شرح ألفية العراقي لابن العيني

ابن العيني

حقوق الطبع محفوظة المركز الرئيس: اليمن - صنعاء ت: 733702792 - 00967 ص. ب: صنعاء (4173) البريد الإلكتروني: [email protected]

سلسلة أعمال حديثية تنشر لأول مرة (4) شرح ألفية العراقي في علوم الحديث تصنيف الإمام زين الدين أبي محمد عبد الرحيم بن أبي بكر العيني المتوفى سنة (893هـ) (ينشر لأول مرة) دراسة وتحقيق د. شادي بن محمد بن سالم آل نعمان

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

المقدمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد: فبين يديك أخي القارئ الكريم أحد الأعمال التي تندرج تحت مشروعنا الذي أطلقنا عليه اسم «مشروع سلسلة أعمال حديثية تنشر لأول مرة»، والذي عمدنا فيه إلى إخراج كنوز تراثية لا تزال قابعة في عالم «ألَّا مطبوع»، فنزيح عنها-بحول الله وقوته- غبار الزمان، ونكشف الستار عن مكنونها وخباياها، لنخرجها إلى عالم «المطبوع» في حُلَّةٍ قشيبة-بعون الله وتوفيقه- ليعم الانتفاع بها بين أهل العلم وطلابه. أما المجموعة الأولى من أعمال هذه السلسلة فهي: 1 - «قضاء الوطر من نزهة النظر» للَّقاني المالكي، طبع عن المكتبة الأثرية بالأردن في ثلاثة مجلدات. 2 - «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» للحافظ ابن قطلوبغا طبع عن مركز النعمان في تسعة مجلدات. 3 - «التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل» للحافظ ابن كثير، في أربعة مجلدات. 4 - «تجريد الأسماء والكنى» للفراء، في مجلد. 5 - «شرح ألفية العراقي» للعيني، وهو الذي بين يديك.

6 - «شرح الأجهوري على قسم الضعيف» من ألفية العراقي. 7 - «مفتاح السعيدية في شرح الألفية الحديثية» لابن عمار المالكي، في مجلد. 8 - «بهجة المحافل وأجمل الوسائل في التعريف برواة الشمائل» للقاني المالكي، في مجلد. 9 - «ذيل لب اللباب في الأنساب» لابن العجمي، في مجلد. وأنا أعمل بِجِدٍّ في هذا المشروع بإزاء مشروعي الآخر «موسوعة العلامة الألباني» والذي صدر منه العمل الأول «جامع تراث الألباني في العقيدة» في تسعة مجلدات، سائلاً المولى عز وجل أن يُنْعِم عليِّ بالأسباب المعينة على إنجاز هذه الأعمال وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتي يوم ألقاه. وكما عودنا الإخوة القُرَّاء فقد قدمنا لهذا العمل بمقدمة نافعة نعدها مدخلاً جيدًا لمن رام حسن الاستفادة، والله من وراء القصد. وكتب شادي بن محمد بن سالم آل نعمان في صنعاء اليمن حرسها الله في يوم السبت 30/ 3/1432هـ الموافق 5/ 3/2011م

المبحث الأول: ترجمة الناظم الإمام العراقي - رحمه الله -

المبحث الأول ترجمة الناظم الإمام العراقي (¬1) ـ رحمه الله ـ اسمه ولقبه وكنيته: هو الإمام الحافظ الكبير زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم. نسبه ومذهبه: الرازياني الأصل، المهراني، العراقي، المصري، الكُردي، الشافعي. ورازيان (¬2) بلدة من أعمال إربل، والمهراني نسبة لمنشأة المهراني التي ولد فيها. ¬

(¬1) مصادر الترجمة: "المعجم المفهرس" (ص176)، "إنباء الغمر" (2/ 275)، "لحظ الألحاظ" (ص52)، "الضوء اللامع" (4/ 171) , "شذرات الذهب" (7/ 55) , "بهجة الناظرين" للغزي (ص129). (¬2) كذا في " المجمع المؤسس" (ص176)، و"طبقات الحفاظ" (1/ 114)، و" ذيل طبقات الحفاظ " (ص220)، إلا أن الذي في " الضوء اللامع " " رازنان " بالنون.

مولده

مولده: ولد الحافظ العراقي في سنة (725هـ) في شهر جمادي الأولى، بمنشأة المهراني بين مصر والقاهرة على شاطئ النيل. نشأته العلمية: تميز الحافظ العراقي بالذكاء المفرط، وسرعة الحافظة، فقد حفظ القرآن الكريم وله من العمر ثماني سنوات، وحفظ "التنبيه" وأكثر " الحاوي "، " والإلمام" إلى غير ذلك. ثم أقبل على علم الحديث في سنة (742هـ) ولازمه وأكب عليه من سنة (752هـ) حتى غلب عليه وتوغل فيه، بحيث صار لا يعرف إلا به. رحلاته: سافر الإمام العراقي إلى كثير من الأقطار الإسلامية داخل مصر وخارجها طلباً للعلم والتحصيل، فمن ذلك أنه سافر إلى مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وبيت المقدس، والخليل، ودمشق، وحلب، والإسكندرية، وبعلبك، وحماة، وحمص، وصفد، وطرابلس، وغزة، ونابلس وغيرها. شيوخه: تكبّد الإمام العراقي المشاق, وتجشم الصعاب في الأسفار التي طاف بها كثيراً من أقطار العالم الإسلامي، وكان هدفه الأسمى من ذلك

تلاميذه

التحصيل ولقاء الحفاظ والاستفادة منهم، فلا غرو أن يكثر شيوخه كثرة يشق معها حصرهم والإحاطة بهم. ومن أبرزهم: أ- علي بن عثمان بن إبراهيم المارديني, علاء الدين، الشهير بابن التركماني الحنفي. ب-محمد بن أحمد بن عبد المؤمن بن اللبان. جـ- محمد بن أحمد بن عبد الوهاب العلائي, شهاب الدين، الشهير بابن بنت العز. ومن استقرأ كتاب " الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة " للحافظ ابن حجر استخرج منه عدداً كبيراً وجماً غفيراً من شيوخه. تلاميذه: تولى الإمام العراقي -رحمة الله- التدريس في مدارس عدة، فوفد إليه طلبة العلم من أنحاء كثيرة كي يتعلموا عليه، وينهلوا من معينه فكثروا كثرةً عظيمة، يصعب معها الحصر. ومما استدعى كذلك كثرة طلبة الحافظ العراقي كثرةً مفرطة، أنه أحيىَ سنة الإملاء بعد أن كان دَرَس عهدها منذ عهد ابن الصلاح فأملى مجالس أربت على الأربعمائة مجلس، أتى فيها بالفوائد والمستجدات. وقد ترجم لكثير من تلاميذه السخاويُّ في " الضوء اللامع " إلا أن أبرز تلاميذه هو الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، المتوفي

مؤلفاته

سنة (852هـ). مؤلفاته: شرع الحافظ العراقي -رحمة الله- بالتصنيف في وقت مبكر، فولع بتخريج أحاديث " إحياء علوم الدين " للغزالي، وله من العمر قريب من العشرين سنة. وألَّف -رحمه الله- المؤلفات النافعة الكثيرة في مختلف الفنون والعلوم الشرعية، ومن أشهرها: 1.الألفية الحديثية. 2.ألفية في علوم القرآن. 3.ألفية في غريب القرآن. 4.تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد في الأحكام. 5. التقييد والإيضاح. 6. شرح الألفية. 7. المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من أخبار. وقد أورد مُحَقِّقَا «فتح المغيث» في مقدمة تحقيقهما كُلَّ ما وَقَفَا عليه من مصنفات العراقي فأوصلاها إلى (67) مصنفاً.

وفاته

وفاته: توفي الحافظ العراقي نصف ليلة الأربعاء ثامن شعبان سنة (806هـ) بالقاهرة، ودفن صبيحة يوم الأربعاء بتربتهم خارج باب البرقية، وكانت جنازته مشهودة، وقدم للصلاة عليه الشيخ أحمد بن جوبان الذهبي، وله من العمر إحدى وثمانون سنة. هذا وقد توسع الشيخ الفاضل أحمد معبد عبد الكريم في الكلام على الحافظ العراقي في كتابه الحافل " الحافظ العراقي وأثره في السنة " فجزاه الله خيراً.

المبحث الثاني ترجمة الشارح زين الدين العيني رحمه الله

المبحث الثاني ترجمة الشارح زين الدين العيني (¬1) -رحمه الله- اسمه ولقبه ونسبه وكنيته: هو أبو محمد عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد، زين الدين الصَّالحي الحنفي، المعروف بالعَيني، نسبةً إلى رأس العَين، سكن صالحية دمشق. مولده ونشأته وطلبه للعلم: ولد زين الدين العيني بدمشق سنة 837هـ. ونشأ بها فحفظ القرآن وكُتُباً، واشتغل بالفقه وأصوله عند حميد الدين، وبكثير من العقليات عند حسين قاضي الجزيرة ويوسف الرومي في آخرين، وقدم القاهرة فأخذ بها في الفقه وأصوله عن الزين قاسم، والقراءات عن الشهاب بن أسد، وأخذ في العروض عن أبي الفضل المغربي، ولكنه لم يستكثر من الشيوخ، وقد سمع على الشاوي ونشوان وغيرهما، وحضر عند السخاوي بعض المجالس، واختص بابن مزهر ¬

(¬1) مصادر ترجمته: «الضوء اللامع»: (2/ 234) و «هدية العارفين»: (1/ 277) وهو غير بدر الدين العيني صاحب «عمدة القاري شرح صحيح البخاري».

مصنفاته

ونوه به بحيث صار بأخرة يعد من أعيان مذهبه. مصنفاته: صنف زين الدين العيني في العربية والعروض، بل وفي أصولهم، وكذا كتب في تفسير اللغة التركية مع نظمٍ ونثرٍ وعقلٍ ومداراة. ومن مصنفاته: - تحفة المعاني في علم المعاني. - مختصر تلخيص المفتاح. -جهد المقل شرح تهذيب المنطق. - الخصائص النبوية. -الدرة المضية في اللغة التركية. -شرح الألفية لابن مالك. -شرح الألفية للعراقي في الحديث، وهو الذي بين يديك. - شرح الجامع الصحيح للبخاري. -شرح درر البحار للقونوي في الفروع. -شرح الشمسية في المنطق. -شرح فرائض المختار للموصلي. -شرح المنار للنِّسَفي في الأصول.

أعماله

- شرح النقاية لصدر الشريعة. -شرح الوشاح في معاني والبيان. -مختصر مدارك التنزيل في التفسير للنسفي، وزاد فيه. - نظم تلخيص المفتاح وغير ذلك. أعماله: توجه زين الدين العيني للتدريس والإفتاء وأخذ عنه جماعة من الطلبة، وانتهى الأمر له في قضاء الحنفية بدمشق، وبالجملة فقد نال رياسة ووجاهة. ثناء العلماء عليه: قال الحافظ السخاوي عن موته: تأسفتُ على فَقْدِه، ونِعْمَ الرجل كان رحمه الله وإيانا. وفاته: توفي زين الدين العيني سنة (893هـ) ـ

المبحث الثالث التعريف بالألفية

المبحث الثالث (¬1) التعريف بالألفية · نظم الإمام العراقي -رحمه الله- ألفيةً في علم المصطلح، اختصر فيها كتاب " معرفة أنواع علم الحديث " لابن الصلاح. · ولم يكتف بالاختصار بل زاد بعض المسائل والأقوال والتعقبات على ما في كتاب ابن الصلاح، وقد نبه على هذا في ألفيته بقوله: لخصت فيها ابن الصلاح أجمعه وزدتها علماً تراه موضعه · وتبلغ عدد أبيات هذه الألفية ألف بيت وبيتين حسب التعداد لها من خلال شرح مصنفها لها في كتابه " شرح التبصرة والتذكرة ". · أما عن تسمية الألفية, فإن العراقي لم يصرح في نفس الألفية بتسميتها لكنه قال في إجازته لتلميذه ابن حجر: "وقرأ علي " الألفية " المسماة بـ"التبصرة والتذكرة " من نظمي" (¬2). ففي هذه العبارة ذكرها -رحمه الله- بوصفها " الألفية "، وباسمها " التبصرة والتذكرة " وهما أشهر أسمائها التي عرفت بها من بعد العراقي ¬

(¬1) المبحثان الثالث والرابع اقتبسناهما من مقدمة تحقيقنا على «شرح السيوطي على ألفية العراقي» (ص22 - 46)، مع زيادة تنقيح وإضافات كثيرة. (¬2) "الجواهر والدرر" (1/ 271).

علماً عليها. · أما عن طبعاتها، فهذه أشهرها: الأولى: كانت بالهند سنة (1300هـ) في (المطبع الفاروقي) بدلهي، باهتمام الأستاذ أبي سعيد محمد حسين الهزاوري. الثانية: بمدينة الرباط بالمغرب. الثالثة: بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي سنة (1372هـ) ضمن مجموع أسماه "النفائس". الرابعة: بعناية الشيخ أحمد شاكر وأخيه علي شاكر ضمن مجموع سمياه " الروائع "، بمطبعة (دار المعارف) بمصر، سنة (1372هـ). الخامسة: باسم " المقاصد المهمة " المسمى بـ"ألفية الحديث" في باكستان ومعها تعليقات لأبي الشفيق محمد رفيق الأثري، سماها "التعليقات الأثرية"، طبعها أعضاء (جمعية النشر والتأليف الأثرية)، سنة (1968هـ). السادسة: بتحقيق عبد الله محمد الحكمي، في (دار المعالي) , سنة (1415هـ). السابعة: بتحقيق العربي الدايز الفرياطي، في (دار المنهاج)، سنة (1426هـ)، ثم الطبعة الثانية في سنة (1428هـ) وهي أجود هذه الطبعات، والله أعلم.

المبحث الرابع التعريف بشروح ألفية العراقي

المبحث الرابع التعريف بشروح ألفية العراقي أتم الحافظ العراقي نظم الألفية يوم الخميس ثالث جمادي الآخرة سنة ثمان وستين وسبعمائة، ومنذ ذلك التاريخ ظهر اهتمام العلماء بها، فَقَلَّ أن تجد ترجمة من تراجم العلماء الذي طلبوا العلم بعد هذا التاريخ إلا ويذكر في ترجمته أنه حفظ أو قرأ ألفية الحديث، والمطالع لكتاب " الضوء اللامع " والتراجم المذكورة فيه يتضح له هذا بجلاء. وما ذلك إلا نظراً لما تمتعت به ألفية العراقي من ثراء الأسلوب، واحتواء المعاني، وترتيب الموضوعات، لا سيما وقد كان وَكْد الحافظ العراقي الأول هو تلخيص كتاب ابن الصلاح الذي هو العمدة في باب علوم الحديث. فلم يكن بدعاً من الأمر أن تتوالي الشروح والحواشي على هذه الألفية، تلك الشروح التي جاءت لتوضح غامضها، وتحل مشكلها، وتبين مجملها، وتقيد مطلقها. ثم إن تلك الشروح تختلف طولاً واختصاراً، حسب إشباع الشارح للمادة العلمية، كما تختلف في المنهج الشكلي للشرح وطريقته حسب قدرات الشارح أو وجهة نظره العلمية.

هذا وقد أطال بعضُ الأفاضل النفس في ذكر شروح الألفية، ومن أنفس ما وقفت عليه في ذلك كلام الشيخ الفاضل أحمد معبد عبد الكريم -حفظه الله- على ما وقف عليه من هذه الشروح في كتابه الحافل "الحافظ العراقي وأثره في السنة " (¬1)، كذا الشيخان الفاضلان عبد الكريم الخضير ومحمد بن عبد الله الفهيد في مقدمة تحقيقهما على كتاب " فتح المغيث " للسخاوي (¬2). كذا الأخ العربي الدايز الفرياطي في مقدمته على طبعته الثانيه من ألفية العراقي. إلا أن كتاب الشيخ أحمد معبد تميز بالتوسع في الكلام على بعض هذه الشروح, والكلام على مناهج مؤلفيها, وعلى نسخها الخطية إن أمكن, إلى غير ذلك. فاستفدت مما وقع عندهم جزاهم الله خيراً استفادةً عظيمة، إلا أنه قد وقعت لهم بعض الأوهام فصححتها على ما ظهر لي، كما استدركت عليهم ما لم يذكروه، والله أعلم بالصواب. وإليك الكلام على هذه الشروح وغيرها من الأعمال التي تناولت ألفية العراقي: ¬

(¬1) (2/ 793 - 3/ 946). (¬2) (صـ153 - 157).

1) الشرح الكبير للعراقي: - ذكره العراقي نفسه في شرحه المتوسط -الآتي ذكره- حيث قال"وشرعت في شرح لها -أي الألفية- بسطته وأوضحته، ثم رأيته كبير الحجم فاستطلته ومللته ثم شرعت في شرح متوسط لها" (¬1) وقد أكثر من العزو إليه في مواضع من شرحه المتوسط (¬2). - وتكمن أهمية هذا الشرح في أنه شرح مُوَسَّع على الألفية، ثم إنه أول شرح كتب على "الألفية" على الإطلاق، حيث إن كل شروحات وتعليقات العلماء على الألفية جاءت متأخرة على شرحي العراقي الكبير والمتوسط. -وقد نقل عن هذا الشرح عدد كبير من أهل العلم منهم البقاعي في " النكت الوفية " (¬3)، وابن قطلوبغا في حاشيته على "شرح العراقي"، والسخاوي في "فتح المغيث"، وزكريا الأنصاري في " فتح الباقي" (¬4)، وغيرهم، فحفظوا لنا جملاً ليست بالقليلة من هذا الشرح النفيس على "الألفية" الذي لم يُعثر على مخطوطاته حتى الآن فيما أعلم. إلا أن الحافظ العراقي لم يتم هذا الشرح كما ألمح إليه بقوله: "وشرعت في شرح لها فاستطلته ومللته ثم شرعت في شرح لها متوسط", ¬

(¬1) "شرح الألفية" (صـ3). (¬2) " شرح الألفية " للعراقي (ص 11، 14، 22، 25، 26، 36). (¬3) (1/ 101، 113). (¬4) " فتح الباقي " (ص 37، 53).

وقد قال ابن فهد في " لحظ الألحاظ" (¬1):"وشرع في شرح مُطَوَّل عليها، كَتَبَ منه نحواً من سِتِّ كراريس، ثم تركه وعمل عليها شرحاً متوسطاً". وقد حَدَّدَ لنا البقاعي موضع توقفه فقال (¬2): " لم يوجد منه إلا قطعة يسيرة، وصل فيها إلى الضعيف". ويظهر هذا جلياً بمطالعة المواضع المذكورة التي نقل فيها الأئمة عن هذا الشرح، إذ أن أياً منها لم يتعد نوع" الضعيف " من الألفية. 2) شرح التبصرة والتذكرة للعراقي نفسه: وهو الشرح المتوسط الذي قال فيه: " غير مفرِط ولا مفرِّط يوضح مشكلها ـ أي الألفية ـ، ويفتح مقفلها، ما كثر فأمل، ولا قصر فأخل" (¬3). - ويعتبر هذا الشرح أول شرح كامل على الألفية. - أما عن تسميته: فقد ذكره مصنفه عدة مرات بعبارة " شرح الألفية"، ووجد على كثير من نسخ الكتاب عبارة " شرح التبصرة والتذكرة " (¬4). - أما تسميته بـ"فتح المغيث" والتي اشتهرت كثيرًا في هذا العصر، فقد أطنب الشيخ الفاضل أحمد معبد في ردها وبيان أن تسمية الكتاب بهذا ¬

(¬1) (ص230). (¬2) "النكت الوفية" (1/ 56). (¬3) "شرح الألفية" (ص 4). (¬4) "الحافظ العراقي وأثره" (2/ 842 ـ 845).

الاسم الذي اشتهر به مؤخراً لا أصل له من الصحة، فليراجع هناك (¬1). - أما عن طبعات الكتاب، فقد طبع فيما وقفت عليه أربع طبعات: الطبعة الأولى: بالمطبعة الجديدة بمدينة " فاس" بالمغرب سنة (1354هـ)، وتقع هذه الطبعة في ثلاثة أجزاء كبيرة، وبهامشها شرح الشيخ زكريا الأنصاري، وعنوان هذه الطبعة " شرح ألفية العراقي المسماة بالتبصرة والتذكرة ". الطبعة الثانية: بالقاهرة سنة (1355هـ)، وتقع في (4) أجزاء صغيرة، قام بتحقيق الشرح بعض أعضاء "جمعية النشر والتأليف الأزهرية" برئاسة الشيخ محمود حسن ربيع -رحمه الله- وقد عنونت هذه الطبعة بـ"فتح المغيث بشرح ألفية الحديث " وقد تقدم التنبيه على خطأ هذه التسمية، إلا أنه بعدما تم طبع الشرح تحقق الشيخ محمود ربيع أن " فتح المغيث " اسم لشرح السخاوي لا لشرح العراقي فأثبت ذلك في خاتمة الطبع (¬2). الطبعة الثالثة: طبعة (دار الكتب العلمية)، وهي طبعة مخرجة عن الطبعة الفاسية، لم يكن فيها جديد إلا إعادة تنضيد حروفها. الطبعة الرابعة: طبعة (دار الكتب العلمية) ببيروت، عام (1423هـ) بتحقيق عبد اللطيف الهميم وماهر ياسين الفحل، ذكرا في مقدمته أنهما حققاه على أربع نسخ خطية، وعنونت هذه الطبعة بـ" شرح التبصرة والتذكرة". ¬

(¬1) " الحافظ العراقي وأثره " (2/ 845 ـ 849). (¬2) (4/ 165).

وقد وضع العلماء ممن جاء بعد العراقي على شرحه هذا حواشٍ عدة، منها: 3 - (أ) حاشية للشيخ قاسم بن قطلوبغا بن عبد الله الحنفي، المتوفي سنة (879هـ) (¬1). 4 - (ب) حاشية لبرهان الدين إبراهيم بن عمر بن حسان الرباط البقاعي الشافعي، المتوفي سنة (885هـ). واسم هذه الحاشية " النكت الوفية بما في شرح الألفية "، وصفها السيوطي بأنها: "من مؤلفاته الحسنة" (¬2). وطبع ما وجد منها بدار الرشد بالرياض بتحقيق ماهر ياسين الفحل سنة (1428هـ). 5 - (ج) "النكت على الألفية وشرح ناظمها " للسخاوي. ذكره السخاوي نفسه في " فتح المغيث " وأحال على مواضع منه (¬3)، ووصفه بأنه " مصنف مبسوط مقرر مضبوط" (¬4). وقد ذكر الكتاني أنها تقع في مجلد (¬5)، ولعله أراد القدر المبيض منها, ¬

(¬1) " كشف الظنون " (1/ 156) " فهرس الفهارس " (2/ 972)، وعندي منها قطعة. (¬2) نظم العقيان (ص24). (¬3) " فتح المغيث " (1/ 5، 33، 41، 59، 71، 96، 115). (¬4) المصدر السابق (1/ 15). (¬5) فهرس الفهارس (2/ 990).

فقد ذكر السخاوي أنه بيض من هذه "النكت" قدر الربع في مجلد (¬1)، لا الكتاب كله (¬2). 6 - (د) "النكت على شرح الألفية" للحافظ ابن حجر. ذكر السيوطي (¬3) ضمن تصانيف الحافظ ابن حجر " النكت على شرح ألفية العراقي "، ثم جاء الكتاني فذكر مما شرع فيه الحافظ وكتب منه اليسير " النكت على شرح ألفية العراقي" (¬4). وقد تستفاد بعض هذه النكت من خلال حاشية البقاعي التي سبق ذكرها، لقول البقاعي في أولها (¬5) " قيدت فيها ما استفدته من تحقيق تلميذه -أي تلميذ العراقي- شيخنا شيخ الإسلام .. ابن حجر العسقلاني أيام سماعي لبحثها عليه بارك الله في حياته". 7 - (هـ) حاشية إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي الشهير بسبط ابن العجمي المتوفي سنة (841هـ). - ذكر الإمام السخاوي هذه الحاشية في " الضوء اللامع" (¬6) إلا أن عبارته, -رحمه الله- فيها نوع خفاء مما جعل من جاء بعده يختلفون في ¬

(¬1) "الضوء اللامع" (8/ 16). (¬2) وانظر "الحافظ السخاوي وجهوده في الحديث وعلومه " (1/ 223ـ 224). (¬3) " نظم العقيان " (ص49). (¬4) " فهرس الفهارس " (1/ 336). (¬5) " النكت الوفية " (1/ 52). (¬6) (1/ 138).

فهمها، فإن السخاوي -رحمه الله- وهو يعدد مؤلفات ابن العجمي ذكر أن له " حواش على كل من: -وذكر بعض الكتب التي حشى عليها-، ثم قال " واليسير على ألفية العراقي وشرحها بل وزاد في المتن أبياتاً غير مستغنى عنها ". - فمنهم من جعل " شرحها " فعلاً ماضياً، ففهم من العبارة أن ابن العجمي شرح " الألفية " وهذا صنيع صاحب "كشف الظنون" (¬1)، وصاحب «فهرس الفهارس» (¬2) وتبعهما عليه محققا "فتح المغيث" (¬3) فأوردوه في شراح الألفية. - ومنهم من جعل "شرحها" مصدراً، واختلفوا أيضاً في فهمها على قولين: فمنهم من فهم من العبارة أن ابن العجمي كتب حاشية يسيرة على الألفية وأخرى على شرحها وهو صنيع محقق " الكاشف " للذهبي، إذ ذكر في أثناء سرد مصنفات ابن العجمي: "حاشية على الألفية "، ثم ذكر: "حاشية على شرح الألفية "، ثم قال: "إنفرد السخاوي بذكر هذه الحاشية والحاشية السابقة وهي على الألفية نفسها" (¬4). - ومنهم من فهم من العبارة أن ابن العجمي كتب حاشية على الألفية ¬

(¬1) (1/ 156). (¬2) (1/ 222). (¬3) (م 155). (¬4) " مقدمة الكاشف مع حاشيته " (1/ 123 ـ 127).

مع شرحها، فلم يكتب حاشية مستقلة على الألفية نفسها وهو ظاهر صنيع الشيخ أحمد معبد في كتابه " الحافظ العراقي" (¬1). وعندي أن الفهم الثالث قريب، ويؤيده قول السخاوي في " الضوء اللامع" (¬2) أثناء سرد مؤلفاته: " والنكت على ألفية العراقي وشرحها "، ولا يريد أن له نكتاً مستقلة على الألفية نفسها، والأمر يسير، والله أعلم. - وينبغي التنبيه هنا على أن الذي جاء في كلام الشوكاني في المطبوع من "البدر الطالع" (¬3) أثناء ذكر مصنفات ابن العجمي ملخِّصاً كلام السخاوي في " الضوء اللامع ": "والتيسير على ألفية العراقي وشرحها"، فلو صح هذا لكانت هذه تسمية هذه الحاشية، والله أعلم. -أما زيادات ابن العجمي على الألفية المذكورة في كلام السخاوي السابق، فمنها نسخة في المكتبة التيمورية بمصر، برقم (139)، وقد عنونت في فهرس المكتبة (¬4) بـ"نظم ما فات العراقي في ألفيته". - وبقي التنبيه هنا على أن صاحب " كشف الظنون " (¬5) قال في أثناء سرده شروح الألفية: " وشَرْح إبراهيم بن محمد الحلبي المتوفي سنة (955هـ)». وقد تقدم أن سبط ابن العجمي توفي سنة (841هـ)» كما في ¬

(¬1) (3/ 937). (¬2) (8/ 16). (¬3) (1/ 28). (¬4) " فهرس التيمورية " (2/ 202). (¬5) (1/ 156).

ترجمته من "الضوء اللامع" (¬1) وغيره, لذا فقد علق الشيخ الفاضل أحمد معبد على هذا بقوله (¬2): " فلعل صاحب " الكشف " قصد ذكر هذه الحاشية وأخطأ في تاريخ وفاة المؤلف". - أقول: الظاهر عندي أن صاحب " الكشف " لم يخطئ في ذكر سنة وفاة سبط ابن العجمي، بل التبس عليه بآخر، أي أنه ظن أن صاحب هذه الحاشية ليس هو إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي المعروف بسبط ابن العجمي، بل ظن أنه إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي وهو آخر مترجم في " الكواكب السائرة " و"الشقائق النعمانية" وغيرها، وقد ذكره صاحب " الكشف " في غيرما موضع مؤرخاً سنة وفاته (955هـ) (¬3)، وفي الغالب يؤرخه في سنة (956هـ) (¬4) للخلاف في سنة وفاته والثاني هو الذي عليه الأكثر. - أما سبط ابن العجمي فقد ذكره صاحب «الكشف» في مواضع كثيرة على الصواب في سنة وفاته، ولكنه في الغالب يميزه فيقول مثلاً إبراهيم بن محمد الحلبي المعروف بسبط ابن العجمي، أو يميزه بلقبه " برهان الدين" (¬5) مما يقوي ما قدمت من أن صاحب " الكشف " لم يرده أصلاً في ذكر شُرَّاح الألفية، لأنه لم يميزه كما هي عادته في ذكر إبراهيم بن محمد ¬

(¬1) (1/ 138). (¬2) الحافظ العراقي: (3/ 937). (¬3) " كشف الظنون " (2/ 1306). (¬4) "كشف الظنون " (1/ 616، 2/ 1815). (¬5) " كشف الظنون " (1/ 541، 2/ 1005، 1054، 1917).

بن إبراهيم الحلبي، والله اعلم. -والظاهر أنه قد تفطن مُحَقِّقَا" فتح المغيث" لهذا الذي قدمت من أن صاحب " الكشف " إنما أراد رجلاً آخر غير ابن العجمي فكان من صنيعهما -حفظهما الله- أنهما جعلا لإبراهيم بن محمد بن إبراهيم الحلبي شرحاً آخر على "الألفية"، غير شرح إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي (¬1). -وعندي في ذلك نظر كذلك، فإني لم أجد أحداً ممن ترجم لإبراهيم بن محمد بن إبراهيم ـ فيما وقفت عليه ـ ذكر أن له شرحاً على الألفية أو حاشية عليها، كصاحب " الكواكب السائرة " (¬2) أو " الشقائق النعمانية" (¬3) أو " إعلام النبلاء" (¬4)، فلم يذكر واحد منهم شيئاً من ذلك، والله أعلم. وقد اختصر شرح العراقي المذكور كل من: 8 - (أ) الشيخ عزالدين أحمد بن إبراهيم بن نصر الله بن أحمد العسقلاني المصري، المتوفي سنة (876هـ) (¬5). 9 - (ب) السيد الشريف محمد أمين بن محمود البخاري الشهير بأمير باد ¬

(¬1) مقدمة " فتح المغيث " (ص 155، 157). (¬2) (2/ 24). (¬3) (2/ 42). (¬4) (5/ 569). (¬5) "نظم العقيان" (ص32)، ولعزالدين هذا ترجمة حافلة في " ذيل رفع الإصر" (ص12 ـ 62).

شاه، نزيل مكة المكرمة، المتوفى حوالي سنة (987هـ) (¬1). أما صاحب " هدية العارفين" فقد ذكر أن محمداً هذا له شرح على الألفية، إلا أن كلام صاحب " كشف الظنون " مقدم ـ والله أعلم ـ ووجه ذلك أنه وقف على الكتاب، ونقل من مقدمته فقال (¬2): " أوله ـ أي أول كتاب أمير باد شاه: الحمد لله الذي أسند حديث الوجود". 10 - (ج) الشمس محمد بن عمار بن محمد بن أحمد أبو ياسر، المتوفي سنة (844هـ) (¬3)، وقد ذكر هذا المختصر السخاوي ـ رحمه الله ـ في آخر شرحه "فتح المغيث " (¬4): فقال " واختصره ـ يعني شرح العراقي ـ الشمس بن عمار المالكي". ويبدو أن هذا المختصر هو أقدم مختصرات شرح العراقي وهو الشرح الثاني لألفية العراقي بعد شرح مصنفها، حتى قال السخاوي: وما علمت عليها لسواه شرحاً. أما عن نسخ الكتاب: فمنه نسخة خطية في (المكتبة الأزهرية) بمصر، وهي برقم (1325) مصطلح، تقع في (187) ورقة وعدد السطور في الصفحة (17) سطراً، خطها واضح في الجملة إلا في بعض المواضع، وعليها تعليقات ¬

(¬1) " كشف الظنون " (1/ 156)، " معجم المؤلفين " (9/ 80). (¬2) " كشف الظنون " (1/ 156). (¬3) " الضوء اللامع " (8/ 232 ـ 235)، و" ذيل رفع الإصر" (ص301). (¬4) (4/ 523)

وتصحيحات كثيرة، وقد ذكر ناسخها وهو محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد الأنصاري المالكي تاريخ الانتهاء من نسخها إلا أنه لم يتبين لي من ذلك سوى اليوم والشهر دون السنة وهو التاسع من شهر ذي الحجة الحرام (¬1)، واسم هذا المختصر هو " مفتاح السعيدية شرح الألفية الحديثية "، كما أثبت على طرة النسخة، وكما صرح به المؤلف في مقدمته (¬2) بقوله: " فقوي العزم، واستخرت الله تعالى في إبراز تعليقه موضحة ألفاظه ومعانيه ـ أي نظم الألفية ـ ومفصحة عن ألفاظه ومبانيه، آمًّا في ذلك شرح الناظم مع التذييل بفوائد ليس الإهمال مرجعها، راجياً بذلك النفع والانتفاع، والعون على التذكرة بالمغفرة والرحمة ونفي الابتداع، وسميتها " مفتاح السعيدية شرح الألفية الحديثة".اهـ. إلا أن عنوان الكتاب يوحي بأنه شرح مستقل على الألفية، ولعله من أجل ذلك ذكر بعض من صنف في أسماء الكتب لابن عمار هذا شرحاً على الألفية، كصاحب "هدية العارفين"، ولكن قول ابن عمار: "آمًّا في ذلك شرح الناظم مع التذييل عليه بفوائد ... ", فيه تصريح منه بأن كتابه مستمد من كتاب الحافظ العراقي، وليس له فيه إلا بعض الفوائد والزوائد المفيدة. كما أن الناظر في شرحه يجد مصداقية هذا من أنه جعل شرح العراقي إماماً له في شرحه، فهو يذكر ما ذكره الناظم ملخصاً إياه في الغالب، وفي ¬

(¬1) (187/ب) (¬2) " مفتاح السعيدية " (1/ب).

بعض الأحيان يورد كلام العراقي بنصه كما هو. ثم إنه كما ذكر في المقدمة ذَيَّلَ مختصره هذا بفوائد ليست في الأصل وأكثر هذه الفوائد والزوائد تدور في الغالب حول شرح كلمة ـ لم يتعرض لشرحها العراقي ـ وبيان أهمية استعمالها في النظم دون غيرها، كما في شرحه كلمة " المقتدر" في بداية الكتاب (¬1). أو في ضبط عَلَمٍ يُشكل، كما في ضبطه لحَمْد الخطابي (¬2)، وكذا ابن رُشَيْد (¬3)، واليعْمُرِي (¬4). أو في إعراب كلمة وبيان متعلقها، كقوله عند قول الناظم: .................... من الشذوذ مع راو ما اتهم بكذب ولم يكن فردا ورد ......................... فقال: "بكذب متعلق باتهم" (¬5)، فهذا كله مما لم يتعرض له العراقي في شرحه. وابن عمار غالبًا ما يميز زوائده هذه بقوله: " قلت " (¬6) وأحياناً لا ينص ¬

(¬1) " مفتاح السعيدية " (2 / أ). (¬2) المصدر السابق (13 / أ). (¬3) المصدر السابق (15 / ب). (¬4) المصدر السابق (15 / ب). (¬5) المصدر السابق (13 / أ). (¬6) المصدر السابق (15 / ب).

على ذلك, وإنما يُعْرَفُ ذلك بالمقابلة. هذا وقد وفقنا الله تعالى لتحقيق هذا الكتاب، يسَّر الله نشره. 11 - (د) مختصر زين الدين أبي محمد عبد الرحمن بن أبي بكر العيني الحنفي الدمشقي المتوفي سنة (893هـ)، وهو الذي بين يديك، وسيأتي الكلام عليه. (12) شرح أبي زرعة أحمد بن الإمام العراقي صاحب النظم: -ذكر السخاوي في " الضوء اللامع " في ترجمة أبي زرعه العراقي أنه "شرح أبياتاً من ألفيه والده في المصطلح" (¬1). -وقد نقل عنها ابن قطلوبغا في حاشيته (¬2) المذكورة على "شرح الألفية". (13) نكت الحافظ ابن حجر: -ذكر السخاوي في " الجواهر والدرر" (¬3) عن الحافظ ابن حجر قوله: " إنه شرع في تأليف نكت على ألفية شيخه العراقي ". -وقد علق السخاوي على ذلك بأنه لم ير من هذه النكت غير ورقتين (¬4). (14) شرح أبي الفداء إسماعيل إبراهيم بن عبد الله بن جماعة الكناني، ¬

(¬1) "الضوء اللامع " (1/ 342). (¬2) " حاشية ابن قطلوبغا " (1/ أ). (¬3) "الجواهر والدرر" (2/ 678). (¬4) ويحرر هل هو نفسه المتقدم برقم (6).

عماد الدين، المتوفي سنة (861هـ). ذكره صاحب "كشف الظنون", وقال: "إنه شرح حسن". وقال السخاوي (¬1): "قيل إنه شرح ألفية الحديث". * شرح أبي الفداء إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن موسى الكناني البلبيسي، المتوفي سنة (802هـ). ذكر هذا الشرح صاحب " هدية العارفين" (¬2) وأظنه التبس عليه إسماعيل هذا بإسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله المتقدم، فهما كما هو ظاهر يشتركان في الكنية والاسم واسم الأب والنسبة، وقد ترجم لهما السخاوي في " الضوء اللامع " فقال في ترجمة الأول: " قيل إنه شرح ألفية الحديث " كما تقدم، ولم يذكر في الثاني شيئاً من ذلك (¬3) والسخاوي من أكثر من اهتم ببيان شُرَّاح الألفية في كتابه " الضوء اللامع " فيما وصل إليه علمه، وقد ترجم السخاوي لإسماعيل الثاني بعد إسماعيل الأول بصفحتين من المطبوع، مما يوازي في الغالب صفحة واحدة من المخطوط، فلعل منشأ خطأ صاحب " هدية العارفين " أنه انتقل نظره إلى ترجمة الثاني فظن أن الكلام عليه فالتبس عليه الأمر، خاصةً أني لم أجد لإسماعيل الأول ترجمة عند صاحب " هدية العارفين " في كتابه, والله أعلم. ¬

(¬1) " الضوء اللامع " (2/ 284). (¬2) " هدية العارفين " (1/ 215). (¬3) "الضوء اللامع" (2/ 286 ـ 288).

(15) شرح الحافظ قطب الدين محمد بن عبد الله بن خيضر الزُّبيدي الدمشقي الشافعي الخيضري، المتوفي سنة (894هـ). واسم هذا الشرح " صعود المراقي " (¬1). (16) شرح الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي القاهري الشافعي، المتوفي سنة (902هـ). -واسم هذا الشرح " فتح المغيث بشرح ألفية الحديث "، ذكره مؤلفه نفسه بهذا الاسم في كتابه " الضوء اللامع". - وذكر في مقدمة شرحه هذا أن كتابه «شرحٌ لألفية الحديث أوضح به غامضها، وفتح مغلقها». -وهو شرح ممزوج قصد به المبالغة في إظهار المعنى. - أما عن طبعات الكتاب: فأولها: الطبعة الهندية: طبع الكتاب لأول مرة في المطبع المعروف بـ (أنوار المحمدي)، واهتم به محمد تبغ بهادر اللكنوي، وذلك في سنة (1303هـ) وتقع هذه الطبعة في مجلد واحد في خمسمائة صفحة من القطع الكبير. ثانيتها: الطبعة السلفية: طبعت بـ (مطبعة العاصمة) , شارع الفلكي، القاهرة, ضَبْط وتحقيق ¬

(¬1) نظم العقيان (ص163)، وكشف الظنون (1/ 156)، "ومعجم المؤلفين " (11/ 237) " وإيضاح المكنون " (2/ 67) وهدية العارفين (2/ 61).

عبد الرحمن محمد عثمان، نشر المكتب السلفية بالمديرة المنورة لصاحبها محمد عبد المحسن الكتبي. وقد اعتمدوا في هذه الطبعة على الطبعة السابقة مع بعض التصحيحات لأخطائها، وتقع في ثلاثة أجزاء متوسطة. قال الشيخ الفاضل أحمد معبد في كتابه الحافل " الحافظ العراقي وأثره في السنة " (¬1):" وقد اطلعت على هاتين الطبعتين إطلاعاً تفصيلياً وقابلت كثيراً من نصوصها على مخطوطة دار الكتب المصرية ... وتبين لي من هذا الاطلاع والمقابلة، أن الطبعتين ليس لهما صفة التحقيق العلمي للنصوص لا شكلاً ولا مضموناً". ثالثها: طبع الكتاب للمرة الثالثة في (مطبعة الأعظمي) بالهند ونشرته المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، بتصحيح وتعليق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي ولم يصدر منها إلا الجزء الأول في (572) صفحة من أول الكتاب إلى نهاية المقابلة، وهو نصف الكتاب تقريباً. رابعها: طبعة (دار الكتب العلمية ببيروت) في ثلاثة أجزاء. قال مُحَقِّقَا "فتح المغيث" (¬2): «وهي طبعة منقولة بالحرف عن (الطبعة ¬

(¬1) (2/ 800 ـ 801). (¬2) (م / 187).

المصرية) المتقدمة فاجتمعت فيها أخطاؤها وتصحيفاتها، وسقطها». خامسها: طبعة المكتبة السلفية ببنارس الهند، صدرت بين عامي (1407 - 1411هـ) بتحقيق وتعليق الشيخ علي حسين علي. وتمتاز هذه الطبعة عن سابقتها بأنها قوبلت على نسختين خطيتين إحداهما نسخة (المكتبة السليمانية في تركيا)، والثانية: (نسخة المكتبة الأزهرية) وكذا على مطبوعة (أنوار المحمدي) ومطبوعة (مطبعة الأعظمي). وقد اشتمل العمل فيها على عزو الآيات، وتخريج الأحاديث والآثار، وعزو الأقوال, والترجمة للأعلام، ونحو ذلك. - وتقع هذه الطبعة في أربعة أجزاء متوسطة مجموع صفحاتها (1427). - وهذه الطبعة هي أفضل طبعات الكتاب السابقة. سادسها: - نشرتها (دار الكتب العلمية) ببيروت, سنة (1414هـ) , بتعليق صلاح محمد محمد عويضة، وقد صدرت في ثلاثة مجلدات. - إلا أن هذه الطبعة لم تقابل على أي نسخة خطية، وإنما اعتمد في إخراجها كما في (1/ 12) على النسخة المطبوعة بـ (دار الكتب العلمية) التي سبق الكلام عليها.

- وخُدمت هذه الطبعة بتصحيح بعض الأخطاء الواقعة في الطبعات الأربع السابقة، وبعزو الآيات، وتخريج الأحاديث، والتعليق على بعض المواضع. سابعها: طبعة (دار المنهاج للنشر والتوزيع)، والتي صدرت في عام (1426هـ) بتحقيق الشيخين الفاضلين: الشيخ العلامة / عبد الكريم بن عبد الله الخضير, والشيخ الدكتور / محمد بن عبد الله الفهيد. وهذه الطبعة هي أفضل طبعات الكتاب على الإطلاق، ذلك: - أن محققيها قاما بتحقيق الكتاب على ثماني نسخ خطية منها خمس كاملة، وهي: (نسخة مكتبة الحرم المكي)، (ونسخة استانبول) و (نسخة دار الكتب المصرية)، و (نسخة المكتبة الأزهرية)، و (نسخة الرباط بالمغرب)، وثلاث ناقصة وهي: (نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة) و (نسخة المكتبة السعودية بالرياض)، ونسخة (جامعة الملك سعود بالرياض) (¬1). - وبذل المحققان قصارى جهدهما، ووجها جل العناية لتحقيق النص، وضبطه، وتيسير ما يعين على تجليته وإيضاحه. - مع عزو الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية والآثار المنسوبة للصحابة والتابعين، وعزو النصوص المذكورة في صلب الكتاب إلى ¬

(¬1) أنظر هذه الطبعة (م 190).

مصادرها الأصلية قدر الإمكان، وقد عَرَّفُوا بكل من جَوَّزَا خفاءه من الأعلام، مع التعريف بالفرق والطوائف والأماكن، إضافةً إلى التعليقات المهمة التي تعين على فهم النص. - وقد قدما هذه الطبعة بمقدمة مفيدة ترجما فيها لصاحب الأصل -الحافظ العراقي-، وصاحب الشرح -الحافظ السخاوي-، ثم عَرَّفا بـ"الألفية الحديثية" مع المقارنة بينها وبين "ألفية السيوطي"، ثم تكلَّما على شرح السخاوي هذا بتوسع؛ فحققا اسم الكتاب ونسبته إلى مؤلفه، وتكلما على مصادره في شرحه هذا، وعلى منهجه فيه, وعلى طبعاته مع التوسع في وصف هذه الطبعات، ثم على نسخ الكتاب الخطية. وبالجملة فإن هذا التحقيق حوى من المحاسن ما تقر أعين طلبة العلم به، فأسأل الله أن يجزيهما عن المسلمين عامة, وطلبة العلم خاصة خير الجزاء. وقد لَخَّصَ هذا الشرح: (17) الشيخ القاضي محمد بن علي بن طولون الحنفي الدمشقي, المتوفى سنة (953هـ) (¬1). وقال في مقدمة كتابه: "لخصت شرحها -أي الألفية- للسخاوي, وربما زدت فيه" (¬2). ¬

(¬1) "الأعلام" للزركلي (6/ 291). (¬2) "الفلك المشحون"له (ص113).

(18) " توضيح الألفية " للسخاوي كذلك: -وهو مختصر جداً، ذكره في "الضوء اللامع" فقال (¬1): "وتوضيح لها ـ أي للألفية ـ حاذى به المتن بدون إفصاح، في المسودة". (19) حاشية محمد بن خليل المحب البصري الدمشقي، المتوفي سنة (889هـ): - ذكرها السخاوي في ترجمة مؤلفها المذكور من " الضوء اللامع" (¬2). وهذه الحاشية ممزوجة بمتن الألفية، كما نبه عليه السخاوي في المصدر المشار إليه. (20) شرح ألفية العراقي للعلامة المحدث أبي المحاسن يوسف بن حسن بن عبد الهادي الصالحي الحنبلي, المعروف بابن المِبْردَ. المتوفى سنة (909هـ) (¬3). (21) شرح ألفية الحديث لجلال الدين السيوطي المتوفى سنة (911هـ)، وهو شرح مختصر على طريقة المزج، وقد طبع بتحقيقنا عن دار ابن حزم ببيروت سنة (1429هـ)، وقد أطنبنا في التعريف به قي مقدمة تحقيقنا عليه (ص51 - 74). ¬

(¬1) الضوء اللامع (8/ 16)، وانظر " الحافظ السخاوي وجهوده في الحديث وعلومه " (1/ 211). (¬2) (7/ 237). (¬3) "فهرس الكتب" لابن عبد الهادي (ص20) , و"السحب الوابلة" (3/ 1168).

(22) شرح ألفية العراقي, للعلامة شمس الدين محمد بن قاسم بن محمد الغزي المعروف بابن الغرابيلي, المتوفي سنة (918هـ) (¬1). - ومنه نسخة في مكتبة"الاسكوريال" بإسبانيا برقم (1494) في 216 ورقة (¬2). (23) شرح القاضي زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري، زين الدين، أبي يحيى السنيكي المصري الأزهري الشافعي، المتوفى سنة (926هـ): - وهذا الشرح اسمه " فتح الباقي بشرح ألفية العراقي ". - وهو شرح مختصر ممزوج. - ويعتبر هذا الشرح من أشهر شروح الألفية، ولذا وُجدت نسخه الخطية منتشرة في العالم من شرقه إلى غربه، بل يوجد في (دار الكتب المصرية) وحدها ثمان عشرة نسخة منه (¬3). - إلا أن السخاوي اتهم زكريا الأنصاري بأنه " شرع في غيبته بشرح ألفية الحديث مستمداً من شرحه، بحيث عجب الفضلاء من ذلك " (¬4). والذي يطالع شرح الأنصاري يجد ـ والله أعلم ـ أن أصل هذه الدعوة صحيحة؛ إذ أن "هناك مطابقة لفظية شبه تامة بينهما في كثير من ¬

(¬1) "الضوء اللامع" (8/ 286) , و"الأعلام" للزركلي (7/ 5). (¬2) "جامع الشروح والحواشي"للحبشي (1/ 261). (¬3) "فهرس دار الكتب المصريةـ مصطلح الحديث" (1/ 246)، و"فهرس مقتنيات الدار بين سنتي (1936 ـ 1955) " (2/ 13). (¬4) " الضوء اللامع " (3/ 236).

المواضع" (¬1). إلا أن هذا لا ينفي أن للأنصاري في شرحه هذا جهده وإضافاته المميزة. أما عن طبعات الكتاب، فقد طبع فيما وقفت عليه ثلاث طبعات: الأولى: في طالعة فاس بالمغرب وذلك عام (1354هـ). الثانية: بتحقيق حافظ ثناء الله الزاهدي في (دار ابن حزم ببيروت) عام (1420هـ)، وقد حققه على سبع نسخ خطية. الثالثة: بتحقيق عبد اللطيف الهميم وماهر الفحل، عن (دار الكتب العلمية) ببيروت عام (1423هـ). * وعلى شرح زكريا الأنصاري هذا عدة حواشي منها: 24 - (أ) حاشية للشيخ منصور بن عبد الرزاق بن صالح الطوخي المصري الشافعي المتوفي سنة (1090هـ) (¬2). 25 - (ب) حاشية للشيخ علي بن أحمد بن مكرم الصعيدي العدوي المالكي، المتوفي سنة (1189هـ) (¬3). 26 - (ج) حاشية للعلامة عطية الله بن عطية الأجهوري المصري ¬

(¬1) "الحافظ العراقي وأثره في السنة " (2/ 814). (¬2) " خلاصة الأثر» للمحبي (4/ 423). (¬3) «فهرس المخطوات بدار الكتب المصرية» ـ مصطلح حديث (1/ 213ـ 214) وانظر «فهرس الفهارس»: (1/ 458).

الشافعي المتوفى سنة (1194هـ) (¬1). 27 - (د) حاشية للشيخ القاضي محمد بن إدريس القادري الفاسي, المتوفى سنة (1350هـ). وقد سماها"أقوم المراقي على شرح الفية العراقي" (¬2). 28 - (هـ) حاشية للشيخ علي بن محمد بن عبد الرحمن الأجهوري المصري المالكي، نور الدين أبي الإرشاد، المتوفى سنة (1066هـ)، وهي حاشية خاصة بشرح زكريا الأنصاري على مبحث الضعيف من الألفية، وأنا أَعْمَلُ على نشرها. (29) حاشية للشيخ علي المجدولي المالكي الأزهري، وهي حاشية خاصة بشرح زكريا الأنصاري على مبحث الضعيف من الألفية كسابقتها، سماها «فتح اللطيف على قسم الضعيف» وقد طُبعت في هذه السنة عن دار الكتب العلمية بتحقيق محمد محمود دحروج. (30) شرح ألفية العراقي, للشيخ القاضي محمد بن إبراهيم التتائي المصري, المتوفى سنة (942هـ) (¬3). (31) ذيل لألفية العراقي في الوفيات, لأبي العباس أحمد بن علي البوسعيدي الصنهاجي الهشتوكي (1046هـ) (¬4). ¬

(¬1) "سلك الدرر" للمرادي (3/ 265) , و"الأعلام" للزركلي (4/ 238). (¬2) "سل النضال"لابن سودة (ص62). (¬3) "نيل الابتهاج"للتنبكتي (2/ 279) , و"شجرة النور" (ص272). (¬4) "الأعلام"للزركلي (1/ 181).

(32) شرح الشيخ علي بن محمد بن عبد الرحمن الأجهوري المصري المالكي، نور الدين أبي الإرشاد المتوفي سنة (1066هـ) (¬1). (33) حاشية أبي سعيد محمد بن حسين بن عبد الستار الإسرائيلي نسباً، السني مذهباً، الهزراوي موطناً، من علماء الهند في القرن الثالث عشر. - جمع في حاشيته هذه تعليقات شتى وقف عليها في بعض نسخ الألفية المخطوطة وكذلك من شروحات الألفية، ثم ضم إليها تعليقات من بعض كتب المصطلح. - وسماها " تحفة الباقي". وقد طبعت بـ (المطبع الفاروقي) في دلهي بالهند في (162) صفحة من القطع الكبير. (34) شرح محمد بن عبد الرسول بن عبد السيد بن عبد الرسول بن قلفدر بن عبد السيد الشافعي البرزنجي، المتوفي سنة (1103هـ) (¬2). (35) شرح الشيخ إبراهيم بن مرعي بن عطية الشبرخيتي المالكي، نزيل مصر برهان الدين، المتوفي سنة (1106هـ) (¬3). ¬

(¬1) قال صاحب «معجم المؤلفين»: إن شرحه هذا في مجلدين وسماه «فتح الباقي» ويقع في القلب أن هذا وهم، وأن الأجهوري لم يصنف إلا حاشية على شرح زكريا الأنصاري على مبحث الضعيف، وقد تقدم ذكرها. (¬2) "سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر" (2/ 104) , و"الأعلام" للزركلي (6/ 203). (¬3) " إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون " (2/ 121) ومعجم المؤلفين (1/ 111).

(36) "هدية المغيث الباقي إلى موارد ألفية اصطلاح الحديث للعراقي", لشهاب الدين أحمد بن محمد الهشتوكي, المعروف بأحزى, والمتوفى سنة (1127هـ) (¬1). (37) شرح أحمد بن عبد المنعم بن يوسف بن صيام الدمنهوري, المتوفي سنة (1192هـ) , وهو خاص كذلك بقسم الضعيف واسمه "نهاية التعريف بأقسام الحديث الضعيف " (¬2). (38) شرح محمد بن محمد خليلي العجلوني الشافعي, المتوفي سنة (1193هـ) (¬3). (39) شرح محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن زين الدين بن عبد الكريم الصفدي العطار، الشهير بالكزبري، المتوفي سنة (1221هـ). ذكره صاحب "معجم المولفين" (¬4)، وذكر أن له نسخة في (المكتبة الظاهرية). (40) شرح يحيى بن محمد الحلبي الشهير بالمسالخي، المتوفي سنة (1229هـ) (¬5). ¬

(¬1) "سوس العالمة" للمختار السوسي (ص118). (¬2) " الأعلام " (1/ 164) (¬3) "الأعلام" (7/ 69)، و"معجم المؤلفين" (11/ 214). (¬4) (10/ 152) .. (¬5) "هدية العارفين " (2/ 225).

(41) شرح ألفية العراقي في مصطلح الحديث, للشيخ عبد الله بن أيبيه الديماني الشنقيطي, المتوفى سنة (1328هـ) (¬1). (42) "القول الراقي على ألفية العراقي", للشيخ محمد بن إدريس القادري الفاسي, المتوفى سنة (1350هـ) (¬2). (43) "شرح ألفية العراقي في المصطلح", للعلامة المحدث محمد بن أبي مدين الديماني الشمشوي الشنقيطي, المتوفى سنة (1322هـ) (¬3). (44) "معراج الراقي إلى شرح ألفية العراقي",للعلامة محمد المكي بن علي البطاوري, المتوفى سنة (1355هـ) (¬4). وهو شرح غير كامل يقف عند نوع "زيادة الثقات", ومنه نسختان بالخزانة العامة بالرباط, وقد حقق في رسالة لنيل شهادة الدراسات العليا في جامعة "محمد الأول" في مدينة "وَجْدة" (¬5). (45) "حلية التراقي بختم ألفية العراقي", للعلامة المحدث محمد المدني بن الغازي بن الحُسني, المتوفى سنة (1378هـ) (¬6). ¬

(¬1) "معجم المؤلفين الشناقطة" (ص85). (¬2) "سل النضال"لابن سودة (ص62). (¬3) "السلفية وأعلامها في موريتانيا" (ص313). (¬4) "التأليف ونهضته بالمغرب في القرن العشرين" للجراري (ص253). (¬5) "المعجم المصنف لمؤلفات الحديث الشريف"لمحمد خير رمضان يوسف (1/ 71). (¬6) "إتحاف الإخوان الراغبين" لابن الحاج (ص321).

(47) شرح عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الأخضري البوصيري الليبي، المتوفي سنة (1354هـ) (¬1) * وينبغي التنبيه هنا على أن كثيراً ممن كتب في أسماء شُرَّاح الألفية وكتبهم, ذكر ما ليس بشرح على "ألفية الحديث" للعراقي ومنشأ هذا الوهم؛ أن العراقي له ألفية أخرى في " السيرة " وثالثة في " غريب القرآن " و "رابعة في " علوم القرآن " وكثيراً ما يطلق المترجمون أن فلاناً ألف شرحاً على الألفية للعراقي دون تعيين المراد بالألفية, بل يقع هذا كذلك عند ذكر من شرح " ألفيه ابن مالك" في النحو، فيقال فيه: "شرح "الألفية"" هكذا دون تقييد، فيظن الظان -رجماً بالغيب- أن المقصود ألفية الحديث للعراقي، فيقع الالتباس كثيراً بسبب هذا الإطلاق، والذي ينبغي فعله والحالة هذه أن يتوسع الباحث في ترجمة من ذُكِر في ترجمته أنه " شرح الألفية " ليقف على من نص على المقصود بـ"الألفية" في ذلك الموضع. وقد يُعْرَف هذا كذلك بقرينة السياق، كأن يُذْكَر المترجَم بأنه برع في العربية والنحو والعروض مثلاً, ثم يتبع المترجِم هذا بقوله: " وله شرح على الألفية " فهنا يترجح أن المقصود بـ"الألفية " ألفية ابن مالك" في النحو, وهكذا. ¬

(¬1) " الأعلام " للزركلي (3/ 334).

المبحث الخامس التعريف بشرح العيني على الألفية

المبحث الخامس التعريف بشرح العيني على الألفية نص زين الدين العيني في مقدمته لكتابه على موضوع الكتاب فقال بعد الحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فيقول فقير الله المغني عبد الرحمن بن أبي بكر العيني-عفا الله عنه- قصدت أن ألخص من كلام الحافظ العلامة زين الدين العراقي-تغمده الله برحمته- تعليقاً لطيفاً على أرجوزته في علم الحديث، وأن أجعله ممزوجاًَ تسهيلاً للنظم وتقريباً للفهم ... ». فيستفاد من هذا أمور: الأول: أنه قصد في كتابه هذا أن يلخص كتاب «شرح ألفية العراقي» للناظم، ليخرج من ذلك بتعليق لطيف على الألفية. وقد ظهر لي بعد الانتهاء من تحقيق الكتاب أنه لا يكاد يخرج في شرحه هذا عن شرح العراقي إلا نادراً جداً. الثاني: أنه خالف الأصل في المنهج الشكلي للشرح، فقد جاء شرح العراقي على ألفيته شرحاً موضوعياً يقتصر فيه العراقي على الكلام على مواضع من النظم مما يحتاج إلى شرح وتعليق في نظره، أما العيني فقد خرج بعد تلخيصه لشرح العراقي بشرح ممزوج بالأبيات المشروحة، وهذا نوع لطيف من أنواع التصنيف أعجبني، وقد أتقنه العيني في شرحه هذا.

الثالث: أن العيني قد بيَّن غايته من اختصار كتاب العراقي مع جعل شرحه ممزوجاً بقوله: «تسهيلاً للنظم وتقريباً للفهم». كما أرَّخ العيني-رحمه الله- في خاتمة الكتاب سنة انتهائه من شرحه هذا بقوله: «كَمُل هذا التعليف في الثالث عشر من جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة»، وبَيَّنَ موضع ذلك فقال: بصالحية دمشق المحروسة .. ».

المبحث السادس توثيق نسبة الكتاب إلى مصنفه

المبحث السادس توثيق نسبة الكتاب إلى مصنفه نص زين الدين العيني نفسه على نسبة هذا الكتاب إليه في مقدمته عليه حيث قال بعد الحمدلة والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فيقول فقير الله المغني عبد الرحمن بن أبي بكر العيني-عفا الله عنه- قصدت أن ألخص من كلام الحافظ العلامة زين الدين العراقي ... » إلى آخر كلامه. كما نسبه إليه حاجي خليفة في «كشف الظنون»: (1/ 156)، وإسماعيل باشا في «هدية العارفين»: (1/ 277).

المبحث السابع تسمية الكتاب

المبحث السابع تسمية الكتاب لم يُطلق المصنف -رحمه الله- على كتابه هذا تسمية خاصة تكون علماً عليه بل اقتصر في مقدمته على ذكر موضوع الكتاب، لذا فقد اقتصر إسماعيل باشا في «هدية العارفين»: (1/ 277) على تسميته «شرح الألفية للعراقي في الحديث»، كما كتب ناسخ الكتاب على طرته «شرح ألفية الحديث للعيني والمتن للعراقي رحمهم الله». ونحن إذا تأملنا في موضوع الكتاب لوجدنا أن الأولى أن يقال «مختصر شرح العراقي على الألفية»، ولكن لما كان شرح العيني قد فارق شرح العراقي في منهجية الشرح بجعله ممزوجاً بدلاً من كونه موضوعياً جاء كأنه شرح مستقل على الألفية فلم نَرَ ضيراً من إثبات ما جاء على طرة النسخة وما جاء في كلام إسماعيل باشا واعتمدنا ذلك في تسميتنا للكتاب في نشرتنا هذه.

المبحث الثامن وصف النسخة الخطية المعتمدة

المبحث الثامن وصف النسخة الخطية المعتمدة -هي من محفوظات دار الكتب المصرية برقم (402) مصطلح، تقع في (57) ورقة، ولم يلتزم ناسخها بعدد معين للأسطر في كل صفحة، فجاءت في بعضها (19) سطراً، وفي بعضها (20) سطراً، وفي بعضها (12) سطراً ... -وخطُّ النسخة رقعة في غاية الإتقان والوضوح، عليها بعض التعليقات والتصحيحات والإلحاقات التي تدل على اعتناء الناسخ بنسخته هذه ومقابلتها وتصحيحها وتجويدها، ولا غرابة في ذلك فناسخها هو العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن عمر الشهير والده بشكم الصالحي الشافعي (¬1)، وهو عصريُّ المصنف بل توفي في نفس السنة التي توفي فيها العيني-رحمه الله-. -وقد ميز الناسخ الأبيات عن الشرح بلون مختلف. -أول هذه النسخة: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم يسر يا كريم ... وآخرها: قال مؤلف هذا التعليف نفع الله تعالى به في الدنيا والآخرة. وكمل هذا التعليق ... -وقد أثبت الناسخ عنوان الكتاب على طرته فكتب: «شرح ألفية ¬

(¬1) انظر ترجمته في «هدية العارفين»: (1/ 71).

الحديث للعيني والمتن للعراقي -رحمهم الله تعالى-». -كما أثبت على الطرة عدداً من الأبيات فقال: للأمير أبي فراس الحمداني سكرتُ من لَحْظِهِ لا من مُدامَته ... ومال بالنوم عن عيني تمايُلُه فما السُّلاف دهتني بل سوالفه ... ولا الشمول أزدهتني بل شمائله ألوَى بصبري أصداغٌ له لُوَيت ... وغال قلبي بما تحوي غلائله لنجم الدين الشاعر: قَبَّلْتُ وجنته فألوى جيده ... خجلاً ومال بعطفه الميَّاسِ فانهل من خَدَّيْه فوق عذاره ... عرقٌ يحاكي الطل فوق الآس فكأنني استقطرت ورد خدوده ... بتصاعد الزَّفَرَات من أنفاسي ولأبي فراس وكتب بها إلى أمه بمنبج وكان في أسر الروم: لولا العَجُوز بمَنْبجٍ ... ما خِفْتُ أسباب المنيَّه ولكان لي عمَّا أردتُ ... من الفِدَا نفسٌ أبيَّه لكن أردت مُرادَها ... ولو انْجَذَبْتُ إلى الدنيَّه أضْحَت بمَنْبج حُرَّة ... بالحزن من بعدي حَريَّه يا أُمتا لا تحزني ... لله ألطافٌ خَفيَّه يا أمتا لا تجزعي ... وثقي بفضل الله فيَّه أُوصِيك بالصبر الجميل ... فإنَّه خيرُ الوصيَّه

وله يخاطب ابنته وهو في الاحتضار: أبنيتي لا تجزعي ... كل الأنام إلى ذهابِ نوحي عليَّ برقةٍ ... من خلف سترك والحجابِ قولي إذا كلمتني ... فعجزتُ عن رد الجواب شيخ الشباب أبو فراس ... لم يُمَتَّع بالشباب -وقبل مغادرة هذا المقام يسرني أن أتوجه بالشكر إلى أخي الكريم فؤاد الزيلعي الذي قام على صف وتنسيق الكتاب، والأخوة حسن الزيلعي وحفظ الله الزيلعي على مشاركتهما في مراحل المقابلة والمراجعة، ولا يشكر الله من لا يشكر الناس، والحمد لله رب العالمين.

صور من النسخة الخطية

الورقة الأولى من النسخة الخطية

الورقة الأخيرة من النسخة الخطية

النصح المحقق

شرح الألفية

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يسر يا كريم .. الحمدُ لله الذي خَصَّ هذه الأمةَ بحفظِ حديثِ نَبِيِّها عليهِ السلام، وجعل له علماً يُعرف به بين سائر الأقسام، والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمد أشرف الأنام، وعلى آلِهِ وصَحبِهِ مصابيح الظلام، وبعد .. فيقول فقيرُ اللهِ المغني عبد الرحمن بن أبي بكر العيني -عفا الله عنه- قصدتُ أن ألخصَ من كلامِ الحافظِ العلامة زين الدين العراقي تغمَّدَهُ الله برحمته تعليقاً لطيفاً على أرجوزته في علم الحديث، وأن أجعلَهُ ممزوجاً تسهيلاً للنظم وتقريباً للفهم، وبالله أستعين، نعم المولى ونعم المعين. 1 - يَقُوْلُ رَاجِي رَبّهِ المُقْتَدِرِ ... عَبْدُ الرَّحيمِ بنُ الحُسيْنِ الأَثَريْ 2 - مِنْ بَعْدِ حَمْدِ اللهِ ذي الآلاءِ ... على امْتِنَانٍ جَلَّ عَنْ إحْصَاءِ 3 - ثُمَّ صَلاَةٍ وسَلامٍ دَائِمِ ... على نَبِيِّ الخَيْرِ ذِي المَرَاحِمِ 4 - فَهَذِهِ المَقَاصِدُ المُهِمَّهْ ... تُوْضِحُ مِنْ عِلْمِ الحدِيْثِ رَسْمَهْ 5 - نَظَمْتُهَا تَبْصِرَةً لِلمُبتَدِيْ ... تَذْكِرَةً لِلْمُنْتَهِي والْمُسْنِدِ 6 - لَخَّصْتُ فيهَا ابْنَ الصَّلاحِ أَجْمَعَهْ ... وَزِدْتُهَا عِلْمَاً تَرَاهُ مَوْضِعَهْ (يَقُوْلُ رَاجِي رَبّهِ المُقْتَدِرِ، عَبْدُ الرَّحيمِ بنُ الحُسيْنِ الأَثَريْ) نسبةً إلى الأثرِ وهو الحديث. (مِنْ بَعْدِ حَمْدِ اللهِ ذي الآلاءِ) النِّعَم (على امْتِنَانٍ جَلَّ عَنْ إحْصَاءِ، ثُمَّ صَلاَةٍ وسَلامٍ دَائِمِ، على نَبِيِّ الخَيْرِ ذِي المَرَاحِمِ)، جمع مرحمة وهي الرحمة.

(فَهَذِهِ المَقَاصِدُ المُهِمَّهْ تُوْضِحُ مِنْ عِلْمِ الحدِيْثِ رَسْمَهْ) أي: آثار أهله التي بنوا عليها أصولهم، (نَظَمْتُهَا تَبْصِرَةً لِلمُبتَدِيْ تَذْكِرَةً لِلْمُنْتَهِي والْمُسْنِدِ) فاعل أَسْنَدَ الحديث أي: رواه بإسناده، (لَخَّصْتُ فيهَا ابْنَ الصَّلاحِ) أي: كتابه (أَجْمَعَهْ) المراد مسائله وأقسامه دون كثير من أمثلته وتعاليله ونسبة أقوال لقائلها (¬1) والمكرر، (وَزِدْتُهَا عِلْمَاً تَرَاهُ مَوْضِعَهْ) بتمييز أكثره بـ «قلتُ»، وما لم يُمَيَّزْ بها فبنفسه كحكاية عن متأخر عنه كالنووي، أو تعقب كلامه بردٍّ أو إيضاح، أو تعقب من متأخر عنه، وما لم يُمَيَّزْ ففي الشرح. 7 - فَحَيْثُ جَاءَ الفِعْلُ والضَّميْرُ ... لِواحِدٍ وَمَنْ لَهُ مَسْتُوْرُ 8 - كَـ «قَالَ» أوْ أَطْلَقْتُ لَفْظَ الشَّيْخِ مَا ... أُرِيْدُ إلاَّ ابْنَ الصَّلاحِ مُبْهَمَا 9 - وَإِنْ يَكُنْ لاثْنَيْنِ نَحْوُ «الْتَزَمَا» ... فَمُسْلِمٌ مَعَ البُخَارِيِّ هُمَا 10 - وَاللهَ أرجُوْ في أُمُوْرِي كُلِّهَا ... مُعْتَصَمَاً في صَعْبِهَا وَسَهْلِهَا (فَحَيْثُ جَاءَ الفِعْلُ والضَّميْرُ لِواحِدٍ وَمَنْ لَهُ مَسْتُوْرُ) أي ولم يذكر فاعله معه (كَـ «قَالَ» أوْ أَطْلَقْتُ لَفْظَ الشَّيْخِ مَا أُرِيْدُ) بفاعله وبالشيخ (إلاَّ ابْنَ الصَّلاحِ مُبْهَمَا) بفتح الهاء ويجوز كسرها. [2 - أ] (وَإِنْ يَكُنْ) أي الفعل أو الضمير المذكوران (لاثْنَيْنِ نَحْوُ «الْتَزَمَا» فَمُسْلِمٌ مَعَ البُخَارِيِّ هُمَا) المرادان. (وَاللهَ أرجُوْ في أُمُوْرِي كُلِّهَا مُعْتَصَمَاً) بفتح الصاد، ويجوز كسرها (في صَعْبِهَا وَسَهْلِهَا). ¬

(¬1) وفي بعض نسخ «شرح العراقي»: لقائليها. انظر: «شرح العراقي» (1/ 100حاشية3).

أقسام الحديث

أَقْسَامُ الْحَدِيْثِ 11 - وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ قَسَّمُوا السُّنَنْ ... إلى صَحِيْحٍ وَضَعِيْفٍ وَحَسَنْ 12 - فَالأَوَّلُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ ... بِنَقْلِ عَدْلٍ ضَابِطِ الْفُؤَادِ 13 - عَنْ مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ مَا شُذُوْذِ ... وَعِلَّةٍ قَادِحَةٍ فَتُوْذِي (وَأَهْلُ هَذَا الشَّأْنِ) وهم أهل الحديث (قَسَّمُوا السُّنَنْ إلى) ثلاثة أقسام: حديث (صَحِيْحٍ)، وحديث (ضَعِيْفٍ)، وحديث (حَسَنْ). (فَالأَوَّلُ الْمُتَّصِلُ الإسْنَادِ) أي فالصحيح المجمع على صحته: ما اتصل سَنَدُهُ. خرج: المنقطع، والمرسل، والمعضل. (بِنَقْلِ عَدْلٍ) أي وعُدِّلَتْ نقلتُهُ: خرج ما في سَنَدِهِ من لم تُعرف عدالته، إما بأن عُرِفَ بالضعف، أو جُهِلَ عيناً أو حالاً. (ضَابِطِ الْفُؤَادِ) خرج ما في سنده راو مغفل كثير الخطأ (عَنْ) راوٍ (مِثْلِهِ) (مِنْ غَيْرِ مَا شُذُوْذِ) خرج الشاذ، و «ما» مقحمة. (وَعِلَّةٍ قَادِحَةٍ فَتُوْذِي) خرج المعلَّل بعلة قادحة. 14 - وَبالصَّحِيْحِ وَالضَّعِيفِ قَصَدُوا ... في ظَاهِرٍ لاَ الْقَطْعَ، وَالْمُعْتَمَدُ 15 - إمْسَاكُنَا عَنْ حُكْمِنَا عَلى سَنَدْ ... بِأَنهُ أَصَحُّ مُطْلَقاً، وَقَدْ 16 - خَاضَ بهِ قَوْمٌ فَقِيْلَ مَالِكُ ... عَنْ نَافِعٍ بِمَا رَوَاهُ النَّاسِكُ 17 - مَوْلاَهُ وَاخْتَرْ حَيْثُ عَنْهُ يُسْنِدُ ... الشَّافِعِيُّ قُلْتُ: وعَنْهُ أَحْمَدُ

(وَبالصَّحِيْحِ وَالضَّعِيفِ) إذا أطلقهما أهلُ الحديث فقالوا: هذا حديث صحيح، أو حديث ضعيف (قَصَدُوا في ظَاهِرٍ) أي: فَمُرَادُهُم فيما ظَهَرَ لنا عملاً بظاهر الإسناد (لاَ الْقَطْعَ) بصحته في نفس الأمر؛ لجواز الخطأ والنسيان على الثقة، أو بكذبه في نفس الأمر؛ لجواز صدق الكاذب، وإصابة من هو كثير الخطأ. والقول (الْمُعْتَمَدُ إمْسَاكُنَا عَنْ حُكْمِنَا عَلى سَنَدْ) أي: أنه لا يُطلق على إسنادٍ معين (بِأَنهُ أَصَحُّ) الأسانيد (مُطْلَقاً)؛ لأن تفاوت مراتب الصحة مترتب على تمكُّن الإسناد من شروط الصحة ويعز وجود أعلى درجات القبول في كل فردٍ فرد من ترجمة واحدة بالنسبة لجميع الرواة. (وَقَدْ خَاضَ بهِ قَوْمٌ) من أئمة الحديث فاضطربت أقوالهم؛ (فَقِيْلَ): أصح الأسانيد ما رواه (مَالِكُ عَنْ نَافِعٍ بِمَا رَوَاهُ النَّاسِكُ مَوْلاَهُ) أي: سيده وهو ابن عمر وهذا قول البخاري (¬1) (وَاخْتَرْ) أي: إذا زدت في الترجمة واحداً فأصحها (حَيْثُ عَنْهُ) أي عن مالك (يُسْنِد الشَّافِعِيُّ) بها؛ لإجماعهم أنه لم يكن في الرواة عن مالك أجل من الشافعي. (قُلْتُ: وعَنْهُ أَحْمَدُ) أي: وإن زدت في الترجمة آخر فأصحها ما رواه أحمد بن حنبل عن الشافعي بها لاتفاقهم [2 - ب] أنه أجل من أخذ عنه. 18 - وَجَزَمَ ابْنُ حنبلٍ بالزُّهْرِي ... عَنْ سَالِمٍ أَيْ: عَنْ أبيهِ البَرِّ 19 - وَقِيْلَ: زَيْنُ العَابِدِيْنَ عَنْ أَبِهْ ... عَنْ جَدِّهِ وَابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ بِهْ ¬

(¬1) «معرفة علوم الحديث» للحاكم: (ص227) و «الكفاية» للخطيب البغدادي: (2/ 460 - 461).

20 - أَوْ فَابْنُ سِيْريْنَ عَنِ السَّلْمَاني ... عَنْهُ أوِ الأعْمَشُ عَنْ ذي الشَّانِ 21 - النَّخَعِيْ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ عَلْقَمَهْ ... عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ وَلُمْ مَنْ عَمَّمَهْ (وَجَزَمَ ابْنُ حنبلٍ (¬1) بالزُّهْرِي) أي: أن أصحها ما رواه أبو بكر محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري (عَنْ سَالِمٍ أَيْ: عَنْ أبيهِ البَرِّ) أي: عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه. (وَقِيْلَ): أصح الأسانيد ما رواه (زَيْنُ العَابِدِيْنَ عَنْ أَبِهْ عَنْ جَدِّهِ) وهو علي بن الحسين عن أبيه الحسين عن جده علي بن أبي طالب (وَابْنُ شِهَابٍ عَنْهُ بِهْ) أي: فرواه ابن شهاب المذكور عن زين العابدين بالحديث، وهو قول عبد الرزاق (¬2). (أَوْ فَابْنُ سِيْريْنَ) أي: وقيل أصحها ما رواه محمد بن سيرين (عَنْ) عَبِيْدة (السَّلْمَاني عَنْهُ) أي: عن علي, وهو قول الفلاس (¬3)، وابن المديني (¬4)، وابن حرب (¬5). (أوِ الأعْمَشُ) أي: وقيل: أصحها ما رواه سليمان بن مهران الأعمش (عَنْ ذي الشَّانِ) إبراهيم بن يزيد (النَّخَعِيْ عَنِ ابْنِ قَيْسٍ عَلْقَمَهْ) أي عن علقمة بن قيس ¬

(¬1) «معرفة علوم الحديث»: (ص227 - 228). (¬2) «الكفاية»: (2/ 459). (¬3) «معرفة علوم الحديث»: (ص227). (¬4) المصدر السابق: (ص227 - 228). (¬5) «الكفاية»: (2/ 459).

(عَنِ) عبد الله (ابْنِ مَسْعُوْدٍ) وهو قول يحيى بن معين (¬1). (وَلُمْ مَنْ عَمَّمَهْ) أي: الحُكْم في أصح الأسانيد في ترجمةٍ لصحابيٍّ واحد، بل تُقَيَّد كُلُّ ترجمة بصَحَابِيِّها. ¬

(¬1) «معرفة علوم الحديث»: (ص227 - 228).

أصح كتب الحديث

أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيْثِ 22 - أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في الصَّحِيْحِ ... مُحَمَّدٌ وَخُصَّ بِالتّرْجِيْحِ 23 - وَمُسْلِمٌ بَعْدُ، وَبَعْضُ الغَرْبِ مَعْ ... أَبِي عَلِيٍّ فَضَّلُوا ذَا لَوْ نَفَعْ (أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ في الصَّحِيْحِ مُحَمَّدٌ) هو ابن إسماعيل البخاري، (وَخُصَّ) كتابه (بِالتّرْجِيْحِ) على كتاب مسلم عند الجمهور، (وَمُسْلِمٌ بَعْدُ) أي بعد البخاري في الوجود والصحة. (وَبَعْضُ) أهل (الغَرْبِ مَعْ أَبِي عَلِيٍّ) النيسابوري (¬1) (فَضَّلُوا ذَا) أي كتاب مسلم على البخاري (لَوْ نَفَعْ) مَنْ فَضَّل مسلماً على البخاري فإنه لم يُقبل من قائله. 24 - وَلَمْ يَعُمَّاهُ ولكن قَلَّمَا ... عِنْدَ ابْنِ الاخْرَمِ مِنْهُ قَدْ فَاتَهُمَا 25 - وَرُدَّ لكن قَالَ يَحيَى البَرُّ ... لَمْ يَفُتِ الخَمسَةَ إلاَّ النَّزْرُ 26 - وَفيهِ مَا فِيْهِ لِقَوْلِ الجُعْفِي ... أَحْفَظُ مِنْهُ عُشْرَ أَلفِ أَلْفِ 27 - وَعَلَّهُ أَرَادَ بِالتَّكرَارِ ... لَهَا وَمَوْقُوْفٍ وفي البُخَارِي 28 - أَرْبَعَةٌ آلافِ والمُكَرَّرُ ... فَوْقَ ثَلاثَةٍ أُلُوْفاً ذَكَرُوا (وَلَمْ يَعُمَّاهُ) أي البخاري ومسلم كل الصحيح في كتابيهما، (ولكن قَلَّمَا ¬

(¬1) هو: الحافظ الإمام الحسين بن علي بن يزيد النيسابوري، المتوفى سنة (349هـ). انظر ترجمته في: «تاريخ بغداد»: (8/ 71 - 72) و «تذكرة الحفاظ»: (3/ 902 - 905).

عِنْدَ) أبي عبد الله محمد بن يعقوب (ابْنِ الاخْرَمِ (¬1) مِنْهُ) أي من الصحيح (قَدْ فَاتَهُمَا)، فإنه ذكر كلاماً معناه قلَّ ما يفوت البخاري ومسلماً مما يَثْبُتُ من الحديث. (وَرُدَّ) ما قال. (لكن قَالَ يَحيَى البَرُّ) (¬2) هو الشيخ محيي الدين النووي: (لَمْ يَفُتِ) الأصول (الخَمسَةَ) الصحيحين وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي (إلاَّ النَّزْرُ) أي: اليسير. (وَفيهِ) أي في كلام النووي (مَا فِيْهِ، لِقَوْلِ الجُعْفِي) وهو: البخاري (¬3) (أَحْفَظُ مِنْهُ) أي: من الصحيح (عُشْرَ أَلفِ أَلْفِ) أي مائة ألف حديث، (وَعَلَّهُ) أي: وَلَعَلَّ البخاري (أَرَادَ بِالتَّكرَارِ لَهَا وَمَوْقُوْفٍ) أي: أراد [3 - أ] بالأحاديث المكررة الأسانيد والموقوفات. (وفي البُخَارِي) بإسقاط المكرر من الأحاديث (أَرْبَعَةٌ آلافِ) على ما قيل، (والمُكَرَّرُ فَوْقَ ثَلاثَةٍ أُلُوْفاً ذَكَرُوا) فجزم ابن الصلاح (¬4) بأنه بالمكرر سبعة آلاف ومائتان وخمسة وسبعون وهذا في رواية الفربري، وفي رواية حماد فدونها بمائتي حديث، ودون هذه بمائة رواية إبراهيم (¬5). ¬

(¬1) هو: الحافظ أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن يوسف الشيباني النيسابوري، المتوفى سنة (344هـ). انظر ترجمته في: «تذكرة الحفاظ»: (3/ 864 - 866) و «سير أعلام النبلاء»: (15/ 452 - 460). (¬2) في «التقريب»: (1/ 105) مع «التدريب». (¬3) «مقدمة الكامل» لابن عدي: (1/ 226) ط. أبي سنة، و «تاريخ بغداد»: (2/ 25). (¬4) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص20). (¬5) انظر: «هدي الساري»: (ص654 - 657).

(الصحيح الزائد على الصحيحين)

الصَّحِيْحُ الزَّائِدُ عَلَى الصَّحِيْحَيْنِ 29 - وَخُذْ زِيَادَةَ الصَّحِيْحِ إذْ تُنَصُّ ... صِحَّتُهُ أوْ مِنْ مُصَنَّفٍ يُخَصُّ 30 - بِجَمْعِهِ نَحوَ ابْنِ حِبَّانَ الزَّكِيْ ... وَابنِ خُزَيْمَةَ وَكَالمُسْتَدْرَكِ 31 - عَلى تَسَاهُلٍ - وَقَالَ: مَا انْفَرَدْ ... بِهِ فَذَاكَ حَسَنٌ مَا لَمْ يُرَدّْ 32 - بِعِلَّةٍ، وَالحقُّ أنْ يُحْكَمْ بِمَا ... يَليْقُ، والبُسْتِيْ يُدَانِي الحَاكِما (وَخُذْ) أي: وحيث لم يُعِمَّا الصحيح وأردت أن تعرفه فخذ (زِيَادَةَ الصَّحِيْحِ) أي: الصحيح الزائد على ما فيهما (إذْ تُنَصُّ صِحَّتُهُ) أي: حيث يَنُصُّ على صحته إمامٌ معتمد كأبي داود ونحوه، (أوْ مِنْ مُصَنَّفٍ يُخَصّ بِجَمْعِهِ) أي بجمع الصحيح فقط. (نَحوَ) صحيح أبي حاتم (ابْنِ حِبَّانَ الزَّكِيْ وَ) صحيح (ابنِ خُزَيْمَةَ، وَكَالمُسْتَدْرَكِ) عَلى الصحيح لأبي عبد الله الحاكم (على تَسَاهُلٍ) في «المستدرك». (وَقَالَ) ابن الصلاح (¬1): (مَا انْفَرَدْ بِهِ) أي الحاكم بتصحيحه لا بتخريجه فقط، إن لم يكن من قبيل الصحيح (فَذَاكَ حَسَنٌ) يُحتج به ويُعمل به (مَا لَمْ يُرَدّْ بِعِلَّةٍ) توجب ضعفه. ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص22).

(وَالحقُّ) من الزوائد (¬1) (أنْ) يُتتبع بالكشف عنه ثم (يُحْكَمْ) عليه (بِمَا يَليْقُ) بحاله من الصحة أو الحُسْن أو الضَّعف، فإن الحكم عليه بالحُسن فقط تحكُّم. وابن حبان (البُسْتِيْ يُدَانِي الحَاكِما) في التساهل، فالحاكم أشد تساهلاً. ¬

(¬1) أي: هذا من زوائد العراقي على ابن الصلاح.

المستخرجات

الْمُسْتَخْرَجَاتُ 33 - وَاسْتَخْرَجُوا عَلى الصَّحِيْحِ (كَأَبي ... عَوَانَةٍ) وَنَحْوِهِ، وَاجْتَنِبِ 34 - عَزْوَكَ ألفَاظَ المُتُونِ لَهُمَا ... إذْ خَالَفتْ لَفْظاً وَمَعْنىً رُبَّمَا 35 - وَمَا يَزِيْدُ فاحْكُمَنْ بِصِحَّتِه ... فَهْوَ مَعَ العُلُوِّ مِنْ فَائِدَتِهْ 36 - وَالأَصْلَ يَعْني البَيْهَقي وَمَنْ عَزَا ... وَلَيْتَ إذْ زَادَ الحُمَيدِي مَيَّزَا موضوع المستخرج أن يأتي إلى كتاب البخاري أو مسلم فيخرج أحاديثه بأسانيد لنفسه من غير طريقهما فيجتمع إسناده مع إسنادهما في شيخهما أو من فوقه. (وَاسْتَخْرَجُوا عَلى الصَّحِيْحِ) أي: صحيح البخاري كأبي بكر الإسماعيلي (¬1) وأبي نعيم الأصبهاني (¬2)، وصحيح مسلم. ¬

(¬1) هو: أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل، الجرجاني الشافعي، المتوفى سنة (371هـ). انظر ترجمته في: «تذكرة الحفاظ»: (3/ 947) و «تاريخ جرجان»: (ص85 - 96). وقد أكثر الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» من النقل عن مستخرجه هذا، والإفادة منه، فتستفاد طائفة كبيرة منه من «الفتح». (¬2) هو: الحافظ الكبير أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني، المتوفى سنة (430هـ). انظر ترجمته في: «المنتظم»: (8/ 100) و «الوافي»: (7/ 81 - 84). وقد أكثر الحافظ ابن حجر كذلك في «فتح الباري» من النقل عن هذا المستخرج.

(كَأَبي عَوَانَةٍ (¬1) وَنَحْوِهِ) كأبي نعيم (¬2) أيضاً. (وَاجْتَنِبِ عَزْوَكَ ألفَاظَ المُتُونِ) أي متون المستخرجات (لَهُمَا) أي: للصحيحين (إذْ خَالَفتْ لَفْظاً) فلا تقل أخرجه البخاري أو مسلم بهذا اللفظ إلا إن علمت أنه في المستخرج بلفظ الصحيح، فروايتهم بالألفاظ التي وقعت لهم عن شيوخهم مع مخالفة الصحيحين لفظاً كثير، (وَمَعْنىً رُبَّمَا). (وَمَا يَزِيْدُ) المستخرج على الصحيح من تتمة المحذوف، أو زيادة شرح، أو نحو [3 - ب] ذلك (فاحْكُمَنْ بِصِحَّتِه)؛ لأنها خارجة من مخرج الصحيح. (فَهْوَ) أي: ما يزاد من الألفاظ (مَعَ العُلُوِّ) أي: علو الإسناد (مِنْ فَائِدَتِهْ) أي فائدة المستخرج؛ لأن الألفاظ ربما دَلَّت على زيادة حكمٍ، ولأنه لو رَوَى حديثاً من طريق مسلم مثلاً لوقع أنزل من الطريق الذي رواه به في المستخرَج. و «مِنْ» تقتضي فوائد أُخَر، منها: القوة بكثرة الطرق. (وَالأَصْلَ يَعْني البَيْهَقي) جوابٌ عمَّا يُقال: إن البيهقي وغيره يروون الحديث بأسانيدهم ثم يعزونه إلى «الصحيحين» مع الاختلاف، بأن مراد ¬

(¬1) هو: الحافظ يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني النيسابوري الأصل الشافعي، المتوفى سنة (316هـ). انظر ترجمته في: «تذكرة الحفاظ»: (3/ 779 - 780) و «وفيات الأعيان»: (6/ 393 - 394). ومستخرجه هذا مطبوع. (¬2) ومستخرجه هذا-على مسلم- مطبوع.

البيهقي (وَمَنْ عَزَا) الحديث لواحد من الصحيحين أصل الحديث لا عزو ألفاظه. (وَلَيْتَ إذْ زَادَ) أبو عبد الله (الحُمَيدِي (¬1)) في كتاب «الجمع بين الصحيحين» ألفاظاً وتتمات ليست من واحد منهما (مَيَّزَا) (¬2)؛ لأنه جمع بين كتابين فمن أين تأتي الزيادة. ¬

(¬1) هو: الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبي نصر بن فَتَّوح الحميدي، المتوفى سنة (488هـ). انظر ترجمته في: «بغية الملتمس»: (ص123 - 124) و «الصلة»: (2/ 560 - 561). (¬2) راجع تعليقنا على «شرح ألفية العراقي» للسيوطي: (ص109).

مراتب الصحيح

مَرَاتِبُ الصَّحِيْحِ 37 - وَأَرْفَعُ الصَّحِيْحِ مَرْويُّهُمَا ... ثُمَّ البُخَارِيُّ، فَمُسْلِمٌ، فَمَا 38 - شَرْطَهُمَا حَوَى، فَشَرْطُ الجُعْفِي ... فَمُسْلِمٌ، فَشَرْطُ غَيْرٍ يَكْفي 39 - وَعِنْدَهُ التَّصْحِيْحُ لَيْسَ يُمْكِنُ ... فِي عَصْرِنَا، وَقَالَ يَحْيَى: مُمْكِنُ (وَأَرْفَعُ) درجات (الصَّحِيْحِ مَرْويُّهُمَا) أي ما أخرجه البخاري ومسلم وهو المعبَّر عنه بـ «متفق عليه». (ثُمَّ) مروي (البُخَارِيُّ) وحده. (فَمُسْلِمٌ) أي: ثم مروي مسلم وحده. (فَمَا شَرْطَهُمَا حَوَى) أي: ثم ما هو على شرطهما ولم يخرجه واحدٌ منهما. قال النووي: المراد بقولهم على شرطهما أن يكون رجال إسناده في كتابيهما؛ لأنهما ليس لهما شرطٌ في كتابيهما ولا في غيرهما. (فَشَرْطُ الجُعْفِي) أي: ثم ما هو على شرط البخاري وحده. (فَمُسْلِمٌ) أي: ثم ما هو على شرط مسلم وحده. (فَشَرْطُ غَيْرٍ يَكْفي) أي: ثم ما هو على شرط غيرهما من الأئمة.

(وَعِنْدَهُ) أي: عند ابن الصلاح (¬1) (التَّصْحِيْحُ لَيْسَ يُمْكِنُ فِي عَصْرِنَا) فإذا وجدنا فيما يُروى من أجزاء الحديث وغيرها حديثاً صحيح الإسناد ولم نجده في أحد الصحيحين ولا منصوصاً على صحته في مصنفاتهم المشهورة، لا نتجاسر على الحكم بصحته. (وَقَالَ) الشيخ محيي الدين (يَحْيَى) النووي (¬2): (مُمْكِنُ) لمن تَمَكَّنَ وقَوِيَت معرفته، وعليه عملهم. ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص16 - 17). (¬2) «التقريب»: (1/ 157) مع «التدريب».

حكم الصحيحين والتعليق

حُكْمُ الصَّحِيْحَيْنِ والتَّعْلِيْق 40 - وَاقْطَعْ بِصِحَّةٍ لِمَا قَدْ أَسْنَدَا ... كَذَا لَهُ، وَقِيْلَ ظَنّاً وَلَدَى 41 - مُحَقِّقِيْهِمْ قَدْ عَزَاهُ النَّوَوِيْ ... وَفي الصَّحِيْحِ بَعْضُ شَيءٍ قَدْ رُوِيْ 42 - مُضَعَّفاً وَلَهُمَا بِلا سَنَدْ ... أَشْيَا فَإنْ يَجْزِمْ فَصَحِّحْ، أو وَرَدْ 43 - مُمَرَّضاً فَلا، وَلكِنْ يُشْعِرُ ... بِصِحَّةِ الأصْلِ لَهُ كَـ يُذْكَرُ (وَاقْطَعْ بِصِحَّةٍ لِمَا قَدْ أَسْنَدَا) أي: لما رواه البخاري ومسلم بإسنادهما المتصل (كَذَا لَهُ) أي: قاله ابن الصلاح (¬1) , (وَقِيْلَ ظَنّاً، وَلَدَى مُحَقِّقِيْهِمْ قَدْ عَزَاهُ النَّوَوِيْ) فإنه قال (¬2): وخالف ابنَ الصلاح المحققون والأكثرون فقالوا: يفيد الظن ما لم يتواتر. (وَفي الصَّحِيْحِ بَعْضُ شَيءٍ قَدْ رُوِيْ مُضَعَّفاً) فيه إشارة [4 - أ] إلى تقليل ما ضُعِّفَ من أحاديث «الصحيحين» وهي معروفة عندهم (¬3). [فمن أحاديث البخاري حديث شريك عن أنس في الإسراء وأنه قبل أن ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص28). (¬2) «شرح مقدمة صحيح مسلم»: (1/ 183). (¬3) انظر لذلك: «هدي الساري»: (ص506)، ورسالة «الأحاديث المنتقدة في الصحيحين» للأخ مصطفى باجو.

يوحى إليه، وفيه شق صدره (¬1). قال ابن حزم: والآفة من شريك. ومن أحاديث مسلم حديث عكرمة بن عَمَّار عن أبي زُمَيْل عن ابن عباس قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه إلى آخره (¬2). قال ابن حزم: هذا الحديث موضوع لا شك في وضعه، والآفة فيه من عكرمة بن عَمَّار] (¬3). (وَلَهُمَا بِلا سَنَدْ أَشْيَا) أي: للبخاري ومسلم في «الصحيحين» مواضع لم يصلاها بإسنادها، بل قَطَعَا أول أسانيدها مما يليهما (¬4)، (فَإنْ يَجْزِمْ فَصَحِّحْ) أي: إن أتى بصيغة الجزم كـ: «قال» أو «رَوَى فلان» فاحكم بصحته عن من علقه عنه؛ لأنه لا يستجيز أن يجزم بذلك عنه إلا وقد صَحَّ عنده عنه. (أو وَرَدْ مُمَرَّضاً) أي بصيغة التمريض (فَلا) تحكمن بصحته؛ لأن استعمال هذه الألفاظ في غير الصحيح أكثر، (وَلكِنْ) إيراده له في أثناء الصحيح (يُشْعِرُ بِصِحَّةِ الأصْلِ لَهُ) أي بصحة أصله إشعاراً يُؤْنَسُ به ويُرْكَنُ ¬

(¬1) رواية شريك أخرجها البخاري (3570، 7517) وقد تكلم الحافظ في «فتح الباري»: (13/ 593 - 594) على مجموع مخالفات شريك في رواية هذا الحديث فذكر أن روايته خالفت رواية المشهورين في أكثر من عشرة أشياء، ثم ساقها. (¬2) «صحيح مسلم»: (2501). (¬3) ما بين المعقوفتين ملحق في الحاشية اليسرى، ورسمت بعده دائرة المقابلة المنقوطة. (¬4) في الأصل: «يليها» خطأ. والتصحيح من «شرح العراقي».

إليه، (كَـ «يُذْكَرُ») مثال لصيغة التمريض، وكذا «يُرْوَى» و «يُقَال» و «نُقِلَ». 44 - وَإنْ يَكُنْ أوَّلُ الاسْنَادِ حُذِفْ ... مَعْ صِيغَةِ الجَزْم فَتَعليْقاً عُرِفْ 45 - وَلَوْ إلى آخِرِهِ، أمَّا الَّذِي ... لِشَيْخِهِ عَزَا بـ «قالَ» فَكَذِي 46 - عَنْعَنَةٍ كخَبَرِ المْعَازِفِ ... لا تُصْغِ لاِبْنِ حَزْمٍ المُخَالِفِ (وَإنْ يَكُنْ أوَّلُ الاسْنَادِ حُذِفْ) كما إذا سَقَطَ مِنْ أول إسناد البخاري أو مسلم من جهته راو فأكثر وعَزَى الحديث إلى من فوق المحذوف من رواته (مَعْ صِيغَةِ الجَزْم) كقول مسلم (¬1): «روى الليث بن سعد» (فَتَعليْقاً عُرِفْ) أي: فهذا هو المعبَّر عنه بالتعليق، (وَلَوْ) حَذَفَ الإسناد (إلى آخِرِهِ) واقْتَصَرَ على ذكر النبي عليه السلام في المرفوع، أو الصحابي في الموقوف. (أمَّا الَّذِي لِشَيْخِهِ عَزَا بـ «قالَ») كالذي عزاه البخاري إلى بعض شيوخه بصيغة الجزم كقوله: «قال فلان» و «زاد فلان» (فَكَذِي عَنْعَنَةٍ) أي: فليس حكمه حكم التعليق عن شيوخ شيوخه ومَنْ فوقهم، بل حكمه حكم الإسناد المعنعَن وسيأتي. (كخَبَرِ المْعَازِفِ) وهو قوله عليه السلام: «ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحِرَا والحرير والمعازف» الحديث، فإن البخاري ذكره عن بعض شيوخه من غير تصريح بالتحديث أو الإخبار أو ما يقوم مقامه فقال (¬2): قال هشام بن عمار: ثنا صدقة .. إلى آخره فهذا حكمه الاتصال؛ لأن هشاماً من شيوخ البخاري حَدَّثَ عنه. ¬

(¬1) (ح 369). (¬2) (ح5590).

(لا تُصْغِ لاِبْنِ حَزْمٍ المُخَالِفِ) فإنه قال (¬1): هذا حديث منقطع، قال: ولا يصح في هذا الباب شيء أبداً، قال: وكل ما فيه فموضوع. قال ابن الصلاح (¬2): ولا التفات إليه في رَدِّهِ ذلك. ¬

(¬1) «المحلى»: (9/ 59). (¬2) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص67).

نقل الحديث من الكتب المعتمدة

نَقْلُ الْحَدِيْثِ مِنَ الكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ 47 - وَأخْذُ مَتْنٍ مِنْ كِتَابٍ لِعَمَلْ ... أوِ احْتِجَاجٍ حَيْثُ سَاغَ قَدْ جَعَلْ 48 - عَرْضَاً لَهُ عَلى أُصُوْلٍ يُشْتَرَطْ ... وَقَالَ يَحْيَى النَّوَوِي: أصْلٌ فَقَطْ 49 - قُلْتُ: وَلابْنِ خَيْرٍ امْتِنَاعُ ... جَزْمٍ سِوَى مَرْوِيِّهِ إجْمَاعُ (وَأخْذُ مَتْنٍ مِنْ كِتَابٍ) من الكتب المعتمدة (لِعَمَلْ) أو احتجاج (حَيْثُ سَاغَ) بأن كان ممن يسوغ له العمل بالحديث والاحتجاج به، (قَدْ جَعَلْ) أي: ابن الصلاح (¬1) (عَرْضَاً لَهُ) أي لذلك الكتاب بمقابلة ثقة (عَلى أُصُوْلٍ) صحيحة معتمدة مروية بروايات متنوعة (يُشْتَرَطْ). (وَقَالَ يَحْيَى النَّوَوِي) (¬2): إذا قابله على (أصْل فَقَطْ) أجزأه. (قُلْتُ: وَلابْنِ خَيْرٍ) هو الحافظ أبو بكر محمد بن خير (¬3) (امْتِنَاعُ) نقل (سِوَى مَرْوِيِّهِ إجْمَاعُ) أي: نَقَلَ الإجماع (¬4) على أنه لا يحل نقل الحديث إلا لمن له به رواية ولو على أقلِّ وجوه الروايات. ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص29). (¬2) «التقريب»: (1/ 163) مع «التدريب». (¬3) بن عمر بن خليفة الأموي الإشبيلي المالكي، المتوفى سنة (575هـ). «تذكرة الحفاظ»: (4/ 1366). (¬4) «فهرست ما رواه ابن خير عن شيوخه»: (ص16 - 17).

القسم الثاني: الحسن

القِسْمُ الثَّانِي: الْحَسَنُ 50 - وَالحَسَنُ المَعْرُوْفُ مَخْرَجاً وَقَدْ ... اشْتَهَرَتْ رِجَالُهُ بِذَاكَ حَدْ 51 - حَمْدٌ وَقَالَ التّرمِذِيُّ: مَا سَلِمْ ... مِنَ الشُّذُوْذِ مَعَ رَاوٍ مَا اتُّهِمْ 52 - بِكَذِبٍ وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ ... قُلْتُ: وَقَدْ حَسَّنَ بَعْضَ مَا انفَرَدْ 53 - وَقِيْلَ: مَا ضَعْفٌ قَرِيْبٌ مُحْتَمَلْ ... فِيْهِ، وَمَا بِكُلِّ ذَا حَدٌّ حَصَلْ (وَالحَسَنُ المَعْرُوْفُ مَخْرَجاً وَقَدْ اشْتَهَرَتْ رِجَالُهُ بِذَاكَ حَدْ حَمْدٌ) أي قال أبو سليمان حَمْد الخطابي (¬1): هو ما عُرِفَ مخرجُهُ، واشتهرت رجاله. (وَقَالَ التّرمِذِيُّ) (¬2): هو (مَا سَلِمْ مِنَ الشُّذُوْذِ مَعَ رَاوٍ مَا اتُّهِمْ بِكَذِبٍ، وَلَمْ يَكُنْ فَرْداً وَرَدْ) بل روي من غير وجه. (قُلْتُ: وَقَدْ حَسَّنَ) الترمذي (بَعْضَ مَا انفَرَدْ) فيكون وارداً عليه، وهذا من الزوائد. (وَقِيْلَ: مَا ضَعْفٌ قَرِيْبٌ مُحْتَمَلْ فِيْهِ) أي: وقال ابن الجوزي (¬3): الحديث الذي ¬

(¬1) في «معالم السنن»: (1/ 11). والخطابي هو: حَمْد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب الخطابي البستي الشافعي، المتوفى سنة (388هـ). «طبقات الشافعية» للسبكي: (3/ 282 - 290). (¬2) في «جامعه»: (ص896). (¬3) في «الموضوعات»: (1/ 35).

فيه ضعفٌ قريبٌ محتمل هو الحديث الحسن. (وَمَا بِكُلِّ ذَا حَدٌّ حَصَلْ) قال ابن الصلاح (¬1): وليس في كلام الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن عن الصحيح، واعترض ابن دقيق العيد (¬2) على الثالث بأنه ليس مضبوطاً بضابط يتميز به القدر المحتمل من غيره، قال: وإذا اضطرب هذا الوصف لم يحصل التعريف المميِّز للحقيقة. 54 - وَقَالَ: بَانَ لي بإمْعَانِ النَّظَرْ ... أنَّ لَهُ قِسْمَيْنِ كُلٌّ قَدْ ذَكَرْ 55 - قِسْماً، وَزَادَ كَونَهُ مَا عُلِّلا ... وَلاَ بِنُكْرٍ أوْ شُذُوْذٍ شُمِلاَ 56 - وَالفُقَهَاءُ كلُّهُمْ تَستَعمِلُهْ ... وَالعُلَمَاءُ الْجُلُّ مِنْهُمْ يَقْبَلُهْ 57 - وَهْوَ بأقْسَامِ الصَّحِيْحِ مُلْحَقُ ... حُجّيَّةً وإنْ يَكُنْ لا يَلْحَقُ (وَقَالَ) ابن الصلاح (¬3): (بَانَ لي بإمْعَانِ النَّظَرْ) في ذلك (أنَّ لَهُ) أي: للحسن (قِسْمَيْنِ كُلٌّ) من الترمذي والخطابي (قَدْ ذَكَرْ قِسْماً) منها. (وَزَادَ) ابن الصلاح (¬4) في تعريفه (كَونَهُ مَا عُلِّلا وَلاَ بِنُكْرٍ أوْ شُذُوْذٍ شُمِلاَ وَالفُقَهَاءُ كلُّهُمْ تستَعمِلُهْ) أي الحسن (وَالعُلَمَاءُ الْجُلُّ مِنْهُمْ يَقْبَلُهْ). (وَهْوَ بأقْسَامِ الصَّحِيْحِ مُلْحَقُ حُجّيَّةً) أي: وهو ملحق بأقسام الصحيح في الاحتجاج (وإنْ يَكُنْ لا يَلْحَقُ) أي: وإن يكن دونه في الرتبة. ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص30). (¬2) في «الاقتراح»: (ص191). (¬3) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص31 - 32). (¬4) المصدر السابق.

58 - فَإنْ يُقَلْ: يُحْتَجُّ بِالضَّعِيْفِ ... فَقُلْ: إذا كَانَ مِنَ المَوْصُوْفِ 59 - رُوَاتُهُ بِسُوْءِ حِفْظٍ يُجْبَرُ ... بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ يُذْكَرُ 60 - وَإنْ يَكُنْ لِكَذِبٍ أوْ شَذَّا ... أوْ قَوِيَ الضُّعْفُ فَلَمْ يُجْبَر ذَا 61 - أَلاَ تَرَى الْمُرْسَلَ حَيْثُ أُسْنِدَا ... أوْ أرْسَلُوا كَمَا يَجِيءُ اعْتُضِدَا (فَإنْ يُقَلْ: يُحْتَجُّ بِالضَّعِيْفِ) هذا الشطر لم يتكلم عليه في شرحه وليس بمطابق لكلام ابن الصلاح، فإنه قال (¬1): لعل الباحث يقول: إنا نجد أحاديث محكوماً بضعفها مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة فهلا جعلتم ذلك [5 - أ] من نوع الحسن لأن بعض ذلك عَضَّدَ بعضاً كما قلتم في نوع الحسن، (فَقُلْ) في جوابه: ليس كل ضَعْف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل (إذا كَانَ) الحديث (مِنَ المَوْصُوْفِ رُوَاتُهُ بِسُوْءِ حِفْظٍ) مع كونهم من أهل الصدق والديانة (يُجْبَرُ بِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ يُذْكَرُ) فإذا جاء من وجه آخر عرفنا أنه مما قد حفظه ولم يختل فيه ضبطه له. (وَإنْ يَكُنْ) أي: الضعف (لِكَذِبٍ) في الراوي، (أوْ شَذَّا) أي: أو لكون الحديث شاذاً، (أوْ قَوِيَ الضُّعْفُ) من عطف العام على الخاص، (فَلَمْ يُجْبَر ذَا) القوة الضعف، وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته (أَلاَ تَرَى) الحديث (الْمُرْسَلَ حَيْثُ أُسْنِدَا) أي: جاء مسنداً من وجه آخر، (أوْ أرْسَلُوا) أي: أو وافقه ¬

(¬1) المصدر السابق (ص33 - 34).

مرسل آخر أرسله من أخَذَ العلمَ عن غير رجال التابعي الأول، (كَمَا يَجِيءُ) في موضع الكلام على المرسل لا مطلقاً (اعْتُضِدَا) وزال ضعفه بنحو ذلك. 62 - وَالحَسَنُ: الْمشهُوْرُ بِالعَدَالَهْ ... وَالصِّدْقِ رَاوِيهُ، إذَا أَتَى لَهْ 63 - طُرُقٌ أُخْرَى نَحْوُهَا مِن الطُّرُقْ ... صَحَّحْتَهُ كَمَتْنِ لَوْلاَ أنْ أَشُقْ 64 - إذْ تَابَعُوْا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو ... عَلَيْهِ فَارْتَقَى الصَّحِيْحَ يَجْرِي (وَالحَسَنُ: الْمشهُوْرُ بِالعَدَالَهْ وَالصِّدْقِ رَاوِيهُ) أي: الذي راويه مشتهر بالصدق والعدالة، (إذَا أَتَى لَهْ طُرُقٌ أُخْرَى نَحْوُهَا مِن الطُّرُقْ صَحَّحْتَهُ) أي: حكمتَ بصحته، (كَمَتْنِ: «لَوْلاَ أنْ أَشُقْ) على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» (¬1)؛ (إذْ تَابَعُوْا مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو (¬2)) وهو ممن ضعفه بعضُهم من جهة سوء حفظه، ووثَّقه بعضُهم لصدقه وجلالته (عَلَيْهِ) أي: على حديثه بروايته من وجه آخر (¬3) (فَارْتَقَى الصَّحِيْحَ يَجْرِي) أي فالتحق إسناده بدرجة الصحيح لزوال ما كان يُخْشَى من جهة سوء حفظه. 65 - قَالَ: وَمِنْ مَظِنَّةٍ لِلحَسَنِ ... جَمْعُ أبي دَاوُدَ أيْ في السُّنَنِ 66 - فإنَّهُ قَالَ: ذَكَرْتُ فِيْهِ ... ما صَحَّ أوْ قَارَبَ أوْ يَحْكِيْهِ ¬

(¬1) أخرجه الترمذي (ح 22). (¬2) بن علقمة بن وقاص الليثي. قال الحافظ في «التقريب»: «صدوق له أوهام». (¬3) ممن تابعه: الأعرج عند البخاري (ح7240) ومسلم (ح252)، وأبي داود (ح46)، والنسائي (ح5427). وسعيد المقبري عند ابن ماجه (ح287) وغيرهم. وقد تابعوه في شيخ شيخه فهي متابعة قاصرة.

67 - وَمَا بهِ وَهَنٌ شَدِيْدٌ قُلْتُهُ ... وَحَيْثُ لاَ فَصَالِحٌ خَرَّجْتُهُ 68 - فَمَا بِهِ وَلَمْ يُصَحَّحْ وَسَكَتْ ... عَلَيْهِ عِنْدَهُ لَهُ الحُسْنُ ثَبَتْ 69 - وابْنُ رُشَيْدٍ قَالَ -وَهْوَ مُتَّجِهْ- ... : قَدْ يَبْلُغُ الصِّحَّةَ عِنْدَ مُخْرِجِهْ (قَالَ) ابن الصلاح (¬1): (وَمِنْ مَظِنَّةٍ لِلحَسَنِ جَمْعُ أبي دَاوُدَ أيْ في السُّنَنِ) أي سنن أبي داود؛ (فإنَّهُ) أي: أبا داود (قَالَ (¬2): ذَكَرْتُ فِيْهِ ما صَحَّ أوْ قَارَبَ أوْ يَحْكِيْهِ) أي: يشبه الصحيح، (وَمَا) في كتابي من حديث (بهِ وَهَنٌ شَدِيْدٌ قُلْتُهُ) أي: بينته، (وَحَيْثُ لاَ) أي: لم أذكر فيه (فَصَالِحٌ خَرَّجْتُهُ). (فَمَا بِهِ) (¬3) أي: فما وُجِدَ في كتابه وليس في واحدٍ من «الصحيحين» (وَلَمْ يُصَحَّحْ) أي: لم يَنُصُّ على صحته أحدٌ ممن يميز بين الصحيح والحسن (وَسَكَتْ عَلَيْهِ) أي: بل ذكره مطلقاً (عِنْدَهُ) أي: عند أبي داود [5 - ب] (الحُسْنُ ثَبَتْ). و (ابْنُ رُشَيْدٍ) الأندلسي (¬4) (قَالَ) (¬5) معترضاً على ابن الصلاح (وَهْوَ مُتَّجِهْ: قَدْ يَبْلُغُ الصِّحَّةَ عِنْدَ مُخْرِجِهْ) أي: لا يلزم من كون الحديث لم ينص عليه أبو داود ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص36). (¬2) انظر لزاماً ما علقناه على «شرح ألفية العراقي» للسيوطي: (ص123 - 125). (¬3) هذا قول ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص36). (¬4) هو: محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن محمد بن إدريس الأندلسي المالكي، المتوفى سنة (722هـ). «الديباج المذهب»: (2/ 297 - 298) و «الوافي بالوفيات»: (4/ 284 - 286). (¬5) نقل كلامه ابن سيد الناس في «النفح الشذي»: (1/ 218).

بضعفٍ، ولا غيرُهُ بصحةٍ أنه عند أبي داود حسن؛ إذ قد يكون عنده صحيحاً وإن لم يكن عند غيره كذلك. 70 - وَللإمَامِ اليَعْمُرِيِّ إنَّما ... قَوْل ُأبي دَاوُدَ يَحْكي مُسْلِما 71 - حَيثُ يَقُوْلُ: جُمْلَةُ الصَّحِيْحِ لا ... تُوجَدُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالنُّبَلا 72 - فَاحْتَاجَ أنْ يُنْزَلَ في الإسْنَادِ ... إلى يَزيْدَ بنِ أبي زيَادِ 73 - وَنَحْوِهِ، وإنْ يَكُنْ ذُو السَّبْقِ ... قَدْ فَاتَهُ، أدْرَكَ بِاسْمِ الصِّدْقِ 74 - هَلاَّ قَضى عَلى كِتَابِ مُسْلِمِ ... بِمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالتَّحَكُّمِ (وَللإمَامِ) أبي الفتح بن سيد الناس (اليَعْمُرِيِّ) تعقُّب على كلام ابن الصلاح (¬1) بأن أبا داود لم يَسِمْ شيئاً بالحُسن بل (إنَّما قَوْلُ أبي دَاوُدَ يَحْكي مُسْلِما حَيثُ يَقُوْلُ:) مسلم (¬2): (جُمْلَةُ الصَّحِيْحِ لا تُوجَدُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالنُّبَلا) كشعبة وسفيان (فَاحْتَاجَ) مسلم (أنْ يُنْزَلَ في الإسْنَادِ إلى) حديث (يَزيْدَ بنِ أبي زيَادِ وَنَحْوِهِ) كابن أبي سليم وعطاء بن السائب (وإنْ يَكُنْ ذُو السَّبْقِ قَدْ فَاتَهُ، أدْرَكَ بِاسْمِ الصِّدْقِ) أي: لأنهم وإن تفاوتوا في الحفظ والإتقان فاسم العدالة والصدق يشمل الكل. قال اليعمري: (هَلاَّ قَضى) ابن الصلاح (عَلى كِتَابِ مُسْلِمِ بِمَا قَضَى عَلَيْهِ) أي: على كتاب أبي داود (بِالتَّحَكُّمِ) فإن معنى كلامهما واحد. 75 - وَالبَغَوِيْ إذْ قَسَّمَ المَصْابحَا ... إلى الصِّحَاحِ والحِسَانِ جَانِحا 76 - أنَّ الحِسَانَ مَا رَوُوْهُ في السُّنَنْ ... رُدَّ عَلَيهِ إذْ بِهَا غَيْرُ الحَسَنْ ¬

(¬1) في «النفح الشذي»: (1/ 213). (¬2) في «مقدمة صحيحه»: (1/ 215) مع شرح النووي.

(وَالبَغَوِيْ إذْ قَسَّمَ المَصْابحَا إلى الصِّحَاحِ والحِسَانِ جَانِحا أنَّ الحِسَانَ مَا رَوُوْهُ في) في كتب (السُّنَنْ (¬1) رُدَّ عَلَيهِ) أي: على البغوي (إذْ بِهَا) أي: بالسنن (غَيْرُ الحَسَنْ) من الصحيح والضعيف فهذا اصطلاح لا يعرف. 77 - كَانَ أبُوْ دَاوُدَ أقْوَى مَا وَجَدْ ... يَرْوِيهِ، والضَّعِيْفَ حَيْثُ لاَ يَجِدْ 78 - في البَابِ غَيْرَهُ فَذَاكَ عِنْدَهْ ... مِنْ رَأيٍ اقوَى قَالهُ ابْنُ مَنْدَهْ 79 - وَالنَّسَئي يُخْرِجُ مَنْ لَمْ يُجْمِعُوا ... عَليْهِ تَرْكَاً، مَذْهَبٌ مُتَّسِعُ (كَانَ أبُوْ دَاوُدَ أقْوَى مَا وَجَدْ) في كل باب (يَرْوِيهِ، والضَّعِيْفَ حَيْثُ لاَ يَجِدْ في البَابِ غَيْرَهُ فَذَاكَ عِنْدَهْ مِنْ رَأيٍ اقوَى) أي: لأنه أقوى عنده من رأي الرجال (قَالهُ) عنه أبو عبد الله (ابْنُ مَنْدَهْ) (¬2). (وَالنَّسَئي يُخْرِجُ) عن كل (مَنْ لَمْ يُجْمِعُوا عَليْهِ تَرْكَاً) وهذا (مَذْهَبٌ مُتَّسِعُ)، وهذا بيان كون السنن فيها غير الحسن. 80 - وَمَنْ عَليها أطْلَقَ الصَّحِيْحَا ... فَقَدْ أَتَى تَسَاهُلاً صَرِيْحَا (وَمَنْ عَليها) أي: على كتب السُّنَن (أطْلَقَ الصَّحِيْحَا) كأبي طاهر السَّلَفي (¬3) ¬

(¬1) «مقدمة مصابيح السنة»: (1/ 2). (¬2) نقله عنه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص37) مما سمعه البارودي عن ابن منده. وابن منده هو الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى العبدي الأصبهاني، المتوفى سنة (395هـ). «أخبار أصبهان»: (2/ 306) و «تذكرة الحفاظ»: (3/ 1031 - 1036). (¬3) هو: الحافظ أبو طاهر عماد الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الأصبهاني السلفي، المتوفى سنة (576هـ). «البداية والنهاية»: (12/ 307).

حيث قال في الكتب الخمسة: اتفق على صحتها علماء المشرق والمغرب. (فَقَدْ أَتَى تَسَاهُلاً صَرِيْحَا). 81 - وَدُوْنَهَا في رُتْبَةٍ مَا جُعِلاَ ... عَلى المَسَانِيْدِ، فَيُدْعَى الجَفَلَى 82 - كَمُسْنَدِ الطَّيَالَسِيْ وأحْمَدَا ... وَعَدُّهُ لِلدَّارِميِّ انْتُقِدَا (وَدُوْنَهَا) أي: دون السنن (في رُتْبَةٍ) أي: في رتبة الصحة (مَا جُعِلاَ عَلى المَسَانِيْدِ) وهو ما أُفْرد فيه حديثُ كل صحابي على حدة من غير نظر للأبواب (فَيُدْعَى الجَفَلَى) أي: الدعوة [6 - أ] العامة؛ فإن من جَمَعَ مسند الصحابي يجمع فيه ما يقع له من حديثه سواء كان صالحاً للاحتجاج أم لا. (كَمُسْنَدِ) أبي داود (الطَّيَالَسِيْ)، وكمسند (أحْمَدَا) أي: ابن حنبل. (وَعَدُّهُ لِلدَّارِميِّ) أي: عد ابن الصلاح (¬1) مسند الدارمي فيها (انْتُقِدَا)؛ لأنه مُرَتَّبٌ على الأبواب لا على الأسانيد. 83 - والحُكْمُ لِلإسْنَادِ بِالصِّحَّةِ أوْ ... بِالْحُسْنِ دُوْنَ الحُكْمِ لِلمَتْنِ رَأَوْا 84 - وَاقْبَلْهُ إنْ أَطْلَقَهُ مَنْ يُعْتَمَدْ ... وَلَمْ يُعَقِّبْهُ بضَعْفٍ يُنْتَقَدْ (والحُكْمُ لِلإسْنَادِ بِالصِّحَّةِ) كقولهم: هذا حديث إسناده صحيح (أوْ بِالْحُسْنِ) كقولهم: إسناده حسن (دُوْنَ الحُكْمِ لِلمَتْنِ رَأَوْا) أي: رأوه دون قولهم: هذا حديث صحيح أو حسن؛ لأنه قد يَصِحُّ الإسناد لثقةِ رجاله ولا يصح الحديث لشذوذٍ أو علة. ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص38).

(وَاقْبَلْهُ) أي ما حُكِمَ على إسناده (إنْ أَطْلَقَهُ مَنْ يُعْتَمَدْ) أي: إذا اقتصر المصنف المعتمد منهم على قوله: «صحيح الإسناد»، (وَلَمْ يُعَقِّبْهُ بضَعْفٍ يُنْتَقَدْ) فالظاهر منه الحكم له بأنه صحيح في نفسه؛ لأن عدم العلة والقادح هو الأصل. 85 - وَاسْتُشْكِلَ الحُسْنُ مَعَ الصِّحَّةِ في ... مَتْنٍ، فَإنْ لَفْظاً يُرِدْ فَقُلْ: صِفِ 86 - بِهِ الضَّعِيْفَ، أوْ يُرِدْ مَا يَخْتَلِفْ ... سَنَدُهُ، فَكَيْفَ إنْ فَرْدٌ وصِفْ؟ (وَاسْتُشْكِلَ الحسْنُ مَعَ الصِّحَّةِ) أي: الجمع بينهما (في مَتْنٍ) واحد، كقول الترمذي: حديث حسن صحيح، والحسن قاصر عن الصحيح. (فَإنْ لَفْظاً يُرِدْ) كما قال ابن الصلاح (¬1): إنه غير مستنكَر أن يُراد بالحسن معناه اللغوي. (فَقُلْ: صِفِ بِهِ الضَّعِيْفَ) كما قال ابن دقيق العيد (¬2): يلزم عليه أن يطلق على الحديث الموضوع إذا كان حَسَن اللفظ أنه حَسَن. (أوْ يُرِدْ مَا يَخْتَلِفْ سَنَدُهُ) كما قال ابن الصلاح (¬3) أيضاً: بأن يكون له إسنادان أحدهما صحيح والآخر حسن. (فَكَيْفَ إنْ فَرْدٌ وصِفْ؟) كما قال ابن دقيق العيد (¬4): يَرِدُ عليه الأحاديث التي قيل فيها حسن صحيح مع أنه ليس لها إلا مخرج واحد. 87 - وَلأبي الفَتْحِ في الاقْتِرَاحِ ... أنَّ انفِرَادَ الحُسْنِ ذُوْ اصْطِلاَحِ ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص39). (¬2) في «الاقتراح»: (ص173). (¬3) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص39). (¬4) في «الاقتراح»: (ص173).

88 - وَإنْ يَكُنْ صَحَّ فَليْسَ يَلْتَبِسْ ... كُلُّ صَحِيْحٍ حَسَنٌ لاَ يَنْعَكِسْ 89 - وَأوْرَدوا مَا صَحَّ مِنْ أفْرَادِ ... حَيْثُ اشْتَرَطْنَا غَيْرَ مَا إسْنَادِ (وَلأبي الفَتْحِ) ابن دقيق العيد (في) كتاب (الاقْتِرَاحِ) (¬1) جوابٌ وهو: (أنَّ انفِرَادَ الحُسْنِ ذُوْ اصْطِلاَحِ) أي: أن الحُسن لا يشترط فيه القصور عن الصحة إلا حيث انفرد الحسن فيراد بالحسن حينئذ المعنى الاصطلاحي، (وَإنْ يَكُنْ صَحَّ فَليْسَ يَلْتَبِسْ) أي: وأما إن ارتفع إلى درجة [6 - ب] الصحة فالحُسن حاصل لا محالة تبعاً للصحة؛ لأن وجود الدرجة العليا وهي الحفظ والإتقان لا ينافي وجود الدُّنيا كالصدق فيقال: حَسَنٌ باعتبار الدُّنيا، صحيحٌ باعتبار العُليا. قال ابن الموَّاق (¬2): فعلى هذا (كُلُّ صَحِيْحٍ حَسَنٌ) عند الترمذي، ثم (لاَ يَنْعَكِسْ). (وَأوْرَدوا) أورده ابن سيد الناس (¬3) على بن الموَّاق (مَا صَحَّ مِنْ أفْرَادِ حَيْثُ اشْتَرَطْنَا غَيْرَ مَا إسْنَادِ) أي: قال: بقي عليه أنه اشترط في الحسن أن يُرْوَى نحوه من وجه آخر، ولم يشترط ذلك في الصحيح فانتفى أن يكون كل صحيح حسناً، فعلى هذا الأفراد الصحيحة ليست بحسنة عند الترمذي؛ إذ يشترط ¬

(¬1) (ص175 - 176). (¬2) هو: محمد بن يحيى بن خلف بن فرج، أبو عبد الله بن المواق المراكشي، المتوفى سنة (642هـ). «الإعلام يمن حل مراكش وأغمات من الأعلام»: (4/ 231 - 234). (¬3) في «النفح الشذي»: (1/ 291).

في الحسن أن يروى من غير وجهٍ. [وأجاب العراقي (¬1) بحمل كلام الترمذي على ما إذا لم يبلغ رتبة الصحيح] (¬2). ¬

(¬1) في «شرح الألفية»: (1/ 175). (¬2) ما بين المعقوفتين ملحق في الحاشية اليمنى.

القسم الثالث: الضعيف

القِسْمُ الثَّالِثُ: الضَّعِيْفُ 90 - أمَّا الضَّعِيْفُ فَهْوَ مَا لَمْ يَبْلُغِ ... مَرْتَبَةَ الحُسْنِ، وإنْ بَسْطٌ بُغِي: 91 - فَفَاقِدٌ شَرْطَ قَبُوْلٍ قِسْمُ ... وَاثْنَيْنِ قِسْمٌ غَيْرُهُ، وَضَمُّوْا 92 - سِوَاهُما فَثَالِثٌ، وَهَكَذَا ... وَعُدْ لِشَرْطٍ غَيْرَ مَبْدُوٍّ فَذَا 93 - قِسْمٌ سِوَاهَا ثُمَّ زِدْ غَيْرَ الَّذِي ... قَدَّمْتُهُ ثُمَّ عَلى ذَا فَاحْتَذِي 94 - وَعَدَّهُ البُسْتِيُّ فِيما أوْعَى ... لِتِسْعَةٍ وَأرْبَعِيْنَ نَوْعَا (أمَّا الضَّعِيْفُ فَهْوَ مَا لَمْ يَبْلُغِ مَرْتَبَةَ الحُسْنِ) أي: ما قصر عن مرتبة الحسن. (وإنْ بَسْطٌ بُغِي) أي: وإن أريد بَسْطُ أقسام الضعيف، (فَفَاقِدٌ شَرْطَ قَبُوْلٍ قِسْمُ) شروط القبول هي شروط الصحيح والحسن، وهي: اتصال السند حيث لم ينجبر المرسل بما يؤكده. وعدالة الرجال. والسلامة من كثرة الخطأ والغفلة. ومجيء الحديث من وجه آخر حيث كان في الإسناد مستور لم تُعرف أهليته وليس متهماً كثير الغلط. والسلامة من الشذوذ. والسلامة من العلة القادحة.

فما فقد الاتصال قسم، ويدخل تحته قسمان: المنقطع، والمرسل الذي لم ينجبر. (وَاثْنَيْنِ قِسْمٌ غَيْرُهُ) أي: وما فُقِدَ فيه شَرْطٌ آخر مع الشرط المتقدم قسم آخر ويدخل تحته اثنا عشر؛ لأن فقد العدالة يدخل تحته الضعيف والمجهول، وهذه أقسامه: الثالث: مرسل في إسناده ضعيف. 4 - منقطع كذلك. 5 - مرسل فيه مجهول. 6 - منقطع كذلك. 7 - مرسل فيه مغفل كثير الخطأ. 8 - منقطع كذلك. 9 - مرسل فيه مستور، ولم ينجبر بمجيئه من وجه آخر. 10 - منقطع كذلك. 11 - مرسل شاذ. 12 - منقطع كذلك. 13 - مرسل معلل [7 - أ]. 14 - منقطع كذلك. (وَضَمُّوْا سِوَاهُما فَثَالِثٌ) أي: وما فقد فيه شرط ثالث مع فقد الشرطين

المتقدمين فهو قسم ثالث من أصل الأقسام، ويدخل تحته عشرة. الخامس عشر: مرسل شاذ فيه عدل مغفل كثير الخطأ. 16 - منقطع كذلك. 17 - مرسل معلل فيه ضعيف. 18 - منقطع كذلك. 19 - مرسل معلل فيه مجهول. 20 - منقطع كذلك. 21 - مرسل معلل فيه مغفل كذلك. 22 - منقطع كذلك. 23 - مرسل معلل فيه مستور، ولم ينجبر. 24منقطع كذلك. (وَهَكَذَا) فافعل إلى آخر الشروط، فخذ ما فُقِدَ فيه الشرط الأول وهو الاتصال مع شرطين آخرين غير ما تقدم وهما السلامة من الشذوذ والعلة. ثم خذ ما فُقد فيه شرط آخر مضموماً إلى ما فُقِدَ هذه الشروط الثلاثة، وهي: الخامس والعشرون: مرسل شاذ معلل. 26 - منقطع كذلك. 27 - مرسل شاذ معلل فيه مغفل كثير الخطأ.

28 - منقطع كذلك. (وَعُدْ لِشَرْطٍ غَيْرَ مَبْدُوٍّ فَذَا قِسْمٌ سِوَاهَا) أي: فابدأ بما فُقِدَ فيه شرط واحد غير ما بدأته (¬1) به أولاً وهو ثقة الرواة وتحته قسمان: التاسع والعشرون: ما في إسناده ضعيف. 30 - ما فيه مجهول. (ثُمَّ زِدْ) على فقد عدالة الراوي فقد شرط آخر (غَيْرَ الَّذِي قَدَّمْتُهُ) وتحته قسمان: الحادي والثلاثون: ما فيه ضعيف وعلة. 32 - ما فيه مجهول وعلة. (ثُمَّ عَلى ذَا فَاحْتَذِي) فَكَمِّل العمل الثاني الذي بدأت فيه بفقد الشرط المثنى به كما كملت الأول، فضم إلى فَقْدِ هذين الشرطين فَقْد ثالث، ثم عد فابدأ بما فُقد فيه شرط آخر غير المبدوء به والمثنى به وهو سلامة الراوي من الغفلة، ثم زد عليه وجود الشذوذ أو العلة أو هما. ثم عد فابدأ بما فقد فيه الرابع، وهو عدم مجيئه من وجه آخر حيث كان في إسناده مستور، ثم زد عليه وجود العلة. ثم عد فابدأ بما فقد فيه الخامس وهو السلامة من الشذوذ، ثم زد عليه وجود العلة معه. ¬

(¬1) كذا في الأصل، وفي «شرح الناظم»: (1/ 178): بدأت، وهو أظهر.

ثم اختم بفقد السادس ويدخل تحته عشرة: الثالث والثلاثون: شاذ معلل فيه عدل مغفل كثير الخطأ. 34 - ما فيه [7 - ب] مغفل كثير الخطأ. 35 - شاذ فيه مغفل كذلك. 36 - معلل كذلك. 37 - شاذ معلل فيه مغفل كذلك. 38 - ما في إسناد مستور لم تُعرف أهليته، ولم يُرْوَ من وجه آخر. 39 - معلل فيه مستور كذلك. 40 - الشاذ. 41 - الشاذ المعلل. 42 - المعلل. (وَعَدَّهُ) أي: الضعيف أبو حاتم (البُسْتِيُّ فِيما أوْعَى) أي: جَمَعَ، (لِتِسْعَةٍ وَأرْبَعِيْنَ نَوْعَا).

المرفوع

الْمَرْفُوْعُ 95 - وَسَمِّ مَرْفُوْعاً مُضَافاً لِلنَّبي ... وَاشتَرَطَ الخَطِيْبُ رَفْعَ الصَّاحِبِ 96 - وَمَنْ يُقَابِلهُ بِذي الإرْسَالِ ... فَقَدْ عَنَى بِذَاكَ ذَا اتِّصَالِ (وَسَمِّ مَرْفُوْعاً مُضَافاً لِلنَّبي) أي: فالمرفوع ما أُضِيْفَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً له، أو فعلاً، أضَافَهُ إليه صحابي أو غيره، اتَّصَلَ أم لا. (وَاشتَرَطَ الخَطِيْبُ (¬1) رَفْعَ الصَّاحِبِ) فقال: ما أخبر فيه الصحابي. (وَمَنْ يُقَابِلهُ بِذي الإرْسَالِ) أي: ومن جعل المرفوع في مقابلة المرسل، (فَقَدْ عَنَى بِذَاكَ ذَا اتِّصَالِ) أي: فقد عني بالمرفوع المتصل. ¬

(¬1) في «الكفاية»: (1/ 96).

المسند

الْمُسْنَدُ 97 - وَالمُسْنَدُ المَرْفُوْعُ أوْ مَا قَدْ وُصِلْ ... لَوْ مَعَ وَقفٍ وَهوَ في هَذَا يَقِلْ 98 - وَالثالِثُ الرَّفْعُ مَعَ الوَصْلِ مَعَا ... شَرْطٌ بِهِ الحَاكِمُ فِيهِ قَطَعَا (وَالمُسْنَدُ المَرْفُوْعُ) إلى النبي صلى الله عليه وسلم قاله ابن عبد البر (¬1). (أوْ مَا قَدْ وُصِلْ لَوْ مَعَ وَقفٍ) (¬2) فيدخل فيه المرفوع والموقوف، (وَهوَ في هَذَا يَقِلْ). (وَالثالِثُ الرَّفْعُ مَعَ الوَصْلِ مَعَا) أي: لا يقع المسند إلا على ما رُفِعَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسنادٍ متصلٍ (شَرْطٌ بِهِ الحَاكِمُ) النيسابوري (¬3) (فِيهِ قَطَعَا). ¬

(¬1) في «التمهيد»: (1/ 21 - 23). (¬2) وهو قول الخطيب في «الكفاية»: (1/ 96). (¬3) في «معرفة علوم الحديث»: (ص137).

المتصل والموصول

الْمُتَّصِلُ وَالْمَوْصُوْلُ 99 - وَإنْ تَصِلْ بِسَنَدٍ مَنْقُوْلاَ ... فَسَمِّهِ مُتَّصِلاً مَوْصُوْلا 100 - سَوَاءٌ المَوْقُوْفُ وَالمَرْفُوْعُ ... وَلَمْ يَرَوْا أنْ يَدْخُلَ المَقْطُوْعُ (وَإنْ تَصِلْ بِسَنَدٍ مَنْقُوْلاَ) عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن واحدٍ من الصحابة، (فَسَمِّهِ مُتَّصِلاً مَوْصُوْلا، سَوَاءٌ المَوْقُوْفُ) على الصحابي (وَالمَرْفُوْعُ) إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك. (وَلَمْ يَرَوْا أنْ يَدْخُلَ المَقْطُوْعُ) وهي أقوال التابعين وإن اتصلت الأسانيد إليهم.

الموقوف

الْمَوْقُوْفُ 101 - وَسَمِّ بالمَوْقُوْفِ مَا قَصَرْتَهُ ... بِصَاحِبٍ وَصَلْتَ أوْ قَطَعْتَهُ 102 - وَبَعضُ أهْلِ الفِقْهِ سَمَّاهُ الأثَر ... وَإنْ تَقِفْ بِغَيرِهِ قَيِّدْ تَبرْ (وَسَمِّ بالمَوْقُوْفِ مَا قَصَرْتَهُ بِصَاحِبٍ) قولاً أو فعلاً أو نحوهما، ولم يتجاوز به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، سواءً (وَصَلْتَ) إسناده إلى الصحابي (أوْ قَطَعْتَهُ). (وَبَعضُ أهْلِ الفِقْهِ) وهو الفوراني (¬1) من الخراسانيين (سَمَّاهُ الأثَر). (وَإنْ تَقِفْ بِغَيرِهِ قَيِّدْ تَبرْ) أي: وإن اسْتَعْمَلْتَ الموقوفُ فيما جاء عن التابعين فَمَنْ بعدهم فَقَيِّدْهُ بهم، فَقُلْ: موقوفٌ على عطاء أو مالك. ¬

(¬1) هو: أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن فوران الفوراني، المتوفى سنة (461هـ). «شذرات الذهب»: (3/ 309).

المقطوع

الْمَقْطُوْعُ 103 - وَسَمِّ بِالمَقْطُوْعِ قَوْلَ التَّابِعي ... وَفِعْلَهُ، وَقَدْ رَأى (للشَّافِعِي) 104 - تَعْبِيرَهُ بِهِ عَنِ المُنقطِعِ ... قُلْتُ: وَعَكسُهُ اصطِلاحُ (البَردَعِي) (وَسَمِّ [8 - أ] بِالمَقْطُوْعِ قَوْلَ التَّابِعي وَفِعْلَهُ). (وَقَدْ رَأى) ابن الصلاح (¬1) في كلامٍ (للشَّافِعِي تَعْبِيرَهُ بِهِ) أي بالمقطوع (عَنِ المُنقطِعِ). (قُلْتُ: وَعَكسُهُ اصطِلاحُ البَردَعِي (¬2)) فإنه جعل المنقطع هو قول التابعي. ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص47). (¬2) هو في جزء لطيف له في المنقطع والمرسل، كما في «فتح المغيث»: (1/ 193). والبردعي هو: الحافظ الثقة أبو بكر أحمد بن هارون بن روح البرديجي البردعي، المتوفى سنة (301هـ). «سير أعلام النبلاء»: (14/ 122 - 124) و «تاريخ بغداد»: (5/ 194 - 195).

فروع

فُرُوْعٌ 105 - قَوْلُ الصَّحَابيِّ مِنَ السُّنَّةِ أوْ ... نَحْوَ «أُمِرْنَا» حُكْمُهُ الرَّفْعُ، وَلَوْ 106 - بَعدَ النَّبِيِّ قالَهُ بِأَعْصُرِ ... عَلى الصَّحِيْحِ، وهوَ قَوْلُ الأكْثَرِ (قَوْلُ الصَّحَابيِّ مِنَ السُّنَّةِ) كذا، كقول علي رضي الله عنه: «من السنة وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة» (¬1)، (أوْ نَحْوَ) قوله: (أُمِرْنَا) بكذا ونهينا عن كذا، كقول أم عطية: «أمرنا أن نُخْرِجَ في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأُمِرَ الحُيَّضُ أن يعتزلن مصلى المسلمين» (¬2)، وقولها: «نهينا عن اتباع الجنائز» (¬3) (حُكْمُهُ الرَّفْعُ) فهو من نوع المرفوع والمسند، (وَلَوْ بَعدَ النَّبِيِّ قالَهُ بِأَعْصُرِ عَلى الصَّحِيْحِ، وهوَ قَوْلُ الأكْثَرِ)؛ لأن الظاهر أنه لا يريد إلا سُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا مُطْلَقُ الأمر والنهي ينصرف بظاهره إلى من إليه ذلك وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخَالف فريقٌ. 107 - وَقَوْلُهُ «كُنَّا نَرَى» إنْ كانَ مَعْ ... عَصْرِ النَّبِيِّ مِنْ قَبِيْلِ مَا رَفَعْ 108 - وَقِيْلَ: لا، أوْ لا فَلا، كَذاكَ لَه ... ولِلخَطِيْبِ قُلْتُ: لكِنْ جَعَلَهْ 109 - مَرفُوعاً الحَاكِمُ والرَّازِيُّ ... ابنُ الخَطِيْبِ، وَهُوَ القَوِيُّ ¬

(¬1) أخرجه أبو داود (ح756) وضعفه الألباني. (¬2) أخرجه البخاري (ح351) ومسلم (ح890). (¬3) أخرجه البخاري (ح1278) ومسلم (ح938).

(وَقَوْلُهُ) أي: الصحابي: (كُنَّا نَرَى) كذا، أو نفعل، أو نقول، أو نحو ذلك، (إنْ كانَ مَعْ عَصْرِ النَّبِيِّ) كقول جابر: «كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم» (¬1) فهو (مِنْ قَبِيْلِ مَا رَفَعْ) أي: الحديث المرفوع. (وَقِيْلَ: لا) يكون من المرفوع. (أوْ لا فَلا) أي: وإنْ لم يكن مقيداً بعصر النبي صلى الله عليه وسلم فليس من قبيل المرفوع. (كَذاكَ لَه) أي: هذا لابن الصلاح (¬2) (ولِلخَطِيْبِ) (¬3) فَجَزَمَا بأنه من قبيل الموقوف. (قُلْتُ: لكِنْ جَعَلَهْ) أي: ما لم يُقَيَّدْ (مَرفُوعاً الحَاكِمُ (¬4) والرَّازِيُّ (¬5) ابنُ الخَطِيْبِ) هو الإمام فخر الدين الرازي (¬6)، (وَهُوَ القَوِيُّ) من حيث المعنى [كقول عائشة رضي الله عنها: كانت اليد لا تقطع في الشيء التافه (¬7)] (¬8). ¬

(¬1) أخرجه البخاري (ح5207، 5208، 5209) ومسلم (ح1440). (¬2) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص48). (¬3) «الكفاية»: (2/ 536). (¬4) في «معرفة علوم الحديث»: (ص156). (¬5) في «المحصول»: (2/ 1/643). (¬6) أبو عبد الله ويقال: أبو الفضائل محمد بن الخطيب، المتوفى سنة (606هـ). «وفيات الأعيان»: (4/ 248 - 252). (¬7) أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف»: (9/ 476) وابن حزم في «المحلى»: (11/ 352). (¬8) ما بين المعقوفتين ملحق في الحاشية اليسرى، ولم أجد علامة اللحق فألحقته في موضعه المناسب.

110 - لكنْ حَدِيْثُ «كانَ بَابُ المُصْطَفَى ... يُقْرَعُ بالأظفَارِ» مِمَّا وُقِفَا 111 - حُكْماً لَدَى الحَاكِمِ والخَطِيْبِ ... وَالرَّفْعُ عِنْدَ الشَّيخِ ذُوْ تَصْوِيْبِ (لكنْ حَدِيْثُ كانَ بَابُ المُصْطَفَى يُقْرَعُ بالأظفَارِ) وهو الحديث الذي رواه المغيرة بن شعبة (¬1)، قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرعون بابه بالأظافير» (مِمَّا وُقِفَا حُكْماً لَدَى الحَاكِمِ (¬2) والخَطِيْبِ (¬3)) أي: حكمه حكم الموقوف عندهما، وإن كان الحاكم تقدم عنه في نظيره أنه مرفوع. (وَالرَّفْعُ عِنْدَ الشَّيخِ) أبي عمرو بن الصلاح (¬4) (ذُوْ تَصْوِيْبِ) قال: وهو بأن يكون مرفوعاً أحرى؛ لكونه أحرى باطِّلاعه صلى الله عليه وسلم. 112 - وَعَدُّ مَا فَسَّرَهُ الصَّحَابي ... رَفْعَاً فَمَحْمُوْلٌ عَلَى الأسْبَابِ (وَعَدُّ مَا فَسَّرَهُ الصَّحَابي رَفْعَاً) أي: تفسير الصحابي مرفوعاً (فَمَحْمُوْلٌ عَلَى الأسْبَابِ) أي: على [8 - ب] تفسير فيه أسباب النزول، أما التي لا تشتمل على إضافة شيء إليه عليه السلام فمعدودة في الموقوفات. 113 - وَقَوْلُهُمْ «يَرْفَعُهُ» «يَبْلُغُ بِهْ» ... روَايَةً يَنْمِيْهِ رَفْعٌ فَانْتَبِهْ 114 - وَإنْ يَقُلْ «عَنْ تَابعٍ» فَمُرْسَلٌ ... قُلْتُ: مِنَ السُّنَّةِ عَنْهُ نَقَلُوْا 115 - تَصْحِيْحَ وَقْفِهِ وَذُو احْتِمَالِ ... نَحْوُ «أُمِرْنَا» مِنْهُ للغَزَالي ¬

(¬1) أخرجه عنه الحاكم في «معرفة علوم الحديث»: (ص146). (¬2) المصدر السابق: (ص147). (¬3) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 291) (¬4) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص49).

(وَقَوْلُهُمْ) عن الصحابي (يَرْفَعُهُ) أي: يرفع الحديث، أو (يَبْلُغُ بِهْ)، أو (روَايَةً،) أو (يَنْمِيْهِ، رَفْعٌ فَانْتَبِهْ) أي: حكمه حكم المرفوع، كرواية مسلم من رواية أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلُغ به قال: «الناس تبع لقريش» (¬1) (وَإنْ يَقُلْ) هذه الألفاظ (عَنْ تَابعٍ فَمُرْسَلٌ). (قُلْتُ: مِنَ السُّنَّةِ عَنْهُ) أي: قول التابعي من السنة كذا (نَقَلُوْا تَصْحِيْحَ وَقْفِهِ)، فقال النووي (¬2): الأصح أنه موقوف. (وَذُو احْتِمَالِ نَحْوُ: أُمِرْنَا مِنْهُ) أي: في قول التابعي: أُمرنا بكذا أو نحوه احتمالان (للغَزَالي (¬3))، هل يكون موقوفاً أو مرفوعاً مرسلاً؟ ولم يرجح واحداً من الاحتمالين. 116 - وَمَا أَتَى عَنْ صَاحِبٍ بحَيْثُ لا ... يُقَالُ رَأياً حُكْمُهُ الرَّفْعُ عَلَى 117 - مَا قَالَ في المَحْصُوْلِ نَحْوُ مَنْ أتَى ... فَالحَاكِمُ الرَّفْعَ لِهَذَا أثْبَتَا (وَمَا أَتَى عَنْ صَاحِبٍ) موقوفاً عليه (بحَيْثُ لا يُقَالُ) مثله (رَأياً، حُكْمُهُ الرَّفْعُ عَلَى مَا قَالَ) الإمام فخر الدين الرازي (في المَحْصُوْلِ) فقال (¬4): «إذا قال الصحابي قولاً ليس للاجتهاد فيه مجال، فهو محمول على السماع تحسيناً للظن به»، (نَحْوُ) قول ابن مسعود: («مَنْ أتَى) ساحراً أو عرَّافاً فقد كفر بما أنزل ¬

(¬1) أخرجه مسلم (ح1818). (¬2) «شرح مسلم»: (1/ 195)، و «المجموع»: (1/ 60). (¬3) «المستصفى»: (1/ 131). (¬4) (2/ 1/643).

على محمد صلى الله عليه وسلم» (¬1) (فَالحَاكِمُ الرَّفْعَ لِهَذَا أثْبَتَا) في «علوم الحديث» (¬2). 118 - وَمَا رَوَاهُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةِ ... مُحَمَّدٌ وَعَنْهُ أهْلُ البَصْرَةِ 119 - كَرَّرَ «قَالَ» بَعْدُ، فَالخَطِيْبُ ... رَوَى بِهِ الرَّفْعَ وَذَا عَجِيْبُ (وَمَا رَوَاهُ عَنْ أبِي هُرَيْرَةِ مُحَمَّدٌ) هو ابن سيرين، (وَعَنْهُ) أي: ورواه عن محمد (أهْلُ البَصْرَةِ كَرَّرَ) لفظ («قَالَ» بَعْدُ) أي: بعد أبي هريرة فَذَكَرَ حديثاً ولم يذكُر فيه النبي صلى الله عليه وسلم، (فَالخَطِيْبُ رَوَى بِهِ الرَّفْعَ) (¬3) من طريق موسى بن هارون الحمال بسنده إلى حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال: قال: «الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مُصَلَّاه» (¬4) قال موسى بن هارون: إذا قال حماد بن زيد والبصريون: «قال: قال» فهو مرفوع. (وَذَا عَجِيْبُ) لم يَذْكُر وجه تعجبه (¬5). ومن «قلتُ» إلى هنا من الزوائد. ¬

(¬1) أخرجه الحاكم في «معرفة علوم الحديث»: (ص155) وأبو يعلى في «مسنده» رقم (5408) والبزار في «مسنده»: (2/ 443) والطبراني في «المعجم الكبير»: رقم (10005). قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (5/ 118): «رجال الكبير والبزار ثقات». (¬2) (ص154) حيث ترجم له بقوله: معرفة المسانيد التي لا يذكر سندها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (¬3) في «الكفاية»: (2/ 523). (¬4) أخرجه مسلم (ح649). (¬5) انظر لبيان وجه التعجب «فتح المغيث»: (1/ 234) و «شرح السيوطي على ألفية العراقي»: (ص142).

المرسل

الْمُرْسَلُ 120 - مَرْفُوعُ تَابعٍ عَلى المَشهُوْرِ ... مُرْسَلٌ أو قَيِّدْهُ بِالكَبِيْرِ 121 - أوْ سَقْطُ رَاوٍ مِنْهُ ذُوْ أقْوَالِ ... وَالأوَّلُ الأكْثَرُ في استِعْمَالِ (مَرْفُوعُ تَابعٍ) إلى النبي صلى الله عليه وسلم، سواءً كان من كبار التابعين أو من صغارهم، (عَلى المَشهُوْرِ) من الأقوال (مُرْسَلٌ). (أو قَيِّدْهُ بِالكَبِيْرِ) أي: والقول الثاني أنه ما رفعه التابعي الكبير، فعلى ذا مرسل الصغير منقطع. (أوْ سَقْطُ رَاوٍ مِنْهُ) أي: والقول الثالث: ما سقط راو من إسناده فأكثر من أي موضع [9 - أ] كان. فهو (ذُوْ أقْوَال)، والقول (الأوَّلُ الأكْثَرُ في استِعْمَالِ)، قال الخطيب (¬1): إلا أن أكثر ما يُوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم. 122 - وَاحتَجَّ مَاِلِكٌ كَذا النُّعْمَانُ ... وَتَابِعُوْهُمَا بِهِ وَدَانُوْا 123 - وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ؛ ... لِلجَهْلِ بِالسَّاقِطِ في الإسْنَادِ 124 - وَصَاحِبُ التَّمهيدِ عَنهُمْ نَقَلَهْ ... وَمُسْلِمٌ صَدْرَ الكِتَابِ أصَّلَهْ ¬

(¬1) في «الكفاية»: (1/ 96).

(وَاحتَجَّ مَاِلِكٌ (¬1) كَذا) أبو حنيفة (النُّعْمَانُ (¬2) وَتَابِعُوْهُمَا بِهِ) أي بالمرسل، (وَدَانُوْا) أي جعلوه ديناً يدينون به، (وَرَدَّهُ جَمَاهِرُ النُّقَّادِ) من أهل الحديث فلم يحتجوا به؛ (لِلجَهْلِ بِالسَّاقِطِ في الإسْنَادِ) فلم يُعْلَم حاله لتُعْرَفَ عدالته، وتقدم من شرط الصحة ثقة رجاله (¬3). (وَصَاحِبُ التَّمهيدِ) هو ابن عبد البر (عَنهُمْ نَقَلَهْ (¬4)، وَمُسْلِمٌ صَدْرَ الكِتَابِ أصَّلَهْ) (¬5) فإنه قال في صدر كتابه «الصحيح»: «المرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة». 125 - لَكِنْ إذا صَحَّ لَنَا مَخْرَجُهُ ... بمُسْنَدٍ أو مُرْسَلٍ يُخْرِجُهُ 126 - مَنْ لَيْسَ يَرْوِي عَنْ رِجَالِ الأوَّلِ ... نَقْبَلْهُ، قُلْتُ: الشَّيْخُ لَمْ يُفَصِّلِ 127 - والشَّافِعِيُّ بِالكِبَارِ قَيَّدَا ... وَمَنْ رَوَى عَنِ الثِّقاتِ أبَدَا 128 - وَمَنْ إذا شَارَكَ أهْلَ الحِفْظِ ... وَافَقَهُمْ إلاّ بِنَقْصِ لَفْظِ (لَكِنْ إذا صَحَّ لَنَا مَخْرَجُهُ) أي مخرج المرسل (بمُسْنَدٍ) من وجه آخر، (أو مُرْسَلٍ) آخر، (يُخْرِجُهُ مَنْ لَيْسَ يَرْوِي عَنْ رِجَالِ) المرسل (الأوَّلِ نَقْبَلْهُ). ¬

(¬1) انظر: «التمهيد»: (1/ 2) و «عارضة الأحوذي»: (2/ 50، 237). (¬2) انظر: «فواتح الرحموت»: (2/ 174)، و «حاشية السندي على النسائي»: (1/ 104). (¬3) انظر: «تدريب الراوي»: (1/ 223) و «نزهة النظر»: (ص110 - 111). (¬4) في «التمهيد»: (1/ 5). (¬5) مقدمة «صحيح مسلم»: (1/ 281) مع شرح النووي.

(قُلْتُ: الشَّيْخُ) ابن الصلاح (لَمْ يُفَصِّلِ) (¬1) بل أطلق القول عن الشافعي بأنه يقبل مطلق المرسل إذا تَأكَّدَ بما ذكر، (والشَّافِعِيُّ بِالكِبَارِ قَيَّدَا) (¬2) أي: إنما يقبل مراسيل كبار التابعين، (وَمَنْ رَوَى عَنِ الثِّقاتِ أبَدَا) أي: إذا أَرْسَلَ وسَمَّى من أرسلَ عنه لم يُسَمِّ إلا ثقة، ويحتمل من روى مطلقاً عن الثقات المراسيل وغيرها، (وَمَنْ إذا شَارَكَ أهْلَ الحِفْظِ) في حديثهم (وَافَقَهُمْ إلاّ بِنَقْصِ لَفْظِ) أي فإن خالفهم فإن وجد حديثه أنقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه. ومن «قُلْتُ» إلى هنا من الزوائد. 129 - فَإنْ يُقَلْ: فَالمُسْنَدُ المُعْتَمَدُ ... فَقُلْ: دَلِيْلانِ بِهِ يُعْتَضَدُ (فَإنْ يُقَلْ) قولكم يُقْبَلُ المرسَل إذا جاء مسنداً من وجه آخر، (فَالمُسْنَدُ المُعْتَمَدُ) ولا حاجة حينئذ إلى المرسل. (فَقُلْ: دَلِيْلانِ بِهِ) أي: بالمسند (يُعْتَضَدُ) المرسل فيرجَّح بهما عند معارضة دليل واحد. 130 - وَرَسَمُوا مُنْقَطِعاً عَنْ رَجُلِ ... وَفي الأصُوْلِ نَعْتُهُ: بِالمُرْسَلِ (وَرَسَمُوا مُنْقَطِعاً) إذا قيل في إسناد: (عَنْ رَجُلِ) أو عن شيخ أو نحو ذلك. (وَفي الأصُوْلِ نَعْتُهُ: بِالمُرْسَلِ) قاله إمام الحرمين (¬3). 131 - أمَّا الَّذِي أرْسَلَهُ الصَّحَابِيْ ... فَحُكمُهُ الوَصْلُ عَلى الصَّوَابِ ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص53). (¬2) في «الرسالة»: (ص465، 467). (¬3) في «البرهان»: (1/ 633).

(أمَّا الَّذِي أرْسَلَهُ الصَّحَابِيْ) كمثل ما يرويه أحداث الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوه منه، (فَحُكمُهُ الوَصْلُ (¬1)) لأن روايتهم عن الصحابة والجهالة بالصحابي غير قادحة؛ لأن الصحابة كلهم عدول. (عَلى الصَّوَابِ) مُخْرِجٌ لقول الإسفرايني: إنه لا يحتج به (¬2). ¬

(¬1) في الأصل: الرفع. خطأ. (¬2) نقله عن الإسفرايني النووي في مقدمة «شرح صحيح مسلم»: (1/ 194) وابن حجي في «النكت»: (ص202).

المنقطع والمعضل

الْمُنْقَطِعُ وَالْمُعْضَلُ 132 - وَسَمِّ بِالمُنْقَطِعِ: الَّذِي سَقَطْ ... قَبْلَ الصَّحَابيِّ بِهِ رَاوٍ فَقَطْ 133 - وَقِيْلَ: مَا لَمْ يَتَّصِلْ، وَقَالا: ... بِأنَّهُ الأقْرَبُ لا استِعمَالا 134 - وَالمُعْضَلُ: السَّاقِطُ مِنْهُ اثْنَانِ ... فَصَاعِداً، وَمِنْهُ قِسْمٌ ثَانِ 135 - حَذْفُ النَّبِيِّ وَالصَّحَابِيِّ مَعَا ... وَوَقْفُ مَتْنِهِ عَلَى مَنْ تَبِعَا (وَسَمِّ بِالمُنْقَطِعِ [9 - ب]: الَّذِي سَقَطْ قَبْلَ الصَّحَابيِّ بِهِ رَاوٍ فَقَطْ) على المشهور. (وَقِيْلَ: مَا لَمْ يَتَّصِلْ) إسناده، والمرسل مخصوص بالتابعين، فهو (¬1) أعم. قاله ابن عبد البر (¬2). (وَقَالا) أي: ابن الصلاح (¬3) والألف للإطلاق: (بِأنَّهُ) أي: القول بأن المنقطع مثل المرسل وكلاهما شاملان لكل ما لم يتصل إسناده (الأقْرَبُ)؛ لأنه صار إليه طوائف من الفقهاء وغيرهم، (لا استِعمَالا) أي: إلا أن أكثر ما يُوصف بالإرسال من حيث الاستعمال ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثر ما يوصف بالانقطاع ما رواه مَنْ دُوْنَهُ عن الصحابة. (وَالمُعْضَلُ: السَّاقِطُ مِنْهُ اثْنَانِ فَصَاعِداً) من أي موضع كان، لكن بشرط أن يكون ¬

(¬1) أي: المنقطع. (¬2) «التمهيد»: (1/ 21). (¬3) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص58).

سقوطهما من موضع واحد أما واحد من موضعَين فمنقطع في موضعَين. (وَمِنْهُ) أي: من المعضل (قِسْمٌ ثَانِ: حَذْفُ النَّبِيِّ وَالصَّحَابِيِّ مَعَا، وَوَقْفُ مَتْنِهِ عَلَى مَنْ تَبِعَا) بأن يروي تابع التابعي عن التابعي حديثاً موقوفاً عليه وهو حديث متصل مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى الأعمش عن الشعبي قال: «يقال للرجل في القيامة: عمِلت كذا وكذا، فيقول: ما عمِلته فيختم عَلى فيه» الحديث أَعْضَلَهُ الأعمش (¬1)، ووصله فضيل بن عمرو عن الشعبي عن أنس (¬2). ¬

(¬1) أخرجه الحاكم في «معرفة علوم الحديث»: (ص197) وقال عقبه: أعضله الأعمش عن الشعبي. (¬2) عند مسلم (ح2969) والنسائي في «الكبرى»: (ح11589) والحاكم في «معرفة علوم الحديث»: (ص197).

العنعنة

الْعَنْعَنَةُ (العنعنة) مصدر عَنْعَنَ الحديث، إذا رواه بلفظ «عن» مِنْ غير بيانٍ للتحديث والإخبار والسماع. 136 - وَصَحَّحُوا وَصْلَ مُعَنْعَنٍ سَلِمْ ... مِنْ دُلْسَةٍ رَاويْهِ، والِلِّقَا عُلِمْ 137 - وَبَعْضُهُمْ حَكَى بِذَا إجمَاعَا ... ومُسْلِمٌ لَمْ يَشْرِطِ اجتِمَاعَا 138 - لكِنْ تَعَاصُراً، وَقِيلَ: يُشْتَرَطْ ... طُوْلُ صَحَابَةٍ، وَبَعْضُهُمْ شَرَطْ 139 - مَعْرِفَةَ الرَّاوِي بِالاخْذِ عَنْهُ، ... وَقيْلَ: كُلُّ مَا أَتَانَا مِنْهُ 140 - مُنْقَطِعٌ، حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ، ... وَحُكْمُ «أَنَّ» حُكمُ «عَنْ» فَالجُلُّ 141 - سَوَّوْا، وَللقَطْعِ نَحَا البَرْدِيْجِيْ ... حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ في التَّخْرِيجِ (وَصَحَّحُوا وَصْلَ مُعَنْعَنٍ) أي: فالصحيح الذي عليه العمل أنه من قبيل الإسناد المتصل، (سَلِمْ مِنْ دُلْسَةٍ رَاويْهِ) أي: بشرط سلامة الراوي الذي رواه بالعنعنة من التدليس (والِلِّقَا عُلِمْ) أي: وبشرط ثبوت ملاقاته لمن رواه عنه بالعنعنة. (وَبَعْضُهُمْ) وهو ابن عبد البر، (حَكَى بِذَا إجمَاعَا (¬1)) أي: إجماع أئمة الحديث على ذلك. ¬

(¬1) في «التمهيد»: (1/ 12 - 13).

(ومُسْلِمٌ لَمْ يَشْرِطِ اجتِمَاعَا) وادَّعى أنه قول مختَرَع، (لكِنْ تَعَاصُراً) أي: يكفي في ذلك أن يثبت كونهما في عصرٍ واحد وإن لم يأتِ في خبر أنهما اجتمعا. (وَقِيلَ) لا يكتفي بثبوت اللقاء بل (يُشْتَرَطْ طُوْلُ صَحَابَةٍ) بينهما. قاله أبو المظفر السمعاني (¬1). (وَبَعْضُهُمْ) هو أبو عمرو الداني، (شَرَطْ مَعْرِفَةَ الرَّاوِي بِالاخْذِ عَنْهُ (¬2)) أي: أن يكون معروفاً بالرواية عنه. (وَقيْلَ: كُلُّ مَا أَتَانَا مِنْهُ) أي من المعنعَن (مُنْقَطِعٌ، حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ) أي [10 - أ] يتبين اتصاله بغيره. (وَحُكْمُ أَنَّ حُكمُ عَنْ فَالجُلُّ سَوَّوْا) أي: الجمهور ذهبوا إلى التسوية بين الرواية بالعنعنة وبين الرواية بلفظ «أنَّ فلاناً قال». (وَللقَطْعِ نَحَا البَرْدِيْجِيْ (¬3)) أي: قال حرف «أن» محمول على الانقطاع (حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ في التَّخْرِيجِ) أي: حتى يتبين السماع في ذلك الخبر بعينه من جهة أخرى. 142 - قَالَ: وَمِثْلَهُ رَأى ابْنُ شَيْبَهْ ... كَذا لَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْ صَوْبَهْ ¬

(¬1) انظر: «قواطع الأدلة»: (2/ 457). (¬2) انظر: «بهجة المنتفع شرح جزء في علوم الحديث في بيان المتصل والمرسل والموقوف والمنقطع» (ص182 - 204). (¬3) انظر: «التمهيد»: (1/ 26).

143 - قُلتُ: الصَّوَابُ أنَّ مَنْ أدْرَكَ مَا ... رَوَاهُ بالشَّرْطِ الَّذي تَقَدَّمَا 144 - يُحْكَمْ لَهُ بالوَصْلِ كَيفَمَا رَوَى ... بـ «قَالَ» أو «عَنْ» أو بـ «أنَّ» فَسَوَا 145 - وَمَا حَكَي عَنْ أحمَدَ بنِ حَنْبَلِ ... وَقَولِ يَعْقُوبٍ عَلَى ذا نَزِّلِ (قَالَ) ابن الصلاح (¬1): (وَمِثْلَهُ) أي: مثل ما حُكِيَ عن البرديجي (رَأى) الحافظ يعقوب (ابْنُ شَيْبَهْ). (كَذا لَهُ) أي: كذا حكى ابن الصلاح عنه أنه جعل: «عن ابن الحنفية أنَّ عماراً مَرَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي» مرسلاً من حيث كونه قال: أنَّ عماراً فعل. ولم يقل: عن عمار. (وَلَمْ يُصَوِّبْ صَوْبَهْ) أي: ولم يعرج ابن الصلاح صوب مقصده؛ لأن يعقوب لم يجعله مرسلاً من حيث لفظ «أن» بل من حيث إنه لم يُسند حكاية القصة إلى عمار فكان ابن الحنفية هو الحاكي لقصةٍ لم يدركها، فكان نقله لذلك مرسلاً. (قُلتُ: الصَّوَابُ) أن أذكر قاعدة وهي (أنَّ مَنْ أدْرَكَ مَا رَوَاهُ) بأن حكى قصةً وقعت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين بعض الصحابة والراوي لذلك صحابي أدرك تلك الواقعة (بالشَّرْطِ الَّذي تَقَدَّمَا) من اعتبار السلامة من التدليس في التابعين ومن بعدهم، (يُحْكَمْ لَهُ بالوَصْلِ) وإن لم يُعلم أنه شاهدها (كَيفَمَا رَوَى بـ «قَالَ» أو «عَنْ» أو بـ «أنَّ» فَسَوَا)، وإن لم يُدرك تلك الواقعة فهو مرسل صحابي، وإن كان الراوي تابعياً فمنقطع. ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص63).

(وَمَا حَكَى) ابن الصلاح (¬1) (عَنْ أحمَدَ بنِ حَنْبَلِ) أنه قيل له: إن رجلاً قال: «عروة أنَّ عائشة قالت: يا رسول الله» , و «عن عروة عن عائشة» سواءً قال كيف هذا سواء؟ ليس هذا بسواء. (وَقَولِ يَعْقُوبٍ) بن شيبة (عَلَى ذا نَزِّلِ) أما تنزيل كلام أحمد فهو أن أحمد إنما فرق بين اللفظين؛ لأن عروة في اللفظ الأول لم يُسند ذلك إلى عائشة ولا أدرك القصة فكانت مرسلة. وأما الثاني فأسند ذلك إليها بالعنعنة فكانت متصلة، وأما تنزيل كلام يعقوب فقد تَقَدَّمَ. 146 - وَكَثُرَ استِعْمَالُ «عَنْ» في ذَا الزَّمَنْ ... إجَازَةً وَهْوَ بِوَصْلٍ مَا قَمَنْ (وَكَثُرَ استِعْمَالُ «عَنْ» في ذَا الزَّمَنْ إجَازَةً) وما تقدم من حَملها على [10 - ب] السماع ففي الزمن المتقدم. (وَهْوَ بِوَصْلٍ مَا قَمَنْ) أي: حقيق بنوع من الوصل. والمراد: أن ذلك لا يخرجه من قبيل الاتصال؛ لأن الإجازة لها حكم الاتصال لا القطع. ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص62).

تعارض الوصل والإرسال، أو الرفع والوقف

تَعَارُضُ الْوَصْلِ وَالإِرْسَالِ، أَو الرَّفْعِ وَالوَقْفِ 147 - وَاحْكُمْ لِوَصْلِ ثِقَةٍ في الأظْهَرِ ... وَقِيْلَ: بَلْ إرْسَالُهُ لِلأكْثَرِ 148 - وَنَسبَ الأوَّلَ لِلْنُّظَّارِ ... أنْ صَحَّحُوْهُ، وَقَضَى البُخَارِيْ 149 - بِوَصْلِ «لاَ نِكَاحَ إلاَّ بِوَلِيْ» ... مَعْ كَوْنِ مَنْ أَرْسَلَهُ كَالْجَبَلِ 150 - وَقِيْلَ الاكْثَرُ، وَقِيْلَ: الاحْفَظُ ... ثُمَّ فَمَا إرْسَالُ عَدْلٍ يَحْفَظُ 151 - يَقْدَحُ فِي أَهْليَّةِ الوَاصِلِ، أوْ ... مُسْنَدِهِ عَلَى الأَصَحِّ، وَرَأَوْا 152 - أَنَّ الأصَحَّ: الْحُكْمُ لِلرَّفْعِ وَلَوْ ... مِنْ وَاحِدٍ في ذَا وَذَا، كَما حَكَوْا (وَاحْكُمْ لِوَصْلِ ثِقَةٍ) فيما إذا اختلف الثقات في حديث فرواه بعضهم متصلاً، وبعضهم مرسلاً (في الأظْهَرِ) وهو الصحيح. (وَقِيْلَ: بَلْ إرْسَالُهُ لِلأكْثَرِ)، أي: والقول الثاني: أن الحكم لمن أرسل، وحُكِيَ عن أكثر أصحاب الحديث (¬1). (وَنَسبَ) ابن الصلاح (¬2) القول (الأوَّلَ لِلْنُّظَّارِ أنْ صَحَّحُوْهُ) أي: نسب تصحيحه لأهل الفقه والأصول. (وَقَضَى البُخَارِيْ بِوَصْلِ لاَ نِكَاحَ إلاَّ بِوَلِيْ) وهو حديث اخْتُلِفَ فيه على أبي ¬

(¬1) حكاه عنهم الخطيب في «الكفاية»: (2/ 499). (¬2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص71).

إسحاق السبيعي فرواه شعبة (¬1) والثوري (¬2) عن أبي بُردة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً. ورواه إسرائيل بن يونس (¬3) في آخرين (¬4) عن جده أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم متصلاً، لما سُئِلَ عنه (مَعْ كَوْنِ مَنْ أَرْسَلَهُ) وهما شعبة وسفيان (كَالْجَبَلِ) في الحفظ والإتقان. (وَقِيْلَ الاكْثَرُ) أي: والقول الثالث: أن الحكم للأكثر، فإن كان من أرسله أكثر فالحكم للإرسال أو بالعكس فللوصل. (وَقِيْلَ: الاحْفَظُ) أي: والقول الرابع: أن الحكم للأحفظ، فإن كان من أرسل أحفظ فالحكم له، أو بالعكس فله. (ثُمَّ) على القول الرابع (فَمَا إرْسَالُ عَدْلٍ يَحْفَظُ) أي: إرسال الأحفظ (يَقْدَحُ فِي أَهْليَّةِ الوَاصِلِ، أوْ مُسْنَدِهِ) من الحديث غير هذا الذي أرسله من هو أحفظ (عَلَى الأَصَحِّ (¬5)). ومنهم من قال: يقدح في مسنده وفي عدالته وفي أهليته. ¬

(¬1) روايته أخرجها الطحاوي في «شرح معاني الآثار»: (3/ 9) و «البزار»: (ح3110). (¬2) روايته أخرجها عبد الرزاق في «المصنف»: (ح10475). (¬3) روايته أخرجها أبو داود (ح2085) والترمذي (ح1101). (¬4) كشريك النخعي عند الترمذي (ح1101) وأبو عوانة اليشكري عند الترمذي (ح1101) وابن ماجه (ح1181) وانظر كلام الترمذي على هذا الحديث في سننه عقب الحديث المذكور آنفاً. والحديث صححه الألباني. (¬5) في الأصل: «على الصحيح» وهو المخالف لما في «الألفية».

(وَرَأَوْا أَنَّ الأصَحَّ: الْحُكْمُ لِلرَّفْعِ) إذا تعارض الرفع والوقف بأن رَفَعَ بعضُ الثقات حديثاً ووقفه بعضهم. (وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ في ذَا وَذَا، كَما حَكَوْا) أي: ولو كان الاختلاف في راو واحد في المسألتين فوصله أو رفعه في وقت وأرسله أو وقفه في وقت، فالحكم على الأصح لوصله ورفعه.

التدليس

التَّدْلِيْسُ 153 - تَدلِيْسُ الاسْنَادِ كَمَنْ يُسْقِطُ مَنْ ... حَدَّثَهُ، وَيَرْتَقِي بـ «عَنْ» وَ «أَنْ» 154 - و «قَالَ»: يُوْهِمُ اتِّصَالاً، وَاخْتُلِفْ ... فِي أَهْلِهِ، فَالرَّدُّ مُطْلَقاً ثُقِفْ 155 - وَالأكْثَرُوْنَ قَبِلُوْا مَا صَرَّحَا ... ثِقَاتُهُمْ بِوَصْلِهِ وَصُحِّحَا 156 - وَفي الصَّحِيْحِ عِدَّةٌ كالاعْمَشِ ... وَكهُشَيْمٍ بَعْدَهُ وَفَتِّشِ (تَدلِيْسُ الاسْنَادِ كَمَنْ يُسْقِطُ مَنْ حَدَّثَهُ) أي: اسم شيخه الذي سمع منه، (وَيَرْتَقِي) إلى شيخ شيخه أو من فوقه فيسند ذلك إليه (بـ «عَنْ» وَ «أَنْ» و «قَالَ») أي: فلان، وهو اللفظ الذي (يُوْهِمُ اتِّصَالاً) ولا يقتضيه، وإيهام ذلك للاتصال [11 - أ] إنما يكون إذا كان المدلِّس قد عاصر المروي عنه، أو لقيه ولم يسمع منه، أو سمع لا ذلك الحديث. (وَاخْتُلِفْ فِي أَهْلِهِ) أي: في أهل هذا القسم من التدليس وهم المعروفون به، (فَالرَّدُّ مُطْلَقاً ثُقِفْ) أي: فقيل: يُرد حديثهم مطلقاً سواءً بَيَّنُوا السماع أم لم يبينوا (¬1). وثُقِف بمعنى: وُجِدْ. (وَالأكْثَرُوْنَ قَبِلُوْا مَا صَرَّحَا ثِقَاتُهُمْ بِوَصْلِهِ وَصُحِّحَا) أي: والصحيح الذي ذهب إليه الأكثرون التفصيل، فإن صَرَّحَ بالاتصال كـ «سمعت» فهو مقبول، وإن أتى بلفظ محتمل فحكمه حكم المرسل. ¬

(¬1) انظر: «النكت على ابن الصلاح»: (ص225).

(وَفي الصَّحِيْحِ) أي: في «الصحيحين» وغيرهما من الكتب الصحيحة (عِدَّةٌ) من المدلسين، (كالاعْمَشِ وَكهُشَيْمٍ بَعْدَهُ وَفَتِّشِ) فتجد في الصحيح جماعة منهم (¬1). 157 - وَذَمَّهُ شُعْبَةُ ذُو الرُّسُوْخِ ... وَدُوْنَهُ التَّدْليْسُ لِلشِّيُوْخِ 158 - أنْ يَصِفَ الشَّيْخَ بِمَا لا يُعْرَفُ ... بِهِ، وَذَا بِمقْصِدٍ يَخْتَلِفُ 159 - فَشَرُّهُ للضَّعْفِ وَاسْتِصْغَارا ... وَكالخَطِيْبِ يُوْهِمُ اسْتِكْثَارَا 160 - والشَّافِعيْ أثْبَتَهُ بِمَرَّةِ ... قُلْتُ: وَشَرُّهَا أخُو التَّسْوِيَةِ (وَذَمَّهُ شُعْبَةُ ذُو الرُّسُوْخِ) فبالغ في ذَمِّه فقال: «التدليس أخو الكذب» (¬2). (وَدُوْنَهُ) أي: دون القسم الأول: (التَّدْليْسُ لِلشِّيُوْخِ)، فأمره أخف منه وهو (أنْ يَصِفَ) المدلِّسُ (الشَّيْخَ) الذي سمع ذلك الحديث منه (بِمَا لا يُعْرَفُ بِهِ) من اسمٍ، أو كنيةٍ، أو نسبةٍ إلى قبيلة، أو بلد، أو نحو ذلك، كي يوعِّرَ الطريق إلى معرفة السامع له. (وَذَا بِمقْصِدٍ يَخْتَلِفُ) أي: ويختلف الحال في كراهة هذا القسم باختلاف المقصد الحامِل على ذلك؛ (فَشَرُّهُ للضَّعْفِ) أي: إذا كان الحامل على ذلك كون المروي عنه ضعيفاً فيدلِّسه حتى لا تظهر روايته عن الضعفاء. ¬

(¬1) يُراجع لذلك كتاب «روايات المدلسين في صحيح البخاري» وكتاب «روايات المدلسين في صحيح مسلم» كلاهما لعواد الخلف. (¬2) أخرجه ابن عدي في مقدمة «الكامل»: (1/ 47) والبيهقي في «مناقب الشافعي»: (2/ 35) والخطيب في «الكفاية»: (2/ 367).

(وَاسْتِصْغَارا) أي: وقد يكون الحامل على ذلك كون المروي عنه صغيراً في السن، أو تأخرت وفاته وشاركه فيه من هو دونه. (وَكـ «الخَطِيْبِ» يُوْهِمُ اسْتِكْثَارَا) أي: وقد يكون إيهام كثرة الشيوخ بأن يروي عن واحد فَيُعَرِّفُهُ في موضع بصفة وفي آخر بأخرى يُوهِم أنه غيره، وممن يفعل ذلك الخطيب (¬1). (والشَّافِعيْ أثْبَتَهُ) أي: أصل التدليس (بِمَرَّةِ) فأجرى الحكم بأنه لا يُقبل من المدلِّس فيمن عُرِفَ أنه دَلَّسَ مرة (¬2). (قُلْتُ: وَشَرُّهَا أخُو التَّسْوِيَةِ) وهو القسم الثالث من التدليس الذي لم يذكره ابن الصلاح، وهو: أن يروي عن ثقة والثقة عن ضعيف عن ثقة فيسقط المدلِّسُ الضعيف ويجعل الحديث عن الثقة عن الثقة الثاني بلفظٍ محتمل فيستوي الإسناد كله ثقات، وهو شَرُّ أقسام التدليس لما فيه من الغرور الشديد [11 - ب]. ¬

(¬1) انظر: «فتح المغيث»: (1/ 334 - 335). (¬2) حكاه عنه البيهقي في «مناقب الشافعي»: (2/ 27).

الشاذ

الشَّاذُّ 161 - وَذُو الشُّذُوذِ: مَا يُخَالِفُ الثِّقَهْ ... فِيهِ المَلاَ فَالشَّافِعيُّ حقَّقَهْ 162 - والحَاكِمُ الخِلاَفَ فِيهِ ما اشْتَرَطْ ... وَلِلْخَلِيليْ مُفْرَدُ الرَّاوي فَقَطْ 163 - وَرَدَّ مَا قَالاَ بِفَرْدِ الثِّقَةِ ... كالنَّهْي عَنْ بَيْعِ الوَلاَ وَالهِبَةِ 164 - وَقَوْلُ مُسْلِمٍ: رَوَى الزُّهْرِيُّ ... تِسْعِينَ فَرْداً كُلُّهَا قَوِيُّ 165 - واخْتَارَ فِيْمَا لَمْ يُخَالِفْ أنَّ مَنْ ... يَقْرُبُ مِنْ ضَبْطٍ فَفَرْدُهُ حَسَنْ 166 - أوْ بَلَغَ الضَّبْطَ فًصَحِّحْ أَوْ بَعُدْ ... عَنْهُ فَمِمَّا شَذَّ فَاطْرَحْهُ وَرُدْ (وَذُو الشُّذُوذِ: مَا يُخَالِفُ الثِّقَهْ فِيهِ المَلاَ فَالشَّافِعيُّ حقَّقَهْ) فقال: «ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره، إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس» (¬1). (والحَاكِمُ الخِلاَفَ فِيهِ ما اشْتَرَطْ) بل قال: هو الحديث الذي ينفرد به ثقة من الثقات وليس له أصل متابع لذلك الثقة (¬2). ¬

(¬1) أخرجه الخطيب في «الكفاية» (2/ 419) والحاكم في «معرفة علوم الحديث»: (ص375). وابن أبي حاتم في «آداب الشافعي ومناقبه»: (ص233 - 234)، والبيهقي في «مناقب الشافعي»: (2/ 30) وفي «معرفة السنن والآثار»: (1/ 81 - 82). (¬2) «معرفة علوم الحديث»: (ص375) وانظر في مناقشة هذا الإطلاق عن الحكم: «حاشية معرفة علوم الحديث» في الموضع المشار إليه، و «فتح المغيث»: (2/ 8) و «التدريب»: (1/ 268).

(وَلِلْخَلِيليْ مُفْرَدُ الرَّاوي فَقَطْ) أي: ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ، فلم يشترط تفرد الثقة بل مطلق التفرد (¬1). (وَرَدَّ) ابن الصلاح (¬2) (مَا قَالاَ) أي: الحاكم والخليلي (بِفَرْدِ الثِّقَةِ) أي: بأفراد الثقات الصحيحة؛ (كالنَّهْي عَنْ بَيْعِ الوَلاَ وَالهِبَةِ) أي: وهبته، تفرد به عبد الله بن دينار (¬3)، وكغيره مما هو مخرج في «الصحيحين» مع أنه ليس لها إلا إسناد واحد تفرَّد به ثقة. (وَقَوْلُ) أي: وَرَدَّهُ بقول (مُسْلِمٍ (¬4): «رَوَى الزُّهْرِيُّ تِسْعِينَ فَرْداً) عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يشاركه فيه أحد، (كُلُّهَا قَوِيُّ) بأسانيد جياد». (واخْتَارَ) ابن الصلاح (¬5) (فِيْمَا) إذا خالف الراوي أنه إذا انفرد بشيء فإن كان مخالفاً لما رواه مَنْ هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذاً، أو فيما (لَمْ يُخَالِفْ) بأن رواه هو ولم يروه غيره، (أنَّ مَنْ يَقْرُبُ مِنْ ضَبْطٍ) أي: إن كان هذا الراوي المنفرد قريباً من الضبط (فَفَرْدُهُ حَسَنْ) فَيُقْبَل ولم يَقْدَحْ الانفراد فيه، (أوْ بَلَغَ الضَّبْطَ) أي: وإن كان عدلاً حافظاً موثوقاً بإتقانه وضبطه (فَصَحِّحْ) أي: فهو في حَيِّزِ الصحيح، (أَوْ بَعُدْ عَنْهُ) أي: عن الضبط بأن لم يكن ممن يُوثَق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به (فَمِمَّا شَذَّ فَاطْرَحْهُ وَرُدْ) أي: فيكون من قبيل الشاذ. ¬

(¬1) «الإرشاد»: (1/ 176) وانظر حاشية محققه على هذا الموضع في مناقشة هذا الإطلاق عن الخليلي. (¬2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص77). (¬3) أخرجه البخاري (ح2535و 6756) ومسلم (ح1506). (¬4) في «صحيحه»، عقب الحديث رقم (1647). (¬5) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص79).

المنكر

الْمُنْكَرُ 167 - وَالْمُنكَرُ: الفَرْدُ كَذَا البَرْدِيجِيْ ... أَطْلَقَ، وَالصَّوَابُ فِي التَّخْرِيْجِ 168 - إِجْرَاءُ تَفْصِيْلٍ لَدَى الشُّذُوْذِ مَرْ ... فَهْوَ بِمَعْناهُ كَذَا الشَّيْخُ ذَكَرْ 169 - نَحْوَ «كُلُوا البَلَحَ بالتَّمْرِ» الخَبَرْ ... وَمَالِكٍ سَمَّى ابْنَ عُثْمَانَ: عُمَرْ 170 - قُلْتُ: فَمَاذَا؟ بَلْ حَدِيْثُ «نَزْعِهْ ... خَاتَمَهُ عِنْدَ الخَلاَ وَوَضْعِهْ» (وَالْمُنكَرُ: الفَرْدُ) أي: الذي ينفرد به الرجل، ولا يُعرف متنه من غير روايته (كَذَا) الحافظ أبو بكر (البَرْدِيجِيْ أَطْلَقَ (¬1)) ولم يُفَصِّل. (وَالصَّوَابُ فِي التَّخْرِيْجِ إِجْرَاءُ تَفْصِيْلٍ لَدَى الشُّذُوْذِ مَرْ) أي: والصواب فيه التفصيل الذي بُيِّنَ في الشاذ فينقسم المنكر قسمين على ما ذكر في الشاذ (فَهْوَ بِمَعْناهُ كَذَا الشَّيْخُ) ابن الصلاح (ذَكَرْ) (¬2). (نَحْوَ) ما روي أنه عليه السلام قال: («كُلُوا البَلَحَ بالتَّمْرِ» (¬3) الخَبَرْ) هذا مثال للفرد الذي ليس في راويه من الثقة والإتقان ما يحتمل معه تفرده؛ فإنه تفرد به أبو [12 - أ] زُكَيْر وهو شيخٌ صالحٌ غير أنه لم يبلُغ مبلَغ من يُحتمل ¬

(¬1) انظر: «شرح علل الترمذي»: (1/ 450). (¬2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص80). (¬3) أخرجه ابن ماجه (ح3330) والنسائي في «السنن الكبرى»: (ح6690) والحاكم في «المستدرك»: (4/ 121)، وحكم عليه الألباني بالوضع في «ضعيف ابن ماجه»، و «السلسلة الضعيفة» رقم (231).

تفرده. (وَمَالِكٍ سَمَّى ابْنَ عُثْمَانَ: عُمَرْ) مثال للفرد المخالف لما رواه الثقات، فإن مالكاً (¬1) روى عن الزهري عن علي عن عمر بن عثمان عن أسامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم» (¬2) فخالف مالك غيره من الثقات فإنهم سموه عَمْراً بفتح العين. (قُلْتُ: فَمَاذَا؟) قال المصنف: وإذا قال مالك: عُمَر بن عثمان فماذا يلزم منه من نكارة المتن (¬3)، (بَلْ) المثال الصحيح لأحد قسمي المنكر (حَدِيْثُ نَزْعِهْ خَاتَمَهُ عِنْدَ الخَلاَ وَوَضْعِهْ) وهو ما رُوي أنه عليه السلام: «كان إذا دخل الخلاء وَضَعَ خاتمه، فهذا حديث مُنكر لم يروه إلا همام (¬4) وهو ثقة ولكنه خالف الناس فروى عن ابن جريج هذا المتن، وإنما يُعرف عن ابن جريج أنه عليه السلام «اتخذ خاتماً من وَرِقٍ ثم ألقاه» (¬5). ¬

(¬1) في «الموطأ»: (2/ 519). (¬2) أخرجه البخاري (ح6764) ومسلم (ح1614) والترمذي (ح2107) وابن ماجه (ح2729) ونص الترمذي عقب تخريج الحديث على وهم مالك فيه، وقال النسائي في «الكبرى»: (6/ 123): لم يتابعه أحدٌ على ذلك. (¬3) إلا أن يقال: بأن تمثيل ابن الصلاح به لمنكر السند خاصة. «فتح المغيث»: (2/ 16). (¬4) روايته أخرجها أبو داود (ح19)، والنسائي (ح5213) والترمذي (ح1749) وابن ماجه (ح303) وضعفه الألباني في ضعيف السنن وفي «المشكاة» رقم (343) و «مختصر الشمائل المحمدية» رقم (75). (¬5) أخرجه البخاري (ح5868) ومسلم (ح2093 - 60).

الاعتبار والمتابعات والشواهد

الاعْتِبَارُ وَالْمُتَابَعَاتُ وَالشَّوَاهِدُ 171 - الاعْتِبَارُ سَبْرُكَ الحَدِيْثَ هَلْ ... شَارَكَ رَاوٍ غَيْرَهُ فيْمَا حَمَلْ 172 - عَنْ شَيْخِهِ، فَإنْ يَكُنْ شُوْرِكَ مِنْ ... مُعْتَبَرٍ بِهِ، فَتَابِعٌ، وَإنْ 173 - شُورِكَ شَيْخُهُ فَفَوْقُ فَكَذَا ... وَقَدْ يُسَمَّى شَاهِداً، ثُمَّ إذَا 174 - مَتْنٌ بِمَعْنَاهُ أتَى فَالشَّاهِدُ ... وَمَا خَلاَ عَنْ كُلِّ ذَا مَفَارِدُ 175 - مِثَالُهُ «لَوْ أَخَذُوا إهَابَهَا» ... فَلَفْظَةُ «الدِّبَاغِ» مَا أتَى بِهَا 176 - عَنْ عَمْرٍو الاَّ ابنُ عُيَيْنَةٍ وَقَدْ ... تُوبِعَ عَمْروٌ في الدِّبَاغِ فَاعْتُضِدْ 177 - ثُمَّ وَجَدْنَا «أَيُّمَا إِهَابِ» ... فَكَانَ فيهِ شَاهِدٌ في البابِ (الاعْتِبَارُ سَبْرُكَ الحَدِيْثَ) أي: أن تعتبر حديث بعض الرواة بروايات غيره من الرواة بسبر طرق الحديث لِتعرفَ (هَلْ شَارَكَ رَاوٍ غَيْرَهُ فيْمَا حَمَلْ) أي: في ذلك الحديث بأن رواه غيرُهُ (عَنْ شَيْخِهِ) أم لا. (فَإنْ يَكُنْ شُوْرِكَ مِنْ مُعْتَبَرٍ بِهِ) أي: شاركه أحد ممن يصلحُ أن يخرَّج حديثه للاعتبار به وللاستشهاد به (فَتَابِعٌ) أي: فَيُسَمَّى هذا الذي شاركه تابعاً. (وَإنْ) لم تجد مَنْ تَابَعَهُ عليه عن شيخه بل (شُورِكَ شَيْخُهُ فَفَوْقُ) أي: فَمَنْ فوقَه إلى آخر الإسناد حتى في الصحابي (فَكَذَا) أي: فكل من وجد له متابع فسمه تابعاً (وَقَدْ يُسَمَّى شَاهِداً). (ثُمَّ إذَا) لم تجد أحداً مِمَّنْ فوقَهُ متابَعاً عليه، فإن (مَتْنٌ بِمَعْنَاهُ أتَى) أي: إن

أتى بمعناه حديث آخر (فَالشَّاهِدُ) أي: فَسَمِّ ذلك الحديث شاهداً. (وَمَا خَلاَ عَنْ كُلِّ ذَا مَفَارِدُ) أي: عن المتابعات والشواهد فهو فرد. (مِثَالُهُ) أي: مثال ما وجد له تابع وشاهد: (لَوْ أَخَذُوا إهَابَهَا) وهو ما روي أنه عليه السلام مَرَّ بشاةٍ مطروحة فقال: «ألا أخذوا إهابها فبدبغوه فانتفعوا به» (فَلَفْظَةُ الدِّبَاغِ مَا أتَى بِهَا عَنْ عَمْرٍو الاَّ ابنُ عُيَيْنَةٍ) (¬1) ولم يذكر فيه أحد من أصحاب عمرو بن دينار فدبغوه غيره، (وَقَدْ تُوبِعَ) شيخه (عَمْروٌ في الدِّبَاغِ فَاعْتُضِدْ)؛ فإن أسامة الليثي تابع عَمْراً عن عطاء [12 - ب] فروى عنه عن ابن عباس أنه عليه السلام قال لأهل شاة: «ألا نزعتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به» (¬2). (ثُمَّ وَجَدْنَا أَيُّمَا إِهَابِ) وهو ما رُويَ أنه عليه السلام قال: «أيما إهاب دبغ فقد طهر» (¬3) (فَكَانَ فيهِ شَاهِدٌ في البابِ) أي: فكان شاهداً له. ¬

(¬1) أخرجه عنه مسلم (ح364). (¬2) أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (1/ 16)، والدارقطني في «السنن»: (1/ 44). (¬3) أخرجه مسلم (ح366) وأبو داود (ح4123) والترمذي (ح1728) والنسائي (ح4241) وابن ماجه (ح3609).

زيادة الثقات

زِيَادَةُ الثِّقَاتِ 178 - وَاقْبَلْ زِيَادَاتِ الثِّقَاتِ مِنْهُمُ ... وَمَنْ سِوَاهُمْ فَعَلَيْهِ المُعْظَمُ 179 - وَقِيْلَ: لاَ، وَقِيْلَ: لاَ مِنْهُمْ، وَقَدْ ... قَسَّمَهُ الشَّيْخُ، فَقَالَ: مَا انْفَرَدْ 180 - دُوْنَ الثِّقَاتِ ثِقَةٌ خَالَفَهُمْ ... فِيْهِ صَرِيْحَاً فَهُوَ رَدٌّ عِنْدَهُمْ 181 - أَوْ لَمْ يُخَالِفْ، فَاقْبَلَنْهُ، وَادَّعَى ... فِيْهِ الخَطِيْبُ الاتِّفَاقَ مُجْمَعَا 182 - أَوْ خَالَفَ الاطْلاَقَ نَحْوُ «جُعِلَتْ ... تُرْبَةُ الارْضِ» فَهْيَ فَرْدٌ نُقِلَتْ 183 - فَالْشَّافِعِيْ وَأَحْمَدُ احْتَجَّا بِذَا ... وَالوَصْلُ والارْسَالُ مِنْ ذَا أُخِذَا 184 - لَكِنَّ في الإرْسَالِ جَرْحاً فَاقْتَضَى ... تَقْدِيْمَهُ وَرُدَّ أنَّ مُقْتَضَى 185 - هَذَا قَبُولُ الوَصْلِ إذْ فِيْهِ وَفِيْ ... الجَرْحِ عِلْمٌ زَائِدٌ لِلْمُقْتَفِيْ (وَاقْبَلْ زِيَادَاتِ الثِّقَاتِ) [أي] (¬1): الألفاظ في المتون، تَعَلَّق بها حكمٌ أم لا، غيرت الحكمَ أم لا، أوجبت نقصاً من أحكامه أم لا (مِنْهُمُ وَمَنْ سِوَاهُمْ) أي: سواءً كانت من شخص واحد بأن رواه مرةً ناقصاً ومرةً بتلك الزيادة، أو كانت الزيادة مِن سوى من رواه ناقصاً. (فَعَلَيْهِ المُعْظَمُ) من الفقهاء وأصحاب الحديث (¬2). ¬

(¬1) ما بين المعقوفتين زيادة من عندي ليست في الأصل. (¬2) انظر: «الكفاية»: (2/ 538).

(وَقِيْلَ: لاَ) تقبل مطلقاً (¬1). (وَقِيْلَ: لاَ مِنْهُمْ) أي: ممن رواه ناقصاً، وتقبل من غيره من الثقات (¬2). (وَقَدْ قَسَّمَهُ الشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬3) إلى ثلاثة أقسام (فَقَالَ: مَا انْفَرَدْ دُوْنَ الثِّقَاتِ ثِقَةٌ خَالَفَهُمْ فِيْهِ صَرِيْحَاً فَهُوَ رَدٌّ عِنْدَهُمْ) كما سبق في الشاذ. (أَوْ لَمْ يُخَالِفْ) بأن لم يكن فيه منافاة ومخالفة أصلاً لما رواه غيره (فَاقْبَلَنْهُ، وَادَّعَى فِيْهِ الخَطِيْبُ الاتِّفَاقَ) على قبوله (مُجْمَعَا). (أَوْ خَالَفَ الاطْلاَقَ) بأن زاد لفظةً في حديث لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث (نَحْوُ: جُعِلَتْ تُرْبَةُ الارْضِ) أي: نحو حديث: «جُعلت لنا الأرض مسجداً، وجُعلت تربتها لنا طهوراً» (فَهْيَ فَرْدٌ نُقِلَتْ) أي: فهذه الزيادة تفرَّد بها سعد الأشجعي (¬4)، وسائر الروايات: «جعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً» (¬5) (فَالْشَّافِعِيْ وَأَحْمَدُ احْتَجَّا بِذَا) وغيرُ واحد من الأئمة (¬6). (وَالوَصْلُ والارْسَالُ مِنْ ذَا أُخِذَا) فإنه نوع من زيادة الثقة لأن الوصل زيادة ¬

(¬1) انظر: المصدر السابق. (¬2) انظر: المصدر السابق. (¬3) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص86). (¬4) أخرجه مسلم (ح522). (¬5) انظر تعليق الحافظ في «نكته على ابن الصلاح» (ص289) على التمثيل بهذا المثال في هذا الموضع. (¬6) انظر: «التقرير والتحبير»: (2/ 294 - 295) و «شرح العضد على مختصر ابن الحاجب»: (ص425 - 427).

ثقة. (لَكِنَّ في الإرْسَالِ جَرْحاً فَاقْتَضَى تَقْدِيْمَهُ) أي: لكن الإرسال نوع قَدْحٍ في الحديث فترجيحه وتقديمه من قبيل تقديم الجرح على التعديل. (وَرُدَّ أنَّ مُقْتَضَى هَذَا قَبُولُ الوَصْلِ؛ إذْ فِيْهِ وَفِيْ الجَرْحِ عِلْمٌ زَائِدٌ لِلْمُقْتَفِيْ) أي: ويُجاب عنه بأن الجرح قُدِّمَ لما فيه مِن زيادة العلم، والزيادة هاهنا مَعْ مَنْ وَصَل.

الفرد

الفَرْد 186 - الفَرْدُ قِسْمَانِ، فَفَرْدٌ مُطْلَقَاْ ... وَحُكْمُهُ عِنْدَ الشُّذُوْذِ سَبَقَا 187 - وَالفَرْدُ بِالنِّسْبَةِ: مَا قَيَّدْتَهُ ... بِثِقَةٍ، أوْ بَلَدٍ ذَكَرْتَهُ 188 - أوْ عَنْ فُلانٍ نَحْوُ قَوْلِ القَائِلِ ... لَمْ يَرْوِهِ عَنْ بَكْرٍ الاَّ وَائِلِ 189 - لَمْ يَرْوِهِ ثِقَةٌ الاّ ضَمْرَهْ ... لَمْ يَرْوِ هَذَا غيرُ أهْلِ البَصْرَهْ 190 - فَإنْ يُرِيْدُوا وَاحِدَاً مِنْ أهْلِهَا ... تَجَوُّزَاً، فاجْعَلْهُ مِنْ أوَّلهِا 191 - وَلَيْسَ في أفْرَادِهِ النِّسْبِيَّهْ ... ضَعْفٌ لَهَا مِنْ هَذِهِ الحَيْثِيَّهْ 192 - لَكِنْ إذَا قَيَّدَ ذَاكَ بِالثِّقَهْ ... فَحُكْمُهُ يَقْرُبُ مِمَّا أطْلَقَهْ (الفَرْدُ قِسْمَانِ، فَفَرْدٌ مُطْلَقَاْ) وهو ما ينفرد به واحد عن كل أحد (وَحُكْمُهُ عِنْدَ الشُّذُوْذِ سَبَقَا) وكذا [13 - أ] مثاله. والثاني (الفَرْدُ بِالنِّسْبَةِ) إلى جهةٍ خاصة (مَا قَيَّدْتَهُ بِثِقَةٍ) أي: كتقييد الفرد به بثقة، (أوْ بَلَدٍ) معين (ذَكَرْتَهُ، أوْ عَنْ فُلانٍ نَحْوُ قَوْلِ القَائِلِ: لَمْ يَرْوِهِ) أي: حديث: «أنه عليه السلام أَوْلَم على صفية بسويق وتمر» (عَنْ بَكْرٍ) ابن وائل (الاَّ) أبوه (وَائِلِ (¬1)). وهذا مثال لتقييد الانفراد بكونه لم يروه عن فلان إلا فلان. ¬

(¬1) القائل هو ابن طاهر في «أطراف الغرائب والأفراد»: (2/ 176رقم 1057)، والحديث أخرجه أبو داود (ح3744) والترمذي (ح1095)، وابن ماجه (ح1909) وأحمد (3/ 110).

(لَمْ يَرْوِهِ) أي: حديث: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأضحى والفطر بقاف واقتربت الساعة» (¬1) (ثِقَةٌ الاّ ضَمْرَهْ) (¬2) وهذا مثال لتقييد الانفراد بالثقة. (لَمْ يَرْوِ هَذَا) أي: «أُمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر» (¬3) (غيرُ أهْلِ البَصْرَهْ) (¬4) وهذا مثال ما انفرد به أهل بلدة. (فَإنْ يُرِيْدُوا) بقولهم انفرد به أهل البصرة (وَاحِدَاً مِنْ أهْلِهَا) انفرد به (تَجَوُّزَاً) بذلك، كما يُضاف فعلُ واحدٍ من قبيلةٍ إليها مجازاً (فاجْعَلْهُ مِنْ أوَّلهِا) أي: من القسم الأول وهو الفرد المطلق. (وَلَيْسَ في أفْرَادِهِ النِّسْبِيَّهْ) أي: في أقسام الفرد المقيَّد بنسبة إلى جهة خاصة (ضَعْفٌ لَهَا مِنْ هَذِهِ الحَيْثِيَّهْ) أي: من حيث كونها أفراداً، (لَكِنْ إذَا قَيَّدَ ذَاكَ بِالثِّقَهْ) أي: إذا كان القيد بالنسبة لرواية الثقة (فَحُكْمُهُ يَقْرُبُ مِمَّا أطْلَقَهْ) أي: فإنَّ حكمَهُ قريبٌ من حكمِ الفرد المطلق؛ لأن رواية غير الثقة كَلاَ رواية. ¬

(¬1) أخرجه عن ضمرة مسلم (ح891) وأبو داود (ح1154) والنسائي (1567) والترمذي (ح534) وابن ماجه (ح1282). (¬2) القائل هو ابن التركماني في «الجوهر النقي»: (3/ 294). (¬3) أخرجه أبو داود (ح818) وأحمد (3/ 3، 45، 97). (¬4) القائل لهذا هو الحاكم في «معرفة علوم الحديث»: (3197).

المعلل

الْمُعَلَّلُ 193 - وَسَمِّ مَا بِعِلّةٍ مَشْمُوْلُ ... مُعَلَّلاً، وَلاَ تَقُلْ: مَعْلُوْلُ 194 - وَهْيَ عِبَارَةٌ عَنْ اسْبَابٍ طَرَتْ ... فِيْهَا غُمُوْضٌ وَخَفَاءٌ أثَّرَتْ 195 - تُدْرَكُ بِالخِلاَفِ وَالتَّفَرُّدِ ... مَعَ قَرَائِنٍ تُضَمُّ، يَهْتَدِيْ 196 - جِهْبَذُهَا إلى اطِّلاَعِهِ عَلَى ... تَصْويْبِ إرْسَالٍ لِمَا قَدْ وُصِلاَ 197 - أوْ وَقْفِ مَا يُرْفَعُ، أوْ مَتْنٌ دَخَلْ ... في غَيْرِهِ، أوْ وَهْمِ وَاهِمٍ حَصَلْ 198 - ظَنَّ فَأمْضَى، أوْ وَقَفْ فأحْجَمَا ... مَعْ كَوْنِهِ ظَاهِرَهُ أنْ سَلِمَا (وَسَمِّ مَا بِعِلّةٍ مَشْمُوْلُ)، أي: الحديث الذي شملته علة من علل الحديث (مُعَلَّلاً، وَلاَ تَقُلْ: مَعْلُوْلُ) قال النووي (¬1): إنه لحن. (وَهْيَ) أي: العلة (عِبَارَةٌ عَنْ اسْبَابٍ طَرَتْ) على الحديث (فِيْهَا غُمُوْضٌ وَخَفَاءٌ (¬2) أثَّرَتْ) أي: قدحت في صحته (تُدْرَكُ بِالخِلاَفِ) أي: بمخالفة غير الراوي له (وَالتَّفَرُّدِ) أي: وتفرده، (مَعَ قَرَائِنٍ تُضَمُّ) إلى ذلك (يَهْتَدِيْ جِهْبَذُهَا) أي: الناقد بذلك (إلى اطِّلاَعِهِ عَلَى تَصْويْبِ إرْسَالٍ لِمَا قَدْ وُصِلاَ) أي: على إرسال في الموصول، (أوْ وَقْفِ مَا يُرْفَعُ) أي: وقف في المرفوع، (أوْ مَتْنٌ دَخَلْ في غَيْرِهِ) أي: أو دخول حديث في حديث، (أوْ وَهْمِ وَاهِمٍ حَصَلْ) بغير ذلك ¬

(¬1) في «التقريب والتيسير»: (1/ 294) مع «التدريب». (¬2) في الأصل: فيها خفاء وغموض. وهو قلب.

(ظَنَّ فَأمْضَى) أي: بحيث غلب على ظنه ذلك فأمضاه وحكم به، (أوْ وَقَفْ فأحْجَمَا) أي: أو تردد في ذلك فوقف وأحجم عن الحكم بصحة الحديث وإن لم يغلب على ظنه صحة التعليل بذلك (مَعْ كَوْنِهِ) أي: الحديث المعلل (ظَاهِرَهُ أنْ سَلِمَا) أي: السلامة من العلة. 199 - وَهْيَ تَجِيءُ غَالِباً في السَّنَدِ ... تَقْدَحُ في المتْنِ بِقَطْعِ مُسْنَدِ 200 - أوْ وَقْفِ مَرْفُوْعٍ، وَقَدْ لاَ يَقْدَحُ ... «كَالبَيِّعَانِ بالخِيَار» صَرَّحُوا 201 - بِوَهْمِ يَعْلَى بْنِ عُبَيدٍ: أبْدَلا ... عَمْراً بـ عَبْدِ اللهِ حِيْنَ نَقَلا 202 - وَعِلَّةُ المتْنِ كَنَفْي البَسْمَلَهْ ... إذْ ظَنَّ رَاوٍ نَفْيَها فَنَقَلَهْ 203 - وَصَحَّ أنَّ أَنَساً يَقُوْلُ: لا ... أحْفَظُ شَيْئاً فِيهِ حِيْنَ سُئِلاَ (وَهْيَ) أي: العلة (تَجِيءُ غَالِباً في [13 - ب] السَّنَدِ) وتكون في المتن. ثم العلة في الإسناد قد (تَقْدَحُ في) صحة (المتْنِ بِقَطْعِ مُسْنَدِ أوْ وَقْفِ مَرْفُوْعٍ) أي: كالتعليل بالإرسال والوقف، (وَقَدْ لاَ يَقْدَحُ؛ كَالبَيِّعَانِ) أي: كحديث رواه يعلى بن عبيد (¬1)، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البيعان (بالخِيَار)» الحديث (صَرَّحُوا بِوَهْمِ يَعْلَى بْنِ عُبَيدٍ) على سفيان (أبْدَلا عَمْراً) أي: عمرو بن دينار (بعَبْدِ اللهِ) بن دينار (حِيْنَ نَقَلا)؛ فإن المعروف من حديث سفيان عن عبد الله (¬2)، ولم يقدح ذلك في صحة المتن. ¬

(¬1) رواية يعلى أخرجها الطبراني في «المعجم الكبير»: (12/ 448 - 449). (¬2) أخرجه البخاري (ج2109)، ومسلم (ج1531)، والنسائي (ج4480).

(وَعِلَّةُ المتْنِ كَنَفْي البَسْمَلَهْ) أي: كرواية مسلم في «صحيحه» (¬1) عن الوليد: ثنا الأوزاعي عن قتادة أنه كتب إليه بخبر عن أنس بن مالك أنه حدثه قال: «صلَّيت خَلْفَ النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها». وروى مالك في «الموطأ» (¬2) عن حُمَيْد عن أنس قال: «صليت وراء أبي بكر، وعمر، وعثمان، فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم» وزاد فيه الوليد (¬3) عن مالك: «صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم»، (إذْ ظَنَّ رَاوٍ نَفْيَها فَنَقَلَهْ) أي: إذ ظن بعض الرواة فهماً منه أن قول أنس: «يستفتحون بالحمد لله أنهم لا يبسملون»، فرواه على فهمه بالمعنى (وَصَحَّ) من رواية أبي مسلمة سعيد بن يزيد (أنَّ أَنَساً يَقُوْلُ: لا أحْفَظُ شَيْئاً فِيهِ حِيْنَ سُئِلاَ) فإن أبا مسلمة قال: سألت أنس بن مالك أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بالحمد لله رب العالمين أو ببسم الله الرحمن الرحيم؟ فقال: إنك لتسألني عن شيء ما أحفظه وما سألني عنه أحد قبلك (¬4). 204 - وَكَثُرَ التَّعْلِيْلُ بِالإرْسَالِ ... لِلوَصْلِ إنْ يَقْوَ عَلَى اتِّصَالِ 205 - وَقَدْ يُعِلُّوْنَ بِكُلِّ قَدْحِ ... فِسْقٍ، وَغَفْلَةٍ، وَنَوْعِ جَرْحِ ¬

(¬1) (ح 339 - 520). (¬2) رقم (214). (¬3) رواية الوليد أخرجها ابن عبد البر في «التمهيد»: (2/ 228). (¬4) أخرجه أحمد في «المسند»: (3/ 190)، والدارقطني في سننه (1/ 316).

206 - وَمِنْهُمُ مَنْ يُطْلِقُ اسْمَ العِلَّةِ ... لِغَيْرِ قادحٍ كَوَصْلِ ثِقَةِ 207 - يَقُوْلُ: مَعْلُوْلٌ صَحِيْحٌ كَالذّيْ ... يَقُوْلُ: صَحَّ مَعْ شُذُوْذٍ احْتَذِيْ (وَكَثُرَ التَّعْلِيْلُ بِالإرْسَالِ لِلوَصْلِ إنْ يَقْوَ) الإرسال (عَلَى اتِّصَالِ). (وَقَدْ يُعِلُّوْنَ) الحديث (بِكُلِّ قَدْحِ فِسْقٍ، وَغَفْلَةٍ، وَنَوْعِ جَرْحِ) من الكذب وسوء الحفظ، وذلك موجود في كتب علل الحديث. (وَمِنْهُمُ مَنْ يُطْلِقُ اسْمَ العِلَّةِ لِغَيْرِ قادحٍ) من وجوه الخلاف (كَوَصْلِ ثِقَةِ) أي: كالحديث الذي وصله الثقة الضابط [14 - أ] وأرسله غيره، (يَقُوْلُ: مَعْلُوْلٌ صَحِيْحٌ)، قال ذلك أبو يعلى الخليلي (¬1)، فإنه جعل من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول (كَالذّيْ يَقُوْلُ: صَحَّ مَعْ شُذُوْذٍ احْتَذِيْ) أي: كما قال بعضهم: من الصحيح ما هو صحيح شاذ. 208 - وَالنَّسْخَ سَمَّى التِّرْمِذِيُّ عِلَّهْ ... فَإنْ يُرِدْ في عَمَلٍ فَاجْنَحْ لَهْ (وَالنَّسْخَ سَمَّى التِّرْمِذِيُّ عِلَّهْ (¬2) فَإنْ يُرِدْ في عَمَلٍ) أي: الترمذي، أنه عِلَّةٌ في العمل بالحديث (فَاجْنَحْ لَهْ) أي: مِلْ إلى كلامه، وإن يرِد في صحة نقله فلا؛ لأن في الصحيح أحاديث كثيرة منسوخة. ¬

(¬1) في «الإرشاد»: (1/ 160 - 165). (¬2) إذ حكم على حديث معاوية في شرب الخمر (ح1444) من «سننه» بأنه منسوخ، ثم قال في «العلل»: (ص886) بعد سياقه: «وقد بينا علته في الكتاب» أ. هـ. قال ابن رجب في «شرح العلل»: (1/ 8): «وقوله-أي الترمذي-: قد بينا علته ... » فإنما بَيَّن ما قد يُستدل به على نسخه، لا أنه بَيَّن ضعف بإسناده».

المضطرب

الْمُضْطَرِبُ 209 - مُضْطَرِبُ الحَدِيثِ: مَا قَدْ وَرَدَا ... مُخْتَلِفاً مِنْ وَاحِدٍ فَأزْيَدَا 210 - في مَتْنٍ اوْ في سَنَدٍ إنِ اتَّضَحْ ... فِيْهِ تَسَاوِي الخُلْفِ، أَمَّا إِنْ رَجَحْ 211 - بَعْضُ الوُجُوْهِ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرِبَا ... وَالحُكْمُ للرَّاجِحِ مِنْهَا وَجَبَا 212 - كَالخَطِّ للسُّتْرَةِ جَمُّ الخُلْفِ ... والاضْطِرَابُ مُوْجِبٌ للضَّعْفِ (مُضْطَرِبُ الحَدِيثِ: مَا قَدْ وَرَدَا مُخْتَلِفاً مِنْ وَاحِدٍ) أي: ما اختلف راويه فيه، فرواه مَرَّةً على وجه، ومرة على وجه آخر مخالِف له، (فَأزْيَدَا) أي: وهكذا إن اضطرب فيه راويان فأكثر فرواه كل واحدٍ على وجه مخالف للآخر. والاضطراب قد يكون (في مَتْنٍ، اوْ في سَنَدٍ إنِ اتَّضَحْ فِيْهِ تَسَاوِي الخُلْفِ) أي: وإنما يسمى مضطرباً إذا تساوت الروايتان المختلفتان في الصحة بحيث لم ترَجَّحْ إحداهما على الأخرى. (أَمَّا إِنْ رَجَحْ بَعْضُ الوُجُوْهِ) بكون راويه أحفظ أو أكثر صحْبَة للمروي عنه، أو غير ذلك، (لَمْ يَكُنْ مُضْطَرِبَا) ولا له حكمه، (وَالحُكْمُ للرَّاجِحِ مِنْهَا وَجَبَا). ومثال الاضطراب في السند: (كَالخَطِّ) أي: كحديث الخط (للسُّتْرَةِ)، وهو قوله عليه السلام: «إذا صلَّى أحدكم فليجعل شيئاً تلقاء وجهه» وفيه «فإذا لم يجد عصا ينصبها بين يديه فليخط خطاً»، (جَمُّ الخُلْفِ) فإنه اختلِفَ

فيه على إسماعيل اختلافاً كثيراً (¬1). ومثال الاضطراب في المتن قول فاطمة بنت قيس: سألت أو سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الزكاة فقال: «إن في المال لحقاً» فقد اضطُرِب في لفظه فروي هكذا (¬2)، وروي: «ليس في المال حق سوى الزكاة» (¬3). (والاضْطِرَابُ مُوْجِبٌ للضَّعْفِ) أي: لضعف الحديث المضطرب لعدم ضبط رواته. ¬

(¬1) راجع له «علل الدارقطني»: (10/ 278 - 287)، وانظر: «فتح المغيث»: (2/ 71 - 76). (¬2) أخرجه الترمذي في «سننه» (ج659). (¬3) أخرجه ابن ماجه (ج1789)، وانظر شرح العراقي على ألفيته (1/ 293 حاشية4).

المدرج

الْمُدْرَجُ 213 - المُدْرَجُ: المُلْحَقُ آخِرَ الخَبَرْ ... مِنْ قَوْلِ راوٍ مَا، بلا فَصْلٍ ظَهَرْ 214 - نَحْوُ إذَا قُلْتَ: «التَّشَهُّدَ» وَصَلْ ... ذَاكَ زُهَيْرٌ وَابنُ ثَوْبَانَ فَصَلْ 215 - قُلْتُ: وَمِنْهُ مُدْرَجٌ قَبْلُ قُلِبْ ... كـ «أسْبِغُوا الوُضُوْءَ وَيْلٌ لِلعَقِبْ» (المُدْرَجُ) أقسام الأول منه (المُلْحَقُ آخِرَ الخَبَرْ مِنْ قَوْلِ راوٍ مَا) من رواته، إمَّا الصحابي أو من بعده، (بلا فَصْلٍ ظَهَرْ) أي: من غير فصل بين الحديث وبين ذلك الكلام بذكر قائله، فيتوهم من لا يعلم أن الجميع مرفوع (نَحْوُ: إذَا [14 - ب] قُلْتَ التَّشَهُّدَ) أي: ما رواه أبو داود (¬1) قال: ثنا عبد الله ثنا زهير ثنا الحسن، عن القاسم قال: أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله بن مسعود فَعَلَّمَنَا التشهد في الصلاة قال: فذكر مثل حديث الأعمش: «إذا قلت هذا وقضيت فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد». (وَصَلْ ذَاكَ) أي: قوله إذا قلت إلى آخره (زُهَيْرٌ) بالحديث المرفوع، وذهب الحفاظ (¬2) إلى أن هذا من قول ابن مسعود فأُدْرِجَ في الحديث، ¬

(¬1) في «سننه»: (ج970). (¬2) كالحاكم في «معرفة علوم الحديث»: (ص199) والبيهقي في «السنن الكبرى»: (1/ 449)، والخطيب في «الفصل للوصل المدرج من النقل»: (1/ 103)، بل ذكر النووي في «الخلاصة»: (1/ 449) اتفاق الحفاظ عليه.

(وابنُ ثَوْبَانَ فَصَلْ) (¬1) فإنه رواه عن الحسن بن الحر كذلك، وجعل آخره من قول ابن مسعود ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال المصنف (قُلْتُ: وَمِنْهُ مُدْرَجٌ قَبْلُ) أي: أُتِىَ به قبل الحديث المرفوع، أو قبل آخره في وسطه، (قُلِبْ) أي: جعل آخره أوله؛ لأن الغالب في المدرجات ذكرها عقيب الحديث، (كـ أسْبِغُوا الوُضُوْءَ وَيْلٌ لِلعَقِبْ) أي: كقول أبي هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار» (¬2) فأسبغوا الوضوء من قول أبي هريرة (¬3). 216 - وَمِنْهُ جَمْعُ مَا أتَى كُلُّ طَرَفْ ... مِنْهُ بِإسْنَادٍ بِوَاحِدٍ سَلَفْ 217 - كـ (وَائِلٍ) في صِفَةِ الصَّلاَةِ قَدْ ... اُدْرِجَ (ثُمَّ جِئْتُهُمْ) وَمَا اتَّحَدْ (وَمِنْهُ) أي: من أقسام المدرج (جَمْعُ مَا أتَى كُلُّ طَرَفْ مِنْهُ بِإسْنَادٍ) أي: أن يكون الحديث عند راويه بإسناد إلا طرفاً منه فإنه عنده بإسناد آخر فيجمع الراوي عنه طَرَفَي الحديث، (بِوَاحِدٍ سَلَفْ) أي: بإسناد الطرف الأول، ولا يذكر إسناد طرفه الثاني، (كـ (وَائِلٍ) في صِفَةِ الصَّلاَةِ) أي: صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (قَدْ اُدْرِجَ) وقال فيه: (ثُمَّ جِئْتُهُمْ) بعد ¬

(¬1) «سنن الدارقطني»: (1/ 253). (¬2) أخرجه الخطيب في «الفصل للوصل»: (1/ 159). (¬3) فقد رواه غندر، وهشيم، والنضر بن شميل، ووكيع، وأبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير، وآدم بن أبي إياس، وعاصم بن علي، وعلي بن الجعد وغيرهم عن شعبة وجعلوا الكلام الأول من قول أبي هريرة والثاني مرفوعاً. انظر تفصيل ذلك ومواضع رواياتهم في «شرح العراقي على ألفيته»: (1/ 298) و «شرح السيوطي على الألفية»: (ص180).

ذلك في زمان فيه برد شديد، فرأيت الناس عليهم جُلَّ الثياب، تَحَرَّكُ أيديهم تحت الثياب (¬1). (وَمَا اتَّحَدْ) إسناد هذا الطرف الأخير مع أول الحديث؛ فإن قوله: «ثم جئت» ليس هو بهذا الإسناد، وإنما أُدرج عليه (¬2). 218 - وَمِنْهُ أنْ يُدْرَجَ بَعْضُ مُسْنَدِ ... في غَيْرِهِ مَعَ اخْتِلاَفِ السَّنَدِ 219 - نَحْوُ «وَلاَ تَنَافَسُوْا» في مَتْنِ «لاَ ... تَبَاغَضُوا» فَمُدْرَجٌ قَدْ نُقِلاَ 220 - مِنْ مَتْنِ «لاَ تَجَسَّسوا» أدْرَجَهُ ... ابْنُ أبي مَرْيَمَ إذْ أخْرَجَهُ (وَمِنْهُ) أي: من أقسام المدرج (أنْ يُدْرَجَ بَعْضُ مُسْنَدِ في غَيْرِهِ) أي: بعض حديث في حديث آخر (مَعَ اخْتِلاَفِ السَّنَدِ) أي: سندهما، (نَحْوُ (وَلاَ تَنَافَسُوْا) في مَتْنِ (لاَ) تَبَاغَضُوا) أي: ما رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تنافسوا» (¬3) الحديث (فَمُدْرَجٌ قَدْ نُقِلاَ [15 - أ] مِنْ مَتْنِ (لاَ تَجَسَّسوا)) أي: قوله: «ولا تنافسوا» مُدْرَجٌ في هذا الحديث وليس فيه، (أدْرَجَهُ ابْنُ أبي مَرْيَمَ إذْ أخْرَجَهُ) من حديث آخر عن النبي ¬

(¬1) «سنن أبي داود»: (ج727، 728) والنسائي: (2/ 236). (¬2) رواه مبيَّناً زهير بن معاوية وشجاع بن الوليد فميَّزا قصة تحريك الأيدي من تحت الثياب وفصلاها من الحديث: «شرح العراقي على الألفية»: (1/ 301) بتصرف يسير. ورواية زهير أخرجها أحمد في «المسند»: (1/ 368). ورواية شجاع أخرجها الخطيب في «الفصل للوصل»: (1/ 429). وانظر: «الفصل للوصل»: (1/ 426 - 429). (¬3) أخرجه مع الإدراج الخطيب في «الفصل للوصل»: (2/ 739)، وابن عبد البر في «التمهيد»: (6/ 116)، قال ابن عبد البر: «وقد زاد سعيد بن أبي مريم في هذا الحديث عن مالك: «ولا تنافسوا .. » ثم دلل عليه.

صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا» (¬1). 221 - وَمِنْهُ مَتْنٌ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرَدْ ... وَبَعْضُهُمْ خَالَفَ بَعْضاً في السَّنَدْ 222 - فَيَجْمَعُ الكُلَّ بإسْنَادٍ ذَكَرْ ... كَمَتْنِ «أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ» الخَبَرْ 223 - فَإنَّ عَمْراً عِنْدَ وَاصِلٍ فَقَطْ ... بَيْنَ شَقيْقٍ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ سَقَطْ 224 - وَزَادَ الاعْمَشُ كَذَا مَنْصُوْرُ ... وَعَمْدُ الادْرَاجِ لَهَا مَحْظُوْرُ (وَمِنْهُ) أي: من أقسام المدرج: (مَتْنٌ عَنْ جَمَاعَةٍ وَرَدْ وَبَعْضُهُمْ خَالَفَ بَعْضاً في السَّنَدْ فَيَجْمَعُ الكُلَّ بإسْنَادٍ ذَكَرْ) أي: فيجمعهم على إسناد واحد مما اختلفوا فيه، ويدرج رواية من خالفهم معهم على الاتفاق، (كَمَتْنِ أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ الخَبَرْ) فإنه رواه الترمذي (¬2): عن بندار، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عن واصل ومنصور والأعمش، عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل، عن عبد الله، وهكذا رواه محمد بن كثير العبدي (¬3)، عن سفيان، فرواية واصل هذه مدرجة على رواية منصور والأعمش؛ (فَإنَّ عَمْراً عِنْدَ وَاصِلٍ فَقَطْ بَيْنَ شَقيْقٍ (¬4) وَابْنِ مَسْعُوْدٍ سَقَطْ) فيجعله عن أبي وائل عن عبد الله (وَزَادَ ¬

(¬1) «الموطا»: (2640). (¬2) (ح3182، 3183). (¬3) أخرج روايته الخطيب في «الفصل للوصل»: (2/ 820). (¬4) هو أبو وائل: اسمه شقيق بن سلمة الأسدي. «تقريب التهذيب».

الاعْمَشُ كَذَا مَنْصُوْرُ) ذكر عمرو بن شرحبيل بين شقيق وابن مسعود (¬1)، على أنه قد اختُلِفَ على الأعمش في زيادته (¬2). (وَعَمْدُ الادْرَاجِ لَهَا) أي: لهذه الأقسام (مَحْظُوْرُ) أي: ممنوع. ¬

(¬1) بَيَّنَ الإسنادين معاً يحيى بن سعيد القطَّان في روايته عن سفيان، وفصل أحدهما من الآخر، فرواه عن سفيان عن منصور والأعمش كلاهما عن أبي وائل عن عمرو عن عبد الله، كما عند البخاري (ح6811)، وعن سفيان عن واصل عن أبي وائل عن عبد الله من غير ذكر عمرو بن شرحبيل، كما عند البخاري (ح4761). (¬2) انظر: «الفصل للوصل»: (2/ 822 - 823).

الموضوع

الْمَوْضُوْعُ 225 - شَرُّ الضَّعِيْفِ: الخَبَرُ الموضُوْعُ ... الكَذِبُ، المُختَلَقُ، المَصْنُوْعُ 226 - وَكَيْفَ كَانَ لَمْ يُجِيْزُوا ذِكْرَه ... لِمَنْ عَلِمْ، مَا لَمْ يُبَيِّنْ أمْرَهْ 227 - وَأكْثَرَ الجَامِعُ فِيْهِ إذْ خَرَجْ ... لِمُطْلَقِ الضُّعْفِ، عَنَى: أبَا الفَرَجْ (شَرُّ) الحديث (الضَّعِيْفِ: الخَبَرُ الموضُوْعُ الكَذِبُ) أي: وهو المكذوب، ويقال له: (المُختَلَقُ، المَصْنُوْعُ) أي: إن واضعه اختلقه وصنعه (وَكَيْفَ كَانَ) الموضوع، أي: في أي معنى كان؛ في الأحكام، أو القصص، أو الترغيب والترهيب، وغير ذلك، (لَمْ يُجِيْزُوا ذِكْرَه لِمَنْ عَلِمْ) أي: لمن علم أنه موضوع أن يذكره بروايةٍ أو احتجاجٍ أو ترغيب، (مَا لَمْ يُبَيِّنْ أمْرَهْ) أي: إلا مع بيان أنه موضوع. قال ابن الصلاح (¬1): (وَأكْثَرَ الجَامِعُ فِيْهِ) أي: في الموضوع نحو مجلدين (إذْ خَرَجْ لِمُطْلَقِ الضُّعْفِ) فأودع فيه كثيراً منها لا دليل على وضعه وإنما حقه أن يُذْكَر في مطلق الأحاديث الضعيفة. (عَنَى) ابن الصلاح بالجامع المذكور (أبَا الفَرَجْ) أي: ابن الجوزي (¬2). 228 - وَالوَاضِعُوْنَ لِلحَدِيْثِ أضْرُبُ ... أَضَرُّهُمْ قَوْمٌ لِزُهْدٍ نُسِبُوا ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص99). (¬2) واسم كتابه «الموضوعات» وهو مطبوع.

229 - قَدْ وَضَعُوْهَا حِسْبَةً، فَقُبِلَتْ ... مِنْهُمْ، رُكُوْنَاً لَهُمُ ونُقِلَتْ 230 - فَقَيَّضَ اللهُ لَهَا نُقَّادَهَا ... فَبَيَّنُوا بِنَقْدِهِمْ فَسَادَهَا 231 - نَحْوَ أبي عِصْمَةَ إذْ رَأَى الوَرَى ... زَعْمَاً نَأوْا عَنِ القُرَانِ، فافْتَرَى 232 - لَهُمْ حَدِيْثَاً في فَضَائِلِ السُّوَرْ ... عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فبئسَمَا ابْتَكَرْ 233 - كَذَا الحَدِيْثُ عَنْ أُبَيٍّ اعْتَرَفْ ... رَاوِيْهِ بِالوَضْعِ، وَبِئسَمَا اقتَرَفْ 234 - وَكُلُّ مَنْ أوْدَعَهُ كِتَابَهْ ... - كَالوَاحِدِيِّ - مُخْطِيءٌ صَوَابَهْ (وَالوَاضِعُوْنَ لِلحَدِيْثِ أضْرُبُ) بحسب الأمر الحامل لهم على الوضع مِنْ [15 - ب] انتصارٍ لمذهبهم، أو التقرب لبعض الأمراء أو اكتساب، أو غير ذلك (أَضَرُّهُمْ قَوْمٌ لِزُهْدٍ نُسِبُوا قَدْ وَضَعُوْهَا حِسْبَةً) فإنهم يحتسبون بذلك ويرونه قربةً، (فَقُبِلَتْ مِنْهُمْ، رُكُوْنَاً لَهُمُ ونُقِلَتْ)، فإن الناس يثقون بهم، ويركنون إليهم لما نسبوا إليه من الزهد. (فَقَيَّضَ اللهُ لَهَا نُقَّادَهَا فَبَيَّنُوا بِنَقْدِهِمْ فَسَادَهَا) حتى قال سفيان: «ما ستر الله أحداً يكذب في الحديث» (¬1). (نَحْوَ أبي عِصْمَةَ) نوح ابن أبي مريم (إذْ رَأَى الوَرَى زَعْمَاً نَأوْا عَنِ القُرَانِ، فافْتَرَى لَهُمْ حَدِيْثَاً في فَضَائِلِ السُّوَرْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فبئسَمَا ابْتَكَرْ) فإنه قيل له: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورةٌ سورة، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذا ¬

(¬1) أسنده ابن الجوزي في مقدمة «الموضوعات»: (1/ 48).

حسبة (¬1). (كَذَا الحَدِيْثُ عَنْ أُبَيٍّ) الطويل في فضائل سور القرآن سورة سورة، (اعْتَرَفْ رَاوِيْهِ بِالوَضْعِ) قال المؤمل بن إسماعيل: سألت عن من حَدَّثَهُ إلى أن أدخلني بيتاً فيه متصوفة معهم شيخ قال هذا قلت من حدثك؟ قال: لم يحدثني أحدٌ، ولكنا رأينا الناس قد رَغِبُوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إليه (¬2)، (وَبِئسَمَا اقتَرَفْ). (وَكُلُّ مَنْ أوْدَعَهُ) أي: حديث أُبَيّ (كِتَابَهْ) أي: تفسيره (كَالوَاحِدِيِّ (¬3)) والثعلبي (¬4) (مُخْطِيءٌ صَوَابَهْ). 235 - وَجَوَّزَالوَضْعَ عَلَى التَّرْغِيْبِ ... قَوْمُ ابنِ كَرَّامٍ، وَفي التَّرْهِيْبِ (وَجَوَّزَالوَضْعَ عَلَى التَّرْغِيْبِ قَوْمُ ابنِ كَرَّامٍ (¬5)، وَفي التَّرْهِيْبِ) مما لا يتعلق به حكم ¬

(¬1) انظر: «المدخل» للحاكم: (ص100) ضمن «المجموعة الكمالية»: (2). (¬2) انظر: «الموضوعات»: (1/ 241)، «اللآلئ المصنوعة»: (1/ 227 - 228). (¬3) هو: أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري. كان أوحد عصره في التفسير، صنف التفاسير الثلاثة: البسيط، والأوسط، والوجيز (تـ 468هـ). «إنباه الرواة»: (2/ 223) و «طبقات المفسرين» للواحدي: (1/ 378 - 380). (¬4) هو: أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري، المفسر، المتوفي سنة (427هـ). «وفيات الأعيان»: (1/ 79 - 80). (¬5) أبو عبد الله السجستاني المتكلم. «ميزان الاعتدال»: (4/ 21)، «الأنساب»: (11/ 60). وقد توسع برهان الدين اللقاني في الكلام عليه في شرحه على «النزهة» المسمى «قضاء الوطر» (2/ 1055 - 1059) بتحقيقنا.

من الثواب والعقاب ترغيباً للناس في الطاعة، وزجراً لهم عن المعصية. 236 - وَالوَاضِعُوْنَ بَعْضُهُمْ قَدْ صَنَعَا ... مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ، وَبَعْضٌ وَضَعَا 237 - كَلامَ بَعْضِ الحُكَمَا في المُسْنَدِ ... وَمِنْهُ نَوْعٌ وَضْعُهُ لَمْ يُقْصَدِ 238 - نَحْوُ حَدِيْثِ ثَابِتٍ «مَنْ كَثُرَتْ ... صَلاَتُهُ» الحَدِيْثَ، وَهْلَةٌ سَرَتْ (وَالوَاضِعُوْنَ بَعْضُهُمْ قَدْ صَنَعَا) كلاماً (مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ) ويرويه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. (وَبَعْضٌ وَضَعَا كَلامَ بَعْضِ الحُكَمَا) أو بعض الزهاد أو الإسرائيليات (في المُسْنَدِ) فجعله حديثاً. (وَمِنْهُ) أي: من أقسام الموضوع، (نَوْعٌ وَضْعُهُ لَمْ يُقْصَدِ) وإنما وهم فيه بعض الرواة، (نَحْوُ حَدِيْثِ ثَابِتٍ) هو ابن موسى الزاهد، عن شريك، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر مرفوعاً: (مَنْ كَثُرَتْ صَلاَتُهُ الحَدِيْثَ (¬1)، وَهْلَةٌ سَرَتْ) أي: غفلة فإنَّ ثابتاً دخل على شريك والمستملي بين يديه، وشريك يقول: ثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال [16 - أ] رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يذكر المتن، فلما نظر إلى ثابت قال: من كثرت صلاتُهُ بالليل حَسُنَ وجهُهُ بالنهار. وإنما أراد ثابتاً لزهده، فظن ثابتٌ أنه روى هذا الحديث مرفوعاً بهذا الإسناد فكان يُحَدِّثُ به عنه (¬2). ¬

(¬1) أخرجه ابن ماجه في «سننه»: (ج1333)، والخطيب في «تاريخه»: (1/ 13)، وابن أبي حاتم في «العلل»: (ص196). (¬2) انظر: «المدخل إلى الإكليل»: (ص63).

239 - وَيُعْرَفُ الوَضْعُ بِالاقْرَارِ، وَمَا ... نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ، وَرُبَّمَا 240 - يُعْرَفُ بِالرِّكَةِ قُلْتُ: اسْتَشْكَلاَ ... الثَّبَجِيُّ القَطْعَ بِالوَضْعِ عَلَى 241 - مَااعْتَرَفَ الوَاضِعُ إذْ قَدْ يَكْذِبُ ... بَلَى نَرُدُّهُ، وَعَنْهُ نُضْرِبُ (وَيُعْرَفُ الوَضْعُ بِالاقْرَارِ) أي: بإقرار واضعه، (وَمَا نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ وَرُبَّمَا يُعْرَفُ بِالرِّكَةِ) أي: بركة لفظ الحديث ومعناه. (قُلْتُ: اسْتَشْكَلاَ الثَّبَجِيُّ) نسبة لثَبَج البحر وهو ابن دقيق العيد (¬1)؛ فإنه ولد بساحل يَنْبُعَ، (القَطْعَ بِالوَضْعِ عَلَى مَااعْتَرَفَ الوَاضِعُ) بوضعه؛ (إذْ قَدْ يَكْذِبُ) في هذا الإقرار بعينه، (بَلَى نَرُدُّهُ، وَعَنْهُ نُضْرِبُ)؛ فإن هذا كافٍ في رده لكن ليس بقاطع في كونه موضوعاً (¬2). ¬

(¬1) أبو الفتح تقي الدين محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري البهزي، المتوفى سنة (702هـ) «تذكرة الحفاظ»: (4/ 1481)، و «الوافي بالوفيات»: (4/ 193). (¬2) «الاقتراح»: (ص234).

المقلوب

الْمَقْلُوْبُ 242 - وَقَسَّمُوا المَقْلُوْبَ قِسْمَيْنِ إلى: ... مَا كَانَ مَشْهُورَاً بِراوٍ أُبْدِلا 243 - بِواحدٍ نَظِيْرُهُ، كَيْ يَرْغَبَا ... فِيهِ، لِلاغْرَابِ إذا مَا اسْتُغْرِبَا 244 - وَمِنْهُ قَلْبُ سَنَدٍ لِمَتْنِ ... نَحْوُ: امْتِحَانِهِمْ إمَامَ الفَنِّ 245 - في مائَةٍ لَمَّا أتَى بَغْدَادَا ... فَرَدَّهَا، وَجَوَّدَ الإسْنَادَا 246 - وَقَلْبُ مَا لَمْ يَقْصِدِ الرُّوَاةُ ... نَحْوُ: «إذَا أُقِيْمَتِ الصَّلاَةُ ... » 247 - حَدَّثَهُ - في مَجْلِسِ البُنَاني- ... حَجَّاجٌ، اعْنِي: ابْنَ أبي عُثمَانِ 248 - فَظَنَّهُ - عَنْ ثَابِتٍ - جَرِيْرُ، ... بَيَّنَهُ حَمَّادٌ الضَّرِيْرُ (وَقَسَّمُوا المَقْلُوْبَ) وهو من أقسام الضعيف (قِسْمَيْنِ إلى مَا كَانَ) الحديث (مَشْهُورَاً بِراوٍ أُبْدِلا بِواحدٍ نَظِيْرُهُ) أي: فجعل مكانه راو آخر في طبقته (كَيْ يَرْغَبَا فِيهِ، لِلاغْرَابِ إذا مَا اسْتُغْرِبَا) أي: ليصير بذلك غريباً مرغوباً فيه، كحديث مشهور بسالم فجعل مكانه نافع. (وَمِنْهُ) أي: من المقلوب وهو القسم الثاني (قَلْبُ سَنَدٍ لِمَتْنِ) بأن يؤخذ إسناد متن فيجعل على متن آخر، ومتن هذا فيجعل بإسناد آخر. (نَحْوُ: امْتِحَانِهِمْ) أي: المحدثين (إمَامَ الفَنِّ) محمد بن إسماعيل البخاري (في مائَةٍ) أي: مائة حديث قلبوا متونها وأسانيدها، ودفعوا إلى كلِّ رجلٍ عشرةَ أحاديث، وأمروهم أن يلقوا ذلك عليه (لَمَّا أتَى بَغْدَادَا)، فحضر

المجلس جماعةٌ من المحدثين، فانتدب إليه رجل من العشرة فسأله عن حديث منها، فقال: لا أعرفه إلى العاشر، وهو يقول: لا أعرفه. ثم الثاني إلى الرجل العاشر، فلما علم فراغهم التفت إلى الأول فقال: أما حديثك الأول فكذا إلى تمام العشرة، (فَرَدَّهَا، وَجَوَّدَ الإسْنَادَا) فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه، وفعل بالآخرين كذلك (¬1). (وَ) منه (قَلْبُ مَا لَمْ يَقْصِدِ الرُّوَاةُ) قلبه ولكن انقلب على راويه، (نَحْوُ) ما رواه جرير، عن ثابت البناني، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا أُقِيْمَتِ الصَّلاَةُ) فلا تقوموا حتى تروني. (حَدَّثَهُ) أي: هذا الحديث (في مَجْلِسِ) ثابت (البُنَاني حَجَّاجٌ، اعْنِي: ابْنَ أبي عُثمَانِ فَظَنَّهُ - عَنْ ثَابِتٍ - جَرِيْرُ [16 - ب] بَيَّنَهُ حَمَّادٌ الضَّرِيْرُ) فإنه قال: كنت أنا وجرير بن حازم عند ثابت البناني فحدَّث حجاج ابن أبي عثمان عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، فظن جرير أنه إنما حدث به ثابت عن أنس (¬2). ¬

(¬1) القصة أخرجها ابن عدي في «أسامي من روى عنهم البخاري من مشايخه»: (ص62)، ومن طريقه الخطيب في «التاريخ»: (2/ 20 - 21)، وابن القطان في «بيان الوهم والإيهام»: (4/ 63). (¬2) «المراسيل» لأبي داود: (ص127).

تنبيهات

تنبيهات 249 - وَإنْ تَجِدْ مَتْنَاً ضَعِيْفَ السَّنَدِ ... فَقُلْ: ضَعِيْفٌ، أيْ: بِهَذَا فَاقْصِدِ 250 - وَلاَ تُضَعِّفْ مُطْلَقاً بِنَاءَ ... عَلَى الطَّرِيْقِ، إذْ لَعَلَّ جَاءَ 251 - بِسَنَدٍ مُجَوَّدٍ، بَلْ يَقِفُ ... ذَاكَ عَلَى حُكْمِ إمَامٍ يَصِفُ 252 - بَيَانَ ضَعْفِهِ، فَإنْ أطْلَقَهْ ... فَالشَّيْخُ فِيما بَعْدَهُ حَقَّقَهْ 253 - وَإنْ تُرِدْ نَقْلاً لِوَاهٍ، أوْ لِمَا ... يُشَكُّ فِيهِ لاَ بِإسْنَادِهِمَا 254 - فَأتِ بِتَمْرِيضٍ كـ «يُرْوَى» وَاجْزِمِ ... بِنَقْلِ مَا صَحَّ كـ «قَالَ» فَاعْلَمِ 255 - وَسَهَّلُوا في غَيْرِ مَوْضُوْعٍ رَوَوْا ... مِنْ غَيْرِ تَبْيِينٍ لِضَعْفٍ، وَرَأوْا 256 - بَيَانَهُ في الحُكْمِ وَالعَقَائِدِ ... عَنِ ابنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْرِ وَاحِدِ (وَإنْ تَجِدْ مَتْنَاً ضَعِيْفَ السَّنَدِ فَقُلْ: ضَعِيْفٌ) أي: فلك أن تقول هذا ضعيف (أيْ: بِهَذَا فَاقْصِدِ) أي: وتعني بذلك الإسناد (وَلاَ تُضَعِّفْ مُطْلَقاً) أي: وليس لك أن تعني بذلك ضعفه مطلقاً (بِنَاءَ عَلَى) ضعف ذلك (الطَّرِيْقِ؛ إذْ لَعَلَّ جَاءَ بِسَنَدٍ مُجَوَّدٍ) يثبت بمثله الحديث. (بَلْ يَقِفُ ذَاكَ) أي: جواز إطلاق ضعفه (عَلَى حُكْمِ إمَامٍ) من أئمة الحديث (يَصِفُ بَيَانَ ضَعْفِهِ) مفسراً، (فَإنْ أطْلَقَهْ) ولم يفسره (فَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (فِيما بَعْدَهُ) أي: في النوع الثالث والعشرين من كتابه قد (حَقَّقَهْ)، وسيأتي بعد تسعة عشر بيتاً.

(وَإنْ تُرِدْ نَقْلاً لِوَاهٍ) أي: لحديث ضعيف، (أوْ لِمَا يُشَكُّ فِيهِ)، أي: في صحته وضعفه (لاَ بِإسْنَادِهِمَا) أي: بغير إسناد (فَأتِ بِتَمْرِيضٍ كـ (يُرْوَى))، ورُوي، ولا تذكره بصيغة الجزم كقال وفعل. (وَاجْزِمِ بِنَقْلِ مَا صَحَّ كـ (قَالَ)) ونحوها (فَاعْلَمِ). (وَسَهَّلُوا في غَيْرِ مَوْضُوْعٍ رَوَوْا) فجوزوا التساهل في أسانيده وروايته (مِنْ غَيْرِ تَبْيِينٍ لِضَعْفٍ) في غير الأحكام والعقائد بل في الترغيب والترهيب ونحوها، أما الموضوع فلا يجوز ذكره إلا مع البيان. (وَرَأوْا بَيَانَهُ) من غير تساهل (في الحُكْمِ) الشرعي من الحلال والحرام وغيرهما (وَالعَقَائِدِ) كصفات الله تعالى. رُوِىَ ذلك (عَنِ) الإمام عبد الرحمن (ابنِ مَهْدِيٍّ وَغَيْرِ وَاحِدِ) (¬1). ¬

(¬1) انظر: «الجرح والتعديل»: (1/ 30 - 33) و «الكفاية»: (1/ 398 - 399) و «شرح علل الترمذي»: (1/ 73 - 74).

معرفة من تقبل روايته ومن ترد

مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رُوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ 257 - أَجْمَعَ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الأَثَرْ ... وَالْفِقْهِ فِي قَبُوْلِ نَاقِلِ الْخَبَرْ 258 - بِأنْ يَكُوْنَ ضَابِطاً مُعَدَّلاَ ... أيْ: يَقِظاً، وَلَمْ يَكُنْ مُغَفَّلاَ 259 - يَحْفَظُ إنْ حَدَّثَ حِفْظاً، يَحْوِيْ ... كِتَابَهُ إِنْ كَانَ مِنْهُ يَرْوِيْ 260 - يَعْلَمُ مَا فِي الَّلَفْظِ مِنْ إحِالَهْ ... إنْ يَرْوِ بالْمَعْنَى، وَفِي الْعَدَالَهْ 261 - بِأنْ يَكُوْنَ مُسْلِماً ذَا عَقْلِ ... قَدْ بَلَغَ الْحُلْمَ سَلِيْمَ الفِعْلِ 262 - مِنْ فِسْقٍ اوْ خَرْمِ مُرُوْءَةٍ وَمَنْ ... زَكَّاهُ عَدلاَنِ، فَعَدْلٌ مُؤْتًمَنْ 263 - وَصُحِّحَ اكْتِفَاؤُهُمْ بِالْوَاحِدِ ... جَرْحَاً وَتَعْدِيْلاً خِلاَفَ الشَّاهِدِ (أَجْمَعَ جُمْهُورُ أَئِمَّةِ الأَثَرْ وَالْفِقْهِ فِي قَبُوْلِ نَاقِلِ الْخَبَرْ) أي: على أنه يشترط فيمن يُحتج بروايته (بِأنْ يَكُوْنَ ضَابِطاً) لما يرويه (مُعَدَّلاَ، أيْ:) وتفسير الضابط أن يكون: (يَقِظاً، وَلَمْ يَكُنْ مُغَفَّلاَ يَحْفَظُ إنْ حَدَّثَ حِفْظاً، يَحْوِيْ كِتَابَهُ) أي: يحتوي على كتابه ويحفظه من التبديل والتغيير، (إِنْ كَانَ مِنْهُ يَرْوِيْ). (يَعْلَمُ مَا فِي الَّلَفْظِ مِنْ إحِالَهْ إنْ يَرْوِ بالْمَعْنَى) لأنه إذا حَدَّثَ به على المعنى وهو غير عالم بما يُحيل [17 - أ] معناه لم يَدْر لَعَلَّهُ يحيل الحلال إلى الحرام. (وَفِي الْعَدَالَهْ) أي: وشروط العدالة (بِأنْ يَكُوْنَ مُسْلِماً، ذَا عَقْلِ، قَدْ بَلَغَ الْحُلْمَ، سَلِيْمَ الفِعْلِ مِنْ فِسْقٍ) وهو ارتكاب كبيرة، أو إصرار على صغيرة، (اوْ خَرْمِ مُرُوْءَةٍ) ولم يشترط الحرية.

(وَ) بيان ما تثبت به العدالة أنَّ (مَنْ زَكَّاهُ عَدلاَنِ) بتنصيصهما على عدالته (فَعَدْلٌ مُؤْتًمَنْ). (وَصُحِّحَ اكْتِفَاؤُهُمْ بِالْوَاحِدِ) أي: بالعدل الواحد (جَرْحَاً وَتَعْدِيْلاً)؛ لأن العدد لم يُشترط في قبول الخبر فلم يُشترط في جرح راويه وتعديله (خِلاَفَ الشَّاهِدِ). 264 - صَحَّحَ استِغْنَاءَ ذِي الشُّهْرَةِ عَنْ ... تَزكِيَةٍ، كمَالكٍ نَجْمِ السُّنَنْ 265 - ولابنِ عَبْدِ البَرِّ كُلُّ مَنْ عُنِي ... بِحَمْلِهِ العِلْمَ وَلَمْ يُوَهَّنِ 266 - فَإنَّهُ عَدْلٌ بِقَوْلِ المُصْطَفَى ... «يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ» لكِنْ خُوْلِفَا و (صَحَّحَ) ابنُ الصلاح (¬1) (استِغْنَاءَ ذِي الشُّهْرَةِ) أي: من اشتهرت عدالته وشاع الثناء عليه بالأمانة، (عَنْ تَزكِيَةٍ) أي: بينة شاهدة بعدالته تنصيصاً، (كمَالكٍ نَجْمِ السُّنَنْ) هذا وصف الشافعي حيث قال: «إذا ذكر الأثر فمالك النجم» (¬2). (ولابنِ عَبْدِ البَرِّ (¬3) كُلُّ مَنْ عُنِي بِحَمْلِهِ العِلْمَ وَلَمْ يُوَهَّنِ فَإنَّهُ عَدْلٌ) محمولٌ في أمره على العدالة (بِقَوْلِ المُصْطَفَى: «يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ) من كل خَلَفٍ عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين» (¬4). ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص105). (¬2) أسنده أبو نعيم في «الحلية»: (6/ 318). (¬3) في «التمهيد»: (1/ 28). (¬4) أخرجه العقيلي في «الضعفاء»: (1/ 9 - 10، 4/ 556)، وابن عدي في «الكامل»: (1/ 152 - 153، 2/ 511)، والبيهقي في «الدلائل»: (1/ 44)، والخطيب في «شرف أصحاب الحديث»: (ص28 - 29)، وابن عبد البر في «التمهيد»: (1/ 59).

(لكِنْ خُوْلِفَا) فقال ابن الصلاح (¬1): «فيما قاله اتساع غير مرضي»، واستدلا له بالحديث لا يصح؛ لإرساله وضعفه، ولأن صحة الاستدلال به لو كان خبراً، ولا يصح حمله على الخبر لوجود من يحمل العلم وهو غير عدل فَيُحْمَل على الأمر. 267 - وَمَنْ يُوَافِقْ غَالِباً ذا الضَّبْطِ ... فَضَابِطٌ، أوْ نَادِراً فَمُخْطِيْ (وَمَنْ يُوَافِقْ غَالِباً ذا الضَّبْطِ) بأن يُعْتَبَر حديثه بحديث الثقات الضابطين، فإن وافقهم في روايتهم في اللفظ أو في المعنى ولو في الغالب (فَضَابِطٌ، أوْ نَادِراً فَمُخْطِيْ) أي: وإن كان الغالب المخالفة وإن وافقهم فنادر، عُرِفَ خطؤه وعدم ضبطه. 268 - وَصَحَّحُوا قَبُوْلَ تَعْدِيْلٍ بِلاَ ... ذِكْرٍ لأسْبَابٍ لَهُ، أنْ تَثْقُلاَ 269 - وَلَمْ يَرَوْ قَبُوْلَ جَرْحٍ أُبْهِمَا؛ ... لِلْخُلْفِ في أسبَابِهِ، وَرُبَّمَا 270 - اسْتُفْسِرَ الجَرْحُ فَلَمْ يَقْدَحْ، كَمَا ... فَسَّرَهُ شُعْبَةُ بِالرَّكْضِ، فَمَا 271 - هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الأثَرْ ... كـ «شَيْخَيِ الصَّحِيْحِ» مَعْ أهْلِ النَّظَرْ (وَصَحَّحُوا قَبُوْلَ تَعْدِيْلٍ بِلاَ ذِكْرٍ لأسْبَابٍ لَهُ، أنْ تَثْقُلاَ) أي: لئلا تثقل ويشق ذكرها؛ لأن أسبابه كثيرة. (وَلَمْ يَرَوْ قَبُوْلَ جَرْحٍ أُبْهِمَا) بل مُفَسَّرَاً مبينَ السبب؛ (لِلْخُلْفِ في أسبَابِهِ) فيطلق أحدهم الجرح بناءً على ما اعتقده جرحاً وليس بجرح في نفس الأمر، فلا بد من بيان سببه ليظهر أهو قادح أم لا؟. ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص106).

(وَرُبَّمَا اسْتُفْسِرَ الجَرْحُ فَلَمْ يَقْدَحْ، كَمَا فَسَّرَهُ شُعْبَةُ) لما قيل له: لم تركتَ حديث فلان؟ [17 - ب] (بِالرَّكْضِ) فقال: «رأيته يركض على برذون فتركته» (¬1) (فَمَا) (¬2) يلزم من ركضه؟. وقيل عكس ما ذُكِر، وقيل لابد من ذكر سببهما وقيل: لا يجب ذكر سبب واحد منهما. (هَذَا) أي: القول المذكور أولاً (الَّذِي عَلَيْهِ حُفَّاظُ الأثَرْ كـ (شَيْخَيِ الصَّحِيْحِ)) وهما البخاري ومسلم (مَعْ أهْلِ النَّظَرْ) وهم الأصوليون. 272 - فَإنْ يُقَلْ: «قَلَّ بَيَانُ مَنْ جَرَحْ» ... كَذَا إذَا قَالُوا: «لِمَتْنٍ لَمْ يَصِحْ» 273 - وَأبْهَمُوا، فَالشَّيْخُ قَدْ أجَابَا ... أنْ يَجِبَ الوَقْفُ إذا اسْتَرَابا 274 - حَتَّى يُبِيْنَ بَحْثُهُ قَبُوْلَهْ ... كَمَنْ أُوْلُو الصَّحِيْحِ خَرَّجُوا لَهْ 275 - فَفي البُخَارِيِّ احتِجَاجاً عِكْرِمَ ... مَعَ ابْنِ مَرْزُوْقٍ، وَغَيْرُ تَرْجُمَهْ 276 - وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِمَنْ قَدْ ضُعِّفَا ... نَحْوَ سُوَيْدٍ إذْ بِجَرْحٍ مَا اكتَفَى 277 - قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ أبُو المَعَاليْ ... واخْتَارَهُ تِلْمِيْذُهُ الغَزَاليْ 278 - وابْنُ الخَطِيْبِ الْحَقُّ أنْ يُحْكَمْ بِمَا ... أطْلَقَهُ العَالِمْ بِأسْبَابِهِمَا (فَإنْ يُقَلْ) يَرِدُ على هذا القول أنه (قَلَّ) في الكتب المصَنَّفة للجرح (بَيَانُ مَنْ جَرَحْ) بل يقتصرون على: «فلان ضعيف»، ونحوه (إذَا قَالُوا: لِمَتْنٍ: «لَمْ ¬

(¬1) أخرجه الخطيب في «الكفاية»: (1/ 344). (¬2) في الأصل: فماذا.

يَصِحْ») أو: «هذا حديث ضعيف» (وَأبْهَمُوا)، فاشتراط بيان السبب يُفْضِي إلى تعطيل ذلك. (فَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (قَدْ أجَابَا (¬1) أنْ يَجِبَ الوَقْفُ إذا اسْتَرَابا) أي: أنَّ ذلك وإن لم نعتمدْه في إثبات الجرح به فقد اعتمدناه في تَوَقُّفِنَا عن قَبول حديث من قالوا فيه مثل ذلك ثم يُبحث عن حاله، (حَتَّى يُبِيْنَ بَحْثُهُ قَبُوْلَهْ) إذا انزاحت عنه الريبة (كَمَنْ أُوْلُو الصَّحِيْحِ خَرَّجُوا لَهْ) ممن مَسَّهُ مثل هذا الجرح من غيرهم (فَفي البُخَارِيِّ احتِجَاجاً) أي: فالبخاري احتج بجماعة سبق عن غيره الطعن فيهم، منهم: (عِكْرِمَه) في التابعين، (مَعَ ابْنِ مَرْزُوْقٍ) في المتأخرين، (وَغَيْرُ تَرْجُمَهْ (¬2) وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِمَنْ قَدْ ضُعِّفَا نَحْوَ سُوَيْدٍ) هو ابن سعيد، وجماعة اشتهر عن من ينظر في حال الرواة الطعن عليهم؛ (إذْ بِجَرْحٍ) أي: بمطلق جرح (مَا اكتَفَى) (¬3). قال المصنف (قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ) إمام الحرمين (أبُو المَعَاليْ (¬4) واخْتَارَهُ تِلْمِيْذُهُ الغَزَاليْ (¬5) وابْنُ الخَطِيْبِ (¬6): الْحَقُّ أنْ يُحْكَمْ بِمَا أطْلَقَهُ العَالِمْ بِأسْبَابِهِمَا) فإن كان ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص108). (¬2) انظر: «هدي الساري»: (ص548 - 653)، سياق أسماء من طُعنَ فيه من رجال الصحيح والجواب عنهما. (¬3) انظر: «مقدمة النووي على شرح مسلم»: (1/ 188 - 190). (¬4) في «البرهان»: (1/ 621 - 622). (¬5) في «المستصفى»: (1/ 162). (¬6) الرازي في «المحصول»: (2/ 1/587 - 588).

المزكِّي عالماً بأسباب الجرح والتعديل اكتفينا بإطلاقه، وإلا فلا. 279 - وَقَدَّمُوا الجَرْحَ، وَقِيْلَ: إنْ ظَهَرْ ... مَنْ عَدَّلَ الأكْثَرَ فَهْوَ المُعْتَبَرْ (وَقَدَّمُوا الجَرْحَ) إذا تعارض هو والتعديل في راوٍ واحدٍ فجرَّحه بعضُهم وعَدَّله بعضهم. (وَقِيْلَ: إنْ ظَهَرْ مَنْ عَدَّلَ الأكْثَرَ) أي: إن كان عدد المعدلين أكثر (فَهْوَ المُعْتَبَرْ) أي: فيُقدم التعديل. وقيل: لا يرجح أحدها إلا بمرجح. 280 - وَمُبْهَمُ التَّعْدِيْلِ لَيْسَ يَكْتَفِيْ ... بِهِ الخَطِيْبُ والفَقِيْهُ الصَّيْرَفِيْ 281 - وَقِيْلَ: يَكْفِي، نَحْوُ أنْ يُقالا: ... حَدَّثَنِي الثِّقَةُ، بَلْ لَوْ قَالاَ: 282 - جَمِيْعُ أشْيَاخِي ثِقَاتٌ لَوْ لَمْ ... أُسَمِّ، لاَ يُقْبَلُ مَنْ قَدْ أَبْهَمْ 283 - وَبَعْضُ مَنْ حَقَّقَ لَمْ يَرُدَّهُ ... مِنْ عَالِمٍ في حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ (وَمُبْهَمُ التَّعْدِيْلِ) من غير تسمية المعدَّل (لَيْسَ يَكْتَفِيْ بِهِ) في التوثيق (الخَطِيْبُ) أبو بكر (¬1)، (والفَقِيْهُ) أبو بكر (الصَّيْرَفِيْ) (¬2). (وَقِيْلَ: يَكْفِي) حكاه ابن الصباغ عن أبي حنيفة (¬3) وذلك (نَحْوُ أنْ يُقالا حَدَّثَنِي الثِّقَةُ) من غير أن يسميه، (بَلْ) زاد الخطيب (¬4) بأنه (لَوْ قَالاَ جَمِيْعُ أشْيَاخِي ¬

(¬1) «الكفاية»: (1/ 298 - 299). (¬2) انظر: «البحر المحيط»: (4/ 291). (¬3) انظر: «أصول البزدوي»: (3/ 6) مع شرحه «كشف الأسرار». (¬4) في «الكفاية»: (1/ 298).

ثِقَاتٌ لَوْ لَمْ أُسَمِّ) ثم روى عن مَنْ لم يُسمه [18 - أ] (لاَ يُقْبَلُ مَنْ قَدْ أَبْهَمْ)؛ لأنه وإن كان ثقة عنده فربما لو سماه لكان ممن جَرَحَهُ غيره بجرح قادح. (وَبَعْضُ مَنْ حَقَّقَ لَمْ يَرُدَّهُ مِنْ عَالِمٍ في حَقِّ مَنْ قَلَّدَهُ) كقول مالك: «أخبرني الثقة»، وكذا الشافعي. قال ابن الصباغ (¬1): لم يورد الشافعي ذلك احتجاجاً بالخبر على غيره وإنما ذكر لأصحابه قيام الحجة عنده على الحُكم وقد عرف هو من روى عنه ذلك. 284 - وَلَمْ يَرَوْا فُتْيَاهُ أوْ عَمَلَهُ ... -عَلَى وِفَاقِ المَتْنِ- تَصْحِيْحَاً لَهُ 285 - وَلَيْسَ تَعْدِيلاً عَلَى الصَّحِيْحِ ... رِوَايَةُ العَدْلِ عَلَى التَّصْرِيْحِ (وَلَمْ يَرَوْا فُتْيَاهُ) أي: العالم (أوْ عَمَلَهُ -عَلَى وِفَاقِ المَتْنِ- تَصْحِيْحَاً لَهُ) أي: لذلك الحديث؛ لإمكان أن يكون ذلك منه لدليل آخر وافق ذلك الخبر. (وَلَيْسَ تَعْدِيلاً عَلَى الصَّحِيْحِ رِوَايَةُ العَدْلِ عَلَى التَّصْرِيْحِ) بأن روى العدلُ عن شيخٍ بصريح اسمِهِ؛ لجواز أن يروي عن غير العدل. وقيل: تعديل مطلقاً. وقيل: إن كان لا يروي إلا عن عدل تكون تعديلاً وإلا فلا. 286 - وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يُقْبَلُ المَجْهُوْلُ؟ ... وَهْوَ -عَلَى ثَلاَثَةٍ- مَجْعُوْلُ 287 - مَجْهُوْلُ عَيْنٍ: مَنْ لَهُ رَاوٍ فَقَطْ ... وَرَدَّهُ الاكْثَرُ، وَالقِسْمُ الوَسَطْ: ¬

(¬1) انظر: «البحر المحيط»: (4/ 297).

288 - مَجْهُوْلُ حَالٍ بَاطِنٍ وَظَاهِرِ ... وَحُكْمُهُ: الرَّدُّ لَدَى الجَمَاهِرِ، 289 - وَالثَّالِثُ: المَجْهُولُ لِلعَدالَهْ ... في بَاطِنٍ فَقَطْ. فَقَدْ رَأَى لَهْ 290 - حُجِّيَّةً -في الحُكْمِ-بَعْضُ مَنْ مَنَعْ ... مَا قَبْلَهُ، مِنْهُمْ سُلَيْمٌ فَقَطَعْ 291 - بِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ: إنَّ العَمَلا ... يُشْبِهُ أنَّهُ عَلَى ذَا جُعِلا 292 - في كُتُبٍ منَ الحَدِيْثِ اشْتَهَرَتْ ... خِبْرَةُ بَعْضِ مَنْ بِهَا تَعَذَّرَتْ 293 - في بَاطِنِ الأمْرِ، وبَعْضٌ يُشْهِرُ ... ذَا القِسْمَ مَسْتُوْرَاً، وَفِيْهِ نَظَرُ (وَاخْتَلَفُوا: هَلْ يُقْبَلُ المَجْهُوْلُ؟ وَهْوَ -عَلَى ثَلاَثَةٍ- مَجْعُوْلُ) القسم الأول: (مَجْهُوْلُ عَيْنٍ) وهو: (مَنْ لَهُ رَاوٍ فَقَطْ) كالهيثم بن حَنَش لم يرو عنه إلا واحد وهو أبو إسحاق السبيعي (¬1). (وَرَدَّهُ الاكْثَرُ). (وَالقِسْمُ الوَسَطْ) وهو الثاني (مَجْهُوْلُ حَالٍ) في العدالة (بَاطِنٍ وَظَاهِرِ) مع كونه معروف العين برواية عدلين عنه، (وَحُكْمُهُ: الرَّدُّ لَدَى الجَمَاهِرِ). (و) القسم (الثَّالِثُ المَجْهُولُ لِلعَدالَهْ في بَاطِنٍ فَقَطْ) أما في الظاهر فهو عدل (فَقَدْ رَأَى لَهْ حُجِّيَّةً -في الحُكْمِ-بَعْضُ مَنْ مَنَعْ مَا قَبْلَهُ) وهما القسمان الأوَّلان. (مِنْهُمْ سُلَيْمٌ) هو ابن أيوب الرازي (فَقَطَعْ بِهِ) (¬2)؛ لأن الأخبار مبنيٌّ على حسن الظن بالراوي. ¬

(¬1) «الجرح والتعديل»: (9/ 79). (¬2) انظر: «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص112)، و «البحر المحيط»: (4/ 281).

(وَقَالَ الشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬1) (إنَّ العَمَلا يُشْبِهُ أنَّهُ عَلَى ذَا جُعِلا في كُتُبٍ منَ الحَدِيْثِ اشْتَهَرَتْ خِبْرَةُ بَعْضِ مَنْ بِهَا تَعَذَّرَتْ في بَاطِنِ الأمْرِ) لتقادم العهد (وبَعْضٌ يُشْهِرُ) شهود (ذَا القِسْمَ) الأخير (مَسْتُوْرَاً). قال ابن الصلاح (¬2): وهو المستور، قال بعض أئمتنا (¬3): المستور من يكون عدلاً في الظاهر ولا تعرف عدالته باطناً. قال المصنف: (وَفِيْهِ نَظَرُ)؛ لأن الشافعي قال (¬4): لا يجوز أن يترك الحكم بشهادتهما إذا كانا عدلين في الظاهر، فعلى هذا لا يُقال لمن هو بهذه المثابة: أنه مستور. 294 - وَالخُلفُ في مُبْتَدِعٍ مَا كُفِّرَا ... قِيْلَ: يُرَدُّ مُطلَقَاً، وَاسْتُنْكِرَا 295 - وَقْيِلَ: بَلْ إذا اسْتَحَلَّ الكَذِبَا ... نُصْرَةَ مَذْهَبٍ لَهُ، وَنُسِبَا 296 - لِلشَّافِعيِّ، إذْ يَقُوْلُ: أقْبَلُ ... مِنْ غَيْرِ خَطَّابِيَّةٍ مَا نَقَلُوْا 297 - وَالأكْثَرُوْنَ - وَرَآهُ الأعْدَلاَ - ... رَدُّوَا دُعَاتَهُمْ فَقَطْ، وَنَقَلا 298 - فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ اتِّفَاقَاً، وَرَوَوْا ... عَنْ أهْلِ بِدْعٍ في الصَّحِيْحِ مَا دَعَوْا (وَالخُلفُ في) رواية (مُبْتَدِعٍ مَا كُفِّرَا) [18 - ب] في بدعته (قِيْلَ: يُرَدُّ مُطلَقَاً)؛ ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص112). (¬2) المصدر السابق. (¬3) هو البغوي في كتابه «تهذيب الفروع»: (5/ 263). (¬4) في «اختلاف الحديث»: (ص143).

لأنه فاسقٌ ببدعته. (وَاسْتُنْكِرَا)، قال ابن الصلاح (¬1): إنه بعيد فإن كتب أئمة الحديث طافحةٌ بالرواية عن المبتدعة غير الدعاة، أما المبتدع الذي يَكْفُرُ ببدعته فابن الصلاح لم يَحْكِ فيه خلافاً. (وَقْيِلَ: بَلْ) يُرَدُّ (إذا اسْتَحَلَّ الكَذِبَا نُصْرَةَ مَذْهَبٍ لَهُ، وَنُسِبَا) أي: ذا القول (لِلشَّافِعيِّ، إذْ يَقُوْلُ: أقْبَلُ مِنْ) أهل الأهواء (غَيْرِ خَطَّابِيَّةٍ) وهم من الرافضة (مَا نَقَلُوْا) (¬2)؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافِقِيْهم. (وَالأكْثَرُوْنَ - وَرَآهُ) ابن الصلاح (¬3) (الأعْدَلاَ - رَدُّوَا دُعَاتَهُمْ فَقَطْ) فقالوا: إن كان داعياً إلى بدعته لم يقبل وإن لم يكن داعية قُبِل. (وَنَقَلا فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ اتِّفَاقَاً) فقال (¬4): «الداعية إلى البدع لا يجوز الاحتجاج به عند أئمتنا قاطبةً لا أعلمُ بينهم فيه اختلافاً»، وقال (¬5): «ليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كان فيه بدعة ولم يَدْعُ إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز». (وَرَوَوْا عَنْ أهْلِ بِدْعٍ في الصَّحِيْحِ مَا دَعَوْا) أي: وفي «الصحيحين» كثير من ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص115). (¬2) نقله عنه الخطيب في «الكفاية»: (1/ 367). (¬3) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص115). (¬4) في «المجروحين»: (3/ 63 - 64). (¬5) في «الثقات»: (6/ 140 - 141) ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي. وعلق عليه السخاوي في «فتح المغيث»: (2/ 227) قائلاً: «وليس صريحاً في الاتفاق لا مطلقاً ولا بخصوص الشافعية».

أحاديث المبتدعة غير الدُّعاة كداود بن الحصين (¬1) وغيره. 299 - وَلِلحُمَيْدِيْ وَالإمَامِ أحْمَدَا ... بأنَّ مَنْ لِكَذِبٍ تَعَمَّدا 300 - أيْ فِي الحَدِيْثِ، لَمْ نَعُدْ نَقْبَلُهُ ... وَإنْ يَتُبْ، وَالصَّيْرَفِيِّ مِثْلُهُ 301 - وَأطْلَقَ الكِذْبَ، وَزَادَ: أنَّ مَنْ ... ضُعِّفَ نَقْلاً لَمْ يُقَوَّ بَعْدَ أنْ 302 - وَلَيْسَ كَالشَّاهِدِ، وَالسَّمْعَانِي ... أبُو المُظَفَّرِ يَرَى فِي الجَانِي 303 - بِكَذِبٍ فِي خَبَرٍ إسْقَاطَ مَا ... لَهُ مِنَ الحَدِيْثِ قَدْ تَقدَّمَا (وَلِلحُمَيْدِيْ وَالإمَامِ أحْمَدَا (¬2) بأنَّ مَنْ لِكَذِبٍ تَعَمَّدا أيْ فِي الحَدِيْثِ) أي: حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (لَمْ نَعُدْ نَقْبَلُهُ) أي: نقبل روايته أبداً، (وَإنْ يَتُبْ) وحسنت توبته، أما في حديث الناس فَتُقبل رواية الثابت منه. (وَالصَّيْرَفِيِّ) أي: وللصيرفي (مِثْلُهُ) أي: مثل قولهما (¬3)، ولكن (أطْلَقَ) الصيرفي (الكِذْبَ، وَزَادَ: أنَّ مَنْ ضُعِّفَ نَقْلاً لَمْ يُقَوَّ بَعْدَ أنْ وَلَيْسَ كَالشَّاهِدِ) فقال: «كل من أسقطنا خبره من أهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نَعُدْ لقبوله بتوبة تظهر، ومن ضعفنا نقله لم نجعله قوياً بعد ذلك»، وذكر أن ذلك مما افترقت فيه الرواية والشهادة. (وَالسَّمْعَانِي أبُو المُظَفَّرِ يَرَى فِي الجَانِي بِكَذِبٍ فِي خَبَرٍ) واحد (إسْقَاطَ مَا لَهُ مِنَ ¬

(¬1) قال الحافظ: رمي برأي الخوارج. «تقريب التهذيب»: (رقم 1779). (¬2) «الكفاية»: (1/ 358 - 360). (¬3) عزاه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص116) إلى «شرح الرسالة».

الحَدِيْثِ قَدْ تَقدَّمَا) (¬1). 304 - وَمَنْ رَوَى عَنْ ثِقَةٍ فَكَذَّبَهْ ... فَقَدْ تَعَارَضَا، وَلَكِنْ كَذِبَهْ 305 - لاَ تُثْبِتَنْ بِقَوْلِ شَيْخِهِ، فَقَدْ ... كَذَّبَهُ الآخَرُ، وَارْدُدْ مَا جَحَدْ 306 - وَإنْ يَرُدَّهُ بِلاَ أذْكُرُ أوْ ... مَا يَقْتَضِي نِسْيَانَهُ، فَقَدْ رَأوْا 307 - الحُكْمَ لِلذَّاكِرِ عِنْدَ المُعْظَمِ، ... وَحُكِيَ الإسْقَاطُ عَنْ بَعْضِهِمِ 308 - كَقِصَّةِ الشَّاهِدِ واليَمِيْنِ إذْ ... نَسِيَهُ سُهَيْلٌ الَّذِي أُخِذْ 309 - عَنْهُ، فَكَانَ بَعْدُ عَنْ رَبِيْعَهْ ... عَنْ نَفْسِهِ يَرْوِيْهِ لَنْ يُضِيْعَهْ 310 - وَالشَّافِعي نَهَى ابْنَ عَبْدِ الحَكَمِ ... يَرْوِي عَنِ الحَيِّ لخَوْفِ التُّهَمِ (وَمَنْ رَوَى) حديثاً (عَنْ ثِقَةٍ) وكان ثقةً (فَكَذَّبَهْ) أي: المروي عنه صريحاً أو بنفيٍ جازم (فَقَدْ تَعَارَضَا، وَلَكِنْ كَذِبَهْ) أي: الفرع (لاَ تُثْبِتَنْ بِقَوْلِ [19 - أ] شَيْخِهِ) بحيث يكون ذلك جرحاً للفرع (فَقَدْ كَذَّبَهُ الآخَرُ) في نفيه لذلك، وليس قبول جرح كلٍّ منهما بأولى من الآخر فتساقطا. (وَ) لكن (ارْدُدْ مَا جَحَدْ) أي: اردده من حديث الفرع إذا نفى الأصل تحديثه للفرع به خاصة، ولا يُرَدُّ من حديث الأصل نفسه إذا حَدَّث به. (وَإنْ يَرُدَّهُ) الأصل (بِـ «لاَ أذْكُرُ» أوْ مَا يَقْتَضِي نِسْيَانَهُ) كَـ «لا أعرفه» (فَقَدْ رَأوْا الحُكْمَ لِلذَّاكِرِ عِنْدَ المُعْظَمِ) فقبلوا ذلك، وقالوا: نسيان الأصل لا يُسْقِطُ العمل بما نسيه. ¬

(¬1) «قواطع الأدلة»: (2/ 304).

(وَحُكِيَ الإسْقَاطُ عَنْ بَعْضِهِمِ) حكاه ابن الصبَّاغ (¬1) عن بعض أصحاب أبي حنيفة. وذلك (كَقِصَّةِ الشَّاهِدِ واليَمِيْنِ) وهو أنه عليه السلام قضى باليمين مع الشاهد (¬2) (إذْ نَسِيَهُ سُهَيْلٌ الَّذِي أُخِذْ عَنْهُ، فَكَانَ بَعْدُ عَنْ رَبِيْعَهْ عَنْ نَفْسِهِ يَرْوِيْهِ لَنْ يُضِيْعَهْ) قال عبد العزيز: ذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة أني حدثته إياه، ولا أحفظه. قال عبد العزيز: فكان سُهيل بعدُ يحدثه عن ربيعة عنه عن أبيه (¬3). (وَالشَّافِعي نَهَى ابْنَ عَبْدِ الحَكَمِ يَرْوِي عَنِ الحَيِّ لخَوْفِ التُّهَمِ) فقال: «لا تُحدث عن حيٍّ فإن الحي لا يؤمن عليه النسيان» (¬4). 311 - وَمَنْ رَوَى بأُجْرَةٍ لَمْ يَقْبَلِ ... إسْحَاقُ والرَّازِيُّ وابْنُ حَنْبَلِ 312 - وَهْوَ شَبيْهُ أُجْرَةِ القُرْآنِ ... يَخْرُمُ مِنْ مُرُوْءَةِ الإنْسَانِ 313 - لَكِنْ أبُوْ نُعَيْمٍ الفَضْلُ أَخَذْ ... وَغَيْرُهُ تَرَخُّصَاً، فإنْ نَبَذْ 314 - - شُغْلاً بِهِ - الكَسْبَ أجِزْ إرْفَاقَا، ... أفْتَى بِهِ الشَّيْخُ أبُوْ إسْحَاقا (وَمَنْ رَوَى بأُجْرَةٍ لَمْ يَقْبَلِ إسْحَاقُ) (¬5)، وأبو حاتم (الرَّازِيُّ) (¬6)، وأحمد (ابْنُ ¬

(¬1) في «العدة» كما في «شرح العراقي على الألفية»: (1/ 362). (¬2) أخرجه أبو داود (ج3610) والترمذي (1/ 274) وابن ماجه (ج2368). (¬3) ذكر ذلك أبو داود عقب تخريجه الحديث في الموضع المشار إليه. (¬4) انظر: «مناقب الشافعي»: (2/ 38، 216). (¬5) انظر: «تهذيب الكمال»: (7/ 233). (¬6) انظر: «الكفاية»: (1/ 457).

حَنْبَلِ (¬1)، وَهْوَ شَبيْهُ أُجْرَةِ القُرْآنِ) أي: أخذ الأجرة على تعليم القرآن ونحوه (يَخْرُمُ مِنْ مُرُوْءَةِ الإنْسَانِ). (لَكِنْ أبُوْ نُعَيْمٍ الفَضْلُ) بن دكين (أَخَذْ (¬2) وَغَيْرُهُ تَرَخُّصَاً) أي: رخصوا في ذلك. (فإنْ نَبَذْ - شُغْلاً بِهِ - الكَسْبَ أجِزْ إرْفَاقَا أفْتَى بِهِ الشَّيْخُ أبُوْ إسْحَاقا) فإن أبا الحسين ابن النقور (¬3) فَعَلَ ذلك لأن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أفتاه بجواز أخذ الأجرة على التحديث؛ لأن أصحاب الحديث كانوا يمنعونه عن الكسب لعياله (¬4). 315 - وَرُدَّ ذُوْ تَسَاهُلٍ في الحَمْلِ ... كَالنَّوْمِ وَالأدَا كَلاَ مِنْ أصْلِ، 316 - أوْ قَبِلَ التَّلقِيْنَ، أوْ قَدْ وُصِفَا ... بِالمُنْكَرَاتِ كَثْرَةً، أوْ عُرِفَا 317 - بِكَثْرَةِ السَّهْوِ، وَمَا حَدَّثَ مِنْ ... أصْلٍ صَحِيْحٍ فَهْوَ رَدٌّ، ثُمَّ إنْ 318 - بُيِّنْ لَهُ غَلَطُهُ فَمَا رَجَعْ، ... سَقَطَ عِنْدَهُمْ حَدِيْثُهُ جُمَعْ 319 - كَذَا الحُمَيْدِيُّ مَعَ ابْنِ حَنْبَلِ ... وابْنِ المُبَارَكِ رَأَوْا فِي العَمَلِ 320 - قَالَ: وَفيهِ نَظَرٌ، نَعَمْ إذَا ... كَانَ عِنَادَاً مِنْهُ مَا يُنْكَرُ ذَا ¬

(¬1) انظر: المصدر السابق. (¬2) انظر: «الكفاية»: (1/ 461). (¬3) هو الشيخ الجليل مسند العراق أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن النقور، المتوفى سنة (470هـ). «المنتظم»: (8/ 314)، «سير أعلام النبلاء»: (18/ 373 - 374). (¬4) انظر المصادر السابقة في ترجمته.

(وَرُدَّ ذُوْ تَسَاهُلٍ في الحَمْلِ كَالنَّوْمِ) أي: كمن ينام هو أو شيخه في حالة السماع ولا يبالي بذلك. (و) في (الأدَا كَلاَ مِنْ أصْلِ) كأن يؤدِّي الحديث لا من أصلٍ صحيحٍ مقابل على أصلِهِ أو أصلِ شيخه. (أوْ قَبِلَ التَّلقِيْنَ) في الحديث وهو: أن يُلَقَّنَ الشيء فيحدِّث به من غير أن يَعْلَمَ أنه من حديثه. (أوْ قَدْ وُصِفَا بِالمُنْكَرَاتِ كَثْرَةً) أي: من كثرت المناكير والشواذ في حديثه. (أوْ عُرِفَا بِكَثْرَةِ السَّهْوِ) في رواياته (وَ) أي: [19 - ب] في حال كون من عرف بكثرة السهو (مَا حَدَّثَ مِنْ أصْلٍ صَحِيْحٍ فَهْوَ رَدٌّ) أما إذا حَدَّثَ من أصل صحيح فالسماع صحيح؛ لأن الاعتماد حينئذ على الأصل. (ثُمَّ) من غلط في حديث (إنْ بُيِّنْ لَهُ غَلَطُهُ فَمَا رَجَعْ) وأصَرَّ على روايته ذلك الحديث (سَقَطَ عِنْدَهُمْ حَدِيْثُهُ جُمَعْ) ولم يُكتب عنه (كَذَا الحُمَيْدِيُّ (¬1) مَعَ ابْنِ حَنْبَلِ (¬2) وابْنِ المُبَارَكِ (¬3) رَأَوْا فِي العَمَلِ). (قَالَ) ابن الصلاح (¬4): (وَفيهِ نَظَرٌ، نَعَمْ إذَا كَانَ عِنَادَاً مِنْهُ مَا يُنْكَرُ ذَا) أي: وهو غير مستنكَرٍ إذا ظهر أنَّ ذلك منه على جهة العناد أو نحو ذلك. ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (1/ 430). (¬2) انظر: المصدر السابق (1/ 429). (¬3) انظر: المصدر السابق (1/ 428). (¬4) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص120).

321 - وَأعْرَضُوا فِي هَذِهِ الدُّهُوْرِ ... عَنِ اجتِمَاعِ هَذِهِ الأمُوْرِ 322 - لِعُسْرِهَا، بَلْ يُكْتَفَى بِالعَاقِلِ ... المُسْلِمِ البَالِغِ، غَيْرِ الفَاعِلِ 323 - لِلفِسْقِ ظَاهِرَاً، وَفِي الضَّبْطِ بأنْ ... يَثْبُتَ مَا رَوَى بِخَطٍّ مُؤْتَمَنْ 324 - وَأنَّهُ يَرْوِي مِنَ اصْلٍ وَافَقَا ... لأصْلِ شَيْخِهِ، كَمَا قَدْ سَبَقَا 325 - لِنَحْوِ ذَاكَ البَيْهَقِيُّ، فَلَقَدْ ... آلَ السَّمَاعُ لِتَسَلْسُلِ السَّنَدْ (وَأعْرَضُوا فِي هَذِهِ الدُّهُوْرِ) أي: الأعصار المتأخرة (عَنِ اجتِمَاعِ هَذِهِ الأمُوْرِ) أي: عن اعتبار مجموع هذه الشروط؛ (لِعُسْرِهَا) وتعذر الوفاء بها. (بَلْ يُكْتَفَى) في أهلية الشيخ (بِالعَاقِلِ، المُسْلِمِ، البَالِغِ، غَيْرِ الفَاعِلِ لِلفِسْقِ ظَاهِرَاً) ولما يخرم المروءة. (وَفِي الضَّبْطِ) أي: ويُكتفَى في اشتراط ضبط الراوي (بأنْ يَثْبُتَ مَا رَوَى بِخَطٍّ مُؤْتَمَنْ، وَأنَّهُ يَرْوِي مِنَ اصْلٍ وَافَقَا لأصْلِ شَيْخِهِ، كَمَا قَدْ سَبَقَا لِنَحْوِ ذَاكَ البَيْهَقِيُّ (¬1)) لما ذَكَرَ تَوَسُّعَ من تَوَسَّعَ في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم، ولا يعرفون ما يُقرأ عليهم، بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم، وذلك لتدوين الأحاديث. (فَلَقَدْ آلَ السَّمَاعُ لِتَسَلْسُلِ السَّنَدْ) أي: صار القصد من الرواية والسماع أن يَصِيْرَ الحديث مسلسلاً بحدَّثَنا وأخبرنا وتبقى هذه الكرامة التي خُصَّتْ بها هذه الأمة. ¬

(¬1) «مناقب الشافعي»: (2/ 321).

مراتب التعديل

مَرَاتِبُ التَّعْدِيْلِ 326 - وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيْلُ قَدْ هَذَّبَهُ ... إِبْنُ أبي حَاتِمِ إِذْ رَتَّبَهُ 327 - وَالشَّيْخُ زَادَ فِيْهِمَا، وَزِدْتُ ... مَا فِي كَلاَمِ أَهْلِهِ وَجَدْتُ 328 - فَأَرْفَعُ التَّعْدِيلِ: مَا كَرَّرْتَهُ ... كَثِقَةٍ ثَبْتٍ وَلَوْ أَعَدْتَهُ 329 - ثُمَّ يَلِيْهِ «ثِقَةٌ» أوْ «ثَبْتٌ» اوْ ... «مُتْقِنٌ» اوْ «حُجَّةٌ» اوْ إذا عَزَوْا 330 - الحِفْظَ أَوْ ضَبْطَاً لِعَدْلٍ وَيَلِي ... «لَيْسَ بِهِ بَأسٌ» «صَدُوقٌ» وَصلِ 331 - بِذَاكَ «مَأَمُوْنَاً» «خِيَارَاً» وَتَلا ... «مَحَلُّهُ الصّدْقُ» رَوَوْا عَنْهُ إلى 332 - الصِّدْقِ مَا هُوَ كذَا شَيْخٌ وَسَطْ ... أَوْ وَسَطٌ فَحَسْبُ أَوْ شَيْخٌ فَقَطْ 333 - وَ «صَالِحُ الْحَدِيْثِ» أَوْ «مُقَارَبُهْ» ... «جَيِّدُهُ»، «حَسَنُهُ»، «مُقَارِبُهْ» 334 - صُوَيْلِحٌ صَدُوْقٌ انْ شَاءَاللهْ ... أَرْجُوْ بِأَنْ «لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ» عَرَاهُ 335 - وَابْنُ مَعِيْنٍ قال: مَنْ أَقُوْلُ: «لاَ ... بَأْسَ بِهِ» فَثِقَةٌ وَنُقِلاَ 336 - أَنَّ ابْنَ مَهْدِيٍّ أَجَابَ مَنْ سَأَلْ: ... أَثِقَةٌ كَاَنَ أبو خَلْدَةَ؟ بَلْ 337 - كَانَ «صَدُوْقاً» «خَيِّراً» «مَأْمُوْنَا» ... الثِّقَةُ «الثُّوْرِيُّ» لَوْ تَعُوْنَا 338 - وَرُبَّمَا وَصَفَ ذَا الصِّدْقِ وَسَمْ ... ضُعْفاً بِ «صَالِحِ الْحَدِيْثِ» إِذْ يَسِمْ (وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيْلُ قَدْ هَذَّبَهُ إِبْنُ أبي حَاتِمِ إِذْ رَتَّبَهُ) فرتَّب طبقات ألفاظهم

فيهما (¬1) فأجاد. (وَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (زَادَ فِيْهِمَا) ألفاظاً أَخَذَها من كلام غيره (¬2). قال المصنف (وَزِدْتُ) عليهما (مَا فِي كَلاَمِ أَهْلِهِ وَجَدْتُ) أي: ألفاظاً من كلام أهل هذا الشأن. (فَأَرْفَعُ التَّعْدِيلِ: مَا كَرَّرْتَهُ) إما مع تباين اللفظين (كَثِقَةٍ ثَبْتٍ) أو ثقة متقن أو نحو ذلك، (وَلَوْ أَعَدْتَهُ) أي: وإما مع إعادة اللفظ الأول كثقة ثقة ونحوها. (ثُمَّ يَلِيْهِ) المرتبة الثانية وهي: (ثِقَةٌ أوْ ثَبْتٌ أوْ مُتْقِنٌ أوْ حُجَّةٌ أوْ إذا عَزَوْا الحِفْظَ أَوْ ضَبْطَاً لِعَدْلٍ) بأن قالوا في العدل إنه حافظ أو ضابط. (وَيَلِي) هذه المرتبة المرتبة الثالثة وهي: (لَيْسَ بِهِ [20 - أ] بَأسٌ صَدُوقٌ وَصلِ بِذَاكَ مَأَمُوْنَاً خِيَارَاً). (وَتَلا) هذه المرتبة المرتبة الرابعة وهي (مَحَلُّهُ الصّدْقُ رَوَوْا عَنْهُ، إلى الصِّدْقِ مَا هُوَ، كذَا شَيْخٌ وَسَطْ، أَوْ وَسَطٌ فَحَسْبُ، أَوْ شَيْخٌ فَقَطْ، وَصَالِحُ الْحَدِيْثِ أَوْ مُقَارَبُهْ) بفتح الراء، أي: مقارب الحديث، (جَيِّدُهُ) أي: جيد الحديث، (حَسَنُهُ) أي: حسن الحديث، (مُقَارِبُهْ) بكسر الراء أي: مقارب الحديث (صُوَيْلِحٌ صَدُوْقٌ انْ شَاءَاللهْ أَرْجُوْ بِأَنْ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ عَرَاهُ). (وَابْنُ مَعِيْنٍ قال (¬3): مَنْ أَقُوْلُ: لاَ بَأْسَ بِهِ فَثِقَةٌ) فكلامه يقتضي التسوية بين ¬

(¬1) في «تقدمة الجرح والتعديل»: (1/ 38). (¬2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص121 - 124). (¬3) انظر: «الكفاية»: (1/ 99).

اللفظين، وأجاب المصنف عنه بأنه لا يقتضيها بل يقتضي أن من قال فيه هذا فهو ثقة وللثقة مراتب فالتعبير عنه بثقة أرفع من لا بأس به. (ونُقِلاَ أنَّ) عبد الرحمن (ابْنَ مَهْدِيٍّ أَجَابَ مَنْ سَأَلْ أَثِقَةٌ كَاَنَ أبو خَلْدَةَ؟ بَلْ كَانَ صَدُوْقاً) وكان (خَيِّراً) وكان (مَأْمُوْنَا، الثِّقَةُ الثُّوْرِيُّ (¬1)) فهذا يَدُلُّ على أن التعبير بالثقة أرفع (لَوْ تَعُوْنَا) تكملة للوزن، أي: لو تحفظون مراتب الرواة، (وَرُبَّمَا وَصَفَ) ابن مهدي (ذَا الصِّدْقِ وَسَمْ ضُعْفاً بِ صَالِحِ الْحَدِيْثِ إِذْ يَسِمْ) أي: ربما جَرَى ذكر حديث الرجل فيه ضعف وهو رجل صدوق، فيقول: رجل صالح الحديث (¬2). ¬

(¬1) أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»: (2/ 37) والخطيب في «الكفاية»: (1/ 98). (¬2) انظر: «الكفاية»: (1/ 99).

مراتب التجريح

مَرَاتِبُ التَّجْرِيْحِ 339 - وَأَسْوَأُ التَّجْرِيْحِ: كَذَّابٌ يَضَعْ ... يَكْذِبُ وَضَّاعٌ وَدَجَّالٌ وَضَعْ 340 - وَبْعَدَهَا مُتَّهَمٌ بَالْكَذِبِ ... وَسَاقِطٌ وَهَالِكٌ فَاجْتَنِبِ 341 - وَذَاهِبٌ مَتْرُوْكٌ اوْ فِيْهِ نَظَرْ ... وَسَكَتُوْا عَنْهُ بِهِ لاَ يُعْتَبَرْ 342 - وَلَيْسَ بِالثِّقَةِ ثُمَّ رُدَّا ... حَدِيْثُهُ كَذَا ضَعِيْفٌ جِدَّا 343 - وَاهٍ بَمَرَّةٍ وَهُمْ قَدْ طَرَحُوْا ... حَدِيْثَهُ وَارَمِ بِهِ مُطَرَّحُ 344 - لَيْسَ بِشَيءٍ لاَ يُسَاوِي شَيْئَاً ... ثُمَّ ضَعِيْفٌ وَكَذَا إِنْ جِيْئَا 345 - بِمُنْكَرِ الْحَدِيْثِ أَوْ مُضْطَرِبِهْ ... وَاهٍ وَضَعَّفُوهُ لاَ يُحْتَجُّ بِهْ 346 - وَبَعْدَهَا فِيْهِ مَقَالٌ ضُعِّفْ ... وَفِيْهِ ضَعفٌ تُنْكِرُ وَتَعْرِفْ 347 - لَيْسَ بِذَاكَ بالْمَتِيْنِ بِالْقَوِيِّ ... بِحُجَّةٍ بِعُمْدَةٍ بِالْمَرْضِيِّ 348 - لِلضَّعْفِ مَا هَوُ فيْهِ خُلْفٌ طَعَنُوْا ... فِيْهِ كَذَا سَيِّئُ حِفْظٍ لَيِّنُ 349 - تَكَلَّمُوا فِيْهِ وَكُلُّ مَنْ ذُكِرْ ... مِنْ بَعْدُ شَيْئَاً بِحَدِيْثِهِ اعْتُبِرْ (وَأَسْوَأُ) مراتب (التَّجْرِيْحِ:) أن يُقَال: فلان (كَذَّابٌ) أو فلان (يَضَعْ) أو (يَكْذِبُ)، أو (وَضَّاعٌ وَدَجَّالٌ) أو (وَضَعْ). (وَبْعَدَهَا) المرتبة الثانية فلان (مُتَّهَمٌ بَالْكَذِبِ وَسَاقِطٌ وَهَالِكٌ فَاجْتَنِبِ وَذَاهِبٌ) أو ذاهب الحديث، وفلان (مَتْرُوْكٌ) أو متروك الحديث، أو تركوه، (اوْ فِيْهِ

نَظَرْ وَسَكَتُوْا عَنْهُ بِهِ لاَ يُعْتَبَرْ)، أو لا يعتبر بحديثه، (وَلَيْسَ بِالثِّقَةِ)، أو ليس بثقة، ونحو ذلك. (ثُمَّ) المرتبة الثالثة فلان (رُدَّا حَدِيْثُهُ)، أو مردود الحديث، (كَذَا فلان ضَعِيْفٌ جِدَّا)، فلان (وَاهٍ بَمَرَّةٍ، وَهُمْ)، فلان (قَدْ طَرَحُوْا حَدِيْثَهُ) (وَ) فلان (ارَمِ بِهِ) أو (مُطَّرَحُ) أو مطرح الحديث، (لَيْسَ بِشَيءٍ، لاَ يُسَاوِي شَيْئَاً)، ونحو ذلك. (ثُمَّ) المرتبة الرابعة فلان (ضَعِيْفٌ، وَكَذَا إِنْ جِيْئَا بِمُنْكَرِ الْحَدِيْثِ، أَوْ مُضْطَرِبِهْ) [20 - ب]، وفلان (وَاهٍ، وَضَعَّفُوهُ، لاَ يُحْتَجُّ بِهْ). (وَبَعْدَهَا) المرتبة الخامسة: فلان (فِيْهِ مَقَالٌ)، فلان (ضُعِّفْ، وَفِيْهِ ضَعفٌ)، وفلان (تُنْكِرُ وَتَعْرِفْ)، وفلان (لَيْسَ بِذَاكَ)، ليس (بالْمَتِيْنِ، بِالْقَوِيِّ، بِحُجَّةٍ، بِعُمْدَةٍ،) ليس (بِالْمَرْضِيِّ)، وفلان (لِلضَّعْفِ مَا هَوُ، فيْهِ خُلْفٌ، طَعَنُوْا فِيْهِ، كَذَا سَيِّئُ حِفْظٍ، لَيِّنُ)،أو لين الحديث، (تَكَلَّمُوا فِيْهِ)،ونحو ذلك. (وَكُلُّ مَنْ ذُكِرْ مِنْ بَعْدُ) لفظ «لا يساوي (شَيْئَاً» بِحَدِيْثِهِ اعْتُبِرْ) أي: يخرج حديثه للاعتبار وهم المرتبة الرابعة والخامسة، فَعُلِمَ أن من قيل فيه شيءٌ مما قبل ذلك من المراتب الثلاثة لا يُحتج به ولا يُعتبر به.

متى يصح تحمل الحديث أو يستحب؟

مَتَى يَصحُّ تَحَمُّلُ الْحَدِيْثِ أوْ يُسْتَحَبُّ؟ 350 - وَقَبَلُوا مِنْ مُسْلِمٍ تَحَمُّلاَ ... فِي كُفْرِهِ كَذَا صَبِيٌّ حُمِّلاَ 351 - ثُمَّ رَوَى بَعْدَ الْبُلُوْغِ وَمَنَعْ ... قَوْمٌ هُنَا وَرُدَّ كَالسَّبْطَيْنِ مَعْ 352 - إِحْضَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلصِّبْيَانِ ثُمّْ ... قَبُوْلُهُمْ مَا حَدَّثُوا بَعْدَ الْحُلُمْ (وَقَبَلُوا مِنْ مُسْلِمٍ تَحَمُّلاَ فِي كُفْرِهِ) ثم روي بعد الإسلام، كحديث جبير بن مطعم المتفق على صحته (¬1) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، وكان جاء في فداء أسارى بدر قبل أن يسلم. (كَذَا) قبلوا (صَبِيٌّ حُمِّلاَ) قبل بلوغه (ثُمَّ رَوَى بَعْدَ الْبُلُوْغِ، وَمَنَعْ قَوْمٌ هُنَا) أي: في مسألة الصبي (وَرُدَّ كَالسَّبْطَيْنِ) الحسن والحسين وغيرهما ممن تحمَّل في حال صباه وقَبِل الناس روايتهم من غير فَرْق بين ما تحملوه قبل البلوغ أو بعده، (مَعْ إِحْضَارِ أَهْلِ الْعِلْمِ لِلصِّبْيَانِ) مجالس الحديث، (ثُمّْ قَبُوْلُهُمْ مَا حَدَّثُوا بَعْدَ الْحُلُمْ). 353 - وَطَلَبُ الْحَدِيْثِ فِي الْعِشْرِيْنِ ... عِنْدَ الزُّبَيْرِيِّ أَحَبُّ حِيْنِ 354 - وَهْوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوْفَهْ ... وَالْعَشْرُ فِي الْبَصْرَةِ كَالْمَألُوْفَهْ 355 - وَفِي الثَّلاَثِيْنَ لأَهْلِ الشَّأْمِ ... وَيَنْبَغِي تَقْيِيْدُهُ بِالْفَهْمِ ¬

(¬1) أخرجه البخاري (ج764) ومسلم (ج463).

356 - فَكَتْبُهُ بالضَّبْطِ، والسَّمَاعُ ... حَيْثُ يَصِحُّ، وَبِهِ نِزَاعُ 357 - فَالْخَمْسُ لِلْجُمْهُورِ ثُمَّ الحُجَّهْ ... قِصَّةُ مَحْمُوْدٍ وَعَقْلُ الْمَجَّهْ 358 - وَهْوَ ابْنُ خَمْسَةٍ، وَقِيْلَ أَرْبَعَهْ ... وَلَيْسَ فِيْهِ سُنَّةٌ مُتَّبَعَهْ 359 - بَلِ الصَّوَابُ فَهْمُهُ الْخِطَابَا ... مُمَيِّزَاً وَرَدُّهُ الْجَوَابَا (وَطَلَبُ الْحَدِيْثِ فِي الْعِشْرِيْنِ عِنْدَ الزُّبَيْرِيِّ) من الشافعية (أَحَبُّ حِيْنِ) (¬1)؛ لأنها مجتمع العقل (وَهْوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْكُوْفَهْ) فإنهم كانوا لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغاراً حتى يستكملوا عشرين سنة (¬2)، (وَالْعَشْرُ فِي الْبَصْرَةِ كَالْمَألُوْفَهْ، وَفِي الثَّلاَثِيْنَ لأَهْلِ الشَّأْمِ) (¬3). (وَيَنْبَغِي تَقْيِيْدُهُ) أي: طلب الحديث (بِالْفَهْمِ فَكَتْبُهُ بالضَّبْطِ، والسَّمَاعُ حَيْثُ يَصِحُّ، وَبِهِ نِزَاعُ) أي: في الوقت الذي يصح فيه السماع نزاع بين العلماء، (فَالْخَمْسُ لِلْجُمْهُورِ ثُمَّ الحُجَّهْ) لهم في ذلك (قِصَّةُ مَحْمُوْدٍ وَعَقْلُ الْمَجَّهْ وَهْوَ ابْنُ خَمْسَةٍ، وَقِيْلَ أَرْبَعَهْ) وهو ما رُويَ من حديث محمود ابن الربيع قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مَجَّةً مَجَّهَا في وجهي من دلو وأنا ابن خمس سنين (¬4) [21 - أ]. قال ابن عبد البر (¬5): حُفِظَ ذلك عنه وهو ابن أربع سنين أو خمس سنين، (وَلَيْسَ فِيْهِ سُنَّةٌ مُتَّبَعَهْ)؛ إذ لا يلزم أن تمييز كل أحد تمييز محمود، (بَلِ الصَّوَابُ ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (1/ 198). (¬2) انظر: «المحدث الفاصل»: (ص187 - 188) و «الكفاية»: (1/ 198). (¬3) انظر: «المحدث الفاصل»: (ص187) و «الكفاية»: (1/ 200). (¬4) أخرجه البخاري (ج77) ومسلم (ج33). (¬5) في «الاستيعاب»: (3/ 1378).

فَهْمُهُ الْخِطَابَا مُمَيِّزَاً وَرَدُّهُ الْجَوَابَا)، فمتى كان كذلك كان سماعه صحيحاً وإن كان ابن أقل من خمس، وإن لم يكن كذلك لم يصح وإن زاد عليها. 360 - وَقِيْلَ: لابْنِ حَنْبَلٍ فَرَجُلُ ... قال: لِخَمْسَ عَشْرَةَ التَّحَمُّلُ 361 - يَجُوْزُ لاَ فِي دُوْنِهَا، فَغَلَّطَهْ ... قال: إذا عَقَلَهُ وَضَبَطَهْ 362 - وَقِيْلَ: مَنْ بَيْنَ الْحِمَارِ وَالْبَقَرْ ... فَرَّقَ سَامِعٌ، وَمَنْ لاَ فَحَضَرْ 363 - قال: بِهِ الَحْمَّالُ وابْنُ الْمُقْرِيْ ... سَمَّعَ لاِبْنِ أَرْبَعٍ ذِي ذُكْرِ (وَقِيْلَ: لابْنِ حَنْبَلٍ فَرَجُلُ قال: لِخَمْسَ عَشْرَةَ التَّحَمُّلُ يَجُوْزُ لاَ فِي دُوْنِهَا، فَغَلَّطَهْ) وقال: بئس القول ثم (قال: إذا عَقَلَهُ وَضَبَطَهْ (¬1)). (وَقِيْلَ: مَنْ بَيْنَ الْحِمَارِ وَالْبَقَرْ فَرَّقَ سَامِعٌ) أي: يكتب له: «سَمِعَ»، (وَمَنْ لاَ فَحَضَرْ) أي: يُكتب له: «حَضَرَ»، قال به موسى بن هارون الحمال (¬2). (وابْنُ الْمُقْرِيْ (¬3) سَمَّعَ لاِبْنِ أَرْبَعٍ ذِي ذُكْرِ) وهو القاضي ابن اللَّبَّان الأصبهاني (¬4) قال: حفظت القرآن ولي خمس سنين، وأُحْضِرْتُ عند أبي بكر بن المقرئ ولي أربع سنين فأرادوا أن يُسَمِّعوا لي فيما حضرت قراءته ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (1/ 220). (¬2) المصدر السابق: (1/ 228 - 229). (¬3) هو الإمام الحافظ مسند أصبهان أبو بكر بن المقري محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن زاذان، المتوفي سنة (381هـ). «أخبار أصبهان»: (2/ 397) و «تذكرة الحفاظ»: (3/ 973). (¬4) أبو محمد، المتوفي سنة ست وأربعين وأربعمائة. «تاريخ بغداد»: (7/ 144 - 145) و «العبر»: (3/ 211).

فقال بعضهم: إنه يصغر عن السماع. فقال لي ابن المقرئ: اقرأ سورة «الكافرين» فقرأتها، فقال: اقرأ سورة «التكوير» فقرأتها فقال لي غيره: اقرأ سورة «والمرسلات» فقرأتها ولم أغلط فيها، قال ابن المقرئ: سَمِّعُوا له والعُهْدَةُ علي (¬1). ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (1/ 228).

أقسام التحمل

أَقْسَامُ التَّحَمُّلِ، وأوَّلُهَا: سَمَاعُ لَفْظِ الشَّيْخِ 364 - أَعْلَى وُجُوْهِ الأَخْذِ عِنْدَ الْمُعْظَمِ ... وَهْيَ ثَمِانٍ: لَفْظُ شَيْخٍ فَاعْلَمِ 365 - كتَاباً او حِفْظَاً وَقُلْ: حَدَّثَنَا ... سَمِعْتُ، أَوْ أَخْبَرَنَا، أَنْبَأَنَا 366 - وَقَدَّمَ الْخَطِيْبُ أَنْ يَقُوْلاَ: ... سَمِعْتُ إِذْ لاَ يَقْبَلُ التَّأْوِيْلاَ 367 - وَبَعْدَهَا حَدَّثَنَا، حَدَّثَنِي ... وَبَعْدَ ذَا أَخْبَرَنَا، أَخْبَرَنِي 368 - وَهْوَ كَثْيِرٌ وَيَزِيْدُ اسْتَعْمَلَهْ ... وَغَيْرُ وَاحِدٍ لِمَا قَدْ حَمَلَهْ 369 - مِنْ لَفْظِ شَيْخِهِ، وَبَعْدَهُ تَلاَ: ... أَنْبَأَنَا، نَبَّأَنَا وَقَلَّلاَ 370 - وَقَوْلُهُ: قَالَ لَناَ وَنَحْوُهَا ... كَقُوْلِهِ: حَدَّثَنَا لَكِنَّهَا 371 - الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا مُذَاكَرَهْ ... وَدُوُنَهَا قَالَ بِلاَ مُجَارَرَهْ 372 - وَهْيَ عَلى السَّمَاعِ إِنْ يُدْرَ اللُّقِيْ ... لاَ سِيَّمَا مَنْ عَرَفُوْهُ فِي الْمُضِيْ 373 - أنْ لاَ يَقُوْلَ ذَا بِغَيْرِ مَا سَمِعْ ... مِنْهُ كَحَجَّاجٍ وَلَكِنْ يَمْتَنِعْ 374 - عُمُوْمُهُ عِنْدَ الْخَطيْبِ وَقُصِرْ ... ذَاكَ عَلى الَّذِي بِذَا الوَصْفِ اشْتُهِرْ (أَعْلَى وُجُوْهِ الأَخْذِ) للحديث وتَحَمُّلِهِ عن الشيوخ (عِنْدَ الْمُعْظَمِ، وَهْيَ ثَمِانٍ: لَفْظُ شَيْخٍ فَاعْلَمِ) أي: السماع من لفظ الشيخ، (كتَاباً او حِفْظَاً) أي: سواءً حَدَّثَ من كتابه أو من حفظه، بإملاءٍ أو غيره. (وَقُلْ) في حالة الأداء لما سمعته هكذا من لفظ الشيخ: (حَدَّثَنَا، سَمِعْتُ)

فلاناً يقول، (أَوْ أَخْبَرَنَا، أَنْبَأَنَا، وَقَدَّمَ الْخَطِيْبُ) (¬1) من العبارات (أَنْ يَقُوْلاَ سَمِعْتُ؛ إِذْ لاَ يَقْبَلُ التَّأْوِيْلاَ) فلا يكاد أحد يقولها في أحاديث الإجازة والمكاتبة، ولا في تدليس ما لم يسمعه. (وَبَعْدَهَا حَدَّثَنَا، حَدَّثَنِي وَبَعْدَ ذَا أَخْبَرَنَا، أَخْبَرَنِي وَهْوَ كَثْيِرٌ) في الاستعمال. (وَيَزِيْدُ) بن هارون (اسْتَعْمَلَهْ) أي: استعمل «أنا» (وَغَيْرُ وَاحِدٍ لِمَا قَدْ حَمَلَهْ مِنْ لَفْظِ شَيْخِهِ) (¬2). (وَبَعْدَهُ تَلاَ: أَنْبَأَنَا، نَبَّأَنَا وَقَلَّلاَ) أي: وهو قليل في الاستعمال. (وَقَوْلُهُ) أي: قول الراوي: (قَالَ لَناَ) فلان، أو قال لي، أو ذُكِرَ لنا [21 - ب]، أو ذُكِرَ لي، (وَنَحْوُهَا كَقُوْلِهِ: حَدَّثَنَا) فلان في أنه متصل، (لَكِنَّهَا الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا مُذَاكَرَهْ) أي: كثيراً ما يستعملون هذا فيما سمعوه حالة المذاكرة. (وَدُوُنَهَا) أي: دون هذه العبارة قول الراوي: (قَالَ) فلان وذَكَرَ فلان (بِلاَ مُجَارَرَهْ) أي: من غير ذكر الجار والمجرور، (وَهْيَ) أوضع العبارات، ومع ذلك فهي محمولة (عَلى السَّمَاعِ إِنْ يُدْرَ اللُّقِيْ) وسَلِمَ الراوي من التدليس كما ذُكِرَ في المعنعن، (لاَ سِيَّمَا مَنْ عَرَفُوْهُ فِي الْمُضِيْ أنْ لاَ يَقُوْلَ ذَا بِغَيْرِ مَا سَمِعْ مِنْهُ) أي: من عُرِفَ مِنْ حاله أنه لا يَروي إلا ما سمعه (كَحَجَّاجٍ) الأعور روى كُتُبَ ابنِ جريج بلفظ: «قال ابن جريج» فحملها الناس عنه واحتجوا بها (¬3)، ¬

(¬1) في «الكفاية»: (2/ 215 - 216). (¬2) انظر: «الكفاية»: (2/ 216 - 217). (¬3) انظر: «الكفاية»: (2/ 227).

(وَلَكِنْ يَمْتَنِعْ عُمُوْمُهُ عِنْدَ الْخَطيْبِ (¬1) وَقُصِرْ ذَاكَ عَلى الَّذِي بِذَا الوَصْفِ اشْتُهِرْ) أي: خصص ذلك بمن عُرِفَ مِنْ عادته مثل ذلك، فأما من لا فلا يحمل على السماع. ¬

(¬1) «الكفاية»: (2/ 227).

الثاني: القراءة على الشيخ

الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ 375 - ثُمَّ الْقِرَاءَةُ الَّتِي نَعَتَهَا ... مُعْظَمُهُمْ عَرْضَاً سَوَا قَرَأْتَهَا 376 - مِنْ حِفْظٍ أو كِتَابٍ او سَمِعْتَا ... والشَّيْخُ حَافِظٌ لمِاَ عَرَضْتَا 377 - أولاَ، وَلَكِنْ أَصْلُهُ يُمْسِكُهُ ... بِنَفْسِهِ، أو ثِقَةٌ مُمْسِكُهُ 378 - قُلْتُ: كَذَا إنْ ثِقَةٌ مِمَّنْ سَمِعْ ... يَحْفَظُهُ مَعَ اسْتِماَعٍ فَاقْتَنِعْ (ثُمَّ) القسم الثاني من أقسام الأخذ والتحمل (الْقِرَاءَةُ) على الشيخ (الَّتِي نَعَتَهَا مُعْظَمُهُمْ) أي: سماها أكثر المحدثين (عَرْضَاً) بمعنى أن القارئ يعرض على الشيخ ذلك. (سَوَا قَرَأْتَهَا مِنْ حِفْظٍ أو كِتَابٍ او سَمِعْتَا) أي: سواءً قرأت بنفسك على الشيخ من حفظٍ، أو من كتابٍ، أو سمعت بقراءة غيرك من كتابه أو حفظه أيضاً. (والشَّيْخُ حَافِظٌ لمِاَ عَرَضْتَا أولاَ) أي: وسواءً كان الشيخ حافظاً لما عرضت أو عرضَ غيرُك عليه أو غير حافظ له، (وَلَكِنْ أَصْلُهُ يُمْسِكُهُ بِنَفْسِهِ، أو ثِقَةٌ) غيره (مُمْسِكُهُ). قال المصنف: (قُلْتُ: كَذَا إنْ ثِقَةٌ مِمَّنْ سَمِعْ يَحْفَظُهُ) أي: ما يقرأ على الشيخ (مَعَ اسْتِماَعٍ) أي: والحافظ لذلك مستمع لما يقرأ غير غافل عنه، (فَاقْتَنِعْ) أي: فذلك كافٍ أيضاً. 379 - وَأَجْمَعوُا أَخْذَاً بِهَا، وَرَدُّوا ... نَقْلَ الخِلاَفِ، وَبِهِ مَا اعْتَدُّوا

380 - وَالْخُلْفُ فِيْهَا هَلْ تُساوي الأوَّلاَ ... أو دُوْنَهُ أو فَوْقَهُ؟ فَنُقِلاَ 381 - عَنْ مَالِكٍ وَصَحبْهِ وَمُعْظَمِ ... كُوْفَةَ وَالحِجَازِ أَهْلِ الْحَرَمِ 382 - مَعَ البُخَارِي هُمَا سِيَّانِ ... وَابْنُ أبِي ذِئْبٍ مَعَ النُّعْمَانِ 383 - قَدْ رَجَّحَا الْعَرْضَ وَعَكْسُهُ أَصَحّْ ... وَجُلُّ أَهْلِ الشَّرْقِ نَحْوَهُ جَنَحْ (وَأَجْمَعوُا أَخْذَاً بِهَا) (¬1) أي: على صحة الرواية بالعرض، (وَرَدُّوا نَقْلَ الخِلاَفِ) المحكي عن بعض [مَن لا يُعتد بخلافه] (¬2) أنه كان لا يراها (وَبِهِ مَا اعْتَدُّوا). (وَالْخُلْفُ فِيْهَا هَلْ تُساوي الأوَّلاَ) وهو السماع من لفظه (أوْ) هي (دُوْنَهُ أو فَوْقَهُ؟ فَنُقِلاَ عَنْ مَالِكٍ وَصَحبْهِ، وَمُعْظَمِ كُوْفَةَ وَالحِجَازِ أَهْلِ الْحَرَمِ مَعَ البُخَارِي هُمَا سِيَّانِ) (¬3). (وَابْنُ أبِي ذِئْبٍ مَعَ) أبي حنيفة (النُّعْمَانِ) (قَدْ رَجَّحَا الْعَرْضَ) على السماع من لفظه (¬4). ¬

(¬1) نقل الإجماع القاضي عياض في «الإلماع»: (ص31) فقال: «لا خلاف أنها رواية صحيحة». (¬2) زيادة من شرح العراقي على ألفيته: (1/ 392). (¬3) انظر: «الكفاية»: (2/ 170 - 189)، باب ذكر الروايات عمن قال إن القراءة على المحدث بمنزلة السماع، و «الإلماع»: (ص31 - 32) و «معرفة علوم الحديث»: (ص672 - 673). (¬4) انظر: «الكفاية»: (2/ 197)، وراجع باب ذكر الرواية عمن كان يختار القراءة على المحدث على السماع من لفظه (2/ 195 - 202).

(وَعَكْسُهُ) وهو ترجيح السماع من لفظه على القراءة عليه (أَصَحّْ، وَجُلُّ (أَهْلِ الشَّرْقِ) نَحْوَهُ جَنَحْ) (¬1). 384 - وَجَوَّدُوا فِيْهِ قَرَأْتُ أو قُرِىْ ... مَعْ وَأَنَا أَسْمَعُ ثُمَّ عَبِّرِ 385 - بِمَا مَضَى فِي أولٍ مُقَيَّدَا ... قِرَاَءةً عَلَيْهِ حَتَّى مُنْشِدَا 386 - أَنْشَدَنَا قِرَاَءةً عَلَيْهِ لاَ ... سَمِعْتُ لَكِنْ بَعْضُهُمْ قَدْ حَلَّلاَ 387 - وَمُطْلَقُ التَّحْدِيْثِ وَالإِخْبَارِ ... مَنَعَهُ أَحْمَدُ ذُوْ الْمِقْدَارِ 388 - وَالنَّسَئِيُّ وَالتَّمِيْمِيُّ يَحْيَى ... وَابْنُ الْمُبَارَكِ الْحَمِيْدُ سَعْيَا 389 - وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ وَالْقَطَّانُ ... وَمَالِكٌ وَبَعْدَهُ سُفْيَانُ 390 - وَمُعْظَمُ الْكُوْفَةِ وَالْحِجَازِ ... مَعَ الْبُخَارِيِّ إلى الْجَوَازِ 391 - وَابْنُ جُرَيِجٍ وَكَذَا الأوزَاعِيْ ... مَعَ ابْنِ وَهْبٍ وَالإمَامُ الشَّافِعِيْ 392 - وَمُسْلِمٌ وَجُلُّ أَهْلِ الشَّرْقِ ... قَدْ جَوَّزُوا أَخْبَرَنَا لِلْفَرْقِ 393 - وَقَدْ عَزَاهُ صَاحِبُ الإِنْصَافِ ... للنَّسَئي مِنْ غَيْرِ مَا خِلاَفِ 394 - وَالأَكْثَرِيْنَ وَهُوَ الَّذِي اشْتَهَرْ ... مُصْطَلَحَاً لأَهْلِهِ أَهْلِ الأَثَرِ (وَجَوَّدُوا فِيْهِ) [22 - أ] أي: وأجود العبارة لأداء من سمع بالعرض أن يقول: (قَرَأْتُ) على فلان إن كان هو الذي قرأ، (أو قُرِىْ) على فلان (مَعْ) قوله (وَأَنَا أَسْمَعُ) إن سمع عليه بقراءة غيره. ¬

(¬1) انظر: «الإلماع»: (ص32).

(ثُمَّ عَبِّرِ بِمَا مَضَى فِي أولٍ مُقَيَّدَا) أي: ثم يلي هذا من العبارات؛ العبارات التي مضت في القسم الأول مقَيَّدة بما يُبَيَّن أن السماع عرضٌ فيقول: حدثنا فلان بقراءتي عليه، أو (قِرَاَءةً عَلَيْهِ) وأنا أسمع، أو قال لنا فلان قراءةً عليه، أو نحوه. (حَتَّى مُنْشِدَا) أي: حتى استعملوه في الإنشاد فقالوا: (أَنْشَدَنَا) فلان (قِرَاَءةً عَلَيْهِ). (لاَ سَمِعْتُ) فإنها مستثناة مِمَّا يجوز في القسم الأول، فلم يُجَوِّزُوْهَا في العرض، وهو الصحيح. (لَكِنْ بَعْضُهُمْ قَدْ حَلَّلاَ) أي: جوز ذلك (¬1). (وَمُطْلَقُ التَّحْدِيْثِ وَالإِخْبَارِ) بأن يقول: «ثنا» و «أنا» من غير تقييد بقوله بقراءتي أو قراءة عليه (مَنَعَهُ أَحْمَدُ ذُوْ الْمِقْدَارِ) هو ابن حنبل، (وَالنَّسَئِيُّ، وَالتَّمِيْمِيُّ يَحْيَى، وَابْنُ الْمُبَارَكِ الْحَمِيْدُ سَعْيَا) (¬2)، قال القاضي أبو بكر (¬3): إنه الصحيح. (وَذَهَبَ الزُّهْرِيُّ) وَ) يحيى بن سعيد (الْقَطَّانُ وَمَالِكٌ وَبَعْدَهُ سُفْيَانُ) هو ابن عيينة (وَمُعْظَمُ) أهل (الْكُوْفَةِ وَالْحِجَازِ مَعَ الْبُخَارِيِّ إلى الْجَوَازِ) (¬4). (وَابْنُ جُرَيِجٍ وَكَذَا الأوزَاعِيْ مَعَ ابْنِ وَهْبٍ وَالإمَامُ الشَّافِعِيْ وَمُسْلِمٌ وَجُلُّ أَهْلِ الشَّرْقِ قَدْ جَوَّزُوا أَخْبَرَنَا لِلْفَرْقِ) أي: ذهبوا إلى الفرق بين اللفظين فجوزوا إطلاق «أنا» ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (2/ 240، 242). (¬2) انظر: «الإلماع»: (ص52). (¬3) انظر: «الكفاية»: (2/ 240، 242). (¬4) انظر: «الإلماع»: (ص51).

ولم يجوزوا إطلاق «ثنا» (¬1)، (وَقَدْ عَزَاهُ صَاحِبُ) كتاب (الإِنْصَافِ (¬2)) هو محمد بن الحسن التميمي الجوهري (للنَّسَئي مِنْ غَيْرِ مَا خِلاَفِ، وَالأَكْثَرِيْنَ) أي: وعزاه لأكثر أصحاب الحديث، (وَهُوَ الَّذِي اشْتَهَرْ مُصْطَلَحَاً لأَهْلِهِ أَهْلِ الأَثَرِ). 395 - وَبَعْضُ مَنْ قَالَ بِذَا أَعَادَا ... قِرَاءَةَ الصَّحِيْحِ حَتَّى عَادَا 396 - فِي كُلِّ مَتْنٍ قَائِلاً: أَخْبَرَكَا ... إِذْ كَانَ قال أوَّلاً: حَدَّثَكَا 397 - قُلْتُ وَذَا رَأْيُ الَّذِيْنَ اشْتَرَطُوا ... إِعادَةَ اْلإِسْنَادِ وَهْوَ شَطَطُ (وَبَعْضُ مَنْ قَالَ بِذَا) أي: بالفرق بين اللفظين وهو أبو حاتم الهروي (¬3) قرأ على بعض الشيوخ عن الفربري صحيح البخاري، وكان يقول له في كل حديث «حدثكم الفربري»، فلما فرغ سمع الشيخ يذكر أنه إنما سمع الكتاب من الفربري قراءةً عليه فلما سمع ذلك (أَعَادَا قِرَاءَةَ الصَّحِيْحِ حَتَّى عَادَا فِي كُلِّ مَتْنٍ قَائِلاً: (أَخْبَرَكَا) إِذْ كَانَ قال أوَّلاً: (حَدَّثَكَا)) (¬4). قال المصنف: (قُلْتُ وَذَا) أي: ما فعله (رَأْيُ الَّذِيْنَ [22 - ب] اشْتَرَطُوا إِعادَةَ اْلإِسْنَادِ) في كل حديث وإن كان الإسناد واحد إلى صاحب الكتاب، (وَهْوَ ¬

(¬1) انظر: المصدر السابق (ص52). (¬2) هو كتاب «الإنصاف لما بين الأئمة في حدثنا وأخبرنا من الاختلاف». انظر: «فتح المغيث»: (2/ 532). (¬3) محمد بن يعقوب بن إسحاق بن محمود بن إسحاق، المتوفى سنة (368هـ). «الوافي بالوفيات»: (5/ 223 - 224). (¬4) انظر: «الكفاية»: (2/ 253).

شَطَطُ) فإنه مِنْ مذاهب أهل التشديد في الرواية، والصحيح خلافه، وإلا لاكتفى بأخبركم الفربري بجميع صحيح البخاري.

تفريعات

تَفْرِيْعَاتٌ 398 - وَاخْتَلَفُوا إِنْ أَمْسَكَ الأَصْلَ رِضَا ... وَالشَّيْخُ لاَ يَحْفَظُ مَا قَدْ عُرِضَا 399 - فَبَعْضُ نُظَّارِ الأُصُوْلِ يُبْطِلُهْ ... وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثْيِنَ يَقْبَلْهْ 400 - وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فَإِنْ لَمْ يُعْتَمَدْ ... مُمْسِكُهُ فَذَلِكَ السَّمَاعُ رَدّْ (وَاخْتَلَفُوا) في صحة السماع (إِنْ أَمْسَكَ الأَصْلَ رِضَا) أي: أحد السامعين الثقات، (وَالشَّيْخُ) الذي يُقرأ عليه (لاَ يَحْفَظُ مَا قَدْ عُرِضَا) أي: ذلك المقروء عليه؛ (فَبَعْضُ نُظَّارِ الأُصُوْلِ) منهم إمام الحرمين (¬1) (يُبْطِلُهْ)، وبعضهم (وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثْيِنَ يَقْبَلْهْ، وَاخْتَارَهُ) أي: القبول (الشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬2): (فَإِنْ لَمْ يُعْتَمَدْ مُمْسِكُهُ) أي: الأصل (فَذَلِكَ السَّمَاعُ رَدّْ) فلا يُعتد به. 401 - وَاخْتَلَفُوا إنْ سَكَتَ الشَّيْخُ وَلَمْ ... يُقِرَّ لَفْظاً، فَرآهُ الْمُعْظَمْ 402 - وَهْوَ الصَّحِيْحُ كَافِياً، وَقَدْ مَنَعْ ... بَعْضُ أولي الظَّاهِرِ مِنْهُ، وَقَطَعْ 403 - بِهِ أبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ الرَّازِي ... ثُمَّ أبُو إِسْحَاقٍ الشِّيْرَازِيْ 404 - كَذَا أبُو نَصْرٍ وَقال: يُعْمَلُ ... بِهِ وَألْفَاظُ الأَدَاءِ الأَوَّلُ (وَاخْتَلَفُوا إنْ سَكَتَ الشَّيْخُ) وقت قراءة القارئ عليه غيرَ منكرٍ لذلك مع إصغائه وفهمه، (وَلَمْ يُقِرَّ لَفْظاً) بقوله: نعم، وما أشبهه، (فَرآهُ الْمُعْظَمْ وَهْوَ ¬

(¬1) في «البرهان»: (1/ 64). (¬2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص141).

الصَّحِيْحُ كَافِياً) ويصح السماع (¬1). (وَقَدْ مَنَعْ بَعْضُ أولي الظَّاهِرِ مِنْهُ، وَقَطَعْ بِهِ) أي: بالمنع (أبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ الرَّازِي (¬2) ثُمَّ أبُو إِسْحَاقٍ الشِّيْرَازِيْ (¬3) كَذَا أبُو نَصْرٍ) ابن الصباغ (¬4) (وَقال) ابن الصباغ: (يُعْمَلُ بِهِ وَألْفَاظُ الأَدَاءِ الأَوَّلُ) أي: له أن يعمل بما قرئ عليه، وإذا أراد روايته عنه فلا يقول: حدثني ولا أخبرني، بل يعبر في الأداء بالرتبة الأولى من الأداء في العرض، وهو ما تقدم في «وجَوَّدوا فيه قرأت أو قرئ». 405 - وَالْحَاْكِمُ اخْتَارَ الَّذِي قَدْ عَهِدَا ... عَلَيْهِ أَكْثَرَ الشُّيُوْخِ فِي الأَدَا 406 - حَدَّثَنِي فِي الْلَفْظِ حَيْثُ انْفَرَدَا ... وَاجْمَعْ ضَمِيْرَهُ إذا تَعَدَّدَا 407 - وَالْعَرْضِ إِنْ تَسْمَعْ فَقُلْ أَخْبَرَنَا ... أو قَارِئاً أَخْبَرَنِي وَاسْتَحْسَنَا 408 - وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ رُوِيَا ... وَلَيْسَ بِالْوَاجِبِ لَكِنْ رَضِيَا (وَالْحَاْكِمُ اخْتَارَ (¬5)) لألفاظ الأداء التي ينبغي استعمالها بحسب تحمل الحديث، اللفظ (الَّذِي قَدْ عَهِدَا عَلَيْهِ أَكْثَرَ الشُّيُوْخِ فِي الأَدَا) أن يقول: (حَدَّثَنِي فِي الْلَفْظِ) أي: في الذي يأخذه من المحدثين لفظاً (حَيْثُ انْفَرَدَا) أي: لم يكن معه أَحَدُُ (وَاجْمَعْ ضَمِيْرَهُ إذا تَعَدَّدَا) أي: إذا كان معه غيره فقل «حدثنا»، ¬

(¬1) انظر: «الإلماع»: (ص34). (¬2) نقله عنه السبكي في «الإبهاج شرح المنهاج»: (2/ 370). (¬3) في «اللمع في أصول الفقه»: (ص45). (¬4) نقله عنه السبكي في «الإبهاج شرح المنهاج»: (2/ 370). (¬5) في «معرفة علوم الحديث»: (ص678).

(وَالْعَرْضِ إِنْ تَسْمَعْ) بأن قُرِئ على المحدث وأنت حاضر، (فَقُلْ: أَخْبَرَنَا) فلان، (أو قَارِئاً) على المحدّث فقل: (أَخْبَرَنِي) فلان، (وَاسْتَحْسَنَا) فقال ابن الصلاح (¬1): هو حسن رائق. (وَنَحْوُهُ) أي: نحو اختيار الحاكم (عَنْ ابْنِ وَهْبٍ رُوِيَا) رواه الترمذي (¬2)، (وَلَيْسَ) هذا التفصيل في ألفاظ الأداء (بِالْوَاجِبِ، لَكِنْ رَضِيَا) أي: مستحب (¬3). 409 - وَالشَّكُ فِي الأَخْذِ أكَانَ وَحْدَهْ ... أو مَعْ سِوَاهُ؟ فَاعِتَبارُ الْوَحْدَهْ 410 - مُحْتَمَلٌ لَكِنْ رأى الْقَطَّانُ ... اَلْجَمْعَ فِيْمَا أوْ هَمَ الإِْنْسَانُ 411 - فِي شَيْخِهِ مَا قَالَ وَالْوَحْدَةَ قَدْ ... اخْتَارَ فِي ذَا الْبَيْهَقِيُّ وَاعْتَمَدْ (وَالشَّكُ) [23 - أ] من الراوي (فِي الأَخْذِ) أي: في حال تحمله، (أكَانَ وَحْدَهْ) ليقول في الأداء: «حدثني»، (أو مَعْ سِوَاهُ؟) ليقول: «حدثنا»، (فَاعِتَبارُ الْوَحْدَهْ مُحْتَمَلٌ) أي: فيحتمل أن يُقال: يؤدي بلفظ من سمع وحده؛ لأن الأصل عدم غيره. (لَكِنْ رأى) يحيى بن سعيد (الْقَطَّانُ اَلْجَمْعَ) أي: الإتيان بضمير الجمع (فِيْمَا أوْهَمَ الإِْنْسَانُ فِي شَيْخِهِ مَا قَالَ) أي: إذا شك في لفظ شيخه هل قال: حدثني، أو: ثنا، فمقتضاه أن يقول هنا «ثنا» (¬4). ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص143). (¬2) في «العلل الصغير»: (ص893)، وانظر: «الكفاية»: (2/ 234). (¬3) انظر: «الكفاية»: (2/ 235). (¬4) نظر: «الكفاية»: (2/ 232).

(وَالْوَحْدَةَ قَدْ اخْتَارَ فِي ذَا الْبَيْهَقِيُّ (¬1) وَاعْتَمَدْ) بعد حكاية كلام القطان فيقال: حدثني. 412 - وَقَالَ أَحْمَدُ: اتَّبِعْ لَفْظَاً وَرَدْ ... لِلشَّيْخِ فِي أَدَائِهِ وَلاَ تَعَدْ 413 - وَمَنَعَ الإبْدَالَ فِيْمَا صُنِّفَا ... - الشَّيْخُ - لَكِنْ حَيْثُ رَاوٍ عُرِفَا 414 - بِأَنَّهُ سَوَّى فَفِيْهِ مَا جَرَى ... فِي النَّقْلِ باِلْمَعْنَى، وَمَعْ ذَا فَيَرَى 415 - بِأَنَّ ذَا فِيْمَا رَوَى ذُو الطَّلَبِ ... بِالْلَفْظِ لاَ مَا وَضَعُوا فِي الْكُتُبِ (وَقَالَ أَحْمَدُ) بن حنبل (¬2) (اتَّبِعْ لَفْظَاً وَرَدْ لِلشَّيْخِ) من قوله: ثنا، وحدثني، وسمعت، وأنا (فِي أَدَائِهِ وَلاَ تَعَدْ). (وَمَنَعَ الإبْدَالَ) أي: إبدال حدثنا بأخبرنا ونحوه (فِيْمَا صُنِّفَا) أي: في الكتب المصنفة (الشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬3)، لاحتمال أن قائله لا يرى التسوية بينهما، (لَكِنْ حَيْثُ رَاوٍ عُرِفَا بِأَنَّهُ سَوَّى فَفِيْهِ مَا جَرَى) من الخلاف (فِي النَّقْلِ باِلْمَعْنَى، وَمَعْ ذَا فَيَرَى) ابن الصلاح (بِأَنَّ ذَا) أي: إجراء مثل ذلك (فِيْمَا رَوَى ذُو الطَّلَبِ بِالْلَفْظِ) أي: فيما يسمعه الطالب من لفظ المحدث، (لاَ مَا وَضَعُوا فِي الْكُتُبِ) المصنفة. 416 - وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ السَّمَاعِ ... مِنْ نَاسِخٍ، فَقَالَ بَامْتِنَاعِ ¬

(¬1) نقله عنه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص143). (¬2) انظر: «الكفاية»: (2/ 231). (¬3) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص144).

417 - الإِسْفَرَاييِنِيْ مَعَ الْحَرْبِيْ ... وِابْنِ عَدِيٍّ وَعَنِ الصِّبْغِيْ 418 - لاَ تَرْوِ تَحْدِيْثَاً وَإِخْبَارَاً، قُلِ ... حَضَرْتُ وَالرَّازِيُّ وَهْوَ الْحَنْظَلِيْ 419 - وَابْنُ الْمُبَارَكِ كِلاَهُمَا كَتَبْ ... وَجَوَّزَ الْحَمَّالُ وَالشَّيْخُ ذَهَبْ 420 - بِأَنَّ خَيْرَاً مِنْهُ أَنْ يُفَصِّلاَ ... فَحَيْثُ فَهْمٌ صَحَّ، أولاَ بَطَلاَ 421 - كَماَ جَرَى لِلدَّارَقُطْنِي حَيْثُ عَدْ ... إِمْلاَءَ إِسْمَاعِيْلَ عَدَّاً وَسَرَدْ (وَاخْتَلَفُوا فِي صِحَّةِ السَّمَاعِ مِنْ نَاسِخٍ) أي: ممن ينسخ في حالة السماع سواء الشيخ والطالب، (فَقَالَ بَامْتِنَاعِ) أبو إسحاق (الإِسْفَرَاييِنِيْ (¬1) مَعَ) إبراهيم (الْحَرْبِيْ (¬2) وِابْنِ عَدِيٍّ) (¬3) مطلقاً، (وَعَنِ) أبي بكر (الصِّبْغِيْ (¬4) لاَ تَرْوِ تَحْدِيْثَاً وَإِخْبَارَاً) أي: لا تقل في الأداء «ثنا» ولا «أنا»، (قُلِ حَضَرْتُ، وَالرَّازِيُّ وَهْوَ) أبو حاتم الرازي (الْحَنْظَلِيْ (¬5)، وَ) عبد الله (ابْنُ الْمُبَارَكِ (¬6)، كِلاَهُمَا كَتَبْ) في حالة السماع، (وَجَوَّزَ) موسى ابن هارون (الْحَمَّالُ) (¬7) ذلك مطلقاً. ¬

(¬1) انظر: المصدر السابق: (ص145). (¬2) انظر: «الكفاية»: (1/ 232). (¬3) انظر: المصدر السابق (1/ 233). (¬4) انظر: المصدر السابق (1/ 233). (¬5) انظر: المصدر السابق (1/ 235). (¬6) انظر: المصدر السابق (1/ 234). (¬7) انظر: المصدر السابق (1/ 236).

(وَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (ذَهَبْ (¬1) بِأَنَّ خَيْرَاً مِنْهُ) أي: من هذا الإطلاق (أَنْ يُفَصِّلاَ فَحَيْثُ فَهْمٌ) أي: فإن كان النسخ بحيث لا يمتنع معه فهمُ الناسخ لما يقرأ (صَحَّ، أولاَ) بأن كان يمتنع (بَطَلاَ كَماَ جَرَى لِلدَّارَقُطْنِي حَيْثُ عَدْ إِمْلاَءَ إِسْمَاعِيْلَ عَدَّاً وَسَرَدْ) أي: لما جلس ينسخ في مجلس إسماعيل الصفار وإسماعيل يُملي فقال له بعض الحاضرين: لا يصح سماعك. فقال: فهمي خلاف فهمك، أملى ثمانية عشر حديثاً، الأول عن فلان [23 - ب]، ومتنه كذا، حتى أتى على آخرها، فعجبوا منه (¬2). 422 - وَذَاكَ يَجْرِي فِي الْكَلاَمِ أو إذا ... هَيْنَمَ حَتَّى خَفِيَ الْبَعْضُ، كَذَا 423 - إِنْ بَعُدَ السَّامِعُ، ثُمَّ يُحْتَمَلْ ... فِي الظَّاهِرِ الْكَلِمَتَانِ أو أَقَلْ (وَذَاكَ) أي: ما ذكر في النَّسْخ من التفصيل، (يَجْرِي فِي الْكَلاَمِ) في وقت السماع من السامع أو الشيخ، (أو إذا هَيْنَمَ) القارئ الهينمة: الصوت الخفي، (حَتَّى خَفِيَ الْبَعْضُ، كَذَا إِنْ بَعُدَ السَّامِعُ) عن القارئ. (ثُمَّ يُحْتَمَلْ فِي الظَّاهِرِ الْكَلِمَتَانِ أو أَقَلْ) أي: ثم الظاهر أنه يُعْفَى في ذلك عن اليسير كالكلمة والكلمتين. 424 - وَيَنْبَغِي لِلشَّيْخِ أَنْ يُجِيْزَ مَعْ ... إِسْمَاعِهِ جَبْرَاً لِنَقْصٍ إنْ يَقَعْ 425 - قَالَ: ابْنُ عَتَّابٍ وَلاَ غِنَى عَنْ ... إِجَازَةٍ مَعَ السَّمَاعِ تُقْرَنْ ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص245). (¬2) «تاريخ بغداد»: (12/ 39) و «تاريخ دمشق»: (43/ 98)، و «البداية والنهاية»: (11/ 317)، و «سير أعلام النبلاء»: (16/ 453).

(وَيَنْبَغِي لِلشَّيْخِ أَنْ يُجِيْزَ) للسامعين رواية الكتاب الذي سمِعَوه (مَعْ إِسْمَاعِهِ جَبْرَاً لِنَقْصٍ إنْ يَقَعْ) أي: لاحتمال وقوع شيء مما تقدم من الهينمة ونحوها فيجبر بذلك. (قَالَ) أبو عبد الله (ابْنُ عَتَّابٍ (¬1) وَلاَ غِنَى عَنْ إِجَازَةٍ مَعَ السَّمَاعِ تُقْرَنْ)؛ لأنه قد يغلط القارئ ويغفل السامع. 426 - وَسُئِلَ ابْنُ حنبلٍ إِن حَرْفَا ... أدْغَمَهُ فَقَالَ: أَرْجُو يُعْفَى 427 - لَكِنْ أبو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ مَنَعْ ... فِي الْحَرْفِ تَسْتَفْهِمُهُ فَلاَ يَسَعْ 428 - إِلاَّ بَأَنْ يَرْوِيْ تِلْكَ الشَّارِدَهْ ... عَنْ مُفْهِمٍ، وَنَحْوُهُ عَنْ زَائِدَهْ (وَسُئِلَ) أحمد (ابْنُ حنبلٍ إِن حَرْفَا أدْغَمَهُ فَقَالَ: أَرْجُو يُعْفَى (¬2)، لَكِنْ أبو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ) ابن دكين (مَنَعْ فِي) الكلمة أو (الْحَرْفِ) يسقط عنك مما تسمعه ثم (تَسْتَفْهِمُهُ) من جليسك، (فَلاَ يَسَعْ إِلاَّ بَأَنْ يَرْوِيْ تِلْكَ) الكلمة (الشَّارِدَهْ عَنْ مُفْهِمٍ) أي: عن مَنْ أفهمك إياها (¬3). (وَنَحْوَهُ) (¬4) أي: مثل قول أبي نعيم جاء (عَنْ (زَائِدَهْ)) هو ابن قدامة. 429 - وَخَلَفُ بْنُ سَاِلمٍ قَدْ قال: نَا ... إِذْ فَاتَهُ حَدَّثَ مِنْ حَدَّثَنَا 430 - مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ، وَسُفْيَانُ اكْتَفَى ... بِلَفْظِ مُسْتَمْلٍ عَنِ الْمُمْلِي اقْتَفَى ¬

(¬1) انظر: «الإلماع»: (ص240) و «ترتيب المدارك»: (4/ 812). (¬2) انظر: «الكفاية»: (1/ 240 - 241). (¬3) انظر المصدر السابق (1/ 248). (¬4) في الأصل: ومثله.

431 - كَذَاكَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَفْتَى: ... إِسْتَفْهمِ الَّذِي يَلِيْكَ، حَتَّى 432 - رَوُوْا عَنِ الأَعْمَشِ: كُنَّا نَقْعُدُ ... لِلنَّخَعِيْ فَرُبَّمَا قَدْ يَبْعُدُ 433 - البَعْضُ - لاَ يَسْمَعْهُ - فَيسأَلُ ... البَعْضَ عَنْهُ، ثَمَّ كُلٌّ يَنْقُلُ 434 - وَكُلُّ ذَا تَسَاهُلٌ، وَقَوَْلُهُمْ: ... يَكْفِيِ مِنَ الْحَدِيْثِ شَمُّهُ، فَهُمْ 435 - عَنَوا إذا أَوَّلَ شَيءٍ سُئِلاَ ... عَرَفَهُ، وَمَا عَنَوْا تَسَهُّلاَ (وَخَلَفُ بْنُ سَاِلمٍ) المخرمي (قَدْ قال (¬1):نَا، إِذْ فَاتَهُ حَدَّثَ مِنْ حَدَّثَنَا مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ) أي: قال: سمعت ابن عيينة نا عمرو بن دينار، يريد حدثنا، فإذا قيل له قل حدثنا قال: لا؛ لأني لم أسمع مِنْ «حدثنا» ثلاثة أحرف. (وَسُفْيَانُ) بن عيينة (اكْتَفَى بِلَفْظِ مُسْتَمْلٍ عَنِ الْمُمْلِي اقْتَفَى) فإن المستملي قال له: إن الناس كثير لا يسمعون، قال: تَسْمَعُ أنت؟ قال: نعم. قال: فاسمعهم (¬2). وعليه العمل؛ لأن المستملي في حكم من يَقْرَأ على الشيخ، فالسامع يرويه عن المملي كالعَرْض. (كَذَاكَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ أَفْتَى) لمن استفهمه: كيف قلت؟ فقال: (إِسْتَفْهمِ الَّذِي يَلِيْكَ (¬3)، حَتَّى رَوُوْا عَنِ الأَعْمَشِ: كُنَّا نَقْعُدُ لِلنَّخَعِيْ) فتتسع الحلقة (فَرُبَّمَا قَدْ يَبْعُدُ البَعْضُ) فيحدث بالحديث (لاَ يَسْمَعْهُ) من تنحَّى عنه (فَيسأَلُ) بعضهم (البَعْضَ ¬

(¬1) انظر المصدر السابق (1/ 242). (¬2) انظر المصدر السابق (1/ 247). (¬3) انظر المصدر السابق (1/ 247).

عَنْهُ، ثَمَّ كُلٌّ يَنْقُلُ) أي: يرووه عنه ومَا سمعوه منه (¬1). (وَكُلُّ ذَا تَسَاهُلٌ) ممن فعله (وَقَوَْلُهُمْ يَكْفِيِ مِنَ الْحَدِيْثِ شَمُّهُ (¬2)، فَهُمْ عَنَوا إذا أَوَّلَ شَيءٍ سُئِلاَ عَرَفَهُ، وَمَا عَنَوْا تَسَهُّلاَ). 436 - وَإِنْ يُحَدِّثْ مِنْ وَرَاءِ سِتْرِ ... - عَرَفْتَهُ بِصَوْتِهِ أو ذِي خُبْرِ 437 - صَحَّ، وَعَنْ شُعْبَةَ لاَ تَرْوِ لَنَا ... إنَّ بِلاَلاً، وَحَدِيْثُ أُمِّنَا (وَإِنْ يُحَدِّثْ مِنْ وَرَاءِ سِتْرِ عَرَفْتَهُ بِصَوْتِهِ) أي: فإن عرفت صوت المحدِّث، (أو) اعتمدت في معرفة صوته وحضوره على (ذِي خُبْرِ) أي: خبر ثقة من أهل الخبر بالمحدث، [24 - أ] (صَحَّ) السماع. (وَعَنْ شُعْبَةَ) (¬3) إذا حَدَّثَك المحدِّث فلم ترَ وجهه (لاَ تَرْوِ) عنه. والحجة (لَنَا) قوله عليه السلام: («إنَّ بِلاَلاً) يؤذن بليل فكلوا أو اشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم» (¬4) فَأمَرَ بالاعتماد على صوته مع غيبة شخصه عَمَّن يسمعه، (وَحَدِيْثُ أُمِّنَا) أي: أم المؤمنين عائشة وغيرها كن يحدثن من وراء حجاب، وينقل عنهن مَنْ سمع ذلك. 438 - وَلاَ يَضُرُّ سَامِعَاً أنْ يَمْنَعَهْ ... الشَّيْخُ أَنْ يَرْوِي مَا قَدْ سَمِعَهْ ¬

(¬1) انظر المصدر السابق (1/ 248). (¬2) هو من كلام ابن مهدي كما في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص149) و «فتح المغيث»: (2/ 382). (¬3) انظر: «الإلماع»: (ص58). (¬4) أخرجه البخاري (ج1918)، ومسلم (ج1092).

439 - كَذَلِكَ التَّخْصِيْصُ أو رَجَعْتُ ... مَاَ لمْ يَقُلْ: أَخْطَأْتُ أو شَكَكْتُ (وَلاَ يَضُرُّ سَامِعَاً) حديثاً من شيخٍ (أنْ يَمْنَعَهْ الشَّيْخُ أَنْ يَرْوِي مَا قَدْ سَمِعَهْ) بأن قال له: لا تروه عني، ونحو ذلك (¬1)، (كَذَلِكَ التَّخْصِيْصُ) أي: إذا خصص قوماً بالسماع وسمع غيرهم ولم يعلم به، أو قال: أُخْبِرُكم ولا أُخْبِرُ فلاناً؛ فلا يضر ذلك فلاناً في صحة سماعه. (أو) قوله (رَجَعْتُ) عما حدثتكم به ونحو ذلك مما لا ينفي أنه من حديثه فإنه لا يضر، (مَاَ لمْ يَقُلْ: أَخْطَأْتُ) فيما حدثتُ به، (أو شَكَكْتُ) في سماعه ونحو ذلك، فليس له أن يرويه عنه (¬2). ¬

(¬1) انظر: «المحدث الفاصل»: (ص451 - 452). (¬2) انظر: المصدر السابق.

الثالث: الإجازة

الثَّالِثُ: الإجَاْزَةُ 440 - ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا ... وَنُوِّعَتْ لِتِسْعَةٍ أَنْوَاعَا 441 - ارْفَعُهَا بِحَيْثُ لاَ مُنَاولَهْ ... تَعْيِيْنُهُ الْمُجَازَ وَالْمُجْازَ لَهْ 442 - وَبَعْضُهُمْ حَكَى اتِّفَاقَهُمْ عَلَى ... جَوَازِ ذَا، وَذَهَبَ الْبَاجِيْ إِلَى 443 - نَفْي الْخِلاَفِ مُطْلَقَاً، وَهْوَ غَلَطْ ... قال: وَالاخْتِلاَفُ فِي الْعَمَلِ قَطْ 444 - وَرَدَّهُ الشَّيْخُ بأَِنْ للشَّافِعِي ... قَوْلاَنِ فِيْهَا ثُمَّ بَعْضُ تَابِعي 445 - مَذْهَبِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مَنَعَا ... وَصَاحِبُ الْحَاوي بِهِ قَدْ قَطَعَا 446 - قَالاَ كَشُعْبَةٍ وَلَو جَازَتْ إِذَنْ ... لَبَطْلَتْ رِحْلَةُ طُلاَّبِ السُّنَنْ 447 - وَعَنْ أبي الشَّيْخِ مَعَ الْحَرْبِيِّ ... إِبْطَالُهَا كَذَاكَ لِلسِّجْزِيِّ 448 - لَكِنْ عَلى جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا ... عَمَلُهُمْ، وَالأَكْثَرُوْنَ طُرَّا 449 - قَالُوا بِهِ، كَذَا وُجُوْبُ الْعَمَلِ ... بِهَا، وَقِيْلَ: لاَ كَحُكْمِ الْمُرْسَلِ (ثُمَّ الإِجَازَةُ تَلىِ السَّمَاعَا) فهي دونه، (وَنُوِّعَتْ لِتِسْعَةٍ أَنْوَاعَا). (ارْفَعُهَا بِحَيْثُ لاَ مُنَاولَهْ) أي: أرفع أنواع الإجازة المجرَّدة عن المناولة (تَعْيِيْنُهُ الْمُجَازَ وَالْمُجْازَ لَهْ) كأجزت لكم، أو لفلان الكتاب الفلاني. (وَبَعْضُهُمْ) وهو القاضي عياض (¬1) (حَكَى اتِّفَاقَهُمْ عَلَى جَوَازِ ذَا) فقال: هذه ¬

(¬1) في «الإلماع»: (ص38).

عند بعضهم التي لم يُختلف في جوازها. (وَذَهَبَ) أبو الوليد ((الْبَاجِيْ) إِلَى نَفْي الْخِلاَفِ مُطْلَقَاً) فقال (¬1): لا خلاف في جواز الرواية بالإجازة، وادَّعى فيه الإجماع ولم يُفَصِّل، (وَهْوَ غَلَطْ) في حكاية الإجماع في مطلقها، (قال) الباجي: (وَالاخْتِلاَفُ فِي الْعَمَلِ) بها (قَطْ). (وَرَدَّهُ الشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬2) (بأَِنْ للشَّافِعِي قَوْلاَنِ فِيْهَا) أحدهما عدم جوازها، (ثُمَّ بَعْضُ تَابِعي مَذْهَبِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ (¬3) مَنَعَا (¬4)، وَصَاحِبُ الْحَاوي) وهو الماوردي (¬5) (بِهِ قَدْ قَطَعَا (¬6)، قَالاَ كَشُعْبَةٍ) أي: وقال القاضي والماوردي: كما قال شعبة: (وَلَو جَازَتْ) الإجازة (إِذَنْ لَبَطْلَتْ رِحْلَةُ طُلاَّبِ السُّنَنْ) (¬7). (وَعَنْ أبي الشَّيْخِ) (¬8) عبد الله بن محمد الأصبهاني (مَعَ) إبراهيم (الْحَرْبِيِّ ¬

(¬1) في «الإشارات في الأصول»: (ص60). (¬2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص151). (¬3) هو القاضي الحسين بن محمد بن أحمد بن علي المروذي، المتوفى سنة (462هـ). «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة: (1/ 39). (¬4) انظر: «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص151). (¬5) هو: القاضي علي بن محمد بن مجيب أبو الحسن الماوردي البصري، أحد الأئمة، توفي سنة (450هـ). «طبقات الشافعية»: (1/ 36). (¬6) انظر: «أدب القاضي» من «الحاوى» للماوردي (1/ 387 - 389). (¬7) انظر: «الكفاية»: (2/ 277 - 278) و «أدب القاضي» للماوردي: (1/ 388 - 389). (¬8) انظر: «الكفاية»: (2/ 270).

إِبْطَالُهَا (¬1) كَذَاكَ لِلسِّجْزِيِّ (¬2)). (لَكِنْ عَلى جَوَازِهَا اسْتَقَرَّا عَمَلُهُمْ، وَالأَكْثَرُوْنَ طُرَّا) (¬3) من أهل الحديث وغيره (قَالُوا بِهِ). وكما تجوز الرواية بالإجازة (كَذَا وُجُوْبُ الْعَمَلِ) بالمروي (بِهَا، وَقِيْلَ) قاله بعض أهل [24 - ب] الظاهر (¬4) (لا) يجب العمل (كَحُكْمِ) الحديث (الْمُرْسَلِ). 450 - وَالثَّانِ: أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ ... دُوْنَ الْمُجَازِ، وَهْوَ أَيْضَاً قَبِلَهْ 451 - جُمْهُوْرُهُمْ رِوَايَةً وَعَمَلاَ ... وَالْخُلْفُ أَقْوَى فِيْهِ مِمَّا قَدْ خَلاَ والنوع (الثَّانِ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُجَازَ لَهْ دُوْنَ الْمُجَازِ) كأجزت لك جميع مروياتي (وَهْوَ أَيْضَاً قَبِلَهْ جُمْهُوْرُهُمْ رِوَايَةً وَعَمَلاَ، وَالْخُلْفُ أَقْوَى فِيْهِ) أي: في هذا النوع (مِمَّا قَدْ خَلاَ) أي: من الخلاف في النوع المتقدم. 452 - وَالثَّالِثُ: التَّعْمِيْمُ فِي الْمُجَازِ ... لَهُ، وَقَدْ مَالَ إِلى الْجَوَازِ 453 - مُطْلَقَاً الْخَطِيْبُ وَابْنُ مَنْدَهْ ... ثُمَّ أبو الْعَلاَءِ أَيْضَاً بَعْدَهْ ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (2/ 277)، وانظر: (2/ 316) منه، فقد ذكر الخطيب أن إبراهيم قد رجع عن إطلاق هذا القول. (¬2) هو الإمام أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوائلي، الحافظ، المتوفى سنة (444هـ). «سير أعلام النبلاء»: (17/ 654) و «الوافي بالوفيات»: (6/ 308). (¬3) أي: جميعاً. «فتح المغيث»: (2/ 400). (¬4) انظر: «الكفاية»: (2/ 267).

454 - وَجَازَ لِلْمَوْجُوْدِ عِنْدَ الطَّبَرِيْ ... وَالشَّيْخُ لِلإِْبْطَالِ مَالَ فَاحْذَرِ والنوع (الثَّالِثُ: التَّعْمِيْمُ فِي الْمُجَازِ لَهُ وَقَدْ مَالَ إِلى الْجَوَازِ مُطْلَقَاً الْخَطِيْبُ (¬1) و) أبو عبد الله (ابْنُ مَنْدَهْ) فقال (¬2): أجزت لمن قال لا إله إلا الله، (ثُمَّ) مال إلى الجواز (أبو الْعَلاَءِ) الهمذاني (¬3) (أَيْضَاً بَعْدَهْ). (وَجَازَ) الإجازة (لِلْمَوْجُوْدِ) من جميع المسلمين عند الإجازة (عِنْدَ) أبي الطيب (الطَّبَرِيْ (¬4)، وَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬5) (لِلإِْبْطَالِ مَالَ فَاحْذَرِ) فقال: أصلها ضعيف وتزداد بهذا التوسع (¬6). 455 - وَمَا يَعُمُّ مَعَ وَصْفِ حَصْرِ ... كَالْعُلَمَا يَوْمَئِذٍ بِالثَّغْرِ 456 - فَإِنَّهُ إِلى الْجَوَازِ أَقْرَبُ ... قُلْتُ عِيَاضٌ قالَ: لَسْتُ أَحْسِبُ ¬

(¬1) في «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص80). (¬2) حكاه عنه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص155). (¬3) هو الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد بن سهل الهمذاني العطار، المتوفى سنة (569هـ). «سير أعلام النبلاء»: (21/ 40) و «تذكرة الحفاظ»: (4/ 1324). وانظر لقوله: «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص155). (¬4) هو القاضي الإمام أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر الطبري، المتوفى سنة (450هـ). «تاريخ بغداد»: (9/ 358) و «سير أعلام النبلاء»: (17/ 668). وانظر: كلامه في «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص80) و «الإلماع»: (ص42). (¬5) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص155). (¬6) كذا وقعت العبارة في الأصل، ولعله سقط: تزداد بهذا التوسع [والاسترسال ضعفاً كثيراً] كما هو تعبير ابن الصلاح، ونقله عنه الناظم في شرحه (1/ 419).

457 - فِي ذَا اخْتِلاَفَاً بَيْنَهُمْ مِمَّنْ يَرَى ... إِجَازَةً لِكَوْنِهِ مُنْحَصِرَا (وَمَا يَعُمُّ) من الإجازة (مَعَ وَصْفِ حَصْرِ كَالْعُلَمَا يَوْمَئِذٍ بِالثَّغْرِ) أي: كأجزت لمن هو الآن من طلبة العلم ببلد كذا (فَإِنَّهُ إِلى الْجَوَازِ أَقْرَبُ. قُلْتُ: عِيَاضٌ قالَ (¬1): لَسْتُ أَحْسِبُ فِي ذَا اخْتِلاَفَاً بَيْنَهُمْ) في جوازه (مِمَّنْ يَرَى إِجَازَةً) أي: ممن تصح عنده الإجازة (لِكَوْنِهِ مُنْحَصِرَا). 458 - وَالرَّابعُ: الْجَهْلُ بِمَنْ أُجِيْزَ لَهْ ... أو مَا أُجِيْزَ كَأَجَزْتُ أَزْفَلَهْ 459 - بَعْضَ سَمَاَعاِتي، كَذَا إِنْ سَمَّى ... كِتَاباً أو شَخْصَاً وَقَدْ تَسَمَّى 460 - بِهِ سِوَاهُ ثُمَّ لَمَّا يَتَّضِحْ ... مُرَادُهُ مِنْ ذَاكَ فَهْوَ لاَ يَصِحْ 461 - أَمَّا الْمُسَمَّوْنَ مَعَ الْبَيَانِ ... فَلاَ يَضُرُّ الْجَهْلُ بِالأَعْيَانِ 462 - وَتَنْبَغِي الصِّحَّةُ إِنْ جَمَلَهُمْ ... مِنْ غَيْرِ عَدٍّ وَتَصَفُّحٍ لَهُمْ والنوع (الرَّابعُ: الْجَهْلُ بِمَنْ أُجِيْزَ لَهْ أو مَا أُجِيْزَ) أي: الإجازة للمجهول أو بالمجهول، (كَأَجَزْتُ أَزْفَلَهْ) الأزْفَلَة: الجماعة من الناس (بَعْضَ سَمَاَعاِتي، كَذَا إِنْ سَمَّى كِتَاباً أو شَخْصَاً وَقَدْ تَسَمَّى بِهِ سِوَاهُ) كأجزت لك أن تروي عني كتاب «السنن» وهو يروي عدة من السنن المعروفة بذلك، وكأجزت محمد بن خالد الدمشقي وتَسَمَّى به غير واحد في ذلك الوقت. (ثُمَّ لَمَّا) أي: لم (يَتَّضِحْ مُرَادُهُ مِنْ ذَاكَ) في المسألتين (فَهْوَ لاَ يَصِحْ)، أما إذا اتضح بقرينة بحيث لا يلتبس فالظاهر صحة هذه الإجازة. ¬

(¬1) في «الإلماع»: (ص43).

(أَمَّا الْمُسَمَّوْنَ) للشيخ المسئول (مَعَ الْبَيَانِ) المزيل للاشتباه (فَلاَ يَضُرُّ الْجَهْلُ) أي: عدم معرفة الشيخ (بِالأَعْيَانِ) والإجازة صحيحة، (وَتَنْبَغِي الصِّحَّةُ إِنْ جَمَلَهُمْ) أي: الشيخ للجماعة المسَمَّين في استدعاء بالإجازة (مِنْ غَيْرِ عَدٍّ وَتَصَفُّحٍ لَهُمْ)، كما يصح سماع من سمع منه على هذا الوصف. 463 - وَالْخَامِسُ: التَّعْلِيْقُ فِي الإِجَازَهْ ... بِمَنْ يَشَاؤُهَا الذَّيِ أَجَازَهْ 464 - أو غَيْرُهُ مُعَيَّنَاً، وَالأُولَى ... أَكْثَرُ جَهْلاً، وَأَجَازَ الْكُلاَّ 465 - مَعاً أبو يَعْلَى الإِمَامُ الْحَنْبَلِيْ ... مَعَ ابْنِ عُمْرُوْسٍ وَقَالاَ: يَنْجَلِي 466 - الْجَهْلُ إِذْ يَشَاؤُهَا، وَالظَّاهِرُ ... بُطْلاَنُهَا أَفْتَى بِذَاك طَاهِرُ 467 - قُلْتُ: وَجَدْتُ ابنَ أبي خَيْثَمَةِ ... أَجَازَ كَالَّثانِيَةِ الْمْبُهَمَةِ 468 - وَإِنْ يَقُلْ: مَنْ شَاءَ يَرْوِي قَرُبَا ... وَنَحْوَهُ الأَزْدِي مُجِيْزَاً كَتَبَا 469 - أَمَّا: أَجَزْتُ لِفُلاَنٍ إِنْ يُرِدْ ... فَالأَظْهَرُ الأَقْوَى الْجَوَازُ فَاعْتَمِدْ (وَ) النوع (الْخَامِسُ: التَّعْلِيْقُ فِي الإِجَازَهْ بِمَنْ يَشَاؤُهَا الذَّيِ أَجَازَهْ) كَمَنْ يشاء أن أجيز له فقد أجزت له، (أو غَيْرُهُ مُعَيَّنَاً) كأجزتُ لمن يشاء فلان، (وَالأُولَى أَكْثَرُ جَهْلاً) وانتشاراً من حيث تعلقها بمشيئة من لا يُحْصَرُ عددُهم بخلاف تعليقها بمشيئة معين. (وَأَجَازَ الْكُلاَّ مَعاً أبو يَعْلَى الإِمَامُ الْحَنْبَلِيْ (¬1) مَعَ) أبي الفضل (ابْنِ عُمْرُوْسٍ (¬2) ¬

(¬1) هو: الإمام محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء، المتوفى سنة (458هـ). «طبقات الحنابلة» لابنه: (2/ 193 - 230). (¬2) هو: محمد بن عبيد الله البزار، الفقيه المالكي، المتوفى سنة (452هـ). «تاريخ بغداد»: (2/ 339 - 340).

وَقَالاَ (¬1): يَنْجَلِي الْجَهْلُ [25 - أ] إِذْ يَشَاؤُهَا) أي: واستدلَّا بأن هذه الجهالة ترتفع عند وجود المشيئة ويَتَعَيَّنُ المجازُ له. (وَالظَّاهِرُ بُطْلاَنُهَا) لما فيه من التعليق (أَفْتَى بِذَاك طَاهِرُ) هو ابن عبد الله الطبري (¬2). قال المصنف: (قُلْتُ: وَجَدْتُ) الحافظ أبا بكر (ابنَ أبي خَيْثَمَةِ (¬3) أَجَازَ كَالَّثانِيَةِ الْمْبُهَمَةِ) فكتب (¬4): أجزت لفلان أن يروي عني ما أحب من كتاب التاريخ الذي سمعه مني فلان وفلان، وأذنت له في ذلك ولمن أحب من أصحابه، فإن أحب أن تكون الإجازة لأحد بعد هذا فأنا أجزت له ذلك بكتابي هذا. (وَإِنْ يَقُلْ: مَنْ شَاءَ يَرْوِي قَرُبَا) بأن كان المعلَّق هو الرواية كأجزت لمن شاء الرواية عني أن يروي عني، وهذا أولى بالجواز لأن مقتضى كل إجازة تفويض الرواية بها إلى مشيئة المجاز له، فكان هذا مع كونه بصيغة التعليق تصريحاً بما يقتضيه الإطلاق. ¬

(¬1) انظر كلامهما في «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص81 - 82) و «الإلماع»: (ص44). (¬2) انظر: «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص80). (¬3) هو: الحافظ الكبير أحمد بن زهير بن حرب بن شداد النسائي الأصل، البغدادي المتوفى سنة (297هـ). «تاريخ بغداد»: (4/ 162) و «سير أعلام النبلاء»: (11/ 492). (¬4) انظر: «شرح الألفية» للناظم: (1/ 424).

(وَنَحْوَهُ) أبو الفتح (الأَزْدِي (¬1) مُجِيْزَاً كَتَبَا) فَوُجِد بخطه: أجزتُ رواية ذلك لجميع من أحَبَّ أن يروي ذلك عني. (أَمَّا) تعليق الرواية مع التصريح بالمجاز له وتعيينه نحو (أَجَزْتُ لِفُلاَنٍ إِنْ يُرِدْ)، وأجزت لك كذا إن شئت روايته عني (فَالأَظْهَرُ الأَقْوَى الْجَوَازُ فَاعْتَمِدْ) إذ قد انتفت فيه الجهالة وحقيقة التعليق. 470 - وَالسَّادِسُ: الإِذْنُ لِمَعْدُوْمٍ تَبَعْ ... كَقَوْلِهِ: أَجَزْتُ لِفُلاَنِ مَعْ 471 - أَوْلاَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهْ ... حَيْثُ أَتَوْا أَوْ خَصَّصَ الْمَعْدُوْمَ بِهْ 472 - وَهْوَ أَوْهَى، وَأَجَازَ الأَوَّلاَ ... ابْنُ أبي دَاوُدَ وَهْوَ مُثِّلاَ 473 - بِالْوَقْفِ، لَكِنْ أَبَا الطَّيِّبِ رَدْ ... كِلَيْهِمَا وَهْوَ الصَّحِيْحُ الْمُعْتَمَدْ 474 - كَذَا أبو نَصْرٍ. وَجَازَ مُطْلَقَا ... عِنْدَ الْخَطِيْبِ وَبِهِ قَدْ سُبِقَا 475 - مِنِ ابْنِ عُمْرُوْسٍ مَعَ الْفَرَّاءِ ... وَقَدْ رَأَى الْحُكْمَ عَلى اسْتِوَاءِ 476 - فِي الْوَقْفِ في صِحَّتِهِ مَنْ تَبِعَا ... أَبَا حَنِيْفَةَ وَمَالِكَاً مَعَا والنوع (وَالسَّادِسُ: الإِذْنُ لِمَعْدُوْمٍ تَبَعْ) للموجود (كَقَوْلِهِ: أَجَزْتُ لِفُلاَنِ مَعْ أَوْلاَدِهِ وَنَسْلِهِ وَعَقِبِهْ حَيْثُ أَتَوْا)، وأجزت لك ولمن يولد لك ونحوه. (أَوْ خَصَّصَ الْمَعْدُوْمَ بِهْ) من غير عطف على موجود كأجزتُ لمن يولَدُ ¬

(¬1) هو: الحافظ أبو الفتح محمد بن الحسين بن أحمد بن عبد الله بن بريدة الموصلي، المتوفى سنة (374هـ). «تذكرة الحفاظ»: (3/ 967) و «سير أعلام النبلاء»: (16/ 347).

لفلان، (وَهْوَ أَوْهَى) من القسم الأول، (وَأَجَازَ) القسم (الأَوَّلاَ) أبو بكر (ابْنُ أبي دَاوُدَ) السجستاني (¬1)، (وَهْوَ مُثِّلاَ بِالْوَقْفِ) على المعدوم، (لَكِنْ) القاضي (أَبَا الطَّيِّبِ رَدْ كِلَيْهِمَا) قياساً على الإخبار للمعدوم (¬2)، (وَهْوَ الصَّحِيْحُ الْمُعْتَمَدْ كَذَا أبو نَصْرٍ) ابن الصباغ (¬3). (وَجَازَ مُطْلَقَا عِنْدَ الْخَطِيْبِ (¬4)، وَبِهِ قَدْ سُبِقَا مِنِ) أبي الفضل (ابْنِ عُمْرُوْسٍ (¬5) مَعَ) أبي يعلى ابن (الْفَرَّاءِ (¬6) وَقَدْ رَأَى الْحُكْمَ عَلى اسْتِوَاءِ فِي الْوَقْفِ في صِحَّتِهِ) على المعدوم وإن لم يكن أصله موجوداً (مَنْ تَبِعَا أَبَا حَنِيْفَةَ وَمَالِكَاً مَعَا). 477 - وَالسَّاِبعُ: الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ ... لِلأَخْذِ عَنْهُ كَافِرٍ أو طِفْلِ 478 - غَيْرِ مُمَيِزٍ وَذَا الأَخِيْرُ ... رَأَى أبو الطَّيِّبِ وَالْجُمْهُوْرُ 479 - وَلَمْ أَجِدْ فِي كَافِرٍ نَقْلاً، بَلَى ... بِحَضْرَةِ الْمِزِّيِّ تَتْرَا فُعِلا 480 - وَلَمْ أَجِدْ فِي الْحَمْلِ أَيْضَاً نَقْلاَ ... وَهْوَ مِنَ الْمَعْدُوْمِ أولَى فِعْلاَ 481 - وَلِلْخَطِيْبِ لَمْ أَجِدْ مَنْ فَعَلَهْ ... قُلْتُ: رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَدْ سَأَلَهْ 482 - مَعْ أبويْهِ فَأَجَازَ، وَلَعَلْ ... مَا اصَّفَّحَ الأَسماءَ فِيْهَا إِذْ فَعَلْ ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (2/ 295) و «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص79). (¬2) انظر: «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص80). (¬3) حكاه عنه ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص159). (¬4) «الكفاية»: (2/ 296). (¬5) انظر: «الإجازة للمعدوم والمجهول»: (ص80). (¬6) انظر: المصدر السابق.

483 - وَيَنْبَغِي الْبِنَا عَلى مَا ذَكَرُوْا ... هَلْ يُعْلَمُ الْحَمْلُ؟ وَهَذَا أَظْهَرُ (و) النوع (السَّاِبعُ: الإِذْنُ لِغَيْرِ أَهْلِ) حين الإجازة (لِلأَخْذِ عَنْهُ، كَافِرٍ أو طِفْلِ غَيْرِ مُمَيِزٍ)، أما المميِّز فصحيحة. (وَذَا الأَخِيْرُ) وهو الإجازة للطفل (رَأَى) القاضي [25 - ب] (أبو الطَّيِّبِ وَالْجُمْهُوْرُ (¬1)، وَلَمْ أَجِدْ فِي كَافِرٍ نَقْلاً، بَلَى بِحَضْرَةِ الْمِزِّيِّ تَتْرَا فُعِلا) فإن محمد بن عبد السيد سمع الحديث في حال يهوديته على محمد بن عبد المؤمن الصوري وكتب اسمه في طبقة السماع، وأجاز لمن سمع وهو منهم، وكان ذلك بحضور الحافظ المزي في غير ما جزء فلولا أن المزي يرى جوازه ما أقَرَّ عليه ثم هُدِيَ للإسلام وحَدَّثَ (¬2). (وَلَمْ أَجِدْ فِي الْحَمْلِ أَيْضَاً نَقْلاَ وَهْوَ مِنَ الْمَعْدُوْمِ أولَى فِعْلاَ، وَلِلْخَطِيْبِ (¬3) لَمْ أَجِدْ مَنْ فَعَلَهْ. قُلْتُ: رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ قَدْ سَأَلَهْ مَعْ أبويْهِ فَأَجَازَ) وهو الحافظ أبو سعيد العلائي، (وَلَعَلْ مَا اصَّفَّحَ الأَسماءَ فِيْهَا إِذْ فَعَلْ) حتى يعلم هل فيها حمل أم لا؟. (وَيَنْبَغِي الْبِنَا) أي: بناء الحكم في الإجازة للحمل (عَلى مَا ذَكَرُوْا) من الخلاف (هَلْ يُعْلَمُ الْحَمْلُ؟) أم لا؟ فإن قلنا: إنه لا يعلم فيكون كالإجازة للمجهول ويجري فيه الخلاف، وإن قلنا: إنه يعلم صَحَّت الإجازة (وَهَذَا أَظْهَرُ). ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (2/ 295 - 296). (¬2) انظر: «شرح الألفية» للناظم: (1/ 49) و «فتح المغيث»: (2/ 303 - 304، 438). (¬3) «الكفاية»: (2/ 296).

484 - وَالثَّامِنُ: الإِذْنُ بِمَا سَيَحْمِلُهْ ... الشَّيْخُ، وَالصَّحِيْحُ أَنَّا نُبْطِلُهْ 485 - وبعضُ عَصْرِيِّ عِيَاضٍ بَذَلَهْ ... وَابْنُ مُغِيْثٍ لَمْ يُجِبْ مَنْ سَأَلَهْ 486 - وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ مَا صَحَّ لَهْ ... أو سَيَصِحُّ، فَصَحِيْحٌ عَمِلَهْ 487 - الدَّارَقُطْنِيُّ وَسِواهُ أوحَذَفْ ... يَصِحُّ جَازَ الكُلُّ حَيْثُمَا عَرَفْ (و) النوع (الثَّامِنُ: الإِذْنُ بِمَا سَيَحْمِلُهْ الشَّيْخُ) مما لم يسمعه قبل ذلك ولم يتحمله ليرويه المجاز بعد أن يتحمله المجيز (وَالصَّحِيْحُ أَنَّا نُبْطِلُهْ، وبعضُ عَصْرِيِّ عِيَاضٍ بَذَلَهْ) أي: أعطاه لمن سأله (و) أبو الوليد (ابْنُ مُغِيْثٍ (¬1) لَمْ يُجِبْ مَنْ سَأَلَهْ) بأن يجيز له جميع ما رواه إلى تاريخها، وما يرويه بعدُ، فغضب السائل، فقال له الطُّبْنِيُّ (¬2): يعطيك ما لم يأخذ؟ هذا محال قال (¬3): هذا جوابي (¬4). (وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ مَا صَحَّ لَهْ أو سَيَصِحُّ) عنده من مسموعاتي (فَصَحِيْحٌ، عَمِلَهْ الدَّارَقُطْنِيُّ وَسِواهُ (¬5))، وله أن يروي عنه ما صَحَّ عنده بعد الإجازة أنه سمعه قبلها، (أوحَذَفْ «يَصِحُّ») أي: لم يذكرها (جَازَ الكُلُّ حَيْثُمَا عَرَفْ) حالة الأداء أنه سماعه؛ لأن المراد بقوله: «ما صَحَّ» حالة الرواية لا حالة الإجازة. ¬

(¬1) هو: أبو الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث القرطبي، ابن الصفار، المتوفى سنة (429هـ). «ترتيب المدارك»: (4/ 739 - 741). (¬2) وقيل: بضم الباء وتشديد النون. «الأنساب»: (4/ 50)، «اللباب»: (2/ 275). (¬3) أي: يونس بن مغيث. (¬4) انظر: «الإلماع»: (ص45). (¬5) انظر: «شرح الناظم»: (1/ 432).

488 - وَالتَّاسِعُ: الإِذْنُ بِمَا أُجِيْزَا ... لِشَيْخِهِ، فَقِيْلَ: لَنْ يَجُوْزَا 489 - وَرُدَّ، وَالصَّحِيْحُ: الاعْتِمَادُ ... عَلَيْهِ قَدْ جَوَّزَهُ النُّقَّاْدُ 490 - أبو نُعَيْمٍ، وَكَذَا ابْنُ عُقْدَهْ ... وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَنَصْرٌ بَعْدَهْ 491 - وَالَى ثَلاَثَاً بإِجَازَةٍ وَقَدْ ... رَأَيْتُ مَنْ وَالَى بِخَمْسٍ يُعْتَمَدْ 492 - وَيَنْبَغِي تَأَمُّلُ الإِجازَهْ ... فحيثُ شَيْخُ شَيْخِهِ أَجَاْزَهْ 493 - بَلِفْظِ مَا صَحَّ لَدَيْهِ لَمْ يُخَطْ ... مَا صَحَّ عِنْدَ شَيْخِهِ مِنْهُ فَقَطْ (و) النوع (التَّاسِعُ: الإِذْنُ بِمَا أُجِيْزَا لِشَيْخِهِ) كأجزت لك مجازاتي، (فَقِيْلَ: لَنْ يَجُوْزَا)؛ لأنها ضعيفة فيقوى الضعف باجتماع إجازتين. (وَرُدَّ، وَالصَّحِيْحُ: الاعْتِمَادُ عَلَيْهِ) ولا يشبه ما امتنع من توكيل الوكيل بغير إذن. (قَدْ جَوَّزَهُ النُّقَّاْدُ أبو نُعَيْمٍ (¬1)) فقال: الإجازة على الإجازة قَوِيَّةٌ جائزة، (وَكَذَا) أبو العباس (ابْنُ عُقْدَهْ (¬2) وَالدَّارَقُطْنِيُّ (¬3)). (وَنَصْرٌ بَعْدَهْ) هو نصر بن إبراهيم المقدسي (¬4) (وَالَى ثَلاَثَاً بإِجَازَةٍ) أي: بين ثلاث أجايز. قال المصنف: (وَقَدْ رَأَيْتُ مَنْ وَالَى بِخَمْسٍ يُعْتَمَدْ) وهو عبد الغني ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (2/ 352 - 353). (¬2) انظر: المصدر السابق. (¬3) انظر: المصدر السابق. (¬4) المتوفى سنة (490هـ). «سير أعلام النبلاء»: (19/ 136).

[26 - أ] بن سعيد الأزدي (¬1). (وَيَنْبَغِي) لمن يروي بالإجازة عن الإجازة (تَأَمُّلُ) كيفية (الإِجازَهْ) التي من شيخ شيخه لشيخه ومقتضاها حتى لا يروي بها ما لم يندرج تحتها، (فحيثُ شَيْخُ شَيْخِهِ أَجَاْزَهْ بَلِفْظِ مَا صَحَّ لَدَيْهِ لَمْ يُخَطْ مَا صَحَّ عِنْدَ شَيْخِهِ مِنْهُ فَقَطْ) أي: فإن قَيَّدَهَا بما صح عند المجاز، أو بما سمعه المجيز فقط، أو بما حَدَّثَ به من مسموعاته، أو غير ذلك، فإن أجازه بأجزت له ما صَحَّ عنده من مسموعاتي فليس للمُجاز الثاني: أن يروي عن المجاز الأول إلا ما علم أنه صح عنده من سماع شيخه الأعلى، وكذا إن قَيَّدَها بسماعه لم يتعدَّ إلى مجازاته. ¬

(¬1) حيث روى عنه الحافظ أبو محمد عبد الكريم الحلبي المتوفى سنة (735هـ) في «تاريخ مصر» بخمس أجايز متوالية في عدة مواضع. «شرح الناظم»: (1/ 434) و «شرح السيوطي»: (ص246).

لفظ الإجازة وشرطها

لَفْظُ الإِجَازَةِ وَشَرْطُهَا 494 - أَجَزْتُهُ ابْنُ فَارِسٍ قَدْ نَقَلَهْ ... وَإِنَّمَا الْمَعْرُوْفُ قَدْ أَجَزْتُ لَهْ 495 - وَإِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الإِجَازَهْ ... مِنْ عَالِمٍ بِهِ، وَمَنْ أَجَازَهْ 496 - طَالِبَ عِلْمٍ وَالْوَلِيْدُ ذَا ذَكَرْ ... عَنْ مَالِكٍ شَرْطاً وَعَنْ أبي عُمَرْ 497 - أَنَّ الصَّحِيْحَ أَنَّهَا لاَ تُقْبَلُ ... إِلاَّ لِمَاهِرٍ وَمَا لاَ يُشْكِلُ 498 - وَالْلَفْظُ إِنْ تُجِزْ بِكَتْبٍ أَحْسَنُ ... أو دُوْنَ لَفْظٍ فَانْوِ وَهْوَ أَدْوَنُ (أَجَزْتُهُ) متعدياً بغير حرف جر أحمد (ابْنُ فَارِسٍ (¬1) قَدْ نَقَلَهْ) عن العرب (¬2) بأنه مأخوذ من جواز الماء، يُقال: استجزت فلاناً فأجازني، إذا سقاك ماءً لأرضك. (وَإِنَّمَا الْمَعْرُوْفُ قَدْ أَجَزْتُ لَهْ) لأنها بمعنى التسويغ، والإذن، والإباحة. (وَإِنَّمَا تُسْتَحْسَنُ الإِجَازَهْ مِنْ) مجيز (عَالِمٍ بِهِ) أي: بما يُجيز (وَمَنْ أَجَازَهْ طَالِبَ عِلْمٍ) لأنها توسع وترخيص يتأهل له أهل العلم لمسيس حاجتهم إليها. (وَالْوَلِيْدُ) بن بكر المالكي (¬3) (ذَا ذَكَرْ عَنْ مَالِكٍ شَرْطاً (¬4). وَعَنْ أبي عُمَرْ) هو ابن ¬

(¬1) هو: أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي، المتوفى سنة (395هـ). «سير أعلام النبلاء»: (19/ 32). (¬2) انظر: «مأخذ العلم» لابن فارس: (ص39). (¬3) هو: الإمام أبو العباس الوليد بن بكر بن مخلد بن أبي دُبَار الحافظ، اللغوي المتوفى سنة (392هـ). «سير أعلام النبلاء»: (17/ 65)، و «تذكرة الحفاظ»: (3/ 1080). (¬4) ذكره في جزء له سماه: «الوجازة في صحة القول بالإجازة» كما في «فتح المغيث»: (2/ 458).

عبد البر (¬1)، (أَنَّ الصَّحِيْحَ أَنَّهَا لاَ تُقْبَلُ إِلاَّ لِمَاهِرٍ) بالصناعة، (وَمَا) أي: في شيء معين (لاَ يُشْكِلُ) إسناده. (وَالْلَفْظُ إِنْ تُجِزْ بِكَتْبٍ أَحْسَنُ) أي: فإن كانت الإجازة بالخط فالأحسن والأولى أن يتلفظ بالإجازة أيضاً (أو دُوْنَ لَفْظٍ فَانْوِ) أي: وإن اقتصر على الكتابة ولم يَتَلَفَّظْ فإن قُرِنَتْ بقصد الإجازة صَحَّت لأن الكتابة كنايةٌ (¬2)، (وَهْوَ أَدْوَنُ) من الملفوظ بها في المرتبة، وإلا فالظاهر عدم الصحة. ¬

(¬1) «جامع بيان العلم وفضله»: (2/ 180). (¬2) أي: الكتابة كناية عن الإجازة. وقد وقعت العبارة في نشرة الأستاذ ماهر الفحل (1/ 438): «لأن الكتابة كتابة» وهو خطأ، وقد جاءت على الصواب في النشرة القديمة بعناية الأستاذ محمود الربيع (ص214).

الرابع: المناولة

الرَّاْبِعُ: الْمُنَاوَلَةُ 499 - ثُمَّ الْمُنَاولاَتُ إِمَّا تَقْتَرِنْ ... بِالإِذْنِ أَوْ لاَ، فَالَّتِي فِيْهَا إِذِنْ 500 - أَعْلَى الإْجَازَاتِ، وَأَعْلاَهَا إذا ... أَعْطَاهُ مِلْكَاً فَإِعَارَةً كَذَا 501 - أَنْ يَحْضُرَ الطَّالِبُ بِالْكِتَابِ لَهْ ... عَرْضاً وَهَذَا الْعَرْضُ لِلْمُنَاولَهْ 502 - وَالشَّيْخُ ذُوْ مَعْرِفَةٍ فَيَنْظُرَهْ ... ثُمَّ يُنَاولَ الْكِتَابَ مُحْضِرَهْ 503 - يقول: هَذَا مِنْ حَدِيْثِي فارْوِهِ ... وَقَدْ حَكَوْا عَنْ مَالِكٍ وَنَحْوِهِ 504 - بِأَنَّهَا تُعَادِلُ السَّمَاعَا ... وَقَدْ أَبَى الْمُفْتُوْنَ ذَا امْتِنَاعَا 505 - إِسْحَاقُ وَالثَّوْرِيْ مَعَ النُّعْمَانِ ... وَالشَّافِعيْ وَأحْمَدُ الشَّيْبَانِيْ 506 - وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُمْ رَأوْا ... بِأَنَّهَا أَنْقَصُ، قُلْتُ: قَدْ حَكَوْا 507 - إِجْمَاعَهُمْ بِأَنَّهَا صَحِيْحَهْ ... مُعْتَمَداً، وَإِنْ تَكُنْ مَرْجُوْحَهْ (ثُمَّ الْمُنَاولاَتُ إِمَّا تَقْتَرِنْ) المناولة (بِالإِذْنِ أَوْ لاَ) تقترن، (فَالَّتِي فِيْهَا إِذِنْ) أي: فالمناولة المقرونة بالإجازة (أَعْلَى الإْجَازَاتِ) على الإطلاق، (وَأَعْلاَهَا) أي: أعلى هذه المناولة العالية، (إذا أَعْطَاهُ) شيئاً من سماعه أو إجازته (مِلْكَاً) يُمَلِّكُهُ الشيخُ له. (فَإِعَارَةً) بأن يقول: خُذْهُ واسْتَنْسِخُهُ وَقاَبِل به ثم رُدَّهُ إلىَّ. (كَذَا أَنْ يَحْضُرَ الطَّالِبُ بِالْكِتَابِ لَهْ عَرْضاً) أي: بأصل الشيخ أو فرعه المقابَل

به فيعرضه عليه، (وَهَذَا الْعَرْضُ لِلْمُنَاولَهْ) أي: سموه عرضاً [26 - ب] فيكون عرضَ المناولة، فإذا عَرَضَ عليه (وَالشَّيْخُ ذُوْ مَعْرِفَةٍ فَيَنْظُرَهْ) أي: تأمله الشيخ وهو عارف متيقِّظ (ثُمَّ يُنَاولَ الْكِتَابَ مُحْضِرَهْ) وهو الطالب (يقول: هَذَا مِنْ حَدِيْثِي) الذي رويته عن فلان (فارْوِهِ) عني. (وَقَدْ حَكَوْا عَنْ مَالِكٍ وَنَحْوِهِ بِأَنَّهَا) أي: المناولة المقرونة بالإجازة (تُعَادِلُ السَّمَاعَا (¬1)، وَقَدْ أَبَى الْمُفْتُوْنَ) من فقهاء الإسلام (ذَا امْتِنَاعَا) فلم يَرُوْهُ سماعاً: (إِسْحَاقُ، وَالثَّوْرِيْ مَعَ) أبي حنيفة (النُّعْمَانِ، وَالشَّافِعيْ، وَأحْمَدُ) بن حنبل (الشَّيْبَانِيْ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُمْ رَأوْا بِأَنَّهَا أَنْقَصُ) من التحديث والإخبار (¬2). قال المصنف (قُلْتُ: قَدْ حَكَوْا إِجْمَاعَهُمْ) أي: إجماع أهل النقل (بِأَنَّهَا) رواية (صَحِيْحَهْ مُعْتَمَداً) أي: اعتماداً (وَإِنْ تَكُنْ مَرْجُوْحَهْ). 508 - أَمَّا إذا نَاولَ وَاسْتَرَدَّا ... فِي الْوَقْتِ صَحَّ وَالْمُجَازُ أَدَّى 509 - مِنْ نُسْخَةٍ قَدْ وَافَقَتْ مَرْوِيَّهْ ... وَهَذِهِ لَيْسَتْ لَهَا مَزِيَّهْ 510 - عَلَى الذَّيِ عُيَّنَ فِي الاجَازَهْ ... عِنْدَ الْمُحَقِّقِيْنَ لَكِنْ مَازَهْ 511 - أَهْلُ الْحَدِيْثِ آخِراً وَقِدْمَا ... أَمَّا إذا مَا الشَّيْخُ لَمْ يَنْظُرْ مَا 512 - أَحْضَرَهُ الطَّالِبُ لَكِنْ اعْتَمَدْ ... مَنْ أَحْضَرَ الْكِتَابَ وَهْوَ مُعْتَمَدْ ¬

(¬1) حكاه عنه وعن غيره من أئمة الحديث الحاكم في «معرفة علوم الحديث»: (ص672 - 673) وانظر: «الإلماع»: (ص35). (¬2) انظر: «معرفة علوم الحديث»: (ص676 - 677).

513 - صَحَّ وَإِلاَّ بَطَلَ اسْتِيْقَانَا ... وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ إِنْ كَانَا 514 - ذَا مِنْ حَدِيْثِي، فَهْوَ فِعْلٌ حَسَنُ ... يُفِيْدُ حَيْثُ وَقَعَ التَّبَيُّنُ 515 - وإنْ خَلَتْ مِنْ إذْنِ المُنَاْولَهْ ... قِيْلَ: تَصِحُّ والأَصَحُّ بَاْطِلَهْ (أَمَّا إذا نَاولَ) الشيخُ الطالبَ الكتابَ وأجاز له روايته (وَاسْتَرَدَّا) أي: ثم ارتجعه منه (فِي الْوَقْتِ صَحَّ). (وَالْمُجَازُ) له إذا أراد الأداء (أَدَّى مِنْ نُسْخَةٍ قَدْ وَافَقَتْ مَرْوِيَّهْ) أي: الكتاب الذي تناولَهُ بكونه منه نفسه، أو من نسخةٍ توافقه بمقابلته أو إخبار ثقة بموافَقَتِها. (وَهَذِهِ) الصورة من المناولة (لَيْسَتْ لَهَا مَزِيَّهْ عَلَى الذَّيِ عُيَّنَ فِي الاجَازَهْ) أي: على الإجازة بكتابٍ معين (عِنْدَ الْمُحَقِّقِيْنَ لَكِنْ مَازَهْ أَهْلُ الْحَدِيْثِ آخِراً وَقِدْمَا) أي: رأوا لهذه مزية على الإجازة قديماً وحديثاً. (أَمَّا إذا مَا الشَّيْخُ لَمْ يَنْظُرْ مَا أَحْضَرَهُ الطَّالِبُ) من الكُتُب وقال له: هذا روايتك فَنَاوِلْنِيْه وأَجِزْ لي روايته، ولم يتحقق أنه روايته، (لَكِنْ اعْتَمَدْ) خبر (مَنْ أَحْضَرَ الْكِتَابَ وَهْوَ) ثقة (مُعْتَمَدْ صَحَّ، وَإِلاَّ) أي: وإن لم يكن موثوقاً بخبره (بَطَلَ اسْتِيْقَانَا). (وَإِنْ يَقُلْ: أَجَزْتُهُ إِنْ كَانَا ذَا مِنْ حَدِيْثِي) مع براءتي من الغلط والوهم (فَهْوَ فِعْلٌ حَسَنُ يُفِيْدُ حَيْثُ وَقَعَ التَّبَيُّنُ) أن ذلك الذي ناوله كان من مروياته. (وإنْ خَلَتْ مِنْ إذْنِ المُنَاْولَهْ) بأن يناوله الكتاب ويقول: هذا من حديثي، أو من سماعاتي، ولا يقول: ارْوِهِ عني، ولا أجزتُ لك روايته، (قِيْلَ: تَصِحُّ والأَصَحُّ بَاْطِلَهْ).

كيف يقول من روى بالمناولة والإجازة؟

كَيْفَ يَقُوْلُ مَنْ رَوَى بِالمُنَاولَةِ وَالإِجَاْزَةِ؟ 516 - وَاخْتَلَفُوا فِيْمَنْ رَوَى مَا نُوْوِلاَ ... فَمَالِكٌ وَابْنُ شِهَابٍ جَعَلاَ 517 - إِطْلاَقَهُ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَا ... يَسُوْغُ وَهْوَ لاَئِقٌ بِمَنْ يَرَى 518 - الْعَرْضَ كَالسَّمَاعِ بَلْ أَجَازَه ... بَعْضُهُمُ في مُطْلَقِ الإِجَازَهْ 519 - وَالْمَرْزُبَانِيْ وَأبو نُعَيْمِ ... أَخْبَرَ، وَالصَّحِيْحُ عِنْدَ القَوْمِ 520 - تَقْيِيْدُهُ بِمَا يُبيِنُ الْوَاقِعَا ... إِجَازَةً تَنَاولاً هُمَا مَعَا 521 - أَذِنَ لِي، أَطْلَقَ لِي، أَجَازَنِي ... سَوَّغَ لِي، أَبَاحَ لِي، نَاولَنِي 522 - وَإِنْ أَبَاحَ الشَّيْخُ لِلْمُجَازِ ... إِطَلاَقَهُ لَمْ يَكْفِ فِي الْجَوَازِ (وَاخْتَلَفُوا فِيْمَنْ رَوَى مَا نُوْوِلاَ) أي: في عبارة الراوي [27 - أ] لما يحمله بطريق المناولة (فَمَالِكٌ (¬1) و) أبو بكر، (ابْنُ شِهَابٍ (¬2)) الزهري، (جَعَلاَ إِطْلاَقَهُ «حَدَّثَنَا» وَ «أَخْبَرَا» يَسُوْغُ، وَهْوَ لاَئِقٌ بِمَنْ يَرَى الْعَرْضَ كَالسَّمَاعِ) أي: بمذهب من تَقَدَّمَ أنه يرى عرضَ المناولة المقرونة بالإجازة سماعاً، (بَلْ أَجَازَه) أي: إطلاق حدثنا وأخبرنا (بَعْضُهُمُ في مُطْلَقِ الإِجَازَهْ). ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (2/ 309). (¬2) المصدر السابق (2/ 301).

(وَالْمَرْزُبَانِيْ (¬1) وَأبو نُعَيْمِ) أطلقا لفظ (أَخْبَرَ) في الإجازة (¬2). (وَالصَّحِيْحُ عِنْدَ القَوْمِ تَقْيِيْدُهُ بِمَا يُبيِنُ الْوَاقِعَا) في كيفية التحمل، فيقول: «أنا» أو «ثنا» فلان (إِجَازَةً تَنَاولاً هُمَا مَعَا) أي: إجازةً ومناولةً، أو (أَذِنَ لِي) أو (أَطْلَقَ لِي،) أو (أَجَازَنِي)، أو (سَوَّغَ لِي) أو (أَبَاحَ لِي،) أو (نَاولَنِي) وما أشبه ذلك. (وَإِنْ أَبَاحَ الشَّيْخُ لِلْمُجَازِ إِطَلاَقَهُ) أي: «أنا» أو «ثنا» في الإجازة أو المناولة كما فعله بعض المشايخ، (لَمْ يَكْفِ فِي الْجَوَازِ). 523 - وَبَعْضُهُمْ أَتَى بِلَفَظٍ مُوْهِمْ ... شَافَهَنِي كَتَبَ لِي فَمَا سَلِمْ 524 - وَقَدْ أَتَى بِـ «خَبَّرَ» الأوزَاعِيْ ... فِيْهَا وَلَمْ يَخْلُ مِنَ النِّزَاعِ 525 - وَلَفْظُ «أَنْ» اخْتَارَهُ «الْخَطَّابي» ... وَهْوَ مَعَ الإِسْنَادِ ذُوْ اقْتِرَابِ 526 - وَبَعْضُهُمْ يَخْتَارُ فِي الإِجَازَهْ ... «أَنْبَأَنَا» كَصَاحِبِ الْوِجَازَهْ 527 - وَاخْتَارَهُ «الْحَاكِمُ» فِيْمَا شَافَهَهْ ... بِالإِذْنِ بَعْدَ عَرْضِهِ مُشَافَهَهْ 528 - وَاسْتَحْسَنُوْا لِلْبَيَهْقَيْ مُصْطَلَحا ... «أَنْبَأَنَا» إِجَازَةً فَصَرَّحَا 529 - وَبَعْضُ مَنْ تَأَخَّرَ اسْتَعْمَلَ عَنْ ... إِجَازَةً، وَهْيَ قَرِيْبَةٌ لِمَنْ 530 - سَمَاعُهُ مِنْ شَيْخِهِ فِيْهِ يَشُكّْ ... وَحَرْفُ «عَنْ» بَيْنَهُمَا فَمُشْتَرَكْ 531 - وَفِي الْبُخَارِيْ قَالَ لِي: فَجَعَلَهْ ... حِيْرِيُّهُمْ لِلْعَرْضِ وَالمُنَاولَهْ ¬

(¬1) هو أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى بن عبيد، المتوفى سنة (384هـ). «تاريخ بغداد»: (3/ 135 - 136) و «معجم الأدباء»: (18/ 268). (¬2) حكاه عنهما الخطيب في «تاريخ بغداد»: (3/ 135 - 136).

(وَبَعْضُهُمْ أَتَى) في الرواية بالإجازة (بِلَفَظٍ مُوْهِمْ) فقال فيما إذا شافهه بالإجازة لفظاً (شَافَهَنِي)، وفيها بالكتابة (كَتَبَ لِي) يوهم مشافهته بالتحديث، وأنه كتب إليه بذلك الحديث بعينه، (فَمَا سَلِمْ) من استعملها من طَرَفٍ من التدليس. (وَقَدْ أَتَى بِـ «خَبَّرَ») بالتشديد (الأوزَاعِيْ فِيْهَا) أي: في الإجازة، وبـ «أخبر» في القراءة عليه (¬1). (وَلَمْ يَخْلُ مِنَ النِّزَاعِ)؛ لأن معناهما واحد لغةً واصطلاحاً. (وَلَفْظُ «أَنْ» اخْتَارَهُ الْخَطَّابي) فقال في الرواية بالسماع عن الإجازة: أخبرنا فلان أن فلاناً حَدَّثَهُ أو أخبره (¬2). (وَهْوَ مَعَ الإِسْنَادِ ذُوْ اقْتِرَابِ) أي: فيما إذا سمع منه الإسناد فحسب وأجاز له ما وراءه (¬3) قريب، فإن فيها إشعاراً بوجود أصل الإخبار وإن أَجْمَلَ المخبَر به. (وَبَعْضُهُمْ يَخْتَارُ فِي الإِجَازَهْ «أَنْبَأَنَا» كَصَاحِبِ الْوِجَازَهْ) وهو الوليد بن بكر (¬4)، (وَاخْتَارَهُ (الْحَاكِمُ) فِيْمَا شَافَهَهْ بِالإِذْنِ بَعْدَ عَرْضِهِ مُشَافَهَهْ) فقال (¬5): أَخْتار أن يقول ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (2/ 251) و «الإلماع»: (ص53). (¬2) انظر: «الكفاية»: (2/ 251) و «الإلماع»: (ص54). ووقعت العبارة في الأصل: «حدثه وأنكر»، خطأ، والتصحيح من «شرح الناظم»: (1/ 447). (¬3) وقعت الكلمة في «شرح الناظم»: (1/ 447) و «معرفة أنواع علم الحديث» قبله (ص172): رواه. وعندي أن ما في الأصل قريب، ويكون المعنى أجاز له ما وراء الإسناد وهو المتن، فالله أعلم. (¬4) انظر: «الكفاية»: (2/ 309). (¬5) في «معرفة علوم الحديث»: (ص678).

فيما عُرِضَ على المحدِّث فأجاز له روايته شفاهاً: «أنبأني فلان»، (وَاسْتَحْسَنُوْا (¬1) لِلْبَيَهْقَيْ مُصْطَلَحا) أن يقول في الإجازة («أَنْبَأَنَا» إِجَازَةً (¬2) فَصَرَّحَا) بالإجازة. (وَبَعْضُ مَنْ تَأَخَّرَ اسْتَعْمَلَ «عَنْ» إِجَازَةً، وَهْيَ قَرِيْبَةٌ لِمَنْ سَمَاعُهُ مِنْ شَيْخِهِ فِيْهِ يَشُكّْ) أي: وذلك قريب فيما إذا كان قد سمع منه بإجازته من شيخه إن لم يكن سماعاً فإنه شاك، (وَحَرْفُ (عَنْ) بَيْنَهُمَا فَمُشْتَرَكْ) أي: مشترك بين السماع والإجازة [27 - ب] صادق عليهما. (وَفِي الْبُخَارِيْ «قَالَ لِي»: فَجَعَلَهْ حِيْرِيُّهُمْ): أي: قال محمد بن أحمد الحِيْرِيُّ (¬3): كُلَّمَا قال البخاري: «قال لي فلان» فهو (لِلْعَرْضِ وَالمُنَاولَهْ) (¬4). ¬

(¬1) كما أشعره صنيع ابن الصلاح في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص170). (¬2) من مواضع استخدامه لذلك: «دلائل النبوة»: (1/ 385) و «القراءة خلف الإمام»: (ص50). (¬3) هذا وهم تابع فيه المنصفُ الأصلَ فقد وهم في ذلك العراقي في شرحه (1/ 448) فنسب القول لأبي عمرو محمد بن أحمد الحيري والصواب أنه لأبيه أبي جعفر الحيري واسمه أحمد بن حمدان وهو مترجم في «سير أعلام النبلاء»: (14/ 297) وابنه إنما يرويه عنه. وقد نسبه ابن الصلاح في «المعرفة» (ص171 - 172) على الصواب فقال: قال-أي الحاكم-: روينا عن أبي عمرو بن أبي جعفر بن حمدان النيسابوري قال: (سمعت أبي) يقول: «كل ما في البخاري .. » إلخ، وكذا نسبه على الصواب: السخاوي في «فتح المغيث»: (2/ 495 - 496) وزكريا الأنصاري في «فتح الباقي» (2/ 18)، أما السيوطي فقد تابع العراقي على وهمه في «شرحه» (ص257) ولم أتنبه لهذا في تحقيقي عليه، فليستدرك من هنا، سائلاً المولى العفو عن التقصير. (¬4) انظر بعض الأقوال في مراد البخاري من قوله: «قال لي» و «قال لنا» في تحقيقنا على «شرح السيوطي على ألفية العراقي»: (ص257 - 258).

الخامس: المكاتبة

الْخَامِسُ: الْمُكَاتَبَةُ 532 - ثُمَّ الْكِتَابَةُ بِخَطِّ الشَّيْخِ أَوْ ... بِإِذْنِهِ عَنْهُ لِغَائِبٍ وَلَوْ 533 - لِحَاضِرٍ فَإِنْ أَجَازَ مَعَهَا ... أَشْبَهَ مَا نَاوَلَ أَوْ جَرَّدَهَا 534 - صَحَّ عَلى الصَّحِيْحِ وَالْمَشْهُوْرِ ... قَالَ بِهِ أَيُّوْبُ مَعْ مَنْصُورِ 535 - وَالْلَيْثُ وَالسَّمْعَانِ قَدْ أَجَازَهْ ... وَعَدَّهُ أَقْوَى مِنَ الإِجَازَهْ 536 - وَبَعْضُهُمْ صِحَّةَ ذَاكَ مَنَعَا ... وَصَاحِبُ الْحَاوِيْ بِهِ قَدْ قَطَعَا (ثُمَّ الْكِتَابَةُ بِخَطِّ الشَّيْخِ) بأن يكتب الشيخ شيئاً من حديثه بخطه (أَوْ) يأمر غيره فيكتب (بِإِذْنِهِ عَنْهُ لِغَائِبٍ وَلَوْ لِحَاضِرٍ) (¬1). (فَإِنْ أَجَازَ مَعَهَا) بأن كتب إليه وقال أجزت لك ما كتبته لك، (أَشْبَهَ مَا نَاوَلَ) أي: المناولة المقرونة بالإجازة في الصحة والقوة، (أَوْ جَرَّدَهَا) من الإجازة (صَحَّ) الرواية بها (عَلى الصَّحِيْحِ وَالْمَشْهُوْرِ) بين أهل الحديث، (قَالَ بِهِ أَيُّوْبُ) السختياني (¬2)، (مَعْ مَنْصُورِ (¬3) وَالْلَيْثُ) ابن سعد (¬4)، (وَالسَّمْعَانِ) أي: أبو المظفر ¬

(¬1) وقعت العبارة في الأصل «فيكتب عنه بإذنه لغائب عنه ولو لحاضر» وكأن المصنف لم يتنبه إلى البيت المشروح. (¬2) «الكفاية»: (2/ 236)، و «الإلماع»: (ص37). (¬3) «معرفة علوم الحديث»: (ص678 - 679) و «الكفاية»: (2/ 336) و «الإلماع»: (ص37). (¬4) «الكفاية»: (2/ 338).

السمعاني، (قَدْ أَجَازَهْ وَعَدَّهُ أَقْوَى مِنَ الإِجَازَهْ (¬1)). (وَبَعْضُهُمْ صِحَّةَ ذَاكَ مَنَعَا، وَصَاحِبُ الْحَاوِيْ بِهِ قَدْ قَطَعَا). 537 - وَيَكْتَفِي أَنْ يَعْرِفَ الْمَكْتُوْبُ لَهْ ... خَطَّ الَّذِي كَاتَبَهُ وَأَبْطَلَهْ 538 - قَوْمٌ لِلاشْتِبَاهِ لَكِنْ رُدَّا ... لِنُدْرَةِ اللَّبْسِ وَحَيْثُ أَدَّى 539 - فَاللَّيْثُ مَعْ مَنْصُوْرٍ اسْتَجَازَا ... «أَخْبَرَنَا»، «حَدَّثَنَا» جَوَازَا 540 - وَصَحَّحُوْا التَّقْيِيْدَ بِالْكِتَابَهْ ... وَهْوَ الِذَّي يَلِيْقُ بِالنَّزَاهَهْ (وَيَكْتَفِي) في الرواية بالكتابة (أَنْ يَعْرِفَ الْمَكْتُوْبُ لَهْ خَطَّ الَّذِي كَاتَبَهُ) وإن لم تَقُمْ البينة عليه، (وَأَبْطَلَهْ قَوْمٌ لِلاشْتِبَاهِ)؛ لأن الخطَّ يُشْبِهُ الخطَّ. (لَكِنْ رُدَّا لِنُدْرَةِ اللَّبْسِ)؛ لأن الظاهر أن خَطَّ الإنسان لا يشتبه بغيره. (وَحَيْثُ أَدَّى) مَنْ تَحَمَّلَ بالكتابة، (فَاللَّيْثُ) بن سعد (¬2) (مَعْ مَنْصُوْرٍ (¬3) اسْتَجَازَا) أن يقول («أَخْبَرَنَا»)، وكذا («حَدَّثَنَا» جَوَازَا). (وَصَحَّحُوْا التَّقْيِيْدَ) أي: والمختار الصحيح أن يُقَيَّدَ ذلك (بِالْكِتَابَهْ)، كحدثنا كتابةً، أو مكاتبةً، أو نحوه، (وَهْوَ الِذَّي يَلِيْقُ بِالنَّزَاهَهْ). ¬

(¬1) «قواطع الأدلة»: (2/ 334 - 335). (¬2) «الكفاية»: (2/ 339). (¬3) المصدر السابق: (2/ 336).

السادس: إعلام الشيخ

السَّادِسُ: إِعْلاَمُ الشَّيْخِ 541 - وَهَلْ لِمَنْ أَعْلَمَهُ الشَّيْخُ بِمَا ... يَرْوِيْهِ أَنْ يَرْوِيَهُ؟ فَجَزَمَا 542 - بِمَنْعِهِ الطُّوْسِيْ وَذَا الْمُخْتَارُ ... وَعِدَّةٌ كَابْنِ جُرَيْجٍ صَارُوْا 543 - إلى الْجَوَازِ وَابْنُ بَكْرٍ نَصَرَهْ ... وَصَاحِبُ الشَّامِلِ جَزْماً ذَكَرَهْ 544 - بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ لَوْ مَنَعَهْ ... لَمْ يَمْتَنِعْ، كَمَا إذا قَدْ سَمِعَهْ 545 - وَرُدَّ كَاسْتِرْعَاءِ مَنْ يُحَمَّلُ ... لَكِنْ إذا صَحَّ، عَلَيْهِ الْعَمَلُ (السادس: إعلام الشيخ) للطالب أن هذا الحديث أو الكتاب سماعه من فلان. (وَهَلْ لِمَنْ أَعْلَمَهُ الشَّيْخُ بِمَا يَرْوِيْهِ أَنْ يَرْوِيَهُ) عنه من غير أن يأذن له في روايته عنه، فقد اختلف في جواز روايته له بمجرد ذلك، (فَجَزَمَا بِمَنْعِهِ) أبو حامد (الطُّوْسِيْ وَذَا الْمُخْتَارُ) كما قال ابن الصلاح (¬1)، (وَعِدَّةٌ كَابْنِ جُرَيْجٍ) وعبيد الله العمري وغيرهما (صَارُوْا إلى الْجَوَازِ (¬2) وَابْنُ بَكْرٍ) العمري (نَصَرَهْ (¬3)، وَصَاحِبُ الشَّامِلِ) وهو أبو نصر ابن الصَّبَّاغ (جَزْماً ذَكَرَهْ (¬4)، بَلْ زَادَ بَعْضُهُمْ) وهو ابن خلاَّد ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص176). (¬2) «الإلماع»: (ص48). (¬3) المصدر السابق. (¬4) المصدر السابق.

الرامَهُرْمُزِيُّ (¬1) على هذا (بِأَنْ لَوْ مَنَعَهْ) وقال له: هذه روايتي لكن لا تروها عني (لَمْ يَمْتَنِعْ، كَمَا إذا قَدْ سَمِعَهْ، وَرُدَّ) ذلك (كَاسْتِرْعَاءِ مَنْ يُحَمَّلُ) فإنه ليس لمن سمع الشاهد أن يشهد على شهادته ما لم يأذن له (لَكِنْ إذا صَحَّ، عَلَيْهِ الْعَمَلُ) أي: وما ذكر في الرواية بإعلام الشيخ، أما العمل بما أخبره أنه سماعُهُ فإنه يجب عليه إذا صح إسناده. ¬

(¬1) المصدر السابق (ص46).

السابع: الوصية بالكتاب

السَّابِعُ: الوَصِيَّةُ بالكِتَابِ 546 - وَبَعْضُهُمْ أَجَازَ لِلْمُوْصَى لَهُ ... بالْجُزْءِ مِنْ رَاوٍ قَضَى أَجَلَهُ 547 - يَرْوِيْهِ أَوْ لِسَفَرٍ أَرَادَهْ ... وَرُدَّ مَا لَمْ يُرِدِ الْوِجَادَهْ (وَبَعْضُهُمْ [28 - أ] أَجَازَ لِلْمُوْصَى لَهُ بالْجُزْءِ مِنْ رَاوٍ قَضَى أَجَلَهُ يَرْوِيْهِ أَوْ لِسَفَرٍ أَرَادَهْ) أي: عند موته أو سفره. (وَرُدَّ مَا لَمْ يُرِدِ الْوِجَادَهْ) أي: إلا أن يريد الرواية على سبيل الوجادة.

الثامن: الوجادة

الثَّامِنُ: الوِجَادَةُ 548 - ثُّمَ الوِجَادَةُ وَتِلْكَ مَصْدَرْ ... وَجَدْتُهُ مُوَلَّداً لِيَظْهَرْ 549 - تَغَايُرُ الْمَعْنَى، وَذَاكَ أَنْ تَجِدْ ... بِخَطِّ مَنْ عَاصَرْتَ أَوْ قَبْلُ عُهِدْ 550 - مَا لَمْ يُحَدِّثْكَ بِهِ وَلَمْ يُجِزْ ... فَقُلْ: بِخَطِّهِ وَجَدْتُ، وَاحْتَرِزْ 551 - إِنْ لَمْ تَثِقْ بِالْخَطِّ قُلْ: وَجَدْتُ ... عَنْهُ، أَوْ اذْكُرْ «قِيْلَ» أَوْ «ظَنَنْتُ» (ثُّمَ الوِجَادَةُ وَتِلْكَ مَصْدَرْ وَجَدْتُهُ مُوَلَّداً) أي: مصدر مُوَلَّدِ لـ «وَجَدَ، يَجِدُ» (لِيَظْهَرْ تَغَايُرُ الْمَعْنَى)؛ فإن العرب فرقوا بين مصادر وَجَدَ للتمييز بين المعاني المختلفة. (وَذَاكَ) أي: الوجادة (أَنْ تَجِدْ بِخَطِّ مَنْ عَاصَرْتَ) لقيتَهُ أو لم تلقَه، (أَوْ قَبْلُ عُهِدْ) أي: أو لم تعاصره بل كان قبلك (مَا لَمْ يُحَدِّثْكَ بِهِ) ولم تسمعه منه، (وَلَمْ يُجِزْ) لك. (فَقُلْ: بِخَطِّهِ وَجَدْتُ) أي: وجدت بخط فلان أنا فلان ويسوق الإسناد والمتن. (وَاحْتَرِزْ إِنْ لَمْ تَثِقْ بِالْخَطِّ) عن جَزْمِ العبارة بل (قُلْ: وَجَدْتُ عَنْهُ، أَوْ اذْكُرْ: «قِيْلَ» أَوْ «ظَنَنْتُ») أو ذَكَر كاتبُهُ (¬1) أنه فلان ابن فلان أو نحو ذلك. 552 - وَكُلُّهُ مُنْقَطِعٌ، وَالأَوَّلُ ... قَدْ شِيْبَ وَصْلاً مَا، وَقَدْ تَسَهَّلُوْا ¬

(¬1) في نشرة الأستاذين ماهر الفحل وعبد اللطيف الهميم (1/ 458): ذكر كناتُهُ، وما في الأصل موافق لما في نشرة الأستاذ محمود الربيع (ص228) ومعناه ظاهر بخلاف الأول.

553 - فيْهِ «بِعَنْ»، قالَ: وَهَذَا دُلْسَهْ ... تَقْبُحُ إِنْ أَوْهَمَ أَنَّ نَفْسَهْ 554 - حَدَّثَهُ بِهِ، وَبَعْضٌ أَدَّى ... «حَدَّثَنَا»، «أَخْبَرَنَا» وَرُدَّا (وَكُلُّهُ) أي: ما ذكر من الرواية بالوجادة (مُنْقَطِعٌ) وَثِقَ بأنه خطُّهُ أم لا. (وَالأَوَّلُ) وهو ما إذا وَثِقَ (قَدْ شِيْبَ وَصْلاً مَا) أي: أخذ شوباً من الاتصال. (وَقَدْ تَسَهَّلُوْا فيْهِ «بِعَنْ») فقالوا: عن فلان في موضع الوجادة (قالَ) ابن الصلاح: (وَهَذَا دُلْسَهْ تَقْبُحُ إِنْ أَوْهَمَ أَنَّ نَفْسَهْ) أي: نفس من وَجَدَ ذلك بخطِّه (حَدَّثَهُ بِهِ). (وَبَعْضٌ أَدَّى) أي: جازف فأطلق في الوجادة. («حَدَّثَنَا»، «أَخْبَرَنَا» وَرُدَّا). 555 - وَقِيْلَ: فِي الْعَمَلِ إِنَّ الْمُعْظَمَا ... لَمْ يَرَهُ، وَبالْوُجُوْبِ جَزَمَا 556 - بَعْضُ الْمَحُقِّقِيْنَ وَهْوَ الأَصْوَبُ ... وَلاِبْنِ إِدْرِيْسَ الْجَوَازَ نَسَبُوْا (وَقِيْلَ: فِي الْعَمَلِ) بالوجادة (إِنَّ الْمُعْظَمَا لَمْ يَرَهُ، وَبالْوُجُوْبِ جَزَمَا بَعْضُ الْمَحُقِّقِيْنَ، وَهْوَ الأَصْوَبُ)، وقد نصره الجويني، وصححه النووي. (وَلاِبْنِ إِدْرِيْسَ) هو الإمام الشافعي (الْجَوَازَ نَسَبُوْا (¬1)) أي: حكوه عنه. 557 - وَإِنْ يَكُنْ بِغَيْرِ خَطّهِ فَقُلْ: ... «قالَ» وَنَحْوَهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ 558 - بِالنُّسْخَةِ الْوُثُوْقُ قُلْ: «بَلَغَنِيْ» ... وَالْجَزْمُ يُرْجَى حِلُّهُ لِلْفَطِنِ (وَإِنْ يَكُنْ) أي: الكتاب الذي وجده (بِغَيْرِ خَطّهِ) أي: المصنف، فإن وثقت بصحة النسخة بأن قابَلها المصنِّف أو ثقة غيره بالأصل، أو بفرع ¬

(¬1) «الإلماع»: (ص50).

مقابَل على ما تقدم؛ (فَقُلْ: قالَ) فلان (وَنَحْوَهَا) من ألفاظ الجزم. (وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالنُّسْخَةِ الْوُثُوْقُ قُلْ: «بَلَغَنِيْ») عن فلان ونحوه مما لا يقتضي الجزم. (وَالْجَزْمُ يُرْجَى حِلُّهُ لِلْفَطِنِ) أي: فإن كان المطالِع فَطِناً بحيث لا يخفى عليه مواضع الإسقاط والسَّقْط وما أُحيل عن جهته، يُرْجَى أن يجوز له إطلاق اللفظ الجازم.

كتابة الحديث وضبطه

كِتَابَةُ الْحَدِيْثِ وضَبْطُهُ 559 - وَاخْتَلَفَ الِصّحَابُ وَألأَتْبَاعُ ... فِي كِتْبَةِ الْحَدِيْثِ، وَالإِجْمَاعُ 560 - عَلَى الْجَوَازِ بَعْدَهُمْ بالْجَزْمِ ... لِقَوْلِهِ: «اكْتُبُوْا» وَكَتْبِ السَّهْمِيْ (وَاخْتَلَفَ الِصّحَابُ وَألأَتْبَاعُ فِي كِتْبَةِ الْحَدِيْثِ) فكرهه بعضهم لقوله عليه السلام: «لا تكتبوا عني شيئاً إلا القرآن» (¬1) وجَوَّزَهُ بعضُهم، (وَالإِجْمَاعُ [28 - ب] عَلَى الْجَوَازِ بَعْدَهُمْ بالْجَزْمِ) أي: وزال ذلك الخلاف؛ (لِقَوْلِهِ:) عليه السلام: (اكْتُبُوْا) لأبي شاة (¬2)، (وَكَتْبِ السَّهْمِيْ) وهو عبد الله بن عمرو السهمي فإنه قال: كنت أَكْتُبُ كلَّ شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، وفيه أنه ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «اكتب» (¬3)، وفي حديث أبي هريرة: «ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر حديثاً عنه مني إلَّا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يَكْتُب ولا أَكْتُب» (¬4)، وكان النهي أولاً لخوف اختلاطه بالقرآن. 561 - وَيَنْبَغِي إِعْجَامُ مَا يُسْتَعْجَمُ ... وَشَكْلُ مَا يُشْكِلُ لاَ مَا يُفْهَمُ 562 - وَقِيْلَ: كُلِّهِ لِذِي ابْتِدَاءِ ... وَأَكَّدُوْا مُلْتَبِسَ الأَسْمَاءِ ¬

(¬1) أخرجه مسلم (ج3004). (¬2) أخرجه البخاري (ج112) ومسلم (ج1355). (¬3) أخرجه أبو داود (ج3646). (¬4) أخرجه البخاري (ج113).

563 - وَلْيَكُ فِي الأَصْلِ وَفِي الْهَامِشِ مَعْ ... تَقْطِيْعِهِ الْحُرُوْفَ فَهْوَ أَنْفَعْ (وَيَنْبَغِي) لطالب العلم (إِعْجَامُ مَا يُسْتَعْجَمُ، وَشَكْلُ مَا يُشْكِلُ لاَ مَا يُفْهَمُ) أي: أن يضبط كتابه بالنقط والشكل في الملتبس، ولا حاجة إليه مع عدم الإشكال. (وَقِيْلَ) ينبغي شَكْلُ (كُلِّهِ) قاله القاضي عياض، لا سيما (لِذِي ابْتِدَاءِ) فإنه لا يُميز ما يُشكل مما لا يُشكل. (وَأَكَّدُوْا مُلْتَبِسَ الأَسْمَاءِ) برسم ذلك الحرف المشكِل (وَلْيَكُ) رسمه (فِي الأَصْلِ، وَفِي الْهَامِشِ) أي: مفرداً في حاشية الكتاب قُبَالَة الحرف بإهماله أو نقطه (مَعْ تَقْطِيعِهِِ الْحُرُوْفَ) أي: حروف الكلمة المشكلة التي تُكْتَبُ في هامش الكتاب، (فَهْوَ أَنْفَعْ)؛ لأنه يُظهر شكلَ الحرف بكتابته مفرداً في بعض الحروف كالنون والياء. 564 - وَيُكْرَهُ الْخَطُّ الرَّقِيْقُ إِلاَّ ... لِضِيْقِ رَقٍّ أَوْ لِرَحَّالٍ فَلاَ 565 - وَشَرُّهُ التَّعْلِيْقُ وَالْمَشْقُ، كَمَا ... شَرُّ الْقِرَاءَةِ إذا مَا هَذْرَمَا (وَيُكْرَهُ الْخَطُّ الرَّقِيْقُ)؛ لأنه لا يَنْتَفِع به ضعيفُ النظر، وربما ضَعُفَ نظرُ كاتبِه بعدَ ذلك، (إِلاَّ لِضِيْقِ رَقٍّ) بأن ضاق الورق الذي يكتُبُ فيه، (أَوْ لِرَحَّالٍ) في طلب العلم يُريد حَمْلَ كتبه معه فتكون خفيفة الحمل، (فَلاَ) يُكره. (وَشَرُّهُ) أي: الخط (التَّعْلِيْقُ وَالْمَشْقُ) وهو سرعة الكتابة. (كَمَا شَرُّ الْقِرَاءَةِ إذا مَا هَذْرَمَا) الهَذْرَمَة: السُّرعة في القراءة، روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: «شر الكتابة المشْق، وشر القراءة الهذْرمة، وأجود الخط أبينه».

566 - وَيُنْقَطُ الْمُهْمَلُ لاَ الْحَا أَسْفَلاَ ... أَوْ كَتْبُ ذَاكَ الْحَرْفِ تَحْتُ مَثَلاَ 567 - أَوْ فَوْقَهُ قُلاَمَةً، أَقْوَالُ ... وَالْبَعْضُ نَقْطَ الِسّيْنِ صَفّاً قالَوْا 568 - وَبَعْضُهُمْ يَخُطُّ فَوْقَ الْمُهْمَلِ ... وَبَعْضُهُمْ كَالْهَمْزِ تَحْتَ يَجْعَلِ (وَيُنْقَطُ) الحرف (الْمُهْمَلُ لاَ الْحَا أَسْفَلاَ) بأن يَقْلِبَ النَّقْط الذي فوق المعجمات تحت ما يُشاكِلُهَا من المهملات، أما لو فعل ذلك بالحاء (¬1) لاشتبهت بالجيم. (أَوْ كَتْبُ ذَاكَ الْحَرْفِ) المهمَل بعينِهِ منفرداً صغيراً (تَحْتُ مَثَلاَ) أي: تحت الحرف الذي يشار إلى إهماله، (أو) أن يُجعل (فَوْقَهُ) أي: فوق المهمل (قُلاَمَةً) أي: صورة هلال كَقُلامة الظفر مضطجعة على قفاها فهذه (أَقْوَالُ) في كيفية ضبط المهمل. واختلفوا في كيفية نقط السين المهملة من تحت فقال بعضهم هو كصورة النقط من فوق (وَالْبَعْضُ [29 - أ] نَقْطَ الِسّيْنِ صَفّاً قالَوْا). (وَبَعْضُهُمْ يَخُطُّ فَوْقَ الْمُهْمَلِ) خطاً صغيراً، (وَبَعْضُهُمْ كَالْهَمْزِ تَحْتَ يَجْعَلِ) أي: يجعل تحت المهمل مثل الهمزة. 569 - وَإِنْ أَتَى بِرَمْزِ رَاوٍ مَيَّزَا ... مُرَادَهُ وَاخْتِيْرَ أَنْ لاَ يَرْمِزَا ومَنْ سَمِعَ الكتاب من طُرُق فيبين اختلاف الروايات، ويُبين عند ذكرِ كل رواية منها اسمَ راويها، (وَإِنْ أَتَى بِرَمْزِ رَاوٍ) يدُل عليه كحرف أو حرفين من اسمه (مَيَّزَا مُرَادَهُ) بتلك العلامات في أَوَّل كتابه أو آخره، (وَاخْتِيْرَ أَنْ لاَ ¬

(¬1) في الأصل: بها. خطأ.

يَرْمِزَا) بل يأتي باسمه كاملاً فإنه أدفع للإلباس. 570 - وَتَنْبَغِي الدَّارَةُ فَصْلاً وَارْتَضَى ... إِغْفَالَهَا الْخَطِيْبُ حَتَّى يُعْرَضَا (وَتَنْبَغِي) أن يجعل (الدَّارَةُ فَصْلاً) بين كل حديثين لِتُمَيِّزَ بينهما، (وَارْتَضَى إِغْفَالَهَا الْخَطِيْبُ) (¬1) أي: أن تكون الدَّارات غفلاً (حَتَّى يُعْرَضَا) فكل حديث يَفْرُغُ من عرضِهِ يَنْقُطُ في الدَّارة التي تليه نقطة، أو [يَخُطُّ] (¬2) خَطًّا في وسطها. 571 - وَكَرِهُوْا فَصْلَ مُضَافِ اسْمِ اللهْ ... مِنْهُ بِسَطْرٍ إِنْ يُنَافِ مَا تَلاَهْ (وَكَرِهُوْا) في الخط (فَصْلَ مُضَافِ اسْمِ اللهْ مِنْهُ بِسَطْرٍ إِنْ يُنَافِ مَا تَلاَهْ) كعبد الله بن فلان فيكتب «عبد» في آخر السطر، ويكتب في السطر الآخر اسم «الله» وبقية النسب. 572 - وَاكْتُبْ ثَنَاءَ «اللهِ» وَالتَّسْلِيْمَا ... مَعَ الصَّلاَةِ للِنَّبِي تَعْظِيْمَا 573 - وَإِنْ يَكُنْ أُسْقِطَ فِي الأَصْلِ وَقَدْ ... خُوْلِفَ فِي سَقْطِ الصَّلاَةِ «أَحْمَدْ» 574 - وَعَلَّهُ قَيَّدَ بِالرَّوَايَهْ ... مَعْ نُطْقِهِ، كَمَا رَوَوْا حِكَايَهْ 575 - وَالْعَنْبَرِيْ وَابْنُ الْمُدِيْنِيْ بَيَّضَا ... لَهَا لإِعْجَالٍ وَعَادَا عَوَّضَا 576 - وَاجْتَنِبِ الرَّمْزَ لَهَا وَالْحَذْفَا ... مِنْهَا صَلاَةً أَوْ سَلاَماً تُكْفَى (وَاكْتُبْ ثَنَاءَ «اللهِ» وَالتَّسْلِيْمَا) عند ذكر اسمه كـ «عَز وجل» و «تبارك وتعالى» (مَعَ الصَّلاَةِ للِنَّبِي تَعْظِيْمَا)، ولا تسأم من تَكَرُّرِ ذلك، (وَإِنْ يَكُنْ أُسْقِطَ فِي الأَصْلِ) ¬

(¬1) «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع»: (1/ 273). (¬2) زيادة ألحقتها من شرح الناظم (1/ 472) ليست في الأصل.

أي: أصل سماعه أو أصل الشيخ، فلا تُسْقِطْهُ بل تتلفظ به وتكتبه. (وَقَدْ خُوْلِفَ فِي سَقْطِ الصَّلاَةِ «أَحْمَدْ») هو ابن حنبل (¬1) فيما وُجِدَ في خطه من إغفال الصلاة والتسليم، قال الخطيب (¬2): خالفه غيره من المتقدمين، (وَعَلَّهُ قَيَّدَ بِالرَّوَايَهْ) أي: (¬3) لعل سببه أنه كان يرى التقييد في ذلك بالرواية، وعَزَّ عليه اتصالها في جميع من فوقه من الرواة (مَعْ نُطْقِهِ، كَمَا رَوَوْا حِكَايَهْ) قال الخطيب (¬4): وبلغني أنه كان يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم نُطقاً لا خطاً. وعباس (الْعَنْبَرِيْ) (¬5) وعلي (ابْنُ الْمُدِيْنِيْ (¬6) بَيَّضَا لَهَا لإِعْجَالٍ وَعَادَا عَوَّضَا) فقالا: ما تركنا الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حديثٍ سمعناه، وربما عَجِلْنَا فنبيض الكتاب في كل حديث حتى نرجع إليه. (وَاجْتَنِبِ الرَّمْزَ لَهَا) بأن تقتصر من ذلك على حرفين ونحوه كـ «صلعم» (وَالْحَذْفَا)، واكتب (صَلاَةً أَوْ سَلاَماً تُكْفَى) فلا تحذف واحداً من الصلاة والتسليم وتقتصر على أحدهما. ¬

(¬1) «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع»: (1/ 271). (¬2) المصدر السابق. (¬3) أي: ملحقة في الحاشية اليسرى من الأصل. (¬4) المصدر السابق. (¬5) المصدر السابق (1/ 272). (¬6) المصدر السابق.

المقابلة

الْمُقَابَلَةُ 577 - ثُمَّ عَلَيْهِ الْعَرْضُ بِالأَصْلِ وَلَوْ ... إِجَازَةً أَوْ أَصْلِ أَصْلِ الشَّيْخِ أَوْ 578 - فَرْعٍ مُقَابَلٍ، وَخَيْرُ الْعَرْضِ مَعْ ... أُسْتَاذِهِ بِنَفْسِهِ إِذْ يَسْمَعْ 579 - وَقِيْلَ: بَلْ مَعْ نَفْسِهِ وَاشْتَرَطَا ... بَعْضُهُمُ هَذَا، وَفِيْهِ غُلِّطَا 580 - وَلْيَنْظُرِ السَّامِعُ حِيْنَ يَطْلُبُ ... فِي نُسْخَةٍ وَقالَ يَحْيَى: يَجِبُ 581 - وَجَوَّزَ الأُسْتَاذُ أَنْ يَرْوِيَ مِنْ ... غَيْرِ مُقَابَلٍ وَلِلْخَطِيْبِ إِنْ 582 - بَيَّنَ وَالنَّسْخُ مِنَ اصْلٍ وَلْيُزَدْ ... صِحَّةُ نَقْلِ نَاسِخٍ فَالشَّيْخُ قَدْ 583 - شَرَطَهُ ثُمَّ اعْتَبِرْ مَا ذُكِرَا ... فِي أَصْلِ الاصْلِ لاَتَكُنْ مُهَوِّرَا (ثُمَّ عَلَيْهِ) أي: على الطالِب (الْعَرْضُ [29 - ب] بِالأَصْلِ) أي: مقابلة كتابه بكتاب شيخه الذي يرويه عنه، (ولَوْ إِجَازَةً) أي: سماعاً أو إجازة (أَوْ أَصْلِ أَصْلِ الشَّيْخِ) المقابَل به أصل شيخه، (أَوْ فَرْعٍ مُقَابَلٍ) بأصل السماع المقابَلَة المشروطة. (وَخَيْرُ الْعَرْضِ) أن يُعارِضَ كتابه (مَعْ أُسْتَاذِهِ بِنَفْسِهِ إِذْ يَسْمَعْ) أي: في حال تحديثه به. (وَقِيْلَ: بَلْ) خيره أن يُعارِض (مَعْ نَفْسِهِ وَاشْتَرَطَا بَعْضُهُمُ هَذَا) فقال: لا تصح مقابلته مع أحد غير نفسه، ولا يقلِّد غيره، (وَفِيْهِ غُلِّطَا) قال ابن الصلاح وهذا مذهب متروك.

(وَلْيَنْظُرِ السَّامِعُ حِيْنَ يَطْلُبُ) أي: حالة سماعه (فِي نُسْخَةٍ وَقالَ يَحْيَى) بن معين: (يَجِبُ) (¬1) والصحيح أنه لا يُشترط. (وَجَوَّزَ الأُسْتَاذُ) أبو إسحاق الإسفراييني للراوي (أَنْ يَرْوِيَ مِنْ) كتاب (غَيْرِ مُقَابَلٍ وَلِلْخَطِيْبِ (¬2) إِنْ بَيَّنَ) عند الرواية أنه لم يعارِض، (وَالنَّسْخُ مِنَ اصْلٍ) أي: وشَرَطَ أن تكون نسخته نُقِلَتْ من الأصل. (وَلْيُزَدْ) شرطٌ ثالثٌ هو (صِحَّةُ نَقْلِ نَاسِخٍ) أي: أن يكون ناسخُها صحيحَ النقل قليلَ السقط، (فَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬3) (قَدْ شَرَطَهُ). (ثُمَّ اعْتَبِرْ مَا ذُكِرَا) أنه يراعيه مِنْ كتابِه (فِي أَصْلِ الاصْلِ) أي: في كتاب شيخه بالنسبة إلى من فوقَه (لاَتَكُنْ مُهَوِّرَا) التهور الوقوع في الشيء بِقِلَّةِ مبالاة، أي: لا تقرأ سماع الشيخ عليه من أي نسخة اتفقت. ¬

(¬1) «الكفاية»: (2/ 107). (¬2) «الكفاية»: (2/ 107). (¬3) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص193).

تخريج الساقط

تَخْرِيْجُ السَّاقِطِ 584 - وَيُكْتَبُ السَّاقِطُ: وَهْوَ اللَّحَقُ ... حَاشِيَةً إلى الْيِمَيْنِ يُلْحَقُ 585 - مَا لَمْ يَكُنْ آخِرَ سَطْرٍ وَلْيَكُنْ ... لِفَوْقُ وَالسُّطُوْرُ أَعْلى فَحَسُنْ 586 - وَخَرِّجَنْ لِلسَّقْطِ مِنْ حَيْثُ سَقَطْ ... مُنْعَطِفاً لَهُ، وَقِيْلَ: صِلْ بِخَطْ 587 - وَبَعْدَهُ اكْتُبْ صَحَّ أَوْ زِدْ رَجَعَا ... أَوْ كَرِّرِ الكَلِمَةَ لَمْ تَسْقُطْ مَعَا 588 - وَفِيْهِ لَبْسٌ وَلِغَيْرِ الأَصْلِ ... خَرِّجْ بِوَسْطِ كِلْمَةِ الْمَحَلِّ 589 - وَلِعِيَاضٍ: لاَ تُخَرِّجْ ضَبِّبِ ... أَوْ صَحِّحَنْ لِخَوْفِ لَبْسٍ وَأُبِي (وَيُكْتَبُ السَّاقِطُ) من أصل الكتاب (وَهْوَ اللَّحَقُ) أي: الذي يسميه أهل الحديث والكتابة: اللَّحَق (حَاشِيَةً إلى الْيِمَيْنِ يُلْحَقُ)؛ لأنه لو كُتِبَ بين السطور لَغُلِّسِ (¬1) ما يُقْرَأ، وكونه إلى جهة اليمين لاحتمال أن يطرأ في بقية السطر سقط آخر فَيُخَرِّج له إلى جهة اليسار فلو خَرَّجَ في الأول إلى اليسار ثم ظَهَرَ في السطر سقطٌ آخر فإن خَرَّجَ له إلى اليسار أيضاً اشتبه موضع هذا السقط بموضع هذا السقط، وإلى اليمين تقابل طرفا التخريجتين وربما التقتا للقرب فيظن أنه ضَرب، (مَا لَمْ يَكُنْ) أي: الذي سَقَطَ (آخِرَ سَطْرٍ) فإنه لا وجه إلا أن يُخَرِّجَهُ إلى الشمال لقُرب التخريج من اللَّحَق وأَمْنِ نَقْصٍ ¬

(¬1) الغَلَس: ظلمة آخر الليل، والتغليس السير من الليل بغَلَس، كما في «الصحاح» مادة (غَلَس) فكأن مَنْ يفعل ذلك يُعَمِّي الأمر على القارئ فيجعله كأنما يسير في الظلام.

يَحْدُث بعده. (وَلْيَكُنْ لِفَوْقُ) إلى أعلى الورقة من أي جهة كان؛ لأنه لو كتب إلى أسفل ثم حَدَثَ سقطٌ آخر لم يجد له موضعاً يقابله بالحاشية [30 - أ] خالياً، (وَالسُّطُوْرُ أَعْلى فَحَسُنْ) أي: والأولى أن يبتدئ السطور من أعلى إلى أسفل فإن كان في جهة اليمين انقضت الكتابة إلى جهة باطن الورقة، أو الشمال إلى طرف الورقة؛ لأنه لو كَتَبَ من أسفل ربما فرغ السطر ولم يتم الساقط فلا يجد له موضعاً إلا بانتقال إلى آخر، وإن كانت الكتابة إلى أسفل بأن يكون في السقط الثاني فينعكس فيكون انتهاء الكتابة في الجانب اليمين إلى طرف الورقة واليسار إلى باطنها. (وَخَرِّجَنْ لِلسَّقْطِ مِنْ حَيْثُ سَقَطْ) بأن تكتبَ خطًّا موضع النقص صاعداً إلى تحت السطر الذي فوقه (مُنْعَطِفاً لَهُ) إلى جهة التخريج في الحاشية انعطافاً يُشير إليه، (وَقِيْلَ: صِلْ بِخَطْ) أي: وقال ابن خلاد: يخرج من موضعه حتى يلحق به طرف الحرف المبتدَأ به من الكلمة الساقطة في الحاشية، (وَبَعْدَهُ) أي: بعد انتهاء كتابة الساقط (اكْتُبْ صَحَّ، أَوْ زِدْ رَجَعَا) أي: وبعضهم يَكْتُب بعد التصحيح: رَجَعَ. (أَوْ كَرِّرِ الكَلِمَةَ لَمْ تَسْقُطْ) في الأصل بل سقط ما قبلها بأن تكتبها في الطرف الثاني (مَعَا) ليدُلَّ أن الكلام قد انتظم، (وَفِيْهِ لَبْسٌ) فإنَّ الكلمة قد تكون مكررة في الكلام. (وَلِغَيْرِ الأَصْلِ) مما يُكْتَبُ في حاشية الكتاب من شرح، أو تنبيهٍ على غلطٍ، أو نسخةٍ، أو نحوه (خَرِّجْ بِوَسْطِ كِلْمَةِ الْمَحَلِّ) أي: على نفس الكلمة

التي من أجلها كتبت الحاشية لا بين الكلمتين، (وَلِعِيَاضٍ: لاَ تُخَرِّجْ) ولكن (ضَبِّبِ أَوْ صَحِّحَنْ) أي: اجعل على الحرف كالضَّبَّة أو التصحيح ليدلَّ عليه، وسيأتي بيانهما، (لِخَوْفِ لَبْسٍ) أي: فإن التخريج يُلْبِس بأن يُحْسَبَ من الأصل، (وَأُبِي) فقال ابن الصلاح (¬1): التخريج من وسطها أولى وأدل. ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص196).

التصحيح والتمريض، وهو التضبيب

التَّصْحِيْحُ والتَّمْرِيْضُ، وَهو التَّضْبِيْبُ 590 - وَكَتَبُوْا «صَحَّ» عَلى الْمُعَرَّضِ ... لِلشَّكِّ إِنْ نَقْلاً وَمَعْنًى ارْتُضِي 591 - وَمَرَّضُوْا فَضَبَّبُوْا «صَاداً» تُمَدّْ ... فَوْقَ الذَّيِ صَحَّ وُرُوْداً وَفَسَدْ 592 - وَضَبَّبُوْا فِي الْقَطْعِ وَالإِرْسَالِ ... وَبَعْضُهُمْ فِي الأَعْصُرِ الْخَوَالي 593 - يَكْتُبُ صَاداً عِنْدَ عَطْفِ الأَسْمَا ... تُوْهِمُ تَضْبِيْباً، كَذَاكَ إِذ مَا 594 - يَخْتَصِرُ التَّصْحِيْحَ بَعْضٌ يُوْهِمُ ... وَإِنَّمَا يَمِيْزُهُ مَنْ يَفْهَمُ (وَكَتَبُوْا «صَحَّ» عَلى الْمُعَرَّضِ لِلشَّكِّ) أي: التصحيح كتابة «صَحَّ» على الحرف الذي يشار إلى صحته بعدما كان عُرْضَةً للشكِّ أو الخلاف، (إِنْ نَقْلاً وَمَعْنًى ارْتُضِي) أي: إن صَحَّ روايةً ومعنى ليُعلم أنه لم يُغفل عنه، وأنه قد ضُبِطَ وصَحَّ على هذا الوجه. (وَمَرَّضُوْا فَضَبَّبُوْا «صَاداً» تُمَدّْ) أي: والتمريض والتضبيب كتابة صورة (صـ) من (فَوْقَ) الحرف (الذَّيِ صَحَّ وُرُوْداً [30 - ب] وَفَسَدْ) أي: الذي صَحَّ من طريق الرواية وهو فاسد من جهة المعنى، أو اللفظ، أو الخط بأن يكون غير جائز في العربية، أو شاذاً أو مُصَحَّفاً، أو ناقصاً، أو ما أشبهه، إشارةً إلى تمريضه لِيُعْلَمَ أن الرواية هكذا ولم يَتَّجِه وَجْهُها لئلا يَظُن الراوي أنها من غلط فيصلحها. (وَضَبَّبُوْا فِي الْقَطْعِ وَالإِرْسَالِ) أي: ومن مواضع التضبيب أن يقع في

الإسناد إرسالٌ أو انقطاعٌ فمن عادتهم تضبيب موضعها. (وَبَعْضُهُمْ فِي الأَعْصُرِ الْخَوَالي يَكْتُبُ صَاداً) في الإسناد الذي يجتمع فيه جماعة معطوفة أسماؤهم بعضها على بعض (عِنْدَ عَطْفِ الأَسْمَا تُوْهِمُ تَضْبِيْباً) عند مَنْ لا خِبرة له، وليست بِضَبَّة وكأنها علامةُ وَصْلٍ فيما بينهما أُثْبِتَت تأكيداً للعطف. (كَذَاكَ إِذ مَا يَخْتَصِرُ التَّصْحِيْحَ بَعْضٌ يُوْهِمُ) فإن صورتها تشبه صورة التضبيب (وَإِنَّمَا يَمِيْزُهُ مَنْ يَفْهَمُ).

الكشط والمحو والضرب

الكَشْطُ والْمَحْوُ والضَّرْبُ 595 - وَمَاَ يزِيْدُ فِي الْكِتَابِ يُبْعَدُ ... كَشْطاً َوَمَحْواً وَبِضَرْبٍ أَجْوَدُ 596 - وَصِلْهُ بِالْحُرُوْفِ خَطّاً أَوْ لاَ ... مَعْ عَطْفِهِ أَوْ كَتْبَ «لاَ» ثُمَّ إلى 597 - أَوْ نِصْفَ دَارَةٍ وَإِلاَّ صِفْرَا ... فِي كُلِّ جَانِبٍ وَعَلِّمْ سَطْرَا 598 - سَطْراً إذا مَا كَثُرَتْ سُطُوْرُهْ ... أَوْلا وَإِنْ حَرْفٌ أتَى تَكْرِيْرَهْ 599 - فَأَبْقِ مَا أَوَّلُ سَطْرٍ ثُمَّ مَا ... اخِرُ سَطْرٍ ثُمَّ مَا تَقَدَّمَا 600 - أَوِ اسْتَجِدْ قَوْلاَنِ مَا لَمْ يُضِفِ ... أَوْ يُوْصَفُ اوْ نَحْوُهُمَا فَأَلِفِ (وَمَاَ يزِيْدُ فِي الْكِتَابِ) مما ليس منه (يُبْعَدُ) فإنه يُنْفَى عنه (كَشْطاً َوَمَحْواً) إذا كانت الكتابة في شيء صقيل، (وَبِضَرْبٍ أَجْوَدُ)؛ لأنه إذا بُشِرَ ربما يَصح في رواية أخرى فيحتاج إلى إلحاقه بعد بَشْرِهِ. (وَصِلْهُ بِالْحُرُوْفِ خَطّاً) أي: وكيفية الضرب أن تَخُطَّ من فوق المضروب عليه خطًّا مختلطاً به من غير أن يطمسه، (أَوْ لاَ) أي: وقيل لا يُخلط الضرب بأوائل الكلمات بل يكون فوقها منفصلا عنها، (مَعْ عَطْفِهِ) أي: ويعطف طَرَفيَ الخط على أول المنْبَطِل (¬1) وآخره. (أَوْ كَتْبَ «لاَ» ثُمَّ إلى) أي: وقيل يُكتب في أول الزائد «لا» وفي آخره «إلى». ¬

(¬1) في المطبوع من «شرح الناظم»: (1/ 491): المبطل. ولعل ما في الأصل أولى.

(أَوْ نِصْفَ دَارَةٍ) أي: وقيل: يُحَوَّق في أوَّل الكلام الزائد بنصف داره، وعلى آخره بنصف داره. (وَإِلاَّ صِفْرَا فِي كُلِّ جَانِبٍ) أي: وقيل يُكتب في أول الزيادة دايرة صغيرة وكذا في آخرها وسموها صفراً لخلو ما بينهما عن صحة. (وَعَلِّمْ سَطْرَا سَطْراً إذا مَا كَثُرَتْ سُطُوْرُهْ) أي: وإذا كثرت سطور الزائد فعلى الأقوال الأخيرة اجعل علامة الإبطال في أول كل سطر وآخره للبيان إن شئت، (أَوْلا) تُكَرِّر بل اكتَفِ بها في أوَّل الزائد وآخره وإن كثُرت هذا إذا كان الزائد غير مكرر، (وَإِنْ حَرْفٌ [31 - أ] أتَى تَكْرِيْرَهْ فَأَبْقِ مَا أَوَّلُ سَطْرٍ) فيما إذا كانت الكلمتان في أوَّل السطر واضرِبْ على الثاني، أو كانت إحداهما في آخر السطر والأخرى في أول الذي يليه فاضرِب (¬1) على الأولى، (ثُمَّ مَا اخِرُ سَطْرٍ) فيما إذا كانت الكلمتان معاً في آخر السطر فاضرِب (¬2) على الأولى صَوْناً لأوائل السطور وأواخرها، ومراعاة أوَّل السطر أوْلىَ. (ثُمَّ مَا تَقَدَّمَا) أي: الكلمة المتقدمة فيما إذا كانت في وَسَط السطر؛ لأن الأول كُتِبَ على الصواب فالخطأ أولى بالإبطال (أَوِ اسْتَجِدْ قَوْلاَنِ) أي: والقول الثاني: أولاهما بالإبقاء أجودهما صورة وأدلهما على قراءتِهِ. وهذا (مَا لَمْ يُضِفِ أَوْ يُوْصَفُ اوْ نَحْوُهُمَا فَأَلِفِ) أي: إذا تساوت الكلمات في المنازل، أما مثل المضاف والمضاف إليه، والصفة والموصوف، وشبه ذلك فلا يفصل في الخَط، ويَضْرِب على المتكرر أوَّلاً أو آخراً لأنه مضطرٌّ إليه للفهم، ومراعاة المعنى أولى. ¬

(¬1) في الأصل: واضرب. وما أثبتناه أولى للسياق. (¬2) في الأصل: «واضرب، وما أثبتناه من «شرح الناظم» (1/ 493) وهو أولى.

العمل في اختلاف الروايات

العَمَلُ في اخْتِلاَفِ الرُّوَايَاتِ 601 - وَلْيَبْنِ أَوَّلاً عَلَى رِوَايَهْ ... كِتَابَهُ، وَيُحْسِنِ الْعِنَايَهْ 602 - بِغَيْرِهَا بِكَتْبِ رَاوٍ سُمِّيَا ... أَوْ رَمْزَاً اوْ يَكْتُبُهَا مُعْتَنِيَا 603 - بِحُمْرَةٍ، وَحَيْثُ زَادَ الأَصْلُ ... حَوَّقَهُ بِحُمْرَةٍ وَيَجْلُو (وَلْيَبْنِ أَوَّلاً عَلَى رِوَايَهْ كِتَابَهُ) أي: إذا كان الكتاب مَرْوِيًّا بروايتين أو أكثر ويقع الاختلاف في بعضها فمن أراد أن يجمع بين روايتين فأكثر في نسخة يبني الكتاب أولاً على واحدة، (وَيُحْسِنِ الْعِنَايَهْ بِغَيْرِهَا بِكَتْبِ رَاوٍ سُمِّيَا أَوْ رَمْزَاً) أي: ويُلْحِق الرواية الأخرى في الحاشية أو غيرها، مع كتابة اسم راويها معها، أو الإشارة إليه بالرَّمز إن كانت زيادة، وإن كان الاختلاف بالنقص أَعْلَمَ على الزائد أنه ليس في رواية فلان باسمه أو الرمز إليه، (اوْ يَكْتُبُهَا مُعْتَنِيَا) أي: وإن شاء كتب زيادة الرواية الأخرى (بِحُمْرَةٍ، وَحَيْثُ زَادَ الأَصْلُ حَوَّقَهُ بِحُمْرَةٍ) أي: حَوَّقَ على الزائد بالحُمْرة، (وَيَجْلُو) أي: يُوَضِّح مراده بالرَّمز أو بالحمرة في أوَّل الكتاب أو آخره؛ إذ قد يقع في يد غيره فيقع في حِيرة.

الإشارة بالرمز

الإِشَارَةُ بالرَّمْزِ 604 - وَاخْتَصَرُوْا فِي كَتْبِهِمْ «حَدَّثَنَا» ... عَلَى «ثَنَا» أَوْ «نَا» وَقِيْلَ: «دَثَنَا» 605 - وَاخْتَصَرُوْا «أَخْبَرَنَا» عَلَى «أَنَا» ... أَوْ «أَرَنَا» وَالْبَيْهَقِيُّ «أَبَنَا» (وَاخْتَصَرُوْا) أي: أهل الحديث (فِي كَتْبِهِمْ) أي: في الخط دون النطق، («حَدَّثَنَا» عَلَى) صورة (ثَنَا) وهو المشهور عندهم، (أَوْ) على الضمير فقط فقالوا (نَا وَقِيْلَ) على حذف الحاء فقط فكتبوا (دَثَنَا) [31 - ب]. (وَاخْتَصَرُوْا «أَخْبَرَنَا» عَلَى «أَنَا») وهو المشهور، (أَوْ) على («أَرَنَا») عند بعضهم، (وَالْبَيْهَقِيُّ) يختصرها على («أَبَنَا») (¬1) في طائفة من المحدَّثين. 606 - قُلْتُ: وَرَمْزُ «قالَ» إِسْنَادَاً يَرِدْ ... «قَافَاً» وَقالَ الشَّيْخُ: حَذْفُهَا عُهِدْ 607 - خَطَّاً وَلاَبُدَّ مِنَ النُّطْقِ كَذَا ... قِيْلَ لَهُ: وَيَنْبَغِي النُّطْقُ بِذَا قال المصنف رحمه الله (قُلْتُ: وَرَمْزُ «قالَ» إِسْنَادَاً) أي: في أثناء الإسناد (يَرِدْ «قَافَاً») فبعضهم يجمعها مع أداة التحديث فيكتب «قثنا»، وبعضهم يفردها فيكتب «ق ثنا» وهذا متروك. (وَقالَ الشَّيْخُ:) ابن الصلاح (¬2) (حَذْفُهَا) أي: «قال» (عُهِدْ خَطَّاً، وَلاَبُدَّ مِنَ النُّطْقِ) ¬

(¬1) وقد أكثر من استخدامها في كتبه، انظر على سبيل المثال: «السنن الكبرى»: (2/ 16، 425) و «شعب الإيمان»: (ح7378). (¬2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص227).

بها حال القراءة. (كَذَا) لفظ (قِيْلَ لَهُ) فيما إذا كان في أثناء الإسناد قرئ على فلان أخبرك فلان، (وَيَنْبَغِي) للقارئ (النُّطْقُ بِذَا) فيقول فيه: قيل له أخبرك فلان. 608 - وَكَتَبُوْا عِنْدَ انْتِقالٍ مِنْ سَنَدْ ... لِغَيْرِهِ «ح» وَانْطِقَنْ بِهَا وَقَدْ 609 - رَأَى الرَّهَاوِيُّ بأَنْ لاَ تُقْرَا ... وَأَنَّهَا مِنْ حَائِلٍ، وَقَدْ رَأَى 610 - بَعْضُ أُوْلِي الْغَرْبِ بِأَنْ يَقُوْلاَ ... مَكَانَهَا: الْحَدِيْثَ قَطْ، وَقِيْلاَ 611 - بَلْ حَاءُ تَحْوِيْلٍ وَقالَ قَدْ كُتِبْ ... مَكَانَهَا: صَحَّ فَحَا مِنْهَا انْتُخِبْ (وَكَتَبُوْا عِنْدَ انْتِقالٍ مِنْ سَنَدْ لِغَيْرِهِ) إذا كان للحديث إسنادان فأكثر فجمعوا بين الأسانيد في متن واحد صورة («ح») مفردة مهملة بينهما. (وَانْطِقَنْ بِهَا) عند القراءة كذلك مفردة. (وَقَدْ رَأَى) الحافظ عبد القادر بن عبد الله (الرَّهَاوِيُّ (¬1) بأَنْ لاَ تُقْرَا، وَأَنَّهَا مِنْ حَائِل) أي: تَحول (¬2) بين الإسنادين، وأنكر كونها من قولهم: «الحديث» (¬3). (وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أُوْلِي الْغَرْبِ بِأَنْ يَقُوْلاَ مَكَانَهَا) إذا وصل إليها (الْحَدِيْثَ قَطْ، وَقِيْلاَ) قاله بعض الأصبهانيين (بَلْ) هي (حَاءُ تَحْوِيْلٍ) من إسناد إلى إسناد ¬

(¬1) المتوفى سنة (612هـ). «سير أعلام النبلاء»: (22/ 71) و «تذكرة الحفاظ»: (4/ 1387). (¬2) في الأصل: تحويل، خطأ، والتصحيح من «شرح الناظم»: (1/ 497). (¬3) سمعه منه ابن الصلاح كما في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص204).

آخر، وقد (قالَ) ابن الصلاح (¬1): (كُتِبْ) بخط أبي عثمان الصابوني وأبي مسلم الليثي وأبي سعيد الخليلي (مَكَانَهَا: صَحَّ) صريحة لئلا يتوهم أن حديث هذا الإسناد سقط، ولئلا يُرَكَّب الإسناد الثاني على الأول فيُجعلا إسناداً واحداً، (فَحَا مِنْهَا انْتُخِبْ) أي: فيكون الحاء رمزاً إلى «صَحَّ». ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص203).

كتابة التسميع

كِتَابَةُ التَّسْمِيْعِ 612 - وَيَكْتُبُ اسْمَ الشَّيْخِ بَعْدَ الْبَسْمَلَهْ ... وَالسَّامِعِيْنَ قَبْلَهَا مُكَمَّلَهْ 613 - مُؤَرِّخَاً أَوْ جَنْبَهَا بِالطُّرَّهْ ... أَوْ آخِرَ الْجُزْءِ وَإِلاَّ ظَهْرَهْ 614 - بِخَطِّ مَوْثُوْقٍ بِخَطٍّ عُرِفَا ... وَلَوْ بِخَطِّهِ لِنَفْسِهِ كَفَى 615 - إِنْ حَضَرَ الْكُلَّ، وَإِلاَّ اسْتَمْلَى ... مِنْ ثِقَةٍ، صَحَّحَ شَيْخٌ أَمْ لاَ (وَيَكْتُبُ) الطالب (اسْمَ الشَّيْخِ) الذي سمع الكتاب منه، وكنيته، ونسبه، كحدثنا أبو فلان فلان بن فلان بن فلان الفلاني، قال: ثنا فلان، ويسوق ما سمعه من الشيخ على لفظه (بَعْدَ الْبَسْمَلَهْ وَالسَّامِعِيْنَ قَبْلَهَا) أي: وإذا كتب الكتاب المسموع فيكتب فوق سطر التسمية أسماء من سمع معه، (مُكَمَّلَهْ) أي: مكملة الأنساب والعدد، (مُؤَرِّخَاً) أي: ويكتب تاريخ وقت السماع، (أَوْ) إن أحب كتب ذلك (جَنْبَهَا بِالطُّرَّهْ) في أول ورقة من الكتاب، (أو) إن أحب كتبه (آخِرَ الْجُزْءِ، وَإِلاَّ ظَهْرَهْ) أي: وإن أحب في ظهر الكتاب، وحيث لا يخفى موضعه. (بِخَطِّ) يتعلق بيكتب، أي: وينبغي أن يكون [32 - أ] التسميع بخط (مَوْثُوْقٍ) به، (بِخَطٍّ عُرِفَا) أي: غير مجهول الخط. (وَلَوْ) اقتصر على إثبات سماعه (بِخَطِّهِ لِنَفْسِهِ كَفَى) فَطالما فعل الثقات ذلك، (إِنْ حَضَرَ) مثبت السماع (الْكُلَّ، وَإِلاَّ اسْتَمْلَى مِنْ ثِقَةٍ) من حاضريه فيثبته معتمداً على إخباره، (صَحَّحَ شَيْخٌ أَمْ لاَ) أي: ولا يشترط كتابة الشيخ

المُسْمِع التصحيحَ على التسميع بعد أن يكون كاتب السماع ثقة. 616 - وَلْيُعِرِ الْمُسْمَى بِهِ إِنْ يَسْتَعِرْ ... وَإِنْ يَكُنْ بِخَطِّ مَالِكٍ سُطِرْ 617 - فَقَدْ رَأَى حَفْصٌ وَإِسْماعِيْلُ ... كَذَا الزُّبَيْرِيْ فَرْضَهَا إِذْ سِيْلُوْا 618 - إِذْ خَطُّهُ عَلَى الرِّضَا بِهِ دَلْ ... كَمَا عَلَى الشَّاهِدِ مَا تَحَمَّلْ 619 - وَلْيَحْذَرِ الْمُعَارُ تَطْوِيْلاً وَأَنْ ... يُثْبِتَ قَبْلَ عَرْضِهِ مَا لَمْ يُبَنْ (وَلْيُعِرِ الْمُسْمَى بِهِ) أي: من كان اسمه في طبقة السماع (إِنْ يَسْتَعِرْ) أي: إذا أراد أن يستعير الكتاب ليستنسخه أو ينقل سماعه منه استحباباً، (وَإِنْ يَكُنْ بِخَطِّ مَالِكٍ سُطِرْ) أي: وإن كان التسميع بخط مالك الكتاب، (فَقَدْ رَأَى حَفْصٌ) هو ابن غياث (¬1) من أصحاب أبي حنيفة، (وَإِسْماعِيْلُ) هو ابن إسحاق (¬2) من أصحاب مالك، (كَذَا) أبو عبد الله (الزُّبَيْرِيْ) (¬3) من أصحاب الشافعي، (فَرْضَهَا) أي: الإعارة (إِذْ سِيْلُوْا) عن ذلك (إِذْ خَطُّهُ عَلَى الرِّضَا بِهِ دَلْ) فيلزمه إعارته وإن كان فيه بذل ماله، (كَمَا عَلَى الشَّاهِدِ مَا تَحَمَّلْ) أي: كما يلزم ¬

(¬1) ابن طلق أبو عمر النخعي، المتوفى سنة (194هـ). «الطبقات السنية في تراجم الحنفية»: (1/ 292). وانظر كلامه في «المحدث الفاصل»: (ص589). (¬2) ابن إسماعيل بن حماد بن زيد بن درهم الأزدي، مولاهم البصري المالكي المتوفى سنة (282هـ). «تاريخ بغداد»: (6/ 284) و «سير أعلام النبلاء»: (13/ 339). (¬3) اسمه: الزبير بن سليمان بن عبد الله بن عاصم بن المنذر بن الزبير بن العوام الأسدي، المتوفى سنة (317هـ). «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة (1/ 7). وانظر كلامه في «المحدث الفاصل»: (ص589).

متحمل الشهادة أداؤها وإن كان فيه بذل نفسه بالسعي. (وَلْيَحْذَرِ الْمُعَارُ) إذا أعاره (تَطْوِيْلاً) بالعارية وإبطاءه عليه إلا بقدر الحاجة. (وَ) ليحذر (أَنْ يُثْبِتَ قَبْلَ عَرْضِهِ مَا لَمْ يُبَنْ) أي: وإذا نسخ الكتاب فلا يُثبت سماعه عليه، ولا يَنقله إلا بعد العَرْض والمقابلة، وكذا إثبات سماع على كتاب إلا أن يُبين في النقل والإثبات أن النسخة غير مُقابلة (¬1). ¬

(¬1) كتب الناسخ بجانب هذه العبارة في الحاشية اليسرى: «أي لا ينبغي إثبات السماع على كتاب إلا بعد المقابلة إلا أن يبين ... الخ». قلت: وهذا نص عبارة الناظم في شرحه (1/ 502).

صفة رواية الحديث وأدائه

صِفَةُ رِوَايَةِ الْحَدِيْثِ وَأَدَائِهِ 620 - وَلْيَرْوِ مِنْ كِتَابِهِ وَإِْن عَرِي ... مِنْ حِفْظِهِ فَجَائِزٌ لِلأَكْثَرِ 621 - وَعَنْ أبي حَنِيْفَةَ الْمَنْعُ كَذَا ... عَنْ مَالِكٍ وَالصَّيْدَلاَنِيْ وَإِذَا 622 - رَأَى سَمَاعَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فَعَنْ ... نُعْمَانٍ الْمَنْعُ وَقالَ ابْنُ الْحَسَنْ 623 - مَعْ أبي يُوْسُفَ ثُمَّ الشَّافِعِيْ ... وَالأَكْثَرِيْنَ بِالْجَوَازِ الْوَاسِعِ (وَلْيَرْوِ مِنْ كِتَابِهِ وَإِْن عَرِي مِنْ حِفْظِهِ فَجَائِزٌ لِلأَكْثَرِ) أي: يجوز عند الجمهور رواية من لا يحفظ حديثه من كتابه معتمداً عليه، وتثبت الحجة به إن ضبطَ سماعه، وقابَل كتابه كما سبق، (وَ) رُوىَ (عَنْ أبي حَنِيْفَةَ الْمَنْعُ (¬1)، كَذَا عَنْ مَالِكٍ (¬2) وَ) أبي بكر (الصَّيْدَلاَنِيْ (¬3)) من الشافعية فقالوا: لا حُجَّة إلا فيما رواه من حفظه. (وَإِذَا رَأَى سَمَاعَهُ) في كتابه (وَلَمْ يَذْكُرْ فَعَنْ نُعْمَانٍ الْمَنْعُ) أي: عن أبي حنيفة أنه لا يجوز له روايته، (وَقالَ) محمد (ابْنُ الْحَسَنْ مَعْ أبي يُوْسُفَ ثُمَّ الشَّافِعِيْ (¬4) ¬

(¬1) «الكفاية»: (2/ 91). (¬2) المصدر السابق (2/ 83). (¬3) هو أبو بكر محمد بن داود بن محمد المروزي الصيدلاني الشافعي، المتوفى سنة (427هـ). «طبقات الشافعية»: (4/ 31). (¬4) في «الرسالة»: (ص380).

وَالأَكْثَرِيْنَ بِالْجَوَازِ الْوَاسِعِ (¬1)) فيروي ما في كتابه وإن لم يذكر أحاديثه حديثاً حديثا فإن شك فيه لم يجز الاعتماد عليه. 624 - وَإِنْ يَغِبْ وَغَلَبَتْ سَلاَمَتُهْ ... جَازَتْ لَدَى جُمْهُوْرِهِم رِوَايَتُهْ 625 - كَذَلِكَ الضَّرِيْرُ وَالأُمِّيُّ ... لاَ يَحْفَظَانِ يَضْبُطُ الْمَرْضِيُّ 626 - مَا سَمِعَا وَالْخُلْفُ فِي الضَّرِيْرِ ... أَقْوَى، وَأَوْلَى مِنْهُ فِي الْبَصِيْرِ (وَإِنْ يَغِبْ) عنه الكتاب [32 - ب] بإعارةٍ أو ضَيَاع، (وَغَلَبَتْ) على الظن (سَلاَمَتُهْ) من التغيير والتبديل، (جَازَتْ لَدَى جُمْهُوْرِهِم رِوَايَتُهْ) منه؛ لأن باب الرواية مبنيٌّ على غالب الظن، وذهب بعض أهل التشديد إلى أنه لا يجوز لجواز التغيير. (كَذَلِكَ الضَّرِيْرُ وَالأُمِّيُّ) اللذان (لاَ يَحْفَظَانِ) حديثهما (يَضْبُطُ الْمَرْضِيُّ مَا سَمِعَا) أي: يجري الخلاف فيهما فإذا ضبط سماعهما (¬2) ثقة، وحَفِظَا كتابيهما (¬3) عن التغيير بحيث يغلب على الظن سلامته صَحَّت روايتهما، (وَالْخُلْفُ فِي الضَّرِيْرِ أَقْوَى، وَأَوْلَى مِنْهُ فِي الْبَصِيْرِ). ¬

(¬1) انظر: «الكفاية»: (2/ 96 - 103). (¬2) في نشرة «دار الكتب»: (1/ 504): سماعَ هما! وقد جاءت على الصواب في النشرة القديمة بعناية الأستاذ محمود الربيع (ص258). (¬3) في نشرة «دار الكتب»: (1/ 504): كتابيه ما! وقد جاءت على الصواب في النشرة القديمة بعناية الأستاذ محمود الربيع (ص258).

الرواية من الأصل

الرِّوَايَةُ مِنَ الأَصْلِ 627 - وَلْيَرْوِ مِنْ أَصْلٍ أَوِ الْمُقَابَلِ ... بِهِ وَلاَ يَجُوْزُ بِالتَّسَاهُلِ 628 - مِمَّا بِهِ اسْمُ شَيْخِهِ أَوْ أُخِذَا ... عَنْهُ لَدَى الْجُمْهُوْرِ وَأَجَازَ ذَا 629 - أَيُّوْبُ وَالبُرْسَانِ قَدْ أَجَازَهْ ... وَرَخَّصَ الشَّيْخُ مَعَ الإِجَازَهْ 630 - وَإِنْ يُخَالِفْ حِفْظُهُ كِتَابَهْ ... وَلَيْسَ مِنْهُ فَرَأَوْا صَوَابَهْ: 631 - الْحِفْظَ مَعْ تَيَقُّنٍ وَالأَحْسَنُ ... الجَمْعُ كَالْخِلاَفِ مِمَّنْ يُتْقِنُ (وَلْيَرْوِ) الراوي إذا أراد أن يحدث ببعض مسموعاته (مِنْ أَصْلٍ) أي: أصله الذي سمع منه، (أَوِ الْمُقَابَلِ بِهِ) أي: أو من نسخةٍ مقابَلَةٍ على أصله بمقابلة ثقة. (وَلاَ يَجُوْزُ بِالتَّسَاهُلِ مِمَّا بِهِ اسْمُ شَيْخِهِ) أي: بأن يُحَدِّثَ من أصل شيخه الذي لم يَسمع فيه هو. (أَوْ أُخِذَا عَنْهُ) أي: أو مِن نُسخة كتبت عن شيخه تَسْكُنُ نفسه إلى صحتها، (لَدَى الْجُمْهُوْرِ) (¬1) يتعلق بلا يجوز. (وَأَجَازَ ذَا أَيُّوْبُ) (¬2) ومحمد ابن أبي بكر (البُرْسَانِ (¬3) قَدْ أَجَازَهْ، وَرَخَّصَ الشَّيْخُ) ¬

(¬1) «الكفاية»: (2/ 159). (¬2) المصدر السابق. (¬3) المصدر السابق.

ابن الصلاح (¬1) فقال: اللهم إلا أن يكون (مَعَ الإِجَازَهْ) بأن كان له إجازة عن شيخه عامة لمروياته أو نحو ذلك إذ ليس فيه أكثر من رواية الزيادات بالإجازة بلفظ «أنا» أو «ثنا» والأمر في ذلك قريب. (وَإِنْ يُخَالِفْ حِفْظُهُ كِتَابَهْ) فإن كان إنما حَفِظَ من كتابه فيرجع إلى كتابه، وإن كان (لَيْسَ مِنْهُ) أي: حفظه ليس من كتابه بل من فَمِ المحدِّث، أو القراءة على المحدِّث (فَرَأَوْا صَوَابَهْ: الْحِفْظَ مَعْ تَيَقُّنٍ) أي: الاعتماد على حفظه إذا كان غير شاكٍّ فيه. (وَالأَحْسَنُ الجَمْعُ) بينهما بأن يقول: حِفْظِي كذا، وفي كتابي كذا، (كَالْخِلاَفِ مِمَّنْ يُتْقِنُ) أي: كما إذا حفظ شيئاً وخالفه فيه بعض الحفَّاظ فإنه يَحْسُنُ فيه أن يقول: حفظي كذا، وقال فيه فلان كذا، أو نحو ذلك. ¬

(¬1) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص211).

الرواية بالمعنى

الرِّوَايَةُ بِالْمَعْنَى 632 - وَلْيَرْوِ بِالأَلْفَاظِ مَنْ لاَ يَعْلَمُ ... مَدْلُوْلَهَا وَغَيْرُهُ فَالْمُعْظَمُ 633 - أَجَازَ بِالْمَعْنَى وَقِيْلَ: لاَ الْخَبَرْ ... وَالشَّيْخُ فِي التَّصْنِيْفِ قَطْعَاً قَدْ حَظَرْ 634 - وَلْيَقُلِ الرَّاوِي: بِمَعْنَىً، أَوْ كَمَا ... قالَ وَنَحْوُهُ كَشَكٍّ أُبْهِمَا (وَلْيَرْوِ بِالأَلْفَاظِ) لا بالمعنى دون اللفظ (مَنْ لاَ يَعْلَمُ مَدْلُوْلَهَا) ومقاصدها، وما يحيل معانيها بل يتقيد بلفظ الشيخ. (وَغَيْرُهُ) أي: وغير من لا يعلم، وهو الذي يعلم مدلول الألفاظ، (فَالْمُعْظَمُ) من أهل الحديث والفقه والأصول (أَجَازَ) له الرواية (بِالْمَعْنَى وَقِيْلَ: لاَ الْخَبَرْ) أي: لا يجوز [33 - أ] الرواية بالمعنى في الخبر وهو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتجوز في غيره. (وَالشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬1) (فِي التَّصْنِيْفِ قَطْعَاً قَدْ حَظَرْ (¬2)) فقال: «ليس لأحدٍ أن يُغَيِّرَ لفظَ شيء من كتاب مصنَّف ويُثبت بدلَه فيه لفظاً آخر بمعناه». (وَلْيَقُلِ الرَّاوِي: بِمَعْنَىً) أي: من روى بالمعنى، (أَوْ: كَمَا قالَ، وَنَحْوُهُ) أي: أو نحو هذا وما أشبه ذلك، وَرَدَ ذلك عن ابن مسعود (¬3) وغيره (¬4). (كَشَكٍّ أُبْهِمَا) ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص214). (¬2) في الأصل: مطلقاً حظر. وهو مخالف لما في «الألفية». (¬3) انظر: «الكفاية»: (2/ 9 - 10). (¬4) كأنس بن مالك: «الكفاية»: (2/ 15) وأبي الدرداء: «الكفاية»: (2/ 13 - 14).

أي: كمسألة ما إذا شكَّ القارئ أو الشيخ في لفظةٍ أو أكثر فقرأَها على الشكِّ فإنه يَحْسُنُ أن يقول: «أو كما قال»؛ لأنه يتضمن إجازة من الراوي وإذناً في رواية صوابها عنه إذا بان.

الاقتصار على بعض الحديث

الاقْتِصَاْرُ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيْثِ 635 - وَحَذْفَ بَعْضِ الْمَتْنِ فَامْنعَ او أَجِزْ ... أَوْ إِنْ أُتِمَّ أَوْ لِعَالِمٍ وَمِزْ 636 - ذَا بِالصَّحِيْحِ إِنْ يَكُنْ مَا اخْتَصَرَهْ ... مُنْفَصِلاً عَنِ الَّذِي قَدْ ذَكَرَهْ 637 - وَمَا لِذِي تُهْمَةٍ أَنْ يَفْعَلَهْ ... فَإِنْ أَبَى فَجَازَ أَنْ لاَ يُكْمِلَهْ 638 - أَمَّا إِذَا قُطِّعَ فِي الأبوابِ ... فَهْوَ إلى الْجَوَازِ ذُو اقْتِرَابِ (وَحَذْفَ بَعْضِ الْمَتْنِ) والاقتصار على بعض اختلف العلماء في جوازه على أقوال، (فَامْنعَ) أي: فأحدُها المنع مطلقاً، (او أَجِزْ) أي: والثاني الجواز مطلقاً إذا لم يكن متعلِّقاً بالمأتيِّ به تعلُّقاً يُخِلُّ حذفُه بالمعنى، (أَوْ إِنْ أُتِمَّ) أي: والثالث: إن كان رواه على التمام مرةً أخرى هو أو غيره جاز وإلا فلا، (أَوْ لِعَالِمٍ وَمِزْ ذَا بِالصَّحِيْحِ) أي: والرابع -وهو الصحيح-: أنه يجوز من العالم، (إِنْ يَكُنْ مَا اخْتَصَرَهْ مُنْفَصِلاً عَنِ الَّذِي قَدْ ذَكَرَهْ) غير متعلِّقٍ به بحيث لا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه لأنه بمنزلة خبرين منفصلين. (وَمَا لِذِي تُهْمَةٍ أَنْ يَفْعَلَهْ) لئلا يُتَّهم بأنه زاد في أول مَرَّة ما لم يكن سمعه، أو أنه نسي في الثاني باقي الحديث لقلة ضبطه، فينفي هذه الظِّنَّة (¬1) عن نفسه. (فَإِنْ أَبَى) أي: فإن خالف ورواه ناقصاً مرَّةً (فَجَازَ أَنْ لاَ يُكْمِلَهْ)؛ لأنه يكون ¬

(¬1) هي: التُّهمة. «تاج العروس» مادة (ظنن).

عذراً له لئلا يُتَّهم بأنه زاد في حديثه. (أَمَّا إِذَا قُطِّعَ) الحديثُ الواحد وفُرِّقَ (فِي الأبوابِ) بحسب الاحتجاج به على مسألةٍ مسألة (فَهْوَ إلى الْجَوَازِ ذُو اقْتِرَابِ) وقد فعله البخاريُّ وغيره.

التسميع بقراءة اللحان، والمصحف

التَّسْمِيْعُ بِقِرَاءَةِ اللَّحَّاْنِ، وَالْمُصَحِّفِ 639 - وَلْيَحْذَرِ اللَّحَّانَ وَالْمُصَحِّفَا ... عَلَى حَدِيْثِهِ بِأَنْ يُحَرِّفَا 640 - فَيَدْخُلاَ فِي قَوْلِهِ: مَنْ كَذَبَا ... فَحَقٌّ النَّحْوُ عَلَى مَنْ طَلَبَا 641 - وَالأَخْذُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ لاَ الْكُتُبِ ... أَدْفَعُ لِلتَّصْحِيْفِ فَاسْمَعْ وَادْأَبِ (وَلْيَحْذَر) الشيخُ (اللَّحَّانَ وَالْمُصَحِّفَا عَلَى حَدِيْثِهِ) فلا يروي حديثه بقراءة لحَّانٍ أو مصحِّفٍ (بِأَنْ يُحَرِّفَا فَيَدْخُلنَّ (¬1) فِي قَوْلِهِ: مَنْ كَذَبَا) أي: فيدخُل فِي قوله عليه السلام: «مَنْ كَذَبَ علىَّ فليتبوأ مقعده من النار»؛ لأنه لم يكن يَلْحَنُ فمهما رويتَ [33 - ب] عنهُ ولحنتَ فيه كذبتَ عليه. (فَحَقٌّ النَّحْوُ عَلَى مَنْ طَلَبَا) ليتخلَّصَ به عن شيئين: اللحن والتحريف. (وَالأَخْذُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ لاَ الْكُتُبِ أَدْفَعُ لِلتَّصْحِيْفِ فَاسْمَعْ وَادْأَبِ) فَقَلَّما سَلِمَ من التصحيف مَن أخذ العلم من الصُّحُف من غير تدريب المشايخ. ¬

(¬1) كذا في الأصل، والذي في طبعات الألفية ونسخها الخطية التي وقفت عليها: فيدخلا.

إصلاح اللحن، والخطأ

إِصْلاَحُ اللَّحْنِ، وَالْخَطَأِ 642 - وَإِنْ أَتَى فِي الأَصْلِ لَحْنٌ أَوْ خَطَا ... فَقِيْلَ: يُرْوَى كَيْفَ جَاءَ غَلَطَا 643 - وَمَذْهَبُ الْمُحَصِّلِيْنَ يُصْلَحُ ... وَيُقْرَأُ الصَّوَابُ وَهْوَ الأَرْجَحُ 644 - فِي اللَّحْنِ لاَ يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِهِ ... وَصَوَّبُوْا الإِبْقَاءَ مَعْ تَضْبِيْبِهِ 645 - وَيُذْكَرُ الصَّوَابُ جَانِباً كَذَا ... عَنْ أَكْثَرِ الشُّيُوْخِ نَقْلاً أُخِذَا 646 - وَالْبَدْءُ بِالصَّوَابِ أَوْلَى وَأَسَدْ ... وَأَصْلَحُ الإِصْلاَحِ مِنْ مَتْنٍ وَرَدْ (وَإِنْ أَتَى فِي الأَصْلِ لَحْنٌ أَوْ خَطَا فَقِيْلَ) -قاله ابن سيرين وغيره (¬1) -: (يُرْوَى كَيْفَ جَاءَ غَلَطَا) أي: على الخطأ كما وقع، (وَمَذْهَبُ الْمُحَصِّلِيْنَ) من المحدِّثين: (يُصْلَحُ وَيُقْرَأُ الصَّوَابُ)، وإليه ذهب الأوزاعي (¬2) وابن المبارك (¬3)، (وَهْوَ الأَرْجَحُ فِي اللَّحْنِ لاَ يَخْتَلِفُ الْمَعْنَى بِهِ) فإنَّ إصلاحَ مثل ذلك واجب على تجويز الرواية بالمعنى، (وَصَوَّبُوْا الإِبْقَاءَ) وتقرير ما وقع في الأصل على ما هو عليه، (مَعْ تَضْبِيْبِهِ) عليه (وَيُذْكَرُ الصَّوَابُ جَانِباً) في الحاشية، (كَذَا عَنْ أَكْثَرِ الشُّيُوْخِ نَقْلاً أُخِذَا) قال ابن فارس: «وهذا أحسن ما سمعت في هذا الباب». ¬

(¬1) «المحدث الفاصل»: (ص538) ط. دار الفكر. (¬2) المصدر السابق (ص524). (¬3) «جامع بيان العلم وفضله»: (1/ 164) ط. الريان.

(وَالْبَدْءُ بِالصَّوَابِ) إذا قرأ الرَّاوي [أو القارئ] (¬1) عليه شيئاً من ذلك (أَوْلَى وَأَسَدْ)، ثم يقول: وقع في الرواية كذا وكذا؛ كيلا يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل. (وَأَصْلَحُ الإِصْلاَحِ) أن يكون ما يُصْلَحُ به الفاسد (مِنْ مَتْنٍ وَرَدْ) في أحاديث أُخَر فإنَّ ذاكرَه آمِنٌ من أن يكون مُتَقَوِّلاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يَقُل. 647 - وَلْيَأْتِ فِي الأَصْلِ بِمَا لاَ يَكْثُرُ ... كَابْنٍ وَحَرْفٍ حَيْثُ لاَ يُغَيِّرُ 648 - وَالسَّقْطُ يُدْرَى أَنَّ مِنْ فَوْقٍ أَتَى ... بِهِ يُزَادُ بَعْدَ يَعْنِي مُثْبَتَا (وَلْيَأْتِ فِي الأَصْلِ بِمَا لاَ يَكْثُرُ) أي: إذا كان الساقطُ من الأصل شيئاً يسيراً يعلم أنه سقط في الكتابة وهو معروف (كَابْنٍ) في النسب، (وَحَرْفٍ، حَيْثُ لاَ يُغَيِّرُ) أي: لا يختلف المعنى به، من غير تنبيه على سقوطه (وَالسَّقْطُ يُدْرَى أَنَّ مِنْ فَوْقٍ أَتَى بِهِ) أي: وإذا كان الساقطُ يُعْلَمُ أنه سَقَطَ مِنْ بعض من تأخَّر من رواة الحديث، وأنَّ من فوقه من الرواة أتى به فإنه (يُزَادُ) في الأصل (بَعْدَ «يَعْنِي» مُثْبَتَا) أي: ويؤتى قبله بلفظ «يعني» كما رُوِىَ عن ابن مهدي عن المحاملي بسنده إلى عروة عن عمرة -يعني- عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُدني إلىَّ رأسَه وأرجِّله». قال الخطيب (¬2): كان في أصل ابن مهدي عن عَمْرَة قالت: «كان» فألحقنا ¬

(¬1) ما بين المعقوفتين زيادة من «شرح الناظم»: (1/ 515). (¬2) «الكفاية»: (2/ 147).

فيه ذكر عائشة إذ لم يكن منه بُدٌ، وعلمنا أن المحاملي كذلك رواه، وإنما سقط من كتاب شيخنا وقلنا فيه: «يعني عن عائشة»؛ لأن ابن مهدي [34 - أ] لم يَقُل لنا ذلك. 649 - وَصَحَّحُوْا اسْتِدْرَاكَ مَا دَرَسَ في ... كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِهِ إِنْ يَعْرِفِ 650 - صِحَّتَهُ مِنْ بَعْضِ مَتْنٍ أَوْ سَنَدْ ... كَمَا إذَا ثَبَّتَهُ مَنْ يُعْتَمَدْ 651 - وَحَسَّنُوا الْبَيَانَ كَالْمُسْتَشْكِلِ ... كَلِمَةً فِي أَصْلِهِ فَلْيَسْأَلِ (وَصَحَّحُوْا اسْتِدْرَاكَ مَا دَرَسَ في كِتَابِهِ) بتقطيعٍ أو بللٍ أو نحوه (مِنْ) كتاب (غَيْرِهِ إِنْ يَعْرِفِ صِحَّتَهُ) وَوَثِقَ بصاحبِ الكتاب بأن يكون قد أخذه عن شيخه وهو ثقة أو نحو ذلك، سواءً كان ما درس (مِنْ بَعْضِ مَتْنٍ أَوْ سَنَدْ كَمَا إذَا ثَبَّتَهُ مَنْ يُعْتَمَدْ) أي: كما أن الحُكم كذلك فيما إذا شَكَّ المحدثُ في شيء فاستَثْبَتَهُ من ثقة غيره من حفظه أو كتابه. (وَحَسَّنُوا الْبَيَانَ) أي: أن يُبين مَن ثَبَّتَهُ بأن يقول: «أنا فلان، وثَبَّتَني فلان»، (كَالْمُسْتَشْكِلِ كَلِمَةً فِي أَصْلِهِ فَلْيَسْأَلِ) أي: كما أن الحكم كذلك فيما إذا وَجَدَ في أصلِهِ كلمةً من غريب العربية أو غيرها غَيْرَ مقيَّدة وأُشْكِلَت عليه، فجائز أن يسأل عنها أهلَ العلم بها، ويرويها على ما يُخبرونه به.

اختلاف ألفاظ الشيوخ

اخْتِلاَفُ أَلْفَاْظِ الشُّيُوْخِ 652 - وَحَيْثُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْخٍ سَمِعْ ... مَتْناً بِمَعْنَى لاَ بِلَفْظٍ فَقَنِعْ 653 - بِلَفْظِ وَاحِدٍ وَسَمَّى الْكُلَّ: صَحّْ ... عِنْدَ مُجِيْزِي النَّقْلِ مَعْنىً وَرَجَحْ 654 - بَيَانُهُ مَعْ قالَ أَوْ مَعْ قالاَ ... وَمَا بِبَعْضِ ذَا وَذَا وَقالاَ: 655 - اقْتَرَبَا فِي اللَّفْظِ أَوْ لَمْ يَقُلِ: ... صَحَّ لَهُمْ وَالْكُتْبُ إِنْ تُقَابَلِ 656 - بِأَصْلِ شَيْخٍ مِنْ شُيُوخِهِ فَهَلْ ... يُسْمِي الجَمِيْعُ مَعْ بَيَانِهِ؟ احْتَمَلْ (وَحَيْثُ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْخٍ) أي: من شيخين فأكثر، (سَمِعْ) راوي الحديث (مَتْناً بِمَعْنَى لاَ بِلَفْظٍ) أي: بلفظٍ مختلف والمعنى واحد، (فَقَنِعْ بِلَفْظِ وَاحِدٍ) من شيوخه، (وَسَمَّى الْكُلَّ: صَحّْ عِنْدَ مُجِيْزِي النَّقْلِ مَعْنىً) أي: من يُجيز الروايةَ بالمعنى وهم الأكثرون. (وَرَجَحْ بَيَانُهُ) أي: أن يُبين لفظَ الرواية لمن هي بقوله: «وهذا لفظ فلان» ونحوه للخروج من الخلاف، (مَعْ قالَ، أَوْ مَعْ قالاَ) أي: ثُمَّ هو مُخير بين أن يُفْرِدَ فعل القول فيخصِّصُه بمن له اللفظ فيقول: «أنا فلان وفلان -واللفظ له- قال .. » وبين أن يأتي بالفعل لهما فيقول: «قالا أنا فلان». (وَمَا بِبَعْضِ ذَا وَذَا) أي: وما أتى به الراوي بلفظ أحد الشيخين وبعض لفظ الآخر ولم يُبَين لفظ أحدهما من الآخر (وَقالاَ: اقْتَرَبَا فِي اللَّفْظِ) أي: بل قال: «وتقاربا في اللفظ» أو: «والمعنى واحد» ونحو ذلك (أَوْ لَمْ يَقُلِ) أي:

وكذا لو لم يقل: «وتقاربا» وما أشبهها، (صَحَّ لَهُمْ) أي: فهو جائز صحيح أيضاً عند من جَوَّزَ الرواية بالمعنى. (وَالْكُتْبُ إِنْ تُقَابَلِ بِأَصْلِ شَيْخٍ مِنْ شُيُوخِهِ) أي: ومتى قوبل كتاب من الكتب المصنَّفة سمعه على شيخين فأكثر بأصل أحد شيخَيْه أو شيوخه دون بقيتهم، (فَهَلْ يُسْمِي الجَمِيْعُ) أي: جميع شيوخه في روايته لذلك الكتاب (مَعْ بَيَانِهِ؟) أي: بيان أن اللفظ للشيخ الذي قابَلَهُ بأصله، (احْتَمَلْ) أن يجوز كالأول واحتمل أنْ لا؛ لعدم علمه [34 - ب] بكيفية رواية الآخرين.

الزيادة في نسب الشيخ

الزِّيَاْدَةُ فِيْ نَسَبِ الشَّيْخِ 657 - وَالشَّيْخُ إِنْ يَأْتِ بِبَعْضِ نَسَبْ ... مَنْ فَوْقَهُ فَلاَ تَزِدْ وَاجْتَنِبْ 658 - إِلاَّ بِفَصْلٍ نَحْوُ هُوْ أَوْ يَعْنِي ... أَوْجِئْ بِأَنَّ وَانْسُبَنَّ الْمَعْنِي 659 - أَمَّا إذا الشَّيْخُ أَتَمَّ النَّسَبَا ... فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ فَقَطْ فَذَهَبَا 660 - الأَكْثَرُوْنَ لِجَوَازِ أَنْ يُتَمْ ... مَا بَعْدَهُ وَالْفَصْلُ أَوْلَى وَأَتَمْ (وَالشَّيْخُ إِنْ يَأْتِ) في روايته للحديث (بِبَعْضِ نَسَبْ مَنْ فَوْقَهُ) أي: إذا اقتصر في نَسَبِ شيخه أو من فوقه على بعضه، (فَلاَ تَزِدْ) في النسب على ما ذكر منه الشيخ، (وَاجْتَنِبْ إِلاَّ بِفَصْلٍ) يُبَيِّن أنه من الزيادة على الشيخ، (نَحْوُ هُوْ) ابن فلان الفلاني، (أَوْ يَعْنِي) ابن فلان، (أَوْجِئْ بِأَنَّ وَانْسُبَنَّ الْمَعْنِي) فقل: «ثنا فلان أنَّ فلان بن فلان حدَّثه». (أَمَّا إذا الشَّيْخُ أَتَمَّ النَّسَبَا فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ فَقَطْ) واقتصر في بقية الكتاب على اسم الشيخ (فَذَهَبَا الأَكْثَرُوْنَ لِجَوَازِ أَنْ يُتَمْ مَا بَعْدَهُ) أي: إلى أنه يجوز لمن سَمِعَ من الشيخ أن يفرد ما بعد الحديث الأول مع إتمام نسب شيخ شيخه فيه، (وَالْفَصْلُ) بقوله: «يعني ابن فلان» أو: «هو ابن فلان» (أَوْلَى وَأَتَمْ).

الرواية من النسخ التي إسنادها واحد

الرِّوَاْيَةُ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي إسْنَاْدُهَا وَاحِدٌ 661 - وَالنُّسَخُ الَّتِي بِإِسْنَادٍ قَطُ ... تَجْدِيْدُهُ فِي كُلِّ مَتْنٍ أَحْوَطُ 662 - وَالأَغْلَبُ الْبَدْءُ بِهِ وَيُذْكَرُ ... مَا بَعْدَهُ مَعْ وَبِهِ وَالأَكْثَرُ 663 - جَوَّزَ أَنْ يُفْرِدَ بَعْضاً بِالسَّنَدْ ... لآِخِذٍ كَذَا وَالإِفْصَاحُ أَسَدْ 664 - وَمَنْ يُعِيْدُ سَنَدَ الْكِتَابِ مَعْ ... آخِرِهِ احْتَاطَ وَخُلْفَاً مَا رَفَعْ (وَالنُّسَخُ الَّتِي بِإِسْنَادٍ قَطُ) أي: إسناد أحاديثها إسناد واحد (تَجْدِيْدُهُ فِي كُلِّ مَتْنٍ أَحْوَطُ) أي: فالأحوط أن تُجدد ذكر الإسناد عند كل حديث منها ويوجد ذلك في الأصول القديمة، (وَالأَغْلَبُ الْبَدْءُ بِهِ) أي: بالإسناد في أولها أو في أول كلِّ مجلس من سماعها، (وَيُذْكَرُ مَا بَعْدَهُ مَعْ) قوله في كل حديث بعد الحديث الأول: (وَبِهِ) أو: «بالإسناد» ونحو ذلك. (وَالأَكْثَرُ جَوَّزَ أَنْ يُفْرِدَ بَعْضاً) مما بعد الحديث الأول (بِالسَّنَدْ) المذكور في أوله (لآِخِذٍ كَذَا) أي: لمن سمع بذكر السند في أوله وإدراج ما بعده عليه؛ لأن المعطوف له حكم المعطوف عليه، وذهب بعضٌ إلى المنع إلا مع بيان كيفية التحمل. (وَالإِفْصَاحُ أَسَدْ) أي: وعلى القول بالجواز فالأحسن البيان. (وَمَنْ يُعِيْدُ سَنَدَ الْكِتَابِ مَعْ آخِرِهِ احْتَاطَ) أي: وما يفعله بعضهم من إعادة السند في آخر الكتاب والجزء فاحتياطٌ وتأكيدٌ، (وَخُلْفَاً مَا رَفَعْ) أي: ولا يرفع الخلافَ في إفرادِ كلِّ حديثٍ بالسند.

تقديم المتن على السند

تَقْدِيْمُ المَتْنِ عَلى السَّنَدِ 665 - وَسَبْقُ مَتْنٍ لَوْ بِبَعْضِ سَنَدِ ... لاَ يَمْنَعُ الْوَصْلَ وَلاَ أَنْ يَبْتَدِي 666 - رَاوٍ كَذَا بِسَنَدٍ فَمُتَّجِهْ ... وَقالَ: خُلْفُ النَّقْلِ مَعْنَى يَتَّجِهْ 667 - في ذَا كَبَعْضِ الْمَتْنِ قَدَّمْتَ عَلَى ... بَعْضٍ فَفِيْهِ ذَا الْخِلاَفُ نُقِلاَ (وَسَبْقُ مَتْنٍ لَوْ بِبَعْضِ سَنَدِ) أي: وإذا قَدَّمَ الراوي الحديثَ على السند كأن يقول: «قال عليه السلام كذا، أخبرنا به فلان» ويذكر سنده، أو قَدَّمَ بعض الإسناد مع المتن على بقية السند كأن يقول: «روى فلان عن فلان عنه عليه السلام كذا، أنا به فلان» ويسوق سنده إلى فلان؛ (لاَ يَمْنَعُ) ذلك (الْوَصْلَ، وَلاَ) يمنع ذلك (أَنْ يَبْتَدِي [35 - أ] رَاوٍ كَذَا) أي: من تَحَمَّلَهُ مِن شيخه كذلك أن يبتدئ (بِسَنَدٍ) أي: بالإسناد جميعه أوَّلاً ثم يذكر المتن (فَمُتَّجِهْ)، جَوَّزه بعض المتقدمين. (وَقالَ:) ابن الصلاح (¬1) (خُلْفُ النَّقْلِ مَعْنَى يَتَّجِهْ في ذَا كَبَعْضِ الْمَتْنِ قَدَّمْتَ عَلَى بَعْضٍ فَفِيْهِ ذَا الْخِلاَفُ نُقِلاَ) أي: ينبغي أن يكون فيه خلاف كالخلاف في تقديم بعض المتن على بعضه حُكِىَ المنع منه على القول بعدم جواز الرواية بالمعنى، والجواز على القول بجوازها. ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص229).

إذا قال الشيخ: مثله، أو نحوه

إذَا قَالَ الشَّيْخُ: مِثْلَهُ، أَوْ نَحْوَهُ 668 - وَقَوْلُهُ مَعْ حَذْفِ مَتْنٍ مِثْلَهُ ... أَوْ نَحْوَهُ يُرِيْدُ مَتْنَاً قَبْلَهُ 669 - فَالأَظْهَرُ الْمَنْعُ مِنْ انْ يُكَمِّلَهْ ... بِسَنَدِ الثَّاني وَقِيْلَ: بَلْ لَهْ 670 - إِنْ عَرَفَ الرَّاوِيَّ بِالتَّحَفُّظِ ... وَالضَّبْطِ وَالتَّمْيِيْزِ لِلتَّلَفُّظِ 671 - وَالْمَنْعُ فِي نَحْوِ فَقَطْ قَدْ حُكِيَا ... وَذَا عَلَى النَّقْلِ بَمِعْنَى بُنِيَا 672 - وَاخْتِيْرَ أَنْ يَقُوْلَ: مِثْلَ مَتْنِ ... قَبْلُ وَمَتْنُهُ كَذَا، وَيَبْنِى 673 - وَقَوْلُهُ: إِذْ بَعْضُ مَتْنٍ لِمْ يُسَقْ ... وَذَكَرَ الْحَدِيْثَ فَالْمَنْعُ أَحَقّْ 674 - وَقِيْلَ: إِنْ يَعْرِفْ كِلاَهُمَا الْخَبَرْ ... يُرْجَى الْجَوَازُ وَالْبَيَانُ الْمُعْتَبَرْ 675 - وَقالَ: إِنْ يُجِزْ فَبِالإِجَازَهْ ... لِمَا طَوَى وَاغْتَفَرُوْا إِفْرَادَهْ (وَقَوْلُهُ) أي: الشيخ إذا روى حديثاً بإسناد له، وذكر متن الحديث ثم أتبعه بإسناد آخر (مَعْ حَذْفِ مَتْنٍ) لهذا الإسناد: (مِثْلَهُ أَوْ نَحْوَهُ، يُرِيْدُ) بقوله ذلك (مَتْنَاً قَبْلَهُ) ليحيل به على المتن الأول (فَالأَظْهَرُ الْمَنْعُ) لمن سمع منه ذلك (مِنْ انْ يُكَمِّلَهْ) أي: حديث السند الأول؛ (بِسَنَدِ الثَّاني، وَقِيْلَ: بَلْ) يجوز (لَهْ) ذلك (إِنْ عَرَفَ الرَّاوِيَّ) لذلك (بِالتَّحَفُّظِ وَالضَّبْطِ وَالتَّمْيِيْزِ لِلتَّلَفُّظِ) أي: يذهب إلى تمييز الألفاظ، وعد الحروف، فإن لم يعرف ذلك لم يجز. (وَالْمَنْعُ فِي) لفظ (نَحْوِ فَقَطْ قَدْ حُكِيَا) وأنه يجوز في قوله مثله (وَذَا عَلَى النَّقْلِ بَمِعْنَى بُنِيَا) فلا يجوز على مذهب من لم يجز الرواية بالمعنى، وعلى مذهب

من يجيز فلا فرق بين مثله ونحوه. (وَاخْتِيْرَ أَنْ يَقُوْلَ) من رَوَى مثل هذا بعد أن يُورِد الإسناد: (مِثْلَ مَتْنِ قَبْلُ وَمَتْنُهُ كَذَا، وَيَبْنِى) أي: مثل حديث قبله متنه كذا وكذا، ثم يسوقه. (وَقَوْلُهُ: إِذْ بَعْضُ مَتْنٍ لِمْ يُسَقْ) أي: وإذا أتى الراوي ببعض الحديث وحذف بقيته وأشار إليه بقوله: (وَذَكَرَ الْحَدِيْثَ) أو: ذكره، أو: الحديث، أو نحوه، ولم يكن تقدم كمال الحديث. (فَالْمَنْعُ) لمن سمع ذلك أن يُتِمَّ الحديث بل يقتصر على ما سمع منه إلا مع البيان. وهذا (أَحَقّْ) بالمنع من المسألة التي قبلها؛ لأنها ساق فيها جميع المتن قَبْل. (وَقِيْلَ) -قاله الإسماعيلي-: (إِنْ يَعْرِفْ كِلاَهُمَا) أي: المحدث والقارئ ذلك (الْخَبَرْ يُرْجَى الْجَوَازُ وَالْبَيَانُ الْمُعْتَبَرْ) بأن يقول: كما قال. وطريق إتمامه أن تقتص (¬1) ما ذكره الشيخ منه، ثم تقول: قالَ، وذكرَ الحديث. ثم تقول: وتمامه كذا وكذا وتسوقه. (وَقالَ:) ابن الصلاح (¬2): (إِنْ يُجِزْ) ما قال الإسماعيلي، (فَبِالإِجَازَهْ) [35 - ب] أي: فالتحقيق فيه أنه بطريق الإجازة، (لِمَا طَوَى) أي: فيما لم يذكره الشيخ، (وَاغْتَفَرُوْا إِفْرَادَهْ) أي: إفراد الباقي المدرج بلفظ الإجازة لكونها إجازة قوية من جهات مع كون أوله سماعاً. ¬

(¬1) في مطبوعة «شرح ألفية العراقي»: (2/ 12): يقتصر. خطأ، يأباه تركيب العبارة حيث لم تتعدَّ بِعَلَى. (¬2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص233).

إبدال الرسول بالنبي، وعكسه

إِبْدَاْلُ الرَّسُوْلِ بِالنَّبِيِّ، وَعَكْسُهُ 676 - وَإِنْ رَسُوْلٌ بِنَبِيٍّ أُبْدِلاَ ... فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ كَعَكْسٍ فُعِلاَ 677 - وَقَدْ رَجَا جَوَازَهُ ابْنُ حَنْبَلِ ... والنووي صَوَّبَهُ وَهْوَ جَلِيْ (وَإِنْ رَسُوْلٌ بِنَبِيٍّ أُبْدِلاَ) كأن يكون في الرواية: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: عن النبي، (فَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ)؛ لأن شرط الرواية بالمعنى أن لا يختلف وهنا يختلف. (كَعَكْسٍ فُعِلاَ) وهو إبدال النبي بالرسول. (وَقَدْ رَجَا جَوَازَهُ ابْنُ حَنْبَلِ) لما سأله ابنه صالح: يكون في الحديث: «رسول الله» فَيُجْعَل: «النبي»؟ فقال: أرجو أن لا يكون به بأس. (والنووي صَوَّبَهُ) فقال (¬1): الصواب -والله أعلم-، جوازه. (وَهْوَ جَلِيْ) فإنه -وإن اختلف معناهما- فلا يختلف في نسبة ذلك القول لقائله بأي وَصْفٍ وصفه إذا كان يُعَرِّفُ به. ¬

(¬1) في «التقريب»: (1/ 560) مع «التدريب».

السماع على نوع من الوهن، أو عن رجلين

السَّمَاْعُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الوَهْنِ، أَوْ عَنْ رَجُلَيْنِ 678 - ثُمَّ عَلَى السَّامِعِ بِالْمُذَاكَرَهْ ... بَيَانُهُ كَنَوْعِ وَهْنٍ خَامَرَهْ 679 - وَالْمَتْنُ عَنْ شَخْصَيْنِ وَاحِدٌ جُرِحْ ... لاَ يَحْسُنُ الْحَذْفُ لَهُ لَكِنْ يَصِحْ 680 - وَمُسْلِمٌ عَنْهُ كَنَى فَلَمْ يُوَفْ ... وَالْحَذْفُ حَيْثُ وُثِقَا فَهْوَ أَخَفْ 681 - وَإِنْ يَكُنْ عَنْ كُلِّ رَاوٍ قِطْعَهْ ... أَجِزْ بِلاَ مَيْزٍ بِخَلْطِ جَمْعَهْ 682 - مَعَ الْبَيَانِ كَحَدِيْثِ الإِْفْكِ ... وَجَرْحُ بَعْضٍ مُقْتَضٍ لِلتَّرْكِ 683 - وَحَذْفَ وَاحِدٍ مِنَ الإِسْنَادِ ... فِي الصُّوْرَتَيْنِ امْنَعْ لِلاِزْدِيَادِ (ثُمَّ عَلَى السَّامِعِ) مِنْ الشيخ مِنْ حِفْظِهِ (بِالْمُذَاكَرَهْ بَيَانُهُ) بقوله: ثنا مذاكرة، أو في المذاكرة، ونحوه، للتساهل فيها والحفظ خَوَّان. كنوع (وَهْنٍ خَامَرَهْ) أي: كما إذا كان في سماعه نوع من الوهن، كأن يسمع من غير أصل، أو كان هو أو شيخه يَتَحَدَّثُ أو يَنْسَخُ أو يَنْعَسُ وقت القراءة، وسماعه بقراءة مُصَحِّفٍ، أو لَحَّان، أو كتابة التسميع بِخَطِّ من فيه نظر، فإن عليه بيانه لأن تركه نوع تدليس. (وَالْمَتْنُ) إذا كان (عَنْ شَخْصَيْنِ وَاحِدٌ) منهما (جُرِحْ لاَ يَحْسُنُ الْحَذْفُ لَهُ) أي: للمجروح والاقتصار على الآخر؛ لجواز أن يكون فيه شيءٌ عن المجروح لم يذكره الآخر، وحُمِلَ لفظُ أحدهما على الآخر. (لَكِنْ يَصِحْ) لأن امتناع ذلك ليس امتناع تحريم؛ لأن ما ذُكِرَ من الاحتمال

نادر. (وَمُسْلِمٌ عَنْهُ كَنَى) أي: عن المجروح بقوله: وآخر. (فَلَمْ يُوَفْ) أي: وهذا القول لا فائدة فيه. (وَالْحَذْفُ حَيْثُ وُثِقَا) أي: إذا كان الحديث عن ثقتين. (فَهْوَ أَخَفْ) لكن ينبغي أن لا يُسقط أحدَهما لِتَطَرُّقِ الاحتمال المذكور. (وَإِنْ يَكُنْ عَنْ كُلِّ رَاوٍ قِطْعَهْ) أي: وإذا لم يكن سَمِعَ جميع الحديث من شيخ واحد، بل سَمِعَ قطعةً منه من شيخ، وقطعة من آخر، فما زاد (أَجِزْ بِلاَ مَيْزٍ بِخَلْطِ جَمْعَهْ) أي: فإنه يجوز له أن يخلط الحديث [36 - أ] ويرويه عنهما أو عنهم جميعاً (مَعَ الْبَيَانِ) أنَّ عن كل شيخ بعض الحديث من غير تمييز لما سمعه من كلِّ [شيخ] (¬1) من الآخر. (كَحَدِيْثِ الإِْفْكِ) في «الصحيح» (¬2) من رواية الزهري حيث قال: حدثني عروة، وسعيد ابن المسيب، وعلقمة، وعبيد الله، عن عائشة قال: وكلٌّ قد حدثني طائفة من حديثها، ودخل حديث بعضهم في بعض، وأنا أَوْعَى الحديث بعضهم من بعض، فذكر الحديث. (وَجَرْحُ بَعْضٍ) في مثل هذه الصورة (مُقْتَضٍ لِلتَّرْكِ) فَيُطْرَح جميع الحديث؛ لأنه ما من قطعة منه إلا وجائز أن تكون عن ذلك المجروح. (وَحَذْفَ وَاحِدٍ مِنَ الإِسْنَادِ) فيما نحن فيه (فِي الصُّوْرَتَيْنِ)، صورة ما إذا كان ¬

(¬1) ما بين المعقوفتين زيادة من مطبوعة «شرح ألفية العراقي» ليست في الأصل. (¬2) البخاري (رقم 2661) وقد كرره.

الراويان، أو الرواة كلهم ثقات، وصورة ما إذا كان فيهم ضعيف. (امْنَعْ لِلاِزْدِيَادِ) أي: لأنك إذا حذفت واحد من الإسناد وأتيت بجميع الحديث فقد زدت على بقية الرواة ما ليس من حديثهم، وإن حذفت بعض الحديث لم يُعْلَم أن ما حذفته هو رواية مَنْ حَذَفْتَ اسمَه.

آداب المحدث

آدَاْبُ الْمُحَدِّثِ 684 - وَصَحِّحِ النِّيَّةَ فيِ التَّحْدِيْثِ ... وَاحْرِصْ عَلَى نَشْرِكَ لِلْحَدِيْثِ 685 - ثُمَّ تَوَضَّأْ وَاغْتَسِلْ وَاسْتَعْمِلِ ... طِيْباً وَتَسْرِيْحاً وَزَبْرَ الْمُعْتَلِي 686 - صَوْتاً عَلى الْحَدِيْثِ وَاجْلِسْ بِأَدَبْ ... وَهَيْبَةٍ بِصَدْرِ مَجْلِسٍ وَهَبْ 687 - لَمْ يُخْلِصِ النِّيَّةَ طَالِبُ فَعُمْ ... وَلاَ تُحَدِّثْ عَجِلاً أَوْ إِنْ تَقُمْ 688 - أَوْ فِي الطَّرِيْقِ ثُمَّ حَيْثُ احْتِيْجَ لَكْ ... فِي شَيْءٍ ارْوِهِ وَابْنُ خَلاَّدٍ سَلَكْ 689 - بِأَنَّهُ يَحْسُنُ لِلْخَمْسِيْنَا ... عَاماً وَلاَ بَأْسَ لأَِرْبَعِيْنَا 690 - وَرُدَّ. والشَّيْخُ بِغَيْرِ الْبَارِعِ ... خَصَّصَ لاَكَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيْ (وَصَحِّحِ النِّيَّةَ فيِ التَّحْدِيْثِ) إذا تصديت لإسماع الحديث أو الإفادة فيه وأخلصها فإنما الأعمال بالنيات. (وَاحْرِصْ عَلَى نَشْرِكَ لِلْحَدِيْثِ) فقد أمر عليه السلام بالتبليغ عنه. (ثُمَّ تَوَضَّأْ وَاغْتَسِلْ وَاسْتَعْمِلِ طِيْباً وَتَسْرِيْحاً وَزَبْرَ الْمُعْتَلِي صَوْتاً عَلى الْحَدِيْثِ) لقوله تعالى ? يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ? [الحجرات:2] فمن رفع صوته عند حديثه فكأنما رفع صوته فوق صوته. (وَاجْلِسْ بِأَدَبْ وَهَيْبَةٍ بِصَدْرِ مَجْلِسٍ) فقد رُوِيَ عن مالك (¬1) رضي الله عنه أنه ¬

(¬1) «المحدث الفاصل»: (ص584).

إذا كان (¬1) أراد أن يُحَدِّثَ توضأ، وجلس على صدر فراشه، وسَرَّحَ لحيته، وتمكَّن من جلوسه بوقار وهيبة، وقال: أُحِبُّ أن أُعَظِّمَ حديثه صلى الله عليه وسلم. (وَهَبْ لَمْ يُخْلِصِ النِّيَّةَ طَالِبُ فَعُمْ) أي: فلا تمتنع من تحديثه بل عُمَّ كُلَّ طالب علم؛ لقول معمر (¬2): إن الرجل ليطلب العلم لغير الله تعالى فَيَأبَى عليه العلم حتى يكون لله عز وجل. (وَلاَ تُحَدِّثْ عَجِلاً) لقول مالك (¬3): أُحِبُّ أن أَتَفَهَّمَ ما أُحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (أَوْ إِنْ تَقُمْ، أَوْ فِي الطَّرِيْقِ) فقد روي عنه أنه كان يكره أن [36 - ب] يُحَدِّثَ في الطريق وهو قائم. (ثُمَّ حَيْثُ احْتِيْجَ لَكْ فِي شَيْءٍ ارْوِهِ) هذا بيان للوقت الذي يَحْسُنُ فيه التصدي للإسماع والتحديث، فإن كان قد احتيج إلى ما عنده؛ عن الخطيب (¬4): يجب عليه أن يُحدث لأن نشره عند الحاجة لازم. وعن ابن الصلاح (¬5): يُستحب. (وَابْنُ خَلاَّدٍ سَلَكْ) في كتاب «المحدث الفاصل» (¬6) (بِأَنَّهُ ¬

(¬1) كذا وقد ضبب عليها الناسخ، وصوابها: «كان إذا». (¬2) انظر: «الجامع لأخلاق الراوي»: (1/ 339 - 341)، و «جامع بيان العلم وفضله»: (2/ 22 - 23). (¬3) «الجامع لأخلاق الراوي»: (1/ 408). (¬4) «الجامع لأخلاق الراوي»: (1/ 323). (¬5) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص236). (¬6) (ص352).

يَحْسُنُ لِلْخَمْسِيْنَا عَاماً) أي: الحد الذي إذا بلغه الناقل حَسُنَ به أن يُحدث هو أن يستوفي الخمسين؛ لأن فيها مجتمع الأَشُد. (وَلاَ بَأْسَ) بأن يحدث (لأَِرْبَعِيْنَا)؛ لأنها منتهى الكمال. (وَرُدَّ) فقال القاضي عياض (¬1): كم من السلف المتقدمين ومَنْ بعدهم مِنْ المحدثين لم يستوف هذا العمر ومات قبله، وقد نشر من الحديث مالا يحصى. (والشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬2) (بِغَيْرِ الْبَارِعِ خَصَّصَ)، فقال: ما ذكره ابن خلاد محمول على أنه قاله فيمن يتصدى للتحديث ابتداءً من نفسه من غير براعة في العلم تَعَجَّلَتْ له قبل السن الذي ذكره، فهذا ينبغي له ذلك بعد استيفاء السن المذكور فإنه مظنة الاحتياج إلى ما عنده. (لاَكَمَالِكٍ) فإنه جلس وهو ابن نَيِّفٍ وعشرين سنة. (وَالشَّافِعِيْ) فإنه أُخِذَ عنه العلم في سن الحداثة، وكذا جماعة، فالظاهر أن ذلك لبراعةٍ منهم في العلم تقدَّمت ظَهَرَ لهم معها الاحتياجُ إليهم فحدثوا قبل ذلك. 691 - وَيَنْبَغِي الإِْمْسَاكُ إِذْ يُخْشَى الْهَرَمْ ... وَبالْثَمَانِيْنَ ابْنُ خَلاَّدٍ جَزَمْ 692 - فَإِنْ يَكُنْ ثَابِتَ عَقْلٍ لَمْ يُبَلْ ... كَأَنَسِ وَمَالِكٍ وَمَنْ فَعَلْ 693 - وَالْبَغَوِيُّ وَالْهُجَيْمِيْ وَفِئَهْ ... كَالطَّبَرِيِ حَدَّثُوْا بَعْدَ الْمِائَهْ ¬

(¬1) «الإلماع»: (ص200 - 202). (¬2) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص237).

(وَيَنْبَغِي الإِْمْسَاكُ) عن التحديث (إِذْ يُخْشَى الْهَرَمْ)؛ فإنه يُخَافُ عليه أن يُخَلِّطَ ويروي ما ليس من حديثه. (وَبالْثَمَانِيْنَ ابْنُ خَلاَّدٍ جَزَمْ) (¬1) فقال: إذا تناهى العمر بالمحدث فَأَعْجَبُ إلىَّ أن يُمْسِكَ في الثمانين؛ فإنه حد الَهَرم. (فَإِنْ يَكُنْ ثَابِتَ عَقْلٍ)، ورأيه مجتمعاً، يَعْرِفُ حديثه، ويقوم به، وتَحَرَّى أن يُحدث احتساباً، (لَمْ يُبَلْ كَأَنَسِ وَمَالِكٍ وَمَنْ فَعَلْ) كسعد بن سهل، وشُريح، ومجاهد، وغيرهم، فإنهم حَدَّثوا بعد مجاوزة الثمانين. (وَ) أبو القاسم عبد الله (الْبَغَوِيُّ، و) أبو إسحاق إبراهيم (َالْهُجَيْمِيْ، وَفِئَهْ كَالطَّبَرِيِ) وأبو طاهر السِّلَفي، وغيرهم، (حَدَّثُوْا بَعْدَ الْمِائَهْ) ولم يَتَغَيَّرْ أحد منهم. 694 - وَينْبغي إمْسَاكُ الاعْمَى إنْ يَخَفْ ... وَأَِنَّ مَنْ سِيْلَ بِجُزْءٍ قَدْ عَرَفْ 695 - رُجْحَانَ رَاوٍ فِيْهِ دَلَّ فَهْوَ حَقّْ ... وَتَرْكُ تَحْدِيْثٍ بِحَضْرَةِ الأَحَقّْ 696 - وَبَعْضُهُمْ كَرِهَ الأَخْذَ عَنْهُ ... بِبَلَدٍ وَفِيْهِ أَوْلَى مِنْهُ (وَينْبغي إمْسَاكُ الاعْمَى إنْ يَخَفْ) أن يُدْخَلَ عليه ما ليس من حديثه. (وَ) ينبغي (أَنَّ مَنْ سِيْلَ بِجُزْءٍ) أن يُقْرَأ عليه (قَدْ عَرَفْ) في بلدته أو غيرها (رُجْحَانَ رَاوٍ) غيره (فِيْهِ) بكونه أعلى [37 - أ] إسناداً منه، أو سماع غيره متصلاً بالسماع وفي طريقه هو إجازة، أو غير ذلك من الترجيحات، (دَلَّ) السائل على مَنْ هو أحق بذلك منه (فَهْوَ حَقّْ) لأنه من النصيحة في ¬

(¬1) في «المحدث الفاصل»: (ص237).

العلم. (وَ) ينبغي (تَرْكُ تَحْدِيْثٍ بِحَضْرَةِ الأَحَقّْ) كان النخعي إذا اجتمع مع الشعبي لم يتكلم بشيء. (وَبَعْضُهُمْ كَرِهَ الأَخْذَ عَنْهُ بِبَلَدٍ وَفِيْهِ أَوْلَى مِنْهُ) قال ابن معين (¬1): الذي يحدث ببلدةٍ فيها أولى منه بالتحديث أحمق. 697 - وَلاَ تَقُمْ لأَحَدٍ وَأَقْبِلِ ... عَلَيْهِمُ وَلِلْحَدِيْثِ رَتِّلِ 698 - وَاحْمَدْ وَصَلِّ مَعْ سَلاَمٍ وَدُعَا ... فِي بَدْءِ مَجْلِسٍ وَخَتْمِهِ مَعَا (وَلاَ تَقُمْ لأَحَدٍ) في حال التحديث سواءً كنت شيخاً أو قارئاً. قال أبو زيد المروزي: تكتب عليه خطيئة. (وَأَقْبِلِ) عليهم. قال حبيب بن أبي ثابت (¬2): من السُّنة إذا حَدَّث القوم أن يُقبل (عَلَيْهِمُ) جميعاً. (وَلِلْحَدِيْثِ رَتِّلِ) ففي «الصحيحين» (¬3) من حديث عائشة قالت: «إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم». (وَاحْمَدْ) الله (وَصَلِّ) على النبي صلى الله عليه وسلم، (مَعْ سَلاَمٍ) عليه، (وَدُعَا) يليق بالحال (فِي بَدْءِ مَجْلِسٍ، وَخَتْمِهِ مَعَا). ¬

(¬1) «الجامع لأخلاق الراوي»: (1/ 319). (¬2) «الجامع لأخلاق الراوي»: (1/ 305). (¬3) البخاري (رقم 3567) معلقاً خلافاً لما يوهمه إطلاق المصنف، ومسلم (رقم 2493).

699 - وَاعْقِدْ لِلاِمْلاَ مَجْلِساً فَذَاكَ مِنْ ... أَرْفَعِ الاسْمَاعِ وَالاَخْذِ ثُمَّ إِنْ 700 - تَكْثُرْ جُمُوْعٌ فَاتَّخِذْ مُسْتَمْلِيَا ... مُحَصِّلاً ذَا يَقْظَةٍ مُسْتَوِيَا 701 - بِعَالٍ اوْ فَقَائِماً يَتْبَعُ ما ... يَسْمَعُهُ مُبَلِّغاً أَوْ مُفْهِمَا (وَاعْقِدْ) إذا كنت محدثاً عارفاً (لِلاِمْلاَ) أي: لإملاء الحديث (مَجْلِساً فَذَاكَ مِنْ أَرْفَعِ الاسْمَاعِ وَالاَخْذِ). (ثُمَّ إِنْ تَكْثُرْ جُمُوْعٌ فَاتَّخِذْ مُسْتَمْلِيَا). رُوِيَ أنه عليه السلام خطب الناس بِمِنَى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء، وعليٌّ رضي الله عنه يُعَبِّرُ عنه (¬1). (مُحَصِّلاً ذَا يَقْظَةٍ) لا كمستملي يزيد بن هارون حيث سُئِلَ عن حديث فقال (¬2): ثنا به عِدَّة. فصاح المستملي: عِدَّةُ ابن مَن؟ فقال له: ابن فَقَدْتُك (¬3). (مُسْتَوِيَا بِعَالٍ) أي: وَلْيَكُن المستملي على موضع مرتفع مِنْ كرسي أو نحوه. (اوْ فَقَائِماً) على قدميه، ليكون أبلغ للسامعين. (يَتْبَعُ ما يَسْمَعُهُ) أي: وعليه أن يتبع لفظ المملي فيؤديه على وجهه من غير تغيير (مُبَلِّغاً أَوْ مُفْهِمَا) أي: وفائدته إبلاغ من لم يبلغه لفظ المملي، وإفهام من بلغه على بُعْدٍ ولم يتفهمه. 702 - واسْتَحْسَنُوْا الْبَدْءَ بِقَارئ تَلاَ ... وَبَعْدَهُ اسْتَنْصَتَ ثُمَّ بَسْمَلاَ ¬

(¬1) «سنن أبي داود» رقم (1965) و «السنن الكبرى» للنسائي رقم (4094). (¬2) أي: يزيد. (¬3) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 67).

703 - فَالْحَمْدُ فَالصَّلاَةُ ثُمَّ أَقْبَلْ ... يَقُوْلُ: مَنْ أَوْمَا ذَكَرْتَ وَابَتهَلْ 704 - لَهُ وَصَلَّى وَتَرَضَّى رَافِعاً ... وَالشَّيْخُ تَرْجَمَ الشُّيُوْخَ وَدَعَا (واسْتَحْسَنُوْا الْبَدْءَ) في مجلس الإملاء (بِقَارئ تَلاَ) شيئاً من القرآن كان الصحابة إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرأوا سورة. (وَبَعْدَهُ) أي: بعد قراءة القارئ، (اسْتَنْصَتَ) المستملي أهلَ المجلس إن احتيج؛ لقوله عليه السلام في حجة الوداع [37 - ب]: «اسْتَنْصِت الناس» (¬1). (ثُمَّ بَسْمَلاَ) أي: المستملي، (فَالْحَمْدُ، فَالصَّلاَةُ) أي: وحمد الله تعالى، وصَلَّى على النبي صلى الله عليه وسلم. (ثُمَّ أَقْبَلْ) أي: على الشيخ المحدِّث (يَقُوْلُ) له: (مَنْ) ذكرتَ؟ أي: مِنْ الشيوخ، (أَوْمَا ذَكَرْتَ) أي: من الأحاديث. (وَابَتهَلْ لَهُ) بقوله: رحمك الله، أو غفر الله لك، أو نحوه. قال ابن أكثم: ما سُرِرْتُ بمثل قول المستملي: مَنْ ذكرتَ رحمك الله. (وَصَلَّى) المستملي إذا انتهى في الإسناد إلى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم. (وَتَرَضَّى) إذا انتهى إلى ذكر بعض الصحابة. (رَافِعاً) صوته بذلك، وكذا على الأئمة. (وَالشَّيْخُ) المملي (تَرْجَمَ الشُّيُوْخَ) الذين يحدِّثُ عنهم بذكر أنسابهم وبعض مناقبهم، (وَدَعَا) لهم بالمغفرة والرحمة. ¬

(¬1) البخاري رقم (121) ومسلم رقم (65).

705 - وَذِكْرُ مَعْرُوْفٍ بِشَيءٍ مِنْ لَقَبْ ... كَغُنْدَرٍ أَوْ وَصْفِ نَقْصٍ أَوْ نَسَبْ 706 - لأُمِّهِ فَجَائِزٌ مَا لَمْ يَكُنْ ... يَكْرَهُهُ كَابْنِ عُلَيَّةٍ فَصُنْ (وَذِكْرُ مَعْرُوْفٍ بِشَيءٍ مِنْ لَقَبْ) أي: الاقتصار على ذِكْرِ لَقَبِ مَنْ غَلَبَ لقبه في الرواية، (كَغُنْدَرٍ) محمد بن جعفر، (أَوْ وَصْفِ نَقْصٍ). كالأعمش، (أَوْ نَسَبْ لأُمِّهِ) كابن أم مكتوم، (فَجَائِزٌ، مَا لَمْ يَكُنْ يَكْرَهُهُ كَابْنِ عُلَيَّةٍ فَصُنْ). رُوِيَ عن يحيى بن معين أنه كأن يقول: ثنا إسماعيل بن علية. فنهاه أحمد بن حنبل، وقال: قُلْ إسماعيل بن إبراهيم؛ فإنه بلغني أنه كان يكره أن يُنْسَبَ إلى أمه. فقال: قد قبلنا منك يا مُعَلِّمَ الخير. 707 - وَارْوِ فِي الاِمْلاَ عَنْ شُيُوْخِ قَدِّمِ ... أَوْلاَهُمُ وَانْتَقِهِ وَأَفْهِمِ 708 - مَا فِيْهِ مِنْ فَائِدَةٍ وَلاَ تَزِدْ ... عَنْ كُلِّ شَيْخٍ فَوْقَ مَتْنٍ وَاعْتَمِدْ 709 - عَالِيَ إِسْنَادٍ قَصِيْرَ مَتْنِ ... وَاجْتَنِبِ الْمُشْكِلَ خَوْفَ الْفَتْنِ (وَارْوِ فِي الاِمْلاَ عَنْ شُيُوْخِ) ولا تقتصر على الرواية عن شيخ من شيوخك. (قَدِّمِ أَوْلاَهُمُ) في علو الإسناد أو من وجه آخر. (وَانْتَقِهِ) أي: وانتقِ ما تمليه وتحرَّى المستفاد منه. (وَأَفْهِمِ مَا فِيْهِ مِنْ فَائِدَةٍ) فإن كان فيه كلام غريب فَسِّرْه، أو معنى غامض بَيِّنْه، وأَظْهِرْه، أو غير ذلك فَنَبِّه عليه. (وَلاَ تَزِدْ) في إملائك (عَنْ كُلِّ شَيْخٍ فَوْقَ مَتْنٍ) واحدٍ؛ فإنه أَعَمُّ للفائدة، وأكثر للمنفعة. (وَاعْتَمِدْ عَالِيَ إِسْنَادٍ قَصِيْرَ مَتْنِ، وَاجْتَنِبِ الْمُشْكِلَ) كأحاديث الصفات، (خَوْفَ

الْفَتْنِ)، قال ابن مسعود (¬1): إن الرجل لَيُحَدِّثُ بالحديث فيسمعه من لم يَبْلُغْ عقلُه فَهْمَ ذلك الحديث فيكون علىه فتنة. 710 - وَاسْتُحْسِنَ الإِنْشَادُ فِي الأَوَاخِرِ ... بَعْدَ الْحِكَايَاتِ مَعَ النَّوَادِرِ 711 - وَإِنْ يُخَرِّجْ لِلرُّوَاةِ مُتْقِنُ ... مَجَالِسَ الإِمْلاَءِ فَهْوَ حَسَنُ 712 - وَلَيْسَ بِالإِْمْلاءِ حِيْنَ يَكْمُلُ ... غِنًى عَنِ الْعَرْضِ لِزَيْغٍ يَحْصُلُ (وَاسْتُحْسِنَ الإِنْشَادُ) أي: إنشاد الشعر بأسانيده، (فِي الأَوَاخِرِ بَعْدَ الْحِكَايَاتِ مَعَ النَّوَادِرِ). كان الزهري يقول لأصحابه (¬2): هاتوا من أشعاركم، هاتوا من حديثكم، فإن الأُذُن مَجَّة والقلبُ حَمِضٌ (¬3). (وَإِنْ يُخَرِّجْ لِلرُّوَاةِ) الذين ليسوا من أهل المعرفة بالحديث وعلله وغير ذلك، (مُتْقِنُ) من حُفَّاظ وقته (مَجَالِسَ الإِمْلاَءِ) أي: [38 - أ] يستعين به في تخريج الأحاديث التي يريد إملاءها قَبْلَ يوم مجلسه، (فَهْوَ حَسَنُ) فعله جماعة منهم أبو عمرو الهاشمي. (وَلَيْسَ بِالإِْمْلاءِ حِيْنَ يَكْمُلُ غِنًى عَنِ الْعَرْضِ) أي: وإذا نجز الإملاء فلا غِنىً عن مقابلته وإتقانه وإصلاح ما فسد منه؛ (لِزَيْغٍ يَحْصُلُ) أي: لاحتمال زَيْغِ القلم وطُغيانه. قال زيد بن ثابت: كنت أكتب الوحي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فرغت قال: اقرأْهُ فإن كان فيه سقطٌ أقامه. ¬

(¬1) رواه مسلم في مقدمة «صحيحه»: (1/ 11). (¬2) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 130). (¬3) أي إن للقلب شهوة في استماع العلم والأُذن لا تعي ما تسمع ولكنها تُلقيه نسياناً. «تاج العروس»: (6/ 199).

آداب طالب الحديث

آدَابُ طَالِبِ الْحَدِيْثِ 713 - وَأَخْلِصِ الّنِيَّةَ فِي طَلَبِكَا ... وَجِدَّ وَابْدَأْ بِعَوَاِلي مِصْرِكَا 714 - وَمَا يُهِمُّ ثُمَّ شُدَّ الرَّحْلاَ ... لِغَيْرِهِ وَلاَ تَسَاهَلْ حَمْلاَ (وَأَخْلِصِ الّنِيَّةَ فِي طَلَبِكَا) قال عليه السلام (¬1): «من تَعَلَّمَ علماً مما يُبتغي به وجهُ الله عز وجل، لا يتعلمُهُ إلا ليصيبَ به عرضاً من الدنيا، لم يجد عَرْفَ الجنة يوم القيامة». (وَجِدَّ) في طلبك. قال ابن أبي كثير (¬2): لا يُنال العلم براحة الجسد. (وَابْدَأْ بِعَوَاِلي مِصْرِكَا) قال الحافظ التميمي (¬3): ينبغي لطالب الحديث أن يبدأ بِكَتْبِ حديث بلده، ومَعْرِفَةِ أهلِهِ منهم، وتفهمِهِ وضبطِهِ. (وَمَا يُهِمُّ) قال أبو عبيدة (¬4): من شغل نفسه بغير المهم أَضَرَّ بالمهم. (ثُمَّ شُدَّ الرَّحْلاَ لِغَيْرِهِ) من البلدان؛ لِتُحَصِّلَ علوَّ الإسناد، وقدمَ السماع، ولقاءَ الحفاظ، والمذاكرةَ لهم. قال ابن معين (¬5): أربعة لا تؤنس منهم ¬

(¬1) «سنن أبي داود» (3664) و «سنن ابن ماجه»: (252). (¬2) ساقه مسلم في «صحيحه» عقب (رقم 175). (¬3) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 224). (¬4) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 160). (¬5) «الرحلة في طلب الحديث»: (ص47) و «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 225).

رُشداً: رجل يكتب في بلده، ولا يرحل في طلب الحديث ... (وَلاَ تَسَاهَلْ حَمْلاَ) أي: ولا يَحْمِلْنَّكَ الحرصُ والشَّرَهُ على التساهل في السماع والتَّحَمُّل والإخلال بما عليك في ذلك. 715 - وَاعْمَلْ بِمَا تَسْمَعُ فِي الْفَضَائِلِ ... وَالشَّيْخَ بَجِّلْهُ وَلاَ تَثَاقَلِ 716 - عَلَيْه تَطْويْلاَ بِحَيْثُ يَضْجُرُ ... وَلاَ تَكُنْ يَمْنَعُكَ التَّكَبُّرُ 717 - أَو الْحَيَا عَنْ طَلَبٍ وَاجْتَنِبِ ... كَتْمَ السَّمَاعِ فَهْوَ لُؤْمٌ وَاكْتُبِ 718 - مَا تَسْتَفيْدُ عَالِياً وَنَاِزلاَ ... لاَ كَثْرَةَ الشُّيُوْخِ صِيْتاً عَاطلاَ 719 - وَمَنْ يَقُلْ إذا كَتَبْتَ قَمِّشِ ... ثُمَّ إذا رَوَيْتَهُ فَفَتِّشِ 720 - فَلَيْسَ مِنْ ذَا وَالْكتَابَ تَمِّمِ ... سَمَاَعَهُ لاَ تَنْتَخِبه تَنْدَمِ 721 - وَإِنْ يَضِقْ حَالٌ عَنِ اسْتِيْعَابهِ ... لِعَارِفٍ أَجَادَ فِي انْتِخَابهِ 722 - أَوْ قَصُرَ اسْتَعَانَ ذَا حِفْظٍ فَقَدْ ... كَانَ مِنَ الحُفَّاظِ مَنْ لَهُ يُعَدْ 723 - وَعَلَّمُوْا فِي الأَصْلِ إِمَّا خَطَّا ... أَوْ هَمْزَتَيْنِ أَوْ بِصَادٍ أَوْ طَا (وَاعْمَلْ بِمَا تَسْمَعُ) من الحديث (فِي الْفَضَائِلِ) أي: فضائل الأعمال. رُوِيَ أن رجلاً قال: يا رسول الله ما ينفي [عني] (¬1) حجة الجهل؟ قال: «العلم». قال: فماينفي عني حجة العلم؟ قال: «العمل» (¬2). ¬

(¬1) ما بين المعقوفتين زيادة من «شرح ألفية العراقي»: (2/ 42). (¬2) «مسند أحمد»: (2/ 83و 130و 147و 154).

(وَالشَّيْخَ بَجِّلْهُ) قال مغيرة (¬1): كنا نهاب إبراهيم كما نهاب الأمير. (وَلاَ تَثَاقَلِ عَلَيْه تَطْويْلاَ بِحَيْثُ يَضْجُرُ)؛ فإن الإضجار يُغَيِّر الأفهام، ويُفْسِدُ الأخلاق. (وَلاَ تَكُنْ يَمْنَعُكَ التَّكَبُّرُ أَو الْحَيَا عَنْ طَلَبٍ) قال مجاهد (¬2): لا يَنَال العلمَ مُسْتَحٍ ولا متكبر. (وَاجْتَنِبِ كَتْمَ السَّمَاعِ) إن ظفرت بشيخ، أو سماعٍ لشيخ، لتنفرد به عن أضرابك؛ (فَهْوَ لُؤْمٌ) من فاعله. روى الخطيب (¬3) بإسناده إلى ابن عباس رفعه قال: «إخواني تناصحوا [38 - ب] في العلم، ولا يَكْتُمُ بعضُكم بعضاً؛ فإن خيانةَ الرجل في علمه أشد من خيانته في ماله». (وَاكْتُبِ مَا تَسْتَفيْدُ عَالِياً وَنَاِزلاَ) أي: سواء وَقَعَتْ لك الفائدةُ بعلوٍّ أو نزول. قال وكيع (¬4): لا يكون عالماً حتى يأخذ عمن هو فوقَهُ، وعمن هو دونَهُ، وعمن هو مثلُهُ. (لاَ كَثْرَةَ الشُّيُوْخِ صِيْتاً عَاطلاَ) أي: ولا تكن همتك تكثير الشيوخ لمجرد اسم الكثرة وصِيْتِهَا. ¬

(¬1) «الجامع لأخلاق الراوي»: (1/ 183). (¬2) «صحيح البخاري» عقب (رقم129). (¬3) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 145). (¬4) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 216).

(وَمَنْ يَقُلْ) -وهو أبو حاتم الرازي (¬1) -: (إذا كَتَبْتَ قَمِّشِ، ثُمَّ إذا رَوَيْتَهُ فَفَتِّشِ فَلَيْسَ مِنْ ذَا) بل يحتمل: استيعاب الكتاب المسموع، وترك انتخابه، أو استيعاب ما عند الشيخ وقت التحمل، ويكون النظر فيه حالة الرواية. (وَالْكتَابَ تَمِّمِ سَمَاَعَهُ لاَ تَنْتَخِبه تَنْدَمِ)؛ لأنك ربما احتجت بعد ذلك إلى رواية شيء منه لم يكن فيما انتخبته منه. (وَإِنْ يَضِقْ حَالٌ عَنِ اسْتِيْعَابهِ) إما لعُسْرِ الشيخ، أو لكون الشيخ أو الطالب وارداً غَيْرَ مقيمٍ، ونحو ذلك، (لِعَارِفٍ) بجودة الانتخاب (أَجَادَ فِي انْتِخَابهِ) فيكتب عن الشيخ مالا يجده عند غيره، ويتجنب المعاد من رواياته. (أَوْ قَصُرَ) الطالب عن معرفة الانتخاب وجودته (اسْتَعَانَ ذَا حِفْظٍ) على انتقاء ما لَهُ غَرَضٌ في سماعه وكتبه. (فَقَدْ كَانَ مِنَ الحُفَّاظِ مَنْ لَهُ يُعَدْ) فكان من المعروفين بحسن الانتقاء: أبو زرعة الرازي وجماعة. (وَعَلَّمُوْا فِي الأَصْلِ) أي: وَجَرَت عادة الحفاظ أن يُعَلِّمُوا في أصل الشيخ على ما انتخبوه، (إِمَّا خَطَّا) أي: بخطٍّ عريضٍ بالحُمْرة في الحاشية اليسرى، عَلَّمَ به الدارقطني، وعَلَّم اللالكائي على أَوَّلِ إسناد الحديث بخطٍّ صغيرٍ بالحُمرة، وعليه عمل المتأخرين. (أَوْ هَمْزَتَيْنِ) بحبر في الحاشية اليمنى. عَلَّمَ بهما أبو الفضل الفَلَكي. (أَوْ بِصَادٍ) ممدودة بِحِبْرٍ في الحاشية اليمنى. عَلَّم بها أبو الحسن النُّعَيْمِي. (أَوْ طَا) ممدودة كذلك عَلَّم بها أبو محمد الخلَّال. وفائدته لأجل المعارضة، أو ليُمسك الشيخُ أصلَه، أو لاحتمال ¬

(¬1) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 220).

ذهاب الفرع. 724 - وَلاَ تَكُنْ مُقْتَصِراً أَنْ تَسْمَعَا ... وَكَتْبَهُ مِنْ دُوْن فَهْم نَفَعَا 725 - وَاقْرَأْ كِتَاباً فِي عُلُوْمِ الأَثَرِ ... كَابْنِ الصَّلاَحِ أَوْ كَذَا الْمُخْتَصَرِ (وَلاَ تَكُنْ مُقْتَصِراً أَنْ تَسْمَعَا) أي: على سماع الحديث (وَكَتْبَهُ مِنْ دُوْن فَهْم نَفَعَا) أي: ولا على كتبه دون معرفته وفهمه، قال أبو عاصم النبيل (¬1): الرياسة في الحديث بلا دراية رياسة نَذِلَة. (وَاقْرَأْ كِتَاباً فِي عُلُوْمِ الأَثَرِ) حفظاً وتَفَهُّمًا لتعرف [39 - أ] مصطلح أهله، (كَابْنِ الصَّلاَحِ) أي: ككتابه، (أَوْ كَذَا الْمُخْتَصَرِ) وهو هذه الأرجوزة. 726 وَبِالصَّحِيْحَيْنِ ابْدَأَنْ ثُمَّ السُّنَنْ وَالْبَيْهَقِيْ ضَبْطَاً وَفَهْمَاً ثُمَّ ثَنْ 727 - بِمَا اقْتَضَتْهُ حَاجَةٌ مِنْ مُسْنَدِ ... أَحْمَدَ وَالْمُوَطَّأِ الْمُمَهَّدِ 728 - وَعِلَلٍ، وَخَيْرُهَا لأَِحْمَدَا ... وَالدَّارَقُطْنِي وَالتَّوَارِيْخُ غَدَا 729 - مِنْ خَيْرِهَا الْكَبِيْرُ لِلْجُعْفِيِّ ... وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيْلُ لِلرَّازِيِّ 730 - وَكُتُبِ الْمُؤْتَلِفِ الْمَشْهُوْرِ ... وَالأَكْمَلُ الإِْكْمَالُ لِلأَمِيْرِ (وَبِالصَّحِيْحَيْنِ) للبخاري ومسلم (ابْدَأَنْ) سماعاً، (ثُمَّ السُّنَنْ) لأبي داود، والنسائي، والترمذي، وكتاب ابن خزيمة، (وَ) سنن (الْبَيْهَقِيْ ضَبْطَاً) لمشكلها، (وَفَهْمَاً) لخفيِّ معانيها. (ثُمَّ ثَنْ بِمَا اقْتَضَتْهُ حَاجَةٌ) أي: بما تَمَسُّ حاجةُ صاحبِ الحديث إليه (مِنْ ¬

(¬1) «المحدث الفاصل»: (ص253) و «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 181).

مُسْنَدِ) كمسند (أَحْمَدَ)، وابن راهويه، (وَالْمُوَطَّأِ الْمُمَهَّدِ) أي: ومن الجوامع المصنفة في الأحكام كموطأ مالك. (وَعِلَلٍ) أي: ثم الكتب المتعلقة بعلل الحديث، (وَخَيْرُهَا لأَِحْمَدَا وَالدَّارَقُطْنِي). (وَالتَّوَارِيْخُ) أي: ثم تواريخ المحدثين (غَدَا مِنْ خَيْرِهَا) التاريخ (الْكَبِيْرُ لِلْجُعْفِيِّ) أي: للبخاري. (وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيْلُ لِلرَّازِيِّ) هو ابن أبي حاتم. (وَكُتُبِ الْمُؤْتَلِفِ الْمَشْهُوْرِ) أي: ثم كتب الضبط لمشكل الأسماء. (وَالأَكْمَلُ) منها: (الإِْكْمَالُ لِلأَمِيْرِ) أي: كتاب «الإكمال» لأبي نصر بن ماكولا. 731 - وَاحْفَظْهُ بِالتَّدْرِيْجِ ثُمَّ ذَاكِرِ ... بِهِ وَالاتْقَانَ اصْحَبَنْ وَبَادِرِ 732 - إذا تَأَهَّلْتَ إلى التَّأْلِيْفِ ... تَمْهَرْ وَتُذْكَرْ وَهْوَ في التَّصْنِيْفِ 733 - طَرِيْقَتَانِ جَمْعُهُ أبوابَا ... أَوْ مُسْنَدَاً تُفْرِدُهُ صِحَابَا 734 - وَجَمْعُهُ مُعَلَّلاً كَمَا فَعَلْ ... يَعْقُوْبُ أَعْلَى رُتْبَةً وَمَاكَمَلْ (وَاحْفَظْهُ) أي: الحديث (بِالتَّدْرِيْجِ) قليلاً قليلاً, في (¬1) الحديث «خذوا من الأعمال ما تطيقون» (¬2). (ثُمَّ ذَاكِرِ بِهِ) قال عبد الله بن المعتز (¬3): مَنْ أَكْثَرَ مذاكرة العلماء لم يَنْسَ ما ¬

(¬1) كذا، ولعل صوابها: «ففي». كما في «شرح الألفية»: (2/ 53). (¬2) «صحيح البخاري»: (3/ 50). (¬3) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 276).

عَلِمَ، واستفاد ما لم يَعْلَم. (وَالاتْقَانَ اصْحَبَنْ) قال ابن مهدي (¬1): الحفظ الإتقان. (وَبَادِرِ إذا تَأَهَّلْتَ) للتأليف والتخريج، واستعدَّيْت (إلى التَّأْلِيْفِ تَمْهَرْ وَتُذْكَرْ) قال بعضهم: من أراد الفائدة فَلْيَكْسِرْ قَلَمَ النسْخ، وليأخذ قلم التخريج. (وَهْوَ) أي: الحديث (في التَّصْنِيْفِ طَرِيْقَتَانِ: جَمْعُهُ أبوابَا) على أحكام الفقه وغيرها، كالكتب الستة. (أَوْ مُسْنَدَاً تُفْرِدُهُ صِحَابَا) أي: والثانية على مسانيد الصحابة، كُلّ مُسْنَدٍ على حدة. فإن شئت رَتِّبْ أسماء الصحابة على حروف المعجم، وإن شئت على القبائل، وإن شئت على قدر سوابق الصحابة في الإسلام. (وَجَمْعُهُ) أي: الحديث (مُعَلَّلاً كَمَا فَعَلْ يَعْقُوْبُ) بن شيبة فإنه جمع مسنداً معللاً، (أَعْلَى رُتْبَةً)؛ فإن معرفة المعلل أجل أنواع الحديث. (وَمَاكَمَلْ) مُصَنَّفُ يعقوب، وقيل: لم يَتِمّْ مسندٌ معللٌ قطُّ. 735 - وَجَمَعُوْا أبواباً اوْ شُيُوخَاً اوْ ... تَرَاجُمَاً أَوْ طُرُقَاً وَقَدْ رَأَوْا 736 - كَراهَةَ الْجَمْعِ لِذِي تَقْصِيْرِ ... كَذَاكَ الاخْرَاجُ بِلاَ تَحْرِيْرِ (وَجَمَعُوْا) أي: وعادة أهل الحديث أن يَخُصُّوا بالجمع (أبواباً اوْ شُيُوخَاً اوْ تَرَاجُمَاً أَوْ طُرُقَاً) كإفراد باب واحد بالتصنيف، كباب النية أفرده ابن أبي الدنيا. [39 - ب] ¬

(¬1) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 13).

وجَمْع شيوخٍ مخصوصين كل واحد منهم على انفراده، كجمع حديث الفضيل بن عياض للنسائي. وجمع ما جاء بترجمة واحدة من الحديث، كمالك عن نافع عن ابن عمر. وجمع طرق حديث واحد، كطرق حديث «قبض العلم» للطُّوسي. (وَقَدْ رَأَوْا كَراهَةَ الْجَمْعِ لِذِي تَقْصِيْرِ) أي: لمن هو قاصر عن جودة التأليف. (كَذَاكَ الاخْرَاجُ) أي: إخراج التصنيف إلى الناس (بِلاَ تَحْرِيْرِ).

العالي والنازل

الْعَالِي وَالنَّازِلُ 737 - وَطَلَبُ الْعُلُوِّ سُنَّةٌ وَقَدْ ... فَضَّلَ بَعْضٌ النُّزُوْلَ وَهْوَ رَدّْ 738 - وَقَسَّمُوْهُ خَمْسَةً فَالأَوَّلُ ... قُرْبٌ مِنَ الرَّسُوْلِ وَهْوَ الأَفْضَلُ 739 - إِنْ صَحَّ الاسْنَادُ وَقِسْمُ القُرْبِ ... إلى إِمَامٍ وَعُلُوٍّ نِسْبِي 740 - بِنِسْبَةٍ لِلْكُتُبِ السِّتَّةِ إِذْ ... يَنْزِلُ مَتْنٌ مِنْ طَرِيْقِهَا أُخِذْ (وَطَلَبُ الْعُلُوِّ سُنَّةٌ) قاله الحاكم (¬1) وغيره. وذَكَرَ حديث أنس في مجيء الأعرابي وقوله: يا محمد أتانا رسولك فزعم كذا .. (¬2) الحديث. فلو كان طلبُ العلو في الإسناد غيرَ مستحبٍّ لأنكر عليه سؤاله عما أخبره رسوله عنه. (وَقَدْ فَضَّلَ بَعْضٌ) من أهل النظر (النُّزُوْلَ) في الإسناد؛ لأنه يجب على الراوي أن يجتهد في متن الحديث وتأويله، وفي الناقل وتعديله، وكلما زاد الاجتهاد زاد صاحبه ثواباً. (وَهْوَ رَدّْ) لأنه كلما كَثُرَ رجال الإسناد، تَطَرَّقَ إليه احتمالُ الخلل. (وَقَسَّمُوْهُ) أي: العلو (خَمْسَةً: فَالأَوَّلُ: قُرْبٌ مِنَ الرَّسُوْلِ) صلى الله عليه وسلم من حيث العدد، (وَهْوَ الأَفْضَلُ) أي: أفضل أنواع العلو، (إِنْ صَحَّ الاسْنَادُ) أما ¬

(¬1) في «معرفة علوم الحديث»: (ص112). (¬2) «صحيح مسلم»: (رقم 12).

إن كان قُرْبُ الإسناد مع ضَعْفِ بعض الرواة فلا التفات إلى هذا العلو. (وَقِسْمُ القُرْبِ) أي: والقسم الثاني: القرب (إلى إِمَامٍ) من أئمة الحديث كالأعمش. (وَعُلُوٍّ نِسْبِي بِنِسْبَةٍ لِلْكُتُبِ السِّتَّةِ) أي: والثالث: العلو بالنسبة إلى رواية الصحيحين وبقية الكتب الستة، فليس هذا علواً (¬1) مطلقاً في جميع هذا القسم، وإنما هو بالنسبة لهذه الكتب؛ (إِذْ يَنْزِلُ مَتْنٌ مِنْ طَرِيْقِهَا أُخِذْ) أي: إذ الراوي لو روى الحديث من طريق كتاب من الستة يقع أنزل مما لو رواه من غير طريقها. 741 - فَإِنْ يَكُنْ فِي شَيْخِهِ قَدْ وَافَقَهْ ... مَعَ عُلُوٍّ فَهُوَ الْمُوَافَقَهْ 742 - أَوْ شَيْخِ شَيْخِهِ كَذَاكَ فَالْبَدَلْ ... وَإِنْ يَكُنْ سَاوَاهُ عَدّاً قَدْ حَصَلْ 743 - فَهْوَ الْمُسَاوَاةُ وَحَيْثُ رَاجَحَهْ ... الأَصْلُ باِلْوَاحِدِ فَالْمُصَاَفَحَهْ (فَإِنْ يَكُنْ) من روى حديثاً في أحد الكتب الستة بإسناد لنفسه من غير طريقها (فِي شَيْخِهِ قَدْ وَافَقَهْ) أي: قد اجتمع مع أحد الستة في شيخه (مَعَ عُلُوٍّ) هذا الطريق الذي رواه منه على ما لو رواه من طريق أحد الكتب الستة (فَهُوَ الْمُوَافَقَهْ). (أوْ) إن يكن وافقه في (شَيْخِ شَيْخِهِ كَذَاكَ) أي: مع العلو أيضاً (فَالْبَدَلْ) أي: فهو البدل. (وَإِنْ يَكُنْ سَاوَاهُ عَدّاً قَدْ حَصَلْ) بأن كان بين الراوي وبين [40 - أ] الصحابي ¬

(¬1) في الأصل: علو. وما أثبتناه من «شرح الألفية»: (2/ 62) وهو مقتضى اللغة.

أو مَنْ قَبل الصحابي إلى شيخ أحد الستة كما بين أحد الستة وبين ذلك أو مَنْ قَبله، أو كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم كما بين أحد الأئمة الستة وبين النبي صلى الله عليه وسلم من العدد، (فَهْوَ الْمُسَاوَاةُ). (وَحَيْثُ رَاجَحَهْ الأَصْلُ باِلْوَاحِدِ) أي: وإن يكن رَجَح أحدٌ من الأئمة الستة براوٍ واحدٍ على الراوي الذي وقع له ذلك الحديث، (فَالْمُصَاَفَحَهْ) أي: فهو المصافحة كأن الراوي لقي أحد الأئمة الستة وصافحه بذلك الحديث. 744 - ثُمَّ عُلُوُّ قِدَمِ الْوَفَاةِ ... أَمَّا الْعُلُوُّ لاَ مَعَ الْتِفَاتِ 745 - لآخَرٍ فَقِيْلَ لِلْخَمْسِيْنَا ... أَو الثَّلاَثِيْنَ مَضَتْ سِنِيْنَا (ثُمَّ عُلُوُّ قِدَمِ الْوَفَاةِ) أي: والقسم الرابع من أقسام العلو: تقدُّم وفاة الراوي عن شيخ على وفاة راوٍ آخر عن ذلك الشيخ. (أَمَّا الْعُلُوُّ) بتقدم موت الشيخ (لاَ مَعَ الْتِفَاتِ لآخَرٍ) أي: لأمر آخر، أو شيخ آخر، متى يوصف بالعلو؟ (فَقِيْلَ لِلْخَمْسِيْنَا أَو الثَّلاَثِيْنَ مَضَتْ سِنِيْنَا) أي: قال ابن جوصا (¬1): إسناد خمسين سنة من موت الشيخ إسناد علو وقال ابن منده: إذا مَرَّ على الإسناد ثلاثون سنة فهو عال. 746 - ثُمَّ عُلُوُّ قِدَمِ السَّمَاعِ ... وَضِدَّه النُّزُوْلُ كَالأَنْوَاعِ 747 - وَحَيْثُ ذُمَّ فَهْوَ مَا لَمْ يُجْبَرِ ... وَالصِّحَّةُ الْعُلُوُّ عِنْدَ النَّظَرِ ¬

(¬1) «سير أعلام النبلاء»: (15/ 16). وابن جوصا هو: الحافظ شيخ الشام أبو العباس أحمد بن عمير بن يوسف بن موسى بن جوصا الدمشقي، المتوفى سنة (372هـ)، ترجمته في المصدر السابق.

(ثُمَّ عُلُوُّ قِدَمِ السَّمَاعِ) أي: والخامس من العلو: تقدُّم السماع، فمن تقدم سماعه من شيخ كان أعلى ممن سمع من ذلك الشيخ بعده. (وَضِدَّه النُّزُوْلُ كَالأَنْوَاعِ) فَكُلُّ قِسْمٍ من أقسام العلو الخمسة ضده قسمٌ من أقسام النزول. (وَحَيْثُ ذُمَّ) النزول كقول ابن المديني (¬1): النزول شؤم. وابن معين (¬2): النازل قُرْحَةٌ في الوجه. (فَهْوَ مَا لَمْ يُجْبَرِ) أي: فهو محمول على ما إذا لم يكن مع النزول ما يجبره كزيادة الثقة في رجاله على العالي، أو كونهم أحفظ أو أفقه أو كونه متصلاً بالسماع وفي العالي إجازة أو نحوه (وَالصِّحَّةُ الْعُلُوُّ عِنْدَ النَّظَرِ) قال نظام المُلْك (¬3): عندي أن الحديث العالي ما صَحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن بَلَغَت رواتُهُ مائة. ¬

(¬1) «الجامع لأخلاق الراوي»: (1/ 123). (¬2) المصدر السابق. (¬3) انظر: «المقنع»: (2/ 425) ونظام الملك ترجمته في «السير»: (19/ 94 - 96).

الغريب، والعزيز، والمشهور

الغَرِيْبُ، وَالْعَزِيْزُ، وَالْمَشْهُوْرُ 748 - وَمَا بِهِ مُطْلَقاً الرَّاوِي انْفَرَدْ ... فَهْوَ الْغَرِيْبُ وَابْنُ مَنْدَةَ فَحَدْ 749 - بِالإِْنْفِرَادِ عَنْ إِمَامٍ يُجْمَعُ ... حَدِيْثُهُ فَإِنْ عَلَيْهِ يُتْبَعُ 750 - مِنْ وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ فَالْعَزِيْزُ أَوْ ... فَوْقُ فَمَشْهُوْرٌ وَكُلٌّ قَدْ رَأَوْا 751 - مِنْهُ الصَّحِيْحَ وَالضَّعِيْفَ ثُمَّ قَدْ ... يَغْرُبُ مُطْلَقاً أَوِ اسْنَاداً فَقَدْ ج (وَمَا بِهِ مُطْلَقاً الرَّاوِي انْفَرَدْ) أي: والحديث الذي ينفرد به بعض الرواة، (فَهْوَ الْغَرِيْبُ)، وكذا الذي ينفرد به بعضهم بأمرٍ لا يذكره فيه غيره، إما في متنه أو سنده. (وَ) أبو عبد الله (ابْنُ مَنْدَةَ فَحَدْ بِالإِْنْفِرَادِ عَنْ إِمَامٍ يُجْمَعُ حَدِيْثُهُ) [40 - ب] كحديث الزهري وشبهه ممن يُجمع حديثه إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى غريباً. (فَإِنْ عَلَيْهِ يُتْبَعُ من وَاحِدٍ وَاثْنَيْنِ) أي: فإذا روى عنهم رجلان أو ثلاثة واشتركوا، (فَالْعَزِيْزُ) أي: فيسمى بالعزيز. (أَوْ فَوْقُ) بأن روى الجماعة عنهم حديثاً (فَمَشْهُوْرٌ). (وَكُلٌّ قَدْ رَأَوْا مِنْهُ الصَّحِيْحَ وَالضَّعِيْفَ) أي: ووصفه بهذا لا ينافيه بالصحة

والضعف (¬1)، فقد يكون مشهوراً صحيحاً، أو ضعيفاً، أو غريباً، وعزيزاً كذلك. (ثُمَّ قَدْ يَغْرُبُ) الحديث (مُطْلَقاً) أي: متناً وإسناداً، وهو الذي ينفرد برواية متِنِه راوٍ واحد. (أَوِ اسْنَاداً فَقَدْ) أي: لا متناً، كالذي متنه معروفٌ مرويٌ عن جماعة من الصحابة إذا تفرد بعضهم بروايته عن صحابي آخر كان غريباً من ذلك الوجه. 752 - كَذَلِكَ الْمَشْهُوْرُ أَيْضاً قَسَّمُوْا ... لِشُهْرِةٍ مُطْلَقَةٍ كَـ «الْمُسْلِمُ 753 - مَنْ سَلِمَ الْحَدِيْثَ» وَالْمَقْصُوْرِ ... عَلَى الْمُحَدِّثِيْنَ مِنْ مَشْهُوْرِ 754 - «قُنُوتُهُ بَعْدَ الرُّكُوْعِ شَهْرَا» ... وَمِنْهُ ذُوْ تَوَاتُرٍ مُسْتَقْرَا 755 - فِي طَبَقَاتِهِ كَمَتْنِ «مَنْ كَذَبْ» ... فَفَوْقَ سِتِّيْنَ رَوَوْهُ وَالْعَجَبْ 756 - بِأَنَّ مِنْ رُوَاتِهِ لَلْعَشَرَهْ ... وَخُصَّ بِالأَمْرَيْنِ فِيْمَا ذَكَرَهْ 757 - الشَّيْخُ عَنْ بَعْضِهِمْ، قُلْتُ: بَلَى ... «مَسْحُ الخِفَافِ» وَابْنُ مَنْدَةٍ إلَى 758 - عَشْرَتِهِمْ «رَفْعَ اليَدَيْنِ» نَسَبَا ... وَنَيَّفُوْا عَنْ مِائَةٍ «مَنْ كَذَبَا» (كَذَلِكَ الْمَشْهُوْرُ أَيْضاً قَسَّمُوْا) أي: كما قسموه إلى صحيح وضعيف قسموه (لِشُهْرِةٍ مُطْلَقَةٍ) بين أهل الحديث وغيرهم (كَـ «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْحَدِيْثَ») ¬

(¬1) كذا وقعت العبارة في الأصل والأولى: «لا ينافي الصحة والضعف» كما هي عبارة الناظم في «شرحه»: (2/ 73).

أي: «من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده» (¬1). (وَالْمَقْصُوْرِ عَلَى الْمُحَدِّثِيْنَ مِنْ مَشْهُوْرِ) أي: وإلى ما هو مشهور بين أهل الحديث خاصةً (قُنُوتُهُ بَعْدَ الرُّكُوْعِ شَهْرَا) أي: كحديث أنس: «أنه عليه السلام قنت شهراً بعد الركوع يدعو على رَعْل وذكوان» (¬2). (وَمِنْهُ ذُوْ تَوَاتُرٍ) أي: وينقسم المشهور أيضاً باعتبارٍ آخر إلى ما هو متواتر، وإلى ما هو مشهور غير متواتر، فالمتواتر الذي ينقله عددٌ يحصل العلم بصدقهم، (مُسْتَقْرَا فِي طَبَقَاتِهِ) أي: ولابد من وجود ذلك في رواته من أوله إلى منتهاه، (كَمَتْنِ «مَنْ كَذَبْ) عليَّ متعمِّدًا فليتبوأ مقعده من النار»، (فَفَوْقَ سِتِّيْنَ) من الصحابة (رَوَوْهُ. وَالْعَجَبْ بِأَنَّ مِنْ رُوَاتِهِ لَلْعَشَرَهْ) أي: ومِنْ رواته: العشرة المشهود لهم بالجنة. (وَخُصَّ) هذا الحديث (بِالأَمْرَيْنِ فِيْمَا ذَكَرَهْ الشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬3) (عَنْ بَعْضِهِمْ) وأبهمه فقال: ليس في الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة وغيرهم غيره، ولا يُعرف حديث رُوِىَ عن أكثر من ستين نفساً من الصحابة إلا هذا الحديث. قال المصنف (قُلْتُ: بَلَى مَسْحُ الخِفَافِ) أي: ما ذكره منقوضٌ بحديث ¬

(¬1) البخاري رقم (10) ومسلم رقم (40). (¬2) البخاري رقم (2647) ومسلم رقم (481). (¬3) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص269).

المسح على الخفين، فقد رواه أكثر من ستين من الصحابة، ومنهم العشرة (¬1). (وَابْنُ مَنْدَةٍ إلَى عَشْرَتِهِمْ رَفْعَ اليَدَيْنِ نَسَبَا) أي: عزا حديث «رفع اليدين» إلى رواية [41 - أ] العشرة أيضاً (¬2). (وَنَيَّفُوْا عَنْ مِائَةٍ مَنْ كَذَبَا) أي: ورووا حديث: «من كَذَبَ عليَّ متعمداً» عن مائة ونَيِّفٍ من الصحابة (¬3). ¬

(¬1) انظر: «قطف الأزهار»: (ص52). (¬2) انظر: «قطف الأزهار»: (ص95). (¬3) انظر: «قطف الأزهار»: (ص23 - 24).

غريب ألفاظ الأحاديث

غَرْيِبُ أَلْفَاْظِ الأَحَاْدِيْثِ 759 - وَالنَّضْرُ أَوْ مَعْمَرُ خُلْفٌ أَوَّلُ ... مَنْ صنَّفَ الْغَرِيْبَ فِيْمَا نَقَلُوْا 760 - ثُمَّ تَلَى أبو عُبَيْدٍ وَاقْتَفَى ... القُتَبِيُّ ثُمَّ حَمْدٌ صنَّفَا 761 - فَاعْنِ بِهِ وَلاَ تَخُضْ بالظَّنِّ ... وَلاَ تُقَلِّدْ غَيْرَ أَهْلِ الْفَنِّ 762 - وَخَيْرُ مَا فَسَّرْتَهُ بِالْوَارِدِ ... كَالدُّخِّ بِالدُّخَانِ لاِبْنِ صَائِدِ 763 - كَذَاكَ عِنْدَ التِّرْمِذِيْ، وَالْحَاكِمُ ... فَسَّرَهُ الْجِمَاعَ وَهْوَ وَاهِمُ (وَالنَّضْرُ) بن شُمَيل، (أَوْ مَعْمَرُ) بن المُثَنَّى، (خُلْفٌ أَوَّلُ مَنْ صنَّفَ الْغَرِيْبَ فِيْمَا نَقَلُوْا) قال الحاكم (¬1): أول من صنف الغريب في الإسلام النَّضْرُ بن شُمَيْل. وقال الطبري (¬2): قيل: إن أول من جمع في هذا الفن شيئاً أبو عبيدة معمر بن المثنى. (ثُمَّ تَلَى أبو عُبَيْدٍ) القاسم بن سلَّام بعد المائتين فجمع كتابه المشهور. (وَاقْتَفَى) عبد الله بن مسلم (القُتَبِيُّ)، وزاد على أبي عبيد. (ثُمَّ حَمْدٌ) الخطَّابي (صنَّفَا) وزاد على القُتَبي. (فَاعْنِ بِهِ) أي: اجعله من ¬

(¬1) «معرفة علوم الحديث»: (ص295). (¬2) في كتابه «تقريب المرام في غريب القاسم بن سلام» كما في «فتح المغيث»: (4/ 415).

عنايتك واشتغل به، (وَلاَ تَخُضْ بالظَّنِّ). قال: أحمد بن حنبل (¬1) حين سُئل عن حرف: اسألوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن. (وَلاَ تُقَلِّدْ) من الكتب المصنفة في الغريب (غَيْرَ أَهْلِ الْفَنِّ) أي: إلا ما كان مصنفوها أئمةً في هذا الشأن، فَمَنْ لم يكن من أهله يتصرف فيُخطئ. (وَخَيْرُ مَا فَسَّرْتَهُ) أي: الغريب (بِالْوَارِدِ) أي: بما جاء مفسَّرًا به في بعض طرق الحديث. (كَالدُّخِّ بِالدُّخَانِ لاِبْنِ صَائِدِ) قال عليه السلام لابن صائد: قد خبأتُ لك خبيئاً قال: فما هو؟ قال: الدُّخ (¬2) فالدُّخ هنا الدخان وهو لغةٌ فيه. (كَذَاكَ عِنْدَ التِّرْمِذِيْ) فإنه روى (¬3) في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إني قد خبأت لك خبيئة. وقال الترمذي: خبيئاً. وخبَّأ له ?يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ? [الدخان:10]،قال الترمذي: هذا حديث صحيح. (وَالْحَاكِمُ (¬4) فَسَّرَهُ) أي: فَسَّرَ الدُّخ (الْجِمَاعَ) فقال: سألت الأُدَبَاء عن تفسير الدُّخ فقال: يَدُخُّها ويَزُخُّها بمعنىً واحد. (وَهْوَ وَاهِمُ) قال ابن الصلاح (¬5): لم أر في كلام أهل اللغة أن الدُّخ بالدال هو الجماع، وإنما ذكروه بالزاي فقط. ¬

(¬1) «العلل ومعرفة الرجال»: (رواية المروذي): (رقم 413). (¬2) البخاري رقم (6618) ومسلم رقم (2244). (¬3) رقم (519). (¬4) «معرفة علوم الحديث»: (ص274) وانظر منه: (ص302) حاشية (1). (¬5) ليس هذا من كلام ابن الصلاح بل من كلام الناظم في شرحه على الألفية (2/ 90)، وراجع العبارة بتمامها هناك ليظهر لك جلياً أن الأمر التبس على المصنف هنا.

المسلسل

الْمُسَلْسَلُ 764 - مُسَلْسَلُ الْحَدِيْثِ مَا تَوَارَدَا ... فِيْهِ الرُّوَاةُ وَاحِداً فَوَاحِدَا 765 - حَالاً لَهُمْأوْ وَصْفاً اوْ وَصْفَ سَنَدْ ... كَقَوْلِ كُلِّهِمْ: سَمِعْتُ فَاتَّحَدْ 766 - وَقَسْمُهُ إلى ثَمَانٍ مُثُلُ ... وَقَلَّمَا يَسْلَمُ ضَعْفاً يَحْصُلُ 767 - وَمِنْهُ ذُوْ نَقْصٍ بِقَطْعِ السِّلْسِلَهْ ... كَأوَّلِيَّةٍ وَبَعْضٌ وَصَلَهْ (مُسَلْسَلُ الْحَدِيْثِ مَا تَوَارَدَا فِيْهِ الرُّوَاةُ) أي: رجال إسناده (وَاحِداً فَوَاحِدَا حَالاً لَهُمْأوْ وَصْفاً اوْ وَصْفَ سَنَدْ) أي: على حالة واحدة، أو صفة واحدة، سواءً كانت الصفة للرواة، أو للإسناد. (كَقَوْلِ كُلِّهِمْ) أي: كل رواته: (سَمِعْتُ) فلاناً (فَاتَّحَدْ) أي: فاتحد لفظ الأداء في جميع الرواة فصار [41 - ب] مسلسلاً بذلك. وكحديث تسلسل قص الأظفار بيوم الخميس، ونحو ذلك. (وَقَسْمُهُ إلى ثَمَانٍ مُثُلُ) أي: والذي ذكره الحاكم (¬1) فيها إنما هو صُوَرٌ وأمثلهٌ ثمانية لا أنه منحصرٌ فيها. (وَقَلَّمَا يَسْلَمُ) المسلسل (ضَعْفاً يَحْصُلُ) في وصف التسلسل لا في أصل المتن. ¬

(¬1) «معرفة علوم الحديث»: (ص178 - 187).

(وَمِنْهُ ذُوْ نَقْصٍ) أي: من المسلسل ما هو ناقص التسلسل، (بِقَطْعِ السِّلْسِلَهْ) في وسطه أو أوله أو آخره؛ (كَأوَّلِيَّةٍ) أي: كحديث عبد الله بن عمرو المسلسل بالأولية (¬1)؛ فإن التسلسل فيه بالأولية انقطع في سماع عمرو من أبي قابوس (¬2)، وفي سماع أبي قابوس من عبد الله بن عمرو، وفي سماع عبد الله من النبي صلى الله عليه وسلم. (وَبَعْضٌ وَصَلَهْ) ولا يصح ذلك. ¬

(¬1) أخرجه مسلسلاً الأيوبي في «المناهل السلسة»: (ص6). (¬2) كذا في الأصل، والصواب أنه انقطع في سماع سفيان من عمرو وعمرو من أبي قابوس .. إلخ. «شرح الألفية»: (2/ 95).

الناسخ، والمنسوخ

النَّاسِخُ، وَالْمَنْسُوْخُ 768 - وَاَلنَّسْخُ رَفْعُ الشَّارِعِ السَّابقَ مِنْ ... أَحْكَامِهِ بِلاَحِقٍ وَهْوَ قَمِنْ 769 - أَنْ يُعْتَنَى بِهِ وَكَانَ الشَّافِعِي ... ذَا عِلْمِهِ ثُمَّ بِنَصِّ الشَّارِعِ 770 - أَوْ صَاحِبٍ أَوْ عُرِفَ التَّارِيْخُ أَوْ ... أُجْمِعَ تَرْكاً بَانَ نَسْخٌ وَرَأَوْا 771 - دَلاَلَةَ الإِجْمَاعِ لاَ النَّسْخَ بِهِ ... كَالْقَتْلِ فِي رَابِعَةٍ بِشُرْبِهِ (وَاَلنَّسْخُ رَفْعُ الشَّارِعِ السَّابقَ مِنْ أَحْكَامِهِ بِلاَحِقٍ) من أحكامه (¬1). والمرادُ (¬2) قطعُ تَعَلُّقِهِ بالمكلَّفين. واحترز بـ «رفع» عن بيانِ مجمل. و «الشارع» عن إخبار بعض من شاهَد النسخ من الصحابة. و «السابق» عن التخصيص المتصل بالتكليف كالاستثناء، ونحوه. و «من أحكامه» (¬3) عن رفع الإباحة الأصلية. وبـ «لاحق» عن انتهاء الحكم بانتهاء الوقت. ¬

(¬1) عَرَّف العراقي النسخ في شرحه (2/ 96) بقوله: «فهو عبارة عن: رفع الشارع حكماً من أحكامه سابقاً، بحكم من أحكامه لاحقاً». وما يأتي من كلام متعلق بهذا الحد، فكان الأولى بالمختصِر أن يذكره. (¬2) أي: برفع الحكم. (¬3) من قوله: رفع الشارع حكماً «من أحكامه» سابقاً ...

و «من أحكامه» (¬1) عن رفع الحكم بموت المكلَّف، أو زوال التكليف بجنون، أو نحوه. (وَهْوَ قَمِنْ) أي: وعلم الناسخ والمنسوخ حقيقٌ (أَنْ يُعْتَنَى بِهِ). (وَكَانَ الشَّافِعِي ذَا عِلْمِهِ) قال أحمد (¬2): ما علمنا ناسخَ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي. (ثُمَّ بِنَصِّ الشَّارِعِ) على النسخ. (أوْ) بنصِّ (صَاحِبٍ) من الصحابة. (أَوْ عُرِفَ التَّارِيْخُ) للواقعتين. (أَوْ أُجْمِعَ تَرْكاً) على العمل بحديث (بَانَ نَسْخٌ) أي: يتبين النسخ ويعرف بهذه. (وَرَأَوْا دَلاَلَةَ الإِجْمَاعِ) أي: ومنه ما يُعْرَفُ بالإجماع (لاَ النَّسْخَ بِهِ) أي: والإجماع لا يَنْسَخُ ولا يُنْسَخُ ولكن يدلُّ على وجود ناسِخ غيره. (كَالْقَتْلِ فِي رَابِعَةٍ بِشُرْبِهِ) أي: كقوله عليه السلام: «من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه» (¬3) فإنه منسوخٌ عُرِفَ نسخُه بانعقاد الإجماع على ترك العمل به. ¬

(¬1) من قوله: بحكم «من أحكامه» لاحقاً. (¬2) أخرجه الحازمي في «الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار»: (ص4). (¬3) «سنن أبي داود»: (رقم 4482) والترمذي: (1444).

التصحيف

التَّصْحِيْفُ 772 - وَالْعَسْكَرِيْ وَالدَّارَقُطْنِيْ صَنَّفَا ... فِيْمَا لَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ صَحَّفَا 773 - فِي الْمَتْنِ كَالصُّوْلِيِّ «سِتّاً» غَيَّرْ ... «شَيْئاً»، أوِ الإِسْنَادِ كَابْنِ النُّدَّرِ 774 - صَحَّفَ فِيْهِ الطَّبَرِيُّ قالاَ: ... «بُذَّرُ» بالبَاءِ وَنَقْطٍ ذَالاَ 775 - وَأَطْلَقُوْا التَّصْحِيْفَ فِيْمَا ظَهَرَا ... كَقَوْلِهِ: «احْتَجَمَ» مَكَانَ «احْتَجَرا» 776 - وَوَاصِلٌ بِعَاصِمٍ وَالأَحْدَبُ ... بِأَحْوَلٍ تَصْحِيْفَ سَمْعٍ لَقَّبُوا 777 - وَصَحَّفَ الْمَعْنَى إِمَامُ عَنَزَهْ ... ظَنَّ الْقَبِيْلَ بحَدِيْثِ «الْعَنَزَهْ» 778 - وَبَعْضُهُمْ ظَنَّ سُكُوْنَ نَوْنِهْ ... فَقالَ: شَاَةٌ خَابَ فِي ظُنُوْنِهْ (وَ) أبو أحمد (الْعَسْكَرِيْ، وَ) أبو الحسن (الدَّارَقُطْنِيْ، صَنَّفَا فِيْمَا لَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ صَحَّفَا). فمنه ما هو تصحيف (فِي الْمَتْنِ) أي: متن الحديث. (كَالصُّوْلِيِّ سِتّاًغَيَّرْ شَيْئاً) بالمعجمة والياء آخر الحروف (¬1) [42 - أ] لما أملى في الجامع حديث أبي أيوب مرفوعاً: «من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال» (¬2). ¬

(¬1) «الجامع لأخلاق الراوي»: (1/ 296). (¬2) مسلم رقم (1164).

(أوْ) في (الإِسْنَادِ، كَابْنِ النُّدَّرِ) بالنون المضمومة وفتح الدال المهملة المشددة، (صَحَّفَ فِيْهِ الطَّبَرِيُّ قالاَ بُذَّرُ بالبَاءِ وَنَقْطٍ ذَالاَ)؛ لأنه قال فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من بني سليم: ومنهم عتبة بن البُذَّر. (وَأَطْلَقُوْا) أي: أطلق مَنْ صَنَّفَ في التصحيفِ (التَّصْحِيْفَ فِيْمَا ظَهَرَا) أي: على ما لا تشتبه حروفه بغيره، وإنما أخطأوا فيه روايةً، (كَقَوْلِهِ: احْتَجَمَ مَكَانَ احْتَجَرا) أي: كما صَحَّفَ ابنُ لهيعة في حديث زيد بن ثابت: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجر في المسجد» (¬1) فقال: احتجم بالميم (¬2). (وَوَاصِلٌ بِعَاصِمٍ وَالأَحْدَبُ بِأَحْوَلٍ تَصْحِيْفَ سَمْعٍ لَقَّبُوا) أي: وتصحيف السمع وهو أن يكون الاسم واللقب، أو الاسم واسم الأب على وزن اسم آخر ولقبه، أو اسم آخر واسم أبيه والحروف مختلفة، فيشتبه على السَّمْع؛ كحديثٍ لعاصم الأحول بجعله عن واصل الأحدب وعكسه، وكخالد بن عَلْقَمة بمالك بن عُرْفُطة. (وَصَحَّفَ الْمَعْنَى إِمَامُ عَنَزَهْ) أي: ومثال تصحيف المعنى قول أبي موسى محمد بن المثنى العَنَزي (¬3): نحن قومٌ لنا شرف نحن مِنْ عَنَزَة قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا. (ظَنَّ الْقَبِيْلَ بحَدِيْثِ الْعَنَزَهْ) وهو ما روي: أن ¬

(¬1) البخاري رقم (5762) ومسلم (781). (¬2) «التمييز» لمسلم: (ص187)، وأخرجه أحمد مصحفاً كذلك في «مسنده»: (5/ 185). (¬3) «الجامع لأخلاق الراوي»: (1/ 295).

النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عَنَزَة (¬1) والمراد: الحربة تُنْصَبُ بين يديه. (وَبَعْضُهُمْ) حكاه الحاكم (¬2) عن أعرابي (ظَنَّ سُكُوْنَ نَوْنِهْ فَقالَ): كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى نُصِبَتْ بين يديه (شَاَةٌ). فصحفها عَنْزَة بإسكان النون، ثم رواه بالمعنى. (خَابَ فِي ظُنُوْنِهْ)؛ لأنه أخطأ فيه من وجهين. ¬

(¬1) البخاري رقم (477) ومسلم رقم (501). (¬2) «معرفة علوم الحديث»: (ص439).

مختلف الحديث

مُخْتَلِفُ الْحَدِيْثِ 779 - وَالْمَتْنُ إِنْ نَافَاهُ مَتْنٌ آخَرُ ... وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ فَلاَ تَنَافُرُ 780 - كَمَتْنِ «لاَ يُوْرِدُ» مَعْ «لاَ عَدْوَى» ... فَالنَّفْيُ لِلطَّبْعِ وَفِرَّ عَدْوَا 781 - أَوْلاَ فَإِنْ نَسْخٌ بَدَا فَاعْمَلْ بِهِ ... أَوْ لاَ فَرَجِّحْ وَاعْمَلَنْ بِالأَشْبَهِ (وَالْمَتْنُ إِنْ نَافَاهُ) في الظاهر (مَتْنٌ آخَرُ، وَأَمْكَنَ الْجَمْعُ) بينهما بوجهٍ صحيحٍ ينفي الاختلاف بينهما، (فَلاَ تَنَافُرُ) بل يَتَعيَّنُ الجمع. (كَمَتْنِ: «لاَ يُوْرِدُ) مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ» (¬1) (مَعْ) قوله عليه السلام: («لاَ عَدْوَى» (¬2) فَالنَّفْيُ لِلطَّبْعِ) أي: وجه الجمع: أنَّ «لا عدوى» نفيٌ لما كان يعتقدُهُ الجاهلية والحكماء أن هذه الأمراض تعدى بطبعها، ولذا قال: فمن أعدى الأول. أي: إن الله هو الخالق لذلك بسبب وغير سبب. وقوله: «لا يورد» بيانٌ لما يخلقه الله من الأسباب عند المخالطة للمريض [42 - ب] وقد يتخلف ذلك عن سببه. (وَفِرَّ عَدْوَا) أي: مسرعاً. أي: وكذا قوله عليه السلام: «فر من المجذوم فرارك من الأسد» (¬3). ¬

(¬1) البخاري رقم (5771) ومسلم رقم (2221). (¬2) البخاري رقم (5773) ومسلم رقم (2225 - 116). (¬3) هذا هو الشطر الأخير من حديث: «لا يورد ممرض على مصح ... ».

(أَوْلاَ) أي: وإن لم يمكن الجمع بينهما، (فَإِنْ نَسْخٌ بَدَا) بأن عُرِفَ المتأخر منهما، (فَاعْمَلْ بِهِ) أي: بالناسخ، وهو المتأخر منهما. (أَوْ لاَ) أي: وإن لم يدل دليل على النسخ، (فَرَجِّحْ وَاعْمَلَنْ بِالأَشْبَهِ) أي: بالأرجح منهما، كالترجيح بكثرة الرواة وصفاتهم، كما ذُكِرَ في المطوَّلات.

خفي الإرسال، والمزيد في الإسناد

خَفِيُّ الإِرْسَالِ، وَالْمَزِيْدُ فِي الإِسْنَادِ 782 - وَعَدَمُ السَّمَاعِ وَالِلِّقَاءِ ... يَبْدُو بِهِ الإِرْسَالُ ذُوْ الْخَفَاءِ 783 - كَذَا زِيَادَةُ اسْمِ رَاوٍ فِي السَّنَدْ ... إِنْ كَانَ حَذْفُهُ بِعَنْ فِيْهِ وَرَدْ 784 - وَإِنْ بِتَحْدِيْثٍ أَتَى فَالْحُكْمُ لَهْ ... مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ قَدْ حمَلَهْ 785 - عَنْ كُلٍّ الاَّ حَيْثُ مَا زِيْدَ وَقَعْ ... وَهْماً وَفِي ذَيْنِ الْخَطِيْبُ قَدْ جَمَعْ (وَعَدَمُ السَّمَاعِ وَالِلِّقَاءِ يَبْدُو بِهِ الإِرْسَالُ ذُوْ الْخَفَاءِ) أي: وخفي الإرسال أن يروي عن من سمع منه ما لم يسمعه منه، أو عن من لقيه ولم يسمع منه، أو عَمَّنْ عاصره ولم يلقه، فَيُعْرف عدم اللقاء أو عدم السماع منه مطلقاً، أو لذلك الحديث، بنصِّ بعضِ الأئمة، أو بوجهٍ صحيح. (كَذَا زِيَادَةُ اسْمِ رَاوٍ فِي السَّنَدْ) أي: ويُعرف إذا وَرَدَ في بعضِ طرقِ الحديثِ زيادةُ اسمِ راوٍ بينهما. والصواب التفصيل في هذا؛ فيحكم بإرساله (إِنْ كَانَ حَذْفُهُ بِعَنْ فِيْهِ وَرَدْ) أي: إن كان الإسناد الخالي عن الراوي الزائد وَرَدَ بلفظ «عن» في ذلك، وكذا ما لا يقتضي الاتصال كـ «قال» ونحوها (¬1). ويجعل معللاً بالإسناد الذي ذكر فيه الراوي. (وَإِنْ بِتَحْدِيْثٍ أَتَى فَالْحُكْمُ لَهْ) أي: وإن كان بلفظ يقتضي الاتصال كحدثنا ونحوه، فالحكم للإسناد الخالي عن الراوي الزائد؛ لأن معه الزيادة وهي ¬

(¬1) قوله: كـ «قال» ونحوها. ملحق في الحاشية اليمنى.

إثبات سماعه منه، (مَعَ احْتِمَالِ كَوْنِهِ قَدْ حمَلَهْ عَنْ كُلٍّ) أي: ويجوز أن يكون سمع ذلك من رَجُلٍ عنه، ثم سمعه منه نفسه. (الاَّ حَيْثُ مَا زِيْدَ وَقَعْ وَهْماً) أي: إلا أن توجد قرينة تدل على كون الطريق الزائد وهماً. (وَفِي ذَيْنِ) وهما: الإرسال الخفي، والمزيد في متصل الإسناد (الْخَطِيْبُ قَدْ جَمَعْ) أي: صَنَّفَ كتابين مشهورين (¬1). ¬

(¬1) سَمَّى الأول: «التفصيل لمبهم المراسيل»، والثاني «تمييز المزيد في متصل الأسانيد». «شرح السيوطي»: (ص349).

الرواة

مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ 786 - رَائي النَّبِيِّ مُسْلِماً ذُو صُحْبَةِ ... وقِيْلَ: إنْ طَالَتْ وَلَمْ يُثَبِّتِ 787 - وقِيلَ: مَنْ أقَامَ عاماً أو غَزَا ... مَعْهُ وذَا لابْنِ المُسَيِّبِ عَزَا (رَائي النَّبِيِّ مُسْلِماً ذُو صُحْبَةِ) أي: المشهور أن الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مُسلماً ثم مات على الإسلام، أما لو رآه كافراً ثم أسلم بعد وفاته فليس بصحابي على المشهور. (وقِيْلَ: إنْ طَالَتْ) صحبته، وكَثُرت مجالسته على طريق التَّبَعِ له والأخذ عنه. (وَلَمْ يُثَبِّتِ) أي: وليس عليه العمل عند أهل الحديث والأصول. (وقِيلَ: مَنْ أقَامَ عاماً، أو غَزَا مَعْهُ، وذَا لابْنِ [43 - أ] المُسَيِّبِ عَزَا) أي: ورُوِيَ عن سعيد بن المسيب (¬1) أنه كان لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنةً أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين. 788 - وَتُعْرَفُ الصُّحْبَةُ باشْتِهَارٍ او ... تَوَاتُرٍ أو قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَوْ 789 - قَدِ ادَّعَاهَا وَهْوَ عَدْلٌ قُبِلاَ ... وَهُمْ عُدُولٌ قِيلَ: لا مَنْ دَخَلاَ ¬

(¬1) أسنده عنه الخطيب في «الكفاية»: (1/ 190).

790 - في فِتْنَةٍ، والمُكْثِرُونَ سِتَّةُ ... أَنَسٌ، وابنُ عُمَرَ، والصِّدِّيقَةُ 791 - البَحْرُ، جَابِرٌ أَبُو هُرَيْرَةِ ... أَكْثَرُهُمْ وَالبَحْرُ في الحَقِيقَةِ 792 - أَكْثَرُ فَتْوَى وَهْوَ وابنُ عُمَرا ... وَابْنُ الزُّبَيرِ وَابْنُ عَمْرٍو قَدْ جَرَى 793 - عَلَيْهِمُ بِالشُّهْرَةِ العَبَادِلهْ ... لَيْسَ ابْنُ مَسْعُودٍ ولا مَنْ شَاكَلَهْ 794 - وَهْوَ وزَيْدٌ وابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ ... في الفِقْهِ أَتْبَاعٌ يَرَوْنَ قَوْلَهُمْ (وَتُعْرَفُ الصُّحْبَةُ باشْتِهَارٍ) كعكاشة. (أو تَوَاتُرٍ) كأبي بكر. (أو قَوْلِ صَاحِبٍ) كَحُمَمَة الدَّوسي الذي مات مبطوناً فشهد له أبو موسى الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، حُكِمَ له بالشهادة. (وَلَوْ قَدِ ادَّعَاهَا وَهْوَ عَدْلٌ قُبِلاَ) أي: وبإخباره عن نفسه بأنه صحابي بعد ثبوت عدالته قٌبِلَ إخباره بذلك. (وَهُمْ عُدُولٌ) كلهم؛ لقوله عليه السلام: خير الناس قرني (¬1). (قِيلَ: لا مَنْ دَخَلاَ في فِتْنَةٍ)، وذلك من حين مقتل عثمان ففيه قولان، والجمهور على أنهم عدول مطلقاً تحسيناً للظن بهم. (والمُكْثِرُونَ) من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم (سِتَّةُ: أَنَسٌ، وابنُ عُمَرَ، و) عائشة (الصِّدِّيقَةُ، البَحْرُ) وهو عبد الله بن عباس، (جَابِرٌ، أَبُو هُرَيْرَةِ)، وهو (أَكْثَرُهُمْ) حديثاً. ¬

(¬1) البخاري رقم (2651) ومسلم رقم (2535).

(وَالبَحْرُ) وهو عبد الله بن عباس (في الحَقِيقَةِ أَكْثَرُ فَتْوَى). (وَهْوَ) أي: عبد الله بن عباس (و) عبد الله (ابنُ عُمَرا وَ) عبد الله (ابْنُ الزُّبَيرِ وَ) عبد الله (ابْنُ عَمْرٍو قَدْ جَرَى عَلَيْهِمُ بِالشُّهْرَةِ العَبَادِلهْ. لَيْسَ ابْنُ مَسْعُودٍ ولا مَنْ شَاكَلَهْ) وهم نحو مائتين وعشرين من الصحابة يسمون بعبد الله فإنهم لا يسمون بالعبادلة اصطلاحاً. (وَهْوَ) أي: عبد الله بن مسعود (وزَيْدٌ وابْنُ عَبَّاسٍ لَهُمْ في الفِقْهِ أَتْبَاعٌ يَرَوْنَ قَوْلَهُمْ) ويفتون الناس به. 795 - وَقَالَ مَسْرُوقٌ: انْتَهَى العِلْمُ إلى ... سِتَّةِ أَصْحَابٍ كِبَارٍ نُبَلا 796 - زَيْدٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَعْ أُبَيِّ ... عُمَرَ، عَبْدِ اللهِ مَعْ عَليِّ 797 - ثُمَّ انْتَهَى لِذَيْنِ والبَعْضُ جَعَلْ ... الأَشْعَرِيَّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَا بَدَلْ (وَقَالَ مَسْرُوقٌ (¬1): انْتَهَى العِلْمُ) أي: عِلْمُ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (إلى سِتَّةِ أَصْحَابٍ كِبَارٍ نُبَلا زَيْدٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَعْ أُبَيِّ عُمَرَ، عَبْدِ اللهِ) بن مسعود (مَعْ عَليِّ ثُمَّ انْتَهَى) علم هؤلاء الستة (لِذَيْنِ) وهما علي، وعبد الله. (والبَعْضُ) وهو مُطَرِّف روى نحو ذلك عن الشعبي عن مسروق؛ إلا أنه (جَعَلْ) أبا موسى (الأَشْعَرِيَّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَا بَدَلْ). 798 - وَالعَدُّ لاَ يَحْصُرُهُمْ فَقَدْ ظَهَرْ ... سَبْعُونَ أَلْفاً بِتَبُوكٍ وَحَضَرْ ¬

(¬1) أسنده عن مسروق: ابن سعد في «الطبقات» (2/ 351)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل»: (7/ 27) والطبراني في «المعجم الكبير»: (9/ 96) رقم (8513)، وأورده ابن المديني في «العلل»: (ص66).

799 - الحَجَّ أَرْبَعُونَ أَلْفاً وَقُبِضْ ... عَنْ ذَيْنِ مَعْ أَرْبَعِ آلاَفٍ تَنِضّْ (وَالعَدُّ لاَ يَحْصُرُهُمْ) أي: الصحابة؛ لتفرقهم في البلدان. (فَقَدْ ظَهَرْ سَبْعُونَ) منهم (أَلْفاً) منهم (بِتَبُوكٍ) شهدوها معه صلى الله عليه وسلم. (وَحَضَرْ الحَجَّ) أي: حجة الوداع معه (أَرْبَعُونَ أَلْفاً [43 - ب] وَقُبِضْ) عليه السلام (عَنْ ذَيْنِ) أي: عن مقدار هذين العددين وهما سبعون وأربعون، (مَعْ أَرْبَعِ آلاَفٍ) أي: عن مائة ألف وأربعة عشر ألفاً من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه (تَنِضّْ) بكسر النون وتشديد الضاد أي: تتيسر. 800 - وَهُمْ طِبَاقٌ إِنْ يُرَدْ تَعْدِيدُ ... قِيلَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ أَوْ تَزِيدُ (وَهُمْ طِبَاقٌ) باعتبار سبقهم إلى الإسلام، أو الهجرة، أو شهود المشاهد الفاضلة. (إِنْ يُرَدْ تَعْدِيدُ قِيلَ: اثْنَتَا عَشْرَةَ) طبقة (أَوْ تَزِيدُ) وهي: (¬1) - قوم أسلموا بمكة 2 - وأصحاب دار الندوة. 3 - ومهاجرة الحبشة. 4 - وأصحاب العقبة الأولى. 5 - وأصحاب العقبة الثانية. 6 - وأول المهاجرين الذين وصلوا قبل أن يدخل المدينة. ¬

(¬1) وضع الناسخ هذه الأرقام فوق أول كلمة من هذه الطباق.

7 - وأهل بدر. 8 - والذين هاجروا بين بدر والحديبية. 9 - وأهل بيعة الرضوان. 10 - ومن هاجر بين الحديبية وفتح مكة. 11 - ومُسْلِمَة الفتح. 12 - وصبيان رأوه عليه السلام يوم الفتح وفي حجة الوداع، وغيرهما. 801 - وَالأَفْضَلُ الصِّدِّيقُ ثُمَّ عُمَرُ ... وَبَعْدَهُ عُثْمَانُ وَهْوَ الأَكْثَرُ 802 - أَوْ فَعَلِيٌّ قَبْلَهُ خُلْفٌ حُكِيْ ... قُلْتُ: وَقَوْلُ الوَقْفِ جَا عَنْ مَالِكِ 803 - فَالسِّتَّةُ البَاقُونَ، فالبَدْرِيَّهْ ... فَأُحُدٌ، فَالبَيْعَةُ المَرْضِيَّهْ (وَالأَفْضَلُ) بعده عليه السلام أبو بكر (الصِّدِّيقُ، ثُمَّ عُمَرُ) حكى الشافعي (¬1) وغيره إجماع الصحابة والتابعين على ذلك. (وَبَعْدَهُ عُثْمَانُ، وَهْوَ الأَكْثَرُ)، كما حكاه الخطابي (¬2)، وغيره. (أَوْ فَعَلِيٌّ قَبْلَهُ خُلْفٌ حُكِيْ) عن الشافعي، إنما اختَلَف مَنْ اختَلَف منهم في علي وعثمان قال المصنف: (قُلْتُ (¬3):وَقَوْلُ الوَقْفِ) بين عثمان وعلي (جَا عَنْ مَالِكِ) حكاه المازري في «المدوَّنة». ¬

(¬1) «الاعتقاد» للبيهقي: (ص369). (¬2) «معالم السنن»: (4/ 303). (¬3) قوله: قلت. ملحق في الحاشية اليمنى.

(فَالسِّتَّةُ البَاقُونَ) بعدهم إلى تمام العشرة. (فالبَدْرِيَّهْ فَأُحُدٌ، فَالبَيْعَةُ المَرْضِيَّهْ) أي: ثم البدريون، ثم أصحاب أُحُد، ثم أهل بَيْعَةِ الرضوان بالحديبية. 804 - قَالَ: وَفَضْلُ السَّابِقِينَ قَدْ وَرَدْ ... فَقِيلَ: هُمْ، وَقِيلَ: بَدْرِيٌّ وَقَدْ 805 - قِيلَ: بَلْ اهْلُ القِبْلَتَيْنِ، واخْتَلَفْ ... -أَيَّهُمُ أَسْلَمَ قَبْلُ؟ - مَنْ سَلَفْ 806 - قِيلَ: أبو بَكْرٍ، وقِيلَ: بلْ عَلِيْ ... وَمُدَّعِي إجمَاعَهُ لَمْ يُقْبَلِ 807 - وَقِيلَ: زَيْدٌ وادَّعى وِفَاقا ... بَعْضٌ عَلَى خَدِيجَةَ اتِّفَاقا (قَالَ:) ابن الصلاح: (وَفَضْلُ السَّابِقِينَ) الأوَّلين من المهاجرين والأنصار (قَدْ وَرَدْ) في نص القرآن. (فَقِيلَ: هُمْ) أي: قال الشعبي (¬1): هم الذين شهدوا بَيْعَةَ الرضوان. (وَقِيلَ: بَدْرِيٌّ) أي: وقال محمد بن كعب وعطاء بن يسار (¬2): أهل بدر. (وَقَدْ قِيلَ: بَلْ اهْلُ القِبْلَتَيْنِ) أي: وقال سعيد بن المسيب وطائفة (¬3): هم الذين صلوا إلى القبلتين. (واخْتَلَفْ -أَيَّهُمُ أَسْلَمَ قَبْلُ؟ - مَنْ سَلَفْ) أي: واختلف السلف في أوَّل الصحابة إسلاماً. ¬

(¬1) أخرجه ابن عبد البر في «الاستيعاب»: (1/ 3). (¬2) المصدر السابق (1/ 7). قال السخاوي في «فتح المغيث»: (4/ 66): بسند ضعيف. (¬3) المصدر السابق (1/ 6 - 7).

(قِيلَ: أبو بَكْرٍ) الصديق وهو قول ابن عباس وجماعة (¬1). (وقِيلَ: بلْ عَلِيْ) رُوِيَ ذلك عن زيد بن أرقم وجماعة (¬2). (وَمُدَّعِي إجمَاعَهُ) -وهو الحاكم- (¬3) قال: لا أعلم خلافاً بين أصحاب التواريخ أن علياً أولهم إسلاماً (لَمْ يُقْبَلِ) قال ابن الصلاح (¬4): واستنكر هذا من الحاكم. (وَقِيلَ: زَيْدٌ) هو ابن حارثة. [44 - أ] ذكره معمر عن الزهري (¬5). (وادَّعى وِفَاقا بَعْضٌ عَلَى خَدِيجَةَ اتِّفَاقا) أي: وقيل: أم المؤمنين خديجة روي ذلك عن ابن عباس وجماعة. وادعى الثعلبي المفسِّر اتفاق العلماء على ذلك، وأن اختلافهم إنما هو في أول من أسلم بعدها (¬6). 808 - وَمَاتَ آخِراً بِغَيْرِ مِرْيةِ ... أبُو الطُّفَيْلِ مَاتَ عَامَ مِائَةِ ¬

(¬1) أخرجه عنهم ابن عبد البر في «الاستيعاب»: (2/ 246). (¬2) المصدر السابق (3/ 26)، والطبراني في «المعجم الكبير»: (12/ 97) رقم (12593) والنسائي في «خصائص علي» (ص24). (¬3) في «معرفة علوم الحديث»: (ص159). (¬4) في «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص300). (¬5) أخرجه ابن سعد في «الطبقات»: (3/ 44) والطبراني في «المعجم الكبير»: (5/ 84) رقم (4652). (¬6) انظر: «الاستيعاب»: (3/ 29)، و «التقريب» للنووي: (2/ 689) مع «التدريب».

809 - وقَبْلَهُ السَّائِبُ بالمَدِينَةِ ... أَوْ سَهْلٌ اوْ جَابِرٌ اوْ بِمَكَّةِ 810 - وقِيلَ: الاخِرُ بِهَا: ابنُ عُمَرَا ... إنْ لا أبُو الطُّفَيْلِ فِيهَا قُبِرَا 811 - وأَنَسُ بنُ مالِكٍ بالبَصْرَةِ ... وابنُ أبي أوْفَى قَضَى بالكُوْفَةِ 812 - والشَّامِ فَابْنُ بُسْرٍ اوْ ذُو باهِلَهْ ... خُلْفٌ، وقِيلَ: بِدِمَشْقٍ وَاثِلَهْ 813 - وَأنَّ في حِمْصٍ ابنُ بُسْرٍ قُبِضَا ... وأنَّ بالجزيرةِ العُرْسُ قَضَى 814 - وبِفَلَسْطِينَ أبُو أُبَيِّ ... ومِصْرَ فابنُ الحارِثِ بنِ جُزَيِّ 815 - وقُبِضَ الهِرْمَاسُ باليَمَامَةِ ... وقَبْلَهُ رُوَيْفِعٌ ببَرْقةِ 816 - وقِيلَ: إفْرِيقِيَّةٍ وسَلَمَهْ ... بادِياً اوْ بِطِيبَةَ المُكَرَّمَهْ (وَمَاتَ) من الصحابة (آخِراً) على الإطلاق (بِغَيْرِ مِرْيةِ أبُو الطُّفَيْلِ) عامر بن واثلة الليثي، (مَاتَ عَامَ مِائَةِ) من الهجرة. كذا جزم به ابن الصلاح (¬1) وجماعة. في «صحيح مسلم» (¬2) بإسناده إليه، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل رآه غيري. (وَ) مات (قَبْلَهُ السَّائِبُ) ابن يزيد (بالمَدِينَةِ) قاله أبو بكر بن أبي داود (¬3). (أَوْ سَهْلٌ اوْ جَابِرٌ) أي: وقيل آخرهم موتاً بالمدينة سهل بن سعد ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص300). (¬2) رقم (2340). (¬3) «الإصابة»: (2/ 12).

الأنصاري. قاله علي بن المديني وجماعة (¬1). وقيل جابر بن عبد الله. رواه أحمد بن حنبل عن قتادة. (أوْ) مات جابر (بِمَكَّةِ). قاله أبو بكر بن أبي داود. (وقِيلَ: الاخِرُ) موتاً (بِهَا:) أي: بمكة عبد الله (ابنُ عُمَرَا) قاله قتادة وغيره. (إنْ لا أبُو الطُّفَيْلِ فِيهَا قُبِرَا) أي: وإنما يكون آخر من مات بمكة جابر أو ابن عمر إن لم يكن أبو الطفيل مات بها كما قد قيل، والصحيح أنه مات بها. (وأَنَسُ بنُ مالِكٍ) آخر من مات منهم (بالبَصْرَةِ) قاله قتادة (¬2) وجماعة. (و) عبد الله (ابنُ أبي أوْفَى) آخر من (قَضَى) منهم (بالكُوْفَةِ) قاله قتادة (¬3) وجماعة. (والشَّامِ) آخر من مات بها منهم (فَابْنُ بُسْرٍ اوْ ذُو باهِلَهْ خُلْفٌ) أي: اختُلف فيه فقال الأحوص بن حكيم (¬4) وجماعة: عبد الله بن بُسْرٍ المازني. ورُوِيَ عن الحسن البصري (¬5) وغيره: أبو أُمَامَة صُدَيُّ بنُ عَجْلان الباهلي. (وقِيلَ) أي: وقال أبو زكريا ابن منده (¬6): آخر من مات (بِدِمَشْقٍ) منهم ¬

(¬1) «تهذيب الكمال»: (3/ 325). (¬2) «وفيات ابن زبر»: (1/ 222). (¬3) «التاريخ الكبير»: (5/ 24). (¬4) «تاريخ دمشق»: (27/ 159). (¬5) «تاريخ دمشق»: (24/ 58و73) و «تهذيب الكمال»: (3/ 154). (¬6) في جزء جمعه في آخر من مات من الصحابة. «شرح الناظم»: (2/ 155).

(وَاثِلَهْ) هو ابن الأسقع الليثي. (وَأنَّ في حِمْصٍ ابنُ بُسْرٍ قُبِضَا) أي: وقال: إن آخر من مات بحمص منهم عبد الله بن بُسْر المازني. (وأنَّ بالجزيرةِ العُرْسُ قَضَى) أي: وقال: إن آخر من مات منهم بالجزيرة العُرْسُ بن عُمَيْرَة الكندي. (وبِفَلَسْطِينَ أبُو أُبَيِّ) أي: وقال: إن آخر من مات منهم بفلسطين: أبو أُبي عبد الله بن أم حرام. (ومِصْرَ فابنُ الحارِثِ بنِ جُزَيِّ) أي: وقال [44 - ب]: آخر من مات منهم بمصر عبد الله بن الحارث بن جُزَي الزبيدي. (وقُبِضَ الهِرْمَاسُ باليَمَامَةِ) أي: وقال: آخر من مات منهم باليمامة: الهِرْمَاس بن زياد الباهلي. (وقَبْلَهُ رُوَيْفِعٌ ببَرْقةِ) أي: وقال: آخر من مات منهم ببرقة: رويفع بن ثابت الأنصاري. قاله أحمد بن البَرْقي، وصححه المزي. (وقِيلَ): وفاته في (إفْرِيقِيَّةٍ) وأنه آخر من مات بها منهم. قاله ابن منده. (وسَلَمَهْ بادِياً) أي: وقال: آخر من مات منهم بالبادية: سَلَمة بن الأكوع. (اوْ بِطِيبَةَ المُكَرَّمَهْ) أي: والصحيح ما قاله ابنه إياس بن سلمة أنه مات بالمدينة.

معرفة التابعين

مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ 817 - والتَّابعِيُّ اللاَّقِي لِمَنْ قَدْ صَحِبَا ... وَلِلْخَطِيبِ حَدُّهُ: أنْ يَصْحَبَا (والتَّابعِيُّ اللاَّقِي لِمَنْ قَدْ صَحِبَا) أي: التابعي: من لقي واحداً من الصحابة فأكثر. (وَلِلْخَطِيبِ (¬1) حَدُّهُ: أنْ يَصْحَبَا) أي: التابعي مَنْ صَحِبَ الصحابي. والأول أصح. 818 - وَهُمْ طِبَاقٌ قِيلَ: خَمْسَ عَشَرَهْ ... أَوَّلُهُمْ: رُوَاةُ كلِّ العَشَرَهْ 819 - وَقَيْسٌ الفَرْدُ بِهَذا الوَصْفِ ... وَقِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ عَوْفِ 820 - وَقَوْلُ مَنْ عدَّ سَعِيداً فَغَلَطْ ... بَلْ قِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ سِوَى سَعْدٍ فَقَطْ 821 - لَكِنَّهُ الأَفْضَلُ عِنْدَ أَحْمَدَا ... وعَنْهُ قَيْسٌ وَسِوَاهُ وَرَدَا 822 - وَفَضَّلَ الحَسَنَ أَهْلُ البَصْرَةِ ... والقَرَنِيْ أُوَيْساً اهْلُ الكُوفَةِ (وَهُمْ طِبَاقٌ قِيلَ: خَمْسَ عَشَرَهْ) قاله الحاكم (¬2): (أَوَّلُهُمْ: رُوَاةُ كلِّ العَشَرَهْ) أي: من روى عن العشرة بالسماع منهم (وَقَيْسٌ الفَرْدُ بِهَذا الوَصْفِ) أي: وليس في التابعين أحد سمع منهم إلا قيس بن أبي حازم. (وَقِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنِ ابْنِ عَوْفِ) ¬

(¬1) «الكفاية»: (1/ 98). (¬2) «معرفة علوم الحديث»: (ص203 - 209).

بل روى عن تسعة. قاله أبو عبيد الآجري عن أبي داود (¬1). (وَقَوْلُ مَنْ عدَّ سَعِيداً) وهو الحاكم (¬2) قال: وليس في جماعة التابعين من أَدْرَكَهُم وسمع منهم غير سعيد بن المسيب، وقيس بن أبي حازم. (فَغَلَطْ)؛ لأن سعيدَ بن المسيب إنما ولد في خلافة عُمَر بلا خلاف. (بَلْ قِيلَ) فيما حكاه ابن الصلاح (¬3): (لَمْ يَسْمَعْ سِوَى سَعْدٍ فَقَطْ. لَكِنَّهُ) أي: سعيد بن المسيب (الأَفْضَلُ) أي: أفضل التابعين (عِنْدَ أَحْمَدَا (¬4). وعَنْهُ) أي: عن أحمد بن حنبل أفضل التابعين (قَيْسٌ) هو ابن أبي حازم (وَسِوَاهُ وَرَدَا) فعنه أيضاً قال: لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان، وقيس. (وَفَضَّلَ الحَسَنَ أَهْلُ البَصْرَةِ والقَرَنِيْ أُوَيْساً اهْلُ الكُوفَةِ) أي: وفَضَّل أويساً القرني أهل الكوفة، وهو الصحيح؛ لقول عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن خير التابعين رجل يقال له أويس» (¬5) الحديث. 823 - وفي نِسَاءِ التَّابِعِينَ الأَبْدَا ... حَفْصَةُ مَعْ عَمْرَةَ أُمِّ الدَّرْدَا (وفي نِسَاءِ التَّابِعِينَ الأَبْدَا) أي: أولهن في الفضل: (حَفْصَةُ) بنت سيرين؛ لقول إياس بن معاوية: ما أدركت أحداً أُفَضِّلُهُ على حفصة. ¬

(¬1) «سؤالات الآجري لأبي داود»: (ص113). (¬2) «معرفة علوم الحديث»: (ص204). (¬3) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص303). (¬4) «طبقات الحنابلة»: (1/ 222) و «تهذيب الكمال»: (31/ 201). (¬5) «صحيح مسلم»: (رقم 2542).

(مَعْ عَمْرَةَ) بنت عبد الرحمن قال ابن أبي داود: سيدتا التابعين من [45 - أ] النساء حفصة وعَمْرَة. (أُمِّ الدَّرْدَا) أي: وثالثتهما وليست كهما: أم الدرداء الصغرى، أما الكبرى فصحابية. 824 - وَفِي الكِبَارِ الفُقَهَاءِ السَّبْعَهْ ... خَارِجَةُ القَاسِمُ ثُمَّ عُرْوَهْ 825 - ثُمَّ سُلَيْمَانُ عُبَيْدُ اللهِ ... سَعِيدُ والسَّابِعُ ذُو اشْتِبَاهِ 826 - إمَّا أَبُو سَلَمَةٍ أَوْ سَالِمُ ... أَوْ فَأَبو بَكْرٍ خِلاَفٌ قَائِمُ (وَفِي الكِبَارِ) من التابعين (الفُقَهَاءِ السَّبْعَهْ) من أهل المدينة وهم: (خَارِجَةُ) ابن زيد، ثم (القَاسِمُ) بن محمد، (ثُمَّ عُرْوَهْ) هو ابن الزبير، (ثُمَّ سُلَيْمَانُ) بن يسار، ثم (عُبَيْدُ اللهِ) هو ابن عبد الله بن عتبة، ثم (سَعِيدُ) بن المسيب، (والسَّابِعُ ذُو اشْتِبَاهِ) أي: مختلف فيه (إمَّا أَبُو سَلَمَةٍ) هو ابن عبد الرحمن، وعليه أكثر علماء الحجاز (¬1)، (أَوْ سَالِمُ) هو ابن عبد الله، جعله ابن المبارك مكان أبي سلمة (¬2)، (أَوْ فَأَبو بَكْرٍ) هو ابن عبد الرحمن، ذكره أبو الزناد مكان أبي سلمة أو سالم (¬3)، (خِلاَفٌ قَائِمُ). 827 - والمُدْرِكُونَ جَاهِلِيَّةً فَسَمْ ... مُخَضْرَمِينَ كَسُوَيْدٍ في أُمَمْ ¬

(¬1) «معرفة علوم الحديث»: (205). (¬2) «المعرفة والتاريخ»: (1/ 325) و «المدخل» للبيهقي: (ص167) و «سير أعلام النبلاء»: (4/ 461). (¬3) «المعرفة والتاريخ»: (1/ 559).

(والمُدْرِكُونَ جَاهِلِيَّةً فَسَمْ مُخَضْرَمِينَ) أي: والمخضرمون من التابعين الذين أدركوا الجاهلية وحياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليست لهم صحبة، فالمخضرم متردد بين طبقتين لا يُدرى من أيتهما هو، فهذا مدلول الخضرمة. (كَسُوَيْدٍ) أي: ابن غفلة (في أُمَمْ) أي: جماعات بَلَغَ بهم مسلمٌ عشرين. 828 - وَقَدْ يُعَدُّ في الطِّبَاقِ التَّابِعُ ... في تابِعِيهِمْ إذْ يَكُونُ الشَّائِعُ 829 - الحَمْلَ عَنْهُمْ كأَبِي الزِّنَادِ ... والعَكْسُ جَاءَ وَهْوَ ذُوْ فَسَادِ (وَقَدْ يُعَدُّ في الطِّبَاقِ التَّابِعُ في تابِعِيهِمْ) أي: قد يَعُدُّ من صَنَّفَ في الطَّبقات بعضَ التابعين في أتباع التابعين، (إذْ يَكُونُ الشَّائِعُ الحَمْلَ عَنْهُمْ) أي: لكون الغالب عليه والشائع عنه روايته عن التابعين وحمله عنهم، (كأَبِي الزِّنَادِ) هو عبد الله بن ذكوان، قال ابن خياط (¬1): هو عند الناس في أتباع التابعين، وقد لقي الصحابة أنس بن مالك وجماعة. (والعَكْسُ) وهو عَدُّ مَنْ هو من أتباع التابعين في التابعين (جَاءَ) عن بعضهم (وَهْوَ ذُوْ فَسَادِ) وخطأ ممن صنعه. 830 - وَقَدْ يُعَدُّ تَابِعِيّاً صَاحِبُ ... كَابْنَي مُقَرِّنٍ ومَنْ يُقَارِبُ (وَقَدْ يُعَدُّ تَابِعِيّاً صَاحِبُ).أي بعض الصحابة في طبقة التابعين إما لغلط (كَابْنَي مُقَرِّنٍ) وهما: النعمان وسويد، عدهما الحاكم (¬2) في الإخوة من ¬

(¬1) «طبقات خليفة بن خياط»: (ص259). (¬2) «معرفة علوم الحديث»: (ص453).

التابعين وهما صحابيان معروفان. (ومَنْ يُقَارِبُ) أي: وإما لكونه من صغار الصحابة يُقارب التابعين في كَوْنِ روايتِهِ أو غالبِها عن الصحابة، كَعَدِّ مُسْلِمٍ (¬1) محمودَ بن لبيدٍ في التابعين. ¬

(¬1) في طبقاته (1/ 228، 231).

رواية الأكابر عن الأصاغر

رِوَايةُ الأَكَابِرِ عَنِ الأَصاغِرِ 831 - وَقَدْ رَوَى الكَبِيرُ عَنْ ذِي الصُّغْرِ ... طَبَقَةً وَسِنّاً اوْ في القَدْرِ 832 - أَوْ فيهِمَا وَمِنْهُ أَخْذُ الصَّحْبِ ... عنْ تابعٍ كَعِدَّةِ عَنْ كَعْبِ (وَقَدْ رَوَى الكَبِيرُ عَنْ ذِي الصُّغْرِ) والأصلُ فيه روايتُهُ عليه السلام عن تميمٍ الداري حديثَ الجَسَّاسة (¬1). وهو إما أن يكون الراوي أقدم (طَبَقَةً) أو أكبر (سِنّاً) (¬2) من المروي عنه كرواية الزهري عن مالك بن أنس. (اوْ في القَدْرِ) [45 - ب] لعلمه وحفظه كرواية مالك عن عبد الله بن دينار. (أَوْ فيهِمَا) أي: أكبر في الوجهين معاً كرواية عبد الغني بن سعيد عن محمد بن علي الصوري. (وَمِنْهُ) أي: من رواية الأكابر عن الأصاغر: (أَخْذُ الصَّحْبِ عنْ تابعٍ كَعِدَّةِ) من الصحابة وهم العبادلة وأبو هريرة ومعاوية وأنس بن مالك رووا (عَنْ كَعْبِ) هو كعب الأحبار. ¬

(¬1) صحيح مسلم رقم (2942). (¬2) كذا، ولم يثبت الواو من قول الناظم: وسناً.

رواية الأقران

رِوَايَةُ الأَقْرَانِ 833 - والقُرَنَا مَنِ اسْتَوَوْا في السَّنَدِ ... والسِّنِّ غَالِباً وقِسْمَينِ اعْدُدِ 834 - مُدَبَّجاً وَهْوَ إِذَا كُلٌّ أخَذْ ... عَنْ آخَرٍ وغيرَهُ انْفِرادُ فَذْ (والقُرَنَا مَنِ اسْتَوَوْا في السَّنَدِ والسِّنِّ غَالِباً) وقد يكتفون بالإسناد والمراد تقارب القرينين. (وقِسْمَينِ اعْدُدِ مُدَبَّجاً) أي: وروايتهم تنقسم إلى قسمين: أحدهما يسمونه: المدبج، (وَهْوَ إِذَا كُلٌّ) من القرينين (أخَذْ عَنْ آخَرٍ) كأبي هريرة عن عائشة وهي عنه. (وغيرَهُ انْفِرادُ فَذْ) أي: والثاني أن يروي أحد القرينين عن الآخر، ولا يروي الآخرُ عنه فيما نعلم كسليمان التيمي عن مِسْعَر.

الأخوة والأخوات

الأُخْوَةُ والأَخَوَاتُ 835 - وَأَفْرَدُوا الأخْوَةَ بالتَّصْنِيفِ ... فَذُوْ ثَلاَثَةٍ بَنُو حُنَيْفِ 836 - أَرْبَعَةٌ أَبُوهُمْ السَّمَّانُ ... وخَمْسَةٌ أَجَلُّهُمْ سُفْيَانُ 837 - وسِتَّةٌ نَحْوُ بَنِي سِيْرِيْنَا ... واجْتَمَعُوا ثَلاَثَةً يَرْوُونا 838 - وَسَبْعَةٌ بَنُو مُقَرِّنٍ، وَهُمْ ... مُهَاجِرُونَ لَيْسَ فِيهِمْ عَدُّهُمْ 839 - وَالأَخَوَانِ جُمْلَةٌ كَعُتْبَةِ ... أَخِي ابْنِ مَسْعُودٍ هُما ذُوْ صُحْبَةِ (وَأَفْرَدُوا) أي: أهل الحديث (الأخْوَةَ) من العلماء والرواة (بالتَّصْنِيفِ) فَصَنَّفَ فيه ابنُ المديني وغيره. (فَذُوْ ثَلاَثَةٍ) أي: فمثال الأخوة الثلاثة: سهل، وعباد، وعثمان (بَنُو حُنَيْفِ). ومثال (أَرْبَعَةٌ): محمد، وسهل، وصالح، وعبد الله. (أَبُوهُمْ) صالح (السَّمَّانُ). (و) مثال (خَمْسَةٌ): سفيان، وآدم، وعمران، ومحمد، وإبراهيم، بنو عيينة. (أَجَلُّهُمْ) في العلم (سُفْيَانُ). وقد حَدَّثوا كلُّهم. (و) مثال (سِتَّةٌ نَحْوُ بَنِي سِيْرِيْنَا) وهم محمد، وأنس، ويحيى، ومعبد، وحفصة، وكريمة كلهم من التابعين. واجتمعوا ثلاثة يروون أي: واجتمع منهم ثلاثةٌ في إسنادِ حديثٍ واحد يروي بعضهم عن بعض. (و) مثال (سَبْعَةٌ): النعمان، ومعقل، وعقيل، وسويد، وسنان، وعبد

الرحمن، وعبد الله (بَنُو مُقَرِّنٍ، وَهُمْ مُهَاجِرُونَ لَيْسَ فِيهِمْ عَدُّهُمْ) أي: ولم يشاركهم في هذه المكرمة غيرهم. (وَالأَخَوَانِ جُمْلَةٌ) أي: كثير في الصحابة ومن بعدهم. (كَعُتْبَةِ أَخِي) عبد الله (ابْنِ مَسْعُودٍ هُما ذُوْ صُحْبَةِ) كلاهما صحابي. ولم يطول بما زاد (¬1) لندرته. ¬

(¬1) أي: بما زاد عن السبعة من الأخوة.

رواية الآباء عن الأبناء وعكسه

رِوَايَةُ الآبَاءِ عَنِ الأبْنَاءِ وَعَكْسُهُ 840 - وَصَنَّفُوا فِيمَا عَنِ ابْنٍ أَخَذَا ... أبٌ كَعَبَّاسٍ عَنِ الفَضْلِ كَذَا 841 - وائِلُ عَنْ بَكْرِ ابْنِهِ والتَّيْميْ ... عَنِ ابْنِهِ مُعْتَمِرٍ في قَوْمِ (وَصَنَّفُوا) منهم أبو بكر الخطيب (فِيمَا عَنِ ابْنٍ أَخَذَا أبٌ كَعَبَّاسٍ) هو ابن عبد المطلب، روى (عَنِ) ابنه (الفَضْلِ): «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين بالمزدلفة» (¬1) [46 - أ]. (كَذَا وائِلُ) بن داود روى (عَنْ بَكْرِ ابْنِهِ) ثمانية أحاديث. (و) سليمان (التَّيْميْ) روى (عَنِ ابْنِهِ مُعْتَمِرٍ) حديثين. (في قَوْمِ) أي: في جماعة رَوَوْا عن أبنائهم. 842 - أَمَّا أَبُو بَكْرٍ عَنِ الحَمْرَاءِ ... عَائِشَةٍ في الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ 843 - فإنَّهُ لابْنِ أبي عَتِيقِ ... وغُلِّطَ الوَاصِفُ بالصِّدِّيقِ (أَمَّا) ما رواه (أَبُو بَكْرٍ عَنِ الحَمْرَاءِ عَائِشَةٍ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (في الحَبَّةِ السَّوْدَاءِ) شفاءٌ من كل داء (فإنَّهُ لابْنِ) أي: لأبي بكر بن (أبي عَتِيقِ) عن عائشة (¬2)، وهو: عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ¬

(¬1) انظر: «تلقيح فهوم أهل الأثر»: (ص704). (¬2) «صحيح البخاري»: رقم (5688).

بكر الصديق (وغُلِّطَ الوَاصِفُ بالصِّدِّيقِ)، أي: مَنْ رواه عن أبي بكر الصديق عن عائشة. 844 - وَعَكْسُهُ صَنَّفَ فِيهِ الوَائِلي ... وهوَ مَعَالٍ لِلْحَفِيدِ النَّاقِلِ (وَعَكْسُهُ) وهو رواية الأبناء عن الآباء (صَنَّفَ فِيهِ) أبو بكر (الوَائِلي). (وهوَ مَعَالٍ لِلْحَفِيدِ النَّاقِلِ) أي: ورواية الرجل عن أبيه عن جده من المعالي. 845 - وَمِنْ أَهَمِّهِ إذا مَا أُبْهِمَا ... الأبُ أَوْ جَدٌّ وَذَاكَ قُسِمَا 846 - قِسْمَينِ عَنْ أَبٍ فَقَطْ نَحْوَ أَبِي ... العُشَرَا عَنْ أَبِهِ عَنِ النَّبِيِّ 847 - واسْمُهُما على الشَّهيرِ فاعْلَمِ ... أُسَامَةُ بنُ مَالِكِ بنِ قِهْطَمِ (وَمِنْ أَهَمِّهِ) أي: رواية الأبناء عن الآباء (إذا مَا أُبْهِمَا الأبُ أَوْ جَدٌّ) فلم يُسَم بل اقتصر على كونه أبًّا للراوي أو جداً له فيحتاج حينئذ إلى معرفة اسمه. (وَذَاكَ قُسِمَا قِسْمَينِ) أحدهما: أن تكون الرواية (عَنْ أَبٍ فَقَطْ) دون جده. (نَحْوَ أَبِي العُشَرَا) الدارمي (عَنْ أَبِهِ عَنِ النَّبِيِّ) صلى الله عليه وسلم فإن أباه لم يسم في طُرُق الحديث (واسْمُهُما) أي: اسم أبي العشراء واسم أبيه (على الشَّهيرِ فاعْلَمِ أُسَامَةُ بنُ مَالِكِ بنِ قِهْطَمِ) وقيل غير ذلك. 848 - وَالثَّانِ أنْ يَزِيدَ فيهِ بَعْدَهُ ... كَبَهْزٍ اوْ عَمْرٍو أباً أَوْ جَدَّهُ 849 - والأَكْثَرُ احْتَجُّوا بعمرٍو حَمْلاَ ... لَهُ على الجَدِّ الكَبِيرِ الأَعْلَى (وَ) القسم (الثَّانِ أنْ يَزِيدَ فيهِ بَعْدَهُ) أي: بعد ذكر الأب (كَبَهْزٍ اوْ عَمْرٍو أباً أَوْ جَدَّهُ) أي: أبَّا آخر فيكون جداً للأول. كرواية بهز بن حكيم عن أبيه عن

جده عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحكيم هو: ابن معاوية القشيري. أو جدًّا للأب كعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وشعيب هو: ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص. (والأَكْثَرُ) من المحَدِّثين (احْتَجُّوا بعمرٍو) هو ابن شعيب عن أبيه عن جده. قال البخاري (¬1): رأيت عامة أصحابنا يحتجون بحديثه عن أبيه عن جده. (حَمْلاَ لَهُ) أي: لمطلق الجد (على الجَدِّ الكَبِيرِ الأَعْلَى) وهو عبد الله بن عمرو دون ابنه محمد والد شعيب لما ظهر لهم من إطلاقه ذلك. وقيل: لا يحتج به. قيل: روايته عن أبيه عن جده كتابةً فَمِنْ هنا [جاء] (¬2) ضعفه. وقيل: مرسل؛ لأن جده محمداً لا صحبة له، وقيل: شعيب لم يلق عبد الله فيكون منقطعاً. 850 - وَسَلْسَلَ الآبَا التَّمِيمِي فَعَدّْ ... عَنْ تِسْعَةٍ قُلْتُ: وَفَوْقَ ذَا وَرَدْ (وَسَلْسَلَ الآبَا) عبد الوهاب (التَّمِيمِي فَعَدّْ عَنْ تِسْعَةٍ) من آبائه في «تاريخ الخطيب» (¬3) قال: ثنا عبد الوهاب [46 - ب] بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أُكَينة بن عبد الله التميمي قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: سمعت علي بن أبي طالب، ¬

(¬1) «التاريخ الكبير»: (6/ 342) و «العلل الكبير» للترمذي: (ص18). (¬2) زيادة من شرح الناظم (2/ 188). (¬3) (11/ 32).

وقد سُئل عن الحنان المنان فقال: الحنان هو الذي يُقْبِلُ على من أعرض عنه، والمنان الذي يبدأ بالنوال قبلَ السؤال. قال المصنف (قُلْتُ: وَفَوْقَ ذَا وَرَدْ) من هذا الوجه فورد فيه باثني عشر أباً. ومِنْ غيره كأحاديث تسلسلت بأربعة عشر رجلاً من طريق أهل البيت منها قوله عليه السلام: «ليس الخبر كالمعاينة».

السابق واللاحق

السَّابِقُ واللاَّحِقُ 851 - وَصَنَّفُوا في سَابِقٍ ولاَحِقِ ... وَهْوَ اشْتِرَاكُ رَاوِيَيْنِ سَابِقِ 852 - مَوْتاً كَزُهْرِيٍّ وَذِي تَدَارُكِ ... كَابْنِ دُوَيْدٍ رَوَيَا عَنْ مَالِكِ 853 - سَبْعَ ثَلاَثُونَ وَقَرْنٍ وافِي ... أُخِّرَ كَالجُعْفِي والخَفَّافِ (وَصَنَّفُوا) منهم الخطيب (في سَابِقٍ ولاَحِقِ وَهْوَ اشْتِرَاكُ رَاوِيَيْنِ) في الرواية عن شخص واحد (سَابِقِ مَوْتاً كَزُهْرِيٍّ وَذِي تَدَارُكِ كَابْنِ دُوَيْدٍ رَوَيَا عَنْ مَالِكِ) أي: وأحد الراويين متقدم، والآخر متأخر بحيث يكون بين وفاتيهما أمد بعيد كمالك بن أويس، روى عنه أبو بكر الزهري، وروى عنه أيضاً زكريا بن دُوَيد الكندي. (سَبْعَ ثَلاَثُونَ وَقَرْنٍ وافِي أُخِّرَ) أي: وقد تأخرت وفاة ابن دويد بعد موت الزهري مائة وسبعاً وثلاثين سنة. والصواب التمثيل بأحمد السهمي فإنه آخر أصحاب مالك وفاةً وابن دويد مُتَكَلَّمٌ فيه. (كَالجُعْفِي والخَفَّافِ) أي: كما تقدمت وفاة محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري على وفاة أبي الحسين الخَفَّاف بهذا المقدار وهو مائة وسبع وثلاثون سنة، وقد اشتركا في الرواية عن أبي العباس السَّرَّاج.

من لم يرو عنه إلا راو واحد

مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلاَّ رَاوٍ وَاحِدٌ 854 - وَمُسْلِمٌ صَنَّفَ فِي الوُحْدَانِ ... مَنْ عَنْهُ رَاوٍ وَاحِدٌ لاَ ثانِ 855 - كَعَامِرِ بْنِ شَهْرٍ اوْ كَوَهْبِ ... هُوَ ابْنُ خَنْبَشٍ وَعَنْهُ الشَّعْبِي 856 - وَغُلِّطَ الحَاكِمُ حَيْثُ زَعَمَا ... بأنَّ هَذَا النَّوْعَ لَيْسَ فِيْهِمَا 857 - فَفِي الصَّحِيحِ أخْرَجَا للمُسَيِّبَا ... وأخْرَجَ الجُعْفِيُّ لابْنِ تَغْلِبَا (من لم يرو عنه إلا راوٍ واحد) من الصحابة والتابعين ومن بَعْدَهم. (وَمُسْلِمٌ صَنَّفَ فِي الوُحْدَانِ مَنْ عَنْهُ رَاوٍ وَاحِدٌ لاَ ثانِ) وذلك في الصحابة، (كَعَامِرِ بْنِ شَهْرٍ اوْ كَوَهْبِ هُوَ ابْنُ خَنْبَشٍ) الطائي (وَعَنْهُ الشَّعْبِي) أي: تفرد الشعبي بالرواية عن كل واحد منهما. (وَغُلِّطَ الحَاكِمُ حَيْثُ زَعَمَا) في كتابه «المدخل» (¬1) (بأنَّ هَذَا النَّوْعَ لَيْسَ فِيْهِمَا) أي: في صحيحي البخاري ومسلم؛ (فَفِي الصَّحِيحِ أخْرَجَا للمُسَيِّبَا) أي: حديث المسيب بن حَزَن في وفاة أبي طالب (¬2) مع أنه لا [47 - أ] راوي له غير ابنه سعيد. (وأخْرَجَ) أبو عبد الله (الجُعْفِيُّ) البخاري (لابْنِ تَغْلِبَا) حديثاً مرفوعاً: «إني لأعطي الرجل والذي أَدَعُ أَحَبُّ إلي» (¬3) ولم يَرْوِ عن عمرو بن تَغْلِب سوى الحسن البصري. ¬

(¬1) (ص38). (¬2) البخاري رقم (3146) ومسلم رقم (39). (¬3) البخاري رقم (3146).

من ذكر بنعوت متعددة

مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدةٍ 858 - وَاعْنِ بِأَنْ تَعْرِفَ مَا يَلْتَبِسُ ... مِنْ خَلَّةٍ يُعْنَى بِهَا المُدَلِّسُ 859 - مِنْ نَعْتِ رَاوٍ بِنُعُوتٍ نَحْوَ مَا ... فُعِلَ في الكَلْبِيِّ حَتَّى أُبْهِمَا 860 - مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ العَلاَّمَهْ ... سَمَّاهُ حَمَّاداً أبُو أُسَامَهْ 861 - وبِأبِي النَّضْرِ بنِ إسْحَقَ ذَكَرْ ... وبِأبي سَعِيدٍ العَوْفِيْ شَهَرْ (وَاعْنِ بِأَنْ تَعْرِفَ مَا يَلْتَبِسُ مِنْ خَلَّةٍ يُعْنَى بِهَا المُدَلِّسُ مِنْ نَعْتِ رَاوٍ بِنُعُوتٍ) أي: ما يفعله المدلِّسون كثيراً مِنْ ذكر راو من الرواة بأنواع من التعريفات من الأسماء، أو الكنى، أو الألقاب، أو الأنساب، إمَّا مِنْ جماعة مِنْ الرواة عنه فَعَرَّفَهُ كلٌّ بغير ما عَرَّفَه الآخر، أو من واحد يعرفه مرة بهذا ومرة بذاك فَيُلَبِّسْ على من لا معرفة عنده. (نَحْوَ مَا فُعِلَ في الكَلْبِيِّ حَتَّى أُبْهِمَا) وهو (مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ العَلاَّمَهْ) في الأنساب أحد الضُّعَفاء (سَمَّاهُ حَمَّاداً أبُو أُسَامَهْ) أي: روى عنه أبو أسامة حماد بن أسامة فسماه حماد بن السائب، (وبِأبِي النَّضْرِ بنِ إسْحَقَ ذَكَرْ) أي: وروى عنه محمد بن إسحاق فسماه بأبي النضر، (وبِأبي سَعِيدٍ العَوْفِيْ شَهَرْ) أي: وروى عنه عطية العوفي فكناه بأبي سعيد ولم يُسَمِّه.

أفراد العلم

أَفْرَادُ العَلَمِ 862 - وَاعْنِ بالأَفْرَادِ سُماً أو لَقَبَا ... أوْ كُنْيَةً نَحْوَ لُبَيِّ بْنِ لَبَا 863 - أوْ مِنْدَلٍ عَمْرٌو وَكَسْراً نَصُّوا ... في المِيمِ أوْ أَبِي مُعَيْدٍ حَفْصُ (وَاعْنِ بالأَفْرَادِ) سواء كان (سُماً) هو لغة في الاسم، وهو ما وُضِعَ علامةً على المُسَمَّى. (أو لَقَبَا) وهو ما دل على رِفْعَةٍ أو ضعةٍ. (أوْ كُنْيَةً) وهو ما صُدِّر بأب أو أم. صَنَّفَ فيه البَرْديجي كتابه «الأسماء المفردة». (نَحْوَ لُبَيِّ بْنِ لَبَا) صحابي من بني أسد، هو وأبوه فردان. وذا مثال أفراد الأسماء. (أوْ) نحو (مِنْدَلٍ عَمْرٌو) أي: مِنْدَل بن علي العنزي واسمه عمرو، (وَكَسْراً نَصُّوا في المِيمِ) نص عليه الخطيب (¬1) وغيره. وذا مثال الألقاب. (أوْ) نحو (أَبِي مُعَيْدٍ حَفْصُ) أي: أبي مُعَيْد، واسمه حفص بن غيلان. وذا مثال الكُنى. ¬

(¬1) «تاريخ بغداد»: (13/ 247).

الأسماء والكنى

الأَسْمَاءُ والكُنَى 864 - وَاعْنِ بالاسْما والكُنَى وَقَدْ قَسَمْ ... الشَّيْخُ ذَا لِتِسْعٍ اوْ عَشْرٍ قَسَمْ 865 - مَنِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ انْفِرَادَا ... نَحْوُ أُبِي بِلاَلٍ اوْ قَدْ زَادَا 866 - نَحْوَ أبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ قَدْ كُنِي ... أبَا مُحَمَّدٍ بِخُلْفٍ فَافْطُنِ 867 - وَالثَّانِ مَنْ يُكْنَى ولااسْماً نَدْرِي ... نَحْوُ أبي شَيْبَةَ وَهْوَ الخُدْرِي 868 - ثُمَّ كُنَى الأَلْقَابِ وَالتَّعَدُّدِ ... نَحْوَ أبي الشَّيْخِ أبي مُحَمَّدِ 869 - وابْنُ جُريْجٍ بأبي الوَلِيدِ ... وَخَالِدٌ كُنِّيَ للتَّعْدِيدِ 870 - ثُمَّ ذَوو الخُلْفِ كُنًى وعُلِمَا ... أسْمَاؤُهُمْ وَعَكْسُهُ وَفِيْهِمَا 871 - وَعَكْسُهُ وَذُو اشْتِهَارٍ بِسُمِ ... وعَكْسُهُ أبو الضُّحَى لِمُسْلِمِ (وَاعْنِ بالاسْما والكُنَى) فاعرف أسماء ذوي الكُنَى، وكُنَى ذوي الأسماء؛ إذ ربما ذُكِرَ الراوي مرةً بكُنيته ومرةً باسمه أو بهما فيظنهما من لا معرفة له بذلك رجلين، وصَنَّفَ فيه جماعةٌ منهم ابن المديني. (وَقَدْ قَسَمْ الشَّيْخُ) ابن الصلاح (¬1) (ذَا) أي: معرفة الأسماء والكنى (لِتِسْعٍ) من وجه (اوْ عَشْرٍ قَسَمْ) من وجه آخر: الأول: (مَنِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ انْفِرَادَا) أي: وذا ينقسم إلى قسمين أحدهما من لا ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص330 - 335).

كنية له غير الكنية [47 - ب] التي هي اسمه (نَحْوُ أُبِي بِلاَلٍ) الأشعري، قال: اسمي وكنيتي واحد. (اوْ قَدْ زَادَا) أي: وثانيهما: من له كنية أخرى زيادة على الاسم الذي هو كنيته (نَحْوَ أبِي بَكْرٍ بنِ حَزْمٍ) الأنصاري (قَدْ كُنِي أبَا مُحَمَّدٍ بِخُلْفٍ فَافْطُنِ) فإن ابن الصلاح قال (¬1): وقد قيل إنه لا كنية لابن حزم غير الكنية التي هي اسمه. (وَالثَّانِ مَنْ يُكْنَى ولااسْماً نَدْرِي) أي: من عُرِفَ بكنيته ولم نَقِفْ له على اسم فلم نَدْرِ هل اسمه كنيته كالأولى؟ أو له اسم ولم نقف عليه؟ (نَحْوُ أبي شَيْبَةَ وَهْوَ الخُدْرِي) من الصحابة. (ثُمَّ كُنَى الأَلْقَابِ) أي: والثالث من لُقِّبَ بكنيته. (وَالتَّعَدُّدِ) أي: والرابع: من له كنيتان فأكثر، (نَحْوَ أبي الشَّيْخِ أبي مُحَمَّدِ) أي: فمثال الثالث: أبو الشيخ بن حيان، اسمه عبد الله، وكنيته أبو محمد، وأبو الشيخ لَقَبٌ له. (وابْنُ جُريْجٍ بأبي الوَلِيدِ وَخَالِدٌ كُنِّيَ للتَّعْدِيدِ) أي: ومثال الرابع عبد الملك بن جريجٍ، كني بأبي الوليد وبأبي خالد. (ثُمَّ ذَوو الخُلْفِ كُنًى وعُلِمَا أسْمَاؤُهُمْ) أي: والخامس من اختُلِفَ في كنيته على قولين أو أقوال، وقد عُلِمَ اسمُهُ ولم يُختلف فيه، كأسامة بن زيد الحِبّ أبي زيد، أو أبي محمد، أو أبي عبد الله، أو أبي خارجة، أقوال. (وَعَكْسُهُ) أي: والسادس عكس الذي قبله، وهو من اختُلف في اسمه وعُرفت كنيته فلم يختلف فيها، كأبي هريرة الدوسي اختُلف في اسمه ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص330).

على أقوال منها ما صححه النووي (¬1) وغيره أنه عبد الرحمن بن صخر. (وَفِيْهِمَا) أي: والسابع: من اختُلف في كنيته واسمه معا، كسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، اسمه عمير، أو صالح، أو مهران، وكنيته أبو عبد الرحمن، أو أبو البختري أقوال. (وَعَكْسُهُ) أي: والثامن من لم يُختلف في كنيته ولا في اسمه بل عُلِمَا معا كأبي حنيفة النعمان. (وَذُو اشْتِهَارٍ بِسُمِ) -لغة في الاسم- أي: والتاسع: من اشتُهر باسمه دون كنيته كطلحة بن عبيد الله، وكنيته أبو محمد، وذا القسم الذي أفرده ابن الصلاح بنوع على حِدَة. (وعَكْسُهُ) أي: والعاشر عكس الذي قبله وهو من اشتُهِرَ بكنيته دون اسمه، ومثاله (أبو الضُّحَى لِمُسْلِمِ) هو ابن صُبَيْح بضم المهملة. ¬

(¬1) «التقريب»: (2/ 770) مع «التدريب».

الألقاب

الأَلْقَابُ 872 - وَاعْنِ بِالالْقَابِ فَرُبَّمَا جُعِلْ ... الوَاحِدُ اثْنَيْنِ الذِيْ مِنْهَا عُطِلْ 873 - نَحْوُ الضَّعِيفِ أيْ بِجِسْمِهِ وَمَنْ ... ضَلَّ الطَّرِيْقَ بِاسْمِ فَاعِلٍ وَلَنْ 874 - يَجُوزَ مَا يَكْرَهُهُ المُلَقَّبُ ... وَرُبَّمَا كَانَ لِبَعْضٍ سَبَبُ 875 - كَغُنْدَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ ... وصَالِحٍ جَزَرَةَ المُشْتَهرِ (وَاعْنِ بِالالْقَابِ) أي: ألقاب المحدِّثين والعلماء فقد صَنَّف فيه ابن الجوزي وغيره. (فَرُبَّمَا جُعِلْ) [48 - أ] الرجل (الوَاحِدُ اثْنَيْنِ الذِيْ مِنْهَا عُطِلْ) أي: العاطل من معرفة الألقاب بأن يكون قد ذكره مرةً باسمه ومرةً بلقبه. (نَحْوُ الضَّعِيفِ أيْ بِجِسْمِهِ وَمَنْ ضَلَّ الطَّرِيْقَ بِاسْمِ فَاعِلٍ) أي: نحو الضعيف والضال رجلان جليلان لزمهما لقبان قبيحان: معاوية بن عبد الكريم الضَّال ضَلَّ في طريق مكة، وعبد الله بن محمد الضعيف كان ضعيفاً في جسمه. (وَلَنْ يَجُوزَ) أن يُذْكَرَ من الألقاب (مَا يَكْرَهُهُ المُلَقَّبُ) أما ما لا يكرهه فيجوز، كأبي تراب لقب لعلي رضي الله عنه ما كان له اسم أحب إليه منه. ثم الألقاب قد لا يعرف سبب التلقيب بها، (وَرُبَّمَا كَانَ لِبَعْضٍ سَبَبُ كَغُنْدَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ) سبب تلقيبه أن ابن جريج قدم البصرة فكان يُكْثِرُ الشَّغَبَ

عليه فقال: اسكت يا غندر (¬1)، وأهل الحجاز يسمون المشغِّب غندراً. (وصَالِحٍ جَزَرَةَ المُشْتَهرِ) وهو صالح بن محمد البغدادي (¬2) سُئل: لم لُقِّبَ به؟ فقال: سُئلت من أين سمعت عمرو ابن زرارة؟ فقلت: من حديث الجزرة، فَبَقِيَت عليّ، وذلك في حديث عبد الله بن بُسْر: «كان يرقى بخرزة» (¬3) بالخاء المعجمة وتَقَدُّم الراء، فَصَحَّفَهَا بالجيم وبتقديم الزاي. ¬

(¬1) «الجامع لأخلاق الراوي»: (2/ 74). (¬2) في الأصل: البغداي. خطأ. (¬3) «تاريخ بغداد»: (9/ 323) و «سير أعلام النبلاء»: (14/ 26). وقد ذكرت في سبب تلقيبه أمور أخرى انظرها في المصدرين السابقين، و «الجامع» للخطيب: (2/ 215) و «نزهة الألباب»: (1/ 170) و «فتح المغيث»: (4/ 220 - 221).

المؤتلف والمختلف

الْمُؤْتَلِفُ والمُخْتَلِفُ 876 - وَاعْنِ بِمَا صُورَتُهُ مُؤْتَلِفُ ... خَطّاً وَلَكِنْ لَفْظُهُ مُخْتَلِفُ 877 - نَحْوُ سَلاَمٍ كلُّهُ فَثَقِّلِ ... لاَ ابْنُ سَلاَمِ الحِبْرُ والمُعْتَزِلي 878 - أَبَا عَلِيٍّ فَهْوَ خِفُّ الجَدِّ ... وَهْوَ الأَصَحُّ في أبِي البِيكَنْدِي 879 - وابْنُ أَبِي الْحُقَيقِ وابْنُ مِشْكَمِ ... والأَشْهَرُ التَّشْدِيدُ فِيهِ فَاعْلَمِ 880 - وابْنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاهِضٍ فَخِفْ ... أَوْ زِدْهُ هَاءً فَكَذا فِيهِ اخْتُلِفْ 881 - قُلْتُ: ولِلْحِبْرِ ابْنِ أُخْتٍ خَفِّفِ ... كَذَاكَ جَدُّ السَّيِّدي والنَّسَفِي (وَاعْنِ بِمَا صُورَتُهُ مُؤْتَلِفُ خَطّاً وَلَكِنْ لَفْظُهُ مُخْتَلِفُ) من الأسماء، والألقاب، والأنساب، ونحوها، ومن لم يُعْنَ به كَثُرَ عثارُهُ. وقد صنف فيه الدارقطني وغيره. وهو قسمان: مالا ضابط له فيُعرف بالنقل. وما له ضابط، وهو قسمان: على العموم من غير تقييد بتصنيف. وما هو مخصوص بما في الصحيحين والموطأ. فالأول (نَحْوُ سَلاَمٍ كلُّهُ فَثَقِّلِ) أي: جميعه بالتشديد (لاَ ابْنُ سَلاَمِ الحِبْرُ) وهو والد عبد الله بن سلام الحبر الصحابي. (والمُعْتَزِلي أَبَا عَلِيٍّ فَهْوَ خِفُّ الجَدِّ) أي: في سَلَام جد أبي علي الجبائي

المعتزلي، واسمه محمد بن عبد الوهاب بن سَلام. (وَهْوَ الأَصَحُّ في أبِي البِيكَنْدِي) أي: في والد محمد بن سلَام البيكندي البخاري على خلاف فيه. (و) سَلَام (ابْنُ أَبِي الْحُقَيقِ) اليهودي. (و) سَلَام (ابْنُ مِشْكَمِ) خَمَّاراً كمان في الجاهلية، (والأَشْهَرُ التَّشْدِيدُ فِيهِ فَاعْلَمِ). (و) سلام (ابْنُ مُحَمَّدِ بنِ نَاهِضٍ) المقدسي (فَخِفْ أَوْ زِدْهُ هَاءً فَكَذا فِيهِ اخْتُلِفْ) فسماه أحمد بن نصر: سَلَاماً، والطبراني سَلَامة بهاء في آخره. قال المصنف: [48 - ب] (قُلْتُ:) زيادةً على ابن الصلاح: (ولِلْحِبْرِ) وهو عبد الله بن سلام (ابْنِ أُخْتٍ) اسمه سلام (خَفِّفِ). (كَذَاكَ جَدُّ السَّيِّدي) وهو سعد بن جعفر بن سَلَام السَّيِّدي. (و) جد (النَّسَفِي) وهو أبو نصر محمد بن يعقوب بن إسحاق بن محمد بن موسى بن سَلَام النَّسَفي. 882 - عَيْنَ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ اكْسِرِ ... وَفي خُزَاعَةَ كَرِيْزٌ كَبِّرِ (عَيْنَ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةَ اكْسِرِ) أي: وليس لنا عِمارة بكسر العين إلا أبي بن عِمارة من الصحابة، ومن عداه بالضم أو الفتح. (وَفي خُزَاعَةَ كَرِيْزٌ كَبِّرِ) أي: وكَرِيز بفتح الكاف وكسر الراء مُكَبَّراً في خزاعة فقط، وما عداه مُصَغَّر.

883 - وَفِي قُرَيْشٍ أَبَداً حِزَامُ ... وَافْتَحْ فِي الانْصَارِ بِرَا حَرَامُ (وَفِي قُرَيْشٍ أَبَداً حِزَامُ) بالحاء والزاي. (وَافْتَحْ فِي الانْصَارِ بِرَا حَرَامُ) والمراد ضبط ما في قريش والأنصار وإلا قد وقعا في غيرهما. 884 - فِي الشَّامِ عَنْسِيٌّ بِنُونٍ، وبِبَا ... فِي كُوْفَةٍ والشِّيْنِ واليا غَلَبَا 885 - فِي بَصْرَةٍ وَمَا لَهُمْ مَنِ اكْتَنَى ... أَبَا عَبِيْدَةٍ بِفَتْحٍ والكُنَى 886 - فِي السَّفْرِ بالفَتْحِ وَمَا لَهُمْ عَسَلْ ... إلاَّ ابْنُ ذَكْوَانٍ وَعِسْلٌ فَجُمَلْ (فِي الشَّامِ عَنْسِيٌّ بِنُونٍ) وسين مهملة، (وبِبَا) موحدة (فِي كُوْفَةٍ،) عَبْسي (والشِّيْنِ) المعجمة (واليا) المثناة من تحت (غَلَبَا فِي بَصْرَةٍ) عيشي. ومما وقع نادراً عمار بن ياسر فإنه عنسي بالنون. (وَمَا لَهُمْ مَنِ اكْتَنَى أَبَا عَبِيْدَةٍ بِفَتْحٍ) بل كلهم بضم العين مُصَغَّراً. (والكُنَى فِي السَّفْرِ بالفَتْحِ) والباقي بإسكان الفاء، ومن المغاربة من سَكَّنَها من أبي السفر سعيد بن محمد، وهو خلاف قول المحدِّثين. (وَمَا لَهُمْ عَسَلْ) بفتح المهملتين (إلاَّ) عَسَل (ابْنُ ذَكْوَانٍ) الأخباري. (وَعِسْلٌ) بالكسر والسكون (فَجُمَلْ) قال ابن الصلاح (¬1): وجدت الجميع من هذا القبيل إلا ابن ذكوان. 887 - وَالعَامِرِيُّ بْنُ عَلِيْ عَثَّامُ ... وَغَيْرُهُ فَالنُّونُ والإعْجَامُ (وَالعَامِرِيُّ بْنُ عَلِيْ) الكوفي (عَثَّامُ) بالمهملة والمثلثة المشددة، (وَغَيْرُهُ ¬

(¬1) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص347).

فَالنُّونُ والإعْجَامُ) منهم غَنَّام بن أوس صحابي. 888 - وَزَوْجُ مَسْرُوقٍ قَمِيْرٌ صَغَّرُوا ... سِوَاهُ ضَمَّاً وَلَهُمْ مُسَوَّرُ 889 - ابنُ يَزِيدَ وابْنُ عَبْدِ المَلِكِ ... وَمَا سِوَى ذَيْنِ فَمِسْوَرٌ حُكِي (وَزَوْجُ مَسْرُوقٍ) أي: امرأة مسروق بن الأجذع قَمِير بنت عمرو، بفتح القاف وكسر الميم مكبراً (قَمِيْرٌ صَغَّرُوا سِوَاهُ ضَمَّاً) فقالوا قُمَيْر بالضم والفتح. (وَلَهُمْ مُسَوَّرُ) بضم الميم، وفتح المهملة، وتشديد الواو، (ابنُ يَزِيدَ) الكاهلي، (وابْنُ عَبْدِ المَلِكِ) اليربوعي، (وَمَا سِوَى ذَيْنِ فَمِسْوَرٌ) بكسرها وإسكان السين حُكِي. 890 - وَوَصَفُوا الحمَّالَ في الرُّوَاةِ ... هَارُونَ والغَيْرُ بِجِيمٍ يَاتي (وَوَصَفُوا الحمَّالَ) بالمهملة صفةً لا اسماً (في الرُّوَاةِ هَارُونَ) بن عبد الله الحَمَّال فقط، (والغَيْرُ) الجمال (بِجِيمٍ يَاتي) واحترز بالصفة عمن اسمه حمال، كأبيض بن حمال وبالرواة عن غيرهم كرافع ابن نصر الحمَّال. 891 - وَوَصَفُوا حَنَّاطاً اوْ خَبَّاطا ... عِيسَى ومُسلِماً كَذَا خَيَّاطَا (وَوَصَفُوا حَنَّاطاً) بالمهملة والنون (اوْ خَبَّاطا) بالمعجمة والموحدة: [49 - أ] (عِيسَى) ابن أبي عيسى (ومُسلِماً) ابن أبي مسلم (كَذَا خَيَّاطَا) بالمعجمة والمثناة من تحت، أي: قد اجتمعت هذه الأوصاف الثلاثة في هذين الاسمين، ولكن عيسى اشتهر بمهملة ونون، ومسلم بمعجمة وموحدة. 892 - والسَّلَمِيَّ افْتَحْ في الانْصَارِوَمَنْ ... يَكْسِرُ لامَهُ كأَصْلِهِ لَحَنْ (والسَّلَمِيَّ افْتَحْ) سينه ولامه (في الانْصَارِ) نسبةً إلى بني سَلِمَة بفتح السين

وكسر اللام، وفتحت في النَّسَب كالنَّمَري. (وَمَنْ يَكْسِرُ لامَهُ) من أهل الحديث (كأَصْلِهِ) أي: على الأصل (لَحَنْ). 893 - وَمِنْ هُنَا لِمَالِكٍ وَلَهُمَا ... بَشَّاراً افْرِدْ أَبَ بُنْدَارِ هُمَا 894 - وَلَهُمَا سَيَّارُ أيْ أَبُو الحَكَمْ ... وَابْنُ سَلاَمَةٍ وبِالْيَا قَبْلُ جَمْ (وَمِنْ هُنَا) القسم الثاني الذي (لِمَالِكٍ وَلَهُمَا) أي: المخصوص بما في «الموطأ» و «صحيحي البخاري ومسلم»: (بَشَّاراً) بالموحدة والمعجمة المشددة (افْرِدْ أَبَ بُنْدَارِ هُمَا) أي: ليس في «الصحيحين» منه إلا اسم واحد وهو والد بندار محمد بن بَشَّار أحد شيوخهما. (وَلَهُمَا سَيَّارُ) بمهملة ومثناة من تحت مشددة (أيْ أَبُو الحَكَمْ) سَيَّار بن أبي سيار، (و) سَيَّار (ابْنُ سَلاَمَةٍ). (وبِالْيَا قَبْلُ) أي: قبل السين المخففة (جَمْ) أي: كثير في «الصحيحين» و «الموطأ» كسليمان بن يَسَار وغيره. 895 - وَابْنُ سَعِيدٍ بُسْرُ مِثْلُ المَازِنيْ ... وابْنُ عُبَيْدِ اللهِ وَابْنُ مِحْجَنِ 896 - وَفِيهِ خُلْفٌ. وَبُشَيْراً اعْجِمِ ... في ابْنِ يسارٍ وابْنِ كَعْبٍ واضْمُمِ 897 - يُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو اوْ أُسَيْرُ ... والنُّونُ في أبي قَطَنْ نُسَيْرُ (وَابْنُ سَعِيدٍ بُسْرُ) بضم الموحدة وسكون المهملة (مِثْلُ): بُسْر (المَازِنيْ) والد عبد الله بن بُسر، (و) بُسْر (ابْنُ عُبَيْدِ اللهِ) الحضرمي (و) بُسْر (ابْنُ مِحْجَنِ وَفِيهِ خُلْفٌ) فمالك والجمهور بالمهملة، وسفيان الثوري بشر كالجادة فليس في «الصحيحين» و «الموطأ» إلا هذه الأربعة، ومن عداهم «بِشْر»

بكسر الموحدة وسكون المعجمة. (وَبُشَيْراً اعْجِمِ في ابْنِ يسارٍ وابْنِ كَعْبٍ واضْمُمِ) أي: وبُشَيْر بن يسار الحارثي المدني، وبُشَيْر بن كعب العدوي، بضم الموحدة وفتح المعجمة، فالأول عندهم، والثاني عند البخاري. (يُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو اوْ أُسَيْرُ) أي: وابن عمرو يُسَيْر بالمثناة من تحت، وفتح المهملة. ويُقَال فيه أيضاً أسير بالهمزة، حديثه في «الصحيحين». (والنُّونُ في أبي قَطَنْ نُسَيْرُ) أي: ونُسَيْر بضم النون وفتح المهملة والد قَطَن بن نُسَيْر. وأما بَشِير بفتح الموحدة وكسر المعجمة فهو الجادَّة، وجميع ما فيها خلا مَنْ ذُكِرَ فهو منه. 898 - جَدُّ عَلِيْ بنِ هَاشِمٍ بَرِيْدُ ... وَابْنُ حَفِيْدِ الأَشْعَريْ بُرَيْدُ 899 - وَلَهُمَا مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَهْ ... بْنِ البِرِنْدِ فَالأَمِيْرُ كَسَرَهْ (جَدُّ عَلِيْ بنِ هَاشِمٍ بَرِيْدُ) بالموحدة وكسر الراء بعدها مثناة من تحت، روى له مسلم. (وَابْنُ حَفِيْدِ الأَشْعَريْ) أي: ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري (بُرَيْدُ) مصغر بضم الباء وفتح الراء روى له الشيخان [49 - ب]. (وَلَهُمَا) أي: الشيخين (مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَهْ بْنِ البِرِنْدِ) بكسر الموحدة والراء بعدها نون ساكنة، (فَالأَمِيْرُ) أبو نصر بن ماكولا (¬1) (كَسَرَهْ) أي: ذكر فيه كسر الباء والراء، وحُكِيَ عن ابن الفرضي بالفتح والكسر. ¬

(¬1) «الإكمال»: (1/ 251 - 252).

ويزيد بالمثناة من تحت وكسر الزاي الجادة فكل ما فيها منه، إلا ما ذُكِرَ. 900 - ذُوْ كُنْيَةٍ بِمَعْشَرٍ وَالعَالِيَهْ ... بَرَّاءَ أُشْدُدْ وَبِجِيمٍ جَارِيَهْ 901 - ابْنُ قُدَامَةٍ كَذَاكَ وَالِدُ ... يَزِيْدُ قُلْتُ وكَذَاكَ الأَسْوَدُ 902 - ابنُ العَلاَ وابْنُ أبِي سُفْيَانِ ... عَمْرٌو، فَجَدُّ ذَا وذَا سِيَّانِ (ذُوْ كُنْيَةٍ بِمَعْشَرٍ وَالعَالِيَهْ بَرَّاءَ أُشْدُدْ) أي: وجميع ما فيها البراء بتخفيف الراء إلا كنيتين وهما أبو معشر البرَّاء وأبو العالية البَرَّاء بتشديدها في «الصحيحين». (وَبِجِيمٍ) ومثناة من تحت (جَارِيَهْ) هو (ابْنُ قُدَامَةٍ، كَذَاكَ وَالِدُ يَزِيْدُ) بن جارية مذكور في «الموطأ» و «البخاري». قال المصنف (قُلْتُ: وكَذَاكَ الأَسْوَدُ) هو (ابنُ العَلاَ) روى له مسلم، (وابْنُ أبِي سُفْيَانِ عَمْرٌو) روى له البخاري، (فَجَدُّ ذَا وذَا سِيَّانِ) وهو جارية الثقفي، ولم يذكرهما ابن الصلاح. 903 - مُحَمَّدَ بْنَ خَازِمٍ لا تُهْمِلِ ... والِدَ رِبْعِيٍّ حِرَاِشٍ اهْمِلِ 904 - كَذَا حَرِيْزُ الرَّحَبِي وكُنْيَهْ ... قَدْ عُلِّقَتْ وَابْنُ حُدَيْرٍ عِدَّهْ (مُحَمَّدَ بْنَ خَازِمٍ) أبو معاوية الضرير (لا تُهْمِلِ) أي: بالخاء المعجمة، وكل ما فيها غيره بالحاء المهملة، منهم أبو حازم الأعرج. (والِدَ رِبْعِيٍّ حِرَاِشٍ اهْمِلِ) أي: بكسر المهملة وفتح الراء والمعجمة، ليس فيها غيره، والباقي خراش بالخاء المعجمة.

(كَذَا) اهمل (حَرِيْزُ) ابن عثمان (الرَّحَبِي)، فهو بفتح المهملة وكسر الراء بعدها مثناة من تحت ساكنة وآخره زاي. (وكُنْيَهْ قَدْ عُلِّقَتْ) أي: وكذا أبو حَرِيز بن عبد الله بن الحسين الأَزْدي عَلَّقَ له البخاري، والموجود فيها ما عدا المذكورين «جَرِير» بفتح الجيم وكسر الراء وتكرارها. (وَابْنُ حُدَيْرٍ) بضم المهملة وفتح الدال وآخره راء (عِدَّهْ) (¬1) فربما اشتبه بما قبله. 905 - حُضَيْنٌ اعْجِمْهُ أَبُو سَاسَانَا ... وَافْتَحْ أَبَا حَصِيْنٍ أي عُثْمَانَا 906 - كَذَاكَ حَبَّانُ بنُ مُنْقِذٍ وَمَنْ ... وَلَدَهُ، وابْنُ هِلاَلٍ وَاكْسِرَنْ 907 - ابنَ عَطِيَّةَ مَعَ ابْنِ مُوسَى ... وَمَنْ رَمَى سَعْداً فَنَالَ بُؤْسَا (حُضَيْنٌ اعْجِمْهُ) أي: بضم المهملة وفتح المعجمة وسكون المثناة من تحت وآخره نون، وهو حُضَين بن المنذر (أَبُو سَاسَانَا) روى له مسلم، لا يُعرف به في الرواة غيره. (وَافْتَحْ أَبَا حَصِيْنٍ أي عُثْمَانَا) أي: والثاني بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين، وهو أبو حَصِين عثمان بن عاصم الأسدي، حديثه في «الصحيحين» ليس فيهما بفتحها غيره، وبضمها في الثلاثة ما عدا من ¬

(¬1) حشى عليها الناسخ بقوله: منهم عمران بن حدير، روى له مسلم. وزيد وزياد ابنا حُدير، لهما ذكر في المغازي من «صحيح البخاري» من غير رواية.

ذُكِر (¬1). (كَذَاكَ حَبَّانُ بنُ مُنْقِذٍ) بفتح المهملة وتشديد الموحدة له ذكر في «الموطأ». (وَمَنْ وَلَدَهُ) واسع بن حَبَّان بن منقد حديثه فيها، وابنه حَبَّان بن واسع، روى له مسلم، وابن عمه محمد بن يحيى بن حَبَّان بن منقد، حديثه فيها، وحَبَّان (ابْنُ هِلاَلٍ) [50 - أ] الباهلي في «الصحيحين». (وَاكْسِرَنْ ابنَ عَطِيَّةَ) وهو حبان بكسر الحاء المهملة ابن عَطِيَّة السُّلَمي ذكر في البخاري، (مَعَ ابْنِ مُوسَى) وهو حِبَّان بن موسى السلمي رويا عنه (¬2). (وَمَنْ رَمَى سَعْداً فَنَالَ بُؤْسَا) في «الصحيحين» (¬3) أن سعد بن معاذ رماه رجل من قريش يقال له حِبَّان بن العَرِقَة. 908 - خُبَيْباً اعْجِمْ في ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنْ ... وابْنِ عَدِيٍّ وَهْوَ كُنْيَةً كَانْ 909 - لابْنِ الزُّبَيْرِ وَرِيَاحَ اكْسِرْ بِيا ... أَبَا زِيَادٍ بِخِلاَفٍ حُكِيَا (خُبَيْباً اعْجِمْ) خاءه المضمومة، وافتح باءه الموحدة، بعدها مثناة من تحت ساكنة، وآخره باء موحدة، في خُبَيْب (ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنْ) بن خُبَيْب الأنصاري حديثه فيها، وخُبَيْب (ابْنِ عَدِيٍّ) ذُكِرَ في البخاري. (وَهْوَ كُنْيَةً كَانْ لابْنِ الزُّبَيْرِ) أي: وأبو خُبَيْب كنية عبد الله بن الزبير كُنِّيَ بابنه خُبَيْب، وما عدا من ذُكر «حَبِيب» بفتح المهملة وكسر الموحدة. ¬

(¬1) أي: وكل ما ذكر سوى ذلك في الكتب الثلاثة فهو «حُصين» بضم الحاء. (¬2) أي: روى عنه الشيخان. (¬3) البخاري رقم (4122) ومسلم رقم (1769).

(وَرِيَاحَ اكْسِرْ) راءه (بِيا) مثناة من تحت (أَبَا زِيَادٍ) فهو زياد بن رِيَاح القيسي، حديثه في مسلم. (بِخِلاَفٍ حُكِيَا) فإنه حكي عن ابن الجارود أنه بباء موحدة، وما عداه «رباح» بفتح الراء بعدها موحدة، وهو الموجود فيها. 910 - وَاضْمُمْ حُكَيْماً في ابْنِ عَبْدِ اللهِ قَدْ ... كَذَا رُزَيْقُ بْنُ حُكَيمٍ وَانْفَرَدْ 911 - زُيَيْدٌ بْنُ الصَّلْتِ وَاضْمُمْ وَاكْسِرِ ... وَفي ابْنِ حَيَّانَ سَلِيمٌ كَبِّرِ (وَاضْمُمْ حُكَيْماً) أي: اضمم حاءه المهملة، وافتح كافة (في) حُكَيم (ابْنِ عَبْدِ اللهِ) بن قيس المصري، روى له مسلم (قَدْ) بمعنى حسب. (كَذَا رُزَيْقُ بْنُ حُكَيمٍ) الأيلي له ذكر في البخاري، وجميع ما فيها حَكِيم بفتحها وكسر الكاف ما عداهما. (وَانْفَرَدْ زُييْدٌ بْنُ الصَّلْتِ) بن معدي كَرِب الكندي، ذكر في «الموطأ». (وَاضْمُمْ وَاكْسِرِ) أي: فهو بضم الزاي وكسرها أيضاً، وفتح المثناة من تحت، بعدها مثلها ساكنة، وآخره دال مهملة. والثاني زُبَيْد بضم الزاي بعدها موحدة مفتوحة. (وَفي ابْنِ حَيَّانَ سَلِيمٌ كَبِّرِ) أي: سَلِيم بن حَيَّان بفتح المهملة، وكسر اللام مُكَبَّراً، ليس في «الصحيحين» غيره، وفيها سُلَيْم بضمها، وفتح اللام مُصَغَّراً. 912 - وَابْنُ أَبي سُرَيْجٍ احْمَدُ إئْتَسَا ... بَوَلَدِ النُّعْمَانِ وَابْنِ يُونُسَا (وَابْنُ أَبي سُرَيْجٍ احْمَدُ إئْتَسَا) أي: له أسوة (بَوَلَدِ النُّعْمَانِ وَابْنِ يُونُسَا) فإن كلاً منهما سُرَيْج بضم المهملة، وآخره جيم. روى عنهما البخاري. وحديث

الثالث في «الصحيحين»، وبقية ما فيها «شُرَيْح» بضم المعجمة، وآخره حاء مهملة. 913 - عَمْرٌو مَعَ القَبِيلَةِ ابْنُ سَلِمَهْ ... وَاخْتَرْ بِعَبْدِ الخَالِقِ بْنِ سَلَمَهْ (عَمْرٌو مَعَ القَبِيلَةِ ابْنُ سَلِمَهْ) بكسر اللام، وهو عمرو بن سَلِمَة الجَرْمي، والقبيلة بنو سَلِمَة من الأنصار. (وَاخْتَرْ بِعَبْدِ الخَالِقِ بْنِ سَلَمَهْ) أي: إن شئت فتحت لامه، وإن [50 - ب] شئت كَسَرْتَهَا. 914 - وَالِدُ عَامِرٍ كَذَا السَّلْمَانِي ... وَابْنُ حُمَيْدٍ وَوَلَدْ سُفْيَانِ 915 - كُلُّهُمُ عَبِيْدَةٌ مُكَبَّرُ ... لَكِنْ عُبَيْدٌ عِنْدَهُمْ مُصَغَّرُ (وَالِدُ عَامِرٍ) الباهلي، وله ذكر في البخاري. (كَذَا السَّلْمَانِي) وحديثه في «الصحيحين». (وَابْنُ حُمَيْدٍ) وروى له البخاري، (وَوَلَدْ سُفْيَانِ) الحضرمي، وحديثه في «الموطأ» و «صحيح مسلم» (كُلُّهُمُ عَبِيْدَةٌ مُكَبَّرُ) بفتح العين، وكسر الباء، وآخره هاء التأنيث، وبقية من ذكر «عُبَيْدة» مُصَغَّر بضم العين، وفتح الباء. (لَكِنْ عُبَيْدٌ عِنْدَهُمْ مُصَغَّرُ). وليس في واحد من الثلاثة عَبِيْد مكبراً، وهو لجماعة منهم عَبِيْد بن زهير. 916 - وَافْتَحْ عَبَادَةَ أبَا مُحَمَّدِ ... وَاضْمُمْ أَبَا قَيْسٍ عُبَاداً أَفْرِدِ (وَافْتَحْ عَبَادَةَ أبَا مُحَمَّدِ) هو محمد بن عَبَادة الواسطي، ليس فيهما بالفتح غيره، وبقية الموجود في الثلاثة بضمها منهم عُبَادة بن الصامت.

(وَاضْمُمْ أَبَا قَيْسٍ عُبَاداً أَفْرِدِ) أي: ليس فيهما بضم المهملة وتخفيف الموحدة غير قيس بن عُبَاد القيسي، وباقي من فيها عَبَّاد بفتح العين وتشديد الباء. 917 - وعَامِرٌ بَجَالةُ بنُ عَبدَهْ ... كُلٌّ وَبَعْضٌ بِالسُّكُونِ قَيَّدَهْ (وعَامِرٌ بَجَالةُ بنُ عَبَدَهْ كُلٌّ) أي: وليس فيها عَبَدة بفتح المهملة والموحدة إلا عامر بن عَبَدَة البَجَلي، وبجالة بن عَبْدَة التميمي. (وَبَعْضٌ بِالسُّكُونِ قَيَّدَهْ) أي: قَيَّدَ لفظ عَبْدَة في الاسمين وبقية ما فيها عَبْدَة بسكون الباء. 918 - عُقَيْلٌ القَبِيْلُ وَابْنُ خَالِدِ ... كَذَا أبُو يَحْيَى وَقَافِ وَاقِدِ 919 - لَهُمْ كَذَا الأَيْليُّ لاَ الأُبُلِّي ... قَالَ: سوَى شَيْبَانَ وَالرَّا فَاجْعَلِ 920 - بَزَّاراً انْسُبْ ابْنَ صَبَّاحٍ حَسَنْ ... وَابْنَ هِشَامٍ خَلَفاً، ثُمَّ انْسُبَنْ 921 - بالنُّونِ سَالِماً وَعَبْدَ الوَاحِدْ ... ومَالِكَ بنَ الأَوْسِ نَصْرِيّاً يَرِدْ (عُقَيْلٌ) مُصَغَّر بضم المهملة، وفتح القاف (القَبِيْلُ) وهم بنو عُقَيل القبيلة المعروفة، لهم ذكر عند مسلم (و) عُقَيْل (ابْنُ خَالِدِ) الأَيْلي، حديثه فيها. (كَذَا أبُو يَحْيَى)، وهو يحيى بن عُقَيْل الخُزَاعي، روى له مسلم. والثاني بفتح العين وكسر القاف مُكَبَّر. (وَقَافِ وَاقِدِ لَهُمْ) أي: وجميع ما فيها وَاقِد بالقاف، والثاني وَافِد بالفاء. (كَذَا الأَيْليُّ) بفتح الهمزة، وسكون المثناة من تحت، (لاَ الأُبُلِّي) قال

عياض: ليس فيها أُبُلِّي بالباء الموحدة. (قَالَ:) ابن الصلاح (سوَى شَيْبَانَ) بن فَرُّوخ، روى عنه مسلم، وهو أُبُلِّي بالموحدة، لكن إذا لم يكن في شيء من ذلك منسوباً لم يلحق عياضاً تخطئة. (وَالرَّا فَاجْعَلِ بَزَّاراً انْسُبْ ابْنَ صَبَّاحٍ حَسَنْ وَابْنَ هِشَامٍ خَلَفاً) أي: وليس فيهما براء مهملة آخره، سوى الحسن بن الصباح البَزَّار، وخلف بن هشام البزَّار، وباقي ما فيهما البزَّاز بزاي مكررة. (ثُمَّ انْسُبَنْ بالنُّونِ سَالِماً) مولى النصريين، وروى له مسلم. (وَعَبْدَ الوَاحِدْ) [51 - أ] هو ابن عبد الله، وله في البخاري حديث. (ومَالِكَ بنَ الأَوْسِ) ابن الحَدَثان حديثه فيها، (نَصْرِيّاً يَرِدْ)، فكلهم نَصْري بالنون، وبقية ما فيها بالباء الموحدة، وفيها الفتح والكسر. 922 - وَالتَّوَّزِيْ مُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ ... وَفِي الجُرَيْرِيْ ضَمُّ جِيْمٍ يَأْتِي 923 - فِي اثْنَيْنِ: عَبَّاسٍ سَعِيْدٍ وَبِحَا ... يَحْيَى بْنِ بِشْرِ بنِ الحَرِيْريْ فُتِحَا (وَالتَّوَّزِيْ) بفتح المثناة من فوق، والواو المشددة المفتوحة، والزاي، هو أبو يعلى (مُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ)، أصله من تَوَّز من بلاد فارس، روى عنه البخاري، وليس فيها غيره. والثاني الثَوْري بفتح المثلثة، وسكون الواو، بعدها راء مهملة، منهم أبو يعلى الثَوْري، حديثه فيهما. (وَفِي الجُرَيْرِيْ ضَمُّ جِيْمٍ)، وفتح الراء، وسكون المثناة من تحت، بعدها راء أيضاً (يَأْتِي فِي اثْنَيْنِ: عَبَّاسٍ) هو عباس بن فَرُّوخ الجُرَيْري حديثه فيهما. (سَعِيْدٍ) هو سعيد بن إياس الجُرَيْري حديثه فيهما أيضاً.

(وَبِحَا) مهملة، وكسر الراء، (يَحْيَى بْنِ بِشْرِ بنِ الحَرِيْريْ فُتِحَا) أي: بفتح الحاء روى عنه مسلم. 924 - وَانْسُبْ حِزَامِيّاً سِوَى مَنْ أُبْهِمَا ... فَاخْتَلَفُوا وَالْحَارِثِيُّ لَهُمَا 925 - وَسَعْدٌ الْجَارِي فَقَطْ وفِي النَّسَبْ ... هَمْدَانُ وَهْوَ مُطْلَقاً قِدْماً غَلَبْ (وَانْسُبْ حِزَامِيّاً) بكسر المهملة، وبالزاي حيث وقع فيها، (سِوَى مَنْ أُبْهِمَا فَاخْتَلَفُوا) أي: سوا من وقع في الصحيح وأُبْهِمَ اسمه فإنَّ فيه خلافاً، وذلك في «صحيح مسلم» (¬1) في حديث أبي اليُسْر قال: «كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال» الحديث، رواه أكثر الرواة بمهملة مفتوحة وراء، وعند الطبري بكسرها وبالزاي، وعند ابن ماهان بضم الجيم وذال معجمة. (وَالْحَارِثِيُّ) بالمهملة، وكسر الراء، بعدها مثلثة (لَهُمَا) أي: جميع ما وقع من ذلك في «الصحيحين». (وَسَعْدٌ الْجَارِي فَقَطْ) بالجيم، وبَعْدَ الراء ياء النسبة، روى له في «الموطأ»، وهذا هو الثاني. (وفِي النَّسَبْ هَمْدَانُ) بإسكان الميم، وإهمال داله، وهم المنسوبون إلى قبيلة هَمْدَان، وهو جميع ما فيها. والثاني الهَمَذَاني بفتح الميم والذال المعجمة. (وَهْوَ) أي: هَمْدَان بالسكون (مُطْلَقاً) أي: من غير تقييد بالصحيحين و «الموطأ» (قِدْماً غَلَبْ) أي: في المتقدمين أكثر، وبفتح الميم في المتأخرين أكثر. ¬

(¬1) رقم (5328).

المتفق والمفترق

الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ 926 - وَلَهُمُ الْمُتَّفِقُ الْمُفْتَرِقُ ... مَا لَفْظُهُ وَخَطُّهُ مُتَّفِقُ 927 - لَكِنْ مُسَمَّيَاتُهُ لِعِدَّةِ ... نَحْوَ ابْنِ أحْمَدَ الْخَلِيْلِ سِتَّةِ (وَلَهُمُ) من فنون الحديث (الْمُتَّفِقُ الْمُفْتَرِقُ، مَا لَفْظُهُ وَخَطُّهُ مُتَّفِقُ، لَكِنْ مُسَمَّيَاتُهُ لِعِدَّةِ). وينقسم إلى ثمانية [أقسام] (¬1): من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم [51 - ب] (نَحْوَ ابْنِ أحْمَدَ الْخَلِيْلِ سِتَّةِ): الخليل بن أحمد بن عمرو الأزدي البصري النحوي، صاحب العَرُوض. والخليل بن أحمد أبو بشر المُزَني بصري، أيضاً ذكره ابن حبان في «الثقات» (¬2). والخليل بن أحمد بصري، أيضاً، يروي عن عكرمة. ذكره الهروي في «مشتبه أسماء المحدثين» (¬3). والخليل بن أحمد بن الخليل، أبو سعيد السِّجْزي الفقيه الحنفي، ذكره ¬

(¬1) ما بين المعقوفتين زيادة من «شرح الناظم»: (2/ 258) ليست في الأصل. (¬2) (8/ 230). (¬3) (2/ 108).

الحاكم في «تاريخ نيسابور». والخليل بن أحمد، أبو سعيد البُسْتي القاضي المُهَلَّبي. والخليل بن أحمد بن عبد الله بن أحمد، ذكره الحُمَيْدي في «تاريخ الأندلس» (¬1). 928 - وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَجَدُّهُ ... حَمْدَانُ هُمْ أَرْبَعَةٌ تَعُدُّهُ 929 - وَلَهُمُ الجَوْنيْ أَبُوْ عِمْرانَا ... اثْنَانِ والآخِرُ مِنْ بَغْدَانَا (وَأَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَجَدُّهُ حَمْدَانُ) أي: ومن اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم نحو أحمد بن جعفر بن حمدان (هُمْ أَرْبَعَةٌ تَعُدُّهُ): أحمد بن جعفر بن حَمْدَان بن مالك البغدادي القَطِيعي. وأحمد بن جعفر بن حَمدان بن عيسى السَّقْطي البصري. وأحمد بن جعفر بن حَمدان الدِّيْنَوَري. وأحمد بن جعفر بن حَمدان أبو الحسن الطَّرَسُوسي. 929 - وَلَهُمُ الجَوْنيْ أَبُوْ عِمْرانَا ... اثْنَانِ والآخِرُ مِنْ بَغْدَانَا (وَلَهُمُ الجَوْنيْ أَبُوْ عِمْرانَا) أي: وَمَن اتفقت كنيتهم، ونَسْبَتُهُم معاً نحو: أبي عمران الجوني، (اثْنَانِ) الأول: بصري، وهو أبو عِمران عبد الملك بن حبيب الجَوْني التابعي. (والآخِرُ مِنْ بَغْدَانَا) لغة في بغداد، وهو أبو عِمران موسى بن سهل بن عبد الحميد الجَوني بَصري سَكَنَ بغداد. ¬

(¬1) (ص308).

930 - كَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ... هُمَا مِنَ الأَنْصَارِ ذُوْ اشْتِبَاهِ (كَذَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) أي: وَمَنْ اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم ونِسْبَتُهُم، نحو محمد بن عبد الله، (هُمَا مِنَ الأَنْصَارِ ذُوْ اشْتِبَاهِ) وهما: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري، شيخ البخاري. وأبو سلمة محمد بن عبد الله بن زياد الأنصاري، مولاهم، بصري أيضاً. 931 - ثُمَّ أَبُوْ بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ لَهُمْ ... ثَلاَثَةٌ قَدْ بَيَّنُوا مَحَلَّهُمْ (ثُمَّ أَبُوْ بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ لَهُمْ) أي: وَمَنْ اتفقت كُناهم وأسماء آبائهم، نحو: أبي بكر بن عياش، (ثَلاَثَةٌ قَدْ بَيَّنُوا مَحَلَّهُمْ): أبو بكر بن عياش بن سالم الأَسَدي الكوفي، راوي قراءة عاصم. وأبو بكر بن عياش الحمصي. وأبو بكر بن عياش بن حازم السُّلَمي، مولاهم، له كتاب في غريب الحديث. 932 - وَصَالِحٌ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ ... ابْنُ أبي صَالِحٍ أتْبَاعُهُمْ (وَصَالِحٌ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ ابْنُ أبي صَالِحٍ أتْبَاعُهُمْ) أي: وَمَنْ اتفقت أسماؤهم وكنى آبائهم، نحو: صالح بن أبي صالح أربعة كلهم من التابعين: صالح بن أبي صالح، أبو محمد المدني، واسم أبي صالح نَبْهَان، مولى [52 - أ] التَوْءَمة بنت أُمية، روى عن أبي هريرة. وصالح بن أبي صالح السمان المدني، روى عن أنس.

وصالح بن أبي صالح السَّدُوسي، روى عن علي، وعائشة. وصالح بن أبي صالح المخزومي، الكوفي، مولى عمرو بن حُرَيث، روى عن أبي هريرة. 933 - وَمِنْهُ مَا فِي اسْمٍ فَقَطْ وَيُشْكِلُ ... كَنَحْوِ حَمَّادٍ إذَا مَا يُهْمَلُ 934 - فَإِنْ يَكُ ابْنُ حَرْبٍ اوْ عَارِمُ قَدْ ... أَأطْلَقَهُ فَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ أَوْ وَرَدْ 935 - عَنِ التَّبُوْذَكِيِّ أَوْ عَفَّانِ ... أَوْ ابْنِ مِنْهَالٍ فَذَاكَ الثَّانِي (وَمِنْهُ) أي: من أقسام المتفق والمفترق (مَا فِي اسْمٍ) أو كنية (فَقَطْ) وهو السابع (وَيُشْكِلُ) لكن يتميز ذلك عند أهل الحديث بحسب من أطلق الرواية عنه (كَنَحْوِ حَمَّادٍ إذَا مَا يُهْمَلُ) أي: من غير أن ينسبه هل هو ابن زيد أو ابن سلمة؟ (فَإِنْ يَكُ ابْنُ حَرْبٍ اوْ عَارِمُ قَدْ أَأطْلَقَهُ فَهْوَ) حماد (ابْنُ زَيْدٍ أَوْ وَرَدْ عَنِ) عن أبي سلمة موسى بن إسماعيل (التَّبُوْذَكِيِّ أَوْ) عن (عَفَّانِ أَوْ) عن حَجَّاج (ابْنِ مِنْهَالٍ فَذَاكَ الثَّانِي) وهو حماد بن سلمة. 936 - وَمِنْهُ مَا فِي نَسَبٍ كالْحَنَفِي ... قَبِيْلاً اوْ مَذْهَباً او باليا صِفِ (وَمِنْهُ) أي: من المتفق والمفترق وهو الثاني، (مَا فِي نَسَبٍ) بأن يتفقا في النِّسْبَة من حيث اللفظ، ويفترقا من حيث أن ما نُسِبَ إليه أحدهما غير ما نُسِبَ إليه الآخر. (كالْحَنَفِي قَبِيْلاً اوْ مَذْهَباً) أي: فَلَفْظ النَّسَب واحد، وأحدهما منسوب إلى القبيلة وهم بنو حنيفة، والثاني منسوب إلى مذهب أبي حنيفة. (او باليا صِفِ) أي: أو انسب إلى ما نُسِبَ للمذهب بزيادة ياء مثناة من تحت فَقُل: حنيفي، فقد فَرَّقَ جماعةٌ بينهما بذلك.

تلخيص المتشابه

تَلْخِيْصُ المُتَشَابِهِ 937 - وَلَهُمُ قِسْمٌ مِنَ النَّوْعَيْنِ ... مُرَكَّبٌ مُتَّفِقُ الَّلَفظَيْنِ 938 - فِي الاسْمِ لَكِنَّ أَبَاهُ اخْتَلَفَا ... أَوْ عَكْسُهُ أوْ نَحْوُهُ وَصَنَّفَا 939 - فِيْهِ الْخَطِيبُ نَحْوُ مُوسَى بنِ عليْ ... وَابْنِ عُلَيٍّ وَحَنَانَ الأَسَدِيْ (وَلَهُمُ قِسْمٌ مِنَ النَّوْعَيْنِ) الذين قبله (مُرَكَّبٌ مُتَّفِقُ الَّلَفظَيْنِ فِي الاسْمِ لَكِنَّ أَبَاهُ اخْتَلَفَا) أي: بأن يتفق الاسمان في اللفظ والخط ويفترقا في الشخص، ويأتلف اسما أبويهما في الخط، ويختلفا في اللفظ. (أَوْ عَكْسُهُ) بأن يأتلف الاسمان خطاً، ويختلفا لفظاً، ويتفق أسماء أبويهما لفظاً. (أوْ نَحْوُهُ) بأن يتفق الاسمان أو الكنيتان لفظاً، ويختلف نسبهما نطقاً، أو تتفق النسبة لفظاً، ويختلف الاسمان أو الكنيتان لفظاً، وما أشبه ذلك. (وَصَنَّفَا فِيْهِ الْخَطِيبُ) كتابه المسمى «تلخيص المتشابه». فالأول (نَحْوُ مُوسَى بنِ عَليْ) بفتح العين مكبراً جماعة، (وَ) موسى (ابْنِ عُلَيٍّ) بضم العين مُصَغَّراً هو ابن رباح اللُّخَمي المصري. والثاني كسُريج بن النعمان بالمهملة والجيم، وهو ابن مروان اللؤلؤي. وشُرَيح بن النُّعمان [52 - ب] بالمعجمة، والمهملة، الصايدي الكوفي، كلاهما مصغر.

والثالث كمحمد بن عبد الله المُخَرِّمي بضم الميم، وفتح المعجمة، وكسر الراء المشددة، وهو ابن المبارك القرشي البغدادي. ومحمد بن عبد الله المَخْرَمي بفتح الميم، وسكون المعجمة، وفتح الراء، المكي. والرابع كأبي عمرو الشيباني بفتح الشين المعجمة، وسكون المثناة من تحت، بعدها باء موحدة، وقبل ياء النسبة نون، جماعة، منهم سعد بن إياس، وهارون بن عنترة، وإسحاق النحوي اللغوي. وأبو عمرو السَّيْبَاني بفتح السين المهملة، والباقي سواء، تابعي، اسمه زُرْعة. والخامس (حَنَانَ الأَسَدِيْ) بفتح الحاء المهملة، والنون المخففة، وآخره نون أيضاً، من بني أسد بن شريك. وحَيَّان الأسدي بتشديد المثناة من تحت، والباقي سواء، هو ابن حُصَين الكوفي، وكذا شامي تابعي أيضاً. والسادس أبو الرَّحَّال الأنصاري بكسر الراء، وتخفيف الجيم، محمد بن عبد الرحمن مدني. وأبو الرَّحَّال الأنصاري بفتح الراء، وتشديد الحاء المهملة، محمد بن خالد، وقيل: خالد بن محمد بصري. ومما يشبهه ابن عُفَير المصري بالعين المهملة سعيد بن كثير، وابن غُفَير المصري بالغين المعجمة الحسن.

المشتبه المقلوب

المُشْتَبَهُ المَقْلُوبُ 940 - وَلَهُمُ المُشْتَبَهُ المَقْلُوْبُ ... صَنَّفَ فِيْهِ الحَافِظُ الخَطِيْبُ 941 - كابْنِ يَزِيْدَ الاسْوَدِ الرَّبَّانِيْ ... وَكَابْنِ الاسْوَدِ يَزِيْدَ اثْنَانِ (وَلَهُمُ المُشْتَبَهُ المَقْلُوْبُ) وهو ما يقع فيه الاشتباه في الذهن، لا في صورة الخط، بأن يكون اسم أحد الراويين كاسم أبي الآخر خطًّا ولفظاً، واسم الآخر كاسم أبي الأول فينقلب على بعض. (صَنَّفَ فِيْهِ الحَافِظُ الخَطِيْبُ) كتاباً سماه «رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب». (كابْنِ يَزِيْدَ الاسْوَدِ) هو النخعي المشهور (الرَّبَّانِيْ) العارف بالله، (وَكَابْنِ الاسْوَدِ يَزِيْدَ اثْنَانِ) وهما يزيد بن الأسود الخزاعي له صحبة، ويزيد بن الأسود الجُرَشي تابعي.

من نسب إلى غير أبيه

مَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيْهِ 942 - وَنَسَبُوا إِلَى سِوَى الآبَاءِ ... إمَّا لأُمٍّ كَبَنِيْ عَفْرَاءِ 943 - وَجَدَّةٍ نَحْوُ ابنِ مُنْيَةٍ، وَجَدْ ... كَابْنِ جُرَيْجٍ وَجَمَاعَةٍ وَقَدْ 944 - يُنْسَبُ كَالمِقْدَادِ بالتَّبَنِّيْ ... فَلَيْسَ للأَسْوَدِ أَصْلاً بِابْنِ (وَنَسَبُوا إِلَى سِوَى الآبَاءِ) على أقسام (إمَّا لأُمٍّ كَبَنِيْ عَفْرَاءِ) وهم مُعاذ ومُعَوِّذ، وعَوْذ، وهي عفراء بنت عُبَيْد من بني النجار، واسم أبيهم الحارث بن رفاعة منهم. (وَجَدَّةٍ) دُنيا كانت أو عُليا، (نَحْوُ) يعلى (ابنِ مُنْيَةٍ) الصحابي إلى أم أبيه في قول، واسم أبيه أمية. ونحو بشير ابن الخَصَاصِيَة الصحابي هي أم الثالث من أجداده. (وَجَدْ كَابْنِ جُرَيْجٍ) وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيْج. (وَجَمَاعَةٍ) كابن الماجِشُون، وأحمد بن حنبل، وأبي بكر بن أبي شيبة. (وَقَدْ يُنْسَبُ كَالمِقْدَادِ بالتَّبَنِّيْ) أي: ينسب إلى رجل لكونه تبناه كالمقداد بن الأسود، (فَلَيْسَ للأَسْوَدِ) بن عَبْد يغوث (أَصْلاً بِابْنِ) وإنما كان في حِجْرِه فتبناه فَنُسِبَ إليه، واسم أبيه عمرو بن ثعلبة الكندي.

المنسوبون إلى خلاف الظاهر

المَنْسُوبُونَ إِلَى خِلاَفِ الظَّاهِرِ 945 - وَنَسَبُوا لِعَارِضٍ كَالْبَدْرِيْ ... نَزَلَ بَدْراً عُقْبَةُ بْنُ عَمْرِو 946 - كَذَلِكَ التَّيْمِيْ سُلَيْمَانُ نَزَلْ ... تَيْماً، وَخَالِدٌ بِحَذَّاءٍ جُعِلْ 947 - جُلُوْسُهُ، وَمِقْسَمٌ لَمَّا لَزِمْ ... مَجْلِسَ عَبْدِ اللهِ مَوْلاَهُ وُسِمْ (وَنَسَبُوا لِعَارِضٍ) عَرَضَ للراوي من نزوله مكاناً أو قبيلة أو نحو ذلك. (كَالْبَدْرِيْ نَزَلَ بَدْراً عُقْبَةُ بْنُ عَمْرِو) الأنصاري الصحابي، لم يشهد بدراً في قول الأكثر، وإنما نسب لذلك لأنه كان ساكناً ببدر. (كَذَلِكَ التَّيْمِيْ سُلَيْمَانُ) بن طرخان، أبو المعتمر، (نَزَلْ تَيْماً) وهو مولى بني مُرَّة. قال له ثابت: تكتب التيمي، ولست بتيمي قال: تيمي الدار. (وَخَالِدٌ) هو خالد بن مهران الحَذَّاء. قال يزيد بن هارون (¬1): ما حذا نعلاً قط بل (بِحَذَّاءٍ جُعِلْ جُلُوْسُهُ) أي: كان يجلس إلى حَذَّاء فنسب إليه. (وَمِقْسَمٌ) مولى ابن عباس هو مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، لكن (لَمَّا لَزِمْ مَجْلِسَ عَبْدِ اللهِ) بن عباس (مَوْلاَهُ وُسِمْ). ¬

(¬1) «التاريخ الكبير»: (3/ 174).

المبهمات

المُبْهَمَاتُ 948 - وَمُبْهَمُ الْرُّوَاةِ مَا لَمْ يُسْمَى ... كَامْرَأَةٍ فِي الْحَيْضِ وَهْيَ أَسْمَا 949 - وَمَنْ رَقَى سَيِّدَ ذَاكَ الحَيِّ ... رَاقٍ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ 950 - وَمِنْهُ نَحْوُ ابْنِ فُلاَنٍ، عَمِّهِ ... عَمَّتِهِ، زَوْجَتِهِ، ابْنِ أُمِّهِ (المبهمات) معرفتها من أنواع علوم الحديث. (وَمُبْهَمُ الْرُّوَاةِ مَا لَمْ يُسْمَى) في الإسناد، وكذا من أُبْهِمَ ذِكْرُهُ في الحديث من الرجال والنساء، صَنَّفَ فيه ابن بشكوال وغيره. (كَامْرَأَةٍ فِي الْحَيْضِ) وهو ما روي أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من الحيض فقال: «خذي فرصة من المِسْك فتطهري بها» الحديث. (وَهْيَ أَسْمَا) لرواية مسلم (¬1) في «أفراده» أن أسماء سألت ... الحديث، وهي بنت شَكَل. (وَمَنْ رَقَى سَيِّدَ ذَاكَ الحَيِّ رَاقٍ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ) وهو ما روي (¬2) أن ناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سَفَر فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يُضَيِّفُوهم. فقالوا لهم: هل فيكم راق، فإن ¬

(¬1) «صحيح مسلم»: رقم (332 - 61). (¬2) البخاري (2276) ومسلم رقم (2201) وأبو داود رقم (3418) والترمذي رقم (2064) وابن ماجه رقم (2156).

سيد الحي لديغ أو مُصاب. فقال: رجل منهم نعم، فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب [53 - ب]، فبرأ الرجل. الحديث. قال الخطيب (¬1): الراقي هو أبو سعيد الخدري، راوي الحديث. (وَمِنْهُ نَحْوُ ابْنِ فُلاَنٍ) كرواية يزيد بن شيبان قال: أتانا ابن مِرْبَع -بكسر الميم وسكون الراء، وفتح الباء الموحدة، وآخره عين مهملة- الأنصاري ونحن بِعَرَفَةٍ فقال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم يقول لكم قِفُوا على مشاعركم (¬2) .. الحديث. قيل اسمه يزيد، وقيل زيد، وقيل عبد الله. ونحو (عَمِّهِ) كرواية علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عم له بدري في حديث المسيء صلاته، سُمِيَ في «سنن أبي داود» (¬3) وغيرها برفاعة بن رافع الزُّرَقي. ونحو (عَمَّتِهِ) كرواية حُصَين بن مِحْصَن عن عَمَّةٍ له أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة فلما فرغت قال: أذات زوج أنت؟ قالت: نعم .. (¬4) الحديث. قال ابن ماكولا وغيره: اسمها أسماء. ¬

(¬1) «الأسماء المبهمة»: (ص58). (¬2) أبو داود رقم (919) والنسائي رقم (3011) والترمذي رقم (883) وابن ماجه رقم (3011). (¬3) رقم (857 و859). (¬4) «السنن الكبرى» للنسائي رقم (8962 و8963 و8969).

ونحو (زَوْجَتِهِ) كما في «الصحيح» (¬1) جاءت امرأة رفاعة القُرَظي .. الحديث في تزوجها بعبد (¬2) الرحمن بن الزبير. قيل اسمها تَمِيمة بنت وهب، وقيل تُمَيْمَة بضم التاء، وقيل سهيمة. ونحو زوج فلانة، كحديث سَبِيعة الأسلمية أنها ولدت بعد وفاة زوجها .. الحديث في «الصحيح» (¬3)، وزوجها هو سعد بن خَوْلة. ونحو (ابْنِ أُمِّهِ) كحديث أم هانئ: زعم ابن أمي أنه قاتل رجلاً أَجَرْتُهُ .. الحديث (¬4)، هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، سُمِّيَ في رواية «الموطأ» (¬5). ¬

(¬1) البخاري رقم (5260). (¬2) تقرأ في الأصل: لعبد. وما أثبتناه من شرح الناظم (2/ 292). (¬3) مسلم رقم (1484). (¬4) البخاري رقم (357). (¬5) رقم (416) رواية يحيى.

تواريخ الرواة والوفيات

تَوَارِيْخُ الرُّوَاةِ وَالوَفَيَاتِ 951 - وَوَضَعُوا التَّارِيْخَ لَمَّا كَذَبَا ... ذَوُوْهُ حَتَّى بَانَ لَمَّا حُسِبَا 952 - فَاسْتَكْمَلَ النَّبِيُّ والصِّدِّيْقُ ... كَذَا عَلِيٌّ وَكَذَا الفَارُوْقُ 953 - ثَلاَثَةَ الأَعْوَامِ والسِّتِّينَا ... وَفِي رَبِيْعٍ قَدْ قَضَى يَقِيْنَا 954 - سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةٍ، وَقُبِضَا ... عَامَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ التَّالِي الرِّضَى 955 - وَلِثَلاَثٍ بَعْدَ عِشْرِيْنَ عُمَرْ ... وَخَمْسَةٍ بَعْدَ ثَلاَثِيْنَ غَدَرْ 956 - عَادٍ بِعُثْمَانَ، كَذَاكَ بِعَلِيْ ... فِي الأرْبَعِيْنَ ذُوْ الشَّقَاءِ الأزَلِيْ (وَوَضَعُوا) أي: أهل الحديث (التَّارِيْخَ) لوفاة الرواة، ومواليدهم، وتواريخ السماع ونحوه (لَمَّا كَذَبَا ذَوُوْهُ حَتَّى بَانَ لَمَّا حُسِبَا) قال حسان بن يزيد (¬1): لم نستعن على الكذابين بمثل التاريخ، نقول: للشيخ سنة كم ولدت؟ فإذا أَقَرَّ بمولده عرفنا صدقه من كذبه. (فَاسْتَكْمَلَ النَّبِيُّ) صلى الله عليه وسلم وأبو بكر (الصِّدِّيْقُ كَذَا عَلِيٌّ وَكَذَا) عمر (الفَارُوْقُ) رضي الله عنهم من العمر (ثَلاَثَةَ الأَعْوَامِ والسِّتِّينَا) على الصحيح في سنهم. (وَفِي رَبِيْعٍ) الأول (قَدْ قَضَى) صلى الله عليه وسلم (يَقِيْنَا) بلا خلاف في ¬

(¬1) «تاريخ بغداد»: (7/ 357).

الشهر، وكذا في كونه يوم الاثنين، وجزم ابن إسحاق وجماعة لاثنتي عشرة ليلة منه. وقال ابن عقبة وغيره: مستهله، وسليمان التيمي وغيره: لليلتين [خلتا منه] (¬1)، عن عائشة: ارتفاع الضحى وانتصاف النهار (¬2) (سَنَةَ إِحْدَى [54 - أ] عَشْرَةٍ). (وَقُبِضَا عَامَ ثَلاَثَ عَشْرَةَ التَّالِي الرِّضَى) وهو أبو بكر رضي الله عنه، جزم ابن الصلاح (¬3) في جمادى الأول، وهو قول جماعة، قيل: يوم الاثنين، وقيل: ليلة الثلاثاء لثمان، وقيل: لثلاث بقين منه. وجزم ابن إسحاق وجماعة في جمادى الآخرة، قيل: ليلة الاثنين لسبع عشرة مضت منه، وقيل: يوم الاثنين لسبع ليال، وقيل: لثمان بقين منه عشية الاثنين أو ليلة الثلاثاء أو عشيتها. (وَلِثَلاَثٍ بَعْدَ عِشْرِيْنَ) سنة قضى (عُمَرْ) رضي الله عنه في آخر يوم من ذي الحجة، واتفقوا على أنه دُفِنَ في مُسْتَهَل المحرم سنة أربع وعشرين، وقيل: مات يوم السبت غُرَّة المحرم سنة أربع وعشرين. (وَخَمْسَةٍ بَعْدَ ثَلاَثِيْنَ) سنة (غَدَرْ عَادٍ بِعُثْمَانَ) فتوفي مقتولاً شهيداً في ذي الحجة، والمشهور يوم الجمعة الثامن عشر منه، وقيل: لثمان خلت منه، وقيل: لليلتين بقيتا منه، وقيل: في وسط أيام التشريق، وقيل: لثنتي عشرة، وقيل: لثلاث عشرة خلت منه، وقيل: أول سنة ست وثلاثين. ¬

(¬1) زيادة من «شرح الناظم»: (2/ 300) ليست في الأصل. (¬2) هذا إشارة إلى وقت وفاته صلى الله عليه وسلم من اليوم. (¬3) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص382).

ومبلغ سنه قيل: ثمانون، وقيل: ست وثمانون، وقيل: اثنان، وقيل: ثمان، وقيل: تسعون. (كَذَاكَ) غدر (بِعَلِيْ) (فِي الأرْبَعِيْنَ) سنة (ذُوْ الشَّقَاءِ الأزَلِيْ)، وهو عبد الرحمن بن ملجم المرادي قال عليه السلام: «أشقى الناس الذي عقر الناقة، والذي يضربك على هذا -ووضع يده على رأسه- حتى يخضب هذه -يعني لحيته» (¬1) فتوفي مقتولاً شهيداً في رمضان، قيل: قُتِلَ لثماني عشرة ليلة خلت منه، وقبض في أول ليلة من العشر الأواخر، وقيل: يوم الجمعة لسبع عشرة خلت منه، وقيل: ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت منه، فمات غداة يوم الجمعة، وقيل: ليلة الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت منه، وقيل: لإحدى عشرة خلت منه، وقيل: بقيت منه، وقيل: ضرب يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت منه، وقيل: ليلة إحدى وعشرين فبقي الجمعة والسبت ومات ليلة الأحد، وقيل: مات يوم الأحد. 957 - وَطَلْحَةٌ مَعَ الزُّبَيْرِ جُمِعَا ... سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ مَعَا (وَطَلْحَةٌ) هو ابن عبيد الله (مَعَ الزُّبَيْرِ) بن العوام (جُمِعَا) وفاة (سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ مَعَا) في [54 - أ] شهر واحد، وقيل: في يوم واحد، قُتِلا في وقعة الجمل، وكانت لعشر خلون من جمادى الآخرة، قيل: يوم الجمعة، وقيل: الخميس، وقيل: كانت في جمادى الأولى، قيل: لعشر ليال خلون منه، ومبلغ سنهما أربع وستون، وقيل: كان لطلحة ثلاث وستون، وقيل: اثنان، وقيل: ستون، وقيل: خمس وسبعون، وقيل: للزبير سبع وستون، وقيل: ¬

(¬1) «السنن الكبرى» للنسائي رقم (8538).

ست، وقيل: ستون، وقيل: بضع وخمسون، وقيل: خمس وسبعون. 958 - وَعَامَ خَمْسَةٍ وَخَمْسِيْنَ قَضَى ... سَعْدٌ، وقَبْلَهُ سَعِيْدٌ فَمَضَى 959 - سَنَةَ إحْدَى بَعْدَ خَمْسِيْنَ وَفِي ... عَامِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ تَفِي 960 - قَضى ابْنُ عَوْفٍ، والأَمِيْنُ سَبَقَهْ ... عَامَ ثَمَانِي عَشْرَةٍ مُحَقَّقَهْ (وَعَامَ خَمْسَةٍ وَخَمْسِيْنَ قَضَى سَعْدٌ) هو ابن أبي وقاص، وقيل: خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: أربع، وقيل: ست، وقيل: سبع، وقيل: ثمان، ومبلغ سنه: ثلاث وسبعون، وقيل: أربع، وقيل: اثنتان وثمانون، وقيل: ثلاث. (و) قضى (قَبْلَهُ سَعِيْدٌ) هو ابن زيد (فَمَضَى سَنَةَ إحْدَى بَعْدَ خَمْسِيْنَ) وقيل: خمسين أو إحدى (¬1)، وقيل: اثنتين، ومبلغ سنه: ثلاث وسبعون، وقيل: أربع. (وَفِي عَامِ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِيْنَ تَفِي) قضى عبد الرحمن (ابْنُ عَوْفٍ) وقيل: (إحْدَى) أو اثنتين، وقيل: ثلاث، ومبلغ سنه: خمس وسبعون، وقيل: اثنان، وقيل: ثمان. (والأَمِيْنُ) هو أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، (سَبَقَهْ)، فتوفي (عَامَ ثَمَانِي عَشْرَةٍ مُحَقَّقَهْ) وهو ابن ثماني وخمسين سنة. 961 - وَعَاشَ حَسَّانُ كَذَا حَكِيْمُ ... عِشْرِيْنَ بَعْدَ مِائَةٍ تَقُوْمُ ¬

(¬1) أي: تردد القائل في ذلك وهو ابن عبد البر في «الاستيعاب»: (2/ 8).

962 - سِتُّوْنَ فِي الإِسْلاَمِ ثُمَّ حَضَرَتْ ... سَنَةَ أرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ خَلَتْ 963 - وَفَوْقَ حَسَّانَ ثَلاَثَةٌ، كَذَا ... عَاشُوْا، وَمَا لِغَيْرِهِمْ يُعْرَفُ ذَا 964 - قُلْتُ: حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ العُزَّى ... مَعَ ابْنِ يَرْبُوْعٍ سَعِيْدٍ يُعْزَى 965 - هَذَانِ مَعْ حَمْنَنَ وابْنُ نَوْفَلِ ... كُلٌّ إلى وَصْفٍ حَكِيْمٍ فَاحْمِلِ 966 - وفِي الصِّحَابِ سِتَّةٌ قَدْ عَمَّرُوا ... كَذَاكَ في المُعَمِّرِيْنِ ذُكِرُوا (وَعَاشَ حَسَّانُ) هو ابن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري. (كَذَا حَكِيْمُ) هو حكيم بن حِزَام (عِشْرِيْنَ بَعْدَ مِائَةٍ تَقُوْمُ سِتُّوْنَ فِي الإِسْلاَمِ) وستون قبلها في الجاهلية (ثُمَّ حَضَرَتْ) وفاتهما فماتا بالمدينة (سَنَةَ أرْبَعٍ وَخَمْسِيْنَ خَلَتْ) وقيل: مات حسان سنة أربع وخمسين، وقيل: خمسين، وقيل: أربعين، وقيل: قبلها، وقيل: مات حكيم سنة ستين، وقيل: ثمان وخمسين، وقيل: خمسين. (وَفَوْقَ حَسَّانَ ثَلاَثَةٌ) وهم أبوه ثابت والمنذر وحَرَام (كَذَا عَاشُوْا) فعاش كل واحد منهم مائة وعشرين سنة، (وَمَا لِغَيْرِهِمْ) في العرب (يُعْرَفُ ذَا). قال المصنف: (قُلْتُ) زيادة على ابن الصلاح: (حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ العُزَّى) العامري (مَعَ ابْنِ يَرْبُوْعٍ سَعِيْدٍ) القرشي (يُعْزَى هَذَانِ مَعْ حَمْنَنَ) بفتح المهملة وسكون الميم، وفتح النون الأولى، ابن عوف الزهري (و) مَخْرَمة (ابْنُ نَوْفَلِ) الزهري (كُلٌّ إلى وَصْفٍ حَكِيْمٍ فَاحْمِلِ) فعاش كل منهم مائة وعشرين [55 - أ] سنة ستون في الجاهلية وستون في الإسلام. (وفِي الصِّحَابِ سِتَّةٌ) وهم عاصم بن عدي العَجْلاني، والمنتجع جدُّ

ناجية، ونافع أبو سليمان العبدي، واللَّجْلاج العامري، وسعد بن جنادة العوفي، وعَدِي بن حاتم الطائي (قَدْ عَمَّرُوا كَذَاكَ) أي: مائة وعشرين سنة، لكن لم يُعْلَمْ كون نصفها في الجاهلية ونصفها في الإسلام (في المُعَمِّرِيْنِ ذُكِرُوا) ذكرهم ابن منده في جزء جمع فيه من عاش مائة وعشرين من الصحابة. 967 - وَقُبِضَ الثَّوْرِيُّ عَامَ إحْدَى ... مِنْ بَعْدِ سِتِّيْنَ وَقَرْنٍ عُدَّا 968 - وَبَعْدُ في تِسْعٍ تَلِي سَبْعِيْنَا ... وَفَاةُ مَالِكٍ، وَفي الخَمْسِيْنَا 969 - وَمِائَةٍ أَبُو حَنِيْفَةٍ قَضَى ... والشَّافِعِيُّ بَعْدَ قَرْنَيْنِ مَضَى 970 - لأَرْبَعٍ ثُمَّ قَضَى مَأمُوْنَا ... أحْمَدُ في إحْدَى وأَرْبَعِيْنَا (وَقُبِضَ) أبو عبد الله سفيان بن سعيد (الثَّوْرِيُّ عَامَ إحْدَى مِنْ بَعْدِ سِتِّيْنَ وَقَرْنٍ عُدَّا) أي: سنة إحدى وستين ومائة بالبصرة، ومولده سنة سبع وتسعين، وقيل: خمس. (وَبَعْدُ في تِسْعٍ تَلِي سَبْعِيْنَا) أي: في سنة تسع وسبعين ومائة (وَفَاةُ مَالِكٍ) هو ابن أنس بالمدينة، ومولده سنة تسعين، وقيل: إحدى، وقيل: ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: سبع. (وَفي الخَمْسِيْنَا وَمِائَةٍ أَبُو حَنِيْفَةٍ) النعمان بن ثابت (قَضَى) وقيل: إحدى، وقيل: ثلاث ببغداد، ومولده سنة ثمانين. (و) أبو عبد الله محمد بن إدريس (الشَّافِعِيُّ بَعْدَ قَرْنَيْنِ مَضَى لأَرْبَعٍ) أي: توفي سنة أربع ومائتين ومولده سنة خمسين ومائة.

(ثُمَّ قَضَى مَأمُوْنَا أحْمَدُ) بن حنبل (في إحْدَى وأَرْبَعِيْنَا) ومائتين ببغداد ومولده سنة أربع وستين ومائة. 971 - ثُمَّ البُخَارِيْ لَيْلَةَ الفِطْرِ لَدَى ... سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ بِخَرْتَنْكَ رَدَى 972 - وَمُسْلِمٌ سَنَةَ إحْدَى في رَجَبْ ... مِنْ بَعْدِ قَرْنَيْنِ وَسِتِّيْنَ ذَهَبْ 973 - ثُمَّ لِخَمْسٍ بَعْدَ سَبْعِيْنَ أبُو ... دَاوُدَ، ثُمَّ التِّرْمِذِيُّ يَعْقُبُ 974 - سَنَةَ تِسْعٍ بَعْدَهَا وَذُو نَسَا ... رَابِعَ قَرْنٍ لِثَلاَثٍ رُفِسَا (ثُمَّ) أبو عبد الله محمد بن إسماعيل (البُخَارِيْ لَيْلَةَ الفِطْرِ لَدَى سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ) ومائتين (بِخَرْتَنْكَ) قرية بقرب سمرقند (رَدَىَ) أي: ذهب، ووُلِدَ سنة أربع وتسعين ومائة. (و) أبو الحسين (مُسْلِمٌ) هو ابن الحجاج القُشَيْري (سَنَةَ إحْدَى في رَجَبْ مِنْ بَعْدِ قَرْنَيْنِ وَسِتِّيْنَ ذَهَبْ) أي: توفي في رجب سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور، ومولده سنة أربع ومائتين. (ثُمَّ لِخَمْسٍ بَعْدَ سَبْعِيْنَ) ومائتين توفي (أبُو دَاوُدَ) سليمان بن الأشعث السجستاني بالبصرة، ومولده سنة ثنتين ومائتين. (ثُمَّ التِّرْمِذِيُّ) أبو عيسى محمد بن عيسى السُّلَمي (يَعْقُبُ سَنَةَ تِسْعٍ بَعْدَهَا) أي: توفي بها سنة تسع وسبعين (¬1) ومائتين. (وَذُو نَسَا) وهو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي توفي بفلسطين ¬

(¬1) قوله: سبعين، ملحق في الحاشية اليسرى.

(رَابِعَ قَرْنٍ لِثَلاَثٍ رُفِسَا) أي: سنة ثلاث وثلاثمائة وسبب موته (¬1) أنه سئل عن فضائل معاوية فقال: [55 - ب] ألا يرضى رأساً برأس. فما زالوا يرفسونه حتى أُخْرِجَ من المسجد، وحُمِلَ إلى مكة ومات بها (¬2)، ومولده سنة أربع عشرة ومائتين. وتوفي ابن ماجة سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وقيل: خمس، ومولده سنة تسع ومائتين. 975 - ثُمَّ لِخَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ تَفِي ... الدَّارَقُطْنِيْ، ثُمَّتَ الحَاكِمُ فِيْ 976 - خَامِسِ قَرْنٍ عَامَ خَمْسَةٍ فَنِي ... وَبَعْدَهُ بِأرْبَعٍ عَبْدُ الغَنِيْ 977 - فَفِي الثَّلاَثِيْنَ: أبُوْ نُعَيْمِ ... وَلِثَمَانٍ بَيْهَقِيُّ القَوْمِ 978 - مِنْ بَعْدِ خَمْسِيْنَ وَبَعْدَ خَمْسَةِ ... خَطِيْبُهُمْ والنَّمَرِيْ في سَنَةِ (ثُمَّ لِخَمْسٍ وَثَمَانِيْنَ) وثلاثمائة (تَفِي) توفي أبو الحسن (الدَّارَقُطْنِيْ) البغدادي بها، ومولده سنة ست وثلاثمائة. (ثُمَّتَ الحَاكِمُ) أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري (فِيْ خَامِسِ قَرْنٍ عَامَ خَمْسَةٍ فَنِي) أي: توفي سنة خمس وأربعمائة بنيسابور، ومولده سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. (وَبَعْدَهُ بِأرْبَعٍ عَبْدُ الغَنِيْ) أي: ثم توفي أبو محمد عبد الغني بن سعيد ¬

(¬1) انظر: «سير أعلام النبلاء»: (14/ 132). (¬2) حشى عليه الناسخ بقوله: كذا حكاه ابن منده عن مشايخه.

الأزدي المصري سنة تسع وأربعمائة، وعاش سبعاً وسبعين. (فَفِي الثَّلاَثِيْنَ) وأربعمائة توفي (أبُوْ نُعَيْمِ) أحمد بن عبد الله الأصبهاني، ومولده سنة ست وثلاثين وثلاثمائة. (وَلِثَمَانٍ بَيْهَقِيُّ القَوْمِ مِنْ بَعْدِ خَمْسِيْنَ) أي: وتوفي أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي بنيسابور سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، ومولده سنة أربع وثمانين وثلاثمائة. (وَبَعْدَ خَمْسَةِ خَطِيْبُهُمْ) أي: ثم توفي الخطيب أبو بكر بن علي البغدادي بها سنة ثلاث وستين وأربعمائة، ومولده سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، وقيل: اثنين. (والنَّمَرِيْ في سَنَةِ) أي: وتوفي بهذه السنة أيضاً أبو عمر يوسف بن عبد الله النَّمَري القُرْطُبي، ومولده سنة ثمان وستين وثلاثمائة.

معرفة الثقات والضعفاء

مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ والضُّعَفَاءِ 979 - وَاعْنِ بِعِلْمِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ ... فَإِنَّهُ المِرْقَاةُ لِلتَّفْضِيْلِ 980 - بَيْنَ الصَّحِيْحِ وَالسَّقِيْمِ وَاحْذَرِ ... مِنْ غَرَضٍ، فَالجَرْحُ أَيُّ خَطَرِ 981 - وَمَعَ ذَا فَالنُّصْحُ حَقٌّ وَلَقَدْ ... أَحْسَنَ يَحْيَى فِي جَوَابِهِ وَسَدْ 982 - لأَنْ يَكُونُوا خُصَمَاءَ لِي أَحَبْ ... مِنْ كَوْنِ خَصْمِي المُصْطَفَى إذْ لَمْ أَذُبْ 983 - وَرُبَّمَا رُدَّ كَلاَمُ الجَارِحِ ... كَالنَّسَئِي فِي أَحْمَدَ بنِ صَالِحِ 984 - فَرُبَّمَا كَانَ لِجَرْحٍ مَخْرَجُ ... غَطَّى عَلَيْهِ السُّخْطُ حِيْنَ يُحْرَجُ (وَاعْنِ بِعِلْمِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيْلِ فَإِنَّهُ المِرْقَاةُ لِلتَّفْضِيْلِ بَيْنَ الصَّحِيْحِ وَالسَّقِيْمِ) أي: صحيح الحديث وسقيمه، وصَنَّفَ فيه جماعة منهم البخاري. (وَاحْذَرِ مِنْ غَرَضٍ) في جانبي التوثيق والتخريج. (فَالجَرْحُ أَيُّ خَطَرِ وَمَعَ ذَا) أي: مع كونه خطراً (فَالنُّصْحُ حَقٌّ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ يَحْيَى) بن سعيد القطان (فِي جَوَابِهِ) لأبي بكر بن خلَّاد (وَسَدْ) إذ قال له: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله يوم القيامة؟ فقال: (لأَنْ يَكُونُوا خُصَمَاءَ لِي أَحَبْ مِنْ كَوْنِ خَصْمِي المُصْطَفَى إذْ لَمْ أَذُبْ) يقول لي: لِمَ لَمْ تذب الكذب عن حديثي (¬1). ¬

(¬1) «الكامل» لابن عدي: (1/ 110) و «الكفاية»: (1/ 175).

(وَرُبَّمَا رُدَّ كَلاَمُ الجَارِحِ كَالنَّسَئِي فِي أَحْمَدَ بنِ صَالِحِ) بقوله غير ثقة (¬1)، وهو ثقة احتج به البخاري وغيره (¬2). قال ابن عدي (¬3): سبب كلامه فيه: سمعت محمد بن هارون الرَّقِّي يقول: حضرت مجلس [56 - أ] أحمد فطرده من مجلسه فحمله ذلك على أن تكلم فيه. (فَرُبَّمَا كَانَ لِجَرْحٍ مَخْرَجُ غَطَّى عَلَيْهِ السُّخْطُ حِيْنَ يُحْرَجُ) هذا كالجواب عن مُقَدَّر وهو إذا نُسِبَ مثل النسائي وهو حُجَّة في الجرح إلى مثل هذا، فكيف يُوْثَقُ بقوله في ذلك؟ الجواب: أن عين السُّخط تبدي مساوئ لها في الباطن مخارجُ صحيحة يُعْمَى (¬4) عنها بحجاب السخط. ¬

(¬1) «ميزان الاعتدال»: (1/ 104) و «تهذيب الكمال»: (1/ 46). (¬2) المصدر السابق. (¬3) «الكامل»: (1/ 187). (¬4) كذا، وفي المصادر: تعمى.

معرفة من اختلط من الثقات

مَعْرِفَةُ مَنِ اخْتَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ 985 - وَفِي الثِّقَاتِ مَنْ أخِيْراً اخْتَلَطْ ... فَمَا رَوَى فِيْهِ أَوِ ابْهَمَ سَقَطْ 986 - نَحْوُ عَطَاءٍ وَهُوَ ابْنُ السَّائبِ ... وَكَالْجُرَيْرِي سَعِيْدٍ، وَأَبِي 987 - إِسْحَاقَ، ثُمَّ ابْنِ أبِي عَرُوبَةِ ... ثُمَّ الرَّقَاشِيِّ أَبِي قِلاَبةِ 988 - كَذَا حُصَيْنُ السُّلَمِيُّ الكُوْفِيْ ... وعَارِمٌ مُحَمَّدٌ والثَّقَفِي 989 - كَذَا ابْنُ هَمَّامٍ بِصَنْعَا إذْ عَمِي ... وَالرَّأيُ فِيْمَا زَعَمُوا والتَّوْأمِي 990 - وَابْنُ عُيَيْنَةَ مَعَ المَسْعُودِي ... وَآخِراً حَكَوْهُ فِي الحَفِيْدِ 991 - ابنُ خُزَيْمَةَ مَعَ الغِطْرِيْفِي ... مَعَ القَطِيْعِي أَحْمَدَ المَعْرُوْفِ (معرفة من اختلط من الثقات) وهو فن عزيز مهم. (وَفِي الثِّقَاتِ مَنْ أخِيْراً اخْتَلَطْ فَمَا رَوَى فِيْهِ) أي: فالحكم فيه أن ما حدَّث به في حال الاختلاط، (أَوِ ابْهَمَ) أمره فلم يدر حدث به قبل الاختلاط أو بعده، (سَقَطْ) فلا يُقبل. وما حَدَّثَ به قبل الاختلاط قُبِل. ويتميز باعتبار الرواة، فمنهم من سَمِعَ منهم قبل الاختلاط فقط، ومَنْ سمع بعده فقط، ومَنْ سمع في الحالتين، ولم يتميز. (نَحْوُ عَطَاءٍ وَهُوَ ابْنُ السَّائبِ) فإنه اختلط في آخر عمره. قال ابن حبان (¬1): ¬

(¬1) «الثقات»: (7/ 251).

ولم يفحُش خطأه. (وَكَالْجُرَيْرِي سَعِيْدٍ) هو أبو مسعود سعيد بن إياس الجُرَيْري اختلط آخراً، ولم يشتد تَغَيُّرُه. (وَأَبِي إِسْحَاقَ) السبيعي وقد أنكر صاحب «الميزان» (¬1) اختلاطه فقال: شاخ ونسي ولم يختلط. (ثُمَّ) سعيد (ابْنِ أبِي عَرُوبَةِ) اختلط، وطالت مدة اختلاطه. (ثُمَّ الرَّقَاشِيِّ أَبِي قِلاَبةِ) قال فيه ابن خزيمة (¬2): ثنا أبو قلابة بالبصرة قبل أن يختلط، ويخرج إلى بغداد. (كَذَا حُصَيْنُ) ابن عبد الرحمن (¬3) (السُّلَمِيُّ الكُوْفِيْ) قال يزيد بن هارون (¬4): اختلط. والنسائي: تغير. وصاحب «الميزان» (¬5) عن علي بن عاصم: لم يختلط. (وعَارِمٌ مُحَمَّدٌ) هو محمد بن الفضيل أبو النعمان السدوسي، قال أبو حاتم (¬6): اختلط في آخر عمره، وزال عقله (و) عبد الوهاب (الثَّقَفِي) قال عقبة العَمِّي (¬7): اختلط قبل موته بثلاث سنين، أو أربع، ولم يضر حديثه؛ ¬

(¬1) (3/ 280). (¬2) أسنده الخطيب في «تاريخ بغداد»: (10/ 426). (¬3) قوله: ابن عبد الرحمن. ملحق في الحاشية اليسرى. (¬4) «ميزان الاعتدال»: (1/ 552). (¬5) المصدر السابق. (¬6) «الجرح والتعديل»: (8/ 59). (¬7) «تاريخ بغداد»: (11/ 21).

فإنه ما حدث بحديث في زمن التغير. (كَذَا) عبد الرزاق (ابْنُ هَمَّامٍ) الصنعاني (بِصَنْعَا إذْ عَمِي) قال أحمد (¬1): أتيناه قبل المائتين وهو صحيح البصر، ومن سمع منه بعد ما ذهب بصره فهو ضعيف السماع. وقال أيضاً: كان يُلَقَّن بعد ما عمي. (وَ) ربيعة (الرَّأيُ) شيخ مالك (فِيْمَا زَعَمُوا) قال المصنف: لم أر من ذكر أنه اختلط إلا ابن الصلاح (¬2)، فقال: قد قيل إنه تغير في آخر عمره، ولذا أتيت [56 - ب] بقولي: «فيما زعموا». (و) صالح (التَّوْأمِي) وهو صالح بن نبهان. قال أحمد (¬3): أدركه مالك، وقد اختلط وهو كبير. (و) سفيان (ابْنُ عُيَيْنَةَ) قال يحيى بن سعيد القطان (¬4): أشهد أنه اختلط سنة سبع وتسعين، كذا حكاه محمد بن عمار الموصلي عنه. قال صاحب «الميزان» (¬5): وأنا أعده غلطاً من ابن عمار؛ فإن القطان مات في صفر من سنة ثمان وتسعين وقت قدوم الحاج وتحديثهم عن أخبار الحجاز فمتى تمكن من أن يسمع اختلاط سفيان ثم شهد به والموت قد نزل به، ثم قال: فلعله بلغه ذلك في أثناء سنة سبع. ¬

(¬1) «ميزان الاعتدال»: (2/ 609). (¬2) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص394). (¬3) «العلل ومعرفة الرجال»: رقم (1135). (¬4) «تهذيب الكمال»: (3/ 228) (¬5) (2/ 171).

(مَعَ) عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة (المَسْعُودِي) قال ابن سعد (¬1): اختلط في آخر عمره. (وَآخِراً حَكَوْهُ فِي الحَفِيْدِ ابنُ خُزَيْمَةَ) أي: ومن المتأخرين أبو طاهر محمد بن الفضل بن خزيمة حفيد الحافظ أبي بكر بن خزيمة، (مَعَ) أبي أحمد محمد بن أحمد (الغِطْرِيْفِي) الجرجاني، ذكر أبو علي البردعي أنه بلغه أنهما اختلطا في آخر عمرهما. (مَعَ القَطِيْعِي أَحْمَدَ المَعْرُوْفِ) هو أبو بكر أحمد بن جعفر القَطِيعي. قال ابن الصلاح (¬2): اختلَّ في آخر عمره. فما كان من هذا القبيل مُحتجاً بروايته في «الصحيحين» فذلك مأخوذ قبل الاختلاط. ¬

(¬1) «الطبقات الكبرى»: (5/ 497) ووقع في الأصل: ابن سعيد. خطأ. (¬2) «معرفة أنواع علم الحديث»: (ص397).

طبقات الرواة

طَبَقَاتُ الرُّوَاةِ 992 - وَلِلرُّوَاةِ طَبَقَاتٌ تُعْرَفُ ... بِالسِّنِّ وَالأَخْذِ، وَكَمْ مُصَنِّفُ 993 - يَغْلَطُ فِيْهَا، وَابْنُ سَعْدٍ صَنَّفَا ... فِيْهَا وَلَكِنْ كَمْ رَوَى عَنْ ضُعَفَا (طبقات الرواة) معرفتها من المهمات، إذ قد يتفق اسمان فيظن أحدهما الآخر فيتميز بمعرفة طبقتيهما. (وَلِلرُّوَاةِ طَبَقَاتٌ تُعْرَفُ بِالسِّنِّ وَالأَخْذِ) فيعرف كون الراويين أو الرواة من طبقة واحدة بتقاربهم في السن، وفي الشيوخ الآخذين عنهم، إما بكون شيوخ هذا هم شيوخ هذا، أو تقارب شيوخ هذا من شيوخ هذا في الأخذ. (وَكَمْ مُصَنِّفُ يَغْلَطُ فِيْهَا) بسبب الجهل بمعرفة الطبقات فربما ظن راوياً راوياً آخر غيره، وربما أدخل راوياً في غير طبقته. (و) محمد (ابْنُ سَعْدٍ صَنَّفَا فِيْهَا) فله ثلاث تصانيف والكبير جليل. (وَلَكِنْ كَمْ رَوَى) فيه (عَنْ ضُعَفَا) كمحمد بن عُمَر الأسْلَمي الواقدي، وكهشام بن محمد بن السائب الكَلْبي، وغيرهما.

الموالي من العلماء والرواة

المَوَالِي مِنَ العُلَمَاءِ والرُّوَاةِ 994 - وَرُبَّمَا إلَى القَبِيْلِ يُنْسَبُ ... مَوْلَى عَتَاقَةٍ وَهَذَا الأغْلَبُ 995 - أَوْ لِوَلاَءِ الحِلْفِ كَالتَّيْمِيِّ ... مَالِكٍ اوْ لِلدِّيْنِ كَالْجُعْفِيِّ 996 - وَرُبَّمَا يُنْسَبُ مَوْلَى المَوْلَى ... نَحْوُ سَعِيْدِ بنِ يَسَارٍ أَصْلاَ (الموالي من العلماء والرواة) معرفتهم من المهمات؛ لأنه ربما يُنْسَب مولى القبيلة مع إطلاق النسبة فيظن أنه مِنْهُم. (وَرُبَّمَا إلَى القَبِيْلِ يُنْسَبُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ [57 - أ] وَهَذَا الأغْلَبُ) كالليث بن سعد الفَهْمي، وعبد الله بن المبارك الحَنْظَلي، وعبد الله بن صالح الجُهَني، ونحوهم. (أَوْ لِوَلاَءِ الحِلْفِ كَالتَّيْمِيِّ مَالِكٍ) هو ابن أنس قيل له التيمي لكون (¬1) نَفَرِهِ «أصبح» موالي لتيم قريش بالحلف. (اوْ لِلدِّيْنِ كَالْجُعْفِيِّ) هو الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، قيل له: «الجعفي»؛ لأن جده كان مجوسياً فأسلم على يد اليمان بن أخنس (¬2) ¬

(¬1) في الأصل: لكونه. وما أثبتناه من «شرح الناظم»: (2/ 345). (¬2) في الأصل: أخفش. والتصحيح من «شرح الناظم»: (2/ 345).

الجعفي. (وَرُبَّمَا يُنْسَبُ) إلى القبيلة (مَوْلَى المَوْلَى) أي: مولى مولاها (نَحْوُ سَعِيْدِ بنِ يَسَارٍ أَصْلاَ) قيل له الهاشمي لأنه مولى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أوطان الرواة وبلدانهم

أَوْطَانُ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانُهُمْ 997 - وَضَاعَتِ الأَنْسَابُ في البُلْدَانِ ... فَنُسِبَ الأَكْثَرُ لِلأَوْطَانِ 998 - وَإنْ يَكُنْ في بَلْدَتَيْنِ سَكَنَا ... فَابْدَأْ بِالاوْلَى وَبِثُمَّ حَسُنَا 999 - وَإنْ يَكُنْ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ بَلْدَةِ ... يُنْسَبْ لِكُلٍّ وَإلَى النَّاحِيَةِ 1000 - وَكَمُلَتْ بِطِيْبَةَ المَيْمُوْنَهْ ... فَبَرَزَتْ مِنْ خِدْرِهَا مَصُوْنَهْ 1001 - فَرَبُّنَا المَحْمُودُ وَالمَشْكُوْرُ ... إِلَيْهِ مِنَّا تَرْجِعُ الأُمُوْرُ 1002 - وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ ... عَلَى النَّبِيِّ سَيِّدِ الأَنَامِ (أوطان الرواة وبلدانهم) مما يحتاج أهل الحديث إلى معرفته ليميز به بين الاسمين المتفقين لفظاً. (وَضَاعَتِ الأَنْسَابُ في البُلْدَانِ) لما غَلَب على العرب سُكْنَى القُرى والمدائن، (فَنُسِبَ الأَكْثَرُ لِلأَوْطَانِ) وكانت قبله تنسب إلى القبائل. (وَإنْ يَكُنْ في بَلْدَتَيْنِ سَكَنَا) ثم أراد الانتساب إليهما (فَابْدَأْ بِالاوْلَى) أي: بالبلدة التي سكن إليها أولاً، ثم بالثانية التي انتقل إليها. (وَبِثُمَّ حَسُنَا) أي: وحَسَنٌ أن تأتي بِثُمَّ في النسب إلى البلدة الثانية، فيقال: المصري ثم الدمشقي. (وَإنْ يَكُنْ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ بَلْدَةِ يُنْسَبْ لِكُلٍّ وَإلَى النَّاحِيَةِ) أي: التي منها تلك البلدة، فيجوز أن يُنَسب من هو من داريا بالداري، والدمشقي، والشامي. فإن

أردت الجمع فتبدأ بالأعم. قال المصنف رحمه الله: (وَكَمُلَتْ) هذه الأرجوزة (بِطِيْبَةَ المَيْمُوْنَهْ) وهي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثالث جمادى الآخرة سنة ثماني وستين وسبعمائة، (فَبَرَزَتْ مِنْ خِدْرِهَا مَصُوْنَهْ فَرَبُّنَا المَحْمُودُ وَالمَشْكُوْرُ، إِلَيْهِ مِنَّا تَرْجِعُ الأُمُوْرُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَى النَّبِيِّ سَيِّدِ الأَنَامِ) وآله وصحبه الكرام وتابعيهم دائم الدوام. [قال مؤلف هذا التعليق نفع الله تعالى به في الدنيا والآخرة: وكمل هذا التعليق في الثالث عشر من جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة بصالحية دمشق المحروسة من الآفات، والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وحسبنا الله ونعم الوكيل. بخط العلامة الشيخ أحمد بن محمد بن عمر الشهير والده بشكم الصالحي الشافعي]

§1/1