب الحديث، بل هما حديثان اثنان كما ورد حديث ابن للمنكدر وحده، ولفظ ابن أبي داود في كتاب الطهارة: " أن امرأة اشترت حائطا، فسألت النبي- عليه السلام- أن يأتيه ويدعو فيه بالبركة ... " الحديث، وفي لفظ " كنّا زمان النبي- عليه السلام- وما نجد من الطعام إلا قليلا، فإذا نحن وجدنا لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا ثم نصلي ولا نتوضأ "، وفي سنن الكجي: " جئنا امرأة في الإسراف، وهي حبرة خارجة بن زيد بن ثابت "، وفيه عنه " أن النبي أخذ بكفه جرعا فمضمض من غير الطعام ". انتهى. وفي الحديث علّة خفيت على من صحح. ذكرها البخاري في التاريخ الأوسط فقال: ثنا علي، قلت لسفيان: إن أبا علقمة الفروي قال عن ابن المنكدر عن جابر: " أكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يتوضأ " فقال: احسبني سمعت ابن المنكدر قال: أخبرني من سمع جابرا أكل النبي وقال بعضهم عن ابن المنكدر: سمعت جابر، ولا يصح فهذا حكم فيه بعّدم اتصالها وإن كان قد صرح في التاريخ الكبير بسماعه من جابر، ولا منافاة بين القولين لاحتمال أن يكون ظهر له أنه لم يسمع هذا منه بخصوصه، وإن كان قد سمع منه غيره كما قاله، لما سأله الترمذي عن حديث ابن عباس: " الشاهد واليمين ". قال: لم يسمع عمرو هذا الحديث عندي من ابن عباس مع تصريحه بسماعه من ابن عباس غير ما حديث، وما ذكره الشافعي إثر رواية له في سنن حرملة عن عبد الحميد بن عبد العزيز عن ابن جريج مختصرا، قال: لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر، إنّما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر، قال البيهقي: وهذا الذي قاله الشافعي محتمل؛ وذلك لأنّ صاحبا الصحيح لم يخرجا هذا الحديث من جهة ابن المنكدر عن جابر في الصحيح مع كون إسناده من شرطهما، ولأنّ ابن عقيل قد رواه أيضا عن جابر، ورواه عنه جماعة، إلا أنّه قد روى عن حجاج بن محمد وعبد الرزاق ومحمد بن مكثر عن ابن جريج عن ابن للمنكدر، وقال: سمعت جابرا، فذكروا هذا الحديث فإن لم/يكن ذكر السماع فيه وهما من ابن جريج فالحديث صحيح على شرط صاحبي الصحيح- والله أعلم-. انتهى كلامه. وفيه عدم رجوع لما قاله الشافعي

وركون إلى قول من صرح بالسماع، وذهول عن قول الجعفي- رحمهم الله تعالى- ويزيده وضوحا أيضا: رجوع ابن المنكدر عن هذا الرأي، إلى غيره؛ ذكر أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن شعيب بن أبي حمزة: أنّ الزهري ناظر ابن المنكدر فاحتج ابن المنكدر بحديث جابر، واحتج الزهري بحديث عمر بن أميّة في الوضوء مما مست النار قال: فرجع ابن المنكدر عن مذهبه إلى مذهب الزهري. ولقائل أن يقول: لو أخذه ابن المنكدر عن جابر شفاها لما رجع عنه ولا صاغ له ذلك، ولكن لما أخذه عنه بواسطة ضعيفة رجع عنه مسرعا، وقد رواه عن جابر أبو الزبير ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. ذكر ذلك الحاكم في تاريخ نيسابور، فقال: ثنا أبو حامد الحافظ نا أبو حاتم، نا أحمد بن يوسف السلمي، نا الجارود بن يزيد عن عبد الله بن زياد بن سمعان، حدثني يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي يزيد عن جابر بلفظ قال لنا: " يأتيكم رجل من أهل الجنة، فجاء عمر، ثم قال: ليأتينكم رجل من أهل الجنّة اللهم إن شئت جعلته عليٌا فجاء علي " (1) . ثنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم أبو سعيد محمد بن شاذان، ثنا بشر بن محمد القاري ثنا ابن المبارك، ثنا الأوزاعي عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ ". وقد تقدم ضرب ابن عقيل عنه، ورأيت بخط سعْد الخير: نا ابن قداس، نا ابن بشران، أنا الحسن بن صفوان، نا ابن أبي الدنيا، نا محمد بن يوسف بن الصباح، سمعت رشدين بن سعْد يقول: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام أربع عشرة مرة في كلها أقول له: نا ابن شهاب عنك أن توضئوا مما مسته النار، فيقول لي: لها يا رشدين ". وذكر ابن أبي الدنيا عن محمد بن موسى بن الصباح بن رشدين بن سعْد قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام أربع عشرة مرة في كلها أقول: يا رسول الله ثنا ابن شهاب عنك أن توضئوا مما غيرّت النار، فيقول: لها يا رشدين ". حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي، ثنا الزهري قال: حضرت/عشا عند الوليد أبو عبد الملك، فلما حضرتني الصلاة قمت لأتوضأ، فقال جعفر بن

عمرو بن أمية: " أشهد على أبي أنه شهد على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أكل طعاما مما غيرت النار، ثم صلّى ولم يتوضأ " (1) . وقال علي بن عبيد الله بن عباس: " وأنا أشهد على أبي بمثل ذلك ". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه وخرجه البخاري من حديث عمرو فقط، وفي كتاب ابن أبي داود دائرة ثم أخبر رجال من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسائر أزواجه أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " توضئوا مما غيرت النار " (2) . قال ابن أبي داود: فوهنت تلك في الناس قول الزهري: رواه عن عمرو بن عثمان، ثنا شعيب عنه، حدثنا محمد بن الصباح، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عن علي بن الحسن عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت: " أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكتف فأكل منه وصلى ولم يمس ماء " (3) ./هذا حديث خرجه الحافظ أبو بكر في صحيحه، ورواه النسائي في الكبير من حديث ابن جُريج: حدثني محمد بن يوسف عن سليمان بن يسار، قال: " دخلت على أم سلمة، فحدثتني أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصبح جنبا من غير احتلام ثم يصوم " (4) . وحدثنا مع هذا الحديث أنها حدثته أنها قربت الحديث. وأنا ابن المثنى، ثنا يحيى، ثنا جعفر عن أبيه عن علي بن الحسين، ولفظه: " أكل كتفا فجاء بلالُ فخرج إلى الصلاة ولم يمس ماء "، وقد تقدّم كلام أبي عمر بأن سنده صحيح، وتقدّم أيضا ما يعارضه.

_ (1) صحيح. رواه أحمد (3/380) والطبراني في " الكبير " (17/250) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 66- باب الرخصة في ذلك، (ح/ 490) . وصححه الشيخ الألباني. ورواه مسلم في: 3- كتاب الحيض، 24- باب نسخ الوضوء مما مست النار، (ح/93) . (3) صحيح. رواه ابن ماجة (486، 487) وأحمد (2/265، 271، 470، 479، 503، 529، 5/184، 188، 190، 6/89) والبيهقي (1/141، 155، 157) والتمهيد (3/335، 338) والمشكاة (303) والمجمع (1/249) والفتح (1/311) وابن أبي شيبة (1/50، 51) وأبو عوانة (1/269) والحلية (36315) والتاريخ الكبير (2/18، 6/409) وابن عساكر (3/19) والخطيب (6/375) وابن عدي (3/883، 4/1580) . (4) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 66- باب الرخصة في ذلك (ح/491) . وصححه الشيخ الألباني.

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا علي بن مسهر، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار ثنا سويد بن المعتمر الأنصاري: " أنهم خرجوا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا كانوا بالصهباءِ صلى العصر، ثم دعا بأطعمة، فلم يؤت إلا بسويق فأكلوا وشربوا، ثم دعا بماء فمضمض فاه ثم قام فصلى بنا المغرب ". هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه (1) من حديث ملك بن شعبة بن سفيان عن يحيى بن سعيد، وقال مسلم في الوحدان: حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، ثنا عبد العزيز بن المختار، ثنا سُهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أكل كتف شاة فمضمض وغسل يده وصلى " (2) . هذا حديث خرجه البخاري، والحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه (3) عن أحمد بن عبدة، ثنا عبد العزيز- يعني: الدراوردي- عن سُهيل عن أبيه ولفظه: " أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ من ثور أقط، ثم رآه أكل من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ ". وهو مشكل بما أتى (4) به الإمام العلامة محمد بن محمد المغربي- رحمه الله- أنبأتنا أم محمد مسندة عن أبي روح وابن الصفاء وإسماعيل القاري وزينب الشعرية وغيرهم، قال أبو روح وزينب: ثنا العسكري في كتابه من حديث الجعد بن عبد الرحمن عن الحسن بن عبد الله بن عُبيد عنه. وحديث عمته هند ابنة سعيد بن أبي سعيد الخدري، وقيل: بنت أبي سعيد، وقيل: بكرة أم عبد الرحمن: " أن النبي- عليه السلام- زارهم، فأكل كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ ". ذكره المديني من حديث يعقوب بن حميد عن الدراوردي عن محمد بن أبي حميد عن

_ (3) مشكل الآثار: (1/225، 226) . (1) صحيح. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 51، 54 " والجهاد، باب " 123 " والأطعمة باب " 7، 51 " والمغازي، باب " 38 ") وابن ماجة (ح/492) في للزوائد: رجال إسناده ثقات، ومالك في (الطهارة، ح/20) وأحمد (3/ 448) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/493) . وصححه الشيخ الألباني. (3) تقدّم من أحاديث الباب. (4) قوله: " بما أتى " وردت في " الأولى ": " بماء به "، وهو تصحيف، وفي " الثانية ": " بما أتى به "، وهو الصحيح، وكذا أثبتناه.

هند عنها. وحديث عمرو بن عبد الله قال: " رأيت النبي أكل كتفا، وصلى ولم يتوضأ ". رواه زاهر وابن الصفار والفارسي. ثنا المسند وجيه بن ظاهر بن محمد السماحي قراءة عليه، وبنحوه وسمع ثنا بالإسناد أبو القاسم عبد الكريم بن هواذن القشيري قراءة عليه، ثنا أبو الحسين أحمد بن محمد الحقاف قراءة عليه، ثنا أبو العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهدي بن مهران الثقفي السراج، قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم، ثنا وكيع، ثنا سفيان، ثنا أبو عون الثقفي عن عبد الله بن شداد قال: " شهدت أبا هريرة يقول لمروان: توضئوا مما مست النار "، فأرسل مروان إلى أم سلمة رسولا فسألها، فقالت: " نهش رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندي من كتف ثم قام فصلى ولم يتوضأ ". انتهى. وهو سند صحيح، وبيان إشكاله: كيف يأمر بالوضوء بعد موته- عليه السلام- مع ما شاهده من فعله الذي رآه؟! وقد تقدّم كلام البيهقي في ذلك، والله أعلم. وقد روى الرخصة في ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير من تقدم؛ منهم: عبد الله بن الحرث بن حر الزبيري قال: " وضع لنا الطعام في عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصفة فأكلنا، ثم أقيمت الصلاة فصلينا/ولم نتوضأ "، وحديث ألزم الدارقطني الشيخين إخراجه، وأخرجه أبو ذر الهروي في كتابه، وقال ابن عبدة: تفرد به المصريون، وأخرجه ابن حبان أيضا في صحيحه، ورواه أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير عن عمر بن عبد العزيز بن مقلاص قال: ثنا أبي قال: ثنا ابن وهب، أخبرني حيوة عن عقبة بن مسلم عنه، وبالغ في الأوسط: لم يروه عن عقبة إلا حيوة بن شريج، ولفظ أبي داود: " لقد رأيتني سابع سبعة- أو سادس ستة- مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دار رجل، فمرّ بلال فناداه بالصلاة فخرجنا فمررنا برجل وبرمة على النار، فقال النبي- عليه السلام-: أطابت برمتك؟! فقال: نعم بأبي أنت وأمي، فتناول منها بضعة فلم يزل حتى أحرم بالصلاة وأنا أنظر إليه " (1) . رواه عن أبي الظاهر أحمد بن

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 74- باب في ترك الوضوء مما مست النار (ح/193) .

عمرو بن السرج ثنا عبد الملك بن أبي كُريمة، حدثني عُبيد بن ثمامة عنه، وبنحوه ذكره أبو زكريا بن مندة في كتاب آخر من مات من الصحابة، وفيه رد لما قاله أبو القاسم الطبراني، والله أعلم؛ لأن الحديث واحد، وإن اختلفت ألفاظه، فكله يدور على معنى واحد؛ وهو اصطلاح المخرجين وعائشة- رضى الله عنها- قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل خبزا وكتفا وأقام المؤذن الصلاة، فأراد القيام فقلت له: ألا تتوضأ يا رسول الله من الأطيبين؟! فتوضأ ثم قام فصلى ولم يتوضأ ". رواه الحافظ أبو العباس السراج في مسنده لإسناد صحيح، وأبو رافع قال: " أشْهد أن استوي لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بطن شْاة ثم صلى ولم يتوضأ ". رواه مسلم (1) في صحيحه، ولفظ السراج في مسنده قال: " ذبحت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاة، وأمرني فطبخت له من بطنها، فأكل منه، ثم قام فصلى ولم يتوضأ ". في سنده عتاد من ولد أبي رافع- وهو مجهول- ولما رواه ابن الأشعث من حديث سلمة بن الفضل، ثنا أبو جعفر الرازي عن داود بن أبي هند عن شرحبيل عن أبي رافع مطولا قال: هذا حديث غريب، وأبو بكر الصديق- رضى الله عنه- روى حديثه ابن أبي داود عن عمرو بن عثمان، ثنا عقبة بن علقمة عن الأوزاعي قال: كان مكحول يتوضأ مما مست النار حتى أتى عطاء بن أبي رباح فأخبره عن جابر بن عبد الله/أن أبا بكر أكل ذراعا- أو كتفا- ثم صلى ولم يتوضأ، فقيل له: أتركت الوضوء؟ فقال: لأن يقع أبو بكر من السماء فيتقطع أحب إليه من أن يخالف أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". وفي لفظ عن مكحول: أخبرني ثقة عن جابر: " رأيت أبا بكر أتى بطعام مسته النار قبل صلاة المغرب، فأكل ثم قام فصلى ولم يتوضأ ... وفيه: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام الأول في مثل هذا اليوم أكل في هذا الموضع مما مست النار قبل صلاة المغرب، ثم صلى ولم يتوضأ، ففعلت كما فعل " (2) ، قال زيد بن واقد: فقلت: أخبرك ثقة؟ قال: نعم. ولما رواه البزار من حديث أسير الجمال

_ = قوله: " برمة " بضم الباء وسكون الراء هي القدر، وجمعها برام- بكسر الباء- قاله الجوهري. (1) صحيح. رواه مسلم في: 3- كتاب الحيض (ح/94) . قوله: " بطن الشاة " البطن: الكبد، وما معها من حشوها. (2) سنن الترمذي: (1/119) .

حدثنا عمرو بن أبي المقدام ثنا عمرو بن أبي مسلم عن أبي عبلة عن بلال قال: حدثني مولاي أبو بكر قال سمعت النبي يقول: " لا يتوضأ رجل من طعام أكله حل له " (1) . قال: لا نعلمه يروي عن النبي هذا اللفظ إلا من هذا الوجه وعمرو بن أبي المقدام هو ابن ثابت، حدث عنه أبو داود جماعة من أهل العلم على تشيعه، ولم يترك حديثه لذلك، وأسند حديث، وأحاديث لم يتابع عليها، وإنما ذكرنا هذا الحديث لانا لم نحفظه إلا من هذا الوجه بهذا الإِسناد فذكرنا وبينا العلة فيه، لما ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل من حديث الأوزاعي عن حسان بن عطية عن جابر عن أبي بكر: " أنه أكل مع النبي لحما ثم صلى ولم يتوضأ ". وقال: سمعت محمد بن عوض يقول: هذا خطأ، إنما يرويه الناس عن عطاء عن جابر عن أبي بكر موقوفا. انتهى كلامه. وفيه إشعار بأنه موقوف، وفي هذا رد لما قاله أبو عيسى: حديث أبو بكر لا يصح من قبل إسناده؛ إنمّا رواه حسام بن مصار عن ابن سيرين عن ابن عباس عن أبي بكر، والصحيح إّنما هو عن ابن عباس عن النبي. هكذا، رواه الحفاظ، وروى عن غير وجه عن ابن سيرين عن ابن عباس، ورواه عطاء بن يسار عن عكرمة، ثنا محمد بن عمرو عليِ بن عبد الله بن عباس وغير واحد عن ابن عباس عن النبي، ولم يذكروا فيه عن أبي بكر، وهذا أصح وكثر رجل من الصحابة قال: " كنا عند النبي- عليه السلام-، فوضع لنا طعام فأكلنا، ثم أقيمت الصلاة، فقمنا فصلينا ولم نتوضأ ". رواه الحافظ أبو بكر بن الأشعث في سننه عن أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السّرح، ثنا ابن وهِب سمعت حِيوة بن شُريح سألت/عقبه بن مسلم التجيبي عن الوضُوء مما مسته النار فقال: إنه كثير، وكان من أصحاب النبي- عليه السلام- ... الحديث، وأبو سعيد روى حديث ابن أبي داود عن أيوب بن محمد الوازن، ثنا مروان ثنا هلال بن ميمون ثنا عطاء بن يزيد قال ورواه عن أبي سعيد قال: " تعرّق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عظما ثم صلى ولم يتوضأ " (2) . ورواه أبو الشيخ في فوائد

_ (1) حبيب (1/25) وابن عدي في " الكامل " (5/781) . (2) صحيح. رواه ابن عدي في " الكامل (1/340) بلفظ: " تعرق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ =

الأصفهاني من حديث الحكم بن يوسف عن زفر عن أبي حنيفة عن داود بن عبد الرحمن عن شرحبيل عنه، وفي كتاب العلل للحربي: وذكر محمد بن أبي حميد عن هند بنت سعيد بن أبي سعيد عن أبي سعيد به، فقال إبراهيم في هذا الحديث عن أبي حميد: هند لم تدرك أبا سعيد، والصواب ما قال عمرو بن محمد بن عمرو بن معاذ ومحمد بن كعب عن عمها وعنها أيضا أخت أبي سعيد لم تدرك النبيِ، ولا نعرفها أنهّا حدثت عن أحد، وإن كان الحديث عن عمة أمهّا أخت أبي سعيد فهي الفارغة ولها صحبة. وميمونة زوج النبي- عليه السلام-: " أن النبي- عليه السلام- أكل عندها كتفا ثم صلى ولم يتوضأ " (1) . وعثمان بن عفان قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل خبزا ولحما وصلى ولم يتوضأ ". رواه البزار (2) عن محمد بن عبد الرحيم، ثنا ملك بن إسماعيل ثنا عبد السلام عن إسحاق بن عبد الله عن محمد بن أبي إمامه عن أبان بن عثمان ثم قال: وهذا الحديث فيه إسحاق بن عبد الله وسائر أسانيده فحسن، ورواه أحمد بن القاضي في مسند عثمان عن أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا علي (3) بن منصور، ثنا شعيب بن زريق عن عطاء حدثنا ليث عن ابن المسيب: " أن عثمان قعد على منبر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتى بخبز ولحم فأكل، ثم صلى ولم يتوضأ، وقال: قعدت مقعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأكلت طعام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (4) . وبنحوه رواه النسائي في كتاب الكُنى عنه عن إسحاق بن موسى، ثنا الوليد عن شعيب بن أبي شيبة وابن مسعود:

_ = كتف شاة ". وفي التمهيد (3/343) بلفظ: " تعرّق كتفا، ثم قام فصلى ولم يتوضأ ". قلت: ولهذا الحديث شواهد صحيحة مرت في هذا الباب. (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1 لم 253) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير" و" الأوسط "، ورجاله موثقون. (2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/251) وعزاه إلى البزار وأحمد، ورجال أحمد ثقات. (3) قوله: " علي " وردت في " الأولى ": " معلي "، وكذا أثبتناه. (4) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/251) وعزاه إلى أحمد وأبي يعلى والبزار.

" كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل اللحم ثم يقوم إلى الصلاة ولا يمس ماء " (1) . ثنا بحديثه أبو النون السقا قراءة عليه وأن أسمع، أنباكم المقبري عن الحافظ السلامي، ثنا أبو منصور المعمري، ثنا القاضي أبو بكر بن أبي حُصين/عن يونس بن أبي خلْدة عنه، ثنا عمر بن عثمان ثنا عبد الله بن مطيع قال: ثنا إسماعيل بن جعفر أخبرني عمرو بن أبي عمرو عن عبيد الله بن حمزة أبي عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود ومحمد بن مسلمة الأنصاري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أكل آخر أمره لحما، ثم صلى ولم يتوضأ " (2) . رواه أبو القاسم عن عباس الإسقاطي ثنا عبد الرحمن بن المبارك ثنا دريش بن حسان عن يونس بن أبي خِلْدة عنه. والمغيرة بن شعبة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل طعاما وأقيمت الصلاة فقام، وقد كان يتوضأ قبل ذلك فأتيته بماء، ليتوضأ فانتهرني وقال لي: وراك فساءني ذلك، ثم صلى فشكوت ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، إن المغيرة بن شعبة قد شق عليه انتهارك إياه خشى أن يكون في نفسك عليه شيء فقال: ليس في نفسي عليه شيء إلا خير، ولكنّه أتاني بماءِ لأتوضأ وإنما أكلت طعاما، ولو فعلت ذلك فعل الناس ذلك من بعدي " (3) . أنبأ بذلك المسند فتح الدين العسقلاني رحمه الله قراءة عليه وأنا أستمع، أنبأكم الأخوان أبو المكارم عبد الله وأبو عبد الله الحسن بن الحسن بن منصور وقال الأول: نا، وقال الثاني: نا الحافظ العلامة أبو بكر محمد بن موسى الهمذاني قال: قرأت على محمد بن أبي الأزهر بواسط بالعراق: أخبرك ابن طاهر القارئ في كتابه نا الحسن بن أحمد نا دعْلج نا محمد بن علي، ثنا سعيد نا عبيد الله بن إياد بن لقيط عن أبيه عن سويد بن سرحان عن المغيرة وقال: هذا حديث يروى عن سُويد من غير وجه، فمنهم من يقول فيه: كان يتوضأ قبل ذلك، ومنهم من يقول: كان توضأ قبل ذلك ورواه أبو داود (4) في سننه عن

_ (1) تقدم من أحاديث الباب ص 456 (2) تقدٌم بنحوه. وراجع المجمع (1/252) . (3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/251) وعزاه إلى " أحمد " والطبراني في " الكبير "، ورجاله ثقات. (4) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 74- باب في ترك الوضوء مما=

عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن سليمان الأنباري، ووكيع عن سعد عن أبي صخرة جامع بن سواد عن المغيرة بن شعبة قال: " ضيفت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات يوم فأمر بجنْب فشوى، وأخذ شفرته فجعل يجر لي بها/منه، قال: فجاء بلال فأذنه، بالصّلاة فألقى الشفرة وقال: ما له ترتب يداة وقام يصلي ". وزاد الأنباري: وكان شاري دفا فقال: أقصه لك على شراك أو قصه لي على شراك وسيأتي بعد- إن شاء الله تعالى- في كتابه الوليمة. ورافع بن خديج قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل ذراعا فلما فرغ أمر أصابعهُ على الجرار، ثم صلى العصر والمغرب ولم يتوضأ ". ورواه أبو القاسم في المعجم الكبير (1) عن الحسين بن إسحاق التستري ثنا هشام بن عمار عن صدقة بن خالد عن عمر بن قيس عن إبراهيم بن محمد بن خالد عن ابن المسيب عنه وإحدى زوجات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلّ ليلة يأتينا إلا قلنا له فيه تكون في المدينة فيأكل منها فيصلي ولا يتوضأ ". رواه الكجي من حجاج، ثنا عمارة عن محمد بن المنكدر قال: " دخلت على إحدى أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: ألا تحدثيني: فقالت ... الحديث ". وعكراش بن ذؤيب: " أنه أكل مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قصعة من ثريد ثم أتى بماء فغسل يده وفمهُ ومسح وجههُ وقال لي: يا عكراش هذا الوُضُوءُ مما مست النار ". رواه أبو حفص في كتابه عن هارون بن أحمد، ثنا النضر بن طاهر، ثنا عبيد الله بن عكراش عن أبيه، ومعاذ بن جبل وقيل له: إنّ ناسا يقولون: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ مما مست النار، فقال: إنّ قوما سمعوا ولم يعُوا، كنا نُسمّي غسل اليد والفمِ وضوءا، وليس بواجب، إنما أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المؤمنين أن يغسلوا أيديهم وأفواههُم مما مسّتِ النارُ، وليس بواجب، ورواه البيهقي (2) في كتاب السنن ثم قال: فيه

_ مست النار (ح/188) . قوله: " الجنب" بفتح الجيم وسكون النون وآخره باء: للقطعة من الشيء تكون معظمه أو شيئا كثيرا منه. (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/252) من حديثه رافع بن خديج بنحوه، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه عمرو بن قيس المكي عن إبراهيم بن محمد بن خالد بن الزبير، ولم أر من ترجمهما، وله من طريق آخر، وفيه الواقدي، وهو كذاب. (2) قوله: " البيهقي " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

مطرف بِن مازن، وفيه كلام، ورواه البزار في مسنده مرفوعا: " إذا أكل أحدنا طعاما غيرته النّار غسل يده وفاه ثلاث! ". فعد هذا وضوء من حديث الحسين بن يحيى الخشني، وحاله مختلف فيها؛ فابن معين يوثقه، والنسائي يأبي ذلك. وأم عامر قالت: " رأيت النبي وهو في مسجد بني عبد الأشهل أبي يعرف فتعرفه ثم صلى ولم/يتوضأ ". كتبه ابن شيبة في كتاب أخبار المدنية فقال: ثنا محمد بن خالد، ثنا إبراهيم بن أبي حبة عن داود وعبد الرحمن بن عبد الرحمن عنها وعبد الله بن عمران النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من أكل من هذا اللحم شيئا فليغسل يديه " (1) . رواه القاسم في الأوسط من حديث الوازع بن نافع عن سالم عنه وقال: لم يروه عن سالم إلا الوازع. تفرّد به المغيرة بن سقلاب. وأم هانئ: " أنه- تعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أكل كتفا، وصلى ولم يتوضأ " (2) . رواه أيضا، وفيه أحمد بن علي الأيار، ثنا أميّة عن يزيد بن زريع عن روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر قال: زعمت أم هانئ فذكره. وضباعة: " أنها رأت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكل كتفا ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ " (3) . ورواه أيضا فيه من جهة موسى بن خلف عن قتادة عن إسحاق بن عبد الله عن أم عطية عن أختها ضباعة وقال: لم يروه عن قتادة إلا موسى بن خلف. تفرد به ابنه خلف العمي، وإسحاق الذي روى عنه قتادة هو ابن عبد الله بن الحرث بن نوفل، وضباعة هي ابنة الزبير بن عبد المطلب- رضي الله عنها-. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما ذكره أبو إسحاق الحربي في كتاب العلل: رواه قتادة عن أبي الجليل وإسحاق بن عبد الله بن الحرث، وقال

_ (1) موضوع. ابن القيسراني (727) والمجمع (5/30) وعزاه إلى " أبي يعلى " والطبراني في " الأوسط "، وفيه الوازع بن نافع، وهو متروك. وتمام لفظ الهيثمي: " من أكل من هذا اللحم شيئا فليغسل يده من ريح وضره لا يؤذي من حذاءه ". " والوضر ": الدسم وأثر الطعام. (2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/253) وعزل إلى الطبراني في الكبير " و" الأوسط "، ورجاله موثقون. (3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/253) وعزاه إلى " أبي يعلى " و" أحمد "، ورجاله ثقات. ولفظه: " أنها وضعت إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحما، فانتهش منه، ثم صلى ولم يتوضأ ".

يزيد بن زريع: عن أبي الجليل عن عبد الله بن الحرث، وكان ينبغي أن يقول: عن أبي الجليل وعبد الله بن الحرث وإسحاق عن أم حكيم، وليس هي أم حكيم، إنما هي أم الحكم، وأختها ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب وهذه جدّته من قبل أمه، والتي من قِبل أبيه قام عبد الله بن الحرث هذه بنت أبي سفيان بن حرب وأمّها صفية بنت أبي عمرو بن أمّية، ولو قال عن أخته أم الحكم كان أشبه؛ لأنه كان لإسحاق أختا لأبيه وأمّه تسمى أم الحكم، ولدت لمحمد بن عليّ بن عبد الله بن عباس ابنه على بن محمد، وقول سعيد بن بشير عن جدّته وهم؛ لأنّ أمه أم عياش بن أبي ربيعة، وقال التستري: عن إسحاق وأحسن في قوله أم الحكم، فأمّا همام فقد أحسن في قوله: أم الحكم: " رأيت " في موافقة سعد بن بشير جدّته وأمّا موسى بن خلف فقال: عن أم عطية، وإنمّا أراد أن يقول عن أم الحكم عن ضباعة/وكان للزبير ابنة يقال لها: أم عطية، إنّما له ابنتان ضباعة وأم الحكم، فكيف يقول موسى أم عطية عن أختها ضباعة؟. وصفية: " أنها قرّبت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتفا يعني: فأكل ولم يتوضأ "؟! رواه داود بن أبي هند عن إسحاق الهامشي عنها، وقال الحربي: صفية هذه ليست ابنة حُيي، ولكنها صفية بنت أبي عمرو بن أمّية؛ لأنها جدّته من قبل أبيه. وحديث علي بن أبي طالب أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يأكل الثريد ويشرب اللبن ويصلي ولا يتوضأ " (1) . رواه الطبراني في كتاب تهذيب الآثار عن إبراهيم بن سعد الجوهري، ثنا أبو أحمد الزبيري عن عبد الأعلى عن محمد بن علي عنه. وأم حكيم بنت الزبير: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل على ضباعة بنت الزبير فأكل عندها كتفا من لحم ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ ". رواه البغوي الكبير عن يزيد، نا ابن أبي عروبة نا قتادة عن صالح أبي الخليل عن عبد الله بن الحرث عنها، ورواه الخطابي في غريبه من جهة يحيى بن حكيم، ثنا مجنون بن الحسن عن داود بن أبي هند عن إسحاق بن عبد الله بن الحرث عنها، ولفظه: " أنّها أتته بكتف، فجعلت تسيجلها له فأكل منها، ثم صلى ولم يتوضأ ". وأصما أبي سعيد الخدري

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/251) وعزاه إلى " أبي يعلى" و" البزار "، وفيه حسام بن مصك، وقد أجمعوا على ضعفه.

قالت: " جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عائدا لأبي سعيد، فقدمنا إليه ذراع شاة، فأكل منها، وحضرت الصلاة فدعا بماء فمضمض وقام فصلى " (1) . رواه النسائي في كتاب الكنى (2) عن عبيد الله بن عبد الكريم، ثنا سعيد بن محمد الجرمي، ثنا عمرو بن محمد بن عمرو بن معاذ الأنصاري أبو محمد، ثنا هند بنت سعيد بن أبي سعيد الخدري عن عمتها فذكرته ثم قال: رواه عبيد الله عن سعيد، وقد تقدّم ما قاله لطربي في هذا الحديث قبل، وأكثر ابن عازب أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أكل خبزا ولحما، وصلى ولم يتوضأ " (3) . رواه أبو عبد الله في تاريخ نيسابور عن محمد بن حامد البزار، ثنا مكي بن عمران، ثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا سعيد بن الصباح، ثنا مكين بن معول عن أبي السفر عنه ومعاوية بن أبي سفيان أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ./ " أكل النبأ فصلى ولم يتوضأ ". ذكره عبد الغني بن سعيد في كتاب إيضاح الإشكال رواه عن أبي الطاهر، ثنا ابن ناجية ثنا يوسف بن واضح، ثنا الحسن بن ندية ثنا روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عنه، وهو منقطع. نبّه على ذلك الحربي؛ فقال: رواه ابن المنكدر عن رجل غير معين وقال: يقول من قال: أكل النبأ خطأ. إنما أراد أن يقول لنا بغير ألف قبل اللام، وهو حديث بنت أبيض: سُئل الحمصي بطيخ فقال: للمرأة أمضيا كلّها لنا، وكان ينبغي أن يقول في الحديث أيضا مطبوخا أو مسلوقا حتى يكون مما مست النار فأما ما لم تمسّه النار فلا معنى للحديث. وأمّ سُليم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أكل جبنا مشويا ثم صلى ولم يتوضأ ". رواه ابن عون عن محمد بن يوسف عنها، قال الحربي: إِنما أراد أن يقول: أم سلمة لأن هذا الكلام بعينه رواه ابن جريج عن محمد بن يوسف عن سليمان بن يسار عن أم سلمة، وابن يوسف هذا مولى عمرو بن عثمان بن عفان، حدث عنه مكين بن الأشج وابن عجلان، قال ابن المنذر: ممن روى عنه أنه توضأ مما مسته النار، وأمرنا بالوضُوء منه. ابن عمر وأم طلحة وأنس بن مالك وأبو

_ (1) قلت: " سقطت " بعض الكلمات من لفظ هذا الحديث، وأثبتناه من " الثانية ". (2) قوله: " الكنى " وردت " بالأولى ": " الكناية "، وهو تصحيف، والصحيح: " الكنى ". (3) في " الكامل " لابن عدي (3/961) بلفظ: " أكل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحما ولم يتوضأ ".

موسى الأشعري وعائشة وزيد بن ثابت وأبو هريرة، وروى مالك عن عمر بن عبد العزيز وأبي مجلز وأبي قلابة ويحيى بن يعمر والحسن بن أبي الحسن والزهري، وكان أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي- رضي الله عنهم- وابن مسعود وابن عباس وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وأبّي بن كعب وأبو الدرداء ومالك وأهل المدينة والثوري وأهل الكوفة والأوزاعي وأهل الشّام والشّافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي لا يرون منه وضوءا، وكذلك نقول، وذكره البيهقي عن أبي عبد الله الشّافعي، وإنّما قلنا: لا نتوضأ منه؛ لأنه عندنا منسوخ؛ ألا ترى أنّ عبد الله بن عبّاس/، وإِنّما صحبه- عليه السلام- بعد الفتح، روى عنه: " أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل من كتف شاة، ثم صلى ولم يتوضأ " (1) . وهذا عندنا من ابن الدلالات على أن الوضوء منه منسوخ، وأن أمره بالوضوء منه بالغسل للتنظيف، والثابت عنه- عليه السلام- أنه لم يتوضأ منه. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما تقدّم من حديث عائشة المتقدم: " ما ترك النبي- عليه السلام- الوضوء مما مست النار حتى قبض ". قال عثمان بن سعيد الدارمي: لما رأينا هذه الأحاديث قد اختلف فيها عن النبي عليه السلام فلم نقف على الناسخ منها فنظرنا إلى ما أجمع عليه الخلفاء الراشدون والأعلام من الصحابة، فأخذنا بإجماعهم في الرخصة فيه، قال الحاربي: وأكثر الناس يُطلقُون القول بأن الوضُوء منه منسوُخ ثم إجماع الخلفاءِ الراشدين، وإجماع أئمة الأمصار بعدهم يدل على صحّة النسخ، وحديث المغيرة- يعني المتقدّم- يدل على أنّ الرخصة كانت غير مرّة، وقال البغوي في شرح السنّة: هو منسوخ عند عامة أهل العلم، وقال ابن عبد البر: أعلم مالك الناظر في موطإه أنّ عمل الخلفاءِ الراشدين بترك الوضُوء سنة منه، دليلٌ على أنّه منسوخٌ، وأنّ الآثار الوارِدة بأن لا وضُوء على من أكل شيئا مسته النار ناسخة للآثار الموجبة له، وقد جاء هذا المعنى عن مالك بها روى محمد بن الحسن أنه سمع مالكا يقول: إذا جاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثان مختلفان وبلغنا

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 66- باب الرخصة في ذلك (ح/488) بلفظ: " أكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتفا، ثم مسح يديه بمسح كان تحته، ثم قام إلى الصلاة، فصلى ". وصححه الشيخ الألباني.

أن أبا بكر وعمر عملا بأحد الحديثين وتركا الآخر، في ذلك دلالة على أن الحق فيما عملا به، ركب عياش بن عباس إلى يحيى بن سعيد يسأله: هل توضأ مما مسته النار؟ قلنا له: هذا مما يختلف فيه، وقد بلغنا عن أبي بكر وعمر أنهما أكلا مما مسّت النار ثم صليا ولم يتوضئا أو في التمهيد: الأمر بالوضُوء منسُوخْ عند أكثر العلماءِ وجماعة الفقهاءِ، وأشكل ذلك على طائفة كثيرة من أهل العلم بالمدينة والبصرة، ولم يقفوا على الناسخ في/ذلك من المنسُوخ، وفي مسائل حرب بن إسماعيل الكرماني: ثنا عمرو بن عثمان، ثنا سويد بن عبد العزيز عن الأوزاعي قال: سألت الزهري عن الوضوء مما غيرت النار، فقال: توضأ، قلت: عمن؟ قال: عن زيد بن ثابت وابن عمر وأبي هريرة وأبي موسى الأشعري وأنس وعائشة وأم سلمة، قلت: وأبو بكر؟ قال: لم يكن يتوضأ، قلت: فعمر؟ قال: لم يكن يتوضأ، قلت: فعلي؟ قال: لم يكن يتوضأ، قلت: فابن مسعود؟ قال: لم يكن يتوضأ، قلت: بهما رجالا مثل رجال قلت: إذا لا أبيك، وفي كتاب الكجي لأبي عبد الرحمن: سئل سعيد بن المسيب عن الوضوء مما مست النار، فقال: اغسل يدك وفمك.

38- باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل

38- باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبد الله بن إدريس وأبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الوضوء من لحوم الإبل فقال: " توضئوا منها " (1) . هذا حديث قال عبد الله: سألت أبي عن الوضوء للصلاة من لحوم الإبل فقال: حديث البراء وجابر بن سمرة صحيحان- إن شاء الله تعالى- وقال الأثرم عنه نحوه وصححه أيضا الإمام إسحاق بن راهويه فيما حكاه عنه أبو عيسى وأبو محمد الفارسي بعد توثيقه عبد الله راويه، وتبع في ذلك الإمام أحمد؛ فإنّه لما سئل عنه قال. لا أعلم إلا خيرا، وقال الأعمش: كان ثقة لا بأس به، وقال صحاح: كان ثقة، وكذلك قاله العجلي، وقال ابن المديني: معروف وقال العجلي: ثقة، وخرجه ابن الجارود في كتابه، وقال الحافظ أبو بكر بن خزيمة عند تخريجه: لم نر خلافا بين علماء أهل الحديث إن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه. حكاه البيهقي عنه. وخرجه الحافظ البستي في صحيحه من حديث إسحاق عن عبد الرزاق، ثنا الثوري عن الأعمش والحافظ ضياء الدين في صحيحه، وقال البيهقي في المعرفة:/هو صحيح عند أثر أهل العلم، وقد أقام الأعمش إسناده وأفسده الحجاج (2) بن أرطأة وعبيدة الضبي، وهما ضعيفان، وقال ابن المنذر: ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/81) وأبو داود (ح/184) وابن ماجة (494) وكلاهما- أي: رواية أبي داود والذي بعده- من طريق أبي معاوية عن الأعمش. ورواه ابن الجارود (ص 22) من طريق محاضر الهمداني عن الأعمش. وابن أبي شيبة (1/46) والتمهيد (3/350) وشرح السنة (1/349) والكنز (27064) ونسبه الشوكاني أيضا لابن حبان وابن خزيمة، ونقل ابن خزيمة قال: " لم أر خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه ". قلت: وقد صحح هذا الحديث الشيخ الألباني. (2) رواية الحجاج بن أرطأة هذه رواها أحمد في المسند (4/352) : " ثنا محمد بن مقاتل المروزي أنا عباد بن العوام، ثنا الحجاج عن عبد الله مولى بني هاشم، قال: وكان ثقة، قال: وكان الحكم يأخذ عنه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن خضير ". وعبد الله بن عبد الله مولى بني هاشم هو الرازي.

توضأ من لحوم الإبل، وصححه أيضا أبو حاتم الرازي فيما حكاه عنه ابنه، ورواه أبو داود عن عثمان ثنا أبو معاوية عن الأعمش بزيادة: وسئل عن لحوم الغنم فقال: لا وضوء منها، وسئل عن الصلاة في مبارك الإبل، فقال: " لا تصلوا في مبارك الإبل، فإنها من الشياطين "، وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم فقال: " صلوا فيها فإنها بركة "، ولما رواه الترمذي (1) مختصرا عن هناد، ثنا أبو معاوية قال: وفي الباب عن جابر بن سمرة واشب بن قصير، وقد رواه حجاج بن أرطأة عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء وروى عبيدة الضبي عن عبد الله بن عبد الله الرازي عن عبد الرحمن عن ذي الغرة، ورواه حماد بن سلمة عن الحجاج فأخطأ فيه فقال: عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه عن أسير، والصحيح: الأول، وقال في كتاب العلل: وذو الغرة لا يدري من هو. انتهى كلامه. وفيه نظر: الأول: قوله: وذو الغرة لا يدري من هو، وإن كان البيهقي قد وافقه على ذلك فالمؤاخذة له أيضا؛ لأن أبا عيسى نفسه قد ذكره في كتاب الصحابة تأليفه- الذي في أوله تسمية أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذكره في الصحابة أيضا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي في معجمه، وسماه يعيش، ونسبه جهنيا، وأبو الحسن بن نافع وابن أبي حاتم، وقال: له صحبة، وذكر عن أبيه أن الحديث المشار إليه خطأ، والصحيح: عن ابن أبي ليلى عن البراء عن النبي، وعبيدة ضعيف. ثنا عباس الدوري سمعت يحيى بن معين يقول: ذو الغرة من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو القاسم بن مطير في المعجم الكبير في حرف الياء،

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/348، 349) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة (ح/768، 769) وأحمد (4/86) والبيهقي (2/449) وابن أبي شيبة (1/384) والمجمع (2/26) والتمهيد (5/303) والمعاني (1/384) . وصححه الشيخ الألباني: (الإرواء: 1/194) قوله: " مرابض للغنم " جمع " مربض" بفتح الميم، وسكون الراء، وكسر الباء الموحدة، وآخره ضاد معجمة: وهو مأوى الغنم ومكان ربوضها. قلت: والنهي عن الصلاة في مرابض الإِبل للتحريم، فلا تصح الصلاة المحرمة، وهو مذهب أحمد والظاهرية وغيرهم، وهو نهي تعبدي. والأمر بالصلاة في مرابض الغنم أمر للإِباحة، لا نعلم في ذلك خلافا.

وأفاد فائدة خرج بها عبيدة الضبي المعصوب برأسه الجنابة عند الترمذي وأبي حاتم من الإسناد وتوبع / فقال: يعيش الجهني، وهو ذو الغرّة، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن عمر ان بن أبيِ ليلى، ثنا أبي عمران بن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن يعيش الجهني- يعرف بذي الغرّة- فذكر الحديث، وذكره أبو عمر بن عبد البر بنحوهما تقدّم، ونسبه جهنيّا قال: ويقال: كان طائيّا ويقال: هلاليا، وفي تاريخ الجعفي: يعيش الغفاري، ويقال: الجهني، له صحبة. ثنا المسند المعمر أبو الحسن علي بن كليب الحجازي بقراءتي عليه، أخبركم المسند المعمر أبو العباس أحمد بن إسحاق العجمي، ثنا أبو سهل بن أبي الفرح الهمداني، ثنا الحافظ أبو منصور بن سرويه، أنا ابن السبع، ثنا أبو عاصم بن المأمون ثنا الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الشيرازي- رحمه الله تعالى- قال ذو الغرّة الجهني- واسمه يعيش-: ثنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى، ثنا عبد الرحمن بن حمدان بن المرزبان، ثنا هلال بن العلاء، ثنا محمد بن عمران بن أبيِ ليلى، ثنا أبي عن ابن أبي ليلى فذكر الحديث بسند الطبراني المتقدّم، وذكره الإمام أبو عبد الله في مسنده، وذكره في الصحابة أيضا ابن أبي خيثمة في تاريخ الأوسط، والدارقطني في المختلف والمؤتلف، وأبو جعفر الطبري في المذيل، وابن الجوزي في كتاب الصحابة بنحوه، وقال ابن ماكولا: روى- يعني: ذا الغرّة- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى، وتفرّد بروايته عبد الله الرازي، واختلف على عبد الله فيه؛ فرواه عبيدة الضبي عبد الغني، فلم يسم ذا الغرّة، ورواه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الرازي وقيل: بل رواه عن أخيه عيسى، يقال: عن عبد الرحمن عن يعمِش الجهني- وهو ذو الغرّة- وخالفه الأعمش؛ فرواه عن الرازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء، قال بعض أهل العلم: إنّ البراء هو ذو الغرّة؛ سُمي بذلك لبياض كان في وجهه، ورواه أبو معمر عن عباد عن حجاج عن الرازي فقال: عن أسيد بن حضير لا عن البراء شكّ في ذلك، رواه / حبيب (1) ابن أبي نائبة عن عبد الرحمن بن

_ (1) في " الأولى " " حبيب " وفي " الثانية " وردت: " جبير ".

أبي ليلى يقال: عن السليل والسليك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولما ذكر ابن أبي داود حبيب ذي الغرّة في سننه قال: هذه سنة تفرّد بها أهل الكوفة. الثاني: قوله: وفي الباب عن جابر وأسيد، وليس كذلك، بل في الباب جمر هذين الحديثين سنذكرهما بعد- إن شاء الله تعالى- وأما ما ذكره أبو داود الطيالسي في مسنده عن شعبة عن الأعمش: سمعت عبد الله مولى قريش عن ابن أبي ليلى به فيريد: مولى قريش عبد الله بن عبد الله لا غيره، والله تعالى أعلم. حدّثنا محمد بن بشار، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا زائدة وإسرائيل عن أشعث بن أبي الشعثاء عن جعفر بن أبي مور عن جابر بن سمرة قال: " أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نتوضأ من لحُوم الإبل ولا نتوضأ من لحوم الغنم " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي عوانة عن عثمان بن عبد الله بن وهب عن جعفر بن أبي ثور عن جابر أن رجلا سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ. قال: أأتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم. قال: أأصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال: أأصلي في مبارك الإبل قال: لا " (2) . رواه عن أبي كامل الجحدري عنه، وأتبعه برواية زائدة عن سماك، ورواية شيبان عن ابن وهب- أو شعث- كلّهم عن جعفر بمثل حديث أبي كامل عن أبي عوانة قال: وقد روى الثوري عن حبيب بن أبي ثابت، قال: أنبأني من سمع جابر بن سمرة يقول: " كنا نمضمض من ألبان الإبل ولا نمضمض من ألبان الغنم، وكنا نتوضأ من لحوم الإبل ولا نتوضأ من لحوم الغنم " (3) . وفي مستخرج أبي نعيم عن أشعث، وفي المعرفة من حديث زائدة عن

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/97) وأحمد (5/86، 88، 92، 101، 102، 106، 108) ورواه ابن ماجة (495) وابن أبي شيبة (14/150) والكنز (27067) . (2) تقدم تخريجه في " الهامش السابق ". قوله: " مبارك الإِبل ": هي مأوى الإِبل، ومكان مباركها. (3) انظر: المصدر السابق لمسلم.

سماك، كلاهما عن جعفر عن جابر قال: " أتى رجل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا عنده، فقال: يا رسول الله أتطهر من لحوم الغنم؟ قال: ان شئت فتطهر وإن شئت فدع. قال:/أفأصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال: أتطهر من لحوم الإبل؟ قال: نعم. قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا " (1) . وأخرجه بن منده، وقال: هذا إسناد صحيح أخرجه الجماعة إلا البخاري لجعفر بن أبي ثور، وفي قوله ذلك نظر؛ لأن هذا الحديث ليس في كتب الجماعة- خلا (2) القشيري وابن ماجة- وقال البيهقي في المعرفة: هو صحيح عند أكثر أهل العلم، وأمّا البخاري فإنّه لم يخرجه، ولعله إنّما لم يخرج حديث ابن وهب وأشعث لاختلاف وقع في اسم جعفر بن أبي ثور، وقولُ عليِ بن المديني لجعفر: هذا مجهول لا يعللّ الحديث، وذلك لأنّ سفيان الثوري وزكريا بن أبي زائدة على روايته عن سماك عن جعفر بن أبي ثور عن جابر، وإنمّا قال: شعبة عن أبي ثور بن عكرمة بن جابر، وشعبة أخطأ فيه، وفي العلل الترمذي: أخطأ شعبة فيه، وجعفر بن أبي ثور رجل مشهور روى عنه سماك وابن وهب وأشعث، وهو من خالد جابر بن سمرة، وحديث الثوري أصح، وقال ابن خزيمة: هؤلاء الثلاثة من أجلّ رواة الحديث، وقال البيهقي: ومن روى عنه مثل هؤلاء، خرج من أن يكون مجهولا؛ ولهذا أودعه مسلم في صحيحه، وفي تاريخ الحرمي: جعفر هذا كوفي، والرواية عنه قليلة، ولا أدري كيف نسبته إلى جابر بن سمرة؟! وفي تاريخ محمد بن الأوسط: جعفر بن أبي ثور بن جابر السوائي قال: سفيان وزكريا وزائدة عن سماك عن جعفر بن أبي ثور، وقال: سماك عن جعفر بن أبيِ ثور، وقال: عن جعفر بن سريات عن جابر عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في لحوم الغنم، وقال حماد بن سلمة: عن سماك عن جعفر بن أبي ثور عن جدّه جابر، وقال النضر: عن شعبة عن سماك سمعت أبا ثور بن عكرمة بن جابر بن سمرة عن جابر قال: محمدا هذا كلّه وهم الا ما قاله سفيان وزائدة بن جعفر بن أبي ثور وروى عن جعفر بن محمد بن قيس الأسدي وابن وهب، ثنا عبد الرحمن بن شيبة،

_ (1) المتقدم قريبا. (2) كذا ورد " بالأصل ".

ثنا أبو أسامة عن ابن وهب عن عمه عثمان بن عبد الله بن وهب، عن رجل بالكوفة سماه لي فلم أحفظه كان أبوُه / صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أباه أخبره أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنتوضأ من الغنم؟ قال: لا ". ثنا موسى أبو عوانة، ثنا عثمان بن موهب عن جعفر بن أبي ثور عن جابر مثله وبنحوه ذكره في الكبير، وقال أبو حاتم: اسم أبي ثور: مسلم، وقال بعضهم: مسلمة، وحكى مسلم وعبد الله في علله عن الإِمام أحمد بن جابر جده من قبل أمه، وقال اللالكائي: نافع بن سفيان وهو ابن معاوية، وكذلك روى عثمان بن وهب، وروى عنه أبو عوانة وشيبان بن عبد الرحمن مثله، ووافقه محمد بن قيس وأشعث، وقال أبو أحمد الحاكم: قول شعبة غلط بكل حال، ومن قال أبو ثور فهو مخطئ، وزعم مسلم في كتاب الكنى أن محمد بن إسماعيل قال: اسم أبي ثور الذي روى عن جابر ابن سمرة: اسمه مسلم، وتبعه على ذلك ابن عمر، ولا أدري كيف هذا ولا كيف يتجه هذا القول مع ما تقدم من كتابته؟! ولما ذكره أبو حاتم في كتاب الثقات قال: جعفر بن أبي ثور- وهو أبو ثور بن عكرمة- فمن لم يحكم صناعة الحديث يتوهم أنهما رجلان مجهولان- والله أعلم-، ورواه أبو الحسن في الأفراد من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن جابر، وقال: تفرد به عدي بن يونس عن الأعمش، وأسنده عن جابر، وغيره يرويه عن الأعمش، وبسنده عن البراء، وفيه خلاف على عبد الله الدوري عن ابن أبي ليلى. حدثنا أبو إسحاق الهروي إبراهيم بن عبد الله بن حاتم ثنا عباد بن العوام عن حجاج عن عبد الله بن عبد الله- مولى بنى هاشم- وكان ثقة، وكان الحكم يأخذ عنه، ثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن حضير قال رسول (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 67- باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإِبل (ح/496) . في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لضعف حجاج بن أرطأة وتدليسه، وقد خالفه غيره. والمحفوظ: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن البراء. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/109) ، وصحيح أبي داود (ح/177) ، وضعيف الجامع (ح/6279) .

الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تتوضئوا من ألبان الغنم وتوضؤوا من ألبان الإبل " (1) . هذا الحديث تقدم كلام أبي عيسى عليه، وقال أبو حاتم: ليس صحيح، وقد ذكره الحافظان الدمشقيان- ابن عساكر وأبو الحجاج- فلم يذكراه في كتاب الأطراف، وهو باب في سنن ابن ماجة كما يروى، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث عمران القطان عن الحجاج، ولفظه: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضئوا من لحوم/الإبل ولا تصلوا في مناخها، ولا توضئوا من لحوم الغنم وصلوا في مراتعها " (1) . وقال: لم يروه عن عمران إلا عمرو بن عاصم الكلائي، وهو حديث ضعيف؛ لضعف رواية الحجاج بن أرطاة بن ثور بن هبيرة بن إسرائيل بن كعب بن سلام بن عامر بن حارثة بن سعيد بن ملك بن السميع، وإن كان الثوري قد قال فيه: عليكم به فإنه ما بقى أحدا عرف بما يخرج من رأسه منه، وقال ابن أبي نجيح: ما جاء بأمثله، وقال حماد بن زيد: كان عندنا أفهم لحديثه من الثوري، وزاد الدولابي: قال الحسن: قلت ليزيد بن هارون: أكان الثوري أحفظ من الحجاج وأثبت؟ قال: لم يكن بأثبت منه، ولكن كان أرضا منه، وقال العجلي: كان فقيها أخذ يفتي الكوفة وكان فيه ثقة، وكان يقول: أهلكني حب الشرق، وولى قضاء البصرة، وكان جائز الحديث إلا أنّه صاحب إرسال، وإنما تعب الناس من التدليس، وقال الإمام أحمد: كان من الحفاظ، وفي حديثه زيادة على حديث الناس: ليس يكاد له حديث إلا فيه زيادة، وقال ابن معين: صدوق، ليس بالقوي، يدلس عن العزري عن عمرو بن شعيب، وفي رواية معاوية بن صالح عنه: ثقة، وقال أبو زرعة: صدوق مدلس، يكتب حديثه، فإذا قال: ثنا، فهو صالح لا يرتاب في صدقه وحفظه إذا بين السماع، وقال حماد بن زيد: قدم علينا جرير بن حازم فقال: ثنا قيس بن سعد عن ابن أرطأة، فلبثنا ما شاء الله، ثم قدم علينا الحجاج ابن ثلاثين- أو إحدى وثلاثين- فرأيت عليه من الزحام ما لم أر على حماد بن أبي سليمان، ورأيت غيرنا مطر الوراق، وداود بن أبي هند ثناه علي أرجلهم يقولون: ثنا أرطأة ما يقول في كذا، وقال هشيم: سمعته يقول:

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/250) وعزاه إلي الطبراني في " الأوسط "، وفيه الحجاج بن أرطأة، وفي الاحتجاج به اختلاف.

استفتيت وأنا ابن ست عشرة، وقال ابن عدي: إنما عاب الناس عليه (1) تدليسه عن الزهري وعن غيره وربما أخطأ في بعض الروايات؛ فأما أن يتعمد الكذب فلا، وهو ممن يكتب حديثه، وقال الخطيب: كان أحد العلماء بالحديث/والحفاظ له، وقال الحاكم في تاريخ نيسابور: وثقة شعبة وغيره من الأئمة، وأكثر ما عيب فيه التدليس، والكلام فيه يطول، وقال أبو حاتم البستي في ترجمة سليمان الأسدي: سيد شباب أهل العراق ابن أرطأة، وخرج حديثه مسلم في صحيحه مقرونا بابن أبي عيينة، والبخاري في كتاب الأدب، وقال أبو الحسن: لا بأس به، فقد قال فيه الإمام أحمد بن حنبل: يروى عمن لم يلقه، لا يحتج بحديثه، وقال يحيى: ضعيف، وقال مرة: لا يحتج به، وقال يحيى بن سعيد القطان: هو وابن إسحاق عندي سواء- يعني: في الضعف- فلا أحدّث عنهما، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال البخاري في التاريخ الأوسط: متروك لا يعرف، وقال الساجي: متكلّم فيه وذكر عن ابن خزيمة: لا أحتج به إلا فيما قال: ثنا، أو سمعت، وفي الذخيرة لابن طاهر: حجاج متروك الحديث، وقال ابن حبان: تركه ابن المبارك ويحيى بن سعيد القطان وابن مهدي وابن معين وأحمد، وفي كتاب العقيلي عن ابن معين والحرث المجاري قالا: أمرنا زائدة أن نترك ابن أرطأة، وقال ابن إدريس: كنت آتيه فأجلس على بابه حتى تطلع الشمس، فلا يخرج إلى الصلاة جماعة وتركته، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعف قال: كان يقول: ترك الصلاة في الجماعة ابن المرورة، قال أبو العرب: وهذا من مثاله، وقال ابن سعد: كان شريفا سريا، توفى في خلافة جعفر، وكان ضعيفا في الحديث، وبنحوه ذكره يعقوب بن سفيان في تاريخه، وابن أبي خيثمة في الأوسط والبلخي في كتاب الضعفاء. الثاني: إبراهيم بن عبد الله بن حاتم القهروي وإن كان ابن معين قال: لا بأس به، وقال صالح بن محمد: صدوق، وقال الدارقطني: عنه ثبت، وذكره

_ (1) قوله: " عليه " في " الأصل ": " علم "، وفي " الثانية ": " علم "، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.

ابن حبان في كتاب الثقات، فقد قال فيه أبو داود: ضعيف، وقال النسائي: ليس بالقوي، وهما تلميذاه، وأعرف به ممن سواهما،/والله تعالى أعلم. حدثنا محمد بن يحيي، ثنا يزيد بن عبد ربه، ثنا بقية عن خالد بن يزيد بن عمرو بن هبيرة الفزاري عن عطاء بن السائب: سمعت محارب بن دثار. سمعت عبد الله بن عمر يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " توضئوا من لحوم الإبل، ولا توضئوا من لحوم الغنم، وتوضؤوا من ألبان الإبل، ولا توضئوا من ألبان الغنم، وصلوا في مراح الغنم، ولا تصلوا في معاطن الإبل " (1) . هذا حديث قال ابن أبي حاتم: سألت أبيِ عن حديث رواه أحمد بن عبيدة عن يحيى بن كثير عن عطاء بن السائب عن محارب الحديث فقال: إني كنت أنكر هذا الحديث لتفرده من حديث له أصلا، ثنا ابن المصفي عن بقية، حدثني فلان سمّاه عن عطاء عن محارب بنحوه قال: وحدثني عبد الله بن سعد الزهري، حدثني عمي يعقوب عن أبيه عن ابن إسحاق، حدثني عطاء بن السائب أنّه سمع محاربا يذكر عن ابن عمر بنحو هذا، ولم نرفعه، قال أبي: حديث ابن إسحاق الموقوف أشبه. انتهى. وفي الباب حديث آخر من رواية جابر بن يزيد الجعفي عن حبيب بن أبي ثابت عن بن أبي ليلى عن سليك الغطفاني عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوضوء من لحوم الإبل (2) . ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل، وأشار إلى ضعفه زيد، وتقدّم ذكره قبل. قال ابن المنذر: قال بالوضوء منه جابر بن سمرة ومحمد بن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 67- باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإِبل (ح/497) . في الزوائد: في إسناده بقية بن الوليد، وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة، رجاله ثقات، خالد بن عمر مجهول الحال. وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع ص/367 ح/2496) . انظر: صحيح أبي داود (ح/77) ، وضعيف ابن ماجة (110/497) . (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/250) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه جابر الجعفي وثقة شعبة وسفيان وضعفه الناس. ولفظه: " توضئوا من لحوم الإبل، ولا توضئوا من لحوم الغنم. وصلوا في مرابض للغنم، ولا تصلوا في مبارك الإِبل ".

إسحاق- صاحب المغازي- وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو خيثمة ويحيى بن يحيى، وكان مالك والثوري والشافعي والنعمان لا يوجبون منه وضوء، قال أبو بكر: والثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: وفي كتاب المعرفة قال الشافعي في بعض كتبه: إن صح الحديث في الوضوء من لحوم الإبل قلت به، وقال علي بن الحسن الأوطس: رأيت محمد بن الحسن يتوضأ من لحوم الإبل، وقال أبو محمد بن حزم: وأكل لحوم الإبل عند أبيه أو مطبوخة أو مشوية وهو يدري أنه لحم جمل أو ناقة ينقض الوضوء، ولا ينقضه/أكل شحومها محضة، ولا أكل شيء منها غير لحمها، فإن كان يقع على بطونها أو رؤوسها وأرجلها اسم اللحم عند العرب نقض الوضوء ألا وبهذا القول يقول أبو موسى الأشعري، زاد أبو عمر في الاستذكار وأبو ثور رحمهم الله أجمعين، وقال الخطابي: ذهب عامة أصحاب الحديث إلى إيجاب الوضوء منه، وأما عامة الفقهاء فمعنى الوضوء عندهم متأوّل على الوضوء الذي هو النظافة، وبقي الزمومة كما روى: " توضئوا من اللبن فإن له دسما " (1) . كما قال: " صلوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في عطبان الإبل ". وليس ذلك من أجل أن بين الأمرين فرقا في باب الطهارة والنجاسة؛ لأن الناس إنما قائل يرى نجاسة الأبوال كلها، أو قائل يرى طهارتها، والغنم والإِبل سواء عند الفريقين، وإنما هي عن ذلك لنفارها، وذلك مأمون في الغنم، ومعلوم أن في لحمها من الحرارة والزمومة ما ليس في لحم الغنم. انتهى كلامه. ولقائل أن يقول: أنّه نهى عن الصلاة في أعطان الإبل لما يخالطها من الشياطين، وذلك بين في حديث حمزة: " ولا تصلوا في معاطن الإبل؛ على ظهر كل منها شيطان فإذا ركبتموهم فسموا الله، ولا تقعدوا عن حاجاتكم " (2) . وفي حديث عبد الله بن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب للطهارة، 68- باب المضمضة من شرب اللبن، (ح/ 498) . ولفظه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: مضمضوا من اللبن فإن له دسما ". قوله: " فإن له دسما " الدسم: هو الودك. وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (768) وأحمد (4/86) وللبيهقي (2/449) وابن أبي شيبة (1/384) والتمهيد (5/303) والكنز (19174، 19184، 19185) والمجمع (2/26) والمعاني (1/384) والإِرواء (1/194) . وصححه الشيخ الألباني.

مغفل: " ولا تصلوا في معاطن الإبل؛ فإنها خلق من الشياطين " (1) . ذكرهما أبو القاسم في معجمه، ويكون ذلك لنهيه- عليه السلام- عن الصلاة في الوادي من أجل الشيطان الذي به، والله تعالى أعلم. وروى حديث الإبل جماعة لا واحد لها من لفظها، وكذلك الغنم قاله في التلخيص، وفي كتاب الصحاح: وهي موثقة؛ لأنها اسم الجموع التي لا واحد لها من لفظها إذا كانت تعبر إلا ودعت (2) والتأنيث لها اللازم، وإذا صغرتها أدخلتها الهاء فقلت أبيلة وغنيمة ونحو ذلك، وربما قالوا للإبل: إِبْل- بتسكين الباء للتخفيف والجمع إبال، فإذا قالوا إبلان وغنمان وإنما يريدون قطيعين من الإبل- وأرض إبلية أي: ذات إبل، والنسبة إلى الإبل إبلي يسمون الباء استحبابا لبوال السكرات، والمراح- بالضم- حيث تأوى إليه الإِبل والغنم بالليل، وثالثه الموضع الذي/يروح منه القوم أو يروحون إليه كالمعدي للموضع الذي نتعدّى منه. حكاه المنذري، والعطن، وجمعه أعطان مبرك الإبل حول الماء. ذكره أبو عبيدة. وفي كتاب الصحاح: العطن والمعطن واحد الأعطان، والمعاطن: وهي مبارك الإبل عند الماء ليشرب بعللٍ بعد نهل، فإذا استوفت ردت إلى المراعي وعطنت وعطبت الإبل بالفتح تعطن عطونا إذا رويت ثم نزلتا فهي إبل عاطنة وعواطن، وقد ضربت تعطن أي: نزلت، وكذلك نقول: هذا عطن الغنم وتعطنها (3) لمرابطها حول الماء، والله تعالى أعلم.

_ (1) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجةْ (769) . في الزوائد: إسناد المصنف فيه مقال. وأصل الحديث رواه النسائي مقتصرا على النهي عن أعطان الإبل. والمجمع (2/26) وعزاه إلى " أحمد " والطبراني في " الكبير " إلا أنه قال: " وصلْوا في مراح للغنم، فإنها بركة من الرحمن ". وقد رواه ابن ماجة والنسائي باختصار، ورجال أحمد ثقات وصرح ابن إسحاق بقوله: حدثني. وصحح إسناده الشيخ الألباني. (2) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". (3) قوله: " وتعطنها " وردت " بالأولى ": " معطنها "، والصحيح ما أثبتناه من الثانية.

المضمضة من شرب اللبن حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي عن الزهيري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " تمضمضوا من اللبن؛ فإن له دسما " (1) . هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم بغير لفظ إلا مروان، وكان المنذري قد أطلق ذلك ولم يبينه فيشبه أن يكون وهما؛ ولما ذكره الطبري في شرح الآياد من حديث ليث عن عقيل عن ابن شهاب قال: هذا خبر عندنا صحيح، وإن كان عند غيرنا فيه نظر لاضطراب ناقليه في مسنده فمن قائل عن الزهري عن ابن عباس من غير إدخال عبيد الله بينهما، ومن قائل عن الزهري عن عبيد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (2) : " من شرب لبنا " من غير ذكر ابن عباس بعد، فليس في مضمضته - عليه السلام- من اللبن وجوب مضمضة ولا وضوء على شارب من شربه إذ كانت أفعاله غير لازمة لأمته العمل بها، إذا لم يكن بيانا عن جملة عرض في تنزيله- انتهى كلامه- وفيه نظر من حيث ذكره لفظ الأمر لا الفعل- والله أعلم- لكنه مشكل ما ذكره البيهقي عن ابن عباس راوي الأمر لولا التلفظ ما/ قال إلا أمضمض. حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا خالد بن مخلد عن موسى بن يعقوب قال: حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا شربتم اللبن فمضمضوا فإن له دسما " (3) .

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 52 " والأشربة باب " 12 ") ومسلم في (الحيض، ح/95) والترمذي (89) والنسائي في (الطهارة، باب " 124 ") وابن ماجة (498) وأحمد (1/223، 227، 329، 337، 373) . قال الحافظ في " الفتح: 1/270 ": " هذا أحد الأحاديث التي أخرجها الأئمة الخمسة وهم: الشيخان وأبو داود والنسائي والترمذي عن شيخ واحد؛ وهو قتيبة ". (2) قوله: " قال " سقط من " الأصل "، وكذا أثبتناه. (3) صحيح. رواه ابن ماجة (499) والكنز (41046) . وصححه الشيخ الألباني.

هذا حديث إسناده صحيح، موسى بن يعقوب الزمعي الأسدي أبو محمد المدني، روى عنه جماعة؛ منهم: معن بن عيسى، وابن أبي فديك ومحمد بن عثمة. وسعيد بن أبي مريم وثقة بن معين، ولما ذكر حديثه هذا أبو عبد الرحمن في كتاب الكني اتبعوا التوثيق، ووثقه أيضا أبو محمد الرشاطي قال: ووقع في كتاب ابن أبي حاتم أنه قرشي زهري، وهو وهم، اللهم إلا أن يكون زهريا من قبل أمّه أو بوجه آخر- والله أعلم- انتهى كلامه. وكما نسبه ابن أبي حاتم نسبه البخاري في تاريخه الكبير وأما أبو عبيدة الذي ذكر أبو عمر أنهم اتفقوا على أنه لا اسم له فحديثه صحيح، وأبو عبد الله بن زمعة له صحبة فيما ذكره ابن حبان. حدثنا أبو مصعب ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " تمضمضوا من اللبن، فإن له دسما " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف عبد المهيمن المذكور قبل في باب التسمية في الوضوء. حدثنا إسحاق بن إبراهيم السواق، ثنا الضحاك بن مخلد ثنا زمعة بن صالح عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال: " حلب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شاة، وشرب من لبنها، ثم دعا بماء فمضمض فاه، وقال: إن له دسما " (2) . هذا حديث قال ابن أبي حاتم: وسمعت أبا زرعة، وانتهى في القراءة إلى حديث شبابة عن عبيد الله بن يعيش عن يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك: " شرب- عليه السلام- لبنا، ثم قال: / هاتوا ماء، فمضمض" (3) . هذا وهم، إنما هو ما

_ (1) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة (500) في الزوائد: إسناده ضعيف لضعف عبد المهيمن. قال فيه البخاري: منكر الحديث. وابن أبي شيبة (1/57) والطبراني (6/153) . قلت: وللحديث شواهد صحيحة. وصحح إسناده الشيخ الألباني. (2) ضعيف الإسناد والمتن. صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 68- باب المضمضة من شرب اللبن (ح/501) . وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/111) . (3) ضعيف جدا. العلل: (193) .

ثنا ابن أبي شيبة، ثنا ابن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر وعن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن النبي- عليه السلام- بنحوه مرسل. وأمّا زمعة بن صالح الجندي اليمامي ثم المكي، ولن كان مسلم قرنه في كتابه ابن أبي حفصة، وقال الفلاس: هو جائز الحديث مع الضعف الذي فيه. وقال ابن عدي: ربما يهم في بعض ما يرويه، وأرجو أن حديثه صالح لا بأس به، فقد قال الإمام أحمد: ضعيف الحديث، وقال البخاري: مخالف في حديثه، وتركه ابن مهدي أخيرا، وقال ابن معين: ضعيف، وفي رواية: لم يكن بالقوي، وهو أصلح حديثا من صالح بن أبي الأصفر، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، ووهب أوثق منه، وقال ابن حبان: كان رجلا صالحاً يهم ولا يعلم، ويخطئ ولا يفهم، فغلب في حديثه المناكير، وقال للنسائي: ليس بالقوي الغلط عن الزهري، ولما ذكره الساجي في كتاب للضعفاء قال: لم يكن حديثه حجة في الأحكام. وذكره العقيلي والبلخي في كتاب الضعفاء، ويؤيد قول البخاري فيه: مخالف في حديثه؛ ما روى أبو داود في كتاب السنن معارضا له، وبه استدل ابن شاهين على نسخ ما تقدم بإسناد لا بأس به، فقال: ثنا عثمان بن أبي شيبة عن زيد بن الحباب عن مطبع بن راشد عن ثوبة العنبري، سمع أنس بن مالك: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب لبنا، فلم يمضمض ولم يتوضأ، وصلى ". قال زيد: دلني شعبة على هذا الشيخ. ولما ذكره ابن صخر في فوائده، قال: قال لنا أبو محمد: وهذا حديث غريب من حديث ثوبة عن أنس، لا أعلم رواه إلا زيد بن الحباب عن مطيع بن راشد عنه. انتهى. ويشبه أن يكون مطيع هذا هو الوال، فان كان فهو ثقة وأجدر به أن يكون؛ لأنه ممن عرف برواية عن التابعين وبرواية وكيع والقطّان وأبي/نُعيم ويعلى بن عبيد عنه وهذه هي طبقة ابن راشد- والله أعلم- وإن كان غيره فلا أعلم من حاله شيئا؛ لكونه ليس يذكروا وفي كتاب البخاري وأبي حاتم الرازي وابن حبان، وثوبة حديثه في صحيح البخاري، ويشك ما ذكره أحمد بن منيع في مسنده: ثنا

39- باب الوضوء من القبلة

إسماعيل، ثنا أيوب عن ابن سيرين عن أنس أنه: " كان يمضمض من اللبن ثلاثا " (1) . وذكر أبو عيسى أن في الباب إثر حديث ابن عباس وحديث سهل بن سعد وأم سلمة وأغفل حديث أنس، وحديث جابر بن عبد الله المذكور عند ابن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ من حديث أبي عامر العقدي، ثنا أيوب بن يسار وهو ممن اتهمه يحيى بالكذب عن محمد بن المنكدر عنه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب لبنا فمضمض من دسمه " (2) . قال الطبري: ثنا ابن حميد، ثنا جرير عن عطاء قال: أتي عبد الرحمن بلبن فشرب، فحضرت الصلاة فقيل له: ألا تمضمض؟! فقال: من أي شيء؟ من اللبن الخالص الطيب، ثم صلى ولم يمضمض ". قال أبو جعفر: وبذلك قال جماعة علماء الأمصار والسلف، رضي الله عنهم أجمعين. 39- باب الوضوء من القُبلة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد قالا: حدثنا وكيع ثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ، قلت: من هي إلا أنت؟ فضحكت ". هذا حديث لما رواه أبو داود (3) عن عثمان: ثنا وكيع قال: وكذا رواه

_ (1) المطالب: (138) . (2) تقدم. وراجع: (الصحيحة: ح/1361) . (3) صحيح. رواه أبو داود (178) عن عثمان بن أبي شيبة. عن ابن ماجة (502) عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد. وفي الزوائد: هذا الحديث قد رواه أبو داود والنسائي بإسناد فيه إرسال، والإرسال لا يضر عند الجمهور في الاحتجاج. وقد جاء بذلك الإسناد موصولا. ذكره الدارقطني، ورواه البزار بإسناد حسن، ورواه المصنف بإسنادين؛ فالحديث حجة بالاتفاق. ورواه الطبري في التفسير (5/67) عن أبي كريب، وأحمد في المسند (6/ 210) كلهم عن وكيع عن الأعمش هذا الإِسناد. ورواه الدارقطني (ص 50) من طريق أبي هشام للرفاعي وحاجب بن سليمان ويوسف بن موسى، وكلهم عن وكيع عن الأعمش. ورواه الطبري عن إسماعيل بن مرسى السدي عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش.

زائدة وعبد الحميد الحماني عن الأعمش، ثنا إبراهيم بن مخلد الطائفاني ثنا عبد الرحمن بن معن، ثنا الأعمش، ثنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عائشة بهذا الحديث. قال أبو داود:/قال يحيى بن سعيد لرجل: احبك عني أنه هذين- يعني: حديث الأعمش هذا عن حبيب، وحديثه بهذا الإسناد في المستحاضة أنها تتوضأ لكل صلاة- قال: حبك عني أنها سبه لا شيء وروى عن الثوري قال: ما ثنا حبيب إلا عن عروة المزني يعني: لم يحدثهم عن عروة بن الزبير سيء، وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة، حدثنا زياد بن العبد واللؤلؤي صحيحا. انتهى كلامه. ولقائل أن يقول: قول الأعمش ثنا أصحاب لنا لا يقدح في الإسناد الأول؛ لأمرين: الأول: عبد الرحمن بن معن لا مقام زائدة والحماني ووكيعا، الثاني: يحتمل أن أصحابه رووه له كما رواه له حبيب، ويكون لحبيب في هذا شيخان إذا قلنا بصحة إسناد الثاني، قول الثوري: لم يحدثنا حبيب عن ابن الزبير لا يؤثر

_ ورواه الدارقطني (ص 51) من طريق إسماعيل بن موسي أيضا، ورواه كذلك من طريق محمد بن الحجاج عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش. ورواه (ص 50) من طريق علي بن هاشم وأبي يحيى الحماني عن الأعمش. وكل هذه الروايات لم يذكر منها نسب عروة، إلا في رواية أحمد وابن ماجة، فإن فيهما: " عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير ". وهذا حديث صحيح لا علْة له، وقد علله بعضهم بما لا يطعن في صحته. وقد رواه للترمذي (ح/86) . وقال الترمذي: " وقد رُوي نحو هذا عن غير واحد من أهل للعلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين. وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة، قالوا: ليس في القبلة وضوء. وقال مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق: في القبلة وضوء، وهو قول غير واحد من أهل للعلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين. وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا؛ لأنه لا يصح عندهم؛ لحال الإِسناد. قال: وسمعت أبا بكر العطار البصري يذكر عن علي بن المديني، قال: ضعف يحيى بن سعيد القطان هذا الحدث جدا، وقال: هو شبه لا شيء. قال: وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث، وقال: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة. وقد روي عن إبراهيم التيمي عن عائشة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبلها ولم يتوضأ ". وهذا لا يصح أيضا، ولا نعرف لإِبراهيم التيمي سماعا من عائشة. وليس يصح عن للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا الباب شيء.

في صحة هذا الحديث؛ لأنه الشيخ غالبا لا يروي لأصحابه عن جميع مشايخه، وقد يخص قوما دون آخرين، وقال أبو عيسى. سمعنا محمد الضعيف هذا الحديث وقال حبيب بن أبي ثابت: لم يسمع من عروة، وقد روي عن التيمي عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبلها ولم يتوضأ، وهذا لا يصح أيضا ولا يعرف لإبراهيم سماعا من عائشة وليس يصح في هذا الباب شيء، قال أبو عيسى: وسمعت أبا بكر العطار يذكر عن ابن المديني قال: ضعف يحيى بن سعيد هذا الحديث جذا، قال أبو عيسى: وإنما ترك أصحابنا حديث عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا؛ لأنه لا يصح عندهم لحال الإسناد، وذكر الدارقطني عن يحيى بن سعيد أنه قال: إنما كان الثوري أعلم الناس بهذا، وزعم أن حبيبا لم يسمع من عروة شيئا، وبنحوه ذكره الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والحافظان؛ أبو بكر البيهقي، وأبو الحسن بن القطان، وأبو الفرج ابن الجوزي وابن سرور والمقدسي واستناد ابن حزم إلى عدم صحته، وفي كتاب الخلال: سئل أبو عبد الله عن حديث عائشة/في القبلة؛ فقال: هو غلط، وفي كتاب الميمون: قال أبو عبد الله: هذا الحديث مقلوب على حديث عائشة قيل: وهو صائم وهو هذا الحديث بعينه، يرويه هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قلت: فمن أين؟ أليس حبيب صالح الحديث؟! قال: بلى ولكن لا أعلم أحدا روى عن حبيب عن عروة شيئا إلا هذا الحديث، وحديث آخر يرويه الأعمش، وفي كتاب العلل لابن أبي حاتم: وسمعت أبي يقول: لم يصح حديث عائشة في ترك الوضوء من القبلة- يعني: حديث الأعمش عن حبيب عن عروة- وسئل أبو زرعة عن الوضوء من القبلة؛ فقال: إن لم يصح حديث عائشة قلت به، وأشار البغوي في شرح السنة إلى ضعفه، وقال الشافعي: ليس بمحفوظ من قبل أن عروة إنما روى: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبلها صائما " (1) . وقال البيهقي في المعرفة: والصحيح رواية عروة والقاسم بن

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/88) ومسلم في (المقدمة باب " 6 " رقم " 32 ") وأبو داود (2386) وأحمد (6/39، 123، 234، 280، 291، 310، 318) وأبو عوانة، والدارقطني (1/ 142) والحميدي (197) وشفع، وشرح السنة (6/278) والتمهيد (5/123) ومعاني (2/90، 91) والمشكاة (2005) والفتح (4/152) والطبري (5/68)

محمد وعلي بن الحسن وعلقمة والأسود ومسروق وعمرو بن ميمون عن عائشة: " كان- عليه السلام- يقبل وهو صائم ". وحديث حبيب معلول (1) . وقال في الخلافيات: أشبه فساده على ليث ممن ليس الحديث من بابه وقرأهُ إسنادا صحيحا، وهو فاسد من وجهين: الأول: الانقطاع، والثاني: عروة هو ابن الزبير إنما هو شيخ يحتمل يعرف بالمدني، وقال عباس بن محمد الدوري: قلت لابن معين: حبيب ثبت؟ قال: نعم، إنما روى حديثين أظن يحيى يريد منكرين الحديث: " تصلي الحائض وإن قطر الدم على الحصير " (2) ، وحديث القبلة، وفي مسائل حرب بن إسماعيل الحنظلي الكرماني: وسمعت إسحاق- يعني: ابن راهويه- لما ذكر حديث حبيب عن عروة- يعني هذا- قال: هذه الرواية ليست بصحيحة لما فطن أن حبيبا لم يسمع من عروة، وإنما بلغه عنه، ويروى عن هشام عن أبيه خلاف ذلك وهذا أعظم الدلالة في ذلك. انتهى كلامه. وفيه نظر، لما نذكر بعد من رواية هشام عن أبيه/لرواية حبيب، والله تعالى أعلم. وقال أبو جعفر البخاري في كتاب الناسخ والمنسوخ، وذكر حديثا فيه حبيب هذا حديث فيه غير علله منها أن حبيب بن أبي ثابت على محلة لا يقوم لحديثه حجة لمذهبه، وكان مذهبه أنه قال: لو حدثني رجل عنك بحديث ثم حدثت به عنك لكنت صادقا، ومنها أنه روِى عن عروة عن عائشة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ "، وقال أبو عمر بن عبد البر هذا حديث معلول (3) عندهم؛ فمنهم من قال: لم يسمع حبيب من عروة، ومنهم من قال: ليس هو عروة بن الزبير، وضعفوا هذا الحديث ورفعوه، قال: وصححه الكوفيون وبيّنوه لرواية الثقات من أئمة

_ وابن كثير (2/278) وابن عساكر في " التاريخ " (2/2299) . (1) قوله: " معلول " ورد " بالأصل ": " مقلوب "، وكذا أثبتناه من " الثانية ". (2) موضوع. رواه أحمد (6/137) ونصب الراية (1/200) وللدارقطني (1/212) بلفظ: " تصلي المستحاضة ولو قطر الدم على الحصير ". (3) قوله: " معلول " ورد " بالأصل ": " مقلوب "، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من " الثانية ".

الحديث له، وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة لرواية من هو أكبر من عروة وأجل وأقدم موتا، وهو إمام ثقة من أجلة العلماء. انتهى. ما ذكره وهو مزيل للانقطاع من صحته إمكان اللقاء فقط، ويؤيده قول أبي داود: روى حبيب عن عروة حديثا صحيحا. ولقائل أن يقول: ما قاله أبو داود لا يعطي سماعا؛ لاحتمال أن يكون الحديث الذي أشار إليه- وهو قوله- عليه الصلاة والسلام-: " اللهم عافني في جسدي وعافني في بصري " (1) - صحيحا في نفس الأمر لا ضعيفا كهذا، إذ هو معروف الصحة من خارج فيقال له إنما ذكره أبو داود في هذا الموطن ردا على من زعم أنه لم يسمع منه، ولولا ذلك لكان كلامه لا فائدة فيه، وفي قول أبي عمر: حبيب لا ينكر لقاؤه عروة إلى آخره نظر؛ لما علم من حاله جماعة من الأئمة روى أحدهم عن الكبار، وأرسل عن الصغار هذا أبو حاتم الرازي يقول في ابن شهاب: لم يسمع من أبان بن عثمان؛ لأنه لم يدركه، وقد أدرك من هو أكبر منه، ولكن لا نثبت له السماع منه كما أن حبيب بن أبي ثابت لا يثبت له السماع من عروة، وهو قد سمع ممن هو أكبر منه غير أن أهل الحديث قد اتفقوا على ذلك، واتفاق أهل لم الحديث على شيء يكون حجة وأما قوله: ومنهم من قال: ليس هو عروة بن الزبير ففيه نظر، لما أبلغناه من رواية وكيع المصرح فيها بنسبه عند ابن ماجة والدارقطني، وأيضا قال أحد من الغرباء يتجاسر على أم المؤمنين بقوله: " من هو إلا أنت؟ " ويحكى وضوحها غالبا إلا من كان ذا محرم منها، ويزيده وضوحا رواية هشام له عن أبيه كرواية حبيب. ذكر ذلك الدارقطني في كتاب السنن من رواية حاجب بن سليمان عن وكيع عنه، وقال: تفرّد به حاجب عن وكيع ووهم فيه، والصواب عن وكيع بهذا الإسناد: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يُقبل وهو صائم " وحاجب لم يكن له كتاب، إنما كان يحدّث من حفظه. انتهى. ولقائل أن يقول: هو تفرد ثقة، وبحديثه من حفظه إن كان أوجب كثرة

_ (1) حسن. رواه الترمذي (3480) وقال: هذا حديث حسن غريب، والحاكم (1/530) والخطيب (2/137) وأمالي الشحري (1/233) والأذكار (349) ونصب الراية (1/270) وكشاف (93) وابن عدي في " الكامل " (2/815) وأحمد (5/42) والكنز (3642، 5069) .

أخطائه بحيث يجب ترك حديثه فلا يكون ثقة، وليس كذلك؛ لقول النسائي، وابن حبان فيه: ثقة، وإن لم يوجب خروجه عن الثقة فلعله لم يفهم، وكان نسبه إلى الوهم بسبب مخالفة الأكثرين له، وليس لمتابعة عاصم بن علي أبي الحسن الواسطي- المخرّج حديثه في صحيح البخاري، والقائل فيه أحمد بن حنبل: صدوق، وفي رواية المروزي عنه: لا أعلم إلا خيرا- كان حديثه صحيحا له ذكر ذلك أبو الحسن في كتابه عن الحسين بن إسماعيل عن علي بن عبد العزيز الوراق- يعني: المصنف المشهور- عنه عن أبي أويس قال: حدثني هشام فذكره ثم قال: لا أعلم حدث به عن عاصم غير علي بن عبد العزيز، ورواه أيضا من جهة شيبان بن عبد الرحمن عن الحسن بن الزبير عن هشام عن أبيه عروة بن الزبير أن رجلا قال: سألت عائشة الحديث، ومن جهة محمد بن جابر عن هشام، ومن جهة عبد الملك بن محمد عن هشام، ورواه عن عروة كروايتهما عن الزهري قال أبو الحسن: ثنا ابن قانع عن إسماعيل بن الفضل عن محمد بن عيسى بن يزيد الطرسوسي عن سليمان بن عمر بن/يسار عن أبيه عن ابن أخي الزهري، أكثرهم مجهولون ولا يجوز الاحتجاج بأخبار ترويها المجاهيل، ورواه الدارقطني أيضا من جهة إسماعيل بن موسى ثنا عيسى بن يونس عن سر فأدخل بين الزهري وعروة رجلا- وهو أبو سلمة- ثم قال: هذا خطأ من وجوه، قال البيهقي: إنما أراد الخطأ في نسبه وإسناده جميعا حيث أدخل سلمة وزاد في سننه: " ثم صلى ولم يتوضأ "، والمحفوظ ما سبق، والحمل فيه على من دون عيسى، وكيف يكون ذلك من جهة الزهري صحيح ومذهبه بخلافه، ورواه عن عروة أيضا محمد بن عمر، وذكره عبد الرزاق عن إبراهيم بن محمد عن معبد بن نباتة عن محمد عن عروة به، وذكر الزعفراني عن الشافعي قال: إن ثبت حديث معبد في القبلة لم أر به بأسا ولا في اللمس، ولا أدري كيف معبد هذا؟ فإن كان ثقة فالحجة فيما روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكن أخاف أن يكون غلطا، قال أبو عمر: هو مجهول لا حجة فيما رواه عندنا، وقال البيهقي نحوه وزادنا محمد بن عمر: ولم يثبت له عن عروة شيء. انتهى. فقد تبين لك أن عروة هذا هو ابن الزبير لا المزني لكونه مجهولا، ولم يرو

عنه إلا ابن أبي ثابت، أخذ من إسناد حديثه المذكور عند ابن أبي داود، ولو روى عنه ما وصفناه يخرج عن الجهالة التي لم تزايله فيما ذكره غير واحد من المؤرخين والله تعالى أعلم. وأيضا فقد رواه عن عائشة جماعة غير عروة نذكر منه ما تيسر؛ فمن ذلك: رواية عطاء عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يقبل بعض نسائه ولا يتوضأ ". رواه البزار (1) في مسنده عن إسماعيل بن يعقوب بن صبيح بن محمد بن موسى بن أعين حدثني أبي عن عبد الكريم الخرزي عنه، وقال: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من رواية عائشة، ولا نعلمه يروى عن عائشة إلا من حديث حبيب/عن عروة ومن حديث عبد الكريم عن عطاء عنها، وقال في موضع آخر: وهذا الحديث إسناده حسن، وهو معروف من حديث عبد الكريم، ومحمد بن موسى ليس به بأس، قد احتمل حديثه أهل العلم، ولا نعلم فيه مطعنا يوجب التوقف عن حديثه، وسائر الرجال ليستعين بشهرتهم عن صفاتهم، وإسماعيل أبي بيان رجل ثقة مشهور، وقد رواه خطاب بن القاسم قاضي حران، وكان مشهورا أيضا عن عبد الكريم. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما نذكره بعد- إن شاء الله تعالى-، ولما ذكر أبو محمد الإشبيلي هذا الحديث قال: موسى بن أعين، يعد مشهورا وابنه مشهور روى له البخاري، ولا أعلم لهذا الحديث علّة توجب تركه، ولا أعلم فيه مهما تقدم أكثر من قول يحيى بن معين حديث عبد الكريم عن عطاء حديث روى لأنه غير محفوظ، قال أبو محمد: انفراد الثقة بالحديث لا يغيره فإما أن يكون قبل نزول الآية وإما أن يكون الملامسة الجماع كما قال ابن عباس: ولما رواه الدارقطني من جهة جندب بن والق ثنا عبيد الله عن غالب عن عطاء قال: غالب هو ابن عبد الله، متروك. وقال صاحب الذخيرة: هذا حديث لا يصح لأنّ غالبا يفهم بالموضع، قال أبو الحسن بن عثمان بن أحمد الدقّاق بن محمد بن

_ (1) بألفاظ متقاربة. رواه الدارقطني (1/135، 137، 142) وابن عساكر في " للتاريخ " (1/397) والبزار والمجمع (1/274) من حديث أم سلمة وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه يزيد بن سنان الرهاوي ضعفه أحمد ويحيى وابن للديني، ووثقه البخاري وأبو حاتم، وثبته مروان بن معاوية، وبقية رجاله موثقون.

غالب ثنا بن الوليد بن صالح ثنا عبيد الله بن عمر وعن عبد الكريم الخوازى بمثله ثم قال: يقال أن الوليد وهم في قوله: عبد الكريم، إنما هو حديث غالب، ورواه الثوري عن عبد الكريم عن عطاء من قوله وهو الصواب. ولما ذكر أبو بكر هذا الحديث في كتاب الخلافيات لم يقل على الوليد بشيء إلا بقول عبد الله بن أحمد قلت لأبي: لِم لم تكتب عن الوليد فقال: رأيته يصلي في المسجد الجامع ونسي صلاته، وفي موضع آخر قال: ورواه سلمة بن صالح منفردا به ولم يدافع عليه، قال الحاكم: عن محمد بن عبد الرحمن الكوفي عن عطاء عن عائشة، وروي عن عبد الكريم عن عائشة مرفوعا، وهو وهم، والصحيح: عن عطاء من قوله. انتهى. /والذي يشبه أن يكون ابن معين أراد الطريق التي أسلفناها من عند الدارقطني أولا، يؤيد ذلك قول ابن عدي، والحديث الذي ذكره أبو زكريا هو ما روى عبيد الله بن عمرو عنه عن عطاء، فذكر حديث القبلة، ثم قال: إنما أراد ابن معين هذا الحديث؛ لأنه غير محفوظ ثم قال: ولعبد الكريم أحاديث صالحة مستقيمة يرويها عن قوم ثقات، وإذا روى عند الثقات فحديثه مستقيم، وقول الدارقطني: يقال أن الوليد وهم في قوله: عن عبد الكريم؛ فقد تنازع في ذلك على طريقة معلومة لمتأخري المحدثين والفقهاء إذا كان ثقة ويطالب قائل ذلك بالدليل على ما حكم به من الوهم، وما تقدّم من متابعة ابن معين تضعيف قوله ومقنعي أن للحديث أصلا من رواية عبد الكريم، وقال ابن الحصار في كتابه تقريب المدارك: وقد طعنوا على عبد الكريم؛ لانفراده برفع هذا الحديث وليس ذلك مطعنا، وانفراد الثقة برفع الحديث لا يقدح فيه، وحديثه هذا مسند صحيح، وأمّا رواية الثوري له موقوفا فهي مسألة مشهورة عند الفقهاء، والأصل فيما إذا وقف ثقة ورفع ثقة، وعبيد الله بن عمرو من الثقات المخرج حديثهم في الصحيحين، وأيضا فعطاء قوي معروف بذلك فيجوز أن يكون أمي بما روى كما نقل ذلك عن جماعة من الصحابة والتابعين فلا تقوى القرينة في غلط من دفع كلّ القوة، وأما ما ذكره البيهقي عن الوليد فليس عيبا ترد به أحاديثه؛ لاحتمال أن يكون يرى رأي العراقيين،

وصلاة بعضهم عند أحمد غير صحيحة، ولئن سلمنا له الطعن فيه؛ فحديث البزار المذكور ليس فيه حرمة، والله أعلم. ومن ذلك: رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها: أنا عنها القدوة المعمر أبو الفتح نصر بن سليمان بن عمر بقراءتي عليه: أخبركم أبو إسحاق إبراهيم بن خليل بن عبد الله الدمشقي قراءة عليه يوم الجمعة ثامن عشر ربيع الأول سنة سبع وخمسين وستمائة بجامع حلب، أنا أبو محمد/عبد الرحمن بن علي بن المسلم اللخمي المعروف بابن الخدمي بقراءة أخي سنة ست وثمانين وخمسمائة، أنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الحضر السلمي في ربيع الأول سنة ست وعشرين وخمسمائة، أنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الصوفي، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر، أنا خيثمة بن سليمان بن جنادة سنة أربعين وثلاثمائة، ثنا العباس بن الوليد بن يزيد، ثنا محمد بن شعيب أخيه ابن سعيد بن سيراء ومنصور بن زادان حدثه عن محمد بن مسلم الزهري عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج إلى الصلاة، ثم يقبلني ولا يتوضأ ". قال أبو القاسم في المعجم الأوسط، ورواه من حديث شعبة: لم يروه عن الزهري إلا منصور، وتفرد به سعيد، وقال أبو حاتم: وسأله إنه عند هذا الحديث قيل لا أصل له من حديث الزهري، ولا أعلم منصور أسمع من الزهري ولا روى عنه، قال أبو محمد: وحفظي عن أبي أنه قال: إنما أراد الزهري: عن أبي سلمة عن عائشة: " كان يقبل وهو صائم ". قلت لأبي: ممن الوهم؟ قال: من سعيد، وقال البيهقي: تفرد به سعيد، وليس بالقوي، وقال الدارقطني: تفرد به سعيد عن منصور عن الزهري، ولم يتابع عليه، وليس بقوي في الحديث، والمحفوظ عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كان يقبل وهو صائم ". كذلك رواه الثقات الحفاظ عن الزهري؛ منهم معمر وعقيل وابن أبي ذئب، وقال مالك: عن الزهري في القبلة الوضوء، ولو كان ما رواه سعيد عن منصور عنده صحيحا لما كان المزهري مفتي بخلافه. انتهى. وفي تعليله بفتوى

الزهري نظر؛ لما علم من حال جماعة ردوا أحاديث، وعملوا بغيرها إما لذهولهم عمّا رووا لثبوت ناسخ عدهم، أو لغير ذلك كما فعل أبو هريرة حين أفتى في ولوغ الكلب في الإناء يغسل ثلاثا، وروايته عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك/ سبعا، ومالك يروى في موطأه حديث ابن عمر: " البيعان بالخيار " (1) ، ومذهبه إلا خيار، وأما سعيد فيحتمل رفعه لحديث تابعه عليه غيره من الثقات؛ لقول ابن عيينة فيه. كان حافظا، وقال سعيد: كان صدوق اللسان، وقال أبو زرعة البصري: وروايته موضعا عند أبي مسهر للحديث، وكان يقول: ليس بمصرنا أحفظ منه قال: وسألت دحيما عن محمد بن داسة فقال: ثقة وكان يميل لما هوى، فقلت أين هو من سعيد؟ فقدم سعيدا عليه، وفي موضع آخر كان مشايخنا يقولون: هو ثقة، وقال عبد الرحمن: سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: محله عندنا الصدق، وسمعت أبي ينكر على من أدخله في كتاب الضعفاء، وقال: يحول منه، وقال ابن عدي: لا أرى بما يرويه بأسا، والغالب عليه الصدق، ومن ذلك أبو الصديق الناجي؛ ذكر ذلك ابن أبي حاتم في كتاب العلل، وقال: سألت أبي عنه فقال: هذا حديث منكر، ومن ذلك: دبيب السحمة إلا في حديثهما بعد، ومن ذلك: إبراهيم التيمي عنها: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبّلها، ولم يتوضأ " (2) . رواه أبو داود عن محمد بن شار ثنا يحيى وعبد الرحمن ثنا سفيان عن أبي روق عنه، وقيل: هذا مرسل؛ التيمي لم يسمع من

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (3/76، 77، 84، 85) ومسلم في (البيوع، باب " 47 ") والترمذي (1245، 1246، 1247) وصححه، والنسائي في (البيع، باب " 4، 8، 9، 10) وأبو داود (3457، 3459) وابن ماجة (2182، 2183) والمنتقى (619) وأحمد (2/9، 73، 3/402، 403، 434، 4/425، 5/12، 17، 21، 22، 23) والدارمي (2/250) والحاكم (2/16) والبيهقي (5/269، 270، 271، 272) والقرطبي (5/153) والمشكاة (2802، 2804) وابن كثير (2/234) وأصفهان (1/220، 2/2، 3/363) . وصححه الشيخ الألباني. (الإِرواء: 5/124، 153) . (2) ضعيف. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 27- باب للوضوء من القبلة (ح/178) . قال أبو داود: وهو مرسل، إبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة.

عائشة، وقد سبق كلام البخاري فيه، وقال الدارقطني: لم يروه عن إبراهيم غير أبي روق عطية بن الحرث، ولا نعلم حدث به غير الثوري وأبي حنيفة من حديث يحيى بن نظر وصاحب عنه واختلفا فيه فأسنده الثوري عن عائشة، وأبو حنيفة عن حفصة، وكلاهما أرسله، وإبراهيم لم يسمع من عائشة ولا من حفصة ولا أدرك زمانهما، وفيه نظر؛ لما علم أن مولده على ما ذكره البيهقي سنة خمسين، وتوفيت حفصة سنة إحدى وأربعين على ما قاله أبو معشر وابن أبي خيثمة، وعائشة كانت وفاتها سنة سبع- أو ثمان- وخمسين، والله أعلم. وقال ابن حزم: هذا الخبر لا يصح؛ لضعف أبي روق/وقال أبو عمر: هو مرسل لاختلاف فيه، وفي موضع آخر: لم يروه غير أبي روق، وليس فيما انفرد به حجة، وقال النسائي: إبراهيم لم يسمع من عائشة، وليس في هذا الباب أحسن من هذا الحديث وإن كان مرسل، وفي الخلافيات: هو فاسد من وجهين؛ الأول: الإرسال، والثاني: أبو روق لا يقوم به حجة. أما قول عمر: وليس فيما انفرد به حجة ترد قوله في كتاب الاستمناء هو عندهم صدوق ليس به بأس، صالح الحديث، وفي موضع آخر: وقال الكوفيون: هو ثقة لم يذكره أحد يخرجه، وقال أحمد: ليس به بأس، وقال أبو حاتم الرازي: صدوق، وذكره أبو حاتم في كتاب الثقات. وأما إجماعهم على إرساله فليس كذلك؛ لما ذكره أبو الحسن في سننه مسندا من طرق صحيحة، فقال: ورواه معاوية بن هشام- يعني: المخرج حديثه في صحيح مسلم- عن الثوري عن أبي روق عن إبراهيم عن أبيه- يعني: المخرج حديثه في الصحيحين- عنها فوصل إسناده واختلف عنه في لفظه؛ فقال عثمان بن أبي شيب فيما ثناه البغوي عنه بهذا الإسناد: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقبل وهو صائم "، وقال غيره: " كان يقبل ولا يتوضأ ". ولما ذكر البيهقي هذا في المعرفة قال معاوية لي: قويا لم يُرد على ذلك، وليس به علة ترد به هذا لما أسلفناه، والله تعالى أعلم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا محمد بن فضيل عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يتوضأ ثم

يقبل ويصلي ولا يتوضأ، وربما فعله بي " (1) . هذا حديث قال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: الحجاج يدلس في حديث الضعفاء، ولا يحتج بحديثه، وقال أبو الحسن: زينب هذه مجهولة ولا يقوم بها حجة، ونحوه قاله أبو/عمر في الاستذكار، وقال الحاكم: أبو عبد الله فيما ذكره عند البيهقي في الخلافيات: هذا الإسناد لا يقوم به حجة؛ حجاج على جلالة قدره غير مذكور في الصحيح، وزينب ليس لها ذكر في حديث آخر ولا أبو بكر. وقد رواه ابن فضيل الأوزاعي عن عمرو عنها، وقد قيل: عن عمرو عن أبيه عن جدّه مرفوعا: " كان يقبل ولا يحدث وضوءا " (2) . رواه العوفي عنه، وهو متروك. انتهى كلامه. وفيه بيان لصحة الحديث المذكور حيث قال: ورواه الأوزاعي عن عمر، ويخرج حجّاج من أن يكون علة له على قول من أعلّه به، وعلى التقدير أن يكون ثقة كان حديثه عن عمرو منقطعا، قال ابن المبارك: ولم يبق إلا النظر في حال زينب فقط؛ هل كما قيل: مجهولة، أم لا، فنظرنا فإذا أبو حاتم البستي ذكرها في كتاب الثقات؛ فزال عنها- بحمد الله- اسم الجهالة، وصح حديثها على هذا لما أسلفنا من متابعات وشواهد، والله تعالى أعلم. وأما قول البزّار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن غير عائشة، ففيه نظر؛ لما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث أبي علي الحنفي عن زفر بن الهذيل عن ليث بن أبي سليم عن ثابت بن عبيد عن أبي مسعود الأنصاري: أن رجلا أقبل إلى الصلاة، فاستقلب امرأته، فأكبّ عليها فناولها، فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر ذلك له، فلم يأمره بالوضوء، ولم يروه عن زفر إلا أبو علي. ولما

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/ 503) وأحمد في " المسند " (6/62) والكنز (17855) . في الزوائد: في إسناده حجاج بن أرطاة، وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة. وزينب، قال فيها الدارقطني: لا تقوم بها حجة. قلت: فهي مجهولة. وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/ 112) . (2) موضوع. جامع مسانيد أبي حنيفة (1/427) وابن القيسراني (554) بلفظ: " كان يقبل ولا يعيد الوضوء ".

ذكره أبو الفرج في كتاب العلل من حديثه ذكر ابن عبد الله الشامي القائل فيه ابن حبان: يروى عن مكحول نسخة أكثرها موضوع، ولا يحل الاحتجاج به عن مكحول عن أبي أمامة أنه قال: " قلت: يا رسول الله الرجل يتوضأ للصلاة ثم يقبل المرأة أو يلاعبها، أينقض ذلك وضوءه؟ قال: لا " (1) . ذكره الإسماعيلي في جمعه من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد للرحمن،/عن أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقبلها وهو صائم ثم لا يفطر ولا يحدث وضوءا " (2) . رواه من جهة يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي قال فيه أحمد وعلي والدارقطني: ضعيف، وقال النسائي: متروك عن الأوزاعي عن يحيى، ولما ذكره أبو القاسم في الأوسط قال. لم يروه عن الأوزاعي- إلا يزيد بن سنان. تفرد به سعيد بن يحيى الأموي عن أبيه. وقد تقدم حديث حفصة من كتاب الدارقطني، وحديث عمرو بن العاص من عند البيهقي، وقوله؛ ولأنه لم يرو عن عائشة من حديث حبيب وعبد للكريم أيضا نظر؛ لما أسلفناه والله تعالى أعلم. وفي كتاب التمهيد: روى عن عمر بن الخطاب بإسناد صحيح ثابت أنه " كان يقبل امرأته ويصلي قبل أن يتوضأ " (3) . وروى الدارقطني عن ابن أخي ابن شهاب عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أن عمر قال: " القبلة من اللمم فتوضأ منها "، وهو وهم عندهم وخطأ، لا حفاظ أصحاب ابن شهاب يجعلونه عن ابن عمر ولا عن عمر، وذكر إسماعيل بن إسحاق أن مذهب عمر بن للخطاب في الجنب لا يتهم (4) . ويدل على أنه كان يرى الملامسة ما دون للجماع كمذهب ابن مسعود، فإن صح عن عمر ما قاله إسماعيل بين الخلاف في القبلة عنه، والله أعلم، وصحح الحاكم ذلك عن عمر في مسنده وله والبيهقي في كتاب الخلافيات قال أبو عمر: وأما ابن مسعود فإنه يختلف عنه أن اللمس ما دون الجماع، وأن الوضوء واجب على من قبّل امرأته كمذهب ابن عمر سواء هو ثابت عن ابن عمر من وجوه، وممن رأى الوضوء

_ (1) موضوع. ابن القيسراني (1059) . (2) تقدم من أحاديث الباب. (3) تقدم من أحاديث الباب. (4) كذا ورد " بالأصل ".

في القبلة من التابعين: عبيدة السلمان وابن المسيب وحماد والبيهقي في المعرفة، وعن ابن مسعود أيضا من طريق شعبة عن مخارق عن طارق بن شهاب عنه، قال: وهذا الإسناد/ صحيح موصول. قاله أبو عمر والنخعي ومكحول الدمشقي وابن شهاب وزيد بن أسلم وسعيد بن عبد العزيز ويحيى الأنصاري وسعيد بن أبي عبد الرحمن ومالك وأصحابه، وهو قول جمهور أهل المدينة والشافعي وأحمد وإسحاق، وأما الذين ذهبوا إلى أن اللمس هو الجماع؛ فعبد الله بن عباس وعائشة- فيما ذكره في الأسرار- ومسروق والحسن وعطاء بن أبي رباح وطاوس اليماني وعبيد بن عمير، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري وسائر الكوفيين إلا ابن أخي، ورووا عن علي بن أبي طالب مثل ذلك، واختلف في ذلك عن الأوزاعي، والحجة لأصحابنا أن إطلاق الملامسة لا يعرف العرب منها إلا اللمس باليد قال الله تعالى: (فلمسوه بأيديهم) (1) . وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اليدان تزنيان وزناهما اللمس " (2) ، وفيه مع الملامسة، وهو لمس الثوب باليد وحديث ابن عباس: " لعلك مسست "، وفي المستدرك عن عائشة: " كان يقبّل ما دون الوقاع ". قال أبو عمر: وقد قرنت الآية: (أو لامستم النساء) (3) وذلك يفيد اللمس باليد، وحمل الظاهر والعموم على التصريح على الكناية، وقد روى عبد الملك بن عمير عن ابن أبيِ ليلى عن معاذ قال: " أتى رجل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن رجل أتى امرأة لا تحل له، فأصاب منها ما يصيب الرجل من امرأته إلا الجماع، فقال- عليه السلام- : توضأ وضوءا حسنا " (4) . فأمره بالوضوء لما قال منها دون الجماع- والله أعلم- انتهى كلامه. وفي استدلاله بحديث معاذ نظر؛ لأن آخره تبين أن

_ (1) سورة الأنعام آية: 7. (2) صحيح. رواه أحمد (2/343، 411، 528. 535) والطبراني (10/192) وإتحاف (7/434) وحبيب (2/55) . (3) سورة النساء آية: 43. (4) ضعيف. رواه البيهقي (1/125) والمنثور (3/352) ومسير (4/166) ونصب الراية (1/70) وابن كثير (2/277، 4/288) والطبري (12/81) والدارقطني (1/134) والحميدي (181) والترمذي (4/128- التحفة) والحاكم (1/135) .

المقصود بالوضوء الصلاة لأجل التكفيل لا لأجل اللمس، بين ذلك لسوقه من كتابي الدارقطني والبيهقي قد علم أنه في كتاب المستدرك، وهو منقطع فيما بين عبد الرحمن بن أبي ليلى ومعاذ أن رجلا قال: يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته/الا قد أصابه منها، الا أنه لم يجامعها؟ فقال: " توضأ وضوءا حسنا ثم قم فصل، فأنزل الله تعالى: (أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل الآية، فقال معاذ: أهي خاصة له أم للمسلمين عامة؟ فقال: " بل للمسلمين عامة "، وأما قوله: إطلاق الملامسة لا يعرف العرب منها الا اللمس باليد ففيه نظر؛ لما علمه أئمة اللغة أبو عمرو بن العلاء وابن السكيت والفارابي وابن دريد والجوهري والبطليوسي والمبرد وصاعد وابن القوطية وابن القطاع وابن سبرة والفراء وابن الأعرابي وثعلب وابن الأنباري وأبو عبيد بن سلام والعسكري والخطابي والأزهري والهروي وابن حيي وابن قتيبة والقزاز والتبريزي وأبو عبيدة معمر بن المثني وغيرهم، وفي كتاب الأشراف: وقال عطاء: ان قبل حلالا فلا إعادة عليه، وإن قبل حراما أعاد الوضوء فتعين، ولما ذكر ابن حزم حديث عائشة قال: لو صح لما كانت لهم فيه حجة؛ لأن معناه منسوخ فتعين؛ لأنه موافق لما كان عليه الناس من قبل نزول الآية، ووردت الآية بشرع زائد لا يجوز تركه ولا تخصيصه، فإن احتجوا بحديثها الصحيح: " التمست النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الليل فوقعت يدي على باطن قدمه وهو ساجد ". فلا حجة لهم فيه؛ لأن الوضوء إنما هو على القاصد، واللمس لا على الملموس من دون أن يقصد هو إلى أصل الملامسة لأنه لم يلامس، فأيضا فليس فيه أنه كان في صلاة وقد سجد المسلم من غير صلاة، وحتى لو صحّ أنه كان في صلاة،

_ - قال الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بمتصل، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ ابن جبل، ومعاذ مات في خلافة عمر، وقتل عمر وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام صغير ابن ست سنين، وقد روى عن عمر ورآه. وروى شعبة هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن عبد للرحمن بن أبي ليلى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا ". وبهذا أعله البيهقي، فقال عقبة: " وفيه إرسال عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك معاذ ابن جبل ".

40- باب الوضوء من المذي

وهذا مالا يصح فليس في الخبر أنه لم ينقض وضوءه ولا أنّه صلى صلاة مسابقة دون تجديد وضوء ثم لو صح أنه كان في صلاة وصح تأديه عليها وأنه صلى غيرها دون تجديد وضوء- وهذا كله لا يصح أبدا- فإنه كأن يكون في هذا الخبر موافقا للحال التي كان الناس عليها قبل الآية بلا شك، وكذا حديث صلاته وهو حامل أمامة؛ لأنه ليس فيه نص أن يديها ورجليها مست شيئا من بشرته- عليه السلام-/إذ قد يكون موشحة بقفازين أو جوربين أو يكون تقريبا شائعا، وهو الأولى أن يظن مثلها محضر الرجال، وإذا لم يكن ما ذكرنا في الحديث فلا يحل لأحد أن يزيد فيه ما ليس منه؛ فيكون كاذبا، وإذا كان ما ظنوا ليس في الخبر وما قلنا ممكنا، أو الذي لا يمكن غيره بطل تعلّقهم به، والله تعالى أعلم. 40- باب الوضوء من المذي حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا هشيم عن يزيد عن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المذي فقال: " فيه الوضوء، وفي المني الغسل " (1) . هذا حديث أصله في الصحيحين من حديث ابن الحنفية عن أبيه، وخرجه أبو عيسى عن محمد بن عمرو السواق البلخي ثنا هشيم وثنا محمود بن غيلان ثنا حسين الجعفي عن زائدة كلاهما عن يزيد بن أبي زياد وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه الطبراني في الأوسط من حديث إسماعيل بن عمرو ثنا زائدة عن حصين بن عبد الرحمن عن حصين بن قبيصة عن علي:

_ (1) صحيح. رواه البخاري (ح/1/45، 56) والترمذي (ح/121) وابن ماجة (ح/504) والنسائي (1/96، 97، 214) وأحمد في " للسند " (1/82، 108، 111) والبيهقي في " الكبرى " (1/115) وابن خزيمة (19، 291) وعبد الرزاق (604) والمنثور (1/285) وشرح السنة (1/330) ومشكل (3/294، 295، 296) والكنز (4252، 27055) ومعاني (1/46، 47) . قوله: " المذي ": ماء رقيق يخرج عند الملاعبة والتقبيل، عادة.

" كنت رجلا مذاء " فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1) ، ثم قال: لم يروه عن حصين إلا زائدة تفرد به إسماعيل، ومن طريق زائدة رواه أبو عبد الرحمن، قال أبو القاسم: ورواه غير إسماعيل عن أبي حصين عن حصين بن قبيصة، وخرجه عن أبي داود الحافظان ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما من حديث عبيدة بن حميد عن الركين بن الربيع عن حصين عنه بلفظ: " فذكر ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو ذكر له ". وانفرد ابن حبان بحديث أبي عبد الرحمن عن علي: " كنت رجلا مذاء فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إذا رأيت الماء فاغسل ذكرك ... " الحديث، ولما ذكر المنذري حديث أبي داود اتبعه قول الترمذي حسن صحيح/. وقد قدمنا ذلك في حديث الترمذي، قال ذلك في حديث يزيد لا هذا ولم يخرجه في كتابه، إنما هو عند أبي عبد الرحمن وأبي داود فقط، وأغفل ذكر ابن ماجة ولا ينبغي له ذلك، ولما ذكر الإشبيلي حديث حصين سكت عنه إلا ما أبرز من ذكر حصين، ويعقب ذلك ابن القطان عليه بقوله: حصين من أهل الكوفة، روى عن علي وابن مسعود، وروى عنه الركن والقاسم بن عبد الرحمن ولا يعرف حاله، واعترض فيه عن عبيدة بن حميد فلم يعلمه به ولا بين كونه من روايته، وأصاب في ذلك، وإنما أخطأ حين ضعف من أجله حديث ابن مسعود: " كانت صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الشتاء ... " (2) الحديث وعلى تضعيفه ذلك من أجل عبيدة كان يلزمه في هذا أن ينبه على كونه من روايته، وإذ لم يفعل فقد أخطأ، والله أعلم. انتهى. حصين روى عنه أيضا حصين أبو حصين المذكور، ووثقه ابن حبان تذكرة

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/207) والنسائي (1/97) وابن ماجة (ح/505) وعبد الرزاق (ح/600) والموطأ (ص/40، 215) وشفع (49) والكنز (27071) وأحمد في " المسند " (4/6) والشافعي في " المسند " (ح/12) . (2) ضعيف. رواه أحمد في " المسند ": (3/135، 60) بلفظ: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي في الشتاء ... ".

له في كتاب الثقات، وفيما أسلفناه من توثيقه عند من صحح حديثه، وقال أبو سعد: هو من أسد بن خزيمة بن مدركة، وروى أيضاً عن سلمان؛ فزال- بحمد الله- ما أعله به أبو الحسن، قال الدارقطني: ورواه أبو عبيدة أيضا عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن علي، ولم يتابع على هذا القول وهو من الحفاظ، وقال في الأفراد: غريب من حديث الحجاج بن حجاج عن الأعمش. تفرد به إبراهيم بن طهمان عنه، ومن قال في هذا الحديث: عن الحجاج عن سلمان بن المنذر، فقد وهم وهما قبيحا، وأمّا تصحيح الترمذي حديث يزيد ففيه نظر؛ لما علم من اختلاف نظره فيه؛ فتارة يصحح حديثه وتارة يحسنه وتارة يُضعفه، وإذا صحح حديثا استدركه عليه، اللهم إلا أن يكون تصحيحه حديثه بالنظر لما عضده من متابعات وشواهد وغير ذلك، وقد تقدم ما للناس من الكلام في يزيد/. حدثنا محمد بن بشار ثنا عثمان بن عمر ثنا مالك بن أنس عن سالم أبيِ النضر عن سلمان بن يسار عن المقداد بن الأسود أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يدنو من امرأته فلا ينزل قال: " إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه " (1) . يعني: يغسله ويتوضأ، هذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه فقال: ثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن وهب أن مالكا حدثه، ولفظه: يسأل عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه، فإن عندي ابنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا أستحي أن أسأله، قال المقداد: فسألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فقال: " إذا وجد ذلك أحدكم فلينضح فرجه، وليتوضأ وضوءه للصلاة ". ونحوه ذكره ابن الجارود في منتقاه وابن حبان في صحيحه، وقال إثره: مات المقداد بالحرن سنة ثلاث وثلاثين، ومات سليمان بن يسار سنة تسع وتسعين، وقد سمع سليمان من المقداد وهو ابن دون عشر سنين، وقال أبو عمر: ورواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس أنه سمع

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/207) والنسائي (1/97) وابن ماجة (ح/505) وعبد الرزاق (ح/600) والموطأ (ص/40، 215) وشفع (49) والكنز (27071) وأحمد في " المسند " (4/6) والشافعي في " المسند " (ح/12) .

عليا بالكوفة، قال: وقد خولف في ذلك عمرو، والحديث صحيح ثابت عند أهل العلم، وله طرق شتى عن علي والمقداد وعمار، وكلّها صحاح حسان، أحسنها ما ذكره عبد الرزاق عن ابن جريج قال: قيل لعطاء: أرأيت المذي أكنت ماسحه مسحا قال: لا، المذي أشد من البول. أخبرني عايش بن أنس أخو بني سعد بن ليث، قال: تذاكر علي وعمار والمقداد المذي فقال علي: إني رجل مذاء، فسلا عن ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال عايش: فسأله أحد الرجلين- عمارا والمقداد- وقال عطاء: قد سمع عايش ونسيته. وذكره ابن حزم مصححا له- أعنى الحديث الأول- وأبي ذلك الحافظ أبو بكر البيهقي بقوله: هكذا رواه أبو النضر عن سليمان، ورواه بكير بن عبد الله الأشج عن سليمان عن ابن عباس موصولا / أنبأ به أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر بن جعفر ثنا عبد الله بن أحمد ثنا أحمد بن عيسى ثنا ابن وهب أخبرني مخرمة بن بكير عن أبيه، فذكره. انتهى كلامه. وفيه نظر في موضعين: الأول: حكمه على حديث مخرمة بالاتصال، وليس كذلك، وإن كان مسلم- رحمه الله تعالى- قد خرجه في صحيحه. نص على ذلك أبو عبد الرحمن في كتاب المراسيل فقال: ثنا عبد الله بن أحمد فيما كتب به أبي ثنا حماد بن خالد عن مخرمة قال: لم يسمع من أبي شيئا نا محمد بن محمومة قال: سمعت أبا طالب قال: سألته يعني: أحمد عن مخرمة قال: هو ثقة لم يسمع من أبيه شيئا، إنما روى من كتاب أبيه ثنا علي بن الحسن ثنا سعيد بن أبي مريم أنبأنا موسى ابن سلمة خالي قال: أتيت مخرمة بن بكير قلت: حدثك أبوك؟ قال: لم أدرك أبي، ولكن هذه كتبه، وقد انتقد الحافظ أبو الحسن البغدادي على مسلم إخراجه هذه الترجمة، والله أعلم. الثاني: ما ذكر من انقطاع حديث سليمان، وليس هو بأبي عذرة هذا القول، لتقدم الإمام الشافعي بذلك بقوله: سلمان عن المقداد مرسل، لا نعلم سمع منه شيئا، وتبعه على ذلك الحافظ أبو الوليد الدمشقي وغيره، فغير صحيح لما أسلفناه قبل، والمثبت مقدم على النافي؛ لا سيما مع بيان وجه ذلك وسببه، وأما قول أبي عمر: رواية يحيى عن مالك في هذا الحديث: " فلينضح فرجه وليتوضأ ". وفي رواية ابن بكير والقعنبي وابن وهب

وسائرهم: " فليغسل فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة ". وهذا هو الصحيح، وقد رواه عبد الرزاق عن مالك كما رواه يحيى: " ولينضح فرجه ". ولو صحت (1) رواية يحيى ومن تابعه كانت مجملة يفسرها رواية غيره؛ لأن النّضح يكون في لسان العرب مرة الغسل ومرة الرش انتهى ما ذكره. وفيه نظر؛ لما تقدم من حديث الباب عن عثمان بن عمر عن مالك بلفظ:/ " ولينضح فرجه "، وكذلك رواه أبو داود (2) في سننه من حديث القعنبي، وذكر الدارقطني في كتاب أحاديث الموطأ أن أبا مصعب وأحمد بن إسماعيل المدني وابن وهب ومعن القزاز وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكر الشافعي وابن القاسم وعتبة بن عبد الله وأبا علي الحنفي وإسحاق بن عيسى والقاسم بن يزيد رووه عن مالك بلفظ: " فلينضح "، إلا ابن وهب؛ فإن في بعض ألفاظه: " فليغسل " فلو عكس أبو عمر قوله لكان مصيبا، والله تعالى أعلم. وفي مسند أحمد من حديث هانئ بن هانئ عن علي: " كنت رجلا مذاء فأمر ابن المقداد، فسأل النبي، فضحك وقال: فيه وضوء " وفي رواية لأبي داود من طريق ابن العبد نا القعنبي عن هشام بن عروة عن ابن فضالة والثوري وابن عيينة عن هشام عن أبيه عن علي ثنا أحمد بن يونس ثنا أبي عن هشام عن أبيه أن عليا، قال أبو داود: (3) ورواه الثوري وجماعة عن هشام عن أبيه عن المقداد عن علي وفيه: " فليغسل ذكره وأنثييه ". ورد أبو محمد المنذري هذا الحديث بقوله: قال أبو حاتم: عروة عن علي مرسل وفيه نظر في موضعين: الأول: أن هذا بعينه ذكره أبو داود نفسه في كتاب التفرّد بقوله: وحديث هشام عن أبيه عن علي ليس بمتصل، إلا أن أبي إسحاق قال: عن عروة عن

_ (1) قوله: " صحت " وردت " بالأصل ": " فمعنى "، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (2) حسن. رواه أبو داود " في: 1- كتاب الوضوء، 82- باب في المذي (ح/209) . (3) ضعيف. رواه أبو داود في: 1- كتاب الوضوء، 82- باب في المذي، (ح/208) . قال أبو داود: وروى الثوري وجماعة عن هشام، عن أبيه، عن المقداد، عن علي، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: إسناده منقطع، وهذه علة للضعف.

المقداد عن علي. انتهى. فهو وإن كان لم يسمعه من علي كان متصلا بوساطة المقداد، كما ذكره أبو داود. الثاني: لا حاجة ثنا أبي إلى ذكر قول أبي حاتم عن عروة عن علي مرسل؛ لكونه صحيح في نفس السند بالانقطاع بقوله: حدثه عن علي، وخرجه الكجي عن حجاج، ثنا حماد عن قتادة عن الحسن عن المقداد أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المذي فقال: " كل فحل يمذي، وليس فيه إلا الطهور " (1) . وقد اختلف ألفاظ حديث علي- رضي الله عنه- فذكر ابن حبان بعد تصحيحه حديثا/ المقداد وعمار أنّ عليا أمرهما، وحديث أبي عبد الرحمن أنه هو السائل، فقد يتوهم بعض المستمعين لهذه الأخبار أن بينها تضاربا، وليس كذلك؛ لأنّه يحتمل أن يكون علي أمر عمار أن يسأل فسأله، ثم أمر المقداد أن يسأل فسأله، ثم سأل هو بنفسه، والدليل على صحة ما ذكرت أن متن كل خبر بخلاف متن الخبر الآخر؛ ففي خبر أبي عبد الرحمن: " إذا رأيت الماء فاغسل ذكرك وتوضأ؛ وإذا رأيت المني فاغتسل " (2) ، وفي خبر إياس بن خليفة عن عمار: " يغسل مذاكيره ويتوضأ " (3) ، ليس فيه ذكر المني، وخبر المقداد متتابعين، وفيه أنه ليس السؤالين الذين ذكراهما؛ لأن فيه: سأل عن الرجل إذا دنا من أهله فخرج منه المذي ماذا عليه؟ فإنّ عندي أثبته فذلك ما

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/211) بلفظ: حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا عبد الله بن وهب، ثنا معاوية- يعني: ابن صالح- عن العلاء بن الحرث، عن حزام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد الأنصاري، قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء، فقال: " ذاك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وأنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة" وأحمد (4/342) والموضح (1/109) والتاريخ الكبير (5/29) والمجمع (1/284) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " من رواية عطاء بن عجلان، وقد أجمعوا على ضعفه. (2) صحيح. رواه النسائي (1/111) وأبو داود (206) والبيهقي (1/167، 169) وابن خزيمة (20) وابن حبان (ح/241) . بلفظ: " إذا رأيت المذي فاغسل ذكرك.... " الحديث. وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه النسائي (1/96، 97) وابن حبان (239) والطبراني (4/340) ومشكل (3/293) والعقيلي (1/33) ومعاني (1/45) .

وصفنا على أن هذه أسئلة متباينة في مواضع مختلفة لعلل موجودة- والله تعالى أعلم- انتهى الذي قاله بطريق الاحتمال. تقدم من عند ابن عمر شيئا، وقد ورد في بعض الألفاظ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو السائل له. جاء ذلك مبينا في حديث حسن الإسناد عن المسند المعتمر أبي زكريا محيي بن يوسف المقدسي عن وكيع: أخبرنا الحافظ أبو طاهر البغوي- رحمه الله- قراءة عليه وأنا أسمع في رمضان سنة أربع وسبعين وخمسمائة. أنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار قراءة عليه وأنا أسمع، أخبرنا القاضي أبو عبد الله بن هرمان، أنا القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خالد والرامهرمزي ثنا الحسن بن علي قاضي الأهواز، نا محمد بن علي الوراق، ثنا أبو نعيم، ثنا وزام الضبي قال: سألت جوابا التيمي عن المذي فقال: سألت منه أبا إبراهيم يزيد بن شريك فألجأ الحديث إلى علي، وألجأ علي الحديث إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " رآني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد سحبت فقال لي: يا علي لقد سحبت، قلت: سحبت/من اغتسال الماء، وأنا رجل مذاء، فإذا رأيت منه شيئا اغتسلت، قال: لا تغتسل منه يا علي ... " (1) الحديث. فعلى هذا وكف يده على ما في مسند أحمد عن عبد الله قال: حدثني أبو محمد بن شيبان ثنا عبد العزيز بن مسلم نا يزيد بين أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال: " كنت رجلا مذاء في فسألني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: في المذي الوضوء- وفي المني الغسل " (2) ، ويحتمل أن يكون لما بعثني ليسأل رآه- عليه الصلاة والسلام- ساحبا ونزل علي- رضي الله عنه- جوابه عن ذلك بمنزلة السؤال ابتداء على طريق التجوز، والله تعالى أعلم. وأما رواية سعيد بن بشر عن محمد بن عبد الرحمن عن الأعمش عن يحيى بن الجرار عن علي أمر المقداد؛ فخطأ. قال ذلك ابن أبي حاتم عن أبيه.

_ (1) صحيح. أنظر: الكنز (27341) وجرجان (174) . (2) صحيح. رواه أحمد (1/110، 112، 121) وابن عدي في " الكامل " (3/1122) .

وفي السنن الكبير من جهة ابن جريج عن عطاء: " أنّ عليّا كان يدخل في إحليله القبلة من كثرة المذي ". حدثنا أبو كريب ثنا عبد الله بن المبارك وعبدة بن سليمان عن محمد بن إسحاق ثنا سعيد بن عبيد بن السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة فأكثر منه الاغتسال: فسألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إنما يجزيك من ذلك الوضوء "، قلت: يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي؟ قال: " إنما يكفيك كف من ماء، فتنضح به عن ثوبك حيث ترى أنه أصابه ". هذا حديث خرجه الحافظ البستي في صحيحه (1) عن أبي يعلى: ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا ابن إسحاق، وخرجه ابن خزيمة عن يعقوب بن إبراهيم ثنا ابن علية وثنا محمد بن أبان ثنا ابن أبي عدي عن ابن إسحاق، وخرجه ابن حزم مصححا له، وقال أبو عيسى (2) : هذا حديث حسن صحيح ولا نعرفه مثل هذا إلا من حديث ابن إسحاق، وفي مسائل حرب: " أرأيت ما يصيب ثيابي منه؟ قال: يعد إلي كف من ماء "، وفي كتاب الأثرم: " كنت ألقى من المذي عناء/فقال: يحزنك أن تأخذ حفنة من ماء فترش عليه؟ "، وقال: قلت لأبي عبد الله: ما تقول فيه: قال: لا أعلم شيئا يخالفه، وأخبر به محمد بن شداد أنه سمع أبا عبد الله يقول: لو كان غير ابن إسحاق، وقال صالح: قال أبي: حدثنا ابن إسحاق، لا أعرفه عن غيره ولا أحكم لابن إسحاق، وفي كتاب الخلال: سئل أبو عبد الله عن المذي يصيب الثوب، كيف العمل فيه؟ قال: الغسل ليس

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/506) والطبراني (6/106) وابن أبي شيبة (1/83) وابن حبان (2/216) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 84- باب ما جاء في المذي يصيب الثوب، (ح/115) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح، ولا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق في المذي مثل هذا ". ورواه أحمد (3/485) والدارمي (1/184) وأبو داود (1/84- 85) وابن ماجة (1/94) وفي كل هذه الروايات- ما عدا الدارمي- صرح ابن إسحاق بسماعه من سعيد بن عبيد. وقد اختلف أهل العلم في المذي يصيب الثوب؛ فقال بعضهم: لا يُجزيء ألا الغسل، وهو قول الشافعي، وإسحاق، وقال بعضهم: يجزئه النضح. وقال أحمد: أرجو أن يجزئه النضح بالماء.

في القلب منه شيء، حدثنا محمد بن إسحاق. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث إدريس بن محمد بن أبي الريان الرملي ثنا أسباط بن عبد الواحد بن العلاء بن هارون يعني: الذي عند أبي زرعة وابن حبان- ثنا سعيد به وقال: لم يروه عن العلاء إلا أسباط. تفرد به إدريس. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن بشر ثنا مسعر عن مصعب بن أبي شيبة عن أبي حبيب بن يعلى بن منبه عن ابن عباس أنّه أتى أبي بن كعب ومعه عمر فخرج عليهما فقال: إني وجدت مذيا فغسلت ذكري وتوضأت فقال عمر: أو يجزئ ذلك؟ قال: نعم، قال: أسمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: نعم. هذا حديث قال أبو القاسم في الأوسط، لم يروه عن مسعد عن مصعب إلا محمد بن بشر- يعني: العبدي المخرج حديثه في الصحيحين- وأبو حبيب ذكره أبو حاتم في كتاب الثقات فصح على هذا إسناده؛ ولهذا ساغ للشيخ ضياء الدين تخريجه في المختارة، والله أعلم. وفى الباب غير ما حديث فمن ذلك حديث عبد الله بن سعد الأنصاري قال: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء فقال: " ذاك المذي، وكل فحل يمذي فاغسل من ذلك فرجك وأنثييك وتوضأ وضوءك للصلاة ". رواه أبو داود (1) عن إبراهيم من موسى عن ان وهب عن معاوية/بن صالح عن العلاء بن الحرث عن حرام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعدويه، ولما ذكره في التفرد مطولا الذي تفرد به منه قوله: " وأنثييك وروى ابن العلاء بن الحرث عند ابن ماجة (2) بهذا السند قصة مؤاكلة الحائض في موضعين، ليس منها ذكر المذي، وكذلك الترمذي (3) وقال: حديث حسن صحيح، وفي بعض النسخ حسن غريب، وخرجه ابن

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 82- باب في المذي (ح/211) . (2) قلت: ومن هذين الموضعين: هذا الموضع في سن ابن ماجة: حدثنا أبو بشر، بكر بن خلف، ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حرام بن حكيم، عن عمه عبد الله بن سعد، قال: " سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مؤاكلة الحائض، فقال: واكلها ". (3) في: 1- كتاب الطهارة، 130- باب في مؤاكلة الحائض (ح/651) . ورواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 100- باب في مؤاكلة الحائض وسؤرها (ح/133) . وقال: هذا حديث حسن غريب، وهو قول عامة أهل العلم: لم يرو بمؤاكلة الحائض بأسا.

الجارود في منتقاه، واعترض الإشبيلي حين ذكره من عند أبي داود بقوله: لا يصح غسل الأنثيين، ولا نحتج بهذا الإسناد، يعني: متابعة لابن حزم حيث قال فيه: غريب وحرم ضعيف. قاله من عند نفسه ولم يعزه، وقال ابن القطان: هو كما قال، ولكن بقى عليه أن يُبيّن منه موضع العلة، وهو الجهل بحال حرام بن حكيم الدمشقي، وإذا جعلناه علة للخبر فقد ثنا قصة فيه؛ وذلك أن أبا محمد لا يزال يقبل أحاديث المسانيد الذين يروى عن أحدهم أكثر من واحد، وحرام هذا يروى عنه مع العلاء عبد الله بن العلاء وزيد بن واقدة. قاله أبو حاتم وترجم باسمه ابنه ابن محمد بعد ترجمة أخرى ذكر فيها حرام بن معاوية، وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا، وروى عن عمر فروى معمر عن زيد بن رفيع عنه وروى عبيد الله بن عمر وعن زيد بن رفيع فقال: عن حرام بن حكيم بن حرام قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول ذلك فجعلهما كما ترى رجلين، وتبع في ذلك البخاري، وزعم الخطيب أنّ البخاري وهم في ذلك ومن أنه رجل واحد يختلف على معاوية بن صالح في اسم أبيه، وممن عمل فيه عمل البخاري وابن أبي حاتم الدارقطني- رحمهم الله تعالى- انتهى كلامه. وفيه نظر في موضعين: الأول: كونه الجنابة برأس حرام بن حكيم بن خالد بن سعد بن حكيم الأنصاري ويقال: العسيس، ويقال: العنسي، قال ابن عساكر: روى/عن أبي هريرة وعمه وأبي ذر وأنس بن مالك وأبي مسلم الخولاني ونافع بن محمود بن ربيعة، وروى عنه العلاء بن الحرث وزيد بن واقد وعبد الله بن العلاء بن زيد وبشر بن العلاء ومحمد بن عبد الله بن مهاجر وزيد بن رافع وعتبة بن أبي الحكم، قال العجلي: هو ثقة، وذكره فيهم أيضا بن حبان، وروى له البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام، ومن كان بهذه المثابة لا يكون علّة لحديث، ويكون القول فيه ما قاله الترمذي الذي لم يروياه- والله أعلم-. وأما قول أبي محمد في باب الحيض: حرام ضعيف، فلا أدري من أين جاء تضعيفه؟! ذكر ذلك بعض الحفاظ المتأخرين، ولو رأى ما أسلفناه قبل لم يقل ذلك، والله تعالى أعلم. الثاني: متابعة عبد الحق في قوله: لا يصح غسل الأنثيين، وذلك أنّا ما قدّمنا قبل من عند أبي داود مخالف في لفظه على غيره، وإن كان المنذري

والخزرجي قد ذكرا انقطاعه فقد قدّمنا، وأيضا معنى حديث سليمان بن حبان عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي، وفيه: فقال عليه السلام: " يغسل أنثييه وذكره، ويتوضأ وضوءه للصلاة ". ذكره الحافظ أبو عوانة (1) يعقوب بن إسحاق- رحمه الله- والحافظ ضياء الدين المقدسي في صحيحيهما، وفيه رد لما قاله الإِمام أحمد لما سأله أبو داود قال: غسل الأنثيين إلا هشام بن عروة في حديثه، وأما الأحاديث كلها فليس فيها هذا. وحديث حسان بن عبد الرحمن الضبعي قال عليه السلام: " لو اغتسلتم من المذي كان أشد عليكم من الحيض ". ذكره أبو موسى في كتاب الصحابة (2) بسند جيد. وحديث رافع بن حديج: أنّ عليا أمر عمارا أن يسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المذي وقال: " يغسل مذاكيره ويتوضأ ". ذكره ابن حبان في صحيحه (3) ، وإن كان الإِمام أحمد قال- فيما ذكره البيهقي في المعرفة- حديث المقداد/أصح، فليس فيه تضعيفه- والله أعلم-، وحديث ابن عباس: أن رجلا قال: يا رسول الله إني كلما توضأت سال. فقال: " إذا توضأت فسال من قرنك إلى قدمك فلا وضوء عليك ". ذكره الدارقطني (4) وقال: لا يصح، خرجه ابن أبي كثير- يعني: مرفوعا- في غسل الفرج من المذي. ذكره أبو القاسم في الأوسط وقال: لم يروه عن مسعر يعني عن مصعب بن شيبة عن أبي حبيب عن يعلى بن أمية عن ابن عباس عنه إلا محمد بن بشر الغريب. قال الآمدي: مذيت وأمذيت، وهو المذي والمني والودي مشدّدان، قال أبو عبيد وغيره: تخفيف المذي والودي قال: والصواب عندنا أن المني وحده بالتشديد والآخران بالتخفيف، قال ابن دريد: هو ما خرج عند

_ (1) صحيح. رواه أبو عوانة: (1/273) . (2) كتاب الصحابة بسند جيد. (3) صحيح. رواه ابن حبان (239) والنسائي (1/96، 97) والطبراني (4/340) ومشكل (3/293) والعقيلي (1/33) وشرح معاني الآثار (1/45) . (4) ضعيف. رواه الدارقطني (1/159) والبيهقي (1/357) والعقيلي (3/35) والمجمع (1/ 247) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه عبد الملك بن مهران، قال العقيلي: صاحب مناكير. وقد بوب لهذا الحديث الهيثمي فقال: " باب فيمن يكون به البواسير ".

41- باب وضوء النوم

الالتقاء، وربما شدد، واختلفت النسخ من كتاب العين في الودي ففي بعضها مشدد، وفي بعضها مخفف، وقال صاحب الصحاح: المذي بالتسكين فقال: كل ذكر مذي، وكل أنثى ودي، وبنحوه ذكره الفراء، وقال: ولم يسمع في المني- يعني العين-، قال أبو الحسن: الصواب عندي أن يكون المني وحده مشدّدا والآخران مخففين، وفي الحديث: " المذاء من الثقات "، هو أن يكون الرجل يجمع الرجال والنساء فيماذي بعضهم مذاء ومماذأة وأمذيت فرسى، وهو أن عليه يدعى فيجوز أن يكون المذاء من هذا كأنه تحلية الرجل امرأته لما تريد من الحرام، قال الهروي: هو أدق ما يكون من النطفة، وفي الاستذكار عن مالك: وهو عندنا أشد من الودي؛ لأنّ الفرج يغسل من المذي والودي عندنا كذلك البول قال: فليس على الرجل أن يغسل منه أنثييه اللذان يظن أنه قد أصابهما منه شيء، قال: والودي يكون من الحمام يأتي أثر البول أبيض خائر، قال: والمذي يكون معه شهوة وهو رقيق إلى الصفرة، ويكون عند الملاعبة وعند حدوث الشهوة. انتهى. قد أسلفنا أن حديث غسل الأنثيين صحيح، والتصحيح هنا المراد به الرش. جاء ذلك مبيّنا/فيما أسلفناه من حديث سهل، والله أعلم. قال ابن المنذر: وأوجب غسله من البدن جماعة من الصحابة، وهو مذهب مالك والشافعي وكثير من أهل العلم غير أحمد بن حنبل فإنه قال: أرجو أن يجزئه النضح، والغسل أحب إليّ، وقال أبو جعفر في بيان المشكل: إنما أمر بغسل المذاكير لنقائه من المذي بذلك فلا يخرج؛ لأنّ الماء يقطعه كما أمر من ساق يديه، ولها لئن أن ينضح ضرعها بالماء حتى لا يسيل؛ لأن ذلك واجب كوجوب وضوء الصلاة، والدليل عليه: ما تواتر من قوله فيه الوضوء، فأخبر بالواجب فيه، والله تعالى أعلم. 41- باب وضوء النوم حدثنا علي بن محمد نا وكيع قال: سمعت سفيان يقول الزائرة بن قدامة: يا أبا الصلت هل سمعت في هذا شيئا؟ قال: ثنا سلمة بن كهيل عن

42- باب الوضوء لكل صلاة والصلوات كلها بوضوء واحد

كريب عن ابن عباس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام من الليل، فدخل الخلاء فقضى حاجته، ثم غسل وجهه وكفيه، ثم نام " (1) . ثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي ثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة ثنا سلمة ابن كهيل أنا بكير عن كريب قال: فلقيت كريبا فحدثني عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر نحوه هذا حديث. خرجاه في صحيحيهما مطولا ومختصرا. 42- باب الوضوء لكل صلاة والصلوات كلها بوضوء واحد حدثنا سويد بن سعيد ثنا شريك عن عمرو بن عامر عن أنس بن مالك قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ لكل صلاة، وكُنّا نحن نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ". هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه (2) ، وقال فيه أبو عيسى: حديث حسن صحيح، وزاد: " ما لم يحدث ". ورواه أيضاً عن محمد بن حميد/الرازي ثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن حميد عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يتوضأ لكل صلاة، طاهرا أو غير طاهر "، قال: قلت لأنس: فكيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: " كنا نتوضأ وضوءا واحدا "، وقال: حديث حميد عن أنس حديث حسن (3) غريب من هذا الوجه، والمشهور عند أهل الحديث حديث عمرو بن عامر، وقال في

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 71- باب الوضوء من النوم (ح/ 508) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه البخاري (1/64) والترمذي (60) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (3/132، 133، 154، 5/358) والبيهقي (1/162) وابن خزيمة (12) وأبو عوانة (1/237) وابن أبي شيبة (1/29) وشرح السنة (1/447) والمنثور (2/261) والكنز (17853، 1/270) والطبري (6/73) والقرطبي (6/81) وابن كثير (3/40، 42) والتاريخ الكبير (6/356) والمنتقى (1) . (3) انظر، سنن الترمذي: (1/88) . قال الشيخ أحمد شاكر: وحديث حميد عن أنس متابعة جيده لرواية عمرو بن عامر، واستغراب الترمذي له لا أوافقه عليه، فإنّ الحديث الغريب هو الذي ينفرد به أحد الرواة، وهذا لم ينفرد به حميد، إلا إن كان يريد غرابته عن حميد نفسه، ولذلك قيد قوله: " غريب " =

العلل: سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: لا أدري ما سلمة هذا، كان إسحاق تكلم فيه، ما أروي عنه، ولم يعرف محمد هذا من حديث حميد، وأمّا يحيى الحازمي حديث عمرو بن عامر وعزْوِهِ إياه إلى أصحاب السنن فذهول شديد عن ذكره من كتاب البخاري. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قال: ثنا وكيع عن سفيان عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يتوضأ لكل صلاة، فلما كان يوم فتح مكة صلى الصلوات كلها بوضوء واحد " (1) . هذا حديث قال أبو عيسى إثر روايته له عن ابن بشار ثنا ابن مهدي عن سفيان عن علقمة عن سليمان: هذا حديث حسن صحيح، وروى هذا الحديث علي بن قادم عن الثوري وزاد فيه: " فتوضأ مرة مرة "، وروى الثوري هذا الحديث أيضا عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كان يتوضأ لكل صلاة "، ورواه وكيع عن سفيان عن محارب عن سليمان بن بريدة عن أبيه، وروى عبد الرحمن بن مهدي وغيره عن سفيان عن محارب عن سليمان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا (2) وهذا أصح من

_ - في بعض النسخ باله: " من هذا الوجه "، وفي بعضها بأنه: " من حديث حميد ". ولا عبرة بقول الشارح: " تفرد به محمد بن إسحاق، وهو مدلس، ورواه عن حميد معنعنا " فإن ابن إسحاق ثقة حجة جليل القدر، ومن تكلّم فيه فلم يصنع شيئا. قال شعبة: " محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث "، وقال أبو زرعة الدمشقي: " ابن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه، وقد أختبره أهل الحديث فرأوا صدقا وخيرا ". (1) رواه الترمذي (ح / 61) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقال أيضا: وروى هذا الحديث ابن قادم عن سفيان الثوري، وزاد فيه: " توضأ مرة مرة ". ورواه مسلم (9111) وأبو داود (1/ 66- 67) والنسائي (1/ 32-33) كلهم من طريق سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد. ورواه ابن ماجة (9511) من طريق وكيع عن الثوري عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة عن أبيه. (2) وخلاصة البحث فيما تعرض له الترمذي من أسانيد هذا الحديث: أن سفيان الثوري رواه عن شيخين: أحدهما علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه مرفوعا موصولا، وهذا لم يختلف فيه الرواة عن الثوري أنه موصول. والشيخ الثاني للثوري: محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة، ولكن الرواة عن الثوري اختلفوا فيه؛ فبعضهم يقول: عن سليمان بن بريدة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا مرسل؛ لأن سليمان ليس صحابيا، وبعضهم يقول:=

حديث وكيع، وقال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: سئل أبو زرعة عن حديث رواه أبو نعيم عن سفيان عن محارب عن سليمان بن بريدة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه صلى خمس صلوات بوضوء واحد "، ورواه وكيع- يعني: مسندا- فقال أبو زرعة: حديث/أبي نعيم أصح. انتهى. وفيه أن وكيعا تفرد برفعه، وليس كذلك لمتابعة المعتمر بن سليمان له. ذكر ذلك البزار في مسنده إثر روايته عن سلمة بن شعيب ثنا عبيد الله بن موسى ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، ومن هذه الطريق رواه مسلم (1) في صحيحه عن ابن نمير ثنا أبي ثنا سفيان ولفظه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خفيه "، فقال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه، قال: عمدا صنعته يا عمر ". قال البزار: ثنا علي بن الحسين الدرهمي ثنا المعتمر بن سليمان ثنا سفيان عن محارب بن دينار عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، وقال الحافظ أبو علي الجياني- رحمه الله- في كتابه تقييد المهمل: وروى هذا الحديث وكيع ومعتمر وغيرهما عن الثوري عن محارب عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما رواه علقمة بن يزيد، والله أعلم. وأما قول الحاكم في المستدرك (2) : اتفقا على حديث علقمة عن سليمان بن يزيد عن أبيه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتوضأ لكل صلاة ". فقول لا أعلم له فيه سلفا ولا رأيت أحدا، قال ابن سليمان: اتفقا على حديثه، وممن نص على أنه من أفراد مسلم هو في كتاب المدخل قال: ذكر من اتفقا عليه فمن أبيه سليمان فذكر جماعة ثم قال: وأخرج مسلم وحده سليمان بن بريدة، ثم ذكر

_ = عن سليمان بن بريدة عن أبيه مرفوعا، وهذا متصل، والذي رواه عن الثوري هكذا هو وكيع، وروايته عن ابن ماجة، وهذه الرواية جعلها الترمذي مرجوحة، ورأى أن رواية من رواه عن الثوري عن محارب عن سليمان مرسلا أصح. ولسنا نوافقه على ذلك؛ لأن الحديث معروف عن سليمان عن أبيه، ووكيع ثقة حافظ، فالظاهر أن الثوري كان تارة يروي الحديث عن محارب موصولا، كما رواه عنه وكيع، وتارة مرسلا، كما رواه عنه غيره. (1) انظر: الحاشية قبل السابقة. وراجع: ابن خزيمة (13، 14) وعبد الرزاق (157) والمشكاة (425) والكنز (27032) . (2) قوله: " المستدرك " وردت في " الأولى " غير واضحة، وكذا أثبتناه.

جماعة-. والله أعلم- اللهم إلا لو قال: اتفقا على حديث علقمة عن ابن بريدة، لكان صوابا للاختلاف الآتي بعد في ابن بريدة هذا من هو؟ وأن بعضهم سماه عبد الله. حدثنا إسماعيل بن ثوبة ثنا زياد بن عبد الله ثنا الفضل بن معشر قال: " رأيت جابر بن عبد الله يصلي الصلوات بوضوء واحد. فقلت: ما هذا؟ فقال: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع هذا، فأنا أصنع كما صنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". وهذا حديث ذكره الثعلبي في تفسيره بزيادة: " فإن بال أو أحدث/ توضأ ومسح بفضل طهوره الخفين "، فقلت: الحديث وإسناده صحيح على رأي أبي حاتم بن حبان لتوثيقه الفعل، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وزياد خرج حديثه في الصحيح، وإسماعيل قال أبو حاتم الرازي: صدوق، وفي الباب غير ما حديث؛ منها حديث عبد الله بن حنطلة بن أبي عامر الغسل: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان أمر بالوضوء عند كل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر، فلما شق ذلك على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بالسواك عند كل صلاة، ووضع عنه الوضوء إلا من حدث، فكان ابن عمر يرى أن به قوة على ذلك ففعله حتى مات ". رواه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه (1) عن محمد بن منصور أبو جعفر ومحمد بن شوكة البغدادين قال: ثنا يعقوب- وهو بن إبراهيم بن سعد- ثنا أبي عن ابن إسحاق ثنا محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري ثم المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عمرو ثنا محمد بن يحيى بن حبان عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال: فلت له: أرأيت وضوء عبد الله بن عمر لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر؟ عن من هو؟ فقال حديثه: أسماء بنت زيد بن الخطاب أن عبد الله بن حنظلة فذكره، وفي آخره: هذا حديث يعقوب بن إبراهيم غير أن محمد بن منصور قال: " فكان يفعله حتى مات "، ولما رواه داود عن أحمد بن خالد ثنا بن إسحاق، ولما ذكره ابن أبي حاتم (2) في كتابه حسنه به، قال إبراهيم بن سعد: رواه عن ابن (1) قلت: وقد سقطت بعض الكلمات من " ألفاظ " هذا الحديث، وصححناه من مصدرين: الأول: صحيح ابن خزيمة. الثاني: من النسخة الثانية التي عليها التصحيح. (2) قوله: " حاتم " وردت في " الأولى، والثانية " " حبان " والصحيح " حاتم " كما أثبتناه.

إسحاق فقال: عبيد الله بن عبد الله. انتهى. وهو مع ذلك منقطع فيما بين محمد بن إسحاق ومحمد بن يحيى بن حبان. نص على ذلك الحافظ أبو القاسم بن عساكر- رحمه الله تعالى- فقوله إثر قول أبي داود المتقدم: كذا رواه علي بن مجاهد وسلمة بن الفضل، وأدخلا بينه وبين محمد بن طلحة، يعني أن يزيد بن ركانة بن عبد بن يزيد بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي الموثق عند ابن/معين وغيره- والله تعالى أعلم-، وحديث عبد الله بن عمر: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ لكل صلاة، حتى كان يوم الفتح، فإنه صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد " (1) . رواه عبد الغني في إيضاح الإِشكال من حديث حبان عن الحكم بن ظهير عن مسعر عن حبيب ابن أبي ثابت عنده عنه، وحديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء، ومع كل وضوء بسواك ". رواه الإِمام أحمد في مسنده (2) . قال أبو جعفر الطحاوي: فذهب قوم أن الحاضرين يجب عليهم الوضوء لكل صلاة، واحتجوا في ذلك بحديث بريدة: " كان يتوضأ لكل صلاة "، وخالفهم في ذلك أكثر العلماء فقالوا: لا يجب الوضوء إلا من حدث، وما روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محمول على إلتماس النّفل لا على الوجوب، ويحتمل أن يكون هذا لما حصر فيه- عليه الصلاة والسلام- دون أمته فإن قيل: وهل وجدتم في ذلك دليلا؟ قلنا: نعم؛ حديث أنس- يعني: المتقدم- قال: فهذا أنس قد علم ما ذكرنا من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم ير ذلك فرضا على غيره قال: وقد يجوز أن يكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك وهو

_ (1) تقدم من أحاديث الباب ص 511. (2) صحيح، متفق عليه. رواه ابن أبي شيبة (1/168) وابن عدي في " الكامل " (3/ 1218) والبيهقي في " الكبرى " (1/35) ومعاني (1/43) وأحمد (1/221) . وفي المتفق عليه: " لولا ان أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ". رواه البخاري (2/5، 3/40، 9/106) ومسلم في (الطهارة، باب " 15 " رقم " 42 ") وأبو داود (46، 47) والترمذي (22، 23) والنسائي (1/12) وابن ماجة (287) وأحمد (1/221، 366، 2/245، 250، 287، 399، 400، 410، 429) والمجمع (1/221) والبيهقي (1/35) وإتحافات (265) والتمهيد (7/196، 197) وعبد الرزاق (2106، 5746) وابن عدي (1/421، 4/1617، 5/1704) والمعاني (1/ 33) والإِرواء (1/108، 109، 2/197) .

واجب، ثم نسخ؛ يدل عليه حديث عبد الله بن حنظلة، وحديث بريدة: " وصلى- عليه الصلاة والسلام- يوم الفتح الصلوات بوضوء واحد " (1) . وقال ابن شاهين: ولم يبلغنا أن أحدا من الصحابة والتابعين كانوا يتعمدون الوضوء لكل صلاة، والله تعالى أعلم.

_ (1) تقدم من أحاديث الباب ص. 511

43- باب الوضوء على الطهارة

43- باب الوضوء على الطهارة حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الله بن يزيد المغري، ثنا عبد الرحمن بن زياد عن أبي غطيف الهذلي، سمعت عبد الله بن عمر بن الخطاب في مجلسه في المسجد فلما حضرت الصلاة قام فتوضأ فصلى ثم عاد إلى مجلسه، فلما حضرت/العصر قام فتوضأ وصلى ثم عاد إلى مجلسه، فلما حضرت المغرب قام فتوضأ ثم صلى المغرب ثم عاد إلى مجلسه، فقلت: أصلحك الله أفريضة أم سنة الوضوء عند كل صلاة؟ قال: أو فطنت إلي قال: هذا مني فقلت: نعم، فقال: لا، لو توضأت لصلاة الصبح له لصليت به الصلوات كلها ما لم أحدث، ولكني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من توضأ على طهر فله عشر حسنات، وإنما رغبت في الحسنات " (1) . هذا حديث قال فيه أبو عيسى: إسناد ضعيف، وقال في كتاب العلل: ورأيت محمد أثنى على الإفريقي خيرا ويقوى أمره، وفي موضع آخر: هو مقارب الحديث، وذكر بعض الحفاظ المتأخرين أن البخاري قال: هذا حديث منكر، وقال ابن المرى فيما ذكره العقيلي: قال يحيى القطان: ذكر لهشام بن عروة هذا الحديث فقال: هذا إسناد مشرقب، وفي موضع آخر: هذا إسناد ضعيف، وفى موضع آخر: دعنا منه حديثه حديث مشرقي ابن محمد قاله لما سأله يحيى عن الأفريقي فيما

_ (1) ضعيف. رواه الترمذي (ح/59) وقال: حدثنا بذلك الحسين بن حريث المروزي حدثنا محمد بن يزيد الواسطي عن الإفريقي، وهو إسناد ضعيف، وقال شارح الترمذي: أي رواة هذا الحديث أهل المشرق، وهم أهل الكوفة والبصرة. كذا في بعض الحواشي، وهو كلام غير مفهوم، إلا إن كان يريد أن الحديث معروف عندهم من رواية أبي غطيف، ويبعد أن يريد رواية الإفريقي؛ لأنه أولا: مغربي، وثانيا: متأخر الوفاة بعد هشام بنحو 15 سنة. والمعاني (1/42) والمتناهية (1/353) والدرر (159) وأبو داود (ح/62) وابن ماجة (ح/512) . في الزوائد: مدار الحديث على عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، وهو ضعيف، ومع ضعفه كان يدلّس. والبيهقي (1/162) واللآلىء (2/79) والحاوي (52311) وإتحاف (2/375) وتذكرة (31) والفوائد (11) والخفاء (2/46، 336، 465) . وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 797 ح 5536) . انظر: المشكاة (293) ، وضعيف أبي داود (ح/9) .

ذكره أبو أحمد، ونحوه قاله في شرح السنة، وفي العلل المتناهية، وسبب ذلك ما تكلم به في حق الإفريقي عبد الرحمن بن زياد بن أنعم بن دري بن معد يكرب بن أسلم بن منبه بن الثماد بن حديل بن عمرو بن أشرط بن سعد بن ذى سبعين بن بعض بن صنيع بن شعبان بن عمرو بن معاوية بن قيس الشجاني المعافري المصري أبي أيوب، ويقال. أبو خالد قاضي أفريقية، وأول مولود في الإسلام بها، قال عمر: وابن علي كان يحيى بن سعيد وابن مهدى لا يحدثان عنه إلا أنّى سمعت عبد الرحمن مرة يقول: ثنا سفيان عن عبد الكريم الجوزي، والإفريقي جمعهما من حديث قال. وهو مليح الحديث ليس مثل غيره في الضعف، وقال ابن عدي: ضعفه يحيى بن سعيد/وقال كتبت عنه بالكوفة كتابا، وقال ابن مهدى: أمّا الإفريقي فما ينبغي أن يروى عنه حديث، وقال الخليل في الإرشاد: منهم من يضعفه، ومنهم من يكتبه ويفرد بأحاديث، وقال أبو زرعة: ليس بالقوي، وقال ابن المديني: كان أصحابنا يضعفونه وأنكروا عليه أحاديث تفرّد بها لا يعرف، وقال يحيى ابن معين: ضعيف، وقال بن أبي حاتم عن أبيه: يكتب حديثه وإنما أنكر عليه الغرائب التي كان يجيئ بها، وقال الساجي. فيه ضعف، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: يكتب حديثه ولا يحتج به، قال: وسألت أبي وأبا زرعة عن ابن لهيعة كثير (1) ، أمّا الإفريقي فإن أحاديثه التي تذكر عن شيوخ لا نعرفهم وعن أهل بلده، فيحتمل أن يكون منهم ويحتمل أن لا يكون، وقال الترمذي: هو ضعيف، ضعّفه القطان وغيره، وقال الإمام أحمد: لا أكتب حديثه، وفى رواية أبي طالب عنه: ليس بشيء، وفى رواية المروزي: منكر الحديث، قال المفضل بن غسان الغلاني بن أنعم: يضعفونه ويكتب حديثه، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن عدى: وعامة حديثه لا يتابع عليها، وأردى النّاس عنه الثوري، وقال الخيري في علله: غيره أوثق منه، وقال النسائي: هو واهٍ عندهم، وقال أبو الحسن بن القطان: كان من أهل العلم والزهد بلا خلاف بين الناس، ومن الناس من يوثقه ويرتابه عن حضيض ردّ الرواية، والحق فيه أنّه

_ (1) كذا ورد هذا السياق في " الأصل ".

ضعيف بكثرة رواياته المنكرات، وهو أمر يعتري الصالحين، وقال أبو البرى العرب: أنكروا عليه منه أحاديث ذكرها بهلول بن راشد، قال: سمعت الثوري يقول: جاءنا ابن أنعم بستة أحاديث مرفوعة لم أسمع أحدا من العلماء يرفعها: حديث أمهات الأولاد، وحديث الصدائي وحديث: " إذا رفع الرجل رأسه من آخر السجدة فقد تمت صلاته وإن أحدث " (1) وحديث: " لا خير فيمن لم يكن عالما أو متعلما " (2) ، وحديث: أعنى عالما أو متعلّما، ولا تكن/ الثالث " فتهلك " وحديث: " العلم ثلاثة " (3) . قال أبو العرب: فلهذه الغرائب ضعف، وقال الدارقطني: ليس بالقوى، وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الثقات ويدلس عن محمد بن سعيد المصلوب، وسئل عنه صالح بن محمد فيما ذكره عنه الخطيب في تاريخه فقال: منكر الحديث، ولكنه كان رجلا صالحا، قال عبد الرحمن بن يوسف: متروك وفى كتاب العقيلي عن ابن معين: سألت يحيى بن سعيد عنه فقال: لا أسقط حديث، وهو ضعيف، وقال أبو إسحاق الجوزجاني: غير محمود في الحديث، وكان صارما خشنا، وأبي ذلك غيرهم فوثقوه وأحسنوا الثناء عليه فمنعهم يحيى بن سعيد القطان الذي تقدم أنّه ضعّف ذكر الجرجاني في كتابه نا أحمد بن عمر بن بسطامْ ثنا بن تمراذ سمعت إسحاق بن راهوية سمعت يحيى بن سعيد يقول: ابن العم ثقة فلعلّ ظهر له أحد الأمرين بعد الآخر، وقال ابن معين فيما رواه عندهم الدوري: ليس به بأس، وفيه ضعف وهو أحب إلي من أبي بكر بن أبي مريم، وقال أبو داود: قلت لأحمد بن صالح: يحتج بحديث الإفريقي؟ قال: نعم، فلت: هو صحيح الكتاب؟ قال: نعم، وقال أحمد بن محمد بن الحجّاج بن

_ (1) ضعيف. المنحة (468) والبيهقي (2/139) . (2) ضعيف. إفريقية: (27) . (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (54) وأبو داود (2885) والحاكم (4/232) والتمهيد (4/ 266) وكحال (1/119) والذهبي (102) والمشكاة (239) وشرح السنة (1/291) ولفظ ابن ماجة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " العلم ثلاثة، فما وراء ذلك فهو فضل؛ آية محكمة، أو سُنة قائمة، أو فريضة عادلة ". وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة.

رشدين: قلت لأحمد بن صالح. يحيى يجرى عندك مجرى ابن هانىء في الثقة؟ قال: نعم، قال: وابن أنعم عندي أكبر من يحيى، ورفع بابن أنعم في الثقة قلت لأحمد: فمن يتكلم فيه عندك جاهل، قال: من يتكلم في ابن أنعم ليس بمقبول، ابن أنعم فمن ضعف وهو ثقة صدوق رجل صالح، وقال يعقوب بن سفيان: ثنا أبو عبد الرحمن المقري ثنا عبد الرحمن بن زياد ليس به بأس، وقد بيّن الحافظ أبو بكر بن أبي داود- رحمه الله- السبب الموجب للكلام فيه بقوله: إنما تكلم الناس في ابن أنعم وضعّفوه؛ لأنه روى عن/مسلم بن يسار فقيل له: أين رأيت مسلم بن يسار؟ فقال: بإفريقية، فكذّبه الناس، وضعفوه، وقالوا: ما دخل مسلم بن يسار إفريقية قط يعنون البصري ولم يعلموا أن مسلم بن يسار آخر يقال له: ابن عثمان الطنبرى، وطنبر بطن من اليمن، وعنه روى، وكان الإفريقي رجلا صالحا، ونحوه ذكره أبو العرب في كتاب الطبقات وآدابه قول قرأت، ويزيده وضوحا ما ذكره عبد الله بن أحمد في مسائله: سمعت أبي يقول: الإفريقي عن مسلم بن يسار ليس هو البصري هذا رجل أراه من ناحية إفريقية يحدّث عن ابن المسيب وسفيان بن وهب الخولاني والبصري يحدث عنه ابن سيرين وقتادة، وابنه عبد الله بن مسلم هذا غير ذاك، ونحوه ذكره ابن معين فيما ذكره عنه محمد بن أحمد بن تميم القيرواني قال الخطيب في كتابه المتفق والمفترق: في قول أحمد: " يحدّث عن ابن المسيب" نظر، وما أرى الذي يروى عن ابن المسيب إلا مسلم بن أبي مريم. انتهى كلامه. وفى قول ابن أبي داود: " وطنبر بطن من اليمن " نظر، إنما هي قرية من قرى مصر من عمل البهنسا. قاله السمعاني والبرهانى وغيرهما، ويزيده وضوحا ذكر ابن يونس وغيره إياه من أهل مصر، وقال الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد المالكي في كتابه رياض النفوس: كان الإفريقي من جلة المحدّثين منسوبا إلى الزهد والورع، صلبا في دينه، متفننا في علوم شتّى، مشهورا أدخله المولعون في كتبهم، وكان سفيان الثوري: يعظمه ويعرف حقّه وردّه مكة، ولما ولى القضاء سار بالعدل، ولم يقبل من أحد صلة ولا هدية، نزه عن ذلك نفسه، فرفع الله قدره وأعلى منارة حتى عزل نفسه عن القضاء، وذلك هو الصحيح، وقيل: مات وهو على القضاء، وقال العلامة أبو جعفر

أحمد بن إبراهيم بن خالد في كتابه التعريف تصحيح التاريخ: وفى سنة إحدى وستين ومائة توفي أبو خالد/عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وكان قد ولى قضاء إفريقية فكان عدلا في قضائه، وسمع من جلة التابعين، وقال الحافظ أبو العرب في كتابه طبقات القيروان: وحدثني عيسى بن مسكين عن محمد بن سحنون قال: قلت لسحنون: إن الفلاس قال: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثنا عن ابن أنعم، فقال سحنون: لم يصنع شي عبد الرحمن ثقة، قال سحنون: وكان من يعرف العلم بقي في صدره ولا يسألونه- يعنى: أهل إفريقية- فيموت به مثل ابن أنعم بقي العلم في صدره لم ينشر عنه ولا يعرف، قال أبو العرب: إنما وجدنا كبائر فقط، وكان من أجلة التابعين عدلا في قضائه صلبا، وفى كتاب الساجي: كان عبد الله بن وهب يطري الإفريقي، وكان أحمد بن صالح يوثقه وينكر على من تكلّم فيه، واختلف في وقت وفاته؛ فالذي ذكره الحافظ أبو بكر البغدادي وابن نافع: ست وخمسين وقبلهما قاله ابن يونس، وأبي ذلك ابن خالد المذكور وأبو العرب وأبو بكر القيروانيون فقالوا: سنة إحدى وستين، وزاد أبو العرب: في رمضان وهم بأهل بلدهم أخبر- والله أعلم- فقد تبين بمجموع ما تقدّم رجحان قول من وثقة على قول من ضعّفه، وإن العلّة التي هي ضعف بها حديثه زالت عنه، وأما الأحاديث التي قيل أنه تفرّد برفعها، فلعلنا نجد متابعا نتبع فيه من تابعه على ذلك، والله تعالى أعلم. وأما قول أبو غطيف: فاختلف فيه على ألوان؛ فمنهم من كنّاه كما كنّاه ابن ماجة، ومنهم من قال: عن غطيف، وهو أبو داود، ومنهم من قال: عن ابن غطيف، ويقال: غضيف بضاد معجمة. ذكره التغلبي، ولم يختلفوا أنه من هذيل، ولم أر له واديا غير الإفريقي إلا ما ذكره ابن يونس في تاريخه أبو غطيف الهذلي (1) : يروى عن/حاطب ابن أبي بلتعة عن عمر في الفتن وعن عبيد بن رفيع عن عمر، وروى عنه بكر بن سوادة، فلا أدرى أهما اثنان أم واحد؟ وسبب ذلك أنّ أبا حاتم وغيره لم يذكروا من يكنى هذه الكنية غيره،

_ (1) قوله: " الهذلي " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

فإن كانا واحدا- وهو اللائق بحالهما لكونهما مصرين- فالحديث جيّد الإسناد لصيرورته في عداد من روى عنه اثنان، فخرج بذلك من جدال جهالة الغيبة إلى الجهالة الحالية، وهي لا تضر مع جودة الإسناد وحسنه، لما تقدّم من شواهده، وليس فيه من الكلام شيء يرد به حديثه، وعدم معرفة أبي زرعة باسمه لا بغيره فعلى هذا يسارع إلى تضعيف هذا الحديث ولا تصحيحه إلا بعد المعرفة بحال أبي غطيف، والله تعالى أعلم.

باب لا وضوء إلا من حدث

باب لا وضوء إلا من حدث حدثنا محمد بن الصباح أنبأ سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد وعباد ابن تميم عن عمّه قالا: شكى إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرجل يجد الشيء في الصلاة فقال: " لا، حتى يجد ريحا أو يسمع صوتا " (1) . هذا حديث خرجاه في الصحيح (2) . حدثنا أبو كريب ثنا المحاربي عن معمر بن راشد عن الزهري أنبأ سعيد بن المسيّب عن أبي سعيد الخدري قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التشبيه في الصلاة فقال: " لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا". هذا حديث خرجه الحافظ البستي في صحيحه (3) عن الحسن بن سفيان. حدثنا محمد بن المنهال الضرير، ثنا يزيد بن زريع، ثنا هشيم عن يحيى بن أبي كثير عن عياض، عن أبي سعيد قال- عليه الصلاة والسلام-: " إذا صلى أحدكم فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا، فليسجد سجدتين وهو جالس، وإذا أتى أحدكم الشيطان فقال: إنّك قد أحدثت، فليقل: كذبت إلا ما يسمع صوته بأذنه أو وجد ريحه بأنفه ". أنبأ إسحاق بن إبراهيم ثنا الحلواني/ثنا عبد الرزاق أنبأ معمر عن يحيى عن عياض عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنّك قد أحدثت، فليقل في نفسه. كذبت " (4) الحديث، وخرجه الحافظ بن خزيمة (5) من حديث يحيى بلفظ: " إن الشيطان يأتي

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/513) والخطيب (3/414) . وصححه الشّيخ الألباني. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/46، 55) ومسلم في (الحيض، ح/98) وابن ماجة (513، 514) . في الزوائد: رجاله ثقات. إلا أنه معلل بأنّ الحفاظ من أصحاب الزهريّ رووا عنه، عن سعيد بن عبد الله بن زيد، وكان الإمام أحمد منكر حديث المجازي عن معمر، لأنه لم يسمع من معمر. لا سيما كان يدلس. والنسائي في (الطهارة، باب " 114 ") والبيهقي (2/54، 254، 7/364) وعبد الرزاق (534) والتمهيد (5/28) وابن خزيمة (25، 1018) وأبو عوانة (1/238) . (3) صحيح. رواه ابن حبان: (4/152- 153) من حديث أبي سعيد الخدري، (4/ 154) من حديث ابن عباس. (4) صحيح. رواه الحاكم (1/134) وتلخيص (1/128) وأحمد (3/12، 50، 51، 54) . (5) صحيح. رواه ابن خزيمة (1020) وأحمد (3/96) والكنز (1269) والطبراني (11/ 222) والمجمع (1/242) وعزاه إلى " أبي يعلى " ورواه ابن ماجة باختصار، وفيه-

أحدكم في صلاته " وقال قوله فليقل: كذبت أراد فليقل كذبت بضميره لا ينطق لسانه، إذ المصلى غير جائز له أن يقول: كذبت نطقا باللسان. انتهى ما قاله معها. وقد أوردنا نصا والله تعالى أعلم. وقال أبو عبد الله الحاكم (1) وخرجه من حديث حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير جدي عياض قال: سألت أبا سعيد الخدري فقلت. أحدنا يصلي فلا يدري كم صلى قال: قال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا صلى أحدكم فلم يدر كم صلى، فليسجد سجدتين وهو جالس، وإذا جاء أحدكم الشيطان فقال: انك أحدثت فليقل: كذبت إلا ما وجد ريحا بأنفه أو سمع صوتا بأذنه ". هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فإنّ عياضا هذا هو ابن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وقد احتجا جميعا به، ولم يخرجا هذا الحديث بخلاف من أبان بن يزيد العطار فيه وعليّ بن يحيى بن أبي كثير فإنه لم يحفظه فقال: عن يحيى عن هلال بن عياض أو عياض بن هلال، وهذا لا يعلله لإجماع أصحاب يحيى على إقامة هذا الإسناد عنه ومتابعة حرب بن شداد فيه؛ لذلك رواه هشام الدستوائي وعلي بن المبارك ومعمر بن راشد وغيرهم فقالوا: عن يحيى عن عياض، والله تعالى أعلم. حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع وثنا محمد بن التمار، ثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن قالا: ثنا شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا وضوء إلا من صوت أو ريح " (2) . هذا حديث خرجه/

_ = علي بن زيد، واختلف في الاحتجاج به. (1) صحيح. رواه الحاكم (1/134) وأبو داود (1029) والدارقطني (1/374، 375) ونصب الراية (1772، 174) وابن حبان (533) والكنز (19828، 19829، 8441، 19845، 19846) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (515، 516) في الزوائد، قال عقب الحديث الثاني: في إسناده عبد العزيز، وهو ضعيف. والترمذي (75) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (2/471) والبيهقي (1/117، 220) وتلخيص (1/117) والمشكاة (310) وابن خزيمة (27) وتغليق (111) وشرح السنة (1/328، 354) وأصفهان (2/283) . وصححه الشيخ الألباني: (الإِرواء: 1/153، 154) .

أبو عيسى بن قتيبة وهنا ثنا وكيع ثم قال: هو حسن صحيح، وخرجه مسلم (1) عن زهير بن حرب ثنا جرير عن سهيل، ولفظه: " إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا "، وفي لفظ لأبي عيسى (2) : " إذ كان أحدكم في المسجد فوجد ريحا بين إليتيه فلا يخرج " الحديث. قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل: سمعت أبي وذكر حديث شعبة- يعنى: المخرج في منتقى ابن الجارود- عن سهيل- يعنى: هذا- فقال: وهم، واختصر شعبة متن هذا الحديث، ورواه أصحاب سهيل: " إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحا من نفسه فلا يخرج حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا "، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث يحيى بن سكن عن شعبة، ثنا إدريس الكوفي عن سهيل وقال: لم يدخل ممن روى هذا الحديث عن شعبة إدريس الكوفي إلا ابن السبكي، وقال في موضع آخر: ورواه من جهة أبي بلال الأشعري ثنا أبو لذمة يحيى بن المهلب عن سهيل لم يروه عن أبي لذمة إلا أبو بلال، ورواه أبو عبيد في الطهور من حديث ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن سعيد عنه ولفْظه: في الرجل يجد في معصميه الشيء قال: فلا يتوضأ إلا أن يجد ريحا يعرفها أو صوتا يسمعه "، والله أعلم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: رأيت السائب بن يزيد يشم

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/99) والبيهقي (1/117) وابن خزيمة (2824) وتلخيص (1/127) والفتح (1/238) . (2) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 56- باب في الوضوء من الرّيح (ح/75) . قال: وفي الباب عن عبد الله بن زيد، وعلي بن طلق، وعائشة، وابن عباس، وابن مسعود، وأبو سعيد. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهو قول العلماء: أن لا يجب عليه الوضوء إلا من حدث: يسمع صوتا أو يجد ريحا.

ثوبه قلت: م ذاك؟ قال: إنى سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا وضوء إلا من ريح أو سماع ". هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف رواته. الأول: إسماعيل من عياش هو سليم الشامي الحمصي أبو عتبة العتب، وإن كان ابن معين قال: هو ثقة، وكان أحبّ إلي من أهل الشّام/من بقية، وفى رواية ابن أبي خيثمة عنه: هو ثقة، والعراقيون يكرهون حديثه، وبنحوه ذكره البرقي، وقال البخاري ما روى عن الشاميين أصحّ، وحكى الفلاس: إذا حدّث عن أهل بلاده فصحيح، وإذا حدّث عن أهل المدينة مثل هشام بن عروة ويحيى بن سعيد وسهيل فليس بشيء، وقال عبد الله بن أحمد: سئل أبي عن إسماعيل وبقية فقال: بقية أحبّ إلى نظري، في كتاب إسماعيل عن يحيى بن سعيد أحاديث صحاح، وفى المصنف أحاديث مضطربة وكان حافظا، وفى رواية الترمذي عنه هو أصلح من بقية، وقال يعقوب بن سفيان: كنت أسمع أصحابنا يقولون: علم الشام عند إسماعيل، والوليد بن مسلم، قال يعقوب: وتكلّم قوم فيه، وهو ثقة عدل أعلم الناس بحديث الشّام، ولا يرفعه رافع وأكثر ما تكلّموا يعرف عن ثقات المكيين والمدنين، وقال يزيد بن هارون: ما رأيت أحدا أحفظ منه ولا أدرى ما الثوري، وقال الهيثم بن خارجة لم يكن بالشّام أحد أحفظ من إسماعيل ولا الأوزاعي بعلم الشّاميين، وسئل عنه أبو زرعة فقال: صدوق، إلا أنّه خلط في حديث الحجازيين والعراقيين، وقال أحمد بن أبي الحواري قال: أبي وكيع: يروون عندكم عن إسماعيل فقلت: أمّا الوليد ومروان فيرويان فيه، وأمّا الهيثم ابن خارجة ومحمد بن إياس إنّما أصحاب البلد الوليد ومروان، وقال أبو أحمد الجرجاني: إذا روى عن يحيى بن سعيد ومحمد بن عمرو بن علقمة وهشام ابن عروة وابن جريج وعمر بن محمد وعبد الله الوصافي، وإن حدّث عن غيرهم فلا يخلو من غلط يغلط فيه، وحديثه عن الشامين إذا روى عنهم ثقة فهو مستقيم، وفى الجملة: هو ممن يكتب حديثه ويحتج/به في حديث الشّامين خاصة، وقال فيه النسائي: هو ضعيف، وفى حديث الشّاميين صالح، فقد قال أحمد: روى عن كلّ حرب، وقال ابن حبان: لماّ كبر تغيّر حفظه، فكثر الخطأ في حديثه فخرج عن حد الاحتجاج به، وكان عبد الله بن المبارك ينكر

عليه حديثه، وفى موضع آخر: إذا اجتمع هو وبقية في حديث فبقية أحب إلي، وقال أبو حاتم الرازي: هو يكتب حديثه، ولا أعلم أحدا ألف عنه إلا أبا إسحاق الفزاري، وقال أبو إسحاق: لا نكتب عنه ما روى عن المعروفين ولا غيرهم، وفى كتاب العقيلي قال أبو صالح الفراء: قلت لأبي إسحاق: إني أريد حمص وثم رجل يقال له إسماعيل فأسمع منه؟ قال: ذاك رجل لا يدري ما يخرج من رأسه، قال أبو صالح: وكان أبو إسحاق روى عنه ثم تركه، وقال الفلاس: كان عبد الرحمن لا يحدّث عنه يقال له الرجل مرة ثنا أبو داود عن أبي عتبة فقيل له: عبد الرحمن هذا ابن عياش يقال له الرجل لو كان ابن عباس ما اكتبه، وذكر عبد الله لأبيه حديث من حديث إسماعيل فقال: هذا باطل، قال العقيلي: يعنى أنه وهم من إسماعيل، وفى كتاب الساجي، قال ابن معين: كان إسماعيل من أجل الشّامين إلا أنّه كان يضع، قال الساجي: يعني أظنّه حيث انتهت، وقال الآجري سمعت أبا داود يقول: ابن عياش ثقة متقدّم، وذكره في الضعف أبو العرب وأبو القاسم البلخي وضعف به الإشبيلي والبيهقي وابن القطان وابن طاهر غير ما حدّث. الثانى: عبد العزيز بن عبيد الله بن ضمرة بن مهيب وإن كان الإمام أحمد قال فيه: كنت أظن أنه مجهول حتى سألت عنه بحمص فإذا هو عندهم معروف، قال: قالوا: هو من ولد حرب ولم يرد عنه غير إسماعيل، قال ابن أبي حاتم عن/ ابن معين: ضعيف، وفى كتاب الآجري عن أبي داود عنه: ليس بشيء. زاد ابن أبي حاتم: لم يحدث عنه إلا إسماعيل بن عياش، قال: وسألت أبي عنه فقال: يروي عن أهل الكوفة وأهل المدينة، ولم يرو عنه أحد غير إسماعيل، وهو عندي عجيب ضعيف الحديث، منكر الحديث لا يكتب حديثه يروي أحاديث مناكير ويروي أحاديث حسانا، قال: وسألت أبا زرعة عنه فقال: مضطرب الحديث واهي الحديث، وقال السعدي: كان غير محمود في الحديث، ورواه أبو عبيد من حديث ابن أبي مريم وأبي الأسود عن ابن لهيعة عن محمد بن عبد الله عن محمد بن عمرو، واختلف في راوي هذا الحديث، فقال الحافظ عبد الغني بن سرور: هو السائب بن خباب لا السائب بن يزيد، وزعم أنّ ذلك وهم فيه ابن عساكر، وتبعه على ذلك الحافظ المزي بقوله: هو في الأصل

غير منسوب- يعني: أن أصحاب الأطراف الستة من عنده-، وليس كذلك؛ بل الوهم منتفي عن ابن عساكر لازم لهما؛ لكونه في عدة من الأصول بخط الحافظ منسوبا كما قاله ابن عساكر، والله أعلم، اللهم إلا لو قال: إن ابن ماجة هو الواهم في نسبته لكان قولا صحيحا، وعدم نسبته إلى أبي يزيد هو الصواب؛ لكونه ليس موجودا من حديثه إنما هو من حديث ابن خباب. نص على ذلك الإمام أبو عبد الله ابن أحمد بن حنبل- رحمه الله- في مسندها والحافظان الفسوي وابن البرقي في تاريخيهما، وأبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير، وأبو الحسين بن نافع- رحمه الله- وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنده، وأبو عبيد في أحد قوليه، والثاني: السائب بن ضر، وفى الباب ما تقدّم، تقدّم غير ما حديث؛ من ذلك على ابن طلق ذكره أبو داود وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ثنا عبد/ الرزاق ثنا معمر عن عاصم بن سليمان عن مسلم مرسلا عن عدي بن حطان عن علي بن طلق قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا فسا أحدكم فليتوضأ " (1) . قال مهنأ: قال أبو عبد الله: عاصم الأحول يخطىء في هذا الحديث يقول: علي بن طلق، وإنما هو طلق بن علي، وذكره في مسنده من حديث عبد الرزاق وابن جعفر عن شعبة وأبي مطوية عن عاصم بزيادة: " ولا تأتوا النساء في أدبارهن " (2) ، سألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: لا أعرف لعلي بن طلق عن النبي غير هذا الحديث، وهو عندي غير طلق بن علي، ولا يعرف هذا من حديث طلق بن علي. ثنا هناد وأحمد بن منيع ثنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن عيسى بن حطان عن مسلم مرسلا عن علي بن طلق به قال: وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: علي بن طلق هذا أراه غير طلق بن علي، ولا أعرف لعلي بن

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/205) والترمذي 3/1164) قال أبو عيسى: حديث علي بن طلق حديث حسن. وسمعت محمدا يقول: لا أعرف لعلي بن طلق عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا الحديث الواحد، ولا أعرف هذا الحديث من حديث طلق بن علي السحيمي. وعبد الرزاق (2095) والمشكاة (314) والخطيب (10/398) وابن حبان (203) . (2) قلت: هذا طرف من حديث ضعيف رواه أحمد وابن حبان عن علي بن طلق. وقد أورده الشيخ الألباني في " ضعيف الجامع، ح/607- 201، ص 86- 87) . انظر: ضعيف أبي داود (26) .

طلق إلا هذا الحديث، وعيسى بن حطان الذي روى عنه هذا الحديث رجل مجهول فقلت له: أتعرف هذا الحديث الذي روى علي بن طلق من حديث طلق بن علي فقال: لا، وقال في الجامع، وذكره في مسند علي بن طلق: هو حديث حسن، وسمعت محمدا يقول: لا أعرف لعلي بن طلق هذا غير هذا الحديث، ولا أعرف هذا من حديث طلق بن علي، فكأنه رأى أنّ هذا رجل آخر من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفى كتاب أبي عبيد قال على: هذا لا أراه علىّ ابن أبي طالب إنما هو عندنا/علي بن طلق؛ لأنه حديثه المعروف، وكان رجلا من بني حنيفة اليمامة، وأحسبه والد طلق بن علي الذي سأل عن مسّ الذكر. انتهى كلامه. وفيه ردّ لما قاله أبو عبد الله أحمد بن حنبل- رحمه الله تعالى- وتبعه على ذلك الحافظ البستي بذكره له في مسند علي بن طلق بلفظ: " إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف، ثم ليتوضأ وليعد صلاته، ولا تأتوا النساء في أدبارهن ". قال أبو حاتم: لم يقل: وليعد من صحيحه صلاته إلا جرير بن عبد الحميد، ولفظ أبي مسعود عن عاصم أنه يخرج من أحدنا الرويحة وفى الماء قلة، وخالف البخاري في عيسى؛ فزعم أنه ثقة، وقال غيره: روى عنه أيضا محمد بن مجادة ويزيد بن عياض وعلي بن زيد وعبد الملك بن مسلم الحنفي فقد انتفت عنه الجهالتان العينية والحالية، والله أعلم. ولما ذكر أبو جعفر بن منيع هذا في مسند علي بن طلق وصل بينهما فجعلها حديثين، وممن ذكره أيضا في مسند علي بن طلق اليمامي؛ أبو عبد الرحمن النسائي وأبو مسلم الكجي في سننه وأبو الحسين بن قانع- رحمهم الله تعالى- وحديث عمر بن الخطاب، ذكر منها أنه سأل أبا عبد الله عن قوم كانوا جلوسا فوجدوا ريحا فقال: كان عمر جالسا في أصحابه ومعه الناس ففسي بعض القوم- يعني: أحدث- فأمرهم عمر أن يعيدوا الوضوء، فقلت له: إنهم يروونه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا قال: يقم صاحب هذه الريح، فتلكأ القوم، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قوموا كلكم فتوضؤوا " (1) . فقال أحمد: ليس هذا صحيحا، إنما يرويه الأوزاعي عن واصل بن أبي جميل عن مجاهد،

_ (1) قل: " فتوضؤوا " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

وواصل هذا ليس معروفا، إنما روى عنه الأوزاعي، وحديث علي ابن أبي طالب قال: أتى أعرابي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله/إنا نكون بالبادية فيخرج من أحدنا الرويحة، فقال- عليه الصلاة والسلام-: " إن الله لا يستحيي من الحق، إذا فعل أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النساء في أعجازهن ". رواه أحمد في مسده (1) عن وكيع؛ حدثنا عبد الله بن مسلم الحنفي عن أيه عنده، وحديث عائشة قالت: جاءت سلمى امرأة أبي رافع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تستعديه على أبي رافع، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أبا رافع مالك ولها قال: يا رسول الله، إنها تؤذيني فقال- عليه الصلاة والسلام- بما آذيته؟ قلت: يا رسول الله، إنما قلت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر المسلمين أن يتوضئوا للصلاة فقام يضربني، فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إنها لم تأمرك إلا بخير ". رواه الترمذي (2) في العلل عن عبد الله بن أبي زياد ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن ابن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عنها، وقال: سألت محمدا عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث محمد بن إسحاق عن هشام، وسألت أبا زرعة فقال مثله، وذكره الإمام أحمد في مسنده، فجعله من مسند سلمى، والله أعلم. وحديث صفوان بن عسال قال: رخص لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح على الخفين: " للمسافر ثلاثة، إلا من جنابة، ولكن من غائط أو بول أو ريح ". رواه البيهقي في السنن (3) : لم يقل في هذا الحديث أو ريح غير وكيع عن مسعر، وقال الحاكم في تاريخ نيسابور: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، وسأله محمد بن عبيد: لِم ترك الشيخان حديث صفوان بن عسال؛ فقال: لفساد الطريق إليه، والله أعلم. وحديث عبده بن حسان وحمزة بن حسان مرفوعا/عند أبو عبيد: "يعاد الوضوء "، وزعم بعضهم أنّ

_ (1) صحيح. رواه أحمد في " المسند ": (1/86، 5/213، 215) (2) ضعيف. علل الترمذي، وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/243) وعزاه إلى " أحمد " و" البزار " والطبراني في " الكبير "، ورجال أحمد رجال الصحيح، إلا أن فيه محمد بن إسحاق، وقد قال: حدثني عروة، والله أعلم. (3) ضعيف. رواه البيهقي في " الكبرى " (1/276، 282) والدارقطني في " سننه " (1/133) . قلت: متنه مضطرب، تبدو عليه النكارة.

هذه الأحاديث معارضة لما رواه أنس: قال عليه الصلاة والسلام: " لا ينقض الوضوء أن يصيبك قدر، ولكن ينقضه الفواحش " ذكره أبو زكريا في طبقات الموصلي من حديث إبراهيم بن سعيد ثنا سعيد ثنا غسان، ثنا أبو عمران أنّه سمع أن أنسا يذكره وليس كذلك؛ لأنّ الساجي لم يقل أحد أنه ينقض الوضوء، وكذا لم يقل بأنّ الفواحش تنقضه (1) . *** (1) كذا وردت هذه " الفقرة " " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

44- باب مقدار الماء الذى لا ينجس من سبع كان أو حدث

44- باب مقدار الماء الذي لا ينجس من سبع كان أو حدث حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي ثنا يزيد بن هارون نا محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه قال: سمعت رسول الله سئل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما يتربه من الدواب والسباع، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء " (1) . ثنا محمد بن رافع ثنا عبد الله بن المبارك عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه. ثنا علي ابن محمد، ثنا وكيع نا حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إذا كان الماء قلتين أو ثلاثا لم ينجسه شيء " (2) . هذا حديث اختلف في إسناده ومتنه اختلافا كثيرا ملحقه إن أشهر رواياته من ثلاثة أوجه: أحدها: رواية ابن إسحاق والمبدأ بذكرها، وقد أخرجها أبو عيسى أيضا، ولم يحكم عليها بشيء، وخرجها أبو جعفر ابن منيع في مسنده عن أبي

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (63- 65) والترمذي (67) والنسائي في (الطهارة، باب " 43 " والمياه 1/175) والدارمي (731) وأحمد (1/314، 2/12- 12) والدارقطني (1/21، 2/503) وتلخيص (1/16) والإِرواء (1/191) . وصححه الشيخ الألباني: (صحيح الجامع: 1/173) . قال الخطابي في المعالم (1/35) : " قد تكون القلة الإناء الصغير الذي تقله الأيدي ويتعاطى فيه الشرب، كالكيزان ونحوها. وقد تكون القلة الجرة الكبيرة التي ينقلها القوي من الرجال، إلا أن مخرج الخبر قد دل على أن المراد به ليس النوع الأول؛ لأنه إنما سئل عن الماء الذي يكون بالفلاة من الأرض، في المصانع والوهاد والغدران ونحوها، ومثل هذه المياه لا تحمل بالكوز والكوزين في العرف والعادة؛ لأن أدنى النجس إذا أصابه نجس، فعلم أنه ليس معنى الحديث. قلت: وللحديث أسانيد في التلخيص والسنن والكبرى للبيهقي (1/261- 262) وعون المعبود (1/ 23-243) وشرح المباركفوري على الترمذي (1/70- 71) والمستدرك للحاكم (1/132) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/518) . في الزوائد: رجال إسناده ثقات. وقد رواه أبو داود والترمذي، ما خلا قوله: " أو ثلاث ". والنسائي في (المياه باب " 3 ") وأبو داود (ح/65) . وصححه الشيخ الألباني.

معاوية: ثنا ابن إسحاق عن رجل أخبره عن عبيد الله بلفظ: " إنهم قالوا: يا رسول الله إن بئر بضاعة يلقى فيها الحيض والجيف ... " الحديث. /ورواه عبيد الله بن محمد بن عائشة عن حماد بن سلمة عن ابن إسحاق، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الماء يكون بالفلاة وترده السباع والكلاب قال البيهقي: كذا قال: " والكلاب"، وهو غريب، وكذلك قاله موسى بن إسماعيل عن حماد، وقال إسماعيل بن عياش. " الكلاب والدواب " إلا أن ابن عياش اختلف عليه في إسناده يعنى بذلك ما ذكره الدارقطني من أن المحفوظ عنه عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه، ورواه محمد بن وهب السلمي عن ابن عباس عن ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عن القليب يلقى فيه الحيض وتشرب منه الكلاب والدواب قال: " ما بلغ الماء قلتين فما فوق ذلك فلم ينجسه شيء " (1) . ورواه أيضا عن محمد بن عبد الله بن إبراهيم عن عبد الله بن أحمد بن خزيمة عن علي بن سلمة اللبقى عن عبد الوهاب بن عطاء عن ابن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: رواه المغيرة بن سقلاب عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر. الثاني: رواية حماد عن عاصم بن المنذر القائل فيه أبو بكر البزار: ليس فيه بأس، قال: ولا روى عنه غير الحمادي، ولا يعلمه حديث بغير هذا الحديث. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما نذكره بعد من رواية ابن علية عنه أيضا، وروى عنه أيضا هشام بن عروة، ووثقه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال ابن مندة: يعتبر بحديثه، وقد اختلف في إسنادها بلفظها، أما لفظها، فرواية وكيع المذكورة في الباب تقدمت، ورواها موسى بن إسماعيل عد أبي داود عنه: " إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس " (2) . واختلف على يزيد بن هارون عن حماد فقال/الحسن بن الصباح عنه: عن

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني في " سننه " (1/21) ونصب الراية للزيلعي (1/108) . (2) صحيح. رواه للزيلعي في " نصب الراية ": (1/109) .

حماد عن عاصم قال: قال دخلت مع عبيد الله بن عبد الله بستانا فيه مقرى ما فيه جلد، بعيد ميت، ويقال / الزبير أنّ عبد الله بن عبد الله بن عمر حدّثهم أنّ أباه عبد الله بن عمر حدّثهم: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال عليه الصلاة والسلام: " إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شي ". رواه الحافظ البستي في صحيحه (1) عن الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة ثنا الوليد به، ورواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه أيضا عن محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي وموسى بن عبد الرحمن المسروقي وأبي الأزهر جويرة بن محمد البصري قالوا: ثنا أبو أسامة ولفظه: " لم يحمل الخبث " (2) . وقال: هذا حديث جويرة، وقال موسى ابن عبد الرحمن: عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه، وقال أيضا: " لم ينجسه شيء " (3) . وأما المخرمي فإنه قال بها مختصرا، وقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث " (4) . ولم يذكر مسألة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب، وقال أبو الحسن الدارقطني: ورواه أيضا عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله جماعة؛ منهم: إسحاق بن راهويه وأحمد بن جعفر الوكيعي وأبو عبيدة بن أبي السعد ومحمد بن عبادة وحاجب بن سليمان وهناد بن السرى والحسين بن حريث، وروى عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن عبّاد بن جعفر. قاله أبو مسعود الرازي الحافظ وعثمان بن أبي شيبة من رواية أبي داود وعبد الله بن الزبير الحميدي ومحمد بن حسان الأودي ويعيش بن الجهم وغيرهم، وتابعهم الشّافعي عن الثقة عنده عن الوليد عن محمد بن عباد، وذكر ابن مندة أنّ أبا ثور رواه عن الشّافعي عن عبد الله بن الحرث المخزومي

_ (1) ضعيف. رواه ابن حبان: (2/274- 275) من حديث عبد الله بن عمر. (2) ضعيف. (شرح السنة: (2/58) . وضعفه الشيخ الألباني (ضعيف الجامع: ص 6، ح/ 419-145) (3) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه الحاكم (1/132) وعبد الرزاق (266) والعلل (96) وابن حبان (117) والميزان (8711) ولسان (6/282) وابن عدي في " الكامل " (6/2358) . (4) انظر، الهامش رقم " 2 ".

عن الوليد بن كثير قال: ويرويه موسى بن أبي الجارود عن البويطي عن الشافعي عن أبي أسامة وغيره عن الوليد، فدلت روايته على أن / الشافعي سمع هذا الحديث من عبد الله بن الحارث- وهو من الحجازيين- ومن أبي أسامة- وهو من الكوفيين- جميعا عن الوليد بن كثير، وذكر أبو داود أن حديث محمد بن جعفر هو الصواب، وفى كتاب العلل لعبد الرحمن بن أبي حاتم: محمد بن عباد ومحمد بن جعفر يقعان، وحديث محمد بن جعفر أسنده، وقال ابن مندة: واختلف على أبي أسامة، ومحمد بن جعفر هو الصواب؛ لأن عيسى بن يونس رواه عن الوليد عن محمد بن عباد، وقال مرة: عن محمد بن جعفر قال: ورواية عيسى أشبه؛ لأن هذا الحديث رواه بن المبارك وغيره عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله عن أبيه مثل رواية عيسى بن يونس عن الوليد، قال: فهذا إسناد صحيح على شرط مسلم في عبيد الله بن عبد الله ومحمد بن جعفر ومحمد بن إسحاق والوليد بن كثير، قال: ورواه عماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه، ورواه ابن علية عن عاصم بن المنذر عن رجل عن ابن عمر، فهذا ابن إسحاق وافق عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير في ذكر محمد بن جعفر وعبيد الله بن عبد الله، وروايتهما توافق رواية حماد بن سلمة وغيره عن عاصم في ذكر عبيد الله بن عبد الله يثبت هذا الحديث باتفاق أهل المدينة والكوفة والبصرة على حديث عبيد الله ابن عبد الله، وباتفاق ابن إسحاق والوليد على روايتهما عن محمد بن جعفر وعبيد الله وعبد الله مقبولان بإجماع من الجماعة في كتبهم، وكذلك محمد بن جعفر ومحمد بن عباد بن جعفر، والوليد بن كثير في كتاب مسلم، وأبي داود والنسائي وعاصم بن المنذر يعتبر بحديثه، ومحمد بن إسحاق أخرج عنه مسلم وأبو داود والنسائي وعاصم بن المنذر، واستشهد به البخاري في مواضع، وقال شعبة: محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث /، وقال ابن المبارك: محمد بن إسحاق ثقة ثقة، وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: لما اختلف على أبي أسامة اجتنبنا أن يعلم من له بالصواب في ذلك فوجدنا شعيب بن أيوب قد رواه عن أبي أسامة عن الوليد على الوجهين جمعيا عن محمد بن جعفر، وعن محمد بن

عباد فصح القولان جميعا عن أبي أسامة، وصح أن الوليد رواه عن محمد بن جعفر وعن محمد بن عباد جميعا، فكان أبو أسامة يحدّث به عن الوليد عن محمد بن جعفر، ومرّة يحدث به عن الوليد عن محمد بن عباد، وحكى البيهقي في المعرفة عن إسناد أبي عبد الله أنه كان يقول: الحديث محفْوظ عنهما جميعا- أعني: عن عبيد الله وعبد الله وكلاهما عن أبيه- قال: وإليه ذهب كثير من أهل الرواية، وهو خلاف ما يقتضيه لكلام أبي زرعة فيما حكاه عنه عبد الرحمن حين قال في العلل: سألت أبا زرعة عن حديث ابن إسحاق عن أبي جعفر قلت: إنه يقول: عبيد الله بن عبد الله، ورواه الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر عن عبد الله ابن عبد الله قال ابن إسحاق: ليس يمكن أن يقضى له فكتب: ما حال محمد ابن جعفر؟ قال: صدوق، وإلى هذا يذكره في ترجمته فقط، وخالف ذلك إسحاق بن إبراهيم فيما حكاه أبوه في المعرفة فيه غلط أبو أسامة في عبد الله إنّما هو عبيد الله بن عبد الله، ولما خرجه الحاكم في مستدركه من حديث أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا جميعا بجميع رواته، ولم يخرجاه، وأظنهما- والله أعلم- لم يخرجاه بخلاف فيه عن أبي أسامة، فذكر حديثه عن الوليد عن محمد بن عباد قال: وهكذا رواه الشّافعي في المبسوط عن الثقة، وهو أبو أسامة بلا شك فيه، وهذا خلاف لا يوهن هذا الحديث، وإنِّما قرنه أبو أسامة إلى محمد بن جعفر ثم حدّث به مرة عن هذا ومرّة عن هذا، والدّليل عليه حديث شعيب بن أيوب: ثنا أبو أسامة عن/محمد بن جعفر ومحمد بن عباد به فقد صح، ويثبت بهذه الرواية صحة الحديث، وظهر أنّ أبا أسامة ساق الحديث عنهما جميعا فإنّ شعيب بن أيوب ثقة مأمون، وكذلك الطريق إليه، وقد تابع الوليد على روايته عن محمد بن جعفر محمد بن إسحاق قال: وهكذا رواه الثوري، وزائدة بن قدامة وحماد بن سلمة وإبراهيم بن سعد وابن المبارك ويزيد بن زريع وسعيد بن زيد- أخي حماد بن زيد- وأبو معاوية وعنده مما ذكر ما قاله البيهقي عنه، وقال البيهقي: هذا إسناد صحيح موصول، وصححه أيضا الحافظ الفارسي، وخرجه ابن الجارود في منتقاه من حديث محمد بن عباد ومحمد بن جعفر وعبد الله

بن عبد الله وعبيد الله بن عبد الله، وقال أبو سليمان الخطابي- رحمه الله تعالى-: وطعن بعض أهل العلم في إسناده من قبل أن بعض رواته قال: عن عبد الله بن عبد الله، وقال: عبيد الله، وليس هذا مما يوهنه؛ لأنّ الحديث قد روياه معا، وكفى شاهدا على حجته أنّ نجوم أهل الحديث صححوه وقالوا به، وهم القدوة، وعليهم المعول في هذا الباب، ولما ذكره أبو محمد الإشبيلي قال فيه: صحيح، وقال الجوزجاني: حسن، وأبي ذلك الإمام أبو عمر؛ فذكر في كتاب التمهيد ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين فمذهب ضعيف من جهة النظر غير ثابت في الأثر؛ لأنه قد تكلّم فيه جماعة من أهل العلم بالنقل، وقال في الاستذكار: هو حديث معلول، وقال الدبوسي: هو خبر ضعيف ومغرٍ بمن لم يقبله؛ لأنّ الصحابة والتابعين لم يعملوا به ولم يضيفا أشياء- رحمهما الله- لما أسلفناه من بيان صحته وزوال نقله والله تعالى أعلم. وقال صاحب الهداية: هذا حديث ضعفه أبو داود. انتهى. لم أر ما قاله في كتابه نظر، وأمّا ما ورد من الاختلاف في عدد القلال ومقدارها/فلا يؤثر في ضعفه إذا صحت طريقه، وروى الحافظ أبو الحسن الدارقطني في سننه من حديث القاسم بن عبد الله العمري المتهم بالوضع عند أحمد وغيره عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا بلغ الماء أربعين قلة لا تحمل الخبث " (1) . قال: كذا رواه القاسم عن ابن المنكدر عن جابر، ووهم في إسناده، وقال الجوزجاني نحوه وقال ابن الجوزي: لا يتفرد به مرفوعا غيره، قال الدارقطني: وخالفه روح بن القاسم والثوري ومعمر بن راشد فرووه عن ابن المنكدر عن عبد الله بن عمرو موقوفا، ورواه أيوب السختياني عن ابن المنكدر من قوله: " لم يجاوز " به ثنا أحمد بن محمد بن زياد نا إبراهيم الحربي، ثنا هارون بن معروف ثنا بشر بن السرى عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سليمان بن سنان عن عبد الرحمن بن أبي هريرة عن أبيه قال:

_ (1) موضوع. رواه الدارقطني (1/26) ونصب الراية (1/110) والميزان (6812) وتذكرة (33) وتجريد (240) وفوائد (7) وتنزيه (2/69) وعقيلي (3/474) وابن عدي في " الكامل " (6/2058) . وقال الشيخ الألباني في (ضعيف الجامع: ص 60 ح/418- 114) : " موضوع ": انظر: الضعيفة (ح/1622) .

" إذا كان الماء قدر أربعين قلة لم يحمل خبثا " (1) . لذا قال: وخالفه غير واحد فقالوا عن أبي هريرة: " أربعين "، ومنهم من قال: " أربعين دلوا ". ثنا أبو بكر النيسابوري ثنا أبو أحمد المصيح ثنا حجاج قال ابن جريج: أخبرني محمد أنّ يحيى بن عقيل أخبره أنّ يحيى بن معمر أخبره أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجسا ولا بأسا" (2) فقلت ليحيى بن عقيل: فقلال هجر قال: فقلال هجر، فأظنّ أن كل قلة تأخذ فرمنى، قال ابن جريج: وأخبرني لوط عن أبي إسحاق عن مجاهد أن ابن عباس قال: " إذا كان الماء قلتين فصاعدا لم ينجسه شيء ". وفى كتاب المعرفة لأبي بكر الحافظ قال ابن جريج: قد رأيت قلال هجر بقلالة تسع قرب أو قربتين وشيئا قال الشّافعي: قرب الحجاز قديما، وحدثنا كبار العلماء بها فإذا كان الماء خمس قرب كبار لم يحمل الخبث، وذلك قلتان بقلال هجر، وقال الإمام أحمد: وقلال هجر كانت مشهورة/عند أهل الحجاز، ولشهرتها شبه- عليه الصلاة والسلام- بنبق السدرة بقلالها، قال أبو بكر بن المنذر: قال أحمد مرة: القلة: تسع قرب، وقال مرة: القلتين خمس قرب، ولم يقل بأي قرب، وقال إسحاق: نحو ست قرب، وقال أبو ثور: خمس قرب ليس بأكبر القرب ولا بأصغرها، قال أبو بكر: وقد يقال لذكور قلة ذكر بتبييضه أن الثوري صلى خلفه في رمضان ثم أخذ نعله وقلّة معه ثم خرج، وقيل: إن القلة مأخوذة من استقل فلان يحمله إذا طافه وحمله، قال: وإنما سميت الكران قلالا؛ لأنها تنقل بالأيدي وتحمل ويشرب فيها. قال هذا بعض أهل اللغة، وفى كتاب الأسرار لأبي زيد: القلتان أعلى الشيء فمعنى القلتين هنا القامتان، وقيل: أعلى الجبل، وفى المحلى وقال وكيع ويحيى بن آدم: القلة: الجرة، وهو قول الحسن البصري أي جرة كانت وهو قول مجاهد وأبي عبيد- رحمهم الله تعالى- والله أعلم.

_ (1) السابق بنحوه، وانظر: (العقيلي: 3 / 473) . (2) راجع الحاشيتين السابقتين.

45- باب الحياض

45- باب الحياض حدثنا أبو مصعب المديني، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباِع والكلاب والحمر، وعن الطهارة منها فقال: " لها ما حملت في بطونها ما غير طهور " (1) . هذا حديث ذكره الدارقطني من مسند أبي هريرة في كتاب السنن، وقال فيه الحافظ أبو جعفر الطحاوي في كتاب المشكل: ليس من الأحاديث التي يحتج بها؛ لأنه إنما دار على عبد الرحمن ابن زيد، وحديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من الضعف. كذا قاله، وقد أبي ذلك عليه الحافظ ابن البيع فصحح في/مستدركه إسناد حديث من روايته في فضل المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال الحافظ أبو أحمد الجرجاني: له أحاديث حسان، وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم، وهو ممن يكتب حديثه، ولكنه معارض بحديث غسل الإناء من ولوغ الكلب، وإن كان قد روى حديث أبي سعيد من غير وجه ليس لها حديث ابن زيد؛ من ذلك ما ذكره أبو عيسى الترمذي عن هناد بن السرى والحسن بن علي وغير واحد قالوا: ثنا أسامة عن الوليد بن كثير عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن حديج عن أبي سعيد، قيل: يا رسول الله، أيتوضأ من بئر بضاعة؟ - وهى بئر يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن- فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن الماء طهور لا ينجسه شيء " (2) . وقال: هذا حديث حسن، وقد جود أبو أسامة هذا الحديث، ولم يرو أحد

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (519) . في الزوائد: في إسناده عبد الرحمن. قال فيه الحاكم: روى عن أبيه أحاديث موضوعة، وقال ابن الجوزي: أجمعوا على ضعفه. وعبد الرزاق (253) والقرطبي (3/45، 15/231) والمشكل (3/267) . وضعفه الشيخ الألباني: (ضعيف الجامع. ص 691 ح/4789- 847) . انظر: (الضعيفة: ح/1609) . قوله: " ما غير " أي: ما بقي. (2) حسن. رواه أبو داود (ح/67) والترمذي (66) وقال: هذا حديث حسن. وأحمد (3/ 86) والمنثور (5/73) وتلخيص (1/13) ومعاني (1/11) وابن أبي شيبة (1/142) =

حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى أبو أسامة، وقد روي هذا الحديث من غير وجهه عن أبي سعيد، وقال أبو داود: قال بعضهم: عبد الرحمن بن رافع ثنا أحمد بن أبي شعيب وعبد العزيز بن يحيى الخراساني، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سليط بن أيوب، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي عن أبي سعيد: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقال له: أنه يستقى لك من بئر بضاعة، وهى تلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الناس، فقال عليه الصلاة والسلام: إن الماء طهور لا ينجسه شيء ". قال أبو داود: سمعت قتيبة بن سعيد قال: فسألت نمير عن بئر بضاعة عن عمقها قال: أكثر ما يكون الماء فيها قال: إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة، قال أبو داود: وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني/إليه: هل غيّر بناؤها عما كانت عليه؟ قال. لا، ورأيت فيها ماء متغيّر اللون، وفى علل الخلال: ثنا أبو الحارث أنه سأل أبا عبد الله عن هذا الحديث فقال: حديث بئر بضاعة صحيح، وحديث أبي هريرة: " لا يُبال في الماء الدائم " أثبت وأصح إسنادا قال: وبئر بضاعة عند سقيفة بني ساعدة، وقال أبو عمر في الاستذكار: بئر بضاعة محفوظ من

_ والمشكاة (478) والدارقطني (1/30، 31) . قوله: " بضاعة " بضم الباء، وقد كسرها بعضهم، والأوْل أكثر، وهي دار بني ساعدة بالمدينة، وبئرها معروفة. وقال أبو داود في سننه: " سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت نمير: بئر بضاعة عن عمقها؟ قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة ". قال أبو داود: وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته، فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غير بناؤها عما كانت عليه؟ فْالا: لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون. قلت: والحديث نسبه ابن حجر في التلخيص (ص 3- 4) للشافعي وأحمد وأصحاب السنن والدارقطني والحاكم والبيهقي. وقال: " صححه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وأبو محمد بن حزم، وأطال الكلام في طرقه وتعليله، وانظر بعض طرقه في مسند أحمد (11136، 11277، 11838. ح 3 ص 15، 31، 86) .

حديث أبي سعيد، ولما خرج أبو عبد الله بن مندة هذا الحديث من رواية محمد بن كعب القرظي عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع قال: هذا إسناد مشهور أخرجه أبو داود والنسائي، وتركه البخاري ومسلم لاختلاف في إسنادها ورواه ابن أبي ذئب عن الثقة عنده عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبي سعيد، ثم ذكر رواية مطرف بن طريف عن خالد بن أبي مرّة عن سليط عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه، وقال: فإن كان عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع هذا هو الأنصاري الذي روى عن جابر بن عبد الله فقد روى عن هشام بن عروة، وهو رجل مشهور في أهل المدينة، وعبد الله بن رافع بن حديج مشهور، وعبيد الله ابنه مجهول، فهذا حديث معلول برواية عبيد الله بن عبد الله، وفى كتاب الإيضاح لعبد الغني. رواه مطرف بن عبد الله عن خالد عن سليط عن ابن أبي سعيد عن أبيه، وفى بيان الوهم والإبهام وأمر هذا الحديث إذا بين تبين منه ضعفه، وذلك أنّ مداره على أبي أسامة عن أسامة في الوسيطة الذي بين محمد بن كعب وأبي سعيد فقوم يقولون: عبيد الله بن عبد الله بن رافع، وقوم يقولون: عبد الله بن عبد الله بن رافع، وله طريق آخر من رواية ابن إسحاق عن سليلي واختلف على ابن إسحاق في الواسطة الذي بين سليط وأبي سعيد فقوم يقولون: عبيد الله بن عبد الرحمن/بن رافع، وقوم يقولون: عن عبد الرحمن بن رافع فتحصل في هذا الرجل الراوي عن أبي سعيد خمسة أقوال، وكيف ما كان فهو من لا يعرف حاله ولا يمنه، والأسانيد بما ذكرنا في كتب الحديث معروفة. انتهى كلامه. وفى حديث ابن إسحاق عن سليط انقطاع. نص على ذلك ابن (1) صحيح. رواه النسائي (1/174) وأحمد في " المسند " (1/235، 308) والبيهقي في " الكبرى " (1/265، 266، 279) والحاكم في " المستدرك " (1/159) وابن حبان (116) وأبو داود (ح/66) والطبراني في " الكبير " (8/123) وابن خزيمة (91، 901) والدارقطني في " سننه " (1/29، 52) ومطالب ابن حجر (1) والمجمع (1/213، 214) ونصب الراية (1/94، 95) واستذكار (1/332، 333) والقرطبي (13/50، 51) ومعاني (1/12، 16) وأصفهان (2/344) والعلل (95) والخطب (10/423) وابن عدي في " للكامل " (2/459، 6/2431) .

محمد في كتاب المراسيل، وفى قول ابن مندة: لأنّ ابن أبي ذئب رواه عن الثقة عنده عن عبد الله نظر؛ لما ذكره الشافعي: أنبأ الثقة عن ابن أبي ذئب عن الثقة عنده عمن حدث أو عن عبد الله. قال أبو الحسن بن القطان: ولحديث بئر بضاعة طريق صحيحة من رواية سهل بن سعيد قال قاسم بن منيع: ثنا ابن وضاح ثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سلمة الحلبي بحلب ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعيد قالوا. يا رسول الله إنّك تتوضأ من بئر بضاعة، وفيها ما ينحى الناس والمحايض والخبث، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الماء لا ينجسه شيء " (1) . قال قاسم: هذا من أحسن شيء في بئر بضاعة، وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن. ثنا ابن وضاح يذكره أيضا بإسناده ومتنه، قال أبو محمد بن حزم في كتاب الإيصال: عبد الصمد بن أبي سكينة ثقة مشهور، وذكره الساجي، وقال ابن وضاح: لقيه بحلب، ويروى عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طريق هذا خيرها- والله تعالى أعلم- انتهى. ولما خرج أبو عمر هذا في الاستذكار عن عبد الوارث عن قاسم قال: هذا اللفظ غريب في حديث سهل، ومحفوظ من حديث أبي سعيد ورواه الدارقطني من حديث فضيل بن سليمان المخرج حديثه في الصحيحين عن أبي حازم عن سهل مرفوعا: " الماء لا ينجسه شيء ". وعن فضيل عن محمد بن أبيِ يحيى عن أبيه قال: سمعت سهلا يقول: " شرب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بئر بضاعة "، ورواه الطبراني (1) في معجمه الكبير عن موسى/ بن سهل بن أبي عمران الجوني عن هشام بن عمار عن حاتم بن إسماعيل عن محمد بن أبي يحيى عن أمه قال: دخلنا على سهل في بيته فقال: لو أنى سقيتكم من بئر بضاعة لكرهتم وقال: وقد- والله- سقيت منها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي ". زاد عمر بن شيبة في كتاب أخبار المدينة تأليفه وإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصق فيها ". حدثنا أحمد بن شيبان ثنا يزيد بن هارون ثنا شريك عن طريق بن شهاب

_ (1) صحيح. التمهيد (1/332) والمجمع (4/12) من حديث سهل بن سعد، وعزاه إلى " أحمد " و" أبي يعلى " إلا أنه قال: " لو إني سقيتكم من بئر بضاعة لكرهتم" والباقي بنحوه، والطبراني في " الكبير "، ورجاله ثقات.

قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن جابر بن عبد الله قال: انتهينا إلى غدير فإذا فيه جيفة حمار قال: فكففنا عنه حتى انتهى إلينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: فان الماء لا ينجسه شيء، فاستقينا وأروينا وحملنا ". هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف رواية أبي سفيان طريق ابن شهاب السعدي الأشهل، وقال البخاري والعطاردي وقال أيضا: يكنى أبا معاوية طريق بن سعد ويقال: طريف بن سفيان، قال البخاري: ليس بالقوى عندهم، وقال عمرو بن علي: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عن أبي سفيان العطاردي بشيء، وقال الإمام أحمد: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وفى رواية: ضعيف، ولذلك قاله أبو حاتم الرازي زاد: ليس بقوي، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: روى عن الثقات، وإنما أنكر عليه في متون الأحاديث أشياء لم يأت بها غيره وأما أسانيده فهي مستقيمة، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال الجرمي: بصري، ليس هو أوثق النّاس، وقال ابن حبّان: كان مغفلا يهم في الأخبار، ثم يقلبها ويروى عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، وقال أبو عمر بن عبد البرّ في كتاب الاستغناء: أجمعوا على أنه ضعيف الحديث، وذكوه في كتاب الضعفاء الساجي وأبو العرب والعقيلي/ويعقوب بن سفيان الفسوي، ورواه الساجي في كتاب الضعفاء عن الربيع: ثنا الشافعي ثنا إبراهيم بن محمد ثنا داود بن حصين عن أبيه عن جابر سئل- عليه الصلاة والسلام- أيتوضأ بما أفضلت الحمر قال: نعم وبما أفضلت السباع "، وأنبأ الشافعي: ثنا سعيد بن سالم عن ابن أبي حبيب عن داود عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثله، ولم يقل عن أبيه. حدثنا محمود بن خالد والعباس بن الوليد الدمشقيان قالا: ثنا مروان بن محمد ثنا رشدين أنبأ معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي إمامة الباهلي، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف لضعف رواية أبي الحجاج

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (66) وقال: هذا حديث حسن. والنسائي (1/173) وابن ماجة (520، 521) والحديث الأول من حديث جابر. قال في الزوائد: إسناد حديث جابر ضعيف؛ لضعف طريق ابن شهاب. قال ابن عبد البر: أجمعوا على انه ضعيف.=

رشدين بن سعد بن مفلح بن هلال المهري، وهو رشد بن أبي رشدين القائل فيه الإمام أحمد بن حنبل: ليس يبالي عمن روى، لكنه رجل صالح، قال الميموني: فوثقه هيثم بن خارجة، وكان في المجلس فتبسم أبو عبد الله ثم قال أبو عبد الله: ليس به بأس في أحاديث الرقاق، وفى رواية حرب وسئل عنه فضعّفه وقدم ابن لهيعة وقال ابن أبي خيثمة عنه: لا نكتب حديثه، وفى رواية البغوي عنه: أرجو أن يكون صالح الحديث، وفى رواية عبد الله عنه رشدين كرى وكرى، وسئل عنه أبو زكريا فقال: ليس من حمال المحامل، وفى رواية أحمد بن محمد بن حرب عنه رشدين (1) أنبأ رشدين بن كريب وابن سعد وفى رواية بن الجنيد عنه ليس بشيء، وقال أبو حاتم الرازي: منكر الحديث وفيه غفلة ويحدث بالمناكير عن الثقات، ضعيف الحديث ما أقربه عن داود بن المحبر وابن لهيعة أستر ورشدين أضعف، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، وقال البخاري عن قتيبة:/كان لا يبالى ما دفع إليه فيقرأه، وقال ابن عدي: وهو مع ضعفه ممن يكتب حديثه، وقد خصّ مسلم بالضّعف حجاج أبيه ومحمد بن حجاج وأحمد بن محمد، وقال السعدي: هو ثقة وابن لهيعة عنده مداخيل، مناكيره كثيرة، قال: وسمعت ابن أبي مريم يثنى عليه في دينه، فأمّا حديثه ففيه ما فيه، وفى رواية الدولابي: ففيه ما قلت، وقال ابن سعيد بن يونس: ولد سنة عشر ومائة ومات سنة ثمان وثمانين، وكان رجلا صالحا لا يشك في صلاحه وفضله، وأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث، وقال البستي: كان يقرأ كل ما وقع إليه سواء كان من حديثه أو لم

_ والحديث من حديث أبي أمامة. قال في الزوائد: الحديث بدون الاستثناء، رواه أبو داود والنسائي والترمذي من حديث أبي سعيد. وأحمد (1 / 235، 284، 308) والبيهقي (1 / 258، 267) وابن حبان (226) والطبراني (11/274) والجوامع (5823، 5824) وشفع (28) وعبد الرزاق (255، 396) والكنز (27490، 27505) والمجمع (1/213) وعزاه إلى أحمد ورجاله ثقات. والمعاني (1/12، 16) وابن عدي (4/1438) . قلت: وقد حسّنه الترمذي بشواهده المتعددة الضعيفة. قلت: وقد رواه ابن ماجة من طريقين مختلفين، أحدهما: من حديث جابر بن عبد الله، والثاني: من طريق أبي أمامة. فتنبه أنّ هذه شواهد تُصحح تحسينه. (1) قوله: " رشدين " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

يكن، ولما ذكره الساجي في كتاب الضعفاء ذكر عن ابن معين أنه كانت عنده مناكير: حدثنى أحمد بن محمد ثنا الهيثم بن خالد قال: كنت مع رشدين في غرفة له وكان لها منظرة إلى بعد، فأقبل شاب فقال رشدين: ترى هذا المقبل؟ قلت: نعم، قال هذا ابني، وهو أعلم الناس بلعب الشطرنج ما يلاعبه أحد قال: فرأيته فرحا بذلك، ولما ذكر أبو حاتم هذا في كتاب العلل قال فوصله رشدين وليس بقوي، والصحيح: مرسل، وقال الخليل: ضعفوه ولم يتفقوا عليه، وابنه حجاج أمثل منه، وذكره في الضعف أبو العرب والعقيلي والبلخي، وقال الحربي: غيره أوثق منه، وقال البزار: لم يكن بالمعتمد، وقال عبد الحق: هو ضعيف عندهم، وفى ما قاله نظر؛ لأنه روى عن راشد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا بسند. جيد ثنا بذلك الإمام أبو المحاسن بن محمد الكردي أنبأ بن خليل أبو إسحاق إبراهيم، ثنا عبد الرحمن بن المسلم، ثنا علي بن الحسنى الواديني، ثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم بن جعفر المؤذن، ثنا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم الهاشمي، ثنا أبو مسهر عبد الأعلى بن مسهر، ثنا عيسى بن يونس، ثنا الأحوص عن راشد بن سعد قال/عليه الصلاة والسلام: " الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه ". وقال أبو الحسن الدارقطني: إنما يصح هذا من قول رشدين بن سعد، وقال في موضع آخر: لم يرفعه غير رشدين، وفى المعرفة: قال الشافعي: وما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء وريحه ولونه كان نجسا يروى عن النبي من وجه، لا يثبت أهل الحديث مثله، وهو قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافا، وقال أبو القاسم في المعجم الأوسط: لم يرو هذا الحديث عن معاوية بن صالح إلا رشدين. تفرد به محمد بن يوسف، وفيه نظر؛ لما تقدّم من رواية مروان عنه به، ورواه البيهقي عن إسناده ابن البيع عن أبي الوليد العقبة عن جعفر الحافظ عن أبي الأزهر عن مروان بسنده أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذ كان الماء قلتين لم ينجسه شيء، إلا ما غلب على ريحه أو طعمه "، وقال: كذا أوجدته، ولفظ القلتين فيه غريب، ورواه أيضا إسناده عن أبي الوليد عن الساماني عن عطية بن بقية بن الوليد عن أبيه عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعدية بزيادة: " طعمه أو لونه بنجاسة يحدث فيها "، ثم قال: والحديث غير قوى إلا أنا لا نعلم في نجاسة الماء إذا

تغيّر بالنجاسة خلافا لما ذكره ابن عدي في كامله من طريق أحمد بن عمير عن حفص بن عمر ثنا ثور بن يزيد عن راشد بن سعد قال: هذا ليس يرويه عن ثور إلا حفص بن عمر. انتهى كلامه. وفيه نظر، لما أسلفناه من طريق عطية عن أبيه عن ثور، وفيها أيضا ردّ لقول أبي الحسن والرازي: لم يرفعه غير رشْدين، وفى الباب غير ما حديث من ذلك حديث ثوبان: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الماء طهور إلا ما غلب على ريحه أو طعمه ". رواه الدارقطني (1) من حديث رشدين بن سعد. وحديث سهل بن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " الماء لا ينجسه شيء " (2) . رواه أيضا عن محمد بن الحسن الحراني ثنا علي بن أحمد الجرجاني ثنا محمد بن إسحاق الجوسي ثنا فضيل/بن سليمان النميري عن أبي حازم عنه، وقد تقدّم طرف منه. وحديث عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الماء لا ينجسه شيء". رواه أبو القاسم في معجمه الأوسط عن أحمد بن زهير ثنا أبو الربيع عن عبد الله بن محمد الحارثي عن أبي أحمد الزبيري ثنا شريك عن المقدام بن شُريج عن أبيه عنها، وقال: لم يروه عن المقدام إلا شريك، قال بعض الحفاظ من مشايخنا- رحمهم الله تعالى-: ومن غريب ما يستدل به في هذا المعنى حديث ابن ثعلبة الحسنى في الأمر بغسل أواني المشركين قبل الأكل فيها مع حديث عمران بن حصين في وضوئه- عليه الصلاة والسلام- من مزادة شركة؛ فإن الأول يدل على نجاسة الإناء، والثاني يدل على طهارة الماء وطهوريته، وفى القديم للشافعي. ثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر ابن الخطاب خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو لصاحب الحوض: " يا صاحب الحوض هل يرد حوضك السباع "، فقال: عُمر بن الخطاب يا صاحب الحوض لا تخبره فإنّا نرد على السباع وترد علينا (3) . أنبأ بن عيينة عن

_ (1) ضعيف. رواه الدارقطني (1/28) ونصب الراية (1/95) . قلت: في إسناده بقية بن الوليد. (2) تقدم من أحاديث الباب. ص 541 (3) صحيح. رواه أحمد في " المسند " (3/421) والبيهقي في " الكبرى " (1/250) .

عمرو بن دينار أن عمر بن الخطاب ورد حوض مجنة فقيل له: إنما ولغ الكلب منه فقال عمر: إنما ولغ بلسان فشرب وتوضأ ". وزعم أبو جعفر الطحاوي أن الواقدي قال: إن بئر بضاعة كانت طريقا للماء إلى البساتين فكان الماء لا يستقر فيها، وردّ ذلك أبو بكر في المعرفة بما لا يصلح أن يكون ردّا، وهو الطعن على الواقدي بالضعف وهو لم يذكره رواية إنما ذكره عن مشاهدة، وإن كان ذلك ملخصه المعارضة بالتوثيق، قال محمد بن إسحاق الصغاني وذكر من فضله وحسن أحاديثه، أما أنا فلا أجسم أن أروى عنه، والله لولا أنه عندي ثقة ما حدثت عنه حديث عنه أوثقة/أئمة أبو بكر ابن أبي شيبة وأبو عبيد وأبو خيثمة ورجل آخر، وقيل للدراوردي. ما تقول فيه؟ فقال: سله عني، وفى لفظ " ذاك أمير المؤمنين في الحديث "، وكذلك قاله أبو عامر العقدي لما سئل عنه، ولما سئل عنه معن (1) بن عيسى قال: نحن نسأل عنه؟! إنما يُسأل هو عنّا، وقال الزبيري والمسيرى وأبو يحيى الزهري: محمد بن عمر ثقة مأمون، وقال ابن نمير: حديثه عنّا مستوى، وقال يزيد بن هارون: هو ثقة، وقال عباس بن عبد العظيم: هو أحبّ إلي من عبد الرزاق، وقال أبو عبيد بن سلام: هو ثقة، وقال أبو داود: كان أحمد ينظر في كتبه كثيرا، ولم ننكر عليه أحد سوى جمعه الأسانيد ومجيئه بالمتن واحدا، قال أبو إسحاق المزي: وذكر له هذا القول هذا ليس بعيب، وقال محمد بن إسحاق في كتاب الفهرست: كان حسن المذهب- رحمه الله تعالى-، وأمّا ما ذكره بعض المتأخرين من أنّه مجمع على ضعفه؛ ففي بعض ما تقدّم ردّ عليه- والله أعلم- ثم ننزل معه بأن يلقي قوله، وينظر هل قال ذلك غيره ممن تقدّمه فإذا عائشة- رضى الله عنها- وهى من أفقه الصحابة، قالت: كان بئر بضاعة قناة وكان لها منفذ إلى بساتينهم. ذكر ذلك صاحب الأسرار من غير رواية الراوي، والعقل يشهد له لأنها متى لم تكن قناة تغيرت بالحيض لا محالة، قال: وروى عن محمد بن الفضل البلخي أنه قال: " مسحت بئر بضاعة

_ (1) قوله: " معن " وردت " بالأصل ": " مضى "، وهو تصحيف، وكذا أثبتناه من " الثانية ".

فوجدتها ثمانية في ثمانية "، وقد روى عن محمد بن الحسن أنه حدّد الكثرة بها (1) ، والله أعلم.

_ (1) قوله: " بها " وردت " بالأصل ": " بهذا "، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من " الثانية ".

46- باب ما جاء فى بول الصبى الذى لم يطعم

46- باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن قابوس بن أبي المخارق عن لبابة بنت الحارث قالت: " بال الحسن بن علي- رضى الله عنهما- في حجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/فقلت: يا رسول أعطني ثوبك والبس ثوبا غيره: فقال: " إنما ينضح من بول الذكر ويغسل من بول الأنثى ". هذا حديث خرجه ابن ماجة أيضا في كتاب الرؤيا بزيادة (1) : " يا رسول الله رأيت كان في حجري عضوا من أعضائك "، وإسناده صحيح لذكر ابن أبي المخارق في كتاب الثقات لأبيِ حاتم البستي، ولما ذكره أبو عبيد الله في مستدركه حكم بصحته، ولما رواه ابن خزيمة في صحيحه (2) عن نصر بن مرزوق ثنا أسد- يعني: بن موسى- ح وثنا محمد بن عمرو بن تمام المصري ثنا على بن معبد ثنا بن الأحوص بلفظ: " فقلت هات ثوبك حتى أغسله، ثم قال: إنما يغسل بول الأنثى وينضح بول الذكر "، قال وفى حديث أسد بن موسى: " كان الحسن في حجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبال عليه، فقلت: البس ثوبا وأعطني ثوبك حتى أغسله "، وقال الدارقطني في كتاب العلل: عن سماك عن قابوس عن أبيه عنها: قال ذلك عثمان بن سعد، وقيل: عن عثمان عن مسعر عن سماك قال: وقال معاوية بن هشام عن على بن صالح عن سماك عن قابوس مرسلا، وروى عن داود بن أبي هند عن سماك مرسلا عن أم الفضل، والصواب: قول من قال: عن سماك عن قابوس عن أم الفضل. كذا ذكره عن علي، والذي رواه البزار في مسنده يخالف ما قاله ذلك أنه رواه عن إبراهيم بن الجنيد ثنا عثمان بن سعيد ثنا على بن صالح عن سماك عن قابوس عنها بلفظ: " فما أخذته فاطمة بيدها فقال: أوجعت ابني رحمك الله ... " الحديث، ورواه الطبراني (3) أيضا من حديث محمد بن مصعب العيروساني الأوزاعي عن شداد

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/522) وابن أبي شيبة (1/120، 4/172) والكنز (27280) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن خزيمة: (282) . (3) ضعيف. رواه الطبراني (3/5) وابن ماجة ماجة (ح/3923) . في الزوائد:=

عن عمار عنها بلفظ: " وعلى ابين فإن ابني ليس بنجس، ثم دعا بماء فصبه عليه "، ورواه الخلال في كتاب العلل عن عبد الله بن أحمد: أنبأ أبي ثنا عفان قالا: حدثنا حماد بن سلمة أنبأ عطاء الخراساني عن لبابة بلفظ: " فرأيت البول يسيل على بطنه، فقمت/إلى قربة لأصبها عليه ". وفى الباب عن الكجي: ثنا حجاج ثنا حماد عن عطاء الخراساني عن لبابة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضطجع على مكان من سوسي، فوضع الحسن والحسين جميعا على بطنه، فبالا على بطنه، فرأيت البول يسيل على بطنه فقمت إلى القربة لأصبها عليه (1) ، فقال: يا أم الفضل بول الغلام يصب عليه ما لم يطعم وبول الجارية يغسل غسلا " (2) . وفى الباب للدارقطني من حديث إبراهيم بن محمد عن داود عن عكرمة عن ابن عباس في بول الصبي كلمة يصب عليه مثله من الماء؛ لذلك صنع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببول حسين بن علي، وفى مسند أحمد بن منيع ثنا بن علية ثنا عمارة أن أبي حفصة عن أبي مخلد عن حسن بن علي قال: حدثتنا امرأة من أهلنا بين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستلقيا على ظهره يلاعب صبيا على صلاه، فبال فقامت لتأخذه وتضربه فقال: " دعيه، ائتوني بكوز من ماء، فنضح الماء على البول حتى تقابض الماء على البول فقال: هكذا يصنع بالبول ينضح من الذكر ويغسل من الأنثى " (3) . حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: ثنا وكيع ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: " أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصبي، فبال عليه، فاتبعه الماء ولم يغسله ". هذا حديث خرجاه في صحيحهما (4) ولفظ مسلم: " كان

_ رجال إسناده ثقات، إلا أنه منقطع، وفي التهذيب والأطراف: روى قابوس عن أبيه عن أم الفضل، وضعفه الشيخ الألباني: انظر ضعيف ابن ماجة: (ح/850) . (1) ضعيف. نصب الراية (1 / 127) والمجمع (1/285) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه ليث بن أبي سليم، وفيه ضعف. (2) صحيح. رواه أحمد: (6/339) . (3) انظر: الحاشية السابقة. (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (8 / 95) ومسلم في (الطهارة، باب " 31 " رقم " 101 "، والأدب باب " 5 " رقم " 27 " (وابن أبي شيبة (7/378) والمشكاة (4150) وللمغني عن حمل الأسفل (2/194) وأحمد (6/212، 46) وأبو داود (5106) -

يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتى بصبي "، وفى لفظ: " بصبي يرضع "، وفى لفظ لأبي نعيم في مستخرجه: " فربما أتي بالصبي فيبول عليه فيدعوا بماء فيتبعه إياه "، وذكر أبو الحسن الدارقطني من رواية حجاج بن أرطاة عن عائشة أن هذا الصبي ابن الزبير قالت: فأخذنه أخذا عنيفا، فقال- عليه الصلاة والسلام-: " إنه لم يأكل الطعام فلا تضربوه "، وفى لفظ " فإنه لم يطعم الطعام فلا مقدر بوله "، وفى المسند من رواية أبي معاوية عن هشام، ولفظه: " صبوا عليه الماء صبا "./ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح ثنا سفيان ابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن قالت: " دخلت بابن أبي على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأكل الطعام، فبال عليه، فدعا بماء فرش عليه ". هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) ، ولفظ مسلم: " فدعا بماء فنضحه على ثوبه ولم يغسله غسلا ". حدثنا حوثرة بن محمد ومحمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم قالا: ثنا معاذ بن هشام ثنا أبي عن قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلمي عن أبيه عن علي: " أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في بول الرضيع: ينضح بول الغلام، ويغسل بول الجارية " (2) . هذا حديث لما خرجه الحاكم عن أبي عمرو بن

_ والحميدي (164) ومعاني (1/31) وأذكار (253) . (1) رواه مسلم في (الطهارة، ح/103) وأبو داود (374) والترمذي (71) وابن ماجة (524) والدارمي (وضوء، باب " 105 ") ورواه أحمد في " المسند " عن سفيان بن عيينة (6/355) ورواه الطيالسي (رقم 1636) عن زعمة عن الزهري، وفيه: " فدعا بماء فنضحه عليه، ولم يغسله غسلا "، ورواه ابن سعد في الطبقات (8/176) من طريق صالح بن كيسان عن الزهري، وفيه: " فنضح عليه الماء ولم يغسله " وكذلك رواه مالك في الموطأ (1/83) عن الزهري. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/ 525) والترمذي (ح/ 610) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والحاكم وصححه. وأحمد (1/137) والبيهقي (3/415) والدارقطني (1/129) وابن حبان (247) وعبد الرزاق (1490) وابن خزيمة (284) والكنز (27268، 27291) وشرح السنة (2/87) والحلية (9/62) وابن عدي في " الكامل" (2/493) . قال الحافظ في التلخيص (ص 14) : " إسناده صحيح. إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه، وفي وصله وإرساله. وقد رجح البخاري صحته، وكذا الدارقطني. وقال البزار: تفرد برفعه=

حمدان ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ثنا معاذ قال: هذا حديث صحيح، فإن أبا الأسود الديلمي صحيح سماعه من علي وهو على شرطهما صحيح ولم يخرجاه، وله شاهدان صحيحان: حديث قابوس عن أمامه، وحديث كل عن أبي السمح. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لأنّ أبا الحرث عند مسلم فقط ولما خرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه أتبعه. حدثنا أبو موسى- يعني: عن معاذ- بمثله، وزاد- قال قتادة: هذا ما لم يطعم الطعام، فإذا طعم الطعام غسلا جميعا، وخرجه أيضا البستي في صحيحه، ولما خرجه الترمذي قال فيه: حسن صحيح، وقال في العلل: سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: شعبة لا يرفعه، وهشام الدستوائي حافظ، ورواه يحيى بن سعيد القطان عن ابن عروة عن قتادة فلم يرفعه، وقال البزار: وقد روى هذا الفعل عائشة وأبو ليلى وزينب بنت جحش، وأحسنها إسنادا حديث علي وحديث أم قيس، وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وإنما أسنده معاذ عن أبيه، وقد رواه/غير معاذ عن هشام عن قتادة عن أبي حرب عن أبيه عن على موقوفا: حدثنا أحمد بن موسى بن معقل ثنا أبو اليمان المصري قال سألت الشافعي عن حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يرش من بول الغلام ويغسل من بول الجارية " (1) والماءان جميعا واحد قال: لأنّ بول الغلام من الماء والطين وبول الجارية من اللحم والدّم، ثم قال لي: فهمت؟ قلت: بقيت، قال: قلت: لا. قال: إن الله خلق آدم، وخلقت حواء من ضلعه الأيسر فصار بول الغلام من الماء والطين، وصار بول الجارية من اللحم والدم، قال: قال لي: فهمت؟ قلت: نعم، قال: بفعل الله هكذا هذا ثابت في نسختي التي بخط المرادي، وفى نسخة أخرى علم الحافظ المنذري عليها لا إلي وكأنه أشبه، والله تعالى أعلم.

_ - معاذ بن هشام عن أبيه، وقد روى هذا الفعل من حديث جماعة من الصحابة، وأحسنها إسنادا حديث علي ". وفي عون المعبود- نقلا عن المنذري- قال: " وقال البخاري: سعيد بن أبي عروبة لا يرفعه، وهشام يرفعه، وهو حافظ ". فهذا ترجيح البخاري صحته. وقد مضى في الترمذي هذا المعنى من حديث أم قيس بنت محصن (رقم 71 ج 1 ص 104- 106) . (1) تقدم من أحاديث الباب.

حدثنا عمرو بن علي ومجاهد بن موسى والعباس بن عبد العظيم قالوا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا يحيى بن الوليد أنبأ محل ابن خليفة ثنا أبو السمح قال: كنت خادم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجيء بالحسن- أو الحسين- فبال على صدره فأرادوا أن يغسلوه فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رشه فإنه يغسل بول الجارية، ويرش من بول الغلام " (1) . هذا حديث خرجه ابن خزيمة (2) في صحيحه من حديث عباس العنبري ولفظه: " رشوه رشا "، وقد أسلفنا عن أبي عبد الله الحاكم تصحيحه في الشواهد، وقال البزار وأبو الفتح: لا نعلم حدث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا هذا الحديث، ولا لهذا الحديث إسناد إلا هذا، ولا يحفظ هذا الحديث إلا من حديث ابن مهدي، وصححه أبو محمد بن حزم والإشبيلي بسكوته عنه، وخرجه أبو أحمد العسكري في كتاب الصحابة، وشرطه في ذلك معروف، وفى التمهيد: حديث المحل لا يقوم به حجة، والمحل ضعيف، ويشبه أن يكون لأبي/عذرة هذا القول؛ لأني لم أره لغيره، وذلك أنه ممن خرج حديثه في صحيحه محتجّا به في الزكاة وعلامات النبوة، وقال فيه أبو زرعة الرازي: ثقة صدوق، وقال أبو زكريا يحيى بن معين: هو ثقة، وذكره البستي في كتاب الثقات، وسيأتي ذكره وفى كتاب الأشراف، وقال أبو ثور: يغسل بول الغلام والجارية، وإن ثبت حديث الرش عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان الرش جائزا في بول الغلام، ولفظ أبي داود: " كان- عليه الصلاة والسلام- إذا أراد أن يغتسل قال: دلني، فأوليه قفاي فاستره به " (3) ، وفيه: " فجئت أغسله "، ولفظ الدولابي في كتاب الكنى وأثر الثوب وفيه: " ويغسل من بول النساءِ " (4) . حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو بكر الحنفي ثنا أسامة بن زيد وعن عمرو بن شعيب عن أم كرز أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " بول الغلام ينضح، وبول الجارية يغسل ". هذا حديث قال فيه مهنأ: سألت أحمد بن حنبل عن محمد بن

_ (1) تقدم من أحاديث الباب. (2) صحيح. رواه ابن خزيمة: (283) . قلت: ولهذا الحديث شواهد صحيحة. (3) سقطت بعض " حروف " هذا الحديث من " الأولى "، وسقطت من " الثانية ". (4) صحيح. رواه أحمد (1/76) وابن ماجة (ح/527) والبيهقي (2/415) والدارقطني (1/129) والخفاء (1/344) والإِرواء (1/188، 190) . وصححه للشيخ الألباني.

جعفر بن أبي ليث حدثوني عنه قال: حدثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيِب عن أم كرز: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغلام الحديث فقال أحمد: هو معروف الحديث صحيحه، وهو أخو إسماعيل بن جعفر، وهو ثقة لم يزد على ذلك، ولم يتعرض للانقطاع فيما بين عمرو وأم كرز. منصوص كليه في كتاب تهذيب الكمال في غير ما موضع، وأخذا أيضا بعموم قول أبي بكر أبي عياش عمرو: ليس تابعيا، وقد روى عنه جماعة من التابعين. حلّ ذلك عنه الدارقطني، فلو سلم من هذه العلة لكان إسناده صحيحا؛ لما أسلفناه قبل في ترجمة عمرو- والله أعلم- ورواه أبو القاسم في الكبير عن عبد الله بن أحمد عن أبيه عن الحنفي بلفظ: " أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغلام، فبال عليه فأمر به فنضح، وأتى بجارية فبالت فأمر/به فغسل "، وفى الباب حديث آخر رواه أبو جعفر البغوي عن ابن علية: ثنا عمارة بن أبي حفصة عن أبي مخلد عن حسن بن علي أو حسين: حدثتنا امرأة من أهلنا قالت: بينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستلقيا على ظهره يُلاعب صبيا على صدره إذ بال، فقامت لتأخذه وتضربه، فقال: دعيه، ائتوني بكوز من ماء، فنضح الماء على البول حتى يقايض الماء على البول، فقال: هكذا يصنع بالبول؛ ينضح من الذكر، ويغسل من الأنثى " (1) . وحديث عبد الله بن عباس قال: " أصاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بول صبي وهو صغير، فصب عليه من الماءِ بقدر البول ". ورواه الدارقطني من حديث الواقدي عن خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت القائل فيه يحيى: ليس به بأس، وكذلك قال ابن عدي: وذكره أبو حاتم في كتاب الثقات عن داود بن حصين عن عكرمة عنه، ورواه أيضا من طريق إبراهيم بن أبي يحيى عن داود هذا الإسناد. وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتى بصبي فبال عليه فنضحه. وأتى بجارية فبالت عليه فغسله ". رواه أبو القاسم في الأوسط (2) عن أحمد بن يحيى الحلواني ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا عبد الله بن مُوسى عن أسامة بن زيد عن عمرو، وقال: لم يروه عن عمرو عن أبيه عن جده إلا أسامة. تفرد به عبد الله بن موسى. وحديث أم سلمة: قال- عليه

_ (1) تقدم من أحاديث الباب. ص 548 (2) تقدم من أحاديث الباب.

الصلاة والسلام-: " إذا كان الغلام لم يطعم الطعام صب على بوله، وإذا كانت الجارية غسله ". قال فيه أبو القاسم (1) : لم يروه عن الحسن عن أمه إلا إسماعيل بن مسلم. تفرد به عبد الرحيم بن سليمان، ورواه أبو يعلى في مسنده من حديث المبارك بن فضالة عن الحسن عن أمه عنها بلفظ: " ويصب عليه الماء صبا ما لم يطعم، وبول الجارية يغسل غسلا طعم أو لم يطعم " /، وفيه رد لما قاله الطبراني. ورواه أبو القاسم في الأوسط: ثنا من حديث هيثم عن يونس عن الحسن عن أمه عنها أنّ الحسن- أو الحسين-: " بال على بطن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذهبوا ليأخذوه فقال: لا تزرموه ابني- أو لا تعجلوه- فتركوه حتى قضى بوله فدعا بماء فصبّه عليه " (2) وقال: لم يروه عن يونس إلا هيثم. تفرد به محمد بن ماهان. وحديث عائشة: " كان- عليه الصلاة والسلام- يبول في الموضع الذي يبول فيه الحسن والحسين ". ذكره في الأوسط من حديث هشام عن أمه عنها وقال: لم يروه عن هيثم إلا مربع أبو الخليل. وحديث قابوس بن المخارق عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يغسل بول الجارية وينضح على بول الغلام " (3) . كما رواه سماك عنه ورواه شريك عن سماك عنه عن أم الفضل، ورواه أبو الأحوص عنه عن قابوس عن أمامة بنت الحارث، ورواه علي بن صالح عن سماك عن قابوس، فلم يقل: عن أبيه، قال الدارقطني في العلل: والمرسل أصح، قال عبد الحق: ولا يصح هذه الصفة في بول الصبي، ولا يصح أيضا فيه ما لم يأكل الطعام إنّما يصح من قول علي وقتادة وأم سلمة وغيرهم، وقال أبو محمد الفارسي: وتطهير بول الذكر أي ذكر كان في أي شيء كان، فبان برش عليه الماء رشا ويزيل أثره (4) ، وليس تحديده بأكل الصبي الطعام من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وممن فرق بين بول الغلام والجارية أم

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/285) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف. (2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/285) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وإسناده حسن- إن شاء الله- لان في طريقه وجادة. (3) تقدم من أحاديث الباب. (4) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". وبه بعض الاضطراب، ولكن يستقيم السياق فيما بعده من الكلام.

سلمة، وقال علي بن أبي طالب: ولا مخالف لها من الصحابة، وبه يقول قتادة والزهري وقال: حضت السنة بذلك، وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وإبراهيم النخعي والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود بن علىّ وابن وهب وغيرهم، إلا أنّه قد روى عن الحسن وسفيان التسوية بين بول الغلام والجارية في الرش عليهما جميعا، وقال أبو حنيفة/ ومالك وابن حيي: يغسل بول الصبي كبول الصبيّة، وما نعلم لهم متعلقا إلا ما ذكره بعض المتأخرين عن النخعي، والمشهور عنه خلاف ذلك، وفى كتاب التمهيد: أجمع المسلمون أن بول كل آدمي يأكل الطعام نجس، وقال الشّافعي: بول الصبي ليس بنجس، ولا تبين لي فرق ما بينه وبين الصبي لو غسل كان أحبّ إلي قال أبو عمر: واحتج من ذهب مذهب الشافعي بحديث هذا الباب- يعني: حديث أم قيس- ولا حجة فيه لأنّ النضح يحتمل أن يكون أراد به صب الماء ولم يُرد به الرشّ، وهو الظاهر من معنى هذا الحديث؛ لأنّ الرش لا يزيد النجاسة إلا أثرا، ومن الدليل على أنّ النضح صب الماء والغسل من غير عرك: قول العرب: (غسلتني السماء) ، وما روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لأعلم أرضا يقال لها عيان، ينضح ثناحتها البحر بها حي من العرب، لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر "، والقياس: لا فرق بين بول الغلام والجارية كما أنه لا فرق بين بول الرجل والمرأة إلا أن هذه الآثار- إن صحت-، ولم يعارضها مثلها وجب القول بها إلا أنّ رواية من روى الصبّ على بول الصبي وأتباعه بالماء أصح وأولى، وأحسن شيء عدى في هذا الباب ما قالته أم سلمة: بول الغلام يصب عليه الماء صبّا وبول الجارية يغسل طعم أو لم تطعم " (1) . ذكره البغوي، وهو حديث مفسر للأحاديث كلها، مستعمل لها حاشي حديث المحل بن خليفة ولا يقوم به حجة، وقال في الاستذكار: وقال بعض شيوخنا قوله في حديث أم قيس: " ولم يغسله " ليس في الحديث، وزعم أنّ آخر الحديث نقحه قال أبو عمر: ولا تبين عندي ما قاله؛ لصحة رواية مالك هذه ولمتابعته على ذلك، وأمّا أبو السمح فاسمه أباد، وقال أبو عمر:

_ (1) ضعيف بنحو هذا اللفظ. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/285) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف.

قيل: كان خادما، وقيل: مولى ذهب، فلا يدرى خبره، لم يرو عنه- فيما علمت- غير المحل، وكذا ذكره أبو الفتح/الأزدي في الكتاب المخزون، وقد رآه- عليه السلام- جماعة في كتاب الزهر الباسم والإشارة فمنهم هند وأسماء ثنا حارثة الأسلمي أن ذكرهما ابن سعد وربيعة بن كعب الأسلمي وذو مخمر بن أخي النجاشي. ذكرها الإمام أحمد، وأيمن بن عبيد. ذكره ابن إسحاق وعبد الله بن مسعود ونعيم وعقبة بن عامر الجهني ذكره النسائي وبلال بن رباح ذكره في الإخليل، وسعد مولى أبي بكر الصديق والأسود بن مالك الأسدي وأخوه الحدرجان وابنه خرين الحدرجاني وثعلبة بن عبد الرحمن الأنصاري ذكرهم ابن مندة، وسالم ذكره أبو أحمد العسكري وبكير بن شُدّاخ الليثي، ويقال: بكر، وأبو الحمراء هلال بن الحرث. ذكرهما ابن عساكر وأسلع بن شريك الأعرجي وسابق، وقيل: هو أبو سلام الهاشمة وخولة جدة حفص بن سعيد، ورزينة أمّ علية وسلمى أمّ رافع وحارثة جدة المثنى بن صالح. ذكرهم ابن عبد البر، وميمونة بنت سعد. ذكرها الترمذي، وأريد. ذكره أبو موسى المديني، وسلمى ومهاجر مولى أم سلمة وأمة الله بنت رزينة ومارية أم الرباب وأم عياش. ذكرهم ابن الأثير وأبو عبيد ذكره البرقي وأبو ذر الغفاري. ذكره بن سرور وغلام من الأنصار للحوانس جاء ذكره في الصحيح، وأمّا الموالى فسنذكرهم- إن شاء الله تعالى- في الموضع اللائق بذكرهم- رضى الله عنهم أجمعين-، وأما الصبي فهو: الغلام، والجمع صبية وصبيان، وهو من الواو، ولم يقولوا أصبية استغناء بعلمه ويصغر صبية في القياس أصبية كانه بصغير أصبية قال الشاعر: ارحم اصبيتى الذين كأنهم ... خجل تدرج في الشرق وقع ويقال: صبي بين الصبا والصبي، إذا فتحت الصاد مددت، وإذا كسرت قصرت، والجارية صبية، والجمع صبايا، مثل: مطية/ومطايا، ذكره الجوهري، وقال الأحرائي: فإذا ولد سمى صبي إلى أن يفطم، فإذا فطم سُمّى غلاما إلى سبع سنين، ثم يصير يافعا إلى عشر حجج، وكذا ذكره ابن سبرة عن ثابت، قال الزمخشري: الغلام الصغير إلى حد الالتحافان أجرى عليه بعد ما صار ملتحيا اسم الغلام فهو مجاز، قال علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- في

بعض أراجيزه: أنا الغلام الهاشمي المكي، وقالت ليلى الأخيلية (1) في كلمة لها تمدح الحجاج: سقاها من الداء العضال الذي ... لها غلام إذا نقر العناء ثناها فقال لها الحجاج: لا تقولي غلام، ولكن قولي: همام، قال جار الله وقال بعضهم يستحق هذا الاسم إذا ترعرع وبلغ الأحلام بشهوة النكاح كأنه يشتهيه ذلك الوقت، ويسمى غلاما أو لافقا وبعد ذلك مجازا، وقال ابن سبرة عن الأصمعي: هو غلام إذا طرشا، وبه في الفصيح غلام من الغلومة والغلومية، وقال ابن دريد: وربما سميت الجارية غلامة، وأنشد: ويركضه صرحى أبُوها تهان ... لها الغلامة والغلام وقال أبو إسحاق الحربي: لا يقال للأنثى إلا في كلام قد ذهب من ألسن الناس، قال عبد الحق: قد جاء ذلك في الحديث والشعر، وأنشد: فلم أرها ما كان أكثر هالكا ... ووجه غلام يشترى وغلامه وقال النّضر بن سهيل: هو غلام أول ما يولد حتى يشيب.

_ (1) انظر: كتاب ليلى الأخيلية تأليف الشيخ كامل عويضة. طبعة بيروت.

47- باب الأرض يصيبها البول كيف تغسل

47- باب الأرض يُصيبُها البول كيف تُغسل حدثنا أحمد بن عبدة ثنا حماد بن زيد ثنا ثابت عن أنس: أن أعرابيا بال في المسجد فوثب إليه بعض القوم فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تزرموه ثم دعا بدلو من ماء فصّب عليه ". هذا حديث خرجاه في صحيحهما (1) وسماه أبو موسى في كتاب الصحابة ذا الخويصرة اليماني وسامة من أعلام النبوة؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/لما رآه مقبلا قال: هذا الرجل الذي بال في المسجد ولم ينسب أنه بال. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا علي بن مسهر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: " دخل أعرابي المسجد ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس فقال: اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد معنا فضحك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: لقد اضطيرت واسعا ثم ولى حتى إذا كان في ناحية المسجد فشج يبول فقال الأعرابي بعد أن فقه فقام إلي بأبي وأمي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يؤثر ولم يسُبّ فقال: إنّ هذا المسجد لا يبال فيه، وإنّما بنى لذكر الله وللصلاة ثم أمر بسجل من ماء فأفرغ على بوله (1) . هذا حديث رواه أبو داود والترمذي من حديث الزهري عن سعيد، وقال في آخره: قال سعيد قال سفيان: وحدثني يحيى- بن سعيد عن أنس نحو هذا وهذا حديث حسن صحيح، وقد روى يونس هذا

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (8/14) ومسلم في (الطهارة، باب " 30 " رقم " 100 ") والنسائي (1/175) وابن ماجة (258) وأحمد (3/191) والبيهقي 21/413، 428، 10/103) وابن خزيمة (293، 296) وأبو عوانة (1/214) وشرح السنة (2/81) وإتحاف (7/138) والمغني عن حمل الأسفار (2/389) وأخلاق (71، 80) . قوله: " لا تزرموه " أي لا تقطعوا عليه البول. يقال: تزرِم البول، إذا انقطع. وأزرمه غيره. (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/29) والترمذي (ح/147) وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أحمد في " المسند " (رقم 7254 ج 2 ص 239) عن سفيان بن عيينة عن الزهري. ونسبه في المنتقى (1/51 من نيل الأوطار) للجماعة إلا مسلما. قوله: " السجل " بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: الدلو الملأى ماء، ويجمع على سجال، بكسر السين. قال في النهاية: وقال القاضي أبو بكر بن العربي: " الدلو مؤنثة، والسجل يذكر، فإن لم يكن فيها ماء فليست بسجل، كما أن القدح لا يقال له كأس إلا إذا كان فيه ماء ".

الحديث عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة، وأصله في صحيح الجعفي بلفظ: " قام أعرابي في المسجد قلنا وله الناس فقال لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دعوه وأهريقوا على بوله سجلا من ماء أو دلوا من ماء، فإنّما بعثتم مبشرين ولم تبعثوا معسرين " (1) وفى لفظ: " قام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة وقمنا معه فقال أعرابي: اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا فلما سلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لقد حجرت واسعا " (2) . وروى ابن صاعد عن عبد الجبار بن العلاء عن ابن عيينة عن يحيى ابن سعيد عن أنس أنّ أعرابيا بال في المسجد فقال عليه السلام: " احضروا مكانه ثم صبوا عليه ذنوبا من ماء " قال أبو الحسن البغدادي الحافظ رحمه الله تعالى: وهم عبد الجبار على ابن عيينة؛ لأنّ أصحاب ابن عيينة الحفاظ رووه عن يحيى بن سعيد فلم يذكر منهم الحضر، وإنّما روى ابن عيينة هذا عن عمرو بن ذبير عن/طاوس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " احفروا مكانه فاختلط " على عبد الجبار المتنان، وفى علل الخلال: وقال أبو بكر بن محمد عن أبيه أنه قال لأبي عبد الله في حديث الأعرابي في البول في المسجد: يرويه هو لأصحاب أبي حنيفة، ويروون فيه شيئا عن أبي بكر بن عياش عن سمعان عن أبي وائِل عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " فأمر به فحفر " قال: ما أعرف سمعان هذا، وهذا حديث منكر ثم قال: كيف تصنعون في بول الصبي أنه يرش هو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير وجه يرش عليه فالسن حجتهم في هذا، وهم يزعمون إذا صب عليه أو رش عليه فهو شر مما كان، وقال أبو زرعة: حديث سمعان في بول الأعرابي في المسجد حديث ليس بقوي. حكاه عنه ابن أبي حاتم وحكى عنه ابن المحمدي، الحديث منكر وسمعان ليس بالقوى، وذكره الدارقطني أنه يقال فيه أيضا: ابن سمعان أن أبا بكر بن عياش قال: حدثنا المعلى المالكي، فذكر غير اللفظ الأولى عن شقيق

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/65، 8/37) والفتح (1/323) والنسائي (1/49، 175) والمشكاة (491) والإِرواء (1/190) . (2) صحيح. رواه أبو داود (380) والترمذي (147) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (3/24) واحمد (2/239، 283) والبيهقي (2/428) وابن خزيمة (864) والحميدي (938) وعبد الرزاق (1658) .

عن عبد الله جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيخ كبير فقال: " يا محمد متى الساعة، قال: وما أعددت لها؟ قال: والذي بعثك بالحق ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام إلا أنّى أحب الله ورسوله، قال: إنك مع من أحببت " قال: فذهب الشيخ فأخذه بوله في المسجد فمر عليه الناس فأقاموه فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دعوه عسى أن يكون من أهل الجنة فصبوا على بوله الماء " (1) . رواه عن المحاملي ثنا يوسف بن موسى ثنا أحمد بن عبد الله ثنا ابن عباس به وقال الخطابي: وليس في حديث أبي هريرة ولا في خبر متصل ذكر الحفر مكان، ولا ينقل التراب وإن سلم الحنفيون للإمام أحمد وغيره قوله فإن لهم حديثا إسناده على رسم الشيخين، رواه أبو داود (2) في كتاب السنن فقال: حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا جرير بن حاز قال: سمعت عبد الملك بن عمير يحدث عن عبد الله/بن معقل بن مقرن قال: قام أعرابي إلى زاوية من زوايا المسجد فانكشف فبال فيها فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خذوا ما بال عليه من التراب فألقوه وأهريقوا على مكانه ماء ". قال: هذا مرسل، وابن معقل لم يدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي ذلك عليه الحافظ ابن فتحون فذكر أنّ له صحبة في كتابه المستدرك على ابن عبد البر ولئن سألنا لأبي داود قوله، وكذا قول ابن ميمون فيكون مرسلا صحيحا، والمرسل معمول به عندهم، والله أعلم. وذكره عبد الرزاق عن طاوس، وقد تقدّم كلام أبي الحسن عن ابن عينية عن عمرو بن دينار عن طاوس مرسلا مثلا، والاصطلاح: إذا عارض مرسلان صحيحان حديثا صحيحا مسندا كان العمل بالمرسل أولى فكيف مع عدم المعارضة. حدثنا محمد بن يحيى: هو عندنا ابن أبي حميد ثنا أبو المليح

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 78- باب الأرض يصيبها البول، (ح/530) . في الزوائد: إسناد حديث وائلة بن الأسقع ضعيف لاتفاقهم على ضعف عبد الله الهذلي. قال الحاكم: يروى عن أبي المليح عجائب. وقال البخاري: منكر الحديث. وصححه الشيخ الألباني. (2) ضعيف. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 136- باب الأرض يصبها البول، (ح/381) . قال أبو داود: وهو مرسل. ابن معقل لم يدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الهذلي عن وائلة بن الأسقع قال: " جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتك إيانا أحدا فقال: لقد خطرت واسعا ويحك أو ويلك قال: فسيح يبول فقام أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعوه فدعا بسجل من ماء فصبه عليه " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف رواه عبيد الله بن أبي حميد غالب أبي الخطاب الهذلي الكوفي، فإنه ممن قال فيه الإمام أحمد بن حنبل- رضي الله عنه- ترك الناس حديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وفى علل أبي عيسى عنه: ضعيفه ذاهب الحديث لا أروى عنه شيئا، وقال أبو عبد الرحمن: متروك الحديث، وقال ابن معين والدارقطني: ضعيف الحديث، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد فاستحق الترك، وقال أبو حاتم/الرازي: منكر الحديث ضعيف الحديث، وفى الكامل لابن عدي عن ابن مثنى أنه قال: ما سمعت يحيى ولد عبد الرحمن يحدّث بشيء قط، قال أبو أحمد: وعامة رواية عن أبي المليح، وقال أبو زكريا الساجي: هو ضعيف، وذكر العقيلي في كتاب الضعفاء وكذلك البلخي، وفى الأشراف: اختلفوا في موضع البول تصبه الشمس أو يجف فكان الشافعي وأحمد وأبو ثور يقولون: لا يطهره إلا الماء، وفيه قول ثاني، وهو أن يصلى عليه إذا جفّ وذهب أثره، ولا يصلي عليه إن لم يذهب أثره ولا يجزيه أن يصلى على بساط أصابه بول وإن ذهب أثره. هذا قول النعمان ومحمد وقالا: الشمس تزيل النجاسة إذا ذهب الأثر عن الأرض، وروينا عن أبي قلابة أنه قال: جفوف الأرض إذا أصابتها نجاسة فيبست وذهب أثرها جازت الصلاة عليها، وقال أبو سليمان رحمه الله تعالى: فيه دليل على أنّ الماء إذا أورد على النجاسة على سبيل المكاثرة والغلبة طهرها وإن غُسلات النجاسة طاهرة لم تبن للنجاسة فيها لون أو ريح، ولو لم يكن ذلك الماء طاهرا لكان المصبوب منه على البول أكثر نجسا للمسجد من البول بعينه فدلّ على طهارته، قال: وإذا أصابت الأرض نجاسة ومطرت مطرا عاما كان ذلك مطهرا لها، وكانت في معين صبّ الذنوب وأكثر، والله أعلم. ومن قوله إنّما بعثتم مبشرين دليل على

_ (1) انظر أول حديثين في الباب.

أن أمر الماء على التيسير والسعة في إزالة النجاسات فيه، والله أعلم. وأما قوله: لا تزرموه أي. لا تقطعوا عليه، قال ابن دريد: الزرم القطع قال الشاعر: فقلت لما سمعت من تحت لبها ... لا يخطئنك إن البيع قد زرى وقال الجوهري: زرم البول بالكسر إذا انقطع، وكذلك كل شيء ولى وأزره غيره، وفى الجامع يقال زرمه يزرمه زرما إذا/قطعه، وكذا أزرمه ازراما إذا فعل به ذلك، وزرم الشيء في نفسه إذا انقطع وإذا انقطع بول الرجل قلت: زرم بوله وأزرمه هو إذا أقطعه، وقد ازرام الرجل إذا غضب وازرام الشيء إذا انقطع، وازرام الشاعر ازريما إذا انقطع شعره، وازرام الشيء إذا سلب، وازرام إذا تعبض وفيه قول الشاعر: تمري إذا امتحنت من قبل اذرعها ... وتزريم إذا ما مسه المطر ومن السكوت قول الراجز: الفتية غضبان مزريما ... لا سبط الكف ولا خضيما ويقول: لعن الله ما زرمت به أي: ولدته، ولذلك قال الشاعر: ألا لعن الله التي زرمت ... فقد ولدت داعله وغوايلى ويقال: زرم السور وغيره إذا بقي جعدة في دبره، وبه سمي السؤر أزرم ويقال: أزرمت السوق إذا انقطعت، وزرم كلامه إذا قطعه فهو زرم الكلام أي: قليله، وكذلك قال الأخطل: والشافعون مغيبون وجوههم زرموا المقالة بالسّواء الأبصار أي: قد قطعوا الكلام، والمزرم المضيق عليه، ويقال: زرم فلان بأمره إذا ضاق به فلم يدر ما يصنع قوله عليه الصلاة والسلام: " لقد احتظرت واسعا على الحظر الحجر " (1) ، قال الجوهري: قال: وهو ضد الإباحة والمحظور المخرم، وفى أساس الزمخشري حظر عليه كذا حيل معه بينه: (وما كان عطاء ربك محظورا) (2) وهذا محظور غير مباح، وقال ابن دريد: حظرت الشيء

_ (1) طرف من حديث تقدم في هذا الباب. (2) سورة الإِسراء آية: 20.

حظره حظرا فهو محظور: إذا حرمته، والحظار: ما حظرته على غنم أو غيرها بأغصان الشجر أو بما كان وهو الحظر أيضا قال الشاعر: ترى حظرا أذوى به الحي عاضد وقال في كتاب الأسعاف: لما أغار امرؤ القيس بن المنذر عم/النعمان بن المنذر على النمير بن واسط فشيئا شيئا، فأتى بهم الخبرة فحفر لهم حظائر وهم بإحراقهم فكلمه فيهم أبو حوط أخو المنذر بن امرئ القيس لأمه، واسمه مالك ابن ربيعة فوهبهم له فسمى ذو الحظائر، وزعم ابن ماكولا في كتاب الإكمال: أنه بخاء معجمة مضمومة قال: ذكره ابن دريد، ويشبه أن يكون وهما منه على ابن دريد اللهم إلا أن تريدكو يذكر بن دريد سما به الحر لا الضبط، وذلك أنّ الذي ذكره به وغراه له هو من كتاب الوشاح من تأليفه في باب الأزداء ولم يضبطه كعادته في ذلك الكتاب، وذكره في كتاب الجمهرة في باب الحاء المهملة والطاء والواو، وبنحوه قاله في كتاب الاشتقاق، وابن سيدة في كتاب المحكم والوزير أبو القاسم في كتاب أدب الخواص، وسمّاه كعب بن الحارث بن حسم بن هلال بن ربيعة بن زيد معناه بن عامر الصحيان بن سعد الخزرج ونضر بن مزروع في كتاب العلماء من الأشراف وسمّاه الحرث بن زيد مناة، وقد اتبعوا ذلك بشواهده في كتاب الاتصال، وفى رواية لقد تحجرت واشيعا، قال الخطابي: أصل الحجر: المنع، ومنه الحجر على السفيه، وهو منعه عن التصرف في ماله وقبض يده عنه يقول له: قد سبقت من رحمه الله ما وسعه ومنعت منها ما أباحه، والسجل مذكر وهو الدلو إذا كان فيه ماء قلّ أو كثر، ولا يقال لها: وهى فارغة سجل ولا ذنوب والجمع السجال، والسجيلة الدلو الضخمة قال المراجز: خذها وأعط عمك السجيلة ... إن لم يكن عمك ذا حليلة وسجلت الماء فانسجل أي: صببته فانصب وأسجلت الحوض ثلاثة قال: وغادر الأخد والآخاد مترعه ... وأسجل الماء إنها وعد مانا وفى الجمهرة: والجمع سجول وفى الكتابة وقيل: لا يسمى سجلا حتى يكون مملوءة ماء، وقال أبو منصور النيسابوري: حتى يكون فيها ماء قلّ أو

كثر، ولا يقال لها: ذنوب إلا ما دامت ملأى كما أنه لا يقال/كأس إلا إذا كان فيها شراب وإلا فهي زجاجة، وفى الألفاظ ليعقوب: الكأس الإناء والكأس ما فيه من الشراب، ولا يقال مائدة إلا إذا كان عليها طعام وإلا فهو خوان، ولا يقال كوزا إلا إذا كان له عروة وإلا فهو كوب، ولا يقال قلم إلا إذا كان مبريا فإلا هو أنبوبة، ولا يقال: خاتم إلا إذا كان فيه فض فهو فتيحة، ولا يقال فروا إلا إذا كان عليه صوف وإلا فهو جلد ولا يقال ربطة إلا إذا لم يكن نفقين وإلا فهي ملأه، ولا يقال أريكة إلا إذا كان عليها حجلة وإلا فهي سرير، ولا يقال لطمة إلا إذا كان عليها طيب وإلا فهي غير، ولا يقال تفق إلا إذا كان له منفذ وإلا فهو سرب، ولا يقال عهن إلا إذا كان مصوبغا وإلا فهو صوف، ولا يقال لحم قديد إلا إذا كان معالجا بتوابل وإلا فهو طبيخ، ولا يقال خدرا إلا إذا كان مشتملا عن جارية وإلا فهو ستر، ولا يقال ركية إلا إذا كان فيها ماء قلّ أو كثر، ولا يقال محجن إلا إذا كان في طرفه عقافة وإلا فهو عصا، ولا يقال وقود إلا إذا كانت انقدت فيه النار وإلا فهو حطب، ولا يقال عويل إلا إذا كان قد رفع صوت وإلا فهو بكاء، ويقال مور للغبار إلا إذا كان بالريح وإلا فهو وهج، ولا يقال معلول إلا إذا كان في جرن سوط وإلا فهو مشتمل، ولا يقال للطين سباع إلا إذا كان فيه تبن وإلا فهو طين، ولا يقال ثرى إلا إذا كان نديا وإلا فهو تراب، ولا يقال مأزق وما قط إلا في الحرب وإلا فهو مضيق، ولا يقال مغلغلة إلا إذا كانت محمولة من بلد إلى بلد وإلا فهي رسالة، ولا يقال قراح إلا إذا كانت مهيأة للزرع وإلا فهي براح، ولا يقال للعبد ابق (1) إلا إذا كان ذهابه من غير خوف ولا له عمل وإلا فهو هارب ولا يقال لما في الفم رحاب إلا ما دام في الفم فإذا فارقه فهو براق، ولا يقال للشجاع لمي إلا إذا كان نبال الصلاح/وإلا فهو بطل، ولا يقال للطبق مهدا إلا ما دامت عليه الهدبة، ولا يقال للبعير راوية إلا ما دام عليه الماء، ولا يقال للمرأة ظعينة إلا ما دامت راكبة في هودجها، ولا يقال للسرحين فرث إلا ما دام في الكرش، ولا يقال للسرير نعش إلا ما دام عليه

_ (1) قوله: " آبق " أي هارب.

الميت ولا يقال للعظم عرق إلا ما دام عليه لحم، ولا يقال للخيط سمط إلا ما دام فيه خرد، ولا يقال للثوب حلة إلا أن يكون ثوبين اثنين من جنس واحد، ولا يقال للحبل قران إلا إذا قرن فيه بقران، ولا يقال للقوم رفقة إلا ما داموا منضمين في مجلس واحد ومسير واحد فإذا تفرقوا ذهب عنهم اسم الرفقة ولم يذهب عنهم اسم الرفيق، ولا يقال للبطيخ حرج إلا ما كانوا صغار أخضرا، ولا يقال للذهب تبر إلا ما دام غير مدبوغ، ولا يقال للحجارة رصف إلا إذا كانت محماة بالشمس أو بالنّار، ولا يقال للشمس الغدالة إلا عند ارتفاع النهار، ولا يقال للثوب مطرف إلا إذا كان في طرفيه علمان، ولا يقال للمجلس النادي إلا ما دام فيه أهله، ولا يقال للريح جليل إلا إذا كانت باردة ومعها ندى، ولا يقال للمرأة عانق إلا ما دامت في بيت أبوها، ولا يقال للبخيل شحيح إلا إذا كان مع بخله حريصا، ولا يقال للذي عد البرد مرض إلا إذا كان مع ذلك جائعا، ولا يقال للإسراع في السير اهطاع إلا إذا كان معه خوف، ولا اهراع إلا إذا كان معه رعدة، وقد نطق القرآن بهما، ولا يقال للحان كع إلا إذا كان مع جيشه ضعيفا، ولا يقال للمقيم متلوم إلا إذا كان على انبطاء، ولا يقال للفرس محجل إلا إذا كان البياض في قوائمه الأربع أو الثلاث، ولا يقال دود إلا للقليل من أثاث الإبل. ذكره ابن الجوزي في تقويم اللسان، والله تعالى أعلم.

48- باب/الأرض تطهر بعضها بعضا

48- باب/الأرض تطهر بعضها بعضا حدثنا هشام بن عمار ثنا مالك بن أنس ثنا محمد بن عمارة بن عمير بن حزم عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن أم ولد لعبد الرحمن بن عوف أنها سألت أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: إنى امرأة أطيل ذيلي وأمشى في المكان فقالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يطهره ما بعده " (1) . هذا حديث لما خرجه أبو عيسى قال آخره: وروى عبد الله بن المبارك هذا الحديث عن مالك عن محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم عن أم ولد هود بن عبد الرحمن ابن عوف عن أم سلمة وهو وهم، وليس لعبد الرحمن بن عوف ولد يقال له: هود إنّما هو عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة وهو الصحيح، ورواه أبو قرة في سننه ثنا أبو حنيفة ثنا أبو قرة ذكر مالك، ورواه أبو داود الكجي في سنه وابن وهب في مسنده عن القعنبي عن مالك فقال: عن أم ولد لإبراهيم، وذكره ابن الجارود في منتقاه ثنا يعقوب الدوري ثنا عبد الله بن إدريس ثنا محمد بن عمارة لرواية سليمان بن الأشعث فتبّين بما

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (143) وقال: وفي الباب عن عبد الله بن مسعود قال: " كُنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نتوضأ من الموطأ ". وقال: وهو قول غير واحد من أهل العلم، قالوا: إذا وطيء الرجل على المكان القذر أنه لا يجب عليه غُسل القدم، إلا أن يكون رطبا فيغسل ما أصابه. ورواه أبو داود (383) والدارمي (1/189) وابن ماجة (531) ثلاثتهم من طريق مالك. ورواه مالك من طريق يحيى (1/47) ومن رواية محمد بن الحسن (ص 163) . ثلاثتهم من طريق مالك. وعندهم جميعا: " عن أم الولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف " كما سيصححه الترمذي في آخر هذا الباب، وهو الصواب. والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري. وقال القاضي أبو بكر بن العربي: " هذا الحديث مما رواه مالك فصح، وإن كان غيرِه لم يره صحيحا ". والعلة فيه جهالة أم للولد هذه. وقال الذهبي في الميزان: " حميدة سألت أم سلمة، هي أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، تفرّد عنها محمد إبراهيم التيمي ". وأما ابن حجر في التهذيب فإنه يجزم بأن حميدة هي أم الولد بل جوّز ذلك فقط، وقال في التقريب: إنها مقبولة. وهذا هو الراجح، فإن جهالة الحال في مثل هذه التابعية لا يضر، وخصوصا مع اختيار مالك حديثها وإخراجه في موطئه، وهو أعرف الناس بأهل المدينة، وأشدهم احتياطا في الرواية عنهم. قلت: وللحديث شواهد صحيحه. وعلى هذه الشواهد صححه الشيخ الألباني.

ذكرناه صحة قول أبي عيسى وضعف قول من خالفه، ولما ذكره أبو محمد في مسنده قيل له أنا محمد أتاخذ بهذا الحديث؟ قال: لا أدري، وقال أبو سليمان الخطابي: في إسناد هذا الحديث يقال أم ولد إبراهيم مجهولة لا يعرف حالها في الثقة والعدالة، وبنحوه قال الخزرجى حدثنا أبو كريب ثنا إبراهيم بن إسماعيل اليشكري عن ابن أبي خيثمة عن داود بن الحسين عن أبي سفيان عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله إنا نريد المسجد فنطأ الطريق النجسة فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يطهر بعضها بعضا " (1) ./هذا حديث معلل بأمور: الأول: الاختلاف في حال ابن أبي حبيبة قال ابن عدي: ذكر هذا الحديث في ترجمة إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة في جملة أحاديث أنكرت عليه، ثم قال: وابن أبي حبيبة صالح في باب الرواية يكتب حديثه مع ضعفه كما حكى عن ابن معين ولفظه: " الطرق يطهر بعضها بعضا" (2) . وقال الإمام أحمد: كان ثقة، وقال ابن سعد: كان مصليا عابدا صام ستين سنة وكان قليل الحديث، وقال العجلي: حجازي ثقة، وقال البخاري: منكر الحديث وقال أبو عبد الرحمن: مدني ضعيف، وقال أبو الحسن: متروك، وقال الدوري عن ابن معين: ليس بشيء، وقال عثمان بن سعيد عنه: صالح ولا يحتج به، وقال أبو إسحاق الحربي: كان شيخا صالحا وله فضل ولا أحسبه حافظا، وقال أبو داود فيما حكاه الآجري عنه- يعني عن ابن معين-: ضعيف، وفى رواية معاوية بن صالح عن عبد الله بن عامر الأسلمي وخالد بن إلياس وابن أبي حبيبة: كلّ هؤلاء ليسوا بشيء. قلت ابن أبي حبيبة مثلهم قال: هو أصلح منه، وقال الساجي: في حديثه لين، وقال أبو جعفر العقيلي: له غير حديث لا يتابع على شيء منه، وذكره الحافظ أبو العرب في كتاب الضعفاء. الثاني: أبو سليمان داود بن الحصين الأموي وإن كان قد خرجا حديثه في صحيحيهما فقد قال أبو حاتم: ليس بالقوي، ولولا أنّ مالكا روى

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجه في: 1- كتاب الطهارة، 79- باب الأرض يطهر بعضها بعضا، (ح/532) . في الزوائد: إسناده ضعيف. فإن اليشكري مجهول. قال الذهبي: وشيخه مما اتفقوا على ضعفه. وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/118) . (2) ضعيف. رواه ابن عدي في " الكامل ": (1/236) .

حديثه لترك حديثه وقال أبو أحمد الجرجاني: صالح الحديث إذا روى عنه ثقة إلا أن يروى عنه ضعيف فيكون البلاء به مثل ابن أبي حبيبة وابن أبي يحيى، وقال ابن حبان: حديثه عن الثقات ما لا يشبه حديث الإثبات يجب مجانبة روايته، وقال أبو زرعة الرازي: لين، وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: أحاديثه عن عكرمة مناكير وأحاديثه عن شيوخه مستوفية، وفى كتاب العقيلي ثنا محمد بن زكريا البجلي ثنا الحسن/بن شجاع، قال: سمعت علي بن المديني يقول: مرسل الشعبي وسعيد بن المسيب أحب إلي من داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس، وقال الحافظ أبو زكريا الساجي: كان متهما برأي الخوارج منكر الحديث، وأبوه حصين روى عن جابر وأبي رافع وحديثه ليس بالقائم حدثنى أحمد بن محمد قال: سمعت المعيط يقول لخلف المخرمي ويحيى بن معين وابن أبي شيبة وهم قعود كان مالك بن أنس يتكلم في سعد بن إبراهيم سيّد من سادات قريش، ويروى عن داود بن حصين وثور الديلمي وكانا خارجين حسن فما تكلم أحد منهم بشيء، وقال أبو عمر بن عبد البر: كان متهما بالقدر وقد احتمل، وقال البرقي في كتاب الطبقات باب من، تكلم فيه من الثقات لمذهبه من أهل للمدينة: ممن كان يرمى منهم بالقدر داود بن حصين. والثالث: إبراهيم اليشكري لم أر أحدا عرف حاله، ولا ذكره بأكثر مما في هذا السند ولا ذكر عنه راويا غير محمد بن العلاء والله أعلم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن موسى ابن عبد الله بن يزيد عن امرأة من بنى عبد الأشهل قالت: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: إن بيني وبن المسجد بقاء قذرا قال: " فبعدها طريق أنصف منها قلت نعم، قال: هذه بهذه " (1) انتهى. هذا حديث رواه أبو داود عن الثعلبي وأحمد بن يونس قالا: نا زهير حدثنا عبد الله بن عيسى ولفظه: " ان لنا طريق إلى المسجد منتنا كيف نفعل إذا مطرنا؟ قال: أليس بعدها طريق أطيب

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/ 384) وابن ماجة (ح/ 533) وأحمد في " المسند " (6/ 435) والبيهقي في " الكبرى " (2/434) وابن أبي شيبة في " المصنف " (1/56) والكنز (27281) . وصححه الشيخ الألباني.

منها؟ قالت: بلى. قال: فهذه هذه "، وإسناده صحيح، وخرجه الحافظ أبو محمد في منتقاه عن محمد بن يحيى ثنا أبو داود ثنا زهير وشريك عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي/ليلى لفظ: " أن لنا طريقا منتنه ". ولما ذكره أبو محمد الإشبيلي لم يرد على أن أبرز من سنده موسى والأشهلية كذا هو في الأحكام، وحكي أبو الحسن بن الحصار تلميذه أنّه صحّحه وتبع الحافظ ابن القطان على سكوته عن عبد الله بن عيسى راوية بأنه لا يعرف قال: وليس بابن أبي ليلى فاعله. انتهي كلامه. وفيه نظر، من حيث زعمه بغير دليل أنّ ابن عيسى هذا ليس معروفا، قال: وليس بابن أبي ليلى وليس كما زعم كما أسلفناه قبل، ولا ما لم ير من روي عنه شريك وروي عن موسى بن عبد الله غير ابن أبي ليلى المخرج حديثه في الصحيح ولا في هذه الطبقة شريكا له فيما ذكره البخاري، وأبو محمد بن أبي حاتم وأبو حاتم البستي وغيره؛ فإنّه نص عليه وعينه في بابه وباب شيخه وهو الصواب، وأمّا قول أبي سليمان الخطاب في إسناده مقال لكونه عن امرأة من بني عبد الأشهل مجهولة، والمجهول لا يقوم به حجة في الحديث، فمردود بما عليه جماعة المحدثين من أنّ جهالة اسم الصحابي غير مؤثره في صحة الحديث، قال أبو سليمان: قوله يطهرن ما بعده كان الشّافعي يقول: إنّما هذا فيما أُجر على ما كان يابسا لا يعلّق بالثّوب منه شيء، وأمّا إذا أجر على رطب فلا يطهره إلا الغسل. وقال الإمام أحمد: ليس معناه إذا أصابه بر (1) بعده على الأرض أنها تطهره، ولكنه يمر بالمكان فتقذره ثم يمرّ بمكان أطيب منه فيكون هذا بذاك ليس على أنّه يصيبه منه شيء. وقال مالك: إنّما هو أن يطأ الأرض القذرة ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة فانّ بعضها يطهر بعضا، فأماّ النجاسة مثل البول ونحوه تصيب الثوب أو بعض الجسد، فإنّ ذلك لا يطهره إلا الغسل. قال: وهذا إجماع الأمة، والله تعالى أعلم.

_ (1) قلد كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". ومقصد كلام المصنف: أن الثوب المبلل ببول نجس فإن الأرض تُطهره.

49-باب مصافحة الجنب

49-بابُ مُصافحة الجُنب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل ابن علية عن حميد عن بكر بن عبد الله عن أبي نافع عن أبي هريرة أنه لقيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طريق من طرق المدينة وهو جنب، فانسل، فقعد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما جاء قال: أين كنت يا أبا هريرة؟ قال: يا رسول الله لقيتني وأنا جنب فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المؤمن لا ينجس ". (- أ) هذا حديث أجمع على تخريج أصله الأئمة الستة (1) - رحمهم الله تعالى- إلا أن مسلما رواه مقطوعا، وأنّ علي الإِمام بدر الدين يوسف بن عمر أخبركم الحافظ رشيد الدين قراءة عليه قال: وقع في مسلم إسناد هذا الحديث فما رأيته من النسخ مقطوعا حميد عن أبي رافع قال: وكذلك هو من روايتنا من طريق الجلودي، وقد سقط من إسناده وحل من حميد وأبي رافع وهو بكر بن عبد الله المزني، قال حميد: إنّما يروى هذا الحديث عن بكر بن أبي رافع كذلك أخرجه البخاري وأبو داود فمن بعده في سننهم بلا خلاف أعلمه بينهم في ذلك، وكذلك رويناه في مسند ابن أبي شيبة ولذلك هو في مسند الإِمام أحمد، وقد ذكر أبو مسعود وخلف الواسطي أنّ مسلما أخرجه أيضا كذلك إلا أنِي لم أره في جميع النسخ التي رأيتها من كتاب مسلم إلا مقطوعا، وكذلك قال الحافظ أبو علي الجياني أنه وقع إسناد هذا الحديث في النسخ كلها حميد عن أبي رافع قال: وفي هذه الرواية انقطاع إّنما يرويه حميد عن بكر عنه وقال أبو الحسن في كتاب الوهم والإِبهام: وكذلك رواه ابن السكن من رواية عبد الرحمن بن بشر بن الحكم عن يحيى بن سعيد عن حميد عن بكر قال: فإذن

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/93) وابن ماجه (534) وتغليق (464) وإتحاف (9/179) والمغني عن حمل الأسفار (4/146) وأبو حنيفة (33) ورواه مسلم في (الحيض، 115، 116) وأبو داود (231) والنسائي في (الطهارة، باب " 171 ") واحمد (2/ 235، 382، 471، 5/384، 402) .

إنما يقرره/عن يحيى بن سعيد عن زهير بن حرب اسقط منه نكرا من بيتهما. انتهي كلامه. وفيه نظر؛ من حيث زعم أنّ المقصر له هو ابن حرب- يعني: وحده-، وليس كذلك؛ بل المقصر به مسلم أيضا عن شيخه الذي رواه عنه أبو بكر بن أبي شيبة فإن أبا بكر رواه متصلا كرواية الجماعة كما تقدم من عند ابن ماجة ومسلم قصر به عنه على هذا، والله أعلم. وأمّا إنكار العطار قول أبي مسعود وخلف فكذلك هو فيما رأيت من النسخ ولكن يشبه أن يكون قولهما صحيحا لما ذكره الحافظ أبو نعيم في كتاب المستخرج: حدثنا حبيب بن الحسن ثنا يوسف بن يعقوب القاضي ثنا محمد بن أبي بكر ثنا يحيى بن سعيد ح وثنا محمد أبو محمد بن حيان ثنا أحمد بن الحسين الحذاء ثنا علي بن المديني ثنا يحيى بن سعيد ح وثنا محمد بن إبراهيم بن علي وعبد الله بن محمد بن جعفر قالا: ثنا أحمد بن علي ثنا أبو خيثمة ثنا يحيى بن سعيد ح وثنا محمد بن حسان ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا أبو بكر بن أبي - شيبة ثنا ابن علية عن حميد عن بكر عن أبي نافع عن أبي هريرة أنه لقيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طريق.. الحديث. قال: رواه مسلم عن زهير بن جرير عن يحيى بن سعيد وعن أبي بكر عن إسماعيل ابن علية جميعا عن حميد ح فلعل من ذكرناه رأى ذلك في نسخة لم يقع إلى غيره، والله أعلم. وكذا فعله البغوي في شرح السنة لما رواه عن عباس ثنا عبد الأعلى ثنا حميد عن بكر هو ابن عبد الله المزي عن أبي رافع فقال: رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن ابن علية عن حميد، والله أعلم. ثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ثنا أبو الحرث الظاهري ثنا الحسن بن محمد بن حكيم ثنا البوالموجه ثنا ابن أبي شيبة ثنا ابن علية ثنا حميد عن بكر عن أبي رافع عن أبيِ هريرة: " أنه لقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث ". قال: هذا حديث متفق (1) على صحته/أخرجه مسلم عن أبي بكر عن إسماعيل عن حميد حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع ح وثنا إسحاق بن منصور ثنا يحيى بن سعيد جميعا عن مسعر عن واصل إلا حديث

_ (1) الحاشية السابقة.

عن أبي وائل عن حذيفة قال: " خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلقيني وأنا جنب فحدث عنه فاغتسلت ثم جئت ". قال مالك: قال: كنت جنبا قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن المسلم لا ينجس ". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه ولفظ ابن حبان (1) في صحيحه: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا لقي الرجل من أصحابه ماسحه ودعا له قال: فرأيته يوما بكرة فحدّث عنه ثم أتيته حين ارتفع النهار، فقال: إني رأيتك فحدث عني " الحديث (2) . وفي باب حديث ابن مسعود رواه أبو عبد الرحمن إسناد صحيح عن إسحاق بن منصور ثنا يحيى ثنا مسعر حدثني واصل عن أبي وائل عن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقيه وهو جنب فأهوى إلي فقلت: إني جنب. فقال: " إن المسلم لا ينجس ". وهو حديث ثابت في سائر نسخ النسائي، ولم يذكره صاحبا الأطراف ابن عساكر والمزي، وقال أبو عيسى: وفي الباب عن ابن عباس فلعل أن عبد الله هذا هو ابن عباس وليس بابن مسعود فليعلم أن شقيقا لم يرو عن ابن عباس شيئا في كتب الأئمة، والله أعلم. ولم نر لابن عباس حديثا فيما نعلم إلا ما ذكره البخاري معلّقا عنه: " المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا". ولما ذكره أبو عبد الله في مستدركه قال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، وروى الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه ثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال: سألت عائشة: " عن الرجل يأتي أهله ثم يلبس الثوب فيعرق فيه، أنجس ذلك؟ ففْالت: قد كانت المرأة تعدّ خرقة أو خرقا فإذا كان ذلك مسح بها الرّجل الأذى عنه ولم/يرى أن ذلك ينجسه ".

_ (1) قوله: " ابن حبان في " وردت " بالأولى " " كان ابن حبان إذا " والصحيح " الثانية " وكذا أثبتناه. (2) صحيح. رواه النسائي في: الطهارة، باب " 73 " (ص 145 ج 1) . قوله: " لا ينجس " بفتح الجيم وضمها أي: الحدث ليس بنجاسة تمنع عن المصاحبة وتقطع عن المجالسة وأنما هو أمر تعبدي أو المؤمن لا ينجس أصلا، ونجاسة بعض الأعيان اللاصقة بأعضائه أحيانا لا توجب نجاسة الأعضاء نعم تلك الا عيان يجب الاحتراز عنها فإذا لم تكن فما بقي إلا أعضاء المؤمن إذ ليس هناك عين نجسة لاصقة به، والمؤمن من لا ينجس هذه الصفة فلا نجاسة، والله تعالى أعلم.

وفي حديث عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قالت " ثم صليا في ثوبهما " وسيأتي حديث معاوية عن أخيه عن أم حبيبة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي في الثوب الذي يجامعها فيه " (1) . وابن علي شيخينا العلامة أبي الحسن المكي- رحمه الله تعالى- أخبركم علامة دهره وفريد عصره شمس الدين الخرق بقراءتكم عليه في رجب سنة تسع وستين وستمائة ثنا الفقيه رشيد الدين زاهر بن محمد بن أحمد بن وكيع المرورزدي ثنا الإمام شيخ الإسلام أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله المرورزدي ثنا محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود قال: معنى قول ابن عباس: " أربع لا ينْجُسُن الإنسان والثوب والماء والأرض يريد الإنسان لا يجنب بمماسة الجنب ولا الثوب إذا ألبسه الجنب ولا الأرض إذا أفضى إليها الجنب ولا الماء ينجس إذا غمس الجنب يده " فيه، وفي كتاب الدارقطني من حديث المتوكل بن فضل عن أم القلوص الغاضرية عن عائشة قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرى على الثوب جنابة ولا على الأرض جنابة ولا يجنب الرجل الرجل " (2) ، وقال عطاء: يحتجم الجنب ويقلِّم أظفاره ويحلق رأسه وإن لم يتوضأ. وقال الحافظ رشيد الدين قول أبي هريرة فأنجست منه فئة أربع روايات: فانبجست بنون ثم باء معجمة بواحدة بعدها جيم ومعناه أنرفعت منه، وقال الترمذي: معناه تنجست عنه. الثانية: فأنجست منه بنون بعدها خاء معجمة ثم نون ومعناها انقبضت وتأخرت عنه. الثالثة: فاختنست بتقّدم الخاء المعجمة وبعدها تاء معجمة باثنتين من فوقها ثم نون ومعناها معنى التي قبلها. الرابعة: فأنتجست بنون ثم تاء معجمة باثنتين من فوقها ثم جيم ومعناها: اعتقدت لعسى أصير نجسا لا أصلح لمجالسة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا على تلك الحالة، وقد ذكر في هذه الكلمة قول خامس وهو فانبجست بنون ثم ياء معجمة بواحدة بعدها خاء معجمة/من البخس وهو

_ (1) حسن. رواه أبو داود (366) والنسائي في (الطهارة باب " 183 ") وأحمد (6/ 217) وابن أبي شيبة (2/482) والكنز (21706) والخطيب (7/ 407) . (2) صحيح. رواه الدارقطني: (1/125) .

النقص، فإن صحت هده الرواية فقد ذكر بعض العلماء أنّ معناها أنّه طهّر له نقصان عن مما شاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما اعتقده في نفسه من النجاسة فرأى أنّه لا يقارنه ما دام في تلك الحال، وقال الحافظ: ومعنى هذه الأقوال يرجع إلى شيء واحد وهو الانفصال والمزايلة على وجه التوقير والتعظيم له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر الحافظ أبو محمد المنذري فيه قولا سادسا وهو فانتجشت بنون وتاء ثالث الحروف وشين معجمة من النجش وهو الإسراع، قال الزمخشري: والأصل فيه سفيان الوحش من مكان إلى مكان وفي الحديث: " نهي عن النجش " (1) . شفير النّاس من شيء إلى غيره، وذكر بعضهم قولا سابعا وهو فاحتبست بحاء مهملة وبعد التاء باء وسين مهملة من الاحتباس، والله أعلم. قال ابن المنذر: وأجمع عوام أهل العلم على أن عرق الجنب طاهر، وثبت عن ابن عمرو وابن عباس وعائشة أنهم قالوا ذلك، وهو مذهب الشافعي والنعماني ولا أحفظ عن غيرهم خلاف قولها، قال أبو بكر: وعرق اليهودي والنصراني والمجوسي عندي طاهر. وخالف قوله هذا أبو محمد بن حزم فزعم أنّه منهم نجس تمسكا بقوله عليه الصلاة والسلام: " أن المؤمن لا ينجس " وبقوله سبحانه: (إنّما المشركون نجس) (2) والله أعلم. واستنبط أبو حاتم البستي من حديث أبي هريرة أنّ الجنب إذا وقع في البئر وهو ينوي الاغتسال لا ينجس ماء البئر خلافا لمن قال ذلك وقوله سبحان الله قال أبو بكر بن الأنباري في الكتاب الزاهر: معنى سبحانك تنزيها لك يا ربنا من الأولاد والصحابة والشركاء أي: نزهناك من ذلك، قال الأعشى: أقول لما جاء في فخره: سبحان من علقمة الفاخر أراد تنزيها لله من فخر علقمة.

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (2173) وأحمد (2/63، 108، 156) وشرح السنة (8/ 121) وأسرار (323) والشافعي (172) وحبيب (2/41) . وصححه الشيخ الألباني. قوله: " النجش " هو أن يمدح السلعة ليروجها. أو يزيد في الثمن ولا يريد شراعها ليضر بذلك غيره. (2) سورة التوبة آية: 28.

وفي كتاب الإشقاق (1) للبخاري تعجب الأعشى بالتسبيح من فخره كما يقول القائل إذا تعجب: سبحان الله/، وقال القزاز: معناه: برأة الله من السوء قال الجوهري: إنّما لم يبنون؛ لأنه معرفة عندهم وفيه سنة التأنيث. قال ابن الأنباري: ويكون التسبيح الاستثناء من ذلك قوله تعالى: (ألم أقل لكم لولا تسبحون) (2) معناه: قال: أعد لهم قولا هلا تسبحون، ويكون التسبيح الصلاة من ذلك ما روي عن الحسن أنه كان إذا فرغ من سبحه قال: ... الحديث معناه إذا فرغ من صلاته وفيه قوله تعالى: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) (3) قال أبو عبيدة: معنى نسبح لك بحمدك ونصلي لك، ويكون التسبيح النور من ذلك لولا ذلك لأحُرقت سبحات وجهه ما أدركت من شيء ويكون من البرية قال تعالى: (قالوا سبحانك لا علم لنا) (4) . وقال الفراء: سبحانك منصوب على المصدر، كأنك قلت: سبحت الله تسبيحا، فجعل السبحان في موضع التسبيح كما يقول: كفّرت عن يميني تكفيرا، ثم نجعل الكفران في موضع التكفير فيقول: كفرت عن يميني كفرانا، قال زيد بن عمرو بن نفيل أو ورقة بن نوفل: سبحان ذي العرش سبحانا يدوم له رب البرية فرد واحد حمد سبحانه ثم سبحانا تعود له وقبلنا سبح الجودي والحميري، وفي الأساس: سبّحت الله وسبّحت له وكبرت بسبحانه وتسابيحه، ومن المجاز وسبحان من يعجب منه وأسألك بتسبيحات وجهك، وقال أبو موسى الحافظ في كتابه المغيث. سبحان الله قائم مقام الفعل أي: اسمه، وسبحت أي: لفظت بسبحان الله، وقيل: معنى سبحان الله: التسرع إليه ولحقه في طاعته من قولهم قرش سابح، وذكر النضر بن شميل أنّ معناه: الشرعة إلى هذه اللفظة؛ لأن الإنسان يبدأ فيقول: سبحان الله، وذكر أنه

_ (1) قوله: " الإشقاق " وردت " بالأصل " " الإشقار " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من " الثانية ". (2) سورة القلم آية: 28. (3) سورة البقرة آية: 30. (4) سورة البقرة آية 320.

سأل في المنام عن هذا ففسّر له هكذا أو قوله أنّ المؤمن لا ينجس، قال أبو نصر: يقال: نجس الشيء ينجس نجسا فهو نجس ونجس أيضاً. وقال الفراء: إذا قالوه مع الوحي أتبعوه إيّاه قالوا رجسّ نجس بالكّسر وأنجسه غيره ونجسه بمعنى،/وقال القزاز: النجس فيه ثلاث لغات النجس بكسر النون وبفتحها وفتح الجيم، وكل شيء قذر فهو نجس والجمع أنجاس يقول هو نجس وهم أنجاس، وفي بعض اللغات فقال للواحد: نجس وللجمع نجس، وذاك إذا لم يكن على طهارة من الجنابة، وفي كتاب ابن القوطبة: وعلى فعِل وفعُل ينج الشيء نجُس نجسا ونجاسة ضد طهر، وفي كتاب المطالع: ينجُ بضم الجيم وفتحها، يقال: ثوب نجس ونجس وكذلك في التثنية والجمع والذكر والأنثي. قاله الكسائي، وقال غيره: إنما يقال بفتحهما فإذا أتبعته الرجس كسرت النون.

50- باب المني يصيب الثوب

50- باب المني يُصيب الثوب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبدة بن سليمان عن عمرو بن ميمون سألت سليمان بن يسار عن الثوب يصيبه المني أتغسله أو يغسله الثوب قال سليمان قالت عائشة: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصيب ثوبه فيغسله من ثوبه ثم يخرج في ثوبه إلى الصلاة وأنا أرى أثر الغسل فيه ". وهذا حديث خرجه الأئمة الستة (1) في كتبهم، وفي لفظ للبخاري: كنت أغسل الجنابة، وفي لفظ لمسلم: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغسل موضع المني "، وفي لفظ: " أني كنت لأغسله من ثوب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وفي صحيح الإسماعيلي: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أصابه مني غسله، ثم يخرج إلى الصلاة، وأنا أنظر إلى بقعة من أثر الغسل في ثوبه " (2) ، وفي صحيح الجوزجاني: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أصاب ثوبه المني غسل ما أصاب منه ثوبه، ثم خرج إلى الصلاة: وأنا أنظر إلى البقع في ثوبه ذلك في موضع الغسل "، وفي سنن أبي الحسن: " أني كنت لأتبعه من ثوب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأغسله "، ولفظ أبي داود: (3) " ثم أراه فيه بقعة أو بُقعا "، وفي البزار:/إنما يروى الغسل عن عائشة من وجه ونحوه قاله الإمام، وقال البزار: رواه عمرو بن ميمون عن سليمان بن يسار عنها ولم يسمع سليمان من عائشة. انتهي كلامه. وفيه نظر؛ لما ثبت في صحيح البخاري من حديث عبد الواحد عن عمرو عن سليمان قال: سألت عائشة عن المني يصيب الثوب، وفي رواية محمد بن بشر عد مسلم عن عمرو بن ميمون قال سألت

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 56 ") ومسلم في (الطهارة، باب " 32 " رقم 108، 108 مكرر) والبيهقي (2/419) وابن ماجة (ح/536) وابن أبي شيبة (1/84) والنسائي (1/156) وأبو عوانة (1/205) والمشكاة (494) والمعاني (1/50) وأحمد في " المسند " (6/47، 142، 162) والترمذي (ح/117) وقال: هذا حديث حسن صحيح. (2) صحيح. رواه أحمد (6/235) والبيهقي (2/418) وأبو عوانة (1/203) والدارقطني (1/125) والخطيب (11/235) والمنتقى (138) . (3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 134- باب المني يصيب الثوب، (ح/ 373) .

سليمان بن يسار عن المني يصيب الثوب، فقال: حدثتني عائشة ... الحديث. وأما إنكارهما الغسل إلا من وجه واحد ففيه نظر أيضا ذكره الدارقطني بإسناد صحيح فقال: ثنا محمد بن مخلد ثنا أبو إسماعيل الرمدي ثنا الحميدي ثنا بشر بن بكر ثنا الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عنها قالت: " كنت أفرك المني من ثوب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن كان يابسا، وأغسله إن كان رطبا ". وخرجه أبو عوانة في صحيحه (1) عن محمد بن إدريس وراق الحميدي والصائغ عن أثوب بن إسحاق عن الحميدي وفيه فأمسحه أو أغسله شك الحميدي إذا كان رطبا، وفي صحيح ابن خزيمة، وفي حديث ابن هارون ثنا عمرو بن سليمان قال: أخبرتني عائشة ... فذكره وذكر البزار (2) من حديث ثابت بن حماد أبي يزيد القائل فيه أبو الفتح الأزدي وغيره متروك غير علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عمار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إنّما يغسل ثوبك من البول والغائط والمني من الماء الأعظم والدم والقيء "، قال: لا نعلم يروي / ثابت إلا هذا الحديث، وقال أبو القاسم في الأوسط: لا يروي هذا الحديث عن ابن المسيب إلا علي بن زيد. تفرّد به ثابت بن حمّاد، ولا بروى عن عمار إلا بهذا الإسناد، وليس معارفيها لهذه الأحاديث، يعني: حديث الفرك وحديث سليمان عنها.

_ (1، 2) صحيح. رواه أبو داود (ح/372) والنسائي (1/156) وأحمد (6/132، 133) وأبو عوانة (1/204) والمشكاة (495) وشرح السنة (2/89) وشفع (50) والبزار، الشافعي (345) ومعاني (1/49، 50) والمجمع (1/279) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف. وصححه الشيخ الألباني. (الإِرواء: 1/196) .

51- باب فرك المني من الثوب

51- باب فرك المني من الثوب /حدثنا محمد بن طريف ثنا عبدة بن سليمان عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحرث عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: " ربما فركته من ثوب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي ". حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معونة عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحرث قال: نزل بعائشة ضيف فأمرت له بملحفة لها صفراء فاحتلم فيها فاستحيا أن يرسل بها، وفيها أثر الاحتلام فغسلها في الماء ثم أرسل بها فقالت عائشة: " لِم أفْسد علينا ثوبنا إنما كان يكفيه أن يفركه بأصبعه ربما فركته من ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصبعي ". هذا حديث خرّجه مسلم (1) - رحمه الله تعالى- في صحيحه أصله، وفي لفظ له من حديث شعيب بن عروة عن عبد الله بن شهاب الخولاني قال: " نازلا على عائشة فاحتلمت في ثوبي فغسلتها فرأتني جارية لعائشة فأخبرتها فبعثت إلى عائشة فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبك ... " الحديث. وفي لقد رأتني وإنّي لأحكّه من الثوب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بظفري حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: " لقد رأتني أحتّه في ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاحته عنه " هـ. هذا حديث خرجه مسلم (1) أيضا، وقال البزار: وحديث إبراهيم عن الأسود عن عائشة قد روي من وجوه: فرواه مغيرة والأعمش وأبو معشر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، ورواه منصور والحاكم عن إبراهيم عن همام، ورواه ابن أبي نجيح وحميد الأعرج عن مجاهد عنها، ورواه الزهري عن عروة عنها، ورواه يحيى بن سعيد عن عروة والقاسم عنها، ورواه عنها غير من ذكرنا أيضا، وفي الكامل من رواية أحمد بن أبي أوفى عن عباد بن منصور عن عطاء عنها قالت: " لقد رأيتني/أفرك الجنابة من ثوبه عليه الصلاة والسلام ثم لا أغسل مكانه " وقال:

_ (1) صحح. رواه مسلم في: 1- كتاب الطهارة، 32- باب حكم المني، (ح/109) . (2) صحيح. رواه مسلم في: 1- كتاب الطهارة، 32- باب حكم المني، (ح/107) . قوله: " الحث " هو الحك بطرف حجر أو عود.

هذا حديث مستقيم دائما أنكر- يعني: على أحمد بن أبي أوفى- مخالفته أصحاب شعبة، وقد وجدناه من طريق أحمد فسلم من المخالفة كما زعم، قال أحمد بن منيع في مسنده: أبو قطن ثنا عباد بن منصور نذكره وذكره أبو جعفر الطحاوي في شرح الآثار من حديث الأوزاعي عن عطاء عنها، وذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث ابن حرب عنها، وقال: لم يروه عن سعيد إلا جعفر بن أبي المغيرة ولا عن جعفر إلا منذر تفرد به عون بن سلام، ورواه أيضا عن أبي شبانة النخعي عنها، وقال: لم يروه عن أبي شبانة إلا برد بن زياد تفرد به ابن القاسم، ورواه أيضا من حديث أبي القيس سعيد بن زبير قال: حدثني أبي عنها من حديث عائشة بنت طلحة بلفظ: " رُّبما حككت المني ". وقال: لم يروه عن أبيه طلحة إلا كامل أبو العلاء ولا منه إلا خالد بن يزيد تفرد به العباس بن محمد ولفظه: " أفركه من ثوبه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1) يعني: المني. ومن حديث ابن مجلز عن الحرث بن نوفل عنها بمثله، وفي لفظ عنده: " كنت أفركه من مرط رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكانت مروطنا يومئذ الصوف "، وقال البيهقي في المعرفة: بين عائشة ومحارب منقطع ولفظ: " من ثياب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة " (2) وقال الخلال: سئل أحمد عن حديث/جعفر عن الزهري عن هارون عن عائشة: " كنا نراه في مرط أحدانا لم يفركه " (3) فقال أبو عبد الله: ما أنكره، وفي لفظ لابن خزيمة في صحيحه من حديث الأسود عنها: " لقد كنت أحك الجنابة من ثوبه كالنخامة " وفي محارب بن دثار

_ (1) صحيح. رواه مسلم في: 2- كتاب الطهارة، 32- باب حكم المني، (ح / 106) ، والنسائي: (1 / 156) ، وأحمد (6 / 132، 213) ، والمشكاة: (495) ، وشرح السنة: (2 / 89) ، والشافعي: (345) . وصححه الشيخ الألباني: (الإِرواء: 1 / 196) . (2) صحيح. رواه مسلم في صحيحه بلفظ: " كنت أفركه من ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": 2- كتاب الطهارة، 32- باب حكم المنى، (ح / 106) . (3) في سنن أبي داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع بن الجراح، ثنا طلحة بن يحيى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة، قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالليل وأنا جنبة وأنا حائض وعلي مِرط لي وعليه بعضه. 1- كتاب الطهارة، 133- باب في الرخصة في ذلك، (ح / 370) .

عنها: " أنها كانت تحتّ المني من ثوبه عليه الصلاة والسلام وهو يصلي " وذكر الكلام عن عباد في كتاب الحلال عن أحمد، وزاد حماد بن سلمة فيه زيادة حسنه فكان يُصلِّي فيه وقال فيها: قلت لأحمد: أي شيء ترى من حديث عباد بن منصور؟ قال: كان يحّدث عن القاسم عن عائشة: " كنت أفرك المني من ثوبه عليه الصلاة والسلام " (1) قلت: وهذا منكر. قال:/نعم من وجه القاسم في كتاب ابن حزم روينا من طريق أبي عن سفيان فمرة قال عن الأعمش ومرة قال عن منصور ثم استمر عن إبراهيم عن همام بن الحرث عن عائشة في المني: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر بحتّه " قال: تفرّد به أبو حذيفة موسى بن مسعود البصري وهو ضعيف مصحف كثير الخطأ يروي عن سفيان البواطيل قال الإمام أحمد: قرشية لا شيء كان سفيان الثوري الذي يحدّث عنه أبو حذيفة وليس سفيان الذي يحدّث عند الناس، قال ابن المنذر: اختلفوا في طهارة المني: فممن غسله من ثوبه عمر بن الخطاب، وأمر بغسله جابر بن سمرة وابن عمر وعائشة وابن المسيب، وقال مالك غسل الاحتلام من الثوب أمر واجب مجتمع عليه عندنا، وعلى هذا مذهب الأوزاعي والثوري غير أنّ الثوري مقدره بالدرهم، وفيه قول ثان وهو أنّه طاهر يفرك من الثوب. وممن رأى أن يفرك من الثوب: سعد بن أبي وقاص وابن عمر، وقال ابن عباس: أمسحه بخرقة ولا يغسل إن شئت. وقال ابن المسيب: إذا صلى فيه لم يعدو المني عند الشّافعي وأبي ثور ليس بنجس. وقال أحمد: يفركه. وقال أصحاب الرأي: إذا جف فحته بخرقة. وقال أبو بكر: والمني طاهر، واختلفوا في المني يصيب الثوب يحتّ مكانه فكان عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- يقول: يغسل وينضح ما لم يرو، وقال ابن عباس: ينضح الثوب. وفيه قال النخعي وحماد: وقال عطاء: أرشّه. وقالت عائشة: إن رأيته فأغسله وإن تره فانضحه. وفي مسند ابن منيع الكثير ثنا إسحاق بن يوسف ثنا محمد بن مضر

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/372) وسكت عنه والنسائي (1/156) وأحمد (6/132، 213) والمجمع (1/279) وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف. والمشكاة (495) وأبو عوانة (1/ 204) وشرح السنة (2/89) وشفع (50) والشافعي (345) ومعاني (1/49) . قلت: وهو بمجموع طرقه فالحديث حسن.

عن محارب عنها إنّها كانت تحت المني من ثوب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة وكان ابن عمر وأبو هريرة والحسن يقولون: إذا حتّ مكانه غسل الثوب كله. وفيه قول ثالث: وهو أنّ الفرك بجزئه فإن كان لا يدري مكانه فرك الثوب كلّه؛ هذا قول إسحاق: وفيه قول رابع: وهو أنه/طاهر؛ هذا قول الشّافعي وأبي ثور، فعلى هذا القول يجزيه أن يفركه، وقال أبو محمد بن حزم: والمني طاهر في الماء كان أو في الجسد أو في الثوب، ولا تجب إزالته والبزاق بمثله ولا فرق، وقد كذب من يخرص بلا علم بأن قال: كانت عائشة تفركه بالماء لقولها: " كنت أفركه يابسا بظفري " قال أبو سليمان الخطابي في قول عائشة: " كنت أفرك المني " دليل على طهارته ولو كانت عينه تحته لما ظهر يابسه بالفرك كالعذِرة، والله تعالى أعلم هـ.

52- باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه

52- باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه حدثنا محمد بن رمح أنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن معاوية بن أبي سفيان أنه سأل أخته أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي في الثوب الذي يجامع فيه؟ قالت: " نعم إذا لم يكن فيه أذى " (1) هـ. هذا حديث إسناده صحيح سويد بن قيس النخعي المقري الأبدوي وإن كان لم يرو عنه غير يزيد بن أبي حبيب فقد قال أبو سعيد: ابن يونس كانت له من عبد العزيز بن مروان منزلة وكان يرسله في أموره، وذكر من ذلك انه أرسله إلى ابن عمر بجائزة، وكتاب وذكره أبو حاتم البستي في كتاب الثقات فلذلك ساغ لابن الجارود ذكره في منتقاه وسكت عنه أبو داود عندما رواه، ولفظ أبي جعفر بن منيع فقالت: " نعم إذا علم أنه لم يصبه أذى "، وفي لفظ للطبراني: " إذا لم ير فيه أذى "، وفي لفظ له دخل على أم حبيبة قال: فوجدت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي في ثوب واحد عاقده على قفاه فقلت لأم حبيبة: أيصلي النبي- عليه السلام- في ثوب واحد قالت: نعم وهو الذي كان فيه ما كان وقال: لم يروه عن سعيد بن/مسلم بن مالك- يعني: عن أبيه- عن معاوية بن أبي سفيان إلا خالد بن يزيد العمري، وذكره أيضا في موضع آخر من رواية عتبة عن أم حبيبة وقال: لم يروه عن عتبة إلا حمزة بن حبيب تفرد به معاوية بن صالح، والله أعلم. حدثنا هشام بن خالد الأرزق ثنا الحسن بن يحيى الحسني ثنا زيد بن واقد عن بسر بن عبيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورأسه تقطر ماء فصلى بنا في ثوب واحد موشحا قد خالف بين طرفيه، فلما انصرف قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله أتصلي بنا في ثوب واحد؟ قال: " نعم، أصلي فيه وفيه أني قد جامعت فيه " (2) . هذا حديث إسناده لا بأس به، ولو صح لكان بذلك جدير الماء

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 83- باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه، (ح/540) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 83- باب الصلاة=

عضد من الشواهد، وأما ما ذكره أبو محمد الإشبيلي أمر يخرجه البزار وفي إسناده الحسن بن يحيى الحسني وهو ضعيف جدا ففيه نظر في موضعين: الأول: ما عزاه لمسند البزار لم أره فيه فلعله يكون مخرجا في كتاب السنن أو الأمالي وليس اصطلاح أبي محمد والله أعلم، ولم ينبه أبو الحسن بن القطان على ذلك فعلى هذا يكون لازما لهما. الثاني: رواه الحسن بن عبد الملك ويقال: أبو خالد الدمشقي البلاطي، والبلاط: قرية على نحو فرسخ من دمشق، أصله خراساني، الحديث لا يصلح فإنه ممن ذكره الإمام أحمد بن حنبل فقال: ليس بحديثه بأس. حكاه عنه أبو داود في كتاب الآجري وسئل عنه دميم فقال: لا بأس به، فقال أبو حاتم الرازي: صدوق سيء الحفظ وقال أبو أحمد بن عدي: هو ممن يحتمل رواياته، وقال ابن معين في روايته: ثقة، وقال أبو داود: ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ثنا الحسن بن يحيى الحسني وكان ثقة وتكلم فيه غير هؤلاء بكلام مولى، قال أبو عبد الرحمن النسائي: ليس الدمشقي، ثنا الحسن بن يحيى الحسني وكان ثقة تكلم فيه غير هؤلاء بكلام مولى. قال أبو عبد الرحمن النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: متروك. وقال ابن معين: في روايته ليس بثقة. وفي كتاب أبي العرب عنه: ليس بشي. وقال عبد الغني بن سعيد المصري: ليس بشي. وذكره أبو جعفر العقيلي فلم يرو على نقله كلام/ابن معين فيه وأبو زكريا في كتاب الضعفاء كذلك ثم ذكر الساجي حكاية كلام ابن معين كلام أبي داود عن سليمان، والله أعلم. والسر من في الإسناد حديثهم في الصحيح إلا الأرزق مفتي أهل الشام فيما قاله أبو زرعة البصري؛ فإن أبا حاتم الرازي روي عنه في أخرى وقال: صدوق. حدثنا محمد بن يحيى ثنا يحيى بن يوسف الدومي ح وثنا أحمد بن عثمان عن حكيم ثنا سليمان بن عبد الله الرقي قالا: ثنا عبيد الله بن عمر عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: سأل رجل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الرجل يصلي في الثوب الذي يأتي أهله فيه؟ قال: نعم، إلا أن برى فيه بأسا

_ = في الثوب الذي يجامع فيه، (ح/541) . في الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف الحسن بن يحيي. اتفق الجمهور على ضعفه. وصححه الشْيخ الألباني.

فيغسله " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم في صحيحه عن أبي يعلى ثنا مخلد بن أبي زميل وعبد الجبار بن عاصم قالا: حدثنا عبيد الله به وخالفه أبو الحسن البغدادي فإنه لما سئل عنه فقال: يرويه عبيد الله بن عمرو مرفوعا. وقيل: عن ابن عيينة. ولا يصح، والصحيح ما رواه أبو عوانة وأسباط بن محمد وعبد الحكم بن منصور وغيرهم عن عبد الملك بن عمير عن جابر موقوفا في قوله، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كذا رواه- يعني سليمان الرقي- عن عبيد الله مرفوعا وإنمّا هو موقوف انتهى. عبيد الله بن عمر وحديثه في الصحيحين ووصف بالحفظ والثقة فزيادة مقبولة إجماعا وتعلُّق بعضهم بأنه معارض بحديث عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا يصلي في شعارنا أو لحفنا " (2) المذكور عند أبي محمد الإشبيلي صحيحا، قال: في آخره شكّ معاذ بن معاذ راوي الحديث وعليه فيه استذكار أكان الأول ذكره الشكّ متبعا قول رواية عند أبي داود، وهو ليس ثابتا في كثير من طرق الحديث هذا أبو عيسى رواه ولم يذكر شكا وقال فيه: حسن صحيح وكذلك النسائي لكنهما لم يذكرا الشعر ذكرا اللحف فقط وأما ابن حبان فإنّه ذكره في صحيحه بهما، وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: ثنا الغواريري ثنا معاذ بن معاذ ثنا أشعث بن عبد الملك الحمراني عن محمد يعني ابن سيرين- عن عبد الله بن شقيق العقيلي عن عائشة قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يصلي في شعرنا ولا لحفنا ". الثاني: تصحيح الحديث، وهو في كتاب أبي داود الذي نقله من عبدة فعلا بما أتبعه به وهو ثنا الحسن بن علي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد عن هشام عن ابن سيرين عن عائشة: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يصلي في ملاحفْنا " (3) . قال حماد: وسمعت سعيد بن أبي صدقة

_ (1) صحيح. رواه ابن حبان: (4/37) . (2) صحيح. رواه الترمذي (ح/600) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود (ح/ 645، 367) وأحمد (6/101) والبيهقي (2/410) والبخاري في " التاريخ الكبير " (2/ 61) وشرح السنة (2/429) والتمهيد (1/379) . (3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/368) قال حماد: وسمعت سعيد بن أبي صدقة قال: سألت محمدا عنه فلم يحدثني، وقال: سمعته منذ زمان ولا أدري ممن سمعته، ولا أدري سته من ثبت أو لا فسلوا عنه. رواه البيهقي في " الكبرى " (2/410) .

قال: سألت محمدا عنه فلم يحدثني به، وقال: سمعت منذ زمان ولا أدري ممن سمعته من مقام لا تسألوا عنه، وفي كتاب الحلال عن عبد الله قال: إنِّي سمعت من عائشة عن شعيب أنكر من هذا. قال عبد الله: وأنكره- يعني: إيّاه- إنكارا شديدا أو هذان الاستدراكان وأراد أن علي بن الحسن بن القطان أيضا بسكوته وأفراده ولئن سلمنا صحته فليس معارضا لما تقدّم؛ لأنّ الصلاة في ثوب الرجل غير صلاته في ثوب زوجته؛ لأن الرجل يتحرز ولا تحترز المرأة منه، ولئن سلمنا ذلك فيكون مبسوط بما في حديث ميمونة وعائشة أو لعذر أوجب له ذلك أو لبيان الجواز، والله أعلم.

53- باب ما جاء في المسح على الخفين

53- باب ما جاء في المسح على الخفين حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحرث قال: قال جرير بن عبد الله: " ثم توضأ ومسح على خفيه فقيل له: تفعل، قال: وما يمنعني وقد رأيت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يفعل " (1) . قال إبراهيم: كان يعجبهم حديث جرير؛ لأنّ إسلامه كان بعد نزول المائدة./هذا حديث خرجه الأئمة الستة رحمهم الله تعالى، وفي مسلم (2) قال الأعمش: قال إبراهيم: ولفظ أبي داود (3) : " وما يمنعني أن أمسح وقد رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله، قال: إنمّا كان ذاك قبل نزول المائدة قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة "، وفي كتاب المتتابعات عليه قوم وقالوا: " إنمّا هذا قبل نزول المائدة، قال: ما أسلمت إلا بعد ما أنزلت، وما رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح إلا بعد ما نزلت " وخرجه ابن ماجة (4) بنحوها وفي المعجم الكبير للطبراني من حديث عن أسلم بن سهل الواسطي ثنا محمد بن حسان ثنا محمد بن يزيد الواسطي ثنا جعفر بن الحرث عن إبراهيم عن همام قال: قال جرير: " ثم مسح فقلت له: تفعل هذا وقد قلت ... " الحديث، وفي الأوسط (5) له من حديث عبد الرزاق عن ياسين الرباب عن حماد بن أبيِ سليمان عن ربعي بن حراش عنه قال: " وضّأت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمسح على خفّيه بعد ما نزلت سورة المائدة " رواه عن الدمري عن عبد الرزاق وقال: لم يروه عن حماد عن ربعي إلا ياسين الرباب. تفرد به عبد الرزاق، ورواه أيضا عن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 84- باب ما جاء في المسح على الخفين، (ح/ 543) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه مسلم في: كتاب الطهارة، 22- باب المسح على الخفين، (ح/ 72) . (3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب السح على الخفين، (ح/ 154) . (4) انظر الحاشية رقم " 1 ". (5) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/257) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه سوار بن مصعب وهو مجمع على ضعفه.

محمد بن نوح بن حرث عن شيبان بن فروخ عن حرب عن شريح عن خالد الحذاء عن محمد بن سيرين عنه: " أنّه كان مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في حجة الوداع فذهب النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يتبرّز فرجع فتوضّأ ومسح على خفيه " (1) وقال: لم يروه عن ابن سرين إلا الحذّاء ولا عن خالد إلا حرب بن شريح. تفرد به شعبان. ومن حديث عبد الكريم الجريري عن مجاهد عنه وفيه: " ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة "، وفي كتاب الترمذي (2) عن شهر بن حوشب قال: " رأيت جريرا توضّأ ومسح على خُفّيه فقلت له: أقبل المائدة أو بعد المائدة؟ فقال: ما أسلمت إلا بعد المائدة ". قال الدارقطني في الإفراد هذا حديث غريب من حديث مقاتل بن حيان عن شهر. تفرّد به إبراهيم بن آدم/عنه، وعنه بقية بن الوليد. قال البيهقي: وكان إبراهيم بن أدهم يقول: ما سمعت يحدّث في المسح أحسن من هذا، وفي سنن الدارقطني من حديث حمزة بن حبيب عنه قال: " قدمت على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بعد نزول المائدة، فرأيته يمسح الخفين " (3) .

_ (1) سقطت " كلمتان " من متن هذا الحديث، وأثبتناه من الثانية. (2) رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 70- باب في المسح على الخفين، (ح/94) . وقال الترمذي: حدثنا بذلك قتيبة حدثنا خالد بن زياد الترمذي عن مقاتل بن حيان عن شهر بن حوشب عن جرير. قال: وروى بقية عن إبراهيم بن أدهم عن مقاتل بن حبان عن شهر بن حوشب في جرير. وهذا حديث مفسر لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الخفِّين كان قبل نزول المائدة، وذكر جرير في حديثه أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين بعد نزول المائدة. ورواية شهر هذه إسنادها صحيح. وقد تابعه عليها أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن جده جرير بن عبد الله البجلي، فروى أبو داود (1/59) عن أبي زرعة: " أن جريرا بال ثم توضأ فمسح على الخفين، وقال: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة؟ قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة ". ورواه الحاكم (1/169) وصححه ووافقه الذهبي ونقل الزيلعي في نصب الراية أن ابن خزيمة رواه أيضا في صحيحه. (3) سيأتي ص 626، بلفظ: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزل يمسح قبل نزول المائدة وبعدها حتى قبضه الله ". وعليه تعليق الهيثمي في " مجمع الزوائد ".

وفي لفظ: " توضأ من مطهرة ومسح على خفيه " (1) . وسئل أبو زرعة عن حديث رواه عبد الله بن الأجلح عن الأعمش عن إبراهيم عن الحرب بن سويد قال: " بال جرير ومسح ". فقال: هذا الحديث وهم فيه ابن جنح، وسئل عن حديث رواه أبو نعيم عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن قيس بن أبي حازم عن جرير: " رأيت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يمسح على خفيه " (2) . ورواه ابن الأصبهاني عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن أبيه: " أنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- توضأ ومسح على خفيه ". فقال أبو زرعة: الحديث حديث أبي نعيم، وإبراهيم هو ابن جرير ولم يلحق إيّاه، وفي كتاب الطبراني من حديث ابن عياش عن حميد بن مالك اللّخمي عن إبراهيم بن جرير عن أبيه: " رأيت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يمسح يوم نزول المائدة ". وقال في الأوسط: لم يروه عن حميد إلا ابن عيّاش، وقد جاء في بعض ألفاظه ذكر التوقيت بسند حسن أنبأ به المسند المعمر تقي الدين الحمداني قراءة عليه، وأنا أسمع أنبأ أبو طاهر إسماعيل بن عبد القوي أخبرتنا فاطمة بنت سعد الخبر أنبأت فاطمة بنت الجعد وأبيه أنبأ ابن زيد أنبأ أبو القاسم أنبأ عبد الله بن أحمد حدثني عبد الله بن عمر بن أبان ثنا عبيدة عن الأسود ثنا القاسم بن الوليد عن طلحة بن مصرف عن إبراهيم التيمي عن همام بن الحرث عن جرير عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " للمسافر ثلاثة- أو ثلاث- وللمقيم يوم في المسح على الخفين " (3) . وفي سنن الطوسي: قال جرير: ومسح على خفيه- أو قال: جوز به- قال عيسى: يعني: ابن يونس أنا أشُك، وقال بعده: يقال هذا حديث حسن صحيح، وقد

_ (1) صحيح. رواه أحمد في " المسند " (6/12) بلفظ: " ثم دعا بمطهرة أي: إداوة ... " الحديث. (2) تقدم من أحاديث الباب انظر: أول حديث. (3) صحيح. رواه الترمذي (ح/95) من حديث خزيمة بن ثابت، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وكذا صححه ابن خزيمة وابن ماجه (ح/555) والطبراني في " الكبير " (4/96، 106) والخطيب (6/377) وابن عدي في " الكامل " (3/1120، 1125) وأحمد في " المسند " (1/96، 4/240، 5/213، 214) والبيهقي (1/276، 282) والطبراني (2/10، 4/107، 111) والحلية (2/298) .

رواه شهر وقرة. حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، وعلي بن محمد قالا: حدثنا وكيع، وحدثنا أبو/همام الوليد أنا أبي وابن عيينة وابن أبي زائدة جميعا عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة: " أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- توضأ ومسح على خفيه ". هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه الثوري وشعبة وجرير بن حازم وأبو معاوية ويحيى القطان وابن عيينة وجماعة عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة في المسح على الخفين، ورواه أحمد بن يونس عن بكر بن عياش عن الأعمش، وصالح عن أبي وائل عن المغيرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأيهما الصحيح من حديث الأعمش قال: أتى الصحيح حديث هؤلاء النفر عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة، وهم في هذا الحديث: أبو بكر بن عياش؛ إنما أراد الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق المغيرة قبل غير حديث أبي وائل من حديث مسلم، قلت لأبي زرعة: أيهما الصحيح؟ قال: أخطأ أبو بكر في هذا الصحيح من حديث الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة، ورواه منصور عن أبي وائل عن حذيفة، ولم يذكر المسح وذكر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: وإنما قلت فالأعمش ربما مدلس ورواه الإسماعيلي في جمعه لحديث الأعمش من حديث عبد الرحمن بن محمد بن طلحة عن أبيه عن الأعمش عن أبي وائل لم يقل: بالمدينة، ورواه عن قريب من ثلاثين نفسا عن الأعمش لم يروه بالمدينة إلا من حديث محمد بن طلحة في رواية عنه، وقال أبو عمر بن عبد البر بعد أن ذكر أن عيسى بن يونس انفرد عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة بقوله: " كنت أمشي مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بالمدينة فأتى سباطة قوم فبال ثم توضأ ومسح على خفيه " (1) . قال: ولم يقل فيه أحد بالمدينة غير عيسى بن يونس وهو ثقة واصل إلا أنه خولف في ذلك عن الأعمش وسائر من رواه عن الأعمش لا

_ (1) رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 12- باب البول قائما، (ح/23) . وسكت عنه. قلت: والسكوت كناية الحسن. قال أبو داود: قال مسدد: قال: فذهبت أتباعد فدعاني حتى كنت عند بقية.

بقوله وفيه بالمدينة. انتهى، وما قدمناه عن محمد بن طلحة يردّ قوله، وفي المعجم الصغير لأبي القاسم من حديث أحمد بن سليم، وعيسى بن يونس عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عن شقيق عن حذيفة قال: " كنت أمشي مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فانتهى/إلى سباطة قوم فبال قائما ومسح ". رواه عن القاسم بن عفان عن عّمه أحمد بن سليم وقال: لم يروه عن الشعبي إلا زكريا، ولا عنه إلا عيسى. تفرد به أحمد بن سليم، وفي مسند أحمد ثنا أبو الوليد ثنا أبو عوانة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " قد مسح رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- مسح على الخفين فسألوا الذين يزعمون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل نزول المائدة أو بعد المائدة والله ما مسح بعد المائدة؛ ولأن أمسح على ظهر عامره أحبّ إليّ من أن أمسح عليهما " والله تعالى أعلم. حدثنا محمد بن رمح أنبأ الليث بن سعيد عن إبراهيم عن رافع بن جبير عن عروة بن المغيرة ابن شعبة عن أبيه المغبرة بن شعبة عن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " أنّه خرج لحاجته، فأتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء حتى فرغ من حاجته، فتوضأ ومسح على الخفين " (1) . هذا حديث مخرّج كالذي قبله، وفي كتاب العلل لعبد الرحمن سمعت أبي يقول: سألنا إبراهيم بن موسى- أي: حديث في المسح على الخفين أصح فسألنا، فقال: هو حديث الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن المغيرة. فقلت: أماله عندنا حديث حجازي؟ قال: ما هو؟ نلت: حديث يحيى بن سعيد بن إبراهيم عن نافع بن جبير عن عروة بن المغيرة عن أبيه؟ فسكت ثم قال: إني الآن أقول حديث الزهري عن عباد بن زياد وإسماعيل بن محمد بن سعيد عن عروة وحمزة- أي: المغيرة- عن أبيها، وفي كتاب البخاري (2) عن أبي نعيم ومسلم عن أبي

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 48 ") ومسلم في (الطهارة، ح/75) وابن ماجة (545) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في: 4- كتاب الوضوء، 49- باب المسح على الخفين، (ح/206) . ورواه مسلم في: (الطهارة، ح/274) . ورواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب المسح على الخفين، (ح/151) .

نمير عن أبيه قالا: يذاكرنا ابن أبيِ زائدة عن الشعبي عن عروة عن أبيه قال: " كنت مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ذات ليلة في سفر فقال: أمعك ماء؟ قلت: نعم. فنزل عن راحلته فمشي حتى توارى في سواد الليل، ثم جاء، وأفرغت ماء من إداوة فغسل يديه ووجهه، وعليه جبة من صوف فلم يستطع أن يخرج ذراعيه/ومسح برأسه ثم هويت لأنزع خفيه، فقال: دعهما، فإني أدخلتهما طاهرتين، ومسح عليهما ". ورواه الطبراني في الأوسط (1) من حديث موسى بن أعن عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي به ولفظه: " كنت مع النبي في سفر ليلا فقال من هذا؟ فقلت: أنا المغيرة. فقال: أمسك فأمسكت له ناقته وانطلق حتى ما رأيته، ثم جاء ... فذكره " وقال: لم يحرّده عن إسماعيل إلا ابن أعين. تفرد به المعافي بن سليمان، ورواه المعافي أيضا عن القاسم بن معن عن إسماعيل عن الشعبي، وقال الدارقطني: ورواه غير بن القاسم وزفر بن الهذيل وخالد بن عبد الله الواسطي وسليمان بن كثير عن حصين عن الشعبي وسعيد بن عبيدة عن المغيرة، ورواه إبراهيم بن طهمان ومحمد بن فضيل، وورقاء وسويد بن عبد العزيز عن حصين عن الشعبي وحده عن المغيرة، وخالفهم ابن عيينة فرواه عن حصين عن الشعبي عن عروة عن أبيه، وقال الحميدي والقاسم بن بشير عن ابن عيينة عن حصين وزكريا بن يونس عن أبي إسحاق عن الشعبي عن عروة عن أبيه، وكذلك رواه عيسى بن يونس ونبأ به أبو نعيم والفزاري وابن قتيبة عن يونس عن أبي إسحاق عن الشعبي عن عروة عن أبيه، وكذلك رواه زكريا بن أبي زائدة من رواية أبي نعيم وجعفر بن عون وابن عيينة ويحيى بن سعيد الآمدي عنه عن الشعبي عن عروة عن أبيه، وكذلك رواه عبد الله بن أبي السفر وعمر بن أبي زائدة وداود بن يزيد الأودي وسليم مولى الشعبي عن الشعبي عن عروة بن المغيرة عن أبيه، وكذلك رواه أبو إسحاق الشعبي من رواية إسرائيل عنه، ورواه أيوب بن جابر عن أبي إسحاق عن عروة لم يذكر فيه الشعبي، ورواه

_ (1) صحيح أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى الطبرانِي في " الأوسط " قال: " وفي الصحيح طرف منه " وفيه داود بن يزيد الأودي وقد ضعفوه إلا ابن عدي فقال: لم أر له حديثا منكرا.

عبد الله بن عون عن الشعبي عن عروة بن المغيرة عن أبيه واختلف عنه فقال: أبو جابر عن ابن عون عن الشّعبي وابن سرين عن ابن المغيرة عن أبيه، ووهم وإنّما روى هذا الحديث ابن عون عن الشعبي عن عروة وحده، وعن ابن سيرين عن عمرو بن وهب عن المغيرة، واختلف عن إسماعيل/بن أبي خالد، فرواه موسى بن أعين عن إسماعيل عن الشعبي عن عروة عن أبيه، وخالفه القاسم بن معن؛ فرواه عن إسماعيل عن الشعبي عن المغيرة لم يذكر بينهما أحد، وكذلك رواه الهيثم بن حبيب الصيرفي ومخالد بن سعيد وأبو إسحاق الشيباني عن الشعبي عن المغيرة، وزاد أبو إسحاق الشيباني عن الشعبي قال: قيل للمغيرة: ومن أين كان للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- خفان فقال: أهداهما له دحية بن خليفة الكلبي، وخالفه الجعفي في هذا اللفظ، فرواه عن الشعبي عن دحية ولم يذكر فيه المغيرة، ورواه عريث بن مطر عن الشعبي عن مسروق عن المغيرة، وتابعه زكريا بن أبي زائدة من رواية سعيد الأموي عن أبيه عن زكريا عن الشعبي عن مسروق عن المغيرة، وقيل أنّ ابن الأموي أخلط عليه أحاديث أبيه عن زكريا بأحاديثه عن حديث أبي مطر، وهذا يشبه أن يكون منها، ورواه حماد بن أبي سليمان ومنصور بن المعتمر وجابر الجعفي والسري بن إسماعيل عن الشعبي عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري عن المغيرة، وأحسنها إسنادا حديث الشعبي عن عروة عن أبيه وأبى ذلك أبو محمد بن أبي حاتم فقال: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ابن فضيل عن حصين عن الشعبي عن عروة في المسح على الخفين، ورواه ابن عيينة عن حصين عن الشّعبي عن عروة بن المغيرة عن أبيه عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ورواه زائدة بن قدامة عن حصين عن سعيد بن عبيدة سمع المغيرة وقال غيره: عن حصين عن أبي سفيان عن المغيرة، ورواه عنه عن حصين عن الشعبي وسعيد بن عبيدة عن المغيرة بلا عروة، قال أبي: وليس لأبي سفيان معنى قال: ليّن، ورواه هشيم عن حصين عن سالم بن أبي الجعد وأبي سفيان سمعا المغيرة قلت لأبي زرعة: فأيهما الصحيح عندك؟ قال: أنا أبي حديث الشعبي بلا عروة أصل إذا كان أصل في المسح، قال: وسئل أبو زرعة عن حديث رواه سليمان بن عبد الرحمن/الدّمشقي عن إسماعيل بن

عياش عن أبي شعبة يحيى بن يزيد الرهاوي عن زيد بن أبي أنيسة عن حماد عن عامر الشّعبي عن إبراهيم بن أبي موسى عن المغيرة في المسح، فقال أبو زرعة: وهم فيه حماد وخالفه السبيعي وابن أبي خالد وحصين، قال أبو محمد: يعني أنّهم رووا الحديث عن الشعبي عن عروة، وليس لإِبراهيم بن أبي موسى هنا معنى، والله تعالى أعلم. ولفظ أبي داود (1) : " كنا مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وفي ركبه ومعي إداوة فخرج لحاجته ثم أقبل فتلقيته بالإداوة قال: فأفرغت عليه فغسل كفيه ووجهه ثم أراد أن يخرج ذراعيه وعليه جبة من صوف من جناب الروم، وفيه: دع الخفين فإني أدخلت القدمين الخفين وهي طاهرتان فمسح عليها ". قال الشعبي: شهد لي عروة على أبيه وشهد أبوه على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وفي لفظ مسلم (2) : عن ابن مثني ثنا عبد الوهاب سمعت يحيى بن سعيد هذا الإِسناد قال: " فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه "، ولفظ مسروق عن المغيرة " بعد: ثم مسح على خفيه ثم على ناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه ثم ركب وركبنا فانتهينا إلى القوم وقد قاموا إلى الصلاة، فصلي بهم عبد الرحمن بن عوف، وقد ركع هم ركعة فلما أحسّ بالنبي- صلى الله عليه واله وسلم- ذهب يتأخرّ (3) فأومأ إليه ليصلي هم فلمّا سلّم قام النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: وقمت فركعت الركعة التي سبقتنا ". وفي رواية المقيم عن أبيه حدّثني له: " مسح على الخفين ومقدّم رأسه وعلى عمامة "، وثنا محمد بن عبد الأعلى ثنا المعتمر عن أبيه عن بكرة بن الحسن عن ابن المغيرة عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثله، وثنا ابن بشار ومحمد بن حاتم جميعا عن يحيى القطّان قال: ثنا ابن حاتم ثنا يحيى بن سعيد عن التيمي عن بكر عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة عن أبيه قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة: " أنّ النبي

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب المسح على الخفين، (ح/ 151) . (2) صحيح. رواه مسلم في: 2- كتاب الطهارة، 23- باب المسح على الناصية والعمامة، (ح/81) . (3) قوله: " ذهب يتأخر " أي: شرع في التأخير عن موضعه ليتقدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلي الخفين " (1) ، وقال أبو عيسى: وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة: ذكر بعضهم المسح على الناصية والعمامة، ولم يذكر بعضهم الناصية،/سمعت أحمد بن الحسن، سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما رأيت- يعني: مثل يحيى بن سعيد القطان- وقال: وحديث المغيرة حسن صحيح، واختلف من ابن المغيرة هذا ومن هو ففي كتاب البيع لأبي الحسن وأخرج مسلم عن ابن مرتع- يعني: عن يزيد بن زريع- عن حميد ثنا بكر عن عروة قال: وخالفه غيره عن يزيد فرواه عنه على الصواب عن حمزة المغيرة رواه كذلك حميد بن سعدة وعمرو بن علي، وكذا قال ابن أبي عروة: عن حميد، وفي صحيح أبي عوانة: أنبا يوسف القاضي أنبا نا مسدد وأنبأ يزيد به، وكلام الدارقطني ينفي تشبه الوهم فيه إلى محمد بن يزيد وأبو مسعود الدمشقي مخالفة، ويقول: هكذا يقول مسلم، وفي حديث ابن بزيغ عن يزيد عن عروة وخالفه النّاس فقالوا: حمزة بدل عروة. حكاه أبو علي في التقييد، وقال أبو الحسن في العلل: يروه بكر واختلف عنه، فرواه حميد عن بكر عن حمزة، وقال سليمان التيمي عن بكر عن ابن المغيرة: قال ذلك خالد الواسطي ويزيد بن زريع ويزيد بن هارون، واختلف في معتمر؛ فذاك نصر بن علي وأبو نعيم الحلبي عن معتمر عن أبيه

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/100) قال الترمذي: وذكر محمد بن بشار هذا الحديث في موضع آخر: " أنه مسح على ناصيته وعمامته ". وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شبة: ذكر بعضهم " المسح على للناصية والعمامة "، ولم يذكر بعضهم " الناصية ". وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه مسلم (1/90- 91) عن محمد بن عبد الله بن بزيع عن يزيد بن زريع عن حميد الطويل عن بكر المزني عن عروة عن المغيرة عن أبيه. قال النووي (3/171) : " قال الحافظ أبو علي الغساني: قال أبو مسعود الدمشقي: هكذا يقول مسلم في حديث ابن بزيع عن يزيد بن زريع: عن عروة بن المغيرة، وخالفه الناس، فقالوا فيه: حمزة بن المغيرة، بدل عروة. وأما أبو الحسن الدارقطني فنسب الوهم فيه إلى محمد بن عبد الله بن بزيع، لا إلى مسلم ". والظاهر أن رأي الدارقطني أرجح؛ لأن النسائي رواه (1/30) عن عمرو بن علي وحميد بن مسعدة عن يزيد بن زريع، ورواه البيهقي (1/60) من طريق حميد بن مسعدة أيضا (1/ 58) ومن طريق مسدد بن يزيد بن زريع، وقالوا كلهم: " عن حمزة بن المغيرة "، فخالفوا محمد بن عبد الله بن بزيع.

عن بكر عن ابن المغيرة، وكذلك قال علي بن الحسن الدرهمي: عن معتمر إلا أنه قال: عن ضمرة بن المغيرة، وقال أبو الأشعث: عن معتمر عن أبيه عن بكر والحسن عن ابن المغيرة عن أبيه، وقال الثوري: عن القاسم عن أبي بكر عن الحسن. قال ذلك عبد الكريم بن روح عن الثوري، ورواه عاصم الأحول عن بكر مرسلا عن المغيرة بن مسهر عن ابن عروبة عن عاصم الأحول عن بكر، واختلف عن ابن عروبة، فرواه زفر عنه عن قتادة/عن بكر عن المغيرة، وخالفه منيع بن عبد الرحمن، فرواه عن سعيد بن مطر عن بكر عن المغيرة، وكلاهما وهم؛ لأن هذا الحديث سمعه ابن أبي عروبة عن بكر ليس بينهما فيه قتادة ولا مطر. قال ذلك ابن زريع وغندر وابن مسهر، وروي عن داود بن أبي هند عن بكر عن المغيرة مرسلا أيضاً، ورواه الحسن البصري عن المغيرة حدّث به قتادة واختلف عنه، فرواه زفر عنه عن قتادة عن الحسن ومحمد عن المغيرة، وقال هدبة بن خالد: عن همام عن قتادة عن الحسن وزراره بن أوفى عن المغيرة، ورواه الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن خالد بن كثير عن أبي حفص العمري عن الحسن عن المغيرة، والحسن لم يسمعه من المغيرة، وإنّما سمعه من حمزة ابنه، وذلك بّين في رواية القطّان عن التيمي روي أيضاً عن عبيد الله بن عمر عن حمزة بن المغيرة. قاله عبد الله بن نافع الصانع عن أبي معشر عنه، وخالفه يحيى بن عبد الله بن سالم، فرواه عن عبيد الله عن حميد الطويل عن ابن المغيرة عن أبيه، وحميد لم يسمعه من ابن المغيرة؛ إنّما رواه عن بكر عنه، ولفظ أبي داود: " ثم ذكر فوق العمامة " وفي لفظ: " قال: فصليت أنا والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى الركعة التي سبق لها ولم يزد عليها شيئا " قال أبو داود (1) : أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر يقولون: من أدرك الفرد من الصلاة عليه سجدتا السهو، وفي لفظ يونس عن ابن شهاب حدثني عبّاد بن زياد أنّ عروة بن المغيرة سمع أباه وفيه: " قد ركع لهم " - يعني: ابن عوف- ركعة من صلاة الفجر، وفيه: " ثم سلّم عبد الرحمن، فقام النبي في صلاته ففرغ المسلمون فأكثروا التسبيح؛ لأنهم سبقوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلمّا

_ (1) تقدّم، وهو الحديث برقم: (152) .

سلّم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم: " قد أصبتم أو قد أحسنتم " (1) . ولفظ النسائي في كتاب شيوخ الزهري في غزوة تبوك، وذكره مالك في موطئه بما استوجب رواه أنبأ بذلك المسند المعمر شرف الدين بن أبي الفتوح الشّامي- رحمه الله تعالى- أنبأ ابن رواح أنا الحافظ البغوي- رحمه الله- في خامس عشر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين أنبأ أبو الحسن المبارك بن عبد/الجبار بقراءتي عليه ببغداد في جماد الأوّل سنة خمس وتسعين وأربعمائة أنبأ أبو طالب محمد بن الحربي الزاهد أنبأ الحافظ أبو الحسن علي لن مهدي في كتابه قال: روي مالك في الموطأ عن ابن شهاب عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة ، فذكر قصة المسح قال: وخالفه صالح بن كيسان، ومعمر، وابن جريج، ويونس، وعمرو بن الحرث، وعقيل بن خالد، وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر وغيرهم، فرواه عن الزهري عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن أبيه، فزاد: وعلى مالك في الإسناد عروة بن المغيرة وبعضهم قال: عن ابن شهاب عن عباد بن زياد عن عروة وحمزة بن المغيرة عن أبيهما، قال ذلك - عقيل وعبد الرحمن بن خالد ويونس بن يزيد بن أبي سفيان قال ذلك مصعب الزبيري، وقاله علي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم، فخولف مالك- رحمه الله تعالى- في إسناده في موضعين: أحدهما: قوله عباد بن زياد من ولد المغيرة، والآخر: إسقاطه من الإسناد عروة وحمزة بن المغيرة والله أعلم. وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في كتاب العلل: وهم في هذا الحديث في عباد، فزعم أنه من ولد المغيرة، وإنّما هو ابن زياد بن أبي سفيان، وقال عن المغيرة: وإنّما هو عن عروة وحمزة بن المغيرة عن أبيهما، والله تعالى أعلم- وبنحوه قاله الشّافعي فيما حكاه البيهقي عنه ومحمد بن إسماعيل البخاري، وقال ابن أبي حاتم في موضع آخر: سألت أبي عن حديث شبابة محمد بن عوف الحمصي عن أبي لقي عبد الحميد بن إبراهيم عن عبد الله بن سالم عن الترمذي عن الزهري عن عباد بن زياد عن عروة بن الغيرة بن محمد بن إسماعيل أخبره عن حمزة بن المغيرة: الحديث، فقال أبي: هذا خطأ؛ إنّما هو إسماعيل بن

_ (1) رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب المسح على الخفين، (ح/149) .

محمد بن سعد بدل محمد بن إسماعيل، وزعم/ابن عقدة أنه حديث تفرّد به أهل الكوفة وفيه نظر، وفي لفظ له- أعنى أبا داود- من حديث بكير بن عامر الجبلي عن عبد الرحمن بن أبي نُعم عن المغيرة فقلت: " يا رسول الله: نسيت. قال: بل أنت نسيت، بهذا أمرني ربي " (1) ، ولما ذكر أبو القاسم هذا في معجمه الكبير عن عمر بن عبد العزيز عن علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا بكير قال: زعم ابن أبي نعم المغيرة حدثه: " أنه مشي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المدينة، فأتى بعض الأودية قد خلها، فقضى حاجته ثم خرج فتوضأ وخلع الخفين، فلما لبس خفيه وجد بعد ذلك رّيما فعاد ثم خرج فتوضأ ومسح على الخفين فقلت: أنسيت يا رسول الله؟ فقال: بل أنت نسيت بهذا أمرني ربي عز وجل ". قال الحافظ القشيري: وبلغني أنّ أحمد بن خالد الأندلسي الحافظ رواه عن علي وقال بعد تمامه: ما أحسنه وخرجه أبو عبد الله في مستدركه من حديث الحسن بن صالح عن بكير وقال: إسناده صحيح، وقال أبو الحسن في كتاب العلل: يرويه بكير البجلي عن عبد الرحمن حدّث به عن الحسن بن صالح ووكيع والفضيل بن موسى وعبد الله بن موسى وعبد الله بن داود وعلي بن عراب، ورواه عامر بن مدرك عن الحسن بن صالح فقال: عن أكيل عن ابن أبي نعم، وإنّما أراد بكير بن عامر. ورواه سعيد (2) بن المسيب فقال: عن أبي بكير عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن المغيرة حدّث به عنه بكير بن خداش ووهم فيه في موضعين: في قوله عن أبي بكير، وفي قوله: عن ابن أبي ليلى، وإنما أراد ابن أبي نعم ثناه المحاملي ثنا عبدان الأهوازي ثنا معمر بن سهل من عامر بن مدرك عن الحسن بن صالح به ورواه عن المغيرة أيضا عمرو بن وهب الثقفي، قال أبو الحسن: يرويه محمد بن سيرين، واختلف عنه، فرواه أيوب السختياني، وقتادة

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/156) وأحمد في " المسند " (4/246، 253) والبيهقي في " الكبرى " (1/272) ونصب الراية (1/163، 166) والمشكاة (524) والحلية لأبي نعيم (7/335) . (2) قوله: " سعيد " وردت " بالأصل " " عيسى "، والصحيح ما أثبتناه.

وحبيب بن الشهيد، وهشام بن حسان، وعوف الأعرابي، وأشعث بن عبد الملك، وأبو حرّة عنه عن عمرو عن المغيرة، واختلف عن يونس بن/عبيد، فرواه هشيم عن يونس عن عمرو عن المغيرة، وتابعه الفرياني عن الثوري فقال: عن يونس بن سيرين عن المغيرة أسقط عمرا، ورواه حماد بن زيد عن أيوب عن بن سيرين عن المغيرة عن عمرو بن وهب، وتابعه جرير بن حازم في ذكره رجلا بين ابن سيرين وبين عمرو بن وهب إلا أنه لم يُكنِّه. وقال يزيد القشيري عن ابن سيرين عن بعض أصحابه عن المغيرة: وقال حسام بن الفضل، وأبو سهل محمد بن عمرو الأنصاري، وعبد الأعلى بن أبيِ المنادي عن ابن سيرين عن المغيرة: لم يذكر بينهما عمرا، فالقول قول أيوب وقتادة، ومن تابعهما، وأبي ذلك عليه أبو زرعة بقوله: ورواه بعض أصحاب ابن عون عن محمد عن عمرو بن وهب عن رجل عن آخر عن المغيرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لأبي زرعة: أيهما الصحيح؟ قال: عمرو عن رجل عن آخر عن المغيرة. ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل، ورواه أبو وائل عن المغيرة. قاله أبو الحسن يرويه عاصم بن أبي الجود، وحماد بن أبي سليمان عنه عن المغيرة ووهما فيه على أبي وائل عن حذيفة وهو الصواب، وسئل عن حديث أبي وائل عن المغيرة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على النعلين " (1) ، فقال: يرويه عبد الرزاق عن الثوري عن منصور، وحصين بن أبي وائل عن المغيرة، وخالفه هشيم في إسناده ومتنه، فرواه عن حصين عن سالم بن أبي الجعد، وأبي سفيان عن المغيرة، وقال فيه: " ومسح على خفيه " ولم يذكر: النعلين، وخالفه زائدة بن قدامة، فرواه عن حصين عن سعد بن عبيدة عن المغيرة، ورواه عبثر القاسم، وزفر، وخالد الواسطي وسليمان بن كثير عن حصين عن الشعبي وسعد بن عبيدة عن المغيرة، ورواه الأسود بن يزيد عن المغيرة، قال

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/99) وقال: هذا حديث حسن صحيح. بلفظ: " توضْأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومسح على الجوربين والنعلين ". وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أبو داود (1/61- 62) والنسائي في رواية ابن الأحمر، وابن ماجة (1/102) كلهم من طريق وكيع عن الثوري. ورواه البيهقي (1/383- 284) بإسنادين من طريق أبي عاصم عن الثوري. ونسبه الزيلعي في نصب الراية (1/96) إلى صحيح ابن حبان.

الطبراني في الأوسط: / لم يروه عن حماد عن الأسود إلا عبد الله بن محيرز، ورواه عبد الله بن بريدة عن المغيرة: أنه توضأ ومسح على الخفين وصلى بنا فأقامني عن يمينه ". قال أبو القاسم في الأوسط (1) أيضا: لم يقل أحد ممن روى هذا الحديث عن المغيرة: " وصلى بنا فأقامني عن يمينه " إلا ابن بريدة. تفرد به عنه عبد المؤمن بن خالد، ورواه أبو السائب مولى هشام بن زهرة عن المغيرة بزيادة: " وفي الإداوة ماء عذب ". قاله القشيري، حدّثنا عمران بن موسى الليثي ثنا محمد بن سيرين ثنا سعيد بن أبي عروبة عن نافع عن ابن عمر: " أنه رأي سعد بن مالك وهو يمسح على الخفين فقال: إنكم تغفلون ذلك، فاجتمعنا عند عمر فقال سعد لعمر: افت عن المسح على الخفين، فقال عمر: كنّا ونحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نمسح خفافنا لا نرى بذلك بأسا، فقال ابن عمر: وإن جاء من الغائط؟ قال: نعم ". هذا حديث رواه (2) البخاري من حديث أبي سلمة عن عبد الله بن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه مسح على الخفين وأن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك، فقال: نعم، فقال: إذا حدثك سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا تسأل عنه غيره ". قال البخاري: وقال موسى بن عقبة: أخبرني أبو النضر أنّ أبا سلمة أخبره أن سعدا قال عمر لعبد الله: نحوه، وأشار البخاري إلى رواية أبي سلمة عن سعد، وقال الترمذي في العلل: قال محمد: حديث أبي سلمة عن ابن عمر في المسح صحيح، وحديث محمد بن سعد في المسح أرجو أن يكون صحيحا، ورواه الإسماعيلي في مستخرجه من حديث الفضيل بن سليمان عن

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/95) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " ورجاله ثقات. (2) صحيح. رواه البخاري في: 4- كتاب الوضوء، 48- باب المسح على الخفين، (ح/ 202) . وفتح الباري: (1/365) . ورواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 84- باب ما جاء في المسح على الخفين، (ح/546) . في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات، وهو في صحيح البخاري بغير هذا السياق، إلا أن سعيد بن أبي عروبة كان يدلس. ورواه بالعنعنة، وأيضا قد اختلط بآخرة.

موسى بن عقبة أخبرني أبو النضر أن أبا سلمة أخبره أن سعدا حدثه: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين ". وعنده أيضا من رواية عبد العزيز أنّ المختار عن ابن عقبة قال: حدثني أبو النضر عن أبي سلمة عن سعد/حدثنا يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوضوء على الخفين: " أنه لا بأس بالوضوء على الخفين " (1) . قال: وحديث أبو سلمة أن عبد الله بن عمر حدثه سعد أن عمر قال لعبد الله: " كان يلزمه إذا حدثك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وراء حديثه شيئا ". وفي تاريخ ابن أبي خيثمة من حديث عاصم عن سالم عن ابن عمر قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين بالماء في السفر ". وفي كتاب الإِمارات لأبي بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري ثنا أحمد بن شيبان ثنا سفيان عن عبد الله بن دينار سمعت ابن عمر سألت عمر بن الخطاب: أيتوضأ أحدنا ورجلاه في الخفين؟ قال: نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان " (2) . وفي حديث سالم عن ابن عمر أن سعدا سأل عمر عن المسح، فقال عمر: " سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالمسح على ظهر الخف للمسافر ثلاثة أيام والمقيم يوم وليلة " (3) . وفي مسند مسدد ثنا خالد بن عبد الله ثنا يزيد بن أبي زياد عن عاصم بن عبيد الله عن أبيه أو عمه عن عمر: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الحدث توضأ ومسح على الخفين " (4) . زاد النيسابوري من حديث الزهري عن حميد عن ابن عمر قال: " قدمت الكوفة فرأيت سعدا يتوضأ على الخفين

_ (1) صحيح. رواه ابن عساكر: (6/115) . (2) صحيح. رواه الشافعي في " المسند " (ح/17) والحميدي في " المسند " (ح/758) والفتح (1/309) . (3) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 71- باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم، (ح/75) من حديث خزيمة بن ثابت مرفوعا، ولفظه: " أنه سُئل عن المسح على الخفين؟ فقال: للمسافر ثلاثة، وللمقيم يوم ". وفي بعض النسخ: " وللمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوما وليلة ". والحديث حسن صحيح. (4) راجع، مجمع الزوائد: (1/255، 257) .

فنهيته عن ذلك، فقال: إذا رجعت إلى أمير المؤمنين فسله عن ذلك، فسألته عن ذلك حين قدم سعد حاجا، فقال عمر: نعم وإن جئت من الغائط " (1) . ولفظ شيبان عن يحيى عن أبي سلمة: " إذا توضأ أحدكم ثم يخفف فليمسح على الخفين، وإن جاء من الغائط "، ولفظ النعمان بن سالم: " أصاب سعد "، وفي حديث أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن عمر قال لأبيه: فإنه- يعني سعدا- قد أصاب وأخطأت، وإن زعم أنفك من لبس خفيه ورجلاه طاهرتان فله يوم إلى الليل حتى ينزعهما على فراشه، وللمسافر/ثلاثة أيام. وفي لفظ: فقال عمر: " عمك أعلم بالسنة منك "، وفي لفظ: " سعد يأبي أنفه عنك ". وقال أبو الحسن الدارقطني: وسئل عنه فقال: هو حديث رواه أبو النضر عن أبي سلمة، واختلف عنه، فرواه أبو أيوب الأفريقي وابن علاء عن أبي النّضر عن أبي سلمة عن ابن عمرو أسنداه عن عمر وسعد عن النبي، ورواه عمرو بن الحرث عن أبي النضر عن أبي سلمة عن ابن عمر عن سعد وحده أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنّ ابن عمر سأل إياه فقال: " إذا حدثك سعد فلا تسل عنه غيره ". ورواه موسى بن عقبة، واختلف عنه فقال: عبد العزيز بن المختار، وعبد العزيز بن أبي حازم عن موسى بن عقبة عن أبي النّضر عن أبي سلمة عن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واختلف على ابن أبي حازم فقال: سهل بن صغير عنه عن موسى عن أبي النضر عن أبي سلمة عن ابن عمر عن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذا قال ابن لهيعة عن أبي النضر، وقال وهيب:

_ (1) راجع، سنن ابن ماجة: (ح/ 546) بلفظ: " عن ابن عمر، أنه رأى سعد بن مالك وهو يمسح على الخفين، فقال: إنكم لتفعلون ذلك؟ فاجتمعنا عند عمر. فقال سعد لعمر: افت ابن أخي في المسح على الخفين. فقال عمر: كُما ونحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نمسح على خفافنا، لا نرى بذلك بأسا، فقال ابن عمر: وإن جاء من الغائط؟ قال: نعم ". في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. وهو في صحيح البخاري بغير هذا السياق. إلا أن سعيد بن أبي عروبة كان يدلس. ورواه بالعنعنة، وأيضا قد اختلط بآخرة. وبلفظه: رواه سالك في: 2- كتاب الطهارة، باب " 8 "، (ح/ 42) . قلت: وهذا حديث صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني.

وفضل بن سليمان، وإسماعيل بن جعفر والدراوردي عن موسى بن عقبة عن أبي النصر عن أبي سلمة عن سعد ولم يذكروا ابن عمر، وقال الحماني: عن الدراوردي عن موسى بن عقبة عن أبي النضر عن أبي سلمة عن بسر بن سعيد عن سعد، ووهم في ذكر بسر، وقال كريم بن موسى: فضل بن سليمان عن موسى بن عقبة عن أبي النّضر عن عامر بن سعد، والصواب من ذلك قول عمرو بن الحرث، ومن تابعه عن أبي النّضر، قال: ورواه عن ابن عمر جماعة فرفعه بعضهم ووقفه آخرون، فرواه نافع عن ابن عمر فممن رفعه عنه أيوب من رواية ابن أبي عروبة ومعمر وعبد الله بن الزبير الباهلي، ووثقه غيرهم عن أيوب، ورواه شريك عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدّث به عبد العزيز بن أبان عن/شريك ولم يأت به غيره، وأسنده أيضا عكرمة عن عمار عن نافع من رواية عنبسة بن عبد الواحد، وخالفه النّضر بن محمد، فرواه عن عكرمة بن عمار ولم يصرّح برفعه، وقال فيه: فإنه من السنة، ورواه عبد الله بن عمر العمري وأيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفا، وتابعهم محمد بن أبي حميد المدني عن نافع فرفعه أيضا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورواه أبو بكر بن أبي الجهم عن ابن عمر عن عمر عن النبي- عليه السلام- حدّث به أبو حنيفة عنه وأبو بكر النخشلي، ورواه سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر موقوفا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدّث به عنه كذلك عاصم بن عبد الله بن عمر. قال ذلك الحسن بن صالح عن عاصم، وخالفه يزيد بن أبي زياد واختلف عن يزيد فقال: خالد بن عبد الله الواسطي عنه عن عاصم بن عبد الله عن أبيه عن جدّه عن عمر قال ابن فضيل: عن يزيد بن أبي زياد عن عاصم عن أبيه عن جدّه عمر، وقال شريك: عن عاصم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه، أو عن عمر، واختلف عن شريك فقال عنه أبو داود الطيالسي قولا أخر عن عاصم عن أبيه عن عمر، والاضطراب في هذا من عاصم؛ لأنه كان سيء الحفظ، ورواه أشرس بن عبيد عن سالم عن أبيه عن عمر موقوفا غير مرفوع، ورواه خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن سالم عن أبيه عن عمر، وأعرف فيه بألفاظ

لم يأت بها غيره ذكر فيه المسح، وقال فيه: على ظهر الخف، وذكر فيه الوقت ثلاثا للمسافر، يوما وليلة للمقيم. وخالد بن أبي بكر العمري هذا ليس بقوي، قاله زيد بن الحباب عنه، وفي علل الخلال علي بن حجير وأحمد بن حنبل عن المسح على أعلى الخف وأسفله، فقال:- يعني: نوح بن حبيب- لأحمد: يأخذ بحديث عمر قال أبي: حديث هو قلت: حدثنا زيد بن الحباب عن خالد بن أبي بكير وذكرت هذا الحديث فضحك- يعني: أبا عبد الله- ثم قال: أعد. فأعدت، فقال: أعد، وقال: لم أسمع منه هذا الحديث. وقال زياد بن أيوب: سألت أحمد عن المسح على الخفين،/فقال: إّنما هو أعلاه وأكثر الأحاديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مسح أعلاه وأسفله، وليس ذلك ثابت عنه، قال الدارقطني: ولفظه في الإفراد: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لا أحصيه يمسح على الخفين، وذكر شراك النعل " (1) . وقال: تفرد به معاوية بن عطاء عن الثوري عن منصور عن إبراهيم عنه، يعني: عن ابن عمر غيره، ورواه حصين بن عبد الرحمن عن محارب بن دثار عن ابن عمر عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاله سويد بن عبد العزيز عن حصين وخالفه هشيم، فرواه عن حصين موقوفا، ورواه أبو سلمة عن عبد الرحمن عن ابن عمر، واختلف عنه خرجاه أبو النضر سالم عن أبي سلمة عن ابن عمر عن عمر، وسعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك أبو أيوب الإفريقي، وابن لهيعة عن أبي النّضر، واختلف عنه فقال: عبد العزيز بن المختار عن موسى عن أبي النّضر عن أبي سلمة عن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن ابن عمر موقوفا، وقال وهب: عن موسى عن أبي النّضر عن أبي سلمة عن ابن عمر قال: قال عمر: " إذا حدثك سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا تشكّ فيه ". وقال له الفضيل بن سليمان:

_ (1) أورده العقيلي في الضعفاء الكبير: (4/185) . في ترجمة معاوية بن عطاء البصري. قال العقيلي: كان يرى القدر. عن الثوري وغيره في حديثه مناكير وما لا يُتابع على أكثره. وقال بعد رواية هذا الحديث: " وهذه كلها بواطيل لا أصول لها ".

عن موسى (1) عن أبي النّضر عن أبي سلمة قال: حدث سعد ولم يذكر فيه ابن عمر، وقال عمرو بن الحرث، وابن لهيعة: عن أبي النّضر عن أبي سلمة عن ابن عمر عن سعد، وقيل: عن ابن لهيعة عن أبي النّضر عن بسر بن سعيد، وقال أبو إسحاق السبيعي: عن أبي سلمة عن ابن عمر عن عمر، وسعد موقوفا عليها غير مرفوع. قال ذلك يونس بن أبي إسحاق وأبو الأحوص، وقال شعبة: عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن ابن عمر قوله لم يجاوز به ابن عمر، ورواه الزهري عن حميد بن عبد الرحمن وسالم بن عبد الله عن ابن عمر وسعد وقولهما غير مرفوع، ورواه عبد الله بن دينار وأصحاب نافع عمن تقدّم ذكره، والحكم بن الأعرج، وأبو حازم الأشجعي عن الشعبي، وخيثمة بن عبد الرحمن، والنعمان بن سالم، وميمون بن مهران عن ابن عمر عن عمر، وسعد وقولهما غير مرفوع، والله تعالى أعلم. حدثنا أبو مصعب المدني ثنا عبد المهيمن بن إلياس بن سهل الساعدي عن أبيه عن جدّه: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين. وأمرنا بالمسح على الخفين ". هذا حديث إسناده ضعيف بعبد المهيمن المذكور، قيل: وقد يقع لنا هذا الحديث من طريق صحيحة ذكرها الحافظ أبو علي بن السكن فقال: حدثنا أبو عبد الله القاسم بن إسماعيل، ويحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن محمد بن بدر، والحسن بن محمد قالوا: ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ثنا عبد العزيز بن أبي حاتم عن أبيه قال: رأيت سهل بن سعد يبول بول الشيخ الكبير، فكاد أن يسبقه، وإنّما توضأ ومسح على خفيه فقلت: ألا تنزع هذا؟! فقال: لا، رأيت خيرا مني ومنك يفعل هذا، رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله. ومن طريق أخرى جيّدة ذكرها القاضي أبو الطاهر الذهلي في التاسع عشر من حديثه فقال: حدثنا موسى بن هارون عن قتيبة عن شعبة عن يعقوب عن أبي حازم أنه رأى سهل بن سعد ... فذكر الحديث، وطريق أخرى ذكرها أبو جعفر البغوي في مسنده عن حسين بن محمد عن أبي غسان عن

_ (1) قوله: " موسى " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه من " الثانية ".

أبي حازم أنه نظر إلى سهل بن سعد يبول قائما فمسح على خفيه ... الحديث، ورواه أيضاً الطبراني من حديث عبد الله بن عمر بن أبان ويحيى الحماني ثنا عبد العزيز بن أبي حازم سمعت أبي يقول: رأيت سهلا يذكره رواه عن الفضيل بن أبي روح عن ابن أبان وعن أبي جعفر القاضي عن الحماني، ورواه أبو بكر النيسابوري في كتاب الإمارات عن أحمد بن منصور ثنا ابن أبي/ مريم وابن الصباح قالا: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن حدّثني أبو حازم قال: رأيت سهل بن سعد يبول قائما وقد كان كبير حتى لا يكاد قال: يبعد منه، قال: ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على خفيه. قال: قلت: ألا تنزع خفيك؟! قال: قد رأيت من هو خير منك يصنع ذلك. واللفظ لابن مريم، وثنا أحمد ثنا سعيد بن سليمان ثنا عبد الحميد بن سليمان سمعت أبا حازم به ولفظه: " من هو خير مني ومنك يصنع. حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا عمر بن عبيد الطنافسي ثنا عمر بن المثني عن عطاء الخراساني عن أنس بن مالك قال: " كنت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فقال: هل من ماء فتوضأ ومسح على خفيه ثم لحق بالجيش فأمهم " (1) . هذا حديث في إسناده ثلاث علل: الأولى: ضعف رواية أبي أيوب، وقال أبو عثمان: ويقال أبو محمد، ويقال: أبو صالح، ويقال: أبو سعيد عطاء بن أبي مسلم عبد الله، ويقال: ميسرة الخراساني الأمردي البلخي الشامي المهلبي لنسيه لولا أن أبي سفره وهو وإن كان مسلم قد روي حديثه، ووثقه ابن معين، وأبو حاتم الرازي، والدارقطني فقد كذبه سعيد بن المسيب، وقال ابن حبان: كان سيء الحفظ، يخطيء، ولا يعلم، فبطل الاحتجاج به، وذكره الباجي والفضيل في كتاب الضعفاء. الثانية: الانقطاع ما بين عطاء وأنس بن مالك. قاله أبو زرعة الرازي فيما ذكره ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل، وقيل

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/548) . في الزوائد: هذا إسناد ضعيف منقطع. قال أبو زرعة: عطاء الخراساني لم يسمع من أنس. وقال العقيلي: عمر بن المثنى حديثه غير محفوظ. وأحمد (4/246، 5/302) ومشكل (3/179) والكنز (17617) . وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/119) .

لابن معين،: لقى عطاء أحدا من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لا أعلمه. الثالثة: الجهالة بحال عمر فإني لم أر أحداً ذكرها، والله أعلم. وقد وقع لنا هذا الحديث إسناد صحيح لا يطعن في أحد من رجاله ذكره أبو عبد الرحمن النسائي، فقال: أنبأ قتيبة أبنا أبو عوانة عن أبي يعفور زياد بن عبد الله أنبأ أنس بن مالك قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين " (1) . ثنا محمد بن إسحاق ثنا نعيم بن الجهم ثنا أبو عوانة عن أبي يعفور فذكر مرفوعا قال: سألت أنسأ عن المسح على الخفين فقال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح عليهما "، ورواه أبو القاسم في الأوسط بإسناد لا بأس به، ولما ذكره البزار قال: لا يعلم روي أبو يعفور عن أنس غير هذا الحديث، وأما قول البخاري: وسأله عنه الترمذي. أخطأ فيه قتيبة والصحيح عن أنس موقوفا فيه وجدنا لقتيبة تابعا، ولحديثه شاهدا، وهو ما ذكره بحشل في تاريخه: ثنا على بن يونس ثنا عبد الحميد بن أبي داود ثنا سفيان الزيات عن الأعمش عن أنس: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين ". عن أبي زرعة ثنا علي بن عباس ثنا علي بن الفضل بن عبد العزيز ثنا سليمان اليمني عن أنس: " وضأت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل موته بشهر فمسح على الخفين والعمامة "، وقال: لم يروه عن سليمان إلا علي، رواه النيسابوري في كتاب الأبواب عن محمد بن أحمد بن الجنيد ثنا العلاء بن عبد الجبار ثنا وهيب ثنا يحيى به، وثنا أحمد بن منصور، وثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ثنا مروان بن معاوية، ورواه الساجي في فوائده، ويخرج أبو النّضر الوائلي من طريق العباس بن محمد بن العباس النصري ثنا أحمد بن صالح ثنا يحيى بن محمد ثنا إسماعيل بن ثابت بن مجمع عن يحيى بن سعيد عن أنس: أنه مسح على الخفين، وذكر أنس أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين، قال الوائلي: وهذا غريب جدا من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس لم يسده عنه فما قيل غير إسماعيل هذا أو أبي ذلك الحافظ أبو بكر البزار؛ فإنّه لما رواه عن أحمد بن الوليد البزار أنبأ يحيى بن محمد الجاري ثنا

_ (1) تقدّم من أحاديث الباب ص 609.

يعقوب بن إسماعيل عن يحيى بن سعيد عن أنس قال: وهذا الحديث لا نعلم رواه غير يحيى بن سعيد عن أنس إلا يعقوب، ورواه الدراوردي عن يحيى بن سعيد/عن سعيد بن رقيش عن أنس، والله أعلم. ورواه أبو القاسم عبد الله محمد بن يحيى بن أبي عمر العدي في مسنده عن مروان بن معاوية الفزاري ثنا زياد بن عبيدة ثنا أنس بن مالك قال: " كنت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسير في غلس، فقال لي: هل في إداوتك من ماء؟ فقلت: نعم. قال: فتنحّى عن الطريق، ثم توضأ ومسح على خفيه، فلما أراد أن يمسح عليهما طأطأت رأسي لأنظر فقال: هو ما رأيت، ومسح على خفّيه " (1) . وقال الميموني: قلت لأبي عبد الله- يعني: أحمد بن حنبل- حدثوني عن الحسن بن الربيع عن أبي شهاب الحافظ عن عاصم الأحول عن أنس قال: " مسح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الخفين "، فقال: ليس بصحيح إنّما هو عن أنس أنّه كان يمسح وكان يقول: ثنا أصحابنا، وقال: هو عن عاصم عن أنس موقوفا قلت: يخاف أن يكون من الحسن بن الربيع قال: نعم. قلت: ابن شهاب. قال: ثبت وليس هذا من ابن شهاب. قلت لأحمد: ثنا شاذان ثنا زهير أبو خيثمة عن وهب بن عقبة عن محمد بن سعيد الأنصاري عن شعبة: " أنّ أنسا أتى المهراس فبال قائما، ثم توضأ ومسح على خفيه، ثم توجه إلى الصلاة أو أتى المسجد فقلت: فعلت شيئا منكر. فقال: خدمت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسع سنين يفعل ذلك " (2) . فقال أحمد: ليس بصحيح، وهذا كذب وسألته عن وهب بن عقبة فقال: ليس به بأس، وسألته عن محمد بن سعيد الأنصاري فقال: لا يعرف. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الحسن بن الربيع عن ابن شهاب عن عاصم عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح فقال: هذا خطأ؛ إنّما هو عاصم عن رشدين يحتج قال: رأيت الماسح على الخفين

_ (1) رواه ابن ماجة مختصرا، وتقدّم من أحاديث الباب. (2) انظر الكامل: 6/2142. في " الموطأ " (ص 37، ح/44 من كتاب الطهارة) وجدته بلفظ: " رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال، ثم أتى بوضوء فتوضأ، فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ومسح برأسه، ومسح على الخفين، ثم جاء المسجد فصلْى ".

فعله. انتهي. ورواه مالك في موطئه (1) عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش قال: " رأيت أنسا فذكره من فعله عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: المسح على الخفين للمسافر ثلاث وللمقيم يوم وليلة ". أنبأ بذلك الإمام/المسند المعمر أبو الحسن علي بن إسماعيل بن إبراهيم قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ الإمام الحافظ أبو الحسين يحيى بن عبد الله القرشي أنبأ أبو الطاهر إسماعيل بن صالح بن ياسين الشعبي قراءة عليه أبنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي أبنا أبو أحمد عبد الله بن الناصح ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد العافر المروزي ثنا الهيثم بن خارجة ثنا سعيد بن ميسرة، فذكره، ورواه حميد عن أنس من جهة عنبس بن ميمون، قال: الخيري غيره أوثق منه وحديثه هذا منكر. حدّثنا علي بن محمد ثنا وكيع ثنا دلهم بن صالح الكندي عن حجير بن عبد الله الكندي عن ابن بريدة عن أبيه: " أنّ النجاشي أهدى للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خفين ساذجين أسودين، فلبسهما ثم مسح عليهما ". هذا حديث خرجه ابن ماجة (2) أيضاً في كتاب اللباس، وقد سبق ذكرنا له، وعند مسلم (3) في باب الصلاة بوضوء واحد من حديث سفيان عن علقمة عن سليمان، عن أبيه وأنّ ابن مندة قال: هذا إسناد صحيح على رسم الجماعة إلا البخاري لسليمان، انتهى كلامه. وفيه نظر؛ من حيث أنّ ابن بريدة هذا قيل أنّه عبد الله لما رواه

_ (1) رواه مالك في: 2- كتاب الطهارة، 8- باب ما جاء في المسح على الخفين، (ح/ 44) ولفظه: وحدثني عن مالك، عن سعيد بن عبد الرحمن بن رُقيش؛ أنه قال: رأيت أنس بن مالك أتى قبا فبال، ثم أتى بوضوء فتوضأ، فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه، ومسح على الخفين، ثم جاء المسجد فصلى. (2) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 84- باب ما جاء في المسح على الخفين، (ح/549) . وصححه الشيخ الألباني. قوله: " ساذجين " في المعرب. والساذج فارسي معرب. وفي حاشية؛ في القاموس " الساذج معرب سادة " وفي اللسان: حجة ساذِجة وساذجة، غير بالغة. قال ابن سيده: أراها غير عربية؛ إنّما يستعملها أهل الكلام فيما ليس ببرهان قاطع. وقد يستعمل في غير الكلام والبرهان. وعسى أن يكون أصلها (سادة) فعربت كما اعتيد مثل هذا في نظيره من الكلام المعرب. (3) صحيح. رواه مسلم في: 2- كتاب الطهارة، 25- باب جواز الصلوات كلّها بوضوء واحد، (ح/86) .

أبو داود (1) من حديث مسدد وأحمد بن أبي شعيب ثنا وكيع ثنا دلهم به قال: هذا مما تفرد أهل البصرة إسناده، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن إنّما نعرفه من حديث دلهم، ورواه محمد بن ربيعة عن دلهم، وخرّجه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه، وخالف ذلك حين سأله الميموني عنه فقال: هذا حديث منكر، قال ابن عبد الله: لا أعرفه في غير هذا ودلهم بن صالح كوفي منكر الحديث، وقال: يقول في حديث ابن بريدة حجر، ثم قال: حجير، وقال أبو الحسن الدارقطني حين ذكره في باب عبد الله: تفرد به حجير بن عبد الله عن ابن بريدة ولم يروه عنهم غير دلهم، وفي بابه خرجه أبو القاسم بن عساكر،/وذكر الحافظ أبو بكر البيهقي له شاهدا من حديث المغيرة بن شعبة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على خفيه، فقال له رجل: يا مغيرة ومن أين كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خفان؟ فقال المغيرة: أهداها له النجاشي ". وفي علل الدارقطني دحية بن خليفة وسيأتي الكلام عليه معولا في كتاب اللباس، إن شاء الله تعالى. وقول أبي عيسى: ورواه محمد بن ربيعة عن دلهم- يعني: بذلك ما أنبا به الإمام المسند أحمد بن منصور بن إبراهيم- أبنا العلامة أبو العباس بن شيبان الشيباني وغيره أبنا المعمر عمر بن معمر أبنا أبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد الصائغ أبنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن الخلال قال: قرئ على أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن الصيدلاني أخبركم أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري- رحمه الله تعالى- ثنا علي بن إسكاب ثنا محمد بن ربيعة ثنا دلهم بن صالح عن حجير، فذكره بزيادة ومسح عليها وصلى قال النيسابوري: وثنا محمد بن علي الوراق ثنا عبيد الله بن موسى ثنا دلهم بن صالح به. (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 65- باب الرجل يصلى الصلوات بوضوء واحد، (ح/172) .

54- باب في مسح أعلى الخف وأسفله

54- باب في مسح أعلى الخف وأسفله حدثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح أعلى الخف وأسفله " (1) . هذا حديث قال أبو داود في تخريجه: وبلغني أنّ ثوراً لم يسمع هذا الحديث من رجاء، وقال أبو عيسى في كتاب العلل: وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: لا يصح هذا روي عن ابن المبارك عن ثور بن (1) رواه الترمذي (ح/97) وقال الترمذي: وسألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقالا: ليس بصحيح؛ لأن ابن المبارك روى هذا الحديث عن ثور عن رجاء بن حيوة قال: حُدثت عن كاتب المغيرة: مُرسل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يذكر فيه المغيرة. ورواه الشافعي في مختصر المزني (1/50) عن ابن أبي يحيى عن ثور بن يزيد، ورواه أبو داود (ح/165) وابن ماجة (ح/550) وفي الزوائد: الوليد مدلس، وثور ما سمع من رجاء بن حيوة. وكاتب المغيرة أرسله، وهو مجهول. أجيب عنه بأن الوليد قال: حدثنا ثور، فلا تدليس. وسماع ثور قد أثبته البيهقي، وصرح بان ثورا قال: حدثنا يرجاء، وكاتب المغيرة وذكر المغيرة، فلا إرسال، وكاتب المغيرة اسمه وراد، كما صرح به ابن ماجة، وكنيته أبو سعد. روى عنه الشعبي وغيره. ورواه ابن الجارود (ص 48) والدارقطني (ص 71) والبيهقي (1/ 290) كلهم من طريق الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد، وقال أبو داود: " بلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء ". وقال الدارقطني: " رواه ابن المبارك عن ثور قال: حدثت عن ثور عن كاتب المغيرة ". وكذلك نقل البيهقي عن الدارقطني. وقال ابن حجر في التلخيص (ص 58) : " قال الأثرم عن أحمد: إنّه كان يضعفه ويقول: ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي فقال عن ابن المبارك عن ثور: حدثت عن رجاء عن كاتب المغيرة، ولم يذكر المغيرة. قال أحمد: وقد كان نعيم بن حماد حدثني به عن ابن المبارك كما حدثني الوليد بن مسلم به عن ثور، فقلت له: إنما يقول هذا الوليد، فأما ابن المبارك فيقول: حدثت عن رجاء، ولا يذكر المغيرة؟ فقال لي نعيم: هذا حديثي الذي أسأل عنه، فأخرج إلي كتابه القديم بخط عتيق فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم عن المغيرة، فأوقفْته عليه وأخبرته أن هذه زيادة في الإِسناد لا أصل لها، فجعل يقول للناس بعد، وأنا أسمع: اضربوا على هذا الحديث ". فكلام أحمد وأبي داود والدارقطني يدل على أن العلة أن ثورا لم يسمعه من رجاء، وهو ينافي ما نقله الترمذي هنا عن البخاري وأبا زرعة: أن العلة أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة. قلت: وقد ضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/120) ، وضعيف أبي داود (ح/22) .

يزيد قال: ثنا عن رجاء بن حيوة كاتب المغيرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا وضعّف هذا، وسألت أبا زرعة فقال: نحوا مما قال محمد، وقال في الجامع: هذا حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد بن مسلم وكذلك ذكره الإمام أحمد/فيما حكاه عنه إلا يزيد. قال: وسمعت أبا عبد الله يضعف وذكر أنّه ذكره لابن مهدي بذكره كذلك مسندا من وجهين حديث عن رجاء وأرسله فلم يسنده، قال: وقد كان نعيم بن حماد حدثني هذا عن ابن المبارك حدّث به الوليد، فقال: عن ثور عن رجاء عن كاتب المغيرة عنه. فقلت له: إنّما يقول الوليد هذا: أنا ابن المبارك. فيقول: حدثت عن رجاء ولا يذكر المغيرة. فقال: هذا حدّثني الذي أنقل عنه، وأخرج إلي كتابه القديم بخط عتيق، وإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم عن المغيرة فوثّقه عليه، وأخبرنه بأنّ هذه زيادة في الإسناد لا أصل لها، فجعل يقول للناس بعد: اضربوا على هذا الحديث وقال أبو الحسن: وحديث رجاء الذي ذكر فيه أعلى الخف وأسفله لا يثبت؛ لأنّ ابن المبارك رواه عن ثور مرسلا، وضعّف الإمام الشّافعي هذا الحديث فيما حكاه في المعرفة يكون رجاء لم يسم كاتب المغيرة، قال البيهقي: وفيه نوع آخر من التضعيف وهو أنّ الحفاظ يقولون: لم يسمع ثور هذا من رجاء، وفي رواية محمد بن العباس النسائي عنه لم يلق رجاء ورادا، وقال أبو علي الطوسي في الأحكام: يقال: هذا حديث لا يصح، وقال البخاري في الأوسط: وزاد كاتب المغيرة يقال: مولاه ثنا إبراهيم بن موسى عن الوليد عن ثور عن رجاء عن كاتب المغيرة عن المغيرة، وقال أحمد بن حنبل أنبأ ابن مهدي ثنا ابن المبارك عن ثور حديث عن رجاء عن كاتب المغيرة- ليس فيه المغيرة- ثنا محمد بن الصباح ثنا ابن أبي الزياد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن المغيرة: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على خفيه ظاهرهما " (1) ،

_ (1) ضعيف. المنتقى (ح/ 85) . وفي سنن ابن ماجة: 1- كتاب الطهارة، 85- باب في مسح أعلى الخف وأسفله، (ح/ 550) بلفظ: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح أعلى الخف وأسفله ". من طريق الوليد بن مسلم، وفي الزوائد: الوليد مدلس، وثور ما سمع من رجاء بن حيوة، وكاتب المغيرة أرسله وهو مجهول. أجيب عنه با الوليد قال: حدثنا ثور، فلا تدليس، وسماع ثور قد أثبته البيهقي وصرح بأن ثورا قال: حدثنا رجاء. وكاتب المغيرة ذكر المغيرة، فلا إرسال، وكاتب المغيرة اسمه وراد، كما= 620

وهذا أصح، ولما ذكره أبو محمد بن حزم ضعفه، وقال: أخطأ فيه الوليد في موضعين، ثم ذكر ما تقدّم من كلام الأئمة ثم قال: فصح أن ثورا لم يسمعه عن رجاء وأنه مرسل لم يذكر فيه المغيرة، وقال أبو عمر بن عبد البرّ: لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء،/وقد ذكر ابن الجوزي في كتاب التحقيق أن الوليد دلّس هذا مجموع ما أعلّ به، ولقائل أن يقول الحديث الذي ذكره الدارقطني يرد قول من قال عن ثور حديث عن رجاء؛ لكونه صرح به وهو ثقة، بسماعه لهذا الحديث من رجاء وهو قوله: ثنا عبد الله بن محمد ثنا داود بن رشيد عن الوليد عن ثور ثنا رجاء به، وبما عضده من قول العلماء أنه سمع منه، وأمّا من أعله بالتدليس فقوله مردود بما رواه أبو داود في سننه: ثنا موسى بن مروان ومحمد بن خالد الدمشقي المعنى قال: ثنا الوليد قال محمود: أنبأ ثور بن يزيد عن رجاء به، وكذا صرّح به أيضاً الترمذي في كتاب العلل، وأمّا من أعله بالجهالة بكاتب المغيرة واسمه فليس بشيء أيضاً؛ لما في كتاب ابن ماجة من تصريحه باسمه، ولما أسلفناه من عند البخاري، وأيضا وليس معروفا بكتابته غيره وهو ممن لا يسأل عن حاله، وأمّا قول الحافظ القشيري بأنّ هذه العلّة أثارها بعض المتأخرين: فنسبه أنه لم ير كلام الشّافعي؛ لأن أبا نعيم ذكره في بابه ومن أسلفناه من المتقدمين، والله أعلم، فعلى هذا يكون حديثا لا بأس به؛ بل لو صحح إسناده لكان بذلك جديرا على أنا قد رأينا لنا في ذلك سلفا وقدوه، وهو أبو محمد بن الجارود يذكره له في منتقاه، وقد ذكر الشيخ جمال الدين المزي له إسنادا آخر فقال: ورواه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر عن عبد الملك عمير عن وراد، وفي باب كيفية المسح أحاديث فمن ذلك حديث المغيرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يمسح على ظهر الخفين ". ذكره الترمذي (1) وحسنه، وفي حديث علي: " لو كان الدين

_ صرح به ابن ماجة، وكنيته أبو سعيد. روى عنه الشعبي وغيره. وضعفه الشّيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/120) ، وأبو داود (ح/22) ، والمشكاة (521) . (1) حسن. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 73- باب ما جاء في المسح على أعلى الخفين وظاهرهما. (ح/98) وقال: " حديث المغيرة حديث حسن ". ويؤيد ذلك النووي في المجموع (1/157) وابن العربي في شرح الترمذي (1/146) =

بالرأي لكان باطن القدمين أجدر بالمسح " (1) ، وقد مسح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ظهر خفيه، ذكره ابن حرب محتجا به، وحديث عمر مرفوعا: " أمر بالمسح على ظهر الخفين إذا لبسا وهما طاهرتان ". ذكره أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده (2) بإسناد حسن وحديث أنس: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/بال ثم جاء حتى توضأ ومسح على خفيه ورفع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على خفه الأيسر ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى كأني أنظر إلى أصابعه على الخفين ". ذكره (3) البيهقي من حديث أبي أسامة عن أشعث عن الحسن عنه، وحديث جابر: " مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل يتوضأ وهو يغسل خفّه، فمسحه بيده وقال: " إنما أمرنا بهذا، ثم أراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الشاق وفرّج بين أصابعه " ذكره الطبراني في الأوسط (4) من حديث بقية عن جرير بن يزيد

_ = والمنذري فيما حكاه في عون المعبود (1/63) والمجدد ابن تيمية في المنتقى (1/232) ومن نيل الأوطار: نقلوا عن الترمذي أنه قال: " حديث حسن ". قلت: الحديث رواه البخاري في التاريخ الأوسط فيما نقله عن ابن حجر في التلخيص (ص 59) ورواه أبو داود (1/ 63) كلاهما عن محمد بن الصباح عن عبد للرحمن بن أبي الزناد وعندهما كما عند الترمذي هنا: " عن عروة بن الزبير ". ورواه الطيالسي (رقم 292) عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن المغيرة عن المغيرة بن شعبة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على ظاهر خفْيه ". ورواه البيهقي (1/291) من طريق الطيالسي. فاختلفت الرواية على ابن أبي الزناد عن أبيه كما ترى فقال بعضهم: " عن عروة بن الزبير ". وقال بعضهم: " عن عروة بن المغيرة " قال البيهقي بعد ذكر رواية الطيالسي: " كذا رواه أبو داود الطيالسي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وكذلك رواه إسماعيل بن موسى عن أبي الزناد. ورواه سليمان بن داود الهاشمي ومحمد بن الصباح وعلي بن حجر عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير بن المغيرة "؛ فان كانت الروايتان محفوظتين، وإلا كانت إحداهما وهما والأخرى صوابا، ولا ضرر في ذلك؛ لأنه تردد بين روايتين ثقتين: عروة بن الزبير وعروة بن المغيرة. (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 62- باب كيف المسح، (ح/164) . (2) صحيح. الكنز: (27587) . وعزاه إليه. وصححه. (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/256-257) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " من حديث عوسجة وقال: وعوسجة بن مسلم لم أجد من ذكره إلا أن الذهبي قال: عوسجة بن أقرم روى عن يحيى بن عوسجة حديثه في المسح على الخفين لم يصح. قاله البخاري. (4) حسن. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/256) وعزاه إلى الطبراني في=

الحموي عن لبيد بن المنكدر عنه وقال: لا يروي هذا عن جابر إلا بهذا الإسناد. تفرد به بقية. انتهى، وفيه نظر؛ لما ذكره حرب في سؤالاته لأحمد ثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الجرزي ثنا زياد بن عبد الله عن الفضيل بن ميسرة قال: " رأيت جابرا ... فذكره "، وحديث أبي أمامة الباهلي وعبادة بن الصامت: " أنهما رأيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح أسفل الخفين وأعلاهما " (1) . ذكره ابن وهب في مسنده عن رجل عن آخر عن رجل من رعين عن أشياخ لهم عنهما، وفي باب مسح الخفين غير ما حدث حتى قال الإمام أحمد في رواية الميموني عنه: فيه سبعة وثلاثون حديثا، وفي رواية الحسن بن محمد عنه ليس في ثلثين من المسح شيء فيه أربعون حديثا عن أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما رفعوا إلى النبي وما وقفوا، وقال ابن أبي حاتم: روي المسح على الخفين أحد وأربعون صحابيا، وفي كتاب ابن المنذر: روينا عن الحسن قال: حدثني سبعون صحابيا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين. انتهى كلامه، وفيه نظر، وقال البزار أربعون صحابيا من ذلك حديث عمرو بن أمية الضمري المذكور عند البخاري من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جعفر بن عمرو عن أبيه أنه أخبره: " أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين ". وحديث جابر بن عبد الله المذكور عند أبي عيسى من حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: سألت جابرا عن المسح على الخفين، فقال: السنة يا ابن أخي، وسألته عن المسح على العمامة. فقال: أمس الشعر، وخرجه أبو القاسم في الأوسط من حديث بقية عن جرير بن زيد الكندي عنه بلفظ: " مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل يتوضأ وهو يغسل خفيه، فنخسه بيده وقال: إنما أمرنا بهذا ثم أزاله بيده من مقدم الخف إلى أصل الساق " (2) ، وقال: لا يروى هذا الحديث إلا هذا الإِسناد عن جابر. تفرد به بقية، وقد سبق التنبيه عليه قبل، والله تعالى أعلم. وحديث أسامة بن شريك قال: " كنا نكون مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فنكون معه ثلاثة أيام ولياليها لا ننزع خفافنا ليس من

_ = " الأوسط " وإسناده حسن إن شاء الله. (1) تقدم. وراجع الترمذي (ح/97) وابن ماجة (ح/550) وكلاهما في السنن. (2) تقدم من أحاديث الباب.

جنابة، ونكون معه في الحضر يوما وليلة ونمسح خفافنا " (1) . رواه القاضي أبو الطاهر الذهلي عن محمد بن عبدوس عن ابن حميد عن الصباح بن محارب عن عمر بن عبيد الله بن يعلى بن مرّة عن أبيه عن جده وعن زياد بن علاثة عنه، وسيأتي أيضا في باب التوقيت. وحديث سلمان الفارسي قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين والعمامة " (2) . خرجه الحافظ أبو حاتم البستي في صحيحه عن عبد الله بن أحمد بن موسى عن زيد بن الحرث الأهوازي ثنا عبد الله بن الزبير بن معبد ثنا أيوب السختياني عن داود بن أبي الفرات عن محمد بن زيد عن أبي شريح عن أبي مسلم عنه، وأبنا أبو خليفة أبنا أبو الوليد الطيالسي ثنا أبو داود بن أبي الفرات عن محمد بن زيد عن أبي شريح عن أبي مسلم مولي زيد بن صوحان قال: " كنت مع سلمان فرأى رجلا قد أحدث وهو يريد أن ينزع خُفيه للوضوء فقال له سلمان: " امسح عليهما وعلى عمامتك فإني رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على خماره وعلى خفيه "، ثم قال:/في هذا دحض لقول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمرو الضمري، وسأل أبو عيسى محمدا عن هذا الحديث قلت: أبو شريح ما اسمه؟ قالا: ما أدري لا أعرف اسمه ولا أعرف اسم أبي مسلم مولى زيد بن صوحان ولا أعرف له غير هذا الحديث. ورواه عبد السلام بن حرب عن سعيد عن قتادة وقلت: فقال عن أبي مسلم عن أبي شريح، وبنحوه قال أبو زرعة فيما حكاه ابن أبي حاتم عنه، ولفظه في المصنف (3) : " امسح على خفيك وعلى خمارك وبناصيتك " وأما ما زعمه المزي من أن ابن ماجة خرج هذا الحديث في سننه

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/260) مختصرا، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه عمر بن عبد الله بن يعلى وهو مجمع على ضعفه. (2) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 74- باب ما جاء في المسح على العمامة، (ح/ 100) . من حديث المغيرة، وقال: وفي الباب عن عمر وابن أمية، وسلمان، وثوبان، وأبي أمامة، وقال: " حديث للغيرة حديث حسن صحيح ". (3) رواه عبد الرزاق في " مصنفه " (737) والطبراني (1/336) وأحمد (6/12، 13، 14) . بلفظ: " امسحوا على الخفين والخمار ".

فيشبه أن يكون وهما لم أره فيما رأيت من النسخ، والله تعالى أعلم. وحديث عبد الله بن عمر: " أنه كان يمسح على الخفين، ويقول أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بذلك. رواه أبو القاسم في معجمه الأوسط (1) بإسناد صحيح عن محمد بن عبد الرحمن بن الأردني ثنا محمد بن محمد بن إدريس الشّافعي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سالم عنه وقال: لم يرو هذا الحديث عن الزهري إلا معمر، وقال عن معمر: إلا عبد الرزاق. لفرد به محمد بن محمد بن إدريس وقال أبو عيسى في كتاب العلل. ثنا أبو كريب ثنا محمد بن الفضل عن الفراء بن أحنف عن عقبة بن حريث قال: سأل رجل ابن عمر عن المسح على الخفين فقال: " أمسح، فكان ذلك نقل عن الرجل فقال: وإن بال وإن دخلت (2) الخلاء: قال: نعم " ورفعه ابن عمر إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألت محمدا عن هذا الحديث فلم يعرفه، وقال الميموني: قلت:- يعني: لأبي عبد الله حدثني عن سويد بن عبد العزيز عن حصين عن محارب بن زياد عن ابن عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح فقال: ليس بصحيح أن عمر ينكر على سعد المسح على الخفين، ولا يعرف من حديث حصين هذا من قبل سويد بن عبد العزيز قلت: حدثوني عن الحسن بن صالح عن عاصم بن عبد الله عن سالم عن ابن عمر أنّ النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين فقال: ليس بصحيح هذا من قبل عاصم، ورواه أبو بكر النيسابوري في كتاب الأبواب موقوفا عليه من طريق صحيحة ثنا الجرجاني ثنا الربيع بن وهب قال: أخبرني أسامة عن نافع أنّ عبد الله بن عمر قال: " المسح على الخفين ظاهرهما وباطنهما بمسحة واحدة ". ثنا الجرجاني ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جريح قال: قال لي نافع: " رأيت عبد الله بن عمر مسح عليهما بواحدة مسحة بيده كلتيهما ببطونهما وظهورهما

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/258) من حديث ابن عمر، وعزاه إلى أحمد وأبي يعلي والبزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ورجال للبزار وأبي يعلى ثقات. وتمام لفظه: " عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح على الخفين: للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ". (2) قوله: " دخلت " وردت " بالأصل " " حرمت " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من الثانية.

وقد أهراق قبل ذلك الماء فتوضأ "، وهو في الموطأ (1) من رواية مالك عن نافع عنه، وحديث البراء بن عازب: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزل يمسح قبل نزول المائدة وبعدها حتى قبضه الله تعالى ". رواه أبو القاسم في الأوسط (2) عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا سوار بن مصعب عن مطرف بن طريف عن أبي الجهم عنه، وقال: لم يروه عن مطرف إلا سوار ذكر أيضا حديث أبي إمامة الباهلي بنحوه، وقال: لم يروه عن سليمان بن عامِر إلا عبيد بن معدان. تفرد به أبو جعفر العقيلي وسيأتي ذكره أيضا في التوقيت. عن محمد بن إسحاق ثنا أبو ياسر عمار بن نصر حدثني أبو الأسود شيخ من أهل خراسان عن عبد المؤمن- يعني: ابن خالد- عن أبي سهل- يعني عبد الله بن بريدة- عن ابن عمر قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين "، وحديث عبادة بن الصامت قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال ثم توضأ ومسح على خفيه ". رواه أبو القاسم في المعجم الكبير (3) عن محمد بن عبد الله الحضرمي عن أحمد بن راشد عن عنبر بن القاسم عن عبيدة بن أبي عتبة عن الحسن عنه، والحسن لم يسمع من عبادة. ذكر ذلك عبد الله بن المبارك في تاريخه الذي قرأته على ابن أبي الفتوح المصري- رحمه الله- عن ابن الحميري أنبأ السلفي الحافظ أنبأ الشيخ أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار/ الصوفي بقراءتي عليه ببغداد أبنا أبو يعلي أحمد بن عبد الواحد بن محمد العدل أبنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المقبري النقاش أبنا أبو العباس أحمد بن الحصر المروزي ثنا أحمد بن عبدة ثنا أبو عبد الله بن وهب بن زمعة ثنا سفيان بن عبد الله قال: قال عبد الله: وجاءني المعلم الذي كان في مسجد البصريين الخفيف الشعر بكتاب، وإذا فيه حديث يبلغ به الحسن عن تسعة من

_ (1) صحيح. رواه مالك في: 2- كتاب الطهارة، 8- باب ما جاء في المسح على الخفين، (ح/ 42) . (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/257) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه سوار بن مصعب وهو مجمع على ضعفه. (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/257) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " من رواية أبي عتبة عن الحسن، ولم أجد من ذكره.

الصحابة منهم: عبادة، قال عبد الله: ومتى لقي الحسن عبادة فعلمت أنّه باطل، وذكره عبد الله بن وهب في مسنده عن رجل من أعين عن أشياخ لهم عن أبي أمامة الباهلي وعبادة: " أنهما رأيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح أسفل الخف وأعلاه " (1) ، وحديث أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري- رضي الله عنه- ذكره أبو بكر بن زياد النيسابوري في كتاب الأبواب، فقال: ثنا أحمد بن منصور ثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن علي بن مدرك عن المسيب بن رافع قال: " رأيت أبا أيوب ينزع خفيه فنظروا إليه فقال: أمّا إني قد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح عليهما ولكن حُبب إلي الوضوء ". هذا إسناد ظاهره صحيح، ورواه بعضهم عن الأعمش عن المسيب عن علي بن مدرك قال: رأيت أبا داود أيوب وليس بشيء؛ لأن عليا لم يحل أحد رؤيته للصحابة المتأخرين فضلا عن غيرهم، ولهذا إنّ في بعض النسخ علاقة التقديم على المسّيب، والتأخير على ابن مدرك، ورواه يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن المسيب عن على بن الصلت قال: رأيت أبا أيوب وكاله اشتبه بعلي بن مدرك، ولئن كان صحيحا فحبذا يعلى بن الصلت المذكور عند البستي في كتاب الثقات ورواه ابن زياد أيضا عن سعدان بن نصر ثنا يزيد بن هارون أنبأ هشام بن حسان ثنا أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين: أن أبا أيوب كان يأمر/بالمسح على الخفين، ويخلع فقيل له: تأمر بالمسح على الخفين، وتخلع أنت فقال: لو أنه كان به بأس لم أمركم به فيكون لكم المسمي وعلي المأثم لكن حُبب إلي الطهور، هذا وإن كان موقوفا ففيه علتان: الأولى: ضعف ابن سوار، والثانية: انقطاع ما بين ابن سيرين وأبي داود نص على ذلك هشيم، فرواه عن منصور بن زاذان عن ابن سيرين عن أفلح مولى أبي أيوب عنه، وزاد عبدان علّة أخرى، فرواه عن المسيب عن المعتمر بن سليمان عن أبي شعيب- يعني: الصلت بن زبير المجنون المتروك الحديث- عن ابن سرين ثنا أفلح، وحديث سعيد بن أبي مريم عن رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرجل يمسح على خفيه ثم يبدو له فينزعهما قال: " يغسل قدميه ". رواه

_ (1) تقدّم من أحاديث الباب ص 623.

البيهقي (1) من حديث الدالاني من حديث يحيى بن إسحاق عن سعيد، وقال البخاري: ولا يعرف أن يحيى بن إسحاق سمع من سعيد أم لا، ولا سعيد من صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحديث أبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، وعبد الرحمن، وقيس بن سعد بن عبادة وعبد الله بن الحرث ذكرهم البيهقي- رحمه الله- كذا، وحديث أبي مسعود الأنصاري: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح فقيل له أقبل نزول المائدة أم بعده؟ فسكت أبو مسعود " (2) ، وحديث هزيل بن ورقاء قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين ". ذكره العاني في كتاب الصحابة من حديث رشدين عن موسى بن علي عن أبيه عنه وقال: لا أدري هو بديل الخزاعي أو غيره، وحديث عثمان بن عفان، وأبي عبيدة بن الجراح، وابن عوف، وأبي الدرداء، ويزيد بن ثابت، وفضالة بن عبيد ذكرهم ابن عبد البر، وحديث عبد الرحمن بن خالد بن سعيد بن العاص مرفوعا ذكره النيسابوري في الأبواب. وحديث / عروة بن الزبير عن أبيه مرفوعا رواه في الأوسط وقال: لم يروه عن القاسم بن الوليد ومجالد إلا عبيدة بن الأسود، وتفرد به عبد الله بن عمر بن أبان، وحديث عائشة- رضي الله عنها- قالت: " ما زال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح منذ أنزلت عليه سورة المائدة حتى لحق الله عز وجل " (3) ، وذكره الدارقطني في سننه عن الحسين ثنا ابن حسان ثنا بقية ثنا أبو بكر بن أبي مريم ثنا عبدة بن أبي لبابة عن محمد الخزاعي عنها، ورواه النيسابوري في كتابه عن أحمد بن منصور ثنا سليمان بن عبد الرحمن- يعني: المخرج- حديثه في الصحيح عن أبي بكر بن أبي مريم، وأمّا كراهتها لذلك فحديث لا أصل له باطل. قاله الجوزجاني وغيره، وحديث أم سعد بنت زيد بن ثابت قالت: دخلت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ فمسح على خفيه فقلت: نسيت يا رسول الله؟ قال: " ولكن أمرني ربي عز وجل بذلك " (4) . أنبا به الإمام المسند المعمر أبو العباس بن

_ (1) رواه البيهقي: (1/289) . (2) تقدم من أحاديث الباب. (3) ضعيف. رواه الحاكم (1/194) والمجمع (1/257) من حديث البراء، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه سوار بن مصعب وهو مجمع على ضعفه. (4) رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب المسح على الخفين، (ح/156) .=

إبراهيم أنبأ به شيبان- رحمه الله تعالى- ثنا عمر بن محمد أنبأ أبو الحسن الصانع ثنا أبو القاسم الخلال ثنا أبو القاسم الصيدلاني أخبركم أبو عبد الله محمد بن زياد النيسابوري- رحمه الله تعالى- ثنا أحمد بن ملاعب ثنا خالد بن يزيد القرني ثنا الصباح بن بسطام عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زادان عنها، وبه إلى النيسابوري قال: حدثنا الزعفراني ثنا سعيد بن زكريا المدائني عن عنبسة به، وفي كتاب ابن الأثير أن زادان لم يسمع منها بينها عبد الله بن ماجة، وحديث عبد الله بن رواحة وأسامة بن زيد: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين ". خرجه أبو القاسم في الأكبر (1) من حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عنهما، وخرجه ابن مانع في معجم/الصحابة عن إبراهيم بن إسحاق الحربي ثنا أبو مصعب عن عبد الرحمن بن زيد عن زيد عن عطاء عن أسامة وابن رواحة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل دار حمل هو وبلال فخرج إليهما بلال فأخبرهما أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين "، وذكره تمام بن محمد في فوائده عن أحمد بن سليمان بن أبي حازم وأبي القاسم علي بن يعقوب إبراهيم بن أبي العقيب علي أبي الحسن بن جرير الصوري عن يعقوب بن حميد بن كاسب قال: سمعت عبد الرحمن، فذكره عن عطاء عن أسامة عن بلال وعبد الله زيادة والحمار، وقال الميموني: قلت لأبي عبد الله: حدثوني عن عبد الرحمن عن أبيه عن عطاء عن أسامة؛ فذكر المسح، فقال: ليس بصحيح، ولم يكن عبد الرحمن يصحح الأحاديث وهو متروك الحديث، وخّرج الحافظ أبو بكر بن خزيمة عن ابن نافع عبد الله عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن عطاء عن أسامة دخل عليه الصلاة والسلام الأسواق فذهب لحاجته ثم خرج قال أسامة: فسألت بلالا: " ما صنع عليه السلام؟ قال بلال: ذهب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على

_ = من حديث المغيرة بن شعبة، وسكت عنه أبو داود. قلت: وسكوت أبي داود يعني: تحسينه. (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/257) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه عبد الرحمن بن زيد بن سلم وهو ضعيف وعطاء بن يسار لم يدرك ابن رواحة.

الخفين "، قال: وسمعت يونس يقول: ليس على النبي مسح على الخفين في الحضر عن ذلك، هذا، ولما خرجه أبو عبد الله في مستدركه من حديث داود بن قيس بن مالك قال: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا، وفيه فائدة من الفوائد الكبيرة وهي أنهما لم يخرجا حديث صفوان في المسح في الحضر وذكر التوقيت فيه، والحديث مشهور بداود بن قيس وهو ممن احتج به مسلم وحديث عوف ابن مالك قال: " أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمسح" (1) . ذكره أبو عيسى في كتاب العلل فقال: سألته- يعني: محمدا- عن حديث هشيم/عن داود بن عمرو عن بشر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عنه فقال: هذا حديث حسن، وحديث أبي بردة بن زياد النيسابوري ثنا الدمشقي ثنا يزيد بن هارون ثنا عبد السلام بن صالح بن كثير الدارمي أبو عمرو قال: ثنا الأزرق بن قيس الحارثي أنّه كان على شاطئ نهر بالأهواز وأنّ فيهم من قومه رجل يرمونه برأي الخوارج، قال في رجل: عليه قباء وموزجان حتى دخل بين حرفين من شاطئ النهر فدخل النهر فتوضأ ومسح على معروضة قال فيه ذلك الرجل الذي كان فينا، والخوارج لا يرون المسح فقلنا: ويلك ويحك أسمعت الرجل؟ أرأيت الرجل؟ فخرج فقام يصلي ومعه بردونة قال: فرجعت البردونة فرجعٍ يمشي على عقبه حتى حبس البردونة، فلما رأى صاحبنا ذلك ازداد له سباقا فقلنا له: ويحك آذيت الرجل أسمعت الرجل؟ ونحن لا نعرفه وإذا هو أبو برزة الأسلمي صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فجاء حتى قام علينا فسلم علي فقال: إنِّي سمعت ما قال هذا الرجل ثم حدثنا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الرخصة في المسح على الخفين، وذكر حديثا طويلا، وحديث أبي أمامة قال: أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر فقال: أشربها يا رسول الله؟ قال: نعم. فشربها. قال أبو غالب: ورأيت أبا أمامة يمسح على العمامة والخفين ذكره في الأبواب أيضا: ثنا زاج ثنا الحسين بن واقد ثنا أبو غالب به وحدثنا المرقادي حدثنا يزيد بن هارون ثنا سليم بن حيان عن أبي غالب عن أبي أمامة قال: " رأيته يمسح على الجوربين والعمامة " (2) ، وحديث عبد الله بن عباس- رضي

_ (1) تقدم من أحاديث الباب. (2) صحيح. راجع تعليق الإِمام الترمذي على (ح/100) ، 1- كتاب الطهارة، 74-=

الله عنهما- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح. ذكر الميموني أنه سأل أبا عبد الله فقلت: حدثوني عن عتاب بن بشير عن خصيف عن سعيد بن جبير. قال:/ليس بصحيح؛ إنما روي هذا خصيف عن مقسم عن ابن عباس قال: " مسح عليه السلام ولا أدري قبل المائدة أو بعدها "، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة وأبي عن حديث رواه عبيد بن الأسود عن القاسم بن الوليد عن قتادة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح فقال: هو خطأ؛ إنما هو موسى بن سلمة عن ابن عباس موقوف، وقال أبو الحسن في الأفراد: تفرد به محمد بن مسكان عن إبراهيم بن الحسن المقتسمي عن حجاج عنه عن عطاء عنه، وفيما أوردناه قبل يرد قوله، اللهم إلا إن أراد التفرد بالنسبة إلى طريق عطاء. وحديث أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح على الخفين ذكر الميموني: أنه سأل أبا عبد الله فقلت: حدثوني عن الحسن بن عمارة عن عطية عنه، فقال: وينبغي لأحد أن يحدّث عن الحسن بن عمارة ليس بصحيح. وحديث مسلم أبي عوسجة قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال ثم توضأ ومسح على خفيه ". رواه الحافظ أبو نعيم في كتاب معرفة الصحابة (1) عن سليم بن أحمد عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن محمد بن جعفر الوركاني ثنا أبو الأحوص عن سليمان ابن قرم عن عوسجة بن مسلم عن أبيه، ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن محمد بن إسحاق ثنا مهدي بن حفص ثنا أبو الأحوص، ولفظه قالت: " سافرت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان يمسح على الخفين ". قال البزار: وهذا الحديث إنما يروي عن عوسجة عن أبيه عن علي قال: " سافرت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وأخطأ فيه ابن مهدي فجعله سافرت مع النبي- عليه السلام- وإنّما سافر مع علي. انتهى. وما أسلفناه من

_ = باب ما جاء في المسح على العمامة. ورواه البخاري في: كتاب الوضوء، 48- باب المسح على الخفين، (ح/204، 205) . والنسائي في: كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين (1/81) . ورواه الدارمي في: 1- كتاب الطهارة، 38- باب المسح على العمامة، (ح/710) . واللفظ له. (1) تقدم من أحاديث الباب ص 626.

عند أبي نعيم فيرى مهديا، والله تعالى أعلم (1) . وحديث أبي هريرة: " قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضئني. فأتيته بوضوء فاستنجى ثم أدخل يده في التراب فمسحها به، ثم/غسلها ثم توضأ، ومسح على خُفيه فقلت: يا رسول الله، رجليك لم تغسلها! قال: " إني أدخلتهما وهما طاهرتان " (2) . رواه ابن زياد النيسابوري عن الرقادي وابن الجنيد قالا: ثنا أبو أحمد ثنا أبان بن عبد الله العجلي حدثني مولى لأبي هريرة قال: سمعت أبا هريرة يذكره ثنا علي بن سهل ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا الرمحي بن خالد عن ابن أبيِ ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة به مختصرا وقال: مسلم في كتاب التمييز، وهذه الرواية عنه ليست بمحفوظة، وذلك أن أبا هريرة لم يحفظ المسح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لثبوت الرواية عنه بإنكار المسح من رواية أبي زرعة وأبي رزين عنه، وأنّ ممن أسند ذلك عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واهي الرواية أخطأ فيه إما سهو وإما يتعمد. وحديث ابن غالب الكندي ذكره أبو نعيم في كتاب الصحابة تأليفه. وحديث أبي بن العشر الدارمي رواه ابنه، وقال: ثم توضأ ومسح على خفيه فقلت له في ذلك فقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله. ذكره ابن عساكر في ترجمة علي بن أحمد من حديث محمد بن عبد الله السوسي. ثنا أبو عمر الضرير ثنا حماد بن سلمة عنه قال: أبو عمر روى عن أبي هريرة إنكار المسح قال: وقد جاء عنه بإسناد حسن خلاف ذلك وموافقة غيره، قال ابن المنذر: قال ابن المبارك: ليس في المسح على الخفين عندنا خلاف، وإنّ الرجل يسألني عن المسح فأرتاب منه أن يكون صاحب هوى قال أبو بكر في ذلك: أن كل من روي عنه من الصحابة كراهة المسح فقد روي عنه غير ذلك، قال البيهقي: وإنما بلغنا كراهة ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعائشة، فأمّا الرواية عن علي سبق الكتاب المسح على/ الخفين، فلم يرو ذلك عنه بإسناد موصول

_ (1) بياض " بالأصل ". (2) ضعيف جدا. رواه الدارقطني (1/149) والمجمع (1/254) وعزاه إلى أحمد، وفيه رجل لم يسم. قلت: وعلى هذا الرجل الذي لم يُسم فالحديث ضعيف جدا. حيث الرجل الذي لم يُسم ليس بصحابيا ولا من الجيل الأول من التابعين. حيث جهالة الصحابي لا تضر.

يثبت مثله، وأمّا عائشة؛ فإنها كرهت ذلك ثم ثبت عنها أنّها أحالت بعلم ذلك على علي فأخبر علي بالرخصة في ذلك، وأمّا ابن عباس؛ فإنما كرهه حين لم يثبت مسح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد نزول المائدة، فلما ثبت له رجع إليه. انتهى كلامه. وقد أسلفنا عن أبي هريرة أيضا إنكاره وأما ما روي عن عائشة فضعيف أيضا في غاية الضعف نص عليه ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية في الأخبار الواهية، قال أبو عمر: ولا أعلم أحدا من الفقهاء روي عنه إنكار المسح إلا مالكا والروايات الصحاح عنه بخلاف ذلك، وقال الألوسي: المسح جائز عند جمهور العلماء، وقال بعض الناس: لا يجوز؛ لأنّ الله تعالى ذكر الأرجل دون الخفاف فلا يزاد على الكتاب بخبر الواحد. ونحن نقول: إنّما أردنا بسنة جاءت لغو ليمس لذلك. قاله أبو حنيفة قال: وهي مشتهرة مثل التواتر، وفي نسخة أخرى قريبة من التواتر حتى قال أبو يوسف: يجوز نسخ القرآن بمثل خبر المسح على الخفين ولكنّا لم ننقلها؛ لأنّ الإجماع المنعقد اليوم أغنانا عن الاحتجاج بالأخبار، وأمّا قول أبي عمر لا أعلم أحدا من الفقهاء روى في إنكار المسح إلا مالكا؛ ففيه نظر إن أراد من كان فقيها من التابعين فمن بعدهم؛ لما ذكره ابن أبي شيبة من أنّ مجاهد كان يكره ذلك، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وفي كتاب الآجري عن أبي داود: جاء زيد بن أسلم إلى ربيعة بن أبي عند الرحمن فقال: أمسح على الجوربين فقال ربيعة ما صح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مسح على الخفين يلفّ على خرقتين ومن آداب لبس الخف نفضه لقوله عليه الصلاة والسلام: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس خفه حتى ينفضه " (1) . ذكره النيسابوري في كتاب شرف المصطفى، وقال: إنّما قال ذلك لأنه دعا بخفه ليلبسه فلبس أحدهما ثم جاء/غراب فاحتمل الآخر فخرجت منه حّية، وكان له عليه الصلاة والسلام أربعة أزواج

_ (1) رواه الطبراني (8/162) والكنز (41612) والمغني عن حمل الأسفار (2/157) وإتحاف (6/423) والمجمع (5/140) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه هاشم بن عمرو ولم أعرفه إلا أن ابن حبان ذكر في الثقات هاشم بن عمر في طبقته، والظاهر أنه هو إلا أنه لم يذكر روايته عن إسماعيل بن عياش وشيخ إسماعيل في هذا الحديث شامي فرواته ثقات وهو صحيح إن شاء الله.

خفاف أصابها من خيبر. ذكره نعيم بن حماد وخفان ساذجان أهداهما له النجاشي كما تقدّم، ولما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث عكرمة عن ابن عباس قال: لم يروه عن عكرمة إلا سعيد بن طريف الإسكافي. تفرّد به حبان بن عليّ ولا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإِسناد.

55- باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر

55- باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر حدثنا محمد بن يسار حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم قال: سمعت القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هانئ قال: سألت عائشة عن المسح فقالت: ائت عليا فإنه أعلم بذلك مني فأتيت عليا- رضي الله عنه- فسألته عن المسح فقال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا أن يمسح المقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ". هذا حديث رواه مسلم (1) في صحيحه مرفوعا، ورواه أبو عبد الرحمن النسائي موقوفا عن يعقوب بن إبراهيم ثنا شعبة عن الحكم به قال: فسألته فقال: " ثلاث ليال للمسافر ويوما وليله للمقيم "، ولما رواه ابن حبان (2) في صحيحه من حديث محمد بن يحيى بن سعيد حديث أبي حدثني شعبة به موقوفا، قال: ما رفعه عن شعبة إلا القطان وأبو الوليد الطيالسي، وخرجه ابن منده من حديث أبي معاوية عن الأعمش وفيه فقال: " كان النبي يأمرنا أن نمسح " (3) . ورواه البيهقي من جهته أيضا وفيه: " كنا نمسح على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (4) ، وقد وقع لنا حديث أبي معاوية عاليا، ثنا الإمام تاج الدين أحمد بن علي القشيري- رحمه الله تعالى- قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ الإمام أبو الحسن على بن هبة الله ثنا الإِمام الحافظ أبو طاهر السلفي قراءة عليه ثنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل ثنا أبو سعيد محمد/بن موسى بن الفضل الصيرفي ثنا محمد بن يعقوب الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو معاوية به مرفوعا وقال ابن مندة: هذا حديث مشهور عن الأعمش، ورواه

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/85) والبيهقي (1/272) والنسائي (1/84) وشرح السنة (1/461) وأبن أبي شيبة (1/177) وابن عساكر في " التاريخ " (6/318) والكنز (27610) وابن ماجة (552) . (2) صحيح. رواه ابن حبان: (2/311) من حديث خزيمة بن ثابت. (3) صحيح. رواه أحمد (1/113) والحلية (6/83) . (4) ضعيف. المطالب (106) والمجمع (1/258) من حديث ابن مسعود، وفيه سليمان بن بشير وهو ضعيف.

زيد بن أبي أنيسة عن الحكم ويحيى بن سعيد عن شعبة جميعا عن الحكم بإسناده نحوه مرفوعاً، وأخرجه مسلم والجماعة، وتركه البخاري، وقد روي من حديث أبي إسحاق البيهقي عن القاسم مرفوعا وموقوفاً وقد رفعه جماعة منهم سوى من تقدّم، وفي علل الخلال قيل لغندر: كان شعبة رفعه وقال: كان يرى أنّه مرفوع ولكنه كان يهابه، وقال يحيى: حديث القاسم في المسح صحيح، وهو ثقة شامي، وشريح ثقة كوفي انتقل إلى الشام، ولما ذكر الحربي الاختلاف في رفعه ووقفه قال: والقول قول شعبة والأعمش ومن وافقهما، وروي من حديث أبي ظبيان عن علي مرفوعاً وموقوفاً وقد رفعه من قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورواه تمام بن محمد الرازي في فوائده من حديث بسرة ابنة صفوان ثنا أبو عمرو البزار حفص بن سليمان عن أبي حصين عن أبي ظبيان عنه قال الحافظ أبو الحسن في كتاب العلل: وسئل عنه تفرّد به القاسم والمقدام بن شريح كلاهما عن شريح، فأمّا القاسم؛ فرواه عنه الحكم واختلف عنه فأسنده عنه عمرو بن قيس الخلاله وزيد بن أبي أنيسة، وعبد الملك بن حميد بن أبي عتبة، وأبو خالد الدالاني، والقاسم بن الوليد الحمداني، وإدريس بن يزيد الأودي، واختلف عن الأعمش؛ فرواه أبو معاوية الضرير، وعمرو بن عبد الغفار عن الأعمش عن الحكم، ورفعاه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخالفهما زائدة بن قدامة وعلي بن غراب وأحمد بن بشير عن الأعمش فوقفوه على علي ولم يرفعوه، وروي عن أزهر السّمّاك عن ابن عوف وعن سليمان التيمي عن الأعمش مرسلا وموقوفاً أيضاً، ورواه ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومحمد بن عبيد الله العروقي، وحجاج بن أرطاة عن الحكم رفعوه/إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورواه الأصلح ومالك بن مغول وأبو حنيفة عن الحكم موقوفاً، واختلف عن شعبة؛ فرواه يحيى بن سعيد القطان عنه مرفوعا، وتابعه أبو الوليد من رواية أبي حنيفة عنه، وقال غندر عن شعبة: أنه كان برفعه ثم شك فيه وأما أصحاب شعبة الباقون فرووه عن شعبة موقوفاً، ورواه ليث بن أبي سليم عن الحكم فأسقط منه القاسم بن مخيمرة، واختلف عن ليث؛ فرواه سنان عنه عن الحكم عن شريح عن عليّ عن هلال، وخالفه معتمر؛ فرواه ليث عن الحكم وحبيب وشريح عن هلال لم يذكر عليا، وذكر هلال في حديث شريح وهم من

ليث باتفاق أصحاب الحكم على ترك ذكره، ولموافقة أصحاب شريح لترك ذكره، وروي هذا الحديث أبو إسحاق السبيعي، واختلف عنه؛ فرواه الثوري عن أبي إسحاق عن القاسم عن شريح عن علي مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتابعه حماد بن شعيب عن أبي إسحاق وتابعهما أيضا محمد بن مصعب القرضاني ولم يكن حافظا، فرووه عن مالك بن مغول وإسرائيل وزهير وأبي عوانة عن أبي إسحاق نرفعه أيضا، وخالفه أصحاب زهير وإسرائيل فرووه عنهما عن أبي إسحاق موقوفا، وكذلك رواه أبو الأحوص ويونس بن أبي إسحاق والحسن بن صالح ويزيد بن أبي زياد عن أبي إسحاق موقوفا، وقد سمعه أيضاً يزيد عن أبي زياد من القاسم من مخيمرة موقوفاً أيضاً، ورفعه ابن عيينة بن يزيد بن أبي زياد ووقفه غيره أيضا عنه، ورواه الحسن بن الحسن عن القاسم فرفعه عنه محمد بن أبان ووقفه زهير، ورواه عبدة بن أبي لبابة عن القاسم عن شريح عن علي موقوفا، ورواه المقدام بن. شريح بن هانئ عن أبيه عن علي فاختلف عنه فرفعه عنه شريك وشعبة من رواية أبي قتادة الحراني وحده عنه، ووثقه عنه مسعر ورواه عبد/الملك بن أبي سليمان عن ابن شريح بن هانئ ولم يسمعه عن أبيه عن علي مرفوعاً، وقيل: إن الذي روي عنه عبد الملك هو محمد بن شريح بن هانئ أخو المقدام، ورواه العباس بن ذريح عن شريح عن علي موقوفا أيضا، ورفعه صحيح؛ لاتفاق أصحاب الحكم الحفاظ الذين قدمنا ذكرهم من الحكم على رفعه، والله تعالى أعلم. حدّثنا علي بن محمد ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبيه عن إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن خزيمة بن ثابت قال: " جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسافر ثلاثا، ولو مضى السائل على مسألة لجعلها خمسا " (1) . ثنا محمد بن يسار وثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة بن كهيل سمعت إبراهيم التيمي يحدّث عن الحرث بن سويد عن عمرو بن ميمون عن خزيمة بن ثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ثلاثة أيام أحسبه قال: ولياليهن للمسافر في المسح على الخفين ". هذا حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه (2) عن أبي يعلى ثنا أبو خيثمة

_ (1) قلت: وقد سقطت بعض ألفاظ هذا الحديث من " الأصل " وأثبتناه من " الثانية ". (2) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 86- باب ما جاء في التوقيت=

عن جرير عن منصور عن إبراهيم عن عمرو عن أبى عبد الله الجدالي عن خزيمة قال: " رخص لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يمسح ثلاثا ولو استزدناه لزادنا ". وفي حديث أبي نعيم ثنا سفيان عن أبيه عن إبراهيم: " جعل عليه الصلاة والسلام المسح على الخفّين ثلاثة أيام للمسافر ويوما وليلة للمقيم ولو مضى السائل على مسألة لجعلها خمسا ". وفي حديث أبي عوانة عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم أن أعرابيا سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المسح فقال: " للمسافر ثلاثا وللمقيم يوما وليلة " (1) . وفي مسند البغوي الكبير ثنا أبو معاوية ثنا الحجاج عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن هرم- أو قال: هرمي- عن خزيمة العنسي مرفوعا: " يمسح المسافر على خفيه ثلاثة أيام والمقيم يوما وليلة " (2) . ولا رواه أبو الحسن في الأفراد، ومن حديث أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة قال: غريب من حديث أبي بشر جعفر بن أياس عن أبي معشر. تفرد به روح/بن عطاء بن أبي ميمونة، وغريب من حديث القاسم بن الوليد عن الحرب. تفرد به عبيدة بن الأسود بن سعيد عنه، ورواه الشعبي، وتفرد به أبو حاتم سويد بن إبراهيم عن حماد عنه، وتفرد به الكرماني بن عمر وعبدة يرويه عن حماد عن إبراهيم والداخل عن الشعبي، ورواه داود ابن علية عن مطرق عن الشعبي عنه، وتفرّد به داود عن مطرف، ورواه عمر بن صالح عن حماد، وهو غريب من حديث هشام بن حسان عنه. تفرّد به عنه عمرو بن حمدان، ورواه عمرو ابن ميمونة عن الجدلي، وتفرّد به ابن عينية عن عمر بن سعيد الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي عن عمرو، ورواه حماد عن إبراهيم، وتفرّد به أبو حمزة السكري عن رقية عنه، ورواه عبد الرحمن بن أبي ليلى عن خزيمة من حديث الحكم عنه، وهو غريب من حديث. تفرّد به عبد العزيز بن المطلب عن ابن أبي ليلى عن الحكم عنه، وقال

_ = في المسح للمقيم والمسافر، (ح/555) . وصححه الشيخ الألباني. (1) صحيح. رواه ابن ماجة (555) والترمذي (95) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والطبراني (4/96، 106) والخطيب (6/377) وابن عدي في " الكامل " (3/1120، 1125) وأصفهان (1/120، 164، 2/274) وأحمد (1/96، 4/240، 5/213، 214) والبيهقي (1/276، 282) والحلية (2/298) وابن عدي (2/656، 3/908) . (2) صحيح. رواه أحمد (5/213) وصححه الشيخ الألباني، وعبد الرزاق في " المصنف " (798) وأخبار أصفهان (1/124) والطبراني في " الكبير " (8/69) والبيهقي في " الكبرى " (1/278) .

أبو عيسى: وخرجه من حديث أبي عوانة عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم، وهذا حديث حسن صحيح، وذكر عن يحيى بن معين أنه صحيح حديث خزيمة في المسح قال: وروي الحكم بن عيينة وحماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة ولا يصح، قال ابن المديني: قال يحيى: قال شعبة: لم يسمع إبراهيم من أبي عبد الله الجدلي حديث المسح، وقال زائدة عن منصور: كنا في حجرة إبراهيم التيمي أيضاً وإبراهيم النخعي يحدّث عن التيمي عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح، وقال في كتاب العلل: سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: لا يصح عندي حديث خزيمة في المسح؛ لأنه لا يعرف لأبي عبد الله الجدلي سماع من خزيمة بن ثابت، وحديث عمرو بن ميمون عن الجدلي هو أصح وأحسن. ثنا القاسم بن محمد ثنا مالك بن إسماعيل ثنا داود ابن علية عن مطرف عن الشعبي عن الجدلي عن خزيمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... /الحديث. سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: إنّما روي هذا الحديث داود عن مطرف عن الشّعبي ولا أرى هذا الحديث محفوظا ولم يعرفْه إلا من هذا الوجه، ورواه الإِمام أحمد عن وكيع عن سفيان عن حماد، ومنصور عن إبراهيم عن الجدلي عن خزيمة، قال عبد الله: قال أبي: هذا خطأ؛ كانه أراد الخطأ في رواية منصور عن إبراهيم على هذا الوجه لا في رواية حماد؛ فإن الصحيح في حديث منصور رواية عمرو بن ميمون- يعني: ما قدّمناه- وزاد الخلاّل: قال أبو عبد الله: فلم يستزيدوه، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزد، وخرّجه ابن الجارود في كتاب المنتقى من حديث الحكم وحماد عن إبراهيم، وقال الطوسي في كتاب الأحكام: ورواه من حديث المبارك بن سعيد أخي سفيان عن إبراهيم عن أبي عبد الله فقال: هذا حديث حسن صحيح، وأعلّ ابن حزم خبر خزيمة بالجدلي قال: كان حامل راية المختار ولا يعتمد على روايته، ثم لو صح لم يكن لهم فيه حجة؛ لأنه ليس فيه أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباح المسح أكثر من ثلاث، ولكن في الخبر من قول الرازي، ولو تمادى السائل لزادنا ولم يتمادى فلم يزدهم شيئا، وبنحوه قال البيهقي، والخطابي، وفي موضع آخر قال البيهقي: إسناده مضطرب، وفي علل ابن أبي حاتم رواه سعيد بن مسروق، وسلمة بن كهيل ومنصور، والحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن عمرو بن ميمون، ورواه

الحكم بن عيينة، وحماد بن أبي سليمان، وأبو معشر، وشعيب بن الحجاب، والحرث العكلي عن النخعي عن الجدلي، فقال أبو زرعة: الصحيح من حديث إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن الجدلي، والصحيح من حديث النخعي عن الجدلي بلا عمرو بن ميمون، وفي معجم الطبراني الأصغر: ما يعلو هذا القول وذلك أنه رواه من حديث أسيد بن زيد ثنا عبد الله بن رجاء الغداني ثنا شعبة عن الحسن، وحماد ومغيرة ومنصور عن إبراهيم/النخعي عن الجدلي وقال: لم يروه- يعني: هكذا- إلا أن رجاء. تفرد به أسيد. وفي كتاب الأحاديث المعللة يعلي المديني رواية الساعدي ثنا سفيان منصور عن إبراهيم التيمي عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة: " رخص لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " الحديث. قال علي: ذهب عني هذه المرة رفع هذا الحديث ولكن سفيان قال فيه: ثنا منصور قال علي: قيل لسفيان فيه: والمقيم يوم وليلة قال: هكذا أنبأ منصور قال علي: فروى هذا الحديث سفيان وحرم وعبد العزيز كلهم عن منصور عن إبراهيم، فأسندوا إسنادا واحدا، وتابع سعيد بن مسروق منصورا على إسناده وزاد فيه: " وللمقيم يوما وليلة ". ثنا سلمة بن كهيل عن إبراهيم فأدخل بين عمرو، وإبراهيم بن الحرث بن سويد وترك بين عمرو وبن خزيمة أبا عبد الله الجدلي، وروي سفيان هذا الحديث عن سلمة بن كهيل مخالف شعبة وإسناد منصور وسعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل عن التيمي عن الحرث بن سويد عن عبد الله قال: " يمسح المسافر ثلاثا ". وقال الحرث بن سويد: ما أخلع حتى آتي فِراشي. قال علي: وزاد الأعمش كلام الحرث هذا فأخبره في آخر الحديث: ثنا حماد بن أسامة قال الأعمش عن إبراهيم: سألت الحرث بن سويد عن المسح على الخفين فقال: أمسح قال: قلت: وإن دخل الخلاء؟ قال: وإن دخل الخلاء في يوم عشر مرات. قال: على خفت أنا أن لا يكون الأعمش سمع هذا من التيمي؛ لأنه يروى أحاديث عن عن رجال ثم يدخل بينهم وبينه سلمة بن كهيل فأردت أن أعلم أسمع هذا من التيمي أم لا؛ فحدّثنا يحيى بن آدم ثنا يزيد بن عبد العزيز ثنا إبراهيم قال: سمعت الحرث، قال علي: وروى هذا الحديث يزيد بن أبي زياد فخالفهم فيه

جميعا. انتهى. وكذا قاله الطبراني في الأوسط والبيهقي، وهو إسناد مضطرب رجع ثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن الحرث/ ابن سويد عن عمر قال: " يمسح المسافر على الخفين ثلاثا ". قال علي: فلما اضطرب هذا الحديث من حديث التيمي واختلفوا عنه في إسناده أردت أن أعلم من رواه من طريق خزيمة؛ لأنه أصل من الأصول. ثنا يحيى بن سعيد ثنا سفيان حدثني حماد عن إبراهيم عن الجدلي عنه؛ فلما روي هذا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي، وسقط عن منصور والأعمش وهما صاحبا إبراهيم فأحببت أن أعلم هل وعاه أحد من إبراهيم النخعي، فوجدته عن الحكم بن عيينة وأبي معشر، ووجدناه من حديث الشّعبي عن الجدلي ثنا به شهاب بن عباد ثنا داود ابن علية عن مطرف عنه، ورواه أبو بكر وعثمان أنبأ أبي شيبة عن وكيع ثنا سفيان عن منصور والأعمش ومغيرة عن إبراهيم عن الجدلي عن خزيمة قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على خفيه ". وفي حديث الملائي عن حماد: " أمر النبي- عليه السلام- بالمسح على الخفين " (1) ، ثم نظرنا فإذا هشام بن حسان يحدّث به عن عمرو بن صالح عن حماد عن إبراهيم عن الجدلي، ثم نظرنا فإذا علي بن الحكم يُحدِّث به عن حمّاد، ثم نظرنا فإذا هشام يحدث به عن شعيب بن الحباب عن إبراهيم، ثم نظرنا فإذا قتادة يحدّث به عن الجدلي، وأنكرنا أن يكون قتادة سمع من الجدلي ثنا محمد بن مرزوق ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن الجدلي وحدثني محمد بن حرب ثنا عاصم بن علي ثنا همام عن قتادة أن الجدلي حدّث عن خزيمة فعلمنا أنّ قتادة لمم يسمع من الجدلي؛ لأن هماما قال عن قتادة أن الجدلي: ثم أحببت أن أعلم أن قتادة حدّث به عن أحد فنظرنا، فإذا قتادة يحدّث به عن أبي معشر عن إبراهيم ثم أحببت أن أعلم أنّ أحدا وافق عمرو بن عاصم عن همام، فنظرنا فإذا ابن أبي عروبة قد وافقه، وأحببت أن أعلم هل أحد رواه عن أبي معشر عن قتادة، فنظرنا فإذا قد رواه أبو بشر عن أبي معشر عن إبراهيم، ثم نظرنا فإذا الحرث العكلي يحدّث عن إبراهيم عن الجدلي/. انتهى. وقال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن العكلي إلا القاسم

_ (1) رواه أحمد (6/27) والبيهقي (1/275) والكنز (27683) وا لإِرواء (1/138) .

بن الوليد ولا عن القاسم إلا عبيدة. تفّرد به عبد الله بن عمر بن أبان رجع، ثم نظرنا فإذا سفيان قد حدّث به عن منصور عن إبراهيم، وإنما حدِّث به سفيان عن أبيه، ثم نظرنا فإذا الحسن بن عبيد الله يحدّث به عن التيمي عن عمرو عن الجدلي، ثم نظرنا فإذا عمرو بن ميمون يحدّث به عن أبي بردة ثنا علي بن مسلم المؤدب ثنا يحيى بن يعلي المخاربي ثنا زائدة قال منصور: كنّا في حجرة إبراهيم ومعنا التيمي ثنا عمرو بن ميمون عن أبي بردة بهذا الحديث عن أبيه، قال: " جعل لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثا ولو استزدناه لزادنا "، ثم نظرنا فإذا عمرو بن ميمون يحدّث به علي بن ربيعة الأسدي عن الجدلي، ثم نظرنا فإذا الحكم يحدّث به عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن خزيمة ثنا عبد الله بن سعد بن إبراهيم الزهري ثنا يعقوب ابن إبراهيم بن سعد ثنا عبد العزيز بن المطلب عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتبة عن عبد الرحمن به فأحببت أن أعلم أن أحدا- يعني: عبد العزيز بن المطلب- غير يعقوب، فنظرنا فإذا سليمان بن بلال يحدّث به عن عبد العزيز، وكفي بسليمان بن بلال، قال- يعني: الباعندي-: حدّثني محمد بن المطلب بن عبد الله بن سالم ثنا أحمد بن سفر ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن صالح عن حماد عن إبراهيم عن الجدلي حدثني محمد بن إسماعيل البخاري ثنا أيوب بن سليمان بن بلال ثنا أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن عبد العزيز بن المطلب عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم بن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن خزيمة قال- يعني: ابن المديني-: ثم أحببت أن أعلم أنّ عبد الرحمن بن أبي ليلى يحدّث عن خزيمة بن ثابت بشيء، فنظرنا فإذا السدى قد حدّث عن عبد الرحمن عن خزيمة قال- يعني: الباغندي- ثنا أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ثنا عمر بن طلحة العباد ثنا أسباط/بن نصر السدي عن عبد الرحمن قال: كنت بصفين فرأيت رجلا راكبا متلثما قد أخرج لحيته من تحت عمامته فرأيته يقاتل الناس قتالا شديدا يمينا وشمالا، فمر يده على عمامته ثم قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " قاتل مع من قاتل عليا وأنا خزيمة بن ثابت " (1) ، ورواه النسائي من الأبواب عن أحمد بن منصور ثنا يزيد بن أبي حكيم عن سفيان عن سلمة عن التيمي عن الحرث بن سويد عن عبد الله بن مسعود قال: " ثلاثة أيام

للمسافر ويوم وليله للمقيم "، ورواه في الأوسط (1) من حديث أبي معشر عن جعفر بن أبي وحشية عن إبراهيم لم يروه عن معشر إلا روح بن عطاء بن أبي ميمونة. تفرّد به أزهر بن مروان. ومن حديث عمرو بن عبيد عن أبي معشر عن إبراهيم وقال: لم يروه عن عمرو إلا عمر بن أبي عثمان الواسطي، وروى الحسن بن رشيق عن علي بن سعيد عن أبي كريب عن بكر بن عبد الرحمن عن ابن عيسى بن المختار عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر عن خزيمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح: " إذا أدخل قدميه وهما طاهران ". وقال في الأوسط (2) : لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي إلا عمار بن زريق، ورواه الثوري وأخوه عمر بن سعيد وأبو عوانة وأبو الأحوِص وغيرهم عن سعيد بن مسروق عن عمرو بن ميمون عن الجدلي. انتهى. أمّا ما أعلّه به أبو محمد بن حزم فليس بعلّة؛ لأنّ أبا عبد الله الجدلي معروف بالثقة والعدالة، فممن وثّقه الإِمام أحمد وابن معين والبستي، ولم أر فيه طعنا لمتقدم وكونه كان حاملا راية المختار لا ضرر عليه فيه؛ لأنه قد ذكر مثل ذلك عن أبي الطفيل ولم يضره أيضا، وسببه أنّ المختار كان أوّل خروجه يظهر إلا حدثنا الحسين- رضي الله عنه- فلهذا تبعه من القراء الكبار، وقد حكى الطبري أن من جملة من كان قائما بأمره أخته (3) صفية زوج عبد الله بن عمرو أن عبد الله كان يشفع/له عند الأمراء، وكذلك

_ (1) الموضح: (1/277) . (1) راجع: مجمع الزوائد (1/258) لابن مسعود روايتان: الأولى: عزاه للبزار والطبراني في " الكبير " موقوف، وفيه يوسف بن عطية الكوفي ونسب إلى الكذب. الثاني: عزاه للبزار وفيه سليمان بن بشير وهو ضعيف. وفي (ص 259 ج 1) عزاه للطبراني في " الأوسط " وفيه أيوب بن سويد وهو ضعيف، ولكن ذكره ابن حبان في الثقات وقال رديء الحفظ يخطئ. (2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/260) وعزاه للطبراني في " الكبير " وفيه ابن أبي ليلى محمد وهو سيء الحفظ. ورواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 59- باب للتوقيت في المسح، (ح/157) . (3) قوله: " أخته " وردت " بالأصل " " أخيه " وهو تصحيف، والصحيح ما ورد في " الثانية " وكذا أثبتناه.

الشعبي، وأما زيادة من زاد عمرو بن ميمون، والحرث بن سويد فالحكم لهم، وأمّا سقوطهما فلا يضر أيضا لمعرفتنا بأنهما هما؛ لثقتهما وعدالتهما؛ لأنّ مقتضى المشهور من حكم المحدّثين أن يحكم بالزيادة ويجعل ما بين إبراهيم وعمرو منقطعا؛ لأن الظّاهر أنّ الإنسان لا يروي حديثا عن رجل عن ثالث وقد رواه هو عن ذلك والثالث لقدرته على إسقاط أواسطه، ولكن إذا عارض هذا الظاهر دليل أقوى منه عمل به كما فعل في أحاديث حكم فيها بأنّ الراوي علا وترك في حديث واحد، فرواه على الوجهين، وفي هذا الحديث قد ذكرنا زيادة زائدة وهي أنّ التيمي قال: ثنا عمرو بن ميمون فصرح بالتحدّيث فمقتضي هذا التصريح لقائل أن يقول: لعلّ إبراهيم سمعه من عمرو ومن الحرث بن سويد عنه، ووجه أخر: وهو أن يقال إن كان متصلا فيما بين التيمي وعمرو فذلك وإن كان منقطعا فقد تبيّن الواسطة وهو من أكبر الثقات، وأمّا من أعله برواية يزيد بن أبي زياد فتعليل ضعيف؛ لأنه إنّما تعليل رواية إذا اتحدا في الصحة حديث يزيد ليس كذلك لضعفه، وأمّا تعليل البخاري الحديث بانقطاع ما بين أبي عبد الله وخزيمة؛ فهي طريقة له مشهورة وهي بثوت السماع للراوي من المروي عنه ولو مرة، وقد أطنب مسلم في ردِّ هذه المقالة واكتفي بإمكان اللقاء، وإلى هذا نجا البستي ومن تابعه في تصحيحه، وذلك أنّ خزيمة توفي بصفين وسن الجدلي إذ ذاك سن الرجل على ما ذكره الطبري وغيره، ولما عضد حديث التيمي عن الحرث بن سويد من شواهد ومتابعات، والله تعالى أعلم. من ذلك حديث عوف بن مالك الأشجعي أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيّام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم " (1) . ثنا به ابن دقيق العيد- رحمه الله تعالى- قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا العلامة/أبو الحسن علي بن هبة الله الشافعي ثنا الحافظ أبو طاهر السلفي قراءة عليه ثنا الرئيس أبو عبد الله ثنا هلال بن محمد بن جعفر ببغداد ثنا الحسين بن يحيى بن عباس ثنا إبراهيم بن معشر ثنا هشيم عن داود بن عمرو عن يسير بن عبيد الله عن أبي إدريس ثنا عوف بن مالك به قال عبد الله: سمعت أبي حين حدّث بحديث عوف وهو من أجود حديث في المسح على الخفين؛ لأنه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها النبي

_ (1) تقدم من أحاديث الباب.

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخر فعله وسبق تحسين البخاري له، وقال الطبراني في الأوسط: لا يروي هذا الحديث عن عوف إلا بهذا الإسناد. تفرد به هشيم. وحديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة " (1) . رواه أبو عيسى في كتاب العلل عن محمد بن حميد ثنا زيد بن حبان عن عمر بن عبد الله بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه وقال: سألت محمدا عنه فقال: عمر بن أبي خثعم منكر الحديث ذاهب وضعف حديث أبي هريرة في المسح، وقد تقدّم ذكره في الباب قبل، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف ثنا وكيع عن جرير بن أيوب عن أبي زرعة بن عمرو عنه ولفظه: " إذا أدخل أحدكم رجليه في خفيه وهما طاهرتان فليمسح عليهما ثلاثا للمسافر ويوم للمقيم "، وجرير متروك الحديث نكره، وحديث عمر بن الخطاب قال: " سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالمسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة ". رواه أبو يعلى (2) الموصلي عن أبي كريب ثنا زيد بن حباب ثنا خالد بن أبي بكر هو العمري ثنا سالم عن ابن عمر عنه، وبنحوه رواه الدارقطني وحديث أبي بكرة نسخ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنّه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطّهر ولبس خفيه فليمسح عليهما " (3) . رواه ابن الجارود في منتقاه وابن حبان في صحيحه عن الخليل بن محمد الواسطي ثنا محمد بن عبد الوهاب ثنا عبد/الوهاب الثقفي بن المهاجر بن مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه وقال الترمذي (4) . عن محمد، وحديث أبي بكرة حسن صحيح، وخرجه البيهقي في سننه عن أبي عبد الله الحافظ وأبي سعيد بن أبي عمرو عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن الحسن بن علي بن عفان عن زيد بن حباب عن عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبهما بكرة عن أبيه، وهو أجل إسنادا من سند ابن حباب لمكان الحذاء بدل

_ (1) شرح السنة: (1/183، 179) . (2) تقدم من أحاديث الباب. (3) كما في الحاشية السابقة. (4) انظر سنن الترمذي: (1/195 تحت ح/95 وتعليق الترمذي عليه) .

المهاجر إلا أنّ البيهقي قال: وهذا الحديث رواه الجماعة عن عبد الوهاب الثقفي عن المهاجر، ورواه زيد بن حباب عنه عن خالد؛ فإمّا أن يكون غلطا منه أو من الحسن/بن علي، وإمّا أن يكون عبد الوهاب رواه على الوجهين جميعا، ورواية الجماعة أولى أن يكون محفوظا وحديث صفوان بن عسال المرادي قال ابن حبان: ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة بخبر غريب ثنا محمد بن يحيى ومحمد بن رافع قالا: ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن عاصم عن زر قال: أتيت صفوان بن عسال فقال: ما جاء بك؟ فقلت: جئت أنبط العلم. قال: فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما من خارج يخرج من بيته يطلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا له بما صنع " (1) . قال: جئت أسألك عن المسح على الخفين. قال: نعم:" كنا في الجيش الذين بعثهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ولا نخلعهما من غائط ولا بول "، وفي كتاب الأفراد: وذكره مُطوّلا، ولفظه- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على جيش فأمرني أن أجعل للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وفي الرابع من إسناد الدارقطني على أبي الظاهر الذهلي ثنا أبو أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم الأموي الأروي ثنا أشعث بن عبد الرحمن بن زيد ثنا أبي عن جدّي عن زر فذكره/بلفظ: " للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة من بول أو غائط إلا من جنابة "، وقال أبو علي الحسن بن علي بن سفر بن منصور الطوسي في كتاب الأحكام من تأليفه فقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال أبو نعيم: ورواه من حديث أبي حباب الكلبي عن طلحة بن مصرف أنّ زِرْ بن حبيش أتى صفوان فقال: ما غدايك الحديث. رواه الجمع الغفير عن عاصم عن زر، وحديث طلحة تفرّد به يحيى بن فضيل عن الحسن بن صالح، وقال الدارقطني في كتاب السنن: " ثلاثا إذا سافرنا ويوما وليلة إذا أقمنا " قال: وحدثني علي بن إبراهيم بن عيسى سمعت ابن خزيمة يقول: ذكرت للمزني خبر عبد الرزاق

_ (1) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة (226) وأحمد (4/240) والبيهقي (1/ 282) والطبراني (8/67) والدارقطني (1/197) والترغيب (1/104) وإتحاف (1/96) وعبد الرزاق (793) والكنز (28748) . في الزوائد: رجال إسناده ثقات. إلا ان عاصم بن أبي النجود اختلط بآخره. وصححه الشيخ الألباني. انظر: صحيح ابن ماجة.

هذا فقال: حدث به أصحابنا؛ فإنه ليس للشافعي حجة أقوى من هذا، يعني: قوله: " أدخلناهما على طهر ". وقال الترمذي: سألت محمدا فقلت: أي الحديث عندك أصح في التوقيت في المسح؟ قال: حديث صفوان. وأشار عمر بن عبد البرّ إلى حسنه، ورواه النيسابوري عن محمد ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد وثنا محمد ثنا عبيد الله ابن عائشة ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا أبو روق عطية بن الحارث ثنا أبو العريف عبد الله بن خليفة عن صفوان به وثنا محمد بن إسماعيل الصايغ بمكة ثنا أبو أسامة ثنا أبو روق به، وذكر ابن السكن أن الصعق بن حزن رواه عن علّى بن الحكم عن المنهال بن عمرو عن زر عن ابن مسعود قال: جاء رجل من مراد يقال له: صفوان ذكر هذا الحديث ولم يتابع عليه، ورواه أبو القاسم في الأوسط (1) من حديث عمرو بن مرة عن صفوان ثم قال: لم يروه عن عمرو إلا أبو كثير أنّ الحسن بن عقبة الرازي تفردّ به عبد المجيد، ومن حديث. حذيفة بن أبي حذيفة الأودي عن صفوان، وقال: لم يروه عن حذيفة إلا الوليد بن عقبة بن بزار العبسي. تفردّ به زيد بن الحباب. وحديث ابن عباس ذكره النيسابوري في كتاب/الأبواب ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا شعبة ثنا قتادة عن موسى بن سلمة قال: " سألت ابن عباس قلت: أكون بمكة ثم أصلي قال: ركعتين سنة أبي القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسألته عن صيام ثلاثة أيام كل شهر، فقال: البيض، كان عمر يصومها، وسألته عن المسح على الخفين، فقال: ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم فذكرت ذلك لعكرمة، فقلت: أنا نصيب السبايا أنا عتق عن أمي فقال: نعم. قال: فسألته عن ماء البحر فقال: هو أحد البحرين ". قال النيسابوري: هذا حديث تام حسن ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا مكي بن إبراهيم ثنا موسى بن عبيدة عن محمد بن عمر عن عطاء عن ابن عباس، فذكر المسح فقط، وقد سبق ذكره مرفوعا في الباب قبيله، وتقدّم أيضا في باب الوضوء

_ (1) تقدم من أحاديث الباب.

بماء البحر وأن الحاكم صححه، وقال الدارقطني: الصواب وقفه وحدث يعلى بن مرّة قال: " كنا إذا سافرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ننزع خفافنا ثلاثا وإذا أقمنا يوم وليلة " (1) . رواه ابن زياد عن أحمد بن منصور ثنا سليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل ثنا مروان بن معاوية ثنا عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي عن أبيه عن جدّه، ورواه الطبراني في الكبير عن عبدان عن عمرو بن عثمان عن الحمصي عن مروان حدثنى عمرون عبد الله بن يعلى بن مرّة الثقفي عن أبيه عن جدّه به وقال عقبة: ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سهل بن ريحلة ثنا الصباح بن محارب عن عمرو بن عبد الله بن يعلى بن مرّة عن أبيه عن جدّه وعن زياد بن علاثة عن أسامة بن شريك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " في المسح على الخفين للمسافر ثلاث وللمقيم يوم وليلة " (2) . ولفظ عبد الغني بن سعيد في كتاب الإيضاح: " كُنا إذا سافرنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ننزع خفافنا ثلاثا فإذا شهدنا فيوم وليلة " (3) /وحديث عمرو الضمري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة ". ذكره صاحب الأبواب عن محمد بن إسحاق الصنعاني ثنا محمد بن عمر ثنا قدامة بن موسى عن الزبرقان عن عبد الله بن عمرو بن أمية عن أبيه، وقد تقدّم من حديثه في الصحيح من غير ذكر التوقيت (4) . وحديث ابن عمر بن الخطاب: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " في المسح على الخفين

_ (1) ضعيف أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/260) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه عمر بن عبد الله بن يعلى وهو مجمع على ضعفه. (2) ضعيف أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/260) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه عمر بن عبد الله بن يعلي وهو مجمع على ضعفه. (3) ضعيف المصدر السابق. من حديث يعلى بن مرة، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه عمر بن عبد الله بن يعلي وهو مجمع على ضعفه. (4) بياض " بالأصل ".

للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ". رواه أبو القاسم في الأوسط (1) عن عبدان بن محمد المروزي ثنا قتيبة بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن عن الحسن القصاب عن نافع عنه، وقال: لم يروه عن نافع إلا الحسن. وحديث البراء بن عازب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة في المسح على الخفين " (2) . ثنا به المشايخ المسندون أبو عبد الله محمد بن عبد الحميد وأبو بكر عبد الله بن علي وأبو العباس أحمد بن عبد المحسن العدوي قال الأولان: ثنا أبو الطاهر إسماعيل بن عبد القوي بن داود قال الآخر: ثنا فاطمة بنت سعد الخير ثنا فاطمة الجوز وابنه أنبأ ابن زيدة أنبأ أبو القاسم أنبأ محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا موسى بن الحسن السلولي ثنا العبسي بن الأشعث عن أبي إسحاق عنه، ولما خرجه الطبراني في الأوسط قال: لم يروه عن أبي إسحاق إلا الصبي بن الأشعث. تفرد به لسلولي وحديث أبي مريم قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على خفيه وقال: للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوما وليلة". رواه الحافظ (3) أبو نعيم في كتاب معرفة (4) الصحابة عن إبراهيم بن محمد بن يحيى عن محمد بن المسيب عن عاصم بن المغيرة عن عبد الرحمن بن عمرو- يعني بن جبلة- عن خالد بن عاصم ثنا يزيد بن أبي مريم عن أبيه ثم قال: مالك بن ربيعة السلولي يكنى أبا مريم/والد يزيد شهد الشجرة وسكن الرقة. وحديث مالك بن سعد أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صلى الصبح في جماعة فكأنما قام ليلة " (5) وسألته عن المسح على الخفين فقال: " ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم ". رواه أبو نعيم

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/258) وعزاه إلى أحمد وأبي يعدي والبزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ورجال البزار والطبراني ثقات. (2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه الضبي بن الأشعث له مناكير. (3، 4) سقطت كلمة " الحافظ "، و" معرفة الصحابة " من " الأصل " وأثبتناهما من " الثانية ". (5) صحيح. رواه أبو عوانة (2/4) والبغوي (5/108) .

عن محمد بن سعد البارودي ثنا عبد الله بن محمد البصري الحمري ثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة حدثتنا مليكة بنت الحارث المالكية من بنى مالك بن سعد قالت: حدثني أبي عن جدّي مالك بن سعد وقال أبو نعيم: مالك مجهول وعداده في أعراب البصرة، وحديث يسار أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رخص للمسافر في المسح على الخفين والعمامة للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام وأنه نهى عن الصرف " (1) . ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل فقال: سألت أبي عن حديث رواه عبد الصمد بن عبد الوارث عن الهيثم بن قيس عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه عن جدّه فقال أبي: هذا منكر ثنا به قرة بن حبيب فلم يذكر العمامة وليس ليسار صحبة، وحديث أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المسح على الخفين للمسافر ثلاث وللمقيم يوم وليلة " (2) أنبأ به الإمام المسند المعمر أبو الحسن علي بن إبراهيم- رحمه الله تعالى- قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ الإمام العلامة أبو الحسين المصري أنبأ أبو الطاهر الشقيقى قراءة عليه أنبأ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الشافعي قراءة عليه أنبأ أبو القاسم علي بن محمد بن عليّ الفارسي أنبأ أبو أحمد عبد الله بن الناصح ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي ثنا الهيثم بن خارجة ثنا سعيد بن ميسرة به وأنبأ به المسند المعمر عبد المحسن بن الصابوني- رحمه الله تعالى- قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ جدي أبو حامد أنا أبو القاسم الأنصاري أنبأ أبو الحسن علي بن المسلم أنبأ أبو نصر بن طلاب أنبأ بن جميع القتباني أنبأ عدي الآدمي أنبأ أحمد أنبأ عمي يحيى بن عبد الباقي ثنا العباس بن أبي طالب/ثنا حفص بن عمر ثنا مالك عن الزهري عنه به في كتاب طبقات الموصل من حديث غسّان بن الربيع ثنا حماد بن

_ (1) منكر. العلل لابن أبي حاتم. والعقيلي (4/208) وكذا ذكر الشارح نقلا عن أبي حاتم. قال العقيلي: والمتن معروف من غير هذا الوجه، ولا يتابع مهاجر على هذه الرواية. (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه القاسم بن عثمان البصري، قال البخاري: له أحاديث لا يتابع عليها.

سلمة عن ثابت عن أنس قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الخلاء وعليه خفان أبيضان من جلود إيضاء فتوضأ ومسح عليهما والله أعلم " (1) . وحديث ابن مسعود: " مازلنا نمسح مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة ". ورواه ابن أبي شيبة موقوفا بإسناد صحيح عن ابن مهدي عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم التيمي عن الحرب بن سويد عنه، وحديث المغيرة بن شعبة قال: " آخر غزاة غزونا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرنا أن نمسح على خفافنا للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة ما لم نخلع ". رواه الطبراني في الكبير (3) عن الحسن بن علي عن إبراهيم بن مهدي المصيصي عن عمر بن زريع عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي بردة عنه، وفي كتاب العلل لابن أبي حاتم: وسألت أبي عن حديث رواه هشيم عن داود بن عمرو عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس عن عوف بن مالك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " نقول المسح للمسافر ثلاثا وللمقيم يوم وليلة " (4) . ورواه الوليد بن مسلم عن إسحاق بن يسار عن يونس بن جليس عن أبي إدريس قال: سألت المغيرة عما حضر من النبي فقال: حضرته ومسح على خفيه قال أبو داود بن عمر: ليس بالمشهور، وكذلك إسحاق ولم يرو عنه غير الوليد، ولا نعلم روى أبو إدريس عن المغيرة شيئا سوى هذا الحديث، ويحتمل (1) بياض " بالأصل ". (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/258) وعزاه إلى البزار، وفيه سليمان بن بشير وهو ضعيف. وأورده بلفظ: " كنا نمسح مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة ". (3) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " - وفي الصحيح طرف منه- فيه يزيد بن داود الأودي وقد ضعفوه إلا ابن عدي فقال: لم أر له حديثا منكرا جاوز الحد إذا روى عنه ثقة، وإن كان ليس بالقوي في الحديث فإنه يكتب حديثه ويقبل إذا روى عنه ثقة، وهذا روى عنه مكي بن إبراهيم وهو من رجال الصحيح فهو مقبول على ما قاله ابن عدي، والله أعلم. (4) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى البزار والطبراني في " الأوسط " ورجاله رجال الصحيح.

أن يكون سمع من عوف ومن المغيرة فإنّه مر من تابعي أهل الشّام وله إدراك حسن. وحديث أبي زيد رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإسناده لا بأس به أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (1) : " يمسح المسافر على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن/وللمقيم يوم وليلة "، ثنا به المسندة المعمرة أم عبد الرحمن رقية ابنة القشيري الحافظ ثنا عبد العزيز الحراني عن أبي محمد عبد البر بن الحافظ أبي العلاء الهمذاني ثنا أبي قراءة عليه وأنا أسمع أنبا أبو علي الجراد أنبأ أبو نعيم أنبا أبو حفص الخطابي أنبا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة عن سعيد بن مطين عنه. وحديث جابر بن سمرة قال: ما أبالي لو لم أنزع خفي ثلاثا. رواه هكذا موقوفا ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي داود عن شعبة عن سماك، قال: سمعت جابرا، وذكره البيهقي مسندا. وحديث أبي مسعود البدري وعما ذكرهما البيهقي وأبو عمر بن عبد البر.

_ (1) صحيح. رواه أحمد (5/213) وحنف (1/281) وعبد الرزاق (798) وحنيفة (32) وأصفهان (1/124) والطبراني (8/9) والبيهقي (1/278) .

56- باب ما جاء في المسح بغير توقيت

56- باب ما جاء في المسح بغير توقيت حدثنا حرملة بن يحيى، وعمرو بن سواد المصريان قالا: ثنا عبد الله بن وهب أنبأ يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن أيوب بن قطن عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة: " وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في بيته الصلاتين كليهما أنه قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أمسح على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوما، قال: ويومين قال: وثلاثا حتى بلغ سبعا قال له: وما بدا لك ". هذا حديث لما رواه (1) أبو داود عن يحيى بن معين ثنا عمرو بن الربيع بل، طارق ثنا يحيى بن أيوب عن ابن رزين عن محمد بن يزيد عن أيوب عن أبي بلفظ: " أمسح على الخفين؟ قال: نعم قال: يوما؟ قال: ويومين؟ قال: وثلاثة؟ قال: نعم. وما شئت " قال: ورواه ابن أبي مريم عن، يحيى عن عبد الرحمن عن محمد عن عبادة عنه قال فيه: حتى بلغ سبعا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما بدا لك قال: وقد اختلف في إسناده وليس بالقوي كذا هي في روايتنا من طريق اللؤلؤي، وفي كتاب ابن العبد وقد اختلف على يحيى/بن أيوب، فذكره ومعناه قاله البخاري، وفي موضع آخر إسناده ليس بالقوي، وفي كتاب العلل للخلال قال أبو زرعة: سألت أحمد عن هذا الحديث أيجب العمل به قال: يعني: رجاله لا يعرفون، وفي تاريخ دمشق للبصري سمعت أبا عبد الله يقول: حديث أبي بن عمارة ليس بمعروف الإسناد، قال أبو زرعة: فناظرت أبا عبد الله في حديثه- يعني: حديث أبي- فلم يقنع به، وقال ابن حبان: وذكر أمثالا إلا أني لست أعتمد على إسناد خبره، وقال أبو الفتح الأزدي: لا يحفظ أن أحدا روى عن أبي إلا أيوب بن قطن، وحديثه ليس بالقائم وفي متنه نظر وفي إسناده نظر. انتهى كلامه، وفيه

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 59- باب التوقيت في المسح، (ح/ 158) . قال أبو داود: وقد اختلف في إسناده وليس هو بالقوي، ورواه ابن أبي مريم ويحيى بن إسحاق الشليخِي عن يحيى بن أيوب، وقد اختلف في إسناده.

نظر لما يأتي من أنّ عبادة بن نسى روى عنه أيضا وقال ابن بنت منيع- وذكر هذا الحديث-: لا أعلمه روى غيرها وقال غيره: ابن أبي مريم بن عبادة، وقال في موضع آخر: وقد اختلف في اسمه، وقال أبو الحسن الدارقطني: وهذا إسناد لا يثبت وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافا كثيرا وعبد الرحمن ومحمد بن يزيد وأيوب مجهولون كلهم، وقد بينته في موضع آخر، وذلك الموضع لم أر له ذكرا في العلل وذكره في كتاب المختلف فقال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي في بيت عمارة القبلتين وقال أبو محمد بن حزم: هذا آخر ساقط لا يصح فيه يحيى بن أيوب الكوفي وآخر وهما مجهولان، ولا يصح خلاف التوقيت أيضا عن أحد من الصحابة إلا عن ابن عمر فقط، وقال أبو الفرج في العلل المتناهية: هذا حديث لا يصح، وقال ابن الأثير: لأبي حديث واحد وهو معلول وفي إسناده اضطراب وهو غير مشهور، وقال عبد الغنى بن سرور: في إسناد حديثه جرح له واضطراب، وقد اختلف في اسم أبيه فقيل: عمارة وقيل: عبادة وعداده في المدنين وسكن مصر، ولما ذكره الجوزجاني قال: هذا حديث باطل منكر ومداره/على يحيى بن أيوب، ولما ذكره أبو الحسن بن القطان قال علّته: هي أنّ هؤلاء الثلاثة- يعني: عبد الرحمن بن رزين فمن بعده- مجهولون، وقال الموصلي أيضا: أيوب بن قطن مجهول، وذكر حديثه هذا والاختلاف فيه، وقال: كلّ لا يصح ومحمد بن يزيد هو ابن أبي زياد صاحب حديث الصور، وقال فيه أبو حاتم: مجهول وعبد الرحمن أيضا لا يُعرف له حال، فهو مجهول، ويحيى مختلف فيه وهو ممن عيب على مسلم إخراج حديثه، وأما الاختلاف عليه الذي أشار إليه أبو داود والدارقطني، فيتحصل منه أربعة أقوال: فذكرها مجملة، وذلك أنه روى عنه عن ابن رزين عن محمد عن أيوب عن أبي، ويروي عنه عن ابن رزين عن محمد بن عبادة عن أبي، ويروي عنه عن ابن رزين عن محمد عن أيوب عن عبادة عن أبي، ويروى عنه وهكذا أبي عبادة بن نسى ثم لا يذكر أنبأ؛ لأنّه يرسله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه قول خامس لكنه لم يتصل إلى سنده فلم اجعله ممّا تحصّل فيه، وهو ما أشار إليه ابن السكن ولم يوصل به إسناده إّنما قال: ويقال أيضا: عن يحيى عن عبد الرحمن عن محمد عن وهب بن قطن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والله أعلم.

وقال ابن عبد البر في كتاب الاستذكار: حديث أبي لا يثبت وليس له إسناد قائم، رواه أبو أحمد العسكري عن علي بن سعدان ثنا محمد بن إسحاق ثنا يحيى بن معين ثنا عمرو بن الربيع أنبأ يحيى بن أيوب ثنا ابن رزين الغافقي عن محمد بن يزيد، أو يزيد، فذكره ثم قال: وقال بعضهم: ليس يصح له صحبة، وقال الطحاوي: والآثار قد تواترت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتوقيت في المسح، فليس ينبغي لأحد أن يترك مثل هذه الآثار المتواترة إلى مثل حديث أبي بن عمارة، وقال الخزرجي في كتابه التقريب: في إسناده اختلاف واضطراب، وقال أبو القاسم بن عساكر: ورواه يحيى بن إسحاق السيليخي (1) عن يحيى بن أيوب مثل رواية عمرو بن الربيع،/ وقال أيوب بن قطن الكندي: ورواه سعيد بن كثير بن عفير عن يحيى بن أيوب مثل رواية ابن وهب، ورواه إسحاق بن الفرات عن يحيى بن أيوب عن وهب بن قطن عن أبي. انتهى. وهو فول سادس لم يذكره ابن القطان، وأما قول الطبراني في الأوسط: رواه جماعة عن يحيى بن أيوب فلم يذكر عبادة بن نسى إلا سعيد بن عفير فإن جوده ففيه نظر لما أسلفناه من رواية غيره الرواية، وزعم ابن عقدة في كتاب التفرد انه مما تفرّد به أهل مصر وأبي ذلك الحافظ ابن يونس بقوله في تاريخه: ليس له في أهل مصر حديثه، ويشبه أن يكون وهما لما ذكره الإمام العلامة عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في فتوح مصر من تأليفه في باب من دخل مصر من الصحابة ممن روى عنه أهلها أبي بن عمارة ولهم حديث واحد، وهو يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عنه فذكر لفظ حديث أبي داود ثم قال: ثناه سعيد بن عفير، وثنا عمرو بن سويد عن ابن وهب عن يحيى عن عبد الرحمن عن محمد عن أيوب عن عبادة، ولم يذكر ابن عفير عبادة، وأما ما ذكره أبو الحسن بن القطان من أن مسلما عيب عليه إخراج حديث يحيى بن أيوب، فكلام يفهم منه تفرده بحديثه دون شيخه البخاري وليس كذلك؛ لأن أبا الوليد الباجي ذكره في كتاب التعديل والتخريج فقال: أخرج البخاري في الصلاة وتفسير سورة

_ (1) قوله: " السيليخي " وردت " بالأولى " " السيلحي " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من " الثانية ".

الأحزاب عن ابن جريج، وسعيد بن أبي مريم عنه عن حميد ويزيد بن أبي حبيب ثم قال: وقال أبو عبد الله هو البخاري في الاستشهاد: ولمسلم في الرواية. انتهى. وبنحوه ما قاله أبو عبد الله: ذكره الكلاباذي في كتاب الإرشاد ولئن كان كذلك فهو في اصطلاح الحاكم في المستدرك وغيره يصدق عليه التخريج عنه لا سيّما العنبري، وأما قوله: أنّ عبد الرحمن فمن بعده مجهول فيشبه أن يكون وهما وذلك أنّ عبد الرحمن/بن رزين ويقال: ابن يزيد بن عبد الله البروقي مولى قريش روى عنه يحيى بن أيوب وعبد الله بن المبارك وابن وهب ونافع ويزيد وعبد الله بن يحيى البرلسي. ذكره ابن يونس في كتاب الغرباء، وقال: توفي خمس وخمسين ومائة، وقال ابن أبي حاتم: عبد الرحمن بن رزين مولى قريش روى عن سلمة بن الأكوع قال: بايعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ روى عنه العطاف بن خالد ويحيى بن أيوب، وروى عن محمد بن يزيد صاحب حديث الصور، ولما ذكره ابن حبان في كتاب الثقات قال: عداده في أهل الشام روى عنه أهله والعطاف، وقال الحاكم: لم ينسب إلى ضعف وعلى شرط أبي أحمد الجرجاني يكون ثقة لكونه لم يذكره في كامله، ومحمد بن يزيد لم أر أحدا نسبه إلى ضعف كما قاله أبو عبد الله بن البيع، وغاية ما قال فيه البخاري روى عنه إسماعيل بن رافع حديث الصور مرسل ولم يصح، وقال ابن يونس في الغرباء: روى عنه يزيد بن أبي حبيب وكان يجالسه (1) وحرملة بن عمران، ومن أهل الكوفة أبو بكر بن عيّاش فهذا كما ترى قد خرج من الجهالة العينية، وأما الجهالة الحالية فيمكن أن تكون منتفية بما ذكره الحاكم فإنّه لما خرج هذا الحديث قال فيه: صحيح ولم يخرجاه وأبي صحابي معروف وهو إسناد مصري، ولم ينسب واحد من رواته إلى جرح، وأمّا أيوب بن قطن فذكر عبد الرحمن أنه ابن ابن امرأة عبادة بن الصامت، أبو أبي بن أم حرام، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقد أسلفنا رواية سادسة زائدة على ما ذكره ابن القطان وتابعه ذكرها النيسابوري عن محمد بن أيوب عن ابن عبادة الأنصاري وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في بيت جدّه

_ (1) كذا ورد " بالأصل ".

القبلتين، وبنحوه ذكره في المصنف وقد ورد لهذا الحديث شواهد عديدة فمن ذلك:/حديث عقبة بن عامر قال: خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة فدخلت المدينة يوم الجمعة فدخلت على عمر فقال لي: " متى أولجت خفّك في رجليك؟ قلت: يوم الجمعة. قال: فهل نزعتهما؟ قلت: لا. قال: أصبت السنة ". خرّجه أبو الحسن الدارقطني (1) وهو في معنى المرفوع لا سيّما من أبي حفص الفاروق، وقال أبو بكر النيسابوري: هذا حديث غريب، وقال الدارقطني: وهو غريب صحيح الإسناد، وقال في العلل: وخالفهم عمرو بن الحرث والليث بن سعد ويحيى بن أيوب فقالوا فيه: قال عمر: أصبت. ولم يقولوا: السنة كما قال من تقدّمهم وهو المحفوظ، ولما خرجه ابن البيّع في مستدركه فذكر السنّة قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وله شاهد، وقال ابن مندة: رواه أبو شُجاع وعمرو بن الحرث فلم يذكر السنة، وقوله أصبت السنة زيادة مقبولة؛ لأنّ حيوة والفضل مقبولان عند الجماعة قال: وقد روى من جهة موسى بن علي عن أبيه نحوه وقال: أصبت السنة، قال: فهذا موافق لرواية من تقدّم وسبيله سبيل الصحة قال الدارقطني، ورواه أيضا من طريق أسد بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن ربيعة بن الصلت سمعت عمر يقول: " إذا توضأ أحدكم وليس خفيه فليمسح عليهما وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة " (2) . قال: وثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر وثابت عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله، قال ابن صاعد: ما علمت أحدا جاء به إلا أسد بن موسى، ولماّ خرجه الحاكم في مستدركه (3) قال: وقد روى عن أنس مرفوعا إسناد صحيح رواته عن آخرهم ثقات إلا أنه شاذ عنه وهو على شرط مسلم ثم ذكره من جهة المقدام بن داود الرعيني عن عبد الغفار بن داود الحراني عن حمّاد قال: وعبد الغفار ثقة غير

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني (1/196) والحاكم (1/181) والبيهقي (1/280) . (2) صحيح. رواه الحاكم (1/181) والدارقطني (1/204) ونصب الراية (1/179) والبيهقي (1/279) . (3) منكر. رواه الدارقطني: (1/204) .

أنّه ليس عند أهل البصرة من حمّاد زاد الدارقطني: وليس بمشهور، واعترض أبو محمد الفارسي على هذا الحديث بأن قال: وأسد بن موسى/منكر الحديث لا يحتج به، ولم يروه أحد من الثقات أصحاب حماد وهو قول لم يقله غيره في أسد، إنما رأيت العلماء أثنوا عليه ووثقوه ذكر ذلك جماعة منهم البزار والكوفي والنسائي وأبو العرب في كتاب الطبقات، ولعل ابن حزم رأى قول ابن يونس في كتاب الغرباء ذكره حديث بأحاديث منكرة وكان رجلا صالحا ثقة فيما روى واحتسب الأمة من غيرها وهذا كما ترى فرق ما بين الكلامين، وقوله لم يروه أحد من ثقات أصحاب حماد وفيه نظر؛ لما أسلفناه من حديث عبد الغفار، وأمّا قول المزِّي أنّ ابن ماجة خرّج حديث عقبة هذا في كتاب الطهارة عن أحمد بن يوسف عن أبي عاصم عن حيوة عن يزيد عن الحكم بن عبد الله البلوى عن علي بن رياح فيشبه أن يكون وهما؛ لأنّي نظرت في عدة نسخ من كتاب السنن فلم أره، والله أعلم. وكذا قول الحافظ القشيري بأن النسائي خرجه قال: وهو حجة لمذهب مالك فإني لم أره في كتاب السنن الكبير ولا الصغير فلينتظر، وزاد الجوزجاني بأن قال: هذا حديث باطل منكر وليس يصح عن عمرو، والصحيح عن عمر مرفوعا التوقيت، وحديث ميمونة وسألها عطاء عن المسح فقالت: قلت: يا رسول الله، كل ساعة يمسح الإنسان على الخفين ولا يخلعها، قال: نعم ". رواه الدارقطني بإسناد صحيح لا علة فيه عن محمد بن مخلد ثنا جعفر بن مكرم ثنا أبو بكر الحنفي ثنا أبو بكر النيسابوري ثنا عبد الله بن أحمد حدثنى أبي ثنا الحنفي أبو بكر ثنا عمر بن إسحاق بن يسار أخو محمد بن إسحاق قال: قرأت كتابا العطاء مع عطاء بن يسار قال: سألت ميمونة، وفي هذا ردّ لما قاله أبو زرعة الدمشقي قلت له:- يعني: لأحمد- فحديث عطاء بن يسار عن ميمونة قال: من كتاب لتصريحه بقراءته الكتاب معه فدلّ على سماعه له مه والله أعلم. وذكر أبو عمر بن عبد البر أنّ أبا حنيفة وأصحابه، وسفيان، والأوزاعي، والشافعي/وأصحابه، وأحمد، وداود، والطبري قالوا: بالتوقيت، وقد روى عن مالك التوقيت في رسالته لبعض الخلفاء، وأنكر ذلك أصحابه، وروى التوقيت في المسح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوه كثيرة، وروى عن عمر من طرق أكثرها:

من حديث أهل العراق بأسانيد حسان، وثبت ذلك عن علي، وابن مسعود، وسعد على اختلاف عنه، وعمار، وأبي مسعود، والمغيرة، وغيرهم وعلى جمهور التابعين وأكثر الفقهاء وهو الاحتياط عندي، وقال الطحاوي: يحتمل أن يكود عمر قال ذلك؛ لأنه علم أنّ طريق عقبة الذي جاء منها طريقا لا ماء فيها كان حكمها أن يتيمم فسأله متى عهدك بخلع خفيك إذا كان حكمك هو التيمم؟ فأخبره بما أخبره، وهذا الوجه أولى ما يحمل عليه هذا الحديث ليوافق في روى عن عمر بالأخبار المتواترة ولا يضاره، وقد روينا عن غيره ما يوافق ما قلنا قال أبو محمد بن حزم: وتعلّق مقلّد وأملك بأخبار ساقطة لا يصح مضها شيء وبآثار عن الصحابة لا يصح منها أثر، ولا يصح خلاف التوقيت فيه عن أحد من الصحابة إلا عن ابن عمر فقط ولا حجة فيه؛ لأن ابن عمر لم يكن عنده المسح ولا عرفه؛ بل أنكره حتى أعلمه به سعد فلم يكن في علم المسح كغيره، وعلى ذلك فقد روى عنه التوقيت. انتهى كلامه. وقد أسلفنا قبل ما صح في الباب من الحديث وغيره، والله أعلم وبما يحتج به المالكيون قول الحسن وقيل له: أن يزيد سار إلى السند فلم يخلع له خفا حتى قدمها فلم ير به بأسا ذكره النيسابوري في الأبواب عن أبي الأزهر ثنا روح ثنا أشعث عنه، وثنا أبو الأزهر ثنا روح ثنا أشعث عن الحسن قال: المقيم والمسافر في المسح سواء، وعن الشعبي أنه كان لا يوقِّت في ذلك وقتا، وعن سعد بن أبي وقاص أنّه كان لا يُوقِّت فيما ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه وكذلك أبو سلمة.

57-/باب المسح على الجوربين والنعلين

57-/باب المسح على الجوربين والنّعلين حدثنا على بن محمد ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي قيس الأودي عن هزيل ابن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الجوربين والنعلين " (1) . هذا حديث اختلف في تصحيحه وتضعيفه، فمن المصححين له أبو حاتم البستي، فذكره له في كتابه: الصحيح، وأبو عيسى

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/99) من حديث المغيرة بن شعبة وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أبو داود (ح/159) والنسائي (1/32) وابن ماجة (ح/559) كلهم من طرين وكيع عن الثوري. ورواه البيهقي (1/283- 284) بإسنادين من طريق أبي عاصم عن الثوري. ونسبه الزيلعي في نصب الراية (1/96) إلى صحيح ابن حبان. قلت: وهو في صحيح ابن حبان (2/314) من حديث المغيرة بن شعبة. هكذا صحح الترمذي هذا الحديث، وقد صححه غيره أيضا، وهو الحق. وقد أعله بعضهم بما لا يدفع في صحته، فقال أبو داود: " كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث هذا الحديث؛ لأن المعروف ظن المغيرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفّين "، وقال النسائي: " ما نعلم أحدا تابع أبا قيس على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين ". ونقل البيهقي عن علي بن المديني قال: " حديث المغيرة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل عن الميرة، إلا أنه قال: ومسح على الجوربين، وخالف الناس ". ونقل البيهقي تضعيفه أيضا عن عبد الرحمن بن مهدي وأحمد وابن معين ومسلم بن الحجاج. وغلا النووي غلوا شديدا، فقال في المجموع (1/500) بعد نقل ذلك: " وهؤلاء هم أعلام أئمة الحديث، وإن كان الترمذي قال: حديث حسن، فهؤلاء مقدمون عليه؛ بل كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة!! ". وليس الأمر كما قال هؤلاء الأئمة، والصواب صحيح الترمذي في تصحيح هذا الحديث، وهو حديث آخر، غير حديث المسح على الخفين. وقد روى الناس عن المغيرة أحاديث المسح في الوضوء، فمنهم من روى المسح على الخفين، ومنهم من روى المسح على العمامة، ومنهم من روى المسح على الجوربين، وليس شيء منها بمخالف للآخرة، إذ هي أحاديث متعددة، وروايات عن حوادث مختلفة، والمغيرة صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو خمس سنين، فمن المعقول أن يشهد مع النبي وقائع متعددة في وضوئه ويحكيها، فيسمع بعض الرواة منه شيئا، ويسمع غيره شيئا آخر، وهذا واضح بديهي.

الترمذي بقوله: هو حسن صحيح، وذكره ابن حزم مصححا له ومحتجا به، وكذلك أبو الفرح في كتاب التحقيق، وقال الطوسي في أحكامه: يقال هذا حديث حسن صحيح. ومن المضعفين أبو داود؛ فإنّه قال: أبو روايته (1) ، وكان عبد الرحمن بن مهدى لا يحدّث بهذا الحديث لا المعروف عن المغيرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين وليس بالمتصل ولا بالقوى ومسح على الجوربين: علي، وابن مسعود،، والبراء، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وعمر،، وابن حرث، وروى ذلك عن عمرو بن عباس- رضي الله عنهم-، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدّث أبي هذا الحديث فقال: ليس يروى إلا من حديث أبي قيس وأبي عبد الرحمن بن مهدى أن يحدّث به يقول هذا حديث منكر. وقال مهنأ: سألت أحمد عن حديث سفيان عن أبي قيس عبد الرحمن بن مروان عن هزيل، فقال: أحاديث أبي قيس ليست صحيحة المعروف عن المغيرة أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين. وفي كتاب العلل للخلال أنبأ المروزي أنّ أبا عبد الله ذكر أبا قيس في المسح، فأمّا ابن مهدى فأبي أن يحدّثاه وأمّا وكيع فحدّث به. وفي كتاب التمييز لمسلم ذكر خبر ليس بمحفوظ المتن، ثنا يحيى بن يحيى وثنا/وكيع فذكره، ثم ذكر الذين رووا عن المغيرة مسح الخفين ثم قال: قد بيّنا من ذكر أسانيد المغيرة في المسح بخلاف ما روى أبو قيس عن هزيل عن المغيرة مما قد اقتضيناه وهم من التابعين الخلة، وكلّهم قد اتفق على خلاف رواية أبي قيس، ومن خالف بعضهم ليس من أهل الفهم والحفظ في نقل هذا الخبر والحمل فيه على أبي قيس أشبه، وبه أولى منه بهزيل؛ لأنّ أبا قيس قد استنكر أهل العلم من روايته أخبارا غير هذا الخبر سنذكرها في مواضعها إن شاء الله تعالى. قال مسلم: وأخبرني محمد بن عبد الله بن فهران عن على ابن الحسن بن شقيق قال: قال عبد الله بن المبارك: عرضت هذا الحديث- يعني: حديث المغيرة من رواية أبي قيس- على الثوري فقال: لم يجيء به غيره فعسى أن يكون وهما، وفي كتاب السنن للبيهقي قال أبو محمد- يعني: يحيى بن منصور-: ورأيت مسلم بن

_ (1) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ".

الحجاج ضعّف هذا الخبر وقال أبو قيس وهزيل: لا يحتملان هذا مع مخالفتهما للأجلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة فقالوا: يمسح على الخفين وقالوا: لا نترك ظاهر الكتاب لمثل أبي قيس وهزيل، فذكرت هذه الحكاية عن مسلم لأبي العباس الدعولي فسمعته يقول: سمعت علي بن محمد بن شيبان سمعت أبا قدامة السرخسي يقول: قال ابن مهدي: قلت للثوري: لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هزيل ما قبلته منك، فقال سفيان: الحديث ضعيف- أو واه أو كلمة نحوها- وقال على بن المديني: هذا حديث منكر ضعّفه الثوري، وابن مهدي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني ومسلم، والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين، وسئل عنه الدارقطني فقال: يرويه الثوري عن أبي قيس عن هزيل، ورواه كليب بن وائل عن أبي قيس عمن أخبره عن المغيرة وهو هزيل ولكنه لم يسمّه ولم يروه غير أبي قيس، وهو مما يغمر عليه لم لأنّ المحفوظ عن المغيرة المسح على الخفين، ولما ذكر العقيلي هذا الحديث فيما أنكر على أبي قير قال: الرواية في الجوربين فيها لين، وقال أبو عبد الرحمن النسائي: لم نتابع هزيل على هذه الرواية والصحيح عن المغيرة مسح على الخفين، وقال ابن الحمار في كلامه على الموطأ: اضطراب لا ينكر قد صحّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه مسح على النعلين وعلى القدمين، ولقائل أن يقول: أبو قيس عبد الرحمن بن مروان وهزيل حديثهما في صحيح البخاري وثّقهما غير واحد، وما روياه هنا ليس مخالفا لرواية الجمهور عن المغيرة مخالفة معارضة؛ بل هو أمر زائد على ما رووه، ولا يعارضه لكونه طريقا مستقلا على حده لم يشارك المشهورين في سندها، فيترجح قول المصححين لهذه العلة، والله أعلم. وأمّا قول أبي داود: وروي هذا الحديث عن أبي موسى إلى آخره- يعني: المخرج عند ابن ماجة- وليس ثابتا في روايتنا وهو كما قال: ضعيف ومنقطع ويفهم منه إلا مشارك له، وليس كذلك لما ذكره الطبراني في المعجم الكبير (1) من حديث يزيد بن أبي زياد عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين والجوربين".

_ (1) ضعيف. رواه الطبراني (1/334، 349) وأحمد (6/14، 15) وابن عساكر في " التاريخ " (3/462) وحنيف (1/282) . قلت: فيه ابن أبي ليلى.

ولما ذْكره المخرمي في كتاب العلل من حديث أنس بن مالك: " أنه توضأ ومسح على جوربيه ونعليه " (1) ، ثنا علي بن مسلم ثنا محمد بن القاسم ثنا أبو طاهر قال: رأيت أنسا قال الحربي: أبو طاهر رجل يتولى الحسن حدّث عنه شهر بحديث منكر، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق جيدة رواها النسائي في كتاب الكنى عن عمرو بن علي ثنا سهل بن زياد أبو زياد الطحان ثنا الأزرق بن ميسرة قال: رأيت أنسا، فذكره فسلم مما أعلّه به الحربي. وحديث جرير بن عبد الله، وقد تقدّم ذكره. وحديث أبي موسى ذكره في الأوسط،/ وقال: لا يروى عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد. تفرد به عيسى بن سنان، وقال البيهقي في سننه: وذكر حديث أنس وقد رفعه بعض الضعفاء وليس بشيء، وإنما تعداده في الصحابة فقد أغفل ابن عمر وأنا مسعود وسعد بن أبي وقاص، وذكرهم ابن حزم وقال: لا نعلم لهم مخالفا. قال: وهو قول ابن المسيب، وعطاء، والنخعي، والأعمش، والحسن، وحلاس زاد في المصنف، وإبراهيم، والضحاك، وسعيد، وجبير، ونافع، وفي كتاب الإسراف: وابن المبارك، وزفر، والثوري والحسن بن صالح، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن، وأبي ثور، وأحمد: وإسحاق، وداود بن علي وغيرهم، وقال أبو حنيفة: لا يمسح عليهما، وقال: مالك لا يمسح عليهما إلا أن يكونا مجلدين. انتهى كلامه، وفيما حكاه عن أبي حنيفة؛ نظر؛ لأن مذهبه جواز المسح عليهما إذا كان مجلدين ومنعلين، كذا هو في المنافع وغيره، وحكى أبو عيسى في جامعه عن صالح بن محمد الترمذي سمعت أبا مقاتل السمرقندي (2) يقول: دخلت على أبي حنيفة في مرضه الذي مات فيه فدعا بماء فتوضأ وعليه جوربان فمسح عليهما، ثم قال: فعلت اليوم شيئا لم أكن أفعله مسحت على الجوربين وهما غير منعلين قال أبو عيسى: وبه يقول الشافعي: انتهى كلامه. والحنفيون يذكرون أنّ الشّافعي لا يجوز المسح عليهما، وكذا ذكره أبو سليمان الخطابي قال: إلا أن يكونا منعلين يمكن متابعة المشي عليهما. وقال ابن المنذر: فكرة

_ (1) تقدّم أول حديث من هذا الباب، وعليه تعليقا مطولا. (2) قوله: " السمرقندي " وردت " بالأولى " " التيمي أفندي " والصحيح ما أثبتناه من " الثانية ".

المسح عليهما مالك والشافعي وروى أباحية عن تسعة من الصحابة: علي، وعمار، وابن مسعود، وابن عمر، وأنس، والبراء، وبلال، وأبو أمامة، وسهل بن سعد، وأبو سعيد الخدري، وبه قال عطاء: والحسن بن صالح، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وزفر وأما صاحبا (1) أبي حنيفة/فقالا: يمسح عليهما إذا كانا نجسين لا يشفّان. والجورب. قال أبو نصر: معرب لفافة الرجل والجمع جواربه والهاء للعجمة. ويقال: الجوارب أيضا كما قالوا في جمع الكيلج الكيالج، ويقول: جوربه فتجورب أي: ألبسه الجورب فلبسه، وقال الجواليقي: كثر حتى صار كالعربي قال رجل من بنى تميم لعمر بن عبيد الله بن معمر، وكانت تحته رملة أخت طلحة الطلحات وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله: أنبذ برجله نبذ الجورب الخلق وعش بعيشة عيشا غير ذى رنق وضرب العرب المثل بعيشة، وقال نافع بن لقيط الأسرى: وما ولق أنصحت كية رأسه ... فتركته وفرا كى الجورب وقال مسكين الدارمي: أثنى على بما علمت فإنني ... مثن عليك بمثل ريح الجورب وأما الأحاديث الواردة في المسح على النعلين فمنها ما رواه أبو داود عن أوس بن أبي أوس الثقفي أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ ومسح على نعليه وقدميه " (2) ، وقال الجرجاني: هذا حديث منكر، ولما ذكره عبد الحق سألت عنه- يعني: مصححا له- ومع ذلك الخزرجي وأعترض عليه ابن القطان بأن ما مثله صحح؛ لأنه من رواية هيثم عن يعلى ابن عطاء عن أبيه أخبرني أوس، فذكره، وعطاء العامري والد يعلى مجهول الحال لا يعرف له رواية إلا هذه، وأخزى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ولا يعرف روى عنه غير يعلى وإن كان ابنه ثقة فروايته غير كافية في المتبقي من بقية، وللحديث علة أخرى وذلك أن منهم من يقول فيه: عن أوس بن أوس- أو ابن أبي أوس- عن أبيه

_ (1) المراد هما: أبو يوسف، ومحمد بن الحسن الشيباني. (2) تقدم بنحوه وبألفاظ فيها " خفيه وعمامته " و" خفيه ونعليه ".

عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزيادة عن أبيه عادت بنقص فإنّا إنما كنّا نقبل الأولى، ولا نضع منها نظرا باعتقاد أنّ أوس بن أوس أو ابن أبي أوس صحابي على رأى من يقبل أمثال هؤلاء الذين يدّعون لأنفسهم الصحبة ولا تكون معلومة لهم إلا من أقوالهم، فأمّا إذا كان إنمّا برويه عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/فقد صار هو ممن يجب النظر فيه كسائر من بعد في زمن التابعين، وإذا كان ذلك كذلك فإنّه حينئذ يكون مجهول الحال غير ثابت العدالة، وفي أنّه أوس بن أوس أو ابن أبي أوس خلاف معروف، واختصاره هو أنه أوتيت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعة أحاديث: أحدها: هذا، والثاني: من غسل واغتسل برويه أبو الأشعث عن أوس بن أوس، والثالث: غريب القرآن يرويه عثمان بن عبد الله بن أوس عن جدّه أنس بن حذيفة، والرابع: في الصوم فقيل في هذا كلّه أنّه واحد هو أوس بن أوس وابن أبي أوس، وابن حذيفة، وذكر أبو عمر بن عبد البر قول ابن معين: أوس بن أوس وأوس بن أبي أوس واحد فخطأه فيه، وقال: أنّ أوس بن أوس بن أبي أوس هو ابن حذيفة جدّ عثمان بن عبد الله بن أوس، وله أحاديث منها: في المسح على القدمين وفي إسناده ضعف، يعني: حديث المبدي يذكره، قال: ورواه الطحاوي فأسقط عطاء والد يعلي وجعله من حديث يعلى عن أوس وهو غير صواب وفيه نظر من وجوه: الأوّل: قوله معترضا على أبي محمد وما مثله صحيح، وأبو محمد- رحمه الله- ليس هو ثاني عذره بصحيحه فقد سبقه إلى ذلك الحافظ أبو بكر الحازمي بقوله: لا يعرف مجردا متّصلا إلا من حديث يعلى، وعلى تقدير قولهم ذهب بعضهم إلى نسخه، وهذا وإن كان لا يعطي تصحيحا فقد صحّحه أبو حاتم البستي بعد توثيقه عطاء ثم قال: وهذا من الأخبار التي رويت مجملة، ويفسرها في أخبار أخر ثم قال: ذكر البيان بأن مسح المصطفي على النعلين كان ذلك في وضوء النفل دون الوضوء الذي يجب من حدث معلوم فذكر حديث البزار عن علي، وذكر وضوءه فمضمض واستنشق ومسح وجهه وذراعيه ومسح رأسه ومسح رجليه، ثم قال: فشرب فضل مائه، ثم قال: أتى حديث: " أنّ رجالا يكرهون

أن يشرب أحدهم وهو قائم وإنى رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل كما فعلت " (1) ، وهذا وضوء من لم يحدث، وفي الأوسط عن علي بنحوه رواه عن ابن أحمد/ابن حنبل حدثنى أبو عبيدة بن فضيل بن عياض ثنا مالك بن سعيد ثنا فرات بن أحنف حدثنى أبي عن ربعي عنه وقال: لم يروه عن ربعي إلا أحنف بن فرات. تفرّد به أبو عبيده بن عياض، وفي كلام ابن حبان نظر ومن حيث أنّ عليا صلى بهذا الوضوء، أمّا ما ذكر ذلك البيهقي من حديث سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن وهب. ومن حديث ابن بحر عن سفيان عن الأعمش عن أبي طيبان أنه قال: " رأيت عليا بالرحبة بال قائما حتى أرغى فأتى بكوز من ماء ثم أخذ كفا من ماء فوصف وضوءه ثم قال: ومسح على نعليه ثم أقيمت الصلاة فخلع نعليه ثم تقدّم فأمّ الناس " (2) . قال الأعمش: فحدثت إيراهيم به فقال: إذا رأيت أبا طيبان فأخبرني فرأيته قائما في الكناسة فقلت: هذا أبو طيبان فأتاه فسأله عن الحديث، وقال: حديث أبي طيبان ثابت زاد في كتاب الأبواب أنّ عليا مسح عليهما ثم خلعهما فجعلهما في كمّه ثم صلى هما الفريضة، وذكره عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن يزيد بن أبي زياد عن أبي طيبان به، قال معمر: وأخبرني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل صنيع علي هذا قال البيهقي: ورواه الثوري عن قابوس بن أبي طيبان، وعبد العزيز بن رفيع، وسلمة بن كهيل، والزبير بن جري، وورقاء بن إياس كلّهم عن أبي طيبان به، قال ثاني قوله أنّ الطحاوي رواه عن أوس بن أوس فأسقط عطاء فكذلك هو، ولكن الخرائطي ذكر في كتاب اعتلال القلوب ثبوته في هذه الرواية من حديث عمر بن شيبة ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن يعلى عن عطاء عن أبيه عن أوس بن أوس عن أبيه، وكذا رواه أبو القاسم الطبراني من حديث يحيى بن سعيد، ولما رواه بحشل

_ (1) صحيح أورده الهيثمي. في " مجمع الزوائد " (5/79) من حديث أنس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب وهو قائم " وعزاه الهيثمي إلي أبي يعلى والبزار ورجاله رجال الصحيح. (2) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/256) من حديث عوسجة.

في تاريخه عن هيثم بن إسحاق ثنا شريك عن يعلى عن أوس به قال: هذا غلط. وحديث هشيم يعني- الذي فيه عن- أبيه أصح والله أعلم./الثالث: سكوته عن علة ذكرها الإمام أحمد فهي أولى بالذكر مما تقدم، وهو قوله لم يسمع هشيم هذا الحديث من يعلى ذكره الجوزجاني عنه، وقال: كان هشيم يدلس فلعله سمعه من بعض الضعفاء ثم أسقطه فلئن كان ما قالاه صحيحا فهو أجدر بأن يكون علّة لا سيما على ما ثنا قيس به أنا محمد كونه يقبل أخبار المدلسين والمتصرحون بالسماع، وليس لقائل أن يقول لعلّه لم يعتد هذه علّة؛ لأنه لو كان كذلك لرأيته كعادته والله أعلم. ثم نظرنا هل هو كذلك أم لا فوجدنا هشيما صرح فيه بالتحديث المزيل للشبهة المذكورة هنا أنبأ المسند المعمر فتح الدين الجودري قراءة عليه وأنا أسمع عن أبي الحسن البغدادي أنبأ الحافظ السلامي أنبأ الإمام أبو منصور محمد بن أحمد بن علي المعمري أنبأ القاضي أبو بكر محمد بن عمر أنبأ الحافظ أبو حفص بن شاهين ثنا أحمد بن سليمان الفقيه ثنا بشر بن موسى ثنا سعيد بن منصور ثنا هشيم أنبأ يعلى بن عطاء عن أبيه أخبرني أوس به ثم قال: قال هشيم: هذا كان في مبدأ الإسلام وأنبأ الشيخ أبو الفتح القاهري- رحمه الله- قراءة عليه وأنا أسمع قال: أنبأنا الأخوان أبو المكارم عبد الله وأبو عبد الله الحسين أنبأ الحسن بن منصور وقال الأول: ثنا، وقال الثاني: ثنا الحافظ أبو بكر محمد بن حازم الهمداني قراءة على محمد بن أحمد بن القاضي أخبرك أبو طاهر أحمد بن الحسن الكرخي في كتابه ثنا الحسن بن أحمد ثنا دعلج بن أحمد أنبأ محمد بن على ثنا سعيد ابن منصور أنبأ هشيم أنبأ يعلى بن عطاء عن أبيه فذكره، وعن علّة (1) أخرى ذكرها الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ حديث يعلى من ترك لأنّ بعضهم رواه عنه عن أوس ولم يقل عن أبيه، وقال بعضهم: عن رجل- يعني: مجهولا- والله أعلم. وأما تخطيئه أبي عمر بن معين فغير جيد؛ لأنه قول قاله

_ (1) قوله: " علْة " وردت " بالأصل " " عسلة " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه عن " الثانية ".

جماعة/من العلماء، منهم: أبو جعفر بن منيع، وعبد الله بن محمد البغويان، وأبو بكر أحمد بن عبد الله البرقي في تاريخه، وأبو إسحاق الحربي في كتابه العلل، وأبو القاسم الطبراني في الكبير والأوسط، وأبو حاتم البستي في كتاب الصحابة قال: وهو ابن حذيفة أيضا، وأبو عيسى الترمذي في كتاب التاريخ، وأبو أحمد العسكري في كتاب الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- وأبو داود الطيالسي- رحمه الله تعالى-، وفي تاريخ الجعفي (1) الكبير أوس بن حذيفة والد عمرو بن أوس، ويقال: أوس بن أبي أوس، ويقال: أوس بن أوس له صحبة، وفي معجم ابن نافع أوس بن أوس بن ربيعة بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف روى عنه عبد الملك بن المغيرة وأبو الأشعث وعبادة بن نسى وابن عمرو بن أوس عنه فقالوا: ابن أوس ومن قال ابن أبي أوس: المعمر بن سالم قال: سمعت رجلا، وفي رواية أخرى اسمه عمرو جدّه أوس بن أبي أوس، وفي رواية أبوه ويعلى بن عطاء في كتاب الصحابة لأبي مُوسى: اسم أبي أوس هذا جابر بن عوف شيعي، وروى حديثه هذا من طريق محمد بن إدريس عن عنان عن حماد بن سلمة عن يعلى عن أبيه عن أوس بن أبي أوس واسمه جابر، ثم قال: وكذلك رواه حجاج عن حماد إلا أنه لم يسمه جابرا قال: ولأبيه أيضا صحبة، وهو جد عمرو بن أوس ذكره أبو عثمان سعيد السراج القرشي الأصبهاني في الأفراد، وكتبه عنه عبد الله بن مردويه (2) ، رحمهم الله تعالى. وحديث ابن عمر أنّه كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما ويقول كذلك: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل، رواه البزار عن إبراهيم بن سعيد ثنا روح بن عبادة عن ابن أبي ذئب عن نافع عنه وقال: وهذا الحديث لا نعلمه رواه عن نافع إلا ابن أبي ذئب، ولا نعلم رواه/عنه إلا روح بن عبادة، وإنما كان يمسح عليهما؛ لأنه توضأ من غير حدث، وكان يتوضأ لكل صلاة من غير حدث فهذا معناه عندنا، ولما ذكره

_ (1) أي: تاريخ البخاري. (2) قوله: " مردويه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

أبو الحسن بن القطان. انتهى. وفيه نظر؛ لأنّ ابن عمر وإن كان مذهبه الوضوء لكلّ صلاة فليس ذلك من مذهبه عليه الصلاة والسلام. وقد قال كذلك: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل على خفية؛ لأنه حديث منكر الإسناد والخبر جميعه خرّجه البيهقي من حديث داود، ولما ذكره أبو الحسن بن القطان صححه، وحديث ابن عباس وتوضأ وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه ثم قبض قبضة من الماء فرشّ على رجله اليمنى، وفيها النعل ثمّ مسحها بيده يد فوق القدم ويد تحت القدم ثم صنع باليسرى مثل ذلك خرّجه أبو داود من رواية هشام بن سعد، وحديثه في صحيح مسلم وتكلّم فيه بعضهم، وفي لفظ عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ مرة مرة ومسح على نعليه ". ذكره الحربي من حديث عبد الرزاق عن معمر قال: لو شئت حدثتكم أنّ زيد بن أسلم حدثنى عن عطاء عن ابن عباس فذكره ثم قال: الحمد لله الذي لم يقدر على لسان معمر أن يحدث به ابن الجراح عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء عنه، وقال: هكذا رواه داود وهو منفرد عن الثوري مناكير هذا أحدها، والثقات رووه عن الثوري دون هذه اللفظة، وقد روى عن زيد بن الحباب عن سفيان هكذا وليس بمحفوظ، والصحيح رواية الجماعة، ورواه الدراوردي وهشام بن سعد عن زيد فحكا في الحديث ورشّ على الرجل وفيها النعل، قال: وذلك يحتمل أن يكون غسلها في النعل، فقد رواه سليمان بن بلال، وابن عجلان، وورقاء، ومحمد بن جعفر، وابن أبي كثير عن زيد بن أسلم فحكوا في الحديث غسله رجليه والحديث واحد، والعدد الكبير أولى بالحفظ من العدد اليسير مع فضل حفظ من حفظ فيه الغسل بعد الرش على من لم يحفظه./انتهى كلامه. وفيه نظر من وجوه: الأول: ما قاله من حديث زيد بن حباب ليس صحيحا لأمرين: الأول كونه ثقة وما قاله ابن معين من أنّ أحاديثه عن الثوري مقلوبة اعتذر عن ذلك أبو أحمد بن عدي بقوله: زيد من أثبات مشايخ الكوفة ممن لا يشك في صدقه، والذي قاله ابن معين إنما له عن الثوري أحاديث تستغرب بذلك الإسناد يرفع بعضها ولا برفع ذلك غيره، والباقي عن الثوري وغيره مستقيمة

كلّها، ثم ذكر له أحاديث لم يذكر هذا منها فنلخص مما قاله أبو أحمد أنّه ثقة تفرّد به، وتفرّد الثقة مقبول عند الجمهور. الثاني: قوله ليس محفوظ يشعر أنه لم يأت به غيره، وقد سبق مجيئه من حديث رواد المرفق عند ابن معين أنّه لم يأت به غيره وأحمد وغيرهما، ومن مصنف عبد الرزاق بسند كالشمس على شرط الشيخين، وذكره ابن خزيمة في صحيحه من حديث سفيان عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن أسلم وقال بعده: والدليل على أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على النعلين كان في وضوء تطوع لا في وضوء واجب عليه ثم ذكر حديث سفيان عن الثوري عن عبد خير عن علي، وفيه: هكذا وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للطاهر ما لم يحدث، وخرجه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده بزيادة هكذا فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لم يحدث، ولما ذكره أبو داود في كتاب التفرد قال: الذي تفرد هذا الحديث مسح باطن الأذنين مع الوجه وظاهرهما مع الرأس. قال: وحديث عبد خير عن علي ليس بالبين. انتهى. قد أسلفنا ما برفع هذا قبل والله أعلم، وقد أسلفنا بخبر زيد بن حباب شواهد ومتابعات دلّت على أنّ لحديثه أصلا، وأنّ الثقات رووه عن سفيان بهذه اللفظة لا كما زعم. الثالث: قوله فأما المسح على الرجلين فهو محمول على غسلهما؛ لأنّ المسح سنة لمن تغطت رجلاه بالخفين فلا يعد بها موضوعها والأصل وجوب غسل/الرجلين إلا ما خصّته سنة ثابتة أو إجماع لا يختلف فيه، وليس على النعلين ولا على الجوربين واحد منهما. انتهى. وعليه فيه اعتراضات: الأول: مقتضى صناعة الحديث النظر في الإسناد بصحة أو غيره، وأمّا التأويلات وغيرها فمن نظر الفقيه. الثاني: قوله: وليس عليهما سنة ثابتة، وقد أسلفنا أحاديث صحيحة وحسنة في هذا الباب وغيره ولله الحمد والمنة.

58- باب المسح على العمامة

58- باب المسح على العمامة حدثنا هشام بن عمّار ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين والخمار ". هذا حديث خرجه مسلم- رحمه الله تعالى- في صحيحه، وقال ابن حزم: لا مطعن فيه، وفيما قاله نظر؛ لما ذكره الحافظ أبو الفضل الهروي في كتاب العلل زادوا على مسلم (1) إخراجه من حديث سليمان وهو حديث قد اختلف فيه على الأعمش، فرواه أبو معاوية، وعيسى بن فضيل، وعلي بن مسهر وجماعة هكذا، ورواه زائدة بن قدامة، وعمار بن رزيق عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء عن بلال وزائدة مثبت متين، ورواه الثوري عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن عن بلال لم يذكر بينهما لا كعبا ولا البراء، وروايته أثبت الروايات، وقد رواه عن الحكم غير الأعمش شعبة ومنصور بن المعتمر وأبان بن ثعلب، وزيد بن أبيِ أنيسة، وجماعة عن الحكم عن عبد الرحمن عن بلال كما رواه الثوري عن الأعمش. وحديث الثوري عندنا أصح من حديث غيره وابن أبي ليلى لم يلق بلالا، وإلى هذا نجا الإمام أحمد وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: أي شيء أثبت فيه؟ قال: فيه أحاديث فبدأ بحديث بلال. قلت: حديث كعب بن عجرة عن بلال. قال: رواه شعبة/وزيد بن أبي أنيسة وغير واحد ليس فيه كعب، والأعمش يختلف عنه زائدة بقوله عن البراء عن بلال وغيره يقول: كعب بن عجرة عن بلال، وفي سؤالات مهنأ قال أبو عبد الله: أظنّ الأعمش غلط فيه إّنما قال الناس: عن ابن أبي ليلى عن بلالا، وزاد الأعمش كعبا، ولفظ أحمد في مسنده: مسح على خفيه وعلى خمار العمامة، وفي رواية فيمسح على العمامة وعلى الخفين، وفي رواية أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/82- 83) والنسائي (1/82) وابن أبي شيبة (14/162) والمجمع (1/256- 257) من حديث بلال، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه غسان بن عوف، قال الأزدي: ضعيف.

" امسحوا على الخفين والخمار " (1) ، وفي رواية: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الموقين والخمار " (2) ، ورواه ابن عيينة عن ابن أبي ليلى وأبان بن ثعلب عن الحكم فيما رواه الكجي في سننه عن الزيادي كرواية الثوري، وقال أبو على الجياني: هو حديث مختلف فيه من رواية الأعمش عن الحكم، ويقال: إن ابن أبي ليلى لم يسمع من بلالا فهو مرسل، والله أعلم. قال الحربي: وأجمع شعبة ومنصور وحجاج وأبان بن ثعلب وابن أبي ليلى أنه عن ابن أبي ليلى عن بلال، واختلف أصحاب الأعمش فقائل عن ابن أبي ليلى عن كعب عن بلال، ومنهم قائل عن البراء عن بلال، وقال سفيان: عن ابن أبي ليلى عن بلال كما قاله شعبة وأصحابه، وهذا عندي- والله أعلم- هو القول لعلم شعبة بحديث الحكم وكره مجالسة أبيه وثبت منصور وعلة الاختلاف عنه ولكثرة من وافقهما؛ ولأنه لم يوافق الأعمش من ينتفع به ثم اختلف أصحابه فكان ما روى سفْيان أحب إلي وليس من قال كعب بن عجرة بأثبت ممن قال البزار من سفيان حين لم يذكر كعبا ولا البزار. وأما رواية ليث عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب عن بلال فأحسبه سمعه من الأعمش موافقا لرواية عيسى ابن فضيل، وقال غيره: أبي المحياة وهو معتمر عن ليث عن الحكم عن حبيب عن شريح عن بلال، فلو اتفق أصحاب ليث لجاز أن يكون هذا حديث آخر، لكن شيبان رواه عن الحكم عن شريح عن بلال، وزاد: وما أقف على رأيه/وأرسله عن ابن عينية فلا حجة عليه ولا له. ورواه عن بلال جماعة منهم علي بن أبي طالب، ورواه الطبراني في الكبير من حديث ليث بن أبي سليم عن الحكم عن شريح بن هانئ عنه قال: زعم بلال أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح على الموقين والخمار، وأبو سعيد الخدري بلفظ: " إن النبي- عليه الصلاة والسلام- لم ناداه امسح على الخفين والحمار ". رواه أبو القاسم في الأوسط (3) وقال لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد، ونعيم بن حماد من

_ (1) ضعيف الجوامع: (4452) . (2) ضعيف مرسل. الجوامع (4453) والطبراني (1/346) وابن عساكر في " التاريخ " (3/ 462) بلفظ: " امسحوا على الموق والخمار ". (3) تقدّم من أحاديث الباب انظر هامش رقم (1) السابق.

حديث محمد بن راشد عن مكحول عنه عن بلال أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " امسحوا على الخفين والخمار ". وشريح بن هانئ من حديث ابن أبي سليم عن الحكم عن حبيب بن أبي ثابت عنه عن بلال، وقال في الأوسط: لم يروه عن حبيب بن أبي ثابت إلا ابن أبي سليم. تفرد به معتمر بن سليمان وعبد الرحمن بن عوف من حديث أبي عبد الله مولى بنى تميم عنه بلفظ: " الخمار والموقين " قال أبو داود: هو أبو عبد الله مولى بنى تميم بن مرّة، وزعم الحافظ أبو القاسم بن عساكر أن أبا داود تفرد به، وكذلك الحافظ المنذري تبعه والشيخ جمال الدين المزي وليس كما زعموا لثبوته في كتاب السنن لأبي عبد الرحمن النسائي رواه أبي الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا ثنا عمرو بن علي ثنا محمد ثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي عبد الله، فذكرها قال ابن عساكر: ورواه أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن أبي بكر بن حفص عن أبي عبد الرحمن عن أبي عبد الله فعليه، وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستغناء: هذا إسناد مضطرب مقلوب مرة يقولون عن أبي عبد الله عن أبى عبد الرحمن، ومرة عن أبي عبد الرحمن عن أبي عبد الله، وكلاهما مجهول لا يعرف والعجب أنّه من حديث شعبة وهو إمام عن أبي بكر بن حفص وهو ثقة. انتهى كلامه، وهو مردود بما ذكره أبو عبد الله في مستدركه، وخرجّه من حديث شعبة عن أبي بكر سمع أبا عبد الله يُحدِّث عن أبي عبد الرحمن / وقال: هذا حديث صحيح، فإن أبا عبد الله مولى اليمنى معروف بالصحة والقبول، وهو موافق لما ذكره أبو داود، والله أعلم. ويؤيده ما ذكره الدارقطني في كتاب العلل، ورواه عبد الملك بن أبحر عن أبي بكر بن حفص عن أبي عبد الرحمن مسلم بن يسار، ويذكره قيل له: أبو عبد الرحمن عن أبي عبد الله من هما فقال: ما سماهما أحمد إلا ابن أبحر، وليس عندي كما قال: انتهى. فيشبه أن يكون الحاكم اعتمد هذه التسمية، ولهذا نبه على أبي عبد الله واعترض على أبي عبد الرحمن لجلالته وثقته، وفي كتاب الكنى للنسائي عن أبيِ جرير بن سهيل والجرير بن معاوية قالا: مر بنا بلال فعلما بأنا عبد الرحمن فقال: كيف سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في نزع الخفين ... الحديث، وحكيم بن حزام عنه أنه: " توضأ ومسح على خمار

وقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ هكذا "، وذكره النيسابوري في كتاب الأبواب ثنا يزيد بن سنان ثنا أبو عاصم عن ابن جريج أخبرني أبو بكر بن عبد الله عن عبد الملك بن سعيد عنه، والحكم بن منبه قال: " رأيت بلال يتوضأ ومسح على الخفين والخمار ". رواه أيضا عن علي بن حرب ثنا زيد بن حباب حدثنى الضحاك بن عثمان عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن شبيب بن الحكم عن أبيه به وأبو جندل بن سهيل بن عمرو من حديث يحيى بن حمزة عن العلاء بن الحرث عن مكحول عن الحرث بن معاوية عنه والحرث بن معاوية من حديث مكحول عنه، وأبو إدريس الخولاني من حديث أبي قلابة عنه، وقيل: عن أبي قلابة عن بلال بإسقاط عبد الله، وزعم البخاري أن حماد بن سلمة أخطأ فيه؛ لأن أصحاب أبي قلابة رووه عن بلال لم يذكروا فيه عن أبي إدريس وأبي ذلك أبو محمد الفارسي فصحح حديث أبي إدريس، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه زهير عن حميد الطويل عن أبي رجاء عن عمه عن أبي إدريس عن بلال في المسح،/فقال أبي: هذا خطأ إنما هو حميد عن أبي رجاء مولى لأبي قلابة عن أبي قلابة عن أبي إدريس قلت: الخطأ ممن هو؟ قال: لا ندري، قال: ورواه الخزاعي عن أبي قلابة عن أبي إدريس، ولا أعلم أحدا تابع مخلدا، ويروونه عن أبي قلابة عن بلال وأبو الأشعث الصاغاني من حديث الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن مطر عن أبي قلابة عنه، وفي كتاب أبي الحسن البغدادي: ورواه عنه أيضا سويد بن غفلة والحسن وابن سيرين ومكحول مرسلا وأسامة بن زيد، ولفظ سعيد بن منصور في سننه قال عليه السلام: " امسحوا على الخفِّ والخمار " (1) . وفي المصنف لابن أبي شيبة: ثنا يحيى بن يعلى عن ليث عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن كعب عن بلال: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر كانوا يمسحون على الخفين والخمار ". وقد وقع لنا في الباب أحاديث منها حديث ثوبان قال: " بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية، فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساحي ". خرجه الحاكم (2) من

_ (1) مرسل الجوامع: (4455) . (2) صحيح. رواه الحاكم (1/169) وأبو داود (146) وأحمد (5/277) والبيهقي=

حديث ثور عن راشد بن سعد عنه وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ، إنّما اتفقا على المسح على العمامة بغير هذا اللفظ وله شاهد فاسد. انتهى كلامه. وليس بوارد علّة قول الإمام أحمد فيما رواه عنه المروزي، وخرجه في تاريخ بلده من حديث خارجة عن يزيد عن راشد عنه، ولفظه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث بعثا فقدموا عليه فشكوا إليه ما أصابهم من شدّة البرد، فقال لهم: إذا أصابكم البرد فامسحوا. الحديث لا ينبغي أن يسمع من ثوبان؛ لأنه مات قديما، وبنحوه قاله عند ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل، وقال الحربي في كتاب العلل: راشد لم يسمع من ثوبان؛ لأنّ ثوبان توفي سنة أربع وخمسين وراشد توفي سنة ثلاثة عشرة ومائة وبن موتهما تسع وخمسون سنة، ويجيب عنه بأمرين: الأول: تصريح الجعفي لسماع راشد منه وهو مثبت مقدّم على الباقي./الثاني: إذا نظرنا في مولده ووفاة ثوبان وجدنا الأمر ما قاله البخاري لا ما قاله أحمد، وذلك أنّه ممن شهد صفين وبها ذهب عيينة فيما ذكره غير واحد من الأئمة وثوبان توفي سنة خمس وأربعين، وقيل: أربع وخمسين بسماعه على هذا متن لا شك فيه لا سيمّا، وقد جمعهما بلد واحد، وأمّا قول أبي إسحاق؛ فقد كفانا مئونة الردّ عليه بردّه هو على نفسه، ورواه أبو القاسم في كتابه الكبير عن بكر بن سهل عن عبد الله بن صالح عن معاوية بن صالح عن عتبة بن أبي أمية الدمشقي عن أبي سلام الأسود عنه وهو في المسند للبغوي الكبير من حديث الليث يعني: ابن سعد- عن معاوية، ولفظ أبي بكر بن زياد، وخرجه من حديث معاوية بن أبي أمية الدمشقي عن أبي سلام وأبيه قال عليه الصلاة والسلام: " يتوضأ ويمسح على الخفين والخمار "، يعني: العمامة. وحديث سليمان المذكور قبل من صحيح ابن حبان، وحديث عمرو بن أمية الضمري قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين والعمامة ". رواه البخاري (1) في صحيحه من حديث الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه، وقد سبق ذكره في كتاب العلل للخلال قال محمد بن عوف الحمصي: وكان أبو المغيرة نبأ

_ - (1/62) وشرح السنة (1/452) . (1) تقدم من أحاديث الباب.

به عن يحيى بن أبي قلابة عن جعفر عن عمر فردّه أحمد بن حنبل، ورواه محمد بن كثير المصيصي عن الأوزاعي فأسقط جعفرا فيما ذكره ابن أبي حاتم قال ابن بطال: لم يسمع أبو سلمة من عمرو، وذكر ابن أبي خيثمة عن ابن معين أنّ حديث عمرو بن أمية مرسل وأبي ذلك الحافظ أبو محمد الفارسي بقوله: هذا قول للخذلان أبا سلمة سمعه من عمرو سماعا، وسمع أيضا من جعفر عنه، وقال الأصيلي: ذكر العمامة في هذا الحديث من خطأ الأوزاعي؛ لأنّ شيبان رواه عن يحيى فلم يذكر العمامة، وتابعه حرب بن شدّاد وأبان العطار فهؤلاء ثلاثة خالفوه فوجب/تغليب الجماعة على الواحد، وأما متابعة معمر له فمرسل وليس فيها ذكر العمامة، ورواه عبد الرزاق مسح على خفيه ولم يذكر العمامة، وحديث أنس بن مالك قال: " إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح على الموقين والخمار " (1) . ذكره أبو بكر الحافظ في سننه بإسناد صحيح من حديثه عن علي بن عبد العزيز- رحمه الله- ثنا الحسن بن الربيع عن ابن شهاب الحناط عن عاصم الأحول عنه. ورواه أبو القاسم في الأوسط عن أحمد بن يحيى الحلواني ثنا الفضل ثنا عيسى بن ميمون عن حميد عنه بلفظ: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الموقين ". وقد تقدم ذكره من عنده أيضا في باب المسح أنّ ذلك قبل موته عليه السلام بشهر، وحديث عبد الصمد بن عبد الوارث عن الهيثم بن قيس عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه عن جدّه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنه رخص للمسافر في المسح على الخفين والعمامة للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام " (2) . ذكر أنّ ابن أبي حاتم أنّه سأل أباه عنه فقال: هذا حديث منكر. ثنا به قرة، ولم يذكر فيه العمامة وليس ليسار صحبة، وحديث المغيرة بن شعبة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين ومقدم رأسه وعلى عمامته " (3) . وفي رواية: " ومسح بناصيته وعلى العمامة " رواه مسلم (4) في صحيحه وقد تقدم طرف منه، وفي كتاب الطوسي: " أنه صبّ على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد قضى الحاجة وغسل يديه قال: وأحسبه بالتراب فتوضأ

_ (1- 3) تقدمت من أحاديث الباب. (4) صحيح. رواه مسلم في: 2- كتاب الطهارة، 23- باب السح على الناصية والعمامة، (ح/83) .

ومسح على ناصيته والعمامة ومسح على الخفين ". ثم قال: يقال حديث المغيرة حسن صحيح. وحديث أبي أمامة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يمسح المسافر على الخفين والخمار ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة ". رواه (1) أحمد فيما ذكره حرب بن إسماعيل عن محمد بن أبي بكر ثنا عبد الصمد ثنا مروان أبو سلمة ثنا مسهر عنه، وقال مهنأ: سألت/أحمد عن حديث يحيى بن أبي سمينة ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا مروان أبو سلمة عن شهر بن حوشب عنه، فقال: ليس بصحيح. وحديث أبي ذر قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الموقين والخمار ". ذكره ابن حزم مصححا له من طريق مخلد بن الحسن عن هشام بن حسان عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عنه. وحديث أبي هريرة (2) : " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين والخمار- يعني: العمامة- ". ذكره أبو القاسم في الأوسط (3) من حديث عبد الحميد بن جعفر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه وقال: لم يروه عن عبد الحميد إلا يعلى بن عبد الرحمن الواسطي، وحديث أبي طلحة: "أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين والخمار " (4) . أنبأ به الشيخ الإمام شمس الدين أبو البركات محمد الشرابيني- رحمه الله- أنبأ الإمامان أبو محمد السكرى وعبد العزيز الحراني قالا: أنبأتنا أم هانئ الفارقانية أبنا فاطمة الجوزدانية أبنا أبو بكر محمد ابن عبد الله أبنا الإمام أبو القاسم اللخمي قال: أبنا علي بن عبد العزيز أبنا عمر بن شيبة النميري أنبأ جرمي بن عمارة عن شعبة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن عبد الرحمن بن عبد الباري عنه، ولم يروه عن شعبة إلا جرمي تفرد به عمر بن شيبة، وحديث كعب بن عجرة ذكره أبو محمد الأموي مصححا له وقال: وهو قول جمهور الصحابة والتابعين وسواء في ذلك الرجل أو المرأة لعلّة أو لغير علّة، وسواء أكان على خمار أو قلنسوة أو بيضة أو مغفرا وغير ذلك؛ فإنّه يجزئ، وقال ابن المنذر: " وثبت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على العمامة "، وفيه يقول: واختلفوا في

_ (1) تقدم. ورواه أحمد في " المسند " (5/213) وحنف (1/281) وعبد الرزاق في " المصنف " (798) وحنيفة (32) وأصفهان (1/124) والطبراني (8/69) والبيهقي (1/278) . (2- 4) تقدمت من أحاديث الباب

المسح عليها فممن مسح: أبو بكر وعمر وأنس/وأبو أمامة، وروى ذلك عن سعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز ومكحول والحسن وقتادة، وفيه قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: وممن كان لا يرى المسح عليها: على بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وابن عمر، وفيه قال عروة والنخعي والشعبي والقاسم ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، واختلفوا في مسح المرأة على خمارها: فمِفن قال تمسح على رأسها ولا تمسح على خمارها: نافع والنخعي وعطاء وابن أبي ليلى، وبه قال أحمد وابن أبي سليمان ومالك والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز والشافعي، وقد روينا عن أم سلمة أنها كانت تمسح على الخمار، وروى ذلك عن الحسن وهو قول أبي ثور وروينا عن أنس: " أنه مسح على قلنسوته "، ولا يعلم أحدا قال به، وكان الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز ومالك والشافعي والنعمان وإسحاق لا يرون ذلك، وإن مسح على عمامته ثم نزعها ففي قول الأوزاعي يمسح على رأسه، وقال أحمد: يعيد الوضوء وقاس قول من يقول إذا خلع خفيه إنه على طهارته أن يكون كذلك من نزع عمامته، وقال مكحول: المسح على الخفين والعمامة سواء إذا مسح عليهما ثم نزعهما فعليه إعادة الوضوء. انتهى. وفي قوله عن أنس، ولا نعلم أحدا قال: فيه نظر إن أراد متابعته؛ لما ذكره أبو بكر في مصنفه عن يحيى بن سعيد القطان عن ابن أبي عروبة عن أشعث عن أبيه أنّ أبا موسى خرج من الخلاء فمسح على قلنسوته، وإن أراد الفقهاء فيرد عليه ما أسلفناه عن ابن حزم قال وهو قول الثوري، وأمّا ما حكاه عن على مردّه معا حكاه أبو محمد مستدلا به إنّ عليا سئل عن المسح على الخفين. فقال: نعم وعلى النعلين والخمار. وروى ابن زياد عن ابن أسكب ثنا محمد بن ربيعة ثنا ابن جريج عن عطاء: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فمسح العمامة ومسح مقدّم رأسه " (1) ./ثنا أبو الأزهر ثنا روح ثنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: هل بلغك

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 89- باب ما جاء في المسح على العمامة، (ح/ 564) . بلفظ: " توضأ وعليه عمامة قطرية. فأدخل يده من تحت العمامة، فمسح مقدْم رأسه، ولم ينقض العمامة ". وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/ 124) ، وضعيف أبي داود (ح/ 18) .

من رخصة في المسح على العمامة؟ قال: لم أسمعه من أحد إلا من أبي سعد الأعمى قال ابن جريج: وأنا أيضا قد سمعته من أبي سعد، قال أبو سليمان: شرط من جوّز المسح على العمامة أن يتيمم أي: يمسح عليها بعد كمال الطهارة كما يفعله من يريد المسح على الخفين، ومن أتى من المسح ورأى أنه كان يقتصر على مسح بعض الرأس فلا يمسحه كلّه مقدّمه ومؤخّره، ولا ينزع عمامته عن رأسه ولا ينقضها، وجعلوا خبر المغيرة كالمفسر حيث قال: مسح ناصيته وعلى عمامته فوصل مسح الناصية بالعمامة، وإنّما وقع إذا الواجب من مسح الرأس بمسح الناصية إذ هي جزء من الرأس وصارت العمامة تبعا له كما روى له مسح أسفل الخف وأعلاه، ثم كان الواجب في ذلك مسح أعلاه وصار مسح أسفله كالتبع له والأصل المتيقّن وجوبه بالحديث المحتمل، وبنحوه قاله الثقفي في نصرة الصحاح إلا أنه قال: خبر علي تركه المغيرة، وقال: وفي السنن والإجماع ثبت عندنا أكثر من ثبوته بالرواية؛ إمّا لأنه فعل في حال ضرورة أو من طريق النسخ، وقد أجمع الفقهاء على تركه ولم يختلفوا في المسح على الخفين. انتهى كلامه، وفيه نظر، لما أسلفناه قول من قال فيه من الفقهاء، قال أبو سليمان: ومن قاسه على مسح الخفين فقد أبعد؛ لأنّ الخفّ يشق نزعه ونزع العمامة لا يشق ويشهد لنا، ولهم في حديث ثوبان حديث أنس: " فأدخل يده من تحت العمامة ". انتهى. وفي قوله وشرط من جوز المسح الطهارة يردُّه قول أبي محمد، وسواء لبسها على طهارة أو غير طهارة وبه قال أصحابنا، قال: ولها توفيت في المسح عليها، وقد جاء التوقيت في ذلك ثابتا عن عمر ولا حجة في قول أحد دون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى كلامه، وليس بوارد عليه ما تقدّم من الحديثين اللذين فيهما التوقيت للطعن في سندها، والله أعلم./قال: فلو كان تحت ما لبس على الرأس خضاب أو رداء جاز المسح عليهما متعمدا كان أو غير متعمد، وقولنا: بالمسح في الوضوء خاصة، وأما في كل غسل واجب فلا ولا بُدّ من غسل الرأس، والله تعالى أعلم.

59- باب التيمم

59- باب التيمّم حدثنا محمد بن رمح ثنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن عمار بن ياسر أنه قال: " سقط عقد لعائشة، فتخلّفت لالتماسه، فانطلق أبو بكر إلى عائشة فيغبط عليها في حبسها الناس، فأنزل الله تعالى الرخصة في التيمم، قال: فمسحنا يومئذ إلى المناكب، قال: فانطلق أبو بكر إلى عائشة فقال: ما علمت أنك لمباركة " (1) . هذا حديث إسناده منقطع؛ لأن عبيد الله بن عبد الله لا يدرك عمارا يدل عليه ما رواه ابن ماجة بعد هذا. أنبأ محمد بن أبي عمر العدني ثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن عبيد الله عن أبيه عن عمار قال: " تيممنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المناكب " (2) - وفي كتاب المعرفة لأبي بكر رواه ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن الزهري ثم سمعه من الزهري فرواه عنه فكان يقول أحيانا: عن أبيه عن عمار، وأحيانا لا يقول عن أبيه قال على بن المديني: قلت لسفيان: عن أبيه عن عمار قال: أشكّ في أبيه؟ قال علي: كان إذا أنبأ لم يجعل عن أبيه. ورواه الشافعي عن الثقة عن معمر عن الزهري، فذكر أباه، ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر فلم يذكره، واختلف فيه على الزهري فقيل: عنه عن أبيه، وقيل: عنه دون ذكر أبيه ورواه صالح بن كيسان عند أبي (3) داود عن الزهري حدثني عبيد الله عن ابن عباس عن عمار: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عرس بأولات الجيش ومعه عائشة، فانقطع عقد لها من جزع ظفار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى/أمّنا الفجر، وليس مع الناس ماء فيغيط عليها أبو بكر وقد حبست الناس، وليس

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجه في: 90- باب ما جاء في السبب " أبواب التيمم " من " كتاب الطهارة "، (ح/565) . وصححه الشيخ الألباني. (2) المصدر السابق، (ح/566) . (3) حسن. رواه أبو داود (320) والنسائي (الطهارة، باب " 196 ") وأحمد (4/264) . قوله: " عرس " نزل ليلا ليستريح، و" الجزع " - بفتح الجيم وسكون الزاي- خرز يمني، و" ظفار " - بكسر الظل أو فتحها- مدينة بسواحل اليمن.

معهم ماء؛ فأنزل الله تعالى رخصة التطهير بالصعيد الطيّب، فقام المسلمون مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فضربوا بأيديهم الأرض ثم رفعوا أيديهم ولم ينفضوا من التراب شيئا فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الأباط ". قال أبو داود: زاد ابن يحيى في حديثه عن ابن شهاب ولا يعتبر الناس هذا، قال أبو داود: وكذلك رواه ابن إسحاق- يعني: عن الزهري- قال فيه: عن ابن عباس، وذكر ضربتين كما ذكره يونس ورواه معمر ضربتين، وقال مالك: عن الزهري عن عبيد الله عن أبيه عن عمار، وكذلك قال أبو أوس وشك فيه ابن عيينة قال مرة: عن عبيد الله عن أبيه أو عن عبد الله بن عباس: اضطرب فيه. ومرة قال: عن أبيه. ومرة قال: عن ابن عباس اضطرب فيه وفي سماعه من الزهري شك، ولم يذكر أحد منهم الضربتين من جهة يونس عن ابن شهاب عن عبد الله عن عمار بلفظ: " فأمر المسلمين فضربوا بأكفهم التراب ولم ينقضوا من التراب شيئا فمسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا أيدهم ". وفي قول أبي داود: ولم يذكر أحد منهم- يعني: من الرواة عن الزهري- إلا من سمت نظر؛ لأن ابن أبي ذئب رواه عنه، كذلك أنبأ بحديثه أبو العباس أحمد بن وهب الشافعي أنبأ أبو الحسن بن سلامة أنبأ أحمد بن محمد البصري أنبأ القاسم بن أحمد الأصبهاني أنبأ الحافظ أبو بكر بن مردويه ثنا عبد الله بن إسحاق البغوي ثنا أحمد بن ملاعب ثنا عبد الصمد بن النعمان ثنا ابن أبي ذئب به، وفي كتاب اللخمي قال سفيان: فرأيت إسماعيل بن أمية جاء إلى الزهري فسأله عن هذا الحديث فأبا أن يحدثه، وقال: لم أسمعه إلا من عبيد الله بن عبد الله فانظروا هل تجدونه من جانب آخر، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه وأبا زرعة عن حديث صالح بن كيسان وعبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عبد الله عن ابن عباس عن عمار/في التيمم فقالا: هذا خطأ رواه مالك وابن عيينة عن الزهري عن عبد الله عن أبيه عن عمار وهو الصحيح، وهما أحفظ، قلت: قد رواه يونس وعقيل وابن أبي ذئب عن الزهري عن عبيد الله عن عمار وهم أصحاب الكتب فقال مالك: صاحب كتاب وصاحب حفظ، وأما ما زعمه ابن عساكر والمزي من أن ابن ماجة

خرج في سننه عن محمد بن أبي عمر عن سفيان عن عمرو عن الزهري عن عبيد الله عن أنس عن عمّار به فغير صحيح؛ لأني لم أجده في كتابه، وفي التمهيد كل ما يروى عن عمّار في هذا مضطرب مختلف فيه وأكثر الآثار المرفوعة عنه ضربه واحدة للوجه واليدين، وفي سؤالات أحمد بن أبي عبدة قال أحمد في حديث عمّار: هذا أثبت عندي، وقال عبد الحق: الصحيح المشهور في صفة التيمم من تعليم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنّما هو للوجه والكفين. وأقرّه على ذلك أبو الحسن؛ بل نظرته، وكذا قاله ابن الجهار في المدارك، وقال إسحاق فيما ذكره أبو عيسى (1) : حديث عمار الوجه والكفين حديث صحيح وحديثه: " تيممنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المناكب والآباط " (2) ليس هو بمخالف لحديث الوجه والكفين؛ لأنّ عمارا لم يذكر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم بذلك، وإّنما قال: فعلنا كذا وكذا فلما سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بالوجه والكفين، ففي هذا دلالة أنه انتهى إلى ما علمه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال الإمام الشّافعي: ولا يجوز على عمار إذ ذكر تيممهم مع (3) النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند نزول الآية إلى المناكب إن كان عن أمره عليه السلام إلا أنه منسوخ عنده إذ روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنه أمر

_ (1) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 110- باب ما جاء في التيمم، (ح/ 144) وقال: " حديث عمار حديث حسن صحيح ". ورواه للدارمي (1/190) وأحمد في المسند (4/263) وأبو داود (1/128) وابن الجارود ) ص 67) والبيهقي (1/210) كلهم من طريق قتادة. قال الدارمي بعد روايته: " صح إسناده ". وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عبد الرحمن بن أبزي قال: " جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر ألا كنا في سفر أنا وأنت، فأما أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنما كان يكفيك هكذا، وضرب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه ". اللفظ للبخاري، وانظر فتح الباري (1/375- 377) . (2) انظر: سن الترمذي) ص 270 ج 1 بعد الحديث السابق. ورواية التيمم إلى المناكب والآباط عند أبي داود والنسائي وابن ماجة. وانظر نصب الراية (1/81) . (3) قوله: " مع " وردت " بالأصل " " وسعى " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من " الثانية ".

بالتيمم على الوجه والكفين " أو يكون لم يرو عنه إلا تيمما واحدا فاختلف رواية عنه فيكون رواية ابن الصمة التي لم يختلف أثبت، وإذا لم يختلف فأولى أن يؤخذ بها؛ لأنها أوفق لكتاب الله تعالى من الروايتين اللتين رويتا مختلفتين أو يكون إنما سمعوا آية التيمّم عند حضور صلاة فتيمموا فاحتاطوا على غاية ما يقع عليه اسم اليد؛ لأنّ ذلك لا يضرهم كما لا يضرهم لو/ فعلوه في الوضوء فلما صاروا إلى سؤاله عليه السلام أخبرهم أنّهم يجزيهم من التيمم أقلّ ما فعلوه وهذا أولى المعاني عندي برواية ابن شهاب من حديث عمار ما وصفت من الدلائل، والله تعالى أعلم. وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عن اختلاف حديث عمار في التيمم وما الصحيح منها فقال: رواه الثوري عن سلمة عن أبي مالك الغفاري عن عبد الرحمن بن أبزى عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورواه مسعد عن الحكم عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن عمار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورواه شعبة عن سلمة عن ذر عن عبد الرحمن عن أبيه عن عمار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورواه حصين عن أبي مالك سمعت عمارا يذكر التيمم موقوفا قال: أتى الثوري أحفظ بن شعبة قلت لأبي: فحديث حصين عن أبي مالك قال الثوري: أحفظ، ويحتمل أن يكون سمع أبو مالك من عمّار كلاما غير مرفوع، وسمع مرفوعا من عبد الرحمن بن أبزى عن عمار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القصة، وفي كتاب ابن أبي حازم حديث عمار لا يخلوا إمّا أن يكون عن أمره عليه السلام أو لا، فإن لم يكن عن أمره فقد صحّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خلافه، ولا حجة لأحد مع كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والحق أحق أن يتبع فإن كان عن أمره فهو منسوخ وناسخه أيضا حديث عمار- يعني: المذكور في الصحيح، مرفوعا: " إنما كان يجزيك.. وضرب عليه الصلاة والسلام بيده الأرض إلى التراب، ثم قال: هكذا يتضح منها فمسح وجهه ويديه إلى المفصل " (1) ، وليس فيه الذراعان، وهذا الحديث ظاهر الدلالة في النسخ لتأخّره عن الحديث الأوّل، فإن قيل: فلو كان عمار حفظ التيمم في أوّل الأمر، وكان الثّاني بعد الأوّل

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/112) وأبو داود (326) وابن خزيمة (269، 270) والفتح (1/444) والدارقطني (1/180) وأبو عوانة (1/305) والنسائي (1/ 170) وأحمد (4/264، 265، 396) ومعاني (1/112) .

كما زعمتم لما اضطر عمار إلى التمرغ في التراب، قلت: إنّما أشكل الأمر على عمر وعمار لحصول الجنابة فاعتزل عمر وتمعك عمار ظنّا منه أنّ حالة الجناية يخالف حالة الحدث الأصغر، إذ ليس في الحديث الأوّل ما يدلّ على أنّ القوم كانوا قد أصابتهم جنابة وهم على غير ماء فاحتاجوا إلى الوضوء فأمروا بالوضوء،/ولفظ الدارقطني (1) في حديثه، إذ سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما تمرغ في الصعيد كالدابة وضرب بكفه ضربة إلى الأرض ثم نفضها وقال: " تمسح بها وجهك وكفيك إلى الرسغين "، وقال: لم يروي عن حصين مرفوعا غير إبراهيم ابن طهمان وأوقفه شعبة وزائدة وغيرهما، ورواه أبو بكر الأثرم ثم يمسح بوجهك وكفيك إلى الرسغين من رواية إبراهيم عن حصين، وفي لفظ لمسلم (2) : " ثم تمسح بهما وجهك وكفيك". وفي لفظ لابن ماجة (3) : " فضربوا بأكفهم التراب ولم يقبضوا من التراب شيئا فمسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصّعيد مرة أخرى، فمسحوا بأيديهم ". وفي لفظ لأبي (4) داود: " ثم مسح وجهه والذراعين لما نصف الساعد ولم يبلغ المرفقين ضربة واحدة ". وفي رواية شكّ سلمة بن كهيل فقال: لا أدرى فيه إلى المرفقين يعني: أو إلى الكعبين. وقال شعبة: كان سلمة يقول: الكفين والوجه والذراعين، فقال لهما منصور ذات يوم: انظر ما يقول؛ فإنّه لا يذكر الذراعين غيرك. وقال الطبراني في الأوسط (5) : لم يروه عن الحكم ابن علية إلا سليمان ابن أبي داود. تفرد به محمد بن سليمان فرجع إلى أبي داود، وفي رواية؛ لأنه لم ينفع وفي رواية: " سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن التيمم فأمرني به واحدة للوجه والكفين ". وفي كتاب الدارقطني إلى المرفقين قال الحربي: فذكرته لأحمد بن

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني: (1/180) . (2) صحيح. رواه مسلم في: 3- كتاب الحيض، 28- باب التيمم، (ح/112) . (3) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 92- باب في التيمم ضربتين، (ح/ 571) . وصححه الشيخ الألباني. (4) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 121- باب التيمم، (ح/ 322) . (5) قوله: في " الأوسط" غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

حنبل فعجب منه وقال: ما أحسنه. وفي رواية لأبي داود قال: المرفقين، وفي إسناد هذه الرواية رجل مجهول، قال أبو القاسم في الأوسط: لم يرو هذا الحديث عن أبان بن يزيد العطار إلا عفّان، وقال أبو محمد بن حزم: والأخبار الثابتة كلها عن عمار خلاف هذا فسقط هذا الجزء. وفي لفظ النسائي: " ثم ضرب بيده على الأرض ضربة واحدة فمسح كفيه ثم نفضهما.، ثم ضرب بشماله على يمينه، وبيمينه على شماله، وعلى وجهه وكفيه " (1) . وفي المعرفة قال الشافعي: ولو أعلمه رأينا- يعني: الوجه والكفين- لم أعده ولم أشك فيه، وفي الأوسط لابن مطير: ثنا محمد بن نوح بن حرب ثنا يحيي بن غيلان ثنا إبراهيم بن محمد الأسلمي عن عتبة/بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أمه عن عمار أنه أصابته جنابة وليس معه ماء، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما يكفيك أن تمسح وجهك وكفيك بالتراب ضربة للوجه وضربة للكفين ". وقال: لم يروه عن ابن عميس عتبة بن عبد الله إلا إبراهيم بن محمد: وفي المعجم الكبير له: وضربة لليدين إلى المنكبين ظهرا وبطنا، وفي لفظ: " ومن بطون أيديهم إلى الآباط "، وفي لفظ: " إلى المناكب والآباط "، وفي لفظ: " إنما كان يكفيك من ذلك التيمم " فإذا قدرت على الماء اغتسلت (2) .. وفي لفظ غريب في الإبل: " فأجنبت فأمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أتيمّم، وكنت تمعكت في التراب حتى أجنبت ". رواه عن أحمد بن الخضر المروزي ثنا محمد بن منده المروزي ثنا أبو معاذ النحوي الفضل بن خالد ثنا أبو حمزة السكرى عن رقبة عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عنه وهو غير حديثه الذي في الصحيح؛ لأنّ ذاك وهو في غزاة والله أعلم. وفي كتاب الكنى للنسائي أنه قال لعمر: " أما تذكر أنا كنّا نتناوب رعية الإبل فأجنبت. " (3) الحديث. وفي كتاب البيهقي: " أجنبت في الرمل فتمعكت ... " (4) الحديث. وفي حديث عبد الله بن عمر: " سلّم رجل

_ (1) راجع الحديث الأول من هذا الباب ص 681. (2) رواه البيهقي في " الكبرى ": (1/220) . (3) رواه أبو داود: (ح/322) . (4) رواه البيهقي في " الكبرى ": (1/216) .

على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سكة من السكك وقد خرج من غائط أو بول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى إذا كاد أن يتوارى ضرب بيديه على الحائط ومسح بهما وجهه ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه ثم رد على الرجل السلام ". رواه أبو داود (1) من حديث محمد بن ثابت العبدي عن نافع عنه، وقال في كتاب التفرّد: لم يتابع أحد محمد ابن ثابت في هذه القصة على ضربتين عن النبي- عليه السلام- ورووه عن ابن عمر، ورواية أبي الجهم نحو حديث ابن الهادي عن نافع عن ابن عمر ورواه أيوب بن مالك، وعبيد الله، وقيس بن سعد، ويونس، وابن أبي داود عن نافع عن ابن عمر: " أنه يتيمم ضربتين للوجه "، قال أبو داود:/جعلوه يقل ابن عمر، وسمعت أحمد يقول: روى محمد بن ثابت حديثا منكرا في التيمم أثر كلامه وفيه نظر؛ من حيث أنّ حديث ابن أبي داود مرفوع لا موقوف ذكره الشيرازي في الألباب فقال: ثنا أبو عمرو ثنا محمد بن إبراهيم ثنا موسى بن سعيد بن النعمان بن حسان الدرداني ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ثنا ابن أبي رواد به بلفظ: " التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ". وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه بهذا التمام عن نافع إلا العبدي. وقال أبو أحمد بن عدي: خالف العبدي عبيد الله وأيوب والناس فقالوا: عن نافع عن ابن عمر فعله. وقال الخطابي: هذا حديث لا يصح؛ لأن محمدا ضعيف جدا لا يحتج بحديثه. وقال أبو بكر في كتاب المعرفة: رواه جماعة من الأئمة عن العبدي منهم يحيى بن يحيى ومعلى بن منصور وسعيد بن منصور وغيرهم. وقال مسلم بن إبراهيم في رواية موسى بن الحسن بن عباد عنه: ثنا محمد بن ثابت العبدي وكان صدوقا وابن معين لم ير به بأسا في رواية عثمان الدارمي عنه، وأنكر البخاري رفع هذا الحديث ورفعه غير منكر فقد روى الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر- يعني: الذي في صحيح مسلم- قصة السلام مرفوعة إلا أنه قصر ثنا مسلم بذكر

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 122- باب التيمم في الحضر، (ح/ 330) . ورواه الحاكم (1/179) والمجمع (1/262) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه علي بن ظبيان ضعفه يحيي بن معين فقال: كذاب خبيث وجماعة، وقال أبو علي النيسابوري: لا بأس به. والدارقطني (1/180) .

التيمم، ورواه يزيد بن عبد الله بن الهاد عن نافع عن ابن عمر فذكر قصة السلام، وذكر قصة التيمم إلا أنّه قال: ثم مسح وجهه ويديه كما روى يحيى بن بكير عن الليث في حديث ابن عبد الصمد وإنّما تفرد العبدي من هذا الحديث فذكر الذراعين فيه دون غير، وتيمم ابن عمر ورضاه بذلك يؤكد رواية العبدي، وشهد له بالصحة فقد صار هذه الشواهد معلوما أنه روى قصة السلام والتيمم، وهؤلاء يخالف النبي فيما يروى عنه فتيمّمه على الوجه والذراعين إلى المرفقين يدلّ على أنّه حفظه من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنّ العبدي حفظه من نافع، أنبأ أبو سعيد أنبأ أبو العباس أنبأ الربيع أنبأ الشافعي أنبأ مالك عن نافع أنه أقبل هو وابن عمر من الجرف حتى إذا كان بالمربد نزل فتيمّم متعبدا،/فمسح بوجهه ويديه إلى المرفقين، ثم صلى. وروى عُبيد الله ويونس عن نافع عن ابن عمر أنّه كان يقول: " التيمم ضربتان، ضربة للوجه وضربة للكفين إلى المرفقين " (1) . قال: ورويناه أيضا عن جابر مرفوعا: " التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين إلى المرفقين " (2) انتهى كلامه. وفيه نظر من وجوه: الأوّل: حديث العبدي الذي بآداب نفسه في تقويته بما لم يجد شيئا وإن كان له من وثّقه، وأبو الحسن البصري فيما ذكره أبو الغرب، وقال ابن بريدة: قد صحّ معنى ذلك من حديث ابن عباس وغيره لما ذكره أبو حاتم وسأله ابنه عن حديثه فقال: هذا خطأ إنّما هو موقوف. وقال أبو محمد الفارسي: إنّما رواه- يعني: حديث ابن عمر العبدي- وضعيف هو لا يحتج به. وسأل أبو طالب الإمام أحمد عنه فقال: هو رجل بصرى سمعت له نحو عشرين حديثا منكر.

_ (1) ضعيف جدا. رواه الحاكم (1/179) والمجمع (1/262) وتلخيص (1/151) والمنثور (2/167) وابن كثير (2/280) والدارقطني (1/180) والعلل (136، 137) وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 370، ح/2519) 0 انظر: ضعيف أبي داود (58) ، والضعيفة (ح/3427) . (2) ضعيف جدا. رواه البيهقي (1/207) والطبراني (8/297) والمجمع (1/262) والمسير (2/95) ونصب الراية (1/15، 151، 155) والدارقطني (1/181، 183) . وضعفه الشيخ الألباني: (ضعيف الجامع: ص 370، 2518- 703) . وانظر: (الضعيفة، ح/3427) .

وقال مهنأ: سألت أحمد عن هذا الحديث فقال: ليس بصحيح إنما هو عن ابن عمر فعله، قال: وسألته عن العبدي فقال: كان يخرط في حديث عن ابن عمرو، قال أبو داود: سمعت أحمد يقول العبدي ليس به بأس ولكن روى حديثا منكرا في التيمم لا يتابعه عليه أحد. وقال معاوية بن صالح: سمعت يحيى يقول: العبدي ليس به بأس منكر عليه حديث ابن عمر في التيمم لا غير، وفي رواية ابن أبي خيثمة عنه: ليس بالقوى وفي رواية: ضعيف، قال الدوري: قلت: أليس قلت مرة: ليس به بأس؟ قال: ما قلت هذا قط. وقال العقيلي: هذه الرواية- يعني: الموقوف- أولى وهو الصواب. وحدثني الحسن قال: سمعت أبا داود السجستاني قال ابن ثابت: ليس بشيء هو الذي يحدّث بحديث نافع في التيمم. وقال الساجي: روى عن نافع حديث التيمم وخالفه أيوب وعبد الله قالوا: من فعل ابن عمر، وقال أبو الوليد الداعنى: العبدي متروك، ولما ذكره أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب الكنى أتبعه رفع حديث ابن عمر هذا لا غير. وقال أبو زرعة: هذا حديث باطل. الثاني: قوله إنما ينفرد العبدي من هذا الحديث- يعني: حديث ابن عمر-/فذكر الذراعين صحيح لما يذكره بعد من رواية الشافعي من شرح السنة البغوي، ولما ذكره أبو عبد الله في مستدركه شاهدا ثنا أبو جعفر عبد الله ابن إبراهيم ثنا الهيثم بن خالد ثنا أبو نعيم ثنا سليمان بن الأرقم عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: تيممنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فضربنا بأيدينا على الصعيد الطيب ثم نفضنا أيدينا فمسحنا بها وجوهنا ثم ضربنا ضربة أخرى ثم نفضنا أيدينا فمسحنا بأيدينا من المرفق إلى الكف على منابت الشعر من ظاهر وباطن "، ثم قال: هذا حديث مفسر، وإنما ذكرته شاهدا؛ لأن سليمان ليس من شرط هذا الكتاب، وقد اشترطنا إخراج مثله في الشواهد، ولفظ الدارقطني في سنه: " وضربة للذراعين إلى المرفقين ". قال الحاكم: أنبأ حمزة بن العباس العقبى ببغداد ثنا محمد بن عيسى المرايني ثنا شبابة بن سوار ثنا سليمان بن أبي داود الحراني عن سالم ونافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ". نا سليمان بن أبي داود، وإنّما ذكرناه في الشواهد، ثنا علي بن عيسى ثنا محمد بن عمرو الحرشي ثنا محمد بن يحيى ثنا علي بن طيبان عن

عبد الله بن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين ". ورأوا للشيخان على حديث الحكم عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمر في التيمم ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ولا أعلم أحدا أسنده عن عبيد الله غير علي بن طيبان، وهو صدوق وقد وثقة يحيى بن سعيد وهشيم وغيرهما، وقد أوقفه مالك في الموطأ بغير هذا اللفظ غير أنّ شرطي في سند الصدوق الحديث يخرجه، ولما ذكره الجرجاني في كامله قال: ابن طيبان ضعيف عندهم، وإنّما رواه الثقات موقوفا على ابن عمر. وقال ابن نمير: بن طيبان يخطئ في حديثه كلّه، وقال يحيى بن سعيد وابن معين وأبو داود: ليس بشيء. وقال النسائي وأبو حاتم والأزدي: متروك. وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن حبان: سقط الاحتجاج بأخباره./الثالث: قوله ورويناه أيضا عن جابر من غير تعرّض من الكلام عليه لعادته حتى نظر من سمعه ضعفه، وعدم بلوغه مرتبة حديث العبدي لا سيّما من ذكره بعده ولو صدر بذكره لكان أولى من حديث العبدي لصحبته وعدالة رواته، ورواه الحاكم في مستدركه عن ابن حماد وابن ماكولا ثنا إسحاق الحربي ثنا أبو نعيم ثنا عروة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " أصابتني جنابة وإنى تمعكت في التراب " فقال: " اضرب فضرب بيديه الأرض فمسح وجهه ثم ضرب بيديه فمسح بهما إلى المرفقين ". وثنا ابن حماد وابن مالويه ثنا الجري ثنا عثمان بن محمد الأنماطي ثنا حرمي بن عمارة عن عروة بن ثابت بلفظ: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين " (1) . وقال: هذا إسناد صحيح ورواه أبو بكر في مصنفه عن وكيع عن عروة موقوفا، واتبع ما ذكره عن ابن عمر موقوفا ووقع ذكره عنده في موضع آخر مرفوعا، وقال أبو عبد الله النيسابوري: رواه عن محمد بن يعقوب ثنا محمد بن سنان الفزار ثنا عمرو بن محمد بن أبي رزين ثنا هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بموضع يقال له: مربد النعم يتيمم وهو يرى بيوت المدينة ". وقال: هذا حديث تفرد به ابن أبي رزين وهو

_ (1) تقدم من أحاديث الباب ص 687.

صدوق ولم يخرجاه، وقد أوقفه الأنصاري وغيره عن نافع عن ابن عمر، وأما قول أبي القاسم الطبراني لم يروه هذا التمام غير العبدي، ففيه نظر؛ لما أسلفناه من أنّ يزيد بن الهاد ذكره كذلك، وكذا رواه أبو الحسن وفي الباب غير حديث من ذلك حديث أبي هريرة: " أن ناسا من أهل البادية أتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقالوا: إنّا نكون بالرمال الأشهر الثلاثة والأربعة، ويكون فينا الحائض والجنب والنفساء ولسنا نجد الماء: فقال عليكم بالأرض ". رواه أبو القاسم في الأوسط (1) من حديث المثنى بن الصباح عن الزهري/عن سعيد عنه وقال: لم يروه عن الزهري إلا المثنى ولا رواه عن المثنى إلا حفص. تفرّد به إبراهيِم الشافعي، ورواه الثوري وعبد الرزاق وغيرهما عن المثنى عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب، وقال في موضع آخر من هذا الكتاب: ورواه عن شيخه أحمد بن محمد البزار ثنا الحسن بن حمّاد ثنا وكيع عن إبراهيم بن يزيد عن سليمان الأحول عن سعيد به لا نعلم الأحول عن سعيد غير هذا ولم يروه إلا وكيع بن إبراهيم بن يزيد، وقال البيهقي: هذا حديث يعرف فالمثنى عن عمرو والمثنى غير قوى، وقد رواه الحجاج بن أرطأة عن عمرو إلا أنه خالفه في الانتهاء، فرواه عن عمرو عن أبيه عن جدّه واختصر المتن فجعل السؤال عن الرجل لا يقدر على الماء الجامع أهله، قال: نعم. ورواه أبو الربيع السكاك عن عمرو بن دينار عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن أعرابيا ... وأبو الربيع ضعيف، قال ابن المديني: قلت لسفيان أنّ أبا الربيع قوي عن عمرو عن سعيد عن أبي هريرة في الرجل يعرف عن أصله فقال سفيان: إنما جاء بهذا المثنى عن عمرو بن شعيب وإنّما قال عمرو بن مرثد: سمعت لجابر بن زيد بقوله قال علي: قلت لسفيان: أنّ شعبة رواه هكذا عن جابر فقال: كان شعبة من أهل الحفظ والصدق ولم يكن عن يزيد الباطل، وقد روى عن ابن أبيِ عروبة عن عمرو وابن أبي عمرو به إنّما سمعه في من أتى الربيع عن عمر، وروى من وجه آخر ضعيف من حديث عبد الله بن سلمة الأفطس عن الأعمش عن

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/261) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه المثنى بن الصباح والأكثر تضعيفه، وروى عياش عن ابن معين توثيقه. قلت: وعلى هذا فأكثر الظن ان الحديث حسن.

عمرو والأفطس ضعيف، ولفظ أبي الفرح في التحقيق: ثم ضرب بيده على الأرض لوجهه ضربة واحدة، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح على يديه إلى المرفقين، وهو معارض بما ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه عن عباد بن العوّام عن بريدة عن سليمان بن موسى عن أبي هريرة قال: " لما نزلت آية التيمم لم أدر كيف أصنع، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم أجده، فانطلقت أطلبه، فلما رآني عرف الذي جئت له عليله فبال ثم ضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه " (1) . وحديث الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن الأسلع ووصف كيف علمه النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التيمم قال: " فضرب بكفيه الأرض ثم نفضها ثم مسح بهما وجهه ثم أمر على لحيته ثم أعادهما إلى الأرض، فمسح بهما الأرض ثم ذلك إحداهما على الأخرى ثم مسح ذراعيه ". ذكره أبو الحسن المقري في سنه، وضعفه أبو حاتم الرازي في كتاب العلل، ذكر البارودي أن بسببه نزلت آية التيمم، وقال ابن حزم: هذا الحديث في غاية السقوط وفيه إشكال؛ لأن (2) التيمم نزل قبل إسلامه وفي تاريخ البرقي أصابتني جنابة فنزل عليه جبريل بالتيمم فذكره وهو مشكل أيضا. وحديث أبي أمامة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اّنه قال: " في التيمم ضربة للوجه وأخرى للذراعين " (3) . ذكره عبد الله بن وهب في مسنده عن محمد بن عمرو الشافعي عن رجل حدثه عن جعفر بن الزبير عن القاسم بن عبد الرحمن عنه قال ابن حزم: فيه علّتان: إحداهما: ضعف القاسم، الثانية: أن محمد بن عمرو لم يسم من أخبره عن جعفر، وقد دلسه بعض الناس عليه فقال: عن محمد بن عمرو عن جعفر، ومحمد لم يدرك جعفرا فسقط هذا الخبر. وحديث (4) أبي ذر قال: " وضع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يديه على الأرض ثم نفضها ثم مسح وجهه ويديه إلى المرفقين ". ذكره

_ (1) انظر: تفسير آية التيمم من كتب التفاسير. (2) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". (3) ضعيف جدا أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/262) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه جعفر بن الزبير، قال شعبة فيه: وضع أربعمائة حديث. (4) قوله: " وحديث أبي " غير واضحة " بالأولى " وأثْبتناه من " الثانية ".

أبو محمد الفارسي من طريق ابن جريج عن عطاء حدثنى رجل أنّ أبا ذر به، وقال: هذا خبر ساقط، قال ابن حزم: وقد روى من حديث عائشة وابن عمر أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تيمم للوجه والكفين بضربتين وليسا صحيحين أمّا الأول: فرواه الحربي ابن الجرمي وهو ضعيف، والثاني: فيه سليمان بن داود الحراني وهو مثله. وحديث ابن الصمة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تيمم فمسح بوجهه وذراعيه ". رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عبد الرحمن بن معاوية عن الأعرج عنه قال البيهقي: هو منقطع والأعرج لم يسمعه من ابن الصمة إنّما سمعه من غير مولى ابن عباس. وحديث ابن الحمامة السلمي: " أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/وهو في المسجد، فذكر حديثا فيه: ثم أقبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى المسجد فوضع يده على حائط المسجد فمسح به وجهه وذراعيه ثم دخل ". رواه أبو القاسم البغوي عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الحرث بن عبد الرحمن بن هشام عن أبيه قال: إنّ ابن الحمامة يذكره. وحديث عمار: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تيمم (1) إلى المرفقين ". ذكره البيهقي من حديث قتادة، قال: حدثني محدب عن الشيخين عن عبد الرحمن بن أبزى عنه، والله أعلم. حدثنا يعقوب بن حميد بن كاتب ثنا عبد العزيز بن أبي حازم وثنا أبو إسحاق الهروي ثنا إسماعيل بن جعفر جميعا عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ". هذا حديث خرجه مسلم (2) بلفظ: " فضلت على الأنبياء بست: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلّت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأرسلت إلى الخلق كافة، وختم بي النبيون ". ورواه (3) الشافعي عن

_ (1) قوله: " تيمم إلى " سقطت من " الأصل " وكذا أثبتناه من سياق الكلام. (2، 3) صحيح، متفق عليه. رواه مسلم في (المساجد، ح/3، 4) والبخاري (1/91، 119) وأبو داود (489) والترمذي (317) والنسائي (2/56) وابن ماجة (567) وأحمد (1/ 250، 2/240، 250، 412، 442، 501، 5/145) والبيهقي (2/433، 434) والطبراني (11/61، 73، 12، 413) والتمهيد (5/222، 223) وأبو عوانة (1/ 395، 396) وابن أبي شيبة (2/402، 11/432) والشافعي، وشرح السنة (2/412) وابن كثير (2/112، 281، 3/489، 4/34) والطبراني (10/34) .

سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة قال: " ثم جلست إلى سفيان ... " فذكر هذا الحديث فقال الزهري: عن أبي سلمة- أو سعيد- عن أبي هريرة، ولفظ ابن الجارود: وخرجه من حديث أنس بن مالك: " جعلت لي كل أرض طيبة مسجدا وطهورا "، فرواه عن محمد بن يحيى ثنا حجاج الأنماطي ثنا حماد عن ثابت وحميد عنه، وفي البخاري (1) من حديث جابر: " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا.. " الحديث أنبأ الإمام تاج الدين أحمد بن علي بن وهب العنبري- رحمه الله- أنبأ ابن بنت الحميري قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ الحافظ أبو طاهر أنبأ أبو عبد الله الثقفي أنبأ أبو الفتح هلال بن محمد ثنا أبو عبد الله الحسين بن يحيى القطان ثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام ثنا يزيد بن زريع ثنا سليمان التيمي عن يسار عن أبي أمامة/أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الله تعالى قد فضلني على الأنبياء- أو قال- فضلت أمتي على الأمم بأربع: أرسلني إلى الناس كافة، وجعل الأرض كلها لي ولأمتي طهورا ومسجدا، فأينما أدركت الرجل من أي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره، ونصرت بالرعب مسيرة شهر فقذف في قلوب أعدائي، وأحلّت لي الغنائم " (2) . وفي كتاب أبي نعيم الأصبهاني- رحمه الله- قال: " كنا نحرس النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض مفارقه فجئت ذات ليلة إلى المكان الذي يكون فيه، فلم أجده في مضجعه فعلمت أنه إِنما أقامته الصلاة فتلفت ورميت ببصرى يمينا وشمالا، فإذا به قائما يصل إلى شجرة، فهويت نحوه فإذا رجل قبلي أخرجه الذي أخرجني، فقمت أنا وهو خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصلى بصلاته فصلى ما شاء الله أن نصلي، حتى إذا كان بين ظهري صلاته سجد سجدة فظننت أنّه قد قبض فيها فابتدرناه

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/119) ومسلم في (المساجد، ح/3) والنسائي في (النحل، باب " 46 ") وأحمد (3/304، 5/148) والدارمي (2/224) والبيهقي (1/212، 2/329، 433، 6/291، 4/9) والمجمع (8/59) وشفع (122، 1817) والحلية (8/316) والمنثور (5/237) والكنز (32058، 32063، 32064، 32065) وابن أبي شيبة (11/433) والحميدي (945) . (2) صحيح. رواه البيهقي (1/222) والمشكاة (4001) والجوامع (4888) والكنز (31951، 32070) ونصب الراية (2/325) .

فجلسنا بين يديه أنا وصاحبي فسألناه، فقال: هل التزمتم من صلاتي الليلة شيئا؟ قلنا: نعم. سجدت بين ظهراني صلاتك سجدة حتى ظننا أنّك قد قبضت فيها. فقال: إنى أعطيت فيها خمسا لم يعطهن نبي/قبلي ... " فذكر الحديث وفيه: " وأعطيت دعوة ادخرتها شفاعة لأمتي " (1) . رواه من حديث حازم بن خزيمة عن مجاهد عنه، قال: وتابعه على هذا مزاحم بن زفر عن مجاهد عنه مختصرا، ورواه أيضا من حديث ابن أحمد بن زفر عن مجاهد عن أبي سعيد بنحوه مختصرا، وذكر أيضا حديث حذيفة قال عليه الصلاة والسلام: " فضلنا على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا "، رواه مسلم (2) في صحيحه وحديث ابن عباس ولفظه "وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأوتيت الكوثر"، رواه أبو داود (3) ، وذكر أيضا حديث ابن عمر بنحوه ذكره أبو نعيم. وحديث علي: قال عليه الصلاة والسلام: " أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء فقلنا ما هو يا رسول الله؟ قال: نصرت بالرعب، وأعطيت مفاتيح الأرض،/وسميت أحمد، وجعل لي التراب طهورا، وجُعلت أمتي خير الأمم ". ذكره أحمد في مسنده (4) من حديث ابن عقيل عن محمد بن علي عنه. وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام غزوة تبوك قام من الليل يصلي "، فذكر حديثا فيه: " لقد أعطيت الليلة خمسا ما أعطيهن أحد كان قبلي ... " فذكر حديثا وفيه: " وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، أينما أدركتني الصلاة

_ (1) صحيح بشواهده مشكل (2/264) والعقيلي (2/27) والحلية (8/316) . (2، 3) تقدما من أحاديث الباب ص 692. (4) حسن. رواه أحمد (1/98) والبيهقي (1/213) والمجمع (1/260) وعزاه إلى أحمد وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وهو سيء الحفظ، قال الترمذي: صدوق وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل، قلت: فالحديث حسن والله أعلم. وابن كثير (2/78) ونصب الراية (1/159) والمنثور (6/214) والكنز (21416) وابن أبي شيبة (11/434) .

تمسّحت وصلّيت ". رواه أحمد بن حنبل في مسنده (1) ، وكذلك حديث أبي موسى بنحوه أيضا وحديث ابن مسعود عن البيهقي بنحوه، وفي حديث عائشة المذكور عند ابن ماجة (2) بعد وهو مخرج عند الشيخين (3) : " خرجنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض المغازي حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي ... " وفيه: " فقال أسيد بن الحصيب: ما هي بارك تركتكم يا آل أبي بكر " وفي لفظ: " جزاك الله خيرا، فوالله ما يزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة ". وفي كتاب التفرّد لأبي داود: " فحضرت الصلاة فصلوا بغير وضوء، فأتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذكروا ذلك فأنزلت آية التيمم " قال أبو داود: الذي تفرد به من هذا الحديث أنّهم لم يتركوا الصلاة حين لم يجدوا الماء، فصلُّوا بغير وضوء؛ لأنّ بعض الناس يقول: إذا لم يجد الماء لا تصل، قال أبو عمر: وهو أصح حديث روى في هذا الباب قال: والسفر المذكور، يقال إنه كان في غزوة بنى المصطلق، وتسمى: المريسيع. وهو ماء لخزاعة، قال الواقدي: كانت سنة خمس. وقال ابن إسحاق: سنة ست. وقال ابن عقبة: أربع من الهجرة. وكذا ذكره ابن الجعدي عن ابن حبيب عند النسائي (4) . ورواه هشام عن أبيه عن عائشة: " أنها استعارت قلادة من أبيها فانسلّت منها، وكان ذلك المكان يقال له الضلضل ". كذا ضبطه البكري بضادين معجمتين قال: وهو صحيح. وزعم الجوهري إنه بالمهملتين فأتاه أبو

_ (1) صحيح. رواه أحمد (2/222) والمجمع (10/367) وعزاه إلى " أحمد " ورجاله ثقات. والترغيب (4/432) والشجري (1/218) والكنز (32066) وابن كثير في " التفسير " (3/489) . وصححه الشيخ الألباني: (الإِرواء: 1/317) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، " أبواب التيمم " 90- باب ما جاء في السبب، (ح/568) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في: 7- كتاب التيمم، 2- باب إذا لم يجد ماء ولا ترابا، (ح/336) . ورواه مسلم في: 3- كتاب الإِيمان، 28- باب التيمم، (ح/108) . قوله: " البيداء أو بذات الجيش " موضعان بين المدينة وخيبر. (4) راجع حاشية الحديث الأوْل من هذا الباب. قوله: " انسلت " أي وقعت منها في خفية.

عبيد، وفي رواية هشام قلادة، وقد سبق أنه عقد لها. وفي كتاب الترمذي/ عن الحميدي عن سفيان ثنا هشام به وفيه أنّ القلادة سقطت ليلة الأبواء في معجم الطبراني إسناد لا بأس به؛ بل لو حسن لم ينكر ذلك ما يدلّ على أنّ عقدها سقط مرّتين وأنّ التيمم (1) نزل بعد الإفك وكان الأول في سنة خمس فيترجح قول من قال: كان التيمم سنة ست، وفيه بيان لقول أسيد ما هي بأوّل تركتكم، قال: ثنا القاسم بن عباد ثنا محمد بن حميد الرازي ثنا سلمة بن الفضل وإبراهيم بن المختار عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت: " لما كان من أمر عقدي ما كان وقال أهل الإفك ما قالوا وخرجت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزورة أخرى فسقط أيضا عقدي حتى حبس الناس على التماسه، وطلع الفجر فلقيت من أبي بكر ما شاء الله، وقال ما تنبّه في كل سفر يكون عناء وليس مع الناس ماء، فأنزل الله تعالى الرخصة في التيمم، فقال أبو بكر: ما تبيّنه أنك ما علمت لمباركة ". وذكر الإمام أبو محمد إسحاق بن إبراهيم البستي في تفسيره أنّ القائل لها ما أنزل قلائدك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرجع إلى قوله: وفي الباب أحاديث منها حديث عبد الله بن أبي أوفى. ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل. وحديث سلمان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: تمسحوا بالأرض فإنها منكم " (2) . قال

_ (1) قال ابن العربي: هذه معضلة ما وجدت لدائها من دواء؛ لانا لا نعلم أي الآتيتين عنه عن عائشة. وقال ابن بطال: هي آية النساء أو آية المائدة. وقال القرطبي: هي آية النساء. ووجهه بأن آية المائدة تسمى آية الوضوء وآية النساء لا ذكر فيها للوضوء فيتجه تخصيصها بآية التيمم. وأورد الواحدي في أسباب النزول هذا الحديث عند ذكر آية النساء أيضا، وخفْي على الجمع ما ظهر للبخاري من ان المراد بها آية المائدة بغير تردد لرواية عمرو بن الحارث إذ صرح فيها بقوله: " فنزلت (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة..) الآية ". (2) صحيح. رواه أبو الشيخ في " تاريخ أصفهان " (ص 238) ورواه الطبراني في " المعجم الصغير " (83) وقال: لم يروه عن سفيان إلا الفريابي. وهو ثقة من رجال الشيخين وكذا من فوقه. وابن أبي شيبة في "المصنف " (1/62/2) عن عوف عن أبي عثمان النهدي. وصححه الشيخ الألباني. قوله: " لا تمسحوا " أراد به التيمم، وقيل: أراد مباشرة ترابها بالجباه في السجود من غير حائل، ويكون هذا أمر تأديب واستحباب، لا وجوب.

الطبراني في الأصغر: لم يروه عن الثوري عن عروة عن أبي عثمان إلا الفريابي، وقال البيهقي في هذا: حديث غريب الإسناد والمتن. وحديث معاذ: " بال النبي فتيمم بالصعيد فلم أره يمسح يديه ووجهه إلا مرّة ". وأخرجه الطبراني في الكبير (1) من حديث محمد بن سعيد المصلوب، والتيمم في اللغة: القصد، قال الفراء: قال الله تعالى: (ولا تيمموا الخبيث) معناه: ولا تقصدوا وفيه قول الشاعر: تيممتها من أذرعات وأهلها ... يثرب أدنا دارها نظر عالي يريد قصدتها ويروى سورتها أي: نظرت إلى دارها وهو أصوب، وقال خفاف:/فإن يك صلى قد أصب صحيحها فعمدا على عيني يمّمت مالكا أي: قصدته، وقال تعالى: " فتيمموا صعيدا طيبا " قالوا: معناه أقصدوا الصعيد بالتمسح، وقال الخليل: التيمم يجرى مجرى التوخي بقول تيمم أطيب ما عندك فأطعمنا منه أي: توضأه، وعلى هذا فسّر ما ذكرنا وأجاز أن يكون التيمم التعمد والقصد، وكثر هذا الاسم حتى صار اسما للتمسح بالتراب والعرب تقول: تيممت الشيء تيمما وتممته تيمما واتممته، وأما قول الفراء: ولم أسمع فيها يممت بالتخفيف، ويقولون: يممت فلانا سيفي ورمحي قصدته وترخيته دون من سواه وأنشد الخليل: يممت بالرمح شذراء ثم قلت له ... هذى الروة لها لعب الزحاليق قال: ومن أنشده أممت فقد أخطأ؛ لأنه قال: شذراء والسن لا لكون إلا من ناحية ولم يقصد به إمامه، وفي الصحاح: يممتك وتاممتك وأنشد أبو بكر في الكتاب الزاهر: وفي الأطعان أنسبه العرب ... يتمم أهلها نجلدا فساروا في المائدة آية وفي النساء آية، وقال القرطبي: أولات التي في النساء؛ لأنها لا ذكر فيها الوضوء، والتي في المائدة ذكر فيها الوضوء، وفي كتاب الحميدي

_ (1) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/262) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه محمد بن سعيد المصلوب وقيل فيه: كذاب يضع الحديث.

عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة: فنزلت: (إذا قمتم إلى الصلاة. وقال أمية بن أبي الصلت: ليطلب الوتر أمثال ابن ذى بزر تيمم البحر للأعداء أحوالا. وقال تعالى: (ولا آمين البيت الحرام) معناه: ولا قاصدين قال الشاعر: إنى كذلك إذا ما شأني بلد ... يممت صدر بعيري غيره بلدا وقال غيره: سل الرمح إنّى يممت أم أسلا ... وهل عادة للربع أن يتكلّما وقال الجاحظ في كتاب الرصان تأليفه: ومنهم ثم من بنى الأعرج الأسلع الذي قال منهم رجل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له يوما: إنى جنب وليس عندي ماء فأنزل الله تعالى آية التيمم. انتهى. وهو قول غريب،/وأما قول ابن الجوزي ظاهر حديث عائشة يدل على أنهما كانا مرتين حيث قالت: سقط عقدي، وفي الآخر: لا شيء، وليس لذلك معارض ما أسلفناه من عند الطبراني لما كان من أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا " خرجت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة أخرى فسقط أيضا عقدي ... " الحديث. قال القاضي أبو بكر قول عائشة فنزلت آية التيمم: لا أدرى أي آية أرادت؛ لأن في المائدة آية وفي النساء آية. وقال القرطبي: أولات إلي في النساء؛ لأنه لا ذكر فيها للوضوء والتي في المائدة ذكر فيها الوضوء، وفي كتاب الحميدي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة فنزلت: (إذا قمتم إلى الصلاة) ، وقال المازوري- رحمه الله تعالى-: قال بعض أصحابنا: يباح السفر للتجارة وإن أدى التيمم، ويحتج له بهذا الحديث؛ لأنّ إقامتهم على التماس العقد ضرب في مصلحة المال وتيممه، وقال أبو عمر في كتاب التمهيد: فيه من الفقه خروج النساء مع الرجال في الأسفار وفي الغزوات، وذلك مباح إذا كان العسكر كثيرا ويؤمن عليه الغلبة روى أبو داود عن أنس: " كان عليه الصلاة والسلام يخرج بأم سليم ونسوة من الأنصار يسقين الجرحى ". وأجمع علماء الأمصار بالمشرق والمغرب فيما علمت أن التيمم بالصعيد عند عدم الماء طهور لكل مسلم مريض

أو مسافر وسواء كان جُنبا أو على غير وضوء لا يختلفون في ذلك، وقد كان عمر بن الخطاب وابن مسعود يقولان: الجنب لا يطهره إلا الماء، ولا يستفتح بالتيمم صلاة؛ لقوله تعالى: وإن كنتم جنبا فاطهروا (1) وقوله: (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) (2) . وذهب إلى أن الجنب لم يدخل في المعنى المراد بقوله: (وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا) (3) . ولم يتعلّق بقولهما في هذه المسألة أحد من فقهاء الأمصار من أهل الرأي وحملة الآثار. انتهى كلامه. وفي شرح المهذب للثوري: قد ذكروا رجوع عمر وابن مسعود عن ذلك، قال أبو عمر: واختلف العلماء/في كيفية التيمم فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والثوري وابن أبي سلمة والليث: ضربتان ضربة للوجه وضربة يمسح بهما إلى المرفقين يمسح اليمنى باليسرى واليسرى باليمنى، والفرض عند مالك إلى الكوعين والاختيار إلى المرفقين، وسائر من ذكرنا معه يرون بلوغ المرفقين بالتيمم فرضا واجبا، وقال الأوزاعي: التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى الكوعين وهما الرسغان، وروى ذلك عن علي، وقد روى عن الأوزاعي وهو أشهر أنّ التيمم ضربة واحدة يمسح بها وجهه ويديه إلى الكوعين وهو قول عطاء والشعبي في رواية وفيه قال: أحمد وإسحاق وداود بن علي والطبري: وهو أثبت ما روى في ذلك عن عمّار، ورواه سفيان عن أبي موسى عن عمار، ولم يختلف في حديث أبي وائل هذا وسائر أحاديث عمار مختلف فيها، وقال الحسن بن حيي وابن أبي ليلى: التيمم ضربتان، يمسح بكلّ ضربة منهما وجههه وذراعيه ومرفقيه. ولم يقل ذلك أحد من أهل العلم غيرهما في علمي. وقال الزهري يبلغ بالتيمم الآباط ولم يقله غيره. وفي بعض ألفاظ أبي داود (4) : أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح إلى أنصاف

_ (1) سورة المائدة آية: 6 (2) سورة النساء آية: 43 (3) الآية السابقة. (4) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 121- باب التيمم، (ح/323) ولفظه: " يا عمار إنما كان يكفيك هكذا " ثم ضرب بيديه الأرض، ثم ضرب إحداهما على=

ذراعيه. قال ابن عطية: لم يقل أحد بهذا الحديث فيما خطب، وفي شرح الأحكام لابن بريزة: وقالت طائفة من العلماء: أربع ضربات ضربتان للوجه وضربتان لليدين، قال: وليس له أصل من السنة. قال: وقال بعض العلماء: تيمم الجنب إلى المنكب وعنه إلى الكوعين، قال: وهو قول ضعيف. وفي كتاب ابن رشد رواية عن مالك الاستحباب إلى المرفقين والفرض الكفان. قال أبو عمر: واختلفوا في الصعيد: فقال مالك وأصحابه: الصعيد وجه الأرض. قال ابن أخو شدّاد: الصعيد عندنا وجه الأرض وكل أرض جائز التيمم عليها صحراء كانت أو معدنا أو ترابا، قال: وبذلك قال أبو حنيفة والأوزاعي والطبري، قال: ويجوز عند مالك على الحشيش إذا كان دون الأرض، واختلفت الرواية عنه في التيمم على البلح فأجازه مرة ومنعه/أخرى، قال: وكل ما صعد على وجه الأرض فهو صعيد، والحجة في ذلك قوله تعالى: (صعيدا جرزا) (1) يعني: أرضا غليظة لا تنبت شيئا، وصعيدا زلقا. وقال عليه الصلاة والسلام: " يحشر الناس على صعيد واحد " (2) أي: أرض واحدة، وفي الصحيح: الصعيد التراب، وقال ثعلبة: وجه الأرض والجمع صعد وصعدان. وفي الجمهرة: هو التراب الذي لا يخالطه رمل ولا سبخ هذا قول أبي عبيدة. وقيل: هو الظاهر من وجه الأرض، وكذا فسّر قوله صعيدا طيبا. وفي الجامع: جمع الصعيد صعد وجمع الصعد صعدات وفي الزاهر لابن القاسم الصعيد وجه الأرض قال الشاعر: صلى حنوطهم الصعيد وغسلهم ... نجع الترائب والرءوس يقطف وقال الشافعي وأبو يوسف وداود فيما ذكره أبو عمر: الصعيد التراب؛ لأنه

_ = الأخرى، ثم مسح وجهه والذراعين إلى نصف الساعدين، ولم يبلغ المرفقين، ضربة واحدة، قال أبو داود: ورواه وكيع عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن عبد الرحمن بن أبزي، ورواه جرير عن الأعمش عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي، يعني: عن أبيه. (1) سورة الكهف آية: 8. (2) صحيح الترغيب (1/425) والمشكاة (5565) .

يجرى عندهم التيمّم بغيره، قال الشّافعي: لا يقع الصعيد إلا على تراب ذي غبار فأمّا الصخر الغليظة والرقيقة والكثيب الغليظ لا يقع عليه اسم صعيد. انتهى. وما أسلفناه يرد هذا، قال: وأجمع العلماء على أنّ التيمم بالتراب ذي الغبار جائز، وقال عليه الصلاة والسلام في الأرض وتربتها: " لنا طهور " وهو مخرج في صحيح أبي عوانة (1) الإسفرايني وهو يقضى على قوله " مسجدا وطهورا وتفسيره " وسُئل ابن عباس أي الصعيد أطيب؟ فقال الحرث وجماعة العلماء على إجازة التيمم بالسباخ إلا إسحاق. انتهى. وهو محجوج مما يذكره من عند ابن خزيمة بعد، قال أبو عمر: وقال الثوري وأحمد: يجوز التيمم بغبار اللبد والثوب خلافا لمالك. وفي تفسير إلياس جوّز ابن علية وابن كيسان التيمم بالمسك والزعفران. وفي حلية الشّاشي: ولا يجوز التيمم بتراب خالطه دقيق أو جص. وقيل يجوز إذا كان التراب غالبا. وأجمع العلماء على أنّ التيمّم لا يرفع الجنابة ولا الحدث إذا وجد الماء وأنّ المتيمّم للجنابة أو للحدث إذا وجد الماء عاد جنبا أو محدثا كما كان،/واختلفوا إذا رأى الماء بعد دخوله في الصلاة فقال مالك: يتمادى في صلاته، وقال أبو حنيفة وأصحابه وأحمد والمزني وغيرهم: تقطع تلك الصلاة ويخرج إلى استعمال الماء، واختلفوا في التيمم في الحضر فذهب مالك وأصحابه إلى أنّ التيمم في الحضر والسفر سواء إذا عدم الماء أو تعذّر استعماله، وهو قول أبي حنيفة ومحمد، وقال الشّافعي: لا يجوز للحاضر الصحيح أن يتيمم إلا أن يخاف التلف، وفيه قال الطبري وقال أبو يوسف وزفر: لا يجوز التيمم في الحضر لا لمرض ولا لخوف خروج الوقت. وقال عطاء: لا يتيمّم المريض ولا غير المريض إذا وجد الماء؛ لأنّ الله تعالى قال: (فلم تجدوا ماء) فلم يصح التيمم إلا عند فقد الماء. قال أبو عمر: ولولا قول الجمهور وما روى من الأثر لكان قوله صحيحا، واختلفوا أيضا في التيمم هل تقبل (2) به الصلوات أم يلزم التيمم لكل صلاة وفرض؟ فقال شريك القاضي: يتيمم لكل صلاة فرض فقال شريك القاضي: يتيمم لكل صلاة نافلة وفريضة. ولم يختلف قول مالك وأصحابه فيمن يتيمم لصلاة

_ (1) تقدم من أحاديث الباب. (2) قوله: " تقبل " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

فصلاها فلما سلم منها ذكر صلاة نسيها أنّه تيمّم لها. واختلفوا فيمن صلى صلاة فرض بتيمم واحد، فروى يحيى عن أبي القاسم فيمن صلى صلوات كثيرة بتيمم واحد ثم يعيد على ما زاد على واحدة في الوقت، واستحب أن يعيد أبدا، وروى ابن أبي زيد عنه أنه يعيد أبدا، وقال أصبع: إنّ الجمع بين صلاتين بتيمم واحد فيه نظر، فإن كانتا مشتركتين أعاد الثانية أبدا. وقال أبو حنيفة والثوري والليث والحسن بن حيي وداود: يصلى ما شاء بتيمم واحد ما لم يحدث ما لم يجد الماء وليس عليه طلب الماء إذا يئس منه، والله تعالى أعلم.

60- باب في المجروح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه إن اغتسل

60- باب في المجرُوح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه إن اغتسل حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين ثنا الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح سمعت ابن عباس: يخبر أن رجلا أصابه جرح في رأسه على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أصابه احتلام/فأمر بالاغتسال، فاغتسل فكز فمات، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " قتلوه قتلهم الله أولم يكن شفاء العي السؤال ". قال عطاء: وبلغنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجراح ". هذا حديث خرجه أبو داود (1) نهى أنه منقطع عن ظفر بن عاصم ثنا محمد بن شعيب أنبأ الأوزاعي أنه بلغه عن عطاء أنه سمع ابن عبان به وقال عبد الرحمن: سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: رواه ابن أبي العشرين عن الأوزاعي عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء راوي الحديث، وخرجه أبو الحسن عن الفارسي ثنا إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الرزاق ثنا الأوزاعي عن رجل عن عطاء وقال عبد الحق: ولا بروى من وجه قوى، وسيأتي خلاف قوله: وأما قول الحافظ المنذري أخرجه- يعني: أبا داود- منقطعا وابن ماجة (2) موصولا فلم يضع شيئا كلاهما منقطع لكن أحدهما قال: بلغه والآخر قال: عن فلو كان في ابن ماجة بحديث أو شبهه كما سنذكره بعد سماع له قوله، والله تعالى يغفر له، لكن المتصل ما ذكره الحافظان أبو بكر بن خزيمة وابن حبان في صحيحهما وابن الجارود في

_ (1، 2) ضعيف. رواه أبو داود (ح/337) وابن ماجة (ح/572) في الزوائد: إسناده منقطع. وأحمد (1/330) والطبراني (11/194) وابن أبي شيبة (1/101) والبخاري في " التاريخ الكبير " (8/ 288) وحبيب (1/36) والدارمي (1/192) والبيهقي (1/226، 227) وتلخيص (1/174) والدارقطني (1/190) والمنثور (2/263) والبغوي (1/532) والكنز (27578) والحلية (3/317) والإرواء (1/142) . قلت: ولفظه: " قتلوه قتلهم الله، أولم يكن شفاء العي السؤال ". قال عطاء: وبلغنا أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لو غسل جسده وترك رأسه، حيث أصابه الجراح ". وهو حديث حسن، دون بلاغ عطاء. انظر: ضيف ابن ماجة (ح/ 126) ، وصحيح أبي داود (ح/ 364) .

منتقاه من حديث الذهلي ثنا عمر ابن حفص بن غياث ثنا أبي أخبرني الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح أن عطاء حدثه عن ابن عباس بلفظ: " قتلهم الله ثلاثا قد جعل الله الصعيد أو التيمم طهورا ". قال: شكّ ابن عباس ثم انتبه بعد، قال أبو بكر: ثنا يوسف بن موسى ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جرير عن ابن عباس رفعه في قوله: (لن كنتم مرضى أو على سفر) (1) قال: إذا كان بالرجل الجراحة في سبيل الله أو القروح أو الهذري فيجنب فخاف إذا اغتسل أن يموت فليتيمم. وخرجه ابن الجارود أيضا، وفي ذلك نظر؛ لما ذكره أبو أحمد من أنّ جريرا سمع من عطاء بعد الاختلاط، ولما خرج أبو عبد الله في مستدركه/حديث الوليد قال: هذا حديث صحيح فإن الوليد بن عبيد الله هذا ابن أخي عطاء بن أبي رباح وهو قليل الحديث جدا، وقد رواه الأوزاعي عن عطاء مخرج بعدوله شاهد آخر عن ابن عباس فذكر الحديث الذي أسلفناه من عند ابن خزيمة ثم ذكر حديث محمد بن يعقوب ثنا أبو عثمان سعيد بن عثمان التنوخي ثنا بشر بن بكر حدثنى الأوزاعي ثنا عطاء، فذكره ثم قال: بشر بن بكر ثقة مأمون وقد أقام إسناده وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وثنا أبو العباس ثنا العباس بن الوليد بن يزيد أنبأ أبي سمعت الأوزاعي يقول: بلغني عن عطاء، ورواه أيضا الفضل بن زياد وهو من أثبت أصحاب الأوزاعي فلم يذكر سماع الأوزاعي من عطاء إنّما قال: عطاء عن ابن عباس، ورواه أيضا محمد بن كثير المصيصي فقال: ثنا الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح أنبأ بذلك الإمام ضياء الدين موسى القطبي- رحمه الله تعالى- أنبأ عبد اللطيف البغدادي قراءة عليه وأنا أسمع أنبأنا الشيخان اللبان الجمال أنبأ أبو علي أنبأ الحافظ أبو نعيم ثنا محمد بن أحمد بن علي نبأ إبراهيم بن الهيثم البلدي ثنا محمد بن كثير، فذكره وقال: هذا حديث غريب لا تحفظ هذه اللفظة- يعني: ألم يكن شفاء العي السؤال- من أحد من الصحابة إلا من حديث ابن عباس ولا عنه إلا من رواية عطاء حدث به الوليد بن مسلم والأعلام عن الأوزاعي، وقال ابن عساكر: ورواه أيوب بن

_ (1) سورة النساء آية: 43.

سويد عن الأوزاعي كرواية ابن أبي العشرين، ولما خرّج البيهقي حديث الوليد قال: هذا حديث موصول وتمام هذه القصة في الحديث الذي أرسله الأوزاعي عن عطاء، ومن أوجب الجمع بينهما يقول: لا ينافي بين الروايتين إلا أنّ إحداهما مرسلة وبنحوه ذكره قاسم في الدلائل، فكان أبو عبيد الله لم يعد هذه علّة وإلا أصبحت له طريقه الحرث، فكأنه يقول: سمعه أولا عبد الله ثم سمعه آخرا منه، ورواه أيضا في تاريخ نيسابور بإسناد ضعيف عن أبي الفضل المسلمي ثنا محمد بن حاتم بن يونس ثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن الأشعث ثنا بشر بن يحيى من ثقات/أصحاب عبد الله ثنا أبو عصمة عن إبراهيم الصائغ عن عطاء عن ابن العباس، ورواه أيضا عطاء عن جابر بن عبد الله قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلا معنا حجر فشجّه في رأسه، فاحتلم، فسأل أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات. فلما قدمنا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخبر بذلك فقال: " قتلوه قتلهم الله. ألا سألوا إذ لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب". شك الراوي على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده. رواه أبو داود (1) من وجهه الزبير بن خريق، قال أبو بكر بن أبي داود: هذه سنة تفرد بها أهل مكة وحملها أهل الجزيرة ولم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير وليس بالقوى وخالفه الأوزاعي، فرواه عن عطاء عن ابن عباس: واختلف عن الأوزاعي فقيل عنه عن عطاء وقيل عنه بلغني عن عطاء وأرسل الأوزاعي أخبره عن عطاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو الصواب، وقال البيهقي في الخلافيات: هذا إسناد مختلف فيه. وصحّ عن ابن عمر أنّه: " كان يمسح على العصابة ". وقال في السنن الكبير: هذه رواية موصولة. وفي مسند الدارمي (2) قال عطاء: بلغني أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل بعد

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 125- باب في المجروح يتيمم، (ح/336) . (2) صحيح. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، باب في المجروح يتيمم، (ح/337) . ورواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 92- باب في المجروح تصيبه الجنابة، (ح/572) . ورواه الحاكم في: (1/165- 178) . ورواه ابن حبان في: كتاب الطهارة، باب التيمم، (ح/201) . وموارد الظمآن (ص 76) .

ذلك فقال: " لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجرح ". وقال عبد الحق: لم يروه عن عطاء غيره وليس بالقوي، ورواه الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس، واختلف على الأوزاعي ولا يروى الحديث من وجه قوي، ويتبع ذلك علة أبو الحسن بقوله هكذا ساقه في التيمم، وهذا لا يحتمل إلا أنّ التيمم في حق المريض من رواية ابن عباس أيضا كما هو من رواية جابر وذلك باطل، وإنّما اعتراه هذا من كتاب الدارقطني الذي نقله منه؛ فإنّه أجمل القول كما ذكر ثم فسره بإيراد الأحاديث فيخلص، فكتب أبو محمد الإجمال ولم يكتب التفسير فوقع في الخطأ. وحديث ابن عباس لا ذكر فيه للتيمم، ولا يعرف ذكر التيمم فيها إلا من رواية ابن خريق كما تقدّم أو من رواية أبي/سعيد الخدري بإسناد بالغ إلى الغاية في الضعف، ورواه ابن عدي عن محمد بن الحسن بن موسى الكوفي بمصر ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن حماد ثنا عبد الرحمن بن أبي حماد عن عمرو بن شمس عمرو بن أنس عن عطية عن أبي سعيد قال: أجنب رجل مريض في يوم بارد على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فغسله أصحابه فمات، فبلغ ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " ما لهم قتلوه قتلهم الله، إنما كان عزى من ذلك التيمم " (1) انتهى كلامه، وفيه نظر؛ من حيث زعمه أنّ حديث ابن عباس لا ذكر فيه للتيمم؛ لما أسلفناه قبل من كتاب ابن حبان وابن خزيمة، ولما في كتاب العلل لعبد الرحمن سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه علي بن عاصم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسجد فالمريض إذا خاف على نفسه تيمم، قال أبو زرعة: ورواه جرير أيضا؛ فقال: عن عطاء به مرفوعا في المجروح وهو خطأ أخطأ فيه على بن عاصم، ورواه أبو عوانة وورقاء وغيرهما عن عطاء بن السائب عن سعيد عن ابن عباس موقوفا وهو الصحيح. انتهى كلامه، وفيه نظر؛ من حيث عقد التيمم أيضا على متابعة جرير، وإن كان سماعه منه بآخره

_ ورواه الدارمي في: الوضوء، 70- باب المجروح تصيبه الجنابة، (ح/752) . والحديث حسن بشواهده. وتقدّم ذكره بلفظه وسبب تضعيفه، وكيف يتم تحسينه: (ص/265) . (1) صحيح. رواه الحاكم (1/165) وتلخيص (1/147) وابن خزيمة (273) وابن حبان (201) والبيهقي (1/226) .

فلابدّ من ذكره بهذين الأمرين أو بأحدهما، وفي كتاب الدارقطني: ثنا برز بن الهيثم ثنا أبو سعيد الأشج ثنا عبدة بن سليمان عن عاصم الأحول عن عطاء عن سعيد عن ابن عباس قال: رخص التيمم للمريض والتيمم بالصعيد فهذا كما ترى في كتاب الدارقطني الذي زعم أنّه بخصوصه ليس فيه ذكر التيمم في حديث ابن عباس، اللهم إلا أن يحمل كلامه على المرفوع صحاب بأمرين: الأول: قوله بعض- بضم الباء- غالبا إنما عزى لسيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقوله أمر بلال؛ لأنه ليس لأحد أن يبيّن أو يرخص غيره، وعلى تقدير المشاححة (1) في هذه اللفظة فيقال له: قد قال أبو الحسن بعده ورواه علي بن عاصم عن عطاء فرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اعتذارك عن هذا يا أبا الحسن وأظن الموقع له في هذا عدم رؤيته إيّاه في مصيبته، وليس/بين الموضعين الأيسر، وقد وقع لنا حديث عبد الحميد متصلة فقال: ثنا الأوزاعي ثنا عطاء بن أبي رباح قال: سمعت ابن عباس، فذكره، ذكره أبو عمر في جامع بيان العلم، والله أعلم. وأمّا تيمم الجنب ففيه أحاديث منها: حديث عمران بن حصين رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلا لم يصل مع القوم قال ما منعك يا فلان أن تصل مع القوم؟ قال: أصابتني جنابة ولا ماء؟ قال: " عليك بالصعيد فإنه يكفيك" (2) . خرجاه في كتابيهما. وحديث أبي ذر: كانت تصيبني الجنابة- يعني: وهو بالبريدة- فامكث الخميس والسبت، فأتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فقال أبو ذر: فسألت فقال: " ثكلتك أمك يا أبا ذر، فدعا لي بجارية سوداء وفيه الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ". خرجه أبو عيسى (3) وقال به في السنن، وهو حديث صحيح وخرجه البستي في صحيحه (4) من حديث خالد الحذاء

_ (1) كذا ورد هذا السياق هذا اللفظ. (2) صحيح. رواه النسائي (1/171) وأحمد (4/434) والبيهقي (1/178، 216، 218) والطبراني (18/133) وأبو عوانة (1/308) وابن خزيمة (271) وابن أبي شيبة (1/ 156) ونصب الراية (1/156، 161) والنبوة (4/277) والفتح (1/447، 457، 4/ 446) وابن كثير (2/279) والقرطبي (5/237، 6/104، 106) . (3- 3) صحيح. رواه الترمذي (124) وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أحمد (5/ 180) عن أبي أحمد الزبيري هذا الإسناد، وفيه " وضوء المسلم " كرواية محمود بن غيلان ورواه أبو داود (1/129- 130) والحاكم (1/176- 177) والبيهقي (1/220) من=

عن أبي قلابة عن عمرو بن بجران سمعت أبا ذر به ثم قال ذكر الخبر المريض قول من زعم أنّ هذا الخبر تفرد به خالد، فذكر حديث الثوري عن أيوب وخالد به، ولما ذكره أبو عبد الله في مستدركه (5) قال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه إذ لم يجد لعمرو راويا غير أبي قلابة وهذا مما شرطت فيه وثبت أنهما قد أخرجا مثل هذا في مواضع من الكتابين، ولما ذكره الجوزجاني قال: هذا حديث صحيح، ولما ذكره أبو داود في كتاب التفرد قال الذي تفرد به من هذا الحديث: أنه رخص له أن يصيب أهله، ورواه حماد بن زيد فلم يذكر أبواها، ولما ذكره الاشبيلي اتبعه قول الترمذي فيه حسن، وتتبع ذلك عليه أبو الحسين بقوله فهو عنده غير صحيح ولم يبين لم لا يصح ذلك؛ وذلك لأنه لا

_ طريق خالد الواسطي عن خالد الحذاء. ورواه الدارقطني (ص 68) والبيهقي (1/212، 220) من طريق يزيد بن زريع عن خالد الحذاء، كلهم يقول: " عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر " كرواية الترمذي. ورواية أبي داود والحاكم والبيهقي أطول من هذه الرواية. ورواه النسائي (1/61) عن عمرو بن هشام عن مخلد بن يزيد عن الثوري عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر. ورواه الدارقطني (ص 68) من طريق عبد الحميد بن محمد بن المستام- بضم الميم وإسكان السين المهملة وفتح التاء المثناة الفوقية- وهو ثقة، ورواه البيهقي (1/212) من طريق عمرو بن هشام وأحمد بن بكار، ثلاثتهم عن مخلد بن يزيد عن الثوري عن أيوب السختياني وخالد الحذاء معا عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر. وقال البيهقي: " تفرد به مخلد هكذا، وغيره يرويه عن الثوري عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل عن أبي ذر، وعن خالد عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر، كما رواه سائر الناس ". وقد صحح الحاكم في المستدرك هذا الحديث من رواية خالد الحذاء، كما صححه الترمذي، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وهو يقول في الميزان (2/282) في ترجمة عمرو بن بجدان في الكلام على هذا الحديث نفسه: " حسنه الترمذي، ولم يرقه إلى صحة للجهالة بحال عمرو، روى عنه أبو قلابة وما قال: سمعت، ورواه أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر، ومرة جاء أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني قشير، وقيل غير ذلك، وقد وثق عمرو مع جهالته "!! ونقل الذهبي عن الترمذي تصحيحه، ويناقض الذهبي نفسه في إقرار هذا مع إقراره تصحيح الحاكم إياه. ونقل الزيلعي في نصب الراية (1/77- 78) أن ابن حبان رواه أيضا.

يعرف لابن بجدان هذا حال وإنما روى عنه أبو قلابة، واختلف عنه خالد الحذاء يقول عن عمرو بن بجدان، ولا يختلف عن خالد في ذلك، فأما أيوب؛ فإنّه رواه عن أبي قلابة فاختلف عليه، فمنهم من يقول فيه: عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر. ومنهم من يقول: عن رجل فقط. ومنهم من يقول: عن رجاء بن عامر. ومنهم من يقول:/عن عمرو بن بجدان كقول خالد. ومنهم من يقول: عن أبي المهلب. ومنهم من لا يجعل عنهما أحدا فيجعله عن أبي قلابة عن أبي ذر. ومنهم من يقول: عن أبي قلابة أنّ رجلا من بنى قشير قال: يا نبي الله، وهو حديث ضعيف لا شك فيه؛ لأنّه لابد فيه عن عمرو بن مجدان، ولهذا المعنى إسناد صحيح من رواية أبي هريرة قال عليه الصلاة والسلام: " الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين ". رواه البزار (1) عن مقدم بن محمد ثنا عمى القاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم ثنا هشام بن حسان عن ابن سيرين عنه. انتهى كلامه. وفيه نظر من وجوه: الأول: تقريره قول أبي محمد عن الترمذي حسن، والذي رأيته في عدّة من نسخه حسن صحيح كما قدمته أولا، وكذا ذكره ابن عساكر في الأطراف والشيخان ضياء الديّن المقدسي في أحكامه والمنذري في مختصره. الثاني: عصبة الجهالة برأس بن بجدان وهو فيه أمر عجيب؛ وذلك أنّه كثير النظر في كتاب العجلي وهو قد قال في تاريخه: بصري تابعي ثقة، وكذلك ذكره أبو حاتم البستي، وأمّا قول الإمام أحمد فيه وسأله عنه ابنه عبد الله: عمرو معروف؟ قال: لا، فليس تضعيفا له. الثالث: ما ذكره من الاختلاف في اسمه ونسبه كلّه يرجع إلى شيء واحد، والله أعلم وفيه أيضا خلاف لم يذكره وهو عمرو بن محجن- أو محجل- وقيل: عن محجن أو أبي محجز فيما ذكره الخطيب في كتاب الفصل والوصل. وأما ما قال عن أبي المهلب فحذائه لو

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/261) وعزاه إلى البزار وقال: لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه، قلت: ورجاله رجال الصحيح. وأبو داود (333) والبيهقي (1/7، 8، 220، 7/84، 212) والبغوي (1/540) والقرطبي (5/133) والدارقطني (1/186) والمنثور (2/168) والفتح (1/235) وابن كثير (2/274، 280) والتاريخ الكبير (6/317) .

كان صحيحا لكان الآتي به هو مُوسى بن خلف أبو خلف العمي القائل فيه أبو حاتم كثرت روايته للمناكير. فاستحق الترك، ولما روى أبو القاسم حديث مقدم في الأوسط قال لم يرو هذا الحديث عن محمد بن سيرين إلا هشام ولا عن هشام إلا القاسم بن يحيى- تفرد به مقدم- وحديث حكيم بن معاوية عن عمه أنه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنّى أغرب عن الماء ومعى (1) أهلي أفأصيب منهم؟ قال: نعم./قال: إني أغيب شهرا. قال: وإن مكثت ثلاث سنين ". ذكره البرقي في تاريخه من جهة بقية ثنا سعيد بن بشير ثنا قتادة عن معاوية بن حكيم أو حكيم بن معاوية عن عمه. ورواه الوليد عن سعيد فقال: عن معاوية بن حكيم، ولم يشكّ وعمه عبد الله بن سعيد، ولما ذكره البيهقي في السنن الكبير من حديث معاوية بن حكيم قال: فقال عمه حكيم بن معاوية غيره، وحديث زيد بن أبي أنيسة أنّ رجلا: أصيب فغسل فمات فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لو تيمموه قتلهم الله "! قال النعمان: فجلب فيه الزهري أنه بعد أن يرويه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت من حدثك؟ فقال: أنت حدثتني عمن حدثك. قلت: عن رجل من أهل الكوفة؟ قال أفسدته في حديث الكوفة وعليك ذكره البخاري في الأوسط (2) . وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " يا رسول الله نغيب لا نقدر على الماء أيجامع أهلنا قال: نعم ". رواه الإمام أحمد (3) من حديث ابن أرطأة وفي السنن لأبي داود (4) من حديث عمرو بن العاص- رضي الله عنه- قال: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل، فأشفقت أن أغتسل فأهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي. فذكروا ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب " فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال وقلت: إنِّي سمعت الله يقول: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) قال: " فضحك رسول الله

_ (1) قوله: " ومعي أهلي " سقط من " الأصل " وأثبتناه من " الثانية " وكذا أثبتناه. (2) ضعيف. رواه البخاري في " التاريخ الصغير ": (2/68) . قلت: وعلته الرجل الذي لم يُسم. (3) ضعيف. رواه أحمد: (2/225) . قلت: وعلّته ابن ارطأة فهو مدلس، وإن كان قد وثق. (4) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 124- باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم؟ (ح/ 334) .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يقل شيئا ". رواه عن ابن مثنى ثنا وهب بن جرير ثنا أبي سمعت يحيي بن أيوب يحدث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمران بن أبي أنيس عن عبد الرحمن بن جبير بن نصر ثنا محمد بن سلمة ثنا بن وهب عنه ثم قال: ابن جبير هذا مصري مولى خارجة بن حذافة وليس هو ابن جبير بن نفير ثنا محمد بن سلمة ثنا ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن الحرث عن زيد عن عمران عن / ابن جبير عن ابن قيس مولى عمر وإن عمرا كان على سرية، وذكر الحديث نحوه قال: يغسل مغابنة ويتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم فذكر نحوه ولم يذكر التيمم، قال أبو داود: وروى هذه القصة عن الأوزاعي عن حسان بن عطية قال فيه: فتيمم وبنحوه، ذكره في كتاب التفرد. ولما ذكره أبو عبد الله من حديث أبي قيس بلفظ: " إنّ عمرا كان على سرية وإنهم أصابهم برد شديد لم ير مثله، فخرج لصلاة الصبح فقال: وإنِّي قد احتلمت البارحة، ولكن والله ما رأيت بردا مثله هذا، هل مر على وجوهكم مثله؟ قالوا: لا يغسل مغابنه، وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهم فلما قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سأل كيف وجدتم عمرا وصحابته فأثنوا عليه خيرا وقالوا: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بنا وهو جنب فأرسل إلى عمرو، فسأله فأخبره بذلك وبالذي يلقى من البرد فقال: يا رسول الله إن الله قال: (ولا تقتلوا أنفسكم) ولو اغتسلت مت فضحك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى عمرو " (1) . قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والذي عندي أنهما عللا بحديث جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب ثم ذكر الحديث المتقدّم، وقال: حديث جري لا يعلّل حديث عمرو الذي فيه ذكر أبي قيس؛ فإن أهل مصر عرفوه بحديثهم من أهل البصرة، ولما ذكره البيهقي قال: يحتمل أن يكون عمرو فعل ما قيل في الروايتين جميعا: غسل ما قدر على غسله، وتيمم للباقي. وقال أبو طالب: سألت الإمام أحمد، يؤم المتوضئين؟ قال: نعم قدام ابن عباس- يعني: أصحابه- وهو جنب فتيمم وعمرو بن العاص صلى بأصحابه وهو جنب فأخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتبسم. قلت: حسان بن

_ (1) صحيح. رواه الحاكم: (1/176- 177) .

عطية سمع من عمرو قال: لا، ولكن يقوى لحديث ابن عباس وقال: نهى عنه إنه ذكر ما روى عن عمرو فقال: ليس بمتصل الإسناد، قال: وذكرت له عن علي لا يؤم المتيمم المتوضئين فلم يعرفه. انتهى. إنّما أنكره؛ لأنه من رواية الحرث عنه عمّا ذكره البيهقي. ولما ذكره عبد الحق الأشبيلي- رحمه الله تعالى- في الأحكام الكبير هذا الإسناد/أعلى من الأول عمرو بن الحرث لا يقاس بيحيى بن أيوب وعبد الرحمن بن جبير المصري أدرك عمرو بن العاص، وعمران بن أبي أنس ثقة مشهور، وأمّا قول أبي الحسن بن القطان وزاد- يعني: الأشبيلي- فيه لفظا آخر من رواية عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيِ قيس مولى عمرو عن عمرو ثم قال: هذا أوصل من الأوّل. كانه يفهم أنّ الأول أيضا موصول وليس كذلك؛ بل معنى قوله أوصل: أنّ هذا متصل دون الأوّل فإنه منقطع. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ من حيث إن عبد الحق لم يقل جبير بن نفير كما قاله عنه، ونص ما عنده عبد الرحمن بن جبير المصري عن أبي قيس وأبي متبوع لأبي محمد هذا القول، ومن عد أبي داود فعل الحديث وأبو داود قد نص على أنه ليس بأنه جبير بن نفير، ولكن قوله هذا يتجه على ما ذكره في الكبرى من أنه أدرك عمرا فصار هذا موصولا أيضا فيسار في الاتصال وأصله في تعليق (1) البخاري بلفظ: " إنه أجنب في ليلة باردة فتيمم، وتلا قوله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحميا) ، فذكر ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يعنّفه. ووقع في أنساب بنى سهم أصابتني جنابة وأنا مريض شديد المرض، فخفت إن اغتسلت أن أقتل نفسي ... " الحديث. وحديث أبي هريرة وقد تقدّم. وحديث طارق بن شهاب قال: " جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، إنى أجنبت فلم أصل قال: أحسنت وجاء آخر فقال: إنى

_ (1) صحيح. رواه البخاري " تعليقا " في: 7- كتاب التيمم، 7- باب إذا خاف العطش تيمم) فتح الباري: 1/541) . قوله: " فلم يعنف " حذف المفعول للعلم به، أي: لم يلم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عمرا، كان ذلك تقريرا دالا على الجواز. وفي هذا الحديث جواز التيمم لمن يتوقع من استعمال الماء الهلاك، سواء كان لأجل برد أو غيره.

أجنب فتيممت وصليت. قال: أصبت ". ذكره أبو محمد الأموي وصححه بعد شهادته لطارق، وفي سنن البيهقي وأمّا فعل ابن عمر قال البيهقي: محمول على الاستحباب، وحديث جابر مرفوعا: " لا يؤم المتيمم المتوضئين " (1) : إسناده ضعيف فيما قال الدارقطني. وحديث الزهري عن سعيد عن عمر بن الخطاب قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يؤم المتيمم المتوضئين ". ذكره ابن شاهين وذكر بعده حديث عمرو بن العاص ثم قال: يحتمل أن يكون هذا الحديث ناسخا للأول، وهذا الحديث مأخوذ إسنادا من حديث الزهري./وإن صحّ فيحتمل أن يكون النهى في ذلك لضرورة وقعت مع وجود الماء، فان قال قائل: فيجوز أن يكون هذا رخصة لعمرو إذا لم ينهه ولم يأمر بالإعادة، قيل لو كان رخصة له دون غيره لم يقل له. أحسنت وضحك في وجهه، ولقال له: كما قال لأبي بردة بن يسار وغيره، والله أعلم. وأمّا إذا تيمم الرجل وصلّى ثم وجد الماء ففيه حديث عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال: " خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماء فتيمما صعيدا طيبا فصليا ثم وجدا الماء في الوقت وأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعد الآخر ثم أتيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرا ذلك له فقال للذي/يعد: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك. وقال للذي توضأ وأعاد: لك الأجر مرتين ". ذكره أبو عبد الله في مستدركه (2) من حديث ابن نافع عن الليث عن بكر عنه وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، قال ابن نافع: ثقة. وقد وصل هذا الإسناد عن الليث، وقد أرسله غيره أنبأ أبو بكر بن إسحاق أنبأ أحمد بن إبراهيم بن ملحان نا يحيى بن بكير ثنا الليث بن سعد عن عمرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحوه. انتهى كلامه. وفيه نظر؛

_ (1) ضعيف. رواه البيهقي (1/234) والدارقطني (1/185) والكنز (20439) والمتناهية (1/381) . (2) صحيح. رواه الحاكم (1/178، 181) وأبو داود (ح/338) والنسائي في (الغسل، باب " 27 ") والبيهقي (1/231) ونصب الراية (1/160) وتلخيص (1/155) والكنز (31846) والدارمي (744) . وسنده حسن، ورواه ابن السكن بإسناد متصل صحيح، وله شاهد من حديث ابن عباس.

لما ذكره أبو داود من أنّ ذكر أبي سعيد في هذا الحديث وهم، وليس محفوظ وهو مرسل ثنا النعمان ثنا ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد عن عطاء بن يسار أنّ رجلين من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعناه وقال الطبراني في الأوسط: ورواه من حديث الليث عن بكر بن سوادة عن عطاء عن أبي سعيد قال: لم يروه عن الليث متصلا إلا عبد الله بن نافع تفرد به المثنى. وقال الدارقطني: تفرد به عبد الله بن نافع. عن الليث هذا الإسناد متصلا وخالفه ابن المبارك وغيره فلم يذكروا أبا سعيد. وعاب أبو الحسن على الأشبيلي كونه دعاه بالإرسال وأعقل كونه منقطعا فيما بين الليث وبكر، قال: قلت: هو قد منع به مرسلا، والمرسل متصل إلى عطاء بزيادة عمير (1) /فلعله الذي أورد فإيّاه قصد فالجواب أن يقول: هو إذن قد ترك أن تبيّن أنه مرسل في إسناده رجل مجهول، وذلك أنّ عميرة ابن أبي ناجية مجهول الحال فإذا لم يبيِّن ذلك فقد أوهم أنه لا عيب له إلا الإرسال وألا ظهر انه لم يرد شيئا من ذلك ولا أعتقد فيه إلا أنه إذا سقط منه ذكر أبي سعيد- يعني: من رواية الليث- عن بكر عن عطاء مرسلا على نحو ما رواه ابن المبارك عن الليث ذكر روايته الدارقطني فقال: ثنا محمد بن إسماعيل ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الرزاق عن ابن المبارك عن كثير عن بكر عن عطاء: أن رجلين أصابتهما جنابة فتيمما ... نحوه، وإذا كان هذا هو الذي اعتقد فلم يعتمد إلا منقطعا فيما بين كثير وبكر ولكنه لم يبيّنه، ولا أيضا شيء له على نحو ينفعه؛ فإنّ المنقطع الذي اعتمدنا وصّله أبو داود عن رجل مجهول وهو عميرة، وأقول بعد هذا أنّه قد جاء من رواية أبي الوليد الطيالسي ثنا الليث عن عمرو بن الحرث وعميرة عن بكر عن عطاء عن أبي سعيد ذكره أبو على بن السكن فقال: ثنا أبو بكر الواسطي ثنا عباس بن محمد ثنا أبو الوليد فذكره. وأمّا الانقطاع الذي زاده ابن لهيعة فيما بين بكر وعطاء فلا يلتفت إليه؛ لضعف ابن لهيعة. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ من حيث عصبة الجنابة برأس عميرة وأظنّه أبا عذرة هذا القول، وليس كما زعم أنه ممن قال فيه الحافظ أبو سعيد بن يونس: هو مولى حجر بن ذى رعني ثم مدر يكنى أبا يحيى وكان ناسكا متعبدا، فقال:

_ (1) قوله: " بزيادة عمير " سقطت من " الأولى " وأثبتناه من " الثانية ".

إن أباه ناجية كان روميا يدّعى حريثا روى عنه عبد الرحمن بن شريح وحيوة بن شريح والليث وبكر بن مضر ويحيى بن أيوب ورشدين بن سعد وعبد الله بن وهب، قال ابن دريد: توفي سنة ثلاثٍ وخمسين ومائة، فنحر مصرحا من الحج وكانت له عبادة وفضل، وقال أحمد بن وزير: سمعت ابن وهب يقول: كان عميرة من العباد وكان بمنزلة النائحة إذا قرأ يبكي، وإذا سجد يبكي، وإذا سكت عن القراءة، وفرغ من الصلاة/ جلس يبكى وكان يزيد بن حاتم الأمير سئل عنه فيقول: ما فعلت الكلا، وقال أبو نصر بن ماكولا: وروى عن يزيد بن أبي حبيب وأبي الأسود ويحيى بن سعيد الأنصاري، وقال النسائي: وابن بكر كان ثقة. وقال المسحالي عن أحمد بن محمد بن رشدين: سمعت أحمد بن صالح وسئل عن عميرة وأبي شريح فقال: هما متقاربان في الفضل وذكره البستي في كتاب الثقات وقال: توفي سنة إحدى وخمسين. وكذلك ذكره ابن نافع. وأمّا التيمم لردّ السلام ففيه حديث أبي الجهيم بن الحرث بن الصمة قال: " أقبل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلِّم عليه فلم يرد عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم ردّ عليه السلام ". أنبأ به المسند المعمر أبو الحسن بن الصلاح- رحمه الله- أنبأ العلامة أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري وأبو عبد الله المرسى قالا: أنبأ المؤيد الطوسي أنبأ الفراوي أنبأ الفارسي أنبأ أبو أحمد بن عمرو به ثنا أبو إسحاق بن سفيان سمعت أبا الحسين القشيري قال: وروى الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن عون عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى دخلنا على أبي الجهيم، فقال ... الحديث. كذا ذكره مسلم (1) بن الحجاج في صحيحه مقطوعا، وفيه مع ذلك وهم: وهو قوله: عبد الرحمن بن يسار، وقد ذكره أبو عبد الله في صحيحه متصلا سالما من هذا الوهم أنبأ بذلك مسندا، وفيه الشيخ أبو العباس الصالحي- رحمه الله- أنبأ ابن الزبيدي أنبأ أبو الوقت

_ (1) صحيح. رواه مسلم في: 3- كتاب الحيض، 28- باب التيمم، (ح/114) . قوله: " من نحو بئر جمل " أي: من جانب ذلك الموضع. وبئر جمل موضع بقرب المدينة.

أنبأ الراودي أنبأ السرخسي أنبأ الفربري أنبأ محمد بن إسماعيل- رحمه الله- ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج قال: سمعت عميرا مولى ابن عباس قال: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة حتى دخلنا على أبي جهيم، فذكره ورواه أبو داود (1) وأبو عبد الرحمن من رواية شعيب بن أينب عن أبيه فثبت اتصاله وصح الاحتجاج به، ووقع في هذا الحديث زيادة حسنه أنبأ بها المسند المعمر علي/بن موسى الحجازي أنبأ شيخ الإسلام شمس الدين الخردقي قراءة عليه في شهور سنة تسع وستين وستمائة، ثنا الفقيه رشد الدين زاهد بن محمد المروزي أنبأ شيخ الإسلام أبو محمد التميمي أنبأ الحافظ أبو محمد الحسين بن مسعود، أنبا عبد الوهاب بن محمد الكناني، أنبأ عبد العزيز بن أحمد الخلال، ثنا أبو العباس الأصم، قال البغوي: وأنبأ أحمد بن عبد الله الصالحي ومحمد بن أحمد العارف قالا: أنبأ أبو بكر الحيري ثنا الأصم أنبأ الربيع أنبأ الشّافعي أنبأ إبراهيم بن محمد عن أبي الحويرث عن الأعرج عن ابن الصمة قال: " مررت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يبول، فسلمت عليه فلم يردّ علي حتى قام إلى جدار فحثّه بعصا كانت معه، ثم وضع يده على الجدار فمسح وجهه وذراعيه، ثم ردّ علي " (2) . قال: هذا حديث حسن وفيه فوائد منها: وجوب مسح اليدين إلى المرفقين، ومنها: أنّ التيمم لا يصح ما لم يعلق باليد غبار التراب؛ لأنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حثّ الجدار بالعصا ولو كان مجرد الضرب كافيا لكان لا يحثّه. وحديث أبي هريرة تقدّم ْذكره من عند ابن ماجة. وحديث عبد الله بن عمر تقدم أيضا. وحديث عبد الله بن حنظلة بن الراهب: " أن رجلا سلم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد بال فلم يرد عليه حتى قام بيده إلى الحائط، يعني: أنه تيمم- ". رواه أحمد في مسنده (3) وفي طريقه رجل لم يسم. وحديث سليمان بن يسار " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 122- باب التيمم في الحضر، (ح/ 329) . قلت: وإسناده صحيح متصل. (2) حسن. رواه البيهقي: (1/205) . (3) ضعيف. رواه أحمد: (5/225) . قلت فيه رجل لم يُسم.

ذهب إلى مرحل حاجته ثم أقبل فسلم عليه رجل فلم يرد عليه حتى مسح يده بجدار ثم رد عليه السلام ". ذكره أبو بكر في كتاب المعرفة. وأما التيمم بالسباخ ففيه: حديث عائشة قال عليه الصلاة والسلام: " قد أريت دار هجرتكم أرأيت مسبخة ذات نخل ... " الحديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه (1) وقال فيه: إن التيمم بالسباخ جائز، وأما التيمم للجنازة ففيه حديث رواه ابن عدى (2) من جهة مغيرة بن زياد عن عطاء عن ابن عباس قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا فجئتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمي "./قال ابن عدي: هذا غير محفوظ وإنما هو موقوف عن ابن عباس. وفي كتاب العلل لعبد الله بن أحمد، وروى الليث عن نافع عن ابن عمر أنه قال: " لا يصل على الجنازة إلا وهو طاهر ". قال البيهقي: وكذلك رواه مالك عن نافع. والذي روى عنه في التيمم لصلاة الجنازة يحتمل أن يكون في السفر عند عدم الماء، وفي إِسناد حديث ابن عمر في التيمم ضعف، وأما التيمم لكل فريضة فقد صح عن ابن عمر وروى عن علي وعمرو بن العاص وابن عباس فيما قاله البيهقي: واستدل على جد طلب الماء بحديث ابن عمر: " أنه تيمم مريد (3) النعم وصلى وبينه وبين المدينة ثلاثة أميال وبمرية أيضا أن كان يكون في السفر فحضره الصلاة، والماء منه على غلوة أو غلوتين ". ونحو ذلك ثم لا يعدل إليه، وسئل ابن المسيب عن راعى في غنمه أوراعى تصيبه الجنابة وبينه وبن الماء ميلان أو ثلاثة، قال: يتيمم صعيدا طيبا. وعن علي: " اطلب الماء حتى يكون أخر الوقت، فإذا لم تجد ماء تيمم ثم صل " قال أبو بكر: وهذا لم يصح عن علي والثابت عن ابن عمر يقول ومعه طاهر القرآن، والله تعالى أعلم.

_ (1) صحيح. رواه ابن خزيمة (265) والبخاري (3/128) وتلخيص (1/149) والنبوة (2/ 459) والمنثور (3/243) وابن عساكر في " التاريخ " (7/139) وطبقات ابن سعد (1/1/ 152) والبداية (3/168) . (2) ضعيف. رواه ابن عدي في " الكامل " (7/2640) ونصب الراية (1/157) والمتناهية (1/381) . قلت: الحديث غير محفوظ. (3) قوله: " مريد " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

61- باب ما جاء في الغسل من الجنابة

61- باب ما جاء في الغسل من الجنابة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد ثنا وكيع عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب مولى ابن عباس ثنا ابن عباس عن خالته ميمونة قالت: " وصفت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غسلا، فاغتسل من الجنابة، فأكفأ الإناء بشماله على يمينه، فغسل كفيه ثلاثا، ثم أفاض على فرجه بالأرض ثم دلك يده بالأرض، ثم تمضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه ثلاثا ثم أفاض على سائر جسده، ثم تنحى فغسل رجليه ". هذا حديث خرجه أصحاب الكتب الستة (1) ، وفي لفظ للبخاري: " ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكا شديدا، ثم توضأ وِضوءه للصلاة، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات على كفيه وفي آخره ثم أهِيثُهُ (2) بالمنديل/فرده ". وفي رواية: " وجعل يقول بالماء هكذا، ينفضه "، وفي لفظ: " ثم غسل فرجه، ثم مال بيده إلى الأرض فمسحها بالتراب ثم غسلها "، وفي لفظ: " فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا "، وفي لفظ لمسلم: " يغسل فرجه وما أصابه، ثم مسح يده بالحائط أو الأرض "، وفي صحيح الإسماعيلي: " مسح يده في الجدار، وحين قضى غسله غسل رجليه ". وفي لفظ: فلما فرغ من غسل فرجه دلك يده بالحائط ثم غسلها، فلما فرغ من غسلها غسل قدميه "، وفي لفظ للبخاري: " وضعت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسترته بثوب ". وفي لفظ: " فأكفأ بيمينه على شماله مرتين أو ثلاثا ثم غسل فرجه ثم ضرب بيده الأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا "، وفي لفظ: " ثم أفرغ بيمينه على شماله فغسل مذاكيره "، وفيه: " ثم غسل رأسه ثلاثا ". وفي لفظ: " فلما فرغ من غسله، غسل رجليه لم يزِد" قال الإسماعيلي: قدمين زائدة أن من الجنابة ليس

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (266) ومسلم في (الحيض، ح/37) وأبو داود (ح/ 245) والترمذي (103) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (1/163) وابن ماجة (ح/573) والبيهقي (1/177، 184) والدارقطني في " السنن " (1/114) والدارمي (ح/747) ومالك في الموطأ (الطهارة، ح/89) . (2) كذا ورد في السياق " بالأصل ".

من قول ميمونة ولا ابن عباس وإنّما هو عن سالم، وفي صحيح ابن خزيمة: " ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفيه ". وفي لفظ: " فأتى بمنديل فأبي أن يقبله وجعل ينفض الماء عنه ". ولفظ أبي علي الطوسي في كتاب أحكامه وحكم عليه بالصحة فأتيته بثوب فقال بيده: هكذا. وعند الدارقطني: " ثم غسل سائر جسده قبل كفيه ". وفي مسد الدارمي: " فأعطيته ملحفة فأبي ". ولما ذكر بعده حديث عائشة قال: هذا أحب إلي من حديث سالم- يعني: حديث ميمونة- وقد أشار إلى هذا قبل. حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب بن عبد الواحد بن زياد ثنا صدقة بن سعيد الجعفي ثنا جميع بن عمير التيمي قال: " انطلقت مع عمتي وخالتي فدخلنا على عائشة فسألناها: كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصنع عند غسله من الجنابة؟ قالت: كان يفيض على كفّيه ثلاث مرات، ثم يدخلها الإناء، ثم يغسل رأسه ثلاث مرّات، ثم يفيض على جسده، ثم يقوم إلى الصلاة. وإنا نحن فإنا نغسل رءوسنا خمس مرات من أجل الضفر ". هذا حديث رواه البيهقي في/الكبير (1) بلفظ: " دخلت مع عمتي وخالتي على عائشة، فسألها إحداهما كيف كنتم تصنعون ... " الحديث. ولما ذكره أبو محمد الأشبيلي سكت عنه إلا أنّه أبرز من إسناده جميعا وذلك مشعر بصحته عنده، وتتبع ذلك عليه ابن القطان بكونه لهوى ذكر راويه عن جميع وهو صدقة بن سعيد والد الفضل بن صدقة وهو علّة الخبر، قال البخاري: عنده عجائب. وقال فيه الساجي: ليس بشيء. وقال ابن وضاح: ضعيف. وقال فيه أبو حاتم: شيخ وبالجملة فلم يثبت عدالته، أو لم يثبت فيه جرح مفسد وإلى هذا فإن جميعا وإن كان قد روى عنه جماعة وقالوا إنه صالح الحديث فقد قال أبو حاتم فيه: من عنق الشيعة، وقال أبو أحمد بن عدي: عامة ما يرويه لا يتابعه غيره عليه. وأحسن أحوال هذا الحديث أن يقال فيه: حسن. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ من حيث عصبة الجنابة برأس صدقة وبترميه جميعا وهو ممن قال فيه ابن نمير: كان من أكذب الناس. وقال البخاري في الأوسط: حديثه ليس بشيء. وقال في الكبير: سكتوا عنه

_ (1) ضعيف. رواه البيهقي: (1/180) .

وهو قد أخبر عن اصطلاحه في هذه اللفظة فيما ذكره الدولابي عنه: بأنهم تركوا حديثه، وقال الخفّاف عنه: لا أروى عنه. وفي لفظ: لا يحل الرواية عنه. وقال الساجي: في أحاديثه مناكير وفيه نظر، وهو صدوق. ولما ذكره البلخي في كتاب الضعفاء قال: هذا يضع الحديث لا يحتمل. وقال العجلي: لا بأس به يكتب حديثه وليس بالقوي. وذكره ابن حبان في كتاب الضعفاء، فقال: كان يضع الحديث. وذكره في كتاب الثقات سهوا منه أو لترجيح أحد الأمرين على الآخر ويشبه أن يكون ذكره إياه في الضّعفاء آخر الاحتمال اطلاعه بعد على كلام القدماء، فنظره ثابتا وسر أحاديثه فترجح الضعف على غيره. وقال المنذري: لا يحتج بحديثه. ولما ذكره أبو العرب كلام أبي الحسن فيه كوفي تابعي ثقة. وقال أبو العرب: لا يتابع على هذا، والله أعلم. فظهر من هذا أنّ سكوت أبي محمد عن ذكر صدقة كان صوابا؛ لكونه ممن ذكره البستي في كتاب الثقات. ولما ذكره/ابن القطان من عدم سرد جرح مفسد فيه، وأمّا إبرازه جمعيا فليس لقائل أن يقول إنما أبرزه لطعن فيه سبق ذكره أو ليكل الناظر فيه إلى علمه؛ لأنه لم يتقدم له فيه ما يشعر بذلك كعادته في الحوالة أو يقول: كتبته حتى أنظره، وأمّا كلام الدارقطني إذ سئل عن هذا الحديث خالف الرقيقي العلاء بن صالح، فرواه عن جميع بن عمير عن عائشة موقوفا. وحديث صدقة أشبه بالصواب فليس فيه تعرض للتصحيح وعدمه، إنّما فيه ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى على ما فيهما ومن المستغرب في هذا الحديث هو قولها: فأمّا نحن فنغسل رءوسنا خمس مرات من أجل الضفر لما أثبت في صحيح البخاري (1) عنها أنها قالت: " كنا إذا أصابت إحدانا جنابة، أخذت بيديها ثلاثا فوق رأسها ". وفي صحيح مسلم (2) : " وما أريد أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات ". وفي صحيح ابن خزيمة " ثلاث حثيات " أو قال:

_ (1) صحيح. رواه البخاري في: 5- كتاب الغسل، 19 باب من بدأ بشق رأسه الأيمن في الغسل، (ح/227) . (2) صحيح. رواه مسلم في: 3- كتاب الحيض، 12- باب حكم ضفائر المغتسلة، (ح/59)

" ثلاث غرفات " وفي الموطأ (1) : " أن مالكا بلغه عن عائشة عن غسل المرأة من الجنابة ولتضغث رأسها بيدها " - يعني: تضمه وتجمعه وتغمره بيدها ليدخله الماء- وليس لقائل أن يقول لعلّ الحديث الأوّل يكون محمولا على أنّ شعرها كان مضفورا والثاني: غير مضفور لما ذكره أبو عبد الرحمن النسائي عنها: فأفيض على رأسي ثلاث مرات وما انقض لي شعرا، وفي حديث جبير بن نفير عن ثوبان عد أبي داود وأمّا المرأة فلا عليها أن تنقصه لتغرف على رأسها ثلاث غرفات بكفيها، وزعم بعضهم أن هذا معارض قوله عليه السلام لعائشة في حجة الوداع: " نقضى رأسك وامتشطي عن عمرتك "، وهو مخرج في الصحيح (2) . وفي كتاب الأفراد لأبي الحسن من حديث مسلم بن صبيح عن حماد عن ثابت عن أنس قال عليه السلام: " إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها نقضا وغسلته بخطمى وأشنان فإذا اغتسلت من الجنابة صبّت على رأسها الماء وعصرته " (3) وفيه أخذ أهل الظاهر. وحديث جابر مرفوعا:

_ (1) صحيح. رواه مالك في: 2- كتاب الطهارة، 17- باب العمل في غسل الجنابة، (ح/ 70) . قوله: " ولتضغث " قال ابن الأثير: الضغث معالجة شعر الرأس باليد عند الغسل، كأنها تخلط بعضه ببعض، ليدخل فيه الغسول والماء. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/86، 2/172، 3/4، 5، 5/221) ومسلم في (الحج، ح/111، 113) وأبو داود في (المناسك باب " 23 ") والنسائي (5/ 166) وأحمد (6/64 ظ، 246) والبيهقي (1/182، 4/346، 353، 5/105) وشرح السنة (7/81) وتجريد (41) وحبيب (2) وبداية (5/138) والموطأ (411) وتمهيد (8/198، 203، 204، 215، 225) وابن خزيمة (2788) . (3) ضعيف. رواه الخطيب في " تلخيص المتشابه " (2/ 34/1) والبيهقي في " السنن الكبرى " (1/182) من طريقين عن مسلم بن صُبيح: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أن مرفوعا. قال الدارقطني: " هذا حديث غريب من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أن. تفرد به مسلم بن صبيح عن حماد، ولم نكتبه إلا من هذا الوجه ". وأخرجه الضياء في " المختارة " (ق 2/23- مسند أنس) من طريق الطبراني وهذا في " المعجم الكبير " (1/2/37) وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/273) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه سلمة بن صبيح اليحمدي ولم أجد من ذكره.

" في المرأة تغسل من حيضة أو جنابة لا تنقض شعرها " (1) /ذكره أبو محمد بن جرير (2) وضعفه بابن حبيب وابن لهيعة، وقد وقع لنا من غير حديثهما رواه ابن أبي داود عن أحمد بن عضل وثنا أبو بكر الحنفي ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عنه وهو سند صحيح وقد جاء في كيفية غسله عليه السلام أحاديث منها حديث جابر: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأخذ ثلاثة أكف فيفيضها على رأسه ثم يفيض على سائر جسده ". خرجاه في الصحيح (3) من حديث أبي جعفر محمد بن علي عنه ورواه أبو سفيان عنه أنّ وفد ثقيف سألوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: إن أرضنا باردة فكيف نفعل بالغسل فقال: " أمّا أنا فأفرغ على رأسي ثلاثا " (4) . أنبأ به المسند المعمر أبو زكريا المقدسي- رحمه الله- قراءة عليه وأنا أسمع عن الفقيه بهاء الدين المصري أنبأ شهرة الزيدية قراءة عليها أنبأ أبو منصور قراءة عليه أنبأ الحافظ أبو بكر الخوارزمي ثنا الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل ثنا طلحة بن أبي طلحة كتبت عنه وأنا صغير وهو مغمور عليه لم أخرج عنه فيما صنعت شيئا أنبأ يحيى بن يحيى أنبأ هشيم عن أبي بشر عن أبي سفيان به. وحديث جبير بن مطعم عند البخاري (5) : " أما أنا فأفيض على رأسي ثلاثا وأشار بيده كلتاهما "، وخرجه مسلم (6) ولم يذكر بالإشارة وقال ابن أبي حاتم في علله عن أبي زرعة الصحيح موقوف. وفي مسند (7) أحمد: " فأخذ مِليءُ كفي ثلاثا ثلاثا فأصب على رأسي ثم أفيض بعد

_ (1) قال الترمذي عقب (ح/105) : " والعمل على هذا عند بعض أهل العلم: أن المرأة إذا اغتسلت من الجنابة فلم تنقض شعرها أن ذلك يجزئها بعد أن تفيض الماء على رأسها ". قلت: والحديث ضعيف، وذكره ابن جرير محمد. (2) قوله: " أبو محمد بن جرير " سقط من " الأولى " وأثبتناه من " الثانية ". (3) صحيح. رواه البخاري (1/73) وإتحاف (2/378) وأصفهان (2/282) . (4) رواه أحمد (3/304، 4/85) والبيهقي (1/187) والكنز (27251، 27381) والمنحة (224) وجرجان (238) . (5، 6) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/73) ومسلم (259) وأبو داود (239) وابن ماجة (575) وأحمد (4/84) والبيهقي (1/176، 177) وعبد الرزاق (995) والمنحة (223) والجوامع (4309) والطبراني (2/112، 113) وابن السني (1/64) . (7) صحيح. رواه أحمد: (4/84) .

على سائر جسدي ". وحديث أبي هريرة عند أحمد (1) : " كان عليه السلام يصب بيده على رأسه ثلاثا ". وحديث ثوبان عند أبي داود (2) : " أما الرجل فلينثر رأسه، فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر ". وحديث ابن عباس أنه: " كان إذا اغتسل من الجنابة، يفرغ بيده اليمنى على يده اليسرى سبع مرات، ثم يغسل فرجه، فنسى مرة". قال شعبة لمولاه: فسألني كم أفرغت؟ قلت: لا أدري قال: لا أدراك، وما يمنعك أن تدري؟ ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم أفاض على جلده الماء ثم قال: هكذا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتطهر ". رواه أبو داود (3) من حديث شعبة، وفيه كلام وخرج أيضا حديث أبي عاصم/عن ابن عمر: " كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة سبع مرات، وغسل البول من الثوب سبع مرات، فلم يزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسأل حتى جعلت الصلاة خمسا، والغسل من الجنابة مرة، وغسل البول من الثوب مرة " (4) . عبد الله بن عاصم وثقة ابن معين وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: شيخ والراوي عنه أيوب بن جابر تكلم فيه جماعة. وقال فيه الفلاس: صالح. وقال أحمد: حديثه يشبه حديث أهل الصدق وقال ابن عدي: أحاديثه صالحة متقاربة يحمل بعضها بعضا، وهو ممن يكتب حديثه. وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن ابن عمر إلا ابن عاصم. تفرد به أيوب. وحديث عائشة: " كان عليه الصلاة والسلام إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوء للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أنه قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه ". رواه في

_ (1) صحيح. رواه أحمد (3/292) وأبو عوانة (1/232) . (2) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 99- باب في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل، (ح/255) . (3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 97- باب الغسل من الجنابة، (ح/ 246) (446) صحيح. رواه أحمد (2/109) والمشكاة (450) والإِرواء (1/186) .

الصحيح (1) وفي لفظ وعابش نحو الحلاب، زاد البزار: من حديث الطفاوي عن أيوب عن هشام عن أبيه عنها: " كان يخلل رأسه مرتين فيغسل الجنابة ". وفي سنن أبو داود (2) من حديث: رجل من سواه عنها: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يغسل رأسه بالخطمي وهو جنب يجتزئ بذلك ولا يصعب عليه الماء". وفي لفظ: " حتى إذا رأى أنه قد أصاب البشرة، أو أبقى بشرة، أفرغ على رأسه ثلاثا وإذا فصلت فصله صبها عليه ". وفي أحكام الطوسي وصححه: " ثم يشرب شعره الماء، ثم يحثى على رأسه ثلاث حثيات ". وفي لفظ: " ثم غسل مرافقه وأفاض عليه الماء إذا أنقاهما أهوى إلى حائط، ثم يستقبل الوضوء ثم يفيض الماء على رأسه ". وفي لفظ: قالت عائشة: " إن شئتم لأرينكم أين يد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحائط حيث كان يغتسل من الجنابة ". وفي الأوسط لأبي القاسم: ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا أبي ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب وعلي بن زيد عن أبي سلمة عنها أن النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا اغتسل من جنابة غسل كفيه ثلاثا، ووصفت المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه والذراعين ثلاثا ثلاثا، ثم يصب الماء على رأسه واحدا واحدا. فإذا فرغ من مغتسله غسل يديه ". قال: لم يروه عن حماد عن عطاء عن أبي عبد الرحمن إلا مؤمل. وحديث عمر مرفوعا: "تفرغ بيمينك على شمالك، ثم تدخل يدك في الإناء فتغسل فرجك وما أصابك، ثم توضأ وضوءك للصلاة ثم تفرغ على رأسك ثلاث مرات تدلك رأسك كل مرّة ". ذكره الطبراني في الأوسط مطولا من حديث أبي إسحاق عن عاصم بن عمرو عن عمير مولى

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/73، 74) ومسلم في (الحيض باب " 9 " رقم " 35، 36 " مكرر، 39) وأبو داود في (الطهارة، باب " 97 ") والنسائي في (النسل، باب " 15، 16، 19، 149، 153 ") وأحمد (1/307، 6/237، 330) وتجريد (62) والمشكاة (435) وشفع (104) وشرح السنة (2/10) والدارقطني (1/113) والشافعي (19) وعبد الرزاق (999) وإتحاف (2/337) ومطالب (178) والنسائي (1/134) . (2) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 100- باب في الجنب يغسل رأسه بخطمى، (ح/256) .

عمر عنه، غريبه: قال أبو زيد الأنصاري: الغسل بالفتح: الاسم وبالضم: اسم الماء وقيل: فهما معا اسم الفعل وهو قول ابن قريب. وفي الجمهرة: الغسل مصدر غسلت الشيء أغسله غسلا، والغسل الاسم والغسل ما غسلت به رأسك، وبنحوه قاله في الصحاح الجامع، وفي المغيث: المغتسل والغسول اسم الماء الذي يغتسل به، والمغتسل مصدر اغتسل؛ لأنّ مصدر افتعل مفتعل، فيحتمل أن يكون إنّما سُمِّى بالمصدر، والمغتسل الموضع الذي يغتسل منه وفيه، وفي الصحيح وضعت له غسلا من الجنابة بضم الغين وهو الماء الذي يغتسل به كالأكل لما يؤكل.

62- باب الوضوء بعد الغسل

62- باب الوضوء بعد الغسل (1) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن عامر بن زرارة وإسماعيل بن موسى السدّى قالوا: أنبأ شريك عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يتوضأ بعد الغسل من الجنابة ". هذا حديث لما خرجه أبو عيسى (2) من حديث شريك قال فيه: صحيح. وعاب ابن القطان على أبي محمد اتباع في ذلك لأجل شريك لأنه دائما يضعف به الأحاديث قال وطريقه الجيدة ما ذكرها النسائي عن أحمد بن عثمان بن حكيم ثنا أبي ثنا حسن بن صالح بن حيي عن أبي إسحاق، وكأنه نزل بطريق أبي داود لأجل زهير؛ فإنّ أبا محمد وأبا الحسن يضعفان حديثه، وخرجه/ابن شاهين من حديث حبان العبري عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الأسود ولفظ أبي داود (3) وخرجه من حديث زهير أنبأ أبو إسحاق بلفظ: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل ويصلى الركعتين صلاة الغداة، ولا أراه يحدث وضوءا بعد الغسل ". ولما خرجه أبو عبد الله من حديث أيضا قال فيه: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله شاهد على شرط مسلم ملخص تفسيره. ولم يشك فيه الراوي فذكر حديث شريك المتقدّم ثم قال: وله شاهد صحيح عن ابن عمر ثناه عمر ابن جعفر البصري ثنا محمد بن الحسن بن مكرم ثنا محمد بن عبد الله بن مربع ثنا عبد الأعلى ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر: أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الوضوء بعد الغسل فقال: " وأي وضوء أفضل من الغسل ". محمد بن مربع ثقة وقد أوقفه غيره، وفي الأوسط لأبي القاسم: ثنا

_ (1) سقط هذا العنوان من " الأولى " وأثبتناه من " الثانية ". (2) صحيح. رواه الترمذي (ح/107) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (ح/ 209) وابن ماجة (ح/579) وأحمد (6/19، 68، 192، 253، 258) والبيهقي (1/ 179) وشرح السنة (2/14) والمشكاة (445) والكنز (17864، 27415) وأبن أبي شيبة (1/68) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 98- باب في الوضوء بعد الغسل، (ح/250) .

أسلم بن سهل الواسطي ثنا سليمان بن أحمد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن أبان بن تغلب عن عكرمة عن ابن عباس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " من توضأ بعد الغسل فليس منا " (1) . وقال: لم يروه عن أبان إلا سعيد، ولا عن سعيد إلا الوليد. تفرد به سليمان بن أحمد الجرشي الشامي سكن واسط، ولما ذكره أبو أحمد سليمان هذا ضعيف؛ بل متروك. وروى ابن أبي شيبة عن علقمة وقيل له أن قلابة توضأ بعد الغسل، فقال: أما لو كانت عندنا لم تفعل ذلك، وأي وضوء أعمر من الغسل، وروى نحوه عن جابر بن زيد وسعيد بن جبير وعكرمة وحذيفة وإبراهيم وعبد الله بن مسعود، وأما ما روى عن علي أنه كان يتوضأ بعد الغسل فمن طريق أبي البختري عنه ولم يسمع منه شيئا، ولو ثبت كان مجهولا عن انتفاض عارض كما حكى عن ابن عمر: " أنه توضأ بعد الغسل، فسئل فقال: خيل إلي أنه خرج من ذكرى شيء فتوضأت". كذلك أو يكون متعلقا بحديث قتادة عن عروة عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا اغتسل من الجنابة توضأ وضوءه للصلاة " (2) . قال ابن شاهين: وهو حديث غريب/صحيح، ولقائل أن يقول هذا محمول على الوضوء المسنون عند الاغتسال لا بعده كما في حديث ميمونة وغيرها، ويحتمل أنه منسوخ كما ذكره ابن شاهين، ويحتمل أن يكون محمولا على أنه لا يجزئ الغسل فقد لا ينوب عن الوضوء، ويحمل قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليس منا ". أي: ليس مثلنا، إلا أن يحدث بعد الغسل حادث فوجب الوضوء. كما قدّمناه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

_ (1) ضعيف. رواه الطبراني (11/267) والحلية (8/52) وابن عدي في " الكامل " (3/ 1140، 7/2618) والمجمع (1/273) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير والأوسط والصغير " وفي إسناد الأوسط سليمان بن أحمد كذبه ابن معين وضعفه غيره ووثقه عبدان. وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 797 ح/5535) . (2) تقدم من أحاديث الباب.

باب في الجنب يستدفئ امرأته بعد أن يغتسل (1) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شريك عن حريث عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل من الجنابة، ثم جاء فاستدفأنى فضممته إلي ولم اغتسل " (2) . وقال: ليس بإسناده بأس. ولما ذكره أبو علي الطوسي في أحكامه عن القاسم بن يزيد الوراق ثنا وكيع ثنا حريث بن أبي مطرد ثنا يعقوب الدورقي ثنا يحيى بن زكريا بن زائدة حدثني حريث بن أبي مطر، وهذا حديثه ربما اغتسل النبي ثم باشرني قبل أن أغتسل أو فيه ثم قال: فقال في هذا الحديث أنه ليس بإسناده بأس، ولفظ ابن وهب في مسنده: " ثم يأتي وأنا جنب فيسدفئ بي ". ولما خرجه أبو عبد الله الحاكم من حديث شريك وإسماعيل بن زكريا ثنا حريث بلفظ: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستدفئ بها بعد الغسل ". قال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وشواهده عن سعيد بن المسيب وعنده عن عائشة، والطريق إليهما فاسد. انتهى كلامه. وله فيه نظر من حيث أن حريث الفزاري أبا عمر والخيّاط الكوفي لم يخرج له مسلم في كتابه شيئا، وأنى له ذلك مع قول البخاري فيه نظر! وفي رواية ليس عندهم بالقوي. وقال الفلاس: لم أسمع يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عنه بشيء قط وهو حديث بن عمرو وهو ضعيف الحديث نابه عبيدة الضبي وعبد الأعلى/الجزار ونظراؤه، وقال ابن معين: لا شيء. وقال مرّة: ضعيف. وكذلك قاله أبو حاتم الرازي وأبو أحمد بن عدي. وقال النسائي وعلي بن الجنيد وأبو الفتح الأزدي: متروك. وقال الحربي: ليس هو بحجة، وفي تاريخ أبي زرعة البصري يضعون حديثه. ولما روى حديثه هذا أبو بكر في سننه الكبير قال: تفرد به حريث وفيه نظر. وروى من وجه آخر ضعيف عن

_ (1) سقط هذا العنوان من " الأولى " وأثبتناه من " الثانية ". (2) ضعيف الإسناد والمتن صحيح. رواه ابن ماجة (حبر 580) وأحمد (6/111) وابن أبي شيبة (1/77) والكنز (27443) . وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/ 128) وضعيف أبي داود (ح/44) والمشكاة (459) .

علقمة عن عائشة مختصرا. وذكره أبو جعفر العقيلي في كتاب الضعفاء ولما ذكره أبو زكريا الساجي قال: ضعيف الحديث عنده مناكير. ثم ذكر له هذا الحديث فقط، ولما ذكره الطبراني في الأوسط قال: لم يروه عن الشعبي إلا ابن أبي مطر وكلامه أوضح من كلام البيهقي؛ لأنّ كلامه يقتضى تفرّد حريث بالحديث نفسه، وليس كذلك لما أسلفناه من كتاب المستدرك، وكان أبو عبد الله لمح كذب شريك في الإسناد وأنه ممن يخرج مسلم حديثه، فاعتمده وسهى عمن عداه، وممن كان يستدفئ بزوجته عمر بن الخطاب من رواية النخعي عنه وأبو الدرداء من رواية عطاء الخراساني عن أم الدرداء وعبد الله بن عمر من حديث مسعر عن جبلة، وابن عباس من حديث إبراهيم بن المهاجر عن عبد الله بن شدّاد، وأبو هريرة، والأسود، وعلقمة، وعلي بن أبي طالب من حديث أبي إسحاق عن الحرث، وسعيد بن المسيب، والحسن البصري، ذكر ذلك في مصنفه ابن أبي شيبة، قال: وكرهه حماد حين رواه عن وكيع عن مسعر. وفي كتاب أبي داود من حديث الأفريقي عن عمارة بن عراب أن عمّة له حدّثته وأنها سألت عائشة؛ فذكرت حديثا فيه: " دخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مسجده. قال أبو داود: يعني: مسجد بيته، فلم ينصرف حتى غلبتني عيني وأوجعه البرد، فقال: ادن منّى فقلت: إني حائض، فقال: وأن اكشفي عن فخذيك فكشفت فخذي فوضع خدّه وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى دفيء ونام صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1) . ويعارض هذا على تقدم صحته ما في التمهيد من حديث ابن لهيعة، قال أبو عمر: ولا يعرف/إلا من طريقه إن فرط بن عوف سأل عائشة: أكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضاجعك وأنت حائض؟ قالت: نعم، إذا شددت على إزاري وذلك إذا لم يكن لنا إلا فراش واحد فلما رزقنا الله فراشين اعتزل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وما في السنن أيضا عن أبي اليمان عن أم درة وهي مجهولة فيما قاله ابن حزم عن

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/270) وابن كثير (1/378) والبخاري في الأدب للفرد (ح/ 120) والمنثور (1/259) والتمهيد (3/175) .

عائشة أنها قالت: " كنت إذا حضت نزلت عن المثال على الحصير فلم يقرب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يدن منه حتى نطهر " (1) 0 الغريب قال ابن القطاع: يقال: دفيء دفأ ودِفْاء ودفأة: ذهب عنه البرد. وقال ابن درستويه: والمصدر الدفأ ممدود والدفأة ومنه رجل دفان وامرأة دفأني إذا كان سخنا من حرارة أو مرض أو عليل القلب من الحب. وفي نوادر الترمذي: دفؤه فاه مثل توضوء وضأه ودفأ يزيه دفعا وفي شرح الترمذي وقوله يعني: يعلما من الرجل فهو دفآن وامرأة دفأة أي: كثير لحمها وسمنها. وقال ابن قريب: يقال رجل دفأ بكسر الدال مع الهمز وكذلك الكسائي، وقال ابن سيده: إنّما إذا أستدفي فدفيء في مكسور لا غبر ورجل دفان وبلده وفيه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/271) والمشكاة (ح/556) . قوله: " المثال " - بكسر الميم بعدها ثاء مثلثة- قال الجوهري: هو الفراش.

63- باب في الجنب ينام لهيئته لا يمس ماء

63- باب في الجنب ينام لهيئته لا يمس ماء حدثنا محمد بن الصباح ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجنب، ثم ينام ولا ماء حتى يقوم بعد ذلك فيغتسل " (1) . وذكره أيضا من حديث أبي الأحوص عن أبي إسحاق بلفظ: " إن كانت له حاجه إلى أهله فقضاها ثم ينام كهيئته لا يمس ماء ": من حديث سفيان عنه بلفظ: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يجنب، ثم ينام كهيئته لا يمس ماء " (2) . قال سفيان: فذكرت الحديث يوما فقال لي إسماعيل: يا فتى يشدّ هذا الحديث بشيء، هذا حديث اختلف فيه فصححه قوم وضعفه آخرون فمن الضعفاء يزيد بن هارون قال أبو داود: ثنا الحسين بن علي الواسطي سمعت يزيد بن/ هارون يقول هذا الحديث، وهو يعني حديث أبي إسحاق، وفي كتاب ابن العبد ليس بالصحيح وفي موضع آخر وهم أبو إسحاق في هذا الحديث، وفي كتاب العلل لابن أبي حاتم: قال شعبة: قد سمعت حديث أبي إسحاق أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ينام جنبا ولكنني أبعثه. وقال مهنا: سألت أبا عبد الله عنه فقال: ليس صحيحا، قلت: لم؟ قال: لأن شعبة روى عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوء للصلاة " (3) . قلت: من قبل من جاء بهذا الاختلاف؟ قال: من قبل أبي إسحاق، ثم قال: وسمعت يزيد بن هارون يقول: حرموا أبو إسحاق في هذا الحديث. ثم قال: وسألت أحمد بن صالح عن هذا الحديث فقال: لا يحل أن يروى هذا الحديث. قال أبو عبد الله: الحاكم يرويه مثل قصة أبي إسحاق ليس

_ (1) صحيح الإسناد. رواه ابن ماجة (581) وأحمد (6/43) والمعاني (1/125) وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (583) وأحمد (6/111) والمشكاة (468) والمجمع (1/275) وعزاه إلى أحمد ورجاله رجال الصحيح. وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه أبو عوانة (1/278) وأحمد (6/192) والمعاني (1/125) .

عن الأسود: " الجنب يأكل ". ورواه في مسنده بألفاظ منها: " إذا كانت له إلى أهله حاجة أتاهم ثم يعود ولا يمس ماء ". وفي لفظ: " كان يصيب أهله من أول الليل ثم قام ولا يمس ماء، فإذا استيقظ من آخر الليل عاد إلى أهله واغتسل " (1) . ولفظه في الأوسط. ورواه من حديث حمزة الريان عن أبي إسحاق: " كان يجامع (2) المرأة من نسائه ولا يمس ماء، فإن أصبح فأراد أن يعاودها عاود وإن لم يرد اغتسل " (3) . وقال: لم يروه عن حمزة إلا زياد أبو حمزة. تفرد به عامر بن إبراهيم، وفي كتاب الأثرم فلو لم يخالف أبا إسحاق في هذا إلا إبراهيم وحده كان أثبت وأعلم بالأسود، ثم وافق إبراهيم عبد الرحمن بن الأسود، ثم وافقهما فيما رواه أبو سلمة وعروة عن عائشة، ثم وافق ما صح من ذلك عن عائشة رواية ابن عمر عن عمرو ما روي عن عمار وأبي سعيد فتبين أنّ حديث أبي إسحاق إنّما هو وهم، وروى هشيم عن عبد الملك- يعني: ابن عمير- عن عطاء عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثل ما رواه أبو إسحاق عن الأسود قال: ورواية عطاء عن عائشة ما لا يحتج به إلا أن يقول: سمعت، ولو قال: في هذا سمعت،/كانت تلك الأحاديث أقوى وقال أبو عيسى: وقد روى غير واحد عن الأسود عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إنّه كان يتوضأ قبل أن ينام " (4) . وهذا أصح من حديث أبي إسحاق وقال: وكانوا يرون إن هذا غلطا من أبي إسحاق، وقال القشيري في كتاب التمييز: ذكر الأحاديث التي نقلت على الغلط في متونها ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا أبو إسحاق به قال: فهذه الرواية عن أبي إسحاق خاصة، وقد جاء النخعي وعبد الرحمن خلاف ذلك، وقال الطوسي في الأحكام: وحديث: " كان يتوضأ قبل أن ينام ": صح من حديث الشعبي، وقد رواه عنه شعبة والثوري وغير واحد، ويرون هذا غلطا من أبي إسحاق، وقال ابن الحصار في كتابه

_ (1) رواه أبو حنيفة (33) وأحمد في " المسند " (6/107) . (2) قوله: " يجامع " سقطت من " الأولى " وأثبتناه من " الثانية ". (3) المعاني (1/127) وأصفهان (1/318) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح/241) وأحمد في " المسند " (6/ 188، 273) والدارقطني في " السنن " (1/144) .

تقريب المدارك: هذا مما يكاد يتفق عليه المحدثون إلا القليل- يعني: أنّ أبا إسحاق غلط- وقال عبد الحق: وحديث أبي إسحاق عندهم غلط. وقال أبو عمر: حديث الثوري عن أبي إسحاق لم يمس ما خطأ ونحن نقول به. وقال الحربي: لم يزل المتفقهة من أصحاب الحديث يتكلم في حديث أبي إسحاق يقولون: كيف حكا عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضى حاجته من أهله ثم ينام ولا يمس ماء؟! قال: وإبراهيم وعبد الرحمن بن الأسود يحكون عنه عن عائشة: " كان يتوضأ وضوءه للصلاة"، ووافق إبراهيم وعبد الرحمن على روايتهما أبو سلمة وعروة وأبو عمر وذكوان، وقوى هذا القول عمر فيما سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو سعيد وعمار وابن عباس وجابر وأم سلمة، وكان أحسن الوضوء في ذلك إن صح حديث أبي إسحاق فيما رواه ووافقه عطاء والقاسم وكريب والسوائي أن تكون عائشة أخرت الأسود أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ربما توضأ وربما أخّر الوضوء والغسل حتى يصبح، فأخبر الأسود إبراهيم: " أنّه كان يتوضأ ". وأخبر أبا إسحاق أنه: " ان يؤخر الغسل ". وقد حكى مثل ذلك عصيب عن عائشة وعبد الله بن أبي قيس ويحيي بن يعمر والصنابحي وهذا أحسن وجوهه، والله أعلم. وأمّا المصححون: فأبو الحسن الدارقطني بقوله يشبه أن يكون/الخبران صحيحين؛ لأن عائشة قالت: ربما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدم الغسل وربما أخّره كما حكى ذلك عصيف وعبد الله بن أبي متين وغيرهما عن عائشة وأن الأسود حفظ ذلك عنها فحفظ أبو إسحاق عنه فأخبر الوضوء والغسل، وحفظ عبد الرحمن وإبراهيم يقدم الوضوء على الغسل. ولما ذكر أبو بكر البيهقي في سننه حديث أبي إسحاق قال: سألت الأسود بن يزيد وكان أبي جار أو صديقا عما حدّثته عائشة عن صلاة النبي: قالت: " كان ينام أول الليل ويحيى آخره، ثم إن كانت له إلى أهله حاجة قضى حاجته، ثم نام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأوّل قالت: وثب فلا والله ما قالت: قام وأخذ الماء، ولا والله ما قالت: اغتسل، وأنا أعلم ما يريد وإن لم يكن له حاجة توضأ وضوء الرجل للصلاة، ثم صلى ركعتين ". أخرجه مسلم (1) في

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه مسلم في (صلاة المسافرين، باب " 17 " رقم " 139 ") والبخاري (2/66) والنسائي في (قيام الليل، باب " 17 ") وابن ماجة (1365) =

الصحيح عن يحيى بن يحيى وأحمد بن يونس ثنا زهير عن أبي إسحاق دون قوله قبل أن يمس ماء؛ وذاك لأنّ الحفاظ طعنوا في هذه اللفظة، وتوهموها مأخوذة من غير الأسود، وأنّ أبا إسحاق رّبما دلس فرواها من تدليساته، واحتجوا على ذلك برواية النخعي وعبد الرحمن بن الأسود بخلاف رواية إسحاق قال: وحديث أبي إسحاق صحيح من جهة الرواية؛ وذلك أنّه بيّن فيه سماعه من الأسود في رواية زهير عنه، والمدلس إذا بين سماعه ممن روى عنه وكان ثقة، فلا وجه لردّه ووجه الجمع بين الروايتين على وجه يحتمل، وقد جمع بينهما أبو العباس بن شريح فأحسن الجمع وذلك فيما أنبأ أبو عبد الله الحافظ: قال: سألت أبا الوليد الفقيه، فقلت: أيّ الإسناد قد صح عندنا حديث الثوري عن أبي إسحاق عن الأسود قال: " كان ينام ولا يمس ماء ". كذلك صح حديث نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر: يا رسول الله أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: " نعم إذا توضأ " (1) . فقال ابن الوليد: سألت ابن شريح عن الحديثين فقال الحكم: لهما جمعيا أم حديث عائشة فإنّما أرادت أنّه كان لا يمس ماء للغسل. وأمّا حديث عمر فمفسّر ذكر فيه الوضوء/وبه يأخذ. انتهى كلامه. ولو حمل الأمر على الاستحباب والفعل على الجواز لكان حسنا إذ الفعل لا يدلّ على الوجوب بمجرده، ويمكن أنّ يكون الأمران جميعا وقعا فالفعل لبيان الاستحباب والترك لبيان الجواز، وقد صرّح ابن قتيبة في كتاب مختلف الحديث به في قوله إنّ هذا كلّه جائز فمن شاء أن يتوضأ وضوءه للصلاة بعد الجماع ثم نام، ومن شاء غسل يديه وذكره ثم نام ومن شاء نام من غير أن يمس ماء غير أنّ الوضوء أفضل، وكان عليه الصلاة والسلام يفعل هذا مرّة وهذا مرّة ليدلّ على الفضيلة وهذا مرة ليدل على الرخصة، واستعمل النّاس ذلك، فمن أحبّ أن يأخذ بالأفضل أخذ، ومن

_ وأحمد (6/102، 253) والبيهقي (1/202) وشرح السنة (4/62) والمعاني (1/ 125) . (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 103- باب في الجنب يأكل ويشرب، (ح/592) . وصححه الشيخ الألباني.

أحبّ أن يأخذ بالرخصة أخذ. ولماّ ذكره أبو محمد ابن حزم مصححا له من حديث سفيان عنه قال: هذا لفظ يدل على مداومته عليه الصلاة والسلام كذلك وهى أحدث الناس عهدا بمبيته ونومه جنبا وطاهرا، فإن قيل: إن هذا الحديث أخطأ فيه سفيان؛ لأنّ زهيرا خالفه فيه قلنا. بل أخطأ بلا شك من خطأ سفيان بلا دليل، وسفيان أحفظ من زهير بلا شك وقد تابع سفيان على روايتهما أبو الأحوص والأعمش من حديث أبي بكر بن عياش عنه ولفظهما: " كان يجنب ثم ينام ولا يمس ماء " (1) . وإسماعيل بن أبي خالد من حديث هشيم عنه ذكره الطحاوي في شرح الآثار وحمزة الزيات ذكره أبو القاسم في الأوسط وقال: لم يروه عن حمزة إلا زياد أبو حمزة. تفرد به عامر بن إبراهيم، وقال الخزرجى في كلامه على الموطأ: وقد رواه عن أبي إسحاق أئمة عدول، وهذه رخصة ورفق من الله تعالى، لا ينبغي أن نطرح مثل هذا الحديث لأجل انفراد رواية العدل برواية لا تعارض زيادة من زاد عن الأسود وذكر الوضوء؛ إذ قد يصح أن يفعل الأمرين في وقتين، والله أعلم. وفي كتاب ابن شاهين: يجامع ثم يعود ولا يتوضأ وينام ولا يغتسل، وسيأتي ذكره فنبيّن مجموع ما سبق تكافؤ القولان المضعف والمصحح، ولم يبق إلا الترجيح بأمر زائد على ما يتفرع فيه وهو متابعة عطاء المذكورة عند الأثرم وما ذكره جرير من/التابعين وليس لتضعيفه رواية عن عائشة وجه لأمرين: الأول: تصريح جماعة العلماء بسماعه منها. وقد خرج الشيخان في صحيحهما أربعة أحاديث رواها عنها صرّح في بعضها بالسماع. الثاني: لم يك تدليسا حتى يتوقّف في روايته إذا لم يبيّن سماعه، وقد وجدنا أيضا له شاهدا من حديث أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإسناد جيّد خرجه الإمام أحمد في مسنده (2) قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجنب ثم ينام ثم ينتبه ثم ينام ". وحديث ابن عباس: " إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من الخلاء فأتى بطعام فقالوا: ألا نأتيك بطهر؟ فقال: أأصلي فأتطهر! " وبعضهم يقول فيه: ألا تتوضأ؟ قال: ما

_ (1) تقدم من أحاديث الباب ص 731. (2) صحيح. رواه أحمد في " المسند " (6/111، 298) وله شاهد إسناده جيد.

أردت الصلاة فأتوضأ! ثم تناول عرقا، فأكل منه ولم يمسّ ماء " (1) . قال أبو عمر: هو حديث صحيح وفيه دلالة: أنّ الوضوء لا يكون إلا لمن أراد الصلاة، وذلك رفع للوضوء عند النوم والأكل. وحديث يحيى بن معمر عن عمار بن ياسر المصحح عند الترمذي: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص للجنب إذا أكل أو شرب أو نام أن يتوضأ " (2) . قال أبو عمر: احتج به الكوفيون على أن الجنب لا بأس أن ينام قبل أن يتوضأ. قالوا: ومعناه: أن لا يتوضأ؛ لأنه في ذلك وردت الرخصة. قال أبو عمر: وهو محتمل للتأويل ولا حجة فيه. وحديث ضعيف وعبيد الله بن أبي قيس عن عائشة رّبما اغتسل من أوّل الليل وربما اغتسل في آخره وهو مصحح عند أبي عبد الله في مستدركه، وفي فوائد ابن صخر. هذا حديث شامي الطريق المحفوظ من حديث برد بن سنان عال من حديث قيس بن المفضل من هذا الوجه عن برد وهو غريب في الأصل، قال الحاكم: تابعه- يعني: سفيان- كهمس بن الحسين عن برد. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لأنّ جماعة قالوا: الصواب كهمس بن المنهال منهم المزي وغيرها والله تعالى أعلم. وصح عن حذيفة أنه قال: نومه قبل الغسل أوعب لخروجه وفي لفظ: نومه بعد الجنابة أوعبّ للغسل، ذكر ابن أبي شيبة في مصنفه/ثم قال: ثنا شريك عن إبراهيم عن مجاهد عن ابن عباس قال: " إذا جامع الرجل، ثم أراد أن يعود فلا بأس أن يؤخّر الغسل ". وحديث أنس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف على نسائه في غسل واحد ". خرجه مسلم (3) ، وفيه دلالة على تأخير استعمال الماء. وحديث عمر حين سأل عن نوم الجنب فقال عليه السلام: " يتوضأ إن

_ (1) صحيح. رواه أحمد في " المسند " (1/284) . (2) ضعيف. رواه أبو داود (ح / 225) وقال أبو داود: بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل، وقال علي بن أبي طالب وابن عمر وعبد الله بن عمرو: " الجنب إذا أراد أن يأكل يتوضأ ". وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/274) وعزاه إلى " الطبراني " وفيه يوسف بن خالد السمتي قال فيه ابن معين: كذاب خبيث عدو الله، قلت: فيه رجل لم يسم. (3) صحيح. رواه مسلم في (3- كتاب الحيض، باب " 6 "، ح/28) ورواه أبو داود (ح/ 218) قال أبو داود: وهكذا رواه هشام بن زيد عن أنس ومعمر عن قتادة عن أنس وصالح بن أبي الأخضر عن الزهيري كلهم عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. والنسائي (1/143) .

شاء " (1) . وحديث علي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نام على أثر الجنابة حتى أصبح ". ذكره ابن أبي داود في كتاب السنن وقال: أخطأ فيه داود بن الجراح، وإنما هو عن أبي إسحاق عن الأسود عن عائشة. انتهى. ولقائل أن يقول: رواد ثقة وقد ساق بلفظ أو إسنادٍ فلا مشتبها إلا على معضل، والله أعلم إلا لوروده تضعيف رواية الحديث وبانقطاع ما بين أبي إسحاق وبينه لكان صوابا، والله أعلم بالصواب.

_ (1) الزفاف: (27، 39) .

64- باب من قال لا ينام الجنب حتى يتوضأ وضوءه للصلاة

64- باب من قال لا ينام الجنب حتى يتوضأ وضوءه للصلاة (1) حدثنا محمد بن رمح المصري أنبأ الليث بن سعد الزهري عن أبي سلمة عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلاة". هذا حديث خرجه البخاري (2) بلفظ: " غسل فرجه وتوضأ ". ولمسلم (3) : " إذا كان جنبا، فأراد أن يأكل أو ينام توضأ وضوءه". ولم يذكر المنذري أن البخاري رواه ويشبه أن يكون وهما، ولفظ الحاكم في تاريخ بلده: ورواه من جهة يحيى بن أبي كثير عن الزهري عن أبي سلمة عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يرقد وهو جنب ويتوضأ وضوءه للصلاة، وفي السنن للكجي: " يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يرقد ". وفي الأوسط من حديث بقية عن إسماعيل بن عباس عن هشام عن أبيه عنها: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا واقع بعض أهله يكسل أن يقوم ضرب يده على الحائط فتيمم " (4) . وقال: لم يروه عن هشام إلا إسماعيل. وفي كتاب البيهقي من حديث/أبي أسامة الكلبي ثنا الحسن بن الربيع ثنا هشام بن علي عن هشام بلفظ: " فأراد أن ينام توضأ أو تيمم ". ورواه أبو القاسم أيضا في الأوسط من حديث أبي حمزة عن إبراهيم عن الأسود وقال: لم يرو عن أبي حمزة إلا ابن علية. تفرّد به زياد. حدثنا نصر بن على الجهضمي ثنا عبد الأعلى ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بن الخطاب قال: " يا رسول الله أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضأ ".

_ (1) سقط هذا العنوان من " الأصل " وأثبتناه من " الثانية ". (2،) تقدم من أحاديث الباب ص 732. (4) روى أبو داود في سننه: 1- كتاب الطهارة، 83- باب في الاغتسال، (ح/214) . حدثنا أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب، أخبرني عمرو- يعني ابن الحرث- عن ابن شهاب، حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد الساعدي أخبره أن ابن بن كعب أخبره أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما جعل ذلك رخصة للناس في أول الإِسلام لقلة الثياب، ثم أمر بالغسل ونهي عن ذلك، قال أبو داود: يعني: الماء من الماء.

هذا حديث خرجاه في صحيحهما (1) ، ولما ذكره أبو محمد الإشبيلي أردفه برواية الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قوله عليه الصلاة والسلام: " إنه يغسل ذكره ويتوضأ وضوءه للصلاة". ذكره أبو عمر وعاب ابن القطان ذلك عليه بقوله هو في كتاب البزار من حديث ابن عمر من ثلاثة طرق: أحدها: من رواية معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عمر أنّه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضأ وضوءه للصلاة" (2) . قال: وهو من أحسن ما يروى عن عمر من الطرق، والثاني، والثالث: من رواية وهب عن أيوب عن نافع عن ابن عمرو في مسند الحميدي بسند صحيح عن سفيان ثنا عبد الله بن دينار سمع ابن عمر سأل عمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال: " نعم، إذا توضأ، ويطعم إن شاء ". وهو في صحيح ابن حبان (3) بمعناه. وفي صحيح ابن خزيمة (4) : " ويتوضأ إن شاء ". وفي كتاب رواه الموطأ للدارقطني رواه أبو مصعب ومعنى بن خالد بن مخلد وعبد الله بن يوسف والشعبي وروح ويحيى بن أبي بكير وأيوب بن صالح وابن القاسم وعبد الله بن حسين بن عطاء بن يسارعن مالك بلفظ: " توضأ ثم اغسل ذكرك ونم " (5) . فقال خالد بن مخلد: قصة الجنابة فقال: " توضأ ثم اغسل ذكرك ثم نم ".

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/80) ومسلم (248) والترمذي (ح/ 120) وقال: حديث عمر أحسن شيء في هذا الباب وأصح. والبيهقي (1/200، 202) وابن ماجة (ح/ 585) وأحمد في " المسند " (1/17، 35، 2/17، 102) وأبو عوانة (1/277) وزفاف (37) وإتحاف (5/378) والمغني عن حمل الأسفار (2/52) . (2) المصدر السابق. (3) صحيح. رواه ابن حبان: (2/260) . (4) تقدم من أحاديث الباب ص 738. (5) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/76، 80) ومسلم في (الحيض، ح/25) والنسائي في (الطهارة باب " 164 ") وأبو داود (ح/ 221) والموطأ (ح/ 47) وأحمد (2/ 64) والبيهقي (1/199، 7/193) والمشكاة (452، 453) وتلخيص (1/117) وشرح السنة (1/ 329، 2/32) والحلية (7/332) والكنز (41328) .

وفي التمييز: وكذا رواه الثوري وسعيد عن ابن دينار وقال ابن أبي داود في كتاب السنن: وأما كيفية الوضوء فهو ما/ ذكره مالك في الموطأ (1) عن نافع أن ابن عمر: " كان إذا أراد أن ينام أو يطعم وهو جنب غسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه ثم طعم أو نام ". ورواه من حديث مروان أنبأ مالك حدثنى عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر لم يرو هذا عن مالك إلا مروان ثنا عمرو بن علي ثنا عبد الرحمن بن عثمان ثنا شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر فذكره. حدثنا أبو مروان العثماني محمد بن عثمان ثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري: " أنه كان تصيبه الجنابة بالليل فيريد أن ينام فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتوضأ ثم ينام " (2) . هذا حديث رواه الإمام أحمد في مسنده (3) بلفظ: " أنه ذكر للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه تصيبه الجنابة فيريد أن ينام، فأمره أن يتوضأ ثم ينام ". ولفظ الطحاوي (4) : " توضأ وارقد ". وإسناده صحيح وأبو مروان محمد بن عثمان بن خالد بن عمر ابن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان الأموي وروى عنه أبو حاتم الرازي وقال: ثقة، وسئل عنه صالح بن محمد فقال: هو ثقة صدوق إلا أنه يروي عن أبيه المناكير ورجاله الباقون حديثهم في الصحيح، ولما ذكره البزار في مسنده لم يرد على قوله وهذا الحديث لا يعلمه يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد، وقد وردت في هذا الباب أحاديث منها حديث ابن عباس المذكور عند ابن حبان وقد تقدّم طرف منه قالت: جئت ميمونة فرأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال ثم غسل وجهه وكفّيه ثم نام؟ ولفظ أبي القاسم في الأوسط: " ثلاثة لا تقربهم الملائكة الجنب والكافر والمتضمخ بالزعفران ". وحديث أبي هريرة

_ (1) صحيح. رواه مالك في: 2- كتاب الطهارة، 19- باب وضوء الجنب إذا أراد أن ينام أو يطعم قبل أن يغتسل: (ح/78) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، باب (99) ، (ح/586) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه أحمد: (3/55) . (4) صحيح. الكنز (41332) وأبو عوانة (1/278) .

قال عليه السلام: " لا أحب أن يبيت المسلم وهو جنب، أخاف أن يزرو ولا تحضره الملائكة " (1) . ذكره ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ عن البغوي ثنا شيبان بن فروخ ثنا يزيد بن عياض بن جعدية عن الأعرج عنه. وحديث/عمار بن ياسر قال: قدمت من سفر فضمخني أهلي بصفرة قال: ثم جئت فسلّمت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " وعليك السلام اذهب فاغتسل "، قال: فذهبت فاغتسلت، ثم رجعت ولي صفرة فقلت: السلام عليكم، فقال: " وعليك السلام، اذهب فاغتسل " فذهبت فأخذت نشفة فدلّكت بها جلدي حتى ظننت أنى قد أنقيت ثم أتيته، فقلت: السلام عليكم، قال: " وعليك السلام، اجلس، ثم قال: إن الملائكة لا تحضر جنازة كافر نجس ولا جنبا حتى يغتسل أو يتوضأ وضوءه للصلاة ولا مُتضمخا بصفرة " (2) . رواه الطحاوي في شرحه من جهة حماد بن سلمة عن عطاء، ورواه

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/4180) والبيهقي (5/36) والبزار (ص 164- زوائد ابن حجر) : حدثنا العباس بن أبي طالب ثنا أبو سلمة ثنا أبان عن قتادة عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فذكره، وقال: " رواه غير العباس مرسلا، ولا يعلم يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه ". وإسناد صحيح كما قاله المنذري في " الترغيب " (1/91) ، ورجاله ثقات رجال الشيخين، غير العباس هذا وهو ابن جعفر بن عبد الله بن للزبرقان البغدادي أبو محمد بن أبي طالب أخو يحيى، وهو مصدوق. ورواه البخاري في " التاريخ " (3/1/74) من طريق أبي عوانة عن قتادة به. ورواه الطبراني في " الأوسط " (5536) وقال: " لم يروه عن كثير مولى سمرة إلا هشام، ولا عن هشام إلا المغيرة بن مسلم. تفرد به شبابة " وهو مصدوق من رجال الشيخين، وشيخه المغيرة حسن الحديث كما قال الذهبي في " الكاشف ". وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5/156) وقال: " رواه الطبراني، وفيه عبد الله بن حكيم وهو ضعيف ". (2) صحيح. رواه عبد الرزاق (7936) والكنز (17463) والجوامع (5924) والطبراني (11/ 361) والحبائك (126) وأبو داود في (الترجل باب " 80 ") وأحمد (4/320) والبيهقي (1/203، 5/36) .

الكجي في سننه من طريق حماد بزيادة قدمت على أهلي من سفر وقد شققت يدي فخلوني بزعفران، وذكره قاسم بن أصبع فلم يقل للصلاة، وذكره عبد الرزاق (1) كذلك منقطعا في غير قوله رخص فما بعده، ورواه أبو عيسى الترمذي في جامعه مختصرا وقال فيه: حسن صحيح، وفيما قاله نظر؛ وذلك أنّ الصحة ملازمة للاتصال وهذا الحيث عدتها ذكر ذلك أبو داود (2) أنه يخرجه له فقال: بين يحيى وحماد في هذا الحديث رجل، وتبعه على ذلك الإشبيلي. ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث شعبة عن إسحاق بن سويد عن رجل فقال: له حسن عن رجل أحسبه عمارا، وقال: لم يروه عن شعبة إلا سويد. تفرّد به أحمد بن عمر، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

_ (1) ، (2) صحيح. رواه عبد الرزاق (7936) والكنز (17463) والجوامع (5924) والطبراني (11/361) والحبائك (126) وأبو داود في (الترجل باب " 80 ") واحمد (4/320) والبيهقي (1/203، 5/36) . قلت: وتفرد الثقة جائزة عند عامة أهل العلم.

65- باب في الجنب إذا أراد أن يعود توضأ

65- باب في الجنب إذا أراد أن يعود توضأ حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أتى أحدكم أهله، ثم أراد أن يعود فليتوضأ ". هذا حديث خرجه مسلم (1) في صحيحه فمن بعده ورواه ابن خزيمة في صحيحه من حديث سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عن سفيان/عن عاصم بزيادة: " إذا أراد أن يعود فليتوضأ وضوءه للصلاة". ومن جهة شعبة عن عاصم: " إذا أراد أحدكم العود فليتوضأ فإنه أنشط له في العود ". وبنحوه خرجه أبو حاتم في صحيحه (2) وأبو عوانة وخرج الحاكم هذه الزيادة وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وهذه لفظة تفرد بها شعبة عن عاصم والتفرد من مثله مقبول عندهما، ولما ذكره أبو محمد الفارسي مصحّحا له من جهة ابن عتاب: " إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعاود ". هذا لفظ حفص ولفظ ابن عيينة إذا أراد أن يعود فلا يعود حتى يتوضأ ثم قال: لم يجد هذا الخبر ما يخصصه ولا ما يخرجه إلى الندب الأخير أضعف من رواية يحيى بن أيوب- يعني: المخرج عند أبي شاهين- عن موسى بن عقبة وأبي حنيفة عن أبي إسحاق عن الأسود عنها: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجامع ثم يعود، ولا يتوضأ وينام ولا يغتسل " (3) . قال: وما يجاب الوضوء، ويقول: عطاء وعكرمة وإبراهيم والحسن وابن سيرين. انتهى كلامه. وفي قوله هذا لفظ حفص نظر؛ فإنّ أبا داود رواه عن عمرو بن عون أنبأ حفص بن غياث، ولفظه: " إذا أتى أحدكم أهله، ثم بدا له أن يعود فليتوضأ بينهما وضوءا " (4) . وعند الترمذي عنه: " ثم أراد أن يعود فليتوضأ "

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح 27) وأبو داود (220) والترمذي (141) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (587) والبيهقي (1/203، 204، 7/192) والحاكم (1/152) والخطيب (3/239) والمجمع (4/295) والكنز (44855) . (2) رواه ابن حبان: (2/359) . (3) معاني: (1/127) . (4) تلخيص: (1/141) .

وعند مسلم: " ثم أراد أن يعود ". وما حكاه من الوجوب فمردود بقول أبي عمر، وما أعلم أحدا من أهل العلم أوجبه إلا طائفة من أهل الظاهر وأما ما شاء من الفقهاء بالأمصار فلا يوجبوه وأكثرهم يأمرون به ويِستحبونه بخلاف الحائض، والذي يشبه أن يكون أبو محمد أخلط عليه الوضوء المطلق الجنب بهذا، والله أعلم. وقال أبو عاونة في صحيحه: تعارض هذه الأخبار في إيجاب الوضوء حديث أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من الخلاء فأتى بطعام فقيل له: ألا تتوضأ؟ قال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة". كان صحيحا عند أهل التمييز، وقال ابن المنذر: إن توضأ فحسن (1) ،/وليس ذلك بواجب. انتهى. وفي الباب حديث ذكره في كتاب العلل عن عبد الرحمن وسألت أبي عن حديث رواه ليث بن أبي سليم عن عاصم عن أبي المستهل عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إذا أتى أحدكم أهله فأراد أن يعود فليغسل فرجه ". قال أبي: هذا يرون أنّه عاصم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد وهو أنثييه، وفي كتاب العلل لأبي عيسى ثنا عبد الله بن الصباح الهاشمي البصري ثنا محمد بن سليمان سمعت أبي عن عاصم عن أبي المستهل عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أتى أحدكم أهله ... " الحديث. سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: هو خطأ ولا أدرى من أبو المستهل، وإنما روى عاصم عن أبي عثمان عن سليمان بن ربيعة عن عمر قوله وهو الصحيح، قال الثقفي: هذا كله جائز ومشروع من شاء أخذ بالأول، ومن شاء أخذ هذا وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل هذا مرة ليدلّ على الفضيلة، وهذا مرة ليدلّ على الرخصة، والله تعالى أعلم.

_ (1) قوله: " إن توضأ وحسن " سقط من " الأولى " وأثبتناه من " الثانية ".

66- باب ما جاء فيمن يغتسل من نسائه

66- باب ما جاء فيمن يغتسل من نسائه حدثنا محمد بن مثنى ثنا عبد الرحمن بن مهدى وأبو أحمد عن سفيان عن معمر عن قتادة عن أنس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يطوف على نسائه في غسل واحد ". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه (1) ، وفي صحيح ابن إسماعيل: " كان يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة " (2) قال: قلت لأنس: وكان يطيقه؟ قال: كذا يحدّث أنّه أعطى قوة ثلاثين وفي لفظ: " تسع نسوة"، وفي صحيح ابن حبان: حكى أنس هذا الفعل منه عليه السلام في أوّل قدومه المدينة حيث كان عنده تسع نسوة؛ لأنّ لهذا الفعل منه عليه السلام كان مرارا إلا مرة واحدة لم إلا في آخر أمره حيث اجتمع عنده تسع نسوة وجاريتان وريحانة ومارية، فإنا لا نعلم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجتمع عنده إحدى عشرة امرأة بالتزويج، فإنّه دخل بإحدى عشرة أولهن خديجة ولم يتزوج بغيرها حتى ماتت. وفي سنن السجستاني: هكذا رواه هشام بن زيد عن أنس ومعمر عن قتادة عن أنس وقال صالح بن أبي الأخضر: عن الزهري كلّهم عن أنس، ورواه أيضا ثابت عن أنس، قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن معمر عن ثابت إلا ابن عينية، ورواه الثوري والناس عن معمر عن قتادة ورواه أيضا من جهة مصعب وزاد في الأصغر تفرد به عبد الله بن أبي غسان وكان ثقة، وقال ابن خزيمة: لم يقل أحد من أصحاب قتادة إحدى عشرة إلا معاذ بن هشام عن أبيه، ثم رواه من جهة سفيان عن معمر عن ثابت عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كان يطوف "، وفي لفظ " يطيف على نسائه في غسل واحد "، وقال: هذا حديث غريب، والمشهور معمر عن قتادة ورواه الإسماعيلي في صحيحه من جهة معاذ بن هشام وفيه قوة أربعين، ولما رواه ابن أبي داود في سننه من حديث بقية عن شعبة حدثني

_ (1) تقدم من أحاديث الباب. (2) صحيح. رواه البخاري (1/76) وأحمد (3/291) وابن سعد (2/2/30) وشرح السنة (2/37) والكنز (18344) وأخلاق (231، 232) .

عاصم بن زيد بن أنس قال: سمعت أنسا فذكره قال: لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا بقية وسكين بن بكير، ورواه أيضا من جهة ابن حماد، عن قتادة عن أنس بلفظ: " يطوف على نسائه بغسل واحد، هذه ثم هذه" (1) وقال: هذه سنة تفرد بها أهل البصرة، ولم يروه عن سفيان إلا يوسف بن أسباط، وكذا قاله أبو نعيم في الحلية قال ابن أبي داود: والناس يخالفونه عن سفيان يقولون: عن معمر عن قتادة ومن جهة حبان عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري وقال: لم يروه عن الزهري إلا صالح. وقال الترمذي: وقد روى محمد بن يوسف هذا عن سفيان فقال: عن أبي عروة عن أبي الخطاب عن أنس وأبو عروة ومعمر وأبو الخطاب قتادة، ورواه بعضهم عن محمد بن يوسف عن أبي عروة عن أبي الخطاب وهو خطأ والصحيح أبي عروة،/وفي الباب عن أبي رافع. انتهى. وفيه نظر؛ لأن حديث أبي رافع لفظه: " يغتسل عند هذه، وعند هذه وسيأتي وهو مخالف لما رواه قبل عن أنس، والله أعلم.

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، باب " 6 "، ح/28) وأحمد (3/225) وأبو عوانة (1/280) وإتحاف (5/369) وشرح السنة (2/37) وأخلاق (232) والحلية (7/ 100، 232، 8/247، 10/170) .

67- باب فيمن يغتسل عند كل صلاة غسلا

67- باب فيمن يغتسل عند كل صلاة غسلا حدثنا إسحاق بن منصور أنبأ عبد الصمد ثنا حماد ثنا عبد الرحمن بن أبي رافع عن عمته سلمى عن أبي رافع: " أنّ النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف على نسائه في ليلة، وكان يغتسل عند كل واحدة منهن: فقيل له: يا رسول الله ألا تجعله غسلها واحد فقال: هو أذكى وأطيب وأطهر ". هذا حديث لما خرجه أبو داود (1) قال: وحديث أنس أصح من هذا ولما ذكره أبو محمد الإشبيلي من عند النسائي سكت عند وكيع وذلك أبو الحسن عليه بقوله: لا يصح فإنّه من رواية يقولون عن معمر عن قتادة، ومن جهة صالح بن أبي الأخضر عن الزهري وقال: لم يروه عن الزهري إلا صالح عن حمّاد أنبأ عبد الرحمن هذا فمنهم من يقول: ما ذكرناه ومنهم من يقول: عبد الرحمن بن أبي رافع كذلك ذكره أبو داود من رواية موسى بن إسماعيل عن حماد وموسى والناس بحماد وتعرفه بحديثه، وهكذا ذكره البخاري في تاريخه قال عبد الرحمن بن أبي رافع عن عمته عن أبي رافع: " طاف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على نسائه في ليلة " (2) . قال شهاب: عن حماد بن سلمة وقال عبد الله ابن محمد: عن عارم عن حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن أبى رافع عن عمته سلمى عن أبي رافع قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ناوليني الذراع " (3) . وقاّل عفان ويزيد بن هارون وحماد: ثنا ابن أبي رافع مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: كان عبد الله بن جعفر يتختم في يمينه، وزعم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتختم في يمينه حديثه في البصريين، وقال بن أبي حاتم: عبد الرحمن بن أبي رافع روى عن عبد الله بن جعفر وعن عمته سلمى وروى عنه حماد بن سلمة ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن

_ (1) حسن. رواه أبو داود: الطهارة، باب " 85 "، (ح/219) . (2) صحيح. رواه النسائي: (1/143) . وأبو داود (ح/218) بلفظ: " طاف على نسائه في غسل واحد ". (3) رواه ابن سعد (7/45) ، وأحمد (3/484، 485) والمجمع (8/311) والبداية بلفظ: " ناولني ذراعها ".

معين قال عبد الرحمن بن أبي رافع الذي بروى عنه حماد صالح فإن كان الأمر هكذا أعني أنّه عبد الرحمن/بن أبي رافع مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال عفان ويزيد فإن عمته سلمى أخت لأبي رافع وهى لا تعرف له وإن كانت غيرها فخالها لا يعرف، وإن كان الأمر عاما وقع في السند عند النسائي من أنّه حفيد لأبي رافع وسلمى بخت لأبي رافع، ويكون حالها حينئذ أخفى وما من ذلك شيء يعرف فإنّ أبا رافع مولى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتوشته امرأتان كلّ واحدة منهما اسمها سلمى، إحداهما: أمة. والأخرى: زوجه فأُمّه سلمى مولاة صفية بنت عبد المطلب روت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثبت لأمر فيه يرويه حارثة بن محمد عن عبيد الله بن أبي رافع عن جدّته، وكانت خادما للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكرها هذا ابن السكن، وأمّا زوجه فسلمى مولاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ابن أبي خيثمة: زوّجه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مولاته وشهدت سلمى هذه خيبر وولدت له عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي فما من هاتين من يكون عمّه لعبد الرحمن بن أبي رافع ولا لحفيد أبي رافع إذ إحداهما أم لأبي رافع والأخرى زوجه، وقد كنت أظنّ أن أبا محمد عثر في هذا على مزيد حتى رأيته كتب في كتابه الكبير بخطّه أثر هذا الحديث بعد أن أورده من عند النسائي سلمى مولاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يصح أن تكون عمة لأحد من ولد أبي رافع؛ بل أما وأما جدّه. انتهى كلامه. وفيه نظر من وجوه: الأوّل: قوله في أبي رافع أختيه امرأتان، وأغفل ثالثة ذكرها أبو حاتم البستي في كتاب الثقات من التابعين روى عنها القعقاع بن حكيم وقال: هي امرأة أبي رافع. روت عن أبي رافع، الثاني: قوله لا يصح مردود بتصحيح ابن حزم له من الطريق التي خرجها أبو داود. الثالث: ما ذكره عن أبي محمد أنه اتبعه بخطّه في الكبير لم أره ولا شيئا منه في الكتاب المشار إليه، والله تعالى أعلم. وفي كتاب البيهقي طاف على نسائه أجمع في ليلة يغتسل لكل واحدة منهن غسلا. وقال الحافظ ضياء الدين: ليس بين هذا الحديث وحديث أنس اختلاف؛ بل كان يفعل هذا مرّة وذلك أجزى، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

68- باب ما جاء في الجنب ما يأكل ويشرب

68- باب ما جاء في الجنب ما يأكل ويشرب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ابن علية وغندر ووكيع عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد أن يأكل وهو جنب توضأ " (1) . هذا حديث خرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه من حديث يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة بلفظ: " كان إذا أراد أن يطعم وهو جنب غسل يديه " (2) . وصححه أيضا أبو محمد الفارسي، ولفظ ابن حبان في صحيحه: (3) " إذا أراد أن ينام وهو جنب لم ينم حتى يتوضأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه وأكل ". ولما ذكر البيهقي (4) أن الليث وأنّه كرواية ابن وهب عن ابن شهاب عن أبي سلمة قالت عائشة: " إذا أراد أن يأكل ويشرب غسل يديه ".- يعني: من قولها- قال: وقد قيل في هذا الإسناد عن هذا. وحديث الأسود عن عائشة أصح، وقال أبو داود: رواه ابن وهب عن يونس فجعل قصة الأكل قول عائشة مقصورا، ورواه صالح بن أبي الأخصر عن الزهري كما قال ابن المبارك- يعني: عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة- إلا أنه قال: عن عروة أو عن أبي سلمة، ورواه الأوزاعي عن يونس عن الزهري عن النبي، كما قال ابن المبارك، وفي كتاب العلل للخلال عن أحمد قال عن قوله: أن يأكل قال أحمد بن القاسم: وسمعت أبا عبد الله

_ (1) حسن. رواه أبو د أود (ح/224) والنسائي (1/138) والزفاف (37) . (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/223) . قال أبو داود: ورواه ابن وهب عن يونس وجعل قصة الأكل قول عائشة مقصورا، ورواه صالح بن أبي الأخضر عن الزهري كما قال ابن المبارك إلا أنه قال. " عن عروة أو أبي سلمى " ورواه الأوزاعي عن يونس عن الزهري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما قال ابن المبارك. وابن ماجة (ح/591) ومعاني (1/128) وعبد الرزاق (1085) . وصححه أبو محمد الفاسي وآخرون منهم الشيخ الألباني. (3) رواه ابن حبان: (ح/231) . وهو حديث عزيز جيد، فيه سنية غسل اليدين قبل الطعام فهو يغني عن الحديث المشهور الذي بلفظ: " بركة الطعام الوضوء قبله وبعده " وهو حديث ضعيف برقم " 168 ". (4) صحيح. رواه البيهقي في " الكبرى " (1/203) والكنز (27435) .

يقول: إذا أراد أن ينام فليتوضأ وضوءه للصلاة، على الحديث ثم ينام، فأمّا إذا أراد أن يطعم فليغسل يديه ويمضمض وليطعم؛ لأنّ الأحاديث في الوضوء لمن أراد النوم، قال: وبلغني أنّ شعبة ترك حديث الحاكم بآخره فلم يحدّث به فيمن أراد أن يطعم؛ وذلك لأنه ليس بقوله غيره إنّما هو في النوم ولفظ الدارقطني: " وإذا أراد أن يأكل غسل كفيه ثم أكل "، وفي لفظ: " غسل كفّيه ومضمض فاه "، وفي لفظ النسائي (1) : " وإذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل يديه ثم يأكل ويشرب ". حدثنا محمد بن عمر ثنا إسماعيل بن صبيح أنبأ أبو أوس عن شرحبيل بن سعيد عن جابر بن عبد الله قال: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجنب هل/ينام أو يأكل أو يشرب؟ قال: " نعم، إذا توضأ وضوءه للصلاة " ". هذا حديث خرجه، بن خزيمة في صحيحه، وفي الباب أحاديث منها حديث عبد الله بن مالك الغافقي قال: " أكل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما طعاما، ثم قال: استر على حتى اغتسل، فقلت له أنت جنب! فأخبرت بذلك عمر بن الخطاب فخرج إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " انّ هذا يزعم أنك أكلت وأنت جنب، قال: نعم، إذا توضأت أكلت وشربت، ولا أقرأ حتى اغتسل ". وفي لفظ: " ولا أصل حتى أغتسل ". رواه الدارقطني (2) عن ابن مخلد ثنا الصفار ثنا أبو الأسود ثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عنه. وحديث بشير بن نهيك عن أبي هريرة: " كان النبي إذا كان جنبا وأراد أن يأكل أو ينام توضأ ". ذكره أبو القاسم في الأوسط (3) وقال: لم يروه عن قتادة عن بشير إلا شعبة، وقال عن شعبة إلا حجاج. تفرد به إبراهيم بن محمد القرفساني. وحديث عمار بن ياسر مرفوعا: " رخص للجنب إذا أراد أن ينام أو يأكل أو يشرب أن يتوضأ وضوءه للصلاة " (4) . ذكره ابن أبي شيبة وقد تقدّم ذكره قال أبو بكر بن

_ (1) تقدم من أحاديث الباب انظر الحاشية رقم (2) السابقة. (2) ضعيف. رواه الدارقطني (1/119) والطبراني (19/295) والمجمع (1/274) وعزاه إليه في " الكبير " وفيه ابن لهيعة. (3) حسن. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه إسحاق بن إبراهيم القرفساني، وإسناده حسن. (4) تقدم. وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/274) وعزاه إلى " الطبراني " وفيه يوسف بن خالد السمتي، قال فيه ابن معين: كذاب خبيث عدو الله.

المنذر: وممن قال هذا الحديث علي وابن عمر وعبد الله بن عمرو وروينا عن ابن عمر قولا ثانيا وهو أنه يتوضأ وضوءه للصلاة إلا غسل القدمين. وقال مجاهد والزهري: يغسل كفيه ويمضمض ثم يأكل. وقال مالك: يغسل يديه إذا كان الأذى قد أصابهما. وقال أحمد وإسحاق: يغسل يديه وفاه. وقال أصحاب الرأي: يغسل يديه ويمضمض ثم يأكل ولا يضره. وقال أبو بكر: إذا أراد أن يطعم توضأ، فإن اقتصر على غسل فرجه ويمضمض كفاهُ زاد ابن أبي شيبة وعائشة وأبو الضحى وشداد بن أوس وقال: إنه يصف الجنابة وابن سيرين ومحمد بن علي والنخعي، وأما قول ابن المنذر عن مجاهد والزهري يغسل كفيّه ويمضمض فلعله في رواية عنهما وإلا ففي المصنف بسند صحيح ثنا وكيع عن سفيان عن زيد عن مجاهد في الجنب يأكل قال: يغسل يديه وجمل حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن الزهري قال: الجنب إذا أراد أن أكل غسل يديه. وأما سعيد بن المسيب فإنه قال: إن شاء الجنب نام قبل أن يتوضأ. وقال إبراهيم في رواية مغيرة عنه: " يشرب الجنب قبل أن يتوضأ " (1) .

_ (1) قوله: " قبل أن يتوضأ " كذا في " الأصل " وسقطت من " الثانية ".

69- باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة

69- باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرّة عن عبد الله بن سلمة قال: دخلت على علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- فقال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتي الخلاء فيقضى الحاجة ثم يخرج فيأكل معنا الخبز واللحم، ويقرأ القرآن ولا يحجبه- وربما قال: لا يحجزه- عن القرآن شيء إلا الجنابة " (1) . هذا حديث اختلف في تصحيحه وتضعيفه: فأما أبو داود فإنه سكت عنه لما رواه مطولا بلفظ: " دخلت على علي أنا ورجلان، رجل منّا ورجل من بنى أسد احتسب فبايعتهما على وجها وقال: إنها علجان فعالجا عن دينكما ثم قام فدخل المخرج ثم خرج فدعا بماء فأخذ منه حفنة فتمسح بها ثم جعل يقرأ القرآن فأنكروا ذلك فقال ... " الحديث. ولما خرجه أبو عيسى (2) قال فيه: حسن صحيح وخرجه في الصحيح أبو بكر بن خزيمة وابن الجارود في منتقاه وأبو حاتم البستي، وقال أبو عبد الله بن البيع: هذا الحديث صحيح الإسناد والشيخان لم يحتجا بعبد الله بن سلمة، ومدار الحديث عليه وهو غير مطعون فيه، وقال البغوي في شرح السنة: هذا حديث صحيح وفي الكامل قال سفيان: قال شعبة: لم يرو عمرو أحسن من هذا الحديث وقال سعيد: لا أدرى أحسن منه عن عمرو وكان شعبة يقول: هذا ثلث رأس مالي، وقد روى ابن سلمة عن علي وحذيفة وغيرهما هذا الحديث، وأرجو أنه لا بأس به، وفي سؤالات الميمون لأحمد قال شعبة: ليس أحدث بحديث أجود من ذلك، وفي فوائد ابن صخر: ورواه عن طريق يحيى بن أبي بكير عن أبي جعفر الرازي عن الأعمش عن عمرو عن أبي البختري عن على

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/ 229) وسكت عنه كناية عن حسنه. وابن ماجة (594) وأحمد (1/84، 124) والحاكم (4/17) والنسائي (1/144) . قوله: " لا يحجبه ولا يحجره "، أي: لا يمنعه. وقال البغوي: هذا حديث صحيح. (2) قوله: " أبو عيسى " سقطت من " الأولى " وأثبتناه من " الثانية ".

قال عليه الصلاة والسلام: " اقرأ القرآن على كل حال ما لم تكن جنبا " (1) . هذا حديث غريب جدا إن كان محفوظا لم يروه غير يحيى عن أبي جعفر والمسور عن الأعمش وغيره عن عمرو عن ابن سلمة ومحمد أبو محمد الإشبيلي، وقال أبو علي الطوسي: حديث علي حديث حسن صحيح. وقال أبو الحسن: رواه أبو جعفر الرازي وجنادة ومحمد بن فضيل عن الأعمش عن عمرو عن أبي البختري عن علي/إلا أن فضيلا وفيه والآخران رفعاه وخالفهم أبو الأحوص فقال: عن الأعمش عن عمرو بن علي مرسلا موقوفا ورواه ابن أبي ليلى عن عمرو على الصواب عن ابن سلمة ورواه جماعة من الثقات عن ابن أبي ليلى كذلك وخالفهم يحيى بن عيسى الرملي فرواه عنه عن سلمة بن كهيل عن ابن سلمة ووهم، والصواب عن عمرو بن مرّة، والقول قول من قال عمرو عن ابن سلمة عن علي. انتهى كلامه. وفيه رد لما ذكره الحاكم فيما أسلفناه، ولما في الكامل ثنا ابن أبي عصمة ثنا أبو طالب ثنا أحمد لم يرو أحد: " لا يقرأ الجنب ... " غير شعبة عن عمرو عن ابن سلمة عن علي، ولما ذكره أيضا البزار أثر حديث ابن سلمة لا يروى عن علي إلا من حديث عمرو عن ابن سلمة وكذا ما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث النعمان بن راشد عن أبي إسحاق عن الحرث عن على: نهاني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القراءة وأنا جنب، ولا أقول نهاكم " (2) ، وقال: لم يروه عن النعمان إلا أبو الجراح. تفرد به رباح بن زيد، وقال ابن أبي داود في سننه: هذه سنة تفرد بها أهل الكوفة، وأما المضعّفون فالإمام أبو عبد الله أحمد بن حنبل- رضي الله عنه- فإنه كان يوهن حديث علي هذا ويضعف أمر عبد الله بن سلمة ذكره عنه الخطابي، وقال الشّافعي: وإن يكن أهل الحديث يثبتونه، قال البيهقي: وإنما توقف الشافعي في ثبوته؛ لأنّ مداره على ابن سلمة وكان قد كبر وأنكر من حديثه وعقله بعض النكرة، وإنّما روى هذا الحديث بعد ما كبر، قاله شعبة في

_ (1) ضعيف جدا. الكنز (2770) وابن عدي في " الكامل " (3/925) ، وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 150 ح/1065) أنظر، الضعيفة: (ح/2863) . (2) ضعيف. كذا ذكره الخطابي في معالم السنن. وضعفه أحمد بن حنبل.

تاريخ الجعفي الكبير عن عمرو بن مرة قال: كان عبد الله- يعني: بن سلمة- يحدّثنا فنعرف وننكر وكان قد كبر لا نتابع في حديثه، وفي الأوسط سألت أحمد بن أبي سلمة من روى عنه غير عمرو فقال: روى عنه أبو إسحاق الهمداني قوله، وفي لفظ: لا أعرف روى عنه غيرهما وقال ابن نمير: هذا ليس به قال صاحب عمرو بن مرة: لم يرو عنه إلا عمرو، والذي قال ابن معين أصح من الذي قال أبو إسحاق هو الهمداني والذي روى عنه عمرو بن مرّة هو من رهط عمرو بن مرة الجملي المراوي ويقال: الجهني، وقد روى أبو إسحاق عن عبد الله بن سلمة أبي العالية الهمداني، وقال بعض الكوفيين: هذا غير الذي روى عنه عمرو بن مرة وبمثله قاله يحيى بن معين وأبو نصر بن ماكولا وأبو الحسن في كتاب المختلف والمؤتلف، قرأت على المسند المعمر محمد بن عبد الحميد أخبركم أبو الحسن بن عبد الواحد أنبأ ابن طبرزد أنبأ أبو البركات/أنبأ أبو القاسم بن حبابة أنبأ أبو القاسم، نا ابن بنت منيع أن علي ثنا أبو داود قال: كان شعبة يقول: هو ذي أنزعه من عنقي وأضعه في أعناقكم قد سمعت عمرا يقول: كان ابن سلمة قد كبر فكان يحدثنا فيعرف وينكر، وأشار أبو محمد الفارسي إلى ضعف هذا الحديث، وقال أبو حاتم: في كتاب الثقات وذكر ابن سلمة كان يخطىء، وقال أبو عبد الرحمن: يعرف وينكر. وقال الساجي: كان يهم، ولقائل أن يقول في هذا الكلام ردّ على الحاكم لزعمه ألا يطعن فيه ويجاب بأن الحاكم أراد طعنا موجبا لردّ حديثه، وأمّا الحرف فهذا لا طعن، والله أعلم. ولولا قول من قال: أنّ عمر أخذ عنه هذا الحديث بعد الكبر لكان قول من صحح على قول المضعف أرجح، ويريده ما رواه الدارقطني موقوفا من حديث أبي العريف قال: كنّا مع علىّ في الرحبة فخرج إلى أقصى الرحبة، فوالله ما أدرى أهو أحدث أم غائط، ثم جاء فدعا بكوز من ماء، فغسل كفيه ثم قبضهما إليه، ثم قرأ سورا من القرآن ثم قال: اقرءوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة فإن أصابته جنابة فلا ولا حرف " (1) .

_ (1) ضعيف جدا. أورده الألباني في ضعيف الجامع (ص 150 ح/1065) وعزاه إلى أبي الحسن بن صخر في " فوائده " عن علي.

رواه عن أبي بكر النيسابوري وأبي على الصفّار ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ثنا يزيد بن هارون ثنا عامر بن السمط ثنا أبو العريف به. وفي سنن البيهقي من حديث عاصم البجلي عن أبي داود الظهري عن عبد الأعلى عن عامر الثعلبي عن أبط عبد الرحمن سئل علي عن الجنب يقرأ: قال: " لا، ولا حرف ". فهذا مما يؤكد قول من صحح الحديث ويدلّ أن له أصلا عن عليّ، والله تعالى أعلم. قال البستي: وقد توهم غير المتبحِّر في الحديث أنّ حديث عائشة: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر الله على كل أحيانه " (1) . يعارض هذا وليس كذلك؛ لأنها أرادت الذكر الذي هو غير القرآن إذ القرآن يجوز أن يُسمى ذكرا، وكان لا يقرأ وهو جنب ويقرأ في سائر الأحوال، وقال ابن حزم: وحديث على لا حجة. انتهى الذي قاله بعضهم وقع لنا في حديث عائشة ثنا وكيع عن سفيان عن هشام عن أبيه عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن " (2) . رواه أبو عبد الله في تاريخه عن أحمد بن هارون الفقيه ثنا جعفر بن سهل ثنا الحسين بن يونس ثنا وكيع به، وقال ابن حزم: وحديث علي لها حجة فيه لمن منع الجنب من القراءة؛ لأنه ليس فيه/ نهي عن القراءة (3) وإنما هو فعل منه لا يلزم ولا بيّن عليه الصلاة والسلام. أنه إنما يمتنع من ذلك لأجل الجنابة، وقال جاءت آثار في نهي الجنب ومن ليس

_ انظر: (الضعيفة ح/2863) . (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/83، 163) ومسلم في (الحيض باب " 30 " رقم " 117 ") وأبو داود (18) والترمذي (3384) وصححه. وابن ماجة (302) وأحمد (6/70، 153، 278) والبيهقي (1/90) وأبو عوانة (1/217) وإتحاف (6/287، 7/ 110) والكنز (17980) وشرح السنة (2/44) والقرطبي (4/310) والمشكاة (456) ومعاني (1/88، 91) والصحيحة (406) . (2) ضعيف. رواه الترمذي (131) وقال: حديث ابن عمر حديث لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر. ورواه ابن ماجة (596) والدارقطني (1/131، 117) والعلل (116) . قلت: وعلته إسماعيل بن عياش. وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 918، ح/6364) . انظر الإرواء: 162. (3) في " الأولى " " القمأة " وهو تصحيف، والصحيح " القراءة " كما أثبتناه من " الثانية ".

على طهر عن أن يقرأ شيئا من القرآن، ولا يصح منها شيء، ولو صحت كانت حجة على من يبيح له قراءة الآية التامة- يعني مالكا- أو بعض الآية- يعني: أبا حنيفة- لأنها كلها نهى عن القراءة للجنب جملة. حدثنا هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عياش ثنا موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يقرأ القرآن الجنب والحائض ". هذا حديث إسناده ضعيف لما أسلفناه في إسماعيل لاسيّما وروايته هنا عن المدنيين، ورواه أبو الحسن القطان عن أبيِ حاتم ثنا هشام به وزاد: " لا يقرأ الجنب والحائض شيئا من القرآن ". وقال أبو عيسى: لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة وسمعت محمدا يقول: أن إسماعيل يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث مناكير، كانه ضعف روايته عنهم فيما يتفرد به، وقال في العلل: قال محمد: لا أعرفه من حديث ابن عقبة، وقال البزار: وهذا الحديث لا يعلم رواه عن موسى بن عقبة إلا ابن عباس ولا نعلم يروى عن ابن عمر من وجه إلا من هذا الوجه، ولا يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحائض إلا من هذا الوجه، وفي علل الرازي: سمعت أبي وذكر معنى هذا الحديث فقال: هذا خطأ إنما هو عن ابن عمر قوله، وفي كتاب المعرفة: وهذا حديث تفرد به إسماعيل وروايته عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج بها أهل العلم الحديث وفي السنن الكبير رواه غيره عن موسى بن عقبة ولا يصح، وفيه ردّ لما قاله في المعرفة قبل وفي موضع آخر ليس هذا بالقوي، وفي كتاب الخلال عن عبد الله وذكر هذا الحديث قال أبي: هذا باطل أنكر على إسماعيل- يعني: أنه وهم من إسماعيل-، ولما رواه أبو أحمد من حديث أبي إسحاق إبراهيم بن العلاء الزبيدي الحمصي عرف بابن وبريق عن ابن عباس عن عبيد الله- يعني: العمري- وموسى بن عقبة قال: ليس لهذا الحديث أصل من حديث عبيد الله. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ من حيث أن سعيد بن يعقوب الطالقاني ورواه أبو الحسن في سننه عن إيراهيم بن محمد ثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي ثنا سعيد به ثم قال: تابعه إبراهيم بن العلاء عن/إسماعيل ورواه عن ابن عياش كرواية إبراهيم بن العلاء فيما ذكره أبو بكر في الخلافيات الموثق عند

أبي حاتم وغيرها وأمّا قول من قال: لا يروى عن موسى إلا من حديث إسماعيل، ولا يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه، ففيه نظر؛ لما ذكره الدارقطني في كتاب السنن ثنا محمد بن حمدويه المروزي ثنا عبد الله بن حماد الأعلى ثنا عبد الملك بن سلمة حدثني المغيرة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قال عليه الصلاة والسلام: " لا يقرأ الجنب شيئا من القرآن ". ثنا محمد بن مخلد ثنا محمد بن إسماعيل الجيشاني عن رجل عن أبي معشر عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أن الحائض والجنب لا يقرآن من القرآن شيئا ". وقال ابن عبد الواحد الحافظ: روى بعض الحفاظ هذا الحديث من غير طريق إسماعيل بإسناد لا بأن به وكأنه- والله أعلم- يريد طريق المغيرة المذكورة أنبأ وأبى ذلك عبد الحق والبيهقي بقوله روى عن غيره ولا يصح، وأمّا قول البزار ولا يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحائض إلا من هذا الوجه ففيه نظر؛ لما أسلفنا من حديث عائشة قيل والله أعلم، ولم يذكره من حديث جابر بن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يقرأ الحيض ولا الجنب ولا النفساء من القرآن شيئا ". رواه الدارقطني (1) عن أحمد بن محمد أبي سهل أنبأ أحمد بن على الآباد ثنا أبو الأشعث على بن الحسن الواسطي ثنا سليمان أبو خالد عن يحيى عن أبي الزبير عنه وفيه ردّ لما ذكره أبو أحمد هذا ينفرد به محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك عند الجميع، والله أعلم. وفي هذا الباب والذي قبله أحاديث منها حديث عبد الله ابن رواحة وكان مضطجعا إلى جنب امرأته فقام إلى جارية في ناحية الحجرة فوقع عليها وفرغت امرأته فلم تجده في مضجعه فقامت فخرجت فرأته على جاريته فرجعت إلى البيت فأخذت السفرة، ثم خرجت، وفرغ فقام فلقيها تحمل السفرة قال: وأين رأيتيني؟ قالت: رأيتك على الجارية، فقال: ما رأيتني وقال: " قد نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب " قالت: فاقرأ فقال:

_ (1) ضعيف. رواه الدارقطني (1/117) .

نهانا رسول الله أن نتلوا كتابه ... كما لاح مشهور من الفجر ساطع /أنا بالهدى بعد العمى فقلوبنا به ... وضآت إن ما قال واقع بين ما في جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالمشركين المناجع فقال: آمنت بالله وكذبت البصر " ثم غدا " على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره، فضحك حتى بدت نواجذه ". رواه الدارقطني (1) عن ابن مخلد نا العباس بن محمد الدوري ثنا إبراهيم بن قيس بن أحمد الحداد ثنا محمد بن سليمان الواسع ثنا أبو نعيم ثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة قال: كان ابن رواحة فذكره وثنا ابن مخلد ثنا القاسم بن خلف ثنا ابن عمار الموصلي ثنا عمرو بن رزيق عن زمعة عن سلمة عن عكرمة عن ابن عباس فذكر نحوه هذا متصل لولا ضعف زمعة لكان إسناده لا بأس به على أنّ ابن معين قال: فيه صويلح، وقال البيهقي: وروى عن ابن عباس عن زمعة كذلك موصولا وليس بالقوي. قال: وعن عكرمة عن ابن رواحة وليس بالقوى، وقال عبد الحق: ولا بروى من وجه صحيح يحتج به؛ لأنه منقطع وضعيف، وفي الاستفتاء أنشدها حين قالت له: " إن الجنب لا يقرأ القرآن فاقرأ: شهدت بأن وعد الله حق ... وإنّ النّار مثوى الكافرينا وأنّ العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا فقالت له صدق الله وكذبت عيني وكانت لا تحفظ القرآن، قال أبو عمر: روينا هذه القصة من وجوه صحاح زاد غيره وتحمله ملائكة غلاظ ملائكة الإله مسبوقينا. وحديث عبد الله بن مالك الغافقي المذكور قبل قال: " أكل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوما طعاما، ثم قال: استر علي، فاغتسل فقلت له: أكنت جنبا يا رسول الله؟ قال: نعم، فأخبرت بذلك عمر فجاء فقال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن هذا زعم أنك أكلت وأنت جنب، قال: نعم، إذا توضأت أكلت وشربت ولا أصل ولا أقرأ حتى أغتسل ". رواه البيهقي من حديث محمد بن عمر عن عبد الله بن سليمان بن أبي سلمة عن ثعلبة بن أبي المنكدر عن عبد الله بن

_ (1) المصدر السابق.

مالك به ثم قال: تابعه ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان. وحديث ابن لهيعة المشار إليه خرجه الطبراني (1) في الكبير وابن نافع في معجمه وعبد الله بن وهب/في مسنده وفي كتاب البيهقي من حديث الأعمش عن شقيق عن عبيدة قال: كان عمر يكره أن يقرأ القرآن وهو جنب قال: وهو إسناد وصحيح وفي الخلافيات: من حديث شعبة عن الحكم عن إبراهيم أن عمر كان يكره أن يقرأ الجنب، قال شعبة: وحدث في صحيفتي والحائض. وحديث أبي موسى الأشعري قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يا علي إنى أرضى لك ما أرضاه لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تقرأ القرآن وأنت جنب، ولا أنت راكع ولا أنت ساجد، ولا تصل وأنت عاقص شعرك، ولا تذبح بذبح الحمار ". رواه الدارقطني (2) من حديث أبي مالك النخعي عبد الملك بن حسين أخبرني أبو عاصم بن كليب الجرمي عن أبي بردة عن أبي موسى. وحديث علقمة قال: كنا مع سلمان الخير- رضي الله عنه- في سفر فقضى حاجته، فقلنا له: توضأ حتى نسألك عن آية من القرآن فقال: سلوني إنى لست أمسه، إنه لا يمسه إلا المطهرون، فقرأ علينا ما أردناه. خرجه أبو عبد الله في مستدركه (3) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لتوقفه، وقد رواه أيضا جماعة من الثقات عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان، وذكر ابن الجوزي: أن بعضهم رفعه ولا يصح. وحديث أنس قال: " خرج عمر متقلدا السيف، فقيل له: إن حبك واحد قد صبوا، فأتاهما عمر وعندهما رجل من المهاجرين، فقال: وكانوا أجنابا يقرءون سورة طه، فقال: أعطوني الكتاب الذي عندكم فاقرؤوه، وكان عمر يقرأ الكتب فقالت له أخته: إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون فقم فاغتسل أو توضأ، فقام عمر

_ (1) ضعيف. رواه الدارقطني (1/119) والكنز (27463) والمجمع (1/274) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه ابن لهيعة وهو علته. (2) ضعيف. رواه الدارقطني (1/119) وإتحاف (3/97) وأحمد (1/146) وعبد الرزاق (2836) والمشكاة (903) والكنز (41877، 44002، 44059) وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع (ص 928 ح/6400- 1192) . (3) صحيح. رواه الحاكم وصححه.

وتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ طه ". ذكره ابن سعد في الطبقات عن إسحاق الأرق رواه الدارقطني (1) عن محمد بن عبد الله بن غيلان ثنا الحسن بن الجنيد وثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الأدمي ثنا ابن المأدي ثنا إسحاق الأزرق ثنا القاسم بن عثمان البصري عن أبيه عن أنس به. ولما ذكر أبو زيد السهيلي في روضه أشار إلى أنه من أحاديث السير، وقال القشيري: وذكر ابن إسحاق في قصة إسلام عمر بن الخطاب/أن أخته قالت له: " إنك جنب ولا يمسه إلا المطهرون "، وهو هكذا معضل وأظنّه في ذلك تبع ابن عبد البر كأنما لم ينظر إلى كتاب أبي الحسن وابن سعد نقضه اغتساله وكونه بسند صحيح؛ لأنّ عثمان وثّقه أبو حاتم وباقي من فيه لا نسأل عنه، وفي كتاب المعانقة لمرتضى بن حاتم ثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن حصين مشافهة قال: أذن لي أبو الفتح محمد بن عبد الله عرف بابن النحاس أنبأ أبو الفرح أحمد بن محمد بن أبي ذهبة ثنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الرحماني ثنا أبو بكر محمد بن بكران ثنا يحيى بن عبيد الله، ثنا الفضل بن عبيد الله الهاشمي، ثنا يوسف بن محمد البغدادي، ثنا أبو عبد الله محمد بن عبيدة بن جرود حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الملك الأسدي ثنا ناهض بن سلام ثنا محمد بن سيرين ومحمد بن كعب القرطبي ثنا أبو العباس عبد الله بن عبد العباس فذكر سلام عمر مطولا، وفي كتاب الدلائل للبيهقي من حديث أسامة بن زيد عن أبيه عن جدّه أسلم قال: " قال لنا عمر أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي؟.. " الحديث رواه عن الحمامي ثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم ثنا محمد بن أحمد بن برد ثنا إسحاق الحسنى قال: ذكره أسامة أنّ الصحيفة كان فيها: سبح لله ما في السموات وما في الأرض، وقد استوفينا ذلك في كتابنا المسمى بالوهم الباسم في سير أبي القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك. وحديث حكيم بن حزام قال: لما بعثني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليمن قال: " لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر ". رواه أبو القاسم في الكبير (2) عن بكر بن نفيل ثنا

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني: (1/121، 2/285) . (2) حسن. رواه الحاكم (3/485) والدارقطني (1/123) ونصب الراية (1/198) والكنز (2829) والطبراني (3/230، 9/33) والمجمع (1/276، 277) ، وعزاه إلى الطبراني=

إسماعيل بن إبراهيم صاحب القوهي سمعت أبي ثنا سويد أبو حاتم ثنا مطر الوراق عن حسان بن بلال عنه. ولما خرجه أبو الحسن قال لنا ابن مخلد: سمعت جعفرا يقول: سمع حسان من عائشة وعمار قيل له: سمع مطر من حسان؟ فقال: نعم. وحديث ثوبان قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا يمس القرآن إلا طاهر. والعمرة الحج الأصغر وعمرة خير من الدنيا. وما فيها. ذكره ابن القطان من رواية علي بن عبد العزيز ثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا مسعدة البصري عن حصيب بن جحدر عن النضر بن شقي عن أبي إنّما الرحبي عنه قال: وهو إسناد في غاية الضعف./وحديث ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يمس القرآن إلا طاهر " (1) . رواه أبو الحسن عن الحسين بن إسماعيل ثنا سعيد بن محمد بن سوار ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج عن سليمان بن موسى قال: سمعت سالما يحدث عن أبيه فذكره وهو سند صحيح، وذلك أن أبا الحسن ذكر حديثا من رواية سعيد هذا في كتاب الصيام وقال: إسناده صحيح، وذكر الخطيب أنه روى عنه إسماعيل بن الفضل البلخي وابن ياسين وابن صاعد ومحمد بن أحمد البوداني وسليمان بن موسى معروف الحال بالفقه، وممن خرج مسلم حديثه في صحيحه ولما ذكره الجوزجاني في كتابه قال: هذا حديث مشهور حسن، وقال الطبراني في الصغير: لم يروه عن سليمان بن موسى إلا ابن جريح ولا عنه إلا أبو عاصم. تفرد به سعيد والله أعلم. وحديث أبي بكر بن إسحاق الجعفي قال: ذكره أسامة عن أبيه عن جده أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى أهل اليمن كتابا فكان فيه: " لا يمس القرآن إلا طاهرا ". رواه الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري ثنا محمد بن علي وثنا الحسن بن إسماعيل ثنا إبراهيم بن هانىء ثنا الحكم بن موسى ثنا على بن حمزة عن سليمان بن داود حدثني الزهري عن أبي بكر، ومن هذه الطريق خرّجه الطبراني وابن عبد البر والبيهقي في شعب الإيمان، وفي الموطأ عن

_ = في " الكبير " و" الأوسط "، وفيه سويد أبو حاتم ضعفه النسائي وابن معين في رواية، ووثقه في رواية. وقال أبورعة: ليس بالقوي حديثه حديث أهل الصدق. (1) تقدم من أحاديث الباب.

عبد الله بن أبي بكر أن في الكتاب الذي كتبه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن حزم: " لا يمس القرآن إلا طاهرا ". ورواه أبو الحسن في الغرائب من جهة إسحاق الطباع ومبشر ابن إسماعيل عن مالك مسندا، ورواه في الخلافيات عن أبي بكر بن الحرث عن ابن حبان عن محمد بن سهل عن أبي مسعود عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن جده قال: كذا في كتابه عن جده ولم يذكره غيره عن عبد الرزاق، ومن حديث إسماعيل بن أبي أويس حدثنى ابن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر عن أمه عن أبيهما عن جدهما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فذكره، وهو حديث لو صحح إسناده لكان بذلك جديرا؛ فإن سليمان بن داود وهو أبو داود الخولاني الدمشقي حاجب عمر بن عبد العزيز وكان متقدما عنده قال ابن حسان: كان ثقة مأمونا، وقال الدارقطني:/لا بأس به، وقال البيهقي أثنى عليه أبو زرعة وأبو حاتم وعثمان بن سعيد وجماعة من الحفاظ، وأبو بكر معروف بالسماع من أبيه، وأبوه محمد معروف بالسماع من عمرو، وذكره بعضهم في الصحابة لمولده سنة عشر، ويفهم من حمل قوله عن جده أنه هو، فإن كان صحيحا فيكون فيه شامة الاتصالِ، ومنهم من حمله على جده الأعلى وهو الصحيح؛ لأنّ في الحديث كان فما أخذ عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. الحديث، والله أعلم. وحديث إسحاق ابن عيسى الطباع يعضده وإسناده أيضا صحيح لتخريج مسلم حديثه ولمتابعة مبشر له ويزيد ذلك وضوحا قول عبد الله بن محمد بن عبد العزيز سمعت أبا عبد الله، وسئل عن حديث الصدقات أصحيح هو؟ قال: أرجو أن يكون صحيحا، وقال أبو عمر بن عبد البر: كتاب عمرو بن حزم كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد؛ لأنه أشبه التواتر في مجيئه ليلقى الناس له بالقبول والمعرفة، وما فيه متفق عليه إلا قليلا ومما يدلك على شهرة كتاب عمرو وصحته ما ذكره ابن وهب عن مالك والليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، قال: وجد كتاب عند آل ابن حزم يذكرون أنه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه وفيما هنالك من الأصابع عشر عشر فصار القضاء في الأصابع إلى عشر عشر.

وقال أبو أحمد: وأما حديث الصدقات فله أصل في بعض ما رواه معمر عن الزهري عن أبي بكر وأفسد إسناده. وحديث سليمان بن داود مجود الإسناد، وقال البيهقي والحديث الذي رواه- يعني: سليمان- في الصدقات موصول الإسناد، وحسن، وقال السهيلي: قد أسند من طرق حسان أقواها رواية ابن داود عن الزهري وأبي ذلك جماعة من الحفاظ قال الدارقطني: فإنه لما ذكر حديث سليمان عن الزهري قال: لا يثبت عنه، وقال غير الحكم بن موسى أنه سليمان بن أرقم، ولما روى النسائي هذا الحديث من طريق يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود ثم رواه من حديث يحيى عن سليمان بن أرقم قال: هذا أشبه بالصواب، وقال ابن المديني: سليمان بن داود الذي يروى عن الزهري حديث عمرو في الديات منكر الحديث وضعفه، وقال أبو بكر بن خزيمة: لا يحتج/بحديثه إذا انفرد، وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى يقول: الحكم بن موسى ثقة، وسليمان بن داود الذي يروى عن الزهري، حديث الصدقات والديات مجهول لا يعرف، وفي رواية أبي يعلى عنه سليمان لا يعرف ولا يصح هذا الحديث. وفي رواية الدارمي عنه: ليس بشيء، وفي رواية ابن الدورقي عنه: شامي ضعيف. وقال أبو محمد الإشبيلي: والصحيح في هذا الحديث الإرسال كما رواه مالك وغيره وسليمان ضعيف، وأكثر أهل الحديث لا يأخذون هذا وأشباهه من الكتب. انتهى كلامهم. فإن كان ما قالوه عن سليمان صحيحا فطريق إسحاق الطباع بعض على قولهم وتوهنه، والله أعلم. وحديث معاذ بن جبل قال: قلنا يا رسول الله فقوله: " لا يمسه إلا المطهرون ". قال: يعني: لا يمس ثوابه إلا المؤمنون. قال: قلنا: فقوله كتاب مكنون من الشرك، ومن الشياطين ذكره أبو أحمد بن عدى من حديث إسماعيل بن زياد الموصلي ويقال: أن ابن زياد قال: وهو منكر الحديث، وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد، وقال الجوزجاني هذا حديث باطل لا أصل له. وذكره ابن الجوزي في كتاب المرفوعات وقال: لا بارك الله فيمن وضعها افتح هذا الوضع. وحديث عثمان بن أبي العاص قال: كان فيما عهد إلى رسول

الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا تمس المصحف وأنت غير طاهر ". ذه ابن أبي داود في كتابه عن أحمد بن الحباب الحميري ثنا أبو صالح الحكم بن المبارك الحبشي ثنا محمد بن راشد عن إسماعيل المكي عن القاسم بن أبي بزة عنه ومحمد بن راشد وشيخه متكلم فيهما، قال أبو محمد الفارسي: وقراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله جائز كل ذلك بوضوء وبلا وضوء للجنب والحائض: برهان ذلك أن هذه أفعال خير مندوب إليها أما جواز فعليها فمن ادعى المنع منها في بعض الأحوال كلف أن يأتي البرهان، ويعد قول ربيعة وابن المسيب وابن عباس وسعيد بن جبير وقول داود وجمع أصحابنا، وأما مس المصحف فإن الآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه فإنه لا يصح فيها شيء؛ لأنها إما مرسلة وإما ضعيفة لا يستر، وإما عن مجهول وإما عن ضعيف، والصحيح حديث ابن عباس عن أبي سفيان أنه كان عند هرقل فجيء/بكتاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي بعث به دحية إلى عظيم كسرى فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإنى أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليكم إثم الأرمسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون (1) . بهذا النبي عليه الصلاة والسلام قد بعث كتاب فيه قرآن إلى البصري وقد اتقن أنهم يمسون ذلك الكتاب فإن ذكروا حديث ابن عمر: " كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو " فهذا حق يلزم اتباعه وليس فيه أن لا يمس المصحف جنب ولا كافر، وإنما فيه أن لا ينال أهل الحرب القرآن فقط، فإن قالوا إنما بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هرقل بآية واحدة قيل لهم ولم يمنع عليه السلام من غيرها وأنتم أهل قياس فإن لم تقيسوا على الآية ما هو أكثر منها فلا تقيسوا على

_ (1) راجع القصة في " البداية والنهاية ".

هذه الآية غيرها، فان ذكروا قوله يقال: لا يمسه إلا المطهرون، فلا حجة فيه؛ لأنه ليس أمرا وإنما هو خبر والرب تعالى لا يقول إلا حقا، ولا يجوز أن يصرف لفظ الخبر إلى معنى الأمر إلا ببصر جلى أو إجماع متيقن، فلما رأينا المصحف يمسه الطاهر وغير الطاهر علمنا أنه عز وجل لم يعِنِ المصحف وإنما عنا كتابا آخر كما جاء عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون) قال: الملائكة الذين في السماء. وكان علقمة إذا أراد أن يتخذ مصحفا أمر نصرانيا فنسخه له. وقال أبو حنيفة: لا بأس أن يحمل الجنب المصحف بعلاقة وغير المتوضئ عندهم كذلك. وأبي ذلك مالك إلا إن كان خرج أو يموت، وقال: فلا بأس أن يحمله اليهودي والنصراني والجنب وغير الطاهر، قال أبو محمد: وهذه تفاريق لا دليل على صحتها، والله أعلم. وقد أسلفنا ما يرد هذا القول وأن المرسل أسند والضعيف قوي والحمد لله وحده لذلك، وفي المحيط يكره للجنب من كتب التفسير والسنن والفقه لعدم خلوها عن آيات من القرآن، وفي فتاوى السمرقندي يكره للجنب/والحائض أن يكتبا كتابا فيه آية، لأنه مس القرآن. وفي مسند الدارمي أنبأ عبيد الله بن موسى وأبو نعيم قالا: حدثنا ابن عمرو عن ابن أبي مليكة أن عائشة رضى الله عنها: " كانت ترقى أسماء وهى عارك " (1) وفي تفسير عبد بن حميد ثنا عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر عن الربيع بن أنس لا يمسه إلا المطهرون، قال: الملائكة هم المطهرون من الذنوب ثنا يونس عن شيبان عن قتادة لا يمسه إلا المطهرون، قال: ذاكم عند رب العالمين لا يمسه إلا المطهرون الملائكة، فأما عندكم فيمسه المشرك النجس والمنافق الرجس وفي الروض المطهرون في هذه الآية: هم الملائكة، وهو قول مالك في الموطأ واحتج بالآية الأخرى التي في سورة عبس، ولكنهم وإن كانوا الملائكة فمع وصفهم بالطهارة مقرونا بذكر

_ (1) صحيح. رواه الدارمي في: كتاب الطهارة، 103- باب الحائض تذكر الله ولا تقرأ القرآن، (ح/ 996) . قوله: " عارك "، أي: حائض.

المس يقتضى أن لا يمسه إلا طاهر اقتداء بالملائكة المطهرين فقد تعلق الحكم بصفة التطهر، ولكنّه حكم مندوب إليه وليس محمولا على الفرض، وكذلك ما كتب به النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمرو بن حزم ليس على الفرض أيضا وإن كان الفرض فيه أتى منه في الآية؛ لأنه جاء بلفظ: النهي عن مسه على غير طهارة ولكنه في كتابه إلى هرقل دليل على ما قلناه، وقد خالف أبو ثور وطائفة ممن سلف منهم ابن عيينة وابن أبي سليمان إلى إباحة مسه على غير طهارة، ومما يقوى إن المطهرين في الآية هم الملائكة إنه لم يقل المتطهرون إنما قال: المطهرون، وفرق ما بين المتطهر والمطهر وذلك أن المتطهر: من فعل الطهور وأدخل نفسه فيه، كالمتفقه الذي يدخل نفسه في الفقه وكذلك المتفعل في أكثر الكلام أنشد سيبويه وقيس بن غيلان ومن بقيا. فالآدميون متطهرون إذا تطهروا، والملائكة مطهرون خلقة، والآدميات إذا طهرت متطهرات، قال تعالى: (فإذا تطهرن) والحور العين مطهرات قال تعالى: (لهم أزواج مطهرة) وهذا فرق بيّن والمصطفي عليه الصلاة والسلام متطهر ومطهر ولله الحمد والمنة. قال ابن المنذر: ورخص بعض من كان في عصرنا للجنب والحائض في مسّ المصحف والدنانير والدراهم التي فيها ذكر الله تعالى، قال:/ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المؤمن لا ينجس ". وفي كتاب المعرفة: قال مجاهد وأنس بن مالك: المطهرون: الملائكة. وقال أبو عبد الله الحليمي: إّنما أتى بالملائكة إلى مسّ ذلك الكتاب؛ لأنهم مطهرون والمطهر: هو الميسّر للعبادة والمرض لها فثبت أن المطهر من الناس هو الذي ينبغي له أن يمس المصحف، والمحدث ليس كذلك؛ لأنه ممنوع من الصلاة والطواف والجنب والحائض ممنوعان منها ومن قراءة القرآن؛ فلم يكن لهم حمْل المصحف ولا مسّه، وفي شرح السنة قول أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم لا يجوز للجنب ولا للحائض قراءة القرآن وهو قول الحسن، وفيه قال سفيان وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وجوّز عكرمة للجنب قراءة القرآن وجوّز مالك للحائض قراءة القرآن لأنّ زمن حيضها قد يطول فتمس القرآن. وقال مالك: لا يحمل المحدث

المصحف بعلاقته ولا على وسادة إلا وهو طاهر وجوز الحكم وحماد وأبو حنيفة: حمله ومسه، وقال أبو حنيفة: لا يمس الموضع المكتوب. وكان أبو وائل يرسل شارعة وهي حائض إلى أبي رزين لكتابة المصحف فيمسكه بعلاقته، وكذلك رأي الشعبي. والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم. تم الجزء المبارك من كتاب الإعلام بسنته عليه الصلاة والسلام تأليف الإمام العالم العلامة المتقن المحقق مغلطاي تغمّده الله تعالى برحمة منه وكرمه آمين وحسبنا الله ونعم الوكيل، يتلوه في السفر الذي يليه باب: تحت كل شعرة جنابة، والحمد لله رب العالمين

70- باب تحت كل شعرة جنابة

بسم الله الرحمن الرحيم 70- باب تحت كل شعرة جنابة /حدثنا نصر بن على الجهضمي ثنا الحرث بن وجيه، ثنا مالك بن دينار عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنّ تحت كل شعرة جنابة، واغسلوا الشعر وانقوا البشر ". هذا حديث لما رواه أبو داود (1) اتبعه الحارث حديثه منكر وهو ضعيف، كذا في كتاب اللؤلؤي وابن العبد وعند ابن داسة هذا الحديث ضعيف، وقال أبو عيسى (2) : الحارث بن وجيه غريب لا نعرفه إلا من حديثه وهو شيخ ليس بذاك، وقد روى عنه غير واحد من الأئمة، وقد تفرّد بهذا الحارث عن مالك بن دينار، وقال الدارقطني:

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/ 248) والنسائي في (الطهارة، باب " 106 ") والكنز (27361) والخفاء (1/255، 353) . وضعفه الشيخ الألباني انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/ 132) والمشكاة (344) والروض (704) وضعيف أبي داود (37) . (2) ضعيف. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة (11/78) ، 78. باب ما جاء أن تحت كلْ شعرة جنابة، (ح/ 106) . وقال: حديث الحرث بن وجيه حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديثه. وهو شيخ ليس بذاك. وقد روى عنه غير واحد من الأئمة، وقد تفرد هذا الحديث عن مالك بن دينار. ويقال: " الحرث بن وجيه " ويقال: " ابن وجبة ". و" وجيه " بكسر الجيم وبعدها ياء تحتية مثناة، و" وجبة " بإسكان الجيم وفتح الباء الموّحدة، والحرث هذا هو أبو محمد الراسي، ليس له في الكتب الستة إلا هذا الحديث. قال أبو داود: " الحرث بن وجيه حديثه منكر وهو ضعيف ". وقال ابن حجر في التلخيص (ص/52) : " قال الدارقطني في العلل: إنّما يروي هذا عن مالك بن دينار عن الحسن مرسلا، ورواه سعيد ابن منصور عن هشيم عن يونس عن الحسن قال: نبئت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره. ورواه أبان العطار عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة قوله. وقال الشافعي: هذا الحديث ليس بثابت . وقال البيهقي: أنكره أهل العلم بالحديث: البخاري وأبو داود وغيرهما ".

غريب من حديث ابن سيرين عن أبي هريرة. تفرد به مالك بن دينار، وقال في كتاب العلل: وغير الحارث يرويه عن مالك عن الحسن/مُرسلا، ورواه أبان العطار عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة قوله، ولا يصح مسندا والحارث ضعيف، وقال البغوي في شرح السنة: هذا حديث غريب الإسناد، وقال ابن حزم: هذا لا يصح، ولما ذكره أبو الفرج في كتاب العلل قال: إنّما يروى عن أبي هريرة موقوفا، وفي كتاب المعرفة لأبي بكر: وأمّا ما روى تحت كل شعرة جنابة فقد حمله الشافعي في القديم على ما ظهر دون ما بطن من داخل الأنف والفم، وضعّف الحارث في حكاية بعض أصحابنا عنه، وزعم أنه ليس بثابت هو كما قال: وقد أنكره البخاري قال البيهقي: وإنّما يروى هذا الحديث المثنى عن الحسن مرسلا، وعنه عن أبي هريرة موقوفا وسماعه من أبيِ هريرة لا يثبت، قال في الكبير: تفرد به الحارث وقد تكلموا فيه، وقال في الخلافيات: وهذا المتن إنما يروى عن إبراهيم، قال: كان يقال: وقد كتبناه من حديث عائشة وأنس مرفوعا بإسنادين لا يتساويان ذكرهما ضعيفان. وحديث أبي هريرة ليس بثابت، وفي علل الخلال قال أبو عبد الله الحارث بن وجيه: لا أعرفه، وهذا حديث منكر إنّما يروى عن الحسن مرسلا، وأما من حديث ابن سيرين فلا أعلمه، ولماّ سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث قال: هذا حديث منكر والحارث ضعيف، وفي كتاب الساجي: إنْما يروى هذا عن الحسن عن أبي هريرة من قوله، وروينا عن أبي علي الطوسي أنّه قال: يقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن وجيه، ويقال: ابن وجبة وهو شيخ ليس بذاك، وفي كتاب العقيلي وذكر هذا الحديث لا يتابع عليه وله غير حديث منكر، ولهذا الحديث إسناد غير هذا فيه لين أيضا، وقال البزار: لا نعلم أسند مالك عن ابن سيرين إلا هذا الحديث ولا نعلم رواه/عن مالك إلا ابن وجيه، وقال الخطابي: هذا الحديث ضعيف والحارث مجهول، وقد يحتج به من يوجب الاستنشاق في الجنابة. انتهى كلامه، وفيه نظر في قوله: مجهول إن أراد العين فمن زود بما أسلفناه من قول الترمذي روى عنه غير واحد من الأئمة، وإن أراد الحال فكذلك أيضا لما أسلفناه قبل، وفي كتاب البيهقي والحسن لم يثبت سماعه من أبي هريرة نظرا لما أسلفناه من ثبوت سماعه منه

قبل، والله تعالى أعلم. حدثنا هشام بن عمار ثنا يحيى بن حمزة، حدّثنى عتبة بن أبي حكيم حدثنى طلحة بن نافع، حدّثنى أبو أيوب الأنصاري أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، وأداء الأمانة كفّارة لما بينهما "، قلت: وما أداء الأمانة؟ قال: " غسل الجنابة؛ فإنّ تحت كلّ شعرة جنابة " (1) . هذا حديث إسناده صحيح، عتبة شامي طبراني أزدي. روى عنه جماعة منهم عبد الله بن المبارك وبقية بن الوليد وصدقة بن خالد ومحمد بن سعيد بن شابور وسلمة بن علي وسعيد بن يزيد وأيوب بن حسان ومحمد بن حرب إلا يونس وإسماعيل بن عياش وأيوب بن سويد الرملي وابن لهيعة، وإن كان قد ضعّفه محمد بن حارث الحمصي، وقال ابن سنان: يعتبر بحديثه من غير رواية لبقية عنه، وقال السعدي: غير محمود في الحديث، وقال ابن معين: موثّق، وقال أبو حاتم الرازي: صالح لا بأس به، وقال مروان الطاطري وأبو زرعة الدمشقي: كان ثقة، وقال أبو القاسم الطبراني: هو من ثقات المسلمين، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وأبو سفيان طلحة بن نافع وإن كان تكلّم فيه بكلام مئول وهو قول/الحربيِ وذكره غيره أوثق منه، وقال يحيى: ليس بشيء، وقال أبو زرعة: روى عنه الناس قيل له: أبو الزبير أحب إليك أم هو؟ قال أبو الزبير أشهر فأورده بعض من حضر فيه فقال: أتريد أن أقول: هو ثقة الثقة شعبة وسفيان، فقال: خرج مسلم- رحمه الله تعالى- حديثه في صحيحه محتجّا به والبخاري مقرونا، وفي كتاب التهذيب روى له، وقال الإمام أحمد: لا بأس به، وقال- ابن معين: في رواية: صالح. وقال البزار: هو في نفسه ثقة وباقي من في الإسناد ولا يسأل عنه، وأمّا قول أبي حاتم: لم يسمع من أبي أيوب الأنصاري شيئا فمردود بحديث ابن ماجة المصرّح فيه بسماعه منه على لسان ثقة، والقاعدة أنّ المحدّث إذا خرج بالتحديث أو بما

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/598) . في الزوائد: إسناده ضعيف، لأن طلحة بن نافع لم يسمع من أبي أيوب. وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/132) ، وضعيف أبي داود (37) والضعيفة (3801) .

يشابهه قيل، والله تعالى أعلم. ومن شرط أبي داود أن يذكر في الباب أصح ما يجد ولم يذكر في متن حديث أبي هريرة المتقدم غيره، وهذا بغير شك ولا ارتياب خير ممّا ذكره في الباب، اللهمّ إلا أن يكون ما أسنده، فلهذا ما أورده وروى البيهقي عن يونس بن حبان، ثنا سليمان بن فروح أتيت أبا أيوب الأنصاري فصافحته فرأى أظفاري فقال: ما هذا إلا بمسلمة عن خبر السماء فقال: يسأل أحدكم عن خبر السماء وهو يدع أظفاره كأظفار الطير يجمع فيها الجنابة والنتن، قال: هكذا رواه جماعة عن يونس، ورواه أبو داود الطيالسي عن وائل بن سليم قال: أتيت أبا أيوب الأزدي، فذكره ثم قال: هذا مرسل، أبو أيوب الأزدي عن أبي أيوب الأنصاري، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا الأسود بن عامر ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن زاذان عن علي بن أبي طالب/- رضي الله عنه- عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من ترك شعرة من جسده لم يغسلها فعل به كذا وكذا من النار. قال علي فمن ثم عاديت شعري وكان يجزّه " (1) . هذا حديث رواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل، ثنا حماد بلفظ: " فمن ثم عاديت رأسي "، قلنا: وقال البزار: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، ورواه عن محمد بن معمر، ثنا أبو الوليد ثنا حماد بن سلمة. وفيه نظر؛ لما يذكره من أنّ له إسنادا غير إسناده المذكور عندها وقال عبد الحق: يروى موقوفا عن علي وهو الأكثر وفيه نظر؛ لما يذكره بعد، قال أبو الحسن: أعرض أبو محمد منه عما هو من الحقيقة عفته، وهي أنه من رواية حماد بن

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/249) وابن ماجة (ح/599) والبيهقي في " الكبرى " (1/175، 227) وابن أبي شيبة (1/100، 155) وأحمد (1/49، 101، 133) والدارمي (1/192) والطبراني في " الصغير " (2/81) والمشكاة (ح/444) وابن عدي في " الكامل " (5/2002) . وضعفه الشيخ الألباني. انظر له: ضعيف أبي داود (ح/38) وضعيف ابن ماجة (ح/134) والروض (ح/704) وتخريج المختارة (ح/4310427) والإرواء في تخريج أحاديث منار السبيل (ح/133) والضعيفة (ح/903) . غريبه: قوله: " كذا وكنا من النار " أي: من العذاب وهذا بالذي ترك ذلك متعمدا لو صح الحديث. وقوله: " ثم عاديت شعري " أي: أبعدته، وقصته.

سلمة عن عطاء وحمّاد، إنما سمع منه بعد اختلاطه، وإنّما يقبل من حديث عطاء ما كان قبل أن يختلط، وأبو محمد بعيد هذا من (1) حاله، وإنّما ينبغي أن يقبل من حديثه ما روى عنه مثل شعبة وسفيان، فأمّا جرير وخالد بن عبد الله وابن عليّة وعلي بن عاصم وحمّاد بن سلمة، وبالجملة أهل البصرة وأحاديثهم عنه ممّا يسمع منه بعد الاختلاط؛ لأنه قدم عليهم في آخر عمره، وقد نصّ العقيلي عن حمّاد بن سلمة أنّه ممن يسمع منه بعد اختلاطه، وأما أبو عوانة فسمع منه الحالين، ولماّ أورد أبو أحمد ما أنكر عليه من الحديث أو ما خلط فيه أو ما روى عنه بعد اختلاطه أو رد في جملة ذلك هذا الحديث انتهى كلامه، وفيه نظر في موضعين: الأوّل: من قول: 5 أنّ حماد بن سلمة سمع منه بعد اختلاط لما رويناه عن البغوي أن ابن معين قال: كلّ شيء من حديث عطاء ضعيف إلا ما كان من حديث شعبة/وسفيان وحماد بن سلمة، فهذا ابن معين نصّ علي ابن سلمة أنه سمع منه قديما فهو صحيح. الثاني: إن سلمنا له قوله؛ فقد وقع لنا هذا الحديث من غير رواية حماد من طريق شعبة الذي نص على أنّه سمع منه قبل اختلاطه مطلقا وفيه نظر؛ لأن يحيى بن سعيد قال: إنه سمع منه حديثين بعد اختلاطه عن برأ، وإن كان شعبة بينهما، والطريق المشار إليها ذكرها أبو الحسن الدارقطني في علله إذا سئل عنه فقال: رواه عطاء عن زاذان حدّث به عنه أرسله وشعبة وحفص بن غياث رواه عبد الله بن رشيد عن حفص بن غياث عن الأعمش وكثير عن زاذان عن علي، ورواه حماد بن زيد عن عطاء عن زاذان عن علي موقوفا ولذلك قال الأسود بن عامر: عن حماد بن سلمة انتهى، فهذا كما ترى شعبة قد رواه عن عطاء، وهو ممن قال أبو القطان: إنهّ سمع منه قبل اختلاطه كما أسلفناه، ولم يبيّن أنّه سمع منه قبل اختلاطه كما قال محمد بن سعد يدل ذلك على صحّته، عنده وأنه أخّره عنه قبل اختلاطه إذ لو كان بعده لبيّنه، فإنّ الأعمش وليث بن أبي سليم تابعا عطاء عن زاذان فصح إسناده وذهب إسناده، وذكر أبو القاسم في كتابه الأوسط، ثنا محمد بن الأعجم الصغاني ثنا جرير بن المسلم، ثنا عبد

_ (1) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ".

المجيد عن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن عطاء فذكره مرفوعا، وقال: لم يروه عن عبد العزيز بن أبي روّاد إلا ابنه. تفرد به جرير بن المسلم، فهذه الطريق لا بأس بها أيضا؛ لأنها من رواية المكيين عن عطاء وهم ممن سمعوا منه قبل اختلاطه، وأمّا قول الدارقطني: ولذلك قال الأسود: عن حماد، يعني: موقوفا فيه نظر في كتاب ابن ماجة/من حديثه مرفوعا، وإنّما قول عبد الحق يروى موقوفا على عليّ وهو الأكثر فقد أسلفنا خلاف ذلك، والله أعلم. وفي الباب حديث عائشة من عند البخاري (1) : " ثم يخلل بيده شق رأسه الأيمن فيدفع بها أصول الشعر، ثم يفعل بشق رأسه الأيسر بيده اليسرى كذلك حتى يستبرئ اليسرة ثم يصب على رأسه ". وحديث أبي ذر المذكور في صحيح ابن حبان (2) مرفوعا: " فإذا وجدت الماء، فأمسّه بشرتك ". وقد تقدّم. وحديث عائشة قالت: " احمرت رأسي إحمارا شديدا فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا عائشة، إنّ تحت كلّ شعرة جنابة ". رواه الإمام أحمد في مسنده (3) من رواية حصيف عن رجل غيره يسمى عنها. وحديث أنس بن مالك قال عليه السلام : " خلل أصول الشعر واتق البشرة " (4) . ذكره أبو محمد بن حزم من طريق يحيى بن عيينة عن حميد عنه، قال: ويحيى مشهور برواية الكذب فسقط- يعني: الحديث- وفى كتاب ابن بنت منيع بإسناد صحيح عن حذيفة موقوفا انه قال: " تحت كل شعرة جنابة فما فوقها؛ لذلك عاديت رأسي ورأسه مجروز " (5) . رواه عن ابن الجعد، ثنا شعبة عن عمرو بن مرة سمعت أبا

_ (1) صحيح. رواه البخاري في: 5. كتاب الغسل، 1. باب الوضوء قبل الغسل، (ح/ 248) . أطرافه في: [ح 262، 272] . (2) تقدم من رواية ابن حبان. وله مصادر أخرى بلفظ: " إذا وجدت الماء فأمسه جلدك " ورواه البيهقي في " الكبرى " (1/79) والمنثور (2/168) وتلخيص (1/154) والكنز 27566، (3) ضعيف. رواه أحمد: 1/94، 101، 133، 6/111، 254. (4) بلفظ قريب منه: رواه البيهقي في " الكبرى " (4/261) وابن حبان (159) . (5) بنحوه. رواه البيهقي في " الكبرى " (1/175) والمشكاة (443) وتلخيص (1/142) وشرح السنة (2/18) وعبد الرزاق (1002) وإتحاف (2/380، 381، 408) والقرطبي (5/210) والحلية (2/ 388) والكنز (27379) والذهبي (149) والخفاء (1/353) وفيه: " فبلوا الشعر ".

البختري يحدّث عن حذيفة فذكره قوله: اتقوا البشرة، قال أبو زيد في كتاب الأسرار: وداخل الأنف شعرة ولداخلها بشرة سمعت والذي عمر بن عيسى يحكى عن أبي عمر غلام ثعلب ببغداد يحكى عن ثعلب أنه قال: البشرة: الجلدة التي تقى اللحم عن الأذى، وبداخلها هذه الجلدة. انتهى كلامه، وفيه نظر؛ لأنّ المعروف عن ثعلب ما حداه الخطابي واحتج بعضهم في إيجاب المضمضة بقوله واتقوا البشرة، وزعم أنّ داخل الفم من البشرة/وهذا خلاف قول أهل اللغة؛ لأن البشرة عندهم هي ما ظهر من البدن فباشره البصر من الناظر إليه، وأما داخل الفم والأنف فهو الأدمة؛ لذلك أخبرني أبو عمر عن أبي العباس أحمد بن يحيى، وفي صحاح أبي نصر الجوهري والجمهرة لابن دريد البشرة والبشر: ظاهر جلد الإنسان. زاد ابن سيده ظاهره أعلا جلدة الرأس والوجه والجسد من الإنسان وهي التي عليها الشعر، وقيل: هي التي تلي اللحم وبشرة الأرض ما ظهر من نباتها الاشتقاق وذكره أبو زيد، وفي كتاب الموضح للخطيب التبريزي والبشرة: ظاهر الجلد، وقال قوم: يقال للباطنة: بشرة، وقال السراج في كتاب الاشتقاق: وذكره أبو زيد وهو غلط، وفي كتاب أبي عبيد بن سلام البشرة: ظاهر الجلد والأدمة باطنه، وتبعه على هذا غير واحد من الأئمة، واحتج من أوجب المضمضة والاستنشاق في الاغتسال بحديث أبي هريرة أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة ". رواه الدارقطني (1) من جهة نزلة بن محمد الحلبي عن يوسف بن أسباط عن سفيان عن خالد الحذاء عن ابن سيرين عنه وقال: هذا باطل، ولم يحدّث به غير نزلة وهو صحيح الحديث، قال ابن عدي: ذكرت الحديث لعبدان فقال: هات أحاديث المسلمين إذا رأيت قوله بحلب وتركته على عمد؛ لأنه كان يكذب، قال البيهقي: وقد اعترف نزلة نفسه بكونه منكرا؛ فإنّه لما رواه قال: وأمّا بقية هذا الحديث لم يروه متصلا غيره، وقد روى مرسلا عن ابن سيرين بغير هذا اللفظ بإسناد صحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/: " الاستنشاق من الجنابة ثلاثا ". وقال أبو الحسن في الأفراد: هذا غريب من حديث الثوري عن

_ (1) منكر. رواه الدارقطني في " السنن ": (1/48، 600) .

خالد، وإنّما يعرف هذا من رواية همام بن مسلم تفرّد به عن الثوري، وتفرد به عنه سليمان بن الربيع، وذكره ابن الجوزي في المرفوعات، وقال: هو خلاف الإجماع؛ إذ لمن أوجبها أن يوجب ثلاثا. وحديث هشيم عن ابن أرطأة عن عائشة بنت عجر وعن ابن عباس قال: " إن كان من جنابة أعاد المضمضة والاستنشاق واستأنف الصلاة ". رواه الدارقطني وقال: ليس لعائشة إلا هذا الحديث، وكذا رواه الثوري وأبو حنيفة- رحمهما الله تعالى- عن عثمان بن راشد عنهما، قال الشافعي: الذي يعتمد على عثمان عن عائشة، ويزعم أنّ هذا الأمر ثابت فترك له القياس، وهما غير معروفين ببلدهما فكيف يجوز لأحد يعلم ست حديثا ضعيفا مجهولا، ولو هي قدما معروفا معنى حديث البشرة، وروينا في كتاب الصلاة لأبي نعيم القطب وكني ثنا يونس ثنا خالد الحذاء قال: " أمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالاستنشاق من الجنابة ثلاثا " (1) . وحديث عائشة وعلمها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الغسل من الجنابة: " يا عائشة: اغسلي بدنك، ثم تمضمضي واستنشقي، وانتثري، ثم اغسلي وجهك ... ". الحديث ذكره ابن حزم ورده، وذكر فيه ابن عمّار بانقطاع ما بين عبيد الله بن عمير وعائشة وفي كلامه في عمار نظر؛ لما سنبيّنه بعد إن شاء الله- تعالى- وذكره في الأسرار بلفظ: " المضمضة والاستنشاق فرضان في الجنابة " (2) . وقال: هو حديث

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني: (1/115) . (2) موضوع. الخفاء (2/296) وتذكرة (23) وأسرار (319) واللآلئ (2/4) ونصب الراية (1/78، 79) وابن القيسراني (1103) والموضوعات (2/81) وقد رواه ابن الجوزي من طريقين: فالأول: إسماعيل بن أحمد، والثاني: من طريق محمد بن الحسن بن أبي بكر المزرفي فذكره. وقال: هذا حديث موضوع لا شك فيه. فأما الطريق الأول ففيه بركة بن محمد وكان كذابا ... قال أحمد بن عدي: له أحاديث بواطيل عن الثقات وكنت ذكرت حديثه لعبدان فقال لي: هات حديث المسلمين. كان بركة يكذب. وقال الدارقطني: هذا الحديث وضعه بركة أو وضع له. وقال ابن حبان: كان يسرق الحديث ورّبما قلبه. قال ابن الجوزي: وقد قال أبو الفتح الأزدي: لم يحدث به إلا يوسف بن أسباط ولا يتابع عليه، ويوسف دفن كتبه ثم حدّث من حفظه؛ فلا يجيء حديثه كما ينبغي. وأما الطريق الثاني: ففيه همام بن مسلم ولعله سرقه من يوسف. وقال ابن حبان: كان-

غريب، وفي المغيث من حديث ابن السائب أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا اغتسل من الجنابة مضمض واستنشق/ثلاثا " (1) . قال: وما محمد بن فضيل عن العلاء بن المسيّب عن فضيل بن عمرو وقال: قال عمر: " إذا اغتسلت من الجنابة فمضمض؛ فإنه أبلغ ". ثنا العقدي ثنا الزبيري عبيد الله حدّثنى جدي أن عثمان كان إذا اغتسل من الجنابة يشوص فاه بأصبعه ثلاث مرات (2) . ثنا عبيد الله عن أبان العطار عن قتادة عن حسان بن بلال قال: " الاستنشاق من البول مرّة، ومن الغائط مرتين ومن الجنابة ثلاثا ". ثنا معتمر عن سالم عن قتادة أنه كان يقول: مضمض من الجنابة ثلاثا. وبنحوه ذكره في المغيث، قال: ومدار هذه الكلمة على الطهور، ثنا عبيد الله عن شيبان عن منصور عن أبي معشر عن إبراهيم قال: كانوا يستحبون أن يستنشقوا في الجنابة ثلاثا، قال الدبوسي: ويدل ما ذهبنا إليه ما ذكرناه في القني وإنّ للفم حكم الظاهر فيما بيته وبين الظاهر وحكم الباطن فيما بيته وبين الباطن حتى إذا دخل شيء فاه لم يفسد صومه كأنه وجه، والله تعالى أعلم.

_ = يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم ويسرق الحديث فبطل الاحتجاج به. وفيه سليمان ابن الربيع. قال الدارقطني: ضعيف غير أسماء مشايخ ويروى عنهم مناكير. قال ابن الجوزي : ثم هذا الحديث على خلاف إجماع الفقهاء فان منهم من يوجب المضمضة والاستنشاق، ومنهم من يوجب الاستنشاق وحدها ومنهم من يراهما سنة، ومنهم من أوجب مرة لا ثلاثا. (1) صحيح. رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه ": (1/68) . قلت: ولهذا الحديث طرق عديدة جملتها صحيحة. (2) قوله: " مرات " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

71- باب ما ترى المرأة في منامها ما يرى الرجل

71- باب ما ترى المرأة في منامها ما يرى الرجل حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، ثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة قالت: جاءت أم سليم إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل قال: إذا رأت الماء فلتغتسل. فقلت: فضحت النساء وهل تحتلم المرأة؟! فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تربت يمينك فبم يشبهها ولدها إذا ". هذا حديث خرجه الأئمة الستة (1) في كتبهم، ورواه مالك (2) عن هشام وأرسله عنه جماعتها فذكروا/أم سلمة، واختلف على ابن عيينة وعلي بن يونس في وصله وإرساله، فأرسله حماد بن سلمة بأشخاص وزوج بن القاسم، ووصله بعضهم من حديثه، وأسنده يحيى بن سعيد والغفاري وغيرهما من البصريين والكوفيين، ابن نمير وابن يسير ووكيع وابن معونة ذكره الإسماعيلي، وفي حديث النسائي: " فضحكت أم سلمة "، قال أبو عمر بن عبد البر: هكذا هذا الحديث في الموطأ عن عروة أن أم سليم، وقال به ابن أبي أويس عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن أم سليم، وكلّ من رواه عن مالك لم يذكر فيه عائشة فيما علمت إلا ابن أبي الوزير وعبد الله بن نافع فأيهّما روياه عن عروة عن عائشة عن أم سليم، وقال الدارقطني: تابع ابن أبي الوزير على إسناده عن مالك عن حباب بن صلة وعبد الملك بن الماجشون، وعن ابن عيسى فيما ذكره ابن رشدي في غرائب حديث مالك عن عبد الرحمن بن أبي يعقوب بن أبي عياد عن معن ولم يذكر أبو الحسن ابن نافع، وقال في الاستذكار: الصحيح عروة عن زينب عن أمّها لا عن

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4411) ومسلم في (الحيض، ح/32) وأبو داود في الطهارة، باب " 95 " والنسائي في (الطهارة، باب " 30 ") وابن ماجة (ح/ 600) والدارمي (1/165) وأحمد في " المسند " (6/306) وأبو عوانة (1/291) وشرح السنة (2/9) والمنتقى (88) . (2) رواه مالك في: كتاب الطهارة، 21. باب غسل المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل، (ح/ 84) .

عائشة، وفي التمهيد: قال أبو عمرو: الحديث عند أهل العلم بالحديث صحيح لابن شهاب عن عروة عن عائشة أيضا، ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن يعقوب ثنا وكيع ثنا هشام وثنا علي بن حشرم أنا وكيع نا هشام ح وثنا مسلم ابن جنادة بن صيرفة ح وثنا يونس بن عبد الأعلى ثنا ابن وهب أنّ مالكا حدّثهم كلهم عن هشام عن أبيه عن زينب عن أم سلمة، قال: جاءت أم سليم إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألته عن المرأة في المنام ترى ما برى الرجل؟ قال: " إذا رأت الماء فلتغتسل ". قال: قلت فضحت النساء وهل تحتلم المرأة؟! فقال النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تربت يمينك فبم يشبهها ولدها إذا ". قال الشيخ: هذا حديث وكيع غير أنّ الدورقي لم يقل إذا، وانتهى حديث مالك عند قوله: إذا رأت الماء ولم يذكر ما بعده من الحديث ولفظ أبي عيسى: " فهل على المرأة- يعني: غسلا- إذا هي رأت في المنام مثل ما يرى الرجل؟! قال نعم إذا هي رأت الماء " (1) . وفي قول ابن خزيمة أن الدورقي يعقوب لم يقل به يعني: عن وكيع إذا نظر؛ لأنّ أبا علي الطوسي روى في كتاب الأحكام من تأليفه عنه عن وكيع بلفظ: " إذا " أورد ابن الجارود في منتقاه عن زياد بن أيوب عن وكيع بغير ذكر " إذا " ورواه ابن حزم حدثنا محمد بن المثنى حدّثنا ابن أبي عدي وعبد الأعلى عن سعيد بن عروبة عن قتادة عن عن أنس أنّ أم سليم سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرأة ترى في منامها مما يرى الرجل؟ فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا رأت فأنزلت فعليها الغسل " فقالت أم سلمة: يا رسول الله، أتكون هذا؟ قال: " نعم ماء الرجل غليظ أبيض، وماء المرأة رقيق أصفر، فأيهّما سبق أو على أشبهه الولد ". هذا حديث خرجه مسلم (2) في صحيحه عن أنس عن أم سليم حدّثت أنها سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرأة ترى في منامها.

_ (1) رواه الترمذي في: أبواب الطهارة (1/209) 90. باب ما جاء في المرأة ترى في المنام ما يرى الرجل (ح/ 122) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وهو قول عائشة الفقهاء: أن المرأة إذا رأت في المنام مثل ما يرى الرجل فأنزلت أن عليها الغسل. وبه يقول سفيان الثوري والشافعي. (2) صحيح. رواه مسلم في: الحيض، (ح/ 30) .

الحديث فقالت أم سليم: واستحييت من ذلك، وهل يكون هذا؟! قال الجبائي: هكذا في أثر النسخ عن الجلودي والكسائي فقالت أم سليم: وكذلك عند ابن ماهان إلا أنه غير في بعض النسخ فقالت أم سلمة: وهو المحفوظ، وفي لفظ له قال أسْر: جاءت أم سليم فقالت له:- وعائشة عنده- يا رسول الله، المرأة ترى ما يرى الرجل في المنام وترى في نفسها ما يرى الرجل من نفسه؟! فقالت عائشة: يا أم سليم/فضحت النساء، تربت يمينك، فقال لعائشة: بل أنت تربت يمينك وألت رعيها وهل يكون الشبه الا من مثل ذلك! إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه الولد أخواله، وإذا علا ماء الرجل ماءها أشبه أعمامه ". وفي لفظ له عن عائشة: أنّ امرأة سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء؟ فقال: " نعم ". ولفظ أبي داود (1) " يا رسول الله، إنّ الله لا يستحى من الحق، أرأيت المرأة إذا رأت في النوم ما يرى الرجل أتغتسل أم لا. فقال: فلتغتسل إذا وجدت الماء؟ قالت عائشة: فأقبلت عليها فقلت: أن لك وهل ترى ذلك المرأة فأقبل علي النْبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: تربت يمينك يا عائشة ومن أين يكون الشبه "؟! وفي لفظ عن عائشة قالت: " سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما قال: يغتسل، وعن الرجل يرى أن قد احتلم ولا يجد البلل قال: لا غسل عليه فقالت أم سليم: والمرأة ترى ذلك أعليها غسل؟! قال: نعم. إنما النساء شقائق الرجال " (2) . وسيأتي ذكره عند ابن ماجة عن قريب إن شاء الله تعالى، وفي كتاب العلل لأبي حاتم ويسأل ابنه عن حديث رواه عمر بن يونس عن عكرمة بن عمار عن إسحاق

_ (1) رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، 95. باب في المرأة ترى ما يرى الرجل، (ح/ 237) قال أبو داود: وكذلك روى عُقيل والزبيدي ويونس وابن أخي الزهري عن الزهري، وإبراهيم ابن أبي الوزير عن مالك عن الزهري، ووافق للزُهري مسافع الحجبي، قال عروة عن عائشة، وأما هشام بن عروة فقال: عن عروة، عن زينب بنت أبى سلمة عن أم سلمة أن أم سليم جاءت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (2) حسن. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، 94. باب في الرجل يجد البلة في منامه، (ح/ 236) .

عن أنس: جاءت أم سليم وهي جدّة إسحاق فقالت: وفيه المرأة ترى ما يرى الرجل في المنام كأنّ زوجها يجامعها أتغتسل؟! الحديث ". قال: وروى الأوزاعي عن إسحاق عن جدّته أم سليم أنها دخلت على أم سلمة، فدخل عليها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت له أم سليم: " أرأيت إذا رأت المرأة "؟! فقال أبو إسحاق بن عبد الله: عن أم سليم يرسل، وعكرمة بن عمار روى عن إسحاق / عن أنس أن أم سليم. وحديث الأوزاعي المرسل أشبه في الموصول، وفي المصنف: نا جرير بن عبد الحميد عن عبد العزيز بن ربيع عن عطاء وأبي سلمة ومجاهد قالوا: إن أم سليم قالت: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المرأة ترى في منامها ما يرى الرجال أيجب عليها الغسل؟ قال: " هل تجد شهوة "؟ قالت: لعله. قال: " هل تجد بللا. قالت: لعله. قال: فلتغتسل "؟ فلقيها نسوة يقلن لها: فضحت عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: والله ما كنت لأنتهي حتى أعلم في حل إذا أو في حرام (1) . وفي الأوسط لأبي القاسم ثنا علي بن سعيد الرازي، ثنا عبد الله بن عمران الأصبهاني، ثنا أبو زهير عبد الرحمن بن معن، نا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي أمامة بن سهل قال: حدّثتني أم سليم أم أنس من فيها إلى أذني قالت: أتيت النبي- عليه السلام- وهو في بيت أمّ سلمة فوجدت عنده رجالا فجلست حتى قاموا فدنوت منه. فقلت: يا رسول الله، أمر يقربني إلى الله أحببت أن أسألك عنه. قال: أصبت يا أم سليم. فقلت: ... الحديث " قال: لم يروه عن أبي أمامة إلا التيمي، ولا عن التيمي إلا ابن إسحاق، يرويه ابن معن قال: أنا موسى بن زكريا نا عقبة بن ملزم نا عبيد الله بن عيسى عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره. قال: لم يروه عن يونس إلا عبيد الله تفرد به عقبة، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد نا وكيع عن سفيان عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن خولة بنت حكيم أنها سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل فقال: " ليس عليها غسل حتى تنزل كما أنه ليس

_ (1) صحيح. رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/81) ومطالب (207) والكنز (27335) .

على/الرجل غسل حتى ينزل " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف، ملكان على ابن زيد بن جدعان وإن كان مسلم خرج حديثه مقرونا بثابت البناني وصحح أبو عيسى حديثه، وكذلك أبو علي الطبري والبغوي وقال الساجي: كان من أهل الصدق، وروى عن شعبة أحاديث صالحة أسند منها بضعة عشر حديثا، وهو يحتمل الرواية لأنّ الأجلّة من أهل العلم حذروا مه وليس يجرى مجرى من أجمع على نفسه في الحديث، فقد قال به ابن عيينة: وهبت كتابة ضعيفة وقال مرة أخرى: لا يعتمد على حديثه، ومرة قال: أست منه يعنى كتاب وجمع يده، وقال الأخرى: سمعت أبا داود يقول: قال حماد بن زيد ثنا علي ابن زيد وكان كبير التخليط، وقال غيره عن حماد كان يقلب الأحاديث، وذكر شعبة أنه اختلط، وقال الإمام أحمد: رجل، ويحيى بن معين: ليس بشيء، وقال يحيى مرة: ضعيف في كل شيء ومرة: ليس بذاك، ومرة: ليس بحجة، ومرة قال: ليس بذاك القوى، وقال أبو حاتم الحنظلي: لا يحتج به وقال أبو زرعة: ليس بقوى ويخطئ فيكثر ذلك فاستحق الترك، وقال العجلي: يكتب حديثه وليس بالقوي، وقال السعدي: واهي الحديث ضعيف وفيه ميل عن القصد ولا يحتج بحديثه، وقال ابن أبي شيبة في تاريخه: سألت عليا عنه فقال: هو ضعيف عندنا، وقال السرماني: وسألته يعنى أبا الحسين عن ابن زيد فقال: أنا أثق فيه لا يترك عندي فيه لين، وقال ابن سعد: ولد أعمى وفيه ضعف ولا يحتج به، وفي كتاب الساجي ثنا ابن المثنى قال: ما سمعت يحيى بن سعيد القطان تحدّث عنه وفي رواية عمرو بن علي كان يحيى ينفي الحديث عنه وقال شعبة كان رقّاعا قال أبو يحيى:/أحسب شعبة نسبه إلى ذلك لما اختلف هو ويونس بن عبيد في قوله تعالى: " وشاهد ومشهود " فأوثقه يونس علي بن أبي هريرة ورفعه علي، وقال وهيب. كان لا يحفظ وذكره يعقوب بن سفيان في الضعفاء وكذلك أبو القاسم البلخي: وفي كتاب الضعفاء لأبي العرب: مكفوف (2) ضعيف الحديث كان يتشيّع يكتب حديثه،

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/60) وأبن أبي شيبة في " المصنف " (1/81) والفتح (1/389) وأحمد في " المسند " (6/409) والمسانيد (2/721) وصححه الشيخ الألباني. (2) كذا ورد " بالأصل ".

وقال السيرفي: ليس بالقوي، وقال البيهقي في سننه: لا يحتج بحديثه وبنحوه قاله ابن طاهر: وأمّا الحافظ المنذري وأمه اضطرب حاله فيه قتادة، وحدّثنا من رواية بقوله لا يحتج به وتارة يحسنه، وتارة يسكت عنه مهما صحت، ولذلك فعل الترمذي وهو في هذا أعذر فإن حاله عنده بحسب الشواهد وعدمها معتبرة بذلك ولا عذر لأبي محمد وأما تخريج مسلم له في المقرونات فليس بمحمد ولا في المناظرات، وقد تكلّم في أبيه بعض أهل الأنساب بما استوجبه ذكره في هذا الباب، وهو أن من ينسبه ابن تميم رهط الصديق، يقول علي بن زيد بن عبد الله بن أبي مليكة زهير بن عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم وقال بعضهم علي بن عبد الله بن جدعان، وقال آخرون علي بن زيد بن عبد الله بن زهير بن أبي مليكة بن عبد الله بن جدعان وزعم ابن القطان أن هذا كله ضرب من الهذيان وأن عبد الله بن جدعان كان عقيما لا يولد له فادى رجلا سماه زهير، وكناه أبا مليكة، فولده كلهم ينسبون إليه وفقد أبو مليكة فلم يرجع وكان عمل عصيدة (1) ثم خرج في حاجة فلم يرجع فقيل في المثل لا أفعل كذا حتى يرجع أبو مليكة إلى عصيدته،/وقال أحمد بن يحيى البلاذري: في كتاب أنساب الأشراف وأخبارهم من تأليفه، قالوا: وكان عبد الله بن جدعان عقيما وادعى بنوة رجل فسماه زهيرا وكناه أبا مليكة فولده كلهم ينسبون إلى أبي مليكة ويقال أبو مليكة بن عبد الله بن جدعان، وبنحوه ذكره الهيثم بن عدي في تاريخه، وذكره الخرائطي في كتاب اعتلال القلوب تأليفه من حديث هشام بن محمد عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس عن المطلب بن أبي وداعة كانت تباعة ابنة عامر تحت عبد الله بن جدعان فمكثت عنده زمانا فقال لها هشام بن المغيرة المخزومي يوما في انطران ما تصنعين بهذا الذي لا يولد له فذكر حديثا طويلا، وبنحوه ذكره أبو الفرج الأصبهاني وأبو عبيد المرزباني في الكتاب المستنير من تأليفه، والوزير أبو القاسم في كتاب أدب الخواص أبو محمد الرشاطي رحمهم الله تعالى، ورواه أبو عبد الرحمن في سننه وأخرج عليا من سننه بمتابع صحّح به الإسناد وبرد حرارة الأكباد أنابه المسند الفقيه أبو محمد

_ (1) قوله: " عصيدة " العصيدة: دقيق يُلت بالسمن ويطبخ. وجمعها عصائد.

عبد القادر بن أبي بكر بن أيوب بقراءتي عليه أنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد المقدسي ابنا هبة الله بن علي أنا مرشد بن يحيى ابنا أبو الحسن محمد بن الحسين النيسابوري أنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيوة النيسابوري قراءة عليه من لفظه أنا النسائي قال: أنبأ يوسف بن سعيد، أنبأ جراح عن شعبة سمعت عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيّب عن قوله فذكره، ورواه أحمد بن منيع في مسنده، ثنا حجاج حدثني شعبة من سماع حجاج له من شعبة، وزال ما رماه به/بعض العلماء المتأخرين من أنه يدّلس ولعلّه لم يسمعه منه عطاء بن أبي مسلم عبيد الله ويقال: أبو عثمان، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو صالح البلخي الخراساني خرج مسلم حديثه في صحيحه محتجا به، وروى عنه مالك فيما ذكره الألكائى، وقال ابن معين وأبو حاتم: ثقة، زاد أبو حاتم يحتج بحديثه، وقال الدارقطني: ثقة في نفسه وبقية الرجال لا يسأل لهم عن حال، وذكر أبو الحسن في العلل: أنّ عبد الوارث رواه عن علي عن سعيد قال: سألت خالتي خولة النبي عليه الصلاة والسلام فهذا مرسل، وقال عبد الجبار بن عمر عن عطاء: حدثتني خولة بنت حكيم عن أم سليم الرميضاء وهي أم أنس أنها سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبد الجبار ضعيف ولا يصح قوله، والحديث صحيح لخولة بنت حكيم، وفي الأوسط من حديث علي عن سعد عن خولة وكان النبي عليه السلام تزوجها فأرجاها فيمن أرجا فذكره وقال ابن موسى المديني في كتاب الصحابة: هي غير خولة بنت حكيم زوج عثمان بن مظعون، ثم قال: روى حديثا ابن عباس عن عطاء رواه الثوري عن علي بن زيد، وفي الباب حديث ثوبان قال له عليه السلام: " ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا علا مني الرجل مني المرأة؛ كان ذكرا بإذن الله وإذا علا مني المرأة مني الرجل؛ كانت ابنة بإذن الله " رواه مسلم (1) في صحيحه. وحديث عمرو ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه عن محمد بن بسر

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، باب " 8 " رقم " 34 ") والبيهقي (1/169) والطبراني (2/88) وابن خزيمة (232) والكنز (36554) والفتح (7/372) ومشكل (3/ 276) وابن كثير (4/437، 5/269) والقرطبي (61/50) والبداية (6/196) وأحمد (1/ 278، 3/282) وعبد الرزاق (4 لم20) والقرطبي (91/21) والنسائي في (الطهارة، باب " 132 ") وابن ماجة (601) . وصححه للشيخ الألباني.

العبدي ثنا عبد الله بن عباس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: جاءت امرأة يقال لها بسرة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله،/أجد ما يرى أنها مع زوجها في المنام فقال: " إذا وجدت بللا فلتغتسل يا بسرة " (1) وحديث أبي هريرة قال: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المرأة تحتلم فهل عليها غسل؟ قال: " نعم، إذا وجدت الماء فتغتسل " رواه أبو القاسم في الأوسط (2) عن أحمد بن الحسين، نا سليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل، أنا محمد بن عبد الرحمن البسري عن مسعر عن سعيد المقبري عنه، وحديث عائشة قالت: " سألت امرأة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء؟ قال: " نعم ... ". الحديث ذكره أبو جعفر في المشكل (3) ، وقال: ليس بالقوى؛ لأنه إنّما روى (4) من طريق مصعب بن شيبة ليس هو عندهم بالقوى انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لأن مصعب ممن وثقة غير واحد وخرج له مسلم في صحيحه بطريق الاحتجاج، وحديث سهلة بنت سهل أنها قالت: يا رسول الله، أرأيت المرأة إذا رأت في منامها الاحتلام أتغتسل؟! فقال: إذا رأت الماء فلتغتسل " ذكره في الأوسط (5) وقال: لم يروه عن سهلة إلا ابن هبيرة يرويه ابن لهيعة، وأما أمّ سليم فاخلتف في اسمها اختلافا كثيرا، فمن ذلك ما ذكره الحافظ أبو عبد الله محمد بن حسين الأنصاري المعروف بابن أبي إحدى عشرة في كتابه الجمع بين الصحيحين سهلة، وقيل: رميلة، وقيل: ربيعة، وقيل: مليكة، وقيل: العميضاء وقيل: الرميصاء، زاد ابن سعد في طبقاته أنيقة، وقال أبو داود السجستاني: الرميصاء أخت أم سليم من الرضاعة، واسم أم سليم مليكة كذا قاله ابن سعد وابن الكلبي وغيرهما، واختلف في إسلامها فذكرها أبو نعيم الأصبهاني في كتاب/الصحابة من تأليفه مستدلا بها في مسلم عن إسحاق

_ (1) صحيح. المطالب (206) والكنز (27766) وابن أبي شيبة (1/81) . (2) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/268) وعزله إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد بن عبد الرحمن القشيري، قال أبو حاتم: كان يكذب. (3) ضعيف. كما ذكر المصنف. (4) قوله: " يروى " وردت " بالأصل " " رأى " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (5) تقدم من أحاديث الباب ص 780.

ابن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس عن جدته مليكة، وعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لطعام صنعه، فذكر حديث الصلاة على الحصير وخالفه غير واحد، وزعموا ان الضمير في جدّته يعود على إسحاق لا على أنس، حتى ترجم أبو عمر من الاستيعاب باسم مليكة جدة إسحاق، ولو استدل رحمه الله تعالى بما ذكره الحافظ أبو الشيخ بن حيان في الحادي عشر من فوائد العراقين عن أبي بكر محمد بن جعفر الشقيري ثنا مقدم بن محمد ثنا عمر بن عبيد الله بن عمر عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: " أرسلت جدتي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واسمها مليكة، فلما حضرت الصلاة فقمت إلى حصيرة لنا " (1) فذكره فكان أصرح دلالة من جدنه الذي ذكره والله تعالى أعلم، قال الطحاوي: فلا تعارض بين هذه الأحاديث وبن قوله يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم أربعين ليلة؛ لأن ذاك يكون على المني قبل أن يكون نطفة فما قدر الله تعالى قال أبو عمر: فيه دليل ان النساء ليس كلهن يحتلمن، ولهذا ما أنكرت عائشة وأم سلمة سؤال أم سليم، وقد يقوم الاحتلام في بعض الرجال فالنساء أجدر أن يعدم ذلك فيهن، وقد قيل: إن إنكار عائشة لذلك إنما كان لصغر سنها، وكونها مع زوجها؛ لأنها لم تحض إلا عنده ولم تفقده فقدا طويلا إلا بموته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قلت: لك لم تعرف في حياته الاحتلام؛ لأن الاحتلام لا يعرفه النساء ولا أكثر الرجال أي: عند عدم الجماعة بعد المعرفة به فإذا فقد/النساء أزواجهن احتلمن، والوجه الأوّل عندي أصحّ وأولى؛ لأنّ أم سلمة فقدت زوجها وكانت كبيرة عالمة بذلك، وأنكرت منه ما أنكرت فدل ذلك على أن من النساء من لا تنزل الماء في غير الجماع الذي يكون في اليقظة. انتهى، ولقائل أن يقول: أن أم سلمة لم تمكث بعد زوجها زمانا يتأتى لها فيه طلب الرجال، لا سيما هي- رضى الله تعالى عنها- وشغلها بالعبادة والصوم أو تكون قالته إنكارا على أم سليم كونها واجهت بذلك اللفظ المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويدل عليه فقالت أم سليم: وغطت وجهها، وفي قوله: تربت يمينك

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " 161 ") ومسلم في (المساجد ح/ 266) ومالك في (السفر، ح/31) وأحمد (1/391، 3/ 10، 52، 59، 184، 6/42، 137، 204، 262) .

وجهان: قال أبو عمر: أحدهما: أن يكون أراد استغنت يداك أو يمينك كانه يعرض لها بالجهل لما أنكرت مالا ينبغي أن تنكره بخاطبها تقيد المعنى تنبيها، وقيل في قوله تعالى: (ذق إنك أنت العزيز الكريم) (1) وكما يقول لمن كف عن السؤال عما جهله أما أنت واستغنيت، عن أن تسأل عن مثل هذا أي: لو اتصفت نفسك ونصحت لها لسألت، وقال غيره: هو كمال الشاعر إذا أحاد قائله الله وأخزاه الله أحاد ومنه الحديث: " ويل أمة مسعر حرب " (2) وهو يريد مدحه، وهذا كله عند قول من قال هذا القول فرارا من الدعاء على زوجته عليه السلام تصريحا وأن ذلك غير ممكن من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندهم، وأكثر أهل العلم باللغة والمعاني أن تكون هذه اللفظة بمعنى الاستغناء بالواو ولو كانت بمعنى الاستغناء بالواو لقال: أتربت يمينك؛ لأن الفعل رباعي يقال: أترب الرجل إذا استغنى وترب إذا افتقر،/وقالوا: معنى قوله: يمينك أي افتقرت من العلم بما سألت عنه أم سليم، قال أبو عمر: إذا تربت يمينك فمعلوم من دعاء العرب بعضهم على بعض مثل قاتله الله، وثكلته أمه، وعقرى حلفي ولليدين والفم وغير هذا، والشبه لغتان انتهى كلامه. وفيه نظر من حيث إن أترب يستعمل في الغناء، وليس كذلك بل يستعمل في الفقر أيضا حكاه كراع في المجرد وابن سيده في المحكم، قال: أترب الرجل: إذا كثر ماله وأترب أيضا ولصق بالتراب من الفقر، وكذا قاله الوزير أبو القاسم المغربي في كتاب أدب الخواص تأليفه، وأبو العلاء المصري في كتاب الأمل والوصول فيما رآه بخط الشاطبي رحمه الله. والله تعالى أعلم-، قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم أن الرجل إذا رأى في منامه أنه احتلم أو جامع ولم يجد بللا إذا لا غسل عليه، واختلفوا فيمن رأي بللا ولم يذكر احتلاما، فقالت طائفة: يغتسل روينا ذلك عن ابن عباس والشعبي وسعيد بن جبير والنخعي، وقال أحمد: أحب إلي أن يغتسل إلا رجل به، وقال إسحاق: يغتسل من النطقة، وروينا عن

_ (1) صورة الدخان آية: 49. (2) صحيح. رواه البخاري (3/257) وأبو داود في (الجهاد، باب " 167 ") وأحمد (4/331) والبيهقي (8/221، 222، 226، 228) والنبوة (4/107، 637) والمنثور (6/78) وبداية (4/176) وعبد الرزاق (9720) وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/59) .

الحسن البصري أنّه قال: إذا كان انتشر إلى أهله من أوّل الليل فوجد من ذلك بللا؛ فلا غسل عليه وإن لم يكن، كذلك اغتسل وفيه قول ثالث: وهو أن لا يغتسل حتى يوقن بالماء الدافق هكذا قال مجاهد: وهو قول قتادة، وقال مالك والشافعي ويعقوب: يغتسل إذا علم بالماء الدّافق والله تعالى أعلم، وسيأتي له زيادة أيضا فيما بعد إن شاء الله تعالى.

72- باب ما جاء في غسل النساء من الجنابة

72- باب ما جاء في غسل النساء من الجنابة /حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا سفيان، بن عيينة عن أيوب بن موسى عن شعبة بن أبي سعيد المقبري، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة قالت: قلت يا رسول الله، إنى امرأة أشد ضفر رأسي أفأنفضه لغسل الجنابة؟ قال: " إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي عليك من الماء فتطهرين أو قال: فإذا أنت فقد طهرت " هذا حديث رواه مسلم (1) بلفظ: " أنا أنقضه للحيض والجنابة فقال: أراد في لفظ فأغسله من الجنابة " ورواه أبو داود (2) عن زهير بن حرب وابن سرح، نا ابن عيينة وفيه عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة أنّ امرأة من المسلمين، وقال زهير: أنها قالت الحديث، وفي لفظ من حديث المقبري عن أم سلمة واغمزي قرونك عند كل حفنة، والمقبري لم يسمع من أم سلمة بينهما ابن رافع ذكره أبو محمد الإشبيلي، وتتبع ذلك عليه أبو الحسن بأنه مع ذلك من رواية أسامة بن زيد الليثي وهو مختلف فيه، فلو أسند لقيل في حديثه: حسن لا صحيح، ورواه أبو بكر محمد بن أحمد بن الجهم الوراق المالكي هذا السند، ولفظه عن أم سلمة: أنّ امرأة سألتها عن الغسل فسألت لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: " امرأة تشد ضفر رأسها أفتنفضه لغسل الجنابة "؟ مثله وذكره ابن وهب في مسنده عن أسامة بن سعيد بن أبي سعيد حدّثه أنّه سمع أم سلمة تذاكره وهذا يفيض سماعه منه تصريحا ويحمل الواسطة بينهما على أنه رواه مرة عنها ومرة عن ابن رافع عنها والله تعالى أعلم، ولفظ ابن خزيمة في صحيحه، وخرجه من حديث عبد الجبار بن العلاء عن/سفيان فإذا أنت قد طهرت من غير شك، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الحسين بن حفص الأصبهاني عن سفيان، عن أيوب بن موسى، عن سعيد المقبري، عن أبي رافع عن أمّ سلمة الحديث فقال: هذا خطأ إنما هو سعيد عن عبد الله بن رافع عنها،

_ (1، 2) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/85) وأبو داود في (الطهارة، باب " 99 ") والترمذي (ح/105) والنسائي (1/131) وابن ماجة (ح/603) وتلخيص (1/59) والمشكاة (834) والحميدي (294) والدارقطني في " السنن " (1/114) والإرواء (1/168) .

يعني حديث البزار، وفي كتاب الدلائل للدارقطني، أنا محمد بن علي الصانع، عن سعيد بن منصور، عن الوليد سمعت الحسن يقول: سألت أم سلمة يا رسول الله، إنى أمتشط فأخمر رأسي إخمارا شديدا فكيف أغتسل للجنابة والحيضة؟ فقال: " تفيضين على رأسك ثلاث غرفات " (1) وفى لفظ لأبي نعيم في المستخرج عن أم سلمة: " أشد ضفر رأسي أفأنقضه للجنابة؟ قال: " لا ". وفي السنن (2) الكبير للبيهقي من حديث ابن مهدي عن بكار بن يحيى عن جدته قالت: " دخلت على أم سلمة، وأمّا الممتشطة فكانت إحدانا تكون ممتشطة فإذا اغتسلت تنقض ذلك ولكنها تحفن على رأسها ثلاث حفنات، فإذا رأت البلل على أصول الشعر دلكته ثم أفاضت على سائر جسدها " وفي المصنف نا أبو داود عن هشام عن يحيى بن أبي كريب: أن امرأة سألت أم سلمة فقالت: " صبي ثلاثا فقالت: إنّ شعري لن يغالب صفي بعضه على بعض " ولفظ ابن القاسم في الأوسط (3) من حديث الحسن عنها: " فكيف اغتسل من الجنابة والحيضة؟ " وأما ما توهمه بعضهم من أن حديث أم سلمة مضطرب لكونه في رواية أنها سألت، وفي أخرى امرأة من المسلمين، وفي أخرى امرأة سألتها أن تسأل فليس بشيء؛ لأن المرأة (4) سألت لاشتراكهما في هذا، فسألت لنفسها وبين امرأة من المسلمين أيضا، والله تعالى أعلم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة/ثنا إسماعيل بن علية، عن أيوب عن أبي الزبير عن عبيد بن عمير قال: بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو يأمر نساءه أن ينقضن رؤوسهن فقالت: يا عجبا لابن عمرو هذا أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن؟! لقد كنت أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نغتسل من إناء واحد فلا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات " هذا حديث رواه مسلم (4) في صحيحه، ولفظ النسائي: " لقد رأيتني أغتسل أنا ورسول الله

_ (1) صحيح رواه مسلم (ح/58) . (2) رواه البيهقي: (2/407، 7/437) . (3) قوله: " الأوسط " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (4) صحيح. رواه مسلم (ح/59) .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذا وإذا تود موضوع مثل الصاع أو دونه نشرع فيه جميعا، فأفيض على رأسي ثلاث مرات " ولفظ ابن خزيمة (1) : " يأمر نساءه أن ينقضن رؤوسهن إذا اغتسلن من الجنابة فقالت: يا عجباه لابن عمرو " وهذا قد كلفهن نفيا وفيه: " فما أزيد على ثلاث حثيات أو قال: ثلاث غرفات "، ولفظ مالك في الموطأ وبلغه عن عائشة، وسئلت عن غسل المرأة من الجنابة فقال: ليحفن على رأسها ثلاث حفنات لتضغث رأسها بيدها، وفي حديث جميع بن عمير التيمي المذكور عند ابن ماجة عنها، وأمّا نحن فإنّا نغسل رؤوسنا خمس مرات من أجل الضفر. وفي حديث عائشة بنت طلحة المذكورة عند أبي داود (2) بسند صحيح، ثنا نصر بن علي نا عبد الله بن داود عن عمر بن سويد عنها أنّ عائشة قالت: " كنا نغتسل وعلينا الضماد ونحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محلات ومحرمات " وفي الباب حديث رواه أبو داود فقال: نا محمد بن عوف قال: قرأت في أصل إسماعيل بن عياش قال ابن عوف: وثنا محمد بن إسماعيل عن أبيه، حدثنى ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد / قال: أنبأني جبير عن الغسل من الجنابة أنّ ثوبان حدثهم أنهم استفتوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك فقال: " أمّا الرجل فلينشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر، وأمّا المرأة فلا عليها إلا ببعضه تغرف على رأسها ثلاث غرفات " وهو حديث في إسناده علل الأولى: ضعف محمد بن إسماعيل، الثانية: انقطاع ما بينه وبن أبيه نص على ذلك ابن أبي حاتم بقوله: سألت أبي عنه فقال: لم يسمع من أبيه شيئا حملوه على أن يُحدِّث محدّث، الثالثة: ضعف أبيه الذي سبق ذكرها قاله،

_ (1) صحيح. رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (1/26/1) : نا وكيع عن هشام عن أبيه عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الحيض: فذكره. ورواه ابن ماجة (ح/641) من طريق ابن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: ثنا وكيع به. في الزوائد: هذا إسناد رجاله ثقات. قال السندي: قلت ليس الحديث من الزوائد، بل هو في الصحيح. (2) سنده صحيح. رواه أبو داود (ح/254) . غريبه: قوله: " الضمار " بكسر الضاد المعجمة وآخره دال مهملة. قال ابن الأثير: خرقة يشد بها العضو المعروف، ثم قيل لوضع الدواء على الجرح وإن لم يشد، وقال المنذري: المراد هنا ما يلطخ به الشعر مما يلبده ويسكنه من طيب وغيره.

والله تعالى أعلم. وحديث جابر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " في المرأة تغتسل من حيض، أو جنابة لا تنقض شعرها " ذكره أبو محمد الأموي في كتابه من حديث عبد الملك بن حبيب عن عبد الله بن عبد الحكيم عن ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر ثم قال: وهذا حديث ساقط ولو لم يكن فيه إلا ابن لهيعة لكفي سقوطا، كيف وفيه عبد الملك بن حبيب وحسبك به، ولم يقل فيه أبو الزبير: حدثنا جابر أو سمعت جابرا وهو مدلس، وفي المصنف: ثنا وكيع عن مسعر عن عثمان بن موهب عن امرأة شكت إلى عائشة الغسل من الجنابة فقالت: " صبى ثلاثا فما أصاب وما أخطأ " نا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن الزهري وعطاء أنهما قالا: لا نزجى شعرها ولكن تصب ثلاث مرات ثم تفركه، نا ابن إدريس عن هشام عن الحسن في المرأة تغتسل قال: يجزأها ثلاث حفنات، وإن سألت لم تنقض شعرها، نا غندر، نا شعبة؛ سألت حمادا عن المرأة إذا اغتسلت فقال: إن كانت ترى أن الماء أصابه أجزى عنها، وإن كانت ترى أن الماء لم يصبه فلتنقضه، وقال/الحكم: تبل أصوله وأطرافه ولا تنقضه، نا ابن خالد الأحمر عن حجاج عن أبي الزبير عن جابر قال: الحائض والجنب يصبان الماء على رأسهما ولا ينقضان، نا علي بن مسهر عن عبيد الله، عن نافع أنّ نساء ابن عمر وأمهات أولاده كنّ يغتسلن من الجنابة والحيض، فلا ينقضن رؤوسهن ولكن يبالغن في بلها، ثنا خالد بن يسار ثنا جعفر بن برقان عن علي به انه سئل عن امرأة تغتسل من الجنابة والحيض قال: ترخى الذوائب وتصب على رأسها الماء حتى يبل أصول الشعر ولا تنقض لها رأسها. ثنا أبو خالد عن حجاج عن فضيل عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: تخلله بأصابعها، وقال عطاء مثله، وفي الباب أحاديث تخالف ما تقدّم منها: حديث عائشة عند ابن ماجة بسند صحيح، نا علي نا وكيع عن هشام عن أبيه عنها أن النبي- عليه السلام- قال لها في الحيض: " انقضى رأسك واغتسلي " (1) وحديثها المخرج في الصحيحين (2) قالت: " أهللت مع

_ (1) ، (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/86، 2/172، 3/4، 5/221) ومسلم في (الحج، ح/113،111) وأبو داود في (المناسك، باب " 23 ") والنسائي (5/166) وأحمد (6/ 461، 246) والبيهقي (1/182، 4/346، 353، 5/105) وشرح السنة (7/81) =

النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع بعمرة " فذكر الحديث في حيضها، فقالت يا رسول الله: " هذا يوم عرفة ولم أطهر بعد، وإنّما كنت تمتّعت بالعمرة، فقال لها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انقضى رأسك، وامتشطي وأهلي بالحج، وأمسكي عن عمرتك " قالت: " ففعلت الحديث ". قال أبو بكر البيهقي: أثره وهي إن اغتسلت للإهلال بالحج ما كان غسلا مسنونا، وقد أمرت فيه بنقض رأسها وامتشاط شعرها، وكأنها أمرت بذلك استحبابا كما أمرت أسماء بنت عميس بالغسل للإهلال على النفاس استحبابا انتهى. ولقائل أن يقول ليس ذلك على طريق الاستحباب، إنّما هو على طريق الوجوب ويوضحه حديث أنس بن مالك/قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها وغسلت بالخطمي والأشنان، وإذا اغتسلت من الجنابة لم تنقض رأسها ولم تغسله بالخطمي والأشنان " ذكره البيهقي في السنن (1) الكبير عن اليسع، أنبا أبو بكر بن إسحاق، أنبا محمد بن يونس، ثنا مسلم بن ضبيع، ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عنه، ورواه أبو الحسن في الإفراد عن محمد بن إسماعيل الفارسي، عن عثمان بن حيرداد نا مسلم وأشار إلى تفرّده به عن حماد وهو يكنى أبا عثمان بصري، وفي المصنف نا غندر عن شعبة عن بقية عن إبراهيم أنّه كان يقول: العروس ينقض شعرها إذا أرادت أن تغتسل، نا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن همام عن حذيفة أنّه قال لامرأته: خللي رأسك بالماء معناها عليه وهو مذهب أهل الظاهر، قال أبو محمد: ويلزم المرأة حل ضفائرها وفي غسل المحيض وغسل الجمعة، والغسل من غسل الميت ومن النفاس، والأصل في الغسل الاستيعاب بجميع الشعر، وإيصال الماء البشرة بيقين خلاف

_ وشفع (922) وتجريد (41) وحبيب (2/14) وبداية (5/138) والموطأ (411) والتمهيد (8/198، 203، 204، 215، 225) وابن خزيمة (2788) . (1) ضعيف. رواه البيهقي (1/182) والخطيب في " تلخيص المتشابه " (2/1/34) من طريقين عن مسلم بن صُبيح: ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا. قال الدارقطني: هذا حديث غريب من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، تفرد به مسلم بن صبيح عن حماد، ولم نكتبه إلا من هذا الوجه. وأخرجه الضياء المقدسي في " الأحاديث المختارة " (ق 23/2. مسند أنس) من طريق الطبراني وهذا في " المعجم الكبير " (2/1/37) قال حدثنا أحمد بن داود المكي: ثنا سلمة بن صبيح اليحمدي ثنا حماد بن سلمة به. وضعفه الشيخ الألباني. (الضعيفة: ح/937) .

المسح فلا يسقط ذلك إلا حيث أسقطه النص، وليس ذلك إلا في الجنابة فقط، وقد صح الإجماع: أنّ غسل النفاس كغسل الحيض فان قيل بحديث أم سلمة أنّ نقضه للحيضة والجنابة قال: لا. قلنا: نعم. إلا أن حديث هشام الوارد ينقض ضفرها في الحيض زائد حكما ومثبت شرعا على حديث أم سلمة، والزيادة لا تجوز تركها. انتهى. ولقائل أن يقول ليس بزيادة إنما هو تعارض وإذا كان كذلك رجح حديث أم سلمة بالإجماع، وحمل حديث عائشة على الاستحباب بل على الوجوب، قال ابن حزم: فان قيل: بأنّ عائشة قد أنكرت على ابن عمرو نقض الضفائر قلنا: لا حجة/علينا فيه وجوه: أحدها: أنّ عائشة لم تعن هذا إلا غسل الجنابة فقط، وهكذا يقول وان ذلك إحالتها في آخر الحديث على غسلها مع النبي- عليه السلام- من إناء واحد، وهذا إنما هو في غسل الجنابة لا الحيض انتهى. قد قدمنا مبينا من صحيح ابن خزيمة أنه من غسل الجنابة فلا حاجة إلى التحرض، قال ابن حزم: الثاني: أنه لو صحّ فيها إنما أرادت الحيض لما كان به علينا حجة؛ لانا لم نؤمن بقبول رأيها وإنما أمرنا بقبول روايتها انتهى كلامه. وفيه نظر؛ من حيث أنّ الصحابي إذا فسر حديثا أو بين سببه قبل قوله إجماعا، قال أبو محمد: الثالث: أنه قد خالفها عبد الله بن عمرو وهو صاحب، وإذا وقع التنازع وجبه الرد إلي القرآن والسنة لا إلي قول أحد المتنازعين دون الآخر والحمد لله وحده، ولقائل أن يقول: لعلّ ابن عمرو وهو صاحب وإن وقع التنازع وجب الرد إلى القرآن والسنة لا إلى قول أحد المتنازعين دون الآخر والحمد لله وحده، ولقائل أن يقول: لعل ابن عمرو المخالف رجع إلى قولها لما بلغه عداء بعض العلماء فيما أنكرنه عائشة على الصحابة وأنهم رجعوا إلى قولها، أمّا النسخ: لم يظهر لهم أو لتخصيص أو لنص مخالف، وأمّا الضفر: ففي الجامع ضفّرت الحبل أضفره ضفرا وهو فتلك له أو إدخال بعضه في بعض، وبه أخذت ضفيرة المرأة وهو ضفرها لشعرها وقال أبو محمد بن السيد في كتاب الفرق بين الأحرف المشكلة: الضفر فتل الشعر أو نسجه، وفي المغيث لأبي موسى والضفائر الفتائل المضفرة كالنقص بمعنى المنقوص والسلب بمعنى المسلوب وفي المطالع: هو ضم شديد.

73- (باب الماء من الماء)

73- (باب الماء من الماء) / حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن بشار، ثنا غندر محمد بن جعفر عن شعبة عن الحكم عن ذكوان عن أبي سعيد الخدري أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر على رجل من الأنصار فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطّر فقال: لعلنا أعجلناك. قال نعم يا رسول الله. قال: " إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك، وعليك الوضوء " هذا حديث خرجاه في صحيحيهما (1) فرواه البخاري عن إسحاق نا النضر نا شعبة عن الحكم بلفظ: " إذا أعجلت أو أقحطت فعليك الوضوء " تابعه وهيب قال ثنا شعبة ولم يقل غندر ويحيى عن شعبة الوضوء ، ورواه الإسماعيلي في صحيحه عن البغوي، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة وثنا القاسم بن زكريا ثنا ابن مثنى ومحمد بن بشار، بن عبد الكريم نا بن بندار والبسري وأخبرني الحسن وعمران قالا. ثنا ابن بشار قالوا. ثنا محمد بن جعفر عن غندر ثنا القاسم أيضا ابن مثنى، نا ابن أبي عدي عن شعبة، وقال غندر: ثنا شعبة عن الحكم قال أبو بكر: وهما عندنا عن كله هو ولا كلّهم عن غندر فيه الوضوح والله تعالى أعلم. ورواه مسلم (2) عن أبي بكر بن أبي شيبة، نا غدر عن شعبة، وحديث ابن مثنى وابن بشار قالا: ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة ولفظه: " وعليك الوضوء "، واختلف في إسحاق هذا الذي رواه البخاري عنه وأبو نعيم في المستخرج، ورواه من جهة إسحاق بن إبراهيم وقال: رواه البخاري عن إسحاق الكوسج رواه عن النضر، وفي تقييد المهمل لأبي علي في نسخة أبي محمد الأصيل ثنا إسحاق بن منصور ثنا النضر والذي في أصل شيخ شيوخنا ابن الشيرازي / ما وضح هذا وبيّنه ولا يحتاج

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/56) والفتح (1/284) ومسلم في الحيض، ح/ 83) وابن ماجة (606) وأحمد (3/26،21) ونصب الراية (1/81) والمنحة (216) ومعاني (1/54) وابن أبي شيبة (8911) والكنز (27414) . (2) انظر: الحاشية السابقة.

إلى التخرص والحسبان، ثنا إسحاق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج المروزي، فلا معدل إذا عن هذا، وفي لفظ لمسلم وخرجه من حديث عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال: " خرجت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على باب غسّان فصُرح به فخرج يجر إزاره.. " الحديث وفي مسند لسراج ثنا عبد الجبار ثنا سفيان عن عمرو عن عروة بن عياض قال: قدم علينا أبو سعيد الخدري فقال: " أرأيتم لو اغتسلت وأنا أعرف أنه كما يقولون: قالوا: لا أخرج حتى يكون في نسك خرج ما قضى الله ورسوله، وفي لفظ: " أرأيتم لو اغتسلت وأنا أعرف أنه مما يقولون " وفي لفظ ابن شاهين من حديث عبد الرحمن عن أبي سعيد قال: " خرجت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الإثنين إلى قباء، حتى إذا لحنا في بنى سالم وقف على باب غسان (1) أرأيت الرجل يعزل عن امرأته ولم يمن ". وفي لفظ: " إذا قحط أحدكم " (2) . حدثنا محمد بن الصباح ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن السائب عن عبد الرحمن بن سعاد عن أبي أيوب قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الماء من الماء " (3) هذا حديث إسناده ضعيف؛ للجهالة بحال عبد الرحمن بن السائب ويقال: ابن السائبة، كذا رويناه في أحكام أبي علي الطوسي- رحمه الله تعالى-، فإنّى لم أر عنه راويا غير عمرو بن دينار إلا وكذا ابن سعاد ويقال: ابن سقاد، ولم يتعرض أحد لذكر حالهما فيما علمت، وأمّا ما ذكره الدارمي في مسنده عن عمرو بن دينار عن عبد الرحمن بن السائب عن عبد الرحمن ابن سعاد وكان

_ (1) بياض " بالأصل ". (2) تقدم في أحاديث الباب ص 794. (3) صحيح. رواه أبو داود (ح/217) والترمذي (ح/112) والنسائي (1/115) وابن ماجة (607) وأحمد (3/29، 36، 4/143، 342، 5/416، 421) والدارمي (1/194) والبيهقي (1/167) وابن خزيمة (234) والطبراني (15614) وأبو عوانة (1/286) وحبيب (1/29) ونصب الراية (1/80، 81) والخطيب (1/352) والمعاني (1/54، 55) وصححه الشيخ الألباني. قلت: وهذا التخريج من طرق صحيحة ليس من طريق المصنف. أما ما ذكر سنده المصنف فقد أشار إلي ضعفه؛ لجهالة عبد الرحمن بن السائب.

مرضيا من أهل المدينة فلا ندرى من القائل أهو ابن السائب أم عمرو؟! فإن كان ابن السائب/فلا نقبل قوله؛ لأنه يحتاج إلى من يعدله، وإن كان عمرو قاله فلا ندرى أراد ابن سعاد أو ابن السائب فلمّا اتهمّ الإمام سقط الاحتجاج به، وأيضا فهذه لفظة لا تعطى توثيقا؛ لاحتمال أن يكون مراده الدين، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق صحيحة سالمة من هذين الرجلين ذكرهما البخاري في صحيحه، نا أبو معمر، نا أبو نعيم، نا عبد الوارث عن الحسين ابن ذكوان المعلم البصري قال يحيى بن أبي كثير: وأخبرني أبو سلمة أنّ عطاء ابن يسار أخبره أن زيد بن خالد الحمني أخبره أنّه سأل عثمان بن عفّان فقال: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته فلم يمن؟ قال عثمان: يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره، وقال عثمان: سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألت عن ذلك علي ابن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وأبيّ بن كعب فأمروه بذلك. فأخبرني أبو سلمة: أن عروة أخبره أنّ أبا أيوب أخبره أنه سمع ذلك من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال أبو الحسن الدارقطني في كتاب العلل: وفي هذا الموضع وهم؛ لأنّ أبا أيوب لم يسمع هذا من النبي عليه السلام، إنّما سمعه أبي بن كعب من النبي قال ذلك هشام بن عروة عن أبيه عن أبي أيوب عن أبي انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لأنّ أبا أيوب قد قدمنا قوله: أنّه سمع ذلك من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على لسان أبي سلمة عن عروة، وكونه رواه بواسطة في البخاري أيضا لا يؤثر فيما قلنا؛ لأنه يحتمل أنّه سمعه من أبي، ثم سمعه من المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولو لم يكن هذا لما جاز له أن يقول: سمعته من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمّا قول/ القاضي أبي بكر (1) بن العربي- رحمه الله تعالى- في حديث أبي أيوب هذا، والعجب من البخاري كيف ساوى بين حديث عائشة في إيجاب الغسل

_ (1) ابن العربي العلامة الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الإشبيلي. جمع وصنف، وبرع في الأدب والبلاغة، وبعد صيته، وكان متبحرا في العلم، ثاقب الذهن، موطأ الأكناف، كريم الشمائل، مات بفاس في ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة. له ترجمة في البداية والنهاية (12/228) ، وشذرات الذهب (4/141) وطبقات المفسرين للداودي (2/162) ونفح الطيب (2/25) .

بالتقاء الختانين (1) وبين حديث عثمان وأبي في نفي الغسل إلا بالإنزال؟ وحديث عثمان هذا ضعيف؛ لأنّ مرجعه إلى الحسين بن ذكوان رواه عن يحيى بن كثير ثم قال: والحسين لم يسمعه من يحيى؛ وإنّما نقله له يحيى؛ ولذلك أدخله البخاري عنه بصيغة المقطوع، وهذه علّة وقد حوّلت حسين فيه عن يحيى فرواه عنه غيره موقوفا على عثمان ولم يذكر فيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذه علّة ثانية، وقد خولف أيضا أبو سلمة فرواه زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد أنه سأل خمسة أو أربعة من الصحابة فأمروه بذلك من غير وقع، قال: وهذه علة ثالثة ففيه نظر أمّا العلة الأولى فلأنّ البخاري رواه في موضع آخر عن سعد بن حفص عن شيبان عن يحيى، وقال أبو الحسن الدارقطني: حدّث به عن يحيى حسين المعلم وشيبان وهو صحيح عنهما، ورواه ابن شاهين من حديث معاوية بن سلام أنا يحيى به، العلة الثانية: قوله: إنّ البخاري رواه بصيغة المقطوع، وليس كذلك؛ لأن العلماء قالوا: ليس في البخاري حديث منقطع شاهدا وسابقا فكيف بما ذكره الاحتجاج، وقد نص العلماء على أنه قال: ذكر من غير قول أولت وما أشبه ذلك من ألفاظ الرواية محمولة عندهم على السماع إذا عرف اللقاء والسماع، وحسين ممن عرف ذلك مه والله أعلم؛ ولذلك أنّ أصحاب الأطراف ذكروا موضع، وقال يحيى: هي رواية إجماع، ولهذا ساغ لهم إخراجه في مسند أبي أيوب/ولذا أخرجه مسلم والإسماعيلي وأبو نعيم بصيغة عن، وعلي رأى جماعة عن في صحيح مسلم متصلة، فلأنّ عند البخاري بطريق الأول لما علم من شرط، وقد وقع لك حديث حسين المعلم هذا مصرّحا فيه بالسماع من يحيى بن أبي كثير، نا أبو بكر محمد بن إبراهيم الطرفي، أنا يحيى بن عبد الوهاب أنبأ محمد بن جعفر، ثنا عبد الله بن محمد بن ناجية ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد،

_ (1) وتمام لفظ الحديث: " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل ". رواه البخاري في " التاريخ الكبير " (6/281) والتجريد (699) والخفاء (1/86) والخطيب (1/311، 6/282، 12/ 286) وإتحاف (3/383) وأحمد (6/239) والبيهقي (11/63) وتلخيص (1/134) والعلل (86) وابن عدي في " الكامل " (4/1635) .

حدثنى أبي حدثني أبي ثنا حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير حدثنى أبو سلمة: أنّ عطاء بن يسار اخبره أنّ زيد بن خالد أخبره أنه سأل عثمان قلت: أرأيت إذا جامع امرأته ولم يمن؟! فقال عثمان: لا يتوضأ كما يتوضأ للصلاة، ويغسل ذكره" سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: وسألت عن ذلك علي بن أبي طالب والزبير وطلحة وأبيا فأمروه بذلك، قال: وحدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة أن عروة أخبره أنّ أبا أيوب أخبره أنه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك، وفي كتاب ابن شاهين، ثنا البغوي، ثنا هارون بن عبد الله، ثنا عبد الصمد ثنا أبي ثنا حسين المعلم بن أبي كثير فذكره، وكذا ذكره البيهقي في السنن الكبير عن أبي بكر أحمد بن إسحاق ثنا إبراهيم بن عبد الله نا محمد قال ثنا الحسن بن عيسى البسطامي، ثنا عبد الصمد نا أبي نا حسين حدثنى يحيى به، وإمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة في صحيحه أيضا، وأمّا قول ابن جرير في تهذيب الآثار، وهذا خبر عندنا صحيح سنده لا علّة فيه توهنه ولا سبب يضعفه لعدالة رواته، وقد يجب أن يكون على مذهب الآخرين سقيما غير صحيح لعلّتين إحداهما: أنّ المعروف من رواية الثقات/عن عثمان أن الختان إذا مس الختان وجب الغسل أنزل أو لم ينزل، والأخرى: أنّه خبر قد رواه بعضهم عن شيبان عن يحيى، فجعله عن عطاء عن عثمان لم يجعل بيتهما أحدا، والثالثة: أنّ يحيى كان عندهم مدّلسا، والمدلس لا يقل عندهم من خبره إلا ما قال، ثنا وشبهه بكلام لا يجزي شيئا كما بيّناه، والثالثة قوله: إنّ أبا سلمة خالفه زيد فغير ضار ولا منافاة بين قولهما؛ لأن أبا سلمة إمام حافظ زاد شيئا فتقبّل منه إجماع، ولأن الصحابة المذكورين أصحاب فتيا فلمّا سئلوا أفتوا بما عندهم من حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنّ مثل هذا لا يؤخذ بالآراء ونشطوا مرّة أخرى فتذكروا مستندهم إن قيل لهم في ذلك فذكروه فصار جمعا بين الرواية والفتيا والله تعالى أعلم، ويوضح ذلك ما ذكره ابن عبد البر في الاستذكار، قال أبو عمر: وقد تدبرت حديث عثمان الذي انفرد به يحيى فليس فيه تصريح يجاوزه الختان الختان، وأنا فيه طامع ولم يمس الختان الختان؛ لأنه مأخوذ من الاجتماع مكنى عن الوطء، وإذا كان لذلك فلا

خلاف حينئذ، ولو ذكر ما ذكره الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في جمعه لحديث يحيى ابن أبي كثير كان أولى ما تقدّم وهو قوله، قال أبو طالب: زيد بن أخرم سمعت يحيى بن سعيد القطّان، وسئل عن حديث أبي أيوب فلم يحدث به، وقال: نبأني عنه، عبد الرحمن، وقال أبو عمر في التمهيد: وحديث أبي سلمة هذا حديث منكر لا يعرف من مذهب عثمان ولا علي ولا من مذهب المهاجرين انفرد به يحيى وهو ثقة، إلا أنه جاء بما شذ به وأنكره عليه، ونكارته أنّه محال أن يكون عثمان سمع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما يسقط الغسل من التقاء الختانين ثم يعني/بإيجاب الغسل، وذلك في حديث مالك عن ابن شهاب عن سعيد أن عمر وعثمان وعائشة كانوا يقولون: " إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل " (1) . وهو صحيح ولا أعلم أحدا قال: بأنّ الغسل من التقاء الختاتين منسوخ، بل الجمهور أنّ الوضوء منه منسوخ بالغسل ومن قال: بالوضوء منه أجازه وأجاز الغسل ولم ينكره، وقال يعقوب بن أبي شيبة: سمعت ابن المديني وذكر حديث يحيى فقال: إسناد حسن به، ولكنه حديث شاذ، وقال علي: قد روى عن عثمان وعلي وأبي بأسانيد جياد أيهم أفتوا بخلافه، قال يعقوب: هو حديث منسوخ، وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: حديث حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير يعنى هذا فيه علّة تدفعه بها قال: نعم ما روى خلافه عنهم قال أحمد المديني: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل، قيل له: قد كنت تقول غير هذا، قال: ما أعلمني قلت: غير هذا قط قيل له: قد بلغنا ذلك عنك. قال: الله المستعان، وفي صحيح الأسهل قال: ولم يذكر يعنى الراوي عليا ولم يقل أحد من الرواة عن النبي غير الحماني إنما قالوا مثل ذلك، وليس الحماني من شرط هذا الكتاب، وفي الباب غير ما حديث من ذلك حديث أبي هريرة- رضي الله تعالى عنه- قال: " بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رجل من الأنصار فأبطأ واحتبس فقال: ما حبسك قال: كنت أصبت من أهلي، فلما جاءني رسولك

_ (1) تقدم من أحاديث الباب انظر ص 789.

اغتسلت، ثم لم أحدث شيئا. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الماء من الماء، والغسل على من أنزل " رواه أبو جعفر في شرح الآثار (1) ومن جهة يزيد عن العلاء بن محمد بن سنان، عن محمد بن عمرو عن أم سلمة عنه، وقال أبو القاسم في الأوسط:/ورواه من حديث وقاء بن إياس الوالي سمعت سهيل وذكر أنّ أبي صالح يذكر عن أبيه عن أبي هريرة لم يروه عن وقاء إلا أبو زهير تفرّد به عبد الرحمن بن سلمة. وحديث رافع بن حديج قال: ناداني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا على بطن امرأتي فقمت ولم أنزل، واغتسلت وخرجت فأخبرته فقال: لا عليك الماء من الماء " قال رافع: ثم أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذلك بالغسل رواه أحمد في مسنده (2) من حديث رشيد بن سعد عن موسى بن أيوب الغافقي عن بعض ولد رافع ولم يسمه، وقال البخاري: هذا حديث حسن وفيه نظر؛ لأنّ رواية رشدين وحديثه لا يحسن وفيه رجل لم يسمه فهو منقطع، وقد وقع لنا متابعا لرشدين وهو ابن لهيعة فيما ذكره ابن مساور عن موسى بن أيوب وسمى الرجل المبهم سهلا؛ ولذا جاء في بعض الروايات مصرّحا باسمه عن رشدين، ذكر ذلك الحافظ أبو الطاهر البغوي فقال: أنا الراوي عن أبي الحسن أحمد بن محمد الحليمي سماعا عن أبي بكر المهندس سماعا، ثنا محمد هو ابن زمان بن حبيب، ثنا أبو الطاهر، ثنا رشدين عن موسى بن أيوب عن سهل بن رافع بن خديج عن أبيه فذكره، فلو حسّنه الحازمي هذه الأمور يساغ له ذلك، والله تعالى أعلم. وحديث عائشة: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك ولا يغتسل، وذلك قبل فتح مكة، ثم اغتسل بعد ذلك وأمر الناس بالغسل " رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه وسيأتي الكلام عليه بعد وحديث جابر بن عبد الله قال مرّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل من الأنصار فخرج ورأسه

_ (1) ضعيف. رواه الطحاوي في مشكل الآثار (1/376) وأحمد في " المسند " (3/150) والطبراني (1/226) وعبد الرزاق (20517) وإتحاف (4/498) ومطالب (204) ومعاني (1/ 54) والمجمع (1/265) وعزاه إلى أبي يعلى والبزار وفيه أبو سعد البقال وهو ضعيف. (2) ضعيف. رواه أحمد (4/143) والمجمع (1/265، 266) وعزاه إليه وإلى الطبراني في " الأوسط " وقال عن سهل بن رافع عن أبيه، وفيه رشدين بن سعد وهو سيء الحفظ.

يقطر فقال:/ " لعلنا أعجلناك " قال: أجل يا رسول الله. قال: " إذا عجل أحدكم أو أقحط، فلا يغتسل " رواه أبو جعفر (1) وشاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ عن أبيه عن الباغندي، ثنا أبو نعيم ثنا أبو إسرائيل الملائي عن الحكم عن أبي صالح عنه. وحديث أنس بن مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الماء من الماء " (2) ، رواه أيضا عن أحمد بن عمرو ثنا عبيد الله بن أسامة الحلبي، ثنا يعقوب بن كعب، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عنه. وحديث عبد الله بن عباس قال: أرسل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رجل من الأنصار فأبطأ عليه فقال: ما حبسك؟ قال: كنت على المرأة فقمت واغتسلت فقال: وما عليك ألا تغتسل ما لم تنزل قال: فكانت الأنصار تفعل ذلك " (3) رواه ابن أبي داود في كتاب الطهارة تأليفه عن عبد الله بن سعيد ثنا طلحة عن أبي سعيد عن عكرمة عنه، وحديث زيد ابن ثابت الآتي في الباب بعده، وكذلك حديث رفاعة قال أبو عمر: وفعله إذا أعجل أحدكم أو أقحط تقتضى أن يكون جوابا لمن أقحط أو أعجل عن بلوغ التقاء الختانين، ولذلك حديث ابن شهاب عن أبي سلمة رواه أصحابه كذلك؛ لأن قوله الماء من الماء لا يدفع أن يكون الماء من التقاء الختانين، والله تعالى أعلم. وحديث صالح السالمي الأنصاري قلت للنبي عليه السلام: هتفت وأنا مع المرأة قد خالطها، فلمّا أن سمعت صوتك أجبتك منها فلما دخلت المسجد كرهت أن أدخله حتى اغتسل. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الماء من الماء ". رواه أبو موسى في كتاب الصحابة من جهة ابن إسحاق عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي سعيد عن أبيه عن جدّه أبي سعيد/قال خرجنا مع النبي إلى مسجد ابن عمرو بن عوف، فمن تفرد به عن سالم فذكره ثم قال: رواه ذكوان عن أبي سعيد ولم يسمه الرجل، وكذلك أبو هريرة وابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- لم يسمياه، وحديث عبد الله (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/265) وعزاه إلى البزار ورجاله ثقات الا أبا إسرائيل الملائي فإنه ضعيف لسوء حفظه، وقد وثقة بعضهم. (2) تقدم من أحاديث الباب ص 794. (3) تقدم من أحاديث الباب

بن غسان قال: قلت: يا رسول الله إني كنت مع أهلي فلما سمعت صوتك أعجلت فاغتسلت فقال عليه السلام: " الماء من الماء " رواه أيضا من حديث كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله عنه، وحديث أبي عثمان الأنصاري قال: " دق علي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد ألممت بالمرأة، فكرهت أن أخرج إليه حتى أغتسل فأبطأت عليه فلحقته فأخبرته، فقال: أكنت أنزلت قلت: لا. قال: أما إنه لم يكن عليك إلا الوضوء " (1) . رواه أيضا من حديث عمر بن محمد بن الحسن، ثنا أبي ثنا عبد الرحمن بن أبي الزياد عن أبيه عن أبي سلمة عنه، ومرسل عبد الله بن عبد الله بن عقيل قال: " سلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على سعد بن عبادة ثلاثا فلم يأذن له، كان على حاجة فرجع النبي- عليه السلام- فقام سعد سريعا فاغتسل، ثم تبعه فقال يا رسول الله: إني كنت على حاجة فقمت فاغتسلت، فقال عليه الصلاة والسلام: " الماء من الماء ". رواه معمر بن راشد في جامعه عنه.

_ (1) بنحوه. أورده الهيثم في " مجمع الزوائد " (1/264) وعزاه إلى أحمد في " مسنده " وإسناده حسن. ولفظه: قلت يا نبي الله: إني كنت مع أهلي، فلما سمعت صوتك أقلعت فاغتسلت. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الماء من الماء ".

74- باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان

74- باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان حدثنا علي بن محمد وعبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قالا: ثنا الوليد ابن مسلم ثنا الأوزاعي، أنبأ عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاغتسلنا ". هذا حديث خرجه أبو عيسى (1) من حديث الوليد ثم قال: ثنا هناد ثنا وكيع عن سفيان عن عكرمة عن سعيد عن عائشة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جاوز الختان فقد وجب الغسل " (2) . وقال: حديث عائشة حسن صحيح، وقال في العلل الكبير: سألت محمدا عن هذا الحديث. فقال: هذا حديث خطأ، إنما يرويه الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم مرسلا، وروى الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة شيئا من قولها فأخذ الخرقة فمسح بها الأذى، وقال أبو الزناد: وسألت القاسم بن محمد سمعت في هذا الباب شيئا قال: لا، ورواه الشافعي عن الثقة عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، أو عن يحيى بن سعيد عن القاسم، قال البيهقي: كذا رواه الربيع بالشّك، ورواه المزني عنه فقال عبد الرحمن بن القاسم: بلا شك، ولذلك قاله ابن خزيمة عن المزني، ورواه حرملة عن الشّافعي عن الوليد بن مسلم، والوليد بن يزيد عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بغير شك، وعاب أبو محمد الإشبيلي على الترمذي تصحيح حديث ابن زيد بقوله، وذكره الترمذي من حديث ابن زيد وقال فيه: حسن صحيح، ولم يقل في علي: شيئا

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/108) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/ 608) وأحمد (2/178) وابن أبي شيبة (1/89) وتلخيص (1/134) والبيهقي (1/163) وابن عدي في " الكامل " (4/1653) وتجريد (699) والخطيب (1/311، 6/282) ورواه الشافعي في اختلاف الحديث (7/90) عن إسماعيل بن إبراهيم عن علي بن زيد بإسناده ورواه أيضا فيه وفي الأم (7/31) عن سفيان بن عيينة، عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب: " أن أبا موسى الأشعري سأل عائشة عن التقاء الختانين؟ فقالت عائشة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا التقى الختانان، أو مس الختان الختان؛ فقد وجب الغسل ". وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر، والشيخ الألباني. (2) انظر: الحاشية السابقة.

وأكثر الناس يضعفه، وقال أبو الحسن: عليه بأنه لم يصب في اعتراضه؛ لأن اعتلال البخاري عليه بأنه يروى مرسلا بعلة فيه، ولا اتصال قول القاسم: أنه لم يسمع في هذا الباب شيئا؛ فإنه قد يعنى به شيئا يناقض هذا الذي رويت لابُد من حمله على ذلك لصحة الحديث المذكور عنه من رواية ابنه وهو الثقة المأمون والأوزاعي، أما الوليد بن مسلم وإن كان مدلسا ومسوما، فأنه قد قال/فيه ذكر ذلك الدارقطني، وذكر أيضا طريقا آخر عن الأوزاعي هو منه صحيح أيضا، قال أبو الحسن ثنا أبو بكر النيسابوري، ثنا العباس بن الوليد بن يزيد، أبنا أبي قال: سمعت الأوزاعي قال: ثنا عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه عن عائشة: " إنما سئلت عن الرجل يجامع المرأة فلا ينزل؟ فقالت: فعلته أنا والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاغتسلنا جميعا " قال الدارقطني: رفعه الوليد بن مسلم، والوليد بن فريد، ورواه بشر بن بكر وأبو المغيرة وعمرو بن أبي سلمة، نا محمد بن كثير المصيصي ومحمد بن مصعب وغيرهم موقوفا انتهى. الوليد ثقة من أكابر أصحاب الأوزاعي وكان الأوزاعي، يقول: عليكم به فإن كتبه صحيحة أو كلاما هذا بمعناه، وقال أيضا: ما عرض علي كتاب أصح من كتاب الوليد، وقال فيه دحيم: صالح الحديث وابنه العباس ثقة صدوق، وقد ذكر جميعهم سماع بعضهم من بعض فصح الحديث، وإن كان حديث الترمذي معترضا عنده من طريق الوليد بن مسلم، فقد صح من طريق ابن فريد- رحمه الله تعالى- انتهى كلامه. وفيه نظر من حيث إغفاله ما قاله علي بن عيسى من تصحيح حديث ابن جدعان على ما ذكر، ولهذا أن عبد الحق لما ذكره في أحكامه الكبرى أفرده من حديث الأوزاعي من عند النسائي محققا تصريح الترمذي لحديث ابن جدعان، وأبو عيسى في ذلك كما قيل، ومالك حكاه لأبي محمد في فهمه لا الترمذي بزعمه؛ لأنه لم يصحح حديثه كما صححه أبو علي الطوسي في أحكامه من غير متابع ولا شاهد، ولذلك المعرى في شرح السنة، ولا قال ما يؤذن بذلك إنما قال: حديث عائشة صحيح وهذا ما لا خلاف/فيه، ولو أراد هذا الحديث لأشار كعادته، وقال: هذا وإن شئت لم أقل ذلك أيضا في حديث الأوزاعي المبدأ بذكره عنده لا من طريق غيره المصححة؛ لما نقله عن شيخه وهو في الغالب سمع كلامه حذر العدة بالعدة، ولا يقال: لعله صح

حديث ابن جدعان هذا ما عضده من الشاهد قبله تنصيصه على خطابه، والخطأ لا يصلح عنده للشواهد، وفي المعرفة عورض الشافعي في هذه المسألة بمصعب بن جدعان، وأنّ حديثه هذا ليس مما يثبت أهل الحديث فعارضهم برجوع إلى وأنّ ذلك لا يكون إلا عن توفيق، قال أبو بكر: والأمر على ما قالاه جميعا غير أنّ حديث عائشة هذا ما ثبت من جهة أخرى، ولما رواه أبو القاسم في الأوسط من حديث عاصم عن عثمان بن مرة عن السّائب عن عروة عنها مرفوعا قال: لم يروه عن عثمان إلا عاصم، فهذا رجل رفعه عنها الرواية الوليد ابن مسلم وأغفل ذكره الدارقطني فلم يذكره حتى عدّد الواقعتين والدافعين، وأمّا قول الحافظ التستري إنّ حديث الأوزاعي موقوفا لم يسنده عائشة بغير صواب؛ لأنها قالت: فعلته أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذا موضوع إجماعا، ولهذا الحديث إسناد صحيح ذكره مسلم من جهة عبد الله فقال: ثنا محمد بن مثنى ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، ثنا هشام بن حسان ثنا حميد بن هلال عن أبي بردة عن أبي موسى وثنا ابن مثنى ثنا عبد الأعلى، وهذا حديثه ثنا هشام ابن حسان عن حميد بن هلال قال: ولا أعلمه إلا عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري قال: اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والأنصار، فقال الأنصاريون: لا يجب الغسل/إلا من الدفق أو من الماء، وقال المهاجرون: إذا خالط فقد وجب الغسل، قال: فقال أبو موسى: أنا أشفيكم من ذلك، فقمت فاستأذنت على عائشة فقلت لها: يا أمّاه أو يا أم المؤمنين، إنى أريد أن أسألك عن شيء، وإنى استحييت فقالت: لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلا أمك التي ولدتك، فإنّما أنا أمّك، قلت: فما يوجب الغسل على الحبير سقطت؟ قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان فقد وجب الغسل " كذا خرجه مسلم (1) في صحيحه بلفظ الشك أعني قوله: ولا أعلمه إلا من أبي بردة لم يذكر رواية الأنصاري هل

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه مسلم في (الحيض، ح/87،ْ 88) والبخاري (1/80) وأحمد (2/234) والدارمي (1/194) والدارقطني (1/113) وابن خزيمة (227) وشرح السنة (1 / 4) والمشكاة (430) ونصب الراية (1/82) والخطيب (2/74) وتلخيص (1/134) والحلية (6/ 275) والإرواء (1/163) .

هي لهذه لفظا وشكا أو ليس مثلها؟ فلما أردنا علم ذلك ليسلم الحديث من هذه الشائبة، وليعلم هل يخاف هذه فيما يؤثر أم لا؟ يوجد نا أبو بكر بن خزيمة خرجها بلفظ مسلم، وسواء عن ابن مثنى عنه، وكذلك أبو العباس السراج في مسنده وأبو نعيم الحافظ رحمه الله تعالى والبيهقي في سننه ولفظه: فأتيت عائشة فقالت: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان ". ولفظ أبو نعيم: " إذا جلس بين شعبها الأربع، ثم اجتهد فقد وجب الغسل ". ورواه مسلم أيضا من طريق فيه لطيفة، وهي رواية صحابي عن تابعية فقال: ثنا هارون بن معروف، وهارون بن سعيد الأيلي، ثنا ابن وهب أخبرني عياض بن عبد الله عن أمّ كلثوم عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: إنّ رجلا سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليها الغسل؟ وعائشة جالسة فقال رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لأفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل " (1) . وليس لقائل أن يقول: هو من رواية أبي الزبير عن جابر من غير تصريح بالسماع، ولا هو من رواية الليث عنه، وذلك مشعر بالانقطاع، وإن كان عند مسلم فإنه ينفع في المناظرة لا في النظر؛ لأنه وقع لنا طريق يصرح فيها بالسماع ذكرها الحافظ أبو بكر الخطيب فيما رويناه عنه في كتاب رواية الصحابة عن التابعين من حديث الإمام أحمد بن حنبل، ثنا موسى بن داود ثنا عبد الله عن أبي الزبير أخبرني جابر به في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيّب أن أبا موسى سأل أنا عائشة فقال: " الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل؟ فقالت: إذا جاوز الختان الختان؛ فقد وجب الغسل " (2) . فقال أبو موسى: لا أسأل عن هذا أحدا بعدك، وكذا ذكره موقوفا، وقال في المعرفة: هذا إسناد صحيح إلا أنه موقوف، ورواه أبو قرّة موسى بن طارق عن مالك عن يحيى مرفوعا، قال أبو الحسن في الغرائب: لم يسنده عن مالك غير أبي قرة، وفي مسند أبي قرة ذكر سفيان عن محمد بن عجلان عن أبي سلمة عن عائشة مرفوعا مثله، وقد وقع لنا ما يشعر بأن ابن المسيب رواه عن أبي موسى عنها، ذكر ذلك أبو جعفر الطحاوي من حديث

_ (1) صحيح. رواه مسلم (272) والبيهقي في " الكبرى " (1/164) وابن السني (ح/610) ومعاني (1/55) وأبو عوانة (1/289) . (2) تقدم في أحاديث الباب ص 803.

أسد عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد قال ة ذكر أصحاب النبي: " إذا التقى الختانان " فأتى أبو موسى عائشة فذكره، وقال البيهقي: لم يروه مرفوعا غير ابن جدعان، وهو لا يحتج به، والله تعالى أعلم. وقال ابن عمر في الاستذكار: وروى علي بن زيد عن سعيد قال: " نازع أبو موسى قوما من الأنصار فقالوا: الماء من الماء. فانطلقت أنا وهو حتى دخلنا على عائشة ". وروى حماد بن سلمة عن ثابت عن/عبد الله بن رباح عن عبد العزيز بن النعمان (1) عنها: " كان عليه السلام إذا التقى الختانان اغتسل " (2) . والأول وإن لم يكن مسندا؛ فإنه يدخل في المسند بالمعنى والنظر، وفي شرح السنة هذا حديث حسن صحيح، لكن جريانه على توهمه كما بينا أنّ مثله لا يصح سندها ورواه الحسن عن أبيه من طريق لا بأس بها فرفعه بنحوه، قال أبو القاسم في الأوسط (3) : لم يروه عن سالم الخياط عن الحسن إلا الوليد بن مسلم، وفي كتاب الطحاوي من حديثه عن ابن أبي داود عن عباس بن الوليد البرنام، ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي

_ (1) قوله: " النعمان " وردت " بالأصل " " العمير " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (2) صحيح. رواه أحمد (6/123، 227) وبهذا اللفظ الذي ذكره المصنف عن عائشة صحيح، فقد رواه القاسم بن محمد عنها قالت: " إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فعلته أنا ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". رواه الترمذي (1/23) وابن ماجة (ح/608) بسند صحيح عنها. ورواه مسلم (1/187) وغيره من طريق أخرى عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعا من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه. ورواه الخطيب من طريق أخرى عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرفوعا من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلفظ الترجمة، وروايته (1/311، 6/283) . (3) رواه الطبراني في " الأوسط " (1/9/2) وقال: " لم يروه عن عمرو إلا أبو حنيفة، ولا عنه إلا عبد الله " وهو وشيخه ضعيفان، ولكن للحديث زيادات منها ما هو حسن بمجموع طرقها عن عمرو بن شعيب. ورواه الطحاوي (1/35) ورواه البيهقي (1/163) بإسناد صحيح، وهو عند مسلم (1/189) بنحوه، وفي صحيح سنن أبي داود (ح/209) كلهم من طريق أبي رافع عن أبي هريرة وبه زاد: " أنزل أو لم ينزل ".

حبيب عن معمر بن أبي حبيبة عن عبيد بن رفاعة عن أبيه قال: إني لجالس عند عمر بن الخطاب إذ جاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، هذا زيد بن ثابت يفتى النّاس في الغسل من الجنابة برأيه. فقال عمر: أعجل به، فجاء زيد فقال عمر: قد بلغ من أمرك أن تفتى الناس فقال له زيد: ما أفتيت برأيي، ولكن سمعت من أعمامي شيئا فقلت به. فقال من أي أعمامك؟ فقال: من أبي وأبي أيوب ورفاعة بن رافع. فالتفت عمر فقال: ما تقول في هذا؟ قال: فقلت: إنّا لكنّا نفعله على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم لا نغتسل. قال أسألتم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك؟ قلت: لا. قال علي بالناس فاتفق الناس أن الماء لا يكون إلا من الماء، إلا ما كان من علي ومعاذ بن جبل فقال علي: لا أحدا أعلم بهذا من أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأرسل إلى حفصة فقالت: لا علم لي. فأرسل إلى عائشة فقالت: إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل جد فخطب عمر وقال: لئن أخبرت بأحد يفعله ثم لا/يغتسل فحكمه عقوبة " (1) ورواه أيضا من حديث ابن لهيعة عن يزيد عن أبي وجيه سمعت عبيد بن رفاعة يقول: ثنا في مجلس عمر بغير ذكر أبيه، ورواه أيضا عن روح بن الفرح عن يحيى بن بكير، عن الليث حدثنى معمر عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، والله تعالى أعلم. وذكر هذه القصة من حديث عبد الأعلى أيضاً الإمام أبو بكر محمد بن هارون في مسنده عن يحيى بن إسحاق، ثنا ليث بن سعد عن يزيد عن معمر وفيه فقال عمر: " إنّ الأمر لا يصلح. وقال معاذ: يا أمير المؤمنين: إن هذا الأمر لا يصلح " وذكر أحمد بن منيع في الروايات في مسنده باختلاف قريب وفيه: فجاء زيد فكلما رآه عمر قال ابن عدي نفسه قد بلغت أن تفتى الناس برأيك،

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/266) وعزاه إلى أحمد في " مسنده " والطبراني في " الكبير " ورجال أحمد ثقات إلا ابن إسحاق مدلس وهو ثقة، وفي الصحيح طرف منه، زاد الطبراني في " الكبير " " ثم أفاضوا في العزل فقالوا: لا بأس فسار رجل صاحبه فقال: ما هذه المناجاة فقال أحدهما يزعم أنها الموؤدة للصغرى فقال علي: إنها لا تكون موؤدة حتى تمر بسبع تارات قال الله عز وجل: (ولقد خلفنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) إلى قوله: (فتبارك الله أحمسن الخالقين) قال: فترقوا على قول علي بن أبي طالب انه لا باس به.

وفيه قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يأتنا من الله تحريم ولم يكن من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عني قال: ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم ذلك قال: لا أدرى وهو معارض لما ذكره مالك عن يحيى عن عبد الله بن كعب عن محمود بن لبيد أنه سأل زيد بن ثابت أن أُبيّا فرغ عن ذلك فبل أن يموت، وسيأتي في صحيح البستي ثنا علي بن الحسين بن سليمان، ثنا إبراهيم بن يعقوب الجرجاني، ثنا عبد الله بن عثمان بن جبلة، ثنا أبو مرة قال حدثنا الحسين بن عمران عن الزهري سألت عروة في الذي يجامع ولا ينزل؟ قال: على الناس أن يأخذوا الأمر من أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثتني عائشة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعل ذلك ولا يغتسل، وذلك قبل فتح مكة، ثم اغتسل بعد ذلك، وأمر الناس بالاغتسال " قال:/عن ابن مهران قالا: ثنا مبشر الحلبي عن محمد بن غسان عن أبي حازم، وقال البيهقي: إسناده صحيح موصول، خبرنا على طريقة الفقهاء في صحة السند، وهذا كان يصلح أن يكون دليلا لولا ما قاله ابن أبي حاتم وسأل أباه عنه فقلت: يعرف هذا الحديث، فقال: ما يعرف أصلا يعني والله تعالى أعلم هذه الرواية لا أصل الحديث بدليل ما ذكره ابنه، سمعت أبي وذكر الأحاديث المروية في الماء من الماء من حديث أبي أيوب عن أبي وأبي صالح وأبي سعيد، فقال: هذا منسوخ بحديث سهل عن أبي، وقال الحازمي: يشتبه أن يكون الزهري أخذه عن أبي حازم وذكر البستي في صحيحه شيئا شفي به النفس وأزال به اللبس أن هذا الخبر رواه معمر عن الزهري من حديث غندر فقال: أخبرني سهل ورواه عمرو بن الأرت عن الزهري فقال: حدثني بعض من أرضى عنه سهل، ويشبهه أن يكون الزهري سمع الخبر من سهل كما قاله غندر وسمعه عن بعض من يرضاه عن سهل فرواه مرة عن سهل ومرة عن الذي رضيه عنه، وقد تتبعت طرق هذا الحديث على أن أجد أحدا رواه عن سهل فلم أجد في الدنيا أحدا رواه إلا أبا حازم يشبه أن يكون المبهم هو والله تعالى أعلم. وقال موسى بن هارون: قد روى ابن حازم هذا الخبر عن سهل، وأظن ابن شهاب سمعه منه؛ لأنه لم يسمعه من سهل، وقد سمع من سهل أحاديث، فإن كان سمعه من أبي حازم فإنه عدل رضى وبنحوه ذكره البيهقي في المعرفة، وقال أبو عمر: إنما رواه ابن

شهاب عن أبي حازم عن سهل، وهو حديث صحيح ثابت بنقول العدول الثقات له ذكره في الاستذكار، ويفهم من كلام ابن حبان أن محمد/بن جعفر تفرّد بقول الزهري أخبرني سهل، وليس كذلك كما ذكر أبو جعفر في كتابه الناسخ والمنسوخ، نا أحمد بن يونس ثنا محمد بن شاذان ثنا يعلى بن المبارك عن يونس عن الزهري حدثنى سهل، وكذا ذكره يعني: ابن مخلد، فقال: ثنا أبو كريب، نا ابن المبارك عن يونس به فيما ذكره أبو الحسن القطان وقال: إن صحّ ما ذكره كان متصلا. وذكره الحافظ ضياء الدين في الأحاديث المختارة من حديث يونس عن الزهري عنه، وذكر ابن الحصار في تقريب المدارك: أنّ أبا داود قال: النّاس كلّهم رووه عن الزهري عن سهل إلا عمرو ابن الحارث فإنّه أدخل بينهما رجلا، ويرون أنّ الرجل أبا حازم، وأمّا قول ابن حبان: لم أر أحدا في الدنيا رواه عن سهل إلا أبا حازم. فيشبه أن يكون وهما لما أسلفناه من تصريح الزهري بسماعه من سهل هذا الحديث، وفي لفظ الطحاوي مسنده إلى أبي إنّما كان الماء من الماء في أول الإسلام، فلما أحكم الله الأمر نهي عنه، وقال ابن أبي حازم: وعلى الجملة الحديث محفوظ عن سهل عن أبىِّ، وقال البيهقي: أنبأ أبو علي بن شاذان، أنبا حمزة بن محمد بن العباس، ثنا الدوري عن عثمان بن عمر، ثنا يونس الأيلي عن الزهري أنّ رجلا من الأنصار يتهم أبا أيوب وأبا سعيد كانوا يفتون الماء من الماء، وأنّه ليس على من أتى امرأته فلم ينزل غسل، فلما ذكر ذلك لعمر ولابن عمر وعائشة أنكروا ذلك وقالوا: " إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل " فقال سهل بن سعد- وكان قد أدرك النبي عليه السلام وهو ابن خمس عشرة سنة-: حدثنى أُبيِ بن كعب فذكره، وقال الشّافعي: وإنّما بدأت بحديث أبي؛ لأنّ فيه دلالة على أنّه سمع الماء من الماء من النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمع خلافه فقال به: ثم لا أحسبه تركه إلا أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال بعده ما نسخه، قال: وهذا أثبت إسناد ورواه أبو شيبة في مصنفه عن سهل بن يوسف، نا شعبة عن سيف بن وهب عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلي عن عميرة بن شربي عن أبي بن كعب قال: " إذا التقى متلقاهما من وراء الختان وجب الغسل " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا الفضل بن دكين عن هشام الدستوائي عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي

هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا جلس الرجل بين شعبها الأربع، ثم جهدها فقد وجب الغسل " هذا حديث أخرجوه (1) إلا الترمذي ولما رواه البخاري عن معاذ بن فضالة ثنا هشام ح، وثنا أبو نعيم عن هشام قال: تابعه عمرو بن مروان عن شعبة مثله يعني: المخرج عند مسلم عن محمد بن عمرو بن جبلة، عن ابن أبي عدي وعن ابن المثنى عن وهب بن جرير كلاهما عن عمرو عنه قال البخاري: وقال موسى: ثنا أبان ثنا قتادة أنبأ الحسن مثله يعنى المخرج عند البيهقي من حديث عثمان وهمام بن يحيى عنه، ولفظه: " ثم أجهد نفسه فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل " وهو أسلم من حديث مطر عن قتادة، ولفظ أبي داود: " التزق الختان الختان ". ولفظ أبي عبد الرحمن: " بين شعبها ". ورواه أيضا من حديث أشعث عن ابن سيرين، ثم ذكر أنّ شعبة وهشام وأبان وأبا عوانة رووا يعنى كما تقدّم، ولذلك قاله يزيد بن صريح (2) عن ابن أبي عرفة عن قتادة وخالفه عبد الأعلى عن سعيد فأسقط أبا رافع، ووقفه ورواه الليث عن قتادة مرفوعا لم يذكر أبا رافع وتابعه/سعيد بن بشير عن قتادة ورواه حماد بن سلمة عن قتادة وحبيب بن الشهيد وحميد الطويل عن الحسن عن أبي هريرة موقوفا، ورواه مطر عن الحسن عن أبي رافع مرفوعا لم يختلف عليه، واختلف عن يونس بن عبيد فرواه نصر بن علي عن عبد الأعلى عن يونس مثل رواية مطر، وخالفه حميد بن الحسن ومحمد بن مثنى فقالا: عن عبد الأعلى عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا؛ ولذلك رواه يزيد بن زريع وأبو مروان الغساني يحيى بن زكريا وشعبة تفرد به النّضر بن محمد عن شعبة عن يونس مرفوعا لم يذكر أبا رافع، ولما ذكره ابن شاهين من هذه الطريق قال فيه: صحيح غريب، قال أبو الحسن: ورواه الثوري مرفوعا بإسقاط الحسن، ورواه جرير بن حازم بإسقاط الحسن عن أبي هريرة مرفوعا، ورواه ابن

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/80) ومسلم في (الحيض، 87، 88) وأحمد (2/234) والدارمي (1/194) والدارقطني (1/113) وابن خزيمة (227) وشرح السنة (1/4) والمشكاة (430) ونصب الراية (1/82) والخطيب (2/74) وتلخيص (1/134) والحلية (6/ 275) والإرواء (1 / 163) . (2) قوله: " صريح " وردت " بالأصل " " تصريع " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.

جدعان وأبو هلال الراسبي وخالد بن رواح عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا، وقال يحيى القطان والنضر بن شميل عن أشعث عن الحسن عن أبيِ هريرة مرفوعا، وخالفهم عيسى بن يونس فرواه عن أشعث عن ابن سيرين مرفوعا، ورواه عبد الأعلى عن هشام عن الحسن عن عائشة مرفوعا، ورواه عبد الأعلى عن هشام عن الحسن عن عائشة مرفوعا، وخالفه مخلد بن حسين فرواه عن هشام عن محمد بن أبي هريرة عن عائشة وكلاهما وهم، والصحيح عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة، وفي لفظ عنده من طريق صحيحة رجحها ابن القطّان على طريق مسلم؛ لأنّ طريقه فيها نظر وهذه سالمة مه: " إذا غشي الرجل امرأته فكان بين شعبها الأربع، ثم اجتهد فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل " (1) . وفي كتاب الإسماعيلي وقاسم بن أصبع فيما ذكره عبد الحق في الكبرى " والتزق الختان بالختان "، وفي لفظ لابن/أبي شيبة في مصنفه: " إذا جلسها بين فروجها الأربع " حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا التقا الختانان، وتوارت الحشفة؛ وجب الغسل " (2) . هذا حديث لو قال قائل: إسناده جيّد لكان مصيبا؛ لما أسلفناه من حال حجاج بن أرطأة، وأنّ العجلي قال فيه: جائز الحديث وأنّ ابن خزيمة قال: لا أحتج به إلا مما قال أنبا وسمعت، وقال عطاء: هو سيد شباب أهل العراق، وقال الحاكم: وثقة شعبة وغيره من الأئمة، وقال ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم: صدوق، وقال: ابن عدي: يكتب حديثه، لكن يعارض هذا القائل فإنّ جماعة قالوا عنه: كان يدلس عن العزرمي عن عمرو بن شعيب، وهذا الحديث مخرجه من حديث محمد بن عبد الله العزرمي عن عمرو، فلعل ابن أرطأة: اشتبه عنه، ولو صح

_ (1) صحيح. رواه أحمد (2/28) والكنز (44859) والفتح (1/395) وعبد الرزاق قلت: وهذه الروايات بألفاظ متقاربة المعنى. قلت: وطريق سند المصنف صحيحة من الضعف. (2) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/ 611) وأحمد (2/178) وابن أبي شيبة (1/89) . قلت: وعلْته الحجاج بن أرطأة فهو مدلس. ولكن له شاهد صحيح رواه مسلم وغيره من وجوه أخر.

ذلك ما ذكره ابن وهب في مسنده أنبأ الحارث بن شهاب عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بلفظ: سئل أنس ما يوجب الغسل فقال: " إذا التقى الختانان، وغابت الحشفة؛ وجب الغسل أنزل أو لم ينزل " (1) فصار هذا حديث في غاية الضّعف؛ لما ذكرناه من حال العزرمي؛ ولهذا قال عبد الحق: وذكره من المدونة هذا إسناد ضعيف جدا، والصحيح حديث مسلم (2) ، وذكره الطبراني في الأوسط من حديثه عن عبيد الله بن محمد الصفار التستري، ثنا يحيى بن غيلان، ثنا عبد الله بن مربع عن أبي حنيفة عن عمرو به، وقال: لم يرفعه عن عمرو بن شعيب إلا أبو حنيفة، ولا عن أبي حنيفة إلا عبد الله بن مربع، تفرّد به يحيى بن غيلان انتهى كلامه. وفيه/نظر؛ لما أسلفناه من غير أبي حنيفة رفعه والله تعالى أعلم، وفي الباب حديث رافع بن خديج: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مر به فناداه؛ فخرج إليه فمشى السعة حتى المسجد، ثم انصرف فاغتسل ثم رجع فرآه النبي عليه السلام، وعليه أثر الغسل فسأله النبي عليه السلام عن غسله؟ فقال: سمعت بذاك وأنا أجامع امرأتي فقمت قبل أن أخرج فاغتسلت فقال له النبي عليه السلام: " إنّما الماء من الماء، ثم قال النبي عليه السلام: " ليس ذاك إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل " (3) . رواه الطبراني في الكبير من حديث رشدين بن سعد عن موسى بن أيوب عن سهل بن رافع بن حديج عن أبيه به معاذ قال عليه السلام: " إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل ". ذكره الشيرازي من حديث غندر عن عبد القدوس بن الحجاج أنبأ ابن أبي مريم ثنا حبيب بن عبيد عنه، وحديث بلال بن رباح أنه قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا رسول الله إذا خالطت أهلي فاختلفنا ولم أمن أغتسل؟ قال: نعم " ذكره أبو القاسم في الأوسط (4) وقال: لم يروه عن بلال إلا شرحبيل بن السمط، ولا عن شرحبيل إلا ابن محيرز، ولا عن ابن محيرز إلا علي بن أبي

_ (1) إسناده ضعيف. نصب الراية (1/84) . (2) قوله: " مسلم " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/ 264. 165) وعزاه إلى أحمد في " مسنده " والطبراني في " الكبير " وفيه رشدين بن سعد وهو ضعيف. (4) ضعيف. المصدر السابق (1/267) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد=

جبلة تفرّد به حمزة بن ربيعة، وروى ذلك عن جماعة من الصحابة منهم أبو هريرة قال: " إذا غابت المدورة فقد وجب الغسل " رواه في المصنف (1) عن ابن علية عن حبيب بن شهاب عن أبيه عنه، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله قال: " أمّا أنا فإذا بلغت ذلك منها اغتسلت " ثنا وكيع عن مسعر عن عبيد بن خالد عن علي وعن غالب بن الهديل عن إبراهيم عن علي قال: " إن جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل "، ثنا حفص عن حجاج/عن أبي جعفر قال: اجتمع المهاجرون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي أنّ ما أوجب الحدّ أو الجلد أو الرجم أوجب الغسل، ثنا غندر عن شعبة عن أبي عبد الله الشامي قال: سمعت النعمان بن بشير يقول في الرجل إذا كسل فلم ينزل قال: يغتسل، ثنا ابن عيينة عن ابن طاوس عن أبيه قال: سمعت ابن عباس يقول: أمّا أنا فإذا خالطت أهلي اغتسلت، قال النووي: وعليه الجماعة، قال ابن المنذر: وبه قال شريح وعبيدة ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي ومن تبعهم، ولا أعلم اليوم فيه من أهل العلم اختلافا وبه نقول: قال أبو عمر: وقد قيل: معنى الماء من الماء في الاحتلام لا في اليقظة؛ لأنّه لا يجب الغسل في الاحتلام إلا مع إنزال الماء وهذا مجتمع عليه، روى شريك عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف عن عكرمة عن ابن عباس قال: " الماء من الماء في الاحتلام لا في اليقظة "؛ لأنّه لا يجب الغسل في الاحتلام إلا مع إنزال الماء، وهذا ما اجتمع عليه. روى شريك عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف عن عكرمة عن ابن عباس قال: " الماء من الماء في الاحتلام " (2) . قال أبو عمرو: اختلف أصحاب داود في هذا فمنهم من قال بما عليه الجمهور،

_ = بن إسماعيل بن علي الوساوسي وهو ضعيف. (1) قوله: " المصنف " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 81. باب ما جاء أن الماء من الماء، (ح/112) . وقال: سمعت ابن الجارود يقول: سمعت وكيعا يقول: لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك. وقال: وفي الباب عن عثمان بن عفْان وعلي بن أبي طالب، والزبير، وطلحة وأبي أيوب وأبي سعيد: عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " الماء من الماء ".

ومنهم من قال: لا غسل إلا بإنزال الماء الدافق، وجعل في الإرسال الوضوء انتهى كلامه. وفيه نظر لما ذكره عياض، ولا نعلم من قال به بعد خلاف الصحابة إلا الأعمش وداود بن على الأصبهاني فهذا يبين لك أنّ الخلاف ليس من أصحاب داود، وقال أبو محمد: الأشياء الموجبة غسل الجسد كله إيلاج الحشفة، أو إيلاج مقدارها من الذكر الذاهب الحشفة أو الذاهب أكثر من الحشفة في فرج المرأة الذي هو مخرج/المولد منها بحرام أو بحلال إذا كان تعمّد أنزل أو لم ينزل، وممن روى عنه الغسل من الإيلاج في الفرج إن لم يكن إنزال فذكر الذين ذكرهم ابن المنذر وزاد الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص وحمزة بن عمرو الأنصاري، وأنكر البغوي في شرح السنة ذهاب سعد بن أبي وقاص إلى الغسل وقال: وكذلك أبو أيوب وأبو سعيد الخدري ورافع بن خديع، وفي صحيح الجعفي قال أبو عبد الله: الغسل أحوط، وذلك الأخر إنّما بيّنا اختلافهم. قال ابن التين: رويناه بفتح الخاء وضبط في بعض الكتب بكسرها كأنه يقول: هذا الأخر من فعله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو ناسخ لما قبله، وقال القاضي أبو بكر في قول البخاري: والغسل أحوط: كأنّ البخاري يرى أنّ الغسل مستحب، وقال أبو الوليد بن رشد في كتاب القواعد: لما وقع الإجماع أنّ مجاوزة الختانين يوجب الحدّ. وقيل: هو أن يكون الموجب للطهر، وحكوا أنّ هذا القياس مأخوذ من الخلفاء الأربعة، وقال ابن القصار: رجع التابعون، ومن بعدهم على الأخذ بحديث: " إذا التقى الختان ". وإذا صحّ الإجماع بعد الخلاف كان مسقطا للخلاف قبله، ويصير ذلك إجماعا، وإجماع الإعصار حجة عندنا كإجماع الصحابة، قال النووي: ومنهم من حمل قوله: " الماء من الماء ". على ما إذا باشرها دون الفرج، واختلف في الشعب الأربع، فقيل: هما اليدان والرجلان، وقيل: الرجلان والفخدان، وقيل: الرجلان والشفّران، واختار عياض نواحي الفرج. قوله. ثم جهدها، قال ابن العربي: هو من الجهد بفتح الجيم، قال الخطابي: يعنى حضنها، وقال غيره: بلغ مشقها، وفي الإكمال: الأولى بلغ جهده في عمله فيها، وهو إشارة إلى الحركة،/وقال ابن الأعرابي: الجهد من أسماء النكاح. ولذا ذكره ابن القطان في كتاب أسماء النكاح؛ من تأليفه، قال القرطبي: وعلى هذا يكون جهدها أي: نكحها، وقوله: فلم يمن يقال بضم

الياء وإسكان الميم وهي اللغة الفصيحة ويقال: فتح الياء وبضم الياء مع فتح الميم وتشديد النون حكاه عياض، يقال: أمنى منى إذا أنزل المنى قال تعالى: (أفرأيتم ما تمنون) ، والله سبحانه وتعالى أعلم.

75- باب من احتلم ولم ير بللا

75- باب من احتلم ولم ير بللا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا حماد بن خالد عن العمرى عن عبيد الله عن القاسم عن عياش عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا استيقظ أحدكم من نومه فرأى بللا ولم ير أنّه احتلم اغتسل، وإذا رأى أنه احتلم ولم ير بللا، فلا غسل عليه " (1) . هذا حديث خرجه أبو عيسى (2) عن أحمد بن منيع ثنا حمّاد بن خالد بلفظ: سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الرجل يجد بللا ولا يذكر احتلاما، قال: يغتسل ". وعن الرجل يرى أنه قد احتلم فلم يجد بللا قال: " لا غسل عليه "، قالت أم سلمة: يا رسول الله، هل على المرأة ترى ذلك غسل؟ قال: " نعم إن النساء شقائق الرجال " (3) . وقال: إنما روى هذا الحديث عبد الله بن عمر وعبد الله ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه في الحديث، ولماّ ذكره الطوسي في أحكامه ضعفه بعبد الله العمرى، وكذلك ولما رواه أبو القاسم في الأوسط عن حديث مقدام بن داود عن أبي الأسود عن عروة والقاسم بن محمد عنها قال: لم يروه عن القاسم إلا عبيد الله بن عمرو/أبو الأسود فتفرد عن عبيد الله آخره عبد الله وعن أبي الأسود وابن لهيعة انتهى وهو كلام مخلص الترمذي؛ لأنّ بعضهم اعترض عليه برواية الأسود ولا يصلح ذلك؛

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1. كتاب الطهارة، 112. باب من احتلم ولم ير بللا، (ح/ 112) . وصححه الشيخ الألباني. (2) إسناده ضعيف. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 82- باب ما جاء فيمن يستيقظ فيرى بللا، ولا يذكر احتلاما، (ح/113) . قال أبو عسى: وإنما روى هذا الحديث عبد الله بن عمر عن عبيد الله بن عمر: حديث عائشة في الرّجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما. وعبد الله بن عمر ضعّفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه في الحديث. وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين: إذا استيقظ الرجل فرأى بله أن يغتسل. وهو قول سفيان الثوري وأحمد. وقال بعض أهل العلم من التابعين: إنّما يجب عليه الغسل إذا كانت البلة بلة نُطفة. وهو قول الشافعي وإسحاق، وإذا رأى احتلاما ولم ير بلة فلا غُسل عليه عند عامة أهل العلم. (3) حسن. رواه أبو داود (ح/ 236) وأحمد في " مسنده " (6/256) .

لأنّ قوله تفرد به عبيد الله عن أخيه صحيح، ولو كان قال: تفرد به عبد الله مطلقا لجاء عليه الاعتراض هذا والله تعالى أعلم، قال أبو عمر في الاستذكار: وقد روى هذا المعنى يعني: وجد أنّ الماء في النوم ملخصا من أخبار الآحاد العدول مرفوعا، ورواه عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة بلفظ: " إنما النساء شقائق الرجال "، ولما ذكره الإشبيلي ردّه بالعجري المتقدّم الذكر، ثم قال: وهذا اللفظ: إنّما النساء شقائق الرجال، وروى من حديث أنس بن مالك إسناد صحيح، وقد روى ذلك أبو الحسن من فعله، وقال: والحديث المشار إليه ذكره البزار فقال: ثنا عمر بن الخطاب ثنا محمد بن كثير ثنا الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله عن أنس: جاءت أم سليم إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: " يا رسول الله، المرأة ترى ما يرى الرجل في المنام؟! فقالت أم سلمة فضحت النساء يا أم سليم فقال: إذا رأت ذلك فلتغتسل فقالت أم سلمة: وهل للنساء من ماء؟ قال: نعم إنّما من شقائق الرجال " (1) ، قال: وهذا حديث قد رواه جماعة عن أنس، ولا يعلم أحد جاء بلفظ إسحاق عن أنس انتهى كلامه وفيه نظر؛ من حيث تقديره كلام أبي محمد على صحة هذا الحديث ولا صحة به؛ لأن راويه محمد بن كثير بن أبي عطاء الصغاني الثقفي مولاهم المصيصي قال أبو جعفر العقيلي: هو من صنعاء دمشق، وقال أبو محمد بن الأكفاني: هو من مصيصة دمشق وأنكر ذلك بعض العلماء وإن/كان الحسن بن الربيع قال: هو اليوم أوثق الناس، وكان يكتب عليه ابن معين فقال: كان صدوق (2) ، وفي رواية: ثقة وقال ابن سعد لشابا بالشّام ونزل المصيصة وكان ثقة، وذكره ابن حبّان من الثقات وقال: يخطىء ويغرب. وقال صالح بن محمد: حزرة هو صدوق كثير الخطأ فقد قال فيه البخاري: لين جدا وضعّفه أحمد وقال: بعث إلى اليمن وأتى بكتابه فرواه، وقال عبد الله بن أحمد: ذكره أبي فضعّفه جدا، وضعّف حديثه عن معمر جدا وقال: هو منكر

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/310) والنسائي (1/112، باب غسل المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل) والدارمي (ح/764) وأبو عوانة (1/290) . (2) قوله: " صدوق " وردت " بالأصل " " صدرة " وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.

الحديث، أو قال: يروى أشياء منكرة، وقال عبد الرحمن: سئل أبي عنه، فقال. دفع إليه كتاب الأوزاعي من حديث كان مكتوبا ثنا محمد بن كثير فقرأه إلى آخره يقول: ثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي وهو محمد بن كثير المصيصي، وأنّه حدّثه عن الأوزاعي عن قتادة عن أنس قال: نظر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أبي بكر وعمر ... الحديث فقال: كنت اشتهي أن أرى هذا الشيخ، والآن لا أحب أن أراه؛ ولذلك قاله علي بن المديني في علله الكبرى، وقال ابن سعد: ويذكرون انه اختلط في آخر عمره، وقال ابن عدي: له روايات عن معمر والأوزاعي خاصة لا يتابعه عليها أحد، وقال العقيلي: وقد حدث معمر بمناكير لا يتابع منها على شيء، وذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء له، وقال ابن سعد: توفي في أواخر سنة ست عشرة ومائتين في خلافة عبد الله بن هارون؛ ولذا قاله الحافظ أبو يعقوب القراب بعد تضعيفه وزاد السبع عشرة مضت من ذى الحجة زاد البخاري يوم السبت، وبنحوه ذكره ابن قانع في تاريخه ويعقوب بن سفيان، وخالف أبو داود فقال: حكاه الآجري مات سنة ثمان عشرة أو سبع عشرة، قال: ولم/يكن يفهم الحديث فتبيّن بهذا صحة ما قلناه والله تعالى أعلم، قال أبو سليمان الخطابي: ظاهر الحديث يوجب الاغتسال إذا رأى البلّة (1) ، وإن لم يتيقّن أنّه الماء الدافق، وروى هذا القول عن جماعة من التابعين منهم: عطاء والشعبي والنخعي وقال أحمد بن حنبل: أعجب أبي أن يغتسل الرجل به، وقال أكثر أهل الأدب: لا يجب عليه الاغتسال؛ حتى يعلم انه بلل الماء الدافق، واحتجوا أن يغتسل من طريق الاحتياط، ولم يختلفوا أنّه إذا لم ير الماء وإن كان قد رأى في النوم أنّه أحتلم فإنه لا يجب عليه الاغتسال، وقوله: النساء شقائق الرجال. عليه الاغتسال وقوله: " النساء شقائق الرجل " أي: الظاهر هم وأمثالهم في الخلق والطباع فكأنهن تنقض من الرجال ولا قد خلقت من آدم عليه السلام، وفيه من الفقه إثبات القياس، وإلحاق حكم النظر بالنظير وأنّ الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابا للنساء، وفيه ما دل على فساد قول أهل الظاهر: أنّ من اعتق شركا له في جارية بينه وبين

_ (1) قوله: " البلْة " بكسر الباء وتشديد اللام: الندوة وضبطها البعض بفتح الباء، وهو لحن.

شريكه وكان موسرا؛ فإنه لا يقوم عليه نصيف شريكه ولا يعتق الجارية؛ لأنّ الحديث إنّما ورد في العبد دون الأمة، والله تعالى أعلم.

76- باب ما جاء في الاستتار عند الغسل

76- باب ما جاء في الاستتار عند الغسل حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري وأبو جعفر عمرو بن علي الفلاس ومجاهد بن موسى قالوا: أنبأ عبد الرحمن بن مهدى ثنا يحيى بن الوليد أخبرني محل بن خليفة حدثني أبو الشيخ قال: كنت أخدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان إذا أراد أن يغتسل قال: ولّنى فأولّيه قفاي أنشر الثّوب فأستره به " (1) /. هذا حديث سبق الكلام على صحة سنده في باب بول الصبي الذي لم يطعم، وسبق أنّ البزار قال في ذاك: لا نعلم أبا الشيخ روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا الحديث، وذكر ابن ماجة بعده حديث أم هانىء في سبحة الضحى، وسيأتي ذكره في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالى. حدثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة الجماني ثنا عبد الحميد أبو يحيى الجحاني، ثنا الحسن بن عمارة عن امتثال بن عمرو وعن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يغتسلن أحدكم بأرض فلاة ولا فوق سطح لا يواريه؛ فإن لم يكن يرى فإنه يُرى " (2) . هذا حديث جمع ضعفاء وانقطاعا عبد الحميد أبو يحيى الحماني وإن وثّقه ابن معين وخرج عند البخاري في صحيحه، وقال ابن عدي: يكتب حديثه فقد ضعفه الإمام أحمد بن حنبل، وقال ابن سعد: كان ضعيفا وشيخه الحسن بن عمارة بن المضرب البجلي مولاهم أبو محمد الكوفي روى عن جماعة من التابعين وروى عنه جماعة كثيرة، وإن كان عيسى بن يونس قال فيه: شيخ صالح، وقال الفلاس: رجل صالح صدوق، وأثنى عليه يزيد بن هارون بما سنذكره بعد فقد قال البخاري: قال لي أحمد بن سعيد: سمعت

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/613) . قوله: " ولنى " أي: ظهرك، وتولية القفا لئلا يقع نظره عليه. (2) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة (ح/615) . في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لاتفاقهم على ضعف الحسن بن عمارة. وقيل: أجمعوا على ترك حديثه. وأبو عبيدة قيل: لم يسمع من أبيه عبد الله ابن مسعود وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف الجامع (ص 917، ح/6356) ، والضعيفة (ح/ 4818) ، وضعيف ابن ماجة (ج/135) . قوله: " أرض فلاة " أي: مفازة.

النضر بن شميل عن شعبة قال: أفادى الحسن بن عمارة عن الحكم، قال أحمد: أحسبه قال سبعين حديثا فلم يكن لها أصل، وقال لي عبد الله بن محمد: قيل لابن عيينة: أكان ابن عمارة يحفظ؟ فقال: كان له فضل وغيره أحفظ منه، وسئل عنه عبد الله بن المبارك فقيل: لم تركت حديثه؟ فقال: خرّجه عندي سفيان، وسفيان الثوري وشعبة فيقول لهم: تركت حديثه، وفي تاريخ / ابن المبارك: كان لا يحفظ، وفي لفظ: ما كنا نثق بحفظ الشيخ، وقال أبو داود الطيالسي: قال لي شعبة في بيت جرير بن حازم فقل له: لك أن تروى عن الحسن فإنه يكذب. قلت لشعبة: كيف ذاك؟ قال: ثنا عن الحسن بأشياء لم يكن لها أصل، ويحدّث بأحاديث وضعها، وقال النضر بن شميل: قال الحسن: الناس كلّهم في حل إلا شعبة، وقال أبو طالب: قال أحمد بن حنبل: هو متروك الحديث؛ أحاديثه موضوعة لا يكتب حديثه، وقال ابن أبي خيثمة عنه: ليس حديثه شيء، وفي رواية: يكذب، وقال مكي بن عبدان: سمعت مسلما يقول: هو متروك الحديث، ومثله قاله عبد القوى في تاريخه وعلى بن الجنيد والرازي، وقال عبد المؤمن بن خلف: سألت أبا علي صالح بن محمد عنه فقال: لا يكتب حديثه، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: سمعت الحميدي يقول: رمس (1) على بن عمارة، وقال عبيد الله بن علي بن المديني: سمعت أبي وذكره فقال. ما احتاج إلى شعبة فيه أمر ما بين من ذلك فقيل له: كان يغلط فقال: نعم، وذهب إلى أنه كان يضع الحديث، وقال الدارقطني: متروك الحديث، وقال أبو أحمد: ما أقرب قصة إلي ما قال عمرو بن على أنّه كثير الوهم والغلط، وقد قيل: إنّ الحسن كان صاحب مال، وتحول الحكم بن عيينة إلى منزله فخضه بما لم يخص به غيره وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق، وقال ابن حبان: كان يدلس عن الثقات بما يسمع من الضعفاء، ثم يسقط بسماع الضعفاء ويروى عن الثقات، وقال الساجي: ضعيف الحديث متروك وقد ترك حديثه، سمعت ابن المثنى يقول: ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن/يحدثان عنه بشيء، ولما ولى المظالم قال

_ (1) قوله: " رمس ": دفنه وسوى عليه الأرض.

الأعمش: ظالم ولى المظالم، فبعث إليه بأثواب ونفقة فلمّا أصبح قال: هكذا ولى مظالمنا من يعرف حقوقنا، وقال ابن سعيد: كان ضعيفا في الحديث، ومنهم ممن لا يكتب حديثه، وقال الحري: غيره أوثق منه وذكر الحاكم في تاريخ نيسابوري قال يزيد بن هارون: الويل لشعبة والله إنّى لأخشى أن يكون قد لقى ولا في الأخرة بما صنع بابن عمارة، وأنّ أهل بيت الحسن يدعون الله تعالى عليه حتى الساعة، وكان والله خيرا من شعبة لو أنى وجدت أعوانا لأسقطت شعبة، قال الحاكم: هذا كلام المشايخ الذين لا يعرفون الجرح والتعديل فوالله شعبة كان على الحق في جرحه ابن عمارة، والحق معه وشعبة إمام لا يسقط بكلام أحد من الناس، وهذا الكلام لا أعرف له راويا عن يزيد غير إبراهيم بن عبد الله الرباطي ويقال: الحمال، وقال الطحاوي: قال جرير بن عبد الحميد: ما ظننت أنى أعيش إلى زمان يحدّث فيه عن محمد بن إسحاق ويسكت فيه عن ابن عمارة، وقال البزار: سكت أهل العلم عن حديثه، وقال الجوزجاني: ساقط، وقال الفلاس: كثير الخطأ والوهم متروك، وذكر أبو جعفر العقيلي في كتاب الضعفاء وقال أبو بشر الدولابي: ثنا عبد الله بن أحمد عن أبيه قال: كان وكيع إذا وقفه على حديث ابن عمارة قال آخر عليه، قال أبو بشر: وكان ابن عيينة يضعفه، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء قال: قال لي مالك بن عيسى: إنّ أبا الحسن الكوفي ضعف ابن عمارة وترك أن يحدّث عنه، وأمّا الانقطاع فهو فيما بين أبي عبيدة وابنه نصّ على ذلك شعبة وعمر بن مرّة وأبو حاتم الرازي وأحمد بن حنبل في رواية الحضرمي/عن ابنه عنه وقد تقدّم ذلك قبل، وفي الباب حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم قال عليه الصلاة والسلام: " لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة " (1) . وحديث ميمونة قالت: " وضعت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ماء وسترته

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/74) وأبو داود في (الحمام، باب " 3 " والترمذي (ح/ 2793) . وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح. والبيهقي (7/38) وابن أبي شيبة (6/101) والحاكم (1/158) ، وشرح السنة (9/02) ، والمشكاة (3100) ، والفتح (9/338) ، وابن خزيمة (72) ، وابن عدى في " الكامل " (2/745) ، والكنز (13052) .

واغتسل " (1) . رواه أيضا أبان. وحديث يعلى بن أمية: أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلا يغتسل بالبراز، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " ان الله جل وعز حيي ستير يحب الحياء والتستر؛ فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ". رواه أبو داود (2) من جهة عبد الملك العزري عن عطاء عن يعلى، وخرجه الإمام أحمد (3) بلفظ: " فإذا أراد أحدكم أن يغتسل فليتوارى بشيء ". ولما سئل ابن أبي حاتم فقال: المتصل محفوظ. قال: ليس بذاك، وفي كتاب الخلال عن أحمد: هذا حديث منكر، وقال الدارقطني: أنا أنكره؛ لأنهم رووه عن عطاء مرسلا، ووصله أسود. وحديث أبي هريرة قال عليه السلام: " إذا اغتسل أحدكم بعضا من الأرض، فمن استطاع أن لا يغتسل بعضا من الأرض فإن كان لابد فاعلا فليخط خطا " (4) . قال أبو القاسم في الأوسط: ورواه من حديث الزهري عن أبي سلمة عنه، ولا يروى هذا الحديث عن الزهري إلا هذا الإسناد، تفرد به عبد المجيد بن أبي رواد يعني: عن مروان بن سالم عن محمد بن عقيل عن الزهري. وحديث عائشة قالت: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن دخول الحمامات، ثم رخّص للرجال أن لا يدخلوها إلا في الإزار ". رواه أبو داود (5) بسند جيد وإن خالف عبد الحق. وحديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إنها ستفتح لكم أرض العجم وتستخدمون فيها بيوتا يقال لها: الحمامات فلا يدخلها/الرجال إلا بالأزر " (6) ، وذكره أيضا من

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/245) ، والترمذي (ح/103) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/589) ، والدارقطني (1/114) ، والبيهقي (1/177، 184) . وصححه الشيخ الألباني. (2) حسن. رواه أبو داود (ح/4012) ، والمشكاة (744) ، والجوامع (4809) ، وكحال (2/ 52) ، وصفة (91) . (3) رواه أحمد: (4/224) . (4) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "، (1/269) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط" وفيه مروان بن سالم وهو منكر الحديث. (5) سنده حسن. رواه أبو داود (ح/ 4009) ، والبيهقي (7/308) . (6) حسن. رواه أبو داود (ح/ 4011) ، والزفاف (60) ، والبيهقي (7/309) ، والموضح (1/ 363) ، وحسنه الشيخ الألباني.

حديث الإفريقي عن عبد الرحمن بن نافع عنه. وحديث طاوس عن ابن عباس قال عليه السلام: " احذروا بيتا يقال له: الحمام. قالوا يا رسول الله، يبقى الوسخ! قال: فاستتروا ". رواه البزار، وقال عبد الحق: هو أصح حديث في هذا الباب على أن الناس يرسلونه عن طاوس، وأمّا ما خرجه أبو داود في هذا فلا يصح منه شيء؛ لضعف إسناده. وحديث ميمونة قالت: " وضعت للنبي- عليه السلام- ماء فسترته فاغتسل " (1) ذكره السراج في مسنده بإسناد صحيح عن إسحاق بن إبراهيم أنبأ موسى الفارسي ثنا زائدة عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن ابن عباس عنها. وحديث ابن عباس قال: " كان عليه السلام يغتسل من وراء الحجرات فما رأى عورته أحد قط " (2) وفي لفظ: " إن الله نهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين: الغائط والجنابة والغسل، فإذا اغتسل أحدكم بالعراء فليستتر بثوبه أو بجذمة حائط " (3) . رواه أيضا من حديث حفص بن سليمان عن عكرمة بن يزيد عن مجاهد. وحديث أنس بن مالك قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إذا أراد أحدكم أن يدخل الماء لا يلق ثوبه حتى توارى عورته في الماء ". رواه أحمد (4) من حديث ابن جدعان عنه وهو معارض بقوله عليه السلام: " لا تدخلوا الماء إلا بمئزر فإن للماء عامرا " (5)

_ (1) مرسل. رواه البيهقي (7/309) والعلل (2209) والترغيب (1/144) والمجمع (1/277) وعزاه إلى البزار والطبراني في " الكبير " إلا أنه نال: " قالوا يا رسول الله إنه يذهب بالدرن وينفع المريض " ورجاله عند البزار رجال الصحيح إلا أن البزار قال: رواه الناس عن طاوس مرسلا. (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/269) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه مسلم الملائي وقد اختلط في آخر عمره. (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/862) ، وعزاه إلى البزار وقال: لا يروى عن ابن عباس إلا من هذا الوجه وجعفر بن سليمان لين، قلت: جعفر بن سليمان من رجال الصحيح وكذلك بقية رجاله والله أعلم. فائدة: جعفر بن سليمان ليس هو الضبعي الذي أخرج له مسلم وإنما هو حفص بن سليمان، وهو ضعيف بمرة فكأنه تصحف على الشيخ. غريبة: قوله: " الخدم " الأصل، أراد بقية حائط أو قطعة حائط. (4) رواه أحمد: (3/262) . (5) ضعيف. رواه ابن عدي في " كامله "، وإتحاف السادة المتقين. (2/401) .

ذكره أبو أحمد في كامله وضعفه، وروى عن ابن وهب عن ابن مهدى عن خالد بن حميد عن بعض أهل الشّام أنّ ابن عباس لم يكن يغتسل في بحر ولا بنهر (1) إلا وعليه إزار، فإذا سئل عن ذلك قال:/إن له عامرا. وحديث الزهري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا تغتسلوا في الصحراء إلا أن لا تجدوا متواري، فإن لم تجدوا فليخط أحدكم كالدائرة ثم يسمى الله ويغتسل فيها " رواه أبو داود (2) في كتاب المراسيل، وبسنده أيضا قال عليه السلام: " لا يغتسلن أحدكم إلا وتريه إنسان لا ينظر البصر ". وهو قريب منه يعلمه. وحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده يرفعه: " إذا اغتسل أحدكم فليستتر ولو بجوار ذكره " (3) . رواه السلمي في كتاب الطبقات من حديث الدوري عن محمد بن يوسف الأشيب نا عاصم ثنا عبد السلام عنه. وحديث برد عن مكحول عن عطية عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قال: " من اغتسل بليل في فضاء فليتحارز على عورته، ومن لم يفعل فأصابه لمم فلا يلومن إلا نفسه ". ذكره ابن بطال. وحديث أبي هريرة مرفوعا: " وكان موسى- عليه السلام- يغتسل وحده ... " الحديث وفي موضع آخر: " كان موسى- عليه السلام- حييا ستيرا لا يكاد أن يرى من جلده شيء " (4) . ولقائل أن يقول: اغتسل موسى عليه السلام عريانا كان في خلوة بعيدة على بني إسرائيل حتى رأوه عريانا فبرأه الله مما قالوا ويزيد ومرّ ما روى البخاري (5) : " أن أيوب عليه السلام كان يغتسل عريانا " وهما من الذين أمر الله تعالى أن يقتدى هم فيجوز لنا أن نغتسل عراة في خلوة لما ثبت في هذين الحديثين، وما أسلفناه من الأحاديث في أنه لا يغتسل عريانا في خلوة تحمل على

_ (1) قوله: " بنهر " وردت " بالأصل " " بنقص " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (2) مرسل. رواه البيهقي (1 / 199) وإتحاف (2/402) . (3) روى طرفا منه. أبو داود في (الحمامات ح/4012) والنسائي (1/200) والبيهقي (1/ 198) وجرجان (374) والكنز (27362) . (4) المنثور (5/223) والشفا (1/294) والطبري (22/37) وابن كثير (6/474) والمجمع (7/ 93) وعزاه إلى البزار وفيه علي بن زيد وهو ثقة سيء الحفظ، وبقية رجاله ثقات. (5) صحيح. رواه البخاري في (الغسل، باب " 20 " والتوحيد، باب " 25 "،، والأنبياء، باب " 2 ") والنسائي في (الغسل، باب " 7 ") وأحمد (2/314) .

الاستحباب أو ترد رسالها وضعف سندها، وبهذا قال: مالك والشافعي وجمهور العلماء إلا ابن أبي ليلى محتجا بما قدّمناه كذا ذكره ابن بطال وفيه/نظر لما ذكره، وأبو البركات عبد السلام بن تيمية وقد نص أحمد على كراهة دخول الماء بغير إزار قال إسحاق: والإزار أفضل لقول الحسن والحسين- رضي الله تعالى عنهما- وقد قيل لهما في دخولهما الماء وعليهما بردان، قال: إن للماء سكانا، قال إسحاق: وإن تجرّد رجونا أن لا يكون إنه. وحديث جابر عن النبي- عليه السلام-: " لا تدخلوا الحمام إلا بمئزر " (1) قال الآجري: سمعت أبا داود يقول: الحسن بن بسر روى عن زهير بن معاوية عن أبي الزبير عن جابر حديثين منكرين " زكاة الجنين " (2) ، " ولا تدخلوا الحمام إلا بمئزر " فقلت له: هما عند حماد بن شعيب عن أبي الزبير، فقال: حماد ضعيف. وحديث حبان بن حوزة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " نهينا أن نرى عوراتنا ". ذكره أبو موسى في كتاب الصحابة من حديث معاذ بن حسان عن إبراهيم بن محمد الأسلمي عن من حدّث سعد عنه ثم قال: أمّا هو حبان بن حمزة صحف به ابن عبدان وغيره.

_ (1) ضعيف. وتقدم انظر ص 824. (2) ضعيف. رواه الخطيب (8/412) ، وإتحاف (6/70) ، والطبراني في " الصغير " (1/11) والخفاء (2/ 502) والعلل (1641) وابن عدي في " الكامل " (1/406، 2/443، 660، 733، 3/931، 1293، 4/1545، 6/2403) والحاكم (4/411) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع (ص 447، ح/3046) .

77- باب ما جاء في النهي للحاقن أن يصلي

77- باب ما جاء في النهي للحاقن أن يصلي حدثنا محمد بن الصباح أنبأ سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الأرقم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أراد أحدكم الغائط وأقيمت الصلاة فيبدأ به " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم في صحيحه من حديث مالك عن هشام بلفظ إذا وجد أحدكم الغائط فليبدأ به قبل الصلاة وقال أبو عبد الله وخرجه من حديث زهير عن هشام هذا حديث صحيح عن شرط الشيخين ولم يخرجاه وله شهود بأسانيد صحيحة فذكر حديث ثور عن يزيد بن شريح/عن أبي هريرة. وحديث عائشة المذكور في الصحيح، ولا معنى لذكره عنده بإسناده إلا أن وهم فيه ولو أراد التنبيه عليه لذكره مقطوعا كعادته، وقال في موضع آخر: هذا حديث صحيح من جملة ما قدّمت ذكره من تفرد التابعي عن الصحابة، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وقال في العلل: سألت محمدا عنه فقال: رواه وهب عن هشام عن أبيه عن رجل عن ابن الأرقم فكان هذا أشبه عندي، قال أبو عيسى: رواه مالك وغير واحد من الثقات عن هشام عن أبيه عن ابن الأرقم لم يذكروا فيه عن رجل، وفي سنن أبي داود روى وهب بن خالد وشعيب بن إسحاق وأبو حمزة هذا الحديث عن هشام عن عروة عن رجل حدّثه عن ابن الأرقم، وأكثر الذين رووه عن هشام قالوا كما قال زهير يعني: لسقوط الرجل، وقال أبو نعيم الحافظ: رواه السخستياني والثوري وشعبة والحمادان ومعمر وابن عيينة وابن إسحاق وهمام وزهير وزائدة ومرجا بن رجاء وأبو معاوية وحفص وابن نمير وأبو شهر ووكيع وأبو أسامة ومحمد بن بشر وعبدة وأبو ضمرة في آخرين

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/616) وتجريد (654) والموطأ (159) وابن خزيمة (1652) ومشكل (2/403) والأخيرين بلفظ: " إذا أراد أحدكم الخلاء وأقيمت الصلاة ". وصححه الشيخ الألباني.

مثله عن هشام، ورواه وهيب وشعيب بن إسحاق وابن جريج في بعض الروايات عنه فقالوا: عن رجل. قال: ورواه أيضا أبو الأسود عن عروة بلفظ: " إذا حضرت الصلاة وكان بأحدكم الغائط فليبدأ به، ثم ليصل بعد ولا يأتي الصلاة وهو يدافع " (1) . رواه عن سليمان نا المقدام بن داود، ثنا أسد بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الأسود به وخرجه إمام الأئمة في صحيحه من حديث أيوب عن هشام بغير واسطة، ولفظه عن عبيد الله بن أرقم وكان يؤم قومه فما قد/أقيمت الصلاة فقال: ليصل أحدكم فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا حضرت الصلاة وحضر الغائط فابدأو بالغائط " (2) . ورواه أبو علي في أحكامه عن محمد بن عبد الله المقري عن ابن عيينة بلفظ: " وكان يؤم أصحابه في سفر إلى مكة فأقيمت الصلاة ". وصححه ورجحه أبو حاتم الرازي في كتاب العلل وصححه أيضا ابن حزم، وفي التمهيد لم يختلف عن مالك في إسناده ولفظه، واختلف فيه عن هشام وبايع مالكا جماعة، وقال البزار: لا نعلم ابن أرقم روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا هذا، ورواه بغير واسطة أبو القاسم في الأوسط من حديث زفر بن سليمان عن الثوري، وقال: لم يروه عن زفر إلا عبيد الله بن أبي عنان من حديث قيس بن سعد عن هشام، وقال: لم يروه عن قيس إلا جرير بن حازم، ولا عن جرير إلا ابنه وهب تفرد به محمد بن عبد الكريم العبدي، وأمّا ما ذكره الحافظ ابن عساكر في كتاب الأطراف من قوله: رواه ابن ماجة في كتاب الصلاة عن محمد بن الصباح أنبأ سفيان وقرره على ذلك المزمى فيشبه أن يكون وهما منهما لما أسلفناه ولأني لم أر لهذا في كتاب الصلاة، ذكر والله تعالى أعلم. حدثنا بشر بن آدم ثنا زيد بن الحباب نا معاوية بن صالح عن السفر بن بشير عن يزيد بن شريح عن أبي أمامة أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نهى أن يصلى الرجل وهو حاقن " (3) . هذا حديث إسناده

_ (1) صحيح. رواه الحاكم (1/257، 352، 4/66) ، وابن خزيمة (932) ، والكنز (20064) . (2) انظر: الحاشية السابقة. (3) صحيح. وتقدم.

صحيح على شرط ابن حبان يزيد بن شريح روى عنه حبيب بن صالح ومحمد بن الوليد الزبيدي وأبو الراهوية وثور بن يزيد الكلاعي ويزيد بن الحمصي،/قال: بقية بن الوليد هو من صالحي أهل الشام وثقة ابن حبان، وقد تقدّم تصحيح الحاكم إسناد حديثه ولفظه عند أبي الحسن: " ولا يدخل بيتا إلا بإذن، ولا يؤمن إمام فيخص نفسه بالدّعاء " (1) . والراوي عنه روى عنه عبد الله ابن رجاء الشيباني أيضا، وإن كان الدارقطني قال: لا يعتبر به فقد وثّقه ابن حبان وباقي من فيه حديثهم في الصحيح، وأمّا قول الدارقطني وسئل عنه خالفه يعني: السفر ثور بن يزيد فرواه عن يزيد بن شريح عن أبي حيى يعني: المؤذّن عن ثوبان عن النبي- عليه السلام- والله تعالى أعلم بالصواب. فليس ترجيحا لأحد القولين على الآخر، ولو رجّح أحدهما على الآخر قلنا: يحتمل أن يكون يزيد عنده في هذا حديثان، وإنّما ترجيح أبي عيسى حديث أبي حيى على حديث السفر بقوله أثره، وقد روى هذا عن معاوية بن صالح عن السفر عن يزيد عن أبي أمامة، وروى عن يزيد بن شريح عن أبي هريرة، وحديثه عن أبي حيى أجود إسنادا وأشهر فليس حكما منه على حديث معاوية بضعف ولا وهن كاله قال: هما جيّدان وأحدهما أجود من الآخر، وهذا موضوع اللغة والعرف، ولكن لا جودة في إسناد الترمذي لكنه من حديث إسماعيل بن عياش وإن كان من حديث عن الشّاميين، وقد قدّمنا ذكر من جوّد هذا الحديث وسيأتي تكملته إن شاء الله تعالى. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن إدريس الأدوي عن أبيه عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يقوم أحدكم إلى الصلاة وبه أذى " (2) . هذا حديث رواه أبو داود مطولا عن

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود: (ح/09) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع (ص 379، ح/2465) . وقد عزاه الألباني إلى أبي داود والترمذي من حديث ثوبان. انظر: المشكاة 1070، وضعيف أبي داود 11. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/618) في الزوائد: رجال إسناده ثقات وابن أبي شيبة (2/ 422) والكنز (20060) . وصححه الشيخ الألباني.

محمود/ بن خالد ثنا أحمد بن علي ثنا ثور عن يزيد بن شريح عن ابن حيي المؤذن عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلى وهو حقن حتى يتخفّف " (1) . قال: " ولا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤم قوما إلا بإذنهم، ولا يخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم " (2) . وقال: هذا من سنن أهل الشام لم يشر لهم فيها أحد، وخرجه أبو عبد الله في مستدركه من حديث شعيب بن إسحاق عن ثور عن يزيد عن أبي هريرة مختصرا وصحح إسناده كما تقّدم، وفي الاستذكار زيادة وهو حاقن جدا، قال أبو عمر: هو حديث ضعيف؛ لضعف إسناده منهم من يجعله عن أبي هريرة ومنهم من جعله عن ثوبان، وأظن أبا عمر إنما رقى بحال أبي حيي المؤذن، ويوضح ذلك ما قاله في التمهيد وروى يزيد بن شريح عن أبي حيي عن أبي هريرة الحديث، وهو خبر لا تقوم به حجة عند أهل العلم بالحديث. وحديث أبي عبد الله المبدأ بذكره صحيح الإسناد على شرط، والعجب من أبي عيسى كيف يحكم على حديث ابن عياش بالجودة على هذا؟! اللهم إلا أن يريد حديث يزيد عن أبي حيي وهو الأشبه، والله تعالى أعلم. وفي الباب حديث عائشة قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى وهو يجد في بطنه شيئا ". ذكره أبو القاسم في الأوسط (3) وقال: لم يروه عن أبي معشر-

_ (1) تقدم. قبل الحاشية السابقة ص 828. (2) تقدم. قبل الحاشية السابقة ص 829. (3) ضعيف. بلفظه. العلل (237) وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/89) بلفظ: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يصلى وهو يجد من الأذى شيئا ". وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وعلته أبو معشر السندي وهو: نجيح أبو معشر السندي، مشهور، عن أصحاب أبي هريرة مشهور، ليس بالعمدة قال ابن معين: ليس بالقوي، كان أميا يُتقى من حديثه بالسند، وقال أحمد: " كان بصيرا بالمغازي ". وقال ابن مهدي " تعرف وتنكر ". وقال النسائي والدارقطني: " ضعيف ". وقال البخاري " منكر الحديث ". وروى عنه محمد بن بكار، وقال: تغير حتى كان يخرج منه الريح ولا يدرى. وقال ابن معين: " ليس بشيء ".

يعني عن هشام بن عروة عن أبيه عنها- إلا محمد بن بكار الزبرقان، وحدث المسور بن مخرمة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا يصلين أحدكم وهو يجد من الماء شيئا ". يعني: الغائط والبول. رواه أبو القاسم في الأوسط (1) من حديث الزهري/عن عبد الله بن عبيد الله عنه قال: لم يروه عن الزهري إلا ابن أخيه محمد بن عبيد الله تفرد به الواقدي. وحديث ابن موسى موقوفا: " لا يدافعن أحدكم الغائط والبول " (2) . قال ابن أبي حاتم: أتاه عنه وابن أبي بكر بن عياش رواه عن سليمان التيمي عن أسلم قال: قعد أبو موسى بحد سنذكرها فقال أبي: أبو بكر يخطىء في هذا الحديث، إنما هو أسلم العجلي عن أبي قال: فرأيته جعل أبو موسى يعلّم الناس سننهن ودينهم فقال: فرأيته (3) ولا يدافعن أحدكم في بطنه غائطا ولا بولا فذكره مطولا، أنبأ به الشيخان فخر الدين المعاري ونور الماراني قراءة عليهما، أنبأ عبد الرحمن بن مكي قراءة عليه أنا جدي الحافظ قرأة عليه أنا أبو القاسم محمد بن محمد بن مخلد قراءة عليه، أنبأ أبو علي الصفار ثنا الحسن بن عرفة ثنا ابن علية فذكره. وحديث عمران القطان عن هشام عن ابنه قال: أقام عبد الله بن عمر ذات يوم الصلاة فقال لرجل من القوم: تقدّم فصلّ فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا كان أحدكم زر فلينصرف فليتوضأ " (4) . ذكره أيضا وقال: لم يروه عن عمران إلا محمد بن بلال. وحديث ثوبان عند أبي داود، ومن حديث حبيب بن صالح عن يزيد بن شريح عن أبي حيي عنه بنحو حديث أبي هريرة وقال فيه الترمذي: حسن. وقال في كتاب الفرد: الذي تفرد به من هذا الحديث أن

_ (1) ضعيف أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/89) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه الواقدي وهو ضعيف. (2) بنحوه رواه ابن عدي في " الكامل ": (6/2413) . (3) قوله: " فرأيته " وردت " بالأصل " " قرأته " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتاه. (4) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/89) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الصغير " ورجاله موثقون. غريبه: قوله: " زرا " أي: الذي حبس بوله.

يخص نفسه بالدعاء، ورواه ثور عن يزيد عن أبي هريرة عن النبي- عليه السلام، ورواه معاوية بن صالح عن السفر عن يزيد عن أبي أمامة. وحديث أنس بن مالك/أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا يصل أحدكم وهو يدافع الأخبثين " (1) . ذكر أبو عمر في التمهيد: أنه روى عن مالك عن الزهري عنه مناكير، وهو حديث لا أصل له من حديث مالك وهو باطل موضوع الإسناد. وحديث علي بن أبي طالب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من وجد في بطنه زرا فلينصرف حتى يفرغ من حاجته ثم يعود إلى صلاته ". ذكره الإمام أحمد في مسنده (2) وقال ابن أبو حاتم: أما أرضى أن يكون هذا من كلام علي موقوف، وقال أبو القاسم في الأوسط لا يروى عن على ولا هذا الإسناد تفرّد به ابن لهيعة. وحديث سلمان قال: " من وجد في بطنه زرا من بول أو غائط فلينصرف غير متكلم ولا واغ ". ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه، قال: وقال: هو إسناد مقلوب، قال أبو عمر: اختلف العلماء فيمن صلى وهو حاقن فقال ابن القاسم- عن مالك-: إذا شغله ذلك فصلى كذلك فإنى أحبّه أن يعيد في الوقت وبعده، وقال الشافعي وأبو حنيفة وعبيد الله بن الحسن: يكره أن يصلى وهو حاقن، وصلاته مع ذلك جائزة إن لم يترك شيئا من فراغها، وقال الثوري: إذا خاف ألا يسبقه البول قدم رجلا وانصرف، وقال الطحاوي: لا يختلفون انه لو شغل عليه بشيء من أمر الدنيا لم يستحب له الإعادة، وكذلك إذا شغله البول، قال أبو عمر: أحسن شيء روى مسندا في هذا حديث ابن أرقم، وحديث عائشة يعنى: " لا يصلى أحدكم بحضرة طعام " (3) وسيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى، قال: وحديث أبي حيي المؤذن- إن صحّ- كان معناه حاقنا

_ (1) رواه البيهقي (3/72) والكنز (20072) . ورواه أبو داود (ح/89) وحسنه. بلفظ " لا يصلى بحضرة الطعام ولا وهو يُدافعه الأخبثان ". (2) العلل: (185، 590) . وراجع الحاشية قبل السابقة. (3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/67) والبيهقي (3/73) والفتح (2/242) والمشكاة (1057) وتلخيص (2/321) ونصب الراية (2/101) وإتحاف (3/89، 39، 98، 181) والفتح (2/160، 9/ 247) والمغني عن حمل الأسفار (1/156) ، 175) والمسير (9/167، 197)

جدا لم يتهيأ له أكمل صلاته على/وجهها، وقد أسلفنا قبل من عنده نقطة حاقنا جدا فلا حاجة إلى التحرص، وعن ابن عباس قال: لئن صلى وهو في ناحية مني أحب إلي من أن أصلي وأنا أدافعه، ذكره الترمذي وجاءت فيه رخصة عن النخعي وطاوس وقال ابن عمر: الذي يقول به أنه لا ينبغي لأحد أن يفعله فان فعله وسلمت له صلاته أجزأت عنه وبئس ما صنع، والله تعالى أعلم.

78- باب في المستحاضة التى قد عدت أيام أقرائها قبل أن يستمر لها الدم

78- باب في المستحاضة التي قد عدّت أيام أقرائها قبل أن يستمر لها الدم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قال: أنبأ أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة قالت: " سألت امرأة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إني استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: لا، ولكن دعى قدر الأيام والليالي التي كنت تحيضين " قال أبو بكر في حديثه: " وقدرهنّ من الشّهر ثم اغتسلي، واستنفري بثوب وصلّى " (1) هذا حديث ظاهر إسناده صحيح لا علّة فيه، وذاك أوقع المنذري حتى سكت عنه ولم يتكلّم إلا على رواية إذا خلفت ذلك وحضرت الصلاة فلتغتسل، قال: وفي إسناد هذه الرواية رجل مجهول، وأنا أعلم غفر الله له أن الحديث كله معلول بما رمى به هذه الرواية لا سيّما وهو على كتاب أبي داود يتكلم وأبو داود هو المعلل للحديث يبيّن لك ذلك؛ ليسوق لفظه ثنا عبد الله بن سلمة عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة: أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستفتت/لها أم سلمة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيض من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستنفري بثوب ثم لتصل " (2) . ثنا قتيبة ويزيد بن خالد بن عبد الله نا وهب ثنا الليث بن سعد عن نافع عن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1. كتاب الطهارة، 115. باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدى أيام إقرائها قبل ان يستمر بها الدم (ح/623) . وصححه الشيخ الألباني. غريبه: قوله: " واستنفري " الاستنفار: هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها. فتمنع بذلك سيل الدم. وهو مأخوذ من ثفر الدابة، الذي يجعل تحت ذنبها. (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/274) والنسائي في (الطهارة، باب " 133، والحيض، باب " 3 ") وأحمد (6/320) والدارمي (1/200) والبيهقي (1/332، 333، 334) والدارقطني (1/207، 217) وشرح السنة 2/142) وشفع (114) والمشكاة (559) وتلخيص (1/169) والحلية (9/ 157) والشافعي (216، 311) .

سليمان بن يسار: " أن رجلا أخبره عن أم سلمة أن امرأة كانت تهراق الدم فذكر معناه قال: فإذا خلفت ذلك وحضرت الصلاة فلتغتسل ". ثنا عبد الله بن سلمة ثنا أنس الناس- يعني: ابن عياض- عن عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن رجل من الأنصار: " أن امرأة كانت تهراق الدماء- قدر يعني: الليث- قال: فإذا خلفهن وحضرت الصلاة فلتغتسل ". وساق معناه ثنا يعقوب بن إبراهيم، ثنا ابن مهدي، ثنا صخر بن جرير به عن نافع إسناد الليث بمعناه، قال: " فلتترك الصلاة قدر ذلك، ثم إذا حضرت الصلاة فلتغتسل ولتسد فرجها بثوب ثم تصل ". ثنا موسى بن إسماعيل ثنا وهيب ثنا أيوب عن سليمان عن أم سلمة بهذه القصة قال فيه: " فلتدع الصلاة وتغتسل فيما سوى ذلك تسد فرجها بثوب وتصل "، قال أبو داود: سمى المرأة التي كانت استحاضت حماد بن زيد عن أيوب في هذا الحديث قال: فاطمة بنت أبي حبيش فهذا كما رواه أبو داود (1) من أن الحديث من طرقه كلها منقطع فيما بين سليمان وأم سلمة، وأنه لم يسمعه منها فيختص بعض أنقاطه لعلة هي شاملة له كله لا وجه له والله تعالى أعلم، وهذا هو الاصطلاح في الحديثين فإن الحكم للزائد؛ ولهذا أن أبا عمر لما ذكر حديث مالك رواية/الليث في الصواب، وقال البيهقي: هذا حديث مشهور أودعه مالك في الموطأ إلا أن سليمان لم يسمعه من أم سلمة، وقال الطحاوي: هو حديث فاسد الإسناد لم يسمعه سليمان من أم سلمة، إنما حدثه عنها به رجل مجهول، وفي علل الدارقطني: رواه عبيد الله ومالك عن سليمان عن أم سلمة، ورواه موسى بن عقبة وابن أخيه عن إسماعيل بن إبراهيم عن نافع عنه أن رجلا أخبره عن أم سلمة، ورواه إبراهيم بن طهمان عن موسى عن عقبة عن مرجانة عن أم سلمة، وقال لصخر بن جويرية عن نافع عنه عمن لم يسمه عن أم سلمة، ورواه ابن أرطأة عن نافع عنه مرسلا ورواه حماد بن زيد وابن

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، 107. باب في المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض، (ح/275) . قلت: وعلته: (1) الانقطاع فيما فين سليمان وأم سلمة. (2) وأن سليمان لم يسمع من أُم سلمة.

علية عن أيوب عنه أنّ فاطمة لم تذكر أم سلمة، ورواه قتادة عنه أن فاطمة بنت أبي حبيش أسنده عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي سننه رواه عبد الوارث عن أيوب عنه بغير واسطة قال: ورواه وهب عن أيوب كذلك، وكذا ذكره ابن الحصار في تقريب المدارك. وحديث هشام عن أبيه (1) عن عائشة في شأن فاطمة بنت أبي حبيش أصح من هذا، وأمّا قول الدارقطني: عن صخر عمن لم يسمه بعد قوله: ورواه ابن عقبة، وابن أخيه عن رجل مميزا بين اللفظين وإن كان لعلهما واحدا، فقد وقع لنا حديث صخر في كتاب مسائل عبد الله لأبيه أحمد ثنا بن مهدى عن صخر ابن جويرية عن نافع عن سليمان: أنه حدّثه رجل عن أم سلمة فذكره، وبنحوه ذكره ابن الجارود. وأما قوله: أنّ موسى أدخل في حديثه عن نافع رجلا فقد أبى ذلك أبو العباس السراج، فذكره في مسنده/عن إسحاق بن إبراهيم قال: قلت لأبي قرة: اذكر موسى بن عقبة عن نافع عن سليمان عن أم سلمة الحديث فأقر به؟ وقال: نعم، كذا نقله من أصلنا الذي هو بخط ابن الجيّار الحافظ واستظهرت (2) شيخه أخرى قديمة، والذي في سنن قرة السكسكي كما قاله الدارقطني، والله تعالى أعلم. قال البيهقي: وحديث هشام عن أبيه عن عائشة في شأن فاطمة بنت أبي حبيش أصح من هذا يعني: قول أبي داود هما حماد والمرأة فاطمة، قال له البيهقي: وفيه دلالة على أنّ المرأة التي استفتت لها أم سلمة غيرها، ويحتمل إن كانت تسميتها صحيحة في حديث أم سلمة أنّها كانت لها حالتان في مدة استحاضتها حالة يميز فيها بين الزمنين، وحالة لا تميز فيها بين الزمنين، وروى أبو سلمة هذا الحديث عنها دون التسمية أنبأ أبو عبد الله ثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأ إسماعيل بن إسحاق ثنا إسحاق بن محمد العزرمي أنبأ عبد الله بن عمر عن النّضر عن أبي سلمة عنها عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال في المستحاضة: " تنظر عدد الأيام التي كانت تحيضهن ثم تغتسل وتصلى " (3) . وبنحوه قال الخزرجي في كلامه على الموطأ،

_ (1) قوله: " أبيه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". (3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، باب (107) ، (ح/274) .

وذكر القشيري: أنّ أسد بن موسى رواه عن الليث كرواية مالك، ورواه أسد أيضا عن أبي خالد الأحمر عن ابن أرطأة عن نافع كذلك، وهو مخالف لما أسلفناه عن حجاج من عند الدارقطني، وأما اقتصار الدارقطني أنّ مالكا، وعبيد الله روياه عن نافع عن سليمان عنها، فقد ذكر ابن الجارود: أنّ يحيى بن سعيد وغيره تابعوا مناكير عبيد الله، وذكر ابن وهب في مسنده ثنا مالك والليث بن سعد وابن سمعان عن نافع عن سليمان عن أم سلمة/فذكره، وذكر الحربي في علله: أنّ تسعة من أصحاب نافع رووه، فأدخل ليث وجرير به وصخر وموسى بن عقبة ابن سليمان وأم سلمة رجلا مجهولا، ولم يذكر هذا الرجل عبيد الله ومالك وحجاج وجرير، ورواه أيوب عن سليمان ورواه عن أيوب خمس لم يقل عن أم سلمة- إلا وهب وابن أبي عروبة- وأرسله الباقون، ولم يسمعه سليمان من أم سلمة بينهما رجل مجهول لم يسم إلا أنهم ذكروا الإقراء- وجعلوه حيضا وذكرو الأسفار، وأمّا قول ابن ماجة: وقال أبو بكر في حديث إلى آخره، فقد أخلّ من حديثه بشيء وذلك أنه رواه عن المصنف والمسند عن ابن نمير وأبي أسامة ثم قال: إلا ابن نمير وأنه قال: أنّ أم سلمة استفتت النبي فقالت: امرأة تهراق الدم فقال: " تنظر قدر الأيام والليالى التي كانت تحيض أو قدرهن من الشهر ". ثم ذكر مثل حديث أبي أسامة حدثنا علي بن محمد وأبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: " جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله إنّى امرأة استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ ما إنّما ذلك عرق وليس بالحيضة فاجتنبي الصلاة أثر محيضك ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة وإن قطر الدّم على الحصير " (1) . حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسماعيل بن

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/84) ومسلم في الحيض، ح/62) وأبو داود (ح/ 282) والترمذي (ح/125) والنسائي (1/124، 184، 186) وابن ماجة (621) وعبد الرزاق (1165) وابن أبي شيبة (1/125، 126) ومعاني (1/103) والحاكم (4/56) وشفع (115) وتلخيص (1/167) وابن سعد (8/17) والحميدي (160) والجوامع (7700) وأبو عوانة (1/ 319) والموطأ (61) والصحيحة (301) . غريبه: قوله: " استحاض " الاستحاضة جريان الدم من فرج المرأة في غير أوانه. وانه يخرج من عرق يقال له: العاذل. و" عرق " هذا العرق هو المسمى بالعاذل. و" أدبرت " المراد بالإدبار=

موسى ثنا شريك عن أبي القطان عن عديّ بن ثابت عن أبيه عن جدّه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصوم وتصلى ". هذان الحديثان لماّ خرجهما أبو داود (1) قال: وحديث عدي،/والأعمش عن حبيب وأيوب أبي العلاء- يعني: عن ابن شبرمة- عن امرأة مسروق عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل حديث حبيب كلها ضعيفة لا تصحّ، ودلّ على ضعف حديث الأعمش عن حبيب؛ أنّ هذا الحديث أوقفه حفص ابن غياث، وأنكر حفص بن غياث هذا الحديث مرفوعا، وأوقفه أيضا أسباط عن الأعمش موقوفا على عائشة، ورواه أبو داود عن الأعمش مرفوعا أوّله، وأنكر أن يكون فيه الوضوء عند كلّ صلاة، ودلّ على ضعف حديث حبيب هذا؛ أنّ رواية الزهري عن عروة عن عائشة قالت: فكانت تغتسل لكل صلاة في حديث المستحاضة، وروى أبو اليقظان عن عدى عن أبيه عن أمّه، وفي كتاب ابن العبد: ورواه أبو اليقظان عن أبيه وهو ضعيف جدا وعمار مولى بنى هاشم عن ابن عباس، وروى عبد الملك بن ميسرة وبيان ومغيرة وفراس ومجالد عن الشعبي حديث قمير (2) عن عائشة تتوضأ لكل صلاة. ورواه داود وعاصم عن الشعبي عن قمير عن عائشة تغتسل كل يوم. وروى هشام عن عروة عن أبيه: " المستحاضة تتوضأ لكل صلاة " " (3) . وهذه الأحاديث كلها ضعيفة زاد ابن العبد أحاديث الوضوء- إلا حديث قمير وحديث عمار مولى ابن هشام وحديث هشام بن عروة عن أبيه- والمعروف عن ابن عباس الغسل، وفي موضع آخر قال يحيى ابن سعيد لرجل: احك عنى أنّ هذا

_ انقطاع الحيض. قلت: وقد علق الشيخ الألباني في " ضعيف الجامع " (ص 84، ح/624) وقال: " صحيح " إلا قوله: " وإن قطر ... " انظر: الإرواء 208، وصحيح أبي داود 280، 312: ق. (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/281) من حديث طويل. وابن ماجة (ح/625) وابن عدي في " الكامل " (4/1327، 5/1814) والمجمع (1/281) ونصب الراية (1/201، 202) . وصححه الشيخ الألباني. قوله: " إقرائها " أي أيام حيضتها. (2) قوله: " قمير " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) مسند ابن حبيب (2/40) ونصب الراية (1/202) .

الحديث لا شيء يعنى حديث حبيب عن عروة، ولما خرج أبو عيسى (1) حديث عدي قال: هذا حديث تفرد به شريك عن أبي اليقظان، وسألت محمدا عن هذا الحديث فقلت: جدّ عدى ما اسمه، فلم/يعرف محمد اسمه وذكرت له قول يحيى بن معين أنّ اسمه دينار فلم يعبأ به، وقال في التاريخ الأوسط: حديث عدي عن أبيه عن جدّه وعن أبيه عن على في المستحاضة لا يصح، وقال أبو زرعة البصري في تاريخ دمشق: عمرو بن أخطب هو جدّ عدي بن ثابت وعروة بن ثابت، وقال في العلل: سألت محمدا عنه فقال: لا أعرفه- إلا من هذا الوجه وقلت لابن معين: هو عدى بن ثابت بن دينار فلم يعرفه ولم يعدّه شيئا، وفي كتاب الاستيعاب: دينار الأنصاري أفرد الرواية عنه ثابت وهو جدّ عدى بن ثابت حديث في المستحاضة يضعفونه، وفي كتاب الطوسي: جدّ عدي مجهول لا يعرف، ويقال اسمه دينار ولم يصح، قال الحافظ ضياء الدين: وقد ضعف غير واحد هذا الإسناد لأجل أبي اليقظان، وفي كتاب الطهارة لابن أبي داود قال: حديث عدى بن ثابت معلول، وفي أفراد الدارقطني تفرد به شريك عنه، وفي إيضاح الأشكال لأبي الفضل المقدسي أنبا أبو سعد أنبا البرقاني (2) قال: قلت لأبي الحسن شريك عن أبي اليقظان عن عدى بن ثابت عن أبيه عن جدّه كيف هذا الإسناد قال: ضعيف قلت من جهة من؟ قال: أبو اليقظان ضعيف، قلت: فترك، قال: لا يخرج ورواه الناس قديما قلت له: عدي بن يزيد الخطمي وثابت من قال قد قيل ابن دينار، وقيل: انه، يعني جدّه أبو أمّه عبد الله بن يزيد الخطمي، لا يصح من هذا كلّه شيء، قلت: فيصح أنّ جدّه أبا أمّه هو عبد الله، بن يزيد الخطمي قال: كذا زعم ابن معين. انتهى كلامه، ويفهم منه تفرد ابن معين بما ذكره وليس كذلك لمتابعته على قوله من ذلك أنّ ابن حبان لما ذكره قال عدي بن/ثابت

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/126) وابن ماجة (ح/625) عن أبي بكر بن أبي شيبة وإسماعيل بن موسى. والدارمي (1/202) عن محمد بن عيسى. وأبو داود (1/120.119) عن محمد بن جعفر بن زياد وعثمان بن أبي شيبة: كلْهم عن شريك، وهو شريك بن عبد الله النخعي قاضي الكوفة. وصححه الشيخ الألباني. (2) قوله: " البرقاني " وردت " بالأصل " " البراني " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.

الأنصاري: يروى عن البراء إلى أمه عبد الله بن يزيد، وقال ابن أبي حاتم عدي بن ثابت الأنصاري وجده أبي أمّه عبد الله بن يزيد ومعهما على ذلك غير واحد. منهم الباجي والكلاباذي، وأما قول ابن الجسد فيما ذكره أبو موسى المدني في كتاب الصحابة من تأليفه عندما يرجم بابن ثابت وقال: هو عدي بن ثابت بن عازب بن أخي البراء بن عازب فلم يصنع شيئا؛ لأنه لم يجد له متابعا، ولأنّ جماعة مثيرة في بنى طفر من ولد قيس بن الخطيم الشّاعر كذا ذكره الكلبي وأبو عبيد بن سلام وابن حزم وأبو عمر والمبرد، وزعم أبو نعيم الحافظ: أن اسم جده قيس الخطمي وهو على مخالفة الحماء الفقير أقرب إلى الصواب، وأما ذكره الحافظ المنذري أنّه لا يعلم جدّه قال: وكلام الأئمة يدل على ذلك فغير صواب، وأمّا ما قاله الحافظ الدمياطي أنّ صوابه عدى من أبان بن ثابت فلعمري يحتمل أن يكون جيدا لولا قول ابن سعد في كتاب الطبقات، وولد ثابت بن قيس بن الخطيم أبانا وأمّه أم ولد وعمر أو محمد أو يزيد قتلوا يوم الحرة جميعا، وليس لهم عقب، فهذا كما ترى ابن سعد جزم بأن أبانا لا عقب له، وبمثناه ذكره ابن الكلبي في جمهرة الجمهرة، ثم ذكر ابن سعد عديا في طبقات الكوفيين وسمى إياه ثابت إلا الجماعة، وخرج ابن ماجة حديثا في كتاب الصلاة عن عدى بن ثابت عن أبيه عن جدّه، وقال: أرجو أن يكون متصلا وهذا قال الحربي في كتاب العلل ليس لجد عدى بن ثابت صحة، وقال السرى في تاريخه: لم نجد من يعرف جدّه معرفة صحيحه ذكر بعضهم أنّه عدى بن ثابت بن قيس بن الخطمي وقيس لا يعرف له/إسلام، وقيل: إنّ جدّه لأمه عبد الله بن يؤيد الخطمي، كذا جاء في الحديث، ولا ينبغي أن ينسب إلى جدّه لأمّه، فينبغي أن يوقف وينسب ويترك الحديث على ما روى والله تعالى أعلم، ولا معدل عن هذه الأقوال إلا بقولين لا يتطرّق إليه الاحتمال، ويشبه أن يكون الموضع له رواية عن أبيه عن جدّه، وجدّه على هذا يكون قيسا الشاعر ولم يسلم هو أيضا عدل، يعارضه قول ابن سعد المذكور، وأبي عمر: لا أعلم لثابت هذا رواية، ويؤيّده عدم وجداني أبانا في كتاب من الكتب مذكورا، والذي يتجه من هذه الأقوال على ما فيه قول أبي نعيم أو قول ابن معين كلاهما، ولأن قيسا الخطمي معروف في الصحابة ويعرب بجد

عدي، وكذلك دينار فيما ذكره أبو عمر وابن رافع وابن أبي حاتم الرازي وفي كتاب الحيض لأحمد أنبأ شريك عن أبي اليقظان عن عدى عن أبيه عن على مثله، وكذا هو في كتاب المصنف، وفي سؤالات مهنأ سألت أبا عبد الله عن حديث الأعمش عن حبيب عن عروة في المستحاضة فقال ليس بصحيح، قال قلت: من قبل من الخطأ، قال: من قبل الأعمش؛ لأن حبيبا لم يحدّث عن عروة بن الزبير بشيء. قال: قلت لأحمد: قال يحيى بن سعيد هو شبه لا شيء، قال: نعم هو كذلك، وقال الدوري: سمعت يحيى قال أبو بكر بن عياش بالكوفة- إلا ثلاثة أنفس حبيب وحماد بن أبي سليمان- قلت ليحيى: حبيب قال: نعم. إنّما روى حديثين أظن يحيى يريد معد ويعني المستحاضة والقبلة، وفي كتاب السنن الكبير للبيهقي، وأمّا رواية حبيب في شأن فاطمة فإنها ضعيفة، وقال في المعرفة: وهذا حديث ضعيف ضعّفه يحيى بن سعيد القطّان وابن المديني وابن معين وسفيان الثوري (1) ، وحبيب لم يسمع من عروة بن الزبير شيئا، وقد تقدم في باب القبلة من أمر هذا الحديث شيء كثير، وأنّ أبا داود ثبت لحبيب سماعا/من عروة بن الزبير عن عائشة، ولذا شبه وكيع عند ابن ماجة عن الأعمش وإن ثبت هذا فيكون إسناده صحيحا على شرط الشيخين، وأصله في الصحيحين بلفظ: أن فاطمة سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: " إنى استحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة. قال: لا إنّ ذلك عرق ولكن دعى الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلى " (2) . وفي لفظ: " ما ذلك عرق وليس بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وصلى ". وذكر الدارقطني أنّ محمد بن عمرو بن علقمة رواه عن الزهري، فأتى به بلفظ أغرب فيه وهو قوله: " ان دم الحيض دم أسود يعرف " (3) . وفي كتاب المسائل لعبد الله قال: سمعت أبي يقول: كان ابن أبي عدي ثنا بهذا عن عائشة ثم تركه بعد، وقال الحاكم: هذا حديث

_ (1) قوله: " للثوري " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) صحيح. متفق عليه. وقد تقدم من أحاديث الباب. (3) ضعيف. رواه النسائي (1/123، 185) ومشكل (3/306) والدارقطني (1/207) والبيهقي (1/325) بلفظ: " ان دم الحيضة أسود ".

صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال أبو حاتم: لم يتابع ابن عمرو على هذه الرواية، وقال ابن القطان: وهذا فيما أرى منقطع، وذلك أنه حديث انفرد بلفظ محمد بن عمرو عن الزهري عن فاطمة: " إنها كانت تستحاض ". فهو على هذا منقطع؛ لأنّه قد حدّث مرة أخرى من حفظه، فزادهم فيه عن عائشة فيما بين عروة وفاطمة فاتصل، فلو كان بعكس هذا كان أبعد من الريبة، أعني. أن يحدّث به من حفظه مرسلا ومن كتابه متصلا، فأمّا هكذا فهو موضع نظر، وأبو محمد إنّما ساق الرواية المنقطعة؛ فإنّه ساقه عن فاطمة فالمتصلة إنما هو عن عائشة أنّ فاطمة، وإذا نظر هذا في كتاب أبي داود وتبيّن منه أنّ عروة إنّما أخذ ذلك عن عائشة/لا من فاطمة، هذا ولو قد رأى أنّ عروة يسمع من فاطمة، وقد يظن به إسماع منها بحديث الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن عبيد الله عن المنذر عن عروة أنّ فاطمة حدّثته أنها سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشكت إليه الدم فقال لها: " إنما ذلك عرق ". الحديث، وهذا لا يصح فيه سماعه منها؛ للجهل بحال المنذر، وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عنه فقال: مجهول ليس بالمشهور، ذكره هكذا أبو داود وهو عند غيره معنعن لم يقل عنه أنّ فاطمة حدّثته، ولذلك حديث سهل بن أبي صالح عن الزهري عن عروة قال حدثتني فاطمة أنها أمرت أسماء أو أسماء حدثتني أنها أمرت فاطمة الحديث فإنه مشكوك في سماعه إياه من فاطمة أو أسماء وفي متن الحديث ما أنكر على سهل وعدمها ساقه حفظه وطهر أثر بغيره عليه وكان قد تغيّر ذلك أنه أحال فيه على الأيام، وذلك أنّه قال: فأمرها أن تقعد، والمعروف في قصة فاطمة الإحالة على الدم والقروء عن عروة فيه رواية أخرى لم يشك فيها بأن التي حدّثته بنى أسماء رواها علىّ بن عاصم عن سهيل عند الدارقطني فيرى قصتها إنّما يرويها عروة أما عن عائشة وإمّا عن أسماء، وقد قلنا أنه ولو صح أنّ عروة بينها وبينه فيه عائشة، وزعم ابن حزم: أنّ عروة أدرك فاطمة ولم يستبعد أن يسمعه من حاله ومن ابن عمه، وهذا عندي غير صحيح، ويجب أن يزاد في البحث عنه، وفاطمة بنت أبي حبيش بن المطلب ابن أسد وعروة بن الزبير بن العوام بن

_ = قلت: وقد ذكره المصنف قوله ابن القطان في هذا الحديث وقوله: أنه يرى أنه حديث منقطع الإسناد.

خويلد بن أسد فهي في تعدد (1) الزبير انتهى كلامه وفيه نظر من حيث غصبه الجناية برأس سهيل في الإحالة/على الأيّام وليس هو بمنفرد بذلك لما في صحيح البخاري (2) ثنا أحمد بن أبي رجاء أبو أسامة سمعت هشام بن عروة أخبرني عن عائشة أنّ فاطمة سألت وفيه: " تدع الصلاة قدر الأيّام التي كنت تحيضين فيها ". الحديث ... فهذا كما ترى الإحالة على الأيام من غير رواية فلا مدخل لسهيل في هذا السند، وأمّا حجّه ابن حزم فليست جيدة؛ لأنه لم يرد الحقيقة لتعزرّها والله تعالى أعلم، وفي رواية عند أبي داود عن أسماء قالت: " قلت يا رسول الله: إنّ فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت ". الحديث قال أبو داود (3) . رواه مجاهد عن ابن عباس لما اشتد عليها الغسل أمرها أن تجمع بين الصلاتين وفي سؤالات أبي طالب قال أحمد: وقيل له في حديث عائشة قال عليه السلام لفاطمة: " وفي الصلاة أيّام اقرائك " (4) . فقال: هذا خطأ، كل من روى أيام اقرائك فقد أخطأ، وعائشة تروى عن النبي عليه السلام اقرائك، ومعنى الإقراء: الإطهار، وإّنما روى علقمة على ما سمع من عمرو أن أهل الكوفة لا يعرفون إلا قول عبد الله فجعلوه الإقراء، والأعمش كان يضبط هذا كأنّ الحيض عندهم الاقراء فرووه، وأمّا أهل المدينة فلا يقولون الاقراء إّنما يقولون أيام حيضك: " وما كانت تحبسك حيضتك " (5) . وأمّا ما زعمه ابن عساكر ومن بعده كالمنذري والقشيري وغيرهما: من أنّ ابن ماجة خرج حديث عائشة هو والجماعة من حديث هشام عن أبيه عنها في الطهارة فيه

_ (1) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". (2) تقدّم من أحاديث الباب ص 842. (3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 110. باب من قال تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا، (ح/296) . قال أبو داود: ورواه إبراهيم عن ابن عباس وهو قول إبراهيم النخعي وعبد الله بن شداد. (4) تقدم. رواه القرطبي في " تفسيره " (2/10) وتلخيص (1/170) وابن كثير (1/397) وكشاف (19) وشرح السنة (9/207) والدارقطني (1/212) . (5) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/65، 66) وأبو داود (ح/279) والنسائي في (الطهارة، باب " 331 "،، والحيض، باب " 3 ") .

نظر؛ لأنّ ابن ماجة/يخرج فيه إلا حديث حبيب عن عروة المذكور قبل، وقال ابن عبد البر: هذا الحديث أصح حديث روى في هذا الباب، وقاله أيضا أبو محمد الإشبيلي، وقال ابن مندة في صحيحه بعد إخراجه/من حديث مالك عن هشام: هذا إسناد مجمع على صحته، قال: وهو حديث مشهور عن هشام صحيح رواه أيوب والثوري وشعبة وزائدة وابن نمير وسعدان بن يحيى وكلّها مقبولة على ذم الجماعة، وقال أبو معاوية وحماد في حديثهما: قال عروة: يغتسل الغسل الأول، ثم يتوضأ لكل صلاة، ولفظ أبي عوانة: " فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم " (1) . وفي لفظ لابن مندة: " اغتسلي وصلى " (2) . وعند الترمذي قال أبو معاوية في حديثه فقال: " توضئ لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت " (3) . وقال فيه: حسن صحيح، وعند الدارقطني: " فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم اغتسلي " (4) . زاد أبو معاوية قال هشام قال لي ثم: " توضئ لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت ". وفي لفظ لأبي عبد الرحمن: " فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وتوضئ، فإنما ذلك عرق وليس بالحيضة ". قيل له: فالغسل، قال: ذلك لا شك فيه، وفي لفظ البيهقي: " فاغسلي عنك أثر الدم وتوضئ ". وضعف هذه اللفظة لمخالفة سائر الرواة عن هشام قال: ولم يذكر أحد عن هشام وتوضئ إلا حماد بن زيد، وفي موضع آخر: ليس محفوظة، وفيه نظر لما

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/84، 87، 90) ومسلم في (الحيض، ح/62) وأبو داود في (الطهارة، باب " 9 ") والنسائي (1/117) وأحمد (6/83 ن، 194) والبيهقي (1/ 324، 325، 327، 329، 330، 136، 170، 331، 343) والحاكم (1/174) وتلخيص (1/133) وإتحاف (2/384) والشّافعي (310) ومعاني (03/11) وابن أبي شيبة (1/125) . (2) فتح الباري: (1/425) . (3) صحيح. رواه الترمذي (ح/125) . وقال: هذا حديث حسن ورواه مالك في الموطأ (1/79 800) والبخاري من طريق مالك (1/308) . ورواه ابن سعد (8/178) عن وكيع بن الجراح، والدارمي (1/198) عن جعفر بن عون. ورواه البخاري أيضا من طريق ابن عيينة وأبي أسامة وزهير بن معاوية (1/357، 360، 363) كلهم عن هشام بن عروة. ورواه مسلم بأسانيد من طريق هشام (1/103) . ورواه أبو داود (1/114.113) من طريق زهير ومالك عن هشام. ورواه النسائي (1/45، 65) عن إسحاق بن إبراهيم عن عبدة ووكيع وأبي معاوية. (4) رواه النسائي (1/181) ونصب الراية (1/203) وإتحاف (2/384) .

ذكره ابن حبان في صحيحه من حديث أبي حمزة فذكر حديث أبو عوانة عنه بها، ورواه من حقه أبي حمزة عن هشام به ثم قال: ذكر الخبر المرخص قول ابن عمر: أن هذه اللفظة تفرد بها أبو حمزة، فذكر حديث أبو عوانة عنه بها، ورواه من حفظه أبي حمزة السكرى عن هشام عن أبيه مرسلا بلفظ " فاغتسلي عند طهرك وتوضئ عند كل صلاة " (1) . وروى الحسن بن زياد هذه اللفظة عن أبي حنيفة عن هشام مرفوعا، قال البيهقي: والإشكال فيما حكاه عنه ابن الجوزي في التحقيق، والصحيح أن هذه الكلمة من قول عروة مستدلين/بقول هشام قال: أي بم يتوضأ، وليس ذلك بينّ في الأدراج لما أسلفنا قبل من حديث النسائي وغيره، ولما يأتي بعد من عند الدارمي أيضا مقرون لا يمكن أن يقول هذا من نفسه، إذ لو قاله هو كان لفظه: ثم يتوضأ لكل صلاة، ولم يقل توضئ مشاكلا لما قبله من لفظ الأمر والله تعالى أعلم، ويفهم من قول البيهقي وروى اللؤلؤي تفرده بذلك، وليس الأمر على توهمه كلامه فقد تابعه عن أبي حنيفة المقري " وأبو نعيم فيما ذكره الطحاوي بلفظ: " فاغتسلي لطهرك ثم توضئ عد كل صلاة " (2) . وزر بن الهذيل فيما ذكره الحافظ أبو الشيخ في فوائد الأصبهاني عن سالم بن عصام عن عمه محمد بن المغيرة عن الحكم بن أيوب عنه، وتابع أبا حنيفة عليها أيضا يحيى بن هاشم ورواه الحارث بن أبي أسامة عنه ثنا هشام وقال أبو عمر في التمهيد: ورواية أبي حنيفة عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا لرواية يحيى بن هاشم سواء، قال أبو عمر في التمهيد: " وتوضئ لكل صلاة " ولذلك " رواه حماد بن سلمة عن هشام أيضا بإسناده مثله، وحماد في هشام ثبت، وفي موضع آخر: وحديث فاطمة فيه ردّ على من أوجب الوضوء على المستحاضة، فإذا أحدثت المستحاضة (3) حدثا معروفا لعقاد لزمها له الوضوء وأما دم استحاضتها فلا يوجب وضوءا لأنه لدم الجرح السائل، وكيف يجب من أجله وضوء وهو لا ينقطع، ومن كانت هذه من سلس البول والمذي لا يرتفع لوضوئه حدثا؛ لأنه

_ (1) رواه البيهقي: (1/344) . (2) الإرواء: (1/146) . (3) قوله: " الاستحاضة " وردت " بالأصل " " الإحاضة " وهو تحريف والصحيح ما أثبتناه.

لا يتهمه إلا وقد حصل ذلك الحدث في الأغلب انتهى كلامه، وفيه تناقض لما أسلفنا من قوله: أن الوضوء في حديث عائشة صحيح، وهو من أطراف حديث عائشة المذكور فلا يزداد/على من قال به والله تعالى أعلم، وأمّا قول البيهقي أنّ أبا حمزة السكرى رواه عن هشام مرسلا فيشبه أن يكون وهما؛ لأن البستي ذكره في صحيحه فقال: ثنا محمد بن على بن الحسن سمعت أبي ثنا أبو حمزة عن هشام عن أبيه عن عائشة أنّ فاطمة بنت أبي حبيش فذكرها وفيه " فإذا أدبرت فاغتسلي وتوضئ لكل صلاة ". ثم قال: وروى ذكر الحسين المرخص قول من زعم أنّ هذه اللفظة تفردّ بها أبو حمزة وأبو حنيفة، أنبأ محمد بن أحمد بن النصر في عقب خبر أبي حمزة ثنا محمد بن علي بن سفيان سمعت أبي ثنا أبو عوانة هشام عن أبيه عن عائشة سئل عليه الصلاة والسلام عن المستحاضة فقال: " تدع الصلاة أيامها ثم تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ عند كل صلاة " (1) . وفي لفظ الإسماعيلي في صحيحه فإذا أقبلت الحيضة فلتدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وتتوضئي لكل صلاة ولفظ الدارمي وخرجه في مسنده عن حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة: " فإذا ذهب قدرها فاغسلي عنك الدم وتوضئ وصلى ". قال هشام وكان أبي يقول: " تغتسل الغسل الأوّل ثم ما يكون بعده ذلك فإنها تطهر وتصلى "، وفي لفظ لأحمد (2) : " ثم اغتسلي وتوضئ لكل صلاة وصلى ". وأمّا قول الشّافعي ذكر الوضوء عندنا غير محفوظ، ولو كان محفوظا كان أحب إلينا من القياس، ذكره البيهقي وقال: هو كذلك ففيه نظر لما أسلفناها ولما في الأوسط لأبي القاسم نا محمد بن المرزبان ثنا محمد بن حكيم الرازي نا هشام بن عبيد الله نا ابن معاذ خالد البلخي عن محمد بن عجلان عن هشام عن أبيه عن عائشة قال عليه السلام: " المستحاضة تغتسل مرة ثم تتوضأ يعنى لكل

_ (1) تقدّم. رواه الترمذي (ح/126) والبيهقي (1/346) والمشكاة (560) ونصب الراية (1/ 201، 202، 204) والطبراني في " الصغير " (2/149) والمسير (1 / 258) . ولفعل: " تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تحيض فيها، ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة، وتصوم وتُصلى " وبلفظ المصنف. انظر: الكنز (26747) . (2) رواه أحمد: (6/204) .

صلاة " (1) . وقال: لم يروه عن ابن عجلان إلا ابن معاذ تفرد به هشام، قال أبو عمر: فيه دليل على أنّ المستحاضة لا يلزمها غير ذلك الغسل؛ لأن النبي لم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يأمرها بغيره، وفيه ردّ لمن رأى عليها الجمع بين الظهر والعصر بغسل واحد، والمغرب والعشاء بغسل واحد، ويغتسل للصبح؛ لأنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يأمر حابش من ذلك في هذا الحديث، وفيه ردّ لمن قال بالاستظهار يومين أو ثلاثا وأقل أو أكثر، غريبه أمّا القرء فذكر الأصمعي أن الحجازيين من الفقهاء ذهبوا إلى أنه الطهر، وفي مذهب العراقيين: إلى أنه الحيض، وكل واحد من القولين شاهد من الحديث واللغة، أمّا حجة الحجازيين من الحديث: فما روى عن عمر وعثمان وعائشة وزيد بن ثابت- رضي الله تعالى عنهم- أنهم قالوا: الاقراء الاطهار، وأمّا حجتهم من اللغة فقول ميمون: وفي كل عام أنت جاسم ... غزوة تُشد لأقصاها غيرهم غير إنكار مورثه مالا وفي الحي ... رفعة لما ضاع فيها من قروء لنا وأمّا حجة العراقيين من الحديث بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمستحاضة: " اقعدي عن الصلاة أيّام اقرائك". وأما حجتهم من اللغة فقول الزاجر: مأرب ذى ضعن على فارض له قروء كقروء الحائض، قال ابن السيد وحكى يعقوب بن السكين وغيره من اللغويين أنّ العرب تقول: أقرأت المرأة إذا طهرت وأقرأت إذا حاضت، وذلك أنّ القرء في كلام العرب معناه الوقت، فلذلك صلح للطهر والحيض معا، ويدل على ذلك قول مالك بن خالد الهذلي: شيت سيت القصر عقر بيني شليل إذا هبت لقاربها الرياح، وقد احتج بعض الحجازيين لقولهم بقوله تعالى: (ثلاثة قروء) فأثبت لها في ثلاثة، فدل ذلك على أنّه أراد الاطهار، ولو أراد الحيض فقال ثلاث قروء فأثبت لها في ثلاثة فدّل ذلك على

_ (1) رواه ابن عدي في " الكامل ": (6/2431) بلفظ: " المستحاضة تغتسل من طهر إلى طهر ". والطبراني في " الصغير " وفيه " من قرء إلى قرء ". وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " بلفظ الطبراني (1/281) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الصغير " من حديث ابن عمرو بن العاص، وفيه بقية بن الوليد وهو مدلس. وقوله: " القرء " من الأضداد، يقع على الطهر وعلى الحيض، ولذلك اختلف الفقهاء فيه.

أنّه أراد الاطهار، ولو أراد الحيض لقال تعالى ثلاث قروء من الحيض مؤنثة، وهذا لا حجة فيه عند أهل النظر، إنما الحجة لهم فيما قدمناه/وإنما لم يكن فيه حجة؛ لأنه لا شكّ أن يكون القرء لفظا يذكر يعنى به المؤنث، ويكون يذكر ثلاثة محلا على اللفظ دون المعنى، كما يقول العرب: جاء في ثلاثة أشخاص وهم يعنون نساء العرب فحمل الكلام تارة على اللفظ وتارة على المعنى ألا ترى إلى قراءة " القرابلي قد جاءتك أيأتي بكسر القاف وفتحها، وفي كتاب الأضداد ليعقوب: وقال أبو عمرو الشيباني: فقال دفع فلان إلى فلان خازت مقبرها مشدّد مهموز يعنى أن تحيض عنده ويطهر للاستبراء وجمعه: قروء، قال الأصمعي: ومنه يقال أقرأت الريح: إذا جاءت لوقتها، وأهل الحجاز يقولون: ذهبت عنك القرء مخففة بغير همز يريدون وقت المرض، قال: ومن جعله الطهر، احتج لقول أبي عبيدة: أقرأت النجوم بالألف معناه: غابت، وفيه قروء المرأة فيمن زعم أنه طهرها لغيبة الدّم عند الطهر، لأنها خرجت من الحيض إلى الطهر كما خرجت النجوم بين الطلوع إلى المغيب، وقالوا: ما قرأت الناقة مدّا قط مقصور بغير ألف، ومنه قرأ ومن ذلك قرء المرأة فيمن زعم أنه طهرها، قال يعقوب: وسمعت أبا عمرو الشيباني يقول: الاقراء أن يقرى الحية سمها، وذلك إنّما تصونه أي تجمعه شهرا فإذا وفي لها شهرا قرأت ومحت سمها، ولو أنها لدغت شيئا في أقرائها لم يظنه ولم يبل سمّها، ويقال: قد أقرأ سُمّها إذا اجتمع وقوله: يستنفر قال الجوهري: استنفر الرجل بثوبه إذا ردّ طرفه بيّن رجليه إلى حجرته واستنفر الكلب بدنه أي: جعله بين فخذيه، قال الزبرقان بن بدر: تعدو الذباب على من لا كلاب له/ويبقى مريض المستنفر الحامي، وقال الهروي: هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة توثق طرفها من حقب تشدّه على وسطها بعد أن تحثي كرسفا فيمنع بذلك الدم، ويحتمل أن يكون مأخوذا من نقر الدابة تشدّه كما يشدّ الثفر تحت الذنب، ويحتمل أن يكون مأخوذا من الثفر يريد به فرجها وإن كان أصله للسباع فإنه استعير والله تعالى أعلم، وفي الإلباس أثفر الدابة مثفار يرمى لسرجه (1) إلى

مؤخره، ومن المجاز استثفرت المستحاضة تلجمت، قال ابن عباس: والاستحاضة هو جريان الدم من الفرج في غير أوانه من عرق يقال له العازل بخلاف الحيض لخروجه من قعر الرحم.

_ (1) قوله: " لسرجه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

79- باب ما جاء في المستحاضة إذا اختلط عليها الدم فلم تقف على أيام حيضتها

79- باب ما جاء في المستحاضة إذا اختلط عليها الدم فلم تقف على أيام حيضتها حدثنا محمد بن يحيى ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعي عن الزهري عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: استحيضت أم حبيبة بنت جحش وهي تحت عبد الرحمن بن عوف سبع سنين فشكت ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن هذه ليست بالحيضة، وإنما هو عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلى، قالت عائشة: فكانت تغتسل لكل صلاة ثم تصلى، وكانت تقعد في مركن لأختها زينب بنت جحش حتى أنّ حمرة الدم لتلعو الماء ". هذا حديث خرجه الأئمة الستة (1) ، وفي كتاب الدارقطني وقال الليث بن سعد عن يونس عن الزهري/ عن عمرة عن أم حبيبة: لم يذكر عائشة، ولذلك رواه معاوية بن يحيى عن ابن شهاب ورواه أبو داود الطيالسي عن ابن أبي ذئب عنه بلفظ: " أن زينب بنت جحش استحيضت ". ووهم في قوله زينب، ورواه إبراهيم بن نافع وجعفر ابن برقان عن الزهري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا، ورواه سهيل عن الزهري عن عروة عن أسماء بنت عميس أنها استحيضت وقال الإمام العلامة أبو إسحاق إبراهيم الحربي الصحيح قول من قال أم حبيب ملاها وأنّ اسمها حبيبة بنت جحش، ومن قال أم حبيبة (2) أو زينب فقد وهم، والحديث صحيح من حديث الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة، وكذلك قاله أبو الحسن البغدادي الحافظ وقبلهما قاله الواقدي: بعضهم يغلط فيروى أنّ المستحاضة حبيبة بنت

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/327) ومسلم في (الحيض، ح/334) وأبو داود (ح/ 288. 292) والترمذي (ح/129) وصححه. والنسائي (الحيض، باب ذكر الاستحاضة، وإقبال الدم، وابن ماجة (ح/ 626) والدارمي (ح/ 768) وأحمد (6/194) والبيهقي (1/323، 325، 344) والدارقطني (1/206) والإرواء (1/213.146) . غريبه: قوله: " مركن " إجانة يغسل فيها الثياب. (2) قوله: " حبيبة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

جحش ويظن أنّ كنيتها أم حبيبة وهي يعنى المستحاضة حبيبة أم حبيب بنت جحش، وفي صحيح الإسفراييني: أنّ هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة واذا أدبرت فاغتسلي ثم صلّى، قالت عائشة فكانت تغتسل عند كلّ صلاة وكانت تقعد في مركن " كذا أورده من حديث بشر بن بكر عن الأوزاعي، وقال عقيبه ثنا إسحاق الطحان أنبأ عبد الله بن يوسف ثنا أهشم بن حميد ثنا النعمان بن المنذر والأوزاعي وأبو معبد عن الزهري بنحوه، وفي كتاب أبي داود: زاد الأوزاعي في هذا الحديث عن الزهري بسنده: " استحيضت أم حبيبة بنت جحش وهي تحت عبد الرحمن بن عوف سبع سنين فأمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إذا أقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي وصلى ". وقال أبو داود: لم يذكر هذا الكلام أحد/من أصحاب الزهري غير الأوزاعي، وقد رواه عن الزهري عمرو بن الحارث والليث ويونس وابن أبيِ ذئب ومعمر وإبراهيم بن سعد وسليمان بن كثير وابن إسحاق وابن عيينة لم يذكروا هذا الكلام، وإّنما هذا لفظ حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال: وزاد ابن عيينة فيه أيضا أمرها أن تدع الصلاة أيّام إقرائها وهو وهم من ابن عينية،، وحديث محمد بن عمرو عن الزهري فيه شيء من الذي زاد الأوزاعي في حديثه، وتابعه على هذا البيهقي انتهى، وفيما سقناه من عند أبي عوانة يرد قوله، وذلك أنّ النعمان وأبا معبد وافقا الأوزاعي وإن لم يسق لفظهما؛ لأن قوله ونحوه ليس صريحا في ذلك فنظرنا فإذا النسائي ذكر لفظ الهيثم فقال: أخبرني النعمان والأوزاعي وأبو معبد وهو حفص بن غيلان عن الزهري أخبرني عروة وعمرة عن عائشة قالت: " استحيضت أم حبيبة بنت جحش امرأة عبد الرحمن وهي أخت زينب بنت جحش واستفتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنه فقال لها: إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق فإذا أدبرت الحيضة، فاغتسلي وصلى وإذا أدبرت اتركي لها الصلاة، قالت عائشة: فكانت تغتسل لكل صلاة وتصلي، وكانت تغتسل أحيانا في مركن في حجرة أختها فتصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فما يمنعها ذلك من الصلاة " (1) . وخرجه الطحاوي بنحوه وزاد ولكنه عرق متعة إبليس، وروى أبو

_ (1) تقدّم وهو حديث الباب ص 843.

داود من حديث عكرمة أن أم حبيبة بنت جحش: " استحيضت فأمرها النبي عليه السلام أن تنظر أيام إقرائها ثم تغتسل وتصلى فإن رأت شيئا من ذلك/ توضأت وصلت ". قال أبو داود: وقال القاسم بن مبرور: وهو ابن أخت طلحة ابن عبد الملك الأيلي عن يونس عن ابن شهاب عن عمرة عن عائشة عن أم حبيبة بشا جحش، وكذلك روى معمر عن الزهري عن عمرة عن عائشة وربما قال معمر عن عميرة عن أم حبيبة بمعناه، ولذلك رواه إبراهيم بن سعد وابن عيينة عن الزهري عن عمرة عن عائشة، وقال ابن عيينة في حديثه: لم يقل أن النبي عليه السلام أمرها أن تغتسل نا محمد بن إسحاق بن المثنى ثنا أبي عن زينب عن ابن شهاب عن عمرة عن عائشة: " أنّ أم حبيبة استحيضت سبع سنين فأمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تغتسل فكانت تغتسل لكل صلاة ". ولذلك رواه الأوزاعي قال فيه: قالت عائشة: " وكانت تغتسل لكل صلاة ". ورواه ابن إسحاق عن الزهري به: " استحيضت أم حبيبة في عهد النبي عليه السلام فأمرها بالغسل لكل صلاة ". ورواه أبو داود (1) والطيالسي، ولم أسمعه منه عن سليمان بن كثير عن الزهري به فقال لها عليه السلام: " اغتسلي لكل صلاة ". ورواه عبد الصمد عن سليمان قال: " توضئ لكل صلاة ". قال أبو داود: وهذا وهم من عبد الصمد، والقول قول أبي الوليد، وفي المعرفة قال الليث: لم يذكر ابن شهاب أنّ النبي أمر أم حبيبة أن تغتسل ولكنه شيء فعلته هي. قال الشّافعي: ورواه غير الزهري فرفعه ولكنه عن عمرة والزهري أحفظ، وقد روى فيه شيئا يدل على أن الحديث غلط وهو متروك الصلاة قدر إقرائها وعائشة تقول: الاقراء طهارة وقد تقدم يعنى هذا عن أحمد من قبل، وقال الحربي: روى هذا الحديث عن الزهري أحد عشر نفسا وقالوا: ستة أقاويل: الأول: قول ليث وسليمان بن ليث/عن عروة عن عائشة، والثالث: قول ابن أبي ذئب:

_ (1) رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، باب (109) ، (ح/292) . قال أبو داود ورواه أبو الوليد الطيالسي ولم أسمعه منه: عن سليمان بن كثير عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: استحيضت زينب بنت جحش فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اغتسلي لكل صلاة " وساق الحديث، قال أبو داود: ورواه عبد الصمد عن سليمان بن كثير قال: " توضئي لكل صلاة " قال أبو داود: وهذا وهم من عبد الصمد، والقول فيه قول أبي الوليد.

عروة وعميرة، والرابع: قول الأوزاعي عن عمرة عن عائشة، وقد اختلف أصحاب الأوزاعي، فقال الوليد كما قال: ليث، وقال أبو المغيرة: عروة وعمرة فقال ابن أبي ذئب، والخامس: قول عمرة عن أم حبيبة، والسادس: قول يونس ومعاوية عن أم حبيبة وأرسله إبراهيم بن نافع وجعفر، واختلفوا في اسم هذه المرأة فقال: ليست أم حبيبة، ووافقه الأوزاعي ومعاوية وإبراهيم ويونس، وهؤلاء وهموا عن الزهري، وقال سفيان حبيبة ووافقه إبراهيم بن سعد وابن أبي ذئب ومعمر، وهذا هو الصواب هي حبيبة بنت جحش تكنى أم حبيب أخت حمنة بنت جحش، وكانت ممن أوهم في اسمها عرال عن عروة وقتادة عن عروة وأبو بكر بن محمد عن عروة عرال وقتادة وهشام، فلم يختلف أصحاب عرال يزيد بن أبي حبيب وجعفر بن ربيعة (1) أنهما قالا: أم حبيبة، وكذا قاله قتادة، فأما هشام فقال: شعيب وحماد عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة أنها رأت زينب بنت جحش التي كانت تحت ابن عوف وزينب لم تكن تحته إنّما كانت تحت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم تستحاض، وقال ابن جريج عن هشام عن أبيه عن عائشة عن زينب أنها رأت زينب بنت جحش مثل قول شعيب، وحماد زاد عن عائشة، وقال المفضل عن هشام عن أبيه عن زينب عن أمها: أنّها رأت أم حبيب بنت/جحش فزاد عن أنّها وأصاب في قوله أم حبيب، ورواه يزيد بن حماد عن أبي بكر بن محمد عن عمرة فقال: أنّ أبي حازم عن أم حبيبة بنت جحش، فأوهم أيضا وقال بكر بن نفير: عن أم حبيب فأصاب ووافقه ابن عمر وعكرمة اللهم إلا أن تكون أم حبيبة وأم حبيب كان عندهم سواء، والصواب من هذا كلّه قول من قال أم حبيب وهي زينب وحمنة المستحاضة أيضا إلا أن أم حبيب حبيبة كانت لها أيّام معروفة، وحمنة ليست أيّامها أو اختلفت عليها، وفي السنن للبيهقي عن عكرمة عن أم حبيبة أنها كانت تستحاض وكان زوجها يغشاها، وعنه حمنة أنّها كانت مستحاضة وكانت زوجها يجامعها، ويذكر عن ابن عباس أنه أباح وطئها وهو قول ابن المسيب أو الحسن وعطاء وسعيد بن جبير وغيرهم، وقال عبد الله: سئل أبي عن وطئ المستحاضة فقال: ثنا وكيع عن سفيان عن غيلان.

_ (1) قوله: " ربيعة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

80 - باب ما جاء في البكر أن إذا ابتدأت مستحاضة وكان لها أيام حيض ونسيتها

80 - باب ما جاء في البكر أن إذا ابتدأت مستحاضة وكان لها أيام حيض ونسيتها حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون أنبأ شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمّه عن عمران بن طلحة عن أمه حمنة بنت جحش أنها استحيضت على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: إنى استحضت حيضة بكرة شديدة قال لها: أحشى كرسفا قالت له إنّه أشدّ من ذلك إنّي أثج ثجا قال: تلجمي وتحيضي في كل شهر في علم الله ستة أيام وسبعة أيام ثم اغتسلي غسلا فصلى وصومي ثلاثة وعشرين أو أربعة وعشرين وأخرّى الظهر وقدمي العصر واغتسلي لهما غسلا، وأخرى المغرب وعجلي العشاء واغتسلي لهما غسلا وهذا أحب الأمرين/إلي " (1) . هذا حديث لما رواه أبو داود عن زهير بن محمد بن أبي سمينة وغيرهما نا عبد الملك بن عمر وعن ابن عقيل بلفظ: " أو أربعا وعشرين وأيامها وصومي فإنّ ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهنّ وإن قويته على أن تؤخِّري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلي فتجمعين الصلاتين الظهر والعصر وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين وتغتسلين مع الفجر فافعلي وصومي إن قدرت على ذلك، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا أعجب الأمرين إلي " (2) . قال: وروى هذا الحديث عمرو بن ثابت عن ابن عقيل

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/627) وأحمد (6/440) وابن أبي شيبة (1/128) ومشكل (3/300) وصححه الشيخ الألباني. غريبه: قوله: " احتشى كرسفا " أي ضعيه موضع الدم لعله يذهب. و" الأثج " من الثج وهو جرى الدم والماء جريا شديدا. وجاء متعديا أيضا بمعنى الصب. وعلى هذا يقدر المفعول. أي: صب الدم، وعلى الأول، نسبة إلى دم نفسها للمبالغة، كأن النفس صارت عن الدّم سائل. و" تلجم " أي اجعلي ثوبا كاللجام للفرس. أي اربطي موضع الدم بالثوب. (2) رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، 109. باب من قال إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، (ح/287) . قال أبو داود: ورواه عمرو بن ثابت عن ابن عقيل قال: فقالت حمنة فقلت: هذا=

قال: قالت حمنة: فقلت: هذا أعجب الأمرين. أبي: لم يجعله قول النبي عليه السلام، وسمعت أحمد بن حنبل يقول: في الحيض حديث ثالث في نفسي منه شيء يعني هذا، قال أبو داود وعمرو بن ثابت بن أمضى: حبيب غيّر لغته وابن عقيل ضعيف أنبأ أحمد بن صالح عن عتبة بن صالح عن عتبة بن سعد عن يونس عن الزهري عن عمرة عن أم حبيبة هذا الحديث وهي حمنة، وعن زياد بن أيوب عن هشام عن ابن بشر عن عكرمة أن أم حبيبة استحيضت بنحوه، ولما رواه أبو عيسى (1) عن ابن بشار عن العقدي قال فيه حسن صحيح، قال: ورواه عبيد الله بن عمرو البرقي وابن جريج وشريك وابن عقيل إلا أن ابن جريج كان يقول: عمر بن طلحة والصحيح عمران، وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن، وهكذا قال أحمد بن حنبل: هو حديث حسن صحيح وهو معارض لما ذكرناه قبل، وفي العلل: قال محمد إلا أنّ/إبراهيم بن محمد بن طلحة قديم ولا أدرى سمع منه ابن عقيل أم لا، وسئل عنه الرازي ووهنه ولم يقو إسناده وخرجه الحاكم من حديث عبيد الله البرقي وفيه: " صبي إذا رأيت أنّك قد طهرت واسعات تصل ثلاثا وعشرين ليلة وأيامها وصومي " وفيه قال عليه السلام: " وهذا أعجب الأمرين إلي ". ثم قال قد اتفق الشيخان على إخراج حديث المستحاضة عن عائشة وليس فيه هذه الألفاظ التي في حديث حمنة رواية ابن عقيل، وهو من أشراف قريش وأكثرهم رواية غير أنهما لم يحتجا به وشواهده حديث الشعبي عن قمير عن عائشة، وحديث أبي عقيل عن لهيعة عنهما وذكرها في هذا الموضع، وخرجه أبو الحسن الطوسي في أحداثه من حديث شريك وقال فيه:

_ = أعجب الأمرين إلي، لم يجعله من قوله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جعله كلام حمنة، قال أبو داود: وعمرو بن ثابت رافضي رجل سوء، ولكنه كان صدوقا في الحديث، وثابت بن المقدام رجل ثقة، وذكره عن يحيى بن معين. قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: حديث ابن عقيل في نفسه منه شيء. (1) صحيح. رواه الترمذي في: " أبواب الطهارة، 95. باب ما جاء في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغُسل واحد، (ح/ 128) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". العقدي: بالعين المهملة والقاف المفتوحتين.

حسن صحيح، وقال أبو جعفر في المشكل: هو من أحسن الأحاديث المروية في هذا، وصححه أيضا أبو محمد الإشبيلي، وقال الخطابي: وهو قول بعض العلماء القول بهذا الحديث؛ لأن ابن عقيل راويه ليس بذاك، وقال أبو بكر البيهقي: تفرد به ابن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به، وقال ابن مندة: وحديث حمنة تحيض في علم الله ستا أو سبعا لا يصح عندهم من وجه من الوجوه؛ لأنه من رواية ابن عقيل، وقد أجمعوا على ترك حديثه. انتهى كلامه وفيه نظر؛ لأن الترمذي ذكر أن الحميدي وأحمد وإسحاق كانوا يحتجون بحديثه، وأي إجماع مع مخالفتهم، وقد أسلفنا قول البخاري وغيره في تصحيح حديث مع تفرده به، وليس لقائل أن يقول كيف يحتج به أحمد وقد قال إن في قلبه من حديثه شيء؛ لأنه لم يرد الاختلاف في الحكم إلا النظر في/الإسناد قاله ابن عبد البر، وأمّا قول البخاري إبراهيم بن محمد قديم ولا أدرى سمع منه ابن عقيل أم لا ففيه نظر؛ لأن ابن عقيل روى عن جماعة من الصحابة، وتوفي سنة خمس وأربعين ومائة بعد سن عاليه، وإبراهيم توفي سنة ست عشرة ومائة فيما حكاه غير واحد منهم علي ابن المديني وأبو عبيد بن سلام وخليفة بن خياط فتبيّن ومالها ما ترى من العرب التسرع للرواية لا سيما وبلدهما المدينة يجمهما والبخاري لم يقل لم يسمع منه خبرها إنما هو استبعاد تفرد به ما ذكرنا، وأما قول أبي عمر بن عبد البر والأحاديث في إيجاب الغسل على المستحاضة لكل صلاة، وفي الجمع بين الصلاتين وفي الوضوء لكل صلاة مضطربة كلها فليس بشيء؛ لأن اضطراباتهما لا يضرّها لصحة سندها، والحديث إذا صح من طريق لا يؤثر في صحته اختلاف لفظ من طريق أخرى غير صحيحة، بل يكون الحكم للصحيحة على غيرها والله تعالى أعلم، وأما قول علي بن المديني حمنة بنت جحش هي أم حبيبة تكنى بذلك حكاه عنه عمرو بن سعيد الدارمي تابعه عنه أكثرهم بقوله: أحفظ أربع نسوه في هذا من الزهري، وقد ركن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتبين من نسائه أم حبيبة وزينب بنت جحش وتبين من تنبه زينب أم سلمة وحبيبة بنت أم حبيبة فقد خالفهما يحيى بن معين فزعم: أن المستحاضة المكناه أم حبيبة بنت جحش ليست بحمنة، وهذا عن الواقدي أنّ من قال: هذا غلط، ولذا قاله: أبو عمرو، وأما

قول البيهقي: وحديث ابن عقيل يدلّ أنّها غير أم حبيبة وكان ابن عيينة ربما قال في حديث عائشة حبيبة بنت جحش، وهو خطأ إنما هي أم حبيبة لذلك قاله أصحاب/الزهري سواه فكذلك أيضا لما قدمناه من كلام الحربي وغيره، وأنّ الصواب ما خطأه هنا، وقد ذكر الحميدي عنه، وكذا قاله الطبراني في المعجم الكبير، وحمنة هذه كانت تحت طلحة بن عبيد الله وأنها ولدت له محمدا وعمران قاله الزبير بن بكار، وليست أخت أم حبيبة قاله الحاكم في الإكليل، وبنحوه ذكره شيبان في كتاب الطبقات وأحمد بن يحيى البلاذري وابن سعد والكلبي وأبو عبيد في كتاب النسب وغيرهم، وهو مما يصح قول ابن عقيل عن أمه حمنة، وأمّا قول العسكري حمنة بنت جحش هي أم حبيبة وأخت زينب بنت جحش كانت تحت ابن عوف وأنّها هي التي استحيضت وأصحاب الحديث على أنّ حمنة هي التي استحيضت وهي أم حبيبة فيردّه ما حكاه عن الجمحي وهي وإن تعمّدت وما أسلفناه والله تعالى أعلم، قال الشّافعي: وإن روى في المستحاضة حديث مُعلق فحديث حمنة بيّن أنه اختيار وأنّ غيره يجري منه، وفي باب الاستحاضة أحاديث: من ذلك حديث جابر ابن عبد الله: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر المستحاضة بالوضوء عند كل صلاة ". قال أبو القاسم في الأوسط (1) : لم يروه عن أبي أيوب الإفريقي يعنى عن ابن عقيل إلا أبو يوسف القاضي، وحديث الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " المستحاضة تغتسل من قرء إلى قرء ". قال: لم يروه عن الأوزاعي إلا مسلمة بن كلثوم تفرد به عبد بن جياد، وحديث فاطمة بنت قيس قالت: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المستحاضة/فقال: " تعتد أيام أقرائها ثم تغتسل لكل طهر ثم تحشى وتكلئ " (2) . قال: لم يروه عن ابن جريج يعنى عن ابن الزبير عن جابر عنها إلا جعفر بن سليمان وقال: وهي فاطمة بنت أبي حبيش قيس، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: ليس هذا بشيء، وقال البيهقي: لا

_ (1) ضعيف. أورده الهيثم في " مجمع الزوائد " (1/281) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به. (2) صحيح. رواه الطبراني في " الصغير " (1/86) . وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/ 280) وعزاه إليه، ورجاله رجال الصحيح.

يقوم عليه الحجة، وتقدّم حديث عائشة أنّ فاطمة جاءت إليها، وقال فيه أبو عبد الله: حديث صحيح ولم يخرجاه، وحديث سودة بنت زمعة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تجلس فيها ثم تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ لكل صلاة " (1) قال: لم يروه عن الحكم يعنى ابن عيينة عن أبي جعفر عنها إلا العلاء بن المسيب، ولا عن العلاء إلا حفص بن غياث تفرد به الحسن بن عيسى، وحديث أسماء جاءت جارية إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: " اشتكيت من حيض. قال: كيف؟ قالت: يأخذني فإذا تطهرت منها عاودتني قال: إذا رأيت ذلك فامكثي ثلاثا " (2) . ذكره البيهقي من حديث حرام بن عثمان عن ابن جابر عن أبيه وضعفه بحرام، قال الشّافعي: الحديث عن حرام هو حديث لا يصح، وفي الاستذكار: لا يوجد إلا بهذا الإسناد، وحرام متروك الحديث مجمع على طرحه، وفي رواية أبي بكر بنت الجهم المالكي: جعله من مسند جابر بن عبد الله، وحديث زينب بنت أم سلمة " أنّ امرأة كانت تهراق الدم وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرها أن تغتسل عند كل صلاة وتصلي " خرجه أبو داود (3) عن أبي معمر عن عبد الوارث عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال: أخبرتني زينب قال البيهقي خالفه/يعني جسنا هشام الدستوائي، فأرسله عن يحيى فجعل المستحاضة زينب، وأنّها كانت تعتكف مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهي تهريق الدم، قال: ويروى من وجه آخر عن عكرمة بخلاف هذا أنّ أمّ حبيبة وهو منقطع، وقال الرازي: وقال المعلم عن أبي سلمة: أخبرتني زينب بنت أم سلمة أنّ امرأة وهو مرسل، وفي المصنف: ثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة أنّ امرأة وهو مرسل، وفي المصنف ثنا عبدة عن هشام عن أبيه عن زينب بنت أم سلمة قالت: رأيت ابنة

_ (1) ضعيف أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/281) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه جعفر عن سودة ولم أعرفه. (2) تقدم من أحاديث الباب. (3) حسن. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، باب (109) ، (ح/293) .

جحش، وكانت مستحاضة تخرج من المركن والدّم عاليه ثم تصلى، وحديث زينب بنت جحش أنها قالت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّها مستحاضة فقال: " تجلس أيّام أقرائها وتغتسل وتصليها جميعا وتغتسل للفجر ". رواه النسائي (1) عن سويد عن ابن المبارك عن سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها، ولما ذكره البيهقي أعلّه بامتناع عبد الرحمن من رفعه؛ وذلك أنه قيل له عن النبي عليه السلام قال: لا أحدثك عن النبي عليه السلام بشيء قاله النضر بن شميل وغيره عن شعبة انتهى، وحديث النسائي المذكور يقضى على قوله، وأمّا امتناع عبد الرحمن من رفعه؛ فلأنّه سمع فأمرت فيما بقى له بأن يقول: فأمرها النبي عليه السلام؛ لأنّ اللفظ الأول ليس بصريح في النسبة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل هو مسند بطريق اجتهادي فليس له أن ينقله إلى ما هو صريح، ولا يلزم من امتناعه من صريح النسبة إلى الشيء أن لا يكون مرفوعا على ما هو معروف من أنّ هذه الصيغة مرفوعة، وفي صحيح البخاري (2) ما يوضحه عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اعتكف واعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم فرّبما وضعت الطست تحتها من الدم ". وكلام أبي داود/الكافة كما نقله الآحاد العدول، ولا مخالف فيه إلا طوائف من الخوارج يرون على الحائض الصلاة، وأمّا علماء السلف والخلف قاطبة بالأمصار: فكلّهم على أن الحائض لا تصلّى ولا تقضى الصلاة أيام حيضها إلا أنّ من السلف من كان يأمر الحائض بأن تتوضأ عند وقت الصلاة وتذكر الله تعالى، ولتستقبل القبلة ذاكرة لله جالسه روى ذلك عن عقبة بن عامر، وقال: كان ذلك من هدى نساء المسلمين في حيضهن، وقال عبد الرزاق: قال: نعم بلغني أنّ الحائض كانت تؤمر بذلك عند كل وقت صلاة، وابن جريح عن عطاء لم يبلغن ذلك وإنه لحسن، قال ابن عمرو: وهو متروك عند جماعة الفقهاء بل يكرهونه، قال أبو قلابة: سألنا

_ (1) ضعيف. رواه النسائي في: 1. كتاب الطهارة، 135. باب ذكر الاغتسال من الحيض (1/ 119.118) . قلت: والحديث معلول بالرفع. (2) صحيح. رواه البخاري في (الحيض، باب " 10 " والدارمي (ح/ 877) وأحمد (6/131، 137، 172) .

عنه فلم نجد له أصلا، وقال سعيد بن عبد العزيز: ما نعرفه، وإنا لنكرهه. قوله: فاغسل عنك الدم: هو أن تغتسل عند أدبار حيضها وإقبال استحاضتها كما تغتسل الحائض عند رؤية كليهما؛ لأنّ المستحاضة طاهرة ودمها دم عرق كدم الجرح السائل، وهذا إنّما يكون في امرأة تعرف دم حيضها من دم استحاضتها، قال أبو عمرو: وكان مالك يستحب لها الوضوء لكل صلاة ولا يوجبه عليها كما لا يوجبه من سلس البول، وممن أوجبه الثوري وأبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي (1) وهؤلاء كلّهم ومالك منهم لا يرون عليها غسلا غير مرّة واحدة عند إدبار حيضها وإقبال استحاضتها ثم تغسل عنها الدم وتصلى ولا تتوضأ إلا عند الحدث عن مالك وهو قول عكرمة وأيوب، وكذلك التي تقعد أيامها المعروفة ثم تستطهر عند مالك ولا تستطهر عند غيره تغتسل أيضا عند أيامها واستطهارها،/ولا شيء عليها إلا أن تحدث حدثا يوجب الغسل، وأمّا عند الشافعي وأبي حنيفة والثوري ومن ذكرنا معهم: فتتوضأ لكل صلاة على حسب ما ذكرنا، وذهبت طائفة من العلماء: إلى أن الغسل لكل صلاة واجب على المستحاضة للأحاديث السابقة؛ ولأنه لا يأتي عليها وقت صلاة إلا وهي فيه شاكة هل هي حائض أو طاهر، مستحاضة أو هل طهرت في ذلك الوقت بانقطاع دم حيضها أم لا فواجب عليها الغسل للصلاة، وهذا أيضا عن علي وابن عبّاس وابن الزبير وسعيد بن جبير وهو قول ابن علية، وقال آخرون: عليها أن تجمع بين كلّ صلاتين كما تقدم، وروى ذلك عن ابن عباس وعلي وهو قول النخعي وعبيد الله بن شدّاد، وقال آخرون: تغتسل كل يوم مرة في أي وقت شاءت من النهار أسنها، رواه معقل الخثعمي عن علي، وقال آخرون: تغتسل من طهر، رواه مالك في الموطأ عن ابن المسيب، وكان مالك يقول: ما أرى الذي حدثنى به من طهر أنّ طهر الآخر وهم، قال الخطابي: ما أحسن ما قال مالك ولا أعلمه قولا لأحد (2) من الفقهاء وإنما هو من طهر إلى طهر، وفيه نظر لما قال أبو عمر ليس لوهم؛ لأنه صحيح عن سعيد معروف من

_ (1) قوله: " الأوزاعي " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) قوله: " لأحد " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه

مذهبه رواه عند جماعة، وهو قول سالم وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وروى مثله عن ابن عمرو أنس ورواه عن عائشة، وقد روى سعيد بن المسيب في ذلك مثل قول مالك والفقهاء.

81- باب ما جاء في دم الحيض يصيب الثوب

81- باب ما جاء في دم الحيض يصيب الثوب حدثنا محمد بن بشار، ثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدى قالا: ثنا/سفيان عن ثابت بن هرمز أبي المقدام عن عدىّ بن دينار عن أم قيس بنت محصن قالت: سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن دم الحيض يصيب الثوب قال: " اغسليه بالماء والسدر وحكيه ولو بضلع " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم في صحيحه عن محمد بن عمر الحمداني عنه، وقال: قوله عليه السلام: " اغسليه بالماء " أمر فرضي، وذكر السدر والحك بالضلع أمر ندب وإرشاد، وقال أبو الحسن ابن القطان: وهو حديث في غاية الصحة، وعاب على أبي مُحمد قوله: الأحاديث الصحاح ليس فيها ذكر الضلع والسدر، قال: وهو قد يفهم منه أنّ حديث أم قيس هذا يروى على وجهين: أحدهما: فيه ذكر الضلع والسدر، والآخر: لا يذكر ذلك فيه وهي الطرق الصحيحة، والوجه الآخر: أنّ الأحاديث الصحاح من غير روايتها ليس منها ذلك، فلو كان الأول كان مال الحديث بالاضطراب وترجيح أحد روايته على الأخرى وإذ كان الوجه الثاني فذلك لا يكون تضعيفا له إذا صح طريقه فاعلم إلا أن إنه إنما يعني هذا الوجه أعني: أنّ غيره من الأحاديث كحديث أسماء ليس فيه ذلك، وحديث أم قيس المذكور مثبت اللفظ صحيح الإسناد، ولا أعلم له علّة، والعجب أنه أورد قبله حديث ابن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر، وهو عنى ما أنكر عليه زوجها هشام فلم يقل أبو محمد فيه شيئا بل سكت عنه، ثم ذكر هذا بعده، وهو أحق بأن يصحح فلم يبال: وقال فيه: ما ذكرناه والله تعالى أعلم، ولما ذكره عبد الحق في الكبير أتبعه عدي: لا أعلم روى عنه إلا ثابت، وقد وثقة النسائي فكان يلزم أبا الحسن ألا يصححه كما فعل في حديث عمرو بن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/ 628) ، والدارمي (1/240) ، وابن حبان (ح/ 235) ، وعبد الرزاق (1226) وابن خزيمة (227) ، والحلية (7/123) ، والكنز (27283) . وصححه الشيخ الألباني. (الإرواء: 1/197) . غريه: قوله: " ولو بضلع " أي: بعود وهو في الأصل واحد أضلاع الحيوان. أريد به العود المشبه به.

نجدان ونظائره لكونهم لم يرو عنهم/إلا واحد، وإن كان قد وثّق كما سبق، والله أعلم، ولفظ العسكري في كتاب الصحابة حليه بضلع واسقيه ماء وسدر "، وفي لفظ: قال عبد الرحمن- يعني ابن مهدي- الحل مثل الغسل. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو خالد الأحمر عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن دم الحيض يكون في الثوب قال: " اقرضيه واغسليه وصلى فيه " (1) . هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم، ولفظ البخاري سألت امرأة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيض كيف تصنع؟ قال: " إذا أصاب إحداكن الدم من الحيض فلتقرضه ثم لتنضحه ثم لتصل فيه " (2) . ولفظ مسلم (3) " يصيب ثوبها من دم الحيضة قال: تحته ثم لتقرضه بالماء ثم تصلي فيه "، وفي لفظ لأبي داود (4) : من حديث محمد بن إسحاق تصلى فيه: " قال: تنظر: فإن رأت فيه دما فلتقرضه بشيء من ماء، ولتنضح ما لم ير ولتصلي فيه ". وفي لفظ حبيبة: " ثم اقرضيه بالماء ثم انضحيه "، وزعم في الفرد أنه حديث تفرد به أهل المدينة، وفي لفظ الترمذي (5) : " اقرضيه بماء ثم رشيه " ولفظ ابن خزيمة (6) : " كيف تصنع بثيابها التي كانت تلبس، يقال: إن رأيت منها شيئا فلتحكه ثم لتقرضه شيء من ماء، وتنضح في سائر الثوب ماء وتصلي فيه "، وفي لفظ: إن رأيت فيه ماء فحكِّيه "، وفي لفظ: " ثم رشي

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/629) ونصب الراية (1/207) وابن أبي شيبة (1/95) . وصححه الشيخ الألباني. غريبه: قوله: " اقرضيه " من القرض. وهو أن تقبض بإصبعين على الشيء ثم تغمز غمزا جيدا. وفي النهاية: القرض الدلك بالأصابع، مع صب الماء عليه حتى يذهب أثره. (2-3-4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الحيض، باب 300 "، والوضوء، باب " 63 ") ومسلم في (الطهارة، ح/110) وأبو داود في (الطهارة، باب " 130 "، ح/360) . (5) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 104. باب ما جاء في غسل دم الحيض من الثوب، (ح/138) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". (6) صحيح. رواه ابن خزيمة: (276) والدارمي (1/197، 239) . وصححه الشيخ الألباني. (الصحيحة: 1/539) .

وصلى فيه "، وفي لفظ: " تنضحيه وتصلى فيه "، ولفظ أبي نعيم: " لتحكه ثم لتقرضه بالماء، ثم لتنضحه، ثم لتقرضه بالماء، ثم تنضحه، ثم لتصلى فيه " (1) . حدثنا حرملة بن يحيى، ثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث/عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: " إن كانت إحدانا لتحيض ثم لتقرض الدم من ثوبها عند طهرها فتغتسله وتنضح على سائره ثم تصلى فيه ". هذا حديث تفرد ابن ماجة (2) به موقوفا وإسناده صحيح، وفي الصحيحين (3) : " ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإن أصابه شيء من دم بلّته بريقها ثم تضعه بظفرها "، وفي كتاب أبي داود (4) بسند فيه ضعف: يغسله فإن لم يذهب أثره فليقرضه بشيء من صفرة قالت: كنت أحيض عند النبي ثلاث حيضات جميعا لا أغسل لي ثوبا ". ورواه الدارمي في مسنده بسند جيّد، وفي لفظ لأبي داود: " أخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكساء فلبسه، ثم خرج يصلي الغداة، ثم جلس: فقال رجل: يا رسول الله هذه لمعة من الدم، فقبض إلى يأتليها فبعث بها إلي مصروره في يد الغلام، فقال: اغسلي هذه وأجفّيها ثم أرسلي بها إلي "، فقلت: فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصف النهار وهي عليه " (5) . وحديث أبي هريرة: أنّ خولة بنت يسار أتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله: ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه، قال: " فإذا طهرت فاغسلي موضع الدم ثم صلى فيه، قالت يا رسول الله: إن لم يخرج

_ (1) صحيح. رواه أحمد (6/345) ، والبيهقي (1/13) وأبو عوانة (1/206) . (2) صحح. رواه ابن ماجة في: 1. كتاب الطهارة 1181. باب في ما جاء في دم الحيض يصيب الثوب، (ح/630) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الحيض، باب " 9 ") ومسلم في (الطهارة، ح/110) وأبو داود (ح/358) والترمذي (ح/138) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقد اختلف أهل العلم في الدم يكون على الثوب فيصلى فيه قبل أن يغسله. ومالك في (الطهارة، ح/103) . (4) حسن. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، 130. باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها، (ح/357) . (5) حسن. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، 140. باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب، (ح/388) .

أثره؟ قال: يكفيك الماء ولا يضرك أثره ". ورواه الإمام أحمد (1) ، وفي تاريخ ابن أبي خيثمة في الأوسط: ثنا أبو داود وثنا علي بن ثابت عن الوازع بن نافع عن ابن سلمة عن خولة بنت يسار قالت: قلت: يا رسول الله، ست جعله من مسنده، وفي كتاب الطبراني عن يحيى بن إسحاق عن عثمان بن أبي شيبة ثنا علي بن ثابت الجوري عن الوازع عن أبي سلمة/عن خولة بنت حكيم فذكره والله أعلم، والوازع تركه جماعة منهم النسائي، وحديث امرأة من غفار قالت: أردفني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حقيبة رحله قالت: فوالله لتركب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتى الصبح فأناخ ونزلت عن حقيبة رحله، وإذا بها دم منى، وكانت أول حيضة حضتها قالت: فتقبضت إلى الناقة أو استحييت، فلما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتي ورأى الدم قال: مالك لعلك نفست، قلت: نعم. قال: " فأصلحي من نفسك ثم خذي إناء من ماء واطرحي فيه ملحا، ثم اغسلي ما أصاب الحيضة من الدم، ثم عودي لمركبك ". قالت: فلما أفتح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خيبر رضخ لنا من الفئ، قالت: وكانت لا تطهر إلا جعلت في طهورها ملحا، وأوجبت به أن يجعل في غسلها حتى ماتت " (2) . أنبأ به أبو الحسن بن الصلاح رحمه الله تعالى بقراءتي عليه، ثم الحافظ أبو علي البكري، أنبأ أبو عبيد الله محمد بن محمد بن عاصم أنبأ الشيوخ أبو طاهر روح وأبو الفضل بن عباس أنبأ أبو الرجاء الداري وأبو سعيد محمد بن عبد الواحد قالوا: أنبأ الحافظ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة- رحمه الله تعالى- بجميع كتاب المردفين، قال: أنبأ أبو الحسن على بن محمد ابن على بن محمد السيرافي ثنا القاضي أبو عبد الله أحمد بن إسحاق بن حرمان النهاوندي ثنا محمد بن عبد الرزاق، نا سليمان ثنا محمد بن عمرو

_ (1) صحيح. رواه أحمد (364، 380) والبيهقي (8/402) والفتح (1/334) والإرواء (1/ 189) والصحيحة (ح/298) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/313) والبيهقي (2/407) وبداية (4/204) . غريبه: قوله: " حقيبة " بفتح الحاء المهملة هي كل ما شد في مؤخْر رحل أو قتب، والرحل: هو المركب للبعير، وهو أصغر من القتب، وقال ابن الأثير: الحقيبة: هي الزيادة التي تجعل في مؤخر القتب.

الرازي ثنا سلمة- يعني ابن فضيل- ثنا محمد يعنى ابن إسحاق عن سليمان ابن سحيم عن آمنة بنت أبي الصلت عنها، قال ابن منده: وأنبأ محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحيم أنبأ عبد الله بن محمد المقري ثنا ابن أبي عاصم، ثنا أحمد بن محمد بن مبارك/ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي ثنا ابن إسحاق عن سليمان بن سحيم عن آمنة بنت أبي الصلت الغفارية قالت: أتيت النبي عليه السلام في نسوة من بنى غفار فقلنا: يا رسول الله قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك هذا، وهو يسير إلى خيبر. فنداوي الجرحى ونعين المسلمين ما استطعنا فقال: " على بركة الله " فخرجنا معه، وكنت جارية حديثة السنن، فأردفني عليه السلام على حقيبة راحلته "، واعترض ابن القطّان على سكوت أبي محمد عنه وإبرازه من إسناده منه بقوله، ولم يتقدّم له فيها شيء ولا يعرف لها غير هذا، ولا هي مذكورة في غيره، وزعم بعضهم: أنها آمنة بنت الحكم كان الحكم اسم لأبي الصلت، وأنها أم سليمان كذا قاله أبو الوليد بن الفرض في كتابه، ولم يحصل بهذا كله في حدّ من يحتج برواية، وضبط اسمها آمنة بألف مطولة قبلها همزة مفتوحة وميم مكسورة بعدها نون، وكذا وقع ذكرها في سير ابن إسحاق وكتاب أبي داود، وخالف في ضبط اسمها أبو بكر بن ثابت فقال في كتابه التلخيص، باب الفرق بالتذكير والتأنيث مع الاتفاق في الحروف، فذكر في هذا الباب: أمية بن أبي الصلت الشاعر وآمنة بنت أبي الصلت هذه، وروى حديثها المذكور من عند ابن إسحاق، ثم من طريق الواقدي بزيادة أم علي بن أبي الحكم في نفس الإسناد بين سليمان بن سحيم وأمية المذكورة، ثم جعله من روايتها عن النبي ولم يذكر الجارية إلا أنها صاحبة القصة فكان أمية على رواية الواقدي صحابية، وشيء من هذا لم يثبت، ولو جهدت جهدك لم تجد فيه إلا ما قلناه من أنّها مجهولة، وكذلك الغفارية المذكورة ليس ينبغي أن يقبل قولها عن نفسها أنها صحابية، كما لا تقبل قول أحد عن/نفسه أنه ثقة والله تعالى أعلم. انتهى كلامه وفيه نظر من وجوه: الأوّل: قوله: ولا يعرف لها غير هذا، ولا أنها مذكورة في غيره وليس كذلك؛ لأنّ ابن عبد البر ذكر أنّ لها حديثا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا في القدر رواه عنها ابنها سليمان، الثاني قوله: أنّها مجهولة،

مردود بأمرين: الأوّل: برواية اثنين عنها، سليمان ابنها، وأمّ علي الثاني: كونها صحابية (1) معروفة بالصحبة، قال النسوي: أمية بنت قيس أبي الصلت الغفارية لها صحبة، وهي ممن بايعت النبي- عليه الصلاة والسلام-، وكذا ذكرها البلاذري في تاريخه وابن حبان والدارمي في أنسابه، ولما ذكرها ابن سعد في الطبقات الكبرى، قال: أسلمت وبايعت بعد الهجرة، وشهدت مع النبي- عليه الصلاة والسلام- خيبر، وزاد في حديثها بعد قولها: وصح لنا من الفئ ولم يسهم لنا وأخذ هذه القلادة التي في عنقي وأعطانيها وعلقها بيده في عنقي، فوالله لا تفارقني أبدا، فكانت في عنقها حتى ماتت وأوصت أن تدفن معها. الثالث: قوله: اسمها كذلك وقع في سير ابن إسحاق، والذي رأيت في السير بخط عبد الله بن ربيع الحافظ شيخ أبي محمد بن حرام مضبوطا بياء مثناة من تحت، وقد كتب أحمد بن دراح العطلى في الحاشية عن آمنة- يعني بنون- وفي نسخة أخرى بخطه أمية بن أبي الصلت من غير تسمية، وكذا هو في نسخة أخرى مغربية جيّدة الضبط قديمة بياء مثناة من تحت، وكذا هو في كتاب الإكليل لأبي عبد الله الحاكم النسخة التي عليها خطّه وقرأها عليه البيهقي وغيره من العلماء، الرابع: قوله في الغفارية إنّها مجهولة لا يقبل قولها عن نفسها غير جيد؛ لأنها صحابية معروفة الصحابة، والاسم سماها السهيلي ليلى،/قال: ويقال: هي امرأة أبي ذر فلئن كانت ليلى فقد روى عنها غير آمنة وهو برئ من القسم الثعلبي فيما ذكره أحمد بن أبي خيثمة في تاريخه وأبو القاسم في معجمه الكبير، وقال أبو حاتم البستي في كتاب الصحابة: وشرطه ذكر من روى دون غيرهم ليلى الغفارية كانت تغزو مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولما ذكرها أبو عمر في استيعابه بنحوه زاد راويا آخر وهو محمد بن القاسم الطائي، وذكر لها حديث غير المذكور، وهو قول النبي- عليه الصلاة والسلام- لعائشة: " هذا علي بن أبي طالب أوّل النّاس إيمانا " ولئن كانت امرأة أبي ذر، فلا حاجة لنا إلى تعريفها لشهرتها الخامس: ترك إعلاله الحديث

_ (1) قوله: " صحابية " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

بدخلو على بين سليمان وأمه إذ هي مجهولة العين والحالة، وأظنّه إنما ترك ذاك لكونه جاء على لسان بن أبي سيرة وهو ممن لا يعتمد على قوله ولو كان ثقة لكان إعلاله الحديث بهذه العلّة حسن، وليس لقائل أن يقول سليمان ثقة مجمع عليه، وروى عن أمه وليس مدلسا فلا اعتبار ممن أدخل بينهما راويا لاحتمال أن تكون ماتت وهو صغير كما جرى (1) لأبي عبيدة بن عبد الله وغيره، أو يكون سمع منها ولم يسمع هذا بعينه فسمعه عنها هذا إذا صرّح بالسماع منها، وهنا فلم يصرح به والله تعالى أعلم، السادس: قوله أنّ الغفارية صاحبة القصة، وقد قدمنا عن ابن مندة أنها هي صاحبتها لا غيرها وهذا كلّه مشيا على مذهبه، وما استلزمه وإلا فلنحن في غنية عن هذا جميعه؛ لأنّ من كان مذكورا في كتب الصحابة كفينا مؤنته سواء شهد له التابعي بالصحبة أو لم يشهد له، وسواء روى عنه واحد أو أكثر، هذا هو المعمول عليه والجاري،/ وأمّا إعراض المنذري عن كلّ من تقدّم ذكره وتضعفيه لحديث محمد بن إسحاق فغير حسن؛ لأنه ممن لا يضعف به الأحاديث لا سيّما هو فإنّه فعل ذلك في غير حديث صححه أو سكت عنه، وهو من روايته وأحيانا ينبّه عليه فما أدرى ما يوجب ذاك وليس بقائل أن يقول العلة بصحته بما عضده من متابعات وشواهد؛ لأنّه لم يقل ذلك ولو قاله ما قبل منه إلا بإبرازه ذكر ذاك لكي يعلم هل المتابع أهل لذلك أم لا، هذا هو الاصطلاح ولسنا من يحسن الظن به أو الحرص في إبرازه ولا صدوره والله تعالى أعلم، وحديث الحسن عن أبيه عن أم سلمة: " أنّ إحداهن يتبعها القطرة من الدم فإذا أصاب إحداكن ذلك فلتنفثه برقيها ". رواه الدارمي (2) من حديث أبي بكر الهذلي وهو ضعيف وفي الأوسط (3) لأبي القاسم من حديثه عن أحمد بن زهير ثنا علي بن السكن ثنا محمد بن ربيعة العلائي ثنا المنهال بن خليفة عن خالد بن سلمة

_ (1) قوله: " جرى " سقطت من " الأصل " وكذا أثبتناه. (2) قوله: " الدارمي " والحديث الذي رواه بإسناده سقط من " الأصل " إلا كلمات بسيطات، وعليها أتممنا لفظ الحديث. (3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/282) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " ورجاله موثقون.

عن مجاهد عنها قالت: " كانت إحدانا تحيض في الثوب وإذا كان يوم طهرها غسلت ما أصابه ثم صلت فيه، وإنّ إحداكن اليوم تفرغ خادمها فتغسل ثوبها يوم طهرها ". لم يروه عن مجاهد إلا خالد تفرد به المنهال، ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن أحمد بن أبي شريح الرازي أنبأ ابن أحمد ثنا المنهال بلفظ، وقيل لهما: " كيف كنتن تضعن ثيابكن إذا أطمثت على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: " إنّ كنا لنطمث في ثيابنا أو في دروعنا فما نغتسل منه لا أثر ما أصابه الدم " الحديث. غريبه، قوله: تضلع بضاد معجمة، قال ابن الأعرابي: الضلع العود هاهنا، وقال الأزهري: الأصل ضلع الجنب، ويقال للعود الذي فيه عرض واعوجاج ضلع شبيها / بالضلع، وفي ديوان الأدب: في باب فعل بكسر بالفاء وفتح العين الضلع واحد الأضلاع والضلع أيضا الجبيل (1) المنفرد، وأنبأ ابن سيده فقال: هو الجبيل الصغير الذي ليس بالطويل: وقيل: هو جبل مسروق طويل وقيل: هو الحبل مشد وأمّا قول القشيري في روايتنا يخطئ من جهة ابن حيوة عن النسائي بصلع بالصاد المهملة، وفي الحاشية: الصلع بالصاد المهملة المجرد وقع في مواضع بصاد معجمة ولعلّه تصحيف؛ لأنه لا معنى يقتضى تخصيص الضلع وأمّا الحجر فيحتمل أن يحمل ذكره على غلبة الوجود واستعماله في الحك فيشبه أن يكون وهما انتهى ما ذكرنا قبل يوضح ذلك، ويبين أنّه غير مصحف والتصحيف ما أجده وبخط غير معروف ولعلّه إن صحّ كون الصلع بضم الصاد المهملة، وذلك أنّ أبا نصر حكى في صحاحه والصلاع بالضم والتشديد العريض من الصخرة الواحدة، وكذلك الصلع لأنه مقصود منه، وقال الأصمعي: الصلع الذي لا ينبت وأصله من صلع الرأس، وكذا ذكره ابن سيدة في محكمه، وفي الجامع: والضلع الحجر والذي في الحديث رقاع يصلح، قيل: هو الحجر، وقيل: هو الأرض التي لا تنبت فتعيّن أن المرتع للكاتب ما فسر به هذا الحديث هنا فيوهمه هناك أيضا، وليس صحيحا؛ لأنّ عامة الأصول إنما فيها ضلع بالمعجمة كما سبق فإنه ليس بالضلع الذي هو العظم والله تعالى أعلم أما قوله اقرضيه، قال أبو موسى المديني-

_ (1) قوله: " الجبيل " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

رحمه الله تعالى- يعني ادلكيه بأطراف أصابعك وأظفارك مع صب الماء حتى يذهب أثره وقرضه إذا قبضته بإصبعك على جلده ولحمه فأملنه وقصوصه شتمته وتناولته باللسان، وقال المرى: سألته امرأة عن دم الحيض قرصة بالماء أي/قطعة، قال المنذري: وقد روى مخففا ومثلا ومعناهما واحد قوله حبسته بتاء مثناه من فوق معنى الحك والقشر والحيض أصله عند اللغويين السيلان، يقال: حاض الوادي إذا سال، قال الأزهري: وغيره الحيض جريان دم المرأة في أوقات معلومة مرضية رحم المرأة بعد بلوغها، ومخرجه عقب الدم، يقال: حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا ومحاضا: فهي حائض كذا ذكره أبو العباس في صحيحه وفي الصحاح: يالها قال الشاعر: * كحائضة يرى بها غير طاهر * وفي كتاب السبكي عن كتاب الراعي: هو اجتماع فرج المرأة، وفي شرح الصحيح الترمذي: سمى بذلك تشبيها بالحيض وهو ماء أحمر يخرج من شجر السمر يقال من ذاك حاضت السمرة، وفي المحكم يجمع على حيض وحوائض، ويقال: امرأة طامث بالمثلثة والمثناة وطامث ودارس وعارك وضاحك وضاحك وكابر ومعصر ونافث وطامي بالهمزة بمعنى واحد، حكاه الهروي والقاضي أبو بكر بن العربي وغيرهما، وذكر الجاحظ في كتاب الحيوان: أنّ الأرنب يحيض، وكذلك الخفاش واختلف النّاس في أول من حاض فزعم بعضهم: أنّ أوّل ما كان على بنى إسرائيل ورد لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذا شيء كتبه الله على بنات آدم " (1) وقال تعالى: (وامرأته قائمة فضحكت) قال قتادة وغيره: حاضت.

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحج، ح/120) والفتح (1/400) .

82- باب الحائض لا تقضى الصلاة

82- باب الحائِض لا تقضى الصلاة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا علي بن مسهر عن سعيد بن عروبة عن/ قتادة عن معاذة عن عائشة: أن امرأة سألتها أتقضى الحائض الصلاة؟ قالت لها عائشة: أحرورية أنت قد كنا نحيض عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم نطهر ولم يأمرنا بقضاء الصلاة ". هذا حديث اجتمع على تخريجه الأئمة الستة (1) بلفظ: " فكنا نؤمر بقضاء الصوم ولم نؤمر بقضاء الصلاة "، وفي كتاب البخاري: ثنا موسى بن إسماعيل ثنا همام ثنا قتادة قال: حدثتني معاذة فهذا يوضح لك صحة سماع قتادة من معاذة، خلافا لمن أنكره وهو شعبة وأحمد وابن معين كما أسلفناه قبل، وفي صحيح مسلم ما يوضح أنّ السائلة هي معاذة نفسها، وفي الباب حديث أبي سعيد الخدري المذكور في الصحيحين (2) مرفوعا وفيه: " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم قلنا بلى قال: فذاك من نقصان دينها " وحديث ابن عمر مرفوعا من عند مسلم (3) بنحوه وفيه: " تمكث الثلاثة والأربع لا تصل "، وقال فيه حسن صحيح غريب، قولها: أحرورية تعني: الخوارج، ويسمون المرأة والمحكمة والمارقة، قال الإمام أبو الحسن بن أحمد بن إسحاق البشري في كتابه افتراق الأمة: وهي ترضى بجميع هذه الألقاب إلا

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الحيض، باب " 20 "، ومسلم في (الحيض، ح/68) وأبو داود (ح/ 262) والترمذي (ح/ 130) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (الحيض، باب " 17 ") ، والصيام، باب " 64 ") ، وابن ماجة (ح/631) ، والدارمي (ح/988) ، وأحمد 06/32، 94، 97، 120، 143، 185، 231) . غريبه: قوله: " أحرورية أنت " أي خارجية أنت. والحرورية: طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء، وهو موضع قريب من الكوفة وكان عندهم تشدّد في أمر الحيض. شبهتها بهم في تشددهم في أمرهم وكثرة مسائلهم وتفننهم بها. وقيل: أرادت أنها خرجت عن السنة كما خرجوا عنها أ. هـ السندي. (2) صحيح. رواه البخاري في (الحيض، باب " 6 "،، والصوم، باب " 41 ") . (3) لم أقف في مسلم هذا اللفظ. ولكنه في (الإيمان ح/132) بلفظ: " تمكث الليالي ما تصل ". وأورده ابن حجر في الفتح (4/192) وتلخيص (1/163) .

بالمسارقة (1) فإنها تأباه وهم الذين خرجوا على علي- رضي الله عنه- بحروراء ممدودة، وحكى بعضهم القصر أيضا بعد مناظرة ابن عباس إيّاهم ورجوع الغين فقال: على ما نسميكم قال: أنتم الحرورية لاجتماعكم بحروراء، قال أبو العباس في الكامل: والنسبة إلى مثل حروراء حروراوى وأحكم، ولذلك كل ما كان في آخره ألف التأنيث الممدودة، ولكنه ينسب إلى البلد يجدن الزوائد فقيل الحروري، قال الصلتان العبدي: يعنى فيما أرى أمه شهرت سبقها وقد زيد في شرطها الأصبحي،/وحرورية وأزرق يدعو إلى الزرقي، فمثلنا ابنا مسلمون على دين صديقنا والنبي وذكر الشهرستاني أنهم كانوا بحروراء من ناحية الكوفة، ورأسهم عبد الله بن الكوار عتاب بن الأعور، وعبد الله بن وهب الراسبي، وعروة بن جرير، ويزيد بن عاصم، وحرقوص بن زهير البجلي، وكذا ذكر جماعة من العلماء: أنّ حروراء قرب الكوفة منهم أبو الحسن بن المدائني في كتاب أخبار الخوارج، وأبو جعفر الطبري، وابن أعثم في كتاب الفرج تأليفه، وأبو محمد الرباطي، وابن أبي حازم وابن الخزار، وزاد السمعاني على ميلين من الكوفة، وأمّا ما ذكره إمام الإسلام أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد في كتاب الفرق بين الفرق من أنّ حروراء موضع بالشّام فيشبه أن يكون وهما لما أسلفنا من كلام الأئمة، وتفرده فيما أعلم هذا القول؛ ولأنّ عليا إنّما كان بالكوفة وقتالهم له كان هناك ولم يأت أنّه قاتلهم بالشام؛ ولأنه بعد فراغه إنّما كان يرسل إليهم رجلا بعد آخر ليظهر لهم شبهتهم والله تعالى أعلم، وأمّا قول الشهرستاني أن رأسهم كان ابن الكوار وغيره فهو غير صواب لما ذكره من أسلفنا قوله كان رئيسهم ابن الكوار وحرقوص، وإنما الذين عددهم كانوا رؤوسا في قومهم كبارا، قال الشهرستاني: وكبار فرقهم ستة الأزارقة، والصغرية، والنجدات، والفجاردة، والإماضية، والثعالبة والباقون فروع وهم البيهية، والضليّة، والميمونية، والحمرية، والخلفية، والأطرافيّة، والشّيعية، والحازمية، والأحبشة، والمعتدية، والراشدية، والشيبانية، والمكرمية، والمعلومية، والحفصية، والحارثية، واليزيدية، والزيادية، ويجمعهم القول

_ (1) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ".

عن عثمان/وعلي ومقدمون ذلك على كل طاعة يصححون المناكحات إلا على ذلك، ويكفرون أصحاب الكبائر ويرون الخروج على الإمام إذا خالف السنة، وجوزوا أن لا يكون في العالم إمام أصلا وإن احتيج إليه فيجوز أن يكون عبدا أو حرا أو نبطيا، أو فارسيا، وحكى القرطبي أنهم يرون على الحائض قضاء الصلاة إذ لم تسقط عنها في كتاب الله تعالى على أصلهم في ردّ السنة على خلاف بينهم في هذه المسألة، وقد أجمع المسلمون على خلافهم وأنه لا صلاة تلزمها، ولا قضاء عليها، وقيل: أنّ عائشة إنما قالت لها ذلك لمخالفتهم السنة وخروجهم عن الجماعة، فخافت عليها عائشة فقالت لها ذلك؛ لأنّ السنّة بخلاف ما سألت، وحكى عن سمرة أّنه كان يأمر أهله بقضاء الصلاة في الحيض فأنكرت عليه أم سلمة، وذكر النووي رحمه الله تعالى إنّها لا تقضى في زمنه الحيض شيئا إلا ركعتي الطواف.

83- باب الحائض تتناول الشيء من المسجد

83- باب الحائض تتناول الشيء من المسجد حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ناوليني الخمرة من المسجد فقلت إنى حائض فقال: ليست حيضتك في يدك ". هذا حديث خرجه مسلم (1) في صحيحه وخرّج أيضا حديث أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يا عائشة ناوليني الخمرة " (2) الحديث، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث ثابت بن عبيد عن القاسم عنها/أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ناوليني الخمرة " قال ورواه البيهقي عن عائشة فقال حديث ثابت عن القاسم أحب إلي، وذلك أن البيهقي يدخل بيته وبين عائشة عروة، وربّما قال: حدّثتني عائشة وبين البيهقي لا يحتج بحديثه وهو مضطرب الحديث حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد نا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدنى رأسه إلي وأنا حائض وهو مجاور تعنى معتكفا فأغسله فأرجّله ". هذا حديث خرجه الجماعة (3) في كتبهم من حديث الزهري عن عروة حدثنا محمد بن يحيى ثنا

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/12) والنسائي (1/146، 192) وابن ماجة (ح/ 632) وحبيب (2/38) . وصححه الشيخ الألباني. (2) المصدر السابق لمسلم: (ح/13) . غريبه: قوله: " الخمرة " قال الهروي وغير هذه هي السجادة، وهو ما يضع عليها الرجل جزء وجهه في سجوده من حصير أو نسيجة من خوص. وقال الخطابي: هي السجادة يسجد عليها المصلى. وسميت خمر لأنها تخمر الوجه، أي: تغطيه. وأصل التخمير التغطية، ومنه خمار المرأة. والخمر؛ لأنها تغطى العقل. (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الحيض، ح/2،، والاعتكاف، باب 3،25 "،، ولباس، باب " 76 " ورواه مسلم في (الحيض، ح/6، 7، 9) وأبو داود (ح/ 2469.2467) والترمذي (ح/ 804) وصححه. والنسائي في (الحيض، باب ترجيل الحائض رأس زوجها وهو معتكف في المسجد، وباب غسل الحائض رأس زوجها) ، ومالك في (الطهارة، باب " 28 "، ح/ 102) وابن ماجة (ح/ 633، 1778) واحمد (6/262) والطبري (6/102) وابن كثير (1/ 325) وابن أبي شيبة (02/21) والتمهيد (8/322) والمسانيد (2/748) .

عبد الرزاق أنبأ سفيان عن منصور بن صفية عن أمه عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع رأسه في حجري وأنا حائض ويقرأ القرآن ". هذا حديث خرجاه في صحيحهما (1) ، وفي الباب حديث ميمونة بنت الحارث: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع رأسه في حجر إحدانا فتتلو القرآن وهي حائض ويقوم إحدانا لخمرته إلى المسجد فتبسطها وهي حائض ". رواه أبو عبد الرحمن من حديث سفيان عن منبوذ بن أبي سليمان، ويقال ابن سليمان الموثق عبد بن معين البستي (2) عن أمه وهي مجهولة الحال لم يرو عنها غير ابنها فيما أعلم، ولفظ أبي قرة السكسكي في مسنده: ذكر ابن جريج في حديثه أخبرني منبوذ عن أمه أنها أخبرته عن ميمونة سمعتها تقول لابن عباس: " أي بني وأين الحيضة من اليد كانت إحدانا ". الحديث وحديث أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كان في المسجد فقال يا عائشة ناوليني الثوب فقالت: إني/حائض فقال: إن حيضتك ليست في يدك " (3) . ذكره في المحلى من حديث يحيى بن سعيد عن يزيد بن كيسان وأبي حازم عنه وصححه، وحديث أم سلمة قالت: " دخل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صرحه بالمسجد مناديا بأعلى صوته إنّ المسجد لا يحل لجنب ولا حائض ". ذكره ابن ماجة (4) بعد هذا في باب اجتناب الحائض المسجد فقال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن يحيى ثنا أبو نعيم ثنا ابن أبي عيينة عن أبي الخطاب الهجري عن مجدوح الهذلي عن جسرة قالت: أخبرتني أم سلمة به وذكرته هنا اختصارا، وهو حديث قال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة وذكره بلفظ: " لا يصلح هذا الجنب ولا حائض إلا للنبي وأزواجه وعليّ

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الحيض، باب " 3 ") ومسلم في (الحيض، ح/15) وأبو داود (ح/ 260) ، وابن ماجة (ح/ 634) ، وأحمد (6/68، 254) ، وعبد الرزاق (1252) والمسانيد (2/453) ، والكنز (27445) . (2) قوله: " البستي " وردت " بالأصل " " البنى " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (3) تقدم من أحاديث الباب ص 867. (4) ضعيف. رواه ابن ماجة في " سننه " (ح/645) . في الزوائد: إسناده ضعيف. محدوج لم يوثق، وأبو الخطاب مجهول. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/137) ، وضعيف أبي داود (ح/31) .

وفاطمة ". قال: يقولون: عن خيرة عن أم سلمة، والصحيح عن عائشة، قال أبو محمد: وقد روى قلت عن جدّه عن عائشة غير أنه لم يذكر النبي وأزواجه، وقال البخاري في تاريخه: محدوج عن جسرة فيه نظر، وقال ابن جرير: أما محدوج فساقط يروى المعضلات عن جسرة، وأبو الخطاب، مجهول فسقط هذا الجند، ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن محمد بن يحيى ثنا معلى بن أسد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا إلا قلت ابن خليفة. حدثتني جسرة بنت دجانة قالت: سمعت عائشة تقول: جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووجوه بيوت أصحابه شارعة في المسجد فقال: " دعوا هذه البيوت عن المسجد ثم دخل النبي عليه السلام فلم يصنع القوم شيئا وجاء أن ينزل فيهم رخصه، فخرج إليهم فقال: دعوا هذه البيوت عن المسجد، فإنى لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ". ولما رواه أبو داود (1) قال: هو فليت العامري، ورواه محمد في تاريخه الكبير/عن موسى ثنا عبد الواحد عن فليت أبي حسان عن جسرة بزيادة إلا لمحمد وآل محمد، وقال يحيى بن سعيد: عن سفيان عن فليت العامري، وقال ابن مهدي: عن سفيان عن فليت سمع جسرة ودهثمة وعند جسرة عجائب، وقال عروة: عن عائشة عن النبي عليه الصلاة والسلام: " سدوا الأبواب إلا باب أبيِ بكر " (2) . وهذا أصح، وقال ابن حزم: فليت غير مشهور ولا معروف بالثقة، وفي موضع آخر وحديثه بمعنى هذا باطل، وقال أبو سليمان الخطابي وضعفوا هذا الحديث فقالوا فليت روايته مجهولة، ولا يصح الاحتجاج بحديثه (3) ، وقال البغوي في شرح السنة: بحديثه، وقال البغوي في شرح السنة: ضعف أحمد هذا الحديث؛ لأن رواية فليت وهو مجهول انتهى كلامه، وفيه نظر؛ لرواية الثوري وعبد الواحد اللذين سبق ذكرهما عنه، وقال الإمام: ما أرى به بأسا، وهو معارض لما ذكره البغوي، وقال أبو حاتم: شيخ، وقال البرقاني: وقلت له يعنى الدارقطني: فليت بن خليفة عن جسرة، قال: من أهل الكوفة صالح،

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، 92. باب في الجنب يدخل المسجد، (ح/ 232) (2) رواه ابن أبي عاصم (2/579) وتغليق (1085، 1086) . (3) قوله: " بحديثه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

وذكره ابن حبان في كتاب الثقات فهاتان الجهالتان الحال والعين قد زالتا ولله الحمد، وقال أبو محمد الأشبيلي: وذكر حديث عائشة لا يثبت من قبل إسناده، قال ابن القطّان: ما رآه عنى في تضعيفه هذا الحديث إلا فليت، وذكر بعض ما أسلفناه من تحسين حاله، وجسرة وثّقها الكوفي فقال تابعية ثقة، وقول البخاري: عندها عجائب لا يكفي لمن يسقط بها ما روت، ويجئ على نظر أبي محمد أن تكون مشهورة مقبولة لرواية اثنين عنها فليت وقدامة بن عبد الله العامري الهزلي، ولم أقل فيه صحيح، وإنّما أقول إنّه حسن، وكلامه يعطى أنّه ضعيف فاعله انتهى وزاد عبد الغني بن سرور في/الرواة عنها محدوجا، وذكرها ابن حبان في كتاب الثقات فهو إذا صحيح على شرطه أيضا والله تعالى أعلم، وأما قول البزار أثر حديث: " إن تعذّبهم فإنهم عبادك " (1) . ومن حديث قدامة العامري عن جسرة عن عائشة لا تعلم حدّث عن جسرة غير قدامة مردود بما قدّمناه، ودجانة بكسر الدال المهملة لا غير قاله ابن حبيب في كتاب العقل من الزمخشري في كتابه المستقصى في الأمثال، بخلاف النظائر فإنه مثلث الدال حكاه الليلي، وحديث كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لم يكن لأحد أن يجلس في المسجد ولا يمرّ فيه إذا كان جنبا ". ذكره ابن حزم وضعّفه بمحمد بن الحسن من رمى له وكثير بقوله هما مذكوران بالكذب، وليس كما زعم أبو محمد؛ لأنّ كثيرا ممن وثّقه أبو زكريا يحيى بن معين في رواية ابن أبي حمزة وفي رواية معاوية بن صالح، وخرّجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة له حديثا في صحيحه وكذلك الحاكم، وقال محمد بن عبيد الله بن عمار: هو ثقة، وذكره البستي في الثقات، وخرّج له حديثا في صحيحه، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ما أرى به بأسا، وقال أبو الحسن فيما نقله عنه أبو العرب: حجازي ثقة ولم أر أحدا رماه بكذب، ولا شدُّوا القول فيه والّذي رمى به قول أبي عبد الرحمن في تمييزه وذكره وهو ضعيف، وقال أبو زرعة: ليّن، وفي رواية عن ابن معين ليس بشيء، وفي رواية: ليس بذاك القوي، وقال ابن جرير الطبري هو عندهم لا يحتج بنقله،

_ (1) صحيح. رواه الطبراني (10/177) والمسير (2/566) وشرح السنة (4/26) .

وحديث أنس بن مالك قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " سدوا هذه الأبواب فإني لا أحل المسجد " (1) ... الحديث وفيه فقال بعض الناس: " سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر " (2) ،/فقال: " إنى رأيت على أبوابهم ظلمة وعلى باب أبي بكر نورا قال: فكانت الأخيرة أعظم عليهم من الأولى " (3) . ذكره ابن عدى من حديث كاتب (4) الليث وهو منكر الحديث عنه عن يحيى بن سعيد عن أنس، وقد جاءت أحاديث معارضة هذه: منها حديث عائشة: " أن سعدا رمى في الحلة فضرب له النبي- عليه السلام- جنبا في المسجد ليعوده من قرب، وإنّ دمه سال من خرجه حتى دخل حيا القوم " (5) . وحديثها عن وليدة " كان لها في المسجد جنبا أو خفش " وهما في الصحيح، وكذا حديث ابن عمر: " كنت شابا عزبا وكنت أبيت في المسجد في عهد النبي عليه السلام "، وحديث عثمان ابن أبي العاص: " أنّ وفد ثقيف قدموا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتى لهم المسجد حتى تكون أرق لقلوبهم ". خرجه ابن خزيمة (6) في صحيحه، وكذا حديث جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) (7) . إلا أن يكون عبد الواحد من أهل الذمة، وحديث عمرو بن دينار عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال عليه الصلاة والسلام: " لا يصلح في المسجد مقيما ولا ضيفا ". ذكره الحافظ أبو نعيم في كتاب المساجد (8) من تأليفه، وحديث: " المؤمن لا ينجس جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ". وقد تقدم (9) ذكرهما، وذكر زيد بن أسلم: أن الصحابة كانوا يجنبون وهم في المسجد، ذكره ابن المنذر، وعن عطاء بن يسار

_ (1، 2) تقدما من أحاديث الباب. (3) انظر: الكنز: (35686) . (4) أورد المصنف " كلمة " تحت هذا الرقم " غير واضحة " وقال: هذا منكر. (5) قوله: " القوم " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (6) وكذا قوله: " ابن خزيمة " كما سبق في حاشية " 3 ". (7) سورة التوبة آية: (28) . (8) انظر: كتاب المساجد لأبي نعيم. (9) تقدم في بابه.

قال: رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجلسون في المسجد مجنبون فيتوضئوا وضوءهم للصلاة، وعن جابر قال: كان يمر أحدنا في المسجد جنبا محتارا، ذكرهما سعيد بن منصور في سننه، وحديث ثمامة وقال: " /وربطه مشركا في المسجد "، عند مسلم: " وأنّ أهل الصفة كانوا يبيتون في المسجد "، ولا شك أنّ فيهم من يحتلم، ولم يأت أنهم نهوا عن ذلك وفي المصنف ثنا هشيم، عن العوام: " أنّ عليا كان يمِر في المسجد وهو جنب "، وعن أبي عبيدة يمِر ولا يجلس فيه ثم فسر: " ولا جنبا إلا عابري سبيل " وعن هشام الجنب والحائض يمران في المسجد، وقال بكر: قلت للحسن: تصيبني الجنابة فاستطرق المسجد أو آخذ من قبل دار عبد الله بن عمر قال: بل استطرق إذا كان أقرب، وفي الأشراف: ورخّص في المرور ابن مسعود وابن عبّاس وابن المسيّب وابن جبير، وهذا هو الملجى لأهل الظاهر بأن جوّزوا لهما دخول المسجد وكذلك النفساء، قال أبو محمد؛ لأنه لم يأت نهي عن شيء من ذلك، وأمّا الشافعي ومالك وأبو حنيفة: فمنعوهم مطلقا، قال أبو حنيفة: وإن اضطروا إلى ذلك تيمموا ومروا، وقال أحمد وإسحاق: الجنب إذا توضأ لا بأس أن يجلس في المسجد.

84- باب ما جاء للرجل من امرأته إذا كانت حائضا

84- باب ما جاء للرجل من امرأته إذا كانت حائضا حدثنا عبد الله بن الجراح ثنا أبو الأحوص عن عبد الكريم عن عبد الرحمن ابن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت: " كانت إحدانا إذا كانت حائضا أمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تأتزر في فور حيضها ثم يباشرها، وأيكم ملك أربه كما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يملك أربه " (1) . وحدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف ثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق وثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: " كانت إحدانا إذا حاضت/ أمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تأتزر بإزار ثم يباشرها ". هذا حديث خرجه الأئمة الستة (2) في كتبهم، ولفظ محمد: " كنت أغتسل أنا والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إناء واحد كلانا جنب فكان يأمرني أن أأتزر فقلت: تأمرني وأنا حائض، وكان يخرج رأسه وهو معتكف واغتسله وأنا حائض " (3) ، وفي لفظ: " أن تتزر في فور حيضها ثم يباشرها، وفي لفظ أبي داود: (4) " ثم يضاجعها "، ولما ذكره ابن عساكر أغفل ما صدر به ابن ماجة، وذكر السندين بعده وهو في جماعة من الأصول كما تراه والله تعالى أعلم، ولما خرج أبو عبد الله في مستدركه: " وأيكم يملك أربه " (5) . الحديث من حديث عثمان بن أبي شيبة نا جرير عن

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الحيض، باب " 5 "، والصوم، باب " 23 ") ، ومسلم في (الحيض، ح / 273) ، وأبو داود (ح / 273) وفيه " يأمرنا في فوح حيضنا " والفوح: بفتح الفاء وسكون الواو وآخره حاء مهملة. قال الخطابي: فوح الحيض: معظمه وأوله. والترمذي (ح / 132) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتابعين، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق. وابن ماجة (ح/635، 636) ، وأحمد (6 / 40، 42، 44، 98، 113، 126) . غريبه: قوله: " أربه " بكسر فسكون أو بفتحتين بمعنى الحاجة. أي: إنه كان غالبا لهواه أو شهوته. (2) انظر: الحاشية السابقة. (3) رواه أبو عوانة: (1 / 313) . (4) حسن. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، باب (106) ، (ح / 268) ولفظه: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تتزر ثم يُضاجعها زوجها، وقال مرة يباشرها. (5) قلت: وهذه لفظة من " حاشية الحديث " رقم " 1 " المتفق عليها.

الشيباني عبد الرحمن عن أبيه قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ؛ إنما أخرجا في الباب حديث منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة: " كان النبي عليه الصلاة والسلام يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تتزر ثم يضاجعها " (1) . وما شعر أن مسلما روى هذا اللفظ من حديث علي بن مسهر، أنبأ أبو إسحاق عن عبد الرحمن، به سواء في كتاب ابن حزم عنها من طريق ضعيف: " كانت تنام مع النبي عليه الصلاة والسلام وهي حائض وبينهما ثوب" (2) ، وفي لفظ عنها: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عما يحل للرجل من امرأته قال: " ما فوق الإزار " (3) ، وفي الأوسط من حديث قُرة عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: " طرقتنى الحيضة وأنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على فراشه فانسللت حتى وقفت بالأرض فقال: ما شأنك؟ فأخبرته إنى حضت فأمرني أن أشد على إزاري إلى أنصاف/فخذي وأن أرجع " (4) وفيه من حديث ابن أبي مليكة عن عبيد بن عمير عنها قالت: " جاءت امرأة إلى النبي عليه الصلاة والسلام فسألته ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، فقال: ما فوق السرة " (5) ، وقال: لم يروه عن ابن خيثم يعنى عن ابن أبي مليكة إلا القاسم تفرد به مقدم بن محمد، وفي كتاب الدارمي من حديث يزيد بن السرى عنها: " كان النبي عليه الصلاة والسلام يتوشّحني وأنا حائض ويصيب من رأسي وبيني وبينه ثوب " (6) ، وفي كتاب التمهيد من حديث ابن لهيعة أنّ قرط بن عون سألها: أكان النبي عليه الصلاة والسلام يضاجعك

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/268) والنسائي في (الطهارة، باب " 177 "، والحيض، باب " 12 ") وأبو عوانة (1/309) ومعاني (2/165، 166) وابن عدي في " الكامل " (2/649) والكنز (27713) . (2) ضعيف. رواه ابن عبد البر في: " التمهيد ": (3/166) . (3) صحيح. أورده الهيثم في " مجمع الزوائد " (1/281) وعزله إلى أبي يعلى ورجاله رجال الصحيح. (4) صحيح. رواه أحمد بنحو (4/65، 5/64، 378) وله شواهد صحيحة. (5) صحيح. رواه الخطيب في " تاريخه " (6/139) . وله شواهد صحيحة. (6) صحيح. رواه أحمد (6/ 187، 219) والبيهقي (1/312) . وله شواهد صحيحة.

وأنت حائض، قالت: نعم إذا شددت علي إزاري، وذلك إذ لم يكن لنا إلا فراش واحد، فلما رزقنا الله تعالى فراشين اعتزل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1) ثم قال: لا يروى إلا من طريق ابن لهيعة، وليس بحجة، وفي الموطأ (2) عن ربيعة: " أن عائشة كانت مضطجعة مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثوب واحد، وإنها وثبت وثبة شديدة فقال لها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مالك لعلك نفست ... " الحديث قال ابن الحصار: هذا مقطوع لا تعذر على إسناده من حديث عائشة فيما علمت، وفي لفظ للنسائي (3) : " تزر بإزار واسع ثم تلتزم خدرها وندبيها "، وفي الأوسط: " كنت أغطّى سفلى ثم يباشرني " (4) ، وقال: لم يروه عن نافع إلا ابن أرطأة ولا عن حجاج إلا عمرو بن أبي قيس وحفص بن غياث، وفي حديث آخر " يضاجعني وأنا حائض ثم نغتسل جميعا من إناء واحد " (5) ، وقال: لم يروه عن يحيى السقا إلا الحارث بن مسلم/حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة قال، عن أم سلمة قالت: " كنت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في لحافة فوجدت ما يجد النساء من الحيضة فانسللت من اللحاف فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنفست؟ قلت: وجدت ما يجد النساء من الحيضة قال: ذاك ما كتب على بنات آدم، قالت: فانسللت فأصلحت من شأني ثم رجعت فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعالى فادخلي معى في اللحاف، قالت: فدخلت معه ". هذا حديث خرجاه في صحيحهما (6) ، وفي كتاب الدارمي زيادة " وكانت هي

_ (1) قلت: ذكره المصنف وعزاه إلى " التمهيد " وهو معلول؛ بابن لهيعة. انظر: التمهيد (3/161) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه مالك (ص 58، ح/94 من كتاب الطهارة والبخاري في ) الحيض، باب " 4 " ومسلم في (الحيض، ح/5) . قول: " مالك " أي: أي شيء حديث لك حتى وثبت. (3) رواه النسائي في: 1. كتاب الطهارة، 180. باب مباشرة الحائض 01/151) . (4) ضعيف. تاريخ أصفهان: (1/268) . (5) ضعيف. رواه ابن عبد البر في " التمهيد " (3/162) ، ولفظه: " كان يضاجع أم سلمة وهي حائض ". وراجع: سنن الدارمي (1/260، ح/1045) . (6) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح / 298، 322، 323) ، ومسلم في (الحيض، ح/ 62) ، والنسائي في (الطهارة، باب مضاجعة النساء) .

والنبي عليه السلام يغتسلان في الإناء الواحد من الجنابة وكان يقبلها وهو صائم ". حدثنا الخليل بن عمرو ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن معاوية بن أبي سفيان عن أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: سألتها كيف كنت تصنعين مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحيض قالت: " كانت إحدانا في فورها أوّل ما تحيض تشدّ عليها إزارا إلى أنصاف فخذيها، ثم تضطجع مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) . هذا حديث إسناده صحيح، وفيه طريقة ثلاثة من الصحابة يروى بعضهم عن بعض، الخليل كتب عنه جماعة منهم: أبو حاتم الرازي، ومحمد بن هارون الفلاس، وعلي بن إسحاق زاطيا وهاشم بن زكريا، ومحمد بن سلمة حديثه في صحيح مسلم، وسويد بن قيس تقدّم ذِكْرنا له، وإن البستي: وثقة وفي الباب غير ما حديث، من ذلك: حديث ميمونة: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا/أراد أن يباشر المرأة من نسائه أمرها فأتزرت وهي حائض " (2) . وقع لنا عاليا أنبأ به الإمام تاج الدين بن دقيق العيد أنبأ ابن الحميري، أمّا السلمي أنبأ الثقفي ثنا ابن مأثومة ثنا محمد بن يعقوب ثنا الحسن بن علي بن سمعان نا أسباط بن محمد عن الشيباني عن عبد الله بن شدّاد عنها، وهو مخرج في الصحيح، وفي كتاب النسائي (3) من حديث ندبة عن مولاتها ميمونة وهي مرسية بالجهالة: " إذا كان عليها إزار إلى أنصاف الفخذين والركبتين يحتجز به "، ولما ذكر الحافظ ضياء الدين حديث ميمونة هذا في أحكامه أشار إلى أنّه عند أحمد وأبي (4) داود والنسائي، وكذلك المنذري وغفلا عمّا أسلفناها وحديث

_ (1) رواه ابن ماجة في: 1. كتاب الطهارة، 121. باب: ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا، (ح/638) . قال السنديْ: الحديث صحيح معنى، وإن بحث في الزوائد هذا الإسناد بأن فيه محمد بن إسحاق، وهو يدلس، وقد رواه بالعنعنة. (2) صحيح. رواه البخاري (1/83) ، وأبو داود (2167) ، وأحمد (6/336) ، والبيهقي (1/ 311، 7/191) ، والطبري 02/227) ، وابن كثير (1/379) ، والمنثور (1/259) ، والتمهيد (3/169، 5/262) ، والكنز (18340) . (3) رواه النسائي في: 1. كتاب الطهارة، 180. باب مباشرة الحائض (1/151. 152) . (4) رواه أبو داود في 1. كتاب الطهارة، باب قوله: " ندبة " بفتح نون ودال جميعا آخره=

عمير مولى عمر بن الخطاب قال: " جاء نفر من أهل العراق إلى عمر فقال لهم عمر: أيأذن خيثم قالوا: نعم. قال: ما جاء بكم؟! قالوا: جئنا نسأل عن ثلاث، قال: وما هن، قالوا: صلاة الرجل في بيته تطوعا ما هي؟ وما يصلح للرجل من امرأته وهي حائض؟ وعن الغسل من الجنابة؟ فقال: لقد سألتموني عن ثلاثة أشياء ما سألني عنهن أحد منذ سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنهن، أما الحائض: فما فوق الإزار وليس له ما تحته "، وذكر يأتي في الحديث وفي لفظ: " ألا يطلعن إلى ما تحته حتى تطهر "، رواه الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده (1) وهو ضعيف، كذا قاله ابن حزم وهو غير صحيح؛ لأنه ممن وثقة العجلي وأبو حاتم البستي وصحح أبو عيسى له حديثا، وخرّج له ابن الجارود في منتقاه من طريق ضعيفه، ومن طريق أخرى منقطعة يقرّ على ذلك ابن حزم، وحديث حكيم بن حزام عن عمه عبد الله بن سعد أنّه سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما يحلّ لي من امرأتي وهي حائض قال:/ " لك ما فوق الإزار ". ذكره أبو داود (2) وأصله عند ابن ماجة. وحديث عكرمة عن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا ". رواه أبو داود (3) إسناد صحيح عن موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن أيوب عنه، وحديث عبد الله بن عباس: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يباشر أم سلمة وعلى قبلها ثوب يعنى وهي حائض ". أنبأ به المسد المعمر أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يوسف المصري أنبأ أم أحمد زينب الحرانية قرات عليها وأسمع أنبأ ابن طراز وأنبأ أبو غالب إلينا أنبأ أبو الغنايم بن المأمون أنبأ أبو القاسم أنبأ أبو بكر عبد الله بن سليمان

_ = موحدة، وقيل بسكون الذال، وحكى: بضم النون وسكون الدال. وقال ابن حزم في المحلى: أبو داود يروى هذا الحديث عن الليث فقال: ندبة بفتح النون والدال، ومعمر يرويه ويقول: ندبة بضم النون وإسكان الدال، ويونس يقول: بدية بالباء المضمومة والذال المفتوحة والياء المشددة، وحكى المزي في التهذيب قولا آخر: أنها بدنة بفتح الباء الموحدة والدال المهملة بعدها نون. (1) بنحوه أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/281) مختصرا، وعزاه إلى أبي يعلى من حديث عاصم بن عمر. ورجاله رجال الصحيح. (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/212) والموضح (1/111) وإتحاف (10/230) والمنثور (1/ 259) والبيهقي (1/312) . قلت: وأصله عند ابن ماجة. (3) إسناد صحيح. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، باب: " 106 "، (ح/272) .

بن الأشعث ثنا هشام بن خالد عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى ابن أبي كثير عن عكرمة عنه، وذكره ابن حزم من طريق عبد الرحمن بن سليمان عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس، أنه سئل عما يحل من المرأة الحائض لزوجها فقال: سمعنا والله تعالى أعلم إن كان قاله رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو كذلك " يحل له ما فوق الإزار "، ورد لعدم تحقق ابن عباس إسناده وما أسلفناه يقضى عليه والله تعالى أعلم، وحديث معاذ سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، فقال: " ما فوق الإزار والتعفف عن ذلك أجل "، رواه أبو داود (1) من حديث بقية عن سعد الأفطس، وقال: ليس بالقوي، وقال ابن حزم: هذا خبر لا يصح؛ لأنه عن بقية وليس بالقوى عن الأعطش، وهو مجهول، ورواه أبو القاسم في الكبير (2) من حديث إسماعيل بن عياش، قال حدثنى سعيد بن عبد الله/الخزاعي عن عبد الرحمن ابن غنم عن معاذ به فخرجا من الإسناد، وحديث كريب مولى اين عباس قال سمعت أم المؤمنين تقول: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضطجع معى وأنا حائض وبيني وبينه ثوب " (3) . ذكره ابن وهب في مسنده من حديث مخرمة عن أبيه عنه. وحديث أبي ميسرة قال: قالت أم المؤمنين: " كنت أتزر وأنا حائض، ثم أدخل مع النبي عليه السلام في لحافه ". رواه الدارمي في مسنده (4) بإسناد صحيح عن عبد الصمد ثنا شعبة عن أبي إسحاق عنه، وحديث زيد بن أسلم أنّ رجلا سأل النبي- عليه الصلاة والسلام- ما يحل لي من امرأتي وهي حائض، قال: " ليشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها " ذكره مالك في الموطأ (5) (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/ 213) والمشكاة (552) والكنز (44896) والمنثور (1/260) وابن كثير (1/379) قلت: وعلته بقية بن الوليد. (2) قلت: ورواية الطبراني معلولة أيضا بإسماعيل بن عياش. (3) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/4) والبيهقي (1/311) وأبو عوانة (1/310) . (4) صحيح. رواه الدارمي في: كتاب الوضوء، 107. باب مباشرة الحائض، (ح/ 1048) . (5) ضعيف. رواه مالك في: 2. كتاب الطهارة، 26. باب ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض، (ح/ 93) . قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدا رواه بهذا اللفظ مسندا؛ ومعناه صحيح ثابت.-

وقال أبو عمر في التمهيد: لا أعلم أحدا روى هذا الحديث مسندا بهذا اللفظ، ومعناه صحيح ثابت والله تعالى أعلم، قوله: أنفست بفتح النون يعني. حضت هكذا الرواية، قال الحري: نفست المرأة ونفست إذا ولدت ونفست بالفتح أيضا لا غير حاضت، وفي أفعال ابن طريف عكسه نفست المرأة بضم النون إذا ولدت، ونفست ونفست بضم النون وفتحها إذا حاضت، وكذا حكاه ابن القوطية أيضا، وحكى الزمخشري أن اللحياني قال في نوادره: نفست المرأة تنفس بكسر الماضي والمستقبل مثل حسب يحسب وإخواته وليس ذلك بمعروف، فقال أبو علي الفارسي في التذكرة: وأصله من الشقق والانصداع، فقال: تنفست القوس إذا تشققت، وقال ابن درستويه في شرحه للفصيح: إنمّا سُمّى الدم نفسا لنفاسه في البدن وقوام الروح والبدن به، وحكى ابن عدليس أنّ الحائط يقال لها نفسا، وبوّب البخاري على هذا باب من سمّى النفاس حيضا ورد عليه،/وقيل: الصواب أن نقول: باب من سمّى الحيض نفاسا، وكأنه أراد حكم هذا الحكم هذا في منع الصلاة أو لاشتراكهما لغة، كما تقدّم قولها: إذ انسللت، قيل: لأنها خافت وصول شيء من الدم إليه، أو تعددت نفسها ولم ترضها للمضاجعة عليه السلام، أو خافت نزول الوحي وسفله يحركها عمّا هو فيه فلهذا أخفت انسلالها، والأرب فيه لغتان قال الجوهري: أرب، وأربة، وإرب، ومأربه، وهي: الحاجة، زاد القزاز والجمع: آراب ومشارب، ومنه قول عائشة: كان أملككم لاربه أي لحاجته، ولا رتبة وهي الحاجة أيضا، زاد اللحياني في نوادره: والماربة بفتح الراء وكسرها وضمها الحاجة، اختلف العلماء في مباشرة الحائض، فأجاز مالك وأبو حنيفة والشّافعي في أصح الأقوال ما فوق الإزار، وهو قول ابن المسيب وسالم والقاسم وطاوس

_ وقال الزرقاني: رواه أبو داود عن عبد الله بن سعد الأنصاري. ورواه أبو داود بإسناد فيه ضعيف في: 1. كتاب الطهارة، باب (82) ، (ح/213) . وتقدمت رواية أبي داود.

وشريح وقتادة وسليمان بن يسار والأوزاعي، وقال أحمد وإسحاق ومحمد بن الحسن وداود وأصبع وبعض أصحاب الشافعي: ليستمتع منها بما دون الفرج، وهو قول ابن عباس والنخعي والشعبي والحسن وعكرمة والثوري معلّقا- بقوله عليه الصلاة والسلام- حديث أنس الذي في الصحيح: " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " (1) . قال ابن حزم: وأما حديث عائشة: " كنت إذا حضت نزلت عن المثال إلى الحصير فلم تغرب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يدن منى حتى أطهر "، فخبر ساقط وقوله تعالى: (فاعتزلوا النساء في المحيض) (2) . والمحيض في اللغة: قد يكون موضع الحيضة، وهو الفرج وهذا فصيح معروف، فتكون الآية حينئذ موافقة لخبر أنس، وهذا هو الذي صح عمن جاء عنه في ذلك شيء من الصحابة، قال مسروق: سألت عائشة: ما يحل لي من/امرأتي وهي حائض قالت: " كل شيء إلا الفرج ". وعن علي وابن عباس وأبي طلحة: " فاعتزلوا النساء في المحيض " قال اعتزلوا نكاح فروجهن، وهو قول أم سلمة ومسروق وعطاء وغيرهم، وأما مؤاكلة الحائض ومضاجعتها وقبلتها، فأمر مجمع عليه فيما حكاه محمد بن جرير في كتاب تهذيب الآثار إلا ما شهد به عبيدة السلماني.

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/16) ، وابن ماجة (ح/644) ، والمشكاة (525) ، وأحمد (3/132) ، وتلخيص (1/164) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/58) ، وابن كثير (1/ 378) ، ومعاني (3/38) ، والكنز (44894) . وصححه الشيخ الألباني. (2) سورة البقرة آية: 222.

85- باب النهي عن إتيان الحائض

85- باب النهي عن إتيان الحائض حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد ثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهيجامي عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أتى حائضا أو امرأة في دبرها، أو كاهنا فصدّقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". هذا حديث لما خرجه أبو عيسى (1) قال: لا يعرف إلا من حديث حكيم عن أبي تميمة عن أبي هريرة، وإنّما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ، فقد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من أتى حائضا فليتصدق بدينار " (2) ، فلو كان إتيان الحائض كفرا لم يؤمر فيه بالكفارة، وضعّف محمد هذا الحديث من جهة إسناده، وقال في العلل: سألت محمدا عن هذا الحديث فلم يعرفه إلا من هذا الوجه، وضعف الحديث جدا، وقال البخاري في التاريخ الكبير وذكر حكيما بهذا الحديث وهذا حديث لم يتابع عليه ولا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة، وفي كتاب العقيلي: هذا رواه جماعة عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن أبي هريرة موقوف، وقال الطوسي في أحكامه: هذا حديث يضعف من قبيل إسناده، وقال/عبد الحق في الكبرى: لا يصح، وقال أبو أحمد بن عدي: حكيم يعرف بهذا الحديث وليس له غيره إلا اليسير، وقال البزار: حكيم بصرى حدّث عنه عوف وابن سلمة ولكن في حديثه شيء؛ لأنه حدّث عن حماد بحديث منكر، قال ذلك: في مسند عياض بن حماد، وقال محمد بن يحيى: قلت لابن المديني: حكيم الأثرم من هو؟ قال: أعيانا هذا، وفي رواية عنه: لا أدرى من أين هو؟ روى عنه عوف الأعرابي وسعيد بن عبد الرحمن، وفي كتاب ابن المرقى عن ابن

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/135) . وقال أبو عيسى: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة. وإنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ. وابن ماجة (639) ، وأحمد (2/408، 476) ، والدارمي (1/259) ، والترغيب (3/291) ، والمشكاة (551) ، وإتحاف (5/3756) ، وتلخيص (3/180) ، والمنثور (1//260) وابن كثير (11/386) ، والقرطبي (3/95) . قلت: والحديث إسناده متصل. وصححه الشيخ الألباني. (2) انظر: سنن الترمذي: عقب الحديث السابق.

معين: هو ضعيف، رأى ذلك البستي فذكره في كتاب الثقات، وسمّى إياه أيضا حكيما ونسبه بصريا وضعه بالرواية عن الحسن الهناد ذكر حديثه في الصحيح وكذلك ابن الجارود، وفي كتاب الآجري سألت أبا داود عن حكيم الأثرم فقال: ثقة حدّث يحيى بن سعيد عن حماد بن سلمة عنه، وقال النسائي في كتاب التمييز: ليس به باس ولو سلم الحديث من شائبة الانقطاع لكل قول من صححه صحيحا والله تعالى أعلم على أنّ ابن سعد يؤخذ من كلامه اتصاله، وذلك؛ أنه لماّ ذكر طريق بن مجالد في الطبقة الثانية من البصريين الذين رووا عن عثمان وعلي وطلحة والزبير وأبي بن كعب وأبي موسى وصفه بالثقة، وقال توفي سنة سبع وتسعين في خلافة سليمان بن عبد الملك ومن أدرك مثل هؤلاء فلا يبعد سماعه من أبي هريرة، على أنّ البخاري لم يجزم بعد سماعه منه حرصا منه على قاعدته مع أنه ليس مدلسا، ولقبه له ممكن فعنعنة تحمل على السماع حتى يأتي ما يمنع ذلك صريحا والله تعالى أعلم، وسيأتي له إن شاء الله تعالى شواهد ومتابعات في كتاب النكاح وكلام العقيلي لا يؤثر في صحة هذا الحديث فإنه غيره.

86- باب في كفارة من أتى حائضا

86- باب في كفارة من أتى حائضا /حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد ثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدى عن شعبة عن الحكم عن عبد الحميد عن مقسم عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال يتصدّق بدينار أو بنصف دينار ". هذا حديث لما رواه أبو داود (1) قال: هكذا الرواية الصحيحة دينار أو نصف دينار، وربما لم يرفعه شعبة ثنا عبد السلام بن مطهر نا جعفر يعنى سليمان عن علي بن الحكم البناني عن أبي الحسن الجزري عن مقسم عن ابن عباس قال: " إذا أصابها في الدم فدينار وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار ". قال أبو داود (2) وكذلك قال ابن جريج عن عبد الكريم عن مقسم، وعنه من حديث شريك عن خصيف عن النبي عليه السلام: " إذا وقع الرجل بأهله وهي حائض فليتصدق بنصف دينار " (3) . وكذا قال علي بن بذيمة عن مقسم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل، وروى الأوزاعي عن يزيد بن أبي مالك عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن النبي- عليه الصلاة والسلام- قال: " امرأتان تتصدق بخمس دينار يعنى معضلا " (4) ، ولما خرجه النسائي في عشرة النساء فيما ذكره ابن عساكر، وجه المزي ولم أره في المكان المذكور من المختار الكبير، قال شعبة: أمّا حفظي فمرفوع، وقال: فلأنّ فلان لا يرفعه، وخرجه أيضا عن الحسن الزعفراني عن محمد عن الصباح عن إسماعيل بن زكريا عن عمرو بن قيس عن الحكم بن مقسم عن ابن عباس قال: " واقع رجل امرأته وهي حائض الحديث ... " /، وفي لفظ إن كان الدم غبيطا، وفي كتاب الحيض لأحمد قال أبو عبد الله: لم

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، 105. باب في إتيان الحائض، (ح/264) . قال أبو داود: هكذا الرواية الصحيحة قال دينار أو نصف دينار، ورّبما لم يرفعه شعبة. (2) حسن. رواه أبو داود في: 1. كتاب الطهارة، 105. باب في إتيان الحائض، (ح/265) . قال أبو داود: وكذلك قال ابن جريج عن عبد الكريم عن مقسم. (3) المصدر السابق: (ح/266) . (4) المصدر السابق.

يرفعه عبد الرحمن ولا بهذا عن شعبة، وفي السنن للبيهقي في إسناده أبي عبد الله قال أبو بكر أحمد بن سلمان الفقيه: جملة هذه الأخبار مرفوعة وموقوفة يرجع إلى عطاء العطار وعبد الحميد وأبي أمية وفيهم نظر، وأمّا قول البيهقي: وقيل عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس موقوفا فإن كان محفوظا فهو من قول ابن عباس يصح ففيه نظر؛ لأنّ إسناده عنده صحيح رواه عن أبي بكر القاضي عن أبي العباس الأصم عن محمد بن إسحاق الصنعاني عن أبي الجواب عن الثوري عنه، وأبو الجواب حديثه في صحيح مسلم. وفي كتاب للجوزقاني وذكره من حديث الوليد بن مسلم حدثنى عبد الرحمن بن يزيد بن تميم عن علي بن بذيمة سمعت سعيد بن جبير يحدّث عن ابن عباس مرفوعا بلفظ: " ضعيف نسمته هذا " (1) . حديث منكر تفرد به عبد الرحمن وهو ضعيف جدا، وفي كتاب الحلال قال أحمد: لو صح الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنّا نرى عليه الكفارة، قيل له: في نفسك منه شيء؟ قال. نعم؛ لأنه من حديث فلان أظنه قال عبد الحميد: وقيل: عبد الرحمن بن مهدى قيل لشبعة: إنك كنت ترفعه قال: إنى كنت مخبوبا فصححت، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عنه قال: اختلفت فيه الرواية، ولم يسمعه الحكم من مقسم، وسمعت أبا زرعة يقول: لا أعلم قتادة روى عن عبد الحميد شيئا ولا عن الحكم، وقال أبو سليمان الخطابي: وقال أكثر العلماء: لا شيء عليه وليستغفر الله، وزعموا: أنّ هذا الحديث مرسلا وموقوفا على ابن عباس، ولا يصح متصلا مرفوعا، والذمم بريئة إلا أن تقوم الحجة بشغلها،/وقال ابن المنذر: هذا حديث في سنده اضطراب، فإن ثبت قلنا به وإن لم يثبت قلنا به وإن لم يثبت لم يقل به، وقال عبد الحق في الكبرى: لا يصح، ولما ذكره في الوسطى عاب على أبي عيسى قوله روى موقوفا على ابن

_ (1) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/282) من حديث ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله أصبت امرأتي وهي حائض فأمره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعتق نسمة، وقيمة النسمة يومئذ دينار. قال الهيثمي: ورواه الترمذي وغيره خلا عتق النسمة وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه عبد الرحمن بن يزيد بن تميم وهو ضعيف.

عباس، ولم يتعرض لضعفه وهو لا يروى بإسناد يحتج به، وقد روى فيه يتصدق بخمس دينار وعند أبي داود: " يعتق نسمة " (1) ، قال: وفيه النسمة يومئذ دينار ولم يخص في إتيان الحائض، وما من دم ذكره النسائي عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا يصح في إتيان الحائض إلا التحريم، ولما ذكره أبو محمد من حديث مقسم عن ابن عباس: " إن كان الدم غبيطا فدينار وإن كان فيه صفرة نصف دينار ". ردّه؛ بأنّ مقسما ليس بالقوى فسقط الاحتجاج به، ومن جهة شريك عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا: " فتصدّق بنصف دينار "، ثم قال خصيف وشريك كلاهما ضعيف، ومن جهة الأوزاعي عن يزيد أبي مالك عن عبد الحميد بن عبد الرحمن مرسلا يتصدّق بخمسي دينار ردّه بالإرسال ورده البيهقي بالانقطاع، ومن جهة عبد الكريم أبي المخارق قال: وهو حديث باطل، ومن جهة عبد الملك بن حبيب ثنا أصبع ابن الصّرح عن الشعبي عن زيد بن عبد الحميد عن أبيه أنّ عمر وطئ جارية له فإذا بها حائض فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تصدق بنصف دينار " (2) . وحديث عبد الملك أيضا عن المكفوف عن أيوب بن حوط عن قتادة عن ابن عباس مرفوعا: " فليتصدق بدينار أو بنصف دينار "، ثم قال كيف بهذا سقوطا كونهما من رواية عبد الملك كيف وفيهما غيره، أما الشعبي فلا تدرى من هو وضع ذلك

_ (1) صحيح. رواه الترمذي: أبواب الحيض، 103. باب ما جاء في الكفّارة في ذلك، (ح/ 137) . وقال: حديث الكفارة في إتيان الحائض قد رُوى عن ابن عبّاس موقوفا ومرفوعا. وهو قول بعض أهل العلم. وبه يقول أحمد، وإسحاق. وقال ابن المبارك: يستغفر ربه، ولا كفّارة عليه. وحديث ابن عباس هذا في كفّارة إتيان الحائض قد روى بأسانيد كثيرة، وبألفاظ مختلفة، واضطربت فيه أقوال العلماء جدا. وقد وجدت له نحوا من خمسين طريقا أو أكثر، وذكرها مفصلة يطول بها الأمر كثيرا. ومداره في أكثر الأسانيد على مقسم مولى ابن عباس عن ابن عباس. وهو الجادة في روايته. ورواه بعضهم من طريق عكرمة عن ابن عباس، وليس بالثبت، لضعف رواته عن عكرمة وقد يكون هذا شاهدا فقط لحديث مقسم. قلت: ورواية الترمذي: " ليس بها غبيطا " وبلفظه: رواه الدارمي (ح/1111) . (2) ضعيف. جامع المسانيد: (1/1096) . قلت: به من لا يعرف.

فهو مرسل، وأمّا المكفوف فلا يعرف من هو وابن حوط/ساقط، ومن حديث الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن علي بن بذيمة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا: " يعتق نسمة "، ورد بأن رواية غير الوليد موسى بن أيوب وهو ضعيف، وكذلك ابن جابر قال: فسقطت جمع الآثار في هذا الباب. انتهى كلامه وفيه نظر: من حديث بن عبد الملك: ثم بابن أبي المخارق، وإن كان له في ذلك سلف وهو ما رواه روح بن عبادة عند الطبراني عن سعيد بن أبي عروبة عن عبد الكريم بن أبي أمية كما قاله أبو الوليد الوتيتني وغيره من أنه الجزري لا ابن أبي المخارق والله تعالى أعلم، وقال أبو عمر بن عبد البر: وهذا حديث مضطرب، ولا تقوم بمثله حجة، وقال الشافعي رحمه الله: فإن أتى رجل امرأته حائضا أو بعد ولية الدم ولم يغتسل فليستغفر الله تعالى ولا يعد، وقد روى فيه شيء لو كان ثبتا أخذنا به، لكنه لا يثبت مثله، وفي المعرفة لأبي بكر: وذكر حديث مقسم فاعله لوقف شعبة له ورواية شريك بقوله وكان شريكا شكّ في رفعه، ورواية عبد الكريم أبي أمية تارة عن مقسم وتارة عن عكرمة وأبو أمية لا يحتج به، ورواه يعقوب بن عطاء وهو لا يحتج به عن مقسم عن ابن عباس مرفوعا ورواه عطاء بن عجلان، وهو ضعيف موقوفا يتصدّق بدينار وإن لم يجد بنصف دينار، وكذا رواه علىّ بن الحكم البناني عن أبي الحسن الجذري عن مقسم عن ابن عباس، وضعّف ابن القطّان حديث خصيف به، ولما ذكر أبو الفرج: حديث ابن عباس في تحقيقه، ضعفه، وقال الغزالي: هو حديث ضعيف، وقال الشيخ محى الدين رحمه الله تعالى وذكره: هذا حديث ضعيف باتفاق الحفاظ، ولما ذكره أبو الحسن في كتاب الغرائب قال: غريب من حديث عمرو بن/ قيس الملائي عن الحكم عن عبد الحميد تفرد به عمر بن شهيب، وقد روى عن جماعة من السلف ما يؤذن بأنه غير صحيح منهم الشعبي، وسئل عن فاعل فقال: ذنب أتاه ليستغفر الله ويتوب إليه ولا يعود، وقال جبير: ذنب أتاه وليس عليه كذا رواه، وقال القاسم: يعتذر إلى الله ويتوب، وقال عطاء: يستغفر الله وليس عليه شيء، وكذا قاله ابن أبي ملكية، وعن أبي قلابة أن رجلا أتى أبا بكر فقال:

رأيت في المنام كأني أقول قال: تأتى امرأتك وهي حائض؟ قال: نعم قال: اتق الله ولا تعدو عن ابن سيرين، وسئل عن ذلك قال: يستغفر الله تعالى، وقال إبراهيم: ذكره الدارمي في مسنده (1) قال ابن المنذر به، وقال عطاء ومكحول والزهري وأبو الزناد وربيعة وحماد بن أبي سليمان وأيوب ومالك والليث والثوري والنعمان ويعقوب، وأما المصححون فالإمام أحمد بن حنبل في رواية أبي داود عنه أنه قال: ما أحسن حديث عبد الحميد في كفارة الحيض، قيل له: تذهب إليه؟ قال: نعم، وفي رواية الميموني عنه عبد الحميد ولى الكوفة لعمر بن عبد العزيز والفاسي قديما قد حملوا عنه وليس به بأس، وقال الحربي: هذا الحديث اختلف فيه أصحاب شعبة فرفعه يحيى وغندر ومعاذ ووهيب وابن أبي عد ووثقه وكيع وابن مهدى، وحكى عنه ابن مهدى كتب في رفعه كالمجنون، فصححت أنّى رجعت إلى الفاقة، فإن ذلك من قول شعبة صحيحا، فكأنه رجع عن رفعه وبعض، يريد عبد الحميد ورفعه وبعض روح أيضا عبد الحميد وافقه، وجعل مكان مقسم عكرمة، وعبد الحميد هو ابن أخي عمر ابن الخطاب، أمّه: ميمونة بنت وهبة، ولاه عمر بن عبد العزيز الكوفة، وكان أبو الزناد كاتبه، وكان من أحسن الناس وجها روى عنه بكر بن الأشج وزيد ابن أبي أنيسة وغيرهما، وأمّا حديث/حماد بن الجعد عن قتادة عن الحكم عن عبد الحميد عن مقسم، وحديث ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحكم عن عبد الحميد عن مقسم لم يذكر عبد الحميد والحكم يوجب أن يكون القول قول حماد بن الجعد؛ لأنّه زاد قال: واختلف أصحاب الحكم، فرفعه إسماعيل ابن مسلم وسفيان بن حسين ورقية ووثقه الأعمش والمسعودي وأبو عبد الله الشعرى وابن أبي ليلى وخالد، وأرسله خصيف فكان اتفاقه في هذا الحديث أثبت عندي، واختلف أصحاب خصيف، فرفعه شريك وإسرائيل، وأوقفه ابن سعيد ومعمر، وأرسله الثوري وابن جريج، وقول حماد عن عكرمة وهم بيّن فالحكم يوجب أن يكون القول قول شريك وإسرائيل، واختلف أصحاب عبد الكريم، فكان ممن وثقة ابن عيينة وأبان وحجاج وأبو جعفر وابن جريج

_ (1) المصدر السابق للدارمي: (ح/1112) . قلد وهذا حديث صحيح.

وأرسله أبو الأحوص، فالقول قول من رفعه لكثرتهم، وعبد الكريم هذا غيره أوثق منه، وأمّا حديث علي بن الحكم والثوري عن علي بن بذيمة عن مقسم فأسده علي بن الحكم، وأرسله الثوري، ولما ذكره أبو جعفر في شرح المشكل وذكر بعده حديث عمر أنه كانت له امرأة تكره الجماع فوقع عليها وهي حائض فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تصدق بخمس دينار " (1) . قال: والأحاديث الأولى أولى من هذا البيت رواتها ولتجاوزهم في المقدار، ولما ذكره الحاكم من حديث مسدد ثنا يحيى عن شعبة عن الحكم مرفوعا ولفظه: " بدينار أو نصف دينار " (2) . قال: هذا حديث صحيح فقد احتجا جميعا بمقسم، فأما عبد الحميد فمأمون ثقة وشاهده ودليله ما ثناه علي بن حماد ثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي ثنا عبد السلام بن مطهر ثنا علي بن جعفر بن سليمان عن على بن الحكم البناني عن أبي الحسن الجزري عن مقسم عن ابن عباس قال:/ " إذا أصابها في الدم فدينار وإذا أصابها في انقطاع الدم فنصف دينار " (3) . قد أرسل هذا الحديث وأوقف أيضا، ونحن أصلنا الذي أصلناه أنّ القول قول الذي يسنده، ويصل إذا كان ثقة، وذكره أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم الجوزقاني الحافظ في باب صحاح الأحاديث ومشهورها، وكذلك ابن الجارود في منتقاه، وقال ابن أبي داود في كتاب الطهارة: هذه سنة تفرد بها أهل المدينة وعبد الحميد من ولد عمر بن الخطاب ثقة مأمون، وفي كتاب حرب الكرماني قيل لإسحاق أو قال قائل: كيف يتصّدق بدينار ونصف دينار، قيل له في ذلك في حديث ابن عبدة بيان ما سألت حيث قال: " إن كان الدم غبيطا فدينار وإن كان فيه صفرة فنصف دينار فخمس دينار على قدر رقّة الدّم وغلظه " (4) . وربّ طهارة من بعده، وفرق بينهما من لا يغلط ولا يسهو، فمن

_ (1) صحيح. رواه الدارمي في: الوضوء112. باب من قال: عليه الكفارة، (ح/11110) . (2) المصدر السابق: (ح/1106) ولفظه: " عن ابن عباس، في الذي يأتي امرأته وهي حائض يتصدق بدينار. أو نصف دينار ". شك الحكم. قلت: وهذا حديث صحيح. (3) صحيح. رواه الدارمي في: كتاب الوضوء " 112. باب من قال: عليه الكفارة، (ح/1108) . (4) تقدم من أحاديث الباب.

رغب عن هذه السنة الصحيحة فقد أخطأ، وينبغي للمسلم إذ جاءه مثل هذا وأشباهه عن النبي- عليه الصلاة والسلام- وأصحابه من سعده أن يقبله بقبول حسن، وقال الحافظ أبو الحسن ابن القطان رحمه الله تعالى: وأمّا زعمهم أن متن الحديث بالجملة لا بالنسبة إلا رواية راو بعينه مضطرب وذلك عندي خطأ من الإعلال، والصواب هو أن ينظر رواية، وكل راو بحسبها ويعلم ثنا يخرج عنه فيها فإن صح من طريق قبل، ولو كانت له طرق أخرى ضعيفة، وهم إذا قالوا هذا روى فيه بدينار وروى بنصف دينار فباعتبار صفات الدم، وروى باعتبار أوّل الحيض وأخره، وروى بخمس دينار وروى بعتق نسمة والتحقيق لا يضرّه، ونحن نذكر الآن كيف/هو صحيح بعد أن قال يحتمل قوله دينارا ونصف دينار ثلاثة أمور، أحدها: أن يكون تخييرا، ويبطل هذا بأن يقال: إنّما يصح التخيير بين شيئين، أمّا من فعل الشيء أو بعضه فمحال أو حكم التخيير أن يكون بين شيئين أو أشياء حكما واحدا، فإذا خيرّ من الشيء بعضه كان بعض أحدهما متروكا بغير يدك، والأمر الثاني: أن يكون شكا من الراوي، والثالث: أن يكون باعتبار حالتين وهذا هو الذي يتعين منها، وننبه بأن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب اعتمده أهل الصحيح، منهم البخاري ومسلم، ووثّقه النسائي والكوفي وبحق له، فقد كان محمود السيرة في إمارته على الكوفة لعمر ضابطا لما يرويه ومن دونه في السند لا يسأل عنهم، ويستنكر على سمعك من بعض المحدّثين أنّ الحديث في كفارة من أتى حائضا لا يصح فليعلم أنّ لا عيب له عندهم إلا الاضطراب زعموا، فمِمّن صرح بذلك أبو علي بن السكن قال: هذا حديث مختلف في إسناده ولفظه، ولا يصح مرفوعا ولم يصححه البخاري وهو صحيح من كلام ابن عباس انتهى، فيقول: والرجال الذين رووه مرفوعا ثقات، وشعبة إمام أهل الحديث قد ثبت في رفعه إيّاه، فمن رواه عنه مرفوعا يحيى القطّان وناهيك به وغندر، وهو أخصّ النّاس به، ورواه سعيد بن عامر عن شعبة فقال: عن الحكم عن عبد الحكيم عن مقسم عن ابن عباس قوله شعبة، أما فمرفوع وقال: فلان وفلان إنه كان لا يرفعه فقال له بعض القوم: نا بسطام ثنا بحفظك ودعنا من

فلان وفلان، فقال: والله ما أحب لي حديث بهذا أو سئلت أو أن عمرت في الدنيا عمر نوح عليه السلام في قومه، فهذا غاية التثبت أو أن أوثّق أهل الأرض فخالفه/فيه فوقفه على ابن عباس كان ما إذا لبس إذا روى الصحابي حديثا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يجوز له بل يجب عليه أن يتقلّد مقتضاه فيقضى (1) به، هذا قوة للخير لا توهين له فإن قلت: فكيف بما ذكر ابن السكن ثنا يحيى وعبد الله بن سليمان وأوهم قالوا: ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة بالإسناد المقدّم مثله موقوفا، وقال رجل: إنّك كنت ترفعه قال لي كنت مجنونا فصححت، قلنا: نظن أنه لما أكثر عليه في رفعه إيّاه يؤتى رفعه لا لأنه موقوف لكن أبعاد الثقة عن نفسه، وأبعد من هذا الاحتمال أن يكون شك في رفعه في ثاني حال موقفه، فإن كان هذا فلا يبالى أيضا بل لو نسي الحديث بعد أن حدّث به لم يضرّه، فإن أبيت إلا أن يكون شعبة رجع عن رفعه، فاعلم أنّ غيره من أهل الثقة والأمانة قد رواه عن الحكم مرفوعا، كما رواه شعبة فيما تقدّم وهو عمرو بن قيس الملائي قال فيه عن الحكم ما قال شعبة من رفعه إيّاه إلى أن لفظ فأمره أن يتصدّق بنصف دينار ولم يذكر دينارا، وذلك لا يضرّه فإنّه إنّما حكى قصة معينة قال فيه: " واقع رجل امرأته وهي حائض فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتصدّق بنصف دينار ". ذكره النسائي (2) فهذه حال يجب فيها نصف دينار وهو مؤكد لما قلناه من أن دينار أو نصف دينار إنما هو باعتبار حالين لا تخيير وشك، ورواه أيضا مرفوعا هكذا عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن قتادة وهو من هو قال النسائي أنا حشيش بن أصرم ثنا روح وعبد الله بن بكر ثنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الحميد به مرفوعا، بدينار أو بنصف دينار، إلا أنّ الأظهر في هذه الرواية أنه شك من الراوي في هذه القضية بعينها فهذا شأن حديث مقسم،/وإن تقدّم عنه فيه وقفا وإرسالا وألفاظا أخر لا يصح منها شيء غير ما ذكرناه، وأمّا ما روى عن خم دينار

_ (1) قوله: " فيقضى " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) صحيح. رواه النسائي في: الطهارة، باب (182) ما يجب على من أتى حليلته في حال حيضتها (1/153) .

أو عتق نسمة فما منها شيء يقول عليه فلا يعتمد في نفسه ولا يطعن به على حديث مقسم، والله تعالى أعلم. انتهى كلامه. وفي قوله ابن حزم مقسم ليس بالقوى فسقط الاحتجاج به نظر؛ لأنه من حديث في الصحيحين على سبيل الاحتجاج وأثنى عليه غير واحد من الأئمة، وفي قول الدارقطني: تفرد به عمر بن شبيب يعنى عن الملائي نظر لما أسلفناه من كتاب النسائي، وأما قول ابن السكن فمردود؛ بأن البخاري لم يخرج ولم يصحح كل حديثه وقال: أسقيت كتابي من مائة ألف حديث صحيحة، وإنما خرجت هنا ما أجمعوا عليه فلا حجة إذا في عدم تصحيح البخاري له، وأمّا قول النووي فمردود بما قدّمنه أيضا، وأما ما أعله به أحمد فمعارض بما تقدم ولعله ظهر له ذاك بعد وأمّا تضعيف الجوزقاني؛ فلرواية خاصة بدليل ما ذكره بعد، ويؤكد صحته قول جماعة من السلف به منهم الحسن قال: " عليه عتق رقبة أو عشرين صاعا لأربعين مسكينا " (1) ، وقال عطاء: " يتصدق بدينار " (2) ، وفي رواية: " بنصف دينار " (3) ، وقال الأوزاعي " بخمس دينار "، ذكره الدارمي (4) وزاد ابن المنذر وقتادة وإسحاق والنخعي وسعيد بن جبير وهو قول محمد بن الحسن وأحمد بن حنبل، وفي كتاب الماوردي قال أصحابنا: ولو اعتقد مسلم صار كافرا مرتدا فإن فعله ناسيا أو جاهلا بتحريمه أو بوجود الحيض أو مكرها فلا إثم عليه ولا كفارة، وإن تعمّدا الموطئ عالما بما سبق فقد ارتكب كبيرة يجب عليها التوبة، وفي وجوب الكفارة قولان للشافعي رحمه الله تعالى: وليشبه أن يكون خطره ذلك لما رواه الزهري عن سعيد بن المسيب عن/أبي هريرة قال

_ (1) صحيح. رواه الدارمي في: الوضوء، باب " 112 "، (ح/1117) ، قلت: " ولم يذكر فيه أو عشرين صاعا لأربعين مسكينا ". (2) صحيح. المصدر السابق: (ح/1118) . (3) حسن. رواه الترمذي (ح/136) ، وأبو داود (ح/264) ، والنسائي (1/153. كتاب الطهارة، باب ما يجب على من أتى حيلته في حال حيضها. والدارمي (ح/ 1109) انظر تعليق الشيخ شاكر على الترمذي 1/244 - 245. فقد أطال في تصحيحه وأجاد. (4) صحيح. رواه الدارمي في: الوضوء باب " 112 " كحل/1110) .

عليه السلام: " من وطئ امرأة وهي حائض فقضى بينهما ولد فأتى به جزام فلا يلومن إلا نفسه " (1) . قاله أبو القاسم في الأوسط ولم يروه عن الزهري إلا الحسن بن الصلت من أهل الشّام تفرد به محمد بن أبي السدى.

_ (1) ضعيف رواه أبو للعباس الأصم في " حديثه " (ج 2 رقم 147) ، والطبراني في " الأوسط " (1/ 169/ 1) وابن عدي في الكامل " 4/1454) ، والمجمع (4/299) . والحديث أعله الهيثمي (4/ 299) ببكر. وضعفه النسائي وقال الذهبي: " قد حمل النّاس عنه وهو مقارب الحديث ". وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ح/757) .

87- باب في الحائض كيف تغتسل

87- باب في الحائض كيف تغتسل حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد ثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها وكانت حائضا: " انقضي شعرك واغتسلي " (1) ، وقال علي في حديثه: " انقضى رأسك" (2) . هذا حديث تقدم ذكره، وأن إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في مسند العربي مطولا: لأخرجنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة جميعا، قالت: فقدمت بمكة وأنا حائض فلم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " انقضي رأسك ". وهو في الصحيح أيضا، حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن إبراهيم بن مهاجر سمعت صفية تحدّث عن عائشة أنّ أسماء سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الغسل من الحيض، فقال: " تأخذ إحداكن ماءها وسدرها فتطهر فتحسن الطهور ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكا شديدا حتى تبلغ شئون رأسها ثم تصب عليها الماء ثم تأخذ فرصة من مسكة فتطهر بها "، قالت أسماء كيف أتطهر بها قالت عائشة: كأنها تخفي ذلك تتبعي بها أثر الدم. قالت/وسألت عن الغسل من الجنابة، فقال: " تأخذ إحداكن ماءها فتطهر فتحسن الطهور أو تبلغ في الطهور حتى تصب الماء على رأسها فتدلكه حتى يبلغ شئون رأسها ثم تفيض الماء على جسدها. فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدّين ". هذا حديث خرجاه في صحيحيهما (3) وفي لفظ مسلم: " أن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/641) ، وابن أبي شيبة (1/79) ، والكنز (27762) . وصححه الشيخ الألباني. الصحيحة (188) (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/86، 2/172، 3/4، 5/5/221) ، ومسلم في (الحج، ح/111، 113) ، وأبو داود في (المناسك، باب " 23 ") ، والنسائي (5/166) ، وابن ماجة (641) ، وفيه " شعرك "، وأحمد (6/164، 246) ، والبيهقي (1/182، 4/346، 353، 05/15) ، وشرح السنة (781) ، وشفع (9122) ، وتجريد (41) ، وحبيب (2/14) ، والموطأ (411) ، وتمهيد (8/198، 203، 204، 215، 225) ، وابن خزيمة (2788) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/315) ، مسلم في (الحيض، ح/61) والنسائي في (الطهارة، باب " 160 ") ، وابن ماجة (ح/642) ، وأحمد (6/147، 148، 188) .=

أسماء بنت شكل "، وتبعه على ذلك غير واحد، منهم: أبو العباس العراقي في أطرافه، وابن بشكوال، وأبو الفضل بن طاهر في الإيضاح، وابن الأثير في استدراكه على أبي عمرو، وابن ميمون، وأبو موسى المديني في معرفة الصحابة، ولماّ ذكرها ابن فرقول ضبط اسم أمّها بكاف ساكنه، وأكثر النّاس على فتحها، وأمّا ابن الجذري فإنّه اضطرب كلامه، فذكر في مشكل الصحيحين: أنها ابنة شكل، وقال في التلقيح في بنت يزيد بن السكن: وقال الخطيب أبو بكر: هي أسماء بنت يزيد بن السكن خطيبة النساء، وتبعه على ذلك غير واحد، حتى قال الحافظ الدمياطي: هذا هو الصحيح؛ لأنه ليس في الأنصار من اسمه شكل مستدلا بقول البخاري في هذا الحديث " أنّ امرأة من الأنصار " وهي شهادة على النفي؛ لأنّ مسلما أثبتها، وتبعه من أسلفناه أو ظهر لهم ما ظهر له فذكروه لا لمتابعته، وأيا ما كان فلا يدفع وإلا بدليل واضح، وكون الخطيب خالف ذلك لا يقتضى له الاحتمال أن تكونا امرأتين سألتا عن أمر واحد كما تقدّم نظائره، أو يكون الخطيب هو الواهم من اللام إلى النون إلى غير ذلك من الاحتمالات، ويوضحه أنّ ابن سعد والطبراني وغيرهما ذكروا ابنة يزيد بأحاديث ليس فيها هذا، وفرق ابن مندة بين أسماء بنت يزيد وبين ابنة شكل، وكذا غيره، وذكر أبو موسى هذا الحديث في ترجمة/ابنة شكل ويزيد ذلك وضوحا، وسترى مسلما في التفرد ما ذكره أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده، كرواية مسلم سواء في كتاب المستخرج لأبي نعيم الحافظ كذلك عن أبي جعفر محمد بن محمد ثنا الحسن بن محمد بن حاتم ثنا الوليد بن شجاع ثنا أبو الأحوص (1) عن إبراهيم بن مهاجر عن صفية عن عائشة، قالت: دخلت أسماء بنت شكل " الحديث ". قال أبو داود في كتاب التفرد عن إبراهيم بن مهاجر: فرصة ممسكة، قال مسدد كان أبو عوانة يقول: فرصة، وكان أبو الأحوص (2) فرصة انتهى، وقوله: فرصة يعني: بكسر الفاء

_ = وصححه الشيخ الألباني. قلت: وأسماء هي امرأة صحابية من الأنصار، يقال لها أسماء بنت شكل، وليست بأسماء بنت أبي بكر أخت عائشة. الفرصة: قطعة من قطن أو صوف. وممسكة: أي مطلية بالمسك. (1) قوله: " الأحوص " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) و " الأحوص " هنا وردت " بالأصل " " الأخرص " وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.

وسكون الراء هذا هو المشهور، وهي القطعة من الصوف أو غيره، يقال: فرصت الشيء بمعنى قطعه بالفراص، وأنكر أبو محمد بن قتيبة ذلك، وقال: إنما هي قرضة بالقاف والضاد المعجمة وهي القطعة، وقال بعضهم: قرصة بفتح القاف وسكون الراء ثم صاد مهملة، أي: شيئا يسيرا مثل القرصة بطرف الإصبعين، وقوله. من مسك وهو دم الغزال المعروف، وقال بعضهم: من مسك بفتح الميم أي جلّد عليه شعر، قال عياض: وهي رواية الأكثرين، وأنكرها ابن قتيبة وقال: المسك لم يكن عندهم من السعد بحيث يمتهنونه في هذا، وليس فيه ما يتميّز من غيره فيمضى به قال: وإنّما أراد فرصة من شيء صوف أو قطن أو خرقة ونحوه، وقال بعضهم: أراد قطعة من جلد عليها صوف، والصواب: الأوّل وتدلّ عليه الرواية الأخرى فرصة ممسكة بضم الميم الأولى وفتح الثانية وتشديد السين مع فتحها أي: قطعة من صوف ونحوها مطيبة بالمسك وروى بعضهم: ممسكة بضم الميم الأولى وسكون الثانية وسين مخففة مفتوحة، وقيل: مكسورة أي من الإمساك، وفي بعض الروايات: خذي فرصة ممسكة فتحمل بها وقيل: أراد/بالممسكة الحلق التي أمسكت كثيرا كان أراد أن لا يستعمل الجديد من القطن وغيره للارتفاق به؛ ولأنّ الحلق أصلح لذلك، ووقع في كتاب عبد الرزاق يعني بالفرصة، وقال بعضهم: هي الذريرة، وزعم المحاملي الشافعي: أنه يستحب للمغتسلة من الحيض والنفاس أن تطيب جمع المواضع التي أصابها الدم من بدنها، والحكمة في ذلك: تطييب المحل ورفع الرائحة الكريهة، وقيل: لأنه أسرع إلى علوق الولد، واختلف في وقت استعمالها لذلك، فقال بعضهم: بعد الغسل، وقال آخرون قبله، وفي صفة الاغتسال أحاديث سبق ذكرها، ومنها حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن سالم خادم النبي عليه السلام قال: " إنّ أزواج النبي عليه السلام تجعلن رؤوسهن أربع فروق، فإذا اغتسلن جمعهن على وسط رؤوسهن ولم ينقضهن ". رواه في الأوسط (1) ، وقال: لم يروه عن جعفر إلا عمرو بن هارون، ولا يروى عن سالم إلا بهذا الإسناد.

_ (1) تقدم في بابه. كما ذكر المصنف.

88- باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها

88- باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت: " كنت أتعرّق العظم وأنا حائض، فيأخذ رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فيضع فمه حيث كان فمي وأنا حائض ". هذا حديث أخرجه مسلم (1) في صحيحة وفي لفظ النسائي (2) : " يدعوني فآكل معه وأنا عارك وكان يأخذ، العرق فيقسم على فيه فآخذه/منه ثم أضعه، فيأخذه فيعترق منه، ويضع فمه حيث وضعت فمي من العرق ويدعو بالشّراب ". فذكر بقية ذلك. حدثنا محمد بن يحيى ثنا الوليد ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس " أن اليهود كانوا لا يجلسون مع الحائض في بيت ولا يؤاكلوها ولا يشاربوها قال: قد قيل ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله عز وجل: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) . فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اصنعوا كل شيء إلا الجماع ". هذا حديث خرجه مسلم (3) بزيادة، فقالت اليهود: ما يريد هذا الرجل أن يدع شيئا من أمرنا إلا خالفنا فيه. فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالا: يا رسول الله: إن اليهود تقول كذا وكذا أفلا تنكحهن فتمعر وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى ظننا أن قد وجد عليهما، فخرجا فاستقبلهما هديّة من لبن إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/14) . غريبة: قوله: " أتعرق العرق " هو العظم الذي عليه بقية من لحم. هذا هو الأشهر في معناه. وقال أبو عبيد: هو القدر من اللحم. وقال الخليل: هو العظم بلا لحم. وجمعه: عُراق، بضم العين: ويقال: عرقت العظم وتعرقته واعترقته إذا أخذت عنه اللحم باسنانك. (2) صحيح. رواه النسائي في: للطهارة، باب: " 177 "، والحيض، باب " 15 ". ورواه أحمد: (6/127، 192) . (3) صحيح. رواه مسلم في: الحيض، 1 ح/16) . قوله: " المحيض " المحيض الأوْل المراد به الدم. والثاني قد اختلف فيه. فقيل: إنه الحيض ونفس الدم. وقال بعض العلماء هو الفرج. وقال الآخرون: هو زمن الحيض. وقوله: " قد وجد عليهما " أي: غضب عليهما، ولم يجد عليهما أي: لم يغضب.

فبعث في آثارهما فسقاهما فظننا أنه لم يجد عليهما، وذكر الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي في كتابه، أسباب النزول الذي قرأته على أبي الهون القاهري رحمه الله تعالى عن ابن المعتز أنبأ أبو الفضل أحمد بن طاهر المنهى عنه قال: أنبأ أبو بكر محمد بن عمر الخشاب أنبأ أبو عمرو بن حمدان أنبأ أبو عمران موسى بن العباس ثنا محمد بن عبد الله بن زيد القردوانى حدثنى أبي عن أبي سابق ابن عبد الله عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في قوله عز وجل: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى) . قال: وقال المفسرون: كانت العرب في الجاهلية إذا حاضت المرأة لم يؤاكلوها، ولم يشاربوها، ولم يسكنوها في بيت كفعل المجوس، فسأل أبو الدحداح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله تعالى الآية، وفي الباب حديث/عبد الله بن سعد، وسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مؤاكلة الحائض، فقال: " واكلها " رواه ابن ماجة (1) في موضع آخر، وقال فيه الطوسي: حسن غريب، وهو قول عامة أهل العلم، واختلفوا في فضل طهورها، وأما العرق: فهو عظم عليه لحم، وقيل. العرق الذي قد أخذ أكثر لحمه، والعراق: العظم بغير لحم، والعرق القذرة من اللحم، وجمعها عراق وهو من الجمع العزيز، وله نظائر قد أحصيتها في المخصص، وحكى ابن الأعرابي في جمعه عراق بالكسر وهو أقيس وأنشد بيت ضيفي في عراق ملس، وفي شمول عرضت للنجس أي بلس من الشحم والنجس الريح التي فيها غيره وعرق العظم يعرقه عرقا واعتراقه لكل ما عليه ذكره ابن سيّده، وفي الجمهرة: وعرق العظم أعرقه واعرقه، وفي الصحاح: والعرق بالفتح مصدر قولك عرقت العظم أعرقه بالضم عرقا وتعرقا إذا أكلت ما عليه من اللحم. وقال. اكف لساني عن صديقي فإن أحيا إليه فإنّى عارق كل معرقي، وفي الجامع. عرقت العظم واللحم أعرقه عرقا، واعترقه اعتراقا مثله، وكذا تعرقته تعرقا وأعرقت فلانا عرقا من لحم أعطيته إيّاه، والعراق الذي قد أخذ عنه

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/ 651) ، والترمذي (ح/ 133) ، وقال: هذا حديث حسن غريب وأحمد (4/342، 5/293) ، والدارمي (ح/ 1073) ، والمنثور (1/259) ، والحلية (9/50، 51) ، وابن عساكر في " التاريخ " (7/437) ، والكنز (27704) . وصححه الشيخ الألباني.

اللحم هذا قول الخليل، وقال غيره: العراق القذرة من اللحم، وقيل: هو العظم الذي عليه اللحم، يقال له: عرق وعراق، وكذا قال اللحتاني من اللحم عرق وعراق، وقيل: العراق جمع العرق، كما قالوا: ظير وظوار، وهم يقولون: هذه ثريدة كثيرة العراق يريدون قدر اللحم.. وهو غلط على قول من قال: العراق العظم بغير لحم، وقال غيرهم: إذا كان في القطعة سميت عراقا، وإذا لم يكن منها عظم فهي بضعة، وفي الحديث: " دخل على أم سلمة فتناول عرقا " (1) . فدلّ على أنّ العرق عظم عليه لحم، ومما يدل على أنه يكون بغير لحم حديث جابر:/ " فكأني أنظر إليه وفي يده عرق ينتهشه " (2) ، فالعراق هنا العظم وقد عرى من اللحم، وقالوا: يدلّ على أنّ العراق العظم بغير لحم، وقول الراجز: وهو يطير والطير عن زرع له: " عجبت من نفسي زمن أشقاقها " ومن طرأ والطير عن أرزاقها في سنة قد كشفت عن ساقها حمرا يبدى اللحم عن عراقها، والموت في عنقي وأعناقها، فإنّما يريد برئ اللحم عن عظامها، والعرب تقول: هذا كلّه، تريد به مرّة اللحم بالعظم ومرة العظم بغير لحم كما تقول: في العراق على ما قدمناه وأكثر قولهم أنّ العراق اللحم والعراق بعظم، والمعارق من العظام الذي أكل لحمه، ولذلك قال الشاعر: ولا تهدى بعروق العظام، وكذلك يقولون: رجل معروق ومعترق إذا لم يكن على وجهه لحم، ويقال ذلك للمهزول، ومنه قول رؤبة: يذكر امرأة ورجلا غول نضدي بسنتي معترق، فمعترق: شديد الغض من اللحم، وتعرقت ما على العظم مثل عرقت، وقال: تعرقته إذا أخذت نسمة اللحم بأسنانك، وأما السؤر: بالهمزة فهو ما بقى من الشراب وغيره في الإناء، كذا ذكره ثعلب، وذكر ابن درستويه: أنّ العامة: لا تهمز، وتركها الهمز ليس بخطأ ولكن الهمز أفصح.

_ (1) تقدم. في باب ترك للوضوء مما مست النار. (2) بنحوه رواه أحمد: (6/319) .

89- باب ما جاء في الحائض ترى الكدرة، والصفرة بعد الطهر

89- باب ما جاء في الحائض ترى الكدرة، والصفرة بعد الطهر حدثنا محمد بن يحيى، نا عبيد الله بن موسى عن شيبان النحوي عن يحيى بن أبي بكر عن أبي سلمة عن أم بكر أنها أخبرته أنّ عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المرأة ترى ما يريبها بعد الطهر قال: " إنّما هي عرق أو عروق " (1) ، قال محمد بن يحيى/يريد بعد الطهر بعد الغسل، هذا حديث لما ذكره الإسماعيلي الحافظ في جمعه حديث يحيى بن أبي كثير، ورواه عن الحسن بن سفيان، وابن أبي حسان، ثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، قال: ثنا الوليد بن مسلم، ثنا الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن عائشة به، قال: أدخل بعضهم في هذا إلا بحديث ابن أبي سلمة، وعائشة أم بكر انتهى، ويقال: أم أبي بكر مجهولة الحال، والعين، وأبو سلمة صحيح السماع من عائشة لا ينكره أحد فلو صرح هنا بالسماع لكان الحديث صحيحا، حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عبد الرزاق ابنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين (2) ابن عن أم عطية قالت: " لم نكن نرى للصفرة والكدرة شيئا " (3) ثنا محمد بن يحيى، ثنا محمد بن عبد الله الرقاشي، ثنا وهيب عن أيوب عن حفصة عن أم عطية قالت: " كنّا لا نعد الصفرة، والكدرة شيئا " (4) قال محمد ابن يحيى وهيب: أولاهما عندنا بهذا. هذا حديث رواه البخاري (5) في صحيحه بالإسناد المتقدّم كما نراه موقوفا، وزاد أبو (6) داود، وبعد الطهر،

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في " سنه " (ح/646) . في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. ورواه البيهقي (1/337) . وصححه الشيخ الألباني. غريبه: قوله: " يريبها " أي يوقعها في الشك، والاضطراب. (2) قوله: " سيرين " سقطت من " الأصل "، وأثبتناه من " إسناد ابن ماجة ". (4،3) صحيح. رواه ابن ماجة موقوفا في: 1. كتاب الطهارة، 127. باب ما جاء في الحائض ترى بعد الطهر الصفرة، والكدرة، (ح/647) . وصححه الشيخ الألباني. (5) صحيح. رواه البخاري في: الحيض، باب " 25 ". (6) رواه أبو داود: (ح/307، 308) . إسناده ضعيف.

وهذه الزيادة لما خرّجها أبو عبد الله حكم بصحتها على شرط الشيخين، ولما ذكره أبو نعيم في مستخرجه عن أبي عمر، وابن حدران عن الحسن بن سفيان عن إبراهيم بن الحجاج، ثنا وهيب عن أيوب موهما أن البخاري خرجه عن حفصة، وقال: وعن محمد بن سيرين مثله، قال الأزدي: كذا قال مثله، ولم يذكر النص، والحديث معروف عن ابن سيرين، وليس فيه بعد الطهر، وهو الصحيح المشهور، وتكليف بعضهم الجواب عن عدم تخريج البخاري/لحديث حفصة ما لا يجزئ شيئا قال: إمّا أن يكون لم تصل طريقه إليه من جهة يرضاها، أو لأنّ طريق محمد أصحّ عندها وأما تخريج الحاكم حديث ابن سيرين بلفظ البخاري في مستدركه فيشبه أن يكون وهما لما أسلفناه ولفظ الدارقطني في السنن كما لا نرى التربة بعد الطهر شيئا، وهى الصفرة، والكدرة، وفي كتاب ابن بطال بعد الغسل، وقال: رواه حماد بن سلمة عن قتادة عن حفصة عنها، وفي الباب حديث عائشة- رضى الله تعالى عنها-: " ما لنّا بعد الصفرة والكدرة شيئا "، خرجه البيهقي (1) في الكبير من حديث محمد بن كثير عن الزهري عن عروة عنها ثم قال: وهذا إسناد ضعيف ذكره وروى بإسناد أمثل من ذلك ثم ذكره من حديث أبي النضر عن محمد ابن راشد عن سليمان بن موسى عن عطاء عنها: " إذا رأت المرأة الدم فلتمسك عن الصلاة حتى تراه أبيض كالقصة فإذا رأت ذلك فلتغتسل، ولتصل فإذا رأت بعد ذلك صفرة أو كدرة فلتتوضأ، ولتصل، فإذا رأت بعد ذلك صفرة أو كدرة فلتتوضأ، ولتصل، فإذا رأت ماء أحمر فلتغتسل، ولتصل " (2) موقوف، وذكره ابن حزم من حديث قاسم بن أصبع. ثنا ابن وضاح، ثنا موسى بن معاوية، ثنا وكيع عن أبي بكر الهذلي عن معاذ عنها. ما كنا نعد الصفرة، والكدرة حيضا " (2) ، وقال عبد الله بن أحمد حدثنى أبي، ثنا ابن مهدى عن

_ (1) رواه البيهقي: (1/337) . وإسناده ضعيف. (2) قوله: " موقوف " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) صحيح. وتقدم من حديث عائشة. فلت: ورواه الدارمي من حديث أم عطية: (ح/871، 865) وأبو داود (ح/308.307) والنسائي (1/186 - 187. " في كتاب الحيض، باب الصفرة والكدرة ".

حماد بن سلمة عن قتادة عن أم الهذيل عن عائشة به، قال أبي: إنّما هي حفصة عن أم عطية، وزعم بعض من ألّف شرط للبخاري أنّ أبا محمد بن حزم ذكره في كتابه محتجا به، وقال هو في غاية الجلالة، ويشبه أن يكون وهما منه على أبي محمد، وأتى له الاحتجاج به، ورواته عنده أبو بكر الهذلي سلمى بن عبد الله بن سلمى، وهو كذاب متروك/ الحديث منكر لا يحتج به قال ذلك غير واحد منهم غندر، والنسائي، وابن الجنيد، وإنّما قال أبو محمد بن حزم ما نقله عنه في حديث أنس بن سيرين. " استحيضت امرأة من آل أنس فأمروني فسألت ابن عباس فقال: ما أمارات الدم! فإذا كان الحمراني فلا تصل فإذا رأت الطّهر، وله ساعة من نهار فلتغتسل، وتصلى "، وحديث أبي بكر ذكره في معرض الخلاف لا الاحتجاج، وفي البخاري (1) معلّقا: " وكن النساء يجئن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرفس فيه الصفرة فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، وفي الموطأ نسبه صحيح من رواية علقمة بن أبي علقمة أبي علقمة بلال عن أمه مولاة عائشة عنها، وأمّه اسمها مرجانة، ذكرها أبو حاتم في كتاب الثقات وأمّا قول النووي: هذا صحيح لكونه تعليقا عند البخاري بغير كتاب كما بينّاه للناس في التعليق من الخلاف: اللهم إلا أن يضم إليه ما ذكرناه من بيان سنده، وصحته، والله تعالى أعلم، وأمّا قول صاحب تقرا المدارك إثر سند مالك هكذا أخرجه البخاري يعني مسندا فوهم لما أسلفناه، وأما ابن حزم فقال: قد خولفت أم علقمة من ذلك عن عائشة بما هو أقوى من روايتها، وفي الموطأ (2) بسند صحيح وهو عند البخاري (3) علّق أيضا عن عبد الله بن أبي بكر عن عمته عن ابنة زيد بن

_ (1) رواه البخاري تعليقا في: 6. كتاب الحيض، باب " 19 " إقبال المحيض وإدباره غريبه: قوله: " القصة " بفتح القاف وتشديد المهملة هي النورة، أي حتى تخرج القطنة بيضاء نقية لا يخالطها صفرة، وفيه دلالة على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض. والقصة البيضاء علامة لانتهاء الحيض، ويتبيّن بها ابتداء الطهر، واعترض على من ذهب إلى انه يعرف بالجفوف بأنّ القطة قد تخرج جافة في أثناء الأمر فلا يدل ذلك على انقطاع الحيض. قال مالك: سألت النساء عنه فإذا هو أمر معلوم عندهن يعرفنه عند الطهر. (2) رواه مالك في: 2. كتاب الطهارة، 27. باب طهر الحائض، (ح/98) . (3) رواه البخاري " تعليقا " في: 6. كتاب الحيض، 19. باب إقبال المحيض وإدباره.

ثابت: أنّه بلغها أنّ نساءكُن يدعون بالمصابيح في جوف الليل، ينظرنّ إلى الطهر: فكانت تعيب ذلك عليهنّ وتقول: ما كان النِّساء يصنعن هذا، عمّة ابن أبي بكر اسمها عمرة بنت حزم، قال ابن الحذاء: وإن كانت عمّة جدّه فهي عمة له أيضا، وليشبه أن يكون لها صحبة، وقد روت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثا وذكرها أبو عمر في الاستيعاب، وابنه زيد ليشبه أن تكون أم سعد المذكورة/عند ابن عبد البر في الصحابيات، وقد روى البيهقي ما يشدّه من جهة محمد بن سليمان بن خلف عن علي بن حجر عن إسماعيل عن عبّاد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة: أنها كانت تنهى النساء أن ينظرن إلى أنفسهن ليلا في المحيض " الحديث، وهذان الأثران ذكرهما أبو عمر كما في الموطأ، ولم يتعرض للكلام بشيء عليهما بشيء ألبتة، وحديث زينب: " كنا لا نعد الصفرة، والكدرة شيئا " (1) ، ذكره أبو حامد في وسيطه، قال أبو عمر: اختلف قول مالك في الصفرة، والكدرة، ففي المدونة إذا رأته في أيام حيضها، أو في غير أيّام حيضها فهو حيض، وإن لم تر ذلك دما، وفي المجموع إذا رأته في أيّام الحيض أو في أيّام الاستظهار فهو كالدّم، وما رأته بعد ذلك فهو استحاضة، وهذا قول صحيح إلا أنّ الأوّل أشهر، وقال الشّافعي، والليث، وعبيد الله بن الحسن هما في أيام الحيض حيض، وهو قول أبي حنيفة، ومحمد، وقال أبو يوسف: لا تكون الكدرة حيضا إلا بأثر الدم، وهو قول داود أن الكدرة، والصفرة لا تعد حيضا إلا بعد الحيض لا قبله، قال البيهقي: وروينا عن عائشة بنت أبي بكر أنها قالت: " اعتزلن الصلاة ما رأيتن ذلك حتى ترين البياض خالصا "، وهذا أولى مما روى عن أم عطية؛ لأنّ عائشة أعلم بذلك منها، ويحتمل أن يكون مراد أم عطية بذلك إذا زادت على أكثر الحيض، انتهى. قد روينا. عن عائشة موافقتها والله سبحانه وتعالى أعلم.

_ (1) تقدم من أحاديث الباب انظر ص 899.

90- باب النفساء تجلس

90- باب النفساء تجلس حدثنا نصر بن علي الجهضمي ثنا شجاع بن الوليد عن علي بن عبد الأعلى عن أبي سهل عن مُسة الأزدية عن أم سلمة قالت: " كانت تجلس النفساء على عهد رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعين يوما، وكنا نطلى وجوهنا بالورس من الكلف "، هذا حديث رواه أبو داود (1) من حديث ابن المبارك عن يونس بن نافع عن كثير بن زياد، قال: حدثتني الأزدية قالت: " حججت فدخلت على أم سلمة فقالت يا أم المؤمنين إن سمرة بن جندب يأمر النساء يقضين صلاة المحيض فقالت: لا يقضين، كانت المرأة من نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقضاء صلاة النفاس " (2) ، قال محمد بن حاتم: اسمها مسّة، وتكنى أم بسة، وقال فيه أبو عيسى: لا يعرفه إلا من حديث أبيِ سهل عن مسّه الأزدية عن أم سلمة، واسم أبي سهل كثير بن زياد، وقال محمد بن إسماعيل: علي بن عبد الأعلى ثقة، وأبو سهل ثقة، ولم يعرف محمد الحديث إلا من حديث أبيِ سهل، زاد في العلل: ولا أعرف لمسة غير هذا الحديث، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه، ولا أعرف في معناه غير هذا يعني حديث الأزدية قال: وشاهد بابناه أبو جعفر فذكر حديث مسّه، وفي قوله: ولا أعرف في معناه غير نظرات أراد شيئا لما ذكره بعد هو من الأحاديث، وإن أراد الصحة فالصحيح، والله تعالى أعلم، قال أبو علي الطوسي: لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل، ولما ذكره البيهقي اتبعه تحسينا بحاله، وكذلك الخطابي، وقال في الخلافيات: أبو سهل لي له ذكر في الصحيحين، وذكره ابن حبان في المجروحين واستحب بجانبه ما انفرد به، وقال

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/311) من طريق زهير. وابن ماجة (ح/648) من طريق شجاع ابن الوليد. وكلاهما من حديث أم سلمة رضى الله عنها. والترمذي (ح/139) ورواه أحمد (6/303) وشرح السنة (2/136) والإرواء (1/222) وأصفهان (2/93) . غريبه: قوله: " الورس " نبت أصفر يصبغ به، ويتخذ منه صباغ الوجه. و" الكلف بفتح الكاف واللام. شيء يعلو الوجه كالسمسم. (2) حسن. رواه أبو داود في. 1. كتاب الطهارة، 119. باب ما جاء في وقت النفساء، (ح/312) .

الأزدي: حديث مسة أحسنها يعني الأحاديث التي في الباب وعاب ذلك عليه أبو الحسن القطان بقوله: أم مسة لا يعرف حالها ولا عينها، ولا يعرف في غير هذا الحديث غيرها، وهذا ضعيف الإسناد وهى علّته/ومنكر المتن فإنّ أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما منهنّ من كانت نفساء أيّام كنّ معه إلا خديجة وزوجيتها كانت قبل الهجرة (1) فإذن لا معنى لقولها: " كانت المرأة من نساء النبي- عليه الصلاة والسلام- تقعد في النفاس أربعين ليلة "، إلا أن تريد بنسائه غير أزواجه من مات، وقريبات، وسرية، مارية- انتهى كلامه، وفيه نظر في مواضع: الأوّل: قوله: أنّ مسّه لا يعرف عينها، وليس هو بأبي حذرة هذا القول فقد سبقه إلى ذلك ابن حزم، وهو قول مردود بقول ابن حبان روى عنها غير واحد منهم الحكم بن عيينة، وفي الخلافيات: روى عنها العزرمي، وزيد بن علي بن الحسين، الثاني: عصبة الجنابة برأس مسّة، وسكوته عن غيرها، وهو أبو سهل وإن كان ابن معين وثقة، وقال أبو حاتم: لا بأس به فقد قال أبو حاتم بن حبان حين ذكره في كتابه يروى عن الحسن وأهل العراق مقلوبات، الثالث: ما ادّعاه في مسّة من النكارة فمردود بمجيئه من غير طريقها كما سنذكره بعد- إن شاء الله تعالى-، وفي لفظ الدارقطني (2) : " أنّ أم سلمة سألته- عليه الصلاة والسلام- كم تجلس المرأة إذا ولدت؟ قال: أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك "، رواه من حديث العزرمي عن الحكم عن مسّه، ورواه ابن وهيب في مسنده عن الحارث بن نبهان عن محمد عن أبي الحسن عنها، وفي كتاب الضعفاء لابن حبّان: روى كثير بن زياد عن الحسن عن أم سلمة: " كان النساء يقعدن على عهد النبي- عليه السلام- بعد نفاسهن أربعين ليلة وأربعين يوما، وكنّا نطلى على وجوهنا الورس من الكلف " (3) ، وهو إسناد جيد، أو سلم من انقطاع ما بين الحسن وأم سلمة فإنّ

_ (1) قلت: بل في الجاهلية قبل الوحي. (2) رواه الدارقطني: (1/220) من طريق زهير عن علي بن عبد الأعلى، ورواه أيضا من طريق يعقوب بن إبراهيم عن شجاع بن الوليد. (3) قلت: وقد زعم ابن حزم في المحلى (2/203) أن أكثر النفاس سبعة أيام فقط، وقاس ذلك على أيام الحيض، وإن لم يعترف انه قياس، بل أغرب فزعم أن دم النفاس دم حيض!! =

أبا حاتم شكّ فيه، وكثير تقدم الكلام عليه،/حدثنا عبد الله بن سعيد ثنا المحاربي عن سلام بن سليم عن حميد عن أنس قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقت للنفساء أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك " (1) . هذا حديث رواه أبو أحمد بن عدي عن سلام، وقال: هو متروك الحديث، وقْال عبد الحق هو حديث معتل بسند متروك، وقال أبو الحسن الدارقطني في سننه: لم يروه عن حميد غير سلام، هذا وهو سلام الطويل، وهو ضعيف يعني سلام بن سلم، ويقال: ابن سليمان، ويقال: ابن سالم أبو عبد الله التميمي السعدي الخراساني الطويل ساكن المدائن، وإن كان أبو عبد الله قد قال فيه: ثقة، وصحح حديثه في مستدركه فقد قال فيه يحيى ضعيف لا يكتب حديثه، وقال مرّة: ليس بشيء، وفي رواية ابن أبي شيبة عنه له أحاديث مناكير، وضعفه ابن المديني جدا، وقال أحمد: منكر الحديث، وقال البخاري، والرازي: تركوه، وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: كذاب، وقال النسائي، وعلي بن الجنيد، والأزدي متروك الحديث، وقال أبو حاتم بن حبّان: يروى عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمّد لها، وفي كتاب ابن العرب: قال أبو الحسن: سلام ضعيف الحديث لا يكتب حديثه، وفي كتاب العقيلي عن الأعين قال: سمعت أبا نعيم يضعفه، وذكره السيرفي في الضعفاء وكذلك الساجي، وأبو القاسم البلخي، وقال البيهقي: لا يحتج بحديثه، وقال الحربي: غيره أوثق منه، وذكره الفسوي فيمن يرغب عن الرواية عنهم، ولما ذكر ابن الجوزي هذا الحديث في علله ردّه بسلام، وكذلك أبو الفضل بن طاهر في كتاب التذكرة، وفي الباب حديث عائشة- رضى الله تعالى عنها- قالت: " وقت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنفساء أربعين يوما/إلا أن ترى الطهر قبل ذلك " (2) ، ذكره أبو الفرح البغدادي في كتاب العلل من حديث حسين ابن عكوان عن هشام عن أبيه عنها، وقال: لا يصح، وقال ابن حبان: حسين يضع على هشام وغيره لا يحل

_ = وهذا الذي قاله لم نجد مثله عن أحد من العلماء. (1) رواه الحاكم (1/176) والبيهقي (1/343) والمجمع (1/281) من حديث جابر، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه أشعث بن سوار، وثقة ابن معين واختلف في الاحتجاج به. (2) انظر: الحاشية السابقة

كتب حديثه، وحديث عثمان بن أبي العاص قال: " وقت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنساء في نفاسهن أربعين يوما " (1) ذكره أحمد بن عدي، وقال: لا يصح فيه أبو بلال، وعطاء بن عجلان وهما متروكان، وذكره أبو الحسن الدارقطني من رواية عمر بن هارون عن أبي بكر الحنفي عن الحسن أن امرأة عثمان لما خرجت من نفاسها تزيّنت فقال عثمان. أخبرك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمرنا أن نعتزل النساء أربعين يوما " (2) . ثم قال. رفعه عمر بن هارون، عنه وخالفه وكيع يعني: فرواه موقوفا، وكذلك رواه أشعت ويونس، بن عبيد، وهشام، واختلف عن هشام، ومبارك بن فضالة فرووه عن الحسن عن عثمان موقوفا، وكذلك روى عن عمرو بن عباس، وأنس وغيرهم من قولهم، ولما ذكره في منتقاه موقوفا ثم قال: وأسنده أبو بكر الهذلي عن الحسن، وقال الحاكم هذه سنة غريبة فإن سلم هذا الإسناد من أبي بلال فإنّه مرسل فإن الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص، وله شاهد بإسناد مثاله، وقال عبد الحق: حديث معتل بإسناده متروك، وحديث معاذ بن جبل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا نفاس دون أسبوعين ولا نفاس فوق أربعين فإن رأت النفساء الطهر دون الأربعين صامت، وصلّت ولا يأتيها زوجها إلا بعد الأربعين " (3) ، خرجه أبو أحمد من حديث محمد بن سعيد المصلوب في الزندقة عن عبد الرحمن بن غنم عنه، وقال الدارقطني: لم يروه غير ابن سعد، وهو متروك الحديث يريد الدارقطني/هذا المتن بطوله، وإلا فقد رواه من طريق آخر مختصرا من غير رواية، ورواه الحاكم من حديث محمد بن عبد السلام، ثنا بقية أخبرني الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن نسى عن ابن غنم به ثم قال: قد استشهد مسلم، وفيه: وأمّا الأسود فإنه شامي معروف، والحديث غريب في الباب وحديث عائشة أن النبي- عليه السلام- قال: " وقّت للنفساء أربعين يوما " (4) ، خرجه أحمد بن حنبل في كتاب الحيض عن حبار بن علي عن شيخ قد سمّاه عن ابن أبي مليكة عنها، وحديث

_ (1) تقدما من أحاديث الباب. (2) مرسل. رواه الدارقطني: (1/220) . (3) ضعيف جدا. نصب الراية: (1/192) . (4) صحيح. رواه الدارقطني: (1/221) .

عبد الله بن عمرو بن العاص قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تنظر النفساء أربعين يوما فإن رأت الطهر قبل ذلك فهي طاهرة، فإن جاوزت الأربعين فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلّى فإن بان عليها الدم توضأت لكل صلاة " (1) ، ذكره ابن عدى وردّه بابن علامة وغيره، ولما ذكره الحاكم قال عمرو بن حصين، وابن علامة ليسا من شرطنا، وإنما ذكرت هذا الحديث شاهدا متعجبا، وقال أبو محمد الأزدي حديث معتل بسند متروك، وحديث عابد بن عمرو، وكان ممن بايع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تحت الشجرة: " أن امرأته نفست، وأنها رأت الطهر بعد عشرين ليلة، فتطهرّت، ثم أتت فراشه، فقال: ما شأنك؟ قالت: قد طهرت، قال: فضربها برجله. وقال: إليك فلست بالذي تقربيني عن ديني حتى يمضى لك أربعون ليلة "، ذكره الدارقطني (2) من حديث الجلد بن أيوب، وهو ضعيف عن أبي إياس عن معاوية بن قرّة عنه، وحديث جابر بن عبد الله قال: " وقت للنفساء أربعين يوما "، ذكره أبو القاسم في الأوسط (3) عن أحمد بن حامد، ثنا عبيد بن حيان، ثنا سليمان بن حبان أبوّ خالد الأحمر عن الأشعث بن سوار عن أبي الزبير عنه، وقال: لم يروه/عن أشعث إلا ابن خالد، وحديث عمر بن الخطاب بمثله، قال ابن حزم: في إسناده جابر الجعفي، وهو كذاب، وأثر عن ابن عباس قال: " تنتظر النفساء أربعين يوما أو نحوها "، ذكره الدارمي (4) في مسنده بسند صحيح عن أبي الوليد الطيالسي، ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عنه، وبنحوه ذكره ابن الجارود في منتقاه، وعن عطاء قال إن كانت لها عادة وإلا جلست أربعين ليلة، وعن الحسن أنه قال: في النفساء ترى الدم تتربص (5) أربعين ليلة ثم تصلى، وفي أحكام أبي على الطوسي أجمع أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أنّ النفساء تدع الصلاة

_ (1) ضعيف. رواه الدارقطني: (1/221) . (2) ضعيف. رواه الدارقطني: (1/222) . (3) تقدم من أحاديث الباب. والحديث ضعيف ص 914. (4) صحيح. رواه الدارس في: 1. كتاب الوضوء، 98. باب وقت النفساء وما قيل فيه، (ح/ (5) قوله: " تتربص " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

أربعين يوما إلا أن ترى الطهر قبل ذلك، فإنّها تغتسل وتصلى فإذا رأت الدم بعد الأربعين، فإنّ أكثر أهل العلم قالوا لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء وبه يقول سفيان، وابن المبارك، وأحمد، ويروى عن الحسن أنه قال: أنّها تدع الصلاة خمسين يوما إذا لم تر الطهر، ويروى عن عطاء بن أبي رباح ستين يوما، وهو قول الشّافعي، وفي كتاب الإجماع لابن المنذر: وأكثر النفاس عند أصحابنا شهران، وإن طهرت ليومين أو أقل من يوم اغتسلت وصلّت، وحديث عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " النفساء إذا تطاول بها الدم تمسك أربعين ثم تغتسل " ذكر البيهقي في الخلافيات (1) وقال: إسناده ضعيف، وقال: وروى من وجه آخر ضعيف، وفي لفظ: أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أكثر الحيض عشرة وأقلّه ثلاثة ذكره ابن حبان في كتاب الضعفاء (2) ورُدّ بالحسين ابن عكوان، وحديث زيد بن ثابت قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا يكون الحيض أقل من ثلاثة وأكثر من عشرة " ذكره الدارقطني في السنن (3) ، وحديث/معاذ ابن جبل قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا حيض أقل من ثلاث ولا فوق عشرة " ذكره العقيلي، وردّه محمد بن الحسن الصدفي بأنه مجهول وحديثه غير محفوظ، وذكره ابن عدى أيضا من حديث محمد بن سعيد المصلوب، وفي كتاب السنن الكبير البيهقي من حديث الأسود عن عبادة بن ليث عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ مرفوعا: " إذا مضى للنساء سبع ثم رأت الطهر فلتغسل ولتصل " (4) ، وفي رواية بقية، ثنا علي عن الأسود، وهو أصح وإسناده ليس بالقوي، قال ابن مندة: واستدل بعضهم لقول النبي- عليه الصلاة والسلام- قال الحافظ القشيري: وأما الذي يذكره الفقهاء من قعودها في رواية أبي سعيد الخدري شطر عمرها أو شطر دهرها لا تصل فقد طالبته كسرا فلم

_ (1) ضعيف راجع الخلافيات للبيهقي. (2) ضعيف، انظره المجروحين (1/245) وابن القيسراني في " الموضوعات " (137) ونصب الراية (1/192) . (3) ضعيف. رواه الدارقطني: (1/209) . (4) ضعيف رواه الحاكم (1/176) والدارقطني (1/221) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع (ص 101، ح/704) . وانظر: (الضعيفة: 633) .

أجده في شيء من الكتب الحديثة، ولم أجد له إسنادا بحال، ولما ذكره ابن عدى حديث سليمان بن عمرو عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول الحيض عشر، وحدّثنا آخر قبله، وهذان الحديثان رفعهما سليمان بن عمرو، وإن كان إبراهيم كاتب ابن زكريا راوي الحديث الثانى فيه ضعف فإنّه خير من سليمان بن بكير، وحديث مكحول عن زيد بن ثابت يرفعه لا يكون الحيض أقل من ثلاث ولا أكثر من عشر، ذكره البيهقي في الخلافيات، وقيل: عن مكحول، وحديث عبد الله بن مسعود قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الحيض ثلاث وأربع " (1) ذكره سعيد بن عمرو البردعي في سؤاله لأبي زرعة. قلت: هارون بن زياد الفسوي، قال: لا أعرفه، قلت: روى عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله فذكر هذا الحديث فقال: هذا باطل، وروى حديث العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي/الدرداء وأبي هريرة مرفوعا: " تنتظر النفساء أربعين يوما "، ذكره ابن عدي (2) ، وردّه بالإرسال، وحديث عبد الله بن عمرو قال- عليه السلام-: " الحائض تنتظر ما بينها، وبن عشر فإن رأت الطهر، فهي طاهر، وإن جاوزت العشر، فهي مستحاضة تغتسل وتصلى "، ذكره أبو القاسم عن الأوسط (3) وقال: لم يروه عن عبدة بن أبي لبابة يعني عن عبد الله بن ماهان عن ابن عمرو إلا ابن علامة تفرد به عمرو بن حصين، وأمّا أقلّ الحيض، وأكثره ففيه أحاديث منها حديث مكحول عن أبي أمامة الباهلي، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يكون الحيض للجارية والثيّب التي قد يئست من الحيض قال: من ثلاثة أيام ولا أكثر من عشرة أيام، فإذا رأت الدم فوق عشرة أيام فهي مستحاضة فما زاد على أيام أقرائها مضت، ودم الحيض أسود قاتم، ودم المستحاضة أصفر رقيق، فان بان عليها فلتحشى كرسفا "، رواه الدارقطني (4) من حديث عبد الملك عن العلاء بن كثير، وقال عبد الملك:

_ (1) ضعيف. رواه ابن عدى في " الكامل ": (2/598) . (2) مرسل رواه ابن عدى في " الكامل " (5/1861) والحاكم (1/176) ونصب الراية (1/205، 206) . (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/280) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عمر بن الحصين وهو ضعيف. (4) ضعيف. رواه الدارقطني: (1/209) .

مجهول، والعلاء ضعيف الحديث، ومكحول لم يسمع من أبي أمامة شيئا، وقال البخاري: العلاء عن مكحول ينكر الحديث، وفي المعرفة: وروى من أوجه كلّها ضعيفة، وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن مكحول إلا العلاء وحديث مكحول عن واثلة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام " (1) رواه أيضا، وقال حماد بن المنهال يعني راويه مجهول، ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف، وحديث أنس بن مالك أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الحيض ثلاثة أيام وأربعة وخمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة، فإذا جاوزت العشر فهي مستحاضة "، ذكره ابن عدى في كامله (2) من جهة الحسن بن شبيب عن أبي يوسف/عن الحسن بن دينار عن معاوية بن قرّة عنه، وردّه بالحسن بن شبيب، وقال البيهقي في الخلافيات: هذا حديث باطل، ورواه الدارقطني في سننه من حديث الجلد بن أيوب موقوفا، قال المرادي: سئل أبو عبد عن حديثه هذا فضعفه وقال: هذا من قبيل الجلد ابن أيوب قيل ده: فإن محمد بن إسحاق رواه عن أيوب عن أبي قلابة قال: لعلّه، وليس هذا حديث الجلد ما أراده سمعه إلا من الحسن بن دينار، وقال إسماعيل بن إبراهيم: ما سمعت ابن المبارك ذكر أحدا إلا يوم أن ذكره عنده الجلد، فقال أنس: حديث الجلد وما الجلد ومن الجلد، وفي سؤالات حرب: ورأيت أحمد لا يصحح حديث الجلد بن أيوب في الحيض، وكذلك كان إسحاق يضعف (3) هذا الحديث ولا يذهب إليه ولا يذهب إليه، وقال ابن المديني: قال حماد بن زيد: فإنّ هنا شيخ يعني الجلد لا يدري من الحائض من المستحاضة حتى صحّ الحديث، وقوله: الثلث والخمس إلى العشر، وفي سؤالات الميموني: قلت لأبي عبد الله ثبت عن أحد من أصحاب رسول الله

_ (1) ضعيف، وتقدم. رواه الخطيب: (9/20) والمجمع: (1/280) ونصب الراية: (1/191، 192) والمنثور: (1/258) والطبراني: (8/152) والمتناهية: (1/384) . (2) ضعيف. رواه ابن عدي في: " كامله ": (5/1861) . (3) قوله: " يضعف " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " في الحيض عشرة أيام أو خمسة عشر " (1) ؟ قال: لا يثبت عنه، قلت: حديث أنس قال أمر يش قال سفيان بن عيينة حديث الجلد محدث لا أصل له، وفي المعرفة للبيهقي، روى حديث الجلد من أوجه ضعيفة أخرى: عن أنس مرفوعا وموقوفا، وليس له عن أنس أصل إلا من جهة الجلد، وفيه سرقة هؤلاء الضعفاء، وقال الشّافعي لمن يناظره: نحن وأنت لا نثبت بمثل حديث الجلد، ويستدل غلط من هو أحفظ منه بأقلّ من هذا، وفي تاريخ أبي زرعة: أنّ أمّ ولد لأنس بن مالك استحيضت قال أنس بن سيرين: فأمروني أن أسأل ابن عباس قال أبو زرعة: فسمعت أحمد بن صالح يحتج هذه القصة، ويرد بها/ما يروى عن أنس ما رواه الجلد، وقال: ولو كان هذا صحيحا عن أنس لم يؤمر ابن سيرين أن يسأل ابن عباس، قال أبو زرعة: قلت لأحمد بن أحمد فحديث معاوية بن قرة عن أنس في الحيض صحيح، فلم يره صحيحا إذ ردّوا المسألة إلى ابن سيرين ليسأل ابن عباس، ولم يدفع لقاء أنس بن سيرين، وسؤاله ابن عباس وفي كتاب الدارمي (2) ، ثنا محمد بن يوسف قال سفيان: بلغني عن أنس أنه قال: " أفي الحيض ثلاثة أيام "؟ فسأل عبد الله أنأخذ بهذا؟ قال: " نعم إذا كان عادتها "، وفي كتاب حرب قال إسحاق: معناه وإن لم يكن الإسناد لما ضعفه حماد بن زيد وغيره، أنّه جعل الغالب من إقراء الحيض دون العشر، وسيرها مستحاضة بعد العشر، ولم يجعل أيضا الحيض عشر أو لكن جعل ذلك اختيارا على معنى الاحتياط، وكتب في حديث الجلد على ضعفه لا يكون الحيض أكثر من العشر، وأحسن الناس سياقة له يسر عليه فإنه قال: تغتسل وتقوم بعد العشر، ولم يقل إنها بعد العشر غير حائض ولا حائض، ولما ذكر ابن الخدري من كتاب التعليق حديث أنس بن مالك، وأتى أمامة وواثلة بن معاذ بن جبل قال: ليس فيها ما يصح، وحديث أبي سعيد وعلي يرفعانه أقلّ الحيض ثلاث، وأكثره عشر وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر ذكرها الخطيب من حديث أبي داود النخعي، وكان وضاعا أنه قيل له أي شيء تعرف في أقلِّ الحيض وأكثره وما بين الحيضتين من الطهر؟ فقال: الله

_ (1) قال المصنف: لا يثبت لا أصل له. قلت: يعني موضوع. (2) تقدم من أحاديث الباب ص 916.

أكبر حدثنى يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وثنا أبو طوالة عن أبي سعيد وجعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه، وأمّا الورس فهو نبت يزرع باليمن زرعا، ولا يكون بغيرها، ولا يكون شيء منه بريا، ونباته مثل نبات السمسم فإذا جف عِنْد/ أدركه تفتت سنابله وهى خرائطه وأمكنته فينفض منه الورس، ويزرع سنة فيجلس عشر سنين أي يقيم في الأرض ينبت ويثمر، وأجوده حديثه، وسمّى الباردة، وهي التي لم يعتق شجرها، والعتيقة منه ما تقادم شجره قال الشاعر: يصف القطا كدر كان عيونها ... يداس بها روس حديث وكركم فبين جودة حديثه، ومنه جنس يسمى الحبش، وفيه سواد، وهو أخر الورس وللعرعر، ورس ولا يكون إلا في عرعرجفت من ذاقها فتؤخذ بين لحائها وللصميم (1) ورس إذا فرك أنفرك ولا خير فيه، ولكنه يغشى به الورس وللرمث (2) ورس وذلك في آخر الصيف إذا انتهى منتهاه اصفر صفرة شديدة حتى يصفر منه ملابسة فيقال أورس الرمث فهو وارس، ولم يقولوا: ورس كما لم يقولوا: مورس، وكان المراد بوارس أنه ذو ورس كما قيل في ذى التمر تامر، وقد قيل: وريس كما قيل: وارس، قال الشاعر: "في مزبلات روحت صفرته " بنواضح يقطرن غير وريس أي غضة حديثه النبات، وإنما يورس إذا بلغ نهاية، وقال الأصمعي: أورس الشجر إذا ورق، وأنقل المرضع فهو ناقل، ولم يعرف غيرهما، وزعم بعض الرواة أنه يقال: أورس فهو مورس، وهذا غير معروف إنّما هو قياس، وقال بعض الثقات: ورس فهو وارس، وقال أبو عبيدة: بلد عاشب، ولا يقولون أعشب، وناقل الرمث، وقد أنقل وأورس الرمث وقد أورس فيقولون في النعت على فعل، وفي الفعل على أفعل وهكذا كما تكلّمت به العرب قاله أبو حنيفة: وفيه نظر لما نذكره بعد ففي كتاب القانون للشيخ الرئيس: هو شيء أحمر قاني شبيه بسحيق الزعفران، وطبعه حارا يابس ينفع من الكلف والنمش، وفي كتاب الجامع / لابن البيطار، قال إسحاق بن عمران: الورس صنفان حبشي وهندي فالحبشي أسود وهو مرذول والهندي

_ (1، 2) الصميم والرمث: نباتات يخرج منهما الورس.

أحمر قان، ويقال: أن الكركم عروقه يؤتى بها من الصين، ومن بلاد اليمن، وله حب كحب الماش، وأجوده الأحمر الجيّد القليل الحب اللين في اليد القليل النخّالة، وما كان على لون البنفسج الجيّد الخارج عن الحمرة القليل شمه، والشّم: شيء دقيق ليّن يتعلّق باليد إذا دخلت في وعائه، وقال: غير الورس حار يابس في أوّل الثانية قابض له قوة صابغة، وصبغه أصفر بحمرة، ويجلو وينقع الكلف إذا طلى به ومن البهق الأبيض، وقال غيره: كأنه نشارة روس البابونج، لونه لون زهر العصفر، وأخبرني الثقة ممن سكن بلاد الحبشة أنه ينزل على نوع من الشجر لم يعرفه، ويجمعونه في أوانه لقطا، ويستعملونه، وليس بنبات مزروع كما زعم، والورس عندهم يأتي به الحبشان إلى مكة، ولا يعرفون الورس في بلاد المغرب ألبتة، وإن الذي يسمى بالورس ببلاد الأندلس وما والاها فليس من الورس سبب، ولا بسبب وإنّما هو شيء يتكوّن من خرائر البقر.

91- باب في الصلاة في ثوب الحائض

91- باب في الصلاة في ثوب الحائض حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن ابن طلحة بن يحيى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، وأنا إلى جنبه، وأنا حائض، وعلي مرط لي، وعليه بعضه "، هذا حديث خرجه (1) مسلم في صحيحه، ورواه أبو القاسم في الأوسط (2) من حديث أبي حصين عن أبي صالح الحفي عنها بلفظ: " يصلى وعليه طائفة من ثوبا وأنا حائض " قال: لم يروه عن أبي حصين/إلا قيس وزائدة، حدثنا سهل بن أبي سهل، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا الشيباني عن عبد الله بن شدّاد عن ميمونة أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى وعليه مرط عليه بعضه وعليها بعضه وهى حائض " (3) ، هذا حديث له أصل في الصحيحين، وقد تقدّم الكلام عليهما قبل.

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/74) وأبو داود (ح/370) وابن ماجة (ح/652، وأحمد (6/204) . غريبه: قوله: " مرط " المرط كساء من صوف أن خز، ويكون إزارا ورداء. (2) صحيح. وبنحوه رواه أحمد: (6/250) . (3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/273) وأبو داود (ح / 369) وابن ماجة (ح/ 253) . وصححه الشيخ الألباني.

92- باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار

92- باب إذا حاضت الجارية لم تصل إلا بخمار حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن عمرو بن سعيد عن عائشة أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل عليها، فاختبأت مولاة لها، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " حاضت "؟ فقالت: نعم. قال فشق لها من عمامته فقال: اختمري بهذا " (1) . هذا حديث إسناده جيد، ولولا ما في عبد الكريم بن أبي أمية من الكلام، لكان صحيح التوثيق أبو حاتم البستي عمر، والله تعالى أعلم، وقال ابن أبي حاتم. وسأل أبا زرعة فقال: روى ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن سعيد بن عمرو عن عائشة إذا حاضت فقال أبو زرعة: هما يرويه الثوري أصح، وسألت أبي عنه فقال: هو عمرو بن سعيد المعلي، ولما ذكر ابن عساكر عمرا هذا نسبه أبي العاص، وتبعه على ذلك الشيخ جمال الدين وكانّ ما قال، أبو حاتم أشبه، وإن كان كما قاله فهو رجل مجهول لا يعرف حاله. حدّثنا محمد بن يحيى ثنا أبو الوليد ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " لا يقبل صلاة حائض إلا بخمار " (2) ، هذا حديث لما خرجه أبو عيسى (3) بلفظ: الحائض المرأة البالغ " قال: حديث عائشة حسن/، ولفظ ابن خزيمة (4) ، وخرّجه في صحيحه: " لا يقبل الله صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار "، وخرجه ابن الجارود في منتقاه، وصححه ابن حزم،

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/654) . في الزوائد: في إسناده عبد الكريم، وهو ابن المخارق. ضعفه الإمام أحمد بن حنبل وغيره؛ بل قال ابن عبد البر: مجمع على ضعفه. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/140) وحجاب المرأة (ص 45) . قوله: " اختمري هذا " أي غطى رأسك به. (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/641) وابن ماجة (ح/655) وابن أبي شيبة (2/230) والتمهيد (6/368) وشرح السنة (2/436) وتلخيص (1/279) ونصب الراية (1/295) . وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/214، 295، 303) . (3) رواه الترمذي في: أبواب الصلاة، 160. باب ما جاء: " لا تقبل صلاة المرأة إلا بخمار "، (ح/377) . وقال: " هذا حديث حسن ". وقال: وقوله: " الحائض " يعني المرأة البالغ، يعني إذا حاضت. (4) صحيح. رواه ابن خزيمة: (775) .

وخرجه ابن حبان باللفظين جميعا وحسنه الطوسي، وقال أبو داود: رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن بلفظ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زاد في كتاب التفرّد، وحديث ابن سيرين عن عائشة عن النبي- عليه السلام- بلفظ آخر، ولفظه عن الطوسي عن محمد بن سيرين: أنّ عائشة نزلت على صفية أم طلحة الطلحات فرأت بنات لها فقالت: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل وفي حجرتي جارية فألقى لي حقوة فقال: شقّيه شقّين فأعطى هذه نصفا والفتاة التي عند أم سلمة نصفا فإنى لا أراهما إلا قد حاضتا، أو إنّى لا أراهما إلا قد حاضتا "، فقال أبو داود (1) : وكذلك رواه هشام عن ابن سرين انتهى، وابن سيرين لم يسمع من عائشة شيئا قاله ابن أبي حاتم عن أبيه، ولما ذكر الأزدي حديث صفية قال: هكذا رواه حماد، ورواه شعبة وسعيد بن بشير عن قتادة موقوفا، وأمّا قول عبد الحق صفية بنت طلحة فخطأ، والصواب أم طلحة، كذا هو في كتاب أبي داود الذي نقله منه رواية اللؤلؤي وابن العبد وابن واشة، وعاب أبو الحسن عليه بسكوته عنه قال: وقد نظن به أنه تبرأ من عهدته بعض التمري بإبرازه سنده وليس كذلك، وما ذكره إلا لتستقم له الاختيار عن عائشة، وفي لفظ للبيهقي (2) عنها أنها قالت: " ما ظهر منها الوجه والكفان " (3) ، وفي الباب حديث رواه قيس بن الربيع عن الأعمش، حدثني أبو سفيان طلحة بن نافع عن الحسن عن أمّه أنها قالت: دخلت على أم حبيبة بنت أبي سفيان وهى تصلى في درع وخمار فلما أن صلّت قالت: هاتى الملحفة يا جارية " قال أبو حاتم: هذا/خطأ إنما هو دخلت على أم سلمة وكانت خادما لها " والخطأ ليس من قيس؛ لأنه لا يعلم أبا سفيان روى عن الحسن شيئا، وقصة أم حبيبة عندي أنّ الخطأ لعلّه من الأعمش، وفي الموطأ (4) عن محمد بن زيد بن معد عن أمه أنها سألت أم سلمة ماذا تصلى فيه المرأة من الثياب فقالت: تصلى في الخمار

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/642) . وقال أبو داود: وكذلك رواه هشام عن ابن سيرين. والبيهقي (6/57) وابن أبي شيبة (2/22) وأحمد (6/96، 238) . (2) رواه البيهقي: (2/226) . (3) المصدر السابق. (4) رواه مالك في: 8- كتاب صلاة الجماعة، 10. باب الرخصة في صلاة المرأة في الدرع والخمار، (ح/36) قال ابن عبد البر في الاستذكار: هو في الموطأ موقوف ورفعه عبد الرحمن ابن عبد الله بن دينار محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة.

والدرع السابغ الذي يحجب ظهور قدميها "، قال أبو عمر: هذا هو الصحيح من قول أم سلمة، وقد ذكره أبو داود (1) مرفوعا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحديث أبي قتادة قال عليه السلام: " لا يقبل الله من امرأة صلاة حتى توارى زينتها، ولا من جارية بلغت المحيض حتى تختمر " رواه أبو القاسم في الأوسط (2) عن محمد بن أبيِ حرملة؟ ثنا إسحاق ابن إسماعيل بن عبد الأعلى الأيلي، ثنا عمرو بن هاشم التستري الأوزاعي إلا عمرو بن هاشم تفرد به إسحاق. وحديث يحيى بن جابر أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم رؤوسهم " (3) ، فذكر الحديث قال: " وامرأة قامت إلى الصلاة وأذنها بادية " ذكره أبو داود في المراسيل، وحديث عبد الله بن عمر، وقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن قال: " يرخين شبرا " (4) ، فقالت: إذا تنكشف أقدامهنّ قال: " فترخيه ذراعا لا يزدن عليه "، قال فيه الترمذي (5) : حسن صحيح، وحديث عن ميمونة: " أنها كانت تصلى في الدرع والخمار ليس عليها إزار "، رواه

_ (1) حسن. ورواه أبو داود في: 2. كتاب الصلاة، 82- باب في كم تصلى المرأة، (ح/640) قال أبو داود: روى هذا الحديث مالك بن أنس وبكر بن مضر وحفص بن غياث وإسماعيل بن جعفر وابن أبي ذئب وابن إسحاق عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة لم يذكر أحد منهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قصروا به على أم سلمة رضى الله عنها. غريبة: قوله: " الدرع " درع المرأة قميصها، وهو مذكر. و" السابغ " الساتر. (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/52) ، وعزاه إلى الطبراني في " الصغير " و" الأوسط " وقال تفرد به إسحاق بن إسماعيل بن عبد الأعلى الأيلي، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله موثقون. (3) صحيح. رواه الترمذي (ح/360) ، وقال: هذا حديث حسن غريب. وقد صححت هذا الحديث؛ لأن أبا غالب ثقة، فقد وثقة موسى بن هارون الحمال والدارقطني وغيرهما، وفي التهذيب: " حسن الترمذي بعض أحاديثه وصحح بعضها ". والبيهقي (3/128) وضعف أبا غالب. والطبراني (8/341، 343) ، والمنثور (2/154) ، وشرح السنة: (3/404) ، وابن أبي شيبة (4/307) ، والترغيب (1/314) ، 3/29) وللكنز (43797، 43924) . (4) مرسل. كما ذكر المصنف في عزوه لأبي داود. (5) صحيح. رواه الترمذي: (ح/ 1731) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. ومسلم في (الزينة، باب تحريم جر الثوب خيلاء) والنسائي: (8/209) ، وأحمد: (6/6/315) ، والفتح: (01/ 259) ، وإتحاف: (8/347) ، وعبد الرزاق: (1731) .

مالك (1) عن الثقة عنده عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بشر بن سعيد عن عبيد الله الخولاني، وكان في حجر ميمونة عنها، وزعم الدارقطني أنّ الثقة هذا هو/ليث بن سعد، وقد أخطأ من رفعه، وحديث أسامة بن زيد: أنه كسا امرأته قبطية. فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مرها فلتجعل تحتها غلالة فإنى أخشى أن ينصف غطائها " (2) ، ذكره البيهقي في المعرفة من حديث ابن عقيل عن محمد ابن أسامة عن أبيه، وحديث عطاء قال: " إذا صلّت الأمة غطت رأسها وعينيها بخرقة أو خمار "، كذلك كن يصنعن على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذكره عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج عنه قال: ثنا الثوري عن جابر به وعن أم ثور عن زوجها بشر قالت قلت لابن عباس: في كم تصل المرأة من الثياب؟ قال: " في درع وخمار " وعن الأوزاعي عن مكحول عمن سأل عائشة في كم تصل المرأة من الثياب؟ فقالت له: سل علي بن أبي طالب ثم ارجع إلي فأخبرني فأتى عليا فسأله فقال: في الخمار والدرع السابغ فرجع إلى عائشة فأخبرها فقالت: صدق " (3) ، وفي المصنف لأبي بكر عن مجاهد: " أيما امرأة صلّت ولم تغط شعرها لم يقبل الله لها صلاة "، وفي الاستذكار: " لا تصلى المرأة في أقل من أربعة أثواب "، وهذا لم يقله غيره فيما علمت، وعن ابن جريج قال: تقنع الأمة رأسها في الصلاة، وعن سليمان بن موسى إذا حاضت المرأة لم يقبل لها صلاة حتى تختمر وتوارى رأسها، قال أبو عمر: وروى ذلك أيضا عن عروة وعكرمة وجابر بن زيد وإبراهيم والحكم وحماد، وهو قول فقهاء الأمصار، قال ابن حزم: لم يخف علينا ما روى عن عمر- رضى الله تعالى عنه- في خلاف هذا، وعن غيره يعني من التفرقة بين الحرّة والأمة، ولكن لا حجة في قول أحد دون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين الحرّة والأمة، ولكن لا حجة في قول أحد دون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإذا تنازع السلف وجب الردّ إلى ما افترض الله الرّد إليه من القرآن والسنة/وليس فيهما فرق بينهما؟ والله تعالى أعلم، قال أبو عمر: والذي عليه فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق؛ أنّ على المرأة أن تغطى جسمها كلّه بدرع صفيق سابغ وتخمر رأسها فإنّها كلّها عورة إلا

_ (1) صحيح. رواه مالك في: 8. كتاب صلاة الجماعة، 10. باب الرخصة في صلاة المرأة في الدرع والخمار، 3/37) . وقد روى موقوفا. (2) صحيح. رواه الطبراني: (1/123) . (3) صحيح. رواه البيهقي: (2/232) .

وجهها وكفيها، واختلفوا في ظهور قدميها فقال مالك، والليث بن سعد: تسترهما في الصلاة، قال مالك: فإن لم تفعل أعادت ما دامت في الوقت، وقال الشافعي: ما عدا وجهها وكفيها عورة فإن انكشف ذلك منها في الصلاة أعادت، وقال أبو حنيفة: قدمها ليس بعورة فإن صلت وقدمها مكشوفة لم تعد، وروى عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنه قال: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها، وقال به غيره إلا أحمد بن حنبل في رواية انتهى كلام ابن عمر، وفيما نقله عن الشافعي نظر؛ لما ذكره الترمذي عنه، قال الشافعي: وقد قيل إن كان ظهر قدميها مكشوفان صلاتها جائزة.

93- باب الحائض تختضب

93- باب الحائض تختضب حدثنا محمد بن يحيى، ثنا حجاج يزيد بن إبراهيم، ثنا أيوب عن معاذة أن امرأة سألت عائشة قالت: " تختضب الحائض؟ فقالت: كنا عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن نختضب فلم يكن ينهانا عنه " (1) ، هذا حديث إسناده صحيح على شرط الشيخين، وفي كتاب الحيض لأحمد بن حنبل بسند صحيح أيضا، ثنا عبد الرحمن عن حماد بن سلمة عن أيوب وعبيد الله عن رافع: " أنّ نساء ابن عمر وأمّهات أولاده كن يختضبن وهنّ حيض " (2) .

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1. كتاب الطهارة، 133. باب الحائض تختضب، (ح/656) . في الزوائد: هذا الإسناد صحيح، وحجاج هو ابن مهال، وأيوب هو السختياني: وصححه الشيخ الألباني. (2) إسناده صحيح. رواه الدارس في: كتاب الوضوء 110. باب في المرأة الحائض تختضب والمرأة تصلي في الخضاب، (ح/1094) .

94- باب المسح على الجبائر

94- باب المسح على الجبائر حدثنا محمد بن أبان البلخي؟ ثنا عبد الرزاق ثنا إسرائيل عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي عن أبيه عن جدّه عن علي قال: " انكسرت إحدى زندي فسألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فأمرني أن أمسح على الجبائر " (1) هذا حديث قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: هذا حديث باطل لا أصل له وعمرو ابن خالد متروك الحديث، وقال المروزي: سألت أبا عبد الله عن حديث عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي، عن حديث المسح على الجبائر، فقال: باطل، ليس هذا بشيء من حدّث بهذا؟ قلت: ذكروه عن صاحب الزهري، تكلّم فيه بكلام غليظ في سؤالات عبد الله. سمعت رجلا يقول ليحيى: تحفظ عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن علي عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه مسح على الجبائر " (2) . فقال: هذا حديث باطل، ما حدّث به معمر قط، وسمعت يحيى يقول على بدنة مجللة مقلّدة: إن كان معمر حدّث هذا فهذا باطل، ولو حدّث بهذا عبد الرزاق كان حلال الدم. من حدّث بهذا عن عبد الرزاق؟ قالوا: محمد بن يحيى قال: لا والله ما حدّث به معمر، وعليه حجة، من هذا يعني المسير إلى مكة، إن كان معمر حدّث بهذا قط. قال عبد الله: وهذا الحديث يرويه أيضا إسرائيل عن عمرو بن خالد: وهو لا يرى حديثه شيئا، وقال أبي: متروك وروى عن زيد مع الجبائر، وقال العقيلي وذكر هذا الحديث: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به،

_ (1) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة في: 1. كتاب الطهارة، 134. باب المسح على الجبائر، (ح/ 657) . في الزوائد: في إسناده عمر بن خالد. كذبه الإمام أحمد وابن معين. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال قال وكيع وأبو زرعة: يضع الحديث وقال الحاكم: يروى عن زيد عن علي الموضوعات. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/141) . (2) باطل. رواه الدارقطني (1/205) ، والخطيب (11/511) بلفظ: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح على الجبائر " انظر: كلام علاء الدين مغلطاي المذكور في المتن.

وفي تاريخ نيسابوري: وقال العلائي سئل ابن معين وأنا حاضر، أتحفظ (1) عن معمر عن أبي إسحاق عن الحرب عن علي في المسح على الجبائر؟ فقال يحيى: لا والله الذي لا إله إلا هو، ما حدّث معمر بهذا قط، فقال له/ الرجل: ثنا به محمد بن يحيى النيسابوري ثنا عبد الرزاق عن معمر قال: فثبت يحيى على قوله، وقال الحاكم. ذكرت هذا على العجب فإنّا لا نعرفه من حديث محمد بن يحيى عن عبد الرزاق، ولا يحفظ في الجبائر من حديث عمر بن خالد عن زيد عن أمامة، وفي الخلافيات: هذا حديث لا يثبت وقال ابن حزم: هذا خبر لا تحل روايته إلا على بيان سقوطه؛ لأنه انفرد به أبو خالد عمرو بن خالد، وهو مذكور بالكذب وقال عبد الحق: هذا حديث لا يصح، قال أبو الحسن: لم يرد في تعليله على هذا، أو أنه لكان عند من يعلم حال عمرو، وإنما ذكرته الآن باعتبار حال من لا يعلمه، فاعلم أنّه أحد الكذابين، قال إسحاق بن راهويه: كان يضع الحديث، وقال ابن معين: هو كذّاب غير ثقة، ولا مأمون، يعني: أبا خالد القرشي الهاشمي مولاهم، أصله كوفي انتقل إلى واسط، قال البخاري: منكر الحديث، وقال الإمام أحمد: متروك الحديث ليس بشيء، وفي رواية كذّاب، يروى عن زيد بن علي عن الزبان نسخه موضوعة بكذب، وقال الدارقطني: كان كذابا وفي رواية الزبان عنه متروك، وقال وكيع: كان في جوارنا، يضع الحديث فلما فطن له تحول إلى واسط، وقال أبو زرعة: كان وضّاعا، وفي كتاب الأجري: سألت أبا داود عن عمرو ابن خالد فقال: ليس بشيء، وقال الساجي: هو منكر الحديث، وقال: كان يحيى بن سعيد قرب أمر الحسن بن ذكوان، قال: أظنّه ليس به بأس كأنه ورقة عن عمر، وفى (2) كتاب العقيلي قال أبو عوانة: كانه يشترى الكتب من الصيادلة، وقال أبو عبد الرحمن النسائي: متروك الحديث ليس ثقة ولا يكتب حديثه، وفي الباب حديث رواه ابن عمر أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كان يمسح على/ الجبائر " ذكره الدارقطني (3) من حديثه عن أبي بكر الشّافعي نا أبو عمارة

_ (1) قوله: " أتحفظ " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) قوله: " وفى " وردت " بالأصل " " روق " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (3) ضعيف جدا. رواه الدارقطني: (1/205) والخطيب (11/115) .

محمد بن أحمد بن المهدي نا عبدوس بن مالك العطار ثنا شبابة ثنا ورقة عن أبي نجيح عن مجاهد عنه، ثم قال: ولا يصح مرفوعا وأبو عمارة ضعيف جدا، وبنحوه قاله أبو الفرج في علله المتناهية، قال أبو حنيفة: المسح على الجبائر سنة، ونال أبو يوسف ومحمد فرض للحديث، ولأنه قد عفي عن غسل ما تحته، فخرج ملحفة فنزع الجبائر فيتحول إليه حكمه، كما في الخسف، إلا أنّ أبا حنيفة، يقول: الوضوء ثابت بكتاب الله تعالى، ولا يمكن الزيادة عليه إلا بمثله؛ لأن الزيادة تجرى مجرى النسخ عندنا، ولأنه شطر من الوضوء، والوضوء بنفسه ثابت متيقن، ولا يمكن إثبات شطر منه بخبر الواحد والقياس، وإنما أثبتنا الخف محلا للمسح بأخبار مشهورة قريبة من التواتر؛ وأبو حنيفة يأمر بالمسح على الجبائر عملا بخبر الواحد، ولكن لا يفسد بتركه هذا، كالطواف بالبيت يؤمر فيه بالطهارة عملا بخبر الواحد، ولكن لا يفسد بدونها، ذكره أبو زيد في الأسرار، قال ابن المنذر: هو قول ابن عمر وعطاء وعبد الملك بن عمير والنخعي والحسن ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور المزني.

95- باب اللعاب يصيب الثوب

95- باب اللعاب يصيب الثوب حدثنا على بن محمد ثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال. رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حامل الحسن بن على عليهما السلام على عاتقه ولعابه يسيل عليه " (1) هذا حديث إسناده على رسم الصحيح، وفي الباب حديث أنس: " انّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزق في ثوبه " رواه البخاري (2) وحديثه (3) / أيضا: " أنه عليه السلام رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه، ثم قال بطرف ثوبه فسبق فيه " الحديث رواه أيضا من حديث أبي هريرة: " فتفل في ثوبه عليه السلام ثم مسح بعضه على بعض " رواه مسلم (4) وحديث عمرو بن خارجة قال: خطبنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنى وهو على راحلة وهي تقصع بحرّتها ولعابها يسيل بين كتفي " الحديث رواه أبو عيسى (5) وصححه، وحديث مروان بن الحكم والمسور: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج من الحديبية " فذكر الحديث وفيه: " وما تنخم عليه الصلاة والسلام نخامة إلا وقعت في كفّ رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده " (6) . وحديث أبي رافع عن أبي هريرة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/658) وأحمد (2/279، 406، 447، 467) . وصححه الألباني. (2) صحيح. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 7 ") وأبو داود في الطهارة، /389) وابن ماجة (ح/ 4201) وأحمد (3/24) وتمام لفظه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بزق في ثوبه وحك بعضه ببعض ". (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/417) ومسلم في (المساجد، ح/53050) وأبو داود (ح/479) من حديث ابن عمر. قال أبو داود: رواه إسماعيل وعبد الوارث عن أيوب، ومالك وعبيد الله وموسى بن عقبة عن نافع، نحو حماد، إلا انه لم يذكروا الزعفران ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه، وذكر يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع الخلوف. والنسائي في (المساجد باب " 32، 35) وابن ماجة (ح/ 763) ومالك في (ح/ 1397) . (4) صحيح. رواه مسلم في: (المساجد، ح/53) . (5) صحيح. رواه الترمذي: (ح/ 2121) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. غريبه: قوله: " تقصع " القصع: المضغ بعد الدسع، وهو نزع الجرة من الكرش إلى الفم يقال: دسعت بجرتها ثم قصعت بها. (6) صحيح. رواه البخاري تعليقا الوضوء. 7. باب البزاق والمخاط ونحوه في الثوب=

بزق في ثوبه " (1) قال مهنأ: سألت أحمد عن القاسم ثنا مهران فقال: ثقة وما أعرف له غير حديث واحد عن أبي رافع فذكره قال: وهذا أبو رافع الصائغ وحديث أبي سعيد: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزق في ثوبه ثم دلكه " (2) . قال عبد الله عن أبيه لم يرفعه إلا عبد الصمد بن عبد الوارث، وفي كتاب الميموني عن أحمد، نحن لا نرى بالبزاق بأسا، هو نظيف. أليس يروى أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بزق في ثوبه "؟! وقال أبو القاسم في الأوسط (3) : لم يروه عن حماد بن سلمة يعني عن ثابت عن أبي نضرة عن أبي سعيد إلا عبد الصمد، قال ابن القطان هذا يدل على طهارة البزاق، والمخاط، وهو أمر مجمع عليه لا أعلم فيه اختلافا إلا ما روى عن سلمان الفارسي وأنّ الحسن بن حيى كرهه في الثوب، وفي كتاب الطحاوي: أن الأوزاعي كره أن يدخل سواكه في وضوئه. انتهى حديثه وسلمان المشار إليه قال فيه الجوزجاني: باطل ورواته عنه محمد بن عطية، لم/ يسمع فيه شيئا فعلى هذه لا يثبت إلى سليمان فيما نقل عنه، وما حكاه عن ابن حيى يحمل على التقدير، وسيأتي لهذا زيادة أيضا في كتاب الحج إن شاء الله تعالى.

_ - وأحمد 41/329، 330) . (1) راجع الحاشية السابقة. (2) راجع الحاشية رقم (1) السابقة. (3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/19) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " ورجاله رجال الصحيح.

96- باب المج في الإناء

96- باب المج في الإناء حدثنا سويد بن سعيد ثنا سفيان بن عيينة عن مسعر، وثنا محمد بن عثمان بن كرامة ثنا أبو شامة عن مسعر عن عبد الجبار بن وائل عنه أبيه، قال: " أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدلو فمضمض منه، فمج فيه مسكا أو أطيب من المسك، واستنثر خارجا من الدلو " (1) . هذا حديث لولا انقطاعه لحكمنا بصحة إسناده على الصحيح، فإن ابن معين قال: لم يسمع عبد الجبار من أبيه شيئا من الرواية، وقد ولد بعد موت أبيه بستة أشهر، وفي سؤالات الكناني لأبي حاتم عبد الجبار سمع من أبيه شيئا قال: لم يسمع من أين وقال. ابنه عنه في الجرح والتعديل: روى عن أبيه مرسلا، ولم يسمع منه، وهو مما استدركناه عليه في كتاب المراسيل تأليفه؛ لذكره له في موضعين وأغفله في موضع هو أنسب منهما، وقال البخاري: قال لي محمد بن حجر: ولد بعد أبيه بستة أشهر، وقال قطن: والحسن بن عبيد الله بن عبد الجبار؛ سمعته لي ولا يصح سماعه من أبيه وهو في بطن أمه، ومات أبيه قبل أن يولد، حدثنا أبو مروان إبراهيم ابن سعد عن الزهري عن محمود بن الربيع: " وكان قد عقل مجة مجها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دلو من بئر لهم ". هذا حديث خرجه البخاري (2) في صحيحه بزيادة مجهّا: " في وجهي وأنا ابن خمس سنين من دلو ". وفي الباب حديث أبي موسى عند البخاري (3) : " دعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/بقدح من ماء فغسل يديه ووجهه، ومجّ فيه ثم قال لهما: اشربا وأفرغا على وجوهكما أو ذلك "

_ (1) ضعيف رواه ابن ماجة (ح/659) في الزوائد: إسناده منقطع؛ لأن عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه شيئا. قاله ابن معين وغيره وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة. (ح/142) غريبه: قوله: " فمج فيه " أي رمى به في الدلو. و" استنثر " في النهاية: نثر إذا امتخط. واستنثر استفعل منه. أي: استنشق الماء ثم استخرج ما في الأنف، فنثره. وقيل: هو تحريك النثرة وهى كعرف الأنف. (2) صحيح. رواه البخاري (ح/ 189) وابن ماجة (ح/ 660) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه البخاري (ح/ 196) .

يعني أبا موسى وبلالا ففعلا قال: فنادتهما أم سلمة من وراء الستر، وحديث السائب بن يزيد قال: ذهبت بي خالتي إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: " يا رسول الله، إن ابن أختي وجع، فمسح برأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ، فشربت من وضوئه " (1) ، وحديث أبي جحيفة: " توضأ عليه السلام، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوء فيتمسحون به " (2) خرجهما البخاري، وأمر جرير بن عبد الله أهله أن يتوضأ بفضل سواكه.

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/5670) ومسلم في الفضائل، ح/111) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (ح/ 187) ومسلم في (الصلاة، ح/253) وأحمد (4/307، 308) .

97- باب النهى أن يرى عورة أخيه

97- باب النهى أن يرى عورة أخيه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يزيد بن الحباب عن الضحاك بن عثمان ثنا زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة، ولا ينظر الرجل إلى عورة الرجل " هنا حديث خرجه مسلم (1) في صحيحه بزيادة. ولا يفضى الرجل في ثوب واحد، ولا نفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد ". وقال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن ابن أسلم إلا الضحاك تفرد به ابن أبي فديك (2) ، وزيد ابن حباب، ولا يروى عن أبي سعيد إلا هذا الإسناد حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن مولى لعائشة قالت: " ما نظرت أو ما رأيت فرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قط " قال أبو بكر: كان أبو نعيم يقول عن مولاة لعائشة: هذا حديث خرجه ابن ماجة (3) أيضا في كتاب النكاح، وسيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى هناك، ورواه الطبراني/في الأوسط عن أحمد بن زكريا ثنا شاذان ثنا بركة بن محمد الحلبي ثنا يوسف بن أسباط ثنا الثوري عن ابن جحادة عن قتادة عن أنس عنها به، وقال: لم يروه إلا بركة بن محمد، وفي الباب حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت يا رسول الله عوراتنا ما يأتي منها وما نذر قال: " احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك " قلت: فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: " ان استطعت أن لا يراها أحد فلا تريها " قلت: فإذا

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الحيض، ح/74) وأبو داود في (الحمام، باب " 3 ") والترمذي (ح/ 2793) وابن ماجة (ح/661) والبيهقي (7/98) وابن أبي شيبة (6/101) والحاكم (1/158) وشرح السنة (0/29) والمشكاة (3100) والفتح (9/338) وابن خزيمة (72) وابن عدى في " الكامل " (2/745) والكنز (13052) . (2) قوله: " فديك " وردت " بالأصل " " قهر " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/662) . في الزوائد: هذا إسناد ضعيف. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/143) والإرواء (1812) والمشكاة (3123) وآداب الزفاف (34) والروض (809) ومختصر الشمائل (308) .

كان أحدنا خاليا؟ قال: " والله تبارك وتعالى أحق أن يستحي منه " خرجه أبو داود (1) ، وحديث أبو هريرة قال: " رأيت سبعين من أهل الصفة، ما منهم رجل عليه رداء، إما إزار وإما كساء، قد ربطوا في أعناقهم، فمنهم ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين، فجمعه بيده كراهية أن ترى عورته " خرجه البخاري (2) ، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا زوج أحدكم عبده أمته، أو أجيره، فلا ينظر إلى شيء من عورته يريد الأمة " خرجه أبو داود (3) وسيأتي بعد هذا الباب إن شاء الله تعالى زيادة في كتاب الصلاة.

_ (1) حسن. رواه أبو داود: (4017) والترمذي (2794) وحسنه وابن ماجة (1920) وأحمد (5/3، 4) والبيهقي (1/199، 2/225، 7/94) والحاكم (4/180) وشرح السنة (13/5) ونصب الراية (4/225) والخفاء (1/59) والخطيب (26113) والفتح (1/86) والإرواء (6/ 12) . (2) صحيح. رواه البخاري في: (الصلاة، ح/442) . (3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/ 4113، 4114) والبيهقي (3/226، 229، 7/94) والدارقطني (1/230) والمشكاة (3111) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع (ح/ 533، ص 76) .

98- باب من اغتسل من الجنابة فبقى من جسده لمعة لم يصبها الماء

98- باب من اغتسل من الجنابة فبقى من جسده لمعة لم يصبها الماء حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن منصور ثنا يزيد بن هارون ابنا مسلمة بن سعيد عن أبي علي الرحبي عن عكرمة عن ابن عباس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغتسل من جنابة، فرأى لمعة لم يصبها الماء فقال: نجمّته فبلّها عليه " (1) وقال إسحاق في حديثه: " فعصر شعرة عليها ". هذا حديث سأل الأثرم عنه أحمد فقال: ذاك ولم يُصحّح سنده فيما أرى ضعف رواية أبي علي حسين ابن قيس الملقب حنشار، وهو/وإن كان حصين بن نمير قال: هو شيخ صدوق، وقال البزار: لين الحديث روى عنه سليمان التيمي في قصة الثوم، وقال حنش: عنده أحاديث صالحة، عن عكرمة عن ابن عباس وخرج الحاكم حديثه في مستدركه، فقد قال الإمام أحمد: هو متروك الحديث، ضعيف كذاب وترك حديثه، وله حديث واحد حسن رواه عنه التيمي، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقال العقيلي: وله غير حديث لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، وفي كتاب ابن جرير: غير متروك، وقال البخاري: أحاديثه منكرة جدا لا تكتب، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث، وقال في التمييز: ليس بثقة، وقال ابن عدي: هو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق، وقال الجوزجاني في أحاديثه: منكرة جدا، وقال إسماعيل القاضي عن علي بن المديني: ليس هو عندي بالقوى، وكذلك البلخي وقال الساجي: ضعيف الحديث؟ متروك يحدّث بأحاديث بواطيل. حدثنا سويد بن سعد ثنا أبو الأحوص عن محمد بن عبد الله عن الحسن بن سعد عن أبيه عن علي رضى الله تعالى عنه قال: " جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إني اغتسلت

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/ 663) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/ 144) . غريبه: قوله: " اللمعة " القدر اليسير من الجلد غاير لونه باقي الجسم، لعدم وصول الماء إليه. و" الجمة " الشعر الطويل النازل على المنكبين. فعصره على ما لم يصبه الماء من الجسد.

من الجنابة وصليت الفجر ثم أصبحت فرأيت قدر موضع الظفر لم يصبه الماء، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو كنت مسحت عليه بيدك أجزأك " (1) هذا حديث رجال، إسناده كلهم في الصحيح إلا سعد بن معبد، فإنّ ابن حبان ذكره في الثقات، وقد سبق الكلام على هذا الباب قبل، والحمد لله وحده وسيأتي له تكملة إن شاء الله تعالى.

_ (1) ضعيف رواه ابن ماجة (ح/664) . في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لضعف محمد بن عبيد الله. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/145) وتخريج المختارة (445) .

99- باب من توضأ فترك موضعا لم يصبه الماء

99- باب من توضأ فترك موضعا لم يصبه الماء /حدثنا حرملة بن يحيى ثنا عبد الله بن وهب نا جرير بن حازم عن قتادة عن أنس، أنّ رجلا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد توضأ وترك موضع الظفر لم يصبه الماء، فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ارجع فأحسن وضوءك ". هذا حديث لما ذكره أبو داود (1) قال: وليس هذا الحديث بمعروف، ولم يروه إلا ابن وهب وحده، وفي كتاب ابن داسة: هذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إلا ابن وهب، وقال الدارقطني: تفرد به جرير عن قتادة ولم يروه عن غير ابن وهب، فكذا قاله أبو القاسم في كتابه: الأوسط، وقال البيهقي في الخلافيات: هذا حديث إسناده صحيح، رواته كلّهم مجمع على عدالتهم وبنحوه قاله عبد الحق وذكره أبو عوانة في صحيحه، ولما ذكر ابن حزم حديث عمر في هذا الباب قال: لا يصح؛ لأنّ أبا قلابة لم يدرك عمرو، وأبو سفيان ضعيف، وحديث أنس أحسن منه. حدثنا حرملة بن يحيى ثنا ابن وهب وثنا ابن حميد ثنا زيد بن الحباب قالا: ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر عن عمر بن الخطاب قال: " رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلا توضأ، فْترك موضع على قدمه، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة قال: فرجع " (2) هذا حديث خرجه مسلم (3) رحمه الله تعالى في صحيحه عن سلمة بن شبيب ثنا الحسن بن محمد بن أعن ثنا معقل عن أبي الزبير بلفظ: " ارجع فأحسن وضوءك، فرجع ثم صلى " وفي كتاب الصحيح لأبي عوانة وذكره فيه " بأنه رجع ثم صلى "، وفيه أيضا من

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/31) من حديث عمر بن الخطاب وأبو داود (371) من حديث أنس بن مالك. قال أبو داود: وهذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إلا ابن وهب، وقد روى عن معقل بن عبيد الله الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر، عن عمر، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه قال: " ارجع فأحسن وضوءك ". وابن ماجة (ح/665) من حديث أنس. وأحمد (1/21، 23، 3/146) ، والبيهقي (1/70) ، وابن خزيمة (164) ، والحلية (8/ 033) ، ونصب الراية (1/36) ، وجرجان (402) ، وأصفهان (11/23) ، والإرواء (11/27) . (2) صحيح رواه ابن ماجة: (ح/666) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/31) .

حديث مغيرة بن سعلاب عن الوازع بن نافع عن سالم عن أبيه عن عمر عن أبي بكر الصديق- رضي الله تعالى عنه- قال: " كنت جالسا عند النبي/ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجاء رجل قد توضأ وبقى على ظهر قدمه مثل ظفر النخامة فقال له النبي: ارجع فأتم وضوءك ففعل " (1) ، انتهى. وقال عبد الحق عند ذكره غيره. وحديث عمر واضح إسنادا، وأجل معنى من هذا، فدلّ أنّ الحديث إنّما رواه عمر عن أبي بكر، وقد جمع بينهما أحمد بن عبيد الصغّار في مسنده من حديث ابن عمر عنها مرفوعا، ولما ذكره الطبراني في الأوسط قال: لا يروى عن أبي بكر إلا بهذا الإسناد، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث، فزاد أبي نوح عن شعبة عن إسماعيل عن أبي المتوكل قال: توضأ عمر وبقى على ظهر رجله لمعة لم يصيبها الماء، فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعيد الوضوء، فقال أبو المتوكل: لم يسمع من عمر، وإسماعيل: هذا لا بأس به، ولما ذكر في الخلافيات هذا المتوكل قال: إسناده جيد، وقد تقدّم كلام أبي محمد في حديث عمر، قال الحافظ أبو الفضل الهروي: إنّما نعرف من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير بهذا اللفظ وابن لهيعة لا يحتج به وهو خطاء عندي؛ لأن الأعمش رواه عن أبي سفيان عن جابر جعله من قول عمرو قال البيهقي: ورواه أبو سفيان عن جابر بخلاف ما رواه أبو الزبير، ورواه خالد الحذاء عن أبي قلابة عن عمر مثله، وقد روى عن عمر ما دلّ أنّ أمره بالوضوء كان على طريق الاستحباب، وإنّما الواجب غسل تلك اللمعة فقط، وفي الباب حديث خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رأى رجلا يصلى وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمره النبي أن يعيد الوضوء والصلاة ". رواه أبو داود (2) من حديث بقية/عن خمير عنه، وقال ابن حزم: لا يصح وهو مرسل، ورده أبو محمد الأشبيلي ببقية، واستدرك عليه ابن القطان الإرسال، وقال البيهقي: هو حديث مرسل، وأعلّه بعض الحفاظ من

_ (1) صحيح. الكنز (26810) ، والدارقطني (1/108، 109) ، وتلخيص (1/95) ، وللعقيلي (4/182) . (2) مرسل. رواه أبو داود: (ح/175) . قال ابن حزم: رده أبو محمد الإشبيلي ببقية.

المتأخرين؛ بأنّ بقية وإن كان حديثه في الصحيح فعنعنة لا تقبل لتدليسه، وفي ذلك نظر لما قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله هذا يعني حديث خالد إسناد جيّد قال: نعم. قلت لأبي عبد الله: إذا قال رجل من التابعين حدثنى رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسمه والحديث صحيح قال: نعم انتهى، والذي عليه المحدّثون قاطبة: أنّ جهالة (1) اسم الصحابي غير قادحة في الإسناد لا سيما مع شهادة التابعين المعروف له الصحبة، وهو قول مسند من كلام ابن القطان، وذهل عنه في هذا الموضع، وأمّا من أعلّه بتدليس بقية فمردود؛ لتصريح أبي عبد الله الحاكم في مستدركه لقول بقية ثنا بحر فذكره، وفي مراسيل أبي داود من حديث العلاء بن زياد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه اغتسل، فرأى لمعة على منكبيه لم يصبها الماء فأخذ خصلة من شعر رأسه فعصرها على منكبه، ثم مسح يده على ذلك المكان، قال ابن حزم وأبو الفرج ابن الجوزي: وقد أسند عن العلاء عن رجل من الصحابة والصحيح مرسل أبي داود، وحديث حميد بن مسعدة عن أبي سلمة عن أبيه قال: " أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله إنّ أهلي يغار علي إذا أنا وطئت جواري. قال: " ولم تعلن ذلك "، قلت: من جهة الغسل قال: " وإذا كان ذلك منك فاغسل رأسك عند أهلك وإذا حضرت الصلاة فاغسل سائر بدنك " (2) . ذكره الإسماعيلي في جمعه لحديث مسعر من جهة إسماعيل بن يحيى وهو متروك الحديث عن مسعر عنه، ولما/ذكره البيهقي في الخلافيات ردّه بضعف إسناده، وحديث ابن عمر: " إنّه توضأ وبقى على رجله قطعة لم يصبها الماء فأمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يعيد الوضوء " (3) ذكره في الخلافيات وردّه بالانقطاع، قال: وقد روى عن ابن عمر نفسه موقوفا وإسناده جيّد، وحديث ليث عن عبد الرحمن ابن سابط عن أبي أمامة أو أخي أبي أمامة: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوما على أعقاب أحدهم مثل موضع الدرهم أو مثل موضع ظفر لم يصبه الماء ". الحديث ذكره البيهقي في سننه، وحديث ابن مسعود: " أنّ رجلا سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ (1) قوله: " جهالة " وردت " بالأصل " " نخالة " وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (2) موضوع. كما ذكر المصنف. (3) قلت: وذكره في الخلافيات وردة بالانقطاع كما ذكر المصنف. والحديث " ضعيف ".

بغسل ذلك المكان ثم يصلي ". ذكره البيهقي (1) من رواية عاصم بن عبد العزيز الأشجعي، وهو ضعيف.

_ (1) ضعيف ولم أقف عليه في " السنن الكبرى ".

كتاب الصلاة

100- باب مواقيت الصلاة حدثنا محمد بن الصباح وأحمد بن سنان قالا: ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق أنبأ سفيان ح وثنا علي بنُ ميمون البرقي ثنا علي بن ميمون البرقي (1) ثنا مخلد بن يزيد عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبيه قال: جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن وقت الصلاة. فقال: " صل معنا هذين اليومين، فلمّا زالت الشّمس أمر بلالا فأذّن ثم أمر فأقام العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية، ثم أمره فأقام المغرب حين غابت الشّمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غابت الشمس ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أمره فأقام الفجر حين طلع الفجر فلما كان من اليوم الثاني أمره، فأذن الظّهر فأبرد بها فأنعم أن يبرد بها، ثم صلّى العصر والشّمس مرتفعة أخّرها فوق الذي كان، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق وصلى العشاء بعد ما ذهب ثلث/الليل، وصلى الفجر فأسفر بها، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة، فقال الرجل: أنا يا رسول الله قال وقت صلاتكم بين ما رأيتم ". هذا حديث أخرجه مسلم (2) في صحيحه، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب، وبنحوه قاله الطوسي في أحكامه، ويشبه أن تكون الغرابة جاءته من جهة تفرد علقمة عن سفيان به وهو الذي حكاه أبو عيسى في كتاب العلل عن البخاري حديث بريدة حسن، ولم نعرفه إلا من حديث سفيان، وقال البزار: لا يعلم روى هذا الحديث عن شعبة إلا حرمي ولا عن الثوري إلا إسحاق بن يوسف، ففي هذا دلالة على أنّ شعبة رواه أيضا وسيأتي متابعة الجراح لهما، ولما خرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة (3) في صحيحه قال: لم أجد في كتابي عن الزعفراني المغرب في اليوم الثانى ثنا بندار ثنا حرمي بن عمارة ثنا شعبة عن علقمة بن

_ (1) قوله: " البرقي " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/176) ، والبيهقي (ح/ 667) ، وأحمد (5/349) ، وتلخيص (1/176) ، والمشكاة (582) ، والدارقطني (1/262) ، وتلخيص (1/175) . (3) ضعيف. رواه ابن خزيمة: (323) .

مرثد عن سليمان عن أبيه عن النبي- عليه الصلاة والسلام- في المواقيت لم يزدنا بندار على هذا، قال بندار: فذكرته لأبي داود، فقال صاحب هذا الحديث: ينبغي أن تكثر عليه، قال بندار: فمحوته من كتابي، قال أبو بكر. ينبغي أن يكثر على أبي داود حيث غلط، وأن يضرب بندار عشرة حيث محا هذا الحديث من كتابه؛ لأنه صحيح على ما رواه الثوري أيضا عن علقمة، ثنا عن حرمي محمد بن يحيى ثنا علي بن عبد الله ثنا حرمي بن عمارة عن شعبة بالحديث بتمامه وقال البزار: ولما ذكره أبو القاسم في الأوسط من طريق الجراح بن الضحاك عن علقمة بن يزيد قال له ولأحاديث قبله لم يرو هذه الأحاديث عن الجراح الأعلى بن أبي بكر تفرّد به نوح عن أنس حدثنا محمد بن رمح المصري أنا الليث بن سعد عن ابن شهاب/أنّه كان قاعدا على مباشر عمر بن عبد العزيز في إمارته على المدينة، ومعه عروة بن الزبير، فأخرّ عمر العصر شيئا، فقال له عروة: إمّا أن جبريل نزل فصلى أمام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له عمر: اعلم ما تقول يا عروة قال: سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود يقول سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " نزل جبريل فأمّنى فصلّيت معه ثم صليت معه، ثم صليِت معه، ثم صليت معه ثم صليت معه يحس بأصابعه خمس صلوات ". هذا حديث خرجه الشيِخان (1) في صحيحيهما: " بلفظ أن عم أخّر الصلاة يوما، فدخل عليه عروة فأخبره أنّ المغيرة بن شعبة أخرّ الصلاة يوما وهو بالعراق، فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري، فقال: ما هذا يا مغيرة أليس قد علمت أنّ جبريل عليه الصلاة والسلام نزل فصلّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم صلى فصلّى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر خمسا ثم قال هذا أمرت فقال عمر: يا عروة اعلم ما تحدّث به، وأنّ جبريل عليه السلام هو أقام لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مواقيت الصلاة، قال عروة: كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدّث عن أبيه ". وفي لفظ لمسلم (2) : " أنّ عمر أخر

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4/137) ، ومسلم (425) ، وأبو داود (ح/393) ، وابن ماجة (668) ، والشفع 1291) ، والمشكاة (584) ، والبداية (1/45) ، والطبراني (17/295) ، والحميدي (451) . (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/166) .

الصلاة لم يقل العصر ". وفي حديث ابن ماجة (1) تصريح بأن ابن شهاب شهد قصة عروة مع عمرو بسماع عروة من بشير، وعندهما: ليس كذلك لقول ابن شهاب: أن عمر أخر، فدخل عليه عروة، فقال: كذلك كان بشير يحدّث عن أبيه، قال أبو عمرو: حديث ابن شهاب هذا متصل عند أهل العلم مسند صحيح؛ لأنّ مجالسة بعض المذكورين فيه لبعض معلومة مشهورة، وإن كان ظاهر مسافة في رواية مالك يدلّ على الانقطاع، وممن ذكر مشاهدة/ابن شهاب للقصة عند عمر مع عروة في هذا الحديث من أصحاب ابن شهاب معمر والليث وشعيب بن أبي حمزة وابن جريج، وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: كنّا مع عمر فذكر بلفظ: "إن جبرائيل نزل فصلى فصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصلي النّاس معه "، وفيه " إن الصلاة التي أخرها المغيرة هي العصر أيضا، وفيه: " إن جبريل صلى بالنبي الخمس في أوقاتهن مرّة واحدة لا مرتين فقال له عمر: انظر ما تقول يا عروة أو أنّ جبريل هو سنّ وقت الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا ". وفي لفظ للحاكم من حديث أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن عروة قال: سمعت بشيرا يحدّث عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه " كان يصلى العصر، والشمس بيضاء مرتفعة، لم ير الرجل حين ينصرف منها ذي الحليفة، وهي على ستة أميال قبل غروب الشمس ". ثم قال: قد اتفقا (2) على حديث بشير في أخر حديث الزهري عن عروة بغير هذا اللفظ، وفي كتاب الحازمي وذكر هذه الزيادة هذا إسناد رواته كلهم ثقات، والزيادة من الثقة مقبولة، وفي مصنف أبي داود (3) من حديث أسامة عن الزهري بسنده

_ (1) انظر الحاشية قبل السابقة. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/145، 9/128) ، ومسلم في (المساجد، ح/192) ، وأحمد (3/223) ، والنسائي (1/253) ، وابن أبي شيبة (1/327) ، وشرح السنة (9/202) ، والتمهيد (6/181) ، والمشكاة (295) ، ومعاني (1/191) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/ 413) ، والكنز (21782) . (3) صحيح. رواه أبو داود في: 2. كتاب الصلاة، 1. باب في المواقيت (ح/ 394) . قال أبو داود: وكذلك روى عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ثم صلى بي المغرب، يعني من الغد، وقتا واحدا، وكذلك روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث حسان بن عطية عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدْه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ورواه ابن ماجة (ح/ 866) والبيهقي=

عن أبي مسعود سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: نزل جبرائيل عليه السلام، فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه، ثم صليت معه يحسب بأصابعه خمس صلوات، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى الظهر حين نزول الشمس، وربّما أخّرها حين يشتد الحرور، ورأيته يصلي العصر، والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن يدخلها الصفرة، فينصرف الرجل من الصلاة، فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس ويصلى المغرب حتى تسقط الشمس، ويصلى العشاء حين يسود الأفق، ورّبما أخرّ حتى يجتمع النّاس، وصلى الصبح مرة بغلس. ثم صلى مرّة أخرى فأسفر/ بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد أن يسفر ". ثم قال: روى هذا الحديث عن الزهري معمر ومالك وابن عيينة وشعيب والليث ابن سعد، وغيرهم لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه ولم يفسروه، قال الخزرجي: وهذا إسناد حسن، ولما خرجه أبو القاسم في الأوسط قال: لم يرو هذا الحديث عن أسامة إلا يزيد بن أبي حبيب تفرد به الليث ولم يجز أحدا ممن روى هذا الحديث عن الزهري إلا أسامة، ولما خرجه ابن خزيمة في صحيحه قال: هذه الزيادة لم يقلها أحد غير أسامة بن زيد، وفي هذا الخبر كالدلالة على أنّ الشفق البياض لا الحمرة؛ لأن في الخبر، ويصلي العشاء حين يسود الأفق وإنّما يكون ذلك بعد ذهاب البياض الذي يكون بعد سقوط الحمرة، والواجب في النظر إذا لم يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّ الشفق: الحمرة، وثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّ أوّل وقت العشاء: إذا غاب الشفق أن لا يصلى العشاء حتى يذهب بياض الأفق؛ لأنّ ما كان معدوما فهو معدوم حتى يعلم لونه بيقين وذكر الخطيب في كتاب الفصل: أنّ أسامة وهم فيه؛ لأنّ قصة المواقيت ليس من حديث أبي مسعود، ولما ذكر الدارقطني رواية أسامة هذا قال: أدرجه في حديث ابن أبي مسعود، وخالفه يونس وابن أخي الزهري فروياه عن الزهري قال: بلغنا أنّ النبي- عليه السلام- يذكر مواقيت الصلاة بغير إسناد، قال: وحديثهما أولى بالصواب ورواه هشام عن أبيه في رواية حمرة عن رجل من الأنصار عن النبي لم يسمه، ورواه حبيب بن أبي مرزوق

_ (1/364) وابن خزيمة (352) .

وأبو بكر بن حزم عن عروة عن أبي مسعود إلا أنّ أبا بكر قال فيه عن عروة: حدثنى أبو مسعود/أو بشير بن أبي مسعود وكلاهما قد صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ووهم في هذا القول، والصواب قول الزهري عن عروة عن بشير، ورواه أبو بكر عن ابن حزم عن أبي مسعود وردّه بالانقطاع، قال أبو عمر: ورواية أبي بكر عن ابن حزم فيها الصلاة موقوف وروى ذلك من طريق علي بن عبد العزيز، قال أحمد بن يونس: نا أيوب بن عتبة نا أبو بكر، وأمّا قول ابن خزيمة لم يثبت أنّ الشفق الحمرة، فكأنه ميز إلى ما ذكره الدارقطني في سننه عن عبادة وشداد بن أوس وأبي هريرة وابن عمر وكلها ضعيفة، وأمّا قوله أو بشير بن أبي مسعود حديث وكلاهما قد صحب نفسه أن يكون أخذه من كتاب ابن حبان، فإنّه لما ذكر حديث عروة قال عن بشير: قال سمعت النبي فذكره، وفي الباب حديث أنس من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أن جبرائيل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين زاغت الشمس عن رأسه، قال: قم فصل الظهر أربعا، ثم أتاه حين كان ظلّ كلّ شيء مثله، فقال: قم فصلى العصر أربعا، ثم أتاه حين غابت الشفق، فقال: قم فصل فقام فصلى العشاء أربع ركعات، ثم أتاه حين برق الفجر، فقال: قم فصل فقام فصلى الفجر ركعتين، ثم تركه حتى إذا كان الغد أتاه حين كان الظل مثله فقام فصلى الظهر أربعا، ثم أتاه حن كان ظِلّه مثليه فقال: قم فصل. فقام فصلى أربعا، ثم أتاه حين غابت الشمس فقال: قم فصل فصلى المغرب ثلاثا، ثم تركه حين أظلم، ثم أتاه فقال: قم فصل فقام فصلى العشاء أربعا، ثم أتاه حين أسفر، فقال: قم فصل الفجر ركعتين ثم قال: ما بين هذه الصلوات وقت " (1) . ذكره الدارقطني في كتاب العلل عن علي بن الفضل البلخي أنبأ محمد بن عامر قرأه حدثكم/معاذ عن زفر عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عنهم، وحديث ثابت بن معدان أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أتاني جبرائيل مرتين، فصلى الظهر حين مالت الشمس قيد الشراك ". فذكره مولى ابن قتيبة في كتاب غريب أصناف الأحكام وما يتعلّق بها من الحلال والحرام، وحديث جابر بن عبد الله قال: " جاء جبرائيل إلى

_ (1) الكنز: (19256) . قلت: وقد ذكره الدارقطني في: " كتاب العلل ".

النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين مالت الشمس، ثم مكث حتى إذا كان في الرجل مثله جاء به (1) للعصر، فقال: قم يا محمد فصلى العصر، ثم مكث حتى إذا غابت الشمس سواء مكث حتى إذا ذهب الشفق جاءه، فقال: قم فصلى العشاء، فقام فصلاها، ثم جاءه حين مطلع الفجر بالصبح، فقال: قم يا محمد فصل، فقام فصلى الصبح، ثم جاءه من الغد حين كان في الرجل مثله، فقال: قم يا محمد فصل فصلى العصر، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه فقال: قم فصلى فصلى المغرب، ثم جاءه العشاء حين ذهب ثلث الليل فقال: قم فصلِّي فصلّى العشاء، ثم جاءه الصبح، ثم قال: ما بين هذين وقت كلّه " (2) . رواه ابن خزيمة والبستي في صحيحيهما، وفي كتاب البغوي وحديث وهب بن كيسان عن جابر عن النبي- عليه الصلاة والسلام- وهو حديث حسن صحيح غريب، وقال محمد: أصح شيء في المواقيت حديث جابر، وصححه ابن عبد الرحمن النسائي أيضا فيما ذكره ابن الخطاب، ولما ذكره الطوسي في أحكامه من حديث الدورمي عن إبراهيم بن شماس ثنا ابن المبارك عن حسين بن على حدّثنى وهب بن كيسان به قال: قال الدورمي: أكثر أحمد بن حنبل من إبراهيم بن شماس، ولما/ذكره أبو عمر قال: هو حديث متصل حسن، ولما ذكره أبو محمد الأشبيلي سكت عنه مصححا له، وقال ابن القطّان: هو يجب أن يكون مرسلا؛ لأن جابر لم يذكر من حدّثه بذلك، وهو لم يشاهد وذلك صبيحة الإسراء، لماّ علم من أنه أنصارى إنّما صحب بالمدينة وابن عباس وأبو هريرة اللذان رويا قصة إمامة جبرائيل فليس يلتزم في حديثهما من الإرسال ما في رواية جابر؛ لأنهما قالا: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك وقصه عليهما، وذكره الطبراني في الأوسط من حديث عطاء بلفظ: " سأل رجل النبي عليه السلام عن وقت الصلاة فلما زالت الشمس أذّن بلال بالظهر ". الحديث، وقال: لم يروه عن المطعم بن المقدام، يعني. عن عطاء إلا رباح بن الوليد تفرّد به مروان بن محمد، وذكره في موضع آخر عن

_ (1) قوله: " جاء به " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) صحيح. رواه الحاكم. (1/195) وقال: لم يخرجاه.

عبد الله بن الحسن ثنا محمد بن العلاء الهمداني ثنا زيد بن حبان ثنا خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت، قال: حدثنى حسين بن بشير بن سلام عن أبيه قال: دخلت أنا ومحمد بن علي على جابر فقلت صلِ بنا كما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى فقال: كان يصلى الظهر ". الحديث قال: " ثم صلى من الغد الظهر ". فذكره مطولا، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح مشهور من حديث ابن المبارك، والشيخان لم يخرجاه لعّلة حديث الحسين بن علي الأصفر، وقد رواه عبد الرحمن بن أبي الموالى وغيره وله شاهدان مثل الفاطة (1) عن جابر، فذكر حديث برد بن سنان عن عطاء بن أبي رباح، وحديث عبد الكريم عن أبي الزبير وحديث ابن عياش أن جبرائيل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى به الصلوات وقتين إلا المغرب، قال أبو عبد الله أثر تخريجه من/ حديث أبي بكر بن أبي أويس عن عبد الرحمن بن الحارث ومحمد بن عمرو عن حكيم بن حيكم عن نافع بن حبيب عنه: هذا حديث صحيح الإسناد رواه الثوري وعبد العزيز الدراوردي عن عبد الرحمن بن الحارث وهذا من أشراف المقبولين في الرواية، وحكيم بن حكيم هو ابن عباد بن حنيف (2) وكلاهما مدنيان، ولما خرجه الترمذي (3) من حديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن ابن الحارث قال: أخبرني ابن عباس قال: حديث ابن عباس حسن صحيح، وخرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه وابن الجارود في منتقاه وقال البغوي في شرحه: هذا حديث حسن وابن حبان البستي، ولما خرجه الطوسي في أحكامه حسنه، وكذلك ابن عبد البر زاد: وهو متصل،

_ (1) كذا في " الأصل " " الفاطة " وهو صحيح. (2) قوله: " ضيف وردت " بالأصل " " خصيف" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (3) صحيح. رواه الترمذي في: 2. أبواب الصلاة، 1. باب ما جاء في مواقيت الصلاة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (ح/ 149) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". ورواه أحمد في المسند عن عبد الرزاق وعن أبي نعيم: كلاهما عن سفيان عن عبد الرحمن بن الحرث بن عياش (رقم 3082،3081 ج 1 ص 333) ، ورواه مختصرا عن وكيع عن سفيان (رقم 3322 ج 1 ص 354) . ورواه ابن الجارود (ص 79.77) عن أحمد بن يوسف عن عبد الرزاق عن سفيان. ورواه الحاكم (1/ 193) من طريق سفيان ومن طريق عبد العزيز بن محمد كلاهما عن عبد الرحمن بن الحرث وسفيان هو الثوري، وعبد العزيز هو الدراوردي.

وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عبيس بن مرحوم عن حاتم بن إسماعيل عن ابن عجلان عن محمد بن كعب عن ابن عباس، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: جبرائيل، وذكرت لهما قصة المواقيت فقال أبو زرعة: وهم عيسى في هذا الحديث، وقال أبي: أخشى أن يكون وهم فيه عبيس، فقلت لهما: فما علّته؟ قالا: رواه عروة من الحفاظ عن حاتم عن عبد الرحمن بن الحارث عن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم عن نافع عن ابن عباس، قالا: وهذا هو الصحيح، وسمعت أبي يقول: مرّة أخرى أخشى أن يكون هذا الحديث هذا الإسناد موضوع، وأمّا تصحيح الترمذي حديث ابن أبي الزناد ففيه نظر؛ لما أسلفناه من ضعفه الذي سلم منه إسناد حديث الحاكم فمن بعده، وقال الدارقطني في الأفراد به: روى عن عثمان بن الأسود عن عبد الرحمن ابن الحارث عن حكيم عن نافع وهو مردود بما أسلفناه، وما رواه ابن إسحاق عن عقبة/بن مسلم مولى بنى تميم عن نافع بن جبير، وكان نافع كثير الرواية عن ابن عباس قال: لما فرضت الصلاة الحديث، وزعم بعض العلماء من المتأخرين أنه منقطع قال: الاحتمال أن يكون نافع وصف بكثرة الرواية عن ابن عباس؛ لأنه رواه هنا عنه، وقد استوفينا ذكر ذلك في كتابنا المسمى بالزهر الباسم، وبينا أنه متصل والله تعالى أعلم، وحديث أبي موسى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه أتاه سائل، فسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئا، قال: فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا، ثم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس، والقائل يقول: قد انتصف النهار وهو كان أعلم منهم، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام المغرب حن وقعت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخرّ الفجر من الغد حين انصرف منها، والقائل يقول: قد طلعت الشمس أو كادت، ثم أخّر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالأمس، ثم أخّر العصر حتى انصرف منها، والقائل يقول: قد أحمرت الشّمس، ثم أخرّ المغرب حتى كان عند سقوط الشفق، ثم أخرّ العشاء حتى كان ثلث الليل الأوّل، ثم أصبح فدعا السائل، فقال: الوقت بين هذين ". خرجه مسلم (1) في صحيحه، قال

_ (1) تقدم.

الترمذي عن البخاري: هو حديث حسن وعند أبي داود (1) وصلى العصر وقد اصفرت الشمس، أو قال أمسى، وحديث أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هذا جبرائيل جاءكم يعلمكم دينكم، فصلى له صلاة الصبح حتى طلع الفجر، ثم صلى له الظهر حين زاغت الشمس، ثم صلى له العصر حين رأى الظل مثله، ثم صلى له المغرب حين غربت الشمس، وحل فطر الصائم ثم صلى العشاء/حين ذهب شفق اللّيل، ثم جاءه الغد فصلى له الصبح فأسفر بها قليلا، ثم صلّى له الظهر حين كان الظلّ مثله، ثم صلى العصر حيث كان الظل مثليه، ثم صلى له المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس، وحلّ فطر الصائم، ثم صلى له العشاء حين ذهب ساعة من الليل، ثم قال: الصلاة ما بين صلاتك أمس، وصلاتك اليوم ". رواه النسائي (2) بإسناد صحيح، ولما خرجه الحاكم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقد قدمت له شاهدين، وحديث له شاهد آخر صحيحا على شرط مسلم، رواه أبو المرصية عن يوسف بن عميس نا الفضل ابن موسى نا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي جرير به، وحكى الترمذي عن البخاري: أنّه حديث حسن، ورويناه في مسند السراج من حديث عبد الله بن حمزة الترمذي، ثنا عبد الله بن نافع عن عمر بن عبد الرحمن بن أسيد عن محمد بن عمارة عنه بزيادة " ثم صلّى بي الصبح حتى أسفر، ثم قال: هذه صلاة النبيين من قبلك يا محمد فالزم "، ورواه ابن حبان في صحيحه مختصرا من حديث الأعمش عن أبي صالح عنه، وفي كتاب الصلاة لأبني نعيم الفضل: ثم انصرف بالفجر حين ما أرى من السماء نجما، ونسب عمر بن عبد الرحمن فقال ابن زيد بن الخطاب: وحديث أنس بن مالك: " أنّ رجلا أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسأله عن وقت الصلاة الغداة وفيه: " ما بين هذين وقت ". رواه السراج في مسنده بسند صحيح، وفي مراسيل أبي داود عن الحسن في صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خلف جبرائيل وصلاة الناس خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسر في الظهر والعصر والثالثة من المغرب والأخريين من

_ (1) انظر: الحاشية (ص 945) . (2) رواه النسائي في: 6. كتاب المواقيت، 5. آخر وقت الطهر (2/ 249 - 250) .

العشاء وجهر في/الصبح والأولين عن المغرب والأولين من العشاء "، ووصله الدارقطني من حديث أنس: " أنّ جبرائيل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين زالت الشمس، فأمره أن يؤذّن للناس بالصلاة حين فرضت عليهم ". وذكر الأسرار في صلاة العصر، قال الإشبيلي: والمرسل أصح، قال أبو إسحاق في كتابه الوهم والإيهام: لم يبيّن لحديث أنس علّة، وهو حديث يرويه محمد بن سعيد بن جدار عن جرير بن حازم عن قتادة عنه، ومحمد هذا مجهول، ويرويه عنه أبو حمزة إدريس بن يونس بن ساق المعزر ولا يعرف أيضا، وحديث عبد الله بن ثعلبة الأنصاري عن عبد الرحمن بن يزيد بن جارية أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلى الفجر يوما فغلس بها ثم صلاها بعد فأسفر بها، ثم قال: ما بينهما وقت " (1) . ذكره في الأوسط من حديث الزهري حدثني عبيد الله بن عبد الله عن ابن ثعلبة، وقال: لم يروه عن الزهري إلا عبد الرحمن بن نمر النخعي تفرد به الوليد ومسلم، وحديث مجمع بن جارية: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن مواقيت الصلاة تقدم وأخبر وقال: بينهما وقت ". ورواه الدارقطني عن أبي مخلد قال: ثنا جعفر بن أبي عمير الطيالسي ثنا أبو يعلى محمد بن الصلت الثوري ثنا الوليد بن مسلم ثنا ابن نمير عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن ثعلبة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عمّه مجمع به، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وعبيد الله هذا هو ابن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صخر الدوري. وحديث ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتاني جبرائيل عليه السلام حين طلع الفجر "، وذكر الحديث وقال: " في وقت المغرب ثلاث ركعات "، وذكر الحديث بطوله،/ورواه الدارقطني في كتاب السنن (2) من طريق ضعيفة عن ابن صاعد والحسين بن إسماعيل وأبي شيبة قالوا: ثنا

_ (1) رواه أبو داود بسند حسن كما قال النووي وابن حبان في " صحيحه " (279) وصححه الحاكم والخطابي والذهبي وغيرهم. " انظر صحيح أبي داود " (ح/417) والعمل هذا الحديث هو الذي عليه جماهير العلماء، من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، ومنهم الإمام أحمد: أن التعجيل بصلاة الفجر أفضل، لكن ذكر ابن قدامة في " المقنع " (1/105) رواية أخرى عن الإمام أحمد: " ان أسفر المأمون فالأفضل الإسفار ". (2) ضعيف. رواه الدارقطني (1/259) ، ونصب الراية (1/226) ، والمجروحين (3/41) .

حميد بن الربيع ثنا محبوب بن الجهم بن واقد مولى حذيفة بن اليمان نا عبد الله بن عمر عن نافع عنه به، وأمّا ابن الصواف ثنا الحسن فهو ابن حماد البزار ثنا الحسن بن حماد بيجاوة ثنا ابن علية عن ابن إسحاق عن عيينة بن مسلم عن نافع عنه قال: لما فرضت الصلاة " نزل جبرائيل عليه السلام على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى به الظهر وذكر المواقيت، وقال: فصلى به المغرب حين غابت الشّمس، وقال في اليوم الثاني: فصلى به المغرب حين غابت الشمس " وحديث أبي سعيد الخدري ذكره أبو عمر في التمهيد (1) وحسنه، وحديث عمرو بن حزم ذكره أبو علي الطوسي، وحديث البراء بن عازب ذكره أبو القاسم في الأوسط عن أحمد الحولاني نا الحسن بن إدريس نا عبد الصمد بن عبد العزيز الداراني عن عمرو بن أبي قيس عن ابن أبي ليلى عن حفصة بنت عبيد عن عمّها البراء قال: " أتى النبي عليه الصلاة والسلام رجل فسأله عن وقت الصلاة فلم يرد عليه شيئا، فأمر بلالا فأقام الصلاة بغلس، حتى إذا كان من الغد أخرها حتى أصبح جدا، ثم أمره فأقام الصلاة فصلى، ثم قال أين السائل: عن الوقت صلّ ما بينهما ". وقال: لا يروى (2) هذا الحديث عن البراء إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن أبي ليلى، وحديث أبي بكر بن حفص قال نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله تبارك وتعالى بعث إلي جبرائيل عليه السلام يعلمني مواقيت الصلاة فذكر مثل حديث ابن عباس إلا أنه قال: في الفجر في اليوم الثاني فلما أضاء الفجر وعرف الناس بعضهم بعضا أمرني بصلاة الفجر، ثم قال: " يا نبي الله وقت الصلاة بين هذين " (3) . ذكره الفضل بن/دكين في كتاب الصلاة عن أبان عن عبيد الله البجلي عنه. وحديث الحسن- يعني: ابن علي- أنّ رجلا سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مواقيت الصلاة فصلى النبي- عليه الصلاة والسلام- صلاة الصبح بغلس، حتى إذا كان من الغد أسفر جدا، فقال: أين السائل عن الصلاة ما بين هذين صلاة (4) ". رواه أيضا عن أبي الأشهب عنه. وحديث

_ (1) حسن. رواه ابن عبد البر في التمهيد: (8/74، 82) . (2) قوله: " يروي " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) صحيح. انظر، مسند أبي حنيفة: (1/294) . (4) صحيح، رواه البيهقي في " الكبرى ": (1/362، 365) .

عبد الله بن عمرو بن العاص ذكره أبو عمر بن عبد البر، وحديث أبي مسعود: " إن جبرائيل أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث دللت الشمس "، يعني: زالت، ثم ذكر المواقيت، وقال: ثم أتاه جبرائيل حين غابت الشّمس فقال: قم فصل فصلّى، وقال ثم أتاه من الغد حيث غابت الشمس وقتا واحدا، فقال: قم فصل فصلى " (1) ذكره أبو الحسن في سننه عن عثمان بن أحمد الدماق ثنا أحمد بن على الخزاز ثنا سعيد بن سليمان بن سعد وبه ثنا أيوب بن عتبة ثنا أبو عمرو بن حزم عن عروة عن الزبير عن أبي مسعود عن أبيه إن شاء الله تعالى به، وقد تقدم كلام ابن عبد البر فيه قبل، وحديث بسر بن معاذ قال: فصليت أنا وأبي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولى عشر سنين، وكان النبي عليه السلام إمامنا، وكان جبرائيل إمام النبي- عليه السلام-، والنبي- عليه السلام- ينظر إلى خيال جبرائيل عليه السلام، شبه ظل سحابه إذا تحرّك الخيال ركع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2) ، ذكره أبو موسى في كتاب الصحابة من حديث جابر بن عبد الله العقيلي عنه، وقال: لا يعرف إلا من هذا الوجه من رواية أهل بلخ، ولم يكن عند بشر غير هذا، والميقات: الوقت المعروف للفعل والموضع، يقال: هذا ميقات أهل الشام/الموضع الذي يحرمون منه ويقول وقته فهو موقوت إذا بين للفعل وقتا، ومنه قوله تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) (3) . أي: مفروضا في الأوقات، والتوقيت: تجديد الأوقات وقته ليوم كذا مثل أجلته، وقرئ " إذا الرسل أقتت "، ووقتت مخففة، وأقتت لغة مثل وجوه وأوجه، والمواقيت مفعل من الوقت، قال الفجاج والجامع الناس ليوم الموقت، قاله أبو نصر، وزاد في الأساس شيء موقيت حدود الهلال ميقات الشهر والآخرة ميقات الخلف، وفي الجامع: الوقت اسم واقع على الساعة من الزمان، والحين، والجمع: أوقات وأنكر ابن العين على أبي عبد الله البخاري قوله وقته عليهم بأن قال: رويناه بالتشديد، وإنما هو بالتخفيف، ويدل على

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني: (1/230) . (2) انظر: كتاب الصحابة لأبي موسى. (3) سورة النساء آية: 103.

صحة قوله تعالى " موقوتا " إذ لو كان مشددا لكان موقتا، وأمّا الشفق: فهو الحمرة التي ترى في السماء بعد غيوب الشّمس وهما شفقان (1) : أحدهما الحمرة والآخر البياض الذي يرى في المغرب فآخر وقت العشاء الأخرة وقت لغيبه قال تعالى: (فلا أقسم بالشفق) (2) . وقد ذكر بعض أهل اللغة: أن الشفق إنّما هو الحمرة واحتج بالاشتقاق؛ لأنّ العرب تقول: ثوب مشفق إذا صبغ بالحمرة ناله ألوان، وفي الصحاح: الشفق بقية ضوء الشّمس وحمرتها في أوّل الليل إلى قرب من القمة، وقال الخليل: الشفق الحمرة من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة، وزعم أبو الفضل عياض رحمه الله تعالى: أنّ الحمرة هو قول أكثر أهل اللغة، وفقهاء الحجاز، والبياض قول أهل العراق، وحكى مثله عن مالك والأوّل هو المشهور من قوله، وقال بعض أهل اللغة: الشفق يطلق عليهما جميعا، وقال بعضهم: الحمرة غير الفانية، والبياض غير الناصع الاسم (3) يتناولها/يعني: الخلاف في الحكم بإذا يتعلّق بالأول وبالثاني، وفي كتاب التلخيص لأبي هلال: والشفق حمرة وبياض ليس لحكم، قال أبو عمر بن عبد البر: لا خلاف بين أهل العلم وجماعة أهل السير أنّ الصلاة إنما فرضت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة في حين الإسراء حين عرج به إلى السماء، ولكنهم اختلفوا في حينها، حين فرضت، فروى عن عائشة: إنّما فرضت ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر فأكملت أربعا، وأقرت صلاة الحضر على ركعتين، ومن رواة حديثهما هذا من يقول زيد فيها بالمدينة وأقرت صلاة السفر من الحفين، وهو أصح من حديث العشري وغيره، وأصح من حديث ابن عباس. انتهى. وقال: روى عن سليمان وغيره ما يوافق روايتهما من ذلك حديث: " فرضت الصلاة ركعتين " (4) ، فصلاها عليه السلام بمكة حتى قدم

_ (1) قوله: " شفقان " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) سورة الانشقاق آية: 16. (3) قوله: " الناصع " وردت " بالأصل " " القاطع " وهو تحريف والصحيح الأول. (4) صحيح بشواهد. رواه النسائي (1/225) والمشكاة (1348) ، والمجمع (2/156) . وعزاه إلى في " الأوسط " وفيه عمرو بن عبد الغفار وهو متروك، وللحديث شاهد صحيح من حديث أبي هريرة، وعزله إلى أبي يعلى والطبراني في " الأوسط " ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.

المدينة وصلاها بالمدينة كما شاء الله تعالى، وزيد في صلاة الحضر ركعتين، وتركت صلاة السفر على حالها، ذكره في الأوسط عن محمد بن أحمد بن أبي خيثمة قال: رفع أبي جعفر بن عياش كتابه فكتب فيه: ثنا عمرو بن عبد الغفار عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عنه، وقال: لم يروه عن عاصم إلا عمر ولا يروى عن سلمان إلا بهذا الإسناد، وفي المعجم الكبير: ثنا علي بن المبارك ثنا إسماعيل بن أويس حدثنى سليمان بن بلال عن سعد بن سعيد، قال: سمعت السائب بن يزيد يقول: فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، ثم زيد في صلاة الحضر، وقال عمر: وبذلك قال الشعبي وميمون بن عمران ومحمد ابن إسحاق، وروى عن ابن عباس: إنما فرضت في الحضر أربعا وفي السّفر ركعتين، فيما ذكره في الأوسط من طريق ابن أرطأة عن يحيى بن عبيد بن عمر الهمداني عنه، وقال: لم يروه عن يحيى إلا الحجاج، ولا عن حجاج إلا عمران القطان. تفرد به محمد بن بلال، قال أبو محمد: ولذلك قال نافع بن حبيب، وكان أحد علماء قريش بالبيت وأيام العرب والفقه وأصوله. وحديث ابن عباس: " إنما فرضت أربعا إلا المغرب والصبح ". ولذلك قال الحسن بن أبي الحسن في رواية: وهو قول ابن جريج، وروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث السرى وغيره ما يوافق ذلك وهو قوله: " إن الله تعالى رفع على النساء الصوم "، وفي حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر قال:/ " فرضت الصلاة في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين " (1) . قال: ويختلفوا أنّ جبرائيل- عليه السلام- هبط صبيحة ليلة إلا في عند النزول يعلم النبي الصلاة. ثنا ابن شيبان ثنا قاسم بن مانع ثنا أحمد بن زهير ثنا هدبة بن خالد عن همام عن قتادة، قال: أخبرنا الحسن أنه ذكر له: " أنه لما كان عند صلاة الظهر نودي إنّ الصلاة جامعة ففزع الناس فاجتمعوا إلى نبيهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بهم الظهر أربع ركعات يؤم جبرائيل محمدا، ويؤم محمد الناس يقتدى محمد بجبرائيل، ويقتدى الناس بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يسمعه فيهن قراءة، ثم سلّم جبرائيل على محمّد، ومحمد على النّاس، فلما سقطت الشّمس نودي إنّ الصلاة جامعة

_ (1) ضعيف. رواه النسائي: (3/118) . قلت: في إسناده عبد الرحمن بن أبي ليلى.

ففزع النّاس، واجتمعوا إلى نبيّهم فصلّى بهم الظهر أربع ركعات لا يسمعهم فيهن قراءة وهى أخفت، يؤم جبرائيل محمدا عليهما السلام، ويؤم محمد الناس، ويقتدى محمد بجبرائيل عليهما السلام، ويقتدى النّاس بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم سلّم جبرائيل على محمد، وسلّم محمد على النّاس، فلما غابت الشمس نودي الصلاة جامعة " (1) الحديث، وقد تقدّمت الإشارة في أنّ جبرائيل لم يصل الصلوات الخمس بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا مرة واحدة وهو دان، وقد احتج من زعم: أن جبرائيل عليه السلام صلى في اليوم الذي ليلة الإسراء مرة واحدة للصلوات، وهذا ظاهر الحديث، واحتجوا أيضا بما ذكره عبد الرزاق عن ابن جريج، قال: قال نافع بن جبير وغيره: لما أصبح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الليلة التي أسرى فيها نبينا لم يتركه جبرائيل حتى زاغت الشّمس، وصلّى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالنّاس وطوّل الركعتين الأوليين، ثم قصّر الباقيتين " (2) الحديث، وفي كتاب الطبراني من حديث ياسين الزيّات عن أشعث عن الحسن عن أبي هريرة وأبي سعد قالا: " أوّل صلاة فرضت على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظّهر " (3) ، وفي الدلائل للبيهقي عن علي: " أوّل صلاة ركعناها العصر " (4) . وهو معارض لما تقدّم لو صح إسناده، قال أبو عمر قوله: " الصلاة جامعة "؛ لأنه لم يكن فيها أذان، وإنّما كان الأذان بالمدينة بعد الهجرة بعام، وحديث نافع بن جبير هذا مثل حديث الحسن وهو ظاهر حديث مالك، والجواب عن ذلك ما تقدّم ذكرنا له من الآثار الصحاح المتصلة في إمامة جبريل لوقتين، قد اقتصر على أنّ هذه الآثار منقطعة؛ لأنّ فيها أنّ الصلاة فرضت في الحضر أربعا، لا ركعتين على

_ (1) صحيح. رواه أحمد (2/220، 4/90) ، والفتح (2/533، 538) ، والبخاري (2/23) ، وتغليق (407) ، وإتحاف (3/430) ، والتمهيد (8/41) . (2) الحاشية للسابقة. (3) ضعيف جدا أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/293) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه ياسين الزيات وهو متروك. (4) ضعيف. المصدر السابق. وعزاه إلى البزار في " مسنده " والطبراني في " الأوسط " من حديث على، وفيه أبو عبد الرحيم ولم أجد في رجال الكتب غيره " وفي الميزان مجهول، وإن كان هو خالد بن يزيد فهو ثقة من رجال الصحيح.

خلاف ما زعمت عائشة، وقال بذلك: جماعة، ورووا حديث عائشة وإن كان إسناده صحيحا، ويجاب أنّه لا حاجة لنا إلى أصل الفرض إلا عن طريق العصر، ولا وجه لقول من قال: إنّ حديثهما يعارضه القرآن وهو قوله تعالى: (إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) (1) . ونداء جميع العلماء على أن لا يكون قصّر من ركعتين في شيء في السّفر في الإثنين؛ لأن حديث عائشة وضح أنّ الصلاة نريد فيها في الحضر، ومعلوم أنّ الغرض فيها كان بمكة شرفها الله تعالى وعظّمها، وأنّ الزيادة كانت بالمدينة، وأنّ سورة النساء متأخرة ولم يكن القصر مباحا إلا بعد تمام الفرض، وذلك يعود إلى معنى واحد في أنّ القّصر إنّما ورد بعد تمام الصلاة، ولا حاجة لنا إلى أصل الفرض اليوم؛ لأنّ الإجماع منعقد بأنّ صلاة العصر ثابتة أربعا وبالله التوفيق، وذكر الحربي أنّ الصلاة قبل الإسراء كانت عند غروب الشّمس، وصلاة قبل طلوعها لقوله تعالى: (وسبح بحمد ربّك بالعشي والإبكار) (2) . وقال يحيى بن سلام: مثله، فعلى هذا: يحتمل قول زيد في صلاة الحضر، فتكون الزيادة في الركعات، وفي عدد الصلوات ويكون قولها: " فرضت الصلاة ركعتين " (3) أي قبل الإسراء، وقد قال بهذا طائفة من السلف منهم: ابن عباس انتهى، ومثله ذكره ابن الجوزي في كتاب الوفاء عن محمد بن أحمد بن البراء، وأما قول أبي بشر الدولابي في تاريخه: وروى عن عائشة وأكثر الفقهاء: أنّ الصلاة فرضت بتمامها/فمحمول على إتمام العدد لا الركعات والله تعالى أعلم، وفي قوله- عليه الصلاة والسلام- " ما بين هذين " وقف أراد به تعليم الأعرابي بأن الصلاة تجوز في آخر الوقت لمن ليس أو كان له عذرا، وخشى منه عليه السلام أن يظنّ أنّ الصلاة في آخر الوقت لا تجزئ، وزعم الأصيلي. أنه قال: لم يصح عند مالك، حيث الوقتين لم يخرّجه (1) سورة النساء آية:101. (2) سورة غافر آية: 55. (3) ضعيف جدا. المشكاة (1348) ، والمجمع (2/156) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه. عمرو بن عبد الغفار وهو متروك.

البخاري، وسأله الترمذي لِم يخرجه أبي الحسن أنه قال: حديث الوقتين لم يخرجه البخاري، وسأله الترمذي لِم لم تخرجه، وقد رواه قتيبة عن مالك؟! فقال البخاري: انفرد به قتيبة، قال أبو الحسن: أراد البخاري أن قتيبة غريب رحّال يذكر عن الليث شيئا لم يذكره غيره وأهل مصر أعلم بمالك وأعرف بحديثه، وإلا فقتيبة ثقة حافظا وذكر غيره أنّ مثل هذا لا يرويه خبره لثقة انتهى، وقدمنا حديث الوقتين مصححا قبل والله تعالى أعلم.

101- باب وقت صلاة الفجر

101- باب وقت صلاة الفجر حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " كان نساء المؤمنات يصلين مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الصبح، ثم يرجعن إلى أهلهن فلا يعرفهن أحد من الغلس ". هذا حديث خرجه الأئمة الستة (1) في كتبهم. حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي ثنا أبي عن الأعمش وعن إبراهيم عبيد الله، والأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) . قال: يشهده ملائكة الليل والنهار ". هذا حديث لما رواه الترمذي (2) عن عبيد عن أبيه/عن الأعمش وعن على بن حجر عن علي بن مسهر عن الأعمش، قال: وزاد ابن مسهر عن أبي سعيد، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وخرجه الحاكم (3) من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وأبي سعيد مرفوعا، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفي تفسير ابن أبي حاتم من جهة ابن إسحاق قال: وذكر الزهري عن سلمان الأغر عن أبي هريرة يرفعه، قال: يجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (المواقيت، باب " 27 "، والآذان، باب " 163، 165 ") ، ومسلم في (المساجد، ح/232) ، وأبو داود (ح/ 423) وفيه: " فنصرف النساء متلفعات بمروطهن "، والترمذي 1 ح/153) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (المواقيت، باب " 25 "، والسهو، باب " 101 ") ، وابن ماجة (ح/669) ، ومالك في (الصلاة، ح/4) ، وأحمد (6/37، 179، 248، 259) . غريبه: وقوله: " متلفعات " بفاء بعدها عين مهملة، هو بمعنى متلففات بفاءين. قال ابن الأثير: أي متلففات بأكسيتهن، واللفاع ثوب يجلل به الجسد كله، كساء كان أو غيرها وتلفع الثوب: إذا اشتمل به. و" المروط " جمع مرط، بكسر الميم وإسكان الراء، وهو كساء يكون من صوف أو خز. (2، 3) صحيح. رواه الترمذي (ح/135) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة (ح/ 670) ، وأحمد (2/474) ، والحاكم (1/1210 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. والمشكاة: (635) ، والفتح (2/36) ، وابن خزيمة (1474) ، والحاوي (2/256) ، وابن كثير في " التفسير " (5/99) ، والطبري (51/94) ، والقرطبي (10/306) . قوله: "وقرآن الفجر " أي صلاة الفجر بالنصب، عطف على مفعول أقم. في قوله تعالى: " أقم الصلاة لدلوك الشمس " أو على الإغراء، قال الزجاج: وإنما سميت قرآنا لأنه ركنها.

الصبح، فإذا فرغ الإمام صعدت ملائكة الليل وأقامت ملائكة النهار، وروى أيضا من جهة ابن جريج عن عطاء، قال: تشهده الملائكة والجن، وروى ابن المنذر بسنده إلى أبي عبيدة أنّ عبد الله كان يقول: يتداول الحرسان من ملائكة الله، حارس الليل، وحارس النهار عند طلوع الفجر: " واقرءوا إن شئتم " و" قرآن الفجر ". ثنا علي بن عبد العزيز ثنا ابن المقري ثنا مروان ثنا جبير عن الضحاك في هذه الآية قال: تشهده ملائكة الليل، وملائكة النهار الذين يشهدون أعمال بنى آدم، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي ثنا نهيك بن مريم الأوزاعي ثنا مغيث بن سمى قال: صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس، فلمّا سلم أقبلت على ابن عمر فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: هذه صلاتنا كانت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر، فلما طعن عمر، أسفر بها عثمان (رضي الله تعالى عنهم) ، هذا حديث إسناده صحيح، مغيث بن سمى أبو أيوب الشامي روى عنه جماعة، منهم: عطاء بن أبي رباح، وأبو بكر عمرو بن سعيد الأوزاعي، وزيد بن واقد، ومحمد بن يزيد الرحبي، وعبد الرحمن/بن يزيد بن جابر أدرك الناس أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما ذكره وهو عن نفسه وقال الوليد عن الأوزاعي عن نهيك ابن مريم: لا بأس به عن مغيث بن سمى، وهؤلاء رجال الشام ليس فيهم إلا ثقة، وقال ابن معين كان صاحب لب كأبي الخلد ووهب بن منبه، وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: دمشقي ثقة، وذكره البستي في كتاب الثقات وخرج حديثه في صحيحه، وكذا فعله. حدثنا محمد بن صالح، أنبأ سفيان بن عيينة عن ابن عجلان سمع عاصم بن عمر بن قتادة وجده بدري يخبر عن محمود بن الربيع عن رافع بن حديج أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أصبحوا بالصبح فإنّه أعظم للأجر أو لأجركم " (1) . هذا حديث قال فيه أبو عيسى: حسن صحيح، وذكره البستي في صحيحه، وقال أبو علي الطوسي: يقال هو حديث حسن صحيح، وقال البغوي: هو حديث حسن،

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/424) ، والترمذي (ح/154) . وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة (ح/672) ، واحمد (3/465) والطبراني (4/396) ، وأبن عساكر في "التاريخ " (1/ 302، 3/304) ، والكنز (19286، 19287، 22024) .

ولفظ أبي داود: " أسفروا بالصبح " وصححه الفارسي، وقال محمود هو ابن الربيع بن لبيد: وهذا مردود إجماعا؛ لأنّ ابن الربيع غير ابن لبيد، وقال منها، قلت لأبي عبد الله: حدثوني عن محمد بن بكار عن حفص بن عمر عن محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب عن ابن عباس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر " (1) ، فقال ليس بصحيح إنما هو عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن رافع بن حديج، وقال أبو محمد الأزدي: هذا حديث يدور بهذا الإسناد عن عاصم، وهو ثقة عنه عن أبي زرعة وابن معين، وقد ضعّفه غيرهما، وقد روى بإسناد آخر عن أبي رافع، وحديث عاصم أصح، وروى عن غير رافع، وحديث رافع من طريق عاصم أحسن، قال ابن القطان: أمّا قوله: وضعفه غيرهما فأمر لم أعرفه، بل هو ثقة كما ذكر عن ابن معين وأبي زرعة، وكذلك/قال النسائي وغيره: ولا أعرف أحدا ضعفه ولا ذكره في جملة الضعفاء، وقد ترك أن بين أنه من رواية ابن إسحاق، وأن يورده من رواية ابن عجلان بدلا منه عند أبي داود وليس هو معنية في قوله، وقد روى بإسناد آخر إلى رافع، وإنما يفتى بذلك إسناد آخر ليس من طريق عاصم، وأما طريق عاصم هذا فصحيح، ولم يصححه بقوله أصح، وإنّما هو عنده حسن فاعلمه انتهى، وممن وثقة أيضا: الشيخان بتخريج حديثه، وابن سعد بقوله: كان ثقة كثير الحديث عالما، وقال البزار: هو ثقة مشهور، وذكره البستي في كتاب الثقات، وقد جمع سفيان بن عجلان وابن إسحاق في كتاب الطبراني الكبير رواه عن إبراهيم بن واثلة ثنا محمد بن المغيرة ثنا النعمان ثنا سفيان عن محمد بن إسحاق ومحمد بن عجلان به، ورواه عن عاصم أيضا عبد الحميد بن جعفر قال الطبراني: نا محمد بن عبدوس بن

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/154) ، والنسائي (1/272) ، وأحمد (4/142، 143، 5/ 429) ، والبيهقي (1/457) ، والطبراني (4/295) ، وشرح السنة (2/196) ، والمشكاة (614) ، ونصب الراية (1/235، 237) ، والميزان (1080) ، ولسان (11/487) ، والفتح (2/5) ، والكنز (19274 ن، 19277، 19282، 19283، 19284) ، وتلخيص (182) ، وابن حبان (264) وابن أبي شيبة (0/321) ، وابن عدي في " الكامل " (1/339) . (1) ضعيف أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/315) من حديث بلال، وعزاه إلى-

كامل نا إبراهيم بن راشد الآدمي ثنا معلى بن عبد الرحمن عن عبد الحميد به، قال: وثنا أبو معن ثابت بن نعيم النوحي ثنا آدم بن أبي إياس نا شعبة عن أبي داود عن زيد بن أسلم عن محمود بن لبيد به، وزاد في الأوسط: لم يروه عن شعبة إلا آدم وبقية، إلا أنّ بقية رواه عن شعبة عن وارد البصري، وقد قيل إنه وارد بن أبي هند، ورواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن هشام بن سعد حدثنى زيد بن أسلم عن محمود به، ورواه النسائي فيما ذكره بعضهم عن آدم ولم أر هذا والذي رأيت أنه قال في الكنى: أبو داود أيوب بن سعيد عن زيد بن أسلم عن محمود بن لبيد عن رافع بن حديج، قاله محمد بن يحيى عن آدم، وفي السنن ثنا الجوزجاني نا ابن أبي مريم ثنا أبو غسان محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم/عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمد بن لبيد عن رجال من الأنصار أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال الحديث، وهو مما وقع لنا عاليا مدرجين من كتاب الطبراني لرواية له عن إسحاق بن إبراهيم القطان عن سعيد بن أبي مريم، ورواه ابن عدي في الكامل من جهة رفاعة بن عبد الرحمن بن رافع عن أبيه عن جدّه، وقال: لا نعرف رفاعة، وقال البخاري: فيه نظر، وقال عبد الرحمن: سألت أبي عن حديث رواه أبو نعيم عن إبراهيم بن مجمع عن أبي هريرة يعني هذا بزيادة قدر ما سفر القوم، فقال أبي: ثنا هارون بن معروف وغيره عن أبي إسماعيل أنّ عمر بن سليمان المؤذن عن أبي هريرة، فقال: روى أبو بكر بن أبي شيبة هذا الحديث عن أبي نعيم عن ابن مجمع، وسمعنا كتاب إبراهيم بن إسماعيل كلّه عن أبي نعيم فلم يكن لهذا فيه ذكر، وقد ثنا غير واحد عن المعرور، قلت لأبي: الخطأ من أبي نعيم أو من أبي بكر! قال: أرى قد تابع أبا بكر رجل آخر، فْعلى هذا بدل الخطأ من أبي نعيم أراد أبا إسماعيل المؤدب لغلط في شبه إلى ابن مجمع، وفيما أوردناه ردّ لما قاله الأشبيلي، وقد يروى بإسناد آخر أتى رافع، وتقرير أبي الحسن، ذلك ويشبه أن يكون مسند الأشبيلي في تضعيف عاصم ما قيل كلّ عاصم في حفظه شيء وليّن كان إيّاه فغير نافع له؛ لأن العمومات لا يستدل بها إلا برأينا من أطلق كابن معين وغيره عاد فوثّق الذي عمم فيه القول والله تعالى أعلم، وفي الباب حديث بلال قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أسفروا بالفجر فإنّه أعظم الأجر ". رواه

البزار في مسنده (1) من طريق أيوب بن سيار القائل به، أنه ليس/بشيء عن محمد بن المنكدر عن جابر عن أبي بكر عنه، ورواه الطبراني (1) في مسنده وبلفظ: " يا بلال أصبحوا بالصبح فإنه خير لكم "، وحديث عبد الله بن مسعود قال يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أسفروا بصلاة الصبح فإنه أعظم للأجر " (2) . رواه أبو القاسم من حديث الثوري عن شعبة عن زبيد عن مرة عنه، وحديث جابر بن عبد الله قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤخر الفجر ". رواه الطحاوي (3) من طريق يزيد بن سنان عن عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن ابن عقيل عنه، وحديث أبي طريف الهذلي: "انه كان مشاهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو محاصر أهل الطائف فكان يصلى صلاة الفجر لو أن إنسانا رمى بنبله أبصر مواقع نبله " (4) . ذكره أيضا من حديث ذكره ابن إسحاق عن الوليد بن عبد الله ابن أبي سميرة كذا ذكره، ويشبه أن يكون وهما، لما رواه العسكري في معرفة الصحابة، عن ابن أبي داود ثنا محمود بن آدم ثنا بشر بن السرى نا زكريا بلفظ: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بنا صلاة المغرب " (5) . ولذا قال أبو عمر حديثه في صلاة المغرب والله تعالى أعلم، وحديث زيد بن أسلم عن أنس بن مالك قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أسفروا بصلاة الصبح يغفر لكم " (6) ، أخرجه الهروي في معجمه، ولفظه في الموضوعات: " من نور بالفجر نور الله قلبه وقبره وقبلت صلاته " (7) . ورده بأبي داود النخعي، وفي كتاب النسائي: " سئل النبي عليه

_ " البزار " والطبراني في " الكبير " وفيه أيوب بن سيار وهو ضعيف. (1) ضعيف. رواه الطبراني: (1/321، 336) . (2) ضعيف. رواه الطبراني (10/220) ، والمجمع (1/315) وعزاه إليه في " الكبير " وفيه معلى بن عبد الرحمن الواسطي، قال الدارقطني: كذْاب وضعْفه الناس، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، قلت: قيل له: عند الموت ألا تستغفر الله، قال: ألا أرجو أن يغفر لي وقد وضعت في فضل علي سبعين حديثا. وأصفهان (1/743، 2/263، 329) : والكنز (19275، 19280، 19281) والإرواء (1/284) . (3) شرح معاني الآثار: (1/178) . (4) المصدر السابق. (5) الحاشية السابقة. (6) بنحوه رواه الزيلعي في " نصب الراية " (1 / 236) بلفظ: " أسفروا بصلاة الفجر فإنّه أعظم للأجر ". (7) موضوع. الموضوعات، (2/86) ، والكنز (19290) ، وتنزيه (2/76) ، والفوائد (15) .

السلام عن وقت صلاة الغداة ما بين هاتين أو هاتين وقت " (1) . وحديث علي قال: " صلى بنا النبي عليه السلام صلاة الفجر يوما بغلس وبسفر " (2) ، الحديث بطوله سأل ابن أبي حاتم أباه عنه، فقال: راوية أبو خالد عمرو بن خالد/ الواسطي وهو ضعيف الحديث جدا، وكتاب أبي جعفر من طريق علي بن ربيعة قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: " أسفروا أسفروا "، ومن حديث شجاع بن الوليد عن داود الأودي عن أبيه يزيد قال: " كان علي بن أبي طالب يصلى بنا الفجر، ونحن نتوقا الشّمس مخافة أن تكون قد طلعت "، وفي كتاب أبي نعيم نا سعيد بن عبيد البسطامي عن علي بن ربيعة سمعت عليا يقول: نا ابن البنّاح: " أسفروا أسفروا بالفجر ". وثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن نافع بن جبير بن مطعم قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى " أن صلّ الفجر إذا نوّر النور ". قال: وكان عمر بن مسلم يقول: كان سويد، قال: " كان على سفر حتى تكاد الشمس تطلع ". وثنا سفيان بن غفلة يسفر بالفجر إسفارا شديدا، وقال: وقال ابن أناس: سمعت سعيد بن جبير يقول لمؤذّنه: " نور نور "، ونا سفيان عن شيخ قال كان الربعي بن خيثم يقول لمؤذنه: " نور نور "، قال أبو نعيم: ورأيت سفيان يسفر بصلاة الغداة، ومن حديث زهير بن حرب عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن زيد بن وهيب قال: " صلى بنا عمر صلاة الصبح، فقرأ بسورة إسرائيل والكهف، حتى جلت انظر إلى جدار المسجد هل طلعت الشمس ". ومن حديث عبد الرحمن بن زيد قال: " كنا مع عبد الله بن مسعود، فكان يسفر بصلاة الصبح ". ومن حديث جبير بن معمر قال: " صلى بنا معاوية بن أبي سفيان الصبح بغلس ". قال أبو الدرداء: أسفروا بهذه الصلاة فإنه أفقه لكم إنّما يريدون أن يجلوا الحق "، ونبأ ابن خزيمة عن القعنبي عن عيسى بن يونس عن الأعمى عن إبراهيم قال: ما اجتمع أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على شيء ما اجتمعوا على

_ (1) صحيح. رواه النسائي في: 6. كتاب المواقيت، 23. باب أول وقت الصبح (1/271.270) . (2) صحيح بشواهده. رواه النسائي في: 6. كتاب المواقيت، 5. باب التغليس في السفر، (1/ 272.271) .

التنوير، وحديث أبي شعبة الطحان جاء الأعمش عن أبي الربيع الحنظلي قال: كنت مع/ابن عمر فقلت: يا أبا عبد الرحمن أصلى معك الصبح ثنا، فألتفت فلا أرى وجه جليس ثم أحبانا سفر " قال كذلك رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصليها، وحديث أبي حارثة وقد تقدّم، وحديث صفوان بن المعطل لما شكى (1) زوجته إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه ما يصلى الصبح حتى تطلع الشمس، فقال له النبي- عليه الصلاة والسلام-: " إذا استيقظت فصل " وهو مخرج في الصحيح (2) وسيأتي، وحديث معاذ قال بعثني النبي- عليه الصلاة والسلام- إلى اليمن، فقال: " إذا كان الشتاء فغلس بالفجر وأطل القراءة قدر ما يطيق القوم ولا تملّهم، وإذا كان الصيف فأسفروا بالفجر، فإن الليل قصير أو الناس ينامون فأمهلهم حتى يدركوا " (3) . رواه البغوي في شرحه من حديث يوسف بن أسباط عن المنهال بن جراح عن عبادة عن ابن غنم عنه، وفي كتاب الضعفاء لابن حبان: وروى سعيد بن أوس أبو زيد الأنصاري عن ابن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة يرفعه: " يا بلال أسفر بالصبح فأنه أعظم للأجر " (4) ، ثم قال: وليس هذا من حديث ابن عون ولا ابن سيرين، وإنّما هذا المتن من حديث رافع فقط، وسعيد يروى عن ابن عون ما ليس من حديثه. انتهى كلامه وفيه نظر لما أسلفناه والله تعالى أعلم، وحديث أبي الدرداء يرفعه: " أسفروا بالفجر تفقهوا ". ذكره الحافظ أبو إسحاق بن إبراهيم بن محمد في مسند أبي الدرداء جميعه عن أبي زرعة نا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي نا محمد بن شعيب سمعت سعيد بن سنان يحدّث، وتقدّم حديث ابن لبيد عن رجال من الأنصار وحديث ابن عباس وحديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تزال/أمتي على الفطرة. ما أسفروا بالفجر " ذكره أبو القاسم في

_ (1) قوله: " شكى " وردت " بالأصل " " سكة " وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (2) صحيح. رواه أحمد (3/80) ، والبيهقي (4/303) ، والحاكم (1/436) ، وابن حبان (956) ومشكل (2/ 424) ، والبداية (8/146) ، والكنز (383/2) ، وصححه الشيخ الألباني. والصحيحة (4/135) (3) جامع المسانيد (56212) ، وجرجان (247) (4) تقدم انظر ص 966

الأوسط (1) من حديث عبد العزيز بن رفعي عن أبي سلمة عنه، وقال: لم يروه عن عبد العزيز إلا حفص بن سليمان، تفرد به عمر بن عون، وسيأتي أيضا حديث أبي بردة الأسلمي. غريبه: قوله: بغلس، يعني: اختلاط أضياء الصبح بظلمة الليل، وفي الصحاح: هو ظلمة آخر الليل، قال الأخطل: " كذبتك عينك أم رزيت بواسط غلس الغلام من الرباب خيالا "، وقوله: أسفر، قال أبو عمرو: يعني أمّنا، قال ابن خالوية: ولذلك بشر وابتسم، وانفجر عمود الصبح وضحك، وهذه غير مستعملة، وحكى القزاز وابن عويس في كتاب الصواب: سفر بغير ألف، وحكاه أيضا ابن القطاع بقوله: سفر الصبح وأسفر، رأى الأصمعي إلا سفر قاله ابن درستويه، كل ذلك راجع إلى أصل واحد، يقال: أسفرت البيت: إن كشفْته أو كنسه سفرا، وسفرت الريح السحاب، وسفرت النّار الظلمة، وفي الصحاح: معنى: أسفروا بالفجر أي: صلوها بسفرين، ويقال: طولها إلى الأسفار، وأسفر وجهه حسنا، أي: أشرق والإسفار الاخسار، وحكى ابن القوطية: سفرت الشمس: طلعت، وإكراه سفر كشفت وجهها، وأسفر الشيء: صار القوم في أسفار الصبح، وزاد ابن طريف. وأسفر الليل انقضى وانكشفت ظلمته، قال بعض الخوارج: إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع، وفي الأساس في فصل الحقيقة: وخرجوا في السفر في بياض الفجر، ورحنا فسفر بياض قبل الليل وبقى عليل سفر من نهار، ومن المجاز: وجه مسفر، مشرق سرورا " وجوه يومئذ مسفرة "، وفي الفصيح: وقد سفرت المرأة، إذا ألقت خمارها عن وجهها، والرجل عمامته/، وهى مسافرة وأسفر وجهها إذا أضاء وكذلك الصبح، وفي العرنين قيل: المكاتب سافر؛ لأنه يبن الشيء ويوضحه، وفيه أسفار الصبح، وفي الكتاب المغيث لأبي موسى: أسفر الصبح انكشف، ومنه الحديث: " أسفروا بالصبح ". قال الخطابي: يحتمل أنّه حين أمروا بالتغليس بالفجر كانوا يصلونها عند الفجر الأول رغبة في الأجر،

_ (1) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/315) ، من حديث أبي هريرة، وعزاه إلى " البزار " والطبراني في " الكبير " وفيه حفص ابن سليمان، ضعفه ابن معين والبخاري، وأبو حاتم، وابن حبان، وقال ابن خراش: كان يضع الحديث، ووثقه أحمد في رواية، وضعف في أخرى.

فقيل أسفروا بها أي: أخروها إلى ما بعد الفجر يصلونها عند الفجر الأوّل رغبة في الأجر " (1) ، قال أبو موسى: ويدلّ على صحة قول الخطابي حديث بقية عن عبد الرحمن بن رافع عن جدّه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لبلال: " نور بالفجر قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم " (2) . ويدل أيضا فعله عليه الصلاة والسلام، فإنه كان يغلس بها إلا يوما واحدا على ما روى، فلو كان الأسفار أفضل لما كان يختار التغليس عليه، قاله الخطابي: فإن قيل: فإن صلاتهم قبل الوقت لا تجزئهم أصلا، قيل لذلك: هؤلاء إنّهم لا يفوتهم لوائهم: " كالحاكم إذا اجتهد فأخطأ كان له أجر وإن أخطأ " (3) . وقيل: إنّ الأمر بالإسفار إنّما جاء في الليالي المقمرة التي لا يبيّن فيها جيدا؛ فأمروا بزيادة تبيّن فيه، قاله أبو حاتم بن حبان والله عزّ وجلّ أعلم، وقد اختلف العلماء في وقت الفجر المختار، فذهب أبو حنيفة وسفيان بن سعيد وأكثر العراقيين: إلى أنّ الأسفار أفضل، قالوا: وهو قوة الضوء قال في المحيط: إذا كانت السماء مصحبة بالأسفار أفضل إلا للحاج فالمراد لغة، فهناك التغليس أفضل، وفي المبسوط: الأسفار بالفجر أفضل من التغليس في الأوقات كلّها، قال الطحاوي: إن كان من غرمه التطويل شرع بالتغليس ليخرج في الأسفار، قال: وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه، قال: وحديث الأسفار ناسخ لحديث التغليس،/وقال الدبوسي: لا يدع التأخّر لمن ينام في بيته بعد الفجر، بل يحضر المسجد لأوّل الوقت، ثم ينتظر الصلاة ليكون له ثواب المصلى بانتظارها، ويكف عن الكلام بالكينونة في المسجد، ثم يصلى لآخر الوقت، ولو صلى الأوّل الوقت قبل ما يمكنه المكث والمقام إلى طلوع الشّمس، بل ينتشر بعد الفراغ لحديث الدنيا، وذهب الشافعي وأحمد وإسحاق والليث والأوزاعي وأبو ثور وداود ومالك في الصحيح عنه: إلى أنّ

_ (1) تقدّم. ورواه الطبراني: (4/331) . (2) قوله: فرغبة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) قلت: ولفظ الحديث: " إذا اجتهد الحاكم فأخطأ فله أجر وإذا اجتهد فأصاب فله أجران ". رواه الدارقطني (1/273) ، وابن عدي في " الكامل " (13/183) ، وتلخيص (4/180) ، والنبوة (7/185) ، والبداية (7/280، 14/139) ، وأحمد (2/187) .

التغليس أفضل، قال ابن المنذر: وقد روينا عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي موسى وابن الزبير وابن عمر، وأبي هريرة أخبارا تدل على أنّ التغليس بالصلاة أفضل من تأخيرها انتهى. قد ذكرنا عن علي ما يخالف هذا وكذلك عن عمر بن الخطاب، وأما آخر وقتها، فمذهب الجمهور: أنه طلوع الشمس، قال القرطبي: وهو المشهور من مذهب مالك، قال: وعلى هذا لا يكون لهما عنده وقت ضرورة ولا يؤثم تارك الصلاة إلى ذلك الوقت تعمدا، وروى ابن القاسم وابن عبد الحكم عنه أنّ أخر وقتها الأسفار الأعلى، فعلى هذا يكون ما بعد الأسفار وقت لأصحاب الأعزار، ويؤثم من أخرّ إلى ذلك الوقت وعن أبي سعيد الإصطخري: من صلاها بعد الأسفار الشديد كان قاضيا لا مرديا وإن لم تطلع الشمس، ومن الأشراف أجمع أهل العلم على أنّ: مصلى الصبح بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس أنه مصليها في وقتها، وقال في الإقناع: أوّل وقت صلاة الصبح: طلوع الفجر الثانى المعترض المتطير، وآخر وقتها لغير المعذور: الإسفار انتهى كلامه، وفيه نظر؛ من حيث جعله في الأوّل وقتا مطلقا لغير المعذور، وللمعذور في الثانى قدّم بالمعذور/وجعله إجماعا، وقد ذكرنا قبل أن الإجماع والله تعالى أعلم، ومن هذا القبيل قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنّ للصلاة أولا وأخر وأنّ أوّل وقت الظهر حيث نزول الشّمس، وأنّ أخر وقتها حين يدخل وقت العصر، وأنّ أوّل وقت العصر حين يدخل وقتها، وأن أخر وقتها حين تصفر الشّمس، وأنّ أوّل وقت المغرب حين تغرب الشّمس وأن أخر وقتها حين يغيب الأفق، وأنّ أوّل وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وأنّ وقتها حين ينتصف الليل، وأنّ أوّل وقت الفجر حين يطلع الفجر، وأنّ أخر وقتها حين تطلع الشمس " رواه الترمذي (1) عن هناد عن ابن فضيل عن الأعمش عن

_ (1) رواه الترمذي في: 2. أبواب الصلاة، 1. باب تابع منه، (ح/151) . من حديث أبيِ هريرة. قال: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو. قال أبو عيسى: وسمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت: أصح من حديث محمد بن فُضيل عن الأعمش، وحديث محمد بن فضيل خطأ، أخطأ فيه محمد بن فضيل. حدثنا هناد حدثنا أبو أسامة عن أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش عن مجاهد: كان يُقال: إن للصلاة أولا وآخرا؛ فذكر نحو حديث محمد بن فُضيل عن الأعمش، نحوه بمعناه. ورواه أحمد في المسند=

أبي صالح عن أبي هريرة، وقال: سمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت أصح من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وقال: سمعت محمدا يقول: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت أصحّ من حديث محمد بن فضيل عن الأعمش، وحديث محمد بن فضيل خطأ أخطأ، فيه محمد بن فضيل، ثنا هناد ثنا أبو أسامة عن أبي إسحاق الفزاري عن الأعمش عن مجاهد قال: " كان يقال إن للصلاة أولا وآخر ". فذكر نحو هذا الحديث، فقال: وهم ابن فضيل في حديثه، والصحيح هو حديث الأعمش، وكذا قال أبو حاتم لما سأل ابنه عنه هذا أخطأ، ووهم فيه ابن فضيل يرويه أصحاب الأعمش عن الأعمش عن مجاهد قوله، قال الدارقطني: هذا لا يصح مسندا، ووهم في سنده ابن فضيل، وغيره يرويه عن الأعمش عن مجاهد مرسلا وهو أصح من قول ابن فضيل، وقال أبو علي الطوسي في أحكامه: يقال: حديث الأعمش عن مجاهد في المواقيت أصح من حديث ابن فضيل انتهى. محمد بن فضيل ممن خرج حديثه في الصحيحين، فإذا رفع حديثا قبلت زيادته،/لا سيّما مع عدم المخالفة، ولهذا فإنّ ابن حزم لم يلتفت إلى توهمه بغير مستند بل صححه واستدل به، وقال ابن القطّان: لا يبعد أن يكون عند الأعمى في هذا عن مجاهد أو غيره مثل الحديث المرفوع والله أعلم، وله شاهد في كتاب الدارقطني من حديث إبراهيم بن الفضيل عن المقبري عن أبي هريرة قال عليه السلام: " إن أحدكم ليصلي الصلاة لوقتها وقد يركع من الوقت الأوّل ما هو خير له من أهله وماله " (1) .

_ - (رقم 7172 ج 2 ص 232) عن محمد بن فضيل بإسناده. ورواه البيهقي في السنن (1/ 376.375) وابن حزم في المحلى (3/168) من طريق ابن فضيل. وأراد الترمذي برواية مجاهد أن يذكر إسناده ليدل على الرواية التي رآها البخاري صوابا، وهي: أن هذا الحديث موقوف من كلام مجاهد. وكذلك فعل البيهقي، فقد روى هذا الأثر بإسناده من طريق زائدة عن الأعمش عن مجاهد، ثم قال: " وكذلك رواه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري وأبو زبيد عن ابن القاسم عن الأعمش عن مجاهد ". قلت: ومحمد بن فضيل ثقة حافظ، قال ابن المديني: كان ثقة ثبتا في الحديث، ولم يطعن فيه أحد إلا برمية بالتشيع، وليست هذه التهمة مما يوثر في حفظه وتثبتْه.

قال ابن الحصار: رجاله كلهم ثقات، وحديث ابن مسعود، سألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي العمل أفضل؟ قال: " الصلاة في أول وقتها " (2) . رواه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن بندار، ثنا عثمان بن عمر ثنا مالك بن مغول عن الوليد بن العزار عن أبي عمرو الشيباني عنه وابن حبان في صحيحه عن عمر بن محمد الهمداني وإسحاق بن سفيان قالا: ثنا بندار قال: " الصلاة في أول وقتها ". تفرّد بها عثمان بن عمرو حديث محمد بن أحمد بن رندي، ثنا الحسن بن مكرم ثنا عثمان بن عمر بإسناده مثله، ولما ذكره ابن جرير وصححه واستدّل به، ولما خرجه الحاكم في مستدركه عن ابن عمرو بن السماك، ثنا الحسن بن مكرم وثنا علي بن عيسى ثنا أبو العباس محمد بن إسحاق ثنا الحسن بن مكرم ثنا عثمان بن عمر به قال: هذا حديث يعرف بهذا اللفظ لمحمد بن بندار عن عثمان، وبدار من الحفاظ الأثبات، بناه على بنى عيسى في آخرين، قالوا: ثنا أبو بكر بن إسحاق ثنا بندار ويذكره قال: فقد صحّت هذه اللفظة باتفاق بندار وابن مكرم على روايتهما عن عثمان، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وله شواهد في هذا الباب منها: ما ثناه أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الجرجاني/ثنا محمد بن الحسين وثنا حجاج بن الشّاعر ثنا علي بن حفص المديني عن شعبة عن الوليد بن العزار، سمعت أبا عمرو ثنا صاحب هذه الدار وأشار إلى ما رأى ابن مسعود قال: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي الأعمال أفضل؟ قال: " الصلاة في أول وقتها " (3) . ثم قال: قد روى هذا الحديث جماعة عن شعبة، ولم يذكر هذه اللفظة- غير حجاج- عن علىّ بن حفص، وحجاج حافظ ثقة، وقد احتج مسلم بعلي بن حفص

_ (1) رواه القرطبي (2/165) ، والدارقطني (1/248) . (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (9/191) ، ومسلم في (الإيمان، ح/137) ، وأحمد (1/ 418، 439، 442، 444، 5/368) ، والبيهقي (2/215) ، والحاكم (1/188) ، والطبراني (15/24، 25، 26، 27، 28) ، ومنصور (2302) ، وأبو عوانة (1/63، 46، 343) ، وابن أبي شية (1/316، 5/282) ، وشرح السنة (2/176) ، وابن كثير (3/356) ، والخطيب (2/ 401، 4/280، 10/286) . (3) انظر: الحاشية السابقة.

المدائني، وفي كتاب العلل للدارقطني من حديث حماد بن زيد عن الحجاج عن سليمان وذكر أبو عمر الشيباني أنه قال: حدثنى صاحب هذه الدار بلفظ: " الصلاة لميقاتها الأول ". قال الحاكم: ومنها ثنا أبو سعيد يعقوب بن أحمد ثنا الحسن بن علي محمد بن مثنى نا ابن جعفر نا شعبة أخبرني عبيد المكتب، سمعت: أبا عمرو الشيباني يحدّث عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره، الرجل هو: ابن مسعود لإجماع الرواة فيه على أبي عمرو الشيباني، ومنها ما ثنا أبو جعفر محمد بن محمد البغدادي ثنا يحيى بن عثمان بن صالح السهمي بمصر ثنا علي بن سعيد ثنا يعقوب بن الوليد عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال- عليه الصلاة والسلام-: " خير الأعمال الصلاة في أول وقتها " (1) . يعقوب بن الوليد هذا: شيخ من أهل المدينة سكن بغداد وليس من شرط هذا الكتاب إلا أنّ له شاهدا عن عبد الله، حدّثنى أبو عمرو محمد بن أحمد بن إسحاق العدل النمري ثنا محمد بن علي بن الحسن البرقي ثنا إبراهيم بن محمد بن صدقة العامري في كندة في مجلس إلا شيخ ثنا محمد بن حمير الحمصي عن عبد الله بن عمر العمرى عن نافع عن ابن عمر بمثله (2) ، ومنها ما ثنا أبو العباس محمد بن/يعقوب ثنا الدوري ثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الحراني ثنا عبد الله بن عمر العمرى عن القاسم بن غنام عن جدّته الدنيا عن جدّته أم فروة، وكانت ممن بايع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانت من المهاجرات الأوائل، أنها سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسئل عن أفضل الأعمال فقال: " الصلاة لأوّل وقتها " (3) هذا حديث رواه الليث بن سعد،

_ (1) صحيح. بشواهده. رواه الحاكم (1/189) ، والكنز (19578) ، والقرطبي (2/165) ، والدارقطني (1/247) . (2) قوله: " بمثله " وردت " بالأصل " " بمثابة " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (3) ضعيف. رواه الترمذي (ح/170) . قال الترمذي: حديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس هو بالقوي عند أهل الحديث واضطربوا عنه في هذا الحديث وهو صدوق وقد تكلم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه، وهذا الحديث مضطرب الإسناد، كما قال الترمذي، ولكن ليس اضطرابه من قبل عبد الله بن عمر العمري بل من قبل شيخه القاسم بن غنام الأنصاري البياضي، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال: " في حديثه اضطراب. والذي يظهر لي انه روى هذا الحديث عن امرأة=

والمعتمر بن سليمان وقرعة بن سويد ومحمد بن بشر العبدي عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنام، أما حديث الليث، فحدثناه أبو بكر بن سليمان بن داود ثنا أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الحسن المعافري بمصر ثنا علي بن عبد الرحمن بن غيلان ثنا عمرو بن الربيع بن طارق ثنا الليث به، سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب سمعت أروى سمعت يحيى بن معين، يقول: قد روى عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنام، ولم يرو عنه آخر وعبيد الله، وقال أبو عيسى: وحديث أم فروة لا يروى إلا من حديث عبد الله العمري وليس هو بالقوى عند أهل الحديث، واضطربوا في هذا الحديث، وقال أبو القاسم في الأوسط: لم يرو هذا الحديث عن عبد الله بن عمر إلا قرعة بن سويد، وفيه نظر لما أسلفناه، ولما في سنن أبي داود ثنا الخزاعي والقعنبي عنه، وأمّا قول الحاكم وعلي بن حفص ممن احتج به مسلم، وكذا قاله في المدخل ففيه دلالة على تفرده به دون البخاري، وليس كذلك بل قد احتجا به جميعا فيما ذكره الباجي وابن سرور وأبو إسحاق العريني وأبو إسحاق الجياتي ومن حفظهما نقلته، وحديث ابن عمر قال عليه الصلاة والسلام: " الوقت الأول من الصلاة رضوان الله والوقت الآخر عفو الله ". رواه أبو عيسى (1) من حديث يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله/بن عمر عن نافع به، ولما ذكره ابن

_ = من أهله، هي جدته الدنيا، أو هي جدته أم أبيه، كما بيّن في بعض الروايات عن جدّته للعليا: أم فروة، فصار يرويه تارة فيذكر الواسطة المبهمة، وبرويه أخرى فيحذفها ويقول: " عن أم فروة ". وقد وصف جدته أم فروة في بعض الروايات بأنها، كانت ممن بايع تحت الشجرة، وبأنها كانت من المهاجرات الأول (الحاكم 1/ 189، والدارقطني 10/273) . ورواه أحمد (6/ 374، 375،044) والبيهقي (1/434) ، والطبراني (10/24) ، وابن سعد (8/222) ، واستذكار (1/91) ، وتلخيص (1/145) ، والترغيب (1/257) ، والعقيلي (3/475) . (1) ضعيف. رواه الترمذي (ح/172) . وقال: هذا حديث غريب. ورواه الحاكم (1/189) بلفظ: " خير الأعمال الصلاة في أوّل وقتها ". وقال: " يعقوب بن الوليد هذا شيخ من أهل المدينة، سكن بغداد، وليس من شروط هذا الكتاب إلا أنه شاهد "، وتعقبه الذهبي فقال: " يعقوب كذاب ". ورواه البيهقي (1/435) من طريق أحمد بن منيع شيخ الترمذي. ونقل عن أبي أحمد بن عدي الحافظ أنه قال: " هذا الحديث بهذا الإسناد باطل ". ثم قال البيهقي: " هذا حديث يعرف بيعقوب بن الوليد المدني، ويعقوب منكر الحديث ضعفه يحيى بن معين وكذّبه أحمد ابن حنبل وسائر الحفاظ، ونسبوه إلى الوضع "، وضعفه الشيخ الألباني. انظر:=

حبان في كتاب الضعفاء قال: تفرد به يعقوب بن الوليد وكان يضع الحديث، وكذا ابن عدي ردّه به، وزعم: أنّ البخاري قال فيه: ليس بشيء، وقال أحمد: كان من الكذابين الكبار، ولما ذكره عبد الحق ردّ بالعمري، وتبع ذلك عليه أبو الحسن بأن قال: عجب أن يكون عبد الله الرجل الصالح علّة لحديث يعقوب بن الوليد يرويه وهو كذاب، قال أبو حاتم: كان يكذب، والحديث الذي يرويه موضوع، ورواه محمد بن حميد بن هارون عن ابن منيع عن يعقوب عن عبيد الله مصغرا يعني: أخا عبد الله. قال ابن عدي: كذا كان ابن حميد يقول عن عبيد الله قال: والصواب ما نبأ به ابن صاعد وابن أسباط على أنه باطل هذا الإسناد، سواء قيل فيه عبد الله أو عبيد الله، ويعقوب هذا عامة ما يرويه من هذه الطرق فليست محفوظة، وهو بيّن الأمر في الصلاة " والسلام أوّل الوقت رضوان الله وآخر الوقت عفو الله " (1) . رواه أبو الحسن في سننه من حديث الحسين بن حميد بن الربيع وهو متهم بالكذب، وحديث أبي الدرداء قوله عليه الصلاة والسلام: " إن تعجيل الصلاة في اليوم الدجن من صفة الإيمان " (2) . رواه ابن وهب في مسنده عن الليث عن عمر بن شيبة المدني عن رجل حدُّثه عن أبي الدرداء به، وحديث علي مرفوعا: " أوّل الوقت رضوان الله وآخره عفو الله ". ذكره أبو بكر في خير المدينة من حديث موسى بن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه عنه، وحديث " أوّل الوقت رضوان الله وأخر الوقت عفو الله ". ذكره بن عدي في الكامل (3) ، وزعم: أنّ بقية/تفرد به، قال: وهو من الأحاديث التي تحدّث بها بقية عن المجهولين، وزاد أبو الفرج في العلل المتناهية، ومع ذلك عبد الله مولى عثمان وعبد العزيز وهما لا يعرفان، ولفظ الطبراني في الأوسط: " من صلى

_ ضعيف الجامع (ص 890، ح 6164) . (1) ضعيف. رواه الدارقطني (1/246) ، وتلخيص (1/180) . قلت: عامة طرقه ضعيفة. (2) راجع: مسند ابن وهب. (3) ضعيف. رواه ابن عدي في " الكامل ": (2/509) . قلت: وعلته تفرد بقية بن الوليد هذا الحديث، وهو معروف بالوضع.

الصلاة لوقتها تقول حفظك الله كما حفظتني ومن صلى لغير وقتها قالت: ضيعك كما ضيعتني " (1) . رواه من حديث عباد بن كثير عن أبي يحيى يعني حميد الطويل عنه، وقال: لم يروه عن حميد إلا عبّاد تفرد به عبد الرحيم بن سليم عن أبي الحون العبسي، ولفظ إسماعيل بن زياد في مسنده عن أمان عن أنس مرفوعا: " فضل الوقت الأول من الصلاة على الآخرة كفضل الآخرة على الدنيا ". وحديث أبي محذورة قال عليه الصلاة والسلام: " أول الوقت رضوان الله وأوسطه رحمة الله وآخره عفو الله " ذكره ابن عدي (2) من حديث إبراهيم بن زكريا، وهو يحدّث عن الثقات بالبواطيل، والحمل في هذا الحديث عليه عن إبراهيم بن محمد بن أبي محذورة عن أبيه عن جدّه، وفي كتاب القمولي سمعت أبا عبد الله يقول: لا أعرف شيئا يثبت في أوقات الصلاة أو لما كذا وأوسطها كذا، يعني مغفرة ورضوانا، فقال له رجل: ما يروى هذا ليس هذا يثبت، وحديث عياض بن زيد العبدي سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا أيها الناس عليكم بذكر ربكم عز وجل وصلوا صلاتكم في أوّل وقتكم فإن الله تعالى يضاعف لكم ". رواه أبو موسى في كتاب الصحابة من حديث سليمان بن داود المسعري ثنا عثمان بن عمر عن العباس عن أبي الشيخ الهنائي عن عبد القيس اسمه عياض فذكره، ويلتحق به أيضا ما خرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه/من حديث ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الفجر فجران: فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة وفجر يحرم فيه

_ (1) رواه الطبراني (19/142) ، والترغيب (1/257) ، والمغنى عن حمل الأسفار (1/148) . (2) انظر: الحاشية قبل السابقة. (3) صحيح. رواه ابن خزيمة (356) ، وللبيهقي (1/457، 2/377، 4/216) ، والحاكم (1/ 191، 425) ، وصححه وابن أبي شيبة (3/27) ، والدارقطني (1/268) ، والمنثور (1/200) ، والفتح (4/136) ، والخطيب (3/58) ، وابن كثير (1/321) ، والكنز (19260، 19262، 24005) . وصححه الشيخ الألباني (الصحيحة: ح/693) . قال ابن خزيمة: " في هذا الخبر دلالة على أن صلاة الفرض لا يجوز أداؤها قبل دخول وقتها ". قال:=

الصلاة ويحل فيه الطعام " (3) . رواه عن محمد بن علي بن محرز نبأ أبو أحمد الزبيري نا سفيان عنه، وقال: في هذا الخبر دلالة على أنّ صلاة الفرض لا تجوز قبل دخول وقتها بقوله فجر يحرم فيه الصلاة يريد صلاة الصبح، ولم يرد أنه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد طلوع الفجر الأوّل، فقوله ويحل فيه الطعام يريد الصيام، وحديث طلق بن علي أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ليس الفجر بالمستطيل في الأفق، ولكنه المعترض الأحمر حسنه " (1) . منه أبو عيسى الترمذي، وحديث مسلمة بنت خمروية قالت: قدمت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلى بالنّاس الغداة، وقد أقيمت حين شقّ الفجر والنجوم شابكة في السماء والرجال لا تكاد تعارف من ظلمة الليل " (2) . الحديث بطوله ذكره أبو عيسى عن عبد بن حميد عن عفان بن مسلم عن عبد الله بن حسان أنّ جدته صفية، ودحية حدّثناه عنها، وقال: لا يعرف إلا من حديث ابن حسان، ومرسل محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الفجر فجران فأمّا الذي يكون في الأفق كذنب المرجان فلا يحل الصلاة ولا يحرم الطعام، وأمّا الذي يذهب مستحيلا في الأفق فإنّه يحل الصلاة ويحرّم الطعام " (3) ، وعن عبادة بن الصامت وشداد ابن أوس من حديث مكحول عنهما فيما ذكره أبو الحسن البغدادي في سننه: " الفجر فجران المستطيل والمعترض فإذا انصدع المعترض حلّت الصلاة " (4) ، وقد عبّر عنه الشاعر بقوله فيما أنشده الثقفي، وحاكم من أعدل الحكام من بين/سام

_ = " (فجر يحرم فيه الطعام) يريد على الصائم. (وتحل فيه الصلاة) يريد صلاة الصبح؛ (وفجر تحرم فيه الصلاة) يريد صلاة الصبح، إذا طلع الفجر الأول لم يحل أن يصلى في ذلك الوقت صلاة الصبح لأن الفجر الأول يكون بالليل، ولم يرد انه لا يجوز أن يتطوع بالصلاة بعد الفجر". (1) صحيح. رواه أحمد (4/32) ، وابن كثير في " التفسير " (1/321) . (2) قوله: " الليل " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) تقدم. وهو حديث صحيح. (ص 355) . (4) انظر: الحاشية (ص 355) .

وأخيه حام ثم إذا نبدى عن انبسام فرق بين الحلّ والحرام. وقال آخر: وعبّر عن الفجر الصادق والكاذب: قد سمى اثنان بنو شروان ... ووصفا بالعدل في الزمان والليل ينازل له فجران ... وإنّما الصادق منه الثانى

102- باب وقت صلاة الظهر

102- باب وقت صلاة الظهر حدثنا محمد بن بشار، ثنا يحيى بن سعيدِ عن شعبة عن سالم بن حرب عن جابر بن سمرة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلى الظهر إذا دحضت الشمس ". هذا حديث خرجه مسلم (1) (رحمه الله تعالى) في صحيحه وخرجه أبو داود (2) بلفظ: " ان بلالا كان يؤذّن الظهر إذا دحضت الشمس ". والنسائي (3) بزيادة " وكان يقرأ بنحو من والليل إذا يغشى "، زعم ابن عساكر: أنّ أبا داود خرجه بهذه الزيادة، وأقرّه المزي على ذلك، وليس كما زعما، فانّ لفظ أبي داود كما سقته لك في الروايات كلها والله تعالى أعلم حدّثنا محمد بن بشّار ثنا يحيى بن سعيد عن عوف بن أبي جميلة عن سيار بن سلامة عن أبي برزة لعلّه الأسلمي قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى صلاة الفجر التي تدعونها الظهر إذا دحضت الشّمس ". هذا حديث أخرجه الأئمة الستة (4) في كتبهم، ولفظ البخاري عن سيار قال: دخلت أنا وأبي على أبي برزة، فقال له أبي: كيف كان النبي عليه الصلاة والسلام يصلى المكتوبة؟ فقال: كان يصلى الهجيرة التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس، ويصلي العصر، ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية، ونسيت ما قال في المغرب،/وكان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان ينتقل من صلاة الغداه حين يعرف الرجل جليسه، ويقرأ من

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 33 "، ح/188) ، وابن ماجة (ح/673) ، وأحمد (5/ 106) ، والتمهيد (8/88) ، والتاريخ الكبير (2/133) . غريبة: قوله: " دحضت " أي زالت. (2) حسن. رواه أبو داود في: كتاب الصلاة، باب في وقت صلاة الظهر، (ح/403) . (3) صحيح. ورواه النسائي في: المواقيت، باب " 16، 20 ". (4) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (ح/599) ، ورواه مسلم في (المساجد ح/233) والنسائي في (المواقيت، باب " 16، 20 ") ، وابن ماجه (ح/674) ، والدارمي (ح/130) ، وأحمد (4/423) ، وابن أبي شيبة (323،1/318) ، وشرح السنة (2/188) ، والمشكاة (587) ، والكنز (21813) ، قوله " صلاة الهجيرة " أي صلاة الظهر.

الستين إلى المائة، وفي كتاب الإِسماعيلي عن أبي المنهال قال: لما كان زمن أخرج ابن زياد ووثب (1) مروان بالشام انطلق بن أبي إلى أبي برزة، فانطلقت معه فإذا هو قاعد في ظل علوله من قصب في يوم شديد الحر فذكره، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه عثمان بن عثمان الغطفاني عن خالد الحذاء عن المغيرة بن أبي برزة نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن النوم قبل العشاء الحديث، وروى عبد الوهاب الثقفي عن خالد عن المنهال عن أبي برزة الحديث، فقال: حديث عبد الوهاب أشبه، ولا أعلم أحدا روى عن المغيرة بن أبي برزة إلا علي بن جدعان انتهى كلامه، وفيه نظر؛ لما ذكره هو في كتاب الجرح والتعديل من أنّ المغيرة روى عنه أيضا حماد بن سلمة، وكذا قاله أيضا أبو حاتم البستي في كتاب الثقات والبخاري في تاريخه، ولما ذكر أبو الحسن في علله حديث المغيرة بن أبي برزة قال: الصواب عن أبي منهال وحديث المغيرة عن أبيه إنما هو أسلم سالمه الله وقال البزار حديث خالد عن المغيرة عن أبيه أحسبه وهم فيه عثمان، والصواب خالد عن أبي المنهال، وحديث عثمان الغطفاني ذكره الإِسماعيلي في صحيحه أنبأ الحسن بن سفيان ثنا بن مثنى حدثنى عثمان سمعت خالد به حدثنا أبو كريب ثنا معاوية بن هشام بن مسعود قال: " شكونا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حر الرمضاء فلم يشكنا " (2) . هذا حديث سأل الترمذي محمدا عنه، فقال: الصحيح هو عن ابن/مسعود موقوف، وفي علل أبي الحسن اختلف على الثوري فرواه معاوية مرفوعا، ووهم فيه معاوية، وإّنما روى الثوري عن

_ (1) كذا أورد هذا السياق " بالأصل ". (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/189، 190) ، والنسائي في (المواقيت، باب " 2 ") وابن ماجة (ح/676،675) ، والأول: من حديث خباب، والثاني: من حديث ابن مسعود. في الزوائد: حديث خباب أخرجه في صحيح مسلم وسنن النسائي. والثاني: في إسناده مقال. مالك الطائي لا يعرف. ومعاوية بن هشام فيه لين. وأحمد (5/108، 110) . وصححه الشيخ الألباني. غريبة: قوله: " حر الرمضاء " هي الرمل الحار بحرارة الشْمس. " فلم يشكنا " من " أشكى " إذا أزال شكواه.

زيد بن جبير عن خشف قال: " كنا نصلى مع ابن مسعود الظهر والجنادب منفرة من شدة الحر ". غير مرفوع وليس لخشف إلا هذان الحديثان يعني هذا، وحديث جعل دية الخطأ أخماسا، وقال الخطابي: خشف مجهول لا يعرف إّلا بهذا الحديث يعني: حديث الديات، وعدل الشافعي عن القول به لما ذكرنا من العلة في رواته انتهى كلامه، وفيه نظر لما أسلفناه، وقال الدارقطني: هو رجل مجهول لم يرو عنه إّلا زيد بن جبير، وقال البيهقي: خشف مجهول، وقال أبو الفتح الأزدي: ليس بذاك، وذكره ابن حبان في الثقات، وأمّا أبوه فلم أر أحدا عرف بحاله، وحدثنا علي بن محمد ثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب العبدي عن خبّاب قال: " شكونا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرّ الرمضاء فلم يشكنا (1) . هذا حديث إسناده صحيح، ولكنه خطأ نصّ على ذلك ابن أبي حاتم إذ سأل أبا زرعة عنه، فقال: أخطأ فيه وكيع إنّما هو على ما رواه شعبة وسفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهيب عن حباب، يعني بذلك: ما خرجه مسلم في صحيحه من حديث زهير عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن خباب، وفي آخره قال زهير: قلت لأبي إسحاق في الظهر، قال: نعم. قلت: أي: تعجيلها قال: نعم، ورواه ابن عيينة عن الأعمش عن عمارة عن أبي معمر عن خباب فأخطأ فيه، وقال أبو حاتم الرازي: ليس هذا أصل ما ندرى كيف أخطأ وما أراد، وقال أبو زرعة: إنّما أراد سفيان حديث الأعمش عن عمارة عن أبي معمر عن خبّاب أنّه قيل له: " كيف كنتم تعرفون قراءة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال: باضطراب لحيته ". قال عبد الرحمن: قلت/لأبي زرعة: عنده الحديثان جميعا قال أحدهما: والآخر خطأ، قال عبد الرحمن: ورواه شريك كرواية الأعمش قال لي: الصحيح ما روى سفيان وشعبة، وأمّا ابن عيينة فوهم، والصحيح من حديث الأعمش عن أبي إسحاق عن حارثة انتهى كلامه. وفْيه نظر لما ذكره عن أبي زرعة قبل. وفي كتاب الغرائب لأبي الحسن قال ابن صاعد: لم يرو هذا الإسناد غير ابن عيينة، قال الدارقطني. وهو غريب من حديث الأعمش عن عمارة تفرد به ابن عيينة وهو غريب من حديث سفْيان، ورواه مسروق أيضا عن خباب وهو حديث

_ (1) انظر: الحاشية السابقة.

تفرد به عيسى بن أبي حرب عن يحيى بن أبي بكير عن شعبة عن حصين والأعمش عن أبي الضحى عنه، وفي كتاب ابن المنذر الكبير ثنا عبد الله بن أحمد ثنا خلاد بن يحيى ثنا يونس بن أبي إسحاق ثنا بن وهب عنه بلفظ: " فما أشكانا " فقال: " إذا زالت الشمس فصلوا "، وهى زيادة صحيحة، خلاد حديثه في صحيح البخاري، ويونس شارك أباه في عدة من شيوخه، وقد صرح هنا بالتحديث فلعلّه حفظها لنسبه أبوه، كذا ذكره أبو الحسن بن القطان وقد وقع لنا ذكر هذه الزيادة من حديث ابن أبي إسحاق نفسه فلا حاجة إلى غيره، قال الحافظ العلاّمة أبو منصور محمد بن سعد البادروي في كتاب الصحابة تأليفه: ثنا محمد بن أيوب أخبرني عبد السلام بن عاصم ثنا عبد الرحمن بن عبد الله الدشبكي ثنا أبو جعفر عن الأعمش عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن خباب قال: " شكونا إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرمضاء فلم يشكنا، وقال: إذا زالت فصلُّوا " (1) ، وفي كتاب الكجي: الرمضاء في صلاة الهجير فلم يشكينا، أبو القاسم في الأوسط عن أحمد بن زهير ثنا محمد/بن تميم الحراني ثنا أبو بكر الحنفي ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن سعيد به، وقال: لم يقل أحد ممن روى هذا الحديث عن أبي إسحاق، " وإذا زالت الشمس فصلوا الظهر " إلا يونس تفرد به أبو بكر واسمه عبد الكبير بن المجيد انتهى، فتبين هذا صحة هذه اللفظة، وأن إسحاق رواها عنه ابنان، وأن ابنه أخذها عنه وعن شيخه والله تعالى أعلم، وفي الباب حديث جابر بن عبد الله قال: " كنت أصلى الظهر مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ قبضة من الحصا لتبرد في كفي أضعها لجبهتي أسجد عليها لشدّة الحر ". رواه أبو (2) داود بإسناد صحيح عن أحمد بن مسدّد عن محمد بن عمرو عن سعيد بن الحارث به، ورواه ابن حبان في صحيحه عن جعفر بن أحمد ثنا الفلاس ثنا عبد الوهاب الثقفي نا محمد بن عمرو بزيادة " فيجعلها في كفّه هذه ثم كفه

_ (1) الحديث متفق عليه وتقدم بدون هذه الزيادة، أما بهذه الزيادة وهي قوله: " إذا زالت فصلوا ". رواه البيهقي (1/439) ، ونصب الراية (1/245) ، والفتح (2/17، 7/167) والطبراني (4/91) ، والمجمع (1/306) ، وعزاه إليه ورجاله موثقون. (2) إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/399) ، والنسائي في (التطبيق، باب " 34 ") .

هذه فإذا بردت سجد عليها ". وقال أبو عبد الله بن حنبل: رواه محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو، حدّثنى سعيد بن أبي سعيد عن جابر وأخطأ فيه، وجود محمد بن بكار، فقال: ابن عباد بن عباد نا محمد بن عمرو بن علقمة عن سعيد بن الحارث بن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري عن جابر، وخالف ذلك الدارقطني بقوله: رواه جماعة عن محمد بن عمرو عن سعيد بن الحارث، وقال ابن بشير: سعيد بن أبي سعيد نسبه إلى جدّه أبي سعيد بن المعلى وكلّهم أتى بالصواب، وأمّا قول ابن عساكر لما سلف، ولفظ أبي القاسم في الأوسط: ورواه من حدث محمّد بن المطرز عنه: " شكونا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حرّ الرمضاء فلم يشكنا " لم قال: لم يروه عن ابن المنكدر إلا بلفظ ابن عبّاد ولا بلفظ إلا عبد المجيد بن عبد العزيز تفرد به محمد بن أبي عمرو، وقال أبو محمد الأشبيلي في إسناد عبيدة: ولم يرو عن جابر إلا هذا الإِسناد، ولا أسند بلفظ غير هذا الحديث، وحديث عبد الله ابن مسعود قال: " كانت قدر صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام ". رواه النسائي (1) عن عبيدة بن حميد الحذاء لا يحتج به وبعض ذلك في الكبير فأحسن عليه النسائي بقوله: قال أحمد: صالح، وقال يحيى: ليس به بأس وهو الصواب؛ لأنه فيمن قال به ابن المديني: ما رأيت أصح حديثا ولا رد إّلا منه، وفي موضع آخر: أحاديثه صحاح، وقال أحمد: ما أحسن حديثه وأحسن الثناء عليه جدا ورفع قدره وصحة حديثه، قال محمد: ما أدرى ما للناس وله، قال: وكان قليل السقط، وأمّا التصحيف (2) فلا نجده عنده، وقال الساجي: صدوق، وقال ابن سعد: كان ثقة صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات وخرج الشيخان حديثه على طريق الاحتجاج في كتابيهما، وكذلك ابن خزيمة، وابن حبان والحاكم، وصحح حديثه علي، وخرّج الشيخان حديثه فأي حجة أعظم من هؤلاء ولم

_ (1) صحيح. رواه النسائي في (المواقْيت، 5- باب آخر وقت الظهر: 1/251) ، وأبو داود (ح/400) . (2) قوله: " التصحيف " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

ينبه ابن القطان على هذا وهو لازم له، وحديث أم سلمة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشد تعجيلا للظهر منكم، وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه " (1) . رواه أبو موسى عن علي بن نجران بن علية عن أيوب عن أبي مليكة عنها، وقال: روى هذا الحديث عن ابن علية عن ابن جريج عن أبي مليكة عنها نحوه، وثنا بشر بن معاذ البصري نا إسماعيل عن ابن جريج بهذا الإِسناد نحوها وهذا/أصح، وحديث حكيم بن جبير عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: " ما رأيت أحدا أشدّ تعجيلا للظهر من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا من أبي بكر ولا من عمر " (2) . رواه أيضا، وقال: حسن، وقال ابن المديني قال يحيى بن سعيد: قد تكلم شعبة في حكيم من أجل حديثه الذي رواه عن ابن مسعود عن النبي عليه السلام: " من سأل الناس وله ما يغنيه " (3) . قال يحيى: وروى له سفيان وزائدة، ولم يرتجى بحديثه بأسا، قال محمد: وقد روى عن حكيم عن سعيد بن جبير عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعجيل الظهر، وفي كتاب العلل قال محمد: وهو حديث فيه اضطراب، ولفظ الطوسي: " ما استليت أبا بكر ولا عمر ". وقال هذا حديث حسن، وفي كتاب أبي نعيم قالت: " ما صلى أحد يعني الظهر إلا بعد النبي عليه الصلاة والسلام من استعجاله لها "، وحديث زيد بن ثابت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/161) . وقال أبو عيسى: وقد رُوي هذا الحديث عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة نحوه. وقال: ووجدت في كتابي: أخبرني علي بن حجر عن إسماعيل بن إبراهيم عن ابن جريج. وقال: وحدثنا بشر بن مُعاذ البصري قال: حدّثنا إسماعيل بن عُلية عن ابن جريج هذا الإسناد نحوه. وهذا أصح. انتهى كلام الترمذي. ورواه أحمد (6/289، 310) ، عن إسماعيل بن علية عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة. (2) رواه ابن عدي في " الكامل ": (2/635) . (3) حسن. رواه الترمذي (ح/650) ، وأبو داود (ح/1626) ، وابن ماجه (1840/83) ، وإتحاف (9/304، 309) ، والمشكاة (1847) ، والكنز (16695) ، وتمام لفظه: " من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خُمُوش، أو خدوش، أو كدوح "، قيل: يا رسول الله: وما يُغنيه؟ قال: " خمسون درهما أو قيمتها من الذهب ". غريبه: قوله: " الكروح ": الخدوش. وكل أثر من خدش أو عضد فهو كدح.

يصلى الظهر بالهاجرة " (1) . وذكره الطبراني في " الكبير " وسيأتي في الصلاة الوسطى، وحديث أنس بن مالك: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر ". خرجه البخاري (2) وفي لفظ آخر: " كنا إذا صلينا خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالظهائر جلسنا على ثيابنا اتقاء الحر " (3) ، وفي لفظ: " كنا نصلّى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شدّة الحر فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن (4) ، من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه " (5) ، وفي كتاب الليثي: " كان يصلى الظهر في الشتاء ما ندرى ما مضى من النهار أكثر أم ما بقى " (6) ، قال أبو عمرو موسى بن العلاء راويه عن أنس كانه يصلى عند الزوال، والزوال في الصيف إذا مالت الشمس عن كبد السماء نحو المغرب وصار الظل نحو المشرق، وأمّا الشتاء فإذا وقفت/الشمس فذاك حين انتصف النهار، فإذا رجع الظل نحو المشرق فهو أوّل الزوال، والشمس تقف في الشتاء إذا قصر النهار أو قارب ذلك على تسعة أقدام إذا طال النهار، ثم ترجع ويرجع الظل نحو المشرق، فإذا كان ذلك فهو أوّل الزوال في الشتاء، وحديث عمر موقوفا: " إذا اشتد الحرّ والزحام فلم يقدر أن يسجد على الأرض فليسجد على ظهر الرجال " (7) . قال ابن أبي حاتم عن أبيه: هذا خطأ يعني رواية الحجاج عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن سليمان بن مسهر عن معرسة بن الحسن عنه، قال:

_ (1) رواه أحمد (3/369، 5/183، 206) ، والبيهقي (1/434، 449، 458) ، والمجمع (1/ 308) ، والمنثور (1/301) ، والحاوي (1/181) ، وابن كثير في " التفسير " (1/428) ، والقرطبي في " التفسير " (3/209) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " (3/434) ،. والمعاني (1/ 184،167) . (2) صحيح. رواه البخاري (ح/540) ، والنسائي في (المواقيت، باب " 2 " أول وقت الظهر) ورواه أحمد (3/351) . والدارمي (ح/1206) . (3) صحيح. رواه النسائي (2/216) ، والفتح (2/23) . (4) بياض " بالأصل ". (5) صحيح، انظر الكنز: (22252) . (6) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/307) ، وعزاه إلى أحمد من رواية موسى أبي العلاء ولم أجد من ترجمه. (7) قوله: " الرجال " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

والصحيح حديث الحسن بن الربيع نا أبو الأحوص عن الأعمى عن المسيب عن زيد بن وهب عنه والله تعالى أعلم. غريبه قوله: دحضت الشمس يعني تدحض وحضا ووحوضا: زالت عن وسط السماء، قاله ابن سيدة وأبو نصر وابن القوصية (1) وتلميذه ابن طريف وابن فارس في مجمله، وابن قتيبة في غريبه، وأبو عبيد بن سلام، والسرقسطي، والفارابي، وابن دريد، وصاحب مجمع الرغائب، والخطابي، وأبو هلال في تلخيصه، والسكري في كتاب النقائض، والطراز زاد يعني: حين نزول، وجعلها تدحض؛ لأنها لا تزال ترتفع من لدن تطلع إلى أن تصير في كبد السماء ثم سخط عن الكبد للزوال، فكأنها تزلق فلا تزال في انحطاط حتى تغرب وأبو عبيد هروي وزاد فكأنها زلفت، ومنه قول معاوية لعبد الله بن عمرو وقاله: سمعت النبي يقول: " يقتل عمّار الفئة الباغية " (2) . لا تزال ما بينا بهتة تدحض بها، ويروى البصار أي تقحص برحلك فيه ولم يبيّن حقيقة ذلك أنه مجاز سوى الزمخشري، فإنه زعم أن ذلك من المجاز لا من الحقيقة. قوله في الرمضاء فالرمض شدّة وقع الشّمس على/الرّمل وغيره فالأرض رمضاء، وقال القزاز: وهو حر الحجارة عن شدّة حرّ الشمس، ورمض يومنا يرمض رمضا: إذا اشتد حرّنا، وأرض رمضة الحجارة أي: شديدة حر الحجارة: قال غيلان: معرور بأرمض الرمضاء يركنه، وفي كتاب الهروي: والرمضاء شدّة الحر، وفي الحقيقة من كتاب الأسامي: الرمضاء هي الحجارة التي اشتدّ عليها وقع الشمس فحميت وقد رمضت رمضاء، وأرض رمضة فيما حكاه الزاهد عن إسناده الرمضاء: الرمل إذا استحرت عليه الشمس، سمى شهر رمضان لموافقته حين سمى ذلك الزمان، وأمّا الهجير فذكر القزاز: أنّ الهجر والهجرة الهاجرة نصف النهار، واهجر القوم: إذا دخلوا في الهاجرة، قال الشاعر: في الهجر راح القطن يهجر ... بعدما ابتكر فما تواصله سلمى

_ (1) قوله: " القوطية " وردت " بالأصل " " القوصية " وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (2) رواه ابن أبي شيبة (15/293) ، وابن سعد (1/3/180) ، والفتح (13 / 42) ، والعلل (2789) ، والبداية (6/243) .

وما نذروا هجروا إذا ساروا في الهاجرة، قال لبيد في التهجير: وتهجير قدان بإحرام نفسه على الهول لاحته الهموم إلا باعه، زاد الجوهري نصف النهار إذا اشتد الحر، قال ذو الرمة: ويبدأ الغفار يكاد ارتكازها بأنّ الضحى والهجر بالطرف يمسح يقول منه هجر النهار، قال امرؤ القيس: فدعها رسل الهم عنك بحسرة ... كما إذا صام النهار وهجر أو يقال آتينا أهلها بهجرين: كما يقال موصلين أي: في وقت الهاجرة، والأصل وفي الحقيقة: من الأساس، وتهجروا. سادوا في الهاجرة، وإّنما قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم الناس ما في التهجير " (1) . فمراده- والله تعالى أعلم- التبكير إلى كل صلاة، وروى النضر بن شميل عن الخليل أنه قال: التهجير إلى الجمعة: التبكير لغة حجازية ذكره الهروي.

_ (1) صحيح. رواه النسائي في: 6- كتاب المواقيت، 21- باب الرخصة في أيقال للعشاء العتمة؟! (1/269) - وتمام لفظه: " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلم الناس ما في التّهجير لاستبقوا إليه، ولو علموا ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ".

103 - باب الإبراد في الظهر في لشدة الحر

103 - باب الإِبراد في الظهر في لشدّة الحرّ / حدثنا هشام بن عمار ثنا مالك بن أنس نا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم "، وفي لفظ: " فأبردوا بالظهر ". هذا حديث مخرج في كتب الأئمة الستة (1) في لفظ الشيخين زيادة: " واشتكت النّار إلى ربهّا " فقالت: يا رب، آكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشدّ ما تجدون من الزمهرير، وفي لفظ لأبي داود (2) في حديث عون بن عبد الله بن عتبة عنه: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة نصف النهار " (3) . قال في الأوسط: لم يروه عن عون إلا المقبري، ولا عن المقبري إلا يزيد بن حبيب تفرد به ابن لهيعة والترمذي بالصلاة، حدثنا أبو كريب نا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أبردوا بالظهر؛ فإن شدّة الحر من فيح جهنم " (4) . هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه من حديث الأعمش، وفي كتاب الميموني عن أحمد عن يحيى بن سعيد عنه ولفظه: " فإن شدّة الحر من فيح

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه للبخاري (1/142) ، ومسلم في (المساجد، ح/18) ، وابن أبي شيبة (1/ 324) ، وأبو داود) ج/402) ، والترمذي (ح/157) ، وصححه. والنسائي (1/248) ، وابن ماجة (ح/ 677) ، وأحمد (2/266، 462، 386، 5/176) ، والبيهقي (1/437، 438) ، وعبد الرزاق (2049) ، وابن خزيمة (329) ، والطبراني في " الصغير " (1/137) ، وشرح السنة (2/402) ، والمشكاة (590) ، ونصب الراية (1/245) ، والترغيب (4/316) ، وتلخيص (1/181) ، وتجريد (241) ، والتمهيد (5/ 1) ، واستذكار (1/126) ، والشافعي (211) . (2) قوله: " داود " وردت بالأصل " ذر " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (3) ضعيف. رواه الشافعي (63) ، وابن عبد البر في " التمهيد " (4/19) . قلت: وعلة ضعفه، تفرد ابن لهيعة به. (4) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (4/146) ومسلم في (المساجد، ح/181) وابن ماجة (ح/ 680) وأحمد (2/462، 4/250) وابن أبي شيبة (1/324، 325) وابن عدي في " الكامل " (1/388) . غريبة: قوله: " أبردوا بالصلاة ". قال ابن حجر: أي: أخروها إلى أن يبرد الوقت.

جهنم ". قال أحمد: ما أعرف أحدا قال: نوح غير الأعمش، حدثنا محمد بن روح نا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا اشتد الحر فأبردوا بالظهر؛ فإن شدّة الحر من فيح جهنم " (1) . حدثنا بن المصفر الواسطي ثنا إسحاق بن يوسف عن شريك عن بيان عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة قال: كنا نصلى مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة الظهر بالهاجرة، قال لنا. " أبردوا بالصلاة/فإنّ شدة الحر من فيح جهنم " (2) . هذا حديث قال فيه البيهقي: قال أبو عيسى: فيما بلغني عنه سألت محمدا عن هذا الحديث فعدّه محفوظا، وقال الميموني: ذاكروا أبا عبد الله بأسانيد حديث المغيرة فقال: أسانيد جياد ثم قال خباب: يقول فلم يشكنا، والمغيرة كما ترى يروى القصتين جميعا، وفي كتاب العلل للخلال: وكان آخر الأمرين من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولما خرجه البستي في صحيحه قال: تفرّد به إسحاق الأزرق، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث قال: رواه أبو عوانة عن طارق عن قيس قال: سمعت عمر بن الخطاب قوله: " أبردوا بالصلاة " قال أبي: أخاف أن يكون هذا الحديث يدفع ذاك قلت: فأيهما ثبت؟ قال: كانه هذا يعني حديث عمر، ولو كان عند معن عن المغيرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يحتج أن يفتقر إلى أن يحدّث عمر موقوفا انتهى، ولقائل أن يقول- على طريقة الفقهاء- يحتمل أن يكون قيس روى المسند والموقوف جميعا أو يذكر المرفوع بعد رواية الموقوف، ويعضده ما ذكره هو في موضع آخر سمعت أبي يقول: سألت يحيى بن معين فقلت له: ثنا أحمد بن حنبل عن محمد بن إسحاق الأزرق عن شريك عن

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/142) ، ومسلم في (المساجد، ح/180) ، وابن أبي شيبة (1/324) ، وأبو داود (ح/402) ، والترمذي (ح/157) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (21/48) ، وابن ماجة (ح/677) ، وأحمد (2/266، 462، 386، 5/ 176) ، والبيهقي (1/ 437، 438) ، وعبد الرزاق (2049) ، وابن خزيمة (329) ، وشرح السنة (2/204) ، والمشكاة (590) ، ونصب الراية (1/245) ، والترغيب (4/316) ، وتلخيص (1/ 181) ، والتمهيد (1/5) ، واستذكار (2/126) ، والشافعي (211) . (2) انظر: الحاشية رقم " 3 " السابقة.

بنان فذكر حديث المغيرة، وذكرته للحسن بن شاذان الواسطي فحدّثنا به، وثنا أيضا عن إسحاق عن شريك عن عمارة القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام بمثله فقال: يحيى ليس له أصل أنا نظرت في كتاب إسحاق فليس فيه هذا، قلت لأبي: فما قولك في حديث عمارة عن أبي زرعة الذي أنكره يحيى؟ قال: هو عندي صحيح، وثنا أحمد بن حنبل بالحديثين جميعا عن إسحاق الأزرق قلت لأبي: فما قال يحيى ينكر في كتاب/إسحاق فلم يجده؟ قال: كيف نظر في كتبه كلّها إنما نظر في بعض ورّبما كان في موضع آخر، حدثنا عبد الرحمن بن عمر ثنا عبد الوهاب الثقفي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبردوا بالظهر ". هذا حديث خرجه البخاري (1) في صحيحه، وفي الباب حديث عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أبردوا بالظهر في الحر ". ذكره أبو بكر بن خزيمة (2) عن القاسم بن محمد بن عبّاد بن عباد المهلبي ثنا عبد الله- يعني: ابن داود الحربي- عن هشام بن عروة عن أبيه عنها، وفي كتاب الكجي ثنا مسدد ثنا أبو داود ثنا هشام عن أبيه قال: أظُنّه عن عائشة فذكره وحديث أبي ذر قال: كنّا مع النبي عليه الصلاة والسلام في سفر فأراد المؤذن أن يؤذّن الظهر فقال عليه الصلاة والسلام: " أبرد ". ثم أراد أن يؤذّن فقال له: " أبرد حتى رأينا فىء التلول " (3) . وفي رواية: حتى تساوى الفىء التلول، فقال عليه السلام: " إن شدّة الحرّ من فيح جهنم، فإذا اشتدّ الحرّ فأبردوا بالصلاة ". خرّجاه في الصحيح (4) ، قال البيهقي: كذا قاله جماعة فأراد أن يؤذن، ورواه

_ (1) انظر: الحاشية رقم " 2 " السابقة. (2) صحيح. رواه ابن خزيمة: (331) . (3) صحيح. رواه مسلم في: (المساجد، ح/184) . غريبه: قوله: " فيء التلول " التلول: جمع تل، وهو ما اجتمع على الأرض من رمل أو تراب أو نحوهما، كالروابي والفيء لا يكون ألا بعد الزوال. وأما الظل فيطلق على ما قبل الزوال وبعده. هذا قول أهل اللغة. ومعنى قوله: رأينا فيء التلول، أنه أخر تأخيرا كثيرا حتى صار للتلول فيء. والتلول منبطحة غير منتصبة. ولا يصير لها فيء، في العبادة، إلا بعد زوال الشمس بكثير. (4) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/ 142، 162، 4/146) ومسلم في (المساجد، ح/ 180، 181، 183، 184، 186) والنسائي (1/249) والترمذي (ح/ 158) وصححه=

غندر عن شعبة: أذّن النبي عليه السلام الظهر فقال له: " أبرد "، قال: وفي هذا كالدلالة على أنّ الأمر بالإبراد كان التأذين، وحديث أنس بن مالك: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اشتد البرد بكّر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة " خرجه البخاري (1) وقد تقدم قبل ولفظ أحمد (2) بن حنبل من حديث موسى أبي العلاء عنه، وفي لفظ بصلاة الجمعة: " كان عليه السلام يصلى صلاة الظهر في أيام الشتاء وما يدرى ما ذهب من النهار أكثر أم ما بقي منه "، وحديث عمرو بن/عنبسة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أبردوا بصلاة الظهر فإن شّدة الحرّ من فيح جهنم " ذكره الطبراني في الكبير (3) من حديث عبادة بن أبي أوفي عنه، وحديث رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه يعني نحو حديث أبي سعيد المتقدّم، ذكره الميموني عن أحمد فقال: وروى غندر عن شعبة عن الحجاج بن الحجاج الأسلمي عنه قال أحمد: قد سمعته من غندر وأحسبه غلط قال مهنأ: قلت لأحمد: أكان غندر يغلط؟ قال: أليس هو من النّاس! قال أحمد: كان الحجاج أبوه من الصحابة، وقال الدارقطني غلط غندر في أنه لم يذكر في الإِسناد والد الحجاج، ورواه يحيى القطّان ومعاذ وخالد بن الحارث وغيرهم عن شعبة عن الحجاج عن أبيه عن رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرآه عبد الله بن مسعود، وحديث القاسم بن صفوان بن مخرمة الزهري عن أبيه قال عليه الصلاة والسلام: " إذا اشتد الحر فأبردوا بصلاة الظهر؛ فإن

_ وأبو داود في (الصلاة، باب " 4 " وأحمد (2/256، 318،285، 394، 462، 501، 4/ 250، 262، 5/155، 162، 368،176) والبيهقي (1/438) وابن خزيمة (328، 330، 394) وابن حبان (269) والمطالب (271) وشرح السنة (2/207) والخطيب (7/52) وابن عساكر في " التاريخ " (7/209) وابن أبي شيبة (1/324) واستذكار (1/126) والحميدي (942) وأبو عوانة (1/347) والشافعي (27، 211) والتمهيد (5/1) . (1) صحيح. رواه البخاري (2/8) والبيهقي (3/191) والمشكاة (1403) والمعاني (1/ 188) وتغليق (363) والكنز (17888) . (2) رواه أحمد: (3/160) . (3) ضعيف. رواه الطبراني (8/85) وأحمد (4/262) وشرح السنة (2/208) وابن عساكر في " التاريخ " (7/209) وابن عدي في " الكامل " (6/2289، 2/706) والمجمع (1/307) من حديث عمرو بن عنبسة، وفيه سليمان بن سلمة الخبائري وهو مجمع على ضعفه.

شدة الحر من فيح جهنم ". رواه بن أبي شيبة (1) في مسنده عن مروان بن معاوية عن بشير بن سليمان عنه، وهو إسناد صحيح؛ لذكر القاسم في بيان ابن حبان (2) ، ولفظ أبي نعيم في كتاب الصلاة: " من فور جهنم "، وحديث ابن عباس يرفعه: " الحمى من فيح جهنم " الحديث ذكره البخاري (3) ، وحديث عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- ذكره أبو نعيم في كتاب الصلاة من حديث محمد بن الحسن عن أسامة بن زيد عن زيد بن أسلم عن أبيه عنه مرفوعا ذكره أبو عيسى، قال: لا يصح، وبنحوه قاله الطوسي، وفي كتاب أبي نعيم بسند صحيح: " أزعم ". كتب بذلك إلى أبي موسى يعني: موقوفا، وحديث أبو موسى قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبردوا/بالظهر فإن الذي تجدون من فيح جهنم ". رواه أبو عبد الرحمن بسند صحيح من حديث إبراهيم النخعي عن يزيد بن أوس المذكور في ثقات التابعين لابن حبان عن ثابت بن قيس عنه، وحديث أبي الدرداء عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن تعجيل الصلاة في اليوم الدجن من حقيقة الإِيمان ". ذكره ابن وهب في مسنده عن الليث عن عمرو بن شيبة المدني عن رجل حدثه عنه، وحديث عبد الرحمن بن علقمة قال: " قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفد ثقيف وفيه فجلس يحدثهم ويحدثونه فشغلوه عن صلاة الظهر ما صلاّها إلا مع العصر " (4) ذكره أبو نعيم في كتاب الصلاة في باب الإِبراد بالظهر من حديث أبي بكر بن عباس ثنا يحيى بن هانىء ثنا أبو حذيفة عن عبد الملك بن محمد بن بشير

_ (1) صحيح. رواه ابن أبي شيبة (1/324) والمشكاة (5910) وحبيب (1/37) وابن ماجة (678) والعقيلي (2/281) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن حبان في " صحيحه ": (3/29) في حديث أبي هريرة. (3) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (46/7/1674،1) ، ومسلم في (السلام، ح/78- 81، 84) ، وابن ماجة (3473،3471) ، والمجمع (6/302) ، والطبراني (4/326، 12/230) ، وشرح السنة (12/153) ، ومشكل الآثار (2/344) ، والمشكاة (4525) ، وابن السني (561) ، وابن أبي شيبة (7/ 438) ، والحلية (7/161، 9/157) ، والذهبي (119، 120) ، والخطيب (6/ 81) ، وابن عدي في " الكامل " (5/1680) ، والموطأ (945) . وتمام لفظه: " الحمى من فيح جهنم فأبردوها بالماء ". (4) ضعيف. رواه أبو نعيم في: كتاب الصلاة، باب الإِبراد بالظهر.

عنه، وقال أبو نعيم الحافظ في معرفة الصحابة: عبد الرحمن بن علقمة الثقفي كوفي، ويقال: ابن أبي علقمة أحد من وفد من ثقيف على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثه (1) عند عبد الملك بن محمد بن بشير ولفظه: " ليسألهم ويسألونه حتى لم يصل الظهر إّلا مع العصر " رواه أبو بكر بن أبي خثيمة وأحمد بن يونس وأبو عبيد ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني في آخرين كلّهم عن أبي بكر بن عياش، ورواه بعض المتأخرين فوهم في ثلاثة مواضع في هذا الحديث ذكر في الترجمة عبد الرحمن بن علقمة روى عنه عبد الله بن محمد بن بشير وقال: رواه ابن عياش عن يحيى بن هانىء عن حذيفة، وإنّما هو أبو حذيفة وذكر في الحديث يحيى بن هانىء عن أبي حذيفة أصاب ولا في أبي حذيفة ولا في عبد الله/بن محمد بن بشير وذكر بعقبه رواه أبو عمر بن البصري عن الحارث بن عتبة عن أبي حذيفة عبد الله بن محمد عن عبد الله بن محمد العجلي عن عبد الرحمن بن علقمة وفي كتاب رافع الأرساب للخطيب عبد الرحمن بن علقمة وهو عبد الرحمن بن علقمة ذكره غير واحد في الصحابة، وفي كتاب أبي إسحاق البصري، تعني عبد الرحمن بن علقمة، ويقال: ابن علقمة أبو علقمة روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديثين أحدهما: " أن وفد ثقيف قدموا عليه " وفي سماعه منه نظر، وقال أبو حاتم: تابعي ليست له صحبة أدخله يونس بن حبيب في المسند، وقال: لا تصح صحبته ولا يعرف أباه حكاه عن أبي حاتم فلم أره في كتابه، وثقة عبد الرحمن بن علقمة الثقفي روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أن وفد ثقيف قدموا عليه ومعهم هدية " روى عنه عبد الملك بن محمد بن بشير، وقال في حرف العين: من أئمة التابعين عبد الرحمن بن علقمة الثقفي، ويقال: ابن أبي علقمة روى عن النبي عليه الصلاة والسلام مرسلا، وروى عن ابن مسعود وعبد الرحمن بن أبي عقيل، روى عنه جامع بن شدّاد أبو صخرة وعون بن أبي جحيفة وأبو حذيفة فلت: أدخله يونس بن حبيب في مسند الواحدي فأخبرت أبي بذلك فقال: هو تابعي ليست له صحبة انتهى، وكان هذا هوْ الذي يمسك أبو إسحاق به، وهو كما

_ (1) قوله: " حديثه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

ترى ليس رجلا واحدا بل هما رجلان لا مرية في ذلك، ولكن البخاري جمع ذلك كله في ترجمة واحدة وكذلك العسكري، وأمّا قوله: وقال فيريد أبا عمر، وأبو عمر ذكره في موضعين ليس بينهما ما قاله، الأول: وقد ذكر قوم عبد الرحمن بن علقمة في الصحابة ولا يصح له/صحبة، الثاني: وفي سماعه منه نظر قال أبو بكر بن المنذر في كتاب الإجماع (1) : أجمع أهل العلم على أن أول وقت الظهر زوال الشمس، ودلّت السنة على أنّ آخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عليه الشمس، وقال في كتاب الإِشراف: واختلفوا في آخر وقت الظهر فقالت طائفة: إذا صار ظل كلّ شيء مثله بعد الزوال وجاوز ذلك فقد خرجت وقت الظهر، هذا قول مالك والشّافعي والثوري وأبي ثور، وقال يعقوب ومحمد: وقت الظهر من حين زوال الشمس إلى أن يكون الظل قامة، وقال عطاء: لا يفوتك الظهر حتى تدخل الشمس الصفرة، وقال طاوس: لا يفوت الظهر والعصر حتى يدخل الليل، وقال قائل: إذا صار الظل قامتين فقد خرج وقت الظهر ودخل وقت العصر، وكذلك قال أبو حنيفة: قال أبو بكر: وبالقول الأوّل أقول واختلفوا في التعجيل بالظهر في حال الحرّ فروينا عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن يصلى الظهر حين تزيغ وتزول وصلى ابن مسعود حين زالت الشمس، وروينا عن ابن عباس أنه قال: الظهر كاسمها تصلى بالظهر، وقال مالك: يصلى إذا كان الظهر ذراعا، وفيه قول ثاني: وهو استحباب تأخير الظهر في شدّة الحر، هذا قول أحمد وإسحاق، وقال أصحاب الرأي: في الصيف يجب أن يبرد بها، قول ثالث: قال الشّافعي: تعجيل الحاضر الظهر في شدّة الحر فإذا اشتدّ الحر أبرد بها الدم الجماعة التي تأتى من البعد حتى يبرد، فأمّا من صلّى في بيته وفي جماعة بفناء بيته فيصليها في أوّل وقتها قال أبو بكر: خبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على العموم فلا سبيل إلى أن يستبين من ذلك شيء، وفي كتاب ابن بزيرة: وكره مالك أن يُصلِّى الظهر في أول الوقت وكان يقول: هي صلاة الخوارج وأهل الأهواء، وخالف/ذلك أبو الفرج فنقل عن مالك: أنّ أوّل الوقت أفضل

_ (1) قوله: " الإجماع " ورد " بالأصل " " الافصاع " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.

في كلّ صلاة إلا الظهر في شدّة الحر، واختلف العلماء في الجمع بين هذه الأحاديث، وحديث خباب فقال بعضهم: الإِبراد رخصة والتقديم أفضل، وقال جماعة: حديث خباب منسوخ بأحاديث الإبراد، وحمل آخرون حديث خباب على أنهم أرادوا تأخيرا زائدا على قدم الإبراد، ذكر ذلك الأثرم وأبو جعفر الطحاوي، وقال أبو عمر في قول خباب: فلم يشكنا يعني لم يخرجنا إلى الشكوى، وقيل: معناه ما أزال شكوانا ذكره ابن بزيرة، وفيما قدّمناه بيان للمعنى من نفس الشّارع فلا حاجة للخوض، وذكر ابن الأنباري أنّ يونس وأكثر النحويين زعم أنّ جهنم أعجمية لا تجر للتعريف والعجمة، وقيل: إنّه غرى ولم يجر للتأنيث والتعريف وكان رومة يقول له جهنم بعيدة القعر، قال الأعمش: دعوت خليلي مسجلا ودعوا له جهنام جدعا للهجين المدمم، فترك حرفه يدل على أنه أعجمي معرب، وقال ابن عباس: فيما ذكره ابن بزيرة: خلق الله تعالى النّار على أربعة أقسام: فنار تأكل وتشرب وهي التي خلقت منها الملائكة، ونار تأكل ولا تشرب وهي التي في الحجارة ويقال: هي التي رفعت لموسى عليه السلام ليلة المناجاة، ونار تشرب ولا تأكل وهي نار الدنيا، ونار جهنم تأكل لحومهم وعظامهم، ولا تشرب دموعهم ولا دماؤهم أقياحهم بل يسيل ذلك إلى عين الخبال فيشرب ذلك أهل النار، ونار تشرب ولا تأكل وهي النّار التي في البحر وقيل: النّار التي خلقت منها الشمس.

104- باب وقت صلاة العصر

104- باب وقت صلاة العصر حدثنا محمد بن رافع، أنبا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أنه/أخبره أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يصلى العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة ". هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) ، وفي رواية لهما إلى مساوٍ في رواية البخاري وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه، وفي لفظ أنّ أبا أمامة قال: " صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم دخلنا على أنس فوجدناه يصلى العصر، وقال: هذه صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التي كنّا نصلى معه " (2) وفي لفظ لمسلم (3) : " تلك صلاة المنافق يجلس لوقت الشمس حين إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ". وفي لفظ: " صلى لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العصر فلّما انصرف أتاه رجل من بنى سلمة فقال يا رسول الله: إنّا نريد أن ننحر جذورا لنا ونحب أن تحضرها، فانطلق وانطلقنا معه، فوجدنا الجذور ولم تنحر، فنحرت ثم قطعت ثم طبخ منها ثم أكلها قبل أن تغيب الشمس " (4) . وفي لفظ لأحمد من طريق أبي الأبيض عنه أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يصلى العصر والشمس بيضاء محرقة " (5) قال أبو القاسم: لم يروه عن

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/145، 9/128) ، ومسلم في (المساجد، باب " 34 "، ح/192) ، وأحمد (3/223) ، والنسائي (1/253) ، وابن أبي شيبة (1/327) ، وشرح السنة (2/209) ، والتمهيد (6/181) ، والمشكاة (592) ، ومعاني (1/190) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/413) ، والكنز (21782) . غريبه: قوله: " العوالي " عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها. وأما من كان جهة تهامتها فيقال لها: السافلة. وبعد بعض العوالي من المدينة أربعة أميال، وأبعدها ثمانية أميال، وأقربها ثمانية أميال، وأقربها ميلان وبعضها ثلاثة أميال. (2) رواه مسلم في: المساجد، (ح/196) . (3) المصدر السابق، (ح/195) . غرسه: قوله: " نقر " المراد بالنقر سرعة الحركات كنقر الطائر. (4) المصدر السابق، (ح/197) . (5) صحيح. رواه أبو داود (ح/404) ، والنسائي في (المواقيت، باب " 8 ") وابن ماجة (ح/ 682) ، وأحمد (3/169،131، 184، 217،214) ، والمجمع (1/305) ، والتمهيد

الأعمش إلا عبد العزيز بن عبيد الله ولا عن عبد العزيز إّلا إسماعيل بن عياش تفرد به سليمان بن عبد الرحمن، وفي لفظ لابن خزيمة: " إن صلاة المنافق تنتظر حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان نقرها أربعا " (1) وفي لفظ للدارقطني: " فأتى عشيرتي وهم جلوس فأقول ما يجلسكم صلوا فقد صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (2) ، وفي لفظ وهم في ناحية المدينة جلوس ما صلوا في لفظ الحاكم: صحيح إسناده كان أبعد رجلي من الأنصار من النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دار أبو لبابة: " دار أبو لبابة وأبو عبس بن جبير ومسلمة بن حارثة / فكانا يصليان مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العصر ثم يأتيان قومهما وما صلوا؛ لتعجيله عليه السلام " (3) ، وفي لفظ للدارقطني: " كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام نصلى العصر ويسير الراكب ستة أميال قبل أن تغيب الشمس " وفي لفظ للسراج في مسنده: " يسير الراكب إلى قباء " في كتاب أبي نعيم الفضل موقوفا: " إذا صليت العصر ثم سرت ستة أميال حتى غروب الشمس فذلك وقتها " ولفظ الطبراني في الأوسط: عن يحيى بن سعيد، قال قلت لأبى: " متى كنتم تصلون العصر مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: والشمس بيضاء نقية " (4) وقال لم يروه عن يحيى إلا عبد الله بن ميمون القداح حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا سفيان بن عينية عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العصر والشمس في حجرتي لم يظهر الفىء بعد " هذا (5)

_ = (8/10، 21) وتغليق (365) وابن أبي شيبة (1/326) وشفع (133) ومعاني (1/191) والتاريخ الكبير (5/358) والحلية (3/111) والكنز (21781) . (1) قوله: " أربعا، وفي " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/309) من حديث أنس بن مالك، وعزاه إلى " أبي يعلى " و" البزار " ورجاله ثقات. (3) المصدر السابق: (1/307-308) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " ورجال الكبير ثقات إلا ابن إسحاق مدلس وقد عنعنه. (4) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/308) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " ورجاله رجال الصحيح، ولفظه: " وقت العصر ما لم يحضر وقت المغرب ". (5) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/ 683) . وصححه الشيخ الألباني.

حديث رواه أيضا وفي الباب حديث رافع بن خديج عندهما، وإن كان الجوزقاني حسنه فغير صواب من فعله قال: " كنا نصلى العصر مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم ننحر الجزور فيقسم عشرة قسم ثم يطبخ فنأكل لحما مصحا قبل مغيب الشمس " (1) وحديث بريدة قال عليه الصلاة والسلام: " بكروا لصلاة العصر في يوم غيم؛ فإنّه من ترك صلاة العصر حبط عمله " رواه البخاري (2) وحديث عبد الله بن عمرو يرفعه: " وقت العصر ما لم تغرب الشمس " (3) رواه أبو الوليد الطيالسي عن هشام بن عبد الملك ثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي أيوب المداعي المخرج حديثه عند الشيخين عنه، وحديث أبي أروى الدوسي قال: " كنت أصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العصر بالمدينة ثم أمشي إلى ذى الحليفة فأتمم قبل أن/تغيب الشمس " (4) ذكره العسكري في كتاب الصحابة عن محمد بن هارون الحضرمي، ثنا عمرو بن علي ثنا معلى بن أسد نا وهيب عن أبي داود الليثي قال: حدثنى أبو أروى به، وقال: أبو أروى لا يعرف اسمه، وذكر بعضهم أنّ اسمه ربيعة، ويقال: عبيد بن الحارث انتهى كلامه وفيه نظر؛ لأنّ أبا أروى المسمى ربيعة بن الحارث هاشمي جدّه عبد المطلب بن هاشم، مات قديما في خلافة عمر سنة ثلاث عشرة نصّ على ذلك ابن سعد وغيره وأبو واقد صالح بن محمد الليثي الصغير، وقد صرح هناد في غير موضع سماعه منه، وهو من صغار التّابعين الذين رووا عن أنس، وإن كان قال

_ = قوله: " والشم في حجرتي " أي: ظلها في الحجرة. و" لم يظهرها الفيء " أي: ظلها لم يصعد ولم يعملُ على الحيطان، أو لم يزل. (1) صحيح. المشكاة (615، 635) والكنز (21787) . (2) صحيح. رواه البخاري (1/145، 154) والنسائي (1/236) وأحمد (5/350) والبغوي (1/246) ونصب الراية (2/479) والمنثور (1/259) والمشكاة (595) والترغيب (1/ 64، 308) . والإرواء (1/276، 277) . (3) بنحوه. رواه أحمد (2/210) والبيهقي (1/365، 367،366) والتمهيد (3/275، 8/ 79، 82) وأبو عوانة (1/350، 359) ومعاني (1/150) . (4) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/307) وعزاه إلى " البزار " و" أحمد " باختصار والطبراني في " الكبير " وفيه صالح بن محمد أبو داود وثقة أحمد وضعفه يحيى بن معين والدارقطني وجماعة.

أبو عمر: إنّ أبا أروى هذا مات في آخر خلافة معاوية؛ فلا يتجه سماعه منه بحال، وأيضا فقد صرّح أبو عمر بن عبد البر في كتاب الاستغناء وغيره بأنّ اسمه لا يعرف، وإلى هذا احتج مسلم والدولابي وأبو عبد الرحمن النسائي وابن أبي حاتم، قال: وسئل أبو زرعة عنه؟ فقال: لا أعرف اسمه وابن بنت منيع، وقال: سئل ابن معين عن حديثه فكتب فوق أبي واقد ضعيف، وأبو نعيم واليا وروى في كتاب الصحابة، وحديث جابر ذكره أبو القاسم في معجمه الكبير وحديث أبي مسعود تقدّم ذكره، وكذلك حديث أبي برزة، قال ابن المنذر: واختلفوا في أوّل وقت العصر؛ فكان مالك والثوري والشّافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور يقولون: أوّل وقت العصر إذا صار ظلّ كلّ شيء مثله، واختلفوا بعد فقال بعضهم: آخر وقت الظهر أوّل وقت العصر، فلو أنّ رجلين صلى أحدهما الظهر والآخر العصر حين صار ظل كل شيء مثله لكانا مصلين في وقتهما، قائل هذا إسحاق، وذكر عن ابن المبارك، وأمّا الشافعي فكان يقول: أوّل/وقت العصر إذا جاوز ظل كلّ شيء مثله، متى ما كان ذلك حين ينفصل من آخر وقت الظهر، وقد حكى عن ربيعة قول ثالث، وهو أنّ وقت الظهر في السفر والحضر: إذا زالت الشمس، وفيه قول رابع: وهو أنّ وقت العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال، ومن صلى قبل ذلك لم يجزه، هذا قول النعمان، وفي ذلك أخبار ثابتة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى كلامه وفيه نظر في قوله، هذا قول النعمان يعني: وحده وأغفل كونه مرويا عن الإِمام أحمد أيضا فيما ذكره أصحابه، وأمّا الأحاديث التي استدل بها أبو حنيفة فكثيرة، من ذلك حديث رافع بن خديج أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يأمرنا خير هذه الصلاة "، ذكره الدارقطني في سننه عن أبي بكر النيسابوري ثنا محمد بن يحيى ثنا أبو الأشعث ثنا أبو عاصم ثنا عبد الواحد بن نافع قال: " دخلت مسجد المدينة فأذّن مؤذن بالعصر قال: وشيخ جالس فلامه " وقال: إنّ أبي أخبرني فذكره، قال: فسألت عنه، فقالوا: هذا عبد الله بن رافع، قال أبو الحسن بن رافع: هذا ليس بقوى، ورواه موسى بن إسماعيل عن عبد الواحد وكنّاه أبا الرباح، وخالف في اسم ابن رافع فسمّاه عبد الرحمن ورواه حرمي بن عمارة عن عبد الواحد هذا، فقال عبد الواحد بن منيع: مخالف في

نسبه، وهذا حديث ضعيف الإسناد من جهة عبد الواحد هذا؛ لأنه لم يرو عن ابن رافع غيره، وقد اختلف في اسم بن رافع هذا ولا يصح الحديث عن رافع ولا عن غيره من الصحابة، والصحيح عن رافع وعن غير واحد من الصحابة ضدّ هذا، وهو التعجيل بصلاة العصر والتبكير بها، وقال الترمذي: يروى عن رافع عن النبي في تأخيره العصر/ولا يصح، وكذا قاله أبو محمد الإشبيلي انتهى. قال ابن القطّان عليه: أبو الرباح فإنّه مجهول الحال مختلف في حديثه، وقال الجوزقاني: هذا حديث منكر ضعيف الإسناد ولا يصح عن رافع ولا عن غيره من الصحابة، وفيما قاله الدارقطني نظر، من حيث جعل تسمية أبي عبد الواحد اختلافا؛ لأن موسى لم يسمه وسمّاه غيرها والنظر الثّاني: تفرّد الراوي بالرواية عن شخص ليست مؤثرة في الصحة وعدمهما، وإنما يأتي ذلك بالنظر إلى حالة الراوي، إن كان ثقة صح حديثه وإّلا فلا، وعبد الواحد هذا اختلف في اسم أبيه فقيل: نافع، وقيل: منيع ذكر ذلك ابن أبي حاتم وأبو حاتم البستي في كتاب الثقات وفيما قاله نظر؛ لأنه ذكره أيضا في كتاب الضعفاء بأنه يروى عن أهل الحجاز المعلومات، وأهل الشام الموضوعات لا يحل ذكره في الكتب إّلا على سبيل القدح فيه، ومن رمى ببعض هذا خاسر الثقة ومثبت على رسل وأما قول البخاري فيه: وذكره في الأوسط لم يتبيّن (1) أمره فلولا اضطراب كلام البستي لحكمنا بصحة إسناد الحديث؛ لأنه ممن روى عنه جماعة ووثق، النظر الثالث: قوله لم يرو عنه غير عبد الواحد مردود بما ذكره ابن حبان في كتاب الثقات روى عنه عبد العزيز بن عقبة بن مسلم، ومات سنة إحدى عشرة ومائة وهو ابن خمس وثمانين سنة زاد العراب يكنى: أبا محمد، وقال ابن جرير في سنة إحدى ومائة: زاد ابن قانع ويقال: سنة اثنين ومائة وكنيته أبو الفضل، وجزم أبو جعفر في كتاب التعريف يصحح التاريخ بهذين وإن كان عبد الرحمن فهو أيضا من الثقات فلا يضر إذا كان هو أو نحوه، النظر الرابع: قوله: ولا يصح عن أحد من الصحابة مردود؛ لما ذكره/الحاكم ثنا أحمد بن بابونة ثنا محمد بن شاذان الجوهري ثنا المعلى بن منصور ثنا عبد الرحمن ابن سليمان

_ (1) قوله: " يتبين " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

ثنا أبو إسحاق الشيباني عن العباس بن ذريح عن زياد بن عبد الله النخعي قال: كنّا جلوساً مع علي- رضي الله عنه- في المسجد الأعظم فجاء المؤذن والكوفة يومئذ رصاص، فقال: الصلاة يا أمير المؤمنين العصر، فقال: اجلس فجلس، ثم عاد فقال: ذلك فقال علي: هنا الكلب يعلمنا بالسنة فقام علي فصلى بنا العصر ثم انصرفنا، فرجعنا إلى المكان الذي كنا به جلوسا فجثونا للركب لنزول الشمس بالمغرب نرى أن هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بعد احتجاجهما برواته، انتهى كلامه وفيه نظر من حينَ إن زياد وابن ذريح المنفرد عنه بالرواية والعلى لم يحتجا. ولا أحدهما بواحد منهم ومع ذلك فهم ثقات، والنخعي- وإن قال فيه الدارقطني وأبو الحسن بن القطان: مجهول- فقد وثقة أبو حاتم ابن حبان فلو قال: صحيح الإسناد وسكت لكان صواباً، وفي مسند ابن أبي شيبة أنّ عليَا كان يؤخر العَصر، وما أسلفناه من عند أبي عيسى أن علي بن حجر أنبأ ابن علية عن أيوب عن أبي مليكة عن أم سلمة:" أن النبي عليه الصلاة والسلام كان أشد تعجيلا للظهر منكم وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه " (1) . وما في الصحيح: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر وفيه فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون (2) وهو يدل على فعل العصر آخر الوقت حتى تخرج الملائكة وهم يصلون، ومفهوم حديث بريدة المتقدّم: " بكروا بالصلاة في يوم الفتح وعدم التبكير في الصحو " وهذا المفهوم حجّة عند الشّافعي/463/ب - رحمه الله تعالى- وبما ذكره عبد الرزاق وإن كان منقطعَا، فأنه لا بأس بالحجة به عند أبي حنيفة، قال سليمان بن موسى: نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" صلوا صلاة العصر بقدر ما يسير الراكب إلى ذي الحليفة ستة

_ (1) تقدم. ورواه الترمذي في: أبواب الصلاة، 7- باب ما جاء في تأخير صلاة العصر، (ح/161) . (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (المواقيت، باب " 16 "،، والتوحيد، باب " 33،23 ") ومسلم في (المساجد، ح/210) والنسائي في (الصلاة، باب " 2 ") ومالك في (السفر ح/82) (أحمد (2/275، 312، 486) .

أميال " (1) وبما في صحيح مسلم (2) عن عمارة بن رقبة سمعت النبي عليه الصلاة والسلام: لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع وقبل غروب يعني: الفجر والعصر"، بما سلف من حديث ابن عمرو وغيره وكلها صحاح، وما روى مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا العصر إلى اشتباك النجوم " (3) قال ابن حزم: لم يسند إلا من طريق الصوت بن بهرام يعني: القاملي قال فيه ابن معين وابن حبان: ثقة، وقال ابن عينية والبخاري وأبو حاتم: صدوق، وقال البزار: مشهور، وقال الدارقطني: لا بأس به، وصحح الحاكم حديثه في مستدركه، وقد ذكره وهو صحيحا عن الحسن وابن سيرين وأبي قلابة أنهم كانوا يمسون بالعصر، ومن حديث ابن شبرمة قال محمد بن الحنفية. إنّما سميت بالعصر لتعصر، ومن حديث مصعب بن محمد عن رجل قال: أخر طاوس العصر جدًا، فقيل له في ذلك فقال: إنّما سميت العصر، ومن حدثنا وكيع ثنا إسرائيل وعلي بن صالح عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال: كان عبد الله يؤخر العصر، قال ابن المنذر: وروى ذلك عن أبي هريرة وابن شبرمة، وذكر أبو جعفر الطحاوي أنّ الصحابة أجمعت على ذلك، واستدلّ أبو زيد الدبوسي في كتاب الأسرار لأبي حنيفة بقوله صلى الله عليه وسلم : " مثلكم ومثل الأم من قبلكم كمثل رجل استأجر أجرا وفيه ثم قال: [1/464] من يعمل إلي من العصر إلى/المغرب بقيراطين فعملتم أنتم فلستم أقلّ عملا وأكثر أجرًا " (4) فضرب قصر المدّة لقلّة العمل مثلًا قال: فجاء من هذا لأن مدّة العصر أقصر، وإّنما تكون أقصر إذا كان الجواب كما قاله أبو حنيفة رحمه الله تعالى، وبما رواه أبو داود (5) عن محمد بن عبد الرحمن العنبري عن

_ (1) صحيح. رواه عبد الرزاق: (2073) . (2) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/214) . (3) إسناده حسن. رواه أبو داود (418) وا بن ماجه (ح/689) وأحمد (4/147) والحاكم (1/190) والبيهقي (1/370، 448) الطبراني (4/218) والمشكاة (609، 610) والمنثور (1/300) . قوله: 5" حين تشتبك النجوم " اشتباك النجوم: هو أن يظهر الكثير منها فيختلط بعضها ببعض من الكثرة. (4) بنحوه. رواه أحمد (2/6) وابن كثير في " التفسير "، (8/58) . (5) حسن. رواه أبو داود (ح/408) .

إبراهيم بن أبي الوزير عن محمد بن يزيد السمامي عن يزيد بن عبد الرحمن عن علي بن شيبان عن أبيه عن جدّه قال: " قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤخر العصر مادامت الشمس بيضاء نقية "، وأمّا آخر وقت العصر فقاله أكثر العلماء: غروب الشمس، وقال الحسن بن زياد لغير الشمس إلى الصفرة في ما قال الإصطخري: إذا صار ظلّ كل شيء مثله خرج وقت العصر، وزعم الثوري أنّ العصر خمسة أوقات فضيلة واختيار، وجواز بلا كراهة، وجواز مع كراهة ووقت عذر، وفي المرغيناني والتأخير إلى تغير القرص مكروه، والفعل فيه ليس بمكروه، وأمّا الفائ فما كان بالعشي، وأمّا الظلّ فهو للشجرة وغيرها بالغداة قال الشّاعر يعني حميد بن ثور الهلالي: فلا الظل من برد الضحى يستطعه ... ولا الفئ من برد العشي يذوق وقال يعقوب: الفاء ما نسخ الشمس، وذكر أبو علي القالي: أنّ أبا بكر بن حبيب السهمي كان فصيحا فبينا هو قاعد في ظل قصر أوغدوة قال رجل: ما أطيب هذا الفيء، فقال بكر: ليس هذا بفيء إنّما الفئ بالعشي، وبنحوه قاله ابن دريد في الجمهرة زاد لأن الفئ زاد فنسخ الشمس، وقال ثعلب واحترت عن أبي عبيدة، قال رؤبة بن العجاج: كلما كانت عليه الشّمس فزالت فهو فيء وظل، وما لم يكن عليه شمس فهو ظل قال الليل، أمّا حكاية/عن رؤبة فقدر علي أنّ كل ما طلعت عليه الشمس ثم زالت عنه [464/ب] ، وسُمّى ظلا وفيئا ويسمى الظل قبل نصف النهار على هذا فيئا. لأن الشمس تطلع عليه ثم تزول عنه وما لم تطلع عليه الشمس نحو ظل الليل وظل الشجر وما تحت سقف ظل وليس يفئ لأنّ الشمس لا تطلع عليه ومن هذا ظل الجنة. لأنه ظل لا تطلع عليه الشمس، وقد جعل بعضهم فيئا غير أنه قيّده بالظّل قال النابغة الجعدي يصف حال أهل الجنة: فسلام الإله يغدو عليهم، وفي الفردوس: فإنّ الظلال والمغيوة والمغيية موضع الفيء، قابل ابن سيدة في المخصص والجمع: أفيأ وضيف، وأنشد العمري، لأنّ البيت أكرم أهله وأقعد في أفيائه بالأصائل، وقال ابن قتيبة: والفيء لا يكون إلا بعد الزوال ولا يقال لما كان قبله فيء، وإنّما سُمّي بالعشي فيأ. لأنه ظلّ فاء عن جانب إلى جانب أي رجع من جانب إلى جانب المشرق، والفئ هو الرجوع، قال الله تبارك

وتعالى: {حتى تفيء إلى أمر الله} (1) وفي شرح أدب الكتاب لأبي جعفر أحمد بن داود الساعي عن ابن كيسان المعروف أنّ الفيء والظل واحد، وأمّا العصر فيراد به الغدو والعشي سميت الصلاة بذلك، قال القزاز: لأنها تصلى في أحدهما وهو آخر النهار وهم يقولون: صلاة العصر والعصر محركَا، وأمّا العصر الذي هو الدهر فمثلث عَصر وعُصر وعِصر، ومن العصر الذي هو العشي قول الشاعر البيت بناة وأفرعها والعناص عصرَا وقدرنا الأمل، والعرب تسمى الليل والنهار عصرين قال الشّاعر: وأمطره العصرين حتى يملني ويرضى بنصف الدّين والأنف راغم، وفي الصحاح قال: الكسائي يقال جاء فلان [1/465] عصرَا أي:/بطيئَا حكاه عنه أبو عبيد رحمه الله تعالى.

_ (1) سقط لفظ الجلالة من هذه الآية الكريمة، وكذا أثبتناه.

105- باب المحافظة على صلاة العصر

105- باب المحافظة على صلاة العصر حدثنا أحمد بن عبدة، أنبا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن علي- رضى الله تعالى عنه- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: " ملأ لله بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى". هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) بلفظ: " شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا "، أو قال قبورهم وقلوبهم، وفي لفظ آخر: " لما جلسونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس" وفي لفظ مسلم (2) : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ثم صلاها بين العشاءين بين المغرب والعشاء "، وفي حديث زان عن علي: " أوّل صلاة ركعنا فيها العصر. فقلت يا رسول الله: ما هذا؟ قال: بهذا أمرت " قال الطبراني (3) لم يروه عن أبي الحجان عن أبي عبد الرحيم الرمي عنه إلا سليمان بن كرم تفرد به حسين بن محمد المروزي، ولفظ عبد الله بن أحمد

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (4/52، 5/141،8/105) ومسلم في (المساجد، ح/202، 205، 206) ، وأحمد (1/82،113) ، والدارمي (1/280) ، والبيهقي (2/220) ، والطبراني (11/384) ، وابن خزيمة (1336) ، وابن حبان (270) ، وابن سعد (1/2/51) ، والكنز (2193، 2990) ، وأذكار (272) ، والخطيب (3/210، 14/66) . (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 6 " رقم 202، 205، 206) ، والطبراني (11/384) ، والتمهيد (4/288، 290، 291) وأبو عوانة (1/355) ، وابن أبي شيبة (2/503) ، والفتح (8/195) ، وعبد الرزاق (2192) ، والبغوي (1/245) ، والمنثور (1/303، 304) ، والكنز (4283، 4285، 2903) ، وابن خزيمة (1337) ، وشرح السنة (2/23) وزاد المسير (1/282، 9/190) ، والحلية (4/165، 5/35) والكشاف (21) ، وبداية (7/86) ، والطبري (2/344) ، وابن كثير (1/429) والقرطبي (3/213) ، وابن عساكر في " التاريخ " (1/430) . (3) إسناده ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد" (1/293) وعزاه إلى " البزار"، والطبراني في " الأوسط "، وفيه أبو عبد الرحيم، فإن كان هو خالد بن يزيد فهو ثقة من رجال الصحيح، ولم أجد أبو عبد الرحيم في رجال الكتب غيره، ولم أجد أبو عبد الرحيم في الميزان، وهو مجهول.

فيما زاده في المسند عن أبي إسحاق الترمذي: ثنا الأشجعي عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبيدة عن علي قال: " كنا نراها الفجر، فقال النبي- عليه الصلاة والسلام-: هي صلاة العصر يعني الصلاة الوسطى " (1) . ورواه السراج في مسنده عن هناد، وغيره لا وكيع عن سفيان بلفظ: أن زراً قال لعبيدة: سئل عليَا عن الصلاة الوسطى، فقال: " وكنّا نراها الصبح فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر" (2) 0 الحديث، [465/ب] ورواه الدارقطني عن أبي عبيد محمد بن سعيد بن غالب العطار أنبا محمد بن/كثير الكوفي ثنا ًالأصلح عن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي، قال: " أربع حفظتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة الوسطى هي العصر، وأنّ الحج الأًكبر يوم النحر، وأنّ أدبار السجود الركعتان بعد المغرب، وأنّ أدبار النجوم الركعتان قبل الفجر" (3) . وسئل ابن أبي حاتم أباه، عن حديث رواه شعبة عن قتادة عن أبو حسان عن عبيدة عن علي في الصلاة الوسطى، قال أبي: ورواه حماد بن سلمة عن قتادة عن رجل عن علي، قال أبي: الصحيح حديث شعبة، وحماد لم يضبط. حدثنا هشام بن عمار وثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أنّ رسول صلى الله عليه وسلم قال: " إٍن الذي تفوته

_ (1) بنحوه. رواه أحمد (5/12، 13) ، وابن أبي شيبة (2/503، 506) ، وابن خزيمة (1338) والكنز (4257، 4405) ، والمنثور (1/304، 6/332) ، والفتح (8/195) ، والطبري (2/344) ، والقرطبي (3/179، 210) ، وابن كثير (1/428، 430) . (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب 36، رقم 202، 205، 206) ، (1/236) وأحمد (1/113، 122) ، والبيهقي (1/460، 490، 2/220) ، الطبري (11/384) ، والتمهيد (4/288، 290، 291) ، وأبو عوانة (1/355) وابن أبي شيبة (2/503) والفتح (8/195) وعبد الرزاق (2192) ، والبغوي (1/245) ، والمنثور (1/303، 304) ، والكنز (29903،4285،4283، 42990) ، وابن خزيمة (1337) ، وشرح السنة (2/233) ، والمسير (1/282، 9/190) ، وا لحلية (4/165، 5/35) ، وكشاف (21) ، وبداية (7/86) والطبري (2/344) ، وابن كثير (1/429) ، والقرطبي (1/213) ، وابن عساكر (1/430) . (3) ضعيف. رواه أحمد (5/12، 13) ، وابن أبي شيبة (2/503، 506) ، وابن خزيمة (1338) ، وا لكنز (4257، 4405) ، وا لمنثور (1/403، 6/332) ، والفتح (8/195) ، والطبري (2/344) ، والقرطبي (3/179، 210) ، وابن كثير (1/428) ، قلت: في إسناده الحارث.

صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " (1) . هذا حديث خرجاه في الصحيح، زاد الكجي:" في سنة لعد وماله وهو قاعد "، رواه من جهة حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع، وأغفل الحافظ المنذري كونه مخرجًا عند النسائي من حديث سفيان آنفاً، ورواه الوليد عن الأوزاعي عن نافع عن ابن عمر قال عليه السلام:" من فاتته صلاة العصر وفواتها أن تدخل الشمس صفرة فكأنما وتر أهله وماله". قاله أبو حاتم في كتاب العلل من قبل نافع، حدّثنا حفص بن عمر وثنا عبد الرحمن بن مهدى وثنا يحيى بن حليم ثنا يزيد بن هارون قالا: ثني محمد بن طلحة عن زيد عن عروة عن عبد الله، قال:" حبس المشركون النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة العصر حتى غابت الشمس، فقال: حبسونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا ". هذا حديث أخرجه مسلم (2) - رحمه الله تعالى- في صحيحه، ولفظ أبي داود/الطيالسي والسراج في مسنده عن [1/466] محمد بن طلحة عن زيد، قال عليه السلام:" صلاة الوسطى صلاة العصر "، وقال الترمذي (3) " خرجه: حسن صحيح، وفي الباب أحاديث منها حديث أبي يونس مولى عائشة قال: " أمرتني عائشة إذا كتب لها مصحفا، وقالت:

_ (1) صحيح. رواه البخاري في (المواقيت، باب" 14 "، ورواه مسلم في المساجد، ح/201) ، والنسائي (1/238) ، وا بن ماجه (ح/684) ، وأحمد (2/54، 13، 145) ، والدارمي، (1/280) ، والبيهقي (1/445) ، وابن عدي (7/2647) . ومشكل (2/12) ، وابن أبي شيبة (1/342) . غريبة: قوله: " وتر أهله وماله! على بناء المفعول ونصب الأهل والمال أو رفعها. قيل النصب هو المشهور، وعليه الجمهور. وهو مبني على أن " وتر" بمعنى سلب وهو يتعدى إلى مفعولين. والرفع على أنه بمعنى أخذ. فيكون " أهله "، هو نائب الفعل. (2) صحيح. متفق عليه رواه مسلم في (المساجد، ح/206) ، والبخاري (6/37) وأبو داود (409) ، وابن ماجه (687، 686) ، وأحمد (1/392) ، والتمهيد (4/289) ، والمشكاة (633) وابن أبي شيبة (42،14) ، وأبو عوانة (1/356) . (3) صحيح. رواه الترمذي (ح/181، 2983،182، 2985) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (5/22) ، والبيهقي (1/460) ، والمجمع (1/309) ، والفتح (8/195) ، والمنثور (1/303) ، والمشكاة (634) ، والطبراني (7/242) ، وشرح السنة (2/234) ، والكنز (19383) ، وابن كثير (1/430، 431) ، ومعاني (1/174) ، وأصفهان (2/150) ، والخفاء (2/38)

إذا بلغت هذه الآية فآذني حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى. قال: فلمّا بلغتها آذنتها فأملت علي حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين. قالت عائشة: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) ، وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود عن أحمد بن خباب نا مكي نا ابن لهيعة عن أبي هريرة: قبيصة بن ذؤيب قال في مصحف عائشة: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر " (2) ، وفي كتاب ابن حزم روينا من طريق ابن مهدى عن أبي سهل محمد بن عمرو الأنصاري عن القاسم عنها فذكره بغير واو، وقال أبو محمد: فهذه أصح رواية عن عائشة، وأبو سهل ثقة، وفي هذا ردّ لما قاله أبو عمر لم يختلف في حديث عائشة في ثبوت الواو، وعلى تقدير صحته يجاب عنه بأشياء، منها: أنه من أفراد مسلم، وحديث علي متفق عليه، الثاني: أنه من أثبت الواو امرأة ويسقطها جماعة كثيرة، الثالث: موافقة مذهبها لسقوط الواو، الرابع: مخالفة الواو للتلاوة، وحديث علي موافق، الخامس: حديث علي يمكن (3) فيه الجمع، وحديثهما لا يمكن فيه الجمع إلا بترك غيره. السادس: معارضة روايتها برواية زبير الأتي بعد، السابع: أن تكون الواو زائدة كما زيدت عند بعضهم في قوله تعالى: {وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون} " (4) . وفي قوله: {وكذلك نصرّف/الآيات وليقولوا درست} (5) . وفي قوله: {ولكن رسول الله وخاتم النبيين} (6) . وفي قوله: {إنّ الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله} (7) ، وفي قوله: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياءً} (8) . وقال الأخفش! في قوله تعالى: {وحتى إذا جاؤوا وفتحت أبوابها} . أنّ الجواب فتحت، وفيه قول جيّدح:

_ (1) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/207) . (2) الحاشية السابقة. (3) قوله: يمكن غير واضحة) بالأصل وكذا أثبتناه. (4) سورة الأنعام آية: 75. (5) السورة السابقة آية: 105. (6) سورة الأحزاب آية: 40. (7) سورة الحج آية: 25. (8) سورة الأنبياء آية: 48. (9) سورة الزمر آية: 73.

فلما أخرنا ساحة الحي وانتحى ... بنا ببطن خفيف ذى وكام عقيقل وزعم بعض محققي النحاة: أنّ العطف هنا من باب التخصيص والتفضيل والتنزيه كقوله تعالى: (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال} (1) . وكقوله: {فيهما فاكهة ونخل رمان} (2) . وكقوله تّعالى: {وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوحِ إبراهيم وموسى وعيسى بن مريم} (3) . فإن قيل قد حصل التخصيص فَيَ العطف، وهو قوله تعالى: {والصلاة الوسطى} (4) فوجب أن يكون العطف الثاني، وهو قوله: {وصلاة العصر} مغايرا له فيجاب بأِنّ العطف الأوّل كما قلتم، والثَّاني: للتأكيد، والبيان لما اختلف اللفظان كما تقول: جاءني زيد الكريم والعاقل، فيعطف! إحدى الصفتين على الأخرى، والله تعالى أعلم، وفي كتاب مسلم) ْ (5) من حديث شقيق بن عقبة عن البراء بن عازب قال: " نزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات وصلاة العصر، فقرأناها ما شاء الله، ثم نسخها الله، فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى، قال رجل كان جالسا عند شقيق له: هي إذًا صلاة العصر فقال البراء: قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله والله تعالى أعلم " قال مسلَم: ورواه الأشجعي عن الثوري عن الأسود بن قيس عن شقيق عن البراء قال: قرأناها مع النبي صلى الله عليه وسلم زمانا بمثل/حديث فضيل بن مرزوق. يعني المذكور، وفي المركبات نا ابن عبدوس نا عثمان بن سعيد نا إبراهيم بن أبي الليث نا الأشجعي ولفظه: وقرأناها مع النبي- عليه الصلاة والسلام- أيامًا: حافظوا على الصلوات وصلاة العصر، ثم قرأنا: حافظوا على الصلوات وصلاة الوسطى فلا أدرى أهي هي أم لا. قال

_ (1) سورة البقرة آية: 98. (2) سورة الرحمن آية: 68. (3) سورة الأحزاب آية: 7 (4) سورة البقرة آية: 238. (5) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/208) .

الشيخ المجيد: وهو دليل على كونها العصر لأنه خصها وقص عليها في الأمر بالمحافظة، ثم جاء الناسخ في التلاوة متيقّنا، وهو في المعنى مشكوك فيه فيستحبّ التيقّن السابق، وهكذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تعظيم أمر فواتها تخصيصًا، وحديث الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أرض قال: في الصلاة الوسطى صلاة العصر " (1) . رواه أبو عيسى، وقال قال محمد: قال علي بن المدينْي: حديث الحسن عن سمرة صحيح، وقد سمع منه، قال الترمذي: وحديث سمرة في الصلاة الوسطى حديث حسن كذا رأيته في علله من نسخة، وحكى الشيخ المجيد عنه أنه قال: حسن صحيح والله تعالى أعلم، ولفظ الإِمام أحمد في مسنده (2) : " صلاة الوسطى صلاة العصر"، وفي لفظ له أنّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن الصلاة الوسطى؟ قال: هي العصر وفي آخري أن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وسمّاها لنا أنها هي صلاة العصر " (3) . ولفظ أبي نعيم في كتاب الصحابة أنه قال في: " صلاة الوسطى هي صلاة العصر "، وبشدة ما خرجه الحاكم في كتابه عن أحمد بن زياد ثنا عبد الله بن أيوب ثنا مروان بن جعفر عن محمد بن إبراهيم بن حبيب عن جعفر بن سعيد عن حبيب/بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة، قال: وهذه وصية سمرة إلى بنيه فذكرها إلى أن قال، أما بعد: فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا فذكر أموراً منها، وأمرنا أن نحافظ على الصلوات كلّهن، وأوصانا بالصلاة الوسطى، ونبأنا أنها صلاة

_ (1) تقدم: في الحاشية رقم" 2 " (ص 413) . (2) صحيح. رواه أحمد (5/22) ، والترمذي (ح/181، 182، 2983، 2985) ، وصححه. والبيهقي (1/460) ، والمجمع (1/309) ، وا لفتح (8/195) ، والمنثور (1/303) ، والمشكاة (634) ، والطبراني (7/242) ، وشرح السنة (2/234) ، ومعاني (1/174) ، وأصفهان (2/150) ، والخفاء (2/38) . وصححه الشيخ الألباني. (3) حسن. رواه أبو داود (ح/410) وأحمد (5/8، 6/73) ، والطبراني (5/131) ، والمنثور (1/295) ، والكنز (19066) ، والتمهيد (4/273، 2011،282) وابن حبان (282) .

العصر، ثم قال: هذه وصية حسنة جامعة من سمرة إلى بنيه، رواها بعضهم عن بعض، واعترض أبو الحسن بن القطّان على هذا الإِسناد وبجهالة رواته، وقد بيّنا في غير موضع أنّ الأمر ليس كما قال وأنهم معروفون، وأمّا احتجاج الترمذي على سماع الحسن بن سمرة بحديث قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال: فإنّ محمد بن سيرين سأل الحسن ممّن سمع حديث العقيقة، فقال: من سمرة وهو وإنْ كان في صحيح البخاري فقد خالفه في ذلك الله، وقد ذكر في كتاب المراسيل من تأليفه: الحسن عن سمرة ليس بصحاح إلا من كتاب، ولا يحفظ عن الحسن عن سمرة حديثا يقول فيه سمعت سمرة إلا حديثاً واحدًا وهو حديث العقيقة، ولم يثبت، رواه قريش بن أنس ولم يروه غيره وهو وهم انتهى كلامه، وفيه نظر: من حيث، أنّ أبا حرّة رواه عن الحسن كذلك ذكره أبو القاسم في الكبير عن سالم بن سهل ثنا طاليس بن محمد بن السكن ثنا حفص بن عمر البخاري عنه، وحديث حفصة أم المؤمنين- رضي الله عنها- ذكره أبو عمر في التمهيد بسند صحيح، وقال في الاستذكار: اختلف في وقفه وفي ثبوت الواو فيه: أنها أمرت كاتبها فكتب مصحفًا فإذا بلغ هذه الآية يستأذنها فلمّا بلغها أمرته يكتب: " حافظوا على الصلاة الوسطى وصلاة العصر "، ورفعه/إلى النبي- عليه الصلاة والسلام-، وقال: ورواه هشام عن جعفر بن إياس عن رجل حدّثه عن سالم عنها، ولم يثبت الواو قال: والصلاة الوسطى صلاة العصر، وحديث أبي بصرة الغفاري قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر المخمص. وقال: " إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين ". نبأ به الإِمام العلامة القدوة موسى بن علي بن يوسف القطبي الحنفي رحمه الله تعالى قرأه عليه، وأنا أسمع أنا مسند وقته عبد اللطيف ابن القسطل عن أبي الحسن الجمال أنا أبو الحسن بن أحمد أنبأ الحافظ أحمد بن عبد الله

_ (1) صحيح. رواه مسلم في: صلاة المسافرين، (ح/292) . قوله: 5 بالمخمص"، قال النووي: هر موضع معروف.

ثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث ابن أبي أسامة لنا قتيبة نا ليث عن خير بن نعيم عن أبي هريرة عن أدي تميم الجيشاني عنه، ورواه مسلم (1) عن قتيبة على الموافقة كما روايته، ورواه أيضا عنه زهير عن يعقوب في صحيحه عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن خير، فنزل ثلاث درجات، وكأني من طريق زهير سمعته من أبي عبد الله الفراوي رحمه الله تعالى، وبن وفاته ومولدي مائة وتسعة وخمسون سنة ولله الحمد على ذلك، وإذا راويه بالإجازة فكأني سمعته من عبد الغافر الفارسي وبين وفاتيهما اثنتان وثمانون سنة، وحديث حذيفة بن اليمان المذكور عن الطبري في ذكر الصلاة الوسطى بسند صحيح عن عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق: شغلونا عن صلاة العصر، ولم يصلها/يومئذ حتى غابت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوتهم وقلوبهم ناراً (1) . وحديث ابن عباس المذكور عند أبي القاسم بن مطير عن محمد بن عبد الله الحضرمي نا محمد بن عمران ابن أبي ليلى نا أبي ليلى عن الحكم بن مقسم وسعيد بن جبير عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: (شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله قلوبهم وأجوافهم ناراً " (2) ، وزاد في الأوسطي "اللهم من شغلنا عن الصلاة الوسطى" (3) ، وكان قد نظر

_ (1) صحيح. رواه مسلم في والمساجد، والنسائي، وأحمد، والبيهقي، والطبراني، والتمهيد وأبو عوانة (1/355) ، وابن ألف شيبة (2/503) ، والفتح (8/195) ، وعبد الرزاق (2192) ، والبلوى (1/245) ، والمنثور، وابن خزيمة (1337) ، وشرح السنة، والمسير (1/282، 9/190) ، والحلية (4/165، 5/35) ، وكشاف (21) ، وبداية، والطبري، وابن كثير، والقرطبي، وابن عساكر في التاريخ، (1/430) . (2) الحاشية السابقة. (3) صحيح. رواه الطبراني وابن عدي فيه "الكامل" والجوامع (9898) والكنز (9901) .

وإذا صلاة العصر، فصلى فلمّا فرغ قال الحديث، ثم رواه عن أحمد بن عمرو القطراني نا عبد الوارث بن غياث نا أبو عوانة عن هلال بن حباب عن عكرمة عنه، ورواه ابن حزم مصححَا له موقوفا على ابن عباس: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر". بلا داود في روايته لأحمد قال: قائل النبي صلى الله عليه وسلم عدوا فلم تفرغ منهم حتى آخر العصر عن وقتها فلمّا رأى ذلك قال: "اللهم من حبسنا عن الصلاة الوسطى أملأ بيوتهم نارَا وقبورهم نارَا لم" (1) . وفي تفسير الطبري نا علي بن مسلم الطوسي ثنا عباد بن العوام عن هلال بن حباب عن عكرمة عنه قال: خرج النبي- صلي الله عليه وسلم - في غزاة له فحبسه المشركون عن صلاة العصر، حتى مسي بها، فقال النبي- عليه الصلاة والسلام-: "اللهم املأ بيوتهم وأجوافهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى" (2) . وفي لفظ، قال النبي- عليه الصلاة والسلام- يوم الأحزاب: "شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس" (3) . وفي كتاب المصاحف لابن أبي داود عن أبي إسحاق: سمع عبيد بن مريم سمع ابن عباس قراءة هذا/الحرف: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر"، وفي كتاب ابن حزم من هذه الطريق بغير واو ثم قال: كذا قاله وكيع، وحديث ابن عمر المذكور عند عبد الله محمد بن يحيي بن مسندة الأصبهاني عن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم نا أبي يعقوب القمي عن عنبسة بن سعيد الداري عن أبي ليلى وليث عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الموتور أهله وماله من وتر صلاة الوسطى في جماعة وهى صلاة العصر" (4) .

_ (1) صحيح. المنثور (1/304) ، والكنز (29902) ، والجوامع (9967) ، وبداية (4/109) ، والمجمع، وعزاه إلى " أحمد"، والطبري في "الكبير" و"ألأوسط" ورجاله موثقون. (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في والجهاد، باب الدَعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة ومسلم في "المساجد" (ح/202) والترمذي (ح/2984) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (1/135) والتمهيد (4/290) . (3) تقدم ص 1012. (4) ضعيف. الدر المنثور: قلت: في إسناده ابن أبي ليلى.

وفي تفسير أبي جعفر ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم نا أبي وشعيب بن الليث عن الليث عن- يزيد بن الهاد عن ابن شهاب عن سالم عن أبيه أنه كان يرى صلاة العصر فضيلة للذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، ويروى أنها الصلاة الوسطى، وكذا قاله ابن شهاب عنه، وقد تقدّم طرف منه قبل وسيأتي عنه خلافه، وحديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صلاة الوسطى صلاة العصر". ذكره ابن خزيمة (1) وفي صحيحة وأبو جعفر عن أحمد بن منيع نا عبد الوهاب بن عطاء عن أبي صالح عنه، وحديث أبي هاشم بن عتبة رواه الطبري عن المثنى نا سليمان بن أحمد الواسطي ثنا الوليد بن مسلم، أخبرني صدقة بن خالد نا خالد بن دهقان عن خالد بن صلام عن كهيل بن حرملة، قال سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى؟ فقال: اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها، ونحن نفعنا بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس فقال: ثنا أعلم لكم ذلك، فقام فاستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ثم خرج أخبرنا أنها صلاة العصر، ولما ذكر أبو موسي في كتاب الصحابة أبا هاشم هذا، قال عن عبدان له حديثان حسنان وواحد منكر انتهى، يشبه أن يكون الحديث المنكر قوله: " أن النبي عليه الصلاة والسلام مسح على شاربه. وقال: لا تأخذه حتى تلقاني فتوفي النبي عليه السلام قبل أن يقدم من سرية، فكان يقول لا آخذه حتى ألقاه والله تعالى أعلم"، وحديث أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر حتى غربت الشمس " (2) . قال أبو جعفر: ثنا به ابن المثنى عن ابن أبي عدي عن شعبة عن سليمان عن أبي الضحى عن شهير بن شكل عنها، وحديث رجل من الصحابة قال: أرسلني أبو بكر وعمر

_ (1) صحيح. رواه ابن خزيمة (1338) ، وأحمد، وابن أبي شيبة والكنز (4257، 4405) ، والمنثور، والفتح (8/195) ، والطبري (2/344) ، والقرطبي (3/179، 210) ، وابن كثير. (2) تقوم ص 1012.

وأنا غلام صغير إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسأله عن الصلاة الوسطى؟ فأخذ إصبعي الصغيرة فقال:) هذا الفجر وقبض التي تليها فقال: هذا الظهر ثم قبض الإِبهام فقال: هذه المغرب، ثم قبض التي تليها، فقال: هذه العشاء ثم قال: أي أصابعك بقيت فقلت: الوسطي، فقال: أي الصلاة بقيت؟ قلت: العصر قال هي العصر " (1) . رواه أبو جعفر عن أحمد بن إسحاق ثنا أبو أحمد ثنا عبد السلام مولى أبي نصير، حدثنى إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال: كنت جالسًا عند عبد العزيز بن مروان، فقال: يا فلان اذهب إلى فلان، فقل له: أي شيء سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوسطى، فقال: رجل جالس أرسلني فذكره، وحديث أبي مليكَ الأشعري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلاة الوسطى صلاة العصر" (2) . قال أبو جعفر: حدثني/محمد بن عوف الطائي، ثنا محمد بن إسماعيل بن عياش حدثنى خصم بن زرعة عن شريح بن عبيد عنه، وحديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت لكاتب يكتب لها مصحفًا: "إذا كتبت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فاكتبها العصر" (3) . أنبأ به العلامة أبو محمد البصري أنبأ الإمام شمس الدين أبو بكر محمد بن إبراهيم، قال: ثنا داود بن ملاعبة أنبأَ القاضي أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي أنبأ أبو جعفر بن المسلمة أنبأ أبو عمر وعثمان الآدمي ثنا الإِمام الحافظ أبو بكر بن أبي داود ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا سعد بن الصلت ثنا عمرو بن ميمون بن مهران الحرزي عن أبيه، قال: قالت: أم سلمة فذكره، وذكر ابن حزم من طريق وكيع عن داود بن قيس عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة بغير واو في كتاب المصاحف، ذكره أيضًا بلفظ حديث عائشة وحفصة، عن عبد الله بن رافع أيضا، وحديث أنس بن مالك أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم علي دال: " شغلونا عن صلاة العصر التي غفل عنها سليمان بن داود عليه السلام حتى

_ (1) صحيح. رواه ابن كثير. (2، 3) تقوم بنحوه. في صحيح مسلم: المساجد صح/207) .

توارت بالحجاب اشعل الله قلوبهم وبيوتهم وقبورهم نارا " (1) ، وفي لفظ قال عليه السلام: ومن ضيع وقت العصر فكأنما وتر أهله وماله " (2) ، وفي لفظ: " فقد برئت منه الذمّة" ذكره إسماعيل بن أبي زياد الشامي في تفسيره أنبأ أبان عن أنس به، وفي تفسير النقاشي: عندما اختلفوا يعني الصحابة في شيء ما اختلفوا في الصلاة الوسطى وشبّك بين أصابعه، وفي كتاب ابن حزم من طريق إسماعيل بن إسحاق عن محمد بن أبي بكر عن محبوب أبي جعفر عن الحذاء عن أبي قلابة في قراءة أبى بن كعب: " صلاة الوسطى صلاة، العصر " (3) . قال: وليست/هذه الرواية بدون تلك يعني فيها الواو فقد اختلف على أبي بن كعب أيضا، ومرسل الحسن قال: قال عليه الصلاة والسلام: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" (4) . وهي العصر، رواه أبو جعفر عن يعقوب بن إبراهيم ثنا ابن علية عن يونس عنه مرسل الربيع، قال: "ذكر لنا أنّ المشركين شغلوهم يوم الأحزاب عن صلاة العصر حتى غابت الشّمس"، فقال أبو جعفر: حدثنا عن عمّار بن الحسن ثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع فذكره، وبه قال أبو هريرة وابن عمر بن الخطاب وعائشة وعليّ بن أبي طالب وأمّ سلمة وابن عباس وأبي بن كعب، وروى أيضا عن أبي أيوب الأنصاري ويونس والحسن بن أبي الحسن وقتادة والزهري وعبيدة السلماني وهو قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأحمد والشّافعي وأصحابهم، فيما

_ (1) تقدّم بنحوه: حاشية رقم (1)) ص 428) . (2) رواه ابن ماجة في: 2- كتاب الصلاة، 6- باب المحافظة على صلاة العصر، (ح/685) . وفيه: " إن الذي تفوته، مكان " من ضاع وقت" وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه الترمذي (ح/2985،2983،182،181) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (5/22) ، والبيهقي (1/460) ، والمجمع، وعزاه إلى " البزار" ورجاله موثقون. والفتح (8/195) ، والمنثور (1/303) ، والمشكاة (634) ، والطبراني (7/ 242) ، وشرح السنة (2/234) ، ومعاني (1/174) ، وأصفهان (2/150) ، والخفاء (2/38) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح/410) ، وأحمد والطبراني (5/131) ، والمنثور (1/295) والكنز (19066) والتمهيد (4/273، 2011، 282) وابن حبان (282) .

حكاه بن عبد البر وعبد الله بن عباس على اختلاف وداود وجميع أصحابهم، وهو قول إسحاق بن راهوية ومشهور أهل الحديث، قال ابن حزم: ولا يصح عن علي ولا عن عائشة غير هذا أصلا، وزاد ابن المنذر وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري والضحاك بن مزاحم والسائب بن يزيد، ذكره المحاملي في أماليه، وابن مسعود وابن عمر وسمرة والنخعي وعبيد بن مريم وزر بن حبيش ومحمد ابن سيرين وسعيد بن جبير ومحمد بن السائب الكلبي ومقاتل وتلي:) والعصر إنّ الإِنسان لفي خسر (. ذكره الطبري والثعلبي، قال أبو الحسن الماوردي: وهو مذهب جمهور التابعين، وقال أبو عمر والبغوي: وهو قول أكثر أهل الأثر، وفي كتاب ابن عطية: وعلى هذا القول جمهور الناس والله تعالى أعلم، وقال الطبري: والصواب من القول في ذلك ما/تظاهرت به الأخبار أنها العصر، ومنهم من قال: هي صلاة الظهر جانحاً إلى حديث زيد بن ثابت قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر بالهاجرة ولم يكن يصلى صلاة أشدّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فنزلت: "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" وقال إنّ قبلها صلاتين وبعدها صلاتين". رواه أبو داود (1) من حديث شعبة عن عمرو بن أبي حكيم سمعت الزبرقان يحدّث عن عروة عنه، وقال البيهقي في المعرفة: إسناده مختلف فيه، وأبي ذلك ابن حزم فصحّح إسناده، ورواه أبو جعفر عن زكريا بن يحيي بن أبي زائدة نا عبد الصمد نا شعبة عن عمر بن سلمان عن عبد الرحمن ابن أبان عن أبيه عن زيد في حديث رفعه قال: " الصلاة الوسطى صلاة الظهر" (2) ، وأمّا قول الترمذي: أنّ في الباب يعني العصر حديث زيد بن ثابت ثم قال: وقال زيد بن ثابت وعائشة: هي الظهر ويشبه أن يكون وهما؟ لأنّ حديثه وفتياه أنها الظهر فقط ولم أرَ له غير ذلك والله تعالى أعلم، وحديث أسامة بن زيد روى

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح 411) وشرح السنة (23612) . (2) صحيح. المشكاة (636) والمنثور (30211) .

الزبرقان عن ابن عمرو بن أمية: أن رهطا من قريش من بينهم زيد بن ثابت وهم مجتمعون، فأرسلوا أبيه غلامين منهم يسألانه عن الصلاة الوسطى فقال: هي الظهر، ثم انصرفا إلى أسامة بن زيد فسألاه، فقال: "هي الظهر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى الظهر بالهجر ولا يكون وراءه الصف والصفّان" والنّاس في قائلتهم وفي تجارتهم فأنزل الله تعالى: " "حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين" قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لينتهيّن رجال أو لأحرّق بيوتهم" رواه أحمد (1) ،/والزبرقان لم يلق أسامة، وحديث عبد الله بن عمر، قال الطبري: ثنا ابن البرقي أنبأ نافع بن زيد حدثنى الوليد بن أبي الوليد أن سلمة بن مرّة حدّثه أنّ نفرا من قريش أرسلوا إلى عبد الله بن عمر يسألونه عن الصلاة الوسطى، فقال له: هي التي على أثر الضحى، فقالوا له: ارجع فسأله فما زادنا إّلا عيانها، فمر بهم عبد الرحمن بن أفلح مولى عبد الله بن عمر، فأرسلوه أبيه أيضا، فقال هي التي توجه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة وزاد في الأوسط من حديث الوليد عن عبد الرحمن بن أفلح: أنّ نفرا من الصحابة أرسلوني إلى ابن عمر، فذكره وقال: لا يروى عن أفلح عن ابن عمر إّلا بهذا الإِسناد تفرد به موسى بن ربيعة الجمحي، وحديث أبي بن كعب المستنبط رفعه، وكذا الذي قبله ذكره ابن حزم، فقال: ثنا ابن بشار ثنا عثمان بن عمر وثنا أبو عامر عن عبد الرحمن بن قيس عن ابن أبي رافع عن أبيه وكان مولى لحفصة، قال: استكتبتني حفصة مصحفَا، وقالت: إذا أتيت على هذه الآية فأعلمني حتى أملها عليك كما أقرؤها فلما أبيت على هذه الآية أنبأتها فقالت: اكتب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة

_ (1) صحيح. رواه أحمد (3/369، 5/183، 206) ، والبيهقي (1/434، 449، 458) ، والمجمع (1/308) ، وعزاه إلى أحمد، ورجاله موثقون ألا ان الزبرقان لم يسمع من أسامة بن زيد ولا من زيد بن ثابت والله تعالى أعلم. والمنثور (1/301) ، والحاوي (1/181) ، والكنز (4267) ، وابن كثير، والقرطبي، والبخاري في والكبير، (3/434) ، ومعاني (1/184،167) .

العصر فلقيت أبي بن كعب وزيد بن ثابت، فقلت: يا أبا المنذر إنّ حفصة قالت: كذا وكذا، قال: هو كما قالت: أو ليس أشغل ما يكون عند صلاة الظهر في تواضحنا وغنمنا (1) "، وبه قال أبو سعيد الخدري وابن عمر على اختلاف عنهما فيما حكاه الطبراني وزيد بن ثابت، قال ابن عبد البرّ: وهو أصح ما روى عنه في ذلك، وبنحوه ذكر ابن حزم، وزاد ابن المنذر وعائشة في قول وعبد الله بن شدّاد وأسامة بن زيد وعروة بن الزبير، ويروى عن أبي حنيفة (2) /أيضَا، ومنهم من قال في صلاة المغرب رواه أبو جعفر من حديث إسحاق بن أبي قروة عن رجل عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: "الصلاة الوسطى صلاة المغرب ". ألا ترى أنها ليست بأقلها ولا أكثرها ولا تقصر في السفر لانّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يؤخرها عن وقتها، ولم يعجلها، قال أبو جعفر: وجه قوله أنه يريد التوسّط الذي هو يكون صفة للشيء الذي يكون على بين الأمرين كالرجل المعتدل القامة، ومنهم من قال: هي صلاة الغداة ورواه النسائي بين حديث جابر بن زيد عن ابن عباس قال:) أدلج النبي- عليه الصلاة والسلام- ثم عرّس فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس أو بعضها، فلم يصلى حتى ارتفعت فصلى وهي صلاة الوسطى (3) ، وفي حديث صالح وأبي الخليل عن جابر بن زيد عن ابن عباس أنه قال: "صلاة الوسطى صلاة الفجر" (4) ، وعن أبي رجاء قال: صليت مع ابن عباس الغداة في مسجد البصرة فقنت بنا قبل الركوع، وقال: هذه الصلاة الوسطى قال الله تعالى: {وقوموا لله قانتين} فقنت وفي لفظ: صلى بنا ابن عباس الفجر فلما فرغ.

_ (1) تقوم بنحوه. انظر صحيح مسلم: المساجد، (ح/207) . (2) قوله: (حنيفة غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه. (3) صحيح. رواه النسائي في: المواقيت، باب 55) 1/298-299) . غريبة: قوله:) أدلج، بالتخفيف أي سار أول الليل. " وعرس " بالتشديد أي نزل آخره. (4) قلت: الذي أورده الألباني في "ضعيف" الجامع: ص 514 ح/517 سهم بلفظ: "صلاة الوسطى أول صلاة تأتيك بعد صلاة الفجر". وعزاه إلى عبيد بن حميد في وتفسيره، عن مكحول مرسلا. وقال: "ضعيف".

قال: إن الله تعالى قال في كتابه: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} فهذه الصلاة الوسطى وبمثله رواه أبو العالية من طريق خلاس بن عمر، وصحيحه ذكره أبو جعفر وعن أبي العالية أيضا بطريق صحيحة قال: صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة ومن عمر صلاة الغداة، فقلت لرجل من الصحابة إلى جنبي بالصلاة الوسطى، قال: هذه الصلاة، قال أبو جعفر: حديث عن عمار بن الحسن نا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع عن أبي العالية، أنه صلى مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، فلمّا أن فرغوا قال: " أنها الصلاة/الوسطى قالوا التي صليتها قبل " ثنا ابن بشار نا ابن عمه ما سعيد بن بشير ثنا قتادة عن جابر بن عبد الله قال: "الصلاة الوسطى صلاة الصبح"، ثنا مجاهد بن موسى ثنا يزيد بن هارون أنبأ عبد الملك بن أبي سليمان قال: كان عطاء يرى أنها صلاة الغداة، وعنه قاله عكرمة ومجاهد بن جبير وعبد الله بن شدّاد بن الهاد والربيع عن أنس، قال أبو جعفر عنهم: إنّ الله تعالى قال أثر ذلك الوسطى: {وقوموا لله قانتين} بمعنى: قوموا فيها قانتين. قالوا: فلا صلاة مكتوبة من الصلوات الخمس فيها قنوت سوى صلاة الصبح، وبه قال عمر وابنه موسى ومعاذ فيما ذكره البغوي وعلي بن أبي طالب، قال أبو عمرو: ولم يصح عنه وصح عن ابن عباس، قال الشّافعي: وإلى هذا يذهب مالك وأصحاب الرأي، قال أبو عمرو: تبعه أصحابه ومنهم من قال هي إحدى الصلوات الخمس، ولا يعرفها بينها، وروى ذلك عن ابن عمر من طريق صحيحة، قال نافع: سأل ابن عمر رجلا عن الصلاة الوسطى يقال هي منهن فحافظ عليهن كلهن، وبنحوه قاله الربيع بن حيثم وزيد بن ثابت في رواية، وقال سعيد بن المسيب: كان أصحاب رسول الله علي فيها مختلفين، يعني: في الصلاة الوسطى وشبّك بين أصابعه، وبنحوه قاله شريح ونافع، وقال النقاش: قالت طائفة: هي الخمس ولم يبيّن أي صلاة هي، قال أبو عمرو: كل واحدة من الخمس وسطى لأنّ قبل كلّ واحدة صلاتين وبعدها صلاتين، كما قال زيد بن ثابت: والمحافظة على جميعهن

واجب، ومنهم من قال هي الحسن إذ هي الوسطى من الدين، كما قال عليه السلام " بنى الإِسلام على خمس " (1) . قالوا: هي في الوسطى من الخمس روى ذلك عن معاذ/وعبد الرحمن بن غنم فيما ذكره النقاش، وفي كتاب الحافظ أبي الحسن على بن الفضل: قيل ذلك لأنها وسط الإِسلام أي خياره، ولذلك عمرو في كتاب التفسير لابن أبي حاتم: ثنا أبو سعيد الأشج ثنا المحاربي وابن فضيل عن الأعمش عن مسروق أنه قال: الوسطى هي المحافظة على وقتها يعني الصلوات، وقال مقاتل بن حبان: مواقيتها ووضؤها وتلاوة القرآن فيها، والتكبير والركوع والسجود والتشهد، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك، فقد أتمها وحافظ عليها أنباً به محمد بن الفضل نا محمد محمد بن على بن شقيق أنبأ محمد بن مزاحم عن بكر بن معروف عنه به، وذكر أبو الليث في تفسيره عن ابن عباس نحوه، وقال المازري: هي صلاة عشاء الآخرة، وذهب العامري في شرح السنة: إلى أنّ السلف لم ينقل عنهم ولا عن أحد منهم هذا القول، قال: وقد ذكره بعض المتأخرين، وسيأتي قول أبي الدرداء به، وناهيك به سلفًا، وذهب آخرون: إلى أنها الجمعة خاصة، حكاية أبو الحسن الماوردي وغيره لما اختصت به دون غيرها، قال أبو الحسن فيما ذكره في المحكم. لأنها أفضل الصلوات، ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ إّلا أن يقوله برواية مسندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: أنها الجمعة يوم الجمعة، وفي سائر الأيام الظهر، حكاه أبو جعفر محمد بن مقسم في تفسيره، قال: وقيل: هي صلاتان العشاء والصبح، وعزاه لأبي الدرداء لقوله: " لو يعلمون

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/9) ، ومسلم في (الإِيمان ح/20، 21) ، والترمذي (ح/2609) ، وصححه. وأحمد (2/26، 93، 120، 4/363، 364) ، والبيهقي (1/358، 4/81، 199) ، الحميدي (703) ، والطبراني (2/371، 12، 174، 309، 312) ، وابن خزيمة (309،308) ، والتمهيد (9/246، 250) ، والمشكاة (4) والمغنى عن حمل الأسفار (1/55،111) ، وابن عساكر في والتاريخ، (2/79، 91، 4/2510،30) ، وتلخيص (2/186) ونصب الراية (2/328) ، والحلية (3/62، 9/251 يا وأذكار (343، 364) ، والمنثور (1/175) ، وابن عدى (2/4/419،1660) .

ما في العتمة والصبح" (1) . وذهب الإِمام أبو بكر المالكي الأسهري إلى أنها صلاة العصر والصبح، وقيل: أنها الجماعة في جميع الصلوات حكاه الماوردي، وأمّا العلامة أبو الحسن علي بن محمد السخاوي فاختار أنها الوتر، وقيل: أنها/صلاة الضحى، قال الحافظ أبو محمد الدمياطي: ذاكرت فيها أحد شيوخي الفضلاء فقال: إنني وقفت على قول من ذهب إلى ذلك، ثم تردّد فيه، وقيل: أنها صلاة العيدين، حكاه لنا من وقف عليه في بعض الشروح المطولة، وذهب آخرون إلى أنها صلاة عيد الفطر حكاه المشار أبيه أيضا وقوله صلى الله عليه وسلم " وتر أهله وماله" يعني نقص، قال ابن الأنباري فقال وترته أي: نقصه، وقيل: أنّ الوتر أصله الجناية التي يجنيها الرجل على من قبله حميمة وأخذ ماله فيشجه ما يلحق هذا الذي يفوته العصر ما يلحق الموفور من قبل حميمه وأخذ ماله، وزعم جار الله في أساسه: أن ذلك من باب المجاز، وقال الداودي: معناه يتوجه عليه من الاسترجاع ما يتوجه على من فقد أهله وماله، فيتوجّه عليه الندم والأسف لتعزية الصلاة، وقيل: معناه فاته من الثواب ما يلحقه من الأسف كما يلحق من ذهب أهله وماله، وقال أبو عمر: معناه كالذي يصاب بأهله وماله إصابة يصير بها وتراً، قال الشيخ محي الدين: ورواه بعضهم مفتوح اللام معناه وترتى أهله وماله، وفسّره مالك بمعنى منه أهله وماله، وأمّا الوسطى فهي الخيار، قال الزمخشري: ومن المجاز هو وسط في قومه، ووسط فيهم وقد وسط وساطة، وقوم وسط وأوساط: خيار:) وكذلك جعلناكم أمة وسطا ((2) . قال زهير: هم وسط يرضى الإِمام بفعلهم، وإذا نزلت إحدى الليالي بمعظم، وهو من واسطة قومه، وهو أوسط قومهم حسبًا والترتيب من أعرابي، فقال: أعطى من وسطانيه أراد من خيار الدنانير.

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري، ومسلم، وأحمد (303،2/278، 375) ، والبيهقي (1/428) وشرح السنة (2/222) ، وأبو عوانة (2/37) ، والبغوي (5/224) ، والقرطبي (3/212، 12/306) ، والخطيب (4/425) . (2) سورة البقرة آية: 143.

106- باب وقت صلاة المغرب

106- باب وقت صلاة المغرب /حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي، ثنا أبو النجاشي قال: سمعت رافع بن خديج يقول: " كنا نصلى المغرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وأنه لينظر إلى مواقع نبله ". هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) ، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع: " أنه كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب إذا توارت بالحجاب ". هذا حديث خرجاه (2) أيضًا، ولفظ الطوسي في أحكامه وصححه: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى المغرب ساعة مغيب الشمس إذا غاب حاجبها " (3) . حدثنا محمد بن يحيى ثنا إبراهيم بن موسى " عباد بن العوام عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن الأحنف عن قيس عن العباس بن عبد المطلب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم " (4) . هذا حديث رواه ابن خزيمة في صحيحه (5) ، عن أبي زرعة نا

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب 185، (، ومسلم في (المساجد ح/217) ، وأبو داود (ح/416) ، وابن ماجة (ح/687) وأحمد (3/105، 114، 189، 205، 62، 265، 303، 331، 370، 382، 416، 4/142، 5/400، 405) . غريبه: قوله: " أنه لينظر إلى مواقع نبله "، أي: أنهم ورجعون بعد المغرب فيبصر أحدهم المحل الذي وقع فيه سهمه. (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (المواقيت، باب " 18 " (، ومسلم في (المساجد، ح/216) ، والترمذي (ح/164) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/688) ، وأحمد (4/54) . قوله:) إذا توارت بالحجاب، اشتباك النجوم هو: أن يظهر الكثير منها، فيختلط بعضها ببعض من الكثرة. (3) حسن. رواه أبو داود (ح/417) ، وأحمد (4/51) ، والتمهيد (8/90) ، وأبو عوانة (1/360) . (4) صحيح. رواه أبو داود (ح/418) ، وابن ماجه (ح/689) . في الزوائد: إسناده حسن. وأحمد (4/147، 5/422) ، والكنز (19415) ، والمنثور (1/300) ، وابن عدي في بالكامل، (3/968) ، وصححه الشيخ الألباني. قوله: " وحين تشتبك النجوم "، اشتباك النجوم هو: ان يظهر الكثير منها فيختلط بعضها ببعض من الكثرة. (5) قوله: " صحيحه "، غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

إبراهيم بن موسى نا عباد بن العوام عن محمد بن إبراهيم به، ويشبه أن يكون تصحيفًا من الكاتب، وصوابه عمر بن إبراهيم كما في كتاب ابن ماجه وغيره، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإِسناد، كما أخرجه من حديث أبي بكر بن إسحاق ثنا الحسن بن علي بن زياد أنبأ إبراهيم بن موسى أنبأ عباد عن عمر بن إبراهيم ومعمر عن قتادة وقال الترمذي: قد روى عنه مرفوعا وهو أصحّ، ولما سأل أبا عبد الله عن هذا الحديث قال: هذا حديث منكر، وإبراهيم بن موسى من أهل الدين لم نزد شيئا في تقليله، وهذا أحق تحقيق/لأمرين، الأوّل: أنه متن معروف بهذا اللفظ رواه جماعة من الصحابة، الثاني: إبراهيم بن موسى بن يزيد بن زادان التميمي الرازي أبو إسحاق الفراء الصغير لا يصلح أن يكون علّة، ولا يسئل عن حاله فأنه ممّن خرّج البخاري حديثه في صحيحه على سبيل الاحتجاج، وكان أحمد نفسه لينكر على ما يقول له الصغير، ويقول: هو كبير في العلم والجلالة، وقال أبو زرعة: هو أتقن من أبي بكر بن أبي شيبة وأصحّ حديثا منه. لا يحدّث إّلا من كتابه لا أعلم أنى كتبت عنه خمسين حديثا من حفظه، وكتب عنه مائة ألف حديث، وهو أتقن وأحفظ من صفوان بن صالح، وقال أبو حاتم: من الثقات وهو أتقن من أبي جعفر الحمال، وقال الخليلي: ومن الجهابذة الحفاظ الكبار العلماء الذين كانوا بالريّ ويقرنون أحمد ويحيى، وأقرأنهما أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الفراء ارتحل إلى العراق واليمن والشّام أثنى عليه أحمد بن حنبل، ولما ذكره أبو عبد الله في تاريخه قال: ثقة مأمون، ووثَّقه النسائي وغيره، وقد أوضح ابن ماجه أمر هذا الحديث بقوله: سمعت محمد بن يحيى يقول: اضطرب النّاس في هذا الحديث ببغداد، فذهبت أنا وأبو بكر الأعين إلى العوام بن عبّاد بن العوام، فأخرج إلينا أصل أبيه، فإذا الحديث فيه، ولقائل أن يقول: لعلّ أحمد قال: يكون عمر بن إبراهيم قال فيه أبو حاتم الرازي: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال أبو أحمد بن عديّ: يروى عن قتادة أشياء لا يوافق عليها، وقال ابن حبان حين ذكره في كتاب الثقات: يخطىء ويخالف، لأنه ممن قال فيه هو نفسه ثقة لا خبراً، أو قال يحيي بن معين: ثقة/وفوق الثقة، وقال الدارقطني: لا يترك ولا أنا أسلفنا متابعًا له وهو معمر فلا حاجة لنا إلى النظر في حاله لو

كان ضعيفاً، وأمّا ما وقع في أصل ابن ماجه عمرو بن إبراهيم، وكذا هو في مسند الدارمي فغير صحيح والصواب عمر والله تعالى أعلم، وفي الباب غير ما حديث، من ذلك حديث أنس بن مالك قال: " كنا نصلى المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمى فيرى أحدنا موضع نبله ". رواه أبو داود (1) بإسناد صحيح عن داود بن شبيب عن حماد بن ثابت عنه، ولفظ ابن وهب في مسنده عن عمرو بن الحارث ويونس وابن سمعان عن ابن شهاب عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قرب العشاء وحضرت الصلاة فابدأوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب " (2) . وزعم بعضهم: أنه معارض بما رواه ابن المنيع في تاريخ نيسابور عن أبي الطيب محمد بن عبد الله بن المبارك ثنا أحمد بن معاذ السلمي نا إسماعيل بن الفضل قاضى جرجان ثنا يحيى عن عقبة بن أبي العيزار عن محمد بن حجاب عنه بلفظ: (ما كان رسول الله (3) صلى الله عليه وسلم يصلى المغرب قط حتى يفطر". لذلك، لأنه محمول على شرب الماء أو أكل ثمرة وذلك لا يكون مؤخرًا للصلاة بحال، وحديث زيد بن عبد الله قال: قدم علينا أبو أيوب غازيًا وعقبة بن عامر يومئذ على البصرة (4) ، فأخر المغرب، فقام أبيه أبو أيوب، فقال: ما هذه الصلاة يا عقبة قال: شُغلنا، قال: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الا تزال أمتي بخير أو قال على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى أن يشتبك النجوم " (5) . رواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه من حديث ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عنه، وفي لفظ: أما والله ما بي إلا/أن طن الناس إنك رأيت النبي صلى الله عليه وسلم علي يقول: " لا تزال أمتي بخير " ولما

_ (1) إسناد صحيح. رواه أبو داود في: 2- كتاب الصلاة، 5- باب في وقت المغرب (ح/416) . (2) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/64) . (3) رواه ابن عدي في " الكامل ": (1/224) ، وابن خزيمة (339) ، واللآلىء (1/15) والتمهيد (8/91) . (4) قوله: " البصرة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (5) تقدم انظر الحاشية رقم (4) ص 1023.

خرج الحاكم (1) هذا اللفظ قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: خولف ابن إسحاق في هذا فرواه حيوة وابن لهيعة عن يزيد عن أسلم أبي عمران التجيبي عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بادروا لصلاة المغرب قبل طلوع النجم " (2) . قال أبو زرعة: حديث حيوة أصح، وحديث كعب بن مالك قال: " كان النبي عليه السلام يصلى المغرب ثم يرجع الناس إلى أهليهم بين سلمة وهم يبصرون مواقع النبل حتى يرمى بها " (3) . ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث موسى ابن أخي عن إسحاق بن راشد عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه، وقال: لم يروه عن إسحاق إّلا ابن أخي، ورواه في موضع آخر من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن الزهري، وقال: لم يروه عن يحيى إّلا عمر بن حبيب القاضي تفرّد به زائدة وزكريا بن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ولما ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل عن أحمد بن عثمان الأودي نا بكر بن عبد الرحمن نا عيسى بن المختار عن إسماعيل عن أبيه عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه سأل أباه عنه، فقال: هذا خطأ إّنما يروى عن الزهري عن ابن كعب أنّ النبي- عليه الصلاة والسلام- مرسل، وحديث أبي طريق قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف فكان يصلى ثنا البصر حتى لو أنّ رجلاً رمى بسهم لرأى موضع نبله " (4) . قال الميموني: رواه أحمد عن أزهر أبي القاسم الراسبي ثنا زكريا بن إسحاق عن الوليد بن عبد الله بن أبي ثميلة/قال أحمد وقال غيره: أبو شعيرة عن أبي طريف به، قال أحمد:

_ (1) صحيح. رواه الحاكم: (1/190) وقال: " هذا حديث على شرط مسلم ولم يخرجاه ". (2) صحيح. رواه أحمد (5/415) ، ونصب الراية (1/246) ، والكنز (19414، 19432) ، والدارقطني (1/260) ، والعلل (506) . (3) ضعيف. رواه الطبراني (19/63) ، ومطالب (259) . وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد، (1/311) ، وعزاه إلى الطبراني كما في المصدر الأول من هذا الحديث، وأيضًا في " الأوسط "، وفيه عمر بن محمد القاضي ضعفه ابن معين والبخاري والنسائي وغيرهم، وقال زكريا بن يحيي الساجي كان صدوقْا ولم يكن من فرسان الحديث، وقال ابن عدي حسن الحديث يكتب حديثه مع ضعفه. (4) ضعيف، ان ورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "، (1/31) ، وعزاه " أحمد " وفيه الوليد بن عبد الله بن تملية ولم أجد من ذكره، ورجال المسند في هذا الموضع ليس هو عندي الإله.=

صلاة البصر صلاة المغرب، وقال: ههنا قلت لأحمد: حدثوني عن عبد الأعلى بن أبي شعيرة، فقال أحمد: ما علمت أحدًا قال شعيرة، وبلغني عن بشر بن السرى أنه قال: سهيرة وكفاك به. يعني: بشرًا، رسالة عن عبد الأعلى، فقال: قد لقيناه وبشر السرى " أثبت منه، وحديث جابر بن عبد الله قال: " كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب، ثم يأتي ببني سلمة ونحن نبصر مواقع النبل ". رواه أحمد (1) ، وفي كتاب الدارقطني من حديث حاتم بن عباد ثنا طلحة بن زيد ثنا جعفر بن محمد عن أبيه بلفظ: " كان عليه السلام لا ينهيه عن صلاة المغرب طعام ولا غيره " (2) . نا محمد بن القاسم بن زكريا ثنا أبو كريب نا محمد بن ميمون الزعفراني عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: ذكرت لجابر تأخير المغرب من عشائه فقال: " إنّ النبي عليه السلام لم يكن ليؤخر صلاة لطعام ولا غيره " (3) . وقال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن جعفر إلا محمد بن ميمون، وفيما أسلفناه ردّ عليه، وقال ابن شاهين: هذا حديث غريب، ومحمد هذا أبو حمزة الميكري وحديث السائب بن يزيد أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجوم ". رواه الدارقطني (4) أيضًا عن هارون بن معروف أنبأ ابن وهب، حدثني عبد الله بن الأسود القرشي أنّ يزيد بن خصيفة: حدّثه عنه، وحديث رجل من الصحابة من أسلم " أنهم كانوا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم المغرب، ثم يرجعون إلى أهليهم إلى أقصى المدينة ثم

_ = وقال الهيثمي: ورواه الطبراني في " الكبير" فجعل مكثنا " النصر" " العصر" وهو وهم والله أعلم، قلت الوليد هذا هو الوليد بن عبد الله بن سميرة كما رواه الطبراني، وكذا ذكره ابن حبان في الثقات، وذكر روايته عن أبي ظريف، وأنه اختلف في اسم جده والله أعلم. (1) تقوم ص 1025. (2) الكنز: (17932) . (3) راجع: الحاشية السابقة. (4) تقدم. رواه أحمد (3/499) ، والبيهقي (1/488) ، والكنز (19434) ، والمنثور (1/300) ، والطبراني (7/183) ، والمجمع (1/310) ، والخطيب (14/14) ، وابن عدي في بالكامل، (5/1701) .

يرمون يبصرون مواقع نبلهم. رواه النسائي (1) بإسناد صحيح عن ابن/بشار عن غندر عن شعبة عن أبي بشير قال: سمعت حسان بن بلال يعني: المولق، عند ابن المديني وغيره يذكر عنه، وحديث زيد بن خالد الجهني قال: " كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثم أنصرف حتى يأتي السوق وإنه ليرى مواقع نبله ". رواه الطبراني في معجمه الكبير (2) من حديث صالح مولى التوأمه عنه، وحديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى يشتبك النجوم " (3) . رواه كذا قاله المجيد من أحكامه ويشبه أن يكون وهماً؛ لأن أبا داود لم يرو حديث عقبة منفردا ولعله استنبطه من حديث أبي أيوب، وقوله: أما سمعت النبي عليه السلام، فقال: نعم، وقد تقدم وحديث أم حبيبة بنت أبي سفيان ونحوه ذكره أبو على الطوسي الحافظ (رحمه الله تعالى) ، وهذه الأحاديث تدلّ على استحباب تعجيل صلاة المغرب، ولا خلاف لن العلماء في ذلك إلا ما حكى عن الشعية، وهو أمر لا يلتفت أبيه ولا أصل له ألا ما لعله يكون مأخوذا من حديث معاذ المخرج عند ابن حبان (4) :) أنه كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المغرب ثم يرجع إلى قومه فيصلى بهم تلك الصلاة ". ومن حديث أي نضرة المذكور قبل عند مسلم، وذكر العصر، ثم قال: ولا صلاة بعدها حتى مطلع الشاهد، والشاهد النجم، وهذان الحديثان يدلان على الجواز لا على الفضيلة، ولا خلاف في ذلك، وأنا حديث عبد العزيز بن رفيع المذكور في مراسيل أبي داود قال رسول الله علي: " عجلواْ لصلاة النهار في يوم الغيم وأخروا

_ (1) إسناده صحيح. رواه النسائي في: 6- كتاب المواقيت، 12- باب تعجيل المغرب (1/259) . (2) صحيح. أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد، (1/310) ، وعزاه إلى) أحمد، والطبراني في (الكبير، وفيه صالح مولى التوأمة وقد اختلط في آخر عمره، قال ابن معين: سمع منه ابن أبي ذئب لَبل الاختلاط وهنا من رواية ابن أبي ذئب عنه. (3) تقدم: حاشية رقم (1، نص 449) . (4) ضعيف. أورده الهيثمي في ومجمع الزوائد، (2/79) ، وعزاه إلى الطبري فيا الكبيرة، رفيه بكر بن بشار ضعفه ابن محين والنسائي: ووثقه أبو عاصم النبيل وابن حبان، رجال: يخطىء.

المغرب " (1) . فمراده والله/تعالى أعلم استبانة غيبوبة الشّمس حتى يتمكَّن [1/477] الوقت لا بتهائه، ولهذا قال البغوي: أصح الأقوال: أنّ لها وقتين، وآخر وقتها: إلى آخر غيبوبة الشّفق، ومذهب أبي حنيفة: أنّ وقتها ممتد إلى أن يغيب الشفق، احتجاجا بحديث عبد الله بن عمرو، والمغرب ما لم يسقط نور الشّفق، وفي رواية تورد بحديث أبي هريرة: " وأول وقت المغرب حتى تغيب الشمس وآخرها حين يغيب الشفق" (2) . وبحديث الأعرابي الذي أمره النبي عليه السلام بالصلاة معه يومين، وأنه صلى المغرب في اليوم الثاني حين كاد الشفق يغيب، إلى غير ذلك من الأحاديث، قال الدارقطني: اعتبرت الأحاديث في المواقيت عن ذكر المغرب الوقت الواحد، فبإمامة جبرئيل عليه السلام، وأبو موسى وبريدة وغيرها يحلون الوقتين فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله: فصار (3) متأخرا فيجب الأخذ به، وفي كتاب الإقناع لابن المنذر: آخر وقتها أن يغيب الشّفق، لقوله عليه السلام: " لا يفوت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى "، وقال في الأشراف: اختلفوا في وقت المغرب، فكان مالك والأوزاعي والشّافعي يقولون: لا وقت للمغرب إّلا وقتا واحدا إذا غابت الشمس، وفيه: قول يأتي وهو أنّ وقت المغرب إلى أن يغيب الشّفق هذا قول الثوري وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي، وقد روينا عن طاوس أنه قال: لا يفوت المغرب والعشاء حتى روينا عن عطاء أنه قال: لا يفوت المغرب والعشاء حتى النّهار والله تعالى أعلم، وأمّا الرافضة فمذهبهم: تأخيرها حتى يشتبك النجوم قاله الشعبي قال: وهي نزيحة يهودية. * * *

_ (1) مرسل. رواه أبى شيبة (2/237) ، والكنز (19416) ، وابن المبارك في الزهد (4) . (2) صحيح. نصب الراية: (1/230) . (3) قوله:) فصار " " وردت " " بالأصل " " قنطار" وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه.

107 - باب وقت صلاة العشاء

107 - باب وقت صلاة العشاء [477/ب] /حدثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لولا أن أشق على أمّتي لأمرتهم بتأخير العشاء " (1) ، وفي حديث سعيد بن أبي سعيد عنه قال عليه الصلاة والسلام: " لولا أن أشق على أمتي لأخّرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل، أو نصف الليل" (2) . هذا حديث قال فيه أبو عيسى وأبو علي الطوسي وخرجاه من حديث سعيد عنه: " لأخّرت العشاء إلى ثلث الليل (3) ، ولفظ أحمد بن حنبل: لعجلت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأوّل "، ورجّحه ابن أبي حاتم بقوله: سمعت أبي، وذكر حديثا رواه مروان الفزاري عن محمد بن عبد الرحمن بن مهران عن سعيد المقبري عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لولا أن يثقل على أمتي لأخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل " (4) .

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/690) ، والنسائي (1/266) ، وأحمد (2/245) 0، البيهقي (1/35، 37) ، والشفع (62) والشافعي (13) ، والمشكاة (376) ، وتلخيص (64) ، وتغليق (666) ، وشرح السنة (1/392) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/691) ، وأحمد (4/6،114/150) ، وابن أبى شيبة (1/331) ، والكنز (19484) ، وإتحافات (264) . وصححه الشيخ الألباني. قوله: " لولا أن أشق على أمتي " أي: لولا مخافة أو كراهة أن أشق على أمتي. (3) صحيح. رواه الترمذي (ح/167) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أحمد (رقم 9590،9589،7406ج 2 ص. 25، 433) من طريق عبيد الله عن سعيد بن أبى سعيد المقبري عن أبى هريرة. ورواه أحمد أيضا لإسناد آخر (رقم 10626ج 2 ص 509) ، قال: حدثنا ابن أبى عدي عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عطاء مولى أم صفية- قال أحمد: وقال يعقوب: صبية، وهو الصواب- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله علي: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخرت صلاة العشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأول، فأنه إذا مضى ثلث الليل الأول هبط الرب إلى السماء الدنيا إلى طلوع الفجر، يقول قائل: ألا داع يجاب، ألا سائل يعطيه، ألا مذنب يستغفر فيغفر له ". (4) راجع الحاشية السابقة، وتعليق الترمذي (1/312)

قال أبي: إنَما هو عن أبي هريرة عن النبي- عليه السلام-، ومع ذلك ففي كتاب أبي جعفر الطبري المسمى بالتهذيب ما يشعر بانقطاع حديث سعيد وأنه لم يأخذه عن أبي هريرة، إنَما أخذه عن عطاء عنه، وأنه رواه بسند صحيح عن أحمد بن منصور. ثنا يعقوب بن إبراهيم عن محمد بن إسحاق،حدثني سعيد بن سعيد عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لولا أن أشقَ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخَّرت العشاء إلى ثلث الليل الأول، فإذا مضى ثلث الليل الأول مضى ثلث هبط الرب جل ثناؤه إلى سماء الدنيا فلم يزل هنالك حتى تطلع الفجر/يقول: قائل، ألا سائل يعطى ألا داع [478/أ] يستجاب له، ألا سقيم يستشفي فيشفي، ألا مذنب يستغفر فيغفر له " (1) وخرج ابن حبان في صحيحه (2) قطعة منه، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث إسحاق بن أبي فروة عن صفوان بن سليم عن حميد عن عبد الرحمن عنه، وقال: لم يروه عن صفوان إلا إسحاق، وذكره الدارقطني في كتاب التصحيف: أنَ عطاء هذا هو مولى أم حبيب - يعنى الموثق عند ابن حبان-، حدثنا محمد بن المثنى نا خالد بن الحارث ثنا حميد قال: سئل أنس بن مالك: " هل اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما؟ قال: نعم، آخر ليلة صلاة العشاء إلى قريب من شطر الليل، فلما صلى أقبل علينا بوجهه فقال: إنَ الناس قد صلوا وناموا وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة، قال أنس: كأني أنظر إلى بياض خاتمه صلى الله عليه وسلم ". هذا حديث خرَجاه في الصحيح (3) ، ولفظ أبي القاسم في الأوسط، وخرجه من حديث إبراهيم من ذي حمابه عن حميد: فلما فرغ خطنا فقال: " إن الناس قد صلوا ورقدوا وأنتم في صلاة ما انتظرتم الصلاة "، ثم قال: لم يروه عن إبراهيم إَلا الجراح بن مليح. تفرد به محمد بن عبيدة. حدثنا عمران بن موسى الليثي ثنا عبد الوارث ابن سعيد ثنا داود بن أبي هند

_ (1) تقدم. (2) صحيح. ورواه ابن حبان: (3/40) من رواية هريرة. (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/155، 214) ، ومسلم في (المساجد، ح/221) ، والنسائي (1/268) ، وأبو داود (ح/422) من حديث أبي سعيد الخدري، والقرطبي (12/139) ، وآمالي الشجري (1/57) . ورواه ابن ماجة (ح/693) .

عن أبي ذر عن أبي سعيد قال: " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثم لم يخرج حتى ذهب شطر الليل، فخرج فصلَى بهم، ثم قال: إن الناس قد صلوا وناموا وأنتم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة، ولولا الضعيف والسقيم لأحببت أن أؤخَر هذه الصلاة إلى شطر الليل " هذا. هذا حديث خرجه أبو [478/ب] ، داود (1) عن مسدد، نا/بشر بن المفضل ثنا داود بلفظ: (صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل، فقال: خذوا مقاعدكم فأخذنا مقاعدنا " (2) ، فقال ... الحديث، ولفظ ابن خزيمة (3) في صحيحه-: وخرجه من حديث بندار- ثنا ابن أبي عدي عن داود حدثنا عمران بن موسى نا عبد الوارث نا داود ح وثنا إسحاق إبراهيم بن حبيب بن الشهير نا عبد الأعلى عن داود:) خذوا مقاعدكم فإن الناس قد أخذوا مضاجعهم، فإنكم لن تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها، ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم وحاجة ذي الحاجة لأخَرت هذه الصلاة إلى شطر الليل ". هذا حديث بندار، وفي الباب حديث أم أنس الأنصارية وليست بأم أنسى بن مالك-: قلت: يا رسول الله إنَ عيني تغلبني عن عشاء الآخرة، فقال- عليه الصلاة والسلام-: " عجليها يا أم أنس إذا ملأ الليل بطن كل واد فقد جاء وقت الصلاة فصلى ولا إثم عليك " (4) . ذكره أبو موسى في معرفة الصحابة، وحديث النعمان بن بشير أنه قال: (أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة، العشاء الآخرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر الثالثة ". رواه الحاكم (5) من حديث هيثم عن أبي بشر عن حبيب بن سالم عنه، ثم قال: تابعه رقية عن أبي بشر بن حبيب زاد الدارقطني وسفيان بن حسين، قال

_ (1) انظر: رواية أبى داود في الحاشية السابقة. (2) حسن. رواه أبو داود (ح/422) ، وأحمد (3/5) ، والكنز (21851) . (3) صحيح. رواه ابن خزيمة: (345) . (4) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "، (1/314) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه عنبسة بن عبد الرحمن، وهو متروك الحديث. (5) صحيح. رواه الترمذي (ح/165) ، وأبو داود (ح/419) ، والنسائي (1/265،264) وأحمد (4/274) ، والدارقطني (1/270) ، والتمهيد (8/94،93) .

الحاكم: وهو إسناد صحيح، وخالفهما شعبة وأبو عوانة، فقالا: عن أبي بشر بن ثابت عن حبيب بن سالم، ولما ذكر الترمذي حديث أبي عوانة أتبعه: نا محمد بن أبان نا ابن مهدى عن أبي عوانة بهذا الإِسناد نحوه، وحديث أبي عوانة أصح من حديث/هشيم؛ لأنّ يزيد بن هارون روى عن شعبة عن أبي [479/أ] بشر نحو روايته عن أبي عوانة، وفي كتاب الطوسي: ثنا محمد بن يحيى الذهلي ثنا يزيد بن هارون أنبأ شعبة عن أبي بشر عن بشير عن حبيب عنه قال بلفظ: " كان يصليها بمقدار ما يغيب القمر الليلة الرابعة " (1) . قال يزيد: فقلت له: إن هيثمًا يقول ليلة الثالثة فشكّك شعبة، فقال: رابعة أو ثالثة، وهذا حديث حسن، وصحح أبو محمد الإشبيلي حديث أبي عوانة في أحكامه الكبرى، وقال مهنأ: قال لي أحدكم بخبر شعبة يرد على هيثم، فسألت أحمد: من أخطأ في الحديث؟ قال: شعبة حين يقول ليلة رابعة، وقال أحمد أيضا فيما ذكره الخلال في علله: فيضعضع لها شعبة، ولما سئل أبو زرعة عنه قال: حديث بضير صححه ابن أبي حاتم في علله ووثقه أبو زرعة لما قال: وحكم لمسددنا أتى ما أتى عن أبي عوانة بزيادة رجل في الإسناد، وزعم بعضهم: أنه معارض لما ذكره ابن أبي حاتم في موضع آخر. سمَعت أبي ... وذكر حديثا: ثنا المعبري عن يحيى بن سعيد القطان ثنا سفيان عن أبي يعفور عن أبيه عن النعمان بن بشير، أنه يصلى مع النبي- صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- المغرب، ثم لا يلبث إلا يسيرا حتى يصلي العشاء، وقال: أخطأ فيه المقدمي ليس فيه النبي- عليه السلام- إنما هو: وكنا نصلى مع النعمان بن بشير ". والله تعالى أعلم. وحديث جابر بن عبد الله، قال: خرج النبي- عليه الصلاة والسلام- ذات ليلة وأصحابه ينتظرونه لصلاة العشاء فقال: نام النّاس ورقدوا وأنتم تنتظرون الصلاة أما إنَّكم في صلاة منذ انتظرتموها، ولولا ضعف الضعيف وكبر الكبير لأخّرت هذه الصلاة إلى شطر الّليل "، قال أبو زرعة: وسأله ابن [479/ب] أبي حاتم عنه،/فقال: هذا حديث وهم فيه ابن معاوية - يعني: إذ رواه عن

_ (1) رواه أحمد: (4/272) .

داود عن نضرة عن جابر- قلت: لم يبين الصحيح ما هو، والذي عندي أن الصحيح ما رواه وهب وخالد الواسطي عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي- عليه الصلاة والسلام-. وحديث عبد الله بن عمر قال: مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة فخرج إلينا حتى ذهب ثلث الليل أو بعده فلا ندرى شيء شغله في أهله أو غير ذلك، فقال حين خرج: " إنكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم، ولولا أن أثقل على أمتي لصليت لهم هذه الساعة، ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة وصلى " رواه (1) مسلم، وروى المحاربي نحوه وليس فيه: " لصليت بهم هذه الساعة "، وفي معجم ابن جميع: " أخّر صلاة العشاء حين نام النائم واستيقظ وتهجد المتهّجد، ثم خرج فأقيمت الصلاة فصلاها، وقال: لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم أن يصلوا هذا الوقت وهذا الحين " (2) . ولفظ أبي القاسم في الأوسط: " حين صلى المصلى، واستيقظ المستيقظ ونام القائمون وتهجد المتهجدون "، وحديث ابن عباس قال:) اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء، حتى رقد الناس واستيقظوا، ورقدوا واستيقظوا فقام عمر بن الخطاب- رضى الله عنه- فقال: (الصلاة فخرج رسول الله كأني أنظر أبيه يقطر رأسه ماء واضعَا يده على رأسه فقال: لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها ... " (3) هكذا رواه أيضا، وحديث عائشة قالت:) اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتى ناداه عمر [480/أ] الصلاة، نام النساء والصبيان، فخرج فقال: ما ينتظرها من أهل/الإِسلام أحد

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/220) ، وابن خزيمة (344) ، والمشكاة (616) ومعاني (1/157) . (2) قوله: " ولفظ "، غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه. (3) صحيح. رواه البخاري (1/150) ، والترمذي (167) ، والنسائي (1/266) ، وأحمد (1/221،336،28،2/28) ، والبيهقي (1/449) ، وابن خزيمة (342) ، والطبراني (11/185) ، وعبد الرزاق (2112) ، وشرح السنة (2/219) ، وإتحاف (2/350) ، والمشكاة (611) ، والمنثور (1/114) ، والكنز (19464، 19466، 21847) .

غيركم ". ولا يصلى يومئذ إلا بالمدينة قال: (وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثْلث الليل الأول ". رواه البخاري (2) وهذا لفظه، وفي لفظ له: " اهتم النبي صلى الله عليه وسلم حتى نام أهل المسجد ثم خرج، فصلى فقال: إنه لوقتها لولا أن أشقْ على أمتي ولم يذكر مسلم، وكانوا يصلون فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل الأول " (3) . وروى النسائي (4) الحديث، وعنده بعد قوله بالمدينة ثم قال: " صلوها فيما بين أن يغيب الشفق إلى ثلث الليل "، وفي لفظ: اهتم النبي عليه الصلاة والسلام ليلة حين ذهب عامة الليل وحين نام أهل المسجد ثم خرج يصلي ثم قال: " أنه لوقتها لولا أن أشق على أمتي "، وفي الأوسط من حديث محمد بن عمرو عن عبد الرحمن بن حاطب عنها قال: سئل- عليه السلام- عن وقت العشاء قال: " إذا ملأ الليل بطن كل " (5) ، وقال: لم يروه عن محمد بن عمرو إّلا جعفر بن سليمان الضبعي. وحديث جابر بن سمرة قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر عشاء الآخرة ". رواه مسلم (6) ، وفي مسند مسدد: " كان- عليه السلام- يصلى الصلوات نحوَا من صلاتكم، وكان يؤخر صلاة العتمة بعد صلاتكم شيئا، وكان يخفف الصلاة " (7) ، وفي لفظ: " كان- عليه السلام- يؤخر صلاة

_ (1) صحيح. رواه عبد الرزاق (ح/2116) ، وابن خزيمة (343) ، والمجمع (1/313) ، وعزاه إلى " البزار"، ورجاله ثقات. (2) صحيح. رواه البخاري (ح/569) . (3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/219) ، والنسائي (1/267) ، وأحمد (6/150) ، والبيهقي (1/367،450) ، وأبو عوانة (1/362) ، وعبد الرزاق (2114) ، والكنز (21865) . (4) انظر: الحاشية السابقة. (5) صحيح. رواه ابن أبي شيبة (1/331) ، والكنز (19476،218571857) ، وأحمد (5/365) ، والمجمع (1/313) ، وعزاه أبيه، ورجاله موثقون. (6) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب "39"، ح/226) ، والبيهقي (1/451، 6612) (7) صحيح رواه مسلم في (المساجد، باب "39"، ح/227) ، وأحمد (5/89) ، والكنز (22842) ، والقرطبي (12/307)

العشاء الآخرة " (1) ، وحديث علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم: " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، ولأخّرت العشاء إلى ثلث الليل الأوّل " (2) . رواه أبو جعفر في تهذيب الآثار بسند صحيح عن أحمد بن منصور نا يعقوب بن إبراهيم عن محمد بن إسحاق، حدثني عمى عبد الرحمن بن يسار عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عنه ولما رواه البزار (3) من [480/ب] حديث ابن إسحاق، قال:/وهذا الحديث قد روى عن النبي- عليه السلام- من وجوه ولا نعلمه يروى عن على عن النبي إلّا من هذا الوجه بهذا الإِسناد، قال الطبري: وروى شعبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" وقت العشاء إلى نصف الليل " (4) ، وفي كتاب النسائي: أنبأ عمرو بن علي ثنا أبو داود نا شعبة عن قتادة، سمعت أبا أيوب الأزدي يحدّث عن ابن عمرو فذكره مطولا، وبه قال شعبة: كان قتادة يرفعه أحيانا، وأحيانا لا يرفعه. وحديث معاذ: قال النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة، فتأخر حتى ظن الظان أنه بخارج، والقائل يقول ما القول: صلّى، فإنا لكذلك حتى خرج النبي- عليه السلام-، فقالوا له كما قالوا فقال:" أعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضّلتم بها على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم ". رواه أبو داود (5) ْ من حديث حريز عن راشد بن سعد عن عاصم بن حميد السلولي عنه وسكت عنه الإشبيلي مصححًا له، وعاب ذلك عليه ابن القطان، وزعم: أنّ عاصما

_ (1) صحيح. رواه النسائي (1/266) ، وأحمد (4/424،5/94) ، وابن أبي شيبة (1/330) وتغليق (259) ، والمجمع (1/314) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، ورجاله رجال الصحيح. (2) تقدم في الباب الأول من الجزء الأول من كتاب الطهارة. وانظر الحاشية رقم (2) ، القادمة. (3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/97) وعزاه إلى " البزار "، ورجاله ثقات، ولكنه في المسند عن ابن إسحاق عن عبيد الله بن أبى رافع معنعن. تقام في الباب الأول من الجزء الأول من كتاب الطهارة. وانظر: الحاشية رقم (2) ، القادمة. (4) أرواه البيهقي (1/167) وأبو عوانة (1/350) وتلخيص (1/64) ومعاني (1/156،159) ، (5) حسن. رضا أبو داو) خ/421) .

لا يعرف أنه ثقة، قال: وروى عن معاذ حديثين أو ثلاثة وعن عوف بن مالك وعائشة، روى عند راشد وعمرو بن قيس وأزهر بن سعد. انتهى كلامه. وفيه نظر في موضعين: الأول: تعداده الرواة عنه وإغفاله مالك بن زياد والحسن بن حاتم الطائي وابن دريد. الثاني: تجهيله إياه وليس كذلك؛ فأنه ممن وثقة البستي وخرج له حديثَا في صحيحه وأبو الحسن الدارقطني، وأمّا قول البزار: روى عن معاذ ولا أعلمه سمع منه، ولم يكن له من الحديث ما يعتبر به حديثه على استقامة حديثه، فيشبه أن يكون وهماً؛ لأن أبا داود صرح بسماعه منه هذا الحديث/في [481/أ] رواية ابن العبد واللؤلؤي وابن داسة، وحكى جماعة: أنه سمع من عمر خطبة بالحاسر- والله تعالى أعلم-. ووصفه ابن سعد بصحبة ابن حيل، وتقدّم حديث أبي برزة كان لا يبالي بعض تأخيرها، قال: يعني العشاء إلى نصف الليل، وحديث محمد بن سرقة عن محمد بن المقلّد عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه خرج ذات ليلة، وقد أخّر صلاة العشاء حتى ذهب من الليل هنيهة أو ساعة، والناس ينتظرونه في المسجد، فقال: "ما تنتظرون ... " الحديث. رواه أبو القاسم في الأوسط (1) ، وقال: لم يروه عن محمد بن سوقة إلّا عبد الله بن عمرو بن مرة. تفرد به الغنم بن الحكم المقري، وحديث زيد بن خالد الجهني. ذكره الترمذي- رحمه الله تعالى- واختلف العلماء في وقت العشاء المستحب، وغيره، فروى عن عمر بن الخطاب وأبي هريرة: أن آخّر وقتها إلى ثلث الليل كأنه يعني الفاضل، وهو قول عمر بن عبد العزيز، وإليه ذهب مالك لغير أصحاب الضرورات، واستحب لمساجد الجماعات أن لا يتعجلوها في أوّل وقتها إذا كان ذلك غير مضر بالناس، وذهب أبو حنيفة: إلى أنّ آخر وقتها ما لم يطلع الفجر الثانى، قال ابن راشد: وهو قول داود أخذًا بحديث أبي قتادة إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الأخرى،

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد "، (1/312) ، وعزاه إلى الطبراني في " الثلاثة "، ورجاله ثقات.

قالوا: وهو عام ومتأخَر عن حديث إمامة جبرائيل، فهو ناسخ ولو لم يكن ناسخًا لحصل التعارض، قال في المبسوط وهو إجماع لم يخالف فيه غير الإصطخري؛ فإنه قال: آخر وقتها إلى الثلث، وفي النصف يخرج الوقت وتكون الصلاة بعده قضاء، وقال ابن حبيب: آخر وقتها النصف الأوَل، ومشهور مذهب مالك: أنه أخَر الثلث الأول، وفي رواية ابن وهب عنه مذهب [418/ب] أبي حنيفة وهو المروي/عن ابن عباس، وذهب النخعي إلى أنه أخَر الربع الأوَل، وأنكر القرطبي أن يكون له مستندا في ذلك، وفي كتاب الأشراف لأبي بكر: وكان النخعي يقول: آخر وقتها إلى نصف الليل، وبه قال الثوري وابن المبارك وإسحاق وأصحاب الرأي وأبو ثور، قال: واختلفوا في التعجيل بها، فروينا عن ابن عباس أنه قال: " تأخيرها أفضل ويقرؤون زلفًا من الليل "، وعن ابن مسعود:) أنه كان يؤخر العشاء "، وهو قول ابن جبير وعمر في رواية وعمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشَافعي، وقال قائلون: تعجيلها أفضل استدلالا بالأجناس التي فيها تعجيل الصلاة في أوائل وقتها، وممن قال بذلك؛ عمر بن الخطاب، ورواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن سفيان عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة عنه قال: دخلت أنا وابن عمر المسجد حين تعشى، فقال: ما منعه أن يأمر مؤذنه أن يقيم الصلاة؟ قلت: الساعة الآن؟ قال: نعم. كان إذا تعشى صلى ". وثنا سفيان عن ثور عن مكحول قال: كان عبادة بن الصامت وشدَاد بن أوس إذا غابت الحمرة ببيت المقدس صلَيا العشاء والله- سبحانه وتعالى- أعلم. * * *

108- باب ميقات الصلاة في الغيم

108- باب ميقات الصلاة في الغيم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ومحمد بن الصباح، قالا: ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي، حدثنى يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهاجر عن بريدة الأسلمة قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة. فقال: بكروا بالصلاة في اليوم الغيم فإنه من فاته صلاة العصر حبط عمله ". هذا حديث أخرجه البخاري (1) في صحيحه/عن مسلم بن إبراهيم ثنا هشام ثنا يحيي بن [428/أ] أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المليح قال: " كنا مع بريدة في غزوة في يوم غيم، فقال: بكروا بصلاة العصر ... " الحديث، وكذا قاله النسائي عن عبيد الله بن سعيد عن يحيي بن سعيد عن هشام وأحمد عن يحيى بن سعيد الإسماعيلي عن ابن ناجية عن الفلاس وعن القاسم بن زكريا عن ابن مثنى، كَلاهما عن يحيى وعن المسعر وابن ناجية عن أبي الأشعث عن يزيد بن زريع، قال يحيى وابن أبي عدي ويزيد: ثنا هشام عن يحيى وأبو مسلم بن الكجي بن إبراهيم نا هشام به، وابن خزيمة عن أحمد بن عبدة نا أبو داود نا هشام، وثنا الحسين من حديث أبو عمار ثنا النضر بن شميل عن هشام فذكره، قال ابن عساكر: كذا قال الأوزاعي عن أبي المهاجر- يعني: أنّ المحفوظ في هذا هو أبو المهلب -، كذا نصّ عليه غير واحد من الأئمة حين قال البستي: وهم الأوزاعي في تصحيفه عن يحيى، فقال عن أبي المهاجر: وإنّما أبو المهلب عم أبي قلابة الحربي، وذكر الحافظ ضياء الدين المعري أنّ ابن حبان وهم أيضا في هذا، وقال: والصواب: أبو المليح عن بريدة- والله تعالى أعلم-، قال المهلب بن أبي صفرة: معنى هذا من فاتته فوات مضيع منها وكان معضل وقتها مع قدرته على أدائها فحبط عمله في الصلاة خاصة، أي: لا يحصل له أجر المصلي في وقتها، ولا يكون له عمل ترفعه الملائكة، وقال

_ (1) صحيح. أورده الألباني في الإرواء، (1/277،276) ، وعزاه إلى البخاري وابن ماجه (ح/694) ، وأحمد (5/361) ، والبيهقي (1/441) ، وابن حبان (256) ، والترغيب (1/277،276) ، وابن أبى شيبة (2/237) ، وابن عدي في " الكامل، (3/1038)

غيره: معناه تركها جاحداً، فإذا فعل ذلك، قد كفر وحبط عمله، ورد: بأن ذلك يقال في سائر الصلوات فلا مزية لها إذَا، وقال ابن بريدة: هذا على وجه التغليظ، وقال ابن التيمي: معناه: كاد أن يحبط، وترك المشار إليه محمول [4821/ب] ، على التأخير، ويجوز أن يراد به: لا يصليها مطلقَا تهاونًا بها، والله/تعالى أعلم بالصواب. * * *

109- باب من نام عن الصلاة أو نسيها

109- باب من نام عن الصلاة أو نسيها حدثنا نصر بن عاصم الجهضمي، ثنا يزيد بن زريع ثنا حجاج ثنا صاده عن أنس بن مالك قال: " سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يغفل عن الصلاة أو يرقد عنها، قال: يصليها إذا ذكرها " (1) ، ثم علاه درجة من طريق غير صحيحة فقال: ثنا جبارة بن المفلس ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ومن نسى صلاة فليصليها إذا ذكرها ". هذا حديث خرجه الأئمة الستة (2) في كتبهم، زاد الشيخان: " لا كفارة لها إلا ذلك أقم الصلاة لذكرى "، وفي لفظ لمسلم (3) : " إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصليها إذا ذكرها. فإن الله تعالى يقول: أقم الصلاة لذكرى "، ولفظ أبي داود (4) " للذكرى "، وفي لفظ للنسائي (5) " أو يغفل عنها فإن كفارتها أن يصليها إذا ذكرها ". وفي حديث محمد بن جعفر بن الحسن بن المستفاض أبي الحسن الزباني زيادة، أو إذا استيقظ، رواها عن محمد بن أحمد بن الخير ثنا عبد الله يعنى بن يزيد المقري لا أبو عوانة وأبو جري نصر بن طريف وحمّاد بن سلمة وهمّام بن يحيى في آخرين عن قتادة إذا ذكرها أو إذا استيقظ، نبأ بذلك المسند المعمر أمن الدين أبو الفضل عبد المحسن بن أحمد بن محمد قرأه عليه، وأنا أسمع أنبأ الإِمام أبو خالد أنبأ القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الفضل أنبأ أبو الحسن علي بن المسلم السلمي ثنا أبو

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 2- كتاب الصلاة، 10- باب من نام عن الصلاة أو نسيها، (ح/695) . وصححه الشيخ الألباني. (2-3-4- هـ (صحيح. متفق عليه. أورده الألباني في " الإرواء " (1/291) ، وعزاه إلى البخاري ومسلم في (المساجد، ح/315) ، وأبو داود (ح/442) ، والنسائي (1/296،293) ، وابن ماجة (ح/696، 297) ، والترمذي (ح/178) ، وصححه. وأحمد (3/243، 269) ، والبيهقي (2/218، 03،456330،4) ، وأبو عوانة (1/385) ، وابن خزيمة (993) ، والطبراني (18/180) ، وعبد الرزاق (2244) ، وشرح السنة (2/241، 305) ، والمشكاة (484) ، ومثال (1/187) ، والنبوة (4/273) ، والتمهيد (6/388،297) .

نصر الحسين ابن محمد بن أحمد بن الحسين بن طلاب أنبأ أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الساني، وزعم بعض من يتكلم في العلل/من المتأخرين: أن قتادة مدلس ولم يصرح هنا بالسماع، وذلك غير مقبول منه إلا إذا صرح، قال: ولا الثقات إلى قول من قال: إذا كانت العنعنة من مدلس في الصحيح، قلت: لاحتمال اتصالها من طريق أخرى، ويجاب عن ذلك، بأنه قد صرح بسماعه إياه من طريق صحيحة ذكرها الإِسماعيلي في صحيحه عن محمد بن عمران وأبي عبد الله الصوفي، ثنا على بن الجعد وأخبرني همام نا قتادة ثنا أنس نحوه وقال الحافظ أبو العباس الطرمي: إسناد الآية عن قتادة فيما ذكره هدبة عنه، وفي حديث الشعبي عنه قال: من يكلأنا الليلة، فقلت: أنا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ونام الناس ونمت فلم استيقظ إلا بحر الشمس، فقال عليه السلام: " يا أيها الناس إن هذه الأرواح غارية في أجساد العباد يقبضها الله إذا شاء ويرسلها إذا شاء فاتصف أجرَا يحكم على رسلكم، فقضينا حوائجنا على رسلنا وتوضأنا وتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صلى ركعتي الفجر قبل الصلاة ثم صلى بنا " أنبأ به المسند شرف الذين يحيى بن المقدس قراءة عليه عن الإِمام بهاء الدين الشافعي أنبأ شهدة قراءة عليه أنبأ أبو منصور بن حريسة أنبأ الرقاني أنبأ الإِسماعيلي أنبأ محمد بن الحسن المحاس أنبأ أبي ثنا عقبة عنه فذكر ما حدثنا حرملة بن يحيى نا عبد الله بن وهب ويونس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: " أن رسول الله حين فعل من غزوة خيبر فسار ليلة حتى إذا أدركه الكراء عرس، وقال لبلال: أَكْلأ لنا الليل فصلى بلال ما قدر له، ونام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلم يقارب الفجر، واستند بلال إلى راحلة مواجبة الفجر، فغلبت بلالاً عيناه وهو مستند إلى [483/ب] راحلة فلم يستيقظ بلال، ولا أحد من أصحابه حتى/ضربتهم الشمس، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أولهم استيقاظَا، ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي بلال؟ فقال بلال أخذ بنفسي الذي بنفسك بأبي أًنت وأمي يا رسول الله، قال: اقتادوا فاقتادوا رواحلهم شيئَا، ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم الصبح فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: من نسى صلاة

فليصليها إذا ذكرها فإن الله تعالى، قال: أقم الصلاة لذكري، قال. وكان ابن شهاب يقرؤها للذكرى ". هذا حديث خرجه مسلم (1) ، بزيادة " ليأخذ كل رجل منكم برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان فنعلنا، ثم دعا بالماء فتوضأ ثم سجد سجدتن ثم أقيمت الصلاة فصلى بهم الغداة "؛ وفي لفظ لأبي داود (2) عن موسى بن إسماعيل ثنا إبان نا معمر عن الزهري في هذا الخبر قال: فقال- عليه الصلاة والسلام -: تحولوا من مكانكم الذي أصابتكم فيه الغفلة قال: فأمر بلالا فأذّن فأقام وصلى ". قال أبو داود رواه مالك وابن عيينة والأوزاعي وعبد الرزاق عن معمر وابن إسحاق لم يذكر أحد منهم الأذان في حديث الزهري هذا، ولم يسنده منهم أحد إَلا الأوزاعي وأبان العطار عن معمر، وزاد في رواية أبي الطيب الأسناني ثنا موصل ثنا الوليد عن الأوزاعي يعني عن الزهري به، ولما رواه أبو عيسى (3) عن محمود بن غيلان عن النضر بن شميل عن صالح بن أبي الأخضر عن الزهري بلفظ: " فأقام الصلاة ثم صلى على صلاته للوقت ثم مكث ثم قال: أقم الصلاة لزكري ". قال هذا حديث غير محفوظ رواه غير واحد من الحفاظ عن الزهري عن سعيد أنَ النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه عن أبي هريرة،/وذكر [1/484) أبو الحسن في علله أنَ الأوزاعي رواه مرفوعا من رواية هشام بن خالد عن الزبير بن مسلم، وكذلك ابن عيينة في رواية عبد الجبار بن العلاء عنه عن الزهري، ومالك الإِمام فيما رواه القدامى وابن أخي بن وهب عن عمه عنه قال: والمحفوظ هو المرسل وبنحوه، وذكره في غرائب مالك والله تعالى أعلم، وأمَا قول أبي داود لم يسنده أحد منهم يعني المسلمين إلا الأوزاعي وإبان فمردود بقول ابن عمرو قد وصله محمد بن إسحاق، وفي قول الدارقطني:

_ (1) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/309) . غريبه: قوله:" أكلأ لنا " أي ارقبه واحفظه واحرسه. ومصدره الكلاء. و" اقتادوا "، أي قورواء واحلكم لأنفسكم آخذين بمقاصدها. (2) حسن. رواه أبو داود (ح/436) (3) قوله " عيسى " وردت " بالأصل " " غيلان "، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه

وابن أخي ابن وهب عن عمه إشعار اًنه منفرد بذلك، وهو وإن كان حديثه في صحيح البخاري فقد تكلم فيه غير واحد بكلام فيه إقراع، فقد قدمنا إسناده من حديث حرملة عنه، وخرجه مسلم من حديث أحمد بن صالح عنه أيضًا، فهذا كما ترى غير واحد من الثقات وصله فترجح لذلك قول مسلم والله تعالى أعلم، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق لا بأس به، يشهد لمن وصله لا وله فيها للزهري ولا لسعيد أنبأ بها المسند المعمر محمد بن أبي بكر رحمه الله تعالى قراءة عليه أنبأ سيدة قراءة عليها عن الإِمام أبي سعيد بن الصغار وزينب ابنة عبد الرحمن الشعرية أنبأ وجه بن طاهر قراءة عليه أنبأ الأستاذ أبو القاسم القشيري قراءة عليه أما أبو الحسين أحمد بن محمد الحفان أنبأ أبو العباس محمد بن إسحاق بن مهران السراج أنبأ جعفر بن عبد الله بن عمر الحلواني نا مروان عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: عرسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس. فقال رسول [484/ب] الله صلى الله عليه وسلم: " ليأخذ كل رجل منكم برأس راحلته، فإن هذا/مكان حضر فيه الشيطان فسار غير بعيد " (1) ، ثم نزل، قال أبو العباس: وثنا سعيد بن يحيى الأموي، حدثني أبي ثنا يزيد به، وزاد قال: فسرنا ساعة ثم دعا بماء فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة، وفي كتاب المعرفة للبيهقي: فوتها الله أو كرها، وضعف هذه الزيادة بحفص بن العطان وابن أبي العطان يشبه أن يكون غير المذكور عند السراج؛ لأني لم أر أحدا نسبه كما نسبه هو ولا جمع بين النسبتين والله تعالى أعلم. حدثنا أحمد بن عبدة ابن أنبأ حماد بن زيد عن ثابت عن عبيد الله بن رباح عن أبي قتادة قال: ذكروا تفريطهم في النوم فقال: ناموا حتى طلعت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسى أحدكم صلاة أو نام عنها، فليصلها إذا ذكرها ولوقتها من الغد " (1) . قال عبد الله بن رباح فسمعني

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب "555" رقم 310) ، وأحمد (2/429) ، والبيهقي (2/218،484) ، وابن أبى شيبة (2/64) ، والكنز (20151، 22688) (2) صحيح رواه في (المساجد، ح/311) ، وأبو داود (ح/437) ، والنسائي (1/394) ،=

عمران بن الحصين، وأما الحديث فقال: يا فتى انظر كيف تحدث فإنى شاهد للحديث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فما أنكر من حديثه شيئا، هذا حديث خرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن هارون بن إسحاق نا ابن فضيل عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، وعن محمد بن أبي صفوان الثقفي نا نمير يعني ابن أسد، نا حماد بن سلمة أنبأ ثابت الطامي به ورواه مسلم (1) عن شيبان ابن فروح ثنا سليمان يعنى بن المغيرة نا ثابت بلفظ: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء إن شاء الله تعالى غدًا فانطلق الناس لا يلوى أحد على أحد قال أبو قتادة: فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم/يسير حتى إبهار الفيل، وأما ابن جنبة، قال: [458/أ] فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم فمال عن راحلته فأتيته فدعمته من غير أن أوقظه حتى اعتدل على راحلته إذا كان من آخر السحر، مال ميلة هي أشد من الميلتين حتى كاد ينحضل فأتيته فدعمته فرفع رأسه قال: من هذا قلت أبو قتادة. قال: متى كان هذا مسيرك منى قال: قلت: مازال هذا مسيري منذ الليلة قال: حفظك الله بما حفظت نبيك ثم قال: هل ترانا نخفي على الناس ثم قال هل ترى من أحد قلت: هذا راكب آخر ثم قلت: هذا راكب آخر حتى اجتمعنا فكنا سبعة ركب- قال: فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق فوضع رأسه ثم قال: احفظوا علينا صلاتنا، فكان أول من استيقظ رسول الله والشمس في ظهره. قال: فقمنا فزعين، ثم قال: اركبوا فركبنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس، فنزل ثم دعا بميضأة كانت معى فيها شيء من ماء ثم قال لأبي قتادة احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها بناء ثم أذن بلال بالصلاة

_ = وابن ماجة (ح/698) ، البيهقي (1/376، 2/216) ، وابن خزيمة (989) ، والمشكاة (604) ، والتمهيد (8/75) ، وتلخيص (1/177) ، والدارقطني (1/386) ، والكنز (20149) ، والقرطبي (10/29) ، غريبه. قوله "جامين رواء"، أي مسترحين قد رووا من الماء والرواء ضد العِطاش جمع ريان وريا، مثل عطشان وعطشى " فأدلجنا " أي سرنا الليل كله "مزادتين"، المزادة أكبر من القربة "موتمة" أي. ذات أيتام "تنضرج من الماء" أي تنشق (1) صحيح رواه مسلم في المساجد (ح/311)

فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم، وقال: وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم " وركبنا معه. قال: فجعل بعضنا يهمس إلى بعض ما كفارة ما صنعنا بتفريطنا في صلاتنا. قال: ما لكم في أسوة ثم قال: أنه ليس في النوم تفريط، إنّما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيئ وقت الصلاة الأخرى فمن فعل ذلك فليصلها حين ينتبه لها، فإذا كان الغد فليصلها عند وقتها، ثم قال ما ترون الناس صنعوا. قال ثم قال: أصبح الناس فقدوا نبيّهم. فقال أبو بكر، وعمر: رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدكم لم يكن [485/ب] ليخلفكم وقال الناس:/إن رسول صلى الله عليه وسلم الله بين أيديكم، فإن تطيعوا أبا بكر وعمر ترشدوا. قال: فانتهينا إلى النّاس حتى امتدّ النهار وحمى كلّ شيء وهم يقولون: يا رسول الله هلكنا عطشَا. فقال لأهلك عليكم. ثم قال: أطلقوا إلي غمري. قال: ودعا بالميضأة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأبو قتادة يسقيهم فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة تكابوا عليه، فقال عليه السلام: أحسنوا الملأ كلهم ستروا قال: فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب وأسقيهم حتى ما بقى غيري، وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ثم صبّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: اشرب فقلت لا حتى تشرب يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ساقى القوم آخرهم. قال: فشربت وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وأتى الناس الماء مّن جامين روآءَ قال: فقال عبد الله: إنى لأحدّث هذا الحديث في مسجد الجامع إذ قال عمران بن حصين: انظر أيّها الفتى كيف تحدّث، فإنّى أحد الركب تلك الليلة. قال: فقلت فأيّنا علم بالحديث قال: ممن أنت قلت: من الأنصار قال: حدّث فأنت أعلم بحديثكم قال: فحدّثت القوم، فقال عمران: لقد شهدت تلك الليلة وما شعرت أنّ أحدَا أحفظه كما حفظته، وخرج البخاري (1) قطعة منه في كتاب التوحيد عن ابن سلام ثنا عن هشيم عن حصين عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه وعن عمران بن ميسرة ثنا محمد بن فضيل ثنا حصين بلفظ: (فقال بعض القوم: لو عرست ثنا يا رسول الله

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/154) ، وشرح السنة (2/307) ، ونصب الراية (1/283)

قال أخاف أن تناموا عن الصلاة فقال بلال: أنا أوقظكم فاضطجعوا وأسنده ظهره إلى راحلته فغلبه عيناه فنام/فاستيقظ النبي وقد طلع حاجب، الشمس، [486/أ] فقال: يا بلال أين ما قلت قال ما ألقيت على نومة مثلها قط قال: "إنّ الله قبض أرواحكم حين شاء ورّدها عليكم حين شاء، قم يا بلال فأذّن بالناس بالصلاة، فتوضأ فلما ارتفعت الشمس قام فصلى " (1) . وفي سنن الكجي، فقال عمران: أي من احفظ فإني شاهد القوم، وفي لفظ لأبي داود: ثنا على بن نصر ثنا وهب بن جرر ثنا الأسود بن شيبان ثنا خالد بن شُمير قال: قدم علينا عبد الله بن رباح فحدثنا قال ثنا أبو قتادة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء بهذه القصة يعني حديث حماد عن ثابت قال: فلم يوقظنا إلا الشَّمس طالعة، فقمنا وهلين لصلاتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:) رويدَا رويدَا (يعني إذا تعالت الشمس قال: " من كان منكم يركع ركعتي الفجر فليركعهما "، فقام من كان يركعهما ومن لم يكن يركعهما فركعهما ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادى بالصلاة فنودي بها، فصلى بنا فلما انصرف قال:) ألا إنا نحمد الله ألا لم يكن في شيء من أمور الدنيا شغلنا عن صلاتنا ولكن أرواحنا كانت بيد الله، فأرسلها متى شاء فمن أدرك منكم صلاة الغداة من غد صبحا فليقض معهما مثلها " (2) . ثنا عمرو بن عوف نبا خالد عن حصين عن أبي قتادة عن أبيه في هذا الخبر، قال: فقال: " إن الله تعالى قبض

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/154، 9/170) ، وأبو داود (439) ، والنسائي (2/106) ، وأحمد (5/307) ، البيهقي (1/2،216/404) ، وشرح السنة (2/307) ، والجوامع (4897) ، والمنثور (5/329) ، وابن أبي شيبة (2/66) ، والكنز (20152،22686) ، ونصب الراية (1/283) ، وصفة (142) (2) حسن. رواه أبو داود في: 2- كتاب الصلاة، 10- في من نام عن الصلاة أو نسيها، (ح/437) . قلت: خالد بن شمير- بالشين المعجمة مصغرا- وفي بعض النسخ " ابن سمير" بالإهمال، وهو تحريف، ولم يرو عن خالد إلا الأسود بن شيبان كما قاله الخزرجي. غريبه: قوله: " وهلين " في فزعين، وتقول: وهل الرجل يوهل - من باب علم- إذا فزع لشيء يصيبه.

أرواحكم حيث شاء قم فأذّن بالصلاة فقاموا وتطهروا حتى إذا ارتفعت الشَمس نام صلي الله عليه وسلم ثنا هناد ثنا سُبر عن حصين عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه قال: " فتوضأ حين ارتفعت الشمس فصلى [486/ب] بهم "./ثنا العباس العنبري ثنا سليمان بن داود نا سليمان يعني ابن المغيرة عن ثابت عن ابن رباح عن أبي قتادة قال عليه السلام: "ليس في النوم تفريط إنَما التفريط في أليقظة أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت أخرى " (1) ، وفي حديث يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن ثابت عن ابن رباح زيادة، فقلت: نعم ميضأة فيها شيء من ماء، فقال: "فأتني بها فأتيته بها فقال سواهبها " فتوضأ القوم، وبقى في الميضأة جرعة وفيه فقال النبي: " ما تقولون إن كان أمر دنياكم فشأنكم وإن كان أمرد دنا بي " (2) ، وفيه فإذا كان ذلك فصلوها من الغد لوقتها، وفيه وبقى من الميضأة نحو ممَا كان فيها وهم يومئذ ثلاث مائة، قال حماد: وثنا حميد عن بكر بن عبد الله عن ابن رباح عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد فيه قال: " كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا عرس وعليه ليل توسد يمينه، وإذا عرس قرب الصباح وضع رأسه على كفه أليمين وأقام ساعدة" (3) . أنبأ بذلك الإِمام الدوامة المسند شمس الدين محمد بن الحسن بن علي بن محمد الشافعي- رحمه الله- قراء عليه، وثنا أسمع ثنا المسند أبو الكرم لاحق بن عبد المنعم قراءة عليه عن أي محمد المبارك بن الطباخ أنبأ الشيخ السديد أبو الحسن عبد الله بن محمد بن أحمد قراءة عليه أنبأ جدي الإِمام الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسن البيهقي قراءة عليه أنبأ عليَ بن محمد بن عبد الله العدل ببغداد أنبأ أبو جعفر محمد بن

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/311) ، وأبو داود (ح/441) ، والنسائي (1/294) ، وابن ماجه (ح/698) ، البيهقي (1/376، 6/212) ، وابن خزيمة (989) ، والمشكاة (604) ، وا لتمهيد (8/75) ، وتلخيص (1/177) ، والدارقطني (1/386) ، والقرطبي (10/29) ، والكنز (20149) . (2) رواه أحمد (5/298) والكنز (32178) . (3) صحيح. رواه أحمد (5/298) ، والإتحاف (4/331) ، والكنز (18151) ، وبداية (6/115)

عمرو بن البحتري الدرداء؛ ثنا محمد بن عبد الله بن يزيد ثنا يزيد ابن هارون فذكره، وفي مسند السراج: " إذا عرس بليل توسد يمنيه، وإذا عرس بعد الصبح نصب ساعده/وصيا وعمد بها إلى الأرض ووضع رأسه على كفه " (1) . [487/أ] ولما أخرجه أبو عبد الله في مستدركه، قال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه وفيه نظر؛ لأن أم سلمة ليس على شرط البخاري، وفي إثبات حديث عمران بن حصين المخرج في الصحيحين (2) قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأدلجنا ليلتنا حتى إذا كان في وجه الصبح عرسنا، فقلنا: أعيننا حتى بزغت الشمس. قال: فكان أول من استيقظ منا أبو بكر، وكنّا لا نوقظ النبي عليه السلام من منامه إذا نام حتى يستيقظ ثم استيقظ عمر فقام عند نبي الله فجعل يكبر ويرفع صوته حتى استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه فرأى الشمس قد بزغت. قال: " ارتحلوا "، فسار بنا حتى ابيضت الشمس فنزل فصلَى بنا الغداة، فاعتزل رجل من القوم لم يصل معنا، فلمّا انصرف قال له النبي صلى الله عليه وسلم: " يا فلان ما منعك أن تصلى معنا "، قال: يا نبي الله أصابتني جنابة فأمره بالتيمم فصلى، ثم عجلني في ركب بين يديه يطلب الماء فذكر قصة المرأة التي معها مزادتان، وفي المستدرك (3) من حديث الحسن عنه: " نمنا عن صلاة الفجر حين طلعت الشمس فأمر المؤذن فأذن الفجر حين طلعت الشمس فأمر المؤذن فأذّن ثم صلى الركعتين قبل الفجر ثم أقام المؤذَن فصلى الفجر". وقال صحيح على ما قدمنا ذكره، وصح سماع الحسن وعمران، وأفاد به الركعتين ولم يخرجاه وله شاهده بإسناد صحيح فذكر حديث جدَ يحيى بن سعيد حين صلى ركعتين الفجر بعد الصلاة وإقراره عليه السلام على

_ (1) الحاشية السابقة. (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/96، 4/232) ، ومسلم) ص/475) ، والطبراني (18/138) ، والنبوة (6/.3) غريبه: قوله: " المزادتان "، المزادة أكبر من القربة. والمزادتان حمل بعير. سميت مزادة لأنه يزاد فيها من جلد آخر من غبرها. (3) صحيح. رواه الحاكم: (1/274) . وقال: " صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ".

ذلك، وفي لفظ للدارقطني (1) من حديث الحسن: " فصلى ركعتي الفجر حتى إذا أمكنا الصلاة صلينا "، وفي لفظ لأحمد (2) : " سرنا مع النبي عليه [487/ب] السلام فلما كان في آخر الليل عرس فلم يستيقظ/حتى أيقظتنا الشمس فجعل الرجل يقوم دمثا إلى طهوره. قال: فأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يسكنوا ثم ارتحلوا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس توضأ ثم أمر بلالا فأذّن ثم صلى الركعتين قبل الفجر ثم أقام فصلينا، فقالوا يا رسول الله ألا يفدها في وقتها من الغد؟ قال: أينهاكم ربكم عن الربا ويقبله منكم "، وخرجه ابن خزيمة في صحيحه عن محمد بن يحيى ثنا يزيد بن هارون أنبأ هشام عن الحسن عنه بزيادة: " إنّما التفريط في اليقظة " (3) ، وفي هذا دليل لما قاله البخاري فيما حكاه عنه الترمذي لا يتابع ابن رباح على هذا يعني قوله فليقض معها مثلها، لأنّ عمران كان حاضرا ولم يذكرها، قال ابن رباح عن أبي قتادة في إعادة الصلاة، وفي تاريخ البخاري الصغير: لا يتابع ابن رباح في قوله ولوقتها من الغد، قال: وخالف فيه سليمان بن المغيرة عن ثابت، فقال: ليس التفريط لمن لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت صلاة أخرى، ولا يصح هذا الخبر عند أهل البصرة، ورواه حميد ومبارك عن بكر عن ابن رباح عن أبي قتادة: " ليس في النوم تفريط "، كما قدمناه من عند ابن ماجه (4) وإن كان ابن عساكر ومن بعده أغفلاه فغير صواب، وزعم البيهقي في المعرفة: أن هذه اللفظة تفرد بها الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير عن ابن رباح، قال: ولم يتابعه على هذه الرواية ثقة، والصواب حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن ابن رباح يعني المتقدم، فحمله خالد: على الوهم، وقد صرّح في حديث

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني: (1/383) . (2) صحيح. رواه أحمد: (1/259) . (3) ضعيف. رواه أحمد (5/298، 305) ، وكنز (20154، 20161، 22682) واستذكار (1/39) . (4) صحيح. رواه ابن ماجة في: 2- كتاب الصلاة، 10- باب من نام عن الصلاة أو نسيها، (ح/698) . وصححه الشيخ الألباني

عمران بذلك، وفي حديث ابن رباح وسوقه له عند عمران دلالة على كون القضيتين واحدة والله تعالى أعلم، وقال أبو عمر: وقول خالد/في هذا حبيش [1/488] الأمر وهم عند الجميع؛ لأنه كان في موته وهي سريه لم يشهدها للنبي- عليه الصلاة والسلام-، وقال ابن حزم: وقد خالف خالداً من هو أحفظ منه، وحديث عتبة بن عامر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فاسترقد لما كان منها على ليلة فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قدر رمح فقال: " ألم أقل لك يا بلال " وفي آخره: " فانتقل رسول الله عليه من ذلك المنزل غير بعيد ثم صلى ثم سار بقية يومه وليلة، فأصبح بتبوك " (1) ، رواه البيهقي في الدلائل من حديث عبد الله بن مصعب بن مسطور عن أبيه عنه، وحديث ابن مسعودي قال: " أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية ليلا، فنزلنا دهاشَا من الأرض فقال: من يكلؤنا؟ قال بلال: ثنا. قال: إذا تنام قال: لا تنام حتى طلعت الشمس، فاستيقظ فلان وفلان منهم عمر. فقال: امضوا. فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: افعلوا كما كنتم تفعلون فلما فعلوا. قال: هكذا افعلوا لمن نام أو نسى ". رواه أبو داود (2) بسند صحيح عن ابن مثنى عن ابن جعفر عن جامع بن شدَاد (3) قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي القمة قال: سمعت ابن مسعود به، وخرجه الكيش عن عمرو بن مرزوق ابن المسعودي عن جامع بلفظ: لما رجع من الحديبية، فقال عبد الله أنا: قال إنك تنام مرتين أو ثلاثة. قال: بت فحرست حتى كان في وجهي الصبح فأدركني ما قال النبي فقمت الحديث، وحديث عمر بن أمية الضمري (4) قال:) كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها في بعض أسفاره، فنام عن الصبح حتى طلعت الشمس فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فقال: تنحوا عن هذا/المكان قال: ثم أمر بلالًا فأذن ثم توضئوا (488/ب)

_ (1) بنحوه. الدر المنثور: (2/225، 5/13) . (2) إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/447) . (3) قوله: " شدْاد " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (4) قولهم " الضمري " وردت " بالأصل " " الغتري " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه

وصلوا ركعتي الفجر، ثم أمر بلال فأقام الصلاة فصلى بهم صلاة الصبح ". خرجه أبو داود (1) بسند صحيح من حديث عبد بن يزيد عن حيوة بن شريح عن عباس بن عباس أن كليب بن صبح حدثه أن الزبرقان حدّثه عن عمّه عمرو فذكره، قال: حدثنا إبراهيم ابن الحسن ثنا حجاج يعنى بن محمد نا حريز وثنا عبيد بن أبي الوزير هنا مشير الحلبي هنا حريز بن عثمان حدثني يزيد بن صليح عن ذي مجز، وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر قال: " فتوضأ يعني النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر وضوحا لم يَلِثْ منه التراب، ثم أمر بلالًا فأذّن ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فركع ركعتين عجّل، ثم قال لبلال أقم الصلاة ثم صلى وهو غير عجل " (2) . قال عن حجاج عن يزيد بن صليح حدثني ذو مخبر رجل من الحبشة، وقال: عبيد يزيد بن صبح ثنا مؤمل بن الفضل الحراني ثني الوليد ثنا حريز بن عثمان عن يزيد بن صالح عن ذي مخبر بن أخي النجاشي في هذا الخبر قال: فأذّن وهو عجل وهو إسناد صحيح لتوثيق يزيد بن صبيح، قال ابن عساكر: والنضر يفتى وهو الصواب عند أبى حاتم البستي رحمه الله تعالى، ولفظ الطبراني في الأوسط: " كنا مع النبي في في سرية فتقدم الناس فقال: هل لكم أن نهجع هجعة فقالوا نعم. فقال: من يكلؤنا الليلة قال: ذو مخبر، فأعطاه خطام ناقة، وقال: لا يكن لكع قال: فانطلق غير بعيد فأرسلتها مع ناقتي مرعيان فغلبتني عيني، فما أيقظني ألا حر الشمس على وجهي، فنظرت يمينا وشمالاً فزعًا، وإذا أنا بالراحلين غير بعيد فأخذتهما، ثم جئت أدنا القوم فأيقظته ثم سألته أصليتم؟ /فقال: لا، وأيقظ الناس بعضهم بعضاً حتى استيقظ النبي عليه السلام " (3) . رواه عن أبي سرعة

_ (1) إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/444) . (2) حسن. رواه أبو داود (خ/445) . قلت: يزيد بن صالح أو يزيد بن صليح مصغر صلح وفي بعض النسخ " يزيد بن صبح " وهو تحريف، وعبيد بن أبي الوزير يقال فيه عبيد الله أيضا. (3) صحيح. أورده الهيثم في " مجمع الزوائد " (1/319) من حديث ذي مخبر. وقال الهيثمي: " روى أبو داود طرفا منه " وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الأوسط "، ورجال أحمد ثقات. قلت: ورواه أبو داود في: سننه بإسناد حسن. (ح/445) .

ثنا علي بن عباس قال: "أدلج رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم عرس فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس أو بعضها فلم يصلى حتى ارتفعت الشمس فصلى "، وقد تقديم في ذكر الصلاة الوسطى، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زمعة عن حديث رواه عبيدة بن حميد عن يزيد بن أبي زياد عن تميم بن سلمة عن مسروق عن ابن عباس قال: خرج النبي في سفر فأعرب من الليل من قدم، فلم يستيقظ إلا بالشمس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً فأذن ثم صلى الركعتين " (1) . فقالا: هذا خطأ أخطأ فيه عبيدة، ورواه جماعة فقالوا عن تميم بن سلمة عن مسروق قال: "كان النبي عليه الصلاة والسلام " مرسل فقط قلت لهم: الوهم ممن هو؟ قالا: من عبيدة، وحديث سمرة بن جندل: "أن رسول الله علي كان يأمرنا إذا نام أحدنا عن الصلاة أو نسيها حش يذهب حينها الذي يصلي فيه أن يصليها مع النبي صلي الله عليه وسلم يليها من الصلاة المكتوبة " (2) ، رواه أبو بكر البزار من حديث يوسف بن خالد السمتي وهو ذاهب الحديث عن جعفر بن سعد بن سمرة عن حبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن جده، ومرسل عمرو بن عليه الثقفي قال: "لما نام رسول الله علي عن صلاة الغداة، استيقظ فقال: لنغيظن الشيطان كما أغاظنا فصلى يومئذ بسورة المائدة في صلاة الفجر" (3) . وحديث أبي مريم مالك بن ربيعة السلولي قال: وكنا مع النبي صلي الله عليه وسلم في سفر فنزلنا نزلاء فناموا عن الصلاة حتى طلعت الشمس، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم/وأمر بلالاً فادن وتوضئوا وصلوا [489/ب] الركعتين، ثم أقام بلال، فصلى بنا النبي- صلى الله تعالى عليه وآله وسلم-

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد" (1/321) وعزاه إلى أحمد، و"أبي يعلى" وقال: "ما يسرني به الدنيا" و"البزار" والطبراني عن يزيد بن سلط زياد عن تميم بن سلمة عن مسروقة عن ابن عباس، ورجال ألف يعلى ثقات. (2) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/321) وعزاه إلى "البزار" والطبراني في "الكبير" وفيه يوسف بن خالد السمني وهو كذاب. (3) متصل رواه ابن المبارك في "الزهد": (12)

ثم نبأ بما كائن إلى يوم القيامة، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه ". رواه الطبراني في الكبير (1) عن طالب بن قرة الأزدي أبا محمد بن عيسى الطبّاع ثني أبو الأحوص عن عطاء بن السائب عن يزيد بن أبي مريم عن أبيه به ونبا محمد بن إسحاق بن إبراهيم ثنا به أبي وثنا الحسن بن إسحاق التستري نبا عثمان بن أبي شيبة قالا: ثني جرير عن عطاء به، وحديث جبير بن مطعم: " أنّ رسول الله صلي الله عليه وسلم علي كان في سفر فقال: من يكلؤنا الليلة لا نرقد عن صلاة الفجر فقال بلال ثنا فاستقبل مطلع الشمس فضرب على أذانهم حتى أيقظهم حرّ الشمس ثم قاموا فنادوا ركابهم ثم توضئوا وأذّن بلال ثم صلوا ركعتين الفجر ثم صلوا الفجر " (2) . رواه أيضا عن علي بن عبد العزيز حجاج بن منهال وابن عائشة، ونبأ عبد الله بن أحمد بن حنبل نا هدية بن خالد قالوا: ثني حماد بن سلمة عن عمرو بن منير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه به، وحديث أبي جحيفة السوائل قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره الذي ناموا فيه وطلعت الشمس. فقال: إنكم كنتم أمواتا، فرد الله تعالى أبيكم أرواحكم، فمن نام عن صلاة فليصلها إذا استيقظ، ومن نسى صلاة فليصلها إذا ذكر " (3) . رواه أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن الفضل بن لكن عن عبد الجبار بن أبي جحيفة عن أبيه به، ومرسل زيد بن أسلم قال: "عرَس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة ووكل بلالا أن يوقظهم آلاف فرقد بلال ورقدوا

_ (1) صحيح. رواه الطبراني: (12/288) . (2) صحيح. رواه الطبراني (2/179) ، واستذكار (1/110) . وباللفظ السابق وفيه " الصحيح" مكان " الفجر". ورواه النسائي (1/298) ، وأحمد (1/494، 4/81، 90) ، والمنثور (5/329) ، والتمهيد (5/252، 254) ، والكنز (2280) ، ونصب الراية (2/159) ، ومعاني (465،1/401) . (3) صحيح. رواه ابن أبي شيبة (14/162،2/64) ، واستذكار (1/109) ، والمنثور (4/294، 5/329) ، والتمهيد (5/258) ، والكنز (20160، 22684) ، والعقيلة (2/347) ، ولسان (3/1711) ، والمجمع (1/322) وعزاه إلى " أبو يعلى" والطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات.

حتى استيقظوا وقد طلعت عليهم الشمس " الحديث رواه مالك/في الموطأ (1) ومرسل عطاء بن أبي رباح: " أن النبي عليه السلام لما نام ليلة التعريس واستيقظ صلى ركعتين في معرسه ثم ساروا" (2) . رواه ابن أبي شيبة، وفي كتاب عبد الرزاق عن ابن جريج، أخبرني سعد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار: أنّ التعريس كان في غزوة تبوك وأنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أمر بلالاً فأذّن في مضجعه ذلك بالأول ثم مشوا قليلاً ثم أقاموا فصلوا الصبح" (3) ، وحديث قال: " كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنام حتى طلعت الشمس فأمر بلالاً فأذن ثم توضأ فصلوا ركعتين ثم صلوا الغداة". رواه الدارقطني (4) في سننه عن الحسين بن إسماعيل ثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم نا عبد الصمد بن النعمان نا أبو جعفر الرازي عن يحيي بن سعيد عن سعيد بن المسيب عنه، وفيه انقطاع بينهما، بين بلال وسعيد والله تعالى أعلم، وحديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي ينسى الصلاة قال: "يصلى إذا ذكر" خرجه في الأوسط (5) عن موسى بن هارون نا إسحاق بن راهوية أنبأ معاذ بن هشام حدثنى أبي عن عامر الأحوص عن الحسن عنه، وقال: لم يروه عن عامر إّلا هشام تفرد به معاذ، وحديث ميمونة بنت سعد أنها قالت: يا رسول الله افتنا عن رجل نسى الصلاة حتى طلعت الشمس أو غربت ما كفارتها قال: "إذا ذكرها فليصلها وليحسن صلاته وليتوضأ وليحسن وضوءه فذلك كفارة ". رواه أبو القاسم (6) من حديث عبد

_ (1) مرسل. رواه مالك في: وقوت الصلاة، (ح/26) . (2) تولى: "ساروا" وردت "بالأصل" "شاورهم" وهو تحريف، والصحيح الأولى. (3) ضعيف جدا. بنحوه. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (32311) وعزاه إلى الطبراني في "الكبير" وفيه سهل بن فلان الفزاري عن أبيه وهو مجهول. (4) ضعيف. رواه الدارقطني: (1/381) . قلت: إسناده منقطع. (5) ضعيف. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (32211) من حديث عمران، وعزاه إلى الطبراني، وفيه محمد بن موسى بن أي نعيم ضعفه ابن معين، ووثقه أبو حاتم وابن حبان، وقال حمد بن عنان: ابن أبي نعيم صدوق. (6) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/323) من حديث ميمونة، =

الحميد بن يزيد عن أمة بنت عمر بن عبد العزيز عنها. غريبه: التعريس: النزول في المعهد أي: حين كان من ليل أو نهار، وقال زهير: وعرسوا ساعة في كتب اسمه ومنهم بالتسوميات معترك، ويروى صبحوا قليلا ويعرس أي: [490/ب] ينزل أول الليل، قيل: والتعريس النزول في آخر الليل،/وعرّس المسافر: نزل في وجه السحر ذكره ابن سيّده، زاد في الصحاح: وأعرسوا لغة فيه قليلة والموضع معرس ومعرس، والقفل يقال: قفل الجند من الغزو إلى أوطأنهم قفلاً وقفولًا، وهذا وقت القفل، ورأيت القفل أي: القفال. كما يقال القفل للقاعدين عن الغزو وأقفلهم الأمير ذكره في باب الحقيقة من كتاب الأساس، وفي الجامع: يقفلون ويقفلون منهم، فقال جمع: قافل ولا يكون القافل إلا ليرجع إلى منزله ووطنه وقول امرئ القيس: نظرت إليها والنجوم كأنها ... مصابيح رهبان تشت لقفال إّنما وريد نظرت إلى نارها تشب لقفال والنجوم كأنها مصابيح رهبان وذلك آخر الليل، فإذا كانت النار تشب في هذا الوقت دلّ على كثرتها في أوّل الليل، وسموا القافلة من ذلك، أنهم يرجعون إلى أوطأنهم ولا يسمون عند الذهاب قافلة، وإنّما ذلك اسم عند الرجوع على ما ذكرنا، وفي شرح الفصيح لابن هشام، وإن كانت خارجة فهي الصائبة سميت بذلك على وجه القفال، وفي الاصطلاح: قفلوا هم قفولًا وقفلاً، وحكى مكي عن الخليل: قفلت الجند بغير ألف، قال أبو عمرو بن عبد البر: في هذه الأخبار ما يدلّ ا! عمومه كان مرة واحدة، وقال القاضي أبو بكر بن العربي: ثلاث مرات وقال القاضي أبو الفضل: حديث أبي قتادة غير حديث أبي هريرة وكذلك حديث عمران، ومن الدليل على أنّ ذلك وقع مرتين؛ لأنه قد روى أنّ ذلك كان، من الحديبية وفي رواية بطريق مكة، والحديبية كانت في السنة السادسة، وإسلام عمران وأبي هريرة الراوي حديث، قفوله من خيبر كأنَّ بها في السنة السابعة بعد الحديبية، وهما كثنا حاضرين الواقعة، ولو احتج محتج لترجيح قول من

_ = وعزاه إلى الطبراني في "الكبير" وفي إسناده مجاهيل.

زاد على الثلاث لو قال به قائل لكان مصيباً. لأنّ في حديث أبي هريرة/ [491/أ] حين قفل من غزوة حنين بالحاء المهملة كذا نص عليه الأصيلي، وغلط من قاله بالمعجمة، وحديث أبي قتادة قال أبو الوليد الباجي: يدلّ أنه من خيبر، وصرح في حديث ابن مسعود بأنه كان بالحديبية، وحديث عقبة وعطاء مصرّح بتبوك، وحديث ذى مخبر مصرح بأنه في سرية مبهمة، وكذلك اختلاف أسماء الكالئين، والمستيقظين فرأيت على المسند بقية المشايخ علي بن الحسن بن على بن محمد بن عبد القوي الأنصاري- رحمه الله تعالى- أخبرنا شيخ الإِسلام مفتى المسلمين أبو الحسن علي بن القدوة أبي العباس أحمد بن علي، أنبأ أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير عن أبي عبد الله محمد بن أبي محمد عبد الله التميمي أنبأ القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض سماعًا، قال فإن قلت فما نقول في نومه صلي الله عليه وسلم يوم الوادي وقد قال: "إن عيني تنامان ولا ينام قلبي" (1) فاعلم أنّ للعلماء في ذلك أجوبة: منها: أنّ المراد بأن هذا حكم قلبه عند نومه وعينيه في غالب الأوقات، وقد يندر منه غير ذلك، كما ندر من غيره بخلاف عادته، ويصحح هذا التأويل قوله- صلى الله عليه وآله وسلم- في الحديث نفسه: "إن الله تعالى قبض أرواحنا" (2) ، وقول بلال فيه: ما ألقيت على نومة مثلها قط، ولكن مثل هذا إنّما يكون منه لأمر يريده الله؟ لإثبات حكم، وتثبيت سنة، وإظهار شرع، وكما قال قال الحديث الآخر لوَ شاء الله لأيقظنا، ولكن أراد أن يكون لمن بعدكم الثانى أنّ قلبه لا يستغرقه النوم حتى يكون منه الحدث فيه؛ لما روى: " أنه كان محروساً (3) ، وأنه كان ينام حتى ينفخ، وحتى يسمع خطيطه ثم

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (2/67) ، ومسلم في (لصلاة المسافرين، ح/125) ، والترمذي (ح/439) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. والوسائط (3/234) ، وأحمد (6/104) ، وابن خزيمة (49) ، وتلخيص (3/135) ، ومشكل (4/135) ، واستذكار (1/99) ، والشمائل (144) ، والشفا (409،2/349،1/189) ، والتمهيد (6،209،5/208/393،392) . (2) صحيح. رواه القرطبي (15/262) ، والشفا (2/349، 351) ، واستذكار (08/1181،1) . (3) قوله: "محروساً وردت "بالأصل" "محروما"، وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.

يصلى ولا يتوضأ" (1) ، وحديث ابن عباس المذكور فيه وضوء منذ قيامه من [491/ب] النوم فيه مع نومه مع أهله، فلا يمكن الاحتجاج به على/مزيه بمجرّد النوم، إذ أصل ذلك الملامسة للأهل أو بحدث آخر، فكيف وفي آخر الحديث نفسه نام حتى سمعت خطيطه، ثم أقيمت الصلاة فصلَى ولم يتوضأ، وقيل لا ينام قلبه من أجل الوحي، وأنه يوحى إليه في النوم، وليس في قصة الوادي إلا نوم عينيه عن رؤية الشمس، وليس هذا من قفل القلب، وقد قال- عليه السلام-: إن الله قبض أرواحنا، ولو شاء ردها إلينا" (2) ، في حين غير هذا فإن قيل: فلولا عادته من استغراق النوم؛ لما قال لبلال: أكلأ لنا الصبح، فقيل في الجواب: أنه كان من شأنه- عليه السلام- التقليس بالصبح، ومراعاة أوَل الفجر لا تصح ممن نامت عينيه، إذ هو ظاهر يدرك بالجوارح الظاهرة فوكل بلالاً بمراعاة أوّله؛ ليعلمه بذلك كما لو شغل بشغل غير النوم عن مراعاته، وزعم بعضهم أن قوله- عليه السلام-: "ارتحلوا" (3) ، أو أخَر الصلاة، معارض بقوله فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، ويجاب بأنَ الارتحال إَنما كان بسبب الشيطان الذي كان بذاك الوادي، وهذا من المغيبات التي لا يطلع عليها إلها الأنبياء- عليهم السلام-، وقيل أنه الأمر بالارتحال منسوخ بقوله: وأقم الصلاة لذكرى" كذا قاله ابن حزم، وهو قول غير صحيح؟ لأنه الآية مكيّة فكيف يوجه النسخ بها هنا، والنسخ لا يصح قبل وروده، وتعلَق الخفيون بهذا على أنه الصلاة لا تقتضي عند طلوع الشمس، وأجيب بأجوبة أحدها قوله فلم يوقظهم ألا حر الشمس، وهذا وقت مسوغ للصلاة إجماعًا. الثاني: أنهما كان ارتحالهم، لأجل الشيطان أو لأجل الغفلة كما أسلفناه كما نهى- عليه السلام- عن الوضوء من بئر ثمود، وكنهيه عن الصلاة بأرض بابل. الثالث: روى عطاء بن أبي رباح أن النبي- عليه الصلاة والسلام-:

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/202) ، وأحمد (1/245) ، والبيهقي (1/121، 122) . (2) انظر: الحاشية السابقة. (3) قوله: "ارتحلوا" غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.

"ركع ركعتين في معرسة/ثم صار " وبنحوه ذكره، وبخبر فيما أسلفناه، [492/أ] والوقت الجائز فيه الصلاة النافلة يجوز فيه الفريضة إجماعًا، وقال ابن حزم: واستسكن بعضهم قوله فليقص معها وليصليها من الغد لوقتها أو فلصلها إذا ذكرها، ومن الغد للوقت، وأنهم قالوا: يا رسول الله، أنقضها لميقتها من الغد ونصلي كذا، وكذا صلاة. قال: لا. وليس كذلك بل هو صحيح متفق المعنى، وإنما يشكل من هذه الألفاظ قوله: مثلها، وإذا توصل فلا إشكال فيه؟ لأن الضمير في لغة العرب راجع إلى أقرب مذكور ألا بدليل فالضمير في معها راجع للغداة لا للصلاة، أي: فليقضى مع الغداة بمثل هذه الصلاة، أي: تصلى بلا زيادة عليها، أي: فليؤد ما عليه من الصلاة مثل ما يفعل كل يوم، فتتفق الألفاظ كفها على معنى واحد انتهى، قال ابن عبد البر: قد اختلف العلماء في النفس والروح هل هما شيء واحد أو شيئان؟ لأنه قد جاء في الحديث: "إن الله قبض أرواحنا" (1) ، وفي حديث سعيد قال بلال: "أخذ بنفسي الذي أخذ بنفسك " (2) ، فقال جماعة من العلماء: هما شيء واحد، ومن حجتهم قوله تعالى: {الله يتوفي الأنفس حين موتها} (3) الآية، وذكر عن ابن عباس، وسعيد بن جبير في هذه الآية أنهما قالا: بقبض أرواح الأموات إذا ماتوا، وأرواح الأحياء إذا ناموا يتعارف ما شاء الله أن يتعارف، فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مُسمى نفس الآية كما ترى، فقالا: بقبض الأرواح، وقد جاءت بلفظ الأنفس، وقال آخرون: النفس غير الروح، واحتجوا بان النفس مخاطبة منهية مأمورة، واستدلوا بقوله تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك} (4) ، وقوله: {أن تقول نفس يا حسرتى} (5) قالوا: والروح لا تخاطب ولا تؤمر، ولم ينه في شيء من القرآن، وتأولوا: قول بلال أخذ بنفسي أي أخذ بنفسي من النوم/ما أخذ [492/ب]

_ (1) انظر: الحاشية رقم "1" السابقة. (2) صحيح. وتقدم. رواه ابن ماجه (ح/697) . وصححه الشيخ الألباني. (3) سورة الزمر آية: 42. (4) سورة الفجر آية: 27. (5) سورة الزمر آية: 56

بنفسك في التفسير سنية عن ابن جريج في قوله تعالى: {الله يتوفي الأنفس} قال: في جوف الإنسان، روح ونفس وبينهما في الجوف مثل شعاع الشمس فإذا توفي الله الَأنفس كانت الروح في جوف الإِنسان، فإذا أمسك الله نفسه أخرج الروح من جوفه، وإن لم يمته أرسل نفسه أبيه فرجعت إلى مكانها قبل أن يستيقظ، قال ابن جريج: وأخبرت عن ابن عباس نحو هذا الخبر، وقال وهب أنّ أنفس الآدميين كأنفس الدواب التي تشتهي وتدعو إلى الشر، ومسكن النفس البطن، إلا أنّ الإنسان فُضِّل بالروح، ومسكنه الدماغ، فإذا انحدرت الروح إلى النّفس، والَتقيا بأمّ الإنسان، فإذا استيقظ رجعت الروح إلى مكانها، ويعتبر ذلك بانك إذا كنت نائَماً، فاستيقظت، كان كلّ شيء إلى رأسك، وعن عبد الرحمن بن القاسم صاحب مالك: النفس جسد مجدّ طلق الإنسان، والروح كالماء الجاري واحتج بقوله تعالى: {الله يتوفي الأنفس} ، قَال: ألا ترى؟ أنّ النّائم قد توفي الله نفسه وروحه صاعدة ونازلة أنفاسه قيام، والنفس تسرح في كل وادي، وترى ما تراه من الرؤيا، فإذا أذن الله في ردها إلى الجسد عادت واستيقظ بعودتها جميع أعضاء الجسد حرّك السمع والبصر وغيرهما من الأعضاء، قال: والنفس غير الروح، والروح كالماء الجاري في الجنان، وإذا أراد الله إفساد ذلك البستان منع منه الماء الجاري فيه فماتت حياته لذلك الإنسان، قال أبو عمرو والله أعلم بالصحيح، وما ذكرناه من الحجج فليس بحَجة واضحة، ولا هو ما يقطع بصحته، لأنه ليس فيه خبر صحيح يقطع العدو، ويوجب الحجة، ولا هو مما يدرك بقياس، ولا استنباط، بل العقول تعجز عن علم ذلك، وقد يضع العرب النفس موضع [493/أ] الروح والروح موضع/النفس، فيقولون: خرجت نفسه وفاضت نفسه، وخرجت روحه إما لأنهما شيء واحد قوة لأنهما شيئان متصلان لا يقوم أحدهما دون الآخر، وقد يسمون الجسد نفساً، ويسمون الدم جسداً، قال النابغة: وما ارتد على الأنصاب من جسد يريد من دم، وقال ذو الرمة: فجعل الجسد نفسًا يقابل الروح من نفس إذا احتضرت؛ وغافر الذنب زحزحة ان عن النار، وقال آخر فجعل الدم نفسا يسيل على حدّ انطباع نفوسنا

_ (1) قوله: "زحزح" وردت "بالأصل" "زخر" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتاه.

وليست على غير السيوف تسيل، ويقال للنفس نسمة قال- عليه السلام- "إنّما المؤمن طائر" (1) يعني روحه، وذكر الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة في كتاب معرفة الروح، والنفس تأليفه، أنّ بعضهم قال: أرواح الخلق كلّها مخلوقة، وهو مذهب أهل الجماعة والأثر، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "الأرواح جنود مجندة " (2) ، وقال بعضهم: الأرواح أمر من أمره تعالى أخفى (3) الله حقيقتها وعلمها عن الخلق، واحتجوا بقوله تعالى: {قل الروح من أمر ربى} (4) ، وقال بعضهم الأرواح نور من نور الله تعالى، وحياة من حياته، واحتجوا بقوله- عليه السلام-: "إن الله خلق خلقه في ظلمة ثم ألقى عليهم نورًا من نوره " (5) ، ثم اختلفوا في الأرواح هل تموت بموت الأبدان والأنفس أولًا تموت؟ فقالت طائفة: الأرواح لا تموت ولا تبلى واحتجت بقوله عليه السلام: أرواح الشهداء في أجواف طير خضر. وقال بعضهم: الأرواح تموت ولا تبلى وتبلى الأبدان، واحتجوا بحديث: الصور، وقالت جماعة: الأرواح على صور الخلق لها أيد وأرجل وأعين وسمع، وقال بعضهم: الأرواح تعذب كما تعذب الأجسام، واحتجوا بقوله تعالى: {إنّ

_ (1) صحيح. رواه النسائي (08/14) ، وابن ماجة (ح/4271) ، وأحمد (3/455، 456) ، ومنحة (740) ، وابن كثير (8/27) ، والحلية (19/56) ، والإتحاف (5/23، 1/3870) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (4/305) ، وتجريد (467) ، وبداية (14/225) ، وحبيب (2/305) ، وتجريد (467) ، وبداية (1/2254) ، وحبيب (2/68) ، وتمهيد (5/248) ، والكنز (42691) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (4/162) ، ومسلم في (البر والصلة، ح/159، 160) ، وأبو داود صح/4834) ، وأحمد (2/295، 527، 539) ، والطبراني (6/323، 10/283) ، وشرح السنة (13/57) ، والمشكاة (5003، 5004) ، والخطب في " تاريخه " (3/329، 4/351) ، والحلية (1/198، 4/67، 110) ، وأصفهان (1/238، 2/94) ، وصفة (365) ، وابن كثير (2/5/370،77،1/303،302) ، والمغنى عن حمل الأسفار (2/159) ، والدور (13) ومسند الشهاب (274) . (3) قوله: "أخفى" وردت "بالأصل" "أحين" وهو تحريف والصحيح ما أثبتناه. (4) سورة الإسراء آية: 85. (5) صحيح. رواه أحمد (2/176، 197) ، والحاكم (3011) . وقال: "صحيح" وافقه الذهبي. وابن حبان (1812) ، والمنحة (57) ، وجري (175) ، وإتحاف (521110، 491111) ، وعاصم (1/107، 308،111، 2/633) ، والمشكاة (101) ، والجوامع (4816) . وصححه الشيخ الألباني.

كتاب الفجار} (1) ، قالت طائفة: تعذب الأرواح والأبدان جميعًا، وكذلك تنعم، وقالت طائفة: تبعث الأرواح؟ لأنها من حكم السماء ولا تبحث [493/ب] الأبدان/لأنها من حكم الأرض، وهذا كلام مستحيل، وقال بعضهم: تبعث الأرواح ونفس لله لها أجساماً من الجنة، وهو مثل الذي قبله، وقالت طائفة: للمؤمن ثلاثة أرواح، وللكافر والمنافق روح واحدة، وقال بعضهم: للصديقين خمسة أرواح، وقال بعضهم: الروح روحانية خلقت من الملكوت، فإذا صفَّت رجعت إلى الملكوت وقال بعضهم!: الروح روحان روح اللاهوتية، وروح الناسوتية، وقال بعضهم: الأرواح لاهوتية، والنفس أرضية طينية نارية، وقال بعضهم: الأرواح تتناسخ، وتنتقل من جسم إلى جسم، وهذا شر الأقاويل وأبعدها من الأثر، وقالت طائفة: وهم أهل الأثر: الروح غير النفس، وقوام النفس بالروح ولا عدو أعدى لابن آدم من نفسه، لا تريد ألا الدنيا، والروح عكسها، وقد جعل الهوى تبغا للنفس، والشيطان مع النفس والهوى والملك مع العقل والروح، وذكر ابن الحباب في كتاب معرفة الروح عن ابن عباس مرفوعا: واستغربه أن للبهائم، والكفار ثلاثة أرواح: روح الشهوة، وروح القوة، وروح البدن، والمؤمن يزيد عليهم بروح الإِيمان، قال ابن المنذر: من نام عن صلاة أو نسيها، صلاها متى استيقظ أو ذكر، روى ذلك عن علي وروى معنى ذلك عن غير واحدة من الصحابة، وبه قال: النخعي، وأبو العالية، والشعبي، والحكم، وحماد بن مالك، والأوزاعي، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور- رضي الله عنهم أجمعين-، قال القرطبي: في الحديث دليل على وجوب القضاء على النائم والناسي كثرت الصلاة أو قلت، وهذا مذهب العلماء كافة، وقد حكى خلاف شاذ عن بعضهم فيمن زاد [494/أ] على خمس صلوات أنه لا يلزم قضاء/وأما من تركها عامداً، فالجمهور وجوب القضاء وفيه خلاف عن داود أبي عبد الرحمن الأشعري، وقال الثوري: وهو قول شذ به بعض أهل الظاهر، وفي كلامه نظر؛ لأن داود فمن بعده قالوا به، الثاني: ان أبا محمد بن حزم ذكر أنه أيضا قول عمر بن

_ (1) سورة المطففين آية: 7

الخطاب، وابنه عبد الله، وسعد بن أبي وقاص، وسلمان، وعبد الله بن مسعود، والقاسم بن محمد، وبديل العقيلي، ومحمد بن بشير، ومطرف بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم فأيّ شذوذ مع هؤلاء؟ وفي صحيح ابن خزيمة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة تلك الصلاة التي قد نيم عنها أو نسيها من الغداة لوقتها بعد قضائها عند الاستيقاظ أو عند ذكرها أمر فضيلة لا أمر عزيمة، وفريضة إذ النبي- عليه السلام- قد أعلم أنّ كفارة نسيان الصلاة أو النوم عنها أن يصليها النائم عند الاستيقاظ، وأمر النسيان إذا ذكرها، واعلم ان لا كفارة لها إّلا ذلك، وأما الحديث الذي ذكره الجوزقاني من طريق أبي عاصم عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أم سلمة قال: دخل شاب من أهل الطائف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أضعت صلاتي فما جبلتي؟ قال: "من صلى ليلة الجمعة ثمان ركعات، قرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب، مرة قل هو الله أحد فإذا سلمت صلى على النبي الأمي ألف مرة فإن الله يجعل ذلك كفارة لصلاتك، ولو تركت صلاة ما بنى سنة وضر الله لك الذنوب كلها" (1) ، الحديث بطوله فحديث باطل نصت عليه الموضوعات وهو مخالف لقوله: "لا كفارة إّلا ذلك "، ولحديث جابر بن عبد الله: أن رجلًا قال يا رسول الله: إنى تركت صلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقضي ما تركت " فقال/كيف أقضى؟ قال: "صل مع كل صلاة صلاة مثلها "، [494/ب] قال يا رسول الله قبل أم بعد؟ قال: "لا بل قبل " (2) هذا حديث كريب لم يكتبه ألا بهذا الإِسناد يعني قوله: ثنا أحمد بن نصر ثنا عبيد الله بن أبي عبد الله بن مندة أنبأ أبو الميموني محمد بن عبد الله بن أحمد بن مطرف المديني تريد عسقلان، ثنا أبو ذهل عبد الله بن محمد العازي بعسقلان ابنا محمد بن سلم بن عبد الله الزاهد بعسقلان، أنبأ القاسم بن معين ثنا ابن المسيب، ثنا عطاء بن أبي رباح فذكره، وذكر الدبوسي عن محمد بن الحسن في الأصل أن النبي- عليه السلام- أذَّن للفجر وأقام ليلة التدريس قال: ومن روى خلافه

_ (1) باطل. كما ذكر المصنف. (2) موضوع. اللآلئ المصنوعة (2/13) والموضوعات (2/102) .

يحمل على أنّ الراوي لم يحضر الأذان، وروى أبو يوسف سنده ان النبي- عليه السلام- أذّن وأقام لقضاء ما فاته يوم، وفي حديث مالك بن الحويرث أنه قال له: ولصاحب له:! إذا سافرتما فأذنا وأقيما " (1) ، والمسافر مستغنى عن أعلام الناس ودعائهم في موضع لا قوم به، والله تعالى أعلم، وسيأتي لهذا مزيد بيان إن شاء الله تعالى. * * * (1) بنحوه. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5/255،2/64) ، من حديث أبي هريرة، وعزاه إلى "البزار" وإسناده حسن. ولفظه: "إذا سافرتم فيؤمكم أقرؤكم وإن كان أصغركم وإذا أمكم فهو أميركم".

110- باب الصلاة في العذر والضرورة

110- باب الصلاة في العذر والضرورة حدثنا محمد بن الصباح، ثنا عبد العزيز عن محمد الدراوردي، أخبرني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بشر بن سعيد عن الأعرج يحدّثونه عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها "، هذا حديث خرجه الشيخان (1) في صحيحهما، حدثنا أحمد ابن عمرو بن السرج وحرملة بن يحيى المصريان قالا: ثنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة/أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها، ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها " هذا حديث خرجه مسلم (2) - رحمه الله تعالى- بزيادة والسجدة إنّما هي الركعة، حدثنا أحمد بن الحسن ابنا عبد الأعلى، ثنا يعمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يعني فذكر نحوه هذا قطعة من الحديث الأوّل، يدل على ذلك أنّ أبا العباس الطرقي ذكرهما في ترجمة واحدة، وأما البخاري ففرّق بينهما كما فعل ابن ماجه، وزعم ابن عساكر أنّ ابن ماجة خرّجه عن جميل عن عبد الأعلى عن معمر وعن أبي بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمّار عن سفيان عن الزهري به، وأقره على ذلك المزي، ويشبه أن يكون وهمًا، فإنّ ابن ماجة ليس فيه إلا ما رأيت، واستظهرت بنسخة أخرى،

_ (1) صحيح، متفق عليه. أورده الألباني في "الإرواء" (1/272) ، وعزاه إلى البخاري ومسلم في (المساجد، ح/165) ، وأبو داود (ح/412) ، وابن ماجة (ح/699، 700) ، وأحمد (2/254، 282) ، البيهقي (1/368) ، وعبد الرزاق (2224) ، وأبو عوانة (1/371) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/151) ، ومسلم في (المساجد، ح/164) ، والترمذي (ح/186) ، وصححه. وابن ماجه صح/699، 700) ، والبيهقي (1/378، 379) ، وأبو عوانة (1/372) ، ونصب الراية (1/228) ، وحبيب (1/45) .

والله تعالى أعلم، ولفظ البخاري: (1) : "من أدرك من الصبح ركعة"، وفي لفظ لمسلم (2) : "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة كلها"، ولفظ النسائي (3) : " فقد أدرك الصلاة كلها إلا أنه يقضى ما فاته"، وفي لفظ لأبي داود: "إذا أدرك أحدكم أول السجدة من صلاة العصر" (4) ، وفي مسند السراج من حديث أبي غسان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار: "من صلى سجدة واحدة من العصر قبل غروب الشمس، ثم صلى ما بقى بعد غروب الشمس، فلم يفته العصر، ومن صلى سجدة واحدة من الصبح قبل طلوع الشمس، ثم صلى ما بقى بعد طلوع الشمس لم يفته الصبح "، وفي لفظ: " من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس، وركعة بعد ما تطلع فقد أدرك" (5) ، وفي لفظ: " من صلى ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس فليتم صلاته" (6) ، وفي لفظ: "من أدرك ركعة

_ (1) الحاشية السابقة. (2) صحيح. رواه مسلم (423) ، وأبو داود في (الجمعة، باب 345،) ، البيهقي (02/3،03387،22) ، وموطأ (105) ، وشفع (942،411) ، وشرح السنة (2/249) ، وعبد الرزاق (3369) ، والتمهيد (7/63، 65، 71) ، ومشكل (3/105) ، والفتح (2/57) ، والعقيلي (4/398) . (3) صحيح. رواه النسائي (1/274) ، والترمذي (ح/524) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو عوانة (2/80) وابن ماجه (1122) وأحمد (265،2/241، 375،280) والبيهقي (3/203) وابن خزيمة (1849) ، ومشكل (3/105) ، والخطيب (3/39) ، والتمهيد (7/63) ، وابن عساكر في "التاريخ" (5/203) . (4) صحيح. رواه النسائي (21/57) ، والبيهقي (1/378) ، وصححه الشيخ الألباني. الصحيحة (5/258) . (5) صحيح. رواه الترمذي (ح/186) ، والنسائي (1/273) ، وابن ماجة صح/699، 700) ، وابن حبان (283) ، والخطيب (8/455) ، والحديث نسبه المجد في المنتقى لأحمد وأصحاب الكتب الستة. وانظر نيل الأوطار (1/22- 23) ورواية محمد بن الحسن) ص 128) . قال الحافظ في الفتح (2/46) : "نقل بعضهم الاتفاق على أنه لا يجوز لمن ليس له عذر تأخير الصلاة حتى لا يبقى منها إلا هذا القدر". (6) بنحوه. رواه النسائي (1/257) ، وأحمد (2/348، 459) ، والتمهيد (3/273) ، ومعاني (1/150) .

من/الجمعة فليصل معها أخرى" (1) ، وفي لفظ: " من صلى سجدة واحدة من العصر قبل غروب الشمس، ثم صلى ما بقى بعد غروب الشمس فلم يفته العصر " (2) ، وفي لفظ: " من أدرك قبل طلوع الشمس سجدة فقد أدرك الصلاة ومن أدرك قبل غروب الشمس سجدة فقد أدرك الصلاة (3) ، وفي حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة: " من أدرك ركعة أو ركعتين من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركهما " (4) ، نا يوسف بن موسى، نا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة موقوف قال: " من أدرك ركعتين "، هكذا قال: " من العصر قبل أن تغرب الشّمس فقد أدرك الصلاة "، وعند أبي عمر من حديث إسماعيل بن عياش عن زيد بن أسلم عن الأعرج: " من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، وصلى الأخرى بعد طلوع الشمس فقد، أدرك ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس، وصلى أخرى بعدما غربت الشمس فقد أدرك " (5) ، ولفظ: " من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها " (6) ، وفي كتاب ابن خزيمة من

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني (2/11) ، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (2/192) وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط" وفيه إبراهيم بن سليمان الدماس ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا وذكره ابن حبان في الثقات. ورواه ابن ماجة (ح/1123) ، وليس فيه قوله "ألا أن يقضى ما فاته". وصححه الشيخ الألباني. الارواء (3/84) . (2) صحيح. رواه أبو عوانة (1/358) ، ونصب الراية (1/228) . (3) صحيح. رواه أحمد: (2/399) . (4) صحيح. رواه أحمد: (2/462) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (1/202) ، والخطيب (7/401) ، وابن خزيمة (984) ، والنسائي (1/257) ، والكنز (19272) ، ومعاني (1/150) . (5) صحيح. رواه مسلم في "المساجد" ح/163) والموطأ (6) والشفع (143) وشرح السنة (2/248) والتمهيد (3/270، 5/214، 6/402، 7/66) واستذكار (1/92) والبيهقي (1/368، 376، 386) . وصححه الشيخ الألباني. الارواء (1/273) . (6) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/151) ، ومسلم في (المساجد، ح/163) ، وأحمد (42/62) ، والبيهقي (386،379،1/368) ، وابن أي شيبة (11/874) ، وابن حبان (283) ، والشافعي (27) ، وأبو عوانة (1/358، 373) ، واستذكار (1/41، 54، 78، 102) ، ونصب الراية (1/228) ، والتمهيد (4/5،3/270،296/7/651،21! 7/8) .

حديث معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن أبي هريرة: "من أدرك ركعتين من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس أو ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك " (1) ، وخرجه أيضاً من حديث سهيل عن أبيه، وفي لفظ للنسائي (2) : " من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها " وفي لفظ: "من أدرك من الجمعة أو من غيرها فقد تمت صلاته " (3) ، وفي لفظ: "إذا أدرك أحدكم أول السجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإن أدرك أوّل السجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع/الشمس فليتم صلاته العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته " (4) ، ولفظ الدارقطني (5) : "من أدرك ركعة من الصلاة قبل أن يقيم الإِمام صلبه فقد أدركها "، وروي سليمان بن بلال عن يونس عن ابن شهاب عن سالم أنّ النبي- عليه السلام- قال: " من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدركها إلا أنه يقضى ما فاته " (6) . وفي كتاب ابن عدى من حديث نوح بن مريم عن الزهري: "من أدرك الإمام جالسًا قبل أن يسلم فقد أدرك الصلاة وفضلها " (7) ، ورواه بكر بن بكَار عن ياسين الزيات عن الزهري عن سعيد، وأبي سلمة عنه يرفعه: "من

_ (1) صحيح. رواه ابن خزيمة (984) ، والتاريخ الكبير (2/201) ، والخطيب (8/455) ، والنسائي (1/257) ، والكنز (19272) ، ومعاني (1/150) . (2) صحيح. رواه النسائي (1/274) ، وأبو عوانة (2/80) وابن عدي في "الكامل" (4/1593) ، والتمهيد (7/63) ، وابن عساكر في "التاريخ" (5/203) . (3) صحيح. رواه الحاكم (1/291) ، والمطالب (632،631) ، والكنز (129108،21128،2121) ، والبيهقي (3/203) ، والخطيب (1/2571) . (4) صحيح. رواه النسائي (21/57) ، والبيهقي (1/378) ، والصحيحة (25/58) . (5) صحيح. رواه الدارقطني (1/374) ، البيهقي (3،2/89/0302،22) ، ونصب الراية (1/228، 229) ، وابن خزيمة (1595) ، واستذكار (1/80) ، وأبو عوانة (2/.! 81) ، والإرواء (2/261) . (6) صحيح. رواه النسائي (1/275) ، والإرواء (3/89) . (7) صحيح. رواه الدارقطني (2/12) ، والكنز (10697) قلت: وله شواهد صحيحة.

أدرك من الجمعة ركعة صلى إليها أخرى، فإن أدركهم جلوسَا صلى الظهر أربعاً" (1) . وفي رواية قال- عليه السلام- " من أدرك من الجمعة ركعة فليصل إليها أخرى ومن فاتته الركعتان فليصل أربعاً أو قال الظهر"، وفي لفظ لعلي بن ظبيان: " ومن نام عن صلاة فليصلها إذا ذكرها" (2) ، ولفظ يحيى بن حميد البصري عن قرّة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن أبي سلمة عنه: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإِمام صلاته" (3) ، ثم قال: وهذا زاد في متنه صلاته، وهذه الزيادة يقولها يحيي ولا أعرف له غيره، وروى يزيد بن عياض، وهو متروك عن أبي حازم عن ابن المسيب: " من أدرك سجدة فقد أدرك الركعة "، وفي حديث عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن الزهري؛ ومكحول عن أبي سلمة عنه " فقد أدرك الفضيلة ويتم ما بقى ". قال: وابن ثوبان ضعيف، وفي الاستذكار: وروي عبيد الله بن عبد المجيد أبو عليه الحنفي عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عنه مرفوعا: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الفضل " (4) ، وهذا ولا أعلم أحدَا قاله عن مالك غيره، وروى/عمار بن مطر عن مالك عن الزهري [496/ب] عن أبي سلمة عنه لذلك، من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ووقتها، وهذا أيضَا لم يقله عن مالك غيره، وهو مجهول لا يحتج به، وروي نافع عن يزيد عن سرين بن الهاد عن عبد الوهاب عن أبي بكر عن ابن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1121) في الزوائد: في إسناده عمر بن حبيب متفق على ضعفه. والمشكاة (1419) وابن عدي في "الكامل" (7،6/2190،2/646،1/28/245،682642، 2741) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن أبي شيبة (2/64) ، واستذكار (1/115) ، والتمهيد (248،5/214، 6/403) ، والمسانيد (2/633) . (3) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/151) ، ومسلم في (المساجد، ح/161، 162) ، والموطأ (10) ، والبيهقي (03/23) ، وأبو عوانة (1/372، 2/8، 79، 80) ، والشافعي (69) ، والمشكاة (1412) ، واستذكار (1/77، 78) ، والإرواء (3/90) ، والصحيحة (3/186) . (4) رواه ابن عبد البر في "التمهيد " (7/64) ، واستذكار (1/77) . رواه النسائي (1/275) ، والإرواء (3/89) ، وليس فيه "الفضيلة".

4961/بن شهاب عن أبي سلمة عنه مرفوعا: " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة وفضلها " (1) ، وهذا أيضا لم يقله أحد عن ابن شهاب غيره، وليس ممن يحتج به على أصحاب بن شهاب، وقد روى هذا الحديث الليث بن سعد عن ابن الهاد عن ابن شهاب فلم يذكر في الإِسناد عبد الوهاب، ولا جاء بهذه اللفظة أعنى قوله وفضلها، ولما ذكر الأشبيلي هذا في الأحكام الكبرى وثق رواته عن نافع، وهو النَّصر بن عبد الجبار، وفي المشكل للطحاوي، وأكثر الرواة لا يذكرون هذه اللفظة، وهو الأظهر، وفي سنن الكجي: " من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها " (2) ، وفي مسند البزار من حديث أبي بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عنه قال: " من أدرك ركعة من الصلاة كلها فقد أدركها كلها إّلا أنه يقضى ما فاته" (3) ، وفي حديث هشام بن سعد الذي قرأته على المسند المعمر عبيد الله بن على بن شبل- رحمه الله تعالى- أخبركم الإمام أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عمران الأنصاري قراءة عَليه عن أبي جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني أنبأ أبو منصور محمد بن إسماعيل الصيرفي قراءة عليه، وأنا حاضر، أنبأ أبو بكر محمد بن عبد الله، بن شاذان أنبأ أبو بكر عبد الله بن محمد بن فورك، أنبأ أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبد السلام التميمي أنبأ الإمام أبو نعيم الفضل بن دكين بجميع كتاب الصلاة عن [497/أ] هشام بن سعد، َ نا/زيد بن أسلم قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من أدرك ركعتين قبل أن تغرب الشمس، وركعتين بعدما غابت الشمس فلم يفته العصر " (4) ، قال أبو نعيم: نا شيبان عن يحيي بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أدرك أحدكم أوَّل سجدة من صلاة

_ (1) الحاشية السابقة. (2) تقدم ص 1068. (3) تقدم ص.1068 (4) صحيح. رواه النسائي (1/257) ، وأحمد (2/462) ، والبخاري في "التاريخ الكبير" (02/21) ، والخطيب (7/8/4/45501) ، وابن خزيمة (984) ، ومعاني (1/150) ، والكنز

العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته، وإذا أدرك أوَّل سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته " (1) ، وفي المستدرك على شرط الشيخين: "من صلى ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس فليتم صلاته " (2) ، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا اللفظ فقلت له: ما حال هذا الحديث؟ فقال فقد روى هذا الحديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن فروة ابن تميم عن أبي هريرة، ورواه همام بن يحيى عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال: إنى أحسب الثلاثة كلها صحاح، وقتادة كان واسع الحديث، وأحفظهم سعيد بن أبي عروبة قبل أن يختلط ثم هشام ثم همام، وقال في موضع آخر: سألت أبي عن حديث رواه عثبر وجرير عن الأعمى عن أبي صالح عن أبي هريرة: " من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغيب الشّمس" (3) 0 الحديث لا يرفعه، قال لي: ورواه شعيب بن خالد ومحمد بن عباس العامري، وعمر بن أبي قيس، وسفيان الثوري من رواية السلمان بن عبد السلام عنه فقالوا كلّهم عن النبي صلي الله عليه وسلم، قال أبي: والصحيح عندي موقوت، وفي موضع آخر رواه الثوري، وجرير بن عبد الحميد، وأبو بكر بن عياش عن الأعمى فوقفوه، وفي الباب حديث عمر بن الخطاب، وأبي سعيد الخدري المذكورين عند البخاري (4) ، وحديث رواه أبو داود (5) عن ابن شدّاد، ثنا/أبو عوانة عن يعلي بن عطاء عن معبد بن هرمز [497/ب] عن سعيد بن المسيب قال: حضر رجلاً من الأنصار الموت فقال: (إنّى

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/146) ، وشرح السنة (2/250) ، والمشكاة (602) ، ونصب الراية (1/228) ، والكنز (20662) . (2) صحيح. رواه النسائي (1/273) ، والدارقطني (2/84) ، والكنز (19270) . ورواه الحاكم وصححه. على شرط الشيخين. (3) صحيح. مسند ابن حبيب: (1/45) قلت: الحاشية رقم (3،2) شاهدان لهذا الحديث. (4، 5) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/151) ، ومسلم في (المساجد، ح/163) ، وأبو داود (ح/412) ، وأحمد (2/462) ، البيهقي (1/368، 379، 386) ، وابن أبي شيبة (11/874) ، وابن حبان (283) ، والشافعي (27) ، وأبو عوانة (1/358، 373) ، واستذكار (1/41، 54، 78، 102) ، ونصب الراية (1/288) ، والتمهيد (1/296، 3/270، 5/214! 7/65! 8/77!.

محدثكم حديثَا ما أحدثكموه إلا احتسابا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر حديثا فيه: فان أتى المسجد وقد صلوا بعضاً، وبقى بعض خلى ما أدرك، وأتم ما بقى"، قال عبد الحق في الكبرى: معبد لا أعلم روى عنه إّلا يعلى بن عطاء، وحديث جابر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك فضل الجماعة" (1) ، "ومن أدرك الإِمام قبل أن يسلم فقد أدرك فضل الجماعة" (2) ، ذكره أبو أحمد من حديث كثير بن شنطير القائل فيه أحمد صالح، وابن معين ثقة عن عطاء عنه، وحديث عبد الله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها " (3) ، ذكره أيضا في ترجمة يعيش بن الجهم عن عبد الله بن نمير عن يحيي بن سعيد عن نافع عنه، وقال: هذا بهذا لا أعلمه إّلا من هذا الوجه، والحديث غير محفوظ، وذكره في باب إبراهيم بن عطاء الثقفي الواسطي عن يحيى بن سعيد عن الزهري عن سالم عن أبيه، وقال: وهذا عن يحيي عن الزهري غير محفوظ، وإنّما يعرف من حديث بقية عن يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: وإبراهيم هذا ضعيف، وقال في باب بقية: خولف بقية في سنده ومتنه، فأمّا الإِسناد قبله عن سالم، وإنما هو عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة، والمتن بقوله: " من صلى الجمعة"، والثقات رووه عنه فلم يذكروا الجمعة، ولما سئل أبو حاتم الرازي عن هذا الحديث، قال: هذا حديث منكر، ورواه النسائي بسند صحيح عن أبي سلمة قال- عليه السلام-: "من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدرك إلا أنه يقضى ما فاته" (4) ، وزعم أنّ الأثر/في شرح المسند أنّ النسائي رواه عن ابن عمر مرفوعاً، ويشبه أن يكون وهمَا، قال الشّافعي: إذا أدرك المصلى من وقت الصلاة ركعة أتمّ ما بقى منها وإن خرج الوقت، وأبيه ذهب مالك وأحمد وإسحاق، وكان أبو ثور يقول: إنّما

_ (1) صحيح. رواه ابن عبد البر في "التمهيد" (7/63) ، واستذكار (1/77) . (2) صحيح. رواه الدارقطني (2/12) ، والكنز (10697) . (3) ضعيف. رواه النسائي (1/274) ، وأبو عوانة (2/80) ، وابن عدي في "الكامل" (4/1593) ، والتمهيد (7/63) ، وابن عساكر في "التاريخ" (05/23) . (4) صحيح. رواه النسائي (1/275) ، والإرواء (3/89) .

ذلك لمن نام أو سها ولو تعمّد ذلك أحد كان مخطئا (1) مذمومًا بتفريط، وقد روى ذلك عن الشافعي، وقال أبو حنيفة يصح ذلك في العصر دون الصبح، وأما الركعة التي يكون بها مدركا، فعند أبي حنيفة، والشّافعي، والأوزاعي، ومالك وأحمد وإسحاق إذا أدرك الإِمام راكعَا فكبر وركع قبل أن يرفع الإِمام رأسه فقد أدرك، وهو قول علي، وابن مسعود، وزيد، وابن عمر الأشهب فأنه قال: لا يكون مدركا ألا أن يجزم قبل ركوع الإِمام وقبل تمَكُّن يديه من ركبتيه، وإن أدركه راكعَا فاتته الركعة، ولا يعتد بها سواء كبر قبل أن يرفع رأسه أم لا، وهو قول أبي هريرة، وقال الليث بن سعيد: إذا جاء والناس ركوع أجْزأه وإن لم يدرك الركوع، إذا كبَّر قبل أن يرفع الإمام رأسه ويركع بعد ذلك كيف ما أمكنه، وتبع الإِمام ويعتد بالركعة، وقال الَشعبي إذا انتهيت إلى الصف المؤخر ولم يرفع رأسه وقد رفع الإمام رأسه لْقد أدركته؟ لأن بعضهم أئمة بعض، وذكر ابن هريرة أن ابن أبي ليلى، والثوري، وزفر قالوا: إذا كبر قبل أن يرفع الإمام رأسه، فقد أدرك الصلاة، وليركع قبل أن رفع الإمام رأسه، وقال قتادة، وحميد إذا رفع يديه على رأسه قبل أن يرفع الإِمام رَأسه فقد أدرك، وإن رفع الإِمام رأسه قبل أن يضع يديه عل ركبتيه فأنه لا يعتد بها، وقال ابن سيرين: إذا أدركت تكبيرة يدخل بها في الصلاة، وتكبيرة للركوع فقد أدركت تلك الركعة، وتأوّل أبو حنيفة هذا الحديث على من صار/أهلاً للوجوب كالصبي إذا بلغ وشبهه أو أنه منسوخ بالنهي عن الصلاة [498/ب] في هذين القضيتين، قال: لأنّ النهي أبداً يطرأ على الأصل الثابت، قال أبو حنيفة في المشكل: ومن الحجة لأهل العراق الذين يوجبون بإدراك تكبيرة الإِحرام ما فوق ذلك من الوقت ما روى عن النبي- عليه السلام-: "أنَ المسلم إذا توضأ ثم عمد إلى المسجد قال: فإن أدرك الجماعة غفر له ما تقدّم من ذنبه، وإن أدرك منها بعضها، وسبق ببعض يقضى ما فاته فأحسن ركوعه وسجوده وكان كذلك، فإن جاء القوم قعود كان كذلك "، وهذا الذي ذكرناه هو وجه النصفة في هذا الباب، وإذا لم يعلم المتأخّر من الحديث

_ (1) قوله: "مخطئا، غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.

فيجعل ناسخًا للآخر كان الأولى أن يجعل هذا الحديث الذي احتج به العراقيون ناسخًا للحديث الآخر، لأن فيه زيادة فضل فلا يصح أن يكون هو المنسوخ؛ لأن الله تعالى إذا تفضل على عباده بثواب يبنيه على عمل يعملونه لم ينسخه بقطع ذلك الثواب عنهم ولا ينقصه منه ألا بذنب يستحقُّونه كما قال تعالى: {فبظُلم مَن الذينَ هادُوا حرمنا عَلَيهِم طَيبات أُحلت لَهُم} (1) ، والله تعالى أعلم، قالً أبو محمد بن حزم: هذا الحديث متأخر عن خبر المنهي؛ لأن أبا هريرة متأخر الصحبة، وأخبار النهى رواها عمر بن الخطاب وعمر بن عنبسة وإسلامهما قديم، انتهى كلامه. وفيه نظر، من حيث ان الغالب ورود النهى على الإباحة، وأيضًا فقد أسلم هذين، وتأخر إسلام أبي هريرة، ولا يثبت نسخه لاحتمال أن يكون قال ذلك قبل موته بشهر أو سبعة، فلما نقدوا التاريخ طلبنا شيئًا ليس يسرى به في أحد الجانبين فوجدنا عمر بن الخطاب، وإن كان قديم الصحبة فأصحبه إلى وفاته، فيحتمل أن يكون/سمعه بآخرة وعمرو بن عبسة كذلك في قدم الإِسلام لكنه سار إلى بلاد قومه قبل فرض الصلاة فكان يقول: ثنا رابع الإِسلام ثم قدم قبل فتح مكة فتبيّن أن رواية للنهى كانت بعد صحبة ثانيا، فإذا كان كذلك كان متأخّرا عن إسلام أبي هريرة يقيناً، ثم إنّ جماعة من السلف قالوا به منهم: كعب بن شجرة، ونام ابن له عن الفجر حتى طلعت الشمس، قال: فقمت أصلى فدعاني كعب فأجلسني حتى ارتفعت الشمس، وابيضَّت ثم قال: قم فصل ذكره أبو محمد بن حزم من جهة الثوري عن سعيد بن إسحاق بن كعب عن عشرة عنه وأبو بكرة بضع بن الحارث فيما حكاه ابن المنذر، وأمّا قوله: وأحاديث النبي رواها هاتان فغير صحيح؟ لأن جماعة غيرهم رووها، ويأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى عن الموضع اللائق بهذا الكتاب.

_ (1) سورة النساء آية: 160.

111- باب النهى عن النوم قبل صلاة العشاء

111- باب النهى عن النوم قبل صلاة العشاء وعن الحديث بعدها حدثنا محمد بن بشار يعني، فذكر حديث أبي برزة المتقدّم الذكر في الصحيح قال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو نعيم وثنا محمد بن بشار ثنا أبو عامر قالا: ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: " ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ولا سمر بعدها " (1) . هذا حديث إسناده صحيح عبد الله بن عبد الرحمن قال فيه ابن معين: صالح، ووثقه ابن حبان، وخرج مسلم حديثه في المتابعات وخرجه ابن حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان عن حميد بن مسعدة عن جعفر بن سليمان عن هشام عن أبيه قال: " سمعتني عائشة وثنا أتكلّم بعد العشاء فقالت: يا عروة ألا تريح كاتبيك فإن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم [499/ب] يكن ينام قبلها ولا بالحديث بعدها" (2) ، وخرجه ابن وهب في مسنده بسند صحيح عن ابن بكير عن بكير عنها: سئل عليه السلام عن الإنسان يرقد عن العشاء قبل أن يصل قال: " لا نامت عينيه لا نامت عينيه " (3) . وفي فوائد الإِمام إسماعيل بن عبد الله ميمونة: ثنا عبد الله بن الزبير ثنا ابن وهب عن معوية عن أبي عبد الله عنها مرفوعا: " لا سمر إلا الثلاثة مصل أو مسافر أو عروس" (4) . ويشبه أن يكون اللفظ الذي حدّث به ابن ماجه لفظ بندار لا

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/702) . غريبه: قوله: "السمر" الحديث بالليل. وروى بسكون الميم على أنه مصدر. وأصل السمر ضوء القمر. سمّي به حديث الليل لأنهم كانوا يتحدثون فيه. (2) انظر: سنن الترمذي (4/311) بعد الحديث رقم: "168". (3) صحيح. رواه مالك في: الصلاة، (ح/2) . (4) ضعيف. رواه الترمذي (ح/2730) ، وقال الترمذي: هذا حديث غريب. والطبراني (1/2680) ، وأحمد (1/444) ، وشرح السنة (2/194) ، والكنز (21479) ، والفتح (1/213) ، والحلية (14/98) .

لفظ أبي نعيم؛ لأنّ أبا نعيم ذكر هذا الحديث في كتاب الصلاة تأليفه بهذا الإِسناد، ولفظه: "ما نام قبل العشاء" والله تعالى أعلم. حدثنا عبد الله بن سعيد وإسحاق بن إبراهيم بن حبيب وعلى بن المنذر قالوا: ثنا محمد بن الفضل ثنا عطاء بن السائب عن شقيق عن عبد الله، قال: حدّث لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "السمر بعد العشاء". هذا حديث خرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى ثنا هدية ثنا همام عن عطاء وذكره ابن خزيمة في صحيحه أيضًا عن إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد ثنا محمد بن فضيل وثنا يوسف بن موسى ثنا محرز كلاهما عن عطاء به، قال: وسمعت محمد بن معمر يقول: قال عبد الصمد يعني بالحديث الذي ذكره الطوسي في باب الرخصة في السمر بعد العشاء ويشبه أن يكون وهمًا، وفي كتاب الكجي من حديث خيثمة عن رجل عن ابن مسعود قال عليه السلام: " لا سمر إلا لمصلى أو مسافر " (1) ، ولفظ ابن أبي حاتم في كتاب العلل: " نهى عن السمر والحديث بعد العشاء " (2) ، وفي الباب حديث أبي هريرة رفعه "أنه كره النوم قبل العتمة ". رواه السراج في مسنده بسند صحيح عن أبي الأحوص محمد بن الهيثم ثنا نعيم بن حمّاد ثنا إبراهيم ابن سعد عن ابن شهاب عن ابن المسيب عنه،/ومرسل مجاهد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نامت عين رجل نام قبل أن يصلى العشاء " (3) . رواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن إسماعيل بن عبد الملك البصري عنه، وحديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نهى عن النوم قبلها والحديث بعدها " (4) . رواه أبو الطاهر محمد بن عبد الله الدهلي في الثالث والعشرين من أبناء (5) الدارقطني عليه عن محمد بن

_ (1) انظر: الحاشية رقم "2" السابقة. (2) انظر: كتاب العلل لابن أبي حاتم. (3) مرسل. انظر: كتاب الصلاة لأبي نعيم. (4) ضعيف. رواه أحمد (4/423) ، وابن أي شيبة (2/280) ، والطبراني (11/96) ، والخطب (9/193) ، والمجمع (1/315) وفيه أبو سعيد بن عود المكي ولم أجد من ذكره. (5) كذا "بالأصل".

عبدوس عن حجاج بن يوسف وإبراهيم بن سعد عن أبي أحمد الدسري عن أبي سعيد بن عوف عن مجاهد عنه، وحديث أنس بن مالك عوضني الله تعالى عنه قال: " كنا نجتنب الفرش من قبل صلاة العشاء ". ذكره ابن بطال قال: وكان ابن عمر يسب الذي ينام قبل العشاء، وفي كتاب أبي نعيم الفضل: ثنا أبو عاصم الثقفي حدثني يزيد العصر قال: جاء رجل إلى ابن عمر فقال إنى أقوم فإذا انصرفت من المغرب عدت إلى أهلي فنمت حتى أقوم إلى صلاة العشاء فقال: لا قال يا أبا عبد الرحمن، أُوكِلُ رجلاً يكون في المسجد، فإذا أذّن المؤذّن جاءا فأعلمني فتوضأت ثم شهدت الصلاة قال ويلك تأمرني، إن آمرك أن تنام قبل أن تصلّى فلا. ثنا عيسى بن قرطاس سمعت مجاهدًا يقول مثل ذلك، وزاد فيه إذا كنت لا بُدّ فصلّه قبل أن تنام وثنا معشر قال: سألت يزيد العصر أسمعت ابن عمر كره النوم قبل العشاء؟ قال: نعم، قال ابن بطال: وكتب عمر بن الخطاب لا ينام أحد قبل أن يصليها، فمن نام فلا نامت عينه، وكره ذلك أبو هريرة وابن عباس وعطاء وإبراهيم ومجاهد وطاوس ومالك والكوفيون، وحكى الترمذي عن ابن المبارك أكثر الأحاديث على الكراهة، وسيأتي ما يخالفه لاسيّما قول أبي عيسى بعد قليل، وأكثر أهل الحديث على/الرخصة، قال أبو جعفر الطحاوي: إنّما كره النوم [500/ب] قبلها لمن خيف عليه فوات وقتها وفوات الجماعة، وأمّا من وكّل بنفسه من يوقظه لوقتها فمباح له النوم، واحتجوا بفعل ابن عمر، وأنه كان يرقد قبلها ليس ينهى تحريم بفعل الصحابة لكن الأخذ بظاهر الحديث أنجى وأحوط، وقال الليث: قول عمر: فمن رقد بعد المغرب فلا نامت عينه، إن ذلك بعد ثلث الليل الأول، قال أبو جعفر: يحمل الكراهة على أنها بعد دخول وقت العشاء والإِباحة قبل دخول وقتها انتهى كلامه، وفيه نظرة لما أسلفناه عن ابن عمر من سعة النوم، وإن وكّل من يوقظه، ولو احتج بحديث عائشة قالت: " اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء حتى ناداه عمر الصلاة نام النساء والصبيان " (1) ، وبحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب: "أن رسول الله صلي الله عليه وسلم

_ (1) صحيح. رواه البخاري في (المواقيت، باب "225" ح/566 والأذان، باب "16، 162،) والتمني، باب "9"، والنسائي في (الصلاة باب "19"، والمواقيت، باب 21،=

شغل عنها ليلة فأخّرها حتى رقدنا، فأتى المسجد ثم استيقظا فخرج علينا عليه السلام وفيه وكان ابن عمر لا يبالى قدّمها أم أخّرها إن كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها، وقد كان يرقد قبلها" (1) ، وبحديث ابن عباس قال: "اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العشاء حتى رقد الناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا" (2) 0 الحديث ذكر ذلك البخاري وبحديث أنس بن مالك قال: "كان الصحابة ينتظرون الصلاة مع الرسول فيصفون صفوفهم ثم يقومون فمنهم من يتوضأ ومنهم من لا يتوضأ فيصلون " (3) ، وقد تقدّم ذكره في باب الطهارة، وبحديث أبي بكر الحنفي عن سفيان عن ابن أبي ليلى عن عبد الله بن عبد الله عن جدّه عن على: " أنه كان يتعشى ثم يلتف في ثيابه فينام قبل [501/أ] أن يصلي العشاء". سأل أين/فعله صلى الله عليه وسلم؟ على أن كراهية الحديث بعد العشاء إنّما لا ينفعه فيه دنيا ودينَا، ويخطر ببالي أن كراهية- صلى الله عليه وآله وسلم- بالاشتغال بالسمر، لأنّ ذلك يثبط عن قيام الليل إذا اشتغل أوّل الليل بالسمر ثقل عليه النوم آخر الليل فلم يستيقظ وإن استيقظ لم ينشط للقيام، وحديث أوس بن حذيفة قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتينا ويحدّثنا يعني بعد العشاء وكان أكثر حديثه تسكيه قريش " (4) . ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل، وزعم أنّ أباه قال: حديث أبي برزة أصح منه، وروى ابن بطال بسند يبلغ به أبا موسى قال: أتيت عمرا كُلِّمه في حاجة بعد العشاء فقال: هذه الساعة؟ قلت له: شيء من النفقة، قال: نعم، فكلّمته ثم ذهبت لأقوم. فقال: اجلس فقلت الصلاة. فقال: أنا في صلاة فلم نزل جلوسا حتى طلع الفجر، وفي صحيح مسلم (5) عنه قال:) كنت أنا وأصحابي الذين قدموا معى في السفينة نزولا

_ = والدارمي (خ/1213) وأحمد (6/34) . (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (المواقيت، باب "24") ، ومسلم في والمساجد، ح/221) ، وأبو داود (ح/199) ، وأحمد (2/88) . (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (ح/566) ومسلم في (المساجد ح/638) والنسائي في (المواقيت، باب 205، والدارمي (ح/1213) . (3) تقدم في باب الطهارة. (4) إسناده ضعيف. جامع المسانيد: (2/291) . (5) صحيح. متفق عليه. رواه مسلم في والمساجد، ح/224) ، والبخاري

في بقيع بطحان، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فكان يتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء كل ليلة نفر منهم. قال أبو موسى. فرافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأصحابي، وله بعض الشغل في أمره حتى اهتم بالصلاة حتى انتهى الليل، ثم خرج فصلى بهم فلما قضى صلاته، قال لمن حضره: على رسلكم أعلمكم، وأبشروا أنّ من نعمة الله تعالى عليكم أنه ليس من الناس أحد يصلى هذه الساعة غيركم، أو قال ما صلى هذه الصلاة الساعة غيركم"، وحديث أنس بن مالك: "أخر النبي عليه السلام العشاء ذات ليلة إلى شطر الليل، ثم جاء فصلى لنا ثم خطبنا، فقال: إلا أن الناس قد صلوا/وناموا وإنكم لن [501/ب] تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة ". ذكره البخاري (1) ، وحديث عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق: " ان أباه تعشى عند النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ثم لبث حتى صُلِّيت العشاء ثم رجع فلبث حتى تعشَّى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فجاء بعدما مضى من الليل ما شاء الله. فقالت له امرأته: ما حبسك عن أَضيافك. قال: أو ما عشَّيتهم. قالت: أبوا حتى تجيء، فاحتلت فقال: يا غنثر فجدَّع وسبَّ- وقال: كلوا لا هنيئا فوالله لا أطعمه أبدا " (2) 0 الحديث بطوله. * * *

_ = وابن سعد في "الطبقات" (1/4/79) . قوله: انزولا في بقيع بطحان، نزولاً منصوب على أنه خبر كان. أي كنا نازلين في بقيع بطبحان. والبقيع من الأرض المكان المتسع. قال ابن الأثير: ولا يسمى بقيعا إلا وفيه شجر أو أصولها. وبطحان مواضع معينة، واد بالمدينة. (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (214،1/155) ، ومسلم في (المساجد، ح/222) ، والنسائي (1/268) ، وأبو داود في (الصلاة، باب (17) ، والقرطبي (12/139) ، وأمالي الشجري (1/57) ، وأحمد (3/182، 348) ، وابن خزيمة (353) ، والجوامع (5980) ، وابن أبي شيبة (1/403) ، والكنز (19462، 21730) . (2) صحيح. رواه البخاري (ح/602) والفتح (2/90) .

112- باب النهى أن يقال صلاة العتمة

112- باب النهى أن يقال صلاة العتمة حدثنا هشام بن عمار ومحمد بن الصباح، ثنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد (1) عن أبي سلمة عن ابن عمر سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم فأنها العشاء وأنهم يعتمون بالإبل". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه (2) ، وفي لفظ: " فأنها في كتابَ الله العشاء وأنها تعتم محلاب الإبل " (3) . وفي كتاب النسائي: (4) "على اسم صلاتكم هذه فأنهم يعتمون عَلى الإبل "، وفي رواية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " على المنبر فذكره "، وَلفظ ابن خزيمة: " أنهم يعتمون على الإبل أنها صلاة (5) العشاء ". حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا المغيرَة بن عبد الرحمن عن محمد بن عجلان عن المقبري عن أبي هريرة وثنا يعقوب بن حميد ثنا ابن أبي حازم عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم " (6) ، زاد ابن حرملة "فأنها هي [502/أ] العشاء/وإنما يقولون: العتمة لاعتمامهم بالإِبل " (7) . هذا حديث إسناده

_ (1) قوله: "لبيد" وردت "بالأصل " "لبيث" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (2) صحيح. رواه مسلم في "المساجد، ح/228) ، وأبو داود (4984) ، وابن ماجة (704، 705) ، وأحمد (2/10، 19) ، والشفع (138) ، والشافعي (28) ، والمنثور (5/75) ، وإتحاف (3/352) ، والمطالب (276) ، والكنز (19468، 19469، 19507) ، والفتح (2/43، 44، 45) . (3) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/229) . (4) صحيح. رواه النسائي: (1/270) . غريبة: قوله: "لا تغلبنكم الأعراب" معناه: ان الأعراب يسمونها العتمة، لكونهم يعتمون بجلاب الإبل، أي: يؤخرونه إلى شدة الظلام، وإنما اسمها في كتاب الله العشاء. وقوله: "وهم يعتمون بالإبل" أي: يدخلون في العتمة، وهى ظلمة الليل، بالإِبل أي بسبب الإِبل وحلبها. (5) صحيح. رواه ابن خزيمة (349) ، ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" (1/147) ، وأحمد (5/55) ، وأذكار (333) ، وفيه: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم". (6) انظر: الحاشية رقم "1" السابقة. (7) إسناده صحيح. رواه أبو عوانة: (1/369) .

صحيح، ولفظ الطبراني في الأوسط وخرجه من حديث محمد بن إبان نا عمار بن خالد نا على بن عمران عن ابن عجلان: "لا تغلبنكم أهل البادية على اسم صلاتكم سماها الله العشاء ويسمونها العتمة " (1) ، وفي الباب حديث ابن بريدة عن عبد الله المزني يعني: ابن المغفل أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب " (2) . ويقول الأعراب أنبأ العشاء ذكره البخاري، وفي كتاب الإِسماعيلي، وذكره من حديث أبي مسعود أنبأ عبد الصمد ثنا أبي عن حسين المعلم عنه حديث أبي مسعود يدل على أنه في صلاة العشاء الآخرة، وكذلك روى عن ابن عمر في العشاء الآخرة قال المهلب: إنّما كره ذلك؟ لأنّ التسمية من الله ورسوله، قال الله تعالى: "وعلّم آدم الأسماء كلها" (3) وقال تعالى: "ومن بعد صلاة العشاء" (4) . قال القرطبي: فكأنه إرشاد إلى ما هو الأولى وليس على جهة التحريم، ولا على أنّ تسميتها بالعتمة لا تجوز لما ثبت أنه عليه السلام أطلق عليها ذلك يعني قوله: "ولو تعلمون ما في العتمة والصبح " (5) . وغير ذلك من الأحاديث، قال البخاري: والاختيار أن يقول العشاء، وقد ورد تسميتها بذلك في آثار عنه- صلى الله عليه وآله وسلم- في غير ما حديث صحيح، وقد أباح تسميتها بذلك أبو بكر وابن عباس وعمر بن الخطاب وعائشة وأبو موسى الأشعري وغيرهم، وقال: وكانت الأعراب تحلب عند شدّة الظلمة حلبة، وتسميتها العتمة نصار بشير كابني حسين، وهى الحلبة وهي الصلاة فنهى عن ذلك ليرتفع الاشتراك وحيث أمن الاشتراك جاز الإِطلاق، وزعم

_ (1) صحيح. مسند الحميدي: (638) . (2) انظر: الجاثية رقم (4) السابقة. (3) سورة البقرة آية: 31. (4) سورة النور آية: 58. (5) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب (9، 93،32!، والمواقيت، باب ة 20،، والشهادات باب "30") ، ومسلم في (الصلاة، ح/129) ، والنسائي في والمواقيت، باب "22"،، والأذان، باب "31" (، ومالك في (الجماعة، ح/6،، والنداء، باب "3" (، وأحمد (3،002/6/278،533،375،83) .

[502/ب] بعض العلماء: ان النبي عليه السلام خاطب بالعتمة/من لا يعرف العشاء أو استعمل لفظة العتمة؛ لأنه أشهر عندهم، ولأنهم على المغرب وفي المحكم عتمت الإبل تعتم وتعتم واعتمت واستمعت: غلبت عشاء بّنما كانوا يطلقون العشاء، وَهو من الإبطاء والتأخير، قال أبو محمد الحدلمي: فيها ضوى قد رّد من اعتامها، والعتَمة: ثلث الليل الأوّل بعد غيبوبة الشفق، واعتم القوم وعتموا: ساروا في ذلك الوقت، أو أورادُّوا أو أمدُّوا، أو عملوا أي عمل كان، وقيل: العتمة، وقيل: صلاة العشاء الآخرة سمّيت بذلك لاستعمالهم لعتمها، والعتمة بقية الليل يضيق به تلك الساعة، وعتمة الليل: إظلامه، وقوله: طيف ألم بذى سلم لسرى عتم بين الخيم، يجوز أن يكون على حذف الهاء، كقولهم: هو أبو عذرها: فقوله: ألا ليت شعري هل ينظر خلّة ... عبادي على الهجران أم هو يائس وقد يكون من البطء أي: يسرى ببطأ، وقد عتم الليل يعتم عتمًا واعتم أظلم وعتمة الإِبل: رجوعها من المرض بعدما مسي، وقيل: ما ضمن أربع فقيل عتمة ربع أين قدر ما يحتبس في عشائه، وقول الأعشى: نجوم الشتاء العاتمات الغوامض، يعني: بالعاتمات التي تظلم من الغبرة التي في السماء وذلك في الحدب؛ لأن نجوم السماء أشد ثمة إضاءة لنفاء السماء والله تعالى أعلم. * * *

113- أبواب الأذان والسنة فيه

113- أبواب الأذان والسنة فيه باب بدء الأذان حدثنا أبو عبيد محمد بن عبيد بن ميمون المدني، ثنا محمد بن سلمة الحداني ثنا محمد بن إسحاق نا محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هم بالبوق وأمر بالناقوس فتحت قارى عبد الله/بن زيد في المنام قال: رأيت رجلا عليه ثوبان أخضران [503/أ] يحمل ناقوسًا، فقلت له يا عبد الله تبيع الناقوس؟ قال: ما تصنع به؟ فقلت: أنادي به إلى الصلاة قال: أفلا أدلك على خير من ذلك، قلت: وما هو؟ قال: تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، فخرج عبد الله بن زيد حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما رأى، قال: يا رسول الله، رأيت رجلا عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسا فقص عليه الخبر، فقال عليه السلام: إن صاحبكم قد رأى رؤيا، فأخرج مع بلال إلى المسجد فألقها عليه ولينادى بلال فأنه أندى صوتًا منك، قال: فخرجت مع بلال إلى المسجد فجعلت ألقيها عليه، وهو ينادى بها فسمع عمر بن الخطاب بالصوت فخرج فقال: يا رسول الله، والله لقد رأيت مثل الذي رأى". قال أبو عبيد: فأخبرني أبو بكر الحكمي أن عبد الله بن زيد الأنصاري قال في ذلك: أحمد الله ذا الجلال وذا الإكرام حمدا على الأذان كثيرًا إذا أتاني به البشير من الله فأكرم به لدىَّ بشيراً في ليال ولا بهن ثلاثاً كلما جاء زادني توقيرًا " (1) . هذا حديث خرجه ابن خزيمة (2) في صحيحه عن محمد بن عيسى ثنا سلمة يعني: ابن الفضل عن محمد بن إسحاق، قال: وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدمها إنما يجتمع الناس أليه

_ (1) صحيحه. رواه ابن ماجه (ح/706) . وصححه الشيخ الألباني. غريبة: قوله: "البوق" قرن ينفخ فيه فيخرج منه صوت. و"الناقوس" خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها. و"أندى" أفعل تفضيل من النداء. أي: أرفع. (2) صحيح. رواه ابن خزيمة: (373) .

[503/ب] للصلاة الحديث، وفي آخره، فقال عليه السلام: "فلله الحمد فذلك أثبت"./قال محمد بن إسحاق: حدثنى بهذا الحديث محمد بن إبراهيم عن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن أبيه بهذا الحديث، ثنا محمد بن يحيي ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال: حدثنى محمد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه حدثنى أبو عبد الله بن زيد، قال: لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس فعمل ليضرب به للناس في الجمع للصلاة فذكر الحديث بطوله، بمثل حديث سلمة بن الفضل سمعت محمد بن يحيى يقول: ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الآذان خبر أصح من هذا؟ لأن محمد بن عبد الله بن زيد سمعه من أبيه وعبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد ثنا محمد بن يحيي في عقب حديثه ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: فذكر محمد بن مسلم الزهري عن ابن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه بهذا الخبر، قال: فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن هذه لرؤيا حق إن شاء تعالى ثم أمر بالبادين فكان بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك " (1) ، وفي موضع آخر قال: هذا صحيح من جهة، ومحمد بن عبيد الله بن زيد سمعه من أبيه، ومحمد بن إسحاق قد سمعه من التيمي وليس هو محاولة ابن إسحاق، وخرج أحمد حديث سعيد عنه في مسنده، وفيه كما ترى انقطاعان، الأوّل: تباين الزهري وابن إسحاق، والثاني: فيما بين سعيد وعبد نصّ على الثانى البيهقي، وذكر الأخرم عنه أنه قال: أنا أذهب في الأذان إلى حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم، وخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى ثنا الناقد ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبي عن/ابن إسحاق فذكره، وفي آخره ثم استأخر غيره بعبد قال: تقول إذا أقيمت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا اله الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله الا الله، وذكر أبو عيسى (2) مختصرا بلفظه: "فأنه أندى وأمدّ صوتًا منك فألق عليه ما قيل لك وليناد بذلك". وعن سعيد بن يحيي الأموي، ثنا أبي ثنا

_ (1) انظر: الحاشية السابقة. (2) صحيح. رواه الترمذي: (ح/189) . وقال: هذا حديث حسن صحيح.

ابن إسحاق، ثم قال: حدثنا عبد الله بن زيد حديث صحيح، وقد روي هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق أتم من هذا الحديث وأطول (1) ، فذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإِقامة مرة، وعبد الله بن زيد هو ابن عبد ربه، ويقال: ابن عبد ربّ، ولا يعرف له عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- شيئا يصح اّلا هذا الحديث الواحد في الأذان، وفي كتاب المعرفة عنه سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هو عندي حديث صحيح، ولما ذكر الخطابي حديث ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم، قال: وروى هذا الحديث والقصة بأسانيد مختلفة وهذا الإسناد أصحها، وقال أبو على الطوسي الحافظ وخرجه في أحكامه عن الذهليَ ثنا يعقوب ثنا أبي به مطولاً، وفي آخره فكان بلال يؤذّن بذلك ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قال: فجاء مدعاة ذات غداة إلى صلاة الفجر فقيل له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تمّ قال: فصرّح بلال بأعلا صوته: "الصلاة خير من النوم" (2) . قال ابن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين في صلاة الفجر، فقال: حديث عبد الله بن زيد حسن صحيح، وذكره ابن الجارود في منتقاه، وقال البيهقي: هذا خبر موصول،/وقال أبو محمد الإشبيلي: هو خبر صحيح. وقال أبو الخطاب: هو خبر متواتر الطرق، ولفظ أبي داود وخرجه من حديث أبي بشر عن أبي عمير عن أنس عن عموتة له من الأنصار قال: " اهتم النبي- عليه الصلاة والسلام- للصلاة كيف يجمع الناس لها فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا أرادها أذّن بعضهم بعضاً فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القنع

_ (1) صحيح. قال الترمذي: وذكر فيه قصة الأذان مثنى مثنى والإِقامة مرة مرّة. وعبد الله بن زيد هو ابن عبد ربه، ويقال ابن عبد ربه، ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا يصح ألا هذا الحديث الواحد في الأذان. نقل ابن حجر في الإِصابة (4/72) كلام الترمذي هذا، ثم قال: "وقال ابن عدي: ولا نعرف له شيئا يصح غيره. وأطلق غير واحد ليس له غيره. وهو خطأ، فقد جاءت عنه عدة أحاديث، ستة أو سبعة، جمعتها في جزء". ثم نقل أن له في سنن النسائي حديثا، وهو في المستدرك للحاكم (3/336) . وذكر حديثا آخر عن التاريخ الكبير للبخاري، وهو في طبقات ابن سعد) ج 3 ق 2 ص 87) ، والمسند (4/42) . (2) صحيح. رواه أحمد (3/458، 409) والبيهقي (1/422) ، والمجمع (1/330) ، والكنز (490957،2312، 231888) ، وشرح السنة (2/262) ، والتاريخ الكبير للبخاري (1/194) ، وأسرار (231) .

يعني: الشيور فلم يعجبه، وقال: هو من أمر اليهود، قال: فوصف له الناقوس، فقال: هو من أمر النصارى، فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد الله بن ربه وهو مهتم لهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فأرى الأذان في منامه قال قعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: يا رسول الله، إنى كبير نائم ويقظان إذ أتاني آت ناداني الأذان قال: وكان عمر بن الخطاب قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يومَا. قال: ثم أخبر النبي صلي الله عليه وسلم فقال له: ما منعك أن تخبرنا، فقال سبقني عبد الله، فاستجيب فقال عليه السلام: يا بلال، قم فانظرنا يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله قال: "فأذن بلال" (1) قال أبو بشر: فحدثني أبو عمير أن الأنصار تزعم أنّ عبد الله لولا أنه كان مريضًا يومئذ لجعله النبي عليه السلام مؤذّنَا، قال ابن عبد البر: روي عن النبي عليه السلام، في قصة عبد الله بن زيد في بدأ الأذان جماعة من الصحابة بألفاظ مختلفة متقاربة، وكلها متفق على أمره، والأسانيد في ذلك متواترة من وجوه صحاح، وفي موضع آخر حسان، ونحن نذكر أحسنها، فذكر حديث أبي عمر هذا، قال أبو داود: رواية الزهري عن سعيد عن عبد الله قال فيها ابن إسحاق: الله أكبر مرتين، وقال معمر: و/يونس عن الزهري الله أكبر لم يثنى. ونا عمرو بن مرزوق نا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، قال: وثنا أصحابنا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لقد أعجبني أن يكون صلاة المسلمين أو المؤمنين واحدة حتى لقد هممت أن أبثّ رجالا في الدور ينادون الناس لحين الصلاة، وحتى هممت أن آمر رجالَا لها يقومون على الآطام ينادون المسلمين لحين الصلاة حتى نقسوا أو كادوا أن ينقسوا " قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول، إنى لما رجعت لما رأيت من اهتمامك رأيت رجلا كان عليه ثوبين أخضرين، فقام على المسجد فأذن ثم قعد قعدة ثم نام فقال مثلها إّلا أنه يقول: قد قامت الصلاة، ولولا أن يقولوا: لقلت أنى كنت يقظان غير نائم فقال عليه السلام: "أراك الله خيراً "، وقال ابن مثنى: "لقد أراك الله خيرا" (2) ، وثنا ابن مثنى عن أبي داود وثنا نصر بن المهاجر ثنا يزيد بن هارون عن المسعودي عن عمرو بن مرّة عن ابن أبي ليلى

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/498) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/506) .

عن معاذ بن جبل قال: "أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، وفيه قال نصر: فجاء عبد الله بن زيد رجل من الأنصار، فقال فيه: واستقبل القبلة فذكر التأذين والإقامة". قال أبو عيسى: عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، وكَذا قاله ابن المديني في العلل الكبير والبيهقي، وتبعهم على ذلك أبو محمد الإشبيلي وأبو الحسن ابن القطان، وقول عبد الرحمن ثنا أصحابنا، قال المنذري: إن كان أراد الصحابة فهو قد سمع من جماعة منهم، فيكون الحديث مسندًا وإّلا فهو مرسل وما يدرى رحمه الله أن الطحاوي قال في شرح الآثار: ثنا علي بن شيبة ثنا يحيى بن يحيى النيسابوري ثنا وكيع عن الأعمش عن عمرو عنه قال: حدثني أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم أنَ عبد الله بن زيد/الأنصاري رأى الأذان في المنام فذكره، وكذا ذكره ابن خزيمة في صحيحه، وكذا هو في كتاب أبي الشيخ عبد الله بن محمد بن جمر بن حبان الحافظ عن عبدان ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو، وعن عبد الرحمن قال: ثنا أصحاب محمد أنّ عبد الله بن زيد به، فصحّ إسناده على هذا والله تعالى أعلم. ولما ذكره ابن جرير من عند ابن وضّاح موسى بن معاوية، قال وكيع: هذا إسناد في غاية الصحة من أسانيد الكوفيين، وابن أبي ليلى أخذ عن مائة وعشرين من الصحابة وأدرك بلالا وعمر رضى الله عنهما، وذكر عبد الرزاق في مصنفه عن إبراهيم بن محمد عن أبي جابر البياضي عن سعيد بن المسيب عنه أنه بينا هو نائم إذ رأى رجلًا معه خشبتان قال: فقلت له في المنام إن النبي- عليه السلام- يريد أن يشترى هذا من العودين يجعلهما ناقوسًا يضرب به للصلاة، قال: فالتفت إلى صاحب العودين برأسه، وقال: أفلا أدلكم على ما هو خير من هذا، فبلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالتأذين، قال أبو عمر: لا أحفظ ذكر الخشبتين إلا في حديث أبي جابر يعني هذا، ومرسل مالك عن يحيى بن سعيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أراد أن يتخذ خشبتين لجمع الناس للصلاة، ولفظ أبي قرة في سننه وخرجه من حديث أبي جابر يا رسول الله، إني قطيع الصوت فقال: علم بلال ... الحديث، ولفظ الدارقطني في سننه من حديث ابن أبي ليلى عن معاذ: قال ابن زيد يا رسول الله، رأيت في المنام كأنّ رجلا نزل من السماء على جزم الحائط، فأذّن مثنى مثنى"،

وفي كتاب أبي الشيخ: فلما كان قبل الفجر غشيني النعاس فرأيت رجلاً قام على [506/أ] سطح المسجد وأتى بين النائم و/اليقظان، فجعل إصبعيه في أذنيه وفي المعجم الكبير لابن مطير: من حديث ابن أبي ليلى غشية ولم يسمع منه، فجاء المسلمون سراعا يرون أنه فزع ثم جاء عمر فقال: "والله إنه لطائف طاف بي". وذكر أبو نعيم الحافظ ان محمد بن إسحاق رواه أيضا عن محمد بن جعفر ابن الزبير عن محمد بن زيد، ورواه زيد بن حباب عن محمد بن عمرو بن سهل عن عبد الله بن محمد بن زيد عن أبيه أو عمه عن عبد الله، ورواه إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران عن شعيب بن عبادة الأنصاري عن ابن عبد الله بن زيد عن أبيه، ولفظ العسكري في كتاب الصحابة: "أمر رجالاً يقومون على الأطام فيرفعون المسرح ويبشرون الناس بالصلاة حتى رأيت". الحديث، وذكر أبو حامد الغزالي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال: "القه على بلال قال عبد الله: يا رسول الله، ائذن لي مرة واحدة فأذنت بإذنه، فلمًا سمع عمر صوتي خرج يجر"، رواه زياد الغوراني فأذنت الظهر ولم أر له في كتب الحديث ذكر ألا من أسلفناه من حديث سعيد بن المسيب عن عبد الله فبلغه النبي، فأمره بالتأذين وهو شاهد له والله تعالى أعلم، حدثني محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي نا أبي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم استشار الناس لما يجمعهم للصلاة فذكروا البوق فكرهه من أجل اليهود ثم ذكروا الناقوس فكرهه من أجل النصارى، فأرى النداء تلك الليلة رجل من الأنصار يقال له عبد الله بن زيد وعمر بن الخطاب، فطرق الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال فأتى به. قال الزهري: وزاد بلال في نداء صلاة الغداة،/الصلاة خير من النوم فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم. قال عمر: يا رسول الله، قد رأيت مثل الذي رأى ولكنه سبقني، (1) . هذا حديث قال فيه ابن شاهين: حديث غريب إن كان

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/707) . في الزوائد: في إسناده محمد بن خالد: ضعفه محمد وابن معين وأبو زرعة وغيرهم. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/148) وقال: "بعضه صحيح ". قوله: "يهمهم" همه الأمر وأهمه، إذا أوقعه في الهم. أي يوقعهم في التعب والشدة.

عبد الرحمن حفظه، وقد خالفه أصحاب الزهري يونس وشعيب ومعمر ومحمد بن إسحاق وابن جريح، فرووه عن الزهري عن سعيد أن الناس كانوا في عهد النبي- عليه الصلاة والسلام- يجتمعون إلى الصلاة قبل أن يؤمروا بالتأذين فذكر حديث ابن زيد، وقد خرج أهله من حديث ابن جريج أخبرني نافع ان ابن عمر كان يقول: كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة، وليس ينادى بها أحد، فتكلموا يومًا في ذلك فقال بعضهم: اضربوا ناقوسًا مثل ناقوس النصارى، وقال بعضهم: بل بوقًا مثل بوق اليهود، فقال عمر: أو لا تبعثون رجلًا ينادى بالصلاة! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بلال قم فناد بالصلاة" (1) . ولما خرجه أبو عيسى قال فيه: حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر، قال ابن مندة: هذا إسناد مجمع على صحته، وفي لفظ لأبي عوانة (2) في صحيحه: "فأذن بالصلاة "، ولما خرجه ابن خزيمة (3) في صحيحه اتبعه ثنا بندار بخبر غريب، قال: ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر قال: "إن بلالا كان يقول: أشهد أن لا إلى إلا الله، حي على الصلاة، فقال له عمر: قل في أثرها أشهد ان محمدًا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: "قل كما أمرك عمر". ورواه أبو الشيخ في كتاب الأذان عن محمد بن يحيي نا بندار بلفظ: كان يقول أول ما يأذن: أشهد أن لا إلى إلا الله، حي على الصلاة "، وقد ورد عنده/بلفظ آخر ذكره الطبراني [507/أ] في الأوسط (4) من حديث طلحة بن زيد عن يونس بن يزيد عن الزهري عن

_ (1) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الصلاة، (ح/190) . وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب، من حديث ابن عمر". وحديث ابن عمر رواه أيضا البخاري (2/65-66) ومسلم في (الصلاة، ح/1) والنسائي (1/02 1-103) ، وأحمد في المسند) رقم 6357 ج 2 ص 148) . ويظهر ان القاضي أبا بكر بن العربي نسي انّ هذا الحديث في الصحيحين، فاعترض على تصحيح الترمذي إياه، فقال (1/307) : "وعجب لأبي عيسى يقول: حديث ابن عمر صحيح! وفيه: ان النبي صلي الله عليه وسلم أمر بالأذان لقول عمر، وإنما أمر به لقول عبد الله بن زيد، وإنما جاء عمر بعد ذلك سمعه! ". (2) صحيح. رواه أبو عوادة: (26/326) . (3) ضعيف. رواه ابن خزيمة (362) والكنز (23150) . (4) ضعيفة جدا. أورده الهيثم في "مجمع الزوائد " (1/329) وعزاه إلى الطبراني=

سالم عن أبيه: "لما أسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم أوحى الله أبيه الأذان فنزل به فعلمه بلالا". وقال: لا يروى هذا الحديث عن الزهري إلا يونس، تفرد به طلحة تفرد به محمد بن ماهان الواسطي عنه، وفي الباب حديث أنس بن مالك قال: كانت الصلاة إذا حضرت على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم سعى رجل في الطريق فنادى الصلاة الصلاة، فاشتد ذلك على الناس فقالوا: لو اتخذنا ناقوسًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذاك للنصارى"، فقالوا: لو اتخذنا بوقاً. فقال عليه السلام: "ذاك لليهود، فأمر بلالا أن يشفع الأذان وأن يوتر الإِقامة" (1) . ورواه الطبراني عن أبي الأطهراني ثنا عبد الله بن يوسف الجبيري ثنا روح عن عطاء ابن أبي ميمونة عن خالد عن أبي قلابة عنه، وأصله في الصحيحين وسيأتي، وحديث أبي عمير عن عمومة من الأنصاري المذكور قبل من كتاب أبي داود رحمه الله تعالى، وكذا حديث معاذ بن جبل وحديث ابن جرير الهذيلي عن أبي حنيفة عن علقمة بن يزيد عن ابن بريدة عن أبيه: ان رجلا من الأنصار مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو حزين وكان الرجل ذا طعام يجتمع أبيه، ودخل مسجده يصلى فبينما هو كذلك إذ نعس، فذكر قصة الأذان، فقال النبي عليه السلام لما أخبره: قد أخبرنا بمثل ذلك أبو بكر فأمر بلالَا أن يؤذِّن بمثل ذلك، وقال الطبراني (2) : لم يروه عن علقمة إّلا أبو حنيفة، وحديث عبيد الله بن زيد بن عبد ربه أخي عبد الله قال: " أراد النبي [507/ب] صلي الله عليه وسلم أن يُحدِّث في الأذان، فجاء عبد الله فقال: إنّى رأيت/الأذان فقال: فقم فألقه على بلال، فقال يا رسول الله، إني أريتهما وأنا كنت أريد أن أذن قال. أقم أنت ". رواه المديني في معرفة الصحابة (3) من حديث سهل بن

_ = في "الأوسط" وفيه طلحة بن زيد ونسب إلى الوضع. (1) صحيح. رواه البخاري (ح/605) . وذكر مسلم إسناده في حديث داود في كتاب الصلاة، باب في الإِقامة، (ح/508) ورواه الدارمي (ح/1195) . (2) صحيح. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (1/329) ، وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط" وفيه من تكلم فيه وهو ثقة. وتتمة لفظه: "فأتاه آت في النوم، فقال: قد علمت ما حزنت له، قال: فذكر قصة الأذان". (3) قوله: "الصحابة" غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.

الديلمي نا عبد السلام بن مطهر، نا أبو سلمة الأنصاري عن عبد الله بن محمد بن زيد عنه. وقد ورد في بدأ الأذان حديث يدل أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رآه في الإسراء، أنبا به المسند المعمر الرحلة أبو التقي صالح الأشعري- رحمه الله تعالىَ- قراءة عليه وثنا أسمع أن مسند عصره أبو العباس ابن عبد الدايم قراءة عليه أنبأ يحيي بن محمود الثقفي قراءة عليه قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد الحافظ، بجميع كتاب الترغيب والترهيب أنبأ أبو عثمان بن حمدان حدثنى أبو عبد الله محمد بن الحسين ثنا محمد بن عبد الله بن الحسن نا سلمة بن شبيب نا يونس بن موسى الشّامي البصري ثنا الحسن بن حماد الكوفي عن زياد بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جدّه عن علي بن أبي طالب، قال: " لما أراد الله تبارك وتعالى أن يعلّم رسوله الآذان أتاه جبريل- عليه السلام- بدابة يقال لها: البراق فاستصعب عليه، فقال يا جبريل أئتي بدابة الين من هذه، فآتاه بدابة يقال لها برقة، فذهب يركبها، فاستصعب عليه أيضا، فقال لها جبريل: اسكني برقة فما ركبك عبد أكرم على الله من محمد صلى الله عليه وسلم. قال: فانتهت به إلى الحجاب الذي يلي الرحمن، فخرج من وراء الحجاب ملك، فقال عليه السلام لجبريل: من هذا؟ فقال: جبرائيل والذي بعثك بالحق إنّى لأقرب الخلق مكانا وما رأيت هذا الملك منذ خلقت قبل ساعتي هذه، فقال الملك الله أكبر فسمعت من وراء الحجاب صدق عبدي أنا أكبر أنا أكبر./فقال الملك: أشهد أن لا إله إلا الله، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي؟ إذ لا إله إلّا أنا، ثم قال الملك: أشهد أن محمدًا رسول الله، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي أنا أرسلت محمدًا، ثم قال الملك: حي على الصلاة، حي على الفلاح قد قامت الصلاة فقيل له من وراء الحجاب: صدق عبدي ودعي إلى عبادتي ثم قال الملك: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فقيل من وراء الحجاب: لا إله إلا أنا ثمّ أخذ الملك بيدي فأقمت أهل السماء فيهم آدم ونوح" (1) . قال ان بو جعفر محمد بن

_ (1) ضعيف. أورده الهيثم في "مجمع الزوائد" (1/328- 329) وعزاه إلى البزار،=

علي: فيومئذ أكمل الله لمحمد صلي الله عليه وسلم الشرف على أهل السماء والأرض، قال أبو القاسم الجوزي: هذا الحديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن محمد بن عثمان بن مخلد ثنا أبي وذكره أبو الشيخ في كتاب الأذان عن زياد بن المنذر فذكره، قال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن علي إّلا بهذا الإسناد، وزياد بن المنذر به شعبة، وقد روي عنه مروان بن معاوية وغيره، وقالَ أبو علي الجياني: واختلف في هذا الحديث أن يكون صحيحَا لما يعضده ويشاكله من أحاديث الإسراء، بنحوه ذكره الحافظ أبو زيد السهيلي، وزاد تخصيص عنها تحصل أنّ معاني الصلاة كلّها أو أكثرها قد جمعها حديث الإِسراء، ورواه ابن شاهين عن أحمد بن محمد بن هارون ثنا موسى بن سنان بن عبد الرحمن نا يونس بن موسى عن الحسن بن حماد عن زياد عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن أبي رافع عن على بلفظ: قال عليه السلام: " يا علي إن الله تعالى علمني الصلاة وعلمني الأذان". فذكره بطوله وأشار إلى ضعفه. [508/ب] قال: وثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا يعقوب بن يوسف ثنا/حصين عن منده بن أبي طريف عن محمد بن بشير عن محمد بن الحنفية عن على قال: "كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به لما كان في السماء حضرت الصلاة فأذّن جبرائيل" (1) 0 الحديث وثنا أحمد بن يونس بن أرقم ثنا سعيد بن دينار عن زياد بن المنذر حدثنى العلاء قال: قلت لابن الحنفية: كنا نتحدّث أنَّ الأذان رؤيا رآها رجل من الأنصار ففزع وقال: وقد عمدتم إلى أحسن دينكم، فزعمتم أنه كان رؤيا هذا والله الباطل، ولكن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما عرج انتهى إلى مكان من السماء وقف وبعث الله عز وجل ملكًا ما رآه أحد في السماء قبل ذلك اليوم، فعلّمه الأذان وذكر ما في الحديث، ففي هذا ردّ لما ذكره البزار وأبو القاسم، وحديث عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال

_ = وفيه زياد بن المنذر وهو مجمع على ضعفه. (1) ضعيف جدا. بنحوه. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/329) وعزاه إلى الطبراني "الأوسط" وفيه طلحة بن زيد ونسب إلى الوضع.

رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أسرى بي إلى السماء الدنيا أذن جبرائيل عليه السلام وظنت الملائكة أنه يصلي بهم فقدمني فصليت بهم" (1) . ذكره أبو جعفر في كتاب الناسخ والمنسوخ عن جعفر بن محمد بن نمير ثنا على بن أحمد السواق ثنا محمد بن حماد بن زيد الحازمي ثنا عابد بن حبيب الهروي عن هشام عن أبيه عنها، وحديث ابن عباس قال: "علم النبي صلى الله عليه وسلم الأذان حين أسرى به ورآه رجل من الأنصار في منامه". رواه أيضًا عن أحمد بن محمد بن سعيد ثنا يعقوب بن يوسف الضبي ثنا أبو جنادة (2) عصين بن المخارق ثنا عبد الصمد بن علي عن أبيه عنه، وفي كتاب أبي الشيخ: كتب أبينا على بن الحسن بن سلم الرازي ثنا مسروق ثنا إبراهيم ابن المنذر، حدثني عبد العز-نر بن عمران عن إبراهيم بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين/عن عكرمة عنه قال: [509/أ] الأذان نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فرض الصلاة: {يأيُّهَا الذِينَ آمَنُوا إذَا نودي للصلاة مِن يَومِ الجُمُعةِ فاسْعَوا إلَى ذِكْرِ الله} (3) انتهى، وفيه إشكال؟ لأنّ فرض الصلاة كان بمكة، وسورة الجمعة مدنية إجماعًا، حكاه أبو العباس المفسر الضرير في كتاب التنزيل وغيره، اللهم إّلا أن يريد صلاة الجمعة ما مطلق الصلوات؛ لأنّ فريضة الجمعة إنما كانت بالمدينة والله تعالى أعلم، وحديث سالم عن أبيه "لما أسرى بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- إلى السماء أوحى إليه الأذان فنزل فعلمه بلالا" (4) . رواه أيضًا عن محمد بن محمود الأنباري ثنا محمد بن ماهان، حدثنى عثمان نا أبي ثنا طلحة بن زيد عن يونس بن يزيد عن الزهري عنه، وهو مردود؛ بأنّ الإِسراء الذي فرضت فيه الصلاة كان بمكة والبادين بالمدينة إجماعا، وحديث عبيد بن عمير الليثي قال: "ائتمر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه- للاجتماع للصلاة، فبينا عمر بن الخطاب يريد أن يشترى خشبتين للناقوس إذ رأى عمر في المنام

_ (1) 1لحاوي: (2/259) . (2) قوله: "جنادة" وردت "بالأصل" "الجنازة" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (3) سورة الجمعة آية: 9. (4) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/329) من حديث ابن عمر، وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط" وفيه طلحة بن زيد ونسب إلى الوضع.

أن لا تجعلوا الناقوس، بل أذنوا بالصلاة فذهب عمر إلى النبي- عليه الصلاة والسلام- ليخبره بالذي رأى، وقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بذلك فما رأى عمر الا بلال يؤذن، فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- حين أخبره بذلك: "قد سبق بذلك الوحي" (1) . ذكره ابن إسحاق في سيره عن ابن جريج قال لي عطاء: سمدت عبيدا به، قال السهيلي: وقد عرفت رؤيا ابن زيد ولم تعرف رؤيا عمر- رضي الله تعالى عنه-، وفي مسند الحارث ابن [509/ب] أبي أسامة: "أوّل من أذّن بالصلاة جبرائيل في السماء/الدنيا، فسمعه عمر وبلال فسبق عمر بلالا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال سبقك لها عمر" (2) . وحديث عبد الله بن الزبير قال: أخذ الأذان من أذان إبراهيم عليه السلام في الحج: "وأذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر" (3) . قال: فأذّن رسول الله صلي الله عليه وسلم رواه أبو الشيخ عن كتاب على بن مسلم نا مسروق نا إبراهيم بن المنذر نا عبد العزيز بن عمران عن ابن المؤمل عن ابن الرهين عنه، قال السهيلي: الحكمة بتخصيص الأذان برؤيا رجل ولم يكن بوحي؛ فلأن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قد أريه ليلة الإسراء فوق سبع سماوات، وهذا أقوى من الوحي، فلما تأخّر فرض الأذان إلىَ المدينة وأراد أعلام النّاس لوقت الصلاة يلبث الوحي حتى رأى عبد الله الرؤيا فواخت ما رآه عليه السلام، فلذلك قال: أنها لرؤيا حق إن شاء الله تعالى، وعلم حينئذ أنّ مراد الله تعالى بما أراه في السماء أن يكون سنة في الأرض، وقوى ذلك موافقة، رؤيا عمر مع أنّ السكينة تنطلق على لسان عمر، واقتضت الحكمة الإِلهية أن يكون الأذان على لسان غير النبي صلى الله عليه وسلم لما فيه من التنويه بعده والرفع لذكره، فلأن يكون ذلك على لسان غيره أنوه وأفخم لشأنه وهو معنى قوله تعالى: {ورفعنا لك ذكرك} . وهو معنى ما ذكره القاضي أبو بكر بن العربي والشيخ أبو العباس القرطبي، زاد: ويحتمل ألهم لماّ

_ (1) ضعيف. رواه عبد الرزاق (1775) والمنثور (2/294) والبداية (3/233) . (2) الفتح: (2/78) . (3) صورة الجمعة آية: 27

تفاوضوا في الأذان كان عبد الله وعمر غائبين فلمّا قدما وجد المفاوضة، فقال عبد الله ما قال، وتلاه عمر، ولما رأى عمر قبول الرؤيا وصحتها قال: لا تنادون إلى الصلاة/فقال عليه السلام لبلال: "قم" وقال عياض: ظاهر قول [510/أ] عمر أولا يبعثون رجلاً ينادى بالصلاة ليس على صفة الأذان الشرعي، بل إخبار بحضور وقتها، قال النووي: وهذا الذي قاله أبو الفضل محتمل ومتعيّن، فقد صحّ في حديث ابن زيد أنه رأى الأذان في المنام، فجاء إلى النبي عليه السلام يخبره فجاء عمر فقال: "والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي رأى ". فهذا ظاهر أنه كان في مجلس آخر، فيكون الرافع الإعلام أولاً ثم رأى ابن زيد الأذان فشرعه النبي عليه السلام بعد ذلك إمّا بوحي، وإمّا باجتهاده على مذهب الجمهور، وليس هو عملا بمجرد المنام، هذا ما لا شك فيه انتهى، وفي هذا كله ذهول عن قول عمر: لقد رأيت مثل ما رأى ولكنه سبقني ويحمل قوله أّلا تناودن إلى الصلاة على الأذان الشرعي؛ لأنه قال مثل ما رأى عبد الله، وعبد الله رأى الأذان مفصلا وأخبر به كذلك، ولأنه قد وافقهما على رؤياهما سبعة من الصحابة في تلك الليلة أيضًا حكاه صاحب المبسوط، وفي كتاب الغزالي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بضعة عشر رجلاً من الصحابة قد رأى كلّهم مثل ذلك، ولأنا قدمنا في صحيح أبي عوانة فأذّن بالصلاة؛ ولأنه لا خلاف أنهم كانوا قبل ذلك يؤذّن بها، بقولهم: الصلاة جامعة، ذكره ابن سعد عن ابن المسيب أو بقولهم الصلاة الصلاة كما قدّمنا، وفي قوله: قم يا بلال حجّه لمشروعية الأذان قائمًا، وأنه لا يجوز الأذان قاعدًا وهو مذهب العلماء كافة إلا أبا ثور، فأنه جوّزه، ووافقه أبو الفرح فيما ذكره أبو الفضل، واستضعفه النووي لوجهين: أحدهما: المراد بالنداء هنا الإِعلام، الثاني: المراد قم واذهب إلى موضع بارز فناد فيه بالصلاة/، وليس فيه غرض للقيام في حال [510/ب] الأذان، قال: ومذهبنا المشهور أنه سنة فلو أذّن قاعدًا بغير عذر صحّ أذانه لكن فاتته الفضيلة، ولم يثبت في اشتراط القيام شيء، وفي كتاب الإِشراف: أجمع مملّ من يحفظ عنه المعلم: أنّ من السنة أن يؤذّن المؤذن قائماً، وروينا عن أبي زيد الصحابي، وكانت رجله أصيبت في سبيل الله أنه أذّن وهو قاعد، وفي كتاب أبي الشيخ عن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه قال: حق وسنة

مسنونة أّلا يؤذّن إلا وهو قائم طاهر، وقول الصحابي: وهو من السنة يدخل في المسند، وأمّا قول أبي عمير: لولا أنّ ابن زيد كان مريضا لأمره النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بالأذان ومردّه ما ذكره الدارقطني، قال عبد الله: أنا رأيته أريده، قال له أنس: فأقم أنت وسيأتي ذكره أيضَا، وفي كتاب المحيط: وإن أذّن لنفسه فلا بأس بأن يؤذن قاعدَا من غير الناس، فإن أذّن قاعدا لغير عذر صح أذانه وفاتته الفضيلة، وكذا لو أذّن قاعداً مع قدرته على القيام صحّ أذانه، فأمّا إذا أذّن على غير وضوء، فقد جوّزه إبراهيم قال: لا بأس أن يؤذّن على غير وضوء ثم ينزل فيتوضأ، وعن قتادة أنه كان لا يرى بأسَا أن يؤذّن الرجل وهو على غير وضوء، فإذا أراد أن يقيم توضأ، وعن عبد الرحمن بن الأسود: أنه كان يؤذّن على غير وضوء، وعن الحسن: لا بأس أن يؤذّن غير طاهر ويقيم وهو طاهر، وعن حماد: أنه كان لا يرى بأسَا أن يؤذّن الرجل وهو على غير وضوء، وكره ذلك جماعة، قال عطاء: الوضوء فرض وسنة، وفي حديث الزهري قال أبو هريرة: " لا يؤذّن إلا متوضئ " (1) ، ولما رواه الترمذي عن يونس عن الزهري مرسلا قال هذا أصح ورواه البيهقي (2) من حديث الزهري) * (. [511/أ] /ما من يوم يمضى ... منا إلا أمضى منا قَرنًا قال أبو زكريا: وهذا البحر يسمى الغريب، والمشتق، وركض الخيل، وقطر الميزاب. وفي رواية: إن الدنيا قد غرتنا ... واستهوتنا واستلهتنا يا بن الدنيا مهلًا مهلَا ... زن ما يأتي وزنًا وزنًا

_ (1، 2) ضعيف. رواه الترمذي (ح/200) ، والبيهقي (1/397) ، وتلخيص (3/46) ، والكنز (20965) ، وضعفه الشيخ الألباني. (ضعيف الجامع: ص 911، ح/6317) . راجع الإرواء (*) سقط بالأصل.

وعبد الله بن يزيد لم أر أحدَا ذكره في الشعر، ولا ألم بذكره، والله تعالى أعلم. تم الجزء بحمد الله وعونه، يتلوه- إن شاء الله تعالى- في الجزء الذي بعده قوله- رحمه الله تعالى- ونفع بعلمه: باب الترجيع في الأذان، وصلى الله- تعالى- على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حولي ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. آمين * * *

/بسم الله الرحمن الرحيم [512/أ] الترجيع في الأذان حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن يحيى، ثنا أبو عاصم، أنبأ ابن جريج قال: أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد الله بن محيرز وكان يتيمَا في حجر أبي محذورة بن معين حتى جهّزه إلى الشام، فقلت لأبي محذورة: أي عم أبي خارج إلى الّشام، وإنّى أسأل عن تأذينك، فأخبرني أن أبا محذورة قال: خرجت في نفر فكنّا ببعض الطريق، فأذّن مؤذن رسول الله صلي الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فسمعنا صوت المؤذّن، ونحن عنده متنكَبُون، فصرخنا نحكيه نهزأ به، فسمع رسول الله فأرسل إلى قومنا فأقعدونا بين يديه، فقال: "أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار إليَ القوم كلهم، وصدقوا فأرسل كلّهم وحبسني وقال لي: " قم فأذّن "، فقمت ولا شيء أكره إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبقى على [512/ب] رسول الله صلي الله عليه وسلم/التأذين هو نفسه فقال: قل: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدَا رسول الله، أشهد أن محمدَا رسول الله، ثم قال لي: ارجع فمد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدَا رسول الله، أشهد أن محمدَا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من فضة، ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمرّها على وجهه من بين يديه على كبده، ثم بلغت يد رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- سرة أبي محذورة ثم قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " بارك الله لك وبارك عليك " فقلت: يا رسول الله، أمرتني بالتأمين بمكة؟ قال: " نعم قد أمرتك "، فذهبت كل شيء كان لرسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- من كراهية، وعاد ذلك كله محبة لرسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-، فقدمت على عتاب بن أسيد

عامل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمكة فأذنت معه بالصلاة على أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال وأخبرني ذلك من أدرك أبا محذورة على ما أخبرني عبد الله بن محيرز" (1) . ثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا عفان ثنا همام بن يحيى عن عامر الأحوص ثنا مكحولَا حدّثه أن ابن محيرز حدّثه أن أبا محذورة حدّثه قال: " علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة فذكره" (2) ، هذا حديث خرجه مسلم (3) مختصراً من حديث عن أبي محيرز فذكر: الله أكبر/ [513/أ] في أوله مثنى مثنى، وأبو عوانة من حديث ابن المديني عن معاذ بن هشام عن أبيه وابن مندة من حديث عبيد الله بن عمر عنه، وأما تخريج الحاكم (4) له من جهة عبد الله بن سعيد عن معاذ ففيه نظرة لكونه في مسلم، وقال ابن القطان: والصحيح عن عامر في هذا الحديث إنما هو تربيع البكر في أوله، كذلك رواه عن عامر جماعة منهم: عفان بن سعيد بن عامر وحجاج. ورواه عن هؤلاء الحسن بن علي. ذكر ذلك أبو داود عنه فكذلك يصحّ؛ فيكون الأذان تسع عشرة كلمة، وقد قيده بذلك في نفس الحديث كما قيد الإِقامة ليبلغ سبع عشرة كلمة، وقد وقع في بعض روايات مسلم لهذا الحديث مربعَا وهى التي ينبغي أن نستفيد من صحته وذكره البيهقي في كتابه. انتهى كلامه وفيه نظر، وذلك أنه يسقط منه هكذا رجل، وبيانه هو أن أبا داود إنما رواه عن الحسن بن على عن عفان بن سعيد بن عامر وحجاج عن همام عن عامر،

_ (1) صحيح. رواه أبن ماجة (ح/708) والبيهقي (3/11) والحاكم (1/310) وصححه ابن خزيمة (1161) وابن حبان (656) . وصححه الشيخ الألباني. غريبه: قوله: "متنكبون" من تنكّب عنه، أي: عدل عنه، أي: معرضون متجنيون. (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/502) والترمذي (ح/192) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (الأذان، باب " 4 " (وابن ماجة (ح/708) وأحمد (3/409، 6/401) والدارمي (ح/1197) كلهم من طريق عامر الأحول. وفي كثير من هذه الروايات ذكر ألفاظ الأذان والإِقامة تفصيلا. (3) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/6) . (4) انظر: الحاشية رقم (1) السابقة.

وكذا رواه أبو عيسى- وسيأتي- ورواه ابن سعد في كتاب الطبقات عن سعيد بن عامر وعفان عن همام بن يحيى عن عامر- والله تعالى أعلم-، ولهذا إنّ أبا عمر حكى عن ابن السكن تفرد همام بروايته، ورواه أبو عيسى (1) من حديث إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، قال: أخبرني أبي وجدي جميعَا عن أبي محذورة، وعن أبي موسى عن عفان عن همّام عن مكحول به مختصرَا وقال: حسن صحيح، وكذا قاله في العلل حين ذكره بكماله، ولفظ ابن خزيمة (2) ، وخرجه من حديث مكحول أن رسول الله صلي الله عليه وسلم "أمر نحواً من عشرين رجلا فأذنوا وعجبة صوت أبي محذورة، فعلمه فعلمه [513/ب] الأذان وعلمه الإقامة مثنى مثنى "./وعن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك مؤذن المسجد الَحرام قال: حدثني أبي وجدي جميعا عن أبي محذورة: " أن النبي- عليه السلام- أقعده فألقى عليه الأذان حرفا حرفا " قال بشر بن معاذ قال لي إبراهيم هو مثل أذاننا هذا، فقلت له: أعد علي قال أبو بكر بن خزيمة بن عبد العزيز لم يسمع هذا الخبر من أبي محذورة وإّنما رواه عن ابن محيرز عن أبي محذورة، وقال الدورقي في أوّل الأذان: الله أكبر الله أكبر، ويأتي حديثه مثل لفظ حديث بندار عن أبي عاصم، وهكذا رواه روح عن ابن جرير عن عثمان بن السائب عن أم عبد الملك ابن أبي محذورة عنه قال في أول الأذان الله أكبر الله أكبر ثم نقله أربعاً، ورواه أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج وقال في أول الأذان: الله أكبر أربعَا، قال الحافظ أبو بكر: خبر أبي محذورة ثابت صحيح من جهة النقل، وفي سؤالات الأثرم: قيل لأبي عبد الله: حديث أبي محذورة صحيح؟ قال: أما ثنا فلا أدفعه، وذكره ابن الجارود في منتقاة وحكى أبو عمر عن الشّافعي: أنه يقول في أوّل الأذان: الله أكبر

_ (1) انظر: الحاشية رقم (1) السابقة ص 1099. (2) الحاشية المذكورة السابقة، والتلخيص (1524) . قلت: وفي المدونة (1/57-58) حكى ابن القاسم ألفاظ الأذان والإِقامة عن مالك ثم قال: "قال ابن وهب: قال ابن جريج: قال عطاء: ما علمت تأذين من مضى يخالف تأذينهم اليوم، وما علمت تأذين أبي محذورة يخالف تأذينهم اليوم، وكان أبو محذورة يؤذن في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم حتى أدركه عطاء وهو يؤذن".

أربعًا، وزعم أن ذلك محفوظ من رواية الحفاظ الثقات في حديث ابن زيد وأبي محذورة وهذه ريادة يجب (1) قبولها، والعمل بها عندهم في آل أبي محذورة إلى وفاته، وفي كتاب الإقناع لابن المنذر: والأذان الذي علّم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أبا محَذورة ولم يزل عليه الحرمين قديمًا وحديثًا إلى يومنا هذا: التربيع، وقال الحافظ أبو عليا الطوسي في كتاب الأحكام، وذكره يقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال أحمد بن سنان: هذا الحديث أصل في هذا الباب فأمّا الإقامة فلا يختلف على واحدة واحدة إذ علّمها النبي-/صلى الله عليه وآله وسلم- أبا محذورة وأمر بها بلالا، وقد روى حديث أبي محذورة من غير وجه، وعليه العمل بمكة، قال البغوي في شرح السنة: هذا حديث صحيح، ولفظ النسائي (2) : " خرجت عاشر عشرة، فسمعناهم يؤذنون للصلاة، فأرسل أبينا فأذّنا رجلاً رجلاً فكنت آخرهم " زاد الكجي: وكان ذلك في الحجرة"، وقد تقدّم من عند ابن خزيمة ما يردّه- والله تعالى أعلم- ورواه أبو حاتم في صحيحه بلفظ: فكنا في بعض طريق حنين وفي آخره، قال ابن جريج: وأخبرني غير واحد من أهلي خبر أبي محذورة هذا، وفي كتاب النسائي وابن خزيمة قال ابن جريج: أخبرني هذا الخبر كله عثمان بن السائب عن أبيه، وعن أم عبد المالك آنفا سمعنا ذلك من أبي محذورة، وزعم ابن القطان أن عثمان وأباه وأمه مجهولون، وهو مردود بما ذكرنا، قال ابن حبان (3) أنبأ الفضل ابن الحباب ثنا مسدد ثنا الحارث ابن عبيد بن محمد بن عبد الملك ابن أبي محذورة عن أنه عن جدّه قال: قلت يا رسول الله:) علمني سنة الأذان (قال: فمسح مقدّم رأسي وقال: "تقول فذكره مرجعًا، ثم قال: فإن كانت صلاة الصبح. قلت. " الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله لما واعترض أبو محمد الإشبيلي على هذا الحديث بقوله: هذا يرويه الحارث بن عمير عن محمد بن عبد الملك عن أبيه عن جدّه، ولا يحتج بهذا الإِسناد، وقال في

_ (1) قوله: 5 يجب، وردت "بالأصل" و"عيب" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (2) صحيح. رواه النسائي في: 7- كتاب الأذان، باب "5" (3) صحيح رواه ابن حبان (3/96، خ/1680)

البكري: الحارث بن عبيد يضعف، وقد روى عنه ابن محمد، وقال: هو من شيوخنا وهو كلام جيّد واعترض ابن القطّان على الأوّل، وهؤلاء عن الثاني وأصاب؛ لأنّ كلامه على الوسطى لا الكبرى ولكنه غالبا بين الصواب/وعدمه منها، قال: لأنه لم يبين عليه قال: وهي الجهل بحال محمد بن عبد الملك ولا يُعلم وروى عنه أبي الحارث، وهو أيضا ضعيف. قاله ابن معين، وقال فيه أيضًا: مضطرب الحديث، وكذا قاله ابن حنبل، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال عمرو بن علي: سمعت ابن مهدى يحدث عنه، وقال: كان من شيوخنا، وما رأيت خيرا، فأمّا عبد الملك ابن أبي محذورة فقد روى عنه جماعة منهم: ابنه محمد والنعمان بن راشد وابنا ابنيه: إبراهيم بن عبد العزيز عن عبد الملك، وإبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك. انتهى كلامه، وفيه نظر من حيث أنّ الحارث خرّج له مسلم في صحيحه على طريق الاحتجاج، وقال الساجي: كان صدوقا، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، واستشهد به البخاري في موضعين من كتابه، وأمّا ما ذكره عن أحمد فقد جاء عنه خلافه، قال أحمد بن حميد: سألت أبا عبد الله عنه فقال: لا أعرفه، قلت: يروى عن هود بن شهاب؟ قال: لا أعرفه، قلت: روى عن هود عن ابن عباد عن أبيه عن جدّه عن عمر على أبيات بعرفات؟ فقال: نعم، هذا يروى عن عباد من غير هذا الوجه، وقد جاء هذا الحديث بهذا اللفظ من حديث غيره رواه ابن خزيمة في صحيحه عن يزيد بن سنان، نا أبو عاصم وأشار الطحاوي في المشكل إلى بيوته، ورواه أبو داود (1) عن الحسن بن علي، نا أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج، أخبرني عثمان بن السائب، أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن النبي- عليه السلام- بنحو هذا الحديث- يعني حديث الحارث بن عبيد- وفيه: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير/من النوم في الأول من الصحيح، قال أبو داود: ثنا النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة، سمعت جدّي عبد الملك يذكر أنه سمع أبا محذورة يقول: ألقى على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- الأذان فذكره، وفيه: فكان يقول في الفجر: فالصلاة خير من النوم وهو أيضا إسناد

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/500) .

صحيح، قال: وثنا محمد بن داود ثنا زياد- يعني ابن يونس- عن نافع بن عمر الجرحى عن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد ألله بن محيرز عنه فذكر مثل حديث ابن جرير عن عبد العزيز بن عبد الملك ومعناه، ورواه النسائي عن عمرو بن علي ثنا يحيى وعبد الرحمن، قالا: ثنا سفيان عن أبي جعفر عن أبي سليمان عن أبي محذورة قال: "كنت أؤذن لرسول ألله صلي الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فأقول إذا وليت في ألآذان الأول حيّ على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم" ثني عمرو بن علي ثنا يحيي وعبد الرحمن قالا: ثنا سفيان بهذا الإسناد بحق، وقال عبد الرحمن بن مهدي: وليس بأبي جعفر الفراء، وأمّا ابن حزم فذكره في كتابه مصححا له، وقال: عن أبي جعفر المؤذن عن أبي سليمان كذا رأيته بأبياء بعد اللام وكأنه تصحيف من النسخة، وصوابه: سلمان، واسمه همام، وزعم المزي أن أبا جعفر هذا هو الفراء، وأنت ترى ابن مهدى نص على أنه ليس به، ولو كان الفراء لكان سندا صحيحا- والله تعالى أعلم-، ورواه أبو الشيخ عن إبراهيم بن محمد بن الحارث ومحمود بن أحمد بن الفرح ومحمد قالوا: ابنا إسماعيل بن عمرو البجلي، أنبأ الثوري، وفي آخره: " فدعاني عليه السلام فمسح يده على رأسي" ثنا إبراهيم/بن محمد بن الحسن ثنا كلمة بن الخليل الكلاعي ثنا مروان ثنا النعمان عن عبد الملك بن أبي محذورة عن ابن محيرز الشّافعي عن أبي محذورة: "أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- علمه ألآذان وأمره أن يقول في الآذان الأول من الصبح: الصلاة خير من النوم، مرتين" (1) وثنا الوليد بن أبان ثنا يعقوب بن سفيان نا موسى بن إسماعيل ثنا محمد بن راشد عن عبد الملك عن بن محيرز عن أبي محذورة: "أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أمره أن يؤذِّن لأهل مكة وأن يدخل في أذانه في الغداة الصلاة خير من النوم" (2) ، وفي هذا أيضا ردّ لما تقدّم من قول البيهقي في المعرفة: حديث أبي محذورة منقطع، ولما يفهم أيضا من قول أبي الشيخ في موضع

_ (1) قوله: 9 "وثنا" أي "وحدثنا" سقطت من "الأصل" وكذا أثبتناه. (2) تقدم- انظر سنن ابن ماجه (ح/8، 7) والحديث صحيح كما أقر الشيخان محمد فؤاد عبد الباقي والألباني ص1099.

آخر أن الحق شيء سأل ابن أبي محذورة عن التثويب فقال كان في أذان بلال، وفي سنن الدارقطني (1) بسند صحيح، ثنا أحمد بن العباس ثنا عباد بن الوليد أبو بدر ثنا الحماني ثنا أبو بكر بن عياش عبد العزيز بن رفيع قال: سمعت أبا محذورة يقول: كنت غلاما صبيها فأذنت بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يوم حنين الفجر فلما بلغت "حي على الفلاح" قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الحق فيها: الصلاة خير من النوم"، وقال ابن المنذر جاء الحديث عن أبي محذورة أنه قال: قال لي النبي صلي الله عليه وسلم "إذا أذنت الصبح فقل: الصلاة خير من النوم" (2) وأمّا قول الشيخ في المهذَب: لم يحك أبو محذورة الترجيع، فمردود بما قدّمناه- والله تعالى أعلم-، وفي كتاب النسائي بسند صحيح آخر "أذان أبي محذورة لا إله إلا الله" (3) ، ولما ذكره في الأوسط قال/: لم يروه عن هشام إلا ابنه. تفرد به ابن راهويه، قال ابن عبد البر: والتثويب في أذان أبي محذورة محفوظ معروف مشهور عند العلماء، وذهب مالك وأصحابه إلى أنّ التكبير في أوّل الأذان مرتين، قال: وقد روى ذلك من وجوه صحاح في أذان أبي محذورة وفي أذان عبد الله بن زيد، والعمل عندهم بالمدينة على ذلك في آل سعد القرظ أي: زمانه، ويؤيّده ما أسلفناه من عند الترمذي وأبي داود، وروى أبو بكر بن الجهم المالكي من طريق عماد بن سعد القرظ عن أبيه أنه سمعه يقول: أنّ هذا الأذان أذان بلال، فذكره مثنى، قال: والإقامة واحدة واحدة ويقول: قد قامت الصلاة، وكذا حديث أبي أمامة وسهلَ قال: سمعت معاوية يقول: "إذا كبرَ المؤذن اثنين كبّر اثنين، وإذا تشهّد اثنين تشهد اثنين، ثم التفت فقال: هكذا سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول عند الأذان" (4) ، وسيأتي له مزيد بيان- إن شاء الله تعالى- قال ابن المنذر في الأَشراف: لم

_ (1) صحيح. رواه الدارقطني (1/237) والطبراني (7/209) والحلية (8/310) والكنز (20973) . (2) جامع المسانيد: (2/493) . (3) بنحوه. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد"، (1/331) من حديث سويد بن غفلة، وفيه "آخر أذان بلال، وعزاه إلى الطبراني في "الكبير"، ورجاله ثقات. (4) صحيح. رواه الخطب في وتاريخه،: (2/188) .

يختلف مالك والشافعي إلا في أوّل الأذان، وقال سفيان وأصحاب الرأي: الأذان على حديثا عبد الله بن زيد مربعا، وقالت طائفة: الاختلاف في هذا من جهة المباح، وقال أحمد بن حنبل: إن رجع فلا بأس، وإن لم يرجع فلا بأس، وكذلك قال إسحاق غريبه: قوله الله أكبر ذكر، فثبت أنّ أهل العربية اختلفوا في معنى أكبر فقال أهل اللغة: معناه كبروا واحتجوا بقول الفرزدق: إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتًا دعائمه أعز وأطولُ أراد دعائمه عزيزة طويلة/واحتجوا بقول الآخر بمعنى رجال أن أموت وإن أمت، فذلك سبيل لست فيها بأوحد أراد لست فيها بواحد، واحتجوا بقول معن بن أوس: لعمرك ما أدرى وإنى لأرجل ... على أينا تعدوا المنية أؤل أرادوني لوصل واحتجوا بقول الأحوص عنه: يا بيت هالكة التي أتغزل ... حذوا لعدى وبه الفؤاد صوكل إني لأمنحك الصدود وإنني ... قسما أبيك مع الصدود لأميل أراد لمائل واحتجوا بقول تعالى: {وهو أهون عليه} قالوا: فمعناه وهو هين عليه، قال ابن الأنباري في الكتاب الزاهر قال أبو العباس، وقال النحويون- يعني الكسائي والفراء وهشامَا- الله أكبر معناه: أكبر من كل شيء، فحذفت من؛ لأن أفعل خبر كما يقول: أبوك أفضل، وأخوك أعقل، فمعناه أفضل وأعقل من غيره، واحتجوا بقول الشاعر: إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن ... سراح لنا ألا ووجهك أنور أراد: أنور من غيره، وقال معن بن أوس: فما بلغت كف امرء متناول بها ... المجد إلا حيث ما نلت أطول ولا بلغ المهدون نحوك مدحة ... ولو صدقوا لها الذي فيك أفضل

أراد أفضل من قولهم قال: وأجاز أبو العباس: الله أكبر، الله أكبر، واحتج بأن الأذان سمع وقفاً لا إعراب فيه لقولهم: حي على الصلاة حي على الفلاح، ولم يسمع على الصلاة والفلاح فكان الأصل فيه: الله أكبر بتسكين الراء فألقوا على الراء فتحة الألف من اسم الله تعالى، وانفتحت الراء وسقطت الألف، كما قال تعالى: {آلم * الله لا إلى إلا هو} أن الأصل فيه- والله أعلم- {آلم * الله} بتسكين الميم، فألقيت فتحة الألف على الميم، وسقطت إلا أن قال/: سمعت أبا العباس يقول: من يحذف في مواضع الأخبار، ولا يحذف في مواضع الأسماء من قال: أخوك أفضل لم يقل: إن أفضل أخوك، وإنما حدثت في مواضع الأخبار لأن الخبر يدل على أشياء غير موجودة في اللفظ، واعترض أبو إسحاق الزجاجي على أبي بكر؛ فإن هذا الذي حكاه عن ثعلب غير صحيح، واعتلاله غير مستقيم، وذكر كلاما طويلا أهمل فيه التنبيه عن البيتين الآخرين، وأنهما ليسا في ديوان معن وإنما هما ثابتان في ديوان الخنساء تمدح أخًا لها، حتى لقد استشهد العلماء بذلك في كلامهم، قال ابن محيط في كتاب البديع المنظوم تصنيفه: براعة الاستهلال أن يبتدي بما يدل على المقصود بالنظم الأول، كما قالت الخنساء تطري أخا لها: ولا مدحه إلا وذا المد أجمل، وما بلغت نف (1) إمرء ... البيتين، وقوله: أشهد أن لا أله ألا الله قال أبو بكر: معناه عند أهل العربية أعلم أنه وأبين أن لا أله إلا الله، الدليل على هذا قوله تعالى: {ما كان للمُشركين أن يَعمُرُوا مَسَاجد الله شَاهِدينَ عَلَى أنفُسِهم بِالكفر} (2) وذلك أنهم لما جحدوا نبوة النبي- صلى الله عليه واله وسلم- كانوا قد بينوا على أنفسهم الضلالة والكفر، قال حسان- رضى الله تعالى عنه-: نشهد أنك عبد المليك أرْسلت، ومن ذلك لهم: شهد الشاهد عند الحاكم معناه: قد بين له وأعلمه الخبر الذي عنده، وقال أبو عبيدة: معناه: قضى الله تعالى، قال ابن الأنباري: وقول ابن العباس أحسن مشاكله، لكلام العربي قال الزجاجي: ليس

_ (1) كذا في " الأصل": "نف"، كما أثبتناه. (2) سورة التوبة آية: 17

حقيقة الشهادة ما ذكره، ولو كان معنى الشهادة البيان والإعلام لما كذب الله تعالى المنافقين في قوله {وقالوا نشهد/إنك لرسول الله} لأن البيان والإعلام إنما هو باللسان لا بالقلب، فقد قالوا بلسانهم وأعلموا، فكذبهم الله تعالى لأنّ الشهادة في هذا الموضع إنّما هي تحقق الشيء وتيقّنه، وكذّبهم الله تعالى؛ لأنهم أبينوا خلاف ما أظهروا، فقد تكون الشهادة على ضروب وأصلها تحقق الشيء وتيقّنه من شهادة الشيء أي: حضوره؛ لأن من شاهد شيئا فقد تيقّنه علما، واستعملت في موضعين آخرين أحدهما: الإقرار بالشيء، والآخر البيان والإظهار، فمن البيان والإظهار: ما ذكر في قوله تعالى: {شاهدين على أنفسهما بالكفر} (1) فأما شَهادة الشاهد في الحقوق فإنّما هي أخبار منه عما شاهده وتيقنه وأحضر للوقوف معاينة وسماعا، وأمّا الإقرار فما كان يؤخذ به المشركون في صدر الإسلام عن الدعاء أبيه، وهو أنهم كانوا يقاتلون حتى يستشهدوا فيحصن مالَه وتحقن دمه، فإنّما كان يراد منهم الإقرار بهذا، ألا ترى أن المنافقين كانوا على عهد رسول الله- عليه السلام- يقولون هذا، ويقرون به في الظاهر تبصيرهم حكم المسلمين ويبطنون خلافه، وأما الرسول، فمعناه في اللغة: الذي يتابع أخبار الذي بعثه، أخذ من قول العرب: قد جاءت الإِبل رسلا إذا جاءت متابعة، قال الأعشى: عريسقي ديار الناقد أصبحت غرضا وزورا أعنف عنها القود، والرسل القود: الخيل، والرسل: الإِبل المتابعة، ويقال في تثنيته رسولان وفي جمعه: رسل، ومن العرب من يوجد في موضع التثنية والجمع فيقول: الرجلان رسولك والرجال رسولك، قال الله تعالى: {إنا رسولا ربك} (2) وفي موضع آخر: {إنا رسول رب العالمين} (3) والأول خرج الكلام فيه على الظاهر، لأنه أخبار عن موسى وهارون- عليهما السلام- والثاني قال يونس/وأبو عبيدة

_ (1) الآية السابقة. (2) سورة طه آية: 47. (3) سورة الشعراء آية: 16

وحده لأنه في معنى الرسالة، كأنه قال: "أنا رسالة رب العالمين" واحتج يونس بقول الشاعر: فأبلغ أبا بكر رسولا شريعة ... فمالك بابن الحضرمي وماليا ويقول الآخر: ألا من يبلغ عنى حقاقا رسولا ... يثبت اهلك منتهاها أراد رسالة شريعة، واحتج أبو عبيدة بقول الشاعر: لقد كذب أبو أشوذ ما بحث ... عندهم برسولا أرسلتهم وقال الفراء: إنما وجد لابنه اكتفي بالرسول من الرسولين واحتج بقول الشاعر الليثي: * وخير الرسول أعلمهم بنواحي الخير أرادوا خير الرسل فاكتفي بالواحد من الجمع. قال أبو بكر: وفصحاء العرب أهل الحجاز ومن والاهم يقولون: أشهد أن محمدا رسول الله، وجماعة من العرب يقولون: من الألف عينا فيقولون أشهد أنّ محمدا رسول الله، قال أبو بكر: ان نشدنا أبو العباس قال: أنشدنا الزبير بن بشار قال: أبو شاء لهند عن تصارحنا ... ولست أنسى هوى هند وتنساني وقال قيس بن الملوح المجنون: أبا شبه (1) ليلى لا تراعى ... فإنني لك أبيوم من وحشية تصديق فعيناك عيناها وحيدك حيدها ... سوى عن عظم الساق منك دقيق أراد سوى أن فأبدل من الهاء يمينا، وقال أيضا: فما هجرتك النفس يا ليلى عن قلى فلتزولا عن قل منك نصيبها أتضرب ليلى عن ألم بأرضها. وما ذنب ليلى عن طوى الأرض ذنبها، أراد أن، قال أبو بكر وفي قولهم:

_ (1) كذا ورد هذا السياق "بالأصل".

أشهد أنّ محمدا رسول الله ثلاثة أوجه، الوجه المجتمع عليه: أن محمد يجوز أن محمد رسول الله، وأن محمدًا رسول الله، على أنني (1) أقول: ولا يجوز أن تبدّل عن الألف أو انكسرت عينًا إنّما يفعل ذلك بها إذا انفتحت/قال أبو إسحاق الزجاجي ليس ما ذكره في إثبات الرسول صحيحًا، ولو كان كذلك ما جاز لهم في أول مجيئه أبيهم أن يقول: إنّي رسول الله أبيكم ولابنه لم يتابع أبيهم بعد بأخبار، ولا يدري إلى ما يكون تعديل كان لا يقع عليه في الحال الأولى اسم رسول، ولا تجب له حجة على تأويله هذا، ولكان من أرسل إنسانًا في حاجة واحدة إلى آخر لم ينفذه قط، وفي غيرها لم يجز للمرسل أن يقول لصاحبه المنفذ أبيه أنى رسول فلان أبيك، وهذا غلط بيّن يدفعه استعمال الكتابة ذلك غير منكرين له، وإنّما الرسول بمعنى المرسل المنفذ من أرسلت أي: أنفذت وبعثت ولذلك قال تعالى: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى} (2) وقال: {وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} (3) ، ولذلك قيل في معناه: مبعوث، وإنّما غلط أبو بكر؟ لأنه رآه على مقول فتوهمه فما جاء على مقول، ولا يكون ذلك إلا لتكرار الفعل: نحو ضروب وشبهة من الأسماء المبنية من الأفعال للمبالغة، وليس كذلك وإنما هو اسم بغير تكثير الفعل بمنزلة عمود، وعنود، وعجوز، فهو وإن كان مشتقًا، فأنه يجرى مجرى الأسماء المختصة في الاستعمال، والدليل على صحة ما قلنا، قول سيبويه: أجمع النحويون من البصريين: أزيد أنت أبيه رسول؟ قالوا: برفع زيد لأن رسولا اسم لا يجرى مجرى الفعل، فكأنك قلت: أزيد أنت له عجوز؟ ولو كان من تلك الأسماء الجارية مجرى الفعل للمبالغة لنصبت أزيد أنت له ضروب، وأزيد أنت له شكور، وكذلك ما أشبهه، وهذا بيّن واضح. انتهى. أنشد المبرد في كامله: وحبيب في حماسة الوسطى لبعضهم: وما هجرتك النفس بأمي أنها قلتك ولا إن قل منك نصيبها

_ (1) قوله: {أنني} وردت "بالأصل" "يعنى" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (2) سورة الفتح آية: 28. (3) سورة إبراهيم آية: 4.

ولكنهم يا أملح الناس أولعوا يقول إذا ما جئت هذا حبيبها وقرأهما السّمّري لنصيب، قال: ويقال هما لمعاد، وأما قوله حي على الصلاة فذكر الفراء: ان حي في كلام العرب معناها: هلم وأقبل، وفتحت أبياء من حي بسكونها وسكون أبياء التي قبلها، كما قالوا: البيت، ولعل أبو بكر ومنه قول ابن مسعود:) إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر ((1) معناه: اقبلوا على ذكر عمر، وفيه ست لغات: حي هلا بالتنوين، الثاني: فتح اللام بغير تنوين الثالث: تسكين الهاء وفتح اللام بغير تنوين، الرابع: فتح الهاء وسكن اللام، الخامس: حي هلا السادس: حي هلا على عمر، قال الزجاجي: أما الوجه الخامس بالنون فهو الأول بعينه. لأن التنوين والنون سواء، إما الفلاح فذكر جماعة من أهل اللغة: هلموا إلى الفوز، قال أبو بكر: وقالوا: يقال قد أفلح الرجل إذا فاز وأصاب خيرا، من ذلك الحديث الذي يروى) واستفلحي برأيك (أي: فوزي برأيك قال لبيد: أعقلي إن كنت لما تعقلي: ولقد أفلح من كان عقل، وقال تعالى: {وأولئك هم المفلحون} (2) وقال آخرون حي على الفلاح معناه: هلموا إلى البقاء أي: أقبلوا إلى سبب البقاء في الجنة، قالوا: والفلح والفلاح عند العرب البقاء أنشدنا أبو العباس: لكل هم عن الهموم سعة ... والمشي والصبح والفلاح سعة قال لبيد: لو كان حي مدرك الفلاح أدركه ملاعب الرماح، وقال عبيد الحج ما شئت فقد يدرك بالضعف، وقد يخدع الأرنب فهذا من الفوز، وقال أصحاب البقاء: معنى قوله تعالى:) وأولئك هم المفلحون} يعني الباقون في الجنة والفتح/، والفلاح عند العرب: السحور انتهى كلامه ولم يتبع عليه الزجاجي شيئا، ومما ينبغي أن يتبع عليه أمور: الأول: إطلاقه الفلاح البقاء، وأهل اللغة يقيدونه بالبقاء في النعيم، والخير قاله ابن سيده، وقال في التنزيل: {وقد أفلح المؤمنون} أي: نالوا البقاء الدائم في الخير، والفلاح، والفوز بما يغبط به وفيه صلاح الحال، الثاني: قوله من ذلك الحديث الذي يروى إلى

_ (1) كشف الخفاء: (1/90) (2) سورة البقرة آية: 5

آخره وليس وهو بحديث (1) إنّما هو من ألفاظ الطلاق من أيام الجاهلية، قال ابن سيده والنجرمي: وأمّا قول الهروي في الغريبين: وفي حديث ابن مسعود إذا قال الرجل لامرأته استفلحي برأيك، فليس حديثا مرفوعا للنبي عليه السلام هل هو أثر هذا هو الاصطلاح، وأيضا فيجوز أن يكون قاله حاكيا عن العرب في الجاهلية؟ إذ ليست هذه اللفظة موضوعة للكناية عن الطلاق إجماعا الثالث: ولئن سلّمنا له قوله فليست هذه اللفظة بالحاء، وإن كان غيره سبقه إلى ذلك، وإنما هي الجيم كذا ذكره الزمخشري في الأساس، وأمّا قوله أنشدنا أبو العباس فذكر البيت وفيه لا فلاح معه فليس كذلك أنشده أبو العباس بن محمد بن- يزيد، وأحمد بن يحي فيما رأيت من مالية إنّما فيهما ألا يتابعه، وكذا أنشده أبو الفرح، وأبو علي العافي، وغيره، وذكر الحافظ أبو القاسم الجوزي فيما رويناه عنه في كتاب الترغيب والترهيب: أنَّ قول المؤذِّن الله أكبر أي: الله أعظم، وعمله أوجب، فاستعملوا بعمله واتركوا غيره، وقوله أشهد أن لا إله إلا الله أي: أشهد أنه واحد لا شريك له، ومعناه أنّ الله يأمركم بأمر فاتبعوه (2) فأنه لا ينفعكم أحد إلا الله، ولا ينجيكم أحد من عذابه/إن لم تؤدوا أمره، وقوله أشهد أن محمدا رسول الله أي: أشهد أنّ محمدا أرسله أبيكم لتؤمنوا به وتصدقوه، ومعناه: قد أمركم بالصلاة والجماعة فاتبعوا ما أمركم به، وقوله حي على الصلاة أي: أسرعوا إلى أداء الصلاة، ومعناه: حان وقت الصلاة فلا تؤخّروها عن وقتها، وقوله حي على الفلاح أي: أسرعوا إلى النجاة والسعادة، ومعناه أن الله تعالى قال وقوله: الله أكبر أي: الله أعظم وأجلّ، وعمله أوجب فلا تؤخِّروا عمله، وقوله لا إله إلا الله أي: اعلموا أنه واحد لا شريك له، ومعناه أخلصوا أو ابتغوا بصلاتكم وجه الله تعالى.

_ (1) قلت: وكذا لم أجده حديثا. (2) قوله: "فاتبعوه" وردت "بالأصل" "فاتبعني" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.

114- باب السنة في الأذان

114- باب السنة في الأذان حدثنا هشام بن عمار نا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلي الله عليه وسلم علي قال: حدثني أبي عن أبيه عن جدّه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم علي أمر بلالا أن يجعل أصبعيه في أذنيه، وقال له: أنه أرفع لصوتك (1) هذا حديث أشار أبيه البخاري (2) في صحيحه بقوله: {ويذكر عن بلال أنه جعل أصبعيه في أذنيه} ولما ذكر الإشبيلي. حدثنا بهذا الإِسناد من عند أبي أحمد أتبعه بقوله: حديث أبي داود (3) والترمذي (4) أصح- يعني الذين في معنى ذلك الحديث- وهو حديث الاستدارة في الأذان، وسيأتي إن شاء الله تعالى قال أبو الحسن فإن كان هذا الكلام منه تضعيفا- وهو الظّن- فاعلم أن علّته هي أن عبد الرحمن المذكور وأباه وجدّه كلّهم لا يعرف له حال، وفي باب عبد الرحمن ذكره أبو أحمد/وعنده مجهولة كما قلناه. انتهى كلامه، وفيه نظر في موضعين، الأول: أبو محمد نفسه بيّن ضعف هذا الإسناد في موضع آخر من هذا الباب بعينه، فلا حاجة إلى تحرص أبي الحسن وظَنّه، وذلك أنه لما ذكر حديث أمر بلال أن يجعل أصبعيه في أذنيه: واتبعه ولم يذكر أبو أحمد في عبد الرحمن هذا جرحًا ولا تعديلا، وأما ابن حاتم فذكر تضعيفه عن ابن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/710) . في الزوائد: رواه الترمذي بإسناد صححه. وإسناد المصنف ضعيف لضعف أولاد سعد. والطبراني في الصغير (2/142) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/149) انظر: الإرواء (231) ، والمشكاة (653) ، والروض (333) ، والثمر المستكاب. (2) رواه البخاري "تعليقا" في: الأذان، باب (19) (3) حسن. رواه أبو داود: (ح/520) . ولفظه: "عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: أتيت النبي صلي الله عليه وسلم بمكة وهو في قبة حمراء من أدم، فخرج بلال فأذن فكنت أتتبع فمه ههنا وههنا، قال: ثم خرج رسول صلي الله عليه وسلم وعليه حلفة حمراء بُرُوى يمانية قِطري، وقال موسى قال: رأيت بلالا خرج إلى الأبطح فأذّن، فلما بلغ حي على الصلاة، حي على الفلاح، لَوَى عُنقه يمينا وشمالا ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العنزة، وصدق حديثه. (4) رواه الترمذي: (ح/197) . وقال: (وهذا حديث حسن صحيح) وعليه العمل عند أهل العلم: يستحبون أن يُدخل المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان.

معين، فهذا كما ترى أبو محمد بينّا حاله عندها، وذهل عنها أبو الحسن، وفي قول ابن معين في عبد الرحمن: ضعيف يعني: بالنسبة إلى غيره لأنه ليس جرحا مفسدا لا سيما وقد عارضه من نصّ على عدالته وهو أبو حاتم بن حبّان، وزعم أبو إسحاق الصيرفي أنّ أبا عبد الله الحاكم ذكر له في مستدركه حديثا صحّح إسناده، وروى عنه جماعة، منهم معن بن عيسى وعبد الله بن الزبير الحميدي ومعلي بن منصور وإبراهيم بن موسى وعبد الرحمن المديني ويعقوب بن حميد بن كاسب وإسماعيل بن أبي عويس ومحمد بن الحسن المخزومي في آخرين، فيما ذكره أبو نعيم وغيره فذال عنه بحمد الله تعالى جهالة الحال والعين كما ترى، الثاني: عمار بن سعد ذكره ابن منده في كتاب الصحابة، وزعم أنّ له رؤية، وأبي ذلك أبو نعيم بقوله: إذ ذكره في كتاب الصحابة له رؤية فيما ذكره بعض المتأخرين وأخرج له هذا الحديث من حديث عبد الرحمن بن سعد، ثنا أبو عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا هشام بن عمار، ثنا عبد الرحمن، حدثني أبي عن جدّي أن رسول الله كله: " كان إذا خرج إلى العيد سلك على دار سعد بن أبي وقاص، ثم على أصحاب الفساطيط (1) قال الحافظ: وجدّه هو/سعد، وليس لعمار صحبة ولا رواية، إلا عن أبيه سعد، وحدّث به عن ابن كاسب مجودّا غير واحد، منه ما، ثنا سليمان، ثنا عليه بن سعيد، ثنا يعقوب بن كاسب، ثنا عبد الرحمن بن سعد عن عمّار بن سعد عن عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد وعن عمار وعمر بن سعد أبنى حفص بن عمر بن سعد عن آبائهم عن أجدادهم عن سعد القرط أن النبي- عليه السلام-: ما كان يجمع بين صلاتي المغرب والعشاء في المطر لما (2) انتهى، ولقائل أن يقول: الذي قاله ابن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/1298) . في الزوائد: هذا الإسناد ضعيف لضعف عبد الرحمن وأبيه، كما نبه عليه في الزوائد. والطبراني في الصغير، (2/142) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيفة ابن ماجه (ح/266) انظر: الروض/335. غريبه: قوله: "الفساطيط" هي الخيام الكبيرة، ويظهر أنها- هنا- كانت لعرض البضائع، والسلع على الناس. (2) رواه مالك في: السفر، (ح/5) .

مندة لا يدفعه ما ذكره أبو نعيم لأنا عهدنا الصحابة المشهورين بالصحبة رووا عن التابعين، لهذا فلمّ يقل ابن مندة أن له صحبة، إنما قال: له رؤية وبينهما فرق معلوم، وإن كانت اسم الصحبة شاملة لهما فيما ذكره أبو عمر وغيره، فيجوز أن يروى حديثَا واحداَ مرفوعاَ عن النبي وآخر عن التابعين، ولا سيما والحديث المستشهد به على صحبة ليس هو المستشهد به على نفيها- والله تعالى أعلم-، ولئن سلمنا لأبي نعيم قوله: لا صحبة له، وأنه في عداد التابعين الذين ينظر في حالهم، فنظرنا في ذلك فوجدنا الحافظ أبا حاتم البستي ذكره في كتاب الثقات ووصفه برواية ابنه سعد عنه، وزاد ابن سرور عمر بن حفص أيضَا، وزاد ابن أبي حاتم: عمر بن عبد الرحمن بن أسيد بن زيد بن الخطاب، وزاد البخاري في الكبير: محمد بن عمار بن حفص، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق صحيحة على شرط البستي رواها أبو الشيخ عن محمد بن عبد الله بن رستة وابن أبي عاصم قالا: ثنا ابن كاسب ثنا عبد الرحمن بن سعد عن عبد الله بن محمد وعمر وعمار بن حفص عن آبائهم/عن أجدادهم عن بلال أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال له: {إذا أذنت فاجعل إصبعيك في أذنيك فأنه أرفع لصوتك} (1) عمر بن حفص بن عمر بن سعد القرط وثقة وأباه ابن حبان، وذكر البيهقي في كتاب المعرفة حديثَا لعمر بن حفص وحسنه، ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة من حديث هشام بن عمار ثنا عبد الرحمن بن سعد حدثني أبي عن جدّه بلفظ: {أنّ رسول الله صلي الله عليه وسلم} أمر بلالا أن يدخل أصبعيه في أذنيه قال: فأنه أرفع لصوتك " (2) " وأن بلالا كان يؤذن مثنى مثنى " وتشهّده مضعف وإقامته مفردة (3) ، و"قد قامت الصلاة" مرة واحدة وأنه: " كان يؤذن للجمعة على عهد رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- إذا كان الفيء مثل الشراك " (4)

_ (1) تقدم. ص 1112 الحاشية رقم (1) (2) الحاشية السابقة. (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/731) . في الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف أولاد سعد. ومعناه في صحيح البخاري ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1101) . (4) ضعيف. أورده الهيتمي في ومجمع الزوائد، (2/183) وعزاه إلى الطبراني في (الكبير) وفيه.

وأن النبي صلي الله عليه وسلم: "كان إذا خرج إلى العيد سلك على دار سعد بن أبي وقاص، ثم على أصحاب الفساطيط ثم يبدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم يكبر في الأولى سبعا قبل القراءة، وفي الآخرة خمسا قبل القراءة، ثم خطب على الناس، ثم انصرف من الطريق الآخر من طريق بنى زريق، وذبح ضحية عند طرف الزماق بيده بشفرة، ثم يخرج إلى دار عمار بن ياسر ودار أبي هريرة إلى البلاط (1) وكان عليه السلام يذهب ماشيا ويرجع ماشيا " (2) وكان عليه السلام يكبر بين أصفاف الخطبة، ويكثر التكبير بين أصفاف الخطبة، ويكثر في خطبة العيدين (3) {وكان عليه السلام إذا خطب في الحرب خطب على قوس، وإذا خطب في الجمعة خطب على عصا} (4) ، ووجدنا الحديث شاهدا صحيحا رواه أبو عبد الله/في مستدركه من حديث أحمد بن حنبل نا عبد الرزاق عن سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: "رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه هاهنا وهاهنا وإصبعيه في أذنيه، ورسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- في قبة حمراء من أَدَم " الحديث قال وهو صحيح على

_ = عبد الرحمن بن سعد بن عمار وهو ضعيف. وضعفه الشيخ الألباني. "ضعيف ابن ماجة" (ح/227) . غريبة: قوله: " الشراك" أحد سيور النّعل التي تكون على وجهها، ويخرج من جانبها الإِبهام. 1) تقدم ص 1113 الحاشية رقم (1) ، قوله: "البلاط" بالفتح، الحجارة المفروشة في الدار غيرها. واسم لموضع بالمدينة. (2) رواه الطبراني (10/357) وإتحاف (3/389) . (3) صحيح. رواه أبن ماجة (ح/1287) والحاكم (3/607) وصححه. وصححه الشيخ الألباني. (4) ضعيف. رواه أبن ماجة (ح/1107) والبيهقي 6/31، 2) والقرطبي 115/181) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح / 228) ، والضعيفة 9681) ، والروض النضير 3361) . (5) صحيح. رواه الترمذي (ح/197) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه الحاكم من حديث أبي حنيفة بألفاظ زائدة، وقال: قد أن أخرجاه إلا أنهما لم يذكرا فيه إدخال الآن سبعين في الأذنين والاستدارة، وهو صحيح على شرطهما. غريبه: يمينا وشمالا. و" الأدم" لما بالهمزة والدّال المهملة المفتوحتين، وهو جمع " أديم "، وقيل: اسم جمع، والأديم: الجلد ما كان، وقيل: الأحمر، وقيل: هو المدبوغ.

شرطهما جميعًا، وهما سنتان مسنونتان، وقال الترمذي: وخرجه من حديث سفيان عن عون: هذا حديث حسن صحيح وعليه العمل عند أهل العلم، يستحبون أن يدخل المؤذن أصبعيه في أذنيه في الأذان، وقال بعض أهل العلم وفي الإقامة أيضا يدخل أصبعيه في أذنيه، وهو قول الأوزاعي عن عون عن أبيه قالَ:) رأيت بلالا يؤذن وقد جعل أصبعيه في أذنيه،. قال: باب إدخال الإصبعين في الأذنين عند الأذان: إن صح الخبر فإن هذه اللفظة لست أحفظهما ألا عن حجاج بن أرطأة، ولست أفهم اسمع الحجاج هذا الخبر من عون أم لا! فأنا أشك في صحة هذا الخبر لهذه العلة، ورواه أبو عوانة الإسفراييني عن عمر بن شيبة ثنا عمر بن علي بن مقدم عن الحجاج بن أرطأة عن عون، وكذا أخرجه أبو بكر البزار في مسنده من حديث أبي عوانة عن حجاج، ورواه الطوسي من حديث الدرقي ثنا هشيم عن حجاج بن أرطأة عن عون وقال: يقال حديث أبي جحيفة حسن صحيح. انتهى ليس هذا منه تصحيحا لحديث (1) حجاج وإنّما أراد تصحيح حديث أبي جحيفة في نفس الأمر، وكذلك هو صحيح الأصل، وخرجه ابن ماجه عن أيوب بن محمد ثنا عبد الواحد بن زياد عن حجاج، وقال البيهقي في الكبير: الاستدارة ليست في حديث أبي جحيفة/من الطرق الصحيحة، وسفيان الثوري إنّما روى الاستدارة في هذا الحديث عن رجل عن عون، ونحن نتوهمه سمعه من الحجاج عن عون، والحجاج غير محتج به، ورواه عبد الرزاق عن الثوري عن عون مدرجا، وعبد الرزاق وهم في إدراجه ثم من جهة عبد الله بن محمد بن الوليد عن سفيان حدّثني عون عن أبيه، فذكره من غير ذكر الاستدارة ثم قال: عقبة، وبالإِسناد ثنا سفيان حدثني من سمعه من عون: أنه كان يدور ويضع يديه في أذنيه، قال العدني يعني بلالا قال البيهقي: وهذه رواية ابن أرطأة عن عون قال وقد روينا من حديث قيس بن الربيع عن عون: الاستدارة، ووضع الإِصبعين في الأذان، ورواه حماد بن سلمي عن عون مرسلا لم يذكر أباه. انتهى، ولقائل أن يقول: أنها ليست في الطرق الصحيحة فليس

_ (1) قوله: "حديث" غير واضحة "بالأصل"، وكذا أثبتناه.

صحيحا لما أسلفناه من عند الحاكم والترمذي وغيرهما، ولأن أبا نعيم رواه في مستخرجه عن أبي أحمد ثنا المطرز ثنا بندار ويعقوب ثنا ابن مهدى يا سفيان عن عون، فذكر استدارته وجعل الإصبعين في أذنيه، ورواه أبو عوانة في صحيحه عن يوسف القاضي عن محمد بن أبي بكر ثنا مؤمل عن سفيان عن عون به، وفي هذا ردّ لما قاله البيهقي أيضا: وهم عبد الرزاق في إدراجه لمتابعة مؤمل وابن مهدى (1) ، فلو كان اعترض معترض: ما رواه أبو عوانة أيضا، نا أبو أمية ثنا القواريري عن ابن مهدي، فلم يذكر هذه الزيادة، قلنا له: بندار لا يقاس بغيره، لا سيما وقد تابعه يعقوب كما قدّمناه، وقد وجدنا لسفيان/متابعا مق طريق حسنة عند الطبراني، رواها عن الحسن بن العباس الرازي عن محمد بن نوح الرازي عن زياد بن عبد الله عن إدريس الأودي عن عون عن أبيه، فذكره، ورواه أبو الشيخ أيضا عن الصوفي ثنا علي بن الجعد ثنا حماد بن سلمة ح وأنبأ أبو يعلى ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا كامل ثنا حماد ح وثنا ابن ناجية نا الربيع بن ثعلب ثنا هشيم جميعا عن عون به، وشاهدا لجعل الإصبعين في الأذنين رواه أبو الشيخ عن محمد بن عمرو بن شهاب يا أبي ثنا إسماعيل بن عمرو ثنا المفضَّل بن صدقة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد، فذكر حديثا روياه، وفيه: جعل إصبعيه في أذنيه ونادى، وقد روى ذلك أيضا في حديث أبي محذورة. قاله ابن المنذر في كتاب الأشراف، وزاد صاحب الغاية في شرح الهداية: أنه ضمّ أصابعه الأربع وجعلها على أذنيه، وفي سنن الدارقطني من حديث نائل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: أمن أبو محذورة ان يستدير في أذانه- نعني هذا كما ترى- ردّ لما قاله ابن خزيمة لا تحفظ هذه اللفظة إلا عن حجاج، ولما نزعه الشّافعيون (2) وغيرهم أنّ الاستدارة لا تجوز، وفي مصنف ابن أبي شيبة عن ابن المبارك عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال: " إذا أذن المؤذن استقبل القبلة ووضع إصبعيه في أذنيه" وثنا أبو أسامة عن هشام عن ابن سيرين أنه كان إذا أذن استقبل وأرسل يديه، فإذا بلغ: حي على

_ (1) قوله: "مهدى" غير واضحة و"بالأصل"، وكذا أثبتناه. (2) قوله: (الشافعيون، غير واضحة "بالأصل"، وكذا أثبتناه.

الصلاة والفلاح أدخل إصبعيه في أذنيه، وفي كتاب البيهقي: وروينا عن ابن سيرين: " أن بلالا جعل إصبعيه في أذنيه في بعض آذانه وفي الإِقامة"/وفي المستدرك عن ابن المبارك أنه كان إذا رأى المؤذن لا يدخل إصبعيه في أذنيه يصيح به، وفي كتاب أبي نعيم الفضل: ثنا سفيان بن أبي سنان عن سهل أبي أسد قال: من السنة أن تدخل إصبعيك في أذنيك، ونا حسن بن صالح عن أبي سعد قال: رأيت سويد بن غفلة يدخل إصبعيه في أذنيه، وثنا حبان عن مجالد عن الشعبي قال: قلت: أضع إصبعي في أذني إذا أردت؟ قال: نعم، كليهما أو أحدهما يجزئك، وثنا مندل عن جعفر بن أبي المغيرة قال: كان سعيد بن جبير إذا أذن يجعل إصبعيه في أذنيه - أو على - أذنيه قال: وسمعت شريكَا قيل له: يجعل المؤذن إصبعيه في أذنيه، قال: نعم، وفي كتاب الأشراف. وبه قال الحسن وأحمد وإسحاق والنعمان ومحمد بن الحسن، وقال مالك: ذلك واسع، حدثنا محمد بن المصفي الحمصي ثنا بقية عن مروان بن سالم عن عبد العزيز بن أبي داود عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " خصلتان معلقتان في أعناق المؤذنين للمسلمين: صلاتهم وصيامهم " (1) هذا حديث في إسناده مروان بن سالم، وهو ضعيف متروك الحديث ماله عند أحد من الأئمة، وفي كتاب المعرفة من حديث ابن المديني: نا محمد بن أبي عدي عن يونس عن الحسن قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " المؤذنون أمناء الناس على صلاتهم وحاجتهم - أو حاجاتهم - " (2) وفي السن للبيهقي: عن أبي محذورة، قال عليه السلام: " أمناء المسلمين على صلاتهم وسجودهم المؤذنون " (3) في سنده يحيى بن عبد الحميد، وفيه كلام، وفي صحيح أبي حاتم البستي من حديث نافع بن سليمان: عن/محمد بن أبي

_ (1) موضوع. رواه ابن ماجه (ح/712) والمشكاة (688) وتلخيص (11/83) والكنز (20909) والخطيب (11/337) والحلية (8/198) . وقال الشيخ الألباني موضوع. انظر: ضعيف ابن ماجه (ح/712) والضعيفة (ح/905) . (2) صحيح. رواه الشافعي (33) وتلخيص (1/183) . (3) ضعيف. رواه البيهقي (1/426) والجوامع (4479) والكنز (20896) والإرواء (1/239)

صالح عن أبيه أنه سمع عائشة تقول: قال عليه الصلاة والسلام: " الإِمام ضامن، والمؤذن مؤتمن " (1) ثم قال: سمع هذا الخبر أبو صالح عن عائشة على حسب ما ذكرناه، وسمعه من أبي هريرة مرفوعا، فمرة حدّث به عن عائشة، وأخرى عن أبي هريرة، وتارة وقفه عليها، ولم يرفعه، فأما الأعمش فأنه سمعه من أبي صالح عن أبي هريرة موقوفا، وسمعه من سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا، وقد وهم من أدخل بين سهيل وأبيه فيه الأعمش لأن الأعمش سمعه من سهيل لا أنّ سهيلا سمعه من الأعمش، لذا حكم بصحّة هذين الحديثين، وقد خالفه في ذلك غير واحد منهم أبو عيسى، فقوله: ورواه الثوري وحفص بن غياث وغير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، وروى أسباط عن الأعمش قال: حديث عن أبي صالح عن أبي هريرة، وروى نافع بن سليمان عن محمد بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النبي - عليه السلام - هذا الحديث، وسمعت أبا زرعة يقول: حديث أبي صالح عن أبي هريرة أصح من حديث أبي صالح عن عائشة، وسمعت محمدا يقول: حديث أبي صالح عن عائشة أصح، وقال ابن المديني: لم يثبت حديث أبي صالح عن أبى صالح عن أبي هريرة، ولا حديث أبي صالح عن عائشة في هذا. انتهى السبب الموجب لضعف حديث الأعمش عن أبي صالح هو انقطاع ما بينهما، وإن كان قد سمع منه أحاديث ودلس عنه أشياء. ذكره الكرابيسي

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/517) والترمذي (ح/207) وأحمد (2/232، 284، 382، 419، 424، 461، 472، 5/260، 6/65) وشهاب (234) وعبد الرزاق (1838) وابن خزيمة (1528) والطبراني فيه الكبير، (8/343) وفي " الصغير " (1/107، 214، 2/13) وشرح السنة (2/279) والمشكاة (663) والخطيب (3/242، 4/388، 6/167، 9/413) وابن حبان (363،362) ومشكل (3/52، 53، 56) والحلية (8/118) والترغيب (1/176) . وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/231) . قال الخطابي في المعالم (1/156) : " قال أهل اللغة: الضامن في كلام العرب معناه الراعي، والضمان معناه الرعاية.. والإمام ضامن: بمعنى أنه يحفظ الصلاة وعدد الركعات على القوم، وقيل: معناه ضامن الدعاء بعضهم به ولا يختص بذلك دونهم، وليس الضمان الذي يوجب الغرامة من هذا في شيء. وقد تأوله قوم على معنى أنه يتحمل القراءة عنهم في بعض الأحوال، وكذلك يتحمل القيام أيضا إذا أدركه راكعا ".

في كتاب المدلسين، وحتى قال أحمد فيما حكاه عنه الميموني: الأعمش عن أبي صالح منقطع، وهذا ينبغي أن يأؤل على حديث خاص سئل عنه أحمد/، فيوضح ذلك قول عباس عن ابن معين: قال سفيان الثوري لم يسمع هذا الحديث إّلا عن ابن أبي صالح، وفي كتاب أبي داود: ثنا أحمد نا محمد بن فضيل ثنا الأعمش عن رجل عن أبي صالح، وثنا الحسن بن علي ثنا ابن نمير عن الأعمش قال: نبئت عن أبي صالح، ولا أراني إّلا قد سمعته منه، وذكر البلخي عن محمد بن الصباح أنه لم يسمعه من أبي صالح، ولما ذكر ابن حبان في صحيحه خبر الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد: " يجاء بالموت كأنه كبش أملح " قال فبكيناه لأنه ليس متصل، قال شجاع بن الوليد عن الأعمش: سمعتهم يذكرون عن أبي صالح، فهذا كما ترى مدلس صرّح بالانقطاع، ودخول الواسطة، فلا يقبل خبره إجماعًا إلا على رأي من يرى قول ابن حبان سمع حسبت مقدم على من بقى، وقال البيهقي: لم يسمعه من أبي صالح بيقين إنّما سمعه من رجل عنه، وقد رواه عن أبي صالح أيضًا عن محمد بن حجارة، قال ابن عدي: وهذا لا يرويه عن ابن حجارة غير الحسن بن أبي صالح، وهو متروك، ورواه أحمد في مسنده عن قتيبة عن الدراوردي عن سهيل عن أبيه به، وهو إسناد على شرط مسلم، ولا نعلمه ما رواه الطبراني عن فضيل بن محمد المغطى عن موسى بن داود الطيبى عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة عن عائشة به، لضعف هذا الإسناد، وأما سبب تضعيف حديث عائشة، فلأن محمد بن أبي صالح غير معروف، قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: لا أعلم لسهيل وعباد بن أبي صالح إلا ما رواه حيوة بن شريج عن نافع عن محمد بن أبي صالح فذكر الحديث، قال والأعمش رواه عن أبي صالح عن أبي هريرة فذكره/قلت: فأيهما أصح؟ قال: حديث الأعمش، ونافع ليس بقوى قلت محمد هو أخو عبّاد؟ قال: كذا يروونه، وذكر ابن عدي عن ابن معين أنه قال محمد هذا لا أعرفه، قال أبو أحمد: هذا الذي قال فيه ابن معين: لا أعرفه، فإن كان صاحب حديث " الإمام ضامن " فأنه يرويه عن أبيه عن عائشة، فإن عمل معلل هذا الحديث فأنه لا يصح، لأن أهل مصر رووه عن

محمد عن أبيه عن عائشة، ورواه سهيل عن الأعمش عن أبي صالح، فالذي يصححه يقول: قد اتفق محمد وسهيل جميعا عن أبيهما، وقال سهيل عن أبي هريرة: وهو الصحيح، وقال محمد عن عائشة: ومن جعل محمدا أخا لسهيل فقد وهم، وليس في ولد أبي صالح من اسمه محمد، إنّما هم: سهيل وعباد وعبد الله ويحيى وصالح، وليس فيهم محمد - والله تعالى أعلم -، ولقائل أن يقول: هذه شهادة على النفي فلا تقبل، فتحتاج إلى ترجيح من خارج، فنظرنا وإذا نحن قد وجدنا راويًا عن محمد غير نافع، وهو هشيم بن بشير، فأنه لما روى عنه نسبه كما نسبه نافع، وهما عدلان حافظان والنسبة غيرهما، وقد ترجم أبو حاتم الرازي باسمه في كتاب الجرح والتعديل مفردًا، ونسبه إلى أبيه من غير تردد (1) ، وكذلك ابن حبان في كتاب الثقات بعد وصفة إيَّاه بالخطأ، وفي تاريخ البخاري الكبير: محمد بن ذكوان وهو محمد بن أبي صالح السمان أخو سهيل مولى جويرية بنت الأحمس العطفاني، حدّث فيه عن أبي مريم نا موسى بن يعقوب نا عباد، ابن أبي صالح، وكذا ذكره الحافظ أبو بكر بن مردويه في كتاب أسماء أولاد المحدثين تأليفه ونسبه مدنيًا، ولما ذكره الفسوي في تاريخه عرفه بآخر وسهيل وعباد. قرأت على/المعمر شرف الدين أبي زكريا المقدسي - رحمه الله - عن العلامة بهاء الدين المصري عن الحافظ ابن طاهر التعري قال: أنبأ أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار في صفر سنة ست وثمانين وأربع مائة أنبأ أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد القبيقي قراءة عليه أنبأ أبو بكر محمد بن عدي بن علي بن عدي ثنا علي بن عدي بن زجر ثنا أبو عبيد الآجري في شهر جمادى الأولى سنة خمس وعشرين نا أبو داود بجميع كتاب الإخوة الذين يروى عنهم الحديث، فذكر جماعة، ثم قال: سهيل بن أبي صالح وصالح بن أبي صالح ومحمد بن أبي صالح وعباد، ويقال عبد الله بن أبي صالح، وكذا ذكره الحافظ عبد الغنى بن سعيد في كتاب " كنى الأباء والأجداد الغالبة على الأسماء "، وأبو زرعة الدمشقي في كتاب " الإخوة " من تأليفه ذكره كذلك فيتبين لك بمجموع ما

_ (1) قوله: " تردد " وردت " بالأصل " " فترى "، وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.

سلف صحة هذين الحديثين، ولا علة ما وجه فيهما - والله تعالى أعلم -، وحديث عبد الله بن عمر - رضى الله تعالى عنهما - مرفوعا: " الإِمام ضامن، والمؤذن مؤتمن " (1) الحديث ذكره ابن عدى في الكامل من حديث الكرسي عن أزهر عن ابن عون عن نافع عنه، وحديث أنس بن مالك مرفوعاً: " الإِمام ضامن، والمؤذن مؤتمن " ذكره أيضا من حديث بقية عن ثور بن - يزيد عن أبان عنه، وقال: لم يجوز إسناده غير ابن مصفي عن بقية عن ثور، ورأيت غير ابن مصفي رواه عن بقية عمن حدّثه عن النبي، مرسل الحسن أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " الإِمام ضامن، والمؤذن مؤتمن " الحديث ذكره البيهقي من حديث ابن أبي عدى أنبأنا يونس عنه وفي لفظ: " المؤذنون أمناء الناس على صلاتهم وحاجتهم " (2) /أو قال " حاجاتهم " قال: وقد روى ذلك عن يونس عن الحسن عن جابر، وليس بمحفوظ، وروى في ذلك عن أبي أمامة، يعني ما رواه هو من حديث ابن المديني ثنا روح بن عبادة نا حماد بن سلمة أنبأ أبو محمد بن غالب سمعت أبا أمامة فذكره بزيادة: " والأذان أحب إلي من الإِمامة "، وحديث أبي محذورة: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " أمناء الناس على صلاتهم وسجودهم المؤذنون " (3) رواه أيضا من حديث الجياني عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جدّه، وحديث ابن عمر يرفعه: " من أمّ قومَا فليتق الله، وليعلم أنه ضامن مسئول لما ضمن إن أحسن كان له من الأجر مثل أجر من صلى خلفه من غير أن ينتقص من أجورهم شيئَا " (4) وما كان من نقص فهو عليه، قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن أبي الحوراء إلا أبو الفضل يحي، ولا عنه

_ (1) تقدم ص 1119 الحاشية رقم (1) . (2) صحيح. رواه الشافعي (33) وتلخيص (1/183) . (3) صحيح. رواه البيهقي (1/426) والجوامع (4479) والكنز (20896) والإرواء (1/239) . قلت: والحديث الأول شاهد للثاني. (4) ضعيف الترغيب (1/310) والكنز (20402) وإتحاف (3/173) والمجمع (2/69) وعزاه إلى الطبراني فيه الأوسط، وفيه معارك بن عباد، ضعفه أحمد والبخاري وأبو زرعة والدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات.

ألا المعارك بن عباد، تفرد به يوسف بن الحجاج، وحديث جابر يرفعه: الإِمام ضامن فما صنع فاصنعوا (1) ذكره أيضا وقال: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد. تفرد به الحميدي، يعني عن موسى بن شيبة من ولد كعب بن مالك عن محمد بن كليب عنه. حدثنا محمد بن مثنى نا أبو داود نا شريك عن سماك عن جابر بن سمرة قال: " كان بلال لا يؤخّر الأذان عن الوقت، وربما أخر الإِقامة شيئا (2) . هذا حديث لما رواه أبو عيسى في جامعه عن أحمد بن منيع عن شريح بن النعمان عن حماد بن سلمة عن سماك فيما ذكره ابن عساكر والمزي، ولم أره في المكان الذي أشار أبيه لم يتبعه كلامًا وهو سند صحيح على رسم مسلم، ولفظه في المستدرك، وخرجه/من حديث إسرائيل عن سماك كان بلال يؤذن ثم يمهل فإذا رأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قد خرج أقام الصلاة، وقال: صحيح (3) على شرط مسلم، ولم يخرجاه إنما ذكر مسلم حديث زهير عن سماك: كان بلال يؤذن إذا دحضت الشمس، ولا يقيم حتى يخرج، فإذا خرج قام حتى يراه (4) ولفظ أبي الشيخ ورواه من حديث شريك: " كان بلال يؤذن للظهر إذا دحضت الشمس، ورَّبما أخَّر الإِقامة ولا يؤخر الأذان عن الوقت وشاهده حديث علي بن أبي طالب: " كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يكون في المسجد حين تقام الصلاة فإذا رآهم قليلا جلس ثم صلى، وإذا رآهم جماعة صلى " خرجه الحاكم من حديث داود بن رويشد عن الوليد بن مسلم ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع بن جبير عن مسعود - يعني ابن الحكم الزرمي- عنه

_ (1) ضعيف. رواه ابن عساكر في (التاريخ ((6/363) والخطيب (8/332) والمتناهية (1/439) والمجمع (2/66) وعزاه إلى الطبراني في (الأوسط، وفيه موسى بن شيبة من ولد كعب بن مالك، ضعفه أحمد، ووثقه أبو حاتم في الثقات. (2) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/713) . وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/243) . (3) حسن. رواه أبو داود (ح/537) . (4) صحيح. رواه مسلم " في المساجد "، (ح/160) وأحمد (5/106،91) . (5) رواه الحاكم: (1/202) .

قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وفي كتاب البيهقي من حديث عبد المجيد بن عبد العزيز وعاصم عن ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سالم أبي الثغر مرسلا وإسناده جيّد، وحديث جابر ابن عبد الله أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال لبلال: (إذا أذّنت فترسل في أذانك، وإذا أقمت فاحذر واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الأكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته) رواه الحاكم (1) أيضا عن أبي بكر بن إسحاق أنبأ على بن عبد العزيز نا على بن حماد بن أبي طالب ثنا عبد المنعم بن نعيم الرماحي ثنا عمر بن فايد الأسواري نا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عنه، وقال: هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فايد والباقون شيوخ البصرة/وهذه سنَّة غريبة لا أعرف لها إسناداً غير هذا ولم يخرجاه، وقال أبو عيسى: حديث جابر هذا لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم، وهو إسناد مجهول، وبمثله قاله أبو علي الطوسي في أحكامه، وقال البغوي: هذا حديث ضعيف الإِسناد وهو في أدب الأذان حسن، وقال البيهقي في الكبير: في إسناده نظر انتهى، وفي كلام الحاكم: نظر في موضعين: الأول: قوله ليس في إسناده مطعون فيه، وعبد المنعم بن نعيم طعن فيه أبو حاتم الرازي بقوله منكر الحديث، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدًا لا يجوز الاحتجاج به، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال البخاري: منكر الحديث، وذكره أبو جعفر في كتاب الضعفاء، وقال الساجي: كان ضعيفا وإن كان ابن سعد قال: هو. ثقة - إن شاء الله تعالى -، وقال أبو الحسن: كان بصريًا تقه، وأمّا يحيى بن مسلم أبو مسلم البكاء البصري وإن كان ابن سعد قال: هو ثقة- إن شاء الله تعالى-، وقال أبو الحسن: كان بصريا ثقة، فأنه لما سئل عنه أبو زرعة قال: ليس بقوى، وقال أبو حاتم: شيخ قيل له أيهما أحب أليك هو أو أبو حباب قال: لا هذا ولا هذا، قيل له: إذا

_ (1) ضعيفة: رواه الحاكم (1/204) والترمذي (ح/195) . وقال: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث عبد المنعم، وهو إسناد مجهول. والمشكاة (647) ونصب الراية (1/275) وتلخيص (1/200) والميزان (9878) وتذكرة (35) وجرجان (154)

لم يكن في الباب غيرهما عن أيهما يكتب قال: لا يكتب عنه شيء وقال القواريري: لم يكن يحيى يرضاه ابن معين وليس بذاك، وفي رواية البرقي: ضعيف، وفي رواية عباس بشر بن حرب: أحبّ ألي من مائة مثل البكاء وذكره العقيلي في الضعفاء، وكذلك يعقوب بن سفيان وأثنى عليه لثناء أبو القاسم البلخي، وذكر عن محمد بن واسع أنه عص منه وقال أبو عبد الرحمن النسائي والأزدي: متروك الحديث، وقال علي بن الجنيد: هو مختلط، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان: يروى/المعضلات عن الثقات لا يجوز الاحتجاج به، وقال ابن السمعاني: كان يروى المعضلات والمناكير، وذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء وأبا عمر بن فايد فرماه جماعة بالوضع منهم علي بن المديني، ولما رواه أبو القاسم في الأوسط خرج فيه عن عبد المنعم بن نعيم الرماحي قال ثنا يحيى فإن صحت هذه اللفظة يكون سمعه منه، وعنه- والله تعالى أعلم- الثاني: استغرابه حديث السُنَّة، وقد رواها علي بن أبي طالب عند الدارقطني من طريق عمرو بن سمر قال: " كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يأمرنا أن نرسل الأذان ونحدر الإقامة " (1) ولما ذكره في الأوسط قال: لم يرو هذا الحديث عن عمرو بن شمر إلا أبو معاوية، ولا يروى عن علي إلا بهذا الإسناد، وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم نا مرحوم بن عبد العزيز عن أبيه عن أبَي الزبير مؤذن بيت المقدس قال: جاءنا عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - فقال: " إذا أذنت فترسَّل، وإذا أقمت فاحدر " (2) . رواه الثوري وشعبة عن مرحوم، وثنا ابن أبي زرعة عن ابن أبي

_ (1) رواه الدارقطني (1/238) والإرواء (1/245) . (2) ضعيف. رواه الترمذي (ح/195) . وقال: حديث جابر هذا حديث لا نعرفه ألا من هذا الوجه. والبيهقي (1/428) والحاكم (1/204) من طريق عمرو بن فائد الأسواري ثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر، فذكره، وقال: هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد، والباقون شيوخ البصرة، وهذه سنة غريبة، لا أعرف لها إسناد غير هذا، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: (قال الدارقطني: عمرو بن فائد متروك،. والمشكاة (647) ونصب الراية (1/275) وتلخيص (1/200) والميزان (9878) وتذكرة (35) وجرجان (154) . غريبة: قوله: " فاحدر"، بإسكان الحاء وضم الدال المهملتين، أمر من الفعل الثلاثي، يقال:

جعفر عن ابن عمر أنه كان يرتل في أذانه ويحدر الإِقامة وثنا مسعر عن عائشة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: (كان إذا أقام المؤذن وهو يأكل لم يقم حتى يفرغ من طعامه) . (1) رواه أبو القاسم في الأوسط عن أحمد بن محمد بن صدقة ثنا أحمد بن سليمان الرحاوي ثنا معاوية بن هشام، نا سفيان عن هشام عن أبيه عنها وقال لم يروه عن سفيان إّلا معاوية، وحديث أبي هريرة أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك نفسَا قدر ما يفرغ الأكل من طعامه على مهل، ويقضى المعتصر حاجته في مهل " (2) سأل/أبو طالب أبا عبد الله عنه وأنكره إنكارا شديدا، وقال معارك وبن عباد العبدي: يعني رواية عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة: لا أعرفه، وعبد الله بن سعيد أبو عباد منكر الحديث متروك الحديث، وقال البيهقي: وقد روى عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا وليس بمحفوظ، وفي زيادات عبد الله في المسند أخبرنا حفص بن عمر الرماني نا محمد بن راشد الضرير ثنا معارك بن عباد عن يحيى الباهلي عن ابن بنت أبي الجوزاء عن أبى بن كعب قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- لبلال:) اجعل بين آذانك وإقامتك قدر ما يقضى المعتصر حاجته ويفرغ الأكل من طعامه ((3) ، وحديث سلمان أن النبي- صلي الله عليه وسلم - قال لبلال: " اجعل بين أذانك وإقامتك نفسًا حتى يقضى المتوضئ حاجته في مهل أو يفرغ الأكل من طعامه في مهل " (4) ذكره أبو الشيخ من حديث المعارك ابن

_ = حدر يحدر حدورَا، أي أسرع، من باب (نصر) قال القاضي أبو بكر بن العربي: " يسرع في الإِقامة لأنها افتتاح الصلاة وتقدمتها، لأِعلام من حضر في المصلى، فلذلك قال: فاحذر، يعني أسرع. (1) بنحوه. رواه البخاري (7/107) والطبراني في الأوسط (2/84، 90) والكنز (20055) وابن كثير (8/455) ومشكل (2/402) والمسير (9/167) وحبيب (1/51) . (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد (2/4) من حديث أبي بن كعب، وعزاه إلى عبد الله بن أحمد من زيادته من رواية أبي الجوزاء عن أبي وأبو الجوزاء لم يسمع من أبي (3) انظر: الحاشية رقم (1) قبل السابقة، والسابقة. (4) صحيح. المغني عن حمل الأسفار (1/175) وعبد الله بن أحمد في " زيادات المسند "

عن يحيى بن أبي الفضل أحسبه عن سلمان، وفي السنن الكبير للبيهقي من حديث أبي النضر نحوه، وحكم عليه بأن سنده جيد. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا حفص بن غياث عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال: " كان آخر ما عهد إلى رسول الله " أن لا أتخذ مؤذنًا يأخذ على الأذان أجرًا " (1) . هذا حديث قال فيه الترمذي حسن، وخرجه الحاكم من جهة حماد بن سلمة عن الحريري عن أبي العلاء عن مطرف بن عبد الله عنه أنه قال: " يا رسول الله اجعلني إمام قومي قال: أنت إمامهم واقتدى بأضعفهم واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على الأذان أجرًا " (2) ثم قال هذا حديث صحيح على

_ = (5/143) والضياء المقدسي في " المنتقى من مسموعاته بمرو " (2/141) وصححه الشيخ الألباني راجع الصحيحة (ح/887) . غريبة: قوله: " المعتصر، هنا هو الذي يحتاج إلى الغائط ليتأهّب للصلاة وهو من العصر، أو العصر هو الملجأ " (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/209) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجه (ح/714) والنسائي (1/109) إسناده صحيح. ورواه أحمد (4/217،21) كلّهم من طريق حماد بن سلمة عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عثمان بن أبي العاص. وصححه الشيخ الألباني. (2) رواه الحاكم (1/99، 201) بأسانيد من طريق حماد بن سلمة وصححه. ووافقه الذهبي. ورواه ابن ماجه نحو هذا أيضا من طريق ابن إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن مطرف عن عثمان بن أبي العاص. وهذه الروايات تؤيّد رواية الأشعث عن الحسن عن عثمان. ورواه أبو داود (ح/531) . قال الشافعي في الأم (1/72) :) وأحب أن يكون المؤذنون متطوعين، وليس للإِمام أن يرزقهم ولا واحدا منهم وهو يجد من يؤذن له متطوعا، ممن له أمانة، إّلا أن يرزقهم من ماله. ولا أحسب أحدا ببلد كثير الأهل يعوذه أن يجد مؤذنا أمينا لازما يؤذّن متطوعا، فإن لم يجده فلا بأس أن يرزق مؤذنا، ولا يرزقه ألا من خمس الخمس: سهم النبي- صلي الله عليه وسلم -، ولا يجوز له أن يرزقه من غيره من الفيء، لأن لكله مالكا موصوفا. قال الشافعي: ولا يجوز له أن يرزقه من الصدقات شيئا، ويحل للمؤذن أخذ الرزق إذا رزق من حيث وصفت أن يرزق، ولا يحل له أخذه من غيره بأنه رزق. وقال القاضي أبو بكر بن العربي في العارضة (2/12 - 13) وأكثر علمائنا على جواز الإجارة على الأذان، وكرهها الشافعي وأبو حنيفة. وقال الأوزاعي: يجاعل عليه ولا يؤاجر، َ كأنه ألحقه بأجر المجهول. والصحيح جواز أخذ الأجرة على الأذان والصلاة والقضاء وجميع الأعمال الدينية، فإن الخليفة يأخذ أجرته على هذا كله، وينيب في كل واحد منها، فيأخذ

شرط مسلم، ولم يخرجاه/ (إنما خرج مسلم) (1) حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن المسيب عن عثمان أن النبي- عليه السلام- قال:" إذا أممت قومَا فخفف بهم الصلاة " الحديث، وسكت عنه الأشبيلي مصححا له وثبته ابن المنذر، ولفظ فضيل بن عياض عن أشعث بن سوار عن أبي الشيخ: " أخر ما عهد إلى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أن قال: صلى بأصحابك صلاة أضعفهم فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة " (2) الحديث ولما ذكره الحميدي وابن أبي عمر العدني في مسندهما عن فضيل لم ينسباه، ولما صححه ابن حزم نسب أشعث أبي حمران وكأنه أشبه لضعف الأول وثقة هذا قال أبو الشيخ ثنا البغوي نا شيبان ثنا سلام بن مسكين عن يحيى البكاء قال سمعت رجلا قال لابن عمر: " إنى لأحبك في الله فقال له ابن عمر إنى لأبغضك في الله فقال سبحان الله أحبك في الله وتبغضني في الله. قال: نعم إنك لتسأل على أذانك أجرا " (3) زاد أبو نعيم وكان مؤذنا من مؤذني الكعبة، وفي كتاب الصحابة لأبي نعيم من طريق الليثي عن الحسن قال حدثنى خمسون صحابيًا أن النبي- عليه السلام- نهى عن الإِقامة والأذان بأجر قال ابن حزم: وروينا عن وكيع نا المسعودي عن القاسم أن ابن مسعود قال: (أربع لا يؤخذ عليهن أجر القرآن والأذان والقضاء والمقاسم) وقد جاء في حديث أنس عن النبي- عليه السلام-: " أجر المعلمين والمؤذنين والأئمة حرام " (4) وفي حديث ابن عمر: نهى عليه السلام عن التعليم والأذان

_ = النائب أجره، كما يأخذ المستنيب. والأصل في ذلك قول النبي صلي الله عليه وسلم: " ما تركت بعد نفقة عيالي ومؤنة عاملي فهو صدقة،. قال الشوكاني في نيل الأوطار (2/44) : " فقاس المؤذن على العامل، وهو قياس على مصادمة النص ". (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/187) وابن ماجه (ح/988) وأحمد (4/22) والبيهقي (3/116) والمشكاة (1134) ونصب الراية (2/29) والكنز (20415) والحلية (100) والمنحة (627) . (2) لم أقف عليه. (3) قوله: (أجرا) وردت (بالأصل) (جزءاً) ، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه. (4) موضوع. الموضوعات (1/229) والفوائد (277) .

والأجرة فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (1) . ولكنهما غير صحيحين حتى أن ابن الجوزي/بالغ حتى ذكرهما في كتاب الموضوعات. قال أبو محمد بن حزم قال تعالى: {لا تأكلوا أموَالَكم بينَكُم بِالبَاطِلِ إلا أن تكُونَ تجَارةً عن تَرَاض منكُم} (2) . وقال- عليه السلام-: " إنَّ دماءكم وأموالكم عَليكم حرام " (3) فحرم تعالى أكل الأموال إلا بتجارة فكل مال حرام إلا ما أباحه نص أو إجماع متيقن، فلو لم يأت النهى عن أخذ الأجر على الأذان لكان حرامَا بهذه الجملة، ولا يعرف لابن عمر في هذه القصة مخالف، قال أكثر العلماء: وجاز أن يعطى على سبيل البر وهو قول أبي حنيفة وغيره، وقال مالك: لا بأس بذلك قال ابن المنذر، وقال الأوزاعي: ذلك مكروه. ولا بأس بأخذ الرزق على ذلك من بيت المال، وقال الشافعي: لا يرزق المؤذن إلا من خمس الخمس سهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال أبو بكر ويقول أبي حنيفة: أقول، وفي كتاب الخطابي: أخذ الأجرة على الأذان مكروه في مذاهب أكثر العلماء ومنع منه ابن راهوية. وقال الحسن: أخشى أن لا تكون صلاته خالصة لله تعالى، وفي مشكل أبي جعفر الطحاوي قد قال قائل في هذا الحديث يعني حديث عثمان ما يدل على جواز أخذ الأجر على الأذان. فكان جوابَا أنه قدر الأجرة، وقد تكون بالإجارات المعقودات قبل الوجوب التي تستلزم المستأجر والأجير، وقد تكوَن على المثوبات والتنويلات عليها لفاعلها، وقد جاء القرآن العزيز بالمعنيين جميعا فقال في الإجارات المعقودات قوله تعالى: {فإنْ أرضَعنَ لكُم فآتوهُن أُجُورهُن وأتمرُوا بَينَكُم بمَعرُوفٍ} (4) والائتمار لا يكون إلا عند الاختلاف فيما يقعد الإِجارات عليه، وأمَّا ما جاء بالأجر فيما سوى ذلك فقوله عز وجلّ: {قُلْ

_ (1) موضوع: الموضوعات، مصدر سابق. (2) سورة النساء آية: 29. (3) صحيح. رواه أحمد (3/313، 485، 4/86، 306، 5/30، 37، 412) والبيهقي (3/215، 5/8، 274) والطبراني (5/316، 716) وابن خزيمة (2809) والمجمع (3/271، 7،272/295) والحلية (4/343) . وصححه الشيخ الألباني. (4) سورة الطلاق آية: 6.

ما أسألُكُم عَلَيِه مِن أَجْر وَمَا أَنَا مِنَ المتُكَلفِينَ} (1) . وقوله تعالى: (قل ما سألتكم من أجر/فهو لكم} (2) . فكان ذلك على المثوبات على الأفعال لا على عقود إجارات كانت قبلها فكان قوله- عليه السلام- لعثمان ما قد ذكرناه عنه في هذا الحديث قد يكون على الأجر الذي يجعل ثوابا، وهو بلا كما يفعل الناس بمن يفعل الأفعال الذي يحمدونه عليها من التأذين في مساجدهم وعمرانها، واللزوم لها فينسلوهم على ذلك ما ينال أمثالهم ليدونوا وتكون قوة لهم عليه لا بإجارات متقدِّمات على ذلك فيكون ذلك محمودا من فاعله، ويكون من لا يقبل ذلك بهم بعلمهم بالنسب الذي قصد من أجله بذلك أليم أفضل من فعله بأمر النبي- عليه الصلاة والسلام- عثمان- رضي الله عنه- أن تتخذ مؤذنا أفضل المؤذنين، وأعلاهم رتبة في الثواب على الأذان، وترك التعوض عليه شيئا من الدنيا، والقياس أيضا فيمنع من استحقاق الأجر بالإجارات على الأذان، وذلك أنا وجدنا الإِجارات يملك بها المستأجر المنافع التي بذل الأجرة عليها للأجير ملكا تبيّن به عن دونه، وكان الأذان وما أشبهه من هذه الأشياء غير مقدور على ذلك ألا يجور الإِجارات عليها- والله تعالى أعلم-. وتبع ذلك أن أبو الوليد محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد بقوله هذا الذي قاله الطحاوي: قياس غير صحيح إذ ليس من شرط صحة الإِجارة، وجوازها اًن يملك المستأجر منافع الأجير التي استأجره عليها أصل ذلك إجماعهم على جواز الاستئجار على بناء المسجد، والإِجارة على الأذان جائزة بظاهر قوله- صلي الله عليه وسلم -:) من استأجر أجيرا فليأجره بأجر معلوم ((3) ولم يخص أذانا من غيره. حدثنا أبو بكر/ابن أبي شيبة ثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن أبي إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال:) أمرني رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أن أثوِّب في الفجر، ونهاني أن أثوِّب في العشاء ((4) هذا حديث قال فيه البزار: لا نعلمه رواه عن

_ (1) سورة ص آية: 86. (2) سورة سبأ آية: 47. (3) رواه البيهقي (6/120) ونصب الراية (4/1431) وإتحاف (5/459) . (4) بنحوه. رواه الترمذي (ح/198) من حديث بلال وقال: حديث بلال لا نعرفه الا من حديث أبي إسرائيل الملائي. وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم بن عتيبة، قال:

الحكم إلا أبو إسرائيل، وقال البيهقي في المعرفة: حديث بلال منقطع، وقال أبو عيسى: لا نعرفه إلا من حديث أبي إسرائيل الملائي واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق وأبو إسرائيل لم يسمع هذا الحديث من الحكم يقال إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم وأبو إسرائيل ليس بذاك القوى، وبنحوه ذكره أبو علي الطوسي في أحكامه انتهى كلامهما. وفيه نظر من وجهين الأول: أبو إسرائيل المعصوب برأسه الجنابة، قال فيه الإِمام أحمد: يكتب حديثه، وقال ابن معين: صالح الحديث، وفي كتاب التاريخ للبصري عنه: لا بأس به، وفي كتاب الكني للدولابي عنه: ثقة، وفي سؤالات الأثرم قلت لأبي عبد الله أبو إسرائيل: يكتب حديثه، قال: نعم، وأمسك قال: قلت: روي عن الحكم عن ابن أبي ليلى هذا الحديث يعني التثويب قال: نعم، قلت لأبي عبد الله عن بهز: أنه حمل عليه، وزعم أنه تكلّم في عثمان فقال أبو عبد الله: الكوفيون، الآن ثم سكت، وقال أبو حاتم: حسن الحديث جيّد اللقاء، وقال أبو زرعة الرازي: كوفي صدوق، وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: أبو إسرائيل لم يكن يكذب، وحديثه ليس مثل حديث الشيعة، وليس فيه نكارة وحدّث عنه الثوري بحديث باليمن، وقال عمرو بن علي: ليس من أهل الكذب، ورواه البزار بسند لا بأس به يصلح أن يكون شاهدا لحديث أبي إسرائيل بل هو أمتن منه وأسلم منه من الانقطاع، ومن ابن عمارة عن علي بن حرب الموصلي ثنا أبو مسعود/عبد الرحمن بن الحسن الزجاج ثنا أبو سعد عن ابن أبي ليلى عن بلال وقال: هذا الحديث لا نعلمه رواه عن أبي سعد إّلا أبو مسعود يعني الراوي عنه يحيى بن آدم ويحيى بن عبد الحميد الحمان وعبد الله بن عمر عن أبان وأبو هاشم محمد بن علي وإسحاق بن عبد الواحد ومحمد بن عبد الله بن عمار وابن راهويه ومحمد بن أسباط وغيرهم، وفيما ذكره أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس القاسم الأجدى في طبقات أهل الموصل، ولما ذكره الخالديان في تاريخهما أحسنا عليه الثناء، وقول أبي حاتم الرازي فيه: يكتب حديثه، ولا يحتج به ليس تصريحَا بضعفه، وأبو سعد البقال وثقة: أبو أسامة،

_ - إنما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة. قلت: وعلى هذا فالحديث ضعيفة.

وقال أبو زرعة: صدوق، والثاني: انقطاع ما بين عبد الرحمن وبلال نص على ذلك: ابن أبي حاتم عن أبيه، وأبيه أشار أيضًا البزار في مسنده، وقال البيهقي: هذا حديث مرسل ابن أبي ليلى لم يلق بلالا وأتبعه برواية يحيى بن جعفر عن علي بن عاصم أنبأ عطاء بن السائب ابن أبي ليلى عن بلال، وفي سؤالات مهتأ سألت يحيى وأبا خثيمة فقلت: ثنا أحمد ثنا علي بن عاصم فذكره فقالا ليس بصحيح، وقالا: ما روى هذا ثقة فقلت: قال لي أحمد هذا من السماع الدارشي على مضحكًا، وسألت أحمد عنه فقال: منكر، وفي سؤالات الميموني ثنا أحمد ثنا أبو قطن قال: ذكر لشعبة الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال الحديث فقال شعبة: لا والله ما ذكر أنّ ابن أبي ليلى ولا إسنادًا ضعيفًا قال أظن شعبة قال كنت أراه رواه عن عمران بن مسلم، وأما حديث سعيد بن المسيب عن بلال المذكور عند ابن ماجة بعد فمنقطع فيما بين سعيد وعنه، وقد وقع لهذا الحديث شواهد/غير ما أسلفناه، من ذلك: ما أنبأ به المسند المعمر أبو زكريا يحيى بن يوسف المقدسي- رحمه الله- أنبأكم العلامة بهاء الدين المصري عن الحافظ الثغري أنبأ أبو رجاء الحلقاني أنبأ أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر بن أبي علي بن الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ثنا بن صبيح ثنا عبيد الله بن سعد ثنا عمى ثنا أبي عن ابن إسحاق، قال: ذكر الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد قال: جاء بلال ذات غداة إلى صلاة الفجر فقيل له: أنّ رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- نام فصرخ بأعلى صوته: " الصلاة خير من النوم" قال سعيد: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر، قال أبو الشيخ: وثنا عبدان نا محمد بن موسى الجرشي ثنا خلف الحراز يعني البكاء قال: قال ابن عمر: جاء بلال إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يؤذنه بصلاة الصبح ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- قد أغفا فجاء بلال فقال: الصلاة خير من النوم فانتبه رسول الله صلي الله عليه وسلم:"أجعله في أذانك إذا أذنت لصلاة الصبح" (1) وثنا إبراهيم بن علي الهاشمي ثنا الزبير بن بكار ثنا

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/716) . في الزوائد: إسناده ثقات. ألا أن فيه انقطاعا.

عبد الله بن نافع عن معمر بن عبد الرحمن مولى قسيط عن ابن قسيط عن أبي هريرة أن النبي- صلي الله عليه وسلم -: " أمر بلالا أن يجعل في أذانه في الصبح الصلاة خير من النوم". وفي لفظ:) مروا أبا بكر يصلى بالناس ((1) . يعني في مرض موته- عليه الصلاة والسلام- ولما خرجه الطبراني في الأوسط من حديث مروان بن ثوبان قاضى حمص ثنا النعمان بن المنذر عن الزهري عن سعيد عنه، قال: لم يروه عن الزهري عن سعيد عنه قال لم يروه/عن الزهري إلا النعمان، تفرد به مروان، قال أبو الشيخ: وثنا عامر بن إبراهيم بن عامر ثنا عمّى عن جدي ثنا عمرو بن صالح ثنا صالح بن أبي الأحضر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " جاء بلال إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يؤذِّنه بصلاة الصبح فوجده نائما. فقال: "الصلاة خير من النوم فأقرت في صلاة الصبح " وفي كتاب الصحيح لابن خزيمة من حديث أبي أسامة عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال: " من السنة إذا أذن المؤذِّن في أذان الفجر قال: "الصلاة خير من النوم" 2) ولما ذكره البيهقي في الكبير 3) قال: هذا إسناد صحيح، ولفظ الدارقطني: " الصلاة خير من النوم مرتين " (4) ، وفي كتاب أبي نعيم الفضل بن دكن ثنا جعفر عن أشعث عن الحسن وهشام عن أبيه قال: جاء بلال إلى النبي- عليه السلام- ليؤذِّنه

_ سعيد بن المسيب لم يسمع من بلال. وصححه الشيخ الألباني (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري ومسلم في (الصلاة، ح/94، 95، 101) والترمذي) خ/3676) وصححه والنسائي (2/99) وابن ماجة (ح/1232، 1234، 1235) وأحمد (2/1314،44، 0/6،96،270136،229،2) والدارمي (1/39) والبيهقي وابن حبان (2174،367) وعبد الرزاق (9754) وابن خزيمة (1616) وابن أبي شيبة (330،2/329) وتغليق (10521) وأبو عوانة (2) بنحوه. رواة ابن ماجْة (ح/718) . ولفظه:) إذا أذن المؤذن فقولوا مثل قوله (. (3) إسناده صحيح. رواه البيهقي: (1/422) . (4) رواه أحمد (3/408، 409) والمجمع (1/303) والكنز (20957، 23149) وشرح السنة (2/262) والتاريخ الكبير (1/194) وأسرار (231) .

بالصلاة فوجده نائما فقال: "الصلاة خير من النوم فنزلت في صلاة الفجر" وثنا قيس عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة قال:) كان بلال يثوب في الفجر ((1) وثنا شريك عن عمران بن مسلم عن سويديه، وفي سنن البيهقي الكبير من حديث نعيم بن النخام: ينادي منادي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "الصلاة خير من النوم" وفي كتاب المعرفة من حديث حفص بن عمر بن سعيد القرط: أنه سمع من أهله أن بلالا نادى: "الصلاة خير من النوم فأقرت في تأذين الفجر" لم يزل الأمر على ذلك قال أبو بكر: هذا مرسل، والطريق إليه صحيحه، وفي ابن أبي ليلى قال ما أحدثوا بدعة أحب إلي من التثويب في الصلاة انتهى، ولئن صحَّ هذا عن ابن أبي ليلى أشكل على الحديث الأوَّل/لأنه هنا سمّاه بدعة، وهناك رواه حديثا وهما لا يجتمعان اللهم إلا أن يزيد بالتثويب ما ذكره أبو علي الطوسي عن إسحاق ابن راهوية: التثويب شيء أحدثه الناس بعد النبي- عليه الصلاة والسلام- إذا أذن المؤذن فاستبطأ القوم قال: "بين الأذان والإقامة قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح"، قال ابن المنذر وهو قول النعمان، وقال محمد بن الحسن: كان التثويب الأوَّل بعد الأذان:) الصلاة خير من النوم (فأحدث النَّاس هذا التثويب، وهو اختيار علماء الكوفة، وهو حسن، ويوضحه ما ذكره أبو نعيم ثنا إسرائيل عن حكيم بن جبير عن عمران بن أبي الجعد قال سمع الأسود مؤذنا يقول: الصلاة خير من النوم بعدما أتمَّ فقال ويحك لا تزيدون في أذان الله شيئا، قال: إنى سمعت الناس يقولون: قال: فلا تقول، وفي قول ابن المنذر: وهو قول النعمان نظرة لما حكاه قاضى خان عن ابن شجاع عنه: التثويب الأول في نص الأذان، وهو: "الصلاة خير من النوم" مرتين، والثاني فيما بين الأذان والإقامة، وفي المحيط: محله في أذان الفجر بعد الفلاح، قال الطحاوي: وهو قول الَثلاثة وفي المحلي، وقال حسن بن جنى يثوب في العتمة ولا يقول به لأنه لم يأت في سنة.

_ (1) رواه الترمذي (ح/198) وتقدم من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى. وقال الترمذي: حديث بلال لا نعرفه ألا من حديث أبي إسرائيل الملائي. والتثويب: أن يقول المؤذن الصلاة خير من النوم.

انتهى. قد قدمنا أن النبي صلي الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وفي كتاب أبي الشيخ من حديث الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال، قال عليه السلام: "لا تثويب في شيء من الصلوات إلا الفجر " (1) وفي حديث يعقوب بن حميد ثنا عبد الرحمن بن سعد المؤذن عن عبد الله بن محمد بن عمار وعمار وعمر بن سعد بن عمر بن سعد عن أبي إبراهيم عن آبائهم عن أجدادهم عن بلال: " أنه كان ينادى بالصبح فيقول: حي/على خير العمل فأمر رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يجعل مكانها: الصلاة خير من النوم، وترك حي على خير العمل (2) ، قال البيهقي: وهذا اللفظ لم يثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم فيما علم بلالا وأبا محذورة، ونحن نكره الزيادة فيه، وقال ابن حزم: وقد صح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقولون في أذانهم: حي على خير العمل، ولا يقول به لأنه لا يصح عن النبي- عليه السلام- انتهى، الشارع صلى الله عليه وآله وسلم بيّن في نفس الحديث نسخة، فلا حاجة بنا إذًا إلى النظر في صحته، ولا ضعفه- والله تعالى أعلم- وفِي كتاب البيهقي: كان علي بن الحسين يقول ذلك في آذانه ويقول: هو الأذان الأوَّل، وزعم الشيرازي في مهذبه أن الشّافعي في الجديد كره التثويب قال: لأن أبا محذورة لم يحكه. انتهى، وهو مردود بما قدمناه صحيحًا من حديث أبي محذورة. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يعلى بن عبيد ثنا الإفريقي عن زياد بن نعيم عن زياد بن الحارث الصدائي قال: كنت مع النبي- صلى الله عليه وسلم- في سفر فأمرني فأذّنت، فأراد بلال أن يقيم فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إنّ أخا صدّاء أذّن ومن أذن هو يقيم " (3) هذا

_ (1) تقدم. رواه الترمذي (ح/198) والمشكاة (646) وشرح السنة (2/264) والإرواء (1/252) . (2) 1 لكنز: (23174) . (3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/514) والترمذي (ح/199) وقال: وحديث زياد إنما نعرفه من حديث الإفريقي. والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث، ضعفه يحيى القطان وغيره، قال أحمد: لا أكتب حديث الأفريقي. قال: ورأيت محمد بن إسماعيل يُقوى أمره، ويقول: هو مُقارب الحديث. وابن ماجه (ح/717) وتلخيص (1/209) والقرطبي. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه 152، والإرواء237

حديث قال فيه أبو عيسى: إنما نعرفه من حديث الإفريقي والإفريقي ضعيف عند أهل الحديث، ضعيف عند أهل الحديث، وضعَّفه القطان وغيره، وقال أحمد: لا أكتب حديثه، ورأيت محمد بن إسماعيل يُقوِّي أمره ويقول: هو مقارب الحديث، وبنحوه ذكره أبو علي الطوسي في أحكامه، ولما ذكر أبو حاتم ابن حبان زياداً في كتاب الصحابة، وصفه بالمتابعة، ثم قال: إلا أنَّ الإفريقي في إسناد خبره، وقال الحافظ أبو العرب في كتاب الطبقات/إن سفيان الثوري قال: لم يرفع هذا الحديث أحد غير ابن زياد، وذكره عبد الرازق عن زياد، وفيه: "فأذّنت على راحلتي " قال: وفيه أيضَا الإفريقي، ولما ذكره أبو عمر بن عبد البرّ في الاستذكار قال هذا حديث تفرد به الإفريقي، وليس بحجة عندهم وقال الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن سعد الكوفي في كتاب التفرد: إنّ أهل مصر تفردوا به، وكذا ذكره أبو داود في كتاب التفرد، وقال الخزرجي في كتابه تقريب المدارك وذكره في إسناد الإفريقي وهو ضعيف متفق على ضعفه وأشار البيهقي في المعرفة إلى عدم ثبوته، وقال أبو محمد بن حزم: وجائز أن يقيم غير الذي أذّن لأنه لم يأت عن ذلك نهى يصح، والأثر المروي:) من أذّن يقيم (إنّما جاء من طريق الإفريقي وهو هالك انتهى. أما من زعم أنه حديث تفرّد به الإفريقي، فيشبه أن يكون وهما، وكذا قال: تفرد به أهل مصر، كما ذكره الحافظ أبو منصور، ومحمد بن سعد بن محمد بن سعد البارودي في كتاب الصحابة- تأليفه- حدثنى إبراهيم بن ميمون بن إبراهيم بن أبي داود، ثنا محمد بن عيسى بن جابر الرشيدي قال وحديث في كتاب أبي بخط يده عن عبد الله بن سليمان عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم الحضري عن زياد الصدائي، فذكره مطوَّلا، ولما ذكره العسكري في كتاب الصحابة: ثنا علي بن الحسين ثنا علي بن عبيد العسكري ثنا أيوب بن سليمان ثنا مبارك بن فضالة عن عبد الغفار بن ميسرة عن رجل عن زياد الصدائي، فذكره مختصرَا: " إنّما يقيم من أذن" (1) وفي قول ابن حبان إّلا أن في إسناد خبره- يعني خبر

_ والمشكاة 648، والضعيفة 35، وضعيف أبي داود 82. (1) ضعيف. رواه البيهقي (1/399) وابن أبي شيبة (1/116) والطبراني (12/435)

صحبة الإفريقي- نظر لما أسلفناه، ولما ذكره أيضا الحافظ أبو نعيم في كتاب الصحابة: ثنا محمد/ابن علي بن حبيش ثنا محمد بن القاسم بن هاشم ثنا أبي ثنا قريش بن عطاء ثنا سفيان الثوري عن أبيه عن جدّه عن زياد بن الحارث الصدائي قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "من طلب العلم تكفّل الله برزقه" (1) وأما قول ابن الحصَّار، وهو يعني الإفريقي: متَّفق على ضعفه، ففيه نظر، لما أسلفناه قبل من تقوية البخاري أمره، ومن السيب الموجب للكلام فيه وبيان فساده، وأنه صادق فيما أدّعاه من روايته عن مسلم بن بشار، وقال أبو الحسن بن القطان: ومن الناس من يوثّقه ويرمى به عن حضيض ردّ الرواية، وقال الخليل في الإِرشاد: منهم من يضعّفه، ومنهم من يليّنه وذكر الحافظ أبو عمر المنتجيلي في تاريخه: أنّ ابن معين قال: لا بأس به، وذكر أحمد بن محمد بن متم في كتاب طبقات أهل إفريقية أنَّ سحنون وثّقه، وكذلك قال أحمد بن صالح العجلي الحافظ في تاريخه، وزاد: وينكر على من تكلَّم فيه، وأما قول الحازمي هذا حديث حسن- يعني حديث الصدائي هذا- فعمدته تخريج أبي داود له من غير أن يتبعه كلاما، وخرجه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن قديد في كتاب الصحابة مطولا، وفيه: "تفجَّر الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وآله وسلم" (2) وقال المقدسي: هو خبر مشهور، وفي الباب غير ما حديث، خلافا لقول أبي عيسى، وفي الباب حديث ابن عمر، يعني بذلك ما رواه أبو الشيخ عن إبراهيم ثنا علي العمري، ثنا معلي بن مهدي. ثنا سعيد بن راشد عن عطاء عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"إنما يقيم من يؤذن " (3) قال مهنأ: سألت أبا عبد الله عنه فقال: ليس بصحيح" قلت: لم قال من سعيد بن راشد وضعف حديثه، وفي كتاب العلل للخلال/أنَّ ابن معين قال: سعيد السماك الذي يروي: "من أذَّن فهو يقيم "

_ والمجمع (2/3) وعزاه إليه في "الكبير" وفيه سعيد بن راشد السماك، وهو ضعيف. (1) ضعيف. إتحاف (1/78) والمنثور (3/313) والكنز (28701) وآمالي الشجري (1/60) والخطيب في تاريخه، (3/180) . (2) الحاشية قبل السابقة. (3) صحيح. رواه البخاري في (الوضوء، ح/4، 5) والنسائي في "الطهارة" باب (6) والدارمي في (المقدمة، باب (5) ومالك في "الطهارة" (ح/32) وأحمد (3/132) .

ليس بشيء، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث قال: هذا حديث منكر، وسعيد متروك الحديث، وبنحوه قاله ابن عدى في كامله، وقال البيهقي في الكبير: تفرد به سعيد، وهو ضعيف، وقال في موضع آخر: وذكر حديث الصدائي وله شاهد من حديث ابن عمر وفي إسناده ضعف، وحديث عبد الله بن عباس قال: عليه الصلاة والسلام: "من أذّن فهو الذي يقيم " رواه أبو أحمد في كامله (1) من حديث محمد بن الفضل بن عطية عن مقاتل بن حبان عن عطاء عنه وقال هذا من هذه الطريق برواية محمد بن الفضل، وهو متروك الحديث، وحديث حيان بن بح ذكر أبو سعيد بن يونس في تاريخه أنه مثل حديث زياد بن الحارث، وقال البيهقي وله شاهد بسند صحيح عن عبد العزيز بن رفيع قال: رأيت أبا محذورة جاء وقد أذّن اثنان قبله، فأذّن ثم أقام، وقد ورد حديث يعارض هذا، ذكره أبو داود في سننه عن عثمان بن أبي شيبة ثنا حماد بن خالد ثنا محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله، عن عمه عبد الله بن زيد، فذكر حديث رؤيا الأذان، وفيه قال عبد: أنا رأيته وأنا كنت أريده قال فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: (فأقم أنت) (2) ، وثنا عبد الله بن عمر القواريري ثنا بن مهدى ثنا محمد بن عمرو سمعت عبد الله بن محمد شيخ من أهل المدينة قال: " كان جدي عبد الله بن زيد بهذا الخبر، قال: فأقام جدي، قال ابن عبد البر هذا أحسن إسنادًا من حديث الإفريقي، ومن جهة النظر ليست الإِقامة مضمنة بالأذان فجائز أن يتولاها غير متولى الأذان، وقد أسلفنا/حديث عبد الله بن زيد أخي عبد الله أول من عند أبي موسى، ولما ذكره البيهقي في كتاب المعرفة قال: في إسناده ومتنه اختلاف وأنه كان في أول ما شرع الأذان، وحديث الصدائي بعد، وقال في الكبير: إن البخاري قال: فيه نظر، قال: وكان أميركم أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه يضعف هذا الحديث، قال البيهقي: ولو صحّ هذا وحديث الصدائي كان الحكم بحديث الصدائي لكونه بعد هذا- والله تعالى أعلم-، وقال الحازمي: هذا

_ (1) ضعيف جدا. رواه ابن عدي في " الكامل" (6/2173) . (2) حسن. رواه أبو داود في: 2- "كتاب الصلاة" 29- باب في الرجل يُؤذن ويقيم (ح/512) .

حديث حسن، وفي إسناده مقال، وحديث الصدائي أقوم إسنادَا منه، وقال أبو محمد عبد الحق: إقامة عبد الله بن زيد ليست تجيء من وجه قوى فيما أعلم، قال أبو الحسن بن القطان: علّة هذا الخبر ضعف محمد بن عمرو الواقفي، وأنه لا يساوى شيئًا، وعبد الله بن محمد الذي اضطرب فيه. فقيل: محمد بن عبد الله: وكلاهما لا يعرف حاله. انتهى كلامه، وفيه نظر من وجوه: الأول: عبد الله بن محمد غير مجهول لرواية أبي العميس عتبة بن عبد الله ومحمد ابن سيرين ومحمد بن عمرو الأنصاري عنه، ولذكر ابن حبّان له في كتاب الثقات، الثَّاني تفسيره محمد بن عمرو الراوي عنه بالوافقي وهو بصري، وزعم غير واحد منهم ابن سرور بأنّ الراوي لهذا الحديث شيخ مدني، يدلّ أنه غير الواقفي، الثالث: إعراضه عن علّة في هذا الحديث قادحة، وهي انقطاع ما بين عبد الله بن محمد وبين جدّه فإنّ ابن حبّان وأبا حاتم الرازي وصفاه بالرواية عن أبيه عن جدّه، ولم يتعرّض أحد لسماعه من جدّه فيما أعلم فصار الحديث لهذا منقطعًا، وذكره أبو الشيخ من حديث محمد بن عبيد الله عن الحكم عن مقسم عن ابن/عباس: " أوَّل من أذّن في الإِسلام بلال، وأوَّل من أقام عبد الله بن زيد" الحديث، وأمّا قول الحارثي فتناقضه ظاهر- والله تعالى أعلم- وفي حديث شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة: قال عليه السلام: (المؤذن أملك بالأذان، والإمام أملك بالإِقامة) (1) وبنحوه حديث المعارك بن عباد عن يحيى بن أبي الَفضل عن أبي الجوزاء عن ابن عمر، ذكرها أبو الشيخ، وقال البيهقي حديث أبي هريرة ليس بمحفوظ، وفيهما ترجيح لحديث عبد الله بن زيد، وفي صحيح ابن خزيمة (2) من حديث ابن عمر أنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: (إن بلالا يؤذِّن بليل فكلوا)

_ (1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد" (2/2) من حديث أبي أمامة وعزاه إلى أحمد، والطبراني في "الكبير"، ورجاله موثقون. (2) صحيح. رواه ابن خزيمة (403،401، 424) والبخاري ومسلم في (الصيام) (ح/36-38) والترمذي (203) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (2/10) وأحمد والبيهقي (1/380، 427،382، 429) والطبراني (5/135، 102، 277، 370) الحميدي (611) وابن أبي شيبة (3/9، 11) والشافعي (20) ، وصححه الشيخ الألباني.

"واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم" وفي حديث ابن مسعود عنده: قال عليه السلام: "الا يمنعن أحد منكم أذان بلال عن سحوره، فأنه يؤذن- أو ينادى- ليرجع قائمكم ولينبه نائمكم" (1) وفي حديث عائشة أن النبي- عليه السلام- قال: (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن ابن أم مكتوم) (2) ولم يكن بينهما إلا قدر ما يرقى هذا وينزل هذا، وفي حديث أنيسة بنت حبيب: قال عليه السلام: (إذا أذّن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا، فإن كانت المرأة منَّا ليبقى عليها شيء من سحورها فتقول لبلال أمهل حتى أفرغ من سحوري" (3) . قال الإِمام أبو بكر هذا خبر اختلف فيه حبيب بن عبد الرحمن، رواه شعبة عنه عن عمَّته أنيسة، فقال: "إنّ ابن أم مكتوم أو بلال ينادى بليل " فخبر أنيسة فقال: "أن ابن أم مكتوم- أو بلال- ينادى بليل" فخبر أنيسة قد اختلفوا فيه في هذه اللفظة، ولكن قد روى الدراوردي عن هشام عن أبيه عن عائشة مثل/خبر منصور بن زادان في هذه اللفظة: "إن ابن أم مكتوم ينادى بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذِّن بلال" وكان بلال لا يؤذِّن حتى يرى الفجر، وروى شبيها بهذا المعنى أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة قال: قلت لها أي ساعة توترين قالت: ما أوتر حتى يؤذنوا، وما يؤذنون حتى يطلع الفجر، قال عليه السلام:) إذا أذَّن عمرو فكلوا اشربوا، فإذا أذَّن بلال فارفعوا أيديكم، فإن بلال لا يؤذِّن حتى يصبح" (4) ، قال: ولكن خبر أبي إسحاق فيه نظر لأني لا أقف على سماع أبي إسحاق هذا الخبر من الأسود فأما خبر هشام بن عروة

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/160، 7/67، 9/107) وأبو داود (2347) وابن ماجه (1691) وأحمد والبيهقي (4/218) وابن أبي شيبة (3/9) وابن خزيمة (402) وأبو عوانة (1/373) . (2) تقدم الحاشية السابقة. (3) صحيح. رواه النسائي (2/11) وأحمد (6/433) وابن خزيمة (404) ونصب الراية (1/209) وابن حبان (7 ول) والكنز (23987) والمجمع (3/154) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير" ورجاله رجال الصحيح. قلت: وبعض هذه الروايات وردت مختصرة إلى قوله: "فلا تأكلوا ولا تشربوا". (4) رواه أحمد (6/158، 186) وابن خزيمة (407) .

فصحيح من جهة النقل، وليس هذا الخبر يضاد خبر سالم عن ابن عمر، وخبر القاسم عن عائشة إذ جائز أن النبي- عليه السلام- قد كان جعل الأذان بالليل نوبتين بين بلال وبن ابن أم مكتوم فأمر بلالا أن يؤذن أولا بالليل، فإذا نزل بلال صعد عمرو فأذن بعده بالنَّهار، فإذا جاءت نوبة عمرو بدأ ابن أم مكتوم فأذَّن بالليل، فإذا نزل صعد بلال بعده بالنهار، وكان يقال للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: إن بلال يؤذن بليل في الوقت الذي كانت النوبة لبلال في الأذان بالليل، فقال عليه السلام: (إنّ ابن أم مكتوم يؤذن بليل ما وفي الوقت الذي كانت النوبة في الأذان بالليل نوبة ابن أم مكتوم فكان عليه الصلاة والسلام يعلم الثاني في كلا الوقتين أن أذان الأوّل منهما هو أذان بليل لا بنهار وان أذان الثاني بالنهار لا بالليل فأقر خبر الأسود عن عائشة: " وما يؤذنون حتى يطلع الفجر، فإن له معنيين أحدهما: لا يؤذن جميعهم حتى يطلع الفجر لا أنه لا يؤذن أحد منهم لا تراه قد قال في الخبر:) إذا أذّن عمرو فكلوا واشربوا فلو كان/عمرو لا يؤذن حتى يطلع الفجر لكان الأكل والشرب على الصائم بعد أذان عمرو محرمين والمعنى الثاني: أن تكون عائشة أرادت حتى يطلع الفجر الأوّل فيؤذَّن الثاني منهم بعد طلوع الفجر الأوّل لا قبله، وهو الوقت الذي يحل فيه الطعم والشرب- والله تعالى أعلم- وفي كتاب البيهقي عن أبي عبد الله أنبأ أبو بكر بن إسحاق الفقيه قال: فإن صحت رواية أنيسة فقد يجوز أن يكون الأذان نوبا بينهما، وهذا حديث صحيح وإن لم يصح فقد صحّ خبر ابن عمر وابن مسعود وسمرة وعائشة: (أنَّ بلالا كان يؤذِّن بليل) وصحح ابن حبان الحديثين، وقال: " رسول الله صلي الله عليه وسلم قد جعل الأذان بينهما نوبا إلى آخره واستدرك ذلك عليه الحافظ ضياء الدين في كتاب العلل بأنّ ابن خزيمة شيخه إنّما قال هذا من باب الجواز لا النقل، ولقائل أن يقول لعلّ (1) ابن حبّان ظفر في هذا ينقل ما يظفر به غيره، فلا يحسن ألا يراد عليه- والله تعالى أعلم- اللهم إلا لو عزى ذلك لابن خزيمة فحسن، وسيأتي هذا- إن شاء الله تعالى- بمزيد بيان في كتاب

_ (1) قوله:"لعل" وردت "بالأصل" "أن" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.

الصوم، وقد ذهب أبو حنيفة أنه لا يؤذِّن لصلاة قبل دخول وقتها، وتعاد في الوقت مستدلا بحديث حمد بن سلمة من عند أبي داود عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: (أن بلالا أذّن قبل طلوع الفجر، فأمره النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- اًن يرجع فينادى ألا إن العبد نام فرجع فنادى: إن العبد نام) (1) قال أبو داود: ولم يروه عن أيوب إّلا عمار، وذكر أبو حاتم الرازي لأنه خطاً، وذكر المروزي أنه قال في الدنيا: أحد روى هذا الحديث، وكان يذكر غلط حماد هذا ويضعفه، وقال الدارقطني: أخطأ فيه حمَّاد وتابعه سعيد بن يزيد (2) ، وهو/ضعيف، والصحيح: أيوب عن ابن سيرين وحميد بن هلال أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لبلال هذا الكلام، وذكر الترمذي عن علي بن المديني أنه قال: حديث حماد بن سلمة- يعني هذا- غير محفوظ، وأخطأ فيه. انتهى، وبيان خطئه من وجوه الأوّل: رواية أبي داود عن أيوب بن منصور ثنا شيب بن حرب عن عبد العزير بن أبي داود أنبأ رافع عن مؤذِّن لعمر يقال له مشروح: أنه أذن قبل الصبح فأمره عمر ... فذكره، قال الزبيدي: وهذا لا يصح لأنه منقطع فيما بين نافع وعمر، قال أبو داود: ورواه حماد بن زيد عن عبد الله بن عمر عن نافع- أوغيره- أن مؤذّنا لعمر ورواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: كان لعمر مؤذن يقال له مسعود، وهذا أصح من ذلك ولذا قاله الرازي في كتاب العلل، الثاني: المعارضة التي أشار إليها أبو عيسى بقوله: الصحيح رواية عبيد الله وغير واحد عن نافع عن ابن عمر والزهري عن سالم عن ابن عمر اًن النبيء صلي الله عليه وسلم قال: " إن بلالا يؤذِّن بالليل " قال: ولو كان حديث حماد بن سلمة صحيحا لم يكن لهذا الحديث معنى، إذ قال عليه السلام: إن بلالا يؤذن بليل " وإنّما أمرهم فيما يستقبل فقال: إن بلالا يؤذِّن بليل، ولو أمره بإعادة الأذان حين أذّن حين طلوع الفجر لم يقل: إنّ بلالا يؤذّن بليل، وذكره ان بو حاتم الرازي بنحوه، وقال الأثرم: خلط حيث جاء فإنه خطأ به، وإنما أصل الحديث عن نافع عن ابن عمر: أنَّ

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود في: الصلاة (ح/532) . قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب ألا حماد بن سلمة. (2) قوله: 5 نريد، غير واضحة بالأصل، وكذا أثبتناه.

مؤذنا لعمر أذّن بليل، وفي الخلافيات: لما طعن حماد بن سلمة في السن ساء حفظه. فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه، وأمّا مسلم ذاته اجتهد وأخرج من أحاديثه/عن ثابت ما سمع منه قبل بغيره، وما سوى حديثه عن غير ثابت لا يبلغ أكثر من اثنى عشر حديثا أخرجها في الشواهد، وإذا كان الأمر على هذا الاحتياط، لمن راقب الله تعالى أن لا يحتج بما يجد في حديثه ما يخالف الثقات، وهذا من جملتها. انتهى، وقد روى الدارقطني في سننه ما يصلح أن يكون شاهدا لحديث حماد وفيه ضعف من حديث أبي يوسف القاضي عن ابن أبي رؤبة عن قتادة عن أنس: أن بّلال أذّن قبل الفجر، فذكره، قال أبو الحسن: أرسله غير أبي يوسف عن سعيد عن قتادة، والمرسل أصح، وما رواه محمد بن القاسم الأسدي أنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس قال: أذَّن بلال فأمره النبي صلي الله عليه وسلم أن يعيد، وقال محمد بن القاسم: ضعيف جدا، وما رواه أبو داود (1) من حديث ابن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن امرأة النجار قالت: " كان بيتي من أطول البيوت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر، فإذا رآه تمطّى ثم قال: اللهم إنى أحمدك، قال ابن القطان أثره الصحيح الذي لا اختلاف فيه أن بلال يؤذن بالليل، وصحح ابن القطان هذا الحديث، قال: ولا تعارض بينهما إّلا بتقدير أن يكون قوله:"إنّ بلالا يؤذن بالليل في سائر العام" وليس كذلك، أّنما كان في وقتين، يؤيّده في الحديث: " فكلوا واشربوا" (2) والذي يقال في هذا الخبر: أنه حسن، وما رواه الزهري عند الدارقطني عن عبد الرزاق عن عمر عن أيوب قال:"أذنّ بلال مرة بالليل " ثم ما رواه عبد العزيز بن أبي روَّاد عن نافع عن ابن عمر. " أنّ بلالا أذن قبل الفجر فغضب النبي صلي الله عليه وسلم" الحديث، قال أبو الحسن/: وهم فيه عامر بن مدرك عن عبد العزيز، والصواب: عن شعيب بن حرب بن عبد العزيز عن

_ (1) حسن. رواه أبو داود في: الصلاة، (ح/519) . (2) حسن. رواه أبو داود في: الصلاة، (ح/532) . قال أبو داود: وهذا الحديث لم يروه عن أيوب ألا حماد بن سلمي.

نافع عن مؤذِّن عمر من قوله، وما رواه عن جهة حميد بن هلال مرسلا بسند صحيح ان بلالا أذن ليلة بسحر وقال البيهقي في الخلافيات: رواه إسماعيل بن مسلم عن حميد عن أبي قتادة، وحميد لم يلق أبا قتادة فهو مرسل بكل حال، وما رواه أبو داود من حديث جعفر بن ثوبان عن شدّاد مولى عياض بن عامر بن بلال عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: " لا تؤذِّن حتى يستبين لك الفجر" (1) رواه الثوري عن جعفر، ومن جهة أخرجه ابن منده، ورواه سفيان عن وكيع عن أبيه جعفر، واعترض الأثرم بأن إسناده مجهول منقطع، يعني ابن شداد لم يدرك بلالا فيما قاله أبو داود، وما رواه البيهقي من طريق الحسن بن عمارة عن طلحة بن مصرف عن سويد بن غفلة عن بلال قال: "أمرني النبي- عليه السلام- ألا أؤذِّن حتى يطلع الفجر" (2) وابن عمارة متروك، وما رواه ابن هارون وابن حجاج عن عطاء عن أبي محذورة أنه: (كان لا يؤذن للنبي صلي الله عليه وسلم حتى يطلع الفجر " قال الأثرم حديث ضعيف، وما رواه البيهقي من جهة أبي بكر النيسابوري: نا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن ابن أبي داود عن نافع عن ابن عمر أن بلالا قال له النبي صلي الله عليه وسلم "ما حملك على ذلك، قال: استيقظت وظننت أن الفجر طلع " (3) ، ولما ذكر أبو حاتم هذا في علله لم يقل إثره ألا: ابن أبي محذورة شيخ، وما رواه الطحاوي من حديث محمد بن بشر عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس يرفعه: "لا يغرنكم أذان بلال/فإن في بصره شيئًا" (4) قال الطحاوي فأخبر في هذا الإِسناد أنه كان يؤذن بطلوع ما يرى أنه الفجر، وليس في الحقيقة بفجر، قال وقد روينا عن عائشة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " إن بلالا يؤذِّن بليل، وقد روى عن السلف ما يوافق هذا، والله- سبحانه وتعالى- أعلم.

_ (1) ضعيف.. رواه أبو داود (ح/534) وتلخيص (1/179) والكنز (20975) ، إسناده منقطع. (2) ضعيف. رواه البيهقي (1/384) والطبراني (1/352) وابن سلط شيبة (1/214) والكنز (23175) . (3) نصب الراية (1/289) . (4) نصب الراية (1/284، 288) والطبراني في " الكبير" (7/285) .

115- باب ما يقال إذا أذن المؤذن

115- باب ما يقال إذا أذّن المؤذن حدثنا أبو إسحاق الشافعي إبراهيم بن محمد بن العباس ثنا عبد الله بن رجاء المكي عن عبد الرحمن بن إسحاق ن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلي الله عليه وسلم -:) إذا أذن المؤذن فقولوا مثل قوله ((1) هذا حديث قال فيه الآجري: سمعت أبا داود يقول: سأل أحمد بن صالح عنه فقال: الحديث حديث عطاء عن أبي سعيد، ولما ذكره الترمذي قال: ورواه مالك عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد، وقال البزار: هو الصواب، وزعم أبو أحمد بن عدي ان عبد الرحمن بن إسحاق لم يضبط، وقال بن عساكر: رواه غير عبد الرحمن عن الزهري عن عطاء وهو المحفوظ، ولما سئل أبو حاتم عنه قال: قد اتفق ثقتان على عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه وهو أشبه، وقال أبو علي الطوسي: روى عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري هذا الحديث عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، ورواية مالك أصح يعنون بذلك عصب الجناية برأس ابن إسحاق المعروف بعباد القرشي العامري/مولى ابن عامر بن لؤي المدني، ويقال: الثقفي نزيل البصرة الراوي عنه جماعة منهم ابن علية، وبشر بن المفضل، ويزيد بن زريع، وحماد بن سلمة وخالد البطحان، ومسلم بن خالد، وابن طهمان، وهو وإن كان أحمد بن حنبل قد قال فيه: يروى عن أبي الزناد أحاديث منكرة ليس به بأس، قال أبو طالب: فقلت له: أنَّ يحيى بن سعيد قال: سألت عنه بالمدينة فلم يحمدوه فسكت، وقال العجلي: يكتب حديثه، وليس بالقوي، وفي كتاب العقيلي: كان القطّان لا يستمرؤه، وقال ابن عدي: في حديثه بعض ما ينكر ولا يتابع عليه، والأَكثر عنه صحاح وهو صالح الحديث، فقد قال فيه ابن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/718) . في الزوائد: إسناد أبي هريرة معلوم ومحفوظ عن الزهرية عن عطاء عن أي سعيد. كما أخرجه الأئمة الستة في كتبهم. ورواه أحمد في مسنده من حديث علي وألا رافع. والبحار في مسنده من حدث أنس وصححه الشيخ الألبان.

سعد: هو أثبت من عبد الرحمن أبي شيبة في الحديث، وقال المروزي: قلت لأبي عبد الله: يا عبد الرحمن بن إسحاق كيف هو؟ قال: أمّا ما كتبنا من حديثه فصحيح، وفي رواية الميموني عنه: صالح، وفي رواية ابن زنجويه: مقبول، وفي كتاب العقيلي: ليس به بأس، وفي كتاب الألقاب للشيرازي، قال أبو عبد الله بن حفص بن عمرو الدارمي: عبّاد حسن الحديث، وقال البخاري: هو مقارب الحديث، وقال يزيد بن زريع: ما جاء من المدينة احفظ منه، وقال يحيى بن معين: صالح الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: ليس به بأس، وقال ابن خزيمة: لا بأس به، وخرج أبو الحسين حديثه: في صحيحه على سبيل الاحتجاج نص على ذلك عبد الغنى وغير ذلك في الطب والألكائي والحبال خلافاً لقول الحاكم لم يحتجا ولا واحد منهما به، ثم خرج حديثه وصححه، وقال في المدخل خرجا له في الشواهد وهو شيء لم أره لغيره، وقال/الساجي: هو مدني صدوق، وذكره البستي في كتاب الثقات، وقال أبو الفرح البغدادي: رواياته لا بأس بها، وصحّح له أبو عيسى غير ما حديث ثم أنا أردنا أن نعرّف السبب الموجب لعدم حمد أهل المدينة له فوجدناه مُتهمًا بالقدر من غير دعاء إليه، قال علي بن المديني فيما حكاه اللالكائي: سمعت ابن عيينة يسأل عن عباد بن إسحاق فقال: كان قدريًا فنفاه أهل المدينة، فحدّثنا مهنأ مقتل الوليد فلم يجالسه، وقالوا: أنه قد سمع الحديث فلما وقفنا على السبب وجدناه غير مؤثر في العدالة لاسيّما ما ذكرناه ولا أنه لم يذم بقادح ولا معضل، وأن غاية من تكلم فيه جاء عنه خلاف ذلك، إمّا في رواية أخرى أو في نفس الكلام، وأنه ممن يحتمل التفرد لحفظه وإتقانه، وقد وجدنا لحديثه شاهد ذكره البستي من حديث بكير بن الأشج عن علي بن خالد الذهلي عن النصر بن سفيان الدوقي سمع أبا هريرة يقول: كنّا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فقام بلال ينادى فلما سكت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من قال مثل هذا يقينًا، دخل الجنة" (1) وخرجه الحاكم، وقال: صحيح الإِسناد ولم يخرجاه

_ (1) صحيح. رواه النسائي (2/24) والحاكم (1/204) وقال: صحيح الإِسناد ولم-

هكذا، وفي كتاب الدعاء للطبراني (1) من حديث ابن أبي فديك عن هارون عن الأعرج عنه قال- عليه السلام-: "من الجفاء أن يسمع المؤذِّن ولا يقول مثل ما يقول" وفي كتاب أبي الشيخ عن إبراهيم بن محمد بن الحسن عن أحمد بن الوليد عن ابن أبي فديك عن هارون بن أبي هارون التيمي عن الأعرج عنه مرفوعا:) أربع من الجفاء أن يبول الرجل قائمًا أو يكثر فتح/جنبيه قبل أن يفرغ من صلاته أو يسمع المؤذن يؤذن فلا يقول مثل ما يقول أو يصلى ليستقبل من يقطع صلاته" (2) . يعني الطريق، ومن حديث محمد بن عون الحمصي وعصام بن خالد نا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عطاء بن مرة عن عبد الله بن حمزة عن أبي هريرة قال: كان مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- رجلين أحدهما لا يكاد يفارقه ولا يعرف له كثير عمل فيه، وأما الآخر فمات فقال- عليه الصلاة والسلام- لأصحابه: (هل علمتم أن الله تعالى أدخل فلانا الجنة، قال: فعجب القوم لأنه كان لا يكاد يرى فقام بعضهم إلى امرأته فسألها عن عمله فقالت: ما كان في ليل ولا نهار يسمع المؤذِّن يقول أشهد أن لا إله إلا الله إلا قال مثل قوله ثم قال: أقرّ بها واكفر من أبي، وإذا قال أشهد أن محمدًا رسول الله قال مثل هذا فقال الرجل بهذا دخل الجنة) (3) وفي كتاب الفضائل لابن زنجويه من حديث الأفريقي عن سلمان الشعباني عن عثمان الأصبحي أنه قال: للمؤذن على من حضر معه الصلاة بأذانه عشرون ومائة حسنة، فإن أقام فأربعون غالب، الأمر قال مثل ما يقول: حدثنا شجاع بن مخلد أبو الفضل ثنا هشيم أنبأ ابن بشر عن أبي مليح بن أسامة عن عبد الله ابن عتبة بن أبي سفيان حدثتني عمتي أم حبيبة

_ يخرجاه والمشكاة (676) والكنز (1007، 23266) والتاريخ الكبير (8/87) والترغيب (1/180) . (1) انظر: كتاب الدعاء للطبراني. (2) رواه البيهقي (2/86) والتاريخ الكبير (3/496) وابن عدي في الكامل، (7/2586) والكنز (43971) . (3) الكنز (23267) والحلية (10/28) .

أنها سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: "إذا كان عندها في يومها وليلتها فسمع المؤذن فقال كما يقول المؤذن" هذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه بلفظ: (كان يقول كما يقول المؤذن حين يسكت) (1) وقال فيه أبو عبد الله بن البيع: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه/وله شاهد بإسناد صحيح، وفي كلامه نظر من حيث (2) أن عبد الله بن عتبة لم يخرجاه له ولا واحد منهما، ولا يعرف له راويَا غير أبي المليح ورواه النسائي، وابن أبي شيبة في مسنده من حديث أبي المليح عنها بغير واسطة، والأول الصواب، وفي مسند السراج كما يقول المؤذِّن ثم يسكت وفي كتاب أبي الشيخ ابن حبان حتى يفرغ المؤذِّن. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب ثنا زيد بن الحباب عن مالك بن أنس عن الزهري عن عطاء ابن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن" (3) هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم من حديث مالك، وفي كتاب الذخيرة أنّ المغيرة بن تغلاب رواه عن مالك وزاد في إسناده سعيد بن المسيب مقرونَا بعطاء قال ابن عدي وذكر سعيد مْي هذا الإِسناد غريب لا أعلم يرويه مالك غير مغيرة وهو ضعيف، وفي التمهيد ورواه مسدّد عن يحيى القطان عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد عن النبي صلي الله عليه وسلم قال أبو عمرو: ذلك خطأ من كل من رواه بهذا الإِسناد عن مسدد أو غيره، وفي كتاب الأطراف لأبي العباس أحمد بن محمد بن عيسى الداني الحافظ ورواه عمرو بن مرزوق عن مالك عن الزهري عن أنس وذلك وهم، وذكر الدارقطني في كتاب الموطأ: أنّ لفظ عبد الرزاق عن مالك فقولوا مثل ما يقول

_ (1) انظر فتح الباري. قلت: وهذا حديث صحيح الإسناد. (2) قوله: "حيث" وردت "بالأصل" حديث، وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (3) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/159) ومسلم (الصلاة، ح/10) وأبو داود (ح/522، 523) والترمذي صح/208) والنسائي (2/23) وأحمد (3/6، 78) والبيهقي (1/408) وعبد الرزاق (1842) وشرح السنة (2/283) والموطأ (67) والتاريخ الكبير (1/294) والحلية (3/378) والتمهيد (10/134) .

المنادى وقال ابن مهدى وابن المبارك: كما يقول المؤذن، وقال عثمان بن عمر: مثل ما يقول المنادى، وقال محمد بن مصعب: من سمع المؤذِّن أو المنادى فليقل مثل ما قال: واغفل/رحمه الله لفظ ابن ماجة من طريق زيد بن حباب ولفظ خالد بن مخلد القطراني عند الطوسي: "إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول" (1) خرجه أبو العباس محمد بن إسحاق السراج في مسنده من حديث عثمان ابن عمرو ابن مهدي ويحيى بن سعيد وروح بن عبادة عن مالك بلفظ: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول" ورأيت حاشية بخط بعض الفضلاء على كتاب التقصي عن ابن وضاح ذكر المؤذن هنا ليس من كلام النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-. حدثنا محمد بن رمح أنبأ الليث بن سعد عن الحكم بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: "من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإِسلام دينا وبمحمد نبيا غفر له ذنبه " (2) وقال الترمذي: صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث الليث بن سعد عن الحكم، وفي ذلك نظر لأن الطحاوي رواه عن روح بن الفرح عن سعيد بن كثير بن عفير عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن المغيرة عن الحكم به، وزاد من قال حين يسمع المؤذّن بيشهد، وبنحوه ذكره أبو حاتم الرازي في كتاب العلل، وأما تخريج الحاكم له في كتابه فلا يصلح لكونه في مسلم كما بيّناه ولفظ ابن خزيمة (3) : "من سمع المؤذن يشهد فالتفت في وجهه، فقال: أشهد أن لا

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/11) وأبو داود (ح/523) والترمذي صح/3614) والنسائي (2/25) وابن خزيمة (418) وشرح السنة (2/284) والمشكاة (657) والمغنى عن حمل الأسفار (1/312) وابن عساكر فيه التاريخ (6/414) والكنز (20998، 21006) والكلم (70) وابن السني (88، 91) وتلخيص (1/211) وابن كثير (14/16) والترغيب (1/83) وإتحاف (3/61) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/13) والترمذي (ح/210) والنسائي (2/26) وأحمد (1/181) والحاكم (1/203) وأبو داود (ح/525) ومعاني (1/145) وابن خزيمة (421) والترغيب (1/185) وابن السني (95) . (3) المصدر السابق.

إله إلا الله وفي آخره غفر له ما تقدم من ذنبه". حدثنا محمد بن يحيى والعباس بن الوليد الدمشقي ومحمد بن أبي الحسن قالوا ثنا علي بن عباس الألهاني ثنا شعيب ابن حمزة عن محمد/بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء اللَّهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدًا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقامًا محمودًا الذي وعدته بها حلت له الشفاعة يوم القيامة" هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه (1) بلفظ: (أحلت له شفاعتي) وقال الترمذي فيه: حسن غريب من حديث ابن المنكدر لا نعلم أحدًا رواه غير شعيب، وقال أبو القاسم في الصغير: لم يروه عن ابن المنكدر إلا شعيب تفرد به علي بن عياش، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد، وفيه نظر، من حيث أنه ذكره من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير عنه في الكتاب الأوسط، وقال: لم يروه عن أبي الزبير ألا ابن لهيعة، ولا يعرف إلا بهذا الإِسناد، ولفظ أحمد (2) في مسنده: "اللهم رب هذه الدعوة التامة الصلاة القائمة صل على محمد وارض عنى رضًا لا تسخط بعده" من قاله استجاب له ولفظه في كتاب الألقاب للشيرازي: "أسألك أن تعطى محمدًا الوسيلة وأن تبعثه المقام المحمود الذي وعدته"، وفي الباب غير ما حديث من ذلك حديث معاوية بن أبي سفيان- رضى الله تعالى- عنه سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "إذا قال المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله وإذا قال: أشهد أن محمدًا رسول الله قال: وإن أتم سكت " (3) رواه أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الإسفراييني في صحيحه عن الربيع بن سليمان عن الشافعي

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/159، 08/16) والوسائط (2/27) وأحمد (3/354) والبيهقي (1/410) والطبراني في " الصغير" (1/240) والترغيب (1/185) وشرح السنة (2/284) والمشكاة (659) والإتحاف (3/6، 5/50) والكنز (20986) وتلخيص (1/210) والمنثور (4/198) والقرطبي (10/310) وابن كثير (3/97، 5/102) وأذكار (38) وابن السني (93) . (2) صحيح. رواه أحمد: (3/302، 354) . (3) صحيح. رواه الشافعي في مسنده: (33) .

عن ابن عيينة عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة وهو عمه عنه قال: وثنا محمد بن/عبد الحكم عن أبي زرعة وهب الله بن راشد عن حيوة عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن معاوية: " أن المنادى نادى بالصلاة فقال: الله أكبر الله أكبر فقال معاوية: الله أكبر الله أكبر فقال المنادي: أشهد أن لا إله إلا الله فقال معاوية: وأنا فقال المؤذن: أشهد أن محمدًا رسول الله فقال معاوية: وأنا هكذا سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إذا سمع المنادى لم (1) ، وفي كتاب الطحاوي من حديث هشام عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن عيسى به: زاد حتى بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال يحيى: وحدثني رجل أنَّ معاوية لما قال: ذلك قال: هكذا سمعت نبيكم- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول، وفي كتاب الإِسماعيلي الصحيح وخرجه من حديث ابن ماجه عن الحسن بن حماد ويعقوب عن ابن علية عن هشام فلما قال: "حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال: هكذا سمعت نبيكم يقول" وكذا هو في كتاب النسائي عن محمود بن خالد عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى من غير ذكر واسطة، وكذا خرجه ابن خزيمة في صحيحه عن يعقوب الدورقي أنا ابن علية عن هشام وثنا عبد الجبار بن العلاء ثنا حاملة يعني ابن عبد العزيز حدثنى أبي عن ومحمد بن يوسف مولى عثمان عن معاوية مرفوعًا، وثنا بندار ثنا يحيى بن سعيد نا محمد بن عمرو حدثني أبي عن جدّي: كنت عند معاوية فذكره مرفوعًا، وخرجه البخاري في صحيحه إثر حديث أبي سعيد عن معاذ بن فضالة ثني هشام عن يحي عن محمد حدَّثني عيسى سمع معاوية يومًا فقال، مثل قوله إلى قوله/وأشهد أن محمدًا رسول الله قال: وثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا وهب بن جرير ثنا هشام عن يحيى مثله، وقال يحيى: وحدثني بعض إخواننا قال: لما قال حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله،

_ (1) رواه أبو عوانة: (1/333) .

وقال: هكذا سمعنا نبيكم- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول انتهى. ورواه عن معاوية جماعة غير من قدّمنا ذكرهم: بينوا رفع هذه اللفظة منهم، ابن هبيرة أنه كان يكلّم معاوية وأذّن المؤذن فأمره أن ينصب، ثم كبّر كما كبر ثم قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله فقال ونحن نشهد أن لا إله إلا الله فقال المؤذّن: أشهد أن محمدًا رسول الله فقال ابن هبيرة: فقلت له أي رأيته أم سمعته من النبي قال بل سمعته من النبي- صلي الله عليه وسلم - رواه الطبراني في معجمه عن عمارة بن وتيرة المصري. ثنا إسحاق ابن إبراهيم بن زريق (1) ثنا عمرو بن الحارث عن عبد الله بن سالم عن الزهري ثنا الحسن بن سالم عنه وعلقمة بن وقاص قال: أتى عند معاوية فذكره مرفوعَا، ورواه النسائي عن مجاهد بن موسى وإبراهيم بن الحسن عن حجاج عن ابن جريج عن عمرو بن يحي أن عيسى بن عمر أخبره عن عبد الله بن علقمة عنه، وقال ابن عساكر: ورواه عبد الرحمن بن داود المكي عن عمرو بن يحي عن عبد الله بن القمة فلم يذكر عيسى، وأورد له سندَا من طريق ابن جواص عن يونس بن عبد الأعلى عن عبيد الله بن وهب قال: وحدثني أيضًا يعني داود بن عبد الرحمن الحديث، وفي علل أبي الحسن ورواه عمر بن علقمة عن أنه وابن يسار قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية منه أنه سمع معاوية سمع النبي- عليه السلام- يقول: "إذا/سمعتم المؤذِّن يؤذِّن فقولوا مثل ما يقول" (2) فقال أنكرت مثل هذا الحديث إذ كان عمارة عن ابن يساف، ولا أدرى من ابن يساف هذا فتفكَّرت فيه، فإذا إسماعيل بن إسماعيل بن جعفر قد روى هذا الحديث عن عمارة بن غزية عن حبيب وهو ابن يساف عن حفص بن عاصم بن عمر عن أبيه عن جدّه عمر

_ (1) قوله: زريق وردت وبالأصل، "زيدين" وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه. (2) صحيح. رواه مسلم في والصلاة، ح/11) ، وأبو داود (ح/523) ، والترمذي (3614) ، والنسائي (2/25) ، وابن خزيمة (418) ، وشرح السنة (2/284) ، والمشكاة (657) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/312) ، وابن عساكر فيه التاريخ، (414) ، والكلم (70) وابن السني (88، 91) ، وتلخيص (1/211) ، وابن كثير (6/114) ، والترغيب (1/83) .

عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "إذا سمعتم المؤذن " لما قال أبي أما ابن يسار فأرى أنه حبيب بن عبد الرحمن بن يساف نسبه إلى جدّه ولم يسمع حبيب من معاوية شيئًا فيحتمل أن يكون قد دخل لابن عياش حديث في حديث، ومحمد بن إبراهيم قال: سمعت معاوية فذكره، قال أبو حاتم في العلل: سقط رجل، ومحمد التيمي لم يسمع من معاوية، وأبو أسامة وسعد بن سهل بن حنيف سمع معاوية وهو جالس على المنبر أذّن المؤذن فذكره مطولاً ثم قال: يأيها الناس أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم على هذا المنبر حين أذّن يقول: ما سمعتم من مقالتي. ذكره البخاري في صحيحه ونهشل التيمي سمع معاوية فذكره بكماله مرفوعاً ورواه ابن مطر عن أبي غسان أحمد بن سهل الأهوازي، نا خالد بن يوسف السمكي نا أبي عن ابن سنان عنه، ومحمود بن على القرظي رواه أيضًا من حديث ابن لهيعة عنه، وقال: لم يروه عن محمود الا ابن لهيعة وأبو صالح فذكره مرفوعًا، ورواه أيضًا عن علي عن عبد العزيز عن حجاج بن منهال عن حماد بن سلمي عن عاصم بن بهدلة عن محمد بن يحيى عن موسى بن إسماعيل عن أبان بن يزيد عن عاصم عنه، ورواه أبو الشيخ عن ابن منيع عن بن عائشة ثنا حماد بن سلمي عن عاصم بن/نميرة عن القاسم بن معن لنا المسعودي، وحديث أبي أمامة أو عن بعض أصحاب- رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: أنَّ بلالا أخذ في الإِقامة فلما قال: قد قامت الصلاة قال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: "أقامها وأدامها" (1) وقال في سائر الإقامة كنحو حديث عمر في الأذان رواه أبو داود من حديث رجل من أهل اَلشام عن شهر عنه، قال البيهقي في الكبير: وهذا إن صحّ كان شاهدًا لما استحَّبه الشَّافعي من قوله: اللهم أقمها وأدمها واجعلنا من صالح أهلها عملا، وهذا منه- رحمه الله- ذهول عما رواه أبو الشيخ عن عبد الرحمن بن الحسن ثنا هارون بن إسحاق ثنا وكيع عن

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/528) ، والبيهقي (1/411) ، والحلية (7/81) ، وتلخيص (1/211) وشرح السنة (2/288) ، والمشكاة (670) ، والإتحاف (6) ، وابن السني (103) . وعلته: شهر بن حوشب الأشعري، تابعوا مشهور، وثقة ابن معين وأحمد بن حنبل، وقال أبو حاتم: ما هو بدون أبي الزبير، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي.

محمد بن ثابت عن رجل من أهل الشام عن أبي أمامة في كتاب الدعاء للطبراني من حديث الوليد بن مسلم عن عفير بن مهدان عن سليم بن عامر عنه عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " من نزل به كرب أو شدّة فليتحيّن المنادي فان ذا كبر كبر، وإذا تشهّد تشهّد، وإذا قال: حي على الصلاة قال: حي على الصلاة وإذا قال: حي على الفلاح، قال: حي على الفلاح، ثم ليقل: اللهم رب هذه الدعوة الصادقة والحق المستجاب له دعوة الحق وكلمة التقوى أحينا عليها وأمتنا عليها وابعثنا عليها واجعلنا من خيار أهلها محيانا ومماتنا ثم يسأل الله تعالى حاجته " (1) ، ولما خرجه الحاكم في مستدركه صحح إسناده مع ثبوت عفير فيه، وحديث عائشة- رضى الله تعالى- عنها ان النبي صلي الله عليه وسلم: وكان إذا سمع المؤذِّن قال: وأنا وأنا أخرجه أبو عبد الله من حديث حفص ابن غياب عن هشام عن أبيه عنها، وقال: سنده صحيح، وزعم أبو الحسن في علله/أن الحضرمي رواه عن هشام عن أبيه مرسلا وهو الصحيح، وفي الاستذكار: "وأنا أشهد، وأنا أشهد " وقال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن هشام إلا حفص، وعلي بن شهر تفرّد به عن حفص بن سهل بن عثمان، وحديث أبي عيسى الأسواري قال: كان ابن عمر إذا سمع الأذان قال: فاللهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها دعوة الحق وكلمة الحق وكلمة التقوى توفني عليها وأحيني عليها واجعلني من صالح أهلها عملا يوم القيامة " (2) رواه البيهقي من حديث عبد الوهاب بن عطاء أنبأ شعبة عن عاصم الأحول عنه، وقال الدارقطني: ورواه محبوب بن الجهم الكوفي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال والصحيح موقوف، وأبو عيسى مذكور فيمن لا يعرف اسمه، قال أبو عمر في كتاب

_ (1) صحيح وإسناده ضعيف، وهو صحيح. الوليد بن مسلم صدوق يدلس وقد عنعنه. ابن السنة (ح/98) . ورواه الحاكم (547،1/546) والأصبهاني في الترغيب (273) كلاهما في طريق الوليد بن مسلم. وصححه الألباني في صحيح الجامع. (2) رواه ابن السني (ح/98) أخبرنا أبو يعلى حدثنا الحكم بن موسى حدثنا الوليد بن مسلم عن أبي عائذ حدثني سليم بن عامر عن أميمة- رضى الله عنه- قال: فذكره،. راجع الحاشية السابقة.

الاستغناء عن أحمد: لا أعلم أحدًا روى عنه غير نفاذة انتهى. قد أسلفنا حديث عاصم عنه أيضا، وحديث ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال: وكان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- إذا أذّن فقال: الله أكبر الله أكبر قال: الله أكبر الله أكبر، فإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وإذا قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: أشهد أن محمدا رسول الله، ثم يسكت (1) ذكره أبو بكر الأثرم من حدثنا الحكم بن ظهير عن عاصم عن زرعة، قال: حديث الحكم واهي، وذكره الطحاوي: مستدلا به على عدم وجوب الإِجابة بلفظ: لما قال المؤذِّن الله أكبر قال- عليه السلام- على الفطرة فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: حرم من النار (2) الحديث، وحديث أنس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم:"كان إذا سمع المؤذن قال كما يقول وكان/يقول: إذا بلغ حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله" (3) رواه أبو الشيخ من حديث حفص بن محمد عن مبارك بن فضالة عن الحسن عنه، وخرجه مسلم (4) بلفظ فسمع رجلا يقول: الله أكبر، الله أكبر، فقال- عليه السلام-: "على الفطرة" ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: "خرجت من النار فنظروا فإذا هو راعى مضري" وفي كتاب الترمذي من حديث زيد العمى عن معاوية بن قرة عنه مرفوعا: والدعاء لا يردّ بين الأذان والإِقامة. قالوا فما نقول قال: سلو الله العافية في الدنيا

_ (1) ضعيف. الكنز (23272) وعبد الرزاق (1846) وابن أبي شيبة (1/227) والمجمع (1/ (2) صحيح. رواه مسلم في الصلاة (ح/9) والترمذي (ح/1618) وأحمد (3،1/229/407،132، 253،241، 270، 5/248) والطبراني (11/150) وابن خزيمة (399، 400) وعبد الرزاق (1866) والطبراني في "الصغير" (2/3) والمنثور (1/35) والكنز (23285، 23296) ومعاني والخطيب (8/220) والمجمع (1/334، 363، 36 سهم. (3) إسناده ضعيف، وهو صحيح. رواه النسائي في اليوم والليلة ح/41، 42) وعن عمر بن الخطاب أو معاوية أخرجه مسلم في والصلاة، ح/12) وأبو داود (ح/527) والنسائي في السنن (2/25) وأحمد (6/9، 391) والبغوي في شرح السنن (287،2/285) وابن خزيمة (417) وابن حبان وصححه (98،3/97 الإِحسان (ضمن الحديث. (4) تقدم في الحاشية رقم (2) .

والآخرة (1) وحسنه، ورواه النسائي من حديث زيد ابن أبي مريم عن أنس، ورواه أبو الشيخ في فوائد الأصبهانين عن إسحاق بن محمد نا أبو مسعود نا الفرياني نا الثوري عن أبي إسحاق عن يزيد عنه يرفعه هذا قال: "اللهم ربّ هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أعط محمدَا سؤله، نالته، شفاعة محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- " (2) ، وفي شعب الإِيمان للبيهقي أنبأ عبد الله بن يوسف سمعت عبد الله بن محمد بن أحمد بن روزية سمعت أبا جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن لؤية الهاشمي نا أبو بكر محمد بن إسماعيل بن يوسف قال: كان لي صديق بمصر وكان مخلطَا فإني رأيته في المنام فقلت ما فعل الله بك قال عزني قلت: مع ما أعلم قال مع ما تعلم قلت بأي شيء قال: كنت إذا سمعت المؤذِّن قلت كما يقول فعزَّني وقال لي: لو قلت في آخر الأذان: لا أله ألا الله الملك الحق المبين ما حاسبتك. وحديث أبي الدرداء قال: صلي الله عليه وسلم من هذا سمع النداء قال: "اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صلى على محمد عبدك/ورسولك واجعلنا في شفاعته يوم القيامة لم قال أبو الجرداء: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " من قال هذا عند النداء جعله الله في شفاعتي يوم القيامة يا (3) ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث محمد بن أبي السري ثنا عمرو بن أبي سلمي عن صدقة بن عبد الله عن سليمان بن أبي كريمة عن أبي قرّة عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة السلولي قال سمعت أبا الدرداء، وقال:

_ (1) صحيح. رواه البخاري (4/62، 05/19) وأبو داود في والجهاد، باب 975،) والترمذي (ح/3594) وصححه. وأحمد (1/3 كهف) والبيهقي (9/153،76) والطبراني (17، 246) وا بن أبي شيبة (21/050،1/2962) وإتحاف (7/9/481،151) والترغيب (4/272،1/190) والبلوى (3/39) والمنثور (08/2722،3/189،1، 351) وأذكار (350) ومسند أبي بكر (1164) والكنز (4923) والقرطبي (3/233) وابن عساكر في والتاريخ، (3/ وصححه الشيخ الألباني. (2) بنحوه. الحاشية رقم (3) السابقة. (3) ضعيف. أورده الهيتمي في ومجمع الزوائد، (1/333) وعزاه إلى الطبراني فيه "الأوسط" وفيه صدقة بن عبد الله السمين ضعفه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم، ووثقه دحيم وأبو حاتم وأحمد بن صالح المصري.

لا يروى هذا الحديث عن أبي الدرداء إلا بهذا الإِسناد تفرّد به عمرو بن أبي سلمي، وحديث ابن عمر أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كان إذا سمع الأذان قال: " اللهم رب هذه الدعوة المستجابة المستجاب لها دعوة الحق، وكلمة التقوى أحيني عليها، وتوفني عليها، واجعلني من صالحي أهلها عملا " (1) ذكره ابن الجوزي في علله (2) وقال: الصحيح موقوف، وحديث المغيرة بن شعبة سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: " من قال حين يؤذن مثل قوله غفر له " (3) رواه أيضا من حديث سليمان بن داود ثنا أبو محمد الحسن البجلي عن عبد الله بن أبي الخالد عن ورواد عنه، وحديث عبد الله بن سلام قال: بينا نحن نسير مع رسول الله صلي الله عليه وسلم سمع رجلا في الوادي يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدَا رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "وأنا أشهد لا يشهد بها أحد إلا برئ من النفاق" (4) رواه أيضا من حديث أحمد بن عبد المؤمن المصري عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال أنّ يحيى بن عبد الرحمن حدّثه عن عون بن عبد الله/عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه، ورواه النسائي في كتاب اليوم والليلة عن عمرو بن منصور بن أصبغ أخبرني ابن وهب بلفظ: " ألا يرى من الشرك " وحديث أبي رافع: " كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال: لا حول ولا قوة إلا بالله " (5) رواه النسائي في اليوم والليلة عن علي بن حجر عن شريك، وعبد الرحمن بن سليمان عن أبي نعيم عن شريك عن عاصم بن

_ (1) تقدم في ص 1145 حاشية رقم (1) . 21) قوله: 1 " علله "، غير واضحة" وبالأصل" وكذا أثبتناه. 31) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح/718) . في الزوائد: إسناده صحيح. وعبد الله بن عتبة روى له النسائي، وأخرج أنه ابن خزيمة في صحيحه. فهو عنده ثقة. وباقي رجاله ثقات. 4) جامع المسانيد (: 2/434) . وفيه: " لا يشهد بها أحد إلا أن صح من النار". 5) ضعيف. أورده الهيثمي في، مجمع الزوائد (1/331) وعزاه إلى أحمد في " مسنده " و" البزار، والطبراني في " الكبير " فيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف إلا ان مالكا روى عنه.

عبيد الله عن علي بن حسين عنه، وقال خالفه سفيان فرواه عن عاصم عن ابن عبد الله بن الحارث عن أبيه قال: " كان النبي صلي الله عليه وسلم " إذا سمع المؤذن بنحوه " قال ابن عساكر ورواه عمرو بن العباس عن ابن مهدي عن سفيان عن عاصم عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث عن أبيه، وكذلك قال محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان وقال وكيع عن سفيان بن عبيد الله بن عبد الله بن الحارث، وكذلك رواه أحمد بن عبد الله الميموني عن ابن مهدى وحديث عبد الله بن ربيعة: أن رسول صلي الله عليه وسلم سمع صوت رجل يؤذن في سفر فقال: " الله أكبر الله أكبر فقال النبي صلي الله عليه وسلم الله أكبر الله أكبر فقال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: أشهد أن محمدَا رسول الله قال: أشهد أن محمدَا رسول الله " (1) رواه النسائي وإسناد صحيح عن إسحاق بن منصور عن ابن مهدى عن شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عنه، وحديث معاذ بن أنس قال رسول صلي الله عليه وسلم: " إذا سمعتم/المؤذِّن يثوب بالصلاة فقولوا كما يقول " (2) رواه أبو الشيخ من حديث رشدين بن فايد عن سهل بن معاذ عن أبيه، ومن حديث ابن لهيعة عن زبان بلفظ: " إذا سمعتم المؤذن فقولوا كما يقول " (3) ولما ذكره أبو أحمد في كامله ردّه برشدين، وحديث عبد الله بن الحارث تقدّم في حديث أبي رافع، وحديث ابن عباس أن النبي قال: " من سمع النداء فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله أبلغه الدرجة، والوسيلة

_ (1) إسناده صحيح. رواه) النسائي في اليوم والليلة، (ح/41، 42) وابن السني (ح/91) ومسلم في (والصلاة ح/12) وأبو داود (ح/527) والنسائي في (السنن: 2/25) وأحمد (6/391،9) والبغوي في شرح السنة (2/285، 287) وابن خزيمة (417) وابن حبان في صحيحه (3/97، 98 الإحسان) ضمن حديث. وأورده الهيثمي في " المجمع " (1/335) وعزاه إلى " أحمد "، والطبراني في " الكبير " وزاد فيه، ورجاله رجال الصحيح. (2) ضعيف. الكنز (2099) وابن عدي (3/1011) . في إسناده رشدين. (3) صحيح. رواه مسلم في والصلاة (ح/11) وأبو داود (ح/523) والترمذي (ح/3614) والنسائي (2/25) وابن خزيمة (418) وشرح السنة (2/284) والمشكاة (657) والمغني عن حمل الأسفار (1/312) وابن عساكر في " التاريخ " (6/414) والكنز (20998،21006) والكلم (70) وابن السني (88، 91) وتلخيص (1/211) والترغيب (1/183) وإتحاف (3/61، 5/49) .

عندك، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة، ألا وجبت له الشفاعة (1) رواه أبو الشيخ من حديث إسحاق بن كيسان عن أبيه عن سعيد بن جبير عنه، وحديث صفوان بن عسال عنه قال: " بينا نحن نسير مع النبي صلي الله عليه وسلم إذا نحن بصوت يقول: " الله أكبر الله أكبر " فقال عليه السلام: وعلى الفطرة " فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: " برئ من الشرك " قال: أشهد أن محمدًا رسول الله قال: " خرج من النار " قال: حي على الصلاة، قال: أنه لراعى غنم أو مبتدى بأهله قال: فابتدره القوم فإذا هو رجل مبتدى بأهله، (2) رواه أيضا من حديث يزيد بن أبي زياد عن زرعة، ومرسل عمر بن سعد: " أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: هبط من مدراح اليمن بين مكة والمدينة فعرس وأذّن بلال. فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: من قال مثل ما قال بلال من نفسه حرم الله عليه النار " (3) رواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن عمر بن ذر عن أبو بكر بن حفص عنه وموقوف عثمان: " أنه كان إذا قال المؤذن حي على الفلاح قال: مرحبًا بالقائلين/عدلًا بالصلاة مرحبًا وأهلًا " رواه أحمد بن منيع في مسنده من حديث عبد الرحمن بن إسحاق وفيه كلام عن عبد الله القرشي عن عبد الله بن علم عنه، وموقوف بلال المؤذن أنه قدم الشام: " وكان إذا أتى المسجد فجلس فيه فسمع المؤذِّن قال حوله ليس هؤلاء والمؤذن بالحق من هؤلاء الكلمات منكم فقولوا مثل ما يقول " (4) رواه الطبراني في كتاب الدعاء من حديث بقية عن محمد بن زياد الألهاني عن بعض مشايخه عنه، ومرسل حفص بن عاصم: " سمع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يؤذن المغرب فقال:- عليه السلام- مثل ما قال: فأنهى النبي صلي الله عليه وسلم وقد قال: قد قامت الصلاة فقال

_ (1) ضعيف. رواه الطبراني في " الكبير " (12/85) وأورده الهيثمي فيه " مجمع الزوائد " (1/333) وعزاه إليه، وفيه إسحاق بن عبد الله بن كيسان ليته الحاكم وضعفه ابن حبان، وبقية رجاله ثقات. (2) ضعيف جدا أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/336) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفي عطاء بن عجلان وهو متهم بالكذب. (3) بنحوه. رواه أحمد (2/352) والترغيب (1/186) . (4) انظر: كتاب الدعاء للطبراني.

صلي الله عليه وسلم: انزلوا فصلوا المغرب بإقامة ذلك العبد الأسود لما " رواه البيهقي (1) في الكبير من حدها عمارة بن غزية عن حبيب بن عبد الرحمن عنه وخبر زيد بن مرثد عن نضلة وأذّن بحلوان في سفح جبل فقال الله أكبر الله أكبر فأجابه مجيب من الجبل كبرت يا نضلة كبيرًا قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: كلمة الإخلاص، قال: أشهد أن محمدًا رسول الله، قال: بعث النبي- عليه السلام- قال: حي على الصلاة، قال: البقاء لأمة محمد، قال: حظي على الفلاح، قال: كلمة مقبولة قال: الله أكبر، الله أكبر، قال: كبرت كبيرًا قال: لا إله إلا الله، قال: كلمة حق حرمت بها علي النار، فذكر حديثًا طويلًا ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب هواتف الجان من حديث ابن لهيعة عن مالك بن الأزهر عن نافع عن ابن عمر، قال الخطيب: ذكره في تاريخه من حديث عبد الرحمن بن إبراهيم الراسبي أنبأ مالك عن نافع عن ابن عمر تابع أبو موسى إبراهيم بن رجاء الراسبي على روايته عن مالك وليس بثابت/من حديثه. وقال الدارقطني في الغرائب من حديث مالك: هذا الحديث لا يثبت عن مالك ولا عن نافع. وحديث عمرو بن العاص، ذكره ابن قدامه في كتابه المغنى، وحديث عبد الرحمن بن عمرو، ذكره الطوسي في كتاب الأحكام. وأخبرني والدي- رحمه الله تعالى- أنه قال: لماَّ سافر الملك الظاهر قاصدًا قيسارته كنت في صحبه فعبرت إلى البيت المقدس زائرا فرأيت بها سادا يسمى أبا إسحاق إبراهيم بن علي الحنبلي الواسطي يقول: بلغني أنّ رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ومن قال " حين يسمع الأذان مرحبًا بالقائلين عدلًا وبالصلاة أهلًا وسهلًا بَعَّد الله وجهه عن النَّار يوم القيامة " (2) قوله: فقولوا ... ذكر ابن قدامة أن ذلك مستحب لا أعلم فيه خلافا بين أهل العلم، وفي قوله نظر، لما قاله أبو جعفر الطحاوي من أن الناس اختلفوا هل هو واجب أو مندوب، قال: والصحيح الذي عليه الجمهور: أنه مندوب

_ (1) مرسل رواه البيهقي (1/408) ، والشفع (164) . (2) الكنز (21023، 23258) ، وتذكرة (35) .

وخالف ذلك صاحب المحيط والبدائع، فأوجباه، ومثله في المفيد والتحفة والسنة، وزعم شمس الأئمة السرخسي في الذخيرة أن بعضهم قال: إن الإجابة بالقدم لا باللسان وهو المشي إلى المسجد حتى لو كان حاضرًا في المسجد فسمع الأذان فليس عليه إجابة فإن قال مثل ما يقول نال الثواب وإن لم يقل فلا إثم عليه، ولا يكره له ذلك، وفي الذخيرة: فإذا قال: حي على الصلاة، حي على الفلاح، قال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله كان، وفي المحيط يقول: مكان قوله حي على الصلاة: لا حول ولا قوة ألا بالله العلي العظيم، ومكان الفلاح: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وعند قوله الصلاة خير من النوم صدقت وبررت، وفي كتاب ابن حزم: يقول/السامع كما يقول المؤذن سواء من أوّل الأذان إلى آخره، وسواء كان في صلاة فرض أو نافلة جاءني قوله حي على الصلاة والفلاح فأنه لا يقولهما، وإن قال مكانهما لا حول ولا قوة فحسن، وفي كتاب الغاية شرح الهداية: يستحب الإِجابة لكلّ من سمعته من متطهِّر ومحدث وجنب وحائض وكبير وصغير وغيرهم ممن لا مانع له من الإجابة من أسباب المنع إما أن يكون في الخلاء أو جماع أو غيرهما، قال الماوَردي: فإن كان في الصلاة لم يوافقه سواء أكان نفلًا أو فرضًا، فلو فعله ففيه قولان للشافعي أظهرهما: يكره، لأنه إعراض عن الصلاة ولكن لا تبطل، لأنه ذِكْر، فلو قال الحي على أو التثويب بطلت إن كان عالماً لأنه كلام آدمي، وعن مالك ثلاثة أقوال: يجيب لعموم الحديث لا يجيب لأنّ في الصلاة شغلاً لقول التكبير والتشهد في النافلة لا الفريضة، وفي كتاب الطحاوي: المنع من ذلك فيهما، وكذا قاله أحمد فيما حكاه ابن قدمه قال: وإن قال الحي على بطلت الصلاة، قال صاحب المحيط لا ينبغي للسامع أن يتكلم في حال الأذان والإقامة ولا يشتغل بقراءة القرآن، وفي المرغيناني: لا يقطع إن كان في المسجَد ويقطع فيما سواه، ولا يرد السلام، وفي المحيط: يرد سرًا، وكذا جواب العطاس، قال الطحاوي: واختلفوا هل يقول ذلك عند سماع كل مؤذن أو يجيب أوّل مؤذن فقط، واختلف قول مالك هل يتابع المؤذن أو يقوله مسرعًا قبل فراغه من التأذين، وأما الوسيلة فهي القُربة، قال أبو عبيد: يقال توسلت أبيه أي تقربت، وفي الصحيح: أنها

منزلة في الجنة، وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة، وقيل: هي القرب من الله تعالى، وقوله حلت له الشفاعة/قال عياض: "معناه غشية، وقيل: حلت عليه، وقيل: بمعنى وجبت له قال تعالى: {فيحل عليكم غضبي} (1) " وقيل: حلت له بمعنى عليه قال: يخرون للأذقان سجداً ويخرون للأذقان سجدَا} (2) يعني على الأذقان.

_ (1) صورة طه آية: 81. (2) صورة الإسراء آية 107.

116- فضل الآذان وثواب المؤذنين

116- فضل الآذان وثواب المؤذِّنين حدثنا محمد بن الصباح أنبأ سفيان بن عيينة عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي صعصعة عن أبيه- وكان أبوه في حجر أبي سعيد- قال لي أبو سعيد: "إذا كنت في البوادي فارفع صوتك بالأذان، فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: " يسمعه جن ولا إنس ولا شجر ولا حجر ألا شهد له" هذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه (1) عن عبد الجبار بن العلاء نا سفيان قال: حدثني عبد الله به، وفي لفظ: وكانت أمه عند أبي سعيد، وفيه: "شجر ولا مدر" خرجه البخاري (2) في صحيحه من حديث مالك بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة بزيادة: " إني أراك تحت الغنم والبادية" وقال: "ولا أنس ولا شيء"، ولما رواه الشافعي- رضي الله تعالى عنه- عن سفيان قال إثرها: ويشبه أن يكون مالك أصاب اسم الرجل، قال البيهقي: هو كما قال الشافعي- رحمه الله تعالى-، وذكر الدارقطني ان مالكًا لم يختلف عليه في اسمه، وكذا هو في كتاب النسائي، وعند الشّافعي وأحمد والأوسط وأحمد بن منيع وغيرهم، ورواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن عبد العزيز بن الماجشون كرواية مالك سواء وفي كتاب أبي الشيخ من حديث القطان عن مالك كرواية سفيان، فإن صح كان ردا لما قاله الدارقطني- والله تعالى أعلم-، ويوضحه قول ابن سعد عبد الله بن عبد الرحمن بن/الحارث بن أبي صعصعة: روى عن أبي سعيد، وأدركه مالك وروى عنه، وروى أيضَا عن ابنيه محمد وعبد الرحمن أبنى عبد الله، وروى البحار حديث سفيان بسند آخر فقال ثنا إسحاق بن محلول، ومحمد بن مسكين قالا لنا سعيد بن منصور ثنا ابن عيينة عن صفوان بن سليم عن

_ (1) صحيح. رواه ابن خزيمة (389) ، والترغيب (1/174) . (2) صحيح. رواه البخاري (1/158) ، وتلخيص (1/208) ، والكلم (68) ، والأذكار (35)

عطاء بن يسار عن أبي سعيد، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "يغفر للمؤذن مد صوته، ويصدقه ما سمعه من رطب ويابس" (1) ، وقال: لا نعلم أحداً أسنده عن ابن عيينة إّلا سعيد بن منصور، ولم يتابع عليه. حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان عن أبي يحيى عن أبي هريرة قال: سمعت من في- رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-: "المؤذن يغفر له مد صوته، ويستغفر له كل رطب ويابس، وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون حسنة، ويكفر عنها ما بينها" (2) هذا حديث قال فيه المنذري- رحمه الله تعالى-: أبو يحيى لم ينسب فيعرف حاله، وما أدرى أنّ حاله معروفة وأنه منسوب مسمّى، وأنه حديث خرجه الحافظ أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن بندار وعبد الرحمن عن شعبة، وقال: يريد ما بين الصلاتين، وخرجه البستي في صحيحه أيضَا عن أبي خليفة ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا شعبة ثم قال: أبو يحيى هذا اسمه سمعان مولى أسلم من أهل البصرة والدأنيس، ومحمد بن أبي يحيى من جلّة التابعين، وموسى بن عثمان من سادات أهل الكوفة وعبّادهم، واسم أبيه: عمران، ولفظ أحمد بن حنبل:. (مدى صوته، ويصدقه كل رطب ويابس سمعه، وللشاهد عليه خمس وعشرون درجة) ورواه البيهقي في/السنن الكبرى من حديث عمرو بن عبد الغفار: ثنا الأعمش عن مجاهد عن أبي هريرة به، قال: ورواه حفص بن غياب عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا أيضَا ولفظهما: (ويشهد له كلّ رطب ويابس سمعه) وفي كتاب أبي الشيخ من حديث أبي العنبر عن أبيه: (كلّ مدرة وصخرة سمعت صوته) . حدثنا محمد بن

_ 1) ضعيف. رواه البيهقي (1/431) ، والكنز (20927، 2092) ، واللآلىء (2/7) ، وأصفهان (2/301) . (2) صحيح. رواه أبو داود فيه الصلاة، باب (31) وابن ماجه (ح/724) ، وأحمد (2/458،429) ، والطبراني (12/398) . وصححه الشيخ الألباني.

بشّار وإسحاق بن منصور قالا: ثني أبو عامر ثنا سفيان عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة قال سمعت معاوية بن أبي سفيان عن طلحة بن يحيى عن عيسى بن طلحة قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة " هذا حديث خرجه مسلم (1) في صحيحه من حديث عبد بن سليمان، وسفيان عن طلحة. حدثنا عثمان بن أبي شيبة لنا حسين بن عيسى- أخو سليم القارئ - عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "ليؤذن لكم خياركم، وليؤمكم قراؤكم" (2) هذا حديث إسناده صحيح على شرط الحافظين ابن خزيمة والبستي لذكر ابن حبان حسينًا والحكم في كتاب الثقات، ولرواية ابن خزيمة عنهما في صحيحه، ولئن كان، فقد قيل فيه: هو حديث رواه الحسين الحنفي، وهو منكر الحديث فيما ذكره عبد الحق، وأمّا البخاري فقال: حسين مجهول وحديثه: "يؤمكم قراؤكم " منكر، وأنه مما تفرد به الحسين عن الحكم فيما ذكره الدارقطني معترضًا، وأمّا قول أبي أحمد في الكامل: لعلّ البلاء فيه من الحكم لأنه ضعيف، وليس من الحسين الحنفي، ففيه نظرة لأنّ الحكم لا يقاس/بالحسين، فالبحتري ألا يفضل عليه. لأنه ممن قال فيه أبو حاتم: ليس بالقوي، يروى عن الحكم أحاديث منكرة، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وقال ابن عدي نفسه. له حديث

_ (1) صحيح. رواه مسلم في "الصلاة" (ح/14) والبيهقي (1/433) وابن حبان (293) وابن أبي شيبة (1/225) وعبد الرزاق (1861) والمجمع (9،327،1/300/326) ومشكل (1/81) والمنثور (5/364) ومطالب (234) والمشكاة (654) والكنز (20895) والقرطبي (6/231) والأذكار (35) وابن عساكر في "التاريخ" (313، 10، 29) . (2) ضعيف. رواه أبو داود في "الصلاة" باب "6" وابن ماجه (ح/726) والبيهقي (1/426) والطبراني (1/2370) والمشكاة (1119) وشرح السنة (3/399) والكنز (20969) وابن عدي في الكامل، (2/766) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/154) وضعيف أبي داود (ح/91) .

قليل، وعامة حديثه غرائب، وفي بعض حديثه مناكير، وأمّا الحكم فإن ابن عيينة قال: سألت يوسف بن يعقوب: كيف كان الحكم بن أبان؟ فقال: ذاك سيد، وقال ابن معين: هو ثقة، وقال أبو زرعة: صالح الحديث وقال العجلي: ثقة صاحب سنة، كان إذا اهدأت العيون وقف في البحر إلى ركبتيه يذكر الله تعالى حتى يصبح، قال: فذكر مع حيتان البحر ودوابه وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال: رّبما أخطأ، وإنما وقعت المناكير في رواية من رواية ابنه إبراهيم بن الحكم عنه، وإبراهيم ضعيف، وقال ابن عيينة: أتيت عدن فقلت: إمَّا أن يكون القوم علماء كلّهم، وإمَّا أن يكون كلّهم جهّالا، فلم أر مثل الحكم بن أبان، فقد ظهر لك الفرق ما بين الرجلين من غير تعصّب، وأنّ الحكم ابن أبان، خير من حسين بزيادة، ورواه ابن عدي بلفظ: قال عليه السلام: "لا يؤذن غلام حتى يحتلم، وليؤذن لكم خياركم " (1) من حديث إبراهيم بن أبي يحيى عن داود عن عكرمة. حدثنا أبو كريب ثنا مختار بن غسان ثنا حفص بن عمرو الأزرق البرجمي عن جابر بن عكرمة، وثنا روح بن الفرح ثنا علي بن الحسن بن شقيق ثنا أبو حمزة عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " من أذّن محتسبا سبع سنين كتب له براءة من النار" (2) هذا حديث قال فيه أبو علي الطوسي في كتاب الأحكام: غريب. انتهى. وإسناده ضعيف لمكان جابر الجعفي المذكور قبل، ورواه أبو ثميلة عن أبي حمزة/فأبدل عكرمة بمجاهد، فيما ذكره أبو عيسى، وقال: هو غريب، وضعفه بجابر أيضَا. حدّثنا محمد بن يحيى والحسن بن علي الخلال قالا: ثنا عبد الله بن صالح نا يحي بن أيوب عن ابن جرير عن نافع عن ابن عمر أنّ رسول الله علي قال: " من أذّن ثنتا عشرة

_ (1) ضعيف. رواه ابن عدي في "الكامل": (1/225) . (2) إسناده ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/727) . والترغيب (1/183) والقرطبي (6/231) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/155) والضعيفة (ح/850) .

سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه كلّ يوم ستون حسنة، وبكل إقامة ثلاثون حسنة" هذا حديث خرجه الحاكم (1) من حديث عبد الله بن صالح، وقال: هذا صحيح على شوط البخاري، وله شاهد من حديث عبد الله بن لهيعة، وقد استشهد به مسلم. ثناه محمد بن صالح بن هانىء ثنا محمد بن إسماعيل بن مهران ثنا أبو الطاهر وأبو الربيع ثنا ابن وهب أخبرني ابن لهيعة عن عبيد الله ابن أبي جعفر عن نافع به، وعليه فيه مأخذان الأوّل: أبو صالح عبد الله بن صالح، ليس من شرط البخاري في الأصول، إنّما روى عنه في الشواهد والمتابعات، قال عقب حديث في الزكاة: وزاد عبد الله: حدثني الليث. قاله مخير واحد منهم ابن سرور، وكذا يحيى بن أيوب فيما ذكره الكلاباذي، ومن عادة الحاكم إذا كان الرجل عندهما بهذه المتابعة عليه يسوغ لنفسه مقصد، ويتأتى له فيه ما اعتمده، وههنا أغفله، فطولت ما أهمله الثاني: ألا يخدش في صحَّته مطلقا انقطاعه، ورواه ابن المتوكل عن ابن جريج عمن حدّثه عن نافع، قال البخاري فيما ذكره البيهقي: وهذا أشبه، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلم أحدا يرويه لابن صالح عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر، وقال ابن عدي: لا أعلم أحدا رواه عن ابن/جريج غير يحيى، ولا عنه إّلا أبو صالح، ورواه حمزة الخرزي- وهو كذاب- عن نافع عن ابن عمر بلفظ: " من أذّن سبع سنين احتسابا كتب له براءة من النار" (2) ولما سأل ابن أبي حاتم عنه أباه قال: هذا حديث منكر

_ (1) صحيح. رواه الحاكم (1/205) . وقال: صحيح على شرط مسلم. وابن ماجه (1/728) والبيهقي (1/433) وتلخيص (8/201) وا الدارقطني (1/240) والمشكاة (678) والإتحاف (13/73) والترغيب (1/182) وشرح السنة (2/282) والقرطبي (6/231) والكنز (20905) والبخاري فيه "الكبير" (8/306) . وصححه الشيخ الألباني والصحيحة: ح/425) . (2) منكر. العلل المتناهية:. (1/398) .

جدًا، وذكره أبو الفرح من طريق محمد بن الفضل، وردّه بأنه اختلط، ورواه قيس بن الربيع عند الطبراني في الأوسط: بلفظ آخر عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عنه يرفعه: "المؤذن المحتسب كالشهيد كالمتشحط في دمه، يتمنى على الله ما يشتهى بين الأذان والإِقامة" (1) ، وقال: لم يروه عن سالم إلا قيس. تفرد به إبراهيم بن رستم، وفي كتاب أبي الشيخ زيادة من حديث قيس عن سالم الأفطس عن مجاهد عنه مرفوعًا: "إذا مات لم يدوّد في قبره"، قال ابن الجوزي: وروى عن ابن عمر مرفوعا ومرسلا، ولا يصح مسندًا، وفي كتاب ابن زنجويه عن أبي معشر قال: بلغني أنه: "من أذّن سبع سنين عتق من النار" (2) وفي الباب غير ما حديث، من ذلك: حديث أبي هريرة: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "من أذن خمس صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " (3) أنبأ به المسند المعمر بقية المشايخ أبو زكريا يحيى بن يوسف المقدسي- رحمه الله تعالى- عن العلامة بهاء الدين الشّافعي عن الحافظ أبي طاهر- رحمهما الله تعالى- قال أنبأ أبو رجاء بندار عن محمد بن أحمد بن جعفر الحلقاني قراءة عليه بأصبهان من أصل سماعه أنبأ أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر محمد بن أبي علي الهمداني قراءة عليه أنبأ أبو محمد عبد الله بن جعفر الأصبهاني الحافظ ثنا عبد الله بن مسند، وثنا إسماعيل/ابن يزيد لنا إبراهيم بن رستم ثنا حماد بن

_ (1) ضعيف. الترغيب (1/181) والطبراني في "الأوسط" (2/25) مجمع البحرين في زوائد المعجمين عن إبراهيم بن رستم عن قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير عن ابن عمر مرفوعا، ومن هذا الوجه رواه أبو بكر المطرز في الأمالي القديمة. (1/1/172) ورواه أبو نعيم في لأخبار أصفهان (2/113) 1. وضعفه الشيخ الألباني. والضعيفة: (ح/852، 853) . (2) انظر: الضعيفة: (2/243) . (3) ضعيف. رواه البيهقي (1/433) والكنز (20906) والخطيب (6/73) ورزق الله التميمي الحنبلي في جزء من "أحاديثه" (1/2) والأصبهاني فيه الترغيب (1/40) الجملة الأولى فقط. وضعفه الشيخ الألباني: الضعيفة (خ/851) .

سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عنه، وقال البيهقي في الكبير لا أعرفه إلا من حديث ابن رستم عن حماد، وفي الفضائل لابن شاهين عنه مرفوعا من حديث موسى الطويل: "من أذّن سُنَّة نبيه صادقة ما يطلب أجرًا دعى يوم القيامة فيوقف على باب الجنة، وقيل له: اشفع لمن شئت" (1) زاد الحافظ أبو أحمد حميد بن مخلد بن زنجويه في كتاب فضائل الأعمال من حديث سلام بن سلم ثنا سليمان بن عامر عن أبي معاذ عن أبي عثمان عنه: "وكتب له عند أذانه أربعون ومائة حسنة، وعند الإِقامة عشرون ومائة حسنة " وعن محمد بن الحنفية: "المؤذن المحتسب كشاهر سيفه في سبيل الله تعالى " وعن الحسن: "أول من يكسا من كسوة الجنة: المؤذنون المحتسبون" (2) ولفظ عبد الله بن سعيد عنه عند أبي الشيخ: "للإمام والمؤذِّن مثل أجر من صلى معهما"، وحديث بن عباس موقوفا: (من أذن تسع سنين غفر له ما تقدم من ذنبه) (3) قال الدارقطني في الإِفراد: غريب من حديث الشعبي عنه، ما كتبه إّلا عن يعقوب بن عبد الرحمن عن روح الفرح البزار عن علي بن الحسن بن شقيق عن أبي حمزة عن جابر عنه، والمحفوظ: عن جابر عن مجاهد عن ابن عباس، وقيل: عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس، وخرجه الطبراني في الكبير من حديث أبي حمزة عن جابر بلفظ: "سبع سنين " (4)

_ (1) موضوع. رواه ابن شاهين فيه رباعيته (1/176) وتمام (11/47) وابن عساكر (2/2/5) عن محمد بن مسلمه الواسطي. وتنزيه الشريعة (1/256) . قال ابن الجوزي: حديث لا يصح، فيه موسى الطويل كذاب، قال ابن حبان: زعم أنه رأي أنساً وروى عنه أشياء موضوعة، ومحمد بن مسلمة غاية في الكذب. وضعفه الشيخ الألباني. (ح/848) . (2) بنحوه. رواه ابن عساكر في وتاريخه،: (3/312) ولفظه: "أوّل من يكسى من المؤذنين بلال". (3) انظر: كلام المصنف عقبه. (4) تقدم، وهو ضعيف جدا. رواه الترمذي (1/267، 206) وابن ماجه (ح/727) والطبراني

وقال ابن أبى مسلم: بلغني أن المؤذن من حين أذانه إلى إقامته كالشهيد المتشحّط في دمه وحديث كثير بن مرّة الحضرمي، وهو مذكور في كتاب الصحابة لأبي موسى المديني قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يبعث هذا/يعني بلالا- يوم القيامة على ناقة من نوق الجنة، ينادى على ظهرها بالأذان محضًا- أو قال حقًا- فإذا سمعت الأنبياء، عليهم السلام وأهمهم: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله} نظروا كلهم إلى بلال، قالوا: ونحن نشهد على ذلك قبل ذلك ممن قيل منه قبل ذلك، وردّ من ردّ، فإذا بلال في الجنة استقبل بحلة فلبسها، وأوَّل من يكسا من مطل الجنة بعد النبيين والشهداء بلال، وصالح المؤذنين "، وحديث ثوبان: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " من حافظ على النداء بالأذان سنة أوجب الجنة" (1) ذكره أبو بكر البيهقي في الشعب من حديث أبي معاوية عن أبي قيس السكري الدمشقي عن عبادة بن نسى عن أبي مريم السلواني عنه، وحديث بلال: قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: "يا بلال ليس عمل أفضل من عملك إّلا الجهاد" رواه أيضا من حديث الحفص- رجل من الأنصار- عن أبيه عن جدّه عنه، وحديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا سمعنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: " ثلاثة يوم القيامة على كثيب من

_ = (9/13، 2) وابن السماك في " التاسع من الفوائد" (1/3) وابن بشران فيه الأمالي الفوائد، (1،2/125) والخطيب في " تلي يده" (1/247) من طريقين عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا، وقال الترمذي: حديث غريب،- يعني ضعيف- وقال العقيلي في الضعفاء،: نص 155) : وفي إسناده لين،. وقال البغوي في وشرح السنة، (1/58/ان: إسناده ضعيف. وأشار المنذري في " الترغيب، (1/111) لتضعيفه. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجه (ح/155) . (1) موضوع. رواه الخطيب في " الموضحة (2/186) وابن عدي فيه الكامل، ترجمة: محمد بن سعيد بن أي قيس المصلوب) ق 1/291) بسنده عنه عن عبادة بن نسجي به، وقال: عامة ما يرويه لا يتابع عليه،. وابن عساكر في تاريخه، (1/15/286) عن أبي مريم. وقال الشيخ الألباني. وموضوع،. ضعيف الجامع (ح/849) .

مسك أسود، لا يهولهم فزع ولا ينالهم حيك، حتى يفرغ فيما بين الناس" (1) فذكره قال: " ورجل أذّن ودعا إلى الله- عز وجل- ابتغاء وجه الله تعالى لما. ذكره الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد الجوزي في كتاب الترغيب والترهيب من طريق أبي عمر زاذان الكندي عنهما، وذكره البيهقي في الشعب من حديث عبد الواحد بن غياث نا الفضل بن ميمون السلمي نا منصور بن زاذان أنه سمعهما في كتاب ابن زنجويه نا محمد بن عبيد نا إسماعيل عن الصيرفي قال:" ثلاثة على كثبان المسك/رجل قرأ كتاب الله فأم قومَا وهم به راضون، ورجل دعا إلى هذه الصلوات الخمس في الليل والنهار لا يريد بها إلا وجه الله تعالى والدار الآخرة" الحديث، وفي حدثنا عمر عند الترمذي (2) مرفوعَا: "ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة" الحديث وحديث أنس بن مالك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "يد الله- تبارك وتعالى- على رأس المؤذن حتى يفرغ من أذانه، وأنه ليغفر له مد صوته وأين بلغ" ذكره أبو أحمد بن عدي من حديث عمر بن حفص العبدي وهو متروك الحديث عن ثابت عنه، ورواه أبو الشيخ من حديث العمى بزيادة: (فإذا فرغ قال الرب تعالى صدقت عبدي وشهدت شهادة الحق فأبشر) ولفظ أبي الفرح في علله: "يحشر المؤذنون على نوق من نوق الجنة، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون" (3) وردّه بداود بن الزبرقان،

_ (1) إتحاف (4/465) والكنز (43309) . (2) حسن. رواه الترمذي (ح/2566) . وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه ألا من حديث سفيان الثوري. وأحمد (2/26) إتحاف (3/5) والحلية (3/318) والمنثور (4/340) والكنز (43240، 43241) والترغيب (1/179، 3/26، 376، 377، 695) . (3) موضوع. رواه الخطيب (38113) وعنه ابن عساكر (3/232/1-2) عن موسى بن إبراهيم المروزي: حدثنا داود بن الزبرقان عن محمد بن جحادة عن أنس مرفوعاً وآفته: إما داود، وأما موسى المروزي، وكلاهما كذاب، والكذب في الثاني أكثر. قال الشيخ الألباني: موضوع. الضعيفة (ح/774) .

وموسى بن إبراهيم المروزي، وحديث عمر أنَ النبي صلي الله عليه وسلم قال: (أنها لحوم محرمة على النار- لحوم المؤذنين ودماؤهم- وما من رجل يؤذن تسع سنين يصدق في ذلك نيتهُ إَلا عتق من النّار " (1) ذكره أبو الشيخ من طريق هارون بن المغيرة عن الرصافي عن زياد بن كليب عنه، وفي كتاب البيهقي بسند صحيح عن عمر: "لو كنت أطيق الأذان مع الخليعي لأذّنت" (2) وفي لفظ: "قدمنا على عمر فقال: من مؤذنوكم؟ فقلنا: عبيدنا وموالينا، فقال بيده: هكذا يقلبها: عبيدنا وموالينا إن ذلكم بكم لنقص شديد"، وفي كتاب الفضل بن دكن ثنا إسرائيل عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل عنه: "لولا أنَى أخاف أن تكون سنة/ما تركت الأذان"، وفي كتاب ابن زنجويه ثنا يعلى بن عبيد ثنا عبد الله بن الوليد الرصافي عن أبي معشر قال: إنّ عمر بن الخطاب قال: "لو كنت مؤذّنًا ما باليت أن لا أحج ولا أعتمر إلا حجة الإِسلام، ولو كانت الملائكة نزولا ما غلبهم أحد على الأذان" (3) ، وفي حدثنا الرصافي عند أبي الشيخ: "ما باليت إلا النصب لقام نهار وليل أمري، وسمعت النبي- عليه السلام- يقول: فاللهم اغفر للمؤذنين، فقلت: تركتنا يا رسول الله ونحن نحتال على الأذان بالسيوف، قال: مهلا يا عمر، أنه يأتي على الناس زمان يتركون الأذان على ضعفائهم" (4) الحديث. قال: وقالت عائشة: ولهم هذه الآية: "ومن أحسن قولا ومنْ دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين") (الآية قالت: فهو المؤذن، إذا قال: حي

_ (1) الكنز (13262) وابن عدي في " الكامل، (5/1884) . (2) قوله: " وفي، سقط من " الأصل، وكذا أثبتناه. (3) قلت: وهذا حديث ضعيف، وعفته أبي معشر. انظر: المغنى في الضعفاء: (2/809) . (4) الكنز (23158، 23165) لاتحاد (3/174) والخفاء (1/212، 2/130) والجوامع (9885) (5) صورة فصلت آية: 33

على الصلاة فقد دعا إلى الله تعالى، فإذا صلى قد عمل صالحاً، وإذا قال: "أشهد أن لا إله إلا الله فهو من المسلمين " وفي كتاب أبي نعيم: ثنا الرصافي ثنا محمد بن نافع قالت عائشة: "نزلت هذه الآية في المؤذنين" (1) وحديث أبي موسى، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "يبعث الله الأيام على هيئتها ويبعث يوم الجمعة زاهرا منارا، وأهل الجنة محفوفون بها كالعروس تهدى إلى بيت زوجها، تضيء لهم، يمشون في ضوئها أنوارهم كالثلج، ورائحتهم تسطع كالمسك، يخوضون في الكافور، لا يخالطهم إّلا المؤذنون المحتسبون" (2) ذكره ابن حبان في كتاب الأذان من حديث الهيثم بن حميد عن حفص بن غيلان عن طاوس عنه، وخرجه القاضي الشريف أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الهاشمي العيسوي من ولد عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس في فوائده بسند صحيح، وحديث جابر بن عبد الله/قيل: يا رسول الله: من أوَّل الناس في دخولا الجنة؟ قال: " الأنبياء، ثم الشهداء، ثم مؤذنوا الكعبة، ثم مؤذنوا بيت المقدس، ثم مؤذنوا مسجدي هذا، ثم سائر المؤذنين على قدر أعمالهم" (3) رواه أبو الشيخ من حديث الحسن الحلواني ثنا عبد الصمد نا عبد الله بن ذكوان عن ابن المنكدر عنه، ولفظ خلف بن الوليد: عن سلام، وحديث أبى بن كعب: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " دخلت الجنة فرأيت فيها جنانا من لؤلؤ رائحتها المسك، قلت: لمن هذا يا جبريل؟ قال: للمؤذنين، والأئمة من أمتك يا محمد" (4) ، رواه أيضا من

_ (1) المسير: (7/256) . (2) إسناده صحيح. الكنز: (20939) . وذكره ابن حبان في كتاب الأذان من حديث الهيثم بن حميد عن حفص بن غيلان عن طاوس. (3) موضوع. الكنز (23178) والميزان (8032) والمجروحين (2/257) ولسان الميزان (5/1102) ترجمة: محمد بن عيسى بن كيسان الهلالي العبدي. قال البخاري والفلاس: منكر الحديث. وقال أبو زرعة: لا ينبغي أن يحدث عنه، وقال ابن حبان: يأتي عن ابن المنكدر بحقائب. (4) منكر. رواه ابن عدى في " الكامل،: (6/2275) .

حديث محمد بن إبراهيم الشامي وهو متهم بالوضع. قاله ابن حبان، قال البيهقي في الشعب وذكره: وهو منكر الحديث، ورواه أيضًا من حديث إسحاق بن عمر بن سليط عن محمد بن عيسى الفرى ثنا محمد بن العلاء الأبلي عن يونس بن يزيد عن الزهري عن أنس عنه، وقال الرازي في علله: هذا حديث منكر طويل، وهو متهم بالكذب عن عباد بن كثير عن أبتِ الزبير عنه مرفوعًا: "إن المؤذن والملبين يخرجون من قبورهم يوم القيامة، يلبى الملبي ويؤذن المؤذن، ويغفر للمؤذن مد صوته، ويشهد له كل شيء سمع صوته من شجرة أو مدرة أو رطب أو يابس ويكتب للمؤذِّن بكل إنسان صلى معه في ذلك المجلس مثل حسناتهم، ولا ينقص من حسناتهم شيء، ويعطيه الله ما بين الأذان والإِقامة كل شيء يسأل ربه إما أن يعجل له في دنياه أو يصرف عنه السوء أو يؤجل في الآخرة وهو ما بين الأذان والإِقامة كالمتشحط في دمه في سبيل الله عزّ وجل، ويكتب له بكلّ يوم يؤذنون فيه مثل أجر خمسين ومائة/شهيد" (1) الحديث بطوله، قال ابن الجوزي: العمل فيه على محمد بن عيسى العبدي المنفرد به عن ابن المنكدر. انتهى كلامه، وفيه نظر لما أسلفناه من عدم تفرّده به، وفي كتاب الطبراني الأوسط: "إن المؤذن والملبين يخرجون من قبورهم، يلبى الملبي ويؤذن المؤذن " (2) وقال: لم يروه عن أبي الزبير إلا أبو بكر الهذلي، ولا عن أبي بكر إلا أبو الوليد الضبي العباس بن بكار، ولا يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد، وحديث البراء بن عازب: أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة" (3) ، ورواه

_ (1) رواه ابن الجوزي في: "الموضوعات" (2/88) . وقال ابن الجوزي: وموضوع،. وفي هذا الحديث عبَاد بن كثير، كان شعبة يقول: احذروا حديثه. وقال أحمد بن حنبل: روى أحاديث كذب لم يسمعها، تركوه. (2) الترغيب (1/178) وأسرار (330) وتنزيه (2/77) واللآلىء (2/7) والجوامع (5827) والمجمع (1/327) وعزاه إلى الطبراني فيه الأوسط،، وفيه مجاهيل لم أجد من ذكرهم. (3) صحيح. رواه مسلم في "الصلاة" (ح/14) وابن ماجه (725) والبيهقي (1/433) -

أيضا من حديث يزيد بن هارون عن أبي أمية شيخ من أهل البصرة ثنا القاسم بن عوف الشيباني عنه، وخرجه النسائي (1) من حديث أبي إسحاق عنه بلفظ: " الملائكة يصلون على الصف المقدّم، والمؤذن يغفر له مد صوته ويصدقه من سمعه من رطب ويابس، له مثل أجر من صلى معه"، وفي مسند السراج: "من صلى خلفه" وحديث أبي هريرة: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "يحشر المؤذنون أطول أعناقًا لقولهم: لا اله الا الله" (2) رواه السراج من حديث عمر بن عمر بن عبد الرحمن ابن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال ثنا محمد بن عمار المؤذن عنه، وفي حديث صالح بن سيار عند أبي الشيخ عن مسلم بن إبراهيم نا فرقد بن الحجاج القرشي ثنا عقبة عنه يحيى: " المؤذنون أطول الناس أعناقا، يعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة" (3) وخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث منصور عن عباد بن محمد بن أنيس عنه مرفوعا: " المؤذِّنون أطول الناس أعناقا يوم القيامة" (4) . ثم قال: العرب/تصف بأذل الشيء الكبير بطول اليد، وسائل الشيء الكبير يطول بطول النطق كما قال عليه السلام: "أسرعكنّ لحوقا بي أطولكن يدا" (5) وكانت سودة أول نسائه لحقت به وكانت أكثرهن صدقة،

_ - وابن حبان (293) وابن أبي شيبة (1/225) وعبد الرزاق (1861) والمجمع (327،1/326، 9/300) ومشكل (1/81) وا لمنثور (5/364) ومطالب (234) والمشكاة (654) والكنز (20895) والقرطبي (6/231) وأذكار (35) وابن عساكر في "التاريخ" (3/313، 10/329) . (1) صحيح. رواه النسائي) الإِمامة، باب (25) والأذان، باب " (14) والدارمي في والصلاة، باب (193) واحمد (4/269، 284) وعبد الرزاق (2450) والجوي مع (03،515091) وابن عدي في (الكامل) (6/2426) والكنز (20550، 20639) . (2) الكنز (20940) وابن عساكر في والتاريخ " (10/330) واللآلىء (2/238) . (3) بنحوه. رواه أحمد: (3/169، 264) . (4) صحيح. رواه ابن حبان: (3/89، 90) . (5) صحيح. رواه مسلم في والفضائل، (ح/101) والحاكم (4/25) والمجمع (8/289، 9/248) ومشكل (1/82) والكنز (15952) الإتحاف (7/185، 18/47) والنبوة (6/374) .

وفي قوله: أطول، أي: من أطول الناس. انتهى كلامه، وفيه نظرة لأن الذي في الصحيح أنها زينب بنت جحش، وقد قال هو في كتاب الصحابة أن سودة توفّيت سنة خمس وخمسين، وأن زينب توفيت سنة عشرين بالمدينة، هذا تناقض ظاهر- والله تعالى أعلم-، ويحتمل أن يكون هذا تصحف على الكاتب، وقد استظهرت نتيجة أخرى، ويؤيّده ما ذكره الحافظ النيسابوري في كتاب شرف المصطفي الكبير من أنّ سودة هي صاحبة القصة أيضًا- والله تعالى أعلم-، وحديث عقبة بن عامر يرفعه: "المؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة" (1) رواه أبو القاسم في الكبير من حديث ابن لهيعة عن ابن أبي حبيب عن أبي الخير عنه، وحديث زيد بن أرقم يرفعه: "نعم المرء بلال سيد المؤذنين يوم القيامة، والمؤذنون أطول الناس أعناقًا يوم القيامة" (2) رواه أبو القاسم الطبراني في الأوسط من حديث قتادة عن القاسم بن عوف الشيباني عنه، وقال: لم يروه عن قتادة إلا حسام بن مصك، وفي كتاب ابن زنجويه من حديث عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (أطول الناس أعناقا يوم القيامة المؤذنون ولا يدودون في قبورهم) (3) . وحديث بلال أنه قال: يا رسول الله الناس يتجرون ويبتاعون معايشه ويمكثون في بيوتهم، ولا أستطيع أن أفعل ذلك فقال: " ألا ترضى يا بلال/أن المؤذن أطول الناس أعناقاً" (4) ورواه البيهقي في الشعب من حديث محمد بن الوليد بن

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد" (1/326) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف. (2) ضعيف. رواه الحاكم (3/285) والحلية (11/47) وابن عدي في " الكامل} (0/842) وابن عساكر في " التاريخ، (3/313، 1/3290) والطبراني في (الكبير، (5/238) والمجمع (1/326) وفيه حسام بن مصك وهو ضعيف. (3) رواه أحمد (3/169، 264) وعبد الرزاق (1862) والمجمع (1/326) والخلفاء (1/26) والكنز (25894) . (4) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (1/326) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير" =

عامر ثنا أبو عمر أن محمد بن أبي سفيان الثقفي أنّ قبيصة بن ذؤيب حدثه عن بلال، وحديث ابن الزبير قال: وددت أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال:) أعطانا الله فقلت: لم ذلك؟ قال: أنهم أطول أهل الجنة أعناقا يوم القيامة " قال في الأوسط (1) : لم يروه عن هشام عن أبيه إلا عبد الله بن محمد بن يحيى. تفرد به إبراهيم بن المنذر، ولا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإِسناد، وحديث أنس بن مالك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لو أقسمت لبررت، إن أحبّ عباد الله إلى الله لرعاة الشمس والقمر، يعني المؤذنين، لأنهم ليعرفون يوم القيامة بأعناقهم" رواه أبو القاسم في الأوسط (2) عن عبيد الله بن عبد الله بن جحش ثنا جنادة بن مروان الأزدي الحمصي ثنا الحارث بن النعمان عنه، وحديث عطاء بن عبد الله قال عليه السلام: "المؤذن فيما بين أذانه وإقامته كالمتشحط في دمه في سبيل الله عز وجل" (3) ذكره أبو موسى في كتاب الصحابة من حديث أبي كامل عن أيوب بن واقد ثنا عبد الله بن عطاء عن أبيه، فذكر حديث أبي الوقاص صاحب رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: "شهادة المؤذنين عند الله عز وجل يوم القيامة كسهام المجاهدين، وهم فيما بين الأذان والإقامة كالمتشحط في دمه في سبيل الله تعالى " (4) الحديث، رواه أيضا من حديث عتاب بن عبد الحميد عن مطر عن

_ = "والبزار"، بنحوه، ورجاله موثقون. (1) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في مجمع الزوائد، (1/326) وعزاه إلى الطبراني في الكبير، والأوسط، وفيه عبد الله بن محمد بن يحي بن عروقه وهو متروك الحديث. (2) ضعيفة جدًا. أورده الهيثمي في "بمجمع الزوائد" (1/326) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسطي وفيه جنادة بن مروان، قال الذهبي: اتهمه أبو حاتم. (3) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (1/327) من حديث ابن عمر، وعزاه إلى الطبراني في الأوسط، وفيه إبراهيم بن رستم، ضعفه ابن عدي، وقال أبو حاتم ليس بذاك ومحلّه الصدق ووثقه ابن معين. (4) لم أقف عليه.

الحسن عنه، وحديث الضحاك بن مزاحم عن الحارث عن علي قال: " ندمت أن لا أكون طلبت إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فيجعل الحسن والحسن مؤذن " (1) قال الطبراني لم يروه عنه إّلا عامر بن إبراهيم، وعن أبي هريرة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إّلا أن يستهموا عليه لاستهموا " خرجاه في الصحيح (2) ، وعن عقبة بن عامر سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: " يعجب ربك من راعى غنم في رأس شظية بجبل، يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول الله- عز وجلّ-: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة، يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة " خرجه أبو داود (3) بسند صحيح عن هارون بن معروف عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن أبا عشانة حي بن يونس حدّثه عن عقبة به، وعن ابن أبي أوفي قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: " إن خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر وإلا ظّلة لذكر الله عز وجل " (4)

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (1/326) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه الحارث، وهو ضعيف. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (59/671،3/2381،1) ومسلم في (الصلاة، باب " 28، رقم (129) وأحمد (303،278،2/236) والنسائي (1/269، 2/23) والبيهقي (1/248، 1/2880) وابن خزيمة (1554) وعبد الرزاق (2007) وإتحاف (263،3/257) والمشكاة (628) وأبو عوانة (1/333، 2/37) وتلخيص (9/201) وشرح السنة (2/230) والترغيب (1/174) وتجريد (165) ومشكل (1/438) وا لقرطبي (4/87، 5/224، 10/20، 20 يهـ 13) والأذكار (35) والخطيب (4/425) والكلم (66) والموطأ (68، 131) . غريبة: قوله: " يستهموا عليه "، الاستهام هو الاقتراع، ومعناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظم جزائه، ثم لم يجدوا طريقَا يحصلونه به، لضيق الوقت، عن أذان بعد أذان، أو كونه لا يؤذن للمسجد إلا واحد، لاقترعوا في تحصيله. ولو يعلمون ما في الصف الأول من الفضيلة، نحو ما سبق، وجاءوا أبيه دفعة واحدة، وضاق عنهم، ثم لم يسمح بعضهم لبعض به، لاقترعوا عليه. (3) صحيح. رواه أبو داود (ح/1203) وأحمد (157،4/145) والطبراني (17/310) والبيهقي (1/405) والترغيب (1/182) والمشكاة (665) والنسائي (2/20) . وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/230) . (4) ضعيف رواه البيهقي (1/379) والحاكم (1/51) وتلخيص (8/201) -

ذكره ابن شاهين من حديث إبراهيم السكسكي عنه، وقال: هو حديث غريب صحيح، وعن سلمان: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: لا إذا كان الرجل بأرض فيء فحانت الصلاة فليتوضأ، فإن لم يجد ماءً فليتيمم، فإن أقام صلى معه ملكاه، وإن أذّن وأقام صلى خلفه من جنود الله ما لا يرى طرفاه " (1) ذكره عبد الرزاق ابن همام في كتاب الصلاة عن ابن التيمي عن أبيه عن أبي عثمان النهدي عنه، وذكره في الشعب من حديث عبد الوهاب بن عطاء وثنا سليمان التيمي به وعن أبي برزة الأسلمي قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: " ما من عبد أذّن في أرض في قفر فلا تبقى شجرة ولا مدرة ولا تراب ولا شيء إلا استخلا البكاء لقلة ذاكري الله في/ذلك المكان " (2) ذكره الإِمام أبو بشر إسماعيل بن عبد الله سموية الأصبهاني في فوائده، وعن ابن عمر قال عليه السلام: " تفتح أبواب السماء الخمس للأذان وقراءة القرآن الحديث ذكره في " الأوسط " (3) وقال أبو بردة عن عبد العزيز بن رفيع الأحفص ثني سليمان نرد به عمر بن عون، وعن أنس: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " إذا أذّن في قرية أمّنّها الله تعالى من عذابه ذلك اليوم (4) أنبأ به المسند المعمر تقى الدين محمد بن عبد الحميد قراءه عليه وأنا ًلا أسمع أنبأ إسماعيل بن عبد الله بن أبي الغراء أنبأ فاطمة بنت سعد الخير أنبأ فاطمة الجوزدانية أنبأ ابن زيد أنبأ أبو

_ والمنثور (3/34) والكنز (1899، 25902) والخفاء (1/461) والمجمع (1/327) وعزاه إلى الطبراني في" الكبير" البزار، ورجاله موثقون لكنه معلول. (1) رواه الطبراني (6/305) والترغيب (1/183، 266) والكنز (20931) وتلخيص (1/194) . (2) الموضح (1/121) والكنز (20929) والحلية (3/133) . (3) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/329) وعزاه إلى الطبراني في " الأًوسط "، وفيه طلحة بن زيد، ونسب إلى الوضع. (4) ضعيف. أورده الهيثمي في بمجمع الزوائد، (1/328) وعزاه إلى الطبراني في (الثلاثة،، وفيه عبد الرحمن بن سعد بن عمار، ضعفه ابن معين.

القاسم ثنا صالح بن سعد أبو شعيب الزاهد ثنا بكر بن محمد القرشي ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد المؤذن عن صفوان بن سليم عنه، قال في الأوسط: لم يروه عن صفوان إلا عبد الرحمن بن سعد. تفرد به بكر، ورواه معن من حديث ثابت عنه بلفظ: " يد الله فوق رأس المؤذن، وأنه ليغفر له مد صوته أين بلغ " (1) وقال: لم يروه عن ثابت إّلا عمر بن حفص، وعن أبي هريرة: أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضى النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر حتى إذا قضى التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه يقول: أذكركه الماء لم يكن يذكر حتى يضلّ الرجّل لا يدر كم صلى لما خرجاه في الصحيح (2) ولفظ أبي القاسم في الأوسط:" إذا تغوّلت لكم الغول فنادوا بالأذان فأنه الشيطان" (3) الحديث، وقال لم يروه عن سهيل إلا عدي بن الفضل. تفرد به أبو عامر العقدي، وعن جابر قال: سمعت النبي- النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- يقول:" إنَّ الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء، قال سليمان: قلت عن الروحاء " فقالوا: هي من المدينة ستة وثلاثون ميلَا. رواه مسلم (4) ، وعن زيد بن خالد: قال رسول

_ (1) موضوع. أورده ابن القيسراني في " الموضوعات "،: (خ/1046،295) . (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (11/4/58،2/87،151) ومسلم في (الصلاة، ح/ 19، 20) والنسائي (3/31) وأحمد (2/460) وشرح السنة (2/273) والموطأ (69) والمشكاة (655) وحبيب (1/51) والبداية (1/63) . (3) ضعيف جذا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (10/134) من حديث سعد، وعزاه إلى " البزار " ورجاله ثقات إلا أن الحسن البصري لم يسمع من سعد، ورواه أحمد (3/382) والميزان (6404) وعبد الرزاق (9352) وفي الميزان ترجمة: عمرو بن عبيد بن باب، ان بو عثمان البصري المعتزلي القدري مع زُهده وتألهه، تال ابن معين: لا يكتب حديثه، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أيوب ويونس: يكذب، وقال حميد: كان يكذب على الحسن، وقال ابن حبان: كان من أهل الورع والعبادة إلى أن أحدث ما أحدث، واعتزل مجلس الحسن هو وجماعة معه فسموا المعتزلة، تال: وكان يشتم الصحابة، ويكذب في الحديث وهما لا تعمدا، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. (4) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/15) .

الله- صلى الله عليه وآله وسلم -: " لا تسبوا الديك فأنه يدعو إلى الصلاة " (1) وفي رواية:" يؤذن بالصلاة " رواه أبو داود (2) بسند صحيح عن قتيبة عن الدراوردي عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن عتبة عنه، وعن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: " ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا يقام فيهم الصلاة ألا استحوذ عليهم الشيطان " رواه النسائي (3) بسند صحيح عن سويد عن ابن المبارك عن زائدة عن السائب بن حبيش، وهو ممن وثقة العجلي وغيره عن معدان بن أبي طلحة، وعن ابن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-: " يغفر للمؤذن مذ صوته، ويشهد له كل رطب ويابس يسمع صوته " رواه أحمد (4) في مسنده، ورواه السراج بسند صحيح عن محمد بن عقيل ثني حفص بن عبد الله نا ابن طهمان عن الأعمش عن مجاهد موقوفا، وبهذا الإِسناد مرفوعا: " الإِمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين " (5) وفي شحب البيهقي من حديث سفيان عن أبي اليقطان عن زاذان عنه مرفوعا:

_ (1) صحيح رواه أحمد (15/93) والحميدي (814) والكنز (35287) وابن حبان (1990) وابن عدي في (الكامل، (4/1646) . (2) إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/5101) والترغيب (3/474) والمشكاة (4136) والكنز (35271) وأذكار (324) وشرح السنة (430) وأسرار (430) وفيه يوقظ مكان " يؤذن ". (3) إسناده صحيح رواه النسائي (06/12) وأبو داود (547) وشرح السنة (3/347) والمنثور (6/186) والترغيب (1/272) والمشكاة (1067) وتمام لفظه: " ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تُقام فيهم الصلاة ألا قد استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب القاصية " (4) صحيح. رواه أحمد (2/136، 461) والبيهقي في الشعب (1864) والكنز (1864) وأصفهان (2/301) وابن عدي في " الكامل " (2/791) . (5) صحيح. رواه أبو داود (ح/517) والترمذي (ح/207) وصححه، وابن ماجة (ح/981) وب-. (2/232، 284، 382، 419، 424، 461، 472) وشهاب (234) وعبد الرزاق (1838) وابن خزيمة (1528) والطرافة (8/343) وشرح السنة (2/279) والمشكاة (663) والخطيب (3/242، 4/من 6/67،9/33،111،64/301) وابن حبان (363،362) ومشكل (56،53،3/52) =

" ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة: إمام قوم يبتغى به رحمة الله تعالى، وهم به راضون، ورجل أذن خمس ساعات يبتغى به رحمة الله تعالى 000" (1) الحديث مرسل صفوان بن سليم أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " خطمة من الأنصار بابن خطمة، اجعلوا مؤذنكم/أفضل في أنفسكم " (2) رواه البيهقي في الكبير من حديث فخر بن نصر عن ابن وهب أنبأ حيوة عن بكر بن عمرو عنه، وعن معقل بن يسار أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " إنَّ الله تعالى لا يأذن لشيء إذنه للأذان، والصوت الحسن بالقرآن " (3) ذكره الخطيب في تاريخه، وردَه بسلام الطويل وزيد العمى، وفي البيهقي من حديث أبي عبيد: ثني هشيم ثنا ابن شبرمة قال: " تشاح النّاس في الأذان بالقادسية، فاختصموا إلى سعد، فأقرع بينهما وفي كتاب الطبراني " لما رجعوا من فتح القادسية، وقد جاءت الظهر وأجيب المؤذن فتشاح النّاس في الأذان، حتى كادوا يتجلدون بالسيوف " وعن عائشة في قوله تعالى: " ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين} (4) قالت: هم المؤذنون. ذكره الكجي في سننه من حديث النعمان بن عبد السلام: أثنا عبيد الله بن الوضاح عن عبيد الله بن عبيد بن عمير عنها، وعن جرير بن عبد الله، عن النبي- صلى الله عليه وآله

_ = والحلية (8/118) والترغيب (1/176) . وصححه الشيخ الألباني. الإرواء (1/231) . (1) رواه الطبراني في " الصغير "، (4/122) والترغيب (0/69581،777،376،3/26،1) والكنز (43310) والحلية (9/320) وأصفهان (2/335) . وقد رووا منه طرفا قوله:" ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة ". (2) لم نقف عليه. (3) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " وعزاه إلى الطبراني في " الكبيرة 0 "، وفيه سلام الطويل، وهو متروك. (4) سورة فصلت آية: 33.

وسلم- سمع رجلا يقول: الله أكبر فقال: " علي الفطرة " فقال: أشهد أن لا إله إلا الله فقال: " خرجت من النار " وكان يغير عند صلاة الفجر فيستمع، فإن سمع أذانًا وإّلا أغار " (1) ، رواه أيضا من حديث الحجاج عن رجل عن زاذان عنه، ومن هذا الباب الدعاء بين الأذان والإِقامة، روى أنس بن مالك أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال:" الدعاء لا يرد بين الأذان والإِقامة " (2) رواه أبو عيسى، وحسنه، وفي كتاب ابن زنجويه: " إذا أذّن الأذان فتحت أبواب السماء، واستجيب الدعاء " (3) وفي حديث الرقاشي عنه مرفوعاً: " إذا نادى المنادى فتحت أبواب السماء وأبواب الجنة، واستجيب الدعاء " (4) ولما ذكر ابن/عدي هذه الرواية منعها زيد، وذكره أيضًا في ترجمة سلام أبي المنذر، وهو ضعيف، عن ثابت عن "، وأورده في ترجمة الفضل بن مختار عن حميد عنه، وقال: لم يتابع عليه، وأورده في ترجمة أسيد الجمال عن ابن المبارك عن سليمان التيمي عن قتادة عنه، وقال: لم يروه عن ابن المبارك غير أسيد، وروى سهل بن سعد أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " ساعتان تفتح فيهما أبواب السماء، وكلّ عما يرد على داع: دعوته عند حضور النداء، والصف في سبيل الله تعالى "، (5) رواه

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/9) والترمذي (ح/1618) وأحمد (3،1/132/407، 229، 253،241، 270، 5/248) والطبراني (11/150) وابن خزيمة (399، 400) وعبد الرزاق (1866) والمنثور (1/35) والكنز (23285، 23296) ومعاني (1/146) والخطيب (8/ 220) والمجمع (36،363،1/334) (2) حسن. رواه الترمذي (ح/3594، 3595) وأحمد (13/19) والترغيب (4/272) والمغني عن حمل الأسفار (1/306) وابن عدي في " الكامل "، (9/1152) والإرواء (1/262) . (3) الحلية: (6/308) 0 إسناده ضعيف، وهو صحيح. (4) ضعيف. رواه الحاكم (1/547) وشرح السنة (2/291) والحلية (1/2130) وابن السني (خ/96) والكنز (0،20923342) .- (5) صحيح. رواه مالك في (النداء، ح/7) . قال ابن عبد البر: هذا الحديث موقوف عند جماعة من رواه الموطأ، ومثله لا يقال بالرأي. وروى من طرق متعددة، عن أبي حازم-

أبو داود من حديث موسى بن يعقوب الزمعي عن رزق- أو رزي- بن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي حازم عنه، قال البيهقي: رفعه الزمعي، ووقفه مالك بن أنس الإِمام، وفي حديث ليث عن ابن سابط، قال: " تفتح أبواب السماء لخمس: لقراءة القرآن، ونزول الغيث، والسعي للزحف، وعند الدعاء والأذان " (1) وفي حديث طلحة عن عطاء قال: " كان أبو هريرة يقول: إنّ أبواب السماء تفتح عند زحف الصفوف في سبيل الله تعالى، وعند نزول الغيث، وعند إقامة الصلاة المكتوبة فاغتنموا الدعاء ". وأما قوله- عليه الصلاة والسلام-: " المؤذنون أطول الناس أعناقا " (2) . فذكر ابن أبي داود إيّاه قال: ليس أنّ أعناقهم تطول وذلك أنّ الناس يعطشون يوم القيامة، وإذا عطش الإِنسان انطوت عنقه، والمؤذنون لا يعطشون فأعناقهم قائمة، وفي محكم ابن سيدة قال ثعلب: هو من قولهم: له عنق في الخير أي: سابقة، وقيل: يغفر له مد صوته وقيل: يزادون على الناس، وفي كتاب الهروي قال ابن الأعرابي: معناه أكثر النّاس أعمالا، وقال غيره هو من طول الأعناق لأن/النُّاس في الكرب يومئذ وهم في أروح مربيون لأن يؤذّن لهم في دخول الجنة وقيل: أنهم يكونون رؤوسا حومئذ والعرب تصف السادة بطول الأعناق، قال الشاعر: يشبهون ملوكا في تحليهم ... وطول الضبة الأعناق واللسم قال: ورواه بعضهم أعناقا أي: إسراعَا إلى الجنة، وكذا ذكره أيضا الخطابي، وقال القاضي أبو الفضل أبي حصبي: هو على وجهه، وإنَّ الناس في

_ - عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكره. وتلخيص (4/94) وإتحاف (5/33) وابن حبان (298) والترغيب (2/295) والتجريد (138) . (1) الكنز (3333) والطبراني في لا الصغير، (11/69) والمجمع (1/328) وعزاه أبيه، وفيه حفص بن سليمان الأسدي ضعفه البخاري ومسلم وابن معين والنسائي وابن المديني، ووثقه أحمد وابن حبان وَلا أنه قال: الأزدي وكان الأسدي. (2) تقدم في أكثر من موضع في هذا الباب ص 1177.

عرق العرق وهم ناجون منه انتهى، ويؤيّد هذا ما أسلفناه في الحديث " ذلك سيماهم، وقول ابن الزبير: هم أطول الناس أعناقا في الجنة، ولعلّ هذا هو الأرجح لكونه هو الظاهر مع معاضدة الحديث، وقال المازري: يقال هو إشارة إلى قرب المنزلة من كرامة الله تعالى، وفي المشكل معناه: أنّ الناس يرثون ثواب أعمالهم فتتطاول إلى ذلك أعناقهم ويتفاضلون في ذلك فيكون المؤذنون أطولهم أعناقا لكثرة ما يرجونه من الثواب، وزعم ابن رشد: أنّ الأحسن في تأويل ذلك على المجاز. بمعنى أنهم مشهورون بذلك يوم القيامة عند الناس لشهرة عملهم في الدنيا كما يقول في وقت يستريب النّاس فيه بالخوف على أنفسهم بمطالبة طالب لهم ليس يأمن على أنفسهم منهم، فلأن يمشى بين النّاس طويل العنق، ويندرج في هذا ما ينبغي أن يكون المؤذّن عليه، ففي حديث الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " لا يؤذن إلا متوضئ " (1) . وعنه قال: قال أبو هريرة: " لا ينادى بالصلاة إّلا متوضئ " (2) . رواهما الترمذي وقال: هذا أصح من الأوّل، وحديث أبي هريرة لم يرفعه ابن وهب والزهري لم يسمع من أبي هريرة، وعن عبد الجبار بن وائل عن أبيه/قال: حقّ وسنّة إلا يؤذِّن إلا وهو قائم، ولا يؤذن إلا وهو طاهر، ذكره البيهقي وردّه بالانقطاع فيما بين عبد الجبار وأبيه، وعن ابن عباس قال: كان لرسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- مؤذن يطرب فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " الأذان سهل سمح، فإن كان أذانك سمحاَ سهلاً الا فلا تؤذن ". رواه الدارقطني (3) من حديث إسحاق بن

_ (1، 2) رواهما الترمذي: (ح/200، 201) . قال الترمذي: " وهذا أصح من الحديث الأوَل ". ورواه البيهقي (1/397) من طريق هشام بن عمَار عن الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا. ثم قال البيهقي: " هكذا رواه معاوية بن يحيى الصدفي، وهو ضعيف، والصحيح رواية يونس بن يزيد الأيلي، وغيره عن الزهري قال: قال أبو هريرة: لا ينادى بالصلاة ألا متوضئ ". وهو حديث ضعيف على كل حال، للانقطاع بين الزهري وأبي هريرة، ورواية معاوية بن يحي التي هنا ضعيفة بذلك ويضعف راويها، ورواية البيهقي صحيفة بمعاوية هذا أيضا. (3) موضوع. رواه الدارقطني (1/239) والموضوعات (2/87) والفوائد (16) وتنزيه=

أبي يحيى الكعبي عن ابن جريح عن عطاء عنه، وإسحاق هذا قائل فيه ابن حبان: لا يحلّ الاحتجاج به، هو الذي روى عن ابن جريج يذكر هذا الحديث، وفي حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: " لا يؤذن لكم من يدغم الهاء " (1) قال الدارقطني: هذا حديث منكر، وإّنما مر الأعمش برجل يؤذن ويدغم الهاء فقال: وعلي بن جميل يعني الذي رفعه ضعيف، وروى مجاشع عن هارون بن محمد عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لا يؤذن لكم إلا صالح " (2) ذكره أبو أحمد بن عدي، وقال هارون لا يعرف، وفي حديث جابر قال: " نهى رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يكون الإِمام مؤذنًا " (3) ذكره ابن عدى من حديث إسماعيل بن عمرو البجلي وردّ به، وقال: لم يتابع إسماعيل عليه، ورواه أبو الشيخ بسند آخر ترجمة ذكر خبر روي في أن يكون المؤذِّن إمامًا إن صحّ ذلك. ثنا ابن الطهراني ثنا أبو أنس كثير بن محمد التميمي ثنا إسحاق بن إبراهيم الجعفي الصيفي ثنا معلى عن محمد بن سوقة عن ابن المنكدر عن جابر به، وذكر أبو أحمد أيضا من حديث زيد العمّى عن قتادة عن أنس يرفعه: " يكره للمؤذن أن يكون إماما " (4) ويعارضه حديث عبد الله.

_ = (2/98) واللآليء المصنوعة (2/7) وابن القيسراني (300) . قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: ليس لهذا الحديث أصل عن رسول صلي الله عليه وسلم وإسحاق لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار. (1) موضوع. رواه ابن القيسراني (1006) والموضوعات (2/87) . قال ابن الجوزي: قال أبو بكر بن أبي داود: هذا حديث منكر، وإنما مر الأعمش برجل يؤذن ويدغم الهاء. قال ابن الجوزي: والمتهم بهذا الحديث علي بن جميل. قال ابن عدي: حدث بالبواطيل عن ثقات الناس. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث، لا تحل الرواية عنه بحال. (2) موضوع: (2/7) . (3) ضعيف جذا. رواه البيهقي (1/433) والمتناهية (1/400) وابن عدي في " الكامل " (1/317) . (4) العلل المتناهية (1/400) وابن عدي في " الكامل " (3/1056) .

/حدثنا (1) عبد الله بن الجراح أنبأ المعتمرين سليمان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال: " التمسوا شيئًا يؤذِّنون به علمًا للصلاة فأمر بلال أن يشفع ويوتر الإقامة ". حدثنا نصر بن علي ثنا عمر بن علي عن خالد به هذا حديث خرجاه في صحيحهما زاد البخاري قال إسماعيل فذكرت لأيوب فقال إلا الإِقامة، وعاب الإسماعيلي ذلك أذكر هذه اللفظة من قول أيوب، وقال: وترك حديث سماك بن عطية وهو متصل بقوله ويوتر الإِقامة إّلا الإِقامة وهو ما صححه عن حماد عن سماك عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس، وفي صحيح ابن مندة هذه اللفظة من قول أيوب هكذا رواه ابن المديني عن ابن عليّة فأدرجها سليمان عن حمّاد ورواه غير واحد عن حماد وليذكروا هذه اللفظة، وفي مسند السراج عن محمد بن رافع وإسحاق بن إبراهيم والحسن بن أبي الربيع عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال: " كان بلال يشفع الأذان ويوتر الإِقامة " (3) إلا قوله قد قامت الصلاة زاد ابن خزيمة: " قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة "، وفي سنن البيهقي (4) من حديث هارون بن سليمان الأصبهاني عن ابن مهدى عن أبان بن يزيد عن قتادة عن أنس: " أن بلالا كان أذانه مثنى مثنى وإقامته مرة مرة " ورواه المالك (5) الحدي عن شعبة عن قتادة عن أنس عن بلال وهو خطأ، إنما هو شعبة عن خالد عن أبي قلابة قاله بن أبو حاتم الرازي فيما حكاه عنه أنه في العلل، وأمّا اعتراض بعض العلماء بأنّ هذا الحديث غير مرفوع قال: ويحتمل أن يكون الأمر غير النبي-

_ (1) سقط في " الأصل ". (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (ح/607،606) ومسلم في (الصلاة، باب (2،، ح/378) وأبو داود (ح/509) والترمذي (ح/193) والدرامي (ح/1194) وأحمد (3/189،103) . قوله:} " يشفع " أي يأتي بكلماته مثنى مثني. (3) الكنز: (23286،23235) . (4) رواه البيهقي: (1/411) . (5) كذا ورد هذا السياق " بالأصل".

صلى الله عليه وآله وسلم- فمردود من وجوه: الأول: أكثر أهل العلم/من المحدثين والأصوليين من أن قول الصحابي أمرنا بكذا أو نُهينا عن كذا سند مرفوع لا الظاهر ينصرف إلى من له الأمر والنهى وهو النبي صلي الله عليه وسلم سواء أضافه إلى زمنه عليه السلام أو لم يضفه، لاسيما وقد قال في نفس الحديث عند البيهقي ذكروا الصلاة عند النبي عليه السلام فقالوا يزيد أم رأى من يرانا قوسا فأمر بلال " فهذا نص على من في الباب بأنّ الأمر لكن لا غيره والله تعالى أعلم، وفي لفظ آخر أتاه ابن زيد الرؤيا: " أمر بلال أن يؤذن مثنى مثنى ويقيم فرادى "، رواه من حديث العباس بن الوليد عن محمد بن شعيب بن شابور ثنا حميد بن عبيد بن هلال عن أنس الثاني: لو رجّح قول من خالف ما أسلفناه بقوله قد رأينا جماعة من الصحابة قالوا ذلك، وفتشنا عنه فوجدنا الأمر غير النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أجيب بأنه لو سلمنا لكم ما قلتم، فإن هذا لا يتأتى في هذا مطلقا، لأن بلال- رضى الله تعالى عنه- لم يؤذن لأحد بعد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- إلا مرّة واحدة لعمر وهذا هو المشهور فصحّ أنّ الأمر له هو النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، الثالث: ولئن سلمنا أنّ الأمر هنا يحتمل أن يكون غير النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يجاب بأنا وجدناه صحيحا مسندا يبيّن فيه من الأمر إثباته الإمام المسند المعمر يحمل عبد الله بن شبل أنبأ الإِمام المسند أبو محمد شاكرَ الله أنبأ الإِمام عبد العزيز به أنبأ أبو زرعة أنبأ أبو محمد بن أحمد أنبأ القاضي أحمد بن حسين أنبأ أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق أنبأ أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب أنبأ قتيبة بن سعيد ثني عبد الوهاب عن أيوب/عن أبي قلابة عن أنس: " أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم- أمر بلالا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة "وخرجه ابن حبان في صحيحه (1) عن محمد بن عبد الله بن الجنَيد لنا قتيبة حنا يزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة فذكره، وخرجه أبو قرّة موسى بن طارق السكسكي في سننه، ذكره سفيان عن خالد الحذَّاء وخرجه أبو عبد الله في مستدركه عن أبي العباس ثنا العباس بن محمد ثنا يحيى بن معين ثني عبد الوهاب الثقفي فذكره ثم قال:

_ (1) رواه ابن حبان: (3/92) .

هذا حديث أسنده إمام أهل الحديث مزكى الرواة بلا مدافعة، وقد تابعه عليه الثقة المأمون قتيبة بن سعيد وهو صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة، ورواه البيهقي في الخلافيات عن علي بن نهر عن الحسن عن رشيق عن أحمد بن داود الحراني عن العباس بن الوليد المرسى عن وهيب بن خالد عن أيوب وفي آخره وزاد أيوب يفرد الإِقامة، ورواه أبو الشيخ عن أبي يعلى ثنا سفيان بن وكيع ثنا عبد الوهاب به، وأنبأ أبو يعلى ثنا مخلد بن محمد ثنا كثير بن سفيان عن أنس أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أمر بلال به، قال: ورواه سلمة عن عبد الرزاق عن معمر، ورواه عثمان بن صالح المصري عن ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري عن أنس به، وزعم أبو زرعة حين سؤاله عن هذا السند: هذا حديث منكر ذكره ابن أبي حاتم عنه، وذكره أيضا من حديث محمد بن منصور الجواز عن عبد الملك الجدّى عن سعيد عن قتادة عن أنس، وذكر عن أبيه أنه خطأ إنّما هو سعيد عن خالد عن أبي قلابة، ورواه البيهقي في السن الكبير من حديث/يعلي بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن أيوب، ورواه الدارقطني عن عمر بن محمد المروزي حدثنا محمد بن الليث العزال ثنا عبدان ثنا خارجة عن أيوب به، ومن حديث الحسن بن حماد بن كسيب ثنا ابن علية عن خالد به، ولما رواه أبو عمر في الأوسط مطولَا ثم قال: يروه بهذا التمام عن خالد الحذاء إلا رواح بن عطاء بن أبي ميمونة تفرد به محمد بن يحيى القطعي، ووجدنا أيضَا غير شاهد يؤكّد صحته، فمن ذلك حديث ابن عمر قال: " كان الأذان على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم مرتين والإِقامة مرة غير أنه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، فإذا سمعنا بذلك توضأنا ثم خرجنا " (1) خرجه ابن خزيمة في صحيحه عن بندار. حدّثنا ابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا جعفر يحدّث عن مسلم بن المثنى عنه، قال شعبه لم أسمع من أبي جعفر عند هذا الحديث، وقال الحاكم: صحيح الإِسناد، وخرجه ابن حبان في صحيحه، وسكت عنه عبد الحق مصححا له، ولفظ أبي عوانة في صحيحه " كان

_ (1) صحيح الإسناد. المشكاة (643) وشرح السنة (2/255) .

الأذان على عهد النبي صلي الله عليه وسلم مرتين ومرتين والإِقامة مرة " (1) وقال الحافظ الجوزقاني هذا حديث صحيح، وأبو جعفر محمد بن مهران المؤذن: كوفي ثقة، وأبو المثنى: ثقة، وخرجه أبو عوانة أيضا من حديث عيسى بن يونس عن عبد الله عن نافع عنه ولفظه:" الأذان مثنى مثنى والإِقامة مرّة " (2) ، وحديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه رواه البيهقي في الكبير من حديث ابن المبارك عن يونس ابنا الزهري أخبرني سعيد عنه بلفظ: " حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة الله أكبر " (3) وفي لفظ: " قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة "./وحديث أبي محذورة مثله ذكره أيضا، وحديث سلمة بن الأكوع قال " كان الأذان على عهد رسول الله- صلي الله عليه وسلم - مثنى، والإقامة مفردة " (4) ذكره ابن أبي حاتم في علله، وحديث أبي جحيفة:" كان الأذان على عهد النبي صلي الله عليه وسلم مثنى مثنى والإقامة مرة واحدة " رواه البيهقي من حديث أبي إسحاق به عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه، وحديث أبي هريرة قال ابن أبو محذورة:" أن يشفّع الأذان ويوتر الإِقامة " (6) ، ورواه الدارقطني من حديث عبد الصمد بن الفضل ثني خالد بن عبد الرحمن المخزومي ثنا كامل بن العلاء عن أبي صالح عنه، وسيأتي عن ابن ماجة حديثان شاهدان له أيضا والله تعالى أعلم، وفي البيهقي بسند صحيح أنَّ مكحول، والزهري إنما قالا مضت السنة أن الأذان مثنى، والإقامة واحدة إلا قول: قد قامت الصلاة فأنها مرتين، قال وروى نحوه عن الحسَن حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الرحمن بن سعيد بن عمار بن سعد مؤذِّن رسول الله صلي الله عليه وسلم حدثني أبيه عن جدّه: " أن أذان بلال كان مثنى مثنى وإقامة مفردة " (7) هذا حديث

_ (1) المصدر السابق. (2) صحيح. رواه النسائي (2/3، 21) والمجمع (1/331) وعزاه إلى الطبراني في "الكبير" إسناده حسن. (3) رواه مسلم) ص 287) والكنز (23054) . (4) انظر: الحاشية رقم " 2 " السابقة. (5) الحاشية السابقة. (6) صحيح. الكنز: (23286،23235) . له شاهدان عند ابن ماجه. (7) انظر: الحاشية رقم "1، 2 " السابقة.

سبق الكلام على صحة إسناده في باب السنة في الأذان، وزاد أبو أحمد: " وقد قامت الصلاة مرّة واحدة "، حديث أبو زيد عباد بن الوليد حدثني معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع مولى النبي صلي الله عليه وسلم قال: حدثني أبو محمد بن عبد الله عن أبيه عبيد الله عن أبي رافع قال: " رأيت بلالا يؤذن بين يدي رسول الله صلي الله عليه وسلم مثنى مثنى ويقيم واحدة " (1) هذا حديث سبق التنبيه على ضعفه/في كتاب الطهارة، وقد وردت أحاديث تعارض ما أسلفناه، من ذلك حديث أبي محذورة من عند أبي خزيمة وعلّه يعني النبي صلي الله عليه وسلم الإقامة مثنى مثنى: " الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إلَه إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله " (2) رواه عن يعقوب الدورقي حدثنا روح ثنا ابن صريح أنبأ عثمان بن السائب عن أم عبد الملك بن أبي محذورة عنه وثنا محمد بن رافع ثنا عبد الرزاق أنبأ ابن جريج حدثني عثمان عن أبيه السائب وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة إنَّما سمعا ذلك من أبي محذورة وثنا يزيد بن سنان ثنا أبو عاصم ثنا ابن جريج حدثني عثمان بن السائب أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة، وهذا حديث الدورقي، وقال في آخره قال يزيد بن سنان: الإِقامة كذكر الدورقي سواء، قال ابن رافع: إذا أقمت نقلها مرتين، وقد تقدّم عند ابن ماجة عنه صحيحا أيضًا، والإِقامة سبع عشرة كلمة، وخرجه ابن الجارود ثنا نحوه، وفي كتاب الترمذي وقال فيه حسن صحيح، الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة، وكذا هو في صحيح السن، وقد تقدّم طرف منه منفصلًا قيَل:- والله تعالى أعلم- وحديث عبد الله بن زياد الأنصاري قال: " لما رأى الأذان أتى النبي صلي الله عليه وسلم فأخبره فقال: " علّمه بلال " فقام بلال فأذًن مثني مثنى وقعد قعدة. قاله ابن خزيمة (3) في/صحيحه، وأما ما روى

_ (1) ضعيف، وتقدم في كناب الطهارة. (2) انظر: مقدمة الأذان. (3) رواه ابن خزيمة (379) والمعاني (11/32، 134) .

العراقيون عن ابن زيد في تنبيه الإقامة فغير ثابت من جهة النقل، وقد خلطوا في أسانيدهم التي رووها فرواه الأعمش عن عمرو بن مرّة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم أن عبد الله ابن زيد ثناه سلم بن جنادة ثنا وكيع عنه، ورواه ابن أبي ليلى عن عمرو بن مرّة عن ابن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد، ورواه المسعودي عن عمرو عن ابن أبي ليلى عن معاذ، وكذا رواه أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عمرو، ورواه حصين بن عبد الرحمن عن ابن أبي ليلى مرسلا لم يقل عن ابن زيد، ولا عن معاذ، ولا ذكر أحدا من الصحابة، وكذا رواه شعبة عن عمرو عن ابن أبي ليلى، وسمعت محمد بن يحيى يقول: ابن أبي ليلى لم يدرك عبد الله بن زيد، قال أبو بكر: فهذا خبر العراقيين الذي احتجوا به عن أبي زيد في تثنية الأذان والإِقامة، وفي أسانيدهم من التخليط ما يثبت، وأنّ ابن ألي ليلى لم يسمع من معاذ ولا من ابن زيد فغير جائز أن يحتج غير ثابت على أخبار ثابتة انتهى كلامه، وفيه نظر من وجوه الأول: حديث ابن أبي ليلى الذي سقته أنت بلفظ: حدثنا أصحاب محمد صلي الله عليه وسلم متصل صحيح، إذ من المعلوم في الاصطلاح الحديثى أن جهالة اسم الضحاك الذي شهد له التابعي المشهور بما لا نص إجماعا، ولهذا قال ابن حزم وهذا إسناد في غاية الصحة، الثاني: ما ذكره من التخليط غير ضارٍ، إذ الاختلاف الضار لابد أن يكون عن ضعف متن، كذلك فغلط الغالط، ورواية الضعيف لا تكون سببا لضعف رواية الحافظ/ولا تناقض بين قوله لنا أصحاب محمدا وأصحابنا، وكذلك لا يعارضه أن يرسله مرّة أو يذكره عن معاذ مرّة، لاسيما وذلك لم يتأت هذا إلا بين الأخذ عنه لا منه، الثالث: مجيئه صحيحا من غير رواية ابن أبي ليلى وهو ما ذكره البيهقي في الخلافيات من حديث أبي العميس قال: سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد يحدّث عن أبيه عن جدّه أنه رأى الأذان مثنى مثنى، والإِقامة مثنى مثنى وأتيت النبي فأخبرته فقال: " علمهن بلال " (1) . عبد الله بن محمد، وثَّقه البستي. ومحمد أبوه: صحح حديثه ابن خزيمة. وكذا إسماعه

_ (1) الحاشية السابقة.

من أبيه فيما أسلفناه، وفي صحيح أبي عوانة الاستقراء من حديث عبد الصمد بن عبد الوارث ثني شعبة عن المغيرة عن الشعبي عن عبد الله بن زيد قال سمعت أذان رسول الله صلي الله عليه وسلم فكان أذانه وإقامته مثنى مثنى، وأمّا ما ذكره البيهقي من أنَّ عبد الله بن زيد استشهد يوم أحد فالروايات كلّها عنه واهية فغير صواب لأمرين، الأول: يناقضه هو في هذا بقوله ليس في أخبار عبد الله بن زيد في قصة الأذان أصح من هذا، يعني خبر محمد بن عبد الله بن زيد، قال: لأنّ محمدا سمع من أبيه، ومحمد لم يذكره في الصحابة أحد فيما علمت، الثَّاني: قوله: أنه استشهد بأحد، واستدلَّ على ذلك برواية إبراهيم بن حمرّة ثنا عبد العزيز عن عبيد الله بن عمر قال دخلت ابنة عبد الله بن زيد بن عبد ربه على عمر بن عبد العزيز فقالت: أنا ابنة عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان وشهد بدرا وقتل يوم أحد، فقال عمر تلك المكارم لا يعبان من لين/شيئا بماء فعاد أبعد إلَّا قال الحاكم: فهذه الرواية الصحيحة تصرّح بأنّ أحدَا من هؤلاء لم يكن عبد الله بن زيد انتهى كلام الحاكم.، وفيه نظر من وجوه: الأول: قوله هذه الرواية الصحيحة، وليست كذلك لانقطاع ما بين عبيد الله بن عمرو عمر بن عبد العزيز لكونه ليس في طبقة من يشابه عمر بالرواية، ولا رأيت من نص عليه. الثَّاني: فردّ له هو عن هذه الحكاية الصحيحة على زعمه: فلم يذكر عبد الله بن زيد في المستشهدين، بأحد في سائر الروايات التي ساقها في كتاب الإِكليل، والمستدرك الثالث: إجماع الرواة على أنه كان في الفتح معه راية بنى الحارث حتى قال ابن سعد وابن عقبة: والأقوى أبو معشر وغيرهم، وشهد أحدَا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله- صلى الله عليه وآله وسم-، ذكر ابن سعد عن أبيه محمد ابن عبد الله: أنه توفي سنة اثنتين وثلاثين بالمدينة وهو ابن أربع وستين سنة وصلى عليه عثمان بن عفان. الرابع: المحفوظ، والذي عليه المؤرخون أنّ عمر بن عبد العزيز قال: هذا ما ردّ عليه عاصم بن قتادة الفقيه فسأله عمر عن نسبه فقال: أنا ابن الذي سألت على الخد عنه فردت بكفِّ المصطفي، وقد جاء ذلك أيضا من طرق عن بلال أنه أذَّن كذلك من ذلك رواية البكائي عن إدريس الأودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه، ورواها الدارقطني بسند

صحيح عن محمد بن مخلد ثنا إبراهيم بن محمد من أصل العقيق ثنا إبراهيم بن دينار قال: وثنا ابن مخلد ثنا ابن عون محمد بن عمرو بن عون ومحمد بن عيسى الواسطيان قالا:/ثنا زكريا بن يحيى قالوا: ثنا زياد بن إبراهيم بن محمد وثقة الحاكم في تاريخه، وابن دينار وثقة أبو زرعة وغيره، وقال في الأوسط: لم يروه عن إدريس إّلا زياد، وروى عمر عن حماد عن إبراهيم عن الأسود مثل ذلك، وكذلك رواه النخعي قال البيهقي: هما منقطعان وروى سويد بن غفلة:" أن بلالا كان يثنى الأذان والإقامة " (1) ، قال الحاكم سويد بن غفلة لم يدرك بلالا وإقامة في عهد النبي صلي الله عليه وسلم أبي بكر فإرسال الخبر بذلك ظاهر انتهى كلامه، وفيه نظرة من حيث أن الطحاوي لما ذكره في شرحه مصرّح بقول سويد سمعت بلالا يؤذن مثنى ويقيم مثنى، وفي الأسرار لأبي زيد الدنوس رآه يؤذِّن ببطحاء مكة فعلى هذا يكون متصلا به دخل المدينة كثيرا مسلما يوم دفن النبي صلي الله عليه وسلم، فبالضرورة سمع أذان بلال لأن المشهور أنّ بلالا رحل إلى الشام في خلافة أبي بكر قدمناه، وقيل في أيام عمر وأيامًا كان فقد سمع بلالا يؤذِّن بذلك يوم الرضا، وقبل الاجتماع على أبي بكر حتى لا يقول قائل لعل أبا بكر أو غيره أمر بذلك، وفي الخلافيات من حديث الحجاج بن أرطأة عن حماد بن إبراهيم عن ثوبان قال: كان يؤذن يعني بلالا مثنى مثنى ويقيم قال، وهذا لا يثبت من أوجه أحدها: أنّ إبراهيم لم يلق ثوبان، الثاني: حماد بن أبي سليمان غيره فاحتج به، الثالث: الحجاج. ضعيف وروى أبو جحيفة ما يعضده قال أذّن بلال النبي صلي الله عليه وسلم مثني مثنى وأقام مثل ذلك ذكره ابن حبان في كتاب الضعفاء، ويرده بزياد البكائي فقط، وزياد:/لا يصلح أن يكون علة لحديث لاسيما وله فيه غير متابع. وموقوف عليه بن أبي طالب أنه قال: " الأذان مثنى مثني وأنه سمع مؤذنه يقيم مرّة فقال: اجعلها مثنى " (2) ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه عن

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في (مجمع الزوائًد، (1/331) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " ورجاله ثقات. (2) بنحوه. مسند ابن حبيب: (ا/37) " المجروحين" 1/263) وابن القيسراني (365) =

هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى عن الهجنع بن قيس عنه، وعن أبي هريرة قال:" كان بلال إذا أراد أن يقيم قال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته الصلاة " روى في الأوسط (1) من حديث كامل أبي العلاء عن أبي صالح عنه، وقال لم يروه عن كامل إلا عبد الله محمد بن المغيرة، وعن وكيع عن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد مولى سلمة عن الأكوع أن سلمة كان يثنى الإِقامة، وثنا عفان ثني عبيد الواحد بن زياد ثنا حجاج ابن أرطأة ثنا ابن إسحاق كان أصحاب علي، وأصحاب عبد الله يثنين الأذان والإِقامة، وفي كتاب الطحاوي ثنا من حديث مطر بن خليفة عن مجاهد: في الإِقامة مرّة مرّة إنما هو شيء استخفه الأمراء. وفي لفظ: قلت لمجاهد: الأمراء يقيمون مرة مرة، قال: إنّما ذلك شيء استخفه الأمراء للإِقامة مرتان، وفي الأسرار لأبي زيد: أوّل من أفرد الإقامة معاوية، وعن عون ابن أبي جحيفة

_ والميزان (2338) ولسان (2/1946) . (1) موضوع. رواه الطبراني في " الأوسط " (1/1/27- مجمع " البحرين": حدثنا مقدام بن داود: ثنا عبد الله بن محمد بن المغيرة: ثنا كامل أبو العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وقال: لم يروه عن كامل ألا عبد الله،. وهذا الحديث موضوع، آفته ابن المغيرة، فقد ساق الذهبي له أحاديث وقال: " هذه موضوعات. وفي مجمع الزوائد} (2/75) : (رواه الطبراني في (الأوسط} ، وفيه عبد الله بن محمد بن المغيرة، وهو ضعيف} . تنبيه: إنّ العلماء هذا أنكروا مثل هذه البدعة، فلا يتبادرن إلى ذهن أحد أنهم ينكرون أصل مشروعية الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم بل إنما ينكرون وضعهما في مكان لم يضعها رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه، أو أن تقترن بصفات وهيئات لم يشرعها الله على لسان نبئه، كما صحّ عن ابن عمر رضي الله عنه أن رجلا عطس فقال: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقال ابن عمر: وأنا أقول: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلي الله عليه وسلم وكذا علّمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قل: الحمد لله رب العالمين أو قال: على كل حال. فانظر كيف أنكر ابن عمر رضى الله عنه وضع الصلاة بجانب الحمد بحجة أله صلى الله عليه وسلم لم يصنع في ذلك، مع تصريحه بأنه يصلى على النبي صلي الله عليه وسلم دفعا لما عسى أن يرد على خاطر أحد أنه أنكر الصلاة عليه جملة كما يتوهم ذلك بعض الجهلة حينما يرون أنصار السنة ينكرون هذه البدعة وأمثالها، فيرمونهم بأنهم ينكرون الصلاة عليه صلي الله عليه وسلم، هداهم الله تعالى إلى اتباع السنة.

نحوه، وفي الخلافيات من جهة حمَّاد عن إبراهيم أول من نقص التكبير في الصلاة، وخطب قبل الصلاة في العيدين، وجلس على المنبر، ونقص الإِقامة معاوية ابن أبي سفيان، قال الحاكم: هذا دليل على إفراد الإِقامة فأنه قال: نقض بالضاد المعجمة، ونقض الإِقامة تثنيتها لا إفرادها انتهى كلامه، وفيه نظر لما رواه يحيى بن أبي طالب فتبين أن النقض هناك بالضاد المهملة الذي هو ضد الزيادة، فقال:/ثنا عبد الوهاب عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم: "كان أذان بلال وإقامته مثنى مثنى حتى كان هؤلاء الملوك فجعلوها واحدة " (1) وأما قوله عن معاوية: أنه أول من قدَّم الخطبة على الصلاة فمردودة بما في الصحيح على ان معاوية أمر مروان بفعل ذلك أن يبعد في العادة استقلال مروان بذلك من غير مواجهة أمامه، وحديث ابن عباس قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: "من أفرد الإِقامة فليس منِّى " (2) ذكره الجوزقاني في كتابه وقال: هذا حديث باطل، وفي إسناده من المجهولين غير واحد، اختلف الناس في إفراد الإِقامة وتثنيتها، وحكى البيهقي عن الشافعي أنه قال سمعت إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة يقيم فيقول: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، قال الشافعي: وحسبني سمعته يحكى الإقامة خبراً كما يحكى الأذان، قال البيهقي: وروينا عن عبد الله بن الزبير الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز قال: أدركت جدي وأبي وأهلي يقيمون فيقولون: فذكر هذه الإِقامة، ثناه أبو سعيد الاسفراينى ثنا أبو بحر البر هادى ثنا بشر بن موسى هنا الحميدي فذكره، أما أبو بكر أحمد بن علي الحافظ ثنا أبو زرعة أن محمد بن المسيب بن إسحاق أخبرهم ثني محمد بن

_ (1) ضعيف جدا. رواه أبو عوانة: (1/31) . (2) موضوع. اللآليء المصنوعة (2/8) وتذكرة الموضوعات (35 والفوائد (18) وتنزيه الشريعة (2/79) والخفاء (2/318) وأسرار (329، 330) والموضوعات لابن الجوزي (2/92) قال ابن الجوزي: قال ابن حبان: هذا حديث باطل. وزياد فاحش الخطأ، لا يجوز الاحتجاج بما ينفرد به.

إسماعيل البخاري بخسر وجود ثنا عبد الله بن عبد الوهاب أخبرني إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة وأولاده على إفراد الإِقامة دلالة ظاهرة/على وهم وقع فيما روى في حديث أبي محذورة من تثنية الإِقامة، وأن الحديث في كلمة التكبير، وكلمة الإِقامة فقط فحملها بعض الرواة على جميع كلماتها، وفي رواية حجاج بن محمد، وعبد الرزاق عن ابن جريج، يعني ما أسلفناه من حديثه عن عثمان بن السائب، أخبرني أبي وأم عبد الملك عن أبي محذورة قال: "وعلمني الإِقامة مرتين الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة"، أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله " (1) على ذلك، وإن كانت محفوظة في جميع كلماته ففيما ذكرنا دلالة على أنّ الأمر صار بعد ذلك إلى إفراد الإقامة، ولولا ذلك لم يقروا عليه في حرم الله عز وجل، ثم (2) أن أولا وسعد القمرط في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك " قال الشافعي: فإن جاز أن يكون ذلك غلطًا من جماعتهم، والناس يحضرهم، ويأتينا من طرف الأرض من يعلمنا جاز له أن يسألنا عن عرفة وعن مثنى ثم يخالفنا ولو خالفنا في المواقيت كان أجوز له في خلافه من هذا الأمر الظاهر المعمول به، وفي السنن الكبير عن ابن خزيمة الترجيح في الأذان مع تثنية الإقامة من جنس الاختلاف المباح إذ قد صح كلام الأمرين، فأما تثنية الأذان واَلإقامة فَلِمَ ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم الأمر بما قال البيهقي، وفي صحة التثنية في كلَمات الإقامة سوى التكبير، وكلمتي الإقامة نظر، وفي اختلاف الروايات ما يوهم. أنَ يكون الأمر/بالتثنية عائد إلَى كلمتي الإِقامة، وفي دوام أبي محذورة وأولاده وسعد وأولاده ما يوجب ضعف رواية من روى تثنيتها أو يقتضى أنّ الأمر صار إلى ما بقى عليه سواء أولاده في الحرمين إلى أن وقع البعير في أيام المصريين، وزعم الحازمي أنهم قالوا حديث خالد الحذاء ظاهر في النسخ لأن بلالا أمر بالإفراد أوّل ما شرع الأذان، وأما حديث أبي محذورة: فكان عام حنين وبين الوقعتين مرة مرّة، وخالفهم في ذلك أكثر أهل

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/502) . وتقدم. (2) كذا ورد هذا السياق " بالأصل،.

العلم فرأوا الإِقامة فرادى، والى هذا المذهب: ذهب ابن المسيب وعروة والزهري ومالك وأهل الحجاز والشافعي وأصحابه، وإليه: ذهب عمر بن عبد العزيز، ومكحول والأوزاعي، وأهل الشام والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وأحمد بن حنبل، ومن تبعهم من العراقيين ويحيى بن يحيى وابن راهوية، ومن تبعهم من الخراسانيين، وذهبوا في ذلك إلى حديث أنس، وقالوا: أما حديث أبي محذورة فالجواب عنه من وجوه منها: أنّ من شرط الناسخ أن يكون أصح سندا وأقوم قاعدة في جميع جهات الترجيحات على ما قررناه في مقدمة الكتاب، وغير مخفي على أن الحديث من صناعة، أنّ حديث أبي محذورة لا يوازى حديث أنس في جهة واحدة في الترجيح، فضلا عن الجهات كلها، ومنها أنّ جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى أنّ هذه اللفظة في تثنية الإقامة غير محفوظة، وأنّ الحديث ثابت وكانت منسوخة بدليل ما ذكره الأَثرم قيل لأبي عبد الله أليس حديث أبي محذورة بعد فتح مكة؟ فقال: أليس قد رجع النبي صلي الله عليه وسلم/إلى المدينة وأقر بلالا على أذان بن زيد؟! وفي لفظ: ولكن أذان بلال هو آخر الأذانين انتهى كلامه. وفيه نظر من حيث أنه قال: من شرط الناسخ أن يكون أصح سندًا وأقوم إلى آخره، لاعينه ليس من شرط الناسخ ما ذكر بل يكفي أن يكون صحيحًا متأخرَا معارضًا غير ممكن الجمع بينه وبن معارضه، فلو فرضناهما متساويين في الصحة ووجد ما ذكرناه من الشروط ثبت النسخ، وأما أن يشترط أن يكون أرجح من المعارض في الصحة فلا نسلم، نعم لو كان دونه في الصحة لكان فيه نظر، وهذا الذي ذكرته هو الذي مثنى عليه في كتابه من ذلك ما ذكره منسوخًا من عند البخاري: أكان النبي صلي الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة؟ قال: نعم بحديث حسنه هو إلى غير ذلك من الأحاديث، وكذا فعله ابن شاهين، وقبله الأثرم، وتبعهم على ذلك الغرفي والله تعالى أعلم، وأمّا قوله فحملها بعض الرواة على جميع كلماتها فهو ظنّ، والظن لا يغنى من الحق شيء، وأّمما يقوى احتماله إذا نظر إلى لفظ عام أو مطلق في ألفاظ الإِقامة لفظة لفظة لتبعه هذا الظن، قال أبو عمرو: كقول أبي حنيفة بقول الثوري والحسن بن حيي وعبيد الله بن الحسن، وجماعة من التابعين والفقهاء بالعراق متوارث عندهم بالعمل قرنان بعد قرن،

وقال الأثرم عن أحمد: من أدم مثنى مثنى لم أعتقه وليس به بأس، وكذلك قاله إسحاق الحنظلي وداود ومحمد بن حزم قالوا: لأنه قد ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم جميع ذلك وعمل به أصحابه - رضى الله تعالى عنهم-، ومن هذا الباب إذا كان مسار أهل له الاقتصار على الإِقامة/أم لا فروى عبد الله بن عمر: " أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان لا يؤذن في شيء من الصلوات في السفر، ولا يقيم إلا الصبح فأنه كان يؤذن ويقيم " (1) خرجه أبو عبد الله من حديث نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد بن عبد الله بن عمر عن نافع عنه، وقال: صحيح الإِسناد، فقد احتج مسلم بن عبد العزيز ومحمد بنعيم وهو المشهور عن ابن عمرو، وفي سنن البيهقي الكبير (2) : عن أبي الزبير قال: سألت ابن عمر أؤذن في السفر؟ قال: من تؤذن للنساء. قال الشيخ: هذا الذي ذهب إليه ابن عمر محتمل لولا حديث أبي سعيد في الأذان بالبادية (3) انتهى، وكذا حديث مالك بن الحويرث مثله، وأمّا الأذان والإقامة للمرأة، فروى الحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن إدريس عن ليَث عن عطاء عن عائشة: "أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء" (4) من حديث عبد الله بن داود الحرثي ثني الوليد بن جميع عن ليلى بنت مالك وعبد الرحمن بن خالد الأنصاري عن أم ورقة الأنصارية أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقول: "انطلقوا منا إلى الشهيدة فيزورها وأمر أن يؤذن لها ويقام ويؤم أهل دارها في الفرائض " (5) قال أبو عبيد الله: قد احتج مسلم بالوليد بن جميع،

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/334) من حديث جبير بن مطعم، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير، وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف. (2) رواه البيهقي: (1/411) . (3) صحيح. أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/335) وعزاه إلى البزار، ورجاله ثقات. (4) رواه البيهقي: (3/131) . (5) حسن. رواه أبو داود صح/592) .

وهذه سنة غريبة لا أعرف في الباب حديثًا مسندًا غير هذا، أو رواه ابن الجارود في منتقاه، ولما ذكره الحافظ ضياء الدين رجّح صحته، وقال أبو موسى في كتاب الصحابة: رواه الحديث عن عبد العزيز عن الوليد عن عبد الرحمن عن أبيه عن أم ورقة أنها استأذنت، ورواه وكيع عن الوليد عن جدّته وعبد الرحمن عن أم ورقة، ورواه جماعة/عن الوليد عن جدّته لم يذكروا عبد الرحمن، قال البيهقي: وفي حديث ابن ثوبان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: " كنا نصلى بغير إقامة" قال أبو بكر: وهذا إن صح مع حديث ليث، فلا يتنافيان لجواز فعلها هذا مرة وذاك أخرى، ويذكر عن جابر أنه قيل له: أتقيم المرأة؟ قال: نعم، ومن حديث نافع عن ابن عمر: ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا اغتسال جمعة، قال البيهقي: رواه الحكم بن عبد الله الأصيلي وهو ضعيف، وروينا في الأذان والإِقامة عن أنس بن مالك موقوفًا ومرفوعًا ورفعه ضعيف، وهو قول الحسن بن المسبب والنخعي وابن سيرين. * * *

117- باب إذا أذن وأنت في المسجد فلا تخرج

117- باب إذا أذّن وأنت في المسجد فلا تخرج حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عن أبي الشعثاء قال:"كنا قعودا في المسجد مع أبي هريرة فأذّن المؤذن فقام رجل من المسجد. فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم- صلى الله عليه وآله وسلم-"هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه (1) من حديث ابن مهاجر، وفيه كلام يقتضى أن يذكر له متابعًا، وهو رواية له أيضا عن ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن عمر بن سعيد عن أشعث عن أبيه بن وقال فيه أبو عيسى حسن صحيح، ورواه أبو عبد الرحمن عن أحمد بن عثمان بن حكيم عن جعفر بن عون عن أبي عيسى عن أبي صخرة جامع بن شدّاد عن أبي الشعثاء، وزعم بعض العلماء انه موقوف وخالف ذلك ابن عبد البر فقال: هو مسند عندهم لا يختلفون في هذا أو ذاك/. إنما مسندان مرفوعان يعني هذا. وقول أبي هريرة: ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله انتهى كلامه. وقد وقع لنا هذا الحديث مرفوعًا من غير ما طريق بسند جيد من ذلك ما رواه أبو الشيخ- رحمه الله تعالى- عن نوح بن منصور ثنا عبد الله بن أيوب الخزومي ثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن أشعث بن سليم عن أبيه: أنه رأى رجلا خارجًا من المسجد وقد نودي بالأذان فقال:"عصى هذا أبا القاسم أمرنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- إذا نودي بالأذان أن لا نخرج من المسجد" (2) . وثنا ابن أبي حاتم ثنا أحمد بن محمد الاطرابلسي ثنا

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/259،258) وأبو داود في (الصلاة، باب "42") والترمذي (ح/204) وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي في (الأذان، باب ". 4") وابن ماجة (ح/733) والدارمي (ح/1205) وأحمد (2/ 410، 416، 471، 506، 537) . (2) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/5) من حديث أبي هريرة، وعزاه إلى أحمد في "مسنده"، ورجاله رجال الصحيح.

موسى بن داود ثنا شريك عن أشعث عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال:"إذا أقيمت الصلاة واحدكم في المسجد فلا يخرج حتى يصلى فإن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر بذلك" (1) . وثنا يوسف بن محمد المؤذِّن ثنا محمد بن الحارث المخزومي ثنا أبو مصعب ثنا عبد العزيز بن أبي حازم حدثني أبي وصفوان بن سليم عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج- إلّا لحاجة- ثم لا يرجع إِلا منافق- وقال أبو القاسم في الأوسط (2) : لم يروه موصولًا عن أبي هريرة عن صفوان وأبي حازم إلا أنّ أبا حازم تفرد به مصعب، قال أبو الشيخ: وثنا عبد الله بن أحمد بن سعيد الجصّاص ثنا نهشل بن كثير النهشلي بصرى ثقة ثنا ابن أبي فديك عن أبي حرملة عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا يخرج من المسجد بعد النداء إلّا منافق-/إلا أحد أخرجه حاجة- وهو يريد الرجعة إلى الصلاة" (3) . وثنا الوليد بن أبان قرئ على يحيى بن عبدان وأنا حاضر ثنا أحمد بن أبي يزيد القطان بالري ثنا الوليد بن مسلم ثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن حرملة عن ابن المسيب عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- مثله، حدثنا حرملة بن يحيى أنبأ ابن وهب أنبأ عبد الجبار ابن عمر عن ابن أبي فروة عن محمد بن يوسف مولى عثمان بن عفان عن عثمان قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من أدركه الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة- وهو لا يريد الرجعة فهو منافق" (4) هذا حديث إسناده معلل بأمرين: الأول: ضعّف أبي سليمان إسحاق بنْ عبد الله بن أبي

_ (1) السابق بنحوه. (2) أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/5) وعزله إلى الطبراني في "الأوسط" ورجاله رجال الصحيح. (3) نصب الراية (2/55) والترغيب (1/190) وابن المبارك في"الزهد" (6) وعبد الرزاق (1946) والكنز (21027) والخفاء (2/513) . (4) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/734) . في الزوائد: إسناده ضعيف. فيه ابن أبي فروة. واسمه إسحاق بن عبد الله. ضعفوه. وكذلك عبد الجبار بن عمر.

فروة عبد الرحمن بن الأسود بن سوادة، ويقال: الأسود بن عمرو بن رياش ويقال: كيسان القرشي الأموي المدني أخي إسماعيل وصالح وعبد الأعلى وعبد الحكم وعمار ويونس، فإن أبا عيسى قال: تركه بعض أهل العلم، منهم أحمد بن حنبل، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد يقول: لا تحل الرواية عنه فقلت يا أبا عبد الله لا تحل قال: عندي، وفي رواية: ما هو بأهل أن يحمل عنه ولا يروى عنه، وقال أيضًا: لا أكتب حديث أربعة منهم: إسحاق، وفي الإِرشاد للخليلي: وذكره وضعّفوه جدًا، وتكلّم فيه مالك والشّافعي وتركاه، وقال الزهري له يومًا: يا إسحاق تجئ بأحاديث ليست لها لزمه ولا قيمة (1) ، إذا حدّثت فأسند، وقال مسلم في الكنى: مدني ضعيف الحديث، وفي كتاب الكنى لأبي بشر: ليس بذاك، وقال محمد بن عبد الله"بن عمار: ضعيف ذاهب، وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث، وقال أبو بكر بن خزيمة: لا/ أحتج بحديثه، وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: هو كذاب، وذكره أبو القاسم الباجي في الضعفاء، وقال ابن طاهر: ضعفه غير واحد، وقال أبو الفرج بن الجوزي في كتاب التحقيق: هو هالك، وبالمرة قاله أبو بكر في الخلافيات، وقال أبو حاتم والفلاس والنسائي وابن الجنيد والدارقطني: متروك، وزاد النسائي: ولا يكتب حديثه، وذكره أيضًا في الطبقة العاشرة من أصحاب نافع المتروك حديثهم، وقال البخاري: تركوه، وقال أبو زرعة: ذاهب الحديث متروك الحديث، وقال يحيى: ليس بشي ولا يكتب حديثه، وفي رواية ليس بشيء كذاب، وفي رواية: ليس بثقة، وسئل سعدونة عن حديث يعلى بن ثابت عن الوادع بن نافع، فقال: لا يروى الحديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن مثل الوادع. وسئل عن حديث إسحاق بن أبي فروة؟ فقال: شراً ممّا قال في الوادع، وقال ابن المديني: هو منكر الحديث، وقال ابن غسان: جاءني على قليب عنى عن عبد السلام أحاديث ابن أبي فروة، فقلت: الشيء يصنع بها قال: أعرفها لا لقلب، وفي رواية قال علي: لم يدخل ذلك في كتبه ابن أبي

_ (1) قوله:"قيمة" وردت "بالأصل" "خطم"وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه.

فروة فيما ذكره ابن عساكر في تاريخه، وقال ابن سعد: كان ليّن الحديث يروى أحاديث منكرة ولا يحتجون بحديثه وكان يرى رأي الخوارج، وقال الساجي: ضعيف الحديث ليس بحجة، وذكر البرقي في كتاب الطبقات: بان من ترك حديثه واتهم في رواية إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وذكره أبو العرب فقال: هو ممن ترك حديثه، قال أبو العرب: وعن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: سمعت محمد بن عاصم، وكان من أهل الصدق قال: قدمت المدينة ومالك بن/أنس حي فلم أر أهل المدينة يشكون أن إسحاق بن أبي فروة متهم على الدين. وفي تاريخ يعقوب بن سفيان النسوي: وآل أبي فروة كل من حدّث عنه ثقة إلا إسحاق فلا يكتب حديثه، وقال الحافظ أبو بكر البزار في سننه: كان ضعيفا، وقال في مسنده: متروك الحديث. الثّاني: عبد الجبار بن عمر أبو عمر الأيلي الأموي القرشي؛ وإن وثّقه ابن سعد فقد قال فيه أبو زرعة: واهي الحديث، وقال أبو حاتم: سألت أبي عنه فقال: منكر الحديث ضعيف الكذب ليس محله الكذب، وسمعت أبا زرعة يقول: هو ضعيف الحديث ليس بقوى، وقرأ علينا حديثه بشيء، ولا يكتب حديثه في رواية ابن الجنيد، وفي كتاب عباس ليس حديثه بشيء، وقال مرة: ضعيف، وكذلك قاله السعدي والساج في كتاب الضعفاء، وقال في كتاب الكنى: ليس بثقة، وقال البخاري ليس بالقوي عندهم؛ عنده مناكير، وقال ابن عدى علّة ما يرويه يخالف فيه، والضعف بين على رواياته، وقال الحربي في كتاب العلل: عبد الجبار بن عمر رجل من أهل أيلة، سنّه قريب من سن يزيد بن أبي سمية شيخه، وإّنما روى عنه لفضله، وعبد الجبار رجل يتفقه، وغيره أثبت منه، وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: ضعيف، وذكره يعقوب في باب: من يرغب عن الرواية عنهم، وقال الساجي: هو ضعيف، وقال العقيلي: ليس بالقوى عندهم عنده مناكير، وقال ابن سعيد بن يونس: منكر الحديث، وفي كتاب الكنى لأبي أحمد الحاكم ليس بالقوي عندهم، وقد روينا في كتاب الصلاة للفضل ما يسند هذا عن مسعد عن أبي عون عن شريح رجل من

عمران عن سعد بن أبيِ وقاص- رضي الله تعالى عنه- قال:"إذا كنت في المسجد فنودي الأذان/فلا تخرج". قال وحدثني سفْيان عن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من سمع المنادى فخرج فهو منافق- إلا رجل خرج في حاجة- ثم رجع" (1) وثنا سفيان عن مغيرة عن إبراهيم قال:"إذا سمعت الإِقامة فلا تخرج" (2) . وفي كتاب أبي علي الطوسي عن إبراهيم: يخرج - ما لم يأخذ المؤذن في الإقامة-، قال أبو علي: وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه، والذي عليه أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلّا من عذرٍ، ويكون على غير وضوء، وقال ابن حزم: ومن كان في المسجد فاندفع المؤذِّن في الأذان لم يحل له الخروج من المسجد إلا لضرورة والله تعالى أعلم.

_ (1) بنحوه. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد " (2/5) من حديث أبي هريرة. وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط" ورجاله رجال الصحيح. (2) بنحوه. رواه عبد الرزاق (3406) والكنز (2704) ولفظه:"إذا سمعت الإِقامة فامش".

118- أبواب المساجد والجماعات

118- أبواب المساجد والجماعات ومن بني لله عز وجل مسجدًا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يونس بن محمد، ثنا الليث بن سعد،، وثنا أبو بكر، ثنا داود بن عبد الله الجعفري، ثنا عبد العزيز بن محمد جميعا، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن الوليد بن أني الوليد عن عثمان بن عبد الله بن سراقة العدوي عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"من بني لله مسجدا يذكر فيه اسم الله بني الله له بيتا في الجنة " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه عن الحسن بن سفيان، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ورواه ابن لهيعة عن الوليد بن أبي الوليد فقال: عن أيوب بن خالد عن عمر بن الخطاب، وقال- عليه السلام-:"من بني مسجدا لا يريد به رياء ولا سمعه بني الله الكريم/له في الجنة" (2) . ذكر ذلك الحافظ أبو نعيم في كتاب المساجد، عن أبي بكر الأجري، ثنا جعفر الفريابي ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة به، قال: ورواه يحيى بن بكير عن ابن لهيعة، وقال: ويذكر اسم الله عليه، قال: ورواه يحيى بن أيوب عن الوليد عن عثمان، وقال عبد الله بن صالح عن الليث:"يذكر اسم الله تعالى فيه" (3) . حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو بكر الجعفي ثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان ابن عفان قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "من بني لله مسجدا بني الله له مثله في الجنة" (4) . هذا حديث خرجاه في

_ (1) صحيح. رواه ابن حبان: (3/68) . (2) ضعيف. الترغيب (1/195) ، وإتحاف (3/28) ، والمنثور (3/217) . في إسناده ابن لهيعة. (3) مرسل. رواه ابن ماجة (ح/735) . في الزوائد: حديث عمر مرسل. فإنْ عثمان بن عبد الله بن سراقة روى عن عمر بن الخطاب، وهو جده لأمه، ولم يسمع منه، قاله المزي: في التهذيب. ورشاه ابن حبان في صحيحه بهذا الإسناد. ورواه أحمد (1/53) ، وابن أبي شيبة (1/310) ، والفتح (1/545) . (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/122) ، والفتح (1/544) ، ومسلم في

صحيحيهما. حدثنا العباس بن غياث الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة أنه قال حدثني أبو الأسود عن عروة عن علي بن أبي طالب قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا من بني مسجدا من ماله بني له بيتا في الجنة" (1) . هذا حديث ضعيف معلل بأمرين الأول قال فيه القاسم في الأوسط: لا يروى عن علي إلا بهذا الإِسناد تفرد به بن لهيعة ومع ذلك فهو ابن لهيعة، وقد سبق ذكره. الثاني: انقطاع ما بين عروة وعلي وإن كان مولده سنة ثلاث وعشرين، وسنّه يوم الحمل ثلاث عشرة سنة فردّ لاستصغارهم إيّاه، وقيل: كان مولده بست سنين خلت من خلافة عثمان- رضي الله تعالى عنه- فقد نصّ أبو حاتم على أنه لم يسمع من علي فيما حكاه عنه ابنه في كتاب المراسيل، ويزيد وضوحا أنّ النسائي في مسند علي ادخل بينه وببن المقداد، ومحمد بن سنجر وأحمد بن سنان القطان في مسندهما، ادخلا بينهما عبد الله بن جعفر، ورواه صفوان/بن صالح عن الوليد بن مسلم بلفظ:"من بني لله مسجدا بني الله له بيتا في الجنة" (2) ، رواه أبو نعيم في كتاب المساجد عن أبي عمرو بن عمرو بن حمدان، ثنا الحسن بن سفيان عنه وكذا رواه عبد الله بن يوسف، وابن المبارك، وابن وهب عن ابن لهيعة قال ولفظهم سواء نظر من هذا أن زيادة "من ماله" تفرد بها عباس بن عثمان، وليس بقريب من أولئك- والله تعالى أعلم-، حدثنا يونس بن عبد الأعلى، ثنا عبد الله بن وهب عن إبراهيم بن نشيط عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين النوفلي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

_ (الزهد، ح/43، 44) ، والترغيب (1/193) ، وإتحاف (3/27) والمغني عن حمل الأسفار (1/151) ، وابن عساكر فما"التاريخ" (1/215) ، وابن كثير (6/66) والقرطبي (2/84) (1) ضعيف. رواه القرطبي: (12/266) وابن ماجة (ح/737) ، في الزوائد: إسناد ضعيف علي ضعيف. والوليد بن مسلم مدلس، وقد رواه بالعنعنة، وشيخه ابن لهيعة ضعيف، وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف عند ابن ماجة (ح/156) . (2) ضعيف الإسناد. رواه أحمد (1/20) وابن خزيمة (1291) والطبراني (8/268) وابن عسا كر فما"التاريخ" (7/273، 10/89) ومشكل (1/486) والمشكاة (697) والكنز (20728،640،140) .

"من بني مسجدًا كمفحص قطاة أو أصغر بني الله له بيتا في الجنة" (1) . هذا حديث خرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه عن يونس وعيسى بن إبراهيم الغافقي، ثنا ابن وهب بلفظ:"من حفر ماء لم يشرب منه كبد حرى من جن ولا إنس ولا ظاهر إلا أجره الله يوم القيامة، ومن بني مسجدًا كمفحص قطاة أو أصغر بني الله له مسجدا في الجنة" (2) قال يونس:"من سبع ولا طاهر"، وقال:"كمفحص"قطاة، وقال الدارقطني في الإفراد: تفرد ابن وهب بسنده، وفي الباب غير ما حديث؛ من ذلك حديث أبي ذر الغفاري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من بني لله مسجدًا، ولو كمفحص قطاة بني الله له بيتا في الجنة" (3) . رواه أبو نعيم الحافظ عن محمد بن حميد، ثنا محمد بن جرير، ثنا الحسن بن خلف، ثنا إسحاق الأزرق عن الثوري عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عنه، وثنا أبو بكر الطلحي، ثنا أبو حصين القاضي، ثنا يحيى بن عبد الحميد، ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش، ورواه يحيى بن آدم عن قطبة/بن عبد العزيز عن الأعمش مثله، وثنا محمد بن محمد بن أحمد المقبري، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا سلم بن جنادة، ثنا وكيع في الدار عن سفيان عن الأعمش، وهذا سند لعمر ظاهره الصحة لولا ما ذكره أبو نعيم من قوله: أنبأ أبو بكر بن مالك، ثنا جعفر الفريابي، ثنا علي بن المديني قال: قال لي يحيى بن سعيد: قال لي سفيان- أو شعبة-: لم يسمع الأعمش هذا الحديث من إبراهيم التيمي يعني حديث:"من بني لله مسجدًا ... "، وزعم الكرابيسي في كتاب المدلسين: أنه كان يعني الأعمش يدّلس على إبراهيم كثيرا، وذكر البيهقي في السن الكبير علّة أخرى؛ وهي أن الدوري حكى عن أحمد بن يونس انه قال: قيل لابن عباس: أنُّ الناس يخالفونك في هذا الحديث لا يرفعونه، فقال أبو بكر: سمعنا هذا من

_ (2) صحيح. رواه ابن خزيمة (ح/1292) ، والكنز (43189) والبخاري في"الكبير" (1/ 332) (3) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/7) ، وعزاه إلى "البزار" والطبراني في "الصغير"ورجاله ثقات. (1) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/8) . وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"،

الأعمش وهو شاب، قال البيهقي: وكذلك روى عن شريك وجرير بن عبد الحميد عن الأعمش مرفوعا، وروى عن الحكم عن يزيد بن شريك عن أبي ذرّ مرفوعاً، ورواه أبو نعيم مرفوعًا، ورواه أبو نعيم أيضاً من حديث عيسى بن يونس، عن الأعمش مرفوعًا، ومن حديث محمد بن عبيد عن أخيه يعلى عنه كذلك، وقال أبو حاتم، وأبو زرعة: رواه عدّة من أصحاب شريك فلم يرفعوه، والصحيح عن أبي ذر من حديث موقوف، قال أبو حاتم: ورواه أبو بكر بن عياش عن الأعمش ورفعه، ونفس الحديث موقوف وهو أصح، وقال ابن مهدي: هذا الحديث ليس من صحيح حديث الأعمش، وحديث أبي بكر الصديق- رضي لله تعالى عنه- قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني مسجدا لله ولو مثل مفحص قطاة بني الله له بيتًا في الجنة" (1) ./رواه أبو نعيم عن الآجري، والحسن بن علي الوراق، حدثنا جعفر الفريابي ثنا سليمان بن عبد الله الدمشقي، ثنا الحكم بن يعلى بن عطاء السخاوي، ثنا محمد بن طلحة الإِمامي عن أبي معمر عنه، وثنا أبو بكر الطلحي، ثنا أحمد بن حماد بن سفيان، ثنا إسحاق بن محلول، حدثني مخبر بن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن طلحة بن مصرف عن أبيه مثله، وثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن نوح العسكري، ثنا وهب بن حفص الحراني، ثنا حبيب بن فروخ، ثنا ابن طلحة بن مصرف عن أبيه عن مرة الطيب عن أبي بكر به، ثم قال: كذا قال حبيب عن مرّة الطيب، وقال أبو حاتم الرازي في علله: هذا حديث منكر، وحديث عبد الله بن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني مسجلًا بني الله له بيتا في الجنة" (2) . رواه أبو الحسن الدارقطني في كتاب الغرائب والإفراد من حديث عمران بن عبيد الله البصري عن الحكم بن إبان عن عكرمة عنه، وزعم أن عمران تفرد به. انتهى

_ وفيه وهيب بن حفص وهو ضعيف. غريبه: قوله:"مفحص القطاة"موضعها الذي تجثم فيه وتبيض. والقطاة: طائر مشهور. (2) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/7) ، وعزاه إلى أحمد في"مسنده"، و"البزار"وفيه جابر الجعفي، وهو ضعيف.

كلامه، وهو محتمل الأمرين الأول: أن يريد التفرد بهذا السند، الثاني: تفرده بالحديث حمله، وأيّاما كان فهو مردود؛ بما ذكره الحافظ أبو نعيم من حديث يحيى بن عبد الحميد، ثنا شريك عن عمار الدعني عن سعيد بن جبير عنه، وعن محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا ضرار بن صرد، ثنا علي بن هاشم عن حماد بن زريق عن الدهني مثله، وعن أبي مسلم، ثنا عمرو بن مرزوق، ثنا شعبة قال: لقن جابر عن عمار الدهني بلفظ:"من بني مسجدًا ولو كمفحص قطاة ... " (1) الحديث، وحديث عمرو بن شعيب/عن أبيه عن جده قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني لله مسجدا ولو كمفحص قطاة ... " (2) الحديث، وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من بني لله مسجدا يذكر الله فيه بني الله له بيتا في الجنة" (3) . رواه أيضاً من حديث حجاج بن أرطأة عنه، وحديث ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من بني مسجدًا بني الله له بيتا في الجنة" (4) . رواه البزار عن إسحاق بن شاهين، ثنا الحكم بن ظهير، ثنا ابن أبي ليلى عن نافع عنه، وقال: هذا الحديث لا نعلمه يروى عن ابن عمر إلا من هذا الوجه- بهذا الإسناد، والحكم لين الحديث، وقد روى عنه جماعة كثيرة، واحتملوا حديثه، وقال أبو نعيم الحافظ: رواه عن إسحاق أحمد بن كعب الواسطي، وزاد فيه:"ولو كمفحص قطاة". وحديث أنس بن مالك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من بني لله مسجدا صغيرا كان أو كبيرا بني الله له بيتا في الجنة" (5) . رواه أبو عيسى من حديث نوح بن قيس عن عبد الرحمن مولى قيس عن زياد النميري عنه،

_ (1) الحاشية قبل السابقة. (2) المصدر السابق. (3) صحيح. رواة ابن حبان (1654) . وللترغيب (1/194) . وموضح (1/180) . (4) ضعيف جدا. أورده للهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/7) ، وعزاه إلى"البزار". والطبراني في "الأوسط"- إلا انه قال فيه:"ولو كمفحص قطاة"-، وفيه الحكم بن ظهير وهو متروك. (5) إسناده ضعيف. رواة الترمذي (ح/319) . ونوح بن قيس ثقة، وعبد الرحمن مولى قيس مجهول، كما في التقريب والخلاصة، لم يرو عنه غير نوح، وزياد بن عبد الله النميري البصري صدوق، ضعفه بعضهم، وذكره ابن حبان في الضعفاء، وقال:"منكر الحديث، يروي عن أنس أشياء لا تشبه حديث الثقات، تركه ابن معين". وذكره أيضا في الثقات

وخرجه أبو نعيم من حديث أحمد بن علي الخزاعي، ثنا قرّة بن حبيب، ثنا عبد الحكم عنه بلفظ:"من بني لله مسجدا في الدنيا يريد به وجه الله. ومن حديث إبراهيم بن مهدى المصيصي، ثنا عمرو بن ردع عن ثابت عنه، وفي لفظ قالوا:"إذا يكثر برسول الله قال الله أكبر". ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث إسحاق بن يوسف الأزرق، ثنا شريك عن الأعمش عنه بلفظ:"كمفحص قطاة"، وقال: لم يروه عن الأعمش إلا شريك. تفرد به إسحاق، ومن حديث حجاج بن منهال عن حماد بن سلمة/عن أبان عنه، ومن حديث يحيى بن أبان عن الثوري عن ابن عمارة عنه بلفظ:"كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا مسجدا فإن له به قصرًا في الجنة من لؤلؤة. وحديث أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني بيتا يعبد الله فيه حلالًا بني الله له بيتا في الجنة من الدر والياقوت". رواه البيهقي (1) في شعب الإِيمان تأليفه من حديث بشر بن الوليد، وسعيد بن سليمان عن سليمان بن داود، ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه، رواه أبو القاسم في الأوسط (2) ، من حديث محمد بن سليمان بن عبد الله الكوفي، ثنا أبي عن المثنى بن الصباح عن عطاء بن أبي رباح عن المحرز عن أبيه، وقال: لم يروه عن المحرز إّلا عطاء ورواه أيضا من حديث سليمان بن داود اليماني، ثنا ابن أبي كثير عن أبي سلمة عنه قال عليه السلام:"من بني لله بيتا يعبد الله فيه من مال حلال بني الله له بيتا في الجنة من در وياقوت" (3) . قال: لم يروه عن يحيى إلا سليمان. تفرد به سعيد بن سليمان، ولا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا

_ وقال."يخطئ، وكان من العباد". وقال ابن عدى:"عندي إذا روى عنه ثقة فلا بحديثه". وذكر له أحاديث، وفال:"البلاء فيها من الرواة عنه، لا منه". وليس له ولا لعبد الرحمن مولى قيس في الكتب الستة غير هذا الحديث. (1، 2) ضعيف، رواه البيهقي في الكبرى: (6/167) . وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/8) ، وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"، والبزار خلا قوله"من در وياقوت"، وفيه سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف. (3) ضعيف. رواه ابن عدي في"الكامل" (3/1125) ، وابن القيسراني في"الموضوعات" (767) ، والموضح (1/119) .

الإِسناد، وقال أبو زرعة: هذا الحديث من حديث أبي هريرة: وهم، قال ابن محمد: قلت: ولم يشبع الجواب يبنى علة الحديث (1) ، والذي عندي أن الصحيح على ما رواه أبان العطار عن يحيى عن محمد بن عمرو عن أسماء بنت يزيد بن السكن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن يحيى عن محمود بن عمرو عن أبي هريرة موقوفا، وسمعت أبي يقول: هو محمد بن عمرو بن يزيد بن السكن- والله تعالى أعلم-. ولما ذكر أبو القاسم حديث أسماء بنت يزيد مرفوعا قال: لم يروه عن كثير إلا أبان. تفرد به موسى بن إسماعيل، ولا يروى عن أسماء إلّا بهذا الإسناد تفرد به المثنى عن عطاء/. انتهى كلامه، وفيه نظر لما أسلفناه من عنده، قيل: وحديث معاذ بن جبل قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من بني لله مسجدا بني الله له بيتا في الجنة" (2) . رواه أبو نعيم من حديث عمر بن صبيح، ثنا عاصم بن سليمان عن بريد عن مكحول عن الوليد بن العباس عنه، وذكره ابن الجوزي في العلل بزيادة:"ومن علّق فيه قنديلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يطفي ذلك القنديل، ومن بسط فيه حصيرا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى ينقطع ذلك الحصير، ومن أخرج منه مداد كان له كفلان من الأجر". ثم ردّه بعاصم، وحديث أبي سعيد الخدري قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني لله مس جدا بني الله له بيتا في الجنة" (3) . رواه الطبراني في الكبير، من حديث سهل بن تمام بن بريع ثنا عبد الحكم التيمي عن أبي المتوكل عنه، وحديث واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"من بني لله مسجدا يصلى فيه بني الله له بيتا في الجنة أفضل منه" (4) . رواه أيضا من حديث هشام بن عمار، ثنا الحسن بن يحيى عن بشر بن حبان عنه، وحديث عمرو بن عنبسة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من

_ (1) كذا ورد هذا السياق"بالأصل". (2) ضعيف. رواه أحمد (1/20) ، وابن خزيمة (1291) ، وإتحاف (3/31) ، والطبراني (8/ 268) ، وابن عساكر في"التاريخ" (8/273) ، ومشكل (1/486) ، والمشكاة (697) ، والكنز (20728،640،140) . (3) رواه الطبراني: (8/268) . (4) رواه ابن عساكر في"التاريخ": (10/88، 89) .

بني لله مسجدا دخل الجنة" (1) . أنبأ به المسند أبو بكر الحميدي أنبأ أبو الطاهر بن عبد القوي عن فاطمة أنبأ ابن زيدة أنبأ أبو القاسم، ثنا محمد بن النصر الأزدي، ثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني، ثنا بقية عن يحيى عن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عنه، ورواه النسائي عن عمرو بن عثمان عن بقية، فوقع لنا موافقة غالبة ولله الحمد. ولفظ ابن أبيِ حاتم الرازي في كتاب ثواب الأعمال:"من بني مسجدًا لله ذكر الله فيه بني له بيت/في الجنة" (2) . وحديث أبي إمامة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"لا يبنى أحدا مسجدا لله إلا بني الله له بيتا في الجنة أوسع منه" (3) . رواه أبو نعيم من حديث صدقة بن خالد عن عثمان بن أبي العائلة عن علي بن يزيد عنه، وحديث عائشة أنها قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني لله مسجدا بني الله له بيتا في الجنة قلت: يا رسول الله وهذه المساجد التي في طريق مكة، قال: وتلك" (4) . رواه مسندًا بن مسرهة في مسنده عن أبي داود عن كثير بن عبد الرحمن الطحان عن عطاء عنهما، وفي لفظ الطبراني من حديث المثنى بن الصباح عن عطاء:"من بني مسجدا لا يريد به رياء ولا سمعة" (5) . وفي لفظ من حديث كثير بن عبد الله المؤذن عن عطاء:"ولو قدر مفحص قطاة "، وقال: لم يروه عن المثنى إلا محمد بن عيسى بن سميع تفرد به هشام بن عمار، ولم يروه عن عطاء عنها إلا كثير بن عبد الرحمن الكوفي، والمثنى بن الصباح، وحديث أبي فرحانة، سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"ابنوا المساجد وأخرجوا القمامة منها؛ فمن بني لله مسجدًا بني الله له

_ (1) السابق بنحوه. (2) رواه ابن حبان (300) ، والموضح (1/180) . (3) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/8) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"، وفيه علي بن يزيد وهو ضعيف. (4) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/8) ، وعزاه إلى"البزار"والطبراني في " الأوسط"باختصار، وفيه كثير بن عبد الرحمن ضعفه العقيلي وذكره ابن حبان في الثقات. (5) ضعيف. المصدر السابق، وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط"، وفيه المثنى بن الصباح ضعفه يحيى القطان وجماعة، ووثقه ابن معين في رواية، وضعفه في أخرى.

بيتًا في الجنة"، فقال رجل: يا رسول الله، وهذه المساجد التي تبنى في الطريق"، قال: نعم، وإخراج القمامة منها مهور الحور العين" (1) ، وفي لفظ: "ولو مفحص قطاة". رواه أبو القاسم من حديث زياد بن يسار عن عزة بنت عياض عن جدها أبي قرصافة، وحديث عمر بن مالك الأنصاري: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني مس جدا بني الله تعالى له بيتا في الجنة" (2) . وذكره أبو موسى في كتاب الصحابة من حديث نصر عن علي بن زيد عن زرارة بن أوفى عنه، ثم قال: رواه/سفيان عن علي بن عمرو بن مالك، وقال حماد عن مالك القشيري، وقال قتادة: عن زرارة بن مالك، وهذا غير الأول، وحديث نبيط عن شريك قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول:"من بني لله مسجدا بني الله له بيتا في الجنة" (3) . رواه في الأوسط من حديث إسحاق بن إبراهيم عن أبيه عن نبيط، وقال: لا يروى عن نبيط إلا بهذا الإسناد، تفرد به ولده عنه، وحديث قرّة بن خالد عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس يرفعه:"يذهب الأرضون كلّها يوم القيامة إلا المساجد فإنها تنضم بعضها إلى بعض". قال أبو القاسم (4) : لم يروه عن قرة إلا أصرم بن حوشب، وحديث أم حبيبة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"من بني لله بيتا بني الله له بيتا في الجنًة" (5) . رواه أيضا من حديث شهر بن حوشب، وسليمان بن قيس عن عنبسة بن أبي سفيان، ومن حديث شعيب بن

_ (1) ضعيف. رواه الطبراني (3/4) ، واللآلىء (4/240) ، والخفاء (1/24) ، والمنثور (3/217) ، وللكنز (20766) ، وابن عساكر في"التاريخ" (1/421) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف الجامع (ص 9 ح/53) ، وانظر الضعيفة: (ح/1675) . (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/24) ، وأحمد (1/61، 70) ، والبيهقي (2/ 437، 6/167، 9/172) ، والتاريخ الكبير (5/330) ، وجرجان (131) . (3) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/8) . وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"، و"الصغير"، وشيخ الطبراني: أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن نبيط كذبه صاحب الميزان. (4) موضوع. تذكرة (37) وتنزيه (2/79) ، والكنز (20745) ، والفوائد (23) ، واللآلىء (2/ 10) ، والمجمع (2/6) ، وعزاه إلى الطبراني في"الأوسط"، وأًصرم بن حوشب كذاب. أنظر: (الضعيفة: ح/765) . (5) ضعيف الإسناد. رواه أبو عوانة (1/391) ، والفتح (1/545) . في إسناده شهر بن حوشب.

سنان، ثنا أبو طلال عن أنس عنهما، ذكره أبو القاسم بن مطير في معجمه الكبير، وحديث أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من بني لله مسجدا بني الله له بيتا في الجنة أوسع منه" (1) . رواه أيضا من حديث أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير النجار وهو منقطع، ورواه أبو نعيم الحافظ فوصله من حديث موسى بن إسماعيل ثنا أبان عن يحيى عن محمود بن عمرو عنهما. غريبه: قال ابن سيده: المسجِد والمسجد الموضع الذي يسجد فيه، وقد كان حكمه إلا يحيى على مفعل؛ لأن حق اسم المكان والمصدر من فعل يفعل أنّ يجئ على مفعل؛ لعلّه اسما في المخصص، ولكنه أخذ الحروف التي شذّت فجار على يفعل قال/سيبويه: وأما المسجد فإنهم جعلوه أسماء للبيت، ولم يأت على فعل يفعل كما قالوا في المزق: أنه اسم للجلود يعني أنه ليس على الفعل لقيل مدق؛ لأنه إله واللات تجيء على مفعل لمخرز ومكنس ومكسح، وفي الصحاح: المسجد واحد المساجد، قال الفراء: كلما كان على فعل يفعل مثل دخل يدخل؛ فالمفعل منه بالفتح اسما كان أو مصدرا، ولا يقع فيه الفرق مثل دخل مدخلا، وهذا مدخله إلّا أحرفا من الأسماء لزموها وكسر العين من ذلك المسجد والمطلع، وذكر حروفا ثم قال: فجعلوا الكسر علامة للاسم، وربما فتح بعض العرب في الاسم، وسمعنا المسجِد والمسجد والمطلع والمطلِع، قال: والفتح في كله جائز وإن لم تسمعه، وما كان من باب فعل يفعل مثل جلس يجلس فالموضع بالكسر والمصدر بالفتح للفرق بينهما، لقول نزل منزلا بفتح الزاي تريد نزولا، وهذا منزله فنكس؛ لأنك تعني الدار، وفي الجامع للفراء: المسجد- بفتح الجيم- هو موضع السجود، المسجد- بكسرها- هو البيت الذي يصلي فيه، وحق الاسم والمصدر أن يكونا في مكان على يفعل مضموم العين وعلى يفعل بفتحها، وإنما قالوا: مسجد

_ (1) صحيح. الترغيب (1/195) ، والبيهقي (2/437، 6/167) ، والمنثور (3/218217) ، والمطالب (353) ، والعقيلي (2/126) ، والمجمع (2/7، 8) ، وعزاه إلي أحمد والطبراني في "الكبير" و" الأوسط" واللفظ له. وقال:"فإنْ الله يبنى له بيتا أوسع منه في الجنة". ورجاله موثقون. قلت: للحديث شواهد ومتابعات صحيحة.

بالكسر ليفرقوا بين موضع السجود وبين ثبوت الصلاة، ومن العرب من يفتح فيقول: مسجد في كلى الوجهين ويلتزم القياس وفي جمهرة بن دريد والمساجد إلا رات (1) ، وقد فسر قوله تعالى: {وأن المساجد لله} وقال الزجّاج: كل موضع يتعبّد فيه فهو مسجد، والقطاة: قال سيده: وهو طائر معروف، والجمع قطوات وقطبات، وقد كان بالمدينة مساجد ذكرها أبو داود في كتاب المراسيل عن بكير بن الأشج قال: كان بالمدينة تسعة/مساجد مع مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع أهلها، قال ابن بلال: فيصلون في مساجدهم أقربها مسجد ابن عمرو بن مندول ومحمد بن ساعدة ومحمد بن عبيد ومحمد بن سلمة ومحمد بن زامح من بني عبد الأشهل ومحمد بن زريق ومحمد عفار ومحمد أسلم ومحمد جهينية وشك في التاسع. انتهى. وقد وقع لنا غير ما ذكر من المساجد التي صلى فيها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذكرها أبو زيد عمر بن شيبة في أخبار المدينة رافع بن حديج" صلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في المسجد الصغير الذي يأخذ في شعب الجراد على يمينك لازق بالجبل"، وعن السيد بن أبي أسيد عن أشياخهم:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعا على الجبل الذي عليه مسجد الفتح، وصلى في المسجد الصغير الذي بأصل الجبل على الطريق حتى تصعد الجبل"، وعن عمارة بن أبي اليسر"صلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في المسجد الأسفل"، وعن جابر قال:"دعا النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في المسجد المرتفع ورفع يديه، وعن عمرو بن بشر هبيل:"أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد بني حدارة"، وعن عمر بن قتادة:"أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد لهم في بني أمية من الأنصار، وكان في موضع القربين اللتين عند منالة نهيك"، وعن الأعرج:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على ذباب" (2) ، وفي لفظ: كان

_ (1) كذا ورد هذا السياق "بالأصل". (2) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع للزوائد" (4/14) . قال الطبراني:"بلغني إن ذباب جبل بالحجاز". وقوله:"صلى" أبط بارك عليه. قال ابن الأثير: أنه جبل بالمدينة. وفيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل: وهو ضعيف.

ضرب قتيبة يوم الخندق عليه، وعن جابر بن أسامة قال: " حط النبي- صلى الله عايه وآله وسلم- مسجد جهينة ليلا"، وفي لفظ:"وصلى فيه"، وعن سعد بن إسحاق:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/صلى في مسجد بني ساعدة الخارج من بيوت المدينة، وفي مسجد بني بياضة، ومسجد بني الحبلى ومسجد ابن عصبة"، وعن العبّاس بن سهل: " أن الناس رأوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في مسجد بني ساعدة في جون المدينة "، وعن يحيى بن سعد قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يختلف أبي مسجد، وأبي يعضل فيه غير مرة ولا مرتين"، وقال: " لولا أن يميل الناس إليه لأكثرت الصلاة فيه"، وعن يحيى بن نصر أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد أبي بن كعب في بني حرملة، ومسجد بني عمرو بن مندول، ومسجد بني دسر، ومسجد دار النابغة ومسجد بني عدى، وجلس في كهور سلع، وعن هشام بن عروة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد ملحوث بن الخزرج، ومسجد السبح، وبنى حطمة ومسجد الفضيح، وفي صدقة الزبير، وفي بني محمد، وفي بيت صدرمة وفي بني عدى وفي بيت عتبان، وعن الحارث بن سعيد أن النبي إلا صلى في مسجد بني حارثة وبنى طعر وبنى عبد الأشهل، وعن إسماعيل بن أبي حبيبة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد واقم، وعن ابن عمير أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في مسجد بني معاوية، وعن كعب بن عجرة أن النبي- صلى ألله عليه وآله وسلم- أول جمعة (1) جمعها حين قدم المدينة في بني سالم فْي مسجد عاتكة، وعن جابر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في مسجد الحزبة، ومسجد القبلتين، ومسجد ابن حرام الذي بالقاع، وعن محمد بن عتبة بن أبي لم مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في صدقة، وعن يحيى بن إبراهيم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في متربة أم إبراهيم، وعن خالد بن رباح أن النبي- عليه السلام- صلى في مسجد راتح، وعن زيد بن سعد أن النبي- عليه السلام- صلى في حائط أبي الهيثمي، وعن جابر أن النبي- عليه السلام- صلى الظهر يوم أحد في عينين، وعن على بن رافع أن النبي- عليه السلام- صلى في بيت امرأة بني الخضر فأدخل ذلك البيت في مسجد بني

_ (1) فوله:"جمعة"سقطت من "الأصل" وكذا أثبتناه.

قريظة، وعن سلمة الحطمي أن النبي- عليه السلام- صلى في بيت المقعدة عند مسجد بني وائل في مسجد العجوز، وعن أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- عرض المسلمين بالسقيا التي بالحرة متوجِّهًا إلى بدر، وصلى بها، وعن المطلب أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- صلى في مسجد بني ساعدة وصلى في المسجد الذي عند الشيخين، بات (1) فيه، وهو الذي عند البدائع، وعن هشام أن النبي عليه السلام صلى في مسجد الشجرة بالمعرس، وعن ابن عمر أن النبي- عليه السلام- صلى بالبطحاء الذي بذي حليفة وعن أبيِ هريرة اًن النبي- عليه السلام- صلى في مسجد الشجرة، وعن ربيعة بن عثمان أن النبي- عليه السلام- صلى في بيت أبي حبيب مسجد بني حذرة قال أبو غسان: قال لي غير واحد من أهل العلم: إن كل مسجد من مساجد المدينة ونواحيها مبنى بالحجارة المنقوشة المطابقة فقد صلى فيه النبي- عليه السلام-، وذلك أن عمر بن عبد العزيز حن بني مسجد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- سأل، والناس يومئذ متوافرون عن المساجد التي صلى فيها النبي- عليه السلام- ثم بناها بالحجارة المطابقة، وعن ابن/أبي خيثمة أن النبي- عليه السلام- صلى في دار الشفا على يمن من دخل الدار، وصلى في دار بسرة بنت صفوان، وفي دار عمرو بن أمية الضمري، ومنزل ابن أبي عمارة، قال أبو زيد: وأما المساجد التي يقال اًنه صلى فيها، ويقال اًنه لم يصل فيها فهي دار سعد بني خيثمة بقيا ومسجد بني زريق، ومسجد بنط مارن، ومسجد بني سالم الأكبر، والمسجد الذي بغار أحد، ومسجد بني حرام الأكبر، وسقيفة بني ساعدة القصوى، والمسجد الذي ببطن الروحاء عند عرف الطبة، وذكر الأرق في مكة شرفها الله تعالى مساجد منها مسجد منى وهو مسجد الخيف، ومسجد مزدلفة، ومسجد عرفة ومسجد المولد، ومسجد خديجة، ومسجد الأرقم، ومسجد عند الروم، ومسجد الجن، ومسجد الشجرة، ومسجد السرور، ومسجد عن يمين الموقف بعرفة، ومسجد الكبش، ومسجد باحباد، ومسجد إبراهيم، ومسجد بجوار

_ (1) جملة هذه الأحاديث من"معجم الفراء"، وراجع كتب المساجد.

مسجد ثبور، ومسجد عند سوق الغنم، ومسجد بذي طوي، ومسجد بالجعرانة، والمسجد الأقصى الذي من وراء الوادي بالعدوة القصوى، ومسجد التنعيم، والمسجد الذي عند حتيمة جمانة.

119- باب تشييد المساجد

119- باب تشييد المساجد حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي، ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-:"لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد". هذا حديث أخرجه بن خزيمة (1) في صحيحه عن محمد بن رافع، ثنا الموصل بن إسماعيل، ثنا حماد بلفظ:"إن من أشراط الساعة". وثنا/محمد بن يحيى، ثنا محمد بن عبد الله الخزاعي، ثنا حماد عن قتادة، وأيوب عن أبي قلابة عن أنس، قال أبو نعيم: تفرد الخزاعي بذكر قتادة، وقال ابن معين في الأوسط: لم يروه عن قتادة إلا حماد وقال ابن خزيمة: ثنا عمرو بن العباس، ثنا سعيد بن عامر عن أبي عامر الحزار قال: قال أبو قلابة: انطلقنا مع أنس نريد الزوائد يعني قصر أنس، فمررنا بمسجد، فحضرت صلاة الصبح، فقال أنس: لو صلينا في هذا المسجد، فقال بعض القوم: نأتي المسجد الأخر، قالوا: أي مسجد؟! قال: فذكر مسجدًا، فقال أنس: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"يأتي على الناس زمان يتباهون بالمساجد، ثم لا يعمرونها إلا قليلًا- أو قال: يعمرونها قليلًا-" (2) . وفي كتاب أبي نعيم من حديث محمد بن مصعب العرنساني عن حماد: "يتباهى الناس ببناء المساجد". وفي حديث على بن جرير الخزار:"يتباهون بكثرة المساجد". حدثنا جبارة بن المغلس ثنا عبد الكريم بن عبد الرحمن البجلي عن ليث عن عكرمة عن ابن عباس: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم-:"ستشرفون مساجدكم كما شرفت اليهود كنائسها، وكما شرفت النصارى بيعها" (3) . هذا حديث لما ذكره الحافظ ضياء الدين: رده

_ (1) صحيح. رواه ابن خزيمة (1323) ، ورواه أبو داود (ح/449) ، وابن ماجة (ح/739) ، وأحمد (3/152،145،134، 283،230) ، وابن حبان (308) ، والطبراني في"الصغير" (2/ 1114) ، وشرح السنة (2/350) ، والمنثور (6/51) والفتح (1/539) ، والكنز (38484) وصححه الشيخ الألباني. (2) المصدر السابق. (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/740) . في الزوائد: إسناده ضعيف. فيه جبارة بن المغلس،=

بليث المذكور، قيل: واغفل كونه من رواية أبي محمد جبارة بن المغلِّس الحافي الكوفي، فإن عبد الله بن أحمد عرض على أبيه شيئا من حديثه فأنكرها، وقال في بعضها: سمعت هذه موضوعة أو هي كذب، وقال ابن معين: هو كذاب، وكان أبو زرعة حدّث عنه، ثم ترك حديثه بعد ذلك، وقال: قال لي أبي نمير: ما هو عندي ممن يكذب، كان يوضع له الحديث فيحدّث به، وما كان عندي/ممن يتعمد الكذب، وذكر ابن عقدة عن محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي: سألت ابن نمير فقال: صدوق، وقال أبو حاتم: هو مثل القاسم بن أبي شيبة، وقال ابن عدي: في بعض حديثه مالا يتابعه أحد عليه، غير أنه كان لا يتعمّد الكذب، وحديثه مضطرب، كما ذكره البخاري، وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، وقال محمد بن سعد: يضعف، وذكره أبو جعفر العقيلي والبلخي في كتاب الضعفاء، ويعقوب في باب: من يرغب عن الرواية عنهم، وقال البزار: كان رجلًا كثير الخطأ، ليس يحدّث عنه رجل من أهل العلم، إنّما يحدّث عنه قوم فأتتهم أحاديث كانت عندم أو رجل عنى وأغفل كونه أيضا من رواية عبد الكريم المجهول العين والمنفرد عنه بالرواية جبارة، وقد وجدنا لهذا الحديث شاهدًا رواه أبو داود بسند، صححه ابن حزم عن محمد بن الصباح، ثنا سفيان بن عيينة عن سفيان عن أبي فروة عن أبي يزيد بن الأصم عن ابن عباس: فال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ما أمرت بتشييد المساجد". قال ابن عباس: لزخرفها كما زخرفت اليهود والنصارى (1) . ورواه أبو نعيم من حديث عبد الأعلى بن حماد، ثنا معتمر سمعت بشار يحدّث عن أبي فزارة به. حدثنا جبارة ثنا عبد الكريم بن عبد الرحمن عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم" (2) . هذا

_ وهو كذاب. وقد أخرجه أبو داود بسنده بدون هذا السياق. انظر: صحيح أبي داود تحت: (ح/ 474) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/157) ، الضعيفة (ح/2733) . (1) حسن. رواه أبو داود (ح/448) ، وعبد الرزاق (5127) ، وشرح السنة (2/348) ، وتغليق (236، 237) ، والكنز (20827) ، والمنثور (3/217) ، والمشكاة (718) ، والحلية (7/313) . (2) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة (ح/741) . في الزوائد: في إسناده أبو إسحاق، كان

حديث تقدم الكلام على سنده، وقد وردت أحاديث من هذا الباب غير ما تقدم من/ذلك حديث ليث عن أيوب عن أنس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ابنوا المساجد واتخذوها جما" (1) . وفي لفظ:"أمرت بالمساجد جما" (2) . ذكره ابن أبي شيبة فيِ مصنفه عن مالك بن إسماعيل، ثنا هريم عنه، ولما سأل الترمذي محمدا عنه قال: إنما يروى أيوب عن عبد الله بن شقيق قوله، وقال أبو الحسن: وسئل عنه ولم يتابع ليث عليه، وغيره يرويه عن أيوب عن ابن شقيق قوله، وحديث مجاهد عن ابن عمر قال:"نهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نصلى في مسجد مشرف" (3) . رواه الدارقطني، وقال: رواه إسحاق بن منصور وابن غسان عن هريم عن ليث عنه، ورواه عبد الحميد بن صالح عن هريم عن ليث عن نافع عن ابن عمر، وحديث ابن عباس- رضي الله تعالى عنه- قال:"أمرنا أن نبني المساجد جما" (4) . ذكره عبد الغافر الفارسي في كتابه مجمع الغرائب، قال: ومعناه التي أشرنا لها، وفي كتاب غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام زيادة: والمدائن شرفا، وحديث علي بن أبي طالب سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"ابنوا المساجد". رواه أبو نعيم الحافظ من حديث محمد بن شعيب، ثنا مبشر بن عبيد عن الحكم عن يحيى بن البزار عنه، وحديث جابر بن عبد الله: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من زوق بيته أو مسجده لم يمت حتى تصيبه قارعة" (5) . رواه أيضا من حديث موسى بن محمد صاحب القديدي، ثنا المنكدر بن محمد المنكدر عن أبيه عنه، ورواه

_ يدلس. وجبارة كذاب. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/157) ، وانظر: (الضعيفة: ح/447) . (1) رواه البيهقي (2/439) ، والحلية (3/12) ، والترغيب (1/197) ، والمجمع (2/9) . (2) رواه ابن عدي في"الكامل" (6/2107) ، والكنز (20771) ، والجوامع (4420) . (3) رواه الدارقطني (1/275) ، والطبراني (12/407) . (4) انظر: الحاشية رقم "2" السابقة. (5) قلت: وهذا حديث معلل رواه ابن الجوزي في علله. وعلته: أبو البختري وهب بن وهب، القاضي، عن هشام بن وهب، كذبه أحمد وغيره. (المغني في الضعفاء: 2/727 1222

ابن الجوزي في علله من حديث أبي البختري وهب بن وهب/، ورده به، وفي كتاب أبي نعيم بن دكن، ثنا سفيان عن أيوب عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال:"كانت المساجد تبنى جمار المدائن تشرف". ثنا سفيان عن أبي فزارة عن مسلم المستبطني (1) قال: كان علي بن أبي طالب إذا مر بمسجد النيم وهو مشرف قال: هذه بيعة النيم عن بيته. الشرفة: ما يوضع على أعالي القصور والمدن، وشرف الحائط: جعل له شرفه. ذكره ابن سيده، وفي الجامع: وقولهم قصر مشرف: إنّما معناه طويل، وإذا أرادوا له شرف قالوا: قصر مشرف، والبيعة: كنيسة النصارى، وقيل كنيسة اليهود، كما ذكره في المحكم، وفي الجامع: البيعة: بكسر الباء: صومعة الراهب، وقيل. كنيسة النصارى، والجمع بيع، وقال عياض: البيعة: كنيسة أهل الكتاب. والصلوات للصابئين، كالمساجد للمسلمين، وفي كتاب الجواليقي: البيعة، والكنيسة: جعلهما بعض العلماء، فارسيين معربين، وأما البناء المشيد: فهو المعمول بالتشيد، وكلّ ما أحكم من البناء، فقد شيّد، قال أبو عبيد: البناء المشيّد المطول، وقال الكسائي: التشييد للواحد، والمشيّدة للجميع، حكاه أبو عبيد عنه والكسائي: يحل عن هذا. قاله ابن سيده، وفي الجامع: أشدت الحائط وشيّدته: فهو مشاد، ومشيد إذا طولته، وقيل: لا يكون مشيدا حتى يجصّص ويطول، والزخرف: الذهب هذا الأصل، ثم سمّى كل زينة زخرفا، وزخرف البيت: زينه وأكمله، وكلّ ما ذوق وزيّن، فقد زخرف، والتزخرف، والتزين، والزخارف: ما زين من السفن، والزخرف: زينة النبات. ذكره ابن سيده، وفي الجامع: كل نفيس يسمّى زخرفا، وقال الهروي: هو كمال/حسن الشيء، وقال عياض. هو التزويق بالنقش والتلوين. قال الخطابي: المعنى أن اليهود، والنصارى؛ إنما زخرفوا المساجد عند ما حرفوا وتركوا العمل بما في كتبهم، نقول: فأنتم تصيرون إلى مثل حالهم؛ إذا طلبتم الدنيا بالدين وتركتم الإخلاص في العمل، وصار أمركم إلى المراياه بالمساجد والمباهاة بتشييدها وزينتها، وفيه دليل على أن الصلاة لا تجز بالمال كما يجز الصوم وغيره وأمّا قول من قال:

_ (1) قوله:"المستبطفي"غير واضحة "بالأصل" وكذا أثبتناه.

أراد بالتباهي في المساجد والتفاخر بالأنساب والأحساب وشيمه فمردود بقوله: ببناء المساجد وبكثرة المساجد. * * *

120- باب أين يجوز بناء المساجد؟

120- باب أين يجوز بناء المساجد؟ حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن أبي التياح الضبعي، عن أنس بن مالك قال:"كان موضع مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لبنى النجار وكان فيه نخل ومقابر للمشركين، فقال لهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثامنوني به قالوا: لا نأخذ به ثمنا أبدا، قال: فكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يبنيه، وهم يناولونه والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"ألا ان العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة"قال: وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي قبل أن يبنى المسجد حيث أدركته الصلاة" (1) . هذا حديث خرجاه في الصحيح من حديث أبي التياح مطولا:"قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة فنزل أعلى المدينة في حي يقال لهم: بنو عمرو بن عون، فأقام عليه السلام/فيهم أربع عشرة ليلة، ثم أرسل إلى ملأ بني النجار، فجاعوا متقلِّدين السيوف، فكأني أنظر إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على راحلة، وأبو بكر ردفه، وملأ بني النجار حوله، حتى ألقى بفناء أبي أيوب، وكان يصلى في مرابض الغنم، وفيه فأمر لقبور المشرفي، فنبشت ثم بالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، فصفوا النخل قبلة المسجد، وجعلوا عضادته الحجارة وفيه لا خير إلا خير إلا الأخرة". وأما قول خلف رواه مسلم (2) أيضا في الهجرة عن إسحاق بن منصور عن عبد الصمد عن أبيه عن أبي التياح، فيشبه أن يكون وحماد ذلك أن مسلما ليس عنده كتاب هجرة، وكتاب الهجرة إنما هو عند البخاري، وكذا ذكره الطرقي وابن أبي أحد عشر في جمعه، ورواه الحاكم في دلائل

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/117، 3/26، 83، 4/14،16، 5/86) ، وأبو داود (ح/454) ، وابن ماجة (ح/742) ، وأحمد (3/118، 244) ، والتمهيد (5/231) ، والنبوة (2/540) ، وابن أبي شيبة (3/388) . غريبه: قوله:"ثامنوني" أي خذوا منى الثمن في مقابلته وأعطوني به. (2) صحيح. رواه مسلم في: المساجد (ح/9) . غريبه: قوله:"خرب"قال النووي: هكذا ضبطناه بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء. قال القاضي: رويناه هكذا. ورويناه بكسر الخاء وفتح الراء، وكلاهما صحيح. وهو ما تخرب من البناء.

النبوة من حديث موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد بن سلمة عن أبي التياح بزيادة: وكان المهاجرون والأنصار ينقلون اللين أو التراب لبناء المسجد وهم يقولون: نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بعثنا أبدا فأجابهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم إنّ الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة (1) وفي حديث شعبة عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ينقل التراب معنا، وقد وارى الغبار بياض أبطبه"وهو يقول: اللهم لولا أنت ما اهتدينا ولا صمنا ولا صلينا/ فانزلنْ سكينة علينا إن الأُلى لقد بغوا علينا وإن أرادوا فتنة أبيتا (2) ومدّ بها صوته- صلى الله عليه وآله وسلم-، وفي حديث حشرج بن نباته عن سعيد بن جمهان عن سفينة قال:"لما بني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد جاء أبو بكر بحجر فوضعه، ثم جاء عمر بحجر فوضعه، ثم جاء عثمان بحجر فوضعه، فقال هؤلاء: وُلاة الأمر من بعدي" (3) . وفي كتاب موسى بن عقبة عن ابن شهاب: كان المسجد مربد التمر لغلا من سهل وسهيل بن عمرو بن حجر أسعد، قال ابن شهاب: وزعموا أله كان رجال من المسلمين يصلون في المربد قبل قدوم النبي- عليه السلام- المدينة، فأعطاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمنه ويقال: عرض عليها أسعد نخلا له في متى (4) بياضه ثوابًا من مربدهما فقالا:

_ (1) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (4/30، 5/137، 9/96) ومسلم) ص/1432) وأحمد (3/170، 187، 244، 278، 288، 6/289، 315) والبيهقي (7/43) والمنثور (3/279) والفتح (13/142) والكنز (30098) وابن سعد (1/2/50، 51) والخصائص (75) . (2) صحيح. رواه البخاري (4/78، 5/140) وأحمد (4/282، 291، 302) والدارمي (2/220) ومشكل (4/299) والخطيب (11/289) والقرطبي (14/130) والفتح (7/400، 10/541، 13/ 223) وتغليق (966) وأذكار (190) والكنز (30079) وابن أني شيبة (8/527) . (3) صحيح. رواه ابن عدي: (2/846) . (4) كذا ورد هذا السياق"بالأصل"0

بل تعطيه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويقال: بل اشتراه النبي- عليه السلام- منهما، فبناه مسجدا، فطفق هو وأصحابه ينقلون اللبن، وهم يقولون: هذا الحمال إلا حمال خير هذا أبرر بنا وأطهر، فأجابهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"اللهم إنّ الخير خير الآخرة" (1) . قال ابن شهاب: فتمثّل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شعر رجل من المسلمين لم يسم لي ولم يبلغني في الأحاديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تمثل بشعر قط غير هذه الأبيات، أنبأ المشايخ المعمر بقية السلف عبد القادر بن عبد العزيز بن أيوب، وأبو بكر عبد الله بن علي بن عمرو، وأبو عبد الله محمد بن عبد الحميد/بن محمد- رحمهم الله تعالى- قراءة عليهم، وأنا أسمع قال الأول: أنبأ الصالح أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أحمد بن أبي الفتح أنبأ القاضي ضيعة الملك أبو محمد بقية الله بن يحيى بن على بن حيدر، أنبأ الشيخ أبو محمد عبد الله بن رفاعة أنبأ أبو الحسن الخلعي، وقال الآخران: أنبأ الشريف تاج الشرف بن السيد أبي القاسم عبد الرحمن بن علي الحسين أنبأ أبو الطاهر محمد بن محمد بنان، أنبأ والدي، أنبأ أبو إسحاق الحبال، قال هو والخلعي: أنبأ أبو محمد عبد الرحمن بن عمر البزار أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أني الورد، أنبأ أبو سعد عبد الرحيم بن عبد الله البرقي أنبأ أبو محمد عبد الملك ابن هشام، ثنا زياد قال: قال محمد بن إسحاق:"فقال أسعد بن زرارة: يا رسول الله إنِي مرضيهما منه فابنه مسجدا، فأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببناء المسجد فأصيب سعد والمسجد يبنى إصابة الذبحة أو الشهقة". وفي كتاب سعد: جعل قبلته للقدس، وجعل له ثلاثة أبواب: باب في مؤخرة، وباب يقال له: باب الرحمة، والباب الذي يدخل منه، وفي الأكليل من حديث عبد الله بن عمر عن نافع عن مولاه: أنّه أخبره أنّ المسجد كان على عهده- صلى الله عليه وآله وسلم- مبنيا باللبن، وسقفه بالجريد، وعمده خشب النّخل، فلم يزد فيه أبو بكر شيئا، وزاد فيه عمر، وبناه على بنيانه في عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: لولا أنى سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"إني أريد أن أزيد في قبلتنا " (2) ما

_ (1) تقدم ص 1225. (2) ضعيف. إتحاف (4/417) ، والمطالب (497) ، والكنز (23080) ، وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/11) ، وعزاه إلى "البزار"- ألا أنه قال:" أنا نريد أن نزيد في فبلتكم"- وفيه عبد الله

زدت، فزاد ما بين المنبر إلى موضع المقصورة، ثم غيره عثمان، وزاد فيه زيادة كبيرة، وبني/جدره بالحجارة المنقوشة والقصة، وجعل عمده حجارة منقوشة، وسقفه بالساج، وفي حديث مالك بن معول عن رجاء قال: كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز؛ أن يكسر مسجد النبي عليه السلام وحجراته، وكان قد اشتراها من أهلها، وأرغبهم في ثمنها، وأن يدخلها في مسجد النبي- عليه السلام- فجاء عمر، فقعد ناحية، وقعدت معه، ثم أمر بهدم الحجرات، فما رأيت باكيًا ولا باكية أكثر من يومئذ خرعا، حيث كسرت، ثم بناه، كلما أراد أن يبنى البيت على القبر، وكسر البيت الأول، الذي كان عليه فطرت القبور الثلاثة، وكان الرجل الذي كان عليها قد انهار عنها فأراد عمر فليسوها ثم يصفون البناء. قال رجاء: فقلت: إن قمت، قام الناس معك، فوطئوا القبور فلو أمرت رجلاً أنْ يصلحها، ورجوت أن يأمرني بذلك، فقال: يا مزاحم قم، فأصلحها، قال رجاء: فأكرمه الله بها، وفي حديث يزيد بن رومان قام معاوية على منبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فجعله ست درجات، وحوله عن مكانه، وانكشفت الشمس يومئذ. قال أبو عبد الله وقد أحرق المنبر الذي أحدثه معاوية، وردّ منبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى مكانه، وفي حديث علي بن زيد عن أنس عند أبي نعيم الحافظ: لما بني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد جعل سقفه جريدا، وكان إذا بسط يده لحقت السقف، وفي كتاب الزواجر لأبي زيد: كان مربد، والتيمي في حجر معاذ بن عفراء عن الشِّفاء بنت عبد الرحمن أنها قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يؤمه جبريل إلى الكعبة، ويقيم/له القبلة، وكانت من اللبن، وقيل: بل من حجارة منقوشة بعضها على بعض، ثم إن المهدى بناه ووسعه وزاد فيه، وذلك في: سنة ستة ومائة، ثم زاد فيه المأمون في سنة: ثنتين وثمانين وأتقن بنيانه، ثم لم يبلغنا أنّ أحدا غير منه شيئا، ولا أحدث فيه عملا، وفي كتاب أخبار المدينة لأبي زيد بن أبي شيبة: أن العباس قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا رسول الله ألا أبني لك مقصورة حجابا يكلمك الناس من ورائه، يكف عنك طغاطهم وأخاهم فال:"لا بل اصبر لهم

_ العمري وثقة أحمد وغيره واختلف في الاحتجاج به وإسناد أحمد منقطع بين نافع وعمر.

فضول قدمي وبناني حتى يريحني الله منهم" (1) . قال ابن شهاب: فكان أول من عمل المقصورة معاوية، فأما التي في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اليوم؛ فإن عمر بن عبد العزيز عملها حين بناء المسجد بأمر الوليد، وكان حين عملها مرتفعة عن الأرض ذراعين فخفضها المهدي فهي على حالها إلى اليوم. وفي لفظ: أول من أحدث المقصورة مروان في عمل معاوية بحجارة منقوشة، وجعل فيها كوى. وفي لفظ: أول من عمل مقصورة بلبن: عثمان بن عفان، وكانت فيها كوى ينظر الناس فيها إلى الإمام، وأنّ عمر بن عبد العزيز عملها بالساج، قال: والذي بلط حوالي المسجد بالحجارة: معاوية أمر بذلك مروان، وعمل له أسرابا ثلاثة تصد فيها مياه المطر، وأراد أن يبلط بقيع الزبير، فحال ابن الزبير بينه وبين ذلك، وكان بين يدي المنبر مرمر، فطرح فيه طنفسة لعبد الله بن حسن، فلما ولى حسن بن زيد المدينة في رمضان سنة خمسين ومائة؛ غير ذلك المرمر سعة من جرانية/كلّها حتى ألحقه بالسواري على ما هو عليه اليوم، فلما قدم المهدي قال لمالك: إني أريد أن أعيد منبر النبي- عليه السلام- إلى حاله التي كان عليها، فقال مالك: إنّه من طرقا، وقد سمّر أبي هذه العيدان وشد فحتى بزعته خفت أن يهار ويحملك فلا أرى أن تغيره، قال أبو زيد: فانصرف رأي المهدي عن تغييره والله تعالى أعلم. حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو همام الدلال، ثنا سعيد بن السائب عن، محمد بن عبد الله بن عياض عن عثمان بن أبي العياض: "أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كان طاغيتهم" (2) . هذا حديث إسناده صحيح لتوثيق البستي محمد بن عياض، وباقي من في الإسناد لا يسأل عن حالهم، ولفظ أبي داود:"طواغيتم". حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا موسى بن علي، ثنا محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر:"وسئل عن الحيطان يلقى فيها الغدرات فقال: إذا سقيت مرارا فصلوا

_ (1) لم أقف عليه. (2) إسناده صحيح. أواه أبو داود في (الصلاة، باب"12" (وابن ماجة (ح/743) . وصححه الشيخ الألباني.

فيما يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) ". هذا حديث إسناده صحيح، عمرو بن عثمان بن سنان العلائي مذكور في ثقات ابن حبان، ورجاله الباقون حديثهم في الصحيح، وفي الباب حديث طلق بن علي قال:"خرجنا ونبأنا بالنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فبايعناه وأخبرناه أن بأرضنا بيعة لنا، فاستف عيناه من فضل طهوره، فدعا بماء فتوضأ وتمضمض، ثم صبه في أراوة، وأمرنا إذا أتيتم أرضكم، فاكسروا بيعتكم، وألقوا مكانها بهذا الماء، واتّخذوه مسجدًا". رواه النسائي (2) من حديث ملازم بن عمرو عن عبد الله/بن بدر عن قيس بن طلق عنه، وسكت عنه عبد الحق لما ذكره، وخطئ في ذلك، وحديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان يصلى في المواضع التي يبول فيه الحسن والحسين ويقول: إنّ العبد إذا سجد لله سجدة طهر الله موضع سجوده". رواه أبو القاسم في الأوسط (3) ، وقال: لم يروه عن هشام إلا بزيغ أبو الخليل يعني المتكلم فيه بكلام فيه أقداح. قوله: ثامنوني أي: قدروا ثمنه لأشتريه منكم فأبوا، وفي كتاب ابن سعد: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشتراه منهما بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر- رضي الله عنه-، فيحتمل على تقدير الصحّة انه أعطاهما ذلك ثواب هبتهما إياه فاعتقد رأى ذلك أنه ثمنه، وهذا هو الأليق بحاله صلى الله عليه وآله وسلم وبيّنه ما تقدم من قول ابن شهاب وأمّا ارتجازه صلى الله عليه وآله وسلم فذكر ابن التِّين: أنّ الرجز مختلف فيه هل هو شعر، أم لا، قال: وقالوا: إنّما هو كالكلام المسجع، وهى دائرة المشتبه سمى بذلك؛ لأنه يقع فيه ما يكون على ثلاثة: أجراً مأخوذ من البعير إذا

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/744) . في الزوائد: إِسناده ضعيف. فيه محمد بن إسحاق. كان يدلس. وقد رواه بالعنعنة. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/160) . (2) صحيح. رواه النسائي في (المساجد، 11- باب اتخاذ البيع مساجد: 2/38) . وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (12/12) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"، و"الأوسط"، وعمرو بن شقيق ذكره هو وأبوه ابن أبي حاتم، ولم يذكر فيهما جرحا ولا غيره. (3) ضعيف جدا. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/6-7) . وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط"وبزيغ: متهم بالوضع.

شدّت إحدى يديه فبقى على ثلاث قوائم، ويقال: بل هو مأخوذ من قولهم ناقة، وجزاء: إذا ارتعشت عند قيامها لضعف يلحقها، أو دار في الروض يحتمل أن يكون من رجزت الجمل: إذا عدلته، قال ابن حبان: وهو شيء يعدل رجز جمل، وفي المحكم الرجز: اضطرب رجل البعير؛ إذا أراد القيام ساعة ثم تنبط، وقال أبو إسحاق: سُمى بذلك؛ لأنه يتوالى في أوّله حركة وسكون، وقيل: لاضطراب أجزائه وتقاربها، وقيل: هو صدور/للإِعجاز، فلما كان هذا الوزن فيه اضطراب سمى رجزا تشبيها بذلك، وفي الحديث: لما اجتمعت قريش في أمره عليه السلام، وقالوا: نقول هو شاعر، فقال بعضهم: قد عرفّنا الشعر كلّه مقبوضه ومبسوطه وزجره؛ فذكروا الرجز من جملة أنواع الشعر، وقد تقدّم أيضا قول الزهري في ذلك، ولعلِّ الملجئ له إلى ذلك؛ هروبه من إنشاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا منه قابل فلو كان شعرا لما علمه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال تعالى: {وما علمناه الشعر} (1) . وما علم أن من أنشد القليل من الشِّعر متمثلا على جهة الله، ولم يستحق اسم شاعر، ولا يقال فيه أنه تعلم الشِّعر ولا ينسب إليه، ولو كان كذلك للزم أن يقال كل النّاس شعراء؛ لأن كل فرد لابد أن يتمثّل بشعر أو يتكلم به من غير قصد إذا الشّعر لا يكون إّلا عن قصد، والذي قال: الخليل هو الكلام الصحيح؛ لأنّ المهزل عنده ليس بشعر وهو الذي جرى على لسانه عليه السلام. وأمّا الطاغية؛ فذكر أبو موسى المديني أنه ليس من الطواغيت يشبه أن يريد به من طغى في الكفر وجاز القدر في الشرّ أي: عظاهم، ويجوز أن يريد به الأديان، وأما من رواه الطواغيت فزعم ابن سيده: أنّ- الطاغوت عبد من دون الله تعالى، وقيل: هي الأصنام، وقيل: الشيطان، وقيل: الكهنة، وقيل: مودة أهل الكتاب، وقوله تعالى: {يؤمنون بالجبت والطاغوت} (2) قال أبو إسحاق: قيل ها هنا حي بن أخطب وكعب بن الأشرف، وقوله تعالى: {يُريدُون أن يتحاكمُوا إلى الطّاغُوتِ} (3) يعني: إلى الكاهن أو الشيطان، وهو يقع/على الواحد والجميع، والمذكر المؤنث ووزنه ملفوت؛ لأنه من طغوت، وإنّما أُقِرت طوغوتا

_ (1) سورة يس آية: 69. (2) سورة النساء آية: 51. (2) سورة النساء آية: 60.

في التقدير على طغوت؛ لأن قلب الواو عن موضعها أكثر من قلب الباء في كلامهم، نحو شجر شاك ولاث وهاد، قد يكسر على طواغيت، وطواغ الأخير عن اللحياني، وفي الجامع: العرب تسمى الكاهن والكاهنة طاغوتًا، وفي كتاب أبي موسى المديني: هو ما زُيِّن لهم الشيطان أن يعبدوه، وفي الصحاح: هو كل رأس في الضلال، ومعنى قوله: سقيت أي: صُب عليها الماء مرة بعد أخرى كما قال صلى الله عليه وآله وسلم:"صبوا عليه سجلا من ماء" (1) . والله تعالى أعلم. ***

_ (1) تقدم في كتاب الطهارة، وانظر سنن أبط داود) الطهارة، باب 137) والبيهقي في: "الكبرى" (2/428) .

121- باب المواضع التي يكره فيها الصلاة

121- باب المواضع التي يكره فيها الصلاة حدثنا محمد بن يحيى، ثنا يزيد بن هارون، ثنا سفيان عن عمرو بن يحيى عن أبيه وحماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"الأرض كلها مسجد إّلا المقبرة والحمام (1) . هذا حديث خرجه أبو عبد الله في مستدركه من حديث عبد الواحد بن زياد، ثنا عمرو، وقال: تابعه عبد العزيز بن محمد بن عمرو وقال: وتابع عمارة بن عربة بن يحيى على روايته عن أبيه يحيى بن عمارة، ثم قال: هذه الأسانيد كلها صحيحة على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه، وخرجه ابن حبان في صحيحه عن عمران بن موسى، ثنا أبو كامل، ثنا عبد الواحد به، ولما خرجه الدارمي في مسنده الذي زعم أنه صحيح ذكر آخره، قيل لأبي محمد تجرى الصلاة/في المقبرة، قال: إذا لم يكن على القبر فتقم، قال: والحديث أكثرهم أرسله، وذكره ابن حزم مصححا له، ثم قال: وقال بعض من لا يبقى عاقبة كلامه في الدين: هذا حديث أرسله الثوري، وشكّ في إسناده موسى بن إسماعيل عن حماد مكان ما دار يتم، يقولون: إن المسند كالمرسل، ولا فرق ثم أي منفعة لهم في شك موسى، ولم يشك حجاج، وإن لم يكن فوق موسى فليس دونه في إرسال سفيان، وقد أسند حماد وأبو طوالة وعبد الواحد وابن إسحاق وكلهم عدل، وفي كتاب المعرفة، قال الشّافعي: وحدّث هذا الحديث في كتابي في موضعين: أحدهما: منقطع، قال أبو عبد الله: وبه يقول ومفعول أنه كما جاء الحديث ولو لم يتنبه؛ لأنه ليس لأحد أن يصلي على أرض نجسة، وقال أبو عيسى: حديث أبي سعيد قد روى عن عبد العزيز بن محمد ورواه منهم من ذكره عن أبي سعيد، ومنهم سن لم يذكره وهذا حديث فيه اضطراب، روى سفيان الثوري عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/317) ، وقال: هذا حديث فيه اضطراب. وابن ماجة (ح/745) وأحمد (3/83) والحاكم (1/251) ، وعبد الرزاق (1582) ، وابن خزيمة (791) ، وشرح السنة (2/409) ، والمشكاة (737) ، ونصب للراية (2/324) ، وابن حبان (338) ، وابن أبي شيبة (2/379) ، والفتح (1/ 529) ، والشافعي (20) ، والكنز (19187) . وصححه الشيخ الألبانْي.

النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا، ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي- عليه السلام- مسدا، ورواه محمد بن إسحاق عن عمرو بن يحيى عن أبيه، قال: كان عامة روايته عن أبي سعيد عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يذكر فيه أبا سعيد، وكانت رواية الثوري عن عمرو عن أبيه عن النبي- عليه السلام- أصح وأثبت، وقال في العلل: كان الدراوردي أحيانا يذكر فيه أبا سعيد ورعا، لم يذكره، والصحيح: رواية الثوري وغيره عن عمرو عن أبيه مرسل، وبنحوه. قاله أبو علي/الطوسي في أحكامه. وفي ما قالاه نظر: من حيث؛ أن ابن ماجة ساق رواية الثوري بسنده قيل، والله تعالى أعلم. وقال البيهقي: حديث الثوري مرسل، وقد روى موصولا، وليس بشيء. انتهى كلامه وهو غريب وصوابه ة لما قدّمناه مسندا صحيحا، وفي قول الترمذي أنّ ابن إسحاق لم يسنده نظر؛ لما تقدّم من عند ابن حزم، ولما يأتي من عند البزار، ورواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، ثنا مسدد، ثنا عبد الواحد عن عمرو عن أبيه عن أبي سعيد، قال موسى في حديثه: فيما يحسب عمرو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكره أبو الحسن بن القطان، فقد أخبر حماد في رواية: أن عمرا شكّ في ذكر النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، ومنتهى الذين رووه مرفوعا إلى عمرو، وأنّ الحديث حديثه، وعليه بدر (1) رضوا شك أولا ثم تيقن، ثم شكّ فإنه لو تعين الواقع منهما أنه الشكّ بعد أن حدث به متيقِّنا للرفع؛ لكان يختلف فيه، فمن يرى لسان الحديث قادحا لا يقبله، ومن يراه غير صائر يقبله، وإن قدّرنا حديثه شاكا، ثم تيقّن فهاهنا يحتمل أن يقال غير بعد الشك على سبب من أسباب اليقين، مثل أن يراه في مسموعاته أو مكتوباته فيرتفع شكّه فلا يبالى ما تقدم من تشككه، ومع هذا فلا ينبغي للمحدّث أن يترك بمثل هذا في نقله؛ فإنه إذا فعل فقد أراد مِنّا قبول رأيه في رواية، وهذا كلّه إنّما يكون إذا سلم أنّ الدراوردي وعبد الواحد الرافعين له سمعاه منه غير مشكوك فيه، فإنّه من المحتمل أن لا يكون الأمر كذلك بأن سمعاه مشكوكا فيه؛ كما سمعه/حمّاد، ولكنهما حدثا به، ولم

_ (1) كذا ورد هذا السياق"بالأصل"، وفيه اضطراب.

يذكر ذلك اكتفاء بحسبانه، وعلى هذا تكون علْة الخبر فاعلم ذلك. انتهى كلامه. وفيه نطر؛ من حيث قوله عن عمر، والحديث حديثه؛ لما أسلفناه صحيحا من عند الحاكم من أنّ عمارة بن غزية رواه عن يحيى كرواية ابنه عمر، ورواه البزار من حديث زياد، ثنا أبو طوالة عن عمرو مرفوعًا، وقال: رواه جماعة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ولم يقولوا عن أبي سعيد، ورواه عبد الواحد وعبد الله بن عبد الرحمن ومحمد بن إسحاق مرفوعا، وقد أسلفناه عن ابن حزم أن حجّاجًا رواه عن حماد بغير شكّ وكذلك يزيد بن هارون المذكور عندنا رباح، وهو ردّ؛ لما ذكره ابن القطان أيضًا، وأما تعداد الرواة الذين أسندوه عن البزار؛ فقد أغفل ما ذكره أبو القاسم؛ إذ رواه من حديث حجاج بن منهال بن خارجة بن مصعب عن عمرو مسندًا، وأما قول أبي الخطاب بن دحية في كتابه المولد: حديث أبي سعيد يعني هذا لا يصح من طريق من الطرق بين ذلك أهل التعديل والتجريح فغير صحيح؛ لما قدّمناه لتصحيحه في الترجيح الذي سلم به الحديث من التجريح. حدثنا محمد بن إبراهيم الدمشقي، ثنا عبد الله بن يزيد عن يحيى بن أيوب عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمر قال: "نهى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أن يصلى في سبع مواطن: في المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الإِبل، وفوق الكعبة" (1) . هذا حديث لما رواه أبو عيسى قال: حديث ابن عمر/إسناده

_ (1) تقدّم في كتاب الطهارة وهو ضعيف وراجع تخريجه. ورواه ابن ماجة (ح/746) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/746) . مفردات الحديث: المقبرة: بضم للباء، وتفتح. موضع دفن الموتى. المزبلة: موضع يطرح فيه الزبل. المجزرة: الموضع الذي ينحر فيه الإِبل، ويذبح فيه البقر والشاة. قارعة الطريق: للوضع الذي يقرع بالأقدام من للطريق. معاطنْ مبارك الإِبل عند منامها، وشرابها.

ليس بذلك القوى، وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه، وقد روى الليث بن سعد هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، وحديث ابن عمر عن النبي- عليه السلام- اسمه واضح من حديث الليث، وعبد الله بن عمر العمري: ضعفه بعض اً هل الحديث من قبل حفظه. قال أبو عيسى: وزيد بن جبيرة الكوفي أثبت من هذا، وأقدم فقد سمع من ابن عمر، وقال أبو محمد الأشبيلي: غير أبي عيسى يقول في هذا الإِسناد أكثر من هذا، وقال أبو علي الطوسي في كتاب الأحكام: حديث ابن عمر إسناده ليس بذاك القوى، وأشبه، وأصح من حديث الليث، وقال أبو الفرح في العلل المتناهية: هذا خبر لا يصح، وقال أبو الخطاب بن دحية: هذا حديث باطل عندهم أنكروه على ابن سيده، ولا يعرف مسندًا إّلا برواية يحيى بن أيوب عنه، ولا يجوز اًن يحتج عند أهل العلم بمثله، وقال أبو زكريا الساجي: زيد بن جبيرة الأنصاري الذي يُحدِّث عن داود بن حصين ثقة إلا أنه أتى بمنكر في هذا الحديث- يعني: حديث ابن عمر- وقال أبو جعفر العقيلي: زيد بن جبيرة منكر الحديث، من حديثه ما ثناه عبد الله بن أحمد بن أبي ميسرة، ثنا المقري، ثنا يحيى عن أيوب عن زيد عن داود يذكره، وثنا يحيى بن عثمان، ثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي- عليه السلام- نحوه، ثنا محمد بن إسماعيل، ثنا يحيى بن علي، ثنا ابن أبي بريم، ثنا الليث بن سعد قال: هذه النسخة/رسالة من عبد الله بن نافع مولى ابن عمر إلى الليث بن سعد. أمّا بعد: فإن نافعًا كان يحدّث عن ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه:"نهى أن يصلى في سبع مواطن: مواطن الإِبل والمجزرة، والمزبلة، وفي مصلى قبلة إلى مرحاض، وقارعة الطريق، والمقبرة، وظهر بيت الله العتيق" (1) . قال: ولا أعلم الذي حدث بهذا عن نافع إّلا قد قال عليه الباطل؛ فأما ما ذكرت من مصلى قبلته إلى مرحاض، فإنّما جعلت السترة لتستر من المرحاض وغيره، وقد حدثني نافع إن أراد ابن عمر التي هي

_ (1) الحاشية السابقة.

وراء جدار قبلة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان مربد الأرواح التي يدهن فيه ثم ابتاعته حفصة- رضي الله تعالى عنها- منهن فاتحذته دارا، وأمّا ما ذكرت من مواطن الإبل: فقد بلغنا أنّ ذلك يكسر ما وقد كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى على راحلة، وقد كان ابن عمر، ومن أدركنا من خيار أهل أرضنا يعرض أحدهم ناقة بيته وبن القبلة فيصلِّى إليها وهي تبعر وتبول: وأمّا ما ذكرت من الصلاة في المقبرة؛ فإنّ أبي حدثني أنّ عبد الله بن عمر صلى على رافع بن خديج في المقبرة، وهو إمام الناس يومئذ، وذكر الفضل بن طاهر في كتاب التذكرة، ورده يزيد أبو أحمد في كامله في باب ما أنكر على زيد بن جبيرة- يعني أبا جبيرة الأنصاري- القائل فيه يحيى بن معين: لا شيء، وقال أبو حاتم: منكر الحديث جدا متروك، وقال الأزدي: متروك الحديث، وقال الدارقطني: ضعيف الحديث، وقال ابن حبان: يروى المناكير عن المشاهير فاستحق السلب عن رواية، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه/ليس بالقائم، وقال أبو عمر في الاستفتاء: وأجمعوا على أنه ضعيف الحديث. انتهى. وفيه نظر؛ لما تقدم من عند الساجي وغيره، ولما ذكر له الحاكم حديثا في مستدركه صحح إسناده، وأما يحمى بن أيوب أبو زكريا البغدادي الزاهد المقابري وداود بن الحصين وإن كان فيهما كلام فحديثهما في الصحيح. حدثنا علي بن داود ومحمد بن أبي الحسين قالا: ثنا أبو صالح، حدثني الليث عن عبد الله بن عمر، حدثني نافع عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"سبع مواطن لا يجوز فيها الصلاة، طاهر بيت الله، والمقبرة، والمزبلة، والمجزرة، والحمام، وعطن الإبل، ومحجة الطريق" (1) . هذا حديث سبق الكلام عليه وردّ 5 أبو علي الطوسي بعلي بن داود أيضا، والله أعلم. وقال البزار: لا نعلمه يروى عن ابن عمر عن عمر إلّا من هذا الوجه، ولا نعلم حدّثه به عن عبد الله عمر إلا الليث بن سعد، وفي الباب حديث عائشة، وذكر عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتبه بالحديث فقال:"أولئك قوم إذا مات

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/747) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/ 162) 0 أنظر: الإرواء: (287) ، والشكاة: (738) .

فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله عز وجل" (1) . وحديث ابن عباس قال عليه السلام: "لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعو" (2) . وحديث أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" (3) . خرجاه في صحيحهما، وحديث جندب سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/قبل أن يموت بخمس وهو يقول:" إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل ألا وإنّ من كان قبلكم كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذ القبور مساجد" (4) . وحديث أبي مرثد الغنوى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها". رواهما مسلم، وحديث ابن عمر؛ قال عليه السلام: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ولا تتخذوها قبورا" (6) . ذكره البخاري، قال الإسماعيلي: إنّ هذا الحديث يدلُّ على النهي عن الصلاة في القبر لا في المقابر، وفي كتاب

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/118) ، والفتح (1/531) ، ورواه ابن سعد (2/2/34) ، وأبو عوانة (1/400) ، والتمهيد (1/168، 5/46) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/119، 4،206،6/14،7/109) ، ومسلم في ) المساجد، باب"3"، ح/22) ، والنسائي (2/40) ، وأحمد (6/275، 299) ، والنبوة (7/ 203) ، وأبو عوانة (1/399، 400) ، والبداية (5/238) . (3) حسن. رواه الترمذي (ح/813) ، وأحمد (2/285، 454، 518) ، والبيهقي (6/135، 9/ 208) ، والنبوة (7/204) ، والموطأ (892) ، والمنثور (3/227) ، وابن سعد (2/2/44) (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/20) ، ومسلم في (المساجد، ح/23) ، وابن أبي شيبة (2/376) ، والمشكاة (713) . والخليل: هو المنقطع إليه، إليه: أي النبي ينهى عن ذلك ويكره. (5) صحيح. رواه مسلم في (الجنائز، باب"33"، ح/97) ، وأبو داود (ح/3229) ، والترمذي (ح/1050،1051) ، وصححه. وأحمد (4/135) ، والبيهقي (2/435، 4/79) ، والحاكم (3/220، 221) ، وأبو عوانة (1/398) ، والمشكاة (1618) ، والطبراني في"الصغير" (1/252) ، والكنز (42574) ، وشرح السنة (5/410) ، والحلية (9/38) . (6) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/118، 441، 2/76) ، ومسلم في (المسافرين، ح/777) ، وأبو داود (1043) ، والترمذي (415) ، وصححه. وابن ماجة (1377) ، والنسائي (3/197) ، وشرح السنة (4/132) ، وابن السني (411) ، والمشكاة (714) .

ابن المنذر هذا يدل على أن المقبرة ليست بموضع للصلاة، وللعلماء في معنى هذا الحديث قولان: أحدهما: أنه ورد في صلاة النافلة، وهو الظاهر، الثاني: في الفريضة، يعني بذلك: من لا يقدر على الخروج، وفيه بعد في كتاب ابن التين؛ فأوّل البخاري هذا مع الصلاة في المقابر وأخذ عليه، وذلك أن جماعة أولوه على أنه عليه السلام ندب إلى الصلاة في البيوت إذ الموتى لا يصلون في قبورهم، فقال: " لا تكونوا كالموتى الذين لا يصلون في بيوتهم"، وهي القبور، وأمّا جواز الصلاة في المقابر أو المنع فليس في الحديث ما يوجد منه ذلك، وحديث علي- رضي الله تعالى عنه- أنه هو يقاتل وهو يسير، فجاء المؤذن، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام، فلما فرغ قال:"إنّ حبيبي عليه السلام نهاني أن أصلى في المقبرة، ونهاني أن أصلي في أرض بابل، فإنها ملعونة". ذكره أبو داود (1) من حديث الحجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري سعيد بن عبد الرحمن عنه، وذكره أبو عبد الله/الجعفي في صحيحه بلفظ: ويذكر عن علي أنه كره الصلاة بخسف بابل، وذكر ابن يونس أبا صالح هذا؛ فقال: روى عن علي، وما أظنه سمع به، وقال الأشبيلي: هذا حديث واهي، وزعم ابن القطان: أنّ فيه رجالا لا نعرف حالهم، وقال البيهقي في المعرفة: إسناده غير قوي، وقال الخطابي: إسناد هذا الحديث فيه مقال، ولا أعلم أحدا من العلماء حزم الصلاة في أرض بابل، وقد عارضه ما هو منه وهو قوله عليه الصلاة والسلام:"جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" (2) . ويشبهه أن يثبت الحديث أن يكون نهاه أن يتّخذها وطنا ودارا للإِقامة، فتكون صلاته فيها يوما إذا كانت إقامته بها، ويخرج النهى فيه على

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/490) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/119،91) ، ومسلم في (المساجد، ح/5) ، وأبو داود (489، 3613، 3614) ، والمجمع (3615) ، والترمذي (317) ، والنسائي (2/26) ، وابن ماجة (567) ، وأحمد (1/250، 2/240، 250، 412، 442، 501، 5/145) ، والبيهقي (2/ 433، 434) ، والطبراني (11/61، 73) ، والإرواء (1/315) .

الخصوص ألا ترى إلى قوله نهاني حبيبي، أو يحتمل أن يكون أمره ما يلقى من المحنة بالكوفة وهى هن أرض بابل، والله تعالى أعلم. وفي السن الكبير البيهقي (1) : وروينا عن عبد الله بن أبي محل العامري قال:"كنا مع علي فمررنا على الخسف الذي ببابل فلم يصل حتى أجازه". وعن حجر بن عدي الحضرمي عن علي قال:"ما كنت لأصلى في أرض خسف الله بها ثلاث مرات" (2) . قال أبو بكر: وهذا النهي إن ثبت مرفوعًا ليس لمعنى يرجع إلى الصلاة فلو صلى فيها لم يعد؛ وإنما هو كما جاء في حديث الحجر، وحديث ابن عمر قال عليه الصلاة والسلام:"لا تدخلوا على هؤلاء المعذّبين إلا أن يكونوا باكين، فإن لم يكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم" (3) . أدخله البخاري في باب الصلاة، في موضع الخسف والعذاب، وفي كتاب البيهقي: وروينا عن ابن عمرو بن العاص/أنه: كان يكره أن يصلي الرجل في الحمام، وروينا عن ابن عباس أنه: كره أن يصلى إلى حش أو حمام أو قبر، ورأى عمر إنسان يصلى وبن يديه قير لا يشعر به فناداه: القبر القبر، وحديث أبي سعيد مولى المهدى قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا تتخذوا بيوتكم قبورا" (4) . أنبأ به المسند الجودري عن أبي الحسن المحمودي أنبأ الحافظ أبو طاهر، أنبأ أبو مسعود محمد بن عبد الله بن أحمد السودجاني، أنبأ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن حمدان الخيال، قال السلفي: وأنبأ أبو القاسم الفضل بن علي السكري أنبأ أبو بكر محمد بن أحمد الدكراني قالا: أنبأ أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم،

_ (1) صحيح. رواه البيهقي: (2/451) . وله شاهد بإسناد حسن. رواه أبو داود في الحاشية رقم"1" السابقة. (2) لم نقف عليه. (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (6/9) ، ومسلم (2285) ، وعبد الرزاق (1625) ، والترغيب (4/360) ، وتجريد (876) ، والتمهيد (5/212) ، والكنز (35163) ، وأذكار (153) ، والطبراني (12/457) ، وبداية (1/138) . (4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1377) ، وأحمد (4/114، 116) ، وعبد الرزاق (6726،4839) ، والكنز (41510) ، وابن حبان (635) . وصححه الشيخ الألباني.

ثنا جدي أبو موسى عن عيسى بن إبراهيم، ثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني بجميع كتاب الثواب تأليفه، ثنا حبان عن محمد بن عجلان عنه، وحديث الحسن قال: حدثني سبعة رهط من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم: أبو هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"نهى عن الصلاة في المسجد تجاه حش، أو حمام، أو مقبرة" (1) . ذكره أبو أحمد من حديث عبادة بن كثير الثقفي عن عثمان الأعرج عنه، وردّه بضعف عباد، وزاد ابن القطان علّة أخرى؛ وهى الجهالة بحال عثمان؛ فإنّها لا تعرف، وفي كتاب البزار من حديث الأشعث عنه عن أنس:"نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الصلاة بين القبور" (2) . وسنده صحيح. قاله عبد الحق في الكبرى، وحديث أبي هريرة يرفعه:"لا تجعلوا بيوتكم مقابر" (3) . رواه مسلم، وسيأتي لهذا الباب مزيد بيان عند حديث عمر إن شاء الله تعالى غريبه/: قال ابن سيده: القبر مدفن الإنسان، وجمعه: قبور، والمقبرة: موضع القبور، قال سيبويه: المقبرة ليس على الفعل، ولكنه اسم، وفي الصحاح: وقد جاء في الشّعر المقبرة قال الشاعر: لكل أناس مقبر نعتا بهم ... فهم ينقصون والقبور تزيد وهو المقبِري والمقبري، قال ابن مري: وقول ابن نصر أن المقبر- بفتح الباء- قد جاء في الشعر، يقتضى أنه من الشاذ وليس كذلك؛ بل هو قياس مطرد في أسم المكان من قبر يقبر المقبر، ومن خرج يخرج المخرج، ومن دخل يدخل المدخل، وهو قياس مطرد لم يشذ منه غير الألفاظ المعروفة، مثل المنبت، والمسقط، والمطلع، والمشرق، والمغرب، ونحوها، قال ابن سيّده:

_ (1) ضعيف. وعفته عثمان الأعرج، عن الحسن، وعنه عياد بن كثير، لا يعرف. (المغني في الضعفاء: 2/430/4076) . (2) إسناده صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع للزوائد" (2/27) ، وعزاه إلى البزار ورجاله رجال الصحيح. ورواه ابن أبي شيبة: (14/240) . (3) صحيح. رواه مسلم في (صلاة المسافرين، باب"29"، ح/212) ، والترمذي (ح/ 2877) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود في (المناسك، باب"99" (، وأحمد (2/378،337،284،288) ، والمشكاة (2119) ، وشرح السنة (4/456) ، والكنز (41511) والترغيب (2/369) .

والحمام: الديماس مشتق من الحميم مذكر وهو أحد ما جاء من الأسماء على فعال نحو: اقتران والحمام، والجمع حمامات، قال سيبويه: جمعوه بالألف والتاء، وإن كان مذكرًا حي لم يكسر، جعلوا ذلك عوضا من التكسير، وفي الصحاح: الحمام مشدد واحد الحمامات المبنية، وفي الأوائل: أؤل من اتُّخذ له الحمام، سليمان، قالوا: أراد أن يتذكر به الآخرة فلما دخلها قال: آه من عذاب الله تعالى، وأما المجزرة فزعم الجوهري: أن المجزر بكسر الراء موضع جزر الجزور ويقال: جزرت الجزور أجزرها بالضم، واجتزرتها إذا نحرتها وجلدتها، وفي الحديث عن عمر:"إياكم وهذه المجازر، فإن لها ضراوة كضراوة الخمر" (1) . قال الأصمعي: يعني ندى القوم؛ لأن الجزور إنما تذبح عند جمع الناس، قال: والمزبلة: بالضم أيضًا، موضع الزبل وهو السرجين، قال أبو محمد ابن حزم: ولا تحل الصلاة في حمام سواء مبد أما به إلى/منتهى جميع حدوده، ولا على سطحه وسقف موقده وأعالي حيطانه خربا كان أو قائما، فإن سقط من بنيانه شيء يسقط عنه اسم حمام، جازت الصلاة في أرضه حينئذ، ولا في مقبرة لمسلم كانت أو لكافر، فإن ثبت وأخرج ما فيها من الموتى جازت الصلاة فيها، ولا إلى قبر ولا عليه ولعانه قبر نبي، وبهذا تقول: طوائف صن السلف روينا عن نافع بن جبير أنه قال:"كان ينهى أن يصلى وسط القبر والحمام والحشان". وعن ابن عباس قال:"لا تصلين إلى حش، ولا حمام، ولا في مقبرة". قال أبو محمد: ولا نعلم لابن عباس في هذا مخالفا من الصحابة، وعن إبراهيم قال: كانوا يكرهون أن يتخذوا ثلاثة أبيات قبلة: الحمام، والحش، والمقبرة، وعن العلاء بن زياد عن أبيه وخيثمة بن عبد الرحمن أنهما قالا:"لا تصلي إلى حمام، ولا إلى حش، ولا وسط مقبرة" وقال أحمد: من صلى في حمام أو مقبرة أو إلى مقبرة أعاد أبدًا، وعن علي:

_ (1) بنحوه. رواه مالك في: صفة النبط صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (ح/36) . ولفظه:"إياكم واللحم؛ فإن له ضراوة كضراوة الخمر". غريبه: قوله:"ضراوة" أي: عادة يدعو إليها ويشق تركها لمن ألفها، فلا يصبر عنه من اعتاده.

من شرار الناس من يتخذ القبور مساجد، وعن ابن عباس رفعه:"لا تصلوا على قبر، ولا إلى قبر" (1) . قال ابن جريج:"قلت لعطاء أيكره أن يصلى إلى قبر أو وسط القبور؟! قال: نعم، كان ينهى عن ذلك، فإن كان بينك وببن القبر سترة ذراع فصلّ"، وعن عمرو بن دينار نحوه، وكان طاوس يكره الصلاة وسط القبور كراهية شديدة، قال أبو محمد: فهؤلاء الصحابة لا نعلم لهم من الصحابة أيضا مخالفا، وكره الصلاة على القبر وإلى القبر، وفي المقبرة: أبو حنيفة، والأوزاعي، وسفيان، ولم يرى مالك بذلك النهى عن الصلاة على ظهر الكعبة فسيأتي إن شاء الله تعالى في موضعه، والله أعلم.

_ (1) صحيح. رواه الطبراني في"الكبير" (3/2/145) ، عن عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وكيسان هذا هو: أبو مجاهد المروزي صدوق يخطيء كثيرا كما قال الحافظ في"التقريب"، وبقية رجاله ثقات. ثم رواه (1/1/150) عن رشدين بن كُريب عن أبيه عن ابن عباس رفعه. ورشدينن ضعيف كما في"التقريب"، وبقية رجاله ثقات، فالحديث بمجموع الطريقين حسن. وللحديث شاهدان من حديث أبط سعيد الخدري وأنس، وهما مخرجان في كتاب"تحذير المساجد" ) ص 31-32) ، وعلى هذا فيكون الحديث صحيح.

122-باب ما يكره في المساجد

122-باب ما يكره في المساجد حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، ثنا محمد ابن حمير، ثنا زيد بن جبيرة الأنصاري عن داود بن الحصين عن نافع عن ابن عمرو عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"خصال لا ينبغي في المسجد، لا تتخذ طريقا، ولا يشهر فيه سلاحا، ولا يبيض فيه نفوس، ولا ينثر فيه نبلا، ولا يمر فيه بلحم نيىء ولا يضرب فيه حدًا، ولا يقتص فيه من أحد، ولا يتخذ سوقاً" (1) . هذا حديث لما ذكره أبو أحمد بن عدي وأبو الفضل في كتاب التذكرة ضعّفاه بزيد، وقال أبو الفرح في العلل المتناهية: هذا خبر لا يصح، ورواه أبو نعيم من حديث يحيى بن صالح أبو حاطي ثنا علي بن حوشب عن أبي قبيل حيي بن هانئ عن سالم عنه بلفظ:"لا تتخذوا المساجد طرقا إّلا لذكر أو صلاة" (2) . ثم قال: تفرد به أبو قبيل عن سالم. حدثنا عبد الله ابن سعيد الكندي، ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن البيع والابتياع، وعن تناشد الأشعار في المساجد" (3) . ثم كرر ذكره في باب إنشاد الضوال، وهو حديث خرجه ابن خزيمة، في صحيحه عن عبد الله بن سعيد، ثنا أبو خالد ولفظه: "عن البيع والابتياع وأن ينشد الضوال وعن تناشد الأشعار، وعن التحلق

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/748) . في الزوائد: إسناده ضعيف لاتفاقهم على ضعف زيد بن جبيرة. قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه ضعيف. والفتح (13/157) ، ونصب الراية (2/493) ، والكنز (20820) ، وابن القيسراني في"الموضوعات" (434) ، والعلل المتناهية (1/403) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/163) ، والتعليق الرغيب (1/124) ، والضعيفة (1497) ، وصحت منه الخصلة الأولى- الصحيحة (1001) . (2) صحيح. رواه الطبراني في"الكبير" (3/2/194) ، وفي "الأوسط" (2/20) من ' مجمع البحرين". وعنه ابن عساكر في"تاريخ دمشق" (12/2/39) من طريق أخرى عن يحيى بن صالح الوحاظي به. لإسناده حسن. وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/24) . ورجاله موثقون. (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/749) . وصححه الشيخ الألباني.

للحديث يوم الجمعة قبل الصلاة- يعني في المسجد-". ولما رواه أبو عيسى عن قتيبة، ثنا الليث عن ابن عجلان قال فيه: حديث حسن والالتفات إلى قول ابن حزم هذا: خبر لا/يصح؛ لأنه من طريق عمرو عن أبيه عن جده وهي ضعيفة أو من طريق هي أسقط منها، زاد أحمد: وأن لا يشترى فيه، وعند البيهقي: وعن تعريف الضالة: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا الحرث بن نبهان، ثنا عتبة بن يقظان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الأسقع أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"جنبوا مساجدكم صبيانكم، ومجانينكم، وشرائكم، وبيعكم، ومصوماتكم، ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم، وسل سيوفكم، واتخذوا على وسل سيوفكم أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع" (1) . هذا الحديث معلل بأمور منها: الحارث بن نبهان الجرمي القائل فيه أحمد: هو رجل صالح، لم يكن يعرف الحديث ولا يحفظه وهو منكر الحديث، وقال ابن معين: لا يكتب حديثه ليس بشيء، وفي رواية: كثير الغلط، وقال أبو حاتم: متروك الحديث ضعيف الحديث منكره، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث في حديثه وهن، وعجب من قول ابن معين ليس بشيء، وقال البخاري: منكر، وفي علل أبي عيسى عنه: ولا يبالي ما حدث وضعّفه جدا، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: خرج عن حد الاحتجاج به، وقال الدارقطني: ليس بالقوى، وفي تاريخ محمد بن أبي شيبة سألت ابن المديني عن ابن نبهان فقال: كان ضعيفًا ضعيفًا، وقال الآجري: سألت أبا داود عن ابن نبهان فقال: ليس بشيء، وقال الساجي: عنده مناكير وذكر أبو جعفر العقيلي: أنه منكر الحديث، وفي كتاب أبي العرب قال: أبو

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (750) . في الزوائد: إسناده ضعيف؛ فإن الحارث بن نبهان متفق على ضعفه. والمجمع (2/25-26) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"وهو فيه (8/ 156) ، وفيه العلاء بن كثير الليثي الشامط وهو ضعيف. ونصب الراية (2/491) والفتح (13/ 157) والمطالب (357) ، وابن كثير (6/68) ، والقرطبي (12/270) ، والترغيب (1/199) ، والمنثور (5/51) ، وتذكرة (37) ، والخفاء (1/400) ، وأسرار (172) ، وا لمتناهية (1/404) ، والعقيلي (3/348) . وضعفه الشيخ الألباني: ضعيف ابن ماجة (ح/164) ، والتعليق الرغيب (1/120- 121) ، والأجوبة النافعة (55) ، والإرواء (7/36) .

الحسن بن نبهان ضعيف الحديث، قال أبو العرب: كان الحديث قدم إلينا من إفريقية فسمع منه البهلول بن راشد، وكان/الحديث، فزاد ذكره الدولابي في كناه، ووصفه بلا شيء، وقال أبو إسحاق الحربي: غيره أوثق منه، وذكر ابن لعطة: أنه منكر الحديث. الثّاني: عتبة بن يقظان وإن ذكره ابن حبان في كتاب الثقات، فقد قال النسائي: كان غير ثقة، وقال علي بن الحسن بن الجنيد: لا يساوي شيئا فيما ذكره ابن أبي حاتم. الثالث: أبو سعيد لا يعرف حاله، ولم نر له راوياً غير عتبة. الرابع: مكحول، وإن كان البخاري في تاريخه الأوسط زعم أنه سمع من واثلة، وكذلك البزار، والجوزقاني؛ فقد ذكره أبو مسهر، وقيل له: هل سمع مكحول من أحد من الصحابة، فقال: ما صح عندنا إلّا أنمر، قلت: فواثلة فأنكره، قال عبد الرحمن: سألت أبي عن مكحول عن واثلة، فقال: مكحول لم يسمع من واثلة؛ إّنما دخل عليه، وروينا عن أبي عبد الله بن البيع في كتاب معرفة علوم الحديث حديث مكحول عن الصحابة حوالة، ورواه أبو أحمد بن عدى في كامله من حديث عبد الرحمن بن هانئ وهو متهم بالكذب عن العلاء وهو ضعيف عن مكحول عن واثلة وأبي الدرداء وأبي أمامة قال: سمعنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " جنبوا مساجدكم ... "فذكره بزيادة:"واجعلوا على أبوابها المطاهر". وغير ذلك، ثم رواه أبو العلاء، وكذلك أبو الفضل بن طاهر وأبو محمد الأشبيلي، وأمّا أبو الحسن بن القطان وصاحب العلل المتناهية؛ فرواه بها، وأما إغفال ابن عساكر ومن بعده حديث ابن ماجة هذا فغير صواب، وقد استدركناه في كتابنا المسمّى بالأطراف بتهذيب الأطراف، وفي الباب غير حديث؛ من ذلك حديث حكيم بن حزام قال:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/أن يستقاد في المسجد، وأن تنشد فيه الأشعار، وأن تقام فيه الحدود". خرجه أبو داود (1) من حديث صدقه بن خالد عن محمد بن عبد الله الشعيثي عن زفر بن وثيمة عنه وزعم أبو محمد الأشبيلي أنه حديث ضعيف، وقال ابن القطان: لم يثنى أبو محمد

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/4490) ، والدارقطني (3/85، 86) ، والبيهقي (8/328، 10/ 103) ، والمتناهية (1/403) .

من أمره شيئا وعليه الجهل بحال زفر بن وثيمة بن مالك بن أوس بن الحدثان؛ فإنه لا يعرف بأكثر من رواية محمد بن عبد الله بن المهاجر الشعيثي عنه، وروايته هو عن حكيم. انتهى كلامه. وفيه نطر من حيث؛ نظر في غير موضع النظر، وذلك أنّ من لا يصلح أن يكون علّة لحديث فإنه ممن سأل عثمان بن سعيد الدارمي أبا زكريا يحيى بن معين؛ فقال: ثقة، وذكره أبو حاتم البستي في كتاب الثقات، وروى له الحاكم في مستدركه حديثا صح إسناده، وروى عن المغيرة بن شعبة، وروى عنه أيضا محمد بن عبد النضري فيما ذكره أبو نعيم في كتاب المساجد، وأظنهما واحدا، وعلى كل حال زالت العلّة التي عصب بها ابن القطان رأس زفر، وأمّا الشعيثي الذي أبرزه أبو محمد عبد الحق؛ فهو ثقة عند جماعة: منهم: دحيم، والمفضل بن غسان فصح على هذا إذا الحديث، ولقائل أن يقول: ليس الأمر على ما ذكرت، وذلك أنه حديث منقطع، والمنقطع لا يكون صحيحا، وبيانه عدم اتصال ما بين زفر وحكيم الذي أشار إليه ابن حبان بقوله: روى عن حكيم، إن كان سمع منه، وهذا وإن كان ظنا لا يقينا فإنّه يخدش في الاتصال؛ لكوننا لم نعرف مولده ليتّضح سماعه منه أو عدمه، ولانا لم نره صرح بسماعه منه، وإن لم يتّهم بتدليس/ فغير كان حداثنا رواية عنه مع هذا الخدش. والله تعالى أعلم، وقد وجدنا دحيما لما ذكره وأوضح ما استبهم علينا من حاله بهذا أنه لم يكن حكيما، وأما ما كرهه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر؛ من أن وكيع بن الجراح رواه عن الشعبي، عن عبد الرحمن المزني عن حكيم، وكذا ذكره الدارقطني رواه عن حكيم العباس بن عبد الكريم، فغير محمد، لعدم ذكر هذين في شيء من التواريخ جملة فيما أمر حديث عبد الله بن مسعود أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" (1) . رواه البزار وقال: ليس لهذا الحديث أصل من حديث عبد الله، وفي كتاب أبي نعيم من حديث الحكم بن عبد الملك عن سالم بن أبي الجعد عن أبيه عنه مرفوعا:"من أشراط الساعة أن يمُر الرجل في المسجد لا يصلي فيه". وفي المستدرك (2) من حديث خارجة بن

_ (1) موضوع المجمع (2/26- 27) ، والعقيلي (3/348) ، والمتناهية (1/404) ، والحفاء (1/400) . (2) رواه الحاكم في"المستدرك": (4/446) ، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

الظت البرجمش"قال: دخلت مع عبد الله، فإذا القوم ركوع فركع فمر رجل فسلّم عليه، فقال عبد الله: صدق الله ورسوله أنه كان يقول: " لا تقام الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا ... " (1) الحديث، وقال فيه: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وخرجه ابن خزيمة في صحيحه ومن رفعه مطولا، وحديث مكحول رفعه إلى معاذ بن جبل رفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: لا جنِّبوا مساجدكم صبيانكم، وخصوماتكم، وشراءكم، وبيعكم، وجمروها يوم جمعكم، واجعلوا على أبوابها مطاهر". رواه أبو نعيم في كتاب المساجد من حديث محمد بن مسلم الطائفي/عن عبد ربه بن عبد الله الشامي عن يحيى بن العلاء عنه، وفي التفسير المنسوب للضحاك من حديث برد عن مكحول عنه مرفوعا بلفظ:"ينهون صبيانكم عن اللعب في المساجد ويهودكم ونصاراكم أن يدخلوا المسجد، أو ليمسخنّكم الله قردة وخنازير ركعا وسجدا" يرد عن مكحول فال عليه السلام: " لا تفرد أهل الكفر بالله أن يدخلوا مساجدكم لما هم فيه من النجاسة لمه. يرد عن مكحول قال عليه السلام: " جنبوا مساجدكم مجانينكم، وصبيانكم، ورفع أصواتكم، وبيعكم وشراءكم، وسلاحكم، وجمروها بين كل سبعة أيام، وصفوا الطاهر أبوابها وأفنيتها لمه (2) . وحديث محمد بن محبر عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه عن علي قال: صليت العصر مع عثمان فرأى خياطا في ناحية المسجد، فأمر بإخراجه فقيل له: يا أمير المؤمنين أنه يكنس المسجد، ويغلق أبوابه، ويرش أحيانا فقال عثمان: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: لا جنبوا صناعكم مساجدكم " (3) . ذكره أبو أحمد وقال: هذا حديث غير محفوظ، ورواه أبو الفرح يكذب محمد بن محيرز أبي حمام الثقفي البصري الصانع الدلال الرازي عن جعفر والثوري، كذا ذكره ابن الجوزي في كتاب الضعفاء

_ ) * (هكذا ذكرت بالأصل (1) تقدم ص 1244. (2) رواه عبد الرزاق (1726) ، والكنز (20835) ، وابن عدي في"الكامل" (4/1454) والدرر (68) ، وأسرار (172) . (3) ضعيف. رواه ابن عدي في "الكامل" (6/2266) ، والكنز (2083) والقرطبي (12/ 270) ، والمتناهية (1/404) .

والمتروكين. وفيه نظر في ثلاثة مواضع: الأول: تركيبها من ترجمتي الدلال والثقفي. الثاني: فإن الثقفي؛ إنما حدّث أبو همام عن الثوري وهشام بن سعد وغيرهما. الثالث: أن الضعيف الثقفي، لا الدلال ذكرهما كذلك ابن أبي حاتم، والمنجيلي، وغيرهما، أوضحنا ذلك في كتابنا الاكتفاء بفتح كتاب الضعفاء/. وحديث أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا رأيتم الرجل يبيع ويشترى في المسجد فقولوا: لا أرع الله تجارتك". خرجه ابق حبان في صحيحه (1) ، وحديث جابر بن عبد الله قال:"نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يسل السيف في المسجد" (2) . قال عبد الحق: رواه عمر بن هارون عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير سمع جابرًا يذكره وعمر ضعيف، والصحيح حديث عبد الرزاق عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... مرسل، قال ابن القطان: لم يعز أبو محمد حديث جابر ولا أعرف له إّلا موقعًا. انتهى. وفيه نطر؛ من حيث أعنى على كلام أبي محمد في عمر بأنه ضعيف وهو لير بهذه المنزلة عند العلماء، قال ابن معين: هو كذاب الحديث، وتركه أحمد وابن مهدي والنسائي، وقال ابن حبان: يروى عن الثقات المعضلات، ويدعى شيوخًا لم يرهم، فقد رأينا لهذا الحديث موقعا، وهو ما رواه الطبراني في الأوسط بسند صحيح من حديث عمرو بن دينار عنه مرفوعا:"إذا دخلتم بالسهام المساجد فامسكوا بنصالها لا تجرحوا أحدًا من المسلمين" (3) . وقال: تفرد به سهل بق زنجويه عن وكيع يعني عن الأعمش عن ابن عتبة عنه، وحديث ابن عباس: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا يقتل الوالد بالولد، ولا تقام الحدود في المساجد " (4) . رواه أبو أحمد من

_ (1) صحيح. رواه ابن حبان: (313) . (2) قلت: وهذا الحديث طرف من أحاديث هذا الباب. فارجع إليه في سنن ابن ماجة (ح/ 750) وهو حديث ضعيف. (3) ضعيف. انظر: المجمع: (2/26) وقد عزاه بنحوه الطبراني في "الأوسط" وفيه أبو البلاد ضعفه أبو حاتم. (4) ضعيف. رواه الترمذي (ح/1401) وقال: هذا حديث لا نعرفه بهذا الإسناد مرفوعا ألا من حديث إسماعيل بن مسلم، وإسماعيل بن مسلم المكي: قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه. ورواه الدارقطني (3/141) ، وابن أبي شيبة (9/410) ، وتلخيص (4/16) ، والكنز (20829، 39813) .

حديث إسماعيل بن مسلم المكي عن عمرو بن دينار عن طاوس عنه، وقال إسماعيل: ضعيف، وله أحاديث غير محفوظة هذا منها، وأشار أبو نعيم إلى تفرد به عن عمرو، ولفظه في التفسير المنسوب للضحاك رواية جرهم عنه عن/ ابن عباس مرفوعا، وهو في المساجد: " ولا تتخذوها طرقا، ولا تمر فيه حائض، ولا يقعد فيه جنب إلا عابري سبيل، ولا ينفر فيه نبل، ولا يسل فيه سيف، ولا يضرب فيه حد، ولا يتخذ فيه مجلس للقضاء، ولا ينشد فيه شعر فإن أنشد فقل بغّض الله، قال: ولا يبتاع، ولا يشتري، فإن باع فيه أو اشترى فقل: لا أرع الله تجارتك، ولا ينشد فيه ضالة فإن أنشدها فقل: لا ردّها الله عليك، ولا تزيّن بالقوارير، ولا يصور بالتصاوير، ولا ينفخ فيه بالمزامير، ولا يضرب فيه بالدفوف فإنما شيدت بالأمانة ورفعت بالكرامة" (1) . وحديث جبير بن مطعم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا تقام الحدود في المساجد"، ولا ينشد فيها الإشعار ولا يستفاد فيها، ولا يرفع فيها الأصوات " (2) . رواه أبو نعيم من حديث بقية، قال: حدثني مقاتل عن عمرو عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه، ورواه أيضا مختصرا من حديث سلمة عن ابن إسحاق، وحدّثني أبي عن جبير به ورواه عمرو بن دينار عن نافع عن أبيه بلفظ:"لا تسل السيوف ولا تنشر النبل في المساجد، ولا يحلف بالله في المسجد، ولا يبيع القابلة في المسجد مقيما ولا ضيفا، ولا يبنى التصاوير، ولا تزين بالقوارير فإنما بنيت بالأمانة وشرفت بالكرامة" (3) . وحديث ابن عباس وابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أنه نهى أن تتخذ المساجد طرقا، أو. تقام فيها الحدود، أو تنشر فيها الأشعار، أو يرفع فيها الصوت" (4) . ذكره أبو أحمد من حديث فرات بن

_ (1) تقدّم. وقد أورده الهيثمي مختصرا في "مجمع الزوائد" (2/25) ، وعزاه إلى الطبراني في "الكبير/من رواية عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه ولم أجد من ترجمه. قلت: وعلى قول الهيثمي فالحديث ضعيف. (2) تقدْم ص 1246. (3) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/25) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير" وفيه بشر بن جبلة وهو ضعيف. (4) تقدم ص 1246.

السائب وهو منكر الحديث عن ميمون بن مهران عنهما، وحديث أسيد بن عبد الرحمن:/أن شاعراً جاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في المسجد فقال:"أنشدك يا رسول الله قال: لا، قال: بلى فأذن إلي فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فاخرج من المسجد فخرج فأنشد فأعطاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثوبًا وقال: هذا بدل ما مدحت به ربك". رواه عبد الرزاق (1) في مصنفه عن إبراهيم بن أبي يحيى شيخ الشافعي عن ابن المنكدر عنه، وحديث أنس بن مالك: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:" من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلًا، فيقال الليلتين، وأن تتّخذ المساجد طرقًا، وأن يطهر موت الفجأة" (2) . ذكره ابن بنت منيع في معجم الصحابة عن شريك، ثنا ابن العباس بن زريح عن الشعبي عنه، وسئل عنه الدارقطني فقال: رواه عبد الكريم بن المعاني عن شريك مرفوعًا، وغيره يرويه عن الشعبي مرسلا، وفي كتاب أبي نعيم من حديث عبد الله بن ضرار بن عمرو الملطي عن أبيه عن قتادة عنه مرفوعا:"جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم ورفع أصواتكم" (3) . وحديث أبو موسى الأشعري: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا مرّ أحدكم في شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل، فليمسك عن نصالها بكفه لا يصيب أحدًا من المسلمين منها" (4) . خرجاه في الصحيح، وكذا حديث جابر قال: مر رجل في المسجد ومعه سهام فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "امسك نصالها ". وحديث محمد بن عبد الله قال: كنا عند أبي سعيد الخدري فقلب رجل نبلا فقال أبو سعيد: أما كان هذا يعلم: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن تقليب السلاح وسلّه. رواه أبو القاسم في الأوسط (5) عن

_ (1) رواه عبد الرزاق: (1717) . (2) تقدّم الطرف الأخير من هذا الحديث في هذا الباب مرتين ص 1246، ص 1247. (3) تقدم ص 1247 (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (9/62) ومسلم في (البر والصلة، ح/123) ، وأبو " داود (2587) ، وابن ماجة (3778) ، والبيهقي (8/23) ، وابن خزيمة (1318) ، والمشكاة (3517) ، وا لكنز (10840) ، ومعاني (4/280) . (5) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/26) ، وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط" وفيه أبو البلاد ضعفه أبو حاتم.

علي بن سعيد الرازي/ثنا إسحاق بن خلف الأعم، ثنا مروان بن معاوية، ثنا أبو البلاد عنه، ورواه أبو نعيم من حديث خالد بن إلياس، ثنا يحيى بن عبد الرحمن عنه بلفظ: قال عليه السلام:"طيبوا مساجدكم وجمّروها، فإن المساجد بيوت الله في الأرض ومجالس المؤمن، وجنبوها مجانينكم، وصبيانكم، وخصوماتكم، ورفع أصواتكم" (1) . وسيأتي ذكره فيما بعد، وحديث السائب بن يزيد قال:"كنت نائمًا في المسجد فصحبني رجل فنظرت فإذا عمر فقال: اذهب فأنني بهذين فجئته بهما فقال: من أنتما أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف فقال لو كنتما من أهل البلاد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". رواه (2) البخاري، وقد وردت أحاديث تعارض هذه منها: حديث أبي واقد عند البخاري (3) : "بينما في المسجد فأقبل ثلاثة نفر فأما أحدهما: فرأى فرجة فجلس في الحلقة". وكذا حديث كعب بن مالك:"أنه تعاطى ابن أبي حدرد دينًا كان له عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (4) . وحديث أبي قتادة:"بينما نحن جلوس في المسجد خرج علينا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحمل أمامة على عاتقه" (5) . وحديث يريدة:"خطبنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقبل الحسن والحسين فأخذهما فأقعدهما". رواه أبو داود (6) بسند صحيح، وحديث عائشة عند مسلم (7) قالت:"رأيت الحبشة يلعبون بحرابهم في

_ (1) يأتي كما ذكر المصنف. (2) صحيح. رواه البخاري (ح/471) . (3) صحيح. رواه البخاري (ح/474) . (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/2288،2287، 2400) ، ومسلم في (المساقاة، باب"7"، ح/1564) ، وأبو داود (ح/1308) ، والنسائي في (البيوع، باب 100 ص 316 ج 7) ، وابن ماجه (ح/2403) ، ومالك في (البيوع، جامع الدين، ح/84) والدارمي (ح/ 2587) ، وأحمد (2/260،254،245،71) . (5) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/516) ومسلم في (المساجد، باب"9"، ح/543) ، وأبو داود (ح/917- 920) ، والنسائي في (السهو، باب حمل الصبايا في الصلاة ووضعهّن في الصلاة 3/ 10) ، ومالك في (قصر الصلاة، باب"24"، ح/81) ، والداري (ح/1359) . (6) لم نقف عليه. (7) صحيح. رواه مسلم في (العيدين، ح/18) .

مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يسترني بردائه لكي انظر إلى لعبهم"، وكذا حديث حسان، وقوله لعمر:"كنت أنشد فيه الشعر، وفيه من هو خير منك" (1) . وحديث سهل بن سعد في التلاعن:"وأنهما تلاعنا/في المسجد" (2) إلى غير ذلك". من الأحاديث المبيحة لما حظر ولا فحملها بعضهم على الإباحة وإلا منع، وأنّ الأولى تنزيه المساجد، وأن لا يجعل ذلك ألا ديدنا فيها، ودفعها بعضهم جملة، لكونها معلولة، وزق ابن خزيمة في صحيحه: من إنشاد الشعر الجائز إنشاده وبين الممنوع من إنشاده. غريبه: انبض القوس: مثل: انفيها جذبت وترها التصوت، وانبض بالوتر كذلك، وانبض الوتر أيضا: جذبه بغير سهم، ثم أرسله، عن يعقوب. قال اللحباني: الإنباض أن تمد الوتر ثم ترسله فيسمع له صوت، وفي المثل: لا تعجّل بالإنباض قبل التوتير، مثل في استعجال الأمر قبل بلوغ أناه، وقال أبو حنيفة: انبض في قوسه، ونبض أصابها، وأنشد: لئن نصبت لي الروقين معترضا ... لأرمينك رميا غير تنبيض أي: لا يكون نزعي تنبيضا وتنقيرًا، يعني: لا يكون توعدا بلا بقاعا. ذكره ابن سيده، وأنشد بعضهم شاهدا عليه قول مهلهل: انبضوا معجن القسي وأثر فينا ... كما توعد الفحول الفحولا وهو بيت مصنوع. حكاه الأخفش في أماليه عن الأصمعي.

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (فضائل الصحابة، ح/151) وأحمد (5/222) . (2) صحيح. رواه البخاري في: الأحكام، (ح/1765) ، ولفظ:"شهدت المتلاعنين وأنا ابن خمس عشرة سنة، وفُرق بينهما".

123- باب النوم في المسجد

123- باب النوم في المسجد حدثنا إسحاق بن منصور، ثنا عبد الله بن غير، أنبأ عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال:"كنا ننام في المسجد على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) ، وفي الباب أحاديث، منها: حديث سهل بن سعد: جاء إلى بنت فاطمة فقال: اين ابن عمك؟ فقالت:"كان بيني وبيته شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي فقال النبي لإنسان: انظر أين هو فجاء فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد/فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو مضطجع وقد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب" (2) . الحديث روياه أيضا، وحديث أبي هريرة قال:"لقد رأيت سبعين من أهل الصفة في المسجد ما منهم رجل عليه رداء"رواه البخاري (3) ، وحديث عائشة:"ضرب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسعد خيمة في المسجد يعوده من قريب فلم يدعهم في المسجد إلّا والدم يسيل". رواه في الصحيح (4) ، وحديث المرأة التي كان لها خفش في المسجد، وحديث ربطه يمامة بن أسال في المسجد، وهما في الصحيح، وحديث عثمان بن أبي العاص:"أن وفد ثقيف أمر لهم النبط صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد ليكون أرق لقلوبهم". رواه أبو داود (5) ، وحديث عبد الله بن زيد:"أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستلقيا في المسجد". عند البخاري (6) ، وفيه عن سعيد قال: كان عمر، وعثمان يفعلان ذلك، والله تعالى أعلم.

_ (1) صحيح. رواه للبخاري (ح/440) ، وللترمذي (ح/321) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/75) ، وأحمد (2/12) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/120،8/77) ، ومسلم في (فضائل الصحابة، ح/38) ، والبيهقي (2/446) . (3) صحيح. رواه البخاري (ح/442) . (4) صحيح. رواه البخاري (ح/463) . (5) حسن. رواه أبو داود (ح/1393) . (6) صحيح. رواه البخاري (ح/475) .

124- باب أي مسجد وضع أول

124- باب أي مسجد وضع أول؟ حدثنا علي بن ميمون الرقط، ثنا محمد بن عبيد وثنا علي بن محمد، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر، قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أوّل؟ قال:"المسجد الحرام"قلت: ثم أي؟ قال:"ثم المسجد الأقصى"قلت: كم بينهما؟ قال: أربعون عاما، ثم الأرض لك مُصفى فصل حيث أدركتك الصلاة". هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) ، وفي صحيح ابن خزيمة (2) ثنا يوسف بن موسى، ثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي قال:"كنت أنا وأبي نجلس في الطريق فيعرض علي القرآن وأعرض. قال: فتمر السجدة/فيسجد فقلت له: أتسجد في الطريق؟ قال: نعم سمعت أبا ذر يذكره". وفي حديث عبد الأعلى عن إبراهيم عند أبي نعيم الحافظ قلت كم بينهما؟ قال: أربعون سنة قلت: ثم أي؟ قال:"أينما أدركتك الصلاة فصل فإنه مسجد" (3) . وقال ابن حبان في صحيحه: ذكر الخبر المرخص قول من زعم أنّ بين إسماعيل وداود ألف سنة، فذكر حديث أبي ذر وتتبع ذلك عليه الحافظ ضياء الدين المقدسي في كتابه المسمى: علل التقاسم، والأنواع بقوله: طن أبو حاتم وتوهم أنّ أول وضع البيت لما بناه إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، وقد روى أنّ آدم- عليه السلام- حجّ البيت فقالت له الملائكة: قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي سنة، أو ما هذا معناه ثم إن بين إسماعيل، وداود- عليهما السلام- من القرون ما لا يخفي على المميز وذلك أكثر من أربعين سنة، فإن داود كان

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4/197،177) ، ومسلم في (المساجد، ح 1، 2) وابن ماجة (ح/753) ، والنسائي (2/32) ، وابن أني شيبة (16/114) ، وعبد الرزاق (1578) ، وأبو عوانة (1/392) ، والتمهيد (10/34) ، والبيهقي (2/433) . (2) رواه ابن خزيمة: (787) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4/177) ، ومسلم في (المساجد، ح 1) وأحمد (5/ 160) ، والبيهقي (2/433) ، وابن أبي شيبة (2/204) ، ومشكل (1/32) ، والقرطبي (5/ 233) ، وأبو عوانة (1/392) .

بعد موسى- عليه السلام، ووجه الحديث أن هذين المسجدين وضعا قديما ثم خربا ثم بنيا، والله تعالى أعلم. وزعم القرطبي أنّ بين إبراهيم، وسليمان- عليهما السلام- أيام طويلة قال أهل التاريخ: أكثر من ألف سنة، قال: ويرتفع الإشكال؛ بأن يقال: أن الآية والحديث لابد أن على إبراهيم وسليمان ابتداء وضعهما بعد ذلك تجديدا أما كان أسسه غيرهما، وقد روى أنّ أوّل من بني البيت آدم، عليه السلام، وعلى هذا فيجوز أن يكون غيره من ولده وضع بيت المقدس بعده بأربعين سنة، وبنحوه قاله ابن الجوزي في مشكله. انتهى كلامهم- وفيه نظر؛ من حيث أنّ ابن هشام في كتاب البخاري أن آدم- عليه السلام- لما بني البيت أمره جبريل بالمسير إلى بيت المقدس/، وأمره بأن يبنيه فبناه ونسك فيه. انتهى. وقد ورد عن علي- رضى الله تعالى عنه- ما يبين هذا الإشكال، ويوضِّحه إيضاحًا لا حاجة لنا معه إلى هذا التحرص والحسبان أنبأ به المسند المعمر بدر الدين يوسف بن عمر التركي- رحمه الله- قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ المسند أبو الكرم لاحق بن عبد المنعم الأرناحي قراءة عليه عن الحافظ أبي محمد المبارك بن علي أنبأ أبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد أنبأ الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي أنبأ أبو عبد الله الحافظ ثنا بكر بن محمد القتيمة في نمرة، ثنا أحمد بن حبان بن ملاعب ثنا عبيد الله بن موسى ومحمد بن سابق قالا: ثنا إسرائيل ثنا سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة قال: سئل علبا- عليه السلام- عن أول بيت بني في الأرض قال:"لا كان نوح قبل، وكان في البيوت، وكان إبراهيم قبله، وكان في البيوت، ولكنه أول بيت وضع للناس فيه البركة والهدى، ومقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنا ... ". الحديث فهذا علي- رضى الله تعالى عنه- بيّن أن المراد بالوضع غير البناء، وإذا كان هكذا فلا إشكال، إذ مفهوم حديثه يقتضى وضع ذلك فيه من الله تعالى قبل أن يضع مثله في مكان المسجد الأقصى، وسياق الآية الكريمة يدل عليه أيضا فيزيد وضوحا بما ذكره في تاريخ بيت المقدس تأليف محمد بن محمد بن عبدك الكنجي، ومن خطّه نقلت: أنّ أبا عمرو الشيباني قال: قال علي بن أبي طالب: كانت الأرض ماء فبعث الله ريحًا فمسحت الأرض مسحًا فطهرت على الأرض زبدة

فقسمها الله أربع قطع فخلق من قطعة مكة، ومن الثانية المدينة، ومن الثالثة بيت المقدس/، ومن الرابعة مسجد الكوفة وعن كعب قال: بني سليمان بيت المقدس أسسه سام بن نوح، عليه السلام، وأماما ورد أيضا، قال ابن حبان: بأنّ آدم عليه السلام حج البيت وليس فيه تصريح بكونه مبنيًا يومئذ لاسيما على رواية من روى، أنه كان إذ ذاك الوقت خيمة أو ياقوتة. انتهى. من وجه الدلالة من هذا أن الأنام التي خلقت فيها السموات والموجودات كل سهم منها ألف سنة على ما رجحه أبي جرير واحتج له فيحتمل أن يكون خلق البيت قبل خلق المسجد الأقصى بهذا المقدار من سني الدنيا، والله تعالى أعلم. * * *

125- باب المساجد في الدور

125- باب المساجد في الدور حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني، ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن محمود بن الربيع الأنصاري:"وكان جعل مجة مجّها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من دلو في بئر لهم" (1) . عن عتبان بن مالك السالمى وكان إمام قومه بني سالم، وكان شهد بدرًا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"جئت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلت: يا رسول الله إنى قد أنكرت من بصري، وأن السيل يأتيني فيحول بيني وبين مسجد قومي، ويشق علي اجتيازه فإن رأيت أن يأتيني فيصلى في بيتي مكانا اتخذ مصلى فافعل؟ قال: افعل، فعدا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر بعد ما أشهد النهار، فاستأذن فأذنت له فلم يجلس حتى قال: أين تحب أن أصلى لك من بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحبّ أن أصلّى فيه/فقام رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلّى بنا ركعتين ثم احتبسه على خزير يصنع لهم" هذا حديث خرجاه مطولا في الصحيح (2) ، ورواه أبو الشيخ من حديث النّضر بن أنس عن أبيه قال: لما أصيب عتبان فجعله من مسند أنس. حدثنا يحيى بن الفضل المقري، ثنا أبو عامر، ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة:"أن رجلا من الأنصار أرسل إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يقال فخطّ لي مسجدا في دارى أصلى فيه، وذلك بعدما عمى فجاء ففعل" (3) . هذا حديث إسناده صحيح، وكأنه اختصار من الحديث الأول، والله تعالى أعلم. حدثنا يحيى بن حكيم، ثنا بن عدي عن ابن عون عن أنس بن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن أبي الجارود عن أنس بن مالك

_ (1) صحيح. رواه البخاري (ح/6354) ، وأحمد (5/321) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/115، 116، 170، 175، 213، 2/75، 7/94) ، ومسلم في (المساجد، ح/263) ، والنسائي (3/65) ، والبيهقي (3/53، 87،71، 96، 10/ 124) ، وابن خزيمة (1709،1673،1653) ، وشرح السنة (2/395) ، والتمهيد (10/158) ، وأبو عوانة (1/11، 2/12) ، وابن المبارك فما"الزهد" (323) ، وابن عساكر في"التاريخ" (7/55) . (3) قلت: إسناده صحيح كما ذكر المصنف، وهو اختصار للحديث الأول.

قال:"صنع بعض عمومتي للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعامًا فقال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنى أحب أن جمل في بيتي وتصلى فيه. قال: فأتاه في البيت فحلّ من هذه الفحول فأمر بناحية منه فكنس ورشق فصلى وصلينا معه، قال ابن ماجة: الفحل الحصير الذي قد اسود" (1) . هذا حديث إسناده صحيح، وقد تقدم في كتاب الطهارة صلاته عليه السلام في بيت أم سليم، وفي كتاب الصلاة صلاته عليه السلام في الأماكن التي اتخذت مساجد. غريبة: الدار مؤنثة، وإنّما قال الله تعالى:"ولنعم دار المتقين" (2) فذكر على معنى المثوى، والموضع كما قال: "نعم الثواب وحسنت مرتفقا" (3) فأنث على المعنى واد في العدد أدر، والكثير ديار مثل جبل وجبيل/وجبال، ودور أيضًا مثل: أسد وأسيد ذكره الجوهري، وفي الجامع: الدار: الأرض، والدور القبائل، وفي الحديث:"ما بقيت دار إلا بني فيها مسجد" (4) ، وفيه قوله عليه السلام:"ألا أنبئكم بخير دور الأنصار، والخزيرة اللحم يقطع صغارًا ثم ينطبخ بالماء والملح، فإذا انتهيت طبخًا درّ عليه الدقيق فقصر به ثم أدم بأي أدام شيء، ولا يكون الخزيرة إلا وفيها لحم" (5) . وقيل: الخزيرة: مرقة، وهو أن تصفي بلالة النخالة ثم تطبخ، وقيل: الخزيرة: الحساء من الدسم والدقيق، قال: فتدخل في حناجر أقنعت لعاوتها من الخزير المعرف. ذكره ابن سيده. وفي الصحاح: الخزير والخزيرة أن

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/756) في الزوائد: إسناده حسن، وله أصل في الصحيح. وصححه الشيخ الألباني. قال أبو عبد الله بن ماجة: الفحل هو الحصير الذي قد اسود. (2) سورة للنحل آية: 30. (3) سورة الكهف آية: 31. (4) بنحوه. رواه أبو داود في: الصلاة، باب"46". والنسائي في: الإِمامة، باب"50". (5) صحيح. رواه البخاري (ح/541) . غريبة: قوله:"الخزيرة"، بخاء معجمة مفتوحة ثم زاي مكسورة وبعد التحتانية الساكنة راء هي ما يتخذ من الدقيق على هيئة العصيدة لكنه أرق منها. قاله الطبري. وقال ابن فارس: دقيق يخلط بشحم، وقال القتبي وتبعه الجوهري: الخزيرة: أن يؤخذ اللحم فيقطع صغارا، ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج در عليه للدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة، وقيل مرق يصفي من بلالة النخالة ثم يطبخ، وقيل حساء من دقيق ودسم.

ينصب القدر بلحم يقطع صغارا فإذا طبخ درّ عليه الدقيق وإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة، وفي غريب ابن قتيبة: وقيل: وهي حساء من دقيق ودسم، وفي البخاري عن النضر، والتهذيب للأزهري، عن أبي الهيثم: إذا كان من دقيق فهي خزيرة، وإذا كان من نخالة فهي خزيرة، وقال ابن سيده: وقيل الجريرة: هي الدقيق الذي يطبخ بلبن، والفحل: حصير ينسج من فحال النخل- يعني: ذكره- والجمع فحول، وزعم أبو حنيفة: أن أبا عمرو الشيباني قال: لا يقال فحل إّلا في ذي الزوج، وكذلك قاله أبو نصر، قال أبو حنيفة: والناس على خلاف هذا، وقال أبو عبيد: هو الحصير المعمول من سعف النخل، وقال سمر: قيل له ذلك؛ لأنه مستوى من الفحل من النخيل فتكلّم به على التجّوز كما قالوا يلبس الصوف، والقطن، وإنّما بني بباب بقول منها، وأما منزل غسّان فكان في بني سالم بن عوف، وفي كتاب الطبراني من حديث ابن أي أويس عن أبيه عن ابن شهاب عن محمود عنه:"أنّ النبي- صلى الله عليه وآله/وسلم- أتاه يوم السبت، ومعه أبو بكر وعمر" (1) . وفي رواية:"فأتاني ومن شاء من أصحابه". وأما ما ورد في بعض الطرق أنه لقى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال له" إنى أحبّ أن تأتيني"، وفي بعضها:"بعث إليه"؛ فيحتمل أنه أرسل إليه أولا ثم مشى إليه بعد قوله:"أنكرت من بصري"، وفي رواية:"أنا خزير البصر"، وفي رواية:"أعمى"، وفي رواية:"أصابني في بصرى بعض الشيء" يحتمل أن يريد ما نكرت، وأصابني في بصري بعض الشيء ذهاب البصر كلّه، ويحتمل أنه ذهب بعظمه، وسمّاه عمى لقربه منه، ومشاركة إيّاه في فوات بعض ما كان حاصلا في حال السلامة، وأمّا قوله: السيل يحول بيتي وبن مسجد قومي: حمله بعضهم على جواز الصلاة في المساجد التي حول المدينة زمن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي كتاب الطبراني ما يدفع هذا التأويل، وإن كان الأوّل جائزا لكن من غير هذا الحديث يؤخذ، وهو ما رواه من طريق أبي بكر بن أنس بن مالك فلا أستطيع أن أُصلِّى بعدك في مسجدك، وفي قوله اتّخذه يصلي: إباحة له في أن يُصلِّي في بيته لعذره،

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/11) بنحوه من حديث جابر، وعزاه إلى"أحمد" وفي الصحيح طرف منه.

وفي تعيينه عليه السلام موضعا للصلاة إشعار بأن قوله: ولا يوطن الرجل موضعا في المسجد، محمول على من فعل ذلك رياء وسمعة، والله تعالى أعلم. * * *

126- باب تطهير المساجد، وتطييبها

126- باب تطهير المساجد، وتطييبها حدثنا هشام بن عمار، ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون، ثنا محمد بن صالح المدني، ثنا مسلم بن أبي مريم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من أخرج أذى من المسجد بني الله له بيتا في الجنة" (1) هذا حديث/إسناده صحيح، وقد تقدم لفظه من كتاب أبي نعيم مطولا من حديث عبد الله بن محمد بن وهب، ثنا عبد الله بن مصعب الزبيري، ثنا عيسى بن المغيرة، ثنا خالد بن إلياس، حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنه، حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، وأحمد بن الأزهر، ثنا مالك بن سعيد، ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:"أن رسول الله أمر بالمساجد أن تبني في الدور، وأن تطهر" (2) . وثنا رزق الله، ثنا يعقوب الحضرمي، ثنا زائدة عن هشام به مرفوعا هذا حديث رواه ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الرحمن بن بشر بلفظ:"أمر ببناء المساجد في الدور" (3) . وعن أحمد بن الأزهر بزيادة:"وأن تطهر وتطيب". فهذا ابن ماجة كما ترى أدرج لفظ أحد شيخيه عن لفظ الآخر داخل بلفظ أحدهما مع ذلك، ورواه ابن حبان في صحيحه (4) عن الحسن بن سفيان، ثنا أبو كريب، ثنا الحسين بن علي عن زائدة عن هشام بلفظ:"وأن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/757) . في الزوائد: إسناده فيه انقطاع، ولين. فإن فيه سلمان بن يسار، وهو ابن أبي مريم، لم يسمع من أبي سعيد. ومحمد بن صالح فيه لي. والترغيب (1/198) والكنز (20726) والقرطبي (12/266) وابن القيسراني في"الموضوعات" وضعْفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة: (ح/166) والتعليق الرغيب (1/119) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/759) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه أبو داود (ح/455) والترمذي (ح/594) وابن عدي في"الكامل" (5/ 1738) . والعقيلي (3/309) . قلت: والحديث رواه ابن ماجة وأبو داود وابن حبان هو موصولا في صحيحه. (4) صحيح. رواه ابن حبان: (3/76) من حديث عائشة.

تطيب وتنطف"وذكر5 ابن حزم محتجًا به، وقال أبو الحسن بن القطان: لاشكّ في صحة رفعه، وأبي ذلك جماعة، منهم ابن أبي حاتم، إذ سأل أباه عنه فقال: إّنما يروى عن عروة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل، ولما رواه أبو عيسى عن محمد بن حاتم عن عامر بن صالح عن هشام مرفوعا اتبعه، ثنا هناد، ووكيع، وابن أبي عمر كلهم عن سفيان عن هشام عن أبيه: أن النبي ... فذكره، وقال: هذا أصح من الأوّل، قرأت على المسند بقية السلف أبي العباس أحمد الخطوي، أنبأ به عبد اللطيف بن عبد المنعم عن يوسف بن المبارك/قال: أنبأ سعد الخير قراءة عليه وأنا سمع في شوال سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، أنبأ الإمام أبو سعيد عبد الرحمن بن عبد العزيز الأبحري، أنبأ الشيخان أبو بكر محمد ابن الحاجب، وأبو حفص عمر بن حمارة عن أبي سعيد القيم بن علقمة قال: سمعه الخير أنبأ أيضًا أبو المحاسن عبد المحسن بن عبد العزيز بن عبد السلام الأبحري، أنبأ أبو حفص، أنبأ أبو سعيد بن علقمة، أنبأ الحافظ أبو الحسن بن علي بن نصر بن منصور الطوسي، قال: وقد روى عامر الزبيري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره مرفوعا قال: وروى وكيع، وعبدة جميعًا عن هشام عن أبيه مرسلا هذا أصح من حديث الزبيري، وقال عبد الحق: إسناده مشهور وإن كان قد روى مرسلا، وهذا العمري أوّل إذا حقق لم يحقق؛ لأنّ هذا الحديث أسنده جماعة من أصحاب هشام، منهم سفيان بن سعيد الثوري من رواية علي بن الحسن بن أبي عيسى، ثنا عبد الله بن الوليد عنه، ويحيى بن هاشم من رواية أبي بكر عن خلاد عن الحارث بن أبي أسامة عنه فيما ذكره أبو نعيم الحافظ، وقال الفضل بن دكين: ثنا سفيان عن هشام فذكره مرفوعاً، وزعم أبو الحسن علي بن عمر أنّ عبد الله بن المبارك، وابن عيينة، وعبد الله بن عروة، ويونس وحبان بن علي رووه عن هشام عن أبيه عن عائشة، والصحيح عن جميع من ذكرناه عن غيرهم عن هشام مرسلًا. انتهى كلامه. ولو رأى حديث الثوري سفيان لأذعن له كل الإذعان؛ لأنه مسند كالشمس مرية في صحته، ولا لبس ولقائل أن يقول: هب أنّ سائر المخلوقين خالفهم ولم يتابعه/أحد له عارفه فكان ماذا أليس قوله أولى بالصواب؟ وإليه في الحفظ والإتقان: المرجع، والمآب لا سيما،

ولم يرد خلاف قوله إلا عن ابن عيينة، وقد تقدّم الخلاف عليه في ذلك، وهذه مسألة اختلف فيها: هل الحكم للمسند أو المرسل؟ وهل يعتبر فيهما الأحفظ أو الأكثر؟ وهل الحكم للزائد أو للناقص؟ وهل إذا تساويا يكون علّة مؤثرة أم لا؟ وههنا يترجح الأخلف في هذا الحديث؛ لأنّ الذين أسندوه كثر وأحفظ من الذين أرسلوه، ولأنّ الزيادة من الثقة الحافظ مقبولة إجماعا، والله تعالى أعلم. وقد روى أبو داود في سننه حديثا شاهدا له من حديث سمرة بن جندب، وكنب إلى بنيه أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"كان يأمرنا بالمساجد أن نصنعها في ديارنا، ونصلح صفتها، ونطهّرها" (1) . ولفظ أحمد (2) في مسنده:"وأمرنا أن ننظفها ". وما ذكره أبو محمد الأشبيلي بعد حديث عروة قال: الأول أشهر إسنادا، قال ابن القطان: يقتضى ظاهر كلامه أن حديث عائشة وهذا لا شيء؛ لأنه إسناد مجهول النية فيه جعفر بن سعد بن سمرة وحبيب بن سليمان، وما من هؤلاء من يعرف له حاله، وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم، وهو إسناد يرى به جملة أخبار ذكر البزار منها نحو المائة، ولما ذكر عبد الحق حديث سمرة بهذا الإسناد فيمن نسى صلاة أو نام عنها كذا قال: في هؤلاء ولم ينتهي كلامه، وفيه نظر؛ من حيث أنّ هؤلاء ليسوا كما قال؛ بل حالهم معروفة لا مجهولة، أنبأ جعفر، فروى عنه جماعة منهم: سليمان بن موسى ومحمد بن إبراهيم بن حبيب وعبد الجبار بن العباس الشامي، وصالح بن أبي عتيقة الكاهلي/، وسليمان بن سمرة روى عنه ابنه حبيب وعلي بن ربيعة الوالي، وحبيب بن سليمان ذكرهم ابن حبان البستي في الثقات، وروى أبو بكر الإسماعيلي في جمعه حديث يحيى بن أبي كثير عن القاسم المطر، وثنا العلاء بن سالم، ثنا حفص بن عمر، ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي الزبير عن جابر:"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يأمر باتخاذ المساجد في الدور " (3) . رواه أبو نعيم عن عمر بن أحمد القاضي، ثنا العباس بن علي، ثنا

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/11) وعزاه إلى "أحمد " وإسناده صحيح. (2) إسناده صحيح. رواه أحمد: (5/371) . (3) حسن. رواه أبو داود (ح/456) والطبراني: (6/303) .

العلاء بن سالم فذكره، وفي علل الدار قطي: روى قران بن تمام عن هشام بن عروة عن أبيه عن الفرائضة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أنه أمر ببناء المساجد في الدور وأن تطبّب" (1) ، ولا يصح، وقد قدمنا ذكر المساجد التي كانت في الدور، حدثنا أحمد بن سنان، ثنا أبو معاوية عن خالد بن إياس عن بحر بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبي سعيد الخدري قال:"أو نتخذ سرج في المساجد" (2) . تميم الداري هذا: أثر إسناده ضعيف؛ لضعف رواية أبي الهيثم خالد بن إياس بن صخر العدوي القرشي، ويقال: الأسلمي، وقال مسلمة بن قاسم في كتاب الصلة: كان مدنيًا روى عنه العقيلي، وفي قوله نظر إن أراد أبا جعفر الحافظ؛ لتأخره عن إدراكه وأظنه يريد غيره، والله تعالى أعلم. قال فيه الإمام أحمد: هو منكر الحديث، وقال عباس عن يحيى: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه، وفي كتاب ابن البرقي عنه: ليس بثقة، ولا يكتب حديثه، وقال أبو حاتم الرازي: هو ضعيف الحديث منكر الحديث، وقال عبد الرحمن: فقلت يكتب حديثه فقال: رحنا، وسئل عنه أبو زرعة فقال: ليس بقوى سمعت أبا نعيم يقول: لا يسوى حديثه وسلب، وذكر بعد لا يسوى حديثه فليستبين، وقال/النسائي متروك الحديث، وقال ابن عدي: أحاديثه كلها غرائب إفرار عمن يحدّث عنهم، ومع ضعفه يكتب حديثه، وقال البخاري: ليس بشيء، وقال الساجي: منكر الحديث، وذكره العقيلي، وأبو العرب في كتاب الضعفاء، وقال الحافظ ابن سعيد محمد بن علي بن عمر بن مهدى النقاش في كتاب الضعفاء تأليفه: روى عن ابن المنكدر، وغيره أحاديث موضوعة، وفي كتاب الصحابة للمديني من حديث محمد بن الحسن: هو ابن قتيبة، ثنا سعيد بن زياد بن فايد عن أبيه عن جدّه عن أبي هند قال: حمل تميم الداري معه من الشام إلى المدينة زيتًا، وقناديل، ومعطا، فلما انتهى

_ (1) الحاشية السابقة. (2) إسناده صحيح ورواه أبو داود في سننه: 2- كتاب الصلاة، 13- باب في السرج في المسجد، (ح/457) . ولفظه:"عن ميمونة مولاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: يا رسول الله، أفتنا في بيت المقدس، فقال"ائتوه فصفوا فيه- وكانت البلاد إذ ذاك حربا- فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله".

إلى المدينة وافق ذلك ليلة الجمعة، فأمر غلاما يقال له: أبو البراد فقام فشدّ المعطُ، وعلّق القناديل، وصب فيها الماء، والزيت، وجعل فيها الفتيل، وأمر أبا البراد فأسرجها، فقال: من فعل هذا؟ "قالوا: تميم يا رسول الله قال:"نوّرت الإسلام نوّر الله عليك في الدنيا والآخرة أما أله لو كانت لي ابنة لزوجتها"، فقال نوفل بن الحارث بن عبد المطلب: لي ابنة يا رسول الله تسمى أم المغيرة، فافعل فيها ما أردت، فأنكحه إياها على المكان. حدثنا إسماعيل بن عبد الله الرفي، ثنا عيسى بن يونس عن ثور بن يزيد عن زياد عن أخيه عثمان بن أبي سودة عن ميمونة مولاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها قالت: يا رسول الله ائتنا في بيت المقدس فقال:"ائتوه فصلوا فيه، وكانت البلاد إذ ذاك حربًا، فإن لم تأتوه وتصلوا فيه فابعثوا بزيت يسرج في قناديله " (1) . هذا حديث إسناده صحيح عثمان روى عنه جماعة منهم: الأوزاعي، وزيد بن واقد الدمشقي، وأبو سنان عيسى بن سنان/، وحماد بن واقد، وشبيب بن شيبة، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ورجاء بن أبي سلمة، وعبيد الله بن حبان، وشعيب بن رزين الطائفي، وأخوه زياد، قال صاحب تاريخ بيت المقدس: روى عنه: سعيد بن عبد العزيز، ومعاوية بن صالح، زاد ابن حبان: وزيد بن واقد، وأهل الشام حين ذكره، وأخاه في كتاب الثقات، وصحح ابن البيع حديثا روياه، وقال أبو زرعة البصري في تاريخه: حدثني هشام، ثنا مغيرة عن رجاء بن أبي سلمة عن عطاء الخراساني قال: كان إذا ذكر ابن محيرز، وها نيء بن كلثوم، ورجاء بن حيوة، وابن الديلمي، وابن أبي سودة يقول: قد كان في هؤلاء من هو أشد اجتهادا من هانىء، ولكنه كان يفضلهم بحسن الخلق، وثنا محمد بن المبارك، ثنا صدقة بن خالد عن زيد بن واقد قال: قال زياد بن أبي سودة: كانت أمي مولاة لعبادة بن الصامت، وأبي مولى لعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنبأ هشام، ثنا يحيى بن حمزة قال: قال الأوزاعي: عثمان قد أدرك عبادة وكان مولاه، ثنا محمود بن خالد سمعت مروان بن محمد يقول: عثمان بن أبي سودة، وزياد من أهل بيت المقدس ثقتان ثبتان، وأبنا محمود بن خالد قال: سمعت أبا مسهر يقول: عثمان أبي

_ (1) الحاشية السابقة.

سودة أسنّ من زياد، وقد أدرك عثمان عبادة، ولفظ أحمد بن حنبل في مسنده: يا رسول الله ائتنا في بيت المقدس، قال:"أرض المحشر، والمنشر ائتوا فصلوا فيه؛ فإن الصلاة فيه كألف صلاة في غيره"قالت: أرأيت إن لم نطق أن نتحمل إليه؟ قال: " فليهدله زيت يسرج فيه فإن من أهدى له كمن صلى فيه" (1) . ولفظ ابن أبي خيثمة في تاريخه الأوسط:"ائتوه فصلوا فيه قلت: كيف؟ وبيننا وبينه الدوم/"، وفي آخره قال الأوزاعي: أوحى الله تعالى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن أمر بني إسرائيل أن يكثروا في مساجدهم النور قال: فطنوا أنه أّمما يراد به المصابيح فأكثروها، وإنما يراد به العمل الصالح، ولا التفات إلى قول عبد الحق في الوسطى، وذكره من عند أبي داود من حديث عثمان بن أبي سودة عنها ليس بهذا الحديث بقوي؛ فإنه وهم من وجوه: الأول: جعله إياه عن عثمان، فإن الحديث عند أبي داود الذي من عنده نقله هكذا: ثنا النفلي، ثنا مسكين عن سعيد بن عبد العزيز عن ابن أبي سودة عن ميمونة كذا الصفة في رواية اللؤلوي، وابن العبد، وابن داسة الرملي، وكذا ذكره عنه أيضا أصحاب الأطراف. الثاني: نقضه هذا القول بغيره وهو أنه سمّاه في الأحكام الكبرى زيادا، وكذلك لما ذكره من عند أبي داود بسنده إلى ابن أبي سودة، قال ابن أبي سودة: هذا هو زياد أخو عثمان بن أبي سودة، وهذا وإن كان أيضا خطأ فهو إلى الصواب أقرب؛ لأن سعيدا إنّما عهدناه يحدّث عن عثمان بوساطة زياد أخيه لو ذكره ابن أبي خيثمة، وأبو علي بن السكن، والإمام أحمد، والطبراني، وغيرهم، وأمّا زياد: فإنّ حديثه عن ميمونة لا يتصل إّلا بوساطة أخيه عثمان كما جوده ابن ماجة، وأبو علي بن السكن من حديث ثور بن يزيد عن زياد عن أخيه عثمان، ولما عرف أبو حاتم الرازي، وغيره زياد: أوصفوه بالرواية عن أخيه، فإن قلت: لعل الإشبيلي قد علم أنه إنّما رواه عن ميمونة عثمان لا زياد تفرد به، فالجواب أنه إنما نسب الحديث إلى أبي داود، ولم يقع عنده إلّا مبهما، فإن كان علمه عن عثمان فليس له/أن يعزوه كذلك إلى أبي داود،

_ (1) تقدْم في ص 1265.

ولئن أغصنا عما قاله فليس يقل بتفسيره إياه بزيادة بعد، وهو تناقض طاهر لا شك فيه، والله تعالى أعلم. الثالث: قوله ليس بقوي، وقد بينا قوته، وأمّا قول ابن القطان هو خبر غير صحيح؛ للجهل بحال زياد، وأخيه كذلك أيضا، وتفْسير الأوزاعي يردّ عليه قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"يزيت يسرج في قناديله"ويزيده وضوحا ما رواه أبو نعيم الحافظ عن أبي بكر بن خلاد، ثنا الحارث بن أبي أسامة، أنبأ إسحاق بن بشر الكاهلي، ثنا مهاجر بن كثير عن الحكم بن مسقلة العبدي عن أنس بن مالك: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم تزل الملائكة، وحملة العرش يستغفرون له مادام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج" (1) . ***

_ (1) ضعيف. المنثور (3/217) والقرطبي (12/275) والخفاء (2/313) وأحاديث القصاص (74) والفوائد (26) .

127- باب كراهية النخامة في المسجد

127- باب كراهية النخامة في المسجد حدثنا محمد بن عثمان العثماني أبو مروان، ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عون عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري أنهما أخبراه:"أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى نخامة في جدار المسجد فتناول حصاة فحكها، ثم قال: إذا تنخم أحدكم فلا يتنخم قبل وجهه، ولا عن يمينه، وليبزق عن شماله أو تحت قدمه اليسرى" (1) . هذا حديث اتفقا على تخريجه، زاد أبو داود (2) من حديث أبي سعيد بعد:"فحكها بحصاة ثم أقبل على الناس مفضيا فقال: أيحب أحدكم أن يبصق في وجهه؟ إنّ أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربّه، والملك عن يمينه فلا يستقبل عن يمينه"، وفيه:"فإن عجل به أمره فليفعل هكذا يعني: يتفل/في ثوبه". وفي لفظ البخاري (3) من حديث أبي هريرة:"إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنما يناجى الله تعالى مادام في صلاته ولا عن يمينه فإن عن يمِينه ملكا". وفي لفظ لمسلم (4) :"ما بال أحدكم يقوم يستقبل ربه فيتنخّم أمامه، أيحبّ أن يستقبل فيتنخّم في وجهه، فإذا تنخّم أحدكم فليتنخم عن يساره أو تحت قدمه؛ فإن لم يجد فليفعل هكذا: يعني: يتفل في ثوبه ثم يِمسح بعضه على بعض". قال أبو هريرة: كأني أنظر إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرد ثوبه بعضه على بعض، ولفظ الكجي من حديث سليمان بن حرب، ثنا شعبة عن القاسم بن مهران عن أبي رافع عنه."أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى نخامة في قبلة المسجد فأمرني فحتها، وقال مرة فقمت فحتها، وفي آخره: فإن لم يستطع

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب"4"،، والأذان، باب"94"،، والأدب، باب"75" (ومسلم في:) المساجد، ح/53) وابن ماجة: (ح/761) وأحمد (2/ 44،34،29،6) . (2) رواه أبو داود: (ح/480) . (3) صحيح. رواه البخاري: (1/113) والفتح: (1/5/12) والمشكاة (710) . (4) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب"13"، ح/53) ، وأحمد (2/250) ، وابن أبي شيبة: (2/364) والترغيب: (1/200) ، والكنز (19945) ، والإرواء (1/198) .

ففي ثوبه" (1) . وفي صحيح أبي بكر بن خزيمة (2) :"من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فيه فليحصر فيه فليبعد فليدفنه، فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه لم يخرج به"، وعند أبي نعيم:"ثم ليخرج به". رواه سليمان بن حرب عن شعبة عن القاسم بن مهران عن رافع عنه بلفظ:"فلا يبزق عن يمينه، ولا عن يساره، ولا بين يديه، ولكن تحت قدمه اليسرى"قال أبو زرعة: ما روى بأن يبزق عن يساره أصح من هذا، وقال أبو حاتم: أخطأ فيه سليمان بن حرب، وفي رواية عند أبي نعيم:" البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها" (3) . حدثنا محمد بن طريف، ثنا عابد بن حبيب عن حبيب عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"رأى نخامة في قبلة المسجد فغضب حتى احمر وجهه فجاءته امرأة من الأنصار فحكتها/وجعلت مكانها خلوقاً فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما أحسن هذا". هذا حديث اتفقا عليه وللبخاري (4) :"فقام يحكه بيده، وقال: إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجى ربه أو إن ربه بينه وبن القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل القبلة، ولكن عن يساره أو تحت قدمه، ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم ردّ بعضه على بعض فقال: أو يفعل هكذا"، وفي لفظ عندهما (5) :"فلا يبزقن بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن شماله تحت قدمه"، وفي لفظ:"البزاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها" (6) ، وعند

_ (1) لم نقف على هذا اللفظ. (2) صحيح، رواه ابن خزيمة: (1310) ، والكنز (20815) ، وأحمد (2/324) . (3) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (1/113) ، ومسلم في (المساجد، ح/55) ، والترمذي (ح/572) ، وصححه. وأحمد (3/232، 274، 277) ، والبيهقي (2/291) ، والمجمع (2/18) ، وأبو عوانة (1/405) ، والمنثور (5/51) ، والمنحة (350) ، والقرطبي: (12/278) ، والمشكاة (708) ، وابن خزيمة (1309) ، وللكنز (20805، 20816) والجوامع (10304) والطبراني (8/341) وشرح السنة (2/380) وابن عساكر في"التاريخ" (6/124) وصفة (433) الخطيب في "التاريخ" (2/85، 9/396) . (4) صحيح. رواه البخاري (ح/405) (5) المصدر السابق للبخاري، ورواه مسلم في (المساجد، ح/54) . (6) الحاشية رقم (2) للسابقة.

النسائي (1) :"بزق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثوبه، وحك بعضه ببعض"، وعند أبي خزيمة (2) :"عرضت علي أجور أُئتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد"، وفي لفظ: التفل في المسجد ما ذكره الترمذي استغربه، وفي كتاب أبي نعيم من حديث عبد الله بن جرار بن عمرو عن أبيه عن قتادة عن أنس يرفعه:"من ابتلع أربعة أعظاما للمسجد ولم يمح اسمًا من أسماء الله تعالى ببزاق كان من ضنا بين عبد الله تعالى"، وفي لفظ:"النخامة كفارتها أن تواريها" (3) ، وفي لفظ:"فاٍن أخرجه من المسجد كتب له حسنة". حدثنا محمد بن رمح المصري، ثنا الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله بن عمر قال: رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نخامة في قبلة المسجد وهو يصلي بين يدي الناس فحتها، ثم قال حين انصرف من الصلاة:"إن أحدكم إذا كان في الصلاة فاٍن الله قبل وجهه فلا يتخمن أحد قبل وجهه في الصلاة" (4) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما بلفظ:"رأى بصاقًا في جدار القبلة فحكه، ثم أقبل على الناس فقال: إذا كان أحدكم يصلي/فلا يبصق قبل وجهه؛ فإن الله عز وجل قبل وجهه إذا صلى". ورواه جويرية ابن أسماء بنت نافع عن ابن عمر عند أبي نعيم بلفظ:"بينما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بأصحابه فرأى نخامة في قبلة المسجد فحكها بيده، فلما قضى صلاته ... " (5) . قال: الحديث ففي هذا أنّ الحك كان وهو يصلي، وتعلّق بعضهم باْن هذا ليس عملا كثيرًا

_ (1) صحيح. رواه النسائي في: المساجد، باب"31"النهى عن أن يتنخم الرجل في قبلة للمسجد (51 (2) حسن. رواه ابن خزيمة (1297) ، وأبو داود (461) ، والترمذي (2916) ، وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والطبراني في"الصغير" (1/189) ، وعبد الرزاق (5977) ، والمشكاة (720) ، والترغيب (1/197، 2/359) والأذكار (99) ، وأصفهان (2/12) . (3) رواه أحمد (3/109، 209، 277) وعبد للرزاق (1697) ، وأصفهان (1/981) ، بلفظ: "النخامة في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها". (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/112) ، ومسلم في (المساجد، ح/50) ، والنسائي (2/51) ، والبيهقي (2/293) ، وشرح السنة (2/284) ، وإتحاف (3/310) ، والموطأ (194) ، وتجريد (517) ، والكنز (19949) . (5) الحاشية السابقة.

يفسد الصلاة، فأردنا أن نعرف حقيقة ذلك، فوجدنا أبا داود بين أنه كان يخطب وأن البزاق أثناء الخطبة، فهذا إذا قلنا إنها واقعة واحدة، ولفظه: "بينما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب يومًا إذ رأى نخامة في قبلة المسجد فتغيظ على الناس، ثم حكها، وقال عز وجل أن الله تعالى قال واحسبه" (1) . قال: فدهن يزعفران فتحته به قيل وجهه، وقال:"إذا صلى أحدكم فلا يبزق بين يديه" (2) . وفي مسند الدارمي (3) :"فتغيظ على أهل المسجد فعال لا تنخمن، ثم أمر بها فحك مكانها، وأمر بها فلطخت"، قال حماد بن زيد: لا أعلم أيوب إلا قال: بزعفران، وفي صحيح ابن خزيمة من حديث عاصم بن عمر عن ابن سوقة عن نافع عنه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"ولم يرفعه إلا من تنخم في قبلة السجد بعث وهو في وجهه"ثنا الزعفراني، ثنا شبابة، ثنا عاصم بن محمد عن ابن سوقة عن نافع عنه قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"يبعث صاحب النخاعة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه" (4) ، قال أبو بكر: الأول: عاصم بن عمرو، وهو عندي أخو عبد الله، وعبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمرو. الثاني: عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فلما تدمّرت فإذا عاصم بن محمد غير عاصم بن عمر على ما بينت/من نسبتهما، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلّا عن ابن سوقة، وعند ابن خزيمة: فجاء الرجل الذي نخع فحكمنا ثم طلى مكانها بالزعفران، وفي لفظ: فحكّها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده، وعند أبي نعيم من حديث مسعود بن سعد عن ابن إسحاق عن نافع عنه: فأخذ حصاة فقام فحتها ثم قال:"إذا قام أحدكم

_ (1) كذا كلام المصنف، والسياق صحيح. (6) صحيح رواه النسائي (1/163) ، وأبو داود (ح/478) ، والبيهقي (2/291) ، والكنز (3) صحيح، متفق عليه. رواه الدرامي (ح/1397) ، والبخاري (ح/406) ، ومسلم في (المساجد، ح/547) ، وأبو داود (ح/479) ، والنسائي في (المساجد، باب النهي على أن يتنخم الرجل في قبلة المسجد، ح/4) ، وابن ماجة (ح/763) . (4) ضعيف. رواه ابن خزيمة (1313) ، والترغيب (1/201) ، وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/ 19) وعزاه إلى"البزار"وفيه عاصم بن عمر ضعفه البخاري وجماعة وذكر5 ابن حبان في الثقات.

يصلى فإنما يناجى ربه" (1) ، وفي لفظ:"من تنخم في قبلة المسجد جاء يوم القيامة وهى في جبينه معلّقة" (2) ، وعند البيهقي قال أبو الوليد: قلت لابن عمر:"ما كان بدّ وهذا الزعفران في المسجد فقال: خرج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرأى نخامة ... لما الحديث، وفيه"وطلى بزعفران"، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"هذا أحسن من الأول" (3) ، فصنعه الناس، وحدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة:"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حكّ بزاقا في قبلة المسجد". هذا حديث خرجاه في الصحيح (4) بلفظ:"رأى في جدار القبلة مخاطا أو بزاقا أو نخامة فحكّه"، وفي الباب حديث أبي ذر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تدفن"، رواه مسلم (5) ، وكذا حديث عبد الله بن السحر وصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "تنخع فدلكها بنعله اليسرى"، وعند النسائي:"برجله اليسرى"، وحديث سعد بن أبي وقاص سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"إذا تنخم أحدكم في المسجد فليغب نخامة أن يصيب جلد مؤمن/أو ثوبه فتؤذيه لما (6) . رواه ابن خزيمة في صحيحه، وحديث جابر بن عبد الله قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفْي يده عرجون أبي طالب، فنطر فرأى في قبلة المسجد نخامة فأقبل عليها بالعرجون، ثم قال: "أيكم يحب أن يعرض الله عنه إن أحدكم إذا قام يصلى بوجهه فإن الله تعالي قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه، ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره، تحت رجله اليسرى، فإن عجلت به بادره فليتفل بثوبه هكذا، ووضعه على فيه، ثم قال: أروني عبيرا، فقام فتى من الحي يشتدْ إلى أهله، فجاء بخلوق في

_ (1) تقدم ص 1270. (2) العلل المتناهية: (1/417) . (3) رواه البيهقي: (2/440) . (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في "الصلاة"، باب"33"،، والأذان، باب (94") ، ومسلم في (المساجد، ح/50) ، والنسائي في المساجد، باب "31" (، وأحمد! 2/66، 3/65، 6/148) (5) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/57) . (6) صحيح. رواه ابن خزيمة (1311) ، والمجمع (8/114) ، وعزاه إلى البزار ورجاله ثقات. ورواه أحمد: (3/88) .

راحته فاً خذه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجعله على رأس العرجون، ثم لطخ به على أثر النخامة، قال جابر: فمن هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم". رواه مسلم (1) ، وحديث طارق بن عبد الله المخاربي: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا قام الرجل إلى الصلاة، أو إذا صلى أحدكم، فلا يبزق أمامه ولا يمينه، ولكن عن تلقاء يساره إن كان فارغا، أو تحت قدمه اليسرى ثم ليتفل به" (2) ، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وحديث أبي سهلة السائب بن خلاد، وله صحبة أن رجلا أم قوما فبصق في القبلة، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر فقال رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين فرغ:"لا يصلي لكم"، فأراد بعد ذلك أن يصلى لهم فمنعوه، وأخبروه بقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:"نعم وحسبت أنه قال: إنك آذيت الله ورسوله". رواه أبو داود (3) بسند صحيح عن أحمد بن صالح، ثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن بكر بن سوادة الجذامي عن صالح بن خيوان عنه، صالح هذا وثقة أبو حاتم ابن حبان، وذكر أبو الحسن بن القطان/: أن العجلي أيضًا وثقة، ولم أره في نسختي فالله أعلم. وزعم ابن ماكولا في باب المختلف فيه: أن أبا صالح قال فيه ابن يونس: بالحاء المبهمة وقاله البخاري كذلك، ولكنه وهم، كذا ذكره عن ابن يونس، وليس هو بأبي عذرة هذا القول بل تبعه على ذلك الدارقطني، ويشبه أن يكون وهمًا؛ لأن ابن يونس لم يقل شيئا من ذلك، ونص ما عنده ذكره من اسمه صالح، فذكر صالح بن أصرم ثم قال: صالح بن خيوان الشيباني يروى عن ابن عمرو بن السائب بن خلاد، وعقبة بن عامر روى عنه بكر بن سوادة اللهم إلا لو نقل كلام أبي داود هو بالحاء المهملة، ومن قاله بالحاء المنقوطة، فقد أخطأ لكان صوابا، وأما ابن أبي حاتم فذكر بالحاء المنقوطة، ويشبه أن يكون سبب الخلاف في هذا ما

_ (1) صحيح. رواه مسلم في: (الزهد، ح/74) ، وأبو داود (ح/485) . غريبة: قوله:"عرجون علي بن أبي طالب " قال العيني: العرجون هو العود الذي فيه الشماريخ إذا يبس وأعوج، وابن طاب: رجل من أهل المدينة ينسب إليه نوع من تمرها. (2) صحيح. رواه البخاري (1/113) والفتح (1/512) والمشكاة (710) والترمذي (ح/ 571) وقال: هذا حديث حسن صحيح. (3) إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/481) .

ذكره أبو الوليد بن القرضي قال سعيد بن كثير بن عفير: من نسبه إلى حولان قاله بالخاء المعجمة، ومن قاله الساجي فبالحاء- يعني: المهملة، وأما قول عبد الحق في الكبرى: صالح لا أعلمه روى عنه إلّا ابن سوادة فصحيح، وأمّا قوله في الوسطى: صالح هذا لا يحتج به فيشبه أن يكون قاله من قبله، ولا أعلم له فيه سلفا، وأما قول ابن القطان: وزعم ابن يونس أله ليس له إلّا هذا الحديث فيما أعلم، ويأتي ذلك عليه أنّ البخاري قال: أله روى أيضا عن ابن عمر، يشبه أن يكون وهما؛ لأن ابن يونس لم يقل شيئا سوى ما أسلفناه فْبل، والله تعالى أعلم. وحديث ابن عمرو بن العاص قال: أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلا يصلى بالناس صلاة الطهر فتفل في القبلة وهو يصلى فلما كان صلاة العصر أرسل إلى آخر فأشفق الأوّل فجاء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال يا/رسول الله أنزل في؟ قال:"لا، ولكنّك تفلت بين يديك، وأنت تؤمّ الناس فآذيت الله ورسوله" (1) . ذكره ابن القطان، ثنا هارون بن سعيد، ثنا ابن وهب قال: حدثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن عنه وصححه، وحديث أبي سعيد قال:"رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد دمشق بصق في البوادي ثم مسحه برجله فقيل له: لم فعلت هذا؟ قال: لأني رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله". خرجه أبو داود (2) من حديث فرج بن فضالة عنه، قال الأشبيلي: وهو ضعيف، وأيضا لم يكن في مسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حصر، والصحيح أنه عليه الصلاة والسلام إّنما بصق على الأرض ودلكه بنعله اليسرى، ولعل واثلة إنّما أراد هذا فحمل الحصير عليه، قال ابن القطان: وبقى عليه أن ينبه على أبي سعيد فإنه لا يعرف من هو، ووقع في رواية لابن الأعرابي أبو سعيد، والصواب سعد، وهو شامي مجهول الحال، وتعليل الحديث به أدنى من تحليله بفرج، فإنه- وإن كان ضعيفا- معروف في أهل العلم، أخذ الناس عنه، وقد روى عنه شعبة وهو من هو، وقال يزيد بن هارون: رأيت شعبة يسأله عن

_ (1) صحيح. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/20) وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"، ورجاله ثقات. (2) ضعيف. رواه أبو داود (ح/484) .

حديث من حديث ابن عباس، وهو صدوق، وإنّما أنكروا عليه أحاديث رواها عن يحمى بن سعيد الأنصاري معلومة، وقال أبو حاتم: وهو في غيره أحسن حالا وهو بالجملة ضعيف، ورواه الساجي فلم يذكر الثوري مؤيّدًا لما أوّله أبو محمد فقال: حدثنا محمد بن عبد الله فيما كتب أبي، ثنا الحماني، ثنا فرج بلفظ: رأيت واثلة بزق ودلك برجله، وحديث أبي أمامة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من تنخم في المسجد فلم يدفنه فسيئة، ومن دفنه/فحسنة" (1) . رواه أبو نعيم من حديث أبي نميلة عن الحسن بن واقد، ثنا أبو غالب عنه، وذكر أبو عبيد بن سلام في غريبه: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"إن المسجد يروى من النجاسة كما يروى الجلد على النار"، قال ابن سيده: النخاعة ما تفله الإِنسان كالنخامة تنخع الرجل، وفي نخامته قال: نخم الرجل نخما، وتنخم وقع بشيء من صدره أو أنفه، واسم ذلك الشيء النخامة، وقال الجوهري: النخامة بالفم، وفى الجامع تنخم الرجل إذا تنخع، وقال عياض: النخامة من الصدر وهو البلغم اللزج، وقال أبو موسى المديني: مخرجها من الخيشوم، وقال ابن الأثير: يخرج من أصل الحلق من مخرج الخاء المعجمة، وقيل التي بالعين من الصدور والتي بالميم من الرأس، وأما البزاق فحكوا فيه الصاد والسين، وهو لغة ردية، قال عياض: البزاق في المسجد ليس بخطيئة إلا في حقّ من لم يدفنه، وأما من أراد دفنه فليمر بخطيئة، واختلف العلماء في كيفية الدفن، فالجمهور على دفنها في أرض المسجد، وإن كان ممكنا، وحكى الروياني: أنّ المراد إخراجها مطلقا، ويشهد له ما أسلفناه من عند ابن خزيمة وغيره، قال القرطبي: فيه دليل يعني قوله:"أيحب أحدكم أن يبصق في وجهه" (2) ؟ على تحريم البصاق في القبلة، وإن الدفن لا يكفره، ويؤيّده ما أسلفنا من الأحاديث، والله تعالى أعلم. وسمعت شيخنا قاضى القضاة بدر الدين بن جماعة- تغمّده الله تعالى برحمته- يسأل يوما في منزله عن البزاق في شباك المسجد إن كان له فقال: لا يجوز؛ لأنه يجر في المسجد، قال: اللهم إلّا أن

_ (1) أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/8) وعزاه إلى الطبراني في"الكبير"، ورجاله موثقون. (2) مسند الحميدي: (729، 1219) .

يخرج رأسه منه فلا حرج إذاً، والله تعالى أعلم. وفي قوله: وليبصق عن/ يساره: دليل على أن المصلى لا يكون عن يساره ملك لا يجد ما يكتب لكونه في طاعة الله تعالى؛ لأنه عليه الصلاة والسلام علل منع البصاق على اليمنى لكون الملك هناك وإباحته على اليسار، ومن المعلوم أن هناك ملكا، وأمّا حديث:"الكرام الكاتبين لا يفارقان العبد إلا عند الخلاء والجماع" (1) . ضعيف لا يخدش في هذا الدليل، والله تعالى أعلم.

_ (1) ذكر المصنف ضعفه

128- باب النهى عن إنشاد الضوال في المسجد

128- باب النهى عن إنشاد الضوال في المسجد حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع عن أبي سنان سعيد بن سنان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن يزيد عن أبيه قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل: من دعا إلى الجمل الأحمر فقال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-:" لا وجدته إنما بنيت المساجد لما بنيت له". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه (1) ، وحديث عمرو بن شعيب تقدّم ذكره، حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، أنبأ عبد الله بن وهب، أخبرني حيوة بن شريح عن محمد بن عبد الرحمن الأسدي أبي الأسود عن أبي عبد الله مولى شدّاد بن الهاد أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"من سمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فليقل لا رد الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه (2) أيضا، وزاد الترمذي:"إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك" (3) . وفي الباب حديث جابر قال: جاء رجل ينشد ضالة/في المسجد، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لا وجدت"، رواه النسائي (4) عن محمد بن وهب، ثنا محمد بن سلمة عن أبي

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/80، 81) ، وابن ماجة (ح/765) ، وأحمد (5/ 361) ، والترغيب (1/203) ، وإتحاف (5/92) ، وابن أبي شيبة (2/419) ، والبيهقي (2/ 447، 6/196، 10/103) ، والكنز (20819) . (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/79) ، وأحمد (2/349) ، والبيهقي (2/447، 6/ 196، 10/102) ، وشرح السنة (2/374) ، وإتحاف (5/92) ، والترغيب (1/202) ، وأذكار (34) ، وابن ماجة (767) . (3) صحيح. رواه الترمذي (ح/1321) وقال: هذا حديث حسن غريب. وروى مسلم السطر الثانى منه في (المساجد، ح/79) . والنسائي في (عمل اليوم والليلة، باب ما يقول لمن يبيع أو يبتاع في المسجد، (ح/176) ، والدارمي (ح/1401) ، وابن حبان في"موارد الظمآن" (ح/313) ، والحاكم (2/56) وقال: صحيح على شرط مسلم. وأقره الذهبي. والطبراني في"الكبير" (ح/1454) . وانظر الدراية (1/ 289) . وصححه الشيخ الألباني. صحيح الجامع (1/217) . (4) صحيح. رواه النسائي (2/48) ، وأحمد (5/361) ، والبيهقي (2/196؛ 447؛10/103)

عبد الرحيم، حدثني زيد عن أبي الزبير عنه، وحديث جبير بن مطعم قال: "نهى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أن ينشد في المسجد الضالة" (1) . رواه أبو نعيم من حديث سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق قال: حدّثنى أبي عنه وحديث ابن مسعود:"وسمع رجلًا ينشد ضالة في المسجد فغضب وسبه فقال رجل: ما كنت فحاشًا قال: إنا كنا نؤمر بذلك" (2) . رواه ابن خزيمة، وصحيحه في حديث عاصم عن أني عثمان عنه، وحديث أنس بن مالك أنّ رجلا دخل المسجد ينشد ضالة، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا وجدت" (3) . رواه أبو قرّة موسى بن طارق السلمي في سننه عن موسى بن عقبة عن عمرو بن أبي عمرو وعنه يقال: نشده الضالة إذا طلبتها وأنشدتها إذا عرفتها هذا هو الفصيح، وحكى اللحياني في نوادره نشدت الضالة نشدة ونشدة وينشد أنا أي: طلبتها، وأنشدتها، ونشدتها إذا عرفتها، وقال الأصمعي: في كل شيء رفعت به صوتك فقد أنشدت به ضالة كانت أو غيرها، وفي المجراد: الكراع نشدت الضالة طلبتها، وأنشدتها بالألف عرفتها لا غير، وكذا قال أبو عبيد في الغريب المصنف وأنشد بيت ألي داود، ويصح أحيانًا كما أسمع المضل لصوت ناشد، كذا ذكره، ولم أجده في نسختي من شعر أبي داود التي هي بخط ابن الطبال، قال الأصمعي: يقال في الناشد هنا أنه المعرف، ويقال ابن الطبال؛ لأنّ المضل يشتهى أن يجد/مضلًا مثله ليتعزى به، وفي المحكم أنشدها اضطر شدّ عنها زاد القاضي أن نشدتها نشدا، وأنا

_ وابن أبي شيبة (2/419) ، والمجمع (2/24) وعزاه إلى الطبراني في "الأوسط" ورجاله ثقات، ورواه البزار بإسناد ضعيف. وإتحاف (5/93،92) ، والبخاري في"التاريخ الكبير" (1/112) ، وأبو حنيفة (442،438،1) . (1) ضعيف. بنحوه. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/25) ، وعزاه إلى الطبراني في "الكبير"من حديث ابن مسعود، وابن سيرين لم يسمع من ابن مسعود. (2) ضعيف. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (2/25) ، وعزاه إلى الطبراني في"الكبير" وابن سيرين لم يسمع من ابن مسعود. (3) تقدم الحاشية رقم (4) السابقة.

ناشد، واًنشدتها إنشادا، وأنا منشد، وأما من قال في بيت أبي داود أنه العرف، فليس كذلك؛ وإنما هو الطالب، واستدل قوم على أن المنشد الطبال بقوله عليه السلام وذكر مكة شرّفها الله تعالى، ولا تحل لقصتها إلّا المنشد، قالوا: معتاد لا تحل لقطتها إّلا لطالبها وهو ربها وهؤلاء يصح الأعلى ما ذكرنا؛ لأنّ الطالب إنما يقال له ناشد، ولا يقال له ينشد فدل على ذلك قوله عليه السلام، وسمع رجلا ينشد ضالة في المسجد أيّها المسجد غيرك الواجد، ومعنى الأول عند بعض اللغويين: أن لقطة مكة لا تحل أبدا، فكان قوله لا تحل لقطتها يريد ألبتة فلقن إلّا المنشد وهو يريد المعنى الأول، ومثل هذا يقول الرجل: والله لا أكلمك فيقول الآخر: إن شاء الله تعالى، فيقول ذلك وهو لا يريد فينفسخ يمينه، ولكن لقِّن شيئا فلقّنه، ومعناه: لا تحل للملتقط منها إلّا إنشادها، وذكر بعضهم أنّ معناه لا تحل إلّا لعرف بها، وهذا لا فضل فيه لمكة إذ كلّ لقطة لا تحل حتى يعرف بها، والأول أحسن، وأمره عليه الصلاة والسلام بأن يقال: ثنا ذلك عقوبة له على مخالفته، وعصيانه، وفعله بما نهى عنه من ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.

129- باب الصلاة في أعطان الإبل

129- باب الصلاة في أعطان الإِبل حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون، وثنا أبو بشر بكر، ثنا يزيد/بن زريع قالا: ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إن لم تجد إلّا مرابض الغنم، وأعطان الإِبل" (1) ، هذا حديث قال فيه أبو عيسى: حسن صحيح، وخرجه ابن حبان (2) في صحيحه عن أبي يعلي، ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، ثنا ابن زريع، وثنا إسحاق، ثنا يزيد بن نصر، أنبأ عبد الله بن المبارك عن هشام عن ابن سيرين عنه زاد أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور من حديث أبي حيان عن أبي زرعة عنه مرفوعا: " الغنم من دواب الجنة فامسحوا رعاتها وصلّوا في مرابضها " (3) ، وفي كتاب البزار:"أحسنوا إليها وأميطوا عنها الأذى فإنّها من دواب الجنة"، قال البيهقي: روى عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا وهو أصح. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا هشيم عن يونس عن الحسن عن عبد الله بن معقل المزني: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"صلّوا في مرابض الغنم، ولا تصلوا في أعطان الإِبل فإنها خلقت من الشياطين" (4) . هذا حديث إسناده صحيح متصل، قال البيهقي: كذا رواه جماعة عن يونس بن عبيد، وقال يزيد بن زريع عن يونس: كذا روى، ولم يذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورواه النسائي عن عمرو عن يحيي عن أشعث عن الحسن مرفوعا، وفي حديث ابنه كرير

_ (1) رواه الترمذي: (ح/348) وقال:"هذا حديث حسن صحيح". (2) روا. ابن حبان: (335) . (3) الكنز (35229) ، والخطيب في"تاريخه" (7/432) ، والعلل (380) . (4) صحيح. رواه الترمذي (ح/348) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/ 769) ، في الزوائد: إسناد المصنف فيه مقال، وأصل الحديث رواه النسائي مقتصرا على النهي عن أعطان الإِبل. وأحمد (2/509، 4/86، 150، 352،5/57،55) ، والطبراني 1/176،17 340) ، وللشكاة (739) ، وابن أبي شيبة (1/384) ، وأبو عوانة (2/401) ، والتمهيد (5/ 303) ، والكنز (19172، 19174) ، والمعاني (1/384، 14/149) .

عن الحسن عند البيهقي مرفوعا:"إذا أدركتم الصلاة وأنتم في أعطان الإِبل فاخرجوا منها فإنها جنّ من جنّ خلقت ألا ترى أنها إذا نفرت كيف تمسح بأنفها؟ " (1) ، ورواه أبو نعيم الفضل بن المبارك بن فضالة عن الحسن مرفوعا، وفي مسند ابن وهب مسند منقطع:"نهى أن/يصلى في معاطن الإِبل" (2) زاد"كان يصلى في مراح البقر والغنم" (3) . حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا زيد بن الحباب، ثنا عبد الملك بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني قال: أخبرني أبي عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"لا يصلى في أعطان الإِبل، ويصلى في مراح الغنم" (4) . هذا حديث إسناده صحيح، على ابن سير مسلم وقد تقدّم في كتاب الطهارة جملة من معنى هذا الحديث، وكذا حديث أنس في بنيان المسجد، وفيه:"كان يصلى في مرابض الغنم" (5) في كتاب الصلاة، وحديث عقبة بن عامر يرفعه:"صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في أعطان الإبل"، قال أبو القاسم: لا يروى عن عقبة إلّا بهذا الإِسناد، تفرد به ابن وهب، يعني: عن عاصم بن حكم عن إلي عمرو الشيباني عن أبيه عنه، وحديث ابن عمر ويرفعه:"لا تصلوا في أعطان الإبل وصلوا في مراح الغنم" (6) ، وقال: لم يروه عن هشام بن عروة- يعني: عن أبيه- إلّا يونس بن بكير، قال الشّافعي- رحمه الله تعالى-: تجوز

_ (1) رواه البيهقي: (2/449) . (2) رواه أحمد (3/405) ، والدارقطني (1/267،265، 275، 276) ، وابن عدي في"الكامل" (3) صحيح. رواه البيهقي (2/449) ، والكنز (19176) ، وصححه الشيخ الألباني. الصحيحة: ح/1128) . (4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/770) ، وابن أبي شيبة (14/150) ، والكنز (19171) ، وعبد الرزاق (1595) . وصححه للشيخ الألباني. (5) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/117) ، ومسلم في (المساجد، باب"1"رقم "10" (، والترمذي (ح/350) ، وصححه. وأحمد (2/178، 3/131) ، والبيهقي (2/438) والمجمع (2/26) ، وأبو عوانة (1/396) ، وابن أبي شيبة (1/385) . (6) رواه الطبراني: (7/136) .

الصلاة في الموضع الذي يقع عليه اسم مراحها الذي لا بعد فيه ولا بول وأكره له الصلاة في أعطان الإِبل، وإن لم يكن فيها قدر فإن صلّى أجزاه كان النبي- عليه الصلاة والسلام- يُصلِّي فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده، ولم يفسد ذلك صلاته، وقد صلى النبي- عليه السلام- إلى بعير، وهذا وإن لم يكن صلاة في موضع الإِبل فهي صلاة تقرب الإِبل، وكانت جائزة بطهارة المكان كما كره الصلاة قرب الشيطان في موضع ومر به الشيطان في حين آخر فلم يفسد صلاته، وزعم القرطبي: أنّ الصلاة كرهت في المعاطن، وهي موضع إقامتها/عند الماء واستيطانها تفردها وبيتها أولا فإنهم كانوا يختلفون بينها مستترين بها أو لخوف نفارها فيذهب خشوع المصلي، وزعم ابن حزم: أن الصلاة في المعاطن لا تحل، فإن كان لرأس أو الرأسين فالصلاة فيه جائزة، وإنّما تحرم الصلاة إذا كان لثلاثة فصاعدا، قال ابن سيده: والعطن للإبل كالوطن للناس، وقد غلب على مبركها حول الحوض، والجمع أعطان، وعطنت، ويعطن عطونا فهي عواطن وعطون، ولا يقال إبل عطان وأعطنها جلسها عند الماء فبركت بعد الورد، قال لبيد: عافتا الماء فلم يعطها، إنّما يعطن أصحاب العلل، والاسم: العطنة، وأعطن القوم عطت إبلهم، وقوم عطان، وعطون، وعطنة نزلوا في أعطان الإبل، وقول أبي محمد الحديلي: وعطن الدبان في قمقامها لم يفسده ثعلب، وقد يجوز أن يكون عطن اتخذ عطنا كقولك عشعش الطائر إذا اتّخذ عشا، وفي الجامع قال الخليل: العطن ما حول البئر والحوض من مبارك الإبل ومناخ القوم، وقالوا: كل للمبارك ماء، وقال: لا تكون الأعطان إلّا على الماء، وفي غيره المأوى والمراح.

130- الدعاء عند دخول المسجد

130- الدعاء عند دخول المسجد حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا إسماعيل بن إبراهيم وأبو معاوية عن ليث عن عبد الله بن الحسن عن أمه عن فاطمة بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا دخل المسجد قال:"بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك"/وإذا خرج قال:"بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك" (1) . هذا حديث لما رواه أبو عيسى عن علي بن حجر عن إسماعيل بلفظ: إذا دخل المسجد صلى الله عليه وآله وسلم- قال ابن حجر: قال إسماعيل: فلقيت عبد الله بن الحسن بمكة فسألته عن هذا الحديث فحدثني به فقال: كان إذا دخل قال:"رب افتح لي باب رحمتك، وإذا خرج قال: رب افتح لي باب فضلك" (2) ، قال: وحديث فاطمة حديث حسن، وليس إسناده بمتصل وفاطمة بنت الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى، إنّما عاشت فاطمة بعد النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أشهرًا، وذكر الإسماعيلي في كتاب مسند فاطمة- رضي الله تعالى عنها- أنّ سعيد بن الحسن رواه عن عبد الله بن الحسن بلفظ:"إذا دخل المسجد حمد الله وسمى"، وقال: "الحمد لله". قال: ورواه عنه أيضًا قيس بن الربيع، وعاصم بن سليمان بلفظ: إذا دخل المسجد قال:"السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك"، وإذا خرج قال:"السلام عليك أيها النبي ورحمة الله اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رزقك" (3) ، ورواه الدراوردي فأرسله عن فاطمة بنت حسن أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لابنته

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/771) ، وأحمد (6/282) ، وإتحاف (5/91) ، وابن السني (85) ، والكنز (17962،23109) ، وابن أبي شيبة (10/406) . ورواه الترمذي (ح/ 314) . وصححه للشيخ الألباني. (2) حسن. رواه للترمذي (ح/315) ، وأحمد (6/283) . (3) الحاشية قبل السابقة.

فاطمة:"إذا دخلت المسجد فقولي: بسم الله اللهم اغفر لي ذنوبي وسهّل لي أبواب رحمتك، وإذا خرجت فقولي: بسم الله الحمد لله اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي/أبواب رزقك " (1) . قال الإسماعيلي: قال شيخنا المنسي: رواه صالح بن موسى الطلحي عن عبد الله بن حسن عن أمّه قاطمة عن ابنها كن علي، ورواه روح بن القاسم عن عبد الرحمن بن الحسن عن أمه فاطمة مرسلا، وفي كتاب العلل عن أحمد، قال عبد الله: حديث أبي بحديث حسان بن إبراهيم الكرماني عن عاصم عن عبد الله بن الحسن عن أمه فاطمة بنت حسين بن علي عن أمها قاطمة الحديث فقال أبي: ليس هذا من حديث عاصم هذا من حديث ليث، وقال الدارقطني في كتاب العلل: وحدّثنا به ابن صاعد، ثنا إبراهيم بن يوسف الصيرفي، ثنا سعيد بن الحمصي عن عبد الله بن الحسن فذكره. حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وعبد الوهاب بن الضّحاك قالا: ثنا إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد عن سويد الأنصاري عن أبي حميد الساعدي: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم ثم ليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إنِّي أسألك من فضلك" (2) . هذا حديث إسناده ضعيف، لضعف ابن عياش، وهو في صحيح مسلم (3) عن يحيى بن يحيى، ثنا سليمان عن ربيعة عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد- أو عن أبي أسيد- إلا أنه لم يقل فليسلم، وعن حامد بن عمر عن بشر بن المفضل، ثنا عمارة فذكر فيه الشكر والسلام، ورواه الدراوردي عن أبي داود عن ربيعة عن عبد الملك قال: سمعت أبا

_ (1) تقدم بنحوه الحاشية رقم (1) السابقة. (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/772) . وصححه الشيخ الألباني. قلت وقد ذكر المصنف ضعفه؛ لضعف ابن عياش، عالم أهل حمص صدوق في حديث أهل الشام، مضطرب جدا في حديث أهل الحجاز. قال أحمد: ما روى عن الشاميين صحيح، وما روى عن الحجازيين فليس بصحيح، وقال ابن حبان: لا يحتج بحديثه، وضعفه النسائي. ووثقه ابن معين. (الضعفاء الكبير للذهبي: 1/85/697) . (3) صحيح. رواه مسلم في:) المسافرين، ح/68) ، وأحمد (5/425) ، والنسائي (2/23) ، والدارمي (2/293) ، وابن كثير (4/275، 6/70) ، وإتحاف (5/90) ، والكنز (20784، 20788) .

حميد أو أبا أسيد لما سئل أبو زرعة عنه/قال: اختلف على ربيعة؛ فروى بشر بن المفضل عن عمارة عن غزية عن أبي حميد عن أبي أسيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورواه سليمان بن بلال عن ربيعة عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد، وأبي أسيد عن النبي، كلاهما أصح، قال ابن أبي حاتم: لم يكن اخرج أبو زرعة من حالف بشرًا عن عمارة، وأجر أنه لم يكن وقع عنده، أنبأ يونس قراءة عليه عن ابن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم عن عمارة عن ربيعة عن عبد الملك بن سعيد عن أبي حميد، وأبي أسيد، كما رواه سليمان فدلّ أنّ الخطأ من بشر بن المفضل، والله تعالى أعلم. ويشبه أن يكون المجيء لابن ماجة أن يرويه عن إسماعيل سلامة رواية من الشك، والله تعالى أعلم. حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا الضحاك بن عثمان، حدثني سعيد المقبري عن أبي هريرة: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:"إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج فليسلم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليقل: اللهم أعصمني من الشيطان الرجيم" (1) . هذا حديث خرجه الحافظان ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، زاد البزار في آخره:"وليقل: اللهم اعصمني من السوء"، ولفظ الحاكم:"اللهم أجرني من الشيطان"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وفي الباب حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:"إذا دخل أحدكم المسجد فليتعوذ بالله العظيم وبوجهه/الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان: حفظ منى سائر اليوم. رواه أبو داود بسند صحيح عن إسماعيل بن بشر، ثنا ابن مهدى عن ابن المبارك عن حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم عنه، وفي كتاب الفضل بن دكين، ثنا زهير عن أبي إسحاق عن سعيد بن ذي حذان قال: قلت لعلقمة: ما يقول الرجل إذا دخل المسجد قال: يقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته صلى الله وملائكته على محمد.

_ (1) صحيح. رواه أبو داود "ح/465) ، وابن ماجة (ح/737،772) ، في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. والدارمي (1/324) وابن خزيمة (425، 2706) ، والحاكم (1/ 207) ، والبيهقي (2/442،441) .

131- باب المشى إلى الصلاة

131- باب المشي إلى الصلاة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعه الله بها درجة، وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه" (1) ، هذا حديث رواه مسلم (2) في صحيحه بلفظ:"من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضى فريضة من فرائض الله عز وجل كانت خطوتاه إحداهما تخط خطيئة والأخرى ترفع درجة"، وعند الشيخين (3) عنه مرفوعا:"من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلًا كلما غدا أو راح"، وفي لفظ:"صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقة خمسا وعشرين درجة، وذلك أنّ أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء، وأتى المسجد لا/يريد إلا الصلاة"، وفي آخره:"والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون اللهم أغفر له اللهم أرحمه بت عليه ما لم يؤد فيه ما لم يحدث فيه" (4) ، وعند النسائي بسند جيد من حديث محصن بن علي الفهري عن عون بن الحارث عنه:"ثم خرج عائدا إلى المسجد فوجد النّاس قد صلوا كتب الله له مثل أجر من قد حضرها، ولا تنقص ذلك من أجورهم شيئا"،

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/774) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/282) والبيهقي (3/62) وأبو عوانة (1/390) والكنز (18960) والقرطبي: (12/276) ، والخفاء: (2/36) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/168) ، ومسلم في: (المساجد، ح/285) ، والترغيب: (1/212) ، وابن خزيمة: (1496) ، والمشكاة: (698) ، والقرطبي: (12/276) ، والحلبة: (3/229) . (4) صحيح، متفق عليه. رواه للبخاري (1/166) ، ومسلم في: (المساجد، باب"49"، ح/ 272) ، وأبو داود في: (الصلاة، باب"49") ، وابن ماجة: (ح/786، ول 7، 790) ، والدارمي: (1/292) ، والطبراني: (8/41) ، وابن حبان: (431) ، وإتحاف: (3/14) ، والكنز: (20217،20219، 20222) وابن كثير: (6/69) ، والقرطبي: (1/250) .

وفي كتاب الأحكام للحافظ ابن علي الطوسي وحسنه:"من حين يخرج أحدكم من بيته إلى مسجده فرجل تكتب درجة وأخرى تمحو سيئة"، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث أبي معشر عن سهيل عن أبي هريرة- يعني: هذا الحديث- فقال: هذا خطأ ليس هو عن سهيل، وفي كتاب الثواب لآدم حتى يدخل المسجد، وفي لفظ:"فرجل تكتب حسناته ورجل تمحو سيئاته"، وفي كتاب ابن زنجويه من حديث الحارث بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عنه مرفوعا:"ما من أحد يغد ويروح إلى المسجد ويؤثره على ما سواه إلّا وله عند الله نزل يعده له في الجنة كلما غدا أو راح" (1) كما لو أنّ أحدكم زار من يجيب زيارته إلّا اجتهد له في كرامة بين حديث سهيل عن أبيه عنه:"إذا توضأ العبد المؤمن أو المسلم فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة لينتظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء أو نحو هذا، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً من الذنوب " (2) وبين حديث العلاء عن أبيه:"ألا أخبركم بما/يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطأ إلى المساجد" (3) . حدثنا أبو مروان الهمداني محمد بن عثمان، ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة عن أبي هريرة. قال رسول الله

_ (1) بنحوه. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/29) من حديث عتبة بن عبد، وعزاه إلى أحمد، والطبراني في"الكبير"، وفيه يزيد بن زيد الجرجافي لم يرو عنه غير محمد بن زياد، وبقية رجاله موثقون. (2) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/32) ، وأحمد (3/302) ، والترمذي (32) ، والبيهقي (1/81) ، وابن خزيمة (4) ، وشرح السنة (1/322) ، والموطأ (32) ، وابن كثير (3/ 56) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/135) ، وللترغيب (1/151) ، والكنز (26823) ، وإتحاف (2/375) ، والعقيلي (3/134) ، والتمهيد (4/30، 31) . (3) صحيح. رواه النسائي في (الطهارة، باب "106") ، وأحمد (2/303) والبيهقي (1/ 82) ، والتجريد (348) ، والمنثور (2/114) ، وابن كثير (2/170) ، وشرح للسنة (1/320) ، والبغوي (1/472) ، وللسير (1/533) ، وإتحاف (2/374) ، وحبيب (1/24) ، وأبو عوانة (1/ 231) .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" (1) . هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم، وفي لفظ عندهما:"وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا"، وفي لفظ لمسلم (2) :"صل ما أدركت واقض ما سبقك"، ورواه أحمد (3) عن ابن عينية عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة بلفظ:"وما فاتكم فاقضوا"، ورواه مسلم عن ابن أبي شيبة، وزهير عن ابن عيينة:"يدرجا فيما قبله"على لفظ يونس بن يزيد عن الزهري، ولم يذكر لفظه:"واقضوا"، ورواه أبو داود (4) من طريق سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة " فصلوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم "، قال أبو داود: كذا قال ابن سيرين عن أبي هريرة:"وليقض"، وكذا قال أبو رافع عنه، وأبو ذر روى عنه: "فأتمُّوا واقضوا" (5) اختلف عنه، قال الدارقطني: وهم محمد بن مصعب فيه فرواه عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أنس، ورواه أبو ثور عن زكريا بن عدى عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد وأبي سلمة، عن أبي هريرة، ولم يتابع عليه، ورواه خلاد بن يحيى عن سفيان عن الأعمش عن سعد بن إبراهيم عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه عن أبي هريرة قال: وذكر الأعمش فيه وهم، ويشبه أن يكون سعد بن إبراهيم حفظه/عن أبي سلمة وعن عمر أبيه، ولفظ شعبة عند البيهقي عن سعد عن أبي سلمة:"واقضوا ما سبقكم"، قال: ورواية ابنه عنه سمع بمتابعة الزهري إياه أصح، وكذلك رواه محمد بن عمر عن أبي سلمة، وقال ابن الجوزي: فأتموا، كذا رواه

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/9) ومسلم في (المساجد، ح/151) وأبو داود (ح/572) ، والترمذي (327) ، وابن ماجة (775) ، وأحمد (2/270، 452) ، والبيهقي (2/ 297، 4/228) ، وعبد الرزاق (3102، 3404) وابن خزيمة (1772،1505) ، وشرح السنة (2/316) والمشكاة (686) ، ونصب الراية (2/200) ، والكنز (20017) ، وابن كثير (8/ 146) ، وتلخيص (2/28) ، ومعاني (1/396) . (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/154) ، والبيهقي (2/298) ، والمجمع (2/76) ، وأبو عوانة (2/84) ، والفتح (2/118، 268، 269) . (3) صحيح. رواه أحمد (2/270، 452) ، والتمهيد (7/71) ، والحميدي (935) . (4) صحيح. رواه أبو داود: (ح/573) . (5) المصدر السابق.

الزبيري، وإبراهيم، وابن أبي ذئب، وسر عن الزهري، وأما شعيب عنه ففي رواية كما سبق، وفي أخرى:"فاقضوا"، وكذلك رواه ابن سيرين، وأبو رافع عن أبي هريرة، وقال أبن عينية عن الزهري:"فاقضوا"، قال: وقال محمد بن عمرو عن أبي سلمة، وجعفر بن ربيعة عن الأعرج:"فأتموا"، وابن مسعود، وأبو قتادة عن أنس عن النبي- عليه السلام- كلهم قالوا:"فأتموا"، وفي كتاب التمييز لمسلم: أخطاْ في هذه اللفظة، وكذا ذكره عنه البيهقي، وفيه نظر؛ من حيث أن مسلما خرج في صحيحه:"واقض ما سبقك"، وقد وجدنا لابن عينية عن الزهري متابعا على هذه اللفظة أيضا، وهو ما رواه أبو نعيم عن عبد الله بن جعفر، ثنا يونس، ثنا أبو داود، ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري ولفظه:"فاقضوا"، وفي مسند أبي قرأ ذكر ابن جريح أخبرت عن الزهري عن أبي سلمة عنه بلفظ:"وما فاتكم فاقضوا"، قال: وذكر سفيان عن سعد بن إيراهيم، حدثني عمر بن أبي سلمة عن أبي سلمة عنه، ولفظه: "وليقض ما سبقه"، ورواه ابن عينية عند الدارمي وغيره:"فأتموا"فخرج بهذا من أن يغلط. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا زهير بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري: أله سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:"ألا أدلكم على ما يكفِّر الله/به الخطايا، ويزيد في الحسنات قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة" (1) ، هذا حديث في إسناده ضعف؛ للاختلاف في حال ابن عقيل، ولفظ ابن عدي في كامله:

_ (1) صحيح رواه بن ماجة (ح/776) ، والكنز (44262) وابن المبارك في الزهد (138) وإتحاف (10/23) ، وابن خزيمة (177) وان كثير في "التفسير" (2/171) والترغيب (1/ 198،211،284،284،285) ومطالب (83) وأحمد (2/235) وصححه الشيخ الألباني (2) حسن رواه أبو داود (ح/561) والترمذي (ح/223) وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه مرفوع هو مسند وموقوف إلى أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسند إلى

وقال محمد هذا ضعيف، وذكره أيضا في ترجمة عبد الحكم بن عبد الله القسلمي عن الباجي، وزعم أن عبد الحكم منكر الحديث، ولفظ أبي يعلي عنه: " بالنُّور التام يوم القيامة ". حدثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: " من سره أن يلقى الله عز وجل مسلمَا فليحافظ على الصلوات الخمس حيث ينادي بهن فإنهنّ من سنن الهدى، وأن الله شرع لنبيكم- صلى الله عليه وآله وسلم- سنن الهدى، ولعمري وأنّ ذلكم صلّى في بيته لتركتكم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأينا وما نتخلف عنها إلّا منافق معلوم النفاق، ولقد رأيت الرجل يهادى بين الرجلين حتى يدخل في الصف، وما من رجل يتطهَّر فيحسن الطهور فيعمد إلى المسجد فيصلى فيه فما يخطو خطوة إلّا رفعه الله بها درجة أو حط بها خطيئة " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف رواية أبي إسحاق إبراهيم بن مسلم العبدي الكوفي، ثم الهجري نسبة إلى أبي هجر، ومعناها البهرية القرية، والقصور الملتفة، وهى قرية مأرب القديمة. كذا ذكره ابن أبي المدينة، وقال اليعقوبي: حي مدينة/البحرين وقال القالي وقال بعضهم: الهاجري نسبة إلى هجر بالألف واللام، قال الرشاقي: وليس هذا القوي بمرضي، قال البكري: سميت بهجر بيت مكتف من العماليق، وقال الزجاجي في مختصر الكتاب الزاهد: وكانت سها، وفي كتاب البلدان للكلبي: كانت هجر من العرب المتعرة وهي زوج محكم بن عبد الله صاحب النهر الذي بالبحرين الذي يقال له: نهر محكم، وقال الحازمي: هي قصة بلاد البحرين بينها وبن بئرين سبعة أيام، وقال ياقوت: هجر اسم ليمثل جميع نواحي البحرين كما يقال: الشّام والعراق، وهى أيضَا قرية كانت قرب المدينة، وهي

_ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وابن ماجة (ح/781) ، والترغيب (1/212) ، وشرح السنة (2/358) ، والمجمع (2/30) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه العباس بن عامر للضبي ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات. وعبد الرزاق (5999) ، والكنز (2860284،28702،202) . (1) إسناده ضعيف. رواه النسائي (08/12) ، والترغيب (1/260) ، والمجمع (2/39) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " من طريق رحلة مولاه عبد الملك عن ابن عمر، ولم أجد من ترجمها. والكنز (20275) ، وتنزيه (2/207) ، والفوائد (123) ، والإرواء (2/255) .

أيضا قرية باليمن بينها وبين عمر يوم وليلة، وفي كتاب البلدان للزمخشري: هجر من البحرين بغير ألف وتصدن ولا تصدن، والهجر أيضا موضع بالألف واللام، وفي كتاب ابن سيده هجر مدينة تصرف ولا تصرف، قال سيبوية: سمعنا من العرب من يقول: مخالب الممرات هجر، والنسب إليه هجري على القياس، وهاجري على غير قياس، قال: قرئت غارة أو صنعت فيما كسح الهاجري حريم نمر، وفي الصحاح هجر اسم بلد مذكر مصروف، والنسبة إليه هاجري على غير قياس، وفيه قيل: هاجري، وقال القزاز: هو معرفة لا تدخله الألف واللام، وإياه أراد الشاعر مثل: القيامة هذا حوق قد بلغت نجران أو بلغت سوائهم هجر فإنّه وإن كان الحاكم قد قال لم يسقم عليه بحجة، وليس بالمتروك إلا أن الشيخين لم يحتجا به، وقال الأزدي: كان صدوقا، ولكنه وقّاع كثير الوهم، وقال ابن عدي: وأحاديثه عامتها مستقيمة المتن، وإنما أنكروا عليه كثرة روايته عن/أبي الأحوص عن عبد الله، وهو عندي ممن يكتب حديثه وخرج الحافظ أبو بكر بن خزيمة حديثه في صحيحه فقد قال فيه النسائي: ضعيف، وقال يحيى بن معين: ضعيف ليس بشيء، وفي كتاب ابن أبي خيثمة: ليس حديثه بشيء، وقال ابن المديني عن أبيه: قال سفيان: كان الهجري يحفظ حديثين ما هو فيه، قال: وسمعت أبي يقول: لا أُحدث عن الهجري بشيء كان رفاعا وضعفه، وقال مرة عن ابن عيينة: كان الهجري ليسوق الحديث بسياقه جيدة على ما فيه، وقال الرمادي عنه: رأيه، وقد أقاموه في الشّمس يستخرج منه شيء وكان يلعب بالشطرنج، وقال المزي: عنه كان إبراهيم ضعيفا وقال عبد الرحمن بن بشر بن الحكم عنه: أتيته فدفع إلي عامة كتبه ترجمت الشيخ فأصلحت له كتابه قلت هذا عن عبد الله، وهذا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا عن عمرو، وقال أبو حاتم الرازي: لين الحديث ليس بقوي، وقال أبو بكر الرازي: رفع أحاديث أوقفها غيره، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال أبو موسى: ما سمعت يحيى يحدث عن سفيان عن الهجري، وكان عبد الرحمن يحدث عن سفيان عنه، وقال ابن سعد: كان ضعيفا في الحديث، وقال الحربي في علله: فيه ضعف وأستغفر الله تعالى من ذلك، وقال علي بن الجنيد: متروك، وذكره أبو عبد الله الجعفي في

كتاب الضعفاء تأليفه، وكذلك العقيلي، وسئل عنه أحمد، وهو يحدث عه فقال: قد روى عنه شعبة، وقال البرقي في كتاب الطبقات: كان ضعيفا، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء قال: قال أبو الحسن: هو كوفي يكتب حديثه وفيه ضعف، وفي موضع آخر هو ضعيف،/وقال أبو داود: قال يحيى بن سعيد: كان الهجري ليسوق الحديث سياقة جيّدة، وذكره يعقوب في جملة من يرغب الرواية عنهم، وردّ به البيهقي وأبو عمرو بن حزم، والحافظ ضياء الدين المقدسي، وابن طاهر في التذكرة، وأبو الفرح في التحقيق، وأبو محمد الإشبيلي، وأبو الحسن بن القطان غير حديث، وقد وقع لنا هذا الحديث من طرق صحيحة سالمة من الضعف رواها مسلم في صحيحه عن أبي بكر. حدّثنا محمد بن بشر، ثنا زكريا بن أبي زائدة عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأحوص، وعن أبي بكر، ثنا أبو نعيم، ثنا أبو العميس عن علي بن الأقمر عن أبي الأحوص بزيادة: " ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى هذا المتخلِّف في بيته لتركتم سنة نبيكم، وأن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علّمنا سنن الهدى، وإنّ من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذِّن فيه "، وعند أبي داود (1) : " ما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته "، وفيه: " ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم "، وفي كتاب النسائي (2) : " وأنى لا أحب منكم أحد إلّا وله مسجد يصلى فيه في بيته " وفيه: " ولقد رأينا نقارب بين الخطأ "، وفيه: " ويرفع له بها درجة من غير شك "، والله تعالى أعلم. حدثنا محمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم الشقري، ثنا الفضل بن الموفق أبو الجهم، ثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري. قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من خرج من بيته إلى الصلاة فقال: اللهم أني أسألك بحق السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا ولا بطرا، ولا رياء، ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، فأسألك أن تعيذني/

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/550) . (2) رواه النسائي في: (1 لإِمامة: باب " 50 ") .

من النار، وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أقبل الله عليه بوجهه، واستغفر له سبعون ألف ملك " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف رواية أبي الحسن عطية بن سعد عن جنادة الحدني للقيسيي الكوفي العوني، وإن كان المزي حسّن له أحاديث، وقال ابن سعد: كان ثقة إن شاء الله تعالى، وله أحاديث صالحة، ومن الناس من لا يحتج به، فقد قال فيه الإمام أحمد: ضعيف والخدري بلغني أَفه كان يأتي الكلبي ويسأله التفسير وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد، وكان هشيم يتكتم فيه وقال أبو زرعة: ليّن، وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه، وقال ابن عدي: وهو مع ضعفه يكتب حديثه، وكان سعد من شرحه أهل الكوفة، وقال السعدي: كان مائلَا، وضعّفه الثوري، وقال الكوفي: تابعي وليس بالقوي، ولما ذكره الأصمعي في حكايات المجموعة عنه قال: هو من عدوان بن قيس غيلان بن مضر كان يتشيع، ومات زمن الحجاج، وخالف ذلك المستملي؛ فذكر أنه توفي سنة إحدى عشرة ومائة، وقال النسائي: هو ضعيف، وقال ابن حبان: سمع من الخدري أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي فإذا قال الكلبي: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حفظ ذلك ورواه عنه، وكنّاه أبا سعيد فيظن أنه أراد الخدري وإنما أراد الكلبي لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب، وقال يحيى بن سعيد: هو وأبوهما هارون وبشر بن حرب عندي سواما وقال أبو خالد الأحمر: قال لي الكلبي: قال لي عطية: لينبئك أبا سعيد فأنا أقول/ثنا أبو سعيد، وقال البزار: كان يغلو في التشيع، روى عه جلّ الناس نحو من أربعين رجلَا فيهم نحو ثلاثين جليل، وقال الحربي: غيره أرمق منه، وقال الساجي: ليس حديثه بحجة، كان مقدم عليا على الكل، وقال العقيلي: كان ضعيفَا،

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ج/778) في للزوائد: هذا إسناده مسلسل بالضعفاء. عطية وهو العوفي، وفضيل بن مرزوق، وللفضل بن الموفق كلهم ضعفاء. لكنه رواه لبن خزيمة في صحيحه من طرق فضيل بن مرزوق، فهو صحيح عنده. وأحمد (3/21) ، والكنز (4977) ، وإتحاف (5/89، 90) ، واين السني (83) ، والميزان (4384) ، والمنثور (2/36) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/326) ، والترغيب (2/458) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/168) ، والضعيفة (24) ، والتعليق الترغيب (1/131)

وقال ابن معين: هو ضعيف، وإنما الفضل بن الموفق فهو، وإن كان الرازي قال فيه: كان شيخًا صالحَا ضعيف الحديث، فقد وثقة البستي، ورواه أبو نعيم الفضل في كتاب الصلاة عن فضل بن مرزوق عن عطية قال: حدثني أبو سعيد الخدري فذكره موقوفًا، وذكره أبو الفرح في علله من حديث عبد الحكم السدوسي عن أبي الصديق عنه، وضعفه بالسدوسي. حدثنا راشد بن سعيد بن راشد الرملي، ثنا الوليد بن مسلم عن أبي رافع إسماعيل بن رافع عن سمى مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المشاؤون إلى المساجد في الظلم أولئك الخواضون في رحمة الله تعالى " (1) . هذا حديث ضعيف الإسناد، لضعف أبي رافع الأنصاري القاس المزني البصري، فانه وإن قال فيه البخاري: ثقة مقارب الحديث، وقال عبد الله بن المبارك فيما حكاه عنه سفيان بن عبد الملك: ليس به بأس، ولكنه وإبراهيم بن عيينة يحمل عن هذا، وعن هذا ويقول: بلغني نحو ذلك، وصحح الحاكم حديثه، وقال الساجي: صدوق لين في الحديث يهم، فقد قال أبو طالب: سألت الإمام أحمد عنه فقال: ضعيف الحديث، وفي رواية حنبل عنه: منكر الحديث في حديثه ضعف، لم أسمع يحيى ولا عبد للرحمن حدثنا عنه بشيء قط، وقال/الترمذي: ضعفه بعض أهل العلم، وقال الفلاس: منكر الحديث، وفي موضع آخر في حديثه، وقال النسائي: متروك الحديث، وفي موضع آخر: ضعيف، وفي آخر: ليس بثقة، وفي آخر: ليس بشيء، قال ابن خراش والدارقطني: متروك، وقال يحيى بن معين في رواية عباس: ليس بشيء، وفي رواية ابن الجنيد، ومعاوية بن صالح، وإسحاق بن منصور: ضعيف، وقال ابن عدي: أحاديثه كفها فيها نظر إلا أنه يكتب حديثه في جملة الضعفاء، وذكره الفسوي في باب من يرغب عن

_ (1) ضعيف. رواه. ابن ماجة (ح/709) والترغيب (1/213) ، ورواه ابن عدى في " للكامل " (1/279) ، والعلل المتناهية (9/401) ، والكنز (20236) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف لبن ماجة (ج/169) ، والتعليق الترغيب (03/11) ، والضعيفة (2059) ، وضعيف الجامع (5936) .

الرواية عنهم، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم بإسماعيل بن رافع، وابن أبي الأحصر، وطلحة بن عمر وليسوا بمتروكين، ولا يقوم حديثهم مقام الحجة، وقال ابن سعد: مات بالمدينة قديمَا، وكان كثير الحديث ضعيفا، وهو الذي روى حديث الصور، وقال علي بن الجنيد: متروك الحديث، وقال العقيلي: ليس بشيء قال أبو حاتم الرازي: هو منكر الحديث، وفي موضع آخر: ضعيف، وقال أبو عمر في كتاب الاستغناء: هو ضعيف عندهم جدَا منكر الحديث ليس بشيء، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء ذكر أن أبا الحسن قال فيه: ضعيف الحديث، وقال الحربي: غيره أوثق منه، وقال الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: ليس بشيء قال أبو داود: سمع من الزهري فذهبت كتبه، فكان إذا روى كتابَا قال: هذا قد سمعه، وقال أبو محمد بن حزم: لا يحتج به، وقال أبو أحمد الحاكم في كتاب الكنى: ليس بالقوي عندهم، وقال محمد بن أحمد بن محمد المقدمي فيما حكاه ابن عساكر أبو رافع ليس بالقوي، وقال أبو بكر الخطيب: كان ضعيفا، وقال البزار: لم يكن ثقة ولا حجة، وقال ابن القطان: تركه/جماعة من أهل العلم. حدثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، ثنا يحيى بن الحارث الشيرازي، ثنا زهير بن محمد التميمي عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بشّر المشائين في الظلم إلى المساجد بنور تام يوم القيامة " (1) ، هذا حديث إسناده صحيح، وخرجه الحاكم في مستدركه ولم يحكم عليه بشيء ولا التفات إلى قول ابن الجوزي إذ رده بزهير المخرَج حديثه عند الشيخين إبراهيم، فوثقه ابن حبان ويحيى، قال الحاكم: كان ثقة، وكان عبد الله بن داود يثنى عليه، والباقون فلا تسأل عنهم. حدثنا مجزأة بن سفيان بن أسيد مولى ثابت البناني، ثنا سليمان بن داود الطائفي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة " (2) . هذا حديث لا بأس بسنده، وذكره ابن الجوزي في علله من

_ (1) تقدم ص 1290. (2) تقدم ص 1290.

حديث مجزأة بن سفيان، وسليمان بن داود الصابع قال: وهما مجهولان، وذكره آدم عن روح عن أبان بن أبي عباس عنه بلفظ: " من مشا إلى المسجد كان له لكل خطوة عشر حسنات " (1) ، وفي الباب أحاديث منها حديث بريدة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة ". رواه الترمذي (2) فقال: حديث غريب من هذا الوجه مرفوع صحيح، وموقوف إلى أصحاب النبي ولم يسم النبي- عليه السلام- وقال الدارقطني: تفرد به إسماعيل بن سليمان الضبي الكحال عن عبد الله بن أوس، وكذا قاله الطبراني، وقال ابن الجوزي: فيه مجاهيل، وصححه الأشبيلي/لسكوته عنه، واعترض عليه ابن القطان بأن في سنده عبد الله بن أوس، وهو مجهول لا يعرف روى عنه غير الكحال، ولا يعرف له رواية عن غير بريدة هذا الحديث خاصة، وحديث عمر بن الخطاب قال: أن النبي- عليه السلام- قال: " اقصروا خطاكم، واقصروا من أقدامكم، والذي نفسي بيده لا يتوضأ عبد فيحسن الوضوء، ثم خرج يريد ما بعث الله تعالى في كتابه إلا كتب الله له بكل خطوة حسنة، ومحي عنه بكل خطوة سيئة، ورفع له بكل خطوة درجة " (3) ، ذكره آدم بن أبي إياس العسقلاني في كتاب الثواب من تأليفه عن بكر بن عبد الله عن مكحول عنه، وحديث أنس بن مالك مرفوعا: " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة " (4) . قال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن ثابت البناني إلا داود بن سليمان تفرد به ابنه سليمان مؤذن مسجد ثابت، وحديث حطيم الحراني قال عليه السلام: " بشر المشَّائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة " (5) ، ذكره أبو موسى من حديث خالد بن يزيد الهداري، ثنا أشعث

_ (1) الكنز: (29332) . (2) تقدم ص 1290. (3) بنحوه. أورد. للهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/29) من حديث أبي هريرة، وعزاه إلى " أبو يعلى " وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور وهو ضعيف. (4) تقدم ص 1290. (5) تقدم ص 1290.

الحراني عنه وقال: ذكره ابن أبي علي في الحاء، وأورده غيره في الخاء المعجمة، وحديث أبي أمامة يرفعه: " ليبشر المدلجون في الظلم إلى المساجد بمنابر من نور يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزعون " (1) ، سأل ابن أبي حاتم أباه عنه فقال: إنما هو سلمة القيسي عمن حدثه عن أبي أمامة، وبعضهم يقول: عن رجال من أهل بيته عن أبي أمامة، ورواه ابن زنجويه من حديث مسلم الثعلبي قلت: يا أبا أمامة لقيت رجلًا فحدثني عنك إنك حدثته أن نبي الله- صلى الله عليه/وآله وسلم- قال: " ما من مسلم يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يمشى إلى صلاة جماعة إلا غفر الله له ذلك اليوم، ما مشت رجلاه وقبضت عليه يداه، واستمعت إليه أذناه، ونظرت إليه عيناه، ونطق به لسانه، وحدث به نفسه من السوء أنت " سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لقد سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لا أحصيه " (2) رواه ابن زنجويه عن أبي نعيم، ثنا أبان بن عبد الله عنه، وعن أبي داود من حديث الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث الدريادي عن القاسم بن أبي أماه مرفوعا: " من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم " (3) ، وحديث علي يرفعه: " إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الإِقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل الخطايا غسلا " (4) . خرجه ابن زنجويه من حديث الحارث بن عبد الرحمن عن أبي العباس عن ابن المسيب عنه، وحديث سليمان بن أحمد الواسطي عن الوليد بن مسلم عن ابن نفيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسامة بن زيد عن أبيه يرفعه: " بشر

_ (1) العلل: (543) . (2) بنحوه. رواه الحاكم (2/399) والترغيب (1/157) والكنز (0293،218981) . (3) صحيح. الترغيب (1/213، 465) ، والكنز (18961) ، والبيهقي (3/63) ، والقرطبي (12/276) . (4) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع للزوائد " (2/36) ، وعزله إلى أبو يعلى، والبزار، ورجاله رجال الصحيح، وزاد البزار في أوله: " ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا "، وزاد في أحد طريقيه رجلا وهو أبو العباس غير مسمى، وقال: إنه مجهول، قلت: أبو العباس بالياء المثناة آخر الحروف وللسين المهملة.

المشائين في الظلم إلى المساجد ... " الحديث، قال ابن عدي: لم أسمع أحد يذكره عن سليمان غير عبدان، وقال البخاري: في سليمان نظر، وحديث سليمان يرفعه من هذا إلى صلاة الصبح أعطي ربع الإِيمان- سأل عبد الله أباه عنه فقال: هذا حديث منكر، وقال الدارقطني: رواه عنبس، وهو متروك ذاهب الحديث، وحديث عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ يقول: " من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاة مكتوبة فصلاها مع الإمام، غفر له ذنبه " (1) . رواه ابن زنجويه من حديث ابن لهيعة عن ابن أبي حبيب عن نافع بن جبير بن مطعم، وعبد الله بن أبي سلمة عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن حمران عنه، وحديث عقبة بن عامر: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا تطفر الرجل ثم أتى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه أو كاتباه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات، والقاعد مبرعَا الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلِّين من حين يخرج من بيته حتى يرجع " (2) . قال الحاكم عند تخريجه: صحيح على شرط مسلم، وخرجه الخلال في علله من حديث ابن لهيعة عن أبي قبيل عنه يرفعه: " هلاك أمتي في اللين " قيل: يا رسول الله، وما اللين؟ قال " يحبون اللين، ويدعون الجماعات والجمع، ويندون " (3) . قال أبو وائل: لم أسمع من عقبة إلا هذا الحديث، قال أبو عبد الرحمن: ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بمثله، وحديث معاذ مرفوعا: " ومن غدا إلى المسجد أو راح كان ضامنا على الله عز وجل " (4) ، قال الحاكم بعد تخريجه: هذا حديث رواية بصريون ثقات ولم يخرجاه، وحديث عائشة مرفوعا: " بشر المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام " (5) رواه أبو القاسم في الأوسط، وقال: لم يروه عن عطاء

_ (1) ضعيف. رواه أحمد (1/ 67، 71) والترغيب: (07/21) . في إسناده ابن لهيعة. (2) صحيح. رواه الحاكم (1/211) ، والبيهقي (3/63) ، والكنز (18954) ، وأحمد (4/ 157) ، وابن حبان (421) ، والمجمع (2/29) ، وعزاه لدى أحمد، والطبراني في " الكبير "، و" الأوسط "، وفي بعض طرقه ابن لهيعة، وبعضها صحيح، وصححه الحاكم. (3) ضعيف. جامع المسانيد: (2/ 568) . (4) له كثر من موضع فيما سبق. (5) ضعيف. رواه أبو داود (ح /563) .

عن عائشة إلا الحسن بن علي السروري تفرد به قتادة بن الفضل بن قتادة، وحديث سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من توضأ / في بيته فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد يصلى في جماعة المسلمين لم يرفع رجله اليمنى إلا كتب الله له بها حسنة، ولم يضع رجله الشمال إلا حط الله عنه ما خطيئة فليقرب أو ليبعد، وإذا صلى بصلاة الإمام انصرف وقد غفر له، فإن أدرك بعضًا وفاته بعض كان كذلك، وإن أدرَك الصلاة، وقد صليت فأتمّ صلاته ركوعها وسجودها كان كذلك ". رواه أبو داود (1) من حديث معبد بن هرمز، وهو مجهول الحال لم يرو عنه غير يعلى بن عطاء فيما رأيت. انتهى. رويناه في كتاب الثواب لأدم موصولًا من حديثه عن روح، ثنا أبان بن أبي عباس عنه، ولفظ: " من مشى إلى المسجد كان له بكل خطوة عشر حسنات " (2) ، وحديث عمر بن الخطاب قال: " جاء جبرائيل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: بشِّر المشَّائين في الظلم إلى المساجد بنور تام يوم القيامة " (3) . ذكره عبدان من حديث علي بن ثابت عن الوزاع بن نافع وهما ضعيفان، وحديث أبي الدرداء عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال: " من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد أتاه الله نورًا يوم القيامة " (4) . ذكره أبو عبد الله في تاريخ نيسابور من حديث زيد بن أبي أنيسة، وهو ضعيف، قال أبو القاسم في الأوسط: تفرد به زيد. انتهى كلامه، وفيه نظر؛ لما ذكره هو بعد. حدّثنا أبو زرعة؛ ثنا عبد الله بن جعفر الرمي، ثنا عبيد الله بن عمرو عن جنادة بن أبي خالد عن مكحول عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال- عليه السلام-: " من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد أتاه الله تعالى

_ (1) ضعيف. الكنز: (29332) . في إسناده الوازع بن نافع. (2) له كثر من موضع سابق انظر ص 1282. (3) ضعيف. رواه ابن حبان (423) والمنثور (3/217) والكنز (20288) والحلية (2/12) والمتناهية (1/410) والمجمع (2/30) وعزا هـ إلى الطبراني، وفيه جنادة بن أبي خالد ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات. (4) المصدر للسابق.

نورًا يوم القيامة " (1) . ومن حديث إسماعيل بن أبي خالد/عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا الدرداء: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من يكن المسجد بيته ضمن الله له الروح والرحمة والجواز على الصراط إلى الجنة " (2) ، وقال: لم يروه عن إسماعيل إلا عمرو بن جرير، ورواه أبو نعيم في كتاب المساجد من حديث إسرائيل عن عبد الله بن المختار عن ابن واسع عن ابن أبي الدرداء عنه، قال: واسم أبيه بلال، وروى قتادة وإسماعيل عن رجل عن أبي الدرداء راوي كتاب النوائب لآدم، ثنا أبو بكر عن أبي حفص عن سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عنه موقوفا: " من لم يغد الغدو والرواح إلى المساجد في سبيل الله فقد قبل عمله " (3) ، وفي العلل المتناهية: " المساجد بيوت الله في الأرض ... " الحديث (4) ، وقال: المحفوظ مرسل، وحديث أبي أمامة الباهلي يرفعه: " من مشى إلى صلاة مكتوبة وهو متطهر فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن مشى إلى تسبيح الضحى كأجر المعتمر رجلاه على إثر رجلاه لأبقو بينهما كتاب في عليين " (5) . قال أبو القاسم في الأوسط: ورواه الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحرث عن القاسم عنه لم يروه عن يحيى مسند التمام إلا الهيثم، وذكره ابن زنجويه في كتابه موقوفا بلفظ: " أقسمت لكم بالله أنّ من خير أعمالكم الغدو والرواح إلى المساجد ". وحديث زيد بن ثابت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يقارب بين الخطى إلى المساجد "، وقال: " إنما فعلته ليكثر خطاي " (6) ، قال الرازي في علله: رواه جماعة عن ثابت

_ (1) العلل المتناهية: (1/411) . (2) لم نقف عليه. (3) صحيح. الكنز (20346، 20347، 20584) ، والمتناهية (1/411) ، والمجمع (2/7) ، بلفظ: " المساجد بيوت الله في الأرض تضيء لأهل السماء كما تضيء نجوم السماء لأهل الأرض "، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، ورجاله موثقون. (4) رواه الطبراني (07/28) وشرح السنة (2/357) والحاوي (1/67) . (5) ضعيف جدا. رواه الطبراني (5/126) ، والمطالب (489) ، والكنز (21629) ، والميزان (3945) ، ترجمة: الضحاك بن نبراس، بصري، قال ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: متروك، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. وخرج له البخاري في كتاب الأدب. (6) الكنز: (29332) .

عن أنس عن زيد فلم يوصله أحد إلى الضحاك، وهو لين الحديث، وتابعه محمد بن ثابت العبدي/وليس بقوي، والصحيح موقوف. انتهى، ورويناه في كتاب الثواب لآدم موصولا من حديثه عن روح، ثنا أبان بن أبي عباس عنه، ولفظه: " من مشى إلى المسجد كان له بكل خطوة عشر حسنات ". قال أبو عيسى: اختلف الناس في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى الإسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى حتى ذكر عن بعضهم انه كان يهرول إلىَ الصلاة، ومنهم من كره الإسراع، وبه قال أحمد وإسحاق، قال إسحاق: إن خاف فوت التكبيرة الأولىَ فلا بأس أن يسرع في المشي.

132- باب الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا

132- باب الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرًا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن عبد الرحمن بن مهران عن عبد الرحمن بن سعيد عن أبي هريرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرًا " (1) . هذا حديث خرجه أيضا عبد الله من حديث يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب ثم قال: صحيح، رواته مدنيون ويحيى هو الإمام في انتقاد الرجال، ولم يخرجاه إذ لم يرضاه بغير هذا الإسناد، ورواه أحمدَ في مسنده، وشرطه معروف، وفي البخاري تعليقاً، وقال أبو هريرة: " إن أعظمكم أجرًا أبعدكم دارًا، قيل: يا أبا هريرة، لِمَ؟ قال: لأجل كثرة الخطا ". حدثنا أحمد بن عبيدة، ثنا عباد بن عباد المهلي، ثنا عاصم الاً حول عن أبي عثمان النهدي عن أبى بن كعب قال: " كان رجل من الاً نصار بيته أقصى بيت في المدينة وكان لا تحطهً الصلاة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فتوجعت له فقلت: يا فلان لو أنك/اشتريت حماراً تتقيك الرمضاء، ويرفعك في الوقع، ويقبل هوام الاً رض فقال: والله ما أحب أن بيتي يطنب بيت محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال فحملت به حملًا حتى أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكرت ذلك له، فدعاه فسأله، فذكر له مثل ذلك، وذكر أنه يرجو في أبرد فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن لك ما احتسبت " (2) ، هذا حديث خرجه مسلم بلفظ: إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا رجعت إلى أهلي فقال- عليه السلام-: " قد جمع الله لك ذلك كله أجمع " (3) . حدثنا

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/782) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. روا هـ ابن ماجة (ح/783) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه مسلم: (278) ، وأحمد: (5/133) ، وابن خزيمة: (450، 1500) ، والكنز: (22813،5285) . غريبه: قوله: " توجعت " أي: أطهرت أَله يصيبني الألم مما يلحقه من المشقة ببعد الدر، و" الرمض ": الاحتراق بالرمضاء. و" الوَقَع " في النهاية- هو بالتحريك- أي تصيب-

أبو موسى محمد المثنى، ثنا خالد بن الحرث، ثنا حميد عن أنس بن مالك قال: أرادت بنو سلمة أن تتحول من ديارهم إلى قرب المسجد، فكره رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعدوا المدينة فقال: " يابني سلمة ألا تحتسبون آثاركم قط؟ فأقاموا " (1) . هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه، وفي لفظ عند الرازي: " يعدوا المسجد "، وضعفه، وقال: الصواب المدينة. حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع وإسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: " كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد فأرادوا أن يقتربوا، فنزلت: (نكتب ما قدّموا وآثارهم) قال:. فثبتوا " (2) ، هذا حديث مسند في الاصطلاح الحديثي، وسنده صحيح، وزاد عبد بن حميد في تفسيره: " فقالوا: بل نثبت مكاننا "، وقد رواه أيضًا أبو سعيد الخدري بلفظ: " شكت بنو سلمة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد منازلهم من المسجد فأنزل الله تعالى: (ونكتب ما قدموا) " فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " منازلكم فإنّما تكتب آثاركم " (3) ، أخيرنا/به المسند الفقيه فتح الدين الحوري- رحمه الله- عن أبي الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن- رحمه الله- قال: أنبأنا أبو الفضل المنهي عن أبي الحسن علي بن أحمد المفسر أنبأ الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين الطبري أنبأ جدي أنبأ عبد الله بن محمد بن الشرقي، ثنا عبد الرحمن بن بشر، ثنا عبد الرزاق أنبأ الثوري عن طريق ابن شهاب عن أبي نضرة عنه، وقال أبو عيسى: ورواه عن محمد بن وريس عن إسحاق الأزرق عن الثوري،

_ الحجارة القدم فتوهنها. و" هوام الاً رض ": ما فيه من ذوات السموم. و" يطنب ": الطنب- بضمتين- واحد أطناب الخيمة أي: ما أحب أن يكون بيتي مربوطا مشدودا بطنب بيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد يستعار الطب للناحية، وهو كناية عن القرب. (1) صحيح. رواه البخاري (3/29،1/167) ، وابن ماجة (ح/784) ، وأحمد (3/ 106، 263) ، والبيهقي (3/64) ، والبغوي (3/6) ، والكنز (20247) ، وشرح السنة (2/353) ، وابن أبي شيبة (2/207) . (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/785) . في الزوائد: هذا موقوف. فيه سماك- وهو ابن حرب- وإن وثقة ابن معين وأبو حاتم فقد قال أحمد: مضطرب الحديث. وقال يعقوب بن شيبة: روايته عن عكرمة- خاصة- مضطربة، وروا يته عن غيره صالحة. (3) حسن. جامع المسانيد: (2/653) . وقال الترمذي: حسن غريب.

وهذا حديث حسن غريب، ورواه الكشي في تفسيره فقال: عانين فيه ضعف طريق وإن لم يضبط. ثنا قبيصة عن سفيان عن طريف عن أبيِ نضرة عن أبي سعيد (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدّموا وآثارهم) قال: الخطا وآثارهم. فلو كان أبو سعيد رواه عن النبي لما وسعه خلافه، والله أعلم. ولفظ البزار: فقال لهم النبي " احسبه " قال: " منازلكم منها تكتب آثاركم " (1) . رواه عن ابن وزير الترمذي، وفي البخاري عن أبي موسى قال- عليه السلام-: " أعظم الناس أجراَ في الصلاة أبعدهم ممشا " (2) ، وفي الأوسط عن ابن عمر: " قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن ميسرة المسجد قد عُطِّلت فقال: " من عمر ميسرة المسجد كان له كفلاة من الأجرة " (3) ، وقال: لم يروه عن نافع إلا ليث بن أبي سليم، ولا عن ليث إلا عبيد الله بن عمرو. تفرد به عمرو بن عثمان. وفي كتاب الثواب لآدم عن الحسن قال: أرادت بنو سلمة أن يعلمهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. الحديث مرسل، رواه ابن المبارك بن فضالة عنه، وثنا المسعودي عن عون بن عبد الله قال- عليه السلام-: " قد كنت هممت أن أحول رجالا ممن يلي المسجد/ممن لا يشهد الصلاة، ثم نظرت في ذلك إلى ديار قوم أبعد منهم ممن لا يشهد الصلاة، فرأيت الأبعد فالأبعد أعظمهم أجرأ فتركتهم " (4) ، وفي صحيح مسلم أن ينتقلوا قرب المسجد، فبلغ ذلك رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم " (5) ، وفي لفظ: قال جابر: كانت ديارنا نائية عن المسجد فأردنا أن

_ (1) رواه أحمد (5/76، 6/65) ، وجامع المسانيد (2/653) . (2) صحيح. رواه البخاري (1/166) ، والبغوي (4/6) ، وشرح السنة (2/353) ، والمشكاة (699) ، والكنز (20227) . (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1007) ، في الزوائد: في إسناده ليث بن أبي سليم، ضعيف. والترغيب (1/323) ، وإتحاف (3/328) ، والكنز (20589) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/192) ، ومسند بن عمر (48) ، والموضوعات لابن القيسراني (755) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/210) ، والتعليق الرغيب (1/175) ، وضعيف الجامع الصغير (5709) . (4) لم نقف على هذا اللفظ. (5) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/280- 281) ، وأحمد (3/333) ، والمشكاة-

نبيع بيوتنا فتقرب من المسجد، فنهانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: " إنّ لكم بكل خطوة درجة غريبة الوقع " (1) ، قال الهروي: هو أن تصيب الحجارة القدم فتوهنها، يقال: دفعت أوقع وقعًا، وفي المثل: كل الحيدي الجبدى الحافي الواقع، وفي المحكم: وقع الرجل والفرس وقعًا فهو وقع حين من الحجارة أو الشوك، وقد وقعه الحجر، وحافر وقع وقعة الحجارة فقصت منه، وقدم موقعة غليظة شديدة، وطريق موقع فذلك، ورجل موقع قد أصابه البلايا، وفي الصحاح: الوقع بالتسكين: المكان المرتفع من الجبل. عن أبي عمرو، والوقع بالتحريك: الحجارة واحدتها وقعة، والوقع أيضَا الهبط، وفي الجامع: حفي من مشيه على الحجارة، وقيل: هو أن يشتكي لحم رجليه من الحفا، والطنب حبل الخيار، والجمع الطناب يقال حبل مطنب، ورواق مطب أي مشدّد بالأطناب، قال أبو نصر في المحكم: هو حبل طويل يشد به البيت والسرادق بين الأرض والطرائق، وقيل: هو الوتد (2) ، والجمع طنبة، قال القواريري: أحب أن يكون شيء مشدودَا قريبا من بيته قال: والطنب طنب الخيار غيره، وهو الحبل يُشدّ/ إلي وتد، وسلمه واحدة السلم وهى شجر العضاة، قال أبو حنيفة: هو سلب العبدان طولا يشبه القضبان، ليس له خشب وإن عظم، وله شوك دقاق طوال خيار إذا أصاب رجل الإِنسان وله برمة أي زهرة صفراء، وكلّ شيء منها مر وورقها مرّة يدبغ بها، وفي السلم قرب هذا المثل: " لأعضينكم عضب السلمة "، وليس في العضاة أصلب عيدانا منها ومنه يقتطعون العصي، والغبط، والأوتاد، والمبارم، وهو معزل ضخم، وقال غير أبي زياد: السلمة أطيب العضاة ريحَا، وقال أعرابي: ليس شجرة أدرى من سلمة قال: ولم يوجد في دبري سلمة مرد قط، ويجمع أيضًا أسلامَا، قال دوية كأنما حين أطلقا من ذات إسلام عصيا سقفا، وقال بعض الرواة: أرض مسلمو: ما إذا كانت كبيرة السلم، وفي كتاب اقتباس الأنوار: سلمة من السلام وهي الحجارة، وفي

_ (700) ، والكنز (20248) ، والمنثور (5/260) ، والطبري (22/100) ، وابن كثير (6/ 552) والقرطبي (15/22) . (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/279) ، والفتح (2/140) ، والكنز (20245) . (2) قوله: " الوتد " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

كتاب الصحاح، وسلمة بكسر اللام رجل بنى سلمة: بطن من الأنصار، وليس في العرب سلمة غيرهم. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما ذكره ابن حبيب في كتابه: " المؤتلف والمختلف "، والوزير أبو القاسم المغربي، وابن ماكولا سلمة في الأنصار، وسلمة بن عمرو بن ذهل بن مرداس جعفي، وسلمة بن نصر بن غطفان بن قيس بن جهينة، كل سلماتهم بالكسر، وفي كتاب النوادر لأبي علي هارون بن زكريا الهجري من فضائل عميرة بن غطفان بن امرؤِ القيس بن بهيشة بن سليم سلمة بكسر اللام مثل الذي في الأنصار، ولا يزيدون على أربعة وعشرين رجلا، وسلمة في محلة من كهلان. ذكره أبو عبد الله الأزدي في كتاب الترقيص عن الكلبي بكسر اللام، وسلمة في كيدة وهو ابن الحارث، قال الأزدي: ذكر الباهلي: أنّه سمع أبا عبيدة يقول في هذا: سلمة بكسر/اللام قال القرطبي: وهذه الأحاديث تدل على أن البعد من المسجد أفضل، فلو كان بجوار المسجد هل له أن يجاوزه للأبعد؟ اختلف فيه، فذكر عن الحسن: أنه كرهه قال: وهو مذهبنا، وفي يخطىء مسجده إلى المسجد الأعظم قولان، وقال أبو عبد الله بن ليانة: لا يدع مسجده، وإنّما فضله الجامع في صلاة الجمعة فقط، وذكر عن ابن وهب أنه يمضي إلى الجامع وإن بطل موضعه، وروى عن أنس أنه كان يتجاوز المساجد المحدثة إلى القديمة، وفعله مجاهد، وأبو وائل، ويرد هذا ما ذكر5 أبو القاسم من حديث عبادة ابن زياد الأسدي، ثنا زهير بن معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال- عليه السلام-: " ليصل أحدكم في مسجده ولا يتبع المساجد " (1) . وقال: لم يروه عن زهير إلا عبادة، وذكره أبو أحمد من حديث مجاشع بن عمرو عن عبيد الله، وقال: كذا رواه كثير بن عبيد، وابن مصفي عن بقية عن مجاشع عن عبيد الله، وغيرهما جعل ابن مجاشع، وعبيد الله منصور بن أبيِ الأسود، ومجاشع صالح الحديث.

_ (1) ضعيف. رواه العقيلي: (3/432) ، وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/23- 24) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، ورجاله موثقون إلا شيخ الطبراني محمد بن أحمد بن النضر الترمذي ولم لجد من ترجمه. قلت: ذكر ابن حبان في الثقات في الطبقة الرابعة محمد بن أحمد بن النضر بن ابنة معاوية بن عمرو فلا أدرى هو هذا أم لا؟

133- باب فضل الصلاة في الجماعة

133- باب فضل الصلاة في الجماعة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة " (1) . ومن حديث ابن المسيب عنه أخرجه أيضا: " تفضل الصلاة في الجمع على صلاة أحدكم وحده خمسا وعشرين جزءًا " (2) ، هذا حديث قال فيه أبو عيسى إذ رواه عن مسدّد عن/ابن معاوية: حسن صحيح، ولفظ الشيخين (3) : " صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته، وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفاً، وذلك أف إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلّا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه ما خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه مادام في صلاه ما لم يحدث: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ". وفي لفظ للسراج " بخمس وعشرين درجة " (4) ، وفي لفظ: " تعدل خمسة وعشرين صلاة الفرد " (5) ، وفي لفظ: " تزيد على صلاة الفذ خمسًا وعشرين درجة " (5) ، وفي لفظ: " بضعة وعشرين جزءا " (6) ، وفي لفظ: " خير من صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة "، وفي لفظ: " صلاة مع الإمام أفضل من خمس

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ، ومسلم في (المساجد، باب " 49 "، ح/272) ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 49 ") ، وابن ماجة (ح/788،786، 790) ، والدارمي (1/192) ، والطبراني (8/41) ، وابن حبان (431) ، وإتحاف (3/14) ، والكنز (20217، 20219، 20222، 20259، 20260) ، وابن كثير (6/69) ، والقرطبي (1/12/276،250) . (2) صحيح. رواه للترمذي (ح/215) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. ومسلم (450) ، وللنسائي في (الصلاة، باب " 21 ") ، والبيهقي (1/3،60/359) ، ونصب الراية (2/23) . (3) تقدم الحاشية رقم (1) . (4) بنحوه. رواه أبو داود (ح/559) ، وأبو عوانة (2/3) ، وابن أبي شيبة (2/480) . (5) بنحوه رواه الطبراني: (10/128) . (6) رواه أبو عوانة: (2/4) .

وعشرين يصليها وحده " (1) وفي كتاب ابن حزم روى عن عمر وأبو هريرة وكلاهما عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد سبعا وعشرين درجة " (2) ، وهما صحيحان. قال الدارقطني: ورواه يزيد بن ذريع وعبد الأعلى وأشعث ويزيد بن هارون عن داود عن سعيد موقوفا. وقال الربيع: عن حماد عن داود عن سعيد، والشعبي، ويحيى بن أبي زائدة، وشعيب، وداود بن الزبرقان: عن داود بن أبي هند عن سعيد عن أبي هريرة مرفوعا، وقال حماد بن زيد: وكذا قاله خالد الواسطي، ورواه بشر بن المفضل عن داود عن الشعبي عن أبي هريرة موقوفا، وقال حماد بن زيد: عن داود عن سعيد والشعبي موقوفا، وقال أبو الربيع: عن حماد بن زيد عن سعيد، والشعبي أو أحدهما موقوفا: وقال سليمان/بن حرب: عن حماد عن داود عن سعيد موقوفا، وروى ابن سمية من رواية الثوري مثل قول سليمان بن حرب، وقال حجاج بن منهال: عن حماد عن داود عن سعيد عن النبي مرسلا. والصحيح قول يزيد بن ذريع، ومن تابعه. وفي كتاب الكني: ثنا حجاج، ثنا حماد عن محمد عن أبي سلمة عنه بلفظ: " صلاة الجماعة أفضل على صلاة الفذ " (3) ، ولفظ أبي مرة في سننه: " صلاة مع الإمام أفضل من خمسين وعشرين صلاة يصليها وحده " (4) . حدثنا أبو كريب، ثنا أبو معاوية عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري فال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، " 42 " رقم 248) ، وأحمد (2/273، 529) ، وأبو عوانة (2/3) ، والكنز (20220) ، وعبد الرزاق (2000) . (2) صحيح. رواه البخاري (1/129) ، والنسائي (2/103) ، والفتح (1/564) . (3) صحيح. رواه البخاري (1/166) ، والنسائي (03/12) ، وأحمد (3/55) ، والبيهقي (3/ 60) ، وشفع (355) ، ومشكل (2/29) ، والمشكاة (1052) ، وتلخيص (2/25) ، والموطأ (129) ، والتمهيد (4/219) ، وإتحاف (3/14) ، وتجريد (563) ، وشرح للسنة (3/341) ، والكنز (20257،20215،20214) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/148) . (4) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 42 " رنم 248) ، وأحمد (2/273، 529) ، وأبو عوانة (2/3) ، والكنز (20220) ، وعبد للرزاق (2000) .

خمسَا وعشرين درجة " (1) ، هذا حديث خرجه البخاري من حديث يزيد بن الهاد عن عبد الله بن حباب عنه بلفظ: " صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة " (2) ، وخرجه الحافظ أبو حاتم في صحيحه عن أبي يعلي: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية، ثنا هلال بلفظ: " يزيد على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة فإن صلَّاها بأرض فيء فأتمَّ وضوءها وركوعها وسجودها يكتب صلاته بخمسين درجة " (3) ، ولفظ أبي داود: " الصلاة في جماعة تعدل خمسَا وعشرين صلاة، فإذا صلاها في فلاة فأتمَ ركوعها، وسجودها بلغت خمسين صلاة " (4) ، وقال: قال عبد الواحد بن زياد في هذا الحديث: " صلاة الرجل في الفلاة مضاعف على صلاته في الجماعة ... " الحديث. انتهى كلامه وفيه نظر؛ من حيث إن حديث عبد الواحد لم أر/أحدَا ذكره في طرق حديث أبي سعيد فيما علمت، إنما رأيته مذكورَا عند البخاري: ثنا موسى ثنا عبد الواحد الأعمش سمعت أبا صالح عن أبا هريرة يقول: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الرجل في جماعة تزيد ... " (5)

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ، ومسلم في (المساجد، باب " 49 "، رقم " 272 ") ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 49 ") ، وابن ماجة (ح/786، 788، 790) ، والدارمي (1/192) ، والطبراني (8/41) ، وابن حبان (431) ، وإتحاف (3/14) ، والكنز (20260، 20217، 20219، 20222، 20259) ، وابن كثير (6/69) ، والقرطبي (1/250، 12/276) . (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 42 " رقم " 245 ") ، والترمذي (ح/215) ، والنسائي (03/12) ، وأحمد (2/486) ، والبيهقي (3/59، 60) ، وأبو عوانة (2/2) ، والتمهيد (6/316، 317) ، وشفع (356) ، والبغوي (4/156) ، والمنثور (5/299) ، ومشكل (2/29) ، والترغيب (1/260) ، والشافعي (52) ، والحلية (6/351، 9/156) ، والقرطبي (1/ 348، 349، 1/2430) ، والموطأ (129) ، وشرح السنة (3/339، 341) ، والكنز (20221) . (3) المصدر السابق. (4) ضعيف. رواه أبو داود (ح/560) ، والحاكم (1/208) ، والترغيب (1/265) ، والكنز قلت: وفي سنده هلال بن ميمون. هو ابن أبي سويد أو ابن سويد، أبو ظلال القِسملي، عن أنس. قال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال اين حجر: ضعيف، مشهور بكنيته، من الخامسة. روى له البخاري في التاريخ والترمذي. (5) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/787) . وصححه الشيخ الألباني.

الحديث، ورواه البزار عن أبي كرسا وعمرو بن علي: ثنا أبو معاوية، ثنا هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد، وقال: لا نعلمه يروى عن أبي سعيد إّلا بهذا الإسناد، وهلال بن ميمون فلسطيني روى عنه مروان، وأبو معاوية، وفيه نظر؛ لمَا قدّمناه قبل من عند البخاري، وخرجه البخاري من عند أبي بكر الفقيه، ثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا يحيى بن يحيى، ثنا أبو معاوية بلفظ أبي داود، وقال: صحيح على شرط الشيخين فقد اتفقا على الحجة بروايات هلال بن أبي هلال، ويقال ابن أبي ميمون، ويقال: ابن أسامة وكلّه واحد. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ من حيث أنّ هلال بن أبي ميمون ليس هو المذكور في متن هذا الحديث، إنّما هو ابن ميمون كما في نفس المتن، وعند أبي داود، وكنية أبو المغيرة الرملي الفلسطيني. قال ابن أبي حاتم: روى عن ابن المسيب، وعطاء بن يزيد الليثي، ويعلى بن شدّاد بن أوس، روى عنه مروان بن معاوية، وأبو معاوية، ووكيع، سمعت أبي يقول ذلك، وفرق بينه وبين ابن أبي ميمونة المدني قال: ويقال ابن علي ويقال ابن أسامة، روى عن عطاء بن يسار، وأبي ميمونة روى عنه يحيى بن أبي كثير، وزياد بن سعد ومالك وأسامة بن زيد ومحمد بن حمران، سمعت أبي يقول ذلك. وقال البخاري في تاريخه الكبير: ابن أبي ميمونة، وهو ابن علي، وقال مالك ابن أنس: هو أبو أسامة إنّما/سمع عطاء بن يسار النسائي، ولما ذكر ابن ميمونة كناه أبا المغيرة ونسبه جهميا، رمليا، وقال: روى عن عطاء بن يزيد، روى عنه مروان، وفي كتاب الثقات لأبي حاتم البستي في الطبقة الثالثة هلال بن ميمون أبو المغيرة الجهني، وقد قيل: كنيته أبو علي من أهل الرملة، يروى عن عطاء بن يزيد، وابن المسيب، ويعلى روى عنه مروان وأبو معاوية، وقال: في الطبقة الثانية هلال بن أبي ميمونة، واسم أبي ميمونة أسامة الفهري، وهو الذي يقال له ابن علي العامري، يروى عن أنس بن مالك، وكان راوياً لعطاء بن يسار، روى عنه يحيى بن أبي كثير، وفليح مات في آخر ولاية هشام بن عبد الملك، وكذا نقله ابن سرور، والصيرفي ومن بعدهما، وزعموا أن أبا ميمونة حديثه عند الجماعة، وابن ميمون عند أبي داود وابن ماجة فتبين لك هذا أن المذكور في المتن ليس كما قاله الحاكم، وأنّ ابن أبي ميمونة غير ابن ميمون، وأن ابن

ميمون الذي روى عن عطاء بن يزيد المذكور في نفس الحديث غير ابن أبي ميمونة الراوي عن عطاء بن يسار، ويؤيّد ما قلناه ما ذكره أبو محمد الإشبيلي إثر تخريجه له من عند أبي داود: هلال بن ميمون ضعفه أبو حاتم، ووثقه ابن معين، ولما ذكره الحافظ ضياء الدين في أحكامه قال: قال ابن عدي: هلال بن ميمون، عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه، فقال الحافظ المنذري إثره في إسناده هلال بن ميمون الجهني الرملي كنيته أبو المغيرة، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: ليس بقوى يكتب حديثه، فإذا كان كذلك فقد تداخل على الحاكم يرحمه/في أخرى؛ فلقائل أن يقول: فإذا ثبتت التفرقة فما حال الحديث؟ قلنا: صحيح كما أسلفناه من عند أبي حاتم، ولأن ابن ميمون لم يتكلّم فيه بقادح يرد به رواية؛ بل بكلام موكل مع ما تقدّم من الثناء عليه. حدثنا عبد الرحمن بن عمرو، ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الرجل في جماعة تفضل على صلاة الرجل وحده سبع وعشرين درجة " (1) . هذا حديث خرجاه في الصحيح بلفظ: " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " (2) ، وقال أبو عيسى: هكذا روى نافع عن مولاه: " بسبع وعشرين درجة "، وعامة من روى عن النبي- عليه السلام- إما قالوا: " خمسا وعشرين ". انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما أسلفناه من حديث أبي هريرة من عند ابن حزم: " سبعا وعشرين درجة "؛ ولما جاء في حديث ابن مسعود ولما ذكره أبو نعيم: ثنا سعيد بن عبد الرحمن، ثنا محمد بن سيرين أنّ زيد بن ثابت صلى وحده فقال: قد صليت وحدي وقد علمت أن الجماعة تفضل على صلاة الرجل وحده بسبع وعشرين درجة "، وقد وجدنا نافعا رواه عن

_ (1) صحيح. رواه ابن أبي شيبة: (2/480) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ، ومسلم في (المساجد، ح/249) ، والنسائي (03/12) ، وأحمد (3/55) ، والبيهقي (3/60) ، وشفع (355) ، ومشكل (2/29) ، والمشكاة (1052) ، وتلخيص (2/25) ، والموطأ (129) ، وتمهيد (4/219) ، وإتحاف (3/14) ، وتجريد (563) ، وشرح السنة (3/341) ، والكنز (20214، 20215، 20257) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/148) .

مولاه. كدْا رواه الجماعة، لكنه شك. قال أبو نعيم، ثنا العبدي عن دْل فع ولفظه: " بسبعهْ وعشرين، أو خمسة وعشرين "، ووجدنا له أيضًا متابعا عند أبي القاسم؛ رواه عن محمد بن أحمد بن روح: ثنا أحمد بن عبد الصمد الأنصاري ثنا أبو سعد الأشهيلي ثنا محمد بن عجلان عن نعيم المجرى عن ابن عمر برفعه: " فضل الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة " (1) . وقال: لم يروه/عن ابن عجلان إلا أبو سعد محمد بن سعد حدّثنا محمد بن معمر ثنا أبو بكر الحنفي ثنا يونس عن أبي إسحاق عن أبيه عن عبد الله بن أبي نصير عن أبيه عن أبي بن كعب قال: قال رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه وآله وسلم-: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاة الرجل وحده أربعة وعشرون، أو خمسة وعشرون درجة " (2) . هذا حديث أخرجه ابن حبان من حديث شعبة عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن أبي بصير عن أبي بلفظ: صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يوما الصبح. فقال: " أشاهد فلان " قالوا: لا. قال: " أشاهد فلان كنفر من المنافقين " قالوا: لا. قال: " إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبوا على الركب- يعني صلاة العشاء والصبح- وإنّ الصف الأوّل على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضله لابتدرتموه، فإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وصلاته مع الثلاثة أزكى من صلاته مع الرجلين وما كثر فهو أحبّ إلى اللَّه، عز وجل " (3) . وكذا خرجه الحاكم في مستدركه، وقال: هكذا رواه الطبقة الأولى من أصحاب شعبة؛ يزيد بن زريع ويحيى بن سعيد

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/789) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن حبان: (431) ، وابن ماجة: (ح/790) . صحيح دون فوله: " أربعا وعشريين " صحيح أبي داود: (563) ، والتعليق الرغيب: (1/152) . (3) ضعيف. رواه أبو داود (ح /544) ، والمنثور (1/299) ، ورواه أحمد (5/155، 180) ، والبيهقي (1/212) ، وللجوامع (5676) ، وابن حبان (196) ، وعبد الرزاق (913) ، والمشكاة (530) ، وشرح السنة (2/111) ، قلت: وعلته ابن جريج.

وابن مهدي ومحمد ابن جعفر وسعيد بن عامر ومحمد بن كثير وعبد الله بن رجاء وأقوالهم، وكذا رواه سفيان بن سعيد، وكذا رواه زهير بن معاوية وغيرهم عن أبي إسحاق. زاد ابن عساكر في كتابه الأطراف: وأبو بكر ابن عياش وجرير بن حازم. قال الحاكم: ورواه ابن المبارك عن شعبة عن أبي إسحاق-/عن أبي بصير عن أبي، وكذا قال إسرائيل، وأبو حمزة السكري، وعبد الرحمن المسعود، وجرير بن حازم عن أبي إسحاق عن أبي بصير عن أبي، وقيل: عن الثوري عن أبي إسحاق عن العيزاري ابن حريث عن أبي بصير، قال أبي: وكذا قاله أبو الأحوص عن أبي إسحاق، واختلفوا في هذا على أبي إسحاق من أربعة أوجه، والرواية فيها عن أبي بصير، وابنه عبد اللَّه كلها صحيحة، والدليل على دون روا ية خالد بن الحرث، ومعاذ بن معاذ العنبري، ويحيى بن سعيد عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه قال: سمعته، قال أبو إسحاق: وقد سمعته منه وعن أبيه عن أبي بن كعب، وقد حكم أئمة الحديث: يحيى بن معين، وابن المديني، ومحمد بن يحيى الذهلي، وغيرهم لهذا الحديث بالصحة سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول: سمعت ابن معين يقول: حديث أبي إسحاق عن أبي بصير عن أبي هكذا يقوله زهير وشعبة يقول: عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن أبي بصير عن أبيه عن أبي، ورواه أبو إسحاق عن شيخ لم يسمع منه غير هذا، وهو عبد اللَّه، وقال شعبة عن أبي إسحاق: إنّه سمع من أبيه، وفيه قال أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن العنبري: وما أرى الحديث إلا صحيحًا، سمعت أبا بكر الفقيه، سمعت المزني سمعت ابن المديني يقول: قد سمع أبو إسحاق من ابن أبي نصير وأبيه، ثنا أبو بكر بن إسحاق سمعت عبد اللَّه بن محمد المديني سمعت محمد بن يحيى يقول: رواية يحيى بن سعيد، وخالد بن الحرث عن شعبة، وقول أبي الأحوص عن العيزاري كلّها محفوظة، فقد ظهر بأقاويل أئمة الحديث صحته، وأما الشيخان/فلم يخرجاه لهذا الخلاف. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لأن البيهقي ذكر عن محمد بن يحيى هذه الروايات كلّها محفوظة خلا حديث أبي الأحوص، لا أدرى كيف هو، ولفظ الطبراني في الأوسط: " والصف المقدم ". وقال: لم يروه عن أيوب السختياني عن

شعبة إلّا وهيب ابن خالد، ولا عن وهيب بن خالد إلّا سعيد بن واصل. تفرد به محمد بن سفيان عن الرزاد الآملي، ورواه في موضع آخر من حديث ابن جريج عن قيس عن أبي إسحاق، أخبرني عبد اللَّه بن أبي سفيان، عن أبي سفيان كذا ذكره، وقال: لم يروه عن ابن جريج إّلا أبو قرة، وقليس هو ابن الربيع، وفي موضع آخر:/يروه عن خالد بن ميمون إلّا سعيد بن أبي عروبةْ تفرد به عبد الأعلى وابن سؤدب عن سعيد، وفي علل أبي بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال: أنبأ الدوري سمعت يحيى يقول: القول قول شعبة: عن أثبت عن زهير، قال أبو بكر: ورواه عثمان بن أبي شيبة، ووكيع عن الثوري عن أبي إسحاق عن ابن أبي بصير عن أبيه، ورواه أبو إسحاق الفزاري عن الثوري عن أبي إسحاق عن العيزار، ورواه معمر الرقي عن حجاج عن أبي إسحاق عن عاصم عن أبي ضمرة عن عبد الله بن أبي بصير عن أبيه، وقال الحافظ أبو بكر البيهقي: أقام إسناده شعبة، والثوري، وإسرائيل في آخرين، وذكره الحافظ بن عبد الواحد في الأحاديث المختارة، وذكره الحافظ أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في مسنده الصحيح من حديث شعبة، وزهير، وخالد بن ميمون بن أبي إسحاق، وقال: قال ابن أبي بصير: حدثني أبي عن أبّي، وسمعه من أبي بن كعب، وخالف ذلك/أبو عمر بن عبد البر فقال: هذا حديث ليس بالقوي، ولا يحتج بمثله، وفي موضع آخر: وقد رويت أثارًا محفوظة مرفوعة منها حديث أبي، وغيره: أنّ صلاة الرجل مع الرجلين أفضل من صلاته وحده، وهي آثار كلّها ليست في القوة والثبوت والصحة كآثار هذا الباب يعني " حديث صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ، ولفظ أبي قرّة: " ولو تنحيا عليكم بالصفّ الأوّل، ولما ذكره أبو محمد عبد الحق في أحكامه الكبرى من عند أبي داود قال: عبد الله بن أبي بصير: لا أعلم روى عنه إّلا أبو إسحاق، وهذا منه- رحمه الله تعالى- الضعيف للحديث على قاعدته؛ لأن الإِنسان إذا لم يوثق ولم يرو غير واحد عنه فهو مجهول العين والحال، ولو رأى ما أسلفناه من توثيقه عن أبي حاتم البستي، وقول العجلي فيه وذكره ابن خليفة، وفي الباب مع إخراج حديثه في الصحيح لما اتجه له ذكر هذا التخريج مع ما تقدّم من رواية أبي ضمرة عنه من

عند الخلال، ورواية العيزاري مع أن حكاية التفرد ليس هو بأبي العيزار، قد سبق إلى ذلك غير واحد من الأعلام فذهبت عنه الجهالة والسلام. وفي الباب أحاديث منها حديث ابن مسعود أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة الجمع تفضل على صلاة الرجل وحده خمسة وعشرين ضعفا؛ كلها مثل صلاته " (1) ، خرجه أحمد في مسنده بسند جيّد، وخرجه ابن أبي شيبة في مسنده عن محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي الأحوص عنه بلفظ: " تفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده بضع وعشرون درجة " (2) ، ورواه السراج في مسنده من/حديث همام ثنا قتادة عن مورق عن أبي الأحوص بلفظ: " تفضل على صلاة الرجل وحده بخصر وعشرين صلاة " (3) ، وفي لفظ: " تزيد خمسًا وعشرين " (4) ، وخرجه في الأوسط من حديث أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه بلفظ: " خمسة وعشرين " أو سبعة وعشرين "، ولفظ أبي القاسم في الأوسط: " بضع وعشرين "، وقال: لم يروه عن أبي حصين- يعني- عن أبي الأحوص- إلّا قيس بن الربيع، ولا عن قيس إّلا محمد بن الصلت. تفرد به أحمد بن الحجاج بن الصلت. وقال الرازي: رواه القطان عن شعبة عن قتادة عن عقبة بن وساج عن أبي الأحوص، ورواه سعيد بن بشير، وغيره عن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص، وشعبة أحفظ، قال: ورواه أبان بن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص، وحديث غياث بن قاسم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة رجلين يؤم أحدهما صاحبة أزكى عند الله من أربعة سترى، وصلاة أربعة يؤمهم

_ (1) إسناده صحيح. رواه أحمد (1/376) ، والمجمع (2/38، 39) ، وعزاه إلى " أحمد " و" أبو يعلى " و" البزار " والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " - وهو الذي قال في بيته في الكبير ورجال أحمد ثقات. (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/246) ، والمسير (5/74) ، وفيه: " خمسا وعشرين درجة ". (3) المصدر للسابق. (4) صحيح. أورده للهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/38) ، وعزا هـ إلى " البزار " والطبراني في " الأوسط "، ورجال البزار ثقات.

أحدهم أزكى عند الله من صلاة ثمانية سترى، وصلاة ثمانية يؤمهم أحدهم أزكى عند الله من صلاة مائة سترى " (1) رواه البخاري في التاريخ، فقال: قال عبد الله بن يوسف:، حدثني الوليد بن مسلم أخبرني ثور عن يونس بن سيف عن عبد الرحمن بن زياد عنه، وحديث أنس قال- عليه السلام-: " الاثنان جماعة والثلاثة جماعة " (2) الحديث، ذكره أبو أحمد من حديث سعيد بن رزقي وهو ضعيف، ورواه السراج عن جعفر الصانع، ثنا عبيد الله بن محمد بن حفص، ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أنس موقوف: " تفضل صلاة الجميع على صلاة/الرجل بضعا وعشرين صلاة " (3) ، ورواه الكشني عن حجاج عن حماد عن عاصم عن أنس مرفوعا: " تفضل صلاة الجميع "، وثنا حجاج، وثنا حماد عن أبان عنه مرفوعا: " تفضل صلاة الجمع على صلاة الرجل وحده بأربع وعشرين صلاة، وهى الخامسة " (4) ، وحديث عائشة قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الجماعة تزيد على صلاة الفذ بخمسة وعشرين " (5) ، رواه النسائي بسند صحيح، ولفظ السراج: " تفضل على صلاته وحده خمسا وعشرين درجة " رويا من حديث يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن عمار عن القاسم عنهما، وفي لفظ: " صلاة الرجل في الجميع " (6) ، وحديث زيد بن ثابت: قال ابن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث عن حجاج

_ (1) صحيح. رواه للبخاري في " التاريخ " (1/4/132- 193) ، والبزار (رقم- 461) ، وابن سعد (7/411) ، والديلمي (2/243- 244) ، عن أبي خالد ثور بن يزيد. ورواه ابن أبي شيبة (1/1/131) ، وأبو داود والنسائي وغيرهم وصححه الحاكم وغيره. وصححه الشيخ الألباني. صحيح أبي داود (ح/563) . (2) ضعيف. رواه البيهقي (3/69) والكنز (20274) . (3) تقدم. (4) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/246) ، والمسير (5/74) ، والترمذي (ح/215) ، والبيهقي (1/359، 3/60) ، ونصب الراية (2/23) . (5) سنده صحيح رواه النسائي في: الصلاة، باب " 21 ". (6) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/648) ، ومسلم في (المساجد، ح/649) ، ورواه الدارمي (1/292) ، وعبد الرزاق (2002) ، وابن خزيمة (1470- 1472) ، وابن ماجة (ح/ 787) ، ومالك في الصلاة، ح/2، (وأحمد (485،2/475، 501. 5250.52) .

عن ثابت بن عبيد قال: دخلنا على زيد وهو يصلي على حصير ليسجد عليه فقال: قال عليه السلام: " فضل صلاة الجماعة على صلاة الوحدة خمس وعشرين درجة " (1) . قال: وأما أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس نحوه. قال: فان كانوا أكثر فصلى عدد من في المسجد، فقال رجل: وإن كانوا عشرة الآلف قال: نعم، وإن كانوا أربعين ألفا. وحديث معاذ بن جبل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " فضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده خصر وعشرين " (2) . رواه أبو القاسم في المعجم الكبير عن محمد بن عبدوس السراج، ثنا محمد بن بكار ثنا عبد الحكيم بن منصور عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه. وحديث عبد الله بن زيد مرفوعًا: " ما بين الفذ والجماعة خمس وعشرين درجة " (3) . رواه أيضا من حديث مؤمن بن عبيدة عن أبي بكر بن حزم عن عباد بن تميم/عنه، وقال: لا يروى هذا الحديث عن ابن زيد إلا هذا الإسناد. تفرد به محمد بن الزبير، فإنه يعني عن موسى. وحديث أنس بن مالك قال عليه السلام: " صلاة الرجل في بيته بصلاة، وصلاته في مسجد القبائل بخمر وعشرين صلاة، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة " (4) . الحديث رواه ابن زنجويه من حديث أبي الخطاب الدمشقي عن زريق أبي عبد الله الألهاني عنه، قال ابن الأثير: إنما قال درجة ولم يقل خيرًا ولا نصيبان ولا خطًا ولا شيئًا من

_ (1) صحيح. رواه البخاري في " الكبير " (8/293) . (2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/39) ، وعزا هـ إلى البزار والطبراني في " الكبير " وفيه عبد الحكيم بن منصور، وهو ضعيف. (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/38) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الكبير "، وفيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف. (4) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1413) . في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لأن أبا الخطاب الدمشقي لا يُعرف حاله، وزريق فيه مقال. حكى عن أبي زرعة أنه قال: لا بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات والضعفاء، وقال: ينفرد بالأشياء، لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به، والترغيب (2/ 215) ، والمشكاة (752) ، وإتحاف (4/284) ، والمنثور (2/53) ، والكنز (20223) ، والقرطبي (15/ 13) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/434،1/198) ، والمتناهية (2/86) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/299) ،.

أمثال ذلك؛ لأنّه أراد الثواب من جهة العلو والارتفاع، وإن تكن فوق هذه بكذا أو كذا درجة ة لأن الدرجات إلى جهة فوق، وقد اختلف العلماء في الجمع بين سبع وعشرين درجة، وبين قوله خمس وعشرين درجة، أو جزعَا أو ضعفَا فقيل: إن الدرجة أصغر من الجزإ فكان الخمسة والعشرين إذا جزئت درجات كان سبع وعشرين درجة، وردَّ هذا بما أسلفناه في الصحيح سبعَا وعشرين درجة. وقيل: السبع متأخرة عن الخمس فكأنّ الله تعالى أخبره بخمس، ثم زاد بعد ورود هذا بتعذّر التاريخ، وردّ هذا القول الأخر بأن الفضائل لا تنسخ، وهذه فضيلة لمحمد- صلى الله عليه واله وسلم- فلا يطرأ عليها النسخ. وقيل: إن صلاة الجماعة في المسجد أفضل من صلاة الفذ في المسجد بخمس وعشرين درجة، وصلاة الجماعة في المسجد أفضل من صلاة الفذ في بيته بسبع وعشرين درجة، وردّ بقوله: " وصلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه بخمس وعشرين ضعفَا " (1) وقيل: إن الصلاة التي لم تكن فيها فضيلة الخطا إلى/الصلاة ولا فضيلة انتظارها نفضل بخمس، والتي فيها ذلك تفضل بسبع، وقيل: إن ذلك يختلف باختلاف المصلين والصلاة، فمن كملها وحافظ عليها فوق من أخذ بشيء من ذلك. وقيل: إنّ الزيادة لصلاتي العشاء والصبح لاجتماع ملائكة النهار والليل فيهما، يؤيّده حديث أبي هريرة المتقدّم: " تفضل صلاة الجماعة صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر "، فذكر اجتماع الملائكة لواو فاصل وبين الكلام وقطعه من الجملة المتقدّمة. وقال بعضهم: لا منافاة بين الحديثين؛ لأنه ذكر القليل ولأنّ الكثير مفهوم العدد باطل عند جمهور الأصوليين، واستدل بعض المالكية بهذه الأحاديث على أن صلاة الجماعة لا تفضل بعضها على بعض بكثرة الجماعة؛ لأنه لم يذكر جماعة كثيرة دون جماعة قليلة، ورد بما تقدّم في حديث فتات وغيره من أن الكثرة مطلوبة فرغب فيها كما ذهب إليه الشافعي وابن حبيب من المالكية. وأنبأنا غير واحد من شيوخنا عن الإِمام العلامة أبو بكر بن أحمد بن القسطلاني- رحمه الله- أنه قال: يحتمل أن

_ (1) تقدم ص 1308.

تكون الدرجة في الجنة، والجزاء في الدنيا، واستدلّ بن الحصار لمذهبه ولأبي حنيفة بأنه لا يجوز أن يصلّى تنفّل بمعترض، قال: لأنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلمنا أن للجماعة أن تنجمع على صلاة واحدة، فيجب لها التضعيف لذلك فلا يخلو أن يكون التضعيف للإِمام أو المأموم، فإن كانت المضاعفة صلاة المأمومين فلا يصح؛ لأنهم لا إمام لهم/فيها، فهم كالمنفردين، وإن كانت المضاعفة له فلا يصح، لأن عشر حكمه حكم المنفرد، وإنّما يقع لجماعتهم إذا كانوا في صلاة واحدة، وهو معنى قوله: صلاة الجماعة، فذكر صلاة واحدة مضافة إليهم جميعا، ولم يقل صلاة الجميع، ورد بما أسلفناه من عند السراج وغيره: صلاة الجميع، وأمّا تخصيص العود فقد استخرجه شيخنا قاضى القضاة بدر الدين بن جماعة فيما أذن له أن نرويه عنه، وإن كان العلامة أبو الفرح بن الجوزي ذكر أنّ جماعة تكلّفت تعليل ذلك، وما جاءوا بطائل فقال: الأوّل: قصد إقامة الصلاة في جماعة، الثاني: إجابة الداعي، الثالث: ظهور السقاية، إلى الرابع: متابعة السنة بحضورها، الخامس: إحياء السنة بدوام إقامة السنن، السادس: زيارة بيت الله تعالى، السابع: عمارة المساجد، الثامن: نشاط المتكاسل على الجماعة، التاسع: السلام على الإخوان، العاشر: التعاون على الطاعة، الحمادي عشر: إظهار تالف القلوب، الثاني عشر: الاجتماع بأهل الخير من الملائكة وغيرهم، الثالث عشر: الاعتكاف، إلى الرابع عشر: الاجتماع على الذكر، الخامس عشر: فراغ القلب للذكر، السادس عشر: الاهتمام بإيقاع الصلاة أوّل الوقت، السابع عشر: المسير إلى الجماعة بالمسجد، الثامن عشر: إيقاع العبادة في ذلك المكان، التاسع عشر: التحرز بالصلاة في جماعة من مطرد سهو وتسلط شيطان، العشرون: إقامة الصفوف وتسويتها في الصلاة، الحادي والعشرون: متابعة الإمام في أفعاله، الثاني والعشرون: التحرز من إساءة الظن به بترك الصلاة، الثالث والعشرون: الدعاء عند الدخول إلى المسجد وعند الخروج، الرابع والعشرون، والخامس/والعشرون: سماع قراءة الإِمام والتأمين إذا جهر، السادس والعشرون: مصاحبة الملائكة- عليهم السلام- وموافقتهم في الصلاة والتأمين، السابع والعشرون: انتظار الصلاة قبل إقامتها وذلك عبادة، قال: فيجوز أدْ تكون الدرجات بسبب هذه القربات، وقد ذكر ابن

المثنى وابن بطال مناسبات هذه أجمع- والله أعلم- وإذا قوله: أشاهد فلان؟ فيريد ابن أبي المنافق وأشياعه. ***

134- باب التغليظ في التخلف من الجماعة

134- باب التغليظ في التخلّف من الجماعة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلًا فيصلى بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " (1) . هذا حديث خرجه في الصحيح. زاد البخاري: " والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقًا سمينًا أو مرقًا بين حسنتين ليشهد العشاء "، وفي لفظ: " إنّ أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا " (2) ، وفي لفظ للإمام أحمد بن حنبل: " لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأقمت صلاة العشاء، وأمرت فتياني يحرقون ما في البيوت بالنار " (3) . وعند أبي داود: " ثم آتى قوما ما يصلون في بيوتهم ليست بهم علّة وأحرقتها عليهم ". قال يزيد بن جابر: قلت ليزيد بن الأصم: يا أبا عون الجمعة عيناً أو غيرها فقال: فسمعت أذناي إن لم أكن سمعت أبا هريرة ما ذكر جمعة ولا غيرها، وفي مسند السراج/ " أمر أنس إذا سمعوا الإقامة، من تخلف أن يحرقوا عليهم إنكم لو تعلمون ما فيهما لأتيموهما ولو حبوا " وفي لفظ آخر: " صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة العشاء حتى تحققوا الليل، وذهب ثلثه-

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (3/161) ، ومسلم في (المساجد، باب " 42 ") ، وأبو داود (ح/548) ، وابن ماجة (ح/791) ، وأحمد (2/539) ، والبيهقي (3/55) ، والطبراني في " الصغير " (2/57) ، والحاوي (1/179) ، والمنثور (1/299) ، والترغيب (1/268) ، وابن كثير في " التفسير " (2/390) ، الخطيب (7/103) ، والحلية (9/319) . (2) صحيح. رواه مسلم (ص 451) ،، وأحمد (2/466، 472، 531. 5/140) ، والبيهقي (3/55) ، والحاوي (1/179) ، وعبد للرزاق (2004) ، وابن خزيمة (1476، 1484) ، والترغيب (1/267) ، وشرح السنة (346،3/343) ، والخطيب (3/25، 03/17) ، والكنز (19493، 22817،19494) ، وابن عساكر في " التاريخ " (2/333) ، والجوامع (79078،606) ، وابن أبي شيبة (1/332) ،. (3) ضعيف. فتح الباري (2/126) ، والترغيب (1/268) ، والمشكاة (1073) ، وأحمد (2/ 367) ، والمجمع (2/42) من حديث أبي هريرة، وعزاه إليه، وفيه أبو معشر، وهو ضعيف.

أو نحوه- ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس عشرون، وإذا هم قليل، فغضب غضبا شديدًا لا أعلم أنِّي رأيته غضب غضبا أشدّ منه، ثم قال: لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أتتبع هذه الدور التي تخلَّف أهلوها عن هذه الصلاة؛ فأحرقها عليهم بالنيران " (1) ، ولفظ الطوسي: " ثم آتى قوما ما يتخلفون عن هذه الصلاة، فأحرق عليهم، يعمْي صلاة العشاء " وصححه. وفي كتاب ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن عجلان عنه: " لينتهين رجال من حول المسجد لا يشهدون العشاء، ولأحرقنَّ بيوتهم " (2) . وفي كتاب زنجويه: " آمر رجالا في أيديهم حزم حطب لا يأتوا رجلًا في بيته سمع الإقامة، لم يشهد الصلاة، إلَّا أضرم عليه بيته ". وفي كتاب أبي القاسم الأَوسط (3) : " آمر رجالا إذا أقيمت الصلاة أن يتخلَّفوا دون من لا يشهد، فيضرم عليهم بيوتهم ". قال: " ولو أنَّ رجلًا أذَّن النَّاس إلى طعام لإثرة، والصلاة ينادى ما فلا يأتوها " (4) . وقال: لم يروه عن الأعمش عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح ألا سليم بن أبي داود، وتفرد به محمد بن سليمان بن أبي داود، ورواه من حديث عاصم عن أبي رزين عن أبي هريرة وقال: لم يروه عن عاصم عن أبي رزين ألا عمرو بن قيس. تفرد به الحكم بن بشير ورواه الناس عن عاصم عن أبي صالح، وروى عن عاصم عن زر عن عبيد الله، وفي الصغير: " ثم أنظر فمن لم يشهد المسجد فأحرق عليه بيته ". وأشار إلى أن علي بن بكار/تفرَد به عن أبي إسحاق الرازي عن سعيد بن شريح عن ابن أبي ليلى عنه، وثنا زياد بن أيوب ثنا محمد بن عبيد ثنْا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد سئل محمد الحديث،

_ (1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد ". وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " ورجاله موثقون. (2) صحيح. رواه أحمد: (2/292) . (3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/43) ، وعزاه إلى الطبراني في " الاً وسط "، ورجاله موثقون. (4) ودليل ذلك. الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره: " لا صلاة بحضرة طعام ". المساجد: باب " 16 "، (ح/67) .

وفي كتاب الترغيب لأبي موسى المديني: " تهور الليل، فذهب ثلثه- أو قرابه- ثم قال: لو أن رجلًا نادى الناس إلى عرق، أو مرماتين أتوا لذلك، وهم يتخلفون عن هذه الصلاة ... " (1) الحديث، وفي مسنده: " لو كان عرقًا (2) سمينًا، أو معرفتين يشهدوهما ". وفي مصنف عبد الرزاق بسند صحيح: أنبأ معمر عن جعفر بن برقان عن يزيد الأصم عن أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " لقد هممت أن آمر فتياني أن يجمعوا إلى حزمًا من حطب؛ ثم انطلق وأحرق على قوم بيوتهم، يشهدون الجمعة " (3) . ولما رواه البيهقي في الكبير عن أبي محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار: أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار أنبأ أحمد بن منصور الرماد ثنا عبد الرزاق قال: كذا قال الجمعة، وكذلك روى عن أبي الأحوص عن ابن مسعود، والذي يدلّ عليه سائر الروايات أنه عم بالجمعة على الجماعة. انتهى كلامه. ويزيده وضوحًا ما ذكره أبو القاسم في معجمه الأوسط: ثنا أحمد بن محمد بن صدقة ثنا مفتر بن محمد ثنا عمى القاسم عن أبي حمزة عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود يرفعه: " لقد هممت أن آمر بلالًا فيقيم الصلاة، ثم أنصرف إلى قوم سمعوا النداء فلم يجيبوا، فأحرق عليهم بيوتهم " (4) . وقال: لم يروه عن أبي ضمرة إلا القاسم. تفرد به مقدم، وفي

_ (1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/43) ،، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " ورجاله موثقون. غريبه: قوله " المرماة " ظلف الشاة أو ما بين ظلفيها، يريد الشيء الحقير. (2) قوله: " العرق " بفتح فسكون: العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم. (3) صحيح. رواه عبد الرزاق (1995، 1998) ، ومسلم في (المساجد، باب " 42 "، ح/ 253) ، وأبو داود (ح/459) ، والترمذي (ح/217) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأحمد (1/450، 2/376، 472) ، والدارس (1/292) ، والبيهقي (3/55، 56) ، وابن خزيمة (1481) ، والترغيب (1/274) ، والكنز (20356، 21140) ، وأبو عوانة (2/5) ، وصفة (321) ، والقرطبي (1/350) ،. (4) صحيح. أورده لله الهيثمي في " مجمع للزوائد " (2/43) ، وعزله الطبراني في " الأوسط "، ورجاله رجال الصحيح، وهو عند مسلم بلفظ: " لقد همت أن آمر رجلًا يصلي بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ".

كتاب السراج: ما يروه وهو ما رواه عن أبي يحيى وغيره عن الأشدّ ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: " لقد هممت أن آمر رجلًا يصلى بالناس، ثم أحرق على رجال يتخلَّفون عن الجمعة بيوتهم " (1) ، ولما رواه في مستدركه من حديث عمرو بن خالد الحراني: ثنا زهير عن أبي إسحاق قال: هكذا رواه أبو داود الطيالسي عن زهير، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، هكذا خرجاه بذكر القيمة، وسائر الصلوات. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن زائدة عن عاصم عن رزين عن ابن أم مكتوم، قال: قلت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنّى كبير ضرير شاسع الدار؟ وليس لي قائد بلازمني، فهل تجد لي من رخصة أن أصلِّي في بيتي. قال: تسمع النداء؟ قلت: نعم. قال: مالك رخصة " (2) . هذا حديث إسناده صحيح على رسم مسلم، وخرجه أبو عبد الله شاهدًا، ولم يحكم عليه - يعني لحديث سفيان - عن عبد الرحمن عن ابن عباس عن ابن أم مكتوم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن المدينة كثيرة الهوام، والسباع، قال: تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ قال: نعم. قال: فهي فحي هلا " (3) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد إن كان ابن عباس سمع من ابن أم مكتوم، وله شاهد بإسناد صحيح فذكر حديث أبي جعفر الرازي عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن شدّاد عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استقبل الناس في صلاة العشاء فقال: " لقد همت أن آتى هؤلاء الذين يتخلفون عن هذه الصلاة؛ فأحرَّق عليهم ". قال: فقلت: يا رسول الله، لقد علمت ما في الحديث (4) .

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 42 "، ح/251، 254) ، وأحمد (1/ 402، 422، 449، 461، 2/416، 479) ، البيهقي (3/56، 172) ، والحاكم (1/291) ، والمجمع (2/43) ، وابن أبي شيبة (2/155) ، والطبراني في " الصغير " (1/172) ، والحاوي (1/181) ، وإتحاف (3/14) ، والمشكاة (1378) ، والترغيب (1/268، 508) ، والكنز (20365، 21131) ، والخطيب في " التاريخ " (5/433) ، والمغنى عن حمل الأسفار (1/ 148) ، ومعاني (1/168) ، والقرطبي (3/311) . (2) إسناده صحيح. رواه البيهقي (3/58) ، وابن خزيمة (1480) . (3) إسناده صحيح. رواه البيهقي (3/58) ، وابن خزيمة (1478) ، ونصب الراية (2/22) . (4) صحيح. رواه الحاكم (1/247) ، وابن خزيمة (1479) ، والكنز (20368) ،

وخرجه البيهقي في الكبير من حديث سليمان بن حرب ثنا حماد/بن زيد عن عاصم بن أبي رزين أن ابن أم مكتوم سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ورواه ابن سنان عن عمرو بن مرّة عن أبي رزين عن أبي هريرة، وفي كتاب المغازي من حديث سعيد بن سليمان: ثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن أبي سنان عن عمرو بن مرّة آخر ابن أبي رزين عن ابن أم مكتوم فذكره، ولفظ الإمام أحمد في مسنده عنه: أنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أتى المسجد، فوجد في القوم رقّة فقال: " إنِّي لأهم أن أجعل للناس إمامًا، ثم أخرج، فلا أقدر على إنسان يتخلّف عن الصلاة في بيته إلا أحرقه عليه ". فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله إنّ بيني وبين المسجد نخلًا وشجرًا، ولا أقدر على قائد كل ساعة، أيسعني أن أصلى في بيتي؟ قال: أتسمع الإِقامة؟ قال: نعم. قال: " فأتها " (1) . وعاب ابن القطان سكوت أبي محمد عنه، إذ أورده عنه من حديث أبي رزين وابن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم، وابن أم مكتوم، قال: وكلتا الروايتين مشكوك في إيصالهما؛ لأنّ أبا رزين أهلًا له الرواية عن علي ويقال: إنّه حضر معه صفين، وابن أم مكتوم قتل بالقادسية أيّام عمر، وانقطاع ما بينهما إن لم يكن معلومًا، قالا: نعرف سنه فإن اتصال ما بينهما ليس معلومًا أيضًا، فهو مشكوك فيه، وأمّا ابن أبي ليلى قوله: ولست بقين من خلافة عمر فسنهْ لا يقتضى له السماع. انتهى كلامه. وفيه نظر في مواضع: الأول: قوله أمّا سنه فإنّا لا نعرفه فليس بشيء، لأنّ ابن حبان وغيرها يصف على أنّه كان أكبر من أبي وائل شقيق، وشقيق ممن قيل له: أدرك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلى هذا لا تنكر روايته عن ابن أم مكتوم، الثاني:/قوله: وأعلى ماله الرواية عن على مردود بقول ابن سعد: روى عن ابن مسعود، الثالث: قوله: أن ابن أم مكتوم قتل بالقادسية مردود، ويقول ابن حبان وغيره: شهد القادسية ثم رجع إلى المدينة فمات بها في خلافة عمر، ولفظ ابن سعد: شهد القادسية ثم رجع إلى المدينة ولم يسمع له بذكر بعد عمر، الرابع: قوله. إن سنّ ابن أبي ليلى لا

_ والفتح (2/128) ، وجرجان (427) . (1) رواه الدارقطني (1/381) ، وأحمد (3/423) ، والمجمع (2/42) ، وعزاه إليه، ورجاله رجال الصحيح، وفي أبي داود طرف.

يقتضى له السماع من عمر مردود بقول أبي حاتم الرازي، وسأله أنه هل سمع منه؟ فقال بلال: خرج إلى الشَّام قديمًا في خلافة عمر فإن كان رآه صغير. فهذا أبو حاتم لم ينكر سماعه من بلال المتوفى سنة عشرين، ويقال: سبع عشرة أو ثمان عشرة، ويقال: سنة إحدى وعشرون بل جوَّزه، وفي كتاب البيهقي من حديث ابن شهاب الحناط عن العلاء بن المسيب عن ابن أم مكتوم قلت: يا رسول الله إن لي قائدًا لا يلازمني في هاتين الصلاتين. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم القاعدون عنهما ما فْيهما، لأتوهما ولو حبوا " (1) ، ولفظ أبي القاسم في الأوسط عن ماهان عن البراء بن عازب أن ابن أم مكتوم أتى النبي- عليه السلام- يشتكي إليه رسالة أن يرخص له في العشاء والفجر، وقال: إن بيني وبينك أسيب، فقال عليه السلام: " هل تسمع الأذان؟ قال: نعم- مرة أو مرتين- فلم يرخص له في ذلك " (2) . وقال: لم يروه عن ماهان- وهو أبو صالح- إلا زهير الأعزب بن الأعمر الذي روى عنه عمرو بن مرة، ولا رواه عن زهير إلا عزب بن الحرث. تفرد به العوام بق حوشب، وفيه أيضا من حديث عدي بن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال: جاء رجل ضرير إلى النبي- عليه السلام- فقال: إني أسمع النداء، فلعلي لا أجد قائدا أو يشق علي،/أفأتخذ مسجدا في بيتي؟ فقال عليه السلام: " أيبلغك النداء "؟ قال: نعم. قال: " فإذا سمعت، فأجب " (3) . وقال: لم يروه عن عدي إلا زيد بن أبي أنيسة، وقال الرازي: هذا حديث منكر، وقال- البيهقي: خالفه أبو عبد الرحمن فرواه عن ابن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن مغفل، وفي صحيح مسلم عن أبي

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/43) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه علي بن يزيد الألهاني عن القاسم، وقد ضعفهما الجمهور، وأختلف في الاحتجاج بهما. (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/255) ، وأبو داود (ح/552) ، وابن ماجة (ح/792) ، والحاكم (1/247، 3/635) ، وعبد الرزاق (1913) ، وابن سعد في " الطبقات " (3/2/97) ، وصححه الشيخ الألباني. " الإرواء: 2/246 ". وانظر: أيضا صحيح ابن ماجة، وأبي داود. (3) ضعيف. رواه الطبراني (19/139) ، والمجمع (2/42) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الكبير ". وفي رواية له: " فأجب داعي الله "، وفيه يزيد ابن سنان، ضعفه أحمد. وقال أبو حاتم: محله الصدق. وقال البخاري: مقارب الحديث.

هريرة، قال: " أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاها فقال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم. قال فأجب " (1) . وخرجه السراج في مسنده من حديث زيد بن أنيسة، عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: أتى ابن أم مكتوم الأعمى النبي، فقال ... الحديث. حدثنا عبد الحميد بن بنان الواسطي ثنا هشام عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة إلا من عذر " (2) . هذا حديث خرجه البستي في صحيحه عن الحسن بن سفيان ثنا زكريا بن يحيى وعبد الحميد بن السكري بلفظ: " يسمع النداء فلم يجب "، وخرجه أبو داود من حديث أبي الحباب عن معمر عن عدي بلفظ: " قالوا: وما العذر؟ قال: حزن أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى "، ورواه في الأوسط ثم قال: لم يروه عن معمر إلا أبو حباب، ولا عن أبي حباب، إلّا حريز. تفرد به معمر، وفيه نظر؛ لما نذكره بعد، ورواه أبو عبد الله من حديث عبد الرحمن بن غزوان وهشيم بن شعبة ثم قل: هذا حديث قد أوقفه غندر/وأكثر أصحاب شعبة، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهشيم وفراد أبو نوح لغسان، فإذا وصلا فالقول فيه قولهما، وله غير شاهد فذكر حديث سعيد بن عامر وأبي سليمان داود بن الحكم عن شعبة مرفوعًا، قال: ولشعبة متابعان مفسران: العبد عن عدي بلفظ: " قالوا: وما العذر قال: خوف أو مرض "، وأبو حباب من حديث سليمان بن قرم بلفظ: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سمع النداء ينادي صحيحًا فلم يأته من غير عذر لم يقبل الله صلاة غيرها. قيل: وما العذر؟ قال: المرض والخوف " (3) . وفي كتاب العلل للخلال: ثنا محمد بن الحسين

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/255) ، وأبو داود (ح/552) ، والبيهقي (3/ 57، 66) ، وابن ماجة (792) ، والفتح (1/440) ، والمشكاة (1054) ،. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/793) ، والطبراني (11/446) " ونصب الراية (2/23) ، والكنز (20993) ، وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. الترغيب (1/272) ، ونصب الراية (2/23) ، والقرطبي (1/349) ،

ثنا الفضل قال: قلت لأحمد: شعبهْ عن عدى فذكره قال: أخطأ فيه هشيم مرّة فرفعه وهذا موقوف. قلت: كيف؟ قال: غْندر وغيره لا يرفعه، وقال أبو الحسن الدارقطني: تابع هشيمّا على رفعه، فراد: ورواه جرير عن أبي حباب. رفعه ووقفه يوسف القطّان عن جرير، ورواه ابن قرم عن أبي حباب عن معراء عن عدي مرفوعا، وقال أبو أحمد: ورواه جرير. تفرد به عن أبي حباب عن معراء، وقال ابن حزم: عن أبي حباب عن عدي وكأنه اختلط على الناسخ لا على أبي أحمد، وقال الإشبيلي حين ذكره من عند أبي داود، وهذا يرد به معراء العبدي، وقد روى عنه وأبو إسحاق، والصحيح: موقوف على ابن عباس، وتبع ابن القطان عليه أمرين: الأول: إعلاله إيّاه بمعراء بن المخارق، قال: وليس صواب؛ لأنه روى عن جماعة، وذكر أبو العرب عن الكوفي وليس في كتابه أنه لا بأس به. الثاني: قوله على أنّ قاسما ذكره في كتابه عن إسماعيل: ثنا سليمان بن حرب/ثنا شعبة عن حبيبْ بن أبي ثابت عن سعيد عن ابن عباس، قال عليه السلام: " من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إّلا من عذر " (1) . قال أبو محمد: وحسبك هذا الإسناد صحة، قال أبو الحسن لي في كتاب قاسم: " إلّا من عذر " في الحديث المرفوع إنّما هو في الموقوف، فلم يثبت أبو محمد فأورده هكذا، وإنّما نقله من كتاب بواسطة ابن حزم وغيره، وهذا ما نقله من عند ابن حزم وهو جاء به مفسرا بزيادة: " إلّا من عذر " في المرفوع؛ فتبين أنّ الصواب فيه بإيراد الواقع في كتاب قاسم بنصّه، قال قاسم: ومن كتابه نقلت. حدّثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا جعفر بن عمرو سليمان حرب وعمرو بن مرزوق عن عدي بن ثابت وسعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: " من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر " (2) . قال إسماعيل: وبهذا الإسناد روى الناس عن شعبة بإسناد آخر: ثنا سليمان ثنا شعبة عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له " (3) . ثنا بهذا سليمان مرفوعَا، وثنا

_ واللآلىء (2/12) ، والإرواء (2/336) . قلت: لهذا الحديث شواهد صحيحة. (1) المصدر السابق. (2) ، (3) الحاشية السابقة.

بالأول موقوفًا على ابن عباس، هذا نص ما عنده، فالمرفوع عنده إنما هو من رواية شعبة عن حبيب لا عن عدي، وليس فيه زيادة إلّا من رواية شعبة عن حبيب، لا عن عدي وليس فيه زيادة إلا من عذر "، وإنما تكون هذه الزيادة في حديث عدي إلّا أنه عند قاسم موقوف فحمل المرفوع على الموقوف في هذه الزيادة فيه، ونسب ذلك إلى أبي قاسم خطأ، نعم هي في الحديث المرفوع من رواية عدي، لكن عند غير قاسم، رواه هشيم عن شعبة عند معن بن مخلد وأبي القاسم/ابن بنت منيع وابن المنذر والدارقطني. انتهى كلامه. وفيه نظر من حيث قال: إن أبا محمد أعلّه بمعراء، وأبو محمد لم يعله به؛ إنما قال ما أسلفناه عنه وذلك لا يقتضى إعلالًا؛ بل ترجيحَا لكونه ذكر له روايتين مخرجين له عن الجهالة، ولم يسبق له فيه كلام، أحال عليه. حدثنا علي بن أحمد ثنا أبو أسامة عن هشام الدستوائي عن يحيى ابن أبي كثير عن الحكم بن مينا، قال: أخبرني ابن عباس وابن عمر أنهما سمعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول على أعواده: " لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات، أو ليختمن الله على قلوبهم ليكونن من الغافلين " (1) . هذا حديث في سنده انقطاع فيما بين يحيى والحكم، وإن كان قد سمع منه، فقد ورد هذا الحديث مبينا فيه عدم سماعه منه بين ذلك أبو عبد الرحمن إذ رواه في سننه عن محمد بن معمر عن حبان بن هلال عن أبان عن يحيى عن الحضرمي بن لاحق عن رزين بن سلام عن أبي سلام عن الحكم بلفظ: " ودعهم الجماعات ". قال: وأنبا إبراهيم بن يعقوب ثنا سعيد بن الربيع ثنا علي بن المبارك عن يحيى بن زيد عن أبي سلام عن الحكم عن ابن عمر وابن عباس قال علي ثم كتبه به أبي عن ابن عمر وأبي هريرة فذكره. وذكره الحافظ أبو بكر الإسماعيلي في مجموع حديثه من حديث هشام بن عمار: ثنا الوليد ثنا معاوية بن سلام سمع يحيى بن أبي كثير يقول: حدثني الحكم بن مينا يقول: سمعت ابن عمر وأبي

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الجمعة، باب " 12 "، ح/40) ، وابن ماجة (ح/794) ، والنسائي (3/88) ، وأحمد (1/239، 254، 335، 2/84) ، والبيهقي (3/171) ، وابن حبان (550) ، وابن أبي شيبة (2/ 154) ، والترغيب (1/508) ، والمشكاة (1370) ، وشرح السنة (4/215) ، ومشكل (4/231) ، والكنز (21134، 21141) ، والفتح (10/455) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/412) .

هريرة يقولان: سمعنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على منبره، وهو يقول: " لينتهين أقوام عن تركهم الجماعات ... " (1) الحديث/ومن حديث حماد بن زيد عن أيوب عن يحيى يروه إلى ابن عمر وابن عباس ولفظه: " الجماعات "، ومن حديث زياد بن أيوب: ثنا ابن علية عن أيوب عن يحيى عمن حدثه عنهما، وفي كتاب الثواب لأدم بن أبي إياس: ثنا بكير بن حسين عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه عن أبي هريرة، قال: " نودي " (2) أهل حضرة المسجد، وأهل العوالي من الأنصار؛ فقال أهل حضرة المسجد: نحن أعظم أجرًا منكم، لقربنا من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يفوتنا معه صلاة، ونحن محدثوه، وقالت الأنصار من أهل العوالي: نحن أعظم أجرًا منكم لبعدنا من المسجد، ولا يرغبنا إليه إلا حب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصلاة معه ". وحديثه: " فأتيته في البحر والبر فبينما هم يتدارون اطلع عليهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسلم عليهم فقصوا عليه القصة، فقال: الأبعد فالأبعد أعظم أجرأ، وذلك أن الرجل إذا توضأ في بيته وأحسن الوضوء وأكمله ثم خرج إلى المسجد لم يخط خطوة إلا كتب الله له بها حسنة، ومحا عنه سيئة، وإذا دخل المسجد لم يزل في صلاة حتى يخرج أو يحدث " (3) . أنبأ به الشيخ المسند الفقيه أبو الثور بن عبد القوي قال: أنبأ أبو الحسن علي بن المحمودي أنبأ الحافظ أبو طاهر البغوي قراءة عليه أنبأ أبو مسعود محمد بن عبد الله السودرجاني أنبأ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الجبال أنبأ أبو محمد عبيد الله بن محمد بن إبراهيم قراءة عليه أنبأ أبو موسى عيسى بن إبراهيم أنبأ آدم، وحديث ابن عمر يرفعه: " لأنا على أمتي في غير الخمر أخوف عليهم من الخمر، سكن البادية، وترك المساجد، والذكر ". ذكره ابن يونس في تاريخه/عن عاصم بن رواح ثنا زكريا بن

_ (1) المصدر السابق. (2) قوله: " نودي " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه. (3) صحيح. رواه أبو داود (ح/556) ، وابن ماجة (ح/782) ، وأحمد (2/428) ، والبيهقي (3/65) ، والحاكم (1/ 208) ، وابن أبي شيبة (2/206) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " (5/ 352) ، والمنثور: (5/260) ، والخطيب: (11/32) ، والكنز: (20246، 20741) . وصححه الشيخ الألباني.

يحيى بن أبان ثنا مسكين بن عبد الرحمن وخالد بن حميد عن أبي مالك يحيى عن واهب بن عبيد الله المعافري عنه، قال: ورواه محمد بن المغيرة عن واهب موقوفًا على ابن عمر، ورواه مسلم في صحيحه عن الحلواني عن أبي برمة ثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد سمع أبا سلام حدثنى الحكم بن مينا أن عبد الله بن عمر وأبا هريرة حدّثاه ... فذكره بلفظ: " الجماعات ". قال البيهقي: ورواه أبان عن يحيى عن زيد بن سلام عن الحضرمي عن الحكم وخالفه الدستوائي فرواه عن يحيى أن أبا سلامة حدّثه عن الحكم أنه حدثه، قال: ورواية معاوية عن أخيه زيد أولى أن تكون محفوظة. انتهى كلامه. ويفهم منه أن أبان بن يزيد رواه بلفظ: " الجماعات " بالإسناد المذكور عنده، وليس كذلك لا. ذكره أبو بكر الإسماعيلي أنبأ الفرياني أنبأ عمران بن موسى ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا عفان وأنبأ أبو يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا يحيى بن إسحاق البجلي ثنا عمرو بن محمد ثنا عفان قال: أنبأ أبان بن يزيد العطار لفظ العرياني ثنا يحيى عن زيد عن أبي سلام عن الحكم عنهما عن ابن عمر وابن عباس بلفظ: " الجماعات "، قال الشيخ: لم يكن في حديث عمرو في الرفع عن أبي سلام ولم تكن قوته صح، وقال أبو حاتم في علله: والحضرمي رجل من أهل المدينة وليس لرواية أبي سلام عنه معنى، وإنما يشبه أن يكون يحيى لم يسمعه من زيد فرواه عن الحضرمي عن زيد، فوهم الذي حدث به حدثنا عثمان بن إسماعيل الهذلي الدمشقي ثنا أبو لبيد بن مسلم عن أبي ذئب عن/الزبرقان بن عمرو الضمري عن أسامة بن زيد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لينتهين رجال عن ترك الجماعات، أولا حرقن بيوتهم " (1) . هذا حديث إسناده منقطع فيما بين أسامة والزبرقان. قاله أبو القاسم بن عساكر والشيخ ضياء الدين في أحكامه،

_ (1) صحيح المتن، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة: (ح/795) . في الزوائد: في إسناده الوليد بن مسلم للدمشقي؛ مدلس، وعثمان لا يعرف حاله، والمعنى ثابت في الصحيحين وغيرهما. والحاوي (1/181) ، والكنز (20353) ، والترغيب (1/278) ، والفتح (2/126) . قلت: بل صححه الشيخ الألباني. لما رأينا له من شواهد صحيحة عند الشيخين وغيرهما.

ويوضحه لي في تاريخ البخاري الكبير زبرقان بن عمرو بن أمية الضمري، روى عنه ابن أبي ذئب، قال جعفر بن ربيعة: الزبرقان بن عبد الله بن عمرو بن أمية عن أبيه، وقال لي إسحاق: أنبأ عبد الصمد ثنا شعبة عن عمرو سمع الزبرقان سمع عروة عن زيد بن ثابت، وعن أبي داود عن ابن أبي ذئب عن زبرقان عن زهرة كنّا عند زيد فقال: هي الظهر- يعني الصلاة الوسطى- فأرسلوني إلى أسامة بن زيد فقال: حي الظهر. وقال هشيم: حدّثنا صدقة عن ابن أبي ذئب عن الزبرقان بن عمرو بن أمية الضمري عن زيد بن ثابت وأسامة نحوه، وقال آدم: ثنا ابن أبي ذئب ثنا زبرقان الضمري نحوه وروى يحيى بن أبي بكير عن ابن أبي ذئب نحوه وفي الباب حديث أنس بن مالك أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أن رجلًا لو دعى النّاس إلى عرق أو مرماتين لأجابوه، وهم يدعون هذه الصلاة في جماعة، فلا يأتوها، لقد هممت أن آمر رجلًا يصلى بالناس في جماعة فأضرمها عليهم نارًا، فإنه لا يختلف عنها إلا منافق " (1) . قال أبو القاسم في الأوسط: ورواه عن إبراهيم بن حاتم ثنا جويرة بن أشرس ثنا حماد عن ثابت عنه ولم يرو هذا الحديث عن ثابت إلا حماد بن سلمة، وحديث أبي الدرداء من عند أبي داود مرفوعًا: " ما من ثلاثة في قرية ولا بدو ولا تقام فيهم الصلاة، إلا استحوذ/عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " (2) . وحديث ابن عمر يرفعه: " الجماعة على من سمع الأذان " (3) . ذكره ابن عدي من حديث محمد بن سعيد المصلوب، وهو متروك، وفي كتاب البيهقي من حديث أبي إسحاق عن الحرب عن علي: " من سمع النداء من جيران المسجد وهو صحيح من غير عذر فلم يجب، فلا صلاة له " (4) . قال البيهقي: وقد روى

_ (1) صحيح. الكنز (20369) ، والعلل (529) ، وأحمد (2/537) ، والمجمع (2/43) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، ورجاله موثقون. (2) حسن. رواه أبو داود (ح/547) ،. قال زائدة: قال السائب: يعني بالجماعة: الصلاة في الجماعة. والنسائي (2 لم 106) ، وشرح السنة (3 لم 347) ، والمنثور (6 لم 186) ، والترغيب (ا / 272) ، والمشكاة (1067) . (3) بنحوه. رواه الدارقطني: (2 / 6) ،. (4) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح / 793) ، والطبراني (11 / 446) ، ونصب الراية (2 / 23) ،-

من وجه آخر مرفوعًا وهو ضعيف، وحديث أبي موسى قال- عليه السلام-: " من سمع النداء فلم يجب من غير عذر، فلا صلاة له " (1) . رواه أبو نعيم عن يحيى بن عبد الحميد ثنا قيس عن أبي حصين عن أبي بردة عنه خرجه الحاكم (2) مصححًا له. وحديث عمر بن الخطاب وأبي بن كعب مرفوعا: " إن الله تعالى يتعجب من الصلاة في الجميع " (3) . ذكره ابن عدي، وضعفه بحماد بن قيراط وغيره. وحديث حارثة بن النعمان من عند الكشي من طريق مولى عفرة يرفعه: " يخرج الرجل في عتمة فلا يشهد الصلاة حتى يطبع على قلبه " (4) ، وذكر حديثَا طويلا. وحديث أبي زرارة الأنصاري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من سمع النداء ثلاثَا فلم يجب كتب من المنافقين " (5) . ذكره أبو يعلى عن أبي خيثمة ثنا يحيى بن إسحاق ثنا أبان عن يحيى بن أبي ذئب عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عنه، وحديث أبي الزبير عن جابر قال عليه السلام: " لولا شيء لأمر رجلَا يصلى بالنّاس لحرقت بيوتا على ما فيها " (6) . ذكره أبو جعفر الطحاوي في شرح المشكل. وحديث أبي هريرة يرفعه: " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر " (7) . ذكره الحافظ أبو أحمد في كامله / من حديث سليمان بن داود قال: وليس بشيء عن يحيى بن أبي كثير عن أبي مسلمة عنه، قال أبو سليمان الخطابي: قوله:

_ والكنز (20993) ، والإرواء (2 / 337) . (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2 / 42) ، وعزاه إلى الطبراني فما " الكبير "، وفيه بن الربيع وثقة شعبة وسفيان الثوري وضعفه جماعة. (2) صحيح. رواه الحاكم: (1/245) ،. وصححه. (3) ضعيف. وعلته حماد بن قيراط النيسابوري المذكور في سنده، وهاه ابن حبان. (المغني في الضعفاء: 1 / 190 / 1723) ،. (4) لم نقف عليه. (5) بنحوه. أورده الهيثمي في: " مجمع الزوائد " (2/43) ،. (6) شرح معاني الآثار: (1 لم 169) ،. (7) تقدم. وراجع طرقه في: " الارواء " (2 / 337) ،.

" بلا ومنى " هكذا يروى في الحديث والصواب: " لا يلائمني " أي: لا يوافقني ولا يساعدني على حضور الجماعة، قال أبو ذؤيب: أبا الحسك لا يلائم مضجعا ... إلا أقص عليك ذاك المضجع فأمّا الملاومة فإنها مفاعلة من اللوم وليس هذا موضعه قال الله تعالى. (فأقبل بعضهم ملى بعض يتلاومون) (1) . وقال أبو موسى: أصله الهمز لا يلائمني، وقال السكري: يلائم يوافق وبلا رق يقال التأم الجرح، ويقال: التأم أمر بنى فلان، قال الحطيئة: وهم جبروني بعد فقر وغيره كما لأم العظم الكسير جبائر وفي الصحاح: لا يقال: يلائمني. والرخصة والرخصة لغتان حكاهما ابن سيده في معجمه، فال: رخّص له في الأمر أذن له فيه بعد النهي عنه، ولما شرح كتاب الإصلاح لأبي يوسف بن السكيت حكى عن صاحب العين: الرخصة: ترخيص الله للعباد أي: لتسهيله في أشياء خفَّقها عليهم يقول: رخصت له في كذا، أي أذنت له فيه بعد تهيي إيّاه عنه، قال: والودع الترك، وقد ودعه وادعة، وقال شمر: زعمت الغوية أنّ العرب أماتوا مصدر وماضيه، قال الهروي: والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفصح، قال أبو محمد ابن حزم: ولا يجزئ صلاة فرض أحدا من الرجال إذا كان بحيث يسمع الأذان أن يصليها إّلا في المسجد مع الإمام، فإن لعمّد ترك ذلك بلا عذر بطلت صلواته، وإن كان بحيث لا يسمع الأذان فعرض عليه أن يصلى في جماعة مع واحد فصاعد / ولابد فإن لم يفعل فلا صلاة له، إّلا أن لا يجد أحدا يصليها معه فتجزئه حينئذ إّلا من له عذر. وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم عن أبي موسى. " من سمع النداء فلم يجب فارغا صحيحا فلا صلاة له) (2) . وعن ابن مسعود أنه كان يقول: جار المسجد إذا سمع وليس له علة، ثم لم يجب فلا صلاة له، وعن عائشة. من سمع المنادي ثم لم يجبه، فلم يرد خيرا أو لم يرد به، وفي كتاب ابن

_ (1) سورة القلم آية: 30. (2) رواه البيهقي (3/174) ، والترغيب (1/278) ، وتلخيص (2/30) ، والكنز (20539) ، والخفاء (2/59) ، والمجمع (1/333) ،.

زنجوية عن معاذ: لإِن أصلّي في جماعة أحبّ إلي من أن أصلّي الدّهر وحدي، وذكر صاحب التحفة الحنفي عن محمد بن الحسن: الجماعة واجبة، وقد سمّاها بعض أصحابنا سنة مؤكّدة؛ وهما سواء، وفي المقيد: هي واجبة، وتسميتها سنة لوجوبها بالسنة، وفي البدائع: يجب على الرجال البالغين، العقلاء، الأحرار، القادرين عليها من غير حرج فإذا فاتته لا يجب عليه الطلب في مسجد آخر بلا خلاف بين أصحابنا؛ لكن إن أتى مسجدًا يرجو أدراكها فيه فحسن، وإن صلّى في مسجد حيّه فحسن، وذكر سرف الأئمة إن تركها بغير عذر يوجب التعذير ويأثم الجيران بسكوتهم عنه، زاد شمس الأئمة السرخسي ولا تقبل شهادته وإنّ اشتغل بتكرار اللغة، حتى فاتته لا بعذر وبتكرار الفقه ومطالعة كتبه بعذر، ولا أكثر أنها سنة مؤكدة ولو تركها أهل ناحية أثموا ووجب قتالهم بالسلاح وفي شرح خواهر زاده: هي سنة مؤكدة غاية التأكيد، وقيل: فرض كفاية، وبه قال الطحاوي والكرخي وغيرهما، وقال الإِمام أحمد: هي واجبة وليست بشرط، وفي كتاب الجواهر عن مالك: هي سنة مؤكّدة وليست بواجبة إّلا في الجمعة، وحكى القاضيان أبو الوليد وأبو بكر عن بعض شيوخهم أنّها فرض/كفاية، وحكى الإِمام الشافعي في كتاب الأم أنها فرض كفاية، وحكى الرافعي أنها فرض عين ليست شرطًا لصحّة الفرض، وبه قال ابن خزيمة وأبو بكر بن المنذر، قال النووي رحمه الله: وقيل أنه قول الشّافعي، وهو الصحيح من قول أحمد، وقول الآخر: لا تصح الصلاة بتركها فإن ذكر حديث: يفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذّ، وصيغة " أفضل " تقتضى الاشتراك في الفضل وترجيح أحد الجانبين، ومالا يصح فلا فضل فيه ولا يجوز أن يقال: قد يستعمل بمعنى الفاضل لما عرف في كتب النحو أن ذلك على سبيل البذور عند الإطلاق لا عند التفاضل بزيادة عدد، ويؤيّده ما في بعض طرقه: " يزيد أو يضاعف على صلاته وحده " فإنّ ذلك محمول على صلاة المعذور الفذّ؛ لأنه ذكر الفذّ بالألف واللام المفيدة للعموم، فيدخل تحته كل فذّ من معذور وغيرها يؤيّده قوله: " أو في سوقه "؛ إذ العليل لا يكون في السوق غالبا، وعلى تقدير ذلك فصلاة المعذور أجرها كصلاة الصحيح قال عليه السلام: " إذا كان العبد يعمل عملًا ثم مرض أمر

اللًه ملائكته أن تكتب له أجر عمله " (1) في ذكر البخاري: أجيب بأن المفاضلة لا تمنع أن تقع في الواجبات أنفسها؛ أي أنّ صلاة الجماعة في حق من فرضه صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد في من سقط عنه وجوب صلاة الجماعة لكان العذر بتلك الدرجات المذكورة، وهذا الجواب سبق ردّه ولله الحمد، وزعم المهلب أن التحريق أريد به المنافقين، وإليهم يوجّه الوعيد محتجا بقوله: " لو يعلم أحدهم أنّه يجد عرقًا، قال. وليس هذا من صفات المؤمن، وبنحوه/قاله البيهقي عن الشافعي. رأى ذلك ابق حزم وابن بطال، واستدل بعضهم به على أنّ الجماعة ليست فرض عين، ولو كانت فرضًا لما تركهم، وزعم بعضهم أنّ هذا كان أوّل الإِسلام حيث كانت العقوبة في المال، وأجمع العلماء على نفي عقوبة التحريق في غير المتخلف عن الصلاة والعمال في العتيمة جواز، وبه أخد أهل الجرائم على أنّ فيه دليل على أنّ تارك الصلاة متهاونًا، يقتل على قول من يقول: إنَّ الخطاب للمؤمن، وأمّا حديث ابن أم مكتوم فزعم بعضهم أنه مؤذنا ومستخلفَا على غير ما عزوه، ولأنه رخّص لغيره ولم يرخّص له؛ قلنا قد تأوّله أبو بكر بن خزيمة والحاكم والبيهقي وأبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو سليمان- رحمهم الله تعالى- على أنه لا رخصة لك إن طلبت فضل الجماعة وإنك لا تحوز أجرها مع التخلف عنها بحال، وقال ابن المنذر: يحتمل أنه كان في الجمعة لا في الجماعة، وقيل: كان ذلك أول الإسلام حين أتى غيب في الجماعة وسد الباب على المنافقين في ترك حضورها، وقيل: لعلّه كان بمن يتصرف في أمر دنياه دون قائد ككثير من العميان. انتهى. أمّا قوله في الجمعة فغير ذلك؛ لأن من قدر على الجماعة (2) بطريق الأولى، وأما قوله: لعله ممن كان يتصرف في أمر دنياه فكذلك أيضًا؛ لأنّ من استطاع المجيء في الليل قبل الناس ليؤذِّن دليل على كثرة تصرفه، والذي يظهر من هذا أنه رجل من المهاجرين الفقراء الذين لم يألفوا المدينة ولا أملتها فيوهم أن ذلك يكون عذرًا له في التخلّف عن

_ (1) حسن. رواه أبو داود: (ح/3091) ،. (2) اضطراب في سياق المتن.

الجماعة، فلما استقر قراره وألِف أمكنتها صار متصرفا بنفسه ومؤذنَا لا/ يحتاج إلى تأيد ولا غيره، وأمّا ترخصيه لعتبان فظاهره أنّه بعد هذا وأنّ له أعذار منها السمن المفرط والسيل والريح الذي قال بنحوه ابن أم مكتوم غير ملتبس ما- والله تعالى أعلم- وفي المشكل للطحاوي: اختلف أهل العلم؛ فقالت طائفة منهم بوجوب حضور الجماعة على الضرير كوجوبها على الصحيح، وجعلوه لمن لا يعرف الطريق فلم يعذر بجميل، وعذره آخرون، وقد روى القولان جميعَا عن أبي حنيفة؛ غير أنّ الصحيح عندنا عنه هو وجوب حضورها عليه وإلى ذلك كان يذهب محمد، ولا يحكى فيه خلافَا بينه وبين أحد من أصحابه. ***

135- باب صلاة العشاء والفجر في جماعة

135- باب صلاة العشاء والفجر في جماعة حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا الأوزاعي ثنا يحيى بن أبي كثير حدثتني عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم الناس ما في صلاة العشاء، وصلاة الفجر، لأتوهما ولو حبواً " (1) . هذا حديث إسناده صحيح على شرط الشيخين، وإن كان ابن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم المتخلفون ... " الحديث، قال أبي: ورواه أبان وشيبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن عيسى عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال أبو زرعة: أشبه عندي عن نحيس، وأخاف أنّ عيسى إنما صحّف فيه وأراد نحيس يكتب لأبي زرعة أنّ مسلم ابن إبراهيم روى/عن أبان عن يحيى عن محمد عن عيسى قال: أخاف أن يكون غلط مسلم ثنا أبو مسلمة عن أبان عن يحيى عن محمد عن نحيس وهذا أصح من حديث مسلم. انتهى. إذا سلم لم يقوله فغير ضار؛ لأنّ نحيس بن أبي موسى المدني الداخل بيتهما يخرج مسلم حديثه في صحيحه فلا ضرر في دخوله وإبداله بعيسى لكونهما تعيين، فأمّا ما كان صحّ نفاه الحديث لكنّه يتعرضه علّة أخرى؛ وهي ما ذكره أبو زرعة الدمشقي في تاريخه عن الأوزاعي، قال: رفع أبو يحيى بن أبي كثير صحيفة وقال: أروها عني بنظر. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا " (2) . هذا حديث

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/796) ، والمنثور (1/299) ، والكنز (19470) ، والخطيب (3/ 101) ، والخفاء (2/246) ،. وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه مسلم (ص 451) ، وأحمد (2/466، 472، 531، 5/140) ، والبيهقي (3/55) ، والحاوي (1/179) ، وعبد الرزاق (2004) ، وابن خزيمة (1476، 1484) ، والترغيب (1/276) ، وشرح السنة (3/343، 346) ، الخطيب (03/7،13/25) ، والكنز (19493، 19494) ، وابن عساكر في " التاريخ " (2/333) ، والجوامع (6078، 6079) ، وابن أبي شيبة (1/332) .

خرجاه في صحيحه. حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أنه كان يقول: " من صلى في مسجد جماعة أربعين ليلة، لا تفونه الركعة الأولى من صلاة العشاء، كتب الله له عتقًا من النّار " (1) . هذا حديث في سنده ضعف؛ لمكان ابن عياش؛ ولأن شيخه هنا ليس ثابتَا، ومن طريقه رواه سعيد بن منصور، وفي سننه قال أيضَا: غير أنّ النسخة التي عندنا الظهر، وفي كتاب العلل لأبي الحسن: " من صلى في مسجدي جماعة أربعين يومًا لا تفوته الركعة الأولى من صلاة الصبح " (2) . قال أبو الحسن وعمارة: لا يعلم له متابعًا من أنس، وتابع ابن عياش محمد بن إسحاق، ورواه يحيى بن أيوب عن عمارة عن رجل عن/أنس، وفي الأوسط من حديث الحكم بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي الرجال عن نبيط بن عمر عن أنس بلفظ: " من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتب له براءة من النار ونجاة من العذاب " (3) . وقال: لم يروه عن أنس إلا نبيط. تفرد به ابن أبي الرجال. انتهى كلامه. وفيه نظر إن أراد أصل الحديث؛ لما ذكرناه ولما يأتي بعد، وإن أراد أصل الحديث اللفظ فقريب وفي كتاب المروزي: ألقيت على أبي عبد الله يعلى عن سفيان عن عاصم عن أنس

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/798) ،. في الزوائد: فيه إرسال وضعف. قال الترمذي والدارقطني: لم يدرك عمارة أنسا ولم يلقه، وإسماعيل كان يدلس. والترغيب (1/363) ، وإتحاف (3/16) ، والكنز (19471، 278.2) ، وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/798) ، قلت: والحديث " حسن ". دون قوله: " لا تفوته الركعة الأولى من العشاء ": الصحيحة (ح/262) ، شلشلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة تحت (ح/364) . (2) ضعيف. رواه أحمد (3/155) ، والطبراني في " المعجم الأوسط " (1 / 125 /2) ، من " زوائد المعجمين " من طريق عبد الرحمن بن أبي الرجال عن نبيط. ونبيط هذا لا يعرف إلا في هذا الحديث، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " على قاعدته في توثيق المجهولين. وضعفه الشيخ للألباني. (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/8) ، وعزاه لدى أحمد والطبراني في " الأوسط "، ورجاله ثقات. انظر: مسند أحمد (3/155) ، والطبراني في " الأوسط " (2/1/125) ،. راجع كلامنا عن نبيط في الحاشية السابقة.

مرفوعا: " من صلى أربعين صلاة مكتوبة يدرك التكبيرة الأولى مع الإمام كتب له براءة من الشرك وبراءة من النار " (1) ، فأنكره وقال هذا من قبل يعلى، ما أكثر ما كان يغلظ على سفيان، ولما ذكره الحافظ أبو سعيد محمد بن علي بن مهدي النّعاس في كتاب الموضوعات من حديث إسحاق بن يزيد القرشي عن سفيان عن خالد بن عمير عن أنس بلفظ. " من لم تفته الركعة الأولى من صلاة الغداة أربعين ليلة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة "، قال: إسحاق بن يزيد مجهول لا أدري أهو رفعه أم غيره، وزعم الدارقطني أن أبا العلاء خالد بن طهمان الكوفي رواه عن حبيب بن أبي عميرة الإسكافْي عن أنس، واختلف عن أبي العلاء؛ فقيل: عنه عن حبيب بن أبي ثابت ومن قال ذلك عنه فقد وهم. كذا قاله قيس بن الربيع وعطاء بن مسلم وهما في نسب حبيب، وفي سؤالات عبد الله: سألت أبي عن حديث حدّثنا خلف بن هشام البزار، ثنا عيسى بن ميمون عن عون بن أبي شدّاد عن أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال: سمعت النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- يقول: " من غدا إلى صلاة/الصبح أعطى ربع الإيمان ... " (2) . الحديث، فقال: هذا حديث منكر، وفي كتاب ابن زنجوية: ثنا الخضر بن محمد حدثني هشيم أنبأ بشر حدثنى أبو عمير بن أنس قال: حدثنى عمومة لي من الأنصار من أصحاب النبي- صلى الله عليه وآله وسلّم- أن رسول الله صلى اللَه عليه وسلم- كان يقول: " ما شاهدهما منافق " يعني: العشاء والفجر، وقْي صحيح مسلم عن جندب يرفعه: " من صلى الصبح فهو في ذمة اللَّه " (3) . فانظر يا ابن آدم لا يطالبنك اللَّه عن ذمة بشيء، وفي كتاب السنن للبيهقي عن عبد الرحمن بن حرملة أن رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- قال:

_ (1) موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/136) ،. وقال: إسحاق مجهول وقد اتهموه بوضعه. (2) منكر. رواه الطبراني (6/314) ، والكنز (19300، 19313) ، والمشكاة (640) ، والترغيب (1/270) . (3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/261) ، والترغيب (1/240) ، وأبو عوانة (2/ 11) ، والحلية (3/96) ، والطبراني (2/169) .

" بيننا وبن المنافقين شهود العشاء والصبح، لا يستطيعونها " (1) ، وعن ابن عمر قال: " كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء والفجر أسأنا به الظن " (2) ، وعن عائشة قالت: قال رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه وآله وسلم-: " لو يعلم الناس ما في شهود العتمة ليلة الأربعاء لأتوها ولو حبوا " (3) . رواه في الأوسط، وقال: لم يروه عن هشام إلا زكريا بن منظور. تفرد به عتيق بن يعقوب الزبيري، وعن أبي الدرداء مرفوعًا: " من استطاع منكم ليشهد الصلاتين العشاء والصبح ولو حبوا فليفعل " (4) . رواه أبو القاسم في الكبير من حديث رجل من النخع عنه. ***

_ (1) مرسل. رواه البيهقي (3/59) ، والتجريد (324) ، والموطأ (130) . قال في التمهيد: هذا الحديث مرسل في الموطأ. لا يحفظ عن النبي- صلى الله عليه وسلَم- مسندا. ومعناه محفوظ من وجوه ثابتة، والشافعي (52) ، والكنز (360، 868) ، والقرطبي (1/349) . (2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/40) ، وعزا هـ إلى " البزار "، ورجاله ثقات. (3) ضيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/40) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه زكريا بن منظور، وهو ضعيف. (4) ضعيف. للترغيب (1/269) ، والمنثور (1/299) ، والمجمع (2 / 40) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وللرجل الذي من النخع لم أجد من ذكره وسماه جابرا.

136- (باب لزوم الجماعة وانتظار الصلاة)

136- (باب لزوم الجماعة وانتظار الصلاة) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه- صلّى اللَه عليه وآله وسلّم-: " إن أحدكم إذا دخل المسجد، كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، والملائكة تصلي على أحدكم/ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم تب عليه، ما لم يحدث فيه ما لم يؤذ فيه " (1) . هذا حديث اتفقا على تخريجه، وفي لفظ لمسلم: " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط، فذلكم الرباط " (2) . وفي لفظ: " لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، حتى ينصرف أو يحدث " (3) . وفي لفظ للسراج: " ما لم يحدث أو يخرج من المسجد ". وفي لفظ: " من انتظر صلاة فهو في صلاة حتى يصليها " (4) . حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شبابة بن أبي ذئب عن المقبري عن سعيد ابن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال:

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/799) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/41) ، والترمذي (ح/51) ، والبيهقي (3/62) ، وابن حبان (161) ، وابن خزيمة (5) ، وإتحاف (2/374، 10/23) ، والكنز (43323، 43324) ، والمشكاة (282) ، والمجمع (2/37) ، والمنثور (2/114) ، وموضح (1/ 224، 225) ، والطبراني (4/148) ، والقرطبي (4/323) ، وابن كثير (2/170، 171) ، والترغيب (1/158، 283) ، والحلية (8/248) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/55) ، ومسلم في (المساجد: باب " 49 " رقم " 274 ") ، وأبو داود في (الصلاة: باب، " 20 ") ، وابن خزيمة (360) ، وأحمد (2/ 415، 3/95، 5/453) ، والترغيب (1/181) ، وابن سعد (6/121) ، وأبو عوانة (2/ 23) ، الخطيب في " تاريخه " (9/431) . (4) صحيح. رواه ابن أبي شيبة (02/41) ، وابن حبان (423) ، وإتحاف (3/282) ، والكنز (9075، 19076) ، وأحمد (5/451) ، والمجمع (2/167) ، وعزاه إلى أحمد والبزار بنحوه، ورجالهما رجال الصحيح.

" ما يوظن رجل يسلم المساجد للصلاة والذكر، إلا يتبشبش اللَّه إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم " (1) . هذا حديث أخرجه أبو حاتم البستي في صحيحه عن عبيد الله بن محمد ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ عثمان ابن عمر ثنا ابن أبي ذئب وقال يزيد: نظر اللَّه إليه بالرأفة والمحبة لذلك الفعل "، وصححه أيضًا أبو محمد الإشبيلي وأخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده عن ابن أبي ذئب بلفظ: " لا يوظن عند المسجد للصلاة والذكر إلا يبشبش اللَّه به إذا خرج من أهله " (2) ، ولفظ أبي بكر بن أبي شيبة في مسنده: " ما يوظى رجل " بالياء كذا رأيته في غير ما نسخه، ورواه الحاكم (3) . في مستدركه عن عبدان، ثنا إبراهيم بن الحسين ثنا أدم بن أبي إياس ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن ابن يسار وقال: صحيح على/شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد خالف الليث بن سعد ابن أبي ذئب؛ فرواه عن المقبري عن سعيد بن يسار بلفظ: " لا يتوضأ فيحسن وضوءه ويسبغه " (4) . حدثنا أحمد بن سعيد الدارني ثنا النضر بن شميل ثنا حماد عن ثابت عن أبي أيوب عن عبد اللَه بن عمرو قال: " صلينا مع رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- المغرب فرجع من رجع، وعقبه من عقب، فجاء رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- مسرعا قد حفزه الناس وقد حسر عن ركبتيه فقال: " أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهى بكم الملائكة يقول: انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم ينتظرون أخرى " (5) . هذا حديث إسناده صحيح على رسم الصحابة. حدثنا أبو كريب ثنا رشدين بن سعد عن عمرو بن الحرث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: " إذا رأيتم الرجل يعتاد

_ (1) فصحيح. رواه ابن حبان: (309) . (2) صحيح. رواه ابن خزيمة: (1503) (3) صحيح. رواه الحاكم: (1/213) . وصححه. (4) صحيح. رواه أحمد (2/340) ، وابن خزيمة (1491) ، والترغيب (1/208) . (5) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/801) ، في الزوائد: هذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات. والترغيب (1/282) ، والكنز (18966) ، والصحيحة (661) .

المساجد، فاشهدوا له بالإيمان، قال الله عز وجل: (إنما يعمر مساجد الله ... ) الآية " (1) . هذا حديث ضعيف الإسناد برواية رشدين المذكور، وقيل: وبه رواه أبو أحمد ابن عدي لما ذكره في كامله، ورواه البغوي في مسنده بسند ضعيف أخرج به رشدين بن سعد منه، وأخرجه أبو يعلي الموصلي في مسنده عن أبي خيثمة ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن مطرف بن عبد الله أن يوفَا وعبيد الله بن عمرو ذكر كلمة سقط فقال يوف: " أجد في التوراة: لو أن السموات والأرض وما فيهن وما معهن/ في كفة الميزان ووضعت لا إله إلا الله في كفة أخرى لرجحت من، ولو أن السموات والأرضين السبع وما فيهن كن في طبق من حديد، وقال عبد: لا إله إلا الله فيهن حتى يصير إلى اللَّه تعالى ". فقال ابن عمرو: أنا أحدّثك عن النبي- عليه السلام-: صلينا معه ذات ليلة المغرب، فرجع من رجع وعقب من عقب، قبل أن يؤوب الناس لصلاة العشاء الأخرة، وقد حضره النعس، وقد عقد تسعَا وعشرين وأشار بأصبعه السبابة إلى السماء وهو يقول: " أبشروا يا معشر المسلمين، هذا ربكم فتح بابا من أبواب السماء، يباهي بكم الملائكة، يقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي هؤلاء " (2) ، الحديث. ولفظ الطبراني في الأوسط وخرجه من حديث ابن لهيعة عن دراج قال عليه السلام: " من ألف المسجد ألفه اللَّه تعالى " (3) ، وقال: لم يروهـ عن دراج إلّا ابن لهيعة. تفرد به عمرو بن خالد الحراني. وخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن مسعود عن محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن ابن لهيعة عن دراج به. ورواه الترمذي عن محمد بن يحيى بن أبي عمر عن ابن وهب عن عمرو بن الحرث عن دراج، وقال: حديث حسن غريب. كذا قاله، والمعهود منه تصحيح هذا الإسناد؛ فإنّه لما ذكر حديث وهم فيها كاسحون من حديث

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/802) ، وضعيف ابن ماجة (ح/172) ، والمشكاة (723) ، والضعيفة (505) ، والتعليق الرغيب (1/131- 132) . (2) المصدر السابق. (3) ضعيف. المجمع (2/23) ، والمنثور (3/217) ، وإتحاف (3/28) ، وابن عدي في " الكامل " (6/368) ،. قلت: وعلته ابن لهيعة.

سويد بن المبارك عن سعيد بن يزيد عن دراج عن أبي الهيثم قال: حسن صحيح غريب. وممن يصحح هذا السند ابن معين وابن خزيمة، وأمّا ابن خزيمة فإنه خرجه في صحيحه عن عبد الله بن محمد بن سالم ثنا حرملة بن يحيى عن ابن وهب، وخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي العباس محمد بن يعقوب/ثنا بحر بن نصر عن علي بن وهب أخبرك عمرو به وفال: هذه ترجمة المصريين، لم يختلفوا في صحتها، وصدقوا في روايتها؛ غير أن شيخي الصحيح لم يخرّجاه، وقد سمعت القول في صحته فيما بعد. ولفظ الإمام أحمد وخرجه عن شريح أنبأ ابن وهب عن عمرو: " فاشهدوا عليه الإيمان ". وفي الباب حديث أنس من عند البخاري: " أقبل النبي- عليه السلام- بوجهه بعدما صلى فقال: " لم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها " (1) . وعند البيهقي من حديث صالح المزي عن ثابت عن أنس مرفوعَا: " إنّ عمار بيوت اللَّه هم أهل اللَّه " (2) . وحديث طارق بن شهاب يرفعه: " وأما الكفارات فإسباغ الوضوء في السيرات، ونقل الأقدام إلى الجمعات، وانتظار الصلاة بعد الصلوات ". رواه في الأوسط، وقال: لم يروه عن أبي سعد النقال- يعني عن قيس بن مسلم- عنه إلّا القاسم بن مالك المزي. تفرد به. فرواه ابن أبي المعراء. وحديث أبي موسى مرفوعَا من عند مسلم: " والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام في جماعة أعظم أجرَا من الذي يصليها ثم ينام " (3) . وحديث علي- بن أبي طالب قال- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم-: " إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/168) ، ومسلم في (المساجد، باب " 39 "، ح/22) ، والبيهقي (2/188) ، وابن سعد (1/2/162) . (2) ضعيف. رواه البيهقي (3/66) ، والترغيب (1/219) ، والمنثور (3/216) ، والكنز (11792، 20742) ، والمجمع (2/23) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" أبو يعلى " و" البزار "، وفيه صالح المزي، وهو ضعيف. (3) لم نقف عليه.

الصلاة تغسل الخطايا غسلَا " (1) . رواه ابن زنجويه من حديث الحرث بن عبد الرحمن بن أبي ذئب عن أبي العباس عن ابن المسيب عنه، وقال الدارقطني: ورواه عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن ابن المسيب فأسنده عن أبي سعيد الخدري، وكلاهما ضعيفان، وقال البزار: هكذا رواه صفوان عن الحرث عن أبي العباس عن سعيد، وقال أنس بن عياض وغيره / عن الحرث عن أبي العباس عن سعيد، وأبو العباس مجهول. وحديث عبد اللَّه بن حبيب: حدّثنى من سمع النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: " لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر له اللهم أرحمه " (2) . رواه ابن زنجوية بسند صحيح من حديث ابن السائب عنه، وحديث عبد الله بن عمر مرفوعَا من جملة حديث طويل: " فأمّا الكفّارات فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السيرات ونقل الأقدام إلى الجمعات ". قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن سعيد بن جبير إلّا عطاء بن دينار، ولا عن عطاء الّا ابن لهيعة. تفرد به الوليد بن عبد الواحد التميمي، ولا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد. وحديث المنكدر قال: " أَخر النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- صلاة العشاء الأخرة هنيهة ثم خرج علينا فقال: " ما تنتظرون " قالوا: الصلاة، قال: " أما إنكم لن تزالوا فيها ما

_ (1) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح/776) ،. في الزوائد: حديث أبي سعيد رواه ابن خزيمة وابن حيان في صحيحه. وله شاهد في صحيح مسلم وغيره. والكنز (44262) ، وابن المبارك في " الزهد " (138) . وبلفظة: أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/36) ،. وعزاه إلى أبي يعلى والبزار، ورجاله رجال الصحيح. وزاد البزر في أؤله: " ألا أدلكم على ما يكفر به الخطايا ". وزاد في أحد طريقيه رجلا وهو أبو العباس غير مسمى، وقال إنه مجهول، قلت: " أبو العباس بالياء المثناة آخر الحروف والسين المهملة ". (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/274) ، وأبو داود (ح/471) ، وأحمد (2/ 415، 9513، 5/453) ، والترغيب (1/181) ، وابن سعد في " الطبقات " (6/121) ، وأبو عوانة (2/23) ، الخطيب في " التاريخ " (9/431) .

انتظرتموها " (1) . رواه أبو القاسم في الصغير من حديث القاسم بن الحكم العدني عن عبد الله بن عمرو بن مرّة عن محمد بن سودة عن محمد بن المنكدر عنه، وقال: لم يروه عن ابن سودة إلا عبد الله بن عمرو وتفرد به القاسم بن الحكم، وحديث قوله " ابنه " فهذا زوج حمزة بن عبد المطلب، قال- عليه السلام-: " ألا أنبئكم بكفارات الخطايا "؟ فقلت: بلى، قال: " إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة " (2) . ذكر المديني في كتاب الصحابة من حديث ابن لهيعة عن بكبر بن الأشج عن الضحاك بن عبد الله القرشي عن محمود بن لبيد عنها. وفي كتاب الجامع لمعمر عن عطاء الخراساني رفع/الحديث أن للمساجد عمارا جلساؤهم الملائكة ليتفقدونهم فإن كانوا في حاجة أعانوهم، وإن مرضوا عادوهم، وإن غابوا افتقدوهم، وإن حضروا قالوا: ذكر الله تعالى ". وحديث عقبة بن عامر الجهني قال- صلّى الله عليه وآله وسلّم-: " القاعد في المسجد يرعى الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه " (3) . رواه البستي في صحيحه عن عبد الله ابن سلم ثنا حرملة،

_ (1) ضعيف. رواه الطبراني في " الصغير " (2/73) ، والكنز (1841، 21845) ، والمنثور (2/65) ، وابن أبي شيبة (02/41) ، والمعارف (1/175) . (2) رواه أحمد (2/301، 4303، 5/270) ، وابن ماجة (ح/270) ،. في الزوائد: حديث أبي سعيد رواه ابن حبان في صحيحه. وله شاهد في صحيح مسلم وغيره. وابن خزيمة (5) ، وابن كثير (2/170) ، والبغوي (1/472) ، والمجمع (2/36) ، وعزاه إلى الطبراني والبزار بنحوه، وشيخ البزار خالد بن يوسف السمتي عن أبيه، وهما ضعيفان، وإسحاق لم يدرك عبادة. (3) رواه ابن حبان (418) ، والكنز (18936) ، والترغيب (1/287) ، والجمع (2 / 29) ، وعزاه إلى أحمد وأبو يعلى والطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، وفي بعض طرقه ابن لهيعة، وبعضها صحيح، وصححه الحاكم.

وفي لفظ: " إذا تطهر الرجل ثم أتى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه- أو كاتباه- بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات " (1) . وقال الطبراني في الأوسط: لا يروى عن عقبة إلا بهذا الإسناد. تفرد به عمرو بن الحرث؛ رواه عن رعية ثنا ابن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عنه، وفيه لما أسلفناه، ولما في كتاب الثواب لأدم ثنا عياش ثنا ابن وهب، وحديث ابن مسعود يرفعه: " من أتى السجد ينتظر الصلاة، فهو في صلاة ما لم يحدث " (2) . خرجه أبو نعيم الحافظ في كتاب المساجد من حديث أبي إسحاق عن عمرو بن عبد الله الحضرمي عنه، وقال أبو حاتم في العلل: الصحيح عندي عن عمرو، قوله: وعجب ممن أدخل فيه عبد الله، وحديث سهل بن سعد يرفعه: " من كان في مسجد ينتظر الصلاة فهو في الصلاة " (3) . رواه أبو القاسم محمد بن إسحاق السراج في مسنده عن قتيبة وابن حبان عن أبي الحنفية عن قتيبة عنه. حدثنا بكر بن مضر عن عباس بن عقبة أن يحيى بن ميمون حدّثه عنه، وحديث عبد الله بن سلام يرفعه: " من جلس مجلسَا ينتظر الصلاة، فهو في صلاة حتى يصلى " (4) . رواه مسلم. وحديث عثمان / بن مظعون قال: سألت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- فقلت: إنّى أردت أن أترهب، قال: " لا تفعل فإن ترهب أمتي القعود في المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة " (5) . ذكره أبو سعيد النقال في كتابه وقال: لا أعرف في إسناده واحدَا منهم، وحديث أبي سعيد مرفوعَا: " ألا أدلكم على شيء يكفر الخطايا، ويزيد في الحسنات: إسباغ الوضوء عنى

_ (1) المجمع مصدر سابق، وعزاه إلى أحمد وأبو يعلما والطبراني في " للكبير " و" الأوسط "، وفي بعض طرفه ابن لهيعة، وبعضها صحيح، وصححه الحاكم. (2) ضعيف. رواه الطبراني: (1/2730) ،.-: (3) صحيح. رواه النسائي (2/56) ، والطبراني (6/250) ، والكنز (20228، 20735) ، وابن حبان (424) . (4) صحيح. رواه أبو داود في (الجمعة، باب " ا ") ، والترمذي (ح/491) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والبيهقي (3/251) ، وإتحاف (3/282) ، والكنز (425) ، والموطأ (109) . (5) تقدم ص 1347.

المكاره ... " (1) . الحديث، قال عبد الله عن أبيه في كتاب العلل: هذا باطل، يعني من حديث عبد اللَّه عن أبيه من حديث عبد الله بن أبي بكر عن ابن المسيب عنه إنما هو من حديث عقيل، وأنكره أيضَا أشد الإنكار وقال: ليس بشيء- يعني ابن عقيل- وقال ابن سيده: البش: اللطف في المسألة والإقبال على الرجل، وقيل: هو أن يضحك إليه ويلقاه لقاءَ جميلَا، والمعنيان معربان، ورجل باش وبش، وقد بششت به بششَا وبشاشة قال: لا تقدم السائل منه وفرَا وقبله بشاشة وبشرَا وروى بيت ذى الرمة: ألم تعلمي أَنانبش إذا ذئب بأهلك مناطيه وحلول، بكسر الباء فأمّا أن يكون بششت مقبولة، وإمّا أن يكون مما جاء على فعل يفعل، والبشبش كالبشاشة قال رؤبة قارى ومسنده البشيش وبشمش به ويبشبش منكول من يبشبش، وقال أبو نصر: البشاشة: طلاقة الوجه، وقال يعقوب: لقيه فتبشبش به وأصلها يبشبش فأبدلوا من الشين الوسطى، فكما قالوا بحفحف، وقال الفراء: بش الرجل بصاحبه بشا وبشاشة إذا ضحك إليه واستبشر به ولقيه بأحسن أخلاقه، وبشّ الرجل يبش إذا مرق، والبشاشة النصرة ومنه قول الشاعر:/ ذهبت بشاشة وأصبح واضحَا ... برق المفارق كالبراء الأعفر وقال آخر: ورأت بأنّ الشيب جانبه البشاشة والبشارة، وقال ابن طريق، وابن العطويه: بششت باش أقبلت عليه وضحكت إليه، وكل هذا متعذّر في حقّ الباري- عز وجل- وقد أحسن الهروي إذ قال هذا مثل ضربه ليلتقيه أباه ببره وإكرامه وتقريبه، وقال ابن الأعرابي: البش فرح الصديق بالصديق، وقال ابن الأنباري: البشيش من الله الرضى، يقال: تبشبش فلان بفلان إذا وانته، وقال ابن بطال: معنى قوله، ما لم يحدث دليل على أنّ الحدث في المسجد خطيئة يحرم به استغفار الملائكة

_ (1) تقدم فما أكثر من موضع من هذا الباب انظر ص 1343.

ودعاؤهم له، قيل: ومن أراد أن يحط الله عنه ذنوبه فليلازم مصلاه بعد الصلاة ليستكثر من استغفارهم له، وشبه عليه السلام المنتظر للصلاة بالزائد. وقد فسّر أبو هريرة الحدث بأنه فساء أو ضراط، وذكر ابن حبيب النخعي عن عبد الله بن أبي أوفى أنّه قال: هو حدث الإثم، وكان أبو الدرداء وعلي ابن أبي طالب والنخعي وعطاء وسعيد بن جبير: يجوزون للمحدث الجلوس في المسجد وكرهه الحسن وابن المسيب، وقال الداودي: عن رواية التخفيف دل على جواز الحدث في المسجد، ومن رواه بالتشديد أراد الحدث بغير ذكر اللَّه تعالى، قال ابن التين: لم يذكر أحد التشديد وقد جاء حديث صححه الحاكم فظاهره بعارض الايطان، وهو نهيه- عليه السلام- عن إيطان المساجد كما يوطنه البعيد، وليس كذلك؛ لاعينه محمول على تحجير مكان/في المسجد أن يصلي غيره كما يفعله كثير ممن يدّعى الرياسة، وأمَّا من صلى في المسجد وأنبأ أي فرحه أو أي مكان صلى فيه فذاك هو التبشبش به، والله- سبحانه وتعالى- أعلم بالصواب. ***

137- باب إقامة الصلاة والسنة فيها افتتاح الصلاة

137- باب إقامة الصلاة والسنة فيها افتتاح الصلاة حدثنا علي بن محمد الطنافسي ثنا أبو أسامة حدثنى عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي يقول: " كان رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- إذا أقام إلى الصلاة، تقبل القبلة، ورفع يديه، وقال: اللَّه أكبر " (1) . هذا حديث أخرجه ابن ماجة في مواضع من كتاب الصلاة أتمها عن ابن بشار ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد قال: سمعه وهو في عشرة من أصحاب رسول الله- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- أحدهم أبو قتادة بن ربعي قال: " أنا أعلمكم بصلاة رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلّم- كان- عليه السلام- إذا قام في الصلاة اعتدل قائما، ورفع يديه حتى يحاذي هما متكبيه ثم قال: الله أكبر، وإذا أراد ان يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، وإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده رفع يديه اعتدل، فإذا أقام من الثنتين كبّر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة " (2) . ثنا ابن بشار أبو عامر ثنا فليح ثنا عباس بن سهل قال: اجتمع أبو حميد الساعدي وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن سلمة فذكروا صلاة رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- قال أبوْ حميد الساعدي:/وأبو أسيد وسهل بن سعد: " أنا أعلمكم بصلاة رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- أن النبي عليه السلام قام فكبّر، ورفع يديه، ثم رفع حين كبر للركوع، ثم قام فرفع يديه واستوى، حتى رجع كل عظم إلى موضعه " (3) . وأخرجه أبو حاتم البستي في صحيحه عن رواية عمرو بن علي عن يحيى

_ (1) الحاشية القادمة. (2) صحيح. رواه ابن ماجة مختصرا: (ح/803) . وصححه الشيخ الألباني. (3) المصدر السابق.

ابن سعيد عن عبد الحميد مطولَا، ورواه ابن خزيمة أيضَا من حديث سهل بن سعد وأبي حميد وأبي أسيد الساعدي، ومن حديث عبد الحميد، وفيه أبو قتادة وذكر ابن عساكر في كتاب كرسا المقبري حدّثني الشيخ أبو عبد الله طرخان بن ماضي المقبري الفقيه أنه رأى النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- في المنام، وشأنه عن حديث أبي حميد في كيفية الصلاة فقال: صدق أبو حميد، وأثنى عليه. ورواه أبو داود (1) من حديث عبد الحميد بلفظ: قال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- قالوا: فلم؟ فواللُّه ما كنت بأكثرنا له، ولا أقدم منَّا له صحبة، قال: بلى، قالوا: فأعرض، قال: كان إذا قام إلى الصلاة، برفع يديه حتى يحاذي هما منكبيه، ثم كبر حتى يقر كلّ عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ: ثم يكبّر فيرفع يديه حتى يحاذي هما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ثم يعتدل فلا يصيب رأسه ولا يقنع، ثم يرفع فيقول: سمع الله لمن حمده، ثم برفع يديه حتى يحاذي منكبيه معتدلَا ثم يقول: اللَّه أكبر، ثم يهوي إلى الأرض فيجافي يديه عن جنبيه ثم برفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها، ويفتح أصابع رجليه إذا سجد ثم يسجد ثم يقول: الله أكبر، ويرفع ويثني رجله اليسرى/فيقعد عليها حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثم إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي هما منكبيه كما كبّر عند افتتاح الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متورّكَا على شقّه الأيسر، قالوا: صدقت هكذا كان يصلي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- ". وفي حديث ابن لهيعة عن يزيد بن حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو العامري: " فإذا ركع أمكن كتفيه من ركبتيه وفرج بين أصابعه، ثم هصر ظهره غير مقنع رأسه ولا صافح فخذه، وقال وإذا قعد الركعتين قعد على بطن قدمه اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه اليسرى إلى الأرض

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/963) .

وأخرج قدميه من ناحية واحدة. وفي حديث ليث عن يزيد: " فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه القبلة ". وفي حديث عباس بن سهل: " ثم رفع رأسه- يعني من الركوع- فقال: سمع اللَّه لمن حمده، ربنا لك الحمد، ورفع يديه ثم قال: اللَّه أكبر، فسجد فانقلب على كفيه وركبتيه وصدور قدميه، وهو ساجد ثم كبّر فجلس فتورك ونصب قدمه الأخرى، ثم كبّر فسجد ثم كبّر، فقام ولم يتورك. قال: ثم جلس بعد الركعتين، حتى إذا هو أراد أن ينخفض للقيام قام بتكبيرة ثم ركع الركعتين الأخرتين، ولم يذكر التورك في التشهد "، وفي لفظ: " ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كانه قابض عليه وتريديه فيجافي عن جنبيه ووضع كفيه حذو منكبيه، ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته/ويحايد به عن جنبيه، ووضع يديه حذو منكبيه، ثم رفع رأسه حتى رجع كلّ عظم في موضعه حتى فرغ، ثم جلس فافترش رجله- يعني اليسرى- فأقبل بصدر اليمنى وكفّه اليسرى على ركبته اليسرى وأشار بإصبعه ". قال أبو داود: روى هذا الحديث عنه ابن أبي حكيم عن عبد الله بن عيسى عن العباس به سهل فلم يذكر التورك، وذكر حديث فليح، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح وعتبة قال: " إذا سجد فرَج بين فخديه عن حامل بطنه على شيء من فخذيه ". وزعم الدارقطني في كتاب الأفراد والغرائب أنّ زهير بن معاوية تفرد به عن الحسن، ولم أره إلّا عند أبي بدر شجاع بن الوليد، وهو في صحيح البخاري من حديث الليث عن خالد بن سعيد عن محمد بن عمرو عن عطاء ح، وحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن محمد ابن عمرو أنه كان جالسًا مع نفر من الصحابة فذكرنا صلاة رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- فقال أبو حميد بلفظ: " وأنه إذا كبّر جعل يديه حذو منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كلّ فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف رجله القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخرى قدّم رجله اليسرى، ونصب الأخرى وقعد على مقعديه ... " الحديث.

قال: وقال أبو صالح عن الليث: " فقار ظهره "، وقال ابن المبارك عن يحيى ابن أيوب أن محمدًا بن عمرو بن حلحلة قال: " كلّ فقار "، ولما ذكر ابن حبان في صحيحه حديث / سهل بن سعد عن أحمد بن يحيى، ثنا ابن بشار عن العقدي ثنا فليح بلفظ: " ثم عاد من الركعة الأخيرة، وكبر لذلك، ثم جلس بعد الركعتين حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام كبر، ثم ركع الركعتين الأخيرتين، فلمّا سلّم على يمينه: السلام عليكم ورحمة الله ". قال: سمع هذا الخبر محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد، وسمعه من عباس بن سهل عن أبيه، قيل: فالطريق أنّهما جميعًا محفوظان، ومتناهما متباينان، وقد يتوهّم المتبحر في صناعة الحديث أنّ خبر أبي حميد معلول وليس كذلك، وعاب ابن القطان على أبي محمد إيراده حديث محمد بن عمرو في عشرة من الصحابة فيهم أبو قتادة، وهذا يجب فيه التثبّت، فإن أبا قتادة توفي زمن علي بن أبي طالب، وهو صلى عليه، وكان قد قتل معه، وسنُّ محمد بن عمرو مقصرة عن إدراك ذلك، وقد قيل في وفاة أبي قتادة غير ذلك: من أنه توفي سنة أربع وخمسين، وليس ذلك بصحيح، بل هو الصحيح ما ذكرناه، وفيل: على سنة أربعين، وقد ذكر هذا الذي قلناه الطحاوي. قال: والذي زاده محمد بن عمرو غير معروف ولا متصل؛ لأن في حديثه أنه حصن أبا حميد وأبا قتادة، ووفاة أبي قتادة قبل ذلك بدهر طويل؛ لأنه قتل زمن علي فأين سن محمد من هذا، ويزيد هذا المعنى تأكيدا أن عطاف بن خالد روى هذا الحديث فقال: حدثنى محمد بن عمرو بن عطاء قال: حدثنى رجل انه وجد عشرة من الصحابة جلوسا فذكر نحو حديث أبي عاصم، وعطاف بن خالد أبو صفوان القرني مدتي ليس بدون عبد الحميد، وإن كان البخاري / حكى: أدن مالكًا لم يحمده، فإن ذلك لم يضره إذا لم يكن ذلك من مالك بأمر مفسد يجب لأجله ترك روايته، وقد اعترض مالكًا في ذلك الطبري بما ذكرناه من عدم تفسيره، وبأمر آخر لا نراه صوابًا؛ وهو أن قال: وحتى لو كان مالكًا قد فسّر لم يجب أن يترك تجريحه رواية عطاف حتى يكون معه فخرج أخر، وقال: وإنّما لم نر هذا صوابا لوجهين: أحدهما: أنّ هذا الحديث ليس بصحيح؛ بل إذا جرح واحد بما هو جرحه قبل.

الثاني: هو أن غير مالك قد وجد عنه أيضا مثل ما ذهب إليه مالك، وهو ابن مهدي؛ فانّه ذهب إليه فلم يرضه، وغير هذين يوثقه، وقول أبي حاتم فيه: ليس بذاك يعني: ليس على ما يكون، قال ابن القطان: ولعلّه أحسن حالا من عبد الحميد بن جعفر وهو قد بيّن أنّ بين ابن عمرو وبين أولئك الصحابة رجلًا، وقد تقدم عدمه لعامر بن عمرو وأبي قتادة، وجاءت رواية عطاف عائدة لما قد صحّ وفرغ منه. وقد رواه يحيى بن عبد الله بن مالك الداري عن محمد بن عمرو عن عياش أو عباس بن سهل، وعيسى حاله مجهول. انتهى كلامه. وفيه نظر من وجوه: الأول: ليست حال عيسى مجهولة، وإن كان ابن المديني قال: لم يرو عنه إلا ابن إسحاق فهو مجهول، قال البيهقي في المعرفة: ليس مشهورا، وقد اختلف في اسمه فقيل: عيسى بن عبد اللَّه، وقيل: ابن عبد الرحيم، وقيل: عبد الله بن عيسى فغير صواب؛ لأنه ممن روى عنه ابن لهيعة والحسن بن الحرّ، ووثقه ابن حبان وخرّج حديثه في صحيحه. الثانى: تصحيحه وفاة أبي قتادة زمن علي،/وتضعيف غيره وليس هو بأبي عذرة ذلك؛ لتقدّم أبي عمر به في موضع، وقال في كتاب الاستغناء بمعرفة الكنى: مات سنة أربع وخمسين، نقل في خلافة علي جعله قولًا مرجّحًا، وهو الصواب لما ذكره البخاري: من أنّ مروان بن الحكم لما كان على المدينة أرسل أبي قتادة ليريه مواقف النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- وأصحابه، الحديث ذكره في تاريخه الكبير تعليقَا، وقال في الأوسط: وذكره في فصل من مات بعد الخمسين إلى الستين. حدثنى إبراهيم بن حمزة، ثنا موسى بن شيبة من ولد كعب بن مالك عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك بن مروان الحديث، وثنا أحمد بن أبيِ بكر عن موسى بن شيبة عن عمرو بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك عن أبيه عن جدّنه خالدة بنت عبد اللَّه بن أنيس أنَّ أباها توفي بعد أبي قتادة بنصف شهر. انتهى. ومروان إنّما كان على المدينة في أيام معاوية بعد قتل علي بدهر، وإلى هذا القول قال يحيى بن بكير: فقال: توفي سنة أربع وخمسين، وكذا فاله أيضَا

خليفة بن حياط المعروف لسان في تاريخه الكبير، ويعقوب بن سفيان النسوي، وابن نمير، والبارودي، في كتاب الصحابة تأليفه، وابن حبان والحاكم وأبو أحمد وأبو عبد الله مرّة، وأبو عيسى الترمذي، وأبو جعفر الطبري في مزيله، وأحمد بن عمر وابن أبي عاصم النبيل وأبو يعقوب وإسحاق بن إبراهيم العراب، وقال ابن سعد في الطبقات: الكثير بن محمد بن عمر، حدثني يحيى بن عبد اللَّه بن أبي قتادة قال: توفي أبو قتادة بالمدينة سنة أربع وخمسين وهو ابن سفيان سنته، قال محمد بن عمرو: ولم أر بين ولد أبي قتادة وأهل البلد عندنا/اختلافًا أنّ أبا قتادة توفي بالمدينة، وروى أهل الكوفة: أنّه توفي بالكوفة، وصلّى عليه علي، واللَّه أعلم. وجزم أبو القاسم بن منيع: بصحة هذه الرواية دومًا غيرها، وكذا قاله أيضًا عبد الغنى بن سرور المقدسي البيهقي في المعرفة، واستشهاد أبي جعفر انقطاع الحديث توفي أبو قتادة قبله خطأ، فإنّه إنّما رواه موسى بن عبد اللَّه بن يزيد بأنَ عليًا صلى على أبي قتادة وكان بدريًا، ورواه أيضًا الشعبي منقطعًا، وهو غلط لإجماع أهل التواريخ على أنَّه بقى إلى سنة أربع وخمسين، وقيل: بعدها، والذي يدلّ على هذا: أنّ أبا سلمة بن عبد الرحمن وعبد اللَّه بن قتادة وعمرو بن سليم الرزقي وعبد الله بن رباح الأنصاري سمعوا عن أبي قتادة، وإنّما حملوا العلم بعد أيّام علي، ولم يثبت لهم عن أحد ممن توفي أيام على سماع. وروينا عن ابن عقيل: أنَّ معاوية لما قدم المدينة في خلافته تلقته الأنصار وتخلّف أبو قتادة، وروينا من طريق صحيحه أنَّ أم كلثوم ابنة على امرأة عمر ابن الخطاب لماَّ توفيت هي وأمها، والإمام يومئذ سعيد بن العاص، وفي الناس يومئذ أبو هريرة وأبو قتادة وابن عباس، وعلى تقدير صحَّة دعوى أبي جعفر، فالحجة قائمة بروايته عن أبي حميد التي لا شك فيها، وقد وافق ابن حلحلة عبد الحميد مذهب الشّافعي متابعة السنة إذا ثبتت، وقد قال في حديث أبي حميد: وبهذا يقول، وقال ابن حزم في محلاه: من زعم أنّ أبا قتادة توفي زمن علي وهم، وأنّ ذلك قول الرافضة، والقصاص، ومن لا يعتمد عليه.

الثالث: ما ذكر من انقطاع ما بين محمد بن عمرو وأبي قتادة مردود بما أسلفناه، وبتصريحه هو بسماعه منه / عند أبي حاتم بن حبان في صحيحه الذي زعم أنه لا يخرج فيه إلّا حديثا متصلا، إذ رواه عن محمد بن إسحاق مولى ثقيف. حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا أبو عاصم ثنا عبد الحميد ثنا محمد ابن عمرو قال: سمعت أبا حميد في عشرة من أصحاب النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- أحدهم: أبو قتادة، وثنا أحمد بن يحيى بن زهير الحافظ مستر وكان أسود من رأيت، ثنا ابن بشار ثنا أبو عاصم ثنا عبد الحميد بن جعفر فذكره، ثم قال عبد الحميد: هذا أحد الثقات المتقّين قد فرّب أخباره فلم أره تفرد بحديث منكر لم يشارك فيه، وقد وثّق فليح وعيسى بن عبد اللَّه عن محمد بن عمرو عبد الحميد في هذا الحديث، وعند الحافظ بن خزيمة في صحيحه عن بندار: ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد، حدّثنى محمد بن عمرو عن أبي حميد الساعدي قال: سمعه في عشرة من الصحابة أحدهم: أبو قتادة قال: " كان عليه السلام إذا كانت الركعة التي مقتضى فيها الصلاة أخَّر رجّله اليسرى، وقعد على شقّه متوركا، ثم سلّم "، وفي خبر أبي عاصم: " أخّر رجله اليسرى وجلس على شقّه الأيسر متورّكا ". وقال البزار: ثنا يحيى بن حكيم ثنا القطان ثنا عبد الحميد ثنا محمد بن عمرو عن أبي حميد قال: سمعه يقول: وهو في عشرة من الصحابة أحدهم أبو قتادة فذكره، قال: وثنا محمد بن مثنى، ثنا أبو عامر، ثنا فليح ثنا العباس عن أبي حميد بأحسن من هذين الإسنادين، وخرّجه الدارمي في مسنده عن أبي عاصم، وقد خرج البخاري في تاريخه بسماعه من أبي قتادة وغيره، وقال البيهقي: ما ذكره الطحاوي من عذر سماعه منه ليس بذلك / ولما ذكره ابن سرور: جزم بسماعه منه ولم يعهد من محمد تدليس، ولو صحَّ عنه لدفع بتصريحه بالسّماع على لسان ثقة، ولم أر أحدا أنكر سماعه منه إلا الطحاوي بما استدلّ به، وقد بينا عدم صوابه. الرابع: الإسناد الموصل إلى عطاف لم يذكره حتى يعرف صحة الطريق إليه أو عدمها، ولا أعرف موضعه الآن إلّا قول البيهقي، وأمّا إدخال من أدخل من محمد وأبي حميد رجلا فإنّه لا يوهنه؛ لأنّ الذي فعل ذلك رجلان

أحدهما: عطاف، وكان مالك لا يحمده، والثاني: عيسى بن عبد الله، فروى عن الحسن أنّ الخبر عن عيسى عن محمد بن عمر وعن عياش- أو عباس- بن سهل عن أبي حميد. انتهى كلامه، وليس فيه ما يتعرّف به طريقها على أنّ ما أسلفناه من عند أبي داود هذا، والله أعلم. الخامس: قوله: وغير مالك وابن مهدى يوثقّه غير صواب؛ لقول أبي حاتم ابن حبان فيه يروى عن الثقات ما لا يشبه حديثهم لا يجوز الاحتجاج به إلّا فيما يوافق الثقات، وفي مكان آخر كان منكر الحديث، روى عن نافع عن ابن عمر ما ليس من حديثهما، وقال البزار: حدّث عن نافع بأحاديث لم يتابع عليها، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء حكى عن ابن عبد الرحيم أنه قال: عطاف بن خالد ليس بالقوى. السادس: قوله: أنّ مالكًا لم يخرجه لجرح مفسّر مردود؛ بما ذكره الحافظ ابن تميم مؤرّخ القيروان عن عباس بن محمد، حدثني من سمع عمر بن سليمان يحدّث عبد اللَّه بن شرويه قال: سمعت مطرف بن عبد الله يقول: سمعت مالكًا يقول: ويكتب عن مثل عطاف، لقد أدركت في هذا البلد سبعين شيخًا كلّهم خير من/عطاف ما كتبت عنهم، وإنما نكتب العلم عن قوم جرى فيهم العلم مثل عبيد الله بن عمر، وقال عبد الله بن عمرو: قال عبد الملك: حدّث عطاف، قال: أوقد فعل ليس هو من إبل القباية، وقال محمد بن سليمان عن مطرق قال: قال مالك: عطاف يحدّث؟ قلت: نعم، قال: فأعظم ذلك إعظاما شديدا. السابع: قوله في عطاف: ولعلّه أحسن حالة من عبد الحميد غير صحيح؛ لأنّ عبد الحميد خرج حديثه الشيخان في صحيحيهما على سبيل الاحتجاج، وعطاف لم يخرّج له أحدًا ستلم صحة فيما رأيت واللَّه أعلم. ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث عبد الحميد هذا، قال: أصله صحيح، ورواية العباس ابن سهل عن أبي حميد مرسله، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد ابن الحباب، حدثنى جعفر بن سليمان الضبعي حدثنى علي بن علي الرفاعي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله- صلّى الله عليه وآله

وسلّم- ليستفتح صلواته بقوله: " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك ". هذا حديث رواه أبو عيسى بلفظ: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- إذا قام إلى الصلاة بالليل كبّر، ثم يقول في آخره: الله أكبر كبيرًا، ثم يقول: أعوذ باللَّه السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " (1) . ثم قال: قد يتكلم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي، وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث، وكذا ذكره السعدي عن أحمد وفيه نظر؛ لأنه مخرّج في مسنده، وهو لا يخرج غير صحيح عنده كما أسلفناه من كلام أبي موسى، فقال: حدّثنا/ابن أنس عن جعفر بزيادة: " ويقول: لا إله إلا اللَّه ثلاثًا بعد الله أكبر ثلاثًا ويقول: أعوذ بالله السميع العليم "؛ ولأنّ ابنه عبد اللَّه، والمروزي لما سأله عن هذا الحديث أجاب بغير ما ذكره لفظًا ومعنى، الترمذي تبيّن ذلك ما يراد كلامهما، قال عبد اللَّه بن أحمد: سألت أبي عن حديث أبي سعيد حديث علي بن علي؟ فلم يحمد أبي إسناده، قال: عبد اللَّه لم يروه عنه إلا جعفر بن سليمان، وفي سؤالات المروزي: سألت أبا عبد اللُّه عن استفتاح الصلاة؟ فقال: تذهب فيه إلى حديث عمر. وقد روى فيه من وجوه ليست بذاك كحديث حارثة، وحديث أبي سعيد، وحديث علي بن علي. ذكر له حديث جبير بن مطعم، فقال: ما أدفع من هذا شيئًا، وسأل حرب الكرماني أحمد: عن علي بن علي؟ فقال: لم يكن به بأس، ويثبت في كلام الترمذي أيضًا في قوله: أنّ يحيى بن سعيد كان يتكلّم

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/775، 776) ، والترمذي (ح/142، 243) ، وقال الترمذي: وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب. وأخذ قوم من أهل العلم هذا الحديث. وابن ماجة (ح/804، 806) ، والنسائي في (الافتتاح، باب " 18 ") ، واحمد (3/50، 69) ، والدارمي (1/282) ، والبيهقي (2/34، 35) ، والطبراني (10/2133، 184، 12/354) ، والحاكم (1/235) ، وإتحاف (3/46) ، والمشكاة (815، 816) ، والدارقطني (1/298) ، وعبد الرزاق (2554) ، والمنثور (4/130) ، (6/254) ، وابن أبي شيبة (1/ 232) .

في علي، فإنى لم أره عند غيره، وقد وثقه ابن معين وأبو زرعة ووكيع والنسائي ومحمد بن عمار، وأثنى عليه شعبة وأبو داود وأبو نعيم وعفّان، وقال ابن خزيمة: ألا تعلم في هذا خبرا ثابتا عن النبي عند أهل المعرفة؟ بالحديث وأحسن إسناد يعلم روى في هذا خبر أبي المتوكل عن سنيد، ثم جاء ذكره بلفظ: كبر ثلاثا ولا إله إلا الله ثلاثا، قال: وليا يسمع عالماً في الدنيا في قديم الدهر، وحديثه استعمله على وجهه، ولا حكى لنا عمن لم يشاهده، وقال أبو علي الطوسي الحافظ: حديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب، ورواه الدارقطني في سننه بما بيّن: أنّ علّته ليست من علي بن علي أعانة انقطاع، فقال حدّثنا إسماعيل (1) . حدّثنا سليمان الضبعي ثنا علي بن علي/ الرفاعي: قال: ثنا إسحاق وكان يشبه بالنبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- عن أبي المتوكل عن أبي سعيد به، كذا هو في نسختي التي بخط المبارك بن كامل الحقاق الحافظ، وأصل سماعه واستظهرت بنسختين صحيحتين فقط، والمعروف أنّ عليًا هو المشبه بالنبي فلعلّ إسحاق بن أبي إسرائيل هو القائل قي علي ذلك، وكتبتها في هذه الأحوال ثنا إسحاق كما بينته لك، واللَّه أعلم. وذكر أبو داود: علّة تأتيه أن يخرجه إيّاه بزيادة قوله: بعد ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلّا الله ثلاثا، وفي آخره ثم يقرأ: يقولون: هو عن علي بن علي عن الحسين، والوهم من جعفر، وقال أبو محمد الأشبيلي: هذا أشهر حديث في هذا الباب على أنهم يرسلونه عن علي عن أبي المتوكل والبزار عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، قال أبو الحسن بن القطان: هذا خطأ من القول ولا يعرف هكذا، وإنّما هو إمَّا مسند عن أبي سعيد، وإمَّا مرسل كما قاله أبو داود، وأما عن المتوكل فلا أعلمه، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن ابن سعيد إلا من هذا الوجه هذا الإسناد، ولا رواه عن أبي المتوكل إلّا علي بن علي، وهو بصري ليس به بأس، روى عنه غير واحد، ولما ذكره ابن طاهر في كتاب التذكرة: رواه بأنّ عليا كان ينفرد عن الإثبات؛ بما لا يشبه أن يكون مراد أحمد من قوله: لا يصح يعني الزيادة التي فيه تدلّ على قول

_ (1) بياض " بالأصل ".

الترمذي، وأمّا كثر أهل العلم فقالوا: إنّما روى عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: " أنه كان يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك " (1) . حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد بن فضيل عن عبادة ابن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة: " كان رسول اللُّه-/صلى اللَّه عليه وآله وسلم- إذا كبر سكت من التكبيرة والقراءة قال: فقلت: بأبي أنت وأمي، أرأبت سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كالثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد " (2) هذا حديث اتفقا على تخريجه، وفي كتاب الميموني عن أحمد وسأله عن حديث أبي هريرة في الاستفتاح قال: إسناده جيد، وما أحسن حديث أبي هريرة في الاستفتاح إلّا أنّ عليها يحكى عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- في الاستفتاح شيئا حسنا بإسناد حسن. حدّثنا علي بن محمد وعبد اللَّه بن أبي معاوية، ثنا حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة: " أن النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- كان إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " (3) . هذا حديث قال فيه الإمام أحمد: وشأنه عنه أبو طالب حارثة وضعيف ليس نشئ، وقال الشافعي: إنّ أول ما يبدأ بقوله وفعله ما كان في كتاب الله تعالى وسنة رسول اللَّه عليه السلام، قال: قد رويت هذا القول عن النبي من حديث بعض أهل مدينتكم، قلنا له: ولبعض من حضره أحافظ من رويت عنه

_ (1) الحاشية فبل السابقة ص 1360. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/189) ، ومسلم في (المساجد، ح/147) ، والنسائي في (الطهارة، باب " 48 "،، والافتتاح، باب " 15 ") ، وأبو داود في (الافتتاح، باب " 8") ، وابن ماجة (ح/805) ، وأحمد (2/231، 494) ، والبيهقي (2/195) ، والدارمي (1/284) ، والقرطبي (1/117) ، والكنز (3803) ، والمجمع (2/106) ، والكلم 781) ، والدارقطني (1/336) ، وابن خزيمة (465، 1630) . (3) الحاشية قبل السابقة في ص 1360.

هذا القول، ويحتج بحديثه؟ فقال عامّة من حضره: لا، ليس بحافظ، قال: فقلت: كيف يجوز أن يعارض برواية من لا يحفظ ولا يقبل حديث مثله على نفسه، أو برواية من يحفظ ويثبت حديثه، قال البيهقي في المعرفة: إّنما أراد أبو عبد اللَّه حديث حارثة عن عائشة، وقال الحافظ لم أبو علي الطوسي في أحكامه وأبو عيسى: لا يصرفه، قد تكلّم فيه من قبل حفظه. انتهى كلامهما، وفيه نظر؛ لما ذكره أبو الحسن، ثنا ابن صاعد ثنا أبو الأزهر ثنا سهل ابن عامر أبو عامر البلخي ثنا مالك بن مغول عن عطاء- قال: دخلت أنا وعبيد ابن عمير على عائشة، فسألتها عن افتتاح صلاة النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- فذكره، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي إلّا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وفيه أيضًا نظر؛ لما تقدّم من عند ابن ماجة، ولما ذكره أبو داود عن حسين عن عيسى ثنا طلق بن غنام ثنا عبد السلام بن حرب عن هذيل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة به، ثم قال: هذا الحديث ليس بالمشهور عنه عليه السلام لم يروه إلا طلق. وقد روى قصة الصلاة جماعة عن بديل، ولم يذكروا فيه شيئَا من هذا، كذا هو في رواية اللؤلؤي وابن العبد وابن داسة جماعة غير واحد، وذكر الدارقطني عنه زيادة، وليس هذا الحديث بقوي، وقال البيهقي في المعرفة: ليس بمحفوظ، وخالف ذلك الحاكم، فقال: على شرط الشيخِين ولم يخرجاه، وله شاهد صحيح الإسناد فذكر حديث حارثة وقال: إن لم يكن مالك يرضاه، فقد رضيه أقر به أقرانه من الأئمة، ولا أحفظ في قوله: سبحانك اللهم وبحمدك أصح من هذين الحديثين، وقال الحافظ أبو عبد اللَّه محمد بن عبد الواحد المقدسي: رواية ما علمت فيهم مجروحًا، وقال العلامة مجد الدين بن تيمية: طلق بن غنام خرج له البخاري، والثقة تقبل زيادته وما ينفرد به. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لخفْاء علّة / الحقيقة عليهما، وهى انقطاع ما بين أبي الجوزاء أوس بان عبد الله وعائشة، فإنّه لم يسمع منها شيئَا، نص على ذلك أبو عمر بن عبد البرّ في كتاب التمهيد والإنصاف، وسيأتي لذلك زيادة تعتمد، وفي كتاب الكشي: عن حجاج ثنا همام عن أبان بن أبي عباس ثنا أبو الجوزاء

بلفظ: وأدخل في الصلاة قال: اللَّه أكبر، قال: ونحن نقول الله أكبر سبحانك اللهم وبحمدك فذكره، وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك آمنت وعليك توكلت وإذا قام قال: سمع اللَّه لمن حمده قال: اللهم ربنا لك الحمد ملأ السموات وملأ الأرض ... فذكر حديثا طويلا نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى. وفي كتاب أبي الحسن: ثنا محمد بن عمرو بن البختري ثنا سعدان بن نصر ثنا أبو معاوية عن حارثة بزيادة: ورفع يديه حذو منكبيه، ثم قال الحديث، وفي الباب غير ما حديث من ذلك، حديث جابر بن عبد الله أنّ رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم-: " كان إذا استفتح الصلّاة كبر ثم قال: " إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للَّه رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أهدني لأحسن الأخلاق وأحسن الأعمال لا يهدى لأحسنها إلّا أنت، وقني سيء الأعمال وسيء الأخلاق لا يقي سيئها إلّا أنت " (1) . رواه أبو عبد الرحمن بإسناد صحيح عن عمرو بن عثمان، ثنا شريح بن يزيد الحضرمي- يعني الموثق عند ابن حبان- أخبرتي شعيب، حدّثنا بن المنكدر عنه، ثم قال أبو عبد الرحمن: هو حديث حمصي رجع إلى المدينة ثم إلى مكة، وفي السنن البيهقي: ورواه عبد اللَّه بن عامر الأسلمي وهو ليس بشيء عن ابن المنكدر عن جابر/عن عبد اللَّه، وكذا ذكره أبو الفضل ابن طاهر في كتاب التذكرة تأليفه، ولعلّه أشبه مما قاله البيهقي، وفي كتاب الدارقطني من حديث يزيد بن عبد ربه عن شريح " ومحياي ومماتي " وقال: " وأنا أوّل المسلمين ". قال شعيب: قال لي ابن المنكدر وغيره من فقهاء أهل المدينة: إن قلت أنت هذا فعل وأنا من المسلمين به، وحديث أبي أمامة: " كان نبي الله- صلّى الله عليه وآله وسلم- إذا قام إلى الصلاة كبر ثلاث

_ (1) صحيح. رواه النسائي (1/139) ، وأحمد (3/375) ، والطبراني (12/354، 19/ 231) ، وإتحاف (3/43) .

مرّات ثم قال: لا إله إلا اللَّه ثلاث مرات وسبحان الله وبحمده ثلاث مرات ثم قال: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " (1) . رواه أحمد في مسنده من حديث يعلي بن عطاء عن رجل، وفي رواية: عن شيخ من أهل دمشق أنه سمع أبا أمامة، ورواه أبو نعيم عن شريك عن يعلي، حدثنى شيخ بالمزاملة عنه، وحديث أنس: " كان رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلم- إذا افتتح الصلاة كبّر، ثم رفع يديه حتى يحاذى بابهماميه أذنيه ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك " (2) . رواه الدارقطني بإسناد صحيح عن ابن صاعد، ثنا الحسين بن علي بن الأسود العجلي ثنا محمد بن الصلت ثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عنه، وقال ابن الجوزي: رجال إسناده كلّهم ثقات، وكذلك قاله الشيخ موفق الدين ابن قدامة، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عنه قال: هذا حديث كذب لا أصل له ومحمد بن الصلت لا بأس به، لست عنه: وحديث عمر بن الخطاب: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم - إذا كبّر للصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك/اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك فإذا تعوذ قال: أعوذ بالله من همز الشيطان ونفخه ونفثه " (3) . رواه الدارقطني عن عثمان بن جعفر بن محمد الأحول، ثنا محمد بن نصر المروزي ثنا عبد اللُّه بن شبيب ثنا إسحاق بن محمد عن عبد الرحمن ابن عمرو بن شيبة عن أبيه عن نافع، والمحفوظ عن عمر من قوله: يعني المخرج عند مسلم من حديث عبدة عنه وهو منقطع؛ لأنّ عبدة لم يسمع من

_ (1) صحيح. رواه أحمد (3/50. 5/26) ، والبيهقي (2/34) ، وابن كثير فما " تفسيره " (5/585) ، ونصب الراية (1/321) ، والفتح (8/478) ، وإتحاف (3/46، 145، 5/132) ، وابن السني (47) ، والكنز (3491، 3578، 3597) ، والمتناهية (1/420) ، وبداية (1/ (2) تقدم. رواه الدارقطني: (1/298) في ص 1360. (3) المصدر السابق.

عمر فيما قاله أبو علي الجبائي، وقال الحاكم: صح عن عمر، وقد أسند، ولا يصح، وقال الدارقطني: كذلك رواه إبراهيم عن علقمة، والأسود عن عمر، وكذلك رواه يحيى بن أيوب عن عمرو بن شيبة عن نافع عن ابن عمر عن عمر عن قوله وهو الصواب، كذا هو في سننه، وفي العلل ذكر أنّ إسماعيل ابن عياش رواه عن عبد الملك بن حميد عن ابن عيينة عن أبي إسحاق السبيعي عن الأسود عن عمر مرفوعًا، ولقائل أن يقول: الذي رفعه ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة؛ لإله ممن خرج حديثه أبو عبد اللَّه البخاري في صحيحه فيما ذكره أبو الفرج بن الجوزي، ويؤيده قول المروزي: سالت أبا عبد اللَّه عن استفتاح الصلاة، فقال: إن يذهب فيه إلى حديث عمر فهذا ترجيح من أحمد له، إذ الحديث عرفًا لا ينطلق غالبَا إلّا على مرفوع، ورواية ابن عباس عن شيخه، وليس مدنيَا يصلح أن يكون شاهدَا واللَّه أعلم، ويؤيده ما ذكره في الأوسط حدّثنا أحمد بن داود ثنا ثوبان بن سعيد بن عروة البصري ثنا علي بن عياش عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن مسعود قال: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- يعلمنا إذا استفتحنا الصلاة/ أن نقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " (1) . وكان عمر بن الخطاب يفعل ذلك، وكان عمر يعلمنا ويقول: كان النبي عليه السلام يقول: لم يروه عن أبي إسحاق إلّا علي بن عياش، ولا يروى عن عمر إلّا بهذا السند، ولا يعرض بما ذكره الشّافعي، وقال من خالفنا: افتتح " بسبحانك اللهم وبحمدك "، ورواه عن بعض الصحابة، وأصل ما نذهب نحن إليه: ما كان في كتاب اللُّه أو سنة رسوله؛ لأنه واللَّه أعلم لم يبلغه رفعه، ولا رفع هذه اللفظة إلّا على لسان ضعيف، ولو بلغه ما تقدّم لم يقل هذا، والله تعالى أعلم، وكذا قول البيهقي في الكبير، وأصحّ ما روى فيه الأثر الموقوف على عمر سمّاه الشري وقول ابن خزيمة، وصحّ عن عمر لا عن النبي عليه السلام، وحديث حبيب ابن سليمان بن سمرة عن أبيه عن جده أن رسول الله- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- كان يقول لنا: " إذا صلى أحدكم فليقل: اللهم باعد بيني وبن خطيئتي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم

_ (1) تقدم ص 1360.

إنى أعوذ بك أن تصدّ عنى وجهك يوم القيامة، اللهم نقّنى من الخطايا كما نقّيت الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أحيني مسلمًا وأمتني مسلمًا " (1) . ذكره البزار في مسنده، وقد سبق توثيق حبيب وأبيه وقال الإشبيلي: الصحيح في هذا فعل النبي- صلّى الله عليه وآله وسلم- لا أمره، قال أبو الحسن: لم يبيّن أبو الحسن علّة هذا الحديث، وهى الجهل بحال حبيب، والله تعالى أعلم. وضعف حبيب عنه، وحديث أنس المذكور عند مسلم: أيضًا أن رجلًا جاء إلى الصلاة، وقد حضره النّاس، فقال: اللَّه أكبر، الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبا مباركًا فيه، فلما قضى النبي- صلّى الله عليه وآله وسلم- الصلاة قال:/ " أيكم المتكلم بالكلمات؟ فإنه لم يقل بأسا "، فقال الرجل: أنا. فقال: " لقد رأيت اثنى عشر ملكًا يبتدرونها أيّهم يرفعها " (2) ، وهو غير حديث رفاعة المذكور عند البخاري؛ لأن ذاك إنّما قال هذا لما رفع رأسه من الركوع، وفيه: " رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول " (3) . وحديث ابن مسعود: " كان عليه السلام يفتتح الصلاة بسبحانك اللهم وبحمدك " (4) . ذكره البيهقي من حديث عن أبي عبيدة عنه، وقال: ليس بالقوى، وذكره من حديث خصيف عن أبي عبيدة عنه، وقال: ليس بالقوى، وذكره في الأوسط من حديث خصيف عن أبي عبيدة وقال: لم

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/106) ، وعزاه إلى " البزار " والطبراني في " الكبير " وإسناده ضعيف. (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/149) ، وأبو داود في (استفتاح الصلاة، باب " 6 ") ، والنسائي (4/133) ، وأحمد (3/106، 168، 188، 252) ، والبيهقي (3/ لمه 2) ، وابن خزيمة (466) ، والكنز (2210) ، والفتح (2/287، 10/600) ، والمجمع (2/107) ، وأبو عوانة (2/99) ، وشرح السنة (3/116) ، والحبائك (35) ، والحلية (1/180) ، والمغني عن حمل الأسفار (2/205) ،. (3) صحيح. رواه البخاري (1/202) ، والفتح (2/284) ، والمشكاة (877) ، والترغيب (1/ (4) بنحوه. رواه ابن أبي شيبة: (1/229، 410) ،.

يروه عن خصيف إلّا عتاب بن بشير، تفرد به يوسف بن يونس الأفطس وحديث محمد بن سلمة أنّ النبي- عليه السلام-: " كان إذا قام إلى الصلاة، قال: اللَّه أكبر، وجَّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض ... " إلى آخر الآية، قال أبو حاتم: هذا من حديث إسحاق بن أبي فروة ذكره في العلل، وحديث حذيفة أن رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلم-: " كان إذا صلى من الليل وكبّر، فقال: " الله أكبر ذا الملك والملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة ". رواه (1) الكجي في سننه من حديث رجل من عبس، وذكره أبو نعيم في كتاب الصلاة بسند صحيح على شرط البخاري عن إبراهيم عن العلاء بن المسيب عن طلحة بن يزيد الأنصاري عن حذيفة: وحديث ابن عمر المذكور في مسند السراج بسند صحيح قال: كنا نصلي مع النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- فجاء رجل، فدخل في الصلاة فقال: اللَّه أكبر كبيرَا والحمد للَّه كثيرَا وسبحان الله بكرة وأصيلا، فلما قضى/النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- الصلاة قال: " من صاحب كلام كذا وكذا "، فقال الرجل: أنا فقال: " عجبت لها فتحت لها أبواب السموات ". قال ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- يقول ذلك (2) ، زاد أبو نعيم في كتاب الصلاة بسند صحيح على وهم البستي عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن الهيثم بن حبيش عنه موقوفَا " اللهم أجعلك ". ولما ذكر الحاكم في العلوم حديث ابن عمر من طريق المنذر بن عبد اللَّه الخزامي عن عبد العزيز بن أبي سلمة بن عبد الله بن دينار عنه قال: لهذا الحديث علّة صحيحة، والمنذر أحد طريق المجرّة فيه، وذكر عن مالك أبي غسان عن عبد العزيز، ثنا عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن عبيد اللَّه بن

_ (1) قوله: " رواه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/150) ، والنسائي (2/125) ، وأحمد (2/14، 5/173) ، والبيهقي (2/16) ، والمجمع (10/352) ، وأبو عوانة (2/11) ، والترغيب (1/ 332) ، والحلية (4/265) .

أبي رافع عن علي قال: وهذا مخرّج في مسلم ومرسل قال: كان رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- إذا افتتح الصلاة قال: " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك " (1) . رواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن أبي الأحوص عن أحسن بن عبد الملك عنه، ومرسل محمد بن المنكدر قال: كان عليه السلام إذا قام إلى الصلاة قال: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك، لا حول ولا قوة إلّا بك، إنِّي وجَّهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا وما أنا من المشرفي، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمية لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين " (2) . رواه أيضًا عن عبد الله بن عامر عنه، ومرسل موسى ابن عائشة قال: كان عليه السلام/إذا افتتح الصلاة قال: " الله كبر ذا الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة " (3) . رواه عن حسن بن صالح عنه، وحديث الحكم بن عمير قال: كان رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلم- يعلمنا: " إذا قمتم إلى الصلاة فكبّروا، وارفعوا أيديكم لا تجاوزوا أذانكم، وقولوا: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك " (4) . ذكره البارودي في كتاب الصحابة من حديث يحيى بن يعلي الأسلمي عن موسى بن أبي حبيب عنه يحيى، وثقة ابن معين، وموسى روى عنه جماعة وحديث عيينة النبوي أنله صلى فقال: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد

_ (1) له أكثر من موضع سابق انظر ص 136. (2) تقدم. رواه أحمد (3/375) ، والطبراني (1/293) ، والمجمع (07/12) ، والمشكاة (1461) ، وإتحاف (4/398) ، والكنز (12268) ،. (3) صحيح رواه النسائي (2/231) ، وأحمد (5/398) ، وهامش المواهب (144) ، وابن المبارك في " الزهد " (34) ، وأخلاق (180) ، ومشكل (1/308) ، وابن كثير (6/583) ، وابن أبي شيبة (1/231) ، وشرح السنة (4/20) ، والمحنة. 41) الكنز: (22048) .

أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، عملت سوء، ظلمت نفسي فاغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، فقال عليه السلام: " ما خرج آخرها من فيك، حتى نظرت إلى اثنى عشر ملكًا يبتدرونها " (1) . ذكره أبو موسى في الصحابة من حديث يزيد بن محمد حدثنى أبي عن أبيه عن الأوزاعي، حدّثني حماد بن أبي سليمان أنّ الحسن حدّثه ابن لأبي ثعلبة: أنّ أباه أخبره به، وحديث أبى سعيد الآتي بعد: " كان النبي- صلّى الله عليه وآله وسلم- إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك ... " (2) ، الحديث. وحديث عبد الله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلي ونحن في الصلاة، فدخل في الصف، فقال: الله أكبر كبيرًا والحمد لفه كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا، ورفع المسلمون رؤوسهم واستنكروا الرجل، وقالوا: من هذا الذي رفع صوته فوق صوت النبي؟ فلما انصرف النبي قال: " من هذا العالي الصوت؟ فقيل: هو هذا، فقال النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: " والله لقد رأيت كلامه يصعد في السماء حتى فتح/بابًا منها فدخل أظنّه فيها " (3) . رواه أبو نعيم أيضًا بسند صحيح على رسم ابن حبان عن عبيد الله بن إياد ابن لقيط عن عبد الله بن سعيد عنه، وموقوف أبيِ بكر الصديق، قال ابن أبي شيبة: حدّثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان قال: بلغني عن أبي بكر أنه كان يستفتح ب " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك ". وبنحوه ذكره سعيد بن منصور في سننه وموقوف عمر، ذكره الدارقطني بسند صحيح: أنله كان إذا افتتح الصلاة قال: فذكره وفي آخره يسمعنا ذلك، وقال الضحاك في تفسير قوله تعالى: (فسبح بحمد ربك حين تقوم) قال: حين تقوم الصلاة، فيقول: سبحانك اللهم وبحمدك ... آخره،

_ (1) انظر: كتاب الصحابة لأبي موسى. (2) الموضوعات لابن القيسراني: (578) . (3) صحيح. رواه أحمد (4/355، 356) ، والمجمع (06/12) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير " ورجاله ثقات.

قال أبو عيسى: وعليه العمل عند أهل العلم من التابعين وغيرهم، وقال عبد الله عن أبيه أحمد الذي يعلمنا حديث عمرو: قال ابن قدامة: وهو قول أكثر أهل العلم، وقال الشيخ المجدّ: هذا اختيار الجمهور، كان أبو يوسف يجمع بين قوله سبحانك اللهم وبحمدك، وبين قوله: " وجّهت وجهي " وهو قول أبي إسحاق المروزي وأبي حامد الشافعي، واستحب الشّافعي حديث علي الآتي بعد، وفي كتاب القواعد لابن رشد: ذهب قوم إلى أنّ التوحيد مستحب لا واجب، قال البغوي في أحاديث الاستفتاح: بأنه استفتح بها، وحصل له سنة الاستفتاح، قال: والأفضل عند الشافعي حديث علي، فإن كان إماما لم يزد عليه، وفي المصنف عن ابن مسعود: " أحب الكلام إلى اللَّه تعالى ما قاله أبونا حين اقترب: سبحانك اللهم وبحمدك ... " (1) ، إلى آخره. وفي لفظ: " أحب الكلام إلى اللَّه/تعالى أن يقول الرجل ذلك "، وفيه زيادة: " ربّ إنّى ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت " (2) . وقوله: إسكاته زنة " أفعاله " من السكوت، قال ابن التين معناه: سكوت يقتضي بعده كلامًا، أو قراءة مع قصر المدة وهي مكروهة عند مالك؛ لأن النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- لما علّم الأعرابي قال: " كبّر ثم اقرأ، ثم اركع "، وقال أنس: كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله (3) . وذكر القاضي أبو بكر بن الغزالي عن مالك: أنّه كان يقول كلمات عمر بعد التكبير، ومعنى قوله: بالماء والثلج والبرد أنها أمثال، ولم يرو أعيان هذه

_ (1) بنحوه. رواه مسلم في (الذكر والدعاء، ح/48) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (638) ، والكنز (2022) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/211، 8/89، 9/144) ، ومسلم (2078) ، والنسائي في (السهو، باب " 59 " (، والترمذي (ح/3531) ، وصححه. وابن ماجة (3835) ، والبيهقي (2/154) ، وأحمد (1/4، 7) ، والمنثور (5/17) ، والكلم (101) ، والكنز (12359، 37309) ، والجوامع (9812) ، وابن خزيمة (846) ، وإتحاف (3/75، 83) 5/67، 75) ، وابن السني (156) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (706) ، وصفة (3) الفتح: (1/227) .

المسميات، وإنّما أراد التأكيد في التطهير، ويستدلّ به لمن ذهب إلى المنع من الماء المستعمل؛ لأنه يقول: إنّ منزلة الخطايا المغسولة بالماء بمنزلة الأوصار الحالة في الماء، والمغسولات المانعة من التطهير. ذكره الخطابي، وفي حديث أبي حميد: ولما قاله ابن حزم من أنه لم يرد لفظة. اللَّه أكبر عن النبي- عليه السلام- يعني صحيحة؛ لأنه قد صحح هذا الإسناد فيلزمه العمل به، وفيه أيضًا دلالة على استحباب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام، قال ابن المنذر. وهو إجماع، ونقل العبدري عن الزيدية أنه لا يرفع ولا يعيد بخلافهم. ونقل المتولي عن بعض العلماء: وجوبه، وفي فتاوى القفال عن أبي الحسن أحمد بن بشار المروزي مثله، وقال ابن حزم: ونقل إيجابه عن الأوزاعي، وفي القواعد: ومنهم من أوجبه عند الاستفتاح وعند الركوع وعند الارتفاع، ومنهم من أوجب ذلك في هذين الموضوعين وعند السجود بحسب اختلافهم في المواضع التي يرفع فيهما، قال الطحاوي: يرفع ناشرا أصابعه / مستقبلًا بباطن كفيه القبلة مستدلًا بما رواه الطبراني في الأوسط من حديث محمد بن حرب، ثنا عمر بن عمدان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر يرفعه: " إذا استفتح أحدكم، فليرفع يديه، وليستقبل بباطنهما القبلة كأنّ اللَّه تعالى أمامه " (1) . وفي الحاوي للماوردي: يجعل بطن كلّ كف إلى الأخرى، وعن سحنون: ظهورهما إلى السماء وبطونهما إلى الأرض، وقال القالي: يقيما محنيين سيئًا يسيرًا، وفي المهذب: يستحب تفريق الأصابع ونقله المحاملي، وقال الغزالي: لا يتكلف فيهما ولا يقاتل بتركها، وقال الرافعي: يفرق تفريقًا وسطًا، وقال أبا قدامة: يستحب أن يمد أصابعه ويضم بعضها إلى بعض، وفي كتاب الذخيرة: يرفع ثم يكبّر، قال في المبسوط: عليه أكثر مشايخنا، وقال خواهر زاده: يرفع مقارنا للتكبير، وبه قال أحمد وهو المشهور من مذهب مالك، وقال النووي: الصحيح أن يكون ابتداء الرافع مع ابتداء التكبير وانتهاؤه مع

_ (1) ضعيف. رواه البيهقي (2/27) ، والكنز (3235، 19638) ، والمجمع (2/102) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عمير بن عمران وهو ضعيف.

انتهائه وهو المنصوص، وقيل: يرفع بلا تكبير، ثم يبتدئ التكبير مع إرسال اليدين، وقيل: يرفع بلا تكبير ثم يكبّر ثم يرسلهما بعد فراغ التكبير، وهذا مصحح عند البغوي، وقيل: يبتدئ بهما معًا، وينتهى التكبير مع انتهاء الإرسال، وقيل: يبتدئ الرفع مع ابتداء التكبير، ولا استحباب في الانتهاء، وهذا مصحح عند الرافعي. وزعم ابن بطال: رفعهما، وقيل: إشارة إلى التوحيد، وقيل. حكمته أن يرى الأصم دخوله في الصلاة، والتكبير أن يسمعه الأعمى/فيعلم بالدخول في الصلاة، وقيل: الفساد، وقيل: إشارة إلى طرح أمور الدنيا والإقبال بالكلية إلى الصلاة، ويكبّر من واحدة، وقالت الرافضة: ثلاًثا، واختلف في المكان الذي يصلى فيه يرفع يديه، فذكر ابن عبد البر اختلف عق النبي- صلّى الله عليه وآله وسلم- وعن أصحابه في كيفية الرفع، فروى عنه الرفع مدًا فوق الأذنين مع الرأس، وروى أنه كان يرفع يديه حذاء أذنيه، وروى أنه كان يرفعهما حذو منكبيه، وروى أنله كان يرفعهما إلى صدره، وكلها آثار محفوظة مشهورة، وفي هذا دلالة على التوسعة. وقال صاحب المحيط: حذاء أذنيه حتى يحاذى بإمهاميه شحمتيها، وبرؤوس أصابعه فروع أذنيه، وقال الشافعي والإمام أحمد، ومالك، وإسحاق: حذو منكبيه، وقال النووي: يريد يحاذى راحتاه منكبيه، وهكذا قاله المنوفي والبغوي وغيرهما، وأمّا قول الغزالي قْيه: ثلاثة أقوال: فلا يعرف لغيره، ونقل إمام الحرمين قولن آخرين: الأول: يرفع يديه حذو المنكبين. والثاني: حذو الأذنين وفيه غرابة، وقال ابق قدامة: هو يخيّر في رفعهما إلى فروع أذلْيه أو حذو منكبيه، وفي كتاب أبي داود بسند ضعيف عن طاوس: كان يرفع يديه حتى يجاورْ بهما رأسه، وقال. رأيت ابن عباس يصنعه ولا أعلم أنّه قال: كان عليه السلام يصنعه. قوله: ولا يقنع أي: ولا يرفع رأسه حتى تكون أعلا من ظهره، وقد أقنعه يقنعه إقناعًا، وفيه قوله تعالى:

(مقنعي رءوسهم) (1) ، أي: رافعي رؤوسهم، وقال نفطويه: يقال: أقنع برأسه إذا نصبه لا يلتفت يمينا ولا شمالًا، وجعل طرفه مواريا لما بين/يديه، وقوله: أقنخ بالخاء المعجمة أي: ينصبها، ولعمر موضع المفاصل منها وبيتها إلى باطن الرجل فيوجهها نحو القبلة. وقال الأصمعي: أصل الفتح اللين، ومنه قيل للعقاب: فخا؛ لأنها إذا انحطت كسرت جناحيها، وقال أبو العباس: فتح أصابعه أي ثنّاها، وقوله: هصر ظهره، أي: ثنّاه وعطفه للركوع، وأصل الهصر أن يأخذ برأس العود فيثنيه لليد ويعطفه، وقوله صالح نحوه أي: غير مبرز صفحه حدّه ولا مائل في أحد الشقين.

_ (1) سورة إبراهيم آية:43

138- باب الاستعاذة في الصلاة

138- باب الاستعاذة في الصلاة حدثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه قال: " رأيت رسول الله- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- حين دخل في الصلاة قال: " اللَّه أكبر كبيرًا ثلاثا، الحمد للَّه كثيرًا، سبحان اللَّه بكرة وأصيلًا ثلاث مرات: اللهم إنّى أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ". قال عمرو: همزه الموتة ونفخه الكبر ونفثه الشعر " (1) ، هذا حديث أخرجه أبو داود عن ابن جبير بلفظ قال عمر: ولا أدرى أي صلاة هي، وفي رواية مسعد عن رجل عن نافع بن جبير عن أبيه، قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول في التطوع نحوه، كذا هو في رواية اللؤلؤي وابن داسة وابن العبد، وذكره ابن عساكر في كتاب الإشراف في ترجمة محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، وليس الحديث عند غير من ذكرناه إنما هو عند أبي داود وابن ماجة/، وليس فيهما إلّا ما ذكر آنفا، وكذا ذكره أحمد في مسنده كذا رواه عن يحيى بن سعيد عن مسعر، حدثنى عمرو عن رجل عن نافع عن أبيه وعن وكيع ثنا مسعر عن عمرو عن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/807، 808) ،. في الزوائد: في إسناده مقال؛ فإن عطاء بن السائب اختلط بآخر عمره، وسمع منه محمد بن فضيل بعد الاختلاط، وفي سماع أبي عبد الرحمن السلمي من ابن مسعود كلام، قال شعبة: لم يسمع، وقال أحمد: أرى فول شعبة وهماَ، وقال أبو عمر والداني: أخذ أبو عبد الرحمن القراءة عرضا من عثمان وعلي وابن مسعود. والحديث قد رواه أبو داود والترمذيّ والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري. ورواه ابن حبان في صحيحه من حديث جبير بن مطعم. وأحمد (1/404، 80، 83، 85، 5/240، 253، 353، 6/156) ، والبيهقي (2/36) ، والحاكم (07/21) ، وابن خزيمة (472) ، والكنز (3766، 23439) ، وعبد الرزاق (2572، 2580) ، ونصب الراية (2/ 123) ، والترغيب (3/451) ، والطبراني (2/140) ، والجوامع (9865) ، والقرطبي (10/ 175) ، والمنثور (3/154) ، والمجمع (2/165، 18810) ، والفتح (1/4670) ، وابن أبي شيبة (1/231، 238، 10/186، 112) ، والمشكاة (817) ،. وضعفه الشيخ الألباني. الإرواء (2/54) ، وضعيف ابن ماجة (ح/173) ، وضعيف أبي داود (ح/130) .

رجل من غيره عن نافع بن جبير فذكره، ولما ذكره البزار في كتاب السن تأليفه عن ابن مثنى وعمرو بن علي، ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو عن عاصم العنزي عن ابن جبير، وثنا علي بن المنذر ثنا محمد بن فضيل ثنا حصين عن عمرو عن عباد بن عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم، قال: وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه عن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- إلّا جبير بن مطعم،. ولا نعلم له طريق إلّا هذا الطريق. وقد اختلفوا في اسم العنزي الذي رواه عن نافع فقال شعبة: عن عمرو عن عباد بن عاصم، وقال زائدة: عن حصين عن عمرو عن عمار بن عاصم، والرجل ليس بمعروف، وإنما ذكرناه؛ لأنه لا يروى هذا الكلام غيره عن نافع ابن جبير عن أبيه ولا عن غيره يروى أيضًا عن النبي، عليه السلام، وقال البغوي: ثنا يزيد أنبأ شعبة عن عمرو عن عاصم عن نافع بن جبير به، وثنا يعقوب عن إبرا هيم ثنا حصين بن عبد الرحمن عن عمار بن عاصم عن نافع عن أبيه، قال: سمعت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- حين افتتح صلاة الصبح قال: الحديث، وكذا ذكره البيهقي وأبو القاسم الطبراني وغيرهم، ولو قدرنا أن واحدَا من الأئمة ذكره في ترجمة محمد لما كان مخلصًا له؛ لأنه لا يذكر شيئًا من خارج إلّا أن يكون مستدركًا فنبيّنه، والله أعلم. وذكره أبو محمد في كتابه المخلي/مصححًا من حديث نافع عن أبيه، وذكره أبو حاتم بن حبان البستي في صحيحه عن عمر بن محمد الهمداني، ثنا ابن بشار بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو عن عاصم العنزي عن ابن جبير، وفرق في كتاب الثقات عن عاصم بن عمير العنزي الراوي عن أنس، والراوي عنه محمد بن أبي إسماعيل وعمرو بن مرّة، وبن عاصم العنزي المذكور في الطبقة الثانية الراوي عن نافع بن جبير، فقال ابن مطعم عن أبيه: " كان النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- إذا دخل في الصلاة قال: الله أكبر " (1) . قال شعبة: عن عمر وعاصم العنزي، وقال مسعد: عن عمرو عن رجل من بني عنزة، وقال ابن إدريس: عن حصين عن عمرو عن عباد عن عاصم عن

_ (1) رواه القرطبي في " تفسيره " (10/245) .

نافع، وقال عماد بن العوام: عن حصين عن عمرو عن عامر بن عاصم عن نافع، وهو عند ابن عياش: عن عبد الله بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب عن عبد الرحمن بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه بطوله، وفي نسخة: وهو عندي عياش: عن عبد العزيز بن عبيد اللُّه بن حمزة بن صهيبة، وخرجه ابن الجارود في منتقاه، وقال ابن خزيمة: وقد روى عن جبير أن النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم-: " كان إذا افتتح الصلاة ... " الحديث. إلا أنهم قد اختلفوا في إسناد خبر جبير، وعاصم العنزي، وعباد بن عاصم مجهولان لا يدرى من هما، ولا نعلم الصحيح ما روى حصين أو شعبة، وقال الحاكم: وذكره من حديث وهب عن نافع حديث الإسناد، ولم يخرجاه، حدّثنا علي بن المنذر، ثنا بن فضيل ثنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود عن النبي- صلّى الله/عليه وآله وسلّم- قال: " اللهم إنّى أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه، ونفثه " (1) . قال: " همزه الموتة، ونفئه الشعر، ونفخه الكبر "، هذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه عن يوسف بن عيسى المروزي ثنا ابن فضيل، ولما رواه البيهقي قال: قال عطاء: فهمزه: الموتة ... إلى آخره، ولما رواه الحاكم عن عبد اللَّه بن محمد بن موسى، ثنا محمد بن أيوب أنبأ أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ابن فضيل قال: هذا حديث صحيح الإسناد، فقد استشهد البخاري بعطاء وكذا قاله في المدخل: روى هشيم عنه عن سعيد بن جبير في أول ذكر الحوض، والذي يقوله الكلاباذي أنّ البخاري ذكره مقرونا، وقال ابن سرور: روى له محمد ومسلم في المتابعات، وفي كتاب أبي داود من حديث حميد الأعرج: عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وذكرت حديث الإفك قالت: " فجلس النبي- صلّى اللَّه عليه واله وسلّم-ولفّ وجهه وقال: أعوذ بالله السمع العليم من الشيطان الرحيم (إن الذين جاؤوا بالإفك ... ) الآية " (2) .

_ (1) تقدم في أول الباب ص 1375. (2) الحاشية قبل السابقة بنحوها.

ثم قال: هذا حديث منكر، وقد روى هذا الحديث عن الزهري جماعة لم يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح، وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة منه كلام الحميد، وفي كتاب البيهقي من حديث ابن أبي يحيى: " أنّ أبا هريرة أمّ الناس، فرفع صوته " ربنا إنّا نعوذ بك من الشيطان الرجيم " في المكتوبة إذا فرغ من أمّ القرآن "، قال الشافعي في روايتنا عن أبي سعيد: وكان ابن عمر يتعوّذ في نفسه، وأيهما فعل أجزأه، وكان بعضهم يتعوذ حين يفتتح قبل أمّ القرآن، وبذلك أقول. وأحب أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان / الرجيم، وأي كلام استعاذ به أجزأه، قال: ويقول في أول ركعة. وقد قيل: إن قاله حين يفتتح كل ركعة قبل أمّ القرآن فحسن، ولا أمر به في شيء من الصلاة أمرني به في أوّل ركعة. قال البيهقي: وروينا عن الحسن وعطاء وإبراهيم بقوله: في أؤل ركعة. وعن ابن سيرين أنه كان يستعيذ في كل ركعة. زاد ابن حزم: لا نعلم لهؤلاء التابعين مخالفًا، وأبو حنيفة يستحبها في أوّل ركعة فقط، وقال ههنا: عن أحمد ثنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن الشعبي قال: ليس من خلف الإمام استعاذة، فقال أحمد: لا نعرف هذا إلّا على الشعبي، ولم يسمعه هشيم من أبي ليلى، وأما المونه- بلا همز- فزعم ثعلب: أنها ضرب من الجنون، وفي الكتاب الراعي: هي بنى بأخذ الإنسان شبه السيئات وليس يحيق صاحبه، وقال العيزار: الموته والموانه الجنون، وقال اللحياني في نوادره: هي الغشي، زاد ابن سيده: لأنه يحدث منه سكوت كالموت. وقال أبو النصر: ضرب من الجنون والصرع يعترى الإنسان، فإذا أفاق عاد له كمال عقله كالنائم والسكران، واللَّه أعلم. ولما ذكر البزار حديث ابن عباس بمثل حديث جبير من طريق رشدين، قال أبو حمزة: فالذي ويسوسه في الصلاة، وأمّا نفثه فالشعر، وأمّا نفخه فالذي يلقيه من الشبه يعني في الصلاة ليقطع عليه صلاته أو على الإنسان صلاته، قال عبد اللطيف بن يوسف: معنى أعوذ بالله: التجاء إلى اللَّه والتزام بالله.

وأصل عاذ: لزم والتجأ، ومنه قيل للحم الذي يلزم بالعظم ويلزمه: عوذ، وهو جمع عائذ مثل صائم وصوم، وقيل:/معناه: طلبت الإعادة. ذكره في كتابه تفسير الفاتحة.

139- باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة

139- باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال: " كان النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- يؤمّنا فيأخذ شماله يمينه " (1) . هذا حديث قال فيه أبو عيسى: حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، ورأى بعضهم وضعها فوق السرة، ورأى بعضهم وضعها تحت السرة، وكل ذلك واسع عندهم. وفي كتاب أبي علي الطوسي: " رأيت النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- ينصرف عن سنته عن يمينه وعن يساره، ويضع يده اليمنى على اليسرى ". قال: ويقال: حديث هلب حسن صحيح، وذكر ابن حبان في صحيحه عن أبي خليفة: ثنا الوليد ثنا شعبة ثنا همان، فذكر قصة الانصراف فقط المذكورة عند ابن ماجة بعد هذا: وقال البغوي في شرح السنة: حديث حسن. وقال الحافظ الصيرفي: وهو حديث صحيح. وقال ابن عبد البر: وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة فيها آثار ثابتة عن النبي- عليه السلام- منها: حديث هلب، وفي موضع أخر: هو حديث صحيح. وخالف ذلك ابن المديني؛ فزعم أنّ قبيصة تفرد عنه بالرواية وهو مجهول، وهلب لم يرو عنه إلّا ابنه، وهو لعمري كما قاله، لكن العجلي قال في كتابه: هو تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات مع تقدّم من صحح حديثه، فزالت عنه الجهالة- واللَّه أعلم-. وفي مسند الإمام أحمد: " ورأيته يضع هذه على صدره " (2) /. ووصف يحيى بن سعيد: اليمني على اليسرى فوق المفصل. وفي كتاب العسكري: يضع إحدى يديه على الأخرى- يعني: في الصلاة- وفي رواية

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/252) ، وحسنه ابن ماجة (ح/809) ، وأحمد (5/226، 227) ، وشرح السنة (3/31) ، والمشكاة (308) ،. وصححه الشيخ الألباني. (2) قوله: " صدره " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

عن قبيصة: " أنّ النبي- عليه السلام- كان يقبض بيمينه على يساره في الصلاة وينصرف مرة عن يمينه ومرة عن شماله " (1) ، وهذه اللفظة عند الطبراني مرفوعة، وفي رواية: " فرأيته حين وضع إحدى يديه على الأخرى اليمنى على الشمال ". وعند البغوي: " يأخذ إحدى يديه بالأخرى في الصلاة ". قال أبو حاتم الرازي: ومن قال في هذا الحديث يسلم عن يمينه وعن يساره فغير صواب؛ إنّما هو يتقبل. حدثنا علي بن محمد ثنا عبد الله بن إدريس ثنا بشر بن معاذ الضرير ثنا بشر بن المفضل قالا: ثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: " رأيت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يصلى فيأخذ شماله بيمينه " (2) . هذا حديث خرجه مسلم (3) في صحيحه بلفظ: " رأى النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- رفع يديه حين دخل في الصلاة ضعهما حيال أذنيه، ثم التحف ثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه من الثوب ثم رفعهما، ثم كبّر فرفع فلما قال: سمع الله لمن حمده؛ رفع يديه، فلما سجد سجدتين ... ". وعند أبي داود (4) : " إذا أراد أن برفع رأسه من الركوع رفع يديه ". وقال: هذا الحديث رواه همام عن ابن حجارة لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود، وعنده: " ثم وضع كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، ثم جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب يحرِّك أيديهم تحت الثياب وسيأتي/الكلام مع أبي داود، إن شاء اللَّه تعالى. وفي صحيح ابن خزيمة (5) : " ثم ضرب بيمينه على شماله فأمسكها "، وفي

_ (1) رواه النسائي في: الافتتاح، 9- باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة (2/125- 126) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/810) ،. وصححه الشيخ الألباني. (3) بنحوه. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/24) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح/745) . (5) قوله: " خزيمة " سقطت من " الأصل " وكذا أثبتناه.

رواية: " ووضع يده اليمنى على اليسرى على صدره "، وفي رواية: " ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ". وعند البيهقي (1) : " والرسغ في الساعد "، وفي رواية: " قبض بيمينه على شماله "، ووثق رواية، وعند البزار: " ثم وضع يمينه على يساره عند صدره " من حديث محمد بن حجر بن عبد الجبار بن وائل عن أمه، ومحمد ضعيف، وأمه مجهولة فيما ذكره ابن القطان، وعند البيهقي: وروينا في بعض طرق حديث عاصم عن أبيه عن وائل عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- " ثم وضعهما على صدره ". وهذه متابعة لمحمد صحيحة، واللَّه أعلم. حدثنا أبو إسحاق الهروي إبراهيم بن عبد اللَّه بن حاتم أنبأ هشيم أنبأ الحجاج بن أبي زينب السلمي، عن أبي عثمان النهدي عن عبد اللَّه بن مسعود قال: " مرّ بي النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وأنا واضع يدي اليسرى على اليمنى فأخذ بيدي اليمنى فوضعها على اليسرى " (2) . هذا حديث قال أبو عمر في الاستذكار: هو حديث ثابت. وذكره الأثرم محتجا به. ولما خرجه النسائي (3) قال: غبر هشيم أرسل هذا الحديث. وقال مهنأ سألت أحمد عن الحجاج بن أبي زينب؟ فقال: منكر الحديث، يحدّث عن أبي عثمان أن النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- مر بابن مسعود فذكره، قلت: وهذا منكر؟! قال: نعم. ولما ذكره العقيلي قال: لا يتابع على هذا، وقال الساجي: وذكره في كتاب الضعفاء، وحدّث عن أبي عثمان النهدي حديثا لا يتابع عليه، كذا ذكره عنه ابن حزم، والذي ثابت/في كتابه عن أحمد أخشى أن يكون ضعيف الحديث، وذكر هذا الحديث، ثم قال: روى عنه الثوري. وفي العلل لابن عدي: وقد روى محمد بن الواسطي عنه

_ (1) وكذا قوله: " البيهقي " ورد فيها ما سبق. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/811) ،. وصححه الشيخ الألباني. (3) مرسل. رواه النسائي في: الافتتاح، 10- باب: في الإِمام إذا رأى الرجل قد وضع شماله على يمينه (2/126) ،.

عن أبي سفيان عن جابر: " مر رسول الله- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- برجل قد وضع شماله على يمينه ... مثله " (1) . وكلام الفسوي يفهم وليس جيدا؛ لاُن أبا الحسن رواه عن ابن صاعد، ثنا عثمان بن خالد ثنا محمد بن يزيد الواسطي عن الحجاج عن أبي محمد تضعيفه إيَّاه بأنَّ الحجاج ممن خرج له مسلم معتمدا الرواية، وقال أبو أحمد بعد تصفح رواياته: أرجو أنّه لا بأس به، وأمّا قول أبي محمد فيه: فليس بقوى فهو كلام النسائي في ذلك أنه ليس أن يكون ضعيف الحديث، وهذا أيضا ليس به تضعيف، وأما قول العقيلي فيعني به أن الحديث مرسل، أمّا حديث جابر، فلم يقل أبو محمد إثره شيئا يعتمد فيه حين ذكره، ومحمد بن الحسن الواسطي أحد الثقات، روى هذا الحديث عنه ابن معين، قال أبو أحمد ابن صاعد: ثنا الفضل بن شهاب ثنا ابن معين فذكره، وقال الدارقطني: ثنا أحمد بن محمد ثنا ابن معين به، فالحديث إذن صحيح أو حسن من الطريقين جميعًا، أعني طريق أبي عثمان عن ابن مسعود، وطريق أبي سفيان عن جابر فاعلم. انتهى كلامه. وفيه نظر لما أسلفناه من عند أحمد في الحجاج، وقال ابن عدي فيما حكاه ابن الجوزي: ضعيف، وقال ابن المديني: شيخ من أهل واسط ضعيف، ورواه غير أبي عثمان عن ابن لم مسعود، قال الدارقطني: ثنا ابن صاعد ثنا علي بن مسلم ثنا إسماعيل بن أبان الوراق، حدثني بندار عن ابن أبي ليلى عن القاسم ابن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود: " أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- كان يأخذ شماله بيمينه في الصلاة " (2) . وأما قول أبي القاسم في الأوسط، وأنكر حديث جابر ولم يروه عن أبي سفيان إلا الحجاج ولا عن الحجاج إلا محمد بن الحسن. تفرد به وهب بن بعته، ورواه هشيم عن الحجاج عن أبي عثمان عن أبي هريرة، فيشبه أن يكون وهمًا لمتابعين معينين، وهما كما تقدّم، وفي الباب حديث الحرث بن غضيف- أو عصيف- بن

_ (1) المصدر السابق ص 1381. (2) تقدم، والحديث في سنن ابن ماجة (رفهم: 809) .

الحارث وله صحبة، قال: " ما نسيت من الأشياء فلم أنس أنني رأيت رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلم- واضعا يمينه على شماله في الصلاة " (1) . ذكره الحافظ أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد القاضي في كتاب الصحابة الذين نزلوا حمص الشام، وقال الخلال في علله عن عصمة: ثنا حنبل ثنا أبو عبد الله، ثنا عبد الرحمن، ثنا معاوية- يعنى: ابن صالح- عن يوسف بن سيف عنه قال: وقال أبو عبد الله: هذا إسناد شامي، وقال الدارقطني: يعني أحمد بهذا أنه لم يرض إسناده؛ لاًن الحرث لا يعرف إلّا بهذا الحديث، ولا نعلم يوسف بن سيف سمع منه أو لا، وفي تاريخ البخاري ما يدل على أنّه ليس بصحابي فاٍنه قال: غضيف بن الحرث أبو أسماء السكوتي. قال عيسى بن يونس عن أبي بكر بن أبي مريم عن حبيب بن عبيد عن غضيف الثمالي، يقال: نعته الثمالي، وقال ابن صالح عن أزهر بن سعد: سأل عبد الملك عطيفا، وقال إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن سلم: أنه سأل عبد الملك بن غضيف/ابن الحرث الثمالي، وقال معن عن معاوية عن يوسف بن سيف عن غضيف أبو الحرث بن غضيف السكوني، وقال عبد الوارث: عن برد بن سنان عن عبادة بن نسى عن غضيف بن الحرث سمع عمر وعائشة، وقال الثوري: معتمر عن برد عن عبادة عن غضيف سمع عمر وعائشة، وقال بشار: عن الوليد بن عبد الرحمن عن عياض بن غضيف عن أبي عبيدة، وقال الزبيدي: عن سليمان بن عامر عمن سمع غضيف بن الحرث عن أبي عبيدة، وفرق أبو عمر في الاستيعاب بين غضيف بن الحرث، وعن عطيف الكندي وبين غضيف بن الحرث الثمالي، وزعم أن الاضطراب في الأول، والذي بعده كبير جدا، ومع ذلك فقد زعم في الاستذكار أن حديثه ثابت، ويشبه أن يكون مسنده قول أبي حاتم وأبي زرعة فإنهما ذكرا أنّ له صحبة، وأبي ذلك غيرهما، فإن ابن سعد لما ذكره في التابعين وصفه بالثقة، وقال العجلي: هو تابعي ثقة، وقال عبد الرحمن بن حراس: لا بأس به، وقال الدارقطني: ثقة من أهل الشام، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال أبو إسحاق

_ (1) صحيح. رواه ابن عدي في " الكامل " (6/2401) ، والجمع (2/104) ، وعزاه إلى أحمد، والطبراني في " الكبير "، ورجاله ثقات.

الصيرفي: أدرك زمان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- ويختلف في صحبته، وروى عن عمر وبلال وأبي ذر وأبي الدرداء وعائشة وأبي حميصة المزني، وروى عنه ابنه عبد الرحمن وعبادة ومكحول وابن سيف، وحديث عبد اللَّه ابن عمر: أنه مر برجل في صلاة قد وضع يده اليسرى في الصلاة على يمينه فقال له: إن رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: " لا تفعل فعل قوم قد عذبوا " (1) . رواه أبو القاسم في معجمه، وقال: لم يروه عن ابن عجلان- يعني: عن نافع- إلّا إبراهيم بن إسماعيل تفرد به/فضالة بن يعقوب. وفي موضع آخر مرفوعًا: " إنا معاشر الأنبياء أمرنا بثلاث: بتعجيل الفطر، وتأخير السحور، ووضع اليمنى على اليسرى في الصلاة " (2) . رواه من حديث يحيى بن سعيد بن سالم القداح، ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن نافع عنه، وقال: لا يروى عن ابن عمر إلّا من هذا الوجه، وقال في الصغير: لم يروه عن نافع إلّا ابن أبي داود، ولا عنه إلّا ابنه. تفرد به الفلاح. وحديث أبي إسحاق عن شدّاد بن شرحبيل، وسمَّاه في موضع أخرى القيل كأنه لقيه قال: " رأيت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- ضرب بيده على شماله في الصلاة " (3) . وقال أبو القاسم: لم يروه عن أبي إسحاق إلا يوسف بن أبي إسحاق، ولا عن يوسف إلا إبراهيم بن يوسف- تفرد به شريح بن سلمة- وحديث عائشة

_ (1) صحيح. بنحوه أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/104) ، وعزاه إلى أحمد، والطبراني في " الأوسط "، ورجاله رجال الصحيح. (2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/105) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، ورجاله رجال الصحيح. (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/104- 105) ، وعزاه إلى " البزار " والطبراني في " الكبير "، وفيه عباس بن يونس، ولم أجد من ترجمة، وقال البزار: لم يرو شداد بن شرحبيل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا هذا الحديث.

قالت: " ثلاثة من النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة " (1) . رواه الدارقطني من حديث شجاع بن مخلد هيثم عن منصور أنبأ محمد بن أبان الأنصاري عنهما. وحديث أبي هريرة قال عليه السلام: " أمرنا معاشر الأنبياء أن نعجِّل الإفطار، ونؤخر السحور، ونضرب بأيماننا على شمائلنا في الصلاة " (2) . رواه من حديث أبي وائل عن عطاء عنه، ومن حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن يسار بن الحكم عنه بلفظ: " وضع الكف على الكف في الصلاة من السنة ". ومن هذه الطريق ذكره أبو داود في رواية ابن العبد، وقال: روى حديث علي عن سعيد بن جبير فوق السرة. وقال أبو مجلز: تحت السرة، وروى عن أبي هريرة وليس بالقوي. وحديث ابن عباس يرفعه: " إنَّا معاشر الأنبياء أمرنا/أن نؤخر السحور، ونعجل الإفطار، وأن نمسك بأيماننا على شمائلنا " (3) . رواه عن ابن السكن، ثنا عبد الحميد بن محمد ثنا مخلد بن يزيد ثنا طلحة عن عطاء عنه، ورواه البيهقي من طريق عبد المجيد، وإنّما يعرف بطلحة ابن عمرو، وليس بالقوى عن عطاء عن ابن عباس، ومرة عن أبي هريرة، ورواه الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أحمد بن طاهر بن حرملة، ثنا حرملة ابن وهم أخبرني عمرو بن الحارث سمعت عطاء به، وقال: لم يروه عن عمرو إلّا ابن وهب، تفرد به حرملة، ورواه في الكبير: من حديث ابن عيينة عن عمرو عن فارس عنه. وحديث أبي حميد الساعدي عن ابن حزم ووصف

_ (1) رواه الدارقطني (1/284) ، وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/105) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " مرفوعا وموقوفا على أبي الدرداء، والموقوف صحيح، والمرفوع في رجاله ولم أجد من ترجمه. (2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/105) من حديث ابن عباس، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، ورجال الصحيح. (3) المصدر السابق.

صلاة النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم - فرفع يديه إلى وجهه، ووضع يمينه على شماله. وحديث علي قال: " إن من السنة في الصلاة وضع اليمين على الشمال تحت السرة " (1) ، ورواه الدارقطني من حديث عبد الرحمن بن إسحاق، حدثنى زياد بن زيد السوائي عن أبي جحيفة عنه، ومن حديث عبد الرحمن أيضًا عن النعمان بن سعد عنه. زاد بن القطان: وزياد، وحاله مجهولة وليس بالأعم، وقال البيهقي: لم يثبت إسناده، تفرد به عبد الرحمن الواسطي، وهو متروك. ورواه أبو داود من رواية ابن العبد عنه بلفظ: " السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة " (2) . وفي كتاب ثواب القرآن لأبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا وكيع عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن عاصم الجحدي عن عقبة بن ظهير عن علي: " (فصلّ لربك وانحر) (3) . قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة ". زاد الدارقطني/عن عمر بن زرارة ثنا عبد العزيز بن حازم عن أبيه عن سهل: " انه كان يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة " (4) . قال ابن حزم: وروينا فعل ذلك عن ابن مجلز والنخعي وسعيد بن جبير وعمرو بن ميمون وابن سيرين وأيوب السختياني وحماد بن سلمة، وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، وأصحابنا، والثوري، وإسحاق، وأبو ثور، وأبي عبيد، والطبري، وداود. وقال ابن الجوزي: هو مستحب عندنا، ولمالك روايتان: إحداهما: كقولنا. والثانية: أنه غير مستحب إنما هو مباح، وفي المدونة: يكره فعله في الفرض، ولا بأس به في النافلة إذا طال القيام، وقال أبو عمر: رواية ابن القاسم عنه إرسال اليدين، وهو قول الليث، قال ابن بطال: ورأى

_ (1) رواه الدارقطني: (ح 1090، 1/327) . (2) ضعيف. رواه أبو داود: (ح/756) . قلت: وعلته حفص بن غياث، شيخ يروى عن ميمون بن مهران، مجهول، بصري (المغني في الضعفاء: 2/183/1640) (3) سورة الكوثر آية: 2. (4) حسن. رواه أبو داود (ح/759) ، وابن المبارك في " الزهد " (6) ، وعبد الرزاق (3317) ، والطبراني (3/312، 10/212) ، والإرواء (2/70)

ذلك ابن الزبير وسعيد بن المسيب والحسن بن أبي الحسن وسعيد بن جبير. قال أبو عمرو: وروى ابن نافع وعبد الملك ومطرف عن مالك، بوضع اليمنى على اليسرى في الفريضة. قال أبو عمرو: هو قول المدنين، وأشهب، وابن وهب، وابن عبد الحكم، وقال الأوزاعي: من شاء فعله، ومن شاء تركه، وهو قول عطاء. وقال ابن القصار: وجه الكراهة أنّه عمل في الصلاة وربما شغل صاحبه، وقد علم النبي- عليه السلام- الأعرابي فلم يأمره بذلك. وقيل: خشية اًن يظهر بجوارحه من الخشوع ما لم يضمن، قال ابن بطال: وربما دخله ضرب من الرياء. وأمّا كيفية الوضع، فذكر الوتري الحنفي: يضع كفه اليمنى على كفه اليسرى، وقيل: ذراعه الأيسر، والأصح: وضعها على المفصل. وفي الاستصحاب قال أبو يوسف: يبيض بيده اليمنى رسغ اليسرى، وقال محمد كذلك ويكون الرسغ وسط الكف، وقال ابن قدامة: يضعها كوعه وما يقاربه./وقال القفال: يقبض بكفه اليمنى كوع اليسرى وبعض رسغها وساعدها، وهو مخيّر بين بسط أصابع اليمنى في عرض المفصل وبين نشرها في صوبة الساعد، وأما متى يضعها، ففي المحيط: كما فرغ من التكبير، وعند محمد: بعد الثناء، وقال أبو القاسم: الصغار يرسل إلى أن يفرغ من الثناء والتسبيح، واختار الطحاوي: ويضعها كما يفرغ من التكبير، وفر، صلاة الجنازة والقنوت قال: يضعهما تحت سرته، وبه قال أحمد، وعنه: فوق السرة وعنه: هو مخير، وفي الحاوي للماوردي: والوسط تحت الصدر، قال النووي: فوق السرة هذا هو الصحيح المنصوص، وعن أبي إسحاق: تحت السرة والمذهب الأول، وفي كتابي أبي عيسى والطوسي، وقبلهما البخاري، وابن دريد في كتاب الاشتقاق الكبير، والشيرازي في الألقاب، وأبو عبيد الله المرزباني، وابن حبان في كتاب الصحابة، وخليفة في كتاب الطبقات، واسم هلب: يزيد بن قتادة الطائي. كذا قالوه. وقال العسكري وابن عبد البرّ في أحد قوليه، وابن عساكر وابن حزم في الجمريزة، والطبري في المزيل بريد ابن عدي بن فتانة بن عدي بن عبد شمس بن عدي بن حزم وابن يزيد، ذكر الكلبي: أن أبيه سلامة بن يزيد هو الهلب

وهو الذي وفد على النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- ومسح برأسه، الأوّل أصح، وكان وفد وهو أقرع فمسح النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- رأسه فنبت شعره فسمّى الهلب، كذا رواه الرواة، وزعم أهل اللغة: أنه الهلب، قال الكلبي في الجامع لأنساب العرب: وفيه قال الشاعر: كأن زماني رأسه تارة ... فأصبح الأقرع وأتى التكبير (1) . /وفيه يقول عويج بن ضريس النبهاني: أنا عويج ومعى سيف الهلب ... أنا الذي أشجع من معد يكرب وكما سمّاه الكلبي سمّاه ابن سعد لم يذكره غيره، والوزير أبو القاسم في كتاب أدب الخواص، وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهم، زاد الوزير: والتشديد فيه واقع على الباء. ***

_ (1) كذا ورد هذا الكلام بلفظه في " الأصل ".

140- باب افتتاح القراءة

140- باب افتتاح القراءة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون عن حسين المعلم عن بريد ابن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: " كان رسول الله- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يفتتح القراءة بالحمد للَّه رب العالمين " (1) . هذا حديث خرجه مسلم: " يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك " (2) ، فذكر حديثًا مطولًا. وقال أبو عمر في كتاب الإنصاف: هو حديث انفرد به بديل عن أبي الجوزاء، أليس له إسناد غيره، وهما ثقتان لا يختلف فيهما إلا أنهم يقولون أن أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة، وجدنه عنها إرسال، وكذا قاله في التمهيد. انتهي. سماعه منها لكن جائز لكونهما كانا في عصر واحد، وقد روى البخاري في تاريخه عن مسدد عن جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك اليشكري عن أبي الجوزاء قال: " أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة ليس من القرآن آية إلا سألتهما عنها قال البخاري: في إسناده نظر. وفي كتاب الصلاة لأبي بكر الفرياني: ثنا مزاحم بن سعيد أنبأ ابن المبارك، ثنا ابن طمهان، ثنا بديل عن أبي الجوزاء/قال: أرسلت رسولًا إلى عائشة أسأنها عن صلاة النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- فقالت: " كان يفتتح ... " الحديث، وفي هذا ما يبدء لمن يقول بالمعاصرة ولمن يقول بالنقطاع، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث عبد الرحمن بن بديل عن أبيه وقال: لم يروه عن عبد الرحمن إلّا أبو داود الطيالسي.

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/812/، 814) ،. والحديث الأول إسناده صحيح، والثاني قال عنه في الزوائد: إسناده ضعيف. أبو عبد الله الدوسي ابن عم أبي هريرة مجهول الحال. وبشر بن رافع، ضعفه. وضعفه أحمد. وقال ابن حبان: يروي أشياء موضوعه. والحديث من غير رواية أني هريرة ثابت في الصحيحين وغيرهما. (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، باب " 46 " رقم " 240 ") ، والبيهقي (2/ 113) ، والمشكاة (791) ، والقرطبي (1/95، 175، 345، 360) ، والحلية (3/63) ، والإرواء (2/20؛ 50) .

حدثنا محمد بن الصباح، أنبأ سفيان عن أيوب عن قتادة وثنا حبارة بن أبي المفلس، ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس: " كان رسول اللَّه- صلّى الله عليه واله وسلّم- وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد للَّه رب العالمين " (1) ، هذا حديث خرجه الأئمة الستة، وفي لفظ عند الشيخين: " صليت خلف النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فلم أستمع أحدا منهم يقرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها ". ولفظ البخاري: " كانوا يفتتحون الصلاة " قال الإسماعيلي: إنما هو القراءة، والقراءة تسمى صلاة، قال: يقال: (ولا تجهر بصلاتك) (2) . ولفظ ابن حبان: " أنَّ النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- وأبا بكر وعمر لم يكونوا يجهرون ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، وكانوا يجهرون بالحمد لله رب العالمين " (3) . وعند النسائي من حديث مسعود بن زادان عن أنس: " فلم يسمعنا قراءة بسم اللَّه الرحمن الرحيم، وصلى، بنا أبو بكر وعمر فلم نسمعها منهما، وفي لفظ من حديث شعبة عن ثابت عن أنس فإن كان ابن عبد البر قال: لا يصح بشعبة عن ثابت، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: هذا خطأ أخطأ فيه الأعمش، إنما هو شعبة عن قتادة عن أنس، كذا هو المعروف. وقال أبو عيسى في كتاب العلل الكبير: هذا وهم، والأصح/شعبة عن قتادة عن أنس، وفي لفظ: " فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، فافتتحوا بالحمد للَّه رب العالمين ". وعند النسائي (4) من حديث مسعود بن زادان عن أنس: " فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى ثنا

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/743) ، ومسلم في (الصلاة، ح/399) ، وأبو داود (ح/872) ، والترمذي (ح/246) وصححه، والنسائي في (الافتتاح، باب قراءة بسم الله للرحمن الرحيم (، وابن ماجة (ح/813) ، والدارمي (ح/1240) ، ومالك (ح/30) ، والدارقطني (1/314- 315) ، واحمد (3/262) ، وابن خزيمة (498) . (2) سورة الإِسراء آية: 0110 (3) رواه أحمد: (3/179، 275) . (4) رواه النسائي في: الافتتاح، 21- باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (2/135) .

أبو بكر وعمر فلم نسمعها منهما ". وفي لفظ من حديث شعبة وشيبان عن قتادة وهي عند ابن خزيمة وعن شعبة عن ثابت عن أنس، وإن كان ابن عبد البر قال: لا يصح لشعبة عن ثابت، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: هذا خطأ فيه الأعمش إنَّما هو شعبة عن قتادة عن أنس كذا هو المعروف، وقال أبو عيسى في كتاب العلل الكبير: هذا وهم، والأصح شعبة عن قتادة عن أنس، وفي لفظ: " فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (1) . وفي لفظ: " فافتتحوا بالحمد "، وعند البيهقي: " لا يقرؤون " يعني: لا يجهرون ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، قال: كذا قال، وقوله: كانوا يستفتحون القراءة بالحمد أولى. فقد رواه أصحاب قتادة عنه بهذا منهم حميد الطويل، وأيوب الدستوائي، وابن أبي عروبة، وأبان العطار، وحماد بن سلمة. قال الدارقطني: وهو المحفوظ عن قتادة وغيره، عن أنس، وكذا قاله الخطيب في كتاب الجهر بها، ووضح بأنّ ما عداه من ذكره التسمية غير ثابت. وعند الطبراني: ثنا عبد اللَّه بن زهير الغزي، ثنا محمد بن أبي اليسرى، ثنا معتمر عن أبيه عن الحسن وهو عند ابن خزيمة من حديث عمران القصير عن أنس: " أنّ النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- كان يسر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم وأبو بكر وعمر، رضى اللَّه عنهما " (2) . وقال الحافظ ضياء الدين: رواه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن/قال الراوي عنه: الثقة المأمون عن عبد الله بن وهب بإسناده مثله. وفي سنن أبي قرة عن سفيان عن أبان بن أبي عياش عنه: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله ومسلّم- وأبو بكر وعمر يستفتحون بالحمد " (3) . قلت لأنس: بسم الله الرحمن الرحيم قال: خلفها. وفي كتاب الصلاة لأبي الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر الخفاف النيسابوري الحافظ بسند صحيح عن يعقوب

_ (1) المصدر السابق. (2) إتحاف (3/189) ، والمنثور (1/11) ، والحلية (6/179) ، والمجمع (2/108) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، و" الأوسط "، ورجاله موثقون. (3) انظر: الحديث الأول من الباب ص 1390.

ابن إبراهيم ثنا وكيع، ثنا شعبة عن قتادة بلفظ: " فلم يكونوا يفتتحون القراءة ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (1) ، وفي لفظ: " يفتتحون القراءة في الصلاة بالحمد للَّه "، وفي الأوسط للطبراني من حديث إبراهيم التيمي عن أنس: " صليت خلف النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- حتى قضى وخلف أبي بكر وعمر حتى قضيا فما سمعت أحدَا منهم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم في الصلاة، وكانوا يفتتحون بالحمد " (2) ، وقال: لم يروه عن إبراهيم إلا العوام بن حوشا. تفرد به عبد اللَّه بن حراش، وفي قول البيهقي وسعيد بن أبي عروبة نظر؛ لما رواه ابن خزيمة من حديث ابن إدريس: سمعت ابن أبي عروبة عن قتادة: " أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- لم يجهر ببسم اللًه الرحمن الرحيم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان " (3) . وفي الأوسط من حديث مالك بن دينار عن أنس: " وكانوا يفتتحون القراءة بالحمد، وكانوا يقرءون: مالك يوم الدين " (4) ، وقال: لم يروه عن مالك إلا أبو إسحاق الخميسي حازم، ومن حديث عابد بن شريح عنه: " فلم يجهروا ببسم اللَّه الرحمن الرحيم ". قال أبو عمرو: سئل عن ذلك فقال: كبرت ونسيت. وعن الدارقطني بإسناد صححه عن أبي مسلمة سعيد بن/ يزيد قال: " سألت أنسَاس ن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يفتتح القراءة في الصلاة ببسم الله وبالحمد للُّه فقال: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد " (5) . قال أبو عمر: الذي عندي: أنه من حفظه حجة على من سأله في حال نسيانه- واللَّه الموفق- قال الخطيب: هذا حديث صحيح الإسناد، ثبت الرجال، لا علة فيه، ولا مطعن عليه. وقال ابن الطاهر المقدسي في كتابه تصحيح التعليل: هو إسناد صحيح متصل، لكن هذه الزيادة في متنه منكرة موضوعة، وقد تتبع الدارقطني في

_ (1) ، (2) الحديث الثانى، المصدر السابق للنسائي، والثالث أيضاَ. (3) لها أكثر من موضع سابق. (4) أنظر: الحديث الأول من الباب ص 1390. (5) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/108) ، وعزاه إلى أحمد، ورجاله ثقات.

تصحيحه غير واحد؛ وذلك أنّ أبا سلمة رواه عن أنس: " أكان النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- يصلي في نعله؟ فقال: نعم " (1) ، لم يجاوز هذا اللفظ. كذا رواه غير واحد من الأئمة، فبذلك أنّ رواية العباس عن غسان كرواية الأئمة والعباس لا يجوز قبوله؛ لأن الراوي إنّما تصل عد أهل الفيض من الثقة المجمع عليه، وفي البخاري: سئل أنس عن قراءة النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- فقال: " كانت مدَا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم بمد بسم وبمد الرحمن وبمد الرحيم ". وعند مسلم (2) عنه: " بينما رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- ذات يوم بين أظهرنا إذا أغفي إغفاءة ثم رفع رأسه متبسِّمَا فقلنا: ما أضحكك يا رسول اللَّه قال: " نزلت علي سورة آنفَا فقرأ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم (إنا أعطيناك الكوثر* فصل لربك وانحر* إن شانئك هو الأبتر) " (3) ، ومن حديث شريك عند الحاكم به، وقال: رواته عن آخرهم ثقات عن أنس: " سمعت رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (4) ومن حديث محمد بن المتوكل بن أبي/السرى، وقال: رواته ثقات، قال: صليت خلف المعتمر من الصلوات ما لا أحصيها الصبح والمغرب؛ فكان يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها، وعزا ذلك لأبيه، وأبوه لأنس، وقال أنس: ثنا الودان المقتدى بصلاة النبي- صلّى الله عليه وسلم- من حديث عبد اللَّه بن محمد بن إبراهيم الطائي ثنا إبراهيم التيمي، وهو

_ (1) رواه أحمد (4 / 9) ، والمنثور (3 / 79) ، وابن سعد (1 / 2 / 7 / 167) ، والكنز (17940) ، وأخلاق (137، 138) ، والمجمع (2 / 75) ، بلفظ: " كان يصلى في تعليه ". (2) صحيح. رواه البخاري في: فضائل القرآن، باب " 29 ". (3) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح لم 53) . غريبه: قوله: " أغفي إغفاءة " أي نام نومة. (4) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/108- 109) . وعزاه إلى " الهيثمي "، ورجاله موثقون. ورواه أبو داود وغيره خلا الجهر ما.

منكر الحديث عن المعتمر بنحو: " إن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كان يجهر بالقراءة ببسم الله الرحمن الرحيم " (1) . ومن حديث أبي جابر شعيب بن عمرو: ثنا محمد بن أبي السرى ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا مالك عن حميد عنه: " صليت خلف النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- وخلف أبي بكر وخلف عمرو وخلف عثمان وخلف علي، فكانوا لا يجهرون ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (2) . قال الحاكم: إنما ذكرت هذا الحديث شاهدَا، وفي هذه الأخبار التي ذكرتها معارضة لحديث قتادة الذي ترويه أئمتنا عنه. وقد بقى في الباب عن أميري المؤمنين- علي وعثمان- وطلحة بن عبيد اللَّه، وحازم بن عبد الله، وعبد الله ابن عمرو الحكم الثماني، والنعمان بن بشير، وسمرة بن جندب، وبريدة الأسلمي، وعائشة كلها عندي لكني تركتها إشارة للتخفيف، واختصرت منها ما يليق بهذا الباب، وكذلك قد ذكرت في الباب من جهر بالبسملة من الصحابة والتابعين وأتباعهم- رضى اللَّه عنهم-، وفي كتاب الخطيب من حديث إسماعيل المكي عن قتادة عن أنس: " سمعت النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (3) ، وفي هذا ردّ لما قاله وإن كان المكي ضعيفَا فليس مطرحَا بالمهملة، قال الخطيب:/ثبت أن أنسا لم يسمع من النبي، والتيمي لم يبقى على سماعه ذلك فيه كما قاله المكي؛ بل المطلق، فيحتمل أن يكون قد سمعه أنس من بعض الصحابة فرواه عنه رواية مرسلة، ومرسل الصحابة حجة. حدثنا نصر بن علي الجهمي وبكر بن خلف وعقبة بن مكرم قالوا: حدثنا

_ (1) المصدر السابق. (2) الحديث الأول من الباب. قلت: " وهذا الحديث " سقط منه " لها " وكذا أثبتناه. (3) ضعيف. رواه الطبراني (1/3380) ، وإتحاف (3/186، 189) ، والمنثور (1/8، 11) ، والدارقطني (1/302، 307، 309، 311) ، والكنز (22164) ، وابن المبارك في " الزهد " (7) ، وأصفهان (م/44) ، والجمع (م/109) ، وعزاه إلى البزار، ورجاله موثقون.

صفوان بن عيسى ثنا بشر بن رافع عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة- أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: " كان يفتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين " (1) . هذا حديث قال فيه أبو عمر في كتاب الإنصاف: بشر بن رافع عندهم منكر الحديث قد اتفقوا على إنكار حديثه، وطرح ما رواه وترك الاحتجاج به، ولا يختلف علماء أهل الحديث في ذلك، والذين يروون عن بشر: حاتم بن إسماعيل وعبد الرزاق وصفوان بن عيسى، ولو صح حديثه احتمل من التأويل أنه كان يفتتح لها دون غيرها من السور ولم يقل دون البسملة؛ لأن البسملة في أوّل كل سورة مثله في المصحف، ورواه عبد الواحد بن زيد- يعني: من عند مسلم- وهو منقطع، فإنّ مسلم قال في أوّله حديث عن يحيى بن حسان ويونس بن محمد المؤذن وغيرهما، قالوا: ثنا عبد الواحد به. ووصله البزار فقال: ثنا محمد بن مسكين الثمالي عن يحيى بن حسان ثنا عبد الواحد عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة أن النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم-: " كان إذا نهض في الثانية استفتح القراءة بالحمد، ولم يسكت " (2) ، قال عمر: وهذه رواية، يغني ظاهرها عن الكلام فيها. انتهى كلامه. وفيه نظر في مواضع: الأوّل: قوله: ولا يختلف علماء أهل الحديث/في ذلك أحد؛ لأنه مما قال فيه أبو زكريا يحيى بن معين فيما رواه عباس: لا بأس به، وقال أبو أحمد ابن عدي: لا بأس بأخباره ولم أجد له حديثًا منكرًا، وقال أبو بكر البزار: ليّن الحديث، وقد احتمل حديثه وخرج له الحاكم في الشواهد، وقال: ليس بالمتروك وإن لم يخرّجاه.

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/814) . في الزوائد: إسناده ضعيف. أبو عبد الله الدوسي ابن عم أبي هريرة مجهول الحال. وبشر بن رافع، اختلف قول ابن معين فيه، فمرة وثقة، ومرة ضعْفه. وضعفه أحمد. وقال ابن حبان: يروى أشياء موضوعة. والحديث- من رواية غير أبي هريرة- ثابت في الصحيحين وغيرهما. (2) شرح معاني الآثار (1/200) ، وأبو عوانة (2/99) .

الثانى: روى عنه غير من ذكر؛ وهو عبد الوهاب بن همام أخو عبد الرزاق ويحيى بن أبي كثير، وهو من شيوخه. الثالث: وحدثنا بهذا الحديث طريقًا على رسم الشيخين، قال الطبراني: ثنا محمد بن العباس الأخرم ثنا أبو حفص عمرو بن علي ثنا أبو داود الطيالسي ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن سمعت الأعرج يحدّث عن أبي هريرة أنّ النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم-: " كان إذا افتتح الصلاة قال: الحمد لله رب العالمين ثم يسكت هنيهة " (1) . ثم قال: لم يروه عن شعبة إلا أبو داود رواه أبو الحسن عن ابن صاعد، ثنا عمرو بن علي، ثنا أبو داود عن شيبة عن محمد بن عبد الرحمن عن سعيد بن زرارة سمعت الأعرج به، وقال: لم يرفعه غير أبي داود عن شعبة، ووقفه غيره من فعل أبي هريرة. وحديث العلاء بن عبد الرحمن المذكور عن مسلم قال أبو عمر بن عبد البر، وهو أصح حديث روي في سقوط البسملة منْ أوّل الفاتحة، رواه مالك عن العلاء عن أبي السائب مولى هشام. سمعت أبا هريرة سمعت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يقول: قال الله تعالى: " قسمت الصلاة بيني وبن عبدي نصفين؛ فإذا قال العبد: الحمد للَّه رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي ... " (2) . الحديث. رواه ابن جريج عن العلاء كرواية/مالك سواء، رواه شعبة والثوري وابن عيينة عن العلاء عن ابنه عن أبي هريرة، ولم يذكروا أبا السائب؛ فمن أهل العلم بالحديث من جعل هذا اضطرابًا يوجب التوقف عن العمل بحديث

_ (1) رواه النسائي في: الافتتاح، 15- باب الدعاء بين التكبيرة والقراءة (2/129) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/38، 40) ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 13 ") ، والترمذي (ح/2954) ، وحسنه. والبيهقي (2/37، 38، 39، 375) ، والحميد (973) ، وابن حبيب (1/46) ، والترغيب (2/367) ، وإتحاف (3/150/151، 184) ، والتمهيد (2/230) ، والمسير (4/413) ، وصفة (49، 211) ، وجرجان (185) .

العلاء، ومنهم من قال: ليس هذا باضطراب؛ لأن العلاء روى هذا الحديث عن أبيه، وعن أبي السائب جمعيا كذا رواه أبو أويس عنه، والقول عندي في ذلك أن مثل هذا الاختلاف لا يضر؛ لأن أباه وأبا السائب من الثقات؛ فعن أيهما كان فهو من أخبار العدول التي يجب الحكم ما، وفي حديث منصور ابن أبي مزاحم- وهو من أهل الصدق عندهم- ثنا أبو أويس عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: " كان لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم " (1) ، قال أبو عمر: بعض هذه الرواية رواية مالك، وغيره أقوالها في نفسك يا فارس. ورواه الدارقطني من حديث يوسف بن يعقوب ابن البهلول حدثني جدي، ثنا أبي، ثنا ابن سمعان عن عبد الله بن سمعان عن زياد بن سمعان، وهو متروك الحديث، عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: قال اللَّه: لا قسمت الصلاة بيني وبن عبدي نصفين؛ يقول عبدي إذا افتتح الصلاة: بسم اللَّه الرحمن الرحيم فيذكرني عبدي، ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، فأقول حمدني عبدي " (2) الحديث. ثم قال: رواه جماعة من الثقات عن العلاء؛ منهم: مالك وابن جريج، وروى ابن القاسم وابن عيينة وابن عجلان والحسن بن الحراء وأبو أويس وغيرهم على اختلاف منهم في الإسناد، واتفاق منهم على المتن، فلم يذكر أحد منهم في حديثه بسم الله الرحمن الرحيم، / واتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان ضعيف لا يقدح بما بصروا- والله أعلم- وقال الملاحي الغافقي الحافظ: تفرد آدم بن أبي إياس عن ابن سمعان بذكر البسملة، وآدم من شرط الشيخين ومذهبهما أن الزيادة عندهما من الثقة مقبولة. انتهي كلامه. قد أسلفناه من غير حديث آدم، والله تعالى أعلم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا إسماعيل بن علية عن الحريري عن قيس ابن عباية، قال: حدثني به عبد الله عن أبيه قال: قلت: ما رأيت رجلَا أشد عليه في الإسلام، حدثنا منه فسمعني وأنا في الصلاة أقرأ بسم الله الرحمن

_ (1) الخطيب (3/165) ، والتمهيد (2/230) . (2) الحاشية قبل السابقة.

الرحيم فقال: أي: من أباك، والحديث: " فإنى صليت مع رسول الله- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان فلم أسمع رجلَا منهم يقوله؛ فإذا قرأت فقل: " الحمد للَّه رب العالمين " (1) . هذا حديث قال فيه الترمذي والطوسي: حسن بلفظ: " فلا تقلها إذا أنت صليت ". فقال: زاد أبو عيسى: والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين؛ يقول الثوري، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وفي مسند أحمد: " فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (2) ، وفي لفظ: " كان أبونا إذا سمع أحدنا يقول بسم اللَّه الرحمن الرحيم قال: إني صليت خلف النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- وأبي بكر وعمر فلم أسمع أحلَا منهم يقول: بسم الله الرحمن الرحيم " (3) . وقال البيهقي: تفرد به أبو نعامة، واختلف عليه في لفظه، وابن عبد اللَّه بن مغفل وأبو نعامة يحتج هما صاحبا الصحيح، وقد قيل عن أبي عن أنس، وعاد فيه الشافعي/بحديث أنس عن معاوية- يعني: الآتي بعد- وقال الخطيب: قد طعن بعض الفقهاء في مسنده، وقال قيس: غير ثابت الرواية، قال: وقيس لا أعلم أحدَا بورعه في دينه ولا كثرة روايته، ولكن ابن عبد الله مجهول، ولو صح حديثه لم يكن مؤثرَا في حديث أبي هريرة؛ لصغره وكبر أبي هريرة، ولأنّ النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- كان يقول لأصحابه: " ليليني منكم أُولو الأحلام والنهى " (4) ، وقال ابن خزيمة في كتاب البسملة: مداره على ابن عبد الله بن مغفل، وهو مجهول. وقال الثوري: هش جماعة الترمذي في تحسينه إلى التساهل، وقالوا: هو حديث (1) الحديث الأول من الباب ص 1390. (2) رواه أحمد: (3/179، 275) . (3) الحديث الأوّل من الباب ص، 139. (4) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، باب " 28 "، ح/122، 123) ، والمجمع (2/ 49) ، والترمذي (228) ،. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. والحميدي (456) ، وابن أبي شيبة (1/351) ، والطبراني (10/1/216/1708، 217) ، والحاكم (1/

ضعيف، وعلي تقدم الصحة فلا يلزم من عدم السماع عدم القراءة ما سواء، وقال أبو عمر: وقد زعم قوم أن الحريري انفرد به، وليس هو عندي كذلك؛ لأنه قد رواه غيره عن قيس، والمفرد به قيس، وهو ثقة عند جميعهم، وأما ابن عبد الله فلم يرد عنه إلا قيس في ما علمتم، ولم يروه عنه إلا واحدًا فهو مجهول عندهم، والمجهول لا تقوم به حجة. ورواه معمر عن الحريري قال: أخبرني من سمع ابن عبد اللَّه بن مغفل. ورواه إسماعيل بن مسعود عن عثمان بن غياث عن أبي نعامة لم يذكر الحريري، فالحديث إنما يدور على ابن عبد اللَّه، وقد تقدّم الخبر عنه، وفي لفظ لعثمان بن غياث: " كان إذا سمع أحدا يقرأ (1) بسم اللَّه الرحمن الرحيم ". انتهى. وفيما تقدم من الكلام جميعه نظر؛ لما يذكر بعد من أن الصواب قول من حسنه، وأنّ أبا نعامة لم ينفرد به، وأنّ ابن عبد الله بن مغفل ليس مجهولا، وقال البيهقي: لم يحتجا به غير مؤثر في عدالته؛ لأنهما لم يشترطا الإخراج عن كل ثقة ولا التزماه ولو اشترطاه لم لما أطاقاه، وأما قول من زعم أن ابن مغفل صغير فغير صواب؛ لأنه ممن بايع تحت الشجرة، ومن الكاتبين، ومن الفقهاء الذين أرسلهم عمر ليفقهوا أهل البصرة، فعلى هذا يكون سنه من سنَّ أبي هريرة: [قد سمعت رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بالطولي الطوالي " (2) ، رواه البخاري، وزاد ابن حبان مالك يقرأ في المغرب بقل هو اللَّه أحد، وإنا أعطيناك الكوثر، فقال زيد فحلف باللَّه لقد رأيت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- الحديث، وسئل ابن أبي مليكة ما طولى الطوليين؟ فقال: من قبل نفسه المائدة والأعراف وفي النسائي (3) من حديث أبي الأسود أنه سمع عروة يُحدّث عن زيد أنّه قال لمروان: أبا عبد الملك أتقرأ في المغرب بقل هو اللَّه أحد، وإنّا أعطيناك الكوثر؟ فقال: نعم، قال محلوفه: " لقد رأيت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- بقرأ فيها بأطول الطوليين المص " (3) ، وفي البيهقي: ورواه محاضر بن المورع عن هشام عن أبيه

_ (1) قوله: " يقرأ " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " 99 ") ، ومسلم في (الصلاة، ح/174) ، ومالك في (الصلاة، ح/23) . (3) رواه النسائي في: الافتتاح، 67- باب القراءة المغرب بالمص (2/169) .

عن زيد عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلّم- هذا المعنى، والصحيح الأول يعني رواية البخاري، وفي العلل الكبير للترمذي: سألت محمدَا عن حديث محمد بن عبد الرحمن الطناوي عن هشام عن أبيه عن أبي أيوب وزيد بن ثابت قالا: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يقرأ في الركعتين الأولتين من المغرب الأعراف " (1) ، فقال: الصحيح: عن هشام عن أبيه عن أبي أيوب أو زيد هشام بن عروة يشك في هذا الحديث. قال أبو عيسى: وصحح هذا الحديث عن زيد بن ثابت رواه ابن أبي مليكة عن عروة عن مروان عن زيد. انتهى. ورواه وكيع في مصنفه عن هشام / على الشك، وذكر هو المعنى عند البخاري- واللَّه أعلم- وفي مسند السراج: ثنا أبو همام، ثنا محاصر، ثنا هشام عن أبيه عن زيد بن ثابت عن أبي أيوب: " أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- كان يقرأ في المغرب بسورة الأعراف في الركعتين كلت] هما في المكتوبة " (2) ، وفيه ردّ لما ذكره الحاكم، وهو حكمه على حديث عروة عن زيد بالصحة على شرط الشيخين إن لم يكن فيه إرسال، ولم يخرجاه هذا اللفظ إنّما اتفقا على حديث مروان عن زيد، وحديث محاضر هذا معسر ملخص، وقد اتفقا على الاحتجاج به، وفي سنن البيهقي: قلت لابن أبي مليكة: ما طولى الطوليين؟ قال: الأنعام والأعراف، وفي الأطراف لابن عساكر: قيل: ما هما؟ قال: الأعراف ويونس، وفي كتاب أبي عبد الرحمن النسائي عن عمرو بن عثمان: ثنا بقية وأبو حيوة عن ابن أبي حمزة، ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: " أن رسول اللُّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف فرقها في ركعتين " (3) ، وهو سند ظاهر الصحة، ولا ما ذكره ابن أبي حاتم سمعت أبي، وثنا عن هشام بن عمار عن الدراوردي عن هشام عن أبيه عن عائشة به فقال: هذا خطأ؛ إنّما هو عن أبيه عن النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- مرسل، ولقائل أن

_ (1) الحاشية السابقة ص. 140. (2) المصدر السابق للنسائي: (ح/2) ، من الباب. (3) أصفهان: (1/143) ،.

يقول: شعيب بن أبي حمزة والدراوردي ثقتان تواردا على رفعه، والزيادة من الثقة مقبولة، فالحديث على هذا صحيح- والله أعلم- وحديث عبد الله بن عتبة بن مسعود: " أن رسول اللَّه- صلّى اللَه عليه وآله وسلم- قرأ في المغرب بالدخان " (1) ، رواه أيضا بسند صحيح عن محمد بن عبد الله بن يزيد ثنا أبى ثنا حيوة ورجل أخر قالا: ثنا جعفر بن ربيعة أن/عبد الرحمن بن هرمز حدّثه أنَّ معاوية بن عبد اللَّه حدثه عنه، وحديث أبي عبد الله الصالحي: " أنه صلى وراء أبي بكر المغرب فقرأ في الركعتين الأولتين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل، ثم قام في الركعة الثالثة، فدنوت منه حتى أن يتأتى مكان تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن، وهذه الآية: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) " (2) ، رواه مالك في موطإه عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عبادة بن نسي عن قيس بن الحرث عنه، وحديث جابر بن سمرة- رضى الله عنه- قال: " كان- عليه الصلاة والسلام- يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة: قل يا أيها الكافرون، وقل هو اللَّه أحد " (3) . ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه في كتاب أولاد المحدثين تأليفه بسند حسن من حديث أبي قلابة الرقاشي عن أبيه أنبأ سعيد بن سماك عن أبيه عنهما، ولما ذكره ابن حبان سعيدًا في الثقات قال: روى عن أبيه أنّه قال: لا أعلمه إلا عن جابر بن سمرة: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يقرأ في صلاة العشاء الأخرة ليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين " (4) ، ثنا به جماعة من شيوخنا عن أبي قلابة ثنا أبي سعيد بن سماك، والمحفوظ: عن سماك أنّ النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- فذكره، وفيه نظر؛ لما ذكره بعد في صحيحه: أنبأ يعقوب

_ (1) رواه النسائي في: الافتتاح، باب " 66 " القراءة المغرب بحم الدخان (2/169) . (2) رواه مالك في: الصلاة، (ح/25) . (3) تقدم في ص 1400 (4) ضعيف جدا. رواه ابن حبان (552) ، والبيهقي (2/391) ، الشطر الأول هنه من طريق سعيد بن سماك بن حرب. وإتحاف (6/215) ، وشرح السنة (3/81) ، والمنثور (6/215) ، وضعفه الشيخ الألباني.

بن يوسف بن عاصم ثنا أبو قلابة ثنا أبي سعيد بن سماك حدثنى أبي قال: لا أعلمه إلّا عن جابر بن سمرة قال: " كان النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة بقل يا أيها الكافرون، وقل هو اللَّه أحد،/ ويقرأ في العشاء الآخرة ليلة الجمعة بالمنافقين " (1) . وقد وقع لنا هذا الحديث عاليا: أنبأ به أبو علي الحسن بن عمر بن خليل قراءة علينا من لفظه أنبأ أبو الميحاء عبد الله بن عمر بن اللثق قراءة عليه وأنبأ أبو المعاني النحاس، أنبأ أبو عبد اللَّه بن السراج أنبأ أبو علي بن شاذان، أنبأ أبو عمرو الدّقاق أنبأ أبو قلابة يذكره مطولًا بذكر الصلاتين، وذكر الإمام أبو عبد الله مالك بن يحيى بن أحمد الإشبيلي في كتابه اختصار التمهيد لأبي عمر: روى عن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم-: " أنه قرأ في المغرب بالصافات وبالمعوذتين " (2) ، وحديث معاوية بن عبد اللَّه: " أن رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلم- قرأ في المغرب حم التي فيها الدخان " (3) . ذكره المديني في كتاب المستفاد في الصحابة من حديث جعفر ابن ربيعة عن الأعرج عنه، وهو سند صحيح، وحديث أبي هريرة، وقد تقدَّم ذكره في باب ما يقرأ في الظهر والعصر، وخرّج أبو داود في سننه في هذا الباب حديث أبي إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه أنه قال: " ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يؤم الناس بها في الصلاة مكتوبة " (4) . قال صاحب تقريب المدارك: هذا حديث سنده صحيح عند البخاري وغيره، وحديث هشام ابن عروة أن ابن أبان كان يقرأ في صلاة المغرب بنحو مما يقرءون العاديات ونحوها من السور (5) واتبعه في أثره، قال أبو داود: هذا يدّل على أنّ ذاك منسوخ وحديث قرة عن الغزال عن عمار عن أبي عثمان أنه. " صلى خلف ابن مسعود المغرب فقرأ قل هو اللَّه

_ (1) المصدر السابق. (2) رواه النسائي في: الافتتاح، 64- باب القراءة في المغرب بالمرسلات (2/168) . (3) المصدر السابق، 66- باب القراءة في المغرب بحم الدخان (6/169) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح/814) . (5) قوله: " السور " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

أحد " (1) ورواهما أبو داود، وحديث بريدة: " كان النبي- صلّى الله عليه وآله وسلم- يقرأ في المغرب / والعشاء: والليل إذا يغشى والضحى، وكان يقرأ في الظهر والعصر بسبح اسم ربك الأعلى، وهل آتاك حديث الغاشية " (2) . رواه البزار بسند صحيح عن ابن عبد اللَّه بن بشر بن آدم ثنا زيد بن حباب، أنبأ الحسين بن واقد عن عبد اللَّه بن بريدة عنه، وعند الترمذي بهذا السند: " كان- عليه الصلاة والسلام- يقرأ في العشاء الأخرة بالشمس وضحاها ونحوها من السور "، وقال: حديث بريدة حديث حسن، وحديث البراء بن عازب قال: " صليت مع النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- المغرب، فقرأ بالتين والزيتون ". رواه السراج في مسنده بسند صحيح عن قتيبة، ثنا الليث عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت عنه، كذا في نسختي وهي أم كتبها ابن النجار المؤرّخ، وضبطها وقرأها، وهي أصل جماعة من الحفاظ وعلى المغرب بصحيح؛ لاًن المحفوظ عن البراء هذه القراءة كانت في العشاء، وسيأتي ذكره- إن شاء الله تعالى- وحديث جابر: " أنّه كان رجل من الأنصار يعمل على ناضحين له، فجاء مبادرًا إلى صلاة المغرب فصلى مع معاذ، فقرأ سورة البقرة فصلى الرجل في ناحية المسجد ثم انصرف، فقال- عليه الصلاة والسلام-: " أفتَّان يا معاذ ... ثلاث مرات هلا قرأت: والشمس وضحاها، وسبح اسم ربك، ونحوهما " (3) . ذكره السكسكي في مسنده بسند صحيح، فقال: ذكر سفيان عن محارب بن دثار عنه، كذا قال المعرف، وسيأتي ذكره، ويؤيّده ما ذكره النسائي في الكبير: " ويرَخم القراءة في المغرب بسبح اسم ربك الأعلى ". أنبأ محمد بن بشار، ثنا عبد الرحمن، ثنا سفيان عن محارب فذكر مثله، ويوضحه ما في صحيح البستي ذكر الخبر

_ (1) المصدر السابق: (ح/815) . قلت: وهذا حديث حسن. (2) إسناده صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/116) ، وعزاه إلى " البزار "، ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في " الأوسط ". (3) صحيح. رواه النسائي (2/168) ، والبيهقي (3/85، 112، 117) ، وابن خزيمة (1611، 1634) ، وشفع (384) ، وابن كثير (3/395، 8/63، 412) ، وتلخيص (2/39) ، والفتح (8/ 699) ، وشرح السنة (2/39) ، وإتحاف، 338) ، وأصفهان (2/7) .

الدال على أن المغرب ليس لها/وقت واحد. أنبأ ابن الجنيد، ثنا قتيبة، ثنا حماد بن زيد عن عمرو عن جابر: " أن معاذَا كان يصلى مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- المغرب ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم ". ولما ذكره أبو القاسم في الأوسط قال: لم يروه عن محمد بن قيس- يعني: عن محارب- إلّا وهيب بن إسماعيل الأسدي، وفي موضع آخر: " فلما أقيمت صلاة المغرب أتى المسجد فوجد معاذَا افتتح سورة البقرة ". وقال: لم يروه عن الشيباني عن محارب الأخلد بن عبد الله، وقال الطحاوي: ذهب قوم إلى الأخذ بحديث أم الفضل وجبير، وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: لا ينبغي أن يقرأ في المغرب إلا بقصار المفصل، دليلهم ما رواه أبو الزبير عن جابر: " أنهم كانوا يصلون المغرب ثم يرجعون " (1) ، وروى حماد عن ثابت عن أنس: " كنا نصلي المغرب مع النبي- صلّى الله عليه وآله وسلم- ثم يرمي أحدنا فيرى مواقع نبله " (2) ، وقد أنكر على معاذ تطويل العشاء مع سبقه وقتها فالمغرب أحرى بذلك، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي وجمهور العلماء، قوله: والمرسلات عرفا، وقال: النواهي الملائكة ترسل العرف، وفي تفسير ابن عباس: يعني: الرسل من الملائكة ومن الأنس؛ أرسلوا بكل معروف وخير وبركة، وفي تفسير عبد بن حميد الليثي عن عبد الله بن مسعود وقتادة قالا: هي الريح، وأما الطور؛ فعن ابن حبان أن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- خوف أهل مكة العذاب فلم يؤمنوا ولم يصدقوا، فأنزل الله تعالى يقسم بستة أشياء أن العذاب ذلك بهم. والطور: الجبل الذي كلم عليه موسى- علمِه السلام- لغة سريانية، وكذا ذكره لم يبين أي طور المقسم به لكونهم سبعة جبال يقال: لكلّ واحد منها الطور الأول: وطور زيتَا جبل/ بقرب رأس عين، الثاني: طور زيتا جبل بالقدس، وبه مات سبعون ألف نبي قتيبة الجوع، الثالث: علم بحبل مطل على ضبري، الرابع: جبل بنى مصر وفاران، الخامس: طور سيناء، هذا هو المقسم به- والله أعلم- جبل بأيلهَ

_ (1) الفتح: (1/311) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/416) ، وأحمد في " المسند " (3/331) .

وقيل: الشام، السادس: طور عبدين متصل بالجودي، السابع: طور هارون- عليه السلام- جبل في صلى البيت المقدس، والله أعلم.

141- باب القراءة في صلاة العشاء

141- باب القراءة في صلاة العشاء حدثنا محمد بن الصباح أنبأ سفيان ابن عيينة ح، وثنا عبد اللَّه بن عامر بن زرارة، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة جميعًا عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب: " أنه- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- صلى العشاء الآخرة. قال: فسمعه يقرأ بالتين والزيتون " (1) ، وفي لفظ: " فما سمعت إنسانًا أحسن صوتًا وقراءة منه " (2) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما، وعند البخاري: " أن النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- في سفر ... "، وقد تقدم ذكره قيل: وفي سن النسائي (3) " فقرأ في الركعة الأولى بالتين والزيتون ". حدثنا محمد بن رمح أنبأ الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر: اًن معاذ بن جبل صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم، فقال النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم-: " اقرأ بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، واقرأ باسم ربك " (4) . هذا حديث خرجاه بلفظ: " كان معاذ يصلى مع النبي- صلى الله عليه وآلهَ وسلّم- يأتي فيؤم قومه فصلى ليلة مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- العشاء ثم أتى قومه فأمّهم/فافتتح بسورة البقرة، فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف فقالوا له: أنافقت يا فلان؟! قال: لا والله، ولآتين رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فلأخبره فأتى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يا رسول الله إنَّا

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/834) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/194) ، ومسلم في (الصلاة، باب " 36 "، ح/175) ، وأحمد (2/ 302) . (3) رواه النسائي في: الافتتاح، باب " 71 ". وصححه الشيخ الألباني. (4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/836) ، والفتح (2/195) ، والمنثور (6/338) . وصححه الشيخ الألباني.

أصحاب تواضع نعمل بالنهار، وإن معاذا صلى معك العشاء ثم أتانا فافتتح البقرة، فأقبل رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- على معاذ فقال: " يا معاذ أفتان أنت؟! اقرأ بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، واقرأ باسم ربك، والليل إذا يغشى " (1) ، وفي صحيح ابن حبان: " اقرأ بالسماء والطارق، والسماء ذات البروج "، وفي كتاب النسائي (2) : " وإذا السماء انفطرت "، وفي سن البيهقي لم يقل أحد فسلم إلّا ابن عباد المكي عن سفيان، وفي كتاب أبي قرّة: " والضحى وهذا النحو "، وفي كتاب أبي القاسم الأوسط: " وسبح اسم ربك الأعلى "، وفي كتاب السراج: " والفجر "، وفي كتاب مسند أبي وهب: " خفَّف على الناس ولا تشن عليهم " (3) ، وفي كتاب أبي داود بسند حسن عن حزم بن أبي بن كعب أنه أتى معاذًا وهو يصلى بقوم صلاة المغرب في هذا الخبر قال: فقال عليه السلام: " يا معاذ لا تكن فتانًا، فإنه يصلى وراءك الضعيف والكبير وذو الحاجة والمسافر " (4) . رواه عن موسى بن إسماعيل ثنا طالب بن حبيب قال: سمعت عبد الرحمن بن جابر بحديث عنه، وفي كتاب المستفاد بالنظر والكتابة من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر: " أن معاذ صلى بالأنصار المغرب، وأن حازمًا الأنصاري لم يصبر لذلك فغضب عليه معاذ ... " الحديث، وفي مسند أحمد: ثنا عفان، ثنا وهيب عن عمرو بن يحيى عن معاذ بن رفاعة أنّ رجلًا من بنى سلمة يقال له: سليم، أتى النبي- صلّى اللَّه/عليه وآله وسلّم- فقال: يا رسول الله إن معاذًا يأتينا بعد ما ينام،

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/180، 8/33) ، ومسلم (339) ، وأبو داود في (استفتاح الصلاة، باب " 12 ") ، والنسائي (2/103) ، وأحمد (3/308) ، وابن خزيمة (521) ، وإتحاف (3/201) ، والمشكاة (833) ، والكنز (20428) ، والإرواء (1/328) . (2) رواية النسائي في الحاشية السابقة. (3) بنحوه. رواه أحمد (4/128) ، والبيهقي (3/116) ، والطبراني (9/37، 39) ، وابن سعد (5/273) ، والمنثور (6/370) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح/791) ، والبيهقي (3/117) ، ونصب الراية (2/30، 53) ، وإتحاف (3/201) ، والكنز (2 " 427، 22929) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " (3/110) ، ومعاني (1/409) .

ويكون في أعمالنا بالنهار فينادى بالصلاة، فنخرج إليه فيطول علينا في الصلاة. فقال- عليه السلام-: " يا معاذ إمَّا أن تخفّف بقومك، وإمَّا أن تجعل صلاتك معى " (1) . وقال ابن حزم: هذا منقطع؛ لأنّ هذا الثانى فْتل يوم أحد، وكذا ذكره البزار. وفي الأحكام لأبي الطوسي: ثنا المؤمل بن هشام، ثنا ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس: " أنّ معاذا كان يؤم فدخل حرام المسجد ليصلي مع القوم، فلما رآه تجوّز في صلاته، ولحق بنخله ليسقيه ... " (2) الحديث، وقال: يقال: هذا حديث حسن. وفي مسند أحمد بسند صحيح عن بريدة: أن معاذا صلى بأصحابه العشاء فقرأ فيها: اقتربت الساعة، فقام رجل من قبل أن يفرغ فصلى، وذهب فقال له معاذ قولا ثديدا، فأتى النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- فقال لمعاذ: " صل بالشَّمس وضحاها ونحوها من السور " (3) . وفي مسند الشافعي: " فقرأ سورة النساء والبقرة "، كذا رأيته بخط شيخنا أبي محمد المسحي- رحمه اللَّه تعالى-، وفي سنن أبي الحسن بسند صحيح ما تبين أن الصلاة التي صلاها مع النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- كانت فرضا لا نافلة، خلا حديث معاذ بن رفاعة ثنا أبو بكر النيسابوري ثنا إبراهيم مرزوق ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أخبرني جابر بن عبد اللَّه أن معاذًا كان يصلي مع النبي- صلّى اللَّه. عليه وآله وسلّم- العشاء ثم ينصرف إلى قومه فيصلى بهم، فهي له ولهم فريضة. ثنا أبو بكر، ثنا عبد الرحمن بن بشر وأبو الأزهر ثنا عبد الرزاق/أنبأ ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أخبرني جابر مثله، وفي مسند الشافعي أنبأ عبد المجيد عن ابن جريج قال الربيع: قيل: هو عن ابن جريج، ولم يكن عندي ابن جريج عن عمرو عن

_ (1) حسن. رواه ابن داود (ح/790) ، وعلته: الضعف من طريق المصنف الذي أورده بالمتن، وأعفه بالانقطاع. (2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/118) ، وعزا هـ إلى " أحمد "، ورجاله رجال الصحيح. (3) المنثور (6/132) ، وإتحاف (3/201) ، والكنز (19172) ، وأحمد (5/355) ، والمجمع (2/118) ، وعزاه إليه، ورجال أحمد رجال الصحيح.

جابر به، وقال البيهقي: وكذلك رواه حرملة عن الشافعي بغير شك، قال الشافعي: وهو حديث ثابت لا أعلم حديثا يروى من طريق واحدة أثبت من هذا ولا أوثق رجالًا، قال البيهقي: وكذلك رواه أبو عاصم وعبد الرزاق عن ابن جريج هذه الزيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، وقد رويت هذه الزيادة من وجه آخر عن جابر. قال الشافعي: أنبأ إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن عبيد الله ابن مقيم عن جابر به، ولفظه: " فيصلى لهم العشاء وهي له نافلة ". قال البيهقي: ولأصل إلا ما كان موصول الحديث يكون منه، وخاصة إذا روى من وجهين إلَّا أن يقوم دلالة على التمييز، والظاهر أنَّ هذه الزيادة من قول جابر، وكان الصحابة أخشى للَّه من أن يقولوا مثل هذا، ولا يعلم من زعم أنّ ذلك كان مع النبي- عليه السلام- يبطن النخل حين كان يفعل الفرض مرتين في اليوم ثم نسخ فقرأ ووعى ما لا يعرف. وحديث عمرو بن شعيب عن سليمان مولى ميمونة عن ابن عمر مرفوعًا: " لا تصلوا صلاة في يوم مرتين " (1) ، لا يثبت ثبوت حديث معاذ للاختلاف في الاحتجاج برواية عمرو وانفراده به، والاتفاق على الاحتجاج بروايات رواها معاذ، ثم ليس به دلالة على كونه شرعًا ثابتًا ثم نسخ، فقد كان- عليه السلام- يرغبهم في إعادة الصلاة بالجماعة، ويحتمل أن يكون قال ذلك في حين لم يسن إعادة الصلاة بالجماعة لإدراك فضيلتها، وقد وقع/الإجماع على بعض الصلوات أنها تعاد. قال أبو جعفر: قد روى ابن عيينة عن عمرو حديث جابر هذا ولم يذكر هذه الزيادة، قال: ويجوز أن يكون ذلك من كلام ابن جريج، أو من قول عمرو، ومن قول جابر ثنا على الظن والاجتهاد لا يجزم. انتهي كلامه. وفيه نظر؛ لما ذكره الشيخ موفّق الدّين من أنّ الإمام أحمد بن حنبل سئل عن هذه الزيادة، فقال: أخشى أن لا تكون محفوظة؛ لأن ابن عيينة يزيد فيها كلامًا لا يقوله أحد، وقد روى هذا الحديث منصور وشعبة ولم يقولا ما قال ابن عيينة، قال الموفق: يعني زيادة هي له تطوع ولهم فريضة، وفال ابن

_ (1) حسن. رواه أبوه داود (ح/579) ، وأحمد (2/19، 41) ، والبيهقي (2/ 303) ونصب الراية (2/55، 148) ، والدارقطني (1/415، 416) ، وابن ماجة (1641) وشرح السنة (3/431) ، والحلية (8/385، 9/231) .

الجوزي: هذا لا يصح ولو صح ظنًّا من جابر، وفي المعارضة: ليس في الحديث كيفية صلاة معاذ، وقول جابر: " هي له تطوع " إخبار عن أمر غائب، ومن أين الجائز مما كان ثبوته معاذ، ومقاتل أن يقول هذه الزيادة ولم ينفرد بها ابن عيينة، ولو تفرد يعد تفردًا صحيحًا؛ لأنه لم يقبل تفرده ولو صححه؛ بل يؤكد ما خرجه الشيخان عن جابر: " أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- صلى بأصحابه بطائفة منهم ركعتين ثم تأخر وصلى بالأخرى ركعتين " (1) ، قال البيهقي: وفي حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عنه: " أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- صلى بأصحابه بطائفة منهم ركعتين ثم سلَّم، ثم صلى بالأخرى ركعتين ثم سلم ". قال: وكذلك رواه يونس بن عبيد عن الحسن عن جابر. وثبت معناه من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر، ومن حديث الحسن عن أبي بكرة عند أبي داود: " أن النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- صلى هؤلاء ركعتين وبهؤلاء ركعتين / فكانت للنبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- أربعَا، لكل ركعتان ركعتان ". قال الشافعي: ولا خبرة من هاتين للنبي- عليه السلام- نافلة وللآخرين فريضة، وأنبأ مسلم عن ابن جريج: أنَّ عطاء كان يفونه العتمة فيأتي الناس في القيام فيصلى معهم ركعتين ثم بنى عليها ركعتين، وأنه رآه فعل ذلك ويعتد به العتمة، قال الشافعي: وكان وهب بن منبه، والحسن، وأبو رجاء- يعني: يفعلون ذلك-، ويروى عن عمر بن الخطاب وعن رجل أو اثنين من الأنصار مثل هذا المعنى، ويروى عن أبي الدرداء، وابن عباس قريب منه وطاوس، والزنجي، وابن مهدي، ويحيى بن سعيد، واحتج بقوله- عليه السلام-: " من يتصدق على هذا فيصلى معه؟! " (2) . وهو حديث صحيح. قال في المعرفة: وروى عن ابن عائذ عن نفر من الصحابة أنهم فعلوا ذلك. زاد بن بطال وابن المدر وسليمان بن حرب وأبو ثور وداود، ورواية عن أحمد، وصنع من ذلك أبو حنيفة ومالك، ورواية أبي الحرث عن أحمد.

_ (1) رواه أحمد: (5/346) (2، الكنز (3427) ، الإرواء (2/316)

قال ابق قدامة: أجاز هذه الرواية أكثر أصحابنا وهو قول الحسن، وابق المسيب، والنخعي، وأبي قلابة، وربيعة، وابن شهاب، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومجاهد مستدلين بقوله- عليه الصلاة والسلام-: " فلا يختلفوا عليه "، ولا اختلاف أعظم من اختلاف الثبات، وبقوله- عليه السلام-: " الإمام ضامن " (1) ، يعنى: يضمنها صحة وفسادا أو الفرض ليس مضمونَا في النفل، وبقوله: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " (2) ، مفهومه: أنه لا يصلي نافلة غير الصلاة التي تقام؛ لأن المجزوم وقوع الخلاف على الأئمة، وهو منتفي مع الاتفاق من الجمهور/على جواز صلاة المتنفل مع الفرض، ولو تناوله النهي لما جاز مطلقَا؛ فعلم أن المراد: الانفراد عن الإمام بما يشوش عليه، قال ابن العربي: وقوله: لا يظن معاذ تفويت صلاة الفرض خلفه- عليه السلام- قلنا: سائر أئمة مساجد المدينة أليس كانت الفضيلة تفوتهم معه عليه السلام أو امتثال أمره- عليه السلام- في إمامة قومه زيادة طاعة، أو يحتمل أن يكون معاذَا يصلي مع النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- صلاة النهار، ومع قومه صلاة الليل إذ يحتمل على أنفَا حكاية حال لم تعلم كيفيتها فلا يعمل بها. وزعم المهلب أنّ ذلك يحتمل أن يكون في أوّل الإسلام وقت عدم القراءة، ووقت لا عوض لهم عن معاذ فكانوا حاضرون فلا تجعل أصلا يقاس عليه. انتهى. يؤيّد قوله: ما أسلفناه في حديث ابن رفاعة، وأنّ ذلك

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/517) ، الترمذي (ح/207) ، وابن ماجة (ح/981) ، وأحمد (2/232، 284، 382، 419، 424، 461، 5/260، 6/65) ، وشهاب (234) ، وعبد الرزاق (1838) ، وابن خزيمة (1528) ، والطبراني (8/343) ، وشرح السنة (2/279) ، والمشكاة (663) ، والخطيب (3/242، 4/مه 3، 6/167، 9/ 413، 11/306) ، وابن حبان (362، 363) ، مشكل (3/52، 53، 56) ، والحلية (11818) ، والترغيب (1/176) ، صححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه أبو داود: (ح/517) ، والترمذي: 2/207) وابن ماجة: (ح/981) ، وأحمد في: " المسند " (2/232، 284، 382، 419) ، وشهاب: (234) ، وعبد الرزاق: (1838) ، وابن خزيمة: (1528) ، والطبراني: (8/343) ، وشرح السنة: (2/279) ، والمشكاة (663) ، والخطيب: (3/242) ، وابن حبان: (362) ، وصححه الشيخ الألباني.

كان قبل أحد، ثم إن اختلاف أسماء المصلين، وما يصلى به، والصلاة، فيه دلالة على تعدّد ذلك، والله أعلم. ***

142- باب القراءة خلف الإمام

142- باب القراءة خلف الإمام حدثنا هشام بن عمار وسهل بن أبي سهل وإسحاق بن إسماعيل قالوا: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " (1) . هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم. زاد أبو داود وأبو عبد الرحمن فصاعدً ا، قال ابن عيينة: لمن يصلى وحدها قال البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام: وقال معمر عن الزهري فصاعدًا، وعامة الثقات لم يتابع معمرًا من قوله فصاعدًا أنله قد/أثبت الفاتحة، وقوله: فصاعدًا، غير معروف ما أراد به حرفًا أو أكثر من ذلك، إلَا أن يكون كقوله: تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا فتفد بقطع اليد في دينار وأكثر من دينار، ويقال أنّ عبد الرحمن بن إسحاق تابع معمرًا وأنّ عبد الرحمن رّبما روى عن الزهري ثم أدخل بينه وبن الزهري غيره، ولا يعلم أنّ هذا من صحيح حديثه أم لا. وثنا عبد الله، ثنا الليث حدثنى يزيد عن ابن شهاب حدثنى محمود عن قتادة قال- عليه الصلاة والسلام:- " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن " (2) . وسألته عن رجل ينسى القراءة في الصلاة فقال: أرى أن يعود لصلاته وإن ذكر ذلك في الركعة الثانية، ولا أرى أن لا يعود لصلاته. انتهي كلامه. وفيه

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/192) ، ومسلم في (الصلاة، باب " 11 "، رقم " 34 ") ، وأبو داود (ح/822) ، والترمذي (ح/247، 311) ، والنسائي (2/137، واحمد (5/314) ، والبيهقي (2/38، 61، 164، 375) ، وابن أبي شيبة، (1/ 360) ، والدارقطني (1/321، 322) ، وأبو عوانة (2/124) ، والمشكاة (822) ، وشرح السنة (3/83) ، ونصب الراية (1/365) ، والإرواء (2/10، 11) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/192) ، ومسلم في (الصلاة، باب " 11 " رقم " 34، 36 " (، وأبو داود في) الاستفتاح، باب " 21 ") ، والنسائي في (الاستفتاح، باب " 23 ") ، والترمذي (ح/247، 311) ، وصححه. وأحمد (1/322) ، والبيهقي (2/374) ، والدارقطني (1/322) ، وعبد الرزاق (2623) ، ونصب الراية (1/338) ، وأبو عوانة (2/124) .

نظر؛ لما ذكره الدارقطني أنّه حدّث ابن عيينة عن الزهري: لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب. ثنا ابن صاعد، ثنا الربيع، ثنا ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثنى محمود عن عبادة عن النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال ... وهذا صحيح أيضًا، وكذلك رواه صالح بن كيسان ومعمر والأوزاعي وعبد الرحمن بن إسحاق وغيرهم عن الزهري، فظاهره يقتضى أنّ معمرًا وابن إسحاق ومن ذكر رووه كرواية ابن عيينة بغير تلك الزيادة، وإن كانوا ذكروها فهو نقص لما قاله البخاري من التفرد- والله أعلم- وفي صحيح الإسماعيلي: " لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها الرجل بفاتحة الكتاب ". وخرجه الدارقطني أيضًا وفال: هذا إسناد صحيح، وفي لفظ لأبي داود: " صلى بنا النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة، فالتبست عليه القراءة فلما انصرف أقبل علينا/بوجهه وقال: " هل تقرؤون إذا جهرت؟ "، فقال بعضنا: إنا نصنع ذلك، قال: " فلا وأنا أقول: ما لي ينازعني القرآن، فلا تقرؤوا الشيء من القرآن إذا جهرت إلّا أم القرآن " (1) ، وعند الترمذي محسنا: الا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأها " (2) . وفال أبو طَالب: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول في القراءة خلف الإمام؟ قال: لا تقرأ والإمام يقرأ، قلت: أليس قال- عليه السلام-: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " (3) ، قال: ذاك للإمام، قلت: فمحمود بن الربيع صلى إلى جنب عبادة فجعل يقرأ والإمام يقرأ فقال: أبا الوليد تقرأ والإمام يقرأ؟! قال: نعم، سمعت النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- يقول: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " (4) . قال: ذاك يقوله محمد بن

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/824) . (2) حسن. رواه أحمد (5/308، 322، 366) ، والحاكم (1/238) ، وابن أبي شيبة (1/374) ، والدارقطني (1/318، 319) ، والمجمع (2/110، 111) ، وعزاه إلى أحمد، ورجاله رجال الصحيح، وشرح السنة (3/82) ، وابن حبيب (1/47) ، والكنز (3) الحاشية رقم " 1 " (ص 1414) . (4) الحاشية السابقة.

إسحاق، وأما غيره فيقول: لا صلاة لمن لم يقرأ، وقد قال الزهري ذلك للإمام، وقد قاله بعضهم عن أبي هريرة ولكنه خطأ. قلت: فإنهم قالوا: لا صلاة لمن لم يقرأ، قال: فغضب، ثم قال: ما قال هذا أحد من أهل الإسلام، هذا النبي- عليه السلام- وأصحابه والتابعون، وهذا الملك في أهل الحجاز، وهذا الثوري في أهل العراق، وهذا الأوزاعي في أهل الشام، وهذا الليث في أهل ما قالوا: الرجل صلى خلف الإمام قرأ إمامه ولم يقرأ هو صلاته باطلة، قلت: يا أبا عبد اللَّه يقولون: الشّافعي، قال: فقال: ما تستحي يا أبا طالب، ثم قال: فنبي الله أليس هو يعلمنا، أو ليس حديث أبي موسى فبيّن لنا سُنّتنا، وعلمنا صلاتنا يدل على هذا في أول الإسلام، وقال لهم: لا تكبروا حتى يكبر إمامكم، وقال لهم: إذا قرأت أنصتوا، قلت: يا أبا عبد اللَّه التيمي وحدَّث إذا قرأت أنصتوا، فقال أبي: رواه أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا/ رواه أبو أويس عن العلاء عن أبيه عن أبي السائب عن أبي هريرة يتقاربون من ألفاظهم أنّه قال: " كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج " (1) ، غير تمام، وقال أبو عمر بن عبد البر: ليس هذا الحديث في الموطأ إلا عند العلاء عند جميع الرواة، وقد انفرد به مطرف عن مالك عن ابن شهاب عن أبي السائب مولى هشام عن أبي هريرة بهذا الحديث، وساقه كما في الموطأ سواه ولا يحفظ لمالك عن ابن شهاب، وإنما يحفظ مالك عن العلاء، وقال الدارقطني في كتاب الغرائب تأليفه: هو غريب من حديث مالك عن ابن شهاب، لم يروه غير مطرف، تفرد به عنه ابن سبرة بن عبد الله المدني، وهو صحيح من حديث الزهري حدّث به عنه عقيل هكذا عن أبي السائب عن أبي هريرة عن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، وقد تقدم ذكر هذا الحديث قبل في كتاب

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/841) ، وأحمد (2/478) ، والبيهقي (2/38، 167) ، وابن أبي شيبة (1/360) ، والحميدي (974) ، وأبو عوانة (2/127، 128) ، والمنثور (1/6) ، والكنز (19700) ، وأصفهان (2/315) ، وابن كثير (8/284) ، والحلية (10/31) ، والخطيب (5/203) ،، 20316، 13/25) ، وابن عدي في " الكامل " (4/1470، 5/1736) .

افتتاح القراءة، وفي لفظ الفرياني في كتاب الصلاة: " فأوّلها وأوسطها بيني وبن عبدي وآخرها لعبدي، وله ما سأل، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: أخلص عبدي العبادة لي واستعان بي عليها "، وفي لفظ: فإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مدحني عبدي، وما بقي فهو له ". وفي مسند السراج: " ولعبدي ما صنع "، وفي لفظ: " أيما رجل صلى صلاة بغير قراءة فهي خداج، غير تمام " (1) . وفي صحيح ابن خزيمة: " فهي خداج، فهي خداج " (2) . حدثنا أبو كريب، ثنا محمد بن فضيل، وثنا سويد بن سعيد ثنا علي بن مسهر، جميعا عن أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد: قال رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلّم-: " لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة الحمد وسورة، في فريضة وغيرها " (3) . هذا/حديث إسناده ضعيف برواية أبي سفيان طريف المذكور، قيل: ورواه أبو داود في سننه بسند صحيح عن أبي الوليد الطيالسي عن همام عن قتادة عن أبي نضرة بلفظ: " أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر " (4) . ولفظ البزار: أمرنا رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلّم- ... وقال: وهذا الحديث لا يعلم رواه عن أبي نضرة عن أبي سعيد إلا همام، وكذا ذكره البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام: عن أبي الوليد، ثنا همام عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: " أمرنا نبينا " فذكره، أنا بذلك المسند المعمر نجم الدين عبد الله بن علي بن عمرو- رحمه الله تعالى- بقراءتي عليه، أنا أبو بكر محمد بن الحافظ تقي الدين إسماعيل

_ (1) بنحوها أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/111) ، وعزاه إلى الطبراني في " الصغير "، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام. (2) المصدر السابق. من حديث ابن عمر، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه سعيد بن سليمان النشيطي. قال أبو زرعة: نسأل الله السلامة، ليس بالقوي. " والخداج " أي: النقص. (3) رواه الترمذي (ح/238) ، من حديث أني سعيد. وقال: وهذا حديث حسن. ونصب الراية (1/363) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح/818) ، وأحمد (3/3، 45، 97) ، والطبراني (11/ 238) ، والكنز (22141) ، والفتح (2/243) ، وابن عدي في " الكامل " (4/1436) .

بن الأنماطي قراءة عليه، أنا أبو البركات داود بن ملاعب، أنبأ أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف قراءة عليه، أنبأ الشريف أبو الغنائم بن المأمون قراءة عليه، أنبأ أبو نصر محمد بن أحمد بن موسى الملاحي قراءة عليه، أنبأ أبو إسحاق بن محمود الخزاعي، أنبأ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة بن مردويه البخاري الجعفي- رحمه الله تعالى- به، وفي الأوسط من حديث سعيد بن عامر عن سعيد عن قتادة عن أبي نضرة بلفظ: " في كلِّ صلاة قراءة بفاتحة الكتاب، وما تيسر ومن لم يقرأ فهي خداج " (1) ، وقال: لم يروه عن سعيد بهذا اللفظ إلا سعيد بن عامر. تفرد به محمد بن أبي صفوان الثقفي. وفي كتاب الصلاة للفرياني: ثنا ابن بشار ثنا ابن جعفر، ثنا شعبة عن أبي سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: " في كلِّ الصلاة قراءة بأم القرآن فما زاد " (2) ، وثنا عبيد الله بن معاذ، ثنا بشر بن المفضل، ثنا خالد عن أبي المتوكل عن/أبي سعيد: " في كل الصلاة قراءة بفاتحة الكتاب فما زاد " (3) . حدثنا الفضل بن يعقوب الجزري ثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت: سمعت رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلم- يقول: " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج " (4) . هذا حديث إسناده صحيح ورواه البخاري في القراءة عن محمد بن عبد الله الرقاشي، ثنا يزيد بن زريع، نا ابن إسحاق بلفظ: " كل صلاة لا يقرأ فيها فهي خداج " قال البخاري: وزاد يزيد بن هارون: " بفاتحة الكتاب "، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث ابن لهيعة عن عمارة بن غزية عن هشام عن أبيه عنهما بلفظ: " فهي خداج، فهي

_ (1) رواه النسائي (2/163) ، والكنز (19694) . وأصفهان (2/261) . (2) المصدر السابق. (3) المصدر السابق. (4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/840) ، وأحمد (2/457) ، والدارقطني (1/327) ، والكنز (19693، 19704، 22965) ، والخفاء (2/528) ، والإرواء (2/273) .

خداج، فهي خداج " (1) ، وقال: لم يروه عن عمارة إلا ابن لهيعة. تفرد به محمد بن عبد اللَه بن يزيد المقري عن أبيه. وفي كتاب الكامل لابن عدي من حديث حرارة بن مفلس عن شبيب بن شيبة الخطيب- وهما ضعيفان- عن هشام به بلفظ: " كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج ". حدثنا الوليد بن عمرو بن سكين، ثنا يوسف بن يعقوب السلفي، ثنا حسين العلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- قال: " ... لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج. فهي خداج " هذا حديث إسناده صحيح على ما قررناه من حال عمرو وصحيفة، ورواه البخاري في القراءة عن هلال بن بشر عن السلفي، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث سعيد بن سليمان السقطي، ثنا أبان بن يزيد عن عاصم الأحول عن عمرو بلفظ: " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فخدجة فخدجة فخدجة " /، وقال: لم يروه عن عاصم إلا أبان تفرد به سعيد. انتهي كلامه. وفيه نظرت لما ذكره الفرياني أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن في كتاب الصلاة تأليفه: ثنا موسى بن السندي الجرجاني، ثنا معاذ بن هشام، ثنا أبي عن عاصم، فذكره بلفظ: " كل صَلاة ليس فيها قراءة فخدجة فخدجة فخدجة "، وفي حضاب الدارقطني من حديث محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عمرو مرفوعا: " من صلى صلاة مكتوبة أو تطوعَا فليقرأ فيها بأم الكتاب وسورة معها، فإن انتهي إلى أم الكتاب فقد أجزأه " (2) ، ومن صلى صلاة مع إمام يجهر، فليقرأ بفاتحة الكتاب في بعض مسكناته فإن لم يفعل فصلاته خداج غير تمام " (3) . قال أبو الحسن: محمد ضعيف. حدثنا علي بن محمود، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا معاوية بن يحيى عن يونس عن ميسرة عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال: سأله رجل فقال: أقرأ والإمام يقرأ؟ فقال: سأل رجل النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلّم-

_ (1) الحاشية رقم " 2 " (ص 1407) . (2) رواه الدارقطني: (1/321) . (3) المصدر السابق.

في كل صلاة قراءة؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: نعم. فقال رجل من القوم: وجب هذا " (1) . هذا حديث قال فيه النسائي: فيما ذكره الضياء هنا خطأ عن رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم-، وإنما هو من قول أبي الدرداء، والذي رأيت وذكره من حديث زيد بن حبان ثنا معمر بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن أبي الدرداء بلفظ: " فقال رجل من الأنصار: وجبت هذه، قال: فالتفت إلي رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- وكنت أقرب القوم منه فقال: " ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم " (2) . قال أبو عبد الرحمن: خولف زيد في قوله: " فالتفت رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- إلي "، وقال الدارقطني في العلل:/ هو من قول أبي الدرداء، ومن جعله من قول النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- لأبي الدرداء فقد وهم، ورواه البخاري في كتاب القراءة عن عبد الله بن محمد، ثنا بشر بن السري ثنا معاوية، وثنا علي، ثنا معاوية به مرفوعًا من غير ذكر الالتفات، ولما ذكر الإشبيلي حديث النسائي قال: اختلف في إسناد هذا الحديث ولا يثبت، قال ابن القطان: قوله توهم في الحديث علّة لا تقبله معها أحد، وليس كذلك؛ بل هو موضع نظر، فإنه حديث رواه النسائي من طريق زيد بن حباب عن معاوية، وكذا ذكره الدارقطني، وأتبعه أن قال: الصواب أنه من قول أبي الدرداء، فرأى أبو محمد هذا فاعتمده ولم يجاوزه، ورأيته في كتابه الكبير لم يزد فيما علله به أن قال: خولف في هذا زيد، والصواب: أنه من قول أبي الدرداء. ذكر ذلك الدارقطني في سننه لم يزد، وكرر الدارقطني ذكره في موضع آخر من الكتاب المذكور؛ فجاء به من رواية ابن وهب عن معاوية بن صالح فجعله من كلام أبي الدرداء، ثم قال: رواه ابن حبان مرفوعًا، ووهم فيه، والصواب: قول ابن وهب. انتهي قوله. فإذا ليس فيه أكثر من أن ابن وهب وقفه وابن حبان رفعه وهو أحد الثقات، ولو خالفه في رفعه جماعة ثقات فوقفه لما انبغى أن يحكم عليه في رفعه بالخطأ،

_ (1) يأتي في الحاشية القادمة. (2) رواه النسائي في (الافتتاح، باب " 3 " والبيهقي (2/162) ، ونصب الراية (2/17) ، والكنز (22955) ، والدارقطني (1/332، 339) .

فكيف ولم يخالفه إلا واحد، وأرفع لما يعتل به عليه مرفوعًا الشك الذي في قوله: " ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم "، وأنَّ هذا استبعد أن يكون من كلام النبي- عليه السلام- ولو كان من مجتهد به، وإلا ظهر أنَّه من كلام أبي الدرداء انتهي كلامه. وقد أسلفنا قبل من تابع زيدًا على رفعه الحديث صحيحًا، وأنَّ زيدًا نفسه اختلف عليه؛/فرواه علي عنه عند البخاري كرواية بشر بن اليسرى، ورواه هارون بن عبد اللَّه عند النسائي كما تقدم، وكذلك عثمان بن أبي شيبة عند الفرياني في كتاب الصلاة، وأبو علي الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني عند أبي إسحاق، وإبراهيم بن محمد بن عبيد في مسند أبي الدرداء جمعه، وقد وقع لنا متابعَا لزيد على رفعه. قال الطبراني في الكبير: ثنا عبدان بن أحمد ثنا زيد بن الحريس، ثنا عمرو بن الوليد الأغصف ح، وثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي، ثنا أحمد بن بديل ح، وثنا الحسين التستري، ثنا يحيى الحماني قال: أنبأ إسحاق بن سليمان عن كليهما عن معاوية عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء: " سأل رجل النبي- عليه السلام- فقال: أفي كل صلاة قراءة: قال: " نعم " قال رجل من القوم: وجب هذا: فقال- عليِه السلام-: " ما أرى الإمام إذا قرأ إلا كان كافيًا " (1) . وأما قوله عن الدارقطني أنه قال: الصواب، أنه من قول أبي الدرداء؛ فلذلك هو معين لا لفظًا، الذي في كتابه كذا قال، والصواب فقال أبو الدرداء: " ما أرى الإمام إذا أمَّ القوم إلا قد كفاهم "، وفي قوله: أن ابن وهب وحده فيه نظر؛ لما ذكره الفرياني في كتاب الصلاة: ثنا ابن راهويه وثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن أبي الدرداء أن رجلًا قال: " يا رسول الله في كل صلاة قرآن؟ قال: " نعم " فقال رجل: قد وجبت هذه. فقال أبو الدرداء: أنا كثير ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم " (2) ، وفي قوله عن الكتاب الكبير: لم يزد أن قال: خولف في هذا

_ (1) الكنز (20549) ، والمجمع (2/110) ، وقال الهيثمي: وروى ابن ماجة منه إلا قوله وجب هذا، وعزا هـ إلى الطبراني في " الكبير "، وإسناده حسن. (2) المصدر السابق بنحوه.

زيد، والصواب أنَّه من قول أبي الدرداء ذكره الدارقطني في سننه نظر؛ لما في الكبير، وقد خولف زيد في هذا، والصواب/أنه من قول أبي الدرداء: " ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم " (1) . ذكر ذلك الدارقطني في سننه، وإنَّما حجته في هذا وشبهه كقوله: لم يزد، واللَّه أعلم. وحدثنا محمد بن يحيى، ثنا سعيد بن عامر وثنا شعبة عن مسعر عن زيد القصير عن جابر بن عبد الله قال: " كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأولتين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخرتين بفاتحة الكتاب " (2) . هذا موقوف مسند صحيح. رواه الفرياني في كتاب الصلاة عن الفلاس، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا مسعر بلفظ: " يقرأ في الركعتين الأولتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخرتين بفاتحة الكتاب مما فوق ذلك أو أكثر "، ومعناه يستند من حديث أبي قتادة المذكور قبل عند التأكيد: " وفي الركعتين الأخرتين بأمِّ الكتاب "، وبحديث جابر قال- عليه السلام-: " الإمام ضامن، فما صنع فاصنعوا " (3) . رواه الراوي عن عبد الحميد ثنا موسى بن شيبة عن محمد بن كليب وهو عن جابر عنه ثم قال: هذا مصحح لمن قال بالقراءة خلف الإمام، وبحديث عائشة أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم-: " كان يقرأ في الأخرتين بفاتحة الكتاب " (4) . ذكره في الأوسط من حديث عائشة أشعث عن عبد الملك عن الحسن وابن سيرين عنها، وقال:/يروه عن أشعث إلَّا سنان بن هارون. وفي الباب حديث رفاعة بن رافع أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- قال للأعرابي: " ثم قرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن تقرأ ". ورواه أبو داود (5) ، وبسند صحيح عن وهب بن بقية عن خالد يعني: ابن عبد الله/الواسطي- عن محمد بن عمرو عن علي ابن يحيى بن خلاد عنه، وحديث أبي هريرة قال: أمرني رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- أن أنادي أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب " (6) . فما زاد ذكره أبو

_ (1) رواه الدارقطني: (1/332، 339) (2) انظر: الإرواء (2/288) . (3) تقدم في ألإِمامة. (4) المنتقى: (187) . (5) تقدم هذا الحديث. وقد رواه أبو داود (ح/858) ، وهذا حديث حسن. (6) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، باب " 11 " رقم " 42 ") ، وأحمد (2/308، 443) ،=

عيسى في كتابه بغير إسناد، وقال: وروى أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة فذكره، ورواه ابن الجارود في منتقاه عن عبد اللَّه بن هشام وأبو داود عن ابن بشار قالا: ثنا يحيى القطان عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان. ولما ذكره البزار في سننه قال: وهذا الإسناد إسناد مستقيم يحيى بن سعيد عن جعفر بن ميمون وجعفر وقد روى عنه يحيى بن سعيد ومحمد ابن عدى وجماعة، وأمّا قوله من الإسناد يستغنى ليشهر بهم عن صفتهم. وذكره الحافظ أبو الحسن أحمد بن محمد الخفاف في كتاب الصلاة تأليفه؛ عن محمد بن رافع، ثنا أبو أسامة أخبرني جعفر بلفظ: لا لا صلاة إلا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد " (1) . وفي كناب الصلاة للفرياني هذا الإسناد وأنادى بالمدينة: " لا صلاة إلا بقراءة أو بفاتحة الكتاب ". وقال البيهقي في المعرفة: وأما حديث وهب وغيره عن جعفر بن ميمون: لا لا صلاة إلا بقراءة "، وقال بعضهم: " إلا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب "؛ فقد خالفهم الثوري فقال: " إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد "، وكذا رواه يحيى بن سعيد، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث حجاج بن أرطأة عن عبد الكريم عن أبي عثمان بلفظ: " في كلّ صلاة قراءة، ولو بفاتحة الكتاب " (2) ،ِ وقال: لم يروه عن حجاج إلا إبراهيم ابن طهمان، وحديث عمر بن يزيد المدائني عن عطاء عن ابن عمر قال. قال رسول اللَّه- صلّى اللَه عليه وآله وسلّم-: " لا تجزئ الكوبة إلا بفاتحة الكتاب وثلاث آيات " (3) /. وفي المشكل (4) للطحاوي: قد وجدنا النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- قد سمى صلاة أخرى خداجاً لمعنى غير المعنى الذي تسمى به هذه الصلاة خراجاً، وهو ما روى المطلب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " الصلاة مثنى مثنى

_ ونصب الراية (2/147) ، والكنز (19607) . (1) رواه أبو داود في: الافتتاح، باب " 21 ". (2) تقدم. رواه النسائي (2/163) ، والكنز (19694) ، وأصفهان (2/261) .ص 1408 (3) الكنز: (19690) . (4) بياض " بالأصل ".

وتشهد في كل ركعتين، وتقنع وتمسكن بيديك، وتقول: اللهم اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج " (1) . وروى عن الفضل بن عباس بمثله غير أنه قال: " وتقنع بيديك يقول ترفعهما إلى ربك عز وجل مستقبلًا ببطونهما وجهك، وتقول: يا رب يا رب، فمن لم يفعل ذلك لدى، يعني: فهي خداج ". قال أبو جعفر: وفي هذا الحديث وفي الحديث الذي قبله وصف نبيك أنها خداج، فقال قوم أنّ من صلى ولم يقرأ في صلاته في كل ركعة منها فاتحة الكتاب لم يجزه، وجعلوا النقص الذي دخلها يبطلهّا، وقد خالفهم في ذلك قوم؛ منهم أبو حنيفة وأصحابه فجعلوها جارية مخدجة يترك قراءة الفاتحة فيها، وذهبوا إلى أن الخداج لا يذهب به الشيء الذي يُسمَّى به؛ لأنها لم تكن بنقصانها معدومة، ولكنها ناقصة بوجودها وليس كل من نقصت صلاته بمعنى تركه منها يجب فسادها لا قد رأيناه بترك تمام ركوعها وإتمام سجودها فيكون ذلك نقصانها، ولا تكون فاسدة يجب إعادتها فلا ينكر أن تكون بترك قراءة فاتحة الكتاب فيها ناقصة نقصاً لا يجب معه إعادتها، وقد وجدنا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما دل ، على ذلك؛ وهو ما روي عنه انه لما خرج في مرضه الذي توفي فيه، وأبو بكر يصلي بالناس فذهب أبو بكر يتأخر فأشار إليه مكانك، فاستتم النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حيث انتهي أبو بكر من القراعتي وأبو بكر قائم ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس فأتم أبو بكر بالنبي، وأتم الناس فأبي بكر يخلو إذا استتم بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حيث انتهي أبو بكر من أن يكون أبو بكر قد قرأ الفاتحة أو شيئاً منها، فلم يقرأ النبي

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/1296) ، والترمذي (ح/385) ، وأحمد (1/122، 4/ 167) ، والبيهقي (1/487، 488، 2/488) ، والطبراني (18/295) ، وابن خزيمة (1212) ، والدارقطني (1/418) ، وشرح السنة (3/260) ، والترغيب (1/348) ، ومشكل (2/24) ، والبخاري في " التاريخ " (3/283) ، وابن المبارك في " الزهد " (404) ، والمشكاة " (805) ، والكنز (20091، 20092) ، والعلل (365) .

ما سبقه من ذلك أبو بكر وأجزأته صلاته فكان في ذلك، وقيل: على أن ترك قراءة الفاتحة أو بعضها لا تفسد الصلاة، والله أعلم (1) . ***

_ (1) ولفظ الحديث: " أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبا بكر أن يُصلى بالناس في مرضه. فكان يُصلى بهم، فوجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خفة، فخرج، وإذا أبو بكر يؤُم الناس، فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي: كما أنت- فجلس رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذاء أبي بكر، إلى جنبه، فكان أبو بكر يُصلى بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والناس يُصفون بصلاة أبي بكر ". صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " 51، 39، 67، 68 ") ، ومسلم في (الصلاة، ح/90) ، والنسائي في (الإِمامة، باب " 40 ") ، وابن ماجة (ح/ 1233) ، وأحمد (1/209، 356، 2 / 52، 5/331، 336، 6/210، 224،

143- باب سكتتي الإمام

143- باب سكتتي الإِمام حدثنا جميل بن الحسن بن جميل القبكي، ثنا عبد الأعلى، ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب قال: " سكتتان-:حفظتها:'-، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنكر ذلك عمران بن حصين فكتبنا إلى أبي بن كعب بالمدينة فكتب: أن سمرة قد حفظه، قال سعيد: فقلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته وإذا فرغ من القراءة حتى يزاد إليه نفسه " (1) . وثنا محمد بن خلف بن خداش وعلي بن الحسين بن أسكب، ثنا إسماعيل بن علية عن يونس عن الحسن فذكره. هذا حديث قال فيه أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن، ولفظ البزار (2) عن سمرة: " سكتتان؛ إذا ابتدأ الصلاة، وسكتة إذا فرغ من قراءته "، وعند أبي داود (3) : " سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من ولا الضالين " وقال فيه الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ولا يتوهم: هل ابن الحسن لم يسمع من سمرة! فإنّه سمع به، وله شاهد بإسناد صحيح عن أبي هريرة يكتب: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعلهن، / تركهن الناس يرفع يديه مدا يسكت بعد القراءة هنية يسأل الله من فضله، وقال الدارمي: كان قتادة يقول ثلاث سكتات، وفي الحديث المرفوع سكتتان، واحتج به البخاري في كتاب القراءة خلف الإِمام، وقال أبو علي الطوسي: يقال: هو أحسن حديث وأصحه، ولما ذكره محمد الإشبيلي سكت عنه سكوت مصحح له، واعترض عليه أبو الحسن، بأن سعيد اختلط بآخره، وعبد الأعلى لا يعرف حتى سمع منه أقبل الاختلاط أم بعده وفيه نظر في موضعين: الأول: إسماعيل رواه عن يونس كما هو مذكور عن ابن ماجة فسلم

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/844) . وصححه الشيخ الألباني. (2) قوله: " البزار " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه. (3) حسن. رواه أبو داود (ح/780) .

الإسناد من الاعتراض بسعيد، وكذا رواه خالد بن الحرث عن أشعث عن الحَسن عند أبي داود هشيم عن منصور ويونس عن الحسن فيما ذكره عبد الله بن أحمد عن أبيه في كتاب العلل، قال أحمد: وثنا عفان، ثنا يزيد بن زريع، ثنا يونس به. ورواه الدارمي عن عفان، ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن فذكره. الثاني: إغفاله انقطاع ما بين الحسن وسمرة المشهور على الألسنة وإن كنت لا أراه؛ لما أسلفنا؛ ولما ذكره عبد الله بن أحمد، ثنا أبو خيثمة، ثنا قريش بن أنس، ثنا حبيب بن الشهيد قال: قال لي ابن سيرين: سئل الحسن: ممن سمع حديثه في العقيقة؟ فقال: سمعه من سمرة، ولا يعترض على هذا بقول أبي بكر الردنجى الحافظ في كتاب المراسيل تأليفه: عن الحسن عبئ سمرة ليست بصحاح الا من كتاب، ولا يحفظ عن الحسن سمعه سمرة إلا حديثاً واحداً، وهو حديث العقيقة ولم يثبت رواه قريش بن أنس، ولم يروه غيره. وهو وهم؛ لما ذكره أبو القاسم الطبراني في معجمه الأوسط: ثنا أحمد بن/ داود المكي، ثنا عبد الرحمن بن بكير بن الربيع بن مسلم، ثنا محمد بن حمدان، ثنا أبو روحٍ عن الحسن قال: قال سمرة: ألا أحدثك حديثاً سمعته من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرارا، ومن أبي بكر، ومن عمر مراراً؟ قلت: بلى، قال: من قال إذا أصبح وإذا أمسى: اللهم أنت خلقتني وأنت تهديني ... " (1) الحديث. ثم قال: لا يروى عن سمرة إلا هذا الإسناد. تفرد به عبد الرحمن بن بكير، وقال البخاري وفي التاريخ الكبير: َ قال لي علي: سماع الحسن بن سمرة صحيح، وأحد حديثه من قبل عبدة قبلناه، وفي تاريخ أبي حاتم الرازي رواية الكسائي قلت: الحسن هل سمع من سمرة؟ فذكر كلامًا يقتضي سماعه منه، وممن صحح سماعه: الترمذي في حديث: " نهي عن بيع الحيوان بالحيوان لنبيه " (2) .

_ (1) لم نقف عليه. (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/3356) ، والترمذي (ح/1237) ،. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/2270) ، والنسائي (7/292) ، وأحمد (5/288) ، والدارقطني (3/71) ، ومعاني (4/60) ، وأصفهاني (1/253، 2/137) ، الخطيب (2/354، 8/186) .

وحديث العقيقة، وحديث: " جار الدار أحق بدار الجار " (1) ، وحديث: " إذا أتى أحدكم على ماشية " (2) ، وحديث: " اقتلوا شيوخ المشركين " (3) ، وحديث: " لا يلاعنوا بلعنة الله " (4) ، وحديث: " الحسب والمال " (5) ، وحديث: " الصلاة الوسطى صلاة العصر " (6) ، وأبو حاتم (7) النهي بتخريجه حديثه عنه في صحيحه: " من صلى الغداة فهو في ذمة الله " (8) ، وإمام

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/3517) ، والكنز (17697) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/2619) ، والترمذي (ح/1296) ، وقال: هذا حديث حسن غريب، والبيهقي (9/359) ، والطبراني (7/255) ، وشرح السنة (8/234) ، والمشكاة (29535) . (3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/2670) ، وأحمد (5/12، 20) ، والبيهقي (9/92) ، والطبراني (7/ 272) ، وتلخيص (4/103) ، ونصب الراية (3/386) ، وشرح السنة (11/48) ، والمشكاة (3952) ، والكنز (11009) ، والمنثور (2624) ، وابن أبي شيبة (12/388) . قلت: وعلته الحجاج بن أرطأة النخعي الكوفي، تركه ابن مهدى والقطان. وقال أحمد، لا يحتج به. وقال ابن عدي: ربما أخطأ ولم يتعمده. وقال ابن معين أيضا: صدوق يدلس. خرج له مسلم مقرونا بغيره. (4) صحيح. رواه أبو داود (ح/4906) ، والترمذي (ح/1976) ، والترغيب (3/470) ، وأذكار (313) ، وأحمد (5/15) ، والحاكم (1/48) ، وإتحاف (7/484) ، ونصب الراية (2/20) ، وعبد الرزاق (19531) . وصححه الشيخ الألباني. (5) صحيح. رواه للترمذي (ح/3271) ، وابن ماجة (ح/4219) ، وأحمد (1/5) ، والبيهقي (7/136) ، والحاكم (2/163، 4/325) ، والطبراني (7/265) ، والفتح (9/ 135) ، وإتحاف (8/352) ، والبغوي (6/231) ، والمنثور (6/99) ، والمشكاة (49، 2) ، وشرح السنة (13/125) ، والكنز (5634) ، والحلية (6/190) ، والقرطبي (2/435، 16/345) ، وابن عدي في " الكامل " (1154) . (6) رواه أحمد (5/12، 13) ، وابن أبي شيبة (2/503، 506) ، وابن خزيمة (1338) ، والكنز (4257، 4405) ، والمنثور (1/304، 6/2232) ، والفتح (8/195) ، والطبراني (2/344) ، والقرطبي (3/179، 210) ، وابن كثير (1/428، 430) . (7) كذا سياق المصنف. (8) رواه الطبراني (2/170) ، والجمع (1/297، 296) ، وإتحاف (10/307) ، وابن عدي (4/1378) ، والمنثور (1/299) ، والكنز (19306، 19319) ، والحلية (6/ 173) ، وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.

الأئمة أبو بكر بن خزيمة بتخريجه حديث العقيقة في صحيحه. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما جعل الإِمام ليؤتم به؛ فإذا كبر فكبروا، وإذا تكلم فأنصتوا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم، فقولوا: آمين، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا " (1) . هذا/ حديث سئل مسلم بن الحجاج عنه: أهو صحيح؟ قال: هو عندي صحيح، فقيل له: لم تكن تضعه هاهنا- يعني: في كتابه- فقال: ليس كلّ شيء عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه، وقال أبو محمد بن حزم: هذا عندنا صحيح، وصححه أيضا أحمد بن حنبل- رحمه الله- فيما حكماه الأثرم. وفي سؤالات أبي طالب: قلت له: يقولون أن الأحمر أخطأ فيه فقال: رواه التيمي عن قتادة عن أبي المحلاب عن حطان عن أبي موسى، قلت: يقولون: أخطأ التيمي قال: من قال هذا فقد بهته. ولما أخرجه أبو داود قال: هذه الزيادة ليست محفوظة، الوهم عندناَ من أبي خالد. وقال البخاري في كتاب القراءة: رواه الأحمر عن ابن عجلان عن زيد وغيره، ولا يعرف هذا من صحيح حديث الأحمر، قال أحمد: أراه كان. يدلس، قال محمد: ولم يتابع أبو خالد في زيادته. انتهي كلامهم. وفيه نظر؛ لأن قد وجدنا لأبي خالد متابعا؛ هو ما رواه النسائي عن محمد بن عبد الله بن المبارك عن محمد بن سعيد- يعني: الموثق عنده، وعند يحيى، وعد المخرمي- عن ابن عجلان به، وقال في آخره: لا نعلم أن أحدا تابع ابن عجلان على قوله فأنصتوا.

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/106، 187، 203، 2/59) ، ومسلم في (الصلاة، ح/77، 79، 80، 88) ، وأبو داود (ح/603) ، والترمذي (ح/361) وصححه، والنسائي (2/196) ، وابن ماجة (ح/1238، 1239) ، وأحمد (2/420) ، والبيهقي (2/92، 3.3، 3/78) ، والتمهيد (6/130) ، وعبد الرزاق (4، 78) ، والمنحة (608، 634) ، وشرح السنة (3/419) ، والمشكاة (857) ، وابن أبي شيبة (1/377، 2/325) ، والمنثور (3/156) ، والكنز (20464، 20465، 20489، 20490،

وآخر رواه الدارقطني عن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن حازم، ثنا إسماعيل بن أبان الفقوى ثنا محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم ومصعب بن شرحبيل عن أبي صالح بزيادة فلا يختلقوا عليه، وقال إسماعيل: ضعيف، ثنا عبد الملك بن أحمد، ثنا حماد بن خداش، ثنا أبو مسعد أيضاً، نا محمد بن مبشر، ثنا ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا. الصاغاني ضعيف، وفي قول النسائي: لم يتابع عليه ابن عجلان نظر؛ لما ذكره أبو الحسن عن محمد بن عثمان/ثنا محمد بن يونس- يعني: الكريمي- ثنا عمرو بن عاصم، ثنا معمر، سمعت أبي يحدّث عن الأعمش عن أبي صالح بلفظ: " إذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فأنصتوا " (1) . قال: الصحيح المعروف: " إذا قال الإِمام: ولا الضالين فقولوا: آمن "، واعترض ابن القطان على هذا الإِسناد وضعفه. حدثنا يوسف بن موسى القطان، ثنا جرير عن سليمان التيمي عن قتادة عن أبي غلاب عن حطان بن عبد الرقاشي عن أبي موسى قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قرا الإمام فأنصتوا، فإذا كان عند القعدة فليكن أول ما ذكر أحدكم التشهد " (2) . هذا حديث أخرجه مسلم في صحيحه من حديث جرير، وفي آخره: قال أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد بن سفيان قال أبو بكر ابن أخت أبي النضر في هذا الحديث- أي: طعن فيه- فقال مسلم: أتريد اًن تحفظ من سليمان؟ وأشار أبو طالب في سؤالات أحمد إلى أنه قال بها، وقال أبو الحسن الدارقطني: هذه اللفظة لم يتابع سليمان عليها عن قتادة، وخالفه الحفاظ فلم يذكروها قال: وإجماعهم على مخالفته تدل على وهمه، ولعلّه شبه عليه؛ لكثرة من خالفه من الثقات، وقال في موضع آخر: ورواه سالم بن نوح

_ (1) بنحوه. رواه البيهقي: (2/141) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (7/184) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/187) ، والكنز (19684) ، وابن عدي في " الكامل " (3/1184، 6/2232) . وصححه الشيخ الألباني.

العطار عن عمر بن عامر وابن أبي عروبة عن قتادة بهذه الزيادة لم يزود من هذه الطريق، ورواه البزار عن محمد بن يحيى القطعي عن سالم، وهو سند صحيح على شرط مسلم، وقال الأثرم في سؤالات أحمد، قال لي: وقد زعموا أن المعتمر رواه، قلت: نعم قد رواه المعتمر، قال: فأي شيء تريد. انتهي حديث المعتمر. ورواه أبو عوانة الإسفراييني في صحيحه عن سليمان/بن أشعت السجزي، ثنا عاصم بن النضر ثنا المعتمر، ثنا قتادة بهذه الزيادة قال: وثنا الصانع بمكة، ثنا علي بن عبد الله، ثنا جرير عن سليمان فذكره، وثنا سهل بن محمد الجند نيسابوري، ثنا عبد الله بن رشد، ثنا أبو عبيده عن قتادة ذكره. فهذا كما ترى قد سلم الحديث عن التفرد الذي أشار إليه هؤلاء الحفاظ وعجز عن الجواب عليه مسلم وغيره. وقد وجدنا متابعاَ أخيرَا ذكره أبو مسعود الدمشقي في جوابه للدارقطني وهو الثوري قال: رواه عن سليمان كما رواه جرير، وقال البخاري في كتاب القراءة: لم يذكر التيمي في هذه الزيادة سماعا من قتادة ولا قتادة من يونس بن جبير، ولو صح فكان يحتمل أن يكون سوى الفاتحة، وقال البيهقي: وقد أجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة في الحديث؛ فإنَّها ليست محفوظة عن ابن معين وأبو داود وأبو حاتم وأبو علي وعلي بن عمرو الحاكم. انتهي كلامه. وفيه ما أسلفناه من تصحيحه عند جماعة من الحفاظ. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار، ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن ابن أكيمة قال: سمعت أبا هريرة يقول: صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه صلاة فظنّ أنها الصبح فقال: " هل قرأ منكم من أحد؟ قال رجل: أنا، قال: " إنِّي أقول ما لي أنازع القرآن! " (1) ، وذكره من طريق أخرى بزيادة: " قال: فسكتوا بعد فيما جهر فيه الإمام ". هذا حديث أخرجه مالك في الموطأ وأبو عيسى بزيادة: " فانتهي الناس عن القراءة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يجهر

_ (1) صحيح. رواه مالك (86) ، والترمذي (ح/312) وحسنه، وأبو داود في (الاستفتاح: باب " 22 ") ، والنسائي في (الافتتاح: باب (" 27 ") ، وابن ماجة (ح/848) ، وأحمد (2/284، 285، 487، 5/345) ، والبيهقي (2/157، 159) ، وابن حبان (452) ، ومعاني (1/217) ، وابن كثير (3/542) ، وشرح السنة (3/83) .

فيه من الصلاة بالقراءة حين سمعوا ذلك من النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وقال: هذا حديث حسن كذا في أكثر النسخ وفي بعضها صحيح. وقال الحافظ أبو علي الطوسي في كتاب الأحكام من تأليفه: هذا حديث حسن. واختلف في قائل هذه الزيادة؛ فأبو دواد يُرجِّح أنها قول الزهري، وحكى ذلك عن الذهلي، وجزم به البخاري في الكبير، وفي كتاب القراءة خلف الإمام وابن جزم الفارسي، وصححه أبو بكر الخطيب في كتابه المدرج، وجزم به الترمذي والطوسي، وفي كتاب أحاديث الموطأ للدارقطني: رواه عن مالك: عبد الله بن عون الخرار، وفي آخره قال أبو هريرة: فتكرر ترجيحه في تقريب المدارك، وفي حديث مسدد عند أبي دواد عن معمر: " فانتهي الناس " جعله من كلام معمر. وفي كتاب الفضل سفيان عن معمر عن الزهري عن ابن أكيمة به، قال الخطيب: ورواه الأوزاعي عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة يروهم. وسببه أنه سمع الزهري يقول: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيدا، والصحيح رواية مالك عن الزهري عن أكيمة، وكذا صحح البخاري وأبو علي صالح بن محمد، ولما ذكره ابن حزم رواه بتفرد ابن أكيمة قال: وقالوا: هو مجهول، وفي التمييز لمسلم: ورواه ابن أخت ابن شهاب عن عمِّه عن الأعرج عن ابن الحبشية- وهو خطأ لاشك فيه- وزعم في كتاب التفرد أن الزهري تفرد عن ابن أكيمة ولم يرو عنه غيره، وكذا قاله أبو عمر بن عبد البر، وقال ابن سعد: روى عنه الزهري حديثَا واحلَما، ومنهم من لا يحتج به؛ يقول: هو شيخ مجهول، وكذا قاله البيهقي،/وزاد: ولم يحدث إلا بهذا الحديث وحده، وكيف يصح ذلك عن أبي هريرة؟ يأمر بالقراءة خلف الإمام فيما جهر به وفيما خافت! وأبى ذلك الحافظ أبو حاتم ابن حبان؛ فذكَره في الثقات، وقال: روى عنه الزهري وسعيد بن أبي هلال وابن أبيه عمرو بن مسلم وسماه عمارة، وهذا هو المرجح عند الذهلي وابن سعد وابن أبي حاتم والبخاري وغيرهم؛ بل المجزوم به عندهم قال ابن سعد: توفي سنة إحدى ومائة، وله تسع وسبعون سنة، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: صحيح الحديث وحديثه

مقبول، وخرّج الحاكم حديثه في صحيحه فيما قاله بعض الحفاظ، وصحّحه أيضا أبو محمد الإِشبيلي وابن القطان بسكوتهما عنه. وقيل: عمار، وقال البخاري: يعد من أهل الحجاز، كنيته أبو الوليد، وقال البرقي في كتاب الطبقات باب من لم يشتهر عنه لرواية الثقات عه: ولم يغمز ابن أكيمة البلثي، وقال ابن معين مثل قول الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدث ابن المسيب وقد روى عنه غير الزهري محمد بن عمرو وغيره. قال البرقي: وروى الزهري عن ابن أكيمة حديثين؛ أحدهما مشهور في القراءة خلف الإمام، والآخر في المغازي، وقال أبو عمر: كان ابن أكيمة يحدث في مجلَس سعيد فيصغى إلى الحديث، وحسبك بهذا فخرَا، وثنا وسما يحيى ابن معين عمرو بن أكيمة فيما حكاه عنه عباس، وقال: هو ثقة، قال أبو عمر: وقيل في اسمه: عمر، وقيل: عامر وهو ليثي من أنفسهم، وذكره أو قال يعقوب بن سفيان الفسوي: هو من مشاهير التابعين بالمدينة، وقد وجدنا لحديثه متابعاً بسند مستقيم. قاله الحاكم إذ خرجه من حديث قيصر بن إسحاق / البرقي، ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد عن عمير الليثي عن عطاء عن [685/ ب] أبي هريرة يرفعه: " من صلى صلاة مَكتوبة مع الإِمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاته " (1) ، " ومن انتهي إلى أم الكتاب فقد أجزأه "، وآخر رواه الدارقطني من حديث زكريا الوقار، وهو ضعيف، وتفرد به فيما قاله أبو الحسن. ثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن ابن أبي كثير عن أبي سلمة عنه، قال: صلى بنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة فلما قضاها قال: " هل قرأ أحدكم معي شيء من القرآن " (2) ، فقال رجل من القوم: أنا، فقال: " إني أقول: مالي أنازع القرآن؟ إذا أسررت بقراءتي فاقرؤوا، وإذا جهرت بقراءتي فلا يقرأن أحد معي "، وآخر رواه من حديث عبد الله بن عامر- وهو ضعيف- حدثنى

_ (1) رواه الدارقطني: (1/321) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/826) ، والترمذي (ح/312) وحسنه، والنسائي (2/ 140) ، والحاكم (1/239) ، وأحمد (2/240، 285، 301) ، والبيهقي (2/157، 158) ، والدارقطني (1/320) ، وشفع (406) ، والكنز (19679، 20536، 20537) ، وشرح السنة (3/83)

زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة: " نزلت هذه الآية: (إذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) (1) ، في رفع الأصوات وهم خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة "، وشاهداَ رواه أيضَا، وحكم عليه بالاستقامة، وقبله رواه أبو داود من حديث إسماعيل ابن علية عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال: " إنى لأراكم تقرؤون من وراء إمامكم " (2) ، قلنا: أجل والله يا رسول الله هذا، قال: " فلا تفعلوا إلا بأم القرآن، فانه لا صلاة لمن لم يقراًها " (3) . قال أحمد: كذا يقوله ابن إسحاق، واً ما غيره فيقول: " لا صلاة لمن لم يقرأ "، وقد قال الزهري: ذاك للإمام، وقد قاله بعضهم عن أبي هريرة، ولكنه خطاً، قال الحاكم: وقد أدخل بين محمود وعبادة بن وهب بن كيسان. رواه الوليد بن مسلم عن / سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن محمود، ورواه أيضا إسحاق بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو بن الحرث عن محمود. وقد بين الدارقطني في سننه، من رواية النسائي عن الهيثم بن حميد، أنباً زيد بن واقد عن مكحول أن دخول وهب هنا؛ لأنه كان المؤذن وعبادة الإمام وأن محمودَا ووهبًا صليا خلفه يومَا، ولفظه: " هل تقرؤون إذا جهرَت بالقراءة " (4) ، فقال بعضنا: إن لنصنع ذلك، قال: " فلا تقرؤون بشيء من القرآن إذا جهر الإمام بالقرآن " (5) ، وقال: رجاله كلهم ثقات، ومن حديث زيد عن حزام بن حكيم ومكحول بنحوها وقال: هذا إسناد حسن، ورجاله

_ (1) سورة الأعراف آية: 204. (2) صحيح رواه الحاكم (1/238) ، وابن حبان (460) ، والدارقطني (1/318) ، وأحمد (5/316/322) ، والبيهقي (2/164) . (3) رواه أحمد (8/305/، 322، 366) ، والحاكم (1/238) ، وابن أبي شيبة (1/ 374) ، والدارقطني (1/418/، 319) ، والمجمع (2/110، 110) ، وعزاه إلى أحمد، وفيه رجل لم يسم، وشرح السنة (1/318/، 319) ، والكنز (22136) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح/824) ، والبيهقي (2/165) ، والدارقطني (1/319) . (5) الحاشية رقم " 2 " السابقة.

ثقات كلهم، ومن حديث ابن إسحاق عن مكحول عن محمود عن عبادة، وقال: إسناده حسن، وكذا قاله البغوي. وآخر رواه أيضَا من حديث ابن أرطأة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصبن قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بالناس ورجل يقرأ خلفه، فلما فرغ قال: " من الذي يخالجني سورتي؟ " فنهاهم عن القراءة خلف الإِمام " (1) ، ورواه مسلم بلفظ: " من منكم قرأ الصبح سبح اسم ربك؟ " فقال رجل: أنا، فقال- عليه الصلاة والسلام-: " قد عرفت أنَّ رجلَا خالجنيها " (2) . قال شعبة: فقلت لعبادة: كأنه كرهه فقال النبي عنه، وآخر رواه الدارقطني من حديث محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: وهو ضعيف عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صلى صلاة مكتوبة أو تطوعاَ فليقرأ فيها بأمّ القرآن وسورة معها " (3) . فإن انتهي إلى أم الكتاب فقد أجزأه، " ومن صلى صلاة مع إمام يجهر فليقرأ بفاتحة الكتاب، وفي بعض سكتاته، فإن لم / يفعل فصلاته خداج غير تمام " (4) . ورواه البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام عن ابن الوليد، ثنا النضر، ثنا عكرمة، حدثنا عمرو بن سعد عن عمروَ. َ وآخر رواه أيضا بسند صحيح، قاله البيهقي في المعرفة عن عبدان أنبأ ابن ذريع، ثنا خالد عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن شهر بذلك قال: صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما قضى صلاته قال: " أتقرؤون والإمام يقرأ؟! قالوا: إنا لنفعل، قال: فلا تفعلوا، إلَّا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتَاب في نفسه " (5) . وآخر من رواية عبد الله بن

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة: ح/ 47، 48) ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 134!) ، والنسائي في (الافتتاح: باب " 37،) ، وأحمد (4/426/، 431333، 441) قوه: " المخالجة ": أي المنازعة. (2) انظر: الحاشية السابقة. (3) رواه الدارقطني: (1/321) . (4) المصدر السابق. (5) تقدم ص 1434.

عمرو: قرأ رجل خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " لا يقرأن أحدكم وراء الإِمام يقرأ، إلَا بأم الكتاب " (1) ، ذكره البخاري وأشار إلى ضعفه. حدثنا علي بن محمد، ثنا عبيد الله بن موسى عن الحسن بن صالح عن جابر عن أبي الزبير عن جابر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كان له إمام فقراءة الإِمام له قراءة " (2) . هذا حديث ضعيف؛ لضعف أبي عبد الله، ويقال: أبو يزيد، ويقال: أبو محمد جابر بن يزيد الجعفي الكوفي، وعمر، وإن كان الثوري قال فيه: ما رأيت أروع منه في الحديث، وقال شعبة: هو صدوق في الحديث، وفي موضع آخر: إذا قال ثنا أو سمعت فهو من أوثق الناس، وفي موضع آخر: كان لا يكذب وقال زهير بن معاوية: إذا قال سمعت أو سألت فهو من أصدق الناس، وقال وكيع: مهما شككتم في شيء فلا تشكوا أنّ جابراً ثقة، وقال ابن معين: لم يدعه مما رواه إلَّا زائدة. وقال ابن عدي: له صحيح حديث صالح، ولم أر له أحاديث جاوزت المقدار في في الضعف والإِنكار، وقد احتمله الناس، وعامة ما قذفوه / به الأمان بالرجعة، ولم يختلف أحد من الرواية عنه، وهو مع هذا كله أقرب إلى الضعف منه إلى الصدق، وقال الميموني: قلت لخلف: قعد أحد عن الرواية عنه! فقال: لا أعلمه، كان ابن عيينة من أشدهم قولاً فيه، وقد حدّث عنه وإنما كانت عنده ثلاثة أحاديث، قلت: صح عنه شيء أنه مؤمن بالرجعة؟ قال: لا ولكنه من شيعة عليِ، وقال أبو داود عن أحمد: لم يتكلم فيه من أجل حديثه؛ إنما تكلم فيه الراية، وقال أبو نعيم لأبي بكر بن أبي شيبة: لم يختلف عليه إلَّا في حديثين

_ (7) بنحوه رواه النسائي (2/141) ، والبيهقي (2/165/، 166) ، والكنز (9681، (2) ضعيف. رواه البيهقي (2/160/، 161) ، والمجمع (2/111) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه أبو هارون العبري، وهو متروك، والدارقطني (1/323/، 326) ، وابن ماجة (ح/850) ،. في الزوائد: في إسناده جابر الجعفي؛ كذاب. والحديث مخالف لما رواه الستة من حديث عبادة، والمعاني (1/217) ، وعبد الرزاق (2797) ، وتلخيص (1/ 232) ، والكنز (1983) ، ونصب للراية (2/6، 10) ، والإرواء (2 / 26/، 273) ، وضعفه الشيخ الألباني.

في حديثه. وفي كتاب المستملي: سئل شريك عنه فقال: ماله! العدل الرضي، ومدَّ بها صوته، وذكره أبو حفص بن شاهين في كتاب الثقات ثم ذكره في المختلف فيهم، فقد قال فيه ابن سعد: كان ضعيفاً جدا في روايته. وقال أبو جعفر في كتابه المسمى بالتعريف تصحيح التاريخ: كان ضعيفاً من الشيعة الغالين في الدين، وقال البلخي: ليس بشيء، وسئل أحمد بن خداش عنه: أكان يتشيع؟ قال: نعم قال: أيتهم في حديثه بالكذب؟ فقال: من طعن فيه فإنما يطعن يخارق من الكذب، قلت: أكان يكذب؟ قال: إي والله، وذاك في بين، وقال ابن معين والشعبي وسعيد بن جبير: كان كذابا، وقال البخاري: تركه ابن مهدي، وقال يحيى بن سعيد: تركناه، وقال الفلاس: كان عبد الرحمن ويحيى لا يحدّثان عنه، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه على الاعتبار ولا يحتج به، وقال أبو زرعة: ليّن، وقال العجلي: ضعيف، وقال ابن حزم: كذاب، وقال ابن قتيبة: كأن يؤمن بالرجعة، وكان صاحب سيئة وترنحات. وكذا قاله ابن أبي شيبة، وذكره البرقي / في الضعفاء، وقال: كان رافضا، وقال أبو داود: ليس هو عندي بقوي، وقال النسائي: متروك، وقال أبو حنيفة ما لقيت أكذب منه، وقال جرير: لا أستحل أن أروى عنه، وقد روى هذا الحديث الدارقطني من حديث أبي حنيفة وابن عمارة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهادي عن جابر وقال لم يسنده عن موسى غير أبي حنيفة والحسن بن عمارة، ورواه جماعة من الثقات عن عبد الله بن شداد مرسلا، وهو الصواب، وكذا قاله يحيى فيما حكاه الخلال في كتاب العلل. وقال البخاري: هذا خبر لا يثبت عند أهل العلم بالحجاز والعراق وغيرهم لإرساله وانقطاعه، ورواه أحمد بسند ضعيف عن يحيى بن إبراهيم، ثنا إبراهيم بن الحسن الثعلبي عن يحيى بن يعلى عن عمر بن موسى عن أبي الزبير، وذكر البخاري علّة ثانية في حديث ابن ماجه؛ وهي قوله: ولا يدرى أسمع جابر من أبي الزبير أم لا؟. ورواه الدارقطني بسند حسن من حديث

_

الحسن بن صالح عن ليث بن أبي سليم وجابر بن أبي الزبير فذكره مرفوعاَ لثقة ليث على ما بيّناه قبل ولاتصاله؛ ولأنّ لحديثه شواهد منها ما خرجه مالك في الموطأ عن وهب بن كيسان قال: سمعت جابراَ يقول: " من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء إمام " (1) . ورفعه عنه يحيى بن سلام، وهو ضعيف، قال الدارقطني: والصواب موقوف، ولفظه: " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " (2) . وحديث ابن عباس يرفعه: " يكفيك قراءة الإمام خافت أو قراءة " (3) . رواه الدارقطني من حديث علي بن مخلد ثنا عليَ بن زكريا عن أبي موسى الأنصاري عن عاصم بن عبد العزيز عن/أبي سهل عن عون، ومنه: وثنا ابن مخلد/ثنا أحمد بن إسحاق بن صالح الرازي ثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ثنا عاصم به، وقال عاصم: ليس بالقوي، ودفعه وهم، وقال أبو موسى: قلت لأحمد بن حنبل فيما ذكره الخلال في حديث ابن عباس: هذا في القراءة؟ فقال: هذا منكر. وحديث أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كان له إمام فقراءته له قراءة " (4) . رواه الدارقطني من حديث محمد بن عباد الرازي ثنا أبو يحيى التيمي قال: وهما ضعيفان عن سهل عن أبيه عنه. وحديث أبي الدرداء: سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أفي كلِّ صلاة قراءة؟ قال:

_ (1) انظر: الحاشية القادمة. (2) صحيح. رواه مسلم في " الصلاة ": 5/38، 40، 41، والترمذي (ح/312/ ، 2953) ، والنسائي (2/135) ، وأبو داود (ح/831) ، وابن ماجة (ح/838) ، وأحمد (250، 487285، 6/142) ، والبيهقي (2/39، 40، 159، 167) ، وابن ماجة (ح/838) ، والدارقطني (1/312) ، وابن عدي في " الكامل " (5/1860) ، وابن خزيمة (489، 502) ، وعبد الرزاق (2744) وتجريد (346) ، وإتحاف (3/151) ، وشرح السنة (3/47) ، ومشكل (2/23) ، والمنثور (1/6) ، وحبيب (1/46) ، ونصب الراية (1/340) ، والإرواء (2/280) . (3) رواه عبد الرزاق (2811) ، والدارقطني (1/333) ، ونصب الراية (2/11) ، والحلية (4/265) . (4) تقدم ص 1436.

" نعم "، فقال رجل من الأنصار: وجبت هذه، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لي وكنت أقرب القوم إليه: " ما أرى الإِمام إذا أمّ القوم إلَّا. قد كفاهم " (1) . رواه الفسوي بسند صحيح عن هارون بن عبد الله عن زيد بن حباب عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرَة عنه، قال أبو عبد الرحمن: خولف زيد بن حباب في قوله: فالتفت إلي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال الدارقطني: الصواب: فقال أبو داود: وأما كثير: ما أرى الإِمام إلَّا كفاهم، وقال الإشبيلي في الأحكام الكبرى: خولف زيد في هذا، والصواب لله من قول أبي الدرداء، وقال في الوسطى: اختلف في إسناد هذا الحديث، ولا يثبت؛ فاعترض عليه ابن القطان بأن قوله هذا يؤمهم في الحديث علّة لا تقبله معها أحد وليس كذلك؛ فإنّه حديث رواه ابن الحباب مرفوعاً وعن ابن وهب موقوفاً ليس فيه أكثر من هذا، وزيد أحد الثقات، ولو خالفه في رفعه/جماعة ثقات ما ابتغى أن يحكم عليه في رفعه إيّاه بالخطأ، فكيف ولم يخالفه إلا وجد وارفع ما تقبل به عليه مرفوعا ًالشك الذي فوله: ما أرى الإمام. فانَّ هذا يستبعد أن يكون من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو كان من مجتهد؛ لأنَّه والأظهر أنه من كلام أبي الدرداء والله أعلم، وموقوف زيد بن ثابت من عند مسلم، وشأنه عطاء عن القراءة مع الإِمام فقال: لا قراءة مع الإِمام في شيء، قال البخاري: ورواه عمر بن محمد عن موسى عق زيد قال: " من قرأ خلف الإِمام فلا صلاة له " (2) . قال: ولا يعرف بهذا الإسناد سماع بعضهم من بعض، ولا يصح مثله، وقال أبو عمر: هو مثل لا يصح، وموقوف عبد الله بن عمر أنه كان إذا سئل: هل يقرأ أحد خلف الإِمام؟ قال: " إذا صلى أحدكم خلف الإِمام فحسبه قراءة الإِمام، وإذا صلى وحده فليقرأ " (3) . قال نافع: " وكان ابن

_ (1) رواه النسائي في (الافتتاح: باب " 30 ") ، والبيهقي (2/162) ، ونصب الراية (2/ 17) ، والدارقطني (1/332/، 339) ، والكنز (22955) . (2) ضعيف. نصب الراية (2/19) ، والمتناهية (1/133/، 433) . وضعفه الشيخ الألباني. (3) انظر: جامع المسانيد (2/546) .

عمر لا يقرأ خلف الإِمام " (1) . رواه مالك عنه وأسنده الدارقطني من حديث سليمان بن الفضل، ثنا محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك- عن أبيه عن سالم عنه بلفظ: " من كان له إمام فقراءة الإِمام له قراءة " (2) . ثم قال: رفعه، وهو مرسل الشعبي قال- عليه السلام-: " لا قراءة خلف الإِمام " (3) . رواه أبو الحسن من حديث علي بن عاصم عن محمد بن سالم عنه، وحديث الحرث عن علي قال: قال رجل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أقرأ خلف الإِمام أو أنصت؟ قال: " بل أنصت فإنه يكفيك " (4) . قال الدارقطني: تفرد به غسان بن الربيع وهو ضعيف، ورواه أيضا من حديث علي بن صالح عن ابن أبي الأصبهاني عن المختار بن عبد الله بن أبي ليلى عن أبيه، قال علي يرفعه: " من قرأ خلف الإِمام فقد أخطأ/الفطرة " (5) ، وقال: لا يصح إسناده، وزاد البخاري: المختار لا يعرف ولا يدرى أنه سمع من أبيه ولا أبوه من علي، ولا يحتج أهل الحديث بمثله. ومن طريقه عن علي أيضاَ عن أبي حزم أن رجلا جاءه فقال: إني صلَّيت ولم أقرأ قال: أتممت الركوع والسجود؟ قال: نعم، قال: قد تمت صلاتك، ماكل أحد يحسن يقرأ، وذكر البيهقي عن أبي وائل أن رجلا سأل ابن مسعود عن القراءة خلف الإمام فقال: " أنصت للقرآن فإن في الصلاة شغلا، وسيكفيك ذلك الإِمام " (6) ، وذكره البخاري من حديث أبي حباب عن ابن كهيل عن إبراهيم عنه بلفظ: " وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام بلى "، فواه متناَ، وقال: هذا مرسل لا يحتج به، وخالفه ابن عون عن إبراهَيم عن الأسود

_ (1) رواه مالك في: الصلاة (ح لم 43) . (2) تقدم مص 1436. (3) رواه الدارقطني (1/330 /) ، والكنز (50545) ، والإرواء (2 / 277) . (4) رواه الدارقطني (1 / 330) ، ونصب الراية (2/19) ، والإرواء (2/276) . (5) ضعيف رواه الدارقطني (1 / 323 /، 403) ، ونصب الراية (2 / 13) . (6) انظر: الإرواء (2/776) .

وقال. رضعا، وذكر أيضاَ وروى داود بن قيس عن ابن بجاد رجل من ولد سعد عن سعد، وددت أنّ الذي يقرأ خلف الإِمام من فيه جمر. قال: وهذا مرسل، وابن بجاد لم يعرف ولا يُسّمى، وذكر ابن حزم أن عمر بن الخطاب قال- وقد صلى المغرب بالنُّاس ولم يقرأ شيئاَ-: أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ قالوا: بلى، فلم يعد الصلاة. ومن طريق حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عنه، ولم يتعرض للكلام عليه؛ بل ذكره في معرض الاحتجاج، وذكره أبو الفرج بن الجوزي في كتاب العلل المتناهية، قال البيهقي في المعرفة: سئل أبو موسى الرازي وكان أحفظ أصحاب الرأي على أديم الأرض في وقته عن قوله- عليه السلام-: " من له إمام فقراءة الإِمام له قراءة " (1) . فقال: لم يصح فيه عندنا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء إنمّا اعتمد فيه مشايخنا على الروايات/عن علىّ وأبي مسعود والصحابة، قال البيهقي: وقد روينا عن علي من طريق صحيحة: أنه أمر بالقراءة خلف الإِمام، وروينا ذلك عن ابن مسعود، وجابر، وأبي الدرداء، وعبادة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وابن مغفل، وأبي هريرة، وأنسَ، وعمران بن حصين، وعائشة، وعبد الله بن عمرو، وهشام، وابن عمر في رواية، وعروة، وسعيد بن جبير، ومكحول، وقال البخاري: وكان ابن المسيب وعروة والشعبي وعبيد الله بن عبد الله ونافع بن جبير وأبو المليح والقاسم بن محمد وأبو مجلز ومكحول ومالك وابن عون وابن أبي عروبة يرون القراءة، وسئل عمر: أقرأ خلف الإِمام؟ فال: نعم، قيل: وإن قرأت أنت؟ قال: وإن قرأت ". وقال حذيفة: يقرأ، وقال ابن علية: روبت عن مجاهد إذا نسي الفاتحة فلا يعتد بتلك الركعة، قال أبو محمد عبد الله: فإن اعتل معتل فقال: إنما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا صلاة إلَا بفاتحة الكتاب " (2) ، ولم يقل في كل ركعة،

_ (1) تقدم أكثر من مرة في هذا الباب. انظر ص 1436 الحاشية رقم (3) . (2) إتحاف (3/48، 47) ، والفتح (2/252) ، وأبو عوانة: (2/125) ، والحلية (7/124) ، وابن عدي فما " الكامل " (4/1437) ، ونصب الراية (1/367) ، والجمع (2/115) ، وعزاه إلى الطبراني=

قيل له: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بين حتى قال: اقرأ ثم اركع ثم اركع ثم اسجد ثم ارفع فإنك إن أتممت صلاتك على هذا فقد تمت، وهذا حديث مفسر للصلاة كلها لا للركعة، وقال أبو قتادة: " وهذا حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في الأربع كلها " (1) . فإن احتج بحديث عمر أنَّه نسي القراءة في ركعة فقرأ في الثانية الفاتحة مرتين قيل له: حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسر حين قال: اقرأ ثم اركع فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القراءة قبل الركوع، فليس لأحد أن يجعل القراءة بعده، قال أبو عمرو: قال بعض الكوفيين/قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا صلاة لمن لم يقرأ ". خاص أريد به من صلى وحده أو كان إماماً، وكذلك فسره ابن عيينة، وأمّا من صلى وراء إمام فإن قراءته له قراءة محتجين بأن جمهور العلماء أجمعوا على أن الإِمام إذا لم يقرأ وقرأ من خلفه لم تنفعهم قراءتهم، فدلّ أن قراءة الإِمام هي التي تراعى، وأنَّها كما جاء في الحديث: " قراءة لمن خلفه "، وقوله عليه السلام: " ما لي أنازع القرآن! " (2) . قال الساجي في كتاب المنتقى: قد يقال مثل هذه النقطة لمعان: أحمدها: أنّ لعان المرء نفسه يقول: مالي فعلت كذا وكذا! وقد يقول ذلك لمعنى اللوم لمن فعل ما لا يجب: مالي وذا مالي امنع حقي، وقد يقول ذلك إذا أنكر أمراً غاب عنه شبه فيقول الإنسان: مالي لم أدرك أمر كذا! ومعنى ذلك هنا الذي ظهر من أبي حتى لكَم القراءة معي في الصلاة فتنازعوا في القراءة فيها، ومعنى منازعتهم له ألا يفردوه بالقراءة ويقرءون معه. ***

_ = في " الأوسط "، وهو في الصحيح خلا قوله: " وآيتين معها "، وفيه الحسن بن يحيى الخشني، ضعفه النسائي والدارقطني، ووثقه دحيم وابن عدي وابن معين في رواية. (1) بنحوه. رواه البخاري (1/193) ، ومسلم في (الصلاة، ح/155) ، وأحمد (5/308305) ، والبيهقي (2/63، 348) ، وابن أبي شيبة (1/372، 2/402) ، وشرح السنة (3/64) ، والمطالب (429) ، والكنز (22142) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/348) . (2) تقدم. تلخيص (1/231) ، والكنز (20540، 20541، 22931) ، وعبد الرزاق (2796) ، والبخاري في " الصغير " (1/177) ، وابن حبيب (1/47) ، والقرطبي] (1/ 118/، 121) ، والخطيب (11/426) ، والإرواء (2/39، 275) .

144 - باب الجهر بأمين

144 - باب الجهر بأمين الحراني قالا: حدثنا عبد الله بن وهب عن يونس جميعاَ عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أئن القارئ فأمِّنوا، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه " (1) . حدثنا محمد بن بشار بن صفوان بن عيسى ثنا بشير بن رافع عن أبي عبد الله بن عمر عن أبي هريرة قال: " ترك الناس التأمين، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: آمين، حتى يسمعها أهل الصف الأول فيزعج بها المسجد " (2) . هذا حديث مضعف بأمرين: الأول: بشر بن رافع أبو الأسباط الحارثي، فإن البخاري قال: لا يتابع في حديثه، وقال ابن معين: حاتم/بن إسماعيل روى عن أبي الأسباط شيخ كوفي ثقة قيل له: هو ثقة، قال يحيى: يحدّث بمناكير، وفي رواية: ليس به بأس، وقال النسائي: هو ضعيف، وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم، وقال الترمذي: يضعف في الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف منكر الحديث، لا ترى له حديثاَ قائما، وقال ابن عدي: يقارب الحديث لا بأس بأخباره، ولم أجد له حديثاَ منكراَ وعد البخاري: أنَ بشر بن رافع هذا هو أبو الأسباط الحارثي، وعند يحيى: أن أبا الأسباط شيخ كوفي، ولكن ند ذكر يوسف بن سليمان عن حاتم عن أبي الأسباط، وما قاله كل واحد منهم يحتمل وإن كان اثنين فكأنّ أحاديث بشر بن رافع أنكر من أحاديث أبي الأسباط، وقال أحمد بن حنبل: ليس بشيء ضعيف الحديث، وقال ابن حبان: يروي أشياء موضوعة كانه المعتمد لها، وذكره المتجاني البلخي وأبو العرب في جملة الضعفاء، وقال الدارقطني: منكر الحديث، وقال الحاكم: وخرّج حديثه في الشواهد ليس بالمتروك، وقال البزار: لين الحديث وقد احتمل حديثه، وقال العقيلي: له مناكير وبه ردّ الإشبيلي هذا الحديث، وقال ابن القطان: ضعيف.

_ (1) تقدَم فما أول الحديث فما الباب ص 1443 (2) تقدم ص 1443.

الثاني: أبو عبد الله بن عمر عن أبي هريرة، فإنه مجهول لا يعرف اسمه ولا حاله ولا روى عنه غير بشر، وبه ردّ أبو الحسن بن القطان هذا الحديث، والله تعالى أعلم. وقد ذكرنا في الإكمال لتهذيب الكمال اسمه، ومن وثقه وذكره بخير، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق سالمة من هذين ذكرها الدارقطني من حديث الزبيري، وعن الزهري عن أبي سلمة وسعيد عن أبي هريرة قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال: آمين " (1) . رواه عن محمد بن إسماعيل الفارسي، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا إسحاق بن إيراهيم، حدثنى عمرو بن الحرث، حدثني عبد الله بن سالم، وقال: هذا إسناد حسن، وذكره ابن حبان أيضًا في صحيحه من حديث الزبيري ولما خرجه الحاكم قال فيه: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ، واتفقا على تأمن الإمام وتأمن المأموم، وإن أخفاه الإِمام، واختاره أحمد في جماعة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإذا قال الإِمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين " (2) . وفي كتاب الصلاة للفضل بن دكين: ثنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة أنه كان يؤذِّن بالبحرين فاشترط عَليهم الاّ يسبقوه بأمي. حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا حميد بن عبد الرحمن ثنا ابن أبي ليلى عن سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن علّي بن أبي طالب قال: " سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قرأ: ولا الضالين، قال: أمن " (3) . هذا حديث ضعيف بأمرين: الأول: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار أبو عبد الرحمن قاضي الكوفة وفقيهها فإن شعبة قال: ما رأيت أسوأ حفظاً منه، وأفادني أحاديث فإذا هي مقلوبة، وترك ابن زائدة حديثه وكان يحيى بن سعيد يضعفه، وقال أحمد: هو سيء الحفظ مضطرب الحديث ضعيف. وقال ابن معين: ليس بذاك، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث، وقال الدارقطني: رديء الحفظ

_ (1) تقدم ص 1433. (2) تقدم المنثور (1/9) ، وإتحاف (3/49، 104) ، والفتح (2/264) ،. (3) الحاشية السابقة.

كثير الموهم، وقال العجلي: فقيه، صاحب/سنة صدوق، جائز الحديث، قارئ للقرآن عالم به، وكان من أحسب النّاس وأيقظ الناس للمصحف وأحفظه بعلم، وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسي في كتاب التذكرة: أجمعوا على ضعفه، وقال أبو حاتم: اشتهر بالحفظ ولا يتهم بشيء من الكذب إنما ينكر عليه كثرة الخطأ فلا يحتج به، وقال ابن حبان: كان فاحش الخطأ رديء الحفظ فكثرت المناكير في حديثه فاستحق الترك، تركه أحمد ويحيى. الثاني: حجة بن عدي الكندي الكوفي، وإن كان العجلي وابن حبان وثقاه وقال أبو الحسن: ابن القطَّان: روى عنه أبو إسحاق السميعي عدّة أحاديث، وهو فيها مستقيم لم يعهد منه خطأ ولا اختلاط ولا نكارة، ولما صحح الحاكم حديثه قال: لم يحتجا به، وهو من كبار أصحاب علي فقد قال أبو حاتم الرازي: شيخ لا يحتج بحديثه شبيه (1) بالمجهول شبيه بشريح بن النعمان الصابري وهبيرة بن مريم، وقال علي بن المديني: لا أعلم روى عنه إلّا سلمة بن كهيل وفيه نظر، لما أسلفناه، وقال ابن سعد: كأن معروفاَ وليس بذاك، ورواه الطبري في كتاب التهذيب عن أبي هشام الرفاعي ثنا المطلب بن زياد عن ابن أبي ليلى عن عديّ بن ثابت وربما قال: عن رجل من الأنصار عن ذرّ عن علي بلفظ: " إذا قال: ولا الضالِّين قال: آمين، ويمد بها صوته " (2) . ثم قال: وقد علل هذا الحديث بأن عدي بن ثابت ممن يجب التثبت في قوله، ورواية عنه ابن أبي ليلى وهو عندهم ممن لا يحتج به، وأيضاَ فإنّ المعروف عن علي العمل بخلافه ولو صح عنه لم يكن ليخالفه إلى غيره، ولما ذكر أبو حاتم الرازي حديث المطلب لم قال: هذا خطأ، فذكر له حديث حجبة قال: وهذا أيضاَ عندي خطأ، إنَّما هو سلمة عن حجر عن وائل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال أمه فقلت: حديث المطلب ما حاله قال: لم بروه غيره، ولا أدري ما هو

_ (1) قوله: " شبيه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (2) له أكثر من موضع قريب. وانظر: المنثور (1/9) ، وإتحاف (3/49، 104) ، والفتح (2/264) .

وهذا من ابن أبي ليلى؛ فإنه كان سيء الحفظ، وفي الأوسط لم يروه عن عدي بن ثابت إلا ابن أبي ليلى ولا عهْ إلا المطلب. تفرد به ضرار بن صرد. حدثنا محمد بن الصباح، وعمار بن خالد الواسطي، ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال: " صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما قال: ولا الضالين قال: آمن فسمعناها منه " (1) ، هذا حديث إسناده منقطع فيما بين عبد الجبار وأبيه قال هاهنا: قال أحمد بن حنبل: وروى لنا هذا الحديث عن أبي بكر بن عياش يقول ناس لم يسمع عبد الجبار من أبيه شيئا. وقال الدوري: سمدت يحيى يقول: عبد الجبار ثبت ولم يسمع من أبيه شيئا إنما كان يحدث عن أهل بيته ويقولون: إن أباه مات وهو حمل- أي: أمه حبلى به- وفي موضع آخر: ولد بعد موت أبيه لستة أشهر، وقال: نظروا الحسن بن عبيد الله عن عبد الجبار سمعت أبي، ولا يصح سماعه من أبيه وهو في بطن أمه، ومات أبوه قبل أن يولد، ولما ذكر الترمذي: " خرجت امرأة فتحللها رجل " (2) . الحديث من حديثه عن أبيه. قال: غريب وليس إسناده بمتصل، وسمعت محمد يقول: لم يسمع عبد الجبار من أبيه ولا أدركه، وقال: ثنا مدار بن يحيى، وعبد الرحمن عن سفيان عن سلمة عن حجر بن عنبس عن وائل فأخرج. عبد الجبار من السند، وقال: حسن زاد منه وفي العلل/الكبير: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث الثوري عن سلمة بن كهيل في هذا الباب أصح من حديث شعبة وشعبة أخطأ

_ (1) انظر: الحاشية السابقة. (2) رواه الترمذي في: الحدود، (ح/1454) . وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح. وتمام لفظه " عن علقمة بن وائل الكندي عن أبيه أن امرأة خرجت على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُريد الصلاة، فتلقاها فقضى حاجته منها فصاحت وانطلق ومر عليها رجل فقالت: إِن ذَاك الرجل فعل بي كذا وكذا، ومرت بعصابة من المهاجرين فقالت: إنْ ذاك الرجل فعل بي كذا وكذا، فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها وأتوها فقالت: نعم هو هذا، فأتوا به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما أمريه ليُرجم قام صاحبها الذي وقع عليها فقال: يا رسول الله=

/ في هذا الحديث في مواضع، قال: عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس، وإنما هو ابن عنيس وكنيته أبو السكن، وزاد فيه: عن علقمة بن وائل وإنما هو حجر عن وائل ليس فيه علقمة، وقال: وخفض بها صوته، والصحيح أنّه جهر بها، وسألت أبا زرعة فقال: حديث سفيان أصح من حديث شعبة، وقد رواه العلاء بن صالح، وفي المعرفة البيهقي أجمع الحفاظ على أنَّ شعبة أخطأ في ذلك، وقد رواه العلاء ومحمد بن سلمة بن كهيل عن سلمة بمعنى رواية سفيان، ورواه شريك أيضا عن أبي إسحاق عن علقمة بن وائل عن أبيه، وقد رويناه بإسناد صحيح عن أبي الوليد الطيالسي عن شعبة كما رواه الثوري من أوجه أخر. أنتهي. هو في مسند أبي داود عن شعبة أخبرني سلمة سمعت حجرا قال: سمعت علقمة فذكره، وعاب أبو الحسن على عبد الحق رضاه بقول الترمذي فيه: حسن، وعدم بيان المانع في صحته، وقال: هذا الحديث فيه أمور: أحدهما: اختلاف شعبة وسفيان. الثاني: حجر لا يعرف حاله. الثالث: يعني دخول علقمة ابن حجر ووائل، ولما ذكر الدارقطني رواية الثوري صححها كأنه عرف من حال حجر الثقة ولم يره منقطعاَ بزيادة شعبة علقمة في الوسط، وفي ذلك نظر، والاضطراب في المتن علَّة مضعفة في الحديث، لأن يقال فيه: ضعيف أقرب منه إلي أن يقال: حسن فاعلمه. انتهي كلامه. وفيه نظر في مواضع: الأول: حجر هذا ليس مجهول الحال ولا العين، أما عينه، فروى عنه سلمة وموسى بن قي الحضرمي والمغيرة بن أبي الحر الكندي، وأما حاله فذكره ابن الأثير في الصحابة وقال: آمن بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حياته وذكره ابن الجوزي وغيره في المختلف في صحبتهم. ولما ذكره البغوي في الصحابة قال: كان آكل الدم في الجاهلية وشهد مع علي الجمل وصفين، وليس له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير خطب أبو بكر وعمر وفاطمة، ولا أحسبه سمع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال أبو بكر الخطيب: صار مع علي إلى الهرون وورد اللمدائين في صحبة وهو ثقة احتج بحديثه غير واحد

_ = أنا صاحبها، فقال لها: اذهبي فقد غفر الله لَكِ، وقال للرجل قولا حسنا، وفال للرجل الذي وقع عليها ارجموه وفال: لقد تاب توبة لو تاها أهل المدنية لقُبلَ منهم ".

من الأئمة، وذكره ابن حبان في الثقات، وخرج حديثه هذا في صحيحه من حديث شعبة ثم قال: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذه السنة ليس بصحيحة؛ لمخالفة الثوري شعبة في اللفظة التي ذكرناها، فذكر حديث أبي هريرة المتقدّم، وقال يحيى بن معين: هو كوفي ثقة مشهور. الثاني: عيينة أبا بدخول علقمة بينهما، وليس بعيب على ما ذكره الكجي في سنه فإنه ما ذكر رواية حجر عن علقمة قال: وقد سمعه أيضاً حجر من وائل. الثالث: إغفاله اضطرابا آخر لم يذكره، وهو يقول: ابن أبي بكر الأثرم اضطرب في شعبة في هذا فقال مرة: عن سلمة عن حجر عن وائل، وقال مرّة: عن سلمة عن حجر عن علقمة، أو عن وائل، ورواه سفيان فلم يضطرب في إسناده ولا في الكلام، قال سلمة: عن حجر عن وائل مرفوعاَ أنه كان يجهرها، وروى ذلك عن وائل من وجه آخر، ثنا أبو عبد الله، ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا أبو إسحاق عن/عبد الجبار بن وائل عن أبيه فذكره، ثم قال: فقد صح أنه أظهر بالتأبين من درجه، ولم يصح فيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء غيره. حدّثنا إسحاق بن منصور، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين " (1) ، هذا حديث إسناده صحيح على رسم مسلم. وفي كتاب البيهقي من حديث عمرو بن قيس عن محمد بن الأشعث قال: حدثتني عائشة قالت: بينا أنا قاعدة عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء ثلاثة نفر من اليهود فذكرت: حديثَا فيه فقال عليه الصلاة والسلام: " حسدونا على القبلة التي هدينا لها وضَلُّوا عنها، وعلى الجمعة، وعلى قولنا خلف الإِمام آمن " (1) ، وفي لفظ حسن:

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/856) في الزوائد، هذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات. احتج مسلم بجميع رواته. والمنثور (1/17، 2/189) ، والفتح (11/4، 200) . وصححه الشيخ الألباني.

" حسدونا بثلاث: التسليم والتأمين واللهم ربنا ولك الحمد " (2) ، وعند أحمد: " إنهم لن يحسدونا- يعني: اليهود- على شيء كما يحسدونا على الجمعة ... " (3) الحديث. حدثنا العباس بن الوليد الخلال الدمشقي، ثنا المروان بن محمد وأبو مسهر قالا: حدثنا خالد بن يزيد بن صبيح المزي، ثنا طلحة بن عمرو عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على قول آمين فأكثروا من قول آمين " (4) . هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف روا ية طلحة بن عمرو الحضرمي المكي، فإن البخاري قال فيه: ليس بشيء، وقال أبو دواد: ضعيف، وقال النسائي: ليس بثقة، وفي موضع آخر: متروك الحديث، وقال الفلاس: كان يحيى/وعبد الرحمن لا يحدثان عنه، وقال الإِمام أحمد: لا شيء متروك الحديث، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: ليس بقوى ليس عندهم، وقال الجورجاني: غير مرضي في حديثه، وقال ابن عدي: قد حدث عنه قوم ثقات أحاديث صالحة، وعامة ما يروى عنه لا يتابعونه عليه. وعن عبد الرازق قال: اجتمعت أنا وشعبة والثوري وابن جريج فقدم علينا شيخ فأملا علينا أربعة آلاف حديث عن ظهر قلب فما أخطأ إلا في موضعين لم يكن الخطأ منه من فوق، وكان الرجل طلحة بن عمرو الكاتب لشعبة (4) ، وقال أبو أحمد الحاكم: يكني أبا عمران وليس بالقوي عندهم، وقال ابن جد:

_ (1) الترغيب (1/328) ، والكنز (19716، 19717) ، والقرطبي (8/130) . (2) الكنز: (25276) . (3) رواه أحمد: (6/125) . (4) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/857) ،. في الزوائد: إسناده ضعيف. لاتفاقهم على ضعف طلحة بن عمرو. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/183) ، والتعليق الرغيب (1/178- 179) . (4) كذا ورد هذا السياق " بالأصل "، والعبارة غير كاملة المعنى.

كان كثير الحديث ضعيفا جدا وقد رووا عنه، وقال البزار في كتاب السنن تأليفه: لم يكن بالحافظ، وقال في المسند: طلحة وعقبة الأصم غير حافظين. وإن كان قد روى عنهما جماعة فليسا بالقويين، وقال العجلي: ضعيف وقال حمزة: سئل عنه الدارقطني فقال: لين، وفي موضع آخر: ضعيف، وقال البيهقي في المعرفة: ليس بالقوى، وفي كتاب ابن الجارود وبيان الوهم والإِبهام: ليس بشيء، وقال ابن حبان: كان ممن يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، ولا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه إلّا على جهة التعجب، وقال علي بن الجنيد: متروك، وقال أبو زرعة البزار: ضعيف، وذكره الساجي والعقيلي وأبو العرب وغيرهم في جملة الضعفاء، وفي الباب غير ما حديث؛ من ذلك حديث أبي عثمان النهدي عن بلال أنه قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبقني بآمين " (1) . رواه أبو داود، وقال الدارقطني: وروى عن أبي عثمان قال: قال بلال/للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مرسلا، ولما ذكره أبو حاتم في كتاب العلل مسندا قال: هذا خطأ، رواه الثقات عن عاصم عن أبي عثمان مرسل، ورواه البيهقي من حديث عبد الرزاق مرسلا ومن حديث وكيع وشعبة مسندا، ثم قال: ورواية عبد الرزاق أصح. قال: وفي رواية محمد بن فضيل عن عاصم بن أبي عثمان قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبقني بآمين " (2) قال: فكان بلال يؤمن قبل تأمين النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " لا تسبقني بآمين ". ولما أخرجه الحاكم من حديث عاصم عن أبي عثمان قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفي المعرفة البيهقي: وقيل عن أبي عثمان عن سليمان قال: قال بلال وهو ضعيف ليس بشيء وإن كان محفوظا فيرجع إلى ما روى في الحديث، الثالث: عن أبي هريرة: " إذا أمن الإِمام فأمنوا " (1) ، والله أعلم. (1) رواه البيهقي (2/23، 56) ، والحاكم (1/219) ، وعبد الرزاق (2636) ، والطبراني (1/352، 6/311) ، ورجاله موثقون. والكنز (22189، 22193) ، والفتح (2/262) ، وأصفهان (1/260) (2) انظرْ الحاشية السابقة

وفي الأوسط: لم يروه عن القاسم بن معين عن عاصم إلا عثمان بن سعيد. تفرد به أبو كريب، وفي الأحكام للشيخ أيضًا، قيل: إنَّ أبا عثمان لم يدرك بلالا، وحديث أبي زهير النميري من عنده أيضاً وسنده صحيح قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة نمشي فأتينا على رجل قد ألح في المسألة فوقف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع منه فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أوجب إن ختم، فقال رجل من القوم: بأي شيء يختم؟ قال: بآمين فإنه إن ختم بأمين فقد أوجب ". فانصرف الرجل السائل فأتى الرجل فقال: يا بلال اختم بآمين وأبشر (2) ، وذكره أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب فقال: إسناده ليس بالقائم، وحديث أنس بن مالك/قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله أعطى أمتي ثلاثاً/ يعط أحد قبلهم: السلام، وصفوف الملائكة، وآمين- إلا ما كان من موسى وهارون عليهما السلام- " (3) . ذكره أبو عبد الله الترمذي في نوادره بسند ضعيف، فقال: ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد عن أبيه، ثنا زرى مؤذن مسجد هشام بن حسان، ثنا أنس به، ثم قال: معناه: أن موسى دعا وهارون أمن، قال: فقال: (قد أجيبت دعوتكما) ، وحديث أبي موسى الأشعري عند مسلم يرفعه: " وإذا قال- يعني الإِمام- غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا: آمين يحبكم الله " (4) . وحديث ابن أم الحصين عن أمه: " أنها صلَّت خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسمعته يقول: آمين، وهي في صف النساء " (1) : ذكره أبو بكر في كتاب المعرفة،

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/198) ، ومسلم في) الصلاة، ح/72) ، وأبو داود (ح/852) ، والترمذي (ح/250) ، وصححه. والنسائي (2/144) ، وابن ماجة (ح/852) ، والبيهقي (2/55، 57) ، وابن خزيمة (750، 1583) ، والتمهيد (7/8، 61) ، وابن أبي شيبة (825) ، ونصب الراية (1/368) ، والكنز (19714) ، وابن كثير (1/48) ، الخطيب (1/327) ، والشافعي (37، 212) ، (385) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/938) ، والترغيب (1/331) ، والمنثور (1/17) ، والكنز (3233) . (3) ضعيف. الجوامع (46692) ، والمنثور (1/17) ، والقرطبي (1/130، 76، 11/113) . (4) صحيح، متفق علبه. رواه مسلم في " الصلاة "، (ح/140) ، والبخاري (ح/250) ، وصححه. وابن ماجة (ح/852) ، ومالك في (الصلاة، باب " 11 " ما جاء في التأمين خلف الإِمام، وأحمد (2/459) .

قال: وروينا عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا كان وراء الإِمام، وقرأ الإِمام بفاتحة الكتاب، قال الناس: آمن؛ أمَّن معهم، ورأى ذلك من السنة " (2) . وفي المحلى من طريق عبد الرازق بن معمر عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه كان مؤذنا للصلاة بن الحضرمي بالبحرين فاشترط عليه لا يسبقه بأمين، وفي كناب الصلاة للفضل بن دكين عن إبراهيم قال: " كان يستحب إذا قال الإِمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين أن يقول الرجل: اللهم اغفر لي آمين " (3) . وعن عكرمة: " كنا نكره إذا قال الإِمام ولا الضالين أن نسبقه بآمين ". وعن أبي إسحاق أنَّ معاذ بن جبل: " كان إذا فرغ من " وانصرنا على القوم الكفرين " قال: آمن " وعن ابن عباس: " إذا قال الإِمام: " ولا الضالين " فسأل موجبة وقل آمين " (4) غريبه: ذكر ابن بريرة أن ابن عباس سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/عن معنى آمين، فقال: " لذلك يكون ". وعن هلال بن يسار: هي اسم من أسَماء الله تعالى، وقال عطية العوفي: هي كلمة عبرانية أو سربانية، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هي كنز من كنوز العرش لا يعلمه إلا الله تعالى، وقيل: هي خاتم رب العالمين على عباده المومنين، وفي بسيط الواحدي عن جعفر بن محمد الصادق: معناها فصدى البيت وأنت كرم من أن يجيب قاصداَ، وعن ابن الأنباري: اللهم استجب، وفي البخاري عن عطاء: هي دعاء، وفي الفصيح لأبَي العباس: مدّ الألف وقصرها قال: ولا تشدّد الميم فإنّه خطأ، وكذا ذكره يعقوب وغيره، وذكر ابن عديس في كتاب المُسمّى (1) : التشديد لغة شاذة، وفي كتاب شرح

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (2/113) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف. (2) قوله: " من السنة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) لم نقف على هذا الأثر. (4) قوله:! غريبه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

الفصيح لابن درستويه: هي كلمة عبرانية معربة مبنية على الفتح للياء وأقبل التي قبل نونها. وقال ابن قتيبة: معناها يا آمن أي: يا الله وأضمر في نفسه استجب لي، وهذا كقولهم: أزيد أقبل؟ معناه يا زيد أقبل، قال ابن الأنباري: هذا خطأ؛ لأنه لو كان منادي لقيل آمين بالضم؛ لأن هذه المعرفة مضمومة بغير تنوين، قال ابن خالويه: ولا يلزمه الذي قال؛ لأن آمين وإن كان موضوعا موضع الاسم فلا يجب إعرابه، ولصرّفه كتصرف الأسماء في الإعراب، والتثنية، والجمع، كما يقول: صه في معنى اسكت، وأنت لا تعرفه، ولا تثنية، ولا تجمعه، قال: وقال ابن قتيبة: قال بعضهم: الأصل فيها القصر، وإنما مدّت ليرتفع الصوت بالدعاء وأبي ذلك ابن درستويه، فقال: ليس قصر الهمز معروفا بالاستعمال، وإنما قصره الشاعر ضرورة إن كان قصره، وذلك أن البيت الذي أنشده ثعلب وفيه قصرها وهو آمين فزاد الله ما بيننا بعداَ قد روى على غير ما رواه وهو فآمين/زاد الله ما بيننا بعداً، وهذا ممدود لا ضرورة فيه، وهو المعروف لم يروه أحد عن الصحابة الذين رووا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقولوا آمن بالقصر ولكن ممدودا وهو الأصل الصحيح في المحكم. قال الفارسي: هي جملة مركبة من فعل واسم معناه استجب لي، وزعم ابن الأثير: أنه لا خلاف بين أهل الإِسلام أنها ليست من القرآن ولم يكتبها أحد في المصحف، وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: لا يقولها الإِمام، إنما يقولها من خلفه. وكذا روى عن مالك في المدونة وفي العارضة عنه: " لا يؤمن الإمام في صلاة الجهر "، وقال ابن حبيب: يؤمِّن، وقال ابن بكير: هو بالخيار، وفي كتاب الشفاء: تسمى. وزعمت طائفة من المبتدعة الأفضلية فيها، قال: وذكر القزويني عن قوم أنلها تفسد الصلاة، وقال ابن حزم: يقولها الإمام سنة وندباَ والمأموم فرضاَ، وفي صحيح ابن حبان في قوله " فمن وا فق تأمَينه الملائكة "، أي: وافقهم في الخشوع والإخلاص، وفي كتاب النووي: معناه وافقهم في وقت التأمين، وهو الصحيح لَقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وقالت الملائكة

_ (1) قوله: " المسمى " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

في السماء: آمين " وكدا قوله: فمن وافق قوله قول الملائكة، وقيل- وافق الملائكة- عليهم السلام- في استجابة الدعاء. وقيل: في لفظ الدعاء، وقيل: الملائكة هؤلاء هم الحفظة، وفي كتاب ابن بريدة المتعاقبون، قال: يجهر بها المأموم عند أحمد وإسحاق وداود، قال جماعة: يخفيها، وهو قول أبي حنيفة والكوفيين، وأحد قول مالك والشافعي، زاد في الأمر: لو قال آمين رب العالمين وغير ذلك من ذكر الله تعالى كان حسنًا، وفي قوله: " غفر له ما تقدم من ذنبه " قال ابن بريدة: أشار إلى الصغائر ومالها يكاد، وينقل عنه/في الغالب من اللمم.

145- باب رفع اليدين إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع

145- باب رفع اليدين إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع حدثنا علي بن محمد، وهشام بن عمار، وابن عمر، وأبو عمر الضرير قالوا: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذى منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع، ولا يرفع بين السجدتين " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحهما، وعند أبي داود (2) : " وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ويرفع ذلك إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قال أبو داود: الصحيح قول ابن عمر ليس بمرفوع، ورواه الثقفي عن عبيد الله بن عمر، عن نافع أو معه علي ابن عمر، وقال فيه: " وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه ". هذا الصحيح، ورواه الليث ومالك وأيوب وابن جريج موقوفاَ، وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب، ولم يذكر أيوب. ومالك الرفع إذا قام من السجدتين، وذكره الليث في حديث، وفي المعرفة: كان عبد الله إذا رأى رجلا لا يرفع يديه في الصلاة عند الركوع ورفع رأسه حصبه، وفي الأوسط مرفوعَا عنه: يرفع يديه في كل صلاة وفي الجنائز: رواه عن موسى بن عيسى، ثنا صهيب بن محمد، ثنا عباد بن صهيب، ثنا عبد الله بن محيرز، عن نافع عنه، حدثنا حميد بن سعدة، ثنا يزيد بن زريع، ثنا هشام بن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كان إذا كمر رفع يديه حتى يجعلهما قريباَ من أذنيه، وإذا ركع صنع مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع صنع مثل ذلك " (3) .

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه للبخاري في (الأذان، 83- باب اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح) ، ومسلم في (الصلاة، ح/21، 22) ، ومالك في (الصلاة، ح/16) ، وابن ماجة (ح/858) ، وأحمد (2/8، 18، 100، 106، 122، 134، 147، 4/316، 5/337) قوله: " منكبيه " تشبه منكب. وهو مجمع عظم العضد والكتف. (2) حسن. رواه أبو داود (ح/721) . (3) صحيح، متفق عليه: أورده الألباني في " الإرواء " (2/76) ، وعزا هـ إلى البخاري=

/هذا حديث خرجاه أيضا، وعند مسلم: " حتى يحاذى بهما فروع أذنيه ". وذكر ابن ماجة (1) هنا حديث أبي حميد في عشرة من الصحابة، وقد ذكرنا قبل، وفيه رفع اليدين عن العشرة من عند ابن أبي حاتم. حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وهشام بن عمار قالا: ثنا إسماعيل بن عياش، عن صالح بن كيسان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه في الصلاة حذو منكبيه حين يفتتح الصلاة، وحن يركع وحين يسجد " (2) . هذا حديث في سنده ضعف؛ لما أسلفناه من حال إسماعيل. وفي علل ابن أبي حاتم: سمعت أبي، وثنا عن وهب بن شبهان، عن حفص بن النجار، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن أي بكر بن عبد الرحمن قال: " كان أبو هريرة يصلِّي بنا، فكان يرفع يديه إذا افتتح للصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع فإذا سلم التفت إلينا، وقال: إنى أشهدكم صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قال هذا خطأ إنما يروى هذا الحديث أنه كان يكبر فقط وليس فيه رفع اليدين. حدثنا هشام بن عمار، ثنا رفدةَ بن قضاعة الغساني، ثنا الأوزاعي، عن عبيد الله بن عمير، عن أبيه، عن جده عمير بن حبيب الليثي قال: حدثنا

_ ومسلم في (الصلاة، ح/25، 26) ، وابن ماجهَ (ح/859) ، والطبراني (19/ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/862) ،. وصححه الشيخ الألباني. وتمام لفظه: " عن أبي حميد الساعدي قال: سمعته، وهو في عشرة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أحدهم أبو قتادة بن ربعي قال: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا قام في الصلاة اعتدل قائما، ورفع يديه حتى يُحاذي هما منكبيه، ثم قال: " الله أكبر " وإذا أراد أن يركع، رفع يديه حتى يُحاذى بهما منكبيه، فإذا قال " سمع الله لمن حمده " رفع يده فاعتدل، فإذا قام من ثنتين كبر، ورفع يديه حتى يُحاذى بها منكبيه، كما صنع حين افتتح الصلاة ". (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/860) ، في الزوائد: إسناده ضعيف. وفيه رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وهي ضعيفة،

محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد الساعدي قال: " سمعه وهو في عشرة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدهم أبو قتادة بن ربعي قال: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام في المملاة اعتدل/قائمًا، ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه: ثم قال: الله كبر، وإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه. فإذا قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه اعتدل، فإذا قام من ثنتين كبّر ورفع يديه حتى يحاذي هما منكبيه، كما صنع حين افتتح الصلاة " (1) . حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر، حدثنا فليح بن سليمان، حدثنا عباس بن سهل الساعدي قال: اجمع أبو حميد وأبو أسيد الساعدي وسهل بن سعد وحمّاد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أبو حميد: " أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام وكبر، ورفع يديه ثم رفع حين كبّر للركوع، ثم قام ورفع يديه واستوى حتى رجع كل عظم إلى موضعه، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه مع كل تكبيرة في الصلاة المكتوبة " (2) . هذا حديث في سنده ضعف؛ لضعف رفدة بن قضاعة مولى غسان، فإنه وإن قال فيه هشام بن عمار تلميذه: كان ثقة، فإنّ الساجي قال: في أحاديثه مناكير، وذكر حديثه هذا في كتاب الموضوعات تأليفه، وقال الجوزقاني: كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، ولا يحتج به إذا وقع الثقات إذا انفرد عن الإثبات بالأشياء المناكير، وكذا قاله ابن حبان وزاد: وروى عن الأوزاعي : " أنَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع يديه في كل خفض ورفع " (3) . قال أبو حاتم: وهذا خبر إسناده مقلوب ومتنه منكر؛ ما رفع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ (1) تقدم الحاشية رقم (1) السابقة في ص 1456. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/863) ،. وصححه الشيخ الألباني. (3) موضوع. إتحاف (3/67) ، والفتح (2/223) ، والموضوعات لابن القيسراني (183) .

يديه في كل خفض ورفع قط، وأخبار الزهري عن سالم عن أبيه مصرح بضده، وأنه لم يكن يفعل ذلك بين السجدتين، وقال ابن/عدي: لا يتابع على حديثه ولم أر له إلا حديثَا يسيرَا حديث الرفع يعرف به، وقد روى عن أحمد بن أبي روح البغدادي، وكان يسكن جرجان، عن محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال أبو حاتم الرازي: منكر الحديث، وقال أبو جعفر العقيلي: لا يتابع، وقال مهنأ: سألت أحمد ويحيى عن حديثه هذا، فقال: ليس بصحيح، ولا يعرف عبيد بن عمير يحدث عن أبيه شيئاَ ولا عن جده، ولا يعرف رفدة. وقال عن رفدة: قد سمعت به وهو شيخ ضعيف، ولو كان جاء هذا رجل معروف (مثل يفعل كان عيسى) (1) . حدثنا العباس بن عبد العظيم، ثنا سليمان بن داود وأبو أيوب الهاشمي، ثنا عبد الرحمن بن أبي الزياد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام للصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حتى تكون حذو منكبيه، وإذا أراد أن يركع فعل مثل ذَلك " (2) . هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف عبد الرحمن بن أبي الزياد والمذكور قبل. ومن طريقه رواه أبو داود بلفظٍ: " ويفعل مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع، ويضعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر ". وهذا هو الموجب لتضعيف الطحاوي له، رواه البغوي عن محمود: ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة قال: حدثني عمر عن الأعرج بلفظ: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، ربنا/ولك الحمد

_ (1) هكذا ب " الأصل "، ولعلها " ويفعل مثل ذلك كان عيسى ". (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/744) ، والترمذي (ح/3423) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/864) ، 22081، 22058) ، ومعاني (1/195) . وصححه الشيخ الألباني.

ملء السموات والأرض وما بيتهما وملء ما شئت من شيء بعد " (1) . وقال: حديث علي حديث حسن صحيح، ورواه مطولاً ابن خزيمة في صحيحه، ورواه البزار في مسنده مطولا ثم قال: وهذا الكلام روى نحوه وقريبًا منه محمد بن مسلمة وأبو رافع، وجابر وقالوا كلاماً واضحاً نحو حديث علي. وإنما احتمله الناس على صلاة الليل- يعني: الدعوات التي فيه- وفي كتاب الخلال: عن إسماعيل بن إسحاق الثقفي: سئل أبو عبد الله عن حديث علي مرفوعاً في الرفع فقال: صحيح، وفي التمهيد: روى عبد الرحمن بن خالد بن نجيح، عن مالك عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن علي، ولا يصح فيه عن مالك إلا إرساله، ولما ذكره الدارمي من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن علي: أنه كان يرفع في التكبيرة الأولى ثم لا يرفع في شيء منها، ورواه بضعف أبي بكر النهشلي الدارمي عن عاصم، وبأنّ علياً لا يجوز له ترك فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويفعل غيره. وفي سنن البيهقي من حديث عيسى بن موسى، عمن حدثه عن مقاتل بن حبان، عن الأصبع بن نباته، عن علي قال: لما نزلت هذه الآية على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فصلِّ لربك وانحر ". قال لجبريل: " ما هذه النحرة؟! فقال: إنها ليست بنحرة، ولكنه يأمرك إذا تحرّمت الصلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الركوع، فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة " (2) .

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/195) ، وأبو داود (ح/846) ، والترمذي (ح/ 226) ، والنسائي في (الافتتاح، باب " 107 " وابن ماجة (ح/878/، 893) ، وأحمد (1/270، 276، 4/276، 284، 304، 353) ، والبيهقي (2/94، 98) ، والدارقطني (1/342) ،. وإتحاف (3/63، 5/95، 9/188) ، وأبو عوانة (2/134) ، وشرح السنة (3/113) ، وابن أبي شيبة (1/247/، 248) ، وصفة (139) ، ومعاني (1/ 239) ، وابن عدي في " الكامل " (2/535) ، والإرواء (1/20، 2/64) . (2) رواه البيهقي (2/75) ، وتلخيص (1/273) ، والكنز (4721) ، والمنثور (6/403) ، والقرطبي (10/219) ، وتنزيه (2/102) ، واللآلىء (2/11) .

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رفع الأيدي من الاستكانة التي قال الله تعالى: فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " (1) . حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي، ثنا عمر بن رباح بن عبد الله بن أوطاس، عن أبيه عن/ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يرفع يديه عند كل تكبيرة " (2) . هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف عمر بن أبي رباح أبي حفص الضرير البصري؛ فإن أبا حفص الفلاس قال: هو دجال، وقال ابن حبان: بروي الموضوعات عن الثقات، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب، وقال النسائي والدارقطني: متروك. وفي كتاب أبي داود في حديث النضر بن كثير السعدي: قال صلى إلى جنبي عبد الله بن طاوس، فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها، ورفع يديه تلقاء وجهه وأنكرت ذلك، فقال: رأيت أبي يضعفه، وقال أبي: رأيت ابن عباس يضعه ولا أعلمه إلّا أنه قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضعه، صححه ابن القطان، وقال أبو أحمد النيسابوري: هذا حديث منكر من حديث ابن طاوس، وعند أبي داود أيضا من حديث ابن لهيعة عن ميمون المكي: أنه رأى عبد الله بن الزبير وصلى هم يشير بكفيه حين يقوم، وحين يركع، وحين يسجد، وحين ينهض للقيام فيقيم فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن عباس فوصفت له هذه الإِشارة فقال: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانظر لصلاة ابن الزبير. حدثنا محمد بن يسار، ثنا عبد الوهاب، ثنا حميد عن أنس: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه إذا دخل في الصلاة وإذا ركع " (2) . هذا حديث قال

_ (1) رواه البيهقي (2/76) ، والكنز (4721) ، واللآلئ (2/11) ، والموضوعات (2/99) . قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع من يريد مقاومة ليس شيئا. وقال أبو حاتم ابن حبان: عمر بن صبُح وضع هذا الحديث على مقاتل فظفر عليه إسرائيل فحدث به. (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/865) ،. في الزوائد: إسناده ضعيف. لاتفاقهم على ضعف عمر بن سرباح. والمجمع (2/101) . (3) صحيح. رواه النسائي في (الافتتاح، باب " 105 ") ، وابن ماجة (ح/866) ،=

البيهقي: سنده صحيح يحتج به، وكأنه لم بر ما قاله ابن أبي حاتم سمعت أبي، وذكر حديثاً رواه محمد بن الصلت عن أبي خالد الأحمر عن حميد عن أنس/أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع الحديث، فقال: هذا حديث كذب لا أصل له، ومحمد بن الصلت لا بأس به كتبت عنه، وقال الدارقطني: لم بروه عن حميد مرفوعا غير عبد الوهاب، والصواب من فعل أنس. وقال الترمذي في العلل الكبير: ثنا محمد بن بشار، ثنا عبد الوهاب الثقفي به، فسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: ثنا به محمد بن عبد الله بن حوشب الطائفي، ثنا عبد الوهاب قال محمد: وعبد الوهاب صدوق صاحب كتاب، وقال غير واحد من أصحاب حميد عن حميد عن أنس: فعله، وأخرجه البيهقي في حديث يحيى عن عبد الوهاب وزاد: " وإذا رفع رأسه من الركوع " وفي كتاب أبي قرة: مسنده صحيح عن سفيان، عن عبد الرحمن بن الأصم، أنه سمع أنساً يقول: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر وعثمان يتمون التكبير في الصلوات كلها كلما خفضوا للسجود، وكلما رفعوا وإذا قاموا من الجلوس للركعتين " (1) . وفي الأوسط من حديث ليث: قال حدثنى عبد الرحمن بن الأسود، ثنا أنس قال: " صليت وراء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر فكلهم كان يرفع يديه.. " (2) . الحديث، وقال: لم يروه عن عبد الرحمن إلا ليث. تفرد به

_ في الزوائد: إسناده صحيح. رجاله رجال الصحيحين. إلا أنْ للدارقطني أعله بالوقف، وقال: لم يروه عن حميد مرفوعا، غير عبد الوهاب. والصواب من فعل أنس. وقد رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. وأحمد (5/53) ، والدارقطني (1/289) ،. (1) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/102) ، وروى ابن ماجه بعضه- وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد بن إيراهيم الأسلمي وهو ضعيف. (2) المصدر السابق.

إبراهيم بن محمد الأسلمي، ومن حديث العزرمي عن قتادة قال: قلت لأنس: أرنا صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان يرفع يديه مع كل تكبيرة " (1) . وقال: لم يروه عن قتادة إلا العزرمي، ولما ذكر الطحاوي حديث أنس في الآثار قال: هم يزعمون أنه خطأ والحفاظ يروونه عن أنس. حدثنا بشر بن معاذ الضرير، ثنا بشر بن المفضل، ثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل قال: قلت: لأنظرنّ/إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يصلي، فقام فاستقبل القبلة ورفع يديه حتى حاذيا فلما ركع رفعهما مثل ذلك، فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك " (2) . هذا حديث رواه ابن خزيمة في صحيحه عن السعيد بن عبد الرحمن، ثنا سفيان عن عاصم بلفظ: " صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس " (3) . وخرجه ابن حبان عن الفضل بن الخباب، ثنا أبو الوليد الطيالسي، ثنا زائدة بن قدامة، ثنا عاصم فذكره مطولًا. ولما ذكره أبو عمر في التمهيد قال فيه: " وإذا رفع رأسه من السجود رفع يديه، فلم يزل يفعله كذلك حين فرغَ من صلاته ". قال أبو عمر: عارض هذا الحديث حديث ابن عمر: " كان لا يرفع بين السجدتين " (4) . ووائل صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أياماً قلائل، وابن عمر صحبه حتى توفي، فحديثه أولى أن يؤخذ به ويتبع. انتهى. وقد روى أبو داود والنسائي هذه اللفظة من حديث مالك بن الحويرث، وقال ابن القطان: لا معارضة بينهما على الموطن الذي هو ما بين السجدتين. حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو حذيفة، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير عن جابر أنه: " كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وإذا ركع وإذا

_ (1) المجمع (2/102) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد بن عبيد الله العزرمي وهو ضعيف. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/867) . وصححه الشيخ الألباني. (3) لم نقف عليه. (4) بنحوه. إتحاف (3/67) .

رفع رأسه من الركوع فعل من ذلك، ويقول: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل مثل ذلك، ورفع إبراهيم يديه إلى أذنيه " (1) . هذا حديث إسناده صحيح محتج به، قال البيهقي: ولو لم يقله لقلناه. واسم أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، خرج البخاري حديثه في صحيحه، وفي الباب حديث أبي هريرة: " أنه كان يرفع يديه/في كل خفض ورفع وقال: إني لأعلمكم بصلاة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذه كانت صلاته " (2) . ذكره أبو قرة في مسنده بسند صحيح عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عنه في صحيح ابن خزيمة، ومن حديث ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان مولى الأدرميين عنه أنه قال: " ثلاث كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعلهن فتركهن الناس، كان إذا أقام إلى الصلاة رفع يديه، وكان يقف قبل القراءة هنيهة ويسأل الله تعالى من فضله، وكان يكبر (3) في الصلاة كلما سجد ورفع ". ولما ذكر الإشبيلي حديث محمد بن مصعب القرتستاني عن مالك عن ابن شهاب قال: " صحيح من رواية الثقات الحفاظ عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه: " كان يصلى لهم فيكبر في كل خفض ورفع ". ولا يعرف غير هذا، وابن مصعب كانت فيه غفلة، وحديثه هذا ذكره أبو نصر المروزي والدارقطني وغيرهما، وذكره أبو عمر في التمهيد بلفظ: " وكان لا يرفع اليدين إلا حين يفتتح الصلاة، ويقول: أنا أشبهكم صلاة برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (4) . وحديث عمر بن الخطاب من عند الدارقطني: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع " (5) . وحديث أبي موسى قال: " أريكم صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكبر ورفع يديه، ثم كبر ورفع يديه

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/868) . في الزوائد: رجاله ثقات. وصححه الشيخ الألباني. (2) الموضوعات لابن القيسراني (183) ، وإتحاف (3/67) ، والفتح (2/223) . (3) قوله: " يكبر " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (4) إتحاف (3/57) ،. (5) صحيح. رواه الدارقطني (1/289/، 290) ، والنسائي في (الافتتاح، باب " 105 ") ، وابن ماجة (ح/866) ، وأحمد (5/53) ، والقرطبي (20/221) .

للركوع، قال: سمع الله لمن حمده ورفع يديه، ثم قال: هكذا فاصنعوا، ولا يرفع بين السجدتين ". رواه أبو الحسن في كتاب السنن بسند صحيح من حديث النضر بن شميل، وزيد بن حباب، عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن /قيس، عن حطان بن عبد الله عنه، وقال: رفعه هذان عن حماد ووقفه غيرهما عنه، وحديث عبد الله بن مسعود المصحح عند الترمذي والطوسي قال: " أنا رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر في كلّ خفض ورفع، وقيام وقعود، وأبا بكر وعمر- رضى الله عنهما- ". وحديث عطاء بن أبي رباح قال: " صليت خلف عبد الله بن الزبير، وفال عبد الله: صليت خلف أبي بكر الصديق، وقال أبو بكر: صليت خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع " (1) . قال البيهقي: وخرجه في سننه ورواته ثقات، ومرسل سليم بن يسار رواه الشافعي عمن يثق به، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد عنه: " أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع يديه حين يكبر للافتتاح، وحن يريد أن يركع، وحين يرفع رأسه من الركوع " (2) . ومالك في موطإه، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه، عن هشام، ثنا يحيى بن سعيد فذكرهَ، وحديث رواه أبو نعيم بن دكين في كتاب الصلاة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: حدثنى من سمع الأعرابي يقول: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، فلما رفع رأسه من الركوع رفع يديه حتى بلغ أو حاذا بهما فروغ أذنيه كأنهما مروحتان ". وثنا إسماعيل بن مسلم، حدثني الحسن أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا أراد

_ (1) رواه الترمذي (ح / 253) ، وفال: وفي الباب عن أبي هريرة، وأنس، وابن عمر، وأبي هالك الأشعري، وأبي موسى، وعمران بن حصين، ووائل بن حجر، وابن عباس. وفال: " هذا حديث حسن صحيح ". والعمل عليه عد أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، وعليه عامة الفقهاء والعلماء. (2) رواه احمد (14712) ، وعبد الرزاق (2517) ، ومالك (ص 76) .

أن يكبر رفع يديه لا يجاوز أذنيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه لا يجاوز أذنيه "، ومرسل قتادة: " أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع " (1) . رواه عبد الرزاق في الجامع، قال البخاري: وقد روى/عن تسعة عشر نفرا من الصحابة: أنهم كانوا يرفعون أيديهم عند الركوع، منهم: أبو قتادة، وأبو أسيد الساعدي، ومحمد بن مسلمة، وسهل بن سعد، وعبد الله بن عمر وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن الزبير، ووائل بن حجر، ومالك بن الحويرث، وأبو موسى الأشعري، وأبو حميد الساعدي، زاد بن الأثير في شرح المسند. أبا سعيد الخدري، وزاد البيهقي أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وعقبة بن عامر الجهني، وعبد الله بن جابر العاص. وقال الحاكم بن عبد الله: لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الخلف الأربعة، ثم العشرة المشهود لهم بالجنة، فمن بعدهم من أكابر الصحابة على تفرقهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنة، وقال البيهقي: وهو كما قال شيخنا: فقد روبت هذه السنة عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي عبيدة، ومالك بن الحويرث، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وابن مسعود، وأبي موسى، وابن عباس، والحسين بن علي، وسهل بن سعد، وأبي سعيد، وأبي قتادة، وسلمان الفارسي، وعقبة بن عامر، وبريدة، وابن عمر، وأبي هريرة، وعمار، وأبي أمامة، وعمير بن قتادة الليثي، وأبي مسعود، وعائشة، وأعرابي له صحبة، وقال أبو بكر بن إسماعيل الفقيه: رفع اليدين قد صحّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم عن الخلفاء الراشدين، ثم عن الصحابة والتّابعين وقال القاضي أبو الطيب: قال أبو علي: روى الرفع عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/نيف وثلاثون صحابيا. زاد ابن حزم: وأم الدرداء، والنعمان بن عياش، وجملة الصحابة، وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يرفع يديه إلّا في تكبيرة الإحرام خاصة، وبه قال الثوري: وابن أبي ليلى قال ابن شدا في الدلائل: وبهَ قال النخعي، والشعبي، والمشهور،

_ (1) تقدم. انظر المجمع (2/102) ، ص 1462.

والمعمول به عند مالك في رواية ابن القاسم، وفي كتاب ابن حزم: الرفع رواية أشهب وابن وهب وأبي المصعب وغيرهم عن مالك أنه كان يفعله ويفتي به، وقال الخطابي: قال به مالك في آخر أمره استدلّ لأبي حنيفة بما رواه وكيع عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال: قال عبد الله بن مسعود: " ألا أصلي حكم صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فصلى؛ فلم يرفع يديه إلَّا في أول مرة، قال الترمذي وأبو علي الطوسي: حديث ابن مسعود حديث حسن، وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التابعين وهو قول سفيان وأهل الكوفة. انتهي. اعترض على هذا بما ذكره أبو داود في رواية ابن العبد قال: هذا حديث مختصر من حديثه، وليس بصحيح على هذا اللفظ. وبما قاله أبو حاتم في كتاب العلل: هذا خطأ، فقال: وهم فيه الثوري وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة فقالوا كلهم: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افتتح فرفع يده ثم ركع فطبق ولم يقل أحد ما روى الثوري وبما ذكره الترمذي، قال عبد الله بن المبارك: وقد ثبت حديث من يرفع، وذكر حديث سالم عن أبيه، ولم يثبت حديث ابن مسعود، ولَم يرفع- إلَّا في أول مرة- وبما ذكره البيهقي عن الحاكم:/أنَّ عاصم بن كليب لم يخرج له حديث في الصحيح، وبما قاله المنذري وقال غيره: يعني غير الحاكم لم يسمع عبد الرحمن بن علقمة، ويجاب عن الأول أنه لم يصرح بضعفه إّنما تعرض للفظه، وعن الثاني أنّ عدم ثبوته عند ابن المبارك لا يمنع من اعتبار رجاله، وانطر في رأيه والحديث يدور على عاصم بن كليب، وهو ثقة عند بن حبان، وابن سعد، وأحمد بن صالح المصري، وابن شاهين ويحيى بن معين والفسوي وغيرهم. ولما خرج الحاكم حديثه في مستدركة عن علقمة عن عبد الله قال: " علّمنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة فكبّر ... " الحديث، وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال في موضع آخر: قد احتج به مسلم بعاصم بن كليب وهذا يكفي في رد قوله، لم يخرج له حديث في الصحيح، وقول المنذري مردود بأمرين: الأول: لم يعزه إلى رجل مبين.

إنما ذكره، عن مجهول، وكلام المجهول لا عبرة به. الثاني: تصريح الخطيب في كتاب المتفق والمفترق بسماعه من علقمة، ويؤيده قول ابن حبان إبراهيم النخعي ولا ما لم ير مخالفاً لذلك، فعلى هذا يكون حديثاً صحيحاً لا حسناً، وفي كتاب ابن عدي من حديث محمد بن جابر عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله؛ فذكره، وقال: لم يوصله عن حماد غير محمد بن جابر، وكان إسحاق- يعني: ابن أبي إسرائيل- بفضل محمد على جماعة شيوخ هم أفضل عنه وأوثق، وقد روى عنه الكبار ابن عون وأيوب، وهشام بن حسان، والثوري، وشعبة، وابن عيينة، وغيرهم، ولولا أنّ محمداً في ذلك المحمل لم يرو عنه هؤلاء الذين يروونهم، وقد خالفه في أحاديث ومع ما تكلم فيه/من تكلم يكتب حديثه، وفي كتاب البيهقي: رواه حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عند عبد الله مرسلا، قال الحاكم: هذا هو المحفوظ وإبراهيم لم ير ابن مسعود فالحديث منقطع، ومحمد بن جابر تكلُّم فيه آثمة الحديث، وقال الدارقطني: تفرد به ابن جابر وكان ضعيفاً عن حماد وغيرها يرويه عن إبراهيم عن عبد الله من فعله غير مرفوع وهو الصواب، وفي العلل لعبد الله بن أحمد: ذكرت لأبي حديث ابن جابر- يعني: هذا- فقال: هذا حديث منكر وأنكره جداً، قال: وذكرت لأبي حديث الثوري عن حصين عن إبراهيم عن عبد الله أنه كان يرفع يديه، في أوّل الصلاة ثم لا يعود فقال: ثنا هشيم عن حصين عن إبراهيم لم يجز به، وهشيم أعلم بحديث حصين، وفي كتاب الخلال قيل لأبي عبد الله: أخذت عن ابن مسعود بإسناد موصول؟ قال: لا إنما هو إبراهيم عن عبد الله، وفي المصنف: عن وكيع عن شريك عن جابر عن الأسود، وعلقمة أنهما كانا يرفعان أيديهما إذا افتتحا ثم لا يعودا. انتهي. إن ذكر الطحاوي في المشكل عن الأعمش أن إبراهيم قال له: إذا قلت: قال عبد الله: فلم أقل ذلك حتى يحدثني به جماعة، وإذا قلت حدثنى فلان عن عبد الله فهو الذي حدثنى، وفي شرح الآثار للطحاوي من حديثه عن ابن أبي داود عن نعيم عن حماد عن نافع عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله مرفوعًا " ثم لا يعود " قال: ثنا محمد نعمى، ثنا يحيى بن

محمد، ثنا وكيع، فذكره، وبحديث رواه شريك عند أبي داود عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عارب أن رسول الله/ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود " (1) . ورواه من حديث سفيان عن يزيد نحو حديث شريك، ولم يقل: ثم لا يعود، قال سفيان: قال لنا بالكوفة بعد: ثم لا يعود، قال أبو داود: وروى هذا الحديث هشيم، وخالد، وابن عيينة، وابن إدريس عن يزيد: لم يذكروا: ثم لا يعود، ولما ذكر الشافعي قول سفيان، قال: ذهب سفيان إلى تغليط يزيد، وفي كتاب ابن عساكر في ترجمة الأوزاعي حديث يزيد في رفع اليدين يخالف للسنة وفي التمهيد قال أبو عمر بن عبد البر: هذا حديث تفرد به يزيد، ورواه عنه الحفاظ، لم يذكر واحد منهم فيه قوله: " ثم لا يعود "، وقال البزار: لا يصح حديث يزيد في رفع اليدين قوله: " ثم لا يعود "، وفي كتاب الدوري عن يحيى: ليس هو بصحيح الإسناد، في كتاب البيهقي عن الإِمام أحمد: هذا حديث واهٍ قد كان يزيد يحَدّث به لا يذكر " ثم لا يعود " فلما لقن أخذه فكان يذكره فيه، وذكره الدارقطني عن يزيد عن عدي بن ثابت عن النبي- صلى الله عليه وآلهَ وسلم- قال: وهذا هو الصواب، وفي موضع آخر عن يزيد عن عبد الرحمن: سمعت البراء يحدث قوما منهم: أحمد بن عجرة فذكره، وفيه: لفظ عن علي بن عاصم قال: سألت يزيد فقلت: أخبرتي ابن أبي ليلى أنك قلت ثم لم يِعد! قال: لا أحفظ هذا فعاودته فقال: ما أحفظ هذا. رواه الدارقطني عن أبي بكر الأدمي عن عبد الله بن محمد بن أيوب عنه، وقال الخطابي: لم يقل أحمد في هذا " ثم لا يعود " غير شريك. انتهي. يدخل في هذا الاعتراض ما رواه البيهقي في الخلافيات من طريق النضر بن شميل عن إسرائيل عن يزيد بلفظ: " رفع يديه حذو/أذنيه ولم يعد ". فهذه متابعة لشريك صحيحة، ورواه الدارقطني من

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/749/، 750) ، والنسائي في (ألافتتاح، باب " 3، 7 " وأحمد (2/18، 4/301، 302) ، والبيهقي (2/24، 26، 94) ، وشرح السنة (3/ 20) ، وإتحاف (3/44) ، والدارقطني (1/296) ، وابن أبي شيبة (1/296) ، والخطيب (3/67، 12/307) .

طريق إسماعيل بن زكرياء عن يزيد مثله، والطبراني في الأوسط من حديث حفص بن عمر الثقفي، ثنا حمزة الزيات عنه بنحوه وقال: لم يروه عنه إلّا حفص. تفرد به محمد بن حربي، ثم نظرنا بعد في حال يزيد فوجدنا العجلي قال: هو جائز الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: يزيد، وإن كان قد تكلّم فيه لتغيّره فهو على العدالة والثقة، وإن لم يكن مثل الحكم ومنصور والأعمش فهو مقبول القول عدل ثقة، وقال أبو داود: ثَبت لا أعلم أحداَ ترك حديثه وغيره أحبّ إلي منه، وقال ابن سعد: كان ثقة في نفسه إلّا أنه اختلط في آخر عمره، ولما ذكره ابن شاهين في الثقات قال: قال أحمد بن صالح: يزيد ثقة، ولا يعجبني قول من تكلّم فيه، ولا خرج ابن خزيمة حديثه في صحيحه قال: في القلب منه شيء، وقال الساجي: صدوق، وقال ابن حبان: كان صدوقا إلا أنه لما كبر تغيّر فسماع من سمع عنه قبل التغيّر صحيح، وذكره مسلم فيمن شمله اسم السند والصدق وتعاطى العلم، وخرّج حديثه علما ما في الكمال وغيره في الأصول، وذكره البخاري في كتاب اللباس في قوله: قال جرير عن يزيد القبة ثياب (1) فلما كانت حاله بهذه المشابهة جاز أن يحمل أمره على أنه حدّث ببعض الحديث تارة وبجملة أخرى، أو يكون قد نسي أولا ثم تذكر آخرا فإن قيل: ما يدل أنه لم يحفظ ما رواه إبراهيم بن بشار الرمادي عن سفيان عن يزيد عن عبد الرحمن عن البراء قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه إذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع " (2) . قال الحاكم أبو عبد الله: لا أعلم ساق هذا/المتن بهذه الزيادة عن ابن عيينة غير الرمادي وهو ثقة، قيل له: إبراهيم بن بشار وصف بالوهم فجائز أن يكون وهم في هذا، بيان ذلك ما قال فيه أبو محمد بن الجارود: هو صدوق، وربما وهم في الشيء بعد الشيء، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عنه فلم يعجبه، وقال: كان يكون عند ابن عيينة فيقوم فيجيء إليه الخراسانية فيملى عليهم ما لم يقل ابن عيينة فقلت له: أما تتقى الله، أما تراقب الله، وأنكر عليه البخاري في تاريخه حديثَا، وكذلك غيره، وقد وجدنا ليزيد متابعا

_ (1) هكذا بالأصل، ولا نعرف لها معنى. (2) تقدم في الحاشية رقم (5) في ص 1464.

عن عبد الرحمن من رواية وكيع عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن الحكم عنه عن البراء بلفظ: " رفع يديه حين افتتح الصلاة ثم لم يرفعهما حتى انصرف " (1) . ذكره أبو داود وقال: ليس بصحيح يعني؛ لأن في سنده، محمد بن عبد الرحمن القاضي، وإن كان قد تكلّم فيه جماعة فقد قال فيه العجلي: صاحب سنة صدوق جائز الحديث. وفي موضع آخر: ثقة، وقال أبو حاتم الرازي: شغل بالقضاء فساء حفظه ولايتهم بشيء من الكذب. انتهي. فمثل هذا وشبهه يصلح للمتابعة، وأماما ذكره الخلال في كتاب العلل عن أحمد قال ابن عيينة نظرت في كتاب ابن أبي ليلى فإذا هو يرويه عن يزيد بن أبي زياد تغيّر ضائر لاحتمال أن يكون قد رواه عنهما- والله أعلم-، ومن حديث محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: " صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند التكبيرة الأولى " (2) . قال إسحاق بن أبي إسرائيل: وبه نأخذ في الصلاة كلّها، قال الدارقطني: تفرد به محمد بن جابر وهو ضعيف، وغير حماد يرويه عن إبراهيم عن عبد الله مرسلا عن عبد الله: من/فعِلٍ غير مرفوع وهو الصواب، وفي المصنف: عن وكيع عن مسعر عن أبي معشر عن إبراهيم عن عبد الله: " أنه كان يرفع يديه في أوَّل ما يفتتح ثم يرفعهما " (3) . وعن وكيع وأبي أسامة عن شعبة عن أبي إسحاق قال: كان أصحاب عبد الله، وأصحاب على لا يرفعون أيدهم إلا في افتتاح الصلاة. قال وكيع: ثم يعودون، وبحديث ذكره البيهقي من حديث ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس وعن نافع عن ابن عمر قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا ترفعوا الأيدي إلا في سبع مواطن:

_ (1) رواه أبو داود (ح/752) . قال أبو داود: هذا الحديث ليس بصحيح. (2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/101) ، وعزاه إلى " أبي يعلى " وفيه محمد بن جابر الجعفي اليمامي، وقد اختلط عليه حديثة وكان يلقن فتلقن. (3) رواه ابن أبي شيبة: (1/234) . (4) ضعيف. إتحاف (3/58) ، وأسرار (493، 494) ، والطبراني (11/385)

عند افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، والصفا والمروة، والموقفين، والجمرتين " (4) . واعترض عليه بأمور. الأول: تفرد ابن أبي ليلى به. الثاني: رواية وكيع عنه موقوفة. الثالث: رواية جماعة من التابعين عنهما: أنهما كانا يرفعان عند الركوع وبعد رفع الرأس منه. الرابع: قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم إلا أربعة أحاديث، ليس هذا يؤيد ما رواه ابن جريح حديث عن مقسم. الخامس: أنّ جميع الروايات ترفع الأيدي، وليس في رواية منها لا ترفع إلّا في سبع، قال الحاكم: وقد تواترت الأخبار بأن الأيدي ترفع في غير ذلك منها الاستسقاء، ودعاؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لدوس، وفي القنوقد، وفي الدعاء في الصلاة، وفي الوتر، وبحديث لا بأس بسنده، ذكره البيهقي في الخلافيات من حديث محمد بن غالب، ثنا أحمد بن محمد البراني، ثنا عبد الله بن عون الخزاز، ثنا مالك عن الزهري عن سالم عن ابن عمر: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع يديه، إذا افتتح الصلاة، ثم لا يعود " (1) . انتهي. ولما لم ير الحاكم ما يرفعه به قال/ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح على شرط مسلم: ثنا يحيى بن آدم عن حسن بن عباس عن عبد الملك بن الحر عن الزبير بن عدي عن إبراهيم عن الأسود قال: " صليت مع عمر بن الخطاب، فلم يرفع يديه في شيء من صلاته إلى حين افتتح الصلاة " (2) . قال الطحاوي: هو حديث صحيح؛ لأن الحسن بن عباس الذي ذكرنا له الحديث منكر، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عنه هل هو صحيح

_ = والمجمع (2/103) ، وفيه ابن أبي ليلى وهو سيء الحافظ. (1) بنحوه. رواه أبو داود (ح/742) ،. وقال: " لم يذكر رفعهما دون ذلك اً حد غير مالك فيما أعلم ". (2) قلت: وسقطت كلمات من متن هذا الحديث وكذا أثبتناه.

أو يرفعه حديث النووي عن الزبير بن علي عن إبراهيم عن الأسود عن عمرو أنه كان برفع يديه في افتتاح الصلاة حتى يبلغا منكبيه، فقال سفيان: احفظ، وقال أبو زرعة: هذا أصح يعني حديث سفيان، وقال ابن أبي شيبة: قال عبد الملك: ورأيت الشعبي وإبراهيم وأبا إسحاق لا يرفعون أيديهم إلا حين يفتتحون الصلاة، وعن وكيع عن أبي بكر بن عبد الله بن عطاف النهشلي وفيه كلام عن عاصم بن كليب عن أبيه: أن عليًا كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة ثم لا يعود، وفي الخلافيات للبيهقي من حديث حفص بن غياث عن أبي يحيى محمد قال: " صليت إلى جنب عباد بن عبد الله بن الزبير فجعلت ارفع يديه في رفع ووضع، قال: يا ابن أخي إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه في أول الصلاة ثم لم يعد في شيء حتى فرغ ". قال أبو بكر: وهذا حجة (1) /، وكان قيس يرفع يديه، أول ما يدخل في الصلاة ثم لا يرفعها، وعن هشيم، ثنا حصين ومغيرة عن إبراهيم أنه كان يقول: " إذا كبرت للصلاة فارفع يديك ثم لا ترفعهما هشيم فيما بقى "، وفي لفظ: " لا ترفع يديك في شيء من الصلاة إلا في الافتتاحية الأولى "، وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم الفضل: ثنَا حسن بن صالح عن وفاء، وكان سعيد بن جبير لا يرفع يديه في الركوع، وفي شرح الطحاوي لما ذكر لإبراهيم حديث وائل في الرفع قال: أترى وائل بن حجر أعلم من علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود! لعله فعل ذلك مرّة واحدة ثم تركه، وفي لفظ: إن كان وائل رآه مرّة فقد رآه عبد الله خمسين مرة، وفي القديم للشافعي قال قائل: رويتم قولكم عن ابن عمر وألقيت عن علي وابن مسعود أنهما كانا لا يرفعان أيديهما في شيء من الصلاة إلا في الافتتاح وهما أعلم بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ابن عمر؛ لأن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ليلنى منكم أولو الأحلام والنهى " (2) . ومكان ابن عمر خلف ذلك، قال الشافعي: ما قاله لا يثبت عن علي وابن

_ (1) بياض " بالأصل ". (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/122/، 123) ، والمجمع (2/94) ، والترمذي (ح/228) ، والحميدي (456) ، وابن أبي شيبة (1/351) ، والطبراني (10/108، 17/216، 217) ، والحاكم (1/219) .

مسعود وإنما رواه عن عاصم عن أبيه عن علي فأخد بها وترك رواية عاصم عن أبيه أيضا عن وائل بن حجر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه، كما روى ابن عمر، ولو كان هذا ثابتا عنهما كان يشبه أن يكون رآهما مرة أغفل فيه رفعه اليدين، ولو قال قائل: ذهب عنهما حفظ ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكانت له حجة؛ لأن الضحاك بن سفيان قد حفظ على المهاجرين والأنصار وغيره أولى بالحفظ مه، والقول قول الذي قول: رأيته فعل؛ لأنه/شاهد ولا حجة في قول الذي قال لم تره، وهذا هو مذهب من خالفنا في ذلك، ولقد كان ابن عمر عندنا من ذوى الأحلام والنهي ولو كان فوق ذلك منزلة كان أهلها، وأقبل قولنا إن إبراهيم لو روى عن علي وعبد الله لم يقبل منه؛ لأنه لم يلق واحدا منهما. انتهى. وأما استدلال بعض الحنفية بحديث جابر بن سمرة من عند مسلم: " مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب شمس " (1) . فليس بصحيح؛ لأنهم إنَّما كان ذلك حالة السلام فيما ذكره البخاري وغيره، وفي كتاب المعرفة عن عقبة بن عامر إذا رفع يديه عند الركوع وعند رفع رأسه، فله بكل إشارة عشر حسنات. غريبه: المنكب من الإنسان وغيره، ومجتمع رأس الكتف والعضد منكب لا غير. حكاه اللحياني، وفي صحيح البخاري في كتاب البيوع فيما رأيت من النسخ: فوضع يده على إحدى منكبيه، وقال سيبوبه فيما ذكره ابن سيده: هو اسم للعضو ليس على المصدر ولا المكان؛ لأن فعله نكب ينكب يعني: إنه لو كان عليه لقال منكب ولا يحمل على باب مطلع؛ لأنه نادر عن باب مطلع.

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/119) ، وأبو داود في (استفتاح الصلاة، باب " 74 ") ، وأحمد (5/101، 107) ، والبيهقي (2/280) ، والطبراني (2/223) ، وابن أبي شيبة (2/486، 10/378) ، والتمهيد (9/221) ، ونصب الراية (1/393، وتلخيص (1/221) .

146- باب الركوع في الصلاة

146- باب الركوع في الصلاة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون عن حسين المعلم عن بديل عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، وإذا سجد فرفع رأسه لم يسجد حتى يستوي جالساً، وكان/يفترش رجله اليسرى " (1) . هذا حديث سبق التنبيه على إسناده في باب الافتتاح. حدثنا علي بن محمد وعمرو بن عبد الله قالا: ثنا وكيع، ثنا الأعمش عن عمارة عن أبي معمر عن أبي مسعود قال: قال رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تجزيء صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود " (2) . هذا حديث خرجه إمام الأئمة في صحيحه، وقال فيه الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وخرجه عن أحمد بن منيع عن زهير بن معاوية عن الأعمش وأبو علي الطوسي، وخرجه عن زياد بن أيوب، ثنا محمد بن فضيل عن الأعمش، وقال: حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم، وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: من لا يقيم صلبه في؟ الركوع والسجود فصلاته فاسدة، وفي كتاب أبي داود: ظَهْرُهُ، وخَرجه البستي في صحيحه، من حديث شعبة عن سليمان، وقال البيهقي في المعرفة: إسناده صحيح، وقال الدارقطني والنقال: وهذا إسناد ثابت صحيح، وقال البيهقي في المعرفة: وهذا إسناد صحيح، وخرجه ابن الجارود في المنتقى، وفي الأوسط من حديث فضل بن مهلهل عن عطاء بن السائب عن سالم البزار قال: " سألنا عقبة بن عمرو عن صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوضع يديه على ركبته وأصابعه، أشكل

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/240) ، وأبو داود في (استفتاح الصلاة، باب " 9 ") ، وابن ماجة (ح/869) ، والبيهقي (2/113، 172) . (2) صحيح. رواه الترمذي (ح/265) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (2/ 183، 214) ، وابن خزيمة (666) ، وابن أبي شيبة (1/287) ، ومشكل (1/80) ، والكنز (19737) ، والطبراني (17/213، 214) .

من ذلك حذاء (1) بطنه، فركع حتى استقر كل شيء منه، ثم قام حتى استقر كل شيء منه ... " الحديث، وفي آخره: هكذا رأيت أبا مغسل، وقال: لم يروه عن مفضل إلا يحيى بن آدم وفي موضع آخر: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ركع عدل ظهره حتى لو صبّ على ظهره ماء ركد " (2) . وقال: لم يروه عن عبد الملك بن عمير يعني: عن أبي/عبد اللَّه البزار عنه: إلا عبد الملك بن حسين النخعي. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا ملازم بن عمرو عن عبد اللَّه بن بدر أخبرني عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه علي بن شيبان، وكان من الوفد قال: خرجنا حتى قدمنا على رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- فبايعنا وصلينا خلفه، فلما بمؤخر عنه رجلا لا يقيم صلاته- يعني: صلبه- في الركوع والسجود، فلما قضى النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- الصلاة قال: " يا معشر المسلمين لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود " (3) . هذا حديث خرجه بن حبان في صحيحه عن الفضل بن الحباب، ثنا مسدد، ثنا ملازم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفرياني، ثنا عبيد اللَّه بن عثمان بن عطاء، ثنا طلحة بن زيد عن راشد قال: سمعت وابصة بن معبد يقول: " رأيت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يصلي، فكان إذا ركع سوَّى ظهره حتى لو صبّ عليه الماء لاستقر " (4) . هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف طلحة بن زيد أبي سكين، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو سليمان الرقي، فإن صاحب تاريخها ذكر أنه روى عن الأوزاعي مناكير قال: وهو منكر الحديث، وقال ابن عدي: له أحاديث مناكير /، وقال

_ (1) في الأصل " رجانا بطه " ولعلها حذاء بطه. (2) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة (ح/872) ،. في الزوائد: في إسناده طلحة بن يزيد، قال البخاري وغيره: منكر الحديث. وقال أحمد بن المديني: يضع الحديث. (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/871) ،. في الزوائد إسناده صحيح. ورجاله ثقات. ورواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. والكنز (19729، 22208) ، وصححه الشيخ الألباني. (4) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/872) ،. في الزوائد: في إسناده طلحة بن زيد، قال البخاري وغيره: منكر الحديث. وقال أحمد بن المديني: يضع الحديث.

أبو نعيم الحافظ: لا شيء، وقال الساجي والبخاري: منكر الحديث، وقال أبو داود والإمام أحمد وابن المديني: يضع الحديث، وقال أبو حاتم: منكر الحديث ضعيف الحديث لا يعجبني حديثه، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدَا لا يحل الاحتجاج بخبره، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال صالح بن محمد: لا يكتب حديثه،/وضعف إبراهيم بن محمد بن يوسف الفرياني، فان أبا الفتح الأزدي قال: هو ساقط، ولأن عبد الله بن عثمان مُس بشيء من الضعف أيضَا، والله تعالى أعلم. وفي الباب حديث المسيء صلاته (1) ، وفيه: " ثم اركع حتى تطمئن راكعَا " وسيأتي، وحديث علي بن يحيى بن خلاد عن عمه: أن رجلَا دخل المسجد فذكر نحو حديث المسيء وفيه: " ثم تركع حتى تطمئن "، وسيأتي أيضا، وعند البخاري: رأى حذيفة رجلَا لا يتم الركوع ولا السجود، فقال: ما صليت ولو مت، مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدَا، صلى الله علبه وآله وسلم (2) . وفي مسند أحمد (3) من حديث أبي هريرة مرفوعا: " لا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده " ومن حديث أبي قتادة عند الطبراني وقال: لم يروه عن الأوزاعي عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عنه إلا الوليد، ولا عنه إلا الحكم بن موسى، وسليمان بن أحمد الواسطي قال- صلى الله عليه وآله وسلم: " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته " قالوا: وكيف يسرق من صلاته؟! قال: " لا يتم ركوعها ولا سجودها " (4) .

_ (1) قلت: وحديث المسيء صلاته تقدم، وقد كتبناه في حاشية للتحقيق بلفظه، وسوف يأني إن شاء الله كما ذكر المصنف. (2) تقدْم. (3) رواه أحمد (2/525) ، والمشكاة (904) ، والترغيب (1/336) ، والكنز (19758، 19759) ، والمجمع (2/120) ، وعزاه لدى أحمد من رواية عبد اللْه بن زيد الحنفي عن أبي هريرة ولم لجد من ترجمه. (4) رواه أحمد (5/310) ، والحاكم (1/229) ، والطبراني (3/273) ، والمشكاة (885) ، وابن حبان (503) ، والخفاء (1/139، 140) ، والعلل (487) ، والترغيب (1/335، 338) ، وابن عساكر في " للتاريخ " (4/410) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/148) ،

وفي صحيح ابن خزيمة من حديث خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وشرحبيل ابن حسنة ويزيد بن أبى سفيان مرفوعًا: " إنّما مثل الذي يصلى ولا يركع وينقر في سجوده: كالجائع لا جمل إلّا مرة أو مرتين فما يغنيان عنه؛ فأتموا الركوع والسجود " (1) . وفي كتاب البيهقي من حديث جابر بن عبد الله مرفوعَا: " لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود " (2) وقال: تفرد به يحيى بن أبي بكير، وفي كتاب الطبراني من حديث بلال: وأبصر رجل يصلى لا يتم الركوع، ولا السجود فقال: " لو مات هذا مات على غير ملة محمد- صلى الله/عليه وآله وسلم- " (3) ، وقال: لم يروه عن مغفل بن مهلهل- يعنى: عن قتان- عن قيس عنه إلّا يحيى بن آدم، ومن حديث الحسن عن ابن مغفل قال رسول الله- صلى اللَّه عليه وآله وسلم-: " أسرق الناس من سرق من صلاته ". قالوا: وكيف يسرق؟ قال: " لا يتم ركوعها ولا سجودها " (4) . لم يروه عن ابن مغفل إلا الحسن، ولا عن الحسن إلا عوف، ولا عن عوف إلا عثمان بن الهيثم. تفرد به زيد بن الحريث، ومن حديث أنس قال: خرج النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فرأى في المسجد رجلًا لا يتم ركوعه ولا سجوده، فقال: " لا تقبل صلاة رجل لا يتم الركوع والسجود " (5) ، وقال: لم يروه عن الربيع بن أنس- يعني: أنس- إلا أبو والكنز (2001، 19733) ، والمجمع (2/120) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ورجاله رجال الصحيح. (1) رواه البيهقي (2/89) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/17) . (2) صحيح. رواه البيهقي (117،2/188) ، والترمذي (ح/265) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (2/183، 214) ، وابن خزيمة (666) ، وابن أبي شيبة (1/287) ، وشرح السنة (3/97) ، وعبد الرزاق (3736) ، ومشكل (1/80) ، والكنز (19737) ، والطبراني (17/ 213، 214) ، وأبو عوانة (2/104) ، وابن ماجة (ح/870) . وصححه الشيخ الألباني. (3) ، بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/121) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الكبير " غير أنه قال في الكبير: " لمات على غير ملة عيسى عليه السلام " ورجاله ثقات. (4) تقدم الحاشية رقم (4) للسابقة. (5) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/121) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " و" الصغير " وفيه إبراهيم بن عاد الكرماني ولم أجد من ذكره.

جعفر الرازي، ولا عنه إلا يحيى بن أبى بكير، قال الثوري والشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق وابن وهب وداود: الطماً نينة فرض، وقال أبو يوسف: الفرض المكث بمقدار تسبيحة واحدة، وقال أبو حنيفة: يكفيه في الركوع أدناه، ولا تجب الطمأنينة في شيء من هذه إلا كان، واحتج بقوله تعالى: (اركعوا واسجدوا) (1) ،، وزعم السروجي في الغاية أنّ الطمأنينة في الركوع، والقومة، والسجود، والجلسة بين السجدتين عند أبى حنيفة ومحمد: سنة، وفي تخريج الجرجاني، وفي تخريج الكرخي: واجبة يجب سجود السهو بتركها، وقال في الجواهر: لو لم يرفع في ركوعه وجبت الإعادة في رواية ابن القاسم، ولم تجب في رواية علي بن زياد ولا ابن القاسم فيمن رفع من الركوع والسجود ولم يعتدل يجزيه ويستغفر الله، ولا يعود.

_ (1) سورة الحج آية: 77.

146- باب وضع اليدين على الركبتين /حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا محمد بن بشر، ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد قال: " ركعت إلى جنب أبي فطبَّقت فضرب يدي وقال: قد كنّا نفعل هذا ثم أمرنا أن نرفع إلى الركب " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما، وفي المستدرك: لما بلغ سعدًا فِعْلُ ابن مسعود قال: صدق أخي، كنا نفعل هذا، ثم أمرنا بهذا، يعني الإمساك بالركب، وقال: صحيح على شرط مسلم، وفي الأوسط لأبي القاسم: رأيت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: " إذا ركع وضع راحيته على ركبتيه، وفرج بين أصابعه " (2) ، وقال: لم يرو عن عبد الملك بن عمير- يعني عن مصعب- إلّا عكرمة بن إبراهيم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبدة بن سليمان عن حارثة بن أدى الرجال عن عمرة عن عائشة قالت: " كان رسول الله- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- يركع فيضع يديه على ركبتيه ويجافي بعضديه " (3) . هذا حديث سنده ضعيف بضعف حارثة بن أبي الرجال محمد المذكور، قيل: وفي الباب حديث أبي حميد الساعدي المذكور قبل وفيه: " وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه " (4) ، وحديث أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال لنا عمر بن الخطاب: " إن الركب قد سُنّت لكم فخذوا بالركب " (5) . خرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، والعمل

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/28، 30) ، وأبو داود (ح/747) ، والنسائي في (التطبيق، باب " 1 ") ، وابن ماجة (ح/873) ، وأحمد (1/378، 414، 418، 426، 459، 2/78، 81، 4/422، 5/3) . غريبه: قوله: " فطبقت " التطبيق أن يجمع لن أصابع يديه ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع. (2) بنحوه. معاني الآثار. (1/230) . (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/874) . في الزوائد: في إسناده حارثة بن أبي الرجال، وقد اتفقوا على ضعفه. (4) التاريخ الكبير " البخاري " (8/357) ، والإرواء (2/13) . (5) رواه الترمذي (ح/258) ،. فال: وفي الباب عن سعد، وأنس، وأبي حميد، وأبي أسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، وأبي مسعود. وقال: " حديث عمر حديث حسن صحيح ".

عليه عند أهل العلم من الصحابة والتابعين، فمن بعد لا اختلاف بينهم في هدا إلّا ما روى عن ابن مسعود وبعض أصحابه أنهم كانوا يطبقون، وفي الأوسط من حديث قيس بن الربيع عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: " رأيت النبي- صلى اللَه عليه وآله وسلم- حين ركع وضع يده على ركبتيه "، وفرَق أصابعه (1) . لم يقل في هذا الحديث عن عاصم " وفرق أصابعه " إلّا ابن الربيع، ولما خرّجه الحاكم قال: صحيح على شرط الشيخين، وعن أبي مسعود ووصف صلاة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ووضع راحيته على ركبتيه، وجعل أصابعه اسأل من ذلك، ثم جاء في مرة نفيه، ثم قال: هكذا رأيته يصلى. وفي كتاب الحازمي من حديث حصين بن عبد الرحمن عن حسنة قال: " قدمت المدينة فكنت أركع كما ركع أصحاب عبد الله أطبق، فقال لي رجل من المهاجرين: ما حملك على هذا؟ فقلت: كان عبد الله يفعله ". وحديث أنّ رسول اللَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعله فقال: صدق، ولكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رّبما صنع الأمر ثم تركه، انظر ما أجمع عليه المسلمون فافعله. أنبأ به المسند المعمر فتح الدين الجوهري قراءة عليه، وأنا أسمع عن أبي المكارم عبد اللَه وأبي عبد اللَّه الحسين ابني الحسن بن منصور عن الحافظ أبي بكر محمد بن موسى، قال الأول: سماعا، وقال الثاني: إجازة. قال: وقال أبو بكر: محمد بن الفضل الفقيه، ثنا هارون بن عبد الله البزار، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عباد بن العوام عه، ومن حديث إسحاق الأزرق عن ابن عون عن ابن سيرين: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركع فطبّق ". قال ابن عون: فسمعت نافعَا يحدّث عن ابن عمر أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنّما فعله مرّة واحدة، قال الحازمي: هذا حديث غريب بعد في أفراد عمرو بن محمد النّاقد عن الأزرق. وذكر الجلال أنّ يحيى بن معين قال: هذان ليسا بشيء، وقال أبو قرة: قال ابن جريج أخبرت عن التّيمي أنّ/النعمان بن أبي عياش الزرقي قال: شكا أصحابه

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح / 838) ،. " قلت: لأن عبد الجبار من أوائل من اتفق الحفاظ على أنه لم يسمع من أبيه شيئا، ولم يدركه ".

إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- الاعتماد في السجود فقال صلى الله عليه وآله وسلم: " استعينوا بأيديكم على ركبكم " (1) . وعند الشافعي من حديث إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن علي بن يحيى عن رفاعة: أن النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- قال لرجل: " إذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ". *** (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/902) ، والترمذي (ح/286) ، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلْا من هذا الوجه، من حديث الليث عن ابن عجلان. والبيهقي (2/117) ، والحاكم (1/229) ، والتاريخ الكبير (4/203) ، وابن حبان (507) ، والفتح (2/294) ، والكنز (19794) ، ومعاني

147- باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

147- باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان، ويعقوب بن حميد بن كاسب قالا: ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قال: سمع الله لمن حمده، قال: ربنا ولك الحمد " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما. حدثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا قال الإِمام سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد ". هذا حديث خرج في الصحيح معلولًا بذكر سقوطه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن فرسه فجحش شقُّهُ " (2) . حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لمك الحمد " (3) . هذا حديث سبق التنبيه على الخلاف في ابن عقيل

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (11/77، 8/401،102) ، ومسلم في (الصلاة، ح/ 196، 198) ، وأبو داود (ح/853) ، في (الافتتاح، باب " 111 ") ، وابن ماجة (ح/875) ، وأحمد (4/381،3/87،521،452،2/319،1/275) ، والبيهقي (198،95،2/94) ، والطبراني (10/208) ، وشرح السنة (3/111) ، وابن عدى في " الكامل " (6/2405) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/689، 1114) ، ومسلم في (الصلاة، ح/ 411) ، والترمذي (ح/361) ، وصححه. والنسائي في (الإمامة، باب " 16 ") ، وابن ماجة (ح / 1238) ، ومالك في (الصلاة، ح/16) ، والشافعي في " الرسالة " (فقرة 696) ، وأحمد (3/43) ، والدارمي (ح/1256) . وتمام لفظه: " عن أن: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركب فرصا فصرع عنه، فجحش شِفه الأيمن، فصلى صلاة من الصلوات وهو جالس، فصلينا معه جلوسا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإن صلّى قاعدا فصلوا قعوا أجمعون ". جحش: أي حدش. (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/877) . وصححه الشيخ الألباني.

رواية/وفي مسلم: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع، قال: اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض " (1) الحديث، وفي صحيح ابن خزيمة: " ولك الحمد "، وذكره في الأوسط مطولًا، وقال: لا يروى عن سعيد إلا من حديث قزعة بن يحيى، حدثنا محمد بن نمير، ثنا وكيع ثنا الأعمش عن عتبة بن الحسن عن ابن أبي أوفى قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده اللهم، ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ". هذا حديث خرجه مسلم (2) في صحيحه. حدثنا إسماعيل بن موسى السدي، ثنا شريك عن أبي عمر قال: سمعت أبا جحيفة يقول: ذكرت الحدود عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة، فقال رجل: جد فلان في الخيل، وقال آخر: جد فلان في المهابل، وقال آخر: جد فلان في الغنم، وقال آخر: جد فلان في الرقيق، فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاته ورفع رأسه من آخر الركعة قال: " اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وطول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صونه بالجد ليعلموا أنه ليس كما يقولون " (3) . هذا حديث يتوقف في صحة سنده؛ للجهالة بحال ابن عمر المسمى وعينه، فإني لم أر من عرف هما، وفي الباب حديث علي بن أبي طالب:

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/240) ، وأبو داود (ح/846) ، والترمذي (ح/ 266) ، والنسائي في (الافتتاح، باب " 107 ") ، وابن ماجة (ح/893،878) ، واحمد (1/ 270، 276، 370، 333، 4/ 276، 284، 304، 370، 388) ، والبيهقي (2/ 94، 98، 113، 121، 172) ، والدارقطني (1/342) ، وإتحاف (3/63، 5/95، 9/188) ، وأبو عوانة (1/239) ، وابن أبي شيبة (1/ 248، 247) ، والإرواء (1/20، 2/64) . (2) المصدر السابق. (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/879) . في الزوائد: في إسناده أبو عمر، وهو مجهول لا يعرف حاله. وضعفه الشيخ الألباني: ضعيف ابن ماجة (ح / 184) .

" كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمد ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وما بينهما/وملء ما شئت من شيء بعد " (1) . رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. وحديث ابن عباس من عند مسلم: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رفع رأسه من الركوع، قال: اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وما بينهما " (2) . وفي الأوسط " وملء ما شئت من شيء بعد ". وحديث ابن عمر: " كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد " (3) . وحديث رفاعة بن الرافع الزرقي عند البخاري (4) ، قال: كنا نصلي وراء النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فلما رفع رأسه من الركعة قال: " سمع الله لمن حمد ". وعند مسلم (5) من حديث أبي موسى قال: " علمنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاتنا ... وفيه: وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد ". وعند النسائي (6) من حديث محمد بن مسلمة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر حديثًا فيه: " وإذا رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ". ومن حديث جابر: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع رأسه من الركوع فيقول: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد " (7) . ومن حديث حذيفة " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: لربي الحمد " (8) . وعند مسلم (9) من

_ (1) رواه الترمذي (ح/266) . قال: وفي الباب عن ابن عمر، وابن عباس، وابن أبي أوفى، أبي جحيفة، وأبي سعيد. وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. (2) تقدم قريبا. (3) الحاشية السابقة، وانظر الموطأ (ص 75) . (4) رواه البخاري في (الأذان، باب " 83 ") . (5) الحاشية قبل السابقة. (6) انظر: الحاشية رقم (2) السابقة. (7) (8) في الحاشية السابقة. (9) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/217) . غريبة: قوله: " يتأؤل القرآن " أي يفعل ما أمر به فيه. أي في قوله عز وجل: (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) .

حديث عائشة " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي؛ يتأول القرآن ". وفي سنن الدارقطني من حديث عمرو بن عمر عن الجعفي، وهما ضعيفان- عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا بريدة إذا رفعت رأسك من الركوع، فقل:/سمع الله لمن حمد اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد " (1) ، مذهب أبي حنيفة حذف الواو من قوله: ولك الحمد، وفي المحيط: " اللهم ربنا لك الحمد " أفضل لزيادة البناء، وعن أبي حفص لا فرق بين لك ولك، ويقتصر الإِمام على سمع الله لمن حمده فقط، والمأموم على ربنا لك الحمد، قال ابن المنذر: وبه قال ابن مسعود، وأبو هريرة، والشعبي، ومالك، وأحمد، والثوري، والأوزاعي، وفي رواية عن أحمد يجمع بين الذكرين، وكذلك الشافعي، قال وبه أقول: ومذهب الشافعي الأيتآن بالواو ولو أسقطها جاز، قال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن واو ولك الحمد فقال: هي زائدة، وزعم بعضهم أنها عاطفة على محذوف أي: ربنا أطعناك أو حمدناك ولك الحمد، وفي المعرفة للبيهقي: كان عطاء بن أبيِ رباح يقول: يجمعهما الإِمام والمأموم أحب إلى ربّه، قال ابن سيرين وأبو بردة: وكان أبو هريرة يجمع بينهما، وهو إمام، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنّ المأموم يقتصر على الحمد، روى ذلك عن ابن مسعود، وابن عمرو، وأبي هريرة، والشعبي، ومالك، وأحمد، رحمهم الله تعالى. (1) الكنز: (19743) .

148- باب السجود

148- باب السجود حدثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن عبد الله بن الأصم عن عمه- يزيد بن الأصم- عن ميمونة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا سجد جافى يديه، فلو أن بهيمة أرادت أن تمر بين يديه لمرت " (1) . هذا حديث رواه مسلم، وفي لفظ: " حضري بيديه " يعني: جنح حتى يرى وضح إبطيه من ورائه، وإذا قعد/اطمأن على فخذه اليسرى ". حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن داود بن قيس عن عبد الله بن عبد الله بن أحرم الخزاعي عن أبيه قال: " كنت مع أبي بالبقاع من غزة فمرّ بنا ركب فأناخوا بناصية الطريق فقال لي أبي: كنّ في بهمك حتى آتى هؤلاء فأسأنهم، قال: فخرج، قال: وجئت يعني دنوت فإذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحضرت الصلاة فصليت معهم وكنت أنظر إلى عفرتي إبطي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلما سجد " (2) ، قال أبو بكر بن أبي شيبة: يقول الناس: عبيد الله بن عبد الله، ثم ذكر ابن ماجة سده بذلك. هذا حديث قال فيه الترمذي (3) : حسن لا نعرفه إلا من حديث داود بن قيس، ولا نعرف لابن أقرم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير هذا الحديث، والعمل عليه عند أهل العلم، ولما ذكره الحاكم في مستدركه قال: هذا حديث صحيح على ما أصله من تفرد الابن بالرواية عن أبيه، ولا ذكره أبو على بن السكن في كتابه المعروف معرفة الصحابة قال: له رواية ثابتة، وفي المعرفة البيهقي: كان يعقوب بن سفيان مرسال أنّ الصحيح

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/239) ، وأحمد (3/294) ، وابن ماجة (ح/.880) ، والطبراني (2/198) ، والمجمع (2/125) ، ومعاني (1/231) ، وعبد الرزاق (2932) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/881) . وصححه الشيخ الألباني. (3) رواه الترمذي (ح/274) . وحسنه. غريبه: قوله: " بهمة " الواحدة من أولاد الغنم، يقال للذكر والأنثى. والتاء للوحدة. والبهم - بلا تاء- يطلق على الجمع. " عفرتي " في النهاية: المعفرة بياض ليس بالناصع، ولكن كلون عَفَر الأرض، وهو وجهها.

في هذا تمرة بالتاء. أخبرنا بذلك أبو الحسن بن الفضل: أنّ ابن درستويه أخبرهم عنه، وفي قول الترمذي: له حديث واحد نظر؛ لما ذكره البغوي في كتابه معرفة الصحابة من حديث عبد الرحمن بن محمد عن الوليد بن سعيد قال: سمعت عبد الله بن أكرم قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في قوله تعالى: (تساقط عليك رُطَبًا جَنِيا) (1) ... الحديث، قال البغوي: هذا حديث غريب، وفي إسناده لبن. حدثنا الحسن بن علي الخلال، ثنا يزيد بن هارون، أنباء/شريك عن عاصم بن كليب عن أنجيه عن وائل بن حجر قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا قام من السجود رفع يديه قبل ركبتيه " (2) . هذا حديث قال النسائي: لم يقل هذا عن شريك غير يزيد بن هارون، وقال الترمذي: قال الحسن بن علي: قال يزيد بن هارون: لم يرو شريك عن عاصم بن كليب إّلا هذا الحديث، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن لا نعرف أحدا روى مثل هذا الحديث غير شريك، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم، وروى همام عن عاصم هذا مرسلا لم يذكر فيه وائل بن حجر. انتهى كلامه. وفيه نظر من حيث أنّ هماما لم يشافه فيه عاصما بالرواية؛ إنّما رواه عن شقيق أبي الليث، ثنا عاصم فذكره. كذا هو في كتاب المراسيل لأبي داود وغيره، وشقيق هذا قال ابن القطان: لا يعرف بغير رواية همام عنه، وفي أحكام الطوسي هذا حديث غريب، وقال الدارقطني: قال ابن داود: وضع ركبتيه قبل يديه تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدّث به عن عاصم غير شريك، ليس بالقوي فيما ينفرد به، وقال البيهقي: ورواه من حديث حجاج بن منهال عن همام عن محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه بلفظ: " وقعت ركبتاه على الأرض قبل أن يقع كفاه ". وعن عفار: ثنا حجاج بن همام، ثنا سفيان أبو الليث، حدثني عاصم بن

_ (1) سورة مريم آية: 25. (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/882) ، والإرواء (357) . والمشكاة (898) ، وتعليق الألباني على ابن خزيمة (626، 629) ، وضعيف أبي داود 3/151) ، وضعيف ابن ماجة (ح/185) .

كليب عن أبيه " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " قال: عفار: وهذا الحديث غريب، قال البيهقي: هذا حديث يعد في أفراد شريك، وإنّما تابعه همام مرسلا؛ لذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدّمين، وهو المحفوظ، وقال الخطابي: حديث/ وائل أثبت من حديث تقديم اليدين، وهو رفق بالمصلّى، وقال الحازمي: رواه همام عن شقيق- يعني: أبا الليث- عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا، وهو المحفوظ. حدثنا بشر بن معاذ الضرير، ثنا أبو عوانة وحماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أمرت أن أسجد على سبعة أعظم " (1) . حدثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمرت أن أسجد على سبع ولا أكف شعرا ولا ثوبا " (2) ، قال ابن طاوس: فكان أبي يقول اليدين والركبتين والقدمين، وكان يعد الجبهة والأنف واحد. هذا حديث خرجاه في صحيحهما بلفظ، وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين، ولا يكف الثياب والشعر. حدّثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب أنّه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب، وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه " (3) . هذا حديث رواه مسلم عن أبي الحجاج في صحيحه.

_ (1) ، (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (207،1/206) ، ومسلم في (الصلاة، ح/ 228، 231) ، والنسائي (2/209، 215) ، وابن ماجة (ح/883، 884) ، والبيهقي (03/12) ، وعبد الرزاق (2970، 2972) ، ونصب الراية (1/383، 2/95) ، وشرح السنة (3/136) ، والخطيب (4/80، 226، 8/387) ، والجوامع (4428) ، وتلخيص (1/251) ، والبغوي (7/ 162) ، والغنى عن حمل الأسفار (1/157) ، والقرطبي (1/346، 7،5/339،2/353/ 133، 331، 19/20) ، وكشاف (178) ، والكنز (19770، 19799) ، وابن خزيمة (632، 633، 636، 82 ك) ، والمشكاة (887) ، والحلية (6/264) ، وإتحاف (3/89، 91) . (3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/231) ، وأبو داود (ح ا 891) ، والترمذي (ح/ 272) ، والنسائي (2/080،121) ، وابن ماجة (ح/5 لمه) ، والبيهقي (2/101)

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، ثنا عباد بن راشد عن الحسن، ثنا أحمر صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن كنا لنتأوى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يجافي بيديه عن جبينه إذا سجد " (1) . هذا حديث ألزم الدارقطني البخاري تخريجه، قال: لأنه قد أخرج عن عباد بن راشد عن/الحسن عن معقل أن أخته طلّقت، وخرجه الحافظ الضياء في مستخرجه من طريق عبد، وإن كان قد قال النسائي والبرقي: ليس هو بالقوي، وقال ابن حبان: لا يحتج به، وقال ابن المديني: لا يعرف حاله، وقال الأزدي: تركه يحيى بن سعيد، وقال ابن خلفون: يقال أنه كان يرى القدر، وقال ابن معين: ضعيف، وكذا قاله أبو داود: وقال البخاري: روى عنه عبد الرحمن وتركه يحيى وأدخله في كتاب الضعفاء فأنكره أبو حاتم، وقوله يحول من هناك فقد وثقة غير هؤلاء أحمد بن حنبل فقال: هو ثقة ووقع آمن، وقال: ما كان أو روى ابن مهدي عنه، وقال الساجي والأزدي صدوق، وقال العجلي والبزار: ثقة، وقد تابعه على رواية عن الحسن عطاء بن عجلان فيما ذكره أبو القاسم بن عساكر في كتاب الأطراف، وفي الباب حديث عبد الله بن بجينة في الصحيحين أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه " (2) ، وحديث ابن عباس من عند الحاكم قال: " أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خلفه فرأبت بياض إبطيه وهو قد فرج يديه " (3) . رواه من حديث أبي إسحاق السمعي عن التميمي الذي يحدث بالتفسير عن ابن عباس، وحديث أبي هريرة: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد رأى وضح

_ وابن خزيمة (631) ، وشفع (251) ، والحلية (9/36) ، والكنز (19761) ، وابن عساكر في " التاريخ " (7/229) ، والفتح (2/296) . غريبه: قوله: " آراب " كأعضاء لقطا ومعنى. واحدها إرب. (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/ 886) . وصححه الشيخ الألباني. غريبة: قوله: " لنتأوى " أي لنترحم لأجله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يجد من التعب بسبب المجافاة الشديدة والمبالغة فيها. (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (08/11، 204) ، ومسلم في (الصلاة، باب " 46 "، ح/235) ، وأحمد (5/345) ، والبيهقي (2/114) ، وتغليق (217) ، والنسائي (2/212) . (3) رواه الحاكم في " المستدرك ": (1/228) .

إبطيه " (1) . قال فيه الحاكم: صحيح على شرطهما، وفي المعرفة من حديث صالح مولى التوأمة: " رأى بياض إبطيه مما يجافي يديه "، وقد تقدّم حديث أبي حميد في عشرة من الصحابة، وفيه: " إذا سجد جافي بين يديه "، وعن جابر بن عبد الله قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه " (2) ./رواه ابن خزيمة في صحيحه، وقال أبو زرعة في صحيحه وفي الأوسط: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد منصور عن سالم عنه. وفي سؤالات مهنأ: سألت أحمد ويحيى عنه فقالا: ليس بصحيح، فقلت لأحمد: كيف لم يقل لعبد الرزاق- يعني: شيخه- فيه أنّه ليس بصحيح؟ فقال: لم أعلم به يومئذ فقلت: كيف علمه؟ فقال: ثنا ابن مهدى عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: حديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا سجد جافى "، وقال أبو عبد الله: كنت نزلت هذا الحديث حتى ذكرني ابن فضيل بن عياض روى عن منصور مثل هذا- يعني: مثل رواية عبد الرزاق- وعن عدي ابن عميرة الحضرمي: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد يرى بياض إبطيه " (3) . خرجه ابن خزيمة في صحيحه، وفالَ الإسماعيلي في معجمه: ثنا عبد الله بن جعفر بن عمر الوكيل، ثنا عبد الله بن أبي شيبة، ثنا شريك عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: " كان رسول الله. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى جافى ". وخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه، وقال: قال النَّضر بن سهيل: صح لا يتمدّد في ركوعه ولا سجوده، وفال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وهو معهود، وفي أفراد النضر بن سهيل، وحديث أنس بن مالك قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليحطَّ بالتكبير، فسبقت ركبتاه يده " (4) .

_ (1) الكنز (22245) ، وابن أبي شيبة (1/257) ، وابن عدي في " الكامل " (6/2294) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/239) ، وأحمد (3/294) ، والطبراني (2 له 19) ، والمجمع (2/125) ، ومعاني (1/231) ، وعبد الرزاق (2922) . (3) الحاشية السابقة. (4) ضعيف. كما قال النووي، وقد أشار إلى ذلك المصنف.

رواه الدارقطني، وقال: تفرد به العلاء بن إسماعيل العطار، وزعم النووي أنّ البيهقي أشار إلى ضعفه، وأما ابن حزم فأشار إلى صحته، وفال الحاكم: صحيح على شرط لم الشيخين، ولا أعرف له علّة. وحديث أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قال: " إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الجمل " (1) . قال البيهقي: ورواه من حديث عبد الله بن سعيد المقبري، وهو ضعيف، وكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن فضيل عنه، والذي يعارضه ينفرد به محمد بن عبد الله بن الحسن، وعنه الدراوردي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، ويضع يديه قبل ركبتيه " (2) ، قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذه الوجه، وقال البخاري: محمد بن عبيد الله بن الحسن لا يتابع عليه، قال: ولا أدرى سمع من أبي الزناد أم لا، وقال ابن أبي داود: هذه سنة تفرد ما أهل المدينة، ولهم فيها إسنادان، هذا أحدهما، والآخر عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا قول أصحاب الحديث وضع اليدين قبل الركبتين، قال الدارقطني: وهذا حديث تفرد به الدراوردي عن عبد الله بن عمر، وفي موضع آخر: تفرّد به إصبع بن الفرح عن الدراوردي، ولما خرجه الحاكم عن أبي عبد الله بن بطة، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا، ثنا بحر بن سلمة، ثنا الدراوردي قال: صحيح على شرط مسلم، وله معارض من حديث أنس بن مالك- يعني: المذكور قبل- ورواه البيهقي أيضًا من حديث عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبمرك الجمل / وليضع يديه على ركبتيه " (3) . قال البيهقي: كذا قال على ركبتيه، قال: كان محفوظ، وكان دليلًا على

_ (1) ضعيف. رواه البيهقي (2/10) ، والكنز (19793) ، والفتح (2/291) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/840) ، وأحمد (2/381) ، والبيهقي (2/99) ، والمشكاة (819) ، وشرح السنة (3/135) ، والكنز (19792، 19763) ، وإتحاف (3/68) ، والإرواء (2/ (3) المصدر السابق.

انه يضع يديه على ركبتيه عند الإهواء إلى السجود، قال: رواه بمعنى اللفظ المتقدم عبد العزيز عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، والمحفوظ عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: " وإذا سجد أحدكم فليضع يديه، فإذا رفع فليرفعهما فان اليدين يسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه " (1) . ولما خرجه الحاكم قال: صحيح على شرط الشيخين، وخرجه أيضَا ابن خزيمة في صحيحه، وفي مسند ابن أبي شيبة عن يعقوب بن إبراهيم عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر: " أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه " (2) ، وفي تعليق البخاري: وقال نافع: " كان ابن عمر يضع يديه قبل ركبتيه "، ولما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه مرفوعا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال ذكر الدليل على أن الاً مر بوضع اليدين عند السجود منسوخ، وأن وضع الركبتين تجل اليدني ناسخ، وروى من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن سلمة عن مصعب بن سعد عن سعد قال: " كا نضع اليدين تجل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين " (3) . وفي كتاب الحازمي من حديث سعد في مسنده يقال: ولو كان محفوظ لدل على النسخ، وفي الباب أحاديث مسندة، وفي كتاب البيهقي: المشهور في هذا عن مصعب عن أبيه نسخ التطبيق، وفي المغنى لابن قدامة- رحمه الله تعالى- ما ليس قول ابن خزيمة عن ابن سعيد قال: " كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فاً مرنا بوضع الركبتين قبل اليدين " (4) . وفي المصنف/لابن أبي شيبة من حديث إبراهيم عن الاً سود عن عمرانه: " كان يضع ركبتيه قبل يديه " (5) . وعن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه أنه: " كان إذا سجد يضع ركبتاه ثم يدا هـ ثم رأسه "، ومسًل إبراهيم عن الرجل يضع يديه قبل ركبتيه فكره ذلك، وقال: هل يفعله الا مجنون؟! وعن خالد قال: رأيت أبا قلابة إذا سجد بدأ فوضع ركبتيه، قال: ورأيت الحسن يبدأ بيديه، وعن

_ (1) رواه ابن عدي في " الكامل " (3/925) ، والبيهقي (2 / 120) ، والبخاري في " الكبير " (1/139) . (2) أنظر: الإرواء (2/77) . (3) الفتح: (2/291) . (4) ، (5) المصدر للسابق.

مهدي بن ميمون قال: رأيت ابن سيرين يضع ركبتيه قبل يديه، وعن أبي إسحاق قال: كان أصحاب عبد الله إذا انحطوا للسجود وقعت ركبهم فبل أيديهم، وسئل قتادة عن الرجل إذا انصب من الركوع يبدأ بيديه قبل أن يضع أهون ذلك عنه وفي المستدرك قال أبو عبد الله والقلب في هذا إلى حديث ابن عمر أميل؛ لكثرة من روى ذلك عنه من الصحابة والتابعين. وفي الأوسط من حديث سعيد عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " السجود على سبعة أعضاء "، وقال: لم يروه عن سعيد إلا أبو أمية بن يعلي. تفرد به حجاج بن النصير، وذكر الأسيجالي عن أبي حنيفة من آداب الصلاة وضع الركبتين قبل اليدين، واليدين قبل الجبهة، والجبهة قبل الأنف وقيل: الأنف قبل الجبهة، وتقدم اليد اليمنى على اليسرى، ففي الوضع تقدم الأقرب إلى الأرض، وفي الرفع تقدّم الأقرب إلى السماء الوجه، ثم اليدان ثم الركبتان وإن كان زاحف يضع يديه أولًا للتعزز، وحكاه القاضي أبو الطيب- أعنى: وضع الركبتين- عن عامة الفقهاء، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب والثوري وأحمد وإسحاق قال: وبه أقول. زاد البيهقي ابن مسعود، ونقله ابن بطال عن/ ابن وهب، وذكره أيضًا ورواه ابن شعبان عن مالك، وفي كتاب النووي وقال الأوزاعي، ومالك: يقدّم يديه على ركبتيه، وهى رواية عن أحمد، وبه قال أبو محمد بن حزم. غريبة: البهيمة الصغير من أولاد الغنم الضأن، والمعز، والبقر، ومن الوحش، وغيرها الذكر والأنثى في ذلك سواء قال ابن سيده: وقيل هو بهمة إذا شبّ، والجمع هم، وهم، وهام، وبهامات جمع الجمع، وفي نوادر ثعلب: البهم صغار المعزوبة فسر قول الشاعر: عراقي أن أجزلوك أن البهمي ... عجابًا كلها إلّا قليلا وفي كتاب أبي موسى المديني الحافظ: البهمة السخلة، وفي حديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للراعي ما ولدت؟ قال: همة، قال: أذبح مكانها شاه. فلو أنّ البهيمة اسم لجنس خاص لما كان في سؤاله- صلى الله عليه وآله وسلم- الراعي، وإجابة عنه بهيمة كبر. فائدة: إذ تعرف ما قدر الشاة إنما سيكون ذكرًا أو أنثى، فلما أجاب عنه

بهيمة فقال: اذبح مكانها شاه ذكر على أنه اسم للأنثى دون الذكر أي دع هذه الأنثى في الغنم للنسل، واذبح مكانها ذكرًا، والله تعالى أعلم، وعفرة إبطه- صلى الله عليه وآله وسلم- من أعلام نبوته؛ لأن النَّاس أباطهم غيره إبطه- عليه الصلاة والسلام- بيضاء. قاله أبو نعيم، وقال الأصمعي: هو البياض، وليس بالناصع، ولكنه كون الأرض، ومنه قيل: للطباعفر شبهت بعض الأرض وهو وجهها، وقال شمر: هو بياض إلى الحمرة قليلا. ذكره الهروي، وفي المحكم: عافره عفرًا خالصة البياض، وأرض عفراء بيضاء لم توطأ، ويريد اعفر ببيض متنه، والجبهة موضع السجود، وقيل: هو مستوى ما بين الحاجبين إلى البياضة،/قال ابن سيده: ووجدت بخط علي بن حمزة في المصنف: ولا أدري كيف هذا إلّا أن يريد الجانبين، وفي الضربين مأوى له أي يرمى له ويدر، يقال: أوحيت إليه فأنا أرى إيه ومارية، والآراب: الأعضاء واحدها أرب. ذكره الهروي، وتمرة جبل عن يمينك وأنت تعلم عرفة بن غير أن قاله أبو علي الهجري في نوادره، وزعم أبو عبيد البكري في معجمه: أنه موضع بعرفة معلوم، وفي كتاب الحازمي: وياقوت ناحية بعرفة نزلها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حجة الوداع، وقيل: الحرم من طريق الطائف على طرف عرفة من تمرة على أحد عشر ميلا.

149- باب التسبيح في الركوع والسجود

149- باب التسبيح في الركوع والسجود حدثنا عمرو بن رافع البجلي، ثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن أيوب الغافقي قال: سمعت عمي عمر أياس بن عامر يقول: سمعت عتبة بن عامر الجهني يقول: لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجعلوها في ركوعكم "، فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى، قال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجعلوها في سجودكم ". هذا حديث رواه أبو داود (1) ، وفي لفظ: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ركع يقول: سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثًا، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا "، وقال: وهذه الزيادة أخاف أن لا تكون محفوظة، ولما خرجه ابن حبان (2) من غير هذه الزيادة قال أياس بن عامر: من ثقات المصريين، وقال الحاكم أبو عبد الله: هذا حديث حجازي صحيح الإِسناد، وقد اتفقا على/تصحيحه منهم ابن عامر، وهو مستقيم الأمر، وخرجه ابن خزيمة في صحيحه من طريق محمد بن رمح المصري أنبأ ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن رجل أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا ركع أحدكم قال: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات " (3) . هذا حديث ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة المتقدّم ذكره قبل، ولأن أبا الأزهر أيضًا حاله مجهول، فعلى هذا يكون الحديث ضعيف، نا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي عن رجل من أصحاب النبي قال: ركع- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فجعل

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/869) ، وابن ماجة (ح/7 ول) ، وأحمد (4/155) ، والدارمي (1/299) ، والبغوي (7/28) ، والطبراني (17/322) ، والشكاة (879) ، ونصب الراية (1/ 376) ، والمنثور (6/168 كله 33) ، وابن حبان (506) ، والمعاني (1/235) ، وإتحاف (3/59) ، والإرواء (2/40) . (2) أنظر: رواية ابن حبان في الحاشية السابقة. (3) هذا حديث ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وسبق الكلام عنه.

يقول: " سبحان ربي العظيم، وسجد فقال: سبحان ربي الأعلى " (1) ، وعند أبي داود (2) من حديث أبي حمزة عن رجل من بنى عبس عن حذيفة: " أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى ". حدثنا محمد بن الصباح، ثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر أن يقول في ركوبه وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي يتأوّل القرآن " (3) . هذا حديث خرجاه في صحيحهما، وفي لفظ عند مسلم (4) : " سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت ". حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن إسحاق بن يزيد الهذلي عن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا ركع أحدكم فليقل لم في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثا، وإذا فعل ذلك فقد تم ركوعه، وإذا سجد أحدكم فليقل في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثا، فإذا فعل ذلك فقد تم سجوده ذلك أدناه " (5) . هذا حديث قال فيه أبو عيسى: ليس إسناده بمتصل،

_ (1) رواه النسائي (2/190، 200، 224، 226) ، وأحمد (1/371، 5/382) ، والطبراني (2/ 141) والمجمع (275،2/128) ، وعبد الرزاق (2875،2874، 2880) ، وابن أبي شيبة (1/ 249) وابن خزيمة (603، 9034،60) ، والمطالب (520) ، والكنز (17893، 19725، 22675، 23400) ، وشرح السنة (4/20) ، والكلم (85) ، وأذكار (50) ، وشمائل (145) ، وأخلاق (181) ، ومعاني (1/235) ، وإتحاف (5/15) ، والإرواء (2/39، 42) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/871) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/207، 6/220) ، ومسلم في (الصلاة، ح/ 217) ، وأبو داود في (الاستفتاح، باب " 37 ") ، والنسائي في (الاستفتاح، باب " 97 ") ، وابن ماجة (ح 885) ، وأحمد (6/43) ، والبيهقي (2/86، 105، 109) ، والمنثور (6/408) ، وشرح السنة (3/100) ، وإتحاف (3/60) ، والمشكاة (871) ، وابن كثير (8/532) ، والطبري (30/216) ، والقرطبي (10/341، 20/231) . (4) رواه مسلم في: الصلاة، (ح/221) . (5) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/890) ، ونصب الراية (1/375) ، والبخاري في

عون بن عبد الله لم يلق ابن مسعود، وقال البخاري في تاريخه، وأبو داود والطوسي في سننهما والإِمام أحمد بن حنبل فيما حكاه الخلال: هو مرسل، عون لم يلق ابن مسعود، وفي كتاب الدارقطني من حديث السرى بن إسماعيل وهو متروك عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله: " من السنة أن يقول الرجل في ركوعه: سبحان ربي العظيم وبحمدها وفي سجوده سبحان ربي الأعلى وبحمده " (1) . ورواه الشافعي عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن إسحاق عن عون بن عبد الله بن عتبة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. " الحديث، وقال: إن كان هذا يأتينا قائمَا يعني: والله أعلم أدنى ما نسب إلى من الغرض، والاختيار معًا لإِكمال الغرض وحده، وفي مسند أحمد من حديث أبي عبيدة عن عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود، ولم يسمع منه لما نزل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا جاء نصر الله كان التواب، اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم ثلاثا " (2) ، وفي الباب حديث عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يقول في ركوعه وسجوده سبوح قدوس رب الملائكة والروح ". خرجه مسلم (3) . وحديث عون بن مالك من عند أبي داود (4) بسند صحيح وصف صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه يقول في ركوعه: " سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، وقال في سجوده مثل ذلك ". وحديث محمد بن مسلمة أن رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا قام يصلى تطوعا يقول: اللهم لك ركعت وبك أمنعتا ولك أسلمت، وعليك. توكلت أنت ربي خشع سمعي وبصري ولحمي ودمي وعصبي لله رب العالمين " (5) . وحديث جابر بن عبد الله: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا ركع قال: اللهم لك

_ = " الكبير " (1/405) ، والمشكاة (880) ، وضعيف أبي داود (155) ، وضعيف ابن ماجة (187) . (1) قلت: ضعيف جدا. لضعف السري، وطعن للعلماء فيه. (2) رواه أحمد (338،337،1/217، 388،356،344، 392، 394، 434، 455) . (3) صحيح. رواه مسلم في: للصلاة، (ح /223) . وأبو داود (ح/872) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح/874) . (5) رواه النسائي في: (الافتتاح، باب " 17، 100 ") ، وإسناده حسن.

ركعت، وبك آمنت ولك أسلمت " (1) ، فذكر مثله، رواهما النسائي بسند حسن. وحديث على بن أبي طالب: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا ركع قال: اللهم لك ركعت ... " الحديث، وقد تقدم في دعاء الاستفتاح. وحديث جبير بن مطعم: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إذا ركع سبحان ربي العظيم ثلاث مرات " (2) ، رواه الدارقطني من جهة إسماعيل بن عياش. وحديث عبد الله ابن أخرم المذكور عنده أيضًا قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا "، وقد تقدمت الإشارة إليه. وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا ركع أحدكَم فسبح ثلاث مرات فإنه يسبح لله من جسده ثلاث وثلاثون " (3) . رواه أيضًا من حديث إبراهيم بن الفضل، وهو متروك، وفي صحيح ابن خزيمة عن أبي صالح عنه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجلّه وأوّله وآخره علانيته وسره " (4) . وفي كتاب الميموني روى سمعي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء " (5) . وحديث ابن عباس من عند مسلم قال: " كشف رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال: فأما الركوع فعظموا فيه الرّب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فعمني أن يستجاب لكم " (6) ، قال الميموني:

_ (1) المصدر السابق. وإسناده حسن. (2) ضعيف. رواه الدارقطني (1/342) . وقلت: وعلّته إسماعيل بن عياش المذكور في كتب الضعفاء. (3) ضعيف. رواه الدارقطني: (1/343) . وعلته إبراهيم بن الفضل أحد المتروكين. (4) صحيح. رواه ابن خزيمة (672) ، ومسلم (350) ، والبيهقي (2/110) ، وإتحاف (3/ 75، 4/327، 483، 5/104، 109) ، وكلم (15) ، وأذكار (؟ 15) ، وأخلاق (168) . (5) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/215) ، وأبو داود (ح/875) ، والنسائي (2/ 226) ، وأحمد (2/241) ، والبيهقي (2/110) ، والترغيب (1/2490) ، وابن كثير (8/461) ، والفتح (2/300، 11، 132) ، والمشكاة (894) ، وإتحاف (3/20، 5/33) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/149، 307) . (6) الأذكار: " 51 ".

قلت- يعني: لأبي عبد الله- فحديث ابن عباس " فاجتهدوا في الدعاء فعمني أن يستجاب لكم "، قال: ليس له ذلك الإِسناد، وروى في مسنده في بيانه عند خجالة، قال قرابة: يقول في ركوعه: " سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى "، وقال البيهقي في المعرفة: ادعى الطحاوي- رحمه الله تعالى- نسخ الأحاديث: لحديث عقبة، قال: يجوز أن يكون سبح اسم ربك الأعلى أنزلت عليه بعد ذلك عند وفاته، ولم يعلن أن هذا القول- يعني: حديث ابن عباس- صدر فيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غداة يوم الإثنين، والناس خلف أبي بكر في صلاة الصبح، وهو اليوم الذي توفي فيه، وروينا في الحديث الثابت عن النعمان بن بشير: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في العيد والجمعة بسبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك " (1) ، وفي هذا دلالة على أن يسبح اسم ربك الأعلى كان نزولها قبل ذلك بزمان كثير، وروينا عن الحسن البصري وعكرمة وغيرهما أنها نزلت بمكة. وحديث سعيد الحريري من عند أبي داود (2) بسند صحيح عن السعدي عن أبيه أو عمير قال: " رمقت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة فكان متمكن في ركوعه وسجوده قدوما يقول سبحان الله وبحمده ثلاثا ". وأعله ابن القطان بالسعدي وأبيه وعمه، فقال: ما منهم من يعرف، ولا من ذكر بغير هذا. انتهى. أما الجهالة باسم الصحابي فغير ضارة، وأما السعدي هذا فاسمه/عبد الله، فيما ذكره بن أبي عاصم وابن حبان في كتاب الصحابة. وحديث ابن مانوس قال: سمعت سعيد بن جبير سمعت أنس بن مالك يقول: " ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشبه صلاة به من هذا الفتى- يعني: عمر بن عبد العزيز- فجررنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات " (3) . ذكره أبو داود، وقائل. قال أحمد بن صالح قلت لعبد الله مانوس، أو مايوس، قال: أما حفظي مانوس، وأما عبد

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1281، 1283) ، وأحمد (4/273، 276) ، والمجمع (2/ 203) ، من حديث سمرة وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير " ورجال أحمد ثقات. وابن أبي شيبة (2/142، 176) ، والقرطبي (07/118) . (2) ضعيف: رواه أبو داود (ح/854) . قلت: وعلته ضعف ابن أبي ليلى. (3) حسن. رواه أبو داود (ح/888) ، والنسائي (2/167) .

الرزاق فحفظه مايوس، وفي علل الخلال، وقال يحيى: عبد الرزاق يقول: مانوس، وأما يحيى بن معين فقال: ماموس، وزعم أبو الفضل بن طاهر في كتابه، وخيره الحافظ أنَّ ابن لهيعة رواه أيضًا عن أبي النضر عن أنس، وحديث أبي بكرة من عند البزار بسند حسن: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسبح في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثا " (1) اختلف العلماء في التسبيح، وسائر الأذكار في الركوع والسجود، وقول سمع الله لمن حمده فقال الشَّافعي: كل ذلك سنة ليس بواجب، ولو تركه عمدًا لم يأثم، وصلاته صحيحة سواء تركه عمدا أو سهوا لكن يكره تركه عمدا، وبه قال: مالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء، وقال إسحاق ابن راهويه التسبيح واجب، فإن تركه عمدَا بطلت صلاته، وإن نسيه لم تبطل، وقال ابن حزم: ولا تجزيء صلاة أحد بأن يدع شيئا من هذا كله عامدَا كأن لم يأت له ناسيًا وأتى به كما مر ثم يسجد للسهو، فإن عجز عن ذلك لجهل أو عذر مانع سقط عنه وتمت صلاته. وقال أحمد: التسبيح في الركوع والسجود، وقول: سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد، والذكر بين السجدتين، وجمع التكبيرات واجبة، فإن ترك شيئا منها عمدَا بطلت صلاته، فإن نسيه لم تبطل ويسجد للسهو هذا هو الصحيح من مذهبه، وفي رواية عنه أنه سنة، وزعم ابن بطال أنّ العلماء اختلفوا فيما يدّعى به في الركوع والسجود، فقالت طائفة: لا بأس أن يدعوا الرجل ما أحب، وليس عندهم في ذلك شيء مؤقت، قال: ومالك كره الدعاء في الركوع، ولم يكره في السجود، واقتصر في الركوع على تعظيم الله تعالى والبناء عليه، وفي الحاوي الكبير للماوردي ولو سبح واحدة حصل التسبيح، وأدنى الكمال ثلاث، والكمال إحدى عشرة، وفي شرح الهداية

_ (1) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/128) ، من حديث جبير بن مطعم، وعزاه إلى " البزار " والطبراني في " الكبير " قال البزار: لا يروى عن جبير إلا بهذا الإسناد، وعبد العزيز بن عبيد ألله صالح ليس بالقوي.

للقاضي شمس الدين، ولو ترك التسبيح أصلا أو أتى به مرة فقد روى عن محمد أنه يكره. وفي الذخيرة: إذا زاد على الثلاث فهو أفضل بعد أن يكون الختم على وتر، وفي الغزوي إن زاد على الثلاث حتى انتهى إلى اثنتي عشرة فهو أفضل عند الإمام وعند صاحبيه إلى سبع، وعند الشافعي عشرة، وقال عامة أهل العلم: يسبح ثلاثا، وذلك أدنى الكمال، وفي شرح الطحاوي قيل يقول الإمام ثلاثا، وقيل أربع ليتمكن المقتدى من ثلاث، وقال القاضي حسين: ولو سبح خمسًا أو تسعا أو إحدى عشرة كان أفضل وأكمل، ولكنه إذا كان إماما استحب أن يزيد على ثلاث. ***

150- باب الاعتدال في السجود

150- باب الاعتدال في السجود حدثنا على بن محمد، ثنا وكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال/رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سجد أحدكم فليعتدل، ولا يفرش ذراعيه افتراش الكلب " (1) ، هذا حديث قال فيه أبو عيسى وأبو علي الطوسي حسن صحيح، وفي كتاب المراسيل لابن أبي حاتم قال شعبة حديث أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر إنما هي صحيفة، قال: وقال أبي شعبة: سمع من جابر أربعة أحاديث، ويقال: أنًّ أبا سفيان أخذ صحيفة جابر وصحيفة سليمان اليشكري، وفي العلل الكبرى: لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث، وقال أبو زرعة: أبو سفيان عن عمر مرسل، وهو عن جابر أصح، وقال أبو بشير فيما ذكره بجيل في تاريخ واسط: قلت لأبي سفيان: مالك لأتحدّث عن جابر كما يحدث عنه صاحبنا سليمان اليشكري فقال: إنّ سليمان كان يكتب، وكنت لا أكتب، حدثنا نصر بن على الجهضمي، ثنا عبد الأعلى، ثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اعتدلوا في السجود، ولا يسجد أحدكم وهو باسط ذراعيه كالكلب (2) هذا حديث خرجاه في صحيحيهما، وفي الباب حديث عائشة من عند مسلم (3) مطولا، وفيه: " وينهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/901) ، وابن ماجة (ح/891) ، والبيهقي (12/15) ، وابن خزيمة (653) ، والفتح (2/294) ، والكنز (19786) . وصححه الشيخ الألباني. قوله: " افتراش الكلب " هو وضع المرفقين مع الكفين على الأرض. (2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (7/208،1/14) ، ومسلم في (الصلاة، ح/ 233، 233 المكرر) ، والنسائي (2/214) ، والترمذي (ح/276) ، وصححه. وأبو داود (ح/ 897) ، وابن ماجة (ح/892) ، وأحمد (5/113، 177، 179، 191، 291) ، والبيهقي (2/ 113) ، والمنحة (437) ، والمشكاة (888) ، وإتحاف (3/69، 112) ، والكنز (19766) ، والإرواء (2/91) . (3) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/240) .

السبع ". وسيأتي في الباب بعد. وحديث أبي هريرة من عند ابن خزيمة من حديث زراح عن أبي حجرة عنه يرفعه: " إذا سجد أحدكم فلا يفترش يديه افتراش الكلب وليضم فخذيه " (1) . وحديث البراء من عند مسلم قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك " (2) . وحديث عبد الرحمن بن سيل/قال: " نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نقرة الغراب وافتراش السبع، وأن يوطن الرحل المكان " (3) . قال الحاكم: هذا حديث صحيح لما قدمت ذكره من التفرد عن الصحابة بالرواية، وخرجه ابن خزيمة أيضًا في صحيحه، ويعارض هذا ما خرجه ابن خزيمة في صحيحه من حديث أبي صالح عق أبي هريرة قال: شكى أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا فقال: " استعينوا بالركب " (4) ، قال ابن عجلان: وذلك أن يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود داعيا. وفي لفظ قالوا: " يا رسول الله إن تخريج الأيدي في الصلاة يشق علينا فأمرهم أن يستعينوا بالركب ". وقال الحاكم لما خرجه: صحيح على شرط مسلم، وزعم أبو داود في كتاب السنن أنَّ هذا كان رخصة، وقال الترمذي:

_ (1) صحيح. رواه ابن خزيمة (653) ، وأبو داود (ح/901) ، والبيهقي (2/115) ، والفتح (2/ 294) ، والكنز (19786) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/234) ، وأحمد (4/283) ، والبيهقي (12/13) ، وابن خزيمة (656) ، وشرح السنة (3/144) ، وتلخيص (1/252) . (3) صحيح. رواه الحاكم (1/229) ، وأبو داود (ح/862) ، وأحمد (5/477) ، والبيهقي (2/ 118) ، وابن سعد (2/4/87) ، والصحيحة (1168) . (4) صحيح. رواه أبو داود (ح/902) ، والترمذي (ح/286) ، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من هذا الوجه، من حديث الليث عن ابن عجلان. وأحمد (2/340) ، والبيهقي (2/117) ، والحاكم (1/229) ، والبخاري في " الكبير " (4/203) ، وابن حبان (507) ، والفتح (2/294) ، والمعاني (1/ 230) ، والكنز (19794) . فلت: هؤلاء رووا الحديث عن سُمط عن النعمان مرسلا، والليث بن سعد رواه عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة موصولا، فهما طريقان مختلفان، ويؤيد أحدهما الآخر ويعضده، والليث بن سعد ثقة حجة، لا نتردد في قبول زيادته وما انفرد به، فالحديث صحيح.

وذكره في باب ما جاء في الاعتماد إذا قام من السجود. هذا حديث لا نعرفه من حديث الليث بن عجلان، وقد روى هذا الحديث ابن عيينة وغير واحد عن سمي عن النعمان بن أبي عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو هذا، وكأنّ رواية هؤلاء أصح من رواية الليث، وقال أبو حاتم الرازي: الصحيح النعمان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل، وفي الأوسط من حديث سعيد بن جبير عن أبي هريرة: " أوصاني خليلي بثلاث ونهاني عن ثلاث "، فذكر حديثا فيه: " ونهاتي إذا سجدت أن أنقر نقرة الغراب، أو ألتفت التفات الثعلب " (1) ، وقال: لم يروه عن سعيد إلا حبيب بن أبي ثابت، ولا عن حبيب إلا ليث بن أبي سليم، ولا عنه إلا موسى بن أعن. تفرد به المعافى بن سليمان، وفي علل الخلال عن ابن مسعود، فال:/هوت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى سجدوا على المرافق، قال أحمد: قد تركه الناس، وزعم القرطبي أن افتراش السبع لاشك في كراهة هذه الهيئة واستحباب يقتضيها وهو الصحيح المذكور في الأحاديث، والحكمة في كراهة تلك، واستحباب مذماته إذا جنح كان اعتماده على يديه فيخفّ اعتماده على وجهه، ويتأثر لفه ولا جبينه، ولا يتأذّى بملاقاة الأرض، ولا يتشوش في الصلاة بخِلاف ما إذا بسط يديه فإنه يكون اعتماده على وجهه فحينئذ يتأذى بملاقاة الأرض، ويخاف عليه التشويش، وفي شرح النووي وروى تنبسط بزيادة التاء المثناة من فوق، والله أعلم. ***

_ (1) رواه أحمد (2/79) ، وعزاه إلى أحمد، وأبو يعلى، والطبراني، في " الأوسط "، وإسناد أحمد حسن.

151- باب الجلوس بين السجدتين

151- باب الجلوس بين السجدتين حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون عن حسين المعلم عن بدبل عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما، وإذا سجد فرفع رأسه لم يسجد حتى يستوي جالسا، وكان يفترش رجله اليسرى " (1) . هذا حديث خرجه مسلم، وقد سبقت الإِشارة إليه. حدثنا علي بن محمد، ثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقع بين السجدتين " (2) ، وفي لفظ عنده من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي موسى وأبي إسحاق: " لا تقع إقعاء الكلب " (3) . هذا حديث خرجه/ الترمذي بلفظ: " يا علي أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي " (4) ، وقال: لا نعرفه إلا من حديث أبي إسحاق عن الحرث عن علي، وقد ضعف بعض أهل العلم الحرث الأعور على هذا الحديث، وعند أكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما أسلفناه من عند ابن ماجة من أنّ أبا موسى رواه أيضًا عن الحرث ثم إنَّا عهدناه يحسن حديث الحرث

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/240) ، وابن ماجة (ح/893) ، وأحمد (3/162) ، والبيهقي (2/122) ، وأبو داود (ح/842) ، والمنتقى (204) ، وإتحاف (3/72) ، وابن أبي شيبة (1/395) . (2) ضعيف. رواه الترمذي (282) ، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث علي إلا من حديث أبي إسحاق عن الحرث عن علي. وابن ماجة (ح / 894) ، والبيهقي (2/3/120/ 212) ، وتلخيص (1 لم 225) ، والكنز (19785،19783) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/ 156) ، وصحيح أبي داود (ح/838) ، والضعيفة (4787) ، وضعيف الجامع (6257) ، وضعيف ابن ماجة (ح/188) . (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/895) ، ونصب الراية (1/373) ، وإتحاف (3/89) ، وتلخيص (1/225) ، والكنز (19783) ، وابن عساكر في " التاريخ " (13/45) ، والخفاء (2/535) . وصححه الشيخ الألباني. (4) انظر: الحاشية رقم " 2 " (ص 66) .

عن علي فمن ذلك حديث: " كان إذا عاد مريضا قال: اذهب البأس رب الناس " (1) . وحديث: " للمسلم على المسلم ست بالمعروف " (2) ، ولفظ الطوسي في كتاب الأحكام: " لا تقعي على عقبك في الصلاة " (3) ، وعند العقيلي بسند ضعيف عن الأصمعي قال: سمعت عليًا يقول: " إذا رفع أحدكم رأسه من السجدة الثانية فليلذق إليته بالأرض، ولا يفعل كما يفعل الإبل، فإني سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك توقير الصلاة " (4) . حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا يزيد بن هارون ابنا العلاء أبو محمد فال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا رفعت رأسك من الركوع فلا يقعي كما يقعي الكلب ضع إليتيك بين قدميك والزق ظاهر قدميك بالأرض " (5) .

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (173،7/157) ، وسلم في (السلام، ح/ 47،46، 48، 49) ، وأبو داود (ح/3883) ، وابن ماجة (ح/1619، 3520، 3530) ، وأحمد (6/44) ، والبيهقي (3/381) ، والحاكم (4/62) ، وعبد الرزاق (19783) ، والطبراني (4/ 327) ، وشرح السنة (5/244، 12/157) ، والمشكاة (1530، 4552) ، والبخاري في " الكبير " (1/17) ، والخفاء (1/115) ، والمجمع (5/113،112، 114) ، وابن السني (537. 545) ، وابن حبان (1417،1416،1415) ، وابن كثير (4/343) ، وابن سعد (2 /2/ 14، 15) . (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1433) ، والمجمع (8/186) ، والكنز (24773) ، والمشكاة (2643) ، وضعيف ابن ماجة (ح/301) . (3) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/85) ، من حديث أبي موسى وعلي بن أبي طالب " وأورده مطولا " وبعض حديث علي في الصحيح. وعزاه إلى البزار، وروى أحمد بعضه وزاد فيه أحمد " ولا تقع بين السجدتين ولا تعبث بالحصى "، وفي حديث علي الحارث الأعور وهو ضعيف، وحديث أبي موسى رجاله موثقون. (4) ، موضوع. بنحو حديث على. رواه ابن ماجة من حديث أنس (رقم: 896) . في الزوائد: في إسناده العلاء، قال ابن حبان والحاكم فيه: إنه يروى عن أنس أحاديث موضوعة. وقال فيه البخاري وغيره: منكر الحديث. وقال ابن المديني: كان يضع الحديث. وقال الشيخ الألباني: " موضوع ". انظر: الضعيفة (2614) ، وضعيف ابن ماجة (ح/189) . (5) الحاشية السابقة.

هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف أبي محمد العلاء بن زيد، ويقال ابن زيد له الثقفي البصري الأيلي، فإنّ ابن المديني قال: كان يضع الحديث، وقال أبو حاتم الرازي: منكر الحديث متروك الحديث كان أحمد يتكلم فيه، وقال أبو داود: متروك الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وقال البخاري: منكر الحديث، زاد أبو جعفر ونسبه أبو داود إلى الكذب، وقال ابن حبان/يروى عن أنس نسخة موضوعة لا يحل ذكره إلّا تعجبا، وقال النسائي: ضعيف، وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، وقال الحاكم وأبو سعيد النعاس، يروى عن أنس أحاديث موضوعة، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم، وذكره غير واحد في جملة الضعفاء المتروكين، ولم أر من أثنى عليه، والله أعلم. وذكره البيهقي بلفظ بها عن الإقعاء والتورك، وفي الباب حديث سمرة من عند الحاكم أبي عبد الله قال: " أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نعتدل في السجود وأن لا نستدر " (1) ، وقال: صحيح على شرط البخاري، وقد ورد في إباحة حديث، ولفظ البيهقي: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإقعاء في الصلاة " (2) ، وفي المصنف من حديث الحرث عن علي: أنه كره الإقعاء في الصلاة، وعن إبراهيم: " أنه كره الإقعاء والتورك " (3) ، وكره الإقعاء أيضًا: الحسن، وابن سيرين، وعامر. وحديث أبي هريرة قال: " نهاني رسول الله عن نقرة كنقرة الديك وإقعاء كإقعاء الكلب " (4) ، رواه الإمام أحمد والبيهقي من رواية ليث بن أبي سليم، وعنده: إقعاء كإقعاء القرد، وفي كتاب الترمذي باب الرخصة في الإقعاء. ثنا يحيى بن موسى، ثنا عبد الرزاق، وأنبأ ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسا يقول: " قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين قال: هي

_ (1) رواه الحاكم (1/272) . (2) رواه البيهقي (2/120) ، والهروي (1/210) . (3) بنحوه رواه أحمد (3/233) ، والسراج في " مسنده " (1/4/73) ، عن يحيى بن إسحاق السالحيني. وصححه الشيخ الألباني. قلت: وهو بلفظ: " فهي عن الإقعاء والتورك ". (4) رواه أحمد (2/311) ، والترغيب (1/37) ، وقد تقدم.

من السنة، فقلنا إنا لزم حقا بالرجل، فقال: بل هي سنة نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1) . قال أبو عيسى هذا حديث حسن، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث من الصحابة لا يرون بالإقعاء بأسا، وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه/ والعلم، وخرجه مسلم (2) أيضَا في صحيحه، وفي المشكل لأبي جعفر، اختلف أهل العلم في الإقعاء المنهي عنه فذهب أبو حنيفة وجماعة سواء على أنَّه جلوس الرجل على عقبيه في صلاته لا على إليتيه، محتجين بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعليّ: " الأصح على عقبيك في الصلاة "، وبحديث أبي هريرة: " نهاني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقعي في صلاتي إقعاء الذئب على العقبين " (3) . قال أبو جعفر: قوله على العقبين راجع إلى أبي هريرة؛ لأن الذئب لا عقبان له، فإن قال قائل قد روى عطية العوفي قال: رأيت العبادلة يقعون في الصلاة ابن عمرو، وابن عباس وابن الزبير ويراهم الصحابة فلا ينكرونه، فالجواب أن رسول الله هو الحجة على خلقه، أو يكونوا لم يبلغهم النهي، والله تعالى أعلم. وفي المصنف باب من رخص في الإقعاء فذكر جابرَا وأبا سعيد وطاوسَا ومجاهدَا وأبا جعفر، وفي كتاب البيهقي عن أبي عبيدة معمر بن الليث الإقعاء: هو أن يلصق إليتيه بالأرض، وينصب ساقيه ويضع يديه بالأرض، وفي موضع آخر: الإقعاء جلوس الإنسان على إليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب، والسبع، وفي الغريبين: وذكره في المعتل بالياء قال أبو عبيدة. تفسيره عند الفقهاء: أن يضع إلييته على عقبيه بين السجدتين، وقد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنه كل مقعيا "، وقال النَّضر بن شميل: الإقعاء أن يجلس على وركيه، وهو الإحتفاز والإستيفاز، وفي المحكم، وذكره في العتل بالواو أقعى الرجل في جلوسه مستندَا إلى رواية، أقعى الكلب والسبع جلسى على إسته.

_ (1) رواه الترمذي (ح/283) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يرون بالإِقعاء بأسا. وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه والعلم. فال: وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين السجدتين. (2) فوله: " مسلم " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) تقدم ص 1508.

152-/باب ما يقول بين السجدتين

152-/باب ما يقول بين السجدتين حدثنا علي بن محمد، ثنا حفص بن غياث، ثنا العلاء بن المسيب عن عمرو بن مرّة عن طلحة بن يزيد عن حذيفة، وح ثنا علي بن محمد، ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف عن صلة عن حذيفة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول بين السجدتين رب اغفر لي رب اغفر لي " (1) . هذا حديث إسناده صحيح، وله أصل في صحيح ابن خزيمة على مؤمل بن هشام وسلم بن جنادة قالا: ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش عن سعد عن المستورد عن جلّة عن حذيفة قال: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة، قال ابن خزيمة: وذكر الحديث. حدثنا أبو كريب إسماعيل بن صحيح عن كامل أبي العلاء قال: سمعت حبيب أبي ثابت يحدّث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول بين السجدتين في صلاة الليل: رب اغفر لي وارحمني واجبرني وارزقني وارفعني " (2) . هذا حديث قال فيه الترمذي وأبو علي الطوسي: غريب، وهكذا روى عن علي، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق يرون هذا جائزًا في المكتوبة والتطوع، وروى بعضهم هذا الحديث عن كامل أبي العلاء مرسلا. انتهى. إسماعيل وثقة ابن حبان، وكامل وثقة ابن معين وغيره، وقال البزار: مشهور من أهل الكوفة روى عنه جماعة من أهل العلم، واحتملوا حديثه؟ فلهذا فسكت عنه الإشبيلي سكوت مصحح له، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وكامل ممن يجمع حديثه.

_ (1) صحيح. رواه النسائي في (الافتتاح، باب " 172 ") ، وابن ماجة (ح/897) ، والبيهقي (2 / 122) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/898) . في الزوائد: رجاله ثقات. إلا أن حبيب بن أبي ثابت كان يدلس، وقد عنعنه. وأصله في أبي داود. قوله: " وأجبرني " من جبرت الوهن والكسر إذا أصلحته. وجبرت المصيبة إذا فعلت مع صاحبها ما ينساها به.

153-/باب ما جاء في التشهد

153-/باب ما جاء في التشهد حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا أبي، ثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود ح، وثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا الأعمش، ثنا شقيق عن عبد الله بن مسعود قال: كنا إذا صلينا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا: السلام على الله قبل عباده السلام على جبرائيل وميكائيل وعلى فلان وفلان يعنون الملائكة عليهم الصلاة والسلام فسمعنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إن الله هو السلام فإذا جلستم فقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنه إذا قال ذلك أصابت كل عبد صالح في السماء الأرض أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدَا عبده ورسوله " (1) هذا حديث خرجه الأئمة الستة. وفي المنتقى (2) لابن الجارود: " السلام على إسرائيل "، وفي المصنف: ما كنا نحتب على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بن الحديث إلّا التشهد والاستخارة، وقال الترمذي: هو أصح حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد والعمل به عند أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم من التابعين، وهو قول الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق، وقال الخطابي: أصح الروايات وأشهرها رجالَا تشهد ابن مسعود، وقال ابن المنذر والطوسي: قد روى حديث ابن مسعود من غير وجه وهو أصح حديث روى في التشهد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال ابن عبد البر: بتشهد ابن مسعود أخذ كثر أهل/العلم؛ لثبوت نقله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال علي بن المديني: لم يصح في التشهد إلا ما نقله أهل الكوفة عن عبد الله، وأهل البصرة عن أبي موسى، وبنحوه قاله ابن طاهر، وقال النووي: أشدّها

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 221، 8/ 64، 89، 9/ 142) ، ومسلم في (الصلاة، ح/55) ، والنسائي (3/40، 41) ، وأحمد (1/ 372، 423، 427) ، والبيهقي (2/ 138، 153، 377) ، وعبد الرزاق (3061) ، والمجمع (8/ 5067، 5073) ، والصحيحة (1/ 422) ، والمطالب (2644) ، والحلية (8/115؛ 9/322) ، والإرواء (2/24، 43) . (2) المنتقى: (205) .

صحة باتفاق المحدثين حديث ابن مسعود ثم حديث ابن عباس، وعند البخاري: " ثم ليتخيّر من الدعاء أعجبه إليه فيدعوا به "، وعند مسلم: " كنا نقول في الصلاة خلف رسول الله على الله السلام على فلان فقال لنا ذات يوم، إن الله هو السلام " (1) وفي الأوسط للطبراني: ثنا إبراهيم بن أحمد الوكيعي، ثنا أبي، ثنا يحيى بن آدم، ثنا مفضل بن مهلهل عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: " كان ابن مسعود يعلم رجلا التشهد فقال عبد الله: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله: فقال الرجل وحده لا شريك له فقال عبد الله هو كذلك ولكن تنتهي إلى ما علمناه " (2) ، وقال: لم يروه عن العلاء إلا المفضل تفرد به يحيى بن آدم، وفي مسند البزار: " أنّ عبد الله كان يعلم رجلا التشهد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فقال الرجل وأن محمدا عبده ورسوله فأعادها عبد الله عليه مرات كلّ ذلك يقول: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فقال عبد الله: هكذا علمنا ". وهذا الحديث إنما أدخله المسند؛ لأنه قال: هكذا علمنا، وعند الطبراني عن أبي جمرة عن إبراهيم عن علقمة عنه: " كان النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد ويقول: تعلموا فإنه لا صلاة إلا بتشهد " (3) ، وقال: لم يروه عن أبي جمرة الأصعدي بن سنان، وعند أبي داود (4) من حديث أبي الأحوص عه: كنا لا ندري ما/نقول إذا جلسنا في الصلاة وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قْد علم، وعن أبي وائل عنه من عند الحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم وله شاهد من حديث ابن جريج عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل: " كان يعلمنا- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلمات ولم يكن يعلمنا هن كما يعلمنا

_ (1) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/55) . وتقدم في الحديث المتفق عليه السابق قريبا. (2) لم نقف عليه. (3) الكنز (19874) ، والحلية (4/236) ، والمجمع (2/140) ،- وفي الصحيح طرف منه- وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه صعد بن سنان ضعفه ابن معين، ورواه البزار برجال موثقين، وفي بعضهم خلاف لا يضر إن شاء الله. (4) حسن. رواه أبو داود (ح/969) .

التشهد اللهم ألّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا، وأبصارنا، وقلوبنا، وأرواحنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها، قابليها وأتمها علينا " (1) . ومن حديث زهر بن الحسن بن الحسن عن القاسم بن مخيمرة عن علقمة عند أبي داود: " أن عبد الله أخذ بيده، وأنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد عبد الله فعلمه التشهد " (2) فذكر مثل حديث الأعمش المذكور، وفيه: " إذا قلت هذا وقضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد ". قال الدارقطني: رواه زهير بن معاوية عن ابن الحرّ فزاد في آخره كلامًا- يعني: هذا- وأدرجه بعضهم عن زهير في الحديث ووصله بكلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفضله سبابه عن زهير وجعله من كلام عبد الله، وقوله أشبه بالصواب من قول من أدرجه؛ ولأن ابن ثوبان رواه عن الحسن كذلك وصى آخره من قول عبد الله، ولا يفاق (3) حسين الجعفي وابن عجلان وحجد بن أبان في روايتهم عن الحسن على بدل ذبهره في آخر الحديث، مع اتفاق كل من روى التشهد عن علقمة/وغيره عن عبد الله على ذلك، وقال البيهقي: ذهب الحفاظ إلى أنَ هذا وهم من قول ابن مسعود أدرج في الحديث، وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك كان قبل أن ينزل التسليم، وقال الخطيب في كتابه الفضل للوصل المدرج في النقل، قوله: إذا قلت ذلك قد تمت صلاتك إلى آخره ليس هذا من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنّما هو قول ابن مسعود أدرج في الحديث، وقد بيه شبابة بن سوار في رواية عن زهير بن معاوية، وفصل كلام ابن مسعود من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وكذلك رواه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحرّ مُفَّصلًا

_ (1) المصدر السابق لأبي داود. (2) حسن. رواه أبو داود (ح/970) . (3) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ".

مبينًا، وقال الخطابي: قد اختلفوا في هذا الكلام هل هو من كلام ابن مسعود أو من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن صح رفعه ففيه دلالة على أنّ الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد غير واجبة، وقوله: قد قضيت صلاتك يريد معظم الصلاة من القرآن، والذكر والرفع والخفض، وإنّما بقى عليه الخروج منها بالسلام فكنى عن التسليم بالقيام إذا كان القيام إنّما يقع عقبيه، ولا يجوز أن يقوم بغير تسلم؛ لأنه يبطل صلاته لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم " (1) ، وقال الإشبيلي الصحيح في هذه الزيادة أنها من قول عبد الله، وعند النسائي بسند جيد عن عبد الله قال: قال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قولوا في كل جلسة التحيات " (2) . وفي مسند البزار من حديث محبوب بن الحسن عن ابن أبي حمزة ميمون بن العصاب، وهو ضعيف عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا صلاة إلا بتشهد " (3) /ثم قال: لا نعلمه يروى من حديث ابن جمرة عن إبراهيم إلا من هذا الوجه هذا السند، وفي الأوسط: يروه عن أبي الميموني الأجعدي بن سنان، كذا قالاه وفيه نظر؛ لما أسلفناه من عندهما. وفي مشكل الطحاوي: لم يقل أحد من رواه هذا الحديث عن عبد الله فلما فرض التشهد قال لنا غير ابن عيينة، قال أبو جعفر: يحتمل أن يراد بالعرض هنا العطية من الله قال تعالى: (إن الذي فرض عليك القرآن) (4) ، وفي حديث أبي معمر عن عبد الله كما يقول والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنبأ السلام عليك أيها النبي فلما قبض قلنا السلام على النبي، قال أبو جعفر: وإّنما جاء الغلط في هذا عن دون أبي معمر؛ لأنه المقدار، وذكر المديني في كتاب الترغيب والترهيب عن سعد بن أبي إسحاق بن كعب قال: " كانت الصحابة يقولون

_ (1) التمهيد (9/182، 10/212) ، ونصب الراية (1/307) ، والقرطبي (19/62) . (2) رواه النسائي: (2/239) . وإسناده حسن. (3) ضعيف. رواه الطبراني (10/61) ، والبيهقي (2/378) . (4) سورة القصص آية: 85.

إذا سلموا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: السلام عليك أيها النبي فقال النبي: هذا السلام عليّ وأنا حي، فإذا مت فقولوا: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته " (1) . وفي مسند أحمد من حديث أبي عبيدة عن أبيه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمه التشهد، وأمره أن يعلمه الناس " (2) وزعم بعض الحنفية أن هذا الحديث بزيادة أن تثبت أن تقوم رواه أبو داود الطيالسي، وموسى بن داود، والطيالسي، وموسى بن داود الضبي، وهاشم بن القاسم، ويحيى بن أبي بكير، ويحيى بن يحيى النيسابوري وغيرهم متصلا، ورواية من رواه منفصلًا، يقطع بكونه مدرجًا لاحتمال أن يكون نسبه ثم ذكره فسمعه هؤلاء متصلًا، وهذا منفصلًا أو أفتى به؛ إذ عادة ابن مسعود الفُتَى والله أعلم. وفي التمهيد وفي أكثر طرق عبد الله: " ورحمة الله وبركاته "، وأنكر/ذلك الطحاوي في مسنده أبي قرة بسند صحيح: " فإذا قالها أصابت كل ملك مقرب، وكل نبي مرسل، وكل عبد صالح ". وفي سنن الدارقطني بسند فيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو ضعيف، وفيه: " اللهم صل على محمد، وعلى بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل علينا معهم، اللهم بارك على محمد وعلى أهل بيته كما باركت على آل إيراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك علينا معهم صلوات الله وصلوات المؤمنين على محمد النبي الأمين السلام عليك، ورحمة الله وبركاته " (3) . قال: وكان مجاهد يقول: " إذا سلم فبلغ وعلى عباد الله الصالحين فقد سلّم على أهل السماء والأرض "، وفي صحيح ابن خزيمة: " ثم يسلم وينصرف "، وفي لفظ (4) : " علمني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التشهد في وسط (1) رواه الطبراني (1/480) ، والفتح (11/56، 159) ، والكنز (20791) ، والخطيب (14/ (2) رواه أحمد: (1/292، 394، 413، 414، 422، 450، 459، 5/363) . (3) رواه الدارقطني: (1/355) . (4) قوله: " لفظ " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

الصلاة وفي آخرها فإن كان في وسط الصلاة ينهض حين يقرع من تشهده، وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو ثم يسلم " (1) . ومن حديث أبي عبيدة عن أبيه من عند الترمذي، وقال حسن: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في الركعتين الأولتين كأنه على الرضف قال: قلنا حتى يقوم قال: حتى يقوم " (2) ، وعده أيضًا عن عبد الله قال عليه السلام: " من السنة أن يخفي التشهد " (3) ، وقال حسن غريب. وخرج الحاكم في المستدرك من حديث ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله قال: " من السنة أن يخفي التشهد "، وقال: صحيح على شرط مسلم، وخرجه ابن خزيمة في صحيحه وزاد، وعن عائشة قالت: " نزلت هذه الآية في التشهد: (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) " (4) . وفي النسائي من/الجامع وأبو على الطوسي في الأحكام حديث أيمن غير محفوظ، وقال الشيرازي في المذهب: وذكر التسمية غير صحيح عند أصحاب الحديث وكذا قاله البغوي في شرح السنة، وقال القاسم بن عساكر: رأيت بخط النسائي لا نعلم أحدًا تابع أيمن على هذا الحديث، وخالفه الليث بن سعد وأيمن عندنا لا بأس به، والحديث خطأ، وقال أبو الحسن الدارقطني: أيمن خالف الناس لو لم يكن إلا حديث التشهد، وقال أبو الوليد الباجي في كتاب الجرح والتعديل: عمره غير يحيى لحديثه عن أبي الزبير في التشهد، ولما ذكره الإشبيلي لم يعبه إلّا بتدليس أبي الزبير ولكونه لم يبيّن سماعه من جابر فيه، وقال الشَّافعي: وقد روى عن ابن مسعود وجابر أبي موسى عن النبي

_ (1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3/142) ، وعزاه إلى أحمد ورجاله موثقون. وهذا الحديث من رواية ابن مسعود. (2) حسن. رواه الترمذي (ح/366) ، وحسنه وأبو داود في (الصلاة، باب " 183 ") ، والنسائي في (التطبيق، باب " 105 ") ، وأحمد (1/386، 410، 428، 486، 410، 428، 436، 460) . غريبة: قوله: " الرضف " بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة: الحجارة التي حميت بالشَمس أو النَار، واحدتها رضفه، وهي كناية عن تخفيف الجلوس. (3) رواه الترمذي (2/85، ح/291) . وقال: حسن غريب. (4) رواه الحاكم في " المستدرك ": (1/230) .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد أحاديث كلَّها يخالف بعضه بعضًا، واختلافها إنما هو اختلاف في زيادة حرف أو نقصه، وإنما أخذنا هذا؛ لأنا رأيناه أجمعها وهو أحبها إلينا؛ لأنّه أكملها، زاد في كتاب اختلاف الحديث واحتمل أن تكون كلَّها ثابتة، وأن يكون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم الجماعة والمنفردين التشهد فيحفظه أحدهم على لفظ، ويحفظه الآخر على لفظ يخالفه لا يختلفان في معنى أنه أريد به تعظيم الله تعالى، وذكر أبو الفضل بن طاهر، وفي كتابه أطراف الغرائب أنّ أبا عاصم رواه عن عروة بن ثابت- أو ابن جريج- عن أبي الزبير عن جابر، وقال: حديث غريب. تفرد به حميد بن الربيع عن أبي عاصم. انتهى. وقد وجدنا الحديث في التسمية متابعا من حديث على الأربعة وموقوف عمر وحديث عائشة في الباب حديث رواه أمية بن خالد، ثنا شعبة عن خالد/الحذاء قال: أنا علمت ابن سيرين التشهد. وحديثه عن أبي نصرة عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ يتشهد وتلك تشهده. قال الطبراني في الأوسط: لم بروه إلّا أمية، ولا رواه عن أمية إلا أمية بن بسطام، وموسى بن محمد بن حبان وإبراهيم بن هاشم، وفي المصنف، ثنا ابن علية عن خالد عن أبي المتوكل سألنا أبا سعيد عن التشهد فقال: التحيات لله مثل حديث ابن مسعود لم يذكر وبركاته، وفي آخره قال أبو سعيد: كنا لا نكتب شيئا سوى القرآن والتشهد. وحديث أبي الحسن علي بن أبي طالب: التحيات لله والصلوات والطيبات والغاديات والرائحات والذاكيات والناعمات المانعات الطاهرات لله، قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن عبد الله بن عطاء عن النهري قال: سألت الحسين عن تشهد علي فقال: هو تشهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره إلا عمرو وابن هاشم. وفي البيهقي من طريق سعد وابن نصر، ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي أنه قال: إنّا نشهد قال: بسم الله قال البيهقي: وروى عن وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي مثله وزاد: وبالله، وفي الأوسط من حديث عامر بن إبراهيم قال: تفرد به عن نهشل بن

سعيد الترمذي عن الضحاك بن مزاحم عن الحرث عنه أنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا صلاة لمن لا تشهد له " (1) . وفي الاستذكار روى عن على تشهد هو أكمل هذه الروايات كلها، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: روى أبو عوانة عن الحكم عن عاصم عن علي: " إذا قعد المصلى قدر التشهد فقد تمت صلاته " قال أبي/حديث الأفريقي وفيه كل كلام عن عبد الله بن عمرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إذا جلس- يعني: الرجل- في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته " (2) ، وفي أبي داود " وتمت "، وفي البيهقي: من حديث عاصم عن علي مثله، وزعم أبو حاتم الرازي أنه حديث منكر، قال: ولا أعلم روى الحاكم عن عاصم ثناه، حدثنا محمد بن رمح حدثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطارق عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، كان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله " (3) . هذا حديث أخرجه مسلم في صحيحه، وفي النسائي: " سلام عليك وسلام علينا "، بغير ألف ولام. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقال الطحاوي: رواه ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس موقوفًا، والذي رفعه أبو الزبير وحده لا يكافئ الأعمش ولا منصور ولا المغيرة، وشبههم بمن روى حديث ابن مسعود وقتادة في حديث أبي موسى

_ (1) ضعيف. الكنز (19875) ، والمجمع (2/140) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه الحارث، وهو ضعيف. (2) قلت: وهذا حديث ضعيف؛ لضعف الأفريقي. (3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح ا 60/61) ، والترمذي (ح/290) ، وابن ماجة (ح/ 902) ، وأحمد (1/292، 315، 413،394، 5/363) ، والبيهقي (2/140، 377،142) ، وإتحاف (3/76) ، وابن أبي شيبة (1/294) ، والطبراني (10/61، 65، 66) ، والكنز (22346، 22351) ، والفتح (2/315) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/31) ، ومعاني (1/ 264) ، وابن عدى في " الكامل " (1/423، 2/696) ، والمجمع (2/139، 140، 141) .

ولا أبا بشر في حديث ابن عمرو في المصنف عن معان عن حبيب بن الشهيد عن محمد بزيادة البركات. حدثنا حميد بن الحسن، ثنا عبد الأعلى، ثنا سعيد عن قتادة، وثنا عبد الرحمن بن عمر، وثنا ابن أبي عدي شنا سعيد وهشام بن أبي عبد الله، عن قتادة وهذا حديث عبد الرحمن عن يونس بن جبير عن خطاب بن عبد الله عن أبي موسى الأشعري: أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/خطبنا وبن لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا، فقال: " إذا صليتم فكان عند القعدة فليكن من أوّل قول أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سبع كلمات من تحية الصلاة " (1) . هذا حديث خرجه مسلم مطولَا بصفة الصلاة، وعند النسائي (2) : " وحده لا شريك له ". حدثنا محمد بن زياد، ثنا المعتمر، ثنا يحيى بن حكيم، ثنا محمد بن بكبر، قالا: ثنا أيمن بن نائل، ثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن بسم الله وبالله التحيات لله، والصلوات، والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار " (3) . هذا حديث قال فيه الحاكم لما خرجه في مستدركه: صحيح على شرط البخاري ومسلم؛ لأن أيمن احتج به محمد، والزبير احتج به مسلم، وقال حمزة الكسائي في رواية سن النسائي: قوله عن جابر خطأ، والصواب أو الزبير عن سعيد بن جبير، وطاوس عن ابن عباس ولم يقل في التشهد: " بسم الله وبالله " إلا أيمن عن أبي الزبير، وفي علل الترمذي: سالمت محمدَا عن

_ (1) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/62) . (2) صحيح. رواه النسائي في: التطبيق، 103- باب نوع آخر من التشهد (2/242) . (3) تقدم، وأنظر الحاكم (1/266- 267) . ص 1511

هذا الحديث فقال: هو غير محفوظ وهو خطاً، والصحيح ما رواه الليث بن سعد عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس، هكذا رواه عبد الرحمن بن حميد الرواس عن أبي الزبير مثل ما روى الليث، وقال الترمذي في لم هذا: حديث منكر لا أعلم روى الحكم عن عاصم شيئَا، وقد أنكر شعبة على أبي عوانة رواية عن الحكم فقال: لم يكن ذلك الذي لقيه الحاكم، قال أبي: ولا يشبه هذا الحديث حديث الحكم. وحديث عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمه: التحيات الصلوات الطيبات المباركات لله السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ". قال أبو القاسم في الأوسط (1) : لا يروى عن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عمر إلّا بهذا الإسناد. تفرد به ابن لهيعة، وقال الدارقطني: هذا إسناد حسن، وابن لهيعة ليس بالقوي، وفي الموطأ (2) عن ابن شهاب عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد القارئ: " أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد محمدا عبده ورسوله ". قال أبو عمر في الاستذكار: لما علم مالك أنّ التشهد لا يكون إلا توقيفَا من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختصار تشهد عمر؛ لأنه كان يعلّمه الناس وهو على المنبر من غير نكير من أحد من الصحابة، وكانوا متواترين في زمانه ولم يأت عن أحد منهم أنه قال: ليس كما وصفت روى تسليم له ذلك مع اختلاف رواياتهم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دليل على الإِباحة والتوسعة فيما جاء عنه في ذلك- صلى الله عليه وآله وسلم-، مع أنه أمر متفاوت كلّه قريب المعنى بعضه من بعض، أنما فيه

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/141) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه حجاج بن رشدين، وهو ضعيف. (2) رواه مالك في: كتاب الصلاة، (ح/53) . وهذا الحديث رواه الشافعي في الرسالة، 738 بتحقيق المرحوم أحمد محمد شاكر. وقال عنه في الحاثية، وقال الزيلعي في نصب الراية (1/422) : " وهذا إسناد صحيح ". أكل.

كلمة/زائدة في ذلك المعنى أو ناقصة، وقال القاضي: هو خبر يجرى مجرى التواتر؛ لاًن الصحابة أقروه عليه، ولو كان غيره يجري مجراه يقال له الصحابة ضيقت واسعَا، وقال ابن حزم اختيار مالك تشهد عمر الوقوف وقد خالف عمر فيه ابنه وفي سنن البيهقي من حديث الدراوردي عن هشام عن أبيه أن عمر كان يعلم الناس التشهد في الصلاة وهو يخطب على المنبر فيقول: " إذا تشهد أحدكم فليقل: " بسم الله خير الاً سماء، التحيات الزاكيات ". فذكره وفيه قال عمر: ابدؤوا باً نفسكم بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسلموا على عباد الله الصالحين قال البيهقي ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري وهشام عن عبد الرحمن بن عبيد عن عمر وذكر فيه التسمية بسم الله خير الأسماء وزاد وقدم وأخر ورواه مالك ومعمر ويونس وعمر بن الحرث عن ابن شهاب لم يذكروا فيه التسمية وقدموا كلمتي التسليم على كلمتي الشهادة زاده معمر وكان الزهري يأخذ به ويقول علمه الناس على المنبر والصحابة متوافرون ولا ينكرونه قال معمر وأنا أخذ به وذكر الحاكم التسمية فيه من رواية العنس عن الدراوردي عن هشام عن أبيه وقال صحيح على شرط مسلم وإنما ذكرته لأن له شاهدَا على ما شرطنا في الشواهد ورواه في المصنف عن حاتم ابن إسماعيل عن هشام وثنا وكيع عن الاً عمش عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي أنه كان يقول إذا تشهد بسم الله خير الأسماء اسم الله وحديث عائشة بسم الله التحيات لله والصلوات لله. الزاكيات لله الحديث قال البيهقي والرواية الصحيحة عن عبد الرحمن/عن القاسم عن عائشة ليس فيها ذكر التسمية إلّا ما انفرد بها محمد بن إسحاق، يعني عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، قال البيهقي: وروى عن محمد بن صالح بن دينار عن القاسم بن محمد مرفوعا بلفظ: " هذا تشهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التحيات لله إلى آخره "، وفي آخره قال محمد بن صالح: قلت: بسم الله فقال القاسم بسم الله كل ساعة والصحيح موقوف، وكذا قاله الدارقطني أيضَا، ورواه مالك موقوفَا فيه: " وحده لا شريك له " (1) . وحديث سمرة بن جندب من عند

_ (1) رواه مالك في: كتاب الصلاة، (ح /56) . نقل الزرقاني عن الاستذكار: ما أورده مالك عن عمر وابنه وعائشة حكمه حكم الرفع: لأن من المعلوم أنه لا يقال بالرأي.

أبي داود (1) بسند صحيح على شرط ابن حبان قال: " أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كان في وسط أو حين انقضائها فابدؤوا قبل السلام فقولوا: " التحيات لله والصلوات الملك لله، ثم سلموا على اليمين ثم سلموا على قارئكم وعلى أنفسكم ". وفي المصنف: ثنا أبو نعيم عن سفيان عن زيد العمى عن أبي الصديق الساجي عن ابن عمر: " أن أبا بكر الصديق- رضى الله عنه- كان يعلمهم التشهد على المنبر، كما يُعلم الصبيان في الكتاب التحيات لله والصلوات والطيبات ... " (2) الحديث. وحدثنا ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد: " التحيات لله الصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة والله وبركاته "، قال ابن عمر: وزدت فيها: " وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله "، قال ابن عمر وزدت فيها: " وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ". رواه أبو داود (3) بسند صحيح عن نصر بن علي عن أبيه عن شعبة عن أبي بشر قال: قال سمعت مجاهدا يذكره، وذكره مالك موقوفا في الموطأ عن نافع عنه، ولفظه/: " بسم الله التحيات لله الصلوات الزاكيات الله السلام على النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن محمدا رسول الله، فإذا أراد أن يسلم قال: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم " (4) . وفي المصنف: ثنا هشيم، ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن محارب عن ابن عمر: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد في الصلاة كما يعلم المكتب الولدان " (5) . ورواه أبو القاسم من حديث قتادة عنه- يعني: مرفوعا- وقال:

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/975) . قال أبو داود: دلت هذه الصحيفة على أن الحسن سمع من سمرة. (2) رواه ابن أبي شيبة: (1/294-295) . (3) إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/971) . (4) رواه مالك في: الصلاة، (ح/54) . (5) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/140) ، وعزاه إلى الطبراني في

لم يروه عن قتادة إلّا بأمرين وقد تفرد به سهل بن بكار، ولما رواه الدارقطني عن ابن أبي داود ثنا نضر قال: هذا إسناد صحيح، وقد تابعه على رفعه ابن أبي عدي عن شعبة ووقفه غيرهما، وفي حديث موسى بن عبيدة وخارجة وهما ضعيفان: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد التحيات الطيبات الزاكيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ثم يصلى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وفي العلل الكبير للترمذي: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: روى شعبة عن أبي بشر عن مجاهد عن ابن عمر، وروى سفيان عن مجاهد عن أبي معمر عن أبي مسعود، وهو المحفوظ عندي قلت: كانه يروى عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يروى عن ابن عمر عن أبي بكر، قال: يحتمل هذا، وهذا قال محمد وعبد الرحمن بن إسحاق الذي روى عن محارب بن دثار عن ابن عمر في التشهد: / هو الكوفي، وهو ضعيف الحديث وأوقفه ابن عدي. انتهى. قد تقدّم من عند الدارقطني أن ابن أبي عدي رفعه، فالله أعلم، وحديث أبي هريرة مرفوعًا؛ لحديث ابن مسعود ذكره ابن بطال في شرج البخاري، وذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد وإسحاق وأبو ثور وابن المبارك فيما حكاه ابن الأثير في شرح المسند وداود وأصحابه إلى تشهد ابن مسعود، واستدلّ لهم أيضا بأن حديث ابن عباس الذي اعتمده الشافعي قد وقف، كما تقدَّم وبأنه مضطرب، وذلك أنّ الشافعي وأحمد روياه منكر السلام، ورواه أحمد في موضع آخر من مسنده بتعريفه، وعندهما وأنَّ محمدًا لم يذكر التشهد، وفي ابن ماجة وأشهد كما تقدّم، وعند النسائي كمسلم إلا أنه منكر السلام، وقال: وأن محمدًا عبده ورسوله، وفي رواية عند مسلم (1) " وأن محمدًا رسول الله " وهو عنده معرف السلام في المكانين وهو مذهب الشافعي تنكيره، ويرجح تشهد ابن مسعود على حديث ابن عباس بأمور: منها: أنّه في الكتب الستة وذاك في

_ " الكبير "، وفيه عبد للرحمن بن إسحاق أبو شيبة، وهو ضعيف. (1) صحيح. رواه مسلم: (ح/60) ،.

مسلم. الثاني: أن جماعة من الصحابة وافقوه على رواية. الثالث: حديث أبي بكر كحديث ابن مسعود: " وعلمه أبو بكر الناس على المنبر كتعليم الصبيان ". الرابع، حديث ابن مسعود ليس فيه اضطراب ولا وقف. الخامس: أن أكثر العلماء والمحدثين، قالوا به واختاروه حتى قال الخطابي: والعجب من الشَافعي كيف اعتمد حديث ابن عباس وترك حديث عبد الله ابن مسعود. والسادس: أنّه بواو العطف في مقامين والعطف يقتضى المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه فيكون ثنا مستقلا بفائدته وإذا سقطت واو العطف كان ما عدا اللفظ الأول صفة له فيكون جملة واحدة / في الثناء، والأوّل أبلغ فكان أقوى وأولى يدلّ على صحة هذا قوله في الجامع لو قال والله والرحمن والرحيم كانت إيمانا ثلاثة، ولو قال والله الرحمن الرحيم كانت يمينا واحدة يلزمه به كفارة واحدة. السابع: أن السلام فيه معرف في الموضعين، وهو يفيد الاستغراق والعموم. الثامن: فيه زيادة، وأمره أن يعلّم الناس، والأمر للوجوب، وإذا لم يجب ففْيه زيادة استحباب وتأكيد، وليس ذلك في حديث ابن عباس. التاسع: أخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كف ابن مسعود بين كفيه ففيه زيادة اشتياق واهتمام. العاشر: تشديد ابن مسعود على أصحابه حين أخذ عليهم منه، وفي المبسوط عن خصيف قال: لا رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام فقلت: كثر الاختلاف في التشهد فماذا تأمرني قال: بتشهد ابن مسعود "، وقال الخطابي: فيه إيجاب التشهد، وإليه ذهب الشافعي خلافًا لأبي حنيفة ومالك؛ لأن الأمر للوجوب روى عن عمر بن أبي الحسن، وقال الزهري وقتادة وحماد إن ترك التشهد حتى انصرف مضت صلاته، وقال أصحاب الرأي التشهد والصلاة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستحب، والقعود قدر التشهد واجب. غريبة: التحيات جمع تحية، وهى السلامة من جميع الآفات، وقيل: البقاء الدائم، وقيل: العظمة، وفي المحكم: التحية السلام. وقال الخطابي: روى عن أنس في تفسيرها هي أسماء الله السلام، المؤمن، المهيمن، العزيز، الجبار، الأحد، الصمد، قال: التحيات لله تعالى بهذه الأسماء وهى الطيبات لا يحيا بها غيره، وقال ابن الأثير: قيل التحيات كلمات/ مخصوصة كانت العرب تحيى بها الملوك كقولهم أبيت اللعن وأنعم صباحا

وعم ظلاما، وكقول العجم: ده هزار سال أي تعيش عشرة آلاف سنة، وكلها لا يصلح شيء منها الثناء على الله فتركت واستعمل معنى التعظيم فقيل: قولوا: التحيات لله أي: الثناء، والعظمة، والتمجيد كما يستحقه وتحب له، وقوله لله اللام في لله لام الملك والتخصيص، وهي للأول أبلغ. والثاني أحسن، وقال القرطبي: فيه تنبيه على أن الإخلاص في العبادات والأعمال لا تفعل إلا الله، ويجوز أن يراد به الاعترافَ بأن ملك ذلك كله لله تعالى، وقوله الصلوات، قيل: أراد الصلوات الخمس، وقيل: النوافل، قال ابن الأثير: الأول أقوى، وقال الأزهري: العبادات وفي المنافع التحيات العبادات القولية، والصلوات العبادات الفعلية، والطيبات العبادات المالية، وقوله السلام علينا أراد الحاضرين من الإمام والمأمومين والملائكة وغيرهم. وقوله: الصالحين جمع صالح، قال الزجاَج: وهو القائم بما عليه من حقوق الله تعالى وحقوق العباد، قال القرطبي: فيه تنبيه على أنّ الدعاء يصل من الأحياء إلى الأموات، وعن الجري معنى السلام على النبي اسم الله عليك، وتأويله لا خلوت من الخيرات والبركات وسلمت من المكاره والمذام والآفات، وإذا قلنا: اللهم سلم على محمد، إنما يزيد اللهم اكسب لمحمد في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل نقص. ***

_

154- باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

154- باب الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا خالد بن مخلد، وثنا ابن المثنى، ثنا أبو عامر قالا/: ثنا عبد الله بن جعفر عن يزيد بن الهاد عن عبد الله بن حباب عن أبي سعيد الخدري قال: قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة؟ قال: " قولوا: اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم " (1) . هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه بزيادة: وقال أبو صالح عن الليث: " وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم "، وفي حديث دراج عن أبي الهيثم عنه مرفوعا: " أيما رجل لم يكن عده صدقة فليقل في دعائه: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وصل على المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات فإنها له زكاة ". ذكره أبو موسى. حدثنا على بن محمد، ثنا وكيع، ثنا شعبة ح، وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا شعبة عن الحكم سمعت بن أبي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدى لك هدية؟ خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلنا: قد عرفنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد " (2) . هذا حديث خرجاه في الصحيح. وفي الأوسط (3) من حديث أبي فروة مسلم بن سالم، ثنا عبد الله بن

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4/ 178، 6/ 151، 8/ 195، 196) ، ومسلم في (الصلاة، ح/65، 66، 69) ، وأحمد (4/118، 241) ، والمجمع (2/144) ، الحميدي (711) ، وابن أبي شيبة (508،2/507) ، وعبد الرزاق (0705،3106،0831،3131) ، والمنثور (5/216) ، والبغوي (5/274) ، والكنز (2150، 2184، 2185، 2187) ، وتلخيص (1/263) ، والقرطبي (1/ 382، 14 / 333) ، وابن كثير في " التفسير " (4/ 266، 6/ 448) ، والخطيب (14/303) والحلية (4/ 356 / 373) ، والإرواء (2/24، 25، 66) . وابن ماجة (ح/903) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/904) . وصححه الشيخ الألباني. والحاشية السابقة. (3) رواه الطبراني في " الأوسط " (1/85) .

عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة "، ولفظه: كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإنّا فد علمنا كيف نسلم؟ ... " الحديث، وقال: لم يروه عن أبي فروة إلا عبد الواحد بن زياد، ولا رواه عن عبد الله بن عيسى إلا أبو فروة، ومن حديث يزيد بن أبي زياد عنه أبي موسى/المديني عن ابن أبي ليلى عن كعب: " اللهم اجعل صلاتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم وآل إبراهيم " (1) . وكان ابن أبي ليلى يقول:- وعلينا معهم، وكذلك في رواية الحسن عن أبي هريرة، ومن حديث يزيد أيضًا عن ابن أبي ليلى عند إسماعيل بن إسحاق القاضي قال كعب: " لما نزلت هذه الآية: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) قلنا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فيكف الصلاة؟ فقال الحديث ". وحديث الشَافعي عن إبراهيم، ثنا سعد ابن إسحاق عن عبد الرحمن عن كعب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه كان يقول في الصلاة: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " (2) . حدثنا عمار بن طالوت، ثنا عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، ثنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لينية عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله أمرنا بالصلاة عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صلِّ على محمد وأزواجه

_ (1) رواه ابن أبي شيبة (2/508) ، والشفا (2/195) ، والمنثور (5/217) . (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/978) ، ورواه النسائي في (السهو، باب " 49 ") ، وأحمد (4/243، 244، 5/274) ، والبيهقي (2/146، 147، 148) ، وإتحاف (3/78، 79، 5/50) ، ومشكل (3/71، 72، 73، 74، 75) ، والمنثور (5/216، 217) ، وابن السني (92) ، والطبري (22، 31) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/453) ، وابن كثير (6/448،4/226، 450) ، والقرطبي (1/2334، 234) ، وشرح السنة (3 لم 192) ، وشفع (270) ، والكنز (3991، 3993، 3994، 3398، 4006، 3401، 4014) ، والفتح (11/152، 159، 164) .

وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد، وأزواجه، وذرياته كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحهما، وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن عبد الله غير مالك وحده، وعند القاضي إسماعيل: " كما صليت على آل إبراهيم، وكما باركت على آل إيراهيم ". وفي كتاب أبي موسى: قال أبو بكر بن أبي عاصم: لم يذكر أزواجه وذريته إلا في هذا الحديث فيما أعلم، وكذا ذكره الطحاوي في المشكل، فال: وإنما مداره على عبد الله بن أبي بكر حدّث/به عن أبيه، وروى ابن طاوس هذا الحديث عن أبي بكر كما رواه عنه ابنه عبد إلا أنه زاد فيه: " وعلى أهل بيته "، قال أبو موسى المديني: قد ذكره محمد بن علي الهاشمي عن المحمد عن أبي هريرة زاد: " وأهل بيته " يعني: الحديث الآتي بعد من عند أبي داود. حدثنا الحسين بن بنان، ثنا زياد بن عبد الله، ثنا المسعودي عن عون بن عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: " إذا صليتم على رسول الله فأحسنوا الصلاة عليه، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه قال: فقالوا له: فعلّمنا، قال: قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير، وقائد الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه ما الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " (2) .

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/178) ، ومسلم في (الصلاة، ح/58) ، وأبو داود في (الاستفتاح، باب " 68 ") ، والنسائي في (السهو، باب " 54 ") ، وابن ماجة (ح/ 905) ، واحمد (5/224) ، والبيهقي (2/151) ، وابن كثير (6/449) ، والبغوي (5/274) ، والشفا (2/190) ، والمنثور (217،5/216) ، والقرطبي (1/382) ، وابن السني (378) . (2) موقوف، وإسناده صحيح. رواه ابن أبي شيبة (2/508) ، والشفا (2/190) ، والمنثور (5/ 217) ، وابن ماجة (ح/906) ، وأحمد (1/399) .

هذا موقوف، إسناده صحيح، وقد أسنده أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل عن دحيم قال: ثنا مروان بن معاوية، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن عون بن عبد الله أو غيره عن الأسود عن عبد الله بن مسعود أنه قال: قلنا يا رسول الله قد عرفنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا اللهم اجعل صلواتك ... إلى قوله ... يغبطه الأولون والآخرون "، وزاد: " اللهم صل على محمد، وأبلغه الدرجة الوسيلة من الجنة، اللهم اجعل في المصطفين محبته، وفي المقربين مودته، وفي الأعلين ذكره والسلام عليه ورحمة الله/وبركاته اللهم صل على محمد ... " الحديث. وقال أبو موسى في كتاب الترغيب والترهيب: هذا حديث مختلف في إسناده. رواه أبو النضر هاشم بن القاسم عن المسعودي عن عون عن أبي فاختة عن الأسود، وكذلك رواه سليمان عن المسعودي ورواه الثوري عن عمرو بن مرة عن عون عن الأسود- أو رجل من أصحاب عبد الله- عن عبد الله، وقال الدارقطني في كتاب العلل: وقول المسعودي أصح، وحديث الأعمش عنه غريب. حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، ثنا خالد بن الحرث عن شعبة عن عاصم بن عبيد الله سمعت عبد الله بن عامر بن عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما من مسلم يصلي عليَ إلَا صفَت عليه الملائكة ما صلى علي فليقلّ العبد من ذلك أو ليكثر " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف، لضعف عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب، فإن مالكا قال: عجبا من شعبة هذا الذي يبغي الرجال، وهو يحدّث عن عاصم بن عبيد الله، وقال يحيى: ضعيف، وحديثه ليس بحجة، وفي الطبقات لابن سعد: لا يحتج به، وقال شعبة: لو قيل لعاصم: من بنى مسجد البصرة؟ لقال: فلان عن فلان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: لا نعلم من روى عن إنسان مشهور بالضعف إلا عاصم بن عبيد الله فإنه روى عنه حديثا، وعن عمرو بن

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/907) ، في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لأن عاصم بن عبيد الله، قال فيه البخاري وغيره: منكر الحديث.

أبي عمرو هو أصلح من عاصم بن، وذكر آخرين، وقال ابن حبان: كان سيء الحفظ كثير الوهم فاحش الخطأ، يترك، ويجب النكب عن حديثه، وقال الجوزجاني: ضعيفٌ عمر بن عينية في حفظه، وفي كتاب المروزي: قال أبو عبد الله: كان المشايخ يحتاجون حديثه، لم وقال عبد الحق: ضعفه أحمد وابن مهدي والنسائي (1) الدامان ويحيى بن سعيد، وقال ابن الجارود: ضعيف، وقال البزار: في حديثه لين، وقال الساجي: مضطرب الحديث، وقال العجلي: مدني لا بأس به، وقال البرقي وأبو العرب: ضعيف، وقال ابن خزيمة: لست أحتج به لسوء حفظه، وقال الدارقطني: مدتي يترك وهو مغفل. حدثنا حيادة بن المفلس، ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن يزيد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من نسى الصلاة عليَ خطىء طريق الجنة " (2) . هذا حديث إسناده ضعيف، لضعف رواية حيادة وجابر المذكور قبل، وخرجه إسماعيل القاضي في كتابه فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن إسماعيل بن أبي أويس. ثنا سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الحديث. وثنا إبراهيم بن الحجاج، ثنا وهب عن جعفر عن أبيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد خطىء طريق الجنة " (3) . وقال أبو موسى في كتاب الترغيب والترهيب: أخبرنا أبو علي، ثنا الفضل بن سعيد، ثنا أبو الشيخ، ثنا أبو إسحاق بن أحمد الفارسي ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا عمر بن حفص بن غياث، ثنا أبي، ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من ذكرت عنده فلم يصل على خطئ طريق الجنة " (4) . ثم فال: هذا الحديث يروى عن جماعة منهم: علي بن أبي طالب وابن عباس وأبو أمامة وأم

_ (1) بياض " بالأصل " 0 (2) ضعيف. كتاب الصلاة لإسماعيل القاضي، فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (3) رواه الطبراني (3/138) ، والكنز (2208، 2157، 2158، 2159) ، والترغيب (2/508) (4) المصدر السابق.

سلمة- رضي الله عنهم- وألفاظهم: " من نسي الصلاة لم علي ... "، وفي الباب أحاديث كثيرة جدا يقتصر منها على مشهورها؛ من ذلك: حديث أبي مسعود الأنصاري قال: " أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك "؟ قال: فسكت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى كأنه يسأله ثم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم ". رواه مسلم (1) في صحيحه، وزاد أبو حاتم بن حبان: وأسنده إمام الأئمة في صحيحهما من حديث محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن ابن مسعود قال: أقبل رجل حتى بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن عنده- فقال: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك؟ قال: فصمت حتى أحببنا أنّ الرجل لم يسأله ثم قال: " إذا أنتم صليتم علي فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد ... " (2) الحديث، ولما ذكره الدارقطني قال: هذا إسناد حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وقال البيهقي في المعرفة: هذا إسناد صحيح، وفيه بيان موضع هذه الصلاة من الشريعة، وعند الدارقطني من جهة جابر الجعفي عن ابن جعفر عن أبي مسعود قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صلى صلاة لم يصل فيها علي ولا على أهل بيتي لم يقبل منه "، قال أبو الحسن: وقد اختلف على جابر؛ فرواه إسرائيل عنه عن ابن مسعود وقال: " لو صليت لم صلاة لم أصل على آل محمد ما رأيت أن صلاتي ... "،

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه مسلم في (الصلاة، ح/65، 66، 69) ، والبخاري (4/ 178، 6/151، 8/95، 96) ، والمجمع (2/144) ، الحميدي (711) ، وابن أبي شيبة (2/ 507، 508) ، والمنثور (5/216) ، والبغوي (5/274) ، والطبراني في " الصغير " (1/85) ، والكنز (2150، 2184، 2185، 4014) ، وتلخيص (1/263) ، والقرطبي (1/ 382، 233،14) ، وابن كثير (4/266، 6 / 448) ، والخطيب (14/303) ، والحلية (4/ 356، 373) ، والإرواء (2/24، 25، 66) . (2) المصدر السابق.

وفي رواية زهر عنه: " لم أصل علي محمد " قال: والصواب أنه من قول مصححا بالسكوت عنه قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرنا أن نصلى عليك ونسلم، وفي بعض ما ذكرنا: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم: " والسلام كما قد علمتم "، قال: وبه احتج الشافعي فقال: التسليم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض وهو في التشهد فرض، وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ - يعني: في الصلاة-، قال: تقولون: " اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم، ثم تسلمون علي ". رواه الشافعي (1) في مسنده عن إبراهيم بن محمد. أخبرتي صفوان عنه، وعند أبي داود (2) بسند رجاله مستورون عن أبي هريرة يرفعه: " من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد "، وفي كتاب إسماعيل القاضي: " صلوا علي فإن صلاتكم على زكاة لكم، وصلوا على أنبياء الله ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني " (3) . وحديث فضالة بن عبيد قال: سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا يدعو في صلاته ثم يحمد الله، ولم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عجل هذا ثم دعاه فقال له أو لغيره إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد الله تعالى، والثناء عليه، ثم يصلى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يدعو ما شاء " (4) . قال الترمذي: هذا حديث صحيح، وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وقال الحاكم أبو عبد

_ (1) رواه الشافعي: (ح/42) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/982) ، والبيهقي (2/151) ، وإتحاف (3/290) ، والمنثور (5/ 2956،21) ، والكنز (2175، 3481) ، والبخاري في " الكبير " (3/87) ، وابن كثير (7/ 42) ، والقرطبي (15/141) ، والمشكاة (932) . (3) رواه ابن أبي شيبة: (2/517) . (4) صحيح. رواه الترمذي (ح/3477) ، وأبو داود (ح/1481) ، وأحمد (6/18) ، والبيهقي (2/148) ، والحاكم (1/230) ، والطبراني (18/307 لمه 30) ، وابن خزيمة (710) ،

الله:/حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا نعرف له علّة، وله شاهد صحيح على شرطهما. أنبأ أبو بكر بن دارم، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الكندي، ثنا عون عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: يتشهد الرجل ثم يصلى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويدعو لنفسه، وقد أسند هذا عن ابن مسعود بإسناد صحيح. ثناه أبو بكر بن إسحاق أنبأ أحمد بن إبراهيم بن ملحان، ثنا يحيى بن بكير، ثنا الليث عن خالد ابن يزيد عن سعيد ابن أبي هند عن يحيى بن البنان رجل من بنى الحارث عن ابن مسعود عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " (1) . وأكثر الشواهد لهذه القاعدة لفروض الصلاة. ثنا أبو عبد الله الأصبهاني، ثنا الحسن بن علي، ثنا بحر، ثنا أبي، ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل سمعت أبي يحدّث عن جدي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضَوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا صلاة لمن لا يصلي على نبي الله في صلاته " (2) . لم يخرج هذا الحديث على شرطهما فإنهما لم يخرجا عن عبد المهيمن، ولما خرجه الدارقطني قال: عبد المهيمن ليس بالقوي، وخرجه أبو موسى من حديث أبي بن سهل بن سعد

_ وابن حبان (510) ، والمسير (6/419) ، ونصب الراية (1/426، 2/272) ، ومشكل (3/ 77) ، وإتحاف (5/41) ، والفتح (11/165) ، وأذكار (108) . (1) رواه البيهقي (2/379) ، والحاكم (1/269) ، ونصب الراية (1/427) ، وتلخيص (1/263) . (2) صحيح. رواه أبو داود (ح/101) ، وابن ماجة (ح/398، 400) ، وأحمد (2/418، 4/70، 5/ 382، 2/379) ، والحاكم (1/146، 147، 269، 4/60) ، والطبراني (6/148) ، والدارقطني (1/ 79،73) ، وابن أبي شيبة (1/3، 5) ، وتلخيص (1/72) ، ونصب الراية (1/3، 426) ، والمنثور (1/ 295، 2/175) ، والمشكاة (404) ، وإتحاف (8/160) ، والترغيب (1/164) ، وشرح السنة (1/ 409) ، وحبيب (1/23) ، والمجمع (1/228، 292، 1/390) ، وابن عساكر في " التاريخ " (5/ 298) ، وأصفهان (6/301) ، وابن عدي في " الكامل " (5/1883) .

عن أبيه عن جدّه، وأبي أثنى عليه جماعة، وخرج البخاري حديثه في صحيحه، وصحَّ الحديث على هذا، والله الموفق. وحديث بريدة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا بريدة إذا جلست/في صلاتك فلا تتركن التشهد والصلاة علي فإنّها زكاة الصلاة، وسلِّم على جميع أنبيائه ورسله، وسلِّم على عباد الله الصالحين " (1) . رواه الدارقطني من حديث عمرو بن سمر، قال: وهو ضعيف، ولفظ البزار: " إذا جلست في صلاتك فلا تتركن التشهد لا إله إلا الله وأنّى رسول الله والصلاة عليَ " (2) . الحديث من رواية العزرمي، وجابر بن يزيد الجعفي، وهما ضعيفان. وحديث عائشة: قالت: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا صلاة إلّا بطهور وبالصلاة علي " (3) ، رواه أيضًا وضعفه بابن سمر وبالجعفي، وحديث زيد بن حارثة الأنصاري قال: قلت يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: " صلوا عليَ وقولوا: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " (4) . ورواه القاضي إسماعيل بسند صحيح عن عليً بن عبد الله. ثنا مروان بن معاوية، ثنا عثمان بن حكيم عن خالد بن سلمة عن موسى بن طلحة عنه، وحديث سلامة الكندي قال: " كان علي بن أبي طالب يعلّم الناس الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم راجي المرجوات، وباري السموات، وجبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها، اجعل شرائف صلواتك، وقواصي بركاتك، ورأفة تحيتك على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما أُغلق والمعان بالحقِّ والدافع "، وفي رواية: " الدافع هيئات الأباطيل كما حمل، فاضطلع بأمرك لطاعتك، وفي مرضاتك غير ما كل في

_ (1) ضعيف. الكنز: (19743) ، والد ارقطني (1/355) . (2) ضعيف. الكنز: (2969) . (3) ضعيف. التمهيد (8/215) ، والفتح (12/329) . (4) الحميدي (711، 712) ، والطبراني (17/250) ، وأحمد (1/199) ، والمسير (6/418) ، والفتح (11/152) .

قدم، ولا واهي في عدم، راعيَا لحرمتك، واعيا لوحيك حافظَا لعبدك، ماضيَا على نفاذ أمرك حتى أورَى قيسا بقائس إلا الله، تُصَلِّ/بأهله ملبسا به حديث القلوب بعد خوضات الفتن والاثم وأصحاب الأعلام وميزات الإسلام، فهو أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين وبعيثك نعمة، ورسولك بالحق رحمة، اللهم أفسح له في عونك، واخبره مضاعفات الخير من فضلك، له مهنئات غير مكدرات، من وفور ثوابك المصلول وجزل عطائك المجلول، اللهم أعلِ على بناء البانين بناءه، وكرم مثواه لديك ونزله، وأمم له ثوره، وأخبره من ابتغائك له مقبول الشهادة، له مرضى المقالة، ذا منطق عدل، وحجة وبرهان عظيم. ذكره أيضا وقال: حديث غريب يعرف بنوح بن قيس، ومن حديث الحسين بن على المسلسل أوزي بعدهن في يدي عن علي، وعدهن في يدي قال جدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وعدهن في يدي قال: " عدهن جبرائيل في يدي، وفال: هكذا نزلت من عند رب العزة. اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وتحن على محمد وعلى آل محمد، كما تحننت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم سلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " (1) ، وذكره الحاكم في علوم الحديث أيضا من رواية عمرو بن خالد قال: وهو متروك، وحديث مروان بن يحيى الحاجلي عن زكريا بن إسماعيل الترمذي من ولد زيد/بن ثابت عن أبيه إسماعيل بن عبد الله عن عمه سليمان بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت من عنده أيضا قال: خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى وقفنا في مجمع طرق فطلع أعرابي، فقال: السلام عليك يا رسول الله، ورحمة الله وبركاته، فقال له: " وعليك السلام، أي

_ (1) الكنز (2183، 3991) ، والقرطبي (14/234) .

شيء قلت حين جئتني؟ " قال: قلت: اللهم صل على محمد حتى لا يبقى صلاة، اللهم بارك على محمد حتى لا يبقى بركة، اللهم سلم على محمد حتى لا يبقى سلام، وارحم محمدًا حتى لا تبقى رحمة، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني أرى الملائكة قد سدُّوا الأفق "، وموقوف عبد الله بن عمرو أو ابن عمر ذكره إسماعيل القاضي من حديث يونس مولى بن هاشم قال: " قلعت له: كيف الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: اللهم اجعل صلوات، وبركاتك، ورحمتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين: محمد عبدك ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، اللهم ابعثه يوم القيامة مقامًا محمودًا تغبطه الأولون والآخرون، وصل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم " (1) ، وكذا مرسل قال: قالوا يا رسول الله قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك عليه وأهل بيته، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد " (2) . ومرسل الشعبي من عند الربعي إنّه قال: " من لم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد فليعد صلاته، أو قال: لا تجزئ صلاته "، وكذا مرسل الحسن قال: لما نزلت " إن الله وملائكته يصلون على النبي " /قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد علمنا كيف فكيف تأمرنا أن نصلي عليك؟ قال: " فقولوا: اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد " (3) . ذكره القاضي إسماعيل. وحديث عثمان بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد أنه قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على

_ (1) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح/ 906) . في الزوائد: رجاله ثقات. إلا أن المسعودي اختلط بآخر عمره، ولم يتميز حديثه الأوْل من الآخر، فاستحق الترك، كما قاله ابن حبان. (2) رواه النسائي: (3/49) . (3) رواه أحمد (5/353) ، والمجمع (2/144) ، من حديث بريدة، وعزاه إلى " أحمد "، وفيه أبو داود الأعمى، وهو ضعيف.

محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " (1) . ذكره أبو القاسم في الأوسط وقال: لا يروى عن طلحة إلا من حديث عثمان ابن عبد الله بن وهب. ولا رواه عن عثمان إلا إسرائيل وشريك. حدثناه أبو مسلم، ثنا الحكم بن مروان عه. انتهى كلامه. وفيه نظر من حيث قوله، ولا رواه عن عثمان إلا إسرائيل وشريك، وذلك أنَّ القاضي إسماعيل رواه عن على بن عبد الله ثنا محمد بن بشر، ثنا مجمع بن يحيى عن عثمان بن عبد الله بن وهب ... فذكره، ولما ذكره البزار في مسنده قال: رواه غير الحكم بن مروان عن إسرائيل عن عثمان عن موسى بن طلحة ولم يقل عن أبيه، ووافقه شريك على توصيله. وحديث أبي طلحة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صلى علي واحدة صلى الله عليه وآله وسلم عشرًا، فليكثر من ذلك أو ليقل " (2) ، وفي لفظ: " أتاني الآن آت من ربي فأخبرني أنه لن يصلي على أحد من أمتي إلا ردّها الله- تعالى- عليه عشر أمثالها " (3) ، وفي لفظ: " ولا يسلم عليك إلا سلّمت عليه عشرًا "، ذكره إسماعيل بسندِ صحيح، وخرجه النسائي (4) أيضًا، وسنده جيد، وقال المديني: اختلف في سنده؛ فرواه سليمان بن بلال/منفردا

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (14/178، 6/ 151، 8/ 95 96) ، ومسلم في (الصلاة، ح/ 69،66) ، والمجمع (2/144) ، وأحمد (4/ 118، 241) ، والحميدي (711) ، وابن أبي شيبة (2/ 507، 508) ، وعبد الرزاق (3105-3108) ، والمنثور (5/216) ، والبغوي (5/274) ، والطبراني في " الصغير " (1/85) ، والكنز (2150، 2184، 2187،2185) ، وتلخيص (1/ 263) ، والقرطبي (1/382، 1/2334) ، وابن كثير (4/266، 46/48) ، والخطيب (14/ 303) ، والحلية (373،4/356) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/70) ، والنسائي (3/50) ، وأحمد (2/ 485،372) ، وابن أبي شيبة (7/ 512) ، وأبو داود (1530) ، والبغوي (5/275) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (645،643) ، والمجمع (1/1620) ، وشرح للسنة (3/195) ، والمشكاة (916) ، والمنثور (5/218) ، والفتح (1/1671) ، والكنز (2206،2163،2162) ، وابن كثير (6/457) ، الخطيب (8/381) . (3) رواه أحمد (5/159) ، وابن كثير (6/457) . (4) إسناده صحيح. رواه النسائي في: السهو، باب " 55 ".

عن عبيد الله العمري عن ثابت عن أنس عن أبي طلحة تابعه سلام بن أبي الصحماء وصالح وحسن بن فرقد عن ثابت، وقال الدارقطني: كلها وهم، والصواب رواية حماد بن سلمة، يعني: أنه أدخل ابن ثابت وأنس فيه سليمان مولى الحسن بن علي، ورواه جماعة عن أنس عن أبي طلحة، وجماعة عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى عن أبي طلحة من غير هذين الوجهين. وحديث أنس بن مالك أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن جبرائيل أتاني فقال: من صلى عليك واحدة صلى الله عليه وآله وسلم عشرًا، ورفعه عشر درجات " (1) . خرجه القاضي من حديث سلمة بن وردان عن أنس، وفيه ضعف، ولما ذكره ابن شاهين في الثقات قال: قال أحمد بن صالح- يعني: المصري- هو عندي ثقة حسن الحديث، ورواه سلمة أيضًا عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب، وزاد أبو موسى في حديث أنس من حديث عبد العزيز بن قيس عن حميد: " ومن صلى عليَ عشرًا صلى الله عليه مائة، ومن صلى على مائة كتبت بين عينيه براءة من النفاق، وأسكنه الجبار يوم القيامة الجنات مع الشهداء " (2) ، وفي لفظ: " صلوا عليَ فإن الصلاة عليَ درجة لكم " (3) . رواه من حديث محمد بن سواد عن معين بن مسلم عن أبي إسحاق عنه. زاد أبو موسى بسند بريء من عهدته: " من صلى عليَ صلاة جاءني ما ملك فأقول أبلغه عنى عشرًا، وقل له: لو كانت من هذه العشرة واحدة لدخلت معى الجنة كالسبابة، والوسطى، وحلت لك شفاعتي ثم يصعد الملك حتى ينتهى إلى الرب فيقول: إن فلان ابن فلان صلى على نبيك مرّة واحدة فيقول / تبارك وتعالى: أبلغه عني عشرًا، وقل له: لو كانت من هذه العشر واحدة لما مستك نار، ثم يقول: عظموا صلاة عبدي

_ (1) انظر: الحاشية رقم " 2 "، " 3 " السابقة. قلت: وللحديث مصادر أخرى في: الكنز (3983) ، وابن كثير (6/455) ، والمجمع (2/ 287) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، و" الصغير "، ورجاله رجال الصحيح، غير شيخ الطبراني محمد بن عبد الرحيم بن بحير المصري، ولم أجد من ذكره. (2) أصفهان: (2/260) . (3) بنحوه. رواه أحمد في " مسنده ": (3/6) .

واجعلوها في عليين ثم يخلق من صلاته لكل حرف ملكا له ثلاثة وستون رأسا ... " (1) الحديث، وعنده أيضًا بسند لا بأس به: " ومن صلى على عشرًا صلى الله عليه مائة، ومن صلى علي مائة صلى الله عليه ألفًا، ومن زاد فكنت له شفيعًا وشهيدًا يوم القيامة " (2) . وحديث عبد الرحمن بن عوف مثله بزيادة: " ومن سلَّم عليك سلمت عليه " (3) ، وفي لفظ: " كتب الله له بها عشر حسنات ". رواه إسماعيل أيضًا بسند جيد ". وحديث أبي هريرة رواه أيضًا مثله بسند صحيح، وفي لفظ: " كتب الله له عشر حسنات ". وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: " من صلى على رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلم صلاة، صلى الله وملائكته عليه سبعين (4) صلاة ". رواه ابن لهيعة عند المديني. ولفظ حديث أبي بردة بن نيار من عنده أيضا: " ما صلى عبد علي من أمتي صلاة قالها من نفسه إلّا صلى الله تعالى بها عشر صلوات وكتب له بها عشر حسنات ورفع له ما عشر درجات، ومحى عنه ما عشر سيئات (5) . رواه موسى بن إسحاق عن أبي بكر بن أبي شيبة قال: حديث عن أبي أسامة، ورواه أبو كريب عن أبي أسامة مثله، ورواه وكيع عن سعيد بن سعيد بن عمرو الأنصاري عن أبيه وكان بدريًّا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وحديث مولى البراء بن عازب عنه مرفوعا: " من صلى عليً كتب الله له

_ (1) بنحوه. رواه أبو داود في (الدعاء، باب " 4 ") ، والنسائي في (السهو، باب " 55 ") ، وأحمد (02/13، 261) ، وابن أبي شيبة (2/517، 11/505) ، والمشكاة (922) ، والمنثور (5/ 216) ، وابن كثير (6/458) ، والقرطبي (1/2354) . (2) أصفهان: (2/4) . (3) إسناده صحيح. رواه البيهقي (2/9/286،371) ، وكتاب الشكر (64) . (4) قوله: " سبعين "، سقطت من " الأصل "، وكذا أثبتناه. وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/160) ، وعزاه إلى " أحمد "، وإسناده حسن. (5) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/162) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عبد الله بن يزيد الإسكندراني، ولم أعرفه، ومهدي بن جعفر ثقة وفيه خلاف، وبقية رجاله ثقات.

بها عشر حسنات، ومحى عنه/بها عشر سيئات، ورفعه ما عشر درجات، وكنّ له عدل عشر رقاب " (1) . وحديث أبي منصور عن أبي معاذ عن أبي كاهل قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اعلم يا أبا كاهل أنه من صلى عليَ كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة/ ثلاث مرات حُبا- أو شوقًا- إلَّا كان حقًا على الله- عز وجل- أن يغفر له ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم ". قال ابن عباس في قوله تعالى: (يصلون على النبي) قال: " يزكون على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (2) ، وقيل: " إن الله ترحم على النبي "، وفي لفظ: " صلاة الله تعالى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي مغفرته وأما صلاة الناس عليه فهي الاستغفار له ". وعن ابن جبير: أن الله يغفر للنبي، وعن أبي: صلوات الله ثناؤه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء له، قال أبو موسى المديني وقد قيل في معنى صلاة الخلق على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن كان الله تعالى أوجبها له، كما روى أنه قيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخر؟ أنه إذا صلى عليه أحدنا فتستحب له فيه أن يزاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك، ويثاب المصلى عليه وعلى ذلك فذلك كانت الصلاة عليه يقضى به حقّه ويتقرّب بإكثارها إلى الله تعالى، ولما أثر الله تعالى عباده بالصلاة عليه لم يبلغوا كنه فضيلة، ولا حقيقة مراد الله تعالى فيه فأجابوا ذلك على الله تعالى؛ لأنه المحيط بجميع ذلك فقالوا: اللهم صل على محمد لأنك أعلم بما يليق به وأعرف بما أراده له، وعن الحليمي: الصلاة في اللغة: التعظيم، وتوسعوا فسموا كل دعاء صلاة إذ كان الدعاء تعظيما للمدعو فمعناه على هذا: اللهم عظم محمدًا في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء من لقيه، وفي الأخرة / بتشفيعه من أمته، وتعظيم أجره ومثوبته وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كافة الأنبياء في اليوم المشهود، وهذه الأمور وإن كان الله تعالى قد أوجبها له فإذا دعا له أحد من أمّته فاستجيب دعاؤه فيه، أن يزاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل شيء مما سمينا رتبة ودرجة، وقيل:

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/161) ، وعزاه إلى أبو يعلى، وفيه موسى بن عبيدة الربزي، وهو ضعيف. (2) رواه الطبراني: (18/362) .

الأصل في الصلاة: اللزوم فكأن العبد لزم هذه العبادة لا يحتاج طلبه من الله تعالى، وقال الخطابي: الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعنى التعظيم والتكريم، وهى خصيصة له لا شرك فيها، وعن الفخر الفارسي المزي: قال بعض العلماء ينبغي أن ينوي المصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقلبه أن صلاتي على النبي إنما تكون امتثالا لأمر الله تعالى حيث أمرنا بالصلاة عليه، الثاني: ينوي موافقة الله وملائكة، الثالث: ينوي امتثال أمر الله تعالى في ذكره حيث قال: (اذكروا الله ذكرًا كثيرًا) الرابع: ينوى أن هذا ذكر حبيب الله وذكر الحبيب موجب لرضا المحب، الخامس: ينوي أن الله تعالى أمره بالدعاء وأنا اخترت هذا الدعاء، السادس: ينوي طلب الزيادة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقيام حقوقه الواجبة عليه، السابع: ينوي إظهار محبته؛ لأن من أحبّ شيئا أكثر من ذكره، الثامن: ينوى تعظيمه، التاسع: ينوي ذكر آله وتعظيم آله، العاشر: ينوي ارتجاء الشفاعة والزلفة، وفي المحكم الصلاة أو الاستغفار صلى دعاء (1) ، قال الأعشى عليك مثل الذي صليت فاعتمني يوما فإنّ يبحث المرء مضطجعا، وقد اختلف العلماء في الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة، فمذهب الشافعي أنها فرض في التشهد / الآخر، قال النووي: ونقله أصحابنا عن عمر بن الخطاب وابنه، ونقله الشيخ أبو حامد عن ابن مسعود وأبي مسعود البدري، وقد أسلفناه أيضا عن الشعبي وهو أحد الروايتين عن أحمد بن حنبل- رحمه الله-، وقال إسحاق: إن تركها عمدا لم تصح صلاته وإن تركها سهوا رجوت أن تجزيه، وقال ابن أبي زيد عن ابن المواز: الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فريضة، " قال أبو محمد: يريد ليس من فرائض الصلاة، وحكى ابن القطان وعبد الوهاب أنّ ابن المواز يراها فريضة في الصلاة، وفال أبو حنيفة ومالك وأكثر العلماء: هي مستحبة، وقال ابن حزم: فإن قائل يقول: لم تجعلوا الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أثر التشهد فرضا كما يقول الشافعي؟، قلنا: لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل أن هذا القول فرض في الصلاة، ونحن نقول أنَّه فرض على كل مسلم أن يقوله مرَّة في الدهر، وزعم محمد بن جرير والطحاوي أنّه لا سلف للشافعي في هذا القول ولا سنة يتبعها، وما أسلفناه من الأخبار يرد قولهما ويوضح صحة ما

_ (1) كذا ورد هذا السياق' بالأصل "، والمعنى مضطرب؛ لاضطراب المتن.

ذهب إليه الشافعي، وأما الطحاوي فإنه أوجب الصلاة كلما ذكر، عليه الصلاة والسلام. ***

155- باب ما يقال عند التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

155- باب ما يقال عند التشهد والصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم قال: ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية حدثنى محمد بن أبي عائشة سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال " (1) /. هذا حديث روياه في صحيحيهما، ولفظ البخاري: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو: اللهمَ إنى أعوذ بك من عذاب القبر إلى آخره ". حدثنا يوسف بن موسى القطان ثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لرجل: ما تقول في الصلاة؟ قال: التشهد ثم أسأل الله الجنة، وأعوذ به من النار فال: أما والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ! فقال: حولها ندندن " (2) ، وخرجه أيضًا في الدعوات بنحوه، وهذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه (3) عن يوسف بن موسى بلفظه، وزاد الدندنة: الكلام الذي يفهم/ابن حبان (4) والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وفي الباب أحاديث لا تحصى كثيرة؛ منها: حديث أبي بكر الصديق- رضى الله تعالى عنه- قال: يا رسول الله، علمني دعاءً أدعو به في صلاتي قال: " قل اللهم إنى ظلمت نفسي ظلما كثيرَا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فأغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/1377) ، ومسلم في (المساجد، ح / 130) ، وأبو داود (ح/ 983) ، وابن ماجة (ح/909) ، والدارمي (ح/1344) ، وأحمد (2/237) ، وشرح السنة (3/201) ، والمشكاة (940) ، ونصب الراية (1/422) ، وتلخيص (1/269) ، والحلية (6/79) ، وابن عساكر في " التاريخ " (7/52) ، وإتحاف (3/81، 207) ، والإرواء (2/66) . (2) صحيح. رواه أبو داود في (الاستفتاح، باب " 17 ") ، وابن ماجة (ح/910، 3847) ، وأحمد (3/474) ، وابن حبان (514) ، وابن خزيمة (725) ، والكنز (3195، 3274) ، وأذكار (65) ، والقرطبي (2/433) ، والخفاء (1/440) . " الدندنة ": أن يتكلم الرجل بكلام يسمع نغمته ولا يفهمه. (3، 4) انظر: الحاشية السابقة.

الرحيم " (1) . وحديث عائشة- رضى الله تعالى عنها-: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يدعو في الصلاة: اللهم إنى أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيخ الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إنى أعوذ بك من المأثم والمغرم " (2) . وفي لفظ: " ما صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة بعد أن أنزلت عليه: (إذا جاء نصر الله والفتح) إلّا يقول فيها: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي " (3) . خرجاهما في صحيحيهما. وحديث ابن عباس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن يقول: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من عذاب/جهنم، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيخ الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات " (4) . خرجه. وحديث عائشة وقال لها فروة بن نوفل: حدثيني بشيء كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو به في صلاته " كان يقول: اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل " (5) . رواه النسائي وهو في مسلم من غير ذلك: " الصلاة ". وحديث محجن بن الأذرع قال: " دخل

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/9/441،8/89،121) ، ومسلم (2078) ، والنسائي (3/53) ، وابن ماجة (ح/3835) ، وأحمد (1 / 3، 7) ، والبيهقي (2/154) ، والمشكاة (942) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (706) ، والمنثور (5/17) ، وابن السني (156) ، والكنز (3739) ، والقرطبي (17/80) ، وابن كثير (1/354، 9/273) . (2) صحيح. رواه البخاري (3/154) ، وأحمد (6/89) ، والبيهقي (5/356) ، والفتح (2/ 317، 5/60) ، وشرح السنة (8/199) . (3) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (61/ 201، 207،5/ 189، 6/ 220) ، ومسلم في (الصلاة، ح/217) ، والنسائي (2/132، 192، 219، 220) ، وابن ماجة (ح/885) ، وأبو داود (ح/877) ، وأحمد (1/388، 2/494، 6/43، 49، 100، 190) ، والبيهقي (2/109) ، وابن خزيمة (847،605) ، والمجمع (2/ 107، 265، 9/ 23، 49، 100، 190) ، وعبد الرزاق (2878) ، والمطالب (3376) ، وإتحاف (3/60، 5/96) ، وأذكاره (50) ، والبغوي (7/316) . (4) صحيح. رواه النسائي: (4/ 104، 8/ 8/ 276) . (5) صحيح. رواه مسلم (2085، 2086) ، والنسائي (3/56، 8/280، 281) ، وأبو داود (ح/1555) ، وابن ماجة (ح/3839) ، وأحمد (6/31، 10، 213، 239، 257، 278، 310، 315) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/123، 325) ، والكنز (3628) ، وإتحاف (2/272، 5/84) ، والجوامع (1839) ، وشرح السنة (5/169) ، وأذكار (346) ، وابن السني (1/1870) .

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد، فإذا هو برجل قد قضى صلاته، وهو يتشهد وهو يقول: اللهم إنى أسألك بالله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد، أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم قال: فقال: قد غفر له ثلاثا " (1) . رواه ابن خزيمة في صحيحه عن عبد الصمد عن أبيه عن حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن حنظلة بن علي عنه، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال أبو القاسم ابن عساكر في كتاب الأطراف: رواه مالك بن مغول عن ابن بريدة عن أبيه. وحديث شداد بن أوس: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا كلمات ندعوا بهن في صلاتنا: " اللهم إنى أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليمًا ولسانًا صادقًا، وأستغفرك لما نعلم، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم " (2) . رواه أحمد في مسنده عن رجل من بنى حنظلة قال: صحبت شداد فذكره، ولفظ النسائي: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول في صلاته: رواه بإسقاط الحنظلي. وحديث عمار بن ياسر: " وصلى صلاة فأوجد فيها فأنكروا ذلك فقال:/ألم أتم الركوع والسجود قالوا: بلى قال: أما إنى دعوت فيها بدعاء كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو به: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغنى، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، وأعوذ بك من ضراء مضرة، ومن فتنة مضلّة، اللهم زينا بزينة الإِيمان، واجعلنا هداة مهتدين " (3) . رواه النسائي من

_ (1) رواه أحمد (4/338) ، والخطيب (1/3791) ، وصفة (58) . (2) صحيح. رواه أحمد (4/123، 125) ، والترمذي (حبر 3407) ، وحسنه. والنسائي (3/52، 8/ 237) ، وابن كثير (4/82، 5/160) ، والمغنى عن حمل الأسفار (1/1322) ، والمنثور (1/154) ، وابن حبان (2416، 2418) ، والكنز (3635، 3913، 5114) ، وإتحاف (5/76) ، والحلية (1/267) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/292) ، والكلم (104) ، وأصفهان (2/27) . (3) صحيح. رواه النسائي (3/55) ، وأحمد (4/264) ، والحاكم (1/524) ، وإتحاف (5/ 78،76، 9/604) ، والكنز (3611، 5086) ، والكلم (105) ، والمشكاة (2497) ،=

حديث عطاء بن السائب عن أبيه عنه. وحديث ثوبان الأتي بعد من عند ابن ماجة. وحديث أبي طلحة قال: جاءت أم سليم إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالت: يا رسول الله، علمني كلصات أدعو بهن في صلاتي قال: تسبحي الله عشرًا، وأحمديه عشرًا وكبّريه عشرا، ثم سليه حاجتك تَبَرُك يعم " (1) . خرجه ابن خزيمة في صحيحه، وقال الحاكم وخرجه من حديث أنس أن أم سليم به صحيح على شرط مسلم. وحديث عبيد بن القعقاع قال: رمق رجل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلى فجعل يقول في صلاته: اللهم اغفر لي ذنبي، ووسع لي في ذاتي، وبارك لي فيما رزقتني " (2) . رواه الإِمام أحمد في مسنده، أما الحديث الأول فقال بوجوبه ابن حزم وغيره، وفيه إثبات عذاب القبر وهو مذهب أهل الحق أجمعين، وقد أسلفنا بطلان قول من زعم أن المعتزلة خالفت في ذلك، وقوله: من فتنة المحيا والممات أي الحياة والموت ويحتمل زمان ذلك، ويحتمل أن يريد بذلك حالة الاحتضار والمسائلة في القبر، فكأنه استعاذ من فتنة هذين المقامين سأل ألست فيهما، وأراد/أن يقتدى به أمته؛ لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاني من جميع ذلك، وقال ابن الجوزي: يحتمل أن يكون نفوذ من ذلك أمته، وزعم أبو الخطاب بن دحية رحمه الله تعالى أن المسيح الدجال مسح من الكذب، وقيل: من طلى البعير بالقطران سمى بذلك لتغطية الحق، وقبل تغريه نواحي الأرض، وقيل: لوطئه جميع البلاد إلا ما خصّ بالحديث، وقيل: لأنه يعبر الناس بشره وقيل: لأنه محرق، وقيل: لأنه يؤذ، وقيل مأخوذ من ماء الذهب الذي يطلى به الشيء فيحسن طاهرة بخلاف باطنه، وقيل: الدجال فريد السيف وسمى مسيحا لأنه ممسوح العن، وقيل: لحق لأنه في الأرض، قال: ومنهم من يقرأه بكسر الميم وتثقيل السين، وحكى الأزهري: " مِسِّيحئ "

_ والجوامع (9860) ، وابن حبان (509) ، والمنثور (6/294) ، وابن أبي شيبة (1/2650) ، وصفة (120) . (4) صحيح. رواه النسائي (3/51) ، والحاكم (1/255) ، وابن حبان (2342) ، والكنز (2) صحيح. رواه أحمد (4/63، 5/367، 375) ، وأذكار (31) ، والطبراني في " الصغير " (2/91) ، والجوامع (9827) ، والكنز (3633، 5080) ، والمجمع (10/110) ، وعزاه إلى أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير صالح بن سعيد الراوي عن عانة، وهو ثقة.

بالتّشديد على وزن " فعيل "، وعن ابن عمرو منهم من قاله بالخاء المعجمة وذلك كله عند أهل العلم خطأ، وقيل: عن مسخيا لا عين له ولا حاجب، قيل: سمى الدجال مسيخا شبه بالدرهم الأطلس الذي لا نقش عليه والله تعالى أعلم، وقد ذهب أبو حنيفة وأحمد- رحمهما الله تعالى- إلى أنّه لا يجوز أن يدعو في الصلاة، إّلا بالأدعية المأثورة قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصحيح: " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنّما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن " (1) . وبالقياس على ردّ السلام وتشميث العاطس، وبردّه ما في سنن النسائي وغيره مما أسلفناه مرفوعا ثم ليدعو لنفسه بما بدا له، وهذا هو مذهب الشافعي ومالك والثوري وإسحاق، رحمهم الله سبحانه وتعالى. *** (1) صحيح. رواه مسلم (381) ، والنسائي (1/259) ، وأحمد (5/447، 448) ، والبيهقي (2/360) ، والطبراني (039/41) ، وابن أبي شيبة (2/432) ، والمشكاة (978) ، والكنز (19915) ، والمنثور (1/307) ، والإرواء (2/112) .

156- باب الإشارة في التشهد

156- باب الإِشارة في التشهد /حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن عصام بن قدامة عن مالك عن غير الخزاعي عن أبيه قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واضعا يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويشير بأصبعه " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم البستي في صحيحه بلفظ: " رافعَا أصبعه قد ضاها شيئا ". وابن خزيمة أيضَا وافقه: " واضعًا ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، رافعا إصبعه السبابة قد ضاها شيئًا وهو يدعوا ". وعاب القطان على أبي محمد سكونه عنه، وقال: ما مثله صحيح، فإنه لا يروى عن نمير إّلا ابنه مالك، ومالك لا يعرف له حال، ولا نعلم روى عند غير عصام بن قدامة، ولا نعرف لنمير هذا إلا هذا الحديث ولا عرفت صحبة من قول غيره. حدثنا على بن محمد ثنا عبد الله بن إدريس عن عاصم، بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد حلّق بالإِبهام والوسطى ويرفع التي يليهما يدعو بها في التشهد " (2) . هذا حديث خرجه ابن حبان في صحيحه، وكذلك ابن خزيمة إسناده مطولًا، وقد تقدّم بعضه. حدثنا محمد بن يحيى، والحسن بن علي، وإسحاق بن منصور ثنا عبد الرزاق أنباء معمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبته، ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فيدعو ما واليسرى على ركبتيه باسطها عليه " (3) . هذا حديث خرجه

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/911) ، وأبو داود (ح/991) ، والمجمع (2/139) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن ماجه (ح/912) . فما الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه مسلم في (الماجد، ح/114) ، والنسائي (3/37) ، وابن ماجة (ح/ 913) ، وأحمد (2/147) ، والبيهقي (2/130) ، والمشكاة (907) ، والكنز (3238) ، والإرواء (2/85) .

مسلم في صحيحه، وعند أحمد من حديث كثير بن زيد وفيه ضعف عن نافع عنه: " أنه كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه وأشار بإصبعه واتبعهما بصره وقال:/قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هي أشد على الشيطان من الحديث يعني: السبابة " (1) . وعند البخاري: " السنة أن تنصب رجلك اليمنى وتثنى اليسرى فقيل له: إنك تفعل ذلك- يعني: التربع- فقال: " إن رجلي لا تحملان " (2) . وعند النسائي (3) بسند صحيح قال: " وأشار- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأصبعه اليمنى يلي الإمام في القبلة ورمى ببصره إليها " ونحوها، وفي الأوسط (4) نصب يديه على رَكبتيه ثم يرفع إصبعه السبابة، وباقي أصابعه على يمينه مقبوضة كما هي " وقال: لم يروه عن عبيد الله بن عمر عن ابن دينار إلّا هشام بن يوسف، وفي الباب حديث عبد الله بن الزبير: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه، وفرش قدمه اليمنى، ووضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بإصبعه السبابة ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى ". رواه (5) مسلم وزاد ابن خزيمة: " لا يجاوز بصره إشارته " (6) . وعند النسائي (7) : " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جلس في الثنتين، أو في الأربع يضع يديه على ركبتيه ثم أشار بإصبعه " وعند أحمد: " لم يجاوز بصره "، وعند أبي داود: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشير بإصبعه إذا دعا، ولا يحركه! " (8) . وفي لفظ: " أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو كذلك ويتحامل بيده اليسرى على فخذه اليسرى " (9) .

_ (1) رواه أحمد: (2/119) . (2) صحيح. رواه البخاري في (الأذان، باب " 145 ") ، والنسائي في (التطبيق، باب " 95، 96 ") ، ومالك في (النداء، ح/51) . (3) انظر: رواية النسائي في الحاشية السابقة. (4) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/140) ، من حديث أسامة بن حارثة، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " عن غيلان بن عبد الله عن أبيه عن جذه أسامة بن حارثة، ولم أجد من ترجمه ولا أباه. (5) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/112) ، وابن ماجة (ح/130، 205) ، وأبو داود (ح/988) . (6) حسن. رواه أبو داود (ح/990) . (7) رواه النسائي: (2/237) . (8) تقدم. ورواية أبي داود (ح/989) . (9) المصدر للسابق.

وعند أبي نعيم الحافظ: " ثم أشار بإصبعه يدعو ربه ويسأله، فإذا سلّم قال: " لا إله إلا الله وحده ... " الحديث، وحديث خفاف ابن إيماء بن رخصة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا صلى نصب إصبعه السبابة يوحّد بها/ربه تعالى " (1) . رواه الإمام أحمد من حديث رجل مجهول عنه. وحديث أبي قتادة من عنده أيضًاَ قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا جلس في الصلاة وضع يده على فخذه اليمنى وأشار بإصبعه " (2) . وحديث أبي حميد المذكور قبل من عند ابن خزيمة بلفظ: " ثم وقع إصبعه فرأيته يحركها يدعو ما " وقال: لم يقل يحركها غير زائدة، وحديث أبي هريرة: " نظر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رجل يشير بإصبعه أحد أحد " (3) . قال الطبراني في الأوسط لم يروه عن هشام بن حسان عن ابن سيرين إلا مخلد بن حسين. تفرد به مسلم الجرمي، وحديث ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " هكذا الإخلاص يشير بإصبعه التي تلي الإبهام، وهذا الدعاء فرفع يدول حذو منكبيهَ، وهذا الابتهال فرفع يديه مدًا " (4) . رواه أبو داود مرفوعا وموقوفا قال الخطابي في هذا إثبات الإشارة بالسبابة، وكان بعض أهل العراق لا يرى ذاك وقال: يقيض أصابعه الثَلاث ويشير بالسبابة، وكان بعضهم يرى أن يحلِّف فيضع أنمله الوسطى بين عقدي الإبهام، وإنّما السنة أن يحلِّق يروى الأنامل من الإبهام والوسطى حتى يكون كاَلحلقة المستديرة لا يفصل بين جوانبها شيء انتهى، قد تقدَّم من عند مسلم خلاف ما ذكره وهو معتمد أبي حنيفة، رحمه الله تعالى. *** (1) ضعيف جدا. رواه أحمد (4/57) . (2) صحيح. رواه أحمد (2/147) ، ومسلم في (المساجد، ح/114) ، والنسائي (3/37) ، وابن ماجة (ح/913) ، والبيهقي (2 لم 130) ، والمشكاة (907) ، والكنز (3238) ، والإرواء (2/85) . (3) لم نقف عليه. (4) رواه البيهقي (2/133) ، والحاكم (4/320) . ولم أقف على رواية أبي داود التي ذكرها المصنف حيث لا توجد في الباب عند أبي داود.

157- باب التسليم

157- باب التسليم حدثنا محمد بن عبد الله بن غير ثنا عمر بن عبيد عن ابن إسحاق عن أبي لم الأحوص عن عبد: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يُرى بياض جده: السلام عليكم ورحمة الله " (1) . هذا حديث خرجه أبو علي الطوسي والترمذي وقالا: حسن صحيح، والعمل عليه، وهو قول سفيان بن سعيد، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وخرجه ابن خزيمة في صحيحه منى حديث عمر بن حميد، وفي مسلم (2) من حديث أبي معمر: أنّ أميرًا كان بمكة يسلم تسليمتين فقال ابن مسعود: إنِّي علمتها أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعله ". وفي الأوسط (3) من حديث الدالاني عن الحكم عن أبي معمر عنه: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلم عن يمينه، وعن يساره حتى يرى بياض خديه "، وقال: لم يروه عن الحكم إلا الدالاني. تفرد به عبد السلام بن حرب، وفي سق الدارقطني من حديث زهير عن أبي إسحاق: ورأيت أبي بكر وعمر يفلان ذلك، وعند أبي قرة يقول: السلام عليكم من كلا الجانبين، وكان ابن مسعود يفعل ذلك. حدثنا محمود بن غيلان ثنا بشر بن اليسرى عن مصعب بن ثابت بن الزبير عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن عامر بن سعد عن أبيه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يسلم عن يمينه وعن يساره " (4) . هذا حديث

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/996) ، والترمذي (ح/295) ، والنسائي (3/63،61) ، وابن ماجة (ح/914، 916) ، وأحمد (1/444، 5/390 / 408) ، والطبراني (10/152، 153، 154) ، وشرح السنة (5/203) ، وابن أبي شيبة (1/298) ، والكنز (22382) ، ومعاني (1/267) ، والمجمع (2/146) . (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/117-119) . (3) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/146) ، من حديث أبي رهشة، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه منهال بن خليفة ضعفه ابن معين والنسائي وابن حبان، ووثقه أبو حاتم، وقال البخاري: صالح فيه نظر. (4) صحيح. رواه مسلم في: المساجد، (ح/119) .

خرجه مسلم بزيادة: " حتى يرى بياض خدّه ". زاد ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما لما خرجاه، قال الزهري: لم يسمع هذا من حديث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال إسماعيل بن محمد: كل حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمعه؟ قال: لا، قال: " فالثلثين؟ قال: لا قال: فالنصف. قال: قال: فهو من النصف الذي لم يسمع، وعند الدارقطني " يسلم عن/يمينه حتى يرى بياض خده، وعن يساره حتى يرى بياض خده " (1) وقال: هذا إسناد صحيح، وقال أبو عمر في الاستذكار: رواه الدراوردي عن مصعب عن إسماعيل بن محمد: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم في الصلاة تسليمة واحدة " (2) وقد أخطأ فيه إذ رواه على غير ما رواه الناس، وهو وهم عند أهل العلم بالحديث وغلط. حدثنا عليّ بن محمد ثنا يحيى بن آدم ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن صلة بن زخر عن عمار بن ياسر قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلم عن يمينه، وعن يساره حتى يرى بياض خدَّه: السلام عليكم ورحمة الله " (3) . هذا حديث إسناده صحيح، وقال الترمذي في كتاب العلل الكبير: سألت محمدا عن هذا الحديث فقال: الصحيح: عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن عمار فعله فلت له: فحديث أبي بكر بن عياش هذا؟ قال: كان ذاك البائس يحيى الحماني يروى هذا عن أبي بكر بن عياش، والدارقطني، والطبراني، ومحمد بن أبان الواسطي، وسعيد بن سليمان، والترمذي، وفضالة بن الفضل عنه، والله تعالى أعلم، وكان في الأصل المنقول منه: صلة عن عمار فكأنه جعل حذيفة اتباعا لما ذكره ابن عساكر ومن بعده، وكأنه غير جيّد، وذلك أنّ الدارقطني ذكر هذا الحديث بعينه كما أسلفناه من حديث فضالة في مسند عمار ولم يذكر حديث حذيفة، وكذا فعله الترمذي

_ (1) إسناده صحيح. رواه الدارقطني: (1/356) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/919) ، والبيهقي (2/179) ، وإتحاف (3/84) ، والكنز (22376) ، ومعاني (1/270) ، والعقيلي (3/272) ، والإرواء (2/34) . وصححه الشيخ الألباني. (3) تقدم ص 1551.

والطوسي لما عدّه رواة حديث الباب ذكر عمارًا ولم يذكر حذيفة، والله تعالى أعلم، وقد سبق ذكره عن البخاري، وممن نصّ عليه أيضًا أبو محمد بن حزم وأبو عمر في الاستذكار وغيرهما، وممن ذكره أيضًا في مسند عمار الطبراني في معجمه،/وابن منيع وغبرهما ممن لا يحصى كثرة. حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة ثنا أبو بكر بن عياش بن إسحاق عن يزيد بن أبي مريم عن أبي موسى قال: " صلى بنا علي يوم الجمل صلاة ذكرنا صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإما أن نكون نسيناها، وإما أن نكون تركناها؛ يسلم عن يمينه وعن شماله " (1) . هذا حديث إسناده صحيح، وفي الباب حديث أشعث بن شعبة عن المنهال بن خليفة عن الأزرق بن قيس قال: صلى بنا أبو رمثة فقال: " شهدت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ثم سلم عن يميه وعن يساره حتى رأينا " (2) . وصحح حديثه، ذكره أبو القاسم في الأوسط، وقال: لا يروى هذا الحديث عن أبي رمثة إلا بهذا الإسناد. تفرد به أشعث. وحديث وائل بن حجر قال: " صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان يسلِّم عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وعلى شماله: السلام عليكم ورحمه الله وبركاته " (3) . رواه أبو داود بسند صحيح ". وحديث وائلة بن الأسقع: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى " (4) . هذا وحديث سهل بن سعد الساعدي: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم إذا فرغ من صلاته عن يمينه وعن يساره " (5) . رواهما الشافعي من حديث إبراهيم بن محمد، وعنده أيضًا ابنا الدراوردي عن عمرو بن يحيى المازني عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع قال مرة عن ابن عمرو مرة عن عبد الله بن زيد: " أن النبي

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/917) ، قْي الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات، إلا أن أبا إسحاق كان يدلس، واختلط بآخر عمره. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/192) . (2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/146) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه منهال بن خليفة ضعفه ابن معين والنسائي وابن حبان، ووثقه أبو حاتم، وقال البخاري: صالح الحديث. (3) حسن. رواه أبو داود: (ح/997) . (4) تقدْم في رواية مسلم المشار إليها (5) راجع: الإرواء (2/29) .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم عن يمينه وعن يساره " (1) . ولما ذكر أبو عمر حديث واسع عن ابن عمر في الاستذكار قال: هذا إسناد مدني صحيح، وحديث جابر/بن سمرة مرفوعا من عند مسلم مطولا، وفيه: " إنما يكفي أحدكم أن يضع يديه على فخذيه، ثم يسلم على أخيه عن يمينه وعن شماله: السلام عليكم ورحمة الله " (2) . وحديث البراء بن عازب ذكره وكيع عن حريث عن الشعبي عنه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم تسليمتين " (3) . رواه الدارقطني وعن ابن أبي داود: ثنا عمرو بن علي ثنا عبد الله بن داود عن حريث وفيه كلام شديد. وحديث أبي مالك الأشعري وقال: لأصلين بكم صلاة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره ثم سلَّم عن يمينه وعن شماله. قال الطبراني: لم يروه عن قرة بن خالد- يعني: عن بديل بن ميسرة- عن بشر بن حوشب عنه إلا عبد الأعلى. انفرد به عياش الرقام.

_ (1) المصدر السابق. (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/120) ، والشافعي (44) ، والكنز (19884) . (3) صحيح. رواه الدارقطني (1/357) ، ومسلم في (المساجد، ح/117) ، والمجمع (2/ 146) ، والقرطبي (1/263) .

158- باب من يسلم تسليمة واحدة

158- باب من يسلم تسليمة واحدة حدثنا أبو مصعب المديني أحمد بن أبي بكر ثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جدّه: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف لضعف عبد المهيمن المذكور قبل، وعند الدارقطني: " عن يمينه لا يزيد عليها " (2) . حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الملك بن محمد الصنعاني ثنا زهير بن محمد عن هشام عن أبيه عن عائشة: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه " (3) . هذا حديث قال فيه الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقد روى وهب بن خالد عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة: " إنها كانت تسلم تسليمة واحدة " /وذكر ابن خزيمة في صحيحه حديث عائشة المرفوع بزيادة: " تميل إلى الشق الأيمن قليلا، والموقوف بزيادة لا تلتفت عن يمينها ولا عن شمالها " (4) ، وذكر من حديث وهب أيضا عن هشام عن أبيه: " كان يسلم واحدة السلام " وقال الترمذي: حديث عائشة لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه، وقال محمد بن إسماعيل زهير بن محمد: أهل الشام يروون عنه مناكير، ورواية أهل العراق أشبه، وقال أحمد بن حنبل: كان زهير بن محمد الذي وقع عندهم ليس هو هذا الذي يروى عنه أهل العراق كأنه رجل آخر قلبوا اسمه، وأصح الروايات عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسليمتين في الصلاة وعليه أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ورأى قوم من الصحابة وغيرهم تسليمة واحدة في المكتوبة قال الشافعي: إن شاء

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/918) . في الزوائد: قْي إسناده عبد المهيمن، قال فيه البخاري: منكر الحديث. (2) رواه الدارقطني: (1/359) . (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/919) . وصححه الشيخ الألباني. (4) رواه الترمذي (ح /296) . قال: وفي الباب عن سهل بن سعد. وقال: وحديث عائشة لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه.

سلّم تسليمة واحدة، وإن شاء سلم تسليمتين، وبنحوه ذكره أبو علي الطوسي في أحكامه، وقال ابن حزم: إما تسليمة واحدة فلا يصح فيها شيء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن الأخبار في ذلك إنّما هي من طريق محمد بن المفرح عن محمد بن يونس، وكلاهما مجهول أو مرسل من طريق الحسن أو من طريق زهير بن محمد وهو ضعيف أو من طريق ابن لهيعة وهو ساقط، وقال ابن أبي حاتم في كتاب العلل عن أبيه: هذا حديث منكر إنّما هو عن عائشة موقوف، وقال أبو عمر بن عبد البر: حديث عائشة لم يرفعه إلّا زهير بن محمد وحده، وزهير ضعيف عند الجميع كثير الخطأ لا يحتج به، وذكر ليحيى بن معين هذا الحديث فقال: عمر بن أبي سلمة وزهير ضعيفان لا حجة فيهما، وأقرّه على هذا لم أبو محمد وأبو الحسن وابن المواق، وكأنه غير جيّد في موقعين: الأول: قوله لم يرفعه غير زهير لما ذكر الحافظ ضياء الدين المقدسي في باب من روى تسليمة واحدة عن عائشة: " قالت كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أوتر بسبع ولم يقعد إلا في الثامنة فيحمد الله يكبّره ثم ينهض، ولا يسلّم، ثم يصلى التاسعة فيجلس فيذكر الله عز وجل ويدعو ويسلم تسليمة يسمعنا، ثم يصلى ركعتين وهو جالس فلما كبر وضعف أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا في السادسة، ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلى السابعة ثم يسلم تسليمة " (1) . رواه الإِمام أحمد والنسائي وهذا لفظه وزاد أحمد " ثم يسلم تسليمة واحدة السلام عليكم برفع ما صوته حتى يوقظنا " رواه النسائي عن إسماعيل بن مسعود: ثنا خالد ثنا سعيد ثنا قتادة عن زرارة بن أوفي عن سعيد بن هشام عنه. الثاني: قوله وهو ضعيف عند الجميع كثير الخطاء لا يحتج به، ليس كذلك لما ذكره الحاكم في تاريخ بلده، قال عيسى بن يونس: ثنا زهير بن محمد وكان ثقة، وقال العجلي: لا بأس به، وذكره ابن حبان، وابن شاهِين في الثقات، وقال عثمان بن سعيد الدارمي، وصالح ابن محمد: ثقة صدوق،

_ (1) رواه أحمد (6/255) ، والنسائي (3/240) .

وقال يحيى بن معين: ثقة، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وقال موسى بن هارون: أرجو أنه صدوق. حدثنا محمد بن الحارث المصري ثنا يحيى بن راشد عن يزيد مولى سلمة عن سلمة بن الأكوع قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى فسلم مرة واحدة " (1) . هذا حديث إسناده صحيح، وإن كان يحيى بن راشد المازني بصره البزار في نسخة البكاء قد مس فقد قال فيه البخاري في تاريخه/الكبير: ثقة، وقال أحمد بن صالح العجلي: ثقة صاحب حديث، وذكره البستي في الثقات، وخرج الحاكم حديثه- في مستدركه، وقال الدارقطني: صويلح يعتبر به، وفي الباب حديث أنس بن مالك: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم تسليمة واحدة " يعني: في الصلاة المكتوبة. رواه الحاكم في تاريخ بلده من جهة أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا يونس بن محمد ثنا جرير بن حازم عن أيوب عنه، وقال أبو عمر في الاستذكار: حديث أنس لم يأت إلّا من طريق أيوب عن أنس، ولم يسمع أيوب من أنس عندهم شيئًا. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما رواه أبو القاسم في الأوسط بسند صحيح متصل على رسم البخاري من حديث عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي: ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن حميد عن أنس، وقال: لم يرفع هذا الحديث عن حميد إلا عبد الوهاب. تفرد به الحجبي. وحديث الحسن بن سمرة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه " (2) . ذكره أبو أحمد الجرجاني وردّه بروح ابن عطاء بن أبي ميمونة، ورواه أيضًا الكجي في سننه عن الشاذكوني عن روح عن أبيه عنه وقال مهنأ: سألت أبا عبد الله عن التسليم في الصلاة واحدة فقلت: أتعرف فيه شيئا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: حديث حدثنى به سليمان بن داود الهاشمي عن إبراهيم بن سعد عن إبراهيم بن شهاب عن عمه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يسلم واحدة ".

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/920) . وفي الزوائد: إسناده ضعيف؛ لضعف يحيى بن راشد. (2) قلت: وعلى ما ذكره المصنف يضعف الحديث.

قلت: أكان هذا عد يعقوب عن أبيه؟ قال: لا، قال أبو عمر: فد روى من مرسل الحسن: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر كانوا يسلمون تسليمة واحدة " ذكره لم وكيع عن الربيع عنه، وروى عن عثمان وعلي وابن عمر وابن أبي أوفي، وأنس بن مالك، وشقيق بن مسلمة، ويحيى بن وثاب وعمر بن عبد العزيز،، وابن سيرين، والحسن، وأبي العالية، وسويد بن غفلة وأبي رجاء وقيس بن أبي حازم، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وسعيد بن جبير أنهم كانوا يسلمون تسليمة واحدة، وقد اختلف عن أكثرهم فروى عنه التسليمتان كما روينا الواحدة، والعمل المشهور بالمدينة التسليمة الواحدة وهو عمل توارثه أهل المدينة كابر عن كابر، ومثله يصح به الاحتجاج بالعمل في كلّ بلد وكذلك العمل بالكوفة مستفيض عندهم بالتسليمتين كما روينا أيضًا، وكل ما جرى هذا المجرى فهو اختلاف في المباح، وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي: السلام ليس بغرض، قالوا: ويخرج من الصلاة ما شاء من الكلام وغيره وهو قول النخعي، وقال مالك، والليث، والحسن بن صالح، والشافعي: السلام فرض، وتركه يفسد الصلاة إّلا أن ابن حيي أوجب التسليمتين معًا، وقال الطحاوي: لم يجد هذا القول عن غيره. ***

159- باب رد السلام على الإمام

159- باب رد السلام على الإمام حدثنا هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عياش ثنا أبو بكر الهذلي عن قتادة عن الحسن عن سمرة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا سلم الإِمام فردْوا عليه " (1) . ثم قال: ثنا عبدة بن عبد الله ثنا على بن القاسم أنبأ همام عن قتادة بلفظ: " أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نسلم على أئمتنا وأن يسلم بعضنا على بعض " (2) . هذا حديث في سنده الأول ضعيفان: الأول: ابن عياش المذكور قبل، والثاني: أبو بكر/الهذلي سلمى بن عبد الله بن سلمى، وسيأتي ذكره أيضَا، والإسناد الثاني فيه وهم، وهو قوله علي بن القاسم كذا هو في أحوال ابن ماجة، وهو رجل لم يوجد في شيء من التواريخ فيما رأيت، وصوابه الذي ذكره البزار في مسنده: ثنا عمرو بن علي ثنا عبد الأعلى بن القاسم ثنا همام فذكره بلفظ: " وأن نسلم بعضنا على بعض في المملاة "، وكذا ذكره النسائي وابن منبع والعدني وغيرهم، فعلى هذا يكون السند صحيحا على ما ذكره ابن القطان وغيره، لولا ما قيل في سماع الحسن من سمرة، فإن ابن سعد، وابن معين، والنسائي، ويحيى بن سعيد القطان، وابن حبان، والبرديجي، والإِدريسي في تاريخ سمرقند قالوا: لم نسمع منه شيئَا، ومنهم من قال: إلا حديث العقيقة، وأمّا ابن المديني وغيره: فأثبتوا سماعه منه، فعلى هذا القول يكون حديث هذا صحيح الإِسناد متصلا، والله تعالى أعلم. وكذلك اعتمد ابن خزيمة حيث خرجه في صحيحه من حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عنه، وعند أبي داود بسند صحيح من حديث سليمان بن سمرة عن أبيه مرفوعا: " ثم سلموا على قارئكم وعلى أنفسكم "

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجه (ح/92) ، والطبراني (ح/262) ، وابن عدي في " الكامل " (3/ 1171) ، والإرواء (ح/369) ، وضعيف أبي داود (ح/178) ، وضعيف ابن ماجة (ح/193) ، والضعيفة (ح/2564) . وضعفه الشيخ الألباني. (2) ضعيف. رواه ابن ماجه في السنن (ح/922) ، والألباني في ضعيف ابن ماجة (ح/194) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني.

160- باب لا يخص الإمام نفسه بالدعاء

160- باب لا يخص الإِمام نفسه بالدعاء حدثنا محمد بن المصفي الحمصي ثنا بقية بن الوليد ثنا حبيب بن صالح عن يزيد بن شريح عن أبي حيي المؤذن عن ثوبان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يؤم عبد فيخصّ نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم " (1) . هذا حديث سبق ذكره في كتاب الطهارة، وقال الترمذي: هو حديث حسن، وقد روى هذا عن / معاوية بن صالح عن السفر بن نسر بن يزيد بن شريح عن أبي أمامة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى عن يزيد عن أبي هريرة وحديثه عن أبي حيي أجود إسنادا وأشهر، والله تعالى أعلم.

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ج/923) ، وضعيف أبي داود (ح 11-12) ، وضعيف ابن ماجة (ج/195) . قلت: وعلته بقية بن الوليد. وكذا ضعفه الشيخ الألباني.

161- باب ما يقال بعد التسليم

161- باب ما يقال بعد التسليم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية وثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثنا عبد الواحد بن زياد قال: ثنا عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإِكرام " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه، وقال أبو داود: سمعت أحمد يسئل عن تفسير الحديث " لا يجلس بعد التسليم إلا قدر ما يقول أنت السلام ومنك السلام " يعني: في مقعده حتى ينحرق. قال: لا أدري، وفي الأوسط: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سلم من الصلاة قال: اللهم ... " (2) الحديث، وقال: لم يروه عن المقدام بن شريح يعني عن أبيه عنها إلا قيس بن الربيع تفرد به يحيى بن إسحاق السيلحيني، وفي موضع آخر من حديث قليب عن جسرة بنت دجانة عنها " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في وتر كل صلاة: اللهم رب جبريل، وميكائيل، وإسرافيل أعذني من حرِّ النار، وعذاب القبر " (3) . وقال: لم يروه عن إسماعيل بن أبي خالد عن قليب إلا الصباح بن محارب تفرد به الحسين بن عيسى بن ميسرة الرازي. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شبابة ثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة/عن مولى لأم سلمة عن أم سلمة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: اللهم إنى أسالك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملًا متقبلًا " (4) . هذا حديث خرجه النسائي من جهة موسى عن مولاه لأم سلمة، وذكره عبد الله في كتاب العلل عن أبيه. ثنا وكيع ثنا

_ (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/5065) ، والترمذي (ح/410) ، وابن ماجة (ح/926) ، والمشكاة (2406) ، والمنثور (3/65) ، والترغيب (1 لم 413) ، والكنز (3447) . (2) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2 لم 148) ، من حديث أبي أمامة، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه محمد بن محصن العكاشي وهو متروك. (3) رواه النسائي (8/278) ، والكنز (42955) ، والجوامع (9864) . (4) رواه أحمد (6/294) ، وابن السني (108) ، والأذكار (70) ، وابن ماجة (ح/925) ، الخطيب (4/39) ، والمجمع (10/182) .

سفيان عن موسى، وفي مسند أحمد عنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما سألت له فاطمة الرضى قال: " إذا صليت الصبح فقولي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء فدير، عشر مرات بعد صلاة الصبح، وعشر مرات بعد صلاة المغرب، فإن كلّ واحدة منهن تكتب عشر حسنات، وتحط عشر سيئات وكل واحدة منهن لعتق رقبة من ولد إسماعيل، ولا يجد لذنب كسب ذلك اليوم أن يكتبه إلّا أن يكون الشرك وهو كشرك ما بين أن تقوله عشية من كل شيطان ومن كل سوء " (1) . حدثنا أبو كريب ثنا إسماعيل ابن علية ومحمد بن فضيل، وأبو يحيى التيمي، وابن الأجلح عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خصلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير من العمل هما قليل يسبح الله في دبر كل صلاة عشر، ويكبر عشرًا، ويحمده عشرًا، فرأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعقدها بيده فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وإذا أوى إلى فراشه سبح وحمد، وكبَّر مائة فتلك مائة باللسان، وألف في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم ألفي وخمسمائة سيئة قالوا: وكيف لا يحصيها، قال: يأتي أحدكم الشيطان/وهو في الصلاة فيقول: اذكر كذا حتى ينفك العبد لا يغفل، ويأتيه وهو في مضجعه فلا يزال ينومه حتى ينام " (2) . هذا حديث قال فيه الترمذي والطوسي: حسن صحيح، وزعم النووي- رحمه الله تعالى- في كتاب الأذكار وأن أيوب السختياني أشار إلى صحته (2) ، وخرجه ابن حبان في صحيحه عن أبي يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا جرير وابن علية عن عطاء به، وقال

_ (1) صحيح. رواه مسلم (414) ، والنسائي (3/69) ، وأحمد (5/275، 279، 6/ 235،184،62) ، وابن ماجة (ح/928،924) ، والبيهقي (2/183، 5/ 73) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/292) ، وعبد الرزاق (3197) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (2348) ، وابن كثير (7/486) ، والبغوي (7/14) ، والمجمع (10/102) ، والمطالب (482) ، وابن السني (107، 144) ، والفتح (2/336، 11/331) ، والمشكاة (960، 961) ، وابن خزيمة (737) ، وإتحاف (5/97) ، والكلم (106) ، والكنز (4968، 4969، 4981) ، وشرح السنة (3/224) ، وأذكار (67) ، وابن أبي شيبة (2/3031،30، 1/2320) ، وصفة الصفوة (36، 135) . (2) تقدم. (3) قوله: " صحته " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

الحاكم: وأغفل أبو القاسم بن عساكر، ومن بعده من أصحاب الأطراف عزواه إلى ابن ماجة إنما عزواه إلى أبي داود والنسائي والترمذي وهو في جمع أصول ابن ماجة كما سبق، والله تعالى أعلم. حدثنا الحسين بن الحسن المروزي ثنا سفيان بن عيينة عن بشر بن عاصم عن أبيه عن أبي ذر قال: قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وربما فال سفيان-: " قلت يا رسول الله ذهب أهل الأموال والد ثور بالأجر، يقولون كما نقول وينفقون ولا ننفق قال: ألا أخبركم بأمر إذا فعلتموه أدركتم من قبلكم وفُتم من بعدكم تحمدون الله في دبر كل صلاة، وتسبحوا، وتكبروا ثلاثا وثلاثين وثلاثا وثلاثين وأربعا وثلاثين " (1) قال سفيان: لا أدرى انتهى أربع هذا حديث خرجه ابن خزيمة في صحيحه، وسيأتي له أصل في الصحيحين عند الترمذي وقال: حسن غريب: " من قال دبر صلاة الفجر وهو ثاني رجله قبل أن يتكلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحصي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كتب له عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكان يومه ذلك كلّه في حرز من كل مكروه وحرز من الشيطان، ولا ينبغي للذنب أن يدركه في ذلك اليوم إلا الشرك بالله " (2) . وخرجه في الأوسط/من حديث أبي هريرة عن أبي ذر. حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الحميد بن حبيب ثنا الأوزاعي حدثنى شداد أبو عمار ثنا أبو أسماء الرحبي حدثني ثوبان: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاث مرات ثم يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " (3) . هذا

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " 155 "، والدعوات، باب " 17 ") ، ومسلم في (المساجد، ح/143، والزكاة، ح/53) ، وأبو داود في (الوتر، باب " 34 ") ، والدارمي (ح/1353) ، وابن ماجة (ح/927) ، وأحمد (2/238، 15/67، 168) . غريبة: قوله: " الدثور " أي: الأموال الكثيرة. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (بدأ الخلق، باب " 11 ") ، ومسلم في (الذكر، ح/28) ، والترمذي في (الدعوات، باب " 59، 62 ") ، وابن ماجة في (الدعاء، باب " 14 ") ، ومالك في (القرآن، ح/20) ، وأحمد (2/302، 375، 4/237) . (3) صحيح. رواه مسلم (414) ، والنسائي (3/69) ، وأحمد (5/275، 279، 6/62، 184، 235) ،

حديث خرجه مسلم في صحيحه، زاد ابن خزيمة في صحيحه قال عمرو بن هاشم الصيرفي عن الأوزاعي: يقال هذا الدعاء قبل السلام قال: أتيت ابن خزيمة، فإن كان عمرو بن هاشم ومحمد بن ميمون لم يغلطا في هذه اللفظة، أعني قوله قبل السلام، فإن هذا الباب يردّ إلى باب الاستغفار قبل السلام ولفظه: " كان إذا أراد أن ينصرف من صلاته ". وفي الباب حديث محمد بن حمير حدثنى محمد بن زياد الألهاني قال: سمعت أبا أمامة يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قرأ آية الكرسي وقل هو الله أحد دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت " (1) . قال الطبراني في المعجم الكبير: تفرد به بن حمير، يعني: المخرج حديثه في صحيح البخاري، وكذا قاله الدارقطني في العاشر من فوائده (2) . وفي قولهما نظر، وذلك أن ابن السني رواه من حديث إسماعيل بن عياش عن داود بن إبراهيم الذهلي عن أبي أمامة، وعند أبي نعيم الحافظ زيادة: " وكان الربّ الذي يتولى قبض روحه، وكان بمنزلة من قاتل عن أنبياء الله حتى يستشهد ". وحديث المغيرة بن شعبة مرفوعا: " من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة ما بينه وبن أن يدخل الجنة إلا أن يموت " (3) . ذكره أبو نعيم الحافظ في كتاب الحلية، وقال: غريب/من حديث محمد بن كعب القرظي عن المغيرة تفرد به هاشم بن هاشم عن عمر عن محمد، وما كتبناه غالبًا إلّا من حديث مكي. وحديث علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنَّ فاتحة الكتاب، وآية الكرسي، وآيتين

_ وابن ماجة (ح/924، 928) ، والبيهقي (2/183، 5/73) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/292) ، وعبد الرزاق (3197) ، والبخاري في " الاً دب المفرد " (2348) ، وابن كثير (7/ 468) ، والبغوي (7/14) ، والمجمع (10/102) ، والمطالب (482) ، وابن السني (107، 144) ، والفتح (2/336، 11 / 133) ، والمشكاة (960، 961) ، وابن خزيمة (737) ، وإتحاف (5/97) ، والكلم (106) ، والكنز (4968، 4969، 4981، 4982) ، وشرح السنة (3/224) ، وأذكار (67) ، وابن أبي شيبة (2/3031،30، 1/2320) ، وصفة (36، 135) . (1) موضوع. المنثور (6/412) ، والكنز (2572) ، والطبراني في " الكبير " (8/134) . والمجمع (2/148) ، وعزاه إليه وإسناده حسن. انظر الموضوعات (1/243) . (2) قوله: " فوائده " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) تقدم في الحاشية رقم (1) السابقة.

من آل عمران قال الله تعالى في حقهن: لا يقرأهن أحد من عبادي دبر كل صلاة إلّا جعلت الجنة مثواه " (1) . رويناه في جزأ ابن عبد كونه عن محمد بن أحمد بن الحسن ثنا عبد الله بن محمد بن النعمان ثنا محمد بن أبي الأزهري ثنا الحارث بن عمر ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه عنه، ورواه الحاكم في تاريخ بلده من حديث نهشل بن سعيد عن أبي حبة عن عليّ، ورواه الطبراني في الأوسط من حديث حسن بن حسن عن أبيه عن جدّه بمعناه. وحديث أنس بن مالك وجابر أنهما قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى- صل! الله عليه وآله وسلم- من داوم على قراءة آية الكرسي دبر كل صلاة أعطيه أجر المتقين وأعمال الصديقين " (2) . رواه الثعلبي من حديث محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن أبي مالك عن الحوشبي عنهما. وحديث عبد أدله بن عمرو بن العاص عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بنحوه رواه أيضَا من حديث ابن لهيعة عن أبيِ سئل عنه. وحديث جابر بن عبد الله قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثلاث ما جاء بهن مع الإِيمان دخل من أيِّ أبوِاب الجنة شاء، وزوِّج من الحور العين حيث شاء من عفا عن واثلة، وأدَّى دينَا خفيًا ... " (3) ./رواه أبو يعلي الموصلي في مسنده من حديث عمر بن نبهان وفيه كلام، وعند أبي نعيم الحافظ من حديث العزرمي عن أبي يزيد مولى جابر عنه: " من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة أعطى قلوب الشاكرين، وأعمال الصديقين، وبسط الله عليه عنه برحمته ولم يمنعه من

_ (1) موضوع. أصفهان (1/354) ، والموضوعات (1/245) . قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع تفرد به الحارث بن عمير. قال أبو حاتم بن حبان. كان الحارث ممن يروى عن الأثبات الموضوعات. روى هذا الحديث ولا أصل له. وقال أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة: الحارث كذاب ولا أصل لهذا الحديث. قال ابن الجوزي: كنت قد سمعت هذا الحديث في زمن الصبا فاستعملته نحوا- من ثلاثين سنة لحسن ظني بالرواة فلما علمت اَنه موضوع تركته فقال لي قائل: أليس هو استعمال خير قلت: استعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعا، فإذا علمنا أنه كذب خرج عن الشريعة. (2) بنحوه. رواه الخطيب (3/245) ، والمجمع (7/97) ، وعزاه إلى الطبراني في " الصغير " وفيه سعيد بن موسى الأزدي وهو كذاب. (3) بياض " بالأصل ".

دخول الجنة إلّا الموت " (1) . وحديث عقبة بن عامر قال: " أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة " (2) . قال الترمذي: حديث حسن غريب، وخرجه ابن حبان في صحيحه، وكذلك ابن خزيمة بلفظ: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقرؤا المعوذات في دبر كل صلاة " (3) والحاكم (4) وقال: صحيح على شرط مسلم، وفي تاريخ أبي زرعة الدمشقي الكبير قلت لأحمد بن صالح فإنّ سفيان الثوري يحدث عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عقبة بن عامر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قراءة قل أعوذ برب الفلق، قال: ليس هذا من حديث معاوية عن عبد الرحمن إنّما روى هذا معاوية عن العلاء بن الحارث عن القاسم عن عقبة، قال أبو زرعة: وهاتان الروايتان عندي صحيحتان لهما جميعا أصل بالشام عن جبير بن نفير عن عقبة عن القاسم عن عقبة. وحديث أبي موسى الأشعري قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى الصبح رفع صوته حتى يسمع أصحابه يقول: اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة ثلاث مرات، اللهم أصلح لي دنياي الذي جعلت منها معاشي، اللهم أصلح لي آخرتي الذي جعلت إليها مرجعي اللهم أعوذ برضاك/ من سخطك، اللهم أعوذ بعفوك من عقوبتك اللهم إنى أعوذ بك منك ثلاث مرات في محلها، اللهم لا مانع لما أعطبت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ " (5) . ذكره أبو القاسم في الأوسط وقال: لم يروه عن أبي

_ (1) الموضوعات: (1/244) . قال ابن الجوزي: وهذا طريق فيه مجاهيل. (2) حسن. رواه الترمذي (ح/2903) ، وأبو داود (ح/1523) ، والنسائي في (السهو، باب الأمر بقراءة المعوذات بعد التسليم من الصلاة) ، واحمد (4/155، 201، 204) ، والمشكاة (969) ، والطبراني (17/294) . (3) صحيح. رواة ابن خزيمة (755) ، وابن حبان (2347) ، والكنز (3477) ، والطبراني (17/295) ، والصحيحة (645) . وكذا صححه الشيخ الألباني. (4) رواه الحاكم: (1/253) . (5) صحيح. رواه أبو داود (ح/1433) ، والترمذي (ح/3566) ، وابن ماجة (ح /1179، 3841) والنسائي (3/249) والبخاري في الكبير " (8/195) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/ 330) ، وابن حبان (541) ، وابن السني في " اليوم والليلة " (509،124) ، وأذكار (83) ، والكلم (96) ، والكنز (3652، 5116، 21885) ، وابن حبان (541)

بردة- يعني: عن أبيه- إلا إسحاق بق يحيى بن طلحة تفرد به يزيد بن عياض- وحديث زيد بن ثابت قال: " أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين تسبيحة، ونحمد ثلاثا وثلاثين تحميدة، ونكبّر أربعًا وثلاثين تكبيرة قال: فرأى رجل في المنام فقال: أمرتم بثلاث وثلاثين تسبيحة، وثلاث وثلاثين تحميدة، وأربع وثلاثين تكبيرة. قال: نعم قال: فلو جعلتم فيها التهليل فجعلتموها خمسًا وعشرين فذكر ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: قد رأيتم فافعلوا أو نحو ذلك " (1) . خرجه الحاكم، وقال: صحيح الإسناد وابن خزيمة في صحيحه وابن حبان. وحديث ابن عمر بمثله رواه النسائي. وحديث أبي بكرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه كان يقول في دبر الصلاة: اللهم إنِّي أعوذ بك من الفقر، ومن عذاب القبر " (2) خرجه أيضًا، وقال: صحيح على شرط مسلم. وحديث ابن مسعود: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سلم في الصلاة لا يجلس إلّا مقدار ما يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإِكرام " (3) . خرجه ابن خزيمة في صحيحه. وحديث عبد الله بن عبد الله بن الزبير رضى الله تعالى عنهما: " أنه كان يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك ولهَ الحمد، وهو على كل شيء قدير،

_ وابن خزيمة (655، 671) ، وإتحاف (2/ 71، 3/ 75، 5/96،998، 108) ، والمشكاة (1276،893) ، وصفة (186) ، ومعاني (1/234) ، وابن أبي شيبة (6/ 306، 10/386) . (1) رواه الحاكم في " المستدرك ": (1/540) . (2) رواه النسائي (8/261) ، وأحمد (2/305، 325، 354) ، والحاكم (1/540) ، والبيهقي (7/12) ، والمشكاة (2467) ، وابن حبان (2443) ، والبخاري في " الكبير " (9/50) ، والجوامع (9907، 9908) ، والكنز (3746،3688) . (3) صحيح. رواه ابن خزيمة (737) ، ومسلم (414) ، والنسائي (3/69) ، وأحمد (5/ 275، 279، 6/ 62، 184، 235) ، وابن ماجة (928،924) ، والبيهقي (2/183، 5/73) ، والشفع (1022) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/292) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (2348) ، وابن كثير (7/486) ، والبغوي (7/14) ، والمجمع (10/102) ، والمطالب (482) ، وابن السني (107، 144) ، والفتح (2/336، 11/133) ، والمشكاة (960، 961) ، والكلم (106) ، والكنز (4969،4968، 4981) ، وأذكار (67) ، وابن أبي شيبة (303،1/302، 10/ 232) ، وصفة (135،36) .

ولا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلّا إياه، له النعمة/والفضل، وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، ويقول: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يهلل بهن دبر كل صلاة " رواه مسلم (1) وعند ابن خزيمة: " إذا سلم في دبر الصلاة يقول: لا إله إلا الله لا نعبد إلا إياه، أهل النعمة والفضل والثناء الحسن " (2) الحديث. وحديث أبي أيوب قال: " ما صليت وراء نبيكم إلا سمعته حين ينصرف يقول: اللهم اغفر لي خطاياي وذنوبي كلها، اللهم انعتني واجبرني واهدني لصالح الأعمال والأخلاق أنه لا يهدي لصالحها ولا يصرف سببها إلا أنت " (3) قال الطبراني في الأوسط: لا يروى عن أبي أيوب إلا هذا الإسناد، تفرد به محمد بن الصلت يعني عمر بن مسكين عن نافع عن ابن عمر عنه. وحديث أبي هريرة من عند الشيخين قال: جاء الفقراء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بدرجات العلى والنعيم المقيم يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها، ويعتمرون، ويجاهدون ويتصدقون قال: " لا أعدتكم بشيء أن أخذتم به أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد يعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثا وثلاثين ... " (4) . الحديث، وعند البخاري: " تسبحون في دبر كل صلاة عشرًا وتحمدون عشرًا وتكبرون عشرًا "، وعند مسلم: " من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثًا وثلاثين فذلك تسعة وتسعون ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه/وإن كانت

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/139، 140) ،. (2) رواه ابن خزيمة: (740) ،. (3) حسن، وإسناده ضعيف. الكنز (3667) ، وابن السني (113) ، عبيد الله بن زحر منكر الحديث. وعلي بن زيد ضعيف، والحديث حسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (1277) . (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/213) ، ومسلم في (المساجد، ح/142، 143) ، والبيهقي (2/186) ، وأذكار (67) ، والترغيب (2/450) ، وابن كثير (7/387، 8/51) .

مثل زبد البحر " (1) . وحديث ورّاد كاتب الغيرة بن شعبة في كتاب أبي معاوية أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " (2) خرجاه أيضًا. وحديث سعيد بن أبي وقاص أنه كان يعلم بينه هؤلاء الكلمات كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة، ويقول: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتعوذ بهن دبر الصلاة: " اللهم إنى أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك من أن أردّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر " (3) . رواه البخاري، وفي اليوم والليلة للنسائي: " ما يمنع أحدكم أن يسبح دبر كل صلاة عشرًا ويحمد عشرًا، ويكبّر عشرًا، فذلك في خمس صلوات خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان ". وحديث كعب بن عجرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " معقبات لا يحنث قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة ثلاث وثلاثين تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة " (4) . رواه مسلم. وحدسا علي بن أبي طالب: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا فرغ من صلاته قال: َ " اللهم اغفر لي ما قدمت وما

_ (1) صحيح. رواه البخاري (8/89) ، والفتح (11 / 132، 133) ، والبيهقي (2/186) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 214، 8/ 157) ، ومسلم في (المساجد، ح/ 137، 138) ، والترمذي (ح/229) ، وأبو داود في (الدعاء، باب " 3 ") ، والنسائي في (السهو، باب " 85، 86 ") ، وأحمد (4/93، 97،95، 101، 247،245، 250، 254، 255) ، وابن السني (124) ، وابن حبان (541) ، ومشكل (2/279) ، والبغوي (5/297) ، والحميدي (762) ، وصفة (77) ، والطبراني (19/340، 393) ، والإرواء (2/65) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (8/97، 98، 103) ، ومسلم (2080) ، والنسائي (8/ 256، 266، 271، 272) ، وأبو داود (ح/3972) ، وأحمد (1/183، 4/371) ، وإتحاف (5/ 8/93،182) ، والكنز (3747، 95،503971) ، والغني عن حمل الأسفار (3/247، 4/ 324) ، والقرطبي (12/12) ، والجوامع (9712) ، وابن حبان (2445) . (4) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/145،144) ، والبيهقي (2/187) ، وشرح السنة (231) ، الخطيب في " التاريخ " (6/112) ، والصحيحة (102) .

أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدّم وأنت المؤخرّ لا إله إلّا أنت " (1) . وقال أبو صالح: " لا إله إلا أنت " رواه ابن خزيمة هكذا وقال الترمذي: حسن صحيح، وقد أسلفنا من عند مسلم أن النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول بين التشهد والتسليم. وحديث زيد بن أرقم قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول دبر كل صلاة: " اللهم ربنا ورب كل شيء شهيد إنك أنت الرب وحدك لا شريك لك، اللهم ربنا ورب كل شيء إنا شهيد أن العباد كلهم أخوة، اللهم ربنا ورب كل شيء اجعل لي مخلصًا لك وأهلي في كل ساعة من الدنيا والآخرة يا ذا الجلال والإكرام أسمع واستجب، الله أكبر الأكبر الله نور السموات والأرض الله أكبر الأَكبر حسبي الله ونعم الوكيل الله أكبر الأكبر " (2) . خرجه أبو داود وفي سنده: داود الطحاوي وفيه كلام، وقال الدارقطني: تفرد به معتمر بن سليمان عن داود عن أبي مسلم البجلي عن زيد. وحديث ابن عباس قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو: رب اعنّي، ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي، وأمكرني ولا تمكر علي، واهدني ويسر هداي إلي وانصرني على من يعني علي، اللهم اجعلني لك شاكرا ذاكرا لك راهبًا لك مطواعًا إليك محننًا أو منيبًا، ربّ تقبَل توبتي، واغسل حوجتي، وأجب دعوتي، وثبت حجتي، واهد قلبي، وسدّد لساني، وأسألك سخيمة قلبي " (3) . رواه أبو داود وخرجه في باب ما يقول الرجل إذا

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (8/105) ، ومسلم (536) ، والترمذي (ح/ 1514،757) ، وأحمد (1/94، 95، 102، 103، 2/ 291، 514، 526) ، والبيهقي (2/ 32، 185) ، وشرح السنة (3/35) ، والجوامع (9825، 9932) ، والكلم (102) ، والقرطبي (25/233) ، والكنز (3620، 3791) ، والمشكاة (29817) ، وإتحاف (3/ 81، 5/ 58، 77، 165) ، والمجمع (10/172) ، والشفاء (2/355) ، وابن خزيمة (743) ، والدارقطني (1/297) . (2) ضعيف. رواه أبو داود في (الدعاء، باب " 3 " وأحمد) ، (4/369) ، وابن السني (111) ، والمنثور (4715) ، وإتحاف (2/94، 5/98) ، والفتح (11/133) ، وصفة (136) . داود بن راشد الطفاوي ضعيف، لين الحديث. صحيح. رواه أبو داود في (الوتر، باب " 25 ") . (3) الكنز (3729) ، والترمذي في (الدعوات، باب " 102 ") .

سلم الترمذي وقال حسن صحيح، وفي لفظ عنده، وقال فيه: حسن غريب " جاء الفقراء إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقالوا يا رسول الله إن الأغنياء يصلون كما نصلي ... ، فذكر الحديث ". وفيه قال: " فقولوا: سبحان الله ثلاثا وثلاثين والحمد لله ثلاثا وثلاثين والله أكبر أربعا وثلاثين ولا إله إلا الله عشرًا " (1) . وحديث معاذ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيده وقال: " يا معاذ والله/إنى لأحبك أوصيتك يا معاذ لا تدعو دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " (2) . رواه أبو خزيمة، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفي كتاب اليوم والليلة لأبي نعيم: " من قال حين ينصرف من صلاة الغداة قبل أن يتكلم لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، عشر مرات أعطي بهن سبع خصال، وكتب له بهن عشر حسنات ومحي عنه بهن عشر سيئات ورفع له من عشر درجات، وكن له عدل عشر نسمات وكن له عصمة من الشيطان، وحرزا من المكروه ولم يلحقه في يومه ذلك ذنب إلا الشرك بالله، ومن قالهن حين ينصرف من صلاة المغرب أعطي مثل ذلك في ليلة " (3) . وفي لفظ: " من قال بعد الفجر ثلاث مرات وبعد العصر ثلاث مرات: استغفر الله الذي لا إله إلا هو، وأتوب إليه كفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر " (4) . وحديث أبي أمامة قال: قيل يا رسول الله:

_ (1) له أكثر من مصدر سابق. (2) صحيح. رواه أحمد (247،5/245) ، وأبو داود (ح/1522) ، وابن أبي شيبة (10/ 284، 427) ، والخفاء (1/212) ، والمجمع (10/172) ، والكنز (3457، 3865) ، والخطيب (5/158) ، والترغيب (2/454) ، والفتح (11/133) ، وابن السني (115، 195) ، والمنثور (1/ 152) ، وإتحاف (5/98، 9/48) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/353) ، ونسب الراية (2/ 235) ، وشكر (53،13) ، والحاكم (3/273،1/273) . وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (7846) . (3) حسن، وإسناده ضعيف. رواه النسائي في اليوم والليلة (126) ، وذكره المنذري في الترغيب (1/ 305) ، وقال: رواه ابن أبي الدنيا والطبراني بإسناد حسن واللفظ له، وذكره الهيثمي في " المجمع " (10/ 112) ، وقال: رواه الطبراني من طريق عاصم بن منصور ولم أجد من وثقة ولا من ضعفه، وبقية رجاله ثقات. وابن السني في " الأذكار " (ح/140) . وقال الحافظ ابن حجر: له شواهد (4) إسناده ضعيف. رواه ابن السني (ح/126) عكرمة بن إبراهيم ضعيف

أي الدعاء اسمع. قال: " جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات " (1) رواه الترمذي، وقال: حسن، وعند أبي نعيم الحافظ من حديث القاسم عنه قال: " ما يفوت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في دبر صلاة مكتوبة، ولا تطوع إلا سمعته يقول: اللهم اغفر لي خطاياي كلها، اللهم اهدني لصالح الأعمال والأخلاق أنه لا يهدى لصالحها، ولا يصرف سيئها إلا أنت " (2) وفي معجم الطبراني: " من قال في دبر صلاة الغداة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو علي كل شيء قدير مائة مرّة قبل أن يثنى رجله كان يومئذ أفضل أهل الأرض، إلا ما قال مثل ما قال/أو زاد على ما قال " (3) . وقال: لم يروه عن أبي غالب يعني عنه إلّا آدم بن الحكم، ولا رواه عن آدم إلا عبد الصمد بن عبد الوارث. وحديث صهيب: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول إذا انصرف من صلاته: " اللهم أصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة، وأصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي، اللهم أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بعفوك من نقمتك، وأعوذ بك منك، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " (4) . خرجه ابن

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/1277) ، والترمذي (ح/3499) ، وحسنه. والنسائي في (المواقيت، باب " 38 ") ، وأحمد (4/112، 114، 235، 321، 385، 387) ، والبيهقي (2/ 3،4/445) ، وعبد الرزاق (153) ، والتمهيد (4/53) ، والطبراني (1/94) ، والمجمع (1/ 224، 2/ 225، 227، 4/ 343) ، وابن خزيمة (260) ، والكلم (113) ، والترغيب (2/489) . (2) بنحوه. رواه النسائي في (الافتتاح، باب " 16 ") ، وإتحاف (3/43، 5/165، 7/323) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/3،50/351) ، والدارقطني (1/298) ، والطبراني (8/300) . (3) تقدم. رواه الطبراني (8/336) ، وابن السني (139) ص 1563. قلت: وهذا حديث حسن، وإسناده ضعيف. (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/214، 8/157) ، ومسلم في (المساجد، ح/137، 138) ، والترمذي (ح/229) ، وصححه. وأبو داود في (الدعاء، باب " 3 ") ، والنسائي في (السهو، باب " 85، 86 ") ، وأحمد (4/93، 97،95، 101، 247،245، 250، 254، 255) ، وابن السني (ح/ 124) ، وابن حبان (541) ، ومشكل (2/279) ، والبغوي (5/297) ، وإتحاف (5/131) ، وابن كثير (3/240) ، والحميدي (762) ، وصفة (77) ، والطبراني (19/340، 393) .

خزيمة وعند أبي نعيم الحافظ في كتاب عمل اليوم والليلة: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرك شفتيه بشيء إذا صلى الغداة. فقلنا: يا رسول الله تحرّك شفتيك بعد صلاة الغداة، وكنت لا تفعله فقال: أقول اللهم بك أحاول، وبك أطاول، وبك أقاتل " (1) . وحديث أبي بكرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان يقول في دبر الصلاة: " اللهم إنى أعوذ من الكفر والفقر وعذاب القبر " (2) خرجه ابن خزيمة في صحيحه، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. وحديث أبي الدرداء قيل: " يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالدنيا والآخرة ". فذكر مثل حديث أبي هريرة، قال البخاري: رواه جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي صالح عه، وفي الأوسط من حديث ابن أبي علية عنه قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قال بعد صلاة الصبح، وهو ثاني رجله قبل أن يتكلَّم لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد يحيى ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير عشر مرات كن له في يومه ذلك حرز من الشيطان ومن كل مكروه " (3) . وقال: لم يروه عن إبراهيم بن أبي علية/إلّا هانىء بن عبد الرحمن وذريح بن عطية تفرد به موسى بن محمد البلياوي. وحديث أبي سعيد الخدري قال: " سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مرة يقول في أثر صلاته عند انصرافه: سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين " (4) . رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن هشيم عن أبي هارون عنه، وعند أبي نعيم الحافظ: " لا يجلس بعد أن ينصرف من الصلاة إلا قدر ما

_ (1) رواه ابن أبي شيبة: (10/350) . (2) حسن، إسناده لا بأس به. رواه للنسائي (8/267) ، وأحمد (39،5/36، 42، 44) ، والحاكم في " المستدرك " (1/35، 252) ، وابن السني (67، 109) ، وابن حبان (2438) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/325) ، وإتحاف (4/ 351، 5/ 76، 85، 98، 8/ 52، 9/ 271 س) ، والفتح (11/133) ، والكنز (3642، 16687) ، والميزان (5581) ، والمشكاة (2481) ، والجوامع (9863) ، وابن خزيمة (747) ، وأذكار (69) ، وابن أبي شيبة (3/374، 10/190) . (3) الترغيب (1/306) ، والكنز (3517، 3530، 3535) ، والمجمع (11/080) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ورجال الأوسط ثقات. (4) إسناده ضعيف جدا. المجمع (2/147، 10/103) ، والطبراني (11/115) ، وابن أبي شيبة (1/303) ، وابن السني (116) ، وأذكار (69) ، والكنز (3481، 3482، 17897) .

يقول ... ". الحديث. وحديث مسلم بن الحارث قال: أمرني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا انصرفت من صلاة المغرب فقل: اللهم أجرني من النّار سبع مرات فإنك إن متا من يومك كتب لك جوار منها " (1) . رواه أبو نعيم الحافظ من حديث هشام بن حسان عن الحارث بن مسلم عن أبيه مسلم. وحديث أنس بن مالك قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى الصبح قال: " مرحبًا بالنهار الجديد، واليوم السعيد، وبالكرام الكاتبين يحصون أعمالنا، ويكتبون كلامنا كتاب بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أشهدك، وأشهد ملائكتك، وحملة عرشك، ورسلك وجميع خلقك بأتي أشهد أنّك الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأشهد أن كلّ معبود من لدن عرشك إلى قرار أرضك باطل لا إله إلا الله له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير ... " (2) . الحديث بطوله رواه أبو نعيم الحافظ من حديث طريف بن سليمان وفيه كلام، ومن حديث زيد العمي: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/إذا قضى صلاته مسح جبينه بيده اليمنى، ثم يقول: بسم الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم اللهم اذهب عني الغم والحزن " (3) ، ومن حديث أبي الزهراء خادم أنس عنه: " من قال حين ينصرف من صلاته: سبحان الله العظيم وبحمده ولا حول ولا قوة إلا بالله ثلاث مرات قام مغفورا له " (4) ، ومن حديث أبي المحجل عن ابن أخي أنس عنه قال: كان مقامي بين كتفي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان إذا سلم قال: " اللهم اجعل خير عمري آخره اللهم اجعل خواتيم عملي رضوانك، اللهم اجعل خير أيّامي يوم لقاك " قال: وكان مقامي بين كتفي أبي بكر وعمر فكانا إذا سلما قالاها (5) ، ومن حديث

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/5079) ، والمشكاة (3396) ، والكنز (3533) . قلت: وعلته إسحاق بن إبراهيم أبو النضر. (2) ضعيف. المنثور (4/346) ، والكنز (4947) ، والخطيب (3/48) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/255) . (3) الكنز: (17915) . (4) إتحاف (5/131) ، وابن السني (126) . (5) إسناده ضعيف. كشف الخفاء (2154) ، وابن السني (118) ، والأذكار للنووي (69) ، والمجمع (10/110) ، وقال: رواه الطبراني وفيه أبو مالك النخعي وهو ضعيف.

إبان بن أبي عامر عنه عند أبي القاسم في الأوسط: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعوا في دبر الصلوات اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع، اللهم إني أعوذ بك من أولئك الأربع " (1) وفي موضع آخر: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قضى صلاته وسلَّم مسح جبهته اليمنى ثم يقول: بسم الله الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم، اللهم اذهب عنى الغم والحزن " (2) . وقال: لم يروه عن معاوية عن قره عن أنس إلا زيد العمى تفرد به سلام الطويل. وحديث مسلمة بن عبد الله الجهني عن عمه أبي مستحقة بن ربعي عن أبي زمل قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى الصبح وهو ثاني رجله قال: " سبحان الله وبحمده واستغفر الله إن الله كان توابا سبعين مرة، ثم يقول: سبعين بسبعمائة " (3) . وحديث سعيد بن راشد عن الحسن بن ذكوان عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/: " من استغفر الله في دبر كلّ صلاة ثلاث مرات فقال: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت له ذنوبه وإن كان مرّ من الزحف " (4) . وحديث إسرائيل عن أبي سنان عن الأحوص عن أبي مسعود قال: قَال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قال: استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي

_ (1) صحيح. رواه مسلم (2088) ، والنسائي (8/284) ، وابن ماجة (ح/250) ، وأحمد (3/ 383،255) ، والحاكم (4/53301،1) ، وابن حبان (2440) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/ 325) ، والمجمع (1/1430) ، والكنز (3609، 366، 5105، 5113) ، والمسير (1/144) ، والجوامع (9698، 10038) ، وإتحاف (5 / 83، 78) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/387) ، والترغيب (1/124، 2/541) ، وابن أبي شيبة (10/، 186، 187، 188) ، والتمهيد (6/491) ، والطبراني (1/531) ، وابن عدي في " الكامل " (2/680، 5/2782) . (2) ضعيف جدا. رواه الطبراني في " الأوسط " (ص 451- زوائده نسخة الحرم المكي) ، والخطيب (12/480) ، عن كثير بن سليم أبي سلمة. ورواه ابن السني (ح/110) ، وأبو نعيم في الحلية (2/301) ، من طريق آخر وهو من هذا الطريق موضوع. (3) المنثور (6/408) ، وابن كثير (7/494) ، والمجمع (7/183) ، وعزاه إلى الطبراني، وفيه: سليمان بن عطاء القرشي وهو ضعيف. (4) إسناده ضعيف. رواه ابن السني (ح/137) . وعمرو بن الحصين الذي في إسناده: متروك.

القيوم وأتوب إليه ثلاثا غفرت ذنوبه، وإن كان فز من الزحف " (1) . ذكرها أبو نعيم الحافظ، وفي لفظ عند غيره: " من قال بعد كل صلاة " (2) . وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " خصلتان لا يحافظ عليهما عبد في يوم وليلة إلا أدخله الله الجنة، وهما قليل يسير: يسبح العبد في دبر كل صلاة عشرًا ويحمد عشرًا، ويهلل عشرًا ... " (3) الحديث. ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث عطاء بن السائب عن أبيه عنه، وقال: لم بروه عن زياد بن سعد عن أبان عن عطاء إلا زمعة تفرد به أبو قرة موسى بن طارق. وحديث عبد الله بن مسعود قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى أقبل علينا بوجهه كالقمر ليلة البدر ويقول: اللهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والهرم، والذل، والصغار، والفواحش ما ظهر منها وما بطن " (4) . رواه أبو نعيم بسند صحيح من حديث يحيى بن عمر الفراء. أنبأ أبو الأحوص عن مغيرة عن إبراهيم عن علقمة عنه. وحديث ابن عمر: أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لضبيعة فذكر حديثا فيه، ويقول حين يصلي الفجر: " سبحان الله العظيم وبحمده، ولا حول ولا قوة إلا بالله ثلاث مرات يدفع الله عنك أربع: ثلاثا عظام من البرص، والجنون، والعمان، والجزام، والفالج " (5) . الحديث رواه أيضًا بسند فيه زفر بن سليمان وهو ضعيف. غريبه: الدثور جمع دثر/، وهو المال الكثير ولا يُمَنى ولا يجمع وقيل بكسر الدال والباء الموحدة، والدثر يعني بفتح

_ (1) رواه ابن سعد في " الطبقات ": (7/46) . (2) جامع المسانيد: (2/603) . (3) حسن. رواه أبو داود (ح/5065) ، والمشكاة (2406) ، والمنثور (3/65) ، والترغيب (1/ 413) ، والكنز (3447) . (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4/28، 8/98) ، ومسلم (2079) ، والترمذي (ح/ 3572) ، وأحمد (3/ 113، 117، 208، 214، 4/ 371) ، وأبو داود (ح/1545) ، والحاكم في " المستدرك " (1/530) ، والطبراني في " الصغير " (1/114) ، والمشكاة (2460) والجوامع (9707، 9752، 10018) ، وابن أبي شيبة (3/374، 10/ 186) ، والطبراني (5/ 227، 228) ، وشرح السنة (5/157، 159) ، والأذكار (345) ، والتمهيد (6/66) ، والإرواء (3/357) . (5) إسناده ضعيف. رواه ابن السني: (ح/133) . ورواه أحمد (5/60) ، وفيه رجل لم يسم، وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/114) ، وقال: رواه الطبراني وفيه نافع ابن هرمز وهو ضعيف.

الدال وهو المال الكثير الذي لا يحصى كنزه فقال: مال دثر، ومالان دثر وأموال دثر، وهذا لا أعرف، وقد كسر على دثور، وحكى أبو عمر المطرز أن الدثر بالثاء يثنى ويجمع، وزعم بن قرقول: أنه وقع في رواية المروزي أهل الدثور وهو تصحيف.

162- باب الانصراف من الصلاة

162- باب الانصراف من الصلاة حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص عن سماك عن قبيصة بن هلب عن أبيه قال: " أمّنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان ينصرف عن جانبيه جميعا " (1) . هذا حديث قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل عن أبيه: ورواه عمرو بن قيس عن سماك بلفظ: " كان ليسلم عن يمينه، وعن يساره " (2) . ولم يتابع عليه إنَّما كان يفعل عن يمينه، وعن شماله، وقد سبق في باب وضع اليمن على الشمال وأنَ جماعة صححوه. حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع وثنا أبو بكر ابن خلاد ثنا يحيى بن سعيد قالا: ثنا الأعمق عن عمارة عن الأسود إن عبد الله قال: " لا يجعل أحدكم للشيطان في نفسه جزاء برى أنّ حقًا لله تعالى عليه أن لا ينصرف إلّا عن يمينه، قد رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر انصرافه عن يساره " (3) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما. حدثنا بشر بن هلال الصواف ثنا يزيد بن زريع عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينفتل عن يمينه وعن يساره في الصلاة " (4) . هذا حديث إسناده صحيح أبي عمرو، وقد تقدَّم الخلاف في الاحتجاج بعمرو في أوائل الصلاة. حدثنا أبو بكر/بن أبي شيبة ثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن هند بنت الحرث

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/929) ، وصححه الشيخ الألباني. (2) تقدم، وهو حديث صحيح. رواه أبو داود (ح/996) ، والترمذي (ح/295) ، والنسائي (3/61، 63) ، وأحمد (1/444، 5/390، 480) ، والطبراني (10/152، 153، 154) ، وشرح السنة (3/205) ، وابن أبي شيبة (1/298) ، والكنز (22382) ، ومعاني (1/267) ، والمجمع (2/146) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الآذان باب " 159 " ح/852) ومسلم في (المسافرين، ح/59) ، وابن ماجة (ح/930) ، والدارمي (ح/1350) . (4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/931) . في الزوائد: رجاله ثقات. احتج مسلم برواية ابن شعيب عن أبيه عن جدها فالإسناد عنده صحيح.

عن أم سلمة قالت: لا كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سلم قام النساء حتى بقضي تسليمة ثم يلبث في مكانه يسيرًا قبل أن يقوم " (1) . هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه، وفي لفظ عنده: " كان يسلم فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". وفي الباب حديث أنس بن مالك من عند مسلم قال: " أكسر هما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ينصرف عن يمينه " (2) .، وفي لفظ: " لا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف فإنى أراكم أمامي " (3) ، وقال مالك: لا يثبت الإمام بعد سلامه، وقال أشهب: له أن ينِتقل من موضعه، وقال أبو حنيفة: كل صلاة ينتقل بعدها يقوم ومالا نافلة بعده كالعصر والصبح لا يقوم، قال محمد: ينتقل في الصلوات كلها ليتحقق المأموم أنه لم يبق عليه من سجوده سهو ولا غيره، وقال الشافعي: يستحب له أن يثبت ساعة.

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/212، 220) ، وابن ماجة (ح/932) ، وأحمد (6/296) ، وإتحاف (3/209) . (2) صحيح. رواه مسلم في: المسافر، (ح/60) ،. (3) رواه أحمد في " المسند " (3/154، 254) ، والكنز (20497) .

163- باب إذا حضرت الصلاة ووضع العشاء

163- باب إذا حضرت الصلاة ووضع العشاء حدثنا هشام بن عمار ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء " (1) . هذا حديث خرجاه في الصحيح بلفظ: " إذا قدم العشاء فأبدعوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم " (2) . وعند البستي: " إذا قرب العشاء وأحدكم صائم فليبدأ به قبل صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم " (3) . وفي لفظ: " فليبدأ/بالعشاء قبل صلاة المغرب ". ولما ذكره الدارقطني قال: ولو لم تصح هذه الزيادة مكان مظن سببًا من قاعدة الشرع إلا من حضور القلب في الصلاة والإقبال عليها، وفي الأوسط: لم يقل فيه وأحدكم صائم إلا عمرو بن حرث تفرد به موسى بن أعين. حدثنا أزهر بن مروان ثنا عبد الوارث ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إذا وضح العشاء وأقيمت الصلاة فأبدعوا بالعشاء " (4) . قال ابن عمر: ليلة وهو يسمع الإقامة: هذا حديث خرجاه أيضًا بلفظ: " ولا تعجل حتى يفرغ منه ". وفي لفظ عند البخاري: " إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يفرغ منه " (5) . وفي لفظ عند البخاري: " إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه، وإن أقيمت الصلاة " (6) . حدثنا سهيل بن أبي سهل ثنا ابن عيينة وثنا على بن محمد ثنا

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/933، 934) ، والخطيب (8/167، 11/18) ، ومشكل (2/400، 401) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/141) ، وإتحاف (3/93) ، والفتح (2/ 159) ، والحميدي (181) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/171) ، ونصب الراية (1/231) ، والخطيب (3/ 72) ، وإتحاف (3/93) ، ومسلم في (المساجد، ح/64) ، وفي لفظ مسلم " إذا قرب ". (3) رواه أحمد (2/148) ، وأبو عوانة (2/15) ، وعبد الرزاق (2189) ، والكنز (20045، 20058) ، والفتح (2/159) . (4) الحاشية رقم " 1 " السابقة. (5) صحيح. رواه البخاري (1/172) ، والبيهقي (4/269) ، ومشكل (2/401) . (6) المصدر السابق.

وكيع عن هشام عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا حضر العشاء، وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء " (1) . هذا حديث خرجاه أيضا في صحيحيهما، وفي البخاري، وقال أبو الدرداء: " من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ " (2) . وفي الأوسط للطبراني عن أبي هريرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة فابدءوا بالطعام " (3) ، وقال: لم يروه عن سهيل عن أبيه إلا زهير تفرد به إسماعيل بن عمرو، وفي مصنف ابن أبي شيبة عن ابن أبي شيبة عن ابن علية عن ابن إسحاق: ثنا عبد الله بن رافع عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا حضر/العَشاء وحضرت العِشاء فأبدعوا بالعَشاء " (4) . وعن هاشم/بن قاسم عن أيوب بن عتبة عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا حضرت الصلاة والعشاء فابدءوا بالعشاء " (5) . وقال الطبراني: لا يروى عن سلمة إلّا بهذا الإسناد تفرد به أيوب، وفي المصنف عن عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء " (6) وعن وكيع عن مسعر عن أبي عاصم عن

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/671) ، ومسلم في (المساجد ح / 64) ، والترمذي (ح/353) ، والنسائي (2/111) ، وابن ماجة (ح/935) ، وأحمد (3/110، 231) ، والدارس (ح/1280) ، وعبد الرزاق (167) ، وابن خزيمة (934، 1651) ، وشرح السنة (3/ 355) ، ونصب الراية (2/101) ، ومشكل (2/401) ، والخطيب (8/101، 147) ، وتلخيص (2/232) ، والحلية (8/212) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/157، 175) ، والمجمع (2/36، وإتحاف (3/89، 93، 181) ، والتمهيد (6/320) ، وابن عدي في " الكامل " (3/1157) . (2) صحيح. رواه البخاري في: الأذان، باب " 42 ". (3) تقدم قريبًا. (4) رواه ابن عدي: (1/345) ،. (5) رواه أحمد (6/303، 314) ، والفتح (2/164) ، وأزهر (33) ، والكنز (20057) ، وابن عدي في " الكامل " (2/486) . (6) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/64) ، والترمذي (353) ، والنسائي (2/111) ، وأحمد (3/ 110، 231) ، والدارمي (1/293) ، وعبد الرزاق (167) ، وابن خزيمة (934، 1651) ، وشرح السنة (3/355) ، ونصب الراية (2/101) ، ومشكل (2/401) ، الخطيب (8 / 101، 147) ، وتلخيص (2/232) ، والتمهيد (6/320) ، وابن عدي في " الكامل " (3/1157) .

يسار بن زهير قال: قال عمر بن الخطاب: " إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء " قال ابن المنذر: قال فظاهر هذا (1) ابن عمر والنووي وأحمد وإسحاق، وزاد القرطبي: وأبو الدرداء وابن حبيب المالكي، وزعم الثوري أنَّ هذه الكراهة عند جمهور العلماء إذا صلى كذلك، وفي الوقت سعة فإن خاف بحيث لو أكل خرج وقت الصلاة صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت، ولا يجوز تأخيرها، وحكى المتولى وها أنه لا يصلى بحال بل يأكل وإن خرج الوقت وإذا صلى على حاله، وفي الوقت سعة فقد ارتكب المكروه وصلواته صحيحة عندنا وعند الجمهور ولكن يستحب إعادتها ولا يجب، وقال ابن الجوزي: وهذا إنما ورد في حق الجائع الذي قد تاقت نفسه إلى الطعام، وقد ظنّ قوم إن هذا من باب تقديم حق العبد على حق الحق تعالى، وليس كذلك فإنما هو صيانة لحق الحق ليدخل العبد في العبادة بقلب غير مشتاق له، وعن ابن المنذر، قال مالك: يبدأ بالصلاة إلّا أن يكون طعامًا خفيفًا، وقال ابن حزم: فرض على العبد البداءة بالأكل ولو خشى فوات الوقت، وزعم ابن حبان: أنه من الأعذار التي يباح فيها ترك حضور الجماعة، فإن قيل: قد روى أبو داود/ عن جابر أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره " (2) . قيل له: هذا حديث ضعيف؛ لاًن في سنده محمد بن ميمون الزعفراني ومعلى بن منصور وهما ضعيفان، وقال ابن شاهين: كل منهما له معنى إذا وجبت لا تؤخر وإذا كان الوقت ضيقا بدأ بالعشاء.

_ (1) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". (2) ضعيف. رواه أبو داود (ح/3758) .

164- باب الجماعة في الليلة المظلمة الطيرة

164- باب الجماعة في الليلة المظلمة الطيرة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن خالد الحذاء عن أبي المليح قال: خرجت في ليلة مطيرة فلما رجعت استفتحت فقال لي: من هذا؟ قال: أبو الملح، قال: لقد رأيتنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الحديبية وأصابتنا سماءكم قبل أسافل نعالنا فادى منادى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلوا في رحالكم " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه، وكذلك ابن خزيمة، وفي لفظ عند ابن خزيمة: أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يوم حنين في يوم مطير ... " الحديث، وفي الأوسط: غزوت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حنينا سنة ثمان من رمضان فوافق يوم الجمعة يوم مطير فأمّ المنادى الحديث، وقال لم يروه عن أبي معاوية العباداني يعني عن أبي المليح إلا علي بن الجعد، ومن حديث أشعث بن سوار عن الحذاء عن أبي المليح: " لقد رأيتني مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زمان الحديبية ... " الحديث، وقال: لم يروه عن أشعث إلّا عبد الرحيم بن سليمان، ولم يذكر أشعث في حديثه أبي قلابة، ورواه الثوري عن خالد عن أبي قلابة عن أبي المليح عن أبيه. حدثنا/ْ محمد بن الصباح ابنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينادى مناديه في الليلة المطيرة والليلة الباردة ذات الريح: ". صلوا في رحالكم " (2) . هذا حديث خرجاه في صحيحهما، وعن ابن القطان بسند صحيح: إذا كانت الليلة الباردة المطيرة أهر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منادي أن ينادى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا جماعة صلوا في الرحال صلوا في الرحال "، وعند أبي حذيفة: فكانت ليلة ظلماء أو مطيرة، وفي لفظ: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا سافر ". حدثنا

_ (1) صحيح. رواه أبو داود في (الجمعة، باب " لم " والنسائي في (الإيمان، باب " 51 ") ، وابن ماجة (ح / 936، 938) ، وأحمد (1/277، " / 4، 3/71، 158) ، والطبراني (1/155، 5/277، 11/942) ، والمجمع (2/47) ، وابن أبي شيبة (2/233) ، وابن سعد (2/1/76) ، والطبراني في " الصغير " (1/228) ، والفتح (2/113) ، وعبد الرزاق (1903، 1924 و1926) ، وابن حبان (439) ، والإرواء (2/339، 343) . (2) الحديث الأول من الباب.

عبد الرحمن بن عبد الوهاب ثنا الضحاك بن مخلد عن عباد بن منصور سمعت عطاء يحدّث عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قال في يوم جمعة مطيرة: " صلوا في رحالكم " هذا حديث خرجاه في صحيحيهما بلفظ: أن ابن عباس قال للمؤذن في يوم مطير: إذا قلت أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل حي على الصلاة: " صلوا في بيوتكم " (1) . قال فكأن الناس استنكروا ذلك، فقال: أتعجبون من ذلك فقد فعل هذا من هو خير مني، إن الجمعة عرفة وإنى كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والرحض، وهو عند ابن ماجة أيضًا بنحوه من حديثه عن أحمد بن عبدة. ثنا عباد المهلبي ثنا عاصم عن عبد الله بن الحرث بن نوفل عنه، وفي لفظ: " قد فعله من هو خير مني " يعني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي رواية عند مسلم: " أذّن مؤذن ابن عباس يوم الجمعة في يوم مطير "، وفي الباب حديث جابر عن عبد الله من عند مسلم: خرجنا مع رسول الله / في سفر فمطرنا فقال: " يصلى من شاء منكم في رحله " (2) . وحديث نعيم النحام قال: سمعت مؤذن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ليلة باردة، وأنا في لحافي فتمنيت أن يقول: صلوا في رحالكم فلما بلغ حي على الفلاح قال: " صلوا في رحالكم " (3) ، ثم سألت عنها فإن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أمره بذلك. وحديث سمرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال يوم حنين في يوم مطير: " الصلاة في الرحال " (4) ، رواهما أحمد في مسنده. وحديث أبي هريرة قال: " كان

_ (1) صحيح. أورده الألباني في " الصحيحة " (ح/1910) ، والمذكور في " الفنن " طرفا منه. وعزاه بلى مسلم (2/187) ، وأحمد (2/ 6، 123) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " 40 ") ، ومسلم في (المسافرين ح/25) ، والترمذي (ح/409) ، وقال: هذا حديث حسن صحيِح. وأحمد (3/ 312، 327، 397، 5/ 62) . (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/47) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير " وقال: رواه إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد الأنصاري المدني وروايته عن أهل الحجاز مردودة، ورواه الطبراني من طريق آخر رجالها رجال الصحيح. (4) رواه أحمد (2/63، 5/13، 15، 19، 22، 74، 75) ، والطبراني (7/241) ، وابن سعد (7/ 30) وابن أبي شيبة (2/234) ، وابن خزيمة (1658) ، والفتح (157،2/97) ، والمجمع (2/ 47)

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا كانت ليلة باردة أو مطيرة أمر المؤذن فأذَّن الأذان الأول، فإذا فرغ نادى الصلاة في الرحال أو في رحالكم ". رواه أبو أحمد بن عدي من جهة محمد بن جابر وفيه ضعيف. وحديث أبي سعيد الخدري من عند ابن خزيمة في حديث طويل ذكره في باب الأعذار عن التخلف عن الجماعة فيه قال: " ثم هاجت السماء في تلك الليلة فلما خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برقت برقة فرأى قتادة بن النعمان قال: " ما اليسرى يا قتادة " قال: علمت يا رسول الله إنَّ شاهد الصلاة الليلة قليل فأحببت أن أشهدها ... " (1) ، الحديث. وحديث غسان بن مالك وكان يؤم قومه وهو أعمى وأنه قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إنها تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي في مكان اتخذه مصلى فجاءه فقال: " أين تحب أن أصلي ... " (2) . الحديث ذكره البخاري في باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلى في رحله، وذكر ابن بطال وغيره: أن فيه إباحة التخلّف عن الجماعة في شدة الظلمة والمطر وشبهه، وهذا / إجماع، وفيه دلالة أنّ الجماعة سنة والله تعالى أعلم. (1) لم نقف عليه. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 115، 116، 170، 175، 213، 2/ 75، 7/ 94) ومسلم في (المساجد، ح/263) ، والنسائي (3/65 " والبيهقي (3/53، 71، 87، 96، 10/ 124) ، وابن خزيمة (1673،1653، 1709) ، وشرح السنة (2/395) ، والتمهيد (1/1580) ، وأبو عوانة (1/11، 2/12)

165- باب ما يستر المصلى

165- باب ما يستر المصلى حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا عمرو بن عبيد عن سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: كنا نصلى والدواب تمر بين أيدينا فذكر ذاكر لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " مثل مؤخرة الرجل يكون بين يدي أحدكم فلا يضرّه من مرّ بين يديه " (1) . هذا حديث خرجه مسلم بلفظ: " إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرجل فليصل ولا يبال من مرّ من وراء ذلك " (2) . وفي العلل لعبد الرحمن: قال أبو زرعة: رواه إسحاق الأزرق عن شريك عن عثمان بن موهب عن موسى قال: وحديث سماك أشبه من حديث عثمان إلا أن يكون رواه عنهما جميعًا. حدثنا محمد بن الصباح ثنا عبد الله بن رجاء المكي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج له حربة في السفر فينصبها فيصلى إليها " (3) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما بزيادة: " والناس ورآها، وكان يفعل ذلك في السفر فمن ثم اتخذها الأمراء " وفي لفظ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يعرض راحلة فيصلى إليها " (4) . قيل لها لابن عمر أفرأيت إذا هبت الركاب، قال: " كان يأخذ الرجل فيعد له فيصلى إلى أخريه أو قال مؤخرة، وكان ابن عمر يفعله ". حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن بشر عن عبيد الله بن عمر قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة عن عائشة: " كان لرسول الله

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/940) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/241) ، والبيهقي (2/269) ، وشرح السنة (2/ 449) ، والمشكاة (775) ، والكنز (7/192) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب " 92،90 ") ، ومسلم في (العيدين، ح/13، 14، والصلاة، ح/245، 246) ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 101 ") ، والنسائي في (القبلة، باب " 4 ") ، وابن ماجة (ح/941) ، وأحمد (18،2/13، 142) . (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/135) ، ومسلم في (الصلاة، ح/247) ، وأحمد (2/141) ، والبيهقي (2/269) ، وأبو عوانة (2/51) ، والمشكاة (774) .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حصير يبسطه/بالنهار ويحتجره بالليل يصلى إليه " (1) . هذا حديث خرجاه أيضًا في كتابيهما، وعند النسائي بسند صحيح: سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة تبوك عن سترة المصلى فقال: " مثل مؤخرة الرجل " (2) . حدثنا بكر بن خلف أبو بشر ثنا حميد بن الأسود ثنا إسماعيل بن أمية ح وثنا عمار بن خالد ثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أمية عن ابن عمرو بن محمد بن عمرو بن حريث عن جدّه حريث بن سليم عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إذا صلى أحدكم فيجعل تلقاء وجهه شيئًا، فإن لم يجده فلينصب عصا، فإن لم يجد فليخط خطًا ثم لا يضره من مرَ بين يديه " (3) . هذا حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه، وصححه أيضًا الإِمام أحمد بن حنبل وابن المديني فيما ذكره عبد الحق، ويشبه أن يكون لما ذكره الخلال في علله، قال أحمد: الخط ضعيف وأنا أرى من صلى في فضاء أجزأه، قيل له بأي حديث: قال بحديث ليس بذاك. ثنا شعبة عن الحكم عن يحيى بن الجرار عن صهيب رجل من أهل البصرة عن ابن عباس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في فضاء ليس بين يديه سترة " (4) ، ورواه الحاكم عن يحيى عن ابن عباس لم يذكر صهيبا، وقال أبو حاتم في العلل: هذا زاد رجلا وهذا ينقص رجلا

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/186) ، ومسلم في (صلاة المسافرين، ح/ 215) ، وابن ماجة (ح/942) ، وأصفهان (1/298) . (2) إسناده صحيح. ورواه النسائي (2/62) ، ومسلم في (الصلاة، ح/242) ، وابن ماجة (ح/940) . مؤخرة الرجل: الخشبة التي يستند إليها راكب البعير. (3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/689) ، وابن ماجة (ح/943) ، وأحمد (2/249) ، والبيهقي (2/270) ، وشرح السنة (2/451) ، والمشكاة (781) ، ونصب الراية (2/80) ، والعلل (534) ، وتلخيص (1/286) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/190) ، وابن حبان (408،407) ، والميزان (1791) ، والكنز (19213) ، والتمهيد (199) ، وضعيف ابن ماجة (ح/196) ، وضعيف أبي داود (ح/196) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني. (4) حسن. رواه أبو داود (ح/718) ، وتمام لفظه: " أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في بادية لنا ومعه عباس، فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة لنا وكلبة تعبثنا بين يديه، فما بالى ذلك ".

وكلاهما صحيح، وزعم الدارقطني أنه روى عن أبي هريرة من طرق، قال: ولا يصح، ولا يثبت، وفال ابن عيينة: لم نجد شيئًا نشد به هذا الحديث ولم يجيء إلا من هذا الوجه، وكان إسماعيل بن أمية إذا حدث به قال: عندكم بشيء لتشدوا به، وقال: أشار الشَافعي إلى ضعفه بقوله/في سنن حرملة، ولا يخط المصلى بين يديه خطا إلا أن يكون ذلك في حديث ثابت يتبع، قال البيهقي: وإنما توقف الشَّافعي في صحة الحديث لاختلاف الرواة على إسماعيل في أبي محمد بن عمرو بن حرب، قيل: هكذا، ونقل عن أبي عمرو وابن محمد بن حريث عن جدّه، وقيل: عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه وقيل عن ذلك، قال البيهقي: ولا بأس به في هذا مثل الحكم، وقال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سئل عن وصف الخط غير مرة، فقال: هكذا أعرضا مثل الهلال، قال أبو داود: سمعت مسددَا يقول: قال ابن داود: الخط بالطول. وقال ابن عيينة: رأيت شريكا صلى بنا في جنازة العصر موضع قلنسوته بين يديه يعني في فريضة حضرت، وقال سفيان: عدم هنا رجل بعدما مات إسماعيل فطلب هذا الشيخ أبا محمد حتى وجده فسأله عنه فاختلط عليه، وقيل لسفيان: إنّهم يختلفون فيه فقلت: ساعة، ثم قال: ما أحفظ إلّا أبا محمد بن عمرو، وقال أبو بكر بن العربي: وقال قوم: رأينا أحمد يُحدِّث أبي هريرة في الخط، واختلفوا في صورة الخط فمنهم من قال: يكون متقوسا كهيئة محاربنا ومنهم من قال: يكون طولًا من المشرق إلى المغرب، ومنهم من قال من الشمال إلى الجنوب، وهذا الحديث لو صحّ لقلنا إلَّا أنه معلول فلا معنى للنصب فيه. وقال لي أبو الوفا بن عقيل، وأبو سعيد البزداني شيخا مذهب أحمد: يرى أنّ ضعيف الأثر خير من قوي النظر انتهى. وممن قال به أيضًا: الأوزاعي، وسعيد بن جبير، وأبو ثور، ومسدد وقال الطحاوي: أبو عمرو، وعمر مجهولان، وفي كتاب التمهيد قال مالك والليث وأبو حنيفة وأصحابه: الخط ليس بشيء وهو باطل، وفي الباب حديث سبرة/

ابن معبد قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا صلى أحدكم فليستتر لصلاته " (1) . ذكره الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وأبيِ ذلك ابن القطان وردّه بعيد الملك بن الربيع. وحديث سهل بن أبي خيثمة من عند أبي داود: " إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدنوا منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته " (2) ، وقال: رواه واقد بن محمد عن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه أو عن محمد بن سهل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال بعضهم عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد: وقد اختلف في إسناده، وفي لفظ عنده عن سهل: " كان بين مقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبين القبلة ممر عنز " (3) وعند الحاكم أيضا من حديث أبي هريرة مرفوعا: " يجزئ من السترة مثل مؤخرة الرجل، ولم يدق شعرة " (4) . وسيأتي ذكره من عند مسلم أيضا إن شاء الله تعالى، وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم الفضل ثنا مسعر عن الوليد بن أبي مالك عن أبي عبيد انتهى به أبي هريرة قال: يتم المصلى مثل مؤخرة الرجل في مثل جلة السوط، قال أبو بكر: جلة السوط غلظة، وثنا سفيان عن أبي إسحاق قال: ْ أخبرني المهلب بن أبي صغيرة قال: أخبرني من سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا كان بينك وبن الطريق مثل مؤخر الرجل لم يضرّك من مر بين يديك " (5) وثنا أبو خلدة، قال: قلت لأبي

_ (1) رواه الحاكم: (1/251) . (2) رواه أبو داود (ح/695) ، وأحمد (2/4) ، والنسائي (2/62) ، والبيهقي (2/272) ، والطبراني (2/119، 146، 251) ، والمشكاة (782) ، ونسب الراية (2/82) ، وابن حبان (409) ، والبخاري في " الكبير " (7/290) ، ومشكل (3/251) ، والحلية (3/165) ، والمجمع (2/59) ، والكنز (19210، 19226) ، والتمهيد (4/195) ، والعقيلي (4/196) . قال أبو داود عقبة: رواه واقد بن محمد بن صفوان عن محمد بن سهل عن أبيه أو عن محمد بن سهل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال بعضهم: عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد، واختلف في إسناده. (3) رواه أبو داود (ح/696) . (4) رواه الحاكم (1/252) ، والكنز (19232) ، وابن عدي في " الكامل " (6/2254) . (5) رواه عبد الرزاق (2276) ، والكنز (19229) .

العالية: ما يسترتي قال: طول الرجل والعرض ما اعرض (1) . وحديث أبي جحيفة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى هم بالبطحاء، وبين يديه عنزة الظهر والعصر ركعتين تمر بين يديه المرأة والحمار " (2) . رواه الشيخان في صحيحيهما، وقال مالك: يجزئ المصلي لم من السترة غلظ الرمح والعصا وارتفاع ذلك قدر عظم الذراع، ولا تعتد صلاة من صلى إلى غير سترة، وإن كان مكروهًا وهو قول الشَافعي، وقال أبو حنيفة، والثوري: أقل السترة قدر مؤخرة الرجل، ويكون ارتفاعها ذراعا وهو قول عطاء، قال أبو عمرو، قال قتادة: ذراع وستر، وكان الشافعي بالعراق يقول: بالخط، وأبى ذلك بمصر قال: إلا أن يكون من ذلك حديث ثابت فيتبع، والله أعلم.

_ (1) بياض " بالأصل ". (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/499) ، ومسلم في (الصلاة، ح/503) ، وأبو داود (ح/688) ، والنسائي في (الطهارة، باب الانتفاع بفضل الوضوء) ، والدارمي (ح/ 1490) ، وأحمد (4/ 307، 308، 309)

166- باب المرور ببن يدى المصلى

166- باب المرور ببن يدي المصلى حدثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان بن عيينة عن سالم أبي النضر عن بشر بن سعيد قال: أرسلوني إلى زيد بن خالد أسأنه عن المرور بين يدي المصلى، فأخبرني عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لاًن يقوم أربعن خير له من أن يمر بين يديه " (1) . قال سفيان: فلا أدري أربعين سنة، أو شهرَا، أو صباحَا، أو ساعة. هذا حديث قال أبو عمر في التمهيد: رواه ابن عيينة مقلوبَا فجعل في موضع زيد أبا جهيم زيد، والقول عندنا قول مالك، وقد تابعه الثوري وغيره، ولما ذكر ابن القطان رواية البزار عن شبر، قال: أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله عن الماء قال: قد خطىء فيه ابن عيينة، وليس خطىء بمتعين لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بشر إلى زيد، وزيد بعثه إلى أبي جهيم يسأله فيما عنده، وخبر كلِّ واحد منهما محفوظ فشكً أحدهما، وجزم الآخر بأربعين خريفَا يعني الذي في حديث البزار، واجتمع ذلك كلّه عند أبي النضر. قال ابن ماجة: حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع بن سفيان عن سالم عن بشر بن سعيد أن زيد بن خالد أرسل/إلى أبي جهيم يسأله ما سمعت من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لو يعلم أحدكم ماله أن يمر بين يدي أخيه، وهو يصلي كان لأن يقف أربعين، قال: لا أدري أربعين عاما، أو أربعن شهرَا، أو أربعين يومَا، خير له من ذلك " (2) . هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب عن عمه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم أحدكم ماله من أن يمر

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/944) ، وأحمد (4/117) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/136) ، ومسلم في (الصلاة، ح/261) ، وأبو داود (ح/701) ، والترمذي (ح/336) ، والنسائي في (القبلة، باب " 8 ") ، وأحمد (4/169) ، والبيهقي (2/268) ، والمجمع (2/61) ، والمشكاة (776) ، وأبو عوانة (2/44) ، وحبيب (1/ 50) ، وتلخيص (1/286) ، وشرح السنة (2/454) ، والترغيب (1/376) ، وتجريد (140) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/183) ، والموطأ (154) .

بين يدي أخيه معترضا في الصلاة كان، لأن يقيم مائة عام خير له من الخطوة التي خطاها " (1) . هذا حديث إسناده صحيح على رسم البستي عبد الله بن عبد الرحمن، وثقة يحيى في رواية إسحاق، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وخرج حديثه في صحيحه، وقال ابن عدي: حسن الحديث، يكتب حديثه، وقال الرازي: صالح الحديث، وعمه عبيد الله بن عبد الله بن موهب أبو يحيى التيمي، ذكره ابن حبان البستي في كتاب الثقات، وزعم الطحاوي: أن حديث أبي هريرة هذا متأخّر عن حديث أبي جهيم، قال: وأولى الأشياء منّا أن نظنه بالله تعالى للزيادة في الوعيد للعاصي المار بين المصلى لا التخفيف، وفي الباب حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن الذي يمر بين يدي المصلى عمدا يتمنى يوم القيامة أنه شجرة بالية " (2) . ذكره أبو القاسم في الأوسط، وقال: لا يروى هذا الحديث عن عبد الله بن عمرو، تفرد به ابن وهب، يعني عن عبد الله بن عياش عن أبي رزين الغافقي عنه، وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم: ثنا سليمان أظنه/عن حميد بن هلال قال: فال عمر بن الخطاب: " لو يعلم المصلى ما ينقص من صلاته، ما صلى أحدكم إلا إلى شيء يستره من الناس " (3) ، وفي المصنف عن عبد الحميد عامل عمر بن عبد العزيز، قال عليه السلام: " لو يعلم المار بين يدي المصلى لأحب أن ينكسر فخذه، ولا يمر بين يديه " (4) . وعن ابن مسعود: " المار بين يدي انقص من الممر عليه، وكان إذا مر أحد بين يديه التزمه حتى يروه ويقول: أنه ليقطع نصف صلاة المرء

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/946) . في الزوائد: في إسناده مقال؛ لأن عم عبيد الله بن عبد الرحمن، اسمه عبيد الله بن عبد الله، قال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير. ولكن ابن حبان خص ضعف أحاديثه بما إذا روى عنه ابنه. والمشكاة (787) ، والتعليق الرغيب (1/ 194،193) ، وصحيح أبي داود (698/ تحت الحديث الذي قبله) ، وضعيف ابن ماجة (ح/ 197) . (2) رواه الطبراني في " الأوسط ": (1/150) . (3) لم نقف عليه. (4) رواه ابن أبي شيبة: (1/282) .

المار بين يديه ". قسم بعض الفقهاء المرور بين يدي المصلى على أربع صور: الأول: أن يكون للمار من وجه من أن يمر بين يدي المصلى، ولم يتعرض المصلى كذلك قالا: ثم في هذا خاص بالمار. الثاني: يكون المصلى قد تعرض للمرور المار ليس له مندوحة عن المرور قالا: ثم خاص في هذا بالمصلى. الثالث: أن يتعرض المصلى للمرور، ويكون للمار مندوحة فيأثمان. الرابع: أن لا يتعرض المصلى ولا يكون للمار مندوحة فلا إثم عليهما، وهذا كله إنّما يأثم مرتكبيه مع العلم بالنهى لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم المار ".

167- باب ما يقطع الصلاة

167- باب ما يقطع الصلاة حدثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بعرفة فجئت أنا والفضل على أتان فمررنا على بعض الصف فنزلنا عنها وتركناها ثم دخلنا في الصف فنزلنا عنها " (1) . هذا حديث خرجه الستة، وعند أبي داود عن ابن عباس بسند صحيح: " جئت أنا وغلام من بنى عبد المطلب على حمار، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/يصلي، فنزلنا وتركنا الحمار أمام الصف فما بالاه، وجاءت جاريتان من بني عبد المطلب اقتتلتا، فأخذهما فنزع أحديهما من الأخرى فما بالا ذلك " وعند النسائي: " فأخذتا بركبتي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ففرغ بينهما ولم ينصرف ". وفي لفظ: " فلم يقل لفظ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئا ". وفي لفظ لمسلم: " وفي لفظ آخر في حجة الوداع أو يوم الفتح، وعند البخاري: " إلى غير جدار " وعند الطبراني من حديث ابن عباس قال: " كان الفضل يكرمني فكان يردفني فأكون بين يديه فارتدفت أنا وأخي حمارة، فانتهينا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي بالناس بعرفة، فنزلنا بين يديه فصلينا، وتركاه يرعى بين يديه فلم يقطع صلاته " (2) . وقال: لم يروه عن الحكم عن مجاهد إلا إسماعيل بن مسلم، وعنده أيضًا: " ومما رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي، والحمر تعترك بين يديه ". وقالا: لا نعلمه يروى إلا عن ابن عباس، وروى عنه من غير وجه بألفاظ مختلفة، وعند ابن خزيمة: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي بالناس (3) ، فجاءت جاريتان من بنى عبد المطلب اقتتلتا ففرغ النبي بينهما ثم ما

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (العلم، باب " 18 "،، والصلاة، باب " 9 "، والأذان، باب " 161 ") ، ومسلم في (الصلاة، ح/254) ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 112 ") ، والنسائي في (القبلة، باب " 7 ") ، ومالك في (السفر، ح/38) ، وأحمد (1/ 219، 464، 327، 342، 365) . الأتان: الأنثى من جنس الحمير. (2) قوله: " صلاته " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (3) قوله: " بالناس " سقطت من " الأصل " وكذا أثبتناه.

قالا ذلك "، وقال أبو داود: " فنزع إحداهما من الأخرى " (1) . حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن محمد بن قيس هو قاضى عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن أمه عن أم سلمة قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى في حجرة أم سلمة فمرَّ بين يديه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة، فقال بيده فرجع، فمرَّت زينب بنت أم سلمة، فقال بيده هكذى، فمضت، فلما صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: هذا غلب " (2) هذا حديث/قال ابن الحصار في كتابه تقريب المدارك: صححه شيخنا أبو محمد عبد الحق، وعاب أبو الحسن بن القطان عليه سكوته عنه، أورده في مصنف وكيع، وقال: أم محمد لا تعرف ألبتة، فأمّا ابنها فإني لا أعرف من هو من جماعة مسمين بهذا الاسم، وهي هذه الطبقة فالحديث على هذا ضعيف انتهى كلامه، وفيه نظر؛ من حيث قوله في محمد لا أعرف من هو؛ لما بيّنه ابن ماجة من أنّه قاضى عمر بن عبد العزيز أبو عثمان، وقيل: أبو نعيم، وقيل: أبو أيوب الزيات المدني مولى يعقوب القطيعي ووالد يحيى المكني بأبي زكير، روى عن جماعة من الصحابة وغيرهم، وروى عنه حميد الطويل، وابن إسحاق، وسليمان التيمي، والليث بن سعد، وابنه يحيى بن محمد لي جرير بن قيس، وعثمان بن عمر بن فارس، وأبو عامر العقدي، وحماد بن سلمة، وزيد بن حبان، والحكم بن عبد الله الأيلي، وأبو معشر، ومندل، وعبد العزيز بن عياش، وسعيد بن عبد الرحمن وغيرهم، وقال يعقوب بن سفيان: هو عندي ثقة متقن روى له مسلم في صحيحه، واستشهد به البخاري. حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي ثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة عن قتادة ثنا جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض " (3) . هذا حديث

_ (1) رواه أبو داود (ح/717) (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/948) . في الزوائد: في إسناده ضعف. ووقع في بعض النسخ عن أمه بدل عن أبيه. وكلاهما لا يعرف. وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/198) . (3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/703) ، ورواه البيهقي (2/275) ، وأحمد (2/425، 5/ 164، 6/230) ، والطبراني (2/161، 12/181) ، وعبد الرزاق (2348) ، والمجروحين (1/ 215) ، والعلل (204) ، وابن حبان (411) ، ومعاني (1/458) ، وابن عدي في " الكامل " =

قال الأثرم فيه عن أحمد: ثنا يحيى قال: رفعه شعبة، وهشام لم يرفعه، وكان هشام حافظَا أحفظ من معمر، وقال أبو داود: رفعه شعبة ووقفه سعيد وهشام، وهمام عن قتادة عن ابن عباس انتهى كلامه، وفيه نظر؛ لما ذكره أبو محمد بن حزم، وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان ثنا شعبة عن قتادة سمعت/جابر بن زيد قال: قال ابن عباس: " يقطع الصلاة ... "، فذكره موقوفا، ومن طريق الحجاج بن المنهال، أنبأ ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد سمع ابن عباس به موقوفَا أيضَا وقال: وهذان إسنادان لا يوجد صحيح منهما، وعند أبي داود: " صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى فضاء ليس بين يديه شيء " (1) ، وعنده أيضا من حديث معاذ بن هشام عن أبيه عن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس قال: أحسبه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا صلى أحدكم إلى غير سترة فإنه يقطع صلاته: الحمار، والخنزير، واليهودي، والمجوسي، والمرأة، ويحذبني عنه إذا مروا بين يديه على قيد آخر الرجل " (2) . قال أبو داود: وفي نفسي من هذا الحديث إذا كنت رأيت إبراهيم وغيره فلم أر أحدا أجابه عن هشام، ولا يرفعه، ولا أر أحدَا يحدّث به عن هشام واجب الوهم من ابن أبي ثميلة، والمنكر فيه ذكر المجوسي، وفيه على قذفة بحجر، وذكر الخنزير وفيه نكارة لم أتسمع هذا الحديث إلا من ابن أبي ثميلة وأحسبه وهم؛ لأنه كان يحدثنا من حفظه، ورواه هذا عثمان عن همام عن قتادة عن صالح أبي خليل عن جابر بن زيد عن ابن عباس انتهى، وهو غير مؤثر في الانقطاع؛ لأن ابن ماجة ذكر عن قتادة تصريحه بسماعه له من جابر فيحمل هذا على أنّه سمعه عنه أولَا ثم سمعه منه، والله أعلم. وزعم ابن القطان: أن علّة بادية، وهى الشكّ في رفعه فلا يجوز أن يقال أنّه مرفوع ورواته تاركين، وأمَّا سنده فليس فيه متكلم فيه، وقد جاء هذا الخبر يذكر أربعة فقط عن ابن عباس موقوفَا بسند جيّد، قال البزار: ثنا ابن جني ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن قتادة قال: قلت/لجابر بن زيد: ما يقطع الصلاة قال: قال ابن عباس: لا الكلب الأسود، والمرأة الحائض " (3) . قال: قلت. قد كان يذكر الثالث قال:

_ = (2/576، 5/2021، 7/2591، 6/2426) (1) تقدم. رواه أبو داود (ح/718) . ص 1587 (2) رواه أبو داود (ح/702) . (3) المصدر السابق.

ما هو، قلت: الحمار، قال: رويدك الحمار، قال: قلت: قد كان يذكر الرابع قال: ما هو؟ قال: العلج الكافر، قال: إن استطعت ألَّا يمرّ بين يديك كافر ولا مسلم فافعل انتهى كلامه، ولقائل أن يقول باللفظ الثاني ليس فيه ما يدل أن جابرًا رواه له عن عبد الله كالذين قبل إنما قال: رويدك يعني أصبر وهو أصلها، ولم يبيِّن له بعد الصبر ما الأمر، والله تعالى أعلم. وفي العلل لعبد الرحمن سئل أبو زرعة عن حديث رواه عبيس بن ميمونة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " يقطع الصلاة الكلب، والحمار، واليهودي، والنصراني، والمجوسي، والخنزير " (1) . فقال أبو زرعة: هذا حديث منكر، وعبيس شيخ ضعيف الحديث. حدثنا زيد بن أخرم الطائي أبو طالب، ثنا معاذ بن هشام ثنا أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفي عن سعيد بن هشام عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يقطع الصلاة: المرأة، والكلب، والحمار " (2) . هذا حديث خرجه مسلم بزيادة، وبقى ذلك مثل مؤخرة الرجل. حدثنا جميل بن الحسن عبد الأعلى، ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن عبد الله بن مغفل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يقطع الصلاة: المرأة والكلب، والحمار " (3) . هذا حديث إسناده صحيح متصل. حدثنا محمد بن بشارتنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن حميد بن بلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يقطع الصلاة إذا لم يكن بين يدي الرجل مثل مؤخرة الرجل/والمرأة، والحمار، والكنب الأسود شيطان " (4) . هذا حديث رواه مسلم في صحيحه، وقال الشافعي في الجواب عن هذا فيما حكاه البيهقي، ولا يجوز إذ روى حديث واحد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

_ (1) الحاشية السابقة وهي: رواه أبي داود (ح/703) ، والمعاني (1/458) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/266) ، وأحمد (4/86، 5/57) ، والبيهقي (2/ 274) ، ونصب الراية (2/78، 81) ، والكنز (19221، 19222) ، وابن كثير (1/3/29،30) ، والقرطبي (14/331) ، والعلل (507، 606) ، والمعاني (1/458) . (3) الحاشية السابقة. (4) رواه مسلم في: الصلاة، (ح/265) . قوله: " الكلب الأسود شيطان " سمى شيطانا لكونه أعقر الكلاب وأخبثها وأقلها نفعا وأكثرها نعاسا.

" يقطع الصلاة ... "، فذكره، وكان مخالفًا هذه الأحاديث، وكان كلّ واحد منهما أثبت منه، ومعها ظاهر القرآن إنَّ متبرك إن كان ثانيًا إلّا بأن يكون منسوخًا، ونحن لا نعلم المنسوخ حتى يعلم الآخر، ولسنا نعلم الآخر، ويراد بأن يكون غرِ محفوظ، وهو عندنا غير محفوظ؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى وعائشة بينه وبين القبلة، وصلى وهو حائل أمامه، ولو كان ذلك يقطع الصلاة لم يفعل واحدًا من الأمرين، وصلى إلى غير سترة، وكل واحد من هذين الحديثين يرد ذلك الحديث، وقد قضى الله تعالى أنه لا يزر وازرة وزر أخرى والله أعلم. يدل على أنَّه لا يبطل عمل رجل عمل غيره، وأن يكون سعى كل لنفسه، وعليها، فلما كان هذا كذا، لم يجز أن يكون مرور رجل يقطع صلاة غيره، قال البيهقي: حديث أبي ذر صحيح إسناده، ونحن نحتج بأمثاله في الفقهيات، وإن كان البخاري لا يحتج بدون شواهد عن أبي هريرة وابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد اشتغل- يعني: الشافعي- بتأويله في رواية حرملة وهو به أحسن، فقال في حديث: " يقطع الصلاة: المرأة، والكلب، والحمار " قال: يقطع عن الذكر الشغل ما، والالتفات إليها؛ لأنها تفسد الصلاة، وذكر معناه في سن حرملة، وقواه واحتج بحديث عائشة، وابن عباس والذي/يدلّ على صحة هذا التأويل؛ أنَّ ابن عباس أحد رواة قطع الصلاة، بذلك روى عنه أنه حمله على الكراهة، وذلك فيما رواه سماك عن عكرمة فقيل لابن عباس: أيقطع الصلاة المرأة، والكلب، والحمار فقال: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) (1) فما يقطع هذا ولكن يكره، وفي كتاب أبي نعيم الفضل: ثنا ابن عيينة عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: " ادرءا عن صلاتكم ما استطعتم، وأشد ما يبقى عليها الكلاب " (2) . وثنا ابن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: " الكلب الأسود البهيم الشيطان، وهو يقطع

_ (1) سورة فاطر آية: 10. (2) بنحوه. رواه أبو داود (ح/720) ، والبيهقي (2/278) ، والتمهيد (4/190) . ولفظه: " عن أني الوداك قال: مرَ شاب من قريش بين يدي أبي سعيد الخدري وهو يصلى فدفعه، ثم عاد فدفعه، ثلاث مرات، فلما انصرف قال: إنّ الصلاة لا يقطعها شيء، ولكن قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ادرؤا ما استطعتم فإنه شيطان " قال أبو داود: إذا تنازع الخبران عن رسول القه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُظر إلى ما عمل به أصحابه من بعده ".

الصلاة ". وعن ابن طاوس قال: كان أبي يسنده في الكلاب. ثنا ابن عيينة عن أيوب عن بكر المزي! أنّ ابن عمر أعاد ركعة من كل مر بين يديه ". قال البيهقي: وروينا عن عثمان، وعلي، وابن عمر، وعائشة وغيرهم: " لا يقطع الصلاة بشيء مما يمر بين يدي المصلي " (1) . انتهى في كتاب أبي نعيم عن سعد بن أبي وقاص لذلك، وكذلك هو أيضا عن الحسن، وحذيفة بن اليمان، وعطاء، وسعيد بن المسيب وعبد الله بن عمرو بن العاص، والشعبي، قال: ثنا يونس عن مجاهد عن عائشة أنها قالت: " لا يقطع صلاة المسلم إلا الهر الأسود، والكلب البهيم " (2) . انتهى. وفي هذا ردّ لما ذكره البيهقي، وقال الطحاوي: أجمعوا أن مرور بنى آدم بعضهم ببعض لا يقطع الصلاة، وروى ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير وجه من حديث عائشة وأم سلمة وميمونة: " أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي، وكلّ واحدة منهن معترضة بينه وبين القبلة " (3) . وكلها ثابتة، وقد أفتى ابن عمر: " أنّ الصلاة لا يقطعها شيء ". وقد روى عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمصلى " ردّ ما مر بين يديه/ ". قال أبو جعفر: فدلّ ذلك على ثبوت نسخ عنه عليه الصلاة والسلام على وجه الكراهة، وقال في المشكل: وأما حديث المطلب بن أبي وداعة قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يلي باب بنى سهم، والنَّاس يمرون بين يديه، وليس بينه وبن الطواف سترة ". فليس مخالفا لما روى من النهى عن المرور بين يدي المصلي؛ لأنّه إنما هو في الصلاة إلى الكعبة ومعانيها، والنهي عن المرور بين يدي المصلي إنّما هو فيمن يتحرى الصلاة في الكعبة إذا غاب عنها، وزعم ابن شاهين: أنه ناسخ

_ (1) رواه البيهقي (2/278، 279) ، والطبراني (18/93) ، والدارقطني (1/367، 368) ، وابن أبي شيبة (1/280) ، والتمهيد (4/190) ، ونصب الراية (2/76) ، والكنز (19219، 19239، 19240) ، وأبو عوانة (20/46) ، والمجمع (2/62) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وإسناده حسن. (2) لم نقف عليه. وقد أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/63) ، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يقطع الهر الصلاة وإثما هو من متاع البيت " وعزاه إلى البزار وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف. (3) رواه ابن ماجة (ح/956) ، وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/62) ، وعزاه إلى أحمد ورجاله ثقات. وصححه الشيخ الألباني.

لحديث النهي، وفي كتاب النسائي بسند منقطع عن العباس قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاف بالبيت سبعًا ثم صلى ركعتين بحذاءه في حاشية المقام ليس بينه وبن الطواف أحد " (1) . قوله " على أتان " وهي الأنثى من الحمار، وفي رواية على حمار أتان ضبطه الأصيلي على النعت أو البدل منوبين، وقال ابن سراج: أتان وصف الحمار، ومعناه صلب قوى مأخوذ من الأتن وهى الحجارة الصلبة، والحمار يشمل الذكر والأنثى كالبعير، وقد يكون على الإضافة أي: على حمار أنثى، وكذا وجد في بعض الأصول، وفي مختصر اَلسنن عن يونس وغيره إبان، وإبانة، وعجوزه، وفرسه، وعقوبة، ودمشقة في دمشق، وزعم ابن الأثير: أنَّ مراده تعيين الأتان ليعلم أن الأنثى من الحمر لا يقطع الصلاة فكذلك المرأة، ولا يقال: أتانه، وإن كان قد ورد في بعض الأحاديث وفي المحكم المجمع: أتن وأتن والمأتونا اسم للجمع، واستأتن الحمار صار أتانا، واستأتن أتانا اتخذها، وأيوب البخاري لحديث ابن عباس: " سترة الإمام سترة من خلفه " (2) /وقال الأبهري: " سترة المأموم سترة إمامه "؛ لأن المأموم تعلقت صلاته بصلاة إمامه،/ولا يعارضه ما رواه أبو داود (3) عن مولى ليؤيد عن يزيد بن نمران قال: رأيت رجلَا بتبوك مقعدا فقال: مررت بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا على حمار وهو يصلى فقال: " قطع علينا صلاتنا قطع الله أثره، فما مشيت عليها بعد " (3) . وعن سعيد بن غزوان عن أبيه أنّه قال: نزلت بتبوك وأنا حاج فإذا رجل مقعد فسألته عن أمره فقال: سأحدثك حديثا فلا يحدّث به ما سمعت به حى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نزل بتبوك إلى نخلة فقال: " هذه قبلتنا ثم صلى إليها " فأقبلت وأنا غلام أسعى حتى مررت بينه وبينها فقال: " قطع صلاتنا قطع الله أثره ". فما قمت عليها إلى يومي هذا (4) ؛ لأن الأول في سنده رجل مجهول، والثاني: في غاية الضعف قاله ابن

_ (1) بنحوه. رواه أبو داود (ح/1870) . قلت: وهذا حديث إسناده حسن. (2) ضعيف. الكنز (19204) ، والخفاء (2/66) ، والمجمع (2/62) ، وعزاه إلى الطبراني في " الاً وسط " وفيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف. (3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/705) ، والبيهقي (2/275) ، والشجري (8/365) ، والكنز (35508) ، والنبوة (5/234) ، وابن أبي شيبة (1/284) ، والبداية (4/15) . (4) ضعيف جدا. رواه أبو داود (ح/707)

القطان وغيره، ونكارة المتن فإن دعائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمن ليس له بأهل إنما هو زكاة ورحمة، وفي كتاب الحازمي ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يقطع الصلاة شيء، وقال جماعة منهم: هذه الأحاديث وإن حملناها على ظواهرها فهي منسوخة بحديث ابن عباس؛ لأنه في حجة الوداع، فيكون بعد حديث ابن نمران عدّة، ومن ذهب إلى هذا يقول: عثمان، وعلي، وعائشة، وابن عباس، وابن المسيب، والشعبي، وعبيدة، وعروة، وإليه ذهب أبو حنيفة، وسفيان، وأهل الكوفة، ومالك، وأهل المدينة، والشافعي، وأصحابه، وأكثر أهل الحجاز انتهى كلامه، حكى الخطابي: أن عائشة ذهبت إلى أن الكلب الأسود يقطع الصلاة، وبه قال أحمد وإسحاق، وروى أبو داود (1) عن الفضل بن عباس: " أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في بادية فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة، وحمارة لنا وكلبة يغشان بين يديه/فما بالا ذلك "، قال الخطابي: في سنده مقال، وضعفه أيضًا غير واحد منهم الإشبيلي وابن القطان، وعند الدارقطني: " فصلى لنا العصر فما بالا بهما ولا ردَّهما "، وروى أيضًا من حديث عمر بن عبد العزيز عن أنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى بالناس، فمر بين أيديهم حمار، فقال عباس بن أبي زمعة: سبحان الله سبحان الله فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: من المسبح أيضًا. قال ياْ رسول الله: إنى سمعت أن الحمار يقطع الصلاة. فقال: " لا يقطع الصلاة شيء " (2) . وقال: اختلف في إسناده، والصواب: عن عمر مرسل، وروى الأشيب عن شعبة عن عبيد الله عن سالم عن أبيه أنه قال: كان يقال لا يقطع صلاة المسلم شيء، وعند الحاكم: وزعم أنله على شرط مسلم لاستشهاده بعبد الرحمن بن أبي الزياد عن أبي هريرة مرفوعا: " الهرة لا تقطع الصلاة إنها من متاع البيت " (3) . وفي سنن أبي الحسن من حديث صفين بن معدان، وهو ضعيف عن سليم بن عامر

_ (1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/716) . (2) رواه البيهقي (278، 279) ، والطبراني (18/53) ، والدارقطني (1/367، 386) ، وابن أبي شيبة (1/280) ، والتمهيد (4/190) ، ونصب الراية (2/76) ، والكنز (19219، 19239، 19240، 11924) ، وأبو عوانة (20/46) ، والمتناهية (1/449) . (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/369) ، والحاكم (1/255) ، وابن عدى في " الكامل " (4/ 1586) ، وضعيف الجامع (6106) ، والضعيفة (1512) .

عن أبي أمامة يرفعه: " لا يقطع الصلاة شيء " (1) . وفي الأوسط من حديث علي سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا يقطع الصلاة شيء إلا الحديث " (2) . وقال لم يروه عن حصين بن المنذر إلا أبو سنان ضرار بن أمية، والله تعالى أعلم بالصواب. ***

_ = فال الشيخ الألباني " ضعيف "، وأعلْه ابن خزيمة بالوقف- تعليقي على ابن خزيمة 828، 829. (1) الحاشية قبل السابقة. (2) ضعيف. رواه البيهقي (1/221) ، والكنز (22408،19926) ، وابن عدي في " الكامل " (835،2/805) ، وأحمد (1/138) ، والمجمع (1/243) ، وعزاه إلى أحمد في زيادته على أبيه، والطبراني في " الأوسط "، وحصين، قال ابن معين: لا أعرفه.

168- باب ادرأ ما استطعت

168- باب ادرأ ما استطعت حدثنا أحمد بن عبدة، ثنا حماد بن زيد ثنا يحيى أبو المعلى عن الحسن العربي قال: ذكر عند ابن عباس ما يقطع الصلاة فذكر: الكلب، والحمار، والمرأة، فقال: ما يقولون في الجدى أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يصلي يوما، فذهب جدي يمر بين يديه/فبادره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القبلة " (1) . هذا حديث في سنده انقطاع فيما بين الحسن بن عبد الله وابن عباس، قاله يحيى بن معين، والإِمام أحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي زاد ولم يدركه، وفي صحيح ابن حبان في باب الإباحة: للمرء أن يمنع الشاة إذا أرادت المرور بين يديه وهو يصلى، وخرجه أيضًا الحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه من حديث عكرمة عن عبد الله: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلى فمرت شاة بين يديه فساعاها إلى القبلة حتى ألصق بطنها بالقبلة " (2) . وفي مسند ابن أبي شيبة بسد صحيح عن يحيى بن الجزار عن أبي الصهباء عنه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي فذهب جدي يمر بين يديه فجعل تبقيه " (3) . وفي لفظ فجعل يقول: " يتقدم ويتأخر نرى الجدى " وفي أبي داود (4) . من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه: " فمازال مدارتها حتى لصق بطنه بالجدار فمرت من ورائه "، وفي الأوسط (5) من حديث جابر: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قائما يصلى فذهب شاة تمر بين يديه فتابعها حتى ألزقها بالحائط "، ثم قال عليه الصلاة والسلام: " لا يقطع الصلاة شيء وادرءوا ما استطعتم " (6) ، وقال: لم يروه عن محمد بن

_ (1) إسناده صحيح. رواه ابن ماجه (ح/953) . في الزوائد: إسناده صحيح، إلا أنه منقطع. (2) ضعيف، أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/62) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه يحيى بن ميمون التمار وهو ضعيف وقد ذكره ابن حبان في الثقات. (3) رواه أبو داود (ح /709) . (4) رواه أبو داود (ح/708) . (5) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/62) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه يحيى بن ميمون التمار وهو ضعيف، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. (6) حسن. رواه أبو داود (719) ، وشرح السنة (2/461) ، والمشكاة (785) .

المنكدر إلا جرير بن حازم تفرد به يحيى بن ميمون، وفيه: من حديث مندل بن علي عن سليمان التيمي عن أنس قال: " بادر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا أن يمر بين يديه من الصلاة ". وقال: لم يروه عن التيمي إلا مندل، وفي كتاب أبي نعيم: ثنا حفص ليث عن الحكم: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي فأرادت شاة أن / تمرّ بين يديه فأحال بينها وبن القبلة " (1) . حدثنا أبو كريب ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها، ولا يدع أحدَا يمر بين يديه، فإن جاء أحد يمر فليقاتله فإنه شيطان " (2) . هذا حديث حسن حتى جاءه في صحيحيهما بلفظ: " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس، فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإنْ أبى فليقاتله فإنما هو شيطان " (3) . وفي لفظ لسلم: " فليدفع في نحوه ". وفي لفظ: " وليدفعه، فإن أبي فليقاتله فإنَّما هو شيطان "، وفي لفظ لمسلم: " فليدفع في نحره "، وفي لفظ: " وليدرأه بما استطاع "، وفي لفظ البخاري (4) : " إذا مرّ بين يدي أحدكم شيء وهو يصلى فليمنعه فإن أبي فليمنعه، فإن أبي فليقاتله "، وفي لفظ: " إنَّ أبا سعيد كان يصلى يوم جمعة فأراد شاب من بنى أبي معيط أن يمرّ بين يديه " وعند أبي نعيم في كتاب الصلاة: " فأقبل الوليد بن عقبة بن أبي معيط فأراد أن يمر بين يديه فدفعه ولطمه ". وفي المصنف: " فجاء عبد الرحمن بن الحرث بن هشام يمر بين يديه فدفعه وطرحه "، وقال: " لولا أن أخذ بشعره لأحدث "، وعند النسائي (5) : " فأراد

_ (1) رواه الهيثمي: (2/97) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/699،698) ، وابن ماجة (ح/945) ، والبيهقي (2/ 267، 272) ، والحاكم (1/251) ، وعبد الرزاق (2303، 2305) ، وابن خزيمِة (803، 840) ، ونصب الراية (2/81) ، والكنز (19202، 19211، 19227،19224) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/136) ، ومسلم في (الصلاة، ح/259) ، وأبو داود (ح/ 700) ، وأحمد (3/63) ، والبيهقي (2/267، 272) ، وابن خزيمة (817) ، وشرح السنة (ح/455) ، والمشكاة (777) ، وتلخيص (28611) ، والكنز (19212) ، والترغيب (1/377) . (4) صحيح. رواه البخاري (4/149) ، والبيهقي (2/268) ، والكنز (19245) . (5) صحيح. رواه النسائي في: (القبلة، 8- باب التشديد في المرور بين يدي المصلى

ابن لمروان أن يمرّ بين يديه "، ورواه عن أبي سعيد أيضَا عطاء فيما ذكره أبو عمر قال: وحديثه عنه بهذا معروف، وحديث عبد الرحمن أشهر، وزعم ابن الجوزي في التاريخ: أنَّ داود بن مروان بن الحكم، وقال أبو حاتم في كتاب العلل: حديث عطاء خطأ، وقال أبو زرعة: حديث زيد صحيح، وحديث عطاء بن يسار: لا أدرى أي شيء هو، وبنحوه ذكره الدارقطني وغيره، ومن عند أبي داود (1) ، من حديث مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد: " لا/ يقطع الصلاة شيء وادرءوا ما استطعتم فإنما هو شيطان ". وفي كتاب العلل لابن أبي حاتم قال أبى: حديث أبي ذر: " يقطع الصلاة الكلب الأسود " (2) : أصح من حديث أبي سعيد، يعني: هذا، وفي صحيح ابن حبان " فليدن منها فإن الشيطان يمر بينه وبينها "، وفي الأوسط: " فليجاهده "، وقال: تفرد به القاسم عن مالك المزني. حدثنا هارون بن عبد الله الحمال والحسن بن داود المنكدري قالا: ثنا ابن أبي فديك ثنا الضحاك بن عثمان عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كان أحدكم يصلى فلا يدع أحدَا يمر بين يديه فإن أبي فليقاتله فإن معه القرين ". قال المنكدري: " فإن معه العُزَّى ". هذا حديث خرجه مسلم (3) في صحيحه، ولفظه في الأوسط: " إذا كنت تصلى فأراد رجل أن يمر بين يديك فردّه، فإن عاد فردّه، فإن عاد فردّه، فإن عاد الرابعة فقاتله فإنما هو الشيطان " (4) ، وقال: لم يروه عن قتادة- يعني: عن نافع- إلّا ابن أبي عروبة تفرد به النضر بن

_ = وبين سترته 2/66) . (1) تقدم. رواه أبو داود (ح/1719) في ص 1604. (2) تقدم. رواه البيهقي (2/275) ، وأحمد (2/425، 5/164، 6 / 230) ، وعبد الرزاق (2350، 2351) ، وابن حبان (411) ، والطبراني (3/237) ، ومعاني (1/458) ، وابن عدي في " الكاهل " (5.2/576/6/2426،7/2591،2021) . (3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/258، 697،260) ، والنسائي (2/66) ، وابن ماجه (ح/955) ، وأحمد (3/34) ، والدارمي (1/328) ، والبيهقي (2/267) ، وابن خزيمة (816، 833) ، ونصب الراية (2/84) ، والموطأ (154) ، والترغيب (1/377، 378) ، والتجريد (82) ، ومشكل (3/250) ، وإتحاف (3/263) ، والتمهيد (4/183) ، والطبراني (12/428) (4) لم نقف عليه.

كثير، وفي كتاب الدارقطني من حديث إبراهيم بن زيد عن سالم عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر قالوا: " الا يقطع صلاة المسلم شيء، وادرءوا ما استطعتم " (1) ، وفي المستدرك: وزعم أنّه على شرط مسلم: " الا تصلوا إلا إلى سترة، ولا تدع أحدَا يمر بين يديك ... " (2) الحديث، وعند الدارقطني: من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وهو متروك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة مرفوعا: " لا يقطع الصلاة كلب، ولا حمار، ولا امرأة، وادرأ ما أمرَّ أمامك " (3) . وفي مراسيل أبي داود عن قبيصة بن دوية بن قطاء: أراد أن يمر بين يدي/النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلى فحبسه برجله " (4) . ولما ذكره ابن القطان أعلّه برواية عبد الله بن أبي مريم، قال: لأنّ حالي مجهولة، وفي كتاب أبي نعيم: ثنا زهير عن سليمان التيمي عن أبي محليس: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باد (5) زهرة أن تمرّ بين يديه وهو يصلي ". وثنا أبو خالد به، قلت لأبي العالية: أصلى فيمر السنور بين يدي فهل يقطع الصلاة، فقال: إذا صليت ما أحب أن يمر بين يدي شيء ولا فأرة، أن الإِنسان إذا صلى يكون بين يديه ملك يكتب ما يقول، وفي مسند أحمد (6) من حديث عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو قال: " بينا نحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عصرَا على الوادي يريد أن يصلي قد قام، وقمنا إذ خرج حمار من شعب أبي ذئب شعيب أبي موسى، فأمسك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يكبر وأجرى إليه يعقوب بن زمعة حتى ردّه ". وفي كتاب الصلاة للدكيني: ثنا بشير بن مهاجر قال: " رأيت أنسَا وهو جالس في صلاته لم ينصرف، فجاء رجل يريد أن يمر بينه وبن

_ (1) تقدم قريبا من حواشي في ص 1603. (2) رواه الحاكم (1/251) ، والبيهقي (2/268) ، وابن خزيمة (841) ، ونصب الراية (2/85) ، والكنز (19243) . (3) رواه ابن عدي في " الكاهل ": (1/32) . (4) فلت: ضعيف. وعلته عبد الله بن أبي مريم وهو أحد المجاهيل، وقد أورده أبو داود في المراسيل. (5) كذا في " الأصل " " باد ". (6) لم نقف عليه.

السارية فأماطه ". وثنا جعفر بن مروان عن يزيد الفقير قال: كنت أصلي إلى جنب ابن عمر فلم أر رجلا أكره أن يمر بين يديه منه، وفي رواية صالح بن كيسان عنه: " فلا يدع أحدا يمر بين يديه فيبادر برده ". قال عياض رحمه الله تعالى: أجمعوا على أنّه لا يلزمه مقاتلة بالسلام، ولا ما يؤدي إلى هلاكه، فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قود عليه باتفاق العلماء، وهل تجب ديته أم لاهدراء (1) ، فيه مذهبان للعلماء: وهما قولان في مذهب مالك، وفي كتاب ابن السني: قال ابن شعبان: عليه الدية كاملة في ماله / وقيل: الديّة على قاتلته، قال عياض: واتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه وإنّما يدافعه ويردّه من موقعه؛ لأنّ مفسدة المشي في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه، وإنّما أهج له قدر ما يناله من موقفه، وإنّما يردّه إذا كان بعيدا مه بالإشارة والتسبيح، واتفقوا على أنه إذا مر لا يردّه نسلا يصف مرورًا ثانيا إلينا، َ وروى عن بعض السلف: أنَّه يردّه، واختلفوا إذا جاز بين يديه وأدركه هل يرده أم لا؟ فقال ابن مسعود: يرده ويروى ذلك عن سالم والحسن، وقال أشهب: يردّه بإشارة ولا يمشى إليه؛ لأن مشيه (2) مثل مروره بين يديه، فإن مشى إليه ورده لم تفسد صلاته، وزعم ابن العربي أنّ بعض الناس غلط فقال: إذا صلى إلى غير سترة فلا يدع أحدًا يمر بين يديه بمقدار رمية سهم، وقيل: رمية حجر، وقيل: بمقدار المطاعة، وقيل: بمقدار المضاربة بالسيف، وحريم المصلى سواء وضع بين يديه سترة أو لم يضعها بمقدار ما يشتغل قائمًا وراكعا وساجدًا لا يستحق من الأرض كلّها سواها وسائر ذلك لغيره، وفي كتاب المنذري: يحتمل أن يكون قوله فليقاتله يعني فليلعن، وقد جاءت المقاتلة بمعنى اللعن فال تعالى: (قتل الخراصون) . وإلى هذا نحا غيره من الأئمة، وفي كتاب ابن أنر قيل: معناه يؤاخذه على ذلك بعد إتمام الصلاة ومؤنته، وقيل: يدفعه دفعا أشدّ من الردّ منكرا عليه، وحكى عن أبي حنيفة: إذا دفع المار بطلان صلاته وهو قول الشافعي في القديم، وفي التمهيد: العمل القليل في الصلاة جائز نحو قتل البرغوث، وحكّ الجسد، وقتل العقرب بما خفي من

_ (1) قوله: " لاهدراء " كذا هي في " الأصل "، وكذا أثبتناها. (2) قوله: " مشيه " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

الضرب ما لم/تكن المتابعة والطول والمشي إلى الفرج إذا كان ذلك قريبًا ودرأ المصلى، وهذا كله بما لم يكثر، وإن كثر أفسد، وضمن عمر بن عبد العزيز رجلًا دفع آخر وهو يصلى فكسر الودمية ما حين (1) على أنه، والصحيح عندنا: أنّ الصلاة لا يقطعها ما يمر بين يدي المصلى بوجه من الوجوه، ولو كان خنزيرًا وإنما يقطعها ما يفسدها من الحدث وغيره مما جاءت الشريعة به، وقال النووي: يمر الرجل بين يديّ يتبختر فأمنعه ويمر الضعيف فلا أمنعه.

_ (1) كذا في " الأصل ": " الودمية ماحين "، وكذا أثبتناه.

169- باب من صلى وينه وبن القبلة شىء

169- باب من صلى وينه وبن القبلة شيء حدثنا أبو بكر بن أبي شَيبة، ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلى من الليل وأنا معترضة بينه وبن القبلة كاعتراض الجنازة " (1) . هذا حديث خرجه الأئمة الستة، وفي لفظ عند الشيخين: " ذكر عندها- يعني: عائشة- ما يقطع الصلاة فذكر الكلب، والحمار، والمرأة، فقالت: شبهتموا بالحمر والكلاب! لقد رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى وأنا على السرير بينه وبين القبلة مضطجعة، فتبدوا له الحاجة، فاكره أن أجلس فأؤذي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنسل من قبل رجليه " (2) . وفي لفظ: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بالليل ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزنى فقبضت رجلي وإذا قام بسطتها ". قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح " (3) ، وفي لفظ: " كنت أكون نائمة ورجلاي بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلى من الليل، فإذا أراد أن يسجد ضرب رجلي فضمتها /فسجد " (4) ، وفي لفظ: " وأنا معترضة أمامه في القبلة على الفراش الذي يرقد عليه هو، وأهله فيما بينه وبين القبلة " (5) وفي مسند (6) أحمد بن حنبل: عن علي بن أبي طالب قال: " كان رسول

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/138) ، ومسلم في (الصلاة، ح/267) ، وابن ماجة (ح /956) ، وأبو داود (ح/712) ، وأحمد (6/50، 86) ، والمشكاة (779) ، والكنز (22604) ، وأبو عوانة (2/52) ، والمعاني (1/462) ، والمنتقى (169) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب " 102، 105، 108 "، والاستئذان، باب " 37 " (، ومسلم في) الصلاة، ح/268،267، 270) ، وابن ماجة (ح/956) ، والنسائي في (القبلة، باب " 100 ") ، وأحمد (6/37، 50، 86، 94، 176، 192، 199، 200، 205، 231) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب " 22 " (، ومسلم في) الصلاة، ح/272) ، والنسائي في (الطهارة، باب " 119 ") ، ومالك في (صلاة الليل، ح/2) ، وأحمد (255،6/225) . (4) حسن. رواه أبو داود (ح / 712) . (5) حسن. رواه بو داود (ح/711) . (6) رواه أحمد (1/99) ، والمجمع (2/62) ، والكنز (22573) ، والبخاري في " الكبير " (1/ 441) ، والعقيلي (4/155) .

الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسبح من الليل وعائشة معترضة بينه وبين القبلة " (1) ، وفي لفظ عن حذيفة: " قام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى وعليه طرف اللحاف، وعلى عائشة طرفه وهى حائض لا تصلى " (2) . وفي كتاب أبي داود قال شعبة: أحسبها قالت: " وأنا حائض "، وفي لفظ: " كنت وأنا معترضة في قبلة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيصلى وأنا أمامه، فإذا أراد أن يوتر غمزني " (3) ، وفي لفظ: " ينحى ". حدثنا بكر بن خلف، وسويد بن سعيد قالا: ثنا يزيد بن زريع ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن زينب بنت أم سلمة عن أمها قالت: كان فراشها بحيال مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (4) . هذا حديث إسناده صحيح على رسم الشيخين، وقد تقدّم تصحيح الطحاوي له في ما أظن، والله أعلم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عباد بن العوام عن الشيباني عن عبد الله بن شداد قال: حدثتني ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى وأنا بحذاءه، وربما أصابني نومة إذا سجد " (5) ، هذا حديث خرجاه في صحيحيهما، ولفظ البخاري: " أنها كانت تكون حائضَا لا تصلى وهى مفترشة بحذاء مسجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي على خمرته إذا سجد أصابني بعض ثوبه " (6) . حدثنا محمد بن إسماعيل بن سمرة ثنا زيد بن حبان حدثني أبو المقدام عن / محمد بن كعب عن ابن عباس قال: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلى خلف المتحدّث أو النائم " (7) . هذا حديث إسناده ضعيف بضعف رواية ابن

_ (1) رواه أحمد (1/99) ، والمجمع (2/62) ، والكنز (22573) ، والبخاري في " الكبير " (1/ 441) ، والعقيلي (4/155) . (2) رواه أحمد: (5/400، 6/32) . (3) حسن. رواه أبو داود (ح/714) . (4) حسن. رواه أبو داو (ح/4148) . (5) صحيح. رواه البخاري (1/136، 2/31) ، وشرح السنة (4/96) . (6) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب " 109،107 ") ، ومسلم في (الصلاة، ح/273) . (7) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/959) . وصححه الشيخ الألباني لطرقه. لكن ضعفه المصنف بأبي المقدام. قلت: والحديث عندي صحيح لما في طرقه من حديث الاعتبار.

المقدام هشام بن زياد بن هشام الأموي مولاهم البصري أخي الوليد، فإن ابن المبارك ترك حديثه، وقال في موضع آخر: لزم به، وقال أبو حاتم الرازي: ليس بالقوي، ضعيف الحديث، وكان جارًا لأبي الوليد الطيالسي، وكان لا يرضاه ولم يرو عنه، وعنده عن الحسن أحاديث منكره وهو منكر الحديث، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، وقال أبو عيسى، والطوسي: يضعف في الحديث، وقال ابن سعد: كان ضعيفا في الحديث، وقال البخاري: يتكلمون فيه في موضع آخر ضعيف، وحدّث عنه ابن مهدى ثم تركه، وقال ابن خزيمة: لا يحتج بحديثه، وقال ابن عدي: وأحاديثه تشبه بعضها بعضًا، والضعف بيّن على رواياته، وقال البجلي: ضعيف، وفي موضع آخر: متروك الحديث، ولما ذكره البجلي في جملة الضعف، فال أحمد بن حنبل: ليس حديثه بشيء وفي موضع آخر: ليس بثقة، وفي كتاب الجرح والتعديل للنسائي: ليس بشيء مدتي سكن البصرة، ضعيف، وفي موضع آخر: متروك الحديث، وكذا قاله ابن الجنيد والأزدي، وفي كتاب الضعفاء لابن الجارود: ليس بشيء، وذكره البرقي في جملة من ترك حديثه، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به، قال الدارقطني: ضعيف، والله أعلم، ولما رواه أبو داود عن القعنبي ثنا عبد الملك بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمّن حدّثه عن محمد بن كعب القرظي قال: قلت له- يعني: لعمر بن عبد العزيز-: حدثني ابن عباس به، قال فيما ذكره الحافظ الضياء: روى هذا الحديث/من غير وجه عن محمد بن كعب وكلها واهية، وهذا أمثلها وهو ضعيف أيضًا، وقال الخطابي: هذا حديث لا يصح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لضعف سده، وعبد الله بن يعقوب لم بيمين من حدّثه عن ابن كعب، وإنّما رواه عن محمد بن كعب رجلان كلاهما ضعيفان تمام بن مربع وعيسى بن ميمون تكلمّ فيهما يحيى والبخاري، ورواه أيضًا عبد الكريم أبو أمية وهو متروك الحديث عن مجاهد عن ابن عباس، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنه صلى وعائشة قائمة معترضة بينه وبن القبلة " (1) . وفي النسائي الكبير من حديث حازم بن مضرب عن علي قال: " لقد رأينا

_ (1) تقدم. رواه أبو داود (ح/711) .

ليلة بدر وما فينا إنسان قائم إلا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإنه كان يصلى إلى شجرة ... " (1) الحديث. فأما الصلاة إلى المتحدثين فقد كرهها أحمد، والشافعي، وذلك أن كلامهم ليشغل المصلي عن صلاته: " وكان ابن عمر لا يصلى خلف رجل يتكلم إلا يوم الجمعة "، وقال عبد الحق: خرجه- يعني: أبا داود- بسند منقطع ولا يصح بغيره أيضا، قال أبو الحسن علي بن القطان: ولو كان متصلًا ما يصح للجهل بحال عبد الملك بن محمد بن أيمن، وعبد الله بن يعقوب فإنها لا تعرف أصلًا، وفي مراسيل أبي داود من حديث بشر بن جبلة وهو ضعيف عن خير بن نعيم عن أبي الحجاج الطائي وحاله/ مجهول فيما ذكره ابن القطان قال: " نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يتحدث الرجلان وبينهما أحد يصلي، ومن يصلي " (2) . حديث عبد الأعلى الثعلبي وهو ضعيف عن محمد بن الحنفية: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلا يصلي إلى رجل، فأمره أن يعيد الصلاة قال: لم يا رسول الله إنى قد أتممت الصلاة؟ فقال: " إنك صليت وأنت تنظر إليه مستقبله " (3) . وقال الدارقطني في العلل: رفعه عبد الأعلى عن ابن الحنفية عن علي، وعبد الأعلى مضطرب الحديث، وقد روى مرسلًا وهو أنسبه للصواب، وفي الذخيرة للمقدسي من حديث أبان بن سفيان- وهو متهم بالوضع- عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلى الإِنسان إلى نائم أو متحدث " (4) . قال: هذا خبر موضوع، وفي الأوسط من حديث محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة يرفعه: " نهيت أن أصلي خلف المتحدثين والنيام " (5) .

_ (1) بنحوه. فتح الباري (1/580) . (2) ضعيف. رواه ابن المبارك في " الزهد ": (6) . (3) ضعيف. رواه الدارقطني (2/85) ، وابن المبارك في " الزهد ": (6) . وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/62) ، وعزاه إلى البزار في " مسنده "، وفيه عبد الأعلى التغلبي، وهو ضعيف. (4) موضوع. العلل المتناهية: (1/434) . (5) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/62) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة، واختلف في الاحتجاج به.

وقال: لم يروه عن محمد بن عمرو إلا شجاع بن الوليد. تفرد به سهل بن صالح الأنطاكي، وفي البخاري: وَكَرِهَ عثمان أن يستقبل الرجل وهو يصلي، قال البخاري: وإنما هذا إذا اشتغل به، فأمّا إذا لم يشتغل فقد قال زيد بن ثابت: فأنا قلت إنّ الرجل لا يقطع صلاة الرجل، وفي سرح ابن بطال: ذهبت طائفة من العلماء إلى أن الرجل يستر الرجل إذا صلى إلّا أن أكثرهم كره أن يستقبله بوجهه، قال النخعي، وقتادة: يستر الرجل إذا كان جالسا، وعن الحسن: يستر المصلي، ولم يشترط الجلوس ولا تولية الظهر، وعن نافع: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلا إلى سارية المسجد قال لي: ولّنى ظهرك وهو قول مالك/، وروى أشهب عنه لا بأس أن يصلي إلى ظهر رجل فأما إلى جنبه فلا، وأجاز أبو حنيفة، والثوري، والأوزاعي، الصلاة خلف المتحدثين وكرهه ابن مسعود، وعن سعيد بن جبير: إذا كانوا يتحدثون بذكر الله تعالى فلا بأس، وقال ابن سيرين: لا يكون الرجل سترة للمصلى، وعن مالك: لا يصلي إلى المتحلقين؛ لأن بعضهم يستقبله، وأرجو أن يكون واسعا، وفي كتاب ابن السني ذكر ابن البحر في مسنده: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إني نهيت أن أصلى إلى النيام والمتحدثين " (1) . وبه قال طاوس، وقال مجاهد: أصلى وراء قاعد أحبّ أفي أن أصلى وراء نائم، قال ابن بطال: والقول قول من أجاز ذلك للسنة الثابتة، وعند الطنافسي: كره كثير من العلماء أن يستر الرجل بالمرأة، وإن كانت أمه أو أخته لما يخشى عليه من الفتنة المضادة لخشوع الصلاة وانفصل بعضهم عن حديث عائشة بأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يملك إربة الجنازة ذكرها ثعلب في باب المكسور قوله، وحكى في نوادره عن أبي زيد: الجنازة مكسورة الجيم لا يفتح الميت نفسه، وحكى المطرز عن الأصمعي: الجِنازة والجنَازة نعتان بمعنى واحد، وكذا قاله يعقوب في الاصطلاح، قال ابن سيده في العويص: يعني هما النعش وعليه الميت إذا ستر به بالكفن، قال: والمختار الكسر، وعن الفارسي: هو الجنازة، والنمش، والسرير، ولا يكون جنازة إلا حتى يكون عليه ميت فأما اسم السرير والنمش فلا زمان له، وفي الليل:

_ (1) المصدر السابق.

النعش للمرأة والسرير للرجل، وعن الفراء: جنزوه إذا حملوه على الجنازة، وفي المحكم: جَنَزَ الشيء يجنزه جنزًا إستي، وذكروا إن الترار لما احتضرت أوصت أن يصلى عليها الحسن، فقال: إذا جنزتموها / فأذنوني، والجنِازة والجنَازة: الميت، قال ابن دريد: زعم قوم أن اشتقاقه من ذلك، قال: ولا أدري ما صحته، وقد قيل: هو نبطي، ورمى في جنازنه أي مات، وفي الغريبين عن ابن الأعرابي: أنّ الجنازة بالكسر: السرير، وبالفتح: الميت ومرّ أعرابي بامرأة ثكلى فقال: أثكلتها الجنائز، يعني: الموتى.

170- باب النهى أن يسبق الإمام فى الركوع والسجود

170- باب النهى أن يسبق الإمام في الركوع والسجود حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا محمد بن عبيد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا أن لا نبادر الإمام بالركوع. وإذا كبّر فكبّروا، وإذا سجد فاسجدوا " (1) . هذا حديث رواه مسلم في صحيحه. حدثنا حميد بن مسعدة وسويد بن سعيد قالا: ثنا حماد بن زيد عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال: قال أبو القاسم- صلى الله عليه وآله وسلم-: " ألا يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوِّل الله رأسه رأس حمار " (2) . هذا حديث خرجه الستة في كتبهم بزيادة: " أو يجعل الله صورته صورة حمار "، وفي لفظ عند مسلم " لا تبادروا الإمام، إذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد " (3) . وفي مصنف أبي بكر من حديث مليح السعدي قال: قال أبو هريرة: " إن الذي يخفض ويرفع رأسه قبل الإمام إنما ناصيته بيد الشيطان ومن حديث ليث عن طلحة قال: قال سلمان من رفع رأسه قبل الإمام ووضع رأسه قبل الإمام فناصيته بيد الشيطان يرفعها ويضعها " (4) . ونظر ابن مسعود إلى من سبق إمامه فقال: " لا وحدك صليت / ولا بأمامك اقتديت ". وفي البخاري تعليقا عنه: " إذا رفع قبل الإمام يعود فيمكث بقدر ما رفع ثم يتبع الإمام ". وقال الحسن

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/87) ، ورواه ابن ماجة (ح/960) ، وأحمد (2/440) ، والبيهقي (2/92) ، وأبو عوانة (2/110) . والدارمي في (الصلاة، باب " 72 ") ، وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " 53 ") ، ومسلم في (الصلاة، ح/115) ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 75 ") ، والترمذي (ح/582) . وقال: هذا حديث حسن صحيح. وابن ماجة (ح/961) ، وأحمد (2/ 260، 425، 473) . (3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/87،87 مكرر) ، وابن خزيمة (1576) ، والمشكاة (1138) (38) لم نقف عليه.

فيمن يركع مع الإمام ركعتين ولا يقدر على السجود: يسجد للركعة الأخيرة بسجدتين، ثم يقضى الركعة الأولى سجودها، وفيمن نسى سجدة حتى قام يسجد، وفي البيهقي (1) ، من حديث الحرث بن مخلد عن أبيه أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: " إذا رفع أحدكم رأسه وظن أن الإمام قد رفع فليعد رأسه، وإذا رفع رأسه فليمكث بقدر ما ترك ". قال البيهقي: وروينا عن إبراهيم النخعي والشعبي: " أنه يعود فيسجد ". حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا أبو بدر شجاع بن الوليد عن زياد بن خيثمة عن أبي إسحاق عن دارم عن سعيد بن أبي بردة عن أبي موسى: قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا إني قد بدنت، فإذا ركعت فاركعوا، وإذا رفعت فارفعوا، وإذا سجدت فاسجدوا، ولا ألفن رجلَا سبقني إلى الركوع ولا إلى السجود " (2) . هذا حديث منقطع فيما بين سعيد، وجدّ أبي سعيد وجدّه أبي موسى. نص على ذلك غير واحد؛ منهم: أبو حاتم الرازي، وابن عساكر. حدثنا هشام بن عمار ثنا سفيان عن ابن عجلان، وثنا أبو بشر بكر بن خلف ثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيرز عن معاوية بن أبي سفيان قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تبادروني بالركوع ولا بالسجود فمهما أسبقكم به إذا ركعت تدركوني به، إذا رفعت ومهما أسبقكم به إذا سجدت تدركوني به إذا رفعت، إنى قد بدنت (3) . هذا حديث خرجه أبو حاتم البستي في صحيحه عن أبي خليفة،

_ (1) رواه البيهقي (2/139) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/962) ، عن دارم عن سعيد بن أبي بردة. ورجاله ثقات غير دارم هذا، فهو مجهول، وإن وثقة ابن حبان. لكن الحديث صحيح. ورواه الدارمي وغيره بسند حسن. وصحيح أبي داود (ح/630) . ورواه أحمد (4/92، 98) ، وعبد الرزاق (3755) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/963) ، وابن أبي شيبة (2/328) ، والحميدي (602) ، وتلخيص (2/39) ، والبخاري في " التاريخ الصغير " (1/207) ، وشرح السنة (3/415) . وصححه الشيخ الألباني: الإرواء (2/289) .

ثنا / أبو الوليد ثنا ليث بن سعد عن ابن عجلان، وفي الصحيحين عن البراء: " أنهم كانوا إذا رفعوا رؤوسهم من الركوع مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاموا قياما، فإذا رأوه قد سجد سجدوا " (1) ، وعند مسلم: " كنا نصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا يحنوا أحد منا ظهره حتى يرى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع " (2) ، وفي لفظ: " كانوا يصلون مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإذا ركع ركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، لم نزل قياما حتى نراه قد وضع جبهته بالأرض ثم يتبعونه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (3) . وعند أبي داود من حديث أنس بن مالك: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الصلاة، ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة " (4) . وقوله: " بدنت " مشدّدة الدال، معناه: كبر السن، وفي المحكم: بدن الرجل أسن وضعف، قال الشاعر: وكنت خلت الهم والتبدينا ... والشيب مما حمل القرينا ورجل بدن قال الأسود بن يعفر: هل الشاب ذات من مطلب ... أم مالكا البدن الأشيب وفي الغريبين: رواه بعضهم إنى قد بدنت، وليس معنى لا أنه خلاف صنعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعناه: كثرة اللحم. *** (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذن، باب " 83 ") ، ومسلم في (الصلاة، ح/2، 22) ، ومالك في (الصلاة، ح/16) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه مسلم في (الصلاة، ح/198،197، 200، 201) ، والبخاري في (الأذان، باب " 133،52 ") ، والترمذي في (الصلاة، باب " 92 ") ، وأبو داود في (الصلا ة، باب " 74 ") ، وأحمد (4/300، 304) . (3) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/199) . (24) حسن. رواه أبو داود في (الصلاة، باب " 76 "، ح/724) ، ورواه أحمد (3/

171- باب ما يكره فعله في الصلاة

171- باب ما يكره فعله في الصلاة حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا ابن أبي فديك حدثنى هارون بن هارون بن عبد الله بن الهدير التيمي عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من الجفاء أن يكثر الرجل مسح جبهته قبل الفراغ/ من صلاته " (1) . هذا حديث في سنده ضعف، يضعف هارون بن هارون بن عبد الله بن محرز بن الهدير التيمي أبي محرز، فإن أبا حاتم الرازي قال: هو منكر الحديث ليس بالقوى، وقال البخاري: لا يتابع في حديثه، وفي موضع آخر: ليس بذاك، وقال النسائي، والدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان: كان يروى الموضوعات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج به، وقال ابن ماكولا: منكر الحديث وقال الساجي: ليس بذاك، وذكره العقيلي وابن الجارود في جملة الضعفاء، ولما ذكره البيهقي في المعرفة من حديث ابن بريدة عن ابن مسعود من قوله ومرة عن أبيه مرفوعًا أربع من الجفاء؛ فذكر منهن: مسح الرجل التراب عن وجهه في صلاته، قال: وروى من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعًا، ولم يصح منه عن أبي سعيد الذي احتج به الحميدي انصرف إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي جبهته وأنفه أثر الماء والطين وفيه أن لا يمسح المصلى الجبهة في الصلاة، وعن ابن عباس: " لا يمسح المصلى وجهه من التراب حتى يتشهد ويسلم ". وبه أخذ ابن أبي ليلى، وذكر أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم: أنَّه كان يمسح التراب عن وجهه في الصلاة قبل أن يسلم، وكان أبو حنيفة لا يرى بذلك بأسا، قال الشافعي: ولو ترك المصلى مسح وجهه من التراب حتى يسلم كان أحب إلي، وحمل ابن جبير قوله: (سيماهم في وجوههم) . على يدي الطهور وثرى الأرض، وأنكر ابن عمر، وأبو الدرداء، والسائب بن يزيد الذي يكون بالجبهة من شدة مسحها بالأرض، وكرهوا

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/964) . في الزوائد: اتفقوا على ضعف هارون، وضعفه الشيخ الألباني: الضعيفة (ح/177) ، وضعيف ابن ماجة (ح/200) .

ذلك- والله أعلم- وفي صحيح البستي عن أم سلمة: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لغلام يقال له: رباح: " يا رباح ترب وجهك " (1) ، وسماه الترمذي في جامعه: أفلح. حدثنا/يحيى بن حكيم أنبأ أبو قتيبة ثنا يونس عن أبي إسحاق وإسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي- رضى الله عنه- أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا تقعقع أصابعك وأنت في الصلاة " (2) . هذا حديث إسناده ضعيف لضعف الحرث المذكور قبل. وفي مسند أحمد من حديث ابن لهيعة عن رمان بن فائد وفيه كلام عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يقول: " إنّ الضاحك في الصلاة، والملتفت، والمقعقع أصابعه بمنزلة واحدة " (3) . ورواه البيهقي من حديث الليث عن ديان فأخرج عنه ابن لهيعة. حدثنا ابن شعبة سفيان بن زياد المؤدب، ثنا محمد بن راشد عن الحسن بن ذكوان عن عطاء عن أبي هريرة قال: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغطى الرجل فاه في الصلاة " (4) . هذا حديث إسناده صحيح، وضعفه بعضهم بالحسن بن ذكوان وهو غير جيد لثبوت حديثه فيمن فوق سعد، فقال عن أبيه عن جدّه كعب، ولفظ حديث أبي هريرة عنده: " إذا كنت في المسجد فلا تجعل أصابعك هكذى تشبك " (5) . ولما رواه في الأوسط قال: لم يروه عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة إلا الدراوردي، ورواه الناس عن ابن عجلان عن سعيد عن كعب، ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي عروبة، ثنا

_ (1) ضعيف. أورده الألباني في " ضعيف الجامع " (ح/6392، ص 927) ، وعزاه إلى النسائي والحاكم من حديث أم سلمة. انظر: الترغيب: (1/192-193) . (2) المغني عن حمل الأسفار (1/157) ، والإرواء (2/99) . (3) الكنز (19980) ، وإتحاف (3/153) ، والمجمع (2/79) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير "، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام عن رمان بن فائد، وهو ضعيف. (4) إسناده صحيح. رواه ابن ماجة (ح/966) . (5) المصدر السابق.

محمد بن معدان ثنا سليمان بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو عن زيد بن أنيسة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " يا كعب إذا توضأت فأحسنت الوضوء ثم خرجت إلى المسجد، فلا تشبك بين أصابعك فإنك في صلاة " (1) . وفي صحيح البخاري: حدثنا علقمة بن عمرو الدارمي ثنا أبو الوليد بكر بن عياش عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن كعب بن عجرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رأى رجلا قد شبك أصابعه في الصلاة ففرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أصابعه " (2) . هذا حديث لما رواه الترمذي من حديث الليث عن ابن عجلان عن سعيد عن رجل عن كعب قال: حديث كعب رواه غير واحد عن ابن عجلان مثل حديث الليث، وروى شريك عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه، وحديث/شريك غير محفوظ ولما خرجه الحاكم من حديث يحيى بن سعيد عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لكعب بن عجرة: " إذا توضأت ثم دخلت المسجد فلا تشبكن بين أصابعك " (3) . قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ورواه شريك بن عبد الله عن ابن عجلان فوهم في إسناده، فقال: عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كنت في المسجد فلا تجعل أصابعك هكذى، يعني: تشبكها " (4) . وخرجه أيضًا من حديث إسماعيل عن أبيه عن سعيد عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا توضأ أحدكم في بيته ثم أتى المسجد كان في صلاة حتى يرجع فلا يقل هكذا: وشبك بين أصابعه " (4) . وقال حديث صحيح على شرط الشيخين، وفي صحيح ابن خزيمة من حديث أبي ثمامة قال: لقيني كعب، وأنا أريد الجمعة، وقد سئلت الحديث ثم قال: رواه

_ (1) رواه البيهقي (3/231) ، وابن حبان (315) ، والكنز (19998) . (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/967) ، والإرواء (379) ، والتعليق الرغيب (1/123- 124) ، وضعيف ابن ماجة (ح/202) . (3) صحيح. رواه الحاكم (1/207) ، وابن خزيمة (440) . (4) الكنز (19929) ، والمجمع (1/240) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه عتيق بن يعقوب، ولم أر من ذكرها وبقية رجاله رجال الصحيح.

ابن أبي ذئب عن المقبري عن رجل من بنى سلام عن أبيه عن جدّه كعب، ورواه الآخر عن ابن عجلان عن ابن المسيب عن أبي سعيد، ولا أحل لأحد أن يروي عني هذا الخبر إلّا على هذه الصفة فإنه إسناد مقلوب، ويشبه أن يكون الصحيح حديث أبي ثمامة، وأما ابن عجلان فوهم في السند وخلط فيه، فمرّة يقول: عن أبيه عن أبي هريرة مرسل، ومرة يقول: عن أبيه عن أبي هريرة، وابن أبي ذئب من أنّ سعيدا إّنما رواه عن رجل وهو عندي سعد بن إسحاق إلّا أنّه غلط فيمن فوق سعد فقال: عن أبيه عن جده، ولفظ حديث أبي هريرة/عنده: " إذا كنت في المسجد فلا تجعلن أصابعك هكذى، تشبك "، ولا رواه في االأوسط قال: لم يروه عن ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة إلا الدراوردي ورواه الناس عن ابن عجلان عن سعيد بن كعب ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي عروبة ثنا محمد بن معدان ثنا سليمان بن عبد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " يا كعب إذا توضأت فأحسنت الوضوء ثم خرجت إلى المسجد فلا تشلؤ بين أصابعك فإنك في صلاة وأنبأ أبو يعلي: ثنا أبو خيثمة ثنا أبو عامر ثنا داود بن عن عن سعد بن إسحاق حدثنى أبو ثمامة الخياط أن كعب حدّثه به، وعند أحمد بن حنبل: دخلت على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد وقد شبكت بين أصابعي فقال لي: " يا كعب إذا كنت في المسجد، فلا تشبك بين أصابعك فأنت في صلاة ما انتظرت الصلاة " (1) . وعند ابن أبي شيبة بسند جيد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عن مولى لأبي سعيد: أنه كان مع أبي سعيد، وهو مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرأى رجلَا في المسجد شبَّك بين أصابعه فأذنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يفطن فالتفت إلى أبي سعيد، فقال: " إذا كان أحدكم في الصلاة فلا يشبكن، فإن التشبيك من الشيطان " (2) . وزعم ابن بطال: ليس هذا الحديث عن ثابت، وإن قيل فقد ورد في الصحيح في يوم ذي اليدين، فوضع يده اليمنى على

_ (1) المصدر السابق. (2) إسناده حسن. رواه أحمد (3/43) ، والمجمع (2/25) ، وعزاه إلى أحمد، وإسناده حسن. والكنز (19996، 20000) ، والترغيب (4/201) ، وابن أبي شيبة (2/75) .

اليسرى، وشبك بين أصابعه قيل له: هذا كان بعد فراغه من الصلاة فلا معارضة والله أعلم. وأما/حديث ابن عمر أو ابن عمرو من عند البخاري: " شبك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بين أصابعه " (1) . وحديث أبي موسى من عنده أيضا مرفوعا: " إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وشحك بين أصابعه " (2) . فخارج الصلاة، وقد اختلف العلماء في التشبيك في الصلاة؛ فزعم ابن الجوزي: أنه ورد النهى عن ذلك في أثار مرسلة عن سعيد بن المسيب معارضة لما ذكره البخاري، وليست كذلك؛ لأنها غير مقاومة لهما في الصحة، وذكر إبراهيم تشبيك الأصابع في الصلاة وهو قول مالك، ورخص في ذلك ابن عمر وسالم وأبيه، فكانا يشبكان في الصلاة، وكذلك الحسن، قال مالك: إنهم يشبكون تشبيك الأصابع في المسجد وما به بأس، وإنما يكره في الصلاة. حدثنا محمد بن الصباح أنبأ حفص بن غياث عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لا إذا تثاءب أحدكم فليضع يده، ولا يعوي، فإن الشيطان يضحك في فيه " (3) . هذا حديث إسناده ضعيف لضعف رواية عبد الله بن سعيد ونكارة حديثه، وسيأتي ذكره بعد، وقد وجدنا لحديثه هذا أصلا عند مسلم بلفظ: " التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع "، وعند مسلم أيضا من حديث أبي سعيد: " إذا تثاءب أحدكم في الصلاة فليكظم ما استطاع، فإن الشيطان يدخل فيه " (4) .

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (باب " 88 ") ، ومسلم في (الحج، ح/147) ، وأبو داود في (المناسك، باب " 56 ") ، وابن ماجة في (المناسك، باب " 34 ") ، واحمد (3/320) . (2) صحيح. رواه البخاري (1/129) ، والبيهقي (6/94) ، والفتح (1/565) . (3) " موضوع " هذا اللفظ. وصحيح بدون: " ولا يعوى " رواه ابن ماجة (ح/968) . في الزوائد: في إسناده عبد الله بن سعيد، اتفقوا على ضعفه. والمشكاة (993) ، والضعيفة (2420) . (4) رواه أحمد (3/31) ، والبيهقي (2/289) ، وابن عدي في " الكامل " (3324) ، والمشكاة (942) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (942) ، والفتح (10/612) .

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا الفضل بن دكين عن شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " البزاق، والمخاط والحيض، والنفاس في الصلاة/من الشيطان " (1) . هذا حديث أسلفنا الكلام على من ضعّفه، ثنا بن أبي عدي وغيره: التثاؤب ما يصيب الإنسان عند الكسل والنعاس والهم من فتح الفم والتمطي عن ابن درستويه، وقال الترمذي: هي من جهة الرسم انفتاح الفم بريح يخرج من المعدة لغرض من الأغراض يحدث فيها ذاك، ومن أمثالهم أعرى من الثوباء: يريدون إذا تثاءب الإنسان تثاءب من بحضرته، وقال ابن درستويه: العامة تقوله بالواو لا بهمزة تثاوب، ويتثاوب، تثاوبًا، وهو خطأ، وفي الحديث: " إذا تثاءب أحدكم فلا يقل: هاه هاه فإنه اسم شيطان " (2) . وفي الليلي: تثاءب بمد الهمزة وعن أبي سهل: الثؤب، بسكون الهمزة. ***

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/969) ، والكنز (19951) ، والجوامع (10302) ، وضعفه الشيخ الألباني، ضعيف ابن ماجة (ح/204) ، والضعيفة (3379) . (2) رواه أحمد: (2/517) .

172- باب من أم قوما وهم له كارهون

172- باب من أمَّ قوما وهم له كارهون حدثنا أبو كريب ثنا عبده بن سليمان وجعفر بن عون عن الإفريقي عن عمران بن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثلاثة لا تقبل لهم صلاة: رجل يؤم القوم وهم له كارهون، ورجل لا يأتي الصلاة الأدبار- يعني: بعد ما يفوته الوقت- ومن اعتبد محررًا " (1) . هذا حديث في سنده عبد الرحمن ابن زياد بن أنعم الأفريقي، وقد تقدَّم الاختلاف فيه. حدثنا محمد بن عمر بن هناج ثنا يحيى بن عبد الرحمن الأدمي، حدثني عبيدة بن الأسود عن القاسم بن الوليد عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " ثلاث لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرًا: رجل أمّ قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان/متصارمان " (2) . هذا حديث إسناده لا بأس به، قال أبو حاتم: لا أرى في حديثه إنكارًا، ويروي عن عبيدة أحاديث غرائب، وقال ابن نمير: لا بأس به، وقال الدارقطني: صالح يعتبر به، وقال أبو حاتم: لا أرى بحديثه بأس، والقاسم وثقة العجلي وغيره والمنهال خرج البخاري حديثه في صحيحه، وفي معجم الطبراني الكبير: ثنا يحيى بن عثمان ثنا سليمان بن أيوب حدثنى أبي عن جدي عن موسى بن طلحة عن طلحة بن عبيد الله سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " أيما رجل أم قوما وهم له كارهون لم تجز صلاته أذنه " (3) . وذكره أيضًا الشيخ ضياء الدين في صحيحه- والله أعلم-، وعند

_ (1) ضعيف. " إلا الجملة الأولى منه فصحيحة " رواه ابن ماجة (ح/970) ، والمشكاة (1123) ، والتعليق الرغيب (1/170) ، وصحيح الترغيب (483- 486) ، وضعيف أبي داود (ح/92) ، وصحيح أبي داود (ح/607) ، وضعيف ابن ماجة (ح/205) . (2) ضعيف بهذا اللفظ، وحسن بلفظ: " العبد " مكان: " أخوان متصارمان ". ضعيف ابن ماجة (ح/ 206) ، وسنن ابن ماجة (ح/971) ، وغاية المرام (248) ، والمشكاة (1128) ، والتعليق (1/170) . (3) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/68) ، وعزاه إلى الطبراني قْي " الكبير " من رواية سليمان بن أيوب الطلحي. قال فيه أبو زرعة: عامة أحاديثه لا يتابع عليها، وقال صاحب الميزان: صاحب مناكير وقد وثق. والكنز (20395) ، والترغيب (1/313) ، والطبراني (1/74) .

الترمذي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم أذانهم: العبد الأبق، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام أمَّ قومًا وهم له كارهون " (1) . وقال: حديث حسن غريب، وفي المعرفة: وروى من وجه آخر من حديث قتادة، قال: لا أعلمه إلا رفعه قال: وهذا منقطع، ورواه إسماعيل أظنه ابن عياش عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن الحسن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلًا، وعن عطاء عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موصولا، وهذا إسناد ضعيف، وروى حديث الحسن موصولًا يذكر أنس فيه وليس بشيء. تفرد به محمد بن القاسم الأسدي عن الفضل بن دلهم عنه، ومن حديث يزيد بن أبي خبيب عق عمرو بن الوليد عن أنس يرفعه، وعن عطاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلًا، وقال الشافعي: لم أحفظه من وجه يثبت أهل/العلم بالحديث مثله، قال: ومعناه الرجل غير الوالي يؤم جماعة يكرهونه فاكره ذلك للإمام. انتهى. هذا الوعيد في الرجل ليس من أهل الأمانة فيتغلب عليها حتى يكَره الناس إمامته، فأمَّا المستحق للإمامة فاللوم على من كرهه، وقوله: وكارهون يكون قد اتخذه عادة حتى يَكون حضوره الصلاة بعد فراغ الناس، وقيل: أن يأتيها بعدما يفوت وقتها أو يأتيها حين أدبر وقتها، وقرأ عتق محرره أي: اتخذه عبدًا وهو أن يعتقه وينكره أو يعتقه بعد العتق، فيستخدمه كرهًا أو يأخذ حرًا فيدعيه عبدًا أو يتملكه، وإغلاق محررة على هذه الصورة الأخيرة فيه، وقد روى اعتيد محررًا فيتخرج عليه هذه الصورة الأخيرة، والله أعلم.

_ (1) صحيح. انظر الحاشية قبل السابقة.

173- باب الاثنان جماعة

173- باب الاثنان جماعة حدثنا هشام بن عمار أنبأ الربيع بن بدر عن أبيه عن جدّه عمرو بن جراد عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اثنان فما فوقهما جماعة " (1) . هذا حديث قال فيه أبو محمد بن حزم في كتاب الأحكام: هذا نجر ساقط، وكأنه- والله أعلم- يعني بذلك ضعف رواية الربيع بن بدر، اطلعت عليه فإن يحيى بن معين قال: هو ليس بشيء، وفي رواية كان ضعيفا، وقال أبو حاتم: لا يشتغل به ولا بروايته فإنه ضعيف الحديث ذاهب الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: لا يكتب حديثه، وقال مرة أخرى: ضعيف متروك، وقال أبو داود: ضعيف الحديث، وفي موضع آخر: لا يكتب حديثه، وقال ابن خراش: متروك الحديث، وقال/ابن عدي: وعامة رواياته مما لا يتابعه عليه أحد، وقال النسائي: ليس بثقة ولا يكتب حديثه، وفي موضع آخر: متروك الحديث، وكذا قاله الأزدي والدارقطني، وقال الساجي: فيه ضعف، وكان أحمد بن حنبل إذا ذكره تبسم: يروى عن الأعمش حديثا منكرا، وقال العجلي: ضعيف الحديث، وقال عثمان بن أبي شيبة: فإنّ محمد بن عثمان ضعيف، وقال الحاكم لما شأنه عنه مسعود: يقلب الأسانيد، ويروى عن الثقات المقلوبات، وعن الضعفاء الموضوعات وقال ابن الجارود: ليس بشيء، وقال البخاري: يخالف في حديثه، وقال السعدي: واهي الحديث، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد، ويروى عن الثقات المقلوبات، وعن الضعفاء الموضوعات، ورواه البيهقي من جهة سعيد بن رزين وهو ضعيف، قال: ثنا ثابت عن أنس فذكره بمثله، وفي الأحكام لابن حزم وقال: لا يصح من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا: " اثنان فما فوقهما جماعة ". وفي الكامل من حديث الحكم بن عمير مرفوعا: " اثنان فما فوقهما جماعة ". فيه عيسى بن طهمان وهو ضعيف الحديث منكره.

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/972) . في الزوائد: الربيع وولده بدر ضعيفان. والمشكاة (1081) ، والإرواء (489) ، وضعيف ابن ماجة (ح/207) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني.

حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ثنا عبد الواحد بن زياد عن عاصم عن الشعبي عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة، فقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي من الليل، فقمت عن يساره، فأخذ بيدي فأقامني عن يمينه " (1) هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم. حدثنا بكر بن خلف بن بشر ثنا أبو بكر الحنفي، ثنا الضحاك بن عثمان ثنا شرحبيل قال: سمعت جابر ابن عبد الله يقول: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي المغرب / فقمت فجئتِ عن يساره فأقامني عن يمينه " (2) . هذا حديث في إسناده ضعف بضعف شرحبيل بن سعد أبي سعد الأنصاري الخطمي المدني، فإنّه وإن كان ابن حبان قد ذكره في الثقات، وفي رواية نصر عن يحيى ثقة، وخرج ابن خزيمة وابن حبان والحاكم حديثه وزاد الحاكم: روى عن مالك بعد أن كان رمى الرامي فيه، قال البرقي: روى عنه مالك حديث النهش، وحدَث عنه يحيى بن سعيد، وقال أبو زرعة: فيه لين، فقد فال ابن أبي ذئب: ثنا شرحبيل بن سعد، وكان متّهمَا، وقال علي بن المديني: اتهم وترك، وقال الساجي: فيه ضعف، وليس بذاك، وفي موضع آخر: ضعيف وذكره البرقي في باب من كان الأغلب عليه الضعف في حديثه، وقد ترك بعض أهل العلم من المحدّثين الرواية عنه، وذكره أبو العرب، والمسحيلي، وابن السكن البلخي، والعقيلي في جملة الضعفاء، وقال بشر بن عمر قال مالك: ليس بثقة، وقال النسائي: ضعيف، وكذا قاله ابن معين في رواية عباس، زاد: وليس هو بشيء قيل لابن إسحاق: كيف حديثه؟ فقال: واحد يحدّث عنه،

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في العلم، باب " 41 "،، والوضوء، باب " 5 "،، والأذان باب " 57، 59، 161 ") ، ومسلم في (المسافرين، ح/181، 182، 184، 189، 192، 193) ، والنسائي في (الإمامة باب " 22 " والتطبيق، باب " 63 ") ، وابن ماجة في (الطهارة، باب " 48 " والإقامة باب (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/974) . في الزوائد: في إسناده شرحبيل، ضعيف. ضعفه غير واحد، بل اتهمه بعضهم بالكذب، لكن ذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج هو وابن خزيمة في صحيحيهما هذا الحديث من طريق شرحبيل.

وقال ابن عديّ: له أحاديث، وليست بالكثيرة، وفي عامة ما يرويه إنكار على أنه قد حدّث عنه جماعة، وهو إلى الضعف أقرب، والله تعالى أعلم. حدثنا نصر بن علي ثنا أبي ثنا شعبة عن عبد الله بن المختار عن موسى بن أنس عن أنس: قال: " صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بامرأة من أهله وبي، فأقامني عن يمينه، وصلَّت خلفنا المرأة " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه وفي أبي داود (2) ما يبين أن هذه المرأة من أهل أنس، لا من أهل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي صحيح ابن حبان من حديث/شعبة عن ابن المختار، عن موسى، عن أنس، أنه كان هو والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأمه وخالته، فصلى بهم النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فجعل أنس بيمينه وأمه وخالته خلفهما " (3) . وفي البخاري من حديث مالك بن الحويرث: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا وليؤمكما أكبر كما " (4) ، وحديث: " صلاة الرجل مع الرجل أولى من صلاته وحده " (5) ، وحديث: " من يتصدق على هذا فيصلي معه " (6) . رواه أبو سعيد عن ابن حبان، والله تعالى أعلم.

_ (1) هذا حديث تقدم ص 1627. (2) قوله: " أبو داود " سقط من " الأصل "، وكذا أثبتناه. (3) قلت: " وقد سقط هذا الحديث من الأصل إلا كلمات وكذا أثبتناه. (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأسان، باب " 18،17، 49، 140 ") ، ومسلم في (المساجد، ح/393،392) ، وابن ماجه (ح/979) ، والدارمي في (الصلاة، باب " 42 ") ، وأحمد (3/436، 5/53) . (5) رواه النسائي في (الإمامة " باب 45 ") ، والبيهقي (3/68) ، والتمهيد (6/317) ، والفتح (12/36) ، والقرطبي (1/351) ، والعقيلي (6/112) . (6) تقدم، وانظر: الإرواء (2/316) ، والكنز (3427) .

174- باب من يستحب أن يلي الإمام

174- باب من يستحب أن يلي الإمام حدثنا محمد بن الصباح، أنبأ سفيان بن عيينة عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود الأنصاري قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولوا الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما فيما قاله الحاكم وعنده أيضَا: " ليلني منكم الذين يأخذون مني أولى الصلاة " (2) ، وقال: هذه الزيادة عندهما صحيحة على شرطهما، وفي علل الخلال: قال جبل: ثنا أبو عبد الله ثنا يونس ثنا يزيد بن زريع ثنا خالد عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله يرفعه: " ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ". قال أحمد: هذا حديث منكر، وقال أبو الحسن: لم يروه عن إبراهيم إلّا أبو معشر، وهو مخرج في صحيح مسلم بزيادة: وقال فيه الترمذي: حسن غريب، وعند ابن/خزيمة (3) : من حديث أبي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لنا: " كونوا في الصف الذي يليني ". حدثنا نصر بن علي ثنا عبد الوهاب ثنا عبد الواحد ثنا حميد عن أنس قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب أن يليه المهاجرون والأنصار ليأخذوا عنه " (4) . هذا حديث إسناده صحيح ولفظ أحمد في مسنده (5) : " ليحفظوا عنه ". حدثنا أبو كريب ثنا ابن أبي زائدة عن أبي الأشهب عن أبي نضرة عن

_ (1) تقدم. رواه البخاري (3/158، 4/213) ، ومسلم في (الصلاة، ح/123،122) ، وأبو داود (ح/664، 675) ، والترمذي (228) ، وأحمد (4/122) ، والحاكم (1/573، 2/8) ، والطبراني (10/ 108، 178، 17 / 215، 218) ، وأبو عوانة (2/41، 42) . (2) رواه الحاكم في " المستدرك ": (1/573، 2/8) . (3) رواه ابن خزيمة: (1552) . (4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/977) ، وأحمد (3/100، 263،199) ، والبيهقي (3/97) ، والكنز (17934) ، والصحيحة (1409) . وصححه الشيخ الألباني. (5) رواية أحمد في الحاشية السابقة.

أبي سعيد: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى في أصحابه تأخرًا، فقال: " تقدَّموا وأتموا بيِ، وليأتم بكم من بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخِّرهم الله عز وجل " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه. وفي سنن أبي داود (2) عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يزال قوم يتأخرون عن الصف الأول حتى يؤخرهم الله تعالى في النار ". قال المنذري: قال هذا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنافقين، ويحتمل أن يكون تأخرهم في العلم أو في السبق والمنزلة عنده صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وفي سنن الدارقطني من حديث عبيد الله بن سعيد عن الليث عن مجاهد عن ابن عباس يرفعه: " لا يتقدّم الصف الأول أعرابي، ولا أعجمي، ولا غلام لم يحتلم " (3) . المنكب من الإنسان وغيره: مجتمع رأس الكتف والعضد، تذكر لا غير حكى ذلك اليماني. وفي صحيح البخاري في كتاب البيوع: في عامة ما رأيت من الأصول فوضع يده على إحدى منكبي. والأحلام: الحلومْ، جَمْعُ حُلُم وهو: الأماة والعقل، قال الله تعالى: (أم تأمرهم أحلامهم بهذا) . وقال جرير بن الخطفي فيما ذكره ابن سيده: هل من حلوم لأقوام فينذرهم ما حربت الناس من عضى/ونضوي، وهذا أحد ما جمع من المصادر، ورجل حليم من قوم أحلام وحلمًا، والنهي: العقل يكون واحدًا وجمعًا وهو جمع نُهيه، والنهاة والمنهاة، العقل كالنهية، ورجل منها، وعاقل حسن الرأي عن أبي العميثل، وفي الغريبين: لأنه ينهى ما إلى المبائع، وقيل: لأنه ينتهى إلى رأيه واختياراته لعقله، وخصهم بذلك استخلافه إن احتاج أو لتبليغ ما يسمعونه منه، وضبط ما يحدث عنه والتنبيه على سهو إن وقع؛ ولأنهم أحق بالتقدم، وليقتدي هم من بعدهم، والله تعالى أعلم.

_ (1) صحيح. روا مسلم في (الصلاة، ح/130) ، والنسائي في (الإمامة، باب " 17 ") ، وأبو داود (ح/680) ، وابن ماجة (ح/978) ، واحمد (3/34، 54) ، والبيهقي (03/13) ، والترغيب (1/324) ، والكنز (20648) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/130) ، وأبو داود (ح/679) ، والنسائي في (الإمامة، باب " 17 ") ، وابن ماجة (ج/978) ، وأحمد (3/34، 54) ، والبيهقي (03/13) ، والكنز (23008) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/203) ، وأبو عوانة (2/42) . (3) رواه الدارقطني (1/281) ، والعلل المتناهية (1/428) .

175- باب من أحق بالإمامة

175- باب من أحق بالإِمامة حدثنا بشر بن هلال الصواف، ثنا يزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال: أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنا وصاحب لي، فلما أردنا الانصراف قال لنا: " إذا حضرت الصلاة فأذّنا وأقيما، وليؤمكما أكبركما " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما. حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن إسماعيل بن رجاء سمعت أوس بن صمعج قال: سمعت أبا مسعود يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة، وإن كانت الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنُّا، ولا يؤم الرجل في أهله ولا في سلطانه، ولا يجلس على تكرمة في بيته إلا لإذن أو بأذنه " (2) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه، وفي الباب حديث أبي سعيد الخدري من عنده أيضا مرفوعا: " إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرئهم " (3) . وحديث/ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يؤمَكم اقرأهم " وإن كان ولدا ذكره ابن حزم في كتاب الأعرابي من حديث محمد بن الفضل بن عطية، وهو متروك. وحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سافرتم فليؤمكم أقرؤكم وإن كان أصغركم، وإذا أمكم

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 162، 163، 346، 2/ 42) ، ومسلم في (المساجد، ح/292) ، والنسائي (2/9) ، وأحمد (5/53) ،والبيهقي (1/ 385، 2/ 17، 345، 3/54، 91) ، والحاكم (3/47) ، والدارقطني (1/273، 346، 2/42) ، والطبراني (7/56) ، ومشكل (2/297) . (2) صحيح. أورده الألباني في " الصحيحة " (ح/1595) ، وعزاه إلى مسلم وأبي داود (ح/582) ، والنسائي (2/76) ، وأحمد (3/163، 4/118) ، والبيهقي (3/90، 119، 125، 121، 5/272) ، وأبو عوانة (2/35) ، وابن عدي في " الكامل " (7/2507) . (3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/289) ، والنسائي (2/77، 104) ، وابن خزيمة (1508) ، والمشكاة (1118) ، والمنحة (624) ، وابن أبي شيبة (1/343) ، والبيهقي (3/ 121،119،89) ، والكنز (1755) .

فهو أميركم " (1) . رواه البزار وقال: لا نعلمه يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من رواية أبي هريرة بهذا الإسناد، وعند الدارقطني من حديث خالد بن إسماعيل الخزومي- وهو متروك- مرفوعًا: " إن سركم أن تزكوا صلاتكم فقدّموا خياركم " (2) . ومن حديث عبد الله بن محمد بن يحيى- وهو ضعيف-: لا سيليكم بعدي أمراء فيليكم الببرة، والفاجر بفجوره، فاسمعوا لهم وأطيعوا وصلوا وراؤهم " (3) . وحديث ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أم قوما وفيهم من هو أقرؤ منه لكتاب الله وأعلم، لم يزل في سفاك إلى يوم القيامة " (3) . ذكره العقيلي من حديث الهيثم بن عقاب، قال: وهو مجهول بالنقل وحديث غير محفوظ، وقال الطبراني في الأوسط: لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد. تفرد به الحسين بن علي بن يزيد الصدائي يعني عن أبيه عن حفص بن سليمان عن الهيثم، وفيه من حديث عبد الله بن حنظلة الغسيل مرفوعًا: " الرجل أحق بصدر دابته، وأن يؤم في رحله " (4) . وقال: لم يروه عن المسيب بن رافع، ومعبد بن خالد إلا إسحاق بن يحيى بن طلحة، ولا يروى عن عبد الله بن حنظلة إلّا بهذا الإسناد، وعند الدارقطني من حديث عمر بن يزيد- وهو منكر الحديث- مرفوعَا: " اجعلوا أئمتكم خياركم فأمموهم وقدموهم فيما بينكم وبن الله عز وجل " (5) . وعن خالد بن إسماعيل أيضًا " صلوا خلف/من قال: لا إله إلا الله " (6) . وحديث عمر بن

_ (1) لم تقف عليه. (2) رواه الدارقطني (1/346) ، والكنز (20388) ، والخطيب (2/51) ، ولسان (5/267) ، والقرطبي (1/357) ، وابن عدي في " الكامل " (3/912) . (3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (5/218) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة، وهو ضعيف جدا. (4) صحيح. رواه أحمد (3/32) ، والد، مي (2/285) ، والمجمع (6/80، 08/18) ، وابن أبي شيبة (8/ 372) ، والإرواء (2/257) ، والكنز (24962، 24963، 24999) ، وابن عساكر في " التاريخ " (7/ 374) ، وأصفهان (1/134) ، والصحيحة (1595) . وكذا صححه الشيخ الألباني. (5) رواه الدارقطني (2/88) ، ونصب الراية (2/26) ، والخفاء (2/140) . (6) تلخيص (2/35) ، والإرواء (2/305) ، والخطيب (03/46، 1/2831) ، وأصفهان (2/ 317) ، وابن القيسراني (501) ، والدرر (104) ، والمتناهية (1/423، 424) .

سلمة من عند البخاري مرفوعًا: " فإن أحضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا " (1) . وحديث جابر مرفوعا: " ألا لا يؤمن رجل امرأة، ولا يؤمن أعرابي مهاجر، ولا يؤمن فاجر برَا إلّا أن يكون ذا سلطان " (2) . ذكره ابن حزم في كتابه الأعراب من حديث ابن جدعان، وهو ضعيف. وحديث ابن عباس: " ليؤذن لكم خياركم، ويؤمكم قراؤكم ". تقدم من عند ابن ماجة. وحديث عائشة من كتاب الخلال، وقيل لها: من يؤمنا؟ قالت: " أقرؤكم للقرآن، فإن لم يكن فأصبحكم وجهًا ". قال أحمد، ويحيى بن معين: هذا حديث سوء ليس بصحيح، وسئل أحمد عن حديث مؤيد السنجي عن مرة عن عمر: " لا يوم المقيد المطلقين " (3) ، فلم يعجبه، قيل له: تعرف في المقيد يؤم المطلقين قال: لا أعرف فيه شيئًا يصح.

_ (1) تقدم قريبا في ص 1631. (2) انظر: كتاب الأعراب لابن حزم. (3) رواه الدارقطني: (1/185) .

176- باب ما يجب على الإمام

176- باب ما يجب على الإمام حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا سعيد بن سليمان ثنا عبد الحميد بن سليمان أخو فليح ثنا أبو حازم قال: كان سهل بن سعد الساعدي يقدم فتيان قومه يصلون بهم قيل له: تفعل هذا، ولك من القدم مالَكَ؟! قال: " إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: الإِمام ضامن، فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء يعني فعليه ولا عليهم " (1) . هذا حديث قال فيه الحاكم وخرجه من حديث شريح بن النعمان عن عبد الحميد: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وكأنه- رحمه الله تعالى- لم يعتد بما قيل في رواية عبد الحميد، وهو وإن فال فيه أحمد: وسئل كيف حديثه، قال: لا أدرى إلا أنه/ما كان يرى به بأسًا، وخرج الحاكم حديثه في مستدركه وصححه الترمذي وأبو علي الطوسي فقد قال فيه النسائي: ليس بثقة، وفي موضع آخر: ضعيف الحديث، وكذا قاله الدارقطني، وابن المديني، وصالح بن محمد، وقال أبو داود: غير ثقة ويحيى بن معين: ليس بشيء، وفي موضع آخر: ليس بثقة، وفي موضع آخر: لا يكتب حديثه، ولما ذكر ابن عدي وابن طاهر حديثه الذي صححه أبو علي وأبو عيسى: " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة " (2) . رواه به. زاد أبو أحمد وهو ممن يكتب حديثه، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال جرير بن عبد الحميد: فليح أثبت منه، وذكره العقيلي وابن شاهين في جملة الضعفاء، وقال يعقوب بن سفيان: من باب يرغب عن الرواية عنهم، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم منهم عبد الحميد بن سليمان ولم يكن بالقوي وقال ابن الجارود: ليس بشيء وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن أم غراب عن امرأة يقال لها:

_ (1) صحيح. رواه الحاكم (1/216) والبيهقي في " الكبرى " (1/430، 431، 3/127) والصحيحة (1767) . (2) المجمع (1/2880) ، والصحيحة (ح/943،686) . انظر طرقه وتصحيح الشيخ الألباني لهذا الحديث.

عقيلة عن سلامة بنت الحر أخت خرسة، قالت: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " يأتي على الناس زمان يقومون ساعة لا يجدون إماما يصلي بهم " (1) . هذا حديث في سنده امرأتان مجهولتان الأولى أم غراب طلحة وإن كان قد روى عنها أيضًا مروان بن معاوية الفزاري، وفي الكمال: وهارون بن عباد فيشبه أن يكون وهمًا، وذلك أنّ ابن عباد إنّما روى عن مروان عنها. نص على ذلك أبو داود وغيره فإني لم أر من تعرض لمعرفة حالها، وأما عقيلة فلم أر من ذكر عنها راويًا غير أم غراب، ولا تعرض لحالها على أن أبا داود لما روى حديثها سكت عنه، وتبعه / على ذلك المنذري وغيره، وليس كافيا ولفظه: " من أشراط الساعة أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إماما يصلي هم " (2) . وفي كتاب الخلال من حديث عبد الرزاق عن أبيه: أن قومًا تدافعوا الإمامة فخسف هم، قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: سمعه من عبد الرزاق، وليس له إسناد. حدثنا محرز بن سلمة العدني ثنا ابن أبي حازم عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي علي الحمداني: أنه خرج فيه لسفر فيه عقبة بن عامر الجهني، فجاءت صلاة من الصلوات فأمرناه أن يؤمنا، وقلنا له: إنَّك أحقنا بذلك أنت صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من أم الناس فأتم فأصاب فالصلاة له ولهم، ومن انتقص من ذلك شيئا فعليه ولا عليهم " (3) . هذا حديث صححه الإشبيلي بسكوته عنه، وأبي ذلك عليه أبو الحسن، وضعفه، ولما ذكره أبو جعفر الطحاوي عن الربيع بن سليمان قال: ثنا سعيد بن كثير بن عفير ثنا يحيى بن أيوب عن حرملة عن عمران عن أبي علي الحمداني سمعت عقبة قال: أهل العلم بالحديث يقولون: الصواب في إسناد

_ (1) انظر: الحاشية القادمة. (2) انظر: كتاب الخلال. (3) صحيح. رواه أبو داود في (الصلاة، باب " 59 " وابن ماجة ح/983) ، وأحمد (4/ 145، 201) ، والبيهقي (3/127) ، والحاكم (213،1/209) ، وابن حبان (3740) ، وابن خزيمة (1513) ، والترغيب (1/310) ، ومشكل (3/54) ، وإتحاف (3/173) ، والطبراني (17/ 329) ، والكنز (20394) .

هذا الحديث يحيى بن أيوب عن حرملة عن أبي علي؛ لأن عبد الرحمن بن حرملة لا يعرف له سماع من أبي علي، ولما خرجه الحاكم من جهة يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة عن أبي علي، قال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه. انتهى كلامه. وفيه نظر. من حيث أن يحيى بن أيوب الغافقي ممن اتفقا على تخريج حديثه، وعبد الرحمن بن حرملة. تفرد بحديثه مسلم، وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/قال: " يصلون لكم، فإن أصابوا منكم وإن أخطئوا فلكم وعليهم " (1) . وتقدم حديثه أيضًا: " الإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن " وما فيه من العلل القادحة وغير القادحة، وعند الدارقطني بسند لا بأس به عن جابر يرفعه: " الإمام ضامن، فما صنع فاصنعوا " (2) . قال أبو حاتم: هذا صحيح لمن قال بالقراءة خلف الإمام. وفي كتاب أبي داود بسند حسن من حديث قبيصة بن وقاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة، فهي لكم وهي عليهم " (3) . وقال المهلب في حديث أبي هريرة: " جواز الصلاة خلف البر والفاجر إذا خيف منه، وفيه أن الإمام إذا ينقص فرض من فروضها فلا يجوز اتباعه إلّا أن يخاف منه " (4) . ***

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/178) ، والبيهقي (2/397، 3/127) ، والترغيب (1/310) ، والكنز (20392) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/173) ، والمشكاة (1133) ، وإتحاف (3/ 173) ، وشرح السنة (05/43) ، ونصب الراية (2/60) ، والصحيحة (1767) . (2) رواه ابن عساكر في " التاريخ " (6/363) ، والمتناهية (1/439) ، الخطيب في " التاريخ " (8/332) ، والمجمع (2/66) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه موسى بن شيبة من ولد كعب بن مالك، ضعفه أحمد، ووثقه أبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات أيضا. (3) حسن. رواه أبو داود (ح/434) ، وابن سعد في " الطبقات " (7/38) ، والطبراني (18/ 375) ، والمشكاة (622) ، والكنز (20681) ، والاستذكار (1/36) . (4) رواه ابن حبيب في " مسنده ": (1/ 44، 3/ 6) .

177- باب من أم قوما فليخفف

177- باب من أمُّ قومًا فليخفف حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا إسماعيل عن قيس عن أبي مسعود قال: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل فقال يا رسول الله: إنى لأتأخَّر في صلاة الغداة من أجل فلان لما يطيل بنا فيها. قال: فما رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غضب قط في موعظة أشدّ غضبًا منه يومئذ فقال: " يا أيها الناس إنّ منكم منفرين، فأيّكم ما صلى بالناس فليجوز، فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة (1) . هذا حديث خرجاه في الصحيح، وفي لفظ عند البخاري: " فإن فيهم المريض والضعيف ". ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث أبي الجواب عن عمار بن رزيق عن أبي إسحاق عن قيس بن أبي حازم عنه، وقال: المشهور من حديث إسماعيل عن قيس. حدثنا أحمد بن عبدة وحميد بن مسعدة قالا: ثنا حماد بن زيد ثنا عبد العزيز بن صهيب عن مالك قال: " كان رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوجز ويتم الصلاة " (2) . هذا حديث خرجاه أيضًا حدثنا محمد بن رمح أنبأ الليث بن سعد عن ابن الزبير عن جابر قال: صلى معاذ بن جبل بأصحابه صلاة العشاء، فطول عليهم فانصرف رجل منا فصلى فأخبر معاذ عنه فقال: إنه منافق، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره ما قال معاذ فقال له النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتريد أن تكون فتانًا يا معاذ، إذا صليت بالناس فاقرأ بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى، واقرأ باسم ربك " (3) . هذا حديث خرجه أيضًا من حديث عمرو بن دينار: سمعت جابرًا بلفظ: " أقبل رجل فمر بنا، وقد جنح الليل فوافق معاذًا أنت ثلاث مرات ". وفي مسند أحمد بن حنبل بسند صحيح عن بريدة الأسلمي: " إنَّ معاذًا

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/180، 8/ 33، 9/ 82) ، ومسلم في (الصلاة، ح/ 182) ، وابن ماجة (ح/5/273) ، والطبراني (17/208) ، والكنز (20426) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/181) ، ومسلم في (الصلاة، ح / 188) . (3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/179) ، والبيهقي (2/393) ، وابن ماجة (ح/ 986) ، والنسائي (2/173) ، والكنز (19670) ، ونصب الراية (2/30) ، والإرواء (1/330) .

صلى بأصحابه العشاء فقرأ فيها اقتربت الساعة، فقام رجل فصلى وذهب ... ". الحديث، وفيه أيضًا بسند صحيح عن أنس بن مالك: " كان معاذ يؤم قومه فدخل حرام- يعني: ابن ملحان: وهو يريد أن يسقى نخلة المسجد، فلما رأى معاذًا طوَل، تحول في صلاته ولحق بنخله ليسقيه " (1) . وعنده أيضًا من حديث معاذ بن رفاعة عن سليم رجل من بنى سلمة: أنه أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله إن معاذَا ... الحديث، وذلك قبل أُحد فدلّ أن الحديث منقطع؛ لأن معاذ بن رفاعة ليس صحابنا، قال ذلك: ابن حزم وغيره، وفي سنن أبي داود عن موسى بن إسماعيل عن طالب بن حبيب، سمعت عبد الرحمن بن جابر يحدّث عن حزم بن أبي كعب الأنصاري: أنه أتى معاذًا وهو يصلى يقول مع صلاة المغرب ... " (2) الحديث. وفي صحيح البستي عن جابر: كان معاذ يصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم فأخرّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء ذات ليلة فصلى معه معاذ ثم رجع إلينا فتقدّم ليؤمنا، فافتتح بسورة البقرة فلما رأى ذلك رجل منّا " (3) ... الحديث، وفيه: قال عمرو: وأمره بسور لا أحفظها، قال سفيان: فقلنا لعمرو إنّ أبا الزبير قال لهم أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: " اقرأ بالسماء والطارق، والسماء ذات البروج، والشمس وضحاها، والليل إذا يغشى " (4) . قال عمرو بنحو هذا، وفي لفظ: " ثم ينصرف إلى قومه فيصلي هم " وكان إمامهم ". قال أبو حاتم: في هذا رخص زعم أنه لم يكن يصلي بهم لغرض، وإن الغرض أدّاه مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال ذكر الخبر الدال على أنَّ المغرب ليس له وقت واحد أنبأ ابن الجنيد ثنا قتيبة ثنا حماد بن زيد عن عمرو سمع جابرا: " إن معاذًا كان يصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المغرب ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم ". وفي شرح مسلم للنووي- رحمه الله تعالى- باب القراءة في العشاء فيه حديث البراء بن عازب: " أن معاذا كان يصلي مع النبي

_ (1) هذا الحديث تقدَمت روايته بأطول مما ورد هنا الآن. وانظر ألمجمع (2/71) ، وقد عزاه الهيثمي إلى أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح. (2) هذا حديث قد تقدم أيضا. (3) المشكاة (1150، 1151) . (4) تقدْم. رواه ابن ماجة (ح/836) ، والفتح (2/195) ، والمنثور (6/338) ، والإرواء (1/328) .

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يأتي قومه فيؤمهم ... " الحديث. انتهي. وينبغي أن يثبت في هذا، فإني لم أجده في مسلم، ولا في كتاب من الكتب الستة، وفي سنن الدارقطني بسند صحيح عن أبي بكر النيسابوري: ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا أبو عاصم عن ابن جريح عن عمرو عن جابر: " أنَ معاذا كان يصلي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ العشاء، ثم ينصرف إلى قومه فيصلي هم هي له تطوع ولهم فريضة ". وثنا أبو بكر ثنا عبد الرحمن بن بشر وأبو الأزهر قالا: ثنا عبد الرزاق، أنبأ ابن جريج أخبرني عمرو أخبرني جابر الحديث بلفظ: " فيصلي بهم تلك الليلة هي له نافلة/ولهم فريضة ". ورواه الشافعي في مسنده عن عبد المجيد عن ابن جريح عن عمرو به، وقال البيهقي: هذا حديث ثابت لا أعلم حديثا يروى من طريق واحدة أثبت من هذا ولا أوثق رجالا، قال البيهقي: وكذلك رواه عبد الرزاق عن ابن جريح فذكر هذه الزيادة، وقد رويت هذه الزيادة من وجه آخر عن جابر رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن عجلان عن عبيد الله بن مقسم عن جابر بلفظ: " فيصلي لهم العشاء وهي له نافلة "، وقد روى ابن عيينة عن عمرو حديث جابر هذا فلم يذكر هذه الزيادة، فيجوز أن يكون من قول ابن جريح، أو من فول عمرو، أو من قول جابر، ثنا علي ظنّ واجتهاد لا يجزم، وذكر أبو البركات ابن تيمية أنَ الإمام أحمد ضَعف هذه الزيادة وقال: أخشى أن لا تكون محفوظة؛ لأن ابن عيينة يزيد فيها كلاما لا يقوله أحد، وزاد ابن قدامة في المغني عنه، وقد روى الحديث منصور بن زادان وشعبة فلم يقولا ما قاله سفيان. انتهى. قد سبق من عند الدارقطني وغيره إن هذه الزيادة جاءت من قبل ابن جريح ومن عند الطحاوي أنّ ابن عيينة لم يأت لها فينظر، وفي كتاب ابن الجوزي: فإن قالوا فقد روى عن جابر أنّه قال: يكون له تطوّعًا قلنا: هذا لا يصح، ولو صح كان ظنا من جابر، وبنحوه ذكر القاضي أبو بكر في العارضة وفي كتاب ابن بشكوال: اسم الرجل المنصرف حازم، وفي مسند الشافعي: " فقرأ بسورة البقرة والنساء " (1) . قال البيهقي: الأصل ما كان موصولا بالحديث يكون منه، وخاصة إذا روى من وجهين إلا أن تقوم

_ (1) تقدم في رواية مطولة.

دلالة على التمييز، فالظاهر أن قوله: " هي له تطوع، وهي لهم مكتوبة " من قول جابر، وكان الصحابة أعلم بالله وأخشى/له من أن يقولوا مثل هذا لا يعلم. وحديث عمرو بن شعيب عن سليمان مولى ميمونة عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تصلوا صلاة في يوم مرتين " (1) . لا يثبت ثبوت حديث معاذ للاختلاف في الاحتجاج بروايات عمرو وانفراده به، والاتفاق على الاحتجاج بروايات رواها معاذ: " وصلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أي صلاة الخوف ببطن نخل مطابقة ركعتين ثم سلم، ثم جاءت طائفة أخرى فصلى لهم ركعتين ثم سلم " (2) . قال الشافعي: أنبأ به الثقة بن عيينة أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر فذكره، وقال: فالآخرة من هاتين للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نافلة وللآخرين فريضة، وعن عطاء إن أدركت العصر ولم تصل الظهر فاجعل الذي صليت مع الإمام الظهر وصل العصر بعد ذلك، قال الشافعي: يروي عن عمر بن الخطاب وعن رجل من الأنصار مثل هذا المعنى، ويروي عن أبي الدرداء وابن عباس قريب منه، وكان وهب بن منبه وأبو رجاء العطاردي والحسن وابن المهدى ومسلم وخالد ويحيى بن سعيد وغيرهم يقولون بهذا، وعن ابن جريج قال: أتيت طاوس فوجدت الناس في القيام فجعلتها العشاء الأخرة، قال: أصبت، وهي: رواية عن أحمد، قال سليمان بن حرب لابن المنذر وأبو داود، قال البيهقي: واحتج بقوله: " من يتصرف على هذا فيصلى معه " (3) . وعن الأوزاعي قال: دخل ثلاثة نفر من الصحابة في صلاة العصر ولم يكونوا صلوا الطهر، فلما أسلم الإمام قال بعضهم لبعض: كيف صنعت، قال أحدهم: أما أنا، فجعلت صلاتي مع الإمام صلاة الظهر ثم صليت العصر وقال الآخر أنا جعلت صلاتي مع الإمام/العصر ثم صليت الظهر، وقال الآخر: أما أنا فجعلت صلاتي مع الإمام سبحة، وأسبقت الظهر ثم العصر فلم يعب أحدهم على صاحبه، قال:

_ (1) تقدْم. رواه أبو داود (ح/579) ، وأحمد (2/19، 41) ، والبيهقي (2/303) ، ونصب الراية (2/55، 148) ، والدارقطني (1/415، 416) ، والتمهيد (4/244، 245) ، والمشكاة (2157) ، وابن خزيمة (1641) ، وشرح السنة (3/431) ، والحلية (8/385، 9/231) . (2) بنحوه. رواه سعيد بن منصور في " سننه " (2504) ، وابن أني شيبة (14/538) . (3) تقدم. الكنز (3427) ، والإرواء (2/316) .

وروينا هذا عن الوضيف بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن ابن عائذ قال: " دخل ثلاثة نفر " ... الحديث، وزعم المهلب: أنَّ حديث معاذ يحتمل أن يكون أوّل الإسلام وقت عدم القرآن ووقت لا عوض للقوم من معاذ، فكانت حال ضرورة لا تجعل أصلا يقاس عليه. انتهى. قد أسلف أنَّ هذا كان قبل أُحد، فلا حاجة لنا إلى هذا النحو، وقد ورد حديث بشدّ قول من ذهب إلى أنّ معاذا كان يصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفرض ذكره الإسماعيلي، ثنا إبراهيم بن السرى بن أحمد ثنا مهنأ وابن السرى ثنا محمد بن إسحاق العامري ثنا عبد الله عن أبي الأحوص عن المغيرة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رجع من المسجد صلى بنا ". ومنع أبو حنيفة وأصحابه من صلاة المفترض خلف المتنفل، وهو قول الزهري ورواية عن الحسن بن أبي الحسن، وقول سعيد بن المسيح والنخعي، وأبي قلابة وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك بن أنس، وروا ية أبي الحرث عن أحمد بن حنبل، زاد الطحاوي: ومجاهدا، واستدل بالحديث الصحيح: " إنما جعل الإمام ليؤتّم به فلا تختلفوا عليه " (1) . قال ابن بطال: ولا اختلاف أعظم من اختلاف النيات، ولأنه لو جاء بنا المفترض على صلاة المتنفل لما شرعت صلاة الخوف مع كل طائفة بعضها وارتكاب الأعمال التي لا تصح الصلاة معها في غير الخوف؛ لأنَه كان يمكنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يصلى/مع كل طائفة جميع صلاته، وتكون الثَّانية له نافلة وللطائفة الثانية فريضة. انتهى. قد أسلفنا ما قاله في الحديث، فلا حاجة له إلى إحالة لوقوعه لكونه حديثا جيد، قال الطحاوي: ويحتمل أن يكون حديث معاذ وقت كأنه الفريضة تصلى مرتين، فإنَّ ذلك قد كان يفعل في أوّل الإسلام حتى نهي عنه، وبنحوه ذكره ابن السني وابن بطال. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل ابن علية عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي هند عن مطرف بن عبد الله بن الشخير

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/184) ، وأحمد (2/314) ، والدارمي (1/287) ، ومالك في " الموطأ " (ص 93) ، والبيهقي (2 /18، 97، 156) ، وعبد الرزاق (4082) ، والتمهيد (6/ 131، 132، 137) ، وتلخيص (2/6، 37) ، وإتحاف (3/202، 204) ، والبخاري في " الكبير " (9/38) ، الخطيب في " التاريخ " (5/320) ، والتجريد (8875،82) ، والكنز (20476) .

قال: سمعت عثمان بن أبي العاص يقول: كان آخر ما عهد إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين أمرني على الطائف أن قال لي: " يا عثمان تجاوز في الصلاة واقدر الناس بأضعفهم، فإنَّ فيهم الكبير والسقيم والبعيد وذا الحاجة " (1) . هذا حديث خرجه مسلم بلفظ: " فمن أمّ الناس فليخفف، فإن فيهم الكبير، وإن فيهم الضعيف، وإن فيهم ذا الحاجة، فإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء " (2) ، وفي لفظ: " إذا أممت الناس فاحفَّ بهم الصلاة " (3) ، وفي الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا أم أحدكم الناس فليخفف، فإن فيهم الصغير، والكبير، والضعيف، والمريض، وإذا صلى وحده فليصل كيف شاء " (4) . حدثنا على بن إسماعيل حدثنا عمر بن على حدثنا يحيى حدثنا علي بن إسماعيل حدثنا شعبة حدثنا عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب قال عثمان بن أبي العاص: إنَ آخر ما قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أممت قوما فأخف بهم " (5) . وعد النسائي من حديث ابن عمر بسند صحيح: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا بالتخفيف ويأمنا/بالصافات " (6) . وفي مسند الشافعي من حديث عبد بن عثمان بن خثيم عن نافع بن سرخس قال: عدنا أبا واقد فسمعته يقول: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخف الناس صلاة على الناس وأطول صلاة لنفسه " (1) . وفي مصنف أبي بكر عن المنذر عن أبي أسيد قال:

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/987) ، وأحمد (4/21) ، وابن خزيمة (1608) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/183، 182، 186) ، والبخاري في (الأذان، باب " 63 ") ، والترمذي (الصلا ة، باب " 61 ") ، وأحمد (2 / 256، 393، 537، 4/ (3) صحيح. ورواه ابن ماجة (ح/988) ، وصححه الشيخ الألباني. (4) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/183) ، والترمذي (ح/236) ، والبيهقي (3/ 117) ، وعبد الرزاق (3712) ، وتلخيص (2/28) . (5) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/187) ، وابن ماجة (ح/988) ، وأحمد (4/22) ، والبيهقي (3/116) ، والحلية (5/100) . (6) المنثور (5/270) ، والمشكاة (1135) ، وابن كثير (3/7) .

" كان أبي يصلى خلفي فربما قال لي: يابني طولت بنا اليوم ". وعند الطبراني من حديث إبراهيم التيمي عن أبيه سمعت عبد الله بن مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أيكم أم الناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة " (2) وقال: لم يروه عن عمار الدين عن ابن عمر إلا عبد الجبار تفرد ول، والله تعالى أعلم. ***

_ (1) رواه أحمد (5 / 219،218) ، والمجمع (2 / 70) ، وعزاه إلى أحمد وأبو يعلى وقال الليثي والطبراني في الكبير وقال البكري: ورجاله موثقون. والكنز (22855) ، والبخاري في " الكبير " (2 لم 258) ، الخطيب في " التاريخ " (3 / 232، 14، 423) ، والحلية (7 / 232) . (2) رواه أبو عوانة (2 / 86) ، والحميدي (453) .

178- باب الإمام يخفف الصلاة إذا حضرت

178- باب الإمام يخفف الصلاة إذا حضرت حدثنا نصر بن علي الجهضمي ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لأدخل في الصلاة، وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم بوجد أمّه ببكائه " (1) . هذا حديث اتفقا على تخريجه، وفي لفظ عند البخاري: " ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة، ولا أتم من صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه " (2) . حدثنا إسماعيل بن أبي كريمة الحرافي ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن عبد الله بن علات عن هشام بن حسان عن عثمان بن أبي العاص قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لأسمع بكاء الصبي فأتجوز في الصلاة " (3) . هذا حديث في سنده انقطاع فيما بين الحسن وعثمان نص/على ذلك أبو عبد الله الحاكم في مستدركه، وذلك آية لما ذكر حديثه عنه: " تمكث النساء أربعين يوما " قال: فليعلم طالب الحديث أن الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص شيئا وضعف بسبب ابن علالة، وإن كان يحيى وثقة، وكذلك ابن سعد، وقال بن عدي: أرجو انه لا بأس به وهو حسن الحديث، وقال أبو زرعة: صالح، فقد قال البخاري: في حديثه نظر، قال أبو الفتح الأزدي لسنا ينفع من البخاري هذا ابن علاثة حديثه يدل على كذبه وكان أحد الفصل في الردّ عن الأوزاعي، قال الخطيب: قد أفرط أبو الفتح في الميل على ابن علاثة، وأحسبه وقعت إليه

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري، ومسلم (ص/343) والبيهقي (2/393) وأحمد في " المسند " (3/109) والمشكاة (1130) . (2) انظر: الحاشية السابقة. (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/990) ، في الزوائد: عثمان بن أبي العاص، في إسناده مقال. قال المزي في التهذيب: قيل لم يسمع الحسن من عثمان أ. هـ ومحمد بن عبد الله بن علانة، وإن وثقة ابن معين وابن سعد، فقد ضعفه الدارقطني، والأزدي كذبه، وابن حبان قال: يروى الموضوعات عن الثقات. لا يحتمل ذكره إلا على وجه القدح فيه، وباقي رجاله ثقات. ورواه الطبراني (9/48) ، والحلية (6/136) ، والكنز (20419) .

روايات لعمرو بن حصين عنه فنسبه إلى الكذب لاً جلها، والغلة في تلك من جهة عمرو فإنه كان كذبا، وأمّا محمد فقد وثقة يحيى، ولا أحفظ لأحد من الأئمة فيه خلاف ما وصفه به يحيى انتهي كلامه. وفيه نظر؛ لما ذكره أبو بكر بن بشران عن الدارقطني أنَّ علاثة ضعيف متروك، وقال النقاش: وقبله أبو عبد الله الحاكم روى عن الأوزاعي، وخصيف والنَّضْر بن عربي أحاديث موضوعة، زاد الحاكم ومدار حديثه على عمرو بن الحصين، وقال أبو حاتم ابن حبان: يروى الموضوعات عن الثقات لا يحل ذكره إلّا على جهة القدح فيه. حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا عمر بن عبد الواحد وبشر بن بكير عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثيَر عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لأقوم في الصلاة، وأنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوَّز كراهة أن أشق على أمه " (1) . هذا حديث خرجه البخاري/ في صحيحه، وعند ابن أبيِ شعبة: ثنا وكيع عن سفيان عن ابن الحويرث الزرقي عن عليّ بن قيس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لأسمع بكاء الصبي خلفي فأخفف مشفقة أن أفتن أمه ". وثنا وكيع عن سفيان عن أبي الأسود النهدي عن أبي سائط: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قرأ في الركعة الأولى بسورة نحو من ستين آية فسمع بكاء صبي فقرأ في الثانية بثلاث آيات " (2) . وثنا شريك عن أبي هارون عن أبي سعيد فيما يعلم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إني لأكون في الصلاة فأسمع بكاء الصبي فأخفف مخافة أن أشق على أمه، أو قال: أن تفتن أمه ". التجوز معناه: تقليل القراءة؛ لحديث ابن سائط وغيره، وقال بعض العلماء: يستدل بهذا على أنّ الإمام إذا كان راكعَا فأحس بداخل للصلاة ينتظره، قال القرطبي: ولا حجة فيه؛ لأن هذه الزيادة عمل في الصلاة بخلاف الحديث، وقال ابن بطال: أجازه الشعبي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والحسن، وقال بعضهم: ينتظر ما لم يشق على أصحابه، وهو قول أحمد، وإسحاق، وأبي ثور، فقال مالك، وأبو حنيفة، والأوزاعي: ينتظر، وقال

_ (1) صحيح. رواه البخاري (9/211) ، وأبو داود (ح/789) ، والنسائي في (الإمامة، باب " 35 ") ، وأحمد (5/5. سه) . (2) لم نقف عليه.

سحنون صلاتهم باطلة والوجد الحزن، قال ابن سيده: وجد الرجل وجدا ووجد كلاهما عن الجياني، حزن، وفي نوادر للهجري تواكيدًا بما وجدت من الأسانيد الذي رسمه بين القطيل للسرب، وحكى وُجد: بالضم، وعن الفراء، وأبو عبيد، وفي المصنف، وابن القطاع في الأفعال والسيرافي في كتابه الإقناع، والجوهري، وغيرهم رد ابن سيده ووجد به وجدًا في الحب لا غير وأنشد لقد زادنا وجدًا سقا نيسًا/وجدوا مطايانًا بلينة طلعًا، وقال ابن فرو في وصف عجوز: ما بطلها الوالد ولا زوجها الوجد يعني: مُحيا بن فرقول: من موجده أمه أي من حبها إيّاه وحزنها لبكائه، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. ***

179- باب إقامة الصفوف

179- باب إقامة الصفوف حدثنا عليّ بن محمد ثنا وكيع عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن مرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ". قال: قلنا: " وكيف تصف الملائكة عند ربها قال: تتمون الصفوف الأول، وتراصوا في الصف " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه مطولًا. حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة ح، وثنا نصر بن علي ثنا أبي بشر بن عمر قالا: ثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة " (2) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما. ولفظ الحاكم وزعم أق على شرط الشيخين: " من حسن الصلاة إقامة الصف "، حدثنا محمد بن بشارتنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب سمع النعمان بن بشير يقول: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسوي الصف حتى يجعله مثل الرمح أو تعرج القدح قال: فرأى صدر رجل نائيا فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سووا صفوفكم، أو ليخالفن الله بين وجوهكم " (3) . هذا حديث خرجاه أيضًا وفي لفظ عند مسلم: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسوي صفوفنا، كأنما

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/119) ، والنسائي في (الإمامة، باب " 28 ") ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 94 ") ، وابن ماجة (ح/992) ، وأحمد (5/101، 106) ، والبيهقي (3/101) ، والترغيب (1/319) ، وسعيد بن منصور (5/293) ، وابن كثير (3/7) ، والقرطبي (15/137، 18/293) ، والبغوي (6/18) ، والحاوي (1/81، 2/255) ، والحبائك (130) ، والكنز (20555) ، وشرح السنة (3/366) ، والحلية (8/120) ، والطبراني (2/ 287،219) ، وابن خزيمة (1544) ، وابن أبي شيبة (1/3530) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/184) ، ومسلم في (الصلاة، ح/124) ، وأبو داود (ح/668) ، وابن ماجهْ (ح/993) ، وأحمد 31/177، 254، 274، 279، 291) ، والدارمي 1/ 289) ، وشرح السنة (3/368) ، والترغيب (1/318) ، وإتحاف (3/180) ، وأبو عوانة (2/ (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/994) ، والبيهقي (2 / 22، 3/ 100) ، والمنثور (5/294) ، والكنز (20553، 20581، 20603، 20604، 20618، 20619، 20620، 23000) ، وابن كثير (6/182) ، والخطيب (1/2271) .

يسوى/بها القدح حتى إذا رأى أن قد عقلنا عنه ثم خرج يومًا، فقام حتى كاد أن يُكبر، فرأى رجلًا باديًا صدره من الصف. فقال: " عباد الله لتسون صفوفكم أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم " (1) . وعند أبي داود: " وأقيموا صفوفكم ثلاثا، والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم، قال: فرأيت الرجل يكون منكبه بمنكب صاحبه وكعبه بكعبه " (2) . وفي كتاب الخلال: لما ذكر لأحمد حديث النعمان من رواية زيد بن حباب عن حسين بن وا قد عن سماك قال: هذا خطأ، قال أبو الحسن: تفرد به حسين عن سماك. حدثنا هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عباس ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف، ومن سدَّ فرجة رفعه الله تعالى بها درجة " (3) . هذا حديث مختلف في إسناده، للاختلاف في حال إسماعيل التقدم الذكر، ورواه ابن شاهين في مسنده بسند صحيح على رسم مسلم، فقال: أخبرني أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة عن الزبير عن أبيه عن عائشة بلفظ: " إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف " (4) . وسيأتي عند ابن ماجة إن هذا اللفظة وشواهد حديث ابن عمر يرفعه: " إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف " () . قال الحاكم فيه: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وفي لفظ: " أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب، وسدوا الخلل ولينوا بأيدي أخوانكم، ولا تذروا فرجات الشياطين، ومن وصل صفًا وصله

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/128) ، والبيهقي (2/21) ، والمشكاة (1085) ، والكنز (20605) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/662) . (3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/999) ، وأحمد (6/67، 89، 160) ، والبيهقي (3/ 101، 103) ، والحاكم (1/214) ، والمجمع (2/38، 91) ، وابن خزيمة (1550، 1556) ، وشرح السنة (3/372) ، والجوامع (5092، 5093، 5099، 5101) ، والكنز (20554، 20586) ، وابن حبان (394) ، والترغيب (1/323،321) ، وأبو حنيفة (55) ، والحاوي (1/81) . وصححه الشيخ الألباني. (4، 5) انظر: الحاشية السابقة.

الله ومن قطع صفا قطعه الله " (1) . رواه أبو داود بسند صحيح عن عيسى عن إبراهيم عن ابن وهب عن معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية/عن كثير بن مرّة عنه به، وعنده أيضا عن قتيبة عن الليث عن معاوية عن أبي الزاهرية عن أبي شجرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يذكر ابن عمرو عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خياركم ألينكم مناكب في الصلاة " (2) . وعق أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " رصوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق، فو الذي نفسي بيده إنّى لأرى الشيطان يدخل في خلل الصف كأنها الحدف " (3) . وفي لفظ عن محمد بن مسلم صاحب المقصورة قال: صليت إلى جنب أنس فقال: هل تدري لم صنع هذا العود؟ فقلت: لا والله، قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضع عليه يده فيقول: " استووا واعدلوا صفوفكم " (4) ، وهو عند الحاكم وزعم أنه على شرط الشيخين أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كان إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه ثم التفت فقال: " اعتدلوا سووا صفوفكم ثم أخذه بيساره "، فقال: " اعتدلوا سووا صفوفكم " (5) . وعند الطبراني في الأوسط من حديث أبي صالح عن أبي هريرة يرفعه: " إنَّ الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف، ولا يصل عبد صفا إلّا رفعه الله به درجة ودورت عليه الملائكة من البر " (6) . وقال: لم يرد غانم بن الأحوص عن

_ (1) حسن. رواه أبو داود (ح/666) ، وعبد الرزاق (2441) ، والترغيب (1/319) ، والفتح (2/211) ، والمشكاة (1102) . (2) حسن. رواه أبو داود (ح/672) ، والبيهقي (3/101) ، والمجمع (2/90) ، وعزا هـ إلى الطبراني في " الأوسط " والبزار وإسناد البزار حسن، وفي إسناد الطبراني ليث بن حماد ضعفه الدارقطني. وابن حبان (937) ، والطبراني (12/405) ، وعبد الرزاق (2480) ، والترغيب (1/ 322) ، والمشكاة (1099) ، والكنز (20081، 20637، 30638) ، الخطيب (12/50) . (3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/667) ، والبيهقي (3/100) ، وابن حبان (387) ، والمشكاة (1093) ، وابن خزيمة (1545) ، وشرح السنة (3/369) ، والترغيب (1/318) ، والكنز (20557) ، وأصفهان (2/123) .. (4) رواه أحمد (3/268) ، والمنثور (5/293) ، وإتحاف (2/115) . (5) حسن. رواه أبو داود (ح/670) ، والبيهقي (2/3،22/130) ، والمشكاة (10985) . (6) تقدْم. ورواه ابن ماجة (ح/995) ، وأحمد (89،6/67، 160) ، والبيهقي

أبي صالح غير هذا الحديث تفرد به ابن أبي أويس، ومن حديث أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أتموا الصف المقدم، ثم الذي يليه، فما كان من نقلي فليكن من الصف المؤخر " (1) . ذكر الخلال أن أحمد بن حنبل لماَّ ذكر له هذا الحديث أعجبه واستحسنه من حديث الأنصاري، وفي الأوسط من حديث عمرو بن مرّة عن أبي معمر عن عقبة/بن عمرو قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح مناكبنا في الصلاة، ويقول: سووا المناكب، وأقيموا الصفوف، ولا تختلفوا فيختلف بكم " (2) . وقال: لم يروه عن عمرو إلا محمد بن جابر تفرد به إسحاق بن إسرائيل عن أبيه وهو في صحيح مسلم، قال أبو محمد بن حزم: قوله أو ليخالفن الله بين وجوهكم هذا وعيد شديد، والوعيد لا يكون إلا في كبيرة، وقوله فإن تسوية الصف من تمام الصلاة إذا كان من إقامة الصلاة فهو فرض؛ لأن إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض، وعند أبي حنيفة والشافعي ومالك هو من سنة الصلاة، وقوله أو ليخالفْن الله بين وجوهكم، قال النووي: الأظهر معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب كما يقال يغير وجه فلان على أي ظهر لي من وجهه كراهة في ويغير قلبه علي؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن وكان لعمر وعثمان رجال وكلهم بتسوية الصفوف. ***

_ (3/103،101) ، والحاكم (1/214) ، والمجمع (2/38، 91) ، وابن خزيمة (1550، 1556) ، وشرح السنة (3/372) ، والجوامع (5092، 5093، 5099، 5101) ، والكنز (20554، 20586) ، وابن حبان (394) ، والترغيب (1/323،321) . (1) صحيح. رواه أبو داود (ح/670) ، والنسائي (2/93) ، وأحمد (3/132، 225) ، والبيهقي (2/103) ، والكنز (20594) ، وابن حبان (390) ، والمشكاة (1093) ، وشرح السنة (373) (2) رواه الطبراني؟ (17/218) .

180- باب فضل الصف المقدم

180- باب فضل الصف المقدم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا يزيد بن هارون أنبأ هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي بكر عن محمد بن إبراهيم عن خالد بن معدان عن عرباض بن سارية: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستغفر للصف المقدم ثلاثًا والثاني هرة " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه من حديث يحيى عن محمد بن إبراهيم عنه عن جبير بن نفير عن عرباض بلفظ: " كان يصلي على الصف الأول " (2) . ثم قال: ذكر الخبر المرخص قول من زعم أنّ محمدا لم يسمع هذا الخبر عن ابن معدان، فذكر حديث/صرح فيه بسماعه من خالد، قال: حدثني جبير بن العرباض حديث ... ، فذكره، ولما خرجه الحاكم، قال: صحيح الإسناد على الوجوه كلها. حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر قالا: ثنا شعبة، قال: سمعت طلحة بن مصرف يقول: سمعت عبد الرحمن بن عوسجة يقول: سمعت البراء بن عازب يقول سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأولى " (3) . هذا حديث خرجه البستي أيضًا من حديث منصور عن طلحة بلفظ: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح مناكبنا وصدورنا، ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم إن الله وملائكته يصلون على الصفوف المقدمة " (4) . ولفظ الحاكم: " تراصوا في الصفوف لا يتخللكم أولاد الحدف قلت: يا رسول الله ما أولاد الحدف: قال: حبان خرد سرد تكون بأرض اليمن " (5) ، وقال: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ. حدثنا أبو ثور

_ (1) صحيح. رواه الترمذي (ح/224) ، وابن ماجة (ح/996) ، والدارمي (1/290) ، وعبد الرزاق (5452) ، وأحمد (4/126، 127) ، والطبراني (18/256) ، والترغيب (1/316) ، والكنز (17937، 23014) ، وابن عساكر في " التاريخ " (2/ 66، 7/ 366) . (2) الحاشية السابقة. (4،3) الحواشي السابقة القريبة ص 1637، 1638. (5) المجمع (2/91) ، وعزاه إلى أحمد والبزار ورجاله ثقات. والحاوي (1/80) ، والحلية (5313) .

إبراهيم بن خالد ثنا أبو قطن ثنا شعبة عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو تعلمون ما في الصف الأول لكانت قراعة " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما، وفي لفظ عند مسلم: " خير صفوف الرجال أولها وسرّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها " (2) . حدثنا محمد بن المصفي الجميصى ثنا أنس بن عياض حدثنى محمد بن عمرو بن علقمة عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عون عن أبيه قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول " (3) . هذا حديث قال الدارقطني: تفرد به محمد بن مصفي عن أنس، ووهم من/ حديث أبي سعيد يرفعه: " وإن خير الصفوف صفوف الرجال المقدم وشرها المؤخر " (4) . وعن النعمان بن بشير قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن الله تعالى عز وجل وملائكته يصلون على الصف الأول أو الصفوف الأول " (5) . وفي الأوسط للطبراني من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أنه قال: " استغفر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للصف الأول ثلاث مرات، وللثاني مرتين، وللثالث مرة " (6) . وقال: لم يروه عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة إلا أيوب بن عتبة، ومن حديث أبي يزيد المديني عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عليكم بالصف الأول، وعليكم بالميمنة وإياكم والصف بين السواري " (7) وقال لم يروه عن أبي يزيد إلا إسماعيل بن مسلم المكي تفرد به المبارك، قال

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/131) ، والبيهقي (02/13) ، وابن خزيمة (1555) ، والكنز (20567) ، الخطيب (6/66، 12/200، 14/354) ، والترغيب (1/316) ، وابن عساكر في " التاريخ " (2/62) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/132) ، وأبو داود (ح/678) ، والترمذي (ح/ 224) ، والنسائي (94،2/93) ، وابن ماجة (1000، 1001) ، وأحمد (2/ 247، 340، 367، 480) ، والدارمي (1/291) ، والبيهقي (3/90، 97) ، والطبراني (8/ 194، 11/203) ، والترغيب (1/316) ، والمشكاة (1092) ، وابن خزيمة (1561) (3) تقدْم قريبا. (4) ، (5) ، (6) تقدمت قريبا. (7) رواه الطبراني (1/3571) ، والكنز (20566، 20642) .

القرطبي: اختلف من الصف الأول هل هو الذي يلي الإِمام أو المنبر والصحيح الأول، وفي شرح ابن التين: روى نوح بن أبي مريم عن زيد العمي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من ترك الصف الأول مخافة أن يؤذي مسلما أضعف الله له الأجر " (1) . وفي المحكم: القرعة السهمة، وقد اخترع القوم وتنازعوا وقارع بينهم واقترع وهي أعلى، وقارعة فقرعة يقرعه أي: أصابة القرعة دونه، وقول خراش بن زهير أنشده ابن الأعرابي إذا امطادوا نعمان أشطره فكان وما شاتهم القرع فسره فقال القروع- المقارعة

_ (1) الترغيب (1/321) ، والكنز (20647) ، وابن القيسراني في " الموضوعات " (776) ، وابن عدي في " الكامل " (7/2507) ، والمجمع (2/95) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه نوح بن أبي مريم وهو ضعيف.

181- باب صفوف النساء

181- باب صفوف النساء حدثنا أحمد بن عبد الله، ثنا عبد العزيز بن محمد بن العلاء عن أبيه عن أبي/هريرة وعن سهل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها، وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه. حدثنا على بن محدم ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خير صفوف الرجال مقدمها، وشرها مؤخرها، وخير صفوف النساء مؤخرها، وشرها مقدمها " (2) . هذا حديث تقدم الكلام عن رواية ابن عقيل. ***

_ (1) تقدم من أحاديث الباب ص 1652. (2) رواه أحمد (3/3،2/354، 16، 387،331) ، وأبو عوانة (2/37) ، وعبد الرزاق (5110) ، وابن أبي شيبة (1/379) والمجمع (2/93) .

182- باب الصلاة بين السواري في الصف

182- باب الصلاة بين السواري في الصف حدثنا زيد بن أخرم أبو طالب ثنا أبو داود وأبو قتيبة قالا: ثنا هارون بن مسلم عن قتادة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: " كنا ننهي أن نصف بين السواري على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونطرد عنها طردا " (1) . هذا حديث إسناده صحيح على شرط ابن حبان لتوثيقه هارون بن مسلم رواية لما رواه البزار في مسنده عن عمرو بن علي ثنا أبو داود قال: وهذا الحديث لا نعلم رواه عن قتادة إلا هارون، ولا نعلم أسند قتادة عن معاوية عن أبيه غير هذا الحديث، وقال فيه الحاكم: صحيح الإسناد، وعند الترمذي محسنًا، والحاكم مصحح الإسناد من حديث عبد الحميد بن محمود قال: " صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة فدفعنا إلى السواري فقدمنا وتأخّرنا فقال أنس: كنا نتّقى هذا على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (2) . ولما ذكره الإشبيلي وأعلّه بعبد الحميد، وردّ ذلك عليه ابن القطان باله ثقة/لا مطعن فيه، وعن أبي أحمد بن عدي من حديث أبي سفيان طريف بن شهاب السدى وهو ضعيف عن ثمامة عن أنس أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نهي عن الصلاة بين الاسطوانة " (3) . وفي نسخة " الاسطوانتين ": وقد تقدم حديث ابن عباس أيضًا، قال الترمذي: " كره قوم من أهل العلم أن نصف بين السواري ". وبه يقول: أحمد، وإسحاق، وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك أشبه أن يكون مستندهم في ذلك ما في الصحيحين عن ابن عمر: أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما دخل الكعبة قال إليه بلال حين خرج: " ما صنع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: جعل عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على سبعة أعمدة " (4) . ذكر الخطابي أن كراهة الصلاة بين السواري لأجل انقطاع الصفوف أو لأنه موضع

_ (1) انظر: الصحيحة (ح/335) . ورواه ابن ماجة (ح/1002) ، وفي إسناده مجهول. (2) صحيح. رواه الترمذي (ح ا 229) ، وقال: " هذا حديث حسن صحيح " قلت: والذي نقل في " نيل الأوطار " (3/235) ، وعون المعبود (1/252) . عن الترمذي: التحسين فقط. (3) المصدر السابق. (4) الخطيب في الفقيه والمتفقه: (368) .

جمع النعال، والأول أشبه، لا أن الثاني محدث ولا خلاف جراءة عند الضيق وأما مع السعة فمكروه. ***

183- باب صلاة الرجل خلف الصفوف وحده

183- باب صلاة الرجل خلف الصفوف وحده حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر حدثنى عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه وكان من الوفد قال: خرجنا حتى قدمنا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فبايعناه وصلينا خلفه ثم قال: وصلينا وراءه أخرى فقضى الصلاة فرأى رجلا فرد خلف الصف قال: فوقف عليه نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين انصرف ثم قال: " استقبل صلاتك، فإنه لا صلاة للذي خلف الصف " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم في صحيحه عن الفضل بن حباب ثنا مسدد ثنا ملازم بلفظ: " فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف " (2) . وفي/ لفظ: نظر إلى رجل خلف الصف وحده فقال له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هكذا صليت " قال: نعم. قال: " فأعد صلاتك، فإنه لا صلاة لفرد خلف الصف وحده " (3) . ولما ذكره الإشبيلي قال عبد الرحمن: لم أسمع فيه بتعديل ولا بجرح أكثر من أنه لم يرو عنه إلا ابن بدر، وهو علّه في الراوي عند بعضهم أو أكثرهم حتى يروى عنه اثنان. انتهي كلامه. وفيه نظر؛ من حيث أنه روى عنه أيضا ابنه محمد بن عبد الرحمن ورعلة بن عبيد الرحمن بن رباب وذكرها في جملة الثقات، ولما ذكره ابن حزم محتجا به، قال عبد الرحمن: ما نعلم أحد عابه بأكثر من ذلك ولم يرو عنه غير عبد الله بن بدر وذلك ليس يخرجه، وكان هذا هو شبهة الإشبيلي، والله تعالى أعلم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن هلال بن يسار قال: " أخذ بيدي وبأيدي أبي الجعد فأوقفني على شيخ بالرّقة يقال له وابصة بن معيد فقال: صلى رجل خلف الصف وحده فأمره النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن سد ". هذا حديث قال فيه أبو عيسى الترمذي وأبو معلي الطوسي: حديث حسن، وقد

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1003) ، في الزوائد: إسناده صحيح. رجاله ثقات. وابن أبي شيبة (2/193) . وصححه الشيخ الألباني. (2) رواه ابن حبان (401) ، وأحمد (4/23) ، والبيهقي (5/103) ، وابن سعد (5/40) ، والمعاني (1/394) . (3) المصدر السابق.

كره قوم من أهل العلم أن يصلي الرجل خلف الصف، وقالوا: يعيد، وبه يقول أحمد، وثنا إسحاق، وقال قوم: يجزيه وهو قول الثوري، وابن المبارك وهو الشافعي، وذهب قوم من أهل الكوفة إلى حديث وابصة منهم حماد بن أبي سليمان وابن أبي ليلى ووكيع، وفي حديث حصين ما يدل أنّ هلال أدرك وابصة، واختلف أهل الحديث في هذا فقال بعضهم: حديث عمرو بن مرّة عن هلال عن عمرو بن راشد عن وابصة أصح، وقال بعضهم: حديث حصين عن هلال عن زياد/عن وابصة أصح، قالا: وهذا عندنا أصح من حديث عمرو؛ لأنه قد روى من غير حديث هلال عن زياد عن وابصة، وقال الشافعي: سمعت بعض أهل العلم بالحديث يذكر أنّ بعض المحدثين يدخل بين هلال ورابصة رجلًا، ومنهم من يرويه عن هلال عن وابصة سمعه منه وسمعت بعض أهل العلم منهم كأنه يوهنه بما وصفت، وقال البيهقي: لم يخرجه الشيخان لما حكاه الشافعي من الاختلاف في سنده، ولما في حديث علي بن حبان من أنّ رجاله غير مشهورين، وقال الشافعي في موضع آخر: لو ثبت الحديث لما خرج الحاكم لوابصة حديثا في مستدركه، وقال: صحيح على شرط الشيخين (1) ، وقال أبو عمر بن عبد البر في حديث وابصة مضطرب، وقال أبو محمد الإشبيلي: وغير أبي عمر يقول: الحديث صحيح؛ لأن الاختلاف الذي فيه لا يضرّها وعمرو بن راشد المذكور في حديث شعبة وثقة أحمد بن حنبل وخرج ابن حبان حديث عمرو بن راشد وحصين في صحيحه (2) ، ثم قال: سمع هذا الخبر هلال بن يساف بن عمر عن أبي الجعد عن وابصة فالطريقان جميعا محفوظان، ثم قال: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به هلال بن يساف. ثنا عبد الله بن محمد ثنا إسحاق بن إبراهيم ابنا وكيع ثنا يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد عن عمه عبيد بن أبي الجعد عن أبيه زياد عن أبي الجعد عن وابصة بن معيد ... ،

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، " 63،65 ") ، وأبو داود في (الصلاة، " 133 ") ، وابن ماجة (ح/989) ، وأحمد (5/203) ، وعبد الرزاق (2722) ، والكنز (20458، 22884) ، والبيهقي (2/393) . (2) صحيح. رواه البخاري (ح/708) .

فذكره،/وفي المعجم الكبير لأبي القاسم من حديث سمرة بن عطية عن هلال عن وابصة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سئل عن رجل يصلي خلف الصف وحده فقال: " يعيد " (1) . ورواه أيضا من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن عبيد بن أبي الجعد عن سالم بن أبي الجعد عن وابصة به من حديث أبي خالد الأحمر والمحاربي عن محمد بن سالم بن أبي الجعد عن وابصة قال: صففت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صفا وحدي فلما انصرف قال: " أعد الصلاة " (2) . ومن حديث سهل بن عامر ثنا عبد الله بن نمير عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عنه: " صلى رجل خلف الصف " (3) . ومن حديث مالك بن سفيان ثنا اليسري بن إسماعيل عن الشعبي عنه: أبصر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا يصلي خلف الصف وحده فقال: " أيا المصلى وحده، إلا تكون وصلت صفًا، وقد أدخلت معهم أو اجتررت في صلاتك رجلًا، إن كان ضاق بك المكان أعد صلاتك فإنه لا صلاة لك (4) . ومن حديث أشعث بن سوار عن بكير بن الأخنس عن حبيش بن المعتمر عن وابصة بالأول، وفى العلل للخلال: قال إسحاق بن إبراهيم سألت أبا عبد الله عن حديث الجماني عن النضر بن عمر الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجلًا يصلى خلف الصف وحده فقال: " هذا منكرا أو باطل ". وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: أي شيء أحسنها إسناد قال: حديث شعبة عن عمرو بن راشد عن وابصة، وفي الأوسط: قال أبو القاسم: لا يروى عن ابن عباس إلّا بهذا الإسناد وتفرد به الجماني. ومن حديث عبد الله بن محمد عن القاسم العبادي البصري: ثنا يزيد بن هارون أنبأ ابن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة: رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلا يصلي خلف الصلاة وحده.

_ (1) رواه عبد الرزاق (3620) ، وأحمد (4/228) ، والبيهقي، (11/44) ، وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/96) ، وعزاه إلى البزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وفيه النضر أبو عمر أجمعوا على ضعفه. (2) المصدر السابق. (3) المصدر السابق. (4) المصدر السابق.

فقال: " عد الصلاة " (1) . لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا السند تفرد به العبادي، وفي كتاب الخطابي: اختلف أهل العلم فيمن صلى خلف الصف فقالت طائفة: صلاته فاسدة على ظاهر الحديث هذا قول النخعي وأحمد وإسحاق، وحكوا عن أحمد أو عن بعض الصحابة قال: وفتح صلاته منفردًا خلف الصف يلحق به أحد من القوم حتى رفع رأسه من الركوع فإنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف، وذلك أنها تكون فاسدة وإن كانوا مائة، وقال مالك، والأوزاعي، والشافعي: أن التفرد خلف الإمام جائز، وهو قول أبي حنيفة بأمر بالدخول في الصف على الاستحباب دون الإيجاب. وفي حديث أبي بكر في الصلاة خلف الصف دلالة أنّ الصلاة للمنفرد خلف الصف جائزة؛ لأنها خيرا من الصلاة، ويدل على ذلك حديث المرأة المصلية خلفه في حديث أنس مفردة، وحكم الرجل والمرأة في هذا واحدًا. انتهي. ويؤيّد هذا التأويل ما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث إسماعيل بن مسلم ثنا يونس بن عبيد عن ثابت البناني عن أنس أنله صلى خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وحده ووراءه امرأة حتى جاء إليه بعد " (2) . وقال: لم يروه عن يونس إلا إسماعيل. ومن حديث ابن جريج عن عطاء سمع ابن الزبير على المنبر يقول: " إذا دخل أحدكم المسجد والناس ركوع فليركع حين يدخل راكعا حتى يدخل في الصف فإن ذلك السنة " (3) . قال عطاء: وقد رأيته يصنع ذلك/، لم يروه عن ابن جريج إلّا ابن وهب تفرد به حرملة، ولا يروى عن ابن الزبير إلا بهذا الإسناد، وليس لقائل أن يقول ليس حكم المرأة في هذا كالرجل لما روى عر، عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المرأة وحدها صف " (4) ؛ لأنه نجر موضوع فيما ذكره أبو عمر في التمهيد، وقد رشد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الآتي وقد تمت الصفوف بأن يجذب إليه رجلا يقيمه إلى جنبه. رواه الطبراني في الأوسط

_ (1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/96) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عبد الله بن محمد بن القاسم وهو ضعيف. (2) هذا حديث تقدم. (3) إتحاف: (3/334) . (4) موضوع التمهيد (1/268) .

من حديث بشر بن إبراهيم ثنا الحجاج بن حسان عن عكرمة عن ابن عباس وقال: لا يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بهذا الإسناد تفرد به بشر، وفي كتاب أبي داود وغيره مرفوعا: " لينوا بأيدي إخوانكم " (1) . وقوله عليه الصلاة والسلام أيضَا: " خياركم أثبتكم مناكب في الصلاة " (2) . وقد تقدم، والله تعالى أعلم. *** (1) ابن كثير (8/73) ، والمجمع (2/91) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير " ورجال أحمد ثقات. وأبو داود في (الصلاة، باب " 94 ") ، وأحمد (2/98، 5/262) ، والبيهقي (3/ 101) ، والحاوي (1/82) ، والكنز (20553) . (2) تقدم كما ذكر المصنف في ص 1649.

184- باب فضل ميمنة الصف

184- باب فضل ميمنة الصف حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا معاوية بن هشام ثنا سفيان عن أسامة بن زيد عن عثمان بن عروة عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف " (1) . هذا حديث إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد تقدم أنَّ ابن وهب رواه في مسنده عن أسامة بلفظ: " إنَّ الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف " (2) . حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع عن مسعر عن ثابت بن عبيد عن ابن البراء عن البراء بن عازب قال: " كنا صلينا خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال مسعر: مما يجب أو مما أحب أن يقوم عن يمينه ". هذا/حديث إسناده صحيح على شرط مسلم، وابن البراء اسمه عبيد. حدثنا محمد بن أبي الحسن أبو جعفر ثنا عمرو بن عثمان الكلابي ثنا عبيد الله بن عمرو عن ليث بن أبي سليم عن نافع عن ابن عمر قال: قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ ميسرة المسجد تعطلت فقال: " من عمر ميسرة للمسجد كتب له كفلان من الأجر ". هذا حديث تقدم التنبيه على الاختلاف في حال رواية ليث. وفي الباب حديث عمر أن ابن خالد الخزاعي قال: ثنا مولى لنا يقال له العلاء بن علي عن أبيه عن أبي بردة الأسلمي قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن استطعت أن تكون خلف الإمام وإلّا فعن يمينه " (3) . قال أبو القاسم في الأوسط: لا يروى عن أبي برزة إلّا بهذا الإسناد تفرد به عمران.

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1005) ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 96 ") ، والبيهقي (03/13) ، والجوامع (5094) ، والكنز (مه 205) ، وشرح السنة (3/374) ، وابن حبان (393) ، والمشكاة (1096) ، وابن كثير (6/448) . وضعفه الشيخ الألباني. (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/995) ، وأحمد (89،6/67، 160) ، والبيهقي (3/0301،11) ، والحاكم (1/214) ، والمجمع (2/38، 91) ، وابن خزيمة (1550، 1556) ، وشرح السنة (3/372) ، والجوامع (5092، 5093، 5099) ، (510) ، والكنز (20554، 20586) ، وابن حبان (394) ، والترغيب (1/321، 323) ، وأبو حنيفة (55) ، والعلل (415) ، والفوائد (492) . (3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/107) ، وإتحاف (3/328) ، والكنز (20589) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/192) ، ومسند ابن عمر (48) ، والتعليق الرغيب (1/175) ،=

185- باب القبلة

185- باب القبلة حدثنا العباس بن عثمان الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم ثنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أنه قال: " لما فرغ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من طواف البيت أتى مقام إبراهيم فقال عمر: يا رسول الله هذا مقام أبينا إبراهيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي قال الله عز وجل: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) . قال الوليد فقلت لمالك: هكذا قرأوا واتخذوا، قال: نعم " (1) . هذا حديث قال فيه الطوسي والترمذي: حسن، ثم ذكر ابن ماجة حديث هيثم عن حميد عن أنس قال: قال عمر قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " (2) . مختصرًا، وهو حديث خرجاه في صحيحيهما مطولا بلفظ: " وافقت ربى في ثلاث: قلت: يا رسول الله اتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: (واتخذوا/من مقام إبراهيم مصلى) وأنه مجاب. قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن تحتجين فنزلت آية الحجاب واجتمع نساء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الغيرة عليه فقلت لهن: " عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرَا منكن. فنزلت هذه الآية " (3) ، وفي مسلم للتخيير في أسارى وفي مسلم أيضَا موافقته في منع الصلاة على المنافقين، ومن حديث علي بن زيد عن أنس عنه عند أبي داود الطيالسي: لما نزلت الآية: (خلقا آخر) قلت إنا: تجارك الله أحسن الخالقين

_ = وضعيف الجامع الصغير (5709) ، وضعيف ابن ماجة (ح/1007) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني. (1) منكر. هذا اللفظ رواه ابن ماجة (ح /1008) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح /1008) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1009) . وصححه الشيخ الألباني. (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الصلاة، باب " 32 ") ،، وفي تقسيم ص رة (2/19) ، ومسلم في (فضائل الصحابة، ح/24) ، والدارس في (المناسك، باب " 33 ") ، واًحمد (1/ 23، 24، 36) .

فنزلت هذه الآية. وفي كتاب النووي وفي مسلم: وجاءت موافقة أيضا في تحريم الخمر، وفي كتاب أبي العربي وقد بيّنا في الكتاب الكبير أنه وافق ربه تلاوة ومعنى في نحو أحد عشر موضعًا، وقال في كتابه السيرين لفوائد المشرقيين والمغربيين نحوه انتهي شاهده ما خرجه أبو عيسى عن ابن عمر مصححا فأنزل بالناس أمر قط فقالوا فيه: وقال فيه عمر ألا ينزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر، وعند ابن خزيمة من حديث أسامة بن زيد: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها، ولم يصل فيه حتى خرج منه فلما خرج صلى ركعتين في قبل الكعبة ". وقال: " هذه القبلة " (1) . حدثنا علقمة بن عمرو الدارمي ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن البراء قال: صلينا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهر، أو حرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخوله المدينة بشهرين، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى إلى بيت المقدس أكثر يقلب وجهه في السماء، وعلم الله من قلب نبيّه أنه هواء الكعبة فصعد جبريل فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/يتبعه وهو ويسير بين السماء والأرض ينظر ما يأتيه به فأنزل الله تعالى: " قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها، فولّ وجهك شطر المسجد الحرام ". فأتانا آت فقال: " اٍن القبلة قد حرفت إلى الكعبة ". وقد صلينا ركعتين إلى بيت المقدس، ونحن ركوع فتحولنا وفينا على ما صفي من صلاتنا. فقال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يا جبرائيل كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس فأنزل الله تعالى: " وما كان الله ليضيع إيمانكم " (2) . هذا حديث اتفقا على تخريج أصله

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/110) ، ومسلم في (الحج، ح/395) ، والنسائي (5/328، 329، 330) ، والحاكم (1/479) ، وعبد الرزاق (9056) ، والطبراني (11/ 303، 12/20) ، والدارقطني (2/52) ، وابن خزيمة (432، 3004، 3015) ، وتلخيص (1/ 213) ، والبغوي (1/121) ، والمجمع (3/293، 294) ، وشرح السنة (2/334) ، والكنز (12936،12932) . (2) ضعيف. الكنز (12718) ، والمجمع (2/13) ، وابن ماجة (ح/1010) ، وضعيف ابن ماجة (ح/1010) . وكذا ضعفه الشيخ الألباني.

بلفظ: " صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهر أو سبعة عشر شهرَا، وكان يعجبه أن تكون قبلة قبل البيت، وأنه أؤل صلاة صلاها العصر " (1) . ولفظ ابن خزيمة: " صلينا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو بيت المقدس (2) ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا ثم صرفنا نحو الكعبة ". قال البراء: والشطر فبينا قبلة، وقال ابن عباس: أنلزمكموها من شطر أنفسنا قال من تلقاء أنفسنا. حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا هاشم بن القاسم وثنا محمد بن يحيى النيسابوري ثنا عاصم بن علي قالا: ثنا أبو معشر عن محمد بن عمر عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال فيه أبو عيسى: حسن صحيح، وقد روى عن غير واحد من الصحابة ما بين المشرق والمغرب قبلة منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس، وقال ابن عمر: " إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن شمالك فما بينهما قبلة إذا استقبلك القبلة " (3) . وقال ابن المبارك: " ما بين المشرق والمغرب قبله " (4) . هذا لأهل المشرق، واختار أبو عبد الله العباس لأهل مرو، وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن محمد بن عمرو إلا أبو معشر. وفي الباب حديث عبد الله/بن عمر أنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما بين المشرق والمغرب قبلة " () . قال البيهقي: والمشهور عن ابن عمر عن من قوله وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما بين المشرق

_ (1) رواه أبو عوانة: (2/82) . ورواه الترمذي (ح/345) ، وقال: " هذا حديث حسن صحيح " وهو في الصحيحين عن ابن عمر قال: " بينما الناس بقباء، في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت، فقال: إنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل القبلة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة ". (2) قوله: " بيت المقدس " سقطت من " الأصل " وكذا أثبتناه. (3) سنن الترمذي (2/174) ، عقب رواية الترمذي القادمة الحديث الثانى. (4) صحيح. رواه الترمذي (ح/342، 344) ، والنسائي (4/972) ، وابن ماجة (1011) ، والبيهقي (2/9) ، والحاكم (1/303) ، وإتحاف (6/445) ، ونصب الراية (1/303) ، وتلخيص (13/21) ، وعبد الرزاق (3633، 3634، 3635) ، وشرح السنة (2/372) ، والكنز (19163) ، والإرواء (1/324) . (5) المصدر السابق.

والمغرب قبله ". وليس له إسناد يعنى حديث عثمان الأحنسي عن المقبري عن أبيِ هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأن عثمان في حديثه نكارة، وقال مهنأ: قلت لأحمد: إنك تقول هذا الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما بين المشرق والمغرب قبلة " ليس بالقوي قال: نعم، قال: هو صحيح. ثنا حماد بن سعدة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر يرفعه: " ما بين المشرق والمغرب قبلة إلا عند البيت ". فسألته عن حماد، فقال: بصري راوي هذا الحديث عنه عن عبيد الله عنه، ولكن لم يقل عند البيت إلا هو قال عبد الله ثنا نضر بن علي ثنا معتمر ابنا محمد بن فضالة عن أبيه عن جدّه قال أتيت عثمان وسألته: كيف يخطىء الرجل الصلاة، وما بين المشرق والمغرب قبلة إذا لم يتحر المشرق عمدًا قال عبد الله: فحدثت أبيِ بهذا الحديث فأعجبه، وقال: لم أسمع هذا من المعتمر ولما خرَّج الحاكم حديث ابن عمر، قال: صحيح على شرط الشيخين، قال شعيب بن أيوب: ثقة، وقد أسنده، وكذلك محمد بن عبد الرحمن وأوثقه جماعة عن عبيد الله، وفي كتاب الصلاة للدكين بسند صحيح عن علي بن أبي طالب- رضى الله عنه- أنه قال: " ما بين المشرق والمغرب قبلة "، وخرج ابن ماجة بعد هذا حديث عامر بن ربيعة قال: " خرجنا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر في ليلة مظلمة فلم يدر أين القبلة، فصلَّى كل واحد منّا حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنزل: " /أينما تولوا فثم وجه الله " (1) . قال أبو عيسى: لما خرجه إسناده ليس بذاك. وعند الحاكم (2) من حديث جابر: " بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية كنت منها فأصابتنا ... " فذكر مثله، وزاد: " فلم يأمرنا بالإِعادة، وقال: قد أخبرت صلاتكم ". قال الدارقطني (3) : هذا حديث يحتج برواته كلهم نمير محمد بن سالم الرماني فلا أعرفه بعدالة ولا جرح، وقال العزرمي: عن سعيد ابن جبير عن ابن عمر أنها

_ (1) رواه الترمذي (ح/345) ، وقال: " هذا حديث ليس إسناده بذاك ". (2) رواه الحاكم: (1/206) (3) رواه الدارقطني (ص 151) ، من طريق أبي داود الطيالسي عن أشعث.

نزلت في التطوع خاصة حيث توجه به بعيره، وقال البيهقي في المعرفة: والذي روى مرفوعا: " البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض " (1) : حديث ضعيف لا يحتج به، ولذلك ما روى عن جابر وغيره في صلاتهم في ليلة مظلمة حديث ضعيف لا يثبت منه إسناد، وقد روينا عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في فرض الصلاة إلى بيت المقدس، ثم حين حولت القبلة إلى الكعبة في الأوسط من حديث إبراهيم بن أبي عبلة عن أبيه عن معاذ قال: " صلينا في يوم غيم في سفر إلى غير القبلة فلما قضى الصلاة وسلم تجلت الشمر فقلنا: يا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلينا إلى غير القبلة فقال: " قد رفعت صلاتكم بحقها إلى الله تعالى " (2) . ولم يروه عن إبراهيم إلا إسماعيل بن عبد الله السلوني، ولا عنه إلا أبو داود الطيالسي تفرد به هشام وسلام البصري وأحمد بن رشد، وعند مسلم من حديث أنس: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلى نحو بيت المقدس فنزلت: (قد نرى تقلب وجهك في السماء) فمر رجل من بنى سلمة وهم ركوع حتى صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة فنادى إلا أن القبلة قد حولت فمالوا نحو القبلة " (3) ، وزاد ابن خزيمة: وأعيد / وأما معنى من صلاتهم. وفي الأوسط من حديث زيد بن حباب عن جميل بن عبيد ثنا ثمامة عن أنس: " نادى منادى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن القبلة قد حولت إلى البيت الحرام وقد صلى الإمام ركعتين، واستدار وصلوا الركعتين الباقيتين نحو البيت الحرام " وقال: لم يروه عن ثمامة إلا جميل تفرد به زيد بن حباب. وفي صحيح مسلم عن ابن عمر: " بينما

_ (1) ضعيف. رواه البيهقي (2/10) ، ونصب الراية (1/347) ، والجوامع (10324) ، والمنثور (1/147) ، والكنز (19164) ، وتلخيص (1/213) ، والقرطبي (2/159) . (2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/15) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الأوسط " و" الكبير "، وفيه معاوية بن عبد الله بن حبيب ولم أجد من ترجمه. (3) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/13) ، وعزاه إلى البزار في " مسنده " وإسناده حسن.

الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت وهم في الفجر ... " (1) . الحديث. قال أبو داود: كذلك قال سهيل بن سعد أنها صلاة الغداة، ذكره في كتاب الناسخ والمنسوخ، وعند ابن عدي في كامله عن عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أرهقوا القبلة وإن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم العمل أن يتقنه ". تفرد به مصعب بن ثابت وهو ضعيف. وعند البخاري من حديث أنس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا؛ فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلّا بحقها وحسابهم على الله " (2) . وعند الترمذي صحيحا: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله وأن يستقبلوا قبلتنا " (3) . وعند أحمد بن حنبل من حديث ابن عباس: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه، وبعدما هاجر أتى المدينة ستة عشر شهرا ثم انصرف إلى الكعبة " (4) . وعند أبي عبد الله الشافعي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى ستة عشر شهرًا نحو بيت المقدس ثم حولت القبلة قبل بدر بشهرين " وفي/المعرفة لأبي بكر بسند جيد من حديث عطاء عن ابن عباس: أول من نسخ من القرآن فيما ذكر لنا- والله أعلم- شأن القبلة قال الله تعالى: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) فاستقبل

_ (1) تقدم. وقد كتبناه في حاشية التحقيق بلفظه. والحديث صحيح متفق عليه. (2) ضعيف. الكنز (19205) ، ومطالب (1/3) ، وابن عدي في " الكامل " (6،2/449/ 2359) ، والعقيلي (4/196) . (3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 13، 9/ 137) ، ومسلم في (الإيمان، ح/36،34) ، وللنسائي (5/14، 6/ 4، 5/ 6، 7، 8 / 81، 8/ 76) ، وأبو داود (ح/2640، 2641) ، والترمذي (ح/ 260، 2608،2606، 3341) ، وابن ماجة (ح/71، 3928،3927،72) ، وأحمد (2/ 345، 423، 3/199) ، والبيهقي (1/84، 2 / 3، 3/30) ، والحاكم (/386، 387) ، والطبري (15/58، 158) ، والجوامع (4318، 4409) . (4) الحاشية السابقة انظر رواية للترمذي.

رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق فقال تعالى: " سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها " يصفون بيت المقدس فتنحها، وصرفه الله تعالى إلى البيت العتيق " (1) فقال: " ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام " (2) . وفي كتاب الناسخ والمنسوخ لأبي داود من حديث يزيد النحوي عن عكرمة عنه كان محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستقبل صخرة بيت المقدس، وهي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا فقال عز وجل: (ولله المشرق والمغرب) . وقال: " قد نرى تقلب وجهك في السماء "، وعن أبي العالية: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نظر نحو بيت المقدس فقال لجبرائيل عليه الصلاة والسلام: " وددت أن ألله تعالى صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها " فقال له جبرائيل: إنما أنا عبد مثلك فارع ربك عز وجل وسله فجعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبرائيل بالذي سأل ما أنزل الله تعالى: (قد نرى تقلب وجهك) (3) . وعن سعيد بن عبد العزيز أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى نحو بيت المقدس من شهر ربيع الأول إلى جمادى الأخرة، وفي كتاب ابن سعد زاد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم نسير بن البراء عن معرور في بنى سلمة فصنعت له طعاما وحانت الظهر فصلى بأصحابه ركعتين ثم أمر أن يوجه إلى الكعبة فاستداروا إلى الكعبة واستقبل الميزاب فسمى المسجد / مسجد القبلتين، وذلك يوم الإثنين للنصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرَا، قال محمد بن عمر: وهذا البيت عندنا، وزعم ابن حبيب في كتابه المخبر أنّها حولت من الظهر يوم الثلاثاء للنصف من شعبان في الركعة الثالثة، وفي موضع آخر العصر، وزعم سعيد عن حجاج عن ابن جريح: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول ما صلى إلى الكعبة ثم صرف

_ (1) رواه أحمد (1/325) ، والمنثور (1/142) ، والمجمع (2/12) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير " والبزار ورجاله رجال الصحيح. (2) المصدر السابق. (3) المنثور (1/142) .

إلى المقدس فصلت الأنصار نحو بيت المقدس قبل قدومه بثلاث، وفي كتاب الحافظ الدمياطي صرفت يوم الإثنين نصف رجب بعد خمسة عشر شهرًا ونصف، وفي كتاب النحاس عن ابن زيد: بضعة عشر شهرًا، قال: وروى الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: صرف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الكعبة في جمادى، قال أبو جعفر: وهو أولى الأقوال بالصواب، وقال أبو البقاء حولت بعد ثلاثة عشر شهرًا من مقدمه المدينة، وقيل: بعد عشرة، وقيل: تسعة أشهر، وفي كتاب الحازمي: اختلف الناس في المنسوخ هل كان ثابتا بنص الكتاب أو السنة فذهبت طائفة إلى أن المنسوخ كان ثابتا بالقرآن إذ القرآن لا ينسخ إلا بالقرآن، وكذلك السنة ثم أن استقبال القبلة شرط لصحة صلاة الفرض والواجب إلّا في حالة الخوف، قال في المحيط التوجه شرط زائد بدليل صحة صلاة النافلة بدونه فجاز أن يقام مقام غير القبلة مقامها عند التعذر، وفي كتاب النووي: لتعلم أوله القبلة ثلاثة أوجه، أحدها: أنه فرض كفاية، الثاني: فرض عين، الثالث: فرض كفاية إلا أن يريد سفر أولا يصح قول من قال فرض عين إذ لم يقبل عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا عن أحد من السلف إلزام آحاد الناس يعلم أوله القبلة في حق مقيم ولا مسافر/، بخلاف أركان الصلاة وشروطها، ثم من كان بمكة فالفرض في حقه إصابة عين بالكعبة سواء كان بين المصلى وبينها حائل بجدار أو لم يكن حتى لو اجتهد، قال الرازي الحنفي: يعيد، وعن محمد بن الحسن لا يعيد إذا بأن له ذلك بمكة أو المدينة، وفي كتاب أبي البقاء: وضع جبرائيل محراب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مساويَا للكعبة، وقيل كان ذلك بالمعاينة، وأما من كان غائبَا عن الكعبة فغرضه جهتها لا عينها، وهو قول عامة مشايخ الحنفية، وقال الجرجاني: شيخ القدوري: الفرض إصابة عينها في حق الحاضر والغائب، وعند الشافعي فرض المجتهد مطلوبة عينها في أصح القولين، والله أعلم.

186- باب من دخل المسجد فلا يجلس حتى يركع

186- باب من دخل المسجد فلا يجلس حتى يركع حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ويعقوب بن حميد بن كاسب قالا: ثنا ابن أبي فديك عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين " (1) . هذا حديث إسناده حسن للاختلاف في حال كثير راويه، ورواه أبو قرة بسند صحيح عن الثوري عن سهيل عن أبيه عنه، وفي الأوسط من حديث زكريا بن حكيم الحِبطي البصري عن الحسن عن سليك الغطفاني، قال: بينما النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخطب إذ دخلت المسجد فجلست فقال: " ركعت الركعتين ". قلت: لا. قال: " فقم فأركعها " (2) . لم يروه عن زكريا إلا داود بن منصور القاضي. ومن حديث ابن لهيعة عن خالد بن زيد عن أبي صالح عن أبي أدرانه: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يخطب فقعد فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل/ركعت؟ قال: لا. قال: " فقم فاركع ". وفي الأوسط: لم يروه عن سفيان إلا أبو قرة، ولما ذكر حديث المطلب قال: لم يروه عن المطلب إلا كثير تفرد به ابن أبي فديك فإن ابن عمر وثقة وقال ابن معين في رواية صالح وفي أخرى ليس بذلك القوى، وعند ابن عدي زيادة، وإذا دخل بيته فلا يجلس حتى يركع ركعتن، فإن الله عز وجل جاعل له من ركعته في بيته خيرا ثم قال إسناد جلة، وعزى الإشبيلي إلى البخاري أنه قال: هذه الزيادة لا أصل لها، وأنكر ذلك ابن القطان. حدثنا العباس بن عثمان ثنا الوليد بن مسلم ثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرعي عن أبي قتادة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا دخل أحدكم المسجد فليصل ركعتين قبل

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/70) ، ومسلم في (المسافرين، ح/70) ، وابن ماجة (ح/1012) ، وأحمد (5/305) ، والبيهقي (3/94، 195) ، وابن خزيمة (1325) ، وتجريد (320) ، والطبراني (3/272) ، وأحمد (5/303، 305) . (2) صحيح. رواه مسلم في (الجمعة، ح/58) ، والبيهقي (3/194) ، وإتحاف (3/296) ، والفتح (07/42) ، ومعاني (1/365) .

أن يجلس " (1) . هذا حديث اتفقا على تخريجه، ولما ذكره ابن حبان في صحيحه زاد قبل أن يجلس أو يستخبر، وعند ابن القطان بسند عنه مرفوع عند ابن أبي شيبة: " اعطوا المساجد حقها ". قيل يا رسول الله: وما حقها؟ قال: " ركعتين قبل أن تجلس " (2) . وقال الترمذي: روى سهيل هذا الحديث عن عامر عن عمرو عن جابر غير محفوظ وقال ابن المديني: حديث سهيل خطأ، وقال ابن ماجة في بعض النسخ: رواه الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن عامر عن أبي قتادة وهو وهم، وذكر البيهقي أنّ الشافعي قال ذلك على سبيل الاختيار لا الفرض قال: ولم أعلم مخالفا من تركها، وروى عن عمر بن الخطاب أنه قدم من سفر فوجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاعدا في المسجد فقصد إليه ليخبره عن عمرو بن العاص، وكان معه في حبيش قال: فأتاه ولم أركع/ثم دخل عمرو فركع قبل أن يأتيه فظنت أو علمت أنه سيغفره قال: " ولم يحك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره بأن يقضى بركة أن يبدأ بالنافلة ". وحكى عياض عن داود وأصحابه وجوبها، وقال النووي: هي سنة بالإجماع، فإن دخل وقت كراهة فكره أبو حنيفة والليث والأوزاعي صلاتهما خلافا للشافعي، وحكى عنه أيضَا الكراهة، والله تعالى أعلم.

_ (1) الحديث الأول من الباب. (2) صحيح. رواه ابن خزيمة (1824) ، والمنثور (5/52) ، وابن أبي شيبة (1/340) ، والكنز (20774) .

187- باب من أكل الثوم فلا يقربن المسجد

187- باب من أكل الثوم فلا يقربن المسجد حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل ابن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة العمري أن عمر بن الخطاب كان يوم الجمعة خطيبَا أو خطب يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: " يا أيها الناس إنكم يهلون الشجرتين أراهما الأخبثين هذا الثوم وهذا البصل، ولقد كنت أرى الرجل على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوجد ريحه منه فيؤخذ بيده حتى يخرج إلى البقيع فَمن كان أكلها فيتمها طبخا " (1) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه. حدثنا أبو مروان العثماني ثنا إبراهيم بن سعد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل من هذه الشجرة- يعني: الثوم- فلا يؤذينا في مسجدنا هذا " (2) . قال إبراهيم: وكان أبي يزيد فيه الكراث والبصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعنى أنه يزيد على حديث أبي هريرة في الثوم. هذا حديث خرجه أيضَا بلفظ: " فلا يقربن مسجدنا ولا يؤذينا يربح الثوم " (3) . حدثنا محمد بن الصباح ثنا عبد الله بن رجاء المكي عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال/رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل من هذه الشجرة شيئا فلا يأتين المسجد " (4) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما، ولفظ مسلم: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في غزوة حنين: " من أكل من هذه الشجرة- يعني: الثوم- فلا يأتين المساجد " (5) . وفي لفظ البخاري: " فلا

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/ 1014) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/76) ، وأحمد (2/429، 3/12) ، والبيهقي (3/77) ، وعبد الرزاق (1741) ، وإتحاف (7/56) ، وتلخيص (3/124) ، والمجمع (2/18) ، وابن خزيمة (1667) ، والتمهيد (6/416) ، والترغيب (1/224) ، والكنز (40913) ، والمعاني (4 له 23) . (3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/69، 74) ، وأحمد (4/252) ، والبيهقي (3/75، 76) ، وابن حبان (319) ، وابن أبي شيبة (2/510) ، والطبراني (2/28، 4/106) ، والكنز (41750) . والمعاني. (4) انظر: الحاشية رقم " 2 " السابقة. (5) انظر: الحاشية رقم " 1 " السابقة.

يقربن مسجدنا " (1) . وفي الأوسط " حتى يذهب ريحها منه ". ذكره من حديث رشدين بن سعد وتفرد به. وفي الباب حديث جابر بن عبد الله عندها قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا، وليعتزل مسجدنا وليبتعد " (2) . وأنه أتى بقدر فيه خضران من بقول فوجد لها ريحا فسأله فاخبر بما فيها من البقول فقال: فربوها إلى بعض أصحابه، فلما رآه كره أكله قال: " كل فإني أناحي من لا يناحى " (3) . وفي لفظ لمسلم: " من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما تتأذى منه بنو آدم " (4) . وفي الاً وسط: من حديث هشام بن حسان عن أبي الزبير عنه مرفوعا: " من أكل من هذه الخضراوات البصل والثوم والكراث والفجل ... " (5) . الحديث وقال: لم يروه عن هشام إلا يحيى بن راشد البراء تفرد به سعيد بن عفير ثنا به أحمد بن حماد بن رغبة، وفي مسند الحميدي بسند على شرط الشيخين سئل جابر عن الثوم فقال: " ما كان بأرضنا يومئذ ثوم الذي نهي عن البصل والكراث ". وفي سيرة ابن إسحاق عن أبي أيوب

_ (1) صحيحٍ، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 216، 7/ 105، 9/ 135) ، ومسلم في (المساجد، ح/73) ، وأبو داود في (الأطعمة، باب " 4 ") ، وابن خزيمة (1664) ، وشرح السنة (2/388) ، والتمهيد (6/417، 418) ، والكنز (40910) ، والبيهقي (3/76، 7/50) ، والمشكاة (4197) ، والإرواء (2/334) . (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (7/211، 9/135) ، ومسلم في (المساجد، ح/ 73) ، وأبو داود في (الأطعمة، باب " 41 ") ، والبيهقي (3/ 77، 7/ 50) ، وأبو عوانة (1/410) ، والتمهيد (6/417) ، وشرح السنة (2/389) ، والقرطبي (1/426) ، والبداية (3/202) ، والمغنى عن حمل الأسفار (2/ / 37) . (3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/74) ، وأبو عوانة (412) ، واستذكار (1/152) ، والقرطبي (1/426) . (4) رواه الطبراني في " الصغير " (1/22) ، والكنز (40928) ، والمجمع (2/17) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه يحيى بن راشد البراء البصري وهو ضعيف، ووثقه ابن حبان وقال يخطىء ويخالف، وبقية رجاله ثقات. (5) رواه أحمد: (3/374) .

الأنصاري: وقال محمد بن جرير في كتاب التهذيب، وروى المعاني بن عمران عن الربيع بن صبيح عن أبي الزبير عن جابر: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن أكل الثوم والبصل والكراث " (1) . وروى حماد بن سلمة عن بشر بن حرب عن أبي سعيد الخدري أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/: " نهى عن أكل البصل والكراث والثوم ". فقلنا: حرام هو؟ قال: لا. وفي الأوسط: " اجتنبوا هذه الشجرة المنكرة، من أكلها فلا يقربن مسجدنا " (2) . وفي لفظ " حتى يذهب ريحه " قال الطبراني: وثنا عمرو بن علي ثنا معاذ ثنا خالد بن ميسرة ثنا معاوية بن قرة عن أبيه قال. " نهي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن أكل هاتين الشجرتين الخبيثتين، وقال: من أكلها فلا يقربن مسجدنا يعنى البصل والثوم وإن كنتم لابد آكليها فأتينوها طبخا " (3) . وعند ابن حبان في صحيحه من حديث حذيفة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " من أكل هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا ثلاثا " (4) . قال الحسن: يعني الثوم، وعند الطبراني في الأوسط من حديث عباد بن طيم عن عمه عبد الله بن زيد قال: " الذي أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا- يعني: الثوم- ". وقال: لم يروه عن الزهري عن عباد إلا إيراهيم بن سعد تفرد به معن. ومن حديث نعيم عن يحيى عن الزهري عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبي ثعلبة الخشني قال: غزونا مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأصبنا بصلًا وثومًا فأكلوا منه والقوم جياع فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنا في مسجدنا " (5) ، وعند الشيخين من حديث أنس وسئل عن الثوم فقال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل من هذه

_ (1) لم نقف عليه. (2) تقدم من أحاديث الباب. (3) رواه أحمد (3/60، 4/194) ، وابن أبي شيبة (2/8/116،510) ، والتمهيد (6/424) ، والمجمع (2/17) ، والفتح (2/17) ، والفتح (2/344) ، والكنز (40925، 40935) . (4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/216) ، ومسلم في (المساجد، ح/71) ، وأبو داود في (الأطعمة، باب " 41 ") ، وابن أبي شيبة (8/115) ، وعبد الرزاق (1739) ، وابن خزيمة (1668) ، والتمهيد (6/414) ، والترغيب (1/222) ، والمجمع (2/17) ، والكنز (540927) . (5) تقدم من أحاديث الباب.

الشجرة فلا يقربنا ولا يصلى معنا " (1) وقد وردت أحاديث ظاهرها معارض لما تقدم منها ما روينا في العلانيات عن يحيى بن عبد الباقي ثنا لوين ثنا زافر بن سليمان عن إسرائيل عن مسلم عن حبة عن علي قال: قال لي رسول الله/ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كل الثوم فلولا أنى أناجى الملك لأكلته " (2) . ورويناه في كتاب الحلية لأبي نعيم قال: ثنا فاروق ثنا الكجي أن عبد الله بن رجاء قال: ثنا إسرائيل عن مسلم الأعور بلفظ: " أمر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل الثوم ". وفي التهذيب لأبي جرير ثنا أبو عامر السكري ثنا يحيى بن صالح ثنا إسماعيل بن سعد ثنا خالد بن معدان عن حماد بن سلمة أنه سأل عائشة عن البصل فقالت: " إن آخر طعام أكله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعام فيه بصل " (3) . ولما رواه في الأوسط من حديث بقية عن يحيى بن سعيد عن ابن معدان عن جبير بن نفير قال: لا يروى هذا الحديث عن عائشة إلا هذا الإسناد، تفرد به يحيى انتهي كلامه وفيه نظر؛ لما أسلفناه. وفي صحيح البستي عن المغيرة بن شعبة قال: انتهيت إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجد منى ريح القوم فقال: " من أكل الثوم ". قال: فأخذت يده فأدخلتها فوجد صدري معصوبَا فقال: " إن لك عذرَا " ولفظ أبي داود: أكلت ثوما ثم أتيت مصلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد سبقت بركعة فلما دخلت المسجد وجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ريح الثوم فلما قضى صلاته قال: " من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا حتى يذهب ريحها أو ريحه " (4) . فلما قضيت الصلاة جئت إليه فقلت يا رسول الله: لتعطيني يدك. قال: فأدخلت يده في كم قميصي إلى صدري فإذا أنا معصوب الصدر فقال: " إنَّ لك عذرا ". وفي الأوسط فقلت: اشتكيت صدري فأكلته فلم يعنفه جماعة العلماء، قالوا: هو صريح في نهي من أكل من هذه الشجرة أن يدخل المسجد إلا ما حكاه عياض عن بعضهم أنه خاص/بمسجد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهي حلال بإجماع الأشياع حكاه بعضهم عن أهل الظاهر بأنها حرام؛ لأنها أتمنع من

_ (1) الذهبي في " الطب النبوي " (41) ، والمتناهية (2/170) ، (2) حسن. رواه أبو داود (ح/3829) ، والمشكاة (4231) . (3) أصفهان (2/30) ، وانظر الإرواء (2/334، 8/154) . (4) رواه أبو عوانة (1/410) ، وابن أبي شيبة (8/114) .

حضور الجماعة وهي قرض عين عندهم، قال القاضي: ويلحق به أكل الفجل انتهى قد أسلفنا ذكر الفجل في حديث مرفوع فلا حاجة بنا إلى قياسه على غيره، وقال ابن المرابط: ويلحق فيه أيضًا الأبجر والذي يخرجه رائحة كريهة، قال القرطبي: أستدل بعضهم على أنّ من يتكلم في الناس، ويؤذيهم بلسانه في المسجد أنه يخرج منه ويبعد عنها.

188- باب المصلي يسلم عليه كيف يرد

188- باب المصلي يسلم عليه كيف يرد حدثنا على بن محمد الطنافسي ثنا سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر قال: أتى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسجد قباء يصلى فيه فجاءت رجال من الأنصار يسلمون عليه فسألت صهيبا، وكان معه كيف كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ يرد عليهم قال: " كان يشير بيده " (1) . هذا حديث لما خرجه أبو داود وأحمد في مسنده والترمذي بلفظ فقلت لبلال: كيف كان يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلى قال: يقول: هكذا أو بسط جعفر- يعني: ابن عون- كفه، وجعل بطنه أسفل وظهره إلى فوق " (2) قال: هذا حديث حسن صحيح، وخرج حديث صهيب بلفظ: " مررت بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلى فسلمت عليه فرد إشارة " (3) . فقال الراوي: لا أعلمه إلا فال أبا مرة بأصبعه، قال: هذا حديث حسن. قال: وكلا الحديثين عندي صحيح، وأن قصة صهيب غير قصة حديث بلال وإن كان ابن عمر روى عنهما فاحتمل أن يكون سمع منهما جميعا/، وزاد في العلل: ورواه زيد بن أسلم عن ابن عمر عن بلال. حدثنا محمد بن رمح البصري أنبأ الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر قال: بعثني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجة ثم أدركته وهو يصلي، فسلَّمت عليه فأشار إلي فلما فرغ دعاني فقال: " إنك سلمت علي آنفا وأنا أصلي " (4) . هذا حديث خرجه مسلم بزيادة: " وهو متوجه حينئذ قبل المشرق ". حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال: ثنا النضر بن شميل ثنا

_ (1) رواه ابن ماجة (ح/1017) . وصححه الشيخ الألباني. (2) صحيح. رواه ابن خزيمة (ح/888) ، وسنده صحيح وأبو داود (ح/927) ، والترمذي (ح/ 368) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والدارمي (ح/1363) . (3) حسن. رواه أبو داود (ح/925) ، والترمذي (367) ، والمجمع (2/81) ، من حديث أبي سعيد الخدري وعزاه إلى البزار وفيه عبد الله بن صالح ثابت الليث، وثقة عبد الملك بن شعيب فقال: ثقة مأمون وضعفه الأئمة أحمد وغيره. (4) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/36) ، والنسائي عن (السهو، باب " 600 ") ، وابن ماجة (ح/1018) ، وأحمد (3/334) ، والبيهقي (2/258) ، وأبو عوانة (2/140) .

يونس بن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال: كنا نسلم في الصلاة فقيل لنا: " إن في الصلاة شغلا " (1) هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه، وعند البيهقي: لما قدمت من الحبشة " آتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلى فسلمت عليه فأرسى برأسه " (2) . وعند الدارقطني من حديث أبي غطفان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد صلاته " (3) . وقال: قال لنا ابن أبي داود أبو غطفان: هذا رجل جهول، والصحيح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه: " كان يشير في الصلاة ". وحديث أنس ابن مالك: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يشير في الصلاة " (4) . رواه أبو داود بسند جيد، وفي الأوسط: ورواه عن الأوزاعي عن الزهري عن ابن أنس لم يروه عن الأوزاعي إلا يزيد بن السمط، تفرد به سلامة بن بشر، وفي الصحيح حديث: " أم سلمة في الركعتين بعد العصر وإشارته عليه الصلاة والسلام لجاريتها " (5) . وسيأتي إن شاء الله تعالى. وحديث أبي سعيد: أن رجلا سم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة/فردّه عليه إشارة فلما سلم قال: " كنا نرد السلام في الصلاة " (6) . فردّ عليه إشارة فلما سلم قال: " كنا نرد السلام في الصلاة فنهينا عن ذلك ". قال الطبراني في الأوسط:

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/78، 83، 5/64) ، ومسلم فْي (المساجد، ح/34) ، وأبو داود (ح/923) ، وأحمد (1/409) ، والبيهقي (2/248) ، والطبراني (10/136) ، وعبد الرزاق (3590) ، وابن كثير (1/434، 8/383) ، والمنثور (1/306) ، والكنز (18909) ، والمعاني (1/ 455) ، وابن أبي شيبة (2/74) ، والراية (3/92) ، والدارقطني (1/341) ، وأبو عوانة (2/139) (2) رواية البيهقي في الحاشية السابقة. (3) رواية الدارقطني (2/83) ، وأبو داود في (استفتاح الصلاة، باب " 59 ") ، والكنز (4) حسن. رواه أبو داود (ح/943) ، وأحمد (3/138) ، والبيهقي (2/262) ، والدارقطني (2/84) ، وعبد الرزاق (3276) ، والكنز (17939) ، وجرجان (105) ، والخطيب (6/293) ، وابن عساكر في " التاريخ " (2/ 244، 3/ 12) . (5) يأتي كما ذكر المصنف. (6) صحيح. المعاني (1/451، 454) ، والمجمع (8/38) ، وعزا هـ إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد وثقة وضعفه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح.

رواه من حديث بن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء عنه لم يروه عن ابن عجلان إلا الليث، حدثنى به مطلب بن شعيب عن عبد الله بن صالح كاتبه، وفي البخاري حديث أسماء: " وسألت عائشة فأشارت بيدها نحو السماء، فقلت: أنه فأشارت أن نعم ... " الحديث بطوله، وسيأتي.

189- باب من صلى لغير القبلة وهو لا يعلم

189- باب من صلى لغير القبلة وهو لا يعلم حدثنا يحيى بن حكيم حدثنا أبو داود حدثنا أشعث بن سعيد بن الربيع سمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: " كنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر، فتغمت السماء وأشكلت علينا القبلة، فصلينا، وأعلمنا فلما طلعت الشمس إذا نجده قد صلينا بغير القبلة فذكرنا ذلك وللنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله تعالى: (فأينما تولوا فثم وجه الله (1) .

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1020) . وصححه الشيخ الألباني.

190- باب المصلى يتنخم

190- باب المصلى يتنخم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ربعي بن خراش عن طارق بن عبد الله المخاربي قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إذا صليت فلا تبزقن بين يديك، ولا عن يمينك، ولكن أبزق عن يسارك أو تحت قدمك " (1) . هذا حديث قال فيه الترمذي والطوسي: حسن صحيح، وقال الحاكم لما خرجه بلفظ: " ولكن ابصق تلقاء شمالك إن كان فارغا أو تحت قدمك ". وقال برجله كأنه يحكه بقدمه ". هذا حديث/صحيح على ما أصله من تفرد التابعي عن الصحابي. انتهى. وربعي لم ينفرد عن طارق قد روى عنه أيضا جامع بن شداد المحاربي، وألزم الدارقطني الشيخين تخريج حديث طارق لصحة الطريق إليه، ولما رواه عبد الله عن أبوه ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان بزيادة: " وأبزق خلفك " قال. قال إنى لم أقل وكيع ولا عبد الرزاق وأبزق خلفك، وخالفه الحفاظ من أصحاب الثوري وكيع، وعبد الرزاق، وعبد الرحمن، والفرياني وغيرهم، ورواه أصحاب منصور عن منصور لم يقل أحد منهم: وابزق خلفك، وهذا مما يتعبد به على يحيى، وفي الأوسط: ولكن ابصق تلقاء شمالك إن كان فارغا وتحت قدمك، وقال: لم يروه عن غيلان بن جامع- يعني: عن منصور- إلّا يعلى بن الحسن بن المحاربي. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن إسماعيل بن علية عن القاسم بن طهران عن أبي رافع عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رأى نخامة في قبلة المسجد قبل على الناس فقال: ما بال أحدكم يقوم مستقبلا ربه فيتنخع أمامه، أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه إذا بزق أحدكم فليبزق عن شماله أو ليقل هكذا في ثوبه (2) ثم أراني إسماعيل يبزق في ثوبه، ثم يدلكه ". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه، ولفظ البخاري: " إذا قام أحدكم إلى الصلاة، فلا يبصق

_ (1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1021) ، والطبراني (8/374، 375) ، والكنز (19947) ، وإتحاف (3/311) ، والجرح والتعديل (1/235) ، وابن أبي شيبة (2/364) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1022) ، وأحمد (2/250) ، ومسلم في (المساجد، ح/ 53) ، وابن أبي شيبة (2/364) ، والترغيب (1/200) ، والكنز (19945) ، والإرواء (1/198)

أمامه، فإنما يناجي الله عز وجل مادام في مصلاة، ولا عن يميه فليبصق عن يساره أو تحت قدمه فيدفنها " (1) . وفي العلل للخلال: قال مهنأ: سألت أبا عبد الله عن ابن مهران فقال: ثقة، وما أعرف له غير حديث واحد يعني هذا، قلت: من أجو رافع. قال:/وعند القاسم من حديث عبد الرحمن بن أبي حداد عنه سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من دخل المسجد فبصق فليحضر له، وليدفنه، فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه ثم يخرج به ". وقال: لم يروه عن عبد الرحمن إلا ابن اليسري وعبد المعين عامر بن زرارة قال: ثنا أبو بكر بن عباس عن عاصم عن أبي وائل عن حذيفة أنه رأى شبت يبزق بين يديه فقال: " يا شبث لا تبزق بين يديك، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان ينهي عن ذلك، وقال: إن الرجل إذا قام يصلى أقبل الله عليه بوجهه حتى يتقلب أو يحدث حدث سوء " (2) . هذا حديث إسناده صحيح، وخرج ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن يوسف بن موسى ثنا جرير عن أبي إسحاق الشيباني عن مهدي بن ثابت عن زر عن حذيفة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفل بين عينيه " (3) . حدثنا زيد بن أخرم وعبدة بن عبد الله قالا: ثنا عبد الصمد حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تفل في ثوبه وهو في الصلاة ثم دلكه " (4) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما بلفظ: " فما كان أحدكم في الصلاة فإنه يناجى ربه فلا يبزقن بين يديه، ولا عن يمينه ولكن عن شماله وتحت قدمه " (5) . وفي الباب حديث ابن عمر: " ورأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصاقا في جدار القبلة فحكه ثم أقبل على الناس فقال: إذا كان أحدكم يصلى فلا يبزق قبل وجهه؛ فان الله عز وجل قبل

_ (1) صحيح. رواه البخاري (1/113) ، والفتح (1 / 512) ، والمشكاة (710) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1023) . وصححه الشيخ الألباني. (3) رواه البيهقي (3/76، 86) ، وابن حبان (332) ، وابن خزيمة (1663،925) ، والترغيب (1/201) ، والكنز (195147) . (4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1024) . وصححه الشيخ الألباني. (5) تقدم من أحاديث الباب في ص 1682

وجهه إذا صلى " (1) . وحديث أبي سعيد الخدري من عند البخاري " أد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى نخامة في قبلة وجهه فإن الله عز وجل قبل على وجهه إذا صلى " (2) . وحديث أبي سعيد الخدري من عند البخاري: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى نخامة في قبلة المسجد فحكّها بحصاة ثم نهى / أن يبصق الرجل عن يمينه أو أمامه، ولكن يبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى " (3) . وخرجه الحاكم بلفظ: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعجبه العراجين أن يمسكها بيده فدخل المسجد ذات يوم، وفي هذه واحدة منها فرأى نخامات في قبلة المسجد فحتهن حتى ألقاهن، ثم أقبل على الناس مغضبا. فقال: أيحب أحدكم أن يستقبله رجل فيبصق في وجهه، إن أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنما يستقبل ربه، والملك عن يمينه فلا يبصق بين يديه، ولا عن يميه وليبصق تحت قدمه اليسرى، أو عن يساره وإن عجلت به بادره فليكن هكذا في طرف ثوبه ورد بعضه على بعض " (4) . هذا حديث صحيح مفسر في هذا الباب على شرط مسلم. وحديث عبد الله بن الشخير من عند مسلم: " أنّه كان مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فتنخع فدلكها بنعله اليسرى " (5) . ومن حديث أبي صلت بن دينار عن عبد الله بن الشخير عن أبيه: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى على البلاط وعليه نعلاه فيبصق تحت قدمه اليسرى ثم دلكها بالأرض " (6) . وقال الطبراني: لم يروه عن الصلت إلا سعيد، وسالم تفرد به عبد الله بن عمر بن أبان. وحديث داود بن علي عن أبيه عن ابن عباس قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " البزاق في المسجد خطيئة خطيئة، وكفارته دفنه " (7) . قال الطبراني: لم يروه عن داود إلا

_ (1) تقدم في ص 1682. (3،2) تقدما، وانظر: الحديث الثاني في مسلم في: (المساجد، ح/53) . (4) رواه أحمد (3/24) ، والكنز (18462) . (5) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/58، 98) ، والنسائي في (المساجد، باب " 34 " (، وأحمد! 4/25) . (6) هذا حديث تقدم في الحاشية السابقة. (7) تقدم. رواه البخاري (1/113) ، ومسلم في (المساجد، ح/55) ، والترمذي (ح/572) ، وأحمد (3/232، 277،274) ، والبيهقي (2/291) ، والمجمع (2/18) ، وأبو عوانة (1/405) ، والمنثور (5/51) ، والمنحة (350) ، والقرطبي (12/278) ، والمشكاة (708) ،-

ابن أبي ليلى ولا عن ابن أبي ليلى إلا النضر بن إسماعيل فتفرد به الشاذكواني. وحديث السائب بن خلاد من عند أبي داود أن رجلا أم قومه فبصق في القبلة ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينظر فلما فرغ قال: " لا يصلى لكم فمنعوه ". فذكر ذلك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: نعم، وأحسبه قال. " آذيت الله/ ورسوله " (1) . ولما ذكره الطبراني في الأوسط قال: لم يرو هذا الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلّا بهذا الإسناد تفرَّد به عمرو بن الحريث. وحديث أبي سعد قال: " رأيت واثلة بن الأسقع في مسجد ومشى فبصق على النوى ثم مسحه بنعله ". وحديث عائشة: " رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جدار القبلة مخاطا أو بزاقا أو نخامة فحكه " (2) . خرجاه في الصحيح. وحديث أبي ذر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " عرضت علي أعمال أمتي بحسنها وسيئها، فوجدت في محاسنها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن " (3) . أخرجه مسلم. وحديث جابر قال: " أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي يده عرجون فرأى في قبلة المسجد نخاعة فحكها بالعرجون، فقال: أيكم يحب أن يعرض الله عنه ثلاثا فإن قالا: أن يا رسول الله؟ قال: إن أحدكم إذا قام يصلى فإن الله تعالى قبل وجهه، فلا يبصقن قبل وجهه، ولا عن يمينه وليبصق عن يساره تحت قدمه اليسرى " (4) . الحديث رواه أيضا غريبه يقال نخم الرجل نخمها وعماه، وتنخم دفع بشيء من صدره أو واثقة، قال ابن سيده: واسم ذلك الشيء النخامة والنخاعة ما نقله الإنسان كالنخامة، وتنخع الرجل وجيء بنخاعة، وقال أبو موسى الحافظ، والمطرزي في المغرب: النخامة ما يخرج من الخيشوم، وزعم ابن فرقول أنها من الصدور وهي البلغم الكرج، وقال ابن الأثير: هي البزقة التي تخرج من أصل الحلق من مخرج الخاء المعجمة

_ وابن خزيمة (1309) ، والطبراني (8/341) ، وشرح السنة (2/380) . (1) هذا حديث متقدم. (2) تقدم في ص 1682. (3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/57) ، وأحمد (5/180) ، والبيهقي (2/291) ، وأبو عوانة (1/406) ، وابن خزيمة (1308) ، والمشكاة (709) ، والبخاري في " الأدب المفرد " (230) ، وشرح السنة (2/381) ، والترغيب (3/616) ، والقرطبي (12/278) . (4) تقدم فريبا في هذا الباب ص 1683

وقيل النخاعة بالعين من الصدور بالميم من الرأس، وهى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ليبزق تحت قدمه وعن يساره ". قال النووي:/هذا في غير المسجد، وأما المصلى في المسجد فلا يبزق إلّا في ثوبه، وهو دليل على ما هو إجماعا إلا ما حكى الخطابي عن النخعي إنه بخس، قالوا: وليس بصحيح عنه، وحكى ذلك أيضَا عن سلمان الفارسي- رضى الله تعالى عنه-، وزعم عياض: أن البزاق في المسجد ليس بخطيئة إلّا في حقّ من لم يدفنه، وأمّا من أراد دفنه فليس بخطيئة إذا دفنها في تراب المسجد ورمله وحصاه إن كان فيه وإلا فيخرجها، وحكى الروياني المراد بذلك إخراجها مطلقَا، فإن لم تكن المساجد تربة وكانت ذات خضر فلا يجوز احتراقَا للمالية: والله أعلم.

191- باب مسح الحصا في الصلاة

191- باب مسح الحصا في الصلاة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من مس الحصا فقد لغى " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما مطولا، وسيأتي في باب الجمعة إن شاء الله تعالى. حدثنا محمد بن الصباح وعبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير حدثنى أبو سلمة حدثنى مسيب قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "من مسح الحصا في الصلاة قال: إن كنت فاعلا فمرّة واحدة " (2) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما بلفظ: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال في الرجل يسوى التراب حيث يسجد ". وفي لفظ لمسلم: سألوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المسح في الصلاة فقال: " واحدة " (3) . وفي الأوسط: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التسوى الحصى وهو يصلى قال: إن كان لابد فمرة واحدة " (4) . حدثنا هشام بن عمار ومحمد بن الصباح/قالا: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي الأحوص الليثي عن أبي ذر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قام أحدكم إلى الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا يمسح الحصاة " (5) . هذا حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه عن ابن أبي الرسل، ثنا إبراهيم بن زياد ثنا سفيان به، وقال أبو القاسم بن عساكر: أبو الأحوص لا يعرف له اسم ولا يرو عنه

_ (1) صحيح. رواه مسلم في (الجمعة، ح/27) ، والترمذي (ح/497) ، وأبو داود في (الجمعة، باب " 3 ") ، وابن ماجة (ح/1025) ، وأحمد (2/424) ، وابن حبان (267) ، وابن أبي شيبة (2/97) . (2) صحيح. رواه البخاري (2/80) ، وأحمد (3/426، 5/426) ، والبيهقي (2/284) ، والمشكاة (980) ، والقرطبي (1/347) ، وعبد الرزاق (2406) ، وابن خزيمة (895، 915) ، والمنتقى (218) . (3) صحيح. رواه مسلم (ح/48) ، والمجمع (8/158) ، والدارقطني (2/24، 4/9) ، والإرواء (7/140) . (4) لم نقف عليه. (5) ضعيف. رواه أبو داود في (الاستفتاح، باب " 60 ") ، وأحمد (5/150) ، والترمذي (ح/ 379) ، وابن ماجة (ح/1027) . وضعفه الشيخ الألباني.

غير الزهري، وفي مسند ابن عيينة " فلا يمسح إلا مرة "، وفي لفظ للإمام أحمد: سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن كل شيء حتى سألته عن مسح الحصاة فقال: " واحدة " (1) . أودع عنده أيضَا من حديث جابر بن عبد الله قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لا يمسك أحدكم يده عن الحصاة خير له من مائة ناقة كلها سود الحدق، فإن غلب أحدكم الشيطان فليمسح مسحة واحدة " (2) . وروى عن جماعة من السلف أنهم كانوا يمسحون الحصير لموضع سجودهم مرة واحدة، وكرهوا ما زاد عليها يرون ذلك من العمل القليل المعفو عنه، وروى ذلك عن ابن مسعود وأبي ذر وأبي هريرة، وبه يقول الأوزاعي وأهل الكوفة.

_ (1) تقدم قريبا، وهو حديث صحيح في ص 1687. (2) لم نقف عليه.

191- باب الصلاة على الخمرة

191- باب الصلاة على الخمرة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عباد بن العوام عن الشيباني عن عبد الله بن شداد قال:: حدثتني ميمونة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى على الخمر " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما مطولًا، وقد تقدم طرف منه. حدثنا أبو كريب ثنا أبو معاوية/عن الأعمش عن أبي سفيان عن جبير عن أبي سعيد قال: " صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حصير " (2) . هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه. حدثنا حرملة بن يحيى ثنا عبد الله بن وهب حدثني زمعة بن صالح عن عمرو بن دينار قال: صلى ابن عباس وهو بالبصرة على بساط ثم حدث أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى على بساط (2) . هذا حديث في مسنده زمعة، وقد أسلفنا الكلام عليه بأنه ضعيف ومتهم من قال هو متماسك، والله أعلم. وفي الترمذي من حديث سماك عن عليّ به عنه: " كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى على الخمرة " (4) . وقال فيه: حسن صحيح، وفي الباب حديث أنس عند الشيخين، وفيه: " فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس فنصحه بماء فقام عليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصففت أنا واليتيم وراءه (5) ، الحديث. وعد البخاري من حديثه أيضًا قال رجل من الأنصار: وكان ضخما للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لا أستطيع الصلاة معك، وصنع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طعماهما فدعاه إلى بيته ونضح له طرف حصير بماء فصلى عليه ركعتين " (6) . وعند الطبراني في الأوسط من حديث أبي إسحاق عنه: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي على الخمرة " (7) ، لم يروه عن أبي إسحاق إلا شريك تفرد به محمد بن حسان

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الحيض، باب " 30 "،، والصلاة، باب " 19، 21 ") ، ومسلم في (المسا جد، ح/270) ، وأبو داود في (الصلاة باب " 91 ") ، والترمذي (ح/331) ، والنسائي (2/57) ، وابن ماجة (ح/1028) ، وأحمد (1/269، 309) ، والبيهقي (2/421) ، وابن أبي شيبة (1/398) . (2) رواه أبو داود في (الصلاة، باب 792) ، والبيهقي (2/420) ، والحاكم (1/259) ، وشرح السنة (2/441) ، والكنز (17945) ، وأخلاق (165) ، وأصفهان (2/146) . (3) قوله: " البساط " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. وهذا الحديث رواه ابن ماجة (ح/1030) ، والكنز (17946) . وهو حديث ضعيف. (4-7) تقدت جملة الأحاديث في الحواشي السابقة.

التيمي، وفي لفظ: " يسجد عليها " وفي لفظ: " صلى على بعير تطوعا وشكرا " (1) . وحديث أم سلمة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي على الخمرة " (2) . رواه أحمد في مسنده، وعند أبي القاسم في الأوسط: " كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حصير وخمرة يصلي عليها " (3) . وقال: لا يروى عن سعيد بن المسيب إلا بهذا الإسناد./تفرد به الحسن بن داود النكروي. ثنا ابن أبي فديك ثنا عمر أن بن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده، وعند أبي داود بسند فيه ضعف عن المغيرة بن شعبة: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى على الحصير والفروة المدبوغة " (4) . وقال ابن أبي شيبة: ثنا يزيد بن المقدام وفيه ضعف، ومنهم من يكتب حديثه عن المقدام عن أبيه شريح أنه سأل عائشة: أكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي على الحصير فإنى سمعت في كتاب الله عز وجل: (إنا جعلنا جهنم للكافرين حصيرا) قالت: " لا لم يكن يصلي عليه "، وعند أبي داود من حديث مقاتل بن بشبر عن شريح بن هانىء عن عائشة إنها قالت: " لقد مطرنا ليلة فطرحنا للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قطعا فكأني أنظر إلى قعب فيه ينبع الماء، وما رأيته متقيًا الأرض بشيء قط من ثيابه " (5) . كذا رواه عن محمد بن رافع عن زيد بن حباب عن مالك بن معول عن مقاتل، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن مالك عن مقاتل به قالت قال: " ما رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متقي الأرض بشيء إلا مرة فإنه أصابه مطرًا فجلس على حلق خباء " (6) . الحديث غريب. الخمرة حصيرة تنسج من السعف أصغر من المصلي، وقيل الخمرة الحصير الصغير الذي يسجد عليه، وقال المطرزي: هي السجادة وهي مقدار ما يضع عليه الرجل وجهه في سجوده من حصير أو نسيجه من خوص، وزعم ابن الأثير أنها نسيجة من خوص أو نبات ولا يكون خمرة إلا هذا المقدار يعني مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه سميت بذلك لأن خيوطها مستورة بسعفها، وقيل: لأنها تخمر وجه المصلي عن

_ (1) بنحوه. رواه البخاري (1/110) ، ومسلم في (المسافرين، ح/32، 37) ، والترمذي (ح/ 352، وابن أبي شيبة (496،2/494) . (2-4) أنظر: الحواشي السابقة من هذا الباب. (5) رواه أبو داود في (الصلاة، باب " 15 "، والتطوع، باب " 16 ") . (6) تتمة الحديث السابق.

الأرض أي: تستره، ويلتحق في هذا الباب ما في تعليق البخاري ولم ير الحسن بأسا أن يصلي على الخمر والقناطير وإن/جرى تحتها بول أو فوقها وأمامها إذا كان بينهما سترة، وصلى علي على الثلج وصلى جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري في السفينة، وقال الحسن: يصلى قائما ما لم يشق على أصحابك تدور معها وإلا فقاعد أو صلى أنس على فراشه، وعن عائشة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلى على الفراش الذي ينامان عليه " (1) . وعن أنس قال: " كنا نصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحرّ في مكان السجود " (2) . وسيأتي وقال الحسن: كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويديه في كميه، َ وزعم عياض وغيره أن الإجماع على جواز السجود على سائر ما تنبته الأرض من الأشياء حكى عن عمر بن عبد العزيز.

_ (1) رواه البخاري في: (الصلاة، باب " 22 ") . (2) فتح الباري: (1/492) ، والكنز (22252) .

192- باب السجود في الثياب في الحر والبرد

192- باب السجود في الثياب في الحر والبرد حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد العزيز بن الدراوردي عن إسماعيل بن أبي حبيبة عن عبد الله بن أبي حبيبة عن عبد الله بن عبد الرحمن قال: " جاءنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مسجد بنى عبد الأشهل فرأيته واضعًا يديه على ثوبه إذا سجد " (1) . هذا حديث قال أبو القاسم بن عساكر: هو وهم، وإنما يرويه عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده ثابت الأنصاري. انتهى. وقد ذكره ابن ماجة أيضًا فيما بعد على الصواب. حدثنا عن جعفر بن مسافر عن إسماعيل بن أبي وليس عن إبراهيم بن إسماعيل الأشهلي عن عبد الله بن عبد الرحمن عن ثابت بن الصامت عن أبيه عن جده أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلى في بنى عبد الأشهل وعليه كساء يتلفف به يضع يديه عليه يتقيه برد الحصاء " (2) . ويشبه أن يكون الوهم فيه من الدراوردي، لأن الطبراني: رواه عن علي بن المبارك، ثنا إسماعيل / بن أبي أويس ثنا علي بن عبد العزيز ثنا إسحاق بن محمد قالا: ثنا ابن أبي حبيبة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن ثابت عن أبيه عن جده في مسنده عن رزق الله بن موسى ثنا معن بن عيسى ثنا ابن أبي حبيبة فذكره، وقال: لا يعلم روى ثابت بن الصامت إلا هذا الحديث هذا الإسناد. حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن حبيب ثنا بشر بن المفضل عن غالب القطان عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك قال: " كنا نصلى مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في شدّة الحر، فإذا لم يقدر أحد منّا أن يمكن جهته بسط ثوبه فسجد عليه " (3) . هذا حديث سبق التنبيه عليه بأنه في الصحيح وقد اختلف العلماء

_ (1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1031) ، في للزوائد: في إسناده عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده ثابت بن الصامت. وضعيف ابن ماجة (ح/214) ، والإرواء (ح/312) . (2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1032) . وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/ 215) . (3) صحيح. وتقدم كما ذكر المصنف. وهو في البخاري (العمل في الصلاة، باب " 9 ") ، وأبو داود في (الصلاة، باب " 92 ") ، وابن ماجة (ح/1033) ، والدارس في (الصلاة، باب " 82 ") .

في السجود على الثوب عن شدة الحر والبرد فرخص في ذلك عمر بن الخطاب، وعطاء، وطاوس، والنخعي والحسن، والشعبي، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ذلك الشافعي إلّا بعذر، ورخص في وضع اليدين على الثوب من شدّة الحر والبرد، واختلفْوا في السجود على كور العمامة فرخص فيه ابن أبي أوفي والحسن، ومكحول، وسعيد بن المسيب، والزهري وهو قول أبي حنيفة والأوزاعي، وكرهه مالك وقال ابن حبيب هذا فيما خفّ من طامائها (1) . فإما ما كثر فهو لمن لم يسجد، وكره على وابن عمر وعبادة السجود عليها وكذلك ابن سيرين، والنخعي، وعبيدة، وهو قول الشافعي، وقال أحمد: لا يعجبني ذلك إلا في حر أو برد وأجمعوا على جواز السجود واليدان في الثياب، ذكره ذلك ابن عمر وابنه وبعض التابعين، رضى الله تعالى أجمعين.

_ (1) كذا في " الأصل " " طامائها ".

193- باب التسبيح للرجال في الصلاة والتصفيق

193- باب التسبيح للرجال في الصلاة والتصفيق حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمارة، ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري/عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيح، وعند البيهقي " إذا استؤذن على الرجل وهو يصلى فأذنه (2) التسبيح "، و" إذا استؤذن على المرأة وهي تصلى فأذنها التصفيق " (3) . وفي الأوسط: " جعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الإذن في الصلاة ... " (4) . الحديث، وفي كتاب الحج لعيسى بن أبان بن صدقة الحنفي حدثنا هشام ثنا الجريري عن أبي جفرة عن أبي هريرة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذات يوم والرجال صفان والنساء صف: إن نسيت شيئًا من صلاتي فليسبح الرجال ولتصفق النساء " (5) . وفي علل الترمذي: ثنا الحسن بن الصباح ثنا شبابة عن المغيرة بن مسلم عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة: ذهب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجة، فأقام بلال الصلاة وفيه " فلما أقبل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " (6) . سألت محمدا عن هذا الحديث فلم يعرفه وجعل يستحسنه، وقال: المشهور عن أبي حازم عن سماك. حدثنا هشام بن عمار وسهل بن أبي سهيل فالا: ثنا سفيان بن عيينة عن أبي حازم عن سهل بن سعد أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " (7) . هذا حديث خرجاه أيضا ولفظ ابن خزيمة: " النساء "

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/80) ، ومسلم في (الصلاة، ح / 106، 107) ، والترمذي (ح/369) ، وأبو داود (ح/939، 944) ، والنسائي في (السهو باب " 15 ") ، وابن ماجة (ح/1034، 1035) ، وأحمد (2/261، 376) ، والبيهقي (2/246، 247) ، ونصب الراية (2/76) ، والحلية (9/252) ، وابن خزيمة (894) . (2) رواه البيهقي (2/247) ، والكنز (25207) ، والصحيحة (497) . (3) المصدر السابق. (4) لم نقف عليه. (5) رواه ابن ماجة بنحوه. (ح/1036) ، وإسناده حسن. (6) الحديث الاً ول من الباب. (7) المصدر السابق.

وفي لفظ: " من نابه في صلاته شيء فليقل سبحان الله إنما هذا للنساء يعني: التصفيق " (1) . حدثنا عبد بن سعيد ثنا يحيى بن سليم عن إسماعيل بن أمية وعبد الله عن نافع أنه كان يقول قال ابن عمر: " رخص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للنساء في التصفيق وللرجال في التسبيح " (2) . هذا حديث سنده صحيح على/شرط مسلم وسيأتي حديث على عند ابن ماجة:" كانت لي ساعة ادخل فيها على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن كان قائما يصلى سبح لي فكان ذلك إذنه " (3) . وفي الأوسط لأبي القاسم من حديث عبد الله بن عبد القدوس عن الأعمش عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " التسبيح في الصلاة للرجال والتصفيق للنساء " (4) ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب. تمت بالخير تم الجزء المبارك بحمد الله وعونه وحسن توفيقه، وصلى الله على نبيه محمد، خير خلقه، وعلى آله وصحبه والتابعين، وتابعي التابعين بإحسان لهم إلى يوم الدين، ورضي الله تعالى عن الصحابة أجمعين، والحمد لله وحده.

_ (1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/175، 2/ 84، 89، 3/ 139) ، ومسلم في (الصلاة، ح/103) ، وأبو داود في (الاستفتاح، باب " 8 ") ، والنسائي في (الإمامة، باب " 7 ") ، والبيهقي (2/46) ، والطبراني (6/207) ، وأذكار (66) ، والشافعي (55) . والإرواء (2/258) . (2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1036) ، وإسناده حسن. (3) رواه الترمذي: (ص 206 ج 2 تحت ح/369) ، وهو " حديث حسن صحيح ". (4) صحيح. رواه الطبراني (6/236) ، والحديث متفق عليه.

§1/1