شرحان على مراح الأرواح في علم الصرف

ديكنقوز

خطبة الكتاب

Zخطبة الكتاب: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا} "قرآن كريم" بسم الله الرحمن الرحيم اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا نحو رضائك؛ وصل على من أوتي جوامع الكلم من بين أنبيائك؛ وعلى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من آله وأصحابه وأزواجه وأحبائه؛ وعلى المقتفين بهم في مصادرهم ومواردهم؛ ربنا لا تؤاخذنا بالفرطات الماضية، وسدد أمورنا في الحال والاستقبال، واحفظنا من الاعتلال والاختلال في الأقوال والأفعال، وارزقنا صحيحات النيات في أبواب الخيرات. قال المصنف رحمه الله تعالى عملا بالحديث المشهور والخبر المأثور واقتداء بالكتاب الكريم "بسم الله الرحمن الرحيم" وتخصيص كتابه بأول القرينين، بل ذكره من باب الاكتفاء كقوله تعالى في النحل: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} أي والبرد ولما وقع التصنيف في العلم الإسلامي أغنى عن كتب الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن المقصود به التنبيه على أن المصنف من المسلمين؛ إذ الظاهر أن لا يصنف أحد إلا فيما ينتمي إليه من الدين، وأما كون المصنف من المصنفات الإسلامية فيعلم من خصوص العلم الذي فيه التصنيف، ثم أظهر عبوديته واحتياجه في بدأ أمره فقال "قال" العبد "المفتقر" أي ذو الاحتياج الكثير واختار هذا اللفظ تبركا بما ورد في كلام الله تعالى حيث قال: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} تيمنا بما

_ Q"بسم الله الرحمن الرحيم" نحمدك يا من بيده الخير والجود، وبقدرته تصرف كل موجود وخص الإنسان منه بخاصة أمر السجود فمن أطاعه فصحيح سالم مسعود، ومن عصاه فمعتل ناقص مردود، فسمعا وطاعة لا إله إلا الله المعبود ونصلي على رسولك محمد خاتم الأنبياء ومبلغ مبلغ الأنبياء، وعلى آله وأصحابه الأتقياء الكرام البررة الأصفياء ما نسخت الشمس باجر الظلماء وفجر عيون الأرض. "وبعد" لما رأيت المختصر في الصرف الذي صنفه الفاضل المحقق والعالم المدقق علامة الورى شمس الملة والدين أحمد بن علي بن مسعود جعلهم الله قرينا لنبيه في مقام محمود مع صغر حجمه ووجازة نظمه مشتملا على غرر الفرائد ودرر الفوائد، محتويا على دقائق الأسرار العربية ونكات العلوم الأدبية ولم يقع له شرح يكشف القناع عن مخدراته ويزيل الأستار عن مستراته، فلم يبرزهن شارح إلى هذا الآن لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان، بل هم يحومون حول مطالبيه ولم يبينوا شيئا منها لطالبيه، ولم يهتدوا إلى موارده سبيلا وإلى مشارع مآربه دليلا، فأردت أن أشرحه شرحا يزيل صعابه ويخرج من قشره لبابه فابتدأت بنبذة منه وعرضتها إلى محط رحال الأفاضل ومحظ رجال الفضائل، حضرة مولاي الهمام ملجأ كافة الأنام ممهد قواعد المنقول والمعقول مشيد أركان الفروع والأصول مبين الأحكام الدينية مزين الشرائع النبوة، أسوة العلماء المتقدمين قدوة الفضلاء المتأخرين برهان الحق والدين، ينبوع الفضل واليقين أستاذي المحقق والحبر المدقق لا زالت رياض العلوم بلطائف بيانه زاهرة وحيض الحكم بعواطف تبيانه باهرة، فلحظ إليها بعين القبول مشيرا إلى بإتمام هذا المسئول فرفرف على جناح الأشبال بإرشاد الحق عند السؤال عن غوامض لا يظرفها البال، فجد جدى في فتق مبانيه وجهد جهدي في حل حلو معانيه حتى ظفرت إلى محض اللباب من مستودعات الفصول والأبواب، ولم أقتصر على تحقيق ما في الكتاب، بل أضفت إليه فوائد لطيفة من هذا الباب وقواعد شريفة لا يستغني عنها شيخ ولا شاب مما فزته من نكت مؤلفات المتقدمين ونخب مصنفات المتأخرين، فافتلذت الأسى من عيونها واختسلت النفائس من كنوز متونها ومما استخرجته بفكري الفاتر ونظري القاصر بعون الله القادر واقتصدت بين طرفي الإطناب والاقتصار والإيجاز المخل والإكثار إلا أن عوائق الزمان وربائث الحدثان عاقتني عن تنقيحه وثبطتي عن ترشيحه فتركته بعره وطويته على غره مع أني بالنقصان لمعترف وللخطايا لمقترف، فكل ما وقع فيه سهو فمن اخترامي، وإذا اتفق مني شيء فمن رمية من غير رامي على أن من شأن نوع الإنسان السهو والخلل والنسيان، ولهذا قال ابن عباس: أول ناس أول الناس فالمرجو من أكابر الفضلاء وأماثل العلماء أن يصلحوا ما عثروا عليه من زلتي، ولم يعتبوني على فرط خطيئتي ومزلتي؛ وسميته بـ"الفلاح في شرح المراح" وأسأل الله تعالى أن يهديني إلى سبيل الرشاد ويوفقني لما يرتضيه من مسلك السداد، إنه ولي الإجابة والتوفيق وبتحقيق الأمنية حقيق وهو حسبي ونعم المعين "قال المفتقر" ترك المصنف دأب سائر المصنفين من افتتاح كتابهم بالحمد لله اقتداء بسيد المرسلين عليه السلام في إظهار عجزه في مقام الحمد حيث قال

Zصدر عن صدر النبوة حيث قال: الفقر فخري وقوله: "إلى الله الودود" أي المحبوب وهو المناسب للافتقار إليه متعلق بالمفتقر، واختار صيغة الماضي حيث قال: قال لضرورة تأخر الحكاية عن المحكي في الواقع، وإن كانت متقدمة في الذكر لتقدم العامل على المعمول، وإنما لم يقل قلت هضما لنفسه وليمكن التوصيف وإجراء الاسم عليه واختار الفرع على الأصل إظهار الزيادة احتياجه، ثم ذكر اسمه واسمي أبويه لئلا يظن أن كتابه قبل التأمل فيه من تأليفات الأوباش من مرور الأيام وكرور الأعوام، فليتخذ ظهريا وليدعو لهم فعطفه على المفتقر عطف بيان فقال: "أحمد بن علي بن مسعود" ثم دعا لنفسه ولوالديه بالغفران والإحسان كما هو اللائق بأهل الإيمان فقال: "غفر الله له ولوالديه وأحسن إليهما وإليه" أي إلى أحمد مقدما نفسه أولا ومؤخرا ثانيا رعاية للسجع، ثم حرض على العلم الذي وقع التأليف فيه فقال مخاطبا خطاب العام: "اعلم أن الصرف" اختار هذا على التصريف مع أنهما علمان على علم يعرف به أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب لكونه أخف وموافقا للنحو وأصلا؛ لأنه ثلاثي وفي قوله: "وأم العلوم" أي أصلها تسمية للدال باسم المدلول شبهه بالأم من حيث الولادة فكما أن الأم تلد الأولاد كذلك هذا العلم يلد الكلمات التي هي دوال العلوم وقوالبها، ولما اختلج في صدر السامع ماذا أبوها بينه بقوله: "والنحو" وهو علم يعرف به أحوال أواخر الكلم من حيث الإعراب والبناء "أبوها" أي مصلح العلوم

_ Qعليه السلام: "لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" وأتبع على ترك الحمد ترك الصلاة على النبي عليه السلام وعلى آله وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، ويمكن أن يقال إن مثل ترك الحمد لإظهار عجزه في مقام الحمد بناء على أن عظمته تعالى ليست في حد يمكن أن تعبر عنها النفوس الناطقة البشرية القاصرة، حمد بناء على أن معنى الحمد فعل ينبئ عن تعظيم المنعم بسبب كونه منعما، وأن هذا الترك فعل كذلك بل هو أبلغ وأولى من مثل الحمد لله؛ لأن دلائل الألفاظ وضعية قد يتخلف مدلولتها عنها بخلاف دلالة لأفعال فإنها عقلية، وبهذا المعنى قيل: أولى الحمد ترك الحمد، ويمكن أن يقال أيضا إن قوله: المفتقر إلى الله الودود حمد بناء على أن هذا القول يشعر بالتعظيم وكل ما يشعر حمد تدبر، وإنما ابتدأ بالماضي لدلالته على التحقيق والوقوع ولقصد الموافقة بين قوله تعالى: {وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} وبين كلامه اختار المفتقر على المحتاج ونحوه، فإن قلت: لِمَ لَمْ يقل قال الفقير مع أنه أصل قلنا: لأن في المفتقر زيادة حرف تدل على زيادة المعنى، ولما كان لفظة الله اسما للذات المستجمع لجميع الصفات فكان ذكره بها ذكره بجميع صفاته قال: "إلى الله الودود" دون إلى الغني وغيره من الصفات مع أن في الأول رعاية التضاد مع المفتقر وموافقة كلامه لكلام الله تعالى في ذكر الغني أيضا، ولما التزم الودود لرعاية السجع مع مسعود، وكان طول الكلام الأول قبيحا في السجع لم يقل إلى الله الغني الودود وهو فعول من وديود أي أحب يحب، وهو قد يجيء بمعنى الفاعل كالصبور بمعنى الصابر، وقد يجيء بمعنى المفعول كالحلوب بمعنى المحلوب، فعلى الأول يكون المعنى إلى الله المحب أنبياءه وأولياءه، وعلى الثاني إلى الله المحبوب في قلوب أنبيائه وأوليائه فها هنا يسوغ كلا معنييه لكن الثاني أنس؛ لأن إطلاق المحب على الله تعالى بتأويل وإن كان شائعا كأمير بخلاف المحبوب "أحمد" مرفوع على أنه عطف بيان للمفتقر "ابن علي" أصله عليو من العلو قلبت الواو ياء لاجتماعهما وسبق إحداهما بالسكون ثم أدغمت "ابن مسعود غفر الله له" أي لأحمد دعاء في صورة الإخبار بمعنى ليغفر، والسر في التعبير بالماضي في موقع الدعاء التفاؤل في القبول فكأن المدعو قد وقع والداعي أخبر عنه بالمضي أو إظهار الحرص في وقوعه "ولوالديه" أي أبوي أحمد قدم نفسه في الغفران على أبويه ليكون مستجاب الدعوة في حقهما، وقيل: لمتابعة إبراهيم عليه السلام حيث قال: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} وقدم أبويه في قوله: "وأحسن" أي الله "إليهما" أي إلي والدي أحمد "وإليه" أي إلى أحمد حفظا للأدب أو قدم نفسه في الغفران وأخرها في الإحسان لرعاية السجع "اعلم" أيها الطالب لتحصيل العلوم وقوله: اعلم إلى قوله: أرواح، بل إلى آخر الكتاب مقول القول "أن الصرف" وهو في الأصل مصدر صرف من باب ضرب ومعناه التبديل والتغيير، يقال: صرفت الدراهم بالدنانير وبين الدرهمين صرف، أي فضل لجودة فضة أحدهما ومنه الصيرفي، والتصريف مشتق منه للمبالغة والكثرة، ثم جعل الصرف والتصريف علمين لهذا العلم المعرف بأنه علم بأصول يعرف بها أحوال أبنية الكلم التي ليست بإعراب، فإن قلت: لما كانا علمين وكان في التصريف مبالغة وكثرة كان الأولى أن يقول المصنف: إن التصريف لكثرة تصرفات هذا العلم، قلت: لما كان الصرف أخف من التصريف وأصلاله وأوفق لما بعده من النحو في الوزن وعدد الحروف اختار الصرف "أم العلوم" أي أصلها ومبدؤها لأنها يبدأ منها العلوم، يقال للفاتحة أم القرآن وأم الكتاب؛ لأنها أصل القرآن منها يبدأ القرآن وإنما شبه الصرف بالأم في التولد، يعني كما أن الأم تلد الولد كذلك الصرف يلد الكلمة إشعار بشدة احتياج العلوم إليها؛ لأن الأم لا يكاد يستغني الولد عنها، فإن قلت فعلى هذا يكون علم الصرف أم الكلمة لا أم العلوم والمقصود هو الثاني قلت: لما كان استفادة العلوم من الكلمات والألفاظ صارت أمالها أيضا، فإن قيل: يلزم أن يكون الصرف إما لنفسه لأنه علم مستفاد من الكلمات والألفاظ أيضا أجيب بأن المراد من العلوم ما عدا الصرف، كما أن المنطق آلة لما عداه "والنحو" وهو علم بأصول يعرف بها أحوال أواخر الكلم من حيث الإعراب والبناء "أبوها" أي أبو العلم شبه النحو بالأب

Zشبهه بالأب من حيث الإصلاح، فكما أن الأب يصلح الأولاد كذلك هذا العلم يصلح الألفاظ التي هي أوعية العلوم وقوله: "ويقوي" عطف على أم العلوم لكونه بمعنى يلد العلوم مثل قوله تعالى قراءة الكوفيين: فالق الإصباح وجعل الليل سكنا عطف قوله جعل على فالق لكونه معنى فلق "في الدرايات" جمع دراية وهي التعقل مصدر بمعنى المفعول كضرب الأمير بمعنى مضروبه أي في المدريات أي المعقولات "داروها" أي عاقلو الصرف وعالموها وتأنيث الضمير باعتبار الأم "ويطغي" أي يضل "في الروايات" جمع رواية وهي النقل بمعنى المروي أي في المرويات أي المنقولات "عاروها" أي العريانون من ثيابها العري كناية عن الجهل ولذلك عداه بنفسه، إنما قال في الدرايات يطغى؛ لأن تحصل العلوم العقلية ممكن بدون الألفاظ وإن كان متعسرا إلا أنه لا شك في أنه يقوى بها بخلاف تحصيل العلوم النقلية فإنه بدونها متعذر، قال الزمخشري: لا يجدون علما من العلوم الإسلامية فقهها وكلامها وعلمي تفسيرها وأخبارها إلا وافتقاره إلى العربية بين لا يدفع ومكشوف لا يتقنع، فإذن لا شك محصلها العاري منها يضل في سلوكه ولا يهتدي إلى مطلوبه فافتقار الروايات إليه أشد من افتقار الدرايات، وإذا كان الحال على هذا المنوال "فجمعت" أي فقد جمعت لأنه ماض بمعناه وقع جزاء لشرط محذوف كما قدرناه فلا يصح بدون قد إذ ليس في اللفظ فلا بد من التقدير وهذا كثير في كلامه وعليك بالتنبيه له في مقامه ويحتمل أن يكون الجزاء محذوفا بقرينة المقام، ويكون تقدير الكلام هكذا وإذا كان كذلك أردت جمع كتاب فيه فجمعت إلى إلخ، فيكون قوله: جمعت معطوفا على الجزاء المقدر "فيه" أي في الصرف "كتابا موسوما" أي معلما فإن الاسم علامة للمسمى "بمراح" أي محل راحة "الأرواح" وهي جمع روح بمعنى النفس وقوله "وهو" أي ذلك الكتاب مبتدأ أو قوله "للصبي" خصصه بالذكر بناء على الأغلب ومراعاة لمراعاة النظير حال من خبر المبتدأ وهو قوله: "جناح النجاح" أي الفوز بالمطلوب قدم عليه للسجع والجملة أعنى المبتدأ والخبر حال من كتابا استعار الجناح للكتاب

_ Qفي الإصلاح يعني كما أن الأب يصلح أولاده كذلك علم النحو يصلح الكلمات والألفاظ، وفيه ما في التشبيه الأول وجوابه جوابه "ويقوي" من القوة وهي ضد الضعف وأصله يقوو من باب يعلم فأبدلت من الواو الأخيرة ياء لوقوعها رابعة أو حملا على ماضيه وهو قوي أصله قوو، قلبت الواو الأخيرة ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصار قوي، ثم قلبت ياء يقوى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، ويكتب على صورة الياء لانقلابها منها وإن كانت في الأصل واوا "في الدرايات" وهي جمع دارية مصدر درى يدري من باب رمى يرمي معناه علم يعلم، فمعنى الدرايات أنواع العلوم مطلقا لكن لما وقعت في مقابلة الروايات خصت بأنواع العلوم العقلية، ولهذا جاز جمعها "داروها" أي عالموها وهو فاعل يقوي واسم فاعل يدري، والضمير للصرف باعتبار الأم ولهذا أنث، وأصله داريون بضم الياء فاستثقلت الضمة عليها فأسكنت فاجتمع ساكنان الياء والواو، ثم حذفت الياء لأن الواو علامة، ثم ضم الراء لأجل الواو فصار دارون، ثم أضيف إلى الضمير فحذف النون لئلا يلزم اجتماع المتنافيين لأن النون لقيامه مقام التنوين بدل على تمام الكلمة وانفصالها عن غيرها، والإضافة تدل على عدم تمام الكلمة واتصالها بغيرها فصار مدلولاهما متنافيين والمتنافيان لا يجتمعان فكذا ما يدل عليهما "ويطغى" أي يضل ولا يهتدي إلى الصواب "في الروايات" جمع رواية وهي مصدر روى من باب ضرب معناه نقل الحديث وها هنا بمعنى المرويات أي في المنقولات ولهذا جاز جمعها "عاروها" أي جاهلوها وهو فاعل يطغى والكلام في أصله وإعلاله وإضافته وضميره كالكلام في داروها. اعلم أن المقصود من قوله: اعلم أن الصرف إلى ها هنا، ترغيب في الصرف وبيان سبب تأليف هذا الكتاب فتشبيه النحو بالأب بالتبع لا بالأصالة فلا يتوجه أن يقال: لم أفرد الضمير في قوله: عاروها وداروها ولم يثن ليرجع إلى الصرف والنحو كليهما مع أن العالم بالنحو يقوى والجاهل له يطغى أيضا والفاء في "فجمعت" جواب للشرط المحذوف تقديره إذا كان الصرف على هذه الصفات المذكورة فجمعت "فيه" أي في الصرف "كتابا موسوما" مسمى "بمراح الأرواح" المراح اسم مكان من الروح بفتح الراء من الاستراحة والأرواح جمع روح، وهي النفس الناطقة فمعناه في الأصل موضع راحة النفوس الناطقة، وإنما سمي به لأن النفس الناطقة لما كانت طالبة للكمالات العلمية وهي لا تحصل إلا بآلاتها تألمت واضطربت إلى أن تجد تلك الآلة كالمرضى تألمت إلى أن تجد دواء شافيا. ولما كان هذا الكتاب مشتملا على ما هي آلة لتل العلوم تتلذذ به النفوس وتصير راحة "وهو" أي كتاب مراح الأرواح هذا شروع في ترغيب الكتاب ببيان شرفه وفائدته "للصبي" أي لغير البالغ، وإنما خص به بناء على الغالب إذ الغالب أن قارئ الصرف الصبيان أو لكل من يميل إليه؛ لأن الصبي فعيل من الصباوة بمعنى الميل أصله صبيو كعليو فأعل إعلاله "جناح النجاح" جناح الطائر يده والجمع أجنحة والنجاح

Zلكون كل منهما سببا للنجح، وإضافته إلى النجاح من قبيل إضافة السبب إلى المسبب، وليس في الصبي استعارة مصرحة إذ المراد به معناه الحقيقي، بل مكنية شبهه بالطير في طلب النجاح وإثبات الجناح له قرينتها، والجناح مع كونه استعارة تحقيقية كما عرفت قرينة للمكنية، إذ لا يجب أن يكون قرينة المكنية استعارة تخييلية، بل قد تكون تحقيقية كما يفهم من كلام صاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى: {يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ} وفي استعارة الجناح غير فائدتها العامة تجنيس قلب البعض بالنجاح وقوله: "وراح" أي كف "رحراح" أي واسع عطف على قوله جناح النجاح وسعة الكف كناية عن الشمول والإحاطة وعدم قوت شيء منه، مثل طول الذراع وبسط الباع، أي هذا الكتاب للصبي مثل الكف الواسع إذ جعل وسيلة لأخذ العلوم وإحاطتها لا يفوته شيء منها، كما أن ذا الكف الواسع يحيط بما لم يحط به غيره بسببه، والواو في قوله: "وفي معدته" أي في ذهن الصبي استعار المعدة للذهن لكون كل منهما محلا للغذاء فإن الذهن محل غذاء الأرواح كما أن المعدة محل غذاء الأشباح للعطف والجار والمجرور متعلق براح في قوله: "حين راح" أي حصل هذا الكتاب قدم عليه للسجع استعار الراح وهو البيتوتة للحصول تشبيها له بها في التمكن والتقرر، وفي هذه الاستعارة فائدة التجنيس التام وعامل الظرف أعني حين ما يدل عليه لفظ المثل في قوله: "مثل تفاح أوراح" عطفه تنبيها على استقلال كل واحد منهما في كونه مشبها به مثل قوله: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا} يعني أن ذلك الكتاب جناح النجاح وراح رحراح ومثل تفاح أو راح أي شبههما في المنفعة وقت حصوله في ذهنه وخاطره وقوله: "وبالله" لا بغيره متعلق بقوله: "أعتصم" قدم عليه للتخصيص كما أشرنا إليه وقوله: "عما يصم" أي يعيب متعلق بأعتصم "وأستعين" إليه في جميع المهمات "و" قوله "هو" أي الله تعالى مخصوص بالمدح الذي في قوله: "نعم المولى" أي الناصر "و" هو "نعم المعين" لما ختم كلامه في ديباجة كتابه وبين مقوله شرع يبين أن الكتاب المجموع في الصرف الموسوم بمراح الأرواح فقال: "اعلم" إحضارا لذهن المخاطب وترغيبا له في استماع ما يعقبه ثم دعا له "أسعدك الله" تنشيطا له وليتفاءل بالإسعاد في مطلع الكلام ولا محل للجملة الدعائية من الإعراب ومفعول اعلم قوله: "أن الصراف" أي المريد لتحصيل علم الصرف ولا شك أنه حال إرادته لتحصيله محتاج، ففي الكلام ترغيب له على تحصيل الأبواب السبعة حيث أوهم أن العالم بالصرف على وجه المبالغة "يحتاج" على الاستمرار التجددي "في معرفة الأوزان" أي الموزونات الجزئية التي هي الغاية والغرض من تحصيل الصرف "إلى" معرفة أحكام "سبعة أبواب" أي أنواع من أنواع الموزونات فما ظنك بغيره وما يقال من أن العالم

_ Qلظفر والخلاص شبه الصبي بالطير في النجاة وهذا الكتاب بالجناح في السببية يعني كما أن الطير ينجو من مهلكة العدو بسبب الجناح كذلك الصبي ينجو من مهلكة الجهل ويظفر بالمقاصد العلمية بسبب هذا الكتاب، قوله: وهو مبتدأ أو جناح خبره وللصبي يتعلق بمحذوف؛ إذ هو حال من الخبر لأنه مفعول في المعنى، إذ تقدير الكلام أشبه هذا الكتاب بجناح النجاح ولم يلزم ذكره أداة التشبيه في كونه مفعولا معنى فيكون من قبيل زيد عمرو راكبا أي زيد كعمرو راكبا قوله: "وراح" أي طريق عطف على جناح "رحراح" أي واسع يعني كما أن الطريق الواسع يوصل سالكه إلى مقاصده كذلك هذا الكتاب يوصل الصبي إلى مطالبة العلمية "وفي معدته" أي في ذهن الصبي "حين راح" أي بات ذلك الصبي "مثل تفاح أوراح" أي خمر شبه هذا الكتاب بهما في النفع والقوة يعني كما أن التفاح والراح إذا استعملا ينفعان البدن ويقويانه كذلك هذا الكتاب إذ تقرر مسائله في ذهن الصبي ينفعه فكأنه حصل له المطالب العلمية، قوله: وفي معدته متعلق بمحذوف إذ هو حال من التفاح؛ لأنه مفعول معنى كما في جناح النجاح، لكن أداة التشبيه مذكورة ها هنا وهو مثل وهو معطوف على الخبر فتقدير الكلام وهذا الكتاب مثل تفاح أوراح كائنين في ذهن الصبي حين النوم وعليه حكاية بعض الحكماء من تعجبه ممن مات وفي بطنه تفاح أو خمر "و" قوله "بالله" يتعلق بقوله: "أعتصم عما" أصله عن ما فأدغم النون في الميم بعد قلب النون ميما لقربهما في المخرج "يصم" أي يعيب والمستكن فيه عائد إلى ما أوصله يوصم كيوعد فأعل كإعلاله، قوله: "وأستعين" عطف على أعتصم أي وبالله أستعين أي أطلب الإعانة في كل مطلوب "وهو" أي الله تعالى "نعم" وهو فعل مدح منقول من قولك: نعم فلان إذا أصابت نعمه إلى المدح فأزيل عن موضوعه فشابه الحروف فلم يتصرف وبيان النقل أنه كسر النون إتباعا للعين فصار نعم بكسرتين ثم حذفت كسرة العين تخفيفا فصار نعم كذا قيل "المولى" أي الناصر "وهو نعم المعين. اعلم" أيها الطالب لهذا الفن والشارع فيه "أسعدك الله" دعاء للمخاطب بقوله اعلم "أن الصراف" أي الشارع في الصرف وإنما عبر به إما بتأويل الإرادة أي أن من أراد أن يكون صرافا وإما تفاؤلا كأنه حين شرع صار صرافا، وإما باعتبار ما يئول إليه كما في قوله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} والمعصور العنب وإنما قال: "يحتاج" دون محتاج ليدل على التجدد "في معرفة الأوزان" أي الصيغ مثل نصر ورد وأخذ ووعدو قال: ورمى وطوى "إلى" معرفة "سبعة أبواب"

الباب الأول: في بيان بناء الصحيح

Zالباب الأول: في بيان بناء الصحيح: بالفعل يحتاج إليها أيضا لامتناع حصول الشيء بدون شرائطه، وما يتوقف عليه فليس مما يعتد به عرفا؛ إذ لا يقال في متعارف اللغة لمن حصل المطلوب إنه يحتاج إلى شرائطه، بل يقال كان محتاج حين لم يكن حاصلا. ثم شرع في تعداد تلك الأبواب فقال: "الصحيح والمضاعف والمهموز والمثال والأجوف والناقص واللفيف" ولا يخفى وجه الضبط على من تصور مفهوماتها وستطلع عليها إن شاء الله تعالى في تضاعيف مباحثها "و" كما أن الصراف يحتاج إلى معرفة الأوزان إلى معرفة سبعة أبواب، كذلك يحتاج فيها إلى معرفة "اشتقاق" أي إخراج "تسعة أشياء من كل مصدر" إما بواسطة أو بدونها وتلك الأشياء التسعة المشتقة منه "وهي الماضي والمستقبل والأمر والنهي واسم الفاعل والمفعول والمكان والزمان والآلة" وإذا كان الصراف يحتاج إلى الأنواع السبعة "فكسرته" أي الكتاب وجعلته مشتملا "على سبعة أبواب" كل باب منها في بيان نوع من تلك الأنواع وكان المناسب لسياق كلامه أن يقول على ثمانية أبواب أحدها في الاشتقاق، لكن لما كان معرفة هيآت المفردات إنما تتم شبهة، وإن كان الحق أنه ليس بجزء منه حقيقة، بل هو علم على حدة ولا شك أن أبواب الصرف سبعة أدرجه في تلك الأبواب، ولم يجعله بابا على حدة وذكره في أول تلك الأبواب إشارة إلى ما ذكرنا "الباب الأول" من تلك الأبواب المكسور عليها الكتاب "في" بيان البناء "الصحيح" ولما كان المقصود الأصلي البحث عن أحوال الأبنية وكانت أبنية الصحيح تستحق التقديم لسلامتها عن التغيرات الكثيرة وكونها مقيسا عليها

_ Qوإنما انحصرت الأبواب في السبعة؛ لأن الكلمة لا يخلو من أن يوجد في حروفها الأصلية حرف علة أو ملحق حرف علة أو لا يوجد شيء منهما الثالث "الصحيح" والثاني وهو ما يوجد فيها ملحق حرف علة إن كان كونه ملحقا لها باعتبار التكرر فهو "المضاعف" وإن كان باعتبار الانفراد سواء كان في الفاء أو العين أو اللام فهو "المهموز" وإنما قلنا: إن حرف التضعيف والهمزة ملحق حرف علة لأنهما قد يقلبان حرف علة في مثل تقضي البازي أصله تقضض فقلبت الضاد الثانية ياء، وفي مثل إيمان أصله إءمان بهمزتين قلبت الثانية ياء والأول وهو ما يوجد فيها حرف علة لا يخلو من أن يكون ذلك الحرف واحدا أو أكثر، فإن كان واحد فإن كان في الفاء فهو "المثال"، وإن كان في العين فهو "الأجوف"، وإن كان في اللام فهو "الناقص"، وإن كان أكثر من واحد فهو "اللفيف" المفروق إن كان في الفاء واللام، والمقرون إن كان في العين واللام، ولم يعتبر المصنف بما كان فاؤه وعينه حرف علة نحو ويل ويوم، وما كان فاؤه وعينه ولامه حرف علة مثل واو وياء في اسمي حرفين، كما اعتبرهما الزنجاني وغيره حتى جعلوا أقسام المعتلات سبعة لا خمسة لعدم بناء الفعل، منهما فمقصود المصنف بيان أو زان المشتقات ويؤيده عطف قوله: "واشتقاق تسعة أشياء" على قوله: سبعة أبواب ومعناه إلى معرفة اشتقاق تسعة أشياء "من كل مصدر" فإن قلت: يرد عليه المصادر التي لا يشتق منها شيء كويل وويح قلت: المراد من اشتقاق تسعة أشياء اشتقاقها منه إن وجدت، ويحتمل أن يكون بناء على الغالب وإنما انحصر الاشتقاق في التسعة؛ لأن ما يشتق من المصدر إما أن يكون فعلا أو اسما فإن كان فعلا فلا يخلو من أن يكون إخباريا أو إنشائيا، فإن كان إخباريا فإن لم يتعاقب في أوله الزوائد الأربع وهي حروف أتين فهو "الماضي" وإن تعاقب فهو "المستقبل" وإن كان إنشائيا فإن دل على طلب الفعل فهو "الأمر" وإن دل على ترك الفعل فهو "النهي" وإن كان اسما فإن دل على ذات من قام به الفعل فهو "اسم الفاعل" وإن دل على ذات من وقع عليه الفعل فهو "اسم المفعول" وإن دل على ما وقع فيه الفعل فإن كان مكانه فهو "اسم المكان" وإن كان زمانا فهو "اسم الزمان" وإن دل على ما وقع الفعل بسببه فهو "اسم الآلة" ولم يذكر النفي والجحد لمشابهة النفي صورة والجحد معنى للنهي فإن قلت: الصفة المشبهة وأفعل التفضيل من المشتقات، ولم يذكرهما المصنف قلت: هما داخلان في اسم الفاعل، فإن قلت: التصغير مشتق من المصدر بزيادة الياء مثل نصر ونصير قلت، لا نسلم أنه مشتق منه وزيادة الياء من قبيل الزيادة لإفادة المعنى لا الاشتقاق كما صر حوابه، ويدل عليه عدم اختصاصه بالمشتقات، بل يجري أيضا في الجوامد رجل ورجيل، فإن قلت: هذا الكلام يدل على أن اسم الفاعل والمفعول مشتقات من المصدر وكذا الزمان والمكان والآلة وكذا الأمر والنهي وقد صرح فيما سيأتي أنها مشتقات من المضارع، أجيب بأنها مشتقات من المصدر بالتوسط لأنها مشتقات من الفعل وهو مشتق من المصدر فتكون هي مشتقة من المصدر كما هو مذهب السيرافي، والفاء في قوله "فكسرته" جواب للشرط المحذوف تقديره إذا احتاج الصراف في معرفة الأوزان إلى سبعة أبواب فكسرت هذا الكتاب "على سبعة" بيان "أبواب" مذكورة إجمالا أي طويته مستعار من كسر الطائر جناحيه إذا ضمهما للوقوع وانقض "الباب الأول" من تلك الأبواب السبعة "في" بيان بناء "الصحيح" قدمه على سائر الأبواب إما لسهولة حفظه عند المبتدي والتعليم من الأسهل إلى الأصعب، وإما لكونه مقيسا عليه للمعتلات، وإما لكونه مفهومه عدميا ومفهوم ما سواه وجوديا وكون العدمي قدما على الوجودي لأصالته، وبعضهم قدم المعتلات على الصحيح نظرا إلى أن مفهومه عدمي ومفهومها وجودي والوجودي لشرفه مقدم

Zلسائرها قدم باب الصحيح ولما توقف البحث عنه على تصوره عرفه فقال "الصحيح" واضعا المظهر موضع الضمير إشارة إلى أن المراد به غير الأول، فإن المراد بالأول ما صدق عليه الصحيح وبالثاني مفهومه، وما يقال إن المعرفة إذا أعيدت فهي عين الأول فليس على الإطلاق أي الصحيح في اصطلاح أهل الصرف "هو" البناء "الذي ليس" فيه "في مقابلة الفاء والعين واللام" من فعل "حرف علة" هي الواو والياء والألف وليس في تلك المقابلة أيضا "تضعيف" أي حرفان من جنس واحد "و" ليس فيها أيضا "همزة" فيدخل "نحو ضرب" إذ ليس فيه في مقابلة فاء فعل إلا الضاد، وفي مقابلة عينه إلا الراء، وفي مقابلة لامه إلا الباء، وليس شيء من الضاد والراء والباء حرف علة ولا همزة وليس فيه أيضا حرفان من جنس واحد فيصدق التعريف عليه فيصح التمثيل به، ويدخل فيه أيضا نحو حوقل وضارب ويضرب ومضروب واقعنسس "واختص الفاء والعين واللام" من بين الحروف الباقية "للوزن" والمعيار "حتى يكون فيه" أي في الوزن "من حروف الشفة والوسط والحلق" التي هي المخارج الكلية "شيء" أي حرف وهذا وجه مستقل لاختصاص فعل للوزن ولا ينافيه وجود هذه الحروف في غيره كما أن كونه شاملا للأفعال وجه آخر له مستقل ولا ينافيه شمول غيره إياها لكن إذا طلب لهذا الوجه مرجح على نحو علم جعل الوجه الآخر مرجحا كعكسه على نحو جعل، وإذا طلب المرجح على عمل فيجعل كثرة الاستعمال وفتح العين مرجح؛ لأن فعل من باب فتح وعمل من باب علم؛ وإنما لم يقل واختص فعل للوزن واحتاج إلى تفصيل حروفا ليمكن كونه وزنا للمتحركات بالحركات المختلفة من نحو ضرب وعلم وحسن؛ إذ لو قال: فعل لما صلح لكونه وزنا لعلم وحسن ويزاد في الرباعي لام ثانية نحو فعلل في نحو جعفر ولام ثالثة في الخماسي نحو فعلل في نحو جحمرش، وإما يزاد اللام دون غيره؛ لأن الزيادة بالآخر أولى فالأولى أن يزاد من جنس الآخر، ولما فرغ من تعريف الصحيح وما يتعلق به شرع في بحث الاشتقاق وما يتعلق به فقال: إذا عرفت هذا "فقولنا" أي مقولنا وملفوظنا الذي هو "الضرب مصدر" في اصطلاح هذا الفن أي فرد مما يصدق عليه المصدر والجملة أعنى "يتولد منه الأشياء التسعة" المذكورة إما خبر بعد خبر أو حال من الضرب "وهو" أي المصدر المصطلح كضرب "أصل" للفعل المصطلح كضرب معروفه لمعروفه ومجهوله لمجهوله إلا أن صيغة بناء المعروف والمجهول من المصدر متحدة اكتفاء بصيغ الأفعال، فإذا قيل: ضرب ضربا علم أن المصدر معلوم فإذا قيل: ضرب ضربا علم أن المصدر مجهول، وإذا لم يذكر الفعل علم بالقرائن "في" جنس "الاشتقاق" لا في جنس آخر من العمل وغيره وستعرف مفهوم الاشتقاق عن قريب إن شاء الله تعالى "عند البصريين" من الصرفيين وإنما قلنا إن المصدر أصل للفعل في الاشتقاق "لأن مفهومه" أي معنى المصدر "واحد" وجزء "ومفهوم الفعل" أي المعنى الذي يفهم منه بحسب الوضع "متعدد" وكل وأما تسمع بالمعيدي فليس بحسبه "لدلالته" أي لدلالة الفعل بحسب الوضع "على الحدث والزمان" أي زمان ذلك الحدث من الأزمنة الثلاثة "والواحد قبل

_ Qعلى العدم ولكل وجهة هو موليها، ولعدم الفرق بين الصحيح والسالم عند المصنف عرف الصحيح بقوله: "الصحيح هو الذي ليس في مقابلة الفاء والعين واللام حرف علة ولا تضعيف ولا همزة" وإنما اعتبر ألا يكون فيه تضعيف ولا همزة لترتيب بعض أحكام حرف العلة عليهما من الحذف والقلب كما سيأتي، وبعضهم جعل هذا التعريف للسالم وعرف الصحيح بما ليس في مقابلة الفاء والعين واللام حرف علة، فيكون بينهما عموم وخصوص مطلقا فكل سالم صحيح من غير عكس والتعريف المذكور يصدق على ما لا يوجد فيه حرف علة أصلا "نحو ضرب" وعلة ما يوجد فيه، لكن ليس في مقابلة الفاء والعين واللام نحو حوقل وعشير، فإن الواو والياء بهما ليسا في مقابلة شيء منهما، وإنما قال: "واختص الفاء والعين واللام للوزن" ولم يقل واختص فعل ليمكن جعله وزنا للمتحركات المختلفة "حتى يكون فيه" أي الوزن "من حروف الشفة" وهو الفاء "والوسط" وهو اللام "والحلق" وهو العين "شيء" أي حرف فإن قلت: هذا الدليل منقوض بمثل عمل لوجود حروف المخارج الثلاثة المعتبرة فيه. قلت: نعم لكن لما كان المركب من تلك الحروف وهو فعل شاملا لجميع أفراد الفعل من القولي والفعلي مع الفائدة المذكورة اختصت للوزن، وإنما اختار الثلاثي للوزن دون الرباعي والخماسي؛ لأنه لو كان رباعيا أو خماسيا يكون وزن الثلاثي بحذف حرف أو حرفين ولو كان ثلاثيا يكون وزن الرباعي والخماسي بزيادة حرف أو حرفين، والزيادة أسهل من الحذف عندهم، قوله: "فقولنا" مبتدأ، وقوله: "الضرب" مقول القول باعتبار لفظه لا باعتبار معناه ولهذا لم يجب كونه جملة، وقوله: "مصدر" خبره وقوله: "يتولد منه" أي من ذلك المصدر بطريق الاشتقاق "الأشياء التسعة" المذكورة صفة مصدر "وهو" أي المصدر معلوما كان أو مجهولا "أصل" للفعل معلومات كان أو مجهولا فالمصدر المعلوم أصل للفعل المعلوم، والمصدر المجهول أصل للفعل المجهول "في الاشتقاق" لا في العمل "عند" أصحابنا "البصريين" لا عند الكوفيين "لأن مفهومه" أي مفهوم المصدر "واحد" وهو الحدث فقط "ومفهوم الفعل متعدد" لا واحد "لدلالته على الحدث و" على "الزمان" ماضيا كان أو مضارعا "و" لا شبهة أن "الواحد قبل

Zالمتعدد" ولا شك أن ما يدل على الواحد أعنى المصدر أيضا يكون قبل ما يدل على المتعدد أعنى الفعل، وفيه نظر لأنه يجوز أن يكون المصدر باعتبار مفهومه متقدما وباعتبار وضعه متأخر "وإذا كان" المصدر "أصلا للأفعال" في الاشتقاق "يكون أصلا" أيضا "لمتعلقاتها" أي لمتعلقات الأفعات من اسمي الفاعل والمفعول وغيرهما من حيث تعلقها بها، وإن لم تكن تلك العلة موجودة فيها "أو" نقول المصدر أصل "لأنه" أي المصدر "اسم" لصدق التعريف عليه "والاسم مستغن عن الفعل" أي غير محتاج إليه في الإفادة التي هي الغرض من وضع الألفاظ لأن التركيب من اسمين يفيد والفعل محتاج فيها إلى الاسم؛ لأن التركيب من فعلين بدون الاسم لا يفيد ولا شك أن المحتاج إليه أصل للمحتاج وفيه أيضا نظر؛ لأن الأصالة في الإفادة عند التركيب لا تستلزم التقدم في الوضع والكلام فيه "و" نقول "أيضا" كالدليلين الأولين في الاستدلال على أصالة المصدر في الاشتقاق أنه "يقال له" أي يطلق على ما صدق عليه الاسم الذي هو المصدر كضرب "مصدرا" أي هذا الاسم "لأن هذه الأشياء" السبعة المذكورة "تصدر عنه" أي عما صدق عليه المصدر فإن معنى المصدر موضع الصدور فضرب مثلا إنما سمى باسم المصدر لكونه موضع صدور ضرب وغيره من الأشياء الثمانية، وفيه أيضا نظر لأن باب المجاز مفتوح فلم لا يجوز أن يكون لفظ المصدر مصدرا ميميا بمعنى الصدور أو يكون بمعنى الصادر كالمجاز بمعنى الجائز أو يكون بمعنى مصدرية كضرب الأمير ومع هذا الاحتمال لا حجة للبصريين فيه والحجة القوية لهم أن يقولوا كل فرع يصاغ من أصل ينبغي أن يكون فيه ما في الأصل مع زيادة هي الغرض من الصوغ كالباب من الساج والخاتم من الفضة وهكذا حال الفعل فيه معنى المصدر مع زيادة أحد الأزمنة الثلاثة التي هي الغرض من وضع الفعل لأنه كان يحصل في نحو قولك لزيد ضرب نسبة الضرب إلى زيد، لكنهم طلبوا بيان زمان الفعل على وجه أخصر فوضعوا الفعل الدال بجوهر حروفه على المصدر أي على الحدث وبوزنه على الزمان؛ ولما وقع ذكر الاشتقاق على أنه قيد في

_ Qالمتعدد" وأصل له فكذا ما يدل على الواحد قبل ما يدل على المتعدد وأصل له، ولما توجه أن يقال إن الدليل المذكور لا يدل على كون المصدر أصلا لغير الأفعال من الأشياء التسعة لعدم دلالته على الزمان أجاب بقوله: "وإذا كان أصلا للأفعال يكون أصلا لمتعلقاتها" أي من غير نظر إلى جريان الدليل المذكور فيها بل بمجرد كونها متعلقات الأفعال فحاصل معنى كلامه أنه إذا كانت الأفعال أصلا لمتعلقاتها عندهم ودل الدليل على أن المصدر أصل للأفعال ثبت أن المصدر أصل لمتعلقاتها بالواسطة هذا هو الحق، ومن الشارحين من اعترض بأنه لا يلزم من كون المصدر أصلا للأفعال من حيث التعدد المذكور كون المصدر أصلا لمتعلقات الأفعال؛ لأن التعدد المذكور ليس بموجود في بعضها كاسم الفاعل فإنه لا يدل على الزمان وأجاب عنه بعض آخر بقوله نعم إن التعدد المذكور ليس بثابت إلا أن التعدد ثابت فيه باعتبار آخر؛ لأنه يدل على الحدث والذات وكل ذلك ظلمات بعضها فوق بعض "أو لأنه" أي المصدر "اسم والاسم مستغن عن الفعل" أي في الإفادة ينتج أن المصدر مستغن عن الفعل ثم تجعلها صغرى لقولنا فكل مستغن عن الفعل فهو أصل له فنقول المصدر مستغن عن الفعل وكل مستغن عن الفعل فهو أصل له ينتج أن المصدر أصل له، وهو المطلوب فإن قلت مجرد إثبات استغناء المصدر عن الفعل لا يكفي في أصالة المصدر لجواز الاستغناء من الطرفين، بل لا بد من إثبات احتياج الفعل إلى المصدر ليتم المطلوب. قلت: احتياج الفعل إلى الاسم في الإفادة معلوم معهود ولهذا لم يذكر، ولقائل أن يقول: إن أصالة المصدر في الإفادة لا تدل على أصالته في الاشتقاق؛ لأن الاشتقاق ليس هو الإفادة ولا لازما لها فتأمل اعلم أن هذا الدليل لو تم لدل على أصالة المصدر بطريق الالتزام وكذا الدليل الأول، وأما الدليل الثالث فمبني على التحقيق ولهذا فصله عما قبله فقال: "وأيضا" ولم يقل أو لأنه "إنما يقال له مصدر" أي إنما سمي المصدر مصدرا "لأن هذه الأشياء التسعة" المذكورة "تصدر عنه" لأن معنى المصدر لغة موض يصدر عنه الإبل. فإن قلت: هذا القول بيان لتسمية المصدر مصدرا لصدور الأشياء التسعة عنه، وذا لا يمكن إلا بعد ثبوت كون المصدر أصلا فيلزم المصادرة قلت: معنى الاستدلال به أنهم جعلوا سبب تسمية المصدر مصدر لصدور الأشياء التسعة عنه، فلو لم يكن المصدر أصلا عنهم لما جعلوا سبب التسمية ذلك هذا وكل ما ذكره المصنف من الاستدلالات كلام ظاهري، والتحقيق ما ذكره الفاضل الرضي حيث قال: قال البصريون كل فرع يصاغ عن أصل ينبغي أن يكون فيه ما في الأصل وزيادة هي الغرض من الصوغ كالباب من الساج والخاتم من الفضة، وهذا حال الفعل فيه معنى المصدر مع زيادة أحد الأزمنة التي هي الغرض من وضع الفعل؛ لأنه كان يحصل من نحو قولك لزيد ضرب مقصود نسبة الضرب إلى زيد لكنهم طلبوا بيان زمان الفعل على وجه آخر فوضعوا الفعل الدال بجوهر حروفه على المصدر وبوزنه على الزمان ولما ذكر أن المصدر أصل في الاشتقاق عند البصريين وجب عليه أمران بيان ماهية الاشتقاق والاستدلال على أصالة المصدر فيه والأصل أن يقدم التعريف على الاستدلال لكنه قدم الاستدلال لئلا يقع الفصل بين الدعوى ودليلها مع أن معنى الاشتقاق معلوم بوجه ما. ثم لما فرغ من الاستدلال بادر إلى بيان ماهية الاشتقاق قبل ذكر متمسكات للكوفيين ليتضح المقصود لكنه قدم تعريف مطلق اشتقاق على

Zالحكم بأصالة الصدر أو الفعل وإثباتها الذي هو المقصود الأصلي من الكلام في هذا المقام، وكان المراد منه في محل النزاع قسما منه عرفه أولا وقسمه إلى أقسامه، ثانيا وبين ما هو المراد منه في محل النزاع، ثالثا على ما هو مقتضى الترتيب إلا أنه أخر عن أدلة أحد المتخاصمين ولم يبادر إليها عقيب ذكر ذلك الحكم لكونه غير مقصود أصلي كما أشرنا إليه لا أنه قدمها على ذكر مذهب الآخر وأدلته؛ إشارة إلى حقية مذهب الفريق الأول كما نبه عليها بقوله واشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر وسينبه عليه أيضا بقوله الأفعال التي تشتق من المصدر فكأنه جعله حكما متفقا عليه لا خلاف فيه لأحد فذكر جميع ما يتعلق به، ثم لما فرغ منه استشعر خلافا فذكره "الاشتقاق" في اللغة أخذ شق الشيء فهو متعد وفي الاصطلاح يحد تارة باعتبار العلم وتارة باعتبار العمل، فإن اعتبرناه من حيث إنه صادر عن الواضع احتجنا إلى العلم به لا إلى عمله فاحتجنا إلى تحديده بحسب العلم، وإن اعتبرناه من حيث يحتاج أحدنا إلى عمله عرفناه باعتبار العمل، أما تعريفه باعتبار العمل فهو أن تأخذ من اللفظ ما يناسبه في التركيب فتجعله دالا على معنى يناسب معناه، وأما تعريفه بحسب العلم فـ"هو" كما قال "أن تجد" أنت أي علمك على أن تجد من أفعال القلوب لا بمعنى المصادفة "بين اللفظين" مفعول ثان لتجد ومفعول الأول قوله: "تناسبا" وهو أعم من الموفقة "في اللفظ" أي في تركيب حروفه الأصول فإن حروف الزيادة كما في الاستعجال والاستباق لا عبرة بها احترز به عن نحو قعد وجلس "والمعنى" احترز به عن نحو ضرب بمعنى الدق وضرب بمعنى ذهب، وهذا تعريف لمطلق الاشتقاق المتناول لأنواعه الثلاثة وقدم التناسب في اللفظ؛ لأن الأخذ المعتبر في الاشتقاق باعتبار العمل الذي هو المقصود من الاشتقاق بحسب العلم إنما يتحقق في اللفظ وللتنبيه على ذلك المقصود اهتم بتقديم بين اللفظين على تناسبا وكذا انقسامه على أقسامه إنما هو باعتبار اللفظ، ولذا لم يتعرض فيها للتناسب المعنوي مع أنه معتبر فيها على ما سنشير إليه إن شاء الله تعالى، ومن قدم التناسب في المعنى كالميداني نظر إلى أن هذا الأخذ إنما هو المعنى فلكل وجهة إلا أن نظر المصنف أنسب للنص. والحاصل من التعريف العلم بالاشتقاق بقرينة حمل الوجدان عليه فكأنه قيل العلم بالاشتقاق هو أن تجد بين اللفظين تناسبا في التركيب والمعنى فتعرف ارتداد أحدهما إلى الآخر وأخذه منه، فأشار بذكر اللفظين وذكر التناسب في اللفظ والمعنى إلى أنه لا بد بين المشتق والمشتق منه من مغايرة بوجه واتحاد بوجه بحسب المعنى وكذا من مغايرة من جهة ولو تقديرا واتحاد من جهة بحسب اللفظ؛ لأن معنى التناسب يقتضي ذلك فيخرج نحو المقتل مصدرا والقتل إذ لا تغاير بينهما في المعنى، ويخرج أيضا نحو ضرب بمعنى الدق وضرب بمعنى الذهاب إذ لا اتحاد بينهما بوجه في المعنى، وكذلك يخرج نحو ضرب بمعنى المضروب وضرب بمعنى الحدث إذ لا تغاير بينهما في اللفظ، ويخرج أيضا ذئب وسرحان إذ لا اتحاد بينهما بوجه في اللفظ ويدخل فيه ضرب والضرب وجذب وجبذ ونهق ونعق؛ لأن التناسب أعم من الموافقة كما ذكرنا ولا شك أن بين الأولين وبين الأوسطين وبين الأخيرين مناسبة كما سنذكره إن شاء الله تعالى، وإنما قلنا في المغايرة اللفظية ولو تقريرا ليدخل فيه نحو الطلب وطلب فإن حركة آخر الفعل بنائية وحركة آخر المصدر إعرابية، والأولى كالجزء من الكلمة لثباتها وبناء الكلمة عليها وإن كان أصلها السكون إلا أنها لم تستعمل على الأصل في غيرها حال الوقف، والثانية عارضة لا اعتداد بها لانتفائها عند عمل العامل وتحقق استعمال الاسم ساكنا في غير حال الوقف أيضا وبهذا سقط ما قيل إن عنيت بالحركة الحركة الشخصية من الرفع وغيره سلمنا أنها غير لازمة في الاسمي، ولكن لم قلت إن مطلق حركة الإعراب غير لازمة ونظير الاشتقاق ليس في حركة معينة، بل في مطلق الحركة وإن عنيت بها مطلق الحركة منعنا

_ Qتعريف الاشتقاق المتنازع فيه لفائدة نذكرها إن شاء الله تعالى، فقال: "الاشتقاق هو أن تجد بين اللفظين" أي المتغايرين وذلك التغاير قد يكون بزيادة حرف كزيادة الألف في مثل الضارب فإنه مشتق من الضرب، وقد يكون بزيادة الحركة كزيادة فتحة الراء في ضرب فإنه مشتق من الضرب، وقد يكون بنقص حرف كنقص الواو من قل فإنه مشتق من القول كذا قيل "تناسبا في اللفظ" وهو يتناول التناسب في نفس حروف اللفظ نحو ضرب وضارب، والتناسب في مخرج حروف اللفظ نحو نعق ونهق "والمعنى" فإن قلت هذا التعريف غير مستقيم؛ لأن الاشتقاق وصف اللفظ والوجدان المذكور وصف المخاطب فلا يكون وصف المخاطب فلا يكون أحدهما هو الآخر، قلت: معنى كلامه الاشتقاق التناسب الموجود بين اللفظين في اللفظ والمعنى لكنه تسامح فقدم الوجدان عليه تنبيها على أن ذلك التناسب من الموجودات في نفس الأمر لا من الاعتبارات المحضة ونظيره ما قيل في تعريف الوحدة إنها تعقل عدم الانقسام تنبيها على أنها من المعاني العقلية لا من الأمور العينية، فالتناسب بين اللفظين جنس شامل للتناسب في اللفظ والمعنى سعا والتناسب في اللفظ فقط والتناسب في المعنى فقط، وقوله في اللفظ والمعنى فصل يخرج التناسب في اللفظ فقط كما في ضرب بمعنى الدق وضرب بمعنى الذهاب، فإن فعل أحدهما لا يكونن مشتقا من الآخر والتناسب في المعنى فقط كما في القعود

Zعدم اللزوم. ولما فرغ من تعريف الاشتقاق شرع في تقسيمه فقال "وهو" أي الاشتقاق المعرف "على ثلاثة أنواع" أحدها اشتقاق "صغير وهو" علم "أن يكون بينهما" أي بين اللفظين "تناسب" أي توافق "في الحروف والترتيب" أي ترتيب تلك الحروف وفي المعنى أيضا "نحو" اشتقاق "ضرب" ماضيا "من الضرب" مصدرا "و" ثانيها اشتقاق "كبير وهو" علم "أن يكون بينهما تناسب في اللفظ والمعنى دون الترتيب" سواء كان مع الموافقة في المعنى "نحو" اشتقاق "جبذ من الجذب" وهما متوافقان في المعنى أو مع المناسبة فيه بدون الموافقة نحو ثلم من الثلب والأول الإخلال بالحائط والثاني الإخلال بالعرض فهما متناسبان في المعنى "و" ثالثها اشتقاق "أكبر وهو أن يكون بينهما تناسب في المخرج والمعنى" فإن التناسب في المخرج تناسب في الحروف باعتبار المخرج "نحو" اشتقاق "نعق من النهق" والأول صوت الغراب والثاني صوت الحمار فهما متناسبان في المعنى وتناسبهما في المخرج ظاهر؛ إذ العين والهاء كلاهما من الحلق ويعلم من تعريفاتها وجه الحصر فيها لأنه إن اعتبر الموافقة في الحروف مع الترتيب فهو صغير سمي به لكفاية تأمل قليل في العلم بالاشتقاق فيه بسبب قلة العمل وإن اعتبر الموافقة في الحروف بدون الترتيب فهو كبير لاحتياجه إلى تأمل كثير في العلم بالاشتقاق بسبب كثرة العمل فيه وإن اعتبر عدم تناسب الحروف فهو أكبر لاحتياجه إلى تأمل أكثر في العلم بالاشتقاق بسبب تبدل الحروف فيه. ولما فرغ من تعريف الاشتقاق وتقسيمه إلى أقسامه وتعريف كل قسم منها شرع يبين المراد منه في محل النزاع فقال: "فالمراد بالاشتقاق المذكور ها هنا" أي في قوله وهو أصل في الاشتقاق، وفي قوله واشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر "هو اشتقاق صغير" فإنه الكامل والمتبادر عند الإطلاق وإنما كان هو المراد لأن النزاع إنما هو في الأصالة في هذا الاشتقاق. ولما فرغ من بيان مذهب الفريق الأول وتقرير أدلتهم وما يتعلق به من بحث الاشتقاق شرع في بيان مذهب الفريق الثاني فقال

_ Qوالجلوس فإن فعل أحدهما لا يكون مشتقا من الآخر "وهو" أي الاشتقاق المطلق المعرف "ثلاثة أنواع" عند أصحاب هذا الفن إما بالاستقراء أو بالحصر العقلي؛ لأنه إما بالتقديم والتأخير، وإما بالتبديل، وإما بغيرهما. الثالث "اشتقاق صغير وهو أن يكون بينهما" أي بين اللفظين "تناسب في الحروف والترتيب" أي في ترتيب تلك الحروف فإن قلت المطلق إنما يتحصل نوعا بانضمام قيد زائد وها هنا ليس كذلك لأن معنى مطلق الاشتقاق كما حققته تناسب اللفظين في اللفظ والمعنى جميعا ومعنى هذا النوع منه على ما ذكرته تناسب اللفظين في اللفظ فقط؛ لأن التناسب في الحروف والترتيب تناسب لفظي فلا يكون تحصيل النوع بانضمام قيد، بل بانتقاص قيد وهو في المعنى وهو غير جائز بالاتفاق قلت قيد في المعنى محذوف مقدر في هذا التعريف وفي تعريفي النوعين الآخرين أيضا بناء على فهم المبتدي مع أنه لا يتعلق به غرض تحصيل نوع، فإن قلت: فعلى هذا لم يبق بين المطلق وبين النوع منه فرق وهو غير جائز أيضا، قلت: معنى المطلق تناسب اللفظين مطلقا أعم من أن يكون التناسب في الحروف والترتيب جميعا وأن يكون في الحروف فقط أو أن يكون في مخرج الحروف، وكل من هذا التناسب الثلاثة تناسب خاص فافتر قائم إن تحقق ذلك المطلق في ضمن الخاص الأول صار نوعا من الاشتقاق المطلق يسمى صغيرا لكونه معلوما بأدنى تأمل بسبب اشتراكهما في الحروف وترتيبها "نحو" اشتقاق "ضرب من الضرب" وإن تحقق في ضمن الثاني صار نوعا آخر منه يسمى كبيرا لكونه معلوما بتأمل قوي لعدم اشتراكهما في الترتيب، وإن تحقق في الثاني صار نوعا ثالثا منه يسمى أكبر لكونه معلوما بتأمل أقوى لعدم اشتراكهما في نفس الحروف. اعلم أنهم عرفوا الاشتقاق الصغير بالقطاع فرع من أصل يدور في تصاريفه مع ترتيب الحروف وزيادة المعنى "و" الأول وهو ما يكون بالتقديم والتأخير اشتقاق "كبير وهو أن يكون بينهما في اللفظ والمعنى" حق العبارة أن يكون في الحروف "دون الترتيب" كما يعرفه الذوق السليم من سياق الكلام لكنه تسامح بناء على ظهور المراد "نحو" اشتقاق "جبذ" بتقديم الباء "من الجذب" بتأخيره وفي تعريف هذا النوع وفي النوع الأخير أيضا ما في تعريف النوع المتقدم من السؤال والجواب تدبر. قيل الكبير أن يكون بين كلمتين تناسب في اللفظ والمعنى فهو أعم من أن يكون اسمين أو فعلين أو أحدهما اسما والآخر فعلا أو مجرد دين أو مزيدين أو أحدهما مجردا والآخر مزيدا وأن يزيد معنى المشتق أولا وأن يترتب الحروف أولا "و" الثاني وهو ما يكون بالتبديل اشتقاق "أكبر وهو أن يكون بينهما تناسب في المخرج" دون نفس حروف اللفظ "نحو" اشتقاق "نعق من النهق" بإبدال العين من الهاء "والمراد من الاشتقاق" المتنازع فيه بين الفريقين "المذكور" في قولنا: وهو أصل في الاشتقاق "ها هنا اشتقاق صغير" قيل: وأما غيره فيجوز أن يجعل كل منها أصلا بالاتفاق، فإن قلت: فما الفائدة حينئذ في تعريف مطلق الاشتقاق ثم تقسيمه إلى ثلاثة أنواع، قلت: الفائدة زيادة اتضاح المراد عند المبتدي وتميزه فضل تميز إذ معرفة حقيقة النوع إنما هي بمعرفة جنسه وفصله، ويمكن أن يقال المراد من الاشتقاق المطلق المذكور المعرف اشتقاق صغير على معنى أن الغرض من تعريف الاشتقاق المطلق معرفة الاشتقاق الصغير على حذف المضاف في الموضعين

Z"قال الكوفيون ينبغي أن يكون الفعل أصلا" والمصدر فرعا له "لأن إعلاله" أي إعلال الفعل "مدار" وسبب "لإعلال المصدر وجودا" أي من جهة الوجود، أي إن وجد إعلال الفعل وجد إعلال المصدر "و" مدار "عدما أي إن عدم إعلال الفعل عدم إعلال المصدر والدور إن ترتب الشيء على ما له صلوح العلية وسمي الشيء الأول المترتب الدائر والشيء الثاني المترتب عليه المدار "أما" كون إعلال الفعل مدار الإعلال المصدر "وجودا ففي" مثل "يعد" أصله يوعد "عدة" هي مصدر يعد أصله وعدة، ولما حذف الواو من يوعد لعلة توجب الحذف حذف من وعدة وإن لم توجد فيها تلك العلة تبعا له "و" مثل "قام قيام" أصلهما قوم قواما فلما أعل الأول أعل الثاني، وإن انتفى موجب الإعلال فيه تبعا للأول "وأما" كون إعلال الفعل مدار إعلال المصدر "عدما ففي يوجل وجلا وقاوم قواما" فلما لم يعل الفعلان لم يعل المصدران تبعا لهما "ومداريته" أي مدارية الفعل من جهة الإعلال للمصدر لا شك في أنها "تدل على أصالته" أي على أصالة الفعل للمصدر "وأيضا" أي كما أن الفعل مدار من جهة الإعلال للمصدر كذلك "يؤكد الفعل به" أي بالمصدر "نحو ضربت ضربا" فإن ضربا مصدر مؤكد للفعل أعنى ضربت وكيف لا يكون مؤكدا له

_ Qلكن الأول أوفق. ولما فرغ من استدلالات البصريين على أصالة المصدر وبيان ماهية الاشتقاق شرع في استدلالات الكوفيين على أصالة الفعل فيه بطريق المعارضة، لكن لما كان في أدلتهم ضعف لم يقل استدل بل قال "قال الكوفيون ينبغي" أي يجب "أن يكون الفعل أصلا" في الاشتقاق "لأن إعلاله" وهو تغيير حرف العلة للتخفيف، وهو قد يكون بالقلب كما في قال، وقد يكون بالحذف كما في قلت، وقد يكون بالإسكان كما في يقول، "مدار" أي سبب يثبت الأثر بثبوته وينتفي بانتفائه، وهو مصدر ميمي من دار يدور أصله مدور بفتح الواو فأعل بالنقل والقلب "لإعلال المصدر وجودا وعدما" وما يكون إعلاله مدار الإعلال شيء كذلك يكون أصلا له ينتج أن الفعل أصل أما الكبرى فظاهرة، وأما الصغرى فقد أثبتها المصنف بتمثيل مثالي مثالي ومثالي أجوف بقوله "أما وجودا ففي" مثل "يعد" أصله يوعد بوزن يضرب فحذفت الواو ولوقوعها بين ياء وكسرة أصلية "عدة" مصدر بوزن هبة أصله وعدة فأعل بشرطين أحدهما أن يعل فعله، والثاني أن يكون على وزن فعلة بكسر الفاء وسكون العين وإذا كان إعلال فعله شرطا لإعلاله كان مدارا له وكيفية إعلاله أنه نقلت حركة الواو إلى ما بعدها ثم حذفت ساكنة اتباعا للفعل واستثقالا للكسرة على الواو، أو حذفت متحركة وحرك ما بعدها بجنس حركاتها ولزم تاء التأنيث كالعوض منها، فلو انتفى أحد الشرطين لا يجوز حذفها، فلا تحذف من نحو الولدة؛ لأنه اسم فانتفى الشرط الأول، ولا من نحو الوعدة والوعد بفتح الواو فيهما لانتفاء الشرط الثاني "و" مثل "قام" أصله قوم فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار قام "قياما" أصله قواما فقصد بقلب الواو وتبعا لفعله لا لوجود موجب الإعلال، لكن لما كان ما قبلها مكسورا قلبت ياء لا ألفا فيكون المصدر تابعا لفعله في مطلق الإعلال "وأما عدما ففي" مثل "يوجل" معناه وبابه يخاف يعني لم يعل الواو فيه لعدم موجب الإعلال، أما بالحذف فلعدم وقوعها بين ياء وكسرة، وأما بالقلب ألفا أو بنقل الحركة فلسكونها، وأما بالقلب ياء فلعدم انكسار ما قبلها "وجلا" مصدر بوزن وعد لم يعل اتباعا لفعله كما يعل عدة لذلك "و" في مثل "قاوم" يعني لم يعل قاوم إما لوجود مانع الإعلال؛ لأنه لو حذفت الواو وإما ابتداء أو بعد قبلها ألفا التبس بقام، وإما لعدم موجبه؛ لأنها لا يمكن قبلها ياء لعدم انكسار ما قبلها "قواما" مصدر لم يعل اتباعا لفعله وهو قاوم مع أن هذا اللفظ يعل إذا وقع مصدر القام اتباعا له فيقال قياما كما مر "ومداريته" أي مدارية إعلال الفعل وجودا وعدما لإعلال المصدر "تدل على أصالته" أي الفعل لكون المدار متبوعا، وأنت تعلم أن الأصالة في الإعلال لا تدل على الأصالة في الاشتقاق وأيضا إن قوله ففي بعد عدة ويوجيل وجلا يدل على أن المضارع أصل المصدر مشتق منه بالذات، وقوله: وفي قام قياما وقاوم قواما يدل على أن الماضي أصل والمصدر مشتق منه بالذات فاضطربت مقالتهم، وأيضا إن هذا الاستدلال من قبيل إثبات القاعدة بالأمثلة وهو غير جائز نعم تثبت القاعدة بها إذا كان بالاستقراء التام وها هنا ممنوع، وأيضا أن مثل عدة لا يكون إعلاله بمجرد اتباع الفعل، بل بشرطين حتى لا يعل الوعدة والوعد بفتح الواو فيهما مع أن فعلهما وهو يعد كما حققته، وأيضا إن رمى فعل يعل بقلب الياء ألفا ورميا مصدر لا يعل، وأن اعشو شب فعل لا يعل واعشيشا بالمصدر يعديعل بقلب الواو ياء فانتفت دلالة مدارية إعلال الفعل لإعلال المصدر وجودا وعدما "وأيضا" ينبغي أن يكون الفعل أصل لأنه "يؤكد الفعل به" أي بالمصدر "نحو ضربت ضربا" فضربا يؤكد ضربت تأكيدا اسميا لا صناعيا؛ لأنه لم يعهد في العربية أن المصدر تأكيد لفظي أو معنى وأيضا التأكيد الصناعي من التوابع وهي معرفة بأنها الكلمات التي لا يمسها الإعرب إلا على سبيل التبع لغيرها، وإعراب المصدر ليس على سبيل التبع للغير؛ لأنه من المفاعيل وإعرابها أصلي لا تبعي، وأيضا الواقع في محل المعرب الجملة الفعلية لا الفعل المؤكد بالمصدر وحده، وكل ذلك ظاهر ولما لم يكن ضربا في ضربت ضربا من التوكيد الصناعية كان في تأكيد الفعل نوع خفاء بالنسبة إلى بعض الأذهان فشبهوا بالتأكيد اللفظي الصناعي توضيحا فقالوا:

Z"وهو" أي هذا التركيب "بمنزلة ضربت ضربت" بتكرير الفعل لأن معنى التركيبين واحد فيكون ضربا مؤكدا لضربت تأكيدا لفظيا، كما كان ضربت الثاني مؤكدا له كذلك "والمؤكد" بفتح الكاف "أصل" لأنه متبوع "دون المؤكد" بكسر الكاف لأنه تابع "وأيضا يقال له" أي للمصدر اسم هو "مصدر لكونه" أي المصدر "مصدورا به" ومخرجا "عن الفعل" وله نظائر في كلامهم "كما قالوا" في الماء "مشرب عذب" أي لذيذ "و" في الفرس "مركب فاره" أي حاذق في المشي لا يتعب راكبه "أي" مرادهم بمشرب "مشروب ومركوب قلنا" معاشر البصريين "في جوابهم" أي في الجواب عن متمسك الكوفيين الأول الذي هو العمدة "إعلال المصدر" إذا أعل فعله إنما هو "للمشاكلة" أي الموافقة والاطراد في الإعلال بسبب المناسبة بينهما في اللفظ والمعنى "لا للمدارية" ولهذا قد يعل كل منهما بدون إعلال الآخر نحو رمى رميا واعشوشب اعشيشابا، فلا تدل الأصالة في الإعلال على الأصالة في الاشتقاق "كحذف الواو في تعد" أصلة توعد فإنه لمشاكلة يعد "و" حذف "الهمزة في يكرم" فإنه لمشاكلة أكرم فكما أن الحذف للمشاكلة لا يدل على الأصالة في الاشتقاق، فكذا الإعلال للمشاكلة لا يدل على الأصالة فيه وقلنا أيضا في الجواب عن متمسكهم الثاني لا نسلم أن ضربت ضربا بمنزلة ضربت ضربت، بل هو بمنزلة أحدثت ضربا ضربا؛ لأن المراد بتأكيد المصدر الذي هو مضمون الفعل بلا زيادة شيء عليه من وصف أو عدد وهو في الحقيقة تأكيد لذلك المصدر المضمون لكنهم سموه تأكيد الفعل توسعا فقولك ضربت بمعنى أحدثت ضربا فلما ذكرت بعده ضربا صار بمنزلة قولك أحدثت ضربا ضربا فظهر أنه تأكيد للمصدر المضمون وحده لا للأخبار والزمان اللذين تضمنهما الفعل فلم يقع المصدر تأكيد الفعل "و" لئن سلمنا أنه بمنزلة ضربت ضربت، وأن المصدر وقع تأكيدا للفعل فنقول "المؤكدية" بفتح الكاف لا تدل على الأصالة في الاشتقاق بل "تدل عليها" في الإعراب "كما في جاءني زيد زيد" فإن الأول أصل اللثاني في الإعراب مع أنه

_ Q"وهو بمنزلة ضربت ضربت" أي في مجرد كون الثاني تأكيد اللأول "والمؤكد" بفتح الكاف "أصل" لكون معناه مقصود بالذات في الكلام "دون المؤكد" بكسر الكاف لكون معناه مقصودا لأجل المؤكد فيكون الفعل أصلا هذا الذي قررناه ما أراده الكوفيون، لكن المصنف غفل عن مرادهم حيث قال في الجواب، بل في الإعراب وتبعه الشراح فحملوا التأكيد على اللفظي فلن يفيد بعضهم بعضا إلا غرورا "وأيضا يقال له مصدر لكونه مصدورا به عن الفعل" فيكون الفعل مصدرا والمصدر مفعولا فيكون الفعل أصلا "كما قالوا مشرب عذب" أي ماء طيب لذيذ "ومركب فاره" أي جيد السير لا تعب راكبه "أي مشروب" عذب "ومركوب" فاره وأيضا قالوا المصدر مفعل بمعنى المصدور نحو قعدت مقعد أي قعودا، والمصدر بمعنى الفاعل أي صادر عن الفعل كالعدل بمعنى العادل وجوابه المنع، وأيضا استدلوا عليها بعمل الفعل في المصدر نحو لعدت قعودا؛ لأن العامل قبل المعمول وهو مغالطة؛ لأن العامل قبل المعمول بمعنى أن الأصل في وقت العمل أن يتقدم لفظ العامل على لفظ المعمول والنزاع في أن وضعه غير مقدم على وضع الفعل فأين أحد التقدمين من الآخر، وإذ قال علمت مذهبي الفريقين في الأصالة في الاشتقاق فاعلم أن الحد التام للمصدر عند البصريين هو اسم الحدث الذي يشتق منه الفعل وعند الكوفيين اسم الحدث الذي يستق من الفعل "قلنا في جوابهم" عن أدلتهم بأسرها أما عن الأول فهو أن "إعلال المصدر" أي عند إعلال الفعل هذا القول إلى قوله سال الميزاب مقول قلنا فيليتقابل الجمعان "للمشاكلة" وهي الموافقة أي ليكون المصدر موافقا ومطردا لفعله في الحذف والإعلال "لا للمدارية" حتى تدل على الأصالة "كحذف الواو في تعد" بنقطتين من فوق وباقي صيغ المضارع التي لا يقع الواو فيها بين ياء وكسرة موافقة ليعد أي لئلا يختلف بناء المضارع بل يجري على وتيرة واحدة وإن لم يوجد موجب الحذف "و" كحذف "الهمزة في يكرم" بنقطتين من تحت وباقي صيغ المضارع سوى أكرم وسائر متصرفاتها من الفاعل والمفعول وغيرهما وإن لم يوجد فيها علة الحذف وهي اجتماع المزتين موافقة لأكرم أي ليطرد الباب. اعلم أن حاصل هذا الجواب منع مدارية إعلال الفعل لإعلال المصدر وجودا فكأنه قال: إنا لا نسلم أن إعلال الفعل للمدارية لم لا يجوز أن يكون للمشاكلة كحذف الواو في تعد فلا يتوجه أن يقال: إن قوله إعلال المصدر للمشاكلة للمدارية دعوى بلا دليل ولما كان مدار الاستدلال على المدارية وجودا وعدما معا اكتفى بمنع الأول ولم يتعرض لمنع الشق الثاني وقد منعناه أيضا فتذكر "و" أما عن الثاني فهو أن "المؤكدية" بفتح الكاف "لا تدل على الأصالة في الاشتقاق" والكلام فيه "بل" تدل على الأصالة "في الإعراب كما في جاءني زيد زيد" يعني كما أن زيد الأول مؤكد وأصل في الإعراب بالنسبة إلى زيد الثاني لا في الاشتقاق؛ لأنه من الجوامد كذلك الفعل في مثل ضربت ضربا أصل بالنسة إلى المصدر في الإعراب لا في الاشتقاق وأنت تعلم أن هذا الجواب إنما يصح أن لو حمل التأكيد على اللفظي الصناعي وقد عرفت فساده مما قررناه سابقا من الأدلة الدالة على أن مراد الكوفيين من التأكيد هو الاسمي لا الصناعي، فلا يلزم من كون اللفظ الأول أصلا بالنسبة إلى الثاني في الإعراب كونه كذلك في الأول، وأيضا إنا لا نجد في ضربت إعرابا أصليا يتبعه إعراب ضربا هذا. ونحن نستعين بالله ونقول باستعانة الله الجواب الصحيح أن يقال المؤكدية بالمعنى الذي أرادوه لا تدل على الأصالة في الاشتقاق، بل في عرض

Zليس بمشتق منه وإلا لزم اشتقاق الشيء من نفسه، وكلامنا في الأصالة في الاشتقاق ولا محذور في أن يكون الشيء متقدما على شيء في الاشتقاق، وأصلا له فيه، ومتأخرا عنه في الإعلال، وفرعا عليه فيه للمشاكلة، كما أن الاسم أصل في الإعراب للفعل وفرع عليه في العمل كما يجيء إن شاء الله تعالى، "و" قلنا في الجواب عن متمسكهم الثالث "قولهم مشرب عذب ومركب فاره" ليس بحقيقة في معنى المشروب والمركوب اتفاقا بأن وضع لفظ المشرب بمعنى المشروب ولفظ المركب بمعنى المركوب فيكون لفظ المشرب مراد، فاللفظ المشروب ولفظ المركب مراد، فاللفظ المركوب حتى يكون لفظ المصدر أيضا حقيقة في معنى المصدور ومراد فاللفظ المصدور به بل يكون ذلك "من باب جرى النهر وسال الميزاب" فكما أن هذا من المجاز إما من المجاز اللغوي بأن أطلق اسم المحل الذي هو النهر والميزاب على الحال الذي هو الماء؛ لأن الجاري والسائل هو الماء لا النهر والميزاب، أو من المجاز العقلي بأن أريد بالنهر والميزاب معناهما الحقيقي وأسند إليهما الجريان والسيلان مجازا لملابستهما لما هما له أعني الماء، كذلك قولهم مشرب عذب ومركب فاره من المجاز أيضا ما في المفرد بأن يطلق اسم المحل الذي هو المشرب والمركب على الحال الذي هو الماء والفرس، وإما في النسبة بأن يراد بالمشرب والمركب معناهما الحقيقي وينسب إليهما العذوبة والفراهة مجازا لملابستهما لما هما له أعني الماء والفرس. وحاصل الجواب أن قياسهم لفظ المصدر على لفظ المشرب والمركب فاسد، أما على تقدير كون المجاز في النسبة فلأن المشرب والمركب حينئذ على معناهما الحقيقي الذي هو محل الشرب محل الركوب فيكون معنى لفظ المصدر قياسا عليهما محل الصدور وهو عليهم لا لهم، وأما على تقدير كون المجاز في المفرد فلأنه لا يلزم من كون اللفظ مستعملا في معنى مجازي على سبيل القطع كون لفظ آخر موازنا له مستعملا في مثل ذلك المعنى على سبيل القطع، بل غايته أن يحتمل استعماله فيه فبمجرد احتمال أن يكون لفظ المصدر مستعملا في معنى المصدور به مجازا مع قيام احتمال أن لا يكون مستعملا فيه، بل مستعملا في معناه الحقيقي الذي هو محل الصدور مع أن الحقيقة أصل والمجاز خلافه لا حجة فيه للكوفيين على أن تشبيه كون المصدر بمعنى المصدور به يكون المشرب بمعنى المشروب والمركوب تشبيه بغير جامع؛ إذ المشرب على المشروب والمركب على المركوب والمصدر لازم فلا يمكن أن يذكر لفظ المصدر ويراد به المصدور به؛ إذ لا دلالة للمصدر على المصدور به على الصادر ولذلك تكلفوا وقالوا في الاستدلال على أصالة الفعل أن المصدر مفعل بمعنى المصدر، أي الصدور نحو قعدت مقعدا حسنا أي قعودا، والمصدر الذي هو لفظ المصدر بمعنى الفاعل أي صادر عن الفاعل كالعدل بمعنى العادل، واستدلوا أيضا بعمل الفعل في المصدر نحو قعدت قعودا والعامل قبل المعمول وهو مغالطة؛ لأنه قبله بمعنى أن الأصل في وقت العمل أن يتقدم لفظ العامل على لفظ المعمول

_ Qالمتكلم في نظم الكلام فهو أمر قد يتبدل عن تبدل الأغراض، كما إذا قلت: زيد قائم لا قاعدا كان قائم مؤكدا وأصلا ولا قاعد مؤكدا وفرعا، فإذا عكست وقلت: زيد لا قاعد بل قائم، صار الأصل فرعا والفرع أصلا، وأمثال ذلك كثيرة والأصالة في الاشتقاق أمر لا يتبدل، وكل ذلك ظاهر بصواب التأمل وأيضا نقول ضربا في ضربت ضربا لا يؤكد الفعل بل المصدر الذي في ضمن الفعل، قال الفاضل الرضى وهو يعني ضربا في ضربت ضربا في الحقيقة تأكيدا للمصدر المضمون لكنهم سموها تأكيدا للفعل توسعا، فقولك: ضربت بمعنى أحدثت ضربا فلما ذكرت بعده ضربا صار بمنزلة قولك: أحدثت ضربا ضربا فظهر أنه تأكيد للمصدر المضمون وحده لا للأخبار والزمان اللذين تضمنهما الفعل. ا. هـ. وإذا لم يكن الفعل مؤكدا بالمصدر في الحقيقة لم يكن له أصالة بالنسبة إلى المصدر أصلا فضلا عن الأصالة في الاشتقاق "و" أما عن الثالث فهو أن "قولهم مشرب عذب ومركب فاره من باب جرى النهر وسال الميزاب" أي من باب المجاز الذي هو كر المحل وإرادة الحال لا من قبيل ذكر المصدر وإرادة المفعول كما ذكرتم، يعني أن مشربا ومركبا اسما مكان يراد بهما ما حل في ذلك المكان فيراد من مشرب ماء حل فيه ومن مركب فرس حل فيه فمعنى مشرب عذب ماء عذب ومعنى مركب فاره فرس فاره، كما أن النهر موضع يراد به ما حل فيه وهو الماء، فيكون معنى جرى النهر جرى الماء فيه. فحاصل الجواب أنا لا نسلم أن مشربا ومركبا مصدران بمعنى مشروب ومركوب حتى يكون لفظ المصدر بمعنى المصدور، وأيضا لم لا يجوز أن يكونا من قبيل ذكر المحل وإرادة الحال كما في جرى النهر وسال الميزاب باعتبار كونهما اسمي مكان. وأقول المشرب يكون مصدرا ميميا واسم مكان فكلا المعنيين سائغ، لكن ما قاله الكوفيون شائع، وأما المركب فهو لا يكون إلا مصدر بمعنى المفعول حتى كان كأنه اسم لما يركب فلا يكون من باب جرى النهر. والأولى في الجواب أن يقال لا يلزم من كون المشرب والمركب بمعنى المشروب والمركوب كون لفظ المصدر بمعنى المصدور بمجرد كونه موازنا لهما وهو ظاهر بل لا يلزم كونهما بمعنى المفعول في هذين الاستعمال؛ لجواز أن يقال هو ماء سهل المشرب بمعنى الشرب مع أن لا نسلم ذلك في هذين الاستعمالين، وأيضا يجوز أن يكون من باب جرى النهر. ولما ذكر المصنف أن الصراف يحتاج في معرفة الأوزان إلى معرفة اشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر وجب عليه أمران بيان أصالة المصدر في الاشتقاق وبيان صيغ المصادر وأقسامها فلما فرغ من الأول شرع في الثاني فقال:

Zوالنزاع في أن وضعه غير مقدم على وضع الفعل فأين أحد المتقدمين من الآخر، وأيضا ينتقض نحو ضربت زيدا وبزيد ولم يضرب، فإنه لا دليل فيها على أن وضع العامل قبل وضع المعمول ولما بين أصالة المصدر وزيف أدلة المخالف جرى في ذكر الأوزان على تقديم الأصل فقال "ومصدر الثلاثي كثير" مختلف فيه "وعند سيبويه" أي ما ذكره سيبويه منه "يرتقي إلى اثنين وثلاثين بابا" أي بناء وضبطه أن تقول عينه إما ساكن أو متحرك، فإن كان ساكنا فأما أن يكون بزيادة شيء أو لم يكن، فإن لم يكن بزيادة شيء فالفاء منه إما مفتوح أو مكسور أو مضموم "نحو قتل وفسق وشغل" وإن كان بزيادة شيء فتلك الزيادة إما تاء أو ألف أو ألف ونون وعلى التقادير فالفاء إما مفتوح أو مكسور أو مضموم، فالحاصل من ضرب الثلاثة في الثلاثة تسعة وهي نحو "رحمة ونشدة وكدرة ودعوى وذكرى وبشرى وليان وحرمان وغفران و" أردف ذلك بقوله "نزوان" لأن المصدر المتحرك العين مزيدا في آخره ألف ونون لم يجئ إلا على هذا البناء فذكره هنا للمناسبة مع ليان في فتح الفاء وزيادة الألف والنون هذا إذا كان العين ساكنا، وإن كان متحركا فأما أن يكون بزيادة شيء أولا فإن كان الثاني فالفاء إما مفتوح أو مكسور أو مضموم فإن كان مفتوحا فعينه إما مفتوح "و" ذلك نحو "طلب" ومكسور "و" ذلك نحو "خنق" ولم يجئ مضموم العين منه بالاستقراء "و" إن كان مسكورا فهو مفتوح العين ليس إلا لكراهة توالي الكسرتين أو لكراهة الانتقال من الكسرة إلى الضمة نحو "صغرو" إن كان مضموما فهو مفتوح العين أيضا ليس إلا لكراهة توالي الضمتين أو لكراهة الانتقال من الضمة إلى الكسرة نحو "هدى" وإن كان الأول فالزيادة فيه إما أن تكون تاء التأنيث فقط أو لا، فعلى الأول فالفاء إما مفتوح أو مكسور أو مضموم بحسب القسمة لكن لم يجئ منه إلا مفتوح الفاء بالاستقراء "و" عينه إما مفتوح نحو "غلبة" أو مكسور "و" ذلك نحو "سرقة" ولم يجئ منه مضموم العين بالاستقراء وعلى الثاني فإما معها زيادة أخرى أو لا، فإن لم تكن فالفاء إما مفتوح "و" ذلك نحو "ذهاب" أو مكسور "و" ذلك نحو "صراف" أو مضموم "و" ذلك نحو "سؤال" وإن كان معها زيادة أخرى فتلك الزيادة إما تاء فقط أو التاء والياء فإن كانت التاء فقط فالفاء إما مفتوح "و" ذلك نحو "زهادة" أو مكسور "و" ذلك نحو "دراية" أو مضموم كبغاية ودعابة ولم يذكره سيبويه لقلته

_ Q"ومصدر الثلاثي" أي المجرد "كثير" أي سماعي لا ضبط له وأما مصدر غير الثلاثي المجرد فله ضبط وقياس سنبينه إن شاء الله تعالى، وقوله: "وعند سيبويه يرتقي" ذلك المصدر "إلى اثنين وثلاثين بابا" أي وزنا مستثنى في المعنى من قوله كثير فكأنه قال: ومصدر الثلاثي المجرد سماعي لا ضبطه ولا ترتقي أوزانه إلى عدد معين عند جميع الصرفيين إلا عند سيبويه فإن ما ذكره نوع من الضبط قيل إن المصادر الثلاثية عند سيبويه أربعة وثلاثون بابا المذكورة وبغاية وكراهية، لكن تركهما المصنف لقلتهما ووجه الضبط أن المصدر عنيه إما ساكن أو متحرك والساكن إما أن لا يزاد فيه شيء أو يزاد تاء التأنيث أو ألف التأنيث أو الألف والنون المشبهتان بهما، وعلى التقادير الأربعة إما مفتوح الفاء أو مكسوره أو مضمومه فما حصل من ضرب الأربعة في الثلاثة الذي هو اثني عشر مذكور على الترتيب المذكور "نحو قتل" من باب الأول "وفسق" من باب الأول "وشغل" من باب الثالث "ورحمة" من باب الرابع "ونشدة" من باب الأول يقال نشد "الضالة أي طلبها "وكدرة من باب الرابع الكدرة ضد الصفو "ودعوى" من باب الأول "وذكرى" من باب الأول وهو ضد النسيان "وبشرى" من باب الأول وهي البشارة "وليان" من باب الثاني مصدر لوى يلوى أصله لويان قلبت الواو ياء وأدغم لاجتماعهما وسبق حداهما بالسكون يقال لوى الحبل أي فتله "وحرمان" مصدر بمعنى منع "وغفران" وهما من باب الثاني وأردف بقوله "وتروان" في باب ذلك الأول بفتحات مصدر نزا بمعنى وثب؛ لأن المصدر المتحرك العين زيد في آخره ألف ونون لم يجئ إلا هذا البناء فذكره هنا للمناسبة مع ليان هذا إذا كان العين ساكنا "و" أما إذا كان متحركات فهو إما مفتوح ولا يزاد فيه شيء فهو إما مفتوح الفاء نحو "طلب" من باب الأول "و" إما مكسورة نحو "صغر" من باب الخامس "و" أما مضمومه نحو "هدى" من باب الثاني "و" إما مكسوره ولا يزاد فيه شيء ولم يجئ منه غير مفتوح الفاء نحو "خنق" من باب الأول، والمصنف قدمه على صغر وهدى لقلة وقوعهما، وإما مضموم ولا يزاد فيه شيء ولم يجئ منه شيء هذا إذا كان العين متحركات ولم يزد فيه شيء "و" أما إذا كان متحركا وزيد فيه شيء، فالعين فيه حينئذ ما مفتوح ويزاد فيه التاء ولم يجئ منه أيضا غير مفتوح الفاء نحو "غلبة" من باب الثاني "و" إما مكسور ويزاد فيه التاء ولم يجئ منه غير مفتوح الفاء نحو "سرقة" من باب الثاني "و" إما مفتوح يزاد فيه الألف هو إما مفتوح الفاء نحو "ذهاب" من باب الثالث "و" إما مكسورة نحو "صراف" من باب الثاني "و" إما مضمومه نحو "سؤال" من باب الثالث "و" إما مفتوح ويزاد فيه الألف والتاء وهو أيضا إما مفتوح الفاء نحو "زهادة" من باب الرابع وهو الزهد وهو ضد الرغبة "و" إما مكسوره نحو "دراية" من باب الثاني ولم يجئ مضمومه.

Zوإن كانت التاء والياء فالفاء مفتوح لا غير بالاستقراء نحو كراهية ولم يذكره أيضا لقلته هذا إذا كانت المدة الألف وإن كانت الواو فإما معها زيادة أخرى أولا فإن لم يكن فالفاء إما مضموم "و" ذلك نحو "دخول" أو مفتوح "و" ذلك نحو "قبول" وأخر مفتوح الفاء لقلته حتى لم يسمع له ثان، ولم يجئ منه مكسور الفاء لثقل الانتقال من الكسرة إلى الضمة وإن كانت معها زيادة فتلك الزيادة هي التاء بالاستقراء، ولم يجئ منه إلا مضموم العين كصهوبة وإن كانت المدة، فلم يجئ مما يقتضيه القسمة إلا مفتوح الفاء من غير زيادة شيء آخر "و" ذلك نحو "وجيف" وإنما أخر نحو "صهوبة" مع أن المناسب ذكره مع دخول إذ هو مما فيه المدة واو نظرا إلى قلته بالنسبة إلى المتقدم ونظرا إلى أن معه زيادة أخر. والحاصل أن لو جيف مناسبة لدخول من جهة عدم الزيادة على المدة وأن لصهوبة مناسبة له من حيث إن المدة واو ورجح وجيف بالكسرة بالنسبة إلى صهوبة وقدم "و" إن كان فيه مكسور نحو "مدخل ومرجح" على الشذوذ وإما مصموم العين منه نحو مكرم ومعون فنادر ولذا لم يذكره حتى جعلهما الفراء جمعين لمكرمة ومعونة اسمين على حد تمرة وتمر استبعاد المجيء المصدر على هذا الوزن وعلى الأول فتلك الزيادة هي التاء لا غير بحكم الاستقراء "و" العين إما مفتوح نحو "مسعاة" أو مكسور "و" ذلك نحو "محمدة" وهو شاذ وإنما ذكر المصدر الميمي مع غير الميمي، مع أن الأول قياسي والثاني سماعي نظرا إلى أن الميمي أيضا مرتبة من مراتب الاختلاف وإن كان قياسيا في نفسه؛ إذ المقصود بيان اختلاف أبنية مصادر الثلاثي المجرد كما أشرنا إليه مع أنه لم يترك الإشارة إلى أنه ليس مثله حيث ذكره بعده ولم يخلط به "ويجيء" المصدر "على وزن اسمي الفاعل والمفعول" إلا أنه مجيئه على وزن اسم الفاعل أقل من مجيئه على وزن اسم المفعول، فالأول "نحو قمت قائما" أي قياما وقوله ولا خارجا من في زور كلام أي خروجا، وقوله: كفى بالنأى من أسماء كاف. أي كفاية ومنه أفضل فاضلة أي إفضالا وعافاه الله عافية أي معافاة وعقب فلان مكان أبيه عاقبة أي عقبا وقوله تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} أي بقاء وقوله تعالى: {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} أي كذب والدالة أي الدلال بمعنى الغنج "و" الثاني "نحو قوله تعالى: {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} " أي الفتنة إذا كان الباء غير زائد، وأما إذا كان زائدا فهو بمعنى المفعول ونحو قولهم: دعه إلى ميسوره أو إلى معسوره أي إلى يسره وإلى عسره والمرفوع والموضوع والمعقول والمجلود بمعنى الرفع والوضع والعقل والجلادة ومنه المكروهة والمصدوقة والمخلوف أي الكراهة والصدق والخلف. واعلم أن استعمال وزني اسم الفاعل والمفعول في معنى المصدر بالاشتراك فهما فيه حقيقة كما يفصح عنه قوله ويجيء على وزن إلخ، وإلا فالواجب أن يقول ويستعمل في معنى اسم الفاعل إلخ، ولذلك قصر على السماع بخلاف استعمال وزن المصدر في معنى الفاعل والمفعول في نحو رجل عدل بمعنى عادل ونسج اليمن بمعنى منسوجه فإنه مجاز، ولذلك لا يقصر على

_ Q"و" إما مضموم ويزاد فيه الواو أو هو أيضا إما مضموم نحو "دخول" من باب الأول "و" إما مفتوح الفاء نحو "قبول" من باب الرابع أخره لقلته، ولم يجئ منه مكسوره "و" إما مكسوره ويزاد فيه الياء، ولم يجئ منه غير مفتوح الفاء نحو وجيف من باب الثاني مصدر وجف بمعنى اضطرب "و" إما مضموم يزاد فيه الواو والتاء، ولم يجئ منه غير مضموم الفاء نحو "صهوبة" من باب الخامس وهي الحمرة في شعر الرأس "و" إما مفتوح ويزاد فيه الميم، ولم يجئ منه أيضا غير مفتوح الميم نحو "مدخل" من باب الأول "و" إما مكسور ويزاد فيه الميم، ولم يجئ منه أيضا غير مفتوح الميم نحو "مرجع" من باب الثاني "و" إما مكسور ويزاد فيه الميم والتاء، ولم يجئ منه غير مفتوح الميم نحو "مسعاة" من باب الثالث من السعي أصله مسعية قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها. قال في مختار الصحاح: المسعاة واحدة المساعي في الكرم والجود "و" إما مكسور ويزاد فيه الميم والتاء، ولم يجئ منه غير مفتوح الميم نحو "محمدة" من باب الرابع "ويجيء المصدر" من الثلاثي المجرد "على وزن اسم الفاعل و" على وزن اسم "المفعول" أي يتحد وزنه ووزنها وإن كان مصدرا حقيقة "نحو قمت قائما" فقائما مصدر بمعنى قيام وإن كان وزنه وزن اسم الفاعل لا أنه فاعل حقيقة يراد به معنى المصدر كما يذكر المصدر ويراد به الفاعل نحو رجل عدل أي عادل، "ونحو قوله تعالى: {بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ} " فالمفتون مصدر بمعنى الفتنة على تقدير عدم زيادة التاء، وإن كان وزنه وزن المفعول لا أنه مفعول حقيقة يراد به معنى المصدر، كما يذكر ويراد به المفعول نحو قوله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} أي مخلوقه هذا عند غير سيبويه، وأما هو فلم يجوز مجيء المصدر بوزن المفعول، قال في مختار الصحاح: المفتون الفتنة وهو مصدر كالمعقول والمخلوق، وقال: المعقول مصدر عقل، وقال سيبويه: هو صفة وقال: إن المصدر لا يأتي على وزن مفعول ألبتة. ا. هـ. ومنهم من ظن وبعض الظن إثم أن معنى قوله: ويجيء المصدر على وزن اسم الفاعل والمفعول أن الفاعل والمفعول يذكران ويراد بهما المصدر كما يذكر ويراد به الفاعل والمفعول كما في رجل عدل أي عادل وهذا خلق الله أي مخلوقه، وأنت خبير بأن هذا المعنى لا يفهم من عبارة الكتاب وأنه لا يناسب المقام مع أن المثال المذكور خلاف ما ثبت في اللغة على ظنهم ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت

Zاستعمال السماع، بل يجوز كل مصدر في معنى اسم الفاعل واسم المفعول إذا قصد فائدة المجاز "ويجيء" المصدر أيضا "للمبالغة" في الفعل والتكثير فيه قياسا مطردا عند سيبويه من الثلاثي المجرد وعند الزمخشري قياسا مطردا في الثلاثي وغيره؛ لأنه قال حين سئل عنه هذا الباب كثير الاستعمال فينبغي أن يكون قياسا ولذلك ذكر في الأمثلة الرميا، وقال: هي الرمي الكثير وهو على ضربين أحدهما التفعال بفتح التاء وسكون الفاء "نحو التهذار" بمعنى الهذر الكثير "والتلعاب" بمعنى اللعب الكثير والترداد والتجوال والتقتال والتسيار للمبالغة للرد والجولان والقتل والسير وثانيهما الفعيلي بكسر الفاء والعين وبتشديده وفتح اللام نحو الحثيثي بمعنى الحث الكثير "والدليلي" بمعنى كثرة العلم بالدلالة والرسوخ فيها والفتيتي بمعنى كثرة النميمة. ولما فرغ من المصدر الثلاث شرع في مصدر غير الثلاثي فقال: "ومصدر" كل واحد من أبواب "غير الثلاثي" رباعيا مجردا كان أو مزيدا فيه أو ثلاثيا مزيدا فيه وسواء كان المصدر ميميا أو غير ميمي "يجيء على سنن" أي طريق "واحد" على حدة ولم يبين أبنية مصادر تلك الأبواب اعتمادا على أساميها في غير الرباعي المجرد وأما فيه فطردا للباب "إلا في كلم" يجيء المصدر "كلاما" على وزن فعالا بكسر الفاء وبتشديد العين على لغة أهل اليمن فإنه قياس لغتهم ولذلك شاع واطرد فعال بمعنى التفعيل في كلام الفصحاء، وفي التنزيل {وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا كِذَّابًا} "و" إلا "في قاتل" يجيء "قتالا" بكسر القاف وتخفيف العين "وقيتالا" بالياء على لغة من قال في كلم كلاما فإنه أيضا قياس لغتهم، قال سيبويه في قتال: كأنهم حذفوا الياء التي جاء به أولئك في قيتال، ولذلك قيل إن قتالا فرع قيتالا من حيث إن حروف الفعل ثابتة فيه إلا أن الألف قلبت ياء لانكسار ما قبلها وعكس السكاكي حيث جعل الياء إشباع كسرة الفاء "و" ألا يجيء "في تحمل تحمالا" بكسر التاء والحاء وتشديد الميم فيمن قال كلاما فإنه قياس لغتهم أيضا؛ لأنه كسر الأول وزيد قبل الآخر ألف "و" إلا "في ززلزل" يجيء "زلزالا" بفتح الأول فإنه يجوز في مصدر مضاعف الرباعي المجرد فتح الأول وكسره قياسا مطردا لثقل المضاعف بخلاف صحيحه فإنه بالكسر لا غير، إلا أن الكسر أفصح؛ لأنه أصل. ولما فرغ من بيان أبنية الأصل الذي هو المصدر شرع في بيان أبنية الفرع الذي هو الفعل فقال "الأفعال التي تشتق" على صيغة المبني للمفعول أي تؤخذ "من المصدر" وتستعمل مبنية للفاعل ومبنية للمفعول إما بنفسها أو بزيادة حرف الجر، وإنما لم يقل على مذهب البصريين؛ إشارة إلى أنه الحق فكأنه لا خلاف فيه كما ذكرنا وإنما

_ Q"ويجيء" المصدر "للمبالغة" في الفعل والكثرة فيه على وزن التفعال بفتح الأول وسكون الثاني "نحو التهذار" مبالغة الهذر وهو الهذيان "والتلعاب" أي اللعب الكثير، وكذا الترداد والتجوال بمعنى الرد والجولان، وكذا التعداد والتذكار والتكرار، وأما التبيان والتلقاء بكسر التاء فيهما فشاذان من هذا الوزن كما صرحوا به "و" على وزن فعيلي بكسرتين وتشديد العين "نحو الحثيثي" بكسرتين أي الحث الكثير من الجانبين "والدليلي" مبالغة الدليل، وكذا الرميا تقول كان بينهم رميا أي الترامي الكثير من الجانبين، "والخليفي" قال عمرو رضي الله تعالى عنه زمن خلافته: لولا الخليفي لأذنت أي لولا كثرة الاشتغال بأمر الخلافة والذهول بسببها عن تفقد أوقات الأذان لأذنت، قيل: سئل الزمخشري أهو قياس أم سماعي؟ فقال: هذا الباب كثير الاستعمال فينبغي أن يكون قياسيا، قال سيبويه: أوزان المبالغة لا تجيء إلا من ثلاثي، وأما جمهور الصرفيين فقد جوزوا ذلك مطلقا قيل إن ذكر المصدر للمبالغة استطراد؛ لأن المراد بيان مصدر يشتق منه فعل مشتمل على معناه وزيادة كما يدل عليه السباق والسياق وهو ليس كذلك؛ لأنه ليس في فعله دلالة على هذا التكثير والمبالغة فافهم "ومصدر غير الثلاثي" المجرد "يجيء على سنن" أي طريق "واحد" يعني يجيء قياسا فلكل باب قياس على حدة فتقول مثلا: كل ما كان ماضيه على فعلل فمصدره على فعللة، وكل ما كان ماضه على فعل فأفعال، وكل ما كان ماضيه على فعل فتفعيل، وكل ما كان ماضيه على فاعله فمفاعلة وفعال، وكل ما كان ماضيه افتعل فافتعال وكل ما كان ماضيه فعل فافعلال، وكل ما كان ماضيه تفعل فتفعل، وكل ما كان ماضيه تفاعل فتفاعل، وكل ما كان ماضيه استفعل فاستفعال، وكل ما كان ماضيه افعوعل فافعيعال، وكل ما كان ماضيه أفعول فأفعوال، وكل ما كان ماضيه افعنلل فافعنلال، وكل ما كان ماضيه افعنلي فافعنلاء، وكل ما كان ماضيه تفعلل فتفعلل، وكل ما كان ماضيه افعلل فافعلال وفيه قياس واحد لجميع الرباعي والمزيد، لكن لا يليق بيانه بهذا المختصر "إلا في كلم" فإنه لا يجيء مصدره قياسا وهو تكليما بل بجيء "كلاما" بكسر الكاف وتشديد اللام "و" كذا "في قاتل قتالا وقيتالا" والقياس المشهور المقاتلة والمفهوم من عبارة الرضي أنهما قياسان أيضا حيث قال: وأما فعال في مصدر فاعل كقتال فهو مخفف القياس إذ أصله قيتالا "و" كذا "في تحمل تحمالا" بكسرتين وتشديد الميم والقياس تحملا "و" كذا "في زلزل زلزالا" بفتح الأول والقياس بكسره إلا أنهم جوزوا الفتح لثقل المضاعف. ولما بين أن المصدر أصل في الاشتقاق وأن المصدر قسمان سماعي وقياسي، وبين السماعي والقياسي منه شرع في المقصود فقال "الأفعال التي تشتق من المصدر" كما هو المذهب.

Zقيد بقولنا تستعمل احترازا عن باب فعل يفعل على صيغة المبني للمفعول فيهما؛ لأن المقصود من ذكر الأفعال بيان أحكامها. ولما لم يختلف حكم هذا الباب بالمعلومية والمجهولية، بل كان مبينا للمفعول أبدا للعلم بفاعلها في غالب العادة أنه هو الله تعالى تركه المصنف، وأيضا لما كان المبني للمفعول فرعا للمبني للفاعل؛ لأن الأول معلوم للثاني والغرض ذكر الأصول تركه وقال "خمسة وثلاثون بابا ستة منها" كائنة "للثلاثي المجرد" وإلا فله سبعة قدم الثلاثي على الرباعي لتقدمه الطبيعي، ووجه ضبطه أن لماضيه ثلاثة أبنية أحدهما فعل يفعل؛ لأن أوله لا يكون إلا مفتوحا حالا لامتناع الابتداء بالسكون واستثقال الضمة والكسرة عليه، والثاني منه لا يكون إلا متحركا لاستلزام سكونه اختلاط الأبنية، وما قيل والالتقاء الساكنين عند اتصال الضمير المرفوع البارز المتحرك بالفعل فلا يخلو عن دور وحركاته لا تزيد على ثلاثة فإن كانت فتحة فلا يلخو من أن يكسر عين مضارعة أو يضم أو يفتح، وإن كانت كسرة فأما أن يفتح عين مضارعه أو يكسر وإن كانت ضمة فعين مضارعه لا يكون إلا مضموما لحصر بحسب الوقوع في ستة وهي "نحو ضرب يضرب" بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر "وقتل يقتل" بفتح العين في الماضي وضم عين المضارع "وعلم يعلم" يكسر العين في الماضي وفتحه في المستقبل "وفتح يفتح" بفتحه فيهما "وكرم يكرم" بضمه فيهما "وحسب يحسب" بكسره فيهما "وتسمى الثلاثة الأول دعائم الأبواب" جمع دعامه وهي عموم البيت أي أصولها "لاختلاف حركاتهن في عين الماضي والمستقبل" فكما أن معنى الماضي مخالف لمعنى المستقبل، كذلك ينبغي أن يكون لفظه مخالفا للفظه ليطابق اللفظ والمعنى في الاختلاف فلا شك أن ما وقع فيه المخالفة أصل بالنسبة إلى غيره "وكثرتهن" أي ولكثرة استعمالهن فإنها سبب لفصاحة الكلمة فيكون سببا لأصالتها ولذلك قدمها على الثلاثة الأخر، وأما تقديم بعض الأول على بعضها؛ فلأن الاختلاف في الأول أكثر؛ لأن مخالفة الفتح للكسر أكثر من مخالفة الفتح للضم؛ لأن الفتح علوي والكسر سفلي والضم بينهما يشهد به الوجدان؛ وأما تقديم الثاني على الثالث فلفتح عين ماضيه ومن قدم الثاني على الأول نظر إلى أن الضم علوي وأنه أقوى أو قصد التدريج في النزول من العلوي إلى السفلي الذي هو الأصل بخفته فهو أحق بالتقديم، وأما تقديم بعض الأخر على بعضها فلفتح عين الأول في الماضي والمضارع ولكثرة استعماله بالنسبة إلى الثاني، وأما الثاني فللنظر إلى أن الضم فوقي

_ Q"خمسة وثلاثون بابا" باتفاق منهم بالاستقراء "ستة منها للثلاثي المجرد" والمراد عن الثلاثي المجرد ما كان ماضيه على ثلاثة أحرف أصول ووجا تقديمه على ما عداه ظاهر، ووجه الضبط فيها أنهم فتحوا أول الماضي للخفة ولامتناع الابتداء بالساكن ولا يشكل بالمجهول ولا بفعل مكسور الأول كشهد كعروض الضم والكسر فيهما ولأن الضم في المجهول للفرق واعتبر في العين ثلاث حركات؛ إذ لو كان ساكنا يلزم التقاء الساكنين عند اتصال الضمير المرفوع مثل ضربت ولم يعتبروا حركة اللام لكونها محل التغيير فكانت للماضي ثلاثة أبنية والتزموا سكون الفاء في المضارع فرارا من توالي الحركات الأربع كما سيأتي في فصله، واعتبروا في عينه أيضا ثلاث حركات؛ لأنه لو كان ساكنا يلزم التقاء الساكنين عند دخول الجوازم عليه مثل لم يضرب فضربوا الثلاثة في الثلاثة فحصل تسعة ثلاثة منها بفتح الأول مع الحركات الثلاث في الثاني وثلاثة بكسر الأول مع الحركات الثلاث في الثاني، لكن لم يعتبروا الكسر مع الضم؛ لأن الكسر مع الضم ثقيل فبقي اثنان وثلاثة بضم الأول مع الحركات الثلاث في الثاني، لكنهم لم يعتبروا الضم مع الكسر وكذا مع الفتح؛ لأن الضم معهما ثقيل فبقي واحد وهو الضم مع الضم فبقي من التسعة الستة، فإن قلت: الكسر مع الكسر وكذا الضم مع الضم ثقيل أيضا، قلت: ما كان الكسر مع الكسر من جنس واحد وكذا الضم مع الضم لم يكن ثقيلا؛ إذ الثقل في اختلافها فتدبر "نحو ضرب يضرب" على وزن فعل يفعل بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر، وهو الباب الثاني لكن قدمه في الذكر لزيادة الاختلاف بين الفتح والكسر؛ لأن الأول علي والثاني سفلي والضم متوسط، وإنما استحق التقديم بزيادة اختلاف حركتها؛ لأنها تدل على زيادة اختلاف معناهما فيصير عريقا في كونه من الدعائم "وقتل يقتل" على وزن فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر وهو الباب الأول "وعلم يعلم" على وزن فعل يفعل بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر وهو الباب الرابع، "و" لكن قدمه على "فتح يفتح" على وزن فعل يفعل بفتح العين فيهما وهو الباب الثالث لدخوله في الدعائم "وكرم يكرم" على وزن فعل يفعل بضم العين فيهما وهو الباب الخامس "وحسب يحسب" على وزن فعل يفعل بكسر العين فيهما وهو الباب السادس "وسمى الثلاثة الأول" وهو الباب الثاني والأول والرابع دعائم "الأبواب" أي أصولها وهي جمع دعامة بالكسر، وهي عمود البيت "لاختلاف حركاتهن في عين الماضي والمستقبل" فإن قلت: لِمَ اشترط اختلاف حركة الماضي حركة المضارع في دعائم الأبواب؟ قلت: لأن معنى الماضي لما كان مخالفا لمعنى المستقبل اقتضى ذلك أن يكون لفظ الماضي مخالفا للفظ المستقبل؛ ليطابق اللفظ المعنى على ما هو الأصل في كلامهم "وكثرتهن" أي في الاستعمال فبهذين الشرطين معا يدخل الباب في الدعائم لا بواحد منهما

Zوقوي وإلى أن استعماله أكثر بالنسبة إلى الثالث، وإنما لم يجئ من مكسور العين في الماضي مضموم العين في المضارع لئلا يتحرك حرف واحد بالأثقل بعد الثقيل، ولم يجئ من مضموم العين في الماضي مفتوح العين في المضارع لئلا يكون كالطفرة بسبب انتفاء التدريج في الانتقال من الأثقل إلى الأخف، ولا مكسور العين فيه لئلا يلزم الجمع بين الضم الثابت والكسر لا لضرورة. ولما كان سبب دخول الأبواب الثلاثة الأول في الدعائم أمرين اختلاف الحركات وكثرة الاستعمال، وكان انتفاء أحدهما فقط كافيا في عدم الدخول فيها أشار إلى أن عدم دخول الثلاثة الأخر فيها إنما هو لانتفاء الأمرين معا في نفس الأمر، لا لانتفاء أحدهما فقط؛ إذ لو لم يتعرض لذلك لم يعلم أن عدم الدخول فيها في نفس الأمر لانتفاء أحدهما فقط أو لانتفائهما جميعا، ولما كان انتفاء الأمر الأول فيها ظاهرا اكتفى بذكره مرة في أولها وقال "وفتح يفتح لا يدخل في الدعائم لانعدام اختلاف الحركات في عين الماضي والمستقبل ولعدم مجيئه" أي مجيء باب فتح يفتح "بغير حرف الحلق" عينا أو لاما والتزموا فيه فتح العين في الماضي والمضارع؛ ليقاوم خفة فتحة العين ثقالة حرف الحلق، ولذلك لم يدخلوا الفاء في الترديد ولم يقولوا أو فاء لزوال ثقل الفاء بسكونه في المضارع، ولا يرد مثل دخل يدخل؛ لأنه دليل بعد الوقوع، ولما لم يجئ بغير حرف الحلق انعدم كثرة الاستعمال أيضا "وأما ركن يركن وأبى يأبى" بفتح العين في الماضي والمضارع فيهما من غير حرف الحلق هذا لف وقوله "فمن اللغات المتداخلة والشواذ" نشره على ترتيبه يعني أن ركن يركن بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر وركن يركن بكسرها في الماضي وفتحها في الغابر لغتان، فأخذ الماضي من الأولى والمضارع من الثاني فقيل ركن يكن بالفتح فيهما؛ لأنه من باب فتح يفتح فلا نقض، وعد الزمخشري ركن يركن من الشواذ وأبى يأبى من الشواذ الثابتة عن المواضع فهي في حكم المستثناة فكأنه قال القياس كذا إلا في هذه الصورة فلا نقض "وأما بقى يبقى وفنى يفنى وقلى يقلى" بفتح عين المضارع والمضارع في الكل من غير حرف الحلق "فلغات" قبيلة "طيء قد فروا" أي فارين "من الكسرة

_ Q"وفتح يفتح لا يدخل في الدعائم" وكذا سائر ما يجيء من الباب الثالث "لانعدام اختلاف الحركات في الماضي والمستقبل والعدم" كثرة الاستعمال لانعدام "مجيئه بغير حرف الحلق" أما في عينه أو في لامه فيصير مقيد، أو المقيد أقل وجودا من المطلق فانتفى الشرطان معا وعدم دخوله في الدعائم، وإن كان معلوما بالالتزام عما قبلها من الشرطين لكنه صرح به تقريرا وتوضيحا وليترتب عليه قوله، وأما ركن يركن إلخ وحروف الحلق الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء وإنما فتحوا عين المضارع إذا كان عينه أو لامه حرفا من الحروف؛ لأنها ثقيلة فأعطوها وما قبلها الفتحة للخفة لامتناع السكون في عين المضارع كما مروا، إنما قلنا إذا كان عينه أو لامه؛ لأنه إذا وقع حرف منها فاء نحو أمر يأمر لم يلزم الفتح في مضارعه لسكون حرف اللحق فيه، والساكن لا يجب فتح ما بعده لضعفه بالسكوت، ولا يشكل بمثل يدخل؛ لأن المراد أن شرط الفتح أن يوجد في العين واللام حرف منها لا أن كل ما فيه حرف يكون مفتوحا. فإن قلت: إن الألف من حروف الحلق أيضا باتفاق منهم فلِمَ لَمْ يعدوه ها هنا؟ قلت: الألف لا تخلو إما أن يقع عينا أو لاما وأيا ما كان لا يمكن فتح العين لأجله، أما إن وقع عينا فللزوم سكونه وأما إن وقع لاما فلأنه إما واو أو ياء في الأصل إذا الألف الأصلي لا يقع في لام الفعل بالاستقراء وإذا كان واوا أو ياء فقلبهما ألف يتوقف على فتح ما قبلها وهو العين فثبت أن فتح العين موجود قبل وجود الألف فلم يكن الفتح لأجل الألف وإلا يلزم الدور وهو المطلوب ثم إن هذا الفتح في العين لما وجد من غير شرط وهو وجود حرف الحلق كان شاذا، ولهذا حكموا بأن أبى يأبى شاذ كذا حققوه. ولما توجه أن يقال إن عدم مجيء الباب الثالث بغير مجيء الباب الثالث بغير حرف الحلق مشكل بركن يركن وأبى يأبى؛ لأنهما من هذا الباب وليس فيهما حرف الحلق أجاب عنهما بقوله: "وأما ركن يركن وأبى يأبى فمن اللغات المتداخلة والشواذ" يعني أن المثال الأول من المتداخل، والمثال الثاني من الشواذ ففي الكلام لف ونشر مرتب، وقد عرفت آنفا معنى كونه شاذا، ومعنى تداخل اللغتين فيه أن ركن يركن أي مال يميل كنصر ينصر لغة، وركن يركن كعلم يعلم فيه لغة أيضا فأخذ الماضي من الأول والمضارع من الثاني، والمراد بالشاذ في استعمالهم ما يكون بخلاف القياس من غير نظر إلى قلة وجوده وكثرته كالقود. والنادر ما قل وجوده وإن لم يكن بخلاف القياس، وما قيل من أن أبى بمعنى امتنع وهو فرع منع وفيه حرف حلق فحمل عليه فضعيف؛ لأن وجود حرف الحلق في لفظ معنى الكلمة لا يوجب ثقل تلك الكلمة على اللسان حتى يضطر إلى أن يحمل على فرعه ويفتح لأجله ما بعده. ولما توجه الإشكال المذكور أيضا بالأمثلة التي ذكرها أجاب بقوله: "وأما بقى يبقى وفنى يفنى وقلى يقلى فلغات طيء" يعني أن بقي يبقى وفني يفنى من باب علم يعلم فعين ماضيهما مكسورة، وقلى يقلي من باب ضرب يضرب فعين مضارعه مكسورة لكن قبيلة طيء "قد فروا من الكسرة" أي من كسرة عين الماضي في الأول والثاني ومن كسرة عين المضارع في الثالث

Zإلى الفتحة" يعني أن الأصل فيها كسر العين في الماضي فقلبوا الكسرة فتحة؛ لأن من القياس عندهم أن يقلبوا الكسرة التي قبل الياء فتحة ثم يقلبوا الياء ألفا للتخفيف "و" باب "كرم يكرم لا يدخل في الدعائم لانعدام اختلاف الحركات و" انعدام "كثرة الاستعمال؛ لأنه لا يجيء إلا من الطبائع" أي الأفعال الطبيعية أي الغريزية التي جبل أي خلق الفاعل عليها من غير اختيار منه كالحسن والكرم "و" إلا "من النعوت" أي الصفات اللازمة ولأجل أن هذا الباب للصفات اللازمة اختير للماضي والمضارع منه حركة لا تحصل إلا بلزوم إحدى الشفتين للأخرى وانضمامها بها أعني الضم رعاية للتناسب بين الألفاظ ومعانيها "و" باب "حسب يحسب لا يدخل في الدعائم" لانعدام الاختلاف و"لقلته" في الاستعمال فيه إشارة إلى أن قلة استعمال هذا الباب لذاته لا بسبب من الأسباب ولا بشرط من الشروط "وقد جاء فعل يفعل" بضم العين في الماضي وفتحها في الغابر "على لغة من قال كدت تكاد" أصلهما كودت تكود بضم الماضي وفتح المضارع "وهي شاذة" والقياس كدت تكاد بكسر الكاف في الماضي من باب علم "كفضل يفضل" بكسر العين في الماضي وضمها في المضارع "ودمت" بكسر الدال "تدوم" بضمها يعني كما أن فضل يفضل ودمت تدوم شاذان، والقياس فضل يفضل من باب نصر ودمت تدوم من باب حسن كذلك كدت تكاد شاذا، وقال الزمخشري ثالثها في المتداخلة فكأن المصنف لم يظفر بكدت تكود بالضم فيهما وفضل يفضل بالكسر في الماضي والفتح في الغابر وبدمت تدام بالكسر في الماضي والفتح في المضارع فحكم بشذوذها. واعلم أن بعضهم قدم الرباعي المجرد على المنشعبات نظرا إلى أن الثلاثي المجرد

_ Q"إلى الفتحة" طلبا للخفة، وكذا فروا من كل كسرة قبل ياء مفتوحة فتحة بناء إلى الفتحة، ثم قلبوا الياء ألفا فقالوا في بني على صيغة المجهول بنى، قال في مختار الصحاح: بقي الشيء بالكسرة بقاء، وكذا بقي الرجل زمانا طويلا أي عاش، وطيء يقول: بقى وبقت مكان بقي وبقيت وكذا أخواتها من المعتل، وقال: فني الشيء بالكسر فناء، وقال: القلى البغض تقول قلاة يقليه وقلاء بالفتح والمد ويقلاه لغة طيء. ا. هـ. إذا عرفت ما تلوناه عليك فاعلم أن بعض الشارحين قالوا: إن بقى يبقي وفنى يفني وقلى يقلي بكسر العين في المضارع في الكل أما طيء فروا إلخ، وبعضهم قالوا بكسر العين في الماضي في الكل، أما طيء فروا إلخ، وكل ذلك غلط نشأ من عدم الاهتداء في علم اللغة الحمد لله الذي هدانا لهذا اعلم أنه استصعب على الشارحين ارتباط قوله قد فروا إلخ بما قبله من حيث المعنى، والأمر هين لأنه استئناف لبيان لغة طيء فيقع جوابا للسؤال، فكأن قائلا يقول: ما فعلوا فيها؟ فقال: قد فروا إلخ، "ونحو كرم يكرم لا يدخل في الدعائم؛ لأنه لا يجيء إلا من الطبائع" جمع طبيعة وهي القوة الموجودة في الشيء التي لا شعور لها بما يصدر عنها ويكون الصادر منها أثرا واحدا واقعا على نهج واحد "والنعوت" جمع نعت وهي الصفة أي لا يجيء فعل يفعل بضم العين فيهما إلا من الأفعال الصادرة عن الطبائع من غير شعور واختيار الدالة على صفاتها اللازمة لها كالحسن، فإن المراد بالحسن الحسن الطبيعي وهو كون الأعضاء متناسبة على ما ينبغي أن يكون لا ما يمكن اكتسابه بالزينة من صفاء اللون ولين الملمس، فلا يكثر استعمالها لكونها مقيدة ولا يختلف حركاتها في الماضي والمضارع أيضا؛ لأن هذا البناء لما خالف بقية الأبنية لكونه خلقة وطبيعة صادرة على نهج واحد من غير اختيار خولف في الحركة أيضا بأن يكونا مضمومين إيذانا بعدم اختلاف معناه في نفسه، كما جعلوا الضم علامة لبناء المجهول، ولما كان وضع هذا البناء لمثل هذه الأفعال لا يقتضي متعلقا ومفعولا فيكون لازما أبدا فقوله: لا يجيء إلا من الطبائع دليل على انتفاء كثرة الاستعمال أصالة، وعلى عدم اختلاف الحركة إشارة فافهم "وحسب يحسب لا يدخل" أيضا "في الدعائم" لقلته في الاستعمال ولعدم اختلاف حركتهما "وقد جاء فعل يفعل" بضم العين في الماضي وفتحها في الغابر، يعني إذا كان العين مضموما في الماضي يجب أن يكون مضموما في المضارع أيضا قياسا، لكن قد جاء "على لغة من قال كدت تكاد" لاف ذلك وهو ضم العين في الماضي وكسرها في الغابر؛ لأن أصل كدت كودت بضم الواو فنقلت ضمتها إلى ما قبلها بعد سلب حركته؛ لتدل على أن البناء من مضموم العين وأصل تكاد تكود بفتح الواو فأعل بالنقل والقلب فأجاب بقوله: "وهي" أي هذه اللغة "شاذة" أي خارجة عن القياس "كفضل" بالكسر "يفضل" بالضم أي كما يكون هذا شاذا يعني إن كان العين مكسورا في الماضي وجب أن يكون إما مفتوحا أو مكسور في المضارع قياسا، لكن جاء هذا بخلافه فيكون شاذا وبعض المحققين قالوا: إن فضل يفضل من تداخل اللغتين وذلك لأن العرب تقول فضل بالفتح والكسر ومضارع الفتح بالضم ومضارع الكسر بالفتح فإذا سمع بعد ذلك فضل يفضل علم أنه من التداخل، وبعض الشارحين حكموا بمخالفة القولين وأقول: لا مخالفة بينهما لأن تداخل اللغتين ليس بقياس؛ إذ القياس عدم التداخل فيكون شاذا لا محالة قال في مختار الصحاح: الفضلة والفضالة ما فضل من الشيء وفضل منه شيء من باب نصر وفيه لغة ثانية من باب فهم وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فضل بالكسر يفضل بالضم وهو شاذ لا نظير له. ا. هـ. فعلى هذا لا يتوجه أن يقال إن الفضل من الأفعال الطبيعية كالكرم فلم جاز فيه غير الضم في الماضي والمضارع؛ لأنه من الفضلة لا من الفضل "ودمت تدوم" أي وكما يكون هذا شاذ لأن أصله

Zوالرباعي المجرد أصلان فراعى مناسبة الأصالة بينهما فلم يفصل بينهما، والمصنف قدم منشعبة الثلاثي المجرد على الرباعي المجرد؛ رعاية لمناسبة الأصالة والفرعية بينهما فقال: "واثنا عشر لمنشبعة الثلاثي" أي المتفرعة عليه إما بزيادة حرف أو حرفين أو ثلاثة أحرف ولم يزد الزيادة على الثلاثة؛ لئلا يلزم زيادة الزائد على الأصل، ثم قدم ما زيد فيه حرف واحد على ما زيد فيه حرفان، وقدم ما زيد فيه حرفان على ما زيد فيه ثلاثة أحرف؛ رعاية للترتيب الطبيعي، فما زيد فيه حرف واحد فثلاثة أبواب وذلك "نحو أكرم" يكرم "إكراما" بزيادة الهمزة المفتوحة في أوله وإنما كسرت في المصدر فرقا بينه وبين الجمع على أفعال ولم يعكس لثقل الجمع وخفة الفتحة، وهذا باب الأفعال قدم؛ لأن الزيادة في الأول "و" نحو "قطع" تقطيعا بتضعيف العين قيل الزيادة هي الأولى؛ لأن الحكم بزيادة الساكن أولى وقيل الثانية؛ لأن الزيادة بالآخر أنسب، وسيبويه أجاز الوجهين لتعارض الدليلين وهذا باب التفعيل قدم؛ لأن الزيادة في الأصول "و" نحو "قاتل" مقاتلة بزيادة الألف بين الفاء والعين وهذا باب المفاعلة "و" ما زيد فيه حرفان فخمسة أبواب نحو "تفضل" تفضيلا بزيادة التاء في أوله وتضعيف العين، وهذا باب التفعل قدمه؛ لأن إحدى الزيادتين من جنس الأصول "وتضارب" تضاربا بزيادة التاء في أوله والألف بين الفاء والعين

_ Qدومت تدوم بكسر الواو في الأول وضمها في الثاني فأعل الأول بنقل حركة الواو إلى ما قبلها بعد سلب حركته ثم حذفها لالتقاء الساكنين والثاني بنقل حركة الواو إلى ما قبلها "واثنا عشر بابا" منها "لمنشعبة الثلاثي" أي لمزيد الثلاثي بالمجرد والمنشعبة الأبنية المتفرعة من أصل بزيادة حرف أو أكثر ليس من جنس الحروف الأصلية أو بتكرير حرف منهما أو بهن معا لقصد زيادة معنى من التعدية والتكثير وغيرهما، مثل: أخرج وفرح زيد في الأول همزة للتعدية وتكرر العين في الثاني للتكثير، وهو ثلاثة أقسام؛ الأول: ما يزاد فيه حرف واحد، وهو ثلاثة أبواب الأول باب الأفعال "نحو أكرم إكراما" الهمزة زائدة وكسرت في مصدره فرقا بينه وبين الجمع على أفعال نحو إعمال وأعمال، ولم ينعكس لثقل الجمع وبناؤه للتعدية غالبا نحو أجلسته وأكرمته، وللصيرورة نحو أجرب الرجل أي صار ذا جرب وللوجدان نحو أبخلته وأحمدته، أي وجدته بخيلا ومحمودا وللسلب والإزالة نحو أشكيته، أي أزلت عنه الشكاية وللتعريض نحو باع الجارية، أي عرضها للبيع وللحينونة نحو أحصد الزرع أي حان وقت حصادهن وقد يكون بمعنى فعل نحو أقلت البيع فعلته "و" الثاني باب التفعيل "نحو قطع تقطيعا" كررت العين الثاني وهو الزائد عند الجمهور والأول عند الخليل؛ لأن الساكن كالمعدوم فالتصرف فيه أولى وكلاهما شائع عند سيبويه وهذا البناء للتكثير غالبا، وهو إما في الفعل نحو جولت وطوفت وفي الفاعل نحو موت الإبل، وفي المفعول نحو غلقت الأبواب وقطعت الثوب فإن فقد ذلك لم يجز استعمال فلذلك كان موت الشاة لشاة واحدة خطأ؛ لأن هذا الفعل لا يستقيم تكثيره بالنسبة إلى الشاة؛ إذ لا يمكن تكثير الواحد، وليس ثمة مفعول ليكون التكثير له وعدم إمكان تكثير الفعل ظاهر كذا قيل، وللتعدية نحو فرحته، وللسلب نحو جلدت البعير، أي أزلت جلده "و" الثالث: باب المفاعلة نحو "قاتل مقاتلة" الألف زائدة، وهذا البناء للمشاركة بين أمرين في أصل الفعل الذي هو مصدر فعله الثلاثي كالقتل فينسب ذلك الفعل إلى أحد الأمرين متعلقا بالآخر صريحا ويجيء عكس ذلك ضمنا، وهو نسبته إلى الأمر الآخر متعلقا بالأول، مثلا إذا قلت: قاتل زيد عمرا فإنه يدل صريحا على نسبة القتل إلى زيد متعلق بعمرو، وضمنا على نسبته إلى عمرو متعلق بزيد، وقد يجيء للتكثير نحو ضاعفت بمعنى ضعفت وبمعنى فعل أي لنسبة الفعل إلى الفاعل لا غير كقولك سافرت بمعنى نسبة السفر إلى المسافر وعافاك الله بمعنى نسبة العفو إلى الله "و" القسم الثاني ما زيد فيه حرفان وهو خمسة أبواب الأول باب التفعل "نحو تفضل تفضلا" أصله فضل فزيدت التاء في أوله وكررت العين وبناؤه لمطاوعة فعل بالتشديد نحو كسرته فتكسر ولهذا يصير لازما لمطاوعة تقتضي اللزوم ومعنى كون الفعل مطاوعا كونه دالا على معنى حصل عن تعلق فعل آخر متعد، كقولك باعدته فتباعد فقولك تباعد عبارة عن معنى حصل عن تعلق فعل متعدو وهو باعدته، أي هذا الذي قام به تباعد، وقد يتلفظ بالمطاوع وإن لم يكن معه مطاوع، كقولك: انكسر الإناء، وقد يجيء للتكلف ومعناه أن الفاعل تكلف ذلك الفعل ليحصل باستعماله كتشجع زيد؛ إذ معناه استعمل الشجاعة وكلف نفسه إياها لتحصل، وقد يجيء للعمل أي ليدل على أن أصل الفعل حصل مرة بعد مرة نحو تجرع أي شرب جرعة بعد جرعة، وقد يجيء للطلب نحو تكبر أي طلب أن يكون كبيرا، وللاتخاذ أي يجعل الفعل المفعول أصل الفعل نحو توسدت التراب، أي اتخذته وسادة وللتجنب أي ليدل على أن الفعل جانب أصل الفعل نحو تأثم أي جانب الإثم "و" الثاني باب التفاعل "نحو تضارب تضاربا" أصله ضرب فزيد في أوله تاء وبين العين والفاء ألف وبناؤه لمشاركة أمرين أو أكثر والفرق بين فاعل وتفاعل من حيث اللفظ أن وضع فاعل لنسبة الفعل إلى الفاعل متعلقا بغيره، مع أن الغير مثل ذلك ووضع تفاعل نسبة الفعل إلى أمرين مشتركين في ذلك الفعل من غير قصد إلى تعلقه بغيره، ففي الأول يرفع بالفعل ما ينسب الفعل إليه صريحا وينصب المتعلق، وفي الثاني يرفعان معا بطريق العطف مثل قاتل زيد عمر أو تضارب زيد وعمرو، لهذا جاء الأول زائدا على الثاني بمفعول أبدا، ومن حيث المعنى أن بادئ الفعل في فاعل معلوم دون تفاعل ولذلك يقال

Zوهذا باب التفاعل قدمه لمشاركته الأول في زيادة التاء في الأول "و" نحو "انصرف" انصرافا بزيادة الهمزة والنون في أوله، وهذا باب الانفعال قدمه؛ لأن الزيادتين في الأول "و" نحو "احتقر" احتقارا بزيادة الهمزة في الأول والتاء بين الفاء والعين، وهذا باب الافتعال وستعرف وجه تقديمه على باب الأفعال إن شاء الله تعالى "و" ما زيد فيه ثلاثة أحرف فأربعة أبواب نحو "استخرج" استخراجا بزيادة الهمزة والسين والتاء في الأول، وهذا باب الاستفعال قدم؛ لأن الزوائد فيه في الأول "و" نحو "اخشوشن" اخشيشانا بزيادة الهمزة في الأول والواو بين العين واللام وبحرف من جنس العين بعدا الواو بالاتفاق لانعدام سكون الأول وهو باب الافعيعال قدمه؛ لأن إحدى الزوائد من جنس الأصول "و" نحو "اجلوذ" اجلو إذا بزيادة الهمزة في الأول والواوين بين اللام العين، وهذا الباب الافعوال قدمه؛ لأن كل الزوائد فيه قبل الآخر وليلزم تأخر احمار؛ إذ له بحث "ونحوا حمار" احميرارا بزيادة الهمزة في أوله والألف بين العين واللام وحرف من جنس اللام في آخره اتفاقا؛ لأن سكون الأول هنا للإدغام بخلاف سكون فعل وتفعل فإنه للفرار عن توالي الحركات الأربع من أول الأمر، وهذا باب الافعيلال قدمه؛ لأنه في قسمه ولكونه أبلغ من احمر في المعنى "ونحو احمر" احمرارا بزيادة الهمزة في أوله وحرف من جنس اللام في الآخر أيضا، وهذا باب الافعلال، وإنما ذكره في القسم الذي زيد فيه ثلاثة أحرف مع أن الزائد فيه حرفان لمناسبة احمار في البحث والمعنى وتكرار اللام، بل هو منقوص منه ولهذا "قال أصلها" أي أصل احمار واحمر "احمرار واحمرر فأدغما" أي الحرفان المتجانسان أعني الراءين بعد سلب حركة أوليهما في تينك الصيغتين "للجنسية ويدل عليه" أي على أن أصلهما احمارر واحمرر بفك الإدغام على ما صرح به صاحب المفتاح، وهو الظاهر من كلام المصنف أيضا "ارعوى وهو ناقص من باب افعل" فإنه لو كان أصلهما احمارر واحمرر من الأصل بلا إدغام لوجب أن

_ Qضارب زيدا عمرا أم ضارب عمرو زيدا بطريق الانكار، ولا يقال ذلك في تضارب، وقد يجيء لإظهار ما ليس فيه نحو تجاهل زيد في كذا أي أظهر الجهل من نفسه وليس عليه في الحقيقة، بل هو عالم له وكذلك تمارض زيد ولمطاوعة فاعل نحو باعدته فتباعد، وبمعنى فعل نحو توانيت، أي ونيت من الونى وهو الضعف "و" الثالث باب الانفعال نحو "انصراف" أصله صرف فزيد في أوله ألف ونون وبناؤه لمطاوعة فعل نحو قطعته فانقطع فيصير لازما، وقد جاء لمطاوعة أفعل قليلا نحو أزعجته، أي أبعدته فانزعج، وهذا البناء مختص بالعلاج والتأثير يعني لا ينبني إلا من بفعال الجوارح المعلومة بالحس كالضرب والكسر فلا يقال علمته فانعلم، وقال في شرح المفصل: عدمته فانعدم ليس بجيد وذلك أنهم لما خصوه للمطاوعة خصوه بالعلاج حتى يكون معنى المطاوعة جليا واضحا "و" الرابع باب الافتعال نحو "احتقر" احتقار؛ أي صغر أصله حقر فزيدت في أوله همزة وبين الفاء والعين تاء وبناؤه للمطاوعة، وقد عرفت معناها، وقد يجيء للاتخاذ نحو اشتوى؛ أي أخذ الشواء لنفسه، وقد يجيء بمعنى التفاعل نحو اجتوروا واختصموا بمعنى تجاوروا وتخاصموا، والخامس باب الافعلال لكن أخر مثاله عن أمثلة السداسي ليجاور ما يناسبه في التكرار فسنبينه ثمة "و" القسم الثالث ما زيد فيه ثلاثة أحرف، وهو أربعة أبواب الأول الاستفعال نحو "استخرج" استخراجا أصله خرج فزيدت في أوله همزة وسين وتاء وبناؤه للطلب ومعناه طلب مصدر الفعل الثلاث الذي ينشعب وهو منه، وذلك قد يكون تخفيفا نحو استكتبته؛ أي طلبت الكتابة منه، وقد يكون تقديرا نحو استخرجت الوتد من الحائط فليس هنا طلب صريح، بل المعنى لم أزل أتلطف وأنحيل حتى خرج، وقد يجيء للتحول نحو استحجر الطين؛ أي تحول إلى الحجر، وقد يجيء بمعنى فعل بالتخفيف نحو استقر بالمكان؛ أي قربه قال أبو سعيد: ومثل هذا يحفظ ولا يقاس عليه "و" الثاني باب الافعيعال نحو "اخشوشن" اخشيشانا أصله خشن من الخشونة، وهي ضد اللين فزيدت في أوله ألف وبين العين واللام واو وشين وبناؤه للبالغة يقال: اخشوشن الشيء اشتد خشونته "اخشوشن الرجل" تعود لبس الخشن وهو لازم أبدا "و" الثالث باب الافعوال نحو "اجلوذ" اجلواذا يقال: اجلوذبهم السير اجلواذا؛ أي دام مع السرعة، وهو من سير الإبل أصله جلذ فزيدت في أوله همزة وبين العين واللام واوان وبناؤه للمبالغة قال: في شرح الهادي إن افعول للمبالغة كافعوعل نحوا خروط بهم السير؛ أي امتد واجلوذبهم السير؛ أي دام مع السرعة واعلوط؛ أي لزم قال الجوهري: وإنما لم تنقلب الواو ياء في مصدر هذا الباب كما انقلبت في اعشوشب اعشيشابا؛ لأنها مشددة "و" الرابع باب الافعيلال نحو "احمار" احميرارا أصله حمر فزيدت في أوله همزة وبين العين واللام ألف وكررت اللام والزائد هو الثاني "واحمار" احمرارا هذا هو الموعد بالبيان أصله حمر زيدت في أوله همزة وكررت اللام والزائد هو الثاني أيضا وهما مختصان بالألوان والعيوب وبناؤه للمبالغة، لكن الأول أبلغ من الثاني قال في مختار الصحاح: تقول شهب الشيء بالكسر شهبا؛ أي صار ذا بياض غالب على السواد ولو قصدت المبالغة قلت: أشهب اشهبابا وإذا قصدت زيادتها قلت: اشهاب اشهيبابا "أصلهما احمار واحمرر" بفك الادغام فيهما "فأدغمتا للجنسية" لأن الجنسية تقتضي الإدغام والتقاء الساكنين في الأول على حده وهو جائز "ويدل عليه" أي على كون الإدغام للجنسية عدم إعلال "ارعوى" يقال ارعوى عن القبيح أي كف "وهو ناقص" أي والحال أن ارعوى ناقص "من باب افعل" كاحمر

Zيقال: ارعوى؛ لأنه من بابها فلما قيل ارعوى بلا إدغام لمانع منه علم أن أصلهما احمارر واحمرر، وفائدة كون أصلهما بالفك تظهر في تقطيع الشعر إذا وقعا فيه، وهذا الدليل مخصوص باحمر وأما احمار فحكمه يعلم بالمقايسة عليه؛ لأنه منقوص احمار، وأيضا يدل عليه وجود النظائر وهي افعول وافعوعل وافعلل، يعني لو جعلنا الأصل احمارر ثم سير إلى الإدغام بترك المناسبة بينه وبين نظائره بخلاف ما لو جعلناه مدغما من الأصل، ويحتمل أن يوجه بأن يقال؛ أي على أن أصلهما احمارر واحمرر بفتح ما قبل الآخر حملا على الأخوات بدليل فتح ما قبل الآخر فيما لم يدغم لمانع نحو ارعوى ويحال معرفة حال ما قبل الآخر في المضارع على الحمل على الأخوات، فيكون قوله فأدغمتا للجنسية، وقوله: "لا يدغم لانعدام الجنسية" بيانا للواقع؛ أي لا يقع الإدغام في ارعوى لأن أصله ارعو وقدم الإعلال على الإدغام؛ لأن الإعلال قبل الإدغام فلم تبق المجانسبة؛ وإنما قلنا الإعلال قبل الإدغام؛ لأن سبب الإعلال موجب للإعلال يعني كلما وجد سبب الإعلال وجد الإعلال، وسبب الإدغام ليس بموجب الإدغام ليس بموجب الإدغام؛ يعني ليس كلما وجد سبب الإدغام وجد الإدغام، بل يجوزه ويدل عليه امتناع التصحيح في شيء من باب رضي؛ أي لا يجوز أن لا يعل كلمة من باب رضي، ويقال رضوو وقرو وطرو وغيرها مثلا على الأصل وجواز الفك في باب حيي، ولأن الإعلال فيه تخفيف بالنسبة إلى الإدغام، ولأن الإعلال قد ينظر فيه إلى حرف واحد بخلاف الإدغام فإنه ينظر فيه إلى حرفين ألبتة "و" باب "واحد" من تلك الأبواب الخمسة والثلاثين "للرباعي المجرد" ولم يضعوا له إلا بابا واحدا؛ لأنه لما كثر حروفه التزموا فيه الفتحات طلبا للخفة فلم يبق للتعدد فيه مجال؛ إذ التعدد إنما يكون باختلاف الحركات، ثم لما لم يكن في كلامهم أربع حركات متوالية سكنوا الثاني؛ إذ في إسكان غيره مانع لا يخفى "نحو دحرج" دحرجة ودحراجا "و" أبواب "ثلاثة" منها "لمنشعبة الرباعي" المجرد ولم يضعوا لها أكثر من ثلاثة أبنية طلبا للتخفيف وزادوا فيها حرفا أو حرفين دون أكثر لئلا تخرج عن الاعتدال وقدم ما زيد فيه حرفان؛ لأنه اثنان فهما غالبا "نحو احرنجم" احرنجاما بزيادة الهمزة في الأول والنون بين العين واللام الأولى، وهذا باب الافعنلال قدمه لتقدمه الزيادة فيه "و" نحو "اقشعر" اقشعرارا بزيادة الهمزة في الأول وتكرار اللام الثانية، وهذا باب الافعلال "و" ما زيد فيه حرف واحد "نحو تدحرج" تدحرجا بزيادة التاء في الأول وهذا باب التفعلل "وستة" منها "لملحق دحرج" أي

_ Qلا يدغم لانعدام الجنسية" ولو حذف قيدنا قص، وقيل: وهو باب أفعل لكفى في المفقود فافهم، وتحقيق انعدام الجنسية أن أصل ارعوى ارعووا بواوين فاجتمع فيه سبب الإدغام كما في احمرر وهو ظاهر وسبب الإعلال بقلب الواو الثانية ياء وهو وقوعها خامسة في الطرف، وبعد الإعلال الثاني لم يجز الإعلال الأول لئلا يلزم الإعلال فأعل بموجب الإعلال؛ لأن الإعلال مقدم على الإدغام فلما انقلبت الواو المتطرفة ياء لم يبق سبب الإدغام لانعدام الجنسية بين الواو والياء فلم يدغم، وإنما قلنا الإعلال مقدم؛ لأن سبب الإعلال موجب وسبب الإدغام ليس بموجب، بل مجوز يدل عليه امتناع التصحيح في باب رمى وجواز الفك في باب حيي كما سيجيء حققه الجار بردى، وما قيل إن الإعلال سابق على الإدغام؛ لأن الإعلال يجب بمجرد النظر إلى الحرف الواحد من حروف العلة بخلاف الإدغام فإنه لم يجب ما لم ينظر إليهما معا فخطأ؛ لأن الإعلال أيضا لم يجب بمجرد النظر إلى الحرف الواحد من حروف العلة وإلا لوجب إعلال وعد، بل يجب النظر إلىما قبلها فلهذا لم تختلف وجوه الإعلال كالحذف والقلب والإسكان وقد وقع في بعض ناقص وهو لفيف وهو النسخ بدل وهو جائز أيضا؛ إذ معناه لفيف بالمعنى اللغوي لا بالمعنى المصطلح، وهذا أولى من نسبته إلى السهو ولما فرغ من بيان المنشعبة للثلاثي المجرد شرع في الرباعي فقال "وواحد" أي باب واحد منها "للرباعي" المجرد اعلم أنهم جوزوا في الاسم رباعيا وخماسيا أصلين للتوسع ولم يجوزوا سداسيا لئلا يتوهم أنه كلمتان، إذ الأصل أن يكون على ثلاثة أحرف ولم يجوزوا في الفعل خماسيا لكثرة تصرفه ولأنه يتصل به الضمير المرفوع المتصل به الضمير المرفوع المتصل وتصير كالجزء منه بدليل إسكان ما قبله مثل دحرجت فالخماسي فيه كالسداسي في الاسم، وقد علمت أنه مرفوض ولم يتصرفوا كما تصرفوا في الثلاثي المجرد من فتح عينه وكسرها وضمها، بل التزموا فيه الفتحات لخفتها وثقل الرباعي، لكن لما لم يكن في كلامهم أربع حركات متوالية في كلمة واحدة سكنوا الثاني؛ لأن إسكانه أولى من إسكان الأول والرابع لامتناع الابتداء بالساكن ووجوب فتح الآخر إذا لم يتصل به الضمير المرفوع ومن إسكان الثالث أيضا؛ لأن الرابع قد يسكن لاتصال الضمير فيلزم التقاء الساكن ووجوب فتح الآخر إذا لم يتصل به الضمير المرفوع ومن إسكان الثالث أيضا؛ لأن الرابع قد يسكن لاتصال الضمير فيلزم التقاء الساكنين "نحو دحرج" يقال دحرجته بمعنى دورته والمدحرج المدور، وهذا الباب يتعدى ويلزم "وثلاثة لمنشعبة الرباعي" المجرد وهو قسمان القسم الأول ما زيد فيه حرف واحد وهو باب واحد وهو باب تفعلل "نحو تدحرج" تدحرجا أصله دحرج فزيدت في أوله تاء "و" القسم الثاني ما زيد فيه حرفان وهو بابان أحدهما باب الافعنلال نحو احرنجم احرنجاما؛ أي اجتمع أصله حرجم فزيدت في أوله همزة وبين العين واللام الأولى نون "و" ثانيهما باب الافعلال نحو "اقشعر" اقشعرارا أصله فزيدت في أوله همزة وكررت اللام والزائد هو الثاني، وهذه الأبواب الثلاثة كلها لوازم ولما فرغ من الرباعي ومنشعبته شرع في الملحق بالرباعي المجرد فقال: "وستة" أبواب منها "لملحق دحرج"

Zمزيد على الثلاثي المجرد للإلحاق بدحرج "نحو شملل" شملة بزيادة حرف من جنس اللام في آخره، وهذا باب الفعللة قدم الزائد فيه من جنس حروفه الأصول "و" نحو "حوقل" حوقلة بزيادة الواو بين الفاء والعين، وهذا باب الفوعلة قدمه لقوة الواو "و" نحو "بيطر" بيطرة بزيادة الياء بين الفاء العين، وهذا باب الفعيلة قدمه لتقدم الزائد "ونحو جهور" جهورة بزيادة الواو بين العين واللام، وهذا باب فعول قدمه لاشتراكه مع حول في نفس الزائد ومع بيطر في كونه حرف علة، وأما تقدمهما على ما تقدم عليه جهور فلتقدم الزائد فيهما "و" نحو "قلنس" قلنسة بزيادة النون بين العين واللام، وهذا باب الفعنلة قدم لتقدم الزائد "و" نحو "قلسى" قلساة بزيادة الياء في الآخر ثم القلب ألفا ولا يبطل به الإلحاق لكونه محل التغيير وهذا باب الفعلاة "وخمسة" منها مزيدة على الثلاثي المجرد وهي "لمحلق تدحرج نحو تجلبب" تجلببا بزيادة التاء في الأول وحروف من جنس اللام في الآخر، وهذا باب التفعلل "و" نحو "تجورب" تجوربا بزيادة التاء والواو، وهذا باب تفوعل "و" نحو "تشيطن" تشيطنا بزيادة التاء والياء، وهذا باب التفعيل وجوه تقديمات هذه الثلاثة كوجوه تقديمات الثلاثة الأول ملحقات دحرج "و" نحو "ترهوك" ترهو كابزدة التاء والواو، وهذا باب التفعول قدمه لاشتراكه مع سوابقه في كون الزيادة في الأول، وأما تقديم السوابق على ما تقدم عليه ترهوك فلكثرتها "و" نحو "تمسكن" تمسكنا بزيادة التاء والميم في الأول، وهذا باب التمفعل "واثنان" منهما مزيد على الثلاثي المجرد وهما "لملحق احرنجم نحو اقعنسس" اقعنساسا بزيادة الهمزة في الأول والنون بين العين واللام وحرف من جنس اللام في الآخر، وهذا باب الافعنلال قدمه لتقدم الزائد "و" نحو "اسلنقى" اسلنقاء بزيادة الهمزة في الأول والنون بين العين واللام والياء في الآخر ثم القلب ألفا ولا يبطل به الإلحاق لما مر، وهذا باب الافعنلاء وإنما قدم ملحقات دحرج على ملحقات تدحرج لتقدم دحرج على تدحرج وقدم ملحقات تدحرج على ملحق احرنجم

_ Qاعلم أن المراد بالإلحاق جعل مثال مساويا لمثال أزيد منه بزيادة حرف أو أكثر ليعامل معاملته في جميع تصرفاته، وذلك قد يكون في الفعل كما هو المراد ها هنا مثلا يجعل شمل مساويا بدحرج بزيادة حرف وهو اللام، فيصير شملل فيعامل معاملة دحرج في جميع تصرفاته من الماضي والمضارع وغيرهما، فيقال: شملل يشملل شمللة، كما يقال: دحرج يدحرج دحرجة، فالمثال الأول الملحق والثاني الملحق به، وقد يكون في الاسم مثلا يجعل قردا مساويا بجعفر بزيادة حرف وهو الدال فيصير قردد، وهو المكان الغليظ فيعامل معاملة جعفر في التصغير والتكبير وغيرهما، فيقال: قردد وقرادد وقريدد، كما يقال: جعفر وجعافر وجعيفر هذا هو حقيقة الإلحاق، فإن قلت: ما الفرق بين منشعبة الثلاثي وبين الملحق بالرباعي مع أن أصلهما ثلاثي زيد فيه حرف أو أكثر، فإن فاعل مثلا ثلاثي زيد فيه الألف وشملل ثلاثي زيد فيه اللام؟ قلت: الفرق أن زيادة الحرف المنشعبة لقصد زيادة معنى كما مرو في الملحق لقصد موافقة لفظ للفظ آخر؛ ليعامل معاملته لا لزيادة معنى، وعلى هذا سائر الملحقات، وهذه هي الستة التي هي ملحق دحرج نوع واحد، وهو ما زيد فيه حرف واحد "نحو شملل" شمللة؛ أي أسرع اللام الثانية زائدة "وحوقل" حوقلة؛ أي ضعف وهرم الواو زائدة "وبيطر" بيطرة؛ أي عمل البيطرة من البطر وهو الشق الباء زائدة "وجهور" جهورة؛ أي جهر الواو زائدة "وقلنس" قلنسة؛ أي لبس القلنسوة النون زائدة "وقلسى" قلساة؛ أي لبس القلنسوة أيضا زيدت الياء بعد اللام، ثم قلبت ألفا ولم يبطل الإلحاق به؛ لأنه في محل التغيير وأصل قلسة قلسية فقلبت الياء ألفا، ولما فرغ من ملحق دحرج شرع في ملحق تدحرج فقال "وخمسة" أبواب منها "لملحق تدحرج" وهو نوع واحد وهو ما زيد فيه حرفان "نحو تجلبب" تجلببا؛ أي لبس الجلباب؛ أي الملحقة التاء والباء الأخيرة زادتان "وتجورب" تجوربا؛ أي لبس الجورب التاء والواو زائدتان "وتشيطن" تشيطنا؛ أي فعل فعلا مكروها والتاء والياء زائدتان "وترهوك" ترهوكا؛ أي تبختر التاء والواو وزائدتان "وتمسكن" تمسكنا؛ أي أظهر الذل والحاجة التاء والميم زائدتان، وينبغي أن يعلم أن تحقق الإلحاق في تجلبب إنما هو بتكرار الباء، وأما التاء إنما دخل لمعنى المطاوعة كما كانت كذلك في تدحرج؛ لأن الإلحاق لا يكون من أول الكلمة، وفي تجورب وتشيطن وترهوك بالواو والياء لا بالتاء بعين ما ذكرنا، وأما تحقق الإلحاق في تمسكن ففيه إشكال، ولذلك قال في شرح الهادي: إنه شاذ ولما فرغ من ملحق تدحرج شرع في ملحق احرنجم فقال: "واثنان" منها "لملحق احرنجم" وهو نوع واحد وهو ما زيد فيه ثلاثة أحرف "نحو اقعنسس" اقعنساسا؛ أي تأخر ورجع إلى خلف من القعس، وهو خروج الصدر ودخول الظهر ضد الحدب زيدت في أوله همزة وبين العين واللام نون وكررت اللام والزائد هو الثاني "واسلنقى" اسلنقاء؛ أي وقع على القفا زيدت في أوله همزة وبين العين واللام نون وبعد اللام ياء فقلبت ألفا ولا يبطل الإلحاق به لما مر وقلبت الياء في مصدره همزة لوقوعها في الطرف بعد ألف زائدة، وإنما حكمنا على اقعنسس بأنه ملحق باحرنجم وعلى استخرج بأنه غير ملحق به مع أنه يوافقه في جميع تصرفاته؛ لأنا لم نعن بالإلحاق مجرد صورة حركات وسكنات بل عنينا به وقوع الفاء والعين واللام في الفرع موقعها في الأصل الملحق به، وإذ كان ثمة زيادة فلا بد من مماثلة في الملحق واستخرج بالنسبة إلى احرنجم خلاف ما ذكرناه في الأصلية والزيادة جميعا أما في الأصلية؛ فلأن الخاء

فصل في بيان أمثلة الماضي

Zفصل في بيان أمثلة الماضي: لكثرة ملحق تدحرج. ولما ذكر أن فعلا يلحق بفعل أراد بيان ما به يعرف ذلك فقال: "ومصداق" حكم "الإلحاق" والمصداق اسم آلة؛ أي آلة صدق الحكم بالحاق فعل يفعل؛ أي طريق معرفة صدق ذلك الحكم "اتحاد المصدرين"؛ أي مصدري ذينك الفعلين فكأنه آلة بين القوة العاقلة وبين صدق الحكم بالحاق؛ وإنما لم يحكم على أخرج بالإلحاق بدحرج مع اتحاد مصدريهما؛ لأنه كما يقال: دحرج دحراجا، يقال: أخرج إخراجا؛ لأن الاعتبار في دحرج بالفعللة لعمومها واطرادها في جميع صور فعلل دون الفعلال لعدم مجيئه في بعض الصور منه، فإنهم لم يقولوا في قحطب وعربد قحطابا وعربا دابل قالوا قحطبة وعربدة ولأن الشرط توافق المصادر أجمع. واعلم أن المراد بالإلحاق جعل مثال على مثال أزيد منه بزيادة حرف أو أكثر؛ أي جعله موازنا له في عدد الحروف في الحركات والسكنات، ولذلك لا يجوز الإدغام مطلقا في الملحق ولا الإعلال في غير الآخر وبجعل ذلك الحرف الزائد في المزيد فيه مقابلا للأصل في الملحق به فيعامل الملحق معاملة الملحق به في أحكامه من التصغير والتكبير وغيرهما فلا بد أن يكون الملحق مماثلا وموازنا للملحق به، ومعنى الموازنة وقوع الفاء والعين واللام في الفرع موقعها في الأصل الملحق به، وإن كان ثمة حرف زائد فلا بد من مماثلة في الملحق لا مجرد التوافق في الحركات والسكنات، ولذلك حكم على اقعنسس بأنه ملحق باحرنجم ولم يحكم على استخرج؛ لأن الاستخراج بالنسبة إلى احرنجم على خلاف ما ذكرنا في الأصلية والزيادة جميعا أما في الأصلية فلأن الخاء وهو فاء وقعت موقع النون الزائدة في الأصل، وأما في الزيادة؛ فلأن النون واقعة في الأصل بعد الفاء والعين وليس في الفرع نون في موضعها، والفرق بين الأصل والملحق به أن الملحق يجب أن يكون فيه ما زيد للإلحاق دون الملحق به، مثلا يجب في باب حوقل بزيادة الواو بين الفاء والعين دون باب دحرج وفي باب اقعنسس وتجلبب وجلبب تكرير اللام دون باب احرنجم وتدحرج ودحرج وعلى هذا القياس، ثم اعلم أن أحكام الأبواب كلها موكولة على السماع، وأن المصنف لما لم يتعرض لبيان معاني الأبواب اقتفينا أثره، وأيضا لما لم يتعلق الغرض من متعلم هذا الفن لمعاني الأمثلة لم نذكرها "فصل" أي هذا فصل "في" بيان أمثلة "الماضي" هو فعل دل وضعا على معنى وجد قبل زمان أخبارك "وهو يجيء على أربعة عشر وجها" لما يجيء وإن كان القياس يقتضي أن يكون ثمانية عشر وجها، ولم يتعرض لتعريف الماضي والمستقبل؛ لشهرة أمرهما لكونهما أصلي المشتقات من المصدر أو لإغناء اسميهما اللغويين عنه، وإنما قدم الماضي على المستقبل؛ لأنه أصل بالنسبة إليه؛ لأن الماضي مزيد عليه والمستقبل مزيد "نحو ضرب" تقول ضرب ضربا ضربوا ضربت ضربتا ضربن ضربت ضربتما ضربتم ضربت ضربتما ضربتن ضربت منتهيا "إلى ضربنا" وإنما بدأ في اطراد الأمثلة بالغائب نظرا إلى عدم الزيادة فيه، ومن بدأ بالمتكلم نظرا إلى أنه الأصل، ولما كان البحث عن أحوال أواخر بعض وجوه الماضي حركة وسكونا مبنيا على بناء الماضي إذا لم يعرف أن الأصل في آخره ما إذا لم يتصور بيان سبب العدول عن هذا الأصل في بعض وجوه تعرض لبنائه وتعرض أيضا لإعراب المستقبل، وبناء الأمر على سبيل الاستطراد تأييدا لبناء الماضي، وإلا فليس شيء منها من وظيفته فقال: "وإنما بني الماضي لفوات موجب الإعراب فيه" أي الفاعلية والمفعولية والإضافة؛ لأنه فعل والفعل لا يكون عرضة لاعتوار هذه

_ Qهو فاء وقعت موقع النون الزائدة في الأصل، وأما في الزيادة واقعة في الأصل بعد الفاء والعين وليس في الفرع نون في موقعها تدبر "ومصداق الإلحاق" أي في الفعل؛ أي ما يصدقه ويدل عليه "اتحاد المصدرين" أي اتحاد مصدر الملحق بمصدر الملحق به وزنا، مثل: دحرجة وشمللة، ووجه دلالته عليه أن اتحاد المصدرين يستلزم الاتحاد في جميع التصرفات، وليس المراد من الإلحاق إلا هذا كما مر، فإن قلت: إن أخرج قد يتحد مصدره لمصدر دحرج، فيقال: أخرج إخراجا كما يقال: دحرج دحراجا، فلِمَ لَمْ يقولوا بإلحاقه؟ قلت: إن الاعتبار إنما هو بالفعللة لإطرادها وعمومها في جميع صور فعلل، وأما الفعلان فلا اعتبار به أيضا أن زيادة الهمزة لقصد معنى التعدية لا لمساواته له في تصرفاته اللفظية، وأيضا حرف الإلحاق لا يزيد في الأول كما مر، وقيل: إن الشرط اتحاد المصدر أجمع ولما فرغ من تعداد الأبواب بأنواعها شرع في تصاريفها. فقال: "فصل في" بيان "الماضي" الفصل مصدر فصل بمعنى قطع وها هنا بمعنى الفاعل وقع خبر المبتدإ محذوف تقديره هذا فصل؛ أي فاصل، وعرفوا الماضي بأنه ما دل على زمان قبل زمانك فقولنا: دل على زمان؛ أي بمجرد صيغته ليتناول الماضي، وبقولنا: قبل زمانك؛ أي قبل زمان تلفظك به خرج منه المضارع، وإنما قلنا بمجرد صيغته ليخرج منه مثل: أمس، فإنه يدل على زمان قبل زمانك لكن لا بصيغته، بل بجوهر حروفه، وإنما قدم الفعل على الاسم لكثرة تصرفات الفعل بالنسبة إلى الاسم، وقدم الماضي منه؛ لأنه مجرد عن الزوائد، ولأنه يدل على الزمان الماضي، ولهذا سمى بالماضي "وهو يجيء على أربعة عشر وجها نحو ضرب إلى ضربنا" أي ضرب ضربا ضربوا ضربت ضربتا ضربن ضربت ضربتما ضربتم ضربت ضربتما ضربتن ضربتن ضربت ضربنا، والقياس ثمانية عشر وجها ستة في الغيبة وستة في الخطاب وستة في التكلم، لكنه اكتفى بلفظين لعدم الالتباس فبقي أربعة عشر وجها كما سيجيء "وإنما بني الماضي لفوات موجب الإعراب فيه" وهو توارد المعاني المختلفة

Zالمعاني عليه "وبنى على الحركة" مع أن الأصل في البناء السكون؛ لأنه ضد الإعراب كما أن الحركة ضد السكون والأصل في الإعراب الحركة لتدل كل حركة على معنى من المعاني الموجبة للإعراب فأعطى السكون للبناء تحقيقا للتضاد بينهما "لمشابهته بالاسم" في الجملة يعني "في وقوعه صفة للنكرة" وهي ما وضع لشيء لا بعينه كرجل "نحو مررت برجل ضرب أو" مررت برجل "ضارب" قدم ضرب للاهتمام بوقوعه صفة للنكرة وإن كان الأصل فيه الاسم "وبنى على الفتح لأنه" أي الفتح "أخو السكون؛ لأن الفتحة جزء الألف" لما تقرر من أن الألف مركب من الفتحتين "والألف أخو السكون" يعني أن بين الفتح والسكون مناسبة وبين الألف والسكون مناسبة أيضا؛ لأن الألف ملزوم السكون؛ لأنه ساكن أبدا فيكون بين الفتح والسكون مناسبة وحيث تعذر السكون صير إلى ما يناسبه من الحركات عملا بالأصل بقدر الإمكان، ولا يرد على هذا نحو ضربوا وضربن ودعا؛ لأن أحكامها مذكورة بعد هذا، وقوله: "ولم يعرب الماضي" إشارة إلى سؤال وهو أن المستقبل أعرب مع فوات موجب الإعراب فيه، ولم يعرب الماضي، ولو كان سبب بناء الفعل انتفاء موجب الإعراب فيه لوجب أن لا يعرب المستقبل لانتفائه فيه أيضا وأجاب بقوله: "لأن اسم الفاعل لم يأخذ منه" أي من الماضي "العمل" أي لم يعمل إذا كان بمعناه؛ لأن عمله مشروط بكونه بمعنى الحال أو الاستقبال بدليل الاستقراء وحكمه أن اسم الفاعل يشبه المستقبل صورة ومعنى لموافقته له في ذلك، وإذا كان بمعنى الماضي لم يكن موافقا للمضارع في المعنى ولا للماضي في اللفظ يعني لا يكون موافقا في المعنى لما كان موافقا له في اللفظ، ولا يكون موافقا في اللفظ لما كان موافقا له في المعنى فسقطت قوة المشابهة وضعفت في كلا الجانبين حاله فلم يعمل، ولما لم يأخذ منه العمل لم يعطه الإعراب "بخلاف المستقبل" فإنه أعرب وإن كان موجب الإعراب فائتا فيه "لأن اسم الفعل أخذ منه العمل" أي يعمل إذا كان بمعناه "فأعطى" اسم الفاعل "الإعراب له" أي للمستقبل واللام في له زائدة "عوضا" أي لأجل العوض عما أخذ "منه" وهو العمل أو من جهة العوض "أو" تقول بنى الماضي وأعرب المستقبل مع فوات موجب الإعراب فيهما "لكثرة مشابهته له" ولما فهم من ظاهر كلامه أن المقصود الأصلي بيان سبب إعراب المضارع وأن بيان سبب بناء الماضي استطراد مع أن الحال على العكس كما أشرنا إليه فسر كلامه متدرجا في التنزل في شأن المشابهة فقال "يعني يعرب المضارع" وإن كان موجب الإعراب فائتا فيه "لكثرة مشابهته اسم الفاعل" حيث يشابهه في الحركات والسكنات ووقوعه صفة لنكرة وخبرا للمبتدأ ودخول لام اسم الفاعل مع فوات موجب الإعراب فيه نظرا إلى إعراب المضارع لمشابهته الكثيرة باسم الفاعل، وقوله لقلة باعتبار

_ Qعليه من الفاعلية والمفعولية والإضافية فإن الفعل لا يقع فاعلا ولا مفعولا ولا مضافا إليه كما بين في النحو، وبهذا الدليل حكموا بأن الأصل في الأفعال كلها البناء، وأصل البناء السكون، وإنما أعرب منها ما أعرب كالمضارع لعارض وهو المشابهة التامة للمعرب كما بينه المصنف، هذا هو المراد في هذا المقام وبعض الشارحين قالوا المراد بموجب الإعراب المشابهة التامة لا الفاعلية والمفعولية والإضافة وإلا يلزم أن يكون المضارع مبنيا أيضا لقصور نظرهم عن إحاطة المراد فتدبر "وبني على الحركة" مع أن الأصل في البناء السكون لأنه ضد الإعراب وأصله الحركة وضد الحركة السكون "لمشابهته بالاسم" أي اسم الفاعل "في وقوعه" موقعه في كونه "صفة للنكرة" يعني كما أن اسم الفاعل يقع صفة للنكرة يقع الماضي أيضا صفة لها "نحو مررت برجل ضرب أو ضارب" وقيل: بني الماضي على الحركة لوقوعه موقع المضارع، وهذا الكلام مبني على أن المضارع معرب بالأصالة لا بالمشابهة، كما هو مذهب الكوفيين وستطلع عليه، نحو: مررت برجل ضرب ويضرب "وعلى الفتح" إذا كان مع غير الضمير المتحرك وغير الواو؛ لأنه مع الأول ساكن ومع الثاني مضموم كما يجيء "لأنه" أي الفتح "أخو السكون" أي لا يفارقه، بل يقارنه ويلازمه ذلك "لأن الفتحة جزء الألف" وهو ساكن أبدا وجزء الساكن ساكن، وقيل إنما خص بالفتح لثقل الفعل لفظا؛ إذ لا تجد فعلا ثلاثيا ساكن الأوسط بالأصالة، ومعنى لدلالته على المصدر والزمان ولطلبه المرفوع دائما والمنصوب كثيرا، ولما توجه أن يقال: إن الفعل إذا شابه الاسم المعرب يكون معربا كما في المضارع وأنتم قلتم: إن الماضي يشبه اسم الفاعل وهو معرب، فلِمَ لَمْ يعرب؟ أجاب عنه بقوله: "ولم يعرب لأن اسم الفاعل لم يأخذ منه العمل" يعني أن مجرد المشابهة لا يكفي في كون الفعل معربا، بل لا بد فيه من شرط آخر وذلك الشرط إما أن يأخذ الاسم المعرب الذي شابه الفعل العمل منه، وإما أن تكون تلك المشابهة تامة فإن كان الشرط الأمر الأول لم يعرب الماضي لانتفائه فيه "بخلاف المستقبل؛ لأن اسم الفاعل أخذ منه العمل" فوجد هذا الشرط فيه "فأعطي الإعراب له عوضا عن العمل" الذي أخذ هو منه وإن كان الشرط الثاني لم يعرب الماضي أيضا لانتفائه فيه بخلاف المستقبل وإليه أشار بقوله: "ولكثرة" وجوه "مشابهته له" أي للاسم من حيث اللفظ والمعنى كما سيجيء في بابه، ولما كان هذا كلاما إجماليا فصله وفسره بقوله: "يعني يعرب المضارع لكثرة مشابهته للاسم" مع قطع النظر عن أخذه العمل منه "وبني الماضي" على الحركة "لقلة مشابهته له" لأنها من جهة وقوعه صفة للنكرة فقط فينتفي الشرط فلم يعرب، بل على بني الحركة قال الفاضل الرضي: المضارع لما شابهه بالمشابهة التامة استحق الإعراب، والماضي لمشابهته الناقصة استحق البناء على

Zإضافته إلى المشابهة نظر إلى البناء، وقوله: مشابهته لا من حيث إنه مضاف إليه لقلة نظرا إلى البناء على الحركة فتدبر "وبنى الأمر" بالصيغة فإنه المتبادر عند الإطلاق "على السكون لعدم" بقاء "مشابهته له" بوجه ما بحذف حرف المضارعة "وزيدت الألف" في آخر الماضي للتثنية مطلقا نحو ضربا وضربتا وضربتما "و" زيدت "الواو" في آخر الجمع المذكر الغائب "و" زيدت "النون" في آخر الجمع المؤنث الغائبة والمخاطبة "حتى يدللن" أي الحروف المذكورة "على هما وهمو وهن" أي يدل الألف على هما والواو على همو والنون على هن. واعلم أن أولى الحروف بالزيادة حروف المد لخفتها، ولذلك كثر دورها وخص الألف بالمثنى والواو بالجمع؛ لأن الألف قبل الواو؛ لأنها من أول المخارج أعني الحلق والواو من آخرها؛ أعني الشفة، كما أن المثنى قبل الجمع فاختير الأول للأول والآخر للآخر، ولأن المثنى أكثر استعمالا من الجمع فاختير له ما هو أخف؛ أعني الألف فتعين الواو للجمع؛ إذ لا يمكن زيادة الياء له صونا للفعل عن أخي الجر الذي هو الياء، ولما لم يبق من حروف المد شيء يمكن زيادته زادوا لجمع المؤنث النون التي هي شبيهة بحروف المد في اللين والمد والخفاء ولذلك؛ أي ولأن في حروف المد خفاء يمكن مدها إذا لقبت بعدها همزة مخافة أن لا يظهر في جنب شدة الهمزة لا أنهم لما قالوا: إن الفاعل في زيد ضرب هو لضيق العبارة عليهم كما سيجيء تحقيقه إن شاء الله تعالى، فكأنهم قالوا: إن الفاعل في زيد ضرب هو هو لضيق العبارة عليهم كما سيجيء تحقيقه إن شاء الله تعالى، فكأنهم قالوا: إن الفاعل في زيدان ضربا هو هما، وفي زيدون ضربوا هو همو، وفي الهندات ضربن هو هن، فبنى المصنف الكلام على هذا، فقال: زيدت الألف في ضربا ليدل على أن تحته هما، وزيدت الواو في ضربوا ليدل على أن تحته همو، وزيدت النون في ضربن ليدل على أن تحته هن، ويدل على ما ذكرنا قوله فيما سيأتي وخصت الميم في ضربتما؛ لأن تحته أنتما مضمر مع أن فاعل ضربتما بارز لا مستكن "وضم الباء في" مثل "ضربوا" وإن كان مقتضى القياس المذكور أن يفتح "لأجل الواو" لأن الضمة جنس الواو والجنس إلى الجنس أنسب "بخلاف رموا" أي لم يضم ما قبل الواو "لأن الميم ليست ما قبلها" حقيقة وإن كانت ما قبلها صورة؛ لأن أصله رميوا فما قبله مضموم تقديرا "وضم" ما قبل الواو "في رضوا وإن لم يكن الضاد ما قبلها"

_ Qالحركة "وبنى الأمر" بغير اللام "على السكون" كما هو الأصل في البناء "لعدم مشابهته للاسم" بوجه من الوجوه فبالحرى أن يبقى على أصل البناء، هذا هو الحق فلا يلتفت إلى ما قيل: إن قوله ولم يعرب شروع في الدليل الثاني على بناء الماضي فافهم. اعلم أن إعراب المضارع للمشابهة إنما هو عند البصريين، وأما عند الكوفيين فبالأصالة لا بالمشابهة فاختار المصنف مذهب البصريين كما اختاره في الاشتقاق، قال الفاضل الرضي: المضارع معرب للمشابهة عند البصريين لا لأجل توارد المعاني المختلفة عليه كما في الاسم، وقال الكوفيون: أعرب المضارع بالأصالة لا للمشابهة؛ وذلك لأنه قد يتوارد أيضا المعاني المختلفة عليه بسبب اشتراك الحروف الداخلة عليه فيحتاج إلى إعرابه ليتبين ذلك الحرف المشترك، فتعين المضارع تبعا لتعينه وذلك كقولك: لا يضرب فإن رفعه دليل على كون للنفي، وجزمه دليل على كونها للنهي، قوله: "زيدت الألف والواو والنون في آخره" شروع في كيفية استعمال الماضي يعني زيدت الألف في آخر ضرب مثلا إذا قصدت التثنية مذكرا كان أو مؤنثا فصار ضربا وضربتا، والواو إذا قصد الجمع للمذكر فصار ضربوا، والنون إذا قصد الجمع للمؤنث فصار ضربن "حتى يدللن على هما وهمو وهن" يعني يدل الألف على هما والواو على همو والنون على هن، ففي الكلام لف ونشر على الترتيب، فإن قلت: إن كل واحد من الحروف المذكورة ضمير بارز وفاعل للفعل كما سيجيء فإذا كان هما وهمو وهن فاعلا لذلك الفعل أيضا، كما يدل عليه ظاهر العبارة يلزم أن يكون لفعل واحد فاعلان وهو غير جائز، قلت: معنى قوله: حتى يدللن على هما وهمو إلخ، يدل عليه هما وهمو وهن من التثنية والجمع فلا محذور، لكن تسامح بناء على ظهور المراد قال صاحب النجاح: وإنما اختصت هذه الحروف بالزيادة؛ لأن الأصل أن يزاد في الفعل حروف اللين؛ لأن في الزيادة ثقلا وهي أخف الحروف لاعتياد الألسنة لها واستئناس السامع بها لكثرة دورها في الكلام فخصت الألف للتثنية والواو للجمع؛ لأن الألف من أول المخارج والواو من آخرها، والاثنان قبل الجماعة فاختص المقدم بالمقدم والمؤخر بالمؤخر، واخترزوا عن زيادة الياء في جمع النساء؛ لئلا يلزم دخول الكسرة التي هي أخت الجر على الفعل؛ لأن الياء الساكنة تستدعي كثرة ما قبلها فزادوا فيه حرفا شبيها بحروف المد واللين من حيث الخفاء واللين، وهي النون وحركوها لما فيها من قوة الاسمية "وضم الياء في ضربوا" أي وضم ما قبل الواو في مثل ضربوا مع أن الأصل في الماضي البناء على الفتح "لأجل الواو" أي ليكون الواو التي هي مدة محفوظة على مدتها بسبب مجانسة حركة ما قبلها لها "بخلاف رموا" أي الحال بخلاف ذلك في رموا؛ فإن ما قبل الواو وفيه مفتوح لا مضموم "لأن الميم فيه" وإن كانت ما قبلها صور لكنها "ليست بما قبلها" حقيقة؛ لأن أصله رميوا بضم الياء فقلبت ألفا فالتقى الساكنان فحذفت الألف؛ لأن الواو علامة الفاعل فبقي رموا، وكذا الحال في كل ناقص عين ماضيه مفتوح فافهم، ولما توجه أن يقال: إن الضاد في رضوا ليست بما قبل الواو حقيقة فلِمَ ضمت؟ أجاب عنه بقوله: "وضم" ما قبل الواو والذي هو الضاد صورة "في رضوا وإن لم تكن" تلك "الضاد ما قبلها" حقيقة؛ لأن أصله رضيوا بكسر الضاد وضم الباء

Zحقيقة كالميم في رموا "لئلا يلزم الخروج من الكسرة التحقيقية إلى الضمة التقديرية" أعني الواو وهو صعب؛ لأنه صعود؛ أي يلزم الخروج من الكسرة إلى الضمة على تقدير عدم ضم الضاد؛ لأن أصله رضيوا فبعد إسكان الياء لثقل الضمة عليها وحذفها لالتقاء الساكنين يلزم ذلك الخروج فضمت الضاد لئلا يلزم ذلك الخروج، لا لأنها ما قبل الواو حقيقة، واختير الضمة للمناسبة وإن كان ذلك الخروج يندفع بالفتحة بخلاف رموا فلأن الفتحة فيه أصلية "وكتب الألف" بعد واو الجمع "في مثل ضربوا" أي فيما لم يتصل به الضمير، وأما إذا اتصل به الضمير فلا يكتب لعدم الالتباس حينئذ "للفرق بين واو الجمع وواو العطف في مثل حضر وتكلم زيد" ولولا قاعدة كتابة الألف بعد واو الجمع لم يعلم أنه حضر وتكلم زيد بضم الراء وسكون الواو ومده والواو للجمع أو حضر وتكلم زيد بفتح الراء وفتح الواو والواو للعطف وكتبت فيما لا يلتبس نحو ضربوا إذ واو العطف لا يتصل لاطراد الباب، ومنهم من يحذف الألف ويلتزم الالتباس لندوره ولزواله بالقرائن "وقيل" كتبت الألف بعدها "للفرق بين واو الجمع و" بين "وواو الواحد في مثل لم يدعوا ولم يدعو" على لغة من لا يسقط الجازم عنده حرف العلة وكتبت في غيره طردا للباب وجاء على هذا قول الشاعر: هجوت زبان ثم جئت معتذرا ... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع حيث أثبت الواو في لم تهجو هجوت وجئت بفتح التاء على الخطاب، وزبان اسم رجل، ومعتذرا حال من ضمير جئت، لم تهجو؛ أي كأنك لم تهج حيث اعتذرت منه، ولم تدع؛ أي لم تترك الهجو؛ إذ قد هجوته في الواقع "جعلت التاء علامة للمؤنث في مثل ضربت" فرقا بين المذكر والمؤنث كما جعلت علامة له في ضاربة إلا أنهم خصوا المتحركة بالاسم والساكنة بالفعل تعاد لا بينهما إذ الفعل أثقل بحسب المعنى كما عرفت "لأن التاء من المخرج الثاني" من المخارج الكلية وهو الوسط "والمؤنث أيضا" أي كالتاء "ثان في التخليق" مصدر

_ Qفاستثقلت الضمة عليها فأسكنت فحذفت لالتقاء الساكنين فبقي رضوا بكسر الضاد ثم ضمت "لئلا يلزم الخروج من الكسرة" الحقيقية "إلى الضمة" التقديرية ولم تفتح لتناسب الواو، ولتدل على الضمة المحذوفة للياء "وكتبت الألف بعد واو الجمع في" مثل "ضربوا" ولم يضربوا إلا في مثل ضربوه ولم يضربوه لعدم الالتباس؛ إذ واو العطف لا يدخل على الضمير المتصل فيعلم أنها واو الجمع "للفرق بين واو الجمع وواو العطف في مثل حضر وتكلم زيد" وفي مثل لم يحضر ويتكلم زيد؛ يعني إذا لم يكتب الألف بعد الواو ولم يعلم أن حضر مفرد عطف عليه تكلم أو جمع لم يعطف عليه تكلم زيد؛ لأن واو العطف لا تتصل بما قبلها إلا أنهم حملوهما عليهما طردا للباب. فإن قلت: لِمَ لَمْ يحملوا مثل ضربوه ولم يضربوه عليهما أيضا طردا للباب مع أنهما من هذا الباب؟ قلت: لأنه يلزم إدخال الفاصل بين الضمير المتصل وبين ما يتصل به من غير ضرورة، وهو غير جائز هذا هو المراد لكن في عبارته نوع قصور لعدم تناوله للمضارع "وقيل" كتبت الألف بعد واو الجمع "للفرق بين واو الجمع وواو الواحد في مثل لم يدعوا" إذا كان جمعا "ولم يدعو" إذا كان واحدا على لغة من قال: إن الجازم لا يسقط الحروف في الناقص بل يسقط الحركة فقط كما في الصحيح وعليه قول الشاعر: هجوت زبان ثم جئت معتذرا ... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع بإثبات الواو في تهجوه مع أنه واحد يعني إذا قيل: لم يدعو بغير ألف لم يعلم أنه جمع حذف نونه للجزم أو مفرد لم يحذف واوه على هذه اللغة، بل أسقطت حركته فإذا كتبت الألف زال الالتباس، فإن قلت: إن الواو في يدعو ساكن قبل دخول الازم عليه فكيف يمكن إسقاط الحركة منه على هذه اللغة؟ قلت: قال ابن جني إنه قدر أن يكون في الرفع هو يدعو ويهجو بإثبات الضمة على الواو، كما تقول: هو يضرب فجاء الجازم وأسقط الحركة وبقيت الواو ساكنا، وقال ابن الحاجب: وأما قول قيس بن زهير: ألم يأتيك والأنباء تنمي ... بما لاقت لبون بني زياد بإثبات الياء مع الجازم فيه وجهان: أحدهما أن الياء إشباع كأن الكسرة أشبعت فنشأت عنها الياء، والآخر أنه أجرى الفعل المعتل مجرى الصحيح كأنه قال: هو يأتيك بضم الياء، كما يقول: هو يضربك؛ لأنه من لغة تحريك الياء في الرفع وإسكاته في الجزم حملا للمعتل على الصحيح، وأنت تعلم أن هذا الدليل لا يدل على كتابة الألف بعد الواو في مثل ضربوا؛ أي في الماضي مطلقا، ولا في مثل لم يضربوا؛ أي في المضارع الصحيح، ولا في مثل لم يرموا؛ أي في الناقص اليائي لعدم جريانه فيها اللهم إلا أن يحمل على الإطراد، لكن ضعفه ظاهر ولهذا عبر المصنف عن هذا الدليل بقوله: قيل "جعلت التاء علامة للمؤنث في مثل ضربت" دون سائر الحروف "لأن التاء من المخرج الثاني" وهو الوسط "والمؤنث أيضا" أي كالتاء "ثان في التخليق" لما روي "إن الله تعالى خلق آدم عليه السلام أولا من طين ثم خلق حواء رضي الله عنها من ضلعه الأيسر" فبهذه المناسبة جعلت علامة له ليحصل الفرق بين فعل المذكر والمؤنث نحو: ضرب وضربت، كما جعلت علامة له في الاسم نحو: قائم وقائمة ولم يعكس الأمر كما لا يعكس في الاسم؛ لأن المجرد أصل وذو الزيادة فرع، وكذا المذكر أصل والمؤنث فرع، فعين الأصل للأصل والفرع والفرع للفرع وأسكنت

Zمن المبني للمفعول؛ أي المخلوقية؛ لأن الله خلق آدم أولا ثم خلق حواء على نبينا وعليهما الصلاة والسلام من ضلع من أضلاعه، كما قال الله تعالى: {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} فناسب التاء المؤنث، ولو جعل زيادة العلامة للمذكر يحصل الفرق أيضا إلا أنهم راعوا مناسبة الفرعية بين الزيادة والمؤنث "وهذه التاء" التي في ضربت "ليست بضمير كما سيجيء" في آخر بحث المضمرات "وأسكنت الباء" أي اللام "في مثل ضربن" بفتح النون "وضربت" بحركات التاء؛ أي إذا اتصل بالفعل ضمير مرفوع متحرك في الثلاثي المجرد وإنما أورد مثالين إشارة إلى أن حركة ذلك الضمير قد تكون للضرورة، نحو: ضربت لما يجيء إن شاء الله تعالى، وقد تكون للتبعية، نحو: ضربن فإنه لا ضرورة في تحريكه؛ إذ لو قيل: ضربن بسكون النون وفتح الباء على الأصل لصح إلا أنهم حركوها طردا على مثل ضربت مع قابليتها للحركة من غير ضعف، واختاروا الفتح لخفتها وإنما أسكنت لام الكلمة في مثل ما ذكر ولم تترك على حركتها "حتى لا يجتمع أربع حركات متواليات" فإنه مستهجن "فيما هو كالكلمة الواحدة" نحو ضربت، فإن التاء فيه كلمة على حدة؛ لأنه ضمير فاعل للفعل إلا أن الفاعل من الفعل بمنزلة الجزء خصوصا إذا كان ضميرا متصلا لشدة اتصاله به لفظا ومعنى، فلو لم يسكن الباء، بل أبقى على الحركة لزم ذلك الاجتماع وأسكن اللام في الرباعي أيضا نحو دحرجت وإن لم يلزم ذلك الاجتماع على تقدير بقائها على الحركة طردا للباب "ومن ثمة" أي ومن أجل أن مثل ضربن كالكلمة الواحدة "لا يجوز العطف على ضميره" أي على ضمير مثل: ضربن أي على الضمير المرفوع المتصل "بغير التوكيد" أي بغير تأكيد ذلك الضمير بمضمر منفصل لئلا يلزم عطف الاسم على جزء الفعل "لا يقال ضربت وزيد" بغير التأكيد "بل يقال: ضربت أنا وزيد" بتأكيد التاء بأنا لأن العطف كأنه على المنفصل، ولما اشترك التأكيد والفصل بغيره في أن العطف فيهما على غير الضمير المذكور صورة اكتفى المصنف بذكر التأكيد، وإنما خصه بالذكر ولم يقل بغير الفصل مع أنه أشمل؛ لأن التأكيد فصل أيضا إشعارا بأن التأكيد هو الأصل في جواز العطف؛ إذ بذلك يظهر أن ذلك المتصل منفصل من حيث الحقيقة بدليل جواز إفراده مما اتصل بتأكيده فيحصل له نوع الاستقلال، ولذلك قال ابن الحاجبي: إلا أن يقع فصل فيجوز تركه ولا يحصل بالفصل نوع استقلاله؛ إذ لا يظهر بذلك أن ذلك المتصل منفصل من حيث الحقيقة وإنما يجوز ترك التأكيد مع الفصل؛ لأن طول الكلام يغني عما هو الواجب فيحذف طلبا للاختصار، نحو قولك: حضر القاضي امرأة والحافظ عورة العشيرة بالنصب، ولذلك لم يذكر الزمخشري في جواز العطف عليه الفصل "بخلاف ضربتا" أي لم يلزم فيه بعدم إسكان التاء وإبقائها على الحركة ذلك الاجتماع المحظور

_ Qفي الفعل فرقا بينه وبين ما كان في الاسم، ولم يعكس لثقل الفعل وخفة الاسم "وهذه التاء" التي جعلت علامة للمؤنث في ضربت "ليست بضمير" كما كانت الألف والواو والنون فيما مر، بل هي حرف جيء به للفرق بين المذكر والمؤنث، قيل: ولهذا أسكنت؛ لأن الأصل في الحروف البناء والأصل في البناء السكون "كما يجيء" عدم كونه ضميرا مع دليله في آخر بحث الضمائر "وأسكنت الباء" مع أن الأصل البناء على الفتح "في مثل ضربت وضربن" أي عند إلحاق الضمائر المتحركة للماضي وهي تسعة أوجه: ضربن ضربت ضربتما ضربتم ضربت ضربتما ضربتن ضربت ضربنا "حتى لا يجتمع أربع حركات متواليات فيما هو كالكلمة الواحدة" يعني كما لا يجوز أن يجتمع أربع حركات متواليات في كلمة واحدة فعلا كان أو اسما لثقلها على اللسان كذلك لا يجوز فيما هو بمنزلة كلمة واحدة لتلك العلة أيضا، والفعل مع ضمير الفاعل كذلك؛ لأنه متصل بالفعل لفظا ومعنى وحكما فيصير كالجزء أما لفظا فظاهر، وأما معنى فمن حيث إنه فاعل والفاعل كالجزء من الفعل لشدة احتياج الفعل إليه، وأما حكما فبدليل وقوعه بين الكلمة المعربة وبين ما قام مقام حركتها الإعرابية من الحروف وهو النون في يفعلان ويفعلون وتفعلين "ومن ثم" بالفتح والتشديد، وقد يكتب بالهاء فرقا بينه وبين ثم العاطفة ولم يعكس؛ لأن العاطفة مضمومة وأكثر استعمالا فالخفة فيها بترك الهاء أولى؛ أي ومن أجل أن الفعل مع تلك الضمائر كالكلمة الواحدة "لا يجوز العطف على ضميره" أي ضمير مثل ضربن ضربت "بغير التأكيد" أي بمنفصل مرفوع آخر فيقال ضربن هن وزيد وضربت أنت وزيدا "لايقال ضربت وزيد" يعني كما لا يجوز العطف على بعض حروف الكلمة، كذلك لا يجوز على ما هو بمنزلتها من غير تأكيد بمنفصل؛ لأنه لو أكده يظهر بذلك أن ذلك المتصل منفصل من حيث الحقيقة بدليل جواز إفراده مما اتصل به بتأكيده فيحصل له نوع استقلال، ولا يظن أن يكون هذا العطف على هذا التأكيد؛ لأن المعطوف في حكم المعطوف عليه فكان يلزم أن يكون هذا المعطوف أيضا تأكيدا للمتصل وهو محال، كذا حققه الرضي فظهر بطلان ما ذهب إليه الشارحون من أنه لو عطف عليه بلا تأكيد يلزم عطف الاسم على الفعل وهو غير جائز "بخلاف ضربتا" أي الحال في ضربتا بخلاف ما ذكرنا في مثل ضربن من إسكان الباء فرارا عن اجتماع حركات متواليات، وإن وجد فيه ذلك الاجتماع صورة

Z"لأن التاء فيه" في حكم الساكن لأن حركته "في حكم السكون" لأنها كانت ساكنة فحركت لألف التثنية فحركتها عارضة والعارض كالمعدوم فتكون في حكم السكون فلم يلزم ذلك المحذور "ومن ثمة" أي ومن أجل أن حركة التاء في ضربتا في حكم السكون "تسقط الألف" في كل اللغات "في مثل رمتا أصله رميتا قلبت الباء ألفا ثم حذف لسكونها وسكون التاء "لكون الحركة فيه عارضة" بسبب ألف التثنية كما مر ولا اعتبار للعارض إلا في الضرورة، وكذلك اعتبر حركة التاء في رمتا؛ إذ لا يجوز حذف أحد الساكنين، أما التاء؛ فلأنه علامة التأنيث، وأما الألف؛ فلأنه علامة التثنية فاعتبر صورة الحركة ضرورة "إلا في لغة ردية" أصله رديئة قلبت الهمزة ياء وأدغمت مثل خطية من ردؤ بالضم ضد جاد من الجيد فإن الألف لا تسقط فيها "إذ يقول أهلها رماتا" بإثبات الألف نظرا إلى الحركة الصورية "وبخلاف" مثل "ضربك" أي لم يلزم فيه على تقدير عدم إسكان الباء وإبقائها على الحركة ذلك لاجتماع المستهجن "لأنه" أي مثل ضربك "ليس كالكلمة الواحدة" واستهجان ذلك الاجتماع إنما هو فيما هو كالكلمة الواحدة، وإنما قلنا إنه ليس كالكلمة الواحدة "لأن ضميره" أي كاف الخطاب في ضربك ليس ضمير فاعل، بل "هو ضمير منصوب" والضمير المنصوب ليس كالجزء من الفعل، لأنه مفعول والمفعول فضلة في الكلام يتم الكلام بدونه بخلاف الفاعل "وبخلاف هدبد" وهو اللبن الغليظ "وعلبط" وهو قطيع من الغنم؛ أي لم يلزم من عدم إسكان أحد حروفهما وإبقائهما على الحركة ذلك الاجتماع الممنوع "لأن أصلهما هدابد وعلابط" بالألف "ثم قصرا" أي حذف الألف منهما للتخفيف والتوسعة في الكلام يعني أن ذلك الاجتماع وإن كان ثابتا في الصورة إلا أنه منتف في التقدير فكأنه لم يكن ثابتا وللقصر نظير "كما في مخبط أصله مخياط" بالألف قصر للتخفيف والتوسعة والمقصور القصيرة من الإبرة وخلافه خلافها "وحذفت التاء في ضربن" أصله ضربتن، فلما حذفت التاء أسكنت الباء لما مر "حتى لا يجتمع علامتا التأنيث" إحداهما التاء والأخرى النون فإن النون وإن كان ضميرا إلا أنه ضمير جمع المؤنث "كما حذف التاء في مسلمات" أصله مسلمتان حذفت التاء الأولى لئلا يجتمع علامتا التأنيث من جنس واحد وخصت الأولى بالحذف فيهما؛ لأن في الثانية زيادة معنى وهي الدلالة على الجمعية، فكان حذف الأولى أولى وإنما حذفت في ضربن "وإن لم تكونا" أي العلامتان فيه

_ Q"لأن التاء فيه في حكم السكون" أي الساكن فلا يلزم اجتماع الحركات حكما "ومن ثمة" أي ومن أجل أن التاء في حكم السكون "سقط الألف" المنقلبة من الياء "في رمتا" أصله رميتا قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار رماتا "لكون الحركة" أي حركة التاء "عارضة فيه" لأن هذه التاء هي تاء رمت، وقد عرفت أنها ساكنة فإذا اتصل به ضمير التثنية وهي الألف الساكنة حركت تلك التاء لأجل ذلك الألف؛ إذ إلحاق الساكن بالساكن محال فيكون حرمتها عارضة والعارض المعدوم. فإن قلت: فعلى هذا يلزم التقاء الساكنين أيضا وهما التاء وألف الضمير، قلت: لحركة التاء اعتبار أن اعتبار عدمها حكما واعتبار وجودها لفظا، فاعتبر عدمها مع ما قبلها لعدم الاحتياج إليها؛ إذ يجوز حذف ما قبلها، واعتبر وجودها مع ما بعدها للاحتياج إليها لامتناع حذف إحداهما؛ إذ التاء علامة والألف فاعل "إلا في لغة ردية" أي غير فصيحة فعية من ردأ بمعنى فسد قلبت همزته ياء فأدغمت كما في خطية "يقول أهلها رماتا" بإثبات الألف اعتبارا بوجود الحرمة في التاء لفظا ولا يعتبر هذا؛ لأن كلامنا في كلام البلغاء لا في المولدين "بخلاف مثل ضربك" أي لم يلزم فيه على تقدير عدم إسكان الباء وإبقائها على الحركة ذلك الاجتماع المستهجن "لأنه" أي في مثل ضربك "ليس كالكلمة الواحدة" واستهجان ذلك الاجتماع لا يكون إلا فيما هو كالكلمة الواحدة وإنما قلنا إنه ليس كالكلمة الواحدة "لأن ضميره" أي الكاف في ضربك ليس ضمير فاعل، بل هو "ضمير منصوب" هذا دليل على عدم استقباح ذلك الاجتماع في مثل ضربك؛ لأن الضمير المنصوب ليس كالجزء من الفعل لعدم شدة اتصاله به؛ لأنه مفعول والمفعول فضلة في الكلام يتم الكلام بدونه بخلاف الفاعل "وبخلاف هدبد" وهو اللبن الغليظ "وعلبط" أصلهما هدابد وعلابط "ثم قصرا" للتخفيف بحذف ألفه تخفيفا وتوسعة كما قصر "في محيط أصله مخياط" المخيط بالقصر الإبرة القصيرة وبالمد الإبرة الكبيرة "قاعدة" إذا اجتمع علامتا التأنيث في كلمة فإن كانتا من جنس واحد تحذف إحداهما سواء كانتا في فعل أو في اسم، وإن كانتا من جنسين تحذف إحداهما أيضا إذا كانتا في فعل ولم تحذف إذ كانتا في اسم لثقل الفعل وخفة الاسم، قوله: "وحذفت التاء في ضربن" جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال إذا جعلت التاء علامة للمؤنث فلم حذفت في ضربن فأجاب عنه به يعني حذفت التاء في ضربن "حتى لا يجتمع علامتا التأنيث" من جنسين في الفعل فإن أصل ضربن ضربتن بسكون التاء فاجتمع علامتا التأنيث إحداهما التاء والأخرى النون فهي وإن كانت ضمير الفاعل لكنها تفيد التأنيث أيضا فحذفت التاء؛ لأنها للتأنيث فقط "كما" حذفت إحدى العلامتين من الاسم "في مسلمات" أصله مسلمات؛ لأن مفرده مسلمة فجمعت بالألف والتاء فاجتمع علامتان من جنس واحد، وهما التاءان فحذفت الأولى؛ لأن الثانية علامة الجمع أيضا "وإن لم تكونا" أي وحذفت التاء في مثل ضربن وإن لم تكن العلامتان فيه

Z"ومن جنس واحد" لأن التاء ليست من جنس النون ولم يوجد ثقل التكرار اللفظي كما كانتا من جنس واحد في مسلمتان؛ لأنهما تاءان فيه ووجد ثقل التكرار اللفظي فيه كالمعنوي "لثقل الفعل" فكرهوا اجتماعهما فيه مطلقا "بخلاف حبليات لعدم الجنسية" أي لم يحذف إحدى العلامتين الألف والياء المنقلبة من ألف التأنيث، بل جوزوا اجتماعهما فيه لعدم كونهما من جنس واحد وخفة الاسم، وإنما وجب قلب ألف حبلى ياء في الجمع لئلا يجتمع الساكنان، ولم يجز حذف أحدهما؛ لأن الثانية للجمع والأولى لمعنى في الكلمة وهو لزوم تأنيثها وليست مثل فاء بعد وعين قل ولام غزيت، فإنها ليست لمعنى زائد على كونها أجزاء من الكلمة فافهم، ولا مثل تاء مسلمة فإن الكلمة لم توضع معها، بل هي عارضة على مسلم إذا لم يكن حبل حتى زيد عليه ألف التأنيث، بل وضعت هكذا بالألف فلو حذفت الألف لفات الغرض، ولما جاء الياء للتأنيث في هذي وكانت بالنسبة إلى الواو خفيفة بخلاف الواو قلبت ياء "وسوى بين تثنيتي المخاطب والمخاطبة" لأنك تقول: ضربت ضربتما وضربت ضربتما ولا ينافي هذا قوله في صدر الفصل يجيء على أربعة عشر وجها؛ لأن ضربتما باعتبار كونه تثنية ضربت بفتح التاء صيغة وباعتبار كونه تثنية ضربت بكسر التاء صيغة أخرى تقديرا، وأما نحون فهو تثنية أنا أو جمعه مذكرا أو مؤنثا فلا فرق في التقدير، فلذلك يقال: ضربت ضربتما ضربتم ضربت ضربتما ضربتن بذكر ضربتما مرتين، وهو هما هم هي هما هن أنت أنتما أنتم أنت أنتما أنتن بذكر التثنيتين، بخلاف أنا نحن؛ إذ لا يقال أنا نحن يذكر نحن مرتين "و" سوى "بين الإخبارات" أي كما سوى بين تثنيتي المخاطب والمخاطبة أيضا؛ أي نفس المتكلم وحده مذكرا كان أو مؤنثا حيث يقال فيهما ضربت ومعه غيره مذكرا أو مؤنثا وتثنية وجمعا؛ إذ يقال في كلها ضربنا "لقلة الاستعمال في التثنية" بالنسبة إلى المفرد، وحكمها احتياجها في حصولها إلى ضم أحد المثلين إلى الآخر بخلاف المفرد وبالنسبة إلى الجمع أيضا لعدم الاتساع فيها؛ إذ لا تستعمل حقيقة إلا في الاثنين فقط بخلاف الجمع، فإن صيغة قلته تستعمل في الثلاثة وفي الأربعة وفي الخمسة وفي الستة وفي السبعة إلى العشرة، وصيغة كثرته تستعمل فيما فوق العشرة بالغا ما بلغ فلا تعيين فيما يستعمل فيه الجمع ففيه اتساع وكثرة استعمال بخلاف التثنية. والحاصل أن في صيغة التثنية نوع حرج ليس في الجمع ذلك وهو حصر المراد على فردين وفيه كلفة بينة، بخلاف الجمع؛ فإن فيه إرسالة المراد، ولما كان استعمال الثتنية قليلا لم يبال بالالتباس فيها بخلاف المفرد والجمع؛ فإنه لما كثر استعمالهما بالنسبة إليها لم يستحسن الالتباس فيهما "و" سوى أيضا بين تثنيتهما لكون "وضع الضمائر للإيجاز" فإن هما مثلا أخصر من زيدان فالتسوية بين الشيئين أن لا يجعل لكل واحد منهما صيغة على حدة تناسب غرض الإيجاز "و" سوى بين الإخبارات لحصول "عدم الالتباس في الإخبارات" لأن المتكلم يرى في أكثر الأحوال أو يسمع صوته فيعلم أنه مذكر أو مؤنث واحد أو جمع كما يجيء، ولم يذكر التسوية بين تثنيتي الغائب والغائبة اكتفاء بذكر التسوية بين تثنيتي المخاطب والمخاطبة أو اكتفاء بذكرها في بحث المضمرات لعدم بحث لهما، وأما تثنيتا المخاطب والمخاطبة والإخبارات فلما كان لهما بحث استوفى أحكامهما ها هنا من التسوية وغيرها، ولم يكتف بذكرها على سبيل الاستطراد

_ Q"من جنس واحد كما" كانتا من جنس واحد في مسلمات؛ لأن إحداهما التاء والثانية النون "لثقل الفعل بخلاف حبليات" فإن إحدى العلامتين لم تحذف فيها لخفة الاسم ولعدم الجنسية فإن إحدى العلامتين فيها الياء المنقلبة من الألف وإنما انقلبت؛ لأنه لو لم تقلب يلزم الحذف لالتقاء الساكنين، ولم تقلب واوا لثقلها والثانية التاء "وسوى" أي لم يفرق لفظا "بين تثنيتي المخاطب والمخاطبة" حيث يقال فيهما: ضربتما "و" سوى أيضا "بين الإخبارات" أي نفس المتكلم صيغ الإخبارات على مقتضى القيس ستة ثلاثة للمذكر مفردا ومثنى ومجموعا وثلاثة للمؤنث كذلك، لكن سوى بين مفردي المذكر والمؤنث فقيل فيهما ضربتن وسوى بين الأربعة الباقية فقيل فيها ضربنا "لقلة الاستعمال في التثنية" أي تثنيتي المخاطب والمخاطبة بالنسبة إلى المفردن فإن قلت: لما سوى بينهما في التثنية وجب أن يسوي بينهما في الجمع بعين ما ذكرت، قلت: إنما لم يسو بينهما في الجمع ليكون اختلاف الصيغة دليلا على تفاوت معنى الجمع باعتبار قلة الأفراد وكثرتها، بخلاف التثنية فإن مفهومها لا يتفاوت بالقلة والكثرة، بل هو نص في فردين كذا قيل "ووضع الضمائر للإيجاز" يعني أنهم وضعوا لتثنية المذكر وتثنية المؤنث ضميرا واحدا وهو أنتما للإيجاز فلما كان ضمير التثنيتين واحدا وجب أن يكون لفظهما الظاهر واحدا وهو ضربتما؛ لأن الضمير قائم مقام الظاهر، وكذا أنهم وضعوا للمفرد المذكر والمفرد المؤنث في الإخبار ضميرا واحدا وهو أنا، ولتثنيتهما وجمعهما ضميرا واحدا آخر وهو نحن للإيجاز والاقتصار، فلما كان ضمير الإخبارات منحصرا فيهما يلزم أن ينحصر الظاهر في لفظين وهما ضربت وضربنا؛ لأن الضمير قائم مقام الظاهر فافهم، فقوله: ووضع الضمائر للإيجاز دليل لتسوية التثنيتين ولتسوية الإخبارات معا، وإن كان المتبادر من ظاهر سوق العبارات أنه دليلا للإخبارات فقط "وعدم الالتباس" عند السامع في الأغلب "في الإخبارات"؛ لأن المخبر المتكلم يرى في أكثر الأحوال فيعلم أنه مذكر أو مؤنث أو مثنى أو مجموع أو يعلم بصوته فذلك أو بغيرهما من القرائن

Zفي بحث المضمرات، واعلم أن وضع صيغ متعددة لمعان متعددة لما كان للتحرز عن الالتباس على تقدير اشتراك صيغة واحدة بين معنيين، كصيغة ضربتما بين المذكر تأنيثه أو أكثر واستغنى عنه فيما لا يقع فيه الالتباس ولم يحتج إلى الاعتذار فيه في التسوية بقلة الاستعمال والإيجاز وغيرهما وجب صرف قوله ووضع الضمائر للإيجاز إلى التسوية بين التثنيتين، كما هو مقتضى سوق كلامه، وأن لا يجعل شاملا للتسوية بين الإخبارات؛ لأن الالتباس لما لم يقع في الإخبارات بالتسوية لم يحتج فيها إلى عذر من الإيجاز وغيره فليتأمل، وإلا فالواجب أن يقدم أو يؤخر "وزيدت الميم في ضربتما" أي في تثنيتي المخاطب والمخاطبة مع أن قياسهما على سائر التثاني يقتضي أن يقال ضربتما "حتى لا يلتبس" ألف ضربتا "بألف الإشباع" وهو الألف المتولد من الفتحة بإشباعها، فإذا أشبعت فتحة ضربت وقيل: ضربت لم يعلم أنه مفرد والألف للإشباع أو للتثنية فيحصل الالتباس في الوقف، ولا شك أن الالتباس واقع في كلامهم كما في قول الشاعر "أخوك أخو مكاشرة" أي ملازم تبسم "و" أخو "ضحك. وحياك الإله فكيف أنتا" أصله أنت أشبعت فتحة التاء في الوقف فتولد منها الألف، أي على أي حال أنت يمنعك تلك الحال عن المكاشرة والانبساط مع أهلك تعير زوجها بأخيه وكان زوجها قبل هذا "وخصت الميم في ضربتما" للزيادة لدفع الالتباس مع أنه مندفع بزيادة غيرها "لأن تحته أنتما مضمر" فزيدت الميم فيه الموافقة أنتما، وقد سبق توجيه هذا التسامح، فقوله: أنتما مبتدأ، وقوله: مضمر خبره وقوله: تحته ظرف للخبر قدم للاهتمام "وأدخلت الميم في أنتما" دفعا لذلك الالتباس لعدم إمكان زيادة حروف العلة؛ لأنها مستثقلة قبل الألف وخصت الميم بالزيادة "لقرب الميم من التاء في المخرج" فالتاء مما بين الثنايا وطرف اللسان والميم مما بين الشفتين، ولا شك في قرب الثاني من الأول مع أنها أقرب الحروف الصحيحة إلى حروف العلة؛ لأنها غنة في الخيشوم كما أنها مدة في الحلق، وأنها من مخرج الواو ولذلك ضم ما قبلهما كما يضم ما قبل الواو، "وقيل" إنما خصت الميم بالزيادة في أنتما "تبعا لهما" أي للفظ هما يعني أنهم لما كانوا أبدلوا من الواو في هو ميما "لما يجيء" في بحثه التزموا الميم في جميع الباب طردا له "وضمت التاء في ضربتما لأنها" أي التاء "ضمير الفاعل" وعلامة الفاعل الرفع في المعرب، ولما لم يكن الرفع في المبني حركوه بحركة شبيهة به عملا بالأصل بقدر الإمكان وهو الضم فإنه يشبه الرفع خطأ ولفظا، واعلم أنهم اختلفوا في ضمير الفاعل في مثل: ضربتما وضربتموه وضربتن، فقيل: إنه التاء وحدها وأما الألف والواو والنون فعلامات للتثنية وجمع المذكر وجمع المؤنث، وأشار إليه هنا حيث قال: إن التاء ضمير وقيل: الفاعل هؤلاء الحروف، وأما التاء فعلامة الخطاب، وأشار إليه فيما يجيء بقوله وضمير الجمع فيه محذوف حيث جعل الواو ضميرا وفاعلا وقيل الفاعل وهو مجموع التاء واحد هذه الحروف، وأشار إلى ضعفه بعدم إشارة إليه يكفي أحدهما للفاعل ولا حاجة إلى ضم الآخر إليه، مع أن الأصل الاكتفاء بأحدهما "وفتحت التاء في الواحد" أي لم يضم فيه مع أنه الأصل "خوفا من الالتباس بالمتكلم

_ Qوإن وقع الالتباس في بعض المواضع قليلا "وزيدت الميم في ضربتما" قبل ألف التثنية "حتى لا يلتبس" أي المثنى بالمفرد "بألف الإشباع" أي بسبب ألفه؛ يعني إذا قيل: ضربنا بسكون الباء لم يعلم أنه مثنى ألفه لأجل التثنية أو المفرد أشبع فتحه للإطلاق، كما أشبع في مثل قول الشاعر: "أخوك أخو مكاشرة وضحك" المكاشرة السرور والفرح وأخو المكاشرة صاحب السرور "وحياك الإله" دعاء للمخاطب بالحياء الإلهي "فكيف أنتا" تعميم للدعاء لجميع أحوال المخاطب أصله أنت فأشبع الفتحة فتولد الألف، ويحتمل أن يعود ضمير يلتبس إلى الألف؛ لأنه مذكر حكما فيكون المعنى حتى لا يلتبس ألف التثنية بألف الإشباع والمآل واحد "وخصت الميم" بالزيادة لدفع الاتباس "في ضربتما" مع الأصل في الزيادة حروف العلة "لأن تحته أنتما مضمر" فزيدت الميم ليناسب لما تحته ومعنى كونه تحته أن يدل على ما يدل عليه ضمير ضربتما من معنى التثنية وكأنه تحته، وإنما قلنا كذلك؛ لأن التاء في ضربتما ضمير بارز فلو استتر تحته أنتما يلزم اجتماع الفاعلين، وهو غير جائز وقد مر مثله هذا، وفيه تكلف لا يخفى مع أنه مخالف لما في شرح الرضي من أنه خصت الميم بالزيادة في ضربتما؛ لأن حروف العلة مستثقلة قبل الألف والميم أقرب الحروف الصحيحة إلى حروف العلة لغنتها لكونها من مخرج الواو شفوية "وأدخلت الميم في أنتما؛ لقرب الميم إلى التاء في المخرج" لأن الميم شفوية والتاء من المخرج الثاني من مخارج الفم، وهو طرف اللسان وأصول الثنايا "وقيل" الميم في أنتما "تبعا لهما بكسر اللام؛ أي لضمير تثنية الغائب "لما يجيء" في المضمرات ما ذكرها علة لتعيين الميم للزايدة، وما سيجيء في بحث المضمرات علة لزيادة الميم فافهم "وضمت التاء في ضربتما" مع أن الضم أثقل "لأنها ضمير الفاعل" والضمة تناسب حركة الفاعل فعلى هذا الألف للفرق بينه وبين المتكلم الواحد والميم زيدت بعد الألف، وقيل: التاء مع الألف ضمير جزؤه الأول متحرك بالضم، وقيل: الألف ضمير والتاء للفرق بينه وبين تثنية المذكر الغائب والميم زيدت بعد التاء وضم التاء حينئذ؛ لأنه فارق للفاعل "وفتحت" تلك التاء "في الواحد المخاطب" نحو ضربت "خوفا من الالتباس" بنفس المتكلم الواحد ولو كسر يلتبس بالواحدة والمخاطبة، وتفصيله أن أول ما يبدأ بوضعه من أنواع الضمائر الضمير المرفوع

Zولا يلزم الالتباس في الثتنية" بوساطة زيادة الميم فبقيت على أصل الحركة، والتفصيل أنهم زادوا تاء للمخاطب وتاء للمخاطبة وتاء للمتكلم وحركوها في الجميع خوف اللباس بتاء التأنيث وضموها للمتكلم؛ لأن الضم أقوى والمتكلم مقدم فأخذه وفتحوها للمخاطب؛ إذ لم يمكن الضمة للالتباس بالمتكلم والفتح راجح لخفته والمذكر مقدم فأخذه فبقيت الكسرة للياء والمخاطبة فأعطيتها، ولأن الياء يقع ضميرها في نحو اضربي والكسرة أخت الياء فناسب إعطاؤها المخاطبة "وقيل" ضمت التاء في ضربتما "اتباعا للميم؛ لأن الميم" حرف "شفوي فجعلوا حركة التاء" التي هي ما قبل الميم "من جنسها وهو" أي جنس الميم من الحركات "الضم الشفوي" ليناسب الميم حركة ما قبلها "زيدت الميم في ضربتم حتى يطرد بتثنيته" في زيادة الميم ولئلا يلتبس بواو الإشباع في الوقف وأسكنت الميم؛ لأنه إنما ضموها لأجل الواو ولما حذف الواو بقي على الأصل الذي هو السكون "وضمير الجمع" أي جمع المذكر المخاطب "فيه" أي في ضربتم "محذوف" وذلك الضمير المحذوف "وهو الواو لأن أصله ضربتموا" بدليل عود الواو، وعند اتصال الضمير نحو ضربتموه فإن الضمائر مما يرد الأشياء إلى أصولها "فحذفت الواو" لأنهم لما ثنوا الضمائر وجمعوها والقصد بوضع متصلها التخفيف لم يأتوا بنوني المثنى والمجموع بعد الألف والواو كما أتوا بهما في هذان واللذان واللذين فوقع الواو في الجمع في الآخر مضموما ما قبلها "فحذفت لأن الميم" مع الواو "بمنزلة الاسم" كهو لأن الميم يجعل كثيرا من الأفعال اسما كمضارعات الزوائد على الثلاثة "ولا يوجد في آخر" جنس "الاسم" متمكنا وغير متمكن "واو ما قبلها مضموم" في كلامهم لكونه مستثقلا حسا مع الأمن من الالتباس بالمثنى بثبوت الألف فيه دون الجمع "إلا" في آخر الاسم من الأسماء غير المتمكنة فإنه لا يوجد في المتمكن اسم بهذا الوصف أصلا وفي غير المتمكن لا يوجد غير "هو" ولو لم يحذف الواو كان على خلاف ما عليه كلامهم، ولما حذفت الواو ولم يبق الاحتياج إلى الألف الذي يكتب بعد الواو فحذف أيضا "ومن ثمة" أي ومن أجل أنه لا يوجد في آخر الاسم واو ما قبلها مضموم غير هو "يقال في جمع دلو أدل أصله أدلو قلبت الواو ياء"

_ Qالمتصل وأول ما يبدأ بوضعه المرفوع المتصل ثم المخاطب ثم الغائب، فنقول: إنما ضموا التاء في المتكلم لمناسبة الضمة لحركة الفاعل، وفتحوا للمخاطب فرقا بينه وبين المتكلم بأخف الحركات، وكسروا للمخاطبة فرقا ولم يعكس الأمر بكسرها للمخاطب وفتحها للمخاطبة؛ لأن خطاب المذكر أكثر فالخفيف به أولى، وأيضا هو مقدم على المؤنث فخص للفرق بالتخفيف فلم يبق للمؤنث إلا الكسر "ولا التباس في التثنية" فبقي مضموما على الأصل "وقيل" ضمت التاء في ضربتما "اتباعا للميم؛ لأن الميم شفوية فجعلوا حركة التاء من جنسها" أي من جنس الميم الشفوي "وهو" أي الحركة التي هي من جنس الميم الشفوي "الضم الشفوي" لأنه جزء الواو وهي شفوية وجزء الشفوي شفوي وكذا ضمت التاء في ضربتم اتباعا لميم أيضا بل في ضربتن بناء على أن أصله ضربتمن "زيدت الميم في ضربتم حتى يطرد بتثنيته" في زيادة الميم لا لوجود علة الزيادة فيه وهي الالتباس هذا، قال الفاضل الرضي: زيدت الميم قبل واو الجمع المخاطب لئلا يلتبس بالمتكلم إذا أشبعت ضمته؛ فإنك إذا قلت: ضربتو لم يعلم أنه متكلم أشبعت ضمته للإطلاق أو جمع المخاطب وخصت الميم بالزيادة؛ لأن حروف العلة مستثقلة قبل الواو والميم أقرب الحروف الصحيحة إلى حروف العلة لقلتها ولكونها من مخرج الواو؛ أي شفوية ولذلك ضم ما قبلها كما يضم ما قبل الواو انتهى "وضمير الجمع فيه" أي في الجمع المخاطب وهو مثل ضربتم "محذوف وهو" أي ضمير الجمع "الواو؛ لأن أصله ضربتموا" فإن قلت: فما فائة التاء إذن؟ قلت: فيه قولان؛ قال بعضهم: إنها للفرق بينه وبين الجمع الغائب؛ لأن الميم زيدت بعد زيادة التاء، وحاصله زيدت للجمع المخاطب على ضرب مثلا أولا الواو فصارت ضربوا فالتبس بالجمع الغائب فزيدت التاء للفرق، ثم زيدت الميم ليطرد بتثنيته فصار ضربتموا، هذا ما اختاره المصنف أو لئلا يلتبس بالمتكلم إذا أشبعت ضمته، وهذا ما اختاره الرضي، وقال بعضهم: التاء مع الواو ضمير الجمع وجزؤه الأول متحرك بالضم؛ لأنه ضمير في الفاعل كما في التثنية وضعفه ظاهر "فحذفت الواو" وأسكنت الميم تخفيفا؛ لأن ضمها لأجل الواو كما أن فتحها في التثنية لأجل الألف هذا إذا لم يلاق الميم بعد حذف الواو ساكنا بعدها، وأما إذا لقي فيضم أيضا ردا لها إلى أصلها نحو: ضربتم القوم، وقيل: قد يكسر "لأن الميم" وحدها "بمنزلة الاسم" لأنها مستقلة؛ أي ليست بجزء من الفعل ولا من الفاعل فكأنها كلمة برأسها يؤيد ذلك قوله بخلاف ضربوا؛ لأن باءه ليست بمنزلة الاسم، وما قيل من أن الميم تجعل المضارع اسما إذا دخل في أوله، كما يقال في يخرج مخرج فيكون بمنزلة الاسم فضعيف؛ إذ المقصود بيان أن الميم في ضربتموا بمنزلة الاسم لا مطلق الميم مع أن الميم الذي يجعل المضارع اسما ليس بمنزلة الاسم فتأمل "ولا يوجد في آخر الاسم واو ما قبلها" حرف "مضموم إلا" كلمة "هو" وذلك لثقل الضم قبل الواو المتطرفة وإذا كان ثقيلا في الاسم كان ثقيلا أيضا فيما هو بمنزلته، وفي هذا الكلام نوع حزازة والأولى ما ذكره صاحب النجاح من أن الميم مع الواو ها هنا اسم ولا يوجد في آخر الاسم واو ما قبلها مضموم إلا كلمة هو "ومن ثمة" أي ومن أجل أنه لا يوجد في آخر الاسم واو ما قبلها مضموم "يقال في جمع دلو أدل" بفتح الهمزة وسكون الدال "أصله أدلو" بضم اللام فأعلت الواو المتطرفة بقلبها ياء ثم أبدلت ضمة اللام كسرة لأجل الياء ثم أعلت إعلال قاض فصار أدل، وفيه إعلال آخر، وهو أنه يكسر

Zلوقوعها طرفا بعد ضمة، ثم كسرت اللام لأجل الياء ثم أعل إعلال قاض، ولو حذفت الواو ابتداء بقي بضم اللام؛ إذ لا وجه لزواله فيبقى أثر من ذلك الاستثقال المحسوس "بخلاف ضربوا" أي لم يحذف الواو منه "لأن باءه" مع الواو "ليست بمنزلة الاسم" لأن الباء لم يجعل شيئا من الأفعال اسما كما جعله الميم "وبخلاف ضربتموه" أي لم يحذف واوه وإن كان واوه بعد ميم "لأن الواو قد خرج من" كونه في "الطرف بسبب" اتصال "الضمير" به فلم يوجد شرط حذفه الذي هو وقوعه في الطرف فلم يحذف "كما" خرج الياء من الطرف بسبب اتصال التاء به "في العظاية" بفتح العين الغير المعجمة والظاء المعجمة، ولذلك لم يجب قلبها همزة؛ لأنه كما يقال: عظاءة بالقلب يقال: عظاية بلا قلب مع أنها وقعت بعد الألف الزائدة؛ لأنها من العظى وهو الشدة "وشدة نون ضربتن" أي جمع المؤنث المخاطبة "دون نون ضربن" أي جمع المؤنث الغائبة "لأن أصله" أي أصل ضربتين "ضربتمن" بالميم حملا على تثنيته؛ لأنها ضربتما بالميم "فأدغم الميم" بعد قلبه نونا "في النون لقرب الميم من النون" في المخرج؛ لأن الميم من الشفة والنون مما بين طرف اللسان وقريب الثنايا ولا شك أنهما متقاربان "ومن ثمة" أي من أجل كون الميم قريبا من النون "يبدل الميم من النون في مثل عمبر" أي في كون نون وقعت ساكنة قبل الباء وعنبر يلفظ بالميم ويكتب بالنون تنبيها على أن أصلها بالنون وكتابتها بالميم في الكتاب لتصوير التلفظ "لأن أصله عنبر" وإنما أبدلوها ميما؛ لأنهم لو تركوها والحال أن الحرف الذي بعدها من حروف الشفة وهو الباء فإن أظهرت النون؛ أي تلفظ على حالها على ما هو مصطلح القراء استقبحت ويعرف بالوجدان، وإن أخفيت على ما هو مصطلحهم أيضا استثقلت كما يشهد به الوجدان أيضا، وإن أدغمت في الباء مع قلبها باء لتقاربهما في المخرج ذهب ما في النون من الغنة فوجب قلبها ميما إبقاء لغنتها مع عدم منافاة الميم للباء في المخرج "وقيل أصله" أي ضربتن بالتشديد "ضربتن" بتخفيف البون بلا ميم؛ لأن العلة التي في التثنية لزيادة الميم لم توجد ها هنا، والأصل عدم الحمل "فأريد أن يكون ما قبل النون ساكنا ليطرد بجميع نونات النساء" في سكون ما قبلها نحو ضربن لئلا يجتمع أربع حركات متواليات ويضربن وتضربن حملا على ضربن واضربن وليضربن ولا يضربن ولا تضربن للوقف والجزم "ولا يمكن إسكان تاء المخاطبة لاجتماع الساكنين" أي لئلا يلزم اجتماعهما أحدهما الباء والآخر التاء "ولا يمكن حذفها" أي التاء دفعا لاجتماع العلامتين "لأنها علامة" الخطاب "والعلامة لا تحذف" إلا إذا اجتمعنا لشيء واحد فتحذف إحداهما للاستغناء عنها بالأخرى، وها هنا ليس للخطاب علامة أخرى حتى تحذف التاء فاضطروا إلى زيادة حرف، ولم تكن الزيادة من حرف العلة، أما الألف والياء فلضمة التاء وأما الواو فلكراهتهم اجتماع علامة جمع المذكر مع علامة جمع المؤنث

_ Qأولا ثم يقلب الواو ياء لكسرة ما قبلها، ثم أعل إعلال قاض ففي الأول يكون قلب الواو سببا لتبديل الضمة كسرة، وفي الثاني يكون تبديل الضمة كسرة سببا لقلب الواو المتطرفة ياء، فكلاهما مما نحن فيه، ولا يجوز الإعلال بحذف الواو ابتداء؛ لأنه لم يبق حينئذ سبب لتبديل الضمة الثقيلة كسرة مع أنه مقصود أيضا "بخلاف ضربوا" أي الحال في ضربوا على خلاف ما ذكرنا في ضربتموه فإنه لم يحذف الواو منه "لأن باءه ليست بمنزلة الاسم" لأنها جزء من الفعل فلا يكون له استقلال ما حتى يكون بمنزلة الاسم "وبخلاف ضربتموه" فإن الواو لم تحذف منه أيضا مع أن الميم بمنزلة الاسم "لأن الواو خرج من الطرف" اتصال "بسبب الضمير" وقد عرفت أن الحذف مشروط بوقوعه في الطرف فانتفى الشرط فلم يحذف ويبقى الميم مضموما لأجلها "كما" لم يقلب الياء همزة مع كونه واقعا بعد ألف زائدة "في العظاية" لانتفاء شرط القلب، وهو وقوعه في الطرف بعد ألف زائدة بسبب اتصال التاء له، والعظاية دويبة أكبر من الوزغة "وشدد نون ضربتن دون ضربن لأن أصله" أي أصل ضربتن "ضربتمن" بالميم بدليل ثبوتها في التثنية نحو ضربتما "فأدغم الميم في النون لقرب الميم من النون" لأن الميم شفوية والنون من المخرج السابع من مخارج الفم، وهو طرف اللسان ومما فوقه من الحنك، والأوجه أن يقال: يدت النون مشددة ليكون بإزاء الميم والواو في المذكر نحو: ضربتموه، وإنما اختاروا النون لمشابهته بسبب الغنة للميم والواو معا مع كون الثلاثة من حروف الزيادة، كذا قرره الرضي وصاحب النجاح "ومن ثمة" أي ومن أجل قرب الميم من النون "تبدل من النون في عمبر" بالميم "لأن أصله عنبر" بالنون ولا يجوز الإبقاء على أصله؛ لأن الحرف الذي بعدها وهو الباء شفوية، فإن أظهر استقبح لعدم توافقهما، وإن أخفي استثقل وإن أدغم النون فيها بعد قلبها ذهب ما في النون من الغنة وهو غير جائز، فوجب قلبها ميما لتوافقه النون في الغنة ولا ينافي الباء في المخرج فلا يستقبح "وقيل أصله ضربتن" بتخفيف النون "فأريد أن يكون ما قبل النون ساكنا ليطرد بجميع نونات النساء" في إسكان ما قبلها في الماضي والمضارع، نحو: ضربن ويضربن وتضربن "ولا يمكن إسكان تاء المخاطبة" التي قبل النون "لاجتماع الساكنين" لأن ما قبل التاء ساكن أيضا "ولا يمكن حذفها" أي حذف التاء "لأنها علامة" للخطاب "والعلامة لا تحذف" ولا علامة غيرها حتى يجوز حذفها

فصل وتدخل المضمرات في الماضي وأخواته

Zفصل وتدخل المضمرات في الماضي وأخواته "فأدخل النون لقرب النون" الزائدة "من النون" العلامة في النونية وفي لفظ القرب إشارة إلى ما ذكرنا من القيدين "ثم أدغم" إحدى النونين في الأخرى للجنسية، ووقع الإدغام بأن أدرج أولاها في الثانية، وقيل: إنما زيد حرف في الجمع المؤنث ليكون بإزاء الميم في جمع المذكر واختير النون لمشابهتها الميم بسبب الغنة "وزيدت التاء" لضمير الشخص المتكلم الواحد مذكرا كان أو مؤنثا "في ضربت" بضم التاء "لأن تحته" أي ضربت "أنا مضمر" وقد مر نظيره في الإعراب والقياس أن يزاد من حروف أنا إلا أنه "لا يمكن الزيادة من حروف أنا للالتباس" لأنه لو زيدت الهمزة وهي حقيقة ألف تحركت التبس بتثنية الغائب، ولو زيدت النون التبس بجمع المؤنث الغائب، ولا يمكن أيضا أن يزاد من حروف العلة؛ أما الألف فلما مر، وأما الواو فللزوم الالتباس بالجمع، وأما الياء فلعدم تحمله علامة الفاعل أعني الضم "فاختير التاء" للزيادة دون غيره من حروف الزيادة "لوجوده" أي التاء "في أخواته" أي أخوات ضربت، وهي ضربت وضربت وضربتما وضربتم وضربتن، وأما زيادة التاء في تلك الأخوات فحكم وضعي، ولعل حكمتها أنه لما كان المخاطب من يلقى إليه الكلام اختير له حرف شديد لينتبه عن سنة الغفلة وألقى سمعه إلى ما يلقى إليه وهو شهيد، والحروف الشديدة هي "أجدك قطبت" ولا يمكن زيادة الألف منها للالتباس بالتثنية وغير التاء مما بقي ليس من حروف الزيادة فتعين التاء "وزيدت النون في ضربتا" لضمير الشخصين المتكلمين مذكرين كانا أو مؤنثين ولضمير الأشخاص المتكلمة سواء كانت على صيغة الذكورة أو الأنوثة "لأن تحته نحن مضمر" وفيه نون فزيدت النون في ضربنا ليوافق ما أضمر تحته "ثم زيدت الألف حتى لا يلتبس بضربن" أي لجمع المؤنث واختص الألف للخفة "وقيل" إنما زيدت النون "لأن تحته أننا مضمر" وفيه نون ثم زيد الألف دفعا للالتباس واختص الألف لوجوده في أننا. "فصل: وتدخل المضمرات" المرفوعة والمنصوبة؛ أي تتصل، وإنما عبر عن الاتصال بالدخول ليتناول المستكن من المتصل إذا المتبادر من الاتصال اللغوي "في الماضي وأخواته" من الأفعال، وأما الصفات فيدخلها المرفوع والمنصوب كالأفعال والمجرور أيضا ولا يتصل بالحروف إلا المنسوب والمجرور والأسماء إلا المجرور "وهي" أي جميع المضمرات "ترتقي إلى ستين نوعا" وإنما انحصر فيها "لأنها" أي المضمرات "في الأصل ثلاثة" أحدها مضمر "مرفوع و" ثانيها مضمر "منصوب و" ثالثها مضمر "مجرور" وإنما انحصرت في الثلاثة؛ لأنها كناية عن المظهر وهو إما مرفوع أو منصوب أو مجرور

_ Q"فأدخل النون" الساكنة قبل النون الضمير؛ ليكون ما قبلها ساكنا أيضا، وعيلت النون دون غيرها "لقرب النون" الداخلة من النون التي هي ضمير الجمع والتاء ليست بضمير كما في المفرد، بل علامة للخطاب فقط "ثم أدغم النون في النون" فصار ضربتن "زيدت التاء في" مثل "ضربت" أي نفس المتكلم وحده مذكرا كان أو مؤنثا "لأن تحته أنا مضمر" يعني يدل ضمير ضربت على ما يدل عليه أنا وقد مر مثله غير مرة، وإذا كان تحته أنا ناسب أن يراد من حروفه "ولكن لا يمكن الزيادة من حروف أنا للالتباس" لأنه لو زيدت الألف التبس بتثنية الغائب نحو ضربا وإن زيدت النون التبس بجمع الغائبة نحو ضربن "فاختيرت التاء لوجوده في أخواته" المراد بأخوات ضربت أمثلة الخطاب؛ لأن المتكلم يصاحب المخاطب ويكالم معه، فلا يتصور أحدهما بدون الآخر فصار كأنهما أخوان "وزيدت النون في" مثل "ضربنا" أي في نفس المتكلم مع الغير مثنى كان أو مجموعا مذكرا كان أو مؤنثا "لأن تحته نحن مضمر" قد عرفت معنى الإضمار تحته فزيدت النون التي في نحن أولا "ثم زيدت الألف حتى لا يلتبس بضربن" فصار ضربنا "وقيل تحته أننا مضمر" فزيدت الألف والنون اللتان في أننا معا. ولما فرغ من بيان أمثلة الماضي مع ما يتصل بها من الضمائر ناسب أن يبين مطلق الضمائر فقال "فصل: وتدخل المضمرات في الماضي وأخواته" المراد من أخوات الماضي ها هنا كل ما يمكن أن يستتر فيه الضمير من المستقبل والأمر والنهي وسائر الصفات المشتقة. اعلم أن المقصود من وضع المضمرات رفع الالتباس؛ فإن أنا لا يصلح إلا لمعين واحد فقط وهو المتكلم المعين، وأنت لا يصلح أيضا إلا لمعين واحد فقط وهو المخاطب المعين، وكذا ضمير الغائب نص في أن المراد هو المذكور بعينه في مثل: جاءني زيد وإياه ضربت، ولا يحصل هذا التعيين للأسماء الظاهرة في قسم من "الأقسام الثلاثة فإنه لو سمى المتكلم نفسه بعلمه لا بلفظة أنا، وقال: مكان أنا قائم زيد قائم ربما التبس عند السامع أهو المتكلم أم زيد آخر بخلاف أنا قائم وهو ظاهر، وكذا لو سمى المتكلم المخاطب بعلمه لا بلفظة أنت، وقال: مكان أنت قائم زيد قائم ربما يحصل الالتباس، وكذا لو كرر المذكور مكان ضمير الغائب، وقيل: مكان جاءني زيد وإياه ضربت جاءني زيد وزيدا ضربت لم يعلم أن زيد الثاني هو الأول بعينه أو زيد آخر، وهذه الفائدة في الضمائر المنفصلة، وأما في المتصلة فيحصل مع رفع الالتباس المذكور الاختصار في اللفظ أيضا كذا حققه الفاضل الرضي "وهي" أي المضمرات "ترتقي إلى ستين نوعا" أي ستين لفظا لتسعين معنى كما ستطلع عليه "لأنها" أي المضمرات "في الأصل ثلاثة" الأول "مرفوع و" الثاني "منصوب و" الثالث "مجرور" لأن المضمرات كما أشرنا قائمة مقام الظاهر لدفع الالتباس إن كان منفصلا وله، وللاختصار إن كان متصلا

Z"ثم يصير كل واحد منها" أي من تلك الثلاثة "اثنين" متصلا أو منفصلا "نظرا إلى اتصاله" فكذا الكناية عنه إما مرفوع أو منصوب أو مجرور أي اتصل كل واحد منها "وانفصاله" لأنه إذا استقل في التلفظ فمنفصل وإلا فمتصل "فاضرب الاثنين" أي المتصل والمنفصل "في الثلاثة" أي المرفوع والمنصوب والمجرور؛ أي اجعل كل واحد من المتصل والمنفصل مرفوعا ومنصوبا ومجرورا، وهذا أي جعل كل واحد من المضروب مثل المضروب فيه هو معنى الضرب فليكن على ذكر منك "حتى يصير" المجموع الحاصل من الضرب "ستة ثم أخرج" أنت من الستة "المجرور المنفصل حتى لا يلزم تقديم المجرور" أي جواز تقديمه "على الجار" فلا يقال: زيد به، بل يقال: بزيد؛ يعني لما احتيج إلى التقديم والتأخير في الضمائر بحسب المقام وضعوا الضمير المنفصل لهذا؛ إذ هو الصالح له دون المتصل، ولما جاز تقديم المرفوع والمنصوب في المظهر، نحو: زيد فعل وعمرا أكرمت وضعوا لهما المنفصل من الضمير جريا بالمضمر مجرى المظهر، ولما لم يجز تقديم المجرور على الجار في المظهر؛ لأنه كالجزء الأخير من الجار، ولذلك لا يجوز الفصل بينهما في السعة، لم يضعوا له المنفصل؛ إذ لو وضعوه له لزم جواز تقديمه على الجار على ما هو شأن المنفصل وبالغرض من وضعه جواز تقديم الجزء الأخير ضروري البطلان "فبقي لك" من تلك الستة بعد إخراجك المجرور المنفصل منها "خمسة" أي خمسة أنواع أحدها "مرفوع متصل و" ثانيها "مرفوع منفصل و" ثالثها "منصوب متصل و" رابعها "منصوب منفصل و" خامسها "مجرور متصل ثم انظرا إلى المرفوع المتصل وهو يحتمل ثمانية عشر وجها" أي صورة ثمانية عشر معنى "في العقل" بحسب اعتبار المراتب العرفية "ستة" منها "في" حق "الغائب مع الغائبة" في مفرد كل منهما وفي تثنية كل منهما وفي جمع كل منهما "وستة" منها "في" حق "المخاطب مع المخاطبة" كذلك "وستة في" حق "الحكاية" أي المتكلم والمتكلمة ثلاثة له وثلاثة لها فمجموع الستات ثمانية عشر "واكتفي بخمسة" من الوجوه الستة "في الغائب والغائبة باشتراك التثنية" فيهما نحو: ضربا وضربتا، ولا اعتبار للتاء في التثنية الغائبة؛ لأنها ثابتة قبل التثنية، بل الضمير هو الألف فقط ولا دخل للتاء في اختلاف الضمير بخلاف ضربت وضربت ضربت وأنت وأنت وأنتما وأنتم حيث عدت الثلاثة الأول ألفاظا متعددة باعتبار اختلاف الحركات، وإن كان الضمير في الكل التاء فقط، وكذا عدت الأربعة الأخيرة ألفاظا متعددة، وإن كان الضمير في كلها أن فقط؛ لأن اقتران الأمور الخارجية المتميزة من الحركات والتاء وغيرهما من هذه الألفاظ إنما هو بعد وضع الضميرين؛ أعني التاء وأن فيكون لها دخل في اختلاف الضمائر "لقلة استعمالها" أي التثنية فلم يبال بالالتباس فيما

_ Qوالظاهر إما مرفوع أو منصوب أو مجرور فكذا ما يقوم مقامه من المضمرات "ثم يصير كل واحد منها" أي من هذه الثلاثة "اثنين نظرا إلى اتصاله وانفصاله" يعني أن كل واحد منها إما متصل أو منفصل؛ لأنه إما أن يستقل بنفسه أو لا يستقل، ومعنى الاستقلال أنه لا يحتاج في التلفظ إلى كلمة أخرى قبله فيكون كالتتمة لها، بل هو كالظاهر نحو: أنت، ومعنى عدم الاستقلال أنه يتصل بعامله الذي قبله فيكون كالتتمة لذلك العامل ولبعض حروفه ولا يمكن التلفظ بدونه، نحو: ضربت فالأول المنفصل والثاني المتصل كذا قيل "فاضرب" ذينك "الاثنين في" تلك "الثلاثة حتى يصير" الحاصل من الضرب "ستة" قوله "ثم أخرج" عطف على اضرب فيكون أمرا أيضا من باب الأفعال "المجرور المتصل" من الستة "حتى لا يلزم تقديم المجرور على الجار" هذا هو الدليل المشهور، لكن فيه نظر؛ إذ الانفصال لا يستلزم التقدم والدليل المطابق القياس على المظهر، كما أشار إليه بعض المحققين بقوله: المضمر المتصل جار مجرى المظهر في استقلاله والتلفظ به وحده فيقع مرفوعا ومنصوبا نحو: هو فعل وإياك أكرمت كما يقع المظهر كذلك ولا يقع مجرورا ألبتة، كما لا يقع المظهر المنفصل مجرور؛ إذ لا يمكن انفصال المجرور عن الجار بخلاف المرفوع والمنصوب وإذا أخرجت المجرور المنفصل "فبقي لك" من الستة "خمسة" الأول "مرفوع متصل و" الثاني "مرفوع منفصل و" الثال "منصوب متصل و" الرابع "منصوب منفصل و" الخامس "مجرور متصل ثم انظر إلى" ضمير "المرفوع المتصل وهو يحتمل ثمانية عشر نوعا" من أنواع ألفاظ الضمائر "في العقل" لأن المعاني التي عبر عنها بالضمير المرفوع المتصل ثمانية عشر فيعتبر العقل لكل معنى منها ضميرا على حدة بالأصالة "ستة" منها "في الغيبة" لأن الغائب إما مذكر أو مؤنث وعلى التقديرين إما مفرد أو مثنى أو مجموع "وستة" منها "في الخطاب" لأن المخاطب أيضا إما مذكر أو مؤنث وعلى التقديرين إما مفرد أو مثنى أو مجموع "وستة" منها "في الحكاية" لأن المتكلم أيضا إما مذكر أو مؤنث، وعلى التقديرين إما مفرد أو مثنى أو مجموع فيصير المجموع ثمانية عشر معنى، فإذا عبر عن كل معنى بضمير على حدة يكون ألفاظ الضمائر أيضا ثمانية عشر "و" لكن "اكتفي" في ستة "من ثمانية عشر معنى بخمسة" من الألفاظ "في الغيبة باشتراك التثنية" الأولى أن يقال باشتراك التثنيتين "لقلة استعمالها" يعني تشترك تثنية الغائب والغائبة في ضمير واحد وهو الألف لا غير اشتراكا لفظيا؛ لقلة استعمال التثنية، نحو: ضربا وضربتا والتاء ليست بضمير، بل حرف التأنيث فقط كذا قرره الفاضل الرضي فظهر بطلان ما قيل من أن المراد من الاشتراك ها هنا الاشتراك

Zقل استعماله "وكذلك" اكتفي بخمسة "في المخاطب والمخاطبة" باشتراك التثنية كذلك نحو: ضربتما فيهما "واكتفي في الحكاية بلفظين" أي بلفظ المفرد للمتكلم والمتكلمة وحدهما، نحو: ضربت فيهما وبلفظ الجمع لجماعة المتكلم والمتكلمة مع غيرهما، ولاثنين منهما نحو: ضربنا في جمعهما وتثنيتهما "لأن" الشخص "المتكلم يرى" أي يبصر "في أكثر الأحوال" فيعلم حاله من الذكورة والأنوثة "أو يعلم بالصوت أنه مذكر أو مؤنث" واشتباه الأصوات في غاية القلة فلا اعتداد به فألغى اعتبار التذكير والتأنيث لقلة الفائدة فيه، وأما إلغاء اعتبار التثنية والجمع فلعدم وجود شرطهما وهو اتفاق الاسمين والأسماء في اللفظ؛ لأنه إذا قيل فصل أنتما قلت: يا زيد وأنت يا عمرو وكذا في أنتم قلت: أنت يا زيد وأنت يا عمرو وأنت يا خالد، وأما إذا قلت نحن وأردت المثنى، وقيل لك فصل، قلت: أنا وزيد أو أنا وأنت أو أنا وهو، وكذا إذا أردت المجموع فقيل فصل قلت: عمرو وليس كل أفراده أنا فلما لم يمكنهم إجراء تثنيته وجمعه على ما أجرى عليه سائر المثنى والمجموع ارتجلوا لمثنى صيغة لكونه مقدما وشركوا معه الجمع فيها للأمن من اللبس بسبب القرائن "فبقي لك" بعد الاكتفاءات الثلاث وأسقط الستة من ثمانية عشر وجها في المرفوع المتصل "اثنا عشر نوعا وإذا صار قسم واحد" وهو المرفوع المتصل "من تلك القسمة" أي الأقسام الخمسة أو من تلك الأقسام الخمسة "اثني عشر نوعا فيصير" فلا شك في أنه يصير "كل واحد منها" أي من الأقسام الأربعة الباقية من تلك القسمة، وهي المرفوع المنفصل والمنصوب المتصل والمنفصل والمجرور المتصل "مثل ذلك" القسم الواحد؛ أعني المرفوع المتصل "فيحصل لك بضرب الخمسة" الباقية من الستة الحاصلة من ضرب الاثنين في الثلاثة "في اثني عشر" الباقية من ثمانية عشر "ستون نوعا" الباقية من تسعين الحاصلة من ضرب ثمانية عشر في خمسة فمنها "اثنا عشر نوعا للمرفوع المتصل نحو ضرب إلى ضربنا" كما مر في أول الفصل، وقد مر أيضا له سكون آخر مثل: ضربنا، وإنما قدم الضمير المرفوع على غيره؛ لأن المرفوع مقدم على غيره وقدم المنصوب على المجرور؛ لأن المنصوب مفعول بلا واسطة والمجرور مفعول بواسطة وقدم متصلى المرفوع والمنصوب على منفصليهما؛ لأن المتصل مقدم على المنفصل لكونه أخصر "و" منها "اثنا عشر نوعا للمرفوع المنفصل نحو هو ضربط" تقول: هو ضرب هما ضرباهم ضربوا هي ضربت هما ضربتا هن ضربن أنت ضربت أنتما ضربتما أنتم ضربتم أنت ضربت أنتما ضربتما أنتن ضربتن أنا ضربت منتهيا "إلى نحن ضربنا"

_ Qالمعنوي لا اللفظي لعدم اشتراك لفظيهما؛ لأن الضمير تثنية المذكر المذكر الألف وحده نحو ضربا وضمير تثنية المؤنث الألف مع التاء نحو ضربتما فافترق الحال في اللفظ إلا أن ضمير منفصلهما هما "وكذا" اكتفي في ستة من المعاني بخمسة من الضمائر "في الخطاب" باشتراك التثنية لقلة استعمالها لها نحو ضربتما "و" اكتفي "في الحكاية بلفظين" من الضمائر في ستة من المعاني أحدهما للمفرد مذكرا كان أو مؤنثا نحو: ضربت والآخر للمثنى والمجموع مذكرين كانا أو مؤنثين نحو ضربنا "لأن المتكلم يرى في أكثر الأحوال" فيعلم أنه مذكر أو مؤنث "أو يعلم بصوته أنه مذكر أو مؤنث" وإن اشتبه في بعض الصور ويعلم أيضا أنه مثنى أو مجموع في أكثر الأحوال فلا حاجة إلى كثرة الأمثلة لقلة الالتباس "فبقي لك" بعد إسقاط من ثمانية عشر "اثنا عشر نوعا" لثمانية عشر معنى "فإذا صار قسم واحد" حاصل "من تلك القسمة" وهو المرفوع المتصل "اثنا عشر" نوعا "فيصير كل واحد" حاصل "منها" أي من تلك القسمة وهو المرفوع المنفصل والمنصوب المتصل والمنصوب المنفصل والمنصوب المنفصل والمجرور المتصل "مثل ذلك" أي مثل ذلك القسم الواحد وهو المرفوع المتصل؛ أي يصير كل من الأنواع الأربعة الأخرى اثنا عشر أيضا بعين ما ذكره من قلة استعمال التثنية وعدم الالتباس في الحكاية "فيحصل لك بضرب الخمسة" وهي المرفوع المتصل والمنفصل والمنصوب المتصل والمنفصل والمجرور المتصل "في اثني عشر" خمسة في الغيبة وخمسة في الخطاب ولفظين في الحكاية "ستون نوعا" لستين معنى "اثنا عشر" من تلك الستين "للمرفوع المتصل نحو ضرب إلى ضربنا" أي ضرب ضربا ضربوا ضربت ضربنا ضربوا ضربت ضربنا ضربن ضربت ضربتما ضربتم ضربت ضربتما ضربتن ضربت ضربتا الصيغة المذكورة أربعة عشر، لكن الضمير فيها اثنا عشر بسبب اشتراك النيتين كما عرفت "واثنا عشر للمنفصل" المرفوع "نحو هو ضرب إلى نحن ضربنا" أي هو ضرب هما ضرباهم ضربوا هي ضربت هما ضربتا هن ضربن أنت ضربت أنتما ضربتما أنتم ضربتم أنت ضربت أنتما ضربتما أنتن ضربتن أنا ضربت نحو ضربنا. اعلم أن أنا للمتكلم المفرد مذكرا كان أو مؤنثا، وهو عند البصريين همزة ونون مفتوحة والألف يؤتى بها بعد النون في الوقف لبيان فتح النون؛ لأنه لولا الألف لسقطت الفتحة للوقف فيلتبس بأن الحرفية لسكون النون، وقال الكوفيون: إن الألف بعد النون من نفس الكلمة فأجاب عنه البصريون بأن سقوطه في الوصل في الأغلب مع فتح النون أو سكونه يدل على زيادته، وأما نحن للمتكلم مع الغير وهو كالمرفوع المتصل في صلاحيته للمثنى والمجموع مذكرين كانا أو مؤنثين، والدليل عليه ما مر

Zوتحريك نون نحن إنما هو للساكن وضمه إما لكونه ضميرا مرفوعا، وإما لدلالته على المجموع الذي حقه الواو "والأصل في" اطراد أمثلة لفظة "هو أن يقال هو هوا هوو" على ما هو مذهب البصريين؛ لأن الواو في هو والياء في هي من أصل الكلمة عندهم، وأما عند الكوفيين فللاشباع تقوية للاسم والضمير في هو الهاء وحدها بدليل سقوطها في التثنية والجمع والأول هو الأوجه؛ لأن حرف الاشباع لا يتحرك وأيضا حرف الإشباع لا يثبت في آخر الكلمة إلا لضرورة، وإنما حركت الواو والياء لتصير الكلمة بالفتحة مستقلة حتى يصح كونهما ضميرا منفصلا، إذ لولا الحركة لكانتا كأنهما للإشباع على ما ظن الكوفيون، ولهذا إذا أردت عدم استقلالهما أسكنت الواو والياء نحو إنهو وبهى "لكن جعل الواو ميما في الجمع" وقوله: "لاتحاد مخرجهما" وهو الشفة تعليل للقلب الخاص قدمه على تعليل مطلق القلب؛ أعني قوله: "ولكراهية اجتماع الواوين في الطرف" فإن الواو أثقل حروف العلة فيكون اجتماعهما ثقيلا مع أن اجتماع المجانسين مطلقا ثقيل وخاصة في الضمير؛ لأنه ضعيف بسبب إبهامه نظرا إلى ظاهر قوله جعل الواو ميما، وإلا فاللائق تأخيره "فصار" الجمع بعد الجعل المذكور "همو ثم حذفت الواو كما" أي كحذفها الذي "مر في ضربتمو" في أنه إنما واقع لعدم وجود اسم آخره واو ما قبلها مضموم "وحملت التثنية عليه" أي على الجمع في الجعل في الجعل المذكور، وإن لم يكن علة الجعل موجودة فيها طردا أو مشاكلة "وقيل" إمنا لم يبق الواو على حالها في التثنية "حتى" لا يقع الفتحة على الواو الضعيف وهي وإن كانت خفيفة بالنسبة إلى أختيها إلا أنها في نفسها حركة وهي ثقيلة، وإنما جعل ميما دون غيره لاتحاد مخرجهما مع أنه من حروف الزيادة وهو قوي فالأولى أن "يقع الفتحة على الميم القوي" المتحد المخرج بالواو "وأدخل الميم في أنتما" إذ الأصل أن يقال: أنت أنتا أنتو أنت أنتا أنتن بتخفيف النون "كما" أي كالإدخال الذي "مر في ضربتما" في أنه إنما وقع حتى لا يلتبس ألفه بألف الإشباع في الوقف "وحمل الجمع" للخطاب وهو أنتموا أنتمن "عليه" أي على أنتما في إدخال الميم وإن لم يوجد علة الإدخال فيه وبقي العمل فيهما كما في ضربتم وضربتن "ولا تحذف واو هو" وإن كان في آخر الاسم واو قبلها ضمة

_ Qالمتصل من أن المتكلم يرى في أكثر الأحوال أو يعلم بصوته أنه مذكر أو مؤنث، وتحريك النون لالتقاء الساكنين، وضمه إما لكونه ضميرا مرفوعا، وإما لدلالته على المجموع الذي حقه الواو، وأما أنت إلى أنتن فالضمير عند البصريين أن وأصله أنا وكأن أنا عندهم ضمير صالح لجميع المخاطبين والمتكلم فابتدءوا بالمتكلم، وكان القياس أن يبينوه بالتاء المضمومة نحو أنت إلا أن المتكلم لما كان أصلا جعلوا ترك العلامة له علامة وبينوا المخاطبين بتاء حرفية بعد أن، ومذهب الفراء أن أنت بكماله اسم والتاء من نفس الكلمة، ومذهب بعض الكوفيين وابن كيسان أن الضمير التاء المتصرفة كما كانت عند الاتصال، لكنهم لما أرادوا انفصالها دغموها بأن لتستقل لفظا "والأصل في هو أن يقال" في تثنيته "هوا" وفي جمعه "هووا" كما يقال ضربا ضربوا. اعلم أن الواو في هو والياء في هي من أصل الكلمة لا للإشباع عند البصريين؛ لأن حرف الإشباع لا يتحرك، وأيضا لا يثبت حرف الإشباع إلا ضرورة، وأما عند الكوفيين هما للإشباع والضمير الهاء وحدها بدليل التثنية والجمع فإنك تحذفهما فيهما، وأنت تعلم أن ما ذكره البصريون من الدليلين حجة على الكوفيين وحذفهما في التثنية والجمع لا ينافي كونهما من أصل الكلمة، فالقياس عند البصريين أن يقال في التثنية والجمع هوا هووا "ولكن جعل الواو ميما في الجمع لاتحاد مخرجهما" وهو الشفة "واجتماع الواوين" واو الضمير والواو الذي هو جزء الضمير واجتماعهما غير جائز؛ لأن الواو أثقل حروف العلة مع أن الأول مضموم فاجتماعهما في غاية الثقل "فصار همو ثم حذفت الواو لما مر" أي لعلة مذكورة "في ضربتمو" وهو أنه لا يوجد اسم آخره واو ما قبلها مضموم وأسكنت الميم؛ لأن ضمها لأجل الواو فصار هم "وحملت التثنية عليه" في جعل الواو ميما فصارت هما "وقيل" جعلت الواو في التثنية ميما "حتى يقع الفتحة على الميم القوي" لا على الواو الضعيف هذا بيان لما في الكتاب. وقال الفاضل الرضي: وكان القياس في المثنى والمجموع على مذهب البصريين هوما وهيما وهوم وهين فخفف بحذف الواو والياء، والكلام في زيادة الميم وحذف الواو في جمع المذكر وزيادة النونين في جمع المؤنث على ما ذكرنا في المتصل سواء انتهى عبارته؛ يعني زيدت الميم في التثنية لدفع التباس ألف التثنية بألف الإشباع، وفي الجمع لدفع التباس واو الجمع بواو الإشباع، وحذفت واو الجمع في همو؛ لأنه لا يوجد اسم آخره واو ما قبلها مضموم وزيدت في هن نون مشددة لتكون بإزاء الميم واو أو في المذكر فتبصر "وأدخل الميم في أنتما لما مر في ضربتما" يعني أن القياس أيضا في تثنية أنت وجمعه أنتا وأنتو لكن لما التبس ألف التثنية بألف الإشباع في أنتا أدخل الميم فيه لدفع الالتباس، كما في ضربتما فصار أنتما وعلة تعيين الميم بالزياد لدفع الالتباس قد مرت "وحمل الجمع عليه" في زيادة الميم فصار أنتموا فحذفت الواو لما مر وأسكنت الميم فصار أنتم "ولا تحذف واو هو" مع أن القياس الحذف؛ لأنه اسم آخره واو ما قبلها مضموم.

Z"لقلة حروفه من القدر الصالح" أي من المقدار الذي يصلح أن يكون ذلك المقدار كلمة وهو ثلاثة أحرف؛ حرف للابتداء به، وحرف للوقف عليه، وحرف للتوسط بينهما "وتحذف واو هو" جواز "إذا تعانق " هو "بشيء آخر" أي اتصل بأوله شيء آخر اتصال تعانق حتى يكون كجزء منه وعاملا فيه ويوجب كونه ضميرا متصلا من مضاف، نحو: غلامه أو حرف جر، نحو: له أو فعل، نحو: ضربه، وإنما قال: إذا تعانق ولم يقل إذا اتصل لئلا يرد عليه نحو "لهو البلاء، ولهي الحيوان" فإن اللام فيهما ليست بمعانقة معهما على ما فسرنا التعانق "لحصول كثرة الحروف بالمعانقة مع وقوع الواو في الطرف" وقبله ضمة، ولذلك لا تحذف ياء هو وإن تعانق بشيء آخر، بل تقلب ألفا كما يجيء "و" حينئذ "يبقى الهاء مضموما على حاله" قبل حذف الواو إن لم يمنع منه مانع "نحو له" وجاءني غلامه وضربه. واعلم أنهم لما أرادوا وضع المتصل الغائب في الضمير المنصوب اختصروه بفرديه من المرفوع المنفصل الغائب على ما هو مقتضى وضع المتصل فحذفوا حركة الواو والياء من هو وهي، ثم إذا اتصل بشيء فلا يخلو من أن يكون ما قبل الهاء متحركا أو ساكنا؛ فإن كان ساكنا فالجمهور على حذف الواو سواء كان الساكن حرف لين كعليه أو غيره كمنه؛ لأن الهاء حرف خفي فكأنه التقى ساكنان وابن كثير يثبت الواو والياء المنقلبة منه نحو عليهي ومنهو فكأنه نظر إلى وجود الهاء وإن كان متحركا يثبت الواو والياء المقلوبة منه نحو بهى ولهو وضربه؛ لأن الواو في حكم المعدوم بسبب إسكانه؛ لأن الحرف الذي أسكن كالميت فصار كأنه لم يوجد في آخر الاسم واو ولا يرد واو ضربتمو إذ هو ساكن من الأصل، وأما عدم ثبوتهما في الخط حينئذ فللحمل على ما سكن قبل الهاء فيه وبنو عقيل وكلاب يجوزون حذف الواو والياء حال الاختيار مع إبقاء ضمة الهاء وكسرتها نحو به وغلامه حملا له على الساكن فقوله: ويحذف إذا تعانق إلخ، إما إشارة إلى مذهب الجمهور في الساكن وإلى لغة بني لغة بني عقيل وكلاب في المتحرك أو المراد به الحذف من اللفظ في الكل والواو الثابت في المتحرك حينئذ يكون من إشباع الحركة لتحسين اللفظ بعد حذف الواو للعلة المذكورة، وأما إرادة الحذف من الخط فيأباه سياق الكلام "ويكسر الهاء" بعد حذف الواو من هو "إذا كان ما قبله" أي الهاء "مكسورا أو ياء ساكنة حتى لا يلزم الخروج من الكسرة" التحقيقية والتقديرية "إلى الضمة" التحقيقية وهو ثقيل بالوجدان "نحو" عبد "غلامه" فيما كان ما قبله مكسورا "وفيه" فيما كان قبله ياء ساكنة وعليه ولديه وأشباهها وأما ضم الهاء في "وما أنسانيه، وعليه الله" على قراءة عاصم في رواية حفص فلعله على لغة أهل الحجاز فإنهم يبقون ضمة الهاء على الأصل وإن كان ما قبلها ياء أو كسرة نحو بهو ولد يهو، وأما حذف الواو فيهما فلعله على مذهب الجمهور أو نقول لعل ضم الهاء فيهما للحمل على نحو منه "ويجعل ياء هي ألفا" فيصير هاء مع أن الأصل على ما هو مذهب البصريين أن يقال: هي هياهين ويجعل كسرة ما قبلها فتحة للألف إذا تعانق بشيء آخر نحو بها حتى لا يلتبس المؤنس بالذكر؛ لأن ضمير المذكر إذا ولي الياء أو الكسرة قلبت واوه؛ لأن الهاء حرف خفى فهو إذا حاجز غير حصين، وكأن الواو الساكنة وليت الكسرة أو الياء فقلبت ياء وكسرت الهاء لأجل الياء بعدها، فلو لم تقلب ياء هي ألفا لالتبس المؤنث بالمذكر في مثل: بهي وجعل في غيره ألفا أيضا طردا للباب نحو: لها، وإذا لم يكن ما قبل الهاء ياء أو كسرة فهو مضموم على

_ Q"لقلة حروفه من القدر الصالح" أي من المقدار الذي يحتاج إليه في الكلمة وهو ثلاثة أحرف حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يتوسط بينهما "ويحذف" واو هو "إذا تعانق" أي اتصل "بشيء آخر" قبله سواء كان فعلا نحو: ضربه أو اسما نحو غلامه أو حرفا نحو به "لحصول كثرة الحروف بالمعانقة مع وقوع الواو على الطرف وتبقى الهاء مضموما على حاله نحو: له" بالاتفاق "إذا لم يكن ما قبلها مكسورا أو ياء ساكنة" إلا ما حكى أبو علي أن ناسا من بكر بن وائل يكسرونها في الواحد والمثنى والجمعين، نحو: منه منهما منهم منهن؛ إتباعا لحركة الميم وعدوا الحاجز غير حصين لسكونه "وتكسر الهاء" بعد حذف الواو منه "إذا كان ما قبلها مكسورا أو ياء ساكنة حتى لا يلزم الخروج من الكسرة" أي التحقيقية في الأول ومن التقديرية في الثاني "إلى الضمة" التحقيقي "في" نحو عبد "غلامه وفيه" هذا عند غير أهل الحجاز، وأما هم فيبقون ضمتهما على أصلها كأن يبقون في غير هذين الصورتين، ويقولون بهن واليهو وعليهو بالإشباع وبغيره وعليه قراءة من قرأ "ومن أوفى بما عاهد عليه الله وهو" أي حذف الواو من هو إذا تعانق بشيء مطرد" عند جميع الألفاظ إلا في لام الابتداء والفاء، نحو: لهو وفهو وتسكين الهاء فيهما للتخفيف جائز كثيرا كما يجوز بعد الواو "نحو وهو وإن جاز ضمها في هذه الثلاثة، ولعل السر في عدم حذف الواو فيهما أنه لما أسكن الهاء حصل التخفيف في الكلمة فلم يحتج إلى حذف الواو تخفيفا "وتجعل ياء هي ألفا" أي عند التعانق والاتصال؛ لأنه لو حذف التبس بضمير المذكر وهو ظاهر، ولو بقي على أصله التبس بالمذكر أيضا؛ لأن ضميره إذا وفى الكسر قلبت واوه ياء في بعض اللغة، نحو: بهي، فلا جرم تجعل ألفا لخفته ويفتح الهاء لأجله

Zما كان عليه نحو له ومنه وغلامه وضربه "كما تجعل الياء" المتطرفة حقيقة أو حكما المكسور ما قبلهما ألفا للتخفيف "في يا غلامي" ويقال: "يا غلاما وفي يا بادية يا باداة" وغير الأسلوب في بادية حيث ذكر لفظة نحو إشارة إلى أن الياء فيه متطرفة حكما "وتجعل ياء هي ميما في التثنية" أي في تثنية هي ويجعل كسرة الهاء ضمة إتباعا للميم كما مر في ضربتما؛ يعني لم يترك الياء على حالها "حتى لا تقع الفتحة على الياء الضعيف مع ضعفها" أي مع بقاء ضعف الياء وعدم عروض القوة لها بأن أسكن ما قبلها كظبي وخصت الميم إتباعا لمذكره "وشدد نون هن"؛ لأن أصله همن "كما مر" من أن الأصل "في ضربتن" ضربتمن "واثنا عشر" نوعا من تلك الأنواع الستين "للمنصوب المتصل نحو ضربه" تقول ضربه ضربهما ضربهم ضربها ضربهما ضربك ضربكما ضربك ضربكما ضربكن ضربني منتهيا "إلى ضربنا" إلى آخرها على الفتحة لانتفاء علة الإسكان لما ذكر في ضربك "ولا يجوز فيه" أي في الضمير المتصل "اجتماع ضميري الفاعل والمفعول" أي ضميرين متصلين متحدين في المعنى "في مثل ضربتك" بفتح التاء "و" في مثل "ضربتني" بضم التاء؛ أي لا يجوز أن يقال: ضربتك وضربتني "حتى لا يصير الشخص الواحد فاعلا ومفعولا" به "في حالة واحدة" بل لو أريد ذلك يقال ضربت نفسك وضربت نفسي؛ فإن النفس بإضافتها إلى الضمير صارت كأنها غيره لغلبة مغايرة المضاف للمضاف إليه بخلاف مثل: ضربتك فإن الضميرين فيه متفقان معنى ومن حيث إن كل واحد منهما ضمير متصل "إلا" أي لكن يجوز ذلك الاجتماع "في أفعال القلوب نحو علمتك" بفتح التاء "فاضلا وعلمتني" بضم التاء "فاضلا؛ لأن المفعول الأول ليس بمفعول في الحقيقة"؛ لأن المفعول الذي تعلق به العلم في الواقع هو المفعول الثاني فذكر

_ Qنحو بها "كما تجعل" الياء "في" مثل "يا غلامي" ألفا لخفته فيقال: "يا غلاما و" تجعل "في نحو يا بادية" ألفا لخفته فيقال "يا باداة وتجعل ياء هي ميما في التثنية" يعني القياس أن يقال هيا لكن أبدلت من الياء ميم "حتى لا تقع الفتحة على الياء على الضعيف مع ضعفها" أي مع ضعف الفتحة وضمت الهاء لأجل الميم فصارت هما "وشدد نون هن كما مر في ضربتن" فيقال: ها هنا أصل هن همن فأدغم الميم في النون لقرب الميم من النون فصار هن. ولما فرغ من الضمير المرفوع متصلا أو منفصلا شرع في المنصوب فبدأ بمتصله فقال: "واثنا عشر للمنصوب المتصل" أي اثنا عشر لفظا لثمانية عشر معنى كما في المرفوع، وإنما قدم المنصوب على المجرور؛ لأن النصب علامة المفعول بلا واسطة والجر علامته بواسطة "نحو ضربه إلى ضربنا" أي ضربه ضربهما ضربهم ضربها ضربهما ضربهن ضربك ضربكما ضربكم ضربك ضربكما ضربكن ضربني ضربنا فالصيغة المذكورة أربعة عشر والضمير اثنا عشر بسبب اشتراك التثنيتين كما مر في المرفوع وقس عليه التثنية، نحو: ضرباه ضرباهما ضرباهم إلخ، والجمع نحو ضربوه ضربوهما ضربوهم وقس على الماضي المضارع نحو يضربه ويضرباه ويضربوه "ولا يجوز فيه" أي في المنصوب المتصل "اجتماع ضميري الفاعل والمفعول في" مثل "ضربتك" بفتح الكاف والتاء أو بكسرهما "وضربتني" بضم التاء يعني لا يجوز أن يكون فاعل ومفعوله ضميرين لشخص واحد "حتى لا يصير الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة" وفي هذا الدليل نظر إذ يجوز أن يصير الشخص الواحد فاعلا ومفعولا في حالة واحدة لجواز أن يقال ضربت نفسك وضربت نفسي، والصواب ما ذكره الفاضل الرضي؛ وهو أنه لا يجوز اجتماع ضميري الفاعل والمفعول لشيء واحد في غير أفعال القلوب؛ لأن أصل الفاعل أن يكون مؤثرا والمفعول متأثرا منه، وأصل المؤثر أن يغاير المتأثر، فإن اتحدا معنى كره اتفاقهما لفظا فلهذا لا يقول: ضرب زيد زيدا وأنت تريد ضرب زيد نفسه فلم يقولوا ضربتني ولا ضربتك وإن تخالفا لفظا الضميريين لاتحادهما معنى ولاتفاقهما في كون كل واحد منهما ضميرا متصلا فصدوا مع اتحادهما معنى تغايرهما لفظا بقدر الإمكان، فقالوا: ضرب زيد نفسه وضربت نفسي وضربت؛ لأنه صار النفس بإضافته إلى الضمير فيها كأنه غير لغلبة مغايرة المضاف للمضاف إليه "إلا في أفعال القلوب" وهي سبعة بالاستقراء، نحو: علمت ورأيت ووجدت وظننت وحسبت وخلت وزعمت، وإنما سميت بها؛ لأن الثلاثة الأول لليقين والباقي للشك وكل منهما فعل القلب "نحو علمتك" بفتح التاء والكاف "فاضلا وعلمتني" بضم التاء "فاضلا" فجاز فيهما اجتماع ضميري الفاعل والمفعول لشخص واحد "لأن المفعول الأول" وحده وكذا الثاني وحده "ليس بمفعول في الحقيقة" وإن كان مفعولا في الظاهر؛ إذ المفعول في الحقيقة مضمون الجملة لتعلق معنى الفعل به، فإنك إذا قلت: علمت زيدا فاضلا، فمتعلق علمك ليس زيدا وحده ولا فاضلا وحده، بل هو زيد من حيث إنه فاضل، وهذا معنى قولهم وضع أفعال القلوب لمعرفة الشيء بصفته فلما لم يكن الضمير الأول وحده ولا الثاني وحده مفعولا حقيقة جاز اتفاقهما في كون كل واحد منهما ضميرا متصلا فقوله: إلا في أفعال القلوب استثناء متصل من قوله: ولا يجوز ضميري الفاعل والمفعول بحسب الظاهر لا بحسب الحقيقة تدبر ومما حققناه من المفعول في الحقيقة مضمون الجملة إلخ، ظهر بطلان ما ذكره بعض الشارحين من أن تعلق أفعال القلوب في الحقيقة بالمفعول الثاني لا بالمفعول الأول فكأن الأول غير موجود؛ لأنك إذا قلت: ظننت زيدا قائما فالمظنون هو القيام لا ذات زيد

Zالأول إنما هو ليترتب الثاني عليه فلم يؤد الجمع بينهما إلى مكروه؛ لأنهما ليسا في نفس الأمر فاعلا ومفعولا "ولهذا" أي لأجل أن الأول ليس بمفعول في الحقيقة "قيل في تقديره" أي تقدير ما ذكر من علمتك فاضلا "علمت فضلك و" من علمتني" فاضلا "علمت فضلى" فيظهر بهذا التقدير أن الأول ليس بمفعول حقيقة "واثنا عشر" منها "للمنصوب المنفصل نحو إياه ضرب" تقول: إياه ضرب إياهما ضربا إياهم ضربوا إياها ضربت إياهما ضربتا إياهن ضربن إياك ضربت إياكما ضربتما إياكم ضربتم إياك ضربت إياكما ضربتما إياكن ضربتن إياي ضربت منتهيا "إلى إيانا ضربنا و" منها "اثنا عشر نوعا للمحرر المتصل نحو ضاربه" تقول ضاربه ضاربهما ضاربهم ضاربها ضاربهما ضاربهن ضاربك ضاربكما ضاربكم ضاربك ضاربكما ضاربكن ضاربني منتهيا "إلى ضاربنا" ولفظ المجرور كلفظ المنصوب المتصل وذلك بحمله عليه، وإنما حمل عليه؛ لأن المجرور مفعول أيضا لكن بواسطة، وإنما حمل على المتصل؛ لأن المجرور يجب أن يكون متصلا "وفي مثل ضاربي" أي في الجمع المذكر السالم إذا أضيف إلى ياء المتكلم "جعل الواو ياء"؛ لأن الواو والياء إذا اجتمعتا وكانت الأولى ساكنة قلبت الواو ياء؛ لأن مخرجي الواو والياء وإن تباعدا لكنهما يجريان مجرى المثلين لما فيهما من المد وسعة المخرج فكرهوا اجتماعهما كما كرهوا اجتماع المثلين، فقلبوا الواو ياء وأدغموها في الياء، وقيل: إنما قلبوا الواو ياء؛ لأنه لا يخلو من أن يكون الواو هي الأخيرة أو هي الأولى؛ فإن كانت الأولى فإنهم استثقلوا الخروج من واو لازمة إلى ياء لازمة؛ لأنه أثقل من الخروج من ضم لازم إلى كسر لازم، وهذا الخروج مستثقل فكيف بالخروج الأول، وإن كانت الأخيرة فإنهم استثقلوا الخروج من ياء لازمة إلى واو لازمة؛ لأنه أثقل من الخروج من كسر لازم إلى ضم لازم وهذا ثقيل، فكيف بالأول، وإنما اشترط أن تكون الأولى ساكنة ليمكن الإدغام وإنما جعل الانقلاب إلى الياء؛ لأنها أخف، وقيل: لأن الإدغام في حروف الفم أقوى لكثرتها، والواو من حروف الشفة وهي قليلة والإدغام فيها ضعيف "ثم أدغم" الياء المنقلبة في ياء المتكلم للجنسية ثم كسر ما قبل الياء لأجل الياء "كما" أي كالجعل والإدغام اللذين وقعا "في مهدي مهدوي" جعل الواو ياء ثم أدغم وكسر

_ Q"ولهذا" أي ولأجل أن المفعول الأول وكذا الثاني ليس بمفعول في الحقيقة "قيل في تقدير" كل واحد من المثالين "علمت" بفتح التاء "فضلك" بجعل المفعولين مفعولا واحدا مضافا أحدهما إلى الآخر "و" كذا في "علمت فضلى" بضم التاء ومن المنصوب المتصل ما يتصل بإن وسائر الحروف النواصب، نحو: إنه إنهما إنهم إنها إنهما إنهن إنك إنكما إنكم إنك إنكما إنكن إنني "واثنا عشر" لفظا لثمانية عشر معنى "للمنصوب المنفصل، نحو: إياه ضرب إلى إيانا ضربنا" أي إياه ضرب إياهما إياهم ضربوا إياها ضربت إياهما ضربتما إياهن ضربن إياك ضربت إياكما ضربتما إياككم ضربتم إياك ضربت إياكما ضربتما إياكن ضربتن إياي ضربت إيانا ضربنا. اعلم أنهم اختلفوا في الضمير المنصوب المتصل، فقال سيبويه: إن الضمير هو إيا وما يتصل به بعده حرف يتبدل على حسب أحوال المرفوع إليه من التكلم والغيبة والخطاب؛ لكون إيا مشتركا كما هو مذهب البصريين في التاء التي بعد أن في أنت وأنت وأنتما وأنتم وأنتن كما مر. وقال الزجاج والسيرافي: إيا اسم ظاهر مضاف إلى المضمرات فكان إياك بمعنى نفسك، وقال قوم من الكوفيين: إياك وإياه وإياي أسماء بكمالها، وهو ضعيف؛ إذ ليس في الأسماء الظاهرة ولا المضمرات ما يختلف آخره كافا وهاء وياء. وقال بعض الكوفيين وابن كيسان من البصريين: إن الضمائر هي اللاحقة من الكاف والهاء والياء كما كانت عند الاتصال لكن لما أرادوا انفصالها دغموها بابا لتستقل لفظا، كما قالوا في أنت: إن الضمير التاء المتصرفة ولفظ أن دعامة لها. قال الفاضل الرضي: وما أرى هذا القول بعيدا من الصواب في الموضعين هذا كله بكسر همزة إيا وقد تفتح، وقد تبدل هاء مفتوحة ومكسورة، نحو: هياك، وفي الضمير المنصوب المنفصل أقوال أخر غير ما ذكرنا تركتها لئلا يطول الكلام. ولما فرغ من المنصوب متصلا ومنفصلا شرع في المجرور فقال: "واثنا عشر" لفظا لثمانية عشر معنى "للمجرور والمتصل نحو ضاربه إلى ضاربنا" أي ضاربه ضاربهما ضاربهم ضاربها ضاربهما ضاربهن ضاربك ضاربكم ضاربك ضاربكما ضاربكن ضاربني ضاربنا وقس عليه تثنية المضاف نحو ضارباه ضارباهما ضارباهم إلى ضاربانا وجمعه، نحو: ضاربوه ضاربوهما ضاربوهم إلى ضاربونا. واعلم أن الضمير المجرور المتصل على ضربين ضرب بالإضافة كما ذكره المصنف وضرب بالحروف الجارة نحو به بهما إلى بنا وعليه وعليهما وإليه وإليهما "جعل الواو ياء ثم أدغم" الياء في الياء وكسر ما قبله لأجله فصار ضاربي بكسر الياء وفتحها "كما" جعل الواو ياء في "مهدي" لتلك العلة "أصله مهدوي" بوزن مضروب. ولما فرع من بيان أبنية الضمائر وتعداد أمثلتها بأنواعها الخمسة التي ترتقي جملتها إلى ستين نوعا شرع فيما يستتر منها وفي مواضع استتارها فقال:

Zما قبل الياء لما ذكر "والمرفوع المتصل يستتر في خمسة مواضع" جوازا في بعضها ووجوبا في بعضها، وقوله: "في الغائب" بدل من قوله: في خمسة لا غير وكذا المعطوفات؛ أي يستتر الضمير المتصل جوازا في الغائب المفرد من الماضي "نحو" زيد "ضربت" وفي المضارع نحو زيد "يضرب و" في الأمر نحو زيد لـ "يضرب و" في النهي نحو زيد "لا يضرب و" يستتر جوازا أيضا "في الغائبة" المفردة ماضيا "نحو" هند "ضربت و" مضارعا نحو هند "تضرب و" أمرا نحو هند "لتضرب و" نهيا نحو هند "لا تضرب و" يستتر وجوبا "في المخاطب" المفرد "الذي في غير الماضي" مضارعا "نحو" أنت "تضرب و" نهيا نحو أنت "لا تضرب" وإنما قيد بقوله في غير الماضي؛ لأنه لا يستتر في خطاب الماضي مطلقا كما يجيء، وأما في المخاطبة المفردة من غير الماضي ففيها خلاف فعند بعضهم يستتر فيها، وإليه الإشارة بقوله: "وياء تضربين علامة الخطاب وفاعله مستتر فيه عند" أبي الحسن "الأخفش" إجراء لمفردات المضارع مجرى واحدا في عدم إبراز ضميرها أو استنكار الكون ضمير المفرد؛ أعني الياء أثقل من ضمير المثنى أعني الألف مع أن القياس يقتضي أن يكون أخف، ويرد على قول الأخفش اجتماع علامتي الخطاب، اللهم إلا أن يقال: إن التاء تجردت للتأنيث كاللام في يا ألله فإنها مجردة للتعويض "وعند العامة" أي الجمهور "هي" أي ياء تضربين "ضمير بارز للفاعل" ولا مستتر فيه "كواو يضربون"؛ لأنه ضمير بارز ولا مستتر فيه وعلامة التأنيث والخطاب فيه عندهم هو الياء "وعين الياء" للفاعل "في تضربين للتأنيث" عندهم مع أن القياس أن يعين التاء له إلا أن علامة الخطاب في أوله؛ أعني التاء منعت من زيادة تاء أخرى "لمجيئه في هذي أمة الله للتأنيث" سواء كانت صيغة موضوعة للتأنيث أو كانت الياء بدلا عن الهاء في هذه "ولم يزد في تضربين" للفاعل بدل الياء "من حروف أنت" بكسر التاء مع أن القياس أن يزاد من حروفه؛ لأنه المضمر تحته "للالتباس بالتثنية في زيادة الألف" منها "واجتماع النونين" بغير فاصل "في زيادة النون" منها "وتكرار التاءين في زيادة التاء" منها "وإبراز الياء" في تضربين ولم يستتر "للفرق بينه" أي تضربين "وبين جمعه" وهو تضربن؛ إذ لو استتر الياء وقيل تضربن في المفردة والمخاطبة التبس بتضربن جمع للمخاطبة "ولم يفرق" بينه وبين جمعه "بحركة ما قبل النون" في تضربين على تقدير الاستتار وسكونه في الجمع "حتى لا يلتبس" نونه

_ Qوالمرفوع المتصل يستتر في خمسة مواضع" سيجيء علة استتار المرفوع المتصل في هذه المواضع الخمسة، وعلة عدم استتار المنصوب والمجرور؛ أما عدم استتار المرفوع فلمنافاة الاستتار الانفصال، ومما يجب أن يعلم أن الأصل في الضمائر المرفوعة المتصلة الاستتار؛ لأنه أخصر ثم الإبراز عنه خوف اللبس بالاستتار لكونه أخصر من الانفصال قوله: "في الغائب" مع ما عطف عليه بدل من قوله: في خمسة مواضع؛ أي يستتر الضمير المرفوع المتصل في الغائب المفرد دون مثناة وجمعه ماضيا كان أو مضارعا مثبتا كان أو منفيا "نحو" زيد "ضرب ويضرب وليضرب ولا يضرب" وكذا لم يضرب ولن يضرب "و" في "الغائبة" المفردة ماضيا كان أو مضارعا "نحو" هند "ضربت وتضرب ولتضرب و" كذا "لا تضرب" ولم تضرب ولن تضرب "وفي المخاطب" المفرد "الذي في غير الماضي" مستقبلا كان أوامر أو نهيا، وإنما قال في غير الماضي؛ لأن المخاطب في الماضي لا يستتر فيه الضمير، بل يكون بارزا مفردا أو مثنى أو مجموعا مذكرا أو مؤنثا "نحو" أنت "تضرب واضرب ولا تضرب" وكذا لم تضرب ولن تضرب "وياء تضربين علامة الخطاب" فقط لا فاعل "وفاعلة مستتر" استتارا لازما "عند الأخمش" إما لاجراء مفردات المضارع مجرى واحد في عدم إبراز ضميرها، وإما لئلا يلزم أن يكون ضمير المفرد أثقل من ضمير المثنى مع أن القياس يقتضي أن يكون أخف "وعند العامة" أي جمهور أهل العربية "هي" أي ياء تضربين "ضمير بارز" وفاعل "الفعل كواو يضربون" فالتاء علامة الخطاب عندهم، وأما عند الأخفش فيجوز أن يكون علامة التأنيث فقط فلا يلزم اجتماع علامتي الخطاب عنده واعلم أن ما نقله المصنف عن الأخفش غير مطابق لمذهبه؛ إذ الياء في تضربين عنده علامة التأنيث لا علامة الخطاب؛ إذ علامة الخطاب التاء، قال الفاضل الرضي: قال الأخفش: إن الياء في تضربين ليس بضمير، بل حرف تأنيث كما قيل في هذي "وعين الياء في تضربين" عند العامة للفاعل "لمجيئه في هذي" أي لمجيء الياء في هذي "أمة الله للتأنيث" أي علامة له فقط فلما احتيج إلى إبراز ضمير المؤنث ناسب إبراز ما كان علامة للتأنيث في الأصل واعترض عليه بأن الياء يجوز أن يكون بدلا من الهاء في هذي فلا يكون حينئذ للتأنيث ورد بأنه لا يضر كونه للتأنيث أن يكون بدلا من الهاء؛ إذ يكفي مجرد كونه علامة التأنيث أصيلا كان أو مبدلا، وأقول في هذا الجواب نظر؛ إذ الياء على تقدير كونه مبدلا من هاء هذه لا يدل على التأنيث، بل الدال عليه حينئذ هذي بصيغة كهذه فافهم "ولم يزد في تضربين من حروف أنت" بكسر التاء مع أن المناسب أن يزاد منه لدلالته على المخاطبة "للالتباس" في زيادة الألف "بالتثنية واجتماع النونين في" زيادة "النون وتكرار التاءين في" زيادة "التاء وإبراز الياء" في تضربين ولم يستغرق للفرق "بينه وبين جمعه" وهو تضربن "ولم يفرق" بينهما "بحركة ما قبل النون" في تضربين على تقدير استتار الياء وسكونه في الجمع "حتى لا يلتبس" أي تضربين

Zالذي هو الإعراب "بالنون الثقيلة" أو هو بالمذكر المؤكد بالنون الثقيلة "في الصورة" وإن لم يلتبس حقيقة إذ أحد النونين مخفف والآخر مشدد أو إحدى الكلمتين ملتبسة بالنون المخففة والأخرى بالثقيلة "ولا" يفرق أيضا "بحذف النون" من تضربين "حتى لا يلتبس بالمذكر" المخاطب خصه بالذكر وإن كان الالتباس بالمؤنث الغائبة حاصلا لمناسبة المؤنث المخاطبة وبالمذكر المخاطب في الخطاب ومناسبتها بالمؤنث الغائبة في التأنيث وإن كانت حاصلة إلا أن البحث لما كان في الخطاب اعتبر الالتباس بالمذكر والمخاطبة "و" يستتر الضمير المتصل وجوبا "في المضارع المتكلم" مطلقا "نحو" أنا "أضرب" في المتكلم وحده "و" نحن "نضرب" في المتكلم مع غيره "و" يستتر جوازا "في الصفة" مطلقا "نحو" أنا أو أنت أو هو "ضارب" أو نحن أو أنتما أو هما "ضاربان" أو نحن أو أنتم أو هم "ضاربون إلى آخره" أي أنا أو أنت أو هي ضاربة ونحن أو أنتما أو هما ضاربتان ونحن أو أنتن أو هن ضاربات "استتر" أي وقع الاستتار "في" الضمير "المرفوع دون المنصوب والمجرور؛ لأنه" أي المرفوع "بمنزلة جزء الفعل"؛ لأنه فاعل فجوزوا في باب الضمائر المتصلة التي وضعها للاختصار استتار الفاعل؛ لأن الفاعل وخاصة الضمير المتصل كجزء الفعل كما مر، فاكتفوا بلفظ الفعل كما يحذف من آخره الكلمة المشتهرة بشيء ويكون فيما أبقى دليل على ما أبقى كما في الترخيم، وليس المراد أن الدال على الفاعل هو الفعل، وإلا لزم أن يكون نحو: ضرب فعلا واسما؛ لأنه حينئذ كما دل على حدث مقترن بالزمان كذلك دل على ذات الفاعل غير مقترن بالزمان، فاشتمل على حقيقة الفعل والاسم وهما متضادان، بل المراد أن الدال على الفاعل هو ذلك الضمير إلا أنه استتر ولم يتلفظ به اكتفاء عنه في اللفظ بلفظ الفعل، وليس المراد أيضا من قولهم: إن الفاعل في زيد ضرب هو هو أن المقدر ذلك المصرح به؛ لأنه لا بد أن يكون ضمير المفرد أقل من ضمير المثنى مع أن لفظة هو أكثر من ألف الضمير في ضربا، وأيضا لو كان المنوي هو هو المصرح به لزم أن لا يجوز الفصل بين الفعل وبينه مع أن ذلك جائز، نحو: ما ضرب إلا هو، وإنما قالوا ذلك تجوزا منهم لضيق العبارة عليهم في ذلك؛ لأنه لم يوضع للضمير المستتر لفظ فعبر عنه بلفظ المرفوع المنفصل لكونه مرفوعا مثل المقدر

_ Q"بالنون الثقيلة" حق العبارة أن يقال بالمخاطبة المؤكدة بالنون الثقيلة لكنه تسامح بناء على ظهور المراد "في الصورة" أي في صورة الكتابة لا في التلفظ؛ لأن النون الثقيلة التي تدخل المخاطب مشددة ونون المخاطبة مخففة قوله: "ولا بحذف النون" عطف على قوله: بحركة ما قبل النون، ولفظة لا زائدة لتأكيد النفي؛ أي لم يفرق بينه وبين جمعه على تقدير استتار الياء بحذف النون من المفرد حتى لا يلتبس المخاطبة "بالمذكر" المخاطب؛ فإنك إذا قلت: تضرب لم يعلم أنه مخاطب مفرد أو مخاطبة مفردة، وأيضا يلتبس بالغائبة المفردة، لكنه صرح بالمذكر للمناسبة الخطابية بينهما لنفي ما عداه مع أن المقصود يتم به "وفي المضارع المتكلم" سواء كان وحده أو مع غيره "نحو" أنا "أضرب و" نحن "نضرب" وكذا لم أضرب ولن أضرب ولا أضرب ولم أضرب ولن تضرب ولا نضرب "وفي الصفة" المراد بالصفة ها هنا ما يكون اسما مشتقا وهو أربعة اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل، وإنما سميت صفة لدلالتها على اتصاف الذات بالمصدر، فإن معنى قولك: ضارب مثلا ذات متصف بالضرب؛ يعني يستتر الضمير في الصفة مفردا كان أو مثنى أو مجموعا، مذكرا كان أو مؤنثا "نحو" زيد "ضارب و" زيدان "ضاربان و" زيدون "ضاربون" وهند ضاربة وهندان ضاربتان وهندات ضاربات، وقس عليه سائر الصفات، قال بعض المحققين: وإنما استتر في الصفات؛ لأنها غير عريقة في اقتضاء الفاعل، بل اقتضاؤها له لمشابهتها الفعل فلم يظهر فيها ضمير الفاعل، وقال بعضهم: إنما استتر في الصفات؛ لأن الألف والواو في التثنية والجمع ليسا بضمير كما يجيء، فلو برز الألف في التثنية والواو في الجمع يلزم اجتماع الألفين والواوين فاستتر الألف في المثنى والواو في الجمع المذكورين وكذا استتر النون في ضاربات ومضروبات تبعا للمذكر؛ إذ هو الأصل فإذا استتر في المثنى والجمع كان الاستتار في المفرد أجدر وأولى فيلزم الاستتار في الكل فلا ترى ضميرا بارزا في الصفات وهو المطلوب" ومما يجب أن يعلم أن الصفات كالجوامد الخالية عن الضمير من حيث إنها لا تتغير عند تبديل ضمائرها غيبة وخطابا وتكلما فالمستتر فيه جاز أن يكون غائبا ومخاطبا ومتكلما، فيجوز أن يقال: زيد ضارب وأنت ضارب وأنا ضارب وكذا في التثنية والجمع، فإن قلت: لِمَ لَمْ يذكر المصنف الظروف والجار والمجرور وأسماء الأفعال مع أن الضمير المرفوع المتصل يستتر فيها؟ قلت: إنما لم يذكرها؛ لأن نظره مقصور على المشتقات كما أشرنا إليه في صدر الكتاب، وهذه الثلاثة ليست منها "واستتر في المرفوع" أي وقع الاستتار في الضمير المرفوع "دون" الضمير "المنصوب والمجرور؛ لأنه بمنزلة جزء الفعل" يعني لا يستتر من المضمرات إلا المرفوع؛ لأن المنصوب والمجرور فضلة في الكلام فإنهما مفعولان والمرفوع فاعل، والفاعل كالجزء من الفعل كما مر فيكون أشد اتصالا وامتزاجا فاستتر هو دونهما. ولما فرغ من تعداد مواضع استتار المرفوع المتصل شرع في بيان علة استتارة في تلك المواضع فقال:

Z"واستتر في الغائب" المفرد "والغائبة" المفردة "دون التثنية والجمع" منهما؛ لأنه لو استتر فيهما أيضا أو لم يستتر في المفردين أيضا يلزم الالتباس، ويفهم هذا من بيان رجحان الاستتار في الغائب والغائبة، واختص الاستتار بالمفرد "لأن الاستتار خفيف" وذلك ظاهر "فإعطاء الخفيف للمفرد السابق" لكثرة الاستعمال "أولى دون المتكلم" وحده أو مع غيره "و" دون "المخاطب اللذين في الماضي؛ لأن الاستتار" حالة "قرينة" أي مقرونة بالفعل ودالة على وجوده، فإن أحد المقارنين يلزمه الدلالة على وجود الآخر ولذلك سمى الدلالة قرينة، وهي من عداد الأسماء ولذلك دخلتها التاء لكنها "ضعيفة والإبراز قرينة" دالة عليه "قوية"؛ لأن الأصل كون الفاعل ظاهرا والبارز إنما هو نائب عنه ودال على وجود الفاعل دلالة قوية؛ لأنه قريب من الظاهر من حيث كونه ملفوظا والمستتر نائب عن البارز ودال على الفاعل دلالة ضعيفة؛ إذ لا يشارك الظاهر بوجه "فاعطاء الإبراز القوي للمتكلم القوي" لكونه مبدأ الكلام "والمخاطب القوي" لكونه منتهي الكلام "أولى" من إعطائه الغائب الضعيف الذي لا دخل له في تحصيل الكلام قوله في الغائب حاصل المعنيين الإفراد والغيبة، وقوله دون التثنية والجمع ناظر إلى الأول، وقوله دون المتكلم والمخاطب ناظر إلى الثاني وبدل من دون التثنية والجمع قيل: إنما استتر في الغائب والغائبة دون المتكلم والمخاطب اللذين في الماضي؛ لأنه لما كان مفسرهما لفظا متقدما في الأصل دون المتكلم والمخاطب أريد أن يكون ضمير الغائب أخصر من ضمير بهما فحذف اللفظ من المفرد؛ إذ لا أخف من المحذوف "واستتر في مخاطب المستقبل" المفرد المذكر "ومتكلمه" مطلقا، وإنما ذكر الاستتار فيهما، وإن كان حكمها مفهوما مما سبق من القيد بيانا لعلته وهي قوله: "للفرق" بينهما؛ أي في الماضي وبينهما؛ أي في المستقبل ولم يعكس؛ لأن الماضي أصل والإبراز قوي فأخذه، ولما ذكر عدم الاستتار في المخاطبة فيما يبق وبين سببه هناك لم يتعرض له هنا ولما ذكر أن وقوع الاستتار في بعضهما هو عريق أي أصل في اقتضاء الفاعل أعني الفعل وبين أن سبب الاستتار فيه ضعيف علم بالطريق الأولى أنه يقع الاستتار في الصفة التي هي أضعف من الفعل، وأنها غير عريقة في اقتضاء الفاعل، بل اقتضاؤها إنما هو لمشابهتها الفعل فلم يحتج إلى بيان سبب الاستتار فيها فلذلك لم يذكره "وقيل يستتر في هذه المواضع"

_ Q"واستتر في الغائب والغائبة" أي استتر المرفوع في الغائب المفرد ماضيا كان أو مضارعا، نحو: ضرب ويضرب والغائبة المفردة ماضيا كان أو مضارعا، نحو: ضربت وتضرب "دون التثنية والجمع" منهما "لأن الاستتار خفيف"؛ لأنه تقدير محض من غير تلفظ الشيء، وقد عرفت أن المفرد سابق على المثنى والمجموع "وإعطاء الخفيف للمفرد السابق أولى" من عكسه هذا إجمال لا يسمن من جوع، وإن أردت كلاما مشبعا فاستمع نتلو عليك، وإنما استتر في المرفوع الغائب المفرد والغائبة المفردة في الماضي والمضارع دون تثنيتهما وجمعهما؛ لأن الغائب لما كان مفسرا بغائب مظهر متقدم أرادوا أن يكون ضمائر الغيب أخصر فابتدءوا بالغائب والغائبة المفردين بغاية التخفيف، وهي التقدير من غير أن يتلفظ بشيء منه، ثم جعلوا لمثناهما ولمجموعهما ضمائر بارزة لئلا يلتبس بالمفردين واقتصروا المثنى مذكرا أو مؤنثا على الألف، الذي هو علامة التثنية في كل مثنى والجمع المذكر على الواو والجمع المؤنث على نون واحدة في مقابلة الواو والواحدة، وقول النحاة الفاعل في نحو زيد ضرب وهند ضربت هو وهي تدريس وتفهيم لضيق العبارة عليهم؛ لأنه لم يوضع لهذين الضميرين لفظ فعبروا عنهما بلفظ المرفوع المنفصل لكونه مرفوعا مثل ذلك المقدر لا أن المقدر هو ذلك المصرح به "دون المتكلم" سواء كان وحده أو مع غير، نحو: ضربت وضربنا، هكذا وجدنا عبارة الكتاب من غير عاطف، والحق أن يعطف على قوله دون التثنية، فيقال: ودون المتكلم ولا يمكن إبداله من دون الأول؛ إذ هو مقصود أيضا والمبدل منه لا يكون مقصودا، وقد يتكلف بأن يقال: ها هنا محذوف فتقدير الكلام واستتر المرفوع في الغائب دون المتكلم، لكنه حذف بقرينة سبقه في الكلام، أو يقال حرف العاطف محذوف تخفيفا لدلالة الكلام عليه كما يحذف في نحو قولك: اشتريت ما بين الموضع الفلاني إلى دار زيد إلى دار عمرو إلى دار بكر؛ أي وإلى دار عمرو وإلى دار بكر "والمخاطب" المفرد نحو ضربت "اللذين في الماضي؛ لأن الاستتار قرينة" للفاعل "ضعيفة" أي خفية؛ لأنه تقدير من غير أن يتلفظ بشيء "والإبراز قرينة قوية" أي ظاهرة ملفوظة "فإعطاء الإبراز القوي للمتكلم القوي والمخاطب أولى" من إعطاء الاستتار الضعيف لهما، ولما توجه أن يقال هذا الدليل منقوض بمخاطب المستقبل ومتكلمه لجريانه فيهما مع أنه لا يبرز الضمير فيهما أجاب عنه بقوله: "واستتر في مخاطب المستقبل" نحو: تضرب "ومتكلمه" وحده أو مع غيره نحو: أضرب ونضرب "للفرق" أي بين ما كان في المضارع من المتكلم والمخاطب، وهذا الكلام في غاية الضعف؛ إذ لا حاجة للفرق بينهما بالاستتار وعدمه؛ إذ حرف المضارعة يدفع اللبس وهو ظاهر، والوجه الصحيح ما حققه الرضي حيث قال: واستتر في تفعل مخاطبا إجراء لمفردات المضارع مجرى واحدا في عدم إبراز ضميرها، واستتر في أفعل ونفعل لإشعار حرف المضارعة بالفاعل فأفعل مشعر بأن فاعله أنا بسبب إشعار همزته بهمزة أنا، ونفعل مشعر بأن فاعله نحن بسبب إشعار نونه بنون نحن، وقد أشار المصنف إليه نقلا بعيد هذا بقوله: والهمزة في مثل أضرب والنون في مثل نضرب "وقيل يستتر في هذه المواضع" أي المواضع

Zالخمسة "دون غيرها لوجود الدليل فيها" دون غيرها "وهو" أي ذلك الدليل "عدم الإبراز في مثل" زيد "ضرب" أي عدم ظهور الفاعل؛ إذ لا بد أن يكون للفعل من فاعل ظاهر، وإن لم يكن فمضمر بارز، فإن لم يكن فمضمر مستتر، فلما لم يكن الفاعل في مثل ضرب في زيد ضرب ظاهرا ولا بارزا علم أن فاعله مستتر، فلما كان عدم الإبراز دليلا ضروريا أسند الحكم إلى دليل آخر فيما وجد فيه دليل آخر، وإن كان عدم الإبراز شاملا للكل فقال: "والتاء في مثل" هند "ضربت" فإنها تدل على أن فاعله مفرد مؤنث غائبة "والياء في" مثل زيد "بضرب" فإنها تدل على أن فاعله مفرد مذكر غائب مع عدم علامة التثنية والجمع "و" عينت التاء "في مثل" هند أو أنت "تضرب" غائبة ومخاطبة، فإنها تدل على أن الفاعل مفرد مؤنث غائبة أو مفرد مذكر مخاطب بحسب القرائن مع عدم علامة التثنية والجمعين نحو: يضربون ويضربن "والهمزة في مثل" أنا "أضرب" فإنها تدل على أن الفاعل متكلم وحده "والنون في مثل" نحو "نضرب" فإنها تدل على أن الفاعل متكلم مع غيره "وهذه" أي حروف المضارعة "الحروف ليست بأسماء" فلا تكون فواعل للأفعال المذكورة، وإنما ذكر هذا وإن لم يذهب أحد إلى أنها أسماء؛ لأنه لما ذكر أن التاء في ضربت بحركات التاء والنون في ضربن والألف في ضربا والواو في ضربوا والياء في تضربين أسماء، وكان مظنة أن يتوهم متوهم أن هذه الحروف أيضا أسماء رفع ذلك التوهم "والصفة" نفسها "في مثل" زيد "ضارب و" زيدان "ضاربان و" زيدون "ضاربون" يعني أن في لفظها ما يدل على من هي له فإن ضارب للمفرد المذكر وضاربان للمثنى المذكر وضاربون للجمع المذكر وكذا ضاربة وضاربتان وضاربت "ولا يجوز أن يكون تاء ضربت" بسكون التاء "ضميرا كتاء ضربت" بحركات التاء "لوجود عدم حذفها بالفاعل الظاهر نحو ضربت هند" ولو كانت التاء فاعلة لزم حذفها عند وجود الفاعلة الظاهرة؛ إذ لا يجوز أن يكون لفعل واحد فاعلان من غير عطف أو بدل "ولا يجوز أن يكون ألف ضاربان" وواو ضاربون "ضميرا ضاربين؛ لأنه يتغير في حالة النصب" نحو: رأيت ضاربين "و" في حالة "الجر" أيضا نحو: مررت بضاربين وضاربين "والضمير لا يتغير" بتغير العوامل "كألف يضربان وواو يضربون" تقول: زيدان يضربان زيدون يضربون في الرفع، ولن يضربا ولن يضربوا في النصب، ولم يضربا ولم يضربوا في الجزم "والاستتار واجب في افعل" مثل اضرب أمر للمخاطب "و" في مثل "تفعل" مخاطبا "و" في مثل "أفعل" متكلما وحده "و" في مثل "نفعل" متكلما مع غيره "لدلالة الصيغة" أي صيغة الفعل في

_ Qالخمسة المذكورة "دون غيرها" من المواضع "لوجود الدليل" للاستتار فيها دون غيرها "وهو عدم الإبراز بعد" أن لم يكن مظهرا، يعني أن الفعل لا بد له من فاعل، وهو إما مظهر أو مضمر بارز أو مضمر مستتر فحيث لم يوجد الأول والثاني وجب الحكم بالاستتار لئلا يبقى الفعل بلا فاعل، وهذا القدر كاف في الاستدلال في الكل لكنه أراد التفصيل "و" قال "في مثل ضرب" أي الدليل عدم الإبراز في مثل: ضرب "والتاء في مثل ضربت والياء في مثل: يضرب والتاء في مثل: تضرب" وأنت تعلم أن التاء في ضربت وفي تضرب والياء في يضرب لا يدلان على الاستتار "والهمزة في مثل أضرب والنون في مثل نضرب" أي الهمزة بالهمزة والنون بالنون كما مر "وهي" أي التاء والياء والهمزة والنون "حروف" مضارعة "ليست بأسماء" وضمائر؛ إذ لو كانت ضمائر لكانت فاعلة فلا يمكن الاستتار لاجتماع الفاعلين وحينئذ قوله "والصفة في مثل ضارب ضاربان ضاربون" مرفوع طفا على عدم أي دليل الاستتار عدم الإبراز والصفة وأنت تعلم أن هذا الكلام لا معنى له يعتد به، وقد وقع في بعض النسخ وفي الصفة وهو سهو "ولا يجوز أن يكون تاء ضربت" بسكون التاء ضميرا "كتاء ضربت" بالحركات الثلاث، أي كما يكون تاء ضربت ضميرا "لوجود عدم حذفها بالفاعلة الظاهرة نحو: ضربت هند" يعني لو كان ضميرا لكان فاعلا فلو لم يحذف مع الفاعل الظاهر يلزم اجتماع الفاعلين وهو غير جائز فهو غير ضمير، وهذا ما وعده في صدر الفصل بقوله: وهذه التاء ليست بضمير كما يجيء "ولا يجوز أن يكون ألف ضاربان ضميرا" وكذا الواو في ضاربون، وكذا الألف والواو في اسم المفعول والصفة المشبهة نحو: مضروبان ومضروبن وحسنان وحسنون، وبالجملة لا يجوز أن يكون الألف والواو في تثنية الصفات وجمعها ضميرا "إلا أنه يتغير في حال النصب والجر" أي يقلبان ياء نحو: لقيت ضاربين "والضمير" الذي هو الفاعل "لا يتغير" بالعوامل الداخلة على عامله "كألف يضربان" فإنه لا يتغير هو بالحروف الناصبة والجازمة، نحو: لن يضربا ولم يضربا، وأيضا إن الألف والواو في مثنيات الأسماء الجامدة وجموعها كالزيدان والزيدون حروف بلا ريب زيدت للمثنى والمجموع، فجعلت مثنيات الصفات ومجموعها على نهج مثنيات الجامدة ومجموعها؛ لأن الصفات فروع الجامدة لتقدم الذوات على صفاتها فصارت الألف والواو فيها علامتي المثنى والجمع فقط لا ضميرا لهما "والاستتار واجب" اعلم أن استتار الضمير بمعنى عدم الإبراز عند اتصاله واجب في جميع المواضع الخمسة المذكورة، وأما استتار الفاعل المضمر بمعنى أنه لا يجوز إظهار الفاعل ولا إبرازه، بل يكون مستترا أبدا ففي أربعة أفعال "في مثل أفعل" أي في أمر المخاطب "وتفعل" أي في المخاطب المفرد، ولعل النهى يندرج فيه، وإلا لم ينحصر وجوب الاستتار في الأربعة المذكورة "وأفعل ونفعل" أي في المتكلم وحده ومع غيره "لدلالة الصيغة" في الأربعة كلها

فصل في المستقبل

Zفصل في المستقبل: كل واحد منها "عليه" أي الفاعل المستتر، فإن التاء في تفعل يدل على الفاعل المخاطب وحكم افعل أمرا ولا تفعل نهيا وحكم تفعل مخاطبا؛ لأنهما مأخوذان منه، وإلى أن الهمزة في أفعل متكلما وحده تشعر بأن فاعله أنا، والنون في نفعل تشعر بأن فاعله نحن، فلا يحتاج في هذه الصيغ الأربع إلى العدول عن الاستتار الخفيف والإتيان بالضمير البارز "و" لما كان الاستتار واجبا في هذه المواضع الأربع "قبح" ظهور فواعلها مظهرا كان أو مضمرا وأن تقول "افعل زيد وتفعل زيد" أو لا تفعل إلا أنت "وأفعل زيد" ولا أفعل إلا أنا "ونفعل زيدون" أو لا نفعل إلا نحن وما ظهر في نحو: اسكن أنت تأكيد للمستتر لا فاعل، وأما في غير هذه الأربعة فالاستتار جائز، كما أشرنا إليه نحو زيد ضرب وضرب زيد وزيد ضارب غلامه. المشهور فتح الباء بناء على أنك تستقبل الفعل الآتي بعد زمانك أو أن الزمان يستقبله، إلا أن الصحيح ومقتضى القياس على تسمية الماضي بالماضي كسر الباء "وهو أيضا" أي كالماضي "يجيء على أربعة عشر وجها، نحو: يضرب إلى آخره" أي إلى نضرب، تقول: يضرب يضربان يضربون تضرب يضربان يضربن تضرب تضربان تضربون تضربان تضربن أضرب نضرب "ويقال له" أي لما صدق عليه المستقبل من نحو: يضرب "مستقبل لوجود معنى الاستقبال" على أحد الوجهين المذكورين "في معناه ويقال له أيضا: مضارع"؛ لأن معنى المضارعة في اللغة المشابهة مشتقة من الضرع، كأن كلا الشبيهين ارتضعا من ضرع واحد فهما أخوان رضاعا، فلما ضارع المستقبل بالاسم قيل له مضارع، وإنما قلنا: إنه مضارع بالاسم "لأنه مشابه بضارب في الحركات والسكنات" وفي ترتيبهما فإن عدد الحركة والسكون في يضرب على عدد الحركة والسكون في ضارب وعلى ترتيبها فيه، وجمع السكنات للمشاكلة "و" مشابه في "وقوعه صفة للنكرة" فإنك كما تقول: مررت برجل ضارب، تقول: مررت برجل يضرب ولم يذكر مثاله اكتفاء بما ذكر في الماضي "وفي دخول لام الابتداء" عليه "نحو إن زيدا لقائم و" إن زيدا "ليقوم أو"؛ لأنه مشابه "باسم الجنس في العموم والخصوص" ولما كان ثبوت وجه التشبيه؛ أعني العموم والخصوص في كل من الطرفين؛ أعني المضارع واسم الجنس غير بينه بقوله: "يعني أن اسم الجنس يختص" الواحد "بلام العهد" بعد أن كان

_ Q"على الاستتار" بسبب دلالة الحروف في الثلاثة الأخيرة كما عرفت، واشتقاق الأمر من المخاطب "وقبح" بالواو والأولى بالفاء؛ يعني لما كان استتار الضمير واجبا في هذه الأربعة قبح أن تسند إلى الفاعل الظاهر ويقال: افعل زيد وتفعل زيد وأفعل زيد ونفعل زيدون" وأما ما عدا هذه الأربعة فيجوز أن يسند إلى فاعل ظاهر أيضا فلا يقبح أن يقال: ضرب زيد وضربت هند ومررت برجل ضارب غلامه. "فصل في المستقبل": الاستقبال في اللغة ضد الاستدبار وهو التوجه فالمستقبل في اللغة ما يتوجه إليه، فالقبلة في قولنا: زيد يستقبل القبلة هو المستقبل؛ لأنه يتوجه إليه والمستقبل من الزمان هو الآتي منه؛ لأنه يتوجه إليه ويتوقع مجيئه، وفي الاصطلاح فعل يتعاقب على أوله الزوائد الأربع، والمراد من الزوائد الأربع حروف أتين كما يجيء فبقولنا: فعل يسقط الاعتراض بمثل يزيد ويشكر علمين، وبقولنا: يتعاقب على أوله الزوائد خرج مثل أمر ونصر وترك ويسر. واعلم أنه لا شك في أن زيادة هذه الحروف على الماضي والمستقبل لقصد معنى غير معنى الماضي، وهو الزمان الحاضر والزمان الآتي أو هما معا، وإلا لما احتيج إلى تلك الزيادة فلا ينتقض الحد بمثل أكرم وتدحرج وتقاعد؛ لأن زيادة هذه الحروف فيها لنقل الفعل من باب إلى باب؛ إما لقصد التعدية أو للمبالغة أو لغيرهما لا لقصد معنى غير الماضي فتدبر "وهو" أي المستقبل "أيضا" كالماضي "يجيء على أربعة عشر وجها" والقياس أن يجيء على ثمانية عشر وجها أيضا؛ ستة للغيبة وستة للمخاطب وستة للمتكلم، لكنه اكتفى بلفظين في المتكلم لعدم الالتباس كما في الماضي، فبقي أربعة عشر وجها "نحو يضرب إلى آخره" أي يضربان يضربون تضرب تضربان يضربن تضرب تضربان تضربن أضرب نضرب "ويقال له مستقبل وجود معنى الاستقبال في معناه" فإن يضرب مثلا يدل على الحدث وعلى الزمان الآتي "ويقال له مضارع؛ لأنه مشابه" ومعنى المضارعة في اللغة المشابهة مشتقة من الضرع كأن كلا الشبيهين ارتضعا من ضرع واحد فهما أخوان رضاعا، فيكون المناسبة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي مرعية "بضارب" يعني يقال للمستقبل مضارع؛ لأنه مشابه باسم الفاعل لفظا واستعمالا أما لفظا فهو "في الحركات" أي الثلاثة "والسكنات" وأيضا في عدد الحروف، وإنما جمع السكنات إما للمشاركة للحركات وإما لإضمحلال معنى الجمعية بدخول الألف واللام، كما بين في الأصول كما إذا حلف لا أشتري العبيد يحنث باشتراء عبد واحد، ولا يلزم اعتبار ذلك في الحركات ولو سلم لا يضر المقصود فافهم، وأما استعمالا فمن وجهين عبر عن أولهما بقوله: "ووقوعه" أي موقعه في كونه "صفة للنكرة" نحو: مررت برجل ضارب وضرب وعن ثانيهما بقوله: "وفي دخول لام الابتداء" عليه "نحو: إن زيد القائم و" إن زيد "ليقوم" وأيضا يشبه اسم الفاعل في مبادرة الفهم في كل منهما إلى الحال عند الاطلاق نحو: زيد مصل وزيد يصلي قوله: "أو باسم الجنس" عطف على بضارب؛ يعني يقال للمستقبل مضارع؛ لأنه مشابه باسم الجنس معنى "في العموم والخصوص؛ يعني أن اسم الجنس يختص بلام العهد" يعني أن اسم الجنس مثل: رجل شائع في أمته ثم يختص بواحد بعينه بدخول لام العهد

Zشائعا في أمته، فإنك إذا قلت: جاءني رجل يكون شاملا لكل ذكر من بني آدم جاوز حد البلوغ على سبيل البدل، فإذا قلت: فعل الرجل مشيرا إلى ذلك الرجل الجائي يختص بواحد منهم "كما يختص يضرب بسوف أو السين" فإن يضرب يصلح للحال والاستقبال فإذا دخل عليه أحد الحرفين المذكورين، وقيل: سوف يضرب أو سيضرب يختص بالاستقبال، وإذا دخل عليه اللام، وقيل: ليضرب يختص للحال، وإنما عرف السين إشارة إلى سين الاستقبال؛ لأنه يجيء لمعان أخر كالطلب والتحول والإصابة على صفة والوقف بعد كاف المؤنث، نحو: أكرمتك، والظاهر أن يقول؛ يعني كما أن اسم الجنس يختص بلام العهد يختص يضرب إلى آخره بأن يدخل أداة التشبيه في المشبه به، كما هو قاعدة التشبيه، إلا أنه عكس إيذانا بأن القصد في هذا التشبيه إلى الجمع بين الشيئين في أمر من غير قصد إلى إلحاق ناقص بكامل حتى إذا دخل أداة التشبيه في المشبه به ما ضر ذلك في المقصود كتشبيه غرة الفرس بالصبح وتشبيه الصبح بغرة الفرس متى أريد ظهور منير في مظلم أكثر منه من غير قصد إلى المبالغة في وصف غرة الفرس في الضياء والانبساط وفرط التلألؤ ونحو ذلك؛ إذ لو قصد شيء من ذلك لوجب جعل الغرة مشبها والصبح مشبها به؛ لأنه أزيد في ذلك ولما جاز عكسه، وأما تقديم المشبه به هنا فهو على قاعدة تقديمه في بيان تفصيل اتصاف الطرفين بوجه الشبه فإنه بصدد ذلك، وأما في نفس التشبيه فالقاعدة تقديم المشبه، مثلا إذا أردت تشبيه زيد بالأسد قلت: كما أن الأسد يتصف بغاية القوة ونهاية الجراءة وكما البطش والفتك يتصف زيد بها المشبه به ليعرف حاله أولا ثم يقاس حال المشبه عليه، ويحتمل أن يقال إنه لما جعل المشبه به مشبها للإيذان المذكور قدمه لكونه مشبها لا لكونه مشبها به "أو"؛ لأنه مشابه "بالعين في" مطلق "الاشتراك" فكما أن لفظة العين تشترك بين الجارية والباصرة وغيرهما ويشترك يضرب "بين الحال والاستقبال" فإن المستقبل يشترك بين الحال والاستقبال على الأصح "وزيدت على الماضي من حروف أتين حتى يصير" الماضي "مستقبلا" وإنما لم ينقص منه حتى يصير مستقبلا "لأن الماضي بتقدير النقصان منه يصير أقل من القدر الصالح" فلا يصلح أن يصير مستقبلا هذا في الثلاثي، وأما في غير الثلاث فحمل على الثلاثي في الزيادة

_ Q"كما يختص يضرب" بالزمان المستقبل بعد أن كان صالحا للزمان الحاضر والمستقبل "بسوف أو بالسين" أي بسين الاستقبال نحو: سيخرج وسوف يخرج لا بسين الاستفعال وغيره، فالألف واللام فيه إما عوض عن المضاف إليه أو للعهد الذهني. واعلم أن السين وسوف قد سماهما سيبويه حرفي التنفيس، ومعناه تأخير الفعل إلى الزمان المستقبل وعدم التضييق في الحال، وسوف أكثر تنفيسا من السين، وقيل: إن السين منقوص من سوف دلالة بتقليل الحرف على تقريب الفعل. قوله: "وبالعين" عطف على قوله: بضارب أو باسم الجنس على اختلاف المذهبين "في الاشتراك بين الحال والاستقبال" يعني كما أن العين يشترك بين المعاني مثل الذهب والباصرة والجارية كذلك المستقبل يشترك بين الحال والمستقبل؛ فهذه المشابهة في الاشتراك فقط لا في الاختصاص بعد الاشتراك كما تفصح عنه عبارته، ولأنه حينئذ يكون كالتكرار بما قبله فبطل ما ذهب إليه بعض الشارحين من أن معناه كما أن العين مشترك بين المعاني ثم يختص بأحد المعاني بالقرينة كذلك المستقبل مشترك بين الزمانين ثم يختص لأحد الزمانين بدخول السين أو سوف. اعلم أن المستقبل حقيقة في أحد الزمانين مجاز في الآخر، فقال بعضهم: هو حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال؛ لأنه إذا خالف القرائن لم يحمل إلا على الحال، وهذا شأن الحقيقة والمجاز، وقال بعضهم: هو حقيقة في الاستقبال مجاز في الحال لخفة الحال، والأول هو المختار كذا ذكره الرضي، وقال ابن الحاجب في شرح المفصل: المضارع يشترك في الحاضر والمستقبل هذا هو المذهب المشهور، ومنهم من زعم أنه ظاهر في الحال مجاز في المستقبل ومنهم من عكس والصحيح أنه مشترك؛ لأنه يطلق عليهما إطلاقا واحدا كإطلاق المشترك فوجب القول كسائر المشتركات إلى هنا عبارته. ومما يجب أن يعلم أن كون الحال زمانا اصطلاحي عرفي لا حقيقي؛ إذ الماضي ينتهي إلى آن هو مبدأ المستقبل فلا يوجد زمان هو حال وأيضا لو كان الحال زمانا لكان التنصيف تثليثا كذا حققه الحكماء، فقولك: يصلي في قولنا: زيد يصلي حال مع أن بعض أفعالها ماض وبعضها باق مبني على الاصطلاح، فالآن الحاضر مع جنبيه من الزمان حال في عرفهم. ولما فرغ من بيان سبب تسمية المستقبل مستقبلا ومضارعا شرع في كيفية مغايرته للماضي فقال: "زيدت على الماضي" حرف "من حروف أتين حتى يصير" الماضي "مستقبلا" يعني لما وجب المخالفة بين لفظي الماضي والمضارع ليدل على مخالفة معناهما وهي لا يمكن بانتقاص حرف من حروف الماضي "لأن" الشأن "بتقدير الانتقاص" منها "يصير أقل من القدر الصالح" وقد عرفت أن القدر الصالح ثلاثة أحرف؛ حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يتوسط بينهما، وأيضا انتقاص حرف واحد منه لا يفيد الوجوه الأربعة من الغيبة والخطاب والتكلم وحده ومع غيره، ولو انتقص لكل وجه حرف لم يبق في الكلمة شيء فتعين أن تكون تلك المخالفة بالزيادة، وهذا الدليل المذكور يجري في الثلاثي وغيره محمول عليه وأما

Z"وزيدت" تلك الحروف "في الأول" من الماضي "دون الآخر" منه مع أن الآخر أولى بالزيادة "لأن المستقبل" إذا كان زيادته "في الآخر يلتبس بالماضي" أي بتثنيته في زيادة الألف وبغائبته في زيادة التاء دون مخاطبته؛ إذ لا وجه لإسكان اللام وتحريك التاء؛ لأنها ليست بضمير اللهم إلا أن يقال في الضرورة ويجمع مؤنثه صورة بزيادة النون ولم يزد الباء في الآخر، وإن لم يلتبس حملا للقليل على الكثير "واشتق" أي أخذ المستقبل "من الماضي" إن زيد عليه ولم يشتق الماضي من المستقبل بأن ينقص منه "لأن الماضي يدل على الثبات" والوقوع دون المستقبل وما يدل على الثبات أولى بالأصالة "وزيدت" أي وقعت الزيادة "في المستقبل دون الماضي" يعني لم يوضع المزيد للماضي والمجرد للمستقبل بل عكس "لأن" البناء "المزيد عليه" والظاهر أن يقول المزيد فيه إلا أنه لما اتفقت نسخ الكتاب عليه ووقع أيضا في عبارة غيره من الثقات وجب توجيهه بأن يقال المزيد على مع زيادة "بعد" البناء "المجرد و" الزمان "المستقبل" وكذا الزمان الحاضر "بعد زمان الماضي فأعطى السابق" وهو البناء المجرد "للسابق" وهو الزمان الماضي "و" أعطى "اللاحق" وهو البناء المزيد عليه "للاحق" وهو الزمان المستقبل والزمان الحاضر، ثم لما وجب المخالفة بين صيغتي الماضي والمضارع، وكان الفعل صادرا إما عن المتكلم وحده أو عنه مع غيره أو عن المخاطب أو عن الغائب طلبوا حروفا تدل على المضارعة، وعلى هذه المعاني جريا عن سننهم في طلب الإيجاز فوجدوا أولى الحروف بالزيادة حروف المد واللين لجريانها مجرى النفس واستئناس السامع بها لكثرة دورها في الكلام؛ إذ الكلام لا يخلو عنها أو عن بعضها؛ أعني الحركات فقسموا تلك الحروف على تلك الأفعال على ما تقتضيه المناسبة فشرع يبين أن أي حروف لأي فعل عينت وبين المناسبة بينهما وقال: "وعينت الألف" منها "للمتكلم وحده" أي للشخص الواحد الذي يتكلم مذكرا كان أو مؤنثا ثم حركوها ليتأتي الابتداء بها "لأن الألف" خارج "من أقصى الحلق وهو" أي أقصى الحلق "مبدأ المخارج" كلها "والمتكلم هو الذي يبدأ الكلام به" فناسبه "وقيل" إنما عينت الألف للمتكلم وحده "للموافقة بينه" أي الألف "وبين" أول حروف "أنا" الذي هو ضمير المتكلم "وعينت الواو للمخاطب" أصالة أي لجنس الشخص الذي يخاطب مذكرا كان أو مؤنثا واحدا كان أو اثنين أو جماعة "لكونه" أي الواو خارجا "من منتهى المخارج" كلها "والمخاطب هو الذي ينتهي الكلام به" فناسبه "ثم قلبت الواو تاء"؛ لأنها كثيرا ما تبدل من الواو نحو تراث وتجاه والأصل وراث ووجاه "حتى لا يجتمع الواوات" الثلاث وإن كان في كلمتين وهو مستكره؛ لأنه يشبه نباح الكلب وأما نحو: آووا ونصروا فليس فيه ذلك الاجتماع بمستكره؛ لأن قطع واو العطف عما قبلها لما لم يتعذر فيه صار كأن الواوات لم يجتمعن فيه، ولأن الواو الثانية فيه ساكنة فيندفع الثقل بالإدغام في الوصل "في نحو وووجل" برفع اللام أي فيما وقع فيه الفاء واوا وقلبت فيما لم يقع فيه الفاء واوا أيضا طردا للباب "في العطف" إحدى الواوات الأولى

_ Qكون حروف الزيادة حروف أتين؛ فلأنهم وجدوا أولى الحروف بها حروف المد واللين لكثرة دورها في الكلام؛ إذ المتكلم لا يخلو عنها أو عن بعضها؛ أعني الحركات ثم قلبوا الواو تاء لما سيذكره وزادوا النون لما سيأتي أيضا "وزيدت" هذه الحروف "في الأول دون الآخر" مع أن محل التغير والزيادة الآخر "لأن" الشأن "في الآخر يلتبس بالماضي"؛ لأنه لو زيدت الألف التبس بتثنية الغائب نحو: ضربا، ولو زيدت التاء التبس بالغائبة المفردة نحو: ضربت، ولو زيدت النون التبس بجمع المؤنث الغائب نحو: ضربن، ولما لزم الالتباس في هذه الثلاثة حملت الياء عليها وإن لم يلتبس بزيادتها في الآخر "واشتق" المستقبل بالذات "من الماضي" والماضي من المصدر فيكون هو من المصدر بواسطة الماضي على قياس ما عرفت في اسمي الفاعل والمفعول "لأنه" أي الماضي "يدل على الثبات" أي التحقق والوقوع بخلاف المستقبل، وما يدل على الثبات فهو جدير بأن يكون أصلا في الاشتقاق "وزيدت" حروف أتين "في المستقبل دون الماضي؛ لأن" اللفظ "المزيد عليه بعد" اللفظ "المجرد و" زمان "المستقبل بعد زمان الماضي فأعطى السابق" من اللفظ "للسابق" من الزمان وهو الماضي "واللاحق للاحق" وهو المستقبل؛ رعاية للتناسب بين اللفظ والمعنى "وعينت الألف" بالزيادة "للمتكلم" وحده "لأن الألف" من أقصى الحلق وهو أي أقصى الحلق "مبدأ المخارج والمتكلم هو الذي يبدأ الكلام به" فيكون بينهما مناسبة في المبدئية فعينت له ثم حركوها ليتأتي الابتداء بها "وقيل" عينت الألف للمتكلم "للموافقة بينه وبين" همزة "أنا" وقيل عينت له؛ لأنها أخف فاستؤثر المتكلم بالأخف "وعينت الواو للمخاطب" مذكرا كان أو مؤنثا مفردا كان أو مثنى أو مجموعا وأيضا للغائبة المفردة والمثناة ولم يذكرهما المصنف لاختلاف فيه؛ إذ عند بعضهم تاء الغائبة ليست منقلبة من الواو كما في المخاطب، بل هي تاء التأنيث، فلما زيدت في الأول لئلا يلتبس بالماضي حركت لتعذر الابتداء بالساكن "لكونه من منتهى المخارج"؛ لأنه من خارج الشفة "والمخاطب هو الذي ينتهي الكلام به" فتتحقق المناسبة بينهما في الانتهاء فعينت له "ثم قلبت الواو تاء حتى لا يجتمع الواوات في وووجل في العطف" يعني أن وجل مثال واوي فلو زيدت واو المخاطب، ثم أدخل الواو العاطفة يجتمع واوات فكأنه يشبه

Zفاء الكلمة، وثانيها حرف المضارعة، وثالثها حرف العطف "ومن ثمة" أي ومن أجل استكراههم اجتماع الواوات "قيل الأول من كل كلمة لا يصلح لزيادة الواو" إذ قد تكون فاء الكلمة واوا فلو زيدت قبل الفاء واو وعطفت بواو أخرى يجتمع الواوات لا محالة واطرد في غيره وعطف على قوله قيل قوله "وأن واوا ورنتل أصل" وهو الداهية وزنه فعنلل كجعنفل، ثم أتبعوا الغائبة والغائبتين المخاطب لئلا يلتبس بالغائب والغائبتين بزيادة الياء كما هو اللائق، وإن كان يلتبس بزيادة الياء بالمخاطب، إلا أن هذا أسهل؛ إذ الالتباس بالأقرب أشكل، وإنما أتبعوها إياه دون غيره لاستوائهما في الماضي كما يجيء إن شاء الله تعالى، ولم يجعل جمع الغائبة بالتاء، بل بالياء كما هو مناسب للغائبة لعدم الالتباس بينه وبين جمع المذكر لحصول الفرق بينهما بالواو في أحدهما والنون في الآخر، نحو: يضربون ويضربن "وعينت الياء للغائب" أي لجنس الشخص المذكر الغائب؛ أي لغير جنس المتكلم والمخاطب ليشمل الحاضر الذي ليس بمتكلم ولا مخاطب سواء كان ذلك واحدا أو اثنين أو جماعة إلا أنه عدل عن هذا الأصل في الغائب والغائبتين لما عرفت "لأن الياء من وسط الفم والغائب هو الذي يذكر في وسط الكلام" الجاري "بين المتكلم والمخاطب" فناسبه "وعينت النون للمتكلم إذا كان معه غيره" مطلقا "لتعينها" أي النون "لذلك" أي للمتكلم مع غيره "في" الماضي نحو "نصرنا" فأتبعوا المضارع الماضي في ذلك "وقيل: زيدت النون" في المتكلم مع غيره "لأنه" أي الشأن "لم يبق من حروف العلة" التي هي أولى بالزيادة "شيء وهو" أي النون "قريب من حروف العلة في خروجها" أي النون "من هواء الخيشوم" وهو أقصى الأنف، وقيل: عينت النون له للموافقة بينه وبين نحن على قياس ما قيل في تعيين الأنف للمتكلم وحده ولذلك لم يذكره "وفتحت هذه الحروف" أي حروف المضارعة في جميع الأبواب "للخفة إلا في" أبواب "الرباعي" أي رباعي كان "وهو" أي الرباع "فعلل" وملحقاته "وفاعل وأفعل وفعّل" بتشديد العين فإنها مضمومة فيهن؛ لأن من جملتها الياء والكسر عليه مستكره فحمل الباقي عليه، وفي الفتح التباس لما سنذكره إن شاء الله تعالى فتعين الضم، و"لأن هذه الأربعة رباعية والرباعي فرع الثلاثي" في الاحتياج وقوله: "والضم أيضا فرغ الفتح" في الخفة فناسب الضم الرباعي من حيث الفرعية فأعطى له ليدل على ما قدرناه من قولنا: فإنها مضمومة فيهن "وقيل" إنما ضمت هذه الحروف في

_ Qنباح الكلب وهو مستكره، فوجب قلبها حرفا آخر لدفع الكراهة فأبدلت التاء منها؛ لأنها كثيرا ما قد تبدل منها نحو: تراث وتجاه، والأصل وراث ووجاه، واعلم أن اجتماع الواوات مستكره إذا كانت في كلمة واحدة لا في كلمتين فلا يرد الإشكال بقوله تعالى: "آووا ونصروا "ومن ثمة" أي من أجل أن اجتماعات الواوات مستكره "قيل الأول من كل كلمة لا يصلح لزيادة الواو"؛ أي لا يجوز زيادة الواو في أول كلمة ما أصلا خوفا من اجتماعات الواوات، أما في المثال الواوي فظاهر، وأما في غيره فللحمل عليه قوله: "وحكى أن واو ورنتل أصل" جواب سؤال مقدر وهو أن قولكم: لا يجوز زيادة الواو في أول كلمة ما منقوض بورنتل لزيادة الواو في أوله، ومعنى الجواب ظاهر والورنتل بالفتحات وسكون النون اسم بلدة وقيل الشدة "وعينت الياء للغائب" أي غير المتكلم والمخاطب فيندرج فيه المذكر والمؤنث مفردين ومثنيين ومجموعين، لكنه سقطت الغائبة المفردة والمثناة بقرينة الحال فبقي الأربعة فسقط الاعتراض بعدم اندراج جمع المؤنث الغائبة فافهم "لأن الياء وسط الفم والغائب هو الذي يكون في وسط الكلام بين المتكلم والمخاطب" فيكون بينهما مناسبة في الوسط فعينت له "وعينت النون للمتكلم إذا كان معه غيره" لتعينها لذلك في ضربنا أي لتعين النون للمتكلم إذا كان معه غيره في الماضي نحو: ضربنا "وقيل زيدت النون" للمتكلم مع الغير "لأنه لم يبق من حروف العلة شيء" أي حرف "وهو" أي الحال والنون "قريب من حروف العلة في خروجها عن هواء الخيشوم" الخيشوم أقصى الأنف وهواء الخيشوم الصوت الذي يخرج منه ويسمى غنة أيضا فمعناه أن النون غنة في الخيشوم، كما أن حروف العلة مدة في الحلق. واعلم أن النون إنما يكون غنة إذا كانت ساكنة لا مطلقا، بل إنما يكون النون الساكنة غنة في الخيشوم مع خمسة حرفا من حروف الفم، وهي القاف والكاف والجيم والشين والصاد والضاد والسين والراء والطاء والدال والتاء والذال والظاء والياء والفاء، فمتى اتصلت النون الساكنة بحرف من هذه الحروف قبله كانت غنة في الخيشوم، ولم يكن للفم فيها علاج ألبتة، ولهذا لو نطق الناطق بمثل: عنك ومنك وسد أنفه اختل صورتها وربما تلاشى واضمحل "وفتحت هذه الحروف" أي حروف أتين التي للمستقبل "للخفة" أي لخفة الفتحة "إلا في الرباعي" مجردا كان أو مزيدا فيه للثلاثي "وهو" أربعة أبنية "فعلل وأفعل وفاعل وفعل" فإن حروف المضارعة مضمومة في هذه الأربعة "لأن هذه الأربعة رباعية والرباعي فرع للثلاثي" أما الرباعي المجرد الأصيل فلأن حروفه أكثر عددا من حروفه والكثير بعد القليل، وأما الرباعي المزيد فيه للثلاثي فلامتناع بنائه بدون الثلاثي "والضم أيضا" أي كالرباعي "فرع للفتح"؛ لأن الضم ثقيل لاحتياجه إلى تحريك الشفتين والفتح خفيف لعدم احتياجه إليه، والخفيف أصل والثقيل فرع له، فأُعطي الأصل للأصل والفرع للفرع "وقيل" ضمت حروف المضارعة في هذه

Zالرباعي "لقلة استعمالهن" أي لأبواب الأربعة وكثرة استعمال الثلاثي فاختص الضم بالأقل استعمالا والفتح بالأكثر استعمالا تعادلا بينهما، واعلم أن هذان الوجهين للترجيح بعد الوقوع، وأما وجه عدم كون القبيلتين على حركة واحدة هي الأصل؛ أعني الفتح فهو أنه لو فتح في مثل يكرم وقيل يكرم يلتبس بمضارع الثلاثي، ثم حمل عليه كل ما كان ماضيه على أربعة أحرف ولم يعكس؛ إذ في العكس يلزم الالتباس ولو في صورة بخلاف العكس فإنه لا التباس فيه أصلا "وتفتح" حروف المضارعة "فيما وراءهن" مما قل استعمالهن "لكثرة حروفهن" فلو ضمت فيهن يلزم زيادة الثقل ولم تكسر للثقل، ولما ذكرنا من جملتها الياء والكسر عليها مستكره "وأما يهريق فأصله يريق" بغير هاء من الإراقة "وهو من الرباعي" في الأصل "فزيدت الهاء" قبل الفاء "على خلاف القياس" فصار خماسيا بسبب الزائد والاعتبار إنما هو بالأصل فلم يوجد ضم حرف المضارعة في غير الرباعي "وتكسر حروف المضارعة" كلها "في بعض اللغات إذا كان ماضيه مكسور العين" كما في بعض الثلاثي المجرد "أو" كان ماضيه "مكسور الهمزة" كما في السداسي وبعض الخماسي "حتى تدل" كسرة حروف المضارعة "على كسرة عين الماضي" أو همزته "مثاله: يعلم وتعلم واعلم ونعلم" في مكسور العين، فإن ماضيها علم بكسر عين الفعل "ويستنصر وتستنصر واستنصر ونستنصر" في مكسور الهمزة، فإن ماضيها استنصر بكسر الهمزة "وفي بعض اللغات" وهو لغة بني أسد "لا تكسر الياء" فيما كان ماضيه مكسور العين أو مكسور الهمزة، بل يكسر غير الياء وإنما لم تكسر الياء "لثقل الكسرة على الياء" إلا إذا كان بعدها ياء أخرى فحينئذ يكسر أهل هذه اللغة الياء أيضا لتقوى إحدى الياءين بالأخرى، نحو: ييئس ويبخل فإنه على لغتهم فيما كان الفاء واوا في غير يبخل، وأما في يبخل فعلى استنائهم بالأخرى لا على أن كسر الياء مطلقا فيما يكسر عينه في لغتهم، فإنهم لما استثقلوا الواو بعد الياء في يوجل قلبوا الفتحة كسرة لينقلب الواو ياء ويزول ذلك الثقل، فلما صار الواو ياء وتقوى الياء بالياء كسروا الياء؛ لأن كسر الياء مطلقا من لغتهم "وعينت حروف المضارعة" في المضارع دون سائر حروفه "للدلالة على كسر عين" أو همزة الماضي" اكتفى بذكر العين عن ذكر الهمزة تعويلا على ما سبق ووجه التخصيص كون العين أصلا في الأصل "لأنها" أي حروف المضارعة "زائدة" والتصرف في الزائد أولى "وقيل" عينت تلك الحروف لتلك الدلالة؛ إذ لا مجال لغيرها لها "لأنه يلزم بكسر الفاء توالي الحركات" الأربع في غير الوقف وهو مرفوض "وبكسر العين يلزم الالتباس بين يفعل" بفتح العين "ويفعل" بكسر العين نحو يعلم ويضرب "وبكسر اللام يلزم إبطال الإعراب"

_ Qالأربعة "لقلة استعمالهن" أي استعمال الأربعة "ويفتح ما وراءهن" أي يفتح حروف أتين في غير الأربعة المذكورة خماسيا كان أو سداسيا "لكثرة حروفهن" أي حروف ما وراء الأربعة من الخماسي والسداسي، فالأولى أن يقال لكثرة حروفه بتذكير الضمير وإفراده؛ لأنه برجع إلى ما لكن أراد قصد الموافقة اللفظية لسائر الضمار المذكورة التي قبلها، فجعل لفظ ما عبارة عن الكلمات وتركوا الكسر في هذه الحروف؛ لأن الياء منها والكسر ثقيل عليها؛ قوله: "وأما يهريق فأصله يريق" جواب سؤال مقدر وهو أن قولكم حروف المضارعة مفتوحة في غير الرباعي منقوض بيهريق؛ لأنه غير الرباعي مع أن ياءه غير مفتوح. وحاصل الجواب أنا لا نسلم أنه غير الرباعي؛ لأن أصله يريق "وهو" أي والحال أن يريق "من الرباعي فزيدت الهاء على خلاف القياس" وكذا اسطاع يسطيع أصله أطاع يطيع، فزيدت السين على خلاف القياس "ويكثر حروف المضارعة في بعض اللغة" ياء كان أو غيره "إذا كان ماضيه مكسور العين" كما في بعض الثلاثي المجرد "أو مكسور الهمزة" كما في الخماسي والسداسي "حتى يدل" كسر حروف المضارعة "على كسرة الماضي" أي على كسرة الماضي؛ لأن المضارع فرع على الماضي مثال الأول "نحو يعلم وتعلم واعلم ونعلم"وكذلك يحسب وتحسب وأحسب ونحسب "و" مثال الثاني "يستنصر وتستنصر وأستنصر ونستنصر" هذا من السداسي، وأما الخماسي فنحو يحمر وتحمر وأحمر ونحمر، وإذا كان كسر حروف المضارعة للدلالة على كسر الماضي لم يحتج إلى كسرها فيما لا يكون ماضيه مكسورا "وفي بعض اللغة" وهو لغة غير الحجازيين "يكسر الياء" بل يكسر ما عدا اليء من حروف المضارعة للعلة المذكورة "لثقل الكسرة على الياء" لا على غيرها، واعلم أن أهل هذه اللغة يكسرون الياء أيضا إذا كانت بعدها ياء أخرى كذا قيل "وعينت حروف المضارعة للدلالة على الكسرة في" عين "الماضي" أو همزته دون غيرها من حروف الفعل "لأنها زائدة" والتصرف في الزائد أولى "وقيل" عينت حروف المضارعة للدلالة المذكورة دون غيرها "لأنه يلزم بكسر الفاء توالي الحركات" الأربع في كلمة واحدة، وهو غير جائز وبتقدير كسر الفاء لا يمكن إسكان غيرها لما سيأتي حتى يلزم المحذوف "و" يلزم "بكسر العين الالتباس بين يفعل" بفتح العين "ويفعل" بكسرها إذا لم يعلم حينئذ أنه مكسور العين في الأصل أو مفتوح العين لكنه كسرت للدلالة المذكورة "وبكسر اللام" يلزم "إبطال الأعراب" في المضارع؛ إذ هو قد يكون مجزوما، وقد يكون مرفوعا، وقد يكون منصوبا، فإذا تعين كسرها لم يمكن هذه الوجوه، ولما لم يمكن كسر عين حروف المضارعة للدلالة

Zإذ الكسر ثابت حينئذ على توارد العوامل فلا يظهر أثرها "وتحذف التاء الثانية جوازا في مثل: تتقلد وتتباعد وتتبختر" أي فيما اجتمع فيه تاءان في أول مضارع تفعل وتفاعل وتفعلل، وذلك حال كونه فعل المخاطب أو المخاطبة مفردا أو مثنى أو مجموعا، والغائبة المفردة والمثناة دون المجموع إحداهما حرف المضارعة والثانية تاء الباب، واختلف في المحذوف فذهب البصريون إلى أنه هو الثانية؛ لأن الأولى حرف المضارعة وحذفها مخل على ما حكي عن المبرد، وذهب الكوفيون إلى أنه هو الأولى؛ لأن الثانية للمطاوعة وحذفها مخل، ولأنها زائدة وحذفها أهون، واختار المصنف مذهب البصريين؛ لأن رعاية كونه مضارعا أولى؛ لأن الغرض من الاشتقاق إنما هو الدلالة على اختلاف المعنى باختلاف المعنى باختلاف الصيغ وأما المطاوعة وسائر معاني الأبواب فإنما هي بعد هذا الغرض ولأن الثقل إنما يحصل عند الثانية، وأما إثبات التاءين فهو الأصل لدلالة كل واحدة منهما على معنى، وفي قوله: تتقلد وتتباعد وتتبختر بصيغة المبني للفاعل إشارة إلى أن الحذف لا يجوز في المبني للمفعول اتفاقا من الفريقين؛ لأنه خلاف الأصل فلا يرتكب إلا في الأقوى وهو المبني للفاعل، ولأن المبني للفاعل من هذه الأبواب الثلاثة أكثر استعمالا من المبني للمفعول فالتخفيف به أولى، وهذان الوجهان يفيدان ترجيح المبني للفاعل على المبني للمفعول في الحذف، وأما وجه عدم شمول الحذف لهما فهو أنه لو حذفت التاء الأولى المضمومة من المبني للمفعول لالتبس بالمبني للفاعل المحذوف منه التاء؛ لأن الفارق هو التاء المضمومة ولو حذفت التاء الثانية لالتبس بالمبني للمفعول من مضارع فعل وفاعل وفعلل وذلك ظاهر، وإنما تحذف التاء الثانية في مضارع الأبواب الثلاثة "لاجتماع الحرفين من جنس واحد" وهو ثقيل "وعدم إمكان الإدغام" حتى يزول ذلك الثقل لرفضهم الابتداء بالساكن والحذف للتخفيف أولى من إبقاء المتجانسين وإدغامهما والإتيان بالهمزة، مع أن همزة الوصل لا تدخل المضارع؛ لأنه مشابه باسم الفاعل مشابهة تامة حكما لا تدخل عليه لعدم الاحتياج إليها لا تدخل على المضارع بخلاف الماضي؛ فإنه لما قل مشابهته باسم الفاعل جاز دخولها عليه، مثل: استخرج وأثاقل "وعينت التاء الثانية للحذف" مع أن ذلك الاجتماع الثقيل يزول عن توالي الحركات وعينت الفاء للسكون؛ لأن توالي الحركات لزم من زيادة الياء" وإذا لم يمكن إسكانه لرفضهم الابتداء بالساكن "فإسكان الحرف الذي هو قريب منه" أي بقرب الياء "يكون أولى" بالإسكان من غيره كأقرب القريتين في القسامة "ومن ثمة" أي ومن أجل أن إسكان الحرف الذي هو قريب من الحرف الذي لزم منه محذور أولى "عينت الباء في ضربن للإسكان" لئلا يجتمع أربع حركات متواليات فيما هو كالكلمة الواحدة كما مر "لأنه" أي الباء "قريب" أي يقرب "من النون الذي لزم منه" أي من زيادته "توالي الحركات الأربع وسوى بين صيغتي المخاطب والغائبة" مفردين أو مثنيين "في" المستقبل "نحو" أنت "أو هي تضرب" والمناسب ذكره في تعيين التاء للمخاطب إلا أنه لما كان له بحث طويل أخره إلى آخر بحث المستقبل بالنظر إلى أخواته "لاستوائهما" أي المخاطب والغائبة "في الماضي" في مجرد التاء لا في حركاتها وسكناتها "نحو أنت "نصرت" بفتح التاء "وهي نصرت"

_ Qالمذكورة تعين كسرها "وتحذف التاء الثانية" أي يجوز حذفها كما يجوز إبقاؤها على أصلها "في مثل تتقلد وتتباعد وتتبختر" التبختر في المشي، يقال: فلان يمشي التبخترية وبالفارسية خراميدان؛ يعني إذا اجتمع تاءان في فعل مضارع وكان مبنيا للفاعل حذفت الثانية تخفيفا، وإنما قلنا: وكان مبنيا للفاعل؛ لأنه لو كان مبنيا للمفعول لم يحذف لقلة استعماله "لاجتماع الحرفين من جنس واحد" والتلفظ بهما ثقيل على اللسان "وعدم إمكان الإدغام"؛ لأن الإدغام عبارة عن إسكان الأول وإدراجه في الثاني فيلزم الابتداء بالساكن، ولا يجوز اجتلاب الهمزة في المضارع، كما لا يجوز في اسم الفاعل للمشابهة بينهما "وعينت الثانية للحذف؛ لأن الأول علامة" أي علامة المضارع "والعلامة لا تحذف" ولا علامة أخرى حتى يجوز حذفها، ولأن الاستثقال إنما حصل بالثانية فحذفها أولى هذا ذهب سيبويه، وذهب الكوفيون إلى أن المحذوفة هي الأولى؛ لأنها زائدة والزائد أولى بالحذف "وأسكنت الضاد في يضرب" أي أسكنت الفاء في المضارع نحو الضاد في يضرب "فرارا عن توالي الحركات الأربع" في كلمة واحدة "وعينت الضاد للسكون؛ لأن توالي الحركات" الأربع "لزم من" زيادة "الياء فإسكان الحرف الذي هو قريب منه يكون أولى" إذ لا يمكن إسكان الباء نفسه لتعذر الابتداء بالساكن "ومن ثمة" أي ومن أجل أن إسكان الحرف الذي هو قريب من الحرف الذي لزم منه أربع حركات أولى "عينت الباء في مثل ضربن للإسكان؛ لأنه قريب من النون الذي لزم منه توالي الحركات" الأربع ولا يسكن النون فيه مع أن التصرف في الزائد أولى لئلا يخالف سائر الضمائر القابلة للحركات في تحركها، نحو: ضربت بالحركات الثلاث وفتح الخفة "وسوى بين المخاطب" المفرد "والغائبة" المفردة وكذا بين تثنيتهما "في المستقبل" في نفس التاء لا في التاء باعتبار معناها؛ إذ في الأول للخطاب وفي الثاني للتأنيث "لاستوائهما" أي لاستواء المخاطب والغيبة في نفس التاء "في الماضي" ضربت وضربت "نحو تضرب ونضرب" وقس عليهما تثنيتهما، نحو: تضربان ونضربان

Zبسكونها، وإنما أورد المثال هنا من باب نصر مع أن عادته أن يورد من باب ضرب لكونه أصلا في الدعائم، إشارة إلى أن باب تصريفه جهة التقديم في الجملة، ولهذا قدمه بعضهم على باب ضرب نظرا إلى تلك الجهة لما سبق، وأنه ليس ساقطا عن درجة استحقاق التقديم بالكلية كسائر الأبواب، ولذا لم يقدم أحد شيئا منها "ولكن لا يسكن" ما به التسوية أعني "التاء في غائبة المستقبل" كما أسكن في الماضي "لضرورة الابتداء بالساكن" ولهذا قيل: إن غائبة المستقبل ليست بمبدلة من الواو كتاء المخاطب، بل هي تاء التأنيث الساكنة قدمت تفاديا بذلك من وقوع اللبس فلما قدمت حركت لتعذر الابتداء بالساكن، ولايبعد أن يكون ميل المصنف إلى هذا وأن يكون هذا سبب تأخيره ذكر التسوية بين المخاطب والغائبة "ولا يضم" ما به الاستواء فى الغائبة ليزول الاستواء "حتى لا يلتبس المعلوم" منها "بالمجهول" منها "فى مثل تمدح" أى فى باب تفعل بفتح العين "ولا يكسر حتى لا يلتبس المعلوم بلغة تعلم" فيها بكسر عين ماضيه وبفتح عين مضارعه "إن قيل يلزم الالتباس" بين المخاطب والغائبة "أيضا بالفتحة" أى كما يلزم الالتباس بالضمة والكسرة فلم اختير الفتحة "قلنا فى الفتحة موافقة بينها" أى بين الغائبة وبين أخواتها "فى اطراد الأمثلة" من المتكلم والمخاطب فإن حروف المضارعة مفتوحة فيها أو بين ما به الاستواء؛ أعني التاء وبين أخواتها من التاء والهمزة والنون فإنها مفتوحة فيها زيدت فيه "مع خفة الفتحة" بخلاف أختيها؛ إذ لا موافقة فيهما بين الأخوات ولا خفة أيضا "وأدخل فيها آخر المستقبل" يعني بعد الألف والواو والياء ويجوز إطلاق الآخر لما بعد هذه الحروف لشدة اتصالها بالفعل لكونها ضمائر الفواعل "نون" فى يفعلان وتفعلان ويفعلان وتفعلون وتفعلين عوضا عن الحركة فى يفعل ليكون ذلك النون فى كلها "علامة للرفع"؛ لأنه أول أخوات الاعراب لكونه علامة الفاعل ثم حذفوها حال الجزم حذف الحركة التى هى عوض عنها، وحملوا النصب على الجزم كما حمل النصب على الجر فى بعض الأسماء؛ لأنه فى الفعل بمنزلة الجر فى الاسم كما سيجىء إن شاء الله تعالى "لأن آخر الفعل" حقيقة "صار باتصال ضمير الفاعل بمنزلة وسط الكلمة" والإعراب لا يكون فى وسط الكلمة، ولم يمكن أن يجعل الضمائر حروف الإعراب؛ لأنها فى الحقيقة ليست من نفس الكلمة، ولم يمكن زيادة حروف المد لمكان الضمائر فزيدت

_ Q"ولكن لا يسكن" التاء "في غائبة المستقبل" كما تسكن في غائبة الماضي "لضرورة الابتداء بالساكن" أي لتعذره بخلاف الماضي؛ لأن التاء فيه في الآخر "ولا يضم" أي غائبة المستقبل فرقا بينهما "حتى لا يلتبس بالمجهول في مثل تمدح" يعني لو ضمت التاء يلتبس المعلوم بالمجهول في الأفعال التي عينها مفتوح، فلو قيل تمدح أو تعلم بضم التاء لم يعلم أنه مجهول أو معلوم غائبة ضمت تاؤها فرقا بينها وبين المخاطب "ولا يكسر أيضا حتى لا يلتبس بلغة تعلم" في الفعل الذي عين ماضيه أو همزته مكسورة، وأما في غيره فللحمل عليه "فإن قيل يلزم الالتباس أيضا بالفتحة" فلم اختير "قلنا في الفتحة موافقة بينهما وبين أخواتها" يعني وإن لزم الالتباس بالفتح أيضا، لكن فيه فائدة وهو الموافقة بينها وبين أخواتها في كونه كل واحد منها مفتوحا "مع خفة الفتحة" ولما لم يكن الفرق بينهما لفظا أبقيا على حالهما واكتفى بالفرق التقديري، وذلك أن تاء الغائبة تاء التأنيث في الماضي لكنها قدمت للالتباس، فلم تكن مبدلة من شيء بخلاف التاء في المخاطب، فإنها مبدلة من الواو كما مر، وأيضا يفرق بينهما بما تحتهما، فإن الغائبة يستتر تحتها هي والمخاطب يستتر تحته أنت وقس على مفرديهما تثنيتهما في الوجهين "وأدخل في آخر المستقبل" إذا كان تثنية وجمعا مطلقا ومخاطبة مفردة "نون" بعد ضمير التثنية والجمع نحو: يضربان ويضربون، وإنما قال في آخر المستقبل؛ لأن الضمير كالجزء من الفعل وعينت النون بالزيادة مع أن الأصل أن يزاد من حروف المد لعدم إمكان زيادتها وهو ظاهر وقرب النون منها في خروجها عن هواء الخيشوم كما مر "وعلامة للرفع؛ لأن آخر الفعل" في الحقيقة صار "باتصال ضمير الفاعل بمنزلة وسط الكلمة" بناء على أن الضمر كالجزء من الفعل، وحاصله أنه لما كان المستقبل معربا ومرفوعا بعامل معنوي وأصل الإعراب بالحركات ولم يمكن ذلك في آخر التثنية والجمع والمخاطبة حقيقة بسبب اتصال الضمائر لها؛ لأنه صار آخر الفعل حينئذ بمنزلة وسط الكلمة وهو لا يكون متعقب الإعراب ولا الضمائر أوجبت كون ما قبلها على وجه واحد فما قبل الألف مفتوح أبدا وما قبل الواو مضموم أبدا وما قبل الياء مكسور أبدا ولم يمكن أيضا أن يجعل الضمائر حروف الإعراب؛ لأنها في الحقيقة ليست من نفس الكلمة ولأنها يلزم حينئذ سقوطها بالجوازم وسقوط العلامة غير جائز، ولم يكن أيضا الحركة على الضمائر نفسها؛ لأنها أسماء فلا يعرب بإعراب الفعل؛ إذ لا يجوز جعل كلمة محلا لإعراب كلمة أخرى ولأنها مبنية فلم تكن متعقب الإعراب ولأن فيها ما لا يقبل الحركة ألبتة وهو الألف وفيها ما تستثقل وهو الواو والياء لزم زيادة حروف تنوب مناب الحركة في المفرد فأولى الحروف بها النون لما ذكرنا آنفا فهي عوض عن الضمة فحيث ثبت الضمة ثبت النون، كما في حال الرفع سقط الضمة سقط النون أيضا، كما في حال الجزم والنصب، وإنما اختصت النون بحال الرفع؛ لأنه أول أحوال الإعراب وكل ذلك مبين في النحو قوله

Zحروف شبيهة بها وهو النون فجميع النونات الداخلة على المستقبل علامة للرفع "إلا نون يضربن وهي علامة للتأنيث" لا علامة الرفع، ولهذا لا تسقط في حالتي الجزم والنصب "كما" أي كما أن النون التي "في" الماضي نحو "فعلن" فإن نونه علامة للتأنيث لا علامة للرفع، ولا ينافيه كونه علامة للجمع أيضا "ومن ثمة" أي ومن أجل أن نونه علامة للتأنيث "يقال" يضربن "بالياء" دون التاء "حتى لا يجتمع علامتا التأنيث" وهي التاء والنون ونون ضربن تمحضت ضميرا وعلامة التأنيث تاؤه "والياء في تضربين ضمير الفاعل" عند الجمهور "كما مر" لا علامة الخطاب كما هو عند الأخفش، وعلامة الخطاب هو التاء فلا يلزم اجتماع علامتي الخطاب عندهم، فلا يرد نقضا على ما ذكرنا من امتناع اجتماع العلامتين مطلقا؛ إذ لا دخل في امتناع اجتماعهما لما أضيفتا إليه أعني التأنيث. ولما فرغ من البحث الذي تعلق بصيغة المستقبل ولفظه شرع فيما يتعلق بمعناه فقال: "وإذا دخل لفظ لم على المستقبل ينقل معناه إلى الماضي" وينفيه نحو: لم يضرب؛ أي لم يقع الضرب في الزمان الماضي "لأنه" أي لفظ لم "مشابه بكلمة الشرط" أعني أن لم من حيث اختصاصها بالفعل، فكما أن إن إذا دخل على الفعل ماضيا كان أو مضارعا ينقل معناه إلى المستقبل، كذلك كلمة م ينقل معناه بتلك المشابهة.

_ Q"إلا نون يضربن" أي نون جماعة النساء استثناء من قوله: نون علامة للرفع؛ فإنها ليست بعلامة للرفع؛ لأنها لم تسقط حالة الجزم والنصب "وهي علامة للتأنيث" ولا ينافي ذلك كونه ضمير جماعة النساء لجواز إغنائه غناء علامة التأنيث "كما في فعلن" أي كما لا يجوز النون في فعلن علامة للرفع بل للتأنيث؛ لأن الماضي مبني فلم يكن فيه حروف الإعراب ألبتة، وإذا لم يكن نون يضربن علامة للرفع بني الفعل معها على السكون إما لمشابهته يفعلن من حيث إن كل منهما فعل في آخره ضمير جماعة النساء، وإن لم يجتمع فيه أربع حركات متواليات كما هو مذهب سيبويه، وإما لأن إعراب المضارع بالمشابهة لاسم الفاعل وحين دخل عليه نون جماعة النساء لم يبق بينهما مشابهة وزنا، فرجع إلى أصل بنائه الذي هو السكون، وهذا ما اختاره الزمخشري، ومن العرب من يقول إنه معرب لضعف علة البناء وإعرابه تقديري للزوم السكون محل الإعراب، ولم يعوض النون من الإعراب خوفا من اجتماع النونين "ومن ثم" أي ومن أجل أن النون في يضربن علامة للتأنيث "يقال" في جمع المؤنث الغائبة "يضربن بالياء" بنقطتين من تحت لا بالتاء بنقطتين من فوق "حتى لا يجمتع علامتا التأنيث" إذ التاء للتأنيث أيضا واجتماع علامتي التأنيث في الفعل وإن كانا من جنسين غير جائز كما مر، ولا يرد عليه جمع المؤنث المخاطبة نحو: تضربن بالتاء؛ إذ التاء فيه علامة للخطاب فقط وعلامة التأنيث نون جماعة النساء وحده "والياء في تضربين" أي المخاطبة المفردة "ضمير الفاعل" عند العامة ويغني غناء التأنيث أيضا، والتاء علامة الخطاب فقط "كما مر" في المضمرات "وإذا دخل" لفظ "لم على المستقبل ينقل معناه إلى الماضي" وينفيه فإنك إذا قلت: لم يضرب زيد فكأنك قلت: ما ضرب في الزمان الماضي "لأنه" أي لفظ لم "مشابه بكلمة الشرط" في الاختصاص بالفعل؛ يعني كما أن كلمة الشرط تختص بالفعل وتنقل معناه إن كان ماضيا إلى المستقبل، وإن كان مستقبلا تنقل من احتماله للحال إلى محض الاستقبال، كذلك كلمة لم تختص بالفعل وتنقل معناه لكنها مختصة بالمستقبل ونقل معناه إلى الماضي المنفي.

"فصل: في الأمر والنهي:

Z"فصل: في الأمر والنهي: الأمر صيغة يطلب بها الفعل": أي بفتح الفعل "من الفاعل" الغائب أو المخاطب خص المبني للفاعل بالتعريف لكونه الأغلب كما خصه ابن الحاجب في تعريف أمر المخاطب

_ Q"فصل: في الأمر": أخر النهي؛ لأنه يعلم بالقياس إلى الأمر مقيسا فيكون الأمر عليه له كما ستطلع عليه، وأخر عن المستقبل لكونه مأخوذا منه، وقدم الغائبة منه لبقاء صيغة المضارع فيه، وقيل: أخر الأمر عن المستقبل؛ لأن المستقبل مشترك بين الحال والاستقبال والأمر مختص بالمستقبل؛ لأن الإنسان إنما يؤمر بما لم يفعله ليفعله فالترتيب بينهما بحسب ترتيب الزمان، والأمر في اللغة يطلق على الفعل والحال يقال: أمر فلان مستقيم أي فعله وحاله، ومنه قوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} أي فعله وهو بهذا المعنى جامد لا مصدر وجمعه أمور وعلى مصدر أمره بكذا؛ أي قال له افعل كذا وجمعه أوامر وعلى مصدر أمرته بمعنى كثرته، وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف بقوله: "الأمر صيغة يطلب بها الفعل من الفاعل" فقوله: صيغة بمنزلة الجنس يشمل الأفعال كلها وباقي قيوده كالفصل يخرج ما عدا الأمر من الماضي والمضارع؛ لأنه لا يطلب بهما الفاعل، ولم يقل من المخاطب ليتناول أمر الغائب، والمراد من الفاعل ها هنا الاصطلاحي، وهو ما أسند إليه عامله مقدما عليه لا ما أحدث الفعل بدلالة إطلاق الأمر على الصيغة المأخوذة من قولهم: مات زيد وطاب الخير نحو مت وطب، فيتناول مرفوع الفعل المبني للفاعل والمبني للمفعول أيضا، كذا حقق فظهر بطلان ما قيل: إن التعريف ليس بجامع؛ لأن الأمر قد يكون ببناء المجهول فلا يطلب به حينئذ الفعل من الفاعل، وبطلان جوابه أيضا بأن بناء الأمر للمجهول نادر الوجود وهذا الحد بالنظر إلى الأكثر، فإن قلت: إن الحد منقوص بمثل اترك؛ لأنه أمر مع أنه لا يطلب به الفعل من الفاعل، بل يطلب به تركه، قلت: معنى ترك الضرب مثلا كف النفس عن الضرب، وكف النفس فعل من أفعالها وهو المطلوب بلفظ اترك كذا قيل

Zلذلك حيث قال صيغة يطلب بها الفعل من الفاعل المخاطب "نحو ليضرب إلخ" تقول: زيد ليضرب زيدان ليضربا زيدون ليضربوا، هند لتضرب هندان لتضربا هندات ليضربن واضرب أنت اضربا أنتما اضربوا أنتم اضربي أنت اضربا أنتما اضربن أنتن "وهو مشتق من المضارع" بلا واسطة ولذا أخره عنه وبواسطة المضارع مشتق من المصدر فلا ينافي قوله واشتقاق تسعة أشياء من كل مصدر؛ لأن المراد بالاشتقاق المذكور هناك أعم من أن يكون بالذات أو بالواسطة كما أشرنا هناك، وإنما كان هو مشتقا من المضارع دون الماضي "لمناسبة بينهما" أي بين الأمر والمضارع "في الاستقبالية" أي في انتساب معناهما إلى الاستقبال، وذلك ظاهر في المضارع وأما في الأمر؛ فلأن الطلب إنما يكون لما لم يحصل بعد ولا مناسبة بينه وبين الماضي، وهذا وجه التخصيص بالنسبة إلى الماضي، وأما أنه لم يشتق من المصدر ابتداء كالماضي فليكن أقرب إلى الضبط ولهذا ذهب السيرافي إلى أن اسمي الفاعل والمفعول مشتقان من الفعل "زيدت اللام في أمر الغائب" لطلب الفعل دون غيرها "لأنها من وسط المخارج" كما أن الغائب بين المتكلم والمخاطب في الكلام فناسبه اللام "و" الحال أن اللام "أيضا" أي كما أنها في وسط المخارج "من حروف الزوائد" والإضافة بيانية؛ أي من حروف هي الزوائد فتكون خالصة للزيادة "وهي" أي حروف الزوائد الحروف "التي يشملها" قوله: يا أوس هل نمت ولم يأتنا ... سهو فقال اليوم تنساه أو سألتمونيها أو أتاه سليمون، أو أتاه سليمان، أو آنست موليها، أو أمان وتسهيل "قول الشاعر" أبي عثمان المازني "هويت" من باب علم أي أحببت، وأما ما يكون من باب ضرب فهو بمعنى الصعود أو بمعنى السقوط "السمان" جمع سمينة يعني النساء السمان "فشيبنني" أي جعلتني تلك النساء أن أشيب قبل وقت الشيب بمقاساة الشدائد وتحمل الأحزاب والمصائب في مواصلتهن، واستمرت محبتي إياهن إلى أن شبت ويؤيده قوله: "وقد كنت قدما" بكسر القاف وسكون الدال بمعنى الزمان القديم "هويت السمان" وعين حروف الزيادة من بين حروف البيت بقوله: "أي حروف هويت السمان" أي هذه الحروف العشرة التي هي الهاء والواو والياء والتاء

_ Q"نحو ليضرب إلخ" أي ليضرب ليضربا ليضربوا لتضرب لتضربا ليضربن "وهو" أي الأمر المطلق "مشتق بالذات من المضارع" لا من الماضي "لمناسبة بينهما في الاستقبالية" يعني أن كل واحد منهما يدل على الاستقبال، أما المضارع فظاهر، وأما الأمر فلأن الإنسان إنما يؤمر بما لم يفعله ليفعله، وقيل: لا يجوز أن يشتق الأمر من الماضي؛ لأنه يؤدي إلى تحصيل الحاصل، وهو محال فتعين المضارع؛ إذ الأمر لا يؤخذ من الأمر "زيدت اللام في" أول "الأمر الغائب؛ لأنها من حروف الزوائد وأيضا من وسط المخارج" هذا شروع في بيان كيفية أخذ أمر الغائب من المضارع؛ يعني إذا أريد أخذ أمر الغائب من المضارع زيدت في أوله اللام ليحصل الفرق بينه وبين المضارع ويجزم آخره بها؛ وخصت اللام بالزيادة من بين حروف الزوائد؛ لأنها من وسط المخارج والغائب وسط بين المتكلم والمخاطب فيكون ها هنا مناسبة في التوسط فزيدت هي دون غيرها، ولما ذكر أن اللام من حروف الزوائد وجب أن يبينها فقال: "وحروف الزوائد" هي الحروف "التي يشتملها قول الشاعر: هويت السمان فشيبنني ... وقد كنت قدما هويت السمان قال ابن جني حكي أن أبا العباس سأل أبا عثمان المازني عن حروف الزيادة في البيت، فأنشد هويت السمان البيت، فقال له الجواب، فقال: قد أجبتك دفعتين يريد هويت السمان ويجمعه أيضا قولك: يا أوس هل نمت، وأيضا قولك: ولم يأتنا سهو وكذا: اليوم تنساه، وإنما اختصت الحروف العشرة بالزيادة دون غيرها؛ لأن أولى الحروف بالزيادة حروف المد واللين؛ لأنها أخف الحروف وأقلها كلفة لكثرة دورها في الكلام واعتياد الألسنة لها، وأما قول النحاة الواو والياء ثقيلتان فبالنسبة إلى الألف، وأما السبعة الباقية فمشبهة بها أو مشبهة بالمشبهة بها فالهمزة تشبه الألف في المخرج وتنقلب إلى حرف اللين عند التخفيف، والهاء أيضا تشبه الألف في المخرج وأبو الحسن يدعي أن مخرجهما واحد، والميم من مخرج الواو وهو الشفة، والنون تشبه الألف أيضا؛ لأن فيها غنة وترنما ويمتد في الخيشوم امتداد الألف بالحلق، والتاء تشبه الواو من جهة مقاربة مخرجهما، والسين تشبه التاء في الهمس وقرب المخرج فتشبه الواو بالواسطة، ولهذا لم يكثر زيادتها، بل زيدت في مثل استفعل فقط، واللام وإن كان مجهورا لكنه يشبه النون في المخرج ولذلك يدغم فيه النون نحو من لدنه فيشبه الألف بالواسطة، ومما يجب أن يعلم أنه ليس المراد من كون تلك الحروف حروف الزيادة أنها تكون زائدة أبدا؛ لأنها قد تركبت الكلمة منها وكلها أصول، مثل: سأل ونام، بل المراد أنه إذا زيدت حرف لغير الإلحاق والتضعيف فلا يكون إلا منها، ومعنى البيت هويت بمعنى أحببت والسمان بكسر السين جمع سمين بوزن فعيل وهو ضد المهزول وموصوفه محذوف تقديره أحببت النساء السمان فشيبنني، وإسناد الشيب إليهن كناية عن كثرة مصاحبته لهن، فكأنه قال: إني مصاحبهن من أول شبابي إلى زمان شيبي، ويحتمل أن يكون شكاية عن عدم مساعدتهن له، وقدما يكسر القاف وسكون الدال اسم من القدم بوزن العنب، جعل اسما من أسماء الزمان، يقال: قدما كان كذا وكذا أي زمان طويلا، وقوله: "أي حروف هويت السمان" تفسير للحروف الزوائد؛ لأن البيت يشتمل عليها وعلى غيرها فيحتاج إلى تفسير المراد

Zوالهمزة والاعتبار، إنما هو بالكناية دون اللفظ، ولذلك قالوا وأتاه سليمان يشتملها واللام والسين والميم والألف والنون، وحكي أن أبا العباس المبرد سأل أبا عثمان المازني، فقال له: كيف تجمع حروف الزيادة؟، فأنشد البيت، فقال له: الجواب يرحمك الله، قال المازني: قد أجبتك مرتين يريد قوله: هويت السمان، وليس معنى زيادتها أنها تكون زائدة فى كل مكان، بل معناها أنه إذا أريد زيادة حرف فإنما يزاد منها لا من غيرها؛ إذ قد تكون أصولا ألا يرى أن حروف هويتها أصول كلها، وإنما يعرف كونها زائدة من كونها أصلا بأن تزن الأصلي بالفاء والعين واللام، وتخرج الزائد بلفظة لا يقابل فاء وعينا ولا ما تقول ضرب وزنه فعل، ويضرب وزنه يفعل، وضارب وزنه فاعل، ومضروب وزنه مفعول، ومكرم وزنه مفعل، واستخرج وزنه استفعل، وقضيب وزنه فعيل، وحمار وزنه فعال "و" على هذا "لا يزاد" فى أمر الغائب "من حروف العلة" مع أنها أولى الحروف بالزيادة "حتى لا يجتمع حرفا علة" إحداهما للأمر والثانية للمضارع "وكسرت اللام" أي لام الأمر مع أن من حق حروف المعاني التي جاءت على حرف واحد أن تبنى على الفتحة التي هي أخت السكون "لأنها مشابهة باللام الجارة" فى الصورة، وإنما شبهت بها "لأن الجزم فى الأفعال بمنزلة الجر فى الأسماء" أي بمقابلة الجر فيها؛ لأن فى الفعل الرفع والنصب فى مقابلة الرفع والنصب فى الأسماء وفى الاسم جر وليس فى الفعل لما عرف فى موضعه، بل فيه الجزم فيكون الجزم فى الفعل بمقابلة الجر فى الاسم بمنزلته فيكون الجازم بمنزلة الجار فجعل صورته مثل صورة الجار وعومل به معاملة الجار فى الاسم "أسكنت لام الأمر بالواو والفاء" يعني تسكين اللام بعد الواو والفاء أكثر لكون اتصالهما بما بعدهما أشد لكونهما على حرف واحد فصار الواو واللام بعده وحرف المضارعة وكذا الفاء معهما كلمة واحدة على وزن فخذ وكتف فتخفف بإسكان العين، وأما ثم فمحمول عليهما لكونها حرف عطف مثلهما، لكن لا يكثر السكون بعده كثرته بعدهما لكون حروفها أكثر من واحد "نحو وليضرب وفليضرب وثم ليضرب كما أسكن العين فى فخذ" للتخفيف أصله فخذ بفتح الفاء وكسر العين ويجوز فيه سكون العين مع فتح الفاء للخفة كما ذكره، ويجوز سكون العين مع كسر الفاء بنقل كسر العين إليها ويجوز كسر العين والفاء لكون حرف الحلق قويا فيتبع ما قبله، وكذا يجوز كل ما جاز في فخذ في كل ثلاثي عينه حرف حلق مكسور من اسم أو فعل نحو شهد "ونظيره" أي نظير لام الأمر في الإسكان "في الواو وهو بسكون الهاء" وفي الفاء فهو بسكون الهاء تشبيها له بما ضم عينه من نحو: عضد، فكما يقال: عضد يقال: وهو بالسكون "وحذف حرف الاستقبال في أمر المخاطب" بعد حذف اللام للتخفيف لكثرة استعماله؛ إذ أصل اضرب لتضرب باتفاق الفريقين كما سيجيء إن شاء الله تعالى وكان القياس في الأمر للفاعل المخاطب أن يكون باللام كالأمر الغائب؛ لأن الطلب في الأمر إنما هو بمعنى اللام؛ لأن اللام وضعت لذلك فيه وزيدت لأجله كما أشرنا إليه فكان قياس أمر الفاعل المخاطب أيضا أن يكون باللام، لكن لما كثر استعماله حذف اللام وحذف حرف المضارعة أيضا "للفرق بينه وبين مخاطب المستقبل" لا بينه وبين أمر الغائب بدليل قوله فيما سيأتي للفرق بينه وبين المضارع، وقوله: "وعين الحذف" أي حذف اللام وحذف حرف الاستقبال "في" أمر "المخاطب" دون أمر الغائب "لكثرة استعماله" أي لكثرة

_ Q"ولا يزاد" في أول أمر الغائب "من حروف العلة" مع أنها أولى الحروف بالزيادة "حتى لا يجتمع حرفا علة" أحدهما للأمر الغائب وثانيهما للمضارعة "وكسرت" تلك "اللام" الزيادة مع أن الأصل في الحروف الواردة على هجاء واحد الفتح لخفته "لأنها مشبهة باللام الجارة" بحسب مشابهة عملها وذلك "لأن الجزم في الأفعال بمنزلة الجر في الأسماء" وإذا كان عامل الجر مكسورا في الأسماء الظاهرة، كذلك عامل ما هو بمنزلته من الجزم يكون مكسورا وأيضا كسرت اللام فرقا بينه وبين لام التأكيد التي يدخل المضارع، نحو: إن زيدا ليضرب "وأسكنت" لام الأمر "بالواو والفاء نحو وليضرب فليضرب" لشدة اتصالهما بما بعدهما لكونهما على حرف واحد فصار الفاء والواو مع اللام بعدهما وحرف المضارعة ككلمة واحدة وعلى وزن فخذ فأسكنت اللام تخفيفا "كما أسكن الخاء في فذ" تخفيفا أصله فخذ بكسر الخاء وهو عضو مخصوص فهذا نظير الإسكان بالفاء "و" أما "نظيره بالواو" فلفظه "وهو بسكون الهاء" أصله بالضم وكذا أسكنت بثم، نحو: ثم ليقضوا حملا عليهما، ولما فرغ من بيان كيفية أخذ الأمر الغائب من المستقبل شرع في كيفية أخذ الأمر الحاضر منه فقال: "وحذفت حروف الاستقبال" ليكون أمرا "في أمر المخاطب" أي الحاضر المعلوم بقرينة مقابلته للمجهول "للفرق" بينه وبين أمر الغائب "وعين الحذف في المخاطب لكثرته" يعني لو لم يحذف حروف الاستقبال في أمر المخاطب كما لا يحذف في أمر الغائب وجب زيادة اللام أيضا في أوله لئلا يلتبس بالمستقبل، وإذا زيدت اللام التبس أحد الأمرين بالآخر في بعض الصور، كما إذا قلت: لتضرب لم يعلم أن المأمور مخاطب أو غائب فوجب الحذف من أحدهما لدفع هذا الالتباس، فوجدوا المخاطب أولى بالحذف لكثرة استعماله؛ لأن المأمور المخاطب هو الواقع كثيرا، وأما الغائب فقل أن يقع له أمر ولكون الحذف نوعا من الاختصار والتخفيف

Zاستعمال هذا الجنس، فالتخفيف به أولى ناظر إلى قوله وحذفت لا إلى قوله للفرق "ومن ثم" أي ومن أجل أن حذف اللام وحرف المضارعة في أمر المخاطب المعلوم لكثرة الاستعمال "لا يحذف" حرف الاستقبال "مع اللام في مجهوله" أي أمر المخاطب؛ أعني يقال: لتضرب باللام والتاء "لقلة استعماله" أي المجهول "واجتلبت همزة الوصل" وتخصيصها بالاجتلاب لكونها أقوى والابتداء بالأقوى أولى "بعد حذف حرف المضارعة إذا كان ما بعده ساكنا للافتتاح" أي ليمكن الابتداء؛ إذ الابتداء بالساكن متعذر، وأما إذا كان ما بعده متحركا فلا احتياج إليها، نحو: دحرج من تدحرج "وكسرت الهمزة" المجتلبة "لأن الكسر أصل في" تحريك "همزات الوصل"؛ لأنها زيدت ساكنة عند الجمهور لما فيه من تقليل الزيادة ثم لما احتيج إلى تحريكها حركت بالكسرة؛ لأنه أصل في تحريك الساكن؛ لأنه أبعد حركات الإعراب عن الإعراب لامتناع دخوله في قبيلتين من المعربات وهما المضارع وما لا ينصرف ودخول أخويه في المعربات كلها، فلما احتيج إلى التحريك حركت بما هو أقل وجودا في الإعراب وأكثر شبها بالسكون الذي وجد في بعض المعربات دون بعض، ولأن السكون والجزم عوض في الفعل من الكسرة في الاسم فعوض الكسر من السكون أيضا، ولأن وقوع اجتماع الساكنين كثير في الكلام بشهادة الاستقراء وللأفعال منه القدح المعلى، وناهيك نوعا الأوامر من الأفعال المشددة الأواخر وما ينجز منها بأنواع الجوازم، وعندك أن للأكثر حكم الكل فتقدمت الأفعال في اعتبار اجتماع الساكنين والاحتياج إلى التحريك، ومعلوم أن لا مدخل للجر في الأفعال فأفادت الكسر الخلاص من اجتماع الساكنين، وذلك ظاهر وكون الكسرة طارئة بحكم المقدمة المعلومة بخلاف أختيها؛ فإنهما يفيدان الخلاص فقط والمفيد لفائدتين أولى بأن يكون أصلا، فالكسرة أصل في تحريك الساكن، وإنما سميت المجتلبة للافتتاح همزة وصل؛ لأنها اجتلبت للتوصل بها إلى النطق بالساكن، ولذلك سماها الخليل سلم اللسان "ولم تكسر" الهمزة "في مثل اكتب" أي فيما كان عين المضارع فيه مضموما مع أنها همزة وصل، بل وضمت "لأنه" أي الهمزة أو الشأن والثاني أقوى من جهة المعنى وإن كان ضعيفا من جهة اللفظ؛ لأن حذف ضمير الشأن منصوبا ضعيف إلا أنه كثير في عبارات المصنفين "بتقدير الكسر" أي كسرها "يلزم الخروج من الكسرة" أي من كسرتها "إلى الضمة" أي إلى ضمة العين وهو ثقيل "ولا اعتبار للكاف الساكن" في المنع عن ذلك

_ Q"ومن ثم" أي ومن أجل أن حذف حرف المضارعة من أمر المخاطب لكثرة استعماله "لا تحذف اللام في مجهوله" الظاهر أن يقال: لا تحذف التاء، أو يقال: لا تحذف اللام والتاء، ولكن لما كان عدم حذف اللام مستلزما لعدم حذف التاء اكتفى بذكره وإنما قلنا كذلك؛ لأن اللام إنما زيدت على تقدير عدم الحذف لدفع التباس الأمر المضارع كما مر "نحو لتضرب" بضم التاء وفتح الراء "لقلة استعماله" أي استعمال مجهول أمر المخاطب "واجتلبت الهمزة" في أول أمر المخاطب بعد حذف حرف المضارعة "إذا كان ما بعده ساكنا" قيد به؛ لأن ما بعد حرف المضارعة إذا كان متحركا لم يلزم اجتلاب الهمزة بعد حذفه لإمكان الابتداء بما بعده، نحو: هب وخف ودحرج من تهب "للافتتاح" أي ليمكن الافتتاح والابتداء، نحو: اعلم وانصر وانطلق واستخرج من تعلم وتنصر وتنطلق وتستخرج، وإنما تعينت الهمزة لكونها أقوى الحروف أو لابتداء بالأقوى أولى كذا قيل، وقيل إنما تعينت الهمزة لاختصاصها بالمبدأ في المخرج "وكسرت الهمزة" المجتلبة "لأن الكسرة أصل في همزات الوصل"؛ لأن همزة الوصل زيدت ساكنة ثم حركت والأصل في تحريك الساكن الكسر، كما يذهب إليه الرضي وابن الحاجب نقلا عن ابن جني متمسكا بأن قاعدتهم إذا زادوا حرفا زادواها ساكنة ثم حركوها إن احتيج، بخلاف ما إذا أبدلوها وقد غفل صاحب النجاح عن هذه القاعدة فاعترض عليه بأن ما ذكره ابن جني باطل؛ لأنه يلزم العود إلى المهروب عنه وهو الهرب عن حرف ساكن إلى حرف آخر ساكن مثل: الأول والحق زيادتهما متحركة لئلا يلزم المحذور، وتحقيق الكلام في هذا المقام على ما ذكره المصنف؛ أن هذه الهمزة وإن كانت ساكنة لكنه جيء بها قبل الساكن في الابتداء؛ لأنه قد علم أنه إذا اجتمع معه فلا بد من حذف أحدهما أو حركة أحدهما، ولم يجز حذف الثاني ولا حركته لئلا يلزم تغيير البناء ولا حذف الهمزة؛ لأنه يفضي إلى المهروب عنه وهو الابتداء بالساكن، فلم يبق إلا حركة الهمزة فحركت وكسرت على ما هو الأصل في التقاء الساكنين، وإنما يضم ما يضم لعارض، وإنما كان الكسر أصلا في تحريك الساكن؛ لأن الجزم الذي هو السكون في الأفعال عوض عن الجر في الأسماء لتعذر الجر فيها فلما ثبت بين السكون الجزمي في الأفعال وبين الكسر المختص بالأسماء تعويض وتبديل واحتيج ها هنا إلى التعويض عن السكون جعل الكسر عوضه، وإنما سميت همزة الوصل؛ لأنه يتوصل بها إلى النطق بالساكن، ولهذا سماها الخليل سلم اللسان، وقيل: لأنها تسقط في الدرج فيتصل ما قبلها لما بعدها، ولما توجه أن يقال إن قولكم وكسرت الهمزة منقوض بمثل اكتب؛ لأن همزته مضمومة أجاب بقوله: "ولم تكسر" الهمزة بل تضم مع أن الأصل الكسر "في مثل اكتب" أي في الفعل الذي عين مضارعه مضموم "لأن بتقدير الكسرة يلزم الخروج من الكسرة" التحقيقية "إلى الضمة" التحقيقية قوله: "ولا اعتبار للكاف الساكن" جواب لسؤال مقدر تقديره ظاهر

Zالخروج "لأن الحرف الساكن لا يكون حاجزا" أي مانعا "حصينا" أي قويا "عندهم" أي عند أهل هذا الفن "ومن ثم" أي ومن أجل أن الحرف الساكن لا يكون حاجزا حصينا "يجعل واو قنوة ياء ويقال قنية" مع أن ما قبلها ليس بمكسور إلا أن النون لما كان ساكنا جعل كأنه معدوم، وأن ما قبل الواو وهو القاف مكسور فقلبت الواو ياء "وقيل" لم تكسر الهمزة في مثل اكتب، بل "تضم للاتباع" أي لاتباعها للعين في الضم؛ لأن خفة الموافقة بين الأثقلين غالبة على ثقل المخالفة بين الثقيل والأثقل "وفتح ألف أيمن" أي همزته ويجوز إطلاق الألف على الهمزة، إما حقيقة بالاشتراك على ما قيل، وإما مجازا لكونها على صورتها في بعض المواضع كما سيجيء إن شاء الله تعالى، أو لكونهما متحدين ذاتا والاختلاف إنما هو بالعارض، ولذلك شبهوهما بالهواء والريح فكما أن الهواء إذا تحرك صار ريحا والريح إذا سكنت صارت هواء، فكذا الألف إذا تحركت صارت همزة والهمزة إذا سكنت ومدت صارت ألفا "مع كونه للوصل" بدليل سقوطه في الدرج، والأصل في ألف الوصل الكسر لما عرفت "لأنه جمع يمين وألفه للقطع"؛ لأنه ألف أفعل وألفه مفتوحة "ثم جعل للوصل" أي عومل معاملة ألف الوصل بأن أسقطت في الدرج "لكثرته" أي لكثرة أيمن استعمالا، وكثرة الاستعمال تقتضي التخفيف والتخفيف يحصل بالوصل؛ إذ بالوصل تسقط الهمزة في اللفظ ولا خفة مثل السقوط "وفتح ألف التعريف" مع كونه للوصل بدليل سقوطه في الدرج "لكثرته" استعمالا "أيضا" أي كأيمن. واعلم أن حرف التعريف عند سيبويه هو اللام وحده والهمزة للوصل فتحت مع أن أصلها الكسر لكثرة استعمال اللام، وعند الخليل أل كهل علامة للتعريف، وإنما حذفت عنده همزة القطع في الوصل لكثرة استعمال أل، وعند المبرد حرف التعريف هي الهمزة المفتوحة وحدها، وإنما زيدت اللام بعدها للفرق بين همزة التعريف وهمزة الاستفهام، إذا عرفت هذا فقول المصنف ألف التعريف يحتمل أن يكون إشارة إلى مذهب المبرد، والظاهر لإضافة ألف فقط إلى

_ Q"لأن الحرف الساكن" مطلقا "لا يكون حاجزا حصينا" أي مانعا قويا يمنع الخروج المذكور "عندهم ومن ثم" أي ومن أجل أن الحرف الساكن لا يكون حاجزا حصينا "جعل واو قنوة ياء ويقال قنية" بكسر القاف فيهما، وقد يضم فيهما ويبقى الياء على حالها، يقال: قنوت الغنم وغيرها قنوة وقنيتها قنية إذا أقنيتها؛ أي أمسكتها لنفسك للتجارة، فإن قلت: إن ارموا أمر وعينه مضموم مع أن همزته مكسورة، وإن اغزى أمر وعنيه مكسور مع أن همزته مضمومة، قلت: حركة العين فيهما عارضة؛ لأن أصل ارموا ارميوا فأعل بالنقل والحذف، وأصل اغزى اغزوى فأعل أيضا بنقل حركة الواو إلى ما قبلها ثم حذفها لالتقاء الساكنين "وقيل تضم" الهمزة المجتلبة في مثل اكتب "للاتباع" أي لاتباع حركة الهمزة بحركة عين الفعل ويكسر فيما يكون عينه مكسورا للاتباع أيضا ولم يتبع في المفتوح لئلا يلزم الالتباس بينه وبين المضارع الموقوف، فإذا قلت مثلا أعلم بفتح الهمزة وسكون الميم لم يعلم أنه أمر أو مضارع أسكن آخره للوقف ولما توجه أن يقال إن قولكم الكسر أصل في همزة الوصل منقوض بقولنا أيمن؛ لأن همزته مفتوحة مع أنها للوصل أجاب بقوله: "وفتح ألف أيمن" بضم الميم سماها ألفا؛ لأن الهمزة إذا وقعت أولا تكتب على صورة الألف ولأنهما متقاربان في المخرج، ولذلك إذا احتاجوا إلى تحريك الألف قلبوها همزة، وقال في الصحاح: الألف على ضربين لينة ومتحركة، فاللينة تسمى ألفا والمتحركة تسمى همزة، ولهذا المعنى حكم الفقهاء زاد الله رفعة أعلامهم بأن الحروف ثمانية وعشرون "مع كونه للوصل" ومع كون الكسر أصلا في الوصل "لأنه" أي أيمن "جمع يمين" لا يجيء على وزنه واحدة في كلام العرب وأما الآجر والآنك فأعجميان، وهو بمعنى القسم سميت بذلك؛ لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل امرئ منهم يمينه على يمين صاحبه وإن جعلت اليمين ظرفا فلا تجمعه؛ لأن الظروف لا تكاد تجمع "وألفه للقطع" أي والحال أن ألف الجمع لا يكون إلا للقطع "ثم جعل" ألف أيمن "للوصل" بعد أن كان للقطع في الأصل؛ أي أجرى مجرى ألف الوصل في سقوطه في الدرج لا في الكسر "لكسرته" استعمالا هذا مذهب الكوفيين، وذهب البصريون إلى أنه مفرد على وزن أفعل؛ إذ قد يجيء في كلام العرب على وزنه مفرد مثل آجر وآنك وهو الأسرب وهما ليسا بأعجميين، والمفرد هو الأصل وهمزته للوصل، وإلا لما سقط في الدرج، وقال سيبويه: إنه من اليمن بمعنى البركة، يقال: يمن فلان علينا فهو ميمون قوله: "وفتح ألف التعريف لكثرته أيضا" عطف على قوله: وفتح ألف أيمن فيكون جوابا لسؤال مقدر. ثم اعلم أنهم اختلفوا في آلة التعريف فذكر المبرد في كتابه الشافي أن حرف التعريف الهمزة المفتوحة وحدها، وإنما ضم اللام إليها لئلا يشبه ألف التعريف بألف الاستفهام فيكون للقطع، وقال سيبويه: حرف التعريف اللام وحدها والهمزة زائدة للوصل، لكنها فتحت مع أن أصل همزات الوصل الكسر لكثرة استعماله، وقال الخليل: أل بكمالها آلة التعريف ثنائي نحو: هل فيكون همزته للقطع، وإنما حذفت في الدرج لكثرة الاستعمال، والمذاهب الثلاثة مذكورة في شرح الرضي مع أدلتها لكنا قررنا المسائل وتركنا الدلائل لئلا يطول الكلام، فمن رامها فليطالع ثمة، وإذا علمت ما قررناه فاعلم أن قوله: وفتح ألف تعريف لكثرته إنما يستقيم على مذهب سيبويه؛ إذ هو جواب بعد تسليم كونه للوصل وهو ظاهر، وإضافة الألف إلى التعريف لأدنى ملابسة فتدبر

Zالتعريف فعلى هذا معنى كلامه وفتح ألف التعريف لكونه للقطع؛ لأنه للتعريف لا للوصل إلا أنه عومل معاملة ألف الوصل بأن أسقط في الدرج لكثرة هذه الألف استعمالا، كما أن ألف أيمن عومل به معاملة ألف الوصل بأن سقط في الدرج لكثرته استعمالا، ويحتمل أن يكون إشارة إلى المذاهب الثلاثة ويكون إضافة الألف إلى التعريف لأدنى ملابسة كإضافة كوكب الخرقاء، وحينئذ معنى كلامه وفتحت الألف الملابسة للتعريف على تقدير كونها للوصل ولم تكسر مع أن الأصل فيه الكسر لكثرته؛ أي لكثرة استعمال اللام فخفف بالفتحة وفتح أيضا على تقدير كونه وحده للتعريف أو مع اللام؛ لأنه للتعريف إما وحده أو مع اللام وليس للوصل حتى يكسر إلا أنه عومل به معاملة ألف الوصل فأسقط في الدرج، كما أن ألف أيمن عومل به معاملة الوصل فأسقط في الدرج لكثرة استعمال الألف "وفتح ألف أكرم" مع أن ما بعد حرف المضارعة من تكرم ساكن وعين المضارع ليست بمضمومة "لأنه ليس من ألف الأمر" أي جنس الألف الذي زيد للأمر حتى يكسر "بل ألف قطع محذوف من تؤكرم" طرد اللباب يعني ليس ما بعد حرف المضارعة من تؤكرم ساكنا، بل متحركا في التقدير؛ إذ أصله تؤكرم بالهمزة لكون ماضيه على أكرم فجاءوا بالأمر على الأصل تفاديا لذلك عن الالتباس بين الأمر من الثلاثي المجرد وبينه من المزيد فيه؛ إذ لو قيل أكرم بكسر الهمزة التبس بالثلاثي المجرد، أو لأن علة حذف الهمزة وهي اجتماع الهمزتين أو الحمل على ما فيه اجتماع الهمزتين لما زالت بحذف حرف المضارعة من تؤكرم؛ إذ سبب الحمل فيه وجود حرف المضارعة ردوها إلى فتحها؛ لأن الاحتياج إلى همزة الوصل إنما هو عند الاضطرار وإنما "حذفت" الهمزة من تكرم "لاجتماع الهمزتين في أأكرم" فإنه مستكره "ولا تحذف ألف الوصل في الخط" مع أن الخط تابع للفظ "حتى لا يلتبس الأمر من باب علم" بكسر العين وتخفيفه "بأمر علم" بفتح العين وتشديده "فإن قيل يعلم بالإعجام" وهي الحركات والسكنات والنقطات والتشديدات والمدات جمع عجم كفرس وأفراس وهو ما يزول به العجمة وهي الالتباس والاشتباه "قلنا الإعجام يترك" تركا أو حينا "كثيرا" فحينئذ يحصل الالتباس

_ Q"وفتح ألف أكرم" هذا جواب عن سؤال مقدر، وهو أن قولكم واجتلبت الهمزة بعد حذف حرف المضارعة إن كان ما بعدها ساكنا للافتتاح وكسر الهمزة منقوض بمثل أكرم؛ لأن ما بعد حرف المضارعة وهو الكاف ساكن وهمزته مجتلبة مع أنها مفتوحة. وحاصل الجواب مع كون الهمزة مجتلبة وذلك "لأنه ليس من ألف الأمر" أي ليست مجتلبة للافتتاح حتى يكون للوصل فيلزم الكسر "بل ألف قطع"؛ لأنه "محذوف من تؤكرم" قوله: "حذفت لاجتماع الهمزتين في أأكرم" استئناف فيقع جوابا لسؤال مقدر فكأن قائلا يقول: لِمَ حذفت الهمزة من تؤكرم، فأجاب حذف إلخ؛ يعني زيدت همزة مفتوحة في أول كرم لنقله إلى باب آخر فيكون أكرم ومضارعه يؤكرم كيد حرج بالهمزة إذا المضارع هو الماضي مع زيادة حرف المضارعة فيه فاجتمع في الحكاية همزتان فتشبه نباح الكلب أو صوت السكران فحذفت إحداهما وحذفت عن البواقي طردا للباب، وقد ترد في الضرورة كما في قول الشاعر: شيخا على كرسيه معمما فإنه أهل؛ لأن يؤكرما، ثم لما حذف حرف المضارعة لقصد بناء صيغة الأمر أعيدت الهمزة لزوال علة حذفها وهي حرف المضارعة؛ إذ بحذفها زال المضارعة فزال حكم الإطراد، فإن قلت: لِمَ لَمْ تعد الواو في تعد بعد حذف حرف المضارعة للأمر مع أن حذفها للاطراد أيضا وقد زال بزوال علته؟ قلت: لو أعيد لأعل بالحذف إعلال فعله تبعا له فيكون سعي الإعادة ضائعا كذا قالوا. واعلم أن همزة استخرج وانطلق وغيرهما مما في أوله همزة سوى أكرم للوصل لا للقطع وكذا في مصدره وأمره؛ لأن أصل استخرج خرج فزيد السين والتاء في أوله لنقله إلى باب آخر لكن لما زيد الحرف الأول ساكنا تعذر الابتداء، فاجتلبت همزة للافتتاح ثم زيدت حرف المضارعة على أصل الماضي وحركت، فلم يحتج إلى الهمز فيكون مضارعه يستخرج بلا همزة، فلما حذف حرف المضارعة للأمر بقي الحرف الأول ساكنا فاجتلبت الهمزة للافتتاح وقس عليه غيره، وإنما سمي مثل استخرج سداسيا ومثل انطلق خماسيا نظرا إلى ثبوت الهمزة في الظاهر، وإن لم يكن جزءا من الفعل حقيقة كذا حققه المحققون "ولا يحذف ألف الوصل في الخط" أي في الكتابة "حتى لا يلتبس الأمر" لمخاطب "من باب علم" بالتخفيف "بأمر علم" بالتشديد ولما لم يحذف في الأمر لدفع بالالتباس بين هذين الأمرين حملوا عليه ما لا التباس فيه من همزات الوصل كما في الأسماء والأفعال والمصادر طردا للباب "فإن قيل بعلم" أي لا يلتبس أحد الأمرين بالآخر بل، يفرق بينهما "بالإعجام" بكسر الهمزة وهو مصدر ومعناه وضع النقط على الحروف ومنه حروف المعجم؛ أي حروف الخط المعجم ثم استعمل فيما هو الحاصل بالمصدر، وعمموه فأرادوا به الحركات والنقط والتشديد، وحاصل ما ذكره السائل منع الالتباس على تقدير حذف الهمزة في الكتابة لحصول الفرق بالإعجام؛ لأن العين في الأمر من علم بالتخفيف عند الدرج ساكنة واللام يوضع لها فتحة والعين في الأمر من علم بالتشديد يوضع عليها الفتحة واللام يوضع عليها الكسرة والتشديد فلا يلتبس أحدهما بالآخر في الخط كما لا يلتبس في اللفظ "قلنا الإعجام يترك" في الخط "كثيرا" فيلزم الالتباس المذكور

Z"ومن ثم" أي ومن أجل أن الإعجام يترك كثيرا "فرقوا بين عمر" بضم العين وفتح الميم "وعمرو" بفتح العين وسكون الميم "بالواو" بأن يكتبوه في الثاني حالتي الرفع والجر دون النصب؛ لأن ألف التنوين تخلفه حالة النصب؛ لأنه منصرف بخلاف الأول ولم يعكس بأن يكتبوه في الأول؛ لأن الثاني خفيف وذلك ظاهر والزيادة في الخفيف أولى "وحذفت الألف" في الخط "في بسم الله" من بسم الله الرحمن الرحيم مع أنها ألف الوصل "لكثرة الاستعمال" وهي متداعية التخفيف "ولا تحذف" الألف "في اقرأ باسم ربك" من أنها في لفظ الاسم كما في بسم الله "لقلة استعماله" وإن كانت في لفظ الاسم "وينجزم آخره" أي آخر الأمر "في الغالب باللام إجماعا" أي أجمع النحاة من البصريين والكوفيين على انجزامه إجماعا أو حكموا بانجزامه مجمعين "لأن اللام مشابهة بكلمة الشرط" أعني إن؛ لأنها أصل الباب "في النقل" فكما أن إن ينقل معنى الماضي إذا دخل عليه إلى الاستقبال، نحو: إن ضربت ضربت كذلك اللام إذا دخل على الخبر ينقل معناه إلى الإنشاء، نحو: ليضرب زيد فلما شابهتها فيه عملت عملها وهو الجزم "وكذلك المخاطب" أي مثل أمر الغائب أمر المخاطب في كونه معربا مجزوما "عند الكوفيين؛ لأن أصل اضرب لتضرب" بالتاء كما هو القياس؛ لأن الدال على طلب الفعل إنما هو اللام كما سبق "عندهم" أي عند الصرفيين من البصريين والكوفيين "ومن ثمة" أي من أجل أن أصل اضرب لتضرب "قرأ النبي عليه السلام فبذلك فلتفرحوا" بالتاء على الأصل المهجور موضع فافرحوا، وقيل: إن النبي عليه الصلاة والسلام لما كان مبعوثا إلى الحاضر والغائب جمع بين اللام للغائب والتاء للحاضر "فحذفت اللام" من لتضرب أمرا للمخاطب "لكثرة استعماله" أي لكثرة استعمال جنس الأمر المخاطب بالنسبة إلى جنس أمر الغائب "ثم حذفت علامة الاستقبال" وهي التاء "للفرق بينه" أي بين أمر المخاطب "وبين المضارع المخاطب" إذ بعد حذف اللام من لتضرب بقي تضرب "فبقي الضاد ساكنا واجتلبت همزة الوصل" ليمكن الابتداء "ووضعت" الهمزة المجتلبة "موضع علامة الاستقبال" أعني التاء "فأعطى له" أي للموضع موضع علامة الاستقبال أعني الهمزة "أثر" أي حكم "علامة الاستقبال" وهو الإعراب وأما إعرابه بالجزم فباللام المقدرة إعطاء "كما" أي مثل أن "أعطى لفاء رب عمل

_ Q"ومن ثم" أي ومن أجل أن الإعجام يترك كثيرا "فرقوا بين عمر" بضم الأول وفتح الثاني "و" بين "عمرو" بفتح الأول وسكون الثاني "بالواو" في الخط حيث كتبوا حالة الرفع والجر في الثاني وتركوا في الأول؛ لئلا يلتبس أحدهما بالآخر عند ترك الإعجام وخصوا الزيادة بالثاني لخفته وثقل الزيادة ولم يكتبوا في حالة النصب للفرق بألف التنوين في الثاني دون الأول؛ إذ هو غير منصرف فلا يدخله ألف التنوين، ولما توجه أن يقال قولكم ولا تحذف ألف الوصل في الخط منقوض ببسم الله الرحمن الرحيم؛ لأن همزته للوصل مع أنها حذفت في الخط أجاب بقوله: "وحذفت" أي همزة الوصل في الخط "في بسم الله" أي ببسم الله الرحمن الرحيم "لكثرة استعماله" أي في الكتابة وطول الباء عوضا عنها "ولا يحذف من اقرأ باسم ربك" ومن باسم الله "لقلة استعماله" في الكتابة بالنسبة إلى بسم الله الرحمن الرحيم "وينجزم الأمر" إذا كان ذلك الأمر "باللام" سواء كان أمرا غائبا مطلقا أو أمرا "حاضرا" مجهولا "إجماعا" أي اتفاقا بين البصريين والكوفيين "لأن اللام مشابهة بكلمة الشرط" مثل إن ولو "في النقل" أي في نقل معنى الفعل فكما أن إن تنقل الفعل من كونه مجزوما به إلى كونه مشكوكا فيه كذلك لام الأمر ينقل معنى المضارع من كونه إخبارا إلى كونه إنشاء فلما شابه كلمة الشرط في النقل يعمل عملها وهو الجزم، فلا فرق بين آخر المضارع وبين آخر الأمر باللام في صحيحه ومعتله ومذكره ومؤنثه ومفرده ومثناه ومجموعه فتقول: ليضرب ليضربا ليضربوا لتضرب لتضربا ليضربن، كما تقول: لم يضرب لم يضربا لم يضربوا لم تضرب لم تضربا لم يضربن، وكذا حال ليخش مع لم يخش إلى آخرهما ويرم مع لم يرم إلى آخرهما وليغز مع لم يغز إلى آخرهما "وكذلك المخاطب" أي كالأمر باللام أمر المخاطب في كونه مجزوما باللام "عند الكوفيين؛ لأن أصل اضرب لتضرب" مثلا "عندهم ومن ثم" أي ومن أجل أن أصل اضرب لتضرب "قرأ النبي عليه السلام فبذلك فلتفرحوا" بإثبات اللام وحرف المضارعة على الأصل مكان فافرحوا، وأيضا قد جاء في الحديث باللام كقوله عليه السلام: "لتنهر ولو بشوكة"، وقد جاء في الشعر أيضا كقوله: لتقم أنت يابن خير قريش ... فلتقض حاجة المسلمين وكل ذلك دل على أن أصل أمر المخاطب المعلوم باللام "فحذف اللام تخفيفا لكثرة الاستعمال" فيه بالنسبة إلى الأمر الغائب فيكون اللام مقدرة "ثم حذف علامة الاستقبال" وهو التاء فتكون مقدرة أيضا "للفرق بينه وبين المضارع فبقي الضاد" في أول الكلمة "ساكنا" فتعذر الابتداء "فاجتلبت همزة الوصل" للافتتاح "ووضعت" همزة الوصل "موضع علامة الاستقبال وأعطى له" أي لهمزة الوصل وتذكير الضمير، إما باعتبار الألف أو اللفظ المذكور "أثر علامة الاستقبال" وهو كون المضارع معربا "كما أعطى لفاء رب" أي للفاء الذي وضع موضع رب الذي هو حرف الجر "عمل رب" وهو الجر

Zرب في مثل قول الشاعر: فمثلك" أي فرب مثلك فحذف رب وأعطى للفاء عمله وهو الجر، وقوله: "حبلى" صفة مثل: "قد طرقت" أي طرقتها؛ أي أتيتها ليلا قوله: "ومرضع" أي ذات رضيع عطف على حبلى "فألهيتها" أي أشغلتها "عن" صبى لها "ذي تمائم" جمع تميمة وهي التعاويذ التي تعلق في عنق الصبى حفظا من إصابة العين، وقوله: "محول" أي أتى عليه حول كامل صفة ذي ولم يقل محولا لئلا يلتبس بما اشتق من الحوالة؛ أعني المحيل، وفي وصف تلك النساء بالحبل والإرضاع، وفي وصف الصبى بكونه ذي تمائم وذي حول وذي تمائم إشارة إلى كمال ميل النساء إليه، أما في الوصف بالحبل والإرضاع فظاهر، وأما في وصف الصبى بذي تمائم؛ فلأن التميمة إنما تجعل في عنق الصبي إذا كان في غاية الحسن وخيف عليه من إصابة العين، وأما في جمع التميمة؛ فلأن أهله لا يرضون ولا يكتفون بتميمة واحدة أو تميمتين لفرط محبتهم، وأما في الوصف بالمحول؛ فلأنه في تلك الحال يظهر منه الكلمات اللطيفة اللذيذة والحركات المرغوبة الشهية ما لم يظهر قبلها ولا يظهر بعدها فيكون محبوبا في القلوب أكثر مما كان قبلها وبعدها "و" أما "عند البصريين فهو" أي أمر المخاطب بغير اللام "مبني" على السكون "لأن الأصل في الأفعال البناء"؛ لأن المعاني الموجبة للإعراب؛ أعني الفاعلية والمفعولية والإضافة منتقية عنها فوجب أن تبنى، وهذا خلاف لا تظهر ثمرته إلا في إطلاق المجزوم على أمر الغائب، وإطلاق الجزم على سكونه، وفي إطلاق الموقوف على أمر المخاطب، وإطلاق الوقف على سكونه "وإنما أعرب المضارع" مع كونه من الفعل "لمشابهة" تامة "بينه وبين الاسم" كما مر فلا ينتقض بالماضي، وإنما بني الماضي على الحركة لمشابهة بينه وبين الاسم في الجملة؛ أعني وقوعه صفة للنكرة كما مر "و" لما "لم تبق المشابهة" بوجه من الوجوه "بينه" أي بين الاسم "وبين الأمر" للمخاطب "بحذف حرف المضارعة" لا في الحركات ولا في السكنات وهو ظاهر ولا في وقوعه صفة للنكرة ولأنه صار إنشاء الإنشاء لا يقع صفة إلا بتأويل بني على السكون الذي هو أصل في البناء "ومن ثمة" أي ومن أجل أن البناء لأمر المخاطب إنما هو بعدم بقاء المشابهة بحذف حرف المضارعة حكم بأنه معرب فيما لم يحذف منه حرف المضارعة حتى "قيل فلتفرحوا معرب بالإجماع" من الفريقين "لوجود علة الإعراب وهي حرف المضارعة وزيدت في آخر الأمر" مطلقا غائبا كان أو مخاطبا معروفا كان أو مجهولا "نونا التأكيد"

_ Q"في قول الشاعر: فمثلك" بكسر الكاف وجر اللام؛ لأن الفاء عمل عمل رب فتقديره فرب مثلك؛ أي رب امرأة تلك "حبلى" وهي امرأة ذات حمل وهو مجرور تقديرا على أنه صفة؛ لأن المثل لا يتعرف بالإضافة لتوغله في الإبهام كما بين في النحو "قد طرقت" طرق بمعنى جاء ليلا من باب دخل وضمير المفعول محذوف راجع إلى حبلى؛ أي طرقتها بمعنى جئت إليها ليلا، وهو عامل رب المقدر قوله: "ومرضع" عطف على حبلى؛ أي امرأة لها ولد ترضعه فإذا وصفتها إرضاع الولد مرضعة "فألهيتها" أي أشغلتها الضمير يرجع إلى حبلى وإلى مرضع باعتبار كل واحدة منهما "عن ذي تمائم" أي عن صبي ذي تمائم والتمائم جمع تميمة، وهي تعاويذ تعلق على صدر الإنسان، وقد نهى عنها النبي عليه الصلاة والسلام حيث قال: "من علق تميمة فلا أتم الله له" وقيل: هي خرزة، وأما المعاذات إذا كتب فيه القرآن وأسماء الله تعالى فلا بأس بها "محول" اسم فاعل من أحال؛ أي أتى عليه حول كامل وهو صفة ذي تمائم والبيت للهجاء فحاصل كلامهم أن حرف المضارعة مقدر في أمر المخاطب فيكون معربا به، واللام مقدرة أيضا فيكون مجزوما به، فهم لا يفرقون بين المقدر والملفوظ، وقد أجاب الزمخشري عنه فقال الكوفيون هو مجزوم بلام مقدرة، وهذا خلف من القول؛ لأن حرف المضارعة هو علة الإعراب فانتفى بانتفائه كانتفائه في الاسم بانتفاء سببه، فإن زعموا أن حرف المضارعة مقدر فليس بمستقيم؛ لأن حرف المضارعة من صيغة الكلمة كالميم في اسم الفاعل فكما لا يستقيم تقدير الميم فكذا تقدير حرف المضارعة، وهذا حاصل ما ذكره المصنف بقوله: "وعند البصريين" إلى آخر الدليل يعني أمر المخاطب المعلوم عند البصريين "مبني" على السكون لا معرب مجزوم؛ لأن الأصل في الأفعال "البناء" لعدم توارد الفاعلية والمفعولية الإضافة عليها وأصل البناء السكون "وإنما أعرب المضارع منها لمشابهة" تامة عارضة "بينه وبين الاسم" كما مر وبني الماضي على الحركة لقلة المشابهة "ولم تبق المشابهة" أصلا "بين الأمر" المخاطب "وبين الاسم وبحذف حركة المضارعة منه" فرجع إلى أصل بنائه الذي هو السكون، لكنه يعامل معاملة المجزوم في إسقاط الحرف من المفرد الصحيح، نحو: اضرب كما يقال: لم تضرب، وفي إسقاط الحركة من الناقص والأجوف، نحو: ارم وقل كما يقال: لم ترم ولم تقل، وفي إسقاط النون في التثنية والجمع والمفرد المؤنث، نحو: اضربا اضربوا اضربي كما يقال: لم تضربا لم تضربوا لم تضربي، قال الفاضل الرضي: والذي غر الكوفيين حتى قالوا: إنه مجزوم والجازم مقدر معاملة آخر معاملة المجزوم "ومن ثم" أي ومن أجل أن حروف المضارعة سبب الإعراب وجودا وعدما "قيل فلتفرحوا معرب" مع أنه أمر المخاطب "بالإجماع لوجود علة الإعراب وهي حرف المضارعة" ولما فرغ من بيان نفس صيغة الأمر وكيفية أخذه من المضارع شرع فيما يتعلق به وبما يناسبه في كونه طلبا من اتصال نوني التوكيد وكيفية بناء آخره عند اتصالهما فقال: "وزيدت في آخر الأمر" مخاطبا كان أو غائبا معلوما كان أو مجهولا "نونا التأكيد" إحداهما مثقلة متحركة والأخرى مخففة

Zإحداهما ثقيلة والأخرى خفيفة "لتأكيد معنى الطلب نحو ليضربن" للغائب "وكذلك ليضربن إلخ" على صيغة المعلوم أو المجهول، وكذلك زيدت في اضربن اضربان اضربن اضربن اضربان اضربنان للمخاطب، وكذلك لتضربن إلخ للمجهول أو المعلوم "أو فتح الباء" يحرك بالفتح في ليضربن مع أن أصله السكون "فرارا من اجتماع الساكنين" هذا علة التحريك، وأما تخصيص الفتح فللخفة والصيانة للفعل عن أخي الجر في الكسر وللاحتراز عن الثقل والالتباس في الضم "وفتح النون" الثقيلة إذ لا مجال للسكون الذي هو الأصل لمكان اجتماع الساكنين، ولا للضم والكسر لمكان الثقل فتعين الفتح "للخفة" والمناسبة للتشديد "وحذف واو ليضربوا" عند اتصال نون التأكيد به فقيل ليضربن "اكتفاء بالضمة" مع استطالة الكلمة بنون التأكيد وإن كان اجتماع الساكنين على حده "و" حذف "ياء اضربي" عنده فقيل: اضربن "اكتفاء بالكسرة" أيضا كذلك "ولم يحذف ألف التثنية اكتفاء بالفتحة" في ليضربان "حتى لا يلتبس" المثنى "بالواحد" في الوقف ولا الالتباس في فليضربوا واضربي للفرق بالضم والكسر "وكسر النون الثقيلة بعد ألف التثنية" مع أن أصلها الفتح للخفة "مشابهة"؛ أي لأجل المشابهة "بنون التثنية" في وقوعها بعد الألف، وهذه العلة موجودة في الألف الفاصلة فيعلم أن حكمها حكم ألف التثنية؛ إذ الاشتراك في العلة يوجب الاشتراك في الحكم، فلذلك لم يذكر حكم الألف الفاصلة "وحذفت النون التي هي تدل على الرفع في مثل هذ يضربان"؛ أي في الأمثلة الخمسة التي هي: يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين إذا دخل عليها نون التأكيد، وإنما أورد كلمة هل ليكون يضربان طلبا ويصير محلا لدخول نون التأكيد "لأن ما قبل النون الثقيلة يصير مبنيا"؛ لأنه إنما أعرب لمشابهته بالاسم، ولما اتصل به النون التي لا تتصل إلا بالفعل ورجح جانب الفعلية وصار الفعل بمنزلة جزء من كلمة كما في بعلبك وتعذر الإعراب سواء كان بالحرف أو بالحركة؛ إذ الإعراب في وسط الكلمة رد إلى ما هو أصل الفعل من البناء فحذفت علامة الإعراب لامتناع الجمع بين الإعراب والبناء ولم يحذف نون التأكيد؛ لئلا يبطل الغرض وهو التأكيد

_ Qساكنة وفي المثقلة زيادة توكيد، قال الخليل: إذا أتيت بالنون المؤكدة الخفيفة فأنت مؤكد وإذا أتيت بالثقيلة فأنت أشد توكيدا، وإنما زيدتا في آخره لئلا يجتمع في أوله زائدتان، ولأن الزيادة نوع من التغيير ومحل التغيير آخر الكلمة "لتأكيد الطلب" فمثال زيادة النون الثقيلة في أمر الغائب "نحو ليضربن ليضربان ليضربن لتضربن ليضربان ليضربنان" قدم الثقيلة لشموله جميع الصيغ ولزيادة التوكيد فيها "وكذلك" أمر المخاطب نحو "اضربن إلى آخره"؛ أي اضربن اضربان اضربن اضربن اضربان اضربنان "وفتح الباء في" مثل "ليضربن" للغائب معلوما كان أو مجهول ولتضربن للغائبة أيضا وفي أمر المخاطب المجهول بالنون الثقيلة؛ أي حرك بالفتح مع أن الأصل السكون، أما علة نفس التحريك فهو ما صرح به المصنف بقوله: "فرارا من اجتماع الساكنين" وهما الباء والنون الأولى، وأما علة تعيين الفتح فلخفته هذا هو التحقيق، لكن المصنف تسامح وعلل الفتح بعلة نفس التحريك باعتبار تضمن الفتح التحريك قصرا للمسافة "وفتح النون المشددة" في غير التثنية وغير جمع المؤنث فإن فيهما مكسورة كما يجيء "للخفة"؛ أي لخفة الفتحة "وحذفوا واو ليضربوا"؛ أي حذفوا الواو من الجمع المذكر من الأمر الغائب عند زيادة نون التوكيد الثقيلة وكذا من الأمر المخاطب نحو اضربوا للتخفيف "اكتفاء بالضمة" ولأنه لو لم يحذف التقى ساكنان مع أنه لا التباس بالحذف "وياء اضربي"؛ أي وحذفوا الياء من المفرد المؤنث المخاطبة عند زيادة النون الثقيلة أيضا للتخفيف "اكتفاء بالكسرة" ولا يرد أن يقال إن الواو والياء علامتان والعلامة لا تحذف؛ لأن الحركتين اللتين قبلهما تدلان عليهما فكانا كأنهما لم تحذفا، ولما توجه أن يقال إن مقتضى القياس أن تحذف الألف من التثنية اكتفاء بالفتحة كما حذفت الواو من الجمع اكتفاء بالضمة، فلِمَ لَمْ يحذف؟، أجاب بقوله: "ولم يحذف ألف التثنية" مع أن القياس أن يحذف "حتى لا يلتبس" التثنية في المذكر والمؤنث "بالمواحد" فيهما ولا اعتبار بكسرة النون لوقوعها في الطرف "وكسر النون الثقيلة" مع أن الأصل الفتح لخفته "بعد ألف التثنية" مطلقا؛ أي مذكرا كان أو مؤنثا غائبا كان أو مخاطبا معلوما كان أو مجهولا فاجتهد أنت في الأمثلة "تشبيها" لها "بنون التثنية" في وقوعها في الطرف بعد الألف فحركت بحركتها وحمل عليه جمع المؤنث "وحذف النون التي هي تدل على الرفع في مثل هل يضربان" بالنون الثقيلة "لأن ما قبلها"؛ أي النون الثقيلة مطلقا "يصير مبنيا" فهي علامة البناء فوجب حذف علامة الإعراب؛ إذ لا يجتمع في كلمة واحدة إعراب وبناء حتى يجتمع علامتا هما، وإنما كان الفعل مبنيا عند اتصال نون التأكيد لتركبه مع النون والإعراب في الوسط فبني على الحركة والنون حرف لا حظ له من الإعراب فيبقى الجزءان مبنيين كبعلبك، وقيل: إنما بنى؛ لأن ما قبل النون مشتغل بالحركة المجتلبة للفرق بين المفرد المذكر والجمع المذكر والواحد المؤنث ففتحوا في الأول وضموا في الثاني وكسروا في الثالث لأجل الفرق فلم يمكن الإعراب فرجحوا موجب البناء لذلك مع ضعفه، وإنما قال في مثل هل يضربان ولم يقل في التثنية؛ لأن حذف نون الإعراب للعلة التي ذكرها المصنف إنما هو إذا لم يحذف قبل دخول النون بالجوازم، مثلا: إذا قلت: لم يضربا فقد حذفت نون الإعراب بالجوازم قبل دخول

Z"وأدخلت الألف الفاصلة في ليضربان" أصله ليضربنن "فرارا من اجتماع النونات"؛ إذ لا يمكن حذف نون الجمع؛ لأنه ضمير الفاعل ولا حذف نون التأكيد للزوم بطلان الغرض فتعين الفصل بشيء واختص بالألف للخفة "وحكم" النون "الخفيفة" من حركات ما قبلها وحذف الضمير وحذف نون الإعراب معها "كحكم" النون "الثقيلة إلا أنها"؛ أي النون الخفيفة "لا تدخل بعد الألفين" ألف التثنية والألف التي وجب فرض دخولها قبل الخفيفة في الجمع المؤنث حملا لها على الشديدة وإن لم تجتمع النونات فيها؛ لئلا يلزم مزية الفرع على الأصل؛ إذ الأصل عدم الزيادة، ألا ترى أن يونس حين أدخلها في فعل الجماعة أدخل الألف وقال: اضربنان دون اضربن، وما قيل إن أصالة الثقيلة إنما هي عند الكوفيين ثم المناسبة المعلومة من قوانينهم تقتضي أصالة الخفيفة إلا أن التأكيد في الثقيلة أكثر، فالمناسبة أن يعدي من الخفيفة إليها ليس بشيء؛ لأن أصالة الثقيلة إنما هي فيما وضعت له؛ أعني التأكيد وهي كذلك إلا أن الثقيلة أفادته أكثر مما أفادته الخفيفة ولا شك أن ما يفيد معنى أصل في إفادة ذلك المعنى بالنسبة إلى ما دونه وأصالتها بذلك المعنى متفق عليه، وما نقل عن الكوفيين فإنما هو بمعنى أن الخفيفة مخففة من الثقيلة لا كلمة برأسها كما هو عند سيبويه، وقوله: مع أن الفرع لا يجب أن يجري على الأصل في جميع الأحكام صحيح إذا لم يلزم من عدم الجريان عليه مفسدة، وأما إذا لزم من عدم الجريان عليه فساد فلا كلام، وها هنا كذلك لما عرفته من لزوم مزية الفرع على الأصل، وقوله: فالمناسبة أن يعدي من الخفيفة إليها مدفوع بما ذكرنا من معنى الأصالة فقوله: "لاجتماع الساكنين على غير حده" شامل لفعل الاثنين وجماعة الإناث وذلك لا يجوز؛ لأن الروابط بين الحروف الحركات فإن فقدت في اثنين منها لا يمكن ربط أحدهما بالآخر ولا يجوز حذف أحدهما؛ إذ في حذف الألف من المثنى يلزم الالتباس بالواحد ومن جمع الإناث يلزم بطلان العمل واجتماع النونين وفي حذف النون يلزم البطلان الغرض وتحريك النون خلاف وضعها وحده؛ أي مرتبتة في الجواز التي لا يجوز أن يتجاوزها فيه ويجوز في غيرها هو أن يكون الأول حرف لين والثاني مدغما، وهذا لا يجوز بالاتفاق؛ لأن اللسان يرفع عنهما دفعة واحدة من غير مشقة والمدغم فيه متحرك فيصير الثاني من الساكنين كلا ساكن فلا يتحقق التقاء الساكنين الخالص سكونها وغير حده خلاف ذلك "وعند يونس" والكوفيين "تدخل" الخفيفة بعد الألفين "قياسا على الثقيلة" باقية على السكون عند يونس اعتبارا بمد الألف حركة كقراءة نافع محياي بسكون ياء الإضافة وصلا ومتحركة بالكسر للساكنين عند غيره، وعليه حمل قوله تعالى: "ولا تتبعان" بتخفيف النون وكسره على قراءة ابن عامر برواية ابن ذكوان "وكلتاهما"؛ أي كلا نوني التأكيد "تدخلات في سبعة مواضع لوجود معنى الطلب فيها" في الجملة ففي بعضها بحسب نفس الأمر ودلالته عليه إما

_ Qنون التأكيد بخلاف هل يضربان؛ لأن هل لا يجزم الفعل، لكن إذا أدخلت عليه نون التأكيد حذفت نون الإعراب لما ذكره المصنف "وأدخلت الألف الفاصلة"؛ أي الفارقة بين النونات "في ليضربنان فرارا عن اجتماع النونات" أحدهما نون جماعة المؤنث وثانيها وثالثها نون التأكيد الثقيلة فإنهما نونات ساكنة ومتحركة، ولا يمكن حذف نون جماعة النساء كما حذف الواو من الجمع المذكر؛ لأنه علامة ولا يدل حركة ما قبله عليه كما يدل الضمة على الواو في المذكر حتى يجوز حذفه "وحكم" النون "الخفيفة مثل حكم الثقيلة" في جميع ما ذكرنا؛ يعني فتح الباء في ليضربن فرارا من اجتماع الساكنين وحذفت الواو والياء في ليضربوا واضربي اكتفاء بالضمة والكسرة "إلا أنه"؛ أي النون الخفيفة "لا يدخل بعد الألفين" أحدهما ألف التثنية والثاني الفاصلة فلا يدخل التثنية مطلقا ولا الجمع المؤنث فبقي المفرد والجمع المذكر نحو ليضربن ليضربن ليضربن بفتح الاء في الأول وضمها في الثاني وكسرها في الثالث، وقس عليه أمر المخاطب "لاجتماع الساكنين في غير حده" أحدهما الألف والثاني نون التأكيد الساكنة وهو غير جائز ولم يمكن حذف الألف، أما في التثنية فلئلا يلتبس المثنى بالواحد، وأما في الجمع المؤنث فلئلا يلزم اجتماع النونين ولم يمكن أيضا تحريك الألف، أما في الثتنية؛ فلأنه ضمير وهو لا تغير، وأما في الجمع المؤنث؛ فلأنه للفصل وألف الفصل لا يقبل الحركة للزوم سكونه ولا يمكن أيضا تحريك نون التأكيد؛ لأنه خلاف وضعها، اعلم أن قوله في غير حده وهو أن لا يكون الحرف الأول مدا والثاني مدغما احترازا عن اجتماع الساكنين في حده؛ إذ هو جائز عنهم وهو أن يكون الحرف الأول مدا والثاني مدغما في حرف آخر، نحو: اضربنان ودابة وإنما جاز ذلك؛ لأن المد الذي في حرف المد يقوم مقام الحركة والساكن إذا كان مدغما جرى مجرى المتحرك؛ لأن اللسان يرتفع عنهما دفعة واحدة فكانا كأنهما متحركان "وعند يونس تدخل" النون الخفيفة بعد الألفين "قياسا على الثقيلة" فأجاز التقاء الساكنين على غير حده فيما يمكن التلفظ بهما فيه، وعليه قراءة من قرأ محياي بسكون ياء الإضافة "وكلاهما"؛ أي كلا نوني التأكيد "تدخلان" على الوجه المشروح" في سبعة مواضع لوجود معنى الطلب فيها" الضمير يرجع إلى السبعة على سبيل التغليب؛ إذ لا يوجد في النفي معنى الطلب أو على سبيل التحقيق؛ لأن النفي لما شابه النهي أعطي حكمه فيكون إنشاء حكما وفي تعليل المصنف إشعار بأن نوني التأكيد لا يدخلان فيما ليس فيه معنى الطلب كالماضي والمضارع والمضارع الذي خلص للحال؛ لعدم إمكان تأكيده، أما الماضي

Zمطابقية وهي الخمس الأول أو التزام وهو السادس، فإن القسم وإن لم يكن فيه معنى الطلب، إلا أن الغالب أن يقسم المتكلم على ما هو مطلوبه فيلزمه الطلب؛ أي طلب جوابه، وأما نحو قوله: والله لأعاقبن فمحمول على الغائب، وفي بعضها لا بحسب نفس الأمر بالمشابهة بما فيه من معنى الطلب في نفس الأمر وهو السابع، ثم إن الغائب إنما يطلب في العادة، وغالب الأمر ما هو مراده فكان ذلك مقتضيا لتأكيده؛ لأنه غرضه في تحصيله والطلب إنما يتوجه إلى المستقبل الغير الموجود، فالتأكيد لا يكون إلا في المستقبل، وقيل: الحاصل في الزمان الماضي لا يحتمل التأكيد، وأما الحاصل في الزمان الحاضر وهو إن كان محتملا للتأكيد بأن يخبر المتكلم بأن الحاصل في الحال متصف بالمبالغة والتأكيد لكنه لما كان موجودا وأمكن للمخاطب في الأغلب الاطلاع على ضعفه وقوته اختص نون التأكيد بغير الوجود والأليق بالتأكيد أعني المستقبل أحدهما "الأمر" مطلقا "كما مر" ليضربن واضرب وليضربن واضربن "و" ثانيهما "النهي" كذلك "نحو لا تضربن" ولا يضربن ولا يضربن "و" ثالثهما "الاستفهام" نحو: "هل تضربن و" رابعها "التمني نحو: ليتك تضربن و" خامسها "العرض" بفتح العين وسكون الراء "نحو: ألا تضربن" فالهمزة فيه للاستفهام دخلت على الفعل المنفي وامتنع حملها على حقيقة الاستفهام؛ لأن المخاطب يعرف عدم الضرب، فالاستفهام عنه يكون طلبا للحاصل فيتولد منه بقرينة الحال عرض على المخاطب وطلبه منه "و" سادسها "القسم"؛ أي جوابه "نحو: والله لأضربن" والجملة القسمية أعني أقسم والله إنشاء وجواب القسم أعني لأضربن خبر "و" سابعها "النفي" ويدخلها نونا التأكيد دخولا "قليلا مشابهة"؛ أي لأجل المشابهة "بالنهي" في الصورة وفي أنهما غير موجبين وفي كون حرفيهما لا "نحو لا تضربن والنهي" وهي صيغة يطلب بها الترك عن الفعل "مثل الأمر في جميع الوجوه" التي ذكرت من كونه مشتقا من المضارع وأحكام نوني التأكيد "إلا أنه"؛ أي لكن النهي مطلقا "معرب بالإجماع" من الفريقين لوجود حرف المضارعة فيه "ويجيء المجهول" وهو ما حذف فاعله وأسند إلى مفعوله "من الأشياء المذكورة" قوله: "من الماضي" وما عطف عليه بيان الأشياء المذكورة "نحو ضرب" زيد في ضربت زيدا "إلى آخره" ومر بزيد في مررت بزيد "ومن المستقبل نحو يضرب" زيد في يضرب خالد زيدا "إلى آخره" ومن الأمر نحو: ليضرب ومن النهي نحو: لا يضرب

_ Qفلأن ما مضى فات وتأكيد الفائت ممتنع، وأما المضارع فلأن التأكيد إنما يليق بما لم يحصل كما في والله لأضربن، وأما الحاصل في الحال فهو وإن كان محتملا للتأكيد، وذلك بأن يخبر المخاطب أن الحاصل في الحال متصف بالتأكيد، لكنه لما كان موجودا وأمكن للمخاطب في الأغلب أن يطلع على ضعفه أو قوته لم يؤكد كذا ذكره الرضي، وأما المستقبل الذي فيه معنى الطلب فيمكن تأكيده لقصد تحصيل المطلوب على الوجه الأبلغ وما يوجد فيه معنى الطلب سبعة أحدها "الأمر" غائبا كان أو مخاطبا معلوما كان أو مجهولا "كما مر" معناه ومثاله "و" الثاني "النهي نحو: لا تضربن و" الثالث "الاستفهام" ومعناه السؤال عن حصول الفعل "نحو: هل يضربن و" الرابع "التمني" وهو طلب حصول الشيء "نحو: ليتك تضربن و" الخامس "العرض" بفتح العين وسكون الراء ومعناه الحث على الفعل "نحو: ألا تضربن" وهو قريب من التمني؛ لأنك إذا عرضت على المخاطب الضرب فقط حثثته عليه، ولن تحثه إلا على ما تمناه وليس باستفهام؛ لأنك لا تقصد بقولك: ألا تضربن السؤال عن ترك الضرب "و" السادس "القسم"؛ أي الفعل المضارع الذي يدخل عليه اللام الموطئة للقسم فيقع جوابا للقسم "نحو والله ليضربن" وقس عليه الاستفهام والتمني والعرض، فمعنى الأول الفعل المضارع الذي يدخل عليه حرف الاستفهام، ومعنى الثاني يدخل عليه حرف التمني، ومعنى الثالث يدخل عليه حرف التحضيض فهذه الحروف الأربعة تفيد في المستقبل معنى الطلب والتوقع وتؤكده نوع تأكيد، ولهذا جاز دخول نون التأكيد عليه كذا ذكره الرضي حيث قال: إن نوني التأكيد لا يدخل في المستقبل الذي هو خبر محض إلا بعد أن يدخل على أوله ما يدل على التأكيد أيضا كلام القسم نحو: والله ليضربن، وأما المزيدة، نحو: أما تفعلن لتكون ذلك توطئة لدخول نون التأكيد وإيذانا به "و" السابع "النفي قليلا"؛ أي تدخلان عليه دخولا قليلا؛ لأن دخولهما عليه ليس لوجود معنى الطلب بل "مشابهة بالنهي في الصورة نحو لا تضربن والنهي" وهو في اللغة المنع وفي الاصطلاح فعل يطلب به ترك الفعل من الفاعل، فهو ضد الأمر بحسب المفهوم لكنه "مثل الأمر" بحسب الأحكام فهو يماثله "في جميع الوجوه" المذكورة في الأمر من كونه مأخوذا من المستقبل وكيفية دخول نوني لتأكيد عليه وكيفية حركة ما قبل النون "إلا أنه"؛ أي النهي غائبا كان أو مخاطبا معلوما كان أو مجهولا "معربا بالإجماع" لوجود علة الإعراب هو حرف المضارعة. ولما فرع من أقسام الفعل المبني للفاعل شرع في أقسام الفعل المبني للمفعول وكيفية بنائها له فقال "ويجيء المجهول" وهو فعل غير عن صيغته بعد حذف فاعله وأقيم المفعول مقامه، ويسمى أيضا المبني للمفعول، لكن كثر استعمال المجهول بين أهل الصرف واستعمال والمبني للمفعول بين أهل النحو "من الأشياء المذكورة" فيما سبق "من الماضي نحو: ضُرِب" بضم الضاد وكسر الراء "إلى آخره، ومن المستقبل نحو يُضرَب" بضم الياء وفتح الراء "إلى آخره" ولم يذكر الأمر والنهي والنفي؛ استغناء بذكر المستقبل لكونها مأخوذة منه، فإن قيل: المفعول

Zوإنما لم يذكرهما اكتفاء بذكر المستقبل؛ لأن صورتهما لما كانت صورته استغنى بذكره عنهما؛ إذ يعلم من الاشتراك في الصورة أن مجهولهما مثل مجهوله "والغرض من وضعه"؛ أي من وضع المجهول وإقامة المفعول مقام الفاعل "إما" التبيين "لخساسة الفاعل" وإظهار لها فإن نفس خساسة الفاعل لا تصح أن تكون غرضا من وضع المجهول وإقامة المفعول مقام الفاعل، بل منها إنما هو تبيين لخساسته وإظهار لها نحو: شُتم الأمير، إذا كان الشاتم شخصا خسيسا غير كفء للأمير، فيجعل ترك الفاعل تطهيرا للسان عنه "أو" تبيين "لعظمته" نحو ضُرِب اللص فيجعل تركه تطهيرا له عن اللسان "أو" تبيين "لشهرته" خوفا عليه "أو تبيين لجهالته" لذلك الفعل بحيث لا يتصور صدوره إلا عنه نحو: خُلِق الإنسان "واختص" المجهول "بصيغة فُعِل" بضم الفاء وكسر العين "في الماضي؛ لأن معناه"؛ أي معنى المجهول "غير معقول وهو إسناد الفعل إلى المفعول" والمعقول إسناد الفعل لمن صدر عنه أعني الفاعل "فجعل صيغته أيضا"؛ أي كمعناه "غير معقولة وهي فعل" ليناسب اللفظ المعنى، وقيل: إنما غير صيغة الفعل بعد حذف الفاعل؛ إذ لو لم يفعل لالتبس المفعول المرفوع لقيامه مقام الفاعل بالفاعل، وإنما اختير للمفعول هذا الوزن الثقيل دون المبني للفاعل؛ لكونه أقل استعمالا منه، وإنما غير الثلاثي في المجهول إلى وزن فعل دون سائر الأوزان لكونه معناه قريبا في الأفعال؛ إذ الفعل من ضرورة معناه ما يقوم به فلما حذف منه ذلك خيف أن يلحق في أوله وهلة النظر بقسم الأسماء فيحمل على وزن لا يكون في الأسماء، ولو كسر الأول وضم الثاني يحصل هذا الغرض إلا أن الخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس؛ لأن الأول طلب ثقل بعد الخفة بخلاف الثاني "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن صيغته فعل غير معقول "لا يجيء على هذه الصيغة كلمة في الأسماء" أصلا في كلام العرب "إلا وُعِل" بضم الواو وكسر العين وهو معز الجبل "ودُئل" بالضم والكسر أيضا وهو دويبة تشبه ابن العرس ولو كانت هذه الصيغة معقولة لشاعت في كلامهم "و" يجيء المجهول "في المستقبل على يُفعَل" بضم حرف المضارعة وفتح ما قبل الآخر "لأن هذه الصيغة غير معقولة أيضا؛ لأنها" أعني يفعل "مثل فعلل" بضم الفاء وسكون العين وفتح اللام الأولى "في الحركات والسكنات ولا يجيء عليه"؛ أي على فعلل "كلمة" في كلامهم "أيضا"؛ أي كما لا يجيء على

_ Qضد الفاعل في المعنى فكيف يجوز أن يقام مقامه ويرتفع ارتفاعه، أجيب بأن للفعل طرفين طرف الصدر وهو الفاعل وطرف الوقوع وهو المفعول، فهما متناسبان من حيث إن كل واحد منهما طرف للفعل وبهذه المناسبة جاز وقوع المفعول مقام الفاعل "والغرض من وضعه"؛ أي المجهول "إما لخساسة الفاعل" حق العبارة أن يقال: إما خساسة الفاعل بحذف اللام منه ومما عطف عليه أو يقال: وضعه إما لخساسة الفاعل بحذف الغرض وإثبات اللام فيه وفيما عطف عليه؛ يعني قد يكون الفاعل حقير بالنسبة إلى المفعول فيحذف لتطهير اللسان عن ذكره وأسند الفعل إلى مفعوله؛ لئلا يبقى الفعل بلا مسند إليه نحو: شُتم الخليفة؛ أي شتم الفاسق الخليفة، "أو لعظمته" بالنسبة إلى المفعول فيحذف لتطهيره عن لسانك نحو: عُوقب اللص؛ أي عاقب السلطان "أو لشهرته" عند السامع فيكون ذكره عبثا في الظاهر "أو خوفا عليه"؛ أي على الفاعل نحو قُتل عمرو؛ أي قتل زيد عمرا، فلو لم يحذف الفاعل يعلم أن زيدا قاتل فيقتص منه فيحذف إيهاما بأن القاتل غير معلوم، ولما فرغ من ذكر علل حذف الفاعل في المجهول شرع في ذكر علة العدول من صيغة إلى صيغة فقال: "واختص"؛ أي المجهول "بصيغة فعل" بضم الفاء وكسر العين "في الماضي" من الثلاثي المجرد؛ يعني لما وجب تغيير صيغة الفعل بعد حذف الفاعل لئلا يلتبس المفعول الذي أقيم مقام الفاعل بالفاعل اختير هذا الوزن الثقيل في المجهول دون المعلوم؛ لكون المجهول أقل استعمالا منه للفرق بينهما، واختير ذلك الوزن الذي هو فعل دون سائر الأوزان "لأن معناه"؛ أي معنى المجهول "غير معقول"؛ أي بعيد في قسم الأفعال قوله: "وهو إسناد الفعل إلى المفعول" بيان يفيد التعليل فتقدير الكلام أن معنى المجهول بعيد في الأفعال؛ لأنه إسناد الفعل إلى المفعول وإسناد الفعل إلى المفعول بعيد؛ لأنه خلاف الأصل والظاهر "فجعل صيغته أيضا"؛ أي كمعناه "غير معقولة"؛ أي بعيد في الأسماء، وحاصله أن معنى المجهول لما كان معنى بعيدا في قسم الأفعال، وهو الإسناد إلى المفعول خيف أن يلحق المجهول بقسم الأسماء فجعل صيغته على صيغته لا توجد في الأسماء لئلا يتوهم أنه من قسم الأسماء بسبب بعد معناه عن معنى الفعل، وإذا كان صيغته مما لا توجد في الأسماء علم أنه من الأفعال لا من الأسماء "وهي"؛ أي تلك الصيغة الغير المعقولة "فعل" بضم الفاء وكسر العين، فإن قلت: لو كسر الفاء وضم العين يحصل هذا المقصود؛ إذ لا يوجد في الأسماء هذا الوزن أيضا، قلت: نعم إلا أن الخروج من الكسرة إلى الضمة أثقل من العكس؛ لأن الأول طلب ثقل بعد الخفة بخلاف الثاني "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن هذه الصيغة غير معقولة "لا يجيء على هذه الصيغة كلمة" في كلام العرب "إلا وُعِل" وهو معز الجبل "ودُئل" وهو دويبة تشبه ابن العرس "وفي المستقبل" من الثلاثي المجرد "على يفعل" بضم حرف المضارعة وفتح الحروف؛ أي يجيء صيغة المجهول في المستقبل على يفعل "لأن هذه الصيغة مثل فعلل" بضم الفاء وفتح قبل الآخر "في الحركات والسكنات" لا في الحروف الأصول والزوائد "ولا يجيء عليه"؛ أي والحال أنه لا يجيء على وزن فعلل "كلمة" في كلام العرب إلا جندب، وهو ضرب من

Zفعل فتكون هذه الصيغة غير معقولة أيضا فيتناسب اللفظ والمعنى "ويجيء" المجهول "في" الأبواب "الزوائد من الثلاثي المجرد" كلها؛ أي مما زادت حروفه على ثلاثة أحرف، سواء كان رباعيا مجردا أو مزيدا فيه أو ثلاثيا مزيدا فيه "بضم" الحرف "الأول وكسر ما قبل الآخر في الماضي" نحو: دحرج وأكرم "وبضم" الحرف "الأول" أصلية كانت الضمة كما في الرباعيات أو عارضية كما في غيرها "وفتح ما قبل الآخر" أصلية كانت الفتحة كما في يتفعل ويتفاعل ويتفعلل، أو عارضية كما في غيرها "في المستقبل" نحو: يدحرج ويكرم ويتدحرج ويستخرج "تبعا للثلاثي" فيهما "إلا في سبعة أبواب، فإن أول المتحرك يضم مع ضم الأول" فيها في الماضي "ويكسر ما قبل الآخر وهي: تفعل وتفوعل" وعلم حكم تفعلل منهما "وافتعل وانفعل وافتعل واستفعل وأفعل" وحكم افعول وافعلل وافعنلل وملحقة علم منها "وضم الفاء في الأولين"؛ أي تفعل وتفوعل ولم يقتصر على ضم الأول فيهما "حتى لا يلتبسا"؛ أي الأولان ذكر المتعدد في هذه اللفظ على الإجمال كقوله تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} "بمضارع فعل" بالتشديد في تفعل "وتفاعل" في تفوعل في الوقف "وضم أول المتحرك منه في الخمسة الباقية حتى لا يلتبس" الماضي المجهول "والأمر" الحاضر "في الوقف؛ يعني إذا قلت: وافتعل بفتح التاء في" الماضي "المجهول في الوقف بوصل الهمزة" وقلت: "وافتعل في الأمر" الواو ها هنا مثله في وافتعل لا لعطف افتعل على افتعل؛ يعني إذا قلت: وافتعل وافتعل أحدهما في الماضي والآخر في الأمر ويحتمل أن يكون للعطف فيكون افتعل معطوفا على افتعل لا على وافتعل فيكون تقديره وافتعل "يلزم الالتباس فيلزم التاء" في الماضي المجهول "لإزالته "فقس الباقي" وهو الأربعة الأخيرة "عليه"؛ أي على افتعل.

_ Qأي كما لا يجيء كلمة على فعل فيكون هذا الوزن غير معقول، وحاصله أن المستقبل لما حذف فاعله وأسند إلى مفعوله كان بعيدا في الأفعال فخيف أن يلحق بقسم الأسماء فجعل صيغته على صيغته لا توجد في قسم الأسماء؛ لئلا يتوهم أنه من الأسماء، كما جعل كذلك في الماضي، لذلك قيل: إنما ضم أول المضارع حملا على الماضي، وفتح ما قبل آخره ليعدل ضمة الأول بالفتحة في المضارع الذي هو أثقل من الماضي، ولما فرغ من بيان علامة بناء المجهول في الماضي والمستقبل من الثلاثي المجرد شرع في علامته فيما عدا الثلاثي المجرد فقال: "ويجيء" المجهول "في الزوائد من الثلاثي لمجرد" أراد بالزوائد ما كان ماضيه أكثر من ثلاثة أحرف فيتناول الرباعي المجرد الملحق بالربعي والمزيد على بالرباعي أيضا، وحاصله ما عدا الثلاثي المجرد "بضم الأول وكسر ما قبل الآخر في الماضي" نحو: أكرم وفرح وقوتل ودحرج وتدحرج واستخرج وقس عليها ما عداها "وبضم الأول وفتح ما قبل الآخر في المستقبل" نحو: يكرم ويفرح ويقابل ويدحرج ويتدحرج ويستخرج وقس عليها ما عداها "تبعا للثلاثي"؛ أي يجيء المجهول من غير الثلاثي على الوجه المذكور في الماضي أو المضارع فقط اتباعا الغير الثلاثي له لكونه أصلا قوله "إلا في سبعة أبواب" استثناء من قوله الماضي فقط؛ يعني يجيء المجهول من الزوائد على الثلاثي بضم الأول وكسر ما قبل الآخر في جميع الماضي إلا في سبعة أبواب، فإنه لا يكفي فيها هذا القدر من البيان، بل لا بد فيها من قيد زائد وبيانه "أنه يجيء" المجهول في تلك السبعة "بضم أول متحرك منه" هذا هو القيد الزائد الذي قصد بيانه في تلك السبعة، ولهذا قدمه على قوله: "مع ضم الأول وكسر ما قبل الآخر" وقد عرفت أن هذا عام لجميع الأبواب في الماضي "وهي"؛ أي السبعة المذكورة "تفعل وتفوعل وافتعل وانفعل وافعنعلل واستفعل وافعوعل" واعلم أن المراد بأول المتحرك منه الحرف المتحرك أولا من الفعل كالتاء في افتعل؛ لأن الهمزة وإن كانت في أول الكلمة لكنها ليست من الفعل؛ لأنها للوصل كما سبق فعلم أن قوله: إلا في سبعة أبواب بضم أول متحرك منه تغليب؛ إذ لا يمكن أن يقال: إن الفاء في تفعل وتفوعل أول متحرك منه؛ لأن التاء فيهما من الفعل، ولهذا قال عند تفصيل حكمها "وضم الفاء في الأولين" ولم يقل: وضم أول متحرك منه أيضا كما قال ذلك في الخمسة الباقية؛ أي بضم الفاء في تفعل وتفوعل مع ضم الأول وكسر ما قبل الآخر فيهما "حتى لا يلتبسا بمضارعي فعل" بالتشديد "وفاعل" يعني لو اكتفى في تقطع مثلا بضم الأول وهو التاء، وكسر ما قبل الآخر وهو الطاء وأبقى القاف مفتوحا لم يعلم أنه مجهول الماضي من باب التفعل أو مضارع معلوم من باب التفعيل، وكذا لو اكتفى في تباعد مثلا بضم الأول وهو التاء وكسر ما قبل الآخر وهو العين وأبقى القاف مفتوحا لم يعلم أنه مجهول الماضي من باب التفاعل أو مضارع من باب المفاعلة "وضم أول المتحرك منه في الخمسة الباقية حتى لا يلتبس" الماضي المجهول من هذه الخمسة "بالأمر" المخاطب من هذه الخمسة أيضا "في" حال "الوقف" ولما كان في كيفية الالتباس نوع خفاء أراد أن يبينه تفهيما للمبتدي ففسره بقوله: "يعني إذا قلت: افتعل" بفتح التاء "مثلا في المجهول في الوقف بوصل الهمزة وافتعل في الأمر أيضا يلزم اللبس" يعني إذا اكتفى في اقتصر مثلا بضم الأول وهو الهمزة وكسر ما قبل الآخر وهو الصاد وأبقى التاء مفتوحا وقيل: واقتصر بوصل الهمزة وإسكان الراء للوقف لم يعلم أنه ماض مجهول وصل همزته ووقف آخره أو أمر لمخاطب جزم آخره، وإن بين الالتباس بقيدين أحدهما الوقف والآخر وصل الهمزة؛ إذ لو لم يوقف لم يلتبس أحدهما بالآخر؛ لأن آخر الماضي مفتوح وآخر الأمر مجزوم، وأيضا لو قطع الهمزة لم يلتبس؛ إذ هي في المجهول مضمومة وفي الأمر مكسورة "فضم التاء في افتعل لإزالته"؛ أي لإزالة اللبس المذكور. "فقس الباقي عليه" وقياسه واضح لا نطول الكلام بذكره، وما ذكر من البيان في مجهول الماضي والمضارع إذا لم يكن الفعل معتل العين، أما إذا كان معتل العين فليس صيغة المجهول على ما ذكره ظاهرا؛ إذ يقال في مجهول قال مثلا قيل وسيأتي حكمه في موضعه إن شاء الله تعالى. واعلم أن في تخصيص الأبواب السبعة المذكورة بهذا الحكم نظرا؛ إذ كل فعل في أوله همزة وصل فعلامة بناء المجهول منه أن يضم أول المتحرك منه مع ضم الأول وكسر ما قبل الآخر، وذلك أحد عشر بابا لا خمسة، مثل: انطلق واكتسب واحمر واحمار واستخرج واعشوشب واجلوز واقعنسس واسلنقى واحرنجم واقشعر، فإذا ضم إليها تفعل وتفاعل نحو: تقطع وتباعد، صار عدد الأبنية ثلاثة عشر، فالقصر على السبعة تقصير فلا تكن من القاصرين.

فصل في اسم الفاعل

Z"فصل في اسم الفاعل": قال ابن الحاجب: وبه سمي بلفظ الفاعل الذي هو وزن اسم الفاعل عن الثلاثي لكثرة الثلاثي، فجعلوا أصل الباب له فلم يقولوا اسم المفعل والمستفعل وفيما قال نظر؛ لأنه ليس القصد بقولهم اسم الفاعل اسم الصيغة الآتية على وزن فاعل، بل إيراد اسم ما فعل الشيء وهو الفاعل لا المفعول، فإنه اسم من وقع عليه الفعل، والمستفعل بمعنى الذي فعل الشيء إذا لم يأت المفعل والمستفعل بمعنى الذي فعل الشيء بخلاف الفاعل؛ فإنه جاء بمعنى الذي فعل الشيء، وإنما أطلقوا اسم الفاعل على من لم يفعل الفعل كالمنكسر والمتدحرج والجاهل والضامر؛ لأن الأغلب فيما بني له هذه الصيغة؛ أي الصيغة التي تسمى في الاصطلاح اسم الفاعل أن يفعل فعلا كالقائم والقاعد والمخرج والمستخرج "وهو اسم" يتناول غير المقصود وقوله: "مشتق" بالذات "من المضارع" يخرج المصادر وأسماء الذوات، وإنما حكم بكونه مشتقا من المضارع دون غيره لموازنته إياه في الحركات والسكنات والمفهوم من كلام بعضهم أنه مشتق من الماضي فكأنه نظر إلى أن الماضي أصل بالنسبة إلى المضارع، وأن التصرف في الاشتقاق من الماضي أقل وقوله: "لمن قام به الفعل" في الجملة فيدخل فيه نحو: زيد مقابل عمرو أو أنا مقرب من فلان أو مبتعد منه أو مجتمع معه، فإن هذه الأحداث نسبة بين الفاعل والمفعول لا يقوم بأحدهما معينا دون الآخر إلا أن قيامه ينسب إلى ما ينسب إليه الحدث صريحا ولا يعتبر قيامه بما نصب إليه ضمنا فكأنه قام بأحدهما معينا ويخرج أسماء المفعول والموضع والزمان والآلة دون أفعل التفضيل؛ لأن زيادة الكرم مثلا كرم فيصدق عليه أنه قام به الفعل، والأولى أن يقول لما قام، وذلك لأن المجهول أمره يذكر بلفظ ما واسم الفاعل لم يوضع للشيء باعتبار كونه عاقلا، بل وضع لمعنى قائم بذات عاقلة كانت تلك الذات أو غير عاقلة، ولعله قصد تغليب العاقل على غير العاقل وقوله: "بمعنى الحدوث" بحسب الوضع فدخل فيه نحو: مؤمن وكافر وواجب ودائم وباق وضامر في فرس ضامر وعالم في الله عالم يخرج الصفة المشبهة؛ لأن وضعها على الإطلاق لا الحدوث ولا الاستمرار، فإن قصد بها الحدوث ردت إلى صيغة اسم الفاعل فيقال: في حسن حاسن الآن أو غدا، وكذلك يخرج أفعل التفضيل؛ لأن معناه ليس بمقيد بأحد الأزمنة كالصفة المشبهة فمعنى كريم وأكرم شخص ثبت له الكرم وزيادة لا أنهما حدثا له "واشتق" اسم الفاعل "منه"؛ أي من المضارع "لمناسبتهما"؛ أي لمناسبة كل واحد من اسم الفاعل والمضارع الآخر

_ Q"فصل في اسم الفاعل": لما فرغ من قسم الأفعال شرع في قسم الأسماء المشتقة، وقدم منها الفاعل لعدم اختصاصه بفعل دون فعل، ولكثرة استعماله بالنسبة إلى ما عداه "وهو اسم مشتق من المضارع المعلوم لمن قام به الفعل بمعنى الحدوث" قوله: اسم جنس يشمل جميع الأسماء مشتقة أو غير مشتقة، وقوله: مشتق من المضارع يخرج الأسماء الغير المشتقة كالفاعل الذي أسند إليه الفعل وكالمصدر وغيرهما، وقوله: لمن قام به الفعل يخرج اسم المفعول والآلة واسمي الزمان والمكان، وقيل: يخرج أيضا اسم التفضيل ولا يخرج الصفة المشبهة، لكن هذا القيد لا يشمل بعض أسماء الفاعلين، نحو: زيد مقابل عمرو وأنا مقرب من فلان أو مبتعد عنه ومجتمع به، فإن هذه الأحداث نسب بين الفاعل والمفعول لا يقوم بأحدهما معينا دون الآخر كذا قيل، وقوله: بمعنى الحدوث يخرج الصفة المشبهة؛ لأن وضعها على الثبوت والدوام لا على الحدوث ولهذا لو قصد بها الحدوث ردت إلى صيغة اسم الفاعل فيقال في حسن حاسن الآن أو غدا ومنه قوله تعالى في ضيق {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} وهذا مطرد في كل صفة مشبهة، ولا ينتقض التعريف بمثل: دائم وباق بناء على أنهما ليسا بمعنى الحدوث، بل بمعنى الاستمرار؛ لأن الاستمرار مدلول جوهر الكلمة لا مدلول الصيغة فيدلان بصيغتها على الحدوث أيضا، كما يدل يدوم ويبقى بحسب الصيغة على الحدوث، اعلم أن قوله: بمعنى الحدوث يخرج ما هو على وزن اسم الفاعل إذا لم يكن بمعنى الحدوث بل بمعنى الاستمرار نحو فرس ضامر؛ أي مهزول خفيف اللحم، وشازب بالشين والزاي المعجمتين بمعنى الضامر، وعذره أن يقال إن قصد الاستمرار فيها عارض ووضعها على الحدوث كما في قولك: الله عالم أو كائن أبدا كذا قرره الفاضل الرضي "واشتق" اسم الفاعل "منه"؛ أي من المضارع دون غيره من الأفعال ومن المصدر "لمناسبتها"؛ أي لمناسبة بينهما

Z"في الوقوع صفة للنكرة وغير" من المشابهات التي مر ذكرها وأعمل المصدر المعرف باللام على غير القياس "وصيغته"؛ أي صيغة اسم الفاعل "من الثلاثي" المجرد صحيحا كان أو غيره "على وزن ضارب" غالبا؛ إذ قد يجيء على وزن فعول كصبور وفعيل كرحيم "و" إنما ترك هذا القيد على أنه سيذكر هذين الوزنين "حذف علامة الاستقبال من يضرب" لئلا يتوهم من أول الأمر أنه مستقبل "وأدخل الألف" للفرق بينه وبين الماضي وخص الألف بالزيادة من بين سائر حروف المد "لخفتها بين الفاء والعين؛ لأنه"؛ أي الإدخال "في الأول يصير" اسم الفاعل "مشابها للمتكلم" على تقدير فتح الألف الذي هو الأصل لخفته نحو: أنصر وأضرب وأعلم وعلى تقدير الضم مع كونه ثقيلا يلتبس بالأمر في الوقف وبالمتكلم المجهول في مثل: يعلم ويلزم النزول من الضمة إلى الكسرة في مثل: يضرب، وعلى تقدير الكسر يلتبس بالأمر في مثل: يضرب ويعلم، ويلزم الخروج من الكسرة إلى الضمة في مثل: نصر ولا مجال لإبقائه على السكون وأن الإدخال في الآخر يصير أنه مشابها بتثنية الماضي بعد تحريك الفاء للضرورة "وكسر عينه"؛ أي عين المضارع فيما لم يكن مكسورا وعلم منه حكم ما كان مكسورا، وهو الإبقاء على الكسر ولذا لم يذكره "لأنه"؛ أي اسم الفاعل "بتقدير النصب"؛ أي الفتح أطلق حركة الإعراب على حركة البناء على طريق الاستعارة للمشابهة الصورية؛ أي بتقدير نصب عين المضارع لاستقامة منه فيما لم يكن منصوبا اتباعا لما كان منصوبا حتى يكون كله منصوبا "يصير مشابها لماضي المفاعلة" وكان التزام الزيادة بعد حذف علامة الاستقبال لدفع الالتباس بالماضي وإن كان من غير هذا الباب فلو اختاروا هذه المشابهة لوقعوا فيما فروا منه "وبتقدير الضم" فيما لم يكن مضموما اتباعا لما كان مضموما "يثقل" اسم الفاعل "وبتقدير الكسر" فيما لم يكن مكسورا للاتباع "أيضا"؛ أي كتقدير النصب "يلزم الالتباس بأمر باب المفاعلة ولكن أبقى" اسم الفاعل "مع ذلك" الالتباس "للضرورة" واختيار الالتباس أولى من اختيار الثقل؛ لأن لغتهم سالمة عن كل بشاعة وثقلة "وقيل اختيار

_ Q"في الوقوع" موقعه في كونه "صفة للنكرة وفي غيره" من المناسبات المذكورة في صدر فصل المضارع، وإذا كان مشتقا من المضارع وهو من الماضي وهو من المصدر كان مشتقا من المصدر بواسطة كما هو مذهب السيرافي، وقد سبق منا إشارة إليه في صدر الكتاب "وصيغته من الثلاثي المجرد" صحيحا كان أو معتلا "على وزن فاعل" نحو: ناصر وبائع قيل: ولهذا يسمى به لكثرة الثلاثي؛ أي ولأجل أن اسم الفاعل من الثلاثي على فاعل سمي بلفظ الفاعل لجميع اسم الفاعل كالمنفعل والمستفعل لكثرة الثلاثي ولم يقولوا اسم المنفعل ولا اسم المستفعل، ورد بأنه ليس القصد بقولهم: اسم الفاعل اسم الصيغة الذي يجيء على وزن اسم الفاعل، بل المراد اسم ما فعل الشيء، ولم يأت المنفعل والمستفعل بمعنى الذي فعل الشيء حتى يقال اسم المنفعل والمستفعل. واعلم أنهم أطلقوا اسم الفاعل على من لم يفعل الفعل كالمنكسر والجاهل والضامر والمائت؛ لأن الأغلب فيما بني له هذه الصيغة أن يفعل فعلا كالقائم والقاعد والمخرج والمستخرج وغير ذلك قوله: "وحذف" شروع في بيان كيفية اشتقاق اسم الفاعل الثلاثي من المضارع المعلوم؛ أي حذف أولا "علامة الاستقبال من يضرب" مثلا ولو قال: من يفعل لكان أوفق لما بعده "فأدخل الألف" عقيب الحذف دون سائر حروف المد "لخفتها بين الفاء والعين" نحو: الضاد والراء في يضرب "لأن في الأول" أي؛ لأن الشأن لو زيد في الأول "يصير" اسم الفاعل "مشابها"؛ أي ملتبسا "بالمتكلم" وحده؛ لأنه لو زيد في الأول تحرك بالفتح لتعذر الابتداء بالساكن وخفة الفتحة فيلتبس بالمتكلم الذي عينه مكسور مثل: اضرب ولو كسر الألف يلتبس أيضا بالأمر من مكسور العين؛ إذ لا اعتبار بحركة الآخر نحو: واصبر، ولو ضم يلتبس أيضا بالأمر من مضموم العين نحو: انصر، ولو زيد في الآخر قيل: يلتبس بتثنية الماضي في مثل فتحا، وقيل: يلزم أن يصير إعرابه تقديريا، ولو زيد بين العين واللام يلتبس بصيغة المبالغة نحو: فتاح وصبار؛ إذ لا اعتبار بالإعجام، وإذا بطل الأقسام بأسرها تعين أن يزاد بين الفاء والعين "وكسر عينه بعد زيادة الألف"؛ أي لا يجوز غير الكسر في عين المضارع، فإن كان مضموما أو مفتوحا في الأصل كسر نحو: ناصر وعالم، وإن كان مكسورا أبقى عليه نحو: ضارب "لأن" الشأن "بتقدير الفتحة" وفي بعض النسخ بتقدير النصب والمراد الفتح "يصير مشابها"؛ أي ملتبسا "بماضي المفاعلة" فإنك إذا قلت: ضارب بفتح الراء لم يعلم أنه اسم الفاعل من يضرب أو فعل ماض من المضاربة "وبتقدير الضمة يثقل"؛ أي يصير ثقيلا وهو ظاهر "وبتقدير الكسرة أيضا"؛ أي كتقدير الفتحة "يلزم الالتباس بأمر باب المفاعلة" فإذا قلت: ضارب بكسر الراء لم يعلم أنه اسم الفاعل من يضرب أو أمر من المضاربة؛ إذ لا اعتبار بحركة الطرف "ولكن أبقى" الكسر "مع ذلك" الالتباس "للضرورة"؛ أي لعدم إمكان الفتح والضم كما بينا ولعدم إمكان السكون لالتقاء الساكنين واعترض عليه بعض الشارحين بأن هذا الجواب ضعيف؛ لأن التزام الثقل أولى من التزام الالتباس فتقول التزام الالتباس سيما في قليل الوقوع سيما فيما يمكن دفعه؛ إذ يمكن ها هنا دفعه بالتنوين وتركه أولى من التزام الثقل بالضمة سيما بعد ألف المد؛ إذ بذلك يكون أثقل، ويدل على ما ذكرنا أنهم قلبوا الياء ألفا في مثل: مختار في الفاعل والمفعول دفعا للثقل مع أنه يلتبس أحدهما بالآخر بعد القلب لا قبله، واكتفوا بالفرق التقديري "وقيل اختيار

Zالالتباس بالأمر أولى" من اختيار الالتباس بالماضي "لأن الأمر" مأخوذ "من المستقبل والفاعل مشابه به" بل اسم الفاعل مأخوذ من المستقبل أيضا على ما ذكره المصنف، ولهذه المناسبة اختير اتحادهما في الصيغة "وتجيء الصفة المشبهة" باسم الفاعل مع أنها لمن قام به الفعل ولفظا؛ لأنها تثنى وتجمع وتؤنث كما أن اسم الفاعل كذلك، وهي اسم مشتق من فعل لازم لمن قام به فقط على معنى الثبوت، وقولنا فقط ليخرج أفعل التفضيل؛ إذ كما يقوم الفعل لمن اشتق له يقوم به الزيادة أيضا، وباقي القيود ظاهرة ولم يتعرض لتعريفها، وتعريف أفعل التفضيل لقرب تعريفها من تعريف اسم الفاعل حتى عدا عند أهل هذا الفن من اسم الفاعل ولذلك لم يعدهما في المشتقات من المصدر وأوردهما في فصل اسم الفاعل وإما قدمهما على بيان صيغة اسم الفاعل من غير الثلاثي؛ لأنهما مختصان بالثلاثي "على هذه الأبنية"؛ أي ليست صيغ الصفة المشبهة قياسية كصيغ اسم الفاعل والمفعول؛ لأنهم لم يجروا فيها على قياس يضبط بأصل كما في اسم الفاعل والمفعول، بل أتوا بها مختلفة الصيغ مع اتفاق صيغة الفعل في كثير منها، ولم يأت شيء منها على القياس إلا الألوان والحلي والعيوب الظاهرة، فإنها أتي بها على أفعل كأبيض وأبلج وأعور "نحو فرق" بفتح الفاء وكسر العين وهذا غالب من فعل بكسر العين "وشكس" بفتح الفاء وسكون العين من فعل مكسور العين "وصلب" بضم الفاء وسكون العين "وملح" بكسر الفاء وسكون العين "وجنب" بضمهما "وحسن" بفتحهما "وخشن" بفتح الفاء وكسر العين "وشجاع" بضم الفاء "وجبان" بفتحها وهذه السبعة من فعل مضموم العين ولذلك ذكر خشن

_ Qالالتباس" على تقدير الكسر "بالأمر"؛ أي بأمر باب المفاعلة "أولى" من اختيار الالتباس بماضي المفاعلة "لأن الأمر مأخوذ من المستقبل والفاعل مشابه به" مشابهة تامة فيكون بين الأمر واسم الفاعل مؤاخاة ومناسبة بخلاف الأمر وماضي باب المفاعلة فاختيار الالتباس بين الأمرين المتناسبين أولى من اختيار بين الأمرين المتباينين إذا تعين اختيار أحدهما، ولما فرغ من بيان كيفية بناء اسم الفاعل من الثلاثي المجرد شرع في كيفية بناء الصفة المشبهة فقال: "ويجيء الصفة المشبهة" ولم يجعل لها فصلا على حدة، بل ذكرها في ذيل اسم الفاعل من الثلاثي للمشابهة التامة بينهما كما يذكره فكأنها منه وقدمها على اسم الفاعل من غير الثلاثي؛ لعدم المناسبة بينهما؛ إذ الصفة المشبهة لا تجيء من غير الثلاثي، وعرفوها بأنها اسم اشتق من فعل لازم لمن قام به على معنى الثبوت، قولنا: اسم جنس يشمل جميع الأسماء مشتقة أو غير مشتقة، وقولنا: اشتق من فعل لازم يخرج غير المشتقات ومشتقات الفعل المتعدي، وقولنا: لمن قام به يخرج اسم المفعول اللازم المتعدي بحرف الجر كمعدول عنه وممرور به، واسم الزمان والمكان والآلة، وقولنا: على الثبوت؛ أي الاستمرار يخرج اسم الفاعل اللازم كقائم وقاعد فإنه مشتق من فعل لازم لمن قام به لكن على معنى الحدوث، ويخرج أيضا مثل ضامر وشازب وطالق وإن كان بمعنى الثبوت؛ لأنه في أصل وضعه للحدوث، وذلك لأن صيغة الفاعل موضوعة للحدوث كما بيناه في اسم الفاعل. واعلم أن المشابهة بينها وبين اسم الفاعل من حيث المعنى ومن حيث اللفظ أما الأول فلأن الصفة المشبهة ما قام بها الحدث المشتق هي منه، فمعنى زيد حسن، زيد ذو حسن، والحسن حدث أى مصدر قائم بزيد كما أن اسم الفاعل محل للحدث المشتق هو منه، فمعنى زيد ضارب زيد ذو ضرب، فلا فرق بينهما معنى إلا من حيث الحدوث فى إحدهما وضعا والثبوت فى الآخر كما عرفت، وأما الثاني فلأن الصفة المشبهة اسم يثنى ويجمع ويذكر ويؤنث، كما كان اسم الفاعل كذلك فلما كانت مشابهة له سميت مشبهة وعملت عمله، ولما كانت صيغة الصفة المشبهة سماعية ومختلفة لا يضبطها قياس بل أمرها يتوقف على المسموع أشار إلى الأمثلة المسموعة بقوله: وتجيء الصفة المشبهة "على هذه الأبنية" أى تجيء على وزن فَعِل بفتح الفاء وكسر العين "نحو فرق" من الباب الرابع بمعنى الجبان "و" على وزن فَعْل بفتح الفاء وسكون العين نحو: "شكس" من الباب الرابع أيضا بمعنى سيئ الخلق، وحكى الفراء رجل وشكس بكسر الكاف وهو القياس؛ لأن ماضيه بالكسر أيضا والجمع شكس بضم الأول وسكون الفاء "و" على وزن فعل بضم الفاء وسكون العين نحو "صلب" من الباب الخامس بمعنى الشديد وكذا الصليب منه "و" على وزن فعل بكسر الفاء وسكون العين نحو "ملح" من الباب الأول وكذا من الباب الخامس يقال هو ماء ملح ولا يقال مالح إلا فى لغة رديئة "و" على وزن فعل بضمتين نحو "جنب"من الباب الخامس من الجانبة سواء فرده وجمعه ومؤنثه ومذكره وربما قالوا فى جمعه أجناب وجنوب "و" على وزن فعل بفتحتين نحو "حسن" من الباب الخامس وهو ضد القبيح والجمع المحاسن غير قياس ومؤنثه حسنة وحسناء أيضا "و" على وزن فعل بفتح الفاء كسر العين نحو "خشن" من الباب الخامس وهو ضد اللين هذا تكرار لما سبق من المثال الاول؛ إذ وزنه هذا الوزن أيضا أجاب عنه بعض الشارحين بأن الأول من الباب الرابع وهذا من الخامس فلا يتكرر، فنقول هذا الجواب ضعيف؛ إذ المقصود بيان أوزان الصفة من أى باب كان لا بيان وزن الصفة من كل باب، وإلا لوجب أن يذكر صفر مثلا من الباب الرابع بمعنى الخالى بوزن ملح لاختلاف ما بينهما، ويؤيد ما ذكرناه إطلاق قوله: وتجيء الصفة المسبهة على هذه الأبنية إلخ وعدم تقييد شيء منها بأنه من الباب كذا، وأما تخصيص أحوال فلعلة يذكرها "و" على وزن فعال بفتح الفاء نحو "جبان" من الباب الخامس من الجبن وهوت ضد الشجاعة يقال: رجل جبين وامرأة جبان فهو مؤنث، وإن جعلته من الباب الأول يكون وزن الصفة فعال بكسر الفاء نحو: جبان فيكون مذكر أو عبارة المصنف تحتملهما "و" على وزن فعال بضم الفاء نحو: "شجاع" من الباب الخامس بمعنى شديد القلب عند البأس وجمعه شجعة وشجعان بكسر

Z"وعطشان" بفتح الفاء وسكون العين من فعل مكسور العين "وأحول" بفتح الهمزة والعين وسكون الفاء "وهو"؛ أي وزن أحول "مختص بباب فعل" مكسور العين "إلا ستة" منه فإنها "تجيء من فعل" بضم العين "نحو أحمق وأخرق وآدم وأرعن وأعجف وأسمر، وزاد الأصمعي" على هذه الستة "الأعجم و" قال إنه من فعل بالضم أيضا "قال الفراء: الأحمق من حمق" بكسر العين "وهو لغة في حمق" بضم العين "وكذلك"؛ أي كما أن حمق يجيء بالضم "يجيء خرق وسمر وعجف أعني فعل" بضم العين "لغة فهن"؛ أي في هذه الثلاثة يعني أن أصلها من فعل بالكسر إلا أنها لغة من فعل بالضم "ويجيء أفعل" بفتح الهمزة والعين وسكون الفاء "لتفضيل الفاعل" على غيره وهو المبني على أفعل لزيادة صاحبه على غيره فى المصدر المشتق هو منه فيخرج عنه نحو فاضل وزائد وغالب ويخرج عنه أيضا نحو طائل؛ أي زائد فى الطول على غيره، ويدخل فيه خير وشر لكونهما فى الأصل أخير وأشرر فخففا بالنقل والاستغناء لكثرة الاستعمال، وقد يستعملان على القياس فى لغة رديئة وعليها جاء قولها: صغراها شراها هذا من قول امرأة قالت لحليلها: إني أتماوت فإذا دفنوني فأتني ليلا فأخرجني واذهب بي إلى مكان لا يعرفنا أهله، ثم فعلت المرأة ما قالت وأخرجها الرجل، وانطلق بها أياما إلى مكان آخر ثم تحولت إلى الحي بعد برهة، فبينا هى ذات يوم قاعدة مرت بها بناتها فنظرت إليها الكبرى، فقالت: أمي والله، وقالت لها الوسطى: صدقت والله، قالت المرأة:

_ Qالشين وسكون الجيم فيهما ومؤنثه شجاعة، وقال أبو زيد: لا توصف به المرأة ولك أن تكسر الشين فتقول: شجاع، وحينئذ يجيء جمعه شجعة بفتح الشين وسكون الجيم، وشجعة بفتحتين "و" على وزن فعلان بفتح الفاء وسكون العين نحو "عطشان" من الباب الرابع معناه ظاهر وجمعه عطشى بفتح العين وسكون الطاء وعطاش بفتح العين وعطاش بالكسر ومؤنثه عطشى أيضا وجمعه عطاش بالكسر فقط، قال ابن الحاجب: تجيء الصفة المشبهة من جميع الأبواب الثلاثية إذا كان بمعنى الجوع والعطش، وضدهما على فعلان كجوعان وشبعان عطشان وريان "و" على وزن أفعل بفتح الهمزة وفتح العين نحو "أحول" من الباب الرابع "وهو"؛ أي هذا الوزن "مختص بباب فعل"بكسر العين ولم يجئ من مفتوح العين ومضمومه "إلا ستة" كلمات فإنها تجيء من فعل بضم العين يعني أن أفعل يجيء قياسا من فعل مكسور العين من الألوان والعيوب والحلي إلا هذه الكلمات، ولا يجيء شيء من الأبنية المذكورة سوى أفعل قياسا من شيء من الأبواب، فلهذا صرح بأنه مختص بباب فعل، ولم يصرح فيما عداه بأنه مختص بكذا قال ابن الحاجب فى كافية التصريف؛ إن كان الماضى المجرد من فعل بكسر العين من الألوان والعيوب والحلي فيبنى على أفعل قياسا ومثله بعض شارحيه بنحو أسود وأعور وأملح "نحو أحمق"؛ أي قليل العقل "وأخرق" وهو ضد الرفيق "وآدم" فى مختار الصحاح؛ الآدم من الناس الاسم والجمع أدمان، والآدم من الإبل الشديد البياض وقليل هو الأبيض والأسود المقلتين يقال: بعير آدم وناقة أدماء "وأرعن" وهو الأحمق ومؤنثه رعناء "وأعجف" العجف الهزال والإنثى عجفاء والجمع عجاف بالكسر على قياس "وأسمر" وهو لون معروف "وزاد الأصمعى"على هذه الستة "الأعجم" يقال فى لسانه عجمة؛ أي عجز لا يقدر على الكلام أصلا، وبهذا سميت البهيمة عجماء؛ لأنها لا تتكلم والأعجم أيضا من لا يفصح ولا يبين كلامه والأنثى عجماء "وقال الفراء" فى جواب هذه السبعة "أحمق من حمق" بالكسر "وهو لغة فى حمق" بالضم فكان أحمق قياسا وفيه بحث؛ لأن حمق إذا كان بالضم يجيء الصفة منه أحمق، وأما إذا كان بالكسر يجيء الصفة منه حمق بفتح الحاء وكسر الميم لا أحمق كذا فى مختار الصحاح، فلا يغني في الجواب كون الكسر لغة فى الضم "وكذلك"؛ أي كما أن حمق بالكسر لغة في حمق بالضم "يجيء خرق وسمر وعجف" بالكسر في الكل كما يجيء بالضم فيه، فالكسر لغة في الضم أيضا، ثم لما أراد تعميم الحكم للكلمات السبعة بعد ذكر أربعة منها قال "أعني فعل" بالكسر "لغة فيهن"؛ أي فى السبعة المذكورة كلها فيكون كل واحد من الكلمات السبعة قياسيا، واعلم أن أبنية الصفة المشبهة ليست منحصرة فيما ذكره المصنف من الأبنية العشرة، بل يجيء أيضا على وزن فعيل مثل: كريم، وعلى وزن فعول بفتح الفاء وتشديد العين نحو: غيور، وعلى وزن فيعل بفتح الفاء وكسر العين نحو: ضيق، وعلى وزن فعول بفتح الفاء نحو: وقور، وعلى وزن فعال بضم الفاء وتخفيف العين نحو: ملاح، ولما فرغ من بيان أبنية الصفة المشبهة شرع في اسم التفضيل فقال: "ويجيء أفعل التفضيل الفاعل"ولم يجعل لها فصلا على حدة أيضا لقوة مشابهته لاسم الفاعل وللصفة المشبهة أيضا، وبيان المشابهة لهما يعرف مما ذكرناه فى الصفة المشبهة مع أن اسم الفاعل فى المشابهة بحسب المعنى كذا قيل، والأشبه أن يقال لما ذكر أن أفعل يجيء للصفة كان مظنة أن يتوهم أن أفعل لا يجيء لغير الصفة فلدفع هذا الوهم قال: ويجيء أفعل لتفضيل الفاعل؛ أي كما يجيء للصفة المشبهة، وعرفوه بأنه اسم اشتق من فعل لموصوف بزيادة على غيره فقولنا: اسم اشتق من فعل يتناول جميع المشتقات من الأفعال، وقولنا: لموصوف بزيادة على غيره يخرج ما عدا اسم التفضيل، قال الفاضل الرضي: وهو ينتقض بنحو: فاضل وغالب وزائد، ولو احترز عن مثله بأن قال: المراد ما اشتق من فعل لموصوف بزيادة على غيره فيه أى فى الفعل المشتق منه لانتقض بنحو: طائل؛ أي زائد في الطول على غيره، والأولى أن يقال هو المبني على أفعل لزيادة صاحبه على غيره في الفعل؛ أي في الفعل المشتق هو منه، ويدخل فيه خير وشر لكونهما في الأصل أخير وأشرر، فخففتا بالحذف لكثرة الاستعمال، وقد يستعملان على القياس. ا. هـ. كلامه.

Zكذبتما ما أنا لكما بأم، ولا لأبيكما بامرأة، فقالت لهما الصغرى: أما تعرفان محياها وتعلقت وخرجت بها، فقالت الأم عند ذلك: صغراها شراها، وإنما يجيء أفعل التفضيل الفاعل بشرط كونه "من الثلاثى" احترز به عن الرباعى المجرد والمزيد فيه فإنه لا يجيء منهما حال كونه "غير مزيد فيه"؛ أي فى الثلاثى بشرط كونه "مما ليس بلون ولا عيب ولا يجيء من المزيد فيه" ولا مما كان فى حكمه من الرباعى المجرد والمزيد فيه "لعدم إمكان محافظة جميع حروفها فى أفعل" إذا لم تحذف منه شيئا وإن حذفت الزوائد فقلت: هو أخرج من استخرج معلا يلتبس بأفعل من الثلاثى؛ أي لم يعلم أن المراد منه كثير الخروج أو كثير الاستخراج "ولا يجيء" أيضا "من لون ولا عيب"؛ أي لا يجيء من عيب على القياس ظاهرا كان العيب أو باطنا، وأما ما جاء من العيوب الباطنة من نحو: أجهل وأحمق وأضل، فهو على غير قياس فعلى هذا لا يحتاج إلى تقييد العيب بالظاهر كيف وقد عد الزمخشري وصاحب اللباب والمصنف وغيرهم أحمق من الشواذ مع أنه من العيوب الباطنة "لأن" الشأن "فيهما"؛ أي فى اللون والعيب "يجيء أفعل للصفة فيلزم الالتباس"؛ إذ لو جاء فيهما أفعل للتفضيل أيضا فقيل: أسود مثلا لم يعلم أن المراد ذو سواد أو زائد في السواد، وإن قصد تفضيل الزائد على الثلاثة وتفضيل اللون والعيب توصل إليه بأشد ونحوه مثل: هو أشد منه استخراجا وأحسن منه بياضا وأحسن دحرجة وأقبح وأقبح عمى

_ Q"من الثلاثي" الذي "غير مزيد فيه" يعني الثلاثي المجرد "مما ليس بلون ولا عيب" لفظة لا زائدة لتأكيد النفي ولما خص أفعل التفضيل بالفاعل" وبالثلاثي المجرد بما ليس بلون ولا عيب وجب عليه أن يبين عدم مجيئه للمفعول، وعدم مجيئه من غير الثلاثي المجرد، وعدم مجيئه من الألوان والعيوب فبين الثاني بقوله: "ولا يجيء" أفعل التفضيل "من" الفعل "المزيد فيه"؛ أي من غير الثلاثي المجرد "لعدم إمكان محافظة جميع حروفها لضمير يرجع إلى المزيد فيه باعتبار الكلمة التي هو يصدق عليها ولهذا أنث "في" بناء "أفعل"؛ لأن أفعل ثلاثي مزيد في أوله همزة للتفضيل، فاستحال محافظة جميع حروف الكلمات الرباعي والخماسية والسداسية في وزن أفعل على تقدير عدم حذف حرف أو حروف منها، وإن حذفت التبس المعنى؛ إذ لو قلت من دحرج مثلا: أدحر بحذف الجيم من آخره لم يعلم أنه من تركيب دحرج، وكذا لو حذفت الهمزة من أخرج وزيدت في أوله همزة التفضيل وقلت: أخرج لم يعلم أن معناه كثير الخروج أو كثير الإخراج، وقس عليه ما عداه، وكل ما ذكر مبني على أنه لا صيغة للتفضيل إلا أفعل، وإنما اقتصروا عليه اختصارا، واعلم أن بناء أفعل من الزوائد مطلقا غير قياس عند الجمهور، وأما عند سيبويه فغير قياس فيما عدا باب الأفعال، وأما في باب الأفعال فمع كونه ذا زيادة قياس عنده، واختار المصنف مذهب الجمهور وبين الثابت بقوله: "ولا" يجيء "من لون ولا عيب؛ لأن فيهما يجيء أفعل للصفة المشبهة" كما ذكرنا "فيلزم الالتباس" بين الصفة والتفضيل على تقدير بناء أفعل منهما للتفضيل أيضا، فإنك إذا قلت: زيد الأسود ولم يعلم أنه بمعنى ذو سواد أو بمعنى الزائد في السواد، وهذا التعليل إنما يتم إذا بين أن أفعل للصفة يقدم بناؤه على أفعل للتفضيل وهو كذلك؛ لأن ما يدل على ثبوت مطلق الصفة مقدم بالطبع على ما يدل على زيادة على الآخر في الصفة، والأولى موافقة الوضع لما بالطبع. واعلم أنه أجاز الكوفيون بناء أفعل التفضيل من لفظي السواد والبياض خاصة قياسا وقالوا: لأنهما أصلا الألوان ويحتجون أيضا في البياض بقول الراجز: جارية في درعها الفضفاض ... أبيض من أخت بني إياض وقال المبرد: ليس البيت الشاذ بحجة على الأصل المجمع عليه، وفي السواد بقول الآخر؛ لأنت أسود في عيني من الظلم، والبيتان شاذان عند البصريين، واعلم أنه يجب على المصنف أن يقول وأنه لا يجيء من لون ولا عيب ظاهر؛ لأن العيب الباطن يبنى منه أفعل التفضيل نحو: فلان أبلد من فلان وكذا أرعن وأهوج وأخرق وأعجم وأنوك وأحمق وألد وأشكس وأعين وأجهل وغير ذلك، مع أن بعضها يجيء منها أفعل للصفة أيضا كما مر فلا يطرد تعليلة كما لا يطرد دعواه، والحكم بأن كل هذه الأمثلة مع كثرتها شاذ غير معقول وغير واقع في كلامهم، بل الواقع الجواز قياسا، والجواب عنه بأن المراد من العيب العيب الظاهر ليس بشيء؛ لأن قوله فيما سيأتي وأحمق من هبنقة من العيوب شاذ يدل على أن مراده من العيب ما هو عام للظاهر والباطن فافهم، والتحقيق فيه ما ذكره الفاضل الرضي من أنه لا يفعل التفضيل من الألوان والعيوب الظاهرة؛ لأن غالب الألوان يأتي أفعالها على أفعل وأفعال بتشديد اللام فيهما كأبيض وأسود وأحمر واحمار فحمل ما جاء من الثلاثي عليهما في عدم بناء أفعل التفضيل، وأما العيوب المحسوسة فليس الغالب فيها المزيد فيه، بل الغالب الثلاثي، لكن بعض المزيد فيه أكثر استعمالا فيه من غيره كأحول وأعور فإنهما أكثر استعمالا من حول وعور، ولهذا لم تقلب واوهما ألفا حملا على أحول وأعور، وما لم يجئ منه أفعل ولا أفعال كالعرج والعمى لم يبن منه لكون بعضه مما لا يقبل الزيادة والنقصان كالعمى والبواقي محمولة على القسمين في الامتناع، إذا عرفت هذا فاعلم أنك إذا قصدت التفضيل من الأفعال التي تعذر بناء أفعل منها كالرباعيات والمزيدات وكالألوان والعيوب فطريقة أن تبنى أفعل من فعل يصح بناء أفعل منه على حسب غرضك الذي تقصده، ثم جئت بمصادر تلك الأفعال التي امتنع بناء أفعل منها فتنصب على التمييز مثلا: إذا قصدت كثرة الفعل قلت: أكثر دحرجة، وإذا قصدت حسنه قلت: أحسن انتقاشا، وإذا قصدت قبحه قلت: أقبح عورا، وإذا قصدت شدته أشد بياضا، وقس عليه ما عداه

Z"ولا يجيء" أفعل "لتفضيل المفعول حتى لا يلتبس" تفضيل المفعول "بتفضيل الفاعل"؛ إذ لو قيل اضرب لم يعلم أن المراد أكثر ضاربية أو أكثر مضروبية "فإن قيل لم لا يجعل على العكس" بأن يجيء أفعل لتفضيل المفعول دون تفضيل الفاعل "حتى لا يلزم الالتباس قلنا: جعله للفاعل أولى" من عكسه "لأن الفاعل مقصود" حيث لم يتم الكلام بدونه "والمفعول فضلة في الكلام"؛ لأن الكلام يتم بدونه فبناؤه للمقصود أولى "وأيضا يمكن التعميم في الفاعل دون المفعول"؛ إذ لا مفعول إلا وله فاعل في الأغلب ولا ينعكس فلو جعلوه حقيقة في المفعول لبقي اسم الفاعل مع أنه أكثر عريا عن معنى التفضيل إلا بالقرينة لعدم اللفظ الدال عليه حقيقة ويبقى كثير من الأفعال بلا تفضيل؛ لأن المفعول لا يجيء من اللوازم والفاعل عام "ونحو أشغل"؛ أي أثر مشغولية "من" امرأة "ذات النحيين"؛ أي الزقين وقصتها معروفة "لتفضيل المفعول وهو"؛ أي فلان "أعطاهم"؛ أي أكثرهم إعطاء للدينار "وأولاهم"؛ أي أكثرهم إيلاء؛ أي إعطاء للمعروف "من الزوائد"؛ لأنهما من المعطي والمولى بضم الميم وكسر العين "وأحمق"؛ أي أكثر حماقة "من هبنقة" اسم رجل وقصته معروفة "من العيوب شاذ لا يقاس عليه

_ Qوبين الأول بقوله "ولا يجيء" بناء أفعل "لتفضيل المفعول" بعد بنائه لتفضيل الفاعل "حتى لا يلتبس" تفضيل المفعول "بتفضيل الفاعل، فإن قبل لم لا يجعل الأمر على العكس حتى لا يلزم الالتباس" بين تفضيل الفاعل وتفضيل المفعول "قلنا جعله"؛ أي التفضيل "للفاعل أولى" من جعله للمفعول؛ يعني أنهم لو جعلوه مشتركا لالتبس أحدهما بالآخر لاطراده فأرادوا جعله لأحدهما دون الآخر لدفع الاشتباه، فوجدوا جعله للفاعل أقيس وأولى من المفعول "لأن الفاعل مقصود في الكلام"؛ أي لا يفيد الكلام بدونه لكونه مسندا إليه "والمفعول فضلة" في الكلام لإفادته بدونه، فإن قلت: المراد من الفاعل الذي بني أفعل لتفضيله صيغة الفاعل مثل: ضارب والفاعل الذي هو مقصود في الكلام هو الفاعل في الإعراب، وهو ما أسند إليه الفعل مقدما عليه مثل: زيد في قولنا: ضرب زيد فكم بين المعنيين فلم يلزم من كون الثاني مقصودا في الكلام كون الأول كذلك؛ إذ يجوز أن يقال: قتلت الضارب بجعل ضارب مفعولا وفضلة في الكلام، وكذا المفعول الذي هو فضلة في الكلام هو المفعول في الإعراب لا المفعول في الصيغة؛ إذ يجوز أن يقال: جاءني المضروب بجعل المضروب فاعلا، قلت: المراد أن الفاعل في الإعراب لما كان مقصودا والفاعل في الصيغة عليه هو الدال عليه كان مقصودا أيضا وكذا المفعول في الإعراب لما كان فضلة والمفعول في الصيغة هو الدال عليه كان فضلة أيضا، والضارب في قولنا: قتلت الضارب مفعول بالنسبة إلى قتلت فهو مقتول المتكلم، وإن كان بالنسبة إلى الضرب فاعلا والمضروب في قولنا: جاءني المضروب فاعل بالنسبة إلى جاءني فهو جاء، وإن كان مفعولا بالنسبة إلى الضرب "وأيضا يمكن التعميم في" قسم "الفاعل"؛ لأنه لا مفعول إلا وله فاعل في الأغلب، وإنما قلنا في الأغلب احترازا عن نحو مجنون ومبهوت "دون" قسم "المفعول"؛ إذ لا يقال لا فاعل إلا وله مفعول لعدم مجيء المفعول من الفعل اللازم، فلو جعل التفضيل للمفعول لبقي الفاعل مع كونه مقصودا في الكلام وأكثر وأعم من المفعول خاليا عن معنى التفضيل، وهو معنى القياس وترك الأولى لاستلزامه أن يبقى كثيرا من الأفعال بلا تفضيل كما نقل عن سيبويه، ولما بين أن أفعل لا يجيء من المزيد فيه ولا من عيب ولا لتفضيل المفعول، وكان يرد على كل واحد من هذه الأحكام الثلاثة النقض بأمر ينافيه أشار إلى الجواب عنه فقال "و" نحو "أشغل من ذات النحيين" حال كونه "لتفضيل المفعول" وكذا أشهر وأعذر وألوم، وهذا إشارة إلى ما يرد على الحكم الثالث، ومعنى أشغل من ذات النحيين أشد مشغولية من امأة ذات النحيين والنحي بالكسر زق السمن، قيل: هي امرأة من بني تميم كانت تبيع السمن فأتاها ضراب بن جبير الأنصاري يبتاع منها سمنا فلم ير عندها أحدا "و" نحو "هو أعطاهم" للدينار "وأولاهم" للمعروف حال كونهما "من الزوائد" من باب الأفعال وكذا أنت أكرم لي من فلان، وهذا إشارة إلى ما يرد على الحكم الأول، وإنما حكموا بأنهما من الزوائد لعدم بناء الثلاثي منهما؛ إذ لا يقال عطى وولى "و" نحو "أحمق من هبنقة" حال كونه "من العيوب" الباطنة، وهذا إشارة إلى ما يرد على الحكم الثاني، فإن قلت: لِمَ حكمت أن أحمق ها هنا لتفضيل الفاعل فلم لا يجوز أن يكون صفة مشبهة؟ قلت: استعماله بمن يدل على أنه للتفضيل وهبنقة اسم رجل حكي في حماقته أنه اتخذ لنفسه طوقا من عظام ليعرف به نفسه، وفقد وأصبح ذات يوم ورأى ذلك الطوق على أخيه، فقال: يا أخي أنت أنا فمن أنا "شاذ"؛ أي كل ذلك من الأمور الثلاثة خارج عن القياس ففي الكلام لف ونشر غير مرتب فافهم. واعلم أن شرط أفعل التفضيل أن يبنى من الثلاثي المجرد الذي جاء من فعل تام غير لازم للنفي متصرف قابل معناه للكثرة، فقولنا: جاء منه فعل احترازا عن أيد وأرجل من اليد والرجل؛ فإنه لم يثبت، وقولهم: أحنك الشاتين؛ أي آكلهما من الحنك وأول شاذ، وقولنا: تام احتراز عن الأفعال الناقصة ككان وصار فإنه لا يقال أكون وأصير، وقولنا: غير لازم للنفي احتراز عن مثل ما نبس بكلمة؛ أي ما تكلم؛ فإنه لا يقال هو أنبس منك؛ لئلا يصير مستعملا في الإثبات، وقولنا: متصرف احتراز عن نحو: نعم وبئس وليس، وقولنا: قابل معناه للكثرة احتراز عن نحو: غربت الشمس وطلعت، فلا يقال الشمس اليوم أغرب منها أمس، وهذه الشروط غير ما ذكره المصنف، وقد ذكرها الفاضل الرضي. ولما فرغ من بيان صيغة الفاعل القياسي مع ما يتعلق به من الصفة المشبهة وأفعل التفضيل شرع في الفاعل الغير قياسي فقال:

Zويجيء اسم الفاعل على" وزن "فعيل نحو نصير" بمعنى ناصر "ويستوي فيه"؛ أي في فعيل "المذكر والمؤنث" في المفرد والتثنية والجمع في جميع الأوقات "إذا كان" فعيل "بمعنى المفعول" وذكر الموصوف "نحو" رجل "قتيل" وامرأة قتيل بمعنى مقتول ومقتولة "و" رجل "جريج" وامرأة جريح بمعنى مجروح ومجروحة، وأما إذا لم يذكر الموصوف فإنهما لا يستويان، بل يفرقان بالتاء خوف اللبس، نحو: مررت بقتيل فلان وقتيلته اكتفى في الالتباس بالفاعل بالقرائن؛ إذ الالتباس بالأقرب أشكل "فرقا"؛ أي يستويان فيه حينئذ للفرق "بين" الفعيل بمعنى "الفاعل و" بينه بمعنى "المفعول" مع أن القرينة حاصلة بالموصوف، ويعلم من هذا أن فعيلا إذا كان بمعنى الفاعل لا يستوي فيه المذكر والمؤنث سواء أجريا على الموصوف أو لا، تقول رجل نصير وامرأة نصير ومررت بنصير زيد أو نصيرة هند، هذا هو الأكثر والأقل أنه لا يلزمة الهاء ولم يعكس؛ لأن الأصل عدم الاستواء فأعطي للفاعل الذي هو الأصل "إلا إذا جعلت الكلمة" أعني فعيلا من عداد الأسماء" وقبيلتها دون الصفات وحينئذ لا يستوي في فعيل الذي بمعنى المفعول المذكر والمؤنث، بل يفرق بينهما بالتاء ليكون دليلا على النقل من الوصفية إلى الاسمية، وإن كان الموصوف مذكرا نحو: كبش ذبيح ونعجة "ذبيحة" وصبي لقيط "و" صبية "لقيطة" فذبيح اسم لحيوان مذبوحه وعلى هذا ونظيره إطلاق أحمر على شخص له حمرة وإرادة أنه شخص ذو حمرة، ويجوز إطلاقه على شخص آخر له حمرة فيكون حينئذ صفة وتسمية شخص له حمرة بالأحمر وإرادة ذلك الشخص الأحمر، فحينئذ لا يجوز إطلاقه على شخص له حمرة بهذا الوضع فيكون اسما "وقد شبه به"؛ أي بالفعيل الذي بمعنى المفعول "ما"؛ أي الفعيل الذي "هو بمعنى فاعل" فيستوي فيه المذكر والمؤنث لموافقته له في اللفظ نحو قوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} و"نحو قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} بمعنى قارب والقياس أن يقال قريبة؛ لأنه مسند إلى ضمير الرحمة، وقيل إن قريبا هنا إنما ذكر؛ لأن رحمة مصدر والمصدر المؤنث يجوز تذكيره حملا على لفظ آخر في معناه، فالرحمة بمعنى الترحم أو بمعنى ذو رحمة أو لأن في الكلام حذفا؛ أي أن رحمة الله شيء قريب أو أثر رحمة الله قريب هذا على الأكثر، وأما على الأقل فلا حاجة إلى التأويل "ويجيء" على وزن "فعول للمبالغة"؛ أي لمبالغة الفعل وتكثيره "نحو منوع" بمعنى كثير المنع "ويستوي فيه"؛ أي في فعول "المذكر والمؤنث إذا كان" فعول "بمعنى فاعل" وذكر الموصوف "نحو امرأة صبور ورجل صبور" بمعنى صابرة ورجل صبور بمعنى صابر

_ Qويجيء اسم الفاعل من الثلاثي المجرد "على" وزن "فعيل" فلا يستوي فيه المذكور والمؤنث سواء ذكر موصوفه أو لا، بل يفرق بينهما بتاء التأنيث للمؤنث "نحو نصير" ونصيره عملا بالأصل؛ إذ الأصل التمييز وعدم الالتباس "ويستوي فيه"؛ أي فعيل "المذكر والمؤنث" بترك التاء في المؤنث أيضا "إن كان" فعل "بمعنى المفعول" لا مطلقا بل عند ذكر موصوفه "نحو" رجل "قتيل وجريح" بمعنى مقتول ومجروح وامرأة قتيل وجريح بمعنى مقتولة ومجروحة، وأما إذا لم يذكر الموصوف فيه فالتمييز بينهما بالتاء لازم "فرقا بين الفعيل" الذي "بمعنى الفاعل و" بين الذي بمعنى "المفعول" يعني لو لم يسو بين المذكر المؤنث، بل فرق بينهما بالتاء فقيل: مررت بامرأة قتيلة لم يعلم أنها بمعنى قاتلة وبمعنى مقتولة، وإذا ترك التاء في فعيل يعني مفعول في المؤنث علم أنها بمعنى الفاعل، وإذا قيل بامرأة قتيلة علم أنه بمعنى المفعول فلم يلتبس أحدهما بالآخر، فإن قيل: لِمَ لَمْ يعكس الأمر أجيب بأن الفاعل أصل بالنسبة إلى المفعول والفرق بالتاء أيضا أصل فأعطى الأصل للأصل قوله: "إلا إذا جعلت الكلمة" التي على وزن فعيل "من عداد الأسماء" استثناء من قوه ويستوي فيه المذكر والمؤنث إذا كان بمعنى فعول والمراد من كون الكلمة من عداد الأسماء أن لا يعتبر وصفتيه، بل جعل كأنه اسم لشيء كالأسماء الجامدة "نحو" ناقة "ذبيحة" فالذبيح يستعمل كثيرا اسما لما يذبح من الشاة والإبل، فغلبت الاسمية على الوصفية فصار كأنه اسم لا وصف فلذلك لا يستوي فيه المذكر والمؤنث، بل يفرق بالتاء كما لا يستوي في سائر الأسماء "و" امرأة "لقيطة" واللقيطة اسم أيضا لما يلتقط، في الصحاح اللقيط منبوذ يلتقط، والمنبوذ الصبي تلقيه أمه في الطريق فلما غلبت الاسمية وجب الفرق بالتاء كسائر الأسماء "وقد يشبه" بصيغة المجهول من باب التفعيل "به"؛ أي بالفعيل الذي هو بمعنى مفعول "ما"؛ أي الفعيل الذي "هو بمعنى فاعل" في الصورة فلم يفرق بين المذكر والمؤنث كما لا يفرق فيه "نحو" قريب في "قوله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} والقياس قريبة؛ لأنه مسند إلى ضمير الرحمة "ويجيء فعول للمبالغة" سواء كان بمعنى الفاعل أو بمعنى المفعول، والمراد بالمبالغة التكثير وتكرير أصل الفعل، وفي بعض النسخ ويجيء على فعول؛ أي يجيء اسم الفاعل على وزن فعول وهذا أولى؛ لأنه يناسب قوله فيما سبق ويجيء الفاعل على فعيل ويناسب لما سيأتي أيضا من قوله ويجيء للمبالغة "نحو منوع" لكثير المنع وضروب لكثير الضرب "ويستوي فيه"؛ أي فعول "المذكر والمؤنث إذا كان" فعول "بمعنى فاعل" بترك التاء في المؤنث أيضا لكن لا مطلقا، بل عند ذكر موصوفه "نحو امرأة صبور"؛ أي صابرة كما يقال رجل صبور؛ أي صابر ولا يستوي فيه المذكر والمؤنث إذا كان بمعنى المفعول سواء ذكر موصوفه أو لم يذكر، بل يفرق

Zاكتفاء في الفرق بين المذكر والمؤنث بالموصوف، واكتفاء بالقرائن في الفرق بين الفاعل والمفعول على قياس ما ذكر في الفعيل، وأما إذا لم يذكر الموصوف فلا يستوي فيه لئلا يقع الالتباس بين المذكر والمؤنث "ويقال في فعول بمعنى المفعول نحو: ناقة حلوب" وحلوبة بالتاء في المؤنث وذكر الموصوف أولا فرقا بين المذكر والمؤنث، وأما الفرق بين الفاعل والمفعول فموكول إلى القرائن كما في فعول بمعنى الفاعل إذا ذكر الموصوف، ولما كان الغرض الفرق بين المذكر والمؤنث بدخول التاء في المؤنث اكتفى في صور عدم الاستواء بذكر أمثلة المؤنث نحو: ذبيحة ولقيطة وحلوبة؛ إذ يلزم فيه بقاء المذكر على حاله "فأعطي الاستواء" بين المذكر والمؤنث "في فعيل" إذا ذكر الموصوف "للمفعول" الاستواء لأحدهما وعدم الاستواء للآخر فيهما ولم يعكس؛ لأن في الفعول ثقلا لاشتماله على الضمة والفاعل كثير الاستعمال لجريانه في الأفعال كلها والخفة فيه مطلوبة، ولا شك أن الاستواء خفة فأعطي لما هو كثير الاستعمال "ويجيء للمبالغة" في الفعل من الفاعل قوله: "نحو صبار" فاعل يجيء بفتح الصاد وتشديد العين "وسيف مجزوم" بكسر الميم وسكون الفاء وفتح العين أو بالجيم والخاء المعجمة والحاء الغير المعجمة وبالذال المعجمة في الكل، ومعناه واحد وهو القطع "وهو"؛ أي وزن مجزم "مشترك بين الآلة" كالمثقب، ولهذا ذكر السيف ليتعين كونه مثالا للمبالغة "وبين مبالغة الفاعل" كمجزم "وفسيق" بكسر الفاء وتشديد العين "وكبار" بضم الفاء وتخفيف العين كعجاب "وطوال" بضم الفاء وتشديد العين وهذا مشترك بين الجمع المذكر المكسر لاسم الفاعل وبين مبالغة الفاعل، ولم يذكر اشتراكه بينهما اكتفاء بإرشاده إليه في المجزم مع اشتهار أمره في الجميع "وعلامة ونسابة" بفتح الفاء وتشديد العين فيهما، وأورد مثالين إشارة إلى كثرة استعمال هذا الوزن بالنسبة إلى أخواتها التي بالتاء، ونحو: صبار لشهرة كثرة أمره في كثرة استعماله لم يحتج إلى الإشارة إليها "وراوية" بكسر العين "وفروقه" بفتح الفاء وضم العين "وضحكة" بضم الفاء وفتح العين "وضحكة" بضم الفاء وسكون العين لمبالغة اسم المفعول، والأولى تأخيره عن أوزان مبالغة اسم الفاعل أجمع إلا أنه لما ناسب ضحكة بالفتح أورده عقيبه "ومجذامة ومسقام ومعطير"

_ Q"ويقال في" فعول الذي يراد به "المفعول ناقة حلوبة"؛ أي محلوبة وبعير حلوب؛ أي محلوب "فأعطي الاستواء" بين المذكر والمؤنث "في فعيل للمفعول"؛ أي للفعيل الذي بمعنى المفعول "و" أعطي "في فعول للفاعل"؛ أي للمفعول الذي بمعنى الفاعل "طلبا للعدل" بين الفعيل والمفعول في الاستواء وعدمه، وهذا التعليل إنما يتم إذا بين أن فعيلا يقدم بناؤه على فعول وهو كذلك؛ لأن فعيلا كما يجيء للمبالغة يجيء لمطلق الاتصاف بالفعل من غير مبالغة وفعولا لا يدل إلا على زيادة اتصاف بالفعل لبنائه على المبالغة، والأول مقدم بالطبع على الثاني والأولى موافقة الوضع لما هو بالطبع، وقد مر نظيره في أفعل التفضيل، واعلم أن ذكر كون الفعيل بمعنى المفعول وكون الفعول بمعنى المفعول لمناسبة اشتراك الصفتين بين الفاعل والمفعول وإلا لما ذكر المفعول في فصل الفاعل "ويجيء" اسم الفاعل "للمبالغة" سماعا، ولهذا لم يذكر له ضابطه، بل بادر إلى الأمثلة فيجيء على وزن فعال بفتح الفاء وتشديد العين "نحو صبار"؛ أي كثير الصبر "و" على وزن مفعل بكسر الميم وفتح العين نحو "سيف مجزم" من الباب الرابع؛ أي سريع القطع "وهو"؛ أي أن مجزم "مشترك بين اسم الآلة" نحو منقب "وبين مبالغة الفاعل و" على وزن فعيل بكسر الفاء وتشديد العين "نحو فسيق" من الباب الخامس؛ أي دائم الفسق "و" على وزن فعال بضم الفاء وتشديد العين نحو "كبار" من الباب الخامس "و" كذا "طوال" من الباب الأول مبالغة الطويل "و" على وزن فعالة بفتح الفاء وتشديد العين نحو "علامة" من الباب الرابع؛ أي عالم جدا "ونسابة" من الباب الثاني؛ أي عالم بالأنساب والهاء في الأول للمبالغة في العلم، وفي الثاني للمبالغة في المدح؛ أي في مدح من يعلم الأنساب "و" على وزن فاعلة بكسر العين نحو "راوية" من الباب الثاني من روى الحديث والشعر والهاء للمبالغة "و" على وزن فعولة بفتح الفاء نحو "فروقة" من فرق بمعنى خاف والهاء للمبالغة. فإن قلت: ما معنى كون الهاء للمبالغة في علامة ونسابة وفروقة مع أن الصيغة فيها بدون الهاء للمبالغة؟ قلت: بوجهين أحدهما أنه إذا أريد إدخال الهاء للمبالغة جردت الصيغة عن معنى المبالغة فأدخل الهاء، والثاني أن معنى المبالغة لا يكون له حد معين فإذا كانت الصيغة للمبالغة وجدت فيها أصل المبالغة، فإذا أدخل هاء المبالغة عليها زاد المبالغة فيها فيكون الهاء له لزيادة المبالغة وهي منها "و" على وزن فعلة بضم الفاء وفتح العين نحو "ضحكة"؛ أي كثير الضحك "و" على وزن فعلة بضم الفاء وسكون العين نحو "ضحكة"؛ أي رجل يضحك منه "و" على وزن مفعالة بكسر الميم وسكون الفاء نحو "مجذامة"؛ أي كثير القطع والكلام في هائها كالكلام في هاء فروقة؛ إذ هذه الصيغة تجيء للمبالغة بغيرها أيضا كما ذكرها بقوله: "ومسقام"؛ أي كثير السقم، وهذا البناء للآلة أيضا نحو: مفتاح ومقراض كما سيجيء "و" على وزن مفعيل بكسر الميم والعين وسكون الفاء نحو "معطير"؛ أي كثير العطر؛ أي الطيب والستة الأخيرة كلها من الباب الرابع

Zبكسر الميم ويكون الفاء في الثلاثة "ويستوي المذكر والمؤنث في التسعة الأخيرة" وهو من علامة إلى معطير، إلا أنه في السبعة الأول بالتاء في المذكر والمؤنث، وفي الأخيرين بدون التاء فيهما "لقلتهن" في الاستعمال، فإنها تقتضي أن لا يكون الموصوف بها على الأصل الذي هو عدم الاستواء، ويعلم منه أن غيرها على الأصل الذي هو الفرق بالتاء بين المذكر والمؤنث "وأما قولهم مسكينة" بالتاء في المؤنث مع أنه على وزن معطير وهو من التسعة الأخيرة "فمحمول على فقيرة" حمل النظير على النظير؛ لأنه بمعناه وهذا "كما" حمل النقيض على النقيض وقالوا "هي عدوة الله" بالتاء "وإن لم تدخل الهاء"؛ أي التاء أطلق عليها الهاء لصيروتها هاء في الوقف "في فعول الذي للفاعل حملا له على صديقة" بفتح الصاد وتخفيف الدال، فإنه فعيلة بمعنى الفاعل، وقد سبق أن الهاء يدخل عليه، وإنما حملوه عليه "لأنه"؛ أي صديقة "نقضية"؛ أي عدوة في المعنى؛ لأنه ما ليس بعدوة "وصيغته"؛ أي صيغة اسم الفاعل "من" باب "غير الثلاثي" المجرد؛ أي مما يكون حروفه زائدة على ثلاثة أحرف مطلقا "على صيغة المستقبل"؛ أي مستقبل ذلك الباب كائنة "بميم مضمومة" موضع حرف المضارعة بعد حذفه "وكسر ما قبل الآخر" لفظا "نحو مكرم" أو تقديرا نحو مختار ومحمر تبعا لمستقبله فيما إذا كان المستقبل مكسور العين وتبعا لمكسور العين فيما لم يكن المستقبل فيه مكسور العين كمتدحرج ومتضارب ومتكسر "فاختير الميم" للزيادة "لتعذر" زيادة "حروف العلة" التي هي الأولى بالزيادة، أما الواو فلأنها لا تزاد في الأول كما مر، وأما الياء فلعدم الفائدة في زيادتها؛ إذ لا معنى لحذف الحرف ثم الإتيان بمثله ولو فعله يلزم الالتباس، وأما الألف فللالتباس بالمتكلم "وقرب الميم من الواو في كونها شفويا وضم الميم"؛ إذ لا مجال للكسر؛ لأن الحرف الذي أقيم هو مقامه؛ أعني حرف المضارعة إما مضموم كما في الرباعيات أو مفتوح كما في الخماسيات والسداسيات، فالوجه أن يضم أو يفتح، فاختير الضم دون الفتح "للفرق بينه"؛ أي بين اسم الفاعل "وبين" اسم "الموضع"؛ إذ لو فتح لالتبس باسم المكان من الثلاثي المجرد المكسور العين "ونحو: مسهب للفاعل على صيغة المفعول" والقياس مسهب بكسر ما قبل الآخر؛ لأنه "من أسهب ويافع" على وزن فاعل والقياس موفع بضم الميم وكسر ما قبل الآخر؛ لأنه "من أيفع شاذ" لا يقاس عليه "وبني ما قبل تاء التأنيث على الحركة في نحو ضاربة"؛ أي إذا اتصل بآخر اسم الفاعل مطلقا تاء التأنيث كضاربة ومكرمة مع أن اسم الفاعل معرب وقوله: "لأنه"؛ أي ما قبل تاء التأنيث "صار بمنزلة وسط الكلمة" باتصال التاء به والإعراب لا يجري في الوسط، فبني تعليل للبناء لا للبناء على الحركة "كما" كان آخر الكلمة "في" اتصال "نون التأكيد به" نحو اضربن "و" اتصال "ياء بالنسبة" نحو: بصرى بمنزلة وسط الكلمة مبني وإنما بني على الحركة مع أن الأصل في البناء السكون لعروض البناء "و" بني "على الفتحة للخفة".

_ Q"ويستوي المذكر والمؤنث في التسعة الأخيرة" وهي من قوله علامة إلى معطير، فيقال رجل علامة ومعطير امرأة علامة ومعطير، فالتاء وعدمه سيان معنى وإن كان للتأنيث لفظا وقس عليهما الباقية "لقلتهن" في الاستعمال، ولما توجه أن يقال إن مسكينا لا يستوي فيه المذكر والمؤنث، بل يقال: امرأة مسكينة مع أنه بوزن معطير أجاب بقوله: "وأما قولهم مسكينة فمحمول على فقيرة" الفقير من له أدنى شيء والمسكين من لا شيء له قال يونس: قلت لأعرابي: أفقير أنت؟ فقال: لا والله بل مسكين، وقيل هما من لا شيء له يعني أن فعيلا إذا كان بمعنى الفاعل يفرق بين مذكره ومؤنثه بالتاء كما مر، وفقير فعيل بمعنى الفاعل فيكون مؤنثه بالتاء، ومسكين وإن كان بوزن معطير لكنه نظير لفقير بحسب المعنى فحمل في الفرق بالتاء، فكما يقال: امرأة فقيرة يقال: امرأة مسكينة، وقد يستعمل على القياس المذكور، فيقال: امرأة مسكين كذا في مختار الصحاح "كما قالوا هي عدوة الله" بإدخال الهاء "وإن لم تدخل الهاء في فعول الذي للفاعل" كما سبق "حملا على صديقة" يعني أن صديقة فعيل بمعنى الفاعل وهو حينئذ يفرق مؤنثه بالهاء فحمل عليه عدوة مع أنها فعول بمعنى الفاعل وهو لا يفرق "لأنه"؛ أي عدوة "نفضية"؛ أي نقيض صديقة بحسب المعنى، فكما يحمل النظير على النظير يحمل النقيض على النقيض "وصيغته"؛ أي صيغة اسم الفاعل "من غير الثلاثي" المجرد يجيء "على صيغة المستقبل" المبني للفاعل قياسا "بميم مضمومة" في موضع حرف المضارعة "وكسر ما قبل الآخر" إن لم يكن مكسورا في الأصل "نحو مكرم" ومدحرج ومتدحرج وربما كسر الميم في باب الأفعال إتباعا للعين أو يضم عينه إتباعا للميم فيقال: في منتن من أنتن منتن بكسر الميم ومنتن بضم التاء "فاختير الميم" موضع حرف المضارعة بعد حذفه مع أن الأولى بالزيادة حروف العلة "لتعذر حرف العلة" أما الواو؛ فلأنها لا تزاد في أول الكلمة كما مر، ولو قلبت تاء لالتبس بالمضارع المخاطب، وأما الألف؛ فلأنها لو زيدت التبس بالمضارع المتكلم وحده، وأما الياء؛ فلأنها لو زيدت التبس بالمضارع الغائب "وقرب الميم من الواو" التي هي من حروف العلة "في كونها شفوية" فكان كأنه من حروف العلة "وضم الميم" مع أن الفتح أخف "للفرق بينه وبين" اسم "الموضع" من الثلاثي المجرد المكسور العين نحو: مضرب ولم يعكس؛ لأن الثلاثي أصل والفتح أيضا أصل، فاختير الأصل بالأصل تخفيفا ولم يكسر أيضا مع أن الكسر خفيف بالنسبة إلى الضم للفرق بينه وبين اسم الآلة قوله: "ونحو: مسهب للفاعل بصيغة المفعول من أسهب" إلى قوله: شاذ جواب سؤال مقدر تقديره ظاهر يعني المسهب بضم الميم وفتح الهاء فاعل من أسهب، والقياس بكسر الهاء في الصحاح أسهب الرجل؛ أي أكثر الكلام فهو مسهب بفتح الهاء، ولا يقال بكسر الهاء وهو نادر فبطل ما قيل مسهب بفتح الميم والقياس بالضم فهو شاذ، وكذا محصن بفتح الصاد من أحصن والقياس بالكسر، "ويافع من أيفع" بالياء لا بالنون يقال: أيفع الغلام؛ أي ارتفع والقياس موفع، وكذا عاشب ووارس من أعشب وأورس، والقياس معشب ومورس "شاذ"؛ أي كل ما ذكرنا خارج عن القياس "ويبنى ما قبل تاء التأنيث على الفتح في نحو ضاربة" وكذا في مكرمة ومدحرجة

فصل: في اسم المفعول

Zفصل: في اسم المفعول: سمي العلم المفعول مع أن اسم المفعول في الحقيقة هو المصدر؛ لأن المراد المفعول به يقال: فعلت به الضرب؛ أي أوقعته عليه، لكنه حذف حرف الجر فصار الضمير مرفوعا فاستتر؛ لأن الجار والمجرور كان مفعول ما لم يسم فاعله "وهو اسم" جنس شامل لغير المقصود "مشتق" فصل يخرج الأسماء الغير المشتقة "من يفعل"؛ أي من المضارع مبنيا للمفعول يخرج اسم الفاعل والصفة المشبهة وأفعل التفضيل والفاعل وأسماء الزمان والمكان والآلة، وإنما اشتق من المضارع دون غيره تبعا لاسم الفاعل لمؤاخاة بينهما وقوله: "لمن وقع عليه الفعل" أو جرى مجرى الواقع عليه نحو: أوجدت ضربا فهو موجد وعلمت عدمت خروجك فهو معلوم يخرج أسماء التفضيل بمعنى المفعول، نحو: أعذر وألوم؛ لأن اشتقاقه من يفعل مبنيا للمفعول، لكن ليس باعتبار وقوع الفعل، بل باعتبار اتصافه بالزيادة على الغير وإن كان واقعا عليه أو نقول هذا القيد لتحقق الماهية لا للاحتراز "وصيغته من الثلاثي" المجرد "على وزن مفعول" غالبا، وإنما ترك هذا القيد اعتمادا على ما سبق من أن فعيلا وفعولا يجيء بمعنى مفعول، وإنما سمي به؛ لأنه اسم ما فعل به على قياس ما ذكرنا في اسم الفاعل "نحو مضروب وهو مشتق من يضرب" مبنيا للمفعول "لمناسبة بينهما" في الإسناد إلى مفعول ما لم يسم فاعله "وأدخل الميم مقام" الحرف "الزائد" للمضارعة بعد حذفه وحركة بحركة لكونه قائما مقامه "لتعذر" إدخال "حرف العلة" لما ذكرنا في اسم الفاعل من غير الثلاثي، وقرب الميم من الواو في المخرج الشفوي "فصار مضرب" بضم الميم وفتح الراء "ثم فتح حتى يلتبس بمفعول باب الأفعال" ولم يكسر لئلا يلتبس باسم الآلة "فصار مضرب" بفتح الميم والراء "ثم ضم الراء حتى لا يلتبس بالموضع" من يفعل ويفعل بفتح العين وضمها على تقدير فتح الراء وبالموضع من يفعل بكسر العين على تقدير كسرها "فصار مضرب ثم أشبع الضم لانعدام مفعل في كلامهم بغير التاء" وأما مفعلة بالتاء نحو مكرمة فكثير في كلامهم فتولد منها الواو "فصار مضروب وغير مفعول الثلاثي دون مفعول سائر الأفعال"

_ Qومستخرجه "لأنه" أى ما قبل تاء التأنيث "صار بمنزلة وسط الكلمة" فكما لا يعرب وسط الكلمة كذلك ما هو بمنزلته "كما في نون التأكيد"؛ أي كما يبني ما قبل نون التأكيد "وياء النسبة" لصيرورته بمنزلة الوسط "وعلى الفتح للخفة" ولكون البناء عارضا والله أعلم "فصل: في اسم المفعول. وهو اسم مشتق من يفعل"؛ أي المضارع المجهول "لمن وقع عليه الفعل" قوله: مشتق يشمل جميع الأسماء المشتقات، قوله: من يفعل يخرج اسم الفاعل؛ لأنه مشتق من المضارع المعلوم، وقوله: لمن وقع عليه الفعل يخرج اسم المكان والزمان والآلة، ولو لم يخرج الفاعل بالقيد الأول يخرج به، لكنه أسند خروجه إليه لتقدمه وليستقل كل قيد بإخراج شيء لا يقال لو قال من المضارع المجهول بدل من يفعل لكان أشتمل؛ لأنا نقول لم يرد بهذا القيد تخصيص اشتقاق اسم المفعول بالثلاثي، بل أراد بيان اشتقاقه من المجهول فاتفق هذا اللفظ لخفته وأصالته تدبر "وصيغته من الثلاثي" المجرد "على وزن مفعول" غالبا قيل به سمي لكثرة الثلاثي "نحو مضروب" ومحبوب، وقد يجيء على وزن فعيل كعظيم، وعلى وزن فعول كشكور "وهو"؛ أي مضروب "مشتق من يضرب" بصيغة المجهول لا من يضرب بصيغة المعلوم "لمناسبة بينهما"؛ أي بين المجهول والمفعول في الحركات والسكنات وعدد الحروف؛ لأن أصل مضروب مضرب بضم الميم وفتح الراء ثم غير للالتباس المذكور، وقيل من حيث إنهما يسندان إلي مفعول ما لم يسم فاعله قوله: "فأدخل الميم" شروع في كيفية اشتقاقه من المضارع المجهول؛ أي زيدت الميم لاسم المفعول "مقام" الحرف "الزائد" بعد حذفه مع أن أولى الحروف بالزيادة حروف العلة "لتعذر" زيادة "حرف العلة" كما ذكرنا في اسم الفاعل من غير الثلاثي "فصار مضرب" بضم الميم وفتح الراء "ثم فتح الميم حتى لا يلتبس" مفعول الثلاثي المجرد "بمفعول باب الأفعال" نحو: مكرم وقيل حتى لا يتوالى ضمتان بعدهما واو "فصار مضرب" بفتح الميم والراء "ثم ضم الراء حتى لا يلتبس المفعول بالموضع" من الثلاثي المفتوح العين نحو: منصر ولو كسر التبس بالموضع من الثلاثي المكسور العين نحو: مضرب، ولو أسكن التقى ساكنان فتعين الضم "فصار مضرب" بضم الراء "ثم أشبع الضمة"؛ أي ضمة الراء" لانعدام مفعل" بضم العين "في كلامهم بغير التاء" كذا قال الفراء، وإنما قلنا كذلك احترازا عن مثل: مكرمة بفتح الميم وضم الراء واحدة المكارم وكذا المسرقة والمقبرة "فصار" اسم المفعول "مضروب" ولما توجه أن يقال لم خص التغير باسم المفعول من الثلاثي لدفع الالتباس دون مفعول باب الأفعال والموضع مع أن القياس يدفع بتغيرهما أيضا أجاب بقوله: "وغير مفعول الثلاثي" المجرد "دون مفعول سائر الأفعال" ولو قال دون مفعول باب الأفعال لكان أوفق لقوله، ثم فتح الميم حتى لا يلتبس بمفعول باب الأفعال

Zأي باقي الأفعال في الألتباس على تقدير ضم الميم؛ أعني مفعول باب الأعال فتدبر "و" دون "الموضع"؛ أي لم يغير الموضع؛ إذ يلتبس به على تقدير فتح الراء وكسره مع أن بتغيير أحدهما يزول الالتباس "حتى يصير" مفعول الثلاثي "مشابها في التغيير باسم الفاعل" من الثلاثي "أعني غير الفاعل" من الثلاثي "من يفعل" بفتح العين "ومن يفعل" بضمها "إلى فاعل والقياس فاعل" بفتح العين من يفعل بفتح العين "وفاعل" بضم العين من مضموم العين يعني أن اسم الفاعل في الثلاثي، وإن كان مثل يفعل في مطلق الحركات والسكنات، لكنه ليس الزيادة في موضع الزيادة ولا الحركات في أكثرها كحركاته، نحو: ينصر فهو ناصر ويحمد فهو حامد ففيه تغيير، وأما اسم الفاعل من باب الأفعال فهو كمضارعه في كون الزيادة في موضع الزيادة وفي حركة العين فلا تغيير فيه " فغير المفعول"من الثلاثي "أيضا" كالفاعل "لمؤاخاة بينهما"؛ أي بين الفاعل والمفعول في تعلق الفعل بهما إما من جهة الصدور كما في الفاعل، وإما من جهة الوقوع كما في المفعول فيكون بين اسميهما أيضا فغير أحدهما كما غير الآخر على ما هو مقتضى المؤاخاة "وصيغته"؛ أي صيغة اسم المفعول "من غير الثلاثي المجرد" مطلقا "على صيغة" اسم "الفاعل" منه ملتبسا؛ لأنه "بفتح ماقبل الآخر" لفظا أو تقديرا تبعا لفعله "نحو مستخرج" بفتح العين ومختار أصله مختير بفتح العين والمصدر الميمي واسم الزمان والمكان من غير الثلاثي على صيغة اسم المفعول منه لمشابهة الزمان والمكان بالمفعول في كونهما محلا للفعل، فجعل اسمهما كاسمه واتحاد المصدر الميمي باسمهما في بعض الثلاثي، فجعل صيغته كصيغتهما.

_ Q"و" دون "الموضع" وإن زال الالتباس بتغييرهما أيضا "حتى يصير" اسم المفعول من الثلاثي المجرد "مشابها في التغيير باسم الفاعل منه أيضا" وتحقيق هذا الكلام هو أن القياس في اسم المفعول من الثلاثي المجرد أن يكون على وزن مضارعه، كما في اسم الفاعل، ويقال: من يضرب مضرب بضم الميم وفتح الراء، لكنهم لما أداهم حذف الهمزة في باب الأفعال إلى كون مفعوله مفعل بضم الميم وفتح العين يلزم الالتباس فقصدوا تغيير أحدهما لدفعهما، فغيروا مفعول الثلاثي لما ثبت التغيير في أخيه، وهو اسم الفاعل من الثلاثي أيضا دون مفعول باب الأفعال لعدم التغيير في أختيه وهو اسم الفاعل من هذا الباب أيضا، والتغيير في اسم الفاعل من الثلاثي من وجهين؛ أحدهما أنه وإن كان كمضارعه في مطلق الحركات والسكنات، لكنه ليس الزيادة فيه في موضع الزيادة في المضارع، وهو ظاهر بخلاف فاعل باب الأفعال، والثاني أن الحركات في أكثره ليس كحركة مضارعه كما في مضموم العين، نحو: ينصر وناصر، وكما في المفتوح العين نحو: يعلم وعالم بخلاف الفاعل من باب الأفعال؛ إذ مكرم بوزن يكرم من غير فرق غير أن الميم أقيم مقام الياء، وهذا الوجه الثاني هو معنى قوله: "يعني غير الفاعل من يفعل" بفتح العين "ويفعل" بضم العين "إلى" وزن "فاعل" بالكسر؛ يعني كسر العين في اسم الفاعل الثلاثي سواء كان مفتوحا في الأصل أو مضموما "لقياس" من مفتوح العين "فاعل" بفتح العين "و" من مضموم العين "فاعل" بضم العين "فغير المفعول" من الثلاثي المجرد دون مفعول أفعل "أيضا"؛ أي كالفاعل من الثلاثي "لمؤاخاة بينهما"؛ أي بين الفاعل والمفعول من الثلاثي في أنهما مشتقان من المضارع الثلاثي، وفي كونهما طرفي الفعل طرف الصدور وطرف الوقوع، هذا ما قال في شرح المفصل، وإنما غير مفعل إلى لفظ مفعول؛ لأنه لو بقي على مفعل بضم الميم وفتح العين لم يعلم أهو اسم مفعول لأفعل أو لفعل، فغيروا مفعول فعل ليتبين، وكان أولى بالتغير بهذه الزيادة لقلة حروفه في التقدير بخلاف الرباعي؛ فإنه أكثر منه تقديرا؛ إذ أصل قولك: مكرم مؤكرم باتفاق، ولما زادوا واوا فتحوا الميم تخفيفا إلى هنا عبارته، ولما فرغ من بيان كيفية بناء اسم المفعول من الثلاثي المجرد شرع في كيفية بنائه من غير الثلاثي فقال: "وصيغته من غير الثلاثي" المجرد لا يجيء "على صيغة" اسم "الفاعل" من غير الثلاثي أيضا فلا يفرق بينهما "إلا فتح ما قبل الآخر" إما لفظا أو تقديرا ليتناول مثل: مختار ومجاب "نحو مستخرج" بفتح الراء وقس عليه ما عداه، ونحوه مضعوف من أضعفت الشيء؛ أي جعلته مضاعفا شاذ والقياس مضعف. "فصل: في اسمي الزمان والمكان:

"فصل: في اسمي الزمان والمكان":

Z"فصل: في اسمي الزمان والمكان": من الثلاثي المجرد ولم يذكر اسمي الزمان والمكان من غير الثلاثي المجرد؛ لأن الغرض بيان الأبنية وتفضيل أحوالها وأحكامها، وكيفية أخذ بعضها من بعض ولما لم يكن لاسمي الزمان والمكان من غير الثلاثي أحوال وأحكام وتفاصيل، بل كان صيغتهما منه على صيغة اسم المقعول منه كما ذكرنا، لم يحتج إلى ذكرهما مع أن ظهور المناسبة بين المفعول والزمان والمكان استدعت حمل اسميهما على اسم المفعول وأغنت عن ذكرهما، كما أغنى اتحاد المصدر الميمى في بعض الثلاثي معهما عن ذكر صيغته من غير الثلاثي بسبب استدعاء حمله عليهما "اسم المكان اسم مشتق من يفعل" على صيغة المبني للفاعل من المستقبل؛ لأنه لما كان اختلاف صيغته باعتبار اختلاف حركة عين المضارع، والاختلاف في عين المضارع إنما يكون في المبني للفاعل دون المبني للمفعول؛ لأن عينه مفتوح أبدا تعين أن يكون مشتقا من المبنى للفاعل، ولهذا الوجه اشتق من المضارع دون غيره

_ Q"فصل: في اسمي الزمان والمكان: اسم المكان اسم مشتق من يفعل" على صيغة المعلوم

Z"لمكان وقع فيه الفعل" يخرج به غير المحدود، وخص تعريف اسم المكان بالذكر وبيان أحكامه، وأحال تعريف اسم الزمان، وهو مشتق من يفعل لزمان وقع فيه الفعل ومعرفة أحكامه على المقايسة لكثرة استعمال اسم المكان، ولما جاز أن يتوهم لذلك أن هذه الصيغة حقيقة في المكان، ومجاز في الزمان لمناسبة بينهما جرت عادتهم في العنوان على تقدير اسم الزمان؛ دفعا لذلك التوهم، وإشارة إلى أن الصيغة مشتركة بينهما "فزيدت الميم" موضع حرف المضارعة بعد حذفه كما زيدت "في المفعول لمناسبة بينهما"؛ أي صيغة اسم المكان "من باب يفعل" بفتح العين من الأقسام كلها "مفعل" مفتوح العين للموافقة ومفتوح الميم لقيامه مقام حرف المضارعة التي هي مفتوحة "كالمذهب" بالفتح من يذهب "إلا من المثال" الواوي كما يدل عليه منه المثال، ولما خص استثناء حكم المثال الواوي بالذكر علم أن حكم المثال اليائي كحكم الصحيح، فإن كان من يفعل بفتح العين فمفعل بالفتح، نحو: ميئس وميقظ صرح به صاحب المغرب، وإن كان من يفعل بالكسر فمفعل بالكسر للموافقة، نحو: الميسر من اليسر وهو لعب القمار، وإن كان من يفعل بالضم فمفعل بالفتح، نحو: الميسر من اليسر وهو السهولة على ما هو قياس تقسيم موضعه كما يجيء إن شاء الله تعالى، كما أن الصحيح كذلك، وأما المثال الواوي المضاعف فحكمه حكم المضاعف نحو: مود من وديود صرح به صاحب المغرب أيضا، ويدل هذا على أن حكم دمي كما نقل بعضهم التصريح به عن بعض المتأخرين، وفي كلام صاحب المفتاح أيضا إيماء إلى ذلك حيث قال: اسم الزمان في الثلاثي المجرد على مفعل بسكون الفاء وفتح الباقي في المنقوص البتة، وبكسر العين منه في المثال وفي غيره أيضا إن كان من باب يضرب وإلا فتحت تم كلامه، وأراد بباب يضرب الصحيح، ولذا لم يقل من يفعل فبقي قوله: وإلا فتحت شاملا للمعتلات بأسرها غير المذكور، ومن جملتها المعتل الفاء واللام فيكون اسم الزمان مفتوح العين منه، وفي كلام بعضهم تصريح بأن حكم وفي مثل حكم وعد في هذا الباب، إلا أن اعتبارهم بلام الفعل في أمثال هذا الحكم وإن حكم طوى مثل رمى يرجح الأول، وأيضا دليل الناقص يقتضي الحمل عليه، ويرشدك أيضا مجيء مصدره الميمي على مفعل بالفتح كما صرح به في الصحاح "فإنه"؛ أي اسم المكان "بكسر العين فيه"؛ أي في المثال الواوي الغير المضاف من جميع الأبواب "نحو" الموعد في مكسور العين ولم يتعرض لمثاله لكثرته، ولأنه على أصله والموسط في مضموم العين ولم يتعرض لمثاله لقلته و"الموجل" في مفتوح العين، وإنما كسر في الجميع ولم يفتح "حتى لا يظن أن وزنه فوعل" بفتح الفاء والعين؛ إذ لو فتح لظن أن وزنه فوعل "مثل جورب ولا يظن في الكسر" أن وزنه فوعل بالكسر "لأن فوعلا بالكسر لا يوجد في كلامهم" وقيل:

_ Q"لمكان وقع فيه الفعل" قوله: اسم يشمل جميع الأسماء مشتقة وغير مشتقة، قوله: مشتق من يفعل، يخرج غير المشتقات واسم المفعول، وقوله لمكان وقع فيه الفعل يخرج ما عدا اسم المكان، وقوله: "فزيدت الميم كما في المفعول لمناسبة بينهما" إشارة إلى كيفية بناء اسم المكان وتحقيقه لما كان الفعل يدل على المكان بالالتزام اشتق بناء من لفظ الفعل جار عليه في الحركات والسكنات وعدم الحروف، فزادوا ميما في أوله مع أن حروف العلة أولى بالزيادة؛ لأن الأصل فيه الظرف وهو مفعول فيه، فأجري مجرى المفعول به في إلحاق الميم أوله أمارة عليه، كما لحقت في المفعول به أمارة عليه، وإنما اشتق من المعلوم دون المجهول كاسم المفعول وإن اقتضت المناسبة في المفعولية ذلك؛ لأن اسم المكان لما كان اسم الذات لا اسم المعنى لم يعمل عمل الفعل، فيكون وضعه على الإطلاق؛ أي لا من حيث ملاحظة العمل فاشتق مما هو الأصل، وهو المعلوم واسم المفعول للمجهول باعتبار عملهما، ولذلك قالوا: إن اسم الفاعل يجري على المعلوم واسم المفعول يجري على المجهول من المضارع؛ لأن ضمة الميم مقدرة، والواو ناشئ من الإشباع كذا قيل "ولم يزد الواو" في اسم المكان كما زيد في المفعول "حتى لا يلتبس" اسم المكان "به"؛ أي المفعول "وصيغته من باب يفعل"؛ أي مما كان عين مضارعه مفتوحا، وهو بابان الثالث والرابع "مفعل" بفتح العين فلا تباين بينه وبين مضارعه إلا أن الميم المفتوحة تقوم مقام اليام المفتوحة "كالمذهب" من يذهب بالفتح "إلا من المثال فإنه"؛ أي اسم المكان "بكسر العين فيه"؛ أي في المثال مطلقا مع أن القياس الفتح "نحو الموجل" بكسر الجيم من يوجل بالفتح، وإنما كسر العين في المثال مع أنه خلاف القياس "حتى لا يظن أو وزنه فوعل" بفتح الفاء والعين زعما أن الميم من نفس بناء الكلمة لا زائد عليه "مثل جورب"، وإنما لم يجز أن يكون وزن اسم المكان فوعل مثل: جورب "لأنه"؛ أي جورب "ليس من" قسم "اسم المكان و" لا من "الزمان" فيلتبس المكان بما ليس بمكان "ولا يظن في الكسر" أن وزنه فوعل بكسر العين "لأن فوعل لا يوجد في كلامهم" وهذا الدليل ليس بسديد؛ لأن المكان من الفعل الصحيح مثل المذهب قد يظن أن وزنه فعلل مثل جعفر، وهو ليس بمكان مع أنه لم يكسر بل أبقي على حاله، والأولى ما ذكره المحققون من أنهم كسروا العين في المعتل الفاء؛ لأن

Zإنما كسر في الجميع ولم يفتح؛ لأن الكسر مع الواو أخف من الفتحة معه؛ إذ موعد بالكسر أخف من موعد بالفتح بالوجدان، وسره أن المسافة بين الفتح والواو منفرجة بعيدة بخلاف الواو والكسر، فإنها قريبة بينهما، ولم يضم أيضا حتى لا يكون عديم النظر في كلامهم؛ لأن مفعلا لا يوجد في كلامهم كما مر "وصيغته من" باب "يفعل" بكسر العين من الأقسام كلها "مفعل" بكسر العين للموافقة "إلا من الناقص" اليائي؛ إذ لا واوي من يفعل بالكسر "فإنه"؛ أي اسم المكان "بفتح العين فيه"؛ أي في الناقص اليائي من يفعل بالكسر وإن كان الأصل مكسورا للموافقة، نحو: المرمى "فرارا من توالي الكسرات"؛ لأن الياء كسرتان وفي الميم كسرة كما يجيء في باب الناقص إن شاء الله تعالى إحداهما تحقيقية وهي كسرة العين، والأخيران تقديران؛ أعني الياء، كما أنه بفتح العين منه فيه واويا كان أو يائيا من يفعل بالفتح للموافقة كما هو الأصل، نحو: المرضى والمخشى، ومن يفعل بضم العين أيضا لانتفاء مفعل بالضم نحو المغزى، وفي الفتح اطراد أو خفة أو للفرار عن توالي الكسرات فيهما أيضا؛ إذ لو كسر العين في المفتوحة والمضمومة يلزم توالي الكسرات لانقلاب الواو ياء حينئذ لتطرفها وانكسار ما قبلها، فقوله: فرارا عن توالي الكسرات ليس تعليلا للثلاثة وإن كان صالحا له كما ذكرنا، بل هو مختص بمكسور العين؛ لأن قوله: إلا من الناقص مستثنى من يفعل مكسور العين، ولذلك اقتصر على إيراد المثال منه، وإنما لم يتعرض لبيان اسم المكان من الناقص من يفعل بالفتح ويفعل بالضم؛ لأنه لما بين أن العدول عن الأصل في يفعل بالكسر من الناقص لمانع أن ما لا مانع فيه باق على الأصل، فإن الأصل في يفعل مفعل بالفتح فيهما وكذلك في يفعل بالضم؛ لأنه لما انتفى في كلامهم مفعل بالضم صار حكمه حكم يفعل بالفتح لخفة الفتحة فلا حاجة إلى التعرض له "ولا يبنى من يفعل" بضم العين "مفعل" بالضم وإن كان هو الأصل للموافقة "لثقل الضمة" ولرفضهم مفعلا في كلامهم ولم يذكر هذا الدليل لسبق الذكر ويجوز أن يكون هذا بسبب رفضهم مفعلا "فقسم موضعه"؛ أي موضع يفعل بالضم "بين مفعل" بالكسر قدمه؛ لأن ما أعطي له محصور مضبوط بخلاف ما أعطي للمفعل بالفتح فإنه غير محصور، وهذا كما يقدم الإعراب التقديري على اللفظي كذلك "ومفعل" بالفتح "فأعطى للمفعل" بالكسر "أحد عشر اسما هي نحو المنسك" وإنما أقحم لفظة نحو مع أن الظاهر أن يقول هي المنسك أو المنسك على البدل لئلا يتوهم قبل ذكر المعطوفات أن ما أعطى للمفعل هو المنسك فقط، أو يتوهم بذلك مخالفة العدد وليكون المخاطب على صدق رجاء بذكر المعدودات أجمع "والمجزر والمنبت والمطلع والمشرق والمغرب والمفرق والمسقط والمسكن والمرفق والمسجد" وتخصيص هذا العدد وهذه المعدودات إنما هو بحكم السماع "و" أعطى "الباقي" من أحد عشر اسما "للمفعل" بالفتح "لخفة الفتحة" فيقاوم خفة الفتحة ثقل الكسرة "واسم الزمان مثل" اسم "المكان" في جميع الأحكام المذكورة لاسم المكان "نحو: مقتل الحسين" رضي الله تعالى عنه لزمان قتله وهو يوم عاشوراء، كما يقال مقتل الحسين لمكان قتله؛ أعني كربلاء.

_ Qمع الواو أخف من الفتح معه؛ لأن موعدا وموجلا بالكسر أخف من موعد وموجل بالفتح، وذلك لما قيل من أن المسافة بين الفتحة والواو منفرجة بخلاف الكسرة مع الواو لا يقال الفتح أخف الحركات والكسر ثقيل، فاستعمال الأخف مع الواو أخف من استعمال الثقيل معه؛ لأنا نقول جاز أن يكون للثقيل مع الثقيل حالة موافقة يصير التلفظ بها يسيرا مما ليس بين الخفيف والثقيل؛ لجواز كون حالة انفراد الثقيل مغايرة لحالة اجتماعه يعرفه من له ذوق سليم "و" صيغة اسم المكان "من" باب "يفعل"؛ أي مما كان عين مضارعه مكسورا وهو بابان الثاني والسادس "مفعل" بكسر العين فلا تباين بينه وبين مضارعه إلا أن الميم المفتوحة تقوم مقام الياء المفتوحة كالمضرب من يضرب "إلا من الناقص فإنه"؛ أي اسم المكان "بفتح العين فيه"؛ أي في الناقص مطلقا مع أنه خلاف القياس نحو المرمى بفتح الميم من يرمي بكسر الميم، وإنما فتح مع أن القياس أن يكسر "فرارا عن توالي الكسرات" الثلاث؛ لأن تواليها ثقيل؛ لأن الياء كسرتان لتركبها من كسرتين والميم الذي قبلها مكسور فيصير توالي الكسرات الثلاث، ولا يضم العين مع أنه لا يلزم توالي الكسرات لثقل الضمة "ولا يبنى" اسم المكان "من يفعل"؛ أي مما كان عين مضارعه مضمومات وهو بابان الأول والخامس "مفعل" بضم العين مع أن القياس يقتضيه "لثقل الضمة فقسم موضعه بين مفعل" بالكسر "ومفعل" بالفتح "فأعطى للمفعل" بكسر العين "أحد عشر اسما" لكون الكسرة أخت الضمة كذا قيل "نحو المجزر" لمكان الجزر وهو نحر الإبل "والمطلع" لمكان طلوع الشمس "والمشرق" لمكان شروقها "والمغرب" لمكان غروبها "والمنبت" لمكان النبات "والمنسك" لمكان النسك وهو العبادة "والمفرق" لوسط الرأس؛ لأنه موضع فرق الشعر "والمسقط" لموضع السقوط يقال هذا مسقط رأسي؛ أي حيث ولدت "والمسكن" لمكان السكون، قال الفراء: قد روي مسكِن ومسكَن بكسر العين وفتحها "والمرفق" لموضع الرفق وهو ضد العنف "والمسجد" وهو اسم للبيت المبني للعبادة سجد فيه أو لم يسجد، قال سيبويه: أما موضع السجود فالمسجد بالفتح لا غير، وقال الفراء: قد سمعنا المسجِد والمسجَد والمطلِع والمطلَع وقال والفتح في كله جائز وإن لم نسمعه، وبعضهم عدو المحشر من هذا القبيل فكان اثني عشر اسما والأولى أن لا يكون منه؛ لأن يحشُر ويحشِر بالضم والكسر لغتان، فالمحشر بالكسر يكون قياسا "والباقي" من هذه الكلمات من مضموم العين أعطي.

"فصل: في اسم الآلة:

Z"فصل: في اسم الآلة. وهو"؛ أي اسم الآلة "اسم مشتق" خرج به نحو القدوم "من يفعل" مبنيا للفاعل خرج اسم المفعول زيدت الميم موضع حرف المضارعة بعد حذفه، كما مر في اسم المفعول، وإنما حكم بكونه مشتقا من المضارع دون غيره لمثل ما ذكرنا في اسم الفاعل وإنما قلنا مبنيا للفاعل؛ لأن الآلة وإن كانت واسطة بين الفاعل والمفعول ومتعلقة بهما إلا أن تعلقها بالفاعل أقدم وأقوى، ولهذا جعلوا الأدوات من تتمة الفاعل ليصح انحصار العلة الناقصة الخارجة عن المعلول في الفاعل والغاية، فلا جرم في كونه مشتقا من المبني للفاعل، وقوله "للآلة" وهي ما يعالج به الفاعل المفعول لوصول أثره إليه يخرج ما عدا المعرف، فالمعرف هو الاسم المضاف لا من حيث إنه مضاف من نحو محلب وإضافته إلى الآلة لتعيين ذلك الاسم وهو مثل قولك في تعريف رباح غلام زيد؛ أي رباح هو غلام مملوك لزيد فزيد ليس من المعرفة في شيء. فالحاصل أن الإضافة والمضاف إليه خارجان عن المعرف ومن سلم دخول الآلة في المحدود لا يمكن له أن يدفع الدوريات يقول المراد بما في المحدود الاصطلاحية وبما في الحد اللغوية؛ لأن المراد في كلا الموضعين بالآلة معنى واحد وهو اللغوي؛ إذ ليس في الاصطلاح للآلة معنى آخر، بل التغاير بالاصطلاح واللغة إنما هو في اسم الآلة، فإنه لغة أعم منه اصطلاحا، فإنه لغة يتناول نحو القدوم والإبرة والقلم ولا يتناولها اصطلاحا. واعلم أن اسم الآلة مختص بالثلاثي المجرد؛ إذ لا يمكن محافظة جميع حروف غيره في مفعل وأن اسم الآلة لا يبنى إلا من الأفعال المتعدية؛ لأن الآلة لا تكون إلا للأفعال المتعدية ولا تكون للأفعال اللازمة كما دل عليه تعريفها؛ إذ لا مفعول للأفعال اللازمة، وإذا لم تكن الآلة إلا للأفعال المتعدية لم يجئ اسمها إلا من الأفعال المتعدية، وفي قوله: "وصيغته مفعل" بكسر الميم وفتح العين إشارة إلى كثرة استعمال هذه الصيغة وأنها الأصل وما عداها

_ Q"للمفعل" بفتح العين "لخفة الفتحة" وحاصل ما ذكره المصنف هو أن الفعل الثلاثي لا يخلو من أن يكون معتل اللام والفاء أو لا يكون كذلك، فإن لم يكن معتل اللام ولا معتل الفاء، فلا يخلو من أن يكون عين مضارعه مفتوحا أو مكسورا أو مضموما، فإن كان مفتوحا أبقى الفتحة في اسم المكان على حالها، وإن كان مكسورا أبقى الكسرة أيضا على حالها ليكون اسم المكان جاريا على مضارعه الذي اشتق هو منه في حركة عينه، مع أنه لا مانع يمنع منه، وإن كان مضموما لم يبق الضمة على حالها، وإن كان القياس أن يبقى لثقلها فوجب تبديل الضمة تخفيفا وكان تبديلها إلى الفتحة أولى لخفتها فبدلوها إليها، فكان فياس اسم المكان من مضموم العين مفعل بفتح العين كالمقتل من يقتل إلا أحد عشر كلمة، فإن الضمة فيها تبدل إلى الكسرة على خلاف القياس، ولهذا صرحوا بأنها شاذة، ومعتل العين مثل الصحيح فيما ذكرناه هذا إذا لم يكن الفعل معتل اللام ولا معتل الفاء، فإن كان معتل الفاء فاسم المكان بكسر العين لا غير سواء كان عين مضارعه مفتوحا أو مكسورا أو مضموما كالموجل والموعد والموسم؛ لأنه لو فتح التبس مثل جورب وعدم جواز الضم ظاهر لثقله، وإن كان معتل اللام فالاسم بالفتح لا غير سواء كان عين مضارعه مفتوحا أو مكسور أو مضموما كالرمي فرارا عن توالي الكسرات، واللفيف كمعتل اللام فيبنى منه اسم المكان على الفتح مطلقا نحو: المطوى والموقى "واسم الزمان مثل المكان" في كل ما ذكرنا من الأحكام لا في تعريفه فيعرف بأنه اسم مشتق من يفعل لزمان وقع فيه الفعل، وكل مثال يصلح للمكان يصلح للزمان من غير فرق في الصحيح ومعتل الفاء واللام وكذا في اللفيف "نحو مقتل الحسين" وهو يصلح للزمان والمكان وجميع ما ذكره في الثلاثي المجرد، وأما ما عدا الثلاثي المجرد فاسم الزمان والمكان وكذا المصدر الميمي كله منها على وزن اسم المفعول كالمخرج من أخرج والمدحرج من دحرج وكذا ما عداه، قال في شرح المفصل: وما بني من غير الثلاثي فعلى لفظ اسم المفعول فيكون اسم الزمان والمكان والمصدر واسم المفعول على السواء في اللفظ فكأنهم قصدوا مضارعته للفعل في الزنة فأجروه على لفظ المفعول؛ لكونه أخف من لفظ الفاعل؛ لأن الفاعل بالكسر وهو بالفتح، ولأن اسم الزمان والمكان مفعول في المعنى فكان استعمال لفظ المفعول لهما أقيس إلى ها هنا عبارته والمصنف لم يذكر المكان والزمان من غير الثلاثي والأولى ذكره. "فصل: في اسم الآلة: وهو اسم مشتق من يفعل" على صيغة المعلوم لما ذكرنا في اسم المكان "للآلة"؛ أي ليدل على الآلة اللغوية للفعل، وهي ما يستعان به في الفعل كالقلم للكتابة فكأنه قال: اسم مشتق من يفعل لما يستعان به في ذلك الفعل، فكان تعريف الآلة الاصطلاحية بالآلة اللغوية فلا يتوجه أن يقال إن تعريف اسم الآلة بالآلة دوري لتوقف معرفة اسم الآلة على معرفة الآلة حينئذ، وقد يطلق اسم الآلة على ما يفعل فيه كالمحلب بكسر الميم وهو الإناء الذي يحلب فيه اللين "وصيغته" المطردة "مفعل" بكسر الميم وفتح العين نحو: مضرب ومقتل ومفتح. اعلم أن اسم الآلة من الثلاثي الذي

Zمتفرع منها بزيادة كما هو المفهوم من كلام القوم، ولذلك لم يذكر له مثالا، وقال صاحب المفتاح: وعندي أن مفعلا هو الأصل وما سواه منقوض منه بعوض كمكسحة أو بغير عوض كمثقب، لكن كثرة الاستعمال وكثرة التفرغ بالزيادة يشهدان للأول ومثاله نحو محلب، وهذا في الحقيقة اسم لما يحلب فيه لكن لما كان يستعان به في الحلب جاز إطلاق اسم الآلة عليه "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن صيغته مفعل "قال" العلماء "الصرفيون المفعل" بفتح الميم والعين "للموضع"؛ أي للمكان "والمفعل" بكسر الميم وفتح العين "للآلة والفعلة" بفتح الفاء وسكون العين "للمرة"؛ أي للواحدة من مرات الفعل "والفعلة" بكسر الفاء وسكون العين "للحالة" التي عليها الفاعل عند صدور الفعل منه، وهذا القول بيتان مربعان من الرجز سالما الأجزاء والاستشهاد في قوله والمفعل للآلة إلا أنه أورد البيت الثاني لبيان بناء المرة، وبناء النوع على سبيل الاستطراد تتميما لبيان بناء الآلة، ولذلك لم يتعرض لتفاصيلهما فاقتفيا أثره "وكسر الميم في اسم الآلة" ولم يبق على الأصل الذي هو الفتح لقيامه مقام الحرف المفتوح "للفرق بينه وبين الموضع" من يفعل ويفعل بالفتح والضم، ولما لم يكن طلب الحكمة موجها إلا في العدول عن الأصل لم يكن طلبها في عدم ضم الميم الذي لا وجه لأصالته هنا وجها، ولو خرج أحد عن الوجه وطلبها في عدم الضم قلنا له للالتباس بمفعول باب الأفعال "ويجيء" اسم الآلة "على وزن مفعال" بكسر اميم وسكون الفاء والإضافة بيانية "نحو: مقراض ومفتاح ويجيء" اسم الآلة عند غير سيبويه حال كونه "مضموم العين و" مضموم "الميم شاذ"؛ أي مخالف للقياس؛ إذ قياسه أن يكون عينه في الحركات مثل عين ما اشتق هو منه؛ أعني المضارع المبني للفاعل كالمضرب بكسر العين والمعلم بفتحه والمنصر بضمه وبفتح الميم في الكل لقيامه مقام الحرف المفتوح إلا أن الميم لما كسرت للفرق بينه وبين الموضع في مفتوح العين ومكسوره ولانتفاء مفعل في مضمومه وفتح العين أيضا في مكسوره ومضمومه للثقل فيما يكثر استعماله، كان القياس أن يكون مكسور الميم ومفتوح العين في الكل فصار ضم الميم والعين خارجا عن القياس "نحو المسعط" لكل ما يجعل فيه السعوط بفتح السين، وهو الدواء الذي يصب في الأنف "والمنخل" لكل ما ينخل به الدقيق "قال سيبويه: هذان من عداد الأسماء" الغير المشتقة "يعني أن المسعط والمنخل" كل واحد منهما "اسم لهذا الوعاء"المخصوص الذي يجعل فيه السعوط لا من حيث إنه يجعل فيه السعوط، فلا يجوز إطلاق المسعط لكل إناء يجعل فيه السعوط كذلك المنخل "وليس بآلة"؛ أي باسم الآلة المصطلح "وكذلك"؛ أي كحكم المسعط والمنخل "أخواته"؛ أي حكم أخوات هذا المذكور من المسعط والمنخل في أنها من عداد الأسماء عند سيبويه، ومن أسماء الآلة عند غيره على غير القياس، وتلك الأخوات هي المدق والمدهن والمكحلة والمحرضة.

_ Qفيه علاج وانفعال يأتي على مفعل كمنصر ومفعال ومفعلة كمكسحة، فالأولان قياسان والثالث سماعي، والمصنف لم يذكر هذا الوزن السماعي لعدم اطراده وفصل الثاني عن الأول لعدم شهرته بالنسبة إلى الأول، فكأن صيغة الآلة منحصرة عنده في مفعل ومن ثم قال: "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن صيغة اسم الآلة يأتي على وزن مفعل "قال الصرفيون المفعل" بفتح الميم والعين "للموضع والمفعل" بكسر الميم وفتح العين "للآلة والفعلة" بفتح الفاء وسكون العين "للمرة"؛ أي لبناء المرة "والفعلة بكسر الفاء وسكون العين "للحالة"؛ أي لبناء النوع، وإنما عبروا عن النوع بالحالة؛ لأن المراد بالنوع الحالة التي عليها الفاعل عند الفعل تقول: هو حسن الركبة إذا ركب وكان ركوبه حسنا؛ يعني أن ذلك عادته في الركوب، وتقول: هو حسن الطعمة؛ أي إن ذلك لما كان موجودا منه صار حالة له ومثله العذرة الحالة وقت الاعتذار كذا قيل. اعلم أن معنى قول الصرفيين إن الأوزان الأربعة المذكورة تطلق على هذه المعاني الأربعة المذكورة لا أن المعاني الأربعة ينحصر أوزانها في هذه الأربعة؛ إذ قد علمت أن وزن الموضع إما مفعل بالفتح أو مفعل بالكسر، وكذا أن وزن الآلة إما مفعل بفتح العين أو مفعال أو مفعلة كما أشرنا إليه، وكذا أن وزن المرة إما فعلة بفتح الفاء أو فعلة بكسرها أو فعلة بضمها، وذلك أن الفعل الثلاثي الذي يراد بناء المرة منه إما أن يكون في مصدره تاء كنشدة وكدرة أو لا، فإن كان الثاني فالمرة منه على فعلة بالفتح نحو ضربة، وإن كان الأول فالمرة منه على مصدره المستعمل بلا فرق في اللفظ نحو نشدة وكدرة، والفارق حينئذ القرائن كنشدة واحدة وإذا لم تقيد بمثل الواحدة كان مصدرا مستعملا وشذ قولهم: أتيته إتيانه ولقيته لقاية؛ لأنهما من الثلاثي الذي لا تاء في مصدره؛ إذ مصدرهما إتيان ولقاء، والقياس أتية ولقية بفتح أولهما، وكذا أن وزن النوع إما فعلة أو فعلة أو فعلة بالحركات الثلاث، وذلك أن الفعل الثلاثي الذي يراد به بناء النوع منه إما أن يكون في مصدره تاء أو لا، فإن كان الثاني فالنوع منه على فعلة بالكسر، نحو: ضربة، وإن كان الأول فالنوع على مصدره المستعمل أيضا كنشدة وكدرة ورحمة والفارق القرائن كنشدة لطيفة هذا إذا كان الفعل ثلاثيا، وأما إذا كان غيره فإن كان في مصدره تاء فالمرة والنوع على مصدره المستعمل والفارق والقرائن أيضا نحو استقامة ودحرجة واحدة أو حسنة، وإن لم يكن فيه التاء فالمرة والنوع على وزن مصدره مزيدا عليه تاء المرة والنوع نحو: انطلاقة واحدة وتدحرجة واحدة وحسنة كذا في شرح كافية التصريف، "فكسر الميم" في اسم الآلة "للفرق بينه وبين" اسم "الموضع" ولم يضم لثقله ولئلا يلتبس بمفعول باب الأفعال ولم يعكس الأمر؛ لأن الموضع أكثر استعمالا بالنسبة إلى الآلة والفتح أخف والأخف أولى لما كثر استعماله، ولأن زيادة الميم في الموضع لمناسبته للمفعول والميم مفتوح فيه فزيد في الموضع مفتوحا فبقي الكسرة للآلة للفرق "ويجيء" اسم الآلة "على وزن مفعال" بكسر الميم وسكون الفاء "نحو مقراض" من قرض بمعنى قطع من باب ضرب وجمعه مقاريض "ومفتاح" جمعه مفاتيح، وإن قلت مفتح بالقصر جمعه مفاتح "ويجيء" اسم الآلة "مضموم الميم والعين مع نحو المسعط" وهو الإناء الذى يجعل فيه السعوط، والسعوط بالفتح دواء يصب في الأنف "والمنخل" وهو ما ينخل به الدقيق، وهو الغربال الذي يخرج به النخالة من الدقيق، والمنخل بفتح الخاء لغة فيه، وكذلك المدق لما يدق به "وقال سيبويه: وهذان"؛ أي المسعط والمنخل "من عداد الأسماء" لا اسم الآلة الذي اشتق من الفعل "يعني"؛ أي سيبويه المسعط والمنخل اسم لهذا الوعاء يعني "المسعط" اسم للإناء الذي يجعل فيه السعوط خاصة "والمنخل اسم" للغربال الذي ينخل به "وليس" شيء منهما "بآلة مشتقة" من الفعل جارية عليه "وكذا أخواته"؛ أي كل ما يجيء بضم العين والميم معا كالمدق والمدهن والمحرضة، فإن قلت: ما الفرق بين كون تلك الأشياء أسماء مخصوصة وبين كونها آلة بحسب المعنى؟ قلت: إن المدهن مثلا إذا جعل اسما لوعاء الدهن لا يصح إطلاقه إلا عل وعاء اتخذ في أصل وضعه للدهن، سواء كان فيه دهن أو لا، فلا يصح إطلاقه على وعاء فيه دهن لكنه متخذ لغير الدهن كأوعية الماء مثلا، وإذا جعل آلة يصح إطلاقه على كل وعاء فيه دهن سواء اتخذ له أو لغيره حتى لو كان الدهن في ملعقة أو جلدة أو كاغدة يصح إطلاقه عليها حينئذ كالمفتاح، فإنه يصح إطلاقه على كل ما يفتح به الباب من حديد أو خشب أو غير ذلك وقس عليه ما عداه مما جاء بضمتين سواء ألحقت فيه تاء أو لا كذا قالوا.

الباب الثاني: في المضاعف

Z"الباب الثاني: في المضاعف": والمضاعف من ضاعف الشيء إذا زاد عليه فجعله اثنين أو أكثر سمي، نحو: مد به لتضاعف الحرفين، وإنما قدم المضاعف على المهموز لقربه من الصحيح بسبب قلة التغير؛ إذ إبدال الياء من أحد حرفي التضعيف في مواضع مخصوصة بخلاف تليين الهمزة فإنها في مواضع كثيرة، ولذلك جعل بعضهم الهمزة من حروف العلة وترك تعريفه اعتماد على انفهامه من تعريف الصحيح أو من اسمه اللغوي، وخص بالبحث مضاعف الثلاثي؛ إذ لا بحث ولا أحكام للمضاعف الرباعي لعدم تجاور الحرفين المتجانسين فيه، وهو ما يكون فاؤه ولامه الأولى من جنس واحد وكذلك عينه ولامه الثانية من جنس واحد، نحو: زلزل "ويقال له"؛ أي المضاعف الثلاثي "أصم" وهو في اللغة من لا يسمع الصوت الخفي "لشدته"؛ أي لتحقيق الشدة فيه بواسطة الإدغام فيحتاج إلى الجهر والتكرير كما لايحتاج من لا يسمع الصوت الخفي إليهما يقال: حجر

_ Q"الباب الثاني" من الأبواب السبعة المذكورة في صدر الكتاب "في المضاعف" وإنما قدم هذا الباب على المهموز لقربه من الصحيح بالنسبة إلى المهموز؛ لأن إبدال حروف العلة من أحد حرفي المضاعف قليل وتخفيف الهمزة وتليينها كثير شائع، حتى كأن المهموز كالمعتل في التخفيف والتليين، ولما كان مقدا على المهموز وهو مقدم على سائر الأبواب كان مقدما عليها والمضاعف اسم مفعول من ضاعف، ومعناه لغة ما يزاد عليه شيء فيصير مثليه أو أكثر، قال الخليل: إن التضعيف أن يزاد على أصل الشيء فيجعل مثلين أو أكثر وكذا الأضعاف والمضافعة، وأما معناه اصطلاحا فقال الزنجاني وسائر الصرفيين: وهو من الثلاثي والمزيد فيه منه ما كان عينه ولامه حرفين متماثلين كرد وأعد، ومن الرباعي المجرد والمزيد فيه منه هو الذي فاؤه ولامه الأولى من جنس واحد وكذا عينه ولامه الثانية من جنس واحد نحو: زلزل، ولا شك أن تعريفي القسمين يشملان الصحيح والمعتل نحو: مدوحي وزلزل وولول، وبعضهم خصو القسم الأول بالصحيح فقالوا: المضاعف للثلاثي ما عينه ولامه صحيحان من جنس واحد، وللرباعي ما فاؤه ولامه الأولى وعينه ولامه الثانية متجانسان كدمدم وولول فمثل ما ربحت تجارتهم لا يسمى مضاعفا، بل يسمى مدغما وكذا مثل الرحمن ومثل على وإلى وكذا كل كلمة اجتمع فيها حرفان من جنس واحد، ولكن ليس شيء منهما عينا ولا لاما نحو اجلوز وكان أحدهما لاما والآخر لا يكون عينا أو بالعكس، نحو: احمر واحمار واقشعر ونحو: قطع، واعلم أن المضاعف من الرباعي يسمى مطابقا بفتح الباء أيضا لتطابق بعض حروفه لبعضه؛ لأن فاءه مطابق للامه الأولى وعينه مطابقة للامه الثانية ولم يمكن فيه الإدغام للفصل بين الاثنين "ويقال له الأصم لشدته" الأصم من به وقر في الأذن فلا يسمع الصوت الخفي فيحتاج إلى شدة الصوت، والمضاعف أيضا يحتاج إلى شدة الصوت لعدم إمكان النطق به عند الصوت الخفي، فمعنى قوله: لشدته لشدة المضاعف عند النطق به، وأيضا الأصم الحجر الصلب المصمت؛ أي الحجر الشديد الذي لا جوف له ولا فرجة فيه، بل هو مملوء مشدد جدا والمضاعف لما كان مدغما ومشددا يسمى به هذا الوجه أوفق لقوله: لشدته ولا يخفى عليك أن قوله: لشدته يقتضي أن لا يسمى المضاعف من الرباعي أصم، وعذره أنه يكفي في التسمية بهذا الاسم للمضاعف مطلقا تحقق سبب التسمية في بعض منه

Zأصم؛ أي صلب "ولا يقال له صحيح" مع أن شيئا من حروفه ليس بحرف علة ولا همزة "لصيرورة أحد حرفية حرف علة في" بعض المواضع "نحو: تقضي البازي" أصله تقضض قلبت الضاد الأخيرة ياء، ويجيء تمامه في بحث الإبدال إن شاء الله تعالى "وهو"؛ أي المضاعف "يجيء من ثلاثة أبواب" سماعا وهن دعائم الأبواب من فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر "نحو سريسر" أصلهما سرر يسرر، ولم يراع الترتيب في ذكر أمثلة الأبواب الثلاثة هنا حيث قدم ما عين مضارعه مضموم نظرا إلى تقوية باب آخر يشاركه في ضم عين المضارع وإن قل بخلاف أخويه "و" من فعل يفعل بفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر نحو: "فر يفرو" من فعل يفعل بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر نحو "عض يعض ولا يجيء" المضاعف "من باب فعل يفعل" بضم العين فيهما مجيئا "إلا" مجيئا "قليلا نحو: حب فهو حبيب، ولب فهو لبيب" ولم يذكر المضارع في الوزن لعدم دخوله في التميز عن فعل يفعل بفتح العين في الماضي وضم العين في الغابر، وإنما ذكره في الوزن تبعا لسائر الأبواب، وقوله حبيب ولبيب لإثبات أن حب ولب من فعل بالضم، وأن حب أصله حبب ولب أصله لبب بضم العين فيهما؛ لأن مجيء فعيل من غيره قليل وعلم من سكوته عن فعل يفعل بفتح العين فيهما وعن فعل يفعل بكسر العين فيهما أن المضاعف لا يجيء منهما أصلا "وإذا اجتمع فيه حرفان من جس واحد" في الذات أو في الصفة كالجهر والهمس، كما يدل عليه قوله فيما سيأتي فيكون من جنس واحد نظرا إلى الهموسية وقوله "أو" اجتمع حرفان "متقاربان في المخرج" عطف على قوله: جنس واحد ميلا إلى المعنى؛ إذ المراد من كون الحرفين من جنس واحد كونهما متماثلين، وتقدير الكلام وإذا اجتمع حرفان متماثلان في الذات أو في الصفة أو حرفان متقاربان لا أنه أقام الحد مقام المحدود قصر للمسافة "يدغم الأول" من المتماثلين أو المتقاربين "في" المثل "الثاني" أو المتقارب الثاني بعد جعل أول المتقاربين مثل الثاني "لثقل المكرر" المعلوم بالوجدان وفي

_ Qومثل ذلك شائع كثير، وربما يلتزم بأن المضاعف من الرباعي لا يسمى أصم كما أن المضاعف من الثلاثي لا يسمى مطابقا "ولا يقال له الصحيح" مع أن حروفه الحروف الصحيحة "لصيرورة أحد حرفيه حرف علة" ولهذا قيل المضاعف ملحق بالمعتل "نحو تقضي البازي"؛ أي انقض أصله نقضض، فلما اجتمع فيه الضادات قلبت الأخيرة ياء؛ لأن محل التغيير آخر الكلمة لا يقال إن حرفي التضعيف باقيان على أصلهما حينئذ؛ إذ الضاد في تقضي مشددة؛ لأنا نقول إن حرفي التضعيف عين الكلمة ولامها والمقلوب ها هنا هو لام الكلمة، وأما أولى الضادين الباقيين فعين الكلمة والأخرى زائدة، وكذلك أمليت بمعنى أمللت "وهو"؛ أي المضاعف من الثلاثي "يجيء من ثلاثة أبواب" وهي التي تسمى دعائم الأبواب لاختلاف حركاتهن في الماضي والمستقبل وكثرتهن، ودليل الانحصار في هذه الثلاثة الاستقراء "نحو سريسر" أصله سرر يسر بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر "وفريفر" أصله فرر يفرر بفتح العين في الماضي وكسره في الغابر معناه هرب يهرب "وعض يعض" أصله عضض يعضض بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر، قال ابن السكيت: عضضت اللقمة بالكسر فأنا أعض بالفتح، وقال أبو عبيد: عضضت بالفتح لغة "ولا يجيء" المضاعف "من باب فعل يفعل" بضم العين فيهما "إلا قليلا" نادرا لا يقاس عليه "نحو حب يحب" حبا؛ يعني أن أصله حبب يحبب بضم العين فيهما ثم أسكنت وأدغمت، والدليل عليه أن يبنى فاعله على فعيل؛ لأن فعيلا إنما يجيء من مضموم العين فيهما، وإليه أشار بقوله: "فهو حبيب" كذا قيل وفيه ضعف؛ إذ الحبيب ها هنا بمعنى المحبوب ولو سلم فلا يختص فعيل بهذا الباب، بل يجيء منه غالبا، اعلم أن حب يجيء من الباب الثاني ومن الرابع في الصحاح حبه يحبه بالكسر وحببت بالكسر؛ أي صرت حبيبا ومن الباب الخامس عند الفراء، وحينئذ جاز فتح لحاء وضمها في الماضي، وفي الصحاح قولهم: حب بفلان، قال الفراء: معناه حب بفلان بضم الباء ثم أسكنت وأدغمت في الثانية، وقال ابن السكيت في قول ساعدة: هجرت عضوب وحب من يتجنب ... وعدت عداد دون وليك شعب أراد حبب بالضم فأدغم ونقل الضمة إلى الحاء؛ لأنه مدح انتهى "ولب يلب" لبا؛ يعني أن أصله لبب يلبب بضم العين فيهما ثم أسكنت وأدغمت، والدليل عليه أن يبنى فاعله على فعيل أيضا، وأشار إليه بقوله: "فهو لبيب" اعلم أن لب يجيء من الباب الرابع أيضا فحينئذ يجيء مصدره على فعالة بالفتح في الصحيح، وقد لببت يا رجل بالكسر تلب لبابة؛ أي صرت ذا لب، وحكى يونس بن حبيب لبت بالضم وهو نادر لا نظير له في المضاعف انتهى كلامه، والمضاعف لا يجيء من الباب الثالث والسادس أصلا، ولما كان المضاعف مما يلحقه الإدغام ناسب أن يبين كيفية لحوقه وشرطه فقال: "وإذا اجتمع فيه"؛ أي في المضاعف "حرفان من جنس واحد أو متقاربان في المخرج يدغم" الحرف "الأول في" الحرف "الثاني" إن لم يمنع مانع "لثقل المكرر" وذلك إذا اجتمع في كلمة واحدة حرفان متجانسان ولم يدغم الأول في الثاني ينتقل اللسان من مخرج الحرف، ثم إلى هذا المخرج مرة أخرى نحو: قوول ومدد فاستثقلوا أن يزيلوا ألسنتهم عن شيء ثم يعيدوها إليه؛ إذ في ذلك كلفة في اللسان ومشقة يشبه مشي المقيد الذي يضع إحدى قدميه في الموضع ويرفع عنه الأخرى، وهو شاق لمخالفته المألوف، فإذا أدغم زال ذلك الثقل، فإن النطق بالحرفين يكون دفعة واحدة بعد الإدغام فإنهما يصيران بتداخلهما كحرف واحد فيرتفع اللسان عنهما دفعة واحدة شديدة

Zمثل: أكرر من التكرار مثال المتماثلين في الذات "نحو مد إلى آخره" أصله مدد ومثال المتماثلين في الصفة يجيء إن شاء الله تعالى في بحث إدغام تام الافتعال، ولم يورده ها هنا لاحتياجه إلى تفصيل في بيان كونه مثلا، وهذا ليس موضع التفصيل "و" مثال المتقاربين المتحركين "نحو: أخرج شطأه" بإدغام الجيم في الشين لتقارب مخرجهما، وقد قرأ به أبو عمرو ومثال المتقاربين الساكن أولهما نحو "وقالت طائفة" بإدغام التاء في الطاء بالاتفاق لتقارب مخرجهما وسكون الأول "الإدغام" أفعال من عبارات الكوفيين والإدغام افتعال من عبارات البصريين "الباث الحرف" الواحد "في مخرجه مقدار الباث الحرفين" في مخرجهما

_ Qنحو "مد إلى آخره"؛ أي مد مدا مدوا مدت مدتا، وإذ قد علمت سبب الإدغام في المتجانسين فقس عليه في المتقاربين بين؛ إذ مخرجهما وإن كانا بين متقاربين في نفس الأمر لكن بعد انتقال اللسان من مخرج أحدهما إلى مخرج الآخر كانتقاله من مخرج ثم إليه لقربه منه ومقارنته له نحو: اذدكر، لكن إذا أدغم فلا بد من تماثل بقلب أحدهما إلى الآخر، والقياس قلب أولهما إلا أن يعرض عارض كما سنذكره إن شاء الله تعالى، قوله: "ونحو أخرج شطأه قالت طائفة" مثالان لإدغام الحرفين المتقاربين وأنت تعلم أن الحرفين المتجانسين إذا كانا في كلمتين، نحو: فما ربحت تجارتهم لا يسمى شيء من الكلمتين ولا مجموع الكلمتين مضاعفا فضلا عن المتقاربين في كلمتين فتمثيل المتقاربين في المخرج بهذين المثالين لا يلائم قوله: وإذا اجتمع فيه حرفان إلخ؛ إذ الضمير البارز في فيه راجع إلى المضاعف ولما كان اجتماع حرفين بينهما تقارب في المخرج يوجب الإدغام وجب رسم ما يعرف به المتقارب من المتباعد، وذلك إنما يكون بتعرف مخارج الحروف، فيقال إذا أردت أن تعرف مخرج حرف سكنه وأدخل عليه همزة الوصل ثم تلفظ به فانظر إلى منتهى الصوت فحيث انتهى فثمة مخرجه كذا قيل، وهذا القدر من البيان إجمال لا يسمن ولا يغني من جوع، وإن أردت التفصيل فاستمع لما نتلو عليك. اعلم أن الحروف الواقعة في لغة العرب أصولها تسعة وعشرون حرفا وأن مخارجها خمسة عشرا مخرجا باعتبار التقارب بين المخرجين، وإلا فلكل حرف مخرج على حدة وإلا يلزم تماثل الحرفين؛ لأن من مخرج الباء بعينه مثلا لا يحصل إلا الباء، ومن مخرج الفاء بعينه لا يحصل إلا الفاء، فلا بد وأن يكون لكل حرف مخرج ليحصل الحروف المختلفة إلا أنهم جعلوا مخارج بعض الحروف المتقاربة في المخرج كمخرج واحد لغاية متقاربتها فحصل خمسة عشر مخرجا، ومواضع هذه المخارج أربعة الحلق والفم والشفتان، الأول في مخارج الحلق وهي ثلاثة أقصاه ووسطه وآخره، وحروفه سبعة فالهمزة والهاء والألف من أقصى الحلق على الترتيب فالهمزة من أقصى الحلق وليس مخرج أدخل منه إلى الحلق، والهاء أيضا من أقصى الحلق، لكن لا بعين مخرج الهمزة، بل متأخر من مخرجها من جانب الفم والألف أيضا من أقصى الحلق، لكن متأخر عنهما من جانب الفم ولكن يقرب بعضها بعضا فعدوها مخرجا واحدا باعتبار المقاربة من جملة خمسة عشر والعين والحاء المهملتان من وسط الحلق على الترتيب أيضا، فالأول العين ثم الحاء من جانب الفم والغين والخاء المعجمتان من أدنى الحلق على الترتيب، فالأول الغين ثم الخاء فلمجموع الحروف المنسوبة إلى الحلق ثلاثة مخارج نظرا إلى التقارب، وفي الحقيقة سبعة مخارج والثاني في مخارج الفم، وهي عشرة أولها مخرج القاف وهو من أقصى اللسان وما فوقه من الحنك الأعلى، وثانيها مخرج الكاف وهو أسفل من موضع القاف من اللسان قليلا ومما يليه من الحنك الأعلى. وثالثها مخرج الجيم والشين المعجمة والياء بنقطتين من تحت وسط اللسان وبين وسط الحنك الأعلى. ورابعها مخرج الضاد المعجمة أول حافة اللسان وم يليه من الأضراس. وخامسها مخرج اللام مما دون طرف اللسان إلى منتهى طرف اللسان وما فوقه من الحنك. وسادسها مخرج الراء المهملة مما دون طرف اللسان وما فوقه من الحنك دون طرفيه، لكنه متأخر عن مخرج اللام من جانب خارج الفم. وسابعها مخرج النون من طرف اللسان ومما فوقه من الحنك كالراء، لكنه متأخر عن مخرج الصاد والزاي والسين ما بين طرف اللسان وفويق الثنايا. وعاشرها مخرج الظاء المعجمة والثاء بثلاث نقط والذال المعجمة بين طرف اللسان وأطراف الثنايا، فهذه المخارج العشرة من الفم يتلو بعضها بعضا كما بيناه، والثالث مما بين الشفة والثنايا مخرج الفاء؛ أي باطن الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا، والرابع مما بين الشفتين مخرج الباء والواو والميم، فجميع هذه المخارج خمسة عشر لا غير كما رتبها سيبويه ووافقه أبو الحسن عليه، وإذ قد عرفت مخرج كل حرف عرفت أن أي حرف يقرب من أي حرف في المخرج هذا هو التقارب في المخرج، وقد يقارب الحرفان في الصفة مثل الهمس والهجر فيدغم أحدهما في الآخر بهذا الاعتبار أيضا، وإن لم يتجانسا لم يتقاربا في المخرج على ما سيجيء، ولما ذكر أنه إذا اجتمع حرفان متجانسان أو متقاربان يدغم الأول في الثاني وجب عليه أن يبين الإدغام فقال: "الإدغام" وهو في اللغة إدخال الشيء في غيره، يقال: أدغمت اللجام في فم الفرس إذا أدخلته فيه، وفيه لغتان إدغام بالتخفيف وإدغام بالتشديد، ومن عبارات الكوفيين الإدغام أفعال، ومن عبارات البصريين الإدغام افتعال، وقد قصر أئمة العربية على إدخال الحرف في مثله أو متقاربه وتعريف صاحب الكشاف بأنه "إلباث" اللافظ "الحرف" الواحد اللبث المكث والانتظار "في مخرجه مقدار إلباث الحرفين" في مخرجهما تعريف باللازم؛ لأن المدغم والمدغم فيه حرفان في اللفظ حقيقة لا حرف واحد قد ألبث في مخرجه مقدار ألباث الحرفين لكن باعتبار أن

Zأي قريبا من مقدار إلباثهما "كذا نقل عن جار الله العلامة" وهو محمود الزمخشري صاحب الكشاف لقب به لكثرة مجاورته بيت الله عز وجل رزقنا الله الكريم زيارته، وقريب من هذا قول صاحب المغرب: الإدغام هو رفعك اللسان بالحرفين دفعة واحدة "وقيل الإدغام إسكان" الحرف "الأول" بنقل حركته إن كان متحركا إلى ما قبله إن كان ساكنا، أو سلبها إن كان متحركا أو ساكنا هو حرف لين وعلم منه أنه إذا كان ساكنا أبقي على حاله بالطريق الأولى، وإنما وجب سكون الأول ليتصل بالثاني ويحصل التخفيف المطلوب؛ إذ لو كان متحركا لحالت الحركة بينهما فلم يتصل بالثاني اتصالا يحصل به التخفيف، ولا بد أن يكون الثاني متحركا؛ لأنه مبين للأول والحرف الساكن كالميت لا يبين نفسه فكيف يبين غيره "وإدراجه"؛ أي إدخاله "في الثاني" بحيث يصير الحرف الساكن كالمستهلك لا على حقيقة التداخل، بل على أن يصير حرفا مغايرا لهما بهيئته وهو الحرف المشدد؛ لأن زمانه أطول من زمان الحرف الواحد وأقصر من زمان الحرفين، ولهذه المسامحة أخر هذا التعريف وعبر بقيل؛ لأنه لا يناسب معناه اللغوي؛ لأن معناه في اللغة إدخال الشيء في الشيء والإلباس والرفع المذكوران لا زمان له "المدغم"؛ أي الحرف الذي أدغم "والمدغم فيه"؛ أي الذي وقع الإدغام فيه "حرفان في اللفظ وحرف واحد في الكتابة"؛ أي بنقص حرف في الكتابة إذا كانا في كلمة واحدة كبر وكر ومد وشد على ما هو مذكور في علم الخط وذلك للتخفيف والاستغناء بشيء عن شيء؛ إذ مع الإدغام يرتفع اللسان ارتفاعه واحدة، ونقص حرف من الحروف الملفوظة في الكتابة ثابت في عرفهم "كالرحمن فإن الألف بعد الميم ثابت لفظا في لفظ الرحمن وليس بثابت خطا لكثرة استعماله "واجتماع الحرفين" المتماثلين في الذات في كلمة واحدة "على ثلاثة أضرب" الضرب "الأول" منها "أن يكونا"؛ أي الحرفان المجتمعان "متحركين يجب فيه"؛ أي في الضرب الأول في جميع صور "الإدغام نحو مد إلا في" الصور "الإلحاقيات نحو قردد" فإن الإدغام فيه غير واجب، بل لا يجوز "حتى لا يبطل الإلحاق" فإنه على تقدير الإدغام يخرج عن كونه

_ Qالحرف إذا دخل في مثله ونطق معه دفعة كان كأنه نطق بحرف واحد لكنه بإلباث في مخرجه مقدار الباث الحرفين، وإن كان الملفوظ في الحقيقة حرفين، وهذا غاية ما يتكلف في توجيه هذا التعريف "كذا نقل عن جار الله العلامة" محمود الزمخشري "وقيل" الإدغام "إسكان" الحرف "الأول وإدراجه في الثاني" يقال أدرجت الكتاب؛ أي طويته لا يقال إن قوله إسكان الأول غير شامل لنحو مد مصدر، فإن أصله مدد بسكون الأول فلا يمكن إسكانه؛ إذ إسكان الساكن محالا؛ لأنا نقول لما وجب إسكان المتحرك للإدغام علم أن إبقاء الساكن بحاله بطريق الأولى، فمعنى قوله: إسكان الأول إسكانه إن كان متحركا وإبقاؤه إن كان ساكنا، وإنما أسكن الأول ليتصل بالثاني؛ إذ لو حرك لم يتصل به لحلول الفاصل وهو الحركة، وأما الثاني فلا يكون إلا متحركا؛ لأن الساكن كالميت لا يظهر نفسه فكيف يظهر غيره كذا قالوا "المدغم" على صيغة المجهول وهو الحرف الأول، وإنما سمي به لإدغامك إياه "والمدغم فيه" وهو الحرف الثاني وسمي به لإدغامك الأول فيه "حرفان في اللفظ" في كلمة كانا أو في كلمتين هذا ظاهر إذا عرفت الإدغام بالتعريف الثاني، وأما إذا عرف بالتعريف الأول ففيه تأمل "وحرف واحد في الكتابة"؛ إذ كانا في كلمة "نحو مد أو حرفان في اللفظ والكتابة" إذا كانا في كلمتين "كالرحمن" بمعنى كما أن لفظ رحمن خمسة أحرف في اللفظ وأربعة في الكتابة؛ لأن الألف بعد الميم تلفظ ولا تكتب والغرض من هذا التمثيل إزالة استبعاد لمخالفة الحروف الملفوظة للمكتوبة في الكلمة قلة وكثرة، وإنما قلنا: إذا كان في كلمة؛ لأنهما إذا كان في كلمتين كانتا حرفين في الكتابة أيضا، نحو: فما ربحت تجارتهم ونحو: رحمن والليل واللفظ والله واللام، وأما نحو للفظ ولله وللحم فقد اجتمع فيه أمثال أحدها فاء الكلمة وثانيها لام التعريف وثالثها لام الجارة فأدغم لام التعريف في فاء الكلمة وجعلا حرفا واحدا في الكتابة، وإن لم يكونا من كلمة واحدة؛ كراهة اجتماع ثلاث لامات كتابة وتنزيلا للخارج منزلة الداخل بالقياس إلى لام الجارة، قوله: "واجتماع الحرفين" المتجانسين أو المتقاربين "على ثلاثة أضرب" بيان لما أجمله بقوله: إذا اجتمع فيه حرفان من جنس واحد أو مقارب في المخرج يدغم الأول في الثاني الضرب "الأول أن يكونا متحركين" في كلمة "يجب فيه"؛ أي في هذا الضرب الأول "الإدغام" والعلة في وجوبه أنك إذا قلت: مد ونطقت بالحرفين دفعة واحدة كان أخف من قولك: مدد بإظهار الحرفين وهذا مما لا يستراب فيه، ولأن زمان الحركة بحرف المدغم أقل من زمان الحركة بالحرفين المظهرين، وما أقل زمنه أخف مما طال كذا حققه ابن الحاجب، وأما قولهم: ضبب البلد إذا كثر ضبابها وقطط شعره إذا اشتدت جعودته بفك الإدغام فيهما فشاذ جيء به لبيان الأصل "إلا في الإلحاقيات"؛ أي في الكلمة التي زيد في أحد المثلين الإلحاق؛ فإنه لا يجوز الإدغام فيها فعلا كان أو اسما فالفعل نحو: جلبب وشملل الملحقين بدحرج والاسم "نحو: قردد" أصله قرد فزيد للإلحاق بجعفر دال فصار قردد وإنما لم يدغم "حتى لا يبطل الإلحاق" يعني أن الإلحاق صناعة لفظية يلزم فيها المساواة بين الملحق والملحق به حروفا وحركات وسكونا، فلو أدغم الملحق زالت المساواة المذكورة وبطل الالحاق، وإنما قلنا: إنه صناعة لفظية؛ لأن الغرض من الإلحاق أن يعامل الملحق معاملة الملحق به في الجمع والتصغير وغير ذلك من التصاريف اللفظية فيقال مثلا: قرادد وقرديدد، كما يقال: جعافر وجعيفر، ولا شك في أنه حكم لفظي لا تعلق له بالمعنى فلو أدغم فات موازنته للملحق فلا يعامل معاملته فيبطل غرض الإلحاق، قوله:

Zعلى وزن جعفر؛ لأنه لم يراع المقابلة بين الملحق والملحق به حركة وسكونا "و" إلا "في الأوزان التي تلزم الالتباس" ونحو: قوول داخل في لزوم الالتباس، وأما نحو: تتباعد وتتنزل فقد ذكر فيما سبق أن الإدغام فيه غير ممكن حيث قال: وتحذف التاء الثانية في مثل تتقلد وتتباعد وتتبختر؛ لاجتماع الحرفين من جنس واحد وعدم إمكان الإدغام، أما نحو: اقتتل فسيذكر الخلاف فيه في بحث يخصم فلم يبق شيء غير مذكور وهي "مثل صكك" بفتحتين، وهي عيب في رجل الفرس "وسرر" بضمتين جمع سرير "وجدد" بضم الفاء وفتح العين جمع جدود بالضم، وهو الخط الذي في ظهر الحمار "وطلل" بفتحتين وهو ما بقي من آثار الديار "ومدد" بمعنى الزيادة "حتى يلتبس" الصكك على تقدير الإدغام "بصك" بفتح الصاد وهو كتاب القاضي "و" السرر بلفظ "سر" بالضم وهو ما تقطعه القابلة في سرة الصبي "و" الجدد بلفظ "جد" بالضم، وهو البئر في الطريق "و" طلل بلفظ "طل" بفتح الطاء وتشديد اللام، وهو مطر ضعيف القطرة "و" مدد بلفظ "مد" من مد الثوب "ولا يلتبس"؛ أي لا يقع الالتباس "في مثل رد" بأنه ردد بالفتح أو من ردد بالضم "و" في مثل "فر" بأنه من فرر بالفتح أو من فرر بالكسر "و" في مثل "عض" بأنه من عضض بالكسر أو من عضض بالفتح "لأن رد يعلم من يرد" بالضم "أن أصله" ردد بالفتح "لأن المضاعف لا يجيء من" باب "فعل يفعل" بضم العين فيهما إلا نادرا كما مر، وأن فعل يفعل بالكسر في الأول والضم في الثاني مثل فضل يفضل شاذ لا اعتداد به "وفر أيضا"؛ أي كرد "يعلم من يفر" أن أصله فرر بالفتح "لأن المضاعف لا يجيء" أصلا "من فعل يفعل" بالكسر فيهما "وعض أيضا يعلم من يعض" أن أصله عضض بالكسر "لأن المضاعف لا يجيء" أصلا "من فعل يفعل" بالفتح فيهما وأن فعل يفعل بالضم في الماضي والفتح في المضارع ككدت تكاد شاذ لا يعتد به "ولا يدغم حتى في بعض اللغات" مع أنه اجتمع المتماثلات المتحركان فيه وأنه ليس من صور الاستثناء "حتى لا يقع الضم على الياء في يحيى"؛ أي في مضارعه فإن قياس ما يدغم في

_ Q"والأوزان" مجرور معطوف على الإلحاقيات؛ أي يجب الإدغام في الكلمة التي اجتمع فيها حرفان متجانسان إلا في الأوزان "التي يلزم الالتباس" فيها إذا أدغم فإنه لا يدعم فيها مع أنه اجتمع حرفان متحركان متجانسان "نحو صكك" وهو بفتحتين عيب في رجل الفرس "وسرر" وهو بضمتين جمع سرور "وطلل" وهو بفتحتين ما بقي من آثار الدار "وجدد" وهو بضم الجيم وفتح الدال خط في ظهر الحمار "حتى لا يلتبس بصك" بفتح الصاد وتشديد الكاف وهو كتاب القاضي "وسر" بضم السين وتشديد الراء جمع السرير "وطل" وهو المطر الضعيف "وجد" بوزن سر وهو بئر في الطريق؛ يعني لو أدغم مثل سر وهو جمع سرير لم يعلم أنه جمع سرور أو جمع سرير، فإذا لم يدغم زال الالتباس وقس عليه غيره ولم يعكس الأمر مع أنه زال الالتباس به؛ لأن القسم الثاني أكثر استعمالا فالخفة أولى به، ومما لا يدغم عند بعضهم للالتباس نحو اقتتل مع أنه اجتمع فيه حرفان متجانسان متحركان؛ إذ لو أدغم التبس بقتل؛ لأن حركة التاء الأولى إذا نقلت إلى القاف استغني عن الهمزة، فصار عند الإدغام قتل فلم يعلم أنه ماض من التفعيل أو من الافتعال كما سيجيء، ولا يدغم في مثل تتباعد وتتنزل مع أنه اجتمع فيه حرفان متحركان متجانسان؛ لأنهم كرهوا وجوب الإدغام فيما لا يلزم وقوع تاء أخرى بعدها دائما فصار في حكم التقاء المثلين في كلمتين فلهذا لم يلزم الإدغام ولذلك احتاجوا إلى الحذف؛ إذ الإدغام يحصل قدرا من التخفيف، فلما كرهوا عدلوا إلى تخفيف الكلمة بالحذف تحرزا من فوات التخفيف بالكلية مع كونه مقصودا فحذفوا إحدى التاءين كما مر، كذا حققه ابن الحاجب، وقيل: لم يدغم تتباعد وتتنزل حتى لا يلتبس بالماضي؛ لأنه لو أدغم واجتلبت الهمزة، وقيل أتباعد وأتنزل لم يعلم أنه ماض وهمزته للاستفهام أو مضارع همزته للوصل ولما كان مظنة أن يقال إذا لم يجز الإدغام في الأوزان التي يلزم الالتباس فيها يجب أن لا يدغم مثل رد وفر وعض للالتباس أيضا إذ لم يعلم أنه مكسور العين أو مفتوح العين فأجاب بقوله: "ولا يلتبس في مثل رد وفر وعض"؛ أي لا يقع الالتباس في أن كل واحد منها من؛ أي باب هو "لأن رد يعلم من يرد" بضم الراء "أن أصله ردد" بالفتح؛ لأن ما يكون عين مضارعه مضموما لا يخلو إما أن يكون عين ماضيه مفتوحا، نحو: نصر ينصر أو مضموما أيضا نحو: حسن يحسن ولا يمكن ها هنا أن يكون الماضي مضموم العين أيضا "لأن المضاعف لا يجيء من فعل يفعل" بضم العين فيهما إلا حب ولب كما مر، فتعين أن عين ماضيه مفتوح فلا يلزم الالتباس بالإدغام "وفر أيضا"؛ أي كرد "يعلم من يفر" بكسر الفاء "أن أصله فرر" بالفتح "لأن المضاعف لا يجيء من فعل يفعل" بكسر العين فيهما فتعين الفتح في الماضي "وعض أيضا يعلم من يعض" بالفتح "أن أصله عضض" بالكسر "لأن المضاعف لا يجيء من فعل يفعل" بفتح العين فيهما فتعين الكسر في الماضي "ولا يدغم حبي" بكسر العين "في بعض اللغات" ويدغم في بعض لكنه جوازا، والقياس وجوب الإدغام فيه لاجتماع الحرفين المتجانسين المتحركين "حتى لا يقع الضم" الثقيل "على الياء" الضعيف "في يحيى" يعني أنهم كرهوا وجوب الإدغام فيه؛ لأنهم لو أدغموا في الماضي لزمهم أن يدغموا في المستقبل أيضا طرد اللباب، وإذا أدغموا في المستقبل لم يكن بد من تحريك الياء بالضم؛ لأن الياء المدغم فيها لا بد وأن تكون متحركة وهو مرفوع عندهم فاستدل بعضهم بهذا الدليل على عدم جواز الإدغام فيه كما ذكره المصنف، وبعضهم على عدم وجوب الإدغام فجوزوا الإدغام وتركه، وكلا النظرين صحيح.

Zالماضي أن يدغم في المضارع، ولو أدغم المضارع هنا يقع الضم على الياء الضعيف، وهو مرفوض ويدغم في بعضها نظرا إلى اجتماع المثلين، فإن الميسور لا يسقط بالمعسور وإلى ذلك القياس إنما يكون إذا تحقق وجب الإدغام وفي يحيي لما سبق الإعلال لم يبق موجب الإدغام فيقال في كلتا اللغتين يحيي بلا إدغام "وقيل" الأوجه عدم إدغام حيي؛ لأن "الياء الأخيرة" فيه "غير لازمة؛ لأنها تسقط تارة نحو حيوا" أصله حييوا "وتقلب تارة نحو: يحيا" أصله يحيى بضم الياء الأخيرة فلما لم تكن لازمة كان وجودها كعدمها، فكأنه لم يجتمع المثلان فكيف يدغم "و" الضرب "الثاني" منها "أن يكون" الحرف "الأول" من الحرفين المجتمعين في كلمة التماثلين في الذات "ساكنا" والثاني باقيا على حركته "يجب فيه الإدغام ضرورة"؛ أي من جهة الضرورة والاضطرار وإنما قال ضرورة؛ لأن الإدغام في هذا الضرب ضروري؛ أي لا مجال لعدم الإدغام فيه بسبب من الأسباب ولو في كلمتين نحو: ألم أقل لك ولم يرح حاتم بخلاف الضرب الأول؛ فإنه قد لا يجب فيه في بعض الصور، بل يمتنع لمانع كالإلحاق والالتباس ويجوز في بعضها بلا وجوب لوقوعها في كلمتين، نحو: ضرب بكر وللزوم ضم الياء في المضارع كما في بعض اللغات "نحو مد" أصله مدد بسكون الدال الأولى من مد الثواب، وإنما قال "على وزن فعل" بسكون العين لئلا يتوهم أن أصله مدد بحركة الدال الأولى بمعنى الزياد فلا يكون من الضرب الثاني؛ إذ العبرة في الامتياز باللفظ دون الخط، وإلا فلا مجال للخلاص من الالتباس والاشتباه في النقش في الأكثر، ولذلك لا يبالون بالاشتباه في الخط فيتركون الإعجام كثيرا "و" الضرب الثالث منها "أن يكون" الحرف "الثاني" منهما "ساكنا" سكونا لازما والأول باقيا على حركته "فالإدغام فيه ممتنع لعدم شرط الإدغام" وهو تحرك الحرف "الثاني" من

_ Q"وقيل" إنما لا يدغم حيي في بعض اللغات؛ لأن "الياء الأخيرة غير لازمة"؛ أي غير ثابتة في الكلمة دائما "لأنها تسقط تارة نحو حيوا" أصله حييوا فما أسكنت الياء الثانية بنقل ضمها إلى الياء الأولى بعد سلب حركتها، فالتقى ساكنان وهما الواو والياء فحذفت الياء؛ لأن الواو وعلامة الجمع فصار حيوا، وفيه إعلال آخر وهو أنه حذفت ضمة الياء لثقلها على الياء فالتقى ساكنان فحذفت الياء لما ذكرنا ثم ضمت الياء الأولى لأجل الواو كذا قيل "وتقلب" ألفا "تارة" أخرى لتحركها وانفتاح ما قبلها "نحو يحيي" أصله يحيي بضم الياء الثانية وفتح الأولى فلما لم تكن ثابتة في الكلمة دائما لم تكن مدغما فيها لا في الماضي ولا في المضارع "و" الضرب "الثاني" من الضروب لثلاثية "أن يكون" الحرف "الأول ساكنا" والثاني متحركا "يجب فيه الإدغام ضرورة"؛ أي اضطرار؛ لأن المثلين إذا اجتمعا وكان الأول منهما ساكنا فيهما عمل واحد وهو الإدغام لا غير فيكون الإدغام ضروريا ابتداء بخلاف ما إذا كانا متحركين فإن فيهما عملين إسكان الأول والإدغام، واعلم أن ما ذكره المصنف ليس على إطلاقه، بل هو بناء على الغالب أو بيان بالنسبة إلى ذات المثلين مع قطع النظر من مانع خارجي، وذلك لأن الهمزتين إذا اجتمعا لا يدغم إحداهما في الأخرى وإن كان الأولى منهما ساكنة لاستثقالهما فيقال املأ إناه بفك الإدغام إلا أن يكون عينين فإنهما يدغمان كسأل ورأس، وهذا معنى قول سيبويه: الهمزتان ليس فيهما إدغام في قولك: قرأ أبوك وأقرأ أباك؛ لأنهما لم يقعا موقع العين وكذا الألف لا يدغم في مثله؛ لأنه ساكن ولا يدغم ساكن في ساكن ولو حركت لخرجت عن كونها ألفا، وأيضا يمتنع الإدغام في الألف مطلقا؛ إذ لا يتصور أن تكون مدغمة في شيء من الحروف ولا أن يدغم فيها غيرها، أما امتناع كونها مدغمة فلوجوب محافظة ما فيها من اللين، وأما امتناع كونها مدغما فيها فلأن المدغم فيه لا بد أن يكون متحركا، والألف لا يكون إلا ساكنا، وكذا لا تدغم في مثل قوول مجهول قاول مع أنه اجتمع فيه حرفان متجانسان أولاهما ساكنة للالتباس؛ لأنه لو أدغم وقيل قول لم يعلم هل هو فعل بتشديد العين أو فوعل مجهول فاعل فروعي أصلها، وكذا لا يدغم في نحو قالوا وما في يوم وإن اجتمع حرفان من جنس واحد أولاهما ساكنة؛ لأنهم كرهوا الإدغام فيه لما يؤدي إليه من زوال المد الذي هو من صفتها في هذا المحل؛ لأن الواو والياء من حروف المد وإبقاء المد تخفيف عندهم كذا قيل، فثبت أن ما ذكره المصنف ليس على إطلاقه "نحو مد" مصدرا، قوله: "وهو على وزن فعل" بفتح الفاء وسكون العين إشارة إلى أن مدا مصدر لا فعل ماض؛ لأنه لو كان فعلا ماضيا كان الحرفان متحركين فلا يكون من هذا الضرب، بل من الضرب الأول بخلاف المصدر، فإن قلت: إن قوله على وزن فعل لا يفيد الإشارة إلى أن مدا مصدر لا فعل، بل يحتمل أن يكون العين فيه متحركا وساكنا، قلت: يعلم بالاعجام أن عينه ساكن لا يقال لو طرح قوله على وزن فعل واكتفى بقوله نحو مد يعلم بالاعجام أيضا أن مدا ها هنا مصدر، وأيضا الإعجام يترك كثيرا فلا اعتداد به؛ لأنا نقول لو طرح هذا القول واكتفى بقوله: نحو مد يلتفت إلى تفقد الإعجام زيادة الالتفات، فإذا قيل على وزن فعل يلزم تفقد الإعجام لزوما واضحا فيحفظ ولا يترك فيفيد الإشارة المذكورة، ومثل ذلك كثير لا يمكن إنكاره "و" الضرب "الثالث" من الضروب الثلاثة "أن يكون" الحرف "الثاني ساكنا" سكونا لازما ويكون الأول متحركا نحو: مددت وظللت "فالإدغام فيه"؛ أي في هذا الضرب الثالث "ممتنع لعدم شرط صحة الأدغام وهو تحرك" الحرف "الثاني"؛ لأنه لا يستقيم تحريك الثاني في مثل مددت "فمللت"؛ إذ لا يكون ما قبل الضمير الفاعل المتحرك إلا ساكنا كما مرو كذا إذا كانا في كلمتين نحو قولك رسول الحسن، فإن الأول متحرك والثاني لام التعريف وهى ساكنة، فيمتنع الإدغام لما ذكرنا من عدم شرط

Zالمتماثلين لما عرفت أن تحرك الثلاثي لا بد منه في الادغام؛ لأنه مظهر "وقيل" في وجه امتناع الإدغام في الضرب الثالث "لا بد من تسكين" الحرف "الأول فيجتمع فيه ساكنان"؛ إذ الثاني كان ساكنا قبل هذا "فتفر من ورطة" هى الأصل طين يقع فيه النعم ويقوم، والمراد ها هنا المحذور وهو نقل المكرر "فتقع في" ورطة "أخرى" وهو اجتماع الساكنين "وقيل" إنما امتنع الإدغام في الضرب الثالث "لوجود الخفة" التي هى الغرض من الإدغام "بالساكن"؛ أي بسكون الساكن الذي هو الحرف الثاني "مع عدم شرط الإدغام" وهو تحرك الثاني وقوله: "ولكن جوزوا الحذف"؛ أي حذف أحد المثلين في الضرب الثاني "في بعض المواضع" سماعا "نظرا إلى اجتماع المتجانسين" استدراك من قوله فممتنع؛ يعني اجتماع المتماثلين ثقيل والتخفيف مطلوب والتخفيف بالإدغام متعذر فخذفوا إحداهما؛ لأن الحذف أيضا سبب للتخفيف أما الأولى كما صرح به في الصحاح، حيث قال في أحسست: حذفوا منه السين الأولى واختاره المصنف، حيث قال في اقررن: فحذفت الراء الأولى؛ لأنها التي كانوا يدغمونهما فينبغي أن تكون هى المحذوفة، وأما الثانية فلأن الثقل إنما نشأ منها، ثم إذا حذفت الأولى مع حركاتها بقي الفاء مفتوحا على أصله، وإذا نقلت حركة العين إلى الفاء بعد سلب حركة الفاء وحذفت إحداهما صار الفاء مكسورا، وعلم من هذا أن حذف الأولى أرجح لما في حذف الثانية من لزوم العمل الكثير إلا أن كون الثانية لام الفعل الذي هو محل التغيير يعارضه ويرجحه قلب الثانية في مثل تقضي البازي "نحو ظللت" ففعل به ما علمته من العمل "كما جوزوا القلب"؛ أي قلب ثاني المتماثلين "في نحو تقضي البازي" أصله تقضض قلبت الضاد الأخيرة ياء "وعليه"؛ أي على الحذف "قراءة من قرأ" وهو غير نافع وعاصم "وقرن في بيوتكن" بكسر القاف مأخوذا "من القرار" وهو مضاعف "أصله قرون" بكسر الهمزة والراء الأولى مثل اضربن من فعل يفعل يفتح العين في الماضي وكسرها في الغابر "فحذفت الراء الأولى" نظرا إلى اجتماع المتجانسين "فنقلت حركتها إلى القاف" بعد حذف الراء الذي هو الغرض الأصل إبقاء لأثرها ودفعا لاجتماع الساكنين ولا حجر في الثقل، وهذا نظير قوله في الباب الثالث في تخفيف الهمزة

_ Qالإدغام وهو تحرك الثاني "وقيل" إنما يمتنع الإدغام فيما يكون الثاني ساكنا؛ لأنه "لا بد" في الإدغام "من تسكين" الحرف "الأول" ليمكن الإدغام "فيجتمع" حينئذ حرفان "ساكنان فتفر" أنت "من ورطة" الورطة الهلاك وقال أبو عبيد: أصل الورطة أرض مطمئنة لا طريق فيها "وتقع" أنت "في" ورطة "أخرى" المراد من الورطة الأولى ها هنا عدم إدغام المثلين، ومن الثانية اجتماع الساكنين "وقيل" إنما يمتنع الإدغام فيما يكون الثاني ساكنا؛ لأن الإدغام إنما هو للخفة وهي حاصلة بدون الإدغام "لوجود الخفة" المطلوبة "بالساكن" الثاني وتحصيل الحاصل محال ولما توجه أن يقال لا نسلم أنه يلزم من الإدغام فيما ذكر تحصيل الحاصل، وإنما يكون ذلك إن لو لم يكن خفة الإدغام أقوى من خفة السكون وهو ممنوع، فأجاب عنه بقوله: "مع عدم شرط" صحة "الإدغام" وهو تحرك الثاني؛ يعني أن علة امتناع الإدغام في مثل ما ذكر مجموع الأمرين المذكورين لا الأمر الأول فقط وفيه ما فيه "ولكن جوزوا الحذف"؛ أي حذف أحد المتجانسين تخفيفا "في بعض المواضع" مع امتناع الإدغام ووجود الخفة بالساكن "نظر إلى اجتماع" الحرفين "المتجانسين" مع أن القياس أن لا يحذف كما لا يدغم "نحو ظلت" بفتح الظاء المعجمة وكسرها أصله ظللت يقال: ظللت بكسر اللام الأولى ظلولا بالضم إذا عملت بالنهار دون الليل، فحذفت اللام الأولى تخفيفا لتعذر الإدغام وحذف اللام إما مع حركتها فبقي الظاء مفتوحا، وإما بعد نقل حركتها إلى ما قبلها وهي الكسرة فيكون مكسورا وكذا مست أصله مسست فحذفت السين الأولى، إما مع كسرتها أو بعد نقلها إلى ما قبلها فيجوز الفتح والكسر في الميم أيضا، وإنما حذفت الأولى دون الثانية؛ لأن الإدغام في الصورة حذف الأول فكأنهم إنما حذفوا ما كانوا يدغمونه، هذا ما اختاره المصنف، وبعضهم قالوا حذف الثاني أولى؛ لأن الثقل إنما حصل منه وكذا أحست أصله أحسست فحذفت إحدى السينين "كما جوزوا القلب"، أي جوزوا حذف إحدى المتماثلين في بعض المواضع تخفيفا كما جوزوا قلبها تخفيفا "في نحو تقضي البازي" أصله تقضض كما مر "وعليه"؛ أي على حذف إحدى المتماثلين تخفيفا "قراءة" بوزن كتابة "من قر أو قرن" بكسر القاف وهو أمر الجماعة النساء "في بيوتكن" قوله "من القرار" حال من قوله: وقرن يعني أن كون هذه القراءة على حذف إحدى المتماثلين إنما هو على تقدير كون قرن من قرر يقرر إقرار من الباب الثاني وهو المضاعف، لا على تقدير كونه من وقر يقر وقارا من الباب الثاني أيضا لأنه مثال لا مضاعف فلا يكون مما نحن إليه "أصله"؛ أي أصل القرن بكسر القاف إذا كان من القرار "اقررن" بوزن اضربن؛ إذ المضارع تقررن بكسر الراء الأولى، فحذف حرف المضارعة واجتلبت همزة الوصل كما هو الأصل في أخذ الأمر فصار اقررن "فحذفت الراء الأولى" تخفيفا كما حذف أحد المثلين في مثل ظللت ومسست تخفيفا "فنقلت حركتها" التي هي الكسرة "إلى القاف" الحذف قبل نقل الحركة سائغ، لكن نقل الحركة قبل الحذف شائع، ولهذا قال بعض المحققين: ويجوز الحذف قبل النقل وبالعكس؛ إذ لا امتناع في ذلك فلا يرد أن يقال الفاء في قوله فنقل يدل على كون النقل بعد الحذف؛ إذ الفاء للتعقيب وهو

Zبالحذف، ثم يحذف لاجتماع الساكنين ثم أعطى حركتها لما قبلها "ثم حذفت الهمزة لعدم الاحتياج إليها" بسبب حركة القاف "فصار قرن" بكسر القاف، ولما كان كلامه في قرن مظنة أن يتوهم أن قرن في قراءة الكسر مثال لحذف أحد المتماثلين ألبتة دفعه بقوله: "وقيل" إن قرن بكسر القاف "من وقر يقر وقارا" وهو مثال من باب ضرب أصله أوقرن كأوعدن حذفت الواو طردا للباب واستغني عن الهمزة لعدم الاحتياج إليها، فصار قرن وحينئذ لا يكون مما نحن فيه "وإذا قرئ قرن" بفتح القاف كما هو قراءة نافع وعاصم فهو "يكون من أقر بالمكان بفتح القاف" على صيغة المضارع المتكلم من باب علم "وهو لغة في أقر" بكسر القاف مضارع متكلم من باب ضرب؛ يعني أن القرار مضاعف مستعمل من باب ضرب ومستعمل أيضا من باب علم، وإذا كان قراءة الكسر من القرار فهي من باب ضرب، كما أنها إذا كانت من الوقار وهو مثال يكون منه أيضا "فيكون أصله"؛ أي أصل قرن بالفتح "اقررن" بفتح الراء الأولى "فنقلت حركة" تلك "الراء إلى القاف" بعد حذفها واستغني عن الهمزة ولم يذكرهما اكتفاء بذكرهما في قراءة الكسر "فصار قرن" بالفتح "هذا"؛ أي امتناع الإدغام عند سكون الحرف الثاني من المتماثلين "إذا كان سكونه"؛ أي سكون الحرف الثاني "لازما" غير عارض "وإذا كان عارضا" للوقف فإنه غير مانع من وجوب الإدغام "يجوز الإدغام" نظرا إلى أن السكون عارض لا اعتداد به فيتحرك الساكن فيدغم فيه الأول وهذا لغة بني تميم "و" يجوز "عدمه"؛ أي عدم الإدغام نظرا إلى أن شرط الإدغام تحرك الثاني، وهو ساكن ها هنا مع وجود الخفة فلا يدغم وهو لغة الحجازيين، وهو الأقرب إلى القياس وفي التنزيل: ولا تمنن "نحو امدد" بفك الإدغام أمر للمخاطب "ومد" بالإدغام أمر له بعد نقل حركة الدال الأولى إلى الميم وللاستغناء عن الهمز والاحتياج إلى تحريك الثانية لالتقاء الساكنين "بفتح الدال" الثانية "للخفة ومد بالكسر؛ لأن الكسر أصل في تحريك الساكن" لما مر "ومد بالضم للاتباع"؛ أي لاتباع حركة العين وهي الضم والميم مضمومة في الثلاث؛ لأن الحركة المنقولة إليه في الثلاث هي الضمة "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن الضم في مد للاتباع "لا يجوز فر بالضم"؛ أي بضم الراء ويجوز غيره من الفك والكسر والفتح لوجود العلل المذكورة فيها "لعدم" مصحح "الاتباع" في الضم هنا وهو ضم العين

_ Q"ثم حذفت الهمزة" المجتلبة "لانعدام الاحتياج إليها" بتحريك القاف بالكسر "فصار قرن وقيل" إن قرن بكسر القاف مأخوذ "من وقر يقر وقارا" والوقار الحلم، وهو من الباب الثاني لا مضاعف فلا تكون هذه القراءة حينئذ على حذف أحد المثلين تخفيفا فيكون ذكره لاستثناء الاحتمال في قرن حتى يتضح الأمر "وإذا قرئ قرن بفتح القاف يكون من أقر بالمكان" بفتح القاف "وهو"؛ أي أقر بالفتح "لغة في أقر" بالكسر على صيغة المتكلم وحده في الموضعين، والقرار في المكان الاستقرار فيه، وحاصله أن قر مضاعف يجيء من الباب الثاني كما مر، ومن الباب الرابع أيضا مع اتحاد المعنى فيهما، فإذا كان من الباب الثاني فالأمر منه اقرر بكسر الراء، ثم لما خففت بالحذف والنقل بقي قر بكسر القاف فيكون مشابها للأمر من وقر يقر في اللفظ، فإذا قلت: قر بكسر القاف احتمل أن يكون من القرار وأن يكون من الوقار، فلم يتعين كونه من المضاعف الذي نحن فيه، وأما إذا كان قرر من الباب الرابع فالأمر منه قر بفتح القاف بعد التخفيف بالحذف والنقل فيتعين كونه مضاعفا؛ لأن وقر لا يجيء من الباب الرابع ولا من الثالث حتى يكون القاف مفتوحا قرن بفتح القاف "اقررن" بفتح الراء الأولى "فنقل فتحة الراء إلى القاف" فاستغني عن الهمزة فحذفت وحذفت اللام تخفيفا كما في ظلت "فصار قرن" بالفتح وجميع ما ذكره المصنف من الوجوه الثلاثة في قرن مذكور في الصحاح في وقر "هذا"؛ أي كون الإدغام ممتنعا عند كون ثاني المثلين ساكنا "إذا كان سكونه"؛ أي سكون ثاني المثلين "لازما"؛ أي غير منفك عنه مثل ظللت ومددت ورددت "وإذا كان" سكون الثاني "عارضا"؛ أي ثابتا بحال دون حال "يجوز الإدغام وعدمه نحو امدد" أمرا للمخاطب بفك الإدغام "ومد" أمر أيضا بضم الميم و"بفتح الدال" أصله امدد فنقل ضمة الدال إلى الميم للإدغام فاستغني عن الهمزة فحرك الدال الثانية بالفتح "للخفة"؛ أي لخفة الفتح "ومد" بضم الميم و"بكسر الدال؛ لأن الكسر أصل في تحريك الساكن" كما مر "ومد بضم الدال" والميم "للاتباع"؛ أي لاتباع حركة الدال الأخيرة لحركة العين فقد جاز في مد الحركات الثلاث، هذا إذا لم يكن بعده شيء، وأما إذا كان بعده ياء أو حرف ساكن فالكسر لازم، مثل: مدى ومد القوم، وإذا كان بعده ألف أو هاء المؤنث فالفتح لازم، نحو: مد أو مدها، وإذا كان واوا أو هاء المذكر فالضم لازم، نحو: مد واو مده وكذا عضه وفره، وقد يكسر بهاء المذكر نحو مده كذا قيل "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن الضم في مد للاتباع "لا يجوز فر" بضم الراء "لعدم الاتباع"؛ لأن فر من الباب الثاني فيكون عين مضارعه مكسور، فلا يتأتى ضم الراء للاتباع، وأما فر بفتح الراء وكسره وكسر الفاء فيهما وافرر بفك الإدغام فجائز على قياس ما مر، فإن قلت: يفهم من هذا الكلام أن الأمر سكونه عارض وقد مر أن الأمر عند البصريين مبني على السكون الأصلي بعدم مشابهته الاسم الفاعل، والأصلي لا يكون عارضا، قلت: إن بني تميم يدغمون في نحو لم يمد لكون سكون ثاني المثلين عارضا وينزلون الأمر منزلته في الإدغام؛ إذ الأمر

Zبل الموجود هنا مصحح الاتباع في الكسر؛ لأنه من باب يضرب "ولا يجوز الإدغام" بالاتفاق "في" نحو "امددن" ويمددن وامددن ومددت ونحو: ليمددن ولم يمددن؛ أي فيما اتصل به الضمير المرفوع "لأن سكون الثاني" فيها "لازم"؛ لأنه بسبب لازم وهو الضمير المرفوع المتصل الذي هو كالجزء من الكلمة بخلاف امدد وليمدد ولم يمدد؛ فإن سكونها عارض؛ لأنه بسبب عارض وهو الجازم؛ لأن أصل امدد لتمدد كما مر، وفي نحو امددن وليمددن ولم يمددن اعتبر اللازم فيه لكونه أقوى دون العارض ونظير سكون امدد وامددن حركة تاء رمتا ولام قولا "وتقول" في الأمر من المضاعف "بالنون الثقيلة مدن مدان" بفتح الدال "مدن" بضمها ويحذف الواو اكتفاء بالضم "مدن" بكسرها ويحذف الياء اكتفاء بالكسر "مدان امددنان و" تقول "بالخفيفة مدن" بفتح الدال "مدن" بضمها ويحذف الواو اكتفاء بالضم "مدن" بكسرها ويحذف الياء "واسم الفاعل منه ماد" أصله مادد أدغمت الدال الأولى بعد سلب حركتها في الثانية "و" اسم "المفعول ممدود" ولم يدغم لوجود الفاصل "واسما الزمان والمكان ممد" بفتح الميم أصله ممددا أدغمت الأولى بعد نقل حركتها إلى الميم الثانية "و" اسم "الآلة ممد" بكسر الميم الأولى أصله ممدد "والمجهول" من الماضي "مد" أصله مدد أدغمت الأولى في الثانية بعد سلب حركتها ومن المضارع "يمد" أصله يمدد نقلت حركتها الأولى وأدغمت في الثانية "ويجوز الإدغام" جوازا أعم من الواجب "إذا وقع قبل تاء الافتعال" ما يقاربها "من حروف اتئذر سشص ضط ظوى" وإنما قلبت

_ Qمأخوذ من المستقبل فكان الأمر فرعه والمستقبل أصل له فيكون سكون الأمر عارضا كالمجزوم، وإن كان عند البصريين مبنيا فأجري الأمر مجرى المستقبل في الإدغام اعتبار الحمل الفرع على الأصل فيقال: مد كما يقال لم يمد ويمد كذا ذكره ابن الحاجب "ولا يجوز الإدغام في مثل امددن"؛ أي لا يجوز الإدغام في الأمر إذا اتصل به نون جماعة النساء، وكذا لا يجوز الإدغام في الماضي إذا اتصل به الضمير المرفوع البارز المتحرك، وهي تسعة أمثلة نحو: مددن مدت مددتما مددتم مددت مددتما مددتن مددت مدننا "لأن سكون" المثل "الثاني" فيما ذكره المصنف وفيما ذكرنا أيضا "لازم" لا عارض، فإن قلت: ما الفرق بين مثل لم يمدد وامدد وبين مثل مددت على مذهب بني تميم مع أن سكون الدال في مددت عارض كعروض السكون في لم يمد وامدد، ومع هذا لم يدغم قلت: إن السكون في مددت وإن كان عارضا لكن لا ينفك مع تاء الضمير فكأنه لازم، وفي لم يمدد قد يزول عند زوال الجوازم وامدد منزل منزلته، فإن قلت: اتصال التاء بمددت كاتصال لم بيمد، فكما أن ذلك لازم عنده فكذلك الآخر، قلت: التاء منزل منزلة الجزء من الكلمة؛ لأنه فاعل والفاعل كالجزء والجازم كلمة مستقلة فلذلك فرق بينهما بنو تميم فأدغموا في نحو لم يمد وفيما ينزل منزلته من الأمر، ولم يدغم أحد في مثل مددت وظللت وامددن وغير ذلك مما يتصل به الضمير المرفوع المتحرك إلا في شذوذ رديء كذا في شرح كافية التصريف، وإذا علمت ذلك فاعلم أن تحريك الثاني في مثل لم يمدد وامدد للإدغام نظرا إلى عروض سكونه لا ينافي جزمه ولا سكونه؛ لأن هذه الحركة إنما هي لأجل الإدغام فتكون عارضة كسكونه والحركة العارضة كالسكون فلهذا لا يدغم نحو: لن يحيي ولن يحايي، فإن قلت: كيف يجوز أن يكون الحركة والسكون عارضين معا في شيء واحد في حالة واحدة؟ قلت: جاز أن يكونا عارضين باعتبارين، فإن السكون في مثل لم يمد عارض باعتبار أن أصله يمدد بالرفع فأسكن عند دخول الجازم عليه، ثم حرك بعده هذا السكون لأجل الإدغام اعتبارا بالأصل فكانت حركته بهذا الاعتبار عارضة بالنسبة إلى الكون الحاصل له بالجازم، ومعنى اعتبار الأصل في مثل لم يمدد أنه جاز تحريكه بعد السكون لكونه متحركا في الأصل؛ لأن الحركة الأصلية باقية بعينها، ويدغم بها من غير تحريك جيد، وإذا اتضح الحال عندك في مثل لم يمدد اتضح الأمر في الأمر من المضاعف "بالنون الثقيلة"؛ أي إذا اتصل به نون التأكيد المشددة "مدن مدان" بضم الميم وفتح الدال فيهما "مدن" بضمتين وحذف الواو اكتفاء بالضمة "مدن" بكسر الدال وحذف الياء اكتفاء بالكسرة "مدان مددنان وبالخفيفة"؛ أي تقول في الأمر من المضاعف بالنون للخفيفة "مدن" بضم الميم وفتح الدال و"مدن" بضمتين وحذف الواو و"مدن" بالكسر حذف الياء "واسم الفاعل" من المضاعف "ماد" أصله مدد بوزن ضارب فأدغمت الأولى في الثانية بعد سلب حركتها، وكذا مادان مادون مادتان ومادات ومواد "و" اسم "المفعول ممدود" إلى آخره بفك الإدغام؛ لأن الواو يتوسط بين المثلين فيمتنع الإدغام "واسم الزمان والمكان ممد" بفتحتين أصله ممدد بفتح الميم والدال الأوليين، فنقل فتحة الدال إلى الميم وأدغم فصار ممد، وكذا ممدان وممدون ممدة ممدتان ممدات "واسم الآلة ممد" بكسر الأول وفتح الثاني أصله ممدد بكسر الأول وسكون الثاني وفتح الثالث، ثم أدغم فصار ممد، وكذا ممدان ممدون ممدة ممدتان وممدات "والمجهول" من الماضي "مد" إلى آخره يضم الميم وفتح الدال أصله مدد فأدغم ومن المضارع "يمد" إلى آخره بضم الياء وفتح الميم أصله يمدد فأدغم "ويجوز الإدغام إذا وقع قبل تاء الافتعال" حرف "من حروف اتئذر سشص ضط ظوى"؛ أي إذا وقع حرف من هذه الحروف قبل تاء الافتعال جاز إدغامها في تاء الافتعال، إما بجعل

Zمع هذه الحروف لما بينها وبين ما قبلت هي إليها من مقاربة في المخارج ومساعدة في الصفات فقلبوها إلى مقارب لها موافق لصفتها، وأورد على ترتيب اللف أمثلتها فقال: "نحو اتخذ وهو"؛ أي إدغام اتخذ "شاذ" إذا كان من الأخذ؛ لأن أصله حينئذ ائتخذ قلبت الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، ثم قلبت الياء تاء فأدغمت التاء في التاء على غير القياس؛ لأن الياء المبدلة لا تقلب تاء، بل الياء التي يجوز أن تقلب تاء قياسا، إنما هي الياء الأصلية وها هنا ليست الياء أصلية، وأما إذا كان من اتخذ من باب علم بمعنى الأخذ فلا شذوذ فيه "ونحو اتجر" أصله ائتجر؛ لأنه من التجر من باب نصر؛ أي عمل التجارة فأدغمت التاء في التاء وجوبا "ونحو اثار" بالثاء المثلثة أصله ائثار؛ لأنه من ثار من باب فتح؛ أي قتل القاتل وجب فيه الإدغام على التعاكس، وهو معنى قوله: "ويجوز فيه اتار بالتاء؛ لأن التاء والثاء من المهموسة" وهي ما لا ينحصر

_ Qالتاء من جنس الفاء نحو اسمع أو بالعكس، نحو: اتعد وجاز أيضا تركه لكن لا في كلها؛ إذ في بعضها لا يجوز البيان سيما في اتخذ فإن الإدغام فيه ضروري وستطلع على تفاصيلها، ففي تنصيص المصنف بجواز الإدغام من غير تفصيل مسامحة اعتمادا على ما سيجيء من التفصيل "مقدمة" اعلم أنه كما جاز الإدغام إذا تقارب حرفان في المخرج نظرا إلى هذه المقاربة وإن لم يتجانسا، فكذا جاز الإدغام إذا تقاربا في صفة من الصفات اللازمة لهما نظرا إلى هذه المقاربة وإن لم يتجانسا ولم يتقاربا في المخرج، وتلك الصفة مثل: الهمس والجهر والشدة والرخوة والاستعلاء والإطباق وغير ذلك، والحرف باعتبار الصفات تنقسم إلى ثمانية عشر صنفا بعضها مذكورة في الكتاب وبعضها غير مذكورة فيه، ونحن نقتصر الكلام بالمذكور فيه، وهذا الانقسام ليس من جهة واحدة، بل من جهات مختلفة، لكنها تتداخل فيها الحروف، حتى إن الحرف الواحد يقع في صنفين منها أو أكثر بحسب ما يعرض فيه من الصفات كالخاء، فإنه قد يعرض له الهمس فيكون من المهموسة، وقد يعرض له الاستعلاء فيكون من المستعلية، إذا علمت ذلك فاعلم أن الحروف الأربعة عشر التي ذكرها المصنف بقوله اتثدذزشص صط ظوى إذا وقع قبل تاء الافتعال يجوز إدغامها في تاء الافتعال؛ لأن بعضها متجانس لتاء الافتعال وبعضها متقارب لها في المخرج وبعضها متقارب لها في الصفة، ورتب لها أربعة عشر مثالا على ترتيب ذكر هذه الحروف كما ترى قوله: "نحو اتخذ" خبر مبتدإ محذوف تقديره مثال ما ذكرناه نحو اتخذ و"شاذ" أيضا خبر مبتدأ محذوف تقديره وهو شاذ يدل عليه عطف قوله: نحو اتجر، على قوله: نحو اتخذ، وبيان الشذوذ فيه أن اتخذ بالتاء من الأخذ، فيكون أصله ائتخذ بهمزتين، فقلبت الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فصارا يتخذ، ثم أبدلت الياء من التاء وأدغم التاء في التاء، ولكن لما لم تكن الياء لازمة لصيرورتها همزة إذا جعلته ثلاثيا كان إدغامها في التاء بعد قلبها تاء شاذا؛ إذ من شرط الإدغام اللزوم على ما سيجيء، هذا إذا كان أصله أخذ، ويجوز أن يكون أصله تخذ فحينئذ يكون إدغام تاء الافتعال فيه قياسا كما في اتجر. واعلم أنه يجوز الإدغام وتركه على الوجه الأول، وأما على الثاني فالإدغام واجب، وفي الصحاح يقال: ائتخذوا في القتال بهمزتين؛ أي أخذ بعضهم بعضا، والاتخاذ افتعال أيضا من الأخذ إلا أنه أدغم بعد تليين الهمزة وإبدال التاء، ثم لما كثر استعماله على لفظ افتعال توهموا أن التاء أصلية فبنوا منه أفعل يفعل وقالوا اتخذ يتخذ، وعليه قراءة من قرأ: لتخذت عليه أجرا "و" نحو "تجر" أصله تجر فنقل إلى باب الافتعال فاجتمع حرفان متجانسان أولاهما ساكنة وهو تاء الافتعال وثانيتهما متحركة وهي تاء تجر، فوجب الإدغام ضرورة "و" نحو "اتأر" بنقطتين من فوق "يجوز فيه اثأر" بثلاث نقط "ضابطه" ولما تحقق أن الإدغام هو النطق بحرفين من مخرج واحد دفعة واحدة من غير فصل بينهما لضرب من الخفة وجب إذا قصد إدغام المتقارب أن يقلب أحدهما إلى الآخر لاستحالة الإدغام إذا لم يقلب وترك كما هو؛ إذ حقيقة الإدغام ينافي إبقاء الأول على حال يخالف الثاني في الحقيقة، والقياس أن يقلب الأول إلى الثاني ثم يسكن إن كان متحركا فيحصل الإدغام حينئذ بإدخال الأول في الثاني، وقد يعرض ما يؤدي إلى العكس فينقلب الثاني إلى الأول، وذلك في إذبحتودا في اذبح عتودا، فيجري فيه على خلاف الأصل ويقلب العين المتأخرة حاء، فيجتمع حاءان، ثم أدغم الحاء المتأخرة في الحاء المتقدمة فيقال: إذ بحتودا فيخرج من الحاء المشددة إلى التاء وسقط العين من اللفظ، وإنما هجروا الأصل وأدغموا الثاني في الأول على خلاف القياس؛ كراهة من الخروج من حرف خفيف إلى حرف هو أثقل منه؛ لأن العين أثقل من الحاء؛ لأن في العين قدرا من التهوع وهي قريبة من الهمزة فلأجل هذا العارض قلت الثاني إلى الأول، وكذلك في اذبحاذه في اذبح هذه كذا حققه ابن الحاجب، إذا علمت ذلك فاعلم أن قلب الثاني إلى الأول إما مع جواز قلب الأول إلى الثاني أيضا، وإما مع عدم جوازه، فالثاني في مثل اذبح عتودا، والأول في مثل اثار يثار اثارا "من الثأر"، يقال ثأرت القتيل؛ أي قتلت قاتله فإنه يجوز فيه قلب الأول إلى الثاني وبالعكس "لأن" التاء بنقطتين من فوق "والثاء" بثلاث نقط "من" الحروف "المهموسة" الحروف العربية منقسمة إلى مهموسة ومجهورة والمهموسة هي الحروف التي يجري النفس معها ولا يحتبس عند النطق بها والمجهورة بخلافه، وإنما سميت مهموسة؛ لأن الصوت بها ضعيف؛ إذ الهمس هو الصوت الخفي قال الله تعالى: {فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} وهذه الحروف ضعف الاعتماد عليها في موضعها حتى جرى معها النفس

Z"ولا يحتبس جري النفس مع تحركه وحروفها ستشحثك خصفة" وما عداها مجهور به، وهي ما ينحصر جري النفس نحو تحركه، وخصفة اسم امرأة، والشحث الإلحاح في المسئلة، ومعناه لحت عليك هذه المرأة "فيكونان"؛ أي التاء والثاء "من جنس واحد نظرا إلى المهموسية" مع تقارب مخرجيهما بخلاف استمع وإن كان السين والتاء من المهموسية وتقارب مخرجيهما؛ لأن تقاربهما في المخرج ليس بمرتبة تقارب التاء والثاء في المخرج، فإن بين مخرجي التاء والثاء مخرجي حرفين هما الدال والطاء، وبين مخرجي السين والتاء مخرج ثلاثة أحرف هن الدال والثاء والطاء، ولذلك ثقل الجمع بين الثاء والتاء في التلفظ، ولذلك وجب الإدغام أينما اجتمعتا، والأولى ساكنة بخلاف الجمع بين السين والتاء، وإن شئت تحقيق ما سمعت فارجع إلى وجدانك في اثتأر واستمع، وليس أيضا بين السين والتاء اتحاد في الصورة فلم يكونا كالمتحدين في الذات فلم يجب فيه الإدغام بخلاف التاء والثاء؛ فإنهما متحدان في الصورة فوجب الإدغام "فيجوز لك الإدغام بجعل التاء" بنقطتين "ثاء" بثلاث "والتاء ثاء" على العكس والأخير أفصح؛ لأن الأول هو الذي يدغم في الثاني فينبغي أن يبقى الثاني على لفظه، إلا أنه قدم الأول نظرا إلى مثال ظاهر لما هو بصدده. واعلم أن الزمخشري ذهب إلى وجوب الإدغام في هذه الصورة نظرا إلى الاتحاد الصوري والاتحاد المهموسي وتقارب المخرج، وتبعه المصنف وابن الحاجب، وقد نص سيبويه على جواز البيان نظرا إلى عدم اتحادهما في الذات وتبعه شارح الهادي "ونحو ادان" أصله أدتان؛ لأنه من دان من باب ضرب؛ أي أخذ الدين "لا يجوز فيه غير إدغام التاء في الدال" يريد لا يجوز فيه غير الإدغام، وتخصيص التاء في الدال لتعيين طريق الإدغام لا للاحتراز عن إدغام التاء بقلب الدال تاء فلا يكون التعليل للقيد، بل لمطلق وجوب الإدغام وعدم جواز البيان، كما يدل عليه سوق كلامه، وما قاله الشيخ عبد القاهر في دلائل الاعجاز إن محط الفائدة في الكلام المقيد فإنما هو فيما لم يكن للقيد فائدة غير مفهوم المخالفة، وهنا فائدة غيره وهو تعين طريق الإدغام كما ذكرنا، وإنما وجب الإدغام في ادان "لأنه إذا جعلت التاء دالا"؛ أي إذا لم يكن يترك التاء على حالها "لبعده من الدال في المهموسية"؛ لأن التاء مهموس والدال مجهور فبينهما بعد في الصفة؛ أي المهموسية والبعد بين الحرفين في الصفة يوجب عسر التلفظ بهما فوجب دفع هذا البعد بقلب أحدهما ليسهل التلفظ وقلبوا التاء حرفا ليوافق ما قبله في الصفة؛ أعني الدال قصدا لنفي البعد والتنافر "ولقرب الدال من التاء في المخرج بحيث لا واسطة بين مخرجيهما ولذلك قارب المثلين حتى لا يجوز الإظهار إذا اجتمعتا، ووجد شرائط الإدغام من تحرك الثاني وعدم الالتباس، بخلاف استدان لسكون الثاني تقديرا، وبخلاف دتر للالتباس، والظاهر أن يقول لقرب التاء من الدال؛ لأن الدال هو الأصل المقلوب إليه واعتبار القرب في الفرع المقلوب؛ أعني التاء الأولى، لكن لما كان القرب باعتبار المخرج، وكان مخرج التاء مبدأ لمخرج النوع الذي للتاء والدال والطاء جعله أصلا ولم يعكسوا بأن يقلبوا الدال تاء ترجيحا للأصل على الزائد "يلزم حينئذ حرفان من جنس واحد فيدغم"

_ Q"وحروفها" عشرة وهى الهاء والحاء والخاء والكاف والتاء والصاد والسين والشين والفاء يجمعها "ستشحثك خصفة" وأيضا سكت فحثه شخص. والأول أخصر منه غير أن الثاني أحسن؛ لأن له معنى مفهوما وهو ظاهر، وقيل إن للأول معنى أيضا؛ لأن الشحث الإلحاح في المسألة والشحاث الشحاذ المكدى يقال أكدى الرجل؛ أي قل خيره، وخصفة اسم امرأة ومعناه ستكدي عليك هذه المرأة، وإن عرفت المهموسية يكونان "من جنس واحد نظرا إلى المهموسية" وإن لم يكونا من جنس واحد نظرا إلى ذاته وإلى مخارجه "فيجوز لك الإدغام" في اثأر "بجعل الثاء" بثلاث نقط "تاء"؛ أي بقلب الأول إلى الثاني وهو الأصل "وبالعكس"؛ أي بقلب الثاني إلى الأول وهو خلاف الأصل؛ لأن التاء والثاء متقاربان في الصفة الهمس، فيجوز قلب أحدهما إلى الآخر، قال بعض المحققين: قلب الثانية إلى الأولى فصيح لكثرة استعماله في كلامهم، وإن كان على خلاف القياس، لكن قلب الأولى إلى الثانية أفصح لكونه جاريا على الأصل "ونحو دان لا يجوز فيه غير إدغام الدال في الدال؛ لأنه"؛ أي الشأن "إذا جعلت التاء دالا لبعده من الدال في المهموسية لقرب الدال من التاء في المخرج يلزم حينئذ حرفان من جنس واحد فيدغم" "قاعدة" اعلم أنه إذا وقعت تاء الافتعال بعد ثلاثة أحرف، وهى الدال والذال والزاي تقلب دالا مهملة؛ لأن هذه الحروف الثلاثة مجهورة والتاء حرف مهموس، وبين المجهور والمهموس تضاد والجمع بين المتضادين ثقيل فأرادوا التجانس بينهما وأبدلوا من مخرج التاء حرفان مجهورا وهو الدال المهملة ولم يعكسوا؛ أي ولم يبدلوا من مخارج هذه الحروف الثلاثة حرفا مهموسا؛ لأنها فاء الفعل والتاء زائدة والزائدة أولى بالتصرف وصورها ثلاث أولها ما يكون منه فاء الفعل دالا مهملة، وثانيها ما يكون منه فاء الفعل ذالا معجمة، وثالثها ما يكون منه فاء الفعل زايا معجمة، وإذا انتقش في ذهنك هذه القاعدة فنقول: إن أدان من الصورة الأولى؛ لأن أصله ادتين على وزنه افتعل إلا أن الياء التي هى عين الفعل لما تحركت وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فصار ادتان، ثم أبدلت التاء دالا؛ لأن تاء الافتعال من المهموسية والدال الذي وقع فاء الفعل من المجهورة

Zأي يدغم أحداهما في الآخر أو يقع إدغام بينهما وجوابا. والحاصل أن قوله: جعلت التاء دالا يدل على معنيين أحدهما لم يبقيا على حالهما، والآخر قلب أحدهما من جنس الآخر، فقوله: لبعده من الدال في المهموسية علة للمعنى الأول، وقوله: لقرب الدال من التاء في المخرج علة للمعنى الثاني كما مر نظيره في كلامه "ونحو اذكر" بالذال المعجمة والإدغام أصله ادتكر؛ لأنه من ذكر من باب نصر "يجوز فيه ادكر" بالدال الغير المعجمة والإدغام "واذدكر" بالفك "لأن الذال" المعجمة "من" الحروف "المجهورية" والتاء من المهموسية فبينهما بعد في الصفة "فجعل التاء دالا" إذالة لذلك البعد مع القرب بينهما في المخرج، ولم يقلب التاء إلى الذال من أول الأمر لعدم قرب المخرج بينهما "كما" جعلت التاء دالا "في ادان" للعلة المذكورة "فيجوز لك" الإدغام بعد الجعل المذكور "نظرا إلى اتحادهما"؛ أي الدال والذال "في المجهورية" وقوله: "يجعل الدال ذالا والذال دالا" على التعاكس متعلق بالإدغام "و" يجوز لك "البيان"؛ أي عدم الإدغام "نظرا إلى عدم اتحادهما في الذات" إذ الذال غير الدال ذاتا "ونحو ازان" أصله ازتان؛ لأنه من زان من الزين "مثل اذكر" في جواز الإدغام بعد قلب التاء للبعد بين الزاي والتاء في صفة المهموسية وصفة الصفير، وفي جواز عدم الإدغام أيضا، فتقول: ازدان كما تقول إذدكر الإدغام في اذكر قوي فصيح بخلاف الإدغام في ازان فإنه ضعيف غير فصيح لعدم قرب المخرج بين الدال والزاي إلا أنهما متحدان في صفة الجهر بخلاف التاء؛ فإنها مهموسية فلذلك لم تقلب التاء زايا ابتداء "ولكن لا يجوز فيه الإدغام يجعل الزاي دالا" بل يجعل الدال زايا

_ Qوبين المجهورة والمهموسة تضاد والجمع بين المتضادين ثقيل، وهذا معنى قوله: لبعده من الدال في المهموسية فوجب قلب إحداهما إلى حرف يوافق الأخرى؛ طلبا للخفة فأبدلوا التاء حرفا من مخرحه وهو الدال ولم يعكسوا لما ذكرنا في القاعدة، وهذا معنى قوله: ولقرب الدال من التاء في المخرج ثم أدغم الدال الأولى الأصلية في الدال الثانية المنقلبة من التاء على سبيل الوجوب؛ لأنه اجتمع مثلان أولاهما ساكنة فصار ادان بتشديد الدال ومعناه استقرض، وهذا معنى قوله: يلزم حينئذ حرفان من جنس واحد فيدغم هذا ما فهمته من كلام المحقق ابن الحاجب تغمده الله بغفرانه موافقا لما ذكره المصنف، وقيل: لا يجوز قلب الدال تاء وإدغام التاء في التاء؛ لأنه لو فعل كذلك لم يعلم أنه من الدين أم لا. واعلم أن كل كلمة جاز فيه الإدغام بقلب الثاني إلى الأول على خلاف القياس ولم يجز فيه الإدغام بقلب الأول إلى الثاني على القياس يكون فيها شذوذان؛ أحداهما قلب الثاني إلى الأول، والثاني امتناع القياس وهو قلب الأول إلى الثاني، ولذلك قال بعضهم: إن مثل ادان واسمع شاذ على الشاذ "و" من الصورة الثانية "نحو اذكر" بعد النسيان بالذال المعجمة؛ لأن أصله اذتكر على وزنه افتعل، فأبدلوا من التاء دالا لما ذكرنا من أن الذال من المجهورة والتاء من المهموسة وبينهما تضاد فأرادوا التوافق بينهما، وأبدلوا من مخرج التاء حرفا مجهورا وهو الدال المهملة فاجتمع مع الذال المعجمة وهما مجهورتان فتوافقا في الصفة لا في الذات ولا في المخرج، ولذا جاز الإدغام والبيان وإليه أشار بقوله: "يجوز فيه ادكر" بالدال المهملة بقلب الأول إلى الثاني، كما يجوز اذكر بالذال المعجمة بقلب الثاني إلى الأول على خلاف القياس، لكن الأول أقوى وأفصح لكونه على وفق القياس ومجيئه في التنزيل قال الله تعالى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} "و" يجوز أيضا "اذدكر" بفك الإدغام قوله: "لأن الدال والذال من" الحروف "المجهورة" إلى آخره دليل على جواز الوجوه الثلاثة، والمجهورة هى احروف التى لا يجري النفس معها ويحتبس عند النطق بها على خلاف المهموسة، وإنما سميت مجهورة لارتفاع الصوت بها وسبب ارتفاع الصوت بها كونها حروفا اتسعت وقوي الاعتماد عليها فى موضعها حتى بلغ الصوت أن يجهر معها؛ لأن الجهر الصوت المرتفع، وإنما لم يبين المجهورة كما بين المهموسة بقوله: ستشحثك خصفة؛ لأنها تعلم من المهموسة؛ لأن الحروف تنحصر في المجهورة والمهموسة، وجملة الحروف تسعة وعشرون والمهموسة عشرة فبقي تسعة عشر وهي المجهورة، فلا نعيدها لظهورها، وإنما اختار ذلك ولم يعكس لقلة الحروف المهموسة، والجوهري جمعها في قولك: ظل قوربض إذا غز اجند مطيع "فجعل التاء دالا كما في ادان"؛ أي لبعده من الدال في المهموسية ولقرب الدال من التاء في المخرج وقد عرفت معناه "فيجوز لك الإدغام نظرا إلى اتحادهما" اتحاد الذال والمعجمة والمهملة "في المجهورية بجعل الدال" المهملة "ذالا" معجمة فيجتمع ذالان ثم أدغم الأولى في الثانية فصار اذكر بالذال المعجمة المشددة "و" جعل "الذال" المعجمة "دالا" مهملة ثم أدغم فيها بعدها فصار ادكر الدال المهملة المشددة "و" يجوز لك "البيان" وهو إظهار كل واحد من الدال والذال نحو اذدكر لا بيان كل واحد من التاء والذال؛ إذ قلب التاء دالا واجب كما مر "نظر إلى عدم اتحادهما"؛ أي الدال والذال "في الذات و" لا في المخرج وإن اتحد في "الصفة" ومن الصورة الثانية "نحو ازان" بمعنى تزين وأصله ازتين فقلبت الياء دالا طلبا للتوافق بينهما كما مر في الصورتين الأوليين، فيكون ازان "مثل اذكر" في جواز جميع ما ذكر فيه "ولكن لا يجوز الإدغام" في ازان "بجعل الزاي دالا" يعني لما قلبت التاء دالا اجتمع فيه الزاي المعجمة والدال المهملة، والقياس حينئذ جواز الوجوه الثلاثة؛ أي الإدغام بقلب الأولى إلى الثانية وبالعكس والبيان كما في اذكر، ولكن لم يجز الإدغام بجعل الزاي دالا مع أن القياس جوازه

Zلاتحادهما في المجهورية "لأن الزاي أعظم من الدال في امتداد الصوت فيصير حينئذ"؛ أي حين جعل الزاي دالا وإدغام الدال في الدال "كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة" في عدم رعاية التناسب بين الظرف والمظروف "أو لأنه"؛ أي ازان على تقدير إدغام الزاي في الدال "يوازي" ويلتبس "بادان" من الدين "ونحو اسمع" أصله استمع؛ لأنه من سمع "يجوز فيه الإدغام" بقلب التاء سينا "لأن التاء والسين من المهموسية" مع تقاربهما في المخرج "و" لكن "لا يجوز الإدغام يجعل السين تاء" بأن يقال اتمع "لعظم السين في امتداد الصوت" فتعين أن يكون الإدغام فيه بجعل التاء سينا "ويجوز البيان" بأن يقال استمع "لعدم الجنسية في الذات ونحو اشبه" أصله اشتبه؛ لأنه من الشبه "مثل استمع" في الأحكام المذكورة "ونحو اصبر" أصله اصتبر؛ لأنه من صبر من باب ضرب "يجوز فيه اصطبر" بالطاء وقلب التاء إليه دون اصتبر بإبقاء التاء على حالها "لأن الصاد من المستعلية المطبقة وحروفها"؛ أي الحروف التي هي المستعلية فالإضافة بيانية لا حروف المستعلية المطبقة؛ إذ الثلاثة الأخيرة ليست منها "صضطظ خغق. الأربعة الأولى"

_ Q"لأن الزاي أعظم من الدال في امتداد الصوت" اعلم أنهم قسموا الحروف إلى الصفير وغير الصفير، والصفير هي الصاد المهملة والزاي المعجمة والسين المهملة، وإنما سميت حروف الصفير؛ لأن المتكلم يصفر عند اعتماده على موضعها، ومنهم من ألحق السين لها وجعل حروف الصفير أربعة، وغير الصفير أقسام ستة وإن أردت التفصيل فعليك بالمطولات، ومن قاعدتهم أنهم لم يدغموا الصفير في غيره لفوات الصفر منها؛ أي لفوات هذه الصفة منها عند الإدغام في غير الصفير وحفظها مقصود؛ لأن لبعض الصفات فضيلة كالغنة والمدة والخفة وغير ذلك فيجب محافظتها، فلو أدغم حرف ذو فضيلة في حرف ليس فيه تلك الفضيلة فأنت فضيلة الحرف الأول بسبب الإدغام كانت رديئة، وأما إذا أدغم في مثله جاز لعدم فوات الفضيلة حينئذ، ولهذا قال الفاضل المحقق ابن الحاجب ولا تدغم حروف ضوى مشفر فيما يقاربها؛ لأن لكل واحد منها فضيلة ليست لمقاربها؛ إذ في الشين تفش وفي الضاد استطالة، وفي الفاء قدر من التفشي، وفي الياء مدة، وفي الراء تكرير، وفي الميم غنة، وفي الواو مدة، والإدغام يبطل هذه الفضائل والصفات والمزايا والخاصيات مع كونها مقصودة مطلوبة، فامتنع الإدغام محافظة عليها وتحرزا من فوتها ولا حروف الصفير في غيرها لفوات المحافظة على الصفير منها إلى هنا عبارته، وإذا علمت ما تلوناه فاعلم أن الزاي من حروف الصفير وفيها صوت ليس في غيرها وامتداد الصوت فضيلة يجب محافظتها؛ لأنه نوع تخفيف وتحسين الدال ليست من الصفير فلا يكون فيها تلك الفضيلة، فإذا أدغم الزاي فيه زالت تلك الفضيلة عنه؛ لأنه حينئذ يقلب دالا وليس فيه تلك الفضيلة ولو حفظ الامتداد عند الإدغام أيضا "فيصير حينئذ كوضع القصعة الكبيرة في" القصعة "الصغيرة" فكما لا يدخل القصعة الكبيرة في القصعة الصغيرة لامتناع محافظتها إياها كذلك لا يدخل ما فيه امتداد فيما ليس فيه امتداد لامتناع محافظة إياه، فإن قلت: إذا أدغم الزاي في الدال قلبت أولا دالا فيزول امتداده، ثم يدغم فلا يصير حينئذ كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة، قلت: إن كلام المصنف مبني على محافظة الفضيلة فكأنه قال: إن للزاي إمدادا مطلوبا فلو أدغم في الدال يجب محافظته أيضا وإن قلبت دالا فيصير حينئذ كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة بلا ريب قوله: "أو لأنه" عطف على قوله: لأن الزاي أعظم؛ أي لا يجوز الإدغام بجعل الزاي دالا، إما لما ذكرنا من عظم الزاي، وإما لأنه "يوازي"؛ أي يلتبس ازان بالزاي "بادان" بالدال؛ إذ لو أدغم بقلب الزاي دالا لم يعلم أن أصله ازتان من الزينة أو اذتان من الدين "ونحو اسمع" أصله استمع "يجوز فيه الإدغام" يجعل التاء سينا نظرا إلى اتحادهما في الصفة "لأن السين والتاء من المهموسة و" لكن "لا يجوز" فيه "الإدغام بجعل السين تاء" وإن كان على وفق القياس "لعظم السين في امتداد الصوت"؛ لأنه حرف الصفير وقد عرفت أن فيه امتدادا والتاء ليس منه فلا يكون فيه امتداد فلو أدغم السين في التاء يصير كوضع القصعة الكبيرة في الصغيرة وهو ممتنع، فلا يجوز أن يقال اتمع "ويجوز البيان لعدم الجنسية بينهما في الذات" فاستمع لما نتلو عليك "ونحو اشبه" أصله اشتبه "مثل اسمع" يعني يجوز الإدغام فيه بقلب التاء شينا على خلاف القياس؛ نظرا إلى اتحادهما في المهموسية، ولكن لا يجوز الإدغام فيه بجعل الشين تاء على وفق القياس لعظم الشين في امتداد الصوت؛ إذ هو حرف الصفير أيضا على قول كما مر، أو لأن في الشين تفشيا فلو أدغم في التاء زالت عنه هذه الصفة، فلا يقال اتبه ويجوز البيان لعدم الجنسية بينهما في الذات نحو اشتبه "ونحو اصبر" أصله اصتبر "يجوز فيه اصطبر" بقلب التاء طاء وإظهارها "لأن الصاد من" الحروف "المستعلية المطبقة" بكسر الباء. الحروف تنقسم إلى مطبقة ومنفتحة، فالمطبقة هي التي ينطبق على مخرجه الحنك؛ أي متى اعتمد اللسان على مخارج هذه الحروف انطبق عليه ما يحاذيه الحنك الأعلى والتصق ظهر اللسان به وانحصر بينهما الصوت، وهي الصاد والضاد والطاء والظاء. وسبب التسمية بها ظاهر حرفا وسميت منفتحة؛ لأنك لا تطبق بشيء منها لسانك فترفعه إلى الحنك، وأيضا تنقسم الحروف باعتبار آخر إلى مستعلية ومنخفضة والمستعلية ما يرتفع اللسان إلى الحنك أطبقت أو لم تطبق، وهي الصاد والضاد والطاء والظاء والخاء والغين المعجمتان والقاف وعبر عنها المصنف بقوله: "وحروفها صضطظ خغق" فيكون المستعلية أعم من المطبقة فكل مطبقة مستعلية بدون العكس ولذلك قال "الأربعة الأولى" منها

Zوهى الصاد والضاد والظاء "مستعلية مطبقة" أما استعلاؤها فلارتفاع اللسان بها إلى الحنك، وأما إطباقها فلانطباق اللسان معها على الحنك الأعلى فظهر مما ذكرنا أن الاسمين المذكورين مجازان؛ لأن المستعلية والمطبقة في الحقيقة، إنما هو اللسان فمعناه مستعل عنده اللسان ومثل هذا الافتقار كثير في اللغة كما قيل للمشترك فيه مشترك "والثلاثة الأخيرة"؛ أي الخاء والغين والقاف "مستعلية فقط"؛ أي بدون الإطباق فلا يلزم من الاستعلاء الإطباق، ويلزم من الإطباق الاستعلاء فالمستعلية عام والمطبقة خاص "والتاء" عطف على الصاد "من المنخفضة" وهى ما لا يستعلى بها اللسان إلى الحنك عند النطق بها وهذا الاسم مجاز أيضا وحروفها ما عدا حروف المستعلية قوله: "فجعل التاء طاء" حاصل المعنيين أحداهما لم يبق التاء على حالها وثانيهما قلبت الطاء تاء، كما أن قوله: يجوز فيه اصطبر حاصل لهما كما أشرنا إليه ثمة فقوله: "لمباعدة بينهما"؛ أي بين الصاد والتاء في صفة الاستعلاء والانخفاض، وفي صفة الشدة والرخاوة، ولأن التاء حرف شديد والصاد رخوة فيعم الجمع بينهما في التلفظ علة للمعنى الأول "وقرب التاء من الطاء في المخرج" علة للمعنى الثاني، وقد عرفت أن البعد بين الحرفين في صفة يوجب تعسر النطق بهما فقلبوا التاء حرفا يوافق ما قبله في الصفة، وهو الطاء قصدا لازالة تعسر النطق "فصار اصطبر" وإنما لم يعد اللام في المعطوف هناك كما أفاده في بحث ادان لقرب المعطوف عليه هناك "كما في ست أصله سدس" بدليل سديس وأسداس "فجعل السين والدال تاء لقرب السين من التاء في المهموسية و" لقرب "التاء من الدال في المخرج" والشدة هذا تشبيه في قلب حرف حرفا لمباعدة بين القلوب، وما يقارنه من وجه لمقاربة بينه وبين المقلوب إليه من وجه آخر فإن بين السين والدال مباعدة في صفة الجهر وفيصفة الشدة فلإزالة هذه المباعدة لم تترك السين على حالها، وقلبت تاء لمقاربة بينهما في الهمس، ولم يترك الدال أيضا على حاله لمباعدة بينه وبين التاء في المهموسية ولم يذكر المباعدة في المشبه به؛ أي سدس اعتمادا على فهم المتعلم مع أن المباعدة بين الدال والتاء قد ذكرت في بحث ادان وقلبت تاء لمقاربة بينهما في المخرج "ثم أدغم" التاء في التاء "فصار ست ثم يجوز لك الإدغام في اصطبر بجعل الطاء صادا نظرا إلى اتحادهما في الاستعلائية"؛ أي في النسبة إلى الاستعلاء "نحو اصبر، ولا يجوز لك الإدغام فيه بجعل الصاد طاء لعظم الصاد" في امتداد الصوت

_ Q"مستعلية ومطبقة والثلاثة الأخيرة" وهى الحاء والغين والقاف "مستعلية فقط" وإنما سميت بذلك؛ لأن اللسان يعلو بها إلى الحنك، والمنخفضة ما عدا هذه السبعة فتكون اثنين وعشرين حرفا، ومعنى الانخفاض فيها يفهم مما ذكر في الاستعلاء فهي ما لا يرتفع اللسان بها إلى الحنك فلا يحصل الانطباق ولذلك سميت بها؛ لأن اللسان لا يعلو بهن وقوله: "والتاء من المنخفضة" عطف على قوله؛ لأن الصاد من المستعلية. "قاعدة" إذا وقعت تاء الافتعال بعد أحد الحروف الأربعة التى هى الحروف المطبقة المستعلية، وهى الصاد والضاد والطاء والظاء تقلب وجوبا طاء مهملة، كما تقلب إذا وقعت بعد الدال والذال والزاي دالا مهملة كما مر، وذلك لما بين حروف الأطباق وبين التاء من التضاد والتنافر وجمع المتضادين ثقيل فطلبوا حرفا من مخرج التاء يوافق الحروف المطبقة في الأطباق؛ ليسهل النطق بها وهو الطاء، ولم يعكسوا لما مر من أن التاء زائدة والزائدة أولى بالتصرف وصورها أربع؛ أحدها ما يكون فاء الفعل صادا، وثانيها ما يكون فاء الفعل ضادا نحو اضرب، وثالثها ما يكون فاء الفعل طاء نحو اطلب، ورابعها ما يكون فاء الفعل ظاء نحو اظلم وسيأتي تفاصيلها وإذا تقرر عندك هذه القاعدة فنقول إن اصطبر من الصورة الأولى؛ لأن أصله اصتبر "فجعل التاء طاء لمباعدة بينهما"؛ لأن الصاد من المستعلية المطبقة والتاء من المنخفضة وبينهما مباعدة وتضاد، والجمع بين المتضادين ثقيل فوجب إبدال التاء إلى حرف من مخرجه يوافق الصاد في الإطباق وهو الطاء، فجعل التاء طاء، وإليه أشار بقوله: "وقرب التاء من الطاء في المخرج فصار اصطبر كما في ست أصله سدس"؛ لأن تصغيره سديس "فجعل السين" الأخيرة أولا "والدال" أيضا ثانيا "تاء لقرب السين من التاء في مهموسية"، وقيل: لما بينهما من التقارب في المخرج؛ لأن السين من المخرج التاسع من مخارج الفم، والتاء في المخرج الثامن منها أيضا كما مر، فلا واسطة بينهما "و" قرب "التاء من الدال في مخرج" فاجتمع حرفان من جنس واحد "ثم أدغم" الأولى في الثانية "فصار ست" بتشديد التاء، والتشبيه في جعل التاء دالا؛ يعني بجعل التاء في اصتبر طاء لعلة ذكرناها، كما يجعل الدال تاء في ست لتلك العلة، وتفصيله أنه لما جعلت السين الأخيرة تاء لقربها من التاء في المهموسية واجتمع الدال والتاء وهما متضادان؛ لأن الدال من المجهورات والتاء من المهموسة وبينهما تضاد، فوجب قلب إحداهما إلى حرف من مخرجه ليوافق الأخرى، فقلبوا الدال تاء وأدغموا الأولى في الثانية فصار ست قوله: "ثم يجوز ذلك الإدغام" معطوف على قوله: فصار اصطبر؛ أي أبعد صيرورته اصطبر يجوز لك الأدغام فيه "يجعل الطاء صادا" على خلاف القياس "نظرا إلى اتحادهما في"صفة "الاستعلائية" وإن لم يتحدا في الذات ولا في المخرج "نحو اصبروا" لكن "لا يجوز" لك "الادغام" فيه "بجعل الصاد طاء" على وفق القياس "لعظم الصاد" من الطاء في امتداد الصوت؛ لأن الصاد من حروف الصفير والطاء ليس منها، وقد مر أن حروف الصفير لا تدغم في غيرها

Z"أعني لا يقال اطبر ويجوز البيان" نحو اصطبر، وهو الأكثر "لعدم الجنسية في الذات" بين الطاء والصاد وإن اتحدا في الاستعلاء والإطباق "ونخو اضرب" أصله اضترب من ضرب الجرح ضربا وهو "مثل اصبر" في الأحكام وعللها " أعني يجوز اضرب" بإدغام الطاء والمقلوبة من التاء في الضاد "واضطرب" بعدم الإدغام "ولا يجوز لطرب" بإدغام الضاد في الطاء "ونحو اطلب" أصله اطتلب؛ لأنه من طلب من باب نصر "لا يجوز فيه غير الإدغام لاجتماع الحرفين من جنس واحد بعد قلب تاء الافتعال طاء" لبعد التاء من الطاء في صفة الهمس والانخفاض و"لقرب التاء من الطاء في المخرج ونحو اظلم" أصله اظتلم؛ لأنه من ظلم من باب ضرب "يجوز فيه الإدغام" بعد جعل التاء طاء لمباعدة بين الظاء والتاء في الصفة ومقاربة بين التاء الطاء في المخرج "بجعل الطاء ظاء والظاء طاء لمساواة بينهما في العظم" الصوري "ويجوز البيان"بعد قلب التاء ظاء "لعدم الجنسية" بين الطاء والظاء "في الذات مثل اظلم" بالمعجمة "واطلم" بالغين المعجمة "واظطلم" بالبيان "ونحو اتعد" أصله أوتعد؛ لأنه من وعد من باب ضرب "فجعل الواو تاء" لمناسبة الجوار ولكونه واقعا في كلامهم كثيرا نحو تراث وأدغم التاء وجوبا "لأنه"؛ أي حين صارت ياء "كون الفعل مرة يائيا" في الماضي "نحو ايتعدو مرة" أخرى "واويا" في المضارع "نحو يوتعد" وهو غير جائز، وأنت خبير بأن الاختلاف الذي لا يجوز إنما هو الاختلاف الأصلي، وأما الاختلاف بسبب القلب إذا وجد سببه فغير محظور كقيل ويقول وغزا ويغزو؛ لأنهم لما أمكن لهم قلب الواو بشيء لا يستلزم هذا الاختلاف لم يرضوا باختلاف العارض أيضا، قوله: "أو يلزم توالي الكسرات" كسرة الهمزة والياء والمركب من الكسرتين عطف على قوله فيلزم حينئذ والظاهر أن يقول ويلزم بالواو؛ إذ لا تعاند بين العلتين إلا أنه

_ Q"أعني لا يقال اطبر" بتشديد الطاء "ويجوز البيان" فيه نحو اصطبر "لعدم الجنسية في الذات و" من الصورة الثانية وهو ما يكون فاء الفعل فيه ضادا معجمة "نحو اضرب"؛ لأن أصله اضترب وهو "مثل اصبر في" جواز الوجهين وامتناع الوجه الواحد "أعني يجوز اضرب"؛ لأنه يجب قلب التاء طاء أولا لما ذكرنا في القاعدة، فاجتمع الضاد والطاء فيجوز قلب الطاء ضادا على خلاف القياس، نظرا إلى اتحادهما في الاستعلائية، ثم أدغمت الضاد الأولى الأصلية في الثانية المنقلبة من الطاء فصار اضرب "و" أيضا يجوز "اضطرب" بالبيان بعد قلب التاء طاء؛ نظرا إلى عدم اتحادهما في الذات "و" لكن "لا يجوز اطرب" بقلب التاء طاء ثم قلب الضاد طاء أيضا وإدغام الأولى في الثانية، وإن كان على وفق القياس "لزيادة صفة الضاد"؛ لأن الضاد من حروف الصفير، وقد مر أنها لا تدغم في غيرها، قال بعض المحققين: ولا يجوز قلب الضاد طاء وتقول اضطرب؛ لامتناع إدغام الضاد في الطاء؛ لأنك لو فعلت ذلك لسلبت الضاد نفسها بإدغامك إياها في الطاء "و" من الصورة الثالثة وهو ما يكون فاء الفعل طاء "نحو اطلب"؛ لأن أصله اطتلب فقلبت التاء طاء فحينئذ "لا يجوز فيه" شيء من الوجوه الثلاثة "إلا" وجه واحد وهو "الإدغام"؛ أي إدغام الأول في الثاني فقط على وفق القياس "لاجتماع الحرفين من جنس واحد" أحدهما الطاء المهملة الأصلية وثانيهما الطاء المنقلبة من التاء "بعد قلب تاء الافتعال طاء" لمباعدة بينهما في الصفة؛ لأن التاء من المنخفضة والطاء من المستعلية المطبقة فيكون بينهما تضاد وتنافر فوجب قلب التاء إلى حرف من مخرجه ليوافق الطاء الذي قبله فقلبت طاء "لقرب التاء من الطاء في المخرج" كما بينا في القاعدة والإدغام فيما هذا شأنه واجب، فلا يجوز اطلب واططلب بالبيان "و" من الصورة الرابعة وهو ما يكون فاء افتعل ظاء معجمة "نحو اظلم"؛ لأن أصله اظتلم فقلبت التاء طاء للعلة المذكورة في القاعدة فصار اظطلم فحينئذ "يجوز فيه الإدغام يجعل الظاء" المعجمة "طاء"؛ أي يقلب الأول إلى الثاني على وفق القياس، قال أبو علي: هذا قول سيبويه "والطاء ظاء"؛ أي بقلب الثاني إلى الأول على خلاف القياس كما قيل في اصتلح اصلح "لمساواة بينهما في العظم" وفي الصفة أيضا؛ لأنهما من المستعلية المطبقة "ويجوز البيان"؛ أي إظهار كل من الطاء والظاء "لعدم الجنسية" بينهما "في الذات" وهو اختيار ابن جني مثال الأول "مثل اطلم" بتشديد الطاء المهملة "و" مثال الثاني "اظلم" بتشديد الظاء المعجمة "و" مثال الثالث "اظطلم" بتقديم المعجمة، وعلى هذه الوجوه الثلاثة ينشدون بيت زهيره ويظلم أحيانا فيظطلم. قوله: "ونحو اتعد" مبتدأ خبره محذوف وهو أصله أوتعد فحذف لدلالة المقام عليه فيكون تقدير الكلام ونحو اتعد أصله أوتعد "فجعل الواو تاء" بنقطتين من فوق وجوبا "لأنه إن لم يجعل" الواو "تاء يصير ياء" بنقطتين من تحت "لكثرة ما قبلها" وسكونها "فيلزم حينئذ كون الفعل مرة يائيا" كما في الماضي "نحو أيتعد ومرة واويا" كما في المضارع "نحو: يوتعد لعدم موجب القلب"؛ أي لعدم موجب قلب الواو ياء في المضارع وهو انكسار ما قبلها قوله: "أو يلزم توالي الكسرات" عطف على قوله فيلزم واو ها هنا بمعنى الواو؛ أي لو لم يجعل الواو تاء يصير ياء لما مر فيلزم ما مر ويلزم أيضا توالي إلى الكسرات الثلاث في الماضي والأربع في المصدر؛ لأن الياء كسرتان فوجب قلبها تاء وإدغامها في تاء الافتعال، ويقال اتعد وتعينت التاء؛ لأنهم قلبوها إياها كثيرا لمؤاخاة بينهما مثل: تجاه وتراث وتخمة في وجاه ووراث ووخمة، وما ذكره المصنف هو اللغة المشهورة وناس يقولون ائتعد ياتعد فهو مؤتعد بالهمزة وأعرب قوله:

Zأشار إلى استقلاب كل منها في التعليل "ونحو اتسر" أصله ايتسر؛ لأنه من يسر من باب حسن إن كان من اليسر، ومن يسر من باب ضرب إن كان من اليسر "فجعل الياء تاء" لمناسبة الجواز ووقوعه في كلامهم كما سيجيء إن شاء الله تعالى "فرارا من توالي الكسرات" خصوصا في المصدر؛ أي الايتسار "ولم يدغم"؛ أي لم يقع الإدغام "في مثل ايتكل" بقلب الباء تاء كما في ايتسر "لأن الياء" في ايتكل "ليست بلازمة" يعني لعدم وجود شرط الإدغام وهو لزوم المدغم "يعني تصير"؛ أي تلك الياء "همزة إذا جعلته"؛ أي ايتكل "ثلاثيا نحو أكل"؛ لأن أصله وكل لا أنه من أكل من باب نصر قلبت الهمزة الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن لزوم الحرف المدغم شرط في الإدغام "لا يدغم حتى في بعض اللغات"؛ لأن الياء الثانية ليست بلازمة فيه حيث تسقط تارة نحو: حيو وتقلب تارة نحو يحيي كما مر، قوله: "وإدغام اتخذ شاذ" عطف على قوله لا يدغم من حيث المعنى؛ أي ومن أجل أن اللزوم شرط في الإدغام شذ إدغام اتخذ إذا كان أصله ائتخذ وقلبت الهمزة ياء ثم قلبت الياء، والقياس أن لا تقلب؛ إذ الياء غير لازمة؛ لأنه يصير همزة إذا جعلته ثلاثيا، نحو: أخذ وهو جواب عن سؤال مقدر وليس من تتمته ومن ثمة قيل من توجيهه، قلتم: إن الباء التي ليست بلازمة لا تدغم، والياء في اتخذ غير لازمة مع أنها قد أدغمت، فأجاب بأنه شاذ فلا تكرار "ويجوز الإدغام إذا وقع بعد تاء الافتعال" ما يقاربها حرف "من حروف تدزذ سصض ظط" بقلب تاء الافتعال إلى هذه الحروف لمقاربتها لها في المخارج ومباعدتها عنها في الصفات، فقلبوها إلى مقارب لها موافق لصفتها فأورد على تركيب ذكر الحروف أمثلتها قائلا: "نحو يقتل" أصله يقتتل من القتل أدغم أول المثلين بعد نقل حركته إلى ما قبله في الآخر، وإنما لم يجب الإدغام فيه مع اجتماع الحرفين المتماثلين المتحركين؛ لأن التاء الأولى في حكم المنفصل من الثانية؛ لأن تاء الافتعال لا يلزمها وقوع تاء بعدها، نحو: اقتتسم واحترم، فهو نظير أنعمت في عدم لزوم التاء بعده، وإذا لم يجب في اقتتل ففي غيره أولى "ويبدل" أصله يبتدل من البدل قلبت التاء دالا وأدغم الدال في الدال "ويعذر" أصله يعتذر من العذر قلبت التاء دالا ثم الدال ذالا ثم أدغم الذال في الذال

_ Q"ونحو اتسر فجعل الياء تاء" كإعراب قوله: ونحو اتعد فجعل الواو تاء، وحاصل معناه أنه إذا وقع قبل تاء الافتعال ياء تقلب تاء ويدغم في تاء الافتعال كبنائهم الافتعال من اتسر، وإنما فعلوا ذلك "فرارا من توالي الكسرات" الثلاث في الماضي والأربعة في المصدر؛ لأن الياء كسرتان ولما قلبوها تاء أدغموها في تاء الافتعال لاجتماع الجنسين، فقالوا: اتسر؛ أي لعب بالقمار، ولما توجه أن يقال: إن قولكم إذا وقع قبل تاء الافتعال ياء قلبت تاء ويدغم في تاء الافتعال؛ فرارا من توالي الكسرات منقوض بمثل ايتكل؛ لأن الياء فيه وقع قبل تاء الافتعال ولم يقلب وزيد يدغم أجاب بقوله: "ولم يدغم" الياء بقلبها تاء وأن لزوم توالي الكسرات "في" مثل "ايتكل"؛ أي في الافتعال الذي بني من مهموز الفاء، نحو: ايتمر من الأمر وايتكل من الأكل أصله ائتكل بهمزتين فقلبت الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، كما في إيمان "لأن الياء ليست بلازمة"؛ أي ثابتة في جميع تصرفاتها "يعني تصير" تلك الياء "همزة إذا جعلته"؛ أي ايتكل "ثلاثيا" وقلت أكل أو وصلته وقلت وائتكل، ومن شرط الإدغام أن يكون الحرفان لازمين "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن شرط الإدغام أن يكونا ثابتين "لا يدغم حيي في بعض اللغات" مع أنه اجتمع حرفان من جنس واحد لانعدام شرط الإدغام فيه؛ لأن الياء الأخيرة غير لازمة كما مر قوله: "وإدغام اتخذ شاذ" عطف على قوله: ولا يدغم حيي عطف الجملة الاسمية على الفعلية وهو جائز، لكنه ضعيف لفوات المناسبة بين المعطوف والمعطوف عليه وبيان كونه شاذان اتخذ افتعال بني من مهموز التاء؛ لأنه من الأذ، كما بني ايتمر من الأمرـ وايتكل من الأكل فيكون الياء فيه غير لازمة، كما في ائتكل، وإذا كانت الياء غير لازمة يكون التاء المنقلبة منه غير لازمة أيضا فينعدم شرط الإدغام بلا ريب فيكون الإدغام فيه شاذا، وقد مر تفصيله. ولما فرغ من بيان الحروف الأربعة عشر التي وقعت قبل تاء الافتعال، وكيفية إدغامها في تاء الافتعال شرع في بيان الحروف التي وقعت بعد تاء الافتعال وكيفية إدغام تاء الافتعال فيها، فقال: "ويجوز الإدغام"؛ أي إدغام تاء الافتعال فيما بعده "إذا وقع بعد تاء الافتعال" حرف "من حروف تدزذ سصضطظ"؛ أي إذا وقع حرف من هذه الحروف التسعة عين الكلمة وبنيت منها افتعالا لا يجوز لك إدغام تاء الافتعال فيها بجعل التاء من جنسها والبيان وإن اجتمع مثلا "نحو يقتل" من قتل أصله يقتتل، وإنما مثل بالمستقبل في هذا الباب ومثل بالماضي في الباب المتقدم؛ لأن الإدغام في الماضي في هذا الباب غير متفق عليه كما سيجيء بخلاف الباب المتقدم، وإنما جاز الإدغام والبيان في مثل: اقتتل يقتتل، وإن كان القياس يقتضي وجوب الإدغام لاجتماع المتجانسين كما في مد يمد؛ لأن تاء الافتعال غير لازمة بخلاف الدالين في مد، وقد أشار المازني إلى هذا الفرق وقال: إنما جاز الإدغام في اقتتل ووجب في شد ومد؛ لأن كل واحد من الدالين في شد ومد لا ينفك عن صاحبه بخلاف تاء افتعل؛ فإنه يجوز انفكاكها عن التاء الواقع بعدها، وذلك في الصور التي يكون في موضع العين حرف غير التاء فلا يتلازمان، وإذا لم يجب الإدغام فيما يجتمع فيه المتجانسان كان عدم وجوب الإدغام فيما يجتمع فيه المتقاربان بطريق الأولى "ويبدر" أصله يبتدر؛ أي يشرع "ويعذر" أصله يعتذر من العذر.

Z"وينزع" أصله ينتزع من النزع، قلبت التاء دالا ثم الدال زايا ثم أدغمت الزاي في الزاي "ويبسم" أصله يتبسم من البسم، قلبت التاء سينا ثم أدغم السين في السين "ويخصم" أصله يختصم من الخصومة، قلبت التاء طاء ثم قلبت التاء صادا ثم أدغم الصاد في الصاد "وينضل" أصله ينتضل من النضل، وهو الرمي، قلبت التاء طاء ثم الطاء ضادا ثم أدغم الضاد في الضاد "ويلطم" أصله يلتطم من اللطم، قلبت التاء طاء ثم أدغم الطاء في الطاء "وينظر" أصله ينتظر، قلبت التاء طاء ثم الطاء ظاء ثم أدغم الظاء في الظاء "ولكن لا يجوز في إدغامهن"؛ أي الأمثلة المذكورة "إلا الإدغام بجعل التاء مثل العين" وقوله: "لضعف استدعاء المؤخر" مطلقا من إضافة المصدر إلى المفعول وترك الفاعل؛ أي لضعف استدعاء المقدم الزائد الذي هو تاء الافتعال واستتباعه المؤخر الأصل الذي هو العين مع أن قياس الإدغام أن تقلب الأول حرفا من جنس الثاني؛ لأن الأول هو الذي يدغم في الثاني فينبغي أن تبقي الثاني على لفظه، وأن الأول ساكن والساكن أولى بالتغيير إلا إذا عرض عارض منع عن هذا القياس، مثل ما في تاء الافتعال إذا وقع بعد حروف تثد ذر سضبص ضطظ من كونها أصلية أو زائدة في الصفة، "وعند بعض الصرفيين لا يجيء هذا الإدغام في الماضي"؛ أي في ماضي هذه الأمثلة "حتى لا يلتبس بماضي التفعيل؛ لأن" الشأن "عندهم"؛ أي عند هؤلاء البعض من الصرفيين لو قصد هذا الإدغام "تنقل حركة التاء إلى ما قبلها وتحذف" الهمزة "المجتلبة" فيصير في اختصم مثلا: خصم فلا يعرف أنه من الافتعال أو من التفعيل، وعند بعضهم يجيء الإدغام في الماضي أيضا فيقال: قتل بفتح القاف اكتفاء في الفرق بالمضارع، وأشار إلى هذا بقوله فيما بعد ويجوز في مستقبله كسر الفاء وفتحها كما في الماضي "وعند بعضهم يجيء بكسر الفاء نحو: خصم أصله اختصم؛ لأن" الشأن "عندهم كسر الفاء لالتقاء الساكنين" بعد حذف حركة التاء من غير نقلها إلى ما قبلها وحذف المجتلبة ولا التباس حينئذ "وعند بعضهم يجيء" الماضي المدغم "بالمجتلبة نحو اخصم" بكسر الخاء "نظرا إلى سكون أصله"؛ أي أصل الخاء في اختصم وإلى أن الحركة العارضة في حكم العدم فيحتاج إلى المجتلبة لإمكان الابتداء ولا التباس أيضا، وأما في خصم بعد فتح الخاء فلم يجيء اخصم بالمجتلبة؛ لأن حركة الخاء؛ أعني الفتحة وإن كانت عارضة إلا أنها حركة أحد حروف الكلمة فكأنها غير عارضة، فلا يحتاج إلى المجتلبة بخلاف كسرة الخاء في خصم، فإنها من خارج

_ Q"وينزع" أصله ينتزع "ويبسم" أصله يبتسم "ويقسم" أصله يقتسم "ويخصم" أصله يختصم "ويفضل" أصله يفتضل من الفضل "وينظر" أصله ينتظر "ويرطم" أصله يرتطم، قوله: "ولكن لا يجوز في إدغامهن" استثناء من قوله ويجوز الإدغام؛ أي يجوز الإدغام وتركه في هذه الأمثلة لكن إذا أدغم لا يجوز فيها "إلا الإدغام بجعل التاء مثل العين"؛ أي بقلب تاء الافتعال إلى ما بعدها للتجانس إذا لم يكن عين الكلمة تاء، وإنما لم يجز جعل العين مثل التاء "لضعف استدعاء" المقدم الذي هو التاء "المؤخر" الذي هو عين الفعل ومعنى اقتضاء المؤخر أن يقتضي جعله مثل نفسه بقلبه إليه، وإنما ضعف استدعاء التاء المتقدمة العين المتأخرة؛ لأن التاء زائدة والعين أصلية، والأصلى قوي والزائد ضعيف لو جعل العين تاء يصير القوي ضعيفا وهو ضعيف، ولو جعل التاء عينا يصير الضعيف قويا وهو قوي، وليس جعل الضعيف قويا جعل الخفيف ثقيلا هذا؛ إذ كان الاستدعاء مصدرا معلوما مضافا إلى مفعوله وذكر الفاعل متروك، ويجوز أن يكون مصدرا مجهولا مضافا إلى ما يقوم مقام الفاعل والمآل واحد فافهم "وعند بعض الصرفيين لا يجوز هذا الإدغام"؛ أي إدغام تاء الافتعال في هذه الحروف "في الماضي حتى لا يلتبس" ماض باب الافتعال "بماضي" باب "التفعيل" وذلك "لأن" الشأن "عندهم"؛ أي عند من لا يجوز الإدغام "ينقل حركة التاء"؛ أي تاء الافتعال "إلى ما قبلها" على تقدير الإدغام "ويحذف" الهمزة "المجتلبة" للاستغناء عنها فيلزم الالتباس، مثلا: إذا قصد الإدغام في اقتتل نقلت فتحة التاء إلى القا وحذفت الهمزة للاستغناء عنها ثم يدغم التاء الأولى في الثانية، فيصير قتل بفتح القاف وتشديد التاء فلم يعلم أنه ماض من التفعيل أو من الافتعال، فلهذا الالتباس لم يدغم وقس عليه ما عداه، وبعضهم جوز الإدغام مع الالتباس اكتفاء بالفرق التقديري "وعند بعضهم" يجوز الإدغام؛ لأن طريق الإدغام عندهم ليس نقل حركة التاء إلى ما قبلها حتى يلزم الالتباس، بل ما بينه بقوله: "ويجيء"؛ أي الماضي "بكسر الفاء نحو خصم" وقتل بكسر الخاء والقاف "؛ لأن" الشأن "عندهم كسر الفاء لالتقاء الساكنين" يعني إذا قصد الإدغام في الماضي من هذا الباب أسكنت تاء الافتعال فالتقى ساكنان؛ لأن فاء الكلمة ساكنة أيضا، والأصل في التقاء الساكنين أن تحرك الأول منهما بالكسر، ولا يمكن حذف أحدهما لئلا يلزم إجحاف الكلمة فحركت الأولى وحذفت الهمزة للاستغناء عنها، مثلا: إذا قصد الإدغام في اقتتل أسكنت التاء ليمكن الإدغام فاجتمع ساكنان القاف والتاء فحرك بالكسر على الأصل فاستغني عن الهمزة ثم أدغم التاء فصار قتل بكسر القاف وفتح التاء وتشديدها، وقس عليه ما عدا، هـ "وعند بعضهم يجيء" الماضي "بالهمزة المجتلبة، نحو: اخصم" بكسر الهمزة وكسر الخاء بالتحريك على الأصل وفتحها ينقل حركة التاء إليها وفتح الصاد وتشديدها، ولا التباس فيه أيضا، فيجوز الإدغام، وإنما يجيء الماضي بالهمزة "نظرا إلى سكون أصله"؛ أي سكون الخاء

Zفهي عارضة قطعا، وكذلك جازا خصاما بفتح الخاء مع المجتلبة؛ لأنها حركة اتباع فهي عارضة "ويجوز في مستقبله"؛ أي مستقبل اخصم مدغما "كسر الفاء وفتحها كما جاز في الماضي نحو: يخصم" فإن من قال في الماضي: خصم بفتح الخاء يقول في مستقبله: يخصم بفتحها أيضا، ومن قال: خصم أو خصم بكسر الخاء المجتلبة أو بغيرها يقول في مستقبله: يخصم بكسر الخاء أيضا "و" يجوز "في اسم فاعله ضم الفاء للاتباع"؛ أي لاتباع الميم في الضم "مع فتحها" عند من فتحها في الماضي "و" مع "كسرها" عند من كسرها فيه "نحو مخصمون" بحركات الخاء "ويجيء مصدره"؛ أي اخصم مدغما "خصاما" بكسر الخاء أصله اختصاما لالتقاء الساكنين على تقدير سلب حركة التاء "أو لنقل كسر التاء إلى الخاء ويجيء" مصدره "خصاما بفتح الخاء إذا اعتبرت حركة الصاد المدغم فيها" أو اتبعت حركة الخاء حركتها، وإنما قال: إن اعتبرت؛ إشارة إلى أن الاتباع ها هنا ضعيف لوجود الفاصل بخلاف مخصمون "ويجيء" مصدره "أخصاما" بالمجتلبة بكسر الخاء وفتحها "اعتبارا لسكون الأصل" كما ذكرنا في اخصم هذا على تقدير فتحها للخفة أو للاتباع وعلى تقدير كسرها لالتقاء الساكنين؛ لأن الحركة حينئذ عارضة فكأنها في حكم الساكن فيحتاج إلى المجتلبة، وأما على تقدير أن كسرتها منقولة من التاء فلا احتياج إلى المجتلبة كما ذكر في اخصم "ويدغم تاء تفعل وتفاعل فيما بعدها" جوازا "لاجتلاب الهمزة" إذا كان ما بعدها ما يقاربها من حروف تثدذز سصض طظ، وإنما لم يذكر هذا القيد أعني ما يقاربها لظهور أن تعلم وتقاتل لا يصح إدغامه "كما مر في باب الافتعال" من إدغام بتشديد الطاء والهاء "أصله تطهر" قلبت التاء طاء وأدغم الطاء في الطاء ثم اجتلبت الهمزة للابتداء، "واثاقل" بتشديد الثاء أصله تثاقل قلبت التاء ثاء ثم أدغم التاء في الثاء ثم اجتلبت الهمزة، وادار واظهر وادل وقاتل واصدق وازين واسمع واضرع وفي غير الضاد تقلب التاء ابتداء إلى ما يجاورها، إما لاتحاد المخرج أو لقربه، وأما في الضاد فلبعده قلبت التاء طاء؛ إذ لا اتحاد ولا قرب كما سبق "ولا تدغم" تاء استفعل فيما بعدها "في نحو: استطعم بسكون التاء تحقيقا" ومن شرائط الإدغام تحرك الثاني "و" لا تدغم التاء أيضا فيما بعدها "في" نحو "استدان" أصله استدين لسكون الدال "تقديرا ولكن يجوز حذف تائه"؛ أي تاء استفعل للتخفيف "في نحو المواضع نحو اسطاع" بكسر الهمزة أصله استطاع "يسطيع كما مر في ظلت" من أن إحدى اللامين حذفت للتخفيف "وإذا قلت: أسطاع بفتح الهمزة" يسطيع بضم الياء "يكون السين زائدا" على غير القياس؛ إذ زيادة السين إنما اطردت في استفعل وذكر أبو البقاء إنهم إنما زادوا السين في أطاع يطيع ليكون جبرا لما دخل الكلمة من التغيير؛ لأن أصلها اطوع يطوع وهذا على قول سيبويه، وأما على قول الفراء فالشاذ فتح الهمزة وجعلها همزة قطع؛ إذ أصله عنده استطاع حذفت التاء استثقالا فمضارعه يستطيع بالفتح، وإنما كان السين زائدا على قول سيبويه "لأن أصله أطاع كالهاء"؛ أي كزيادة الهاء "في اهراق"؛ إذ أصله أراق زيدت الهاء على غير القياس.

_ Qوالأصل فيكون الحركة عارضة ولا اعتبار بالعارض فلم يحذف الهمزة "و" مع إثبات الهمزة "يجوز في مستقبله"؛ أي مستقبل اخصم واخواته "كسر الفاء وفتحها" معا أما الكسر فبتحريكها على الأصل، وأما الفتح فبنقل حركة التاء إليها "كما" يجوز كسرها وفتحها معا "في الماضي نحو يخصم" بكسر الخاء وفتحها أصله يختصم فأسكنت التاء ليمكن الإدغام، فالتقى ساكنان الخاء والتاء فحركت الخاء بالكسر على الأصل أو نقل فتحة التاء إليها ثم قلبت التاء صادا وأدغم الصاد في الصاد وقس عليه ما عداه "و" يجوز "في فاعله"؛ أي في اسم الفاعل من هذا الباب "ضم الفاء للاتباع"؛ أي لاتباع حركة التاء لحركة الميم "مع جواز فتحها وكسرها" لما ذكرنا في المستقبل "نحو مخصمون" بالحركات الثلاث في الخاء "ويجيء مصدره"؛ أي مصدر اختصم "خصاما بكسر الخاء" لا غير أصله اختصاما "لالتقاء الساكنين" وتحريك أولهما بالكسر على الأصل يعني إذا قصد الإدغام في الاختصام أسكنت التاء ليمكن الإدغام، فالتقى ساكنان الخاء والتاء وحرك الخاء بالكسر على الأصل فاستغني عن الهمزة ثم أدغم التاء في الصاد، فصار خصاما بكسر الخاء وفتح الصاد وتشديدها، هذا هو المذهب الثاني "أو لنقل كسرة التاء إلى الخاء" وحذف الهمزة للاستغناء وإدغام التاء في الصاد كما هو المذهب الأول "ويجيء" مصدره "أخصاما" بالهمزة المجتلبة وكسر الخاء "اعتبارا لسكون الأصل"؛ أي لم يحذف الهمزة بتحريك الخاء وإن أمكن النطق بها اعتبارا لسكون الخاء في الأصل وعروض حركتها ولم يجز في اخصاما فتح الخاء على كلا المذهبين، وهو ظاهر لمن له أدنى دراية "وتدغم تاء تفعل وتفاعل فيما بعدها" جوازا "باجتلاب الهمزة" ليمكن الابتداء بها؛ إذ لو أدغم التاء فيما بعدها وجب إسكانها ليمكن الإدغام فتعذر الابتداء به فوجب اجتلاب همزة الوصل "كما" مر "في باب الافتعال"؛ أي كما يجوز إدغام تاء الافتعال فيها بعده إذا كان ما بعده حرفا من حروف تدذز سصضطظ بجعل تاء مثل بعده من العين، كذلك يجوز إدغام تاء تفعل وتفاعل فيما بعده إذا كان ما بعده تاء أو حرفا من هذه الحروف التسعة سوى الضاد بجعل التاء مثل ما بعده من الفاء، قال ابن الحاجب: وأما تاء تفعل وتفاعل فيدغم فيما يدغم فيه التاء وهى الطاء والدال والظاء والذال والتاء والثاء والصاد والزاي والسين، وإذا تقرر ذلك فلا يلتفت إلى ما ذهب إليه الشارحون من أنه إذا وقع بعد تاء تفعل وتفاعل حرف من حروف اتثذذرسشص ضظظ وهو أحدعشر حرفا هذا وإنما أدغموا التاء في الحروف التسعة للدلالة على المبالغة من غير لبس لعلم السامع بأصله "نحو اطهر" بكسر الهمزة وفتح الطاء وتشديدها "أصله تطهر" بتشديد الهاء فأسكن التاء ثم أدغم التاء بعد قلبه طاء فاجتلبت الهمزة فصار اطهر، وكذلك ازين واذكر ادثر واتبع واصبر واظهر واسمع واضرب، أصلها تزين وتذكر وتدثر وتتبع وتصبر وتظهر وتسمع وتضرب "واثاقل" بكسر الهمزة وتشديد الثاء "أصله تثاقل" قلبت التاء ثاء وأدغمت واجتلبت همزة الوصل فصار اثاقل، وكذلك ايابع واداخر واذاكر وازاين واسامع واصابر واضارب واظاهر، أصلها تتابع وتداخر وتذاكر وتزاين وتسامع وتصابر وتضارب وتظاهر "ولا تدغم" تاء الاستفعال فيما بعده وإن كان من تلك الحروف التسعة التي جاز إدغام التاء فيها؛ لأن ما بعد تاء الاستفعال يكون ساكنا أبدا، ومن شرط الإدغام تحرك الحرف الثاني فيمتنع الإدغام فلا يدغم "في نحو استطعم لسكون الطاء تحقيقا و" لا "في نحو استدان" لسكون الدال "تقديرا"؛ لأن أصله استدين، فنقلت فتحة الياء إلى الداء وقلبت ألفا، ومثله استطال أصله استطول "ولكن يجوز حذف تائه"؛ أي تاء استفعل "في بعض المواضع" تخفيفا لا في كلها "نحو اسطاع"؛ أي بكسر الهمزة وإنما فسرنا به بقرينة مقابلته بفتح الهمزة "يسطيع" بفتح الياء أصلهما استطاع يستطيع فحذفت التاء "كما مر في ظلت"؛ أي كما مر جواز حذف المتماثلين للتخفيف عند امتناع الإدغام لسكون الثاني؛ لأن التاء والطاء وإن لم يكونا من جنس واحد إلا أنهما لما اتحدا في المخرج كانا كأنهما من جنس واحد فيجوز التخفيف بالحذف، وقد يدغم تاء استطاع في الطاء مع بقاء صوت السين فيقال اسطاع، وهو نادر لما فيه من الجمع بين ساكنين، كذا قيل "وإذا قلت اسطاع بفتح الهمزة يكون السين زائدا" على خلاف القياس "لأن أصله" حينئذ "أطاع" فلا يكون من باب الاستفعال "كالهاء"؛ أي كزيادة الهاء على خلاف القياس "في أهراق"؛ لأن أصله أراق، هذا ما ذهب إليه سيبويه فيكون مضارعه حينئذ يسطيع بضم الياء، قال ابن الحاجب: ولا اعتداد بالسين عنده؛ إذ ليس يفيد معنى، وذكر أبو البقاء أنهم زادوا السين ليكون جبرا لما دخل الكلمة من التغيير؛ لأن أصلهما أطوع يطوع. وحاصل ما ذكره المصنف أنه لو فتح ألف اسطاع تعين كونه من باب الأفعال وزيادة السين شاذة، كما هو مذهب سيبويه، وقال الفراء: أصلها استطاع فحذفت التاء وفتحت الهمزة فليس زيادة السين شاذة، بل الشاذة فتح الهمزة وجعلها همزة قطع وحذف التاء فمضارعه يسطيع بفتح الياء.

الباب الثالث: في المهموز

Zالباب الثالث: في المهموز لم يعرفه إما لا تفهامه من تعريف الصحيح أو لأن الاسم اللغوي يغني عنه، وإنما قدمه على المعتلات؛ لأن الهمزة حرف صحيح؛ لأنه لم يجر فيها ما جرى في حروف العلة في إطراد اللازم في كثير من الأبواب "ولا يقال له صحيح" مع أن الهمزة حرف صحيح لما مر "لصيرورة همزة"؛ أي همزة المهموز "حرف علة في التايين"؛ أي في إزالة شدتها كآمن وأومن وإيمانا "وهو يجيء على ثلاثة أضرب مهموز الفاء نحو أخذ" ويسمى القطع أيضا لانقطاع الهمزة عما قبلها بشدتها "و" مهموز "العين نحو سأل" ويسمى اللين أيضا؛ لأن اللين في اللغة جعل الكلمة ذات همزة "و" مهموز "اللام نحو قرأ" ويسمى المهموز أيضا وذلك ظاهر "وحكم الهمزة كحكم الحرف الصحيح" في جميع الأحكام "إلا" في حكم "أنها قد تخفف" إذا لم يكن مبتدأ بها كما

_ Q"الباب الثالث من الأبواب السبعة: "في" بيان "المهموز" قدمه على المعتلات؛ لأن الهمزة حرف صحيح في ذاته، لكنها قد تخفف وتحذف في غير الأول "ولا يقال له"؛ أي للمهموز "صحيح" وإن كان حرفه حرفا صحيحا "لصيرورة همزته حرف علة في التليين" كآمن وأومن وإيمانا ولذلك يقال له الملحق بالمعتل "وهو"؛ أي المهموز "يجيء على ثلاثة أضرب" أحدها "مهموز الفاء نحو: أخذو" الثاني مهموز "العين نحو: سأل و" الثالث مهموز "اللام نحو: قرأ" هذا حصر عقلي وإن اعتبر وجود همزة واحدة في كلمة ثلاثية وإلا فبناء على الغالب؛ إذ يجيء من الرباعي ما يكون عينه ولامه الثانية همزتين نحو: كأكأ ولألأ "وحكم الهمزة كحكم الحرف الصحيح" في تحمل الحركات "إلا أنها قد تخفف"؛ لأنها حرف ثقيل؛ إذ مخرجه أبعد من مخارج جميع الحروف؛ لأنه يخرج من أقصى الحلق، فهو شبيه بالتهوع المستكره لكل أحد بالطبع فخففها قوم وهم أكثر أهل الحجاز وخاصة قريش روي عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه أنه قال: نزل القرآن بلسان قوم وليسوا بأصحاب نبي، ولولا أن جبرائيل نزل بالهمزة على النبي عليه الصلاة والسلام ما همزتها، وخففها آخرون وهو تميم وقيس، والتخفيف هو الأصل قياسا على سائر الحروف الصحيحة فتخفف عند الأولين.

Zيجيء إن شاء الله تعالى "بالقلب وجعلها بين بين؛ أي بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركتها" كما تقول: سئل بين الهمزة والياء وهذا هو بين بين المشهور فيما بينهم؛ لأن العبرة بحركة الهمزة نفسها، ولهذا نكتب إذا كانت متحركة على وفق حركة نفسها كما يجيء إن شاء الله تعالى، وفسره حتى لا يظن أن المراد منه غير المشهور، وهو جعلها بينها وبين حرف حركة ما قبلها كما تقول: سئل بين الهمزة والواو ثم إن همزة بين بين ساكنة عند الكوفيين وعند البصريين متحركة بحركة ضعيفة ينحي بها نحو الساكن، ولذلك لا يقع إلا حيث يجوز وقوع الساكن فيه فلا يقع في أول الكلمة، وأما وجه تخفيف الهمزة فلأنها حرف شديد مستثقل يخرج من أقصى الحلق فجاز فيها التخفيف لنوع من الاستحسان وهو لغة قريش وأكثر أهل الحجاز، والتحقيق لغة تميم وقيس قياسا لها على سائر الحروف والأصل في التخفيف بين بين؛ لأنه تخفيف مع بقاء الهمزة بوجه ثم الإبدال؛ لأنه إذهاب الهمزة بعوض ثم الحذف؛ لأنه إذهابها بغير عوض إلا أن المصنف قلب لكون القلب بين بين "والحذف وهو ثلاثة طرق الأول" من طرق التخفيف أعني القلب "يكون" ويتحقق "إذا كانت" الهمزة "ساكنة ومتحركا ما قبلها" وإنما تعين القلب في هذه الصورة إذا أريد تخفيفها؛ إذ لا يمكن جعلها بين بين المشهور لسكونها ولا غير المشهور؛ لأنه لا يجوز حيث لا يجوز المشهور؛ لأنه فرعه ولا يمكن الحذف؛ لأنه لا يبقى ما يدل عليها، وقوله: "تقلب بشيء يوافق" حركة "ما قبلها" بيان لكيفية القلب عند وجود شرطه؛ يعني إن كانت حركة ما قبلها فتحة تقلب ألفا؛ لأن الألف يوافق الفتحة، وإن كانت ضمة تقلب واوا، وإن كانت كسرة تقلب ياء؛ لأنهما يوافقانهما "للين عريكة الساكن"؛ أي طبيعته لضعفه "واستدعاء ما قبلها"؛ أي طلب ما قبل الهمزة وهو حركة ما قبلها قلبها إلى ما يجانسه ويوافقه؛ إذ لا شك أن كل حركة تستدعي أن يكون الحرف الذي بعدها الحرف الذي لو أشبعت لتولد منها ذلك الحرف "نحو راس" بالألف أصله رأس "ولوم" بالواو أصله لؤم "وبير" بالياء أصله بئر "والثاني" من تلك الطرق أعني بين بين "يكون إذا كانت الهمزة متحركة" بأي حركة كانت "ومتحركا ما قبلها" بأي حركة كانت وإنما تعين بين بين؛ إذ لا مجال للقلب؛ لأن

_ Q"بالقلب" حروف اللين "وجعلها بين بين؛ أي بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركتها" فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الألف، وإن كانت مكسورة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الياء، وإن كانت مضمومة جعلت بين مخرج الهمزة وبين مخرج الواو هذا هو بين بين المشهور "وقد تجعل الهمزة بين مخرجها وبين مخرج الحرف الذي منه حركة ما قبلها" وهو بين بين الغير المشهور ثم همزة بين بين عند الكوفيين ساكنة وعندنا متحركة بحركة ضعيفة ينحي بها نحو الساكن، ولذلك لا يقع إلا حيث يجوز وقوع الساكن غالبا فلا يقع في أول الكلمة قوله: "والحذف" مجرور معطوف على قوله بالقلب أو جعلها بين بين على اختلاف المذهبين قيل الأصل في تخفيف الهمزة أن تجعل بين بين؛ لأنه تخفيف مع بقاء الهمزة بوجه ثم الإبدال؛ لأنه إذهاب الهمزة بعوض ثم الحذف؛ لأنه إذهابها بغير عوض "الأول" وهو القلب "يكون إذا كانت الهمزة ساكنة ومتحركا ما قبلها" سواء كان في كلمة أو في كلمتين وحينئذ "تقلب" الهمزة "بشيء"؛ أي بحرف "يوافق" ذلك الشيء "حركة ما قبلها"؛ أي ما قبل الهمزة "للين عريكة الساكن"؛ أي طبيعته "واستدعاء ما قبلها" قلبها فإن كانت حركة ما قبل الهمزة فتحة قلبت ألفا "نحو راس" أصله رأس بالهمزة الساكنة ثم قلبت ألفا "و" إن كانت حركة ما قبلها ضمة قلبت واوا نحو "لوم" أصله لؤم بالهمزة الساكنة "و" إن كانت كسرة قلبت ياء نحو "بير" أصله بئر بالهمزة الساكنة، وهذه الأمثلة للهمزة الساكنة التي في كلمة واحدة مع تحرك ما قبلها ومثال الهمزة الساكنة التي في كلمتين مع تحرك ما قبلها نحو إلى الهداتنا والذيتمن ويقولوذن لي الأصل في الأول أن يقال: إلى الهدى ويقال ايتنا بقلب الهمزة ياء لسكونها وانكسار ما قبلها؛ لأن أصله ائتنا بهمزتين؛ لأنه أمر من أتى يأتي، لكن لما سقطت ألف الوصل في الدرج اجتمع ساكنان ألف الهدى والهمزة الساكنة التي من فاء الفعل فحذفت الألف لكونه في آخر الكلمة والتغيير بالآخر أولى وقبلها الدال مفتوحة فصار دأت من الهدى ايتنا بمنزلة رأس فقلبت الهمزة فيه ألفا كان قلبت همزة رأس، وأما الذيتمن أصله الذي ائتمن بهمزة ساكنة التي هي فاء أمن بعد همزة الوصل فسقطت همزة الوصل أيضا في الدرج فالتقى ساكنان ياء الذي والهمزة الساكنة التي هي فاء الفعل، فحذفت الياء لوقوعها في الطرف وقبلها الذال المكسورة، فصار ذئت من الذي أيتمن بمنزلة بئر فقلبت الهمزة فيه ياء قبلها في بئر، وأما من يقولوذن لي، أصله ائذن لي بهمزة ساكنة بعد همزة الوصل، وهي فاء إذن فسقطت همزة الوصل في الدرج وباشرت لام يقول المضمومة فصارت لؤذن من يقول ائذن لي بمنزلة لؤم فقلبت الهمزة واوا قلبها في لؤم كذا حقق وكل ذلك؛ أي قلبت الهمزة بشيء يوافق حركة ما قبلها في كلمة كانت أو في كلمتين جائز لا واجب إذا كان ما قبل الهمزة غير الهمزة، وأما إذا كان ما قبلها همزة أيضا وكانت في كلمة واحدة يجب قلبها نحو آمن وأومن إيمانا كما سيجيء "والثاني" وهو تخفيف الهمزة بجعلها بين بين المشهور "يكون إذا كانت" الهمزة "متحركة و" كانت "متحركا ما قبلها

Zالهمزة ليست بساكنة حتى تلين طبيعتها وتطاوع استدعاء حركة ما قبلها ولا للحذف؛ إذ لا يبقى من آثارها وعوارضها ما يدل عليها؛ لأن ما قبلها متحرك لا يقبل نقل حركتها إليه فيتعين بين بين "ثم تثبت"؛ أي بعد تركها وتحرك ما قبلها تثبت الهمزة على تخفيفها بين بين في كل الأحوال لا تطاوع الحذف والقلب "لقوة عريكتها"؛ أي الهمزة المتحركة بسبب حركتها مع حصول التخفيف فأحوال الهمزة حينئذ مع أحوال ما قبلها تسعة حاصلة من ضرب الثلاثة في الثلاثة "نحو سأل ولؤم" وسئم ورؤس وجؤن "وسئل" ومستهزئين وميئر ومستهزئون، ففي هذه الأحوال كلها تثبت الهمزة بجعلها بين بين "إلا إذا كانت مفتوحة وما قبلها مكسورا أو مضموما" فإنها لا تثبت حينئذ بل "تجعل واوا" إن كان ما قبلها مضموما "أو" تجعل "ياء" إن كان ما قبلها مكسورا "نحو مير" فيما كان ما قبلها مكسورا أصله مئر "وجون" فيما كان ما قبلها مضموما أصله جؤن "لأن الفتحة كالسكون في اللين" والضعف "فتقلب" الهمزة المفتوحة "كما" تقلب "في" حال "السكون. فإن قيل: لِمَ لا تقلب" الهمزة "ألفا في سأل وهمزته"؛ أي همزة سأل "مفتوحة ضعيفة" لينة "قلنا: فتحته"؛ أي فتحة همزة سأل يحذف المضاف "صارت قوية بفتح ما قبلها"؛ لأن الشيء يقوى بجنسه "ونحو لا هناك المرتع" في لا هناك بقلب الهمزة ألفا مع كونها وكون ما قبلها مفتوحين "شاذ" وهو بعض من بيت صدره: راحت بمسلمة البغال عشية ... فارعى فزارة لا هناك المرتع وهو للفرزدق يهجو عمر الفزاري حين ولي على العراق بدل عبد الملك راحت ذهبت الباء في بمسلمة للتعدية، والبغال فاعل، راحت عشية بعد الظهر ظرف راحت، فارعى أمر من الرعي لجماعة المخاطبين، فزاره منادى حذف حرف النداء اسم قبيلة، المرتع فاعل، لا هناك وهو دعاء عليهم. يريد أن ابن السلطان فر وترك الملك لك فاغتنم به لا بور لك فيه ولا تتمتع به "والثالث" من تلك الطرق وهو الحذف "يكون إذا كانت" الهمزة "متحركة وساكنا ما قبلها ولكن" لا يقع الحذف ابتداء بل "تلين" الهمزة بسلب حركتها "فيه"؛ أي فيما إذا كانت الهمزة متحركة وساكنا ما قبلها "أولا"؛ أي قبل الحذف ليكون التخفيف على التدريج "للين عريكتها بمجاورة الساكن" في الجملة قبل ذلك التليين فإن الصحبة مؤثرة فتنقاد للتليين والتصرف فيها "ثم تحذف" الهمزة لاجتماع الساكنين أحدهما الهمزة والآخر الساكن الذي قبلها، وإنما تعين الحذف حينئذ؛ لأنه

_ Qثم تثبت" الهمزة في هذه السورة؛ أي لم تحذف ولم تقلب بشيء لا أنه تثبت كما هي "لقوة عريكتها"؛ أي لقوة طبيعة الهمزة المتحركة مع تحرك ما قبلها وأقسام ذلك تسعة؛ لأن الهمزة إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة، وعلى التقادير ما قبلها إما مفتوح أو مكسور أو مضموم، والحاصل ضرب الثلاثة في الثلاثة تسعة، فإن كان الهمزة مفتوحة فما قبلها أيضا "نحو سأل" أو مكسور نحو مائة أو مضموم نحو مؤجل "و" إن كانت مضمومة فما قبلها إما مضموم نحو "لؤم" أو مفتوح نحو رؤف أو مكسور نحو مستهزئون، وإن كانت مكسورة فما قبلها إما مكسور أيضا نحو مستهزئين "و" مضموم نحو "سئل" أو مفتوح نحو سئم، والقياس في الصور التسع كلها أن تجعل بين بين؛ لأن فيه تخفيفا للهمزة مع بقية من آثارها ليكون دليلا على أن أصل الكلمة الهمزة، لكن في صورتين منها لا يمكن جعلها بين بين، وأشار إليهما بقوله: "إلا إذا كانت الهمزة مفتوحة وما قبلها مكسورا أو مضموما" فإن الهمزة حينئذ لم تجعل بين بين، بل "تجعل واوا" إن كان ما قبلها مضموما "أو" تجعل "ياء" إن كان ما قبلها مكسورا "نحو مير" بكسر الميم وفتح الياء أصله مئر بفتح الهمزة وهي جمع المثرة وهي العداوة "وجون" بضم الجيم وفتح الواو أصله جؤن بفتح الهمزة وهو جمع جؤنة بالضم وهو سليلة مستديرة مغشاة أو ما يكون مع العطارين، وكذلك مائة ومؤجل وذلك "لأن الفتحة كالسكون في اللين"؛ أي في لين عريكتها "فتقلب" الهمزة بشيء في حال الفتح "كما" تقلب "في" حال "السكون. فإن قيل: لِمَ لا تقلب" الهمزة "في" سأل "ألفا و" الحال أن "همزته مفتوة ضعيفة" وما قبلها مفتوح أيضا "قلنا: فتحتها صارت قوية بفتحة ما قبلها"؛ لأن الجنس يتقوى بالجنس فلهذا لم تقلب ألفا. ولما توجه أن يقال إن هذا الجواب منقوض بقول الشاعر: لا هناك المرتع؛ لأن ما قبل الهمزة المفتوحة مفتوحة مع أنها تقلب ألفا. أجاب بقوله: "ونحو: لا هناك المرتع شاذ" أصله لا هنأك بفتح الهمزة فقلبت ألفا على خلاف القياس، والمرتع بفتح الميم اسم مكان من رتعت الماشية؛ أي أكلت ما شاءت، هذا وقال المحققون: إنما لم يجعل الهمزة بين بين في هاتين الصورتين؛ لأنهم لو جعلوها بين بين المشهور يقرب من الألف؛ لكون حركتها فتحة وقبلها الضمة أو الكسرة وهما لا يقعان قبل الألف، فكذا لا يقعان قبل ما قرب منها ولما تعذر المشهور تعذر غير المشهور؛ لأنه فرعه. واعلم أن ما ذكره المصنف من استثناء الصورتين مذهب سيبويه ومختار عند المحققين أيضا. قال ابن الحاجب: وحكي عن يونس جعلها بين بين في الضربين المستثنيين أيضا، والحق ما قاله سيبويه "والثالث" وهو تخفيف الهمزة بالحذف "يكون إذا كانت" الهمزة "متحركة و" كان "ساكنا ما قبلها و"حينئذ يحذف الهمزة جوازا "لكن تلين فيه أولا" بجعلها ساكنة "للين عريكتها" في الجملة قبل ذلك التليين "بمجاورة الساكن"؛ أي بسبب مجاورته الساكن "ثم تحذف" الهمزة

Zلا مجال للقلب لعدم حركة ما قبلها حتى تقلب لما يوافقها ولا لبين بين؛ لأن الهمزة قريبة من الساكن فيلزم كما قال "لاجتماع الساكنين" فتعين الحذف مع أنه أبلغ في التخفيف، وقد بقي من عوارضها ما يدل عليها "ثم أعطى حركتها لما قبلها" إبقاء لأثرها، وإنما لم يحذفوا الهمزة مع حركتها؛ لأنه يؤدي ذلك إلى الإخلال بإسقاط حرف مع حركته مجانا من غير حاجة تضطر إلى ذلك، ووجدت في كلام بعض الأدباء بتقديم حذف الهمزة على نقل حركتها كما فعل المصنف، وفي كلام بعضهم التصريح بتقديم النقل على الحذف وفيه تعسف لا يخفى، فالوجه ما ذكره المصنف "إذا كان ما قبلها حرفا صحيحا أو واوا أو ياء أصليتين" في كلمة الهمزة نحو شي أصله شيء وسو أصله سوء ولم يورد مثالهما اكتفاء بمسلة؛ لأن الواو والياء إذا أسكنتا وانفتح ما قبلهما في حكم الحرف الصحيح، أو اكتفاء بحيل وجوبة من حيث إن الواو والياء لما زيدتا لمعنى فكأنهما أصليتان أو اكتفاء بابو يوب ابتغى مرة فإنه لما خففت في كلمتين ففي كلمة أولى، وأما الحمر فلما كان فيه طريقان بعد التخفيف خصه بالذكر ولم يكتف بمسلة "أو مزيدتين لمعنى"؛ أي الإلحاق فإن نظرهم لما كان إلى اللفظ كان المعنى المتعلق باللفظ هو المعنى عندهم وهو المتبادر عند الإطلاق وما تعلق بمعنى غير اللفظ كالياء في خطية فإنها للفاعلية، والواو في مقروة فإنها للمفعولية، والياء في أقيس فإنها للتصغير، فليس معنى معتدا به عندهم ولا يتناوله لفظ المعنى عند الإطلاق، ولهذا يقولون إنها زائدة ولم يعتدوا بكونهما لمعنى مع أنها زائدة لمعنى "نحو مسلة أصله مسئلة" لينت الهمزة بسب حركتها أولا ثم حذفت ثم أعطي حركتها للسين الذي هو حرف صحيح في كلمة الهمزة "وملك أصله ملاك" مشتق "من الألوكة وهي الرسالة" وإنما قال: من الألوكة إشارة إلى أن الأصل ملاك مألك فقدمت اللام فصار ملاك فحذفت الهمزة كما في مسلة وقيل ملك، ويقال في الجمع ملائك وملائكة والتاء لتأكيد الجمع، ولم يكتف في التمثيل في الحرف الصحيح فيما إذا كان في كلمة الهمزة بمسلة إعلاما بأن حركة الهمزة وسكون الحرف الصحيح قد يكونان عارضين كما في ملك "والأحمر" أصله الاحمر إذا خففت همزته على طريق تخفيفها فتحركت لام التعريف اتجه لهم في الألف واللام طريقان أحدهما أنه "يجوز فيه لحمر" بسلب حركة الهمزة وحذفها وإعطاء حركتها لما قبلها الذي هو حرف صحيح في كلمة الهمزة وهذا هو القياس "لأن الألف"؛ أي همزة الوصل كانت "لأجل سكون اللام" وقد انعدم سكونه بنقل حركة الهمزة إليه "فانعدم الاحتياج" إليها "و" ثانيهما أنه "يجوز الحمر" بإبقاء الهمزة "لطرو حركة اللام" فكان اللام ساكنة؛ إذ لا اعتبار بالعرض كما في اخصم

_ Q"لاجتماع الساكنين ثم أعطى حركتها لما قبلها إذا كان ما قبلها حرفا صحيحا أو واوا أو ياء أصليتين أو مزيدتين لمعنى" من المعاني؛ أي لا يكونان زائدتين لمجرد المد أو ما يشبهه، بل زائدتين لمعنى كالإلحاق والتأنيث وغيرهما، وإنما فسرنا به بقرينة مقابلته لقوله، وإذا كان ياء أو واوا مدتين أو يشبه لمدة كياء التصغير جعلت مثل ما قبلها ثم أدغمت في آخره، فهذه أقسام ثلاثة: القسم الأول ما يكون قبل الهمزة المفتوحة حرف صحيح ساكن "نحو: مسلة" بفتح السين واللام جميعا "وملك" بفتحتين أيضا "أصله مسئلة" بإثبات همزة مفتوحة قبلها سين ساكن فأسكن الهمزة ثم حذفت لالتقاء الساكنين ثم نقلت حركتها إلى اللام فصار مسلة "وملأك" بإثبات همزة مفتوحة قبلها لام ساكنة فأسكنت الهمزة ثم حذفت لالتقاء الساكنين ثم نقلت حركتها إلى اللام فصار ملك "من الألوكة وهي الرسالة" قال الكسائي: أصل ملك مألك بتقديم الهمزة من الألوكة وهي الرسالة ثم قلبت وقدمت اللام ملأك ثم تركت همزته لكثرة الاستعمال فصار ملك، وقوله: "والأحمر" بإثبات الهمزة وسكون اللام على الأصل مبتدأ وخبره "يجوز فيه لحمر" بفتح اللام وحذف الهمزتين "لأن الألف"؛ أي الهمزة الأولى إنما جيء "لأجل سكون اللام" وتعذر الابتداء به "وقد انعدم" سكون اللام بنقل حركة الهمزة الثانية إليها وحذفت لالتقاء الساكنين فأمكن الابتداء باللام فاستغني عن الهمزة فبقي لحمر وهو قليل "ويجوز فيه الحمر" بإثبات همزة الوصل وإن انعدم سكون اللام " لطرو حركة اللام" وعروضها وعدم الاعتبار بالعارض، فلم يستغن عن الهمزة وهو الأكثر، فعلى هذا الوجه يقال من الحمر بفتح النون وفي الحمر بحذف الياء لالتقاء الساكنين حكما بخلاف الوجه الأول؛ إذ يقال من لحمر بإسكان النون وفي الحمر بإثبات الياء لعدم التقاء الساكنين اعتبارا بالحركة العارضة، القسم الثاني: ما يكون ما قبل الهمزة المفتوحة واوا أو ياء ساكنين أصليتين وهو على ضربين أحدهما ما يكون الهمزة وما قبلها في كلمة واحدة، وثانيهما ما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى، والمصنف لم يذكر للضرب الأول من هذا القسم مثالا ونحن نذكره وهو نحو سو بفتح السين وضم الواو وشي بفتح الشين وضم الياء وأصلهما سوء ئسيء بإثبات الهمزة وسكون ما قبلها فيهما فأسكنت الهمزة ثم حذفت لالتقاء الساكنين فيهما فنقلت حركة الهمزة إلى الواو والياء الأصليتين، فصار سو وشي، وأخر مثال الضرب الثاني لعلة نذكرها إن شاء الله تعالى، القسم الثالث: ما يكون قبل الهمزة المفتوحة واو أو ياء ساكنتان زائدتان لمعنى، وهو أيضا ضربان أحدهما ما يكون الهمزة وما قبلها في كلمة واحدة، وثانيهما ما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى مثال الضرب الأول منه ما ذكره بقوله:

Z"وجيل" أصله جأل فزيدت الياء للإلحاق بجعفر، فصار جيال فخففت الهمزة على طريق تخفيفها "وحوبة" أصله حأبة زيدت الواو للإلحاق بجعفر فصار حوأبة ثم خففت الهمزة على طريق تخفيفها "وأبو يوب" أصله أبو أيوب فيما كان الواو الأصلي في غير كلمة الهمزة "وابتغى مره" أصله ابتغى أمره فيما كان الأصل في غير كلمة الهمزة، فإن ياء الضمير كأحد حروف الكلمة لما عرفت، ولهذا يقال ابتغى كلمة واحدة فخففت الهمزة على طريق تخفيفها "ويجوز تحميل الحركة على حروف العلة هذه الأشياء"؛ أي الأمثلة الأربعة الأخيرة، وهذا هو الظاهر أو في الواو والياء الأصليتين أو المزيدتين المعنى، وهذا الأولى لشموها مثل شي وسو "لقوتها"؛ أي حروف العلة بأن كانت أصلية أو في حكمها "وطرو الحركة عليها"؛ لأنها نقلت إليها من الهمزة فهي كالمعدوم "وإذا كان ما قبلها"؛ أي الهمزة المتحركة "حرف لين"؛ أي حرف لين ساكنا حال كونه "مزيدا" لغير الإلحاق "نظرا" إلى ذلك الحرف "فإن كان ياء أو واوا مدتين

_ Q"وجيل" بفتح الجيم والياء جميعا، والأصل جيأل بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة وهو الضبع والياء ها هنا زائدة للإلحاق بجعفر، لكنه بمنزلة الأصلية في تحمل الحركة فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقلت فتحها إلى الياء، فيصير جيل لا يقال: إن الياء المتحركة إذا انفتح ما قبلها قلبت ألفا فلِمَ لَمْ تقلب هذه الياء ألفا مع أنها متحركة وما قبلها مفتوح؛ لأنا نقول: قال أبو علي: إنما امتنعوا من قلب هذه الياء ألفا؛ لأن الهمزة إن كانت مبقاة من اللفظ فهي مبقاة في التقدير، وحركة الياء عرضية في حكم العدم، فلذلك امتنعوا من قلبها ألفا "و" كذلك "حوبة" بفتح الحاء المهملة والواو جميعا، والأصل حوأبة بإثبات همزة مفتوحة بعد واو ساكنة وهي القربة الواسعة، والواو ها هنا زائدة للإلحاق بجعفر أيضا، لكنه بمنزلة الأصلية في تحمل الحركات فخففت الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحتها إلى الواو فصار حوبة هذا وقوله: "وأبو يوب" مثال للضرب الثاني من القسم الثاني؛ أي لما يكون الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى؛ لأن أصله أبو أيوب بإثبات همزة مفتوحة وما قبلها حرف أصلي، وهو الواو الساكنة فخففوا الهمزة بالإسكان والحذف ونقل فتحتها إلى الواو وقالوا: أبو يوب بنقل اللسان من الواو المفتوحة إلى الياء المشددة المضمومة من غير حاجز بينهما، وإنما أخر هذا المثال لمناسبة قوله: "وابتغى مره" في أن الهمزة في كلمة وما قبلها في كلمة أخرى وهو مثال للضرب الثاني من القسم الثالث، ذكر ابن الحاجب أن أصل ابتعى أمره بالعين المهملة من الاتباع وهو أمر المؤنث، والاستشهاد فيه أن الهمزة لما تحركت وكانت قبلها الياء مزيدة لمعنى التأنيث خففت بالحذف ونقلت فتحتها إلى الياء التي هي ضمير المؤنث، وقيل: ابتغى مرة بنقل اللسان من الياء المفتوحة إلى الميم الساكنة أقوال جاز أن يكون بالغين المعجمة أمرا للمؤنث من باب الافتعال من ابتغى يبتغي، فيكون أصله حينئذ ابتغي بالياءين بعد الغين أولاهما أصلية والثانية زائدة للمؤنث فأسكنت الياء الأصلية ثم حذفت لاجتماع الساكنين، كما سيجيء في ارمي بالياءين، وإنما خففوا الهمزة بالحذف في الأقسام الثلاثة؛ لأن حذفها أبلغ للتخفيف وقد بقي من عوارضها ما يدل عليها وهو حركتها المنقولة إلى الساكن الذي قبلها، وقد جاء في القسم الأول غير الحذف نحو مراة وكماة بألف خالصة أصلها مراة وكماة بإثبات همزة مفتوحة، فنقلت حركتها إلى الساكن الذي قبلها فيكون متحركا وبقيت الهمزة ساكنة فقلبوها ألفا كما في رأس، وهو شاذ عند سيبويه والكسائي والفراء يجوز أنه مطرد "ويجوز تحميل الحركة على حروف العلة في هذه الأشياء" نحو: جيل وحوبة وأبو يوب وابتغي مره "لقوتها" لكونها زائدة لمعنى مقصود فيكون كأنها أصلية "ولطرو الحركة عليها" هذا الكلام دفع لما يتوهم من أن حروف العلة لا يجوز تحيل الحركة عليها قياسا على ما سيأتي من نحو خطيئة "وإذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل الهمزة "حرف لين" حال كونه "زائدا" لمجرد المد نظرا إلى ذلك الحرف "فإذا كان ياء أو واوا مدتين" اعلم أن الواو والياء إن كانا متحركتين لا يسمى شيء منهما حرف المد ولا اللين لانتفائهما عنهما حينئذ وهو ظاهر، بل يسمى حرف علة وإن كانا ساكنين يسمى كل واحد منهما حرف لين أيضا لما فيهما من اللين حينئذ لاتساع مخرجهما؛ لأنهما تخرجان في لين من غير خشونة على اللسان وحينئذ إن كان حركة ما قبلهما من جنسهما بأن يكون ما قبل الواو مضموما والياء مكسورا يسمى كل واحد منهما حرف المد أيضا لما فيها من اللين مع الامتداد، نحو: يقول ويبيع وإلا أي وإن لم يكن حركة ما قبلهما من جنسهما يسمى حرف اللين لا المد لانتفائه فيهما حينئذ، وأما الألف فيكون حرف علة وحرف لين وحرف مد أبدا؛ إذ لا يكون إلا ساكنا ولا يكون ما قبلها إلا مفتوحا فبالاعتبار الأول يسمى حرف لين وبالاعتبار الثاني يسمى حرف مد. والحاصل أن الألف يكون حرف علة ومد ولين أبدا والواو والياء تارة تكونان حرفي علة فقط، وتارة حرفي لين أيضا، وتارة حرفي مد أيضا، فحروف العلة أعم من حروف المد واللين، وحروف اللين أعم من حروف المد فكل حرف مد حرف لين بدون العكس إذا علمت ذلك فنقول: معنى قوله: وإذا كان ما قبلها حرف لين مزيدا إذا كان ما قبل الهمزة حرف علة ساكنة زائدة لا لمعنى مقصود، بل لمجرد المد من غير تعرض إلى حركة ما قبلها، ومعنى قوله: فإذا كان واوا أو ياء مدتين إذا كان ما قبل الهمزة ياء ساكنة زائدة لمجرد المد وما قبلها مكسورا أو واوا ساكنة زائدة لمجرد المد أيضا وما قبلها مضموما.

Zأو ما يشبه المدة كياء التصغير" فإن ياء التصغير تشابه المدة؛ لأنها في مقابلة ألف التكسير نحو: رجال "جعلت الهمزة مثل ما قبلها" جوازا فإن كان ما قبلها ياء قلبت ياء، وإن كان ما قبلها واوا قلبت واوا "ثم أدغم" الأول الذي هو ما قبلها "في الآخر"؛ أي ثاني ذلك الأول والمتأخر عنه الذي هو مقلوب من حرف اللين لاجتماع المتجانسين، وإنما تعين القلب ولم ينقل حركتها إلى ما قبلها كما نقلت فيما لو كان ما قبلها حرفا صحيحا أو واوا أو ياء أصليتين أو مزيدتين لمعنى "لأن نقل الحركة عن الهمزة إلى هذه الأشياء" التي هي الواو والياء المزيدتان المدتان أو ما يشبه المدة "يفضي إلى تحميل الضعيف"؛ أي إيقاع الحمل الذي هو الحركة وإن كانت عارضة "على الضعيف" الذي هو حروف اللين المزيدة لغير الإلحاق فلم يمكن التخفيف بالحذف ولم يمكن أيضا بجعلها بين بين؛ لأن همزة بين بين قريبة من الساكن بل ساكنة كما مر فيلزم التقاء الساكنين؛ لأن ما قبل الهمزة ساكن فتعين القلب ثم فرع على قاعدة جزئياتها فقال: "فيدغم نحو خطية" أصله خطيئة؛ لأن الياء فيه مدة زائدة "ومقروة" أصله مقروءة؛ لأن الواو فيه مدة زائدة "وأفيس" أصله أفيئس تصغير أفؤس جمع فأس؛ لأن الياء فيه يشبه المد، وكل ما كان هذا شأنه يقلب ويدغم بحكم القاعدة المذكورة فهذه تقلب وتدغم "فإن قيل يلزم تحميل الضعيف أيضا"؛ أي كما في النقل "في الإدغام وهو"؛ أي ذلك الضعيف في الإدغام "الياء الثانية" والواو الأولى "قلنا الياء الثانية" وكذا الواو الثانية "أصلية"؛ أي مبدلة من حرف أصلي "فلا تكون ضعيفة كياء جيل"؛ أي كما لا تكون ياء جيل ضعيفة بسبب زيادتها لمعنى، وكذا واو حوبة هذا إذا كان ما قبل الهمزة حرفا صحيحا أو واوا أو ياء "وإن كان" ما قبلها "ألفا جعل" الألف الذي هو الهمزة "بين بين" المشهورة؛ إذ لا مجال لغير المشهور بسبب سكون ما قبل حركتها إلى ما قبلها "ولا" تقبل "الإدغام" أيضا حتى تقلب ألفا ويدغم الألف في الألف فتعين بين بين

_ Q"أو ما يشبه المدة كياء التصغير" ذكر ابن الحاجب أن ياء التصغير حكمها حكم الحرف الزائد لمجرد المد؛ لأنها لزمت السكون لزوم حرف المد فمتى وقعت قبل الهمزة المتحركة قلبت الهمزة إليها وأدغمت قوله: "جعلت" جواب إذا؛ أي جعلت الهمزة المتحركة في الصور الثلاث المذكورة "مثل ما قبلها" فيجتمع مثلان "ثم أدغم" المثل الأول "في الآخر"؛ أي في ثانيه الذي هو المنقلب من الهمزة، وإنما خففوا الهمزة في هذه الصور بالقلب والإدغام ولم يخففوها بالحذف مع نقل حركتها إلى ما قبلها "لأن نقل الحركة إلى هذه الأشياء" يعني الياء والواو وياء التصغير "يفضي"؛ أي يؤدي "إلى تحميل الضعيف"؛ أي إلى تحمل الحركة الحرف "الضعيف" وهو غير جائز، وهذا الدليل لا يخلو عن ضعف؛ إذ الحرف الضعيف قد يتحمل الحركة العارضة والأولى ما ذكره بعض المحققين من أنه إذا كان ما قبل الهمزة المتحركة واوا أو ياء مدتين كان تخفيفها بقلبها حرفا من جنس الساكن الزائد قبلها وإدغامه فيها لتعذر إلقاء حركتها على الياء والواو، وحينئذ إذا كانتا مدتين مجردتين لا تقبلان الحركة يريد أن مدتهما تنافي تحريكهما؛ إذ لو حركت زالت المدة عنهما مع أنه استغني عن تحريكهما بالقلب الذي هو أولى من الحذف لما مر، وهذا القلب والإدغام بطريق الجواز، وإنما لم يخففوا الهمزة ها هنا بجعلها بين بين؛ لأن في جعلها بين بين تقريبا من الساكن وهم لا يجمعون بين الساكن وما يقاربه، كما لم يجمعوا بين الساكنين قوله: "فيدغم" فعل مجهول وقوله: "نحو" خطية" بتشديد الياء المفتوحة قائم مقام فاعله، والأصل خطيئة بإثبات همزة مفتوحة بعد ياء ساكنة زيدت للمد والوزن فعيلة كصحيفة إلا أنهم أبدلوا من الهمزة التي هي لام الكلمة الياء فاجتمع ياءان والأول منهما ساكن فأدغم في الثاني وقيل: خطية "و" كذلك "مقروة" بالواو المشددة المفتوحة وأصله مقروءة على وزن مفعولة، فأبدلوا من الهمزة واوا فاجتمع واوان أولهما ساكن فأدغم في الثاني وقيل: مقروة "وأفيس" بضم الهمزة وفتح الفاء وكسر الياء وتشديدها تصغير أفؤس بفتح الهمزة وسكون الفاء وضم الهمزة جمع فأس مثل: أكلب جمع كلب، والأصل أفيئس بإثبات همزة بعد ياء التصغير فقلبت الهمزة ياء فاجتمع ياءان أولهما ساكن فأدغم فيما بعده وقيل: أفيس، "فإن قيل يلزم تحميل الضعيف أيضا"؛ أي كما في النقل "في الإدغام وهو الياء الثانية" وأنتم لم تجوزوه "قلنا: الياء الثانية أصلية فلا تكون ضعيفة" بخلاف الياء الأولى "كياء جيل"؛ أي كما لا يكون ياء جيل ضعيفة؛ لأنها وإن كانت زائدة لكنها لما زيدت لغرض الإلحاق كانت كأنها أصلية في تحمل الحركة؛ إذ قد سبق أن الغرض من الإلحاق أن يعامل الكلمة الملحقة معاملة الملحق به في الأحكام اللفظية قوله: "وإن كان ما قبلها ألفا" عطف على قوله: فإذا كان ياء أو واوا؛ أي وإن كان ما قبل الهمزة المتحركة ألفا زائد المجرد المد وقبله فتحة "جعل" الهمزة "بين بين" المشهور لا غير "لأن الألف لا يحتمل الحركة"؛ أي لا يقبلها لكونها مدة فلم يمكن التخفيف بالحذف ونقل الحركة "والإدغام"؛ أي الألف لا يقبل الإدغام أيضا؛ لأن الإدغام يستلزم تحرك الثاني وهذا غير ممكن ها هنا فتعين جعلها بين بين، فإن كانت الهمزة مفتوحة جعلت بين الهمزة والألف نحو قراءة، وإن كانت مضمومة جعلت بين الهمزة والواو نحو تساؤل، وإن كانت مكسورة جعلت بين الهمزة والياء

Z"نحو سائل" في الهمزة الأصلية "وقائل" في المبدلة هذا إذا كانت الهمزة واحدة في كلمة "وإذا اجتمع الهمزتان في كلمة وكانت الأولى مفتوحة والثانية ساكنة تقلب الثانية ألفا" على سبيل الوجوب للمجانسة "نحو آخذ" للتفضيل أصله أأخذ كأنصر "وآدم" للصفة المشبهة أصله أأدم كأسمر، فالزائدة هي الأولى بدليل النظير وعدم الانصراف، ثم استثنى من الحكم السابق الذي هو قلب الهمزة الثانية ألفا وجوبا وبقاء الألف في لفظ أئمة بقوله: "إلا في أئمة" فإن أصلها أممة جمع إمام كآنية جمع إناء اجتمع الإعلال والإدغام، فقدم الإعلال بأن "جعلت همزتها" الثانية "ألفا" على مقتضى القياس فصار آممة "كما" جعلت "في آخذ" وبعد ما تم أمر الإعلال قصد إلى الإدغام فحذفت حركة الميم الأولى لعدم المحل لنقلها؛ إذ الألف لا تقبلها فأدغمت في الثانية فاجتمع ساكنان الألف والميم المدغم، ولم تحذف الألف للالتباس بأمة بضم الميم والتشديد وأمة بفتحها والتخفيف "ثم جعلت الألف ياء" متحركة بحركة من جنسها دفعا "لاجتماع الساكنين" ولم يجعل واوا لثقله فصار أيمة بالياء وبعضهم قدم الإدغام على الإعلال فنقلوا حركة الميم الأولى إلى الهمزة ثم قلبوا الهمزة حرفا موافقا لحركاتها وهي الياء تخفيفها، ولم يجعلوها بين بين إما لعروض حركتها وإما لأن في ذلك ملاحظة للهمزة فيلزم منه الجمع بين الهمزتين، وهذا هو المشهور عند البصريين إلا أن ما ذكره المصنف أقرب إلى القياس "وعند الكوفيين لا تقلب" همزتها "بالألف حتى يلزم الساكنين" بعد الإدغام ولا يحتاج إلى قلبها ياء دفعا له "وقرئ عندهم أئمة الكفر بالهمزتين" المحققتين والإدغام "فإن قيل اجتماع الساكنين في حده جائز فلم لا يجوز في آمة" بعد القلب والإدغام عند البصريين حتى احتاجوا إلى قلب الألف ياء "قلنا الألف في آمة" بعد القلب "ليست بمدة"؛ لأن المدة هي الغير المقلوبة من شيء أو المقلوبة من واو أو ياء والألف في آمة ليست كذلك "كيف يكون اجتماع الساكنين في حده" الاستفهام للإنكار؛ أي لا يوجد اجتماع الساكنين "وإذا كانت" أولى الهمزتين المحققتين في كلمة "مكسورة تقلب الثانية" الساكنة "ياء" لتناسب حركة ما قبلها "نحو أيسر" أصله ائسر من الأسر

_ Q"نحو سائل وقائل" وإنما لم يجز بين بين الغير المشهور لسكون ما قبلها. فإن قلت: فهلا امتنع جعلها بين بين لسكون الألف وقرب همزة بين بين من الساكن وهم لا يجمعون بين الساكن وما قرب منه. قلت: سوغ ذلك أمران أحدهما خفاء الألف فكأنه ليس قبلها شيء، وثانيهما زيادة المد الذي فيها فإنه قائم مقام الحركة كالمدغم كذا ذكره الجار بردى. ولما فرغ من بيان الهمزة الواحدة شرع في بيان الهمزتين المجتمعين فقال: "وإذا اجتمع الهمزتان"؛ أي في كلمة "وكانت الأولى" منهما "مفتوحة والثانية ساكنة نقلت" الهمزة "الثانية ألفا" وجوبا مطردا "كما في آخذ" بوزن أفعل أصله أأخذ بهمزتين أولاهما همزة التفضيل مفتوحة وثانيهما فاء الكلمة ساكنة فقلبت الثانية ألفا لسكونها وانفتاح ما قبلها فقيل آخذ "و" كذا "آدم" عليه السلام وهو أبو البشر، أصله أءدم بهمزتين الأولى زائدة مفتوحة والثانية فاء الكلمة ساكنة فقلبت الثانية ألفا فقيل آدم، ولا يجوز أن يقال الأولى فاء الكلمة والثانية زائدة لوجهين؛ الأول أنه يكثر زيادتها أولا وقلت حشوا والحمل على الأكثر أولى، الثاني أنه لو كان كذلك لكان وزنه فاعلا كسائل فيجب أن يصرف، فلما لم يصرف دل على أنه أفعل كأحمر، ومن هذا علم أنه لا يجوز أن يكون على فاعل بفتح العين كخاتم بأن تكون الألف زائدة غير منقلبة من الهمزة؛ لأنه حينئذ يجب صرفه أيضا "إلا في أيمة" بالياء الصريحة المكسورة جمع إمام كأزمة جمع زمام، والأصل أأممة بإثبات همزة ساكنة متوسطة بين الهمزة الأولى وبين الميم فنقلوا أولا كسرة الميم إلى الهمزة الساكنة ثم أدغموها في الميم الثانية فصار أئمة بفتح الهمزة الأولى وكسر الثانية "جعلت همزتها" الثانية "ألفا" نظرا إلى سكون أصلها وانفتاح اقبلها "كما في آخذ" فاجتمع ساكان "ثم جعلت" تلك الألف المنقلبة من الهمزة "ياء لاجتماع الساكنين" وهما الألف المنقلبة والميم المدغمة ثم حركت من جنسها فصار أئمة هذا مختار البصريين وإن كان مخالفا للقياس؛ لأن قلب الألف ياء متع أن ما قبلها مفتوح ليس بقياس، بل القياس أن يجعل الهمزة الثانية ياء ابتداء لكونها مكسورة كما هو الواقع في كتب القوم "وعند الكوفيين لا تقلب" الهمزة الثانية "بالألف حتى لا يلزم اجتماع الساكنين" في غير حده "وقرئ عندهم أئمة الكفر بالهمزتين" وبإدغام الميم "فإن قيل اجتماع الساكنين في حده جائز" وهو أن يكون الحرف الأول مدا والثاني مدغما "لم لا يجوز" اجتماع الساكنين "في آمة" مع أنه في حده؛ لأن الأول مد والثاني مدغم كما في دابة "قلنا الألف" المنقلبة من الهمزة "في آمة ليست بمدة"؛ لأن الألف إنما يكون مدة إذا كانت حرف علة وإنما تكون حرف علة إذا كانت منقلبة من الواو والياء وها هنا ليس كذلك؛ لأنها منقلبة من الهمزة، وإذا لم تكن الألف مدة "فكيف يكون" في آمة "اجتماع الساكنين في حده" مع فوات شرطه قوله: "وإذا كانت مكسورة" عطف على قوله: وإن كانت الأولى مفتوحة يعني إذا اجتمع الهمزتان وكانت الأولى منهما مكسورة والثانية ساكنة "تقلب" الهمزة "ياء" وجوبا مطردا لسكونها وانكسار ما قبلها "نحو أيسر" بكسر السين أصله اتسر بهمزتين أمر من أسر يأسر بوزن ضرب يضرب فقلبت الهمزة الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها إيسر، وكذا إبت أمر من أتى يأتي

Z"وإذا كانت" أولاهما "مضمومة قلبت" الثانية الساكنة "واوا" للمناسبة "نحو أؤثر" أصله أوثر من الأثر وهو الاختيار "وأما كل وخذ ومر فشاذ"؛ لأن أصلها أأكل وأأخذ وأأمر، والقياس المذكور يقتضي أن تقلب الهمزة الثانية واوا، ويقال أوكل وأوخذ وأومر إلا أنهم حذفوا الهمزة الأصلية منها لكثرة الاستعمال تخفيفا على غير القياس فاستغنوا عن همزة الوصل لعدم الاحتياج إليها لزوال الابتداء بالساكن، ثم الحذف في الأولين واجب بخلاف الثالث لعدم بلوغه مبلغ الأولين في كثرة الاستعمال، قال الله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ} إلا أنها نظمها في سلك واحد نظر إلى اتحادها في الحذف الغير القياسي عند حذف الهمزة من مر "هذا"؛ أي تخفيف الهمزة الثانية الساكنة بين الهمزتين المحققتين بقلبها بجنس حركة الأولى منها "إذا كانتا"؛ أي الهمزتان "في كلمة واحدة" كما ذكرنا من الأمثلة "وأما إذا كانتا في كلمتين" والأقسام اثنا عشر؛ إذ لا مجال لسكون الثانية لوقوعها في أول الكلمة، وإلا فالأقسام العقلية ستة عشر الأربعة من اثني عشر تكون إذا كانت الثانية مفتوحة وقبلها أربعة أحوال، وذلك يتحقق بذكر لفظ أحد بعد جاء ويدرأ ومن تلقاء ولم يدرأ، والأربعة منها تكون إذا كانت مكسورة وقبلها الأربعة ويتحقق ذلك بذكر لفظ أبدا بعد الألفاظ الأربعة المذكورة، والأربعة الأخرى منها تكون إذا كانت مضمومة وقبلها الأربعة، ويتحقق ذلك بذكر أولئك بعد تلك الأربعة والتفصيل في التحقيق أنه "تخفف الثانية عند الخليل"؛ لأن الثقل إنما يحصل عند الثانية وعند أبي عمرو تخفف الأولى؛ لأن الاستثقال إنما حصل من اجتماعهما فعلى أيهما وقع التخفيف جائز، لكن قد رأيناهم أبدلوا من أول المثلين حرف اللين في نحو: دينار وديوان أصلهما دننار ودووان، وكان ذلك للتخفيف، فكذا في الهمزتين، ويجوز تخفيفهما؛ لأن كون اجتماعهما عارضا هون أمر الثقل "نحو فقد جاء أشراطها" تخفيف الثانية بجعلها بين بين

_ Q"وإذا كانت" الهمزة الأولى" مضمومة" والثانية ساكنة "قلبت" الثانية "واوا" وجوبا مطردا أيضا لتناسب حركة ما قبلها "نحو أوثر" مجهول آثر الحديث بالمد؛ أي رواه أصله أؤثر بهمزتين فقلبت الثانية واوا لسكونها وانضمام ما قبلها فصار أوثر، وكذلك أومن مجهول آمن وإنما لم يجوز والجمع بين همزتين في كلمة واحدة وأوجبوا التخفيف بقلب ثانيهما؛ لأنهم يخففون في كلامهم الهمزة الواحد في الأكثر، وإذا اجتمعتا لزمت الثانية البدل؛ لأن التلفظ بالثاني الساكن عسير كذا قيل، فحاصل ما ذكره المصنف أنه إذا اجتمع همزتان وكانت الثانية ساكنة تقلب الثانية حرفا يوافق حركة الأولى، قوله: "وأما كل ومر وخذ فشاذ" جواب لا يراد مقدر وتوجهه ظاهر، والأصل أنه يقال: أوكل وأومر وأوخذ بالواو الساكنة المنقلبة من الهمزة؛ لأن ماضيها أكل وأمر وأخذ، فإذا أمرت منهما يجتمع همزتان إحداهما فاء الكلمة وهي ساكنة والثانية الهمزة المجتلبة وهي مضمومة؛ لأن كلها من الباب الأول، فكان القياس قلب الثانية واوا لسكونها وانضمام ما قبلها لكن لما كثر استعمال هذه الكلمات خالفوا القياس وخففوا الهمزة الثانية بالحذف، فبقي ما بعد الهمزة المجتلبة متحركات فاستغني عنها فحذفت أيضا، فبقي كل وخذ ومر، هذا ما أراده المصنف لكن فيها تفصيل، وهو أن مخالفة القياس في كل وخذ على سبيل الوجوب والالتزام، وأما مر فساغ فيه القياس أيضا كقوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ} والسر فيه أن مر لما لم يبلغ مبلغ باب خذ وكل في كثرة الاستعمال لم يلزموا حذف الهمزة فيه، ولم يقصر في قلة الاستعمال، كما في باب ايسر حتى أثبتوتها فيه أيضا بلا خلاف، فجعلوا له حكما متوسطا وهو جواز الأمرين إثبات الهمزة جريا على القياس وحذفها على خلاف القياس إلا أنهم إذا ابتدءوا به كان مر عندهم أفصح من أؤمر لاستثقال الهمزتين، وإذا وصلوه؛ أي إذا ابتدءوا بغير قبله كان أؤمر على الأصل أفصح من مر؛ لأنهم إذا قالوا: وأمر فقد استغنوا عن همزة الوصل المضمومة لأجل الدرج وإيصال الواو المفتوحة بالهمزة التي هي فاء الفعل فلا يستثقل كذا قالوا "هذا"؛ أي هذا الذي ذكرناه من أنه إذا اجتمع المزتان وكانت الثانية ساكنة قلبت الثانية حرفا يوافق حركة الأولى "إذا كانتا"؛ أي الهمزتان "في كلمة واحدة، وأما إذا كانتا في كلمتين" بأن يكون أولاهما في آخر الكلمة وثانيتهما في أول كلمة أخرى ويكون الأقسام اثني عشر الثانية مفتوحة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ أحد بعد جاء ومن تلقاء ويدر أو لم يدر أو مكسورة وقبلها أربعة أحوال يتحقق بذكر لفظ أبدا بعدها ومضمومة وقبلها الأربعة يتحقق بذكر لفظ أولئك بعدها، ففيها مذاهب؛ تخفيفها إما بفصل بينهما أو بلا فصل وتخفيف أحدهما ثم اختلفوا في هذا المذهب الأخير، فذهب سيبويه إلى أن أي الهمزتين خفف جاز وكفى لحصول التخفيف بهما، وأختار أبو عمرو تخفيف الأولى؛ لأن الاستثقال إنما يحصل من اجتماعهما فعلى أيهما وقع التخفيف جاز، لكنهم قد أبدلوا أول المثلين حرف اللين في مثل دينار وديوان أصلهما دننار ودووان بالنون والواوين، وكان ذلك للتخفيف فكذا في الهمزتين، واختار الخليل خلاف ذلك وإليه أشار بقوله: "تخفيف الثانية عند الخليل"؛ لأن الثقل إنما يحصل عند الثانية، فلا يصار إلى التخفيف قبل حصول الاستثقال "نحو: فقد جاء أشراطها" ثم أشار إلى المذهب الأول بقوله:

Z"وعند أهل الحجاز تخفيف كلاهما" ذكر كلاهما باعتبار الألف؛ لأن الثقل إنما لزم من اجتماعهما وتخصيص إحداهما بالتخفيف تحكم أو في تخفيفها جميعا وجهان؛ أحدهما أن تخفف الأولى على ما يقتضيه قياس التخفيف لو نفردت، ثم تخفف الثانية على ما يقتضيه قياس تخفيفها لاجتماعهما في كلمة، ففي جاء أحمد تجعل الأولى بين بين والثانية تقلب واوا؛ لأن الهمزتين إذا اجتمعنا في كلمة واحدة ولم تكسر الثانية أو ما قبلها قلبت واوا، نحو: أوادم أصله أآدم في جمع آدم، وأويدم تصغير آدم أصله أييدم، والثاني أن تخففا معا على حسب ما يقتضيه تخفيف كل واحدة منهما لو انفردت، ففي مثل: جاء أحمد يجعلان بين بين؛ لأن المفردة إذا كان ما قبلها ألفا نحو: سائل، أو كان ما قبلها مفتوحا نحو: سأل، يجعل بين بين، وإن لم يكونا متفقين في الحركة خففت أيهما شئت على حسب ما يقتضيه التخفيف في كل واحدة منهما لو انفردت، ففي نحو: جاء إدريس يجعلان بين بين، ومثل: يدر أحد تجعل الأولى بين بين وتقلب الثانية واوا كجون وعلى هذا القياس "وعند بعض العرب مقحم بينهما ألف للفصل نحو آنت" حرصا متهم على إثبات الهمزة وهربا من اجتماعهما، ولا يجوز إثبات تلك الألف في الخط كراهة اجتماع ألفات ثلاث فلا يعرف إقحام الألف بينهما إذا كانت الأولى آخر الكلمة نحو: جاء أحمد، بل إنما يعرف إذا كانت الأولى همزة استفهام "نحو قول الشاعر" ذي الرمة: فيا ظبية الوعساء بين جلاحل ... وبين النقا "آأنت ظبية أم أم سالم أصله أأنت الوعساء الأرض اللينة، وجلاجل اسم موضع وكذا النقا، ونحو قول الآخر: خرق إذا ما القوم أبدو فكاهة ... تفكر آياه يعنون أم قردا أصله أخرق وهو للغليظ القصير الذي يقارب الخطا، وأبدوا أظهروا، والفكاهة المزاحة؛ يعني هو قصير غليظ يشبه القرد بحيث لو مازح القوم بذكر القرد لظن أن القوم يعنون به نفسه، ثم منهم من يحقق بعد إقحام الألف ومنهم من يخفف "ولا تخفف الهمزة في أول الكلمة" إذا لم يتصل بها كلمة أخرى، وذلك لأن المبتدأ بها لو خففت تجعل بين بين؛ إذ هو الأصل فيه كما مر، ولكن همزة بين بين قريبة من الساكن فيمتنع الابتداء بها، وإذا امتنع ما هو الأصل حملوا الباقي عليه، وأيضا ليس قبلها حرف حتى يتصور الحذف أو القلب مع أن الهمزة المبتدأ بها لا تكون مستثقلة "لقوة المتكلم في الابتداء" وحذف همزة قل للاستغناء لا للتخفيف "وتخفيفها بالحذف في ناس" اسم جمع للإنسان؛ إذ لم يثبت فعال في أبنية الجموع؛ إذ "أصله أناس" بالهمزة في الأول يشهد له إنسان وأناسي "شاذ" عن القياس المذكور "وكذلك"؛ أي في كناس في تخفيف الهمزة في الأول على غير القياس "إله" منكرا كما اختاره القاضي البيضاوي "فحذفوا الهمزة" منه حذفا على غير قياس

_ Q"وعند أهل الحجاز تخفف" الهمزتان "كلاهما"؛ لأنه أوفى بمقصود التخفيف، أما تخفيفهما وعدم تخفيفهما بلا فصل بينهما فلعدم لزوم اجتماعهما؛ إذ قد ينفك إحدى الكلمتين عن الأخرى، ولم يذكره المصنف أما تخفيفهما مع فصل فقد ذكره بقوله: "وعند بعض العرب تقحم"؛ أي تدخل على صيغة المجهول "بينهما"؛ أي بين الهمزتين "الألف للفصل" بين الهمزتين "نحو" قول ذي الرمة: فيا ظبية الوعساء بين جلاحل ... وبين النقا "آأنت ظبية أم أم سالم" الوعساء الأرض اللينة، وجلاحل بالجيم المفتوحة والحاء المهملة المضمومة اسم موضع، ونقا اسم موضع آخر، وأم سالم اسم حبيبته، قال بعض المحققين: إنهم درجوا على إثبات الهمزتين فزادوا ألفا بينهما هربا من اجتماعهما، ثم قال: ولا يجوز إثبات تلك الألف في الخط كراهة اجتماع ثلاث ألفات، وذكر ابن الحاجب في شرح المفصل لم يثبت ذلك؛ يعني إقحام الألف إلا في مثل آأنت وشبهه "ولا تخفف الهمزة" بوجه من وجوه التخفيف إذا وقعت "في أول الكلمة"؛ أي إذا ابتدئ بها، وأما إذا وقعت الهمزة في أول الكلمة، ولكن لم يبدأ بها بل بشيء قبلها جاز تخفيفها، ولهذا جوزوا تخفيف الهمزتين معا وثانيتهما في مثل فقد جاء أشراطها مع أن الثانية وقعت في أول الكلمة، وإنما لم تخفف إذا ابتدئ بها "لقوة المتكلم في الابتداء" ولأنه لو خففت وجعلت بين بين يقرب الهمزة المبتدأة من الساكن فكره أن يبتدأ بما يشبه الساكن، ولما لم يجز بين بين وهو الأصل في تخفيف الهمزة كما مر، حملوا الباقي عليه ولا يرد عليه نحو خذ وأصله أأخذ فخففت الهمزة بالحذف من أوله؛ لأنه حذفت الهمزة الثانية تخفيفا ثم استغني عن همزة الوصل فحذفت فلم يخفف الهمزة الأولى، ولا نحو قل وأصله أقول؛ لأنا نمنع أن أصله ذلك؛ لأنه مأخوذ من تقول فحذف حرف المضارعة وسكن اللام للجزم فصار قول فحذفت الواو للساكنين، فصار قل، فلم يوجد سبب وجود الهمزة وهو سكون القاف فلا يتحقق الهمزة ولا تخفيفها، أو نقول سلمنا أن أصله أقول لكن أعل بنقل حركة الواو إلى القاف وحذفت الواو لالتقاء الساكنين فاستغني عن همزة الوصل فحذفت لا على وجه التخفيف، بل لعدم الاحتياج إليه، كذا ذكره الجاربردي موافقا لما ذكره ابن الحاجب، قوله: "وتخفيفها"؛ أي الهمزة "بالحذف" من أول الكلمة "في ناس أصله أناس شاذ" جواب عن سؤال مقدر وارد على قوله: ولا تخفف الهمزة في أول الكلمة والناس جمع لا واحد له من لفظه كالقوم والرهط "وكذلك إله"؛ أي إله كأناس في حذف الهمزة من أوله على خلاف القياس؛ لأنهم خالفوا القياس فيه أيضا "فحذفوا الهمزة" من أوله تخفيفا لكثرته في الكلام

Z"فصار لاه ثم أدخلوا الألف واللام" عوضا عن الهمزة المحذوفة ولذلك قيل في ندائه يا ألله، وإنما اختص القطع بالنداء هناك لتمحض الحرف للتعويض ولا يلاحظ معها شائبة تعريف أصلا حذرا من اجتماع أداتين للتعريف، وأما في غير النداء فيجري الحرف على أصله "ثم أدغم فصار الله وقيل أصله الإله" معرفا كما اختاره صاحب الكشاف وأبو البقاء "فحذفت الهمزة الثانية" وعوض عنها اللام للزوم حرف التعريف فنقل حركة الهمزة الثانية وعوض عنها لزوم حرف زائد للتعريف "ونقلت حركة الهمزة" بعد حذف الهمزة "إلى اللام" الأولى "فصار اللاه ثم أدغم" فصار الله وهذا صريح في أن الحذف على قياس التخفيف بنقل حركة الهمزة إلى اللام، كما اختاره أبو البقاء؛ إذ الحذف الغير القياسي أن تحذف الهمزة مع حركتها ولم تنقل إلى شيء، فيكون ذكر هذا القول هنا على سبيل الاستطراد؛ إذ الكلام ها هنا في الهمزة المبتدأ بها من غير أن يتصل بها كلمة أخرى، ويعد ذلك في الحذف على غير القياس، وليس الأمر كذلك على هذا القول فلزوم الحذف ولزوم التعويض بحرف التعريف ووجوب الإدغام ونقل الحركة في كلمتين في حرفين غير متجانسين على سبيل اللزوم ولا نظير له ونقل الحركة إلى مثل ما بعدها، وذلك يوجب اجتماع المثلين المتحركين وتسكين المنقول إليه الموجب لكون النقل عملا كلا عمل وإدغام المنقول إليه فيما بعد الهمزة وذلك بمعزل عن القياس؛ لأن الهمزة في تقدير الثبوت كل ذلك من خواص هذا الاسم يمتاز بها عن نظائره امتياز مسماه عن سائر الموجودات بما لا يوجد إلا فيه، كما أن التفخيم من خواصه وظاهر عبارة صاحب الكشاف يدل على أن الحذف ابتدائي من غير قياس حيث اكتفى على قوله فحذفت الهمزة ولم يتعرض لنقل الحركة، وصرح به أبو علي حيث قال: همزة إله حذفت حذفا من غير إلقاء النظر إلى وجوب الإدغام والتعوض فإن المحذوف قياسا في حكم الثابت، وما كان في حكم الثابت يمنع الإدغام لعدم اجتماع المثلين حينئذ، ويمنع التعويض أيضا للزوم اجتماع العوض والمعوض عنه. والحاصل أنه إذا كان حذف الهمزة على القياس يكون لزوم الحذف والتعويض ووجوب الإدغام على غير القياس، وإن كان الأول على غير القياس يكون الثاني على القياس، فهذا الاسم لا يخلو عن خلاف قياس ففيه توفيق بين الاسم والمسمى حيث كان الحق تعالى خراجا عن دائرة العقل وعن طرق القياس "كما" حذفت الهمزة "في يرى" تشبيه الجلالة بيرى إنما هو في لزوم يرى حذف الهمزة ونقل حركتها إلى ما قبلها لا في الإدغام، وقصد بهذا التشبيه ربط بحث يرى بما تقدم "أصله يرأي فقلبت الياء ألفا" لتحركها و"لفتح ما قبلها ثم لين الهمزة" لسلب حركتها "فاجتمع ثلاث سواكن" الراء والهمزة والألف "فحذفت الهمزة وأعطي حركتها إلى الراء فصار يرى وهذا التخفيف"؛ أي تخفيف الهمزة بالحذف "واجب في يرى" إلا في ضرورة الشعر كقوله: ألم تر ما لاقيت والدهر أعصر ... ومن يطل العيش يرأي ويسمع وتقول أخبرني ما رأيت من العجائب في الدهر الطويل، فإن من يتمتع بطول العمر ويعيش زمانا

_ Q"فصار لاه ثم أدخلوا" عليه "الألف واللام" ثم أدغم اللام الداخلة في لام الكلمة "فصار الله" اعلم أن الأفعال بمعنى بمفعول من أله يأله بالفتح فيهما ألهة؛ أي عبد فمعنى إله مألوه معبود كقولنا: إمام بمعنى مؤتم به فعلى هذا في الألف واللام مذهبان: أحدهما أن يكونا عوضين عن الهمزة المحذوفة، ومع هذا يفيد التعريف أيضا وهو مذهب أبي علي النحوي، واستدل عليه بكون همزته للقطع حالة النداء حيث يقال: يا ألله بالقطع، وثانيهما أن يكونا للتعريف لا لتعويض، وهو مذهب جمهور أئمة اللغة، واستدلوا عليه بأنه لو كانتا عوضا من الهمزة لما اجتمعتا حينئذ مع المعوض في قولهم الإله، وقالوا وقعت الهمزة للزومها، والمصنف أطلق القول ولم يقيد بكونهما للتعريض أو للتعريف ليشمل المذهبين، هذا وقد جوز سيبويه أن يكون أصل اسم الله تعالى لاه بغير همزة من لاه يليه؛ أي تستر ثم لما أدخلت عليه الألف واللام أجرى مجرى اسم العلم كالحسن والعباس إلا أنه يخالف سائر الأعلام من حيث إنه كان في الأصل صفة، وقولهم: يا ألله بقطع الهمزة إنما جاز؛ لأنه ينوي به الوقف على حرف النداء تفخيما للاسم كذا في مختار الصحاح "وقيل أصله"؛ أي أصل اسم الله "الإله فحذفت الهمزة الثانية" المكسورة تخفيفا "فنقل حركتها"؛ أي كسرتها "إلى اللام" الساكنة قبلها "فصار اللاه" فاجتمع حرفان متجانسان متحركان فأسكن الأول للإدغام "ثم أدغم" في الثاني قياسا فعلى هذا لا يكون حذف الهمزة شاذا؛ لأن الهمزة إذا تحركت وسكن ما قبلها كان في تخفيفها أن تحذف الهمزة وأعطي حركتها إلى ما قبلها، كما في مثل الأحمر "وكما في يرى"؛ أي في مضارع رأى مطلقا دون ماضيه "أصله يرأي فقلبت الياء ألفا" لتحركها و"لفتحة ما قبلها ثم لين الهمزة" بحذف حركتها "فاجتمع ثلاث سواكن" الراء والهمزة والألف المنقلبة من الياء" فحذفت الألف"؛ أي الهمزة "فأعطي حركتها" التي هي الفتحة "للراء" الذي قبلها "فصار يرى وهذا التخفيف واجب في يرى" حتى لا يجوز استعمال الأصل والرجوع إليه إلا في ضرورة الشعر كقوله: ألم تر ما لاقيت والدهر أعصر ... ومن يتمل العيش يرأي ويسمع

Zكثيرا يرى أشياء عجيبة وغريبة، ولا يجوز هذا التخفيف في أى لعدم سكون ما قبل الهمزة إلا في ضرورة الشعر كقوله: صاح هل ريت أو سمعت براع ... رد في الضرع ما ثوى في الحلاب ثوى تمكن واستقر الحلاب المحلب يقول الفائت لا يتدارك "دون أخواتها" من الفعل والاسم مما فيه همزة متحركة ما قبلها ساكن "لكثرة استعماله مع اجتماع حرف العلة بالهمزة في الفعل الثقيل" في يرى دون أخواتها "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن وجوب حذف الهمزة في يرى لاجتماع الشرائط الثلاثة المذكورة "لا يجب" أن يقال "ينى" بحذف الهمزة "في ينأى" لفقدان الشرط الأول "وأن" يقال "يسل في يسأل" لفقدان الشرط الثاني "و" أن يقال "مرى في مرأى" لفقدان الشرط الثالث "وتقول في إلحاق الضمائر" بالماضي "رأى رأيا رأوا إلى آخره"؛ أي إلى رأيت رأينا "وإعلال الياء سيجيء في قلب الناقص" إن شاء الله تعالى. وأما ذكر قلب ياء يرى ألفا هنا فلذكره في التثنية على صورة لفظ يرى "المستقبل" عند إلحاق الضمائر به "يرى يريان ترون ترى تريان يرين ترى يريان ترون ترين تريان ترين أرى نرى" ولما كان في صيغ المستقبل بحث متعلق بالهمزة أوردها على التمام بخلاف الماضي "وحكم يرون" في تخفيف الهمزة وقلب الياء "كحكم يرى، ولكن حذف الألف الذي في يرون لاجتماع الساكنين بواو الجمع"؛ لأن أصله يرأيون قلبت الياء ألفا كما في يرى فالتقى ساكنان الألف المقلوبة من الياء وواو الجمع فحذفت الألف المقلوبة فصار يرون ثم حذفت الهمزة كما في يرى "وحركت الياء في يريان" بعد عود ألف يرى في التثنية ياء لالتقاء الساكنين وعدم إمكان حذف أحدهما للالتباس، مع أن الحركة عليه ثقيلة "لطرو الحركة" فهي كالمعدومة فلم تثقل عليه واختير الفتح؛ لأن الألف لا بد أن يكون ما قبلها مفتوحا "ولا تقلب الياء ألفا" بعدما تحركت مع أنها متحركة وما قبلها مفتوح؛ لأنه يلزم الوقوع في المحذور الذي فروا منه أعني التقاء الساكنين "لأنها إذا قلبت" الياء "ألفا يجتمع الساكنان" ألف التثنية والألف المقلوبة من الياء ثم تحذف" الألف المقلوبة لدفع اجتماع الساكنين "فيلتبس حينئذ" يريان "بالواحد" في اللفظ بحذف

_ Q"دون أخواتها" المراد من أخوات كلمة يرى الكلمات التي فيها الهمزة سواء وجد حرف العلة أو لا "لكثرة الاستعمال" في يرى دون أخواتها "مع اجتماع حرف العلة بالهمزة في الفعل الثقيل" من الاسم فهذه شروط ثلاثة فمتى اجتمعت هذه الشروط في كلمة وجب تخفيفها وجوبا غير قياس، كما سيصرح به ومتى انتفى واحد منها لم يجب التخفيف "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن وجوب التخفيف مشروط بهذه الثلاثة "لا يجب" أن يخفف ويقال "ينى في ينأى"؛ أي يبعد بل يجوز بعد قلب الياء ألفا أن تخفف الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى النون قبلها ويجوز إبقاؤها لفقدان الشرط الأول وهو كثرة الاستعمال "و" لا يجب أيضا يسل بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى السين قبلها "في يسأل" لفقدان الشرط الثاني وهو اجتماع حرف العلة بالهمزة "و" لا في "مرى" بفتح الميم والراء والتنوين "في مرأى" اسم مكان من رأى بل يجوز بعد قلب الياء ألفا أن تخفف الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى الراء قبلها وإن لم يستعمل كما سيجيء وجاز إبقاؤها لفقدان الشرط الثالث، وهو اجتماع حرف علة مع الهمزة في الفعل وعلى بقائها قول الشاعر: حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي ... فأنت بمرأى من سعاد ومسمع "وتقول في إلحاق الضمائر" مستكنة كانت أو بارزة "رأى رأيا رأو إلى آخره وإعلال الياء" الذي في آخر رأى "سيجيء في باب الناقص" إن شاء الله تعالى فلم نذكره ها هنا "المستقبل" من رأى عند إلحاق الضمائر "يرى يريان يرون ترى تريان يرين ترى تريان ترون ترين تريان ترين أرى نرى" وحكم "يرون كحكم يرى" في التخفيف والإعلال "لكن حذف" على صيغة المجهو "الألف" المنقلبة من الياء "الذي في يرون لاجتماع الساكنين بواو الجمع" ولم يحذف ذلك الألف في يرى يعني أن أصل يرون يرأيون على وزن يعلمون فقلبت الياء الفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، كما في يرأى فالتقى ساكنان هذا الألف وواو الجمع بعدها فحذفت الألف؛ لأن الواو علامة فبقي يرون ولم يحذف هذا الألف في يرى لعدم التقاء الساكنين ثم لينت الألف والهمزة فاجتمع ثلاث سواكن الراء والهمزة والواو، فحذفت الهمزة وأعطي حركتها التي هي الفتحة للراء الساكنة قبلها كما في يرى فصار يرون قيل: ويجوز أن تلين الهمزة أولا وتحذف ثم تقلب الياء ألفا فتحذف، ومن قال: معنى كلامه أن حكم يرون في الإعلال كحكم يرى إلا أن حذف الهمزة في يرون لاجتماع الساكنين بسبب الاتصال بواو الجمع، وفي يرى لكثرة الاستعمال فقد غلظ لفظا ومعنى، ومن ركب متن عمياء فقد خبط خبط عشواء "وحركت الياء في يريان" وتريان أيضا "لطرو الحركة"؛ أي عروضها يعني أن هذه الفتحة عارضة لأجل الألف فيهما؛ لأن ما قبل الألف لا بد وأن يكون مفتوحا، ولولا الألف لكانت الياء مضمومة كما في المفرد "ولا تقلب الياء" في يريان "ألفا" مع وجود علة القلب وهو تحركها وانفتاح ما قبلها "لأنه إذا قلبت ألفا يجتمع الساكنان" ألف التثنية والألف المنقلبة من الياء "ثم حذفت فيلتبس بالواحد"؛ أي فيلزم حذف الألف المنقلبة من الياء؛ لأن ألف التثنية علامة فبقي يران، فيلزم التباس التثنية بالمفرد

Zالنون "في مثل لن يرى"؛ أي عند دخول الناصب قوله: "بيرى" بدل من الواحد؛ أي فيلتبس بيرى؛ لأن نون التثنية تسقط بالناصب فتقول في يريان عند دخول لن نحو لن يريا، فلو قلبت الياء ألفا وحذف الألف لالتقاء الساكنين، وقيل: لن يرا لم يعلم أنه مثنى حذف نونه بالناصب أو واحد من غير سقوط حرف، وإنما قيدنا الالتباس بكونه في اللفظ؛ إذ لا التباس في الخط؛ لأن التثنية تكتب بالألف بخلاف ألف المفرد المقلوبة من الياء فإنها تكتب بالياء "وأصل ترين" للواحدة المخابطة "ترأيين على وزن تفعلين فحذفت الهمزة كما" حذفت "في يرى فصار تريين ثم جعلت الياء" الأولى "ألفا" لتحركها و" لفتحة ما قبلها فصار تراين ثم حذفت الألف لاجتماع الساكنين فصار ترين" ولك أن تقول حذفت كسرة الياء بعد حذف الهمزة ثم الياء لاجتماع الساكنين، لكن ما ذكر المصنف أولى؛ لأنه تدريج في التخفيف "وسوى بينه"؛ أي بين ترين للواحدة المخاطبة في اللفظ "وبين جمعه اكتفاء بالفرق التقديري" فوزن الواحدة تفين بحذف العين واللام ووزن الجمع تفلن بحذف العين فقط "كما" اكتفى "في ترمين" بالفرق التقديري بين الواحدة المخاطبة وبين جمعها "وسيجيء" إن شاء الله تعالى "في باب الناقص"؛ أي ترمين مشترك في اللفظ مع جماعة الإناث، وسنذكر الفرق التقديري بينهما هناك إن شاء الله تعالى "وإذا أدخلت النون الثقيلة" على ترين "في الشرط" حال دخول حرف الشرط عليه "كما في قوله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} حذفت النون" التي للإعراب "علامة للجزم وكسرت ياء التأنيث" يعني أنه لما ألحق النون الثقيلة بآخر ترين بعد دخول حرف الشرط عليه، أعني إما سقوط النون بها وصار إما ترين اجتمع ساكنان أحدهما ياء الضمير والثاني أولى نوني الثقيلة فحركت ياء الضمير دفعا لأجل اجتماع الساكنين؛ إذ لم يمكن حذف أحدهما، أما الضمير فلعدم ما يدل عليه، وأما النون المدغمة؛ فلأنه يلزم من حذفها إبطال الغرض وخص الكسر "حتى يطرد بجميع نونات التأكيد" فإن نونات التأكيد يكون ما قبلها مكسورا في الواحدة الحاضرة لأجل ياء الضمير فأبقى على الكسر بعد حذف الياء دلالة عليها، نحو: اضربن وفيما لم تحذف الياء تكسر الياء أيضا اطرادا للباب؛ لأن الياء تصير قبل نون التأكيد نحو: إما ترين "كما" كسر ياء التأنيث "في اخشين" أصله اخشين فلما ألحق نون التأكيد واجتمع ساكنان كسر الياء ليطرد "ويجيء تمامه في باب اللفيف الأمر" الحاضر من ترأى نحو

_ Q"في مثل لن يرمي"؛ إذ لا يعلم حينئذ أنه مفرد لم يحذف منه حرف أو مثنى حذف منه النون بدخول لن، ولهذا لم يقلب ألفا وهذا الالتباس في التلفظ لا في الكتابة؛ لأن ألف التثنية يكتب على صورة الألف؛ لأنها ليست بمنقلبة من الياء وألف المفرد يكتب على صورة الياء لانقلابه منه قوله: "بيرى" بدل من قوله بالواحد فتقدير الكلام هكذا فيلتبس يريان بيرى في مثل لن يرى "وأصل ترين ترئيين على وزن تفعلين فحذفت الهمزة كما" تحذف "في يرى"؛ أي حذف حركتها فالتقى ساكنان الراء والهمزة فحذفت الهمزة وأعطي حركتها للراء قبلها "فصار تريين ثم جعلت الياء" الأولى التي هي لام الكلمة "ألفا" لتحركها و"لفتحة ما قبلها فصار تراين" بسكون الألف والياء "ثم حذفت الألف لاجتماع الساكنين"في غير حده "فصار ترين" بفتح الراء وسكون الياء، ويجوز أن يقلب الياء الأولى التي هي لام الكلمة ألفا أو لا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم يحذف لاجتماع الساكنين الألف والياء بعدها، فصار ترأين ثم تلين الهمزة فيحذف وتعطي حركتها إلى الراء قبلها، فصار ترين "وسوى بينه وبين جمعه" الضميران يرجعان إلى ترين؛ أي لم يفرق لفظا بين الواحدة المخاطبة والجمع المخاطب بعد تخفيف الهمزة وإعلال الياء حيث يقال فيهما ترين "واكتفى بالفرق التقديري كما" اكتفى به "في ترمين" وبيانه أن الياء في الواحدة ضمير، كما في تضربين والياء التي هي لام الكلمة محذوفة، وأما في الجمع فالياء لام الكلمة وأما الهمزة التي هي عين الفعل فمحذوف فيهما فوزن ترين تفين إن كان واحدة، وتفلن إن كان جميعا "وسيجيء" هذا البحث "في باب الناقص" إن شاء الله تعالى "وإذا أدخلت النون الثقيلة في الشرط"؛ أي إذا أردت إدخال النون الثقيلة على ترين الذي هو المخاطبة المفردة عند دخول الشرط الجازم عليه "كما في قوله تعالى: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا} " أصل إما بكسر الهمزة إن ما فأدغم النون في الميم بعد قلبها إليها فهو شرط جازم "حذفت" منه "النون"؛ أي نون الإعراب أولا "علامة للجزم" فبقي الياء الساكنة ثم أدخلت النون الثقيلة عليه فيجتمع ساكنان الياء والنون الأولى فحركت "وكسرت ياء التأنيث" أما التحريك فلدفع التقاء الساكنين، وأما الكسر فلما ذكره المصنف من قوله: "حتى يطرد بجميع نونات التأكيد"؛ أي حتى يطرد نون المثقلة الداخلة على ترين بجميع نونات التأكيد الداخلة على غيره من الأفعال في كون ما قبلها مكسورا "كما" حذفت نون الإعراب عند دخول النون الثقيلة وكسرت الياء التي قبلها "في اخشين" إلا أن النون فيه حذفت للوقف؛ لأنه أمر الواحدة المخابطة، وفي مثل إما ترين حذفت للجزم بحرف الشرط "ويجيء تمامه"؛ أي تمام الحذف والكسر "في باب اللفيف" إن شاء الله تعالى "الأمر" الحاضر من ترى إلخ.

Z"ره ريا روا ري ريا رين ولا تجعل الياء ألفا في ريا" وإن لم يلتبس إذا جعلت ألفا وحذفت لاجتماع الألفين "تبعا ليريان ويجوز"؛ أي يجب فإن الجواز يستعمل فيما يعم الوجوب في ره "بهاء في الوقف"؛ أي عند الوقف نحوه ره أصله ارأي "فحذفت همزته"؛ أي العين "كما" حذفت "في يرى ثم حذفت الياء لأجل السكون"؛ أي لعلامة الوقف ثم استغني عن همزة الوصل ثم ألحق هاء السكت؛ لئلا يلزم الابتداء بالساكن إن أسكن الراء للوقف أو الوقف على المتحرك إن لم يسكن فصار ره "و" تقول في ر وأخواته "بالنون الثقيلة رين ريان رون رين ينان فيجيء بالياء في رين"؛ أي أعيدت اللام المحذوفة "لانعدام السكون" الوقفي بسبب اتصال نون التأكيد؛ إذ السكون الوقفي إنما يكون حيث يكون السكون الجزمي ولا جزم في وسط الكلمة؛ إذ لا إعراب في الوسط فلا وقف فيه أيضا، فإن نون التأكيد لما اختص بالفعل صار كجزء منه وبمنزلة الداخل وامتزجا فصارا كأنهما كلمة واحدة، فأعيد ما حذف لأجل السكون أو نقول الياء في الناقص بمنزلة الحركة في الصحيح، فإذا ألحق نون التأكيد بآخر الصحيح جيء بالحركة؛ دفعا لالتقاء الساكنين فينعدم السكون فلا يكون الآخر محلا للسكون، فكذا إذا ألحقت بآخر الناقص يجيء بما هو بمنزلة الحركة؛ أعني اللام لانعدام السكون وكون الآخر محلا له "كما" أعيدت الياء "في ارمين" لذلك "ولم تحذف واو الجمع في رون لعدم ضم ما قبلها" فلو حذفت لم يبق هو وليس له ما يدل عليه أيضا، وذلك لا يجوز ولا يعاد اللام فيه؛ لأن حذفه كان لالتقاء الساكنين؛ إذ أصله ريو فأسكنت الياء ثم حذفت لالتقاء الساكنين فبقي روا فلما ألحق به النون التقى ساكنان، ولا مجال لحذف شيء منهما كما ذكرنا في "إما ترين" فحرك الواو بحركة تناسبه فحركته عارضة فلو أعيدت اللام وقيل: ريون اجتمع ساكنان حقيقة، فيلزم الوقوع فيما فر منه وكذا رين

_ Q"ره ريا روا ري ريا رين" يعني لما وجب التخفيف في مضارع رأي كما مر يجيء صيغة الأمر الحاضر منه بعد التخفيف على هذا الوزن؛ لأنك لو حذفت حرف المضارعة من نرى بقي ما بعده متحركا والياء تسقط من آخر علامة للأمر، فبقي على حرف واحد مفتوح وهو الراء، وقس عليه التثنية والجمع، وقد يجيء أمر الحاضر منه على الأصل، نحو: ارأ كارع؛ لأنك لو حذفت حرف المضارعة من ترى بقي ما بعده ساكنا فاجتلبت الهمزة المكسورة والياء تسقط من آخره، فصار رأ، ثم بعد ذلك يجوز تصريفه على هذا الأصل كتصريف أرض، ويجوز تخفيفه ليكون على حرف واحد كما يجيء، وإنما جاز ذلك مع عدم جواز الاستعمال على الأصل في مضارعه بناء على قلة الاستعمال في الأمر بالنسبة إلى المضارع، لكن التخفيف أفصح، ولهذا لم يذكر المصنف مجيئه على الأصل، كما ذكره الزنجاني حيث قال: وإذا أمرت منه قلت: على الأصل ارأ كارع، وعلى الحذف روقس الأمر الغائب على ما ذكرناه من جواز الأمرين، فيجوز لير على التخفيف وليرأ على الأصل "ولا تجعل الياء ألا في ريا" مع وجود عليته، وهو تحرك الياء وانفتاح ما قبلها "تبعا ليريان" وقد مر أن ياءه لم تقلب ألفا لئلا يلزم الالتباس بالواحد في مثل لن يرى فيكون تثنية أمر المخاطب تابعا لتثنية الغائب من المضارع، ولو قال تبعا لتريان بالتاء المثناء من فوق كما وقع في بعض النسخ لكان أظهر؛ لأن تثنية أمر المخاطب مأخوذ من تثنية المخاطب من المضارع "ويجوز" استعمال هذا الأمر "بهاء الوقف نحوه" يعني لا يجب استعمال هذا الأمر على الوقف دائما، لكن إذا استعمل على الوقف وجب إلحاق هاء السكت في آخره؛ لئلا يكون الابتداء والوقف على حرف واحد الذي هو غير جائز؛ لأن الابتداء لا يمكن إلا بالمتحرك والوقف يقتضي السكون، فلو كان الابتداء والوقف على حرف واحد يلزم أن يكون الحرف الواحد متحركا وساكنا معا وهو غير جائز، وأما إذا لحق هاء السكت فلا يلزم ذلك؛ لأن المراد بها التوصل إلى بقاء الحركة التي قبلها في الوقف، كما زادوا همزة الوصل ليتوصل بها إلى بقاء السكون الذي بعدها في الابتداء، قوله: "فحذفت همزته"؛ أي همزة ارأي "كما" حذفت "في يرى ثم حذفت الياء" من آخره "لأجل السكون" بيان لأخذ الأمر الذي على حرف واحد من ترأى على الأصل؛ يعني حذفت الهمزة من ارأي ونقلت حركتها إلى الراء فاستغني عن الهمزة، فصار ري ثم حذفت الياء علامة للأمر فبقي على حرف واحد "وتقول بالنون الثقيلة" المؤكدة في الأمر الحاضر "رين ريان رون" بضم الواو المجانسة بينهما "رين" بكسر الياء لما مر "ريان رينان فيجيء بالياء في رين لانعدام السكون"؛ يعني أن الأمر من الفعل الصحيح مبني على السكون بسقوط الحركة، ومن الناقص بسقوط لام الكلمة منزلة الحركة منه كما مر، فإذا أدخل عليه النون المؤكدة يكون الأمر من الصحيح مبنيا على الفتح، فكان كأنه أعيدت الحركة المحذوفة فأعيدت اللام من الناقص؛ لأن حذفها إنما هو لكون الأمر ساكنا، فلما أدخل النون عليه يجب أن يكون ما قبله متحركا فأعيدها ما حذف لأجل السكون، وهو لام الكلمة في الناقص منزلة الحركة من الصحيح فقال: رين بالياء المفتوحة "كما" يجيء الأمر بإعادة الياء "في ارمين" لانعدام سكون ما قبل النون "ولم يحذف واوا الجمع في رون" بضم الواو مع أن القياس الحذف، كما في اضربن وانصرن "لانعدام ضمة ما قبلها" يعني إنما يحذف واو الجمع من الأمر عند دخول نون التأكيد إذا كان ما قبلها ضمة تدل على الواو المحذوفة وها هنا تتعدم الضمة؛ لأن الراء قبلها مفتوح فلو حذفت لم يوجد ما يدل عليها فلم تحذف

Z"بخلاف اغزن" فإن واو الجمع حذفت فيه؛ لأن ضمة الزاي تدل على الواو المحذوفة ولم يعد اللام هنا أيضا؛ لأنه لو أعيد وقيل: اغزون نحو: انصرن لزم إسكان الواو لثقل الضم عليه فيجتمع ساكنان، وهو إن كان على حده إلا أن الكلمة ثقلت واستطالت بسبب نون التأكيد، فيلزم حذفه فتكون الإعادة كلا إعادة، وكذا اغزن، وكذلك ارمن وارمن "و" تقول في روا وأخواته "بالنون الخفيفة رين رون رين" وأحكامها كأحكام الثقيلة "الفاعل" من يرى "راء إلخ" على وزن فاع فأصله رائي أعل كإعلال رام "ولا يحذف همزته"؛ أي همزة راء "لما"؛ أي للوجه الذي "يجيء في" اسم "المفعول" منه "وقيل" لا تحذف همزته "لأن ما قبلها ألف والألف لا تقبل الحركة" وطريق تخفيف الهمزة المتحركة الساكن ما قبلها بالحذف بأن تنقل حركتها إلى ما قبلها كما مر "ولكن يجوز لك أن تجعل" همزته "بين بين" المشهور "كما" جعلتها بين بين "في سائل" وقائل كما مر "وقس على هذا"؛ أي على يرى في تخفيف الهمزة باب الأفعال من الرؤية لكون ما استعمل من الرؤية في هذا الباب كثير الاستعمال ماضيا كان "نحو أرى" أصله أرأى أو مضارعا نحو "يرى" أصله يرئي أو أمرا نحو أر أصله ارأي، وفاعلا أو مفعول نحو: مر ومري أومصدرا نحو "إراءة" أصله ارآيا على وزن أفعالا قلبت الياء همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة فصار اراء؛ لأن الواو والياء إذا وقعتا طرفا بعد ألف زائدة تقلبان ألفا إما لعدم اعتدادهم بالألف فصار حرف العلة كأنه ولي الفتحة فقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها أو لتنزيلهم الألف منزلة الفتحة لزيادتها عليها، أو أنها جوهرها فقلبوا حرف العلة ألفا كما يقلبونها بعد الفتحة، فالتقى ألفان فكرهوا حذف إحداهما أو تحريك الأولى؛ لئلا يعود الممدود مقصورا فحركوا الأخيرة لالتقاء الساكنين فصار همزة، وأما إذا لم يكونا بعد ألف زائدة بأن كانت الألف منقلبة عن حرف أصلي فلا تقلبان ألفا لئلا يتوالي في الكلمة إعلالان؛ إعلال العين وإعلال اللام، وذلك نحو: روي وثوي من رويت وثويت إلا أن عينهما أعلتا وسلمت لاماهما، وكان الأصل أن يعتل اللام ويصح العين لكنهما ألحقا في الشذوذ بالرؤية والغاية، ثم نقلت حركة الهمزة التي هي العين إلى الراء في أرى وحذفت كما في الفصل فصار اراء ثم عوض

_ Q"بخلاف اغزن" فإن ما قبل النون الثقيلة فيه مضموم وهو الزاي؛ لأن أصله اغزووا بضم الزاي والواو الأولى التي هي لام الكلمة، فاستثقلت الضمة على الواو فأسقطت ثم حذفت هي لالتقاء الساكنين؛ لأن الثانية علامة الجمع فبقي اغزوا بضم الزاي ثم لما أدخل عليه النون اجتمع ساكنان واو الجمع والأولى من النون الثقيلة فحذفت الواو، وإن كانت علامة لتدل الضمة التي قبلها عليها "و" تقول "بـ" النون "الخفيفة رين" بإعادة الياء وفتحها "رون" بضم الواو "رين" بكسر الياء "و" اسم "الفاعل" من رأى يرأي "راء" أصله رائي فاستثقلت الضمة على الياء فأسقطت فاجتمع ساكنان الياء والتنوين؛ لأن التنوين عبارة عن نون ساكنة فحذفت الياء؛ لأن التنوين علامة التمكن فبقي راء "رائيان" على الأصل "إلى آخره"؛ أي راءان رائية رائيتان رائيات ورواء وأصل راءون رائيون على وزن ضاربون فاستثقلت الضمة على الياء لالتقاء الساكنين الياء والواو ونقلت الضمة على الهمزة بعد سلب حركتها لأجل الواو فصار راءون وأصل رواء روائي على وزن نواصر، فأسكنت الياء للثقل ثم حذفت لطول البناء ثم عوض التنوين من الياء أو من حركتها فصار رواء، والباقي جار على الأصل "لا تحذف همزته"؛ أي همزة اسم الفاعل مع أنه مأخوذ من المضارع وقد عرفت أنه لا يستعمل بالهمزة فناسب أن يحذف همزته أيضا "لما يجيء في" اسم "المفعول" عن قريب "وقيل" لا تحذف همزته "لأن ما قبلها ألف والألف لا تقبل الحركة، ولكن يجوز لك أن تجعل" همزته "بين بين" المشهور بجعل الهمزة بين مخرجها ومخرج الألف "كما" تجعل "في سائل وقائل وقس على هذا"؛ أي على يرى "أرى يرى إراءه" يعني كما يجب التخفيف في مضارع رأى لكثرة استعماله دون أخواته، كذلك يجب التخفيف إذا بنيت الأفعال من رأى، وقلت: أرى يرى في ماضيه ومضارعه معا لكثرة استعمالهما دون أخواتهما، قال ابن الحاجب: إذا كان الماضي من الرؤية على وزنه أفعل حذفت الهمزة حذفا لازما في الماضي والمستقبل جميعا وقيل: أرى يرى، فالتزموا كلهم التخفيف لكثرته في كلامهم، ولهذا لم يلزم في قولهم: أنأى ينئي على وزن أعطى يعطي، بل جرى في جواز التخفيف كغيره؛ لأنه لم يكثر تلك الكثرة إلى ها هنا عبارته موافقا لما في الجابردي، وأما كيفية التخفيف في أرى يرى فهو أن أصلهما أرأى يرئي على وزن أعطى يعطي نقلت حركة الهمزة إلى الراء الساكن قبلها فيهما ثم حذفت وإعلال الياء ظاهر، وذكر في شرح الهادي لاحتمال الحذف ها هنا وجها آخر، وهو أنه اجتمع في أرأى همزتان بينهما حرف ساكن، والساكن حاجز غير حصين، فكأنهما قد توالتا فحذفت الثانية على حد حذفها في أأكرم ثم أتبع سائر الباب، وفتحت الراء لمجاورة الألف التي هي لام الفعل فلا يستعمل ها هنا على الأصل حتى هجر ورفض، واعترض عليه بعض الفضلاء بأن هذه العلة توجب الاطراد في مثل: ينىئي مضارع نأى وأنأى ينئيى، وقد عرفت أنه ليس بواجب وأصل إرأة إرآي على وزن إكرام، فخففت الهمزة بنقل حركتها إلى الراء وحذفها فصار إراي، وقلبت الياء همزة لوقوعها في الطرف بعد ألف زائدة فصار إروا، ثم عوض الهاء من الهمزة فصار إراة هذا هو العمدة فيه وإن جاز غيره، وإذا علمت ما تلوناه كله ظهر بطلان ما ذكره بعض الشارحين من أن معنى قوله: وقس

Zتاء التأنيث عن الهمزة المحذوفة كما عوض عن الواو في إقامة فصار إراءة ويجوز إراء بلا تعويض؛ لأن ما حذف منه كان محذوفا من فعله فلم يحتج إلى لزوم التعويض، بخلاف إقامة ويجوز إراية بالياء أيضا؛ نظرا إلى أنها لم تقع طرفا بسبب التاء على اعتبار تقديم حذف العين والتعويض عنه على قلب الياء أو بسبب أن التاء لازمة كسقاية، فإن تاء التأنيث يعتد بها حينئذ بخلاف ما إذا كانت عارضة، حيث لا يعتد بها نحو: بناءة فإنه يقال للمذكر بناء ومن قلب نظر إلى التاء كلمة أخرى فكأن الياء متطرفة "المفعول" من يرى "مرئي إلخ" مرئيان مرئيون إلخ "أصله مرأوي فأعل كما"؛ أي كإعلال الذي وقع "في مهدي" كما مر في المضمرات "ولا يجب حذف همزته؛ لأن وجوب حذف الهمزة من فعله" أعني يرى غير قياس كما مر" حيث قال وهذا التخفيف واجب في يرى لكثرة الاستعمال، فإن كثرة الاستعمال غير موجبة للحذف، بل إنما يصار إليها إذا لم يوجد قياس موجب الحذف، وإذا ثبت الحكم في محل على خلاف القياس لا يتعداه كما تقرر في موضعه "فلا يستتبع" الفعل "المفعول وغيره" من الفاعل والأمر وغيرهما "و" إنما "حذف" الهمزة وجوبا "في نحو مرى" يعني في غير الفعل "أصله مرأي"؛ أي اسم مفعول من باب الأفعال مع أن وجوب الحذف في أفعل غير قياس "لكثرة" استعمال "مستتبعه"؛ أي نحو مرر بخلاف مرأي فإن مستتبعه قليل وهو المضارع فقط "وهو" ذلك المستتبع الكثير "أرى يرى وأخواتهما"؛ أي الأمر والنهي "والموضع" من الثلاثي الآتي "يجوز" الحذف "بالقياس على نظائرها" من المضارع واقع في كلامهم "إلا أنه"؛ أي حذف الهمزة في هذه الأشياء المذكورات "غير مستعمل"؛ أي غير واقع في كلامهم "المجهول رؤي" على الأصل "يرى" على الحذف أصله يرأي "إلى آخرها. المهموز الفاء يجيء من خمسة أبواب" من باب نصر

_ Qعلى هذا أرى يرى أنه يجب التخفيف في مضارعه دون ماضيه، كما يجب في مضارع رأى دون ماضيه، وإنما قالوا ذلك لقصور نظرهم عن تحقيقات القوم واستعمالاتهم، فلا تكن من القاصرين "و" اسم "المفعول" من رأى يرى "مرئي إلى آخره" بسكون الراء وكسر الهمزة وتشديد الياء "أصله مرءوي" على وزن مضروب "فأعل" بقلب الواو ياء لاجتماعهما وسبق أحدهما بالسكون وإدغام الياء في الياء وكسر الهمزة للياء "كما" وقع الإعلال هكذا "في مهدي" أصله مهدوي كما سبق، وإذا عرفت كيفية الإعلال في المفرد من اسم المفعول أمكنك القياس عليه في سائر تصاريفه، وهو مرئيان مرئيون مرئية مرئيتان ومرائي ولا يجب" بل يجوز "حذف همزته"؛ أي اسم المفعول "لأن وجوب حذف الهمزة في فعله" الذي هو يرى "غير قياس" بل التزموه لكثرة الاستعمال، ولهذا لم يجب في ينثي "كما مر" وكلما يثبت على خلاف القياس لا يستتبع شيئا آخره غيره "فلا يستتبع" الشيء يطلب أن يكون ذلك الشيء تابعا له كحذف الهمزة في أأكرم، فإنه يجعل حذف الهمزة من يكرم وتكرم وسائر تصاريفه تابعا لنفسه فيحذف منها، وإذا علمت معنى يستتبع علمت معنى لا يستتبع "وحذفت" الهمزة وجوبا "في نحو مرى" بضم الميم وفتح الراء وتنوينه، وهو اسم مفعول من باب الأفعال أصله مرأي بوزن مكرم فقلبت الياء ألفا لتحركها وانتفاح ما قبلها، فاجتمع ساكنان الألف والتنوين فحذفت الألف من التلفظ وأعطي التنوين لما قبلها ثم لينت الهمزة، فاجتمع ثلاث سواكن فحذفت الهمزة وأعطي حركتها لما قبلها، وانتقل التنوين أيضا فصار مرى هذا تخفيف بعد الإعلال ويجوز بالعكس، وقد مر نظيره، وإنما وجب ذلك مع أن وجوب حذف الهمزة في فعله الذي هو يرى غير قياس، بل التزموا الكثرة الاستعمال أيضا "لكثرة مستتبعه" والقليل يتبع الكثير كثيرا "وهو أرى يرى وأخواتهما" كاسم الفاعل والزمان والمكان وإن كان الحذف فيهما غير قياسي بخلاف مرئي فإنما فرض مستتبعا له واحد فقط وهو يرى "و" اسم "الموضع" من يرى الذي هو الثلاثي "مرأى" بفتح الميم وسكون الراء وفتح الهمزة وتنوينها وأصله مرأي على وزن منصرفا فاستثقلت الضمة على الياء فأسقطت فالتقى ساكنان الياء والتنوين فحذفت الياء من التلفظ وأعطي التنوين لما قبلها فصار مرأى "و" اسم "الآلة مرأى" وهو كالموضع في أصله وإعلاله وزنه لكن الميم منه مكسور "وإذا حذفت الهمزة"؛ أي إذا أردت حذفها تخفيفا "في هذه الأشياء" وهو اسم الفاعل والمفعول والموضع والآلة من يرى الذي هو الثلاثي "يجوز" لك حذفها "بالقياس إلى نظائرها" التي حذفت الهمزة منها تخفيفا، نحو: مسلة وغيرها "إلا أنه"؛ أي حذف الهمزة في هذه الأشياء "غير مستعمل" في كلامهم" المجهول" من رأى يرى الذي هو الثلاثي "رؤي يرى إلى آخرهما" الماضي لا يخفف كما في المعلوم والمضارع يخفف كما في المعلوم أيضا، فيقال في الماضي رؤي رؤيا رؤوا رؤيت رؤيتان رؤين رؤيت رؤيتما رؤيت رؤيتما رؤيتن رؤيت رؤينا، وفي المضارع يرى يريان يرون ترى تريان يرين ترى تريان ترون ترين تريان تررين أرى نرى، وكيفية تخفيف همزته ظاهر مما سبق، وأما إعلال يائه كإعلال ياء رمى يرمي وسيأتي في باب الناقص "المهموز الفاء يجيء من خمسة أبواب" باستقراء كلامهم، وهي ما عدا الباب السادس

Z"نحو: أخذ يأخذو" من باب ضرب نحو: "أدب يأدب" من المأدبة بمعنى الضيافة من الأديب، فإنه من باب حسن "و" من باب فتح نحو: "أهب يأهب و" من باب "علم نحو: أرج يأرج و" من باب حسن نحو: "أسل يأسل" ولا يجيء من باب فعل يفعل بكسر العين فيهما "والمهموز العين يجيء من ثلاثة أبواب من باب فتح "نحو رأى يرأى و" من باب علم نحو: "يئس ييأس و" من باب حسن نحو: "لؤم يلؤم" ولا يجيء من غيرها "المهموز اللام يجيء من أربعة أبواب" من باب ضرب "نحو هنأ يهنئ و" من باب فتح نحو: "سبأ يسبأ و" من باب علم نحو: "صدئ يصدأ و" من باب حسن نحو: "جزؤ يجزؤ" ولا يجيء من غيرها تقديم مثال باب فتح على مثال باب علم في المواضع الثلاثة، إنما هو لفتحة عين ماضيه، وأما تقديم مثال باب نصر على مثال باب ضرب فلكثرة استعمال المهموز الفاء من باب نصر بالنسبة إلى استعماله من باب ضرب، ولكثرة استعمال خصوص المثال أعني أخذ "ولا يجيء في المضاعف إلا مهموز الفاء نحو: أن يئن" أنينا كل ذلك بالاستقراء والسماع "ولا تقع الهمزة في موضع حرف العلة"، والغرض من هذا الكلام وما تفرع عليه دفع توهم أن المهموز قسم من أقسام السبعة فلا يجتمع مع قسم آخر منها لئلا يلزم تداخل الأقسام، وإلا فهذا الحكم وما تفرع عليه ضروري لا يحتاج إلى تعليمه "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل عدم وقوع الهمزة موضع حرف العلة "لا يجيء في المثال إلا مهموز العين واللام نحو: ود" من باب ضرب "ووجأ" من باب فتح ويسمى باسميهما فيقال المثال المهموز العين والمثال المهموز اللام "و" لا يجيء "في الأجوف إلا مهموز الفاء واللام نحو: أن" من باب نصر "وجاء" من باب ضرب ويقال الأجوف المهموز الفاء والأجوف المهموز اللام "و" لا يجيء "في الناقص إلا مهموز الفاء والعين" نحو: أبى ورأى و" يجيء" في اللفيف المفروق إلا مهموز العين نحو: رأى من باب ضرب "و" لا يجيء "في المقرون إلا مهموز الفاء نحو: أوى" من باب ضرب "وتكتب الهمزة في الأول"؛ أي حال كونها في أول كلمة "على صورة الألف في كل الأحوال"؛ أي سواء كانت مفتوحة "نحو: أخ و" مضمومة نحو: "أم" أو مكسورة، نحو: "إبل" وسواء كانت أصلية نحو: إبل، أو منقلبة نحو: أحد أصله وحد، وسواء كانت همزة قطع نحو: أكرم، أو همزة وصل نحو: اضرب وانصر "لخفة الألف" فإن الألف تشارك الهمزة في المخرج وهو أخف حروف اللين فأبدلوا الهمزة

_ Q"نحو أخذ يأخذ" بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر "وأدب يأدب" أعلم أن أدب يأدب يجيء من الباب الخامس ومعناه ظاهر، والصفة منه أديب، ومنه ضربته تأديبا، ويجيء من الباب الثاني ومعناه حينئذ دعا القوم إلى طعامه، والصفة منه آداب، والمراد ها هنا هو الثاني فافهم "وأهب يأهب" بفتح العين فيهما يقال: تأهب الرجل إذا استعد "وأرج يأرج" بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر، يقال: أرج الطيب إذا فاح "وأسل يأسل" بضم العين فيهما يقال: رجل أسيل الخد؛ أي لين الخد طويلة وكل مسترسل أسيل "والمهموز العين يجيء من ثلاثة أبواب" بالاستقراء أيضا "نحو: رأى يرأى" بفتح العين في الماضي والغابر "ويئس ييأس" بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر "ولؤم يلؤم" بضم العين فيهما ولا يجيء من غير هذه الثلاثة "المهموز اللام يجيء من أربعة أبواب" بالاستقراء أيضا "نحو هنؤ يهنؤ" بضم العين فيهما، وهو المراد ها هنا، وأيضا يجيء بكسر العين في الماضي وفتحها في الغابر وهنأ الطعام من باب قطع وضرب "وسبأ يسبأ" بفتح العين فيهما؛ أي اشترى الخمر ليشربها "وصدئ يصدأ" بكسر العين في الماضي وضمها في الغابر "وجزأ يجزؤ" بفتح العين في الماضي وضمها في الغابر من جزأت الشيء بالزاي المعجمة؛ أي قسمته ولا يجيء من الباب السادس ولا من الثاني إلا هنأ يهنأ وهو شاذ "ولا يجيء في المضاعف إلا مهموز الفاء" بدلالة استقراء كلامهم "نحو أن يئن"؛ أي فزع يفزع والأصل أنن يأنن على حد فريفر "ولا تقع الهمزة موقع حرف العلة" وإلا لم يكن المعتل معتلا وهو ظاهر "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن الهمزة لا تقع موقع حرف العلة "لا يجيء من المثال"؛ أي من معتل الفاء "إلا مهموز العين واللام نحو وأديئد" يقال: وأد ابنته؛ أي دفنها في القبر وهي حية "ووجأ يجأ" يقال: وجأته بالسكين؛ أي ضربته به، يقال: وجأه يجأه مثل وضعه يضعه، ولا يجيء مهموز الفاء من المثال، وإلا لم يكن المثال مثالا "ولا" يجيء "في الأجوف إلا مهموز الفاء واللام نحو آن، " أصله أين فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها يقال: آن أينه؛ أي حان حينه وآن له أن يفعل كذا من باب باع؛ أي حان "وجاء" أصله جيأ فقلبت الياء ألفا ولا يجيء منه مهموز العين، وإلا لم يكن الأجوف أجوف أيضا "و" لا يجيء "في الناقص إلا مهموز الفاء والعين" وإلا لم يكن الناقص ناقصا أيضا "نحو أبى يأبى ورأى يرى و" لا يجيء "في اللفيف المفروق إلا مهموز العين نحو وأي"؛ أي وعد "و" لا يجيء "في" اللفيف "المقرون إلا مهموز الفاء نحو أوي"؛ أي رجع وإلا لم يكن المفروق مفروقا ولا المقرون مقرونا، ولما فرغ من الأحكام اللفظية للهمزة شرع في أحكام كتابتها؛ إذ يحتاج إلى بيانها دون سائر الحروف؛ لأنه ليس للهمزة صورة مخصوصة تكتب بها دائما كسائر الحروف فقال: "وتكتب الهمزة" إذا كانت "في الأول على صورة الألف" مطلقا؛ أي مفتوحا كان أو مكسورا أو مضموما "نحو أب وأم وإبل" وسواء كان للقطع نحو: أكرم أو للوصل نحو: اضرب، وسواء كانت أصلية نحو إبل، أو منقلبة من الواو نحو: إثم واحد "لخفة الألف" في الكتابة.

Zألفا في الخط للتخفيف؛ لأن التخفيف كما هو مطلوب في اللفظ مطلوب في الكتابة أيضا، فهذه الهمزة وإن لم يكن تخفيفها لفظا لما مر من أن الهمزة لا تخفف في الأول لكن أمكن تخفيفها خطا فخففوها؛ لأن ما لا يدرك كله لا يترك كله "وقوة الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات" وإن كان على الألف فلا يرد أن الألف لا تقبل الحركة، فكيف تكتب الهمزة على صورة الألف في الأول الذي هو محل الحركات "و" تكتب الهمزة "في الوسط إذا كانت ساكنة على وفق حركة ما قبلها، نحو: رأس ولؤم وذئب للمشاكلة"؛ أي لتوافق صورة الهمزة حركة ما قبلها ولتوافق طريق تخفيفها "وإذا كانت" الهمزة المتوسطة "متحركة" سواء كان ما قبلها ساكنا أو متحركا "تكتب على وفق حركة نفسها حتى يعلم حركتها نحو" يسال ويلؤم ويسئم ونحو "سأل ولؤم وسئم" وإنما لم يورد أمثلة المتحركة الساكن ما قبلها لمكان الاختلاف فيها، فمنهم من يحذفها إن كان تخفيفها بالنقل، نحو: يسل وبلم ويسم والإدغام كيسل، ومنهم من يحذف المفتوحة بعد النقل فقط نحو: يسل، والأكثر على حذف المفتوحة بعد الألف نحو: يسأل، ومنهم من يحذفها في الجميع وأشار بالمثال إلى أن هذا الحكم إذا كان حركة ما قبلها فتحة، فيعلم منه أن كتابة نحو: جؤن ومئر على طريق تخفيفها؛ إذ الأصل أن يكون الكتابة على طراز اللفظ، ولو قال على طريق تخفيف الهمزة بدل قوله: على وفق حركة نفسها كما قاله غيره لشمل نحو: جؤن ومئر، إلا أنه عدل عنه إلى ما في الكتابة ليشمل الساكن ما قبلها، وحكم نحو: مئر وجؤن قد علم بطريق آخر كما ذكرنا على أنهما كانا مستثنيين في تخفيف الهمزة من حكم أخواتها "وإذا كانت" الهمزة "متحركة" حال كونها "في آخر الكلمة تكتب على وفق حركة ما قبلها" إذا كان ما قبلها متحركا "لا على وفق حركة نفسها؛ لأن الحركة المتطرفة عارضة" والعارض كالمعدوم فصار كأنها لا حركة لها "نحو قرأ وطرؤ وفتئ" ويعلم من هذا أن الهمزة المتطرفة إذا كانت ساكنة ومتحركا ما قبلها نحو: لم يقرأ ولم يردئ، فالأولى أن تكتب على وفق حركة ما قبلها "وإذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل الهمزة المتطرفة "ساكنا لا تكتب" تلك الهمزة "على صورة شيء" لا على حركة نفسها "لطرو حركتها و" لا على حركة ما قبلها لغرض "عدم حركة ما قبلها نحو: خبء ودفء وبرء" بل تحذف من الخط فإن شكل الهمزة وصورتها الخطية، وهو شكل أحد حروف اللين، وأما المكتوبة في خبء ودفء وبرء فإنما هو علامة للهمزة وأمارة لها ليعلم أن هناك همزة في الخط فتلفظ، وأما كتابة نحو: البطؤ والوطئ بالواو والياء فليس على قانون علم الخط، بل من جهل الكاتب بصورة الخط.

_ Q"وقوة الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات" يعني أن الهمزة لم توضع لها صورة مخصوصة بالأصالة كما توضع لسائر الحروف، فيكون الأصل فيها أن لا توجد في الكتابة أصلا لعدم صورتها وتوجد في التلفظ عليها، وإذا لم يكن لها وجود في الكتابة لم يتصور وضع الحركة في الكتابة عليها، لكن قد تكتب على صورة حرف من الحروف لعارض، فتكتب في الأول على صورة الألف لخفة الألف كتابة، وقوة الكاتب عند الابتداء على وضع الحركات عليها، وحاصله أن الأصل أن لا تكتب الهمزة ولا حركتها لكنهما تكتبان في الأول للعلة المذكورة "و" تكتب الهمزة "في الوسط إذا كانت ساكنة على وفق حركة ما قبلها" مفتوحا تكتب على صورة الألف، وإن كان مضموما تكتب على صورة الواو، وإن كان مكسورا على صورة الياء كما يكون تخفيفها بالقلب كذلك "نحو: رأس ولؤم وذئب للمشاكلة"؛ أي ليكون الهمزة مشاكلة لحركة ما قبلها "و" الهمز في الوسط "إذا كانت متحركة" سواء كان ما قبلها ساكنا أو متحركا أيضا "تكتب على وفق حركة نفسها حتى يعلم" أن "حركتها" من أي نوع هي، فإن كانت الهمزة الواقعة في الوسط مفتوحة تكتب على صورة الألف، وإن كانت مكسورة تكتب على صورة الياء وإن كانت مضمومة تكتب على صورة الواو، ولا اعتبار لحركة ما قبلها حينئذ "نحو: سأل ولؤم وسئم" ونحو: يسأل ويلؤم ويسئم إلا إذا كانت الهمزة مفتوحة وما قبلها مكسورا أو مضموما، فإنها تكتب في الأول على صورة الياء، وفي الثاني على صورة الواو، نحو: مئر وفئة وجؤن ومؤجل كما يكون تخفيفها كذلك، لكن المصنف أطلق القول ولم يستثن الصورتين، كما استثناه في بيان التخفيف، والأولى أن يستثنيهما أو يقول تكتب حينئذ على نحو ما تخف به ليتم البيان، "وإذا كانت" الهمزة "متحركة" وما قبلها متحركا أيضا وكانت "في آخر الكلمة تكتب" حينئذ "على وفق حركة ما قبلها "فإن كان ما قبلها مفتوحا فتكتب على صورة الألف، وإن كان مكسورا فعلى صورة الياء، وإن كان مضموما فعلى صورة الواو، و"لا" تكتب "على وفق حركة نفسها" مع أن هذا أولى ليعلم حركتها "لأن الحركة المتطرفة"؛ أي الواقعة في الطرف "عارضة"؛ أي غير ثابتة على وجه واحد؛ لأن آخر الكلمة محل التغيير، فتغير بحسب ما يقتضيه العامل "نحو: قرأ وطرؤ وفتئ، وإذا كان ما قبلها ساكنا لا تكتب" الهمزة "على صورة شيء"؛ أي لم تكتب على صورة حرف من الحروف "لطرو حركتها وعدم حركة ما قبلها" فلم يكن لها وجود في الكتابة، بل في التلفظ فقط، كما هو الأصل فيها على ما مر "نحو: خبء ودفء وبرء"، فإذا قلت: رأيت خبأ ودفأ وبرأ ألا يكون الألف فيها على صورة الهمزة، بل هي ألف الوقف عوضا من التنوين، كما في رأيت زيدا

الباب الرابع في المعتل

Z"الباب الرابع في المعتل": قدم ما يكون حرف العلة فيه غير متعدد لكثرة أبحاثه واستعماله، ولأن الواحد قبل المتعدد قبل المتعدد، وقدم معتل الفاء منه على معتل العين لتعدم الفاء على العين "ويقال للمعتل الفاء" بإضافة المعتل إلى الفاء إضافة لفظية مثل الحسن الوجه؛ أي الذي اعتل فاؤه "معتل" بدون الإضافة إلى الفاء؛ لأن حرف العلة لما كان في أوله كان كأنه هو المعتل لظهور كونه معتلا من أول الأمر، ولأنه لا يجب الاطراد في التسمية "ويقال له مثال أيضا؛ لأن ماضيه مثل الصحيح في الصحة وعدم الإعلال" عطف تفسير للصحة دفعا لتوهم كون المراد منها كون حروفه حروفا صحيحة ليس فيها حرف علة ويلزم كونه مثله في تحمل الحركات كوعد ووعد "وقيل" إنما سمي مثالا "لأن أمره"؛ أي الحاضر "مثل أمر الأجوف" في الوزن "نحو: عد" من تعد "وزن" من تزن فزن عد بزن تجده موازيا له في الوزن "وهو"؛ أي المثال يجيء من خمسة أبواب من باب ضرب وعلم وفتح وحسن وحسب، نحو: وعد يعد ووجل يوجل ووهب يهب ووجه يوجه وومق يمق "ولا يجيء" المثال "من فعل يفعل"؛ أي من باب نصر بالاستقراء "إلا وجد يجد" كائنا "في لغة بني عامر" وفي لغة غيرهم من باب ضرب "فحذفت الواو في يجد" أصله يوجد "في" قياس "لغتهم لثقل الواو مع ضم ما بعدها وقيل هذه"؛ أي يجد بالضم "لغة ضعيفة" لخروجها عن القياس واستعمال الفصحاء "فأتبع ليعد في الحذف" يعني أن الحذف في يجد على طريق الاتباع لا على طريق القياس "وحكم الواو والياء إذا وقعتا في أول الكلمة كحكم الصحيح" في الصحة وعدم الإعلال سواء كانتا مفتوحتين أو مضمومتين "نحو: وعد ووعد ووقر ووقر" من الوقر وهو ثقل الأذن، وهو متعدلا من الوقور بمعنى القعود في البيت ولا من الوقار وهو الرزانة؛ لأنهما لازمان، وقوله: وقر يدل على أنه متعد "وينع وينع" ولم يورد من اليائي إلا مثال واحد تنبيها على قلته "ونظائرها" نحو: ومفق وومق "ويسر ويسر" فلا تعلان في أول الكلمة "لقوة المتكلم عند الابتداء" فإن الإعلال إنما هو للتخفيف وتسهيل التكلم عن المتكلم وعند الابتداء يقوى المتكلم على التكلم؛ إذ لم يعرض له فتور وعي في الكلم بعد فلا يحتاج إلى التخفيف والتسهيل "وقيل" إنما لا يعلان في الأول لـ"أن الإعلال" مصدر المجهول؛ أي كون الحرف معلا "قد يكون بالسكون أو بالقلب"؛ أي بانقلابه "إلى حرف العلة أو بالحذف"؛ أي بكونه محذوفا "وثلاثتها لا يمكن" أما السكون فلتعذره لاستلزامه الابتداء بالساكن "وكذلك"؛ أي كالسكون "القلب" متعذر "لأن المقلوب" به "غالبا" احتراز عن بعض حروف الإبدال "يكون بحرف العلة"؛ يعني الألف والياء زائدتان في المنصوب للتأكيد والمقام يقتضيه "وحرف العلة"؛ أي الألف "لا يكون إلا ساكنا" فيلزم الابتداء بالساكن

_ Q"الباب الرابع في المثال": قدمه على سائر المعتلات؛ لأن حرف العلة في الكلمة، إما أن يكون واحدا أو متعددا، فإن كان واحدا قدم على ما يكون فيه متعددا؛ لأن الواحد قبل المتعدد ثم ما يكون فيه حرف العلة واحدا على ثلاثة أقسام؛ لأن حرف العلة إما أن يكون فاء الكلمة أو عينها أو لامها، فإن كان فاء قدمت عليهما؛ لأن الفاء مقدم عليهما "ويقال للمعتل الفاء مثال؛ لأن ماضيه مثل الصحيح في الصحة"؛ أي في تحمل الحركات "وعدم الإعلال" وعدم الحروف في الإخبار، فيقال: وعدو وعدت كما يقال ضرب وضربت، وهذا الوجه كما يفيد التسمية يفيد التقديم فافهم "وقيل" يقال للمعتل الفاء مثال "لأن أمره مثل أمر الأجوف" في الوزن "نحو: عد" من المثال "وزن" من الأجوف "وهو" إنما "يجيء من خمسة أبواب" باستقراء كلامهم "ولا يجيء من فعل" بفتح العين "يفعل" بضم "العين "إلا وجد يجد" أصله يوجد بضم الجيم المشهور كسرها "وهو لغة بني عامر، فحذفت الواو في يجد" وإن لم يقع بين ياء وكسرة كما في يعد "في لغتهم لثقل الواو مع ضم ما بعدها" في الصحاح، ويجد بالضم لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال "وقيل" حذفت الواو في يجد بالضم في لغتهم؛ لأن "هذه"؛ أي لغة بني عامر "لغة ضعيفة" لا يعتد به ولا يعول عليه لعدم موافقته لاستعمال الفصحاء "فأتبع" يجد "ليعد في الحذف"؛ أي في حذف الواو وإن لم يقع بين ياء وكسرة، ولما بين أنه لا يجيء من الباب الأول بعد ذكر أنه يجيء من خمسة أبواب بين الخمسة بناء على أن أصل الأبواب ستة معهودة فلم يحتج إلى تفصيل تلك الخمسة التي هي ما عدا الباب الأول "وحكم الواو والياء إذا وقعنا في أول الكلمة كحكم الصحيح" في عدم الإعلال مفتوحين كانتا أو مضمومتين أو مكسورتين "نحو وعد" بفتح الواو "ووعد" بضمها "ووقر ووقر" بسلامة الواو عن التغيير في الكل "ويسر" بفتح الياء "ويسر" بضمها بسلامة الياء فيهما "ونظائرها" نحو: يمن ويمن ووضع ووضع "لقوة المتكلم عند الابتداء" وقدرته على تلفظ الحرف الثقيل من غير تغيير "وقيل" لا يعل الواو والياء في الأول لعدم إمكان الإعلال في الأول، وذلك لأن "الإعلال قد يكون بالسكون أو بالقلب إلى حرف علة أو بالحذف" ولا رابع سواها "وثلاثتها"؛ أي كل من هذه الثلاثة "لا يمكن" في الابتداء فتعين عدم الإعلال فيه "أما" عدم إمكان الإعلال "بالسكون فلتعذره"؛ أي لتعذر الابتداء بالساكن "وكذا القلب"؛ أي كما يمتنع الإعلال بالسكون يمتنع الإعلال بالقلب "لأن" الحرف "المقلوب به غالبا يكون بحرف العلة وحرف العلة" المقلوب به "لا يكون إلا ساكنا" ألفا كان أو واوا أو ياء وإن أمكن تحريكها فيلزم الابتداء بالساكن فيمتنع الإعلال بالقلب أيضا والياء في قوله يكون بحرف العلة زائدة في المنصوب، فتقدير الكلام يكون المقلوب به

Z"وأما" أنه لا يمكن "بالحذف فلنقصانه"؛ أي فللزوم نقصانه "من القدر الصالح في الثلاثي ولاتباع الثلاثي في الزوائد" منه وإن لم يلزم ذلك النقصان فيها المصدر المضاف إلى المفعول "ولا يعوض"؛ أي لا يقع التعويض "بالتاء في الأول و" لا في "الآخر" مع أنه لو عوض فيه لا يلزم ذلك النقصان "حتى لا يلتبس" الماضي "بالمستقبل" بالتعويض في الأول نحو: تعد "والمصدر" بالتعويض في الآخر نحو: عدة "في نفس الحروف" إن اندفع الالتباس بالحركات "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن عدم التعويض بالتاء في الأول لئلا يلتبس بالمضارع "لا يجوز إدخال التاء في الأول" عوضا عن الواو المحذوفة "في مثل عدة" بل أدخلت في الآخر؛ لأن أصل عدة وعد بكسر الواو نقلت حركة الواو إلى العين لثقلها عليه مع إعلال فعلها، وحذفت الواو ثم زيدت التاء عوضا عنها، وقيل أصلها وعدة حذفت الواو مثل ما ذكرنا ولزم تاء التأنيث كالعوض من المحذوف فإن زال أحد الوصفين لا تحذف، ولذا لم يحذف من نحو: الوعد لعدم الكسرة ولا من الوصال لعدم اعتلال فعله نحو: يواصل "للالتباس"؛ أي لئلا يلزم الالتباس بالمستقبل "ويجوز" عطف على قوله ولا يجوز؛ أي ويجوز إدخال التاء في الأول "في التكلان" مصدر من الوكل وهو تفويض الأمر إلى الغير أصله الوكلان "لعدم الالتباس" بالمستقبل؛ لأن المستقبل لا يجيء على صورة التكلان "وعند سيبويه يجوز حذف التاء" التي هي عوض عن الواو في العدة مطلقا "كما في قول الشاعر: وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا بحذف التاء من عد الأمر؛ إذ أصله عدة الأمر، يقول: أنت الذي أخلفوك ما وعدوا "لأن التعويض من الأمور الجائزة عنده" لا من الأمور الواجبة فلا يلزم من حذف العوض محذور "وعند الفراء لا يجوز الحذف"؛ أي حذف التاء في حال من الأحوال "لأنها عوض من المحذوف" وهو الواو في العدة فلو حذف العوض أيضا لم يبق ما يدل على المحذوف فيلزم الإجحاف

_ Qحرف العلة قال بعض الشارحين: إن الحرف المقلوب به لا يكون إلا ساكنا إن كان ألفا، ولو كان غير الألف أمكن تحريكه، ولكن يلزم تحصيل الحاصل، وأنت تعلم أن هذا شرح لا يطابق المتن ولا يطابق الواقع أيضا تدبر قوله: "وأما بالحذف" عطف على قوله: أما بالسكون؛ أي أما عدم إمكان الإعلال بالحذف في الأول "فلنقصانه" الضمير يرجع إلى الكلمة إما باعتبار اللفظ أو باعتبار المذكور "من القدر الصالح" على تقدير الحذف "في الثلاثي" المجرد، وقد مر أن القدر الصالح أن يوجد ثلاثة أحرف حرف يبتدأ به وحرف يوقف عليه وحرف يتوسط بينهما "ولاتباع الثلاثي في الزوائد"؛ لأن الثلاثي أصل والزوائد فرع والفرع تابع للأصل والإضافة إضافة المصدر إلى مفعوله الثاني ويجوز أن يكون مصدرا مجهور مضافا إلى ما يقوم مقام الفاعل والمآل واحد فافهم قوله: "ولا يعوض بالتاء" جواب دخل مقدر تقديره أنا لا نسلم أنه يلزم من حذف حرف العلة من الثلاثي النقصان من القدر الصالح، وإنما يلزم ذلك إذا لم يعوض المحذوف بحرف، وأما إذا عوض فلا، وحاصل الجواب أنه لو عوض بها لعوض بالتاء؛ إذ هو المشهور فيما بينهم كما في عدة والعويض بها غير ممكن؛ لأنه لو عوض بها لعوض "في الأول أو الآخر"؛ إذ لا يكون العوض إلا في محل التغيير الذي هو طرفا الكلمة وذا غير جائز لما ذكره بقوله: "حتى لا يلتبس بالمستقبل" على تقدير التعويض في الأول "والمصدر" على تقدير التعويض في الآخر "في نفس الحرف" لا في الصيغة وهذا القدر من الالتباس يمنع جواز التعويض "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن علة عدم التعويض في الأول لزوم الالتباس "لا يجوز إدخال التاء في الأول" عوضا عن الواو المحذوفة "في مثل عدة للالتباس" بامستقبل مع أن المحذوفة من الأول؛ لأن أصل عدة وعد بكسر الواو وسكون العين، فنقلت كسرة الواو إلى ما بعدها ثم حذفت ساكنة؛ لئلا يزيد إعلاله على إعلال فعله وهو يعد ثم لزم التاء كالعوض، وقيل: الأصل وعد بكسر الواو فحذفت الواو لما ذكرنا ثم زيدت التاء عوضا عنها قوله: "ويجوز في التكلان العدم لالتباس" عطف على قوله: لا يجوز فيكون مجموع المعطوف والمعطوف عليه مرتبا على قوله ومن ثم فحاصل معنى كلامه أنه ومن أجل أن علة عدم التعويض في الأول لزوم الالتباس لا يجوز إدخال التاء في الأول في مثل عدة، ويجوز في مثل التكلان للزوم الالتباس في الأول وعدم لزومه في الثاني، فلا يرد أن يقال لا طائل تحت قولهم للالتباس، وهو ظاهر لمن له ذوق سليم والتكلان بوزن السلطان اسم من التوكل وهو إظهار العجز والاعتماد على الغير، وأصله وكلان فحذفت الواو وعوضت التاء في أوله لعدم التباسه بالمستقبل من وكل يكل ومن غيره لا في الصيغة ولا في نفس الحروف؛ إذ لا يجيء على هذا الوزن مستقبل أصلا "وعند سيبويه يجوز حذف التاء" التي هي عوض من الواو المحذوفة من الأول في مثل: عدة ومقة ويجوز إثباتها أيضا فلا يكون واجب الثبوت "كما في قول الشاعر: وأخلفوك عد الأمر الذي وعدوا أصله عدة الأمر فحذفت التاء التي هي عوض من الواو "لأن التعويض من الأمور الجائزة عنده" لا من الأمور الواجبة وإلا لما حذفها الشاعر، وأخلف متعد إلى مفعولين الأول الكاف والثاني عدو هو مصدر مضاف إلى مفعوله وهو الأمر يقال أخلفه ما وعده إذا قال شيئا ولا يفعله في المستقبل، وقوله: وعدوا أصله الذي وضميره محذوف، وتقدير الكلام وأخلفوك عدة الأمر الذي وعدوه لك "وعند الفراء لا يجوز الحذف"؛ أي لا يجوز حذف التاء في مثل: عدة ومقة "لأنها عوض من الحذف"؛ أي من الواو المحذوفة والعوض لا يجوز حذفه؛ لأنه لم يبق حينئذ شيء يدل

Z"إلا في" حال "الإضافة" فإنه يجوز فيها "لأن الإضافة تقوم" بسبب استلزامها المضاف إليه "مقامها"؛ أي مقام التاء فيجوز حذفها. وحاصل هذا الاستثناء جواب عن استدلال سيبويه بقول الشاعر على جواز الحذف مطلقا، وبيانه أن حذف التاء في الشعر إنما هو في حال الإضافة ودعواه مطلق فلم يثبت به فلم يتم التقريب "وكذلك"؛ أي مثل حكم العدة "حكم الإقامة" أصلها أقواما نقلت حركة الواو إلى ما قبلها وقلبت ألفا وحذفت إحدى الألفين على اختلاف المذهبين لالتقاء الساكنين وعوضت عنها الياء في الآخر كما في العدة "و" كذلك حكم "الاستقامة ونحوهما" كالإجابة والاستجابة "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن حكمها حكم العدة "حذفت التاء في قوله تعالى: {وَأَقَامَ الصَّلَاةَ} " أصله إقامة الصلاة للإضافة كما حذفت في عد الأمر "وتقول في إلحاق الضمائر وعد وعدا وعدوا إلى آخره ويجوز"؛ أي يجب "في وعدت إدغام الدال في التاء لقرب مخرجهما" فكأنهما من جنس واحد فيثقل فيجب الإدغام "المستقبل يعد إلى آخره أصله يوعد" بدليل أن حروف ماضيه هي حروف مضارعه والفاء في الماضي واو، فوجب أن تقدر الواو في المضارع بعد حرف المضارعة، فوجب أن يكون الأصل يوعد "فحذفت الواو؛ لأنه يلزم الخروج من الكسرة التقديرية" أعني الياء "إلى الضمة التقديرية" أعني الواو "ومن الضمة التقديرية إلى الكسرة التحقيقية" التي هي كسرة العين "ومثل هذا" الخروج "ثقيل" وليس كذلك يوعد لسهولة النطق به لانضمام ما قبلها، فلذلك ثبتت إحداهما وسقطت في الأخرى، وهذا الثقل وإن لم يزم من اجتماع هذه الأمور الثلاثة إلا أنه لما لم يمكن حذف غير الواو تعين الواو للحذف، وإن لزم منه أيضا توالي الكسرات إلا أنه أهون من فساد حذف الآخرين "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل ثقل هذا الخروج

_ Qعلى المحذوف ولأنه يلزم النقصان من القدر الصالح "إلا في الإضافة" فإن الحذف فيها جائز "لأن الإضافة"؛ أي المضاف إليه "تقوم مقامها"؛ أي مقام التاء ولذلك حذفها الشاعر في عد الأمر "وكذلك حكم الإقامة والاستقامة ونحوهما" كالإجابة والاستجابة؛ يعني كما لا يجوز حذف التاء في عدة إلا في الإضافة، كذلك لا يجوز حذف التاء في الإقامة والاستقامة ونحوهما إلا في الإضافة؛ لأن التاء فيهما عوض من الواو كما في عدة؛ لأن أصلهما إقوامة واستقوامة فأرادوا أن يعلوا المصدر لاعتلال أقام واستقام فنقلوا الفتحة من الواو إلى ما قبلها، ولما انفتح ما قبلها وكانت في الأصل متحركة قلبت ألفا فاجتمع ألفان أولاهما منقلبة عن واو هي عين المصدر، وثانيهما زائدة وهي ألف أفعالة فحذفت الأولى التي هي العين وبقيت الألف الزائدة فيلزم التاء كالعوض من الواو كما في العدة، وقيل المحذوف الألف الزائدة "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن حكمها كحكم العدة في عدم جواز حذف التاء بغير الإضافة وجوازه بالإضافة "حذفت" التاء التي هي عوض من الواو "في قوله تعالى: {وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ} "؛ لأن أقام مصدر مضاف إلى الصلاة "وتقول في إلحاق الضمائر للماضي من المثال وعد وعدا وعدو إلخ"؛ أي وعدت وعدتا وعدن وعدت وعدتما وعدتم وعدت وعدتما وعدتن وعدت وعدتا بسلامة الواو في الكل كالصحيح "ويجوز في وعدت" بالحركات الثلاث في التاء "إدغام الدال في التاء لقرب مخرجهما" بعد قلب الدال تاء كما قالوا في أخذت أخت بإبدال الذال تاء وإدغامها فيها وهو الأكبر، كذا في الصحاح، ويحتمل أن يكون المراد بالعكس؛ أي قلب التاء دالا وإدغام الدال في الدال كما هو مذهب بعض العرب، قال بعض المحققين: ومن العرب من يقلب تاء المتكلم والمخاطب التي هي ضمير الفاعل في فعلت وفعلت إلى ما قبلها إذا كان ما قبلها أحد حروف ثلاثة الطاء المهملة والزاي المعجمة والدال المهملة ثم أدغموا الأولى في الثانية، وإنما فعلوا ذلك تشبيها لهذه التاء بتاء الافتعال من حيث اتصلت بما قبلها وما قبلها ساكن، كما أسكنت الفاء في افتعل ولم يمكن فصلها من الفعل فصارت مثل كلمة واحدة فأشبهت بتاء الافتعال، فقالوا في حبطت حبط وفي فزت فزو في وعدت وعد بقلب التاء دالا، كما قلبوها في ادان وإدغام الدال الأولى الأصلية في الدال الثانية المنقلبة من التاء، ثم قال ذلك البعض إن هذا القلب والإدغام شاذ رديء وأسند فقال قال سيبويه: أعرب اللغتين وأجودهما أن لا تقلب تاء الضمير؛ لأن التاء ها هنا علامة إضمار، وإنما جاءت لمعنى وليست تلزم الفعل ألا ترى أنك إذا أضمرت غائبا قلت: فعل ولم يكن فيه تاء، والتاء في افتعل ليست كذلك ولكنها دخلته زيادة لا تفارقه وتاء الإضمار بمنزلة المنفصل "المستقبل" من وعد عند إلحاق الضمائر "يعد إلخ"؛ أي يعدان يعدون تعد تعدان يعدن تعد تعدان تعدون تعدين تعدان تعدن أعد نعد "وأصل يعد يوعد فحذفت الواو" التي وقعت بين ياء مفتوحة وعين مكسورة "لأنه"؛ أي الشأن "يلزم الخروج من الكسرة التقديرية" التي هي الياء "إلى الضمة التقديرية" التي هي الواو "ومن" تلك "الضمة التقديرية إلى الكسرة التحقيقية" وهي كسرة العين "ومثل هذا ثقيل" على اللسان، وهو ظاهر ولا يمكن إزالة هذا الثقل بحذف الياء؛ لأنها علامة ولا بإسكانه لتعذر الابتداء بالساكن ولا بحذف كسرة لعين لئلا يلزم التقاء الساكنين، ولو حرك بحركة غير الكسرة يلزم تغيير البناء، وقيل: إنما حذفت الواو؛ لأن الياء تقارب الكسرة فوقع الفاء فاصلة بين قريبين، وكل ذلك في بناء المعلوم من وعد يعد، ولو بني منه المجهول زالت الكسرة فلم يحذف الواو فيقال: يوعد بإثبات الواو وفتح العين "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن مثل هذا الانتقال ثقيل

Z"لا يجيء" لغة "على وزن فعل" بكسر الفاء وضم العين؛ إذ فيه الخروج من الكسرة إلى الضمة "وفعل" بالعكس؛ إذ فيه الخروج من الضمة إلى الكسرة، ولهذا جعلوا هذه الصيغة في الفعل المبني للمفعول كما مر "إلا حبك" بكسر الفاء وضم العين "ودئر" على العكس فلما استثقل أحدهما وحده فكيف إذا اجتمعا "وحذفت الواو" في تعد وأخواتها "أيضا"؛ أي كما في يعد وإن لم توجد العلة المذكورة "في يعد" فيها "للمشاكلة" وطردا للباب "وحذفت" الواو "في" مثل "يضع" ويقع ويدع ويسع "لأن أصله يوضع" بكسر العين وكذا أصل أمثاله "فحذفت الواو" للعلة المذكورة في يعد "ثم جعل يضع" بفتح العين "نظر إلى حرف الحلق" فإن حرف الحلق ثقيل فتكون فتحة العين مقاومة لثقله، إلا أنه يرد عليه أنه لِمَ لَمْ تعد الواو وبعد زوال المانع؛ أعني كسرة ما بعدها ويشكل أيضا بمثل يسع فإن ماضيه وسع مكسور العين فلم حكم بأنه في الأصل يفعل بكسر العين وهو شاذ. والجواب أنه وقعت هذه الأفعال محذوفة الواو مفتوحة العين فذكروا ذلك التأويل لئلا يلزم منه هدم قاعدتهم، وإلا فمن لهم بذلك، وكذا جميع العلل المذكورة في هذا الفن فإنها مناسبات تذكر بعد الوقوع، والأصل هو المسموع فاحفظ هذا فإنه ينفعك في مواضع كثيرة "ولا تحذف" الواو "في يوعد؛ لأن أصله يؤوعد" فلم توجد العلة الموجبة للحذف فلما كانت الهمزة المقدرة مانعة من سقوط الواو مع أنها لم تكن مانعة عن قلب الواو ياء في يوسر؛ لأنه على تقدير سقوط الواو بقي الثقل بالخروج من الضمة إلى الكسر فلم يترك الأصل ولأن الواو تفوت بضمة ما قبلها فقويت على الثبات "والأمر عد إلى آخره" وإنما لم يذكر حذف الواو في الأمر؛ لأنه فرع المضارع فيعلم حكمه من حكمه، أو لأنه مأخوذ من تعد بلا واو "الفاعل واعد" بسلامة الواو "المفعول موعود" بسلامتها "والموضع موعد" بسلامة الواو على وزن مفعل بفتح الميم وكسر العين "والآلة ميعد" أصله موعد على وزن مفعل بكسر الميم وفتح العين "فقلبت الواو ياء" لسكونها و"لكسرة ما قبلها وهم"؛ أي الصرفيون "يقلبونها"؛ أي الواو "ياء مع الحاجز"؛ أي المانع "في نحو قنية" أصله قنوة مصدر من باب نصر بمعنى الحفظ، وذلك الحاجز فيها هو النون الساكنة "وبغير الحاجز" في موعد "يكونون"؛ أي الصرفيون "أقلب" منهم مع الحاجز؛ أي بالطريق الأولى فاعلم أن ابن الحاجب اعتبر الحرف الساكن حاجزا، حيث حكم بأن قلب واو قنوة ياء شاذ لعدم كسرة ما قبلها، ويعضده عدم كتابة همزة خبء بالألف وبرء بالواو ودفء بالياء، ونقل السيد ركن الدين عن ابن القطاع أن ياء قنية أصلية؛ لأنها من قنيت لا من قنوت، فإن مصدر قنوت قنوة فعلى هذين القولين لا استشهاد في قنية، إلا أن الظاهر من كلام الزمخشري لما كان ياء قنية مقلوبة من الواو وأن هذا القلب على القياس تبعه المصنف في ذلك، ولعل ما ذهب إليه الزمخشري والمصنف أظهر؛ إذ يرد على ابن الحاجب جواز الإمالة في شملال وعدم جوازها في عتيا، ويرد على المنقول عن ابن القطاع أن مجيء قنيت قنية لا يمنع من استعمال قنوت قنية بالقلب أيضا.

_ Q"لا يجيء لغة على وزن فعل" بكسر الفاء وضم العين "وفعل" بضم الفاء وكسر العين "إلا حبك" على الوزن الأول وهو اسم قبيلة، وقيل اسم لكل شيء فيه تكسر كالرملة إذا مرت بها الريح، وقد أجيب بأنه من تداخل اللغتين؛ لأنه يقال: حُبك بضم الحاء والباء جميعا كعنق، ويقال: حِبك بكسرهما أيضا كإبل والمتكلم بحبك بكسر الحاء وضم الباء كأنه قصد الحبك بكسرهما أولا، فلما تلفظ بالحاء مكسورة غفل عن ذلك وقصد اللغة الأخرى وهي الحبك بضمتين، إلا أن هذا التداخل ليس بشائع؛ لأنه في كلمة واحدة "ودئل" على الوزن الثاني وهو دويبة يشبه ابن العرس، وقيل: هو اسم قبيلة لأبي الأسود الدؤلي فيكون من قبيل الأعلام، والأعلام لا يعول عليها في الأبنية لجواز أن تكون منقولة من الفعل كشمر إذا سمي به قيل، وأيضا يجوز أن يكون منقولا على تقدير كونه اسما لدويبة "وحذفت" الواو "في تعد" ونعد وأعد وفي صيغة أمره وهي عد "أيضا"؛ أي كما حذف في يعد إن لم يتحقق علة الحذف فيها، وهي وقوع الواو بين ياء وكسرة "للمشاكلة"؛ أي لئلا يختلف المضارع في البناء؛ لأنهم لو قالوا: أنا أوعد وهو يعد لاختلف المضارع فيكون مرة بواو وأخرى بلا واو، فحمل ما لا علة فيه على ما فيه علة لتكون الأمثلة مشاكلة غير مختلفة، كما حذفوا الهمزة من يكون حملا لأكرم للمشاكلة، قوله: "وحذف في مثل يضع" جواب دخل مقدر، وهو أن أصل يضع يوضع بفتح الضاد فوقع الواو بين ياء وفتحة فلم يوجد علة الحذف فيه ولم يحمل على ما فيه علة أيضا مع أنه حذف، وحاصل الجواب أن الواو حذف في مثل يضع ويسع ويقع ويهب وغيرها مما عينه ولامه حرف حلق وإن كان عين الفعل مفتوحا "لأن أصله يوضع" بكسر الضاد "فحذفت الواو" لوجود علة الحذف وهو وقوعه بين ياء وكسره "ثم جعل يضع نظرا إلى حرف الحلق" يعني جعل الضاد بعد حذف الواو مفتوحا تخفيفا؛ لأن حرف الحلق ثقيل والكسرة أيضا ثقيلة، والثقيل على الثقيل وعلى ما يقارنه ثقيل، لكن بعد هذا التخفيف لم يعيدوا الواو المحذوفة؛ لأن الفتح عوض عن حرف الحلق، والأصل إنما هو الكسرة، فاعتبروا الأصل وألغوا الفتحة العارضة، وإنما لم يحذف الواو من يوجل؛ لأن فتحته أصلية لا عارضة، وقوله: "ولا تحذف في يوعد؛ لأن أصله يؤوعد" جواب دخل مقدر أيضا تقديره إن الواو في يوعد من أوعد وقع بين ياء وكسرة كما في يعد، فوجد فيه علة الحذف أيضا، بل هو أثقل من يوعد؛ لأن ياءه مضمومة وياء يعد مفتوحة، ومع هذا لم يحذف الواو، وتحقيق الجواب إنما لم يحذف الواو في يوعد؛ لأن أصله يؤوعد؛ لأن المضارع هو الماضي مع زيادة حرف المضارعة، فلما كان الماضي أوعد كان مضارعه يؤوعد فوقع الواو بين همزة مفتوحة وكسرة لا بين ياء وكسرة ثم لما حذفوا الهمزة لم يجمعوا على الفعل حذف الفاء أيضا؛ فرارا من كثرة الحذف واعتبارا بالأصل وإن وقع بين ياء وكسرة ظاهرا بخلاف يعد، فإنه لم يحذف منه شيء سوى الواو فجاز ذلك، كذا حققه ابن الحاجب "و" يجيء "الأمر" الحاضر من يعد "عد" عدا عدوا عدى عدا عدن "و" اسم "الفاعل" منه "واعد" واعدان واعدون واعدة واعدان واعدات وأواعد، أصله وواعد الواو الأولى فاء الفعل والثاني منقلب من ألف اسم الفاعل لاجتماع الساكنين بألف التكثير، ولم يحذف أحدهما للالتباس ثم أبدلت الواو الأولى همزة لتحركها في أول الكلمة "و" اسم "المفعول موعود" موعدان موعودون موعودة موعودتان وعودات ومواعد "و" اسم "الموضوع موعد" بكسر العين "و" اسم "الآلة ميعد" أصله موعد بكسر الميم وسكون الواو وفتح العين "فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها" كما في ميزان أصله موزان "وهم"؛ أي والحال أن الصرفيين "يقلبونها ياء مع الحاجز"؛ أي المانع الغير القوي، وهو الحرف الساكن كالنون "في نحو قنية" أصله قنوة فقلبوا الواو ياء؛ نظرا إلى كسرة القاف، قوله: "وبغير الحاجز" متعلق بقوله: "يكونون" والمعنى وهم يكونون بغير الحاجز "أقلب"؛ أي يرون القلب بغير الحاجز أولى من القلب بالحاجز هذا الذي ذكره المصنف هو أحكام المثال الواوي. وأما اليائي فلم يحذف منه الياء وإن وقعت بين ياء وكسرة، نحو: يسر ييسر وينع يينع؛ لأن الياء أخف من الواو بدليل أنهم قلبوا الواو ياء في نحو: ميزان وسيد كذا قيل، ولعل المصنف لم يذكره لعدم اعلاله.

الباب الخامس في الأجوف

Z"الباب الخامس في الأجوف": أي معتل العين قدمه على الناقص لتقدم العين على اللام ولأنه يصير في الأخبار على ثلاثة أحرف، والناقص يصير فيه على أربعة أحرف والثلاثة متقدمة على الأربعة، ولأن بعض الأجوف لا يعتل بخلاف الناقص "ويقال له"؛ أي للمسمى بالاسم الأجوف "الأجوف لخلو جوفه"؛ أي ما هو كالجوف له "عن الحرف الصحيح" أو لوقوع حرف العلة في جوفه "ويقال له ذو الثلاثة لصيرورته على ثلاثة أحرف في المتكلم" الثلاثي المجرد ويسمى غيره بذي الثلاثة تبعا له، ولما كان المتكلم مقدما على غيره كما مر اعتبره في صيرورته على ثلاثة أحرف وإن كان المخاطب أيضا كذلك "نحو: قلت" فإنه وإن كان جملة إلا أن الصرفيين يسمونه الفعل الماضي للمتكلم لشدة اتصال الضمير المرفوع بالفعل خصوصا المتكلم كأنه حرف من حروفه "وهو"؛ أي الأجوف "يجيء من ثلاثة أبواب" بالاستقراء من باب نصر "نحو: قال يقول و" من باب ضرب نحو: "باع يبيع و" من باب علم نحو "خاف يخاف" وأما باب حسن فلم يجيء منه إلا طال يطول ولذلك لم يعتبره "قال بعض الصرفيين أصلا" ضابطا "شاملا" وقوله: "في باب الإعلال" إما متعلق بقوله شاملا فيكون في قوة قولنا شاملا؛ لأنواع الإعلال، وإما متعلق بقوله قال فيكون التقدير قال بعض الصرفيين في حق باب الإعلال أصلا متناولا لجميع أنواع الإعلال فحذف صلة الشمول لدلالة صلة قال عليها وإما صفة بعد صفة لأصلا "يخرج"؛ أي يحصل "جميع المسائل" والأحكام المتعلقة بالإعلال "منه"؛ أي من ذلك الأصل

_ Q"الباب الخامس في الأجوف": وجه تقديمه على الناقص واللفيف ظاهر مما ذكرناه في المثال، والمراد من الأجوف ما يكون عينه حرف علة "ويقال له"؛ أي ويسمى الأجوف "أجوف لخلو جوفه"؛ أي وسطه "عن الحرف الصحيح" فكأنه ليس في وسطه حرف "ويقال له ذو الثلاثة" أيضا "لصيرورته على ثلاثة أحرف في المتكلم"؛ أي لصيرورة ماضيه عند الإخبار عن نفسك على ثلاثة أحرف إذا كان ثلاثيا "نحو: قلت" وبعت، وأما الرباعي والمزيدات فمحمول على الثلاثي، وهذا القدر كاف في التسمية وتخصيص المتكلم بالذكر مع أن المخاطب على ثلاثة أحرف أيضا لظهور التلفظ به، فإن قلت: التاء ليست من حروف الماضي، بل هو فاعل فبقي الماضي على حرفين فلِمَ يصر على ثلاثة أحرف؟ قلت: إنهم عدوا الضمير المرفوع البارز المتصل جزءا من الفعل لشدة اتصاله بالفعل ويجرون عليه أحكام الجزء، كما مر تحقيقه في الباب الأول، فإن قلت: سلمنا أنه جزء لكن لا نسلم أنه حرف؛ لأنه ضمير والضمير اسم فلِمَ يصدق أنه على ثلاثة أحرف؟ قلت: يطلق لغة أنه حرف وإن لم يصح إطلاقه اصطلاحا "وهو"؛ أي الأجوف "يجيء من ثلاثة أبواب" وهي الأبواب التي سميت دعائم الأبواب، وقد مر أنه ما يختلف حركة عين ماضيه وحركة مضارعه وهي الباب الأول والثاني والرابع "نحو: قال يقول وباع يبيع وخاف يخاف" وسيجيء أصلها وإعلالها على التفصيل، ولم يجئ من غير هذه الأبواب الثلاثة باستقراء كلامهم إلا نادرا، نحو: طال يطول من الباب الخامس "قال بعض الصرفيين أصلا" الأصل القانون وهو أمر كلي ينطبق على جميع جزئياته كقول النحاة الفاعل مرفوع، فقوله: "شاملا" صفة كاشفة له "في باب الإعلال"؛ أي الإعلال لحرف العلة سواء وقع عين الكلمة أو لامها "يخرج"؛ أي يحصل "جميع المسائل منه"؛ أي من ذلك الأصل الشامل إجمالا؛ يعني أن من علم هذا الأصل قدر على أن يعل أي كلمة عرضت عليه قدرة تامة، فكان كأنه قد حصل له جميع المسائل الإعلالية بالفعل

Z"وهو"؛ أي ذلك الأصل "قولهم: إن الإعلال في حروف العلة" حال كونه "في غير الفاء" الذي وقع في الابتداء، فإنه ليس قوله شيء حتى يدخل في ستة عشر وجها، وأما الفاء الذي لم يقع في الابتداء فهو داخل فيها نحو: موسى وميزان "يتصور فيه ستة عشر وجها؛ لأنه"أي الشأن "يتصور في حروف العلة" التي هي غير الفاء الابتدائي "أربعة أوجه الحركات الثلاث والسكون و" يتصور "فيما قبلها أيضا"؛ أي كما يتصور في حروف العلة "كذلك"؛ أي مثل ما يتصور في حروف العلة من الحركات والسكون "فاضرب الأربعة" الأول التي هي أحوال حروف العلة من الحركات الثلاث والسكون "في الأربعة" الثانية التي هي أحوال ما قبل حروف العلة من الحركات الثلاث والسكون "حتى يحصل لك ستة عشر وجها" ثم اترك حروف العلة "الساكنة التي فوقها"؛ أي ما قبلها فكان ما قبل الحروف فوقها "ساكن لتعذر اجتماع الساكنين فبقي لك خمسة عشر" وجها "الأربعة منها" حاصلة "إذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل حرف العلة "مفتوحا" وحرف العلة مع أحد الأحوال الأربعة "نحو: قول" مصدر "وبيع وخوف وطول ولا تعتل" الصورة "الأولى" وهي ما كان حرف العلة فيه ساكنا وما قبلها مفتوحا نحو: قول "لأن حروف العلة إذا سكنت"؛ أي وجدت على صفة السكون "جعلت من جنس حركة ما قبلها"؛ أي في جميع الأوقات "للين عريكة الساكن واستدعاء ما قبلها" أعني الحركة فإن الحركة بعد الحرف لما ذكر في علم الكلام ولأن الابتداء بالساكن إذا كان مصوتا؛ أعني حرف مد ممتنع بالاتفاق، وأما الابتداء بالساكن الصامت؛ أعني غير حرف المد فقد جوزه قوم، ولا شك أن الحركات أبعاض المصوتات لما ذكر في ذلك العلم، فكما لا يمكن الابتداء بالمصون لا يمكن الابتداء ببعضه ويمكن الابتداء بالصامت الساكن، فيجوز أن يقدم الصامت الساكن على الحركة، ولا يجوز أن تقدم الحركة على الحرف وإلا يلزم الابتداء بالساكن الممتنع اتفاقا "نحو: ميزان أصله موزن" قلبت الواو ياء "ويوسر أصله ييسر" قلبت الياء واوا "إلا إذا انفتح ما قبلها"؛ أي إلا وقت انفتاح ما قبلها فإنها لا تجعل من جنس حركة ما قبلها "لخفة الفتح والسكون" يعني أن القلب إنما هو للتخفيف، وإذا كان حرف العلة ساكنا وما قبلها مفتوحا فالخفة حاصلة فلا يحتاج إلى القلب "وعند بعضهم يجوز القلب نحو قال" نظرا إلى العلة المقتضية وقصدا إلى زيادة التخفيف، وقد جاء: تبت إليك فتقبل تابتي صمت إليك فتقبل صامتي؛ أي توبتي وصومتي ذكر الواحدي في تفسير قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: هي لغة بلحرث وهي قبيلة من اليمن "ويعل نحو اغزيت أصله"؛ أي الياء

_ Q"وهو"؛ أي ذلك الأصل "قولهم: إن الإعلال في حروف العلة" إذا كان "في غير الفاء يتصور فيه ستة عشر وجها" عقلا وذلك "لأنه"؛ أي الشأن "يتصور في حروف العلة أربعة أوجه الحركات الثلاث والسكون و" يتصور "فيما قبلها أيضا"؛ أي كما يتصور في حروف العلة "كذلك" أربعة أوجه الحركات الثلاث والسكون "فاضرب الأربعة" الكائنة فيما قبلها "في الأربعة" الكائنة فيها "حتى يحصل لك ستة عشر وجها ثم اترك" إعلال الحروف "الساكنة التي فوقها"؛ أي قبلها حرف "ساكن لتعذر اجتماع الساكنين فبقي لك" بعد إسقاط واحد من ستة عشر "خمسة عشر وجها إلا أربعة" منها يتصور في حرف العلة "إذا كان ما قبلها مفتوحا" وهي إما ساكنة أو مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة "نحو: قول وبيع وخوف وطول" قوله: "ولا يعل الأولى" شروع في بيان كيفية إعلال كل واحد من الوجوه الخمسة عشر وجودا وعدما، والمراد من الأولى حرف العلة التي وقعت عين الكلمة ساكنة مفتوحا ما قبلها، نحو: قول وبيع مصدرين، وإنما لم يعل حينئذ "لأن حرف العلة؛ إذ أسكنت جعلت من جنس حركة ما قبلها للين عريكة الساكن"؛ أي طبيعته "واستدعاء" حركة "ما قبلها" جعلها من جنس نفسها للتوافق "نحو: ميزان أصله مزان" بكسر الميم وسكون الواو فجعلت الواو من جنس كسرة الميم وهو الياء للتوافق، فصار ميزان "ويوسر أصله ييسر" بض الياء الأولى وسكون الثانية فجعلت الثانية من جنس ضمة الأولى وهو الواو، فصار يوسر، قوله: "إلا إذا انفتح ما قبلها" استثناء من قوله: جعلت من جنس حركة ما قبلها، وإنما لم تجعل حروف العلة حينئذ من جنس الفتحة وهو الألف "لخفة الفتحة والسكون"؛ إذ منشأ القلب النقل وهو إنما يتحقق بشرطين؛ أحدهما كونها متحركة وثانيهما كون ما قبلها مفتوحا، ولما انتفى الشرط الأول لم يتم النقل فلم يقلبونها ألفا لعدم موجبه إلا من اجتزأ بأحد الشرطين، فإنه يقلبها ألفا، ويقول في مثل غيب وبيت وبيع وقول غاب وبات وباع وقال وإلى هذا أشار بقوله: "وعند بعضهم يجوز القلب نحو قال" مصدرا. ذكر الواحدي في الوسيط في تفسير قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} أنه قال ابن عباس رضي الله عنهما: إنه لغة بلحرث بن كعب، في قال مصدرا أجمع النحويون بأن هذه لغة حارثية، وذلك أن بلحرث بن كعب وخثعما وزبيدا وقبائل من اليمن يجعلون ألف التثنية في الرفع والنصب والخفض على لفظ واحد، ويقولون: أتاني الزيدان ورأيت الزيدان ومررت بالزيدان، وذلك أنهم يقلبون كل ياء ساكنة انفتح ما قبلها ألفا فعاملوا ياء التثنية أيضا هذه المعاملة إلى هنا كلامه. وأما قول الشاعر: تبت إليك فتقبل تابتي ... وصمت ربي فتقبل صامتي أي توبتي وصومي فشاذ عند الأولين، وكذا ياجل أصله ييجل، قوله: "ويعل نحو اغزيت أصله

Zواو ساكن؛ إذ أصل اغزيت "اغزوت بواو ساكن" قلبت الواو ياء وإن كانت ساكنة وما قبلها مفتوحا "تبعا ليغزي" وكما يجيء إن شاء الله تعالى، وطرد الباب لا يقتضي أصالة المتبوع وفرعية التابع كما مر في أول الكتاب "ويعل نحو كينونة" إذا أصله كونونة بالواو؛ لأنه مأخوذ "من الكون" مصدر كان يكون "مع سكون الواو وانفتاح ما قبلها" وأنتم قلتم إذا كان كذلك لا يعل "لأن أصله"؛ أي أصل لفظ كينونة "كيونونة عند الخليل" على وزن فيعلولة اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون وقلبت الواو ياء "فأدغمت" الياء في الياء فصار كينونة "كما" أدغمت "في ميت أصله ميوت" على وزن فيعل قلبت الواو ياء لما مر ثم أدغمت الياء في الياء فصار ميت "ثم خففت" الياء الثانية المتحركة التي هي عين الفعل؛ لأنها تغيرت بالقلب من الواو وأغناهم هذا التغيير عن التغيير الثاني بالحذف؛ لأن التغيير يؤنسهم بالتغيير "فصارت كينونة كما خففت" تلك الياء "في ميت" إلا أنهم التزموا هذا التخفيف في كينونة لكثرة حروف الكلمة مع التأنيث ولم يلتزموا في ميت لعدم هذه العلة فيه. والحاصل أن كينونة مغير عن أصله بلا خلاف؛ إذ ليس في كلامهم فعلولة إلا نادرا كصعقوقة، فقال البصريون منهم الخليل: إنه مغير عن كينونة بحذف العين بدليل عوده إليه في قوله: حتى يعود الأصل كينونة، ووجود فيعولة كحيقورة، وهي كل شيء لا يدوم على حالة واحدة ويضمحل كالسحاب قال الشاعر: كل أنثى وإن بدا لك منها ... آية الحب حبها حيقور "وقيل"؛ أي قال الكوفيون "أصله"؛ أي أصل كينونة "كونونة بضم الكاف" على وزن سرجوجة وهي الطبيعة "ثم فتح" الكاف؛ أي غيرت بإبدال ضمة أوله فتحة ثم إبدال الواو ياء كما عند البصريين "حتى لا تصير الياء واوا في نحو الصيرورة" مصدر صار يصير "والغيبوبة" مصدر غاب يغيب "والقيلولة" مصدر قال يقيل؛ إذ لو بقي على صيرورة مثلا بالضم لزم قلب الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها فيلتبس بالواوي "ثم جعلت الواو" في الواويات

_ Qاغزوت بواو ساكن تبعا ليغزي" جواب دخل مقدر تقديره إن قولكم: حروف العلة لا تعل إذا كانت ساكنة وما قبلها مفتوحا منقوض بأغزيت، فإن الواو فيه ساكنة وما قبلها مفتوح مع أنه يعل بالقلب. وتحقيق الجواب أن الواو لما أعل في مضارعه الذي هو يغزي بضم الياء وكسر الزاي بقلبها ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها يعل في ماضيه بقلبها ياء أيضا حملا على المضارع؛ أي حملوا ما لا علة فيه على ما له علة، وكذلك استغزيت وتغزيت، قال سيبويه: سئل الخليل عن قولهم: أغزيت واستغزيت، فقال: إنما قلبت الواو في هذه الأفعال الماضية لأجل انكسار ما قبلها في المضارع في قولك: يغزي بضم الياء وكسر الزاي ويستغزي، فحملوا الماضي على مضارعه، وأعلوه كما أعلوا مضارعه ليكون العمل من باب واحد لا يقال إن الماضي سابق والمضارع لاحق واتباع السابق على اللاحق في الإعلال محال؛ لأنا نقول: إنا لا نسلم أن اتباع السابق على اللاحق في الإعلال محال؛ لأنهم أعلوا المصدر تبعا للفعل كما في عدة وقيام مع أن المصدر سابق على الفعل كما مر، وليس اتباع الماضي على المضارع قياسا مطردا حتى يلزم إعلال وعد تبعا ليعد، بل هو مسموع مقصور، وقيل: إنما يعل نحو: أغزيت؛ لأنه لما زاد على ثلاثة أحرف ثقل والياء ضعيف ولم يمنع مانع عن قلبها ياء فكان قلب الواو ياء أحسن، ولذلك قالوا في الثلاثي غزوت بإثبات الواو وفي الرباعي أغزيت بقلبها ياء قوله: "ويعل نحو كينونة" عطف على قوله: ويعل نحو: اغزيت فيكون جوا بالدخل مقدر مقرر ثمة؛ يعني يعل نحو: كينونة "من الكون" بقلب واوه ياء "مع سكون الواو" فيه "وانفتاح ما قبلها" وهو الكاف "لأن أصله كيونونة" بفتح الواو على وزن فيعلولة "عند لخليل" فلم يكن مما نحو فيه، بل يعل لوجود علة الإعلال فيه لأنه اجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء "فأدغمت" الياء الأولى في الياء المنقلبة من الواو التي هي عين الكلمة فصار كينونة بتشديد الياء وفتحها "كما" قلبت الواو ياء وأدغمت الياء "في" حو "ميت أصله ميوت" بتقديم الياء الزائدة على الواو التي هي عين الكلمة "ثم خففت" كينونة بحذف الياء الثانية المنقلبة عن الواو "فصارت كينونة كما خففت" الياء المنقلبة بحذفها "في ميت" وهذا التخفيف فيهما بطريق الجواز، لكنه أحسن في كينونة ذكر ابن الحاجب ويخفف نحو كينونة وقيلولة بحذف العين العين كما يخفف ميت وسيد إلا أن الحذف في كينونة وقيلولة أكثر منه في باب سيد وميت؛ لطوله بالزيادة وتاء التأنيث، فكان التخفيف فيه أحسن. ا. هـ. والميت صفة مشبهة تقول: مات يموت ويمات أيضا فهو ميت، ويستوي في المذكر والمؤنث، قال الله تعالى: {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} ولم يقل ميتة، قال الفراء: يقال لمن لم يمت إنه مائت عن قليل وميت، ولا يقولون لمن مات هذا مائت كذا في الصحاح "وقيل أصلها كونونة بضم الكاف ثم فتحت" الكاف؛ لأنه لو لم يفتح يلزم ضم هذا الوزن في اليائيات أيضا؛ لئلا يختلف حركة فاء الواوي حركة فاء اليائي منه فيلزم قلب الياء واو في اليائي لضمة ما قبلها وهو ثقيل مع أنه في البناء الطويل ففتحت الفاء في الواوي "حتى لا يصير الياء واوا في" اليائيات "نحو صيرورة" مصدر من صار الشيء يصير "وقيلولة" مصدر قال يقيل من باب باع ومعناه نام في الظهيرة "وغيبوبة" مصدر غاب يغيب من باب باع، تقول: غاب غيبة وغيبا وغيابا وغيبوبا ومغيبا "ثم جعلت الواو ياء"؛ أي قلبت بعد فتح الكاف في كونونة وإن لم يوجد فيه علة القلب

Z"وتبعا لليائيات" ولم يعكس "لكثرتها"؛ أي اليائيات بالنسبة إلى الواويات على أن الخفيف أولى من الثقيل، وقوله: حتى يصير إلى آخره وقوله تبعا لليائيات إشارة إلى رد ما قيل من الأمر في هذا لو كان كما قال الكوفيون لم يكن لإبدال الواو ياء والضمة فتحة وجه، قوله: "ومن ثمة" إشارة إلى ما تضمنه قوله لكثرتها لا إليه ولأجل قلة الواويات "قيل لا يجيء من الواويات غير الكينونة والديمومة" مصدر دام يدوم دوما "والسيدودة" مصدر ساد يسود "والهيعوعة" مصدر هاع يهوع بمعنى قاء "قال" الإمام "ابن جني في الثلاثة الأخيرة"؛ أي فيما كان ما قبل حرف العلة مفتوحا مع الحركات الثلاث في حرف العلة، نحو: بيع وخوف وطول "يسكن حرف العلة فيها" أولا "للخفة"؛ أي ليحصل الخفة "ثم تقلب ألفا" قوله: "لاستدعاء الفتحة" الألف إشارة إلى المقتضي، وقوله: "ولين عريكة الساكن" إشارة إلى انتفاء المانع، وهذا الإسكان والقلب إنما يتحقق بشروط سبعة أشار إلى الأول بقوله: "إذا كن"؛ أي حروف العلة "في فعل" لثقله "أو في اسم على وزن فعل" لشبهه بالثقيل وإلى الثاني بقوله: "إذا كانت حركتهن غير عارضة" إذ العارض كالمعدوم فتحصل الخفة فلا يحتاج إلى الإعلال وإلى الثالث بقوله: "ولا يكون فتحة ما قبلها في حكم السكون"؛ إذ لا يبقى في الفتحة حينئذ قوة لاستدعاء الواو للعطف، والجملة الحالية عطف على إذا كان؛ لأن الحال في معنى الظرف فيجوز العطف عليه، فيكون تقديره إذا كن في فعل وقت كون حركتهن غير عارضة، وحال عدم كون فتحة ما قبلها في حكم السكون، وحال عدم وجود الاضطراب في معنى الكلمة التي فيها حرف العلة، وحال عدم لزوم ضم حروف العلة في مضارع فعل؛ أي ماض فيه حرف العلة، وحال عدم ترك إعلال حروف العلة للدلالة على الأصل، وأشار إلى الرابع بقوله: "ولا يكون"؛ أي لا يوجد "في معنى الكلمة اضطراب" وتحرك؛ إذ لا يبقى فيها على تقدير الإعلال ما يدل على اضطراب معناها، وإلى الخامس بقوله: "ولا يجتمع فيه" على تقدير الإعلال "إعلالان"؛ إذ هو مخل بالكلمة، وإلى السادس بقوله: "ولا يلزم ضم حروف العلة في مضارعه"؛ أي مضارع الفعل الذي هو الماضي؛ إذ هو مرفوض، وإلى السابع بقوله: "ولا يترك" الإعلال "للدلالة على الأصل"؛ إذ يفوت الغرض على تقدير الإعلال، وإنما كان الأصل في هذه الشروط هو الشرط الأول؛ إذ هو متعلق بنفس الكلمة وذاتها، وباقيها إما متعلق بحركة نفس حرف العلة أو حركة ما قبلها؛ أي إعلالها من حيث ترتب مفسدة أو فوت مصلحة، وإما متعلق بمعنى الكلمة قدمه وجعل بواقي الشروط قيودا له ظرفا أو حالا ثم قدم الشرط الثاني على الثالث؛ لأن الثاني حال حركة نفس حرف العلة التي هي عارضة للإعلال والثالث حال

_ Q"تبعا لليائيات لكثرتها"؛ أي اليائيات وقلة الواويات مع أن جعل الثقيل خفيفا أولى من عكسه "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن اليائيات كثيرة من الواويات "قيل لا يجيء من الواويات" مصدر على هذا الوزن "غير الكينونة والديمومة" مصدر من دام الشيء، تقول: دام يدوم ويدام دوما ودواما وديمومة "والسيدودة" مصدر من ساد قومه، يقال: ساد يسود سيادة وسيدودة وسوددا بضم السين وسودة "والهيعوعة" مصدر من هاع يقال: هاع يهوع وهواعا بضم الهاء وهيعوعة؛ أي قاء "قال ابن جني" في بيان كيفية إعلال "الثلاثة الأخيرة" وهي بيع وخوف وطول "تسكن حروف العلة" أولا "فيها"؛ أي في هذه الثلاثة "للخفة"؛ أي للتخفيف "ثم تقلب ألفا لاستدعاء الفتحة"؛ أي لاستدعاء فتحة ما قبلها موافقة ذلك الحرف لها "ولين عريكة الساكن" فإن قلت: لو أسكن حروف العلة أولا يحصل التخفيف على ما ذكرتم فلم يحتج إلى القلب وإلا واجب القلب في مثل قول مصدرا وليس كذلك، قلت: إنما قلبوها ألفا بعد الإسكان؛ لأنهم لو اقتصروا على الإسكان لالتبس المتحرك في الأصل بالساكن فيه، ألا يرى أنهم لو أعلوا نحو بوب بالتحريك بإسكان الواو فقط، لم يعلم أن الواو في الأصل متحرك ثم طرأ عليه الإعلال أم ساكن مثل فلس كيوم فأعلوها بالإبدال بعد الإسكان تنبيها على أنها متحركة في الأصل مع أن الألف أخف من الواو والياء الساكنتين كذا حققه ابن الحاجب، ثم إن هذا الإعلال في هذه الثلاثة مشروط بشروط سبعة ذكرها المصنف. الأول ما ذكره بقوله: "إذا كن"؛ أي حروف العلة "في فعل" مطلقا أما في الفعل الثلاثي المجرد فيعل على الوجه المذكور أصالة لوجود الشرائط كلها، نحو: قال وباع كما يجيء، وأما في المزيد فيه فلا يعل بالأصالة لعدم انفتاح ما قبلها، نحو: أقام وأباع أصلهما أقوم وأبيع بسكون القاف والياء لكنهم قلبوها ألفا وإن لم يوجد فيهما موجب القلب، وهو انفتاح ما قبلها حملا على الثلاثي ثم حلموا الإقامة والإباعة على أقام وأباع كذا قيل "أو في اسم" كائن "على وزن فعل" والمراد منه اسم ثلاثي على وزن فعل ثلاثي، لكن أطلق القول فيهما بناء على ظهور المراد بقرينة الأمثلة فافهم، والثاني ما ذكره بقوله: "إذا كانت حركتهن غير عارضة" فلا تعل إذا كانت حركتها عارضة؛ إذ لا اعتبار بالعارض فيكون في حكم الساكن، والثالث ما أشار إليه بقوله: "ولا يكون فتحة ما قبلها في حكم السكون"؛ أي لا بد وأن يكون فتحة ما قبلها أصلية لا عارضية، والرابع ما ذكره بقوله: "ولا يكون في معنى الكلمة اضطراب"، والخامس أشار إليه بقوله: "ولا يجتمع فيها"؛ أي في حروف العلة "إعلالان متواليان في حرفين أصليين في كلمة واحدة"، والسادس ما ذكره بقوله: "ولا يلزم ضم حروف العلة في مضارعه"؛ أي في مضارع الفعل على تقدير الإعلال، والسابع ما أشار إليه بقوله: "ولا يترك"؛ أي الإعلال "للدلالة على الأصل"؛ أي ليدل على أن أصل المعتلات إما واو أو ياء فمتى اجتمعت الشروط

Zحركة ما قبلها وحال نفسها مقدم على حال غيرها وأيضا مفهوم الثاني وجودي؛ لأن قوله غير عارضة وإن كان العدول بحسب الظاهر، إلا أن المراد منه التحصيل على ما سنشير إليه إن شاء الله تعالى، وقدم الثالث على الرابع؛ لأن الثالث حال الكلمة بالنظر إلى نفسها والرابع حالها بالنظر إلى معناه، ولا شك أن الأول مقدم على الثاني، وإنما قدم الشروط الأربعة الأول على الثلاثة الأخيرة؛ لأن الأربعة الأولى متعلقة بقابلية المحل وإمكان الإعلال، والثلاثة الأخيرة متعلقة بترتب الفساد أو بترتب فوت المصلحة على الإعلال بعد الإمكان في ذاته والأول مقدم على الثاني، وقدم الخامس على السادس؛ لأن الخامس فساد في نفس الكلمة والسادس فساد في غيرها، وقدم السادس على السابع؛ لأن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة فافهم، وذكر الشرط الثاني بلفظ الماضي حيث قال: إذا كان لكونه مناسبا لكون الحركة لازمة غير عارضة وتفنن بالعدول إلى المضارع والحال في غير الشرطين الأولين؛ تنبيها على تفاوت الحال بينهما وبين غيرهما بالوجودية والعدمية وبالتعليق بنفس الكلمة وبنفس الحروف التي فرض ورود الإعلال عليها والتعليق بغيرها "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن الثلاثة الأخيرة تعل إذا تحققت جملة الشروط السبعة المذكورة "يعل نحو قال أصله قول ونحو دار أصله دور" أسكنت الواو فيهما ثم قلبت ألفا "لوجود الشرائط المذكورة" فيهما؛ إذ الأول فعل والثاني اسم على وزن فعل ووجود باقي الشرائط فيهما ظاهر، والأنسب أن يؤخذ قوله: "ويعل مثل ديار" مع لاحقه إلى قوله للمتابعة عن جميع ما يعل فيه حرف العلة لانتفاء شرطه؛ لئلا يقع الفصل بين ما يعل لاجتماع الشرائط وبين ما لا يعل لانتفاء شرط، إلا أنه قدمه اهتماما لدفع السؤال المقدور ورعاية لمناسبة ما تقدم في تحقق الإعلال، وأصل ديار دوار أعل "تبعا لواحده" يعني دار أو هو قد أعل كما مر "و" يعل "نحو قيام" أصله قوام "تبعا لفعله" أعني قام وهو قد أعل كما ترى "و" يعل "مثل سياط" أصله سواط "تبعا لواو واحدة" وهو سوط وإنما قال لواو واحده ولم يقل تبعا لواحده كما قال في ديار؛ لأن واحده لم يعل، بل كان في حكم ما أعل بسبب واوه "وهي"؛ أي واو سوط وإن لم يعل إلا أنها "مشابهة بألف دار في كونها ميتة"؛ أي ساكنة، والدار قد أعل فكأن سوطا قد أعل لمشابهته بما أعل "أعني تعل هذه الأشياء" التي هي ديار وقيام وسياط "وإن لم تكن أفعالا ولا على وزن أفعال" وحد الوزن نظرا إلى المعنى؛ إذ معنى قوله ولا على وزن أفعال ولا على وزن فعل "للمتابعة" لتلك الأشياء التي هي دار وقام وسوط. واعلم أن هذه الأشياء أعلت بالتبعية، وإن لم تكن من الثلاثة الأخيرة التي اشترط ابن جني في إعلالها الشرائط المذكورة، إلا أنها لما ناسبتها في كون حرف العلة ما قبله متحرك ذكرها بقوله: "ولا يعل" عطف على قوله: يعل في قوله ومن ثمة يعل نحو قال؛ أي فمن أجل أن الثلاثة الأخيرة إنما تعل إذا وجدت الشرائط المذكورة أجمع لا يعل "نحو الحوكة" جمع الحائك "والخونة" جمع الخائن "وحيدي" وهو الحمار الذي يميل عن ظله لنشاطه "وصوري" اسم ماء بقرب المدينة لانتفاء الشرط الأول فيها وهو أحد الأمرين أما انتفاء الأمر الأول؛ أعني كون حروف العلة في أفعال فظاهر ولذلك لم يتعرض المصنف له، وأما انتفاء الأمر الثاني؛ أعني كونهن في اسم على وزن فعل فتعرض له بقوله: "لخروجهن عن وزن الفعل بعلامة التأنيث" وهي التاء في الأولين والألف في

_ Qكلها في كلمة أعلت وإلا فلا "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن الإعلال مشروط بهذه الشروط "يعل نحو قال أصله قول" بفتح الواو فأسكنت وقلبت ألفا فصار قال "ودار" وهو اسم بوزن فعل "أصله دور" بفتح الواو فقلبت ألفا فصار دار "لوجود الشرائط المذكورة" كلها فيهما قوله "ويعل في مثل ديار" إلى قوله للمتابعة جواب دخل مقدر تقديره ظاهر؛ أي ويعل حروف العلة في مثل ديار أصله دوار "تبعا لواحده" يعني قصد قلب الواو اتباعا لواحده لا لوجود شرط الإعلال، لكن لما كان ما قبلها مكسورا قلبت ياء لا ألفا فيكون ديارا تابعا لواحده في مطلق الإعلال "و" كذلك "مثل قيام" أصله قوام فأعل "تبعا لفعله" الذي هو قام "و" كذلك "مثل سياط" أصله سواط فأعل واوه "تبعا لواو واحده" الذي هو سوط بفتح السين وسكون الواو وكذلك ثوب وثياب، ولما توجه أن يقال إن واو واحده لا يعل لفقدان شرط الإعلال لسكونها فكيف يعل سياط تبعا له، أجاب بقوله: "وهي"؛ أي واو واحده "مشابهة بألف دار في كونها ميتة"؛ أي ساكنة فكانت كأنها قد تعل "أعني تعل هذه الأشياء، وإن لم تكن فعلا ولا" اسما "على وزن فعل" حتى يتحقق شروط الإعلال للمتابعة بأشياء أخر وهي دار وقام وسوط "ولا يعل نحو الحوكة" بفتح الواو جمع حائك الإعلال وعدمه جائزان فيه، أما عدم الإعلال فلما ذكره المصنف، وأما الإعلال فبالنظر إلى تحرك الواو وانفتاح ما قبلها، قال في مختار الصحاح: حاك الثوب نسجه، وبابه قال حوكا وحياكة فهو حائك وتوم حاكة وحوكة أيضا بفتح الواو "والخونة" جمع خائن "وحيدي" بفتحات يقال حمار حيدي؛ أي يحيد عن ظله ويميل عنه لنشاطه "وصوري" بفتحات اسم ماء من مياه العرب "لخروجهن"؛ أي لا تعل حروف العلة فيهن لانعدام الشرط الأول لخروجهن "عن وزن الفعل بعلامة التأنيث" وهي التاء في الأوليين والألف في الأخريين، هذا مختار ابن جني

Zالأخيرين "وقيل" إنما لم تعل حروف العلة في هذه الأشياء "حتى يدللن" هذه الأشياء "على الأصل"؛ أي على أن أصل حيدي ياء وأصل غيره واو، ولو أعللن لم يعلم أيها يائي "و" من ثمة لا يعل "نحو: دعوا القوم لطرو حركته" بسبب التقاء الساكنين ولم يوجد الشرط الثاني؛ أعني عدم عروض حركة حرف العلة "و" من ثمة لا يعل "نحو عوروا جتور؛ لأن حركة العين" في عور "و" حركة "التاء" في اجتور "في حكم السكون"؛ لأن العين والتاء في حكم الساكن "أي" العين في عور "في حكم عين أعور"؛ لأنه بمعناه "و" التاء في اجتور في حكم "ألف تجاور"؛ لأنه بمعنه فانتفى الشرط الثالث وهو عدم كون فتحة ما قبلها في حكم السكون، وإنما حمل الثلاثي هنا على المزيد؛ لأنهم يقولون: الأصل في الألوان والعيوب افعل وافعال بدليل اختصاصهما بهما والبواقي محذوفات منهما فلا تعل كما لا يعل الأصل، وهذا عكس سائر الأبواب فإن في سائر الأبواب يتبع المزيد المجرد وها هنا يتبع المجرد المزيد، ومنهم لم يلمح إلى عدم إعلال الأصل الذي هو افعل وافعال فأعل المجرد فقال: عار يعار قال قائلهم: وسائلة بظهر الغيب عني ... أعارت عنه أم لم تعارا فالهمزة في أعارت للاستفهام والألف في تعارا مبدلة من نون التأكيد المخففة أصله تعارن، قال في الإقليد: لقوله أعارت وجه عندي، وهو أنه أسند الفعل إلى العين بخلاف قولهم عور الرجل، فالفعل مسند إلى الرجل لا إلى جزء منه، ولا شك أن العيب المضاف إليه الكل أعلى رتبة من العيب المضاف إلى الجزء، فلما انتقصت رتبة العيب في البيت ساغ أن لا يلتفت إليه في كونه عيبا حتى كان عار ليس من أفعال العيوب، ولذلك أعل وإنما لم يعل أعور لعدم موجب الإعلال بسكون ما قبل الواو وشرط قلبها ألفا أن تكون متحركة وما قبلها مفتوحا أو محمولا على ما كان قبلها مفتوحا، صرح به ابن الحاجب وهنا ليس كذلك؛ إذ لا شيء يحمل هو عليه؛ إذ هو أصل عور كما ذكرنا فلا مجال للحمل عليه مع أنه لم يعل عور، إلا أن ابن الحاجب ناقض نفسه حيث قال: ولم يعل باب اعوار واسواد للبس فالواجب عليه أن يقول لعدم موجب الإعلال، وهذا الذي ذكرناه يوافق ما في الصحاح حيث قال فيه: إنما صح أعور لسكون ما قبلها اللهم إلا أن يقال إنه نظر إلى أن اعور ثلاثي واعوار سداسي، فالثلاثي أصل للسداسي ولم ينظر إلى استعمال الألوان والعيوب. والحاصل أنه نظر إلى جانب اللفظ دون جانب المعنى كما نظر من أعله إلى أنه كلمة من باب خاف فوجب موجب الإعلال فأعل فحينئذ يكون ما قبل الواو في اعور في حكم المفتوح، فوجب أن يعل بالنقل والقلب والاستغناء إلا أنه لم يعل لئلا يلتبس بمضاعف فأعل، ولم يعل تجاور لعدم موجب الإعلال بسكون ما قبل الواو ولم يستعمل ما يحمل هو عليه؛ إذ لم يجئ جار من الجوار مع أن الألف لا تقبل نقل الحركة إليها، ولو اعتبر فتحة الجيم في تجاور بناء على أن السكون ليس بحاجز ولو قلبت الواو ألفا لزم حذف إحدى الألفين لتجاور الساكنين فيلتبس بمضارع باب علم في الوقف "و" من ثمة لا يعل "نحو الحيوان حتى تدل حركته على اضطراب معناه"؛ لأن في معناه اضطرابا وحركة فلم يوجد الشرط الرابع، وهو عدم وجود الاضطراب في معنى الكلمة ولخروجه عن وزن الفعل بزيادة الألف والنون فلم يوجد الشرط الأول أيضا، ولم يذكره المصنف؛ لأن مقصوده بيان انتفاء الإعلال لانتفاء شرط واحد من تلك الشرائط السبع "والموتان محمول عليه"؛ أي على الحيوان في عدم الإعلال وإن لم يوجد في معناه اضطراب "لأنه نقيضه"

_ Q"وقيل" لا تصل حروف العلة فيهن "ليدللن على الأصل"؛ أي على أن أصله واوي أو يائي كما في القود "و" لا يعل "نحو دعوا القوم" بفتح العين وضم الواو لانتفاء الشرط الثاني "لطرو الحركة" على الواو لسكونها لالتقاء الساكنين الواو ولام التعريف "و" لا يعل "نحو عور" بكسر الواو "واجتور" لفقدان الشرط الثالث، وهو أن لا يكون فتحة ما قبلها في حكم السكون "لأن حركة العين" في عور "و" حركة "التاء" في اجتور "في حكم السكون" قوله "أي في حكم عين أعور وألف تجاور" تفسير يفيد التعليل؛ يعني أن عين عور في حكم عين أعور وتاء اجتور في حكم ألف تجاور؛ لأن عور في معنى أعور واجتور بمعنى تجاور، ويمتنع إعلال الواو في أعور وتجاور لسكون ما قبلها فيمتنع فيما هو في معناهما كذا ذكره ابن جني، وقال الرضي: وأما العيوب المحسوسة فليس الغالب فيها المزلد فيه لكن بعضها المزيد فيه أكثر استعمالا من غيره كأحول وأعور، فإنهما أكثر استعمالا من حول وعور، ولذلك لم يقلب واوهما حملا على أحول وأعور، قال بعض المحققين: ومنهم من نظر إلى الأصل ولم ينظر إلى البناء الذي سكن ما قبل الواو فيه، بل اعتبر خصوص الفعل الثلاثي وأعله جريا على القياس، فقال في عور عار وفي يعور يعار كخاف يخاف "و" لا يعل "نحو الحيوان" والجولان بفتحات لفقدان الشرط الرابع وهو أن لا يكون في معنى الكلمة اضطراب، وإنما لم يعل حينئذ "حتى يدل حركته"؛ أي حركة نحو الحيوان والمراد حركة حرف العلة في نحو الحيوان "على اضطراب معناه"؛ أي أنهم قصدوا ببقاء حركة حرف العلة فيه التنبيه على حركة مدلول اللفظ فلم يعلوه قوله: "والموتان" بالفتحات "محمول عليه" جواب دخل مقدر وهو ظاهر، يعني لا يعل الموتان مع أنه ليس في معناه اضطراب حملا على الحيوان، وإنما حملوه عليه "لأن نقيضه" وهم يحلمون النقيض على النقيض، كما يحملون النظير على النظير، في الصحاح الموتان بالتحريك خلاف الحيوان يقال: اشتر الموتات

Zوالنقيض يحمل على النقيض، ولو ذكره فيما انتفى فيه الشرط الأول لكان له وجه، إلا أنه أراد التنبيه على أنه كما أن الإعلال يكون بالتبعية والحمل على ما يناسبه، كما في ديار وغيره، ويكون عدم الإعلال أيضا بالتبعة والحمل على ما يناقضه وراعى صنعة الطباق "و" من ثمة لا يعل "نحو: طوى حتى لا يجتمع فيه إعلالان"؛ إذ قد أعل طوى مرة؛ إذ أصله طوي قلبت الياء ألفا فلم تقلب الواو ألفا لانتفاء الشرط الخامس؛ وهو عدم اجتماع الإعلالان بتقدير الإعلال ولم يعكس؛ لأن الإعلال بالآخر أولى "و" لم يعل طويا"؛ لأنه "محمول عليه"؛ أي على طوى في عدم إعلال الواو "وإن لم يجتمع" فيه إعلالان "و" لا يعل "نحو حيي" بقلب الياء الأولى ألفا "حتى لا يلزم ضم الياء في المضارع"؛ أي في مضارعه؛ يعني لانتفاء الشرط السادس؛ وهو عدم لزوم ضم حرف العلة في مضارعه "يعني إذا قلبت" العين من حيي ألفا "وقلت حاي يجيء مستقبله" حينئذ "يحاي" يعني وجب القلب في مضارعه أيضا تبعا للماضي كما في خاف يخاف "و" من ثمة "لا" يعل "نحو القود والصيد حتى يدل على الأصل" يعني لانتفاء الشرط السابع؛ وهو عدم الترك للدلالة على الأصل؛ يعني لو قلبت واو القود ألفا وقيل القاد لم يعلم أنه واوي أو يائي، وكذا الصيد "الأربعة" الأخرى من تلك الخمسة عشر وجها كائنة "إذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل حرف العلة "مضموما" مع الأحوال الأربعة بحرف العلة "نحو ميسر وبيع ويغزو ولن يدعو يجعل" الياء؛ أي حرف العلة "في" الصورة "الأولى" أعني نحو ميسر "واو الضمة ما قبلها ولين عريكة الساكن فصار موسرو" حرف العلة "في" الصورة "الثانية" أعني نحو بيع "تسكن للخفة" لثقل الكسرة على الياء خصوصا بعد الضم "ثم يجعل واو الضمة ما قبلها ولين عريكة الساكن فصار بوع" وهذه لغة "وإذا جعلت حركة ما قبل حرف العلة"؛ أي الياء في الصورة الثانية "من جنسه" وهو الكسر بعد تسكين حرف العلة، كما هو الأصل في إعلال الياء، ولهذا كان بيع أفصح "فصار حينئذ بيع"

_ Qتشتر الحيوان؛ أي اشتر الأرضين والدور ولا تشتر الرقيق والدواب "و" لا يعل "نحو طوى" بفتح الواو لفقد الشرط الخامس؛ وهو أن لا يجتمع في الكلمة إعلالان، اعلم أن طوى يجيء من الباب الثاني، يقال: طواه يطويه طيا، ومن الباب الرابع، يقال: طوي بكسر الواو يطوي طوى، ومعناه حينئذ الجوع كذا في مختار الصحاح، والمصنف اعتبر مجيئه من الباب الثاني فقال: ولم يعل "حتى لا يجمع فيه إعلالان" يعني أنطوى أعل ياؤه بقلبه ألفا كما في رمى فلو أعل واوه أيضا بقلبها ألفا يجتمع إعلالان متواليان في حرفين أصليين فيلزم إجحاف الكلمة، وهو غير جائز، وإنما اعتبروا القيد الأول ليخرج الإعلال في نحو: يقي أصله يوقي بضم الياء، فأعل بالحذف والإسكان وذلك جائز؛ لأنهما ليسا بمتواليين بل بينهما وسط، وإنما جاز إعلالان إذا توسط بينهما حرف؛ لأنه لا يلزم منه إجحاف مثل إجحاف المتواليين؛ لأن العليل سريع النزع عند تخلل فاصل ويتضاعف ضعفه إذا توالى عليه علتان من غير فاصل، وإنما اعتبروا القيد الثاني ليخرج الإعلالان في نحو: قاض أصله قاضي فأعل بالإسكان والحذف وذلك جائز؛ لأنهما ليسا في حرفين، بل في حرف واحد وهو الياء، وليخرج الإعلالات في نحو: إقامة أصله إقوامة فأعل بالنقل والقلب والحذف، هذا ولو اعتبر مجيئه من الباب الرابع فهو إنما لم يعل حملا على قوي أو حملا على هوي أصله قوو فقلبت الواو الأخيرة ياء لكسر ما قبلها، ولم يقلب الأولى ألفا لئلا يجتمع فيه إعلالان فحمل طوى عليه وإن انتفى الإعلالان فيه؛ لأنهما من باب واحد لكنهما من فعل مكسور العين كذا ذكره ابن الحاجب، وبيان الثاني أن هوي أصله هوى بفتحات قلب الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ولم يقلب الواو ألفا؛ لئلا يجتمع إعلالان فحمل عليه طوى، وإن لم يلزم إعلالان؛ لأن الأصل فعل بفتح العين لخفته وكثرته وفعل بالكسر فرع عليه، فحمل الفرع على الأصل كذا حققه الجاربردي، وقيل: إنما لم يعل طوي بالكسر حتى لا يلزم ضم الياء في مضارعه كما في حيي "وطويا محمول عليه" فلم يقلب الواو فيه ألفا "وإن لم يجتمع فيه إعلالان و" لا يعل "نحو حيي" لفقدان الشرط السادس وهو أن لا يلزم ضم حرف العلة في مضارعه؛ أي لا يعل حيي بقلب الياء الأولى ألفا "حتى لا يلزم ضم الياء في المضارع؛ يعني إذا قلت حاي" بإعلال الياء بقلبها ألفا "يجيء مستقبله يحاي" بضم الياء؛ لأن إعلال الماضي يوجب إعلال المستقبل عندهم والضم على الياء ثقيل مرفوض في كلامهم "و" لا يعل "نحو: القود" وهو القصاص لانعدام الشرط السابع؛ وهو أن لا يترك الدلالة على الأصل؛ أي لا يعل نحو القود بقلب الواو ألفا حتى يدل بقاء الواو وعدم إعلالها "على الأصل"؛ أي على أصل باقي المعتلات؛ يعني أنهم صححوا القود والصيد تنبيها على أن الأصل المعتلات إما واو أو ياء، كما أعربوا أيا وأية ومع وجود موجب البناء؛ تنبيها على أن الأصل في أخواتهما الإعراب، وفي هذا ضرب من الحكمة في هذه اللغة العربية فيحفظ ولا يقاس، فلا يقال في أباع أبيع كذا حققوه "الأربعة" الأخرى من خمسة عشر وجها "إذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل حروف العلة "مضموما" وحروف العلة حينئذ إما ساكنة أو مكسورة أو مضمومة أو مفتوحة "نحو ميسر وبيع ويغزو ولن يدعو تجعل في الأولى"؛ أي يجعل الياء في الصورة الأولى "واو الضمة ما قبلها ولين عريكة الساكن فصار موسر" وهو اسم فاعل من أيسر "وفي الثانية تسكن" الياء "للخفة ثم تجعل واو الضمة ما قبلها ولين عريكة الساكن فصار بوع، وإذا جعلت حركة ما قبل حرف العلة" وهي الياء ها هنا "من جنسها" وهي الكسرة "يجوز فصار حينئذ بيع" والثاني هو الأصل في الإعلال هذا في اليائي، وأما الواوي نحو: قوو على صيغة المجهول

Zوهذه أفصح "و" حرف العلة "يسكن في" الصورة "الثالثة" أعني يغزو "للخفة" لثقل الضمة على الواو "فصار يغزو" بسكون الواو "ولا يعل" حرف العلة "في" الصورة "الرابعة لخفة الفتحة" على الواو؛ إذ المقصود من الإعلال التخفيف وهو حاصل بدونه "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن الفتحة خفيفة "لا يعل غيبة" بضم الغين المعجمة وفتح الياء مبالغة غائب "ولا نومة" بضم النون وفتح الواو مبالغة نائم كضحكة مبالغة ضاحك كما مر "الأربعة" الأخرة من تلك الوجود ثابتة "إذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل حرف العلة "مكسورا" مع الأحوال الأربعة بحرف العلة "نحو: موزان وادعوة ورضيوا وترميين وفي" الصورة "الأولى"؛ أعني نحو موزان "تجعل" حرف العلة وهي الواو "ياء كما مر" من أن حروف العلة إذا أسكنت جعلت من جنس حركة ما قبلها "وفي" الصورة "الثانية" وهي نحو: دعوة "تجعل" حرف العلة وهي الواو "ياء لاستدعاء ما قبلها ولين عريكة الفتحة" لكونها أخت السكون "فصار داعية، ولا يعل مثل دول" مع أنه من الصورة الثانية "لأن الأسماء التي ليست بمشتقة من الفعل لا تعل بحال لخفتها" لبعدها من الفعل الثقيل "إلا إذا كانت على وزن الفعل" فحينئذ يعل نحو: دور "وهو"؛ أي الدول "ليس" بمشتق من الفعل "ولا على وزن الفعل" وهو ظاهر "وفي" الصورة "الثالثة" وهي رضيوا "يسكن" حرف العلة "للخفة" لنقل الضمة على الياء "ثم يحذف" حرف العلة "لاجتماع الساكنين" ثم ضم ما قبل واو الجمع لصيانته عن التغيير "فصار رضواو" الصورة "الرابعة" وهي نحو: ترميين "مثلها"؛ أي مثل الصورة الثالثة "في الإعلال"؛ أي تسكن الياء من ترميين لثقل الكسرة عليها ثم تحذف لاجتماع الساكنين و"الوجوه الثلاثة" من الخمسة عشر وجها ثابته "إذا كان ما قبلها"؛ أي ما قبل حرف العلة حرفا صحيحا "ساكنا" أو ما هو في حكمه مع حركات حرف العلة "نحو: يخوف ويبيع ويقول تعطي حركاتهن"؛ أي حركات حروف العلة في هذه الثلاثة "إلى ما قبلها لضعف حروف العلة"؛ لأنها حروف تتولد من الحركات "وقوة الحرف الصحيح ولكن يجعل" حرف العلة "في يخوف ألفا لفتحة ما قبلها" بسبب نقل فتحة الواو إليه "ولين عريكة الساكن العارض" بسكونه، وإنما قال العارض؛ لأن الإعلال إنما هو للتخفيف كما مر، فإذا كان سكونه عارضا لا تحصل الخفة؛ إذ الحركة ثابتة في التقدير فيجب الإعلال بخلاف ما كان أصليا نحو: الخوف؛ فإنه لا يحتاج إلى الإعلال لحصول الخفة بالفتحة والسكون الأصلي "فصرن يخاف ويبيع ويقول ولا يعل نحو: أعين" جمع عين "وأدور" جمع دار وأقوس وأثوب وأنيب مع أنها من صور الوجوه الثلاثة

_ Qليجوز فيه إبقاء الواو بعد إسكانها، ويجوز قلبها ياء بنقل حركتها إلى القاف بعد سلب حركتها "ويسكن في الثالثة"؛ أي تسكن الواو في الثالثة "للخفة" ثم أبقي لكون ما قبلها مضموما "فصار يغزو" بسكون الواو "ولا يعل في الرابعة"؛ أي ولا يعل الواو في الرابعة وهو لن يدعو "لخفة لفتحة" على حروف العلة "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن الفتحة خفيفة على حروف العلة "لا يعل غيبة" بضم الغين المعجمة وفتح الياء جمع غائب "ونومة" وزن غيبة يقال: رجل نومة؛ أي كثير النومة "الأربعة" الأخرى من خمسة عشر وجها "إذا كان ما قبلها مكسورا" وحروف العلة حينئذ إما ساكنة أو مفتوحة أو مضممة أو مكسورة "نحو: موزان وداعوة ورضيوا وترميين وفي الأولى تجعل ياء"؛ أي يجعل الواو في موزان ياء "لما مر" من أن حروف العلة إذا سكنت جعلت من جنس حركة ما قبلها للين عريكة الساكن واستدعاء ما قبلها "و" الواو "في الثانية تجعل ياء لاستدعاء ما قبلها ولين عريكة الفتحة فصار داعية" قوله: "ولا يعل مثل: دول" جواب دخل مقدر تقديره ظاهر، والدول بكسر الدال وفتح الواو جمع دولة بفتح الدال، والدولة في الحرب أن تدال إحدى الفئتين على الأخرى "لأن الأسماء التي ليست بمشتقة من الفعل لا تعل لخفتها إلا إذا كان" اسم كان يرجع إلى الأسماء باعتبار ما ذكر أو ما سبق "على وزن الفعل وهو ليس على وزن الفعل" وإنما قال: ليست بمشتقة؛ لأن الأسماء المشتقة فيها نوع ثقل لدلالتها على النسبة فتعل تخفيفا "وفي الثالثة" وهو رضيوا "تسكن" الياء "للخفة ثم تحذف لاجتماع الساكنين" هما الياء وواو الجمع ولم يحذف الواو؛ لأنهما علامة ثم ضم الضاد بعد سلب حركتها للواو إما بضمة الياء المحذوفة أو بضمة من خار "فصار رضوا" بضم الضاد "والرابعة مثلها في الإعلال" يعني يعل ترمين بإسكان الياء تخفيفا ثم حذفها لالتقاء الساكنين "الثلاثة" الأخرى من خمسة عشر وجها "إذا كان ما قبلها ساكنا" وحروف العلة حينئذ إما مفتوحة أو مكسورة أو مضمومة ولا يمكن سكونها كما مر "نحو يخوف ويبيع ويقول يعطي حركتهن" وهي الفتح والكسر والضم "إلى ما قبلهن" في الكل وهو الخاء والياء والقاف "لضعف حروف العلة وقوة الحرف الصحيح" في تحمل الحركات "ولكن تجعل في يخوف ألفا لفتحة ما قبلها ولين عريكة الساكن العارض بخلاف الخوف"؛ أي لا يعل الواو في المصدر لكون سكونه أصليا، وكذا الياء في نحو البيع "فصرن يخاف ويبيع ويقول" بمد الواو الياء، قوله: "ولا يعل نحو أعين وأدور" جواب دخل مقدر وهو أن قولكم إذا كان حروف العلة متحركة وما قبلها ساكنا يعل بنقل حركتها إلى ما قبلها منقوض بنحو: أعين وأدور؛ لأنها لم تعل فيهما مع أنهما متحركة وما قبلها ساكن، وتحقيق الجواب أنه إنما لا يعل أدور وأعين على وزن أفعل بفتح الهمزة وسكون الفاء وضم العين

Z"حتى لا يلتبس بالأفعال" فنحو: أعين جمع أعيان المعنى فإذا قوبل بالأفعال وهو جمع أيضا، انقسم الآحاد إلى الآحاد فيلتبس كل واحد من ذلك النحو بواحد من الأفعال، مثلا إذا أعل أعين بنقل الحركة وكسر العين صيانة للياء وقيل أعين التبس بمتكلم مضارعان يعين بمعنى إصابة العين، وكذا لو أعل أدور بنقل الحركة وقيل أدور التبس بمتكلم مضارع دار يدور "و" لا يعل "نحو جدول" مع أنه من تلك الصور "حتى لا يبطل الإلحاق" فإنه ملحق بجعفر "و" لا يعل "نحو قوم" مع أنه من الوجوه الثلاثة "حتى لا يلزم الإعلال في الإعلال"؛ إذ أصله قووم فلو نقلت حركة الواو الثانية إلى الأولى لكونها في حكم الحرف الصحيح؛ إذ الجنس بالجنس يتقوى، وإن قلت ألفا يلزم أن تقلب الواو الأولى أيضا ألفا لانفتاح ما قبلها وتحركها بحركة لازمة غير عارضة؛ إذ معنى عروض الحركة أن لا تكون ثابتة مقررة ويكون في معرض الزوال بعد تحرك الحرف بها كحركة الواو في دعوا القوم؛ إذ لو قلت: دعوا زيدا ووقفت على دعوا وابتدأت القوم لم تثبت، بل تزول بخلاف حركة الواو الأولى بعد التحرك بها، وتقول إنها وإن كانت عارضة إلا أنها ليست من خارج، بل إحدى حروف الكلمة فكأنها أصلية غير عارضة، ولذلك جاز اخصم بالمجتلبة مع كسرة الخاء، ولم يجز اخصم بالمجتلبة مع فتح الخاء كما مر، وإنما لم يكتف بأن يقول: حتى لا يلزم اجتماع الإعلالين، بل قال: حتى لا يلزم الإعلال في الإعلال؛ لأن الإعلال الثاني يلزم من الإعلال الأول بخلاف نحو طوى "و" لا يعل "نحو الرمي" مع أنه من الوجوه الثلاثة "حتى لا يلزم" الحرف "الساكن في آخر المعرب" بالحركة من غير ضرورة؛ إذ لو نقلت حركة الياء إلى الميم ثم قلبت الياء ألفا في النصب لفتحة ما قبلها وتحركها في الأصل وكسر الميم في الجر؛ لأن المنقول هو الكسر حينئذ ولا موجب لتغييره وأبقى الياء على حاله لموافقة حركة ما قبلها إياه وضم الميم في الرفع وقبل الياء واوا وأبدل ضمته كسرة لصيانة الياء يلزم في آخره حرف ساكن في الأحوال كلها بلا ضرورة؛ إذ أصل الخفة حاصل بسبب سكون ما قبلها ولهذا احتمل الحركات الثلاث وقوي عليها كما حصل إذا سكن هو نفسه بخلاف العصا فإن ما قبله فيه متحرك، وبخلاف نحو: يخوف؛ إذ لم يلزم من الإعلال محظور "و" لا يعل "نحو: تقويم وتبيان ومقوال ومخياط" مع أنها من الوجوه الثلاثة "حتى لا يجتمع الساكنان" فيها "بتقدير الإعلال" بالنقل والقلب، فإن اجتماع الساكنين محظور في نفسه، ومع ذلك يستلزم محظورا آخر وهو الالتباس في كل واحد منها أما في تقويم؛ فلأنه لو أعل وحذف أحد الساكنينن وقيل: تقيم يلتبس بمضارع أقام في الصورة وبمضارع يفعل بالكسر في الوقف، وأما في تبيان؛ فلأنه يلتبس ببناء ما لم يسم فاعله من مضارع بأن يبين في الصورة أو ببناء ما يسمى فاعله من مضارع يفعل بالفتح في الصور، وأما مقوال ومخياط فلم يدر أمفعل هو أم فعال وأما مقول "ومخيط" فلم يعلا مع أنهما من الوجوه الثلاثة ولا يجتمع الساكنان فيهما بتقدير الإعلال؛ لأنه "منقوص" من المقوال و" من المخياط"؛ إذ أصلهما مقوال ومخياط فقصرا

_ Q"حتى لا يلتبس بالأفعال"؛ لأنه لو أعل بنقل حركتها إلى ما قبلها فيقلب الياء واوا في أعين لسكونها وانضمام ما قبلها فيصير أعون وأدور بمد الواو فيهما، فيلتبس الأول بالمتكلم وحده من مضارع عان والثاني بالمتكلم وحده مضارع دار، والضمير المستتر في لا يلتبس يرجع إلى نحو وإنما قال بالأفعال دون الفعلين؛ لأن لفظ نحو يفهم منه معنى الجمع "و" لا يعل" "نحو: جدول" وهو النهر الصغير وهو جواب أيضا عن الدخل المذكور "حتى لا يبطل الإلحاق" يعني أن جدول ملحق بجعفر ليعامل معاملته في الأحكام اللفظية، فيقال: جدول وجديول وجداول كما يقال جعفر وجعيفر وجعافر، فلو أعل فات الغرض من الإلحاق "و" لا يعل "نحو: قوم" بتشديد الواو "حتى لا يلزم الإعلال في الإعلال"؛ يعني لو أعل لأعل بنقل حركة الواو الثانية إلى الواو الأولى وقلبها ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها، وقلبت الأولى ألفا أيضا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فيلزم اجتماع الإعلالين في حرفين متواليين وهو باطل لاستلزامه حذف إحدى الألفين لالتقاء الساكنين واستلزام الحذف إجحاف الكلمة كذا قيل "و" لا عل "نحو الرمي" مصدرا بنقل حركة الياء إلى الميم الساكن قبلها "حتى لا يلزم" وقوع "الساكن في آخر" الاسم "المعرب" بالحركة، وتحقيقه أنه لو أسكن الياء بنقل حركتها إلى ما قبلها يتوارد الإعراب على ما قبل ذلك الساكن حينئذ؛ لأن الحركة المنقولة إليه هي التي تختلف بحسب العوامل، ويكون الياء الساكنة تابعة لحركة ما قبلها؛ يعني تصير في حالة النصب ألفا وفي حالة الرفع واوا، فيكون الإعراب في وسط المعرب وهو غير جائز، وهذا إنما يلزم من وقوع الحرف الساكن بالطريق المذكور في آخر المعرب بالحركة، فلو وقع حرف ساكن في آخر المعرب لكن لا على الطريق المذكور صح؛ لعدم لزوم وقوع الإعراب في وسط المعرب في نحو: العصا والرحى فافهم كذا حققه المحققون "و" لا يعل "نحو: تقويم وتبيان ومقوال" بكسر الميم؛ أي كثير القول "ومخياط" مع أن حروف العلة فيها وما قبلها ساكن "حتى لا يجتمع ساكنان بتقدير الإعلال" أحدهما حرف العلة التي أسكنت ونقلت حركتها إلى ما قبلها وثانيهما ما بعدها، ولا يجوز حذف أحدهما لئلا يلزم إجحاف الكلمة "ومخيط منقوص من المخياط

Z"فلا يعل" مقول تبعا لمقوال ولا مخياط "تبعا له"؛ أي لمخياط "فإن قيل: لم تعل إقامة" بالنقل والقلب، وأصله أقوام "مع حصول اجتماع الساكنين إذا أعلت كإعلال أخواتها" من التقويم وغيره "قلنا: أعلت تبعا لقام فإنه ثلاثي أصيل في الإعلال"؛ أي أباح ضرورة التبعية محظور اجتماع الساكنين مع عدم الالتباس بحذف أحد الساكنين بسبب تعويض الهاء بخلاف أخواتها "فإن قيل: لِمَ لا يعل التقويم تبعا لقام وهو ثلاثي أصيل في الإعلال قلنا"؛ لأنه "أبطل قوله"؛ أي القائل وقوله: "قوم" مقول القول "استتباع قام" للتقويم؛ أي أبطل قوم أن يطلب ويستدعي قام تبعية التقويم في الإعلال "وإن كان" قام ثلاثيا "أصيلا في الإعلال لقوة قوم في الأخوة مع التقويم"؛ لأنه فعله وهو مصدره وليس قام في الأخوة مع التقويم بتلك المرتبة فلم يستتبعه في الإعلال "ولا يصلح أقام أن يكون مقويا لقام" هذا جواب لمقدر، وهو أن يقال: لِمَ لا يجوز أن يتقوى قام في استتباع التقويم بأقام، فإنه قد أعل مثل قام؟ والجواب: أن أقام وإن أعل مثل قام إلا أنه أعل بتبعية قام ولم يعل بالأصالة والاستقلال، فلا اعتبار بإعلاله فكان إعلاله هو إعلال قام فلم يكن شيئا آخر غير قام، فلا يصلح أن يكون مقويا لقام، وهذا معنى قوله: "لأنه"؛ أي أقام "ليس من ثلاثي أصيل ولا يعل مثل ما أقوله" فعل التعجب "وأغيلت المرأة"؛ أي سقت ولدها الغيل، وهو بالفتح اسم لبن المرأة الحامل "واستحوذ"؛ أي غلب مع أنها من الوجوه الثلاثة "حتى يدللن على الأصل" أنه واوي أو يائي

_ Qفلا يعل تبعا له، فإن قيل: لِمَ لا يعل الإقامة" أصله إقوام، وقد مر كيفية إعلاله في هذا الباب "مع حصول اجتماع الساكنين" فيها "إذا أعللت" أنت "كإعلال أخواتها" المراد من أخوات الإقامة ما يكون فيه حروف العلة متحركة وما قبلها ساكنا مثل: تبيان "قلنا" أعلت الإقامة "تبعا لقام فإنه ثلاثي" يعني يعل أقام تبعا لقام الذي هو الثلاثي "أصيل" ثم أعل الإقامة تبعا لفعله؛ لأن المصادر تتبع أفعالها كما في قام قياما "في الإعلال" ويعد عدة فيكون الإقامة تابعة لقام بواسطة فعلها، وقد مر منا هذا التفضيل، والمصنف لم يفصله قصرا للمسافة "فإن قيل: لِمَ لا يعل التقويم تبعا لقام" كما تعل الإقامة تبعا له "وهو"؛ أي والحال أن قام "ثلاثي أصيل في الإعلال" بالنسبة إلى التقويم كما يكون أصيلا بالنسبة إلى الإقامة "قلنا" إنما لا يعل التقويم تبعا لقام "لأنه أبطل قوله" قوله: فاعل أبطل وضميره يرجع إلى المتكلم المعهود وقوله: "قوم" مقول هذا القول، وقوله: "استتباع" مفعول أبطل، وهو مصدر مضاف إلى فاعله وهو "قام" وذكر مفعوله متروك وهو التقويم، فتقدير الكلام أبطل قول القائل قوم استتباع قام التقويم في الإعلال "وإن كان" قام ثلاثيا "أصيلا في الإعلال" قوله: "لقوة قوم في الأخوة مع التقويم" علة لأبطل، وتحقيق إبطاله أنه قد مر أن قوم لا يعل لئلا يلزم الإعلال في الإعلال، وقد عرفت أن المصدر يتبع فعله في الإعلال وجودا وعدما، وأن التقويم مصدر قوم، فثبت أن التقويم الذي مصدر قوم لا يعل تبعا له، ولم يكن تابعا لقام في الإعلال، وإن كان أصيلا فيه لقوة مؤاخاة الفعل مع مصدر لكونه مشتقا منه بالذات، وضعف مؤاخاته مع مصدر غيره وإن تلاقيا في الاشتقاق، فالمراد منه قوله أبطل قوله قوم استتباع قام أنه أبطل عدم إعلال قوم استتباع قام التقويم في الإعلال. وحاصله أنه اجتمع في التقويم سبب الإعلال وهو قام وسبب عدمه وهو قوم، لكن لما كان سبب عدم الإعلال قويا وراجحا على سبب الإعلال ترجح به عدم الإعلال فيه فلم يعل، قوله: "ولا يصلح أقام أن يكون مقويا لقام" في الإعلال "لأنه ليس من ثلاثي أصيل" جواب دخل مقدر تقديره إن ما ذكرتم من أن سبب عدم الإعلال في التقويم قوي وراجح على سبب العلال، إنما يكون إذا اعتبر سبب الإعلال قام وحده، وهو محال لم لا يجوز أن يكون أقام بسبب إعلاله مقويا ومرجحا لقام، فيكون قام بهذا الاعتبار سببا غالبا راجحا على سبب عدم الإعلال فيعل، وتحقيق الجواب أنه لا يجوز أن يكون أقام مقويا ومرجحا لقام؛ لأنه ليس بثلاثي أصيل في الإعلال؛ إذ قد مر أن الفعل الثلاثي المجرد أصيل في الإعلال لوجود موجبه فيه، وهو تحرك حرف العلة وانفتاح ما قبلها مثل: قال وباع، وأما المزيد فيه فيعل تبعا للثلاثي لانعدام موجبه نحو: أقام وأباع، وإلى هذا التفصيل أشار بقوله: ليس من ثلاثي أصيل، وإذا لم يكن أقام أصيلا في الإعلال لم يكن مقويا لقام، وإذا لم يكن مقويا له لم يكن غالبا على سبب عدم الإعلال فلم يكن مستتبعا وهو المطلوب، قوله: "ولا يعل مثل ما أقوله وأعيلت المرأة واستحوذ حتى يدللن على الأصل" معطوف على قوله: ولا يعل أعين وأدور فيكون جوابا لسؤال مقدر ثمة. وحاصله أنه لا يعل باب ما أفعله؛ أي فعل التعجب ولا يعل أيضا بعض من اليائيات، نحو: أغيلت المرأة؛ أي سقت ولدها الغيل، يقال: أضرت الغيلة بولد فلان إذا أتيت أمه وهي ترضعه، والغيل بالفتح اسم ذلك اللبن وأخيلت الناقة وأغيمت السماء وبعض من الواويات نحو استحوذ عليهم الشيطان؛ أي غلب حتى يدللن على أن أصل المعتلات إما واو أو ياء على قياس ما مر في نحو: القود والصيد؛ يعني لا يعل نحو: القود والصيد ليدل على أصل طائفة من الألفاظ، وهي الأسماء، ولا يعل مثل أغيلت المرأة ليدل على أصل طائفة أخرى ها هنا، وهي الأفعال، وتخصيص هذه الكلمات بهذه الدلالة محمول على السماع فلا يقاس عليها غيرها، وفي هذا نوع مخالفة لما في الصحاح حيث قال: استحوذ عليهم الشيطان؛ أي غلب، وهذا جاء بالواو على أصله، كما جاء استروح واستصوب، وقال أبو زيد: هذا الباب كله يجوز أن يتكلم به على الأصل، تقول العرب: استصاب واستصوب واستجاب واستجوب وهو قياس مطرد عندهم

Z"وتقول في إلحاق الضمائر: قال قالا قالوا إلخ وأصل قول" كنصر "فجعل الواو ألفا كما"؛ أي كالجعل الذي "مر" في الثلاثة الأخيرة من الأربعة الأول من الخمسة عشر وجها وهو أن تسكن الواو ثم تقلب ألفا "وأصل قلن قولن" كنصرن "فقلبت الواو ألفا" كما مر، ثم حذفت الألف لاجتماع الساكنين فصار قلن ثم ضم القاف حتى يدل على الواو المحذوفة "ولا يضم الفاء" وهو الخاء "في خفن" لتلك الدلالة "لأن الأصل في النقل"؛ أي فيما يمكن "نقل حركة الواو إلى ما قبلها"؛ أي أن يعل ذلك بنقل حركة الواو إلى ما قبلها دلالة عليها لا بحذفها والإتيان بحركة أخرى من خارج لتلك الدلالة "لسهولتها"؛ أي سهولة الواو في النقل؛ إذ لا شك أن نقل موجود أسهل من تحصيل معدوم "ولا يمكن هذا النقل"؛ أي نقل حركة الواو في قلن "لأنه لا يلزم فتح المفتوحة"؛ لأن حركة الواو فتحة وما قبلها مفتوح أيضا وهو تحصيل الحاصل وهو محال، وإذا لم يمكن الأصل فيه أتي بحركة من خارج لتلك الدلالة "ولا يفرق بينه"؛ أي بين قلن في جمع المؤنث من الماضي "وبين جمع المؤنث في الأمر" وهو قلن أيضا "لأنهم لا يعتبرون الاشتراك الضمني"؛ أي الاشتراك الغير القصدي، فإن اعتبر الاشتراك لزم من الإعلال بدون القصد الاشتراك بينهما "ويكتفون بالفرق التقديري" وها هنا الفرق التقديري حاصل؛ إذ أصل قلن ماضيا قولن كما مر وأصله أمرا أقولن "كما" أنهم لم يعتبروا الاشتراك الضمني "في بعن وهو مشترك بين المعلوم والمجهول أيضا"؛ أي كاشتراك أقلن واكتفوا بالفرق التقديري بينهما فيه أيضا؛ إذ أصله معلوما بيعن بفتح الباء والياء ومجهولا

_ Qانتهى قال ابن الحاجب في كافية التصريف: ولا يعل باب ما أفعله لعدم تصرفه، وقال بعض شارحيته: وإنما لم يعو افعل التعجب نحو ما أقول زيدا وأقول به وما أبيعه وأبيع به؛ لأنه لو أعل لكان للحمل على قال وباع مثلا، لكنه لما لم يتصرف تصرف الأفعال لم يحملوه على المتصرف في الإعلال أو لأنهم قصدوا الفرق بين باب التعجب وغيره في المعتل العين بترك الإعلال في التعجب وارتكاب الإعلال في غيره، وباب التعجب أولى بالتصحيح لشبهه بالاسم في عدم التصرف وأنت تعلم أن هذين الدليلين غير ما ذكره المصنف فافهم "وتقول في إلحاق الضمائر" للأجوف الواوي "قال قالا قالوا إلخ"؛ أي قالت قالتا قلن قلت قلتما قلتم قلت قلتما قلتن قلنا "وأصل قال قول" بفتح الواو "فجعل الواو ألفا كما مر" وهو إشارة إلى ما نقله عن ابن جني؛ أي يسكن الواو أولا للتخفيف ثم قلبت ألفا لاستدعاء الفتحة ولين عريكة الساكن "وأصل قلن" بضم القاف "قولن" بفتح القاف والواو "فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها" وهو القاف فصار قالن "ثم حذفت" الألف "لاجتماع الساكنين" الألف المقلوبة واللام "فصار قلن" بفتح القاف "ثم ضم القاف حتى يدل" الضم "على الواو المحذوفة" بعد قلبها ألفا وعلى هذا القياس قلت وقلتما وقلتم وقلت وقلتما وقلتن وقلت وقلنا وقس على ذلك سائر الأجوف الواوي الذي يجيء من باب قال، نحو: صان، وهذا بالحقيقة معنى قولهم: إذا اتصل بالأجوف ضمير المتكلم أو المخاطب أو جمع المؤنث الغائبة نقل فعل بفتح العين من الواوي إلى فعل بضم العين دلالة عليها "ولا يضم" ما قبل الواو "في خفن" حتى يدل على الواو المحذوفة كما في قلن "لأن الأصل في النقل"؛ أي في نقل حركة حروف العلة إلى ما قبلها في إعلال الواويات "نقل حركة الواو إلى ما قبلها لسهولتها" هذا الضمير يرجع إلى نقل حركة الواو وتأنيثه باعتبار المضاف إليه، ولو قال: لأن الأصل في الإعلال نقل حركة الواو لسهولتها لكان أولى وأظهر فافهم "ولا يمكن هذا"؛ أي نقل حركة الواو إلى ما قبلها "في قلن" كما يمكن في خفن "لأنه يلزم فتحة المفتوحة"؛ لأن حركة الواو فتحة أيضا وهو تحصيل الحاصل ولا يلزم في خفن؛ لأن حركة الواو كسرة وحركة الخاء فتحة فحيث أمكن يراعى هذا الأصل، وحيث امتنع يراعى أصل آخر وهو ضم ما قبل الواو ودلالة عليها "ولا يفرق بينه"؛ أي يسوي لفظا بين جمع المؤنث في الماضي "وبين جمع المؤنث في الأمر" من الأجوف الواوي حيث يقال فيهما: قلن بضم القاف "لأنهم لا يعتبرون الاشتراك الضمني"؛ أي الصوري اللفظي "ويكتفون بالفرق التقديري" وتحقيق الفرق التقديري أن أصل قلن على تقدير كونه جمعا من الماضي، قولن بفتح القاف والواو وأن ضمة القاف للدلالة على الواو المحذوفة كما مر، وأما على تقدير كونه جمعا من الأمر فأصله أقولن بضم الهمزة والواو وسكون القاف، فنقل ضمة الواو إلى القاف فاستغني عن الهمزة ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين فيكون ضمة القاف ضمة الواو كما سيجيء "كما" يكتفون بالفرق التقديري "في بعن وهو مشترك بين المعلوم والمجهول أيضا"؛ أي كما هو مشترك بين معلوم الأمر والماضي فيكون بعن مشتركا بين ثلاثة أحدهما جمع المؤنث في الأمر، وأصله حينئذ بيعن بكسر الهمزة والياء وسكون العين، فنقلت كسرة الياء إلى ما قبلها فاستغني عن الهمزة فحذفت الياء لالتقاء الساكنين فيكون كسرة الباء بنقطة وكسرة الياء بنقطتين. وثانيها جمع المؤنث من الماضي المعلوم، وأصله حينئذ بيعن بفتح الباء والياء معا وسكون العين، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فالتقى ساكنان الألف المقلوبة والعين فحذفت الألف فصار بعن بفتح الباء ثم كسر الباء حتى يدل على الياء المحذوفة، كما ضم القاف في قلن للدلالة على الواو فصار بعن، وثالثها جمع المؤنث من الماضي المجهول، وأصله حينئذ بيعن بضم الباء وكسر الياء وسكون العين، فنقلت كسرة الياء إلى ما قبلها بعد سلب حركته فحذفت الياء لالتقاء الساكنين فصار بعن بكسر الباء أيضا، قوله:

Zبيعن بضم الباء وكسر الياء "أو وقع" الاشتراك بين الماضي والأمر "في" مثل "قلن من غرة الواضع"؛ أي من غفلته عن الوضع الأول بأن وضع لهذا أولا قصدا ولهذا ثانيا قصدا غافلا عن الوضع الأول، فيكون اللفظ مشتركا بالوضع القصدي من غير قصد الاشتراك، وهذا إنما يكون على تقدير أن كون الواضع غير الله تعالى، كما هو مذهب البهشمية، فيكون السبب في وقوع المشترك في اللغة حينئذ هو الغرة، وأما على تقدير أن يكون الواضع هو الله تعالى، كما هو مذهب الأشعري فلا يستقيم وعلى هذا فسبب وقوع الاشتراك الابتداء "كما وقع" الاشتراك بالوضع القصدي من غير قصد الاشتراك من تلك الغرة على ذلك المذهب "في" فعل "الاثنين والجماعة من الأمر والماضي في تفعل" تقول: تكسر تكسر اتكسروا في الماضي "وتفاعل" نحو: تباعد تباعدا تباعدوا أمرا وتباعد تباعدا تباعدوا ماضيا "وتفعلل" نحو: تدحرج تدحرجا تدحرجوا أمرا وماضيا "ولا يفرق" بعد الإعلال "بين فعلن" بضم العين "وفعلن" بفتحها "نحو: طلن" أصله طولن طولن" بضم العين لا طولن بفتحها "لأن الفعيل" من الصفة المشبهة "يجيء من فعل" بضم العين "غالبا ومن فعل" بالفتح نادرا كالسخين من باب نصر، ولما جاء الصفة المشبهة من طلن على طويل علم أنه ليس من طول بالفتح، بل من طول بالضم بتاء على الغالب "كما يعلم الفرق بين بعن وخفن من مستقبلهما؛ أعني يعلم من يخاف أن أصل خفن خوفن بالكسر؛ لأن باب فعل يفعل" بفتح العين فيهما "لا يجيء إلا من حروف الحلق" عينا ولاما وليس في خفن حرف منها عينا أو لاما، فلا يظن أنه من فعل بالفتح، ولم يجئ فعل بالضم يفعل بالفتح فعلم أن أصله خوفن بالكسر "ويعلم من بيع أن أصل بعن بيعن؛ لأن الأجوف لا يجيء من باب فعل يفعل" بالكسر فيهما، ولم يجئ أيضا فعل بالضم يفعل بالكسر، فتعين أن أصله بيعن بفتح الياء "المستقبل" من قال "يقول إلى آخره"؛ أي يقولان يقولون تقول تقولان يقلن تقول تقولان تقولون تقولين تقولان تقلن أقول تقول "أصله يقول كينصر وإعلاله مر" وهو أن حركة حرف العلة أعطيت إلى ما قبلها فحذفت الواو بعد نقل حركتها إلى ما قبلها "كما" في "يقلن" أصله يقولن "لاجتماع الساكنين الأمر قل إلخ"؛ أي قولا قولوا قولي قولا قلن "أصله أقول" كانصر "فنقلت حركة الواو إلى القاف" كما مر في يقول "ثم حذفت الواو لاجتماع الساكنين ثم حذفت الألف"؛ أي همزة الوصل

_ Q"أو وقع من غرة الواضع" عطف على قوله؛ لأنهم لا يعتبرون الاشتراك فيكون دليلا آخر على عدم الفرق بين الماضي والأمر في مثل قلن؛ أي لم يفرق بينهما؛ لأنه وقع الاشتراك من غرة الواضع الغرة بالكسر الغفلة؛ يعني أن الواضع وضع أولا لفظ قلن لجمع المؤنث في الماضي ثم غفل عن وضعه هذا لهذا فوضع الجمع المؤنث في الأمر أيضا، فاتفق الاشتراك من غير قصد وأنت خبير بأن هذا الدليل إنما يتم إذا كان واضع الألفاظ الإنسان الذي من شأنه النسيان، وفيه كلام بين في موضعه "كما" وقع الاشتراك "في الاثنين والجماعة من الأمر والماضي في تفعل" حيث يقال في تثنية الماضي والأمر تفعلا وفي جمعهما تفعلوا "وتفاعل" حيث يقال في تثنيتها تفاعلا وفي جمعهما تفاعلوا "وتفعلل" حيث يقال فيهما تفعللا وتفعللوا "ولا يفرق بين فعلن" بضم العين "و" بين "فعلن" بالفتح لفظا "في نحو: طلن" بضم الطاء أصله طولن بضم الواو، قلبت الواو ألفا فالتقى ساكنان فحذفت ثم نقلت ضمتها إلى ما قبلها على ما هو الأصل في الإعلال، كما مر في نقل كسرتها إلى ما قبلها في نحو: خفن فصار طلن "وقلن" وإنما لم يفرق بينهما لفظا اكتفاء بالفرق التقديري وذلك "لأنه"؛ أي الشأن "يعلم من الطويل أن أصل طلن" بضم الطاء "طولن" بفتح الطاء وضم الواو "لأن الفعيل يجيء من فعل" بضم العين "غالبا" فعلم أن أصله كذلك بناء على هذا الغالب، وقد مر أن أصل قلن قولن بفتحتين فافترقا بالفرق التقديري "كما يعلم الفرق بين خفن وبعن من مستقبلهما" يعني يعلم من يخاف أن أصل خفن خوفن بكسر الواو "لأن باب فعل يفعل" بالفتح فيهما "لا يجيء إلا من حروف الحلق"؛ أي إلا من الكلمات التي في عينها أو في لامها حروف الحلق، وليس في يخاف حرف حلق حتى يحتمل كونه من الثالث، فتعين أنه من الباب الرابع لانحصار فتح العين في المضارع فيهما قوله: "ويعلم" عطف على قوله يعلم من يخاف؛ أي يعلم "من يبيع أن أصل بعن بيعن" بفتحتين "لأن الأجوف لا يجيء" إلا من الأبواب الثلاثة التي سميت دعائم الأبواب كما مر، فلا يجيء "من باب فعل يفعل" بالكسر فيهما فتعين أنه من الباب الثاني لانحصار كسر العين في المضارع فيهما "المستقبل" من الأجوف الواوي "يقول إلى آخره"؛ أي يقولان يقولون تقول تقولان يقلن تقول تقولان تقولون تقولين تقولان تقلن أقول تقول "أصله يقول" بضم الواو وسكون القاف "وإعلاله" في قوله والثلاثة إذا كان ما قبلها ساكنا، نحو: يخوف ويبيع ويقول يعطي حركتهن إلى ما قبلهن لضعف حروف العلة وقوة الحرف الصحيح "فحذفت الواو" بعد نقل حركتها إلى القاف "في يقلن" أصله يقولن "لاجتماع الساكنين" الواو واللام "والأمر"؛ أي أمر الحاضر "قل إلخ"؛ أي قولا قولوا قولي قولا قلن "أصله أقول" بضم الهمزة والواو وسكون القاف "فنقلت حركة الواو إلى القاف وحذفت" الواو "لاجتماع الساكنين" الواو واللام "ثم حذفت الألف"؛ أي همزة الوصل

Z"لانعدام الاحتياج إليها" بحركة ما قبلها قدم حذف الواو على حذف الألف؛ لأن سبب حذف الواو؛ أعني اجتماع الساكنين مقدم على سبب حذف الألف؛ أعني عدم الاحتياج؛ لأن سبب اجتماع الساكنين؛ وهو أخذ حركة الواو مقدم على سبب عدم الاحتياج إليها؛ أعني إعطاء الحركة إلى القاف ضرورة، ولو منع التقديم الزماني فلا مجال يمنع التقديم الذاتي، وأيضا دفع بقاء الساكنين أمر ضروري ولا ضرورة في حذف الألف "ويحذف الواو في قل الحق وإن لم يجتمع فيه الساكنان" بحسب الظاهر على تقدير ثبوت الواو بأن تقول قول الحق"؛ لأن الحركة فيه حصلت بالخارجي" وهو لام التعريف في الحق "فيكون" حركة اللام في قل الحق "في حكم السكون"؛ لأن العارض كالمعدوم فيتحقق اجتماع الساكنين "تقديرا" فحذف الواو لدفعه "بخلاف قولا وقولن؛ لأن الحركة فيهما حصلت بالداخليين" فلم يتحقق اجتماع الساكنين فلم يحذف الواو بمنزلة الداخليين، ولذلك قال وهو بمنزلة الداخلي، وإنما قال الداخليين للمبالغة في كونهما بتلك المنزلة "وهما ألف الفاعل ونون التأكيد" أما كون ألف الفاعل بمنزلة الداخلي، فلما مر من أن الألف كجزء من الفعل فلذا لم يذكره وأما كون نون التأكيد بمنزلة الداخلي فتعرض له بقوله "وهو"؛ أي نون التأكيد "بمنزلة الداخلي"؛ لأنه به يتحقق معنى الفعلية؛ لأن التأكيد في الحوادث يكون "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أنه بمنزلة الداخلي "جعلوا معه" آخر "المضارع مبنيا نحو هل يفعلن" مع وجود سبب الإعراب وهو حرف المضارعة؛ إذ صار آخره وسطا ولا إعراب في الوسط ولم يقع الإعراب على النون؛ لأنه مشابه بالتنوين في كونه في آخر الكلمة والتنوين لا يقع محل الإعراب؛ إذ ليس من الكلمة ولا بمنزلة جزء منها، وكذلك لا يقع ما يشابهه محل الإعراب "ويحذف الألف في دعتا" أصله دعوتا قلبت الواو ألفا فحذفت الألف لاجتماع الساكنين "وإن حصلت الحركة" في تاء دعتا "بألف الفاعل" الذي هو بمنزلة الداخلي "لأن التاء ليست من نفس الكلمة"؛ لأنها جيء بها لبيان تأثير الفاعل فلم تعتبر حركتها فاجتمع ساكنان تقديرا وإن لم يجتمعا بحسب الظاهر "بخلاف اللام في قولا"؛ لأنها من نفس الكلمة فاعتبرت حركتها فلم يجتمع ساكنان تقديرا؛ يعني أن الحركة والمتحرك كليهما عارضان في دعتا، فكانت الحركة في حكم السكون، والحركة وإن كانت عارضة في قولا إلا أن المتحرك ليس بعارض، بل هو أصلي فتقوى الحركة بمعروضها فلم تكن في حكم السكون "وتقول في الأمر بنون التأكيد المشددة قولن" بالفتح "قولان قولن" بالضم "قولن" بالكسر

_ Q"لانعدام الاحتياج إليها" ولما توجه أن يقال إذا كان موجب حذف الواو أن يجتمع الساكنان، فلم لم يعيدوها في مثل قل الحق بكسر اللام لزوال موجب الحذف فيه، أجاب عنه بقوله: "وتحذف الواو في قل الحق وإن لم يتمع فيه ساكنان؛ لأن الحركة"؛ أي حركة اللام فيه "إنما حصلت بالخارجي"؛ أي بالأمر الخارجي وهو لام التعريف في الحق الذي هو مفعول قل، والمفعول لا يلازم الفعل وما حصل بالأمر الخارجي الغير اللازم عارض "فتكون"؛ أي حركة اللام "في حكم السكون تقديرا بخلاف قولا" يعني لم يحذف الواو في قولا، وإن كانت حركة اللام بسبب ألف التثنية لا بالأصالة؛ إذ الأصل في الأمر البناء على السكون "و" كذلك في "قولن" بإلحاق نون التأكيد "لأن الحركة فيهما حصلت بالداخلين وهما ألف الفاعل" في الأول وقد مر أن الضمير المرفوع المتصل بمنزلة جزء الكلمة، ولهذا أسكنوا ما قبلها "ونون التأكيد" في الثاني "وهو"؛ أي نون التأكيد "بمنزلة الداخلي" أيضا "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أنه بمنزلة الداخلي "جعلوا معه آخر الفعل مبنيا" مع وجود علة الإعراب "في نحو هل يفعلن" لتركبه مع الفعل ولا إعراب في الوسط كما مر في فصل الأمر. ولما توجه أن يقال لو صح ما ذكرتم يلزم أن لا يحذف الألف في مثل: دعتا ويقال دعاتا لحصول حركة التاء بالداخلي وهو ألف التثنية، أجاب بقوله: "ويحذف الألف في دعتا" أصله دعوتا بفتحات قلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار دعاتا فحذفت الألف "وإن حصلت الحركة"؛ أي حركة التاء "بألف الفاعل؛ لأن التاء ليست من نفس الكلمة"؛ لأن هذه التاء هو عين التاء في دعتا، وقد مر أن هذه التاء حرف التأنيث وليست بجزء من الكلمة ولا فاعل، فكانت الحركة التي فيها في شيء أجنبي من الفعل والفاعل مع أنها قد حصلت بسبب الغير الذي هو ألف التثنية، والشيء الأجنبي منهما لا يلازم الفعل حكما وحركة ما لا يلازم لا يلازم أيضا، فثبت أن حركة التاء في مثل دعتا ورمتا عارضة لا اعتبار لها "بخلاف اللام في" قوله: "قولا" فإنه يلازم الفعل لكونه جزءا منه فيلازم حركته أيضا وإن كانت بسبب الغير كما في دعتا، وحاصل الفرق بين قولا وقل الحق ودعتا أن اللام في قولا لا جزء من الكلمة فحركت بسبب الألف الذي هو كجزء من الكلمة في اللزوم، فتكون هذه الحركة كأنها أصلية، فلذلك لم يحذف فيه الواو، وأما اللام في قل الحق، وإن كانت جزء من الكلمة إلا أن لام التعريف التي بسببها حركت لام الكلمة ليست كجزء من الكلمة في اللزوم، فيكون حركة اللام عارضة فلهذا حذفت فيه الواو، أما التاء في دعتا فليست بجزء من الكلمة فالحركة عليها وإن كانت حاصلة بسبب ما هو كجزء من الكلمة لا تلزم الكلمة، فلذلك حذفت الواو فيه أيضا "وتقول" في أمر الحاضر "بنون التأكيد"؛ أي عند إلحاق نون التأكيد المشددة "قولن" بفتح اللام "قولن" بضم اللام "قولن" بكسر اللام

Z"قولان قلنان و" تقول "بالخفيفة قولن" بالفتح "قولن" بالضم "قولن" بالكسر على قياس الصحيح "الفاعل قائل إلخ" قائلان قائلون قوال قول وقولة قائلة قائلتان قائلات وقوائل "أصله قاول" كناصر "فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها كما" قلبت "في كساء أصله كساو" من الكسوة "وجعل واوه ألفا لوقوعه في الطرف" وعدم اعتبارهم بالألف حاجزا فصار كأن الواو ولى الفتحة فقلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها أو لتنزيلهم الألف منزلة الفتحة فالتقى ألفان، فكرهوا حذف إحداهما أو تحريك الأولى لئلا يعود الممدود مقصورا والمقصور اسم معتل اللام يكون ما قبل آخر نظيره من الصحيح فتحة كعصا ونظيره فرس، والممدود اسم معتل اللام يكون ما قبل آخر نظيره من الصحيح ألفا ككساء وهو نظير كتاب، فإذا حذف إحدى الألفين في كساء لو حركت الأولى لم يعلم أن ما قبل آخره ألف في الأصل أم لا، وهذا معنى عود الممدود مقصورا "ثم" لما لم يمكن حذف إحدى الألفين ولا تحريك الأولى "جعل" الألف المقلوبة "همزة" دفعا لالتقاء الساكنين واختص الهمز لقربها من الألف "ولا اعتبار بألف اسم الفاعل في قائل؛ لأنها ليست بحاجزة" مانعة "حصينة"؛ أي قوية فلا يمنع من كون القاف ما قبل الواو والقاف مفتوحة فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها "فاجتمع ألفان" وهو التقاء الساكنين "ولا يمكن إسقاط الألف الأولى" لدفعه "لأنه"؛ أي اسم الفاعل حينئذ "يلتبس بالماضي" ولا يكفي الإعراب فارقا؛ لأنه يزول بالوقف "وكذلك"؛ أي كالألف الأولى الألف "الثانية" في عدم إمكان سقوطها للالتباس بالماضي "فحركت الأخيرة فصارت همزة" ولم تتحرك الأولى لئلا يلزم تغيير العلامة؛ إذ هي علامة اسم الفاعل أو حملا على كساء ونقطت هذه الهمزة كما نقطها الحريري في الرسالة الرقطاء، وهي التي إحدى حروف كل كلمة منها منقوطة والأخرى غير منقوطة في نحو: قائل خطأ، وحكي أن أبا علي الفارسي دخل على واحد من المنتمين للعلم، فإذا بين يديه جزء فيه مكتوب قائل منقوطا بنقطتين من تحت، فقال له أبو علي: هذا خط من؟ قال: خطي فالتفت إلى صاحبه كالمغضب، وقال قد أضعنا خطواتنا في زيارة مثله وخرج من ساعته "ويجيء" اسم الفاعل "في البعض" من الأجوف "بالحذف"؛ أي بحذف العين "نحو هاع" من الهرع وهو القيء "ولاع" من اللوع وهو الهم والمصيبة وإحراق العشق القلب "والأصل هائع ولائع" حذفت الألف المقلوبة من العين على غير القياس فصار هاع ولاع بوزن قال "ومنه"؛ أي مما يجيء بالحذف "قوله تعالى: {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} ؛ أي هائر" منهدم فحذفت العين كما مر

_ Q"قولان قلنان بالخفيفة"؛ أي وبالنون الخفيفة المؤكدة "قولن" بفتح اللام للمفرد المذكر "قولن" بضم اللام "للجمع" المذكر "قولن" بكسر اللام للمفرد المؤنث "اسم الفاعل" من الأجوف "قائل إلخ"؛ أي قائلان قائلون قائلة قائلتان قائلات وقوائل "أصله قاول" بكسر الواو "فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها كما في كساء" بكسر الكاف "أصله كساو" من الكسوة "وجعلوا الواو ألفا" في كساء "لوقوعها في الطرف وانفتاح ما قبلها وهو السين"؛ إذ لا اعتبار بالألف؛ لأنها ليست بحاجزة حصينة فاجتمع ساكنان هما الألفان ولم يمكن حذف إحداهما؛ لئلا يلزم التباس البناء ببناء آخر "ثم جعلت" الألف المقلوبة من الواو "همزة" بالتحريك لدفع التقاء الساكنين فصار كساء "ولا اعتبار لألف الفاعل" في مثل قاول كما في كساء "لأنها ليست بحاجزة حصينة" كما في قنية "فاجتمع ألفان" ألف الفاعل والألف المقلوبة من الواو "ولا يمكن إسقاط" الألف "الأولى؛ لأنه يلتبس" اسم الفاعل حينئذ "بالماضي" في حقيقة الحروف وهو ظاهر "وكذلك" يلتبس اسم الفاعل بالماضي لو أسقطت الألف "الثانية" في الصورة لا في الحقيقة؛ إذ ألف الماضي مقلوبة من عين الكلمة وألف الفاعل على تقدير حذف الثانية هي الألف الزائدة للفاعل، ولما لم يمكن حذف إحداهما وجب تحريك إحداهما ضرورة امتناع الساكنين "فحكت" الألف "الأخيرة" المقلوبة من الواو "فصارت همزة"؛ لأن الألف إذا تحركت تهمز وإنما حركت الأخيرة؛ لأنها جزء من الكلمة ومتحرك في الأصل دون الأولى؛ لأنها زيدت ساكنة فتحريك المتحرك في الأصل أولى ولأن الثانية عين الكلمة، وهي متحركة في نظائرنا من الصحيح نحو: ناصر وضارب، ومما يجب أن يعلم أنه إذا أعل فعل أعل فاعله، نحو: قال وقائل وباع وبائع، وإذا لم يعل فعل لم يعل فاعله، نحو: عور وعاور وسود وساود كذا حقق "ويجيء في البعض بالحذف"؛ أي ويجيء اسم الفاعل في بعض الأجوف بحذف حرف العلة منه "نحو: هاع ولاع الأصل هائع ولائع" على وزن ضارب؛ يعني قد يحذف الألف المقلوبة من حروف العلة لاجتماع الساكنين وإن التبس بالماضي في الصور، لكن هذا الحذف ليس بقياس مطرد، بل مقصور على السماع الهائع يجوز أن يكون واويا من هاع أصله هوع؛ أي قاء ويجوز أن يكون يائيا من هاع أصله هيع؛ أي جبن واللاع واوي من لاعه الحب يلوعه والتاع فؤاده؛ أي احترق من الشوق، يقال: رجل هاع ولاع؛ أي جبان جزوع "ومنه" ومن البعض الذي جاء بالحذف "قوله تعالى" {أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ} " {عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} ؛ أي هائر" فحذفت الياء لما مر، فوزنه قبل الحذف فاعل وبعده فال، وهذا مخالف لما في الصحاح حيث قال يقال حرف هار خفضوه في موضع الرفع وأرادوا هائر، وهو مقلوب من الثلاثي إلى الرباعي، كما قلبوا شائك السلاح إلى شاك السلاح، فيكون هار مما جاء بالقلب لا مما جاء بالحذف، ولما في الكشاف حيث قال: وهار

Z"ويجيء" اسم الفاعل في بعض الأجوف "بالقلب" المكاني وهو نقل حرف عار عن عارضه من الحركة والسكون مكان حرف آخر، وكل واحد منهما معروض للعارض الآخر "نحو: شاك أصله شائك"؛ أي إذا لم يقلب بالمكان كان حقه أن يقال شائك، وأصله شاوك من الشوك، وهو تمام السلاح من باب علم فوضع العين موضع اللام واللام موضع العين فقيل شاكو فوزنه فالع، فأعل إعلال غاز، فعلى هذا يقال: جاءني شاك ومررت بشاك ورأيت شاكيا، وأما من قال جاءني شاك بالرفع ورأيت شاكا ومررت بشاك بالجر، فقد حذف حرف العلة التي هي العين طلبا للتخفيف، وكثر فيه قلب الواو همزة على مقتضى القياس فيقال: شائك "وحاد أصله واحد" فنقل الواو إلى موضع الدال فتعذر الابتداء بألف فقدم الحاء عليه فصار حادو فأعل إعلال غاز فوزنه عالف، ولا يختلجن في قلبك استبعاد القلب المكاني "إذ يجوز" هذا "القلب في كلامهم نحو: القسي" بكسر القاف والسين "أصله قووس" بضمها جمع قوس "فقدم السين" إلى موضع الواو الأولى وأخرت هي إلى موضع السين فبقي القاف والواو الثانية في موضعهما "فصار قسوو" بغير الإدغام فالإعلال مقدم عليه فوزنه فلوع "مثل عصوو" جمع عصا "ثم جعل قسي" بضم القاف؛ أي قلبت الواوان؛ أعني واو فعول والواو التي هي اللام ياءين "لوقوع الواوين" المذكورين "في الطرف" في الجمع والأولى مدة زائدة فلم يعتد بها حاجزا، فصارت الواو التي هي اللام ياء كأنها وليت الضمة فكأنه في التقدير قسو بواو واحدة أو تنزل الواو التي هي مدة منزلة الضمة، فقلبت الواو التي هي لام ياء على حد قلبها في أدل فصار قسوي، فاجتمع الواو والياء والسابقة ساكنة فقلبت الواو للياء وأدغمت الياء في الياء وكسروا ما قبل الياء صيانة لها "ثم كسر القاف إتباعا لما بعدها" فصار قسي "كما" فعلوا هذا الصنيع "في عصو" بالنقل فصار عصي وزنه فعيل، والأصل عدم الاتباع فيهما "ومنه"؛ أي ومن القلب المكاني "أينق" وزنه أعفل "أصله أنوق" جمع ناقة على وزن أفعل "ثم قدم الواو على النون" ليسكن وليحصل الخفة "فصار أونق ثم جعل الواو ياء على غير القياس" للتخفيف "فصار أينق". "المفعول مقول إلخ أصله مقول فأعل كإعلال يقول"؛ أي فأعطى حركة الواو إلى ما قبلها فصار مقوول "فاجتمع ساكنان

_ Qوزنه فعل قصر عن فاعل كخلف من خالف ونظيره شاك وصات في شائك وصائت، وألفه ليست بألف فاعل إنما هي عينه وأصله هو روشوك وصوت، فعلى هذا لا يكون من الحذف ولا من القلب تدبر، ولعل اختلاف هذه الأقوال مبني على اختلاف أئمة اللغة فيه؛ إذ كل من هؤلاء القائلين ممن يعتمد فلا ينسبون إلى الخبط والسهو "ويجيء بالقلب"؛ أي ويجيء اسم الفاعل في بعض الأجوف بالقلب المكاني تخفيفا على خلاف القياس أيضا "نحو: شاك أصله شائك" من الشوكة وهي شدة البأس، ومنه شاكي السلاح فقلبت الياء كافا؛ أي قدم الكاف التي هي لام الكلمة إلى موضع العين وأخر الياء إلى موضع اللام فصار شاكي فأعل كإعلال قاض، فصار شاك فوزنه قبل القلب فاعل وبعده فالع وبعد الإعلال فال، وأنت تعلم أن ما ذكره المصنف غير ما ذكر في الكشاف من قصر ألف اسم الفاعل فيه، واعلم أنه قد جوز ابن الحاجب في شاك القلب المكاني والحذف أيضا؛ أي حذف الألف المقلوبة من الواو التي هي عين الكلمة لالتقاء الساكنين كما في هاع "وحاد أصله واحد" فقلبت الكلمة؛ أي أخرت الواو آخر الكلمة فوقع الألف في الأول فامتنع الابتداء به، فقدم الحاء عليها فصار حاد، ثم قلبت الواو ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصار حادي فأعل كإعلال قاض، فوزنه قبل القلب فاعل وبعده عالف وبعد الإعلال عال، وأنت خبير بأن ذكر هذا المثال استطراد؛ لأنه ليس اسم الفاعل من الأجوف الذي نحن فيه، بل من المثال، ولما كان في القلب المكاني في اسم الفاعل نوع استبعاد لمخالفته القياس أراد أن يزيل ذلك الاستبعاد بإيراد نظائره فقال: "ويجوز القلب" المكاني في كلامهم "نحو: قسي" بكسرتين "أصله قووس" بضمتين "فقدم السين" التي هي لام الكلمة على الواو الأولى التي هي عين الكلمة "فصار قسو ونحو عصو" بضمتين على وزن فعلو "ثم جعل قسي" يعني قلبت الواو المشددة ياء "لوقوع" هذين "اواوين في الطرف" وتحقيقه قلبت الواو الأخيرة ياء لوقوعها في الطرف فاجتمع الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء ثم كسر ما قبلها وهو السين لأجل الياء "ثم كسر القاف" أيضا "إتباعا لما بعدها" وهو السين فصار قسي بوزن فلعو بكسرتين "كما" جعل الواو ياء وكسر ما قبلها للياء وما قبل ما قبلها إتباعا "في عصي" وهي جمع العصا وأصله عصوو بضمتين فقلبت الواو الأخيرة ياء لتطرفها فاجتمع الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسر الصاد لأجل الياء ثم كسر العين إتباعا له، فصار عصي بكسرتين لكن ضم العين لغة فيه "ومنه"؛ أي ومن البعض الذي جاء بالقلب المكاني "أينق" بضم النون وهو جمع ناقة "أصله أنوق" فاستثقلوا الضمة على الواو "ثم قدم الواو على النون" دفعا لذلك الثقل "فصار أونق" بسكون الواو وضم النون "ثم جعل الواو ياء على غير قياس" فوزنه قبل القلب أفعل وبعده أعفل. اسم "المفعول" من الأجوف "مقول إلى آخره"؛ أي مقولان مقولون مقولة مقولتان مقولات ومقاول "أصله مقوول" على وزن منصور "فأعل كإعلال يقول" يعني نقلت ضمة الواو إلى القاف "فاجتمع ساكنان" هما الواوان، ولا يمكن تحريك إحداهما؛ لئلا يلزم الثقل أو كون البناء مجهولا فوجب حذف إحداهما لامتناع

Zفحذفت الواو الزائدة" للمفعول "عند سيبويه؛ لأن الحذف بالزائد أولى" لا بغيره "و" حذفت "الواو الأصلي"؛ أي عين الفعل دون واو المفعول "عند" أبي الحسن "الأخفش؛ لأن" الواو "الزائد"؛ أي واو المفعول "علامة" للمفعول "والعلامة لا تخذف، وقال سيبويه في جوابه"؛ أي في جواب الأخفش؛ أي في جواب دليله، لا نسلم أن الواو علامة للمفعول، بل هي إشباع الضمة لرفضهم مفعلا في كلامهم كما مر، والعلامة إنما هي الميم فقط يدل على ذلك كونها علامة المفعول في المزيد فيه من غير واو، ولئن سلمنا أن الواو علامة، لكن لا نسلم أن العلامة لا تحذف، بل إنما "لا تحذف العلامة إذا لم يوجد فيه"؛ أي هناك "علامة أخرى" غير المحذوف "وفيه"؛ أي في مقول "يوجد علامة أخرى" للمفعول "وهي الميم فيكون وزنه"؛ أي وزن مقول "عنده"؛ أي عند سيبويه "مفعل" بفتح الميم وضم الفاء وسكون العين "وعند الأخفش" يكون وزنه "مفول" بفتح الميم وضم الفاء، فإن قيل: إذا اجتمع الزائد مع الأصلي فالمحذوف هو الأصلي كالياء من غاز مع التنوين، وإذا التقى ساكنان والأول حرف مد يحذف الأول كما هو في قل وبع وخف، قلنا: كل ذلك إنما يكون إذا كان الثاني من الساكنين حرفا صحيحا، وأما ها هنا فليس كذلك بل هما حرفا علة "وكذلك"؛ أي كمقول "مبيع" أصله مبيوع "يعني أعل كإعلال يبيع"؛ أي أعطى حركة الياء إلى ما قبلها "فصار مبيوع" بسكون الياء والواو "فاجتمع الساكنان" الياء والواو "فحذفت الواو" لدفعه "عند سيبويه "على أصله "فصار مبيع" بضم الباء وسكون الياء "ثم كسر الباء" المنقوطة بنقطة واحدة "حتى تسلم الياء" المنقوطة بنقطتين من قلبها واوا لضمة ما قبلها ويسلم البناء من الالتباس بالواوي "وعند الأخفش حذف الياء" أعني العين على أصله لدفع التقاء الساكنين ولم تقلب واوا على ما هو مقتضى القياس لبقاء التقاء الساكنين فصار مبوع "فأعطى الكسرة لما قبلها" لتدل عليها ولئلا يلتبس بالواوي "كما مر في بعت" هكذا وقع في النسخ التي رأيناها، والصواب أن لفظ مر وقعت سهوا من الكاتب؛ لأن هذه حوالة تغرى؛ أي كما أعطيت الكسرة لما قبلها في بعت؛ إذ أصله بيعت قلبت الياء ألفا فاجتمع ساكنان فحذفت الألف ثم كسرت الباء لتدل على الياء؛ لئلا يلتبس

_ Qالتلفظ بهما ساكنين "فحذفت الواو" الثانية "الزائدة" الحاصلة من إشباع ضمة الواو الأولى "عند سيبويه؛ لأن الحذف للزائد أولى" من الحذف للأصل "و" حذف "الواو الأصلي" أولى "عند" أبي الحسن "الأخفش؛ لأن" الواو "الزائدة علامة" للمفعول "والعلامة لا تحذف" وهذا التعليل ألا يطابق لما نقله ابن الحاجب عن الأخفش أيضا حيث قال: وأما حجة الأخفش في حذف العين دون واو المفعول، فهو أن واو المفعول وإن كانت زائدة فقد جاء لمعنى وهو المد والعين لم يأت لمعنى، ويبقى التنوين الذي جاء لمعنى وإبقاء الحرف الذي جاء لمعنى أولى، كما تقول: مررت بقاض فيحذف الياء؛ لأنهما لم تأت لمعنى ويبقى التنوين الذي جاء لمعنى الصرف، ثم قال: وشيء آخر يدل على صحة مذهبه وهو أن هذه العين قد اعتلت في قال وقيل ولما اعتلت بالإسكان والقلب في أصل مقول، كذلك اعتلت بالحذف واو مفعول الذي هو العين؛ لأن إعلال الاسم فرع إعلال الفعل، وهكذا نقله السعد التفتازاني عن الأخفش أيضا "قال سيبويه في جوابه"؛ أي جواب قول الأخفش "العلامة لا تحذف إذا لم يوجد علامة أخرى" وأما إذا وجدت فقد جاء حذفها اكتفاء بالباقية "وفيه"؛ أي والحال أن في المفعول "يوجد علامة أخرى وهي الميم" دل هذا الكلام على أن الميم" دل هذا الكلام على أن الميم علامة والواو علامة أخرى عند سيبويه، وهو غير مطابق لما نقله صاحب النجاح عن سيبويه أيضا حيث قال: وحجة سيبويه؛ يعني على أن المحذوف هو الواو الزائدة أن علامة اسم المفعول الميم دون الواو ألا يرى إلى استمرار مجيء الميم في الثلاثيات وغيرها دون الواو، لكن الواو نشأت من إشباع ضمة ما قبلها لرفضهم مفعلا في كلامهم إلا مكرما ومعونا، والتوفيق بينهما أن هذا الكلام الزامي بناء على أن الميم والواو علامتان عند الأخفش "فيكون وزنه عنده"؛ أي وزن اسم المفعول عند سيبويه "مفعلا" بفتح الميم وضم الفاء وسكون العين، وعند الأخفش مفعولا، وكذلك مبيع" أصله مبيوع بوزن منصور "يعني أعل كإعلال يبيع" يعني أعل بنقل حركة الباء ما قبلها وهو الياء "فصار مبتوع" بضم الباء وسكون الياء والواو جميعا "فاجتمع ساكنان" هما الواو والياء "فحذفت الواو عند سيبويه" لما مر من أنه زائد، والزائد أولى بالحذف "فصار مبيع" بضم الباء وسكون الياء "ثم كسر الباء" بنقطة "حتى تسلم الياء" بنقطتين عن انقلابها واوا؛ إذ لو لم يكسر لقلب الياء واوا لضمة ما قبلها فيلتبس اليائي بالواوي "وعند الأخفش حذف الياء" لاجتماع الساكنين لما مر من أن الواو علامة، والعلامة لا تحذف "فأعطى الكسرة لما قبلها" ليدل على الياء المحذوفة، وأيضا لو لم يكسر لالتبس اليائي بالواوي، كما في بعت أصله بيعت بفتحتين فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فالتقى ساكنان الألف والعين فحذفت الألف فبقي بعت بفتح الباء ثم كسر ليدل على الباء المحذوفة، كما ضم القاف في قلت ليدل على الواو المحذوفة

Zبالواوي "فصار مبوع ثم جعل الواو ياء" لسكونها ما قبلها "كما" جعل ياء "في ميزان" ذلك فصار مبيع "فيكون وزنه مفعل عند سيبويه وعند الأخفش" يكون وزنه "مفيل. الموضع مقال أصله مقول" بفتح الميم والواو "فأعل كما"؛ أي كالإعلال الذي "في يخاف"؛ أي بنقل حركة الواو إلى ما قبلها ثم قلبها ألفا "وكذلك"؛ أي كمقال "مبيع أصله مبيع" بفتح الميم وسكون الباء وكسر الياء "فأعل"؛ أي وقع الإعلال فيه "كما" وقع "في يبيع واكتفى بالفرق التقديري" في مبيع "بين الموضع"؛ أي اسم المكان "و" بين "اسم المفعول" فإن تقدير اسم المفعول مبيوع واسم المكان مبيع كما مر، وكيف لا يكتفي به "وهو"؛ أي الفرق التقديري "معتبر عندهم" وذلك "كما"؛ أي كاعتبارهم إياه "في الفلك" بضم الفاء وسكون اللام فإنك "إذا قدرت سكونه"؛ أي سكون عينه وهو اللام "كسكون" عين "أسد" بالضم والسكون جمع أسد بفتحتين "يكون" الفلك جمعا "نحو قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} " فإن جرين مسند إلى ضمير الفلك، فلو لم يكن الفلك جميعا لقيل جرى بالإفراد والتذكير على الأصل، كما في الفلك المشحون وفي مثله "و" لذلك قال المصنف إذا قدرت سكونه في الموضعين بتذكير الضمير الراجع إلى الفلك أو جرت لكونه بمعنى السفينة كما في قوله تعالى " {وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ} " ولا يدل جرين على جرت لثبوت الأيام فعلن، وإنما وجب أن يقال جرى حينئذ؛ لأن ضمير الجمع لا يرجع إلى المفرد "وإذا قدرت سكونه كسكون قرب" بضم القاف وسكون الراء مصدر قرب وهو مفرد "يكون الفلك "واحدا" نحو قوله تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} فإن الفلك هنا مفرد؛ إذ لو كان جمعا لوجب أن يقال المشحونة أو المشحونات لوجوب التطابق بين الصفة والموصوف في التذكير والتأنيث والآلة مقوال ومقول، وقد تقدم أنهما لا يعلان، ولذلك لم يذكرهما المصنف "المجهول" من قال "قيل إلخ أصله قول" كنصر "فأسكنت الواو للخفة"؛ لأن الكسرة ثقيلة على الواو خصوصا صامع ضم ما قبلها" فصار قول" إلى قلنا بالضم في الكل "وهو لغة ضعيفة لثقل اجتماع الضمة والواو وفي لغة" أخرى "أعطى كسرة الواو" في قول "إلى ما قبلها" بعد حذف حركته وإنما لم يذكره؛ لأنه لازم من إعطاء الحركة إليه فعلم بالالتزام ولم يعكس لعدم الاستلزام في العكس "فصار قول" بكسر القاف وسكون الواو "ثم صار الواو ياء لكسرة ما قبلها" وسكونها ولم يذكره اكتفاء بما علم التزاما مما سبق؛ إذ إعطاء حركة الواو إلى ما قبلها يستلزم سكونها ولم يعكس اكتفاء بما علم مطابقة فيما سبق قصدا إلى موافقة ما ذكره صريحا "فصار قيل" وهذه أفصح اللغات؛ إذ لا ثقل فيها "وفي لغة" أخرى "تشم" كسرة ما قبل الياء ضمة أو يوقع الإشمام بتذكير يشم، وهذه لغة فصيحة لوجود الخفة إلا أنها غير أفصح لوجود الإشمام "حتى يعلم أن أصل" حركة "ما قبلها مضموم"؛ أي ضمة

_ Q"فصار مبوع" بفتح الميم وكسر الباء وسكون الواو "ثم جعل الواو ياء" لسكونها وانكسار ما قبلها كما في ميزان "فيكون وزنه مفعل" بكسر الفاء وسكون العين "عند سيبويه وعند الأخفش مفيل"؛ لأن العين محذوف عنده، قال المازني: وكلا القولين حسن، وقول الأخفش أقيس اسم "الموضع" من قال يقول "مقال أصله مقول" بسكون القاف وفتح الواو "فأعل" بنقل حركتها إلى ما قبلها ثم قلبها ألفا "كما في يخاف" أصله يخوف بسكون الخاء وفتح الواو "وكذلك مبيع" أصله مبيع بكسر الياء وسكون ما قبلها "فأعل" بنقل كسرتها إلى ما قبلها "كما" أعل به "في يبيع" لما مر فصار مبيع بكسر الباء ومد الياء، كما كان كذلك في اسم المفعول "فاكتفى بالفرق التقديري بين الموضع وبين اسم المفعول" وإن اتحدا لفظا، وبيانه أنه إن كان اسم الموضع كان كسرة ما قبل الياء هي كسرة الياء التي هي عين الكلمة، وإن كان اسم مفعول كانت كسرته من خارج؛ إذ حركة عين الكلمة حينئذ ضمة محذوفة "وهو"؛ أي الفرق التقديري "معتبر عندهم كما" اعتبر "في الفلك" بضم الفاء سكون اللام وهو واحد وجمع ويذكر ويؤنث "إذا قدرت سكونه"؛ أي سكون اللام فيه "كسكون" السين في "أسد يكون" فلك "جمعا؛ لأن أسدا بضم الهمزة وسكون السين جمع أسد بفتحتين وإسكان السين فيه يكون علامة الجمع اعتبر السكون في الفلك أيضا علامة للجمع "نحو قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} " ضمير جرين يرجع إلى الفلك، ولو لم يكن جمعا لما صح رجوعه إليه "وإذا قدرت سكونه كسكون قرب يكون واحد"؛ لأن هذا السكون ليس علامة للجمع "نحو قوله تعالى: {فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} " ولو كان جمعا لوجب أن يقال المشحونة أو المشحونات "المجهول" من الماضي "قيل إلى آخره"؛ أي قيلا قيلوا قيلت قيلتا قلن قلت قلتما قلتم قلت قلتما قلتن قلت قلنا "أصله قول" بضم القاف وكسر الواو فاستثقلت الكسرة على الواو "فأسكنت الواو للخفة فصار قول" بضم القاف وسكون الواو فأبقى على هذا في بعض اللغة "وهو لغة ضعيفة لثقل الضمة" التي في القاف "والواو" بعدها "وفي لغة" أخرى "أعطى كسرة الواو لما قبلها" وهو القاف بعد سلب ضمتها "فصار قول" بكسر القاف وسكون الواو "ثم صار الواو ياء لكسرة ما قبلها" فصار قيل وهذا أفسح اللغات الثلاث، وهو الإتيان بالياء الخالصة والكسر الخالصة "وفي اللغة تشم حتى يعلم أن أصل ما قبلها مضموم"؛ أي ما قبل الياء مضموم في الأصل، والإشمام تهيئة الشفتين للتلفظ بالضم، ولكن لا يتلفظ به تنبيها على ضمة ما قبل الواو، وكذا ذكروه وذكر ابن الحاجب في بيان هذه اللغة

Zمثل المفتون بمعنى الفتنة أو يريد أن ما قبلها مضموم في الأصل، وحقيقة هذا الإشمام أن تنحو بكسر فاء الفعل نحو الضمة فتميل الياء الساكنة بعدها نحو الواو قليلا؛ إذ هي تابعة لحركة ما قبلها، وهذا مراد النحاة والقراء فيما وقع الإشمام في غير آخر الكلمة لا ضم الشفتين فقط بعد الإسكان كما في الوقف، فإن الإشمام في الوقف على آخر الكلمة بعد إسكان الحرف المضموم الموقوف عليه هو أن تضم الشفتين فقط، مثلا إذا أردت أن تشم في وقف يستعين تسكن النون وتضم شفتيك بعد إسكانها من غير حركة "وكذلك بيع" مجهول باع "واختير وانقيد و" كذلك "قلن وبعن"؛ أي فيما اتصل به ما يسكن لامه وحذف العين للساكنين من نحو: اخترن وانقدن له، فالكسر فيما اتصل له ما يسكن لامه فرع على لغة قيل بالكسر الخالص والضم فيه فرع على لغة قول وبوع بالضم الخالص "يعني يجوز فيهن"؛ أي بيع واختير وانقيد وقلن وبعن "ثلاث لغات" كسر ما قبلها في كل المطردة وضمه في كلها والإشمام في كلها "ولا يجوز الإشمام في مثل أقيم لانعدام ضمة ما قبل الياء"؛ إذ أصله أقوم وإذ لا ضمة فلا إشمام "ولا يجوز" أن يقال أقوم "بالواو" الساكنة "أيضا"؛ أي كما لا يجوز الإشمام "لأن جواز الواو" كان "لانضمام ما قبل حرف العلة" في الأصل "وهو ليس بموجود" في أقيم لما عرفت أن أصله أقوم بسكون القاف "وسوى في مثل قلن وبعن بين المعلوم والمجهول" أما في قلن فعلى لغة قول في المجهول؛ إذ تقول في المعلوم قال قالا قالوا قالت قالتا قلن بضم القاف وسكون اللام وفي المجهول على تلك اللغة قول قولا قولوا قولت قولتا قلن بضم القاف وسكون اللام أيضا فوقع التسوية بين المعلوم والمجهول، وأما على لغة قيل في المجهول فلا تسوية بينهما، في المعلوم قلن بضم القاف وفي المجهول تستعمل بكسرها، وأما في بعن، فعلى لغة بيع في المجهول تقول في المعلوم باع باعا باعوا باعت باعتا بعن بكسر الباء، وفي المجهول على تلك اللغات بيع بيعا بيعوا بيعت بيعتا بعن فوضعت التسوية بينهما، وأما على لغة بوع في المجهول فلا تسوية؛ إذ تقول على هذه اللغة في المعلوم بعن بكسر الباء وفي المجهول بعن بالضم "اكتفاء بالفرق التقديري" فإن أصل قلن في المعلوم قولن بفتح القاف وفي المجهول قولن بضمهما، وكذلك أصل بعن معلوما بيعن بفتح الباء ومجهولا بيعن بضم الباء، فالضم والكسر في المعلومين عارضان وفي المجهولين أصليان "وأصل يقال" في مجهول يقول "يقول كينصر فأعل كإعلال يخاف"؛ أي بنقل حركة الواو إلى ما قبلها وقلبها ألفا.

_ Qالثالثة ومنهم من يشم الفاء الضم؛ لأنهم أرادوا البيان، وقد كان في الفاء ضمة فأرادوا أن ينقلوا إليها كسرة العين فلم يمكنهم أن يجمعوا في الفاء الكسرة والضمة فأشموا الكسرة، فصارت الحركة في الفاء بين الضمة والكسرة بمنزلة الحركة في كافر وجائر؛ لأنها بين الكسرة والفتحة، فعلى هذا يكون المراد من الإشمام ها هنا أن يتلفظ حركة بين حركتين ويتبعه أن يتلفظ حرف بين حرفين فيكون ما بعد القاف بين الواو والياء؛ لأن ما ذكروه من تهيئة الشفتين من غير تلفظ كما صرح به السعد التفتازني حيث قال: وحقيقة هذا الإشمام يعني الإشمام في بيع أن تنحو بكسرة فاء الفعل نحو الضمة، فتميل الياء الساكنة بعدها نحو الواو قليلا؛ إذ هي تابعة لحركة ما قبلها، وهذا مراد النحاة والقراء لا ضم الشفتين فقط مع كسرة الفاء كسرا خالصا كما في الوقف، ولا الإتيان بضمة خالصة بعد ياء ساكنة إلى ها هنا عبارته، فظهر من ذلك كله أن ما ذكروه غير صحيح "وكذلك بيع" في جواز اللغات الثلاث أصله بيع بضم الباء وكسر الياء فأسكن الياء للخفة، فصار بيع بالضم والسكون ثم صار الياء واوا لسكونها وانضمام ما قبلها، فصار بوع، وهذه لغة ضعيفة لما مر في قول وفي لغة أعطيت كسرة الياء إلى ما قبلها بعد سلب حركة ما قبلها فصار بيع، وهذا أفصح اللغات الثلاث وهو الإتيان بالياء الخالصة والكسرة، وفي لغة يشم ليعلم أن ما قبلها مضموم في الأصل "واختير" بضم الهمزة وهو يأتي "وانقيد" بالضمة أيضا وهو واوي وإعلالهما ظاهر مما مر وقس عليها نظائرهما، فمن قال قيل وبيع بالياء والكسرة الخالصتين قال اختير وانقيد بالياء الكسرة الخالصتين أيضا، ومن أشم في قيل وبيع أشم فيهما أيضا، ومن قال قول وبوع قال اختور وانقود، وإنما أجرى هذا الباب مجرى الثلاثي؛ لأن أصل اختير اختير بضم التاء بنقطتين من فوق وكسر الياء بنقطتين من تحت فلفظ تير من اختير مثل بيع، وأصل انقيد انقود بضم القاف وكسر الواو للفظ قود من القود مثل قول و"قلن" أصله قولن بضم القاف فأسكنت الواو فالتقى ساكنان الواو واللام فحذفت الواو، فمن قال: قيل كسر القاف وقال قلن بكسر القاف، ومن قال: قول لم يكسر بل أبقى على ضمه فقال قلن بضم القاف "وبعن" أصله بيعن بكسر الياء فأسكنت الياء فالتقى ساكنان فحذفت الياء فبقي بعن بضم الباء فمن قال: بيع بكسر الياء قال بعن بكسر الباء، ومن قال: بوع لم يكسر ويجوز الإشمام فيهما أيضا "يعني يجوز فيهن ثلاث لغات" الياء والياء والإشمام "ولا يجوز الإشمام في مثل أقيم" واستقيم "لعدم ضم ما قبل الباء"؛ لأن أصلهما أقوم واستقوم بسكون القاف وكسر الواو فيهما فنقلت كسرة الواو إلى القاف ثم قلبت ياء لانكسار ما قبلها فيهما فصار أقيم واستقيم، ولما لم يكن القاف مضموما في الأصل لم يجز الإشمام؛ لأن الإشمام إنما هو للدلالة على ضمة ما قبل حرف العلة ولا ضمة ها هنا، وبهذه العلة أيضا لا يجوز أن يتلفظ بالواو ويقال أقوم واستقوم، كما يجوز أن يقال قول، وإلى هذا أشار بقوله: "ولا يجوز بالواو أيضا"؛ أي كما لا يجوز بالإشمام "لأن جواز الواو" في قول وبوع إنما هو "لانضمام ما قبل حرف العلة" في الأصل "وهو"؛ أي انضمام ما قبلها "ليس بموجود" في أقيم إذا قد عرفت أن أصل أقيم أقوم بسكون القاف بخلاف قيل مبيع، فإن الأصل فيهما قبل الإعلال الضم كما عرفته؛ فلذلك حسن الواو والإشمام فيهما دون أقيم واستقيم هذا ولو قال المصنف: ولا يجوز الإشمام والواو لعدم ضم ما قبل الواو لكان أخصر، لكنه فصلهما ولم يلتفت إلى اشتراكهما في الدليل تسهيلا على المبتدي "وسوى في مثل قلن وبعن بين المعلوم والمجهول اكتفاء بالفرق التقديري" وتحقيقه أن أصل قلن إذا كان معلوما قولن بفتحتين كما مر، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فالتقى ساكنان الواو واللام فحذفت الواو فبقي قلن بفتح القاف، ثم ضم القاف ليدل على الواو المحذوفة، فصار قلن بضم القاف، وإذا كان مجهولا يكون أصله قولن بضم القاف وكسر الواو فاستثقلت الكسرة على الواو فأسكنت فحذفت لالتقاء الساكنين، فبقي قلن بضم القاف فضمة القاف على الأول عارضة لأجل الدلالة المذكورة وعلى الثاني أصلية، وقد عرفت أن كسر القاف لغة في المجهول فلا يلتبس بالمعلوم حينئذ، وما ذكره المصنف من الاستواء على لغة الضم فافهم "وأصل يقال يقول" بضم الياء وسكون القاف وفتح الواو "فأعل كإعلال يخاف" يعني نقلت فتحة الواو إلى القاف الذي قبلها ثم قلبت ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار يقال، كما نقلت فتحة الواو إلى ما قبلها ثم قلبت ألفا في يخاف أصله يخوف بسكون الخاء وفتح الواو كما مر، وقس عليه يباع وينقاد ويختار.

الباب السادس في الناقص

Zالباب السادس في الناقص أي معتل اللام "ويقال له"؛ أي لمعتل اللام "ناقص لنقصانه في الآخر" إما من بعض الحركات كما في حالة الرفع نحو: يرمي، أو من الحروف كما في حالة الجزم نحو: لم يرم "و" يقال له أيضا "ذو الأربعة؛ لأنه يصير على أربعة أحرف في الإخبار عن نفسك نحو: رميت" ولا يلزم تسمية الصحيح بذي الأربعة؛ إذ لا يجب الاطراد في التسمية، ووجه اعتبار الإخبار قد مضى في الأجوف "وهو"؛ أي الناقص "لا يجيء" بالاستقراء "من باب فعل يفعل" بكسر العين فيهما، وقد علم من تخصيصه بالذكر أنه يجيء من الأبواب الباقية، نحو: رمى يرمي وغزا يغزوا ورضى يرضى ورعى يرعى وزكا يزكو "وتقول في إلحاق الضمائر رمى رميا رموا رميت رمتا رمين إلى آخره، ورمى أصله رمي فقلبت الياء ألفا لتحركه وانفتاح ما قبلها كما" قلبت الواو ألفا "في قال" لذلك "وأصل رموا رميوا فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها" وإنما قلبت ألفا حينئذ؛ لئلا يلزم أربع حركات متواليات موجبة لزيادة الثقل اثنتان تحقيقتان حركتها وحركة ما قبلها، واثنتان تقديريتان هما الياء؛ لأنهما مركبة من كسرتين ولم يعتبروا حركة ما بعدها؛ إذ لا اعتبار بالحركة الطرفية لكونها في محل التغيير وثلاث حركات متواليات ليست في تلك المرتبة من الثقل، ولهذا جوزوا ضرب ولم

_ Q"الباب السادس في" بيان "الناقص": قيل هو في استعمال علماء هذا الفن عبارة عما كان في آخره حرف علة، ويرد عليه اللفيف مقرونا كان أو مفروقا مثل طوى ووفى؛ لأنه يصح أن يقال ما كان في آخره حرف علة مع أنه لا يقال في استعمالهم إنه ناقص، فالأولى أن يقال ما كان في آخره حرف علة وكان غير لفيف "يقال له"؛ أي لما صدق عليه أنه "ناقص لنقصانه في الآخر" بسقوط حرف العلة من آخره حالة الجزم نحو لم يغزوا رم ولم يخش، وقيل لسقوط الحركة من آخره حالة الرفع نحو: يغرو ويرمي ويخشى، ولا يبعد أن يقال معنى قوله لنقصانه في الآخر لنقصانه من الحرف الصحيح في الآخر، كما يقال في الأجوف يقال له أجوف لخلو جوفه من الحرف الصحيح؛ يعني أنه لما كان لحرف العلة نقصان بالنسبة إلى الحرف الصحيح لعدم ثباتها على حالها؛ لأنها تارة تعل بالحذف نحو: قاض ورام، وتارة تحذف بالجزم نحو: لم يغز ولم يرم نزلوا وجودها منزلة عدمها فسموا ما كان في آخره حرف علة ناقصا، سواء ثبتت تلك الحروف أو سقطت، فإن قيل: فعلى ما ذكرتم من سبب تسمية الناقص ناقصا يلزم أن يسمى اللفيف ناقصا لنقصانه بسقوط حرف علة من آخره حالة الجزم وبسقوط الحركة حالة الرفع، ولذلك يقال حكم لام اللفيف كحكم لام الناقص لنقصانه من الحرف الصحيح في الآخر، أجيب بأن تسمية الشيء بالشيء لا تقتضي اختصاصه به، وهذا معنى قولهم: إن وجه التسمية لا يوجب الاطراد، وبهذا الجواب يندفع أيضا ما سيورد على قوله: "وذو الأربعة؛ لأنه يصير على أربعة أحرف في الإخبار عن نفسك" على صيغة الماضي "نحو رميت" من أن ما ذكرتم يقتضي أن يسمى الفعل الصحيح والمضاعف واللفيف بذوات الأربعة؛ لكون ماضيها على أربعة أحرف عند الإخبار عن نفسك نحو: ضربت ومددت وطويت، ووجه التخصيص بالإخبار ما مر في الأجوف "وهو"؛ أي الناقص يجيء من جميع الأبواب إلا أنه "لا يجيء من باب فعل يفعل" بكسر العين فيهما باستقراء كلامهم، ويجيء من الخمسة الباقية نحو: دعا يدعو ورمى يرمي ورعى يرعى ورضى يرضى وسرو يسرو "وتقول في إلحاق الضمائر"؛ أي في اتصال الضمائر المرفوعة مستكنة كانت أو بارزة "رمى رميا رموا إلى آخره"؛ أي رمت رمتا رمين رميت رميتما رميتم رميت رميتن رميت رمينا "أصله رمي" بفتح الياء "فقلبت الياء" فيه "ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها" فصار رمى "كما في قال" يعني كما يقلب حرف العلة في ماضي الأجوف الواو ألفا لتحركها

Zيجوزوا ضربت وكذلك الواو مع قبلها "فصار رماوا فاجتمع ساكنان فحذفت الألف" دعا لاجتماع الساكنين دون الواو؛ لأنه ضمير وهو لا يحذف "فصار رموا" بفتح الميم "وكذلك؛ أي مثل رموا في حذف لام الفعل بسبب الإعلال "رضوا إلا أنهم ضموا الضاد فيه"؛ أي في رضوا "بعد الحذف"؛ أي حذف لام الفعل "حتى" يصح واو الجمع أو "لا يلزم الخروج من الكسرة إلى الواو" وهو مستثقل، فإن أصله رضوا بدليل الرضوان قلبت الواو ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها فصار رضيوا، فاستثقلت الضمة على الياء فحذفت فاجتمع ساكنان، فحذفت الياء لدفعه دون الواو؛ لأنه ضمير فصار رضوا بكسر الضاد وسكون الواو فضم الضاد لتصح واو الجمع؛ إذ لو يضم لقلب ياء لسكونها وانكسار ما قبلها أو لئلا يلزم الخروج من الكسرة إلى الواو فصار رضوا "وأصل رمت رميت فحذفت الياء" بعد قلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وحذفت لاجتماع الساكنين "كما" قلبت وحذفت "في رموا ويحذف الياء" بعد القلب "في رمتا" أصله رميتا قلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار رماتا فحذفت الألف لاجتماع الساكنين فيه صورة "لأنه"؛ أي الشأن وإن لم يجتمع الساكنين حقيقة "يجتمع" فيه "الساكنان تقديرا وتمامه مر في قولا" حيث قال هناك ويحذف الألف في ادعتا وإن حصلت الحركة بألف الفاعل؛ لأن التاء ليست من نفس الكلمة بخلاف اللام في قولا "ولا يعل" حرف العلة "في رمين كما مر في القول" من أن حروف العلة الساكنة إنما تعل إذا لم يكن ما قبلها مفتوحا، وأما إذا كان ما قبلها مفتوحا فلا تعل لخفة الفتحة والسكون "المستقبل يرمي إلخ أصله يرمي" كينصر "فأسكنت الياء لثقل الضمة عليها" فصار يرمي "ولا تعل" الياء بإسكانها "في مثل يرميان؛ لأن حركته خفيفة" وهي الفتحة "وأصل يرمون يرميون فأسكنت الياء" بنقل ضمها إلى الميم بعد سلب حركته "ثم حذفت لاجتماع الساكنين" فصار يرمون أو تقول لما أسكنت الياء اجتمع ساكنان وحذفت فصار يرمون بكسر الميم وسكون الواو، ثم أبدلت كسرة الميم إلى الضمة صيانة لواو الجمع، وكلام المصنف ها هنا ظاهر في إعلاله الأول؛ إذ لم يتعرض لإبدال كسرة الميم إلى الضمة إلا أنه يحتمل الثاني أيضا بقرينة قوله في إعلاله رامون ثم ضم الميم لاستدعاء الواو الضمة "وسوى" لفظا "بين" جمع "الرجال و" بين جمع "النساء في مثل يعفون"؛ أي في الغيبة من الناقص الواوي تقول: الرجال يعفون والنساء يعفون

_ Qوانفتاح ما قبلها نحو قال كذلك تقلب في الناقص الياء ألفا لتلك العلة "وأصل رموا رميوا" بضم الياء "فقلبت الياء" فيه "ألفا" لتحركها وانفتاح ما قبلها "فاجتمع ساكنان" هما الألف المنقلبة من الياء وواو الجمع "فحذفت الألف"؛ لأن الواو علامة الفاعل فحذفها مخل بالمقصود، ولأنه لو حذفت لم يدل عليها شيء، وإنما بقي فتحة الميم ولم تبدل إلى الضمة مع اقتضاء الواو ضمة ما قبلها لمجانستها إياها؛ لأن الميم ليست بما قبلها على الحقيقة كما مر في أول فصل الماضي ولتدل على الألف المحذوفة "وكذلك رضوا" أصله رضيوا بضم الياء بعد أن قلبت الواو ياء؛ لأنه من الواويات فأسكنت الياء تخفيفا لثقل الضمة عليها سيما إذا كان قبلها كسرة، فالتقى ساكنان ثم حذفت الياء كما حذفت في رموا دون الواو؛ لأنها علامة فصار رضوا بكسر الضاد ولم تقلب الواو ياء لسكونها وكسر ما قبلها؛ لأنها ضمير، والضمائر لا تتغير كما لا تحذف "إلا أنه ضمت الضاد فيه بعد الحذف"؛ أي بعد حذف الياء لالتقاء الساكنين "حتى لا يلزم الخروج من الكسرة إلى الواو"؛ أي من الكسرة التحقيقية إلى الضمة التقديرية وعينت الضمة لمجانستها الواو هذا إعلال رضوا على ما فهم من عبارة المصنف، وفيه إعلال آخر وهو نقل ضمة الياء إلى الضاد بعد سلب حركة الضاد ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين "وأصل رمت رميت" بفتح الياء "فحذفت الياء" بعد قلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها لالتقاء الساكنين "كما" تحذف "في رموا" بعد قلبها ألفا لالتقاء الساكنين، ولما توجه أن قال: لِمَ حذفت الياء في الثانية رمت بعد قلبها ألفا مع عدم موجب الحذف، وهو التقاء الساكنين أجاب بقوله: "وتحذف الياء" بعد قلبها ألفا "في رتا" أصله رميتا بفتح الياء "وإن لم يجتمع" فيه "الساكنان" لفظا؛ لأن تاء التأنيث قد حركت بألف الفاعل "لأنه يجتمع الساكنان تقديرا" وحكما "وتمامه"؛ أي تمام بحث الحذف وجودا وعدما، فالمضاف محذوف "قد مر في" قل و"قولا" وقولن ودعتا "ولا تعل" ياء مثل "رمين" ورميت إلى آخره "لما مر في القول" من أن حروف العلة إذا سكنت جعلت من جنس حركة ما قبلها إلا إذا انفتح ما قبلها لخفة الفتحة والسكون "المستقبل يرمي إلخ"؛ أي يرميان يرمون ترمي ترميان يرمين ترمي ترميان ترمون ترمين ترميان ترمين أرمي نرمي "أصله يرمى" بضم الياء "فأسكنت الياء لثقل الضمة عليها" فصار يرمي بسكون الياء "ولا تعل" الياء "في مثل يرميان" ويرضيان "لأن حركته" وهو الفتحة "خففة وأصل يرمون يرميون" بضم الياء "فأسكنت الياء" لاستثقالهم الضمة عليها إما بإسقاطها وإما بنقلها إلى ما قبلها، فالتقى ساكنان "ثم حذفت" الياء "لاجتماع الساكنين" فصار على الثاني يرمون بضم الميم، وعلى الأول يرمون بكسر الميم ثم ضم الميم لما ذكرنا في رضوا فصار يرمون بضمها "وسوى" ولم يفرق لفظا "بين الرجال والنساء"؛ أي بين لفظ جمع المذكر الغائب وجمع المؤنثة الغائبة "في مثل يعفون"؛ أي في كل فعل مضارع ناقص واوي على وزن يعفل بضم العين، فيقال: الرجال يعفون والنساء يعفون

Zاكتفاء بالفرق التقديري "و" تلك "الواو في" جمع "النساء أصلية"؛ إذ أصله يعفون بضم الفاء وسكون الواو على وزن ينصرون"والنون" فيه "علامة التأنيث"؛ أي علامة المؤنث فوزنه يفعلن وعلم من ذلك أن الواو في يعفون إذا كان جمعا للرجال زائدة وعلامة لجمع المذكر وأن النون للإعراب، ولذا سقط في الجزم والنصب نحو: لم يغزو لن يغزو أصله يعفون مثل ينصرون، استثقلت الضمة على الواو فأسقطت، فاجتمع ساكنان فحذفت لام الفعل فصار يغزون فوزنه يعفون "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن النون في جمع النساء علامة "لا تسقط في قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} "؛ أي المطلقات، ولم تكن علامة لسقطت حالة النصب كما هو حال نون الإعراب "وأصل ترمين" للواحدة المخاطبة "ترميين" مثل تضربين "فأسكنت الياء" لثقل الكسرة عليها "ثم حذفت" تلك الياء "لاجتماع الساكنين" دون الأخرى لكونها علامة فصار ترمين فوزنه تفعين "وهو"؛ أي ترمين "مشترك في اللفظ مع جماعة النساء" اكتفاء بالفرق التقديري، فإن أصله إذا كان جمع النساء ترمين بكسر الميم وسكون الياء مثل تضربن فوزنه تفعلن "فإذا أدخلت" أنت "الجازم" على ترمي "تسقط" أنت "الياء منه علامة للجزم" تقول لم يرم؛ لأن حرف العلة في الناقص بمنزلة الحركة في الصحيح "ومن ثمة"؛ أي من أجل أن الياء تسقط علامة للجزم كالحركة في الصحيح "تسقط الياء" للوقف في النقص "في حالة الرفع علامة للوقف في قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} " أصله يسري سقط الياء للوقف في النقص سقوط الحركة في الصحيح نحو: ليضرب "وتنصب" أنت الياء "إذا أدخلت" على يرمي "الناصب" تقول لن يرمي "لخفة النصب" استعمل ألقاب الإعراب من الجزم والرفع والنصب؛ لأن المضارع معرب كما مر "ولم تنصب" أنت الياء بعد قلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها "في مثل لن يخشى؛ لأن الألف لا يحتمل الحركة"؛ أي لا يتحمل الحركة كقوله:

_ Qاكتفاء بالفرق التقديري وهو معتبر عندهم "و" بيان الفرق التقديري وهو أن "الواو في" جمع "النساء أصلية" لكونها لام الفعل "والنون" ضمير الجمع و"علامة التأنيث" والفعل مبني معها فوزنه يفعلن مثل ينصرن، وأما الواو في الرجال فهو ضمير الجمع؛ لأن أصل يعفون على ذلك التقدير يعفون بضم الواو فاستثقلت الضمة عليها فأسقطت، فالتقى ساكنان هما الواوان فحذفت الأولى؛ لأنها لام الفعل وهو محل التغير، ولأن الثانية علامة الفاعل والنون للإعراب والفعل معرب فوزنه يفعون بسكون الفاء وضمالعين "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن النون في مثل يعفون لجمع المؤنث ضمير الجمع وعلامة التأنيث "لا تسقط" في جمع المؤنث بدخول أن الناصبة "في قوله تعالى: " {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} " فإن قلت: لِمَ لَمْ يبين في أثناء بحث اليائيات اشتراك لفظي جمع المذكر الغائب وجمع المؤنث الغائبة في مثل يعفون مع أنه من الواويات؟ قلت: لمناسبة مثل يعفون لما قبله ولما بعده، أما لما قبله فلكونه جمعا للمذكر الغائب مثل يرمون، وأما لما بعده فلكونه مشتركا مثل ترمين، مع أن المصنف لم يذكر في باب الناقص بحث الواويات على التفصيل حتى يبين مثل يعفون فيه، بل قاس الناقص الواوي على الناقص اليائي وقال: وحكم غزا يغزو مثل رمى يرمي في كل الأحكام "وأصل ترمين ترميين" بكسر الياء الأولى "فأسكنت الياء" بحذف كسرتها تخفيفا، فالتقى ساكنان هما الياءان "ثم حذفت" تلك الياء التي حذفت كسرتها؛ لأنها آخر الكلمة وهو محل التغيير ولأن الثانية ضمير، والضمائر لا تتغير "لاجتماع الساكنين وهو"؛ أي ترمين "مشترك في اللفظ مع جاعة النساء" يعني لم يفرق في اللفظ بين الواحدة المخاطبة وبين جمع المخاطبة اكتفاء بالفرق التقديري فوزن الواحدة تفعين بحذف اللام ووزن الجمع تفعلن بإثبات اللام "وإذا أدخلت" على مضارع الناقص اليائي الحرف "الجازم تسقط" منه في المفرد المذكر والمفرد المؤنث الغائبيين والمفرد المخاطب وفي صيغة المتكلم "الياء" وكذا الواو وإذا أدخلت الجازم على مضارع الناقص الواوي نحو: لم يغز "علامة" للجزم؛ لأن حرف العلة في الناقص بمنزلة الحركة في الصحيح، وذلك لأن حروف العلة أشبهت الحركات من حيث إنها مركبة منها والحركات مأخوذة منها على اختلاف فيه، وعلى كلا التقديريين فالمناسبة حاصلة فأجروا تلك الحروف في الفعل المعتل اللام مجرى الحركة في أن حذفوها في حال الجزم وأيضا الحركات لا تقوم بها، كما لا تقوم بنفسها فحذفت في الجزم حذف الحركة كذا قيل، وقد وقع في بعض النسخ وإذا أدخلت الجوازم بصيغة الجمع والمراد واحد؛ لأن الجمع المحلي باللام قد يراد به المفرد كما ثبت في موضعه فاندفع ما قيل إنه يلزم أن يكون سقوط الياء بدخول جوازم ثلاث وليس كذلك "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن الياء تسقط في الناقص في حال الجزم علامة له لتنزله منزلة الحركة "وتسقط في حالة الرفع علامة للوقف في" مثل "قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ} " أصله إذا يسري؛ لأن الأصل في الوقف إسقاط حركة آخل الكلمة، فلما تنزلت حروف العلة منزلة الحركة في الناقص أسقطت في حالة الرفع للوقف، كما تسقط الحركة في حالة الرفع للوقف "وتنصب"؛ أي وتفتح حرف العلة في الفعل الناقص ولم يحذف "إذا أدخلت" عليه الحرف "الناصب لخفة النصب"؛ أي الفتح على حرف العلة نحو: لن يرمي ولن يغزو بفتح الياء والواو، قوله: "ولن تنصب في مثل لن يخشى؛ لأن الألف لا يتحمل الحركة" جواب دخل مقدر تقديره إن قولكم وتنصب حرف العلة إذا دخل النواصب لخفة النصب منقوض بمثل: لن يخشى؛ إذ حرف العلة فيه ساكن مع الناصب، وتحقيق الجواب أن أصله يخشي بفتح الشين وضم الياء، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، والألف لا يحتمل الحركة أصلا حتى يصير مفتوحا فبقيت ساكنة مع الناصب أيضا، وكذلك كل فعل

Zولا يحسبون الحكم عجزا ... لما عدم السنون احتمالي أي تحملي؛ إذ لو حركت لحرجت عن أصل وضعها وهو السكون "الأمر" منه "ارم إلى آخره أصله ارمي" بسكون الياء "فحذفت الياء علامة للجزم فبقي ارم"هذا لمشاكلة قوله: فإذا أدخلت الجازم تسقط الياء علامة للجزم، وإلا فالوجه أن يقول للوقف أو للسكون كما في بعض النسخ "وأصل ارموا ارميوا" كاضربوا "فأسكنت الياء ثم حذفت لاجتماع الساكنين" كما في يرموا بلا فرق "وأصل ارمي" بالياء للواحدة المخاطبة "ارميي" كاضربي "فسكنت الياء الأصلية" لاستثقال الكسرة عليها لا حاجة إلى هذا القيد؛ إذ يعلم من قوله: فأسكنت أن المراد بالياء الياء الأصلية، ولذا لم يذكره في إعلال ترمين إلا أنه ذكره هنا؛ لئلا يتردد السامع في الأمرين من أن إطلاق لفظ الياء؛ أي الياءين هو؛ أي المستكن أو المحذوف "ثم حذفت" تلك الياء "لاجتماع الساكنين" دون الزائدة؛ لأنها ضمير" وتقول بنون التأكيد الثقيلة "المشددة" ارمين "بفتح الياء" ارميان ارمن "بضم الميم" ارمن "بكسر الميم" ارميان ارمينان وتقول "بالخفيفة رامين بفتح الياء ارمين بضما لميم ارمن بكسر الميم. الفاعل رام إلخ أصله رامي" على وزن ضارب "فأسكنت الياء في حالتي الرفع والجر" لاستثقال الضمة والكسرة على الياء "ثم حذفت الياء لاجتماع الساكنين" من الياء والتنوين؛ لأنه نون ساكنة تتبع حركة الآخر؛ أي تأتي بعد الحركة لا كنون حسن فإنها قبل الحركة، فإذا صار الميم آخرا تتبع حركته وتأتي بعدها وليست بعارضة لحرف كالحركة، بل هي حرف مستقل زيدت علامته للتمكن والعلامة لا تحذف "ولا تسكن" الياء "في حالة النصب" بل تحرك بالفتحة على ما هو مقتضى حالة النصب "لخفة النصب"؛ أي الفتحة على الياء، وإنما قال النصب للمشاكلة، وهذا كثير في كلامهم مر "وأصل رامون راميون" على وزن ضاربون "فأسكنت الياء" بأن حذف حركتها "ثم حذفت" الياء "لاجتماع الساكنين" دون الواو؛ لأنه علامة الرفع "ثم ضم الميم لاستدعاء" صيانة "الواو الضمة وإذا أضفت" أنت "التثنية"؛ أي تثنية رام "إلى نفسك"؛ أي ياء المتكلم "فقلت" جواب الشرط؛ أي فقد قلت "رامياي في حالة الرفع" أصله راميان فلما أضفته إلى ياء المتكلم أسقطت نون التثنية؛ لأنها تؤذن بتمام الكلمة، والإضافة تؤذن بعدم تمامها بدون المضاف إليه، فلو لم يسقط النون حالة الإضافة لاجتمع النقيضان فصار رامياي "و" قلت "راميي في حالتي" الإضافة و"النصب والجر" بثلاث ياءات

_ Qناقص عين مضارعه مفتوحة نحو: لن يرضى "الأمر رام إلى آخره"؛ أي ارميا ارموا ارمي ارميا ارمين "أصله ارمي" بإثبات الياء المضمومة؛ لأنه لو حذف من ترمي حرف المضارعة بقي ما بعده ساكنا فاجتلبت الهمزة مكسورة فصار ارمي "فحذفت الياء علامة للجزم"؛ أي للوقف كما حذفت الحركة من الصحيح فصار أم "وأصل ارموا ارميوا" بكسر الميم وضم الياء "فأسكنت الياء" لثقل الضمة عليها إما بإسقاطها عنها وإما بنقلها إلى ما قبلها بعد سلب حركته "ثم حذفت" الياء "لاجتماع الساكنين" فصار على الثاني ارموا بضم الميم وعلى الأول ارموا بكسر الميم ثم ضم الميم لأجل الواو فصار ارموا بالضم "وأصل ارمى" للواحدة المخاطبة "ارميي" بياءين أولهما لام الفعل مكسورة وثانيهما ضمير المخاطبة ساكنة "فأسكنت الياء" الألى "الأصلية" لاستثقال الكسرة عليها فالتقى ساكنان هما ياءان "ثم حذفت" تلك الياء "لالتقاء الساكنين" فصار ارمى "وتقول" في الأمر بنون التأكيد" المشددة "ارمين" بفتح الياء "ارميان" على قياس اضربن اضربان "ارمن" بضم الميم وحذف الواو "ارمن" بكسر الميم وحذف الياء "ارميان ارمينان و" تقول "بالنون الخفيفة ارمن" بفتح الياء "ارمن" بضم الميم "ارمن" بكسر الميم "و" اسم "الفاعل رام إلى آخره"؛ أي راميان رامون رامية راميتان راميات وروام "أصله رامي فأسكنت الياء في حالة الرفع والجر" لاستثقال الضمة والكسرة على الياء، فالتقى ساكنان الياء والتوين "ثم حذفت الياء لاجتماع الساكنين "وأعطى التنوين لما قبلها فصار رام ولم يحذف التنوين لدلالته على التمكن، وهو نون ساكنة تتبع حركة حرف توجد في آخر الكلمة "ولا تسكن" الياء "في حالة النصب لخفة النصب"؛ أي الفتح فيقال جاءي رام ومررت برام ورأيت راميا "وأصل رامون راميون" بضم الياء فاستثقلت الضمة عليها "فأسكنت الياء" فاجتمع ساكنان الياء والواو "ثم حذفت" الياء "لاجتماع الساكنين" دون الواو؛ لأنهما علامة فصار رامون بكسر الميم وسكون الواو "ثم ضم الميم لاستدعاء الواو الضمة"؛ يعني لو لم يضم الميم لزم أن يجعل الياء واوا لسكونها وانكسار ما قبلها وهو غير جائز؛ إذ العلامة لا تتغير كما لا تحذف فوجب ضم ما قبلها لتسلم الواو "وإذا أضفت التثنية؛ أي تثنية اسم الفاعل من الفعل الناقص اليائي "إلى نفسك"؛ أي إلى ضمير دال على نفسك وهو ياء المتكلم كما في غلامي "فقلت رامياي في حالة الرفع"؛ لأن أصله في تلك الحالة راميان كما بين في النحو فلما أضيف إلى الياء سقطت النون؛ لأنها توزن بتمام الكلمة والإضافة توزن بعدم تمام الكلمة بدون المضاف إليه فيكون بينهما تضاد، فإذا قصد إلى أحدهما وجب ترك الآخر فصار رامياي "وراميي في حالة النصب والجر

Zأصله راميين فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون فصار رامي ثم قلت رامي "بإدغام علامة النصب والجر"؛ أعني الياء الثانية "في ياء الإضافة" وهي الياء الثالثة "وإذا أضفت الجمع"؛ أي جمع رام "إلى نفسك فقلت راميي" بياءين "في جميع الأحوال"؛ أي حال الرفع والنصب والجر "أصله في حالة الرفع راموي" أصله رامون سقطت النون بالإضافة فصار راموي "فأدغم"؛ أي وقع الإدغام في راموي "لأنه"؛ أي الشأن "اجتمع الحرفان" هما الواو والياء "من جنس واحد في العلية"؛ أي في كونهما حرفي علة وسبقت إحداهما الأخرى بالسكون فقلبت الواو ياء كما هو القاعدة، فصار رامي فأدغم الياء الأولى في الثانية فصار رامي، ثم كسر الميم لتصح الياء فصار رامي، وأما في حالتي النصب والجر فأصله راميين فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون فصار راميي، ثم أدغم الياء الأولى في الثانية فصار رامي. "المفعول مرمى إلخ أصله مرموي فأدغم كما في رامي" حالة الرفع بلا فرق "وإذا أضفت التثنية"؛ أي تثنية مرمي "إلى ياء الإضافة فقلت مرمياي في حالة الرفع" أصله مرميان سقطت النون بالإضافة "و" قلت "في حالتي النصب مرميي بأربع ياآت" أولها منقلبة عن واو المفعول وثانيها لام الفعل وثالثها علامة النصب والجر ورابعها ياء الإضافة "وإذا أضفت الجمع"؛ أي جمع مرمي المذكر السالم "إلى ياء الإضافة فقلت مرميي أيضا"؛ أي كالتثنية إلا أن لام الكلمة مكسورة هنا ومفتوحة في التثنية "بأربع ياءات في كل الأحوال"؛ أي في حالة الرفع والنصب والجر، أما في حالة الرفع فأصله مرميون فلما أضيف إلى ياء المتكلم وسقطت النون، صار مرميوي فأعل كما في راموي فكسرت الياء الأصلية لصيانة الياء المقلوبة، وأما في حالتي النصب والجر فأصله مرميين، فصار بعد الإضافة إلى ياء المتكلم مرميي فأدغمت الثالثة في الرابعة فصار مرميي بكسر الياء الثانية المدغم فيها. "الموضع مرمى" بفتح الميمين أصله مرمي

_ Qبإدغام علامة النصب والجر في ياء الإضافة"؛ لأن أصله في تلك الحالتين راميين بفتح الياء الأصلية وسكون الياء الثانية التي هي علامة النصب في النصب والجر في الجر، فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون لما ذكر في حالة الرفع فصار راميي بثلاث ياءات، أولاها مفتوحة وثانيتها ساكنة وثالثتها مفتوحة أيضا، فوجب إدغام الثانية في الثالثة؛ لأنهما متجانسان أولاهما ساكنة فصار رامييا بفتح الياءين وتشديد الثانية. واعلم أن في قولهم وإذا أضفت التثنية إلى نفسك فقلت حزازة؛ لأن جزاء الشرط إذا كان ماضيا بغير قد لم يجز دخول الفاء فيه، فحق العبارة أن يقال إذا أضفت قلت فكان هذا سهوا من الكاتب، فحينئذ لا بد من تقدير قد ليصح، وكذلك الحال فيما بعده في مواضع "وإذا أضفت الجمع" من اسم الفاعل من الناقص اليائي "فقلت رامي" بكسر الميم وفتح الياء المشددة "في جميع الأحوال"؛ أي في حالة الرفع والنصب والجر "و" ذلك؛ لأن "أصله في حالة الرفع راموي فأدغم" الواو في الياء بعد قلبها ياء "لأنه اجتمع الحرفان" اللذان "من جنس واحد في العلية"؛ أي في كونها حرفي علة قبل قلب الواو ياء في الذات بعد قلبها إياها لاجتماعهما وسبق إحداهما بالسكون، فصار رامي بضم الميم ثم كسرت لأجل الياء فصار رامي، وأصله في حالة النصب والجر راميين بكسر الميم والياء الأولى الأصلية وسكون الياء الثانية، هي علامة النصب في النصب والجر في الجر فأسكنت الياء لثقل الكسرة عليها فالتقى ساكنان فحذفت الأولى؛ لأن الثانية علامة فصار راميين بياء واحدة ساكنة فلما أضيف إلى ياء المتكلم سقطت النون فصار راميي بياءين أولاهما ساكنة وثانيتهما مفتوحة، فوجب إدغام الأولى في الثانية بالضرورة فصار رامي اسم "المفعول" من رمى يرمي "مرمى إلى آخره"؛ أي مرميان مرميون مرمية مرميتات ومرامي "أصله مرموي فأدغم "الواو في الياء بعد قلبها ياء" كما "أدغم في رامي وإذا أضفت التثنية"؛ أي تثنية اسم المفعول "إلى ياء الإضافة" ولو قال إل ياء المتكلم لكان أظهر "فقلت مرمياي في حالة الرفع" أصله مرميان فحذفت النون بالإضافة فصار مرمياي "وفي" حالة "النصب والجر مرميي بأربع ياءات"؛ لأن أصله مرميين بفتح الياء الأولى وتشديدها وسكون الياء الثانية ففيه ثلاث ياءات، فلما أضيف إلى ياء المتكلم صارت أربعة وحذفت نون التثنية ثم أدغم ما قبل ياء الإضافة التي هي علامة في ياء الإضافة، فصار مرميي بياءين مفتوحين مشددتين "وإذا أضفت الجمع" من اسم المفعول "إلى ياء المتكلم فقلت مرميي أيضا"؛ أي كما في التثنية "بأربع ياءات في كل الأحوال"؛ لأن أصله في حالة الرفع مرميون، فلما أضيف إلى ياء المتكلم حذفت النون فصار مرميوي، فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء، فصار مرميي بضم الياء الأولى ثم كسرت لأجل الياء الثانية، فصار مرميي بكسر الياء الأولى وفتح الثانية المشددتين، وأصله في حالة النصب والجر مرميي بكسر الياء الأولى المشددة وسكون الثانية ثم أضيف إلى ياء المتكلم حذفت النون، فصار مرميي فأدغمت الثالثة التي هي علامة في الرابعة لسكون الأولى وفتح الثانية، فصار مرميي بكسر الياء الأولى وفتح الثانية المشددتين، فالجمع مثل التثنية في كون كل منهما بأربع ياءات لا في الحركات والسكنات اسم "الموضع" من رمى يرمي "مرمى" بفتح الميمين أصله مرمي بضم الياء وتنوينها، فاستثقلت الضمة على الياء فأسكنت، فالتقى ساكنين الياء والتنوين فحذفت الياء فاتصل التنوين بما قبله فصار مرمى، لكنه يكتب بالياء للدلالة على الياء المحذوفة

Zقلبت الياء ألفا وحذفت لالتقاء الساكنين الياء والتنوين "الأصل فيه"؛ أي في مرمى "أن يأتي على وزن مفعل بكسر العين"؛ لأنه من يفعل بالكسر "إلا أنهم فروا من توالي الكسرات" ففتحوا العين كما مر في فصل اسم المكان. "الآلة مرمى" بكسر الميم الأولى وفتح الثانية أصله مرمي فأعل مثل مرمي "المجهول رمى يرمى" مثل ضرب يضرب "إلخ ولم يعل رمى" بسلب حركة الياء "لخفة الفتحة" عليها كما في يرميان "وأصل يرمي يرمى" كيضرب "قلبت الياء ألفا كما" قلبت "في رمى" معلوما "وحكم" الناقص الواوي "مثل غزا يغزو" كحكم الناقص اليائي "مثل رمى يرمي في كل الأحكام" التي ذكرت في اليائي "إلا في هذا الحكم وهو "أنهم يبدلون الواو ياء في نحو أغزيت" أصله اغزوت "تبعا ليغزى" أصله يغزو قلبت الواو ياء لتطرفها وانكسار ما قبلها كما مر في أوائل باب الأجوف، وإنما أخر الواوي عن اليائي مع أن الأصل تقديم الواوي لقوة الواو؛؛ لأن الواوي لا يجيء من أول الدعائم واليائي يجيء منه وليفرع عليه بحث الإبدال لمناسبة إبدال الواو ياء ولذلك قال: "مع أن الياء من حروف الإبدال" الإبدال جعل حرف مكان حرف غيره لا للإدغام، فخرج بقوله مكان حرف تعويض همزة ابن واسم، وبقوله غيره ردوا وأب وأخ في النسبة، وبقوله لا للإدغام جعل الطاء مكان تاء الافتعال لإرادة الإدغام "وحروفها"؛ أي حروف الإبدال وتأنيث الضمير باعتبار المعنى بقرينة إضافة الحروف إليه؛؛ إذ المصدر يتناول الكثير، ويمكن أن يقرأ الإبدال بفتح الهمزة جمع بدل وإضافة الحروف إليه بيانية،؛ أي الحروف التي هي المبدلات كما في قوله وحروفها سطضظ خفق عند الزمخشري، وعند المصنف خمسة عشر وهي ما يجمعه "استنجده يوم صال زط" ومعنى

_ Q"الأصل فيه"أي في الموضع "أن يأتي على وزن مفعل بكسر العين" وذلك؛ لأن الموضع مما يكون عين مضارعه مكسورا أن يأتي بالكسر تبعا لعين مضارعه "إلا أنهم قد فروا عن توالي الكسرات"؛ لأن الياء كسرتان ففتحوا العين في الموضع من الناقص سواء كان عين مضارعه مكسورا أو مفتوحا أو مضموما لذلك، وقد مر ذلك في فصل الموضع اسم "الآلة مرمى بكسر أوله المجهول" من الناقص اليائي من الماضي "رمى" ومن المضارع "يرمي إلى آخرهما"؛ أي رميا رميوا رميت رميتا رمين رميت رميتا رميتم رميت رميتما رميتن رميت رمينا بضم الراء وكسر الميم في الكل يرميان يرميون ترمي ترميان يرمين ترمي ترميان ترميون ترميين ترميان ترمين أرمي نرمي بضم حروف المضارعة وفتح الميم في الجميع "ولم يعل رمى لخفة الفتحة" على الياء مع أن ما قبلها ليست بمفتوحة حتى يقلب ألفا "وأصل يرمى يرمي" بضم الياء "فقلبت الياء ألفا" لتحركها وانفتاح ما قبلها "كما" قلبت ألفا كذلك "في رمى" ولما بين أحكام الناقص اليائي أحال عليه أحكام الناقص الواوي فقال: "وحكم غزا يغزو مثل: رمى يرمي في كل الأحكام إلا أنهم يبدلون الواو ياء في نحو: أغزيت تبعا ليغزى" كما مر بيانه "مع أن الياء من حروف الإبدال" وهو جعل حرف مكان حرف آخر ويحرك بحركته ومعاني القيود ظاهرة لمن له عقل سليم ويجري في الأنواع الثلاثة للفظ، أما في الاسم فنحو: تراث أصله وراث، وأما في الفعل فنحو: هراق أصله أراق، وأما الحرف فنحو: ألا فعلت أصله أن لا فعلت، وطرق معرفة الإبدال خمسة؛ أحدها أن يعرف بأمثلة اشتقاقه كالتاء في تراث الهمزة في أجوه، فإن أمثلة اشتقاق الأول ورث ويرث ووارث وموروث وميراث، فإذا وجد التاء في تراث علم أن التاء أبدلت من الواو أصله وراث فعال اسم الميراث، وثانيها أنه يعرف بقلة الاستعمال كقولهم: الثعالي في الثعالب والأراني في الأرانب؛ لأن الثعالي جاء بمعنى الثعالب واستعماله قليل بالنسبة إلى الثعالب، فيعلم أن الياء فيه هو الأصل والياء مبدل عنه، وكذا الحال في الأراني والأرانب، وثالثها أنه يعرف بكون البدل في اسم يكون فرعا عن أصل والحرف زائد في الفرع كضويرب تصغير ضارب، فإنا لا نشك في أنه تصغير ضارب، والمصغر فرع المكبر فضويرب فرع لضارب والألف فيه زائدة، فعلم أن الواو في ضويرب مبدلة من الألف في ضارب؛ لأنه الأصل وضويرب فرعه، ورابعها أنه يعرف البدل في اسم يكون فرعا عن أصل وحرف البدل أصل كمويه تصغير ماء، فإنه فرع عن ماء والهاء فيه أصلي؛ لأن أصل ماء ماه بدليل ماه يموه، فالهمزة مبدلة عن الهاء؛ لأن التصغير يرد الأشياء إلى أصولها، وخامسها أنه يعرف بأنه لو لم يجعل مبدلا للزم بناء مجهول كاصطبر يحكم بأن أصله اصتبر؛ لأنه لو لم يكن كذلك لوجب أن يكون وزنه افطعل، وهو بناء مجهول كذا قرروه "وحروفها" الضمير يرجع إلى الإبدال فالأولى حروفه بالتذكير قولك "استنجده يوم صال زط" وهي خمسة حرفا يقال استنجده فأنجده؛ أي استعان به فأعانه، ويقال سال عليه وثب وزط اسم قبيلة، وهو فاعل صال ويوم ظرف استنجده ومضاف إلى الجملة الفعلية، وجعل سيبويه حروف الإبدال أحد عشر، فقال: في كتابه حروف البدل أحد عشر حرفا منها ثمانية أحرف من حروف الزيادة، وهي الهمزة والألف والنون والهاء والياء والتاء والميم والواو منها ثلاثة من غيرها، وهي الطاء والدال والجيم، وعند الزمخشري ثلاثة عشر يجمعها قولك: استنجده يوم طال. وقال ابن الحاجب: حروفها أربعة عشر يجمعها قولهم: أنصت يوم جد طاء زل. وقال: إن ما ذهب إليه الزمخشري وهم منه؛ لأنه أسقط الصاد والزاي وهما من حروف الإبدال؛ لقولهم صراط في سراط وزقر في سقر، وزاد السين وليست من حروف الإبدال، ولا يرد عليه اسمع أصله استمع فأبدل السين من الياء؛ لأن مثل هذا يعد من باب الإدغام لا من باب الإبدال، فإن من قال في اسمع بإبدال السين من التاء ورد عليه نحو: اذكر واظلم من حروف

Zاستنجده استعان به وزط اسم قبيلة وصال؛ أي حمل من الحملة، وما قيل إن حروفها عند الزمخشري ثلاثة عشر، وهي ما جمعه استنجده يوم صال خلاف ما صرح به في المفصل حيث قال فيه وحروفه حروف الزيادة والطاء والدال والجيم والصاد والزاي، ويجمعها قولك: استنجده يوم صال زط إلى هذا عبارته بمتنها في الكتب المصححة الحاضرة، مع أنه ذكر الصاد والزاي في المفصل أيضا، نعم من الناس من يقول: إنها ثلاثة عشر يجمعها قولك: استنجده يوم صال، بل منهم من يقول: إنها أحد عشرة ثمانية من حروف الزوائد، وهي غير السين واللام وثلاثة من غيرها، وهي الجيم والطاء والدال، وعند ابن الحاجب أربعة عشر يجمعها قولك: أنصت يوم جد طاء زل أنصت؛ أي اسكت ويوم ظرفه وجد مبتدأ مضاف إلى طاء، وهو اسم رجل وزل من الزلل خير مبتدأ والظرف مضاف إلى الجملة؛ أي اسكت في هذا اليوم واعترض على من عد السين من حروف الإبدال منهم الزمخشري والمصنف، ثم قال: وإلا ورد اسمع ورد واذكر واظلم؛ يعني أن المراد ما لا يكون والإدغام وإلا لورد اذكر واظلم أصلهما؛ إذ تكر واظتلم فإن الذال والطاء ليستا من حروف الإبدال اتفاقا، ولعل الزمخشري والمصنف نظرا إلى الوقوع في الجملة حيث حكى المبرد عن بعض العرب أنه يقول استخذ فلان أرضا، يريد اتخذ فيبدل في إحدى التاءين سينا، ولا شك أن هذا الإبدال ليس للإدغام مع أن المصنف قد ظفر بنص من سيبويه في اتخذ كما يجيء إن شاء الله تعالى. ثم شرع في بيان كون أي حرف من الحروف المذكورة من أي حرف يبدل مراعيا في ذلك ترتيب الحروف المذكورة فقال: "الهمزة" منها "أبدلت وجوبا"؛ أي إبدالا واجبا لا يجوز غيره مطردا غير موقوف على السماع في إيحاده؛ أي قياسا "من الألف في نحو صحراء"؛ أي فيما فيه الألف الممدودة "لأن همزتها ألف في الأصل كألف سكرى"؛ لأن الألف الممدودة عند سيبويه في الأصل مقصور زيدت قبلها ألف لزيادة المد وذلك؛ لأنها للزومها صارت كلام الفعل فجاز زيادة الألف قبلها كما في كتاب فاجتمع ألفان، فلو حذفت أحدهم لصار الاسم مقصورا كما كان وضاع العمل "ثم جعلت"ألف التأنيث "همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة" دفعا لالتقاء الساكنين دون الزائدة لزيادة المدة لتبقى على مدها ولا يعود الممدود مقصورا، وإنما قلبت همزة ولم تقلب واوا أو ياء مع أن مناسبة حروف العلة بعضها لبعض أكثر؛ لأنه لو قلبت إحداهما لاحتيج إلى قلبها همزة كما في كساء ورداء لكونما قبلها ألفا فيهما فيضيع العمل بقطع المسافة "ومن ثمة"؛ أي من أجل كون همزة صحراء ألفا في الأصل وليست بأصلية "لا يجوز جعلها"؛ أي همزة صحراء "همزة"؛ أي إبقاؤها "في نحو صحارى" بفتح الراء جمع صحراء، فإذا أردت أن تجمعها أدخلت بين الحاء والراء وكسرت الراء كما تكسر ما بعد ألف الجمع في مثل مصابيح ومساجد وجعافر، فتقلب الألف التي بعد الراء ياء للكسرة التي قبلها وتقلب ألف التأنيث أيضا ياء لاستدعاء الياء، وتدغم إحدى الياءين في الأخرى فصار صحاري بياء مشددة ثم حذفوا الياء المدغمة للتخفيف، كما في سيد وأبدلوا من الياء الباقية ألفا للتخفيف في الجمع الثقيل فلزم فتح الراء فصار صحارى "يعني لو كانت"

_ Qالإبدال وليس كذلك؛ لأن هذا من باب الإدغام والمراد من قولهم حروف الإبدال إبدال من غير؛ إذ كل واحد منها باب على حياله، وأنت تعلم أن زيادة السين يرد على ما ذكره المصنف أيضا، وإنما سميت بحروف البدل لجعل بعضها في موضع بعض، والعلة في إبدال بعضها ببعض إرادة التشاكل والتسهيل والحسن في المسموع والتوسع في التمثيل، والفرق بين حروف الزيادة وحروف البدل أن حروف الزيادة تأتي للمعاني وحروف البدل للألفاظ من تحسين وتسهيل على اللسان قوله: "الهمزة أبدلت" شروع في تفصيل الإبدال وبيانه أن؛ أي حرف يبدل من؛ أي حرف فالهمزة تبدل "وجوبا مطردا من الألف" اعلم أن إبدالها من حروف اللين، وهي الألف والواو والياء على ثلاثة أقسام: قسم يجب اطراد إبدالها، وقسم يجوز إرداده، وقسم يمتنع الإطراد، فابتدأ بالقسم الأول ثم الثاني ثم الثالث فقال: الهمزة أبدلت من الألف وجوبا "في نحو صحراء" وذلك لأن "همزتها" ألف في الأصل "كألف سكرى" يعني أن أصل صحراء صحرى بألف التأنيث كسكرى وعطشى، إلا أنه لما زيدت قبلها ألف للبناء والمد "جعلت" ألف التأنيث "همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة" ساكنة فلو لم تجعل همزة لاجتمع ساكنان، ولا تجعل الزائدة همزة، ولم يمكن حذفها أيضا لفوات غرض المد ولم يمكن حذف الثانية؛ لأنها علامة التأنيث "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن همزته ألف في الأصل "لا يجوز جعلها"؛ أي جعل همزة صحراء "همزة في نحو صحارى" بفتح الراء ويجوز بكسر الراء وتشديد الياء؛ لأنهم لما كسروا الراء للجمع قلبت الألف الزائدة ياء لانكسار ما قبلها، ثم جعلت الهمزة المتطرفة ألفا، ثم جعلت ياء لانكسار ما قبلها أيضا؛ لأن الياء الأولى المنقلبة من الألف ليست بحاجزة حصينة أو؛ لأن الياء كسرة فاجتمع ياءان فأدغمت الأولى في الثانية فصار صحارىيبكسر الراء وفتح الياء المشددة، ثم خففت بحذف الياء الأولى، ثم أبدلت كسرة الراء فتحة للخفة فجعلت الياء الثانية ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها فصار صحارى بفتح الراء "يعني لو كانت" الهمزة

Zهمزة صحراء "في الأصل همزة لجاز صحاريئ بالهمزة" بعد الياء "في صورة ما"؛ أي في صورة من الصور من هذا النحو على مثال هجاريع مع أنه لم يجز "كما يجوز جعل الهمزة" في "نحو خطية"؛ إذ يجوز خطيئة بالهمزة أيضا فظهر أن همزة صحراء ليست بأصلية "و" أبدلت الهمزة أيضا "من الواو" التي هي الفاء "وجوبا مطرد في نحو أواصل"؛ أي فيما اجتمع فيه واوان متحركان في أول الكلمة وأواصل جمع واصلة أصله وواصل الواو الأولى هي الفاء الثانية منقلبة من ألف اسم الفاعل لاجتماع الساكنين بألف التكسير، كما في ضوارب ولم تحذف إحداهما للالتباس ولم تقلب ياء؛ لئلا يقع علوي؛ أي الألف بين سفليين؛ أي الياء والكسرة، وإنما وجب قلب الواو "فرارا من اجتماع الواوات" عند العطف مع أن الواوين إذا تحركتا أحسن لهما من الاستثقال الحاصل بقلب أولاهما همزة "و" من الواو التي هي عين مكسورة قلبت الفاء "في نحو قائل"؛ أي في اسم الفاعل من الأجوف الواوي أصله قاول "كما مر في" باب الأجوف في بحث اسم الفاعل من أن همزته مبدلة وجوبا من الألف المبدلة من الواو لعلة مرت هناك "و" من الواو التي هي عين مضمومة "في أدؤر"؛ أي في جمع القلة من الاسم الثلاثي الأجوف الواوي الذي واحده على وزن الفعل، والأدؤر جمع قلة للدار أصله أدور قلبت الواو همزة "لثقل الضمة على الواو" في الجمع الثقيل مع كون واحدة على وزن الفعل الثقيل، وإنما لم يزيلوا هذا الثقل بنقل حركة الواو إلى ما قبلها؛ لئلا يلتبس بمتكلم المضارع كما في أدور جمع دور كما مر، وإما قلبت مع كون واحدة على وزن الفعل احترازا من نحو أدور جمع دور، فإنه لم يجز قلبها همزة؛ لأن خفة الاسم قاومت ثقل الحركة، وأما الذي واحده وزن الفعل فهو ثقيل بسبب كون واحده على وزن الثقيل الذي هو الفعل فوجب إزالة ثقل الحركة عن الواو، والزمخشري عد أدور من الجائز، ولعله نظر إلى الخفة التي حصلت بسبب سكون ما قبلها وبسبب سكون وسط واحده، وإن كان بعد الإعلال "و" من الواو التي هي لام "في نحو كساء"؛ أي في اسم معرب آخره واو قبله ألف أصله كساو، وإنما قلبت الواو همزة في هذا النحو "لوقوع الحركات المختلفة على الواو" على تقدير عدم القلب ثم إن المصنف راعى ترتيب حروف الكلمة حيث قدم أواصل على قائل، وقدم قائل على كساء وعكس الزمخشري وابن الحاجب نظرا إلى أن التغيير بالآخر أولى "و" أبدلت الهمزة أيضا "من الياء وجوبا مطردا في نحو بائع"؛ أي في اسم الفاعل من الأجوف اليائي "كما"؛ أي كالإبدال الذي "مر" في قائل، واعلم أن الهمزة في قائل وبائع وكساء، وإن كانت مقلوبة من الألف كما ذكره في الأجوف إلا أن تلك الألف لما كانت مقلوبة من الواو والياء جعلها مقلوبة منهما هنا قصرا للمسافة، كما صرح صاحب المغرب بهذا التعليل حيث قال: لأن الهمزة إنما أبدلت من الألف المبدلة من الواو والياء، وأشار إلى المذهبين فإن بعض النحويين يزعم أن الهمزة منقلبة عن الألف التي هي بدل عن الواو والياء في قائل وبائع وكساء، وبعضهم يزعم أن الهمزة منقلبة عن نفس الواو والياء أولا من غير واسطة، فأشار هنا إلى المذهب الأخير؛ إذ المتبادر من عبارته هنا إبدالها من نفس الواو والياء، وأشار في الأجوف إلى المذهب الأول حيث قال: فقلبت الواو ألفا ثم جعلت همزة "و" أبدلت الهمزة "جوازا"؛ أي إبدالا يصح أن يقع ويصح أن لا يقع، ويرتكب بأن تبقى الهمزة على أصلها

_ Q"في الأصل همزة" لا مبدلة من الألف "لجاز صحاريئ" على وزن مصابيح "بالهمزة في صورة ما" من صور استعمالاته "كما يجوز في نحو خطيئة" بالهمزة في خطية بالتشديد، ولما لم يجز ذلك علم أنها ليست بهمزة في الأصل، بل هي مبدلة من الألف "و" الهمزة أبدلت "من الواو وجوبا مطردا" أيضا سواء وقعت الواو في أول الكلمة أو في وسطها أو في آخرها، فالأول "في نحو أواصل" أصله وواصل على وزن فواعل جمع واصل كنواصر جمع ناصر، وإنما وجب إبدال الهمزة من الواو ها هنا "فرارا عن اجتماع الواوات" المراد من هذا الجمع ما فوق الواحد، قال ابن الحاجب: وإذا جمعت واصل قلت: وواصل على وزن فواعل فاجتمع الواوان اجتماعا لازما، فأبدلت الأولى همزة فلو حملناه على حقيقته وجب حملها على حالة العطف، لكن الأول أقرب؛ لأن واو العطف لا يلزم الكلمة حتى لزم الإبدال لأجلها "و" الثاني "نحو قائل كما مر" من أن الواو في اسم الفاعل من قال لما قلبت ألفا اجتمع ألفان، ولا يمكن إسقاط أحدهما لئلا يلتبس بالماضي فحركت الأخيرة، فصارت همزة فإبدال الهمزة وإن كان من الألف بالذات لكنها مبدلة من الواو باعتبار أن الألف واو في الأصل فافهم "ونحو أدؤر لثقل الضمة على الواو" في وجوب الإبدال في مثله انظر في الصحاح الدار مؤنث وجمع القلة أدؤر بالهمزة، وهي مبدلة من واو مضمومة، ولك أن لا تهمز وجمع الكثرة ديار مثل: جبل وأجبل وجبال، وفي مختار الصحاح جمع القلة أدؤر بالهمزة وتركه "و" الثالث "نحو كساء" أصله كساو من الكسوة فأبدلت الهمزة من الواو وجوبا "لوقوع الحركات المختلفة" الإعرابية "على الواو" الضعيفة على تقدير عدم إبدالها "و" الهمزة أبدلت "من الياء وجوبا مطردا" أيضا "في نحو بائع لما مر" من أن الياء في بايع لما قلبت ألفا اجتمع ألفان فحركت الأخيرة فصارت همزة. ولما فرغ من القسم الأول وهو ما يجب اطرادا إبدال الهمزة من حروف اللين فيه شرع في القسم الثاني، وهو ما يجوز إبدال الهمزة فيه فقال: "وجوازا

Z"مطردا من الواو المضمومة نحو: أجوه" أصله وجوه جمع وجه "لثقل الضمة على الواو" ولم يجب لعدم كون واحده على وزن الفعل "و" ابدلت جوازا غير مطرد "من الواو الغير المضمومة" من المكسورة "نحو: إشاح" لثقل الكثرة على الواو أصله وشاح "و" من المفتوحة "نحو: أحد أحد في الحديث" لثقل الحركة على الواو، ولم يذكره اكتفاء بذكره في الياء أصله وحد وحد روي أن سعد بن أبي وقاص كان يشير بأصبعيه، فقال عليه السلام: "أحد أحد"؛ أي أشر بأصبع واحدة "و" أبدلت "من الياء" جوازا غير مطرد "نحو قطع الله أديه" أصله يديه "لثقل الحركة على الياء و" أبدلت "من الهاء" جوازا غير مطرد نحو: أل فعلت وألا فعلت، أصلهما هل فعلت وهلا فعلت، وإن كان في بعض الصور لازما "نحو: ماء أصله ماء" إلا أنه غلب صور الجواز عليه فعده من الجائز حيث سكت عن التقييد، ولم يفصله إلى جائز ولازم. ونقول المراد من الواجب ما له سبب موجب وبالجائز ما ليس له سبب موجب فليس لقلب الهاء همزة سبب موجب، بل هو على خلاف القياس فيكون من الجائز فللزوم لا ينافي الجواز، وهذا شاذ لقلته "ومن ثمة"؛ أي ومن أجل أن أصله ماء "يجيء جمعه مياه" وتصغيره مويه فإنهما يردان الشيء إلى أصله، وإنما تعرض لبيان أصله وإثباته؛ تنبيها على أن الإبدال هنا لازم وإخراجا له حكم سوابقه لما دخل في حكم الجواز، ولذلك لا يقال ماء على الأصل "و" أبدلت "من الألف" جوازا غير مطرد "في نحو قوله: هيجت شوق المشتئق" بكسر الهمزة أصله مشتاق اسم فاعل فلما زال المانع من الحركة عاد إلى أصله وهي الكسرة، وهذا أيضا شاذ؛ لأنه يزيد ثقلا، صدره: يا دار مي بدكاديك البرق ... صبر فقد هيجت شوق المشتئق والدكاديك جمع دكداك وهي الرمل المتراكم، والبرق بضم الباء وفتح الراء جمع برقة، وهي أرض غليظة فيها

_ Qمطردا"؛ أي أبدلت الهمزة بطريق الجواز المطرد "من الواو المضمومة" المفردة الوائعة في أول الكلمة، وإنما قلنا المفردة احترازا عن مثل أواصل لوجوب الإبدال فيه لتعدد الواو "نحو: أجوه لثقل الضمة على الواو" أصله وجوه جمع وجه، فإن شئت همزت الواو وقلت: أجوه، وإن شئت تركتها على حالها، وقلت: وجوه، وكذلك أورى أصله وأورى مجهول واري فالوا والثانية في وروى إنما هي منقلبة عن ألف واري، فلم يجب همزة الأول؛ لأن الثانية غير لازمة، ألا ترى أنك إذا بنيت الفعل للفاعل الذي هو أصل قلت: واري بخلاف الواو الثانية من وواصل، فإنها لازمة فكان واو وري واوا مفردة مضمومة في أول الكلمة كما في أجوه، قوله: "ومن الواو الغير المضمومة" شروع في قسم الثالث وهو ما يمتنع اطراد إبدال الهمزة من حروف اللين، وإنما لم يقيد ها هنا بقوله جوازا غير مطرد؛ استغناء بما سياتي في آخر الباب من أن الموضع الذي لم يقيد من الصور المذكورة يكون جائزا غير مطرد، وقس عليه ما عداه من الصور التي لم تقيد بشيء، والواو الغير المضمومة إما مكسورة "نحو إشاح أصله وشاح" بكسر الواو وضمها فأبدلت الهمزة منها تخفيفا فصار إشاح بكسر الهمزة وضمها، لكن لما كان الكسر أشهر وأفصح اعتبره المصنف، قال في الصحاح: الوشاح شيء ينسج من أديم عرضا ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها، يقال: وشاح وإشاح ووشاح وأشاح "و" إما مفتوحة "نحو أحد أحد" الذي جاء "في الحديث" أصله وحد وحد، فأبدلت الهمزة من الواو تخفيفا، وسبب ورود هذا الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام رأى سعد بن أبي وقاص يشير بأصبعيه في التشهد، فقال عليه السلام: "أحد أحد"؛ أي أشر بأصبع واحدة "و" الهمزة أبدلت "من الياء جوازا غير مطرد نحو: قطع الله أديه" للدعاء عليه أصله يديه فأبدلت الهمزة من الياء "لثقل الحركة على الياء ومن الهاء" جوازا غيرمطرد "نحو ماء أصله ماه" وأصله موه بالتحريك؛ لأنه يجمع على أمواه في القلة وعلى مياه في الكثرة نحو: جمل وجمال وأجمال، فقلبت الواو ألفا والهاء همزة فصار ماء "ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن أصل ماء ماه "يجيء جمعه مياه" بالهاء لا بالهمزة وأصله مواه، فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها؛ لأن جمع التكسير يرد الأشياء إلى أصولها وكذلك التصغير، فيقال: مويه، قال ابن الحاجب: إن إبدال الهمزة عن الهاء في نحو: ماء شاذ لقلته ولازم؛ إذ لم يثبت النقل باستعمال الهاء في ماء "و" الهمزة أبدلت "من الألف" جوازا غير مطرد "في نحو قوله"؛ أي الشاعر "هيجت شوق المشتئق" بكسر الهمزة أصله مشتوق؛ إذ هو اسم فاعل من اشتاق من الشوق، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار مشتاق كمنقاد ومختار ثم أبدلت الهمزة من الألف فصار مشتئق فعل هذا يكون الإبدال باعتبار الأصل من الواو لا من الألف، كما في قائل أو كساء، لكن المصنف لم يلتفت إلى هذا الأصل، بل نظر إلى الظاهر أو لأن قلب الواو ألفا ها هنا أوجب من قلبها ألفا، ثم لأن ما قبل الواو وهو التاء ها هنا مفتوحة لا حاجز بينهما، وما قبل الواو في قاول ألف ساكنة وما قبل ذلك الألف مفتوح، ولما كان قلبها ها هنا أوجب كان كأنها ألف في الأصل بخلاف ألف قاول تدبر وتمام البيت: يا دار مي بدكاديك البرق ... صبرا فقد هجيت شوق المشتئق ومي: اسم الحبيبة، والدكادكي: جمع دكداك وهو ما التبد من الرمل بالأرض ولم يرتفع، والبرق بضم الباء وفتح الراء جمع برقة، وهي أرض فيها حجارة ورمل وطين مختلط، وهيجت معناه حركت وأظهرت، وفاعله يرجع إلى دار، ومفعوله شوق المشتئق، وأراد بالمشتئق نفسه

Zحجارة ورمل صبرا؛ أي أعطني صبرا هيجت حركت وزادت يريد بالمشتئق نفسه "ونحو قراءة من قرأ بالهمزة وهو أيوب السختياني "ولا الضألين" وقراءة عمرو بن عبيد ولا جأن بفتح الهمزة فيهما؛ إذ لا مقتضى للعدول عن الفتح الخفيف أصله الضالين بالألف، لأنه اسم فاعل، وإنما أخر الإبدال من الألف عن الإبدال من الهاء مع أن المناسب أن يقدم الإبدال من الألف عليه؛ لئلا يقع الفصل بينها وبين أختيها نظرا إلى أن الإبدال من الهاء في ماء لازم كما ذكرنا، والإبدال من الألف في المشتق غير لازم ولازم الإبدال في بابه مقدم على غيره، فإن قيل: فعلى هذا يلزم أن يقدم الإبدال من الهاء على الإبدال من الواو والياء؛ إذ الإبدال فيهما غير لازم، قلنا: الإبدال فيهما وإن كان غير لازم إلا أنه ليس بشاذ؛ إذ الحركة مطلقا عليهما ثقيلة بخلاف الإبدال من الهاء فإنه شاذ كالإبدال من الألف في نحو المشتئق؛ إذ لا تخفيف فيهما، بل فيهما ثقل، وإنما جعل إبدال الهمزة من الألف من غير المطرد، وإن كان أصحاب هذه اللغة طردوه جدا كما طردوه في الهرب عن التقاء الساكنين وأن كونه في لغة ضعيفة لا ينافي كونه مطردا؛ نظرا إلى عدم اطراده في جميع اللغات "و" أبدلت "من العين" جوازا غير مطرد "نحو: أباب بحر ضاحك زهوق" أصله عباب، وهذا الإبدال أشد لكونه في غاية القلة، ولذا أخره والعباب ارتفاع الماء ضحك البحر كناية عن املائه وتموجه وزهوق؛ أي عميق قوله: "لاتحاد مخرجهن"؛ أي الهمزة والهاء والألف والعين وهو الحلق تعليل لإبدال الهمزة من الهاء والألف والعين "والسين" منها "أبدلت" جوازا غير مطرد "من التاء نحو استخذ أصله اتخذ عند سيبويه" على ما حكى المبرد عن بعض العرب كما مر، أبدلت الأولى سينا، ومن أنكر كون السين من حروف الإبدال أنكر كون أصله اتخذ، بل يقول إنه استفعل من استخذ يستخذ كما مر "لقربها في المهموسية. التاء" منها "أبدلت من الواو" التي هي فاء جوازا غير مطرد "من التاء نحو استخذ أصله اتخذ عند سيبويه" على ما حكى المبرد عن بعض العرب كما مر، أبدلت الأولى سينا ومن أنكر كون السين من حروف الإبدال أنكر كون أصله اتخذ، بل يقول إنه استفعل من استخذ يستخذ كما مر "لقربها في المهموسية. التاء" منها "أبدلت من الواو" التي هي فاء جوازا غير مطرد "نحو تخمة" بضم التاء وفتح الخاء والميم والعامة تقول: تخمة بتسكين الخاء أصله وخمة؛ لأنه من الوخامة بمعنى الثقلة أبدلت من الواو فصار تخمة "و" من الواو التي هي لام نحو "أخت" أصله أخو بالتحريك كأخ فإن أصله أيضا أخو بالتحريك حذفت اللام منهما على غير القياس لكثرة استعمالهما وهو الواو؛ لأنك تقول في التثنية أخوان ولم يعرض عنه للمذكر وعوض للمؤنث فرقا بينهما ولم يعكس لكثرة استعمال المذكر، ولأن التعويض فرع كالمؤنث وخص التاء للتعويض لمجيئه للتأنيث وضم الهمزة في أخت دون أخ لأجل التاء التي ثبتت في الوصل والوقف كالاسم الثلاثي، فكأن الضم أجعل دليلا على أن التاء عوض عن الواو، ولأن التاء ثابتة في الوصل والوقف، وأنها بمنزلة الحرف الأصلي، وأن الاسم بها كالثلاثي قيل في تثنيته أختان بالتاء دون أخوان بالواو، وإن كانت التثنية ترد على الأصل، وأما الأخ فلما لم يعوض عن الواو فيه شيء فكأنه لم يكن فيه واو من الأصل وأنه ثنائي فلم يحتج فيه إلى الدليل "لقرب مخرجهما و" أبدلت التاء "من الياء" جوازا غير مطرد "نحو ثنتان أصله ثنيان" في عدد المؤنثين؛ لأنه من ثنيت "وأسنتوا" بفتح الهمزة من باب الإفعال؛ أي أجدبوا "أصله اسنيوا" بالياء وأصله أسنووا بالواو بدليل سنوان، أبدلت الياء من الواو فصار أسنيوا، ثم أبدلت التاء من الياء فصار اسنتوا، وإنما قلنا التاء أبدلت الياء دون الواو؛ لأن حكم الواو الرابعة قلبها ياء

_ Q"و" في "نحو قراءة من قرأ ولا الضألين بفتح الهمزة" وهي في الأصل ألف اسم الفاعل، قال في الكشاف وقرأ أيوب السختياني ولا الضألين بالهمزة، كما قرأ عمرو بن عبيد ولا جأل هذه لغة من جد في الهرب من التقاء الساكنين "و" الهمزة أبدلت "من العين" جواز غير مطرد "نحو: أباب بحر ضاحك زهوق" والأصل عباب بالعين المهملة أبدلت منها همزة، فصار أباب والعباب بالضم معظم الماء وكثرته وارتفاعه، وعباب البحر أكثر ماء وضاحك؛ أي يضحك بالموج يقال: ضحك البحر إذا هاج من عظم والزهوق البعيد؛ أي بعيد القعر قوله: "لاتحاد مخرجهن" علة لإبدال الهمزة من الهاء وإبدالها من الألف وإبدالها من العين كلها وضمير مخرجهن يرجع إلى الهمزة والهاء والألف والعين جميعا "السين أبدلت من التاء" بنقطتين من فوق جوازا غير مطرد "نحو استخذ أصله اتخذ" بتاءين "عند سيبويه" فأبدلت السين من التاء الأولى "لقربهما في المهموسية" ومن أنكر كون السين من حروف الإبدال أنكر أن أصله اتخذ في الصحاح، حكى المبرد أن بعض العرب يقول: استخذ فلان أرضا يريد اتخذ فيبدل من إحدى التاين سينا، كما أبدلوا التاء مكان السين في قولهم: ست، ويجوز أن يكون أراد استفعل من اتخذ يتخذ فحذف إحدى التاءين تخفيفا، كما قالوا: ظلت من ظللت انتهى كلامه "التاء أبدلت من الواو" جوازا غير مطرد "نحو تخمة" بضم التاء وفتح الخاء، ويجوز إسكانها أصله وخمة في مختار الصحاح تقول: اتخم من الطعام وعن الطعام، والاسم التخمة بفتح الخاء والعامة تسكنها "وأخت" أصله أخو بفتحتين فضمت الهمزة لتدل على الواو لا الخاء، بل أسكنت لوقوعها بين الشديدين بعد القلب، وإنما قلنا إن أصله أخو بدليل أن جمعه أخوات فأبدلت التاء من الواو فيهما "لقرب مخرجهما"؛ أي مخرج الواو والتاء "و" التاء أبدلت "من الياء" أيضا "نحو ثنتان" بنقطتين من فوق بعد النون "أصله ثنيان" بنقطتين من تحت؛ لأنه من ثنى الشيء؛ أي عطفه فاثنان عدد المذكر وثنتان عدد المؤنث "وأسنتوا أصله أسنيسوا" فأبدلت التاء من الياء فيهما

Z"حتى لا تقع الحركة" مطلقا "على الياء" الضعيف "و" أبدلت التاء "من السين" جوازا غير مطرد "نحو ست أصله سدس" كما مر في المضاعف "ونحو" قاتل الله بني السعلات. "عمرو بن يربوع شرار النات" غير أعفاء ولا أكيات. النات الأصل الناس، والأكيات الأصل الأكياس جمع كيس، والمنادي محذف؛ أي يا قوم السعلات النساء الضخمات الخبيثات، وعمرو بدل من ابن، وشرار الناس صفة عمرو، وعمرو هنا اسم قبيلة، وشرار جمع شرير، وأعفاء جمع عفيف يريد يا قوم قاتل الله هؤلاء الجماعة؛ فإنهم شرار الناس وغير أعفاء وغير أكياس. وذكر في الضرام من حكايات العرب أن عمرو بن يربوع تزوج سعلاة، وهي أنثى أخبث الجن وولدت له أولاد ثم بغت ثم تناسل الأولاد فصار عمرو بن يربوع اسم قبيلة، فعلى هذا السعالي جمع سعلاة بمعنى الغول "و" أبدلت التاء جوازا غير مطرد "من الصاد نحو لصت" أصله لص بالتشديد "لقربهن"؛ أي التاء والسين والصاد "في المهموسية و" أبدلت التاء "من الياء" جوازا غير مطرد "نحو الذعالت" أصله الذعالب لكثرة استعماله جمع ذعلبة بكسر الذال، وهي الناقة السريعة، وأما الذعاليب فجمع ذعلوب بضم الذال، وهي قطعة حزمة. "النون" منها "أبدلت من الواو" جوازا غير مطرد "نحو صنعاني" فكأنهم قالوا صنعاوي كصحراوي ثم أبدلوا من الواو النون، وقيل: النون أبدلت من الهمزة في صنعاء، والأول هو الأصح؛ إذ لا مقاربة بين الهمزة والنون بخلاف الواو والنون وصنعاء ممدودة قصبة باليمن "لقرب النون من حروف العلة و" أبدلت النون "من اللام" على الضعف لمخالفة استعمال الفصحاء "نحو: لعن" أصله لعل لكثرة استعماله، وقيل إنهما لغتان لقلة التصرف في الحروف و"لقربهما في المجهورية" وفي المخرج أيضا ولذلك يدغم فيه. "ومنها الجيم أبدلت" جوازا غير مطرد "من الياء المشددة" في الوقف لاشتراك الجيم والياء في المخرج لكونهما في وسط اللسان واشتراكهما في صفة الجهر، قال أبو عمرو: قلت لرجل من بني حنظلة ممن أنت؟ فقال: فقيمج أصله فقيمي، وفقيم اسم قبيلة، فقلت: من أيهم؟ فقال: مرج بتشديد الراء أصله مرمى، وقد يجري الوصل مجرى الوقف "نحو: أبو علج" أصله أبو علي في قوله: خالي عويف وأبو علج ... المطعمان الشحم بالعشج وبالغداة كتل البرنج ... يقلع بالواد وبالصيصج أصله بالعشي والبرني أجود التمر، والصيصي القرن، والكتل بضم الكاف وفتح التاء المجتمع، الواد الوتد أدغم التاء في الدال "حتى لا تقع الحركات المختلفة على الياء" الضعيف "و" أبدلت الجيم جوازا غير مطرد "من الياء غير المشددة حملا على المشددة" وإنما قال: حملا على المشددة؛ لأن إبدال الجيم من الياء المشددة كثير شائع في استعمال الفصحاء سواء كانت متطرفة في الوقف كفقيمج أو في الوصل كأبي علج أو غير متطرفة كأجل بمعنى أيل، وسواء كان في النثر كالمثال الأول أو في الشعر كالمثال الثاني والثالث في قوله: كأن في أذنابهن الشول ... من عيس الصيف قرون الأجل الشول جمع شائل وهو المرتفع، والعيس ما يتعلق بأذناب الإبل من أبوالها وأبعارها فجف عليها في الصيف

_ Q"حتى لا تقع الحركة على الياء" الضعيفة، يقال القوم أسنتوا في موضع كذا إذا لبثوا فيه سنة "ومن السين" جوازا غير مطرد أيضا "نحو ست أصله سدس" كما مر في المضاعف "ونحو" قول الشاعر: قاتل الله بني السعلات "عمرو بن يربوع شرار النات" أصله شرار الناس "ومن الصاد" جوازا غير مطرد أيضا نحو "لصت" أصله لص وهو السارق، وإنما أبدلت التاء من السين والصاد فيهما "لقربهن"؛ أي التاء والسين والصاد "في المهموسية و" التاء أبدلت "من الباء" بنقطة "نحو الذعالت" أصله الذعالب جمع ذعلبة، وهي الناقة السريعة السير، وقيل هي النعامة وما قبل الذعالب أخلاق من الثياب جمع ذعلوب فهو سهو؛ لأن جمع ذعلوب ذعاليب على زنة مفاتيح لا ذعالب بوزن مساجد الذي نحن فيه، وفي الصحاح الذعالب قطع الخرق واحدها ذعلوب "النون أبدلت من الواو" جوازا غير مطرد "نحو صعاني" الصنعاء ممدود وهي قصبة اليمن، فإذا نسب إليه، فالقياس أن يقال صنعاوي بالواو؛ لأن الاسم الممدود إذا نسب إليه فقياسها قلب الهمزة واو كزكراوي وخنفاوي، وكذلك بهراني أصله بهراء بالمد وهي قبيلة من قضاعة، فالقياس أن يقال بهراوي، لكن النون أبدلت من الواو فصار صنعاني وبهراني "لقرب النون من حروف العلة" وقد سبق بيان قربه منها، قال ابن الحاجب: إبدال النون من الواو في النسب في هذين الصورتين فقط "و" النون أبدلت "من اللام" أيضا جوازا غير مطرد "نحو لعن" أصله لعله، وهو حرف من الحروف المشبهة بالفعل فأبدلت النون المشددة من اللام المشددة "لقربهما"؛ أي اللام والنون "في المجهورية" قال بعض المحققين: هذا الإبدال ضعيف؛ لأن لعن في لعل"الجيم أبدلت من الياء المشددة" جوازا غير مطرد "نحو قول الشاعر: خالي عويف و" هو اسم رجل "أبو علج" أصله أبو علي آخر البيت: المطعمان الشحم بالعشج. أصله بالعشي فأبدلت الجيم المشددة في الموضعين "حتى لا يقع الحركات المختلفة على الياء" الضعيفة "ومن الياء غير المشددة حملا على المشددة

Zوالأجل أصله إيل وهو الوعل شبه البعرات المتعلقة بأذناب الإبل في الصيف بقرون الإبل، وأما إبدال الجيم من الياء المخففة فلا يحفظ ذلك إلا في الشعر، ولذلك قيل إن هذا الإبدال حسن بشروط ثلاثة تشديد الياء والوقف والشعر، فإن اختل أحدها فهو قليل "نحو: لاهم إن كنت قبلت حجتج"؛ أي حجتي "فلا يزال شاحج يأتيك بج"؛ أي بي "أقمر نهات ينزى وفرتج"؛ أي وفرتي لاهم بمعنى اللهم الشاحج الحمار أقمر أبيض نهات صوات ينزى يحرك الوفرة الشعر إلى شحمة الأذن فلا يزال دأبه يقول: إن قبلت حجي ووقفتي؛ لأني أتيت بيتك للحج مرارا كثيرة راكبا على حمار ذي قوة يحركني حتى يتحرك شعر رأسي. "الدال أبدلت من التاء" جوازا غير مطرد "نحو فزد" أصله فزت؛ أي ظفرت "واجدمعوا" أصله اجتمعوا "لقرب مخرجيهما الهاء أبدلت من الهمزة" جوزا غيرمطرد "نحو هرقت" لاتحادهما في المخرج أصله أرقت "و" أبدلت "من الألف" جوازا غير مطرد "نحو حيهله" أصله حيهلا بالألف دون الهاء "وأنه" أصله أنا بالألف دون الهاء؛ لأنهما إنما زيدا للوقف والأكثر في الاستعمال الوقف على حيهلا وأنا بالألف دون الهاء، فظهر أن الأصل فيهما الألف "و" أبدلت الهاء "من الياء" جوازا غير مطرد "في هذه أمة الله" أصله هذي؛ لأنه ثبت أن الياء للتأنيث في باب تضربين واضربي، ولهذا عد كثير من النحاة الياء من علامة التأنيث وأبدلت الهاء من الألف والياء "لمناسبتها"؛ أي الهاء "بحروف العلة في الخفاء ومن ثمة"؛ أي ومن أجل خفاء الهاء "لا تمتنع الإمالة" وهي أن تنحو بفتحة ما قبل الألف نحو الكسرة "في مثل بضربها أو تمتنع في أكلت عنبا" واعلم أن سبب جواز الإمالة قصد المناسبة لكسرة ما قبل الألف أو بعدها، والكسرة إنما تؤثر في الإمالة إذا تقدمت على الألف بحرف كعماد أو بحرفين أولهما ساكن كشملال، وأما إذا تقدمت عليها بحرفين متحركين أو أكثر مثل: أكلت عنبا لا تؤثر، وأما قولهم يريد أن ينزعها ويقربها وهو عندها وله درهما فسوغه وإن كان شاذا كون الهاء خفيفة فلا يعتد بها، فكأنه لم يفصل بين الألف والكسرة بأكثر من حرف بخلاف أكلت عنبا، فإن الياء ليست بخفيفة "و" أبدلت الهاء في الوقف "من التاء وجوبا مطردا في مثل طلحة"؛ أي في الاسم المفرد في آخره

_ Qنحو" قول الشاعر "لاهم إن كنت قبلت حجتج، فلا يزال شاحج" الرواية الصحيحة شاحجي "يأتيك بج" لاهم بضم الهاء وفتح الميم المشددة مقصورة من اللهم، والشحيج البغل والحمار والغراب صوته المراد من الشاحج ها هنا البغل المصوت والحمار المصوت، وكنى به عن قدرته على السفر فأصل حجتج وبج حجتي وبي فأبدلت الجيم المخففة من الياء المخففة حملا على الياء المشددة "الدال أبدلت من التاء" جوازا غير مطرد "نحو: فزد" أصله فزت على وزن قلت من فاز يفوز؛ أي ظفر "واجدمعوا" أصله اجتمعوا فأبدلت التاء من الدال فيهما "لقرب مخرجهما"؛ أي الدال والتاء "والهاء أبدلت من الهمزة" جواز غير مطرد "نحو: هرقت" من أرقت الماء، وأما من قال أهرقت الماء فليس الهاء بدلا حينئذ، وإنما هي زائدة على خلاف القياس "و" أبدلت "من الألف" أيضا جوازا غير مطرد "نحو حيهله" أصله حيهلا. اعلم أن حيهله مركب من حي بمعنى أقبل أوائت مرين أولهما يعدي بعلى، فيقال حي على الصلاة؛ أي أقبل عليها، وثانيهما يعدي بنفسه ومن هلا بمعنى أسرع واستعجل أمرا، لكن المركب إما بمعنى أسرع أيضا فيعدي إما بإلى أو الباء أو بمعنى أقبل فيعدي بعلى أو بمعنى ائت فيعدي بنفسه، ولك أن تستعملها مفردين ومركبين، وفي المركب لغات ذكروها في المطولات "وأنه" أصله أنا وهو ضمير المتكلم فأبدلت الهاء من الألف "ومن الياء في هذه أمه الله" أصله هذي "لمناسبتها"؛ أي لمناسبة الهاء "بحروف العلة في الخفاء ومن ثم"؛ أي ومن أجل أن الهاء مناسبة بحروف العلة في الخفاء "لا تمتنع الإمالة" وهي في اللغة مصدر قولك: أملت الشيء إمالة إذا عدلت به إلى غير الجهة التي فيها، وفي الاصطلاح أن تنحى الفتحة نحو الكسرة؛ أي هو عدول الفتحة عن استوائها إلى الكسرة، وذلك بأن تشرب الفتحة شيئا من صوت الكسرة فتصير الفتحة بينها وبين الكسرة، ومن جملة الأسباب المقتضية لإمالة الفتحة أن يقع الكسرة قبل الفتحة الممالة إما بلا واسطة حرف نحو: عماد أو بواسطة حرف ساكن نحو: شملال، ولا يجوز بواسطة المتحرك نحو: عنبا إلا إذا كانت الفتحة الممالة على الهاء نحو أن ينزعها، وذلك لأن الهاء خفيفة فكأنها معدومة، فكأنك قلت: أن ينزعا فتميل فتحة العين إلى الكسرة لكون ما قبلها مكسور أو من هذا القسم ما ذكره بقوله: "في مثل يضربها" بفتح الياء، ولو قال: لن يضربها لكان أظهر لكنه تسامح بناء على ظهور المراد، فجاز إمالة فتحة الهاء فيه بناء على أن الهاء كأنها معدومة، فكأنك قلت: يضربا فوقع الكسرة قبل الفتحة الممالة بلا واسطة "ويمتنع" الإمالة "في مثل أكلت عنبا" لتوسط الحرف المتحرك بين كسرة العين وفتحة الباء، وإنما امتنعت الإمالة إذا توسط المتحرك دون الساكن؛ لأنهم إنما قصدوا بالإمالة تناسب الأصوات وتقريب الحروف بعضها من بعض على عادتهم المألوفة في طالب المشاكلة ليحسن الصوت ويخف النطق به، وإذا توسط بين الكسرة والفتحة الممالة حرف متحرك تمتنع التشاكل لبعده عنها حينئذ، بخلاف ما إذا توسط ساكن؛ لأن الساكن ضعيف فهو حاجز كلا حاجز، اعلم أن الإمالة ليست لغة جميع العرب، بل لغة بعضهم وأشد حرصا عليها بنو تميم كذا حقق "و" الهاء أبدلت "من التاء وجوبا مطردا" في حالة الوقف في الأسماء المؤنثة بالتاء "نحو: طلحة"

Zتاء التأنيث لا في الوصل "للفرق بينهما وبين التاء التي في الفعل" نحو: ضربت ولم يعكسوا؛ لأنهم لو قالوا ضربه في ضربت لالتبس بضمير المفعول "الياء أبدلت من الألف وجوبا" مطردا "نحو مفيتيح" تصغير مفتاح ومفاتيح جمعه؛ أي فيما وقع الألف بعد كسرة "و" أبدلت الياء "من الواو وجوبا" غير مطرد "نحو: ميقات"؛ أي فيما إذا كان الواو ساكنا وما قبلها مكسورا وقوله: "لكسرة ما قبلهما"؛ أي الواو والألف وسكونهما واستدعاء الكسرة الياء تعليل لإبدال الياء من الألف والواو جميعا "و" أبدلت الياء "من الهمزة جوازا" غير مطرد "نحو: ذيب" أصله ذئب؛ أي فيما يكون الهمزة ساكنة وما قبلها مكسورا للين عريكة الساكن واستدعاء ما قبلها، وقد مر في المهموز، ولذا لم يذكره "و" أبدلت جوازا غير مطرد "من أحد حرفي التضعيف نحو: تقضي البازي" في قول العجاج: إذا الكرام ابتدروا الباع بدر ... تقضي البازي إذا البازي كسر أبصر خربان فضاء فانكدر أصله تقضض فاستثقلوا ثلاث ضادات، فأبدلوا من إحداهن ياء كما مر في المضاعف، قال الجوهري: لم يستعملوا القض من تفعل إلا مبدلا. قوله: ابتدروا؛ أي عجلوا الباع قدر مد اليدين، وربما يعبر بالباع عن الشرف والكرم وهو المراد هنا، بدر؛ أي أسرع، وتقضي بكسر الضاد ونصب الياء مصدر من التفعل أصله تقضض أبدلت الياء من الضاد لما ذكر وخصت الأخيرة بالإبدال؛ لأن الثقل إنما نشأ منها وإنما خصت الياء؛ لأن الأصل في الإبدال حروف العلة لكثرة دورها والواو ثقيل بالنسبة إلى الألف والياء، وقد يكون ما قبل المبدل منه مكسورا كما في تصدية فيمن جعلها من صد يصد، وقد يكون مضموما كما في تقضي البازي فلا يصلح الألف للإبدال حينئذ فتعين الياء، ولأنها لام الفعل وهو المحل للتغيير، وكسرت الضاد المضمومة لأجل الياء كما في التمني والترجي وانتصابه على أنه مفعول مطلق لبدر؛ أي أسرع ذلك الممدوح إلى الشرف إسراعا مثل إسراع البازي عند نزوله من الهواء على الصيد كاسرا جناحيه، قوله: أبصر بدل منكسر أو حال بتقدير قد الخربان جمع خرب بفتحتين، وهو ذكر البازي ابتدر في نزوله "و" أبدلت الياء "من النون" جوازا غير مطرد "نحو أناسي" أصله أناسين؛ لأنه جمع إنسان "ودينارا" أصله دنار بالتشديد فأبدلت النون فيهما ياء "لقرب الياء من النون" في الغنة والمدة وكسر ما قبلها، ثم أدغمت الياء في الياء "و" أبدلت الياء "من العين" جوازا غير مطرد "نحو ضفادي" بسكون الياء؛ لأنه حكاية من قوله ومنهل ليس له حوازق ... وبضفادي جمة نقانق المنهل المورد والمشرب، الحوازق جمع حازقة وهي الجانب الجم ما اجتمع من ماء البئر، النقانق جمع نقنقة وهي صوت الضفدع، المعنى رب مشرب ماء ليس له جوانب تمنع الوارد إليه، بل كلها سهلة لمن يرده والضفادع ماءه المجتمع الأصوات بإضافة الضفادي إلى الجم والجم إلى الضمير المنهل أصله ضفادع جمع ضفدع بكسر الدال وسكون الفاء "لثقل العين"؛ لأنه من حروف الحلق وهي ثقيلة وكسرة ما قبلها

_ Qامرأة "ورحمه" بالهاء فيهما والأصل طلحة، ورحمة بالتاء فيهما فأبدلت منها الهاء "للفرق بينهما" الضمير يرجع إلى طلحة ورحمة، والمراد للفرق حالة الوقف بين التاء التي في الاسم "وبين التاء التي في الفعل" نحو: ضربت هند والتخفيف لما كثر تأنيثه أولى، وقيل أعطى التخفيف بالقلب للاسم وبالتسكين لفعل للتعادل ولم يعكس؛ لئلا بلتبس بالضمير المنصوب "الياء أبدلت من الألف وجوبا مطردا" كما في التصغير "نحو: مفيتيح" في تصغير مفتاح "ومن الواو" وجوبا مطردا أيضا "نحو: ميقات" أصله موقات، وكذلك ميزان أصله موازن، وإنما أبدلت الياء منها "لكسرة ما قبلها" أما في ميقات فظاهرة، وأما في مفيتيح؛ فلأنه لما صغر مفتاح وجب كسر ما قبل الألف فوجب قلبها ياء "و" الياء أبدلت "من الهمزة" أيضا "جوازا" غير مطرد "نحو: ذيب" بالياء أصله ذئب بالهمزة "ومن إحدى حرفي التضعيف" أيضا جوازا غير مطرد "نحو: تقضي البازي أصله تقضض "كما مر" في باب المضاعف "و" الياء أبدلت "من النون" أيضا جوازا غير مطرد "نحو: أناسي" بفتح الهمزة وكسر السين وفتح الياء المشددة صلة أناسين؛ لأنه جمع إنسان كمصباح ومصابيح، فلما كسر السين للجمع قلبت الألف ياء لانكسار ما قبلها، ثم أبدلت الياء من النون وأدغم الأولى في الثانية فصار أناسي "ودينار" أصله دننار بتضعيف النون بدليل أن جمعه دنانير، فأبدلت الياء من النون الأولى "لقرب الياء من النون و" الياء أبدلت "من العين" أيضا جوازا غير مطرد "نحو: ضفادي" في قول الشاعر: ومنهل ليس له حوازق ... وبضفادي جمة نقانق فأبدلت العين في ضفادع وهو جمع ضفدع ياء، وكان ينبغي أن يقول: وبضفادع جمة، لكن لو قال كذلك لانكسر البيت، فأبدلت من العين ياء والياء يسكن في موضع الجر، فاستوى فيه وزن الشعر: المنهل المورد وهو عين ماء ترده الإبل في المراعي، والحوازق بالحاء المهملة والزاي المعجمة جمع حازق والحزق الحبس؛ يعني أن هذا المنهل ليس له جوانب تمنع الماء أن يبسط حوله، والنقانق بفتح النون جمع نقنقة وهي صوت الضفدع، والجمة الكثيرة، وإنما أبدلت الياء من العين "لثقل العين" بالنسبة إلى الياء وكسرة ما قبلها، ولا ثقل في الكسرة مع الياء لتجانسهما

Zالمستدعية للياء "و" أبدلت الياء "من التاء جوازا" غير مطرد "نحو: ايتصلت" أصله بالواو العاطفة في قوله: قام بها ينشد كل منشد ... وايتصلت بمثل ضوء الفرقد الفرقد الكوكب "لأن أصله"؛ أي أصل الياء في ايتصلت "واو ساكنة" ما قبلها مكسور؛ إذ أصله أوتصلت من الوصل، قلبت الواو تاء على القياس؛ لأن فاء الافتعال إذا كان واوا قلبت الواو تاء كما مر في المضاعف، وهذا لغة بني تميم، ثم أبدل الشاعر الياء من التاء وإن لم يكن بينهما مناسبة، إلا أن التاء لما أبدلت من الواو وبين الياء والواو مناسبة، فكأن المناسبة حاصلة بين الياء والتاء فأبدلها منها، وأما أهل الحجاز فيقلبون الواو ياء لانكسار ما قبلها ويتركون الياء على حالها فانزالت كسرة ما قبلها، كما في واو اتعد لا يقلبون الواو ياء لعدم علة القلب حينئذ، ولهذا حمل الزمخشري والمصنف قول الشاعر: وايتصلت على أن الياء أبدل من التاء في ايتصلت، ولم يجعلاه بدلا من الواو على لغة أهل الحجاز، وما وقع في النسخ من ايتصلت بدون الواو فخطأ كأنه وقع من الكاتب؛ إذ لو كان بدون الواو يكون ما قبله مكسورا، فيحتمل أن يكون الياء مبدلة من الواو على لغة أهل الحجاز فلا يتعين؛ لأن يكون مثالا لإبدال الياء من التاء، وأما إذا كان مع الواو فحينئذ لا يكون ما قبله مكسورا فلا يحتمل أن يكون الياء مبدلة من الواو على تلك اللغة، فتعين أن يكون مثالا لإبدال الياء من التاء، قال ابن الحاجب: إنما أبدلت التاء ياء لكونها إحدي حرفي التضعيف "و" أبدلت الياء "من الباء" جوازا غير مطرد نحو "نحو الثعالي" في قوله: كأن رحلي على شغواء جادرة ... ظمياء قد بل من طل خوافيها لها أشارير من لحم مشرحة ... من الثعالي ووخز من أرانيها الشغواء العقاب، الجادرة المكتنزة الصلبة، شبه راحلته في سرعتها بعقاب، وظمياء معناها ما تضرب إلى السواد عطشى إلى دم الصيد، والطل مطر ضعيف، والخوافي ريش جناحها، وإذا بلها الطل أسرعت والضمير في لها للعقاب؛ أي لها في وكرها، أشارير جمع أشرارة براءين غير معجمتين، وهي قطعة من القديد، مشرحة مقطعة، الوخز الشي القليل؛ يعني أنها تصيد لفرخها، الثعالب والأرانب أصل الثعالي والأراني الثعالب والأرانب "و" أبدلت الياء "من السين" جوازا غير مطرد "نحو: السادس" في قوله: إذا ما عد أربعة فسال ... فزوجك خامس وأبوك سادي أصله سادس، الفسال جمع فسل بفتح الفاء وسكون السين وهو الرجل الخسيس؛ يعني إذا عد أربعة من أراذل القوم فزوجك خامسها وأبوك سادسها "ومن الثاء" أبدلت جوازا غير مطرد "نحو: الثالي" في قوله: قد مر يومان وهذا الثالي ... وأنت بالهجران لا تبالي أصله الثالث؛ يعني مضى يومان وهذا اليوم الثالث وأنت لا تبالي ولا تكترث بالفراق "لكثرة ما قبلهن"؛ أي الياء والسين والثاء "الواو أبدلت من الألف وجوبا مطردا نحو: ضوارب"؛ أي فيما وقع الألف قبل الألف للتكسير، فإنه جمع ضارب فلما زيد الألف بعد الألف في اسم الفاعل للتكسير اجتمع الألفان، فأبدلت الواو من الأولى "لقربهما في العلية واجتماع الساكنين" وعدم إمكان حذف أحدهما للالتباس بالواحد، كما مر في أواصل "و" أبدلت الواو "من الياء وجوبا مطردا نحو: موقن"؛ أي إذا كانت الياء ساكنة وما قبلها مضموما أصله ميقن "لضمة ما قبلها" واستدعاء الضمة الواو ولم يوجد قوله وجوبا مطردا هنا في أكثر النسخ مع وجوب ذكره، ولعله سقط سهوا من كاتب فانتشر نسخة ذلك الكاتب "و" أبدلت الواو

_ Q"و" الياء أبدلت "من التاء" أيضا "جوازا" غير مطرد "نحو ايتصل" أصله اتصل بالتضعيف، فأبدلت الياء من إحدى التاءين، وإنما قلنا إن أصله اتصل "لأن أصله واو ساكن" وقد مر أن الواو والياء إذا وقعتا قبل تاء الافتعال تقلبان تاء وتدغمان في تاء الافتعال، نحو: اتعد واتسر فكذلك ها هنا أصله أوتصل فقلبت الواو تاء ثم أبدال الياء من تلك التاء فصار ايتصل "و" الياء أبدلت "من الباء" بنقطة واحدة جوازا غير مطرد "نحو: الثعالي" أصله الثعالب وكذلك الأراني أصله أرانب كما في قول الشاعر يصف عقابا: لها أشارير من لحم متمرة ... من الثعالي ووخز من أرانيها الأشارير قطع من لحم قديد، وتمييز اللحم تجفيفها، والوخز الشيء القليل، يقول إنها تصيد الثعالب والأرانب لفرخها "ومن السين" أيضا جوازا غير مطرد "نحو: السادي" أصله السادس "ومن الثاء" بنقط ثلاث جوازا غير مطرد "نحو: الثالي" أصله ثالث كما في قول الشاعر: قد مر يومان وهذا الثالي ... وأنت بالهجران لا تبالي وإنما أبدلت الفاء من هذه الحروف في هذه الصور "لكسرة ما قبلهن"؛ أي ما قبل الباء والياء والسين والثاء كما ترى "الواو أبدلت من الألف وجوبا مطردا نحو: ضوارب" جمع ضارب فلما اجتمع مع ألف الجمع ألفان فأبدلت الواو من الألف الأولى، الذي هو ألف اسم الفاعل في ضارب "لقربهما"؛ أي الواو الألف "في العلية"؛ أي في كونهما حرفي علة "واجتماع الساكنين" هما الألفان المذكوران "و" أبدلت أيضا "من الياء" وجوبا مطردا "نحو: موقن" أصله ميقن فأبدلت الواو من الياء "لضمة ما قبلها" وإنما لم يذكر قيد الوجوب والاطراد ها هنا اكتفاء بما علم مما مر في باب الأجوف بقوله: إن حرف العلة إذا سكنت جعلت من جنس حركة ما قبلها للين عريكة الساكن واستدعاء

Z"من الهمزة جوازا مطردا نحو لوم"؛ أي فيما كان الهمزة ساكنة وما قبلها مضموما أصله لؤم "كما مر" من أن عريكة الساكنة لينة وما قبلها مستدع "الميم أبدلت من الواو" جوازا غير مطرد "نحو فم"؛ أي أبدلت الميم من الواو في فم وحده؛ إذ لم يقع في كلامهم مثله فيلحقوه به وليس مثله إلا ذو ولم يقع إلا مضافا فاستغني عن إبدال واوه ميما، وأصل فم فوه بدليل أفواه حذفت الهاء منه على غير القياس لخفائها وكثرة استعماله، ثم قلبت الواو ميما "لاتحاد مخرجهما" الكلي أو لقرب مخرجهما الجزئي فكأنما متحدان مخرجا جزئيا؛ لأنه لو لم تقلب ميما وجب أن تقلب ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأن يحذف لالتقاء الساكنين التنوين والألف فيلزم أن يصير الاسم المتمكن على حرف واحد وهو غير موجود في كلامهم، وإنما عده من الجائز حيث سكت عن التقييد مع أنه لازم؛ لأن لزوم قلب الواو ميما إنما حصل من حذف الهاء وليس لحذفه سبب موجب، بل هو على خلاف القياس لكثرة الاستعمال فيكون جائزا لا واجبا "و" الميم أبدلت أيضا "من اللام" جوازا غير مطرد؛ أي من لام التعريف "نحو قوله عليه السلام: "ليس من امبر امصيام في امسفر" بدليل كثرة استعمال اللام في التعريف؛ أي ليس من البر الصيام في السفر إذا تضرر الصائم "لقربهما"؛ أي لمناسبة الميم واللام "في المجهورية و" أبدلت الميم "من النون الساكنة" جوازا غير مطرد "نحو: عمبر" أصله عنبر، وقد مر البحث عنه آخر فصل الماضي "و" أبدلت الميم "من" النون "المتحركة" جوازا غير مطرد "نحو: البنام في قوله: يا هال ذات المنطق التمتام ... وكفك المخضب البنام أصله البنان هال منادي مرخم أصله هالة اسم امرأة التمتام الذي يكثر التاء في كلامه والواو في وكف للقسم على سبيل الاستعطاف وليس بقسم على الحقيقة، المخضب من الخضاب صفة كفك ومضاف إلى البنام البنان أطراف الأصابع، وقوله: "لقربهما"؛ أي الميم والنون "في المجهورية" تعليل إبدال الميم من النون الساكنة والمتحركة معا "و" أبدلت الميم "من الباء" جوازا غير مطرد "نحو" قولهم: "ما زلت راتما" على هذا؛ أي راتبا بمعنى ثابتا "لاتحاد مخرجهما" ولاتحادهما في المجهورية "الصاد أبدلت" جوازا مطردا "من السين نحو أصبغ" أصله أسبغ؛ أي أتم "لقرب مخرجهما" واتحادهما في الصفير "الألف أبدلت من أختيها"؛ أي الواو والياء "وجوبا مطردا نحو: قال وباع"؛ أي فيما إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما أصلهما قول وبيع كما مر "و" أبدلت الألف "من الهمزة جوازا مطردا نحو رأس"؛ أي فيما إذا كانت الهمزة ساكنة وما قبلها مفتوحا أصله رأس "كما مر" في المهموز من أن الهمزة إذا كانت ساكنة

_ Qما قبلها نحو: ميزان أصله موزان ويوسر أصله ييسر، "و" أبدلت "من الهمزة جوازا مطردا نحو: لوم" أصله لؤم بالهمزة "كما مر" في باب المهموز من استدعاء ما قبلها ولين عريكة الساكن "والميم أبدلت من الواو" جوازا غير مطرد "نحو: فم" أصله فوه فحذفوا الهاء حذفا غير قياسي، كما حذفوا حروف العلة لمشابهتها في خفائها إياها، ولم يكن في كلامهم اسم متمكن على حرفين ثانيهما واو فأبدلت منها الميم "لاتحاد مخرجهما و" الميم أبدلت "من اللام" أيضا جوازا غير مطرد "نحو قول النبي عليه السلام: "ليس من امبر امصيام في امسفر"؛ أي ليس من البر الصيام في السفر، روي أن النمر بن تولب سأل النبي عليه السلام فقال: أمن امبر امصيام في امسفر؟؛ أي أمن البر الصيام في السفر؟ فأجاب النبي عليه السلام بهذا القول، قيل: إنه لم يرو عن النبي عليه السلام غير هذا الحديث، ومن كمال الفصاحة إخراج الجواب على ما وقع في السؤال، البر الطاعة فأبدلت الميم من لام التعريف في الموضعين "لقربما"؛ أي الميم واللام "في المجهورية" وإبدال الميم من لام التعريف لغة حمير ونفر من طيء "و" الميم أبدلت "من النون الساكنة" أيضا جوازا غير مطرد "نحو "عمبر" أصله عنبر "ومن المتحركة" أيضا كما في قول الشاعر: يا هال ذات المنطق التمتام ... وكفك المخضب البنام هال مرخم هالة، وهي اسم امرأة، والتمتام الذي فيه تمتمة، وهو الذي يتردد في التاء، والمخضب مشددة للمبالغة، والبنام البنان فأبدلت الميم من النون "لقربهما في المجهورية و" الميم أبدلت "من الباء" بنقطة من تحت جوازا غير مطردا أيضا "نحو: ما زلت راتما" أصله راتبا فأبدلت الميم من الباء "لاتحاد مخرجهما" يقال: رتب يرتب رتوبا؛ أي ثبت وانتصب قائما "الصاد أبدلت من السين" جوازا غير مطرد. اعلم أن الصاد تبدل من السين التي بعدها غين أو خاء معجمتين أو قاف أو طاء مهملة على سبيل الجواز، ولا يمتنع توسط حرف أو حرفين بينهما وبين السين وذلك "نحو أصبغ" أصله أسبغ؛ أي أتم فأبدل الصاد من السين وصلخ والأصل سلخ، تقول: سلخت جلد الشاة إذا نزعته، ومس صقر وأصله سقر، وهو اسم من أسماء النار، والنخل باصقات والأصل باسقات؛ أي طوال، وصراط أصل سراط والذي سوغ هذا الإبدال شدة استعلاء ما ذكرناه في الحروف الأربعة مع أن السين حرف مهموس بينهما منافرة فأبدلت الصاد "لقرب مخرجهما"؛ أي مخرج السين والصاد وليوافق ما بعدها من الحروف الأربعة في الاستغلاء فيتجانس الصوت "الألف أبدلت من أختيها" وهما الواو والياء "وجوبا مطردا" إذا تحركتا وانفتح ما قبلهما كما مر "نحو قال" أصله قول "وباع" أصله بيع فأبدل منهما لتحركهما وانفتاح ما قبلهما "و" الألف أبدلت "من الهمزة" أيضا "جوازا مطردا نحو: رأس

Zوما قبلها مفتوحا جعلت ألفا للين عريكة الساكن واستدعاء ما قبلها "اللام أبدلت من النون" جوازا غير مطرد "نحو: أصيلال" في قوله: وقفت فيها أصيلالا أسائلها ... أعيت جوابا وما بالربع من أحد والمعنى وقفت بدار الحبيبة أحيانا وسألتها عن الحبيبة فعجزت عن الجواب، وما بها أحد يجيبني أصله أصيلان تصغير أصلان، وهو جمع كبعير وبعران، والأصيل هو الوقت بعد العصر إلى المغرب، صغر أصلان فقيل أصيلان ثم أبدل من النون لام فقيل أصيلان "وبدأت من الضاد أيضا" جوازا غير مطرد "نحو: اضطجع" في قوله: لما رأى أن لا دعة ولا شبع ... مال إلى أرطاء حقفا فالطجع رأى؛ أي الذئب الدعة سعة العيش الحقف الرمل المجتمع أصله اضطجع "لاتحادهن"؛ أي اللام والنون والضاد "في المجهورية. الزاي أبدلت من السين" جوازا غير مطرد "نحو: يزدل" أصله يسدل بضم الياء والسدل الإرخاء لاتحاد مخرجهما وقربهما في الهمس، ولما كان السين حرفا مهموسا والدال حرفا مجهورا كرهوا الخروج من حرف إلى حرف ينافيه قرب أحدهما من الآخر بأن أبدلوا من السين زايا؛ لأنها من مخرجها وأختها في الصفير وتوافق الدال في الجهر فيتجانس الصوتان "و" أبدلت "من الصاد" أيضا جوازا غير مطرد "نحو قول حاتم" الطائي حين أسر في عنزة فأمرته أم المنزل أن يقصد ناقة لها، فقام حاتم إلى الناقة فنحرها فلامته على ذلك، فقال حاتم "هكذا فزدي أنه"؛ أي هكذا فصد الكرام أصله فصدي، وأنا تأكيد لياء الإضافة والهاء فيه للوقف لقرب مخرجهما واتحادها في الصفير، ولم يذكره المصنف اكتفاء بما ذكره في إبدال الصاد من السين "الطاء أبدلت من التاء وجوابا مطردا" في باب افتعل "نحو اصطبر" أصله فحصت من باب فتح؛ أي فتشت؛ أي فيما إذا كان قبل تاء الضمير من الحروف المستعلية المطبقة تشبها لتاء الضمير بتاء الافتعال في أنها كجزء من الفعل، ولهذا قال سيبويه: وأعرب اللغتين وأجودهما أن لا تقلب؛ لأن هذا الضمير لازم كتاء الافتعال في اللزوم "لقرب مخرجهما والموضع الذي لم يقيد" الابدال "فيه بالوجوب والمطرد والجواز المطرد" قوله: "من الصور المذكورة" بيان للموضع الذي لم يقيد؛ أي من إبدال حرف بحرف منذ شرع في بحث الإبدال "يكون" الإبدال في ذلك الغير المقيد "جائزا غير مطرد" كما قررنا في مواضع

_ Qلما مر" باب المهموز من أن الهمزة إذا كانت ساكنة وما قبلها متحركا تبدل إلى حرف يناسب حركة ما قبلها للين عريكة الساكن واستدعاء ما قبلها "اللام أبدلت من النون" جوازا غير مطرد "نحو: أصيلال" أصله أصيلان بوزن فعيلان بضم الفاء وفتح العين فأبدلت اللام من النون "ومن الضاد" والمعجمة جوازا غير مطرد "نحو: الطجع" أصله اضطجع فأبدلت اللام من الضاد "لاتحادهن"؛ أي اللام والنون والضاد "في المجهورية. الزاي أبدلت من السين" جوازا غير مطرد "نحو يزدل" أصله يسدل وسدل الثوب إرخاؤه، اعلم أن الزاي تبدل من السين والصاد أيضا بشرطين؛ أحدهما أن تكون ساكنة بنفسها، والآخر أن يقع بعدها دال مهملة، والذي يسوغ إبدال السين زايا عند وجود هذين الشرطين أن الدال حرف مجهور والسين حرف مهموس وبينهما مباينة، فقلبوا السين إلى الزاي؛ ليوافق السين المخرج والدال في الجهر فيتجانس الصوت ويسهل الكلمة على اللسان "و" الزاي أبدلت "من الصاد" جوازا غير مطرد "نحو قول حاتم الطائي" بالحاء المهملة وكسر التاء واو "هكذا فزدي أنه" أصله فصدي أنا فقوله أنه تأكيد لياء المتكلم في فزدي حكي أنه كان مشهورا بالكرم فلما أسر، وأقام في الأسر برهة من الزمان فبينما هو ذات ليلة على باب الخباء مقيد؛ إذ طرق صاحب الخباء ضيف فرحب به وأنزله وأمر بعض خدمه أن يأتي حاتما ببعير ليفزده لأجل الضيف، فلما أتي حاتم بالبعير نحره فلامه الخدم وقالوا أمرناط بفصده، فكيف أقدمت على نحره؟ فقال: هكذا فزدي أنه فقال الضيف: لصاحب الخباء من هذا الأسير؟ فقال: هو حاتم الطائي فاستوهبه منه فوهبه إياه ثم أطلقه "الطاء أبدلت من التاء وجوبا مطردا في" باب "الافتعال" كما مر من أن تاء الافتعال إذا وقعت بعد أحد الحروف الأربعة التي هي الحروف المطبقة المستعلية، وهي الصاد والضاد والطاء والظاء يقلب وجوبا طاء مهملة؛ لما بين حروف الإطباق وبين التاء من التضاد والتنافر وجمع المتضادين ثقيل فطلبوا حرفا من مخرج التاء ليوافق التاء في المخرج، ويوافق الحروف المطبقة في الإطباق ليسهل النطق بها، وهو الطاء نحو: اصطبر أصله اصتبر و"اضطرب" أصله اضترب، ونحو: اطلب أصله اطتلب، ونحو: اظلم أصله اظتلم "و" كذلك الحال في "فحصط" أصله فحصت على صيغة المتكلم، قوله: "لقرب مخرجهما"؛ أي مخرج التاء والطاء إشارة إلى ما ذكرناه "والموضع الذي لم يقيد" الإبدال "فيه" بشيء من الوجوب المطرد أو الجواز المطرد "من الصورة المذكورة" من أول بحث الإبدال إلى هاهنا "يكون" الإبدال فيه "جائزا غير مطرد"؛ أي سماعا لا يقاس عليه إلا مثل موقن؛ فإن إبدال الواو من الياء فيه واجب مطرد مع أنه لم يقيد به لعلة ذكرناها، ثم فلا يرد أن يقال في هذا القول خبط؛ لأن الإبدال في مثل موقن واجب مطرد مع أنه لم يقيده بشيء

الباب السابع في اللفيف

Zالباب السابع في اللفيف يقال له اللفيف للف": أي اجتماع "حرفي العلة فيه" يقال للمجتمعين من قبائل شتى لفيف فيفهم تعريفه من وجه تسميته "وهو على ضربين" أحدهما "مفروق" وهو ما فرق فيه بين حرفي العلة "و" ثانيهما "مقرون" هو ما قرن فيه بين حرفي العلة بأن لا يدخل بينهما حرف آخر. لم يعرفهما لإغناء اسميهما من اللف المعبر عنه، وقدم المفروق لتقدم الفاء على العين ولأنهما إذا اجتمعا تقوى أحدهما بالآخر فيغلبان على الحرف الصحيح فيكون البعد عن الصحيح، بخلاف ما إذا لم يجتمعا فهو أقرب إلى الصحيح، وما هو أقرب إلى الصحيح فهو أحق بالتقديم اللفيف "المفروق مثل وقى يقي وحكم فائهما كحكم فاء وعد يعد"؛ أي حكم فاء وقى كحكم فاء وعد وحكم فاء يقي كحكم فاء يعد، وحكم فاء وعد يعد قد مر في المثال "وحكم لامها كحكم لام رمى يرمي" وحكم لامهما قد مضى في الناقص؛ أي حكم لام اللفيف المفروق كحكم لام المعتل اللام "وكذلك"؛ أي مثل وقى يقي فاء ولاما "حكم أخواتهما" من الفاعل والمفعول وغيرها فاء ولاما مثلا حكم فاء واق وموقى كحكم فاء واعد وموعود وحكم لامهما كحكم لام رام ومرمى، وعلى هذا "الأمر" منهما "ق" أصله أوقى على وزن اضرب وإعلاله كإعلال أخواته وأتقن قواعد بابي المثال والناقص "قياقوا في قياقين وتقول بنون التأكيد" الثقيلة "قين قيان قن قن قيان قينان وبالخفيفة قين قن قن الفاعل واق" أصله واقي إعلاله كإعلال رام وإعلاله هو "المفعول موقى" حاله في الأصل والإعلال كحال مرمى "الموضع موقى"

_ Q"الباب الرابع": من الأبواب السبعة المذكورة في الخطبة "في اللفيف": وهو في اللغة ما اجتمع من الناس من قبائل شتى، ومنه قوله تعالى: {جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} ؛ أي مجتمعين مختلطين ثم نقله أرباب هذا الفن إلى هذا المعنى، وهو ما فيه حرفا علة لاجتماع الحرفين المعتلين في ثلاثية، وهذا معنى قوله يقال له لفيف للف حرفي العلة فيه "وهو"؛ أي اللفيف "على ضربين" أحدهما "مفروق و" الآخر "مقرون" وهذا حصر عقلي؛ لأن حرفي العلة في الكلمة الثلاثية، إما أن يتوسط بينهما حرف صحيح أو لا، فإن كان الأول يسمى مفروقا لوجود الفارق بينهما، وإن كان الثاني يسمى مقرونا "المفروق" قدمه لكون فائه حرف علة وهو مقدم على العين، وبعضهم قدم المقرون نظرا إلى كثرة أبحاثه بالنسبة إلى المفروق ولكل وجهة، والقسمة العقلية تقضي أن يكون للمفروق أربعة أقسام؛ لأن حرف العلة اثنان واو وياء وموضعهما اثنان أيضا الفاء واللام والاثنان في الاثنين بأربعة، لكن ليس في كلامهم من هذا النوع ما فاؤه ياء إلا يديت بمعنى أنعمت، فالفاء فيما عداه واو لا غير واللام لا يكون إلا ياء؛ لأنه ليس في كلامهم فعل فاؤه واو ولامه واو، فانحصر باستقراء كلامهم في قسم واحد وهو ما فاؤه واو ولامه ياء لا يجيء إلا من ثلاثة أبواب باستقراء كلامهم؛ علم يعلم حسب يحسب ضرب يضرب، فالأول مثل وجي يوجى والثاني مثل ولي يلي والثالث "مثل وقى يقي وحكم فائهما؛ أي فاء الماضي والمضارع "كحكم" فاء الماضي والمضارع من "وعد يعد" فكما لا يعل الفاء من المثال الواوي في الماضي لا يعل فاء اللفيف المفروق في الماضي أيضا، وكما يعل الفاء بالحذف في المضارع من المثال الواوي إذا كان مكسور العين لوقوعها بين ياء وكسرة يعل الفاء بالحذف أيضا في المضارع من اللفيف المفروق إذا كان مكسور العين لوقوعها بين ياء وكسرة؛ لأن اللفيف المفروق مثال باعتبار الفاء كما يكون ناقصا باعتبار اللام، ولهذا قال المصنف "وحكم لامهما"؛ أي لام الماضي والمضارع "كحكم رمى يرمي"؛ أي كما يعل حرف العلة بقلبها ألفا في الماضي من الناقص إذا كان مفتوح العين لتحركها وانفتاح ما قبلها، كذلك يعل حرف العلة بقلبها ألفا في الماضي من اللفيف إذا كان مفتوح العين لذلك وكما يسكن الياء في المضارع من الناقص إذا كان مكسور العين لثقل الضمة على الياء، كذلك يسكن في المضارع من اللفيف لثقل الضمة عليها "وكذلك"؛ أي كحكم الماضي والمضارع "حكم أخواتهما" من التثنية والجمع ومن الأمر والنهي واسم الفاعل والمفعول والمكان والزمان والآلة "الأمرق"؛ أي الأمر من وقى يقي يجيء على حرف واحد للمفرد المذكر، وذلك لأنك قد عرفت أن اللفيف المفروق كالمثال فاء وكالناقص لاما، فحذفت الواو من يوقي كما حذفت من يوعد فبقى يقي، ثم حذف حرف المضارعة للأمر فحذفت الياء أيضا علامة للجزم، كما تحذف من ارم علامة له فلا جرم يبقى على حرف واحد وهو القاف المكسورة، ولذلك يجب إلحاق هاء السكت في آخره عند الوقف لئلا يكون الابتداء والوقف على حرف واحد وقس عليه "قياقواقي قياقين وتقول" في الأمر "بنون التأكيد" المثقلة "قين" بفتح الياء "قيان قن" بضم القاف وحذف الواو "قن" بكسر القاف وحذف الياء "قيان قينان و" تقول "بالخفيفة قين قن" بضم القاف "بكسر القاف اسم "الفاعل واق" أصله واقي فأعل كإعلال رام واقيان واقون واقية واقيتان واقيات وأواق "و" اسم "المفعول موقى" بكسر القاف وتشديد الياء أصله موقوي فاجتمع الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء فأدغمت ثم كسرت القاف لأجل الياء كما في مرمى موقيان موقيون موقية موقيتان موقيات ومواقي "و" اسم "الوضع موقى" بفتح القاف أصله موقي بتنوين الياء فأعل كإعلال مرمى، وإنما فتحوا العين في الموضع من اللفيف سواء كان عين مضارعه مفتوحا أو مكسورا أو مضموما كما في الناقص، ولم يكسروها كما في المثال مع أن اللفيف كالمثال فاء كما يكون كالناقص لاما لخفة الفتحة بالنسبة إلى الكسرة

Zكمرمى "والآلة ميقى" أصله موقى أعل فاؤه كفاء ميعد ولامه كلام مرمى "المجهول وقى يوقي" كرمى يرمي. اللفيف "المقرون نحو: طوى يطوي إلى آخره وحكمهما" لاما "كحكم الناقص"؛ لأنهما ناقصان من حيث اللام "ولا يعل عينهما كما مر في باب الأجوف" من لزوم اجتماع الإعلالين "الأمر اطو اطويا اطووا اطوي اطويا اطوين" كارم ارميا ارموا ارمي ارميا ارمين "وتقول بنون التأكيد" الثقيلة "اطوين اطويان اطون اطون اطويان اطوينان و" تقول "بالخفيفة اطوين اطون اطون وتقول في الأمر من روى يروي" من باب علم من الري وهو ضد العطش، لا من الرواية من باب ضرب لئلا يتكرر المثال "ارو ارويا اروي ارويا اروين الثقيلة اروين ارويان اروون اروين ارويان اروينان و" تقول "بالخفيفة منه اروين اروون اروين وإذا أردت أن تعرف أحكام نون التأكيد في الناقص واللفيف" وإنما خصصهما لكون أحكام اتصال النونين بغيرهما ظاهرا "فانظر إلى حروف العلة" التي في آخر الكلمة "إن كانت أصلية"؛ أي من نفس الكلمة "محذوفة في الواحد ترد" تلك الحروف المحذوفة "لأن حذفها كان للسكون وهو انعدم بدخول النون"؛ لأن بدخول النون يبنى على الفتح للتركيب ولا سكون مع البناء على الفتح "وتفتح" تلك المردودة "لخفة الفتحة" عليها "نحو" الياء في "اطوين و" الواو في "اغزون و" الياء في "اروين كما" ترد المحذوفة وتفتح "في" التثنية "نحو: اطويا واغزوا وارويا" يعني إذا لم يكن النونان مع ضمير بارز كانتا كالكلمة المتصلة مثل ألف التثنية، فكما أن الفعل المعتل اللام المحذوف لامه لأجل السكون إذا التقى بكلمة متصلة به كألف التثنية عادت اللام وفتحت لانعدام موجب السقوط وهو كونه

_ Q"والآلة ميقى" أصله موقي بكسر الميم وبتنوين الياء فقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها كما في ميزان ثم أعل كإعلال مرمى "والمجهول وقي يوقى" إلى آخرهما ولما زالت الكسرة من عين المضارع أعيدت الواو المحذوفة كما في مجهول المثال مثل يوعد. اللفيف "المقرون" وهو الذي لا يتوسط بين حرفي العلة حرف صحيح بل هما مقرونان، ولذلك سمي مقرونا والقسمة العقلية تقضي أن يكون هذا النوع أربعة أقسام لما مر في المفروق، لكن لم يجئ ما يكون عينه ولامه ياء فبقي ثلاثة أقسام ولا يجيء اللفيف المقرون بالاستقراء إلا من علم يعلم نحو: قوي يقي وضرب يضرب "نحو: طوى يطوي إلخ" لكنهم التزموا فيما يكون الحرفان فيه واوين كسر العين فقلبوا فيه الواو الأخيرة ياء دفعا للثقل، نحو: قوي أصله قوو وإنما جاء في هذا النوع يفعل بالكسر حال كون العين واو؛ لأن العبرة في هذا الباب باللام، ولهذا لا يعل العين "وحكمهما"؛ أي حكم طوى يطوي "كحكم الناقص" في الإعلال عند وجود موجبه والتصحيح عند انتفائه "ولا يعل عينهما"؛ أي الماضي والمضارع "لما مر في باب الأجوف" من أنه لا يعل طوى عنيه بعد إعلال لامه لكونه محل التغيير حتى لا يجتمع فيه إعلالان "الأمر اطو اطويا اطووا اطوى اطويا اطوين وتقول" في الأمر "بنون التأكيد المشددة اطوين" بفتح الياء "اطويان اطون" بضم الواو وحذف واو الضمير "اطون" بكسر الواو وحذف الياء "اطويان اطوينان و" الأمر بنون "الخفيفة اطوين" بفتح الياء "اطون" بضم الواو وحذف الضمير "اطون" بكسر الواو وحذف الياء "وتقول في الأمر بنون التأكيد" المشددة "من روى" الماء "يروي" روى بوزن رضا وريا أيضا بكسر الراء وفتحها وهو من الباب الرابع، وإذا بنيت من الباب الثاني يكون من روى الحديث يرويه رواية، وقد ذكرناه في الخطبة "اروين" بفتح الياء "ارويان اروون" بضم الواو الثانية وفتح الأولى "اروين" بكسر الياء "ارويان اروينان وبالخفيفة اروين" بفتح الياء "اروين" بفتح الياء "اروون" بضم الواو الثاني وفتح الأول "اروين" بكسر الياء "وإذا أردت أن تعرف أحكام" ما قبل "نون التأكيد" مشددة كانت أو مخففة من الحذف والإثبات والإعادة ومن الفتح والكسر والضم "في الناقص" واويا كان أو يائيا "واللفيف" أيضا مفروقا كان أو مقرونا "فانظر إلى حرف العلة" التي قبل نون التأكيد "إن كانت أصلية" بأن كانت لام الكلمة "محذوفة" علامة للجزم "ترد" ذلك الحرف المحذوف عند اتصال نون التأكيد بها "في الواحد؛ لأن حذفها كان للسكون"؛ أي ليكون آخر الأمر ساكنا؛ إذ الحرف الأخير من الناقص كحركة الحرف الأخير من الصحيح فيكون إسكان الناقص بحذف الحرف الأخير، كما يكون إسكان الصحيح بحذف حركة الحرف الأخير "وهو"؛ أي السكون "انعدم بدخول النون" المؤكدة لوجوب تحرك ما قبل النون في الصحيح لئلا يجتمع ساكنان الحرف الأخير وأولى نوني التأكيد فتقول: اضربن بتحريك الباء، فكان كأنه ردت الحركة المحذوفة لأجل السكون فوجب رد ما حذف لجل السكون في الناقص واللفيف أيضا، ثم لما ردت تلك المحذوفة وجب تحريكها لئلا يجتمع ساكنان "وتفتح" تلك الحروف المردودة "لخفة الفتحة نحو: اطوين" بفتح الياء المحذوفة للسكون المردودة بدخول النون "واغزون" بفتح الواو أيضا "كما" ترد المحذوفة من الواحد وتفتح "في اطويا واغزوا" وارويا؛ أي في التثنية هذا إذا كانت حروف العلة التي قبل نوني التأكيد أصلية

Zفي الآخر وخفة الفتحة، كذلك نونا التأكيد إذا لم يكونا مع ضمير بارز كانتا متصلتين بالفعل؛ إذ لا حاجز حينئذ عن اتصالهما به فيصيران بمنزلة جزئه كألف التثنية فيرد بسببهما ما يرد بسبب ألف التثنية "وإن كان" حروف العلة "ضميرا فانظر إلى ما قبلها فإن كان ما قبلها مفتوحا تحرك" تلك الحروف بحركة موافقة لها "لطرو حركتها" بسبب اجتماع الساكنين أحدهما حرف العلة والآخر أولى نوني التأكيد "وخفة حركة ما قبلها" بسبب خفة حركتها وهي الفتحة "نحو اروون" بضم واو الضمير "واروين" بكسر ياء الضمير "كما" حركت واو الضمير بحركة موافقة لها "في قوله تعالى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} " وحركت ياء الضمير بحركة موافقة لها في قولك: يا هند لم تري القوم "وإن كان" ما قبل حرف العلة "غير مفتوح" سواء كان مضموما أو مكسورا "بحذف" حرف العلة "وإن كان ضميرا "لعدم الخفة فيما قبلها نحو: اطون" بضم العين أصله اطوون حذفت واو الجمع لاجتماع الساكنين وضمة ما قبلها "واطون" بكسرها أصله اطوين حذفت ياء الضمير لالتقاء الساكنين مع كسرة ما قبلها "كما" حذفت واو الضمير في اللفظ دون الخط لئلا يلتبس بالواحد "في اعزو القوم و" كذلك "في يا امرأة اغزي القوم" يعني إذا كان حرف العلة ضميرا يكون النونان كالكلمة المنفصلة، فكما أن الفعل المعتل اللام إذا اتصل بالكلمة المنفصلة يتحرك الضمير بحركة مناسبة لذلك الضمير إذا كان ما قبله مفتوحا ويحذف إذا كان ما قبله غير مفتوح، فكذلك إذا اتصل بالنونين؛ يعني إذا كان ما قبل الضمير مفتوحا يتحرك الضمير بحركة مناسبة له، وإذا كان غير مفتوح يحذف؛ لأن تخلل الضمير يمنعهما عن اتصالهما بالفعل "الفاعل" من طوى يطوي "طاو" أصله طاوي أعل كإعلال رام "ولا يعل واوه"؛ أي عينه "كما لم يعل "في طوى وتقول" في اسم الفاعل "من الري ريان" للمفرد المذكر "ريانان" للتثنية أصله رويانان "رواء" لجمعه أصله رواي قلبت الياء همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة "ريا" للمفرد المؤنث "رييان" لتثنيتها قلبت ألف التأنيث ياء لاجتماع الألفين وعدم إمكان حذف إحداهما للالتباس بالمفرد "رواء" لجمعها "أيضا"؛ أي كجمع المذكر واكتفى في الجمعين بصيغة واحدة لقلة استعماله فلم يبال بالالتباس مع الاكتفاء بالقرائن "ولم يجعل واوهما"؛ أي الجمعين "ياء كما" جعل الواو ياء "في سياط حتى لا يجتمع الإعلالان أحدهما" قلب الواو التي هي عين الفعل ياء و" ثانيهما "قلب الياء التي هي لام الفعل همزة" كما ذكرنا، وهذا القلب أيضا إعلال في اصطلاحهم ألا يرى إلى قول الزمخشري في المفصل وأما قولهم رواء مع سكونها في ريان انقلابها؛ فلئلا يجمعوا بين الإعلالين قلب الواو التي هي عين ياء وقلب الياء التي هي لام همزة وإلى قوله في موضع آخر منه

_ Q"وإن كان ضميرا نظرا إلى ما قبلها"؛ أي ما قبل حرف العلة التي هي ضمير "فإن كان ما قبلها مفتوحا تحرك" ذلك الحرف الذي هو الضمير بحركة من جنس نفسها "لطرو حركتها" حينئذ؛ لأنها إنما هي لاجتماع الساكنين "وخفة" حركة "ما قبلها" وهي الفتحة "نحو: ارون" بضم الواو الثاني الذي هو ضمير جماعة الذكور وفتح الواو الأول الذي هو عين الكلمة "واروين" بكسر الياء التي هي ضمير الواحدة وفتح الواو "كما" حركت واو الضمير بحركة من جنسها "في قوله تعالى: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} " لطرو الحركة عليها؛ لأنها لاجتماع الساكنين وخفة فتحة ما قبلها "وإن كان" ما قبلها "غير مفتوح" بأن كان مكسورا أو مضموما "تحذف" حرف العلة التي هي الضمير لالتقاء الساكنين ولا تحرك وإن كانت الحركة عارضة "لعدم الخفة فيما قبلها"؛ لأنه ليس بمفتوح مع أن الحركة التي قبلها تدل عليها كضمة الواو "في نحو اطون" لجماعة الذكور "و" ككسرته في "اطون" للواحدة وكضم الميم في ارمن لجماعة الذكور وككسرته في ارمين للواحدة المخاطبة "كما في اغزو القوم" يعني يحذف حرف العلة التي هي الضمير بدخول نون التأكيد لالتقاء الساكنين، كما حذف عند الاتصال إلى ساكن آخر غير نون التأكيد لالتقاء الساكنين، لكن في اللفظ لا في الكتابة، والفرق ما مر من أن نون التأكيد في حكم داخل الكلمة فتكون الكلمة معها مبنية كالمركب بخلاف المفعول فإنه فضلة في الكلام "و" كذا الحال في "يا امرأة اغزي القوم" لكن المثال الأول نظير اطون بضم الواو الثاني نظير اطون بالكسر اسم "فاعل" من طوى "طاو" طاويان طاوون طاوية طاويتان طاويات وطواو أصله طواوي فأعل كإعلال رام "ولا يعل واوه" الذي هو عينه" كما" لا يعل الواو "في طوى" لئلا يجتمع إعلالان "وتقول" في الصفة المشبهة "من الري" بالكسر والفتح كما مر، وإنما قلنا في الصفة المشبهة ولم نقل في اسم الفاعل؛ لأن الري من أفعال الطبيعة فلم يجئ منه إلا الصفة المشبهة التي ليست على زنة فعله، ولذلك أفرده بالذكر ولم يكتف بذكر الفاعل من طوى "ريان ريانان رواء" بكسر الراء "ريارييان رواء أيضا"؛ أي كجمع المذكر؛ يعني يستوي الجمعان في اللفظ على وزن عطشان عطشانان عطاش عطشى عطشيان عطاش "ولا يجعل واوهما"؛ أي واو الجمعين وهو رواء "ياء كما" جعل واو الجمع لكسرة ما قبلها ياء "في سياط حتى لا يجتمع الإعلالان" أحدهما "قلب الواو التي هي عين الفعل ياء" فرضا "و" ثانيهما "قلب الياء التي هي لام الفعل همزة" لوقوعها بعد ألف زائدة للتكسر. فإن قلت: قد مر أن الإعلال إنما لا يجوز إذا لم يتوسط بينهما حرف، أما إذا توسط جاز كما في يقي وأصله يوقى فأعل الواو بالحذف والياء بالإسكان لتوسط القاف

Zوإعلال اسم الفاعل من نحو: قال وباع أن تقلب عنيه همزة وإلى قول ابن الحاجب وصح رواء جمع ريان كراهة إعلالين، وهذا الإطلاق في كلامهم أكثر من أن يحصي، وأما قولهم الإعلال تغيير حرف العلة للتخفيف فلا ينافيه؛ لأن في اجتماع حروف العلة في روى مع كون الياء عرضة لتوارد الحركات من الثقل المحسوس ما ليس في الهمزة، ولهذا أطلقوا الإعلال على قلب الألف همزة في قائل مع غاية الخفة في الألف؛ لأن اجتماع الألفين أثقل من الهمزة، واعلم أن اجتماع الإعلالين إنما لا يجوز إذا كانا من جنس واحد وكانا مواليين بحيث لا يكون بينهما فاصل، ولم يكونا في محل واحد، فخرج بالقيد الأول نحو: يقال، وبالثاني نحو: قه، وبالثالث، نحو: يدعى أصله يدعو قلبت الواو ياء ثم الياء ألفا، واعتمدوا في ترك هذه القيود على لفظ الاجتماع وعلى لفظ الإعلالين، فإنه حكم ليس بتعريف فلا يكون قولهم اجتماع الإعلالين ممتنع كلاما من غير روية "وتقول في تثنية المؤنث في حالتي النصب والخفض"؛ أي الجر "رييين" بأربع ياءات، الأولى منقلبة عن العين التي هي الواو، والثانية اللام، والثالثة منقلبة عن ألف التأنيث، والرابعة علامة النصب والجر، وأدغمت الأولى في الثانية "مثل عطشيين" في تثنية عطشي "وإذا أضفته"؛ أي تثنية المؤنث "في حالة النصب"؛ أي رييين "إلى ياء المتكلم قلت: رأيت رييي بخمس ياءات" الياء "الأولى منقلبة عن الواو التي هي عين الفعل، والثانية لام الفعل، والثالثة منقلبة عن ألف التأنيث، والرابعة علامة النصب، والخامسة ياء الإضافة"؛ أي ياء المتكلم أدغمت الأولى في الثانية المفتوحة الرابعة في الخامسة المفتوحة والثالثة مخففة مفتوحة "المفعول مطوى" أصله مطووي أعل كإعلال مرمى "الموضع مطوى" أصله مطوي أعل كإعلال مرمى "الآلة مطوى" أصله مطوي أعل كإعلال يرمي "وحكم لام هذه الأشياء"؛ أي الفاعل والمفعول والموضع والآلة ومجهول الماضي ومجهول المضارع من اللفيف المقرون "كحكم لام الناقص" كما أشرنا إليه "وحكم عينهن كحكم عين طوى يطوي" في عدم الإعلال في الكلمة التي "اجتمع فيها إعلالان بتقدير إعلالها"؛ أي إعلال عين تلك الكلمة كطاوو مطوى ويطوي "و" في الكلمة "التي لم يجتمع فيها الإعلال يكون حكمها"؛ أي حكم العين "أيضا" كالتي اجتمع فيها إعلالان "حكم عين طوى" في عدم الإعلال للمتابعة "نحو طويا" فإنه لو أعل عين طويا لم يلزم اجتماع الإعلالين إلا أنه لا يعل تبعا لطوى "وطاويان وطوى" مجهول طوى، فإنه لو أعل الواو فيهما بقلبها ألفا أو بإسكانها لثقل الكسرة عليها ولم يلزم اجتماع الإعلالين إلا أنه لم يعل حملا على طوى، والحمد لله رب العالمين.

_ Qبينهما، قلت: الألف واسطة كلا واسطة للزوم سكونها، ولأنها ليست أصلية، والواسطة المعتبرة هي الأصلية "وتقول في تثنية المؤنث في حالة النصب "والخفض"؛ أي الجر "رييين" بأربع ياءات وهو "مثل عطشيين" في الوزن؛ لأنه بياءين "وإذا أضفته" في النصب أو الجر "إلى ياء المتكلم فقلت" رأيت "رييي" ومررت برييي "بخمس تاءات الأولى منقلبة عن الواو التي هي عين الفعل، والثانية لام الفعل، والثالثة منقلبة عن ألف التأنيث، والرابعة علامة النصب" أو الجر وهذه الأربعة هي أربعة في رييين بترك الإضافة "والخامسة ياء الإضافة و" اسم "المفعول مطوى" مطويات مطويون مطوية مطويتان مطويات "و" اسم "الموضع مطوى" بالفتح "و" اسم "الآلة مطوى" بالكسر "المجهول طوى يطوى إلى آخرهما، وحكم لام هذه الأشياء كحكم" لام "الناقص" في الإعلال "وحكم عينهن كحكم" عين "طوى" المعلوم في عدم الإعلال "في" الكلمة التي اجتمع فيها إعلالان بتقدير إعلالها"؛ أي إعلال عنيهن "و" أما وفي الكلمة التي لم يجتمع فيها إعلالان" بتقدير إعلال العين "فقد يكون حكمها أيضا"؛ أي كالتي اجتمع فيها إعلالان "كحكم" عين "طوى" في عدم الإعلال وإن لم يجتمع إعلالان بتقدير الإعلال "للمتابعة لطوى" ونظيره أنه لا يعل قواما تبعا لقاوم "نحو طويا" المعلوم وطويا المجهول "وطاويان" وكذا راويان والله أعلم.

الفهرست

Zالفهرست صحيفة 2 خطبة الكتاب 6 الباب الأول في بيان بناء الصحيح 24 فصل في بيان أمثلة الماضي 34 فصل وتدخل المضمرات في الماضي وأخواته 45 فصل في المستقبل 52 فصل في الأمر والنهي 65 فصل في اسم الفاعل 74 فصل في اسم المفعول 78 فصل في اسم الآلة 80 الباب الثاني في المضاعف 98 الباب الثالث في المهوز 115 الباب الرابع في المعتل 119 الباب الخامس في الأجوف 137 الباب السادس في الناقص 153 الباب السابع في اللفيف

§1/1