شجرة النور الزكية في طبقات المالكية

مخلوف، محمد بن محمد

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية تأليف العلاّمة الجليل الأستاذ الشيخ محمد بن محمد بن عمر بن قاسم مخلوف المتوفى سنة 1360هـ خرّج حواشيه وعلق عليه عبد المجيد خيالي الجزء الأول منشورات محمد علي بيضون لنشر كتب السنة والجماعة دار الكتب العلمية بيروت - لبنان

منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية جميع الحقوق محفوظة ـــــــــــــ جميع حقوق الملكية الأدبية والفنيه محفوظة لدار الكتب العلمية بيروت- لبنان ويحظر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملاً أو مجزأً أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على اسطوانات ضوئية إلا بموافقه الناشر خطياً. ـــــــــــــ الطَبعَة الأوْلى 2003م - 1424هـ ـــــــــــــ دار الكتب العلمية بيروت- لبنان رمل الظريف. شارع البحتري، بناية ملكارت الإدارة العامة: عرمون - القبة - مبنى دار الكتب العلمية هاتف وفاكس: 13/ 12/ 11/ 804810 (9615+) صندوق بريد 9424 - 11 بيروت. لبنان

مقدمة المحقق

بسم الله الرحمن الرحيم تقديم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمَّد صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: أخي القارئ والباحث، وكل مَن له هَمَّ الاطلاع، كما تعلم أن الإنسان ينقضي بانقضاء أجله يموت ويُنسى ولا يُذكر إلا بما خلَّفه من خير أو شر، وخير ما يُذكر به: النفع العام. كما جاء في رواية الحديث: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة، من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" ولا شك أن هذا المصنَّف ما أراد به صاحبه إلا النفع العام، ليكسب به أجر الصدقة الجارية، والعلم المنتفع به. وكتابه هذا الذي نضعه بين أيدي القراء والباحثين، هو كتاب نفيس في إيراد تراجم طبقات الأعلام المالكية من القرن الثالث الهجري إلى القرن الرابع الهجري، فقد حوى عدداً كبيراً من التراجم التي استنبطها من كتب أعلام سابقيه والتي حصرها في طبقات تندرج تحتها: فروع باسم بلدان الأعلام المترجم لهم حسب وفياتهم والتي تأخذ الشكل التالي مثلاً: الطبقة الخامسة: من أهل الحجاز، تبتدىء بالقرن الثاني الهجري وذلك حسب وفاة المترجم له. فرع العراق، فرع مصر، فرع إفريقية، فرع الأندلس. كذا بالنسبة للطبقات الأخرى إلى أن بعد الفروع فإنه لا يتم ترجمة أعلامها إلى آخر الكتاب وذلك نتيجة ضعف المتشبثين بالمذهب المالكي.

فمثلاً فرع العراق ينتهي عند القرن الخامس الهجري وذلك لضعف مذهب مالك بالعراق وقلّ طالبه في هذا العصر لاتباع الناس أهل السياسة والظهور. كذا بالنسبة لفرع الأندلس فإن المذهب المالكي انقطع أواخر القرن التاسع واندثر بتاتاً. بينما استمر في باقي الفروع كفرع الحجاز ومصر وإفريقية أي تونس والمغربين الأقصى والأوسط الذين انتشر فيهم المذهب المالكي واشتد ساعده واستمر انتشاره الباهر إلى يومنا الحاضر. كتبه: عبد المجيد خيالي 1 - 8 - 2002

ترجمة المؤلف

ترجمة المؤلف هو: محمَّد بن محمَّد بن عمر بن قاسم مخلوف ولد في مدينة المنستير (بتونس) وذلك سنة: 1280 هـ / 1863 م. دخل إلى جامعة الزيتونة ليقتطف من أزاهر العلم وأصوله وفنونه وذلك سنة 1307 هـ فقرأ بالجامع المذكور: المرشد المعين لعبد الواحد بن عاشر والرسالة، والأجرومية، والماكودي على الخلاصة من أوله إلى العطف. وفي سنة 1313 هـ / 1895 م أسند إلى التدريس بالمنستير، وفيها أسندت إليه خطة الفتوى بقابس، ثم القضاء بها. وفي سنة 1319 هـ / 1901 م أسندت إليه خطة القضاء بالمنستير، وخطة الإمامة والخطابة بجامعها الكبير، وفي سنة 1355 هـ / 1936 م أصبح المفتي الأكبر إلى أن توفي سنة 1360 هـ / 1941 م. شيوخه: لقد أخذ رحمه الله عن شيوخ من العلماء في بلاده منهم: 1 - الشيخ أبو العباس أحمد بن الأكتب محمود بو خريص التونسي، قرأ عليه نحو النصف من شرح الشيخ التاودي على التحفة، توفي سنة 1316 هـ / 1898 م. 2 - الشيخ محمَّد الصادق بن حمدة، قرأ عليه نحو النصف من شرح الشيخ التاودي على التحفة، والخطاب على الورقات وأوائل جمع الجوامع، توفي سنة 1320هـ /1902م. 3 - أبو محمَّد حسين بن أحمد بن حسين التونسي، قرأ عليه قراءة تحقيق، الرسالة بشرح أبي الحسن، وقرأ عليه المختصر مرتين بشرح الدردير، وشرح التاودي على التحفة، والقطر بشرح مؤلفه، والماكودي، والأشموني على الخلاصة. توفي سنة 1383 هـ / 1905 م. 4 - أبو الحسن علي التنوخي بحر المعارف، وبحر اللطائف، توفي سنة 1326هـ/ 1908م. 5 - أبو حفص عمر ابن الشيخ أحمد. توفي سنة 1329 هـ/ 1910 م.

مؤلفاته

6 - أبو الحسن علي، عرف ابن الحاج، قرأ عليه شرح التاودي على التحفة، وشرح ميارة على الزقاقية من أوله إلى منتصفه. توفي سنة 1330هـ / 1911 م. 7 - أبو عبد الله محمَّد بن عثمان النجار الكريم. توفي سنة 1331 هـ/ 1912م. 8 - أبو محمَّد حمودة بن محمَّد تاج الأذكياء والبلغاء. توفي سنة 1338 هـ/1919م. 9 - سالم بن عمر أبو النجاة التنْبَلِي نسبة لقرية قرب المنستير. توفي سنة 1337هـ/ 1918م. 10 - أبو عبد الله محمَّد الطيب بن محمَّد النيفر. توفي سنة 1345 هـ/ 1926م. 11 - محمَّد بلحسن بن محمَّد النجار، أجازه بما حوته فهرسته. أما أخذه عن شيوخ غير بلده فلنقتصر على ثلاثة شيوخ من المغاربة وهم كالتالي. 12 - محمَّد المهدي بن محمَّد بن خضر الحسني الوزاني الفاسي. توفي سنة 1342هـ/ 1923م. 13 - جارم الله أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ جعفر الكتاني صاحب سلوة الأنفاس. توفي سنة 1345 هـ / 1926 م. 14 - محمَّد عبد الحسين بن عبد الكبير الكتاني صاحب كتاب فهرس الفهارس. فهؤلاء كلهم من الطبقة المالكية. أما أخذه عن شيوخ مذاهب أخرى فلقد أخذ عن بعض طبقات الحنفية منهم. 15 - محمود بن مصطفى المتوفى سنة 1316 هـ / 1898 م. 16 - محمود بن محمَّد بن أحمد الخوجة. توفي سنة 1329 هـ / 1911 م. 17 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن الخوجة. توفي سنة 1325 هـ / 1907 م. 18 - محمود بن محمود قرأ عليه مختصر السعد من أوله إلى منتصفه وأجازه. تولى التدريس. توفي سنة 1344 هـ / 1925 م. 19 - أبو العباس أحمد بن مراد. مؤلفاته: 1 - مواهب الرحيم في مناقب الشيخ عبد السلام بن سليم المتوفى سنة 189 هـ طبع ونشر.

عملي في الكتاب

2 - رسالة في الطب والمستشفيات. 3 - وتقريرات على الأربعين الثنائيات في طبقة التابعين غير أنها محتاجة إلى التهذيب. 4 - شجرة النور الزكية في طبقات المالكية وبها اشتهر. عملي في الكتاب: أقول: كل مَن فتح كتاب شجرة النور الزكية إلا ويشهد لِمُصَنِّفه بجهد البحث والاطلاع الواسع، للتنقيب عن أعلام يمكن أن نحسب بعضهم في الغابرين، وبعضهم لا أثر له في الحقل العلمي والمعرفي، ولهذا يمكن أن نضع هذا العمل في خانة البحث العلمي المتميز الذي برز فيه من سبق المؤلف في هذا الميدان كمن صنف في طبقات الشافعية، وطبقات الحنفية من المتقدمين. وأي عمل لا يخل من قصور أي يحتاج إلى مراجعة وإصلاح. ولهذا بعد مراجعة هذا الكتاب فتحت للأستاذ محمَّد علي بيضون صاحب دار الكتب العلمية بإعادة الكتاب وطبعه، فقبل هذا العمل بصدر رحب فشجعني على دراسته وإعادته في حلة أخرى ليسهل على الباحث استخراج العلم بسهولة ويسر. فكانت الخطوات على الشكل التالي: 1 - توثيق اسم العلم المترجم وتصحيحه في الهامش. 2 - ضبط سنة الوفيات وتصحيحها في الهامش مع ذكر اختلاف المترجمين في ذلك. 3 - إبراز الكتب التي ترجمت للعلم حسب جهدنا المستطاع مع عدم ترتيبها. 4 - تخريج جل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. 5 - تغيير ترتيب أرقام ترجمة الأعلام واستبدالها. 6 - زيادة التاريخ الميلادي ووضعه بين معقوفتين بجانب التاريخ الهجري خاصة في ذكر تاريخ الوفيات. 7 - وضع فهرسة للأعلام مرتبة ترتيب الحروف الهجائية مبتدأ: بابن، وأبو، ثم: أ، ب ... الخ. 8 - وضع قائمة للمصادر والمراجع. مع ذكر محتويات الكتاب. وأخيراً لا أقول أنني استوفيت الأمر حقه، وما توفيقي إلا بالله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم.

خطبة الكتاب

خطبة الكتاب وصلّى الله على سيدنا ومولانا محمَّد وسلم الحمد لله الذي أنزل القرآن وهدى مَن أحب لاجتناء أزهاره، واقتباس أنواره، والأخذ بأوامره ونواهيه ووعده ووعيده وأخباره، واختار منهم خزنة لأسراره. وأرشدهم لإبراز رموزه، واستنباط كنوزه. ورفع مقام العلم وأهله، ووصل بسببه انقطاعهم بحبله، وأنعم عليهم سوابغ نعمه بفضله، وأكمل دينه وجمع مفترق شمله. وجعل الإسناد من الدين، وأبقاه متصلاً بينهم أبد الآبدين. حفظاً للدين من الشك والوهم، وصوناً له من التبديل والتغيير ومحو الرسم. والصلاة والسلام على سيدنا محمَّد صاحب الشريعة المطهرة، والسنة الواضحة النيرة، المخصوص بجوامع الكلم، وبدائع الحكم، ومكارم الأخلاق ومعالي الهمم. والتشريف والتكريم، والإجلال والتعظيم، والآيات والذكر الحكيم. وتلقي الوحي والتنزيل، من الروح الأمين جبريل. فبلغ ذلك ونهى وأمر، وأنذر وبشر، وضرب الأمثال وذكر. وعلى آله وأصحابه الذين عزروه ووقروه ووفوا بالعهود ونصروه، ونقلوا شرعه العزيز وآثروه. وعلى خلفائه الراشدين المرشدين أئمة الهدى، والتالين له في شرف ذلك المدى، والقائمين بأعباء أمره الموعود أنه يبقى أبداً، وعلى التابعين وتابعهيم نجوم الاهتداء، والسنة في الاقتداء، وسائر حملة الشريعة وحماة الدين القويم، عن الزيغ وتحريفاته، وهداة الخلق إلى الصراط المستقيم، بإيضاح كلياته وجزئياته، صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين بدوام نعم الله تعالى على خواصه وأهل طاعاته. أما بعد فيقول راقم هاته الحروف، الواجل من اليوم المخوف، عبده محمَّد بن محمَّد مخلوف: قد اغتنى العلماء بالتاريخ قديماً وحديثاً، وسعوا في ذلك سعياً حَثيثاً. فألّفوا التآليف البارعة، في أغراض متفاوتة مفيدة نافعة. فمنهم مَن ألّف في الرواة والمحدثين، والفقهاء والمفسرين والمتكلمين، والأدباء والشعراء والنحاة

واللغويين، والعلماء والخلفاء والملوك والسلاطين، وأتى على تراجمهم من دون تمييز ولا تفريق، ومنهم مَن أتى على فريق دون فريق، وبيّن مراده، فيما أراده. وممن سلك هذا الطريق العالم الشهير الذكر، الجليل القدر، أبو الفضل القاضي عياض فألّف المدارك، في طبقات أعيان الأئمة الآخذين بمذهب مالك، وتبعه العلامة الحامل لواء المعارف والفنون، برهان الدين بن فرحون، فألّف الديباج، وذيله العالم العامل أبو العباس أحمد باباً بنيل الابتهاج، فرغ منه سنة خمس بعد المائة العاشرة، وجاء بعده إلى هذا العهد أئمة لهم في العلم منزلة ظاهرة، ومزايا فاخرة. ومعلوم أنه لم يزل في كل عصر من حملة هذا الدين بدر طالع، وزهر غصن يانع، وعلم ترنو إليه الأبصار وتشير إليه الأصابع، ولم نجد مَن تعرض لجمعهم بحال، ونسج فضائلهم على ذلك المنوال. وقد اختلج ما يأتي ذكره في صدري، وعالجه فكري، حتى صرت أقدّم رجلاً وأؤخر أخرى، وأجري شوطاً ثم أرجع القهقرى. فتوجهت إلى الله تعالى واستخرته، وسألته إبراز ما اختلج في صدري واستعنته. وبعد ذلك انشرح صدري لتأليف تذييل مفيد مبين، وتكميل مستحسن معين. جامع لكثير من أئمة السلف، المترجم لهم قبل الخمس سنين بعد الألف، مع كونه صلة، إلى علماء العصر وشيوخنا الجلة، به كثير من أعيان علماء الدين والملة، مرتب على طبقات متصلة بمَن ختم الله به النبوة والرسالة المنتخب من خير عنصر وأطيب سلالة، مقتصراً على ما هو أولى، والحمد لله على ما أولى، جائحاً للاختصار، تاركاً التطويل والإكثار، بعد التثبت والتحري فيه، حسبما وصلت القدرة إليه، ولم آل جهداً في تحرير اسم المترجم له وعمن أخذ فنون علمه، وما له في التآليف التي هي من محاسن نثره وبديع نظمه، مع ذكر محاسن الصفات، وإثبات المواليد والوفيات، ومكثت أعواماً كثيرة أبحث عن ذلك جهدي، وكلما عثرت على ترجمة عالم قيدتها في ورقات عندي. ولم أدع كتاباً وقفت عليه إلا وعيته نظراً، وتحققته معتبراً أو مختبراً، وترددت في تفهمه ورداً وصدراً، وعكفت عليه بسيطاً كان أو مختصراً. واقتطفت منه ما لا بد منه، ولا مندوحة للإعراض عنه. فاجتمع من ذلك أعلاق جمة، وتراجم كثير من الأئمة، وأنا في ذلك ألتمس مزيداً، ولا أسأم بحثاً وتقييداً، فحصل بذلك الغاية المطلوبة، والبغية المرغوبة. ومع ذلك بقي بعض تحريرات إلى هذا الأوان مطوية عني محجوبة، حيث لم أجد عندي ولديّ، ولا أرى من خلفي وبين يدي، كتباً في الغرض أراجعها في المشتبهات، وأقتطف منها تراجم مَن لم يقع العثور عليه من العلماء الثقات. ثم جمعت تلك الأعلاق ورتبتها، على نحو ما انشرح إليه صدري وهذبتها، مقتطفة من تآليف نفيسة مهمة، مشار لها

في آخر التتمة، سالكاً في ترتيب ذلك أقرب الطرق والمسالك، ذاكراً علماء كل طبقة على نسق من كل مملكة من المالك، مرتباً ذلك فريقاً بعد فريق، والله ولي الإعانة والتوفيق، مبتدئاً بنبي الرحمة، وينبوع كل فضيلة وحكمة، سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وشرف وكرم، ثم بسادات من الصحابة الأعلام، ثم بأئمة من التابعين الكرام، ثم بأربعين حديثاً ثنائيات، مروية في الموطأ عن أولئك السادات، ثم بمالك إمام دار الهجرة طابه، خير مَن أمّ المطي رحابه، ثم بطبقات الأئمة الأعيان، طبقة بعد طبقة إلى هذا الزمان، والراوي إما أن يكون في الطبقة التي شيخه فيها، أو في الطبقة التي تليها، فارتباط الرواة في كل طبقتين، كارتباط القمرين النيرين. ورتبته على مقدمة فيها سبع فرائد اشتملت على كثير من الجواهر الثمينة والفوائد. ومقصد به سبع وعشرون طبقة ترتيبها على نحو ما أشرت إليه، وعولت في تهذيبها عليه. وختمته بخاتمة قيمة في تاريخ فنون السنة، وأسأله التوفيق لما أمر به وسنّه. وتتمة في طبقات أمراء إفريقية، هي في الحقيقة خلاصة نقية، اشتملت على فوائد تاريخية، وتنبيهات لها أهمية. غاية في التحرير، والتقرير والتحبير، جديرة بالاعتبار، عند ذوي الأنظار، وعلى خلاصة الأدوار والأطوار، التي حصلت لدول إفريقية وما لها من الآثار. وخاتمة في خصوص الكلام على المنستير، وهو مسقط رأس العبد الفقير، ومنبت غرسه، ومجمع أهله وأنسه. ثم لخصت المقصد في صورة شجرة، بعبارات وجيزة محررة، أغصانها بالدر يانعة، وثمراتها طيبة نافعة، وأنوارها ساطعة لامعة، روضها كله زهر، وسلكها كله درر، شجرة تقتبس أنوارها، وتجتنى ثمارها وأزهارها، لم تزل من البركة والسمو في النماء، أصلها ثابت وفرعها في السماء، طابت أصلاً، وزكت فرعاً وفصلاً، وسميته (شجرة النور الزكية، في طبقات المالكية) والباعث على تلخيصه على نحو ما ذكرناه، والنمط الذي اخترناه، هو التوصل بسهولة للأسانيد عند المطالعة، وليكون المطالع على يقين بعد المراجعة. فجاء تأليفاً جامعاً لما انتشر، وموضوعاً بارعاً ناظماً لما انتثر، على أسلوب غريب، ومنزع عجيب، راق مجتلاه ومجتناه، في الحسن والإحسان لفظه ومعناه، وعلم الشريعة كما هو معلوم على طبقات، ولأصحابه فيما بينهم درجات، والمترجم لهم هم سادات السادات، سباقو غايات، وأساطين روايات، وأئمة في العلوم والمعارف، والرقائق والمواعظ واللطائف، فمنهم الخلفاء، والملوك والأمراء. ومنهم قضاة العدل، والقراء والمحدثون المشهود لهم بالعلم والعمل والفضل، ومنهم الفقهاء المعتكفون على مطالعة المسائل، واعمال النظر لتحريرها بأكمل الوسائل، والتقاط المسائل من الدلائل. فمنهم مَن أصَّل وفرَّع، ومنهم مَن

جمع وصنف فأبدع. ومنهم مَن هذّب فحرّر وأجاد، وحقق المباحث فوق ما يراد. وأذاق حلاوة الشريعة لذوي الألباب، وفتح للحرج المدفوع أحسن باب. بسياسة شرعية، أساسها المصلحة المرعية. وما ذكرناه عنوان، عما لهم من المزية وعلو الشأن. ولا نسبة بينه وبين ما يجهل، وأقل من معشار ما عنه يغفل. فبحار المدارك مسجورة، وغايات الإحسان عن الإنسان مهجورة، مع قلة البضاعة، والتطفل على هذه الصناعة، فالحمد لله الذي يسّر هذا القدر، مع تكدر منهج الصدر، وشواغل القضاء عائقة، وأحوال عن مثل هذا متضائقة، ورحم الله القائل: طبعت على كدر وأنت تريدها ... صفواً من الأسواء والأكدار ومكلف الأيام ضد طباعها .... متطلب في الماء جذوة نار ورحم الله القائل: من رام في الدنيا حياة خلية ... من الهم والأكدار رام محالا وهاتيك دعوى قد تركت دليلها ... على كل أبناء الزمان محالا وقد قيل: مَن صنف قد استهدف. وعليه فالمرجو ممن وقف عليه وسرح ألحاظه، أن يسامح نسيجه ولا ينتقد ألفاظه، وأن يصلح ما يجد من الخلل. وأسأل الله التوفيق لإخلاص النية في القول والعمل، وأن يجعله من شوائب الرياء سالماً، وينفع به نفعاً عميماً دائماً، وخير أعمال لا تدرس ولا تبلى، وينفع صاحبها يوم تحشر السرائر وتبلى. هذا وقد قال بعض العلماء: إن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" يدخل فيه الانتفاع بالتأليف لأنه مظنة عدم انقطاع الانتفاع وقد قيل: طوبى لمَن عرف المصير، وشمر زمانه القصير، في اكتساب منفعة تبقى بعده شهاباً، وتخليد محمدة تورثه ثناءً وثواباً. فالذكر الجميل كلما تخلد استدعى الرحمة وطلبها، واستدنى الراحة وجلبها. وإلى جناب الله الرفيع أستند، وعليه في كل أموري أعتمد. وبعزته ألوذ، وبه أستعين ومن كل أفاك وحسود أعوذ. اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وعمل لا يرفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع، وصلّى الله على سيدنا محمَّد خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين والحمد لله رب العالمين.

المقدمة وفيها سبع فرائد

المقدمة وفيها سبع فرائد: الفريدة الأولى في بعض مبادئ علم التاريخ وفضيلته في مفتاح السعادة: التأريخ لغة تعريف الوقت مطلقاً، يقال: أرخت الكتاب تأريخاً وورخته توريخاً كما في الصحاح. واصطلاحاً هو معرفة الطوائف وبلدانهم ورسومهم وعاداتهم وصنائع أشخاصهم وألقابهم ووفياتهم إلى غير ذلك. وموضوعه أحوال الأشخاص الماضية من الأنبياء والأولياء والعلماء والحكماء والملوك والشعراء وغيرهم. والغرض منه الوقوف على الأحوال الماضية وفائدته العبرة بتلك الأحوال والتنصُّح بها، وحصول ملكة التجارب بالوقوف على تقلبات الزمان ليحترز عن أمثال ما نقل من المضار ويستجلب نظائرها من المنافع. وهذا العلم كما قيل عمر آخر للناظرين ينتقي به المطلع في مصره منافع لا نحصل إلا للمسافرين. انتهى باختصار من كشف الظنون. ليس بإنسان ولا شبهه ... من لا يعي التاريخ في صدره ومن روى أخبار من قد مضى ... أضاف أعماراً إلى عمره ومزية التاريخ مشكورة بكل لسان، ممدوحة عند كل إنسان، فهو من أجلّ العلوم قدراً، وأرفعها منزلة وذكراً، وأنفعها عائدة وذخراً. وقد شحن الله به كتابه العزيز بما أفحم به أكابر أهل الكتاب وأتى بما لم يكن في ظن ولا حساب. قال بعضهم: احتج الله في القرآن على أهل الكتابين بالتاريخ فقال: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (65)} وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ذكر الله التاريخ في كتابه واستنبطه بعضهم من قوله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ

وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120)} وفي الجامع الصغير "بلَّغوا عني ولو آية وحدِّثوا علي بني إسرائيل ولا حرج ومَن كذب عني متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" وفي أوائل كشف الظنون قد ورد الأثر عن سيد البشر "من ورخ مؤمناً فكأنما أحياه" ابن عيينة: عند ذكر الأولياء تنزل الرحمة. قال الإمامان الجليلان أبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهما: إن لم يكن العلماء أولياء وفي رواية الفقهاء أولياء فليس لله ولي. وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البر في استذكاره: معرفة أعمار العلماء والوقوف على وفياتهم من علم خاصة أهل العلم وإنه لا ينبغي لمَن وسم نفسه بالعلم جهل ذلك. قال حسان بن يزيد لم أستعن علي دفع كذب الكاذبين بمثل التاريخ وقال ولي الدين بن خلدون: التاريخ من الفنون التي يتداولها الأمم والأجيال وتشد إليه الركائب والرحال وتسمو إلى معرفته السوقة والأغفال وتتنافس فيه الملوك والأقيال ويتساوى في فهمه العلماء والجهال إذ هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأمم والدول والسوابق من القرون الأولى تنهى فيه الأقوال وتضرب فيه الأمثال وتطرب به الأندية إذا غصها الاحتفال وتؤدي إلينا شأن الخليقة كيف تقلبت بها الأحوال واتسع للدول فيها النضال والمجال وعمروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال وحان منهم الزوال، وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق وجدير بأن يعد في علومها وخليق. وقال الصلاح الصفدي: التاريخ للزمان مرآة، وتراجم العلماء للمشاركة والمشاهدة مرقاة، وأخبار الماضين لمن عاقره الهموم ملهاة، وقد أفاد حزماً وعزماً وموعظة وعلماً وهمة تذهب همًّا، وبياناً يزيل وهماً، وصبراً يبعثه التأسي بمن مضى واحتشاماً يوجب الرضى بما خفي وجلا من القضاء {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} - {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}. وقال النووي: ومن المطلوبات المهمات والنفائس الجليلات التي ينبغي للفقيه والمتفقه معرفتها، ويقبح به جهالتها، معرفة شيوخه في العلم الذين هم آباؤه في الدين ووصلة بينه وبين رب العالمين. وكيف لا يقبح به جهل الأنساب والوصلة بينه وبين ربه الكريم الوهّاب مع أنه مأمور بالدعاء لهم وبرهم وذكر مآثرهم والثناء عليهم والشكر لهم. وقال الشيخ أحمد بابا: الجاهل بالتاريخ راكب عمياء وخابط خبط عشواء، ينسب إلى مَن تقدم أخبار من تأخر ويعكس ذلك ولا يتدبر.

وقال بعض العلماء: دراسة حياة الأجداد تربي أخلاق الأبناء والأحفاد لما فيها من الحكمة البالغة الحسنة والموعظة المستحسنة. وفي البستان: طلب الإجازة والرواية من شأن أهل العلم وكذلك معرفة أفاضل الأمة من صحابي وتابعي وفقيه ومن الكمال معرفة تاريخ موتهم وولادتهم ليميز من سبق عمن لحق ومعرفة الكتب وأسماء المؤلفين من الكمال ومعرفة طبقات الفقهاء من مهمات الطالب وكذلك ما ألفوه في حصر المسائل انتهى. وفي عنوان الدراية: لما كان طلب العلم فرضاً على الكفاية حيناً ومتعيناً في حال ولم يكن بد في تحصيله من تلقيه على الرجال وكان التلقي إما مباشرة أو عن سند ذي اتصال وكان المباشر تكفي معرفته والمسند عنه لا بد أن تعرف صفته فلهذا اهتم العلماء بذكر الرجال واستعملوا في تمييز أحوالهم الفكر والبال ليوضحوا سبيل المتحمل ويبينوا وسيلة التوصل، وقد اختلفت في ذلك مصادرهم ومواردهم وإن اتفقت في بعض الوجوه مقاصدهم: فمنهم مَن ذكر التعديل والتجريح في المحدثين، ومنهم من ذكر من يعرف بالحفظ والإتقان من المتقدمين، ومنهم من اقتصر على ذكر العلماء المجتهدين، ومنهم من ذكر المؤلفين والمصنفين، ومنهم من ذكر علماء وقته، ومنهم من اقتصر على ذكر مشيخته وكل ذلك يحصل الإفادة ويسهل للطالب مراده انتهى. وقال ابن شاكر في عيون التواريخ: التاريخ من أعظم العلوم أدباً وأسناها مشرباً وأنورها مطلعاً وأحلاها في القلوب موقعًا. لم تزل محاسنه تروق وفوائده تفوق وفرائده تشوق، به تعرف أخبار من سلف من العرب والعجم وأحاديث ذوي المراتب والهمم وسيرة الكرماء في كل وقت ومن اختص ببعض صفاته بالهيبة وغيره بالمقت وكل عالم وعمن أخذ فنون علمه، وكل أديب ومحاسن نثره وبديع نظمه. والنظر في السنة الشريفة وأسماء رجالها ومراتب رواتها وطبقات فرسان مجالها حتى كأن الواقف عليه قد أدرك كلاً منهم في عصره ومصره في ساحة ميدانه ومشيد قصره ورأي الأئمة وأصبح للعلوم من أفواههم متلقياً وعلم مَن كان بجده وهزله إلى ورود العلياء مرتقياً، وفي كتاب الله عزّ وجل وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أخبار الأمم السابقة وأنباء القرون الخالية ما فيه عبرة لذوي البصائر واستعداد ليوم تبلى فيه السرائر. وقد اختار الله لنا أن نكون آخر الأمم وأطلعنا على أخبار من تقدم لنتعظ بما جرى على القرون الخالية وتعيها أذن واعية ولنقتدي بمن تقدم من الأنبياء والأئمة والعلماء. ونرجو بتوفيق الله تعالى أن نجتمع بهم في الجنة ونذاكرهم بما نقل إلينا عنهم، وذلك على رغم أنف من عدم الأدب ولم يكن له في هذا العلم أرب. انتهى.

صلة في الكلام على علم الجغرافية وفضيلته وأقسامه

ولنقتصر على ما ذكرنا من فوائد علم التاريخ المعقولة المقصودة بالنصوص المنقولة والله ولي التوفيق. صلة في الكلام على علم الجغرافية وفضيلته وأقسامه اعلم أن علم الجغرافية مرتبط بعلم التاريخ ارتباطاً وثيقاً ويتعلق به تعلقاً عريقاً. قال بعض العلماء: اعلم أن بين فني التاريخ والجغرافية ارتباطاً قوياً وتعلقاً شديداً، فهما أخوان يتعاونان وفرسا رهان يتسابقان لا يستغنى بأحدهما عن الآخر. ولذا قال بعضهم: إن التاريخ له عينان يبصر بإحداهما معرفة الزمان وبالأخرى معرفة البلدان والحق كذلك فإنه لا تتم حوادث الأزمنة من غير وقوف على ما وقعت فيه من الأمكنة. على أن التجارة والصناعة اللتين بهما أساس لثروة الأمم وقوتها وتمدنها وحضارتها يرتبطان بفن الجغرافية ارتباطاً تاماً بحيث لا يمكن الحصول عليهما بدونه إذ به تعرف المحال التي تستخرج منها المواد الصالحة للصناعة والجهات التي يلزم توزيع التجارة فيها وإلا فلا ثمرة لها، وحينئذ فلا شيء أنفع للإنسان من معرفته إذ هو يعرّفنا حقيقة الأرض التي نحن ساكنوها، والدنيا التي نحن آهلوها. ومن العار أن يجهل الإنسان زوايا داره، ولا يعرف كل ساكن بجواره. فإذا كنت مالكاً لقطعة أرض مثلاً أفلا يلزمك أن تجتهد في معرفة ما تشتمل عليه من ينابيع وغدران ومستنقعات وغير ذلك ثم تبحث عن الطريقة الموصلة لاستخراج ما فيها من المنافع بأن تنظر فيها بما يناسب طبيعة القطعة من النباتات التي يمكن زرعها فيها والحيوانات التي يمكن استعمالها لحرثها لتعود عليك بالمحصول الجيد الوافر. ولذا وقع تعريفه بقولهم (هو علم يُعرف به سطح الأرض وما عليه من أنهار وبحار وجبال ومدن وسكان وحكومات ودول وما شاكل ذلك) قيل: وضع قدماء المصريين وقيل غيرهم. وجغرافية كلمة يونانية الأصل مركبة من كلمتين وهما وصف الأرض ويسمى عند العرب علم تقويم البلدان وينقسم إلى ستة أقسام: أولاً: الجغرافية الطبيعية يبحث فيها عن وصف سطح الأرض على ما هي عليه من أصل خلقة الباري جل وعلا كالتكلم على الجبال والأنهار والبحار وغير ذلك. ثانياً: الجغرافية السياسية ويبحث فيها عن وصف ما على هذا السطح من السكان والدول والحكومات وما أشبه ذلك.

الفريدة الثانية من خصائص هذه الأمة أنهم أوتوا الإسناد

ثالثاً: الجغرافية التاريخية ويبحث فيها عن تاريخ الأرض وما اعتراها من تقلبات الدول وبيان الوقائع المرتبطة بالبقاع والأمكنة. رابعاً: الجغرافية الرياضية ويبحث فيها عما يتعلق بشكل الأرض والعلائق التي بينها وبين الكواكب وسكونها وحركاتها وأطول البلاد وعروضها واختلاف الليل والنهار وتكوين الفصول وما يتعلق بذلك. خامساً: الجغرافية الدينية ويبحث فيها عن اختلاف أديان أهل الأرض ومللهم ومذاهبهم وطرق عبادتهم. سادساً: الجغرافية الاقتصادية ويبحث فيها عن محصولات البلاد من نباتات ومعادن وثروة كل أمة وتجارتها وصناعتها وما يتعلق بذلك. والمتأخرون من علماء هذا الفن قسموا اليابس من الأرض إلى خمسة أقسام: آسيا وأوروبا وإفريقية وأمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا وفي ذلك خرائط وتصانيف كثيرة مشتملة على تفاصيل وافية وإيضاحات شافية. الفريدة الثانية من خصائص هذه الأمة أنهم أوتوا الإسناد اعلم أن الإسناد خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة وسنة مؤكدة. قال محمَّد بن حاتم بن المظفر: إن الله قد أكرم هذه الأمة وشرّفها وفضّلها بالإسناد وليس لأحد من الأمم كلها قديمها وحديثها إسناد وإنما هو صحف في أيديهم وقد خلطوا بكتبهم أخبارهم فليس عندهم تمييز بين ما أنزل من التوراة والإنجيل وبين ما ألحقوه بكتبهم من الأخبار التي أخذوها عن غير الثقات وهذه الأمة الشريفة زادها الله شرفاً بنبيها، إنما تنص الحديث عن الثقة المعروف في زمانه بالصدق والأمانة عن مثله حتى تنتهي أخبارهم ثم يبحثون أشد البحث حتى يعرفوا الأحفظ فالأحفظ والأضبط فالأضبط والأطول مجالسة فمن فوقه ممن كان أقصر مجالسة ثم يكتبون الحديث من عشرين وجهاً فأكثر حتى يهذبوه من الغلط والزلل ويضبطوا حروفه ويعدوه عداً، وهذا من فضل الله على هذه الأمة. انتهى من اختصار المواهب اللدنية. وقد ذكرنا في الفريدة الأولى أن المسند عنه لا بد من معرفة صفته.

إذا علمت ذلك فاعلم أنه جاء عن العلماء في الحض على تقييد العلم بالأسانيد والكراهية لمن كان عرياً عنها. قال أبو محمَّد عبد الله بن المبارك: "الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال مَن شاء ما شاء". وقال سفيان الثوري: الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل. وقال يزيد بن زريع: لكل دين فرسان وفرسان هذا الدين أصحاب الأسانيد ولها طرق في الحمل والرواية وفي التأدية والتبليغ وللرواية مراتب أعلاها سماع الراوي قراءة المحدث للكتاب الذي رواه أو الحديث وسماع الشيخ ثم مناولة الشيخ للكتاب الذي رواه عن شيخه ثم إجازة الشيخ للطالب أن يحدث عنه بالكتاب الذي رواه وإباحة ذلك. فأما السماع من الشيخ فالأصل فيه حديث ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهم قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تسمعون ويسمع منكم ويسمع من يسمع منكم" وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "نَضَّرَ اللهُ امرءاً سمع مقالتي فحفظها ووعاها فأداها كما

سمعها" الحديث. وأما العرض عن الشيخ فالأصل فيه حديث ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه الثابت في الصحيح أنه قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أمرك أن تصلي الصلوات الخمس قال نعم" الحديث. فهذه قراءة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أخبر بذلك ضمام قومه فأخذوا بما أدى لهم من ذلك. قال يحيي بن عبد الله بن بكير: "لما عرضنا الموطأ على مالك قال له رجل من أهل المغرب: يا أبا عبد الله أحدث به عنك وأقول: حدثنا به مالك؟ قال: نعم حدثوا به عني وقولوا حدثنا مالك". وأما المناولة فالأصل فيها حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح حيث كتب لأمير السرية كتاباً وقال له لا تقرأه حتى تبلغ مكان كذا وكذا فلما بلغ ذلك المكان قرأه على الناس وأخبرهم بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ناول أمير السرية كتابه ولم يقرأه، ولا عرضه أمير السرية عليه، ثم إن الأمير قرأه على السرية فامتثلوا لما في الكتاب وأخذوا به وبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضيه وأقر به وقامت بذلك الحجة. وأما الإجازة لكتاب أهل العلم بالقلم إلى البلدان فقد اختلفوا فيها فأجازها أكثر أهل العلم كربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري وعبد العزيز بن الماجشون وسفيان

الثوري والأوزاعي وسفيان بن عيينة والليث بن سعد واختلفت الرواية فيها عن مالك والأشهر عنه جوازها وعلى ذلك أصحابه الفقهاء لا يعلم أحد منهم خالفه في ذلك ومنعها بعض العلماء. ولمالك رحمه الله شروط في الإجازة منها: أن يكون عالماً لما يجيز به ثقة في دينه وروايته معروفاً بالعلم وأن يكون المستجيز من أهل العلم أو متسماً بسمته حتى لا يقع العلم إلا عند أهله، وكان يكره الإجازة لمن ليس من أهل العلم ولا ممن خدمه وقاسى صناعته. واعلم أن في الإجازة فائدتين: إحداهما: استعجال الرواية عند الضرورات. الثانية: الاستكثار من المروي حتى لا يكاد أن يشد على المستكثر من الروايات حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد احتوت روايته عليه فيتخلص بذلك من الحرج في حكايته كلامه من غير رواية، فقد يذكر الخطباء على المنابر وأعيان الناس في المشاهد والمحاضر أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا رواية عندهم لها وقد اتفق العلماء على أن لا يصح لمسلم أن يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا حتى يكون عنده ذلك القول مروياً ولو على أقل وجوه الروايات لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" وفي بعض الروايات "من كذب علي" مطلقاً دون قيد وقد بسط أبو بكر بن خير في برنامجه الكلام على ما ذكرناه في هذه الفصول مع أخبار وآثار تركنا إيرادها مخالفة التطويل. وذكر الإِمام البخاري في كتاب العلم من صحيحه القراءة والعرض على المحدث والمناولة وكتاب أهل العلم إلى البلدان. قال الحافظ في فتح الباري ما نصه: لم يذكر المصنف من أقسام التحمل الإجازة المجردة عن المناولة أو المكاتبة ولا الوجادة ولا الوصية ولا الأعلام المجردات عن الإجازة وكأنه لا يرى بشيء منها انتهى.

وألف بعضهم في خصوص الكلام على الإجازة، منهم أبو العباس الوليد بن مخلد الأندلسي سماه (الوجازة في صحة القول بالإجازة). وألّف الحافظ ابن عبد البر تأليفاً سماه (الجامع بين العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله) وفي فهرسة أبي الحسن علي النوري الصفاقسي ما نصه: قال يحيي بن معين: الإسناد العالي قربة إلى الله عزّ وجل وإلى سيد المرسلين، وقد هاجر ذوو الهمم العلية والأحوال السنية، إلى الأقطار الشاسعة من بلاد الله الواسعة، إلى ملاقاة العلماء الذين علا سندهم، فإن تعذر عنهم السفر اجتهدوا في طلب الإجازة منهم بإرسال الاستدعاءات والمكاتبات، وذلك نوع من أنواع التحمل عند أهل الحديث المشهور فضلهم في القديم والحديث انتهى. وفي الجزء الأخير من المعيار ما نصه: سئل الأستاذ أبو سعيد بن لب عن إجازة الشيوخ لمن يسألها منهم، ويطلبها ها هنا من ينكرها ويدعي أن لا فائدة لها، فأجاب: إن كان المتكلم في الإجازة للرواية فإن الرواية هي أصل الدين والمنهج القويم، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - روى عن جبريل عليه السلام عن ربه عزّ وجل: كتاب الله أفضل كل قيل ... رواه محمد عن جبرائيل عن اللوح المحيط بكل علم ... من العلم الرفيع عن الجليل وهكذا سنته - صلى الله عليه وسلم - لأنها من عند الله تعالى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)} [النجم: 3 - 5] قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]، وقال: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19] ولا يصح أن ينذر به بعد الصحابة إلا بالرواية، فلذلك بلغ الأمة بعد تباعد المدة ولولا الرواية لتعطلت الشريعة وضلّت الخليقة ولم تقم على من يأتي من الناس حجة. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "بلغوا عني" وقال: "ليبلغ الشاهد الغائب" وما تواتر

تنبيه

ما علم تواتره من علوم الملة إلا بكثرة الرواية وتكرارها على تكرار الأزمنة، وما علم أن الموطأ لمالك بن أنس وأن أحد الصحيحين البخاري ومسلم إلا بالرواية، ولولاها لم يكن لنا وثوق بشيء من ذلك وهكذا سائر الكتب المؤلفة والفتاوى المقيدة، لكن شرطها في الكتب التصحيح والضبط وأهمل في هذه الأزمنة هذا الشرط لكساد سوق العلم واقتصار أهله على المظنون من مضمنها دون المعلوم وإلى هذا الشرط إشارة إجازة المجيزين في إجازتهم لقولهم على شرط ذلك عند أهله فصارت فائدة الرواية عند إهمال هذا الشرط إنما هي حفظ الرسوم المجملة دون المسائل التفصيلية إلا ما خصصته الرواية منها وعينته بشرطها فتكون الرواية فيها على كمالها وهي القرآن العظيم، والحمد لله تعالى على منهجها القويم وصراطها المستقيم، وتواترها في الحديث كما في القديم، إلى بركة الانتهاء إلى المقام العلي الأعظم، والانتظام في السلك النبوي أن يقول القارئ والمحدث أروي عن شيخي فلان عن فلان إلى أن يقول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل عليه السلام عن رب العزة، وحسبك بهذا شرفاً تتعلق به لذوي الآمال آمال، وتبذل في تعاطيه الأموال. ويكفي هنا هذا القدر من الكلام، فإنه وإن طال يقصر عن هذا المقام، والعجب من مسلم ينكر الرواية وهي نور الإِسلام. وما انتفاع أخي الدنيا بناظره ... إذا استوت عنده الأنوار والظلم انتهى وستعلم إن شاء الله من الفرائد الآتية ما يوضح ما قررناه ويؤيد ما ذكرناه ومما يأتي ذكره في أواخر المقصد. تنبيه: كانت السنة في القرون الأولى تؤخذ من أفواه الشيوخ وقلما كان الرواة يثقون بالخطوط وكان اتصال سند الراوي بالرسول مع عدالة المروي عنهم وكان ضبطهم أمراً لا محيص عنه حتى يحوز الحديث درجة الصحة، فلما أن صنفت كتب الصحاح المشهورة وذاعت في الأقطار المختلفة قامت شهرتها مقام تواترها فلم تبق حاجة لاتصال السند منا إلى مصنفيها في كل حديث دون فيها وأصبح الاعتماد على الكتاب فوق الاعتماد على الشيوخ.

الفريدة الثالثة في الكلام على القرآن وتواتره وأئمة علم القرآن

قال أبو عمرو بن الصلاح (1) المتوفى سنة 643 هـ: اعلم أن الرواية بالأسانيد المتصلة ليس المقصود منها في عصرنا وكثير من الأعصار قبله إثبات ما يروى إذ لا يخلو إسناد منها عن شيخ لا يدري ما يرويه ولا يضبط ما في كتابه ضبطاً يصح لأن يعتمد عليه، وإنما المقصود به بقاء سلسلة الإسناد الذي خصت به هذه الأمة. أقول: وهذا هو الغرض بعينه في عصرنا والعصور السالفة قبله في محافظة الشيوخ على سلسلة السند إلى مصنفي الكتب الشهيرة كالبخاري ومسلم إنما الواجب على أمثالنا أن يتثبتوا في أمور ثلاثة: كون الكتاب الذي يروون الحديث عنه صحت نسبته إلى مؤلفه أو تواترت، والبحث في سند الحديث الذي روي به في ذلك الكتاب وخلوه من الغلط والتحريف والدخيل. وسبيل معرفة الثالث أن تقابل نسخة من الكتاب الذي يراد الأخذ عنه بنسخ أخرى منه مختلفة في الرواية إن كان ثم اختلاف فيها أو بنسخ متعددة منه إن لم يكن اختلاف في الرواية، فإذ ذاك يطمئن القلب إلى تلك النسخة وتتبين منه درجة صحتها وخلوها من العيوب فيقوم ذلك مقام تعدد الرواة اهـ. مفتاح السنة (2) للعلامة أبي عبد الله محمَّد عبد العزيز الخولي وسترى ملخصه في خاتمة المقصد. الفريدة الثالثة في الكلام على القرآن وتواتره وأئمة علم القرآن اعلم أن القرآن الكريم الذي أنزل لتبليغ ما فيه من الأحكام وللتعبد بتلاوته مع تدبر معانيه العظام قد تلقته الأمة رواية ودراية بالسند جيلاً بعد جيل إلى هذا الأمد بدون نقص ولا زيادة ولا تحريف ولا تبديل بل والعناية به اشتدت من زمن الصحابة والدواعي توفرت في نقله وحمايته وحفظه وحراسته حتى حصل العلم بكل شيء فيه من حروفه وإعرابه وقراءته ودراسته مع صدق العناية والاهتمام البالغ للغاية، وقد

تكفل سبحانه بحفظه ولم يحفظ كتاباً من الكتب كذلك فقال عزّ من قائل: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9] وقال: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصلت: 41، 42]. في روح المعاني للعلامة النِّحرير المفسر الدراكة الشهير، أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن محمود الألوسي: اعلم أن القرآن جمع أولاً بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقد أخرج الحاكم بسنده على شرط الشيخين عن زيد بن ثابت قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - نؤلف القرآن في الرقاع (1). وثانياً بحضرة أبي بكر - رضي الله عنه - فقد أخرج البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت أيضاً قال: أرسل إلى أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر بقرّاء القرآن وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب كثير من القرآن وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن. فقلت لعمر: كيف نفعل شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال عمر: هذا والله خير. فلم يزل يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك ورأيت الذي رأى عمر قال زيد: قال أبو بكر: إنك شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتتبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالا: هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ووجدت آخر سورة التوبة مع خزيمة الأنصاري لم أجدها مع غيره {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} حتى خاتمة براءة. فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته ثم عند حفصة بنت عمر. وأخرج ابن أبي داود بسند رجاله ثقات مع انقطاع أن أبا بكر قال لعمر وزيد مع أنه كان حافظاً اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. ولعل الغرض من الشاهدين أن يشهدا على أن ذلك كتب بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو على أنه مما عرض عليه - صلى الله عليه وسلم - عام وفاته وإنما اكتفوا في آية التوبة بشهادة خزيمة لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل شهادته بشهادة رجلين انتهى.

ثم قال: وما اشتهر أن جامعه عثمان رضي الله عنه فهو على ظاهره باطل لأنه إنما حمل الناس في سنة خمس وعشرين على القراءة بوجه واحد باختيار وقع بينه وبين من شاهده من المهاجرين والأنصار لما خشي الفتنة من اختلاف أهل العراق والشام في حروف القرآن، فقد روى البخاري (1) عن أنس أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأجزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى فأرسل إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القريشي الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنه إنما أنزل بلسانهم ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القراآت في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق، قال زيد: ففقدت آية من الأحزاب حين نسخنا الصحف قد كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] ألحقناها في سورتها في المصحف وقد ارتضى ذلك أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إن المرتضى كرم الله تعالى وجهه قال - على ما أخرج ابن أبي داود بسند صحيح عن سويد بن غفلة عنه -: لا تقولوا في عثمان إلا خيراً فوالله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملأ منا. وفي رواية لو وليت لعملت بالمصحف الذي عمله عثمان وهذا الذي ذكرناه من فعل عثمان هو ما ذكره غير واحد من المحققين حتى صرحوا بأن عثمان لم يضع شيئاً فيما جمعه أبو بكر من زيادة أو نقص أو تغيير ترتيب سوى أنه جمع الناس على القراءة بلغة قريش محتجاً بأن القرآن نزل بلغتهم وبعد انتشار هاته المصاحف في هذه الأمة المحفوظة لا سيما الصدر الأول الذي حوى من الأكابر ما حوى وتصدر فيه للخلافة الراشدة عليّ المرتضى وهو باب مدينة العلم لكل عالم والأسد الأشد الذي لا تأخذه في الله لومة لائم لا يبقى في ذهن مؤمن احتمال سقوط شيء يعد من القرآن

وإلا لوقع الشك في كثير من ضروريات هذا الدين الواضح البرهان انتهى. باختصار وفي باب كيفية تلقي الأمة الشرع من النبي - صلى الله عليه وسلم - من حجة الله البالغة لولي الله المحدث العلامة النابغة الشيخ أحمد الدهلوي تقرير نفيس رأيت أن نذكره بنصه لما فيه من الفوائد، قال روح الله روحه أعلم أن تلقي الأمة منه الشرع على وجهين أحدهما تلقي الظاهر ولا بد أن يكون بنقل إما متواتر أو غير متواتر والمتواتر منه المتواتر لفظاً كالقرآن العظيم وكنبذ يسيرة من الأحاديث، منها قوله: "إنكم سترون ربكم". ومنه المتواتر معنى ككثير من أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والصوت والحج والبيوع والنكاح والغزوات مما لم تختلف فيه فرقة من فرق الإِسلام وغير المتواتر أعلى درجاته المستفيض وهو ما رواه ثلاثة من الصحابة فصاعداً ثم لم يزل يزيد الرواة إلى الطبقة الخامسة وهذا قسم كثير الوجود وعليه بناء رؤوس الفقه ثم الخبر المقضي له بالصحة أو الحسن على ألسنة حفاظ المحدثين وكبرائهم ثم أخبار فيها كلام قبلها بعض ولم يقبلها آخرون فما اعتضد منها بالشواهد أو قول أكثر أهل العلم أو الفعل الصريح وجب اتباعه. وثانيهما التلقي دلالة وهي أن يرى الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول أو يفعل فاستنبطوا من ذلك حكماً من الوجوب وغيره فأخبروا بذلك الحكم فقالوا الشيء الفلاني واجب وذلك الآخر جائز ثم تلقي التابعون من الصحابة كذلك فدوّن الطبقة الثالثة فتاواهم وقضاياهم وأحكموا الأمر. وأكابر هذا الوجه عمر وعلي وابن مسعود وابن العباس رضي الله عنهم لكن كان من سيرة عمر رضي الله عنه أنه كان يشاور الصحابة ويناظرهم حتى تنكشف الغمة ويأتيه الثلج فصار غالب قضاياه وفتاواه متبعة في مشارق الأرض ومغاربها وهو قول: إبراهيم لما مات عمر رضي الله عنه: ذهب تسعة أعشار العلم. وقول ابن مسعود رضي الله عنه: كان عمر إذا سلك طريقاً وجدناه سهلاً. وكان علي رضي الله عنه لا يشاور غالباً وكان أغلب قضاياه بالكوفة ولم يحملها عنه إلا ناس وكان ابن مسعود رضي الله عنه بالكوفة فلم يحمل عنه غالباً إلا أهل تلك الناحية. وكان ابن عباس رضي الله عنهما اجتهد بعد عصر الأولين فناقضهم في كثير من الأحكام واتبعه في ذلك أصحابه من مكة ولم يأخذ بما تفرد به جمهور أهل الإِسلام وأما غير هؤلاء الأربعة فكانوا يراؤون دلالة ولكن ما كانوا يميزون الركن والشرط من الآداب

والسنن ولم يكن لهم قول عند تعارض الأخبار وتقابل الدلائل إلا قليلاً كابن عمر وعائشة وزيد بن ثابت رضي الله عنهم وأكابر هذا الوجه من التابعين بالمدينة الفقهاء السبعة لا سيما ابن المسيب بالمدينة وبمكة عطاء بن أبي رباح وبالكوفة إبراهيم وشريح والشعبي وبالبصرة الحسن وفي كل من الطريقتين خلل إنما ينجبر بالأخرى ولا غنى لإحداهما عن صاحبتها أما الأولى فمن خللها ما يدخل في الرواية بالمعنى من التبديل ولا يؤمن من تغيير المعنى ومنه ما كان الأمر في واقعة خاصة يظنه الراوي حكماً كلياً ومنه ما أخرج فيه الكلام مخرج التأكيد ليعضوا عليه بالنواجذ فظن الراوي وجوباً أو حرمة وليس الأمر على ذلك فمَن كان فقيهاً وحضر الواقعة استنبط من القرائن حقيقة الحال كقول زيد رضي الله عنه في النهي عن المزارعة وعن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها إن ذلك كان كالمشورة وأما الثانية فيدخل فيها قياسات الصحابة والتابعين واستنباطهم من الكتاب والسنة وليس الاجتهاد مصيباً في جميع الأحوال وربما كان لم يبلغ أحدهم الحديث أو بلغه بوجه لا ينتهض بمثله الحجة فلم يعمل به ثم ظهر جلية الحال على لسان صحابي آخر بعد ذلك كقول عمر وابن مسعود رضي الله عنهما في التيمم عن الجنابة وكثيراً ما كان اتفاق رؤوس الصحابة رضي الله عنهم على شيء من قبل دلالة العقل على ارتفاق وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي" (1) وليس من أصول الشرع فمن كان متبحراً في الأخبار وألفاظ الحديث فيتيسر له التقصي عن مزال الأقدام ولما كان الأمر كذلك وجب على الخائض في الفقه أن يكون متضلعاً من كلا المشربين ومتبحراً في كلا المذهبين وكان أحسن شعائر الملة ما أجمع عليه جمهور الرواة وحملة العلم وتطابق فيه الطريقان. انتهى. واعلم أن علم القراءات به يعرف كيفية النطق بالقرآن وبالقراءات ترجح بعض الوجوه المحتمله على بعض. قال العلامة الأمير: فمن القراءات أمام كل فن وحكمة انتهى. ويأتي ذكر كثير من أئمة هذا الفن في المقصد. والقراء السبعة الذين هم الطراز الأول في هذا الفن وعليهم المعوَّل من وقتهم إلى هذا الزمن هم:

1 - أبو محمد عبد الله بن عامر بن يزيد اليحصبي الدمشقي: قاضيها التابعي الجليل الحافظ المقرئ الثقة الأمين. قرأ عن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي وأبي الدرداء وأصحاب عثمان رضي الله عنهم. وعنه جماعة منهم إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر وأبو عبيد مسلم ويحيى بن الحارث. مولده سنة 21 هـ وتوفي سنة 118هـ[736م]. 2 - أبو سعيد عبد الله بن كثير المكي: مولى عمر بن علقمة. أصله من أبناء فارس رضي الله عنه. الإِمام التابعي الفاضل القدوة الثقة المثبت الأمين قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي وعلى مجاهد بن جبر وهما على عبد الله بن العباس وعلى زيد بن ثابت رضي الله عنهم عن النبي. وعنه الكثير من الأئمة. ولد بمكة سنة 45 هـ وتوفي سنة 120هـ[737م]. 3 - أبو بكر عاصم بن أبي النجود الأسدي رضي الله عنه: الإِمام التابعي الثقة الفاضل المثبت الأمين العمدة الكامل. قرأ على أبي عبد الله حبيب السلمي وزر بن حبيش الأسدي وهما على عثمان وعلي وابن مسعود وأبيّ بن كعب وزيد بن ثابت رضي الله عنهم على النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعنه جماعة منهم أبو بكر شيبة بن عياش وأبو عمر حفص بن سلمان الكوفي. مات على أحد الأقوال سنة 127هـ[744م]. 4 - أبو عمر وزيان بن العلاء البصري الخزاعي المازني رضي الله عنه: الإِمام العمدة الثقة الذكي المثبت العالم بالقراءة والحديث واللغة قرأ على جماعة من التابعين بالحجاز والعراق منهم ابن كثير ومجاهد بن جبر وسعيد بن جبير وعطاء. وهم عن ابن عباس عن أبي بن كعب رضي الله عنهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وعليه قرأ الكثير من الأئمة منهم أبو زكريا يحيي بن المبارك اليزيدي ويونس والأصمعي وأبو عبيدة. ولد بمكة سنة 65 هـ وتوفي سنة 154هـ. 3 - أبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات الكوفي: الذكي المتورع الزاهد الإِمام

الفريدة الرابعة في ذكر الفقهاء السبعة

الثقة المثبت العابد قرأ على جعفر الصادق على أبيه محمَّد الباقر على أبيه زين العابدين على أبيه الحسن على أبيه علي رضي الله عنهم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقرأ حمزة أيضاً عن الأعمش ومحمد بن أبي ليلى وعمران بن الحسين. وعنه الكثير من الأئمة. ولد سنة 80 هـ وتوفي سنة 156هـ. 6 - أبو رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم مولى جعونة: أصله من أصفهان إمام دار الهجرة عمر طويلاً. كان إماماً ثقة فاضلاً عالماً جليلاً كاملاً وكان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك قرأ على سبعين من التابعين منهم يزيد بن القعقاع وربيع وعبد الرحمن بن هرمز. وهم عن عبد الله بن عباس وهو على أبي بن كعب رضي الله عنهم على النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخذ عنه مالك وكان يصلي وراءه وهو أخذ عن مالك الموطأ. روى عنه مائتان وخمسون من الأئمة منهم أبو موسى عيسى بن ميناء ويلقب بقالون المتوفى سنة 205 هـ وأبو سعيد عثمان بن سعيد المصري الملقب بورش المتوفى سنة 197هـ. مات صاحب الترجمة بالمدينة سنة تسع أو سبع وستين ومائة. 7 - أبو الحسن علي بن حمزة النحوي المعروف بالكسائي: الإِمام المشهور في النحو واللغة وفن القراءات، العمدة الثقة الأمين. قرأ على حمزة وتقدم سنده وعلى عيسى بن عمر على طلحة بن أبي مصرف على النخعي على علقمة على ابن مسعود رضي الله عنهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنه أئمة منهم أبو الحارث الليث بن خالد وأبو عمر حفص الداودي توفي سنة تسع وثمانين ومائة وعمره سبعون عاماً. الفريدة الرابعة في ذكر الفقهاء السبعة الفقهاء الذين كانوا في المدينة في عصر واحد كانوا كثيراً وإنما خصَّ هؤلاء لاجتماع الناس على رأيهم واختصاصهم بفتاويهم لأنهم معروفون بالفضل والصلاح حتى كانوا لا يقضى في أمر حتى يرجع إليهم وصارت الفتيا لهم خاصة بعد الصحابة

وكان الناس يتبركون بهم حتى قيل إن أسماءهم إذا علقت على محموم برىء وإذا وضعت في البر لم يفسد، ولهم شهرة تامة، وهم: 8 - أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: من سادات التابعين وأعلامهم وفضلائهم رضي الله عنه، توفي سنة 98 هـ على الأصح [716 م]. 9 - أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي رضي الله عنهم: من سادات التابعين وأعلامهم وصالحيهم. توفي سنة 94 هـ على الأصح [712 م]. 10 - أبو محمد القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم: من سادات التابعين وفضلائهم وأعلامهم. توفي سنة 101هـ على أحد الأقوال [719م]. 11 - أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن القرشي المدني: سيد التابعين من الطراز الأول جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع رضي الله عنه، سمع جماعة من الصحابة ودخل على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذ عنهن وأكثر روايته المسند عن أبي هريرة رضي الله عنه وكان زوج ابنته. وكانت ولادته لسنتين خلتا من خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه. وتوفي بالمدينة سنة 94 هـ على أحد الأقوال [712م]. 12 - أبو أيوب ويقال أبو عبد الرحمن وأبو عبد الله سليمان بن يسار مولى ميمونة أم المومنين رضي الله عنهم: من أكابر التابعين وساداتهم وعلمائهم. توفي سنة 107هـ[725م]. 13 - خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنهم: التابعي الجليل القدر فضلاً وعلماً وعملاً. ووالده من أكابر الصحابة وصدورهم. توفي سنة 99 هـ[717م]. 14 - أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن مغيرة القرشي

الفريدة الخامسة في معرفة طبقات الحديث ومعرفة أئمته

المخزومي رضي الله عنه: من سادات التابعين وفضلائهم سمي واهب قريش وأبو الحارث أخو أبي سفيان من جملة الصحابة رضي الله عنهم. توفي سنة 94 هـ. وقد نظم بعضهم أسماءهم فقال: [712م] ألا كل من لايقتدي بأئمة ... فقسمته ضيزى عن الحق خارجه فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجه 15 - واختلف في السابع فقيل أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المخزومي الزهري المدني رضي الله عنه: وهو قول الأكثر قيل اسمه كنيته وقيل عبد الله وقيل إسماعيل. كان كثير الحديث من أعيان التابعين وفقهائهم وساداتهم المشهورين بالرواية عن أبي هريرة رضي الله عنه وعن غيره. مولده سنة بضع وعشرين. ومات سنة 94 أو 104. وقيل أبو عمر ويقال أبو عبد الله [712م] [722م]. 16 - سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم: من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم. توفي سنة ست ومائة. وقيل أبو بكر بن عبد الرحمن المذكور. وصاحب نظم البيتين مشى على القول الثالث. الفريدة الخامسة في معرفة طبقات الحديث ومعرفة أئمته قال الشيخ الأمير في فهرسته: اعلم أن جميع العلوم الشرعية من تفسير وغيره تستمد من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال القاضي أبو بكر بن العربي في عارضة الأحوذي شرح الترمذي: الموطأ هو الأصل الأول واللباب، والبخاري الأصل الثاني في هذا الباب، وعليهم بني الجميع كمسلم والترمذي انتهى. وألّف جماعة في الصحيح الذي هو معرفة ما تحفظ به السنن المنقولة عن صاحب الشريعة المطهرة - صلى الله عليه وسلم -. وفي حجة الله البالغة: اعلم أنه لا سبيل لنا إلى معرفة الشرائع والأحكام إلا بخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بخلاف المصالح فإنها قد تدرك بالتجربة والنظر الصادق والحدس ونحو ذلك. ولا سبيل إلى معرفة أخباره - صلى الله عليه وسلم - إلا تلقي

الروايات المنتهية إليه بالاتصال والعنعنة سواء كانت من لفظه - صلى الله عليه وسلم - أو كانت أحاديث موقوفة قد صحت الرواية بها عن جماعة من الصحابة والتابعين بحيث يبعد أقدامهم عن الجزم بمثله لولا النص أو الإشارة من الشارع بمثل ذلك رواية عنه - صلى الله عليه وسلم - دلالة وتلقي تلك الروايات لا سبيل إليه في يومنا هذا إلا تتبع الكتب المدونة في علم الحديث فإنه لا يوجد اليوم رواية يعتمد عليها غير مدونة وكتب الحديث على طبقات مختلفة ومنازل متباينة فوجب الاعتناء بمعرفة طبقات كتب الحديث فنقول: هي باعتبار الصحة والشهرة على أربع طبقات وذلك لأن أعلى أقسام الحديث كما عرفت فيما سبق ما ثبت بالتواتر وأجمعت الأمة على قبوله والعمل به ثم استفاض من طرق متعددة لا يبقى معها شبهة يعتد بها واتفق على العمل به جمهور فقهاء الأمصار أو لم يختلف فيه علماء الحرمين خاصة فإن الحرمين محل الخلفاء الراشدين في القرون الأولى ومحط رحال العلماء طبقة بعد طبقة يبعد أن يسلموا منهم الخطأ الظاهر أو كان قولاً مشهوراً معمولاً به في قطر عظيم مروياً عن جماعة عظيمة من الصحابة والتابعين ثم ما صح أو حسن سنده وشهد به علماء الحديث ولم يكن قولاً متروكاً لم يذهب إليه أحد من الأمة أما ما كان ضعيفاً أو موضوعاً أو منقطعاً أو مقلوباً في سنده أو متنه أو من رواية المجاهيل أو مخالفاً لما أجمع عليه السلف طبقة بعد طبقة فلا سبيل إلى القول به فالصحة أن يشترط مؤلف الكتاب على نفسه إيراد ما صح أو حسن غير مقلوب ولا شاذ ولا ضعيف إلا مع بيان حاله فإن إيراد الضعيف مع بيان حاله لا يقدح في الكتاب؛ والشهرة أن تكون الأحاديث المذكورة فيها دائرة على ألسنة المحدثين قبل تدوينها وبعد تدوينها فيكون أئمة الحديث قبل المؤلف رووها بطرف شتى وأوردوها في مسانيدهم ومجاميعهم وبعد المؤلف اشتغلوا برواية الكتاب وحفظه وكشف مشكله وشرح غريبه وبيان إعرابه وتخريج طرق أحاديثه واستنباط فقهها والفحص عن أحوال رواتها طبقة بعد طبقة إلى يومنا هذا حتى لا يبقى شيء مما يتعلق به غير مبحوث عنه إلا ما شاء الله ويكون نقاد الحديث قبل المصنف وبعده وافقوه في القول بها وحكموا بصحتها وارتضوا رأي المصنف فيها وتلقوا كتابه بالمدح والثناء ويكون أئمة الفقه لا يزالون يستنبطون منها ويعتمدون عليها ويعتنون بها ويكون العامة لا يخلون عن اعتقادها وتعظيمها وبالجملة فإذا اجتمعت هاتان الخصلتان كلاهما في كتاب كان من الطبقة الأولى ثم، وثم، وإن فقدتا رأساً لم يكن له اعتبار وما كان أعلى عد في الطبقة الأولى بأنه يصل إلى حد التواتر وما دون

ذلك يصل إلى الاستفاضة ثم إلى الصحة القطعية أعني القطع المأخوذ في علم الحديث المفيد للعمل والطبقة الثانية إلى الاستفاضة أو الصحة القطعية أو الظنية وهكذا ينزل الأمر فالطبقة الأولى منحصرة بالاستقراء في ثلاثة كتب الموطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم. قال الشافعي: "أصح كتاب بعد كتاب الله موطأ مالك". واتفق أهل الحديث على أن جميع ما فيه صحيح على رأي مالك ومن وافقه وأما على رأي غيره فليس فيه مرسل ولا منقطع إلا قد اتصل السند فيه من طرق أخرى فلا جرم أنها صحيحة من هذا الوجه. وقد صنف في زمان مالك موطئات كثيرة في تخريج أحاديثه ووصل منقطعه مثل: كتاب ابن أبي ذؤيب وابن عيينة والثوري ومعمر وغيرهم ممن شارك مالكاً في الشيوخ. وقد رواه عن مالك بغير واسطة أكثر من ألف رجل وقد ضرب الناس فيه أكباد الإبل إلى مالك من أقاصي البلاد كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم -ذكره في حديثه. فمنهم المبرزون من الفقهاء كالشافعي ومحمد بن الحسن وابن وهب وابن القاسم ومنهم نحارير المحدثين كيحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق ومنهم الملوك والأمراء كالرشيد وابنيه. وقد

اشتهر في عصره حتى بلغ على جميع ديار الإِسلام ثم لم يأت زمان إلا وهو أكثر له شهرة وأقوى به عناية وعليه بني فقهاء الأمصار مذاهبهم حتى أهل العراق في بعض أمرهم ولم يزل العلماء يخرجون أحاديثه ويذكرون متابعته وشواهده ويشرحون غريبه ويضبطون مشكله، ويبحثون عن فقهه ويفتشون عن رجاله، إلى غاية ليس بعدها غاية وإن شئت الحق الصراح فقس كتاب الموطأ بكتاب الآثار لمحمد، والأمالي لأبي يوسف تجد بينه وبينهما بعد المشرقين، فهل سمعت أحداً من المحدثين والفقهاء تعرض لهما واعتنى بهما؟ أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع، وإنهما متواتران إلى مصنفيهما، وإن كل من يهوّن أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين وإن شئت الحق الصراح فقسهما بكتاب ابن أبي شيبة وكتاب الطحاوي ومسند الخوارزمي وغيرهم تجد بينهما وبينهم بعد المشرقين. وقد استدرك الحاكم عليهما أحاديث هىِ على شرطهما ولم يذكراها، وقد تتبعت ما استدركه فوجدته قد أصاب من وجه ولم يصب من وجه، وذلك لأنه وجد

أحاديث مروية عن رجال الشيخين بشرطهما في الصحة والاتصال فاتجه استدراكه عليهما من هذا الوجه، ولكن الشيخين لا يذكران إلا حديثاً قد تناظر فيه مشايخهما وأجمعوا على القول به والتصحيح له كما أشار مسلم حيث قال: "لم أذكر ها هنا إلا ما أجمعوا عليه" (1). وجل ما تفرد به المستدرك كالموكأ عليه المخفي فكان في زمن مشايخهما وإن اشتهر أمره من بعد أو ما اختلف المحدثون في رجاله فالشيخان كأساتذهما كانا يعتنيان بالبحث عن الأحاديث في الوصل والانقطاع وغير ذلك حتى يتضح الحال والحاكم يعتمد في الأكثر على قواعد مخرجة من صنائعهم كقوله: زيادة الثقات مقبولة وإذا اختلف الناس في الوصل والإرسال والوقف والرفع وغير ذلك فالذي حفظ الزيادة حجة على من لم يحفظ والحق أن كثيراً ما يدخل الخلل في الحفاظ من قبل الموقوف ووصل المنقطع لا سيما عند رغبتهم في المتصل المرفوع وتنويههم به فالشيخان لا يقولان بكثير مما يقول الحاكم والله أعلم. وهاته الكتب الثلاث التي اعتنى القاضي عياض في المشارق في ضبط مشكلة ورد تصحيفها. الطبقة الثانية: كتب لم تبلغ مبلغ الموطأ والصحيح، ولكنها تتلوها، كان مصنفوها معروفين بالوثوق والعدالة والحفظ والتبحر في فنون الحديث ولم يرضوا في كتبهم بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم فتلقاها من بعدهم بالقبول واعتنى بها المحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة واشتهرت فيما بين الناس وتعلق بها القوم شرحاً لغريبها وفحصاً عن رجالها واستنباطاً لفقهها وعلى تلك الأحاديث بناء عامة الناس

كسنن أبي داود وجامع الترمذي ومجتبى النسائي. وهاته الكتب مع الطبقة الأولى اعتنى بأحاديثها رزين في تجريد الصحاح وابن الأثير في جامع الأصول فكاد مسند أحمد يكون من جملة هاته الطبقة فإن الإِمام أحمد جعله أصلاً يعرف به الصحيح والسقيم قال: ما ليس فيه فلا تقبلوه. الطبقة الثالثة: مسانيد وجوامع ومصنفات صنفت قبل البخاري ومسلم، وفي زمانهما وبعدهما جمعت بين الصحيح والحسن والضعيف، والمعروف والغريب، والشاذ والمنكر، والخطأ والصواب، والثابت والمقلوب، ولم تشتهر في العلماء ذلك الاشتهار وإن زال عنها اسم النكارة المطلقة ولم يتداول ما تفردت به الفقهاء كثير تداول، ولم يفحص عن صحتها وسقمها المحدثون كثير فحص، ومنه ما لم يخدمه لغوي ليشرح غريبه ولا فقيه بتطبيقه بمذاهب السلف، ولا محدث ببيان مشكله، ولا مؤرخ بذكر أسماء رجاله، ولا أريد المتأخرين المتعمقين وإنما كلامي في الأئمة المتقدمين من أهل الحديث فهي باقية على استتارها واختفائها وخمولها

كمسند أبي علي ومصنف عبد الرزاق ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة ومسند عبد الله بن حميد والطيالسي وكتب البيهقي والطحاوي والطبراني وكان قصدهم جمع ما وجدوه لا تلخيصه وتهذيبه وتقريبه من العمل. الطبقة الرابعة: كتب قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جمع ما لم يوجد في الطبقتين الأوليين، وكانت في المجامع والمسانيد المختلفة فنوهوا بأمرها، وكانت على ألسنة من لم يكتب حديثه المحدثون ككثير من الوعاظ المتشدقين وأهل الأهواء والضعفاء أو كانت من آثار الصحابة والتابعين أو من أخبار بني إسرائيل أو من كلام الحكماء والوعاظ، خلطها الرواة بحديث النبي - صلى الله عليه وسلم - سهواً أو عمداً، أو كانت من محتملات القرآن والحديث الصحيح فرواها بالمعنى قوم صالحون لا يعرفون غوامض الرواية فجعلوا المعاني أحاديث مرفوعة، أو كانت معاني مفهومة من إشارات الكتاب والسنة جعلوها أحاديث مستبدة برأسها عمداً، أو كانت جملاً شتى في أحاديث مختلفة جعلوها حديثاً واحداً بنسق واحد. ومظنة هذه الأحاديث كتاب الضعفاء لابن حبان وكامل ابن عدي وكتب الخطيب وأبي نعيم والجوزقاني وابن عساكر وابن النجار والديلمي وكاد مسند الخوارزمي يكون من هذه الطبقة. وأصلح هذه الطبقة ما كان ضعيفاً محتملاً وأسوأها ما كان موضوعاً أو مقلوباً شديد النكارة. وهذه الطبقة مادة كتاب الموضوعات لابن الجوزي. ها هنا طبقة خامسة منها ما اشتهر على ألسنة الفقهاء والصوفية والمؤرخين ونحوهم وليس له أصل في هذه الطبقات الأربع، ومنها ما دسه الماجن في دينه العالم بلسانه فأتى بإسناد قوي لا يمكن الجرح فيه وكلام بليغ لا يبعد صدوره عنه - صلى الله عليه وسلم - فأثار في الإِسلام مصيبة عظيمة، لكن الجهابذة من أهل الحديث يوردون مثل ذلك على المتابعات والشواهد فتهتك الأستار ويظهر العوار. أما الطبقة الأولى والثانية فعليهما اعتماد المحدثين وحوم حمامهما مرتعهم ومسرحهم، وأما الثالثة فلا يباشرها للعمل عليها والقول بها إلا النحارير الجهابذة الذين يحفظون أسماء الرجال وعلل الأحاديث، نعم ربما يؤخذ منها المتابعات والشواهد وقد جعل الله لكل شيء قدراً. وأما الرابعة فالاشتغال بجمعها أو الاستنباط منها نوع تعمق من المتأخرين وإن شئت الحق فطوائف المبتدعين

الرافضة والمعتزلة وغيرهم يتمكنون بأدنى عناية أن يلخصوا منها شواهد مذاهبهم فالانتصار بها غير صحيح في معارك العلماء بالحديث اهـ. والحاصل أن الموطأ والكتب الخمسة هي الأسوة في فن الحديث في القديم والحديث وشهرة مؤلفيها غنية عن التعريف والبيان والتوصيف. متصلة السند، حملها فحول عن فحول إلى يومنا هذا وسنذكر سندي إليها في آخر المقصد إن شاء الله، وهي: (1) الموطأ للإمام مالك وسيأتي ذكره قريباً في المقصد والتتمة. (2) صحيح البخاري لمؤلفه أبي عبد الله محمد بن أبي الحسن إسماعيل الجعفي البخاري الإِمام الجليل العلامة شيخ الإِسلام الفهامة الحافظ الحجة النظار. نال من الشهرة والقبول درجة لا يرام فوقها. مولده سنة 194هـ ومات سنة 256 هجرية. أنشد له الشهاب المقري بيتين وقال ليس له غيرهما وهما: اغتنم في الفراغ فضل ركوع ... فعسى أن يكون موتك بغته كم صحيح قد مات قبل سقيم ... ذهبت نفسه النفيسة بغته ووقع له ذلك أو قريب منه. قاله الحافظ ابن حجر اهـ من نفح الطيب. (3) صحيح مسلم: لمؤلفه أبي الحسن مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري الإمام الجليل الحافظ النظار الحجة مولده سنة 206هـ وتوفي سنة 261 هجرية. (4) سنن أبي داود: لمؤلفها أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي الإمام سيد الحفاظ الحجة المثبت مولده سنة 202 هـ وتوفي سنة 275 هجرية. (5) الجامع: لمؤلفه أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي الإمام الحافظ الحجة الأميز مولده سنة 209هـ وتوفي سنة 279 هجرية. (6) المجتبى: وهي السنن الصغرى لأبي عبد الرحمن أحمد بن علي بن شعيب النسائي الإمام المثبت الحافظ الحجة المتولد سنة 215هـ المتوفى سنة 303 هجرية.

الفريدة السادسة ذكر الأئمة المجتهدين والفرق بين أهل الحديث وأصحاب الرأي

الفريدة السادسة ذكر الأئمة المجتهدين والفرق بين أهل الحديث وأصحاب الرأي قال برهان الدين بن فرحون نقلاً عن القاضي عياض رحمه الله ما نصه: اعلم وفقنا الله وإياك أن حكم المتعبد بأوامر الله ونواهيه المتشرع بشريعة نبيه - صلى الله عليه وسلم - طلب معرفة ما يتعبد به، وما يأتيه ويذره ويجب عليه ويحرم ويباح له ويرغب فيه من كتاب الله تعالى وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فهما الأصلان اللذان لا تعرف الشريعة إلا من قبلهما ثم إجماع المسلمين مرتب عليهما فلا يصح أن يؤخذ وينعقد إلا عليهما، إما من نص صريح عرفوه ثم تركوا نقله، أو اجتهاد مبني عليهما على القول بصحة الإجماع من طريق الاجتهاد وهذا كله لا يتم إلا بعد تحقيق العلم بذلك والعرف والدلالات الموصلة إليه من نقل ونظر وجمع وحفظ وعلم ما صح من السنن واشتهر ومعرفة كيف تفهم من علم ظواهر الألفاظ وهو علم العربية والفقه وعلم معانيها ومعاني موارد الشرع ومقاصده ونص الكلام وظاهره وفحواه وسائر مناهجه وهو المعبر عنه بعلم أصول الفقه وهذا كله يحتاج إلى مهلة والتعبد لازم لحينه، ثم الواصل لطريق الاجتهاد قليل وأقل القليل بعد الصدر الأول والسلف الصالح، وإذا كان هذا فلا بد لمن لم يبلغ هذه المنزلة من المكلفين أن يتلقى ما يُتَعَبَّد به وكلف من وظائف شريعته ممن ينقله له ويعرفه به، واثقاً به في نقله وعلمه، وهذا هو

التقليد ودرجة عوام الناس بل أكثرهم، وإذا كان هذا فالواجب تقليد العالم الموثوق به في ذلك، فإذا كثر العلماء فالأعلم، وهذا حظ المقلد من الاجتهاد لدينه، ولا يترك المقلد الأعلم ويعدل إلى غيره وإن كان مشتغلاً بالعلم فيسأل حينئذ عما لا يعلم حتى يعلمه. قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7، النحل: 43] وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاقتداء بالخلفاء (1) بعده وأصحابه وقد بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في الناس ليفقهوهم في الدين ويعلموهم ما كتب عليهم. وإذا كان هذا الأمر لازماً فأولى من قلده العامي الجاهل والطالب المسترشد والمتفقه في دين الله فقهاء أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم - الذين أخذوا عنه الأمر وعلموا أسباب نزول الأوامر والنواهي وشاهدوا قرائن الأمور وثاقفوا في أكثرها النبي - صلى الله عليه وسلم - واستفسروه عنها مع ما كانوا عليه من صفة العلم ومعرفة معاني الكلام وتنوير القلوب وانشراح الصدور فكانوا أعلم الأمة بلا مرية وأولاهم بالتقليد، لكنهم لم يتكلموا من النوازل إلا في اليسير مما وقع، ولا تفرعت عنهم المسائل ولا من الشرع إلا في قواعد ووقائع، وكان أكثر اشتغالهم بالعمل بما علموا والذب عن حوزة الدين وتوطين شريعة المسلمين، ثم بينهم في الاختلاف في بعض ما تكلموا فيه مما يُبقي المقلد في حيرة ويحوجه إلى نظر وتوقف. وإنما جاء التفريع وبسط الكلام فيما يتوقع وقوعه بعدهم فجاء التابعون فنظروا في اختلافهم وبنوا على أصولهم، ثم جاء من بعدهم من العلماء من أتباع التابعين والوقائع قد كثرت، والفتاوى قد تشعبت فجمعوا أقاويل الجميع وحفظوا فقههم وبحثوا عن اختلافهم واتفاقهم وَحَذِرُوا انتشار

الأمر، وخروج الخلاف عن الضبط، فاجتهدوا في جمع السنن، وضبط الأحوال وسئلوا فأجابوا ومهدوا الأصول، وفرعوا النوازل ووضعوا التصانيف ودونوها وقاسوا على ما بلغهم ما يشبهه فالمتعين على المقلد أن يرجع في التقليد لهؤلاء لأحكامهم النظر في مذاهب من تقدمهم وكفايتهم ذلك لمن جاء بعدهم لكن تقليد جميعهم لا يتفق في أكثر النوازل لاختلافهم في الأصول التي بنوا عليها ولا يصلح أن يقلد المقلد من شاء منهم على الشهرة أو على ما وجد عليه أهل قطره فحظه هنا من الاجتهاد أن ينظر في أعلمهم ويعرف الأولى بالتقليد من جملتهم، حتى يركن في أعماله إلى فتواه، ولا يحل له أن يعدو في استفتائه إلى من هو لا يرى مذهبه، وكذلك يلزم هذا طالب العلم في بدايته في درس ما أصله الأعلم من هؤلاء وفرّعه والاهتداء بنظره؛ إذ لو ابتدأ الطالب يطلب في كل مسألة الوقوف على الحق منها بطريق الاجتهاد لعسر عليه ذلك إذ لا يتفق إلا بعد جمع خلاله كما تقدم وإذا اجتمعت خلاله كان حينئذ من المجتهدين لا من المقلدين انتهى. ثم قال ما ملخصه: وقع إجماع المسلمين في أقطار الأرض على تقليد هذا النمط واتباعهم ودرس مذاهبهم دون من قَبْلَهُم مع الاعتراف بفضل من قبلهم وسبقه ومزيد علمه. ثم اختلفت الآراء في تعيين المقلد منهم فغلب مذهب كل منهم على جهة: فمالك بالمدينة، وأبو حنيفة والثوري بالكوفة المتوفى سنة 161هـ، والحسن البصري بالبصرة المتوفى سنة116هـ، والأوزاعي بالشام المتوفى سنة 157هـ،

والليث بن سعد المتوفى سنة 175هـ إمام أهل مصر في الفقه والحديث المتوفى سنة 94 هـ والشافعي بمصر وأحمد بن حنبل ببغداد وكان لأبي ثور المتوفى سنة 246 هـ هناك أتباع أيضاً ثم نشأ ببغداد أبو جعفر الطبري المتوفى سنة 310 هـ وداود الأصبهاني المتوفى سنة 270 هـ فألفا الكتب واختارا في المذهب على رأي أهل الحديث وطرح داود منها القياس وكان لكل واحد منهم أتباع فهؤلاء الذين وقع إجماع الناس على تقليدهم مع الاختلاف في أعيانهم واتفاق العلماء على اتباعهم والاقتداء بمذاهبهم ودرس كتبهم والتفقه على مآخذهم والبناء على قواعدهم والتفريع عى أصولهم دون غيرهم ممن تقدمهم أو عاصرهم للعلل التي ذكرناها. وصار الناس اليوم في أقطار الأرض على خمسة مذاهب: مالكية وحنبلية وشافعية وحنفية وداودية وهم المعروفون بالظاهرية انتهى باختصار مع زيادة وهؤلاء الأئمة لهم أتباع يختلفون قلة وكثرة في الاتباع والانتشار والدوام والانقطاع إلى أواخر المائة الخامسة فلم يبقَ من بينهم مَن له أتباع إلا الأئمة الأربعة. قال ولي الدين بن خلدون وقف التقليد في الأمصار عند الأئمة الأربعة أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ودرس المقلدون لمن سواهم وسدّ الناس باب الخلاف وطرقه لما كثر تشعب الاصطلاحات في العلوم ولما عاق عن الوصول إلى رتبة الاجتهاد ولما خشي من إسناد ذلك إلى غير أهله، ومن لا يوثق برأيه ولا بدينه، فصرحوا بالعجز والإعواز وردوا الناس إلى تقليد هؤلاء، كل بما اختص به من المقلدين. وحظروا أن يُتداول تقليد من سواهم لما فيه من التلاعب ولم يبق إلا نقل مذاهبهم وعمل كل مقلد بمذهب مقلده منهم

بعد تصحيح الأصول واتصال سندها بالرواية لا محصول للفقه اليوم غير هذا ومدعي الاجتهاد لهذا العهد مردود على عقبه مهجور تقليده وقد صار أهل الإسلام اليوم على تقليد هؤلاء الأربعة انتهى. انظره. والأربعة: 17 - مالك بن أنس: إمام دار الهجرة رضي الله عنه انتشر مذهبه بالحجاز والبصرة وما والاها وبإفريقية والمغرب والأندلس ومصر وأتباعه كثيرون جداً مولده سنة 93 هـ وتوفي سنة 179هـ وستأتي ترجمته [795 م]. 18 - وأبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي: التابعي رضي الله عنه الإمام قدوة العلماء الأعلام وشيخ مشايخ الإسلام العالم الجليل القدر الشهير الذكر المتفق على جلالته وفضله وعلمه انتشر مذهبه بالكوفة والشام والعراق وما وراء النهرين والروم وغيرها وأتباعه كثيرون جداً. ترجمته واسعة أفردت بالتأليف. مولده سنة 80 هـ وتوفي ببغداد سنة 150هـ[767 م]. 19 - وأبو عبد الله محمَّد بن إدريس الشافعي المطلبي رضي الله عنه: الإِمام البعيد الصيت والذكر الجليل القدر علامة الدنيا بلا ثنيا الحافظ الحجة النظار المتفق على جلالته وفضله وعلمه شهرته في أقطار الأرض تغني عن التعريف به. وترجمته واسعة أفردت بالتأليف له أتباع كثيرون جداً وانتشر مذهبه انتشار مذهب أبي حنيفة ومن دعائه: اللهم يا لطيف أسألك اللطف فيما جرت به المقادير. وهو مشهور بين العلماء بالإجابة. مولده بغزة سنة 150هـ توفي بمصر سنة 204 هـ. 20 - أبو عبد الله أحمد بن محمَّد بن حنبل البغدادي رضي الله عنه: الإمام الثقة المثبت الأمين الحافظ الحجة النظار المتفق على جلالته وورعه وعلمه كان من علية أئمة الحديث انتشر مذهبه بكثير من بلاد الشام وغيرها ثم ضعف. ترجمته عالية ذكرت مفردة ومضافة مولود سنة 164هـ وتوفي ببغداد سنة 241هـ[855 م].

فهؤلاء الأربعة أئمة الدين الأعلام، وقف التقليد عندهم في سائر الأقطار والأمصار، إلى هذا الوقت. وفي باب أسباب اختلاف مذاهب الفقهاء من كتاب حجة الله البالغة كلام نفيس هو من الأهمية بمكان، ولذا آثرت نقله بنصه وإن كان فيه طول، فإن الحسن غير مملول. قال رحمه الله: اعلم أن الله تعالى أنشأ بعد عصر التابعين نشئاً من حملة العلم إنجازاً لما وعده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "يحمل هذا العلم من كل خلف عُدُولُهُ" (1) فأخذوا عمن اجتمعوا معه منهم صفة الوضوء والغسل والصلاة والحج والنكاح والبيوع وسائر ما يكثر وقوعه ورووا حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وسمعوا قضايا قضاة البلدان وفتاوى مفتيها، وسألوا عن المسائل واجتهدوا في ذلك كله ثم صاروا كبراء قوم، ووسد إليهم الأمر فنسجوا على منوال شيوخهم ولم يألوا في تتبع الإيماءات والاقتضاءات، فقضوا وأفتوا ورووا وعلموا. وكان صنيع العلماء في هذه الطبقة متشابهاً. وحاصل صنيعهم أن يتمسك بالمسند من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمرسل جميعاً ويستدل بأقوال الصحابة والتابعين. علمنا منهم أنها إما أحاديث منقولة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختبروها فجعلوها موقوفة كما قال إبراهيم وقد روى حديث نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المحاقلة

والمزابنة فقيل له أما تحفظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثاً غير هذا قال: بلى ولكن أقول قال عبد الله قال علقمة أحب إلى. وكما قال الشعبي وقد سئل عن حديث وقيل إنه يرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا، علي من دون النبي - صلى الله عليه وسلم - أحب إلينا فإن كان فيه زيادة ونقصان كان علي من دون النبي - صلى الله عليه وسلم - أو يكون استنباطاً منهم من النصوص أو اجتهاداً منهم بآرائهم وهم أحسن صنيعاً في كل ذلك ممن يجيء بعدهم وأكثر إصابة وأقدم زماناً وأوعى علماً فتعين العمل بها إلا إذا اختلفوا وكان حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يخالف قولهم مخالفة ظاهرة وأنه إذا اختلفت أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسألة رجعوا إلى أقوال الصحابة فإن قالوا بنسخ بعضها أو بصرفه عن ظاهره أو لم يصرحوا بذلك ولكن اتفقوا على تركه وعدم القول بموجبه فإنه كابتداء علة فيه أو الحكم بنسخه أو تأويله اتبعوهم في كل ذلك وهو قول مالك: في حديث ولغ الكلب جاء هذا الحديث ولكن لا أدري ما حقيقته يعني حكاه ابن الحاجب في مختصر الأصول لم أرَ الفقهاء يعملون به وأنه إذا اختلفت مذاهب الصحابة والتابعين في مسألة فالمختار عند كل عالم مذهب أهل بلده وشيوخه لأنه أعرف

بصحيح أقاويلهم من السقيم وأوعى للأصول المناسبة لها وقلبه أميل إلى فضلهم وتبحرهم فمذهب عمر وعثمان وابن عمر وعائشة وابن عباس وزيد بن ثابت وأصحابهم- مثل سعيد بن المسيب فإنه كان أحفظهم لقضايا عمر وحديث أبي هريرة ومثل عروة وسالم وعطاء بن يسار وقاسم وعبيد الله بن عبد الله والزهري ويحيى بن سعيد وزيد بن أسلم وربيعة- أحق بالأخذ من غيره عند أهل المدينة لما بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضائل المدينة ولأنها مأوى الفقهاء ومجمع العلماء في كل عصر ولذلك ترى مالكاً يلازم محجتهم ومذهب عبد الله بن مسعود وأصحابه وقضايا علي وشريح والشعبي وفتاوى إبراهيم أحق بالأخذ عند أهل الكوفة من غيره وهو قول علقمة حين مال مسروق إلى قول زيد بن ثابت في الشريك قال: هل أحد منكم أثبت من عبد الله؟ فقال: لا ولكن رأيت زيد بن ثابت وأهل المدينة يشركون فإن اتفق أهل البلد على شيء أخذوا بنواجده وهو الذي يقول في مثله مالك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا كذا وكذا وإن اختلفوا أخذوا بأقواها وأرجحها إما بكثرة القائلين به أو لموافقته لقياس قوي أو تخريج من الكتاب والسنة وهو الذي يقول في مثله مالك هذا أحسن ما سمعت فإذا لم يجدوا فيما حفظوا منهم جواب المسألة خرجوا من كلامهم وتتبعوا الإيماء والاقتضاء وألهموا في هذه الطبقة التدوين فدون مالك ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذيب بالمدينة وابن جريج وابن عيينة بمكة والثوري بالكوفة وربيع بن الصبيح بالبصرة وكلهم مشوا على هذا المنهج الذي ذكرته ولما حج المنصور قال لمالك قد عزمت على أن آمر بكتبك هذه التي صنفتها فتنسخ ثم أبعث في كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة وآمرهم بأن يعملوا بما فيها ولا يتعدوه إلى غيره فقال: يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا فإن الناس قد سبقت إليهم

أقاويل وسمعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وأتوا به من اختلاف الناس فدع الناس وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم ويحكى نسبة هذه القصة إلى هارون الرشيد (1) وأنه شاور مالكاً في أن يعلق الموطأ في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه فقال لا تفعل فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختلفوا في الفروع وتفرقوا في البلدان وكل سنة مضت. قال: وفقك الله يا أبا عبد الله حكاه السيوطي وكان مالك من أثبتهم في حديث المدنيين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأوثقهم إسناداً وأعلمهم بقضايا عمر، وأقاويل عبد الله بن عمر، وعائشة وأصحابهم من الفقهاء السبعة وبه وبأمثاله قام علم الرواية والفتوى فلما وسد إليه الأمر حدث وأفتى وأفاد وأجاد وعليه انطبق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحداً أعلم من عالم المدينة" على ما قاله ابن عيينة وعبد الرزاق، وناهيك بهما. فجمع أصحابه رواياته ومختاراته ولخصوها وحرروها وشرحوها وخرّجوا عليها وتكلموا في أصولها ودلائلها وتفرقوا إلى المغرب ونواحي الأرض فنفع الله بهم كثيراً من خلقه. وإن شئت أن تعرف حقيقة ما قلناه من أهل مذهبه فانظر في كتاب الموطأ تجده كما ذكرنا، وكان أبو حنيفة رضي الله عنه ألزمهم بمذهب إبراهيم وأقرانه لا يجاوزه إلا ما شاء الله وكان عظيم الشأن في التخريج على مذهبه دقيق النظر في وجوه التخريجات مقبلاً على الفروع أتم إقبال وإن شئت أن تعلم حقيقة ما قلناه فلخص أقوال إبراهيم وأقرانه من كتاب الآثار

لمحمد رحمه الله وجامع عبد الرزاق ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة، ثم قايسه بمذهبه تجده لا يفارق تلك المحجة إلا في مواضع يسيرة وهو في تلك اليسيرة أيضاً لا يخرج عما ذهب إليه فقهاء الكوفة وكان أشهر أصحابه ذكراً أبا يوسف رحمه الله تولى قضاء القضاة أيام هارون الرشيد فكان سبباً لظهور مذهبه والقضاء به في أقطار العراق وخراسان وما وراء النهر، وكان أحسنهم تصنيفاً وألزمهم درساً محمد بن الحسن، وكان من خبره أن تفقه على أبي حنيفة وأبي يوسف ثم خرج إلى المدينة فقرأ الموطأ على مالك ثم رجع إلى نفسه فطبّق مذهب أصحابه على الموطأ مسألة مسألة فإن وافق فيها وإلا فإن رأى طائفة من الصحابة والتابعين ذاهبين إلى مذهب أصحابه فكذلك، وإن وجد قياساً ضعيفاً أو تخريجاً ليناً يخالفه حديث صحيح فيما عمل به الفقهاء أو يخالفه عمل أكثر العلماء تركه إلى مذهب من مذاهب السلف مما يراه أرجح ما هنالك، وهذان لا يزالان على محجة إبراهيم وأقرانه ما أمكن لهما كما كان أبو حنيفة رضي الله عنه يفعل ذلك وإنما كان اختلافهم في أحد شيئين إما أن يكون لشيخهما تخريج على مذهب إبراهيم يزاحمانه فيه أو يكون هناك لإبراهيم ونظرائه أقوال مختلفة يخالفان شيخهما في ترجيح بعضها على بعض فصنف محمد رحمه الله وجمع رأي هؤلاء الثلاثة ونفع كثيراً من الناس فتوجه أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه إلى تلك التصانيف تخليصاً وتقريباً أو شرحاً أو تخريجاً أو تأسيساً أو استدلالاً ثم تفرقوا إلى خراسان وما وراء النهر فيسمى ذلك مذهب أبي حنيفة. ونشأ الشافعي في أوائل ظهور المذهبين وترتيب أصولهما وفروعهما فنظر في صنيع الأوائل فوجد فيه أموراً كبحت عنانه عن الجريان في طريقهم وقد ذكرها في أوائل كتاب الأم منها أنه وجدهم يأخذون بالمرسل والمنقطع فيدخل فيهما الخلل فإنه إذا جمع طرق الحديث يظهر أنه

كم من مرسل لا أصل له، وكم من مرسل يخالف مسنداً (1) فقرر أن لا يأخذ بالمرسل إلا عند وجود شروط وهي مذكورة في كتب الأصول، ومنها أنه لم تكن قواعد الجمع بين المختلفات مضبوطة عندهم فكان يتطرق بذلك خلل في مجتهداتهم فوضع لها أصولاً ودوّنها في كتاب وهذا أول تدوين كان في أصول الفقه مثاله ما بلغنا أنه دخل على محمد بن الحسن وهو يطعن علي أهل المدينة في قضائهم بالشاهد الواحد مع اليمين ويقول هذا زيادة على كتاب الله، فقال الشافعي: أثبت عندك أنه لا تجوز الزيادة على كتاب الله بخبر الواحد؟ قال نعم. قال: فلمَ قلت إن الوصية للوارث لا تجوز لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا لا وصية لوارث" وقد قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [البقرة: 180] الآية وأورد عليه أشياء من هذا القبيل فانقطع كلام محمَّد بن الحسن، ومنها أن بعض الأحاديث الصحيحة لم يبلغ علماء التابعين ممن وسد إليهم الفتوى فاجتهدوا بآرائهم أو اتبعوا العمومات أو اقتدوا بمن مضى من الصحابة فأفتوا حسب ذلك ثم ظهرت بعد ذلك في الطبقة الثالثة فلم يعملوا بها ظناً منهم أنها تخالف عمل أهل مدينتهم وسنتهم التي لا اختلاف لهم فيها وذلك قادح في الحديث وعلة مسقطة له أو لم تظهر في الثلاثة وإنما ظهرت بعد ذلك عندما أمعن أهل الحديث في جميع طرق الحديث ورحلوا إلى أقطار الأرض وبحثوا عن حملة العلم فكثر من الأحاديث ما لا يرويه من الصحابة إلا رجل واحد، أو رجلان، ولا يرويه عنه أو عنهما إلا رجل واحد أو رجلان وهلم جراً فخفي على أهل الفقه وظهر في عصر الحفاظ الجامعين لطرق الحديث كثير من الأحاديث رواه أهل البصرة مثلاً وسائر الأقطار في غفلة منه فبيّن الشافعي أن العلماء من الصحابة والتابعين لم يزل شأنهم يطلبون الحديث في

المسألة فإذا لم يجدوا تمسكوا بنوع آخر من الاستدلال ثم إذا ظهر عليهم الحديث بعد رجعوا من اجتهادهم إلى الحديث فإذا كان الأمر على ذلك لا يكون عدم تمسكهم بالحديث قدحاً فيه اللهم إلا إذا بينّوا العلة القادحة مثاله: حديث القلتين فإنه حديث صحيح روي بطرق كثيرة معظمها ترجع إلى أبي الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله أو محمَّد بن عباد بن جعفر عن عبيد الله بن عبد الله كلاهما عن ابن عمر ثم تشعبت الطرق بعد ذلك. وهذان وإن كانا من الثقات لكنهما ليسا ممن وسد إليهم الفتوى وعول الناس عليهم فلم يظهر الحديث في عصر سعيد بن المسيب ولا في عصر الزهري ولم يمشِ عليه المالكية ولا الحنفية فلم يعملوا به وعمل به الشافعي وكحديث: "خيار المجلس": فإنه حديث صحيح روي بطرق كثيرة وعمل به: ابن عمر، وأبو هريرة من الصحابة. ولم يظهر على الفقهاء السبعة ومعاصريهم فلم يكونوا يقولون به فرأى مالك وأبو حنيفة هذه علة قادحة في الحديث وعمل به الشافعي ومنها أن أقوال الصحابة جمعت في عصر

الشافعي فتكثرت واختلفت وتشعبت ورأى كثيراً منها يخالف الحديث الصحيح حيث لم يبلغهم ورأى السلف لم يزالوا يرجعون في مثل ذلك إلى الحديث فترك التمسك بأقوالهم ما لم يتفقوا وقال هم رجال ونحن رجال. ومنها أنه رأى قوماً من الفقهاء يخلطون الرأي الذي لم يسوغه الشرع بالقياس الذي أثبته فلا يميزون واحداً منهم من الآخر ويسمونه بالاستحسان وأعني بالرأي أن ينصب مظنة حرج أو مصلحة علة لحكم وإنما القياس أن تخرج العلة من الحكم المنصوص ويدار عليها الحكم فأبطل هذا النوع أتم إبطال وقال: "مَن استحسن فإنه أراد أن يكون شارعاً" حكاه ابن الحاجب في مختصر الأصول مثاله رشد اليتيم أمر خفي فأقاموا مظنة الرشد وهو بلوغ خمس وعشرين سنة مقامه وقالوا إذا بلغ هذا العمر سلم إليه ماله قالوا هذا استحسان والقياس أن لا يسلم إليه وبالجملة لما رأى في صنع الأوائل مثل هذه الأمور أخذ الفقه من الرأس فأسس الأصول وفرع الفروع وصنف الكتب فأجاد وأفاد واجتمع عليه الفقهاء وتصرفوا اختصاراً وشرحاً واستدلالاً وتخريجاً ثم تفرقوا في البلدان فكان هذا مذهباً للشافعي اهـ. ثم عقد باباً في الفرق بين أهل الحديث وأصحاب الرأي ونص محل الحاجة منه كان عندهم إذا وجد في المسألة قرآن ناطق فلا يجوز التحول منه إلى غيره، وإذا كان القرآن محتملاً لوجوه فالسنة قاضية عليه، فإذا لم يجدوا في كتاب الله أخذوا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواء كان مستفيضاً دائراً بين الفقهاء أو يكون مختصاً بأهل بلد أو أهل بيت أو بطريق خاصة، وسواء عمل به الصحابة والفقهاء أو لم يعملوا به. ومتى كان في المسألة حديث فلا يتبع فيها خلاف أثر من الآثار ولا اجتهاد أحد من المجتهدين، وإذا أفرغوا جهدهم في تتبع الأحاديث ولم يجدوا في المسألة حديثاً أخذوا بأقوال جماعة من الصحابة والتابعين ولا يتقيدون بقوم دون قوم ولا ببلد دون بلد كما كان يفعل من قبلهم، فإن اتفق جمهور الخلفاء والفقهاء على شيء فهو المقنع وإن اختلفوا أخذوا بحديث أعلمهم علماً وأورعهم ورعاً وأكثرهم ضبطاً أو ما اشتهر عنهم. فإن وجدوا شيئاً يستوي فيه قولان فهي مسألة ذات قولين، فإن عجزوا عن ذلك أيضاً تأملوا في عمومات الكتاب والسنة وإيماءاتها واقتضاءاتها وحملوا نظير المسألة عليها في الجواب إذا كانتا متقاربتين بادئ الرأي لا يعتمدون في ذلك على قواعد من الأصول ولكن

على ما يخلص إلى الفهم ويثلج به الصدر كما أنه ليس ميزان التواتر عدد الرواة ولا حالهم ولكن اليقين الذي يعقبه في قلوب الناس كما نبهنا على ذلك في بيان حال الصحابة. وكانت هذه الأصول مستخرجة عن صنيع الأوائل وتصريحاتهم، وعن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الأمر سنة قضى بها فإن أعياه خرج يسأل المسلمين وقال: أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه قضاء، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل بيننا من يحفظ عن نبينا، فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به. وعن شريح أن عمر بن الخطاب كتب إليه: إن جاءك شيء في كتاب الله فاقض به ولا يلفتك عنه الرجال، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله فانظر سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقض بها، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانظر ما اجتمع عليه الناس فخذ به، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن في سنة رسول الله ولم يتكلم فيه أحد قبلك فاختر أي الأمرين شئت: إن شئت أن تجتهد برأيك ثم تقدم فتقدم، وإن شئت أن تتأخر فتأخر ولا أرى التأخر إلا خيراً لك. ثم قال: وعن عبد الله بن عباس وعطاء ومجاهد ومالك رضي الله عنهم أنهم كانوا يقولون: ما من أحد إلا وهو مأخوذ من كلامه ومردود عليه إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبالجملة فلما مهدوا الفقه على هذه القواعد لم تكن مسألة من المسائل التي تكلم فيها من قبلهم والتي

وقعت في زمانهم إلا وجدوا فيها حديثاً مرفوعاً متصلاً أو مرسلاً أو موقوفاً صحيحاً أو حسناً أو صالحاً للاعتبار أو وجدوا أثراً من آثار الشيخين أو سائر الخلفاء وقضاة الأمصار وفقهاء البلدان أو استنباطاً من عموم أو إيماء أو اقتضاء فيسر الله لهم العمل بالسنة على هذا الوجه، وكان أعظمهم شأناً وأوسعهم رواية وأرفعهم للحديث مرتبة وأعمقهم فقهاً أحمد بن محمَّد بن حنبل ثم إسحاق بن راهويه. وكان ترتيب الفقه على هذا الوجه يتوقف على جمع شيء كثير من الأحاديث والآثار حتى سئل أحمد يكفي الرجل مائة ألف حديث حتى يفتي؟ قال: لا. حتى قيل خمسمائة ألف حديث؟ قال: أرجو. كذا في غاية المنتهى. ومراده الإفتاء على هذا الأصل. ثم أنشأ الله تعالى قرناً آخر فرأوا أصحابهم قد كفوا مؤنة جمع الحديث وتمهيد الفقه على أصلهم فتفرغوا لفنون أخرى كتمييز الحديث الصحيح المجمع عليه بين كبراء أهل الحديث كزيد بن هارون ويحيى بن سعيد القطان وأحمد إسحاق وأضرابهم، وكجمع أحاديث الفقه التي بني عليها فقهاء الأمصار وعلماء البلدان مذاهبم وكالحكم على كل حديث بما يستحقه وكالشاذة والفاذة من الأحاديث لم يرووها أو طرقها التي لم يخرجوا من جهتها الأوائل مما فيه اتصال أو علو سند أو رواية فقيه عن فقيه أو حافظ عن حافظ ونحو ذلك من المطالب العلمية وهؤلاء هم البخاري ومسلم وأبو داود وعبد الله بن حميد والدارمي وابن ماجه وأبو يعلى والترمذي والنسائي والدارقطني والحاكم والبيهقي والخطيب والديلمي وابن عبد البر وأمثالهم، وكان أوسعهم علماً عندي وأنفعهم تصنيفاً وأشهرهم ذكراً رجال أربعة متقاربون في العصر: - أولهم: أبو عبد الله البخاري وكان غرضه تجريد الأحاديث الصحاح المستفيضة المتصلة من غيرها واستنباط الفقه والسيرة والتفسير منها، فصنف جامعه الصحيح ووفى بما شرط، وبلغنا أن رجلاً من الصالحين رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في منامه وهو يقول: مالك اشتغلت بفقه محمَّد بن إدريس وتركت كتابي. قال: يا رسول الله وما كتابك؟ قال: صحيح البخاري. ولعمري أنه نال من الشهرة والقبول درجة لا يرام فوقها. - وثانيهم: مسلم النيسابوري توخى تجريد الصحاح المجمع عليها بين المحدثين المتصلة المرفوعة مما يستنبط منه السنة وأراد تقريبها إلى الأذهان وتسهيل الاستنباط منها فرتب ترتيباً جيداً وجمع طرق كل حديث في موضع واحد ليتضح اختلاف المتون وتشعب الأسانيد أصرح ما يكون وجمع بين المختلفات فلم يدع لمن له معرفة لسان العرب عذراً في الإعراض عن السنة إلى غيرها.

- وثالثهم: أبو داود السجستاني وكان همه جمع الأحاديث التي استدل بها الفقهاء ودارت فيهم وبنى عليها الأحكام علماء الأمصار، فصنف سننه وجمع فيها الصحيح والحسن واللين والصالح للعمل. قال أبو داود: ما ذكرت في كتابي حديثاً أجمع الناس على تركه، وما كان منها ضعيفاً صرح بضعفه وما كان فيه علة بيّنها بوجه يعرفه الخائض في هذا الشأن، وترجم على كل حديث بما قد استنبط منه عالم وذهب إليه ذاهب. ولذلك صرح الغزالي وغيره بأن كتابه كاف للمجتهد. - ورابعهم: أبو عيسى الترمذي وكأنه استحسن طريقة الشيخين حيث بينا وما أبهما وطريقة أبي داود حيث جمع كل ما ذهب إليه ذاهب، فجمع تلك الطريقتين وزاد عليهما بيان مذاهب الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار فجمع كتاباً جامعاً واختصر طرق الحديث اختصاراً لطيفاً فذكر واحداً وأومأ إلى ما عداه وبيّن أمر كل حديث من أنه صحيح أو حسن أو ضعيف أو منكر وبيّن وجه الضعف ليكون الطالب على بصيرة من أمره فيعرف ما يصلح للاعتبار عما دونه وذكر أنه مستفيض أو غريب وذكر مذاهب الصحابة وفقهاء الأمصار وسمى من يحتاج إلى التسمية وكنى من يحتاج إلى التكنية ولم يدع خفاء لمن هو من رجال العلم ولذلك يقال إنه كاف للمجتهد مغن للمقلد. وكان بأزاء هؤلاء في عصر مالك وسفيان وبعدهم قوم لا يكرهون المسائل ولا يهابون الفتيا ويقولون على الفقه بناء الدين فلا بد من إشاعته ويهابون رواية حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرفع إليه حتى قال الشعبي على من دون النبي - صلى الله عليه وسلم - أحب إلينا فإن كان فيه زيادة أو نقصان كان على من دون النبي - صلى الله عليه وسلم -. وقال إبراهيم: أقول: قال عبد الله وقال علقمة أحب إلينا. وكان أبو مسعود إذا تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تربد وجهه وقال: هكذا أو نحوه، هكذا أو نحوه. وقال عمر حين بعث رهطاً من الأنصار إلى الكوفة: إنكم تأتون الكوفة فتأتون قوماً لهم أزيز بالقرآن فيأتونكم فيقولون: قدم أصحاب محمد! قدم أصحاب محمَّد! فيأتونكم فيسألونكم عن الحديث فأقلوا الرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال ابن عون: كان الشعبي إذا جاءه شيء اتقى. وكان إبراهيم يقول ويقول. أخرج هذه الآثار الدارمي. فوقع تدوين الحديث والفقه والمسائل من حاجتهم بموقع من وجه آخر وذلك أنه لم يكن عندهم من الأحاديث والآثار ما يقدرون به على استنباط الفقه على الأصول التي اختارها أهل الحديث ولم تنشرح صدورهم للنظر في أقوال علماء البلدان وجمعها والبحث عنها واتهموا أنفسهم في ذلك وكانوا اعتقدوا في أئمتهم أنهم في الدرجة العليا من التحقيق وكأن قلوبهم أميل شيء إلى أصحابهم كما قال علقمة: هل أحد منهم أثبت

فائدة

من عبد الله، وقال أبو حنيفة: إبراهيم أفقه من سالم ولولا فضل الصحبة لقلت علقمة أفقه من ابن عمر. وكان عندهم من الفطانة والحدس وسرعة انتقال الذهن من شيء إلى شيء ما يقدرون به على تخريج جواب المسائل على أقوال أصحابهم، وكل ميسر لما خلق له، وكل حزب بما لديهم فرحون. فمهدوا الفقه على قاعدة التخريج وذلك أن يحفظ كل أحد كتاب من هو لسان أصحابه وأعرفهم بأقوال القوم وأصحهم نظراً في الترجيح فيتأمل في كل مسألة وجه الحكم، فكلما سئل عن شيء أو احتاج إلى شيء رأى فيما يحفظه من تصريحات أصحابه فإن وجد الجواب فيها وإلا نظر إلى عموم كلامهم فأجراه إيماء واقتضاء يفهم المقصود، وربما كان للمسألة المصرح بها نظير تحمل عليه وربما نظروا في علة الحكم المصرح به بالتخريج أو باليسر والحذف فأداروا حكمه على غير المصرح به، وربما كان له كلامان لو اجتمعا على هيئة القياس الاقتراني أو الشرطي أنتجا جواب المسألة وربما كان في كلامهم ما هو معلوم بالمثال والقسمة غير معلوم بالحد الجامع المانع فيرجعون إلى أهل اللسان ويتكلفون في تحصيل ذاتياته وترتيب حد جامع مانع له وضبط فهمه وتمييز مشكله، وربما كان كلامهم محتملاً بوجهين فينظرون في ترجيح أحد المحتملين، وربما يكون تقريب الدلائل خفياً فيبينون ذلك، وربما استدل بعض المخرجين من فعل أئمتهم وسكوتهم ونحو ذلك فهذا هو التخريج ويقال له القول المخرج لفلان كذا، ويقال على مذهب فلان أو على أصل فلان أو على قول فلان جواب المسألة كذا وكذا ويقال لهؤلاء المجتهدون في المذهب وعنى هذا الاجتهاد على هذا الأصل من قال: من حفظ المبسوط كان مجتهداً. أي وإن لم يكن له علم برواية أصلاً ولا بحديث واحد فوقع التخريج في كل مذهب وكثر، فأي مذهب كان أصحابه مشهورين وسد إليهم القضاء والإفتاء واشتهرت تصانيفهم في الناس ودرسوا درساً ظاهراً انتشر في أقطار الأرض ولم يزل ينتشر كل حين، وأي مذهب كان أصحابه خاملين ولم يولوا القضاء والإفتاء ولم يرغب فيهم الناس اندرس بعد حين اهـ. فائدة اعلم أن ما جاء في الشريعة المطهرة الفخيمة لا يخرج عن الرخصة والعزيمة. وقد أتى على تحرير ذلك بأبين بيان وأفصح عبارة، وألطف إشارة، العارف الشعراني في أوائل كتابه (كشف الغمة عن جميع الأمة) وإليك ما حرره، رحمه الله وفي الملأ الأعلى ذكره. قال: الشريعة كالشجرة العظيمة المنتشرة، وأقوال علمائها

كالفروع والأغصان. وكل مَن شهد تناقضاً في أخبارها أو خطأ في أقوال علمائها فإنما هو لقصوره عن درجة العرفان. فإن الشريعة قد جاءت على مرتبتين تخفيف وتشديد ولكل منهما رجال لا على مرتبة واحدة كما سيأتي في الميزان. ومن عسر عليه الجمع بين حديثين منها أو قولين من أقوال علمائها فليجعل المائل إلى الاحتياط منهما في مرتبة الأولوية والمائل إلى الرخصة في مرتبة خلاف الأولى يطلع على ما قلناه من أعطي الفرقان. ثم أتى على الميزان المشار إليها فقال: بيان ميزان نفيسة، يشرف الإنسان بها على تقرير جميع أدلة الشريعة، وما انبنى عليها من أقوال المجتهدين إلى يوم الدين. وذلك أن تعلم يا أخي أن الشريعة المطهرة جاءت عامة وليس مذهب بها أولى من مذهب، مَن ادعى تخصيصها بما ذهب إليه إمامه من المقلدين فقد أتى باباً من الكبائر، وخطأ الأئمة أو ضعف أدلتهم بالرد تارة وبالقول بالنسخ تارة وبجرح الرواة لها تارة نسأل الله العافية. ولا تخرج يا أخي من هذه الورطة إلا أن تقول بصحة كل حديث أو أثر استدل به إمام من الأئمة لمذهبه كائناً ذلك الإِمام من كان، فإنه لولا ما صح عنده ما استدل به وكفانا صحة ذلك الحديث أو الأثر استدلال مجتهديه ولا يقدح فيه تجريح غيره من المحدثين المجتهدين من طريق روايتهم فإذا تقرر عندك أدلة الشريعة كلها على هذا الطريق ثم خفت تعارضها رجعها كلها إلى مرتبتين عزيمة ورخصة يرتفع التعارض والخلاف عندك من الشريعة إن شاء الله تعالى, لأن الشريعة لا تخرج عن هاتين المرتبتين أبداً. لأن الحديث إما أن يكون الحكم المحتوي عليه مائلاً إلى العزيمة والاحتياط وإما أن يكون مائلاً إلى الرخصة والتخفيف عن ضعفاء الأمة ولكل من المرتبتين رجال في حال مباشرة الأعمال فمن قوي منهم خوطب بالتشديد وحكم عليه به في الحقوق ونحوها، ومن ضعف منهم خوطب بالرخصة فلا يكلف الضعيف بالصعود لمرتبة الأقوياء ولا يؤمر القوي بالنزول لمرتبة الضعفاء, سواء كان ذلك المأمور به مندوباً أو واجباً ويوضح لك ذلك في أقوال المذاهب أن تجعل كل ما شرطه مجتهد بطريق الاستنباط في مرتبة الأولوية والاحتياط وتجعل مقابله من كلام المجتهد الآخر في مرتبة خلاف الأولى لا غير مع القول بصحة القولين وموافقتهما للشريعة وذلك كاشتراط النية في الطهارة واشتراط الطهارة بالماء الذي لم يستعمل ووجوب التسمية على الوضوء ووجوب المضمضة والاسثنشاق ووجوب الترتيب والموالاة وكنقض الوضوء بلمس المرأة ولو محرماً ومس الذكر وبخروج الدم والقيء والقهقهة وكقراءة الفاتحة

بخصوصها في الصلاة دون غيرها ووجوب الاعتدال والسجود على السبعة أعضاء وغير ذلك من سائر الأبواب فامتحن بهذا الميزان جميع الآيات والآثار والأخبار وما انبنى على ذلك من أقوال المجتهدين والمقلدين لهم إلى يوم الدين في سائر أبواب العبادات والمعاملات والمناكحات والحدود والجنايات والدعوى والبينات تجد كل دليل أو قول لا يخرج عن هاتين المرتبتين كما مر فما دخل الخلاف والنزاع بين أهل المذاهب ومقلديهم إلا من شهودهم أن الشريعة إنما جاءت على مرتبة واحدة وأن المصيب واحد في نفس الأمر من أصحاب تلك الأئمة أو الأقوال والباقي مخطئ وربما استدلوا على وقوع الخطأ بحديث "من اجتهد وأخطأ فله أجر" وهو لا يصلح دليلاً لأن المراد أخطأ الحديث الوارد عني بعد التتبع فلم يجده لا أنه أخطأ في عين الفهم إذ لو صحّ خطأه في عين الفهم لخرج عن الشريعة وإذا خرج فلا أجر فافهم فالحق الذي نعتقده أن الشريعة جاءت على مرتبتين كما قررنا ولو كانت جاءت على مرتبة واحدة إما تخفيف فقط أو تشديد فقط لكانت عذاباً في قسم التشديد ولم يظهر للدين شعار في قسم التخفيف والتسهيل وقد جاءت بحمد الله رحمة للخلق وإظهاراً لشعار الدين ثم قال: فمَن دخل لفهم الشريعة من باب هذا الميزان ارتفع الخلاف عنده من الشريعة جملة ورأى جميع علماء الشريعة في بحرها يسبحون لاستمدادهم كلهم من عين الشريعة وقرر جميع أدلة المجتهدين وأقوالهم ولم يجد شيئاً من أداتهم ولا أقوالهم خارجاً عن الشريعة المطهرة وعلم أن مجموع المذاهب هي بعينها الشريعة ومن لم يدخل لفهم الشريعة من هذا الباب نقض علمه بالشريعة وفاته خير كثير لأن كل حديث لم يأخذ به إمامه يترك العمل به والمذهب الواحد بلا شك لا يحتوي على كل أحاديث الشريعة إلا إن قال صاحبه إذا صح الحديث فهو مذهبي فيدخل في مذهبه كل حديث استدل به مجتهد من المجتهدين وقد ثبت عن الشافعي ذلك وهذا مشرب ما رأيته لأحد من العلماء إلى وقتي هذا وقد أخبرني الهاتف عليه السلام أن هذا الميزان لم يظفر به أحد من التابعين ولا أحد من الأئمة المجتهدين بدليل ما نقل عن التابعين من الخلاف وما نصبه المجتهدون بينهم من المناظرات وردهم لأقوال بعضهم بعضاً بالحجج التي قامت عندهم ولو علموا هذا الميزان لم يقع بينهم خلاف لحمل كل واحد منهم كلام صاحبه على مرتبة من إحدى مرتبتي الشريعة اهـ ببعض اختصار.

الفريدة السابعة من خصائص هذه الأمة أنه لم تزل طائفة منهم ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم

الفريدة السابعة من خصائص هذه الأمة أنه لم تزل طائفة منهم ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم في البخاري باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق وهم أهل العلم" حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسماعيل عن قيس عن المغيرة [عن] شعبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون" حدثنا إسماعيل حدثنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب أخبرني حميد قال: سمعت معاوية بن أبي سفيان يخطب قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين وإنما أنا قاسم ويعطي الله ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله". وفي مسلم مرفوعاً قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرني على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك". هاته الأحاديث تعرض لشرحها كثير من العلماء مضافة ومستقلة، وإليك ما قاله الحافظ في شرحه فتح الباري قوله وهم: أهل العلم من كلام المصنف وأخرج الترمذي حديث الباب ثم قال: سمعت البخاري يقول: هم أصحاب الحديث وذكر في كتاب خلق أفعال العباد حديث أبي سعيد في قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] هم الطائفة المذكورة في حديث "لا تزال طائفة من أمتي" وقال: وجاء نحوه عن أبي هريرة ومعاوية وجابر وسلمة بن نفيل وقرة [بن ياسر].

وأخرج الحاكم في علوم الحديث بسند صحيح عن الإِمام أحمد إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم. ومن طريق يزيد بن هارون مثله. وقال الكرماني يؤخذ من الاستقامة المذكورة في حديث معاوية أن من جملة الاستقامة أن يكون التفقه لأنه الأصل وبهذا ترتبط الأخبار المذكورة. وحديث معاوية اشتمل على ثلاثة أحكام: أحدها: فضل التفقه في الدين. وثانيها: أن المعطي في الحقيقة هو الله. وثالثها: أن بعض أهل هذه الأمة يبقى على الحق أبداً والمراد بأمر الله هنا الريح التي تقبض روح كل من في قلبه شيء من الإيمان وتبقي شرار الناس فعليهم تقوم الساعة ويفقهه أي يفهمه وهي ساكنة الهاء لأنها جواب الشرط يقال: فقه بالضم إذا صار الفقه له سجية وفقه بالفتح إذا سبق غيره إلى الفهم وفقه بالكسر إذا فهم ونكر خيراً ليشمل القليل والكثير والتنكير للتعظيم لأن المقام يقتضيه ومفهوم الحديث أن من لم يتفقه في الدين أي يتعلم قواعد الإِسلام وما يتصل بها من الفروع فقد حرم الخير وفي ذلك بيان ظاهر لفضل العلماء على سائر الناس ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم وفي الحديث أن التفقه لا يكون بالاكتساب فقط بل لمن يفتح الله عليه به وأن من يفتح الله عليه بذلك لا يزال جنسه موجوداً حتى يأتي أمر الله وقد جزم البخاري بأن المراد بهم أهل العلم بالآثار وقال أحمد: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم. وقال القاضي عياض: أراد أحمد أهل السنة وظاهرون أي على من خالفهم أي غالبون وقوله: ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيماً حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله في رواية عمير بن هانئ لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله وزاد قال عمير قال مالك بن يخامر قال معاذ وهم بالشام وفي رواية يزيد بن الأصم ولا تزال عصابة من المسلمين ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة. قال صاحب المشارق في قوله: لا يزال أهل الغرب يعني الرواية التي في بعض طرق مسلم وهي بفتح الغين المعجمة وسكون الراء، ذكر يعقوب بن شيبة عن علي بن المديني قال: المراد بالغرب الدلو أي العرب بفتح المهملتين لأنهم أصحابها لا يسقي بها أحد غيرهم لكن في حديث معاذ وهم أهل الشام فالظاهر أن المراد بالغرب البلد لأن الشام غربي الحجاز، كذا قال؛ وليس بواضح، ووقع

في بعض طرق الحديث المغرب بفتح الميم وسكون المعجمة وهذا يرد تأويل الغرب بالعرب لكن يحتمل أن يكون بعض رواته نقله بالمعنى الذي فهمه أن المراد الإقليم لا صفة بعض أهله، وقيل المراد بالغرب أهل القوة والاجتهاد يقال في لسانه غريب بفتح ثم سكون أي حدة ووقع في حديث أبي أمامة عند أحمد أنهم ببيت المقدس وللطبراني من حديث النهدي نحوه، وفي حديث أبي هريرة في الأوسط للطبراني "يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله لا يضرهم من خذلهم ظاهرين إلى يوم القيامة". ويمكن الجمع بين الأخبار بأن المراد يكونون ببيت المقدس وهي شامية ويسقون بالدلو، وتكون لهم قوة في جهاد العدو وحده وجدّ النووي في الحديث الإجماع حجة، ثم قال: يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين، ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومحدث ومفسر وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين في بلد واحد بل يجوز اجتماعهم في قطر واحد وافتراقهم في أقطار الأرض، ويجوز أن يجتمعوا في البلد الواحد وأن يكونوا في بعض منه دون البعض، ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولاً فأولاً إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة فإذا انقوضوا جاء أمر الله اهـ. مع زيادة يسيرة ونظير ما نبه عليه ما حمل عليه بعض الأئمة حديث أن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لهما دينها أنه لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة وهو ظاهر فإن اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد، إلا أن يدعى ذلك في عمر بن عبد العزيز، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها؛ ومن ثم أطلق أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه، وأما مَن جاء بعده فالشافعي وإن كان متصفاً بالصفات الجميلة، إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل فعلى هذا كل مَن كان متصفاً بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد سواء تعدد أم لا اهـ فتح في كتابي العلم والاعتصام.

المقصد [العلماء]

المقصد الطبقة الأولى ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين وأزواجه أمهات المؤمنين وأولاده رضوان الله عليهم أجمعين أول الطبقات، وغاية الغايات، وسيد السادات عين الرحمة، وينبوع كل فضيلة وحكمة، الذي جاء بالآيات البينات المخصوص بالنبوة والرسالة المنتخب من خير عنصر وأطيب سلالة، سيدنا ومولانا أبو القاسم محمَّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهو بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن معد بن عدنان، وفيما فوق ذلك خلاف كثير، وكره مالك رفع النسب إلى آدم عليه السلام. وأمه

السيدة الرضية آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب المذكور. ولد - صلى الله عليه وسلم - بمكة يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول عام الفيل الذي قدم فيه ملك الحبشة بجيوشه لهدم الكعبة الموافق لعام 520 هـ من ميلاد عيسى عليه السلام فهو الرسول الكريم الذي تلقى الوحي والقرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل عن الروح الأمين عن رب العالمين جل جلاله وتقدس كلامه. أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن أربعين سنة فمكث ثلاث عشرة سنة يوحى إليه ثم أمر بالهجرة فهاجر إلى المدينة فمكث بها عشر سنين ثم توفي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث وستين سنة وتلقى أصحابه رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ما جاء به بالمسرة والإجلال والمبرة وأيدوه وعزروه ونصروه من بين يديه ومن خلفه واتبعوا النور الذي أنزل عليه ولما حصل التبليغ وهو المقصود من بعثته بقوله وفعله وإظهار الدين على الدين كله أنزل عليه {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قال المفسرون: نزلت هاته الآية يوم الجمعة بعد العصر يوم عرفة والنبي - صلى الله عليه وسلم - واقف بعرفات على ناقته القصواء فكاد عضد الناقة تندق وبركت لثقل الوحي وذلك في حجة الوداع سنة عشر للهجرة أخرج ابن أبي شيبة عن عنترة أن عمر رضي الله عنه لما نزلت هاته الآية بكى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يبكيك يا عمر؟ فقال: أبكاني أنا كنا من زيادة في ديننا فأما إذا كمل فإنه لم يكمل شيء قط إلا نقص، قال: صدقت فكانت هذه الآية نعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاش بعدها واحداً وثمانين يوماً ومضى روحي فداه إلى الرفيق الأعلى - صلى الله عليه وسلم - يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأنور، وقيل لاثنتي عشرة ليلة. قال الخازن في تفسيره وهو الأصح سنة إحدى عشرة من الهجرة فمجموع عمره - صلى الله عليه وسلم - ثلاث وستون سنة على الصحيح وماذا أقول وآي القرآن مفصحة عن علاه بما يبهر العقول ومصرحة من كل صفاته بما لا يستطاع إليه الوصول ففضله أشهر من أن يذكر ويبين فهو حجة الله في الأرض ومصطفاه من البشر المخصوص بمنزلة النبوة وآدم بين الماء والطين ولله در ابن الخطيب إذ يقول:

يا مصطفى من قبل نشأة آدم .... والكون لم يفتح له أغلاق أيروم مخلوق ثناءك بعد ما .... أثنى على أخلاقك الخلاف ولما توفي - صلى الله عليه وسلم - كان الخليفة بعده أفضل الصحابة وأسبقهم في الصحبة باتفاق أهل السنة الصاحب في الغار وفي السر والجهار سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه واسمه عبد الله بن أبي قحافة واسمه عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن مرة يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرة بويع له بالخلافة يوم الثلاثاء وهو اليوم الثاني من وفاته - صلى الله عليه وسلم - وقام بها أحسن قيام إلى أن توفاه الله تعالى يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الثانية سنة 13هـ وكانت خلافته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال، وعمره ثلاث وستون سنة وقام بالخلافة أفضل الفضلاء، وأعلم العلماء، بعد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه الخليفة الثاني أمير المؤمنين سيدنا أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ابن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في كعب توفي شهيداً يوم السبت منسلخ ذي الحجة سنة 23 هـ ودفن هلال محرم وكانت خلافته عشر سنين وستة أشهر وقام بالخلافة أفضل الفضلاء وأعلم العلماء بعد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الثالث أمير المؤمنين أبو عمرو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عبد مناف توفي شهيداً لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة 35 هـ وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً وقام بالخلافة أفضل الفضلاء وأعلم الشرفاء والعلماء بعد سيدنا عثمان رضي الله عنه الخليفة الرابع أمير المؤمنين سيدنا أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب جد النبي - صلى الله عليه وسلم - بويع له بالخلافة يوم

وفاة عثمان ومات شهيداً صبيحة يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة 40 هـ ومدة خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر. وتوفي - صلى الله عليه وسلم - عن تسع نسوة وهن أزواجه أمهات المؤمنين في الاحترام والتحريم واستحقاق المبرة والتكريم وهن: السيدة سودة بنت زمعة القرشية العامرية المتوفاة في خلافة عمر رضي الله عنهم ويقال توفيت سنة 54هـ. السيدة عائشة بنت سيدنا أبي بكر لم يتزوج بكراً غيرها أفقه النساء على الإطلاق وكانت أحب نسائه إليه بعد خديجة رضي الله عنهم توفيت في رمضان سنة سبع أو ثمان وخمسين. السيدة حفصة بنت سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما توفيت سنة 45 هـ. السيدة أم سلمة هند بنت أبي أمية بن المغيرة القرشية المخزومية المتوفاة سنة 61 هـ. السيدة زينب بنت جحش الأسدية أسد خزيمة المتوفاة سنة 20 هـ. السيدة جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية المصطلقية المتوفاة سنة 56 هـ. السيدة أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان بن حرب القرشية الأموية المتوفاة سنة 44هـ. السيدة صفية بنت حيي بن أخطب الإسرائيلية النضرية من سبط هارون عليه السلام توفيت سنة خمسين أو اثنتين وخمسين. السيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية

العامرية المتوفاة سنة إحدى وخمسين أو إحدى وستين رضي الله عنهن هذا على الأشهر في الترتيب والوفيات. قال الإِمام القسطلاني في المواهب: وقد ذكر أسماءهن الحافظ أبو الحسن بن فضل المقدسي نظماً فقال: توفي رسول الله عن تسع نسوة ... إليهن تعزى المكرمات وتنسب فعائشة ميمونة وصفية .... وحفصة تتلوهن هندوزينب جويرية مع رملة ثم سودة .... ثلاث وست ذكرهن مهذب ودخل - صلى الله عليه وسلم - بإحدى عشرة بلا خلاف التسع المذكورات والسيدة زينب بنت خزيمة الهلالية ماتت في حياته - صلى الله عليه وسلم - والسيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وفيه تجتمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوجها قبل النبوة بعد أبي هالة التيمي وولدت له هنداً وبعد عتيق المخزومي وهي ابنة أربعين سنة وستة أشهر وسن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس وعشرون سنة على أحد الأقوال كانت فاضلة عاقلة ذات مال قيل هي أول من أسلم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم الاثنين فأسلمت ذلك اليوم وكانت عوناً على حاله كله تثبته على أمره وتصبره على ما يلقى من أذى قومه وكان - صلى الله عليه وسلم - يحبها ويقول "رزقت حبها" ولم يتزوج عليها حتى ماتت قبل الهجرة بسبع سنين وقيل بخمس وقيل بأربع وقيل بثلاث وهو أصح وأشهر وتوفيت هي وأبو طالب في سنة واحدة والأصح أنها أفضل أزواجه. وأجمع أهل النقل على أنها ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام وهاجرن زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم وأجمعوا على أنها ولدت له ولداً وسماه القاسم وبه كان يكنى واختلف هل ولدت له ذكراً غيره؟ فقيل لم تلد غيره وقيل ولدت ثلاثة: عبد الله والطيب والطاهر ويقال الثلاثة أسماء لولد واحد على الصحيح والخلاف في ذلك كثير ومات القاسم

الطبقة الثانية

بمكة صغيراً ولم يكن له - صلى الله عليه وسلم - من غير خديجة إلا إبراهيم ولدته مارية القبطية سريته بالمدينة وبها توفي وهو رضيع فالذكور ماتوا صغاراً قال الحافظ العراقي في باب ذكر أولاده - صلى الله عليه وسلم -: كان له ثلاثة بنون ... القاسم الذي به يكنون بمكة قبل النبوة ولد .... والطيب الطاهر وهو واحد هذا الصحيح واسمه عبد الله .... وقيل بل هذان اثنان سواه والثالث إبراهيم بالمدينة ... عاش بها عاماً ونصف السنة وقيل مع نقصان شهر وقضى ... سنة عشرفرطاً له مضى وأما الإناث فتزوجهن كلهن فأما زينب فتزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف فولدت له علياً وأمامة وأمية وأما رقية فتزوجها سيدنا عثمان رضي الله عنهما فولدت له عبد الله ثم ماتت فزوجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أختها أم كلثوم فلم تلد وماتت البنات الثلاث في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم تعقب واحدة منهن أما فاطمة فتزوجها سيدنا علي بن أبي طالب فولدت له الحسن والحسين ومحسناً وأم كلثوم وزينب ورقية وأعقب - صلى الله عليه وسلم - منها وتوفيت بعده بستة أشهر على أحد الأقوال وهي بنت ثلاثين سنة رضوان الله عليهم أجمعين وما ذكرته نقطة من بحر وقد ألف في مناقبهم أصحاب السير وغيرهم التآليف الكثيرة كالمواهب اللدنية وغيرها: حب آل النبي خالط قلبي ... فاعذروني في حبهم اعذروني أنا والله مغرم بهواهم ... عللوني بذكرهم عللوني وسترى ما يشرح الصدور في شأن صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين وكثير من أعيان الصحابة في أوائل التتمة. الطبقة الثانية طبقة الصحابة 21 - أبو حمزة أنس بن مالك بن النضر الأنصاري النجاري الصحابي

رضي الله عنه: خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكنى أبا حمزة، ولد له من الولد ثمانية وسبعون ذكراً وبنتاً، وتوفي وسنه ينوف على المائة وكان من أكثر الناس مالاً وكان له بستان يحمل في السنة مرتين وذلك ببركة دعائه - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما آتيته" أخذ عنه من لا يعد كثرة، منهم ربيعة وإسحق بن عبد الله وشريك والعلاء بن عبد الرحمن وحميد الطويل، توفي سنة 93 هـ على أحد الأقوال بالطف على فرسخين من البصرة وهو آخر من مات بالبصرة من الصحابة وقيل آخر من مات بها أبو الطفيل [711 م]. 22 - أبو هريرة الصحابي الجليل رضي الله عنه: اختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً كثيراً، فهو عبد الرحمن بن صخر واشتهر بكنية أبي هريرة، لازم النبي - صلى الله عليه وسلم - رغبة في العلم راضياً بشبع بطنه. فكانت يده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويدور معه حيث دار ويحضر ما لم يحضر غيره ثم اتفق أن حصلت له بركة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الذي أعطاه وضمه إلى صدره، فكان يحفظ كل ما سمع ولا ينساه. قال البخاري: روى عنه أكثر من ثلاثمائة رجل بين صحابي وتابعي منهم نعيم بن عبد الله المجمر وسعيد المقبري ولي إمارة المدينة المنورة وبها مات سنة 57 هـ على أحد الأقوال [676م]. 23 - أبو شريح الخزاعي الكعبي: نسبة إلى كعب بن عمرو بطن من خزاعة واسمه خويلد على الأصح الصحابي الجليل رضي الله عنه كان معه لواء خزاعة يوم الفتح له أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - روى عنه جماعة من التابعين منهم سعيد المقبري مات بالمدينة سنة 68 هـ[687م]. 24 - جابر بن عبد الله بن عمر الأنصاري: الصحابي ابن الصحابي رضي الله عنهما غزا تسع عشرة غزوة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يشهد بدراً ولا أُحداً واستغفر له رسول الله وكانت له حلقة بالمسجد النبوىِ، أخذ عنه جماعة منهم أبو الزبير المكي ومحمد بن المنكدر وزيد بن أسلم. توفي بالمدينة على الأصح سنة 74 هـ[693م].

25 - أبو العباس سهل بن سعد الساعدي الأنصاري المخزومي: الصحابي ابن الصحابي رضي الله عنهما كان اسمه حزناً فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - سهلاً أخذ عنه جماعة منهم ابنه عباس وأبو حازم سلمة بن دينار وابن شهاب الزهري. مات بالمدينة سنة 88 هـ وقيل 91 هـ وقد جاوز المائة وهو آخر من مات بها من الصحابة وقيل جابر [707 م]-[709م]. 26 - أبو عبد الرحمن عبد الله ابن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: الرجل الصالح بشهادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أسلم صغيراً وهو أحد العبادلة الأربعة: ابن عباس وابن عمرو بن العاص وابن الزبير واحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبو هريرة وابن عباس وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعائشة رضي الله عنهم كان واسع العلم متين الدين أخذ عنه عالم كثير منهم ابنه سالم ومولاه نافع ومولاه عبد الله بن دينار وزيد بن أسلم، مات بمكة سنة 73 هـ[692م]. 27 - أبو لبابة بشر وقيل رفاعة بن عبد المنذر الأنصاري الأوسي: الصحابي الجليل رضي الله عنه أحد النقباء وشهد أحداً استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على المدينة في غزوة السويق وكانت معه راية قومه يوم الفتح، روى عنه جماعة من التابعين منهم نافع مولى ابن عمر. مات أواخر خلافة عثمان على الصحيح، وفي الإصابة مات في خلافة علي رضي الله عنهم وفي رحلة أبي سالم العياشي نقلاً عن ابن ناجي أن قبره بقابس المنسوب إليه لما تواتر عند أهل بلده. قال البرزلي: وتواتره دليل على صحة أن ذلك قبره، ونقل التجاني في رحلته رسالة لأبي المطرف بن عميرة في وصف قابس أن أبا لبابة الأنصاري ببلدهم وقبره عندهم يزار مشهور ولعل قدومه إلى إفريقية كان هجراناً لدار قومه بسبب الذنب الذي أذنبه فتاب الله عليه فقال: يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأجاورك وبعد ذكر الخلاف في الذنب الذي أذنبه ذكر القصيدة التي أنشدها أبو المطرف المذكور وقد انصرف من قبر أبي لبابة:

خبر الأحبة ما ألذ مساقه ... وجنى القطيعة ما أمر مذاقه وهوى القلوب بها عليها شواهد ... سبقت بناطق ما لها استنطاقه أين المنازل إن ذكرت عهودها ... فتهيج من كلف بها أشواقه ومنها: لكن بقبر أبي لبابة لي هوى ... ما من هوى للنفس إلا فاقه قلت في الموطأ أن أبا لبابة بن عبد المنذر حين تاب الله عليه قال: يا رسول لله أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب وأجاورك وأنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يجزيك من ذلك الثلث" وقد زرت هذا القبر المكرم مراراً أيام ولايتي القضاء بقابس من عام 1313 هـ إلى عام 1319هـ ودعوت الله عنده بما أرجو قبوله ومكتوب بمقامه فوق حجر أنه توفي سنة 40 هـ[660م]. 28 - أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري المخزومي الأنصاري: الصحابي الجليل ابن الصحابي رضي الله عنهما من الرماة المشهورين معدود من أهل الصفة ومن فقهاء الصحابة ومن أصحاب الشجرة أخذ عنه أعلام من التابعين منهم نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهم. توفي بالمدينة المنورة سنة 74 هـ على أحد الأقوال [693م]. 29 - عمر بن أبي سلمة عبد الله المخزومي: الصحابي ابن الصحابي رضي الله عنهما ربيب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمه أم المؤمنين هند أم سلمة رضي الله عنها. ولد في الحبشة في السنة الثانية وأمره - صلى الله عليه وسلم - على البحرين روى عنه وهب بن كيسان وغيره، مات بالمدينة سنة 83 ص على الأصح [702م].

الطبقة الثالثة

الطبقة الثالثة طبقة التابعين 30 - أبو عثمان ربيعة بن عبد الرحمن فروخ مولى المنكدر المدني المعروب بربيعة الرأي: مفتي المدينة الإِمام الجليل الثقة أدرك جماعة من الصحابة وأخذ عنهم منهم أنس رضي الله عنه وعنه أئمة منهم مالك، قال مالك: ذهبت حلاوة الفقه منذ مات ربيعة الرأي، توفي سنة 136هـ[753م]. 31 - إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة زيد بن سهل الأنصاري المدني: الثقة الحجة الأمين أخذ عن أنس بن مالك وهو عمه أخو أبيه لأمه وعنه أخذ مالك وغيره، مات سنة 132 هـ[749 م]. 32 - أبو بكر محمَّد بن مسلم بن شهاب الزهري القرشي: أحد أعلام الفقهاء المحدثين التابعين بالمدينة، رأى عشرة من الصحابة منهم أنس رضي الله عنه وروى عن جماعة من الصحابة وعنه جماعة من الأئمة منهم مالك والسفيانان، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الآفاق: عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحداً أعلم منه بالسنه، وله في الموطأ مرفوعاً مائة وثلاثة وثلاثون حديثاً، مات سنة 125 [742 م] على أحد الأقوال وهو ابن 72 سنة. 33 - العلاء بن عبد الرحمن بن بعقوب المخزومي: المدني الفقيه الثقة الثبت الأمين روى عن ابن عمر وأنس وغيرهما رضي الله عنهم وعنه جماعة منهم ابنه شبل ومالك وشعبة والسفيانان. مات سنة بضع وثلاثين ومائة. 34 - أبو عبيدة حميد الطويل بن أبي حميد البصري: مولى طلحة الطلحات عبد الله الخزاعي الثقة الأمين المتفق على الاحتجاج به روى عن أنس

وغيره وعنه مالك وغيره. مات وهو قائم يصلي في جمادى الأولى سنة 142 هـ[759 م]. 35 - أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر بن عوف الثقفي: الحجازي الثقة الأمين روى عن أنس رضي الله عنه وعنه مالك له حديث واحد عن أنس وليس له عن أنس ولا غيره سواه. 36 - أبو عثمان عمرو بن أبي عمرو ميسرة المدني: مولى المطلب بن عبد الله المخزومي القرشي الثقة الأمين روى عن أنس رضي الله عنه وغيره وعنه مالك وغيره. مات بعد الخمسين ومائة وقال بعضهم مات في خلافة المنصور. 37 - نُعيم:- بضم النون - ابن عبد الله المجمر المدني: مولى آل عمر رضي الله عنهم الثقة القدوة الأمين المثبت روى عن جابر وأنس وابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم وجماعة وعنه ابنه ومالك بن أنس. 38 - سعيد المقبري بن أبي سعيد كيسان: مولى بني جندع كان مجاوراً للمقبرة فنسب إليها المدني الإِمام الصدوق المتفق على توثيقه روى له الجميع واختلط قبل موته بأربع سنين وكان سماع مالك وغيره قبل الاختلاط، أخذ عن أبي هريرة وأبي شريح وغيرهما. توفي سنة 133 هـ على أحد القولين [750 م]. 39 - أبو عبد الله محمَّد بن المنكدر بن عبد الله بن الهذلي التميمي القرشي المدني: الإِمام الصدوق الثبت روى عن أبيه وجابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس وأبي أيوب وأبي هريرة وعائشة وخلق كثير رضي الله عنهم وعنه الزهري والسفيانان ومالك وخلق، قال ابن عيينة: كان من معادن الصدق يجتمع إليه الصالحون. مات سنة 130 [747 م]. 40 - أبو الزبير المكي محمَّد بن مسلم بن تدرس - بفتح التاء وضم الراء - الأسدي مولى حكيم بن حزام: الثقة الصدوق روى عن جابر بن عبد الله وغيره وعنه

مالك والسفيانان والليث وجماعة، روى له الجميع وله في الموطأ ثمانية أحاديث. مات سنة 126 هـ أو 128 هـ[743 م]-[745 م]. 41 - أبو حازم سلمة بن دينار الحكيم مولى بني ليث المدني: العابد الثبت الثقة من رجال الجميع، قال أبو عمر: كان من الفضلاء الحكماء العلماء الثقات الأثبات وله حكم وزهديات ومواعظ ورقائق ومقطعات، أخذ عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه وغيره وعنه ابن شهاب ومالك وغيرهما. مات سنة 140 هـ[757 م]. 42 - أبو عبد الرحمن عبد الله بن دينار العدوي المدني مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: الإِمام الثقة التابعي الجليل روى عن مولاه عبد الله بن عمر وأنس وغيرهما وعنه أئمة الثوري وابن عيينة ومالك وشعبة. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، مات سنة 127هـ[744 م]. 43 - أبو عبد الله نافع مولى عبد الله بن عمر رضي الله عنهم: الإِمام الحافظ الثبت الأمين الثقة من سادات التابعين وأكابر الصالحين سمع مولاه عبد الله وأبا سعيد الخدري وأبا لبابة وجماعة رضي الله عنهم، وعنه جماعة منهم الزهري ومالك. قال مالك: كنت إذا سمعتا حديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما لا أبالي أن لا أسمعه من أحد غيره وأهل الحديث يقولون: رواية أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الذهب لجلالة كل واحد من هؤلاء الرواة بعثه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى مصر ليعلّم الناس السنن, مات سنة 117هـ أو 120 هـ[737 م]. 44 - أبو أسامة زيد بن أسلم العدوي المدني مولى عمر رضي الله عنه: الثبت الفقيه الثقة الأمين من الطبقة الوسطى من التابعين وكانت له حلقة في المسجد النبوي. قال أبو حازم: لقد رأينا في مجلس زيد بن أسلم أربعين حبراً فقيهاً أدنى خصلة من خصالهم التواسي بما في أيديهم وكان عالماً بتفسير القرآن له كتاب فيه أخذ عن ابن عمر وجابر بن عبد الله وغيرهما وعنه مالك وغيره، مات في ذي الحجة سنة 126 هـ[743 م].

تنبيه

45 - أبو نعيم- بضم النون - وهب بن كيسان القرشي مولى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم: الثقة الأمين المثبت روى عن جابر بن عبد الله وابن عباس وابن الزبير وأسماء وعمر بن أبي سلمة وغيرهم وعنه مالك وغيره، وثقه النسائي وغيره وروى له الجميع، مات سنة 127 هـ[744م]. تنبيه: أخذ مالك بن أنس رضي الله عنه عن أعلام من أئمة الدين وهم كثيرون جداً واقتصرنا على ذكر شيوخه المذكورين بالطبقة الثالثة وشيوخ شيوخه المذكورين بالطبقة قبلها لأنهم المروي عنهم ثنائيات الموطأ وهي تنيف عن المائة حديث وأثبتنا أربعين حديثاً منها هنا تبركاً واتباعاً لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قرأ على أمتي أربعين حديثاً كنت له شفيعاً يوم القيامة" وفي رواية "مَن حفظ على أمتي أربعين حديثاً من السنة حتى يؤديها إليهم كما سمعها كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة" والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى وهي: 1 - مالك عن ربيعة بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمهق ولا بالآدم، ولا بالجعد القطط، بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين وتوفاه الله على رأس الستين وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.

2 - مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة". 3 - وبه قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحانت صلاة العصر فالتمس الناس وضوءاً فلم يجدوه فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء في إناء فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الإناء يده ثم أمر الناس يتوضؤون منه". قال أنس: رأيت الماء يقطر من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم. 4 - وبه: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالاً من نخل وكان أحب أمواله بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس: فلما نزلت هذه الآية {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قام أبو طلحة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن الله تعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالي إلى بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضمها يا رسول الله حيث شئت؟ قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بخ ذلك مال رابح، بخ ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت فيه، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين" فقال أبو طلحة: افعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عَمِّهِ. 5 - مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا

تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن يهاجر أخاه فوق ثلاث". 6 - وبه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر، فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال: "الأيمن فالأيمن". 7 - مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال: دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر فقام يصلي العصر فلما فرغ من صلاته ذكر لنا تعجيل الصلاة أو ذكرها فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، يجلس أحدهم حتى إذا أسفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان أو قرن الشيطان قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً". 8 - مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك: أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبه أثر صفرة فسأله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ما هذا؟ " فأخبر أنه تزوج فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كم سقت لها؟ " فقال: زنة نواة من ذهب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أولم ولو بشاة". 9 - وبه: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحجمه أبو طيبة فأمر له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه خراجه. 10 - وبه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى خيبر أتاها ليلاً، وكان إذا أتى قوماً بليل لم يقر حتى يصبح فخرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا: محمَّد

والله! محمَّد والخميس فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الله أكبر. خربت خيبر. إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين". 11 - مالك: عن محمَّد بن أبي بكر بن عوف الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من مني إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: يهلل المهلل فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه. 12 - مالك: عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلع له أحد فقال: "هذا جبل يحبنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرّم مكة وأنا أحرم ما بين لابتيها". 13 - مالك: عن نعيم بن عبد الله المجمر عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال". 14 - مالك: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم لها". 15 - مالك: عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة وضيافته ثلاثة وما كان بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يُحْرِجَهُ".

16 - مالك عن محمَّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن أعرابياً بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإِسلام فأصاب الأعرابيَّ وعك بالمدينة فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أقلني بيعتي فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي فأبى فخرج الأعرابي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها". 17 - مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أغلقوا الباب وأوكئوا السقاء وأكفئوا الإناء أو خمروا الإناء وأطفئوا المصْبَاح فإن الشيطان لا يفتح غلقاً ولا يحل وكاءً ولا يكفىء إناء وإن الفويسقة تضرم على الناس بيوتهم". 18 - مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". 19 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن كان ففي الفرس والمرأة والمسكن" يعني الشؤم. 20 - مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له". 21 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن بلالاً ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". 22 - مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين.

23 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت". 24 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يتحرَّ أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها". 25 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". 26 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل". 27 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وبلال بن رباح وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه ومكث فيها، قال عبد الله: سألت بلالاً حين خرج ما صنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: جعل عموداً عن يمينه وعمودين عن يساره، وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى. 28 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ويهل أهل الشام من ذي الجحفة ويهل أهل نجد من قرن" قال عبد الله بن عمر: وبلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ويهل أهل اليمن من يلملم". 29 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب فحلف بأبيه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت". 30 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو على المنبر وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة: "اليد العليا خير من اليد السفلى" اليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة.

31 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال له هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة". 32 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب عنها حُرمها في الآخرة". 33 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة". 34 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل التي أضمرت وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني رزين وأن عبد الله بن عمر كان فيمن سابق بها. 35 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن اقتنى إلا كلباً ضارياً أو كلب ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان". 36 - مالك عن نافع عن أبي لبابة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتل الحيات التي في البيوت. 37 - مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها عن بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تُشِفُّوا بعضها عن بعض ولا تبيعوا شيئاً منها غائباً بناجز".

الطبقة الرابعة

38 - مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر أنه قال: جاء رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس بيانهما فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من البيان لسحراً" أو "إن بعض البيان سحر". 39 - مالك عن نافع وعبد الله بن دينار وزيد بن أسلم كلهم يخبره عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى من يجر إزاره خيلاء". 40 - مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان أنه قال: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطعام ومعه ربيبه عمر بن أبي سلمة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سم الله وكل مما يليك". الطبقة الرابعة في كشف الظنون قال أصحاب المناقب: ينبغي لكل مقلد إمام أن يعرف حال إمامه الذي قلده ولا يحصل ذلك إلا بمعرفة مناقبه وشمائله وفضائله وسيرته في أحواله وصحة أقواله ثم إنه لا بد من معرفة اسمه وكنيته ونسبه وعصره وبلده ثم معرفة أصحابه وتلامذته إذا علمت ذلك فأقول إني مقلد مذهب مالك وهو الأستاذ الذي منه أنوار المعارف والفوائد تقتبس ونفائس الفرائد تلتمس. 46 - أبو عبد الله مالك بن أنس، بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث الأصبحي: جده أبو عامر صحابي جليل رضي الله عنه شهد المغازي كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - خلا بدراً. كان رضي الله عنه إمام دار الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية الوارث لحديث الرسول الناشر في أمته الأحكام والفصول العالم الذي انتشر

علمه في الأمصار واشتهر فضله في الأقطار ضربت له أكباد الإبل وارتحل الناس إليه من كل فج. قال الإِمام الشافعي رضي الله عنه: مالك أستاذي وعنه أخذت العلم وجعلت مالكاً بيني وبين الله حجة وإذا ذكر العلماء فمالك النجم الثاقب ولم يبلغ أحد مبلغ مالك في العلم لحفظه وإتقانه وصيانته وقال: ما على الأرض كتاب أقرب إلى القرآن من كتاب مالك بن أنس الموطأ وهو بصفة المفعول المشدد الطاء المهملة المهموز سمي به لما فيه من أحاديث الأحكام الممهدة للشريعة. وقال بعضهم: إنما سمى كتابه الموطأ لأنه عرضه على بضعة عشر تابعياً وكلهم واطئوه على صحته وقد جرب أن الحامل إذا مسكته وضعت حملها. وقال أبو زرعة: لو حلف رجل بالطلاق على أن أحاديث مالك التي في الموطأ صحاح لم يحنث ولما ألف الموطأ اتهم نفسه بالإخلاص فيه فألقاه في الماء وقال: إن ابتل فلا حاجة لي به فلم يبتل منه شيء. وقال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي: الموطأ هو الأصل الأول واللباب والبخاري الأصل الثاني في هذا الباب وعليهما بني الجميع كمسلم والترمذي. وروى أبو نعيم في الحلية عن مالك بن أنس أنه قال: شاورني هارون الرشيد أن يعلق الموطأ في الكعبة ويحمل الناس على ما فيه فقلت: لا تفعل فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختلفوا في الفروع وتفرقوا في البلاد وكل مصيب. فقال: وفقك الله يا أبا عبد الله. وروى ابن سعد في الطبقات عن مالك قال: لما حج المنصور قال: عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها أن تنسخ ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منه نسخة وآمرهم أن يعملوا بما فيها ولا يتعدوا إلى غيرها. فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل وسمعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم بما سبق إليهم ودانوا به فدع الناس وما اختار أهل كل بلد منهم لأنفسهم. وقال القاضي عياض: لم يعتن بكتاب من كتب الحديث والعلم اعتناء الناس بالموطأ، وعد نحو ستين رجلاً اعتنوا به اعتناء فوق ما يقال وكان يقول في فتواه ما شاء الله لا قوة إلا بالله. وكان إذا أراد أن يحدث توضأ وجلس على فراشه وسرّح لحيته وتمكن من جلوسه بوقار وهيبة ثم حدث فقيل له في ذلك فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أحدث به إلا متمكناً من طهارة وكان يقام بين يديه الرجل كما يقام بين يدي الأمراء؛ وكان مهاباً جداً إذا أجاب في مسألة لا يمكن أن يقال له من أين، وكان الثوري إذا جلس بين يدي مالك ونظر إلى إجلال الناس له وإجلال مالك للعلم أنشد: يأبى الجواب فلا يراجع هيبة ... والسائلون نواكس الأذقان أدب الوقار وعز سلطان التقى ... فهو المطاع وليس ذا سلطان

وكان لا يركب في المدينة مع ضعفه وكبر سنه ويقول: لا أركب في مدينة فيها جسد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قيل له: كيف أصبحت؟ قال: في عمر ينقص وذنوب تزيد. ألّف تآليف كثيرة غير الموطأ منها رسالة في القدر وكتابه في النجوم وحساب مدار الزمان ومنازل القمر ورسالته في الأقضية عشرة أجزاء ورسالته إلى محمَّد بن المطرف في الفتوى مشهورة ورسالته المشهورة إلى هارون الرشيد في الأدب والمواعظ، وروى عنه رضي الله عنه أنه قال: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم فقد أدركت سبعين ممن يقول قال فلان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند هذا الأساطين وأشار إلى أساطين مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما أخذت عنهم شيئاً وإن أحدهم لو اؤتمن على بيت مال لكان أميناً لم يكونوا من هذا الشأن ويقدم علينا ابن شهاب فكنا نزدحم على بابه. أخذ على أكثر من تسعمائة شيخ منهم أبو بكر محمَّد بن شهاب الزهري وأبو عثمان ربيعة وإسحاق بن عبد الله والعلاء بن عبد الرحمن وحميد الطويل وأبو عبد الله محمَّد الثقفي وأبو عثمان عمر بن ميسرة وأبو الزبير المكي وأبو عبد الله محمَّد بن المنكدر وزيد بن أسلم ووهب بن كيسان وأبو عبد الله نافع وأبو عبد الرحمن بن دينار وسلمة بن دينار وأبو سعيد المقبري وأبو نعيم المجمر واقتصرنا على ذكر مشايخه المذكورين بالطبقة الثالثة ومشايخ مشايخه المذكورين بالطبقة قبلها لأنهم المروي لهم ثنائيات الموطأ. وصحب جعفر الصادق وروى عنه وهو عن أبيه محمَّد وهو عن أبيه زين العابدين وهو عن أبيه الحسين وهو عن أبيه وجده - صلى الله عليه وسلم - وعليهم أجمعين. انتصب لتدريس العلم وهو ابن سبع عشرة سنة واحتاج إليه شيوخه، وروى عنه الكثير ممن تقدمه أو عاصره أو تأخر عنه مع كثرة الرحلة إليه والاعتماد في وقته عليه والرواة عنه كثيرون جداً بحيث لا يعرف لأحد من الأئمة رواة كرواته ألف الخطيب كتاباً فيهم وذكر القاضي عياض أنه ألف في المشاهير منهم كتاباً ذكر فيه نيفاً على الألف والثلاثمائة وعد في مداركه نيفاً على الألف وقال: إنما ذكرت المشاهير وتعرض لذكر كثير ممن روى عنهم من شيوخه من التابعين ومنهم أبو حنيفة فقد ذكر غير واحد أنه لقي مالكاً وأخذ عنه شيئاً من الأحاديث وذكر الجلال السيوطي في كتابه تزيين الممالك بترجمة الإِمام مالك أن رواية أبي حنيفة عن مالك ذكرها جماعة من المتقدمين والمتأخرين فمن المتقدمين الدارقطني في كتابه وابن حجر والبزار في مسند أبي حنيفة والخطيب البغدادي في كتب الرواة عن مالك وذكرها من المتأخرين الحافظ مغلطاي وسراج الدين البلقيني. قال الزركشي في نكته: صنف الدارقطني

الطبقة الخامسة

جزءاً في الأحاديث التي رواها أبو حنيفة عن مالك قال: وقال الحنفية: أجل من روى عن مالك أبو حنيفة وقال ابن الأثير: كفى مالكاً شرفاً أن الشافعي تلميذه وكفى الشافعي شرفاً أن مالكاً شيخه، وقال الأمير في ثبته: رواية أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر سلسلة الذهب لجلالة كل واحد من هؤلاء الرواة. ولنقتصر على ذكر بعض الأعلام أئمة الإِسلام الآخذين عنه المترجم لهم في الطبقة الآتية وهم: عبد الله بن المبارك وثوبان المعروف بذي النون وأبو حازم سلمة بن دينار الأعرج والدراوردي ونافع الأصغر والوليد بن مسلم وسعيد بن كثير وعبد الحميد بن أبي أويس وأخوه إسماعيل ويحيى بن يحيى التميمي وسليمان بن بلال وعبد الرحمن بن مهدي والمغيرة بن عبد الرحمن ومحمد بن دينار والقعنبي وأحمد بن زرارة ومحمد بن سلمة ومطرف بن سليمان وعبد الملك بن الماجشون وعبد الله بن نافع الصائغ ومعن القزاز وعبد الله بن فروخ وعنبسة والبهلول بن راشد وصقلاب بن زياد وعبد الله بن أبي حسان وعبد الله بن غانم وعلي بن زياد وأسد بن الفرات وعبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن وهب وأشهب بن عبد العزيز وهارون بن عبد الله الزهري وعبد الله بن عبد الحكم وزياد المعروف بشبطون ويحيى بن يحيى القرطبي وغازي بن خليل ومحمد بن شرحبيل وقد تقدم ذكره في المقدمة ويأتي ذكره في التتمة وبالجملة فالثناء عليه كثير وفضله شهير أفرد ترجمته جماعة من المتقدمين والمتأخرين بالتأليف. ولد على الأشهر سنة 93 هـ وتوفي بالمدينة المنورة سنة 179 هـ. الطبقة الخامسة من أهل الحجاز 47 - أبو حازم سلمة بن دينار الأعرج مولى أسلم: الفقيه الثقة الصدوق سمع أباه والعلاء بن عبد الرحمن وزيد بن أسلم ومالكاً وبه تفقه وكان من أجل أصحابه روى عنه ابن وهب وابن أبي أويس وابن مهدي وقتيبة وابن المديني والقعنبي ويحيى بن يحيى التميمي ومصعب بن الزبير وغيرهم، كان إمام الناس في العلم بعد مالك، ولد سنة 107هـ وتوفي بالمدينة سنة 185 هـ[801 م].

48 - أبو محمَّد عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي: الفقيه المحدث الثقة الثبت روى عن هشام بن عروة والعلاء بن عبد الرحمن ومحمد بن إسحاق وحميد الطويل وصحب مالكاً وكتب عليه الحديث وروى عنه ابن وهب والقعنبي وأبو مصعب ويحيى بن يحيى التميمي وخرج عنه في الصحيح، توفي بالمدينة سنة 186 هـ[802م]. 49 - أبو محمَّد عبد الله بن نافع مولى بني مخزوم: المعروف بالصائغ الثقة الثبت أحد أئمة الفتوى بالمدينة كان أمياً لا يكتب تفقه بمالك ونظرائه وصحبه أربعين سنة وكان حافظاً سمع منه سحنون وكبار أتباع أصحاب مالك، روى عنه يحيى بن يحيى وله تفسير في الموطأ، توفي بالمدينة سنة 186 هـ[802 م]. 50 - المغيرة بن عبد الرحمن المخزومي: الإِمام الفقيه أحد من دارت عليه الفتوى بالمدينة بعد مالك الثقة الأمين سمع أباه وهشام بن عروة وأبا الزناد ومالكاً وعنه أخذ جماعة، خرج له البخاري، ولد سنة 134 هـ وتوفي سنة 188 هـ[803 م]. 51 - أبو يحيى معن بن عيسى القزاز: الفقيه الثقة الثبت الأمين كان ربيب مالك ومن كبار أصحابه وهو الذي قرأ عليه الموطأ لهارون الرشيد وابنيه الأمين والمأمون وله سماع من مالك معروف خرج عنه البخاري ومسلم وروى عنه ابن المديني وابن معين والحميدي وسحنون وغيرهم. مات بالمدينة في شعبان سنة 198هـ[813م]. 52 - أبو بكر عبد الحميد بن أبي أويس المعروف بالأعمش: وهو ابن عم مالك بن أنس وابن أخته الفقيه الثقة الأمين الصدوق الثبت روى عن أبيه وخاله مالك بن أنس وابن عجلان وابن أبي ذئب وسليمان بن بلال وقرأ على نافع القارئ. روى عنه أخوه إسماعيل وأحمد بن صالح ومحمد بن عبد الحكم وإبراهيم بن المنذر، خرج له البخاري ومسلم، توفي سنة 202 هـ.

53 - ووالده أبو أويس: من كبار العلماء روى عن ابن شهاب وهشام بن عروة وغيرهما، توفي سنة 169 هـ[785 م]. 54 - ابنه إسماعيل بن أبي أويس: المذكور الأمين الصدودق الفقيه المحدث زوجه مالك ابنته سمع أخاه وأباه ومالكاً وبه انتفع وإبراهيم بن سعد وسليمان بن بلال وقرأ على نافع القارئ وعنه روى قتيبة والذهبي وإسماعيل القاضي وأخوه حماد وابن خيثمة وابن حبيب وابن وضاح، خرج عنه البخاري ومسلم، توفي سنة 226 هـ[840 م]. 55 - أبو عبد الله محمَّد بن سلمة بن هشام: الثقة الجامع بين العلم والعمل أفقه فقهاء المدينة بعد مالك وله كتب فقه أخذت عنه، أخذ عن مالك وغيره وعنه أحمد بن المعذل وغيره وجده هشام كان أميراً بالمدينة، توفي سنة 206 هـ[821]. 56 - أبو مروان عبد الملك بن عبد العزيز بن الماجشون القرشي: الفقيه البحر الذي لا تدركه الدلاء، مفتي المدينة من بيت علم بها وحديث. تفقه بأبيه ومالك وغيرهما وبه تفقه أئمة كابن حبيب وسحنون وابن المعذل. توفي على الأشهر سنة 212 هـ[827 م]. 57 - أبو محمَّد عبد الله ويعرف بالأصغر بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: وله أخ اسمه عبد الله يعرف بالأكبر لم يكن فقيهاً، الفقيه الثقة المحدث الأمين سمع مالكاً وصحبه أربعين سنة وعبد الله بن محمَّد بن يحيى بن عروة وروى عنه ابنه أحمد والزبير بن بكار والذهبي ويعقوب بن شيبة ويحيى بن يحيى الأندلسي وابن رزين القروي وعبد الملك بن حبيب وهو أصغر من نافع الصائغ. خرج عنه مسلم، توفي سنة 216 هـ[831 م]. 58 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم بن دينار الجهني: الفقيه الإِمام الثقة

مفتي المدينة صحب مالكاً وابن هرمز وغيرهما وعنه ابن وهب ومحمد بن مسلمة وغيرهما، توفي سنة 217 هـ[832 م]. 59 - أبو مصعب مُطَرِّفُ بن عبد الله بن مطرف بن سليمان بن يسار الهلالي المدني: الثقة الأمين الفقيه المقدم الثبت روى عن جماعة منهم مالك وبه تفقه، وعنه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان والبخاري، وخرج له في الصحيح. قال الإِمام ابن حنبل: كانوا يقدمونه على أصحاب مالك، توفي سنة 220 وسنه 83 [835م]. 60 - أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب التميمي المدني المعروف بالقعنبي: كان يسمى الراهب لعبادته وفضله الإِمام الجليل أحد الأعلام الثقة الثبت. قال فيه مالك: هو خير أهل الأرض، روى عن مالك الموطأ ولازمه عشرين سنة. وعن ابن أبي ذئب وشعبة والليث والسفيانين، وعنه جماعة منهم أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وأبو داود، وخرج له البخاري ومسلم ورويا عنه. مات في المحرم بمكة سنة 221 هـ[836م]. 61 - أبو محمَّد عبد العزيز بن يحيى المدني الهاشمي: الإِمام الثقة الأمين الحافظ. سمع من مالك موطأه وغيره ومن الليث وابن الدراوردي وجماعة من محدثي أهل المدينة. سمع منه محمَّد بن سحنون وبَشر كثير، وكان قدومه للقيروان سنة 225 هـ[839 م]. 62 - أبو يحيى هارون بن عبد الله بن الزهري المكي: نزيل بغداد. ولي قضاء العسكر ثم قضاء مصر الفقيه الثبت الفاضل القاضي العادل. روى عن مالك وسمع ابن وهب وابن أبي حازم والمعيرة والواقدي وغيرهم. روى عنه يحيى بن عمر ويوسف بن عبد الأعلى وغيرهما، وكان أعلم من صنف الكتب في مختلف قول مالك. توفي بمصر سنة 232 هـ[846 م]. 63 - أبو مصعب أحمد بن القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن

فرع العراق

عوف الزهري: قاضي المدينة وعالمها الفقيه الثقة الثبت. روى عن مالك الموطأ وغيره وتفقه بالمغيرة وابن دينار وله مختصر في قول مالك المشهور. روى عنه البخاري ومسلم والذهبي وإسماعيل القاضي والرازيان وغيرهم. مات بالمدينة سنة 242 هـ[856م]. فرع العراق 64 - أبو أيوب سليمان بن بلال: قاضي بغداد الفقيه الثقة الأمين الثبت. سمع يحيى بن سعيد وزيد بن أسلم وعبد الله بن دينار. روى عن مالك وكان من أجل أصحابه وأخصهم به روى عنه ابن إدريس وابن وهب وأشهب وابن القاسم، وخرج له البخاري ومسلم. توفي ببغداد وصلى عليه الرشيد سنة 176 هـ[792م]. 65 - أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي: الفقيه الإِمام المتفق على جلالته علماً وعملاً وزهداً وثقة وأمانة، سمع من أعلام، كهشام بن عروة وابن عون والأعمش والأوزاعي والسفيانين ومعمر وشعبة والليث. وروى الموطأ عن مالك وبه تفقه وعنه أخذ خلائق، اجتمع فيه العلم والفقه والحديث والشعر وغير ذلك من الخصال الحميدة. روى عنه ابن مهدي وابن وهب وجماعة، وخرج عنه البخاري في صحيحه, ألف كتاب الرقائق رواه الترمذي عن نعيم بن حماد عن مؤلفه، ورواه محمَّد بن منصور العسال عن ابن معتب من أهل سوسة عن الحين بن الحسن المروزي عن مؤلفه. مولده سنة 118 هـ وتوفي في رمضان سنة 181 هـ بمدينة على الفرات تعرف بهيت، وأخباره جمعت في جزأين [797م]. 66 - أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي بن حسان البصري: الثقة الأمين العالم بالحديث وأسماء الرجال. سمع السفيانين والحمادين وشريكاً ولزم مالكاً وأخذ عنه وانتفع به. روى عنه ابن وهب وابن حنبل وابن المديني وابنا شعبة وأبو ثور وكان الشافعي يرجع إليه في الحديث. خرج عنه البخاري ومسلم. مولده سنة 135 هـ وتوفي بالبصرة سنة 198 هـ[813 م].

فرع مصر

67 - أبو العباس الوليد بن مسلم بن السائب الدمشقي مولى بني أمية: الفقيه الثقة الأمين روى عن مالك الموطأ وكثيراً من المسائل، والحديث وعن ابن جريج والليث والثوري وغيرهم وعنه إسحاق بن راهويه وجماعة. خرج عنه البخاري ومسلم، ولد سنة 119هـ وتوفي سنة 199 هـ[814 م]. 68 - أبو زكرياء يحيى بن يحيى بن بكير التميمي النيسابوري: الإِمام العالم العلامة المثبت الأمين الثقة قرأ على مالك الموطأ ولازمه، وروى عن الليث والحمادين وابن عيينة وغيرهم وعنه البخاري ومسلم وخرجا له في الصحيح وابن راهويه والذهبي وغيرهم. توفي سنة 226 هـ[840 م]. فرع مصر 69 - أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم العُتقي المصري: الشيخ الصالح الحافظ الحجة الفقيه، أثبت الناس في مالك وأعلمهم بأقواله، صحبه عشرين سنة وتفقه به وبنظرائه، لم يرو واحد عن مالك الموطأ أثبت منه، وروى عن الليث وعبد العزيز بن الماجشون ومسلم بن خالد وغيرهم. خرج عنه البخاري في صحيحه. أخذ عنه جماعة منهم أصبغ ويحيى بن دينار والحارث بن مسكين ويحيى بن يحيى الأندلسي وابن عبد الحكم وأسد بن الفرات وسحنون وزونان وجماعة. مولده سنة ثلاث وثلاثين أو ثمان وعشرين ومائة ومات بمصر في صفر سنة 191 هـ وقبره خارج باب القرافة قبالة أشهب، ترجمته عالية وفضائله جمة [806م].

70 - أبو محمَّد عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي: مولاهم الإِمام الجامع بين الفقه والحديث أثبت الناس في الإِمام مالك الحافظ الحجة، روى عن أربعمائة عالم، منهم الليث وابن أبي ذئب والسفيانان وابن جريج وابن دينار وابن أبي حازم ومالك وبه تفقه، صحبه عشرين سنة، له تآليف حسنة عظيمة المنفعة، منها سماعه من مالك وموطأه الكبير وموطأه الصغير وجامعه الكبير والمجالسات وغير ذلك. روى عنه سحنون وابن عبد الحكم وأبو مصعب الزهري وأحمد بن صالح والحارث بن مسكين وأصبغ وزونان وجماعة. خرج عنه البخاري وغيره. مولده في ذي القعدة سنة 125م ومات بمصر في شعبان سنة 197هـ وله فضائل جمة [812م]. 71 - أبو عمر أشهب بن عبد العزيز بن داود القيسي العامري المصري: الشيخ الفقيه المثبت العالم الجامع بين الورع والصدق انتهت إليه رئاسة مصر بعد موت ابن القاسم. روى عن الليث والفضيل بن عياض ومالك وبه تفقه، وعنه بنو عبد الحكم والحارث بن مسكين وسحنون وزونان وجماعة. خرج عنه أصحاب السنن وعدد كتب سماعه عشرون. مولده سنة 140 هـ وتوفي بمصر سنة 204 هـ بعد موت الشافعي بثمانية عشر يوماً [819 م]. 72 - أبو محمَّد عبد الله بن عبد الحكم بن أعين: الفقيه الحافظ الحجة النظار، سمع الليث وابن عيينة وعبد الرزاق والقعنبي وابن لهيعة، أفضت إليه الرئاسة بمصر بعد أشهب. روى عن مالك الموطأ وكان من أعلم أصحابه بمختلف قوله. روى عنه جماعة كابن حبيب وابن نمير وابن المواز وابنه محمَّد والربيع بن سليمان. له تآليف: منها المختصر الكبير والأوسط والصغير وكتاب الأهوال وكتاب

فرع إفريقية

القضايا وكتاب المناسك وغير ذلك. ولد بمصر سنة 155 هـ وتوفي في رمضان سنة 214هـ وقبره بجانب قبر الإِمام الشافعي [829 م]. 73 - أبو عثمان سعيد بن كثير بن عيسى بن مسلم الأنصاري المصري: الفقيه الثقة الأمين سمع عن مالك الموطأ وغيره وصحبه وسمع الليث بن سعد وابن وهب، روى عنه البخاري ومسلم وخرجا عنه ومحمد بن إسحاق وغيرهم، مولده سنة 127 هـ وتوفي سنة 226 هـ وله ابنان عالمان عبيد الله وأبو الحارث، وبقي العلم في بيته زمناً طويلاً [840 م]. 74 - أبو زيد عبد الرحمن بن أبي جعفر الدمياطي: الفقيه العلامة المحقق روى عن مالك وتفقه بكبار أصحابه ابن وهب وابن القاسم وأشهب، له مؤلفات. مات سنة 226هـ[840م]. 75 - أبو الفيض ثوبان بن إبراهيم المصري: المعروف بذي النون الشيخ الصالح المشهور أحد رجال الطريقة، كان أوحد وقته علماً وعملاً وحالاً وأدباً، وهو معدود في جملة من روى الموطأ عن مالك. وشيخه في الطريقة شقران، وعنه أخذ سهل بن عبد الله التستري. وأنشد حين وضع في القيد: لك من قلبي المكان المصون ... كل لوم عليّ فيك يقيد: لك عزم بأن أكون قتيلاً ... فيك والصبر عنك ما لايكون وله فضائل ومحاسن كثيرة، توفي في ذي القعدة سنة 245هـ[859 م]. فرع إفريقية 76 - شقران المذكور هو أبو علي شقران بن علي القيرواني: كان ثقة

مأموناً مجاب الدعوة عالماً بالفرائض له كتاب فيه. من أهل الفضل والدين والاجتهاد مواخياً للبهلول بن راشد وسنه نحو سنه، روى عنه سحنون وعون بن يوسف وأبو الفيض ثوبان المعروف بذي النون وكتابه المذكور رواه أبو مروان عبد الملك بن زياد الطبني عن أبي المطرف عبد الرحمن القنازعي عن أبي بكر هبة الله بن أبي عقبة التميمي عن جبلة بن حمود عن عون المذكور عن مؤلفه. توفي شقران سنة 186 هـ بالقيروان وقبره بباب سلم مجاب الدعاء عنده [802 م]. 77 - أبو محمَّد عبد الله بن فروخ الفارسي: فقيه القيروان الإِمام المحدث الثقة الأمين الجامع بين العلم والورع والقيام بالحق. رحل للمشرق ولقي أعلاماً كزكريا بن أبي زائدة وهشام بن حسان والأعمش والثوري ومالك وأبي حنيفة وسمع منهم وتفقه بهم وناظر زفر بمجلس أبي حنيفة فغلبه، وكان اعتماده في الفقه والحديث على مالك ثم رجع القيروان وانتفع به خلائق، روى عنه مسلم وغيره، وكان البهلول بن راشد وابن غانم يراجعانه في المسائل وكان يكاتب مالكاً فيجيبه. تولى قضاء القيروان مكرهاً ثم أعفى منه وشاوره القاضي ابن غانم وامتنع. روى عنه أبو عثمان سعيد بن بحر الحداد وسمع منه يحيى بن سلام وحبيب أخو سحنون وغيرهم، رحل للمشرق ثانياً وتوفي بمصر منصرفه من الحج سنة 176 هـ[792م] ودفن بالمقطم وأسف عليه العلماء ابن وهب وغيره. مولده سنة 110 هـ. 78 - أبو الحسن علي بن زياد التونسي: الثقة الحافظ الأمين المرجوع إليه في الفتوى الجامع بين العلم والورع لم يكن في عصره بإفريقية مثله، سمع جماعة منهم الليث والثوري ومالك وعنه روى الموطأ وكتباً وهي: بيوع ونكاح وطلاق، وهو أول من أدخل الموطأ المغرب، ومنه سمع البهلول بن راشد وأسد بن الفرات وسحنون وجماعة. مات سنة 183هـ[779 م] وقبره بتونس قرب سوق الترك متبرك به والدعاء عنده مستجاب. له فضائل جمة.

79 - أبو عمر البهلول بن راشد القيرواني: الجامع بين العلم والعمل مع الورع والصلاح والدين المتين وإجابة الدعاء. كان ثقة مأموناً أحد أوتاد المغرب، سمع مالكاً والثوري والليث وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم وأبا الحسن بن زياد وموسى بن علي بن رباح. روى عن القعنبي وعنه سحنون ويحيى بن سلام وجماعة، له ديوان في الفقه أطال الثناء عليه أبو العرب في طبقات إفريقية وقال ما ملخصه: روى عن جعفر الكوفي الساكن بالمنستير أنه قال: كنا مع بعض الخلفاء في غزوة وكنا نحن أهل الثغر اثني عشر ألف فارس وبلغنا أن البهلول بن راشد ضرب فركبنا بأسرنا فلما بلغنا محل الإمارة وأبصرنا صاحب الخليفة، قال: ما حاجتكم؟ قلنا: حاجتنا نصرة البهلول بن راشد حيث بلغنا أن العكي ضربه بالسياط، فقال الحاجب: اتقوا الله في دم العكي، فإنه إذا بلغ أمير المؤمنين أن العكي ضربه أمر بسفك دمه، وكيف يضرب البهلول بإفريقية إلا أن يكون أهل إفريقية ارتدوا على الإِسلام، وإن صح عندكم ما ذكرتموه أمكنكم أن ترفعوا خبره للأمير انتهى. وكان البهلول مؤاخياً لشقران. مولده سنة 128 هـ وتوفي سنة 183 هـ[779 م]. 80 - أبو محمَّد عبد الله بن عمر بن غانم الرُّعَيْني القيرواني: قاضي إفريقية وفقيهها المشهور بالعلم والصلاح الثقة الأمين. روى عن مالك ووقع ذكره في المدونة وسمع من عبد الرحمن بن أنعم والثوري. ولاه القضاء روح بن حاتم في رجب سنة 172 هـ مولده سنة 128 هـ وتوفي سنة 190 هـ[805 م]. 81 - صقلاب بن زياد الهمداني القيرواني: الإِمام الفقيه كان من أهل الفضل والعبادة والاجتهاد ثقة مأموناً من طبقة البهلول بن راشد، سمع من مالك وغيره، وعنه أبو سليمان زيد بن سنان وغيره، مات سنة 193 هـ[808 م] وفي حسن المحاضرة توفي سنة 191 هـ[806م]، قرأ على نافع، وعنه يونس بن عبد الأعلى ويعقوب بن الأزرق.

82 - أبو عبد الله أسد بن الفرات: أصله من نيسابور، قدم به أبوه تونس مع محمَّد بن الأشعث الفقيه الحافظ الراوية الثقة الأمين، تفقه بأبي الحسن بن زياد ورحل للمشرق، وسمع من مالك موطأه وغيره؛ ثم للعراق، وكتب عن هشيم اثني عشر ألف حديث وعن يحيي بن أبي زائدة وأبي بكر بن عياش، وبمصر من ابن القاسم وعنه دون الأسدية وكانت على مذهب أهل العراق، ثم رجع للمدينة ليسأل مالكاً عنها فألفاه توفي وسنذكر شرح ذلك في ترجمة الإِمام سحنون مع مزيد شرح لترجمة صاحب الترجمة في التتمة، وعنه أخذ أئمة منهم أبو يوسف موطأ الإِمام مالك لما لقيه تولى قضاء القيروان سنة 204 هـ. مولده سنة 145 هـ ومات محاصراً لسرقوسة في غزوة صقلية وهو أمير الجيش وقاضيه سنة 213هـ[828م]. 83 - عباس بن أبي الوليد الفارسي التونسي: الإمام الثقة الأمين الحافظ للحديث كانت رحلته مع أسد بن الفرات ولقي مالكاً والكثير من المحدثين ومات بتونس في حرب منصور الطبندي. 84 - أبو مسعود بن أشرس التونسي: الثقة لفاضل المحدث الأمين الشديد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، له سماع من مالك. 85 - أبو خارجة عنبسة بن خارجة الغافقي: الإمام الثقة الأمين الفقيه المحدث الصالح المجاب الدعوة. سمع الثوري وابن عيينة والليث وابن وهب والمغيرة ومالكاً وعليه اعتماده، وله سماع مدون سمع منه أبو داود العطار وروى عنه عون بن يوسف وجماعة، وكان سحنون يجله وله كرامات، توفي سنة 220 هـ. 86 - أبو محمَّد عبد الله بن أبي حسان اليحصبي: من أشراف العرب

فرع الأندلس

الداخلين لإفريقية ومن أنفسهم الفقيه الثقة الأمين الشيخ الصالح العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم. أخذ عن مالك وابن أبي ذئب وابن عيينة وغيرهم، وأخذ اللغة عن سيبويه والكسائي وعنه سحنون وابن وضاح وفرات بن سليمان وجماعة. مولده سنة 140 هـ ومات سنة 229 هـ[843 م]. فرع الأندلس 87 - أبو عبد الله زياد بن عبد الرحمن القرطبي: المعروف بشبطون الإِمام الحافظ المتفنن الجامع بين الزهد والورع فقيه الأندلس، سمع من مالك الموطأ، وله عنه كتاب في الفتوى معروف بسماع زياد، روى عن الليث بن سعد وابن عيينة وعبد الله بن نافع المدني وجماعة، وهو أول من أدخل الأندلس الموطأ متفقهاً بالسماع، وعنه أخذ يحيى بن يحيى وغيره، مات سنة 193 هـ[808 م]. 88 - أبو محمَّد الغازي بن قيس الأموي القرطبي: الفقيه المحدث الثقة الأمين سمع من مالك الموطأ ومن ابن جريج والأوزاعي وغيرهم؛ وهو أول من أدخل الموطأ وقراءة نافع للأندلس، روى عنه ابنه وابن حبيب وأصبغ بن خليل وغيرهم، مات سنة خمس وتسعين ومائة وقيل سنة 199 هـ[814 م]. 89 - أبو عبد الله محمَّد بن سعيد بن بشير بن شراحيل: القاضي الفاضل الفقيه العالم العامل، تولى قضاء قرطبة وبعدله يضرب المثل، روى عن مالك وعنه جماعة، توفي سنة 198 هـ[813 م]، ومحاسنه كثيرة، وقد استوفى ترجمته القاضي عياض في المدارك، وترجم له غيره فقال: قاضي الجماعة بقرطبة أبو عبد الله محمَّد بن بشير المعافري كان فاضلاً من عيون قضاة الأندلس شديد الشكيمة ماضي العزيمة مؤثراً للصدق صليباً في الحق كتب لمصعب بن عمران ثم خرج حاجًّا فلقي

مالكاً فجالسه وسمع منه، أخذ عنه محمَّد بن وضاح وخالد بن سعيد، كان إذا اختلفت إليه العلماء وأشكل عليه الأمر كتب إلى عبد الرحمن بن القاسم وعبد الله بن وهب، وكان يحيى بن يحيى يعظمه ويكثر الثناء عليه في حياته وبعد مماته. 90 - ولما توفي تولى عوضه ابنه سعيد وكان من أهل العلم والفضل والعدالة والصدق والجلالة، وكان معيناً لأبيه على العدل ومؤيداً له في اتباع الحق وكان من أصحاب يحيى بن يحيى، لم أقف على وفاته، انظر النفح وطبقات قضاة قرطبة. 91 - أبو محمَّد يحيى بن يحيى بن كثير الليثي القرطبي: الإِمام الحجة الثبت رئيس علماء الأندلس وفقيهها وكبيرها، سمع الموطأ أولاً من شبطون ثم سمعها من مالك غير الاعتكاف وروايته أشهر الروايات، وسمع ابن وهب وابن القاسم وابن عيينة ونافعاً القاري والليث بن سعد وغيرهم وعنه أبناؤه عبيد الله وإسحاق ويحيى وابن حبيب وتفقه به من لا يحصى كثرة منهم العتبي وابن مزين وابن وضاح وبقي بن مخلد وآخر من حدث عنه ابنه عبيد الله وبه وبعيسى بن دينار انتشر مذهب مالك بالأندلس، توفي سنة 234 هـ عن اثنتين وثمانين سنة [848 م]. 92 - أبو محمَّد عيسى بن دينار بن وهب القرطبي: الفقيه العابد الفاضل النظار القاضي العادل المجاب الدعوة، صلى الصبح بوضوء العشاء أربعين سنة وبه وبيحيى بن يحيى انتشر علم مالك بالأندلس، لم يسمع من مالك وسمع ابن القاسم وصحبه وعول عليه وله عشرون كتاباً في سماعه عنه، ألف في الفقه كتاب الهدية عشرة أجزاء أخذ عنه ابنه أبان وغيره، مات ببلده طليطلة سنة 212 هـ فضائله جمة [827].

الطبقة السادسة

الطبقة السادسة من أهل الحجاز 93 - أبو الحسن علي بن عبد الله: المعروف بابن المديني نسبة لمدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - والقياس مدني ولكنه اشتهر بذلك الإِمام الحافظ الثقة الأمين إمام أهل الحديث وأعلمهم به في عصره، قال النسائي: كأن الله لم يخلقه إلا لهذا الشأن. وقال البخاري: ما استصغرت قدام أحد سواه، وقال فيه شيخه ابن مهدي: هو أعلم الناس أخذ عن ابن مهدي وغيره. وعنه جماعة منهم البخاري وأصحاب السنن، ألّف كتاب الأشربة، توفي سنة 234 هـ وله ثلاث وسبعون سنة [848 م]. 94 - أبو عبد الله محمَّد بن يزيد المدني مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه: الفقيه المحدث الثقة الأمين روى عن أشهب وإبراهيم بن سعد وابن القاسم وابن وهب وبهما تفقه وإبراهيم بن علي الدامغي وابن أبي حازم وحاتم بن إسماعيل وحماد بن زيد وغيرهم، روى عنه إسماعيل القاضي وأخوه حماد والبخاري وخرج عنه في صحيحه، لم أقف على وفاته. فرع العراق 95 - القاضي أبو يوسف يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد بن مالك البصري: الإِمام الفقيه العالم الثقة أخذ عن يحيى بن سعيد وابن مهدي وسفيان بن عيينة وغيرهم، روى عنه إسماعيل القاضي وعبد الله بن أبي سعيد الوراق وابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد بن حنبل، توفي سنة 246 هـ[860 م]. 96 - أبو الفضل أحمد بن المعذل العبدي البصري: الفقيه المتكلم الزاهد النظار نادرة الدنيا في الحفظ والمثل السائر في الذكاء، سمع من إسماعيل بن أبي أويس وبشر بن عمر وعبد الملك بن الماجشون ومحمد بن مسلمة وغيرهم، وتفقه به

جماعة منهم القاضي إسماعيل وأخوه حماد ويعقوب بن شيبة وابناه محمَّد وأحمد، له مؤلفات، مات وقد ناف عن الأربعين، لم أقف على وفاته في المدارك، كثير من يقول أحمد بن المعدل بدال مهملة وصوابه المعجمة، انتهى ديباج. 97 - أبو يوسف يعقوب بن شيبة السدوسي البغدادي: الإمام الفقيه المحدث المسند الراوية أخذ عن ابن المعذل وأصبغ والحارث بن مسكين وغيرهم، وروى عنه يزيد بن هارون ويونس بن محمَّد وهاشم بن بلقاسم ويحيى بن بكير وجماعة، وعنه ابن ابنه محمَّد بن أحمد، كان أحد أئمة المسلمين وأعلم أهل الحديث المسندين، له تآليف في مذهب مالك ومسند معلل غير أنه لم يتمه، مولده سنة 184 هـ، ومات في ربيع الأول سنة 262 هـ[875 م]. 98 - أبو إسماعيل حماد بن إسحاق بن حماد البغدادي: الفقيه الإمام الفاضل العالم العامل، سمع من شيوخ أخيه القاضي إسماعيل وتفقه بابن المعذل وتقدم في العلم، روى عنه ابنه أزهر وغيره. ألّف كتباً كثيرة منها المهادنة وكتاب الرد على الشافعي، توفي سنة 269 هـ[882 م]. 99 - شقيقه القاضي أبو إسحاق إسماعيل بن إسحاق: وبيت آل حماد بن زيد مشهور بالعلم والفضل والعدالة والجاه والجلالة والسؤدد في الدين والدنيا، تردد العلم في بيتهم مدة تزيد على الثلاثمائة سنة، كان إماماً علامة في سائر الفنون والمعارف فقيهاً محصلاً على درجة الاجتهاد حافظاً معدوداً في طبقات القراء وأئمة اللغة، أخذ القراءة على قالون وله فيه حرف، سمع أباه والقعنبي والطيالسي وابن المديني وغيرهم ممن هو كثير وتفقه بابن المعذل، روى عنه جماعة منهم عبد الله بن أحمد بن حنبل والبغوي وابن صاعد وابن عمه يوسف بن يعقوب وابنه أبو محمَّد عمر القاضي وأخوه وابن الأنباري وتفقه به ابن أخيه إبراهيم بن حماد وابنا بكير

فائدة

والنسائي وابن المنتاب وأبو الفرج القاضي وابن الجهم وابن مجاهد وخلق به تفقه المالكية من أهل العرامتى وانتشر هناك المذهب. له تآليف كثيرة مفيدة أصول في فنونها منها موطؤه وأحكام القرآن والمبسوط في الفقه ومختصره وكتاب في الفرائض وشواهد الموطأ كتاب عظيم وكتاب الاحتجاج بالقرآن وكتاب الأصول وكتاب الشفاعة وكتاب في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك مما هو كثير. حكي أنه مر يوماً على المبرد فلما رآه قام إليه وقبّل يده وأنشد: كريم إذا ما أتى مقبلا ... حللنا الحبا وابتدرنا القياما فلا تنكرن قيامي له ... فإن الكريم يجل الكراما فائدة: دخل عبدون بن صاعد الوزير وكان نصرانياً على صاحب الترجمة فقام له ورحب به فرأى إنكار الشهود ومن حضره فلما خرج قال لهم: قد علمت إنكاركم وقد قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} الآية، وهذا الرجل يقضي حوائج المسلمين وهو سفير بيننا وبين المعتضد وهذا من البر فسكت الجماعة وبالجملة فإنه عالي الترجمة جم الفضائل مولده سنة 200 هـ وتوفي سنة 284 هـ أو 282 هـ[895 م]. 100 - أبو محمَّد يوسف بن يعقوب بن حماد: والد القاضي أبي عمر الفقيه العالم المحدث الجليل القدر، تفقه مع ابن عمه القاضي إسماعيل وسمع من مسلم بن إبراهيم وسليمان بن حرب ومحمد بن كثير وأبي الربيع الزهراني وسفيان بن فروخ وغيرهم، أخذ عنه ابنه القاضي أبو عمر وغيره، حدث عنه الناس وسمعوا منه. ألف في فضائل أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - كتاباً وكتاب الصيام والدعاء والزكاة، مولده سنة 208 هـ وتوفي سنة 297 هـ[909 م]. 101 - سهل بن عبد الله بن يونس التستري: الإمام المشهور علماً وعملاً وحالاً صحب ذا النون المصري بمكة وأخذ عنه، ولد بتستر سنة 200 هـ وتوفي في المحرم سنة 283 هـ[896 م].

فرع مصر

فرع مصر 102 - أبو عبد الله أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع المصري: الإمام الثقة الفقيه المحدث العمدة النظار. روى عن الدراوردي ويحيى بن سلام وعبد الرحمن بن زيد وسمع ابن القاسم وأشهب وابن وهب وتفقه معهم وكان كاتباً لابن وهب، روى عنه الذهبي والبخاري وأبو حاتم الرازي وابن وضاح ومحمد بن أسد الخشني وسعيد بن حسان وتفقه به ابن المواز وابن حبيب وأحمد بن زيد القرطبي وابن مزين وغيرهم، قال ابن الماجشون في حقه: ما أخرجت مصر مثل أصبغ له تآليف حسان منها كتاب الأصول وتفسير حديث الموطأ وكتاب آداب الصيام وكتاب سماعه من ابن القاسم وكتاب المزارعة وكتاب آداب القضاء وكتاب الرد على أهل الأهواء وغير ذلك. ولد بعد سنة 150 ومات بمصر سنة 225 هـ[839 م]. 103 - و 104 - الأخوان أبو الأزهر عبد الصمد، وأبو هارون موسى ابنا عبد الرحمن بن القاسم: كانا عالمين فاضلين عارفين ورعين منقطعين للعلم لم يتزوجا، سمعا من أبيهما وغيره، وروى عنهما ابن وضاح وروى عبد الصمد عن ورش وهو من جملة أصحابه ومن وقته اعتمد أهل الأندلس رواية ورش وغلب على عبد الصمد علم القرآن وموسى غلب عليه الحديث وكان يروي موطأ مالك. توفي عبد الصمد سنة 231 هـ[845 م]، ومات موسى سنة 248هـ[862 م]. 105 - أبو زيد عبد الرحمن بن أبي الغمر: الفقيه المحدث العالم الثبت روى عن ابن القاسم وأكثر عنه وحبيب كاتب مالك وابن وهب وغيرهم وعنه ابناه محمَّد وزيد والبخاري وخرج عنه في صحيحه وأبو زرعة وأبو الزنباع روح بن الفرج وابن المواز وأبو إسحاق البرقي ويحيى بن عمر وله كتب مؤلفة في مختصر الأسدية وله سماع من ابن القاسم مؤلف. مولده سنة 160هـ وتوفي سنة 234هـ.

106 - أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن البرقي المصري: الفقيه العالم الإِمام الفاضل، أخذ عن أشهب وابن وهب وغيرهما وعنه أخذ الناس، توفي سنة 245 هـ[859 م]. 107 - أبو جعفر أحمد بن صالح: يعرف بابن الطَّبري الثقة الثبت الأمين الحافظ النظار. سمع ابن وهب وغيره ورشاً وقالوناً وأخذ عنهما القراءات. خرج عنه البخاري وأبو داود، ولد بمصر سنة 170 هـ وتوفي سنة 248 هـ[862 م]. 108 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله البرقي: الثقة الفقيه المحدث الراوية من بيت علم بمصر، روى عن عبد الله بن عبد الحكم وأشهب وابن بكير وحبيب كاتب مالك ونعيم بن حماد وأصبغ بن الفرج وابن معين وغيرهم وعنه أبو حاتم الرازي وابن وضاح والخشني ومطرف بن عبد الرحمن وعبد الله بن يحيى بن يحيى وقاسم بن محمَّد وقاسم بن أصبغ وغيرهم، له تآليف منها اختصار مختصر ابن عبد الحكم وكتاب في رجال الموطأ وغريبه، توفي سنة 249 هـ[863 م]. 109 - أبو عمرو الحارث بن مسكين بن محمَّد بن يوسف: الفقيه الزاهد الصدوق اللهجة العالم الفاضل القاضي العادل سمع ابن القاسم وأشهب وابن وهب ودوّن أسمعتهم وبهم تفقه، له كتاب فيما اتفق عليه رأيهم ورأي الليث، روى عن ابن عيينة وحدث ببغداد ومصر وعنه أخذ ابنه القاضي أبو بكر أحمد المتوفى سنة 311هـ وأبو داود وابنه وأبو حاتم الرازي والنسائي وابن وضاح وعبد الله بن أحمد بن حنبل وعيسى بن مسكين وجماعة، مولده سنة 154هـ وتوفي سنة 250هـ[864 م]. 110 - أبو الربيع سليمان بن داود بن حماد المصري: المعروف بالأفطس الثقة القدوة الأمين العارف بالحديث الإمام الفقيه في مذهب مالك روى عن أبيه

وإبراهيم بن حماد الخولاني وإدريس بن يحيى الخولاني ويحيى بن بكير وعبد الله بن نافع وابن وهب وابن الماجشون وأصبغ وأشهب وغيرهم وعنه أبو داود والنسائي وغيرهما، مناقبه كثيرة، مولده سنة 198 هـ وتوفي سنة 253 هـ[867 م]. 111 - أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم: مصنف فتوح مصر، روى عن أبيه وشعيب بن الليث وخلق وعنه النسائي وأبو حاتم، له مؤلف كبير في فتوح مصر والمغرب والأندلس وكانت وفاته سنة 257 هـ[870 م]. 112 - أخوه أبو عثمان عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم: هو أكبر أولاد ابن عبد الحكم وأفقههم وأجل أصحاب ابن وهب، مات سنة 237 هـ[851 م]. 113 - أخوهما أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم: العالم المبرز الحجة النظار رابع المحمدين وكبير العلماء المحققين والفقهاء الراسخين إليه كانت الرحلة وانتهت إليه الرئاسة بمصر، سمع من أبيه وابن وهب وابن القاسم وغيرهم وعنه أبو عبد الرحمن وأبو بكر النيسابوري وأبو حاتم الرازي وأبو جعفر الطبري وابن المواز وغيرهم، له تآليف في كثير من فنون العلم ككتاب أحكام القرآن وكتاب الشروط والوثائق وكتابه الذي زاد فيه على مختصر أبيه وكتاب اختصار كتاب أشهب وكتاب المجالسة أربعة أسفار وكتاب الرد على الشافعي وكتاب الرد على أهل العراق وكتاب القضاة وكتاب الدعوى والبينات، مات منتصف ذي القعدة سنة 268 هـ[881 م] مولده سنة 182 هـ. 114 - أبو بكر محمَّد بن أبي يحيى زكريا الوقار: الإِمام الفقيه الحافظ النظار تفقه بأبيه وابن عبد الحكم وأصبغ، روى عن إسحاق بن إبراهيم بن نصير ومحمد بن مسلم بن بكار وأبي الطاهر محمَّد بن سليمان وأبي الطاهر محمَّد بن جعفر، ألّف كتاب السنة ورسالة في السنة ومختصرين في الفقه الكبير منهما في سبعة عشر جزءاً وأهل القيروان يفضلون مختصره على مختصر ابن عبد الحكم، مات في رجب سنة 269 هـ[882 م].

فرع إفريقية

115 - أما والده فتفقه بابن وهب وابن القاسم: وتوفي سنة 254 هـ[868 م]. 116 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم الإسكندري: المعروف بابن المواز، الإمام الفقيه الحافظ النظار، تفقه بابن الماجشون وابن عبد الحكم، واعتمد أصبغ وروى عن أبي زيد بن أبي الغمر، والحارث بن مسكين ونعيم بن حماد، وروى عن ابن القاسم صغيراً وروى عنه ابن قيس وابن أبي مطر والقاضي أبو الحسن الإسكندري، ألف الكتاب الكبير المعروف بالموازية وهو من أجل الكتب التي ألفها المالكيون وأصحها وأوعبها رجحه القابسي على سائر الأمهات، مولده في رجب سنة 180 هـ وتوفي في دمشق في ذي القعدة سنة 269 هـ أو 281 هـ[894 م] واقتصر عليه الشهاب الخفاجي في شرح الشفا. وقال: كانت وفاته ببعض حصون الشام، اختفى به حين هرب من فتنة. قلت: وسيأتي مزيد شرح لهذا عند ترجمة الإمام المازري انظره. 117 - أبو بكر أحمد بن مروان: المعروف بالمالكي المصري الإِمام الفقيه المحدث أخذ عن القاضي إسماعيل، وابن معين، وابن قتيبة، وعلي بن عبد العزيز وابن أبي الدنيا وغيرهم وعنه الكثير منهم أبو بكر الأبهري وغيره، ألّف كتاباً في فضائل مالك وكتاباً في الرد على الشافعي وكتاباً في المجالسة، توفي سنة 298 هـ وسنه أربعة وثمانون عاماً [910 م]. فرع إفريقية 118 - قال ابن عذاري في سنة عشرين ومائتين مات بتونس أبو حبيب نصر الرومي: وله سماع من ابن عبد الحكم وكان من أهل الحفظ للمسائل. 119 - وفي سنة 223 هـ[837 م] مات الفضل بن علي بن شقر وكان أديب دهره وظريف عصره علماً وفقهاً وأدباً ووفاءً اهـ.

120 - أبو جعفر موسى بن معاوية الصمادحي: الإِمام الثقة الأمين العالم بالحديث والفقه الآخذ عن رجاله، سمع من أبيه ووكيع بن الجراح والفضيل بن عياض وعلي بن مهدي وغيرهم من هذه الطبقة، وسمع ابن القاسم وغيره وعنه أخذ فرات وعامة فقهاء إفريقية وابن وضاح وأحمد بن يزيد القرطبي، كان عابداً وكثيراً ما يرابط بالمنستير. قال فرات: حدثنا سحنون: كنا نرابط بالمنستير في شهر رمضان ومعنا جماعة من أصحابنا فكان موسى بن معاوية أطولهم صلاة وأدومهم عليها، مات وهو ابن 65 سنة. سنة 225 هـ[839 م]. 121 - وأبوه معاوية: له سماع من الثوري وابن نافع معدود في شيوخ إفريقية روى عنه ابنه المذكور وسحنون وكان ثقة، توفي سنة 199 هـ[814 م]. 122 - عون بن يوسف الخزاعي: الفقيه المحدث الرجل الصالح الأمين مع الورع والدين المتين، أخذ عن ابن وهب وغيره وعنه ابنه يحيى وغيره، مولده سنة 150 هـ ومات في جمادى الأولى سنة 239 هـ[853 م]. 123 - عيسى بن محمَّد بن سليمان: بن أبي المهاجر وجده أبو المهاجر ولي إفريقية بعد عقبة بن نافع، كان فقيهاً محدثاً ثقة، سمع ابن وهب وأبا خارجة وغيرهما، سمع منه جبلة بن حمود وفرات بن محمَّد، ألّف كتاباً في فتوح إفريقية، لم أقف على وفاته. 124 - أبو سعيد عبد السلام سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي القيرواني: أصله من حمص اجتمع فيه من الفضائل ما تفرق في غيره، الفقيه الحافظ العابد والورع الزاهد، الإمام العالم الجليل المتفق على فضله وإمامته، أخذ عن أئمة

من أهل المشرق والمغرب: كالبهلول بن راشد وعلي بن زياد وأسد بن الفرات وابن أبي حسان وابن القاسم وابن وهب وابن عبد الحكم وابن عيينة ووكيع وابن مهدي ومعن وابن الماجشون ومطرف وأشهب وابن غياث والوليد بن مسلم والطيالسي وغيرهم وكانت رحلته للمشرق سنة 188 هـ وعنه أئمة منهم ابنه محمَّد ومحمد بن عبدوس وابن غالب ويحيى بن عمر وأحمد بن الصواف وجبلة وحمديس القطان وسعيد بن الحداد وأبو محمَّد يونس الورداني ولازمه كثيراً وأحمد بن أبي سليمان وفرات بن محمَّد وغيرهم قال- في المدارك- بعد ما ترجم لكثير من تلامذته وهناك جماعة معروفون بصحبته غلب على كثير منهم العبادة فالرواة عنه نحو 700 انتهت إليه الرئاسة في العلم وعليه المعول في المشكلات وإليه الرحلة ومدونته عليها الاعتماد في المذهب. في أوائل نهاية المتيطي بعدما نوه بالمدونة قال: كانت مؤلفة على مذهب أهل العراق فسلخ أسد بن الفرات الأسدية وقدم بها المدينة يسأل عنها مالكاً ويردها على مذهبه فألفاه قد توفي فأتى أشهب ليسأله عنها ثم أعرض عنه وأتى ابن القاسم وطلب منه ذلك فأبى ولم يزل به حتى شرح الله صدره لما سأله مسألة مسألة فما كان عنده فيه سماع من مالك قال: سمعت مالكاً يقول كذا وكذا حتى أكملها وما لم يكن عنده من مالك بلاغ فيها قال: لم أسمع منه في ذلك شيئاً وبلغني أنه قال فيها كذا وكذا حتى أكملها فرجع إلى بلاده بها فطلبها منه سحنون فأبى ثم توصل لنسخها فانتسخها ورحل بها إلى ابن القاسم فقرأها عليه فرجع عن مسائل كثيرة وكتب إلى أسد بن الفرات أن يصلح كتابه على ما في كتاب سحنون فأنف أسد من ذلك وأباه فبلغ ذلك ابن القاسم فدعا أن لا يبارك له فيها وكان مجاب الدعوة فأجيبت دعوته ولم يشتغل بكتابه ومال الناس إلى المدونة ونفع الله بها وكان سحنون إذا حث على طلب العلم والصبر عليه تمثل بهذا البيت: اخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا أي لا يحصل العلم إلا بالعناية والملازمة والحث والنصب والصبر على الطلب اهـ ببعض اختصار وبالجملة فإن فضائله جمة جمعها العلماء مفردة ومضافة ولما بلغ من العمر ثمانين سنة عمل طعاماً ونادى عليه بعض الخاصة فسئل عن سببه فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن بلغ عمره ثمانين سنة كتبت حسناته ولم تكتب سيئاته" فعمله شكراً لله، ولد في رمضان سنة 160 هـ راوده محمَّد بن الأغلب حولاً كاملاً على القضاء ثم قبل منه على شرط أن لا يرتزق له شيئاً على القضاء وأن ينفذ الحقوق على وجهها في الأمير وأهل بيته وكانت ولايته سنة 234 هـ ومات وهو

يتولاه في رجب سنة 240 هـ وقبره بالقيروان معروف متبرك به ولنا عود للكلام عليه في التتمة [854 م]. 125 - ابنه أبو عبد الله محمَّد بن سحنون: الإِمام ابن الإمام شيخ الإسلام وعلم الأعلام الفقيه الحافظ النظار مع الجلالة والثقة والعدالة تفقه بأبيه وسمع ابن أبي حسان وموسى بن معاوية وعبد العزيز بن يحيى المدني وحج ولقي سلمة بن شعيب وأبا معصب الزهري وغيرهما وعنه خلق كثير منهم ابن القطان وأبو جعفر بن زياد، لم يكن في عصره أحذق منه بفنون العلم، له تآليف كثيرة منها كتابه الكبير الجامع لفنون من العلم وكتابه المسند في الحديث وكتاب السير وكتاب تفسير الموطأ وكتاب نوازل الصلاة وكتاب الزهد وما يجب على المتناظرين من الأدب وكتاب أدب المتعلمين وغر ذلك مما هو كثير، مولده سنة 202 هـ وتوفي سنة 255 هـ[868 م] وابنه أبو سعيد محمَّد كان من العلماء الفضلاء. 126 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم بن عبدوس: الإمام المبرز العابد الفقيه الحافظ الزاهد المجاب الدعوة، صلّى الصبح بوضوء العشاء ثلاثين سنة، لم يكن في عصره أفقه منه وهو رابع المحمدين الذين اجتمعوا في عصر واحد من أئمة المذهب ابن سحنون وابن عبد الحكم وابن المواز، أخذ عن جماعة منهم سحنون وبه تفقه وتفقه به جماعة منهم القاضي حماسي وأبو جعفر أحمد بن نصر، ألّف كتاباً شريفاً سماه المجموعة معتمداً في المذهب وله كتاب شرح المدونة وكتاب التفاسير في أبواب من الفقه وغير ذلك، ولد على رأس المائتين وتوفي بعد ابن سحنون بخمس سنين. 127 - أبو الربيع سليمان بن عمران: كان من أهل الفضل وقضاة العدل ومن أعلام العلماء ومن أحضر فقهاء إفريقية جواباً وألطفهم حسناً وأحدهم ذهناً وكان يقول: لو شئت أن أقضي بين الخصمين بلا بينة لفعلت والله ما يقعد بين يدي

الخصمان ويتناظران إلا وأعرف من له الحق منهما، قال ابن ناجي: كان إياس يحكم بالفراسة بين الغرماء، قال أبو بكر بن العربي: كان شيخنا فخر الأعلام الشاشي صنف جزءاً في الرد على قاض حكم بالفراسة ورده صحيح لأن مواد الإسلام معلومة شرعاً مدركة قطعاً وليست منها الفراسة اهـ باختصار وصاحب الترجمة ولاه سحنون قضاء باجة وتولى قضاء إفريقية بعد سحنون، مولده سنة 183 هـ وتوفي سنة 270 هـ ودفن بباب سلم من القيروان وعلى قبره إلى الآن لوح من حجر به كتابة ومحل الحاجة هذا قبر سليمان بن عمران القاضي، توفي ليلة السبت لسبع بقين من صفرسنة 270 هـ[891 م]. 128 - عبد الله بن أحمد بن طالب التميمي: عم بني الأغلب أمراء إفريقية الفقيه الثقة العالم الفاضل الإمام القاضي العادل تفقه بسحنون وكان من كبار أصحابه وحج ولقي ابن عبد الحكم ويونس بن عبد الأعلى سمع منه أبو العرب وابن اللباد ومحمد بن عيشون وجماعة، ألّف كتاباً في الرد على من خالف مالكاً وثلاثة أجزاء من أماليه، مولده سنة 210هـ ومات قتيلاً سنة 275هـ[888 م]. 129 - عبد الجبار بن خالد بن عمران السرتي: الفقيه الفاضل العالم العامل مع الورع والدين المتين من كبار أصحاب سحنون سمع منه أبو العرب وابن اللباد وعالم، مولده سنة 194 هـ وتوفي في رجب سنة 281 هـ[894 م]. 130 - أبو جعفر حمديس هو أحمد بن محمَّد الأشعري: من ولد أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ويعرف بحمديس القطان الإمام الفقيه الفاضل الثقة العالم العامل تفقه بسحنون وغيره، له رحلة للمشرق أخذ فيها عن أصحاب ابن القاسم وابن وهب وغيرهما وعنه أخذ جماعة منهم ابن اللباد والأبياني كان يكره فعل الذين يجتمعون للميعاد ويضربون صدورهم ويقول: لو كان لي من الأمر شيء لنفيتهم من المنستير، روي أنه لما اعتدل دعى إليه طبيب فلما رآه تبسم وقال: ما أقبح المخالفة بعد الموافقة مَن أراد الله به حالاً وأراد غيرها أليس قد خالف وأنشد:

بيد الله دوائي ... هوالذي يعلم دائي إنما أظلم نفسي ... باتباعي لهوائي مولده سنة 230 هـ وتوفي سنة 289هـ. 131 - القاضي أبو الربيع سليمان بن سالم القطان: يعرف بابن الكحالة الأستاذ الفهامة الفقيه العالم الفضل الإمام القاضي العادل سمع من سحنون وابنه وابن عون وابن رزين وغيرهم وسمع منه أبو العرب وغيره، ألّف في الفقه الكتاب المعروف بالسليمانية، ولي قضاء باجة ثم صقلية وبه انتشر مذهب مالك هناك، مات سنة 282 هـ أو 289 هـ[895 م] أو [901 م]. 132 - أبو جعفر أحمد بن أبي سليمان بن داود: يعرف بالصواف الإمام الفاضل الفقيه العالم العالم الثقة المجاب الدعوة يسمى جوهرة أصحاب سحنون أجازه جميع كتبه ولازمه عشرين سنة إلى أن توفي، أخذ عنه أبو العرب وسمع منه جماعة منهم عمر بن عبد الله بن مسرور وأبو الحسن علي بن مسرور الدباغ والتجيبي وأبو مسرة أحمد بن نزار وابن اللباد وحبيب بن الربيع، توفي في رمضان سنة 291 هـ[903 م] وسنه سبع وثمانون سنة ودفن بباب سلم بالقيروان، مولده سنة 204 هـ. 133 - أبو سهل فرات بن محمَّد العبدي: الفقيه العالم الراوية المحدث الأخباري العارف بأسماء الرجال سمع من سحنون وابنه وعبد الله بن أبي حسان وموسى بن معاوية وغيرهم بإفريقية ورحل للمشرق فسمع من رؤساء أصحاب مالك وله لسان طويل ومعرفة بالأنساب وكان أعلم الناس بالناس وأوقع الناس في الناس حتى نسب إلى الكذب، أخذ عنه جماعة منهم أبو العرب وأكثر من النقل عنه في طبقاته، توفي سنة 292 هـ اثنين وتسعين ومائتين اهـ ابن عذاري مع زيادة من غيره [904م] 134 - زيدان بن إسماعيل بن زيدان الواسطي الأزدي السوسي: الإمام

الفقيه العالم من رجال الكمال واحد الأبدال ومن أصحاب سحنون وغيره رحل للمشرق فسمع من هاشم بن عمار الدمشقي وابن أبي الحواري وسلمة بن شبيب وعبد الوهاب بن غياث والوليد بن شجاع وغيرهم، حدث عنه ابن اللباد وأبو العرب، مولده سنة 210 هـ وتوفي بسوسة سنة اثنتين أو ثلاث وتسعين ومائتين هجرية [904 م] أو [905 م]. 135 - أبو عبد الرحمن بكر بن حماد: الفقيه العمدة الفاضل الإمام الثقة العالم بالحديث وتمييز الرجال سمع من سحنون وعون بن يوسف ورحل ولقي جماعة منهم مسدد وعمر بن مرزوق وابن الأعرابي والرياشي وأبو حاتم السجستاني ولقي من الشعراء جماعة منهم دعبل وحبيب وطريف وعلي بن الجهم، أخذ عنه قاسم بن أصبغ وغيره، مات بالقاهرة سنة 295 هـ[907 م]. 136 - أبو عياش أحمد بن موسى بن مخلد: الفقيه العمدة كان ينتمي إلى غافق وكان من أصحاب سحنون زاهداً ورعاً متعبداً فاضلاً عالماً بما في كتبه كثير الحكاية سمع منه بشر كثير من أهل القيروان وبها مات سنة 295 هـ[907 م]. 137 - وفيها مات سعيد بن إسحاق الفقيه الرواية مولى كلب وكان من رجال سحنون وسمع من جماعة من شيوخ إفريقية وكان كثير الرواية والجمع للحديث والرباط، مولده سنة 213 هـ ابن عذاري. 138 - القاضي أبو مهدي عيسى بن مسكين بن منظور الإفريقي: أصله من العجم العالم العامل الفقيه الثقة الأمين الفاضل القاضي العادل تولاه جبراً وبقي به ثمانية أعوام وكثيراً ما سمع من سحنون وكان اعتماده عليه وابنه وأبي جعفر الأبلي والحارث بن مسكين وابن المواز والبرقي ومحمد بن عبد الحكم ويونس الصدفي ومحمد بن سنجر وغيرهم من أهل إفريقية والمشرق، وعنه أئمة منهم أحمد بن تميم والكانشي وابن مسرور وأبو إسحاق الجبنياني وأبو جعفر عمر بن مثنى وابن مسرور

المعروف بالحجام وزياد بن يونس. مولده سنة 214 هـ وتوفي سنة 295 هـ[907 م] وضريحه بنواحي صفاقس متبرك به وقرية مسجد عيسى بالساحل معروفة به إلى هذا الوقت. ولما سافر المنصور العبيدي إلى الساحل ومرّ بهاته القرية صلى بمسجده ركعتين وأوصى العامل بحفظ القرية. له فضائل جمة. 139 - وأخوه أبو عبد الله محمَّد: كان من العلماء الفضلاء، شارك أخاه في كثير من شيوخه، مولده سنة 217هـ وتوفي سنة 297هـ[909 م]. 140 - أبو عقال علوان بن الحسن: من بني الأغلب ملوك المغرب، إمام الزهاد وقدوة العلماء العباد، زهد في الدنيا وأبصر عيوبها. كان ذا نعمة وملك وله فتوة ظاهرة، فتاب ورفض المال والأهل وهجر الوطن وبلغ من العبادة مبلغاً أربى فيه على المجتهدين عباد المشرق والمغرب. كان يعمل بالقربة على ظهره وكان معروفاً بإجابة الدعوة وكان عالماً أديباً صحب الكثير من أصحاب سحنون وسمع منهم وجال في البلاد ودخل مكة وحج مراراً ومات بها وهو ساجد في صلاة الفريضة سنة 296هـ من سراج الملوك [908 م]. 141 - أبو زكرياء يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني الأندلسي القيرواني: الإمام المبرز العابد الثقة الزاهد الفقيه الحافظ المجاب الدعوة. سمع من سحنون وبه تفقه وابن أبي زكرياء الحضرمي وابن بكير وحرملة والحارث بن مسكين والبرقي والدمياطي وأبي مصعب الزهري وابن محاسب وأصبغ بن الفرج وغيرهم من أهل إفريقية والمشرق، كانت الرحلة إليه وبه تفقه خلق منهم أخوه محمد وابن اللباد وأبو العرب والأبياني وأحمد بن خالد. مصنفاته نحو الأربعين، منها اختصاره المستخرجة وكتاب في أصول السنن وكتاب في فضائل المنستير والرباط وكتاب الصراط وكتاب الميزان وكتاب النظر إلى الله عزّ وجل وكتاب رد فيه على الشافعي. مولده بالأندلس سنة 223 هـ وتوفي في ذي الحجة سنة 289 هـ[901 م] بسوسة وقبره قرب باب البحر معروف يزار، يقال إنه يرى عليه نور عظيم.

142 - وأخوه أبو عبد الله: كان عالماً جليلاً فاضلاً، سمع من جماعة منهم أخوه المذكور والبرقي والحارث بن مسكين وابن عبد الحكم وابن عبدون وعنه جماعة من أهل مصر وغيرها منهم ميسرة بن مسلم. 143 - أبو مصعب جبلة بن حمود بن عبد الرحمن الصدفي: الفقيه العالم العامل الورع الثقة الزاهد الفاضل سمع من سحنون وأخذ عنه المدونة والموطأ والمختلطة وله ثلاثة أجزاء مجالس عن سحنون وسمع من محمَّد بن رزين ومحمد بن عبد الحكم وعون بن يوسف والبرقي وجماعة وعنه جماعة أبو العرب وهبة الله بن أبي عقبة وعبد الله بن سعيد. ترك سكنى الرباط ونزل القيروان فقيل له في ذلك فقال: كنا نحرس عدواً بيننا وبينه البحر والآن حل العدو بساحتنا وهو عبيد الله الشيعي. توفي في صفر سنة 299 هـ بالقيروان ودفن بباب سلم. مولده سنة 216 هـ وفي سنة 296 هـ زال ملك بني الأغلب من القيروان ومدته 112 عاماً غير كسر وجاءت دولة الشيعة. وقال ابن عذاري: وفي سنة 296 هـ توفي جبلة بن حمود بن جبلة الصدفي مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه وكان فقيهاً زاهداً من رجال سحنون وممن نبذ الدنيا وتركها، وكان أبوه من خدمة السلطان وأهل الأموال فنابذه في حياته ثم تبرأ من تركته بعد وفاته وكانت تركته ثمانية آلاف مثقال. وفيها مات عبدون القاضي وأحمد بن محمَّد الأغلب التميمي وعبد الله بن المنهال ودعابة بن محمَّد الفقيه وكان من رجال سحنون وتولى القضاء بصقلية وفيها مات من الفقهاء المدنيين من أصحاب سحنون يحيى بن عون بن يوسف وأبو اليسر إبراهيم بن محمَّد الشيباني البغدادي المعروف بالرياضي ودفن بباب سلم، وكان ظريفاً أديباً مرسلاً شاعراً أحسن التأليف له مؤلفات في فنون من العلم ومسند في الحديث وكتاب في القراءات سماه سراج الهدى وكتاب لفظ المرجان وقطب الأدب وغير ذلك من الأوضاع ودخل الأندلس وحدث بما عرض له وعجب الناس منه وكتب لبني الأغلب حتى انصرمت أيامهم ثم كتب لعبيد الله حتى مات. وفي سنة 299 هـ مات من الفقهاء المدنيين وأهل العلم باللغة والنحو وفصاحة اللسان.

فرع الأندلس

144 - عبد الله بن محمَّد التميمي المعروف: باللبيدي من ولد عباد بن كثير، مات ابن سبع وثمانين اهـ ابن عذاري. 145 - أبو محمَّد يونس بن محمَّد الورداني: نسبة لبلدة يقال لها الوردانين، العالم الصالح الفقيه الجليل القدر أثبت الناس رواية عن سحنون، أخذ عنه وسمع منه جميع كتبه ودعا إليه يحمل ذكره. حدث عنه أبو العرب ومحمد بن عثمان وغيرهما. توفي سنة 299هـ وقيل سنة 300هـ[911 م] أو [912 م]. فرع الأندلس 146 - أبو مروان عبد الملك: ويعرف بزونان بن الحسن بن محمَّد بن رزين بن عبد الله بن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفقيه الورع الزاهد العالم الفاضل قاضي طليطلة من الطبقة الأولى ممن لم يرَ مالكاً. سمع ابن القاسم وأشهب وابن وهب وغيرهم وعنه ابن وضاح وغيره وكان يحيى بن يحيى يعجب من كلامه. توفي سنة 232 هـ[846 م]. 147 - أبو مروان عبد الملك بن حبيب السلمي القرطبي البيري: الفقيه الأديب الثقة العالم المشاور الجليل القدر المتفنن الإمام في الحديث والفقه واللغة والنحو، انتهت إليه رئاسة الأندلس بعد يحيى بن يحيى. روى عن المغازي بن قيس وزياد بن عبد الرحمن، وسمع ابن الماجشون ومطرفاً وعبد الله بن عبد الحكم وعبد الله بن دينار وأصبغ وغيرهم. سمع منه ابناه محمَّد وعبد الله وتقي الدين بن مخلد وابن وضاح المغامي وجماعة. ألّف كتباً كثيرة في الفقه والأدب والتاريخ منها

الواضحة في الفقه والسنن لم يؤلف مثلها وكتاب في فضل الصحابة وكتاب في غريب الحديث وكتاب في تفسير الموطأ وكتاب حروب الإسلام وكتاب طبقة الفقهاء والتابعين وكتاب الفرائض وكتاب مكارم الأخلاق. قال بعضهم: قلت لعبد الملك: كم كتبك التي ألفت؟ قال: ألف وعشرون كتاباً. مات في ذي الحجة سنة 238 هـ[852 م] كانت له فضائل جمة. 148 - أبو عبد الله محمَّد العتبي بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة القرطبي: الفقيه الحافظ العالم المشهور الإمام. سمع من يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان وغيرهما ورحل فأخذ عن سحنون وأصبغ وغيرهما. روى عنه محمَّد بن لبابة وأبو صالح وسعيد بن معاذ والأعناقي وغيرهم. ألف المستخرجة في الفقه. توفي سنة 254هـ أو 255هـ[864 م] أو [865 م]. 149 - القاضي أبو زكرياء يحيى بن زكرياء بن مزين القرطبي مولى رملة بنت عثمان رضي الله عنهما: العالم الحافظ الفقيه المشاور العمدة. روى عن عيسى بن دينار ويحيى بن يحيى وغازي بن قيس ونظرائهم، وسمع من القعنبي وأصبغ وغيرهما، وعنه روى أبان بن محمَّد بن دينار وسعيد الأعناقي ويحيى بن زكرياء وغيرهم. له تآليف حسان منها تفسير الموطأ وكتاب في تسمية رجالها وكتاب على حديثها وهو كتاب المستقصية. مات في جمادى الأولى سنة 255هـ. 150 - أبو القاسم أبان بن عيسى بن دينار: الإمام الفقيه الفاضل العمدة العالم العامل أخذ عن أبيه وأخيه عبد الرحمن المتوفى سنة 201 هـ المولود سنة 160 هـ ورحل ولقي شيوخاً وسمع بالمدينة من ابن كنانة وابن الماجشون ومطرف وغيرهم. روى عنه محمَّد بن وضاح وقاسم بن محمَّد وابن لبابة، وسمع من أبي صالح والأعناقي ومحمد بن غالب الصفار من طبقته. توفي سنة 262هـ[875 م] وله إخوة أجلاء فضلاء عبد الرحمن المذكور وعبد الواحد ومحمد ولأبان ابنان عالمان محمَّد وعبد الله اختصر المبسوط ليحيى بن إسحاق بن يحيى.

151 - أبو القاسم أصبغ بن خليل القرطبي: الإمام المشاور الفقيه الحافظ للمذهب المنسوب إلى الصلاح والورع سمع من المغازي بن قيس ويحيى بن يحيى ورحل فسمع من أصبغ وسحنون وجماعة، حدّث عنه ابن أيمن وقاسم بن أصبغ وأحمد بن خالد وغيرهم، توفي سنة 273 هـ[886 م]. 152 - أما أصبغ بن محمَّد بن يوسف والد قاسم بن أصبغ القرطبي فإنه توفي سنة 300 هـ[912 م] وهو مسن، روى عن يحيى بن يحيى اهـ ابن الأبار. 153 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد: يعرف بابن القزاز القرطبي الإمام الفقيه الزاهد العالم المقرئ المحدث العابد سمع من يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان ورحل فسمع من يحيى بن بكير وأبي يزيد بن الغمر وسحنون وغيرهم وأخذ القراءات عن عبد الصمد بن القاسم، سمع من جلة، توفي سنة 274 هـ[887 م]. 154 - أبو عبد الله محمَّد بن وضاح بن يزيد القرطبي: الفقيه المحدث الراوية الثقة المثبت الأمين العمدة الفاضل روى عن يحيى بن يحيى ومحمد بن خالد الأشج وزونان وابن حبيب وسمع من إسماعيل بن أويس وأبي مصعب وإبراهيم بن المنذر وهارون بن سعيد الأبلي وابن المبارك الصوري وحرملة والقاضي ابن أبي مريم والحارث بن مسكين وأصبغ بن فرج وسحنون والصمادحي وابن حنبل وابن معين وابن المديني والرجال الذين سمع منهم مائة وخمسة وسبعون وبه وببقي بن مخلد صارت الأندلس دار حديث، وروى القراءات عن عبد الصمد بن القاسم عن ورش ومن وقته اعتمد أهل الأندلس رواية ورش وعنه أخذ جماعة لا يحصون منهم أحمد بن خالد وابن لبابة ومحمد بن غالب وأبو صالح وابن المواز بن أيمن

وقاسم بن أصبغ وابن الأعشى ووهب بن مسرة، ألّف ابن مفرج كتاباً في مناقبه تآليفه كثيرة منها كتاب العباد والعوابد ورسالة السنة وكتاب الصلاة في النعلين وكتاب النظر إلى الله تعالى، مولده سنة 199 هـ وتوفي سنة سبع أو ست وثمانين ومائتين هجرية [899 م] أو [900 م]. 155 - أبو العباس أحمد بن مروان: يعرف بابن الرصافي القرطبي الفقيه المحدث الحافظ لما روي من ذلك قيل هو الذي روى المستخرجة عن العتبي وقيل هو الذي أعان العتبي على تأليفها، توفي سنة 286 هـ[899 م]. 156 - أبو عبد الله محمَّد بن سعيد: المعروف بابن المواز القرطبي الفقيه في مذهب مالك الحافظ الموثق وله فيه تأليف مشهور، روى عن يحيى بن يحيى وتوفي في حدود الأمير عبد الله. 157 - أبو عمر يوسف بن يحيى المغامي القرطبي: من ذرية أبي هريرة رضي الله عنه الفقيه الإمام العمدة الحافظ سمع من يحيى بن يحيى وسعيد بن حسان، وروى عن عبد الملك بن حبيب جميع مصنفاته وكان صهره وله رحلة للمشرف وكان في رحلته عظيم القدر هناك وعنه علي بن عبد العزيز وأبو الذكر القاضي والأبياني وفضل بن مسلمة وابن اللباد وأبو العرب وسعيد بن مجلون، وخلق من تآليفه كتاب في فضائل مالك وكتاب في فضائل عمر بن عبد العزيز، مات بالقيروان سنة 288 هـ وصلى عليه حمديس القطان [900 م]. 158 - أبو يعقوب إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي: وهو أسن من أخيه عبيد الله الفقيه الإمام العالم العمدة سمع من أبيه وغيره وعنه ابنه يحيى، توفي سنة 261 هـ[874 م]. 159 - أخوه عبيد الله بن يحيى بن يحيى: الفقيه المسند الراوية الحافظ

الطبقة السابعة

الواعية العالم الكامل الإمام الثقة الفاضل روى عن أبيه ولم يسمع من غيره بالأندلس وهو آخر مَن حدّث عن والده، رحل حاجًّا ودخل مصر وبغداد وسمع من أعلام وعنه أخذ جماعة منهم ابنه يحيى وأحمد بن خالد وابن أيمن وأبو عيسى يحيى بن عبد الله وعبد الله المعروف بابن أخي ربيع ومحمد بن عبد الله بن عبد البر وأحمد بن يحيى بن سليم والناس وطال عمره حتى ذهبت طبقته، كان كريماً وبكرمه تضرب الأمثال، سمع منه الناس رواية أبيه وكتبه وقوله في الموطأ حدثني يعني والده، توفي سنة ثمان أو سبع وتسعين ومائتين. 160 - أبو العباس أحمد بن يحيى بن يحيى بن يحيى: ثلاثاً على نسق رفيع البيت في العلم والجاه الفقيه العلامة سمع من أبيه وابن وضاح وعمه عبيد الله، توفي سنة سبع وتسعين ومائتين [909 م] قبل عمه عبيد الله بسنة وهو ابن سبع وأربعين. 161 - أبو عبد الله يحيى بن عبيد الله بن يحيى بن يحيى: الإمام الفقيه المشاور في الأحكام مع أبيه وسمع منه، توفي سنة 303هـ[915 م]. 162 - أبو إسماعيل يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى الليثي: الفقيه النبيه المشاور العالم الفاضل كان أحسن من أخيه عبد الله سمع من أبيه ورحل فسمع بإفريقية من يحيى بن عمرو بن طالب وبمصر من محمَّد بن أصبغ بن الفرج وبالعراق من إسماعيل القاضي وأحمد بن زهرة وجماعة، ألّف كتاب المبسوط في اختلاف أصحاب مالك وأقواله وهو الذي اختصره محمَّد وعبد الله ابنا أبان بن عيسى، ثم اختصر الاختصار ابن رشد، توفي سنة 303 هـ[915 م]. الطبقة السابعة فرع العراق 163 - أبو الحسن عبيد الله بن المنتاب بن الفضل البغدادي: قاضي

المدينة المنورة الإِمام الحافظ النظار تفقه بالقاضي إسماعيل وبه تفقه جماعة منهم أبو إسحاق بن شعبان لم يذكر وفاته. 164 - قاضي الدينور أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسين المستفاض الفرياني: أحد أوعية العلم ومن أهل المعرفة والفهم، طاف الشرق والغرب، ولقي أعلام المحدثين وسمع بخراسان وما وراء النهر والعراق والحجاز ومصر والشام والجزيرة واستوطن بغداد وحدث بها عن جماعة منهم هُدبة بن خالد، ومحمد بن حسّان وعبد الأعلي بن حماد والجحْدَري وابنُ المديني وابن المثنَّى وأيوب وكريب وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وإسحاق القواريري وأبو مصعب الزهري روى عنه ابن المبارك، وأحمد بن سليمان وأبو بكر الشافعي وخلق، كان ثقة ثبتًا له كتاب في مناقب مالك وكتاب السنن وقدر من حضر بمجلسه للسماع نحو الثلاثين ألفًا وكان المستملون ثلاثمائة وستة عشر، وكان في مجلسه من يكتب من أصحاب الحديث نحو العشرة آلاف سوى من لا يكتب، مولده سنة 207 هـ وتوفي في المحرم سنة 301 هـ ديباج [913 م]. 165 - أبو العباس أحمد بن يوسف بن يعقوب: من آل حماد البغدادي الإِمام العالم المتفنن الفقيه تفقه بالقاضي إسماعيل، توفي سنة 301 هـ[913م]. 166 - أخوه أبو يعلى الحسن بن يوسف: كان فقيهًا فاضلاً عالمًا أخذ عن القاضي إسماعيل وغيره، توفي سنة 306 هـ[918 م]. 167 - أخوهما القاضي أبو عمر محمد بن يوسف: الإمام الفقيه الفاضل الثقة الأمين القاضي العادل تفقه بالقاضي إسماعيل وسمع من الرمادي والصاغاني

وأحمد التستري والحسن بن أبي الربيع وغيرهم وعنه جماعة منهم ابنه أبو الحسن عمر وأبو بكر الأبهري وبه تفقه وأبو علي المؤذن. 168 - والدارقطني: وهو الذي أمر بقتل الحسن الحلاج الشيخ المشهور علماً وحالاً قتل في ذي القعدة سنة 309 هـ بعد إقامة الحجة عليه، ألف القاضي المذكور مسنداً كبيراً، مات في رمضان سنة 316 ص وسنه سبع وسبعون سنة [928 م]. 169 - ابنه أبو الحسن عمر: ابن القاضي المذكور العالم الجليل المتفنن الإمام الفقيه المتقن أخذ عن والده وهو ممن أفتى بقتل الحلاج، تولى القضاء بعد أبيه واخترمته المنية قبل استيفاء أمد أقرانه وطبقته. توفي سنة 328 هـ وسنه تسع وثلاثون سنة [939 م]. 170 - أبو الأزهر إبراهيم بن حماد: من آل بيت حماد المذكور الإمام العالم الكامل الفقيه الثقة الصدوق الفاضل. تفقه بعمه القاضي إسماعيل وروى عن أبيه حماد وجعفر الفرياني وأبي قلابة وجماعة، وعنه ابناه وأبو بكر الأبهري وابن الجهم والدارقطني وأبو عبد الله التستري، ألّف اتفاق الحسن ومالك، مولده سنة 242 هـ وتوفي سنة 323 هـ[934 م]. 171 - القاضي أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن بكير التميمي البغدادي: الإمام الفقيه العالم الثقة الأمين الفاضل. تفقه بالقاضي إسماعيل وهو من كبار أصحابه، وروى عنه القراءات، وعنه ابن الجهم والتستري، له كتاب في أحكام القرآن، وكتاب الرضاع، وكتاب في مسائل الخلاف كتاب جليل. توفي سنة 305هـ[917 م]. 172 - القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سهل البركاني البصري: الإمام الفقيه العالم العمدة الثقة الفاضل. صحب القاضي إسماعيل وبه تفقه وروى

عنه الحديث وعن أبي حاتم وأبي زرعة الرازيين وجماعة وتفقه به الإمام القشيري والقاضي التستري، ألّف كتاباً فيما سئل عنه القاضي إسماعيل وكتاباً في فضائل مالك، مولده سنة 219هـ وتوفي سنة 319هـ[931 م]. 173 - القاضي أبو بكر محمد بن أحمد بن الجهم: يعرف بابن الوراق المروزي الإمام الثقة الفاضل العالم بأصول الفقه القاضي العادل. سمع القاضي إسماعيل وتفقه معه وروى عن إبراهيم بن حماد ومحمد بن عبدوس وعبد الله بن محمد النيسابوري وجماعة، وعنه أبو بكر الأبهري وأبو إسحاق الدينوري وجماعة، ألّف كتباً جليلة في مذهب مالك منها: كتاب في بيان السنة وكتاب مسائل الخلاف والحجة في مذهب مالك وله شرح مختصر ابن عبد الحكم الصغير وغير ذلك مما ينبىء عن مقدار علمه، مات سنة 329هـ[940 م]. 174 - القاضي أبو الفرج عمر بن محمد الليثي البغدادي: الإمام الفقيه الحافظ العمدة الثقة تفقه بالقاضي إسماعيل وكان من كتابه، وعنه أخذ أبو بكر الأبهري وابن السكن وغيرهما، ألّف الحاوي في مذهب مالك واللمع في أصول الفقه. توفي سنة 331هـ[942 م]. 175 - أبو الحسن علي بن إسماعيل بن بشر الأشعري: من ذرية أبي موسى الأشعري الصحابي الجليل رضي الله عنه الإمام المتكلم الحافظ النظار القائم بنصرة مذهب أهل السنة، وإليه تنسب الطائفة الأشعرية وشهرته تغني عن الإطالة في تعريفه. صنف لانتصار أهل السنة التصانيف المهمة وهي كثيرة مشهورة عليها المعول ومن وقف عليها علم أن الله أيّده بتوفيقه منها: اللمع والموجز وإيضاح الأصول والإيضاح والتبيين والشرح والتفصيل وغير ذلك مما هو كثير. كان مالكي المذهب، ترجمته عالية خصت بالتأليف. توفي سنة 324هـ[935 م].

176 - أبو بكر خلف بن جحدر الشبلي البغدادي: صاحب الأنباء العجيبة والآثار الغريبة، المتصرف في علم الشريعة، أوحد وقته علماً وحالاً. تفقه على أصحاب مالك وصحب الجنيد ومَن في عصره، روى عن محمد بن مهدي البصري وغيره وأخذ عن القاضي إسماعيل وغيره، وعنه أبو بكر الأبهري وأبو بكر الرازي وجماعة. قال: كتبت الحديث عشرين سنة وجالست الفقهاء عشرين سنة، فضيلته شهيرة ألّف العلماء فيها. قال الجنيد في حقه: هو عين من عيون الله. توفي سنة 334هـ وأصله خراساني [945 م]. 177 - أبو الفضل بكر بن العلاء محمد بن زياد القشيري البصري: ثم المصري الإمام الفقيه النظار المحدث الراوية، مذكور في أصحاب القاضي إسماعيل، وسمع من أبي عمر وإبراهيم الحماديين وجعفر بن محمد الفرياني والبركاني وجماعة، وروى عن الطبري وأحمد بن إبراهيم وأبي خليفة الجمحي وغيرهم، حدث عنه جماعة من أهل المشرق والمغرب كابن عراك وأبي محمد النحاس وابن مفرج وابن عيشون وأحمد بن ثابت وابن عون الله. ألّف كتباً جليلة منها: الأحكام المختصرة من كتاب القاضي إسماعيل بالزيادة عليه، وكتاب الرد على المزني، وكتاب أصول الفقه، وكتاب القياس، وكتاب في مسائل الخلاف، وكتاب في الرد على الشافعي في وجوب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، وكتاب الرد على القدرية، وكتاب فيمن غلط في التفسير بالحديث، ورسالة الرضاع، ورسالة إلى مَن جهل محل مالك في العلم، وكتاب مأخذ الأصول، وكتاب تنزيه الأنبياء عليهم السلام، وكتاب ما في القرآن من دليل النبوة، وكتاب الأشربة وغير ذلك. توفي بمصر سنة 344هـ وقد جاوز الثمانين [955 م]. 178 - القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد التُّسْتَري: الإمام الفقيه الجامع الراوية الملازم للسنة النبوية الشيخ الفاضل. أخذ عن إبراهيم بن حماد والبركاني وسمع من أبيه وغيره، وعنه أخذ ابن مجاهد وحدث عنه ابنه وجعفر بن نصر وأدرك قريبه سهل بن عبد الله التستري الإمام صاحب الأقاصيص العجيبة المتوفى سنة

فرع مصر

283هـ. ألّف القاضي المذكور كتاباً في فضائل أهل المدينة وكتابًا في مناقب مالك نحو عشرين جزءًا. توفي سنة 345هـ وسنه 72 سنة [956 م]. فرع مصر 179 - أبو بكر أحمد بن موسى بن صدقة المصري: يعرف بالزيات الفقيه الإمام العالم الكبير العمدة، أخذ عن ابن عبد الحكم وغيره، وعنه أبو إسحاق بن شعبان وغيره. توفي بمصر سنة 306 هـ[918 م]. 180 - أبو بكر أحمد بن خالد بن ميسر الإسكندري: الإمام العالم الذي ليس له نظير في وقته، إليه انتهت الرئاسة بمصر بعد ابن المواز، روى عن ابن المواز كتبه وعن مطروح وابن شاكر وسعيد بن مجلون وغيره، ألّف كتاب الإقرار والإنكار، توفي سنة 339 هـ[950 م]. 181 - القاضي أبو الحسني علي بن عبد الله بن أبي مطر الإسكندري: الإمام الفقيه العالم الثقة القدوة، روى عن محمد بن المواز ومحمد بن عبد الله بن ميمون وغيرهما، وعنه ابن بطال وأبو ميمونة دراس. مولده سنة 241 هـ وتوفي سنة 339هـ. 182 - أبو إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان المصري: المعروف بابن القرطي الفقيه الحافظ النظار المتفنن، إليه انتهت رئاسة المالكية بمصر، أخذ عن أبي بكر بن صدقة وغيره وعنه أبو القاسم الغافقي والوشا وعبد الرحمن التجيبي الأقليشي وحسن الخولاني وجماعة، ألّف الزاهي في الفقه كتاب مشهور، وكتاب أحكام القرآن، وكتاب مختصر ما ليس في المختصر، وكتاب مناقب مالك والرواة عنه، وكتاب الأشراط، وكتاب المناسك، وكتاب السنن، توفي في جمادى الأولى سنة 355 هـ وسنه فوق الثمانين [965 م].

فرع إفريقية

فرع إفريقية 183 - أبو عبد الله مالك بن عيسى بن نصر القفصي: الفقيه الثقة العالم بالحديث وعلله ورجاله، سمع من محمد بن سحنون وغيره، رحل لطلب الحديث وطاف بلاد المشرق ولقي علماء الأمصار وسمع من محمد بن عبد الحكم ويونس بن عبد الأعلى وغيرهما، ألّف كتاب الأشربة. توفي سنة 305 هـ[917 م]. 184 - أبو عبد الله محمد بن عمر بن خيرون المعافري الأندلسي القيرواني: الفقيه العالم الفاضل كان إمامًا في القرآت خصوصًا قراءة نافع، أخذ عن إسماعيل بن عبد الله النحاس ومحمد بن سعيد الأنطاكي وسمع من عيسى بن مسكين، روى عنه القراءة عامة أهل القيروان وسائر المغرب، منهم ابناه محمد وعلي وأبو بكر الهواري وعلي بن أحمد البجائي، توفي بسوسة سنة 306 هـ[918 م]. 185 - أبو محمد سعيد بن حكمون: كان شيخًا فاضلاً عالمًا فقيهاً ثقة أخذ عن ابن سحنون وكان من أصحابه وله رحلة سمع فيها من رجال المشرق. قال أبو عبد الله بن الحارث الخشني: كان الغالب عليه سكنى الرباط، دخلت عليه سنة سبع وثلاثمائة فسألته أن يجيزني كتبه فأسعفني بذلك وكتب لي الإجازة بخط يده ثم مات بعد، وسألت ولده فأباح لي كتبه فانتخبت منها ما كان لي حاجة فيه في ذلك الوقت اهـ. قال ابن عذاري: توفي سنة 308 هـ[920 م]. 186 - أبو الغصن نفيس الغرابلي السوسي: الفقيه الزاهد العالم بمذهب مالك الثقة الأمين سمع من سحنون وابنه وابن عبدوس وابن المواز ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وسمع منه تميم بن أبي العرب وغيره، كان حماس يشهد له بالفقه. وفي سنة 306 هـ روى عنه أبو جعفر التميمي كتاب النفخ في الصور وذكر الحساب والجنة عن محمد بن رزين عن مؤلفه زهير بن عياد وهو جزءان. مولد صاحب الترجمة سنة 213 هـ وتوفي سنة 309 هـ[921 م].

187 - القاضي أبو الأسود موسى بن عبد الرحمن: المعروف بالقطان الفقيه الثقة الإمام الحافظ، سمع ابن سحنون ومحمد بن عامر الأندلسي وعلي بن عبد العزيز وغيرهم، وعنه تميم بن أبي العرب وغيره. ألّف أحكام القرآن اثني عشر جزءًا فضائله جمة ألّف الناس فيها. توفي في ذي القعدة سنة 309 هـ مولده سنة 232هـ. 188 - أبو جعفر أحمد بن أحمد بن زياد الفارسي القيرواني: الفقيه الإمام العالم النظار الثقة الأمين سمع من ابن عبدوس وأبي جعفر الأبلي ومحمد بن يحيى بن سلام وابن تميم القفصي، وصحب القاضي ابن مسكين وكان يكتب له السجلات، سمع منه أبو العرب وهبة الله بن عقبة وربيع القطان وغيرهم، وكان عالمًا بالوثائق وله فيه عشرة أجزاء وله كتاب في أحكام القرآن في عشرة أجزاء وكثاب مواقيت الصلاة. مولده سنة 234 هـ وتوفي سنة 319 هـ وقيل: سنة 317 هـ[929 م]. 189 - لقمان بن يوسف: الفقيه الحافظ لمذهب مالك الثقة العارف بأخبار القيروان وأخبار شيوخها العارف باللغة والحديث والرجال العابد سمع من يحيى بن عمر وعيسى بن مسكين وغيرهما، رحل حاجًّا فسمع بمصر حديثًا كثيرًا، توفي سنة 319هـ[931 م]. 190 - أبو العباس أحمد بن نصر بن زياد الهواري: الإمام الثقة الحافظ النظار أخذ عن ابن عبدوس وابن سحنون ويحيى بن سلام وحماس وأحمد بن لبده ويحيى بن عمر وغيرهم، سمع منه أبو عبد الله بن الحارث بن أسد الخشني وأحمد بن حزم وبه تفقه أكثر القرويين، ولد سنة 239 هـ وتوفي في ربيع الآخر سنة 319هـ[931 م].

191 - وفي المالكيين القرويين من يشبهه وهو أحمد بن نصر الداودي المتوفى سنة 357 ص. 192 - فضل بن سلمة بن جرير الجهني البجائي: الحافظ الكبير العالم الذي ليس له نظير، الفقيه العالم بالمسائل والوثائق سمع من شيوخ بلده وشيوخ إفريقية كابن مجلون والمقامي وأحمد بن سليمان ويحيى بن عمر ولازم حماساً ونظراءه رحل إليه الناس من الآفاق وأخذوا عنه، منهم ابنه أبو سلمة وأحمد بن سعيد بن حزم وسعيد بن عثمان ومحمد بن عبد الملك الخولاني وأحمد بن خالد وأبو العرب ومحمد بن النجار وغير واحد من الأندلسيين والقرويين، ألّف مختصر المدونة واختصر الواضحة وهو من أحسن كتب المالكية واختصر الموازية. وله كتاب جمع فيه الموازية والمستخرجة. مات سنة 319 هـ[931 م]. 193 - أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد الرحمن التميمي القصري: نسبة إلى قصر بني الأغلب ودار ملكهم على ميلين من قبلة القيروان، الفقيه الصالح الكثير الكرامات والرواية والاعتناء بمعجزاته - صلى الله عليه وسلم - وألّف في ذلك، روى عن إسحاق بن محمد وفرات بن محمد ويحيى بن عمر، وعبد الجبار بن خالد، وابن طالب القاضي وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم وغيرهم، وعنه ابن اللباد وأبو عبد الله بن الحارث الخشني وغيرهما، توفي سنة 322هـ. 194 - أبو جعفر أحمد ويقال: حمودة بن سعدون: ويعرف بابن السرداني لأنه غزا سردانية، كان رجلاً صالحاً، فقيهاً ذا سمت حسن وورع، سمع من يحيى بن عمر وغيره، وسمع منه الناس، وكان هو القائم بأبي جعفر القمودي العابد صاحبه. توفي سنة ثلاث أو أربع وعشرين وثلاثمائة [934 م]، أو [925 م]. 195 - وأخوه أبو الأرسي: كان رجلاً فاضلاً من أهل العلم والورع سمع أكثر كتب يحيى بن عمر وكتبها وحبسها. 196 - أبو عثمان سعدون بن أحمد الخولاني: كان من العلماء العاملين والفقهاء المتعبدين المرابطين بقصر المنستير، كان عظيم القدر شهير الذكر أدرك

سحنوناً ولم يأخذ عنه وهو من كبار أصحاب ابنه، وسمع في مصر من محمد بن عبد الحكم وابن رمح وغيرهما، سمع منه جماعة منهم أبو عبد الله محمد بن الحارث الخشني قال: لقيته سنة ست عشرة وثلاثمائة وكتب عنه حديثاً كثيراً في غير ما فن وقد عمر، وفي هاته السنة خرجت من إفريقية وهو حي اهـ وسمع منه أيضاً أبو محمد بن أبي زيد وربيع القطان وأبو بكر بن سعدون وابن اللباد، وكانت له مداراة مع الملوك سعياً وراء مصالح المسلمين عامة وأهل المنستير خاصة، وكان الجان يخاطبه ويقضي له حوائجه، وفي الشفاء قيل له أن قومًا من كتامة قتلوا رجلاً صالحاً وأضرموا عليه النار الليل كله فأصبح بدنه أبيض لم توقد عليه النار. فقال: لعله حج ثلاث حجج؟ قالوا: نعم. قال: حدثني واصل أن مَن حجّ واحدة أدى فرضه ومَن حجّ ثانية داين ربَّه ومَن حجّ ثالثة حرّم الله بدنه وشعره على النار اهـ. وكان هو شيخ القصر يجتمع إليه للحراسة أحياناً نحو الأربعة آلاف حتى خافت منه الشيعة. توفي سنة أربع أو خمس وعشرين وثلاثمائة وهو ابن مائة سنة صحيح العقل والبصر ودفن بالمنستير، وكانت جنازته مشهودة نفر الناس إليها من القيروان وغيرها. 197 - أبو الفضل ويقال أبو جعفر يوسف بن نصر: الإمام الفقيه العابد بقصر المنستير العارف بالله الزاهد الكثير الكرامات سمع من يحيى بن عمر وفرات بن محمد وغيرهما وعنه أبو الفضل الخادم وغيره. ألّف كتاباً في فضل العلم والعلماء، رواه عنه محمد بن أحمد الخزاز، خرج إلى قصر سهل فلازمه حتى مات فيه في ربيع الثاني سنة 326 هـ[937 م]، وقصر سهل هو أحد قصور المنستير. 198 - أبو الفضل عباس بن عيسى المميسي: نسبة لقرية مميس بإفريقية، الفقيه الورع الزاهد الإمام الثقة العابد العالم العامل صاحب الفضائل الجمة مع فصاحة لسان ونزاهة وعدالة وعلو همة. أخذ عن جبلة ويحيى بن عمر وموسى القطان وجماعة من أهل المشرق والمغرب منهم ابن المنتاب وأبو بكر بن مروان المالكي، وعنه جماعة منهم ابن أبي زيد وكان يتشبه به في أحواله وأبو الأزهر بن معتب وأبو حارث. قال السبأي: حفظ القرآن وهو ابن ثمان سنين والموطأ وهو ابن خمس عشرة سنة. له تآليف منها: كتاب في تحريم الخمر ناقض به كتاب

الطحاوي، وكتاب في أصول الأعمال، واختصار كتاب ابن المواز. مات في رجب سنة 333 هـ[944 م]، قرب المهدية في حرب بني عبيد، وفي المدارك ما ملخصه: اتفق شيوخ القيروان على الخروج على ملوك أهل الشيعة بني عبيد وقتالهم، منهم أبو إسحاق السبأي، وأبو الحسن علي بن سعيد الخراط، وأبو العرب محمد التميمي، وأبو الفضل صاحب الترجمة، وربيع القطان، ومروان العابد، وإبراهيم بن المثنى. وقد جنّدوا الجنود والبنود ثم خرجوا إلى المهدية، وكانت الهزيمة عليهم فاستشهد عالم كثير، فمن الأئمة والعباد خمس وئمانون، منهم ربيع القطان وصاحب الترجمة، ورثاه جماعة بقصائد منهم ابن أبي زيد وأبو القاسم الفزاري، وقد أطال في المدارك في ترجمة أبي الفضل وربيع المذكورين. 199 - أبو سليمان رببع القطان بن عطاء الله القرشي: الإمام الفقيه الجامع بين العلم والعمل المتفنن، لسان إفريقية في وقته في الزهد والرقائق والأدب والشعر. تفقه عنه أحمد بن نصر ولازمه وسمع أبا جعفر القصري وغيره، رحل فلقي بمصر أبا سعيد الأعرابي وأبا علي الكاتب وجماعة وعنه ابن شبلون وغيره. مات في جهاد بني عبيد كما تقدم سنة 333هـ، مولده سنة 288 هـ. 200 - أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم بن تمام التميمي: كان جده تمام من أمراء إفريقية الإمام الفقيه الحافظ المحدث العالم الأديب المؤرخ، سمع من يحيى بن عمر وأبي داود العطار وعيسى ومحمد ابني مسكين وابن طالب وعبد الجبار وحماس وجبلة وفرات، شيوخه نيف وعشرون ومائة وعنه ابناه تمام وتميم وأبو الحسن الخراط وربيع القطان وابن أبي زيد وزياد السروري وجماعة. من تآليفه طبقات علماء إفريقية ومسند حديث مالك وكتاب فضائل مالك وسحنون وكتاب الوضوء والطهارة وكتاب الصلاة وكتاب التاريخ وكتاب عباد إفريقية وكتاب عوالي حديثه وكتاب مناقب العرب وغير ذلك، بلغت كتبه ثلاثة آلاف وخمسمائة كلها بخط يده واحتاج الناس إلى علومه وكتبه. مولده سنة 250 هـ وتوفي في ذي القعدة سنة 333هـ ودفن بباب سلم من القيروان.

201 - أبو بكر محمد بن محمد بن وشاح: يعرف بابن اللباد القيرواني، جده مولى موسى بن نصير الحافظ المبرز الإمام الجليل القدر علماً وديناً، المجاب الدعوة، تفقَّه بيحيى بن عمر وأخيه محمد وابن طالب وحمديس والمقامي وسعيد الحداد وغيرهم، وسمع من الشيوخ الذين كانوا في وقته. تفقه به ابن حارث وابن أبي زيد وعليه اعتماده، وسمع وروى عنه جماعة منهم زياد بن عبد الرحمن ودراس بن إسماعيل وابن المنتاب. ألّف كتاب الطهارة، وكتاب عصمة الأنبياء، وكتاب فضائل مالك، وكتاب الآثار، وكتاب الحكاية في عشرة أجزاء، وكتاباً في فضائل مكة وغير ذلك، ترجمته جمة. توفي في صفر سنة 333 هـ[944 م] ورثاه ابن أبي زيد بقصيدة فريدة. 202 - قاضي القيروان أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصاري: يعرف بابن أبي المنصور الفقيه الإمام الفاضل، العالم بأصول الفقه القاضي العادل، رحل وسمع من القاضي إسماعيل وعلي بن عبد العزيز، وابن قتيبة وأبي يعقوب، حدثه بمصنف عبد الرزاق، وسمع من أحمد بن عبد الرحمن القصري، وعبد الله بن أبي هاشم، ومحمد بن التبان. تولى القضاء سنة 323 هـ وتوفي وهو يتولاه سنة 337 هـ وقد ناف عن التسعين [948 م]. 203 - أبو ميسرة أحمد بن نزار: يكنى أبا جعفر العالم الجليل الإمام الصالح سمع من أحمد بن سليمان، وفرات بن محمد، وسعيد بن إسحاق، وأبي الغصن السوسي، وحمديس وغيرهم، سمع منه جماعة منهم ابن أبي زيد، وأبو الحسن الخراط. توفي سنة 337هـ[948 م]. 204 - أبو بكر محمد بن المؤدب: المعروف بابن الصواف الإمام العالم المشهور بالفضل والصلاح والعبادة. سمع من يحيى بن عمر وأحمد بن زيد وغيرهما، له رحلة سمع فيها من محمد بن عبد الحكم وعنه أخذ ابن اللباد وابن زياد وجماعة. توفي سنة 345هـ[956 م]، ودفن بباب سلم من القيروان.

203 - أبو عبد الله محمد بن مسرور العسال: الإمام العالم الجليل المشهور بالعلم والصلاح وإجابة الدعوة، سمع من أخيه عمر وعبد الجبار بن خالد ويحيى بن عمر وابن معتب والمقامي وسمع في مصر من علي بن عبد العزيز وغيره وعنه أخذ جماعة منهم ابنه عمر وابن أبي زيد والقابسي. توفي في ذي القعدة سنة 346هـ وسنه ست وتسعون سنة [957 م.] 206 - وكان له أخوان عالمان فاضلان أبو حفص عمر سمع من ابن عبد الحكم ويونس بن عبد الأعلى ومات قديماً وأبو سليمان هاشم. 207 - وكان لصاحب الترجمة ابن اسمه عمر كان فقيهاً زاهداً عالماً عاملاً سمع من أبيه وأبي بكر بن اللباد وبمصر من بكر بن العلاء، أثنى عليه العلماء وكان أبو إسحاق السبأي يعظمه، توفي شاباً في حياة أبيه وعمره نحو الأربعين عاماً. 208 - أبو بكر محمد بن مسرور التميمي: الفقيه الإمام العالم العامل، سمع من جبلة وغيره، رحل للمشرق وسمع من جعفر بن محمد البزار وغيره، توفي سنة 346هـ[957 م.] 209 - أبو محمد عبد الله بن هاشم بن مسرور التميمي: المعروف بابن الحجام الفقيه الحافظ الإمام الصالح العالم العامل. سمع من عيسى بن مسكين وأخيه محمد وسعيد بن إسحاق وعبد الله بن سهل الأندلسي وابن عياش وفرات وحمديس وعمر بن يوسف ويحيى بن زكرياء والمقامي وجماعة، رحل فسمع بمصر من ابن الأعرابي، وابن أبي مطر، وغلب عليه الجمع والرواية وأكثر سماعه من ابن مسكين، تفقه به جماعة منهم القابسي وابن أبي زيد، قال القابسي: ترك أبو محمد سبع قناطير كتباً كلها بخط يده، ألّف كتباً كثيرة في أنواع من العلوم منها كتاب اليواقيت، مولده سنة 273هـ وتوفي سنة 346هـ[957 م]. 210 - أبو الحسّن حسن بن محمد الخولاني الكانشي: الفقيه العالم المشهور بالصلاح والدين المتين، المتفق على فضله الموافق والمخالف، المجاب

فرع الأندلس

الدعوة، سمع من عيسى بن مسكين ويحيى بن عمر، ورحل للمشرق وسمع من أعلام، وعنه جماعة منهم أبو الحسن القابسي وابن شبلون واللواتي، رحل الناس إليه من الآفاق، وانتفعوا به، له ترجمة عالية. توفي بالمنستير وهو ابن مائة وثمان وستين سنة 347هـ[958 م]. 211 - أبو العباس عبد الله بن أحمد التونسي: المعروف بالأبياني الإمام الفقيه العالم القائم على مذهب مالك الثقة العمدة الأمين. تفقه بيحيى بن عمر وأحمد بن سليمان وَحَمْدِيسْ، ويحيى بن عبد العزيز وابن حارث وأحمد بن حزم وحماس وجماعة، روى عنه الأصيلي وأبو الحسن اللواتي وسعيد بن ميمون والقابسي وابن أبي زيد وجماعة. مات سنة 352 هـ[963 م]. فرع الأندلس 212 - أبو صالح أيوب بن سليمان بن صالح المعافري القرطبي: الإمام الفقيه الحافظ العالم دارت عليه الشورى مع صاحبه ابن لبابة، سمع من العتبي وابن مزين وغيرهما، وعنه أبو بكر اللواتي وأحمد بن مطرف بن عبد الرحمن وغيرهما. مات سنة 301هـ[913 م]. 213 - أبو الفضل قاسم بن أبي قاسم ثابت بن حزم بن عبد الرحمن بن مطرف السرقسطي الأندلسي: الإمام الجليل العالم المتفنن العمدة آية الله في الذكاء والحفظ والإتقان المجاب الدعوة، أخذ عن والده ورحل معه للمشرق فسمع من محمد الجوهري وابن الجارود والبزار والنسائي وغيرهم، ابتدأ كتاب الدلائل في شرح ما أغفله أبو عبيد وابن قتيبة من غريب الحديث ومات قبل إكماله فتممه أبوه وكان على غاية من الإتقان، مولده سنة 255 وتوفي سنة 302هـ[914 م]. 214 - ووالده أبو القاسم ثابت: الإمام العلامة المتبحر، الفاضل العمدة البصير بالحديث والفقه والنحو، سمع من ابن وضاح ورحل مع ابنه المذكور وشاركه في شيوخه وتمم كتاب الدلائل, مولده سنة 217 هـ وتوفي سنة 313هـ[925م].

215 - أبو عثمان سعيد بن عثمان التجيبي: يعرف بالأعناقي القرطبي، الإمام الفاضل الفقيه الورع العالم بالحديث البصير بعلله، سمع من ابن وضاح وصحبه، ويحيى بن مزين، رحل فلقي جماعة كابن عبد الحكم والحارث بن مسكين ويحيى بن عمر، حدث عنه أحمد بن خالد وابن أيمن وأحمد بن قاسم وابن أبي زيد القرطبي وابن أخي ربيع الصباغ ووهب بن مسرة وجماعة. مولده سنة 233هـ وتوفي سنة 305هـ[917 م]. 216 - أبو العباس أحمد بن محمد بن زياد بن عبد الرحمن شبطون: قاضي قرطبة يعرف بالحبيب من بيوت العلم والجلالة بقرطبة الفقيه الإمام الفاضل العالم القاضي العادل، سمع من أبيه وابن وضاح وغيرهما، توفي سنة 312 هـ[924هـ]. 217 - أبو عبد الله محمد بن عمر بن لبابة القرطبي: الفقيه العالم الإمام الحافظ المشاور، روى عن عبد الله بن خالد، ويحيى بن مزين، وعبد الأعلي بن وهب، وأبان بن عيسى، وأصبغ بن خليل وابن مطروح والعتبي، وكان اعتماده عليه ومحمد بن وضاح وجماعة، وعنه اللؤلؤي وابن مسرة وأبو العباس بن ذكوان وخالد بن سعيد وخلق كثير، انفرد بالفتوى بعد أيوب بن سليمان ودارت عليه الأحكام نحو ستين سنة. توفي في شعبان سنة 314 هـ[926 م]، وسنه ثمان وثمانون سنة. 218 - وابن أخيه محمد بن يحيى: الإمام الفقيه الموثق مؤلف الوثائق المنتخبة. توفي بالإسكندرية سنة 336 هـ[947 م]. 219 - أبو عبد الله أسلم بن عبد العزيز بن هاشم بن خالد: من ذرية سيدنا

عثمان بن عفان رضي الله عنه من بيت شرف بالأندلس ونباهة رفيع الدرجة في العلم وعلو الهمة مع الديانة سمع بالأندلس من بقي بن مخلد وغيره ورحل للمشرق فلقي المزني ومحمد بن عبد الحكم ويونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان المؤذن وأحمد البرقي، تردد في قضاء الجماعة هو والعالم الفاضل القاضي العادل الشيخ أحمد بن محمد بن زياد، ثم لما توفي سنة 312 أعيد إليه صاحب الترجمة وتوفي وهو يتولاه سنة 317 هـ[929 م]. 220 - أبو عمر أحمد بن خالد القرطبي يعرف بابن الحباب: الإمام الفقيه المحدث الحافظ العالم الفاضل سمع من ابن وضاح وقاسم بن محمد وابن زياد وجماعة، وعنه عالم كثير منهم ابنه محمد وعبد الملك بن العاص ومحمد بن عيشون ومحمد بن إسحاق بن منذر بن سليم ومحمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى وأبو محمد عبد الله بن محمد الباجي ومحمد بن أبي دليم، له رحلة للمشرق، ألف مسند حديث مالك وكتاباً في فضائل الوضوء والصلاة، وحمد الله وخوّفه وغير ذلك، مولده سنة 246 هـ وتوفي في جمادى الآخرة سنة 322 هـ[933 م]. 221 - أبو محمد عبد الله بن حنين الكلابي: يعرف بابن أخي ربيع الصباغ الإمام الحافظ العالم المتفنن، سمع من ابن الأعناقي وأبي صالح أيوب وابن لبابة وأحمد بن خالد وابن أيمن وعبد الله بن يحيى بن يحيى وأسلم بن عبد العزيز. رحل للمشرق وأخذ عن أعلام وعنه أخذ جماعة، ألّف في معرفة الرجال وعلل الحديث واختصر مسند تقي الدين بن مخلد وكتاب التفسير له، وهو الذي ابتدأ الاستيعاب ثم تممه ابن المكوي والمعيطي كما يأتي. توفي سنة 318 هـ أو 322 هـ[930 م]، أو [933 م]. 222 - أبو العباس أحمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى ثلاثًا: الإمام الفقيه العلامة الفاضل روى عن عم أبيه عبد الله بن يحيى وهو أخو القاضي محمد وأبي عيسى الآتي ذكرهما. استشهد سنة 324 هـ[935 م].

223 - قاضي الجماعة بقرطبة أبو العباس أحمد بن بقي بن مخلد: الفقيه العالم الفاضل كانت مذاهبه محمودة، وسيرته حسنة، وهديه جميلاً، مع وقار فاق به أهل عصره وفطنة ومعرفة بالوثائق قيل له: إنك موصوف بلين الجانب والتطويل في الأحكام فقال: أعوذ بالله من لين يؤدي إلى ضعف ومن شدة تبلغ إلى عنف، أخذ عن والده خاصة وعنه ابنه عبد الرحمن، تولى القضاء سنة 317 هـ وتوفي وهو يتولاه سنة 324 هـ[935هـ]. 224 - أبو عبد الله محمد بن قاسم، بن محمد بن قاسم، بن سيار القرطبي البياني: الإمام المشاور الفقيه المحدث الصدوق، سمع من أبيه وبقي بن مخلد وابن وضاح والخشني وغيرهم. رحل وسمع من أعلام بالإسكندرية ومصر ومكة والكوفة والبصرة والقيروان منهم النسائي والرجال الذين لقيهم وسمع منهم مائة وستون شيخاً روى عنه ابنه أحمد وخالد بن سعد وغيرهما، مولده سنة 263 هـ وتوفي سنة 327 هـ[938 م]. 225 - أبو مروان عبد الملك بن العاص السعدي القرطبي: الإمام الحافظ النظار المشاور سمع من ابن لبابة والقاضي أسلم وأحمد بن خالد أحمد بن زياد وسمع بمكة من ابن المنذر ودخل بغداد وسمع من ابن الجهم وابن المنتاب وجماعة ألف في نصرة مذهب مالك تآليف منها الذريعة إلى علم الشريعة وكتاب الدلائل والبراهين على مذهب المدنيين والدلائل والأعلام على أصول الأحكام وكتاب الاعتماد وكتاب الأمانة وكتاب الرد على من أنكر على مالك ترك العمل بما رواه وغير ذلك، توفي في المحرم سنة 330 هـ[941 م] ثلاثين وثلاثمائة وهو ابن أربع وأربعين سنة. 226 - أبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن أيمن القرطبي: الإمام الفقيه العالم الحافظ سمع من محمد بن إسماعيل الصائغ وقاسم بن هلال وقاسم بن أصبغ

وابن وضاح وأكثر عنه والخشني ومحمد بن الجهم والعتبي والقاضي إسماعيل وغيرهم من أهل المشرق والمغرب وعنه ابن مسرة وابن عيشون وأبو محمد الباجي وغيرهم صنف كتاباً على سنن أبي داود كتاب حسن متقن جمع الفقه والحديث ورحلته للشرق كانت سنة 275 هـ مع قاسم بن أصبغ وقصدا الحافظ أبا داود ولما بلغا العراق وجداه، توفي قبل وصولها فلما فاتهما الاجتماع به عمل كل واحد منهما مصنفًا على سننه، توفي صاحب الترجمة سنة 330 هـ[941 م]. 227 - قاضي الجماعة بقرطبة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي علي كثير بن وسلاس المصمودي: كان عالمًا فاضلاً بصيراً بالفقه والأحكام والنوازل عادلاً يقيم الحدود على وجوه الناس وله في ذلك أخبار كثيرة مشهورة في العامة، والخاصة سمع من شيوخ قرطبة ورحل للمشرق وسمع من أعلام مكة ومصر والقيروان منهم أحمد بن زياد ومحمد بن اللباد، وإسحاق بن النعمان توفي وهو يتولى القضاء سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة [950 م]. 228 - قاضي الجماعة بقرطبة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى ثلاثاً: المعروف بأبي عيسى منتهى الرياسة والنباهة في العلم الفقيه الواسع الرواية الأديب الشاعر القوال بالحق القاضي العادل المشاور سمع من ابن عم أبيه عبيد الله بن يحيى ومحمد بن لبابة وأحمد بن خالد وجماعة رحل سنة 313 هـ فحج وسمع من ابن المنذر وابن الأعرابي وابن زياد ومحمد الباهلي وابن اللباد وغيرهم وكانت رحلته مع ابن مسرة وابن حزم وأحمد بن عبادة الرعيني، توفي سنة 339 هـ[950 م]. 229 - أبو محمد قاسم بن أصبغ القرطبي: يعرف بالبياني الإمام الفقيه المحدث المشاور الثبت الأمين العمدة سمع من أخيه وبقي بن مخلد ومحمد الخشني وابن مسرة وعلي بن عبد العزيز وأصبغ بن خليل والقاضي إسماعيل ومحمد بن إسماعيل الترمذي وعبد الله بن أحمد بن حنبل وابن قتيبة وابن الجهم وابن الزنباع روح بن فرج المالكي والمبرد وثعلب وابن وضاح وجماعة من أهل المشرق والمغرب وعنه ابن ذكوان ومنذر بن سعيد وجماعة، كانت رحلته للمشرق مع أبي عبد الله محمد بن أيمن كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في ترجمته، له

مصنفات حسنة منها المخرج على سنن أبي داود واختصاره المسمى بالمجتبى ومنها مسند حديثه وغريب حديث مالك ومسند حديث مالك وكتاب أحكام القرآن وكتاب الناسخ والمنسوخ وغير ذلك. توفي سنة 340هـ[951 م]، وسنه اثنتان وتسعون سنة. 230 - وأخوه المشار إليه اسمه محمد: كان فقيهاً محدثاً راوية سمع من بقي وابن وضاح وأصبغ بن خليل والخشني، حدث عنه أخوه قاسم، مولده سنة 205هـ[918 م]، وتوفي سنة ست وثلاثمائة. 231 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عيشون الطليطلي: الفقيه الإمام الحافظ سمع من ابن خالد وابن أيمن وقاسم بن أصبغ وجماعة وله رحلة للشرق أخذ فيها عن أعلام له مختصر مشهور في الفقه وألف حديث مسند مالك وكتاب الاملاء في مسندات الحديث واختصر المدونة، وكتاب في توجيه حديث الموطأ. توفي سنة 341 هـ[952 م]. 232 - أبو عثمان سعيد بن [مجلون] بن سعيد بن عثمان الأموي: محدث الأندلس أصله من البيرة وسكن بجاية الفقيه العالم الفاضل العمدة الثقة سمع من بقي بن مخلد وابن وضاح وإبراهيم بن قاسم ومطرف بن قيس ويوسف المقامي وهو آخر من روى عنه وجماعة، رحل للمشرق ولقي أبا عبد الله النسائي وأحمد بن ميسر وأخذ عنه الفقه وانفرد برواية كتب ابن حبيب وذكره ابن الفرضي وأثنى عليه وآخر من روى عنه أبو علي يعقوب شيخ أبي عمر بن عبد البر وعنه أخذ ابن أبي زيد وغيره، توفي سنة 346 هـ[957 م]، وهو ابن ثلاث وتسعين سنة وكسر. 233 - أبو الحزم وهب بن مسرة بن مفرج التميمي: البصير بالحديث واللغة الإمام الثقة مع الفضل والورع أخذ عن الأعناقي وابن معاذ وأبي صالح أيوب وعبيد الله بن يحيى ومحمد بن لبابة وأحمد بن خالد وابن أيمن ومحمد بن قاسم

وقاسم بن أصبغ والخشني وجماعة وسمعت منه أصول ابن وضاح وحدث عنه غير واحد منهم أبو محمد القليعي وعبد الرحيم بن العجوز وأبان، توفي منتصف شعبان سنة 346 هـ[957م]. 234 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج القرطبي: المعروف والده بالقبطوري الإمام الفقيه الحافظ المحدث الراوية سمع من قاسم بن أصبغ كثيراً وابن دليم والخشني ورحل للمشرق سنة 337 هـ فسمع بمكة من ابن الأعرابي ولزمه حتى مات والبرقي وأحمد السيرافي وغيرهم شيوخه نحو المائتين والثلاثين شيخًا، روى عنه أبو عمر الطلمنكي وأبو الوليد بن الفرضي وغيرهما وكتب تاريخ مصر عن مؤلفه أبي سعيد يونس روى عنه يونس المذكور وهو من أقرانه ثم عاد إلى الأندلس سنة 345 هـ وصنف كتباً في الحديث والفقه وفقه التابعين منها فقه الحسن البصري في سبع مجلدات وفقه الزهري في أجزاء كثيرة، توفي في رجب سنة 347 هـ[958م]. 235 - أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي: المعروف باللؤلؤي الفقيه الأديب الشاعر الإمام الحافظ المشاور، كان من أهل الحدس الصادف والرأي المصيب، سمع من أبي صالح وأسلم بن عبد العزيز وابن لبابة وجماعة وعنه ابن المكوي وغيره، وتفقه به القاضي محمد بن زرب. مات سنة 350 هـ[961م]. 236 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي دُليم القرطبي: الإمام المشاور العالم بالحديث الضابط لما رواه الفقيه، روى عن أسلم بن عبد العزيز وعمر بن حفص وابن أبي تمام وابن خالد وابن أيمن ومحمد بن قاسم وقاسم بن أصبغ والخشني وجماعة، وعنه جماعة، ألّف كتاب الطبقات فيمن روى عن مالك وأتباعهم من أهل الأمصار. توفي سنة 351 هـ[962م]. 237 - أبو إبراهيم إسحاق بن مسرة التجيبي القرطبي: الإمام الفقيه الحافظ

الطبقة الثامنة

العالم، تفقه بابن لبابة وأسلم بن عبد العزيز وأحمد بن خالد وابن أيمن ومحمد بن قاسم وقاسم بن أصبغ وجماعة، وسمع من عثمان بن يونس ووهب بن عيسى وابن أبي تمام، وعنه ابن أبي زمنين وابن بقي وأبو بكر المعيطي وابن المكوي والقاضي الأصيلي وجماعة. ألّف كتاب النصائح المشهور وكتاب معالم الطهارة والصلاة. توفي سنة 352 هـ[963 م]، وسنه 75 سنة. 238 - قاضي الجماعة بقرطبة منذر بن سعيد البلوطي: الإمام المحدث الفقيه العالم العامل القاضي العادل الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، كان حاضر الجواب قوي الحجة سمع من عبيد الله بن يحيى بن يحيى ونظرائه، رحل حاجّاً سنة 308 هـ فاجتمع بأعلام وظهرت فضائله، وكان متفنناً في ضروب العلم وغلب عليه التفقه بمذهب داود الظاهري والأخذ به فإذا جلس للخصومة قضى بمذهب مالك وأصحابه، وكانت مدة ولايته القضاء ستة عشر عاماً لم يحفظ عليه جور في قضية ولا قسم بغير سوية. له تآليف بارعة مفيدة، منها أحكام القرآن والناسخ والمنسوخ. مولده سنة 265 هـ وتوفي في ذي القعدة سنة 355 هـ[965 م] وهو يتولى القضاء وعمره تسعون سنة أفردت ترجمته بالتأليف. الطبقة الثامنة فرع العراق 239 - أبو محمد عبد الملك بن مروان: قاضي المدينة ابن عبد العزيز المدني ويعرف بالمرواني وبالمالكي الفقيه العالم الفاضل الثقة العمدة الكامل أخذ عن جماعة، وعنه أبو الحسن بن معاوية والأصيلي وابن السليم وأبو عبد الله بن مفرج وابن عون الله والقاضي عبد الوهاب ألّف كتاب الأشربة وتحريم المسكر، وهو كتاب الرد على أبي جعفر الإسكافي لم يذكر وفاته وكان بالحياة بعد سنة 363 هـ[973 م]. 240 - أبو جعفر محمد بن عبد الله الأبهري: ويعرف بالأبهري الصغير

وبابن الخصاص الإمام العالم بالفقه وأصوله المتفنن العمدة تفقه بأبي بكر الأبهري الآتي ذكره، وسمع من ابن زيد المروزي، روى عنه جماعة منهم الأصيلي، له كتاب كبير في مسائل الخلاف، وكتاب تعليق المختصر الكبير، وكتاب في الرد على ابن علية فيما أنكره على مالك. توفي في حياة شيخه أبي بكر الأبهري سنة 365 هـ[975 م]. 244 - أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي البصري البغدادي: القاضي السدوسي من بيوت العلم بها وذوي الأقدار الثقة الأمين الفاضل الفقيه الكثير السماع العالم الكامل، سمع من بشر بن موسى وأبي أحمد بن عبدوس ومحمد بن هارون وأبي بكر الفرياني وجعفر بن يحيى العطار وأبي إسحاق الزجاج وأبي بكر محمد بن سليمان السروري والقاضي أبي عمر الحمادي وجماعة، سمع منه أبو الحسن الدارقطني وعبد الغني بن سعيد وانتخبا له جزءًا من حديثه وأبو الحسن الجوهري وغيرهم، له كتاب في الفقه أجاب فيه عن مسائل مختصر المزني طى قول مالك واختصر تصير الجياني وتفسير البلخي تولى قضاء بغداد ثم مصر، مولده سنة 279هـ وتوفي سنة 367 ص [977 م]. 242 - أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري: الفقيه المقرئ الصالح الحافظ النظار القيم برأي مالك إليه انتهت الرئاسة ببغداد، تفقه على القاضي أبي عمر وابنه أبي الحسن، وأخذ عن أبي الفرج وابن المنتاب وابن بكير، وسمع من أبي بكر بن الجهم وابن داسة وأبي زيد المروزي وأبي عروبة الحرالي وابن أبي داود والبغوي حدث عنه جماعة منهم إبراهيم بن مخلد وابنه إسحاق وأبو القاسم الوهراني والقاضي التنوخي والدارقطني وأبو بكر الباقلاني والقاضي عبد الوهاب، وخرج عنه جماعة من الأئمة كأبي جعفر الأبهري وابن الجلاب والقاضي ابن القصار وابن تمام والأصيلي وابن خويز منداد والجيزي وأبي عمر بن سعدي نزيل المهدية دفين المنستير وكثير وله الفقه الجيد وعلو الإسناد والتصانيف المهمة. منها شرح المختصر الكبير والصغير لابن عبد الحكم وكتاب الأصول وكتاب إجماع أهل المدينة وكتاب

الأمالي وغير ذلك، مناقبه جمة خصها بعضهم بالتأليف. حكى الأبي في شرح مسلم عند ذكره أن الإدخار لا ينافي التوكل أن أبا بكر المذكور أخرج في آخر حياته ثلاثة آلاف مثقال وفرقها على تلامذته وكانوا جماعة وافرة وآثر ابن الباقلاني فأعطاه منها مائة مثقال. فقيل له لماذا ادخرتها لهذا اليوم؟ فقال: عهدي بأبي بكر الصيرفي، وقد طلب لقضاء بغداد فامتنع من ذلك فلما كثرت بناته رأيته يكتب الرقاع يستعطي أصحابه فادخرتها خوفًا من الوقوع في مثل ذلك، أما اليوم فلا حاجة لي بها. توفي في شوال سنة 395 هـ وسنه نيف وثمانون أو نحوها مولده قبل التسعين ومائتين اهـ ديباج، وعليه فالوفاة تكون سنة 375 هـ[985 م] أو نحوها. 243 - أبو القاسم عبيد الله بن الحسن بن الجلاب: من أهل العراق الإمام الفقيه الأصولي العالم الحافظ، تفقه بالأبهري وغيره، وكان من أحفظ أصحابه وأنبلهم وتفقه به القاضي عبد الوهاب وغيره من الأئمة، له كتاب في مسائل الخلاف وكتاب التفريع في المذهب مشهود معتمد. توفي منصرفه من الحج سنة 378 هـ[988 م]. 244 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مجاهد الطائي البغدادي: الإمام الفقيه الأصولي العالم النظار المتكلم صاحب أبي الحسن الأشعري أخذ عن القاضي التُّستري وعليه درس القاضي أبو بكر الباقلاني الكلام وحدث هو عنه وأبو بكر بن عزرة وأبو بكر بن عودة وغيرهم، سمع البخاري من أبي زيد المروزي واستجاز الشيخ أبا محمد بن أبي زيد المختصر والنوادر برسالة مؤرخة سنة 368 هـ له كتب حسان في الأصول، منها كتاب أصول الفقه على مذهب مالك ورسالته المشهورة في الاعتقادات على مذهب أهل السنة وكتاب هداية المستبصر وعدة المستنصر ورسالته هاته رواها عنه ابن عزرة المالكي ورواها أبو علي الغساني عن أبي مروان عبد الملك بن زيادة الله التميمي الطبني عن أبي عبد الله محمد بن هبة الله الضرير قراءة عليه بالقصر الكبير بالمنستير عن أبي بكر المذكور عن مؤلفه لم أقف على وفاته. 243 - أبو العباس وليد بن أبي بكر بن مخلد بن زياد العمري: الإمام

الراوية الحافظ له رحلة لقي فيها ألف شيخ بين فقيه ومحدث منهم أبو بكر الأبهري وحدث عنه، روى عنه أبو ذر الهروي وعبد الغني الحافظ وكفاه فخراً بهذين الإمامين. ألف كتاب الوجازة في صحة القول بالإجازة. توفي بالدينور سنة 392 هـ[1001م]. 246 - قاضي بغداد أبو الحسن علي بن أحمد البغدادي: المعروف بابن القصار الأبهري الشيرازي الإمام الفقيه الأصولي الحافظ النظار. تفقه بأبي بكر الأبهري وغيره وبه تفقه أبو ذر الهروي والقاضي عبد الوهاب ومحمد بن عمروس وجماعة. له كتاب في مسائل الخلاف لا يعرف للمالكيين كتاب في الخلاف أكبر منه. قال بعضهم نقلاً عن معالم الإيمان: يقال لولا الشيخان أبو محمد بن أبي زيد وأبو بكر الأبهري والمحمدان محمد بن سحنون ومحمد بن المواز والقاضيان أبو الحسن القصار هذا وأبو محمد عبد الوهاب المالكي لذهب المذهب المالكي. توفي صاحب الترجمة سنة 398 هـ[1007م]. 247 - القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني: شيخ السنة ولسان الأمة إمام الأئمة وكاشف كل مدلهمة المتكلم على مذهب أهل السنة وأهل الحديث وطريقة الأشعري، انتهت إليه رئاسة المالكيين بالعراق. أخذ عن ابن مجاهد وأبي بكر الأبهري وابن أبي زيد وجماعة، وعنه أئمة منهم أبو ذر الهروي وأبو عمران الفاسي والقاضي أبو محمد بن نصر، قيل لأبي ذر من أين تمذهبت بمذهب مالك ورأي الأشعري مع أنك هروي؟ فقال: قدمت بغداد وكنت ماشياً مع الدارقطني فلقينا أبو بكر بن الطيب فلزمه الدارقطني بعد ما قبّل وجهه وعينه، فلما افترقا قلت مَن هذا؟ قال: هذا إمام المسلمين والذاب عن الدين القاضي أبو بكر، فمن ذلك الوقت ترددت عليه وتمذهبت بمذهبه. صنف التصانيف الكثيرة الشهيرة في علم الكلام وغيره منها كتاب الإبانة وشرح اللمع والإمامة الكبيرة والإمامة الصغيرة وأمالي إجماع أهل المدينة والمقدمات في أصول الديانات والتعريف والإرشاد في أصول الفقه والانتصار للقرآن ومدار البحث فيه على إثبات إعجاز القرآن والمقنع في

فرع مصر

أصول الفقه وحقائق الكلام ومناقب الأئمة كتاب حافل. مناقبه كثيرة وترجمته شهيرة. توفي في ذي القعدة سنة 403 هـ. 248 - أبو العباس أحمد بن عبد الوهاب بن حسين بن يوسف بن يعقوب الحمادي: الفقيه الإِمام العمدة الهمام. سمع من عمه القاضي أبي الحسن عبد الصمد بن الحسين من شيوخ أبيه ومن أبي الحسن علي بن إبراهيم بن حماد وابن داسة وغيرهم، وعنه أبو عمران بن سعيد وأبو عمر الطلمنكي وأبو عمر بن عبد الله الباجي وابنه عبد الله. ألف كتاب اللقطة وكتاب الحجة في القبلة وكتاب الرد على الشافعي، وحدث بتصانيف أبي بكر بن الطيب، لم يذكر وفاته. فرع مصر من هنا انقطع وسيأخذ في الرجوع في الطبقة الحادية عشر 249 - أبو بكر النعالي هو محمَّد بن سليمان النعالي المصري: الإِمام الفقيه العالم الزاهد إليه الرحلة من الآفاق، أخذ عن ابن شعبان وبكر بن العلاء القشيري ومحمد بن زيان وغيرهم، وعنه أبو بكر بن عبد الرحمن القيرواني وعبد الغني بن سعيد الحافظ وأبو بكر بن عقال الصقلي وابن الحذاء وجماعة. توفي سنة 380 هـ[990 م]، وفي حسن المحاضرة: كانت حلقته في الجامع تدور على سبعة عشر عموداً من كثرة من يحضرها. 250 - أبو القاسم إسماعيل بن إسحاق بن إبراهيم القيسي المصري القرطبي: نسبة إلى قيس بن غيلان ويعرف بابن الطحان الفقيه العالم بالآثار والسنن الحافظ للحديث ورجاله وأخبارهم، سمع من قاسم بن أصبغ وابن دليم، وله في المدونة اختصار معروف، مولده سنة 305 هـ وتوفي سنة 384 هـ[994 م]. 251 - أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي الجوهري: الإِمام

فرع إفريقية

الفقيه العالم المحدث الثقة الفاضل، سمع من ابن شعبان والحسن بن رشيق وأبي علي المطرزي وغيرهم، وعنه ابنه وأبو بكر بن عبد الرحمن القيرواني وأبو الحسن بن مسرور وأبو بكر بن عقال وابن الحذاء وغيرهم. ألّف كتاب مسند الموطأ وكتاب مسند ما ليس في الموطأ. توفي في رمضان سنة 385 هـ أو 381 هـ[995 م] أو [991م]. فرع إفريقية 232 - أبو عبد الله محمَّد بن نظيف البزاز الإفريقي: كان من العلماء الراسخين والفقهاء البارعين والأئمة المعدودين والعباد النساك المشهورين، وكان ابن أبي زيد يقول: لو كان ابن أبي نظيف بالقيروان لم يسعني أن أجلس هذا المجلس لفهمه وحفظه وفقهه وورعه. ولما اشتهرت إمامته بإفريقية هرب من الرئاسة فيها للشرق، وكان ذا هيبة وجلالة لم تكن لأحد غيره وكان من أعلى طبقة أصحاب ابن اللباد وأقام بمصر في مذاكرة العلماءكأبي إسحاق الشيباني وأبي إسحاق بن شعبان والنعالي وبها توفي سنة 355 هـ[965 م]. 233 - أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد السِّبَائِي: الإِمام المشهور بالعلم والصلاح، الكثير الكرامات المجاب الدعوة، كان لا تأخذه في الله لومة لائم، سمع من أبي جعفر بن نصر وأبي جعفر القصري وهو عمدته وأبي بشر مطر بن بشار التونسي كان القابسي وابن أبي زيد وغيرهما يعظمونه ويرجعون إليه. توفي في رجب سنة 356 هـ[966م] وهو وابن خمس وثمانين سنة وبينه وبين الإِمام سحنون قبر، له ترجمة عالية وفضائل جمة. 234 - أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الزبيري: المعروف بالقلانسي الفقيه العالم بالكلام الإِمام الكامل والرجل الصالح الفاضل، سمع من حماس والمقامي وغيرهما، روى عنه أبو إبراهيم بن سعيد وأبو جعفر الداودي وجماعة. له تآليف حسنة منها كتاب في الإمامة والرد على الرافضة. توفي سنة 359 هـ[969م].

255 - أبو الحسن علي بن محمَّد بن مسرور العبدي الدباغ: الإِمام الفقيه الفاضل العالم العامل سمع من أحمد بن سليمان وجبلة وجماعة، وعنه أبو الحسن القابسي وعليه اعتماده، توفي بقصر أبي الجعد وهو أحد قصور المنستير في رمضان سنة 359 هـ[969 م]. 256 - أبو عبد الله محمَّد بن حارث بن أسد الخشني القيرواني ثم الأندلسي: الفقيه الحافظ الإِمام العالم المتفنن المشاور المؤرخ. تفقه بأحمد بن نصر وأحمد بن زياد وأحمد بن يوسف وابن اللباد وأبي الفضل المميس وسمع من جماعة منهم ابن أيمن وقاسم بن أصبغ وابن لبابة، تفقه به جماعة منهم عبد الرحمن التجيبي المعروف بابن حويبل، له تآليف حسنة مفيدة، منها كتاب الاتفاق والاختلاف في مذهب مالك وكتاب رأي مالك الذي خالفه فيه أصحابه وكتاب الرواة عن مالك وكتاب طبقات فقهاء المالكية وكتاب طبقات علماء إفريقية وكتاب مناقب سحنون وتاريخ وكتاب التعريف والمولد وكتاب الاقتباس وكتاب القضاة بقرطبة، يقال إن له مائة ديوان، رحل وعمره اثنا عشر عاماً من القيروان لقرطبة سنة 310 هـ واستوطنها وبها توفي سنة 361 هـ[971 م]. 257 - أبو القاسم بن زياد بن يونس اليحصبي: الثقة الإِمام العالم العارف بالرجال، سمع من موسى القطان وأبي الغصن السوسي ومحمد بن عياد، وحدث بالإجازة عن يحيى بن مسكين وسمع بمصر من أحمد بن مروان وغيره، أخذ عنه عالم كثير منهم القابسي. توفي سنة 361 هـ[971 م]. 258 - أبو بكر هبة الله بن محمَّد بن أبي عقبة التميمي: الفقيه العابد الثقة الإِمام العالم العامل صاحب الفضائل الجمة. أخذ عن جبلة وغيره وعنه أخذ الناس المدونة والموطأ والمختلطة.

259 - منهم أبو سعيد البرادعي: وكانت له كرامات بينه وبين أبي الفضل الغدامسي العالم الصالح المجاب الدعوة مكاتبات تدل على فضل وصلاح، وأبو الفضل هذا ضريحه متبرك به حتى الآن بجزيرة على شاطئ بحر المنستير كان لا يأكل شهوة دون أهل قصر المنستير. توفي أبو بكر المذكور سنة 366 ص [976م]. 260 - أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن علي بن أسلم البكري الجبنياني: سلفه من أهل الخطط النبيهة أحد أئمة المسلمين والعلماء العاملين والأولياء الصالحين، مجمع على فضله وورعه، أخذ عن عيسى بن مسكين بالإجازة وكتب عن ابن اللباد وسمع منه وانتفع به، وأخذ عن أبي محمَّد بن سهلول الفقيه الزاهد صاحب محمَّد بن عبدوس وصحبه كثير من أهل العلم والفضل والصلاح، كان ابن أبي زيد يعظم شأنه والقابسي أيضاً ويقول: الجبنياني إمام يقتدى به، ألّف في أخباره تلميذه أبو القاسم اللبيدي وأبو بكر المالكي وابن شرف. توفي في المحرم سنة 369 هـ[979 م] وقبره بجبنيانة معروف متبرك به. 261 - أبو العباس تميم بن أبي العرب: الفقيه الإمام العالم المتفنن، أخذ عن أبيه ولقي عيسى بن مسكين وجبلة وموسى بن عبد الرحمن وسمع من حماس كتاب أنس بن عياض ولقي محمَّد بن عمر أخا يحيى بن عمر وأخذ عنه الدمياطية والبرقية، وعنه أخذ أبو محمَّد الأجدابي والوليد بن محمَّد وأبو القاسم الوهراني، توفي سنة 371 هـ[981 م]. 262 - أبو الأزهر عبد الوارث بن حسن بن معتب الأزهري: أحد أئمة الدين والعلماء الراسخين، له معرفة بأصول الفقه والقضاء والنوازل، وكان ابن أبي زيد يقول: لا يوجد بإفريقية أفقه منه. أخذ عن ابن اللباد وأكثر عنه وعن غيره. توفي سنة 371 هـ[981 م] وسنه 98 سنة.

263 - أبو محمَّد عبد الله بن إسحاق: المعروف بابن التبان إمام الفقهاء الراسخين والعلماء المبرزين المتفنن في العلوم الحافظ المجاب الدعوة، ضربت له أكباد الإبل من الأقطار. أخذ عن ابن اللباد وغيره، درس المدونة نحو الألف مرة سمع منه أبو القاسم المنستيري ومحمد بن إدريس بن الناظور، وابن الخراط، واللبيدي وجماعة، كان من أحفظ الناس بالقرآن متفنناً في علومه وعلم الكلام مع فصاحة اللسان وكان يذب على الشريعة ومن أشد الناس عداوة لبني عبيد، وكان يقول: خذ النحو ودع وخذ الشعر وأقلل وخذ من العلم وأكثر فما أكثر أحد من النحو إلا وحمقه ومن الشعر إلا وأرذله ومن العلم إلا وشرفه، ألّف كتاباً في النوازل، مولده سنة 311 هـ وتوفي في جمادى الآخرة سنة 371 هـ عالي الترجمة جم الفضائل. 264 - أبو سعيد خلف بن عمر المعروف بابن أخي هشام: الإِمام الحافظ، أوحد علماء عصره وأعلمهم بمذهب مالك، قرأ على أحمد بن نصر وبه تفقه وابن اللباد تفقه به أكثر القرويين منهم ابن شبلون، فضائله جمة، مولده سنة 297 هـ وتوفي سنة 373 هـ[983 م]، ورثاه جماعة. 265 - أبو محمَّد عبد الله بن أبي زيد عبد الرحمن النفزي القيرواني: الفقيه النظار الحافظ الحجة إمام المالكية في وقته، كان واسع العلم كثير الحفظ والرواية، كتبه تشهد له بذلك، فصيح القلم يقول الشعر ويجيده مع صلاح وورع وعفة، إليه انتهت رئاسة الدين والدنيا وإليه الرحلة من الآفاق، وهو الذي لخص المذهب ولمَّ نشره وذبّ عنه. تفقه بفقهاء بلده وعوّل عن ابن اللباد وأبي الفضل المميسي، وأخذ عن محمَّد بن مسرور العسال وعبد الله بن مسرور ودراس وأبي العرب والقطان والأبياني وزياد بن موسى وسعدون الخولاني وأحمد بن سعيد وحبيب مولى بن أبي سليمان وجماعة ورحل فحج وسمع من ابن الأعرابي وإبراهيم بن محمَّد بن منذر وأبي علي بن أبي هلال وأحمد بن إبراهيم بن حماد القاضي والحسن بن نصر السوسي وعثمان بن سعيد الغرابلي، واستجاز ابن شعبان والأبهري والمروزي وسمع من خلق كثير وتفقه عنه جماعة جلة منهم أبو بكر بن

عبد الرحمن وأبو سعيد البرادعي واللبيدي وابن الأجدابي وأبو عبد الله الخواص وأبو محمَّد مكي بن موهب المقبري وابن عابد وأبو عبد الله الحذاء وأبو مروان والقنازعي وأبو عبد الرحمن بن العجوز وأبو محمَّد بن غالب ومَن لا يعد كثرة، واستجازه جماعة منهم ابن مجاهد البغدادي، له تآليف: منها كتاب النوادر والزيادات على المدونة مشهور أزيد من مائة جزء، ومختصر المدونة مشهور، وعلى كتابيه هذين المعول في المذهب، وكتاب تهذيب العتبية، وكتاب الاقتداء بأهل المدينة، وكتاب الذب على مذهب مالك وكتاب الرسالة مشهور وسأله تأليفها الشيخ محرز بن خلف الآتية ترجمته آخر الخاتمة. ألفها وسنه سبعة عشر عاماً وهي أول تآليفه ووقع التنافس في اقتنائها حتى كتبت بالذهب وكتاب التنبيه على القول في أولاد المرتدين ورسالة الحبس على أولاد الأعيان، وكتاب تفسير أوقات الصلوات، وكتاب الثقة بالله والتوكل عليه، وكتاب المعرفة واليقين وكتاب المضمون من الرزق وكتاب المناسك ورسالة فيمن تأخذه على تلاوة القرآن والذكر حركة، ورسالة في الرد على القدرية، ورسالة في أصول التوحيد وغير ذلك مما هو كثير وكل تآليفه مفيدة بديعة عزيزة ترجمته عالية وشهرته تغني عن التعريف به. توفي سنة 386 هـ[996 م] وسنه 76 ودفن بداره بالقيروان وقبره معروف متبرك به، ورثاه جماعة منهم أبو زكرياء يحيى بن علي الشقراسطي. 266 - أبو القاسم عبد الخالق بن خلف بن سعيد بن شبلون القيرواني: العالم الجليل الإِمام الفقيه الفاضل، تفقه بابن أخي هشام وسمع من ابن مسرور الحجاج وكان الاعتماد عليه بالقيروان في الفتوى بعد ابن أبي زيد. ألف كتاب المقصد أربعين جزءاً وكان يفتي في اللازمة بطلقة واحدة. توفي سنة 391 هـ[1000م]. 267 - مسرة بن مسلم بن ربيع الحضرمي القيرواني: كان من أهل العلم والعبادة والزهد والفقه ومن أصحاب أبي إسحاق الجبنياني، رحل إليه الناس من الأقطار، سمع من محمَّد بن عمر أخي يحيى بن عمر، ورحل فسمع من النسائي وابن الجارود وابن الأعرابي وأبي القاسم البغوي وغيرهم، وعنه اللبيدي وغيره. توفي سنة 393 هـ[1002م].

268 - أبو الحسن علي بن محمَّد بن خلف المعافري: المعروف بأبي الحسن القابسي الفقيه النظار الأصولي المتكلم الإِمام في علم الحديث وفنونه وأسانيده، كان عليه الاعتماد، مؤلفاً مجيداً ثقة صالحاً وكان أعمى لا يرى شيئاً وهو مع ذلك من أصح الناس كتباً وأجودهم ضبطاً وتقييداً يضبط كتبه بين يديه ثقات أصحابه والذي ضبط له البخاري سماعه من أبي زيد المروزي بمكة أبو محمَّد الأصيلي، سمع من رجال إفريقية كالأبياني وأبي الحسن بن مسرور الحجام وأبي عبد الله بن مسرور درّاس بن إسماعيل، ورحل سنة 352 هـ فحج وسمع من حمزة بن محمَّد الكناني الحافظ والقاضي التستري وأبي زيد المروزي وأبي أحمد محمَّد بن أحمد الجرجاني، روى عنهما البخاري وهما عن الإِمام الفربري عن البخاري وهو أول مَن أدخل رواية البخاري إفريقية وسنده وسند أبي ذر الهروي وسند مَن أخذ عنهما مذكور في أوائل فتح الباري على البخاري انظره إن شئت. وروى سنن النسائي عن حمزة بن محمَّد المذكور عن مؤلفها، تفقه عليه أبو عمران الفاسي وأبو عمرو الداني وأبو بكر بن عبد الرحمن وأبو عبد الله المالكي وأبو علي حسن بن خلدون وعتيق السوسي وأبو حفص العطار وابن الأجدابي وابن محرز وحاتم الطرابلسي وخلق، وسمع منه ابن أبي صفرة وغيره، وله تآليف بديعة منها كتاب الممهد في الفقه وأحكام الديانة والمنقذ من شبهة التأويل والمنبه للفطن من غوائل الفتن والرسالة المعظمة لأحوال المتقين وكتاب المعلمين وكتاب الاعتقادات ومنسك وكتاب الذكر والدعاء وكشف المقالة في التوحيد والملخص في الموطأ كتاب جليل وكتاب في رتبة العلم وفضله وأحوال أهله وكتاب أجمية الحصون والناصرية في الرد على البكرية وكتاب حسن الظن بالله وكتاب في تزكية الشهود وتجريحها ورسالة في الورع، مولده سنة 324 هـ وتوفي بالقيروان سنة 403 هـ[1012م] ودفن بباب تونس ورثاه الشعراء بنحو مائة مرثية، ترجمته خصت بالتأليف. 269 - أبو عبد الله مكي بن عبد الرحمن المنستيري القرشي: الإِمام الفاضل من فقهاء إفريقية وعلمائها ومن أصحاب أبي الحسن القابسي وكان كاتبه ومختصاً به، لم أقف على وفاته.

من أهل صقلية

270 - أبو عبد الله الحسين بن أبي العباس بن عبد الرحمن الأجدابي: من فقهاء القيروان ومن أصحاب أبي محمَّد بن أبي زيد وأبي الحسن القابسي، كان فقيهاً عالماً واسع الرواية، سمع أبا بكر هبة الله بن أبي عقبة وتميم بن أبي العرب ورحل ولقي أعلاماً بمصر والحجاز وأخذ عنهم، سمع منه أبو محمَّد عبد الحق وابن سعدون وأبو محمَّد بن سبعين. ألف في مناقب ربيع القطان والسبّاي والمميسي وابن نصر. وأخوه أبو محمَّد مشهور بالعلم. لم أقف على وفاتهما. من أهل صقلية 271 - أبو القاسم عبد الرحمن البكري الصقلي: الشيخ العارف المحقق شيخ الطريقة وإمام الحقيقة جمع الحديث والفقه وأصوله. سمع من أبي الحسن بن مسرور الدباغ وأبي العرب والسبائي والسبأي. له تآليف بديعة في التصوف وفي صفة أولياء الله تعالى وكراماتهم. توفي قبل أبي محمَّد بن أبي زيد. 272 - القاضي أبو الحسن أحمد بن عبد الرحمن: المعروف بابن الحصائري الصقلي العالم الفقيه الفاضل الراوية مع الورع والدين المتين سمع أبا محمَّد بن أبي زيد وأبا الحسن بن فكرون وأبا عبد الله محمَّد بن أحمد بن يزيد القروي. أخذ عنه الناس وتفقهوا به. سمع منه عتيق السمنطاري وأبو بكر محمَّد بن يونس وعتيق بن عبد الحميد بن الفرضي وغيرهم. لم أقف على وفاته. 273 - أبو بكر بن عباس: فقيه صقلية وعالمها ومدرسها، أخذ عن ابن أبي زيد وغيره وعنه أبو بكر محمَّد بن يونس الصقلي. لم أقف على وفاته. فرع الأندلس 274 - أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد الأندلسي: الفقيه الإِمام العالم الفاضل العمدة الكامل، أخذ عن والده عن جده عن يحيى بن يحيى، وعنه أخذ أعلام، توفي سنة 366 هـ[976 م].

275 - أبو عبد الله محمَّد بن بطال بن مهدي التميمي: الفقيه الإِمام الراوية المحدث، رحل للمشرق وأخذ عن أعلام منهم ابن الأعرابي وعبد الملك بن جلاب وأبو القاسم بن اللباد وابن أبي أصبغ، وروى كتاب ابن المواز بالإسكندرية عن ابن أبي مطر. توفي سنة 366 هـ[976 م]. 276 - قاضي الجماعة بقرطبة أبو بكر محمَّد بن إسحاق بن منذر بن السليم الأندلسي: الأديب الفقيه الحافظ الفاضل الزاهد العالم العامل. سمع من أحمد بن خالد وابن أيمن وقاسم بن أصبغ وجماعة. رحل فسمع من ابن الأعرابي والزبيدي وابن أبي مطر؛ وعنه أخذ القاضي الأصيلي وغيره. ألّف كتاب التوصل لما ليس في الموطأ وكتاباً في الحديث. مولده سنة 302 هـ وتولى القضاء سنة 356 هـ وتوفي سنة 367 هـ. ترجمته عالية وفضائله جمة [977 م]. 277 - القاضي أبو بكر محمَّد بن عمر بن عبد العزيز: يعرف بابن القوطية القرطبي كان إماماً جليلاً عالماً باللغة والعربية حافظاً للفقه والحديث والخبر والنوادر والشعر جيد الشعر إماماً من أئمة الدين. سمع من محمَّد بن مغيث والقاضي أسلم وابن أيمن وقاسم بن أصبغ ونظرائهم، طال عمره حتى سمع منه طبقة بعد طبقة من الشيوخ والكهول منهم ابن الفرضي. توفي سنة 367 هـ[977 م] ألّف كتباً مفيدة في اللغة ويقال إنه أول من فتح باب تصريف الأفعال. 278 - أبو عيسى يحيى بن عبد الله بن يحيى بن يحيى بن يحيى ثلاثاً ابن كثير الليثي: العالم الجليل القدر النبيه البيت العالي الدرجة في الحديث. ولي القضاء بأماكن كثيرة بالأندلس، روى عن أبي الحسن النحاس وسمع الموطأ من أبيه ومن ابن عم أبيه عبيد الله بن يحيى وأسلم بن عبد العزيز وأحمد بن خالد، كانت الرحلة إليه للسماع، حدث عنه القاضي يونس، مولده سنة 287هـ وتوفي سنة 367 هـ[977 م].

279 - أبو بكر محمَّد بن عبيد الله بن الوليد القرشي المعيطي: الإِمام الفقيه العالم المتفنن المحقق المشاور الزاهد. سمع من وهب بن مسرة وابن الأحمر وغيرهما وهو الذي أكمل كتاب الاستيعاب مع أبي عمر أحمد بن المكوي الإشبيلي الآتي ذكره لأمير المؤمنين الحكم، وهذا الكتاب كان ابتدأه بعض أصحاب القاضي إسماعيل وجعله ديواناً جامعاً لقول مالك خاصة لا يشاركه فيه قول أحد من أصحابه في اختلاف الروايات عنه وكتب المؤلف منه خمسة أجزاء وعاجلته المنية على إتمامه فلما وقف عليه الحكم حرض على إكماله وذاكر في شأنه قاضيه ابن السليم وسأله هل ثم من يكمله فأشار عليه بالمعيطي والإشبيلي المذكورين على شرط أن يفتح لهما خزائن الكتب للبحث عن أقوال مالك من رواية المدنيين والشاميين والعراقيين والمصريين وأهل إفريقية والأندلس وغيرهم، ففتح لهما الخزائن وتصديا لذلك وأخرجا كتب الأسمعة وغيرها وتمماه في مائة جزء ورفعاه للحكم، فلما وقف عليه سرّ به وأمر لهما بجائزة عظيمة وقدمهما للشورى. توفي صاحب الترجمة سنة 367 هـ[977 م]. 280 - أبو محمَّد عبد الله بن ذكوان: الفقيه العالم الفاضل سمع من قاسم بن أصبغ وغيره ومنه سمع ابناه القاضي أحمد وأبو حاتم محمَّد، توفي سنة 370 هـ[980 م]. 281 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن عبد الله بن أبي دليم القرطبي: كان إماماً من أهل العلم الواسع والفضل البارع، شارك أخاه أبا محمَّد المتقدم الذكر في شيوخه. مولده سنة 288هـ وتوفي سنة 372 هـ[982م]. 282 - أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد: المعروف بابن الباجي الفقيه المحدث العالم الفاضل. سمع من ابن لبابة وأسلم بن عبد العزيز وأحمد بن خالد وابن أيمن وقاسم بن أصبغ وجماعة، حدّث نحواً من خمسين سنة، وسمع منه الشيوخ منهم ابنه أحمد وحفيده محمَّد ابن ابنه أحمد المذكور وابن الفرضي والأصيلي. مولده سنة 291 هـ وتوفي سنة 373 هـ[988م].

283 - القاضي أبو بكر محمَّد بن الحسن بن عبد الله بن مذحج بالحاء بعدها جيم الزبيدي القرطبي: الفقيه المحدث العالم المتفنن الأديب الشاعر. تفقه باللؤلؤي وابن القوطية وسمع من قاسم بن أصبغ وأبي علي القالي البغدادي وأكثر عنه ولازمه وسعيد بن مجلون وأحمد بن سعيد، كان ابن زرب يجله ويزوره، أخذ عنه ابنه والقاضي ابن أبي مسلم وابن الحذاء وقال: لم ترَ عيني مثله، وكان أوحد عصره في علم اللغة والنحو وألّف في ذلك وغيره كتاب الواضح وكتاب لحن العامة وكتاب مختصر العين وكتاب الأقضية وكتاب طبقات اللغويين والنحاة وكتاب الاستدراك على سيبويه استدرك فيه أشياء فاتته، توفي بإشبيلية وهو قاضيها سنة 379 هـ[989 م]. 284 - أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن عبد البر: كان فاضلاً من أهل العلم ومن فقهاء قرطبة، سمع من أحمد بن مطرف وأحمد بن حزم وأحمد بن خليل وغيرهم، وكان من أهل الأدب البارع والبلاغة، وله شعر جيد. مولده سنة 330 هـ وتوفي سنة 380 هـ[990 م] لم يسمع منه ابنه أبو عمر لصغره. 285 - أبو بكر محمَّد بن بقي بن زرب القرطبي: قاضي الجماعة بها الإِمام الفقيه الحافظ المشاور، سمع من قاسم بن أصبغ ومن في طبقته ومحمد بن دليم وتفقه عند اللؤلؤي وأبي إبراهيم بن مسرة، وبه تفقه جماعة منهم ابن الحذاء وابن مغيث وأبو بكر عبد الرحمن بن حويبل، ألّف كتاب الخصال في الفقه مشهور على مذهب مالك عارض به كتاب الخصال لابن كابس الحنفي وهو في غاية الإتقان. مولده سنة 317 هـ وتولى القضاء سنة 367 هـ وتوفي وهو يتولاه في رمضان سنة 381 هـ[991 م].

286 - أبو جعفر أحمد بن عون الله القرطبي: الإِمام الفقيه الرحلة الراوية المحدث الشيخ الصالح سمع من قاسم بن أصبغ ومحمد بن دليم وغيرهما رحل للمشرق وأخذ عن أعلام منهم ابن الأعرابي وابن فراس وبكر بن العلاء القشيري وابن السكن وعنه أخذ الكثير، مولده سنة 300 هـ وتوفي سنة 388 هـ[998 م]. 287 - القاضي أبو محمَّد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي: الإِمام العالم المتفنن العارف بالحديث والسنة النبوية الفاضل رئيس علماء الأندلس تفقه باللؤلؤي وأبي إبراهيم بن مسرة وسمع من ابن المشاط والقاضي ابن السليم وابن مجلون، رحل للمشرق مع أبي ميمونة دراس وأبي الحسن القابسي ولقي شيوخ إفريقية ومصر والحجاز والعراق كالأبياني وأبي علي بن مسرور وابن أبي زيد وابن شعبان وأبي طاهر البغدادي القاضي وحجّ سنة 353 هـ ولقي أبا زيد المروزي وسمع منه البخاري عن الفربري عن مؤلفه وسمع من أبي أحمد الجرجاني وأبي القاسم حمزة بن محمَّد الحافظ تلميذ النسائي وأبي محمَّد الحسن بن رشيق وأبي بكر الأبهرىِ وأخذ عنه وحدّث عن الدارقطني والدارقطني حدّث عنه وسمع قاضي المدينة عبد الملك المالكي أقام بالشرق نحو ثلاثة عشر عاماً ورجع للأندلس وأخذ عنه جلة منهم عبد الرحيم بن العجوز وابن الحذاء ولازمه وابن أبي صفرة، ألّف كتاب الدلائل إلى أمهات المسائل شرح به الموطأ ذاكراً فيه خلاف مالك وأبي حنيفة والشافعي، توفي في ذي الحجة سنة 392 هـ[1001م]. 288 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله بن أبي زمنين المري القرطبي: الفقيه الحافظ إمام المحدثين وقدوة العلماء الراسخين، كان من أجل أهل زمانه قدراً في العلم والرواية والحفظ مع التفنن في العلوم والزهد والاستنان بسنة الصالحين، تفقه بأبي إبراهيم بن مسرة، وسمع منه ومن وهب بن مسرة وأحمد بن مطرف وأبان بن عيسى وسعيد بن مجلون وغيرهم. وعنه يحيى بن محمَّد المقامي المعروف بالقليعي

وأبو عمر بن الحذاء والقاضي يوسف وأبو عبد الله بن الحصار وجماعة، له تآليف مفيدة منها تفسير القرآن العظيم والمغرب في اختصار المدونة وشرح مشكلها ليس في مختصراتها مثله باتفاق، والمنتخب في الأحكام الذي ظهرت بركته وطار شرقاً وغرباً ذكره وكتاب المهذب واختصار شرح ابن المزين للموطأ وكتاب أصول الوثائق وكتاب إحياء القلوب في الزهد والرقائق وكتاب أنس المريدين في الزهد وكتاب أصول السنة والمواعظ المنظومة في الزهد والنصائح المنظومة وكتاب آداب الإِسلام وقدوة القاري ومنتخب الدعوة. مولده سنة 324 هـ وتوفي سنة 399 هـ[1008 م]. 289 - ووالده أبو محمَّد عبد الله: كان من أهل العلم والفضل، سمع منه ابنه محمَّد المذكور والقاضي ابن مغيث وغيرهما، سمع هو من ابن أيمن وغيره. توفي سنة 359 هـ[969 م]. 290 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد: المعروف بابن العطار الأندلسي الإِمام الفقيه العالم المشاور المتفنن العارف بالشروط وله كتاب فيه عليه المعول أخذ عن جماعة منهم أبو عيسى الليثي وأبو بكر بن القوطية ورحل سنة 383 هـ فحج ولقي أعلاماً فأخذ عنهم ولقي بالقيروان ابن أبي زيد فناظره وذاكره، وعنه أخذ ابن الفرضي وغيره. مولده سنة 330 هـ وتوفي في ذي الحجة سنة 399 هـ[1008م]. 291 - أبو عمر أحمد بن سعيد بن إبراهيم الهمداني: المعروف بابن الهندي الفقيه العالم بالشروط والأحكام وأقر له بذلك فقهاء الأندلس الثقة العمدة، أخذ عن أبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم، وروى عن قاسم بن أصبغ ووهب بن مسرة وعبد الله بن أبي دليم ولقي أبا إسماعيل بن القاسم البغدادي وأخذ عنه وتأدب به، وكان مقدماً عند القاضي محمَّد بن السليم، ألّف كتاباً في الشروط مفيداً جامعاً يحتوي على علم كثير عليه اعتماد الموثقين والحكام. مولده سنة 320 هـ وتوفي سنة 399 هـ[1008م]. 292 - أبو عبد الله محمَّد بن عمروس القرطبي: الإِمام العمدة الفاضل

الفقيه العالم الكامل، سمع من ابن مفرج وغيره وقدم مصر فأخذ عن ابن المهندس وغيره وحج ودخل العراق، وسمع من جماعة منهم أبو بكر الأبهري، والدارقطني، ثم عاد للأندلس، حدث عنه أبو عمر بن عبد البر وغيره. توفي سنة 400 هـ[1009م]. 293 - أبو عمر أحمد بن عبد الملك الإشبيلي: المعروف بابن المِكْوي مولى بني أمية الإِمام الفقيه الحافظ العالم المشاور القوال بالحق شيخ الأندلس في وقته ورئيس الفقهاء بها، تفقه بأبي إبراهيم بن مسرة وغيره، وهو الذي تيمم كتاب الاستيعاب مع المعيطي على نحو ما أشير إليه فيما تقدم، وعنه أخذ ابن الشقاق وابن دحون وجماعة، مولده سنة 324 هـ وتوفي سنة 401 هـ[1010م]. 294 - أبو أيوب سليمان بن محمَّد بن بطال بن أيوب البَطَلْيوسي: يعرف بالمتلمس الفقيه الإِمام العالم المحقق الأديب الزاهد، كان صديقاً لابن أبي زمنين أخذ عن أئمة، وعنه ابن عبد البر وابن الحذاء له كتاب المقنع في أصول الأحكام عليه مدار المفتين، والحكام والموقظ في الزهد وكتاب آداب الصوم وكتاب الدليل إلى طاعة الجليل وكتاب آداب المهموم. توفي سنة 402 هـ[1011م]. 293 - قاضي الجماعة بقرطبة أبو المطرف عبد الرحمن بن محمَّد بن فطيس: كان من جهابذة المحدثين وكبار العلماء المسندين فاضلاً متفنناً في العلوم، أخذ عن أعلام منهم أبو جعفر أحمد بن عون الله وابن مفرج وأبو محمَّد الباجي، والأصيلي، وأبو عيسى الليثي، وكتب إليه أبو محمَّد الحسن بن رشيق وأبو قاسم الجوهري والدارقطني وأبو بكر الأبهري وابن أبي زيد وأحمد بن نصر الداودي، حدث عنه كبار العلماء منهم ابن عبد البر وسراج القاضي والطلمنكي وحاتم الطرابلسي وابن الحذاء والخولاني. ألف تآليف حساناً منها دلائل السنة كتاب في الجرح والتعديل وكتاب القصص والأسباب التي نزل من أجلها القرآن والمصابيح في فضائل الصحابة والتابعين والناسخ والمنسوخ ودلالات الرسالة وكرامات الصالحين. مولده سنة 348 هـ وتوفي سنة 402 هـ[1011م].

فرع فاس

296 - قاضي الجماعة أبو العباس أحمد بن عبد الله بن ذكران: العالم الفقيه الإِمام الفاضل الثقة العارف بالأحكام والنوازل المتفنن الجليل القدر عند الخاصة والعامة، كان من جلة أصحاب ابن زرب أخذ عن قاسم بن أصبغ، وابن لبابة وجماعة، وعنه أبو المطرف بن عبد الرحمن وغيره. توفي سنة 403 هـ[1012م]. 297 - القاضي أبو الوليد عبد الله بن محمَّد: المعروف بابن الفرضي القرطبي الإِمام المحدث الحافظ الواسع الرواية العالم الجامع لفنون من العلم المؤرخ الفصيح الأديب الماهر أخذ عن ابن العطار وأبي جعفر بن عون الله والقاضي أبي عبد الله بن مفرج وأبي محمَّد بن أحمد الخشني وغيرهم، رحل للمشرق وأخذ عن أعلام بمكة والقيروان وغيرهما، منهم ابن أبي زيد والقابسي، ألّف تاريخاً في علماء الأندلس جامعاً وهو الذي ذيله ابن بشكوال بتاريخه المعروف بالصلة وله كتاب حسن في المختلف والمؤتلف وكتاب في شعراء الأندلس وغير ذلك، أخذ عنه أعلام منهم: ابن عبد البر، وأبو عبد الله الخولاني وأثنى عليه. مولده سنة 351 هـ وقتله البربر يوم فتح قرطبة في شوال سنة 403 هـ[1012م]. 298 - قاضي الجماعة أبو بكر يحيى بن عبد الرحمن بن وافد القرطبي: الفقيه البصير بالمسائل الشيخ الكامل العالم الفاضل، سمع من أبي عيسى الليثي وغيره وعنه ابنه الوزير الطبيب المشهور. توفي سنة 404 هـ[1013م]. فرع فاس ومن هنا ابتدأ تفريعه وهو جامع لعلماء المغربين الأقصى والأوسط 299 - أبو ميمونة دراس بن إسماعيل الفاسي: الفقيه الحافظ النظار المعروف بالعلم والصلاح والدين المتين له رحلة حج فيها، وسمع من ابن أبي مطر

الطبقة التاسعة

كتاب ابن المواز ومن ابن اللباد وغيرهما. وعنه خلف بن أبي جعفر وعبد الرحمن بن العجوز والقابسي وابن أبي زيد، وكان نزوله بالقيروان عنده وهو أول من أدخل مدونة سحنون مدينة فاس وبه اشتهر مذهب مالك هنالك وبها توفي سنة 357 هـ[967م]. الطبقة التاسعة فرع العراق 300 - أبو سعيد أحمد بن زيد القزويني: الفقيه الإِمام العالم المحقق الأصولي تفقه بأبي بكر الأبهري وهو من كبار أصحابه وأبي بكر بن علويه وغيرهما وسمع من أبي زيد المروزي، له كتاب معتمد في الخلاف من أهذب كتب المالكية وكتاب الألحاف، لم أقف على وفاته. 301 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن عبد الله بن خويز منداد: الإِمام العالم المتكلم الفقيه الأصولي أخذ عن أبي بكر الأبهري وغيره، ألّف كتاباً كبيراً في الخلاف وكتاباً في أصول الفقه وكتاباً في أحكام القرآن، لم أقف على وفاته. 302 - القاضي أبو محمَّد عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي: الفقيه الحافظ الحجة النظار المتفنن العالم الماهر الأديب الشاعر من أعيان علماء الإِسلام أخذ عن أبي بكر الأبهري وحدث عنه وأجازه وتفقه عن كبار أصحابه كابن القصار وابن الجلاب والباقلاني وعبد الملك المرواني وتفقه به ابن عمروس وأبو الفضل مسلم الدمشقي وغيرهما وروى عنه جماعة منهم عبد الحق بن هارون وأبو بكر الخطيب والقاضي ابن الشماع الغافقي الأندلسي وكان أبو بكر الباقلاني يعجبه حفظ أبي عمران الفاسي القيرواني ويقول: لو اجتمع في مدرستي هو وعبد الوهاب - صاحب الترجمة- لاجتمع علم مالك أبو عمران يحفظه وعبد الوهاب ينصره وسمع صاحب الترجمة أبا عبد الله العسكري وأبا حفص بن شاهين، تولى القضاء بعدة جهات من العراق ثم توجه إلى مصر فحمل لواءها وملأ أرضها وسماءها

وتناهت إليه الغرائب وانثالت في يده الرغائب ومع ذلك فإن إقامته بها لم تتجاوز أشهراً، ومات وهو قاض بها ولما سافر إلى مصر اجتاز في طريقه معرة النعمان وبالمعرة يومئذ أبو العلاء المعري فأضافه وقال قصيدة منها: والمالكي ابن نصر زار في سفر ... بلادنا فحمدنا النأي والسفرا إذا تفقه أحيا مالكاً جدلاً ... وينشر الملك الضليل إن شعرا ولصاحب الترجمة شعر كثير أجلى من الصبح وألفاظه أحلى من الظفر بالنجح ومن ذلك: طلبت المستقر بكل أرض ... فلم أرَ لي بأرض مستقرا ونلت من الزمان ونال مني ... فكان مناله حلواً ومرّا أطلت مطامعي فاستعبدتني ... فلو أني قنعت لكنت حرا وقوله: متى تصل العطاش إلى ارتواء ... إذا استقت البحار من الركايا ومن يثن الأصاغر عن مراد ... وقد جلس الأكابر في الزوايا وإن ترفُّع الوضعاء يوماً ... على الرفعاء من إحدى الرزايا إذا استوت الأسافل والأعالي ... فقد طابت منادمة المنايا ألّف تآليف كثيرة مفيدة في فنون من العلم منها: النصرة لمذهب مالك في مائة جزء فوقع الكتاب بخطه بيد بعض قضاة الشافعية فألقاه في النيل والمعونة بمذهب عالم المدينة والأدلة في مسائل الخلاف وشرح رسالة ابن أبي زيد والممهد في شرح مختصر ابن أبي زيد أيضًا صنع فيه نحو نصفه وشرح المدونة وله التلقين وشرحه لم يتم والإفادة في أصول الفقه والتلخيص في أصوله الفقه وعيون المسائل في الفقه وأوائل الأدلة في مسائل الخلاف والإشراف على مسائل الخلاف والبروق في مسائل الفقه، مولده في شوال سنة 363 هـ وتوفي سنة اثنتين أو إحدى وعشرين وأربعمائة وقبره قريب من قبر ابن القاسم وأشهب [1030م]. 303 - وأخوه أبو الحسن محمَّد: كان فاضلاً عالماً أديباً صنف كتاب المفاوضة للملك العزيز أبي منصور طاهر بن بويه، توفي سنة 436 هـ[1044م].

فرع إفريقية

304 - أبو ذر الهروي وعبد الله بن أحمد: ويقال: حميد بن محمَّد الإِمام المحدث الحافظ الحجة الثقة النظار ضربت له أكباد الإبل من الأمصار أخذ عن أعلام منهم زيد بن مخلد والقاضي الباقلاني والقاضي ابن القصار وغلب عليه الحديث فكان إماماً فيه، أخذ البخاري عن المستملي والكشميهني والسرخسي ومحمد بن المكي وهم عن الفربري عن مؤلفه، ألّف كتابين أحدهما فيمن روى عنه الحديث اشتمل على نحو ألف ومائة شيخ من الفقهاء والمحدثين والآخر فيمن لقيه ولم يأخذ عنه، سمع منه عالم من أقطار منهم أبو الحسن القابسي والأصيلي وأبو عمران الفاسي، له تآليف منها: المسند الصحيح المخرج من البخاري ومسلم وكتاب الجامع وكتاب السنة والصفات وكتاب الدعوات وفضائل القرآن وفضائل العيدين وعاشوراء وكرامات الأولياء والرؤيا ومسند الموطأ وفضائل مالك والمناسك ودلائل النبوة وكتاب الرجال واليمين الفاجرة وكتاب سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وكتاب بيعة العقبة، جاور بالحرم إلى أن مات في ذي القعدة سنة خمس أو أربع وثلاثين وأربعمائة [1042م] أو [1043م]. 303 - أبو الفضل محمَّد بن عبد الله بن أحمد بن محمَّد بن عمروس البغدادي: الإِمام العمدة الفاضل الفقيه الأصولي كان من حفاظ القرآن ومدرسيه إليه انتهت الفتيا في مذهب مالك ببغداد، درس على القاضي ابن القصار والقاضي عبد الوهاب ودرس عليه القاضي أبو الوليد الباجي وحدث عنه هو وأبو بكر الخطيب. له تعليق حسن مشهور في الخلاف ومقدمة حسنة في أصول الفقه، مولده سنة 372 هـ وتوفي سنة 452 هـ[1060م]. فرع إفريقية 306 - أبو سعيد خلف بن أبي القاسم الأزدي: المعروف بالبراذعي الفقيه

العالم الإِمام من حفاظ المذهب ومن كبار أصحاب ابن أبي زيد والقابسي وبهما تفقه وأبي بكر هبة الله بن عقبة وعنه صحح المدونة وهو صححها عن جبلة عن سحنون، له تآليف مشهورة منها التهذيب اختصار المدونة ظهرت بركته وعليه عوّل الناس، والتمهيد لمسائل المدونة، والشرح وإتمامات لمسائل المدونة واختصار الواضحة. أخذ عن أعلام منهم القاضي أحمد بن أبي عمر بن أبي زيد وروى التهذيب عنه، لم تحصل له رئاسة بالقيروان ثم خرج إلى صقلية وحصلت له شهر هناك وجاه عظيم وهناك ألّف غالب كتبه، لم أقف على وفاته. 307 - أبو علي حسن بن خلدون البلوي: كان ركناً من أركان أهل السنة مع تفنن وفقه كثير وصدقة ومعروف وهمة عالية، جليل القدر مطاعاً، قرأ على أبي الحسن القابسي وغيره. مات قتيلاً سنة 407 هـ[1016م]. 308 - أبو عبد الله محمَّد بن سفيان الهواري القروي: المقرئ الفقيه العالم كان ذا فهم وحفظ أوحد أهل زمانه في القراءات، أخذ القراءات عن أبي الطيب عبد المنعم بن غبلون وتفقه على أبي الحسن القابسي وغيره، كان مقيماً بالمهدية وهناك أخذ عنه الناس فن القراءات وتآليفه منهم أبو محمَّد عبد الله خزرج وأبو حفص عمر بن حسن المعروف بابن النفوسي سنة 403 هـ وحاتم الطرابلسي والدلائي. من تآليفه الهادي في القراءات واختلاف قراء الأمصار في عدد آي القرآن والإرشاد في مذهب القراء والتذكرة في القراءات. توفي سنة 408 هـ وفي الديباج توفي بالمدينة في صفر سنة 415 هـ[1024م]. 309 - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمَّد الكناني: المعروف بابن الكاتب الفقيه المشهور بالعلم وإقامة الحجة، أخذ عن ابن شبلون والقابسي. رحل للشرق واجتمع بأئمة جلة وبينه وبين أبي عمران الفاسي مناظرات في مسائل مشهورة، له تأليف كبير في الفقه. توفي في صفر سنة 408 هـ ودفن بداره بالقيروان [1017م]. 310 - أبو عمر أحمد بن محمَّد بن سعدي الإشبيلي المهدوي: الفقيه

العالم الكامل المحدث الرحلة الإِمام الفاضل الشيخ الصالح، رحل للمشرق وأخذ عن أعلام منهم: أبو بكر الأبهري وابن أبي زيد بالقيروان، حدّث عنه جماعة منهم أبو عمر الطلمنكي، وأبو عبد الله بن عابد، وأجاز أبا القاسم حاتماً الطرابلسي. قال حاتم المذكور: لقيته بالمهدية وكان قد استوطنها وأمرها يدور عليه في الفتوى وتوفي ودفن بالمنستير وكان بالحياة سنة 410 هـ. 311 - أبو بكر عتيق بن خلف التجيبي: الإِمام الفقيه المؤرخ، كانت له عناية بالفقه ومناقب الصالحين. سمع ابن التبان وأبا سعيد أخا هشام ومسرة بن مسلم وأبا العباس بن تميم والقابسي وابن أبي زيد. له رحلة للمشرق أخذ فيها عن جماعة وعنه أخذ ولده عبد الملك وغيره. ألّف كتاب الافتخار، وكتاب الطبقات. مات في جمادى الثانية سنة 422 أو سنة 423هـ ودفن بباب سلم بالقيروان [1030م] أو [1031]. 312 - أبو عمران موسى بن عيسى بن أبي حاج الغَفَجومي الفاسي القيرواني: الفقيه الحافظ العالم الإِمام المحدث كان يقرأ القرآن بالسبع ويجوده مع معرفة بالرجال فاضلاً أصله من فاس من بيت مشهور بها وله عقب فيهم نباهة، استوطن القيروان وحصلت له بها رئاسة العلم. تفقه بأبي الحسن القابسي ورحل لقرطبة وتفقه عند الأصيلي وأحمد بن قاسم ورحل للشرق وحج ودخل العراق فسمع من أبي الفتح بن أبي الفوارس والمستملي، درس الأصول على أبي بكر الباقلاني وتقدم ثناء شيخه هذا عليه في ترجمة القاضي عبد الوهاب، وسمع من أبي ذر الهروي، وأخذ عنه الناس من أقطار واستجازه من لم يلقه، منهم ابن محرز وعتيق السوسي وأبو القاسم السيوري. له كتاب التعليق على المدونة كتاب جليل لم يكمل وخرج من عوالي حديثه نحو مائة ورقة. توفي بالقيروان في رمضان سنة 430 هـ وصلى عليه عتيق السوسي بوصية منه ودفن بداره وقبره متبرك به [1038م].

313 - أبو بكر عتيق السوسي: الإِمام الجامع للعلم والعبادة والزهد والورع والتقشف وعلو الهمة، المبرز الحافط للفقه والحديث، العالم بالنحو واللغة في دين متين. حكي أنه لما علم المعز بمكانته من الدين والعلم وبأنه فقير لا مسكن له بعث إليه بمال ليشتري به داراً فرده وقال للرسول: قل له يدفعه لأربابه فإن لم يعلم أربابه تصدق به على الفقراء، فأعلم الرسول المعز بذلك فبعث إليه كتباً جليلة كثيرة مثل المدونة والنوادر والموازية وغيرها مما له قيمة كثيرة على رؤوس الحمالين، فلما وصل الرسول بها إليه أغلق بابه في وجهه فلاطفه الرسول وقال له المعز يقول هذه الكتب في خزانتنا ضائعة وبقاؤها عندنا يزيدها ضياعاً فأنت أولى بها فقال له اكتب على كل جزء منها أنها حبس على طلبة العلم فكتب ذلك. أخذ عن أبي الحسن القابسي، لم أقف على وفاته، وتقدم أنه هو الذي صلّى على أبي عمران الفاسي المتوفى سنة 430 هـ[1038م]. 314 - أبو حفص عمر بن محمَّد التميمي: شهر بالعطار، الفقيه الإِمام العالم الصالح كان على سمت المجتهدين المبرزين. أخذ عن أبي بكر بن عبد الرحمن وغيره وكان من أقران ابن محرز وأبي إسحاق التونسي ونظرائهم، وانتفع به خلائق منهم عبد الحميد الصائغ وابن سعدون. له تعليق على المدونة قيل أملاه سنة 427 هـ أو سنة 428 هـ. مات قبل شيخه المذكور بالقيروان وقيل بالمنستير ودفن بها. 315 - أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الخولاني القيرواني: شيخ فقهائها في وقته مع أبي عمران الفاسي، الإمام الفقيه الحافظ المبرز العالم العامل المجاب الدعوة، تفقه بابن أبي زيد وأبي الحسن القابسي ولزمه وانقطع إليه، وسمع منهما ومن شيوخ إفريقية ومصر فسمع من القفال وأبي بكر عتيق بن موسى المصري وأبي القاسم عبد الرحمن الجوهري وغيره وكلهم أجازوه وانتفع به الناس وكان أصحابه نحو المائة والعشرين كلهم يقتدى بهم وتفقهوا عليه كابن محرز والتونسي والسيوري

وأبي حفص العطار وأبي محمَّد عبد الحق وابن بنت خلدون وابن سعدود وأبي بكر المالكي. كان يصوم رمضان بالمنستير وكانت له مناقب جمة. توفىِ سنة 432 هـ[1040م]. 316 - أبو الطيب عبد المنعم بن إبراهيم الكندي: المعروف بابن بنت خلدون، هو ابن أخت الشيخ أبي علي بن خلدون الإِمام المشهور بالعلم والصلاح الفقيه العالم المتقن في علوم شتى مع نبل وحذق، إليه المفزع، له رحلة دخل فيها مصر وغيرها. أخذ عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي وبه تفقه اللخمي وأبو إسحاق بن منظور القفصي وعبد الحق وابن سعدون وغيرهم، له على المدونة تعليق مفيد وكان له حظ وافر في الحساب والهندسة، حكي أنه كان دبر جلب مياه البحر من ساحل تونس إلى القيروان وسوقه خليجاً من هناك بنظر هندسي ظهر له فاخترمته المنية قبل نفاذ ما دبره. توفي سنة 435 هـ[1043م]. 317 - أبو محمَّد مكي بن أبي طالب القيسي: القيرواني نزيل قرطبة الإِمام الحافظ النظار الفقيه المشاور والعالم العامل شيخ الصوفية وأهل السنة المقرئ المجاب الدعوة، أخذ عن ابن أبي زيد والقابسي وأعلام من أهل المشرق والمغرب، غلب عليه علم القرآن وكان من الراسخين فيه، حج ولقي جلة وأخذ عنهم منهم أبو القاسم المالكي وإبراهيم المروزي وأبو العباس أحمد بن محمَّد بن زكريا وابن غبلون ودخل قرطبة سنة 393 هـ وعلا ذكره هناك، رحل الناس إليه وأخذوا عنه منهم ابن عتاب وحاتم بن محمَّد الطرابلسي وأبو الأصبغ بن سهل وأبو الوليد الباجي وجماعة وصنف التصانيف الكثيرة في علوم القرآن وغيره، منها الإيجاز واللمع في الإعراب والهداية كتاب كبير في التفسير والكشف في علم القراآت والإيضاح في الناسخ والمنسوخ والهداية في الفقه وقوت القلوب وله فهرسة وغير ذلك، وقد أكثر من النقل عنه القاضي عياض في الشفا. مولده بالقيروان سنة 355 هـ وتوفي بقرطبة في المحرم سنة سبع أو تسع وثلاثين وأربعمائة هجرية [1045م] أو [1047م].

318 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله المالكي: القيرواني الفقيه الإِمام العالم الفاضل أخذ عن أبي الحسن القابسي، ولزمه ورحل لمكة ولقي أبا ذر الهروي، وأخذ عنه البخاري وألّف في مناقبه. توفي سنة 438 هـ[1046م]. 319 - وابنه أبو بكر عبد الله المالكي: الإِمام الفقيه العالم المؤرخ صحب أبا بكر بن عبد الرحمن وانتفع به، ألّف رياض النفوس المشهور بكتاب المالكي في طبقات علماء إفريقية وزهادها، وحكي أنه في سنة 446 هـ وقع خراب جامع القيروان وبقي بها بعد الخراب جماعة منهم صاحب الترجمة وأبو عبد الله محمَّد بن العباس الخواص وأبو عبد الله بن الحسين الأجدابي والذي خربها المفسدون الأعراب في خبر طويل الذيل لم أقف على وفاته. 320 - أبو العباس أحمد بن عمار المهدوي: المقرئ النحوي المفسر، كان مقدماً في القراءات والعربية. أصله من المهدية ودخل الأندلس وصنف كتباً مفيدة منها التفسير. ومات في الأربعين والأربعمائة [1048م]. 321 - أبو إسحاق إبراهيم بن حسن بن إسحاق التونسي: الإِمام الفقيه الحافظ الأصولي المحدث العالم العامل الصالح المجاب الدعوة، تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي ودرس الأصول على الأزدي وغيرهم، وتفقه به جماعة منهم عبد الحميد بن سعدون وعبد الحميد الصايغ، له شروح حسنة وتعاليق متنافس فيها على كتاب ابن المواز والمدونة وفيه يقول عبد الحميد الديباجي: حاز الشرفين من عِلْمٍ ومن عمل ... وقلما يَتَأتَّى العِلْمُ وَالْعَمَلُ وامتحن سنة 438 هـ ورحل من أجله للمنستير ثم رجع للقيروان وفيها توفي سنة ثلاثة وأربعين وأربعمائة، وحضر جنازته المعز بن باديس في جمع عظيم ودفن بباب سلم ورثاه جماعة منهم أبو علي بن رشيق بقصيدة فريدة منها: يا للرزية في أبي إسحاق ... ذهب الزمان بأنفس الأعلاق ذهب الحمام بخاشع متبتل ... تبكي العيون عليه باستحقاق

وسبب امتحانه أنه أفتى بتقسيم الشيعة إلى قسمين: أحدهما من يفضل علياً على غيره من الصحابة رضي الله عنهم دون سب للغير فليس بكافر، ومن يفضله ويسب غيره فهو بمنزلة الكافر لا تحل مناكحته وأنكر عليه هاته الفتوى العامة وفقهاء إفريقية وأرسلوا إليه أن يعاود النظر ويرجع عن هاته الفتوى فأبى ونسبوا إليه ما نسبوا وأمر الملك المعز بسجل في القضية من التبري في فتواه وأمر بقراءته على المنبر يوم الجمعة قبل الصلاة، ثم أمر بإحضاره بالمقصورة مع أبي القاسم اللبيدي والقاضي أبي بكر أحمد بن أبي عمر بن أبي زيد وحكم اللبيدي في المسألة فحكم بأن يرجع ويقر بالتوبة على المنبر في مشهد حافل ويقول: كنت ضالاً فرجعت، فاستعظم ذلك وقال: ها أنا أقول هذا بينكم فقنعوا منه بذلك، وخرج صبيحة اليوم للمنستير تسكيناً للقضية. قال القاضي عياض: ولا امتراء عند كل منصف أن الحق ما قاله أبو إسحاق وأنه جرى في فتواه على العلم وطريق الحكم، ومع هذا فما نقصه هذا عند أهل التحقيق ولا حط من منصبه عند أهل التوفيق وإن رأى الجماعة في النازلة كان أسد للحال وأولى. انتهى باختصار من المدارك. 322 - أبو عمرو عثمان بن أبي بكر حمود الصفاقسي: المعروف بابن الضابط الإمام المحدّث الحافظ الواسع الرواية العالم المتفنن الماهر الأديب الشاعر رحل للمشرق وأخذ عن أعلام من حفاظ الحديث وغيره، منهم أبو ذر الهروي وأبو الطيب الطبري والحافظ أبو نعيم صحبه بأصبهان وكتب عنه نحو مائة ألف حديث ثم توجه للأندلس سنة 436 هـ وأخذ عنه علماؤها وذكره أبو عمر بن عبد البر في أسماء الرجال الذين لقيهم. قال: وكانت له رواية واسعة وكتب كثيرة وهو أول من أدخل الأندلس غريب الحديث للحطابي وكان بينه وبين ابن رشيق وابن شرف تراسل نثراً ونظماً له تأليف تضمن عوالي كتبها لأبي محمد بن عتاب تعرف بعوالي الصفاقسي وله فهرسة كان جم الفضائل، مات عند وجهته إلى القسطنطينية سنة 444 هـ. 323 - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد المصري: المعروف باللبيدي

القيرواني الإمام الفقيه العالم من مشاهير علماء إفريقية ومؤلفيها وعبادها وفضلائها، تفقه بأبي محمد بن أبي زيد وأبي الحسن القابسي، وسمع من علماء إفريقية وعباد أهل رباط المنستير كأبي الحسن اللواتي وأبي إسحاق الساحلي وأبي بكر بن مسلم، وأبي حفص ابن مثنى وأبي إسحاق الجبنياني وانتفع به وألّف في أخباره وفضائله، روى عنه ابن سعدون وغيره، ألّف كتاباً حافلاً في المذهب كبيراً أزيد من مائتي جزء في مسائل المدونة وبسطها والتفريع عليها وزيادة الأمهات ونوادر الروايات وله ملخص في اختصار المدونة، توفي بالقيروان في شوال سنة 446 هـ وسنه ثمانون عاماً وصلى عليه ابنه أبو بكر وكان هذا من أهل العلم. 324 - أبو القاسم عبد الرحمن بن محرز القيرواني: الفقيه النبيل المحدث العالم الجليل، رحل للمشرق وسمع من مشايخ جلة وأخذ عنهم، تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي والقابسي وأبي حفص العطار، وبه تفقه عبد الحميد الصايغ وأبو الحسن اللخمي، له تصانيف حسنة منها تعليق على المدونة سماه التبصرة وكتابه الكبير سماه بالقصد والإيجاز. مات في نحو الخمسين وأربعمائة [1058 م]. 325 - أبو عبد الله محمد بن سعيد بن شرف الأجذابي القيراني: الإمام الفقيه المتفنن في العلوم الأديب الكاتب البليغ الحامل لواء المنثور والمنظوم. روى عن القابسي وأبي عمران الفاسي وغيرهما وذكره أبو الوليد الباجي ووصفه بالعلم والذكاء. له تآليف تدل على نبل وذكاء وفضل، منها أعلام الكلام وكتاب أبكار الأفكار، ورحل لصقلية ثم للأندلس عند ابتداء الفتنة بالقيروان سنة 447 هـ ثم لحقه رفيقه العالم المؤلف المتفنن الأريب أحد الفضلاء النبلاء الشعراء البلغاء، صاحب التآليف النبيلة والفوائد الجزيلة. 326 - أبو علي الحسن بن رشيق الأزدي: المتوفى بمازر من صقلية سنة 456 هـ المولود سنة 390 هـ تأدب بأبي عبد الله محمد القزاز النحوي القيرواني وغيره. ومن تآليف ابن رشيق العمدة والأنموذج وقراضة الذهب في نقد أشعار العرب وكتاب في مدح الشيء وذمه وكشف المساوئ في السرقات الشعرية وميزان

من أهل صقلية

العمل في تاريخ الدول والروضة الموشية في شعراء المهدية وسيأتي مزيد كلام على هذين العالمين في الخاتمة. وابن شرف المذكور، توفي سنة 460 هـ[1067 م]. 327 - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن رشيق: الفقيه العالم المحدث الحافظ المؤرخ المشارك في سائر العلوم الماهر الأديب الشاعر، له سماعات في كتب الفقه وهو كثير المشايخ، روى عن أبي القاسم عبد الخالق بن شبلون وأبي عبد الله محمد بن أبي صفرة والحسن بن عبد الله الأجدابي وأبي القاسم عبد الرحمن التجيبي وحج سنة 376 هـ وأخذ عن جماعة منهم أبو ذر الهروي، وله تآليف في أخبار العلماء ومناقبهم وكراماتهم وتآليف في الفقه منها المستوعب لزيادات كتاب المبسوط مما ليس في المدونة، لم أقف على وفاته. 328 - أبو الحسن علي بن محمد بن المنتصر الطرابلسي: من أهل طرابلس الإمام الفقيه الفاضل العالم العامل. أخذ عن ابن أبي زيد ورحل لمكة وأخذ عن أعلام هناك، ثم رجع لبلده وأحيى السنة وأزال البدع، له تآليف منها الكافي في القرائض مولده بطرابلس سنة 348 هـ وتوفي بقرية من قرى مسلاته سنة 432 هـ[1040 م]. 329 - أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي الأسدي الطرابلسي: الإمام الفاضل العالم المتفنن الفقيه له حظ من اللسان والحديث والنظر، لم يتفقه في أكثر علمه على إمام مشهور وإنما وصل بإدراكه وذكائه، حمل عنه أبو عبد الملك البوني وأبو بكر أحمد بن أبي عمر بن أبي محمد بن أبي زيد، له شرح على الموطأ، وله الواعي في الفقه، والنصيحة في شروح البخاري والإيضاح في الرد على القدرية، وأصَّل كتابه شرح الموطأ بطرابلس ثم انتقل إلى تلمسان وبها توفي سنة 440 هـ وقبره عند باب العقبة [1048م]. من أهل صقلية 330 - أبو بكر محمد بن عبد الله بن يونس التميمي: الصقلي الإمام الحافظ النظار أحد العلماء وأئمة الترجيح الأخيار الفقيه الفرضي الفاضل الملازم

فرع الأندلس

للجهاد الموصوف بالنجدة الكامل، أخذ عن أبي الحسن الحصائري القاضي وعتيق بن عبد الحميد بن الفرضي وأبي بكر بن عباس من علماء صقلية وغيرهم وعن شيوخ القيروان وأكثر من النقل عن بعضهم منهم أبو عمران الفاسي وحدث عن أبي الحسن القابسي. ألّف كتاباً في الفرائض وكتاباً حافلاً للمدونة أضاف إليها غيرها من الأمهات، عليه اعتماد طلبة العلم. توفي في ربيع الأول سنة 451 هـ[1049 م] قلت: وقبره بالمنستير متبرك به حذو باب القصر الكبير يعرف بسيدي الإمام. فرع الأندلس 331 - أبو بكر محمد بن أحمد بن خليل القرطبي: الفقيه العامل الكامل المحدث الفاضل سمع من وهب بن مسرة وغيره ورحل للمشرق وأخذ عن أعلام منهم ابن أبي الورد الحسن بن رشيق وحمزة بن محمد، حدث عنه القاضي يونس. مولده سنة 322 هـ وتوفي بقرطبة سنة 406 هـ[1015م]. 332 - أبو بكر محمد بن موهب التميمي: المعروف بالمقبري القرطبي جد أبي الوليد الباجي لأمه الإمام الفقيه العالم المحدث، كان القاضي ابن ذكوان يقدمه على فقهاء وقته. وكان الأصيلي يعرف حقه ويثني عليه. أخذ عنه شيوخ بلده ثم رحل فأخذ عن أبي محمد بن أبي زيد واختص به وأخذ عن أبي الحسن القابسي وتفقه عندهما ثم رجع لبلده وأخذ عنه جماعة منهم حمزة بن إسماعيل وأخذ عنه كتبه وكتب الشيخ أبي محمد، له تآليف مفيدة، منها شرح رسالة شيخه ابن أبي زيد. توفي سنة 406 هـ[1015 م]. 333 - أبو حاتم محمد بن عبد الله بن ذكوان الفقيه الفاضل كان من العلماء ومن جملة القضاة أخذ عن أخيه أحمد ووالده. توفي سنة 413 هـ[1022م]. 334 - ولأخيه القاضي أبي العباس أحمد ابن اسمه أحمد يكنى أبا بكر. تولى قضاء قرطبة وكان عالماً جليلاً فقيهاً محدثاً أخذ عن والده، توفي سنة 435هـ.

335 - أبو المطرف عبد الرحمن بن هارون بن عبد الرحمن الأنصاري: المعروف بالقنازعي القرطبي الفقيه الزاهد العالم المحدث الراوية الشيخ الفاضل. سمع من ابن أبي عيسى الليثي والقليعي وابن عون الله وابن الخراز وابن أبي محمد الباجي وابن مفرج والقاضي ابن سليم ورحل للمشرق ولقي ابن أبي زيد وأخذ عنه جملة تآليفه وأجازه وعن أبي بكر هبة الله بن أبي عقبة المدونة وأجازه، وسمع في مصر من أبي علي المطرزي وأبي إسحاق بن شعبان وأجازه، وأبي الحسن بن رشيق وأجازه أبو بكر الأبهري ولم يلقه. روى عنه ابن عتاب وابن عبد البر، وعبد الرحمن القليعي، وحاتم الطرابلسي، له تفسير على الموطأ واختصار كتاب ابن سلام في تفسير القرآن واختصار وثائق ابن الهندي وله فهرسة. مولده سنة 341 هـ وتوفي سنة 413هـ[1022م]. 336 - القاضي أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد بن الحذاء التميمي: الإمام الفقيه المحدث الحافظ المشاور الأديب الخطيب البليغ. لقي جماعة من الشيوخ وأخذ عنهم منهم: ابن زرب، وابن بطال، وابن السليم، وابن عون الله، والأنطاكي، وأبو عيسى الليثي، وابن القوطية، وابن مفرج، وأبو محمد الباجي، والأصيلي، وانتفع به وغيرهم، ورحل فلقي ابن أبي زيد بالقيروان وحمل عنه تآليفه، وبمصر الجوهري وابن شعبان وعبد الغني الحافظ وغيرهم مما هو كثير، ثم رجع للأندلس وارتفعت درجته، روى عنه جماعة منهم ابن عبد البر. ألف كتاب الاستنباط لمعاني السنن والأحكام من أحاديث الموطأ ثمانون جزءاً، وكتاب التعريف برجال الموطأ أربعة أسفار، وكتاب البشرى في عبارة الرؤيا شرح به كتاب الكرماني، وكتاب الخطب والخطباء في سفرين. مولده سنة 347 هـ وتوفي سنة 416هـ[1025م]. 337 - أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الفخار: يعرف بابن بشكوال

القرطبي الأستاذ المحقق العالم المتبحر الراوية المجاب الدعوة العامل بالكتاب والسنة، روى عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله بن يحيى الليثي، وابن عون الله، وابن جعفر التميمي، وأبي محمد الباجي، وقدم مصر وحج وجاور بالمدينة وشوربها، كان يحفظ المدونة والنوادر ويوردها من صدره وله اختصار النوادر؛ ورد على أبي محمد في بعض مسائله، واختصار المبسوط للقاضي إسماعيل. توفي ببلنسية سنة 419 هـ وسنه ست وسبعون سنة، وكان الاحتفال بجنازته عظيماً عاين الناس فيها آية هي ظهور أشباه الخطاطيف تجلجلت فوق النعش ولم تفارقه إلى أن دفن فتفرقت. 338 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن عيسى: يعرف بابن الأسيلمي، كان صاحب رواية وعناية أحد الأئمة المتفننين في العلوم المتقدمين في معرفة لسان العرب والإحاطة به المشار إليه بالكمال مع النزاهة والاعتدال، روى عن أبي الحسن بن معاوية بن صالح وأبي عبد الله محمد بن قاسم بن مسعدة وأبي جعفر بن عون الله والحسن بن رشيق وأبي عبد الله بن مفرج وأبي عمر الطلمنكي وغيرهم، حدث عنه أبو عبد الله بن يونس وأبو عبد الله بن شق الليل وغيرهما له تآليف منها: كتاب تفقه الطالبين وكتاب الإرشاد في إصابة الصواب في الأشربة واختصاره سماه تنبيه المريدين بشبه الفاتنين على تحريم جميع الأنبذة المسكرة من أي الأشجار والحبوب بأدلة كانت من كتاب الله عزّ وجل، وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأقوال الفقهاء والمحدثين وتأليف في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} إلى آخر الآي الثلاث. توفي بعد سنة 420 هـ. 339 - قاضي الجماعة أبو المطرف عبد الرحمن بن أحمد، بن سعيد بن محمد بن بشير: المعروف بابن الحصار، الإمام الفقيه المتفنن مع الدين والورع والفضل، روى عن أبيه وتفقه بأبي عمر الإشبيلي وأخذ عن أبي محمد الباجي وصحب قاضي الجماعة أحمد بن ذكوان وكتب له وتفقه به أبو عبد الله بن عتاب وصحبه عشرين عاماً وكتب بين يديه. وكان ابن عتاب يفتخر بذلك. مولده سنة 364 هـ وتوفي سنة 422 هـ[1030 م].

340 - أبو محمد عبد الله بن سعيد بن عبد الله القرطبي: شيخ المفتين بها، المعروف بابن الشقاق الفقيه الإمام المبرز المقرئ العالم المتفنن، أخذ عن ابن المكوي، وروى عن أبي محمد عبد الله القليعي وأبي عمر الإشبيلي والأصيلي. وعنه أخذ ابن رزق ومحمد بن فرج وجماعة. مولده سنة 364 هـ وتوفي سنة 426 هـ[1034م]. 341 - أبو بكر بن عبد الله بن أبي زمنين: الإمام الفقيه الفاضل ولي قضاء البيرة أخذ عن أخيه وأبيه ولأجله ألّف أخوه المنتخب في الأحكام. توفي وهو يتولى القضاء سنة 428 هـ. 342 - أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله المعافري الطلمنكي القرطبي: الإمام الفقيه المحدث الواسع الرواية، سمع من ابن مفرج وابن عون الله وأبي محمد القليعي وأبي عيسى وابن زرب وغيرهم، رحل للمشرق فلقي جماعة منهم أبو الطيب بن غبلون وابنه طاهر وأبو القاسم الجوهري وابن المهندس وابن عراك وغيرهم، حدث عنه الجلة سماعاً وأجازه منهم حاتم الطرابلسي وابن عتاب وابن المرابط ألّف تآليف نافعة كثيرة كباراً ومختصرة منها كتاب الدليل في معرفة الجليل مائة جزء وتفسير القرآن نحو هذا والبيان في إعراب القرآن وفضائل مالك ورجال الموطأ وكتاب الرد على ابن مسرة وكتاب الوصول إلى معرفة الأصول والرسالة المختصرة في مذهب أهل السنة وله فهرست. موده سنة 340 هـ وتوفي في المحرم سنة 429 هـ[1037 م]. 343 - القاضي أبو الوليد يونس بن محمد بن مغيث: يعرف بابن الصفار القرطبي الإمام العالم الصالح الفقيه الحافظ النظار، سمع ابن الأحمر وابن ثابت وابن برطال وابن الحذاء وابن عبد العزيز وابن مجاهد وابن السليم وابن جوهر وابن

زرب وابن أبي زمنين وابن أبي العرب وأبا عيسى الليثي وجماعة، وكتب إليه من أهل المشرق جماعة منهم الحسن بن رشيق والدارقطني وابن أبي زيد، سمع منه جماعة منهم أبو الوليد الباجي وابن عتاب وأبو مروان سراج وابن عبد البر وأبو محمد مكي، ألّف كتاب الموعب في تفسير الموطأ وجمع مسائل ابن زرب وكتاب الابتهاج بمحبة الله تعالى وكتاب التهجد وفضائل المتهجدين وكتاب التفسير وفهرست وكتاب فضائل الأنصار وغير ذلك مما هو كثير في التصوف وغيره. مات في رجب سنة 429 هـ وقد ناف عن التسعين. 344 - أبو محمد عبد الله بن يحيى بن دحون: الإمام الفقيه أحد الشيوخ الحيلة المفتين بقرطبة أخذ عن ابن المكوي وهو أحد كبار أصحابه وأبي بكر بن زرب، وأبي عمر الإشبيلي عمَّر فأخذ عنه الناس، منهم: ابن رزق، ومحمد بن فرج، وأحمد بن القطان وغيرهم، وكان صاحباً لابن الشقاق. مات سنة 431 هـ[1039م]. 345 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله: المعروف بابن الباجي الإمام الفقيه الفاضل، كان من أجل الفقهاء دراية ورواية بصيراً بالعقود متقدماً في الوثائق ألّف فيها كتاباً حسناً وكتاباً مستوعباً في سجلات القضاة، سمع من جده عبد الله وغيره أخذ عن أبيه ورحل معه للمشرق وشاركه في السماع من الشيوخ. مولده سنة 356 هـ وتوفي سنة 431 هـ[1039 م]. 346 - أبو عبد الله محمد بن غالب الهمداني: الفقيه المتفق على جلالته علماً وديناً وصلاحاً وحفظاً، سمع من الأصيلي وأبي بكر الزبيدي، وسمع بالقيروان من ابن أبي زيد جميع كتبه وبمصر من الوشا وجماعة، وعنه جماعة منهم ابنه القاضي أبو عبد الله وإسماعيل بن حمزة وأبو محمد المسيلي. مات في صفر سنة 434هـ[1042 م]. 347 - القاضي أبو القاسم المهلب بن أحمد بن أبي صفرة التميمي: الفقيه

الحافظ المحدث العالم المتفنن، تفقه بالأصيلي وكان صهره سمع منه ومن القابسي وأبي ذر الهروي وابن الحذاء وجماعة، وعنه سمع ابن المرابط وأبو العباس الدلائي وحاتم الطرابلسي وغيرهم. شرح البخاري واختصره اختصاراً مشهوراً، وله تعليق على البخاري حسن. مات سنة 436هـ أو سنة 435هـ[1043 م] أو [1044 م]. 348 - وأخوه محمد: كان عالماً فاضلاً أخذ عن الأصيلي وأبي الحسن القابسي. توفي بالقيروان سنة 416 هـ[1025 م]. 349 - أبو عبد الملك مروان بن علي القطان: يعرف بالبوني القرطبي الإمام الفقيه المحدث الحافظ. روى عن الأصيلي، وأبي المطرف بن فطيس، والقابسي، وأبي جعفر أحمد الداودي وصحبه وأخذ عنه معظم ما عنده من روايته وتآليفه. روى عنه حاتم الطرابلسي وغيره. ألّف مختصراً في تفسير الموطأ. توفي قبل سنة 440 هـ[1048 م]. 350 - أبو زكرياء يحيى بن محمد بن حسين الغساني: المعروف بالقليعي الفقيه الفاضل العالم العامل، صحب أبا عبد الله بن أبي زمنين وأكثر عنه وحمل عليه جميع تآليفه. سمع منه جماعة منهم القاضي أبو الأصبغ. توفي سنة 442 هـ[1050م]. 351 - أبو عمرو الداني عثمان بن سعيد، بن عثمان الأموي القرطبي: المعروف بابن الصيرفي الإمام الأحق بالتقديم عند أهل المغرب والمشرق، العالم المتبحر الحافظ المقرئ الزاهد المجاب الدعوة، قرأ بالروايات عن عبد العزيز بن جعفر الفارسي وأبي الحسن بن عبلون وخلف بن خاقان وأبي الفتح فارس بن أحمد وسمع من أبي مسلم وعبد الرحمن بن عثمان القشيري وحاتم بن عبد الله البزار والقابسي وابن أبي زمنين وغيرهم من أئمة المشرق والمغرب، وعنه أخذ عالم كثير وحصل النفع به. كان إماماً في علم القرآن، وروايته وتفسيره ومعانيه وإعرابه وجمع

فرع فاس

في ذلك تآليف حِسَاناً مفيدة وله معرفة تامة بالحديث وعلومه والفقه متفنناً. من تصانيفه الممتع والتيسير في القراءات السبع، وجامع البيان في القراءات السبع، ومفردات القراءات السبع وتفسير كبير وطبقات القراء وفهرست، والقراء خاضعون لتصانيفه. توفي في شوال سنة 444 هـ[1052 م] ومشى السلطان أمام نعشه وكان الجمع عظيماً. 352 - أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال القرطبي: يعرف باللجَّام، الإمام العالم الحافظ المحدث الراوية الفقيه، روى عن ابن أبي صفرة والقنازعي، والقاضي، يونس بن عبد الله وغيرهم. أخذ عنه جماعة. ألّف شرحه المعروف على البخاري والاعتصام في الحديث، مات سنة 444 هـ أو سنة 449 هـ[1057 م]. 353 - أبو هارون موسى بن خلف بن عيسى بن أبي درهم التميمي الوشقي: قاضي وشقة الفقيه العالم العمدة الفاضل من بيت قضاء وجلالة، سمع أباه وأبا عمرو الصفاقسي وحج سنة 407 هـ فسمع من أبي عبد الملك البوني كتابه في شرح الموطأ وبالقيروان من أبي عمران الفاسي صحيح البخاري وأجاز له جماعة. حدث عنه ابناه أبو موسى هارون وأبو المطرف عبد الرحمن وابن أخته أبو الحزم خلف بن محمد العبدري وحدث عنه سنة 445 هـ. لم أقف على وفاته. فرع فاس 354 - أبو عبد الرحمن عبد الرحيم بن أحمد ابن العجوز السبتي الفاسي: العلامة الحافظ شيخ الفتيا إليه الرحلة بالمغرب وله عقب نجباء بلغوا خمسة أئمة، رحل ولازم ابن أبي زيد وحمل عنه كتبه وأخذ عن دراس والأصيلي وغيرهم. روى عنه أبناؤه عبد العزيز وعبد الرحمن وعبد الكريم وقاسم بن محمد الميموني ومحمد بن عبد الرحمن بن سليمان وجماعة. مولده سنة 340هـ وتوفي سنة 413هـ[1022 م]. 355 - ابنه الفقيه الكالم العالم الصالح الزكي الفاضل عبد الرحمن، أخذ عن والده، حج ولقي بالقيروان أبا إسحاق التونسي وأخذ عنه، وعنه أخذ ابنه محمد. توفي سنة 417هـ[1026 م].

الطبقة العاشرة

الطبقة العاشرة من أهل العراق هنا انتهى فرع العراق 356 - أبو يعلى أحمد بن محمد العبدي: إمام المالكية بالبصرة وصاحب تدريسهم ومدار فتواهم ذو التآليف مذهباً وخلافاً الرجل العالم، أخذ عن أبي الحسن بن هارون التميمي وبه تفقه مالكية البصرة منهم أبو عبد الله بن صالح وأبو منصور بن باقي، وسمع منه القاضي الشهير أبو علي والقاضي أبو بكر عبيد الله بن عمران السبتي النفزاوي وعالم كثير، توفي سنة 489 هـ[1095 م]. فرع إفريقية 357 - أبو حفص عمر بن أبي عمر بن أبي محمد بن أبي زيد: الفقيه المحدث الفاضل، شارك أخاه القاضي أبا بكر في شيوخه. توفي سنة 460 هـ وله ابن اسمه عبد الرحمن كان عالماً فاضلاً. 358 - أخوه القاضي أبو بكر أحمد بن أبي عمر بن أبي زيد: الفقيه الإمام الفاضل العارف بالأحكام والنوازل القاضي العادل، روى التهذيب عن مؤلفه البرادعي وكان البرادعي يثني عليه كثيراً، أخذ عن أبي جعفر الداودي وغيره. توفي بعد سنة 460 هـ[1067 م]. 359 - أبو القاسم عبد الخالق بن عبد الوارث السيوري: خاتمة علماء إفريقية وآخر شيوخ القيروان وذو الشأن البديع في الحفظ والقيام بالمذهب، الأديب الفاضل النظار الزاهد تفقه بأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي وغيرهما؛ كان له عناية بالحديث والقراءات، أخذ عن أبي عبد الله بن سفيان المقري وبه تفقه عبد الحميد الصائغ واللخمي وحسان البربري وعبد الحق الصقلي وابن سعدون وغيرهم، له تعليق حسن على المدونة وكان يحفظها وطال عمره، توفي بالقيروان سنة 460 هـ أو سنة 462 هـ وقبره بها معروف متبرك به [1067 م] أو [1069 م].

360 - أبو محمد عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي القرشي الصقلي: الإمام الفقيه الحافظ النظار العالم المتفنن، تفقه بشيوخ القيروان كأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي وأبي عبد الله بن الأجدابي وشيوخ صقلية كأبي بكر بن أبي العباس، وتفقه مع التونسي والسيوري وابن بنت خلدون وحج ولقي القاضي عبد الوهاب وأبا ذر الهروي وحج أخرى بعد أن أسن وكبر وبعد صيته، لقي أبا المعالي إمام الحرمين بمكة سنة 450 هـ فباحثه وسأله عن مسائل مشهورة بين الناس نقلها الونشريسي في معياره. كان مليح التأليف، ألّف كتاب النكت والفروق لمسائل المدونة كتاب مفيد وكتابه الكبير المسمى بتهذيب الطالب، وله استدراكات على تهذيب البرادعي وعقيدة رويت عنه وجزء في ضبط ألفاظ المدونة. مات بالإسكندرية سنة 466 هـ[1073 م]. 361 - أبو محمد عبد الله بن يحيى بن علي بن زكرياء الشقراطيسي: نسبة إلى قلعة بالقرب من قفصة وهو من أبناء توزر وفحول نبغائها، أخذ العلوم بالقيروان ثم حج وعاد إلى بلاده وأقرأ العلم بها ونشره وأخذ عنه أعلام منهم أبو الفضل بن النحوي وكان له الباع الطويل في العلوم الدينية وفنون الآداب، واشتهر ذكره في الآفاق بقصيدة فريدة في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي سيرة الصحابة وهي المعروفة بالشقراطيسية أنشدها بالمدينة تجاه القبر الكريم، وشرحها جماعة من العلماء منهم ابن الشباط في مجلدات وخمسها أبو عمرو عثمان بن عتيق المهدوي المعروف بابن عريبة، توفي سنة 466 هـ[1073 م]. 362 - أبو الحسن علي بن محمد الربعي: المعروف باللخمي القيرواني الإمام الحافظ العالم العامل العمدة الفاضل رئيس الفقهاء في وقته وإليه الرحلة. تفقه بابن محرز والسيوري والتونسي وابن بنت خلدون وجماعة. وبه تفقه جماعة منهم الإمام المازري وأبو الفضل بن النحوي وأبو علي الكلاعي وعبد الحميد الصفاقسي وعبد الجليل بن مفوز وأبو يحيى بن الضابط، له تعليق على المدونة سماه التبصرة، مشهور معتمد في المذهب، توفي سنة 478 هـ[1085 م] بصفاقس وقبره بها معروف متبرك به.

363 - أبو محمد عبد الحميد بن محمد القيرواني: المعروف بابن الصائغ الإمام المحقق الفهامة الحافظ العلامة الجيد الفكر القوي العارضة. أدرك أبا بكر بن عبد الرحمن وأبا عمران الفاسي وتفقه بأبي حفص العطار وابن محرز وأبي إسحاق التونسي وأبي الطيب الكندي والسيوري وغيرهم. وبه تفقه الإمام المازري وأبو علي حسان البربري وأبو الحسن الحوفي وأبو بكر بن عطية. له تعليق مهم على المدونة معروف كمل فيه الكتب التي بقيت على التونسي وأصحابه يفضلون على اللخمي. ولما أراد المعز بن باديس تولية أبي الفضل بن شعلان قضاء المهدية اشترط عليه تولية صاحب الترجمة الفتيا فأجابه لذلك وجلبه، ودارت فتواه عليه، ثم لما قام أهل سوسة على تميم بن المعز قبض على جماعة منهم صاحب الترجمة وضربه وضرب عليه غرامة باع فيها الشيخ كتبه وانقبض على الفتوى وخرج لسوسة. ثم رجع لحالته وأفتى ودرس وحصل النفع به إلى أن توفي سنة 486 هـ وقبره بها معروف متبرك به [1093م]. 364 - أبو عبد الله محمد بن سعدون بن علي بن بلال القيرواني: الفقيه الحافظ النظار تفقه بشيوخ القيروان وسمع من أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عبد الله محمد بن الناظور وابن الأجدابي وأبي علي الزيات البوني واللبيدي والسيوري وابن عبد الله المالكي ومكي القرشي وتفقه بأبي إسحاق التونسي. وحج وسمع من أبي ذر الهروي والمطوعي وحمل عنه تآليفه في التصوف وغيرها، وابن ربيعة، وطاف بلاد المغرب والأندلس وأخذ عنه الناس وسمعوا منه منهم الحافظان أبو علي الجياني والصدفي وأبو عمر سفيان بن العاص وأبو الحسن بن مغيث وابنه والقاضي أبو عبد الله بن عيسى التميمي وابن النحوي، له تآليف منها إكمال تعليق التونسي على المدونة ومناقب شيخه أبي بكر بن عبد الرحمن وكتاب في ذم بني عبيد. مولده سنة 413 هـ وتوفي سنة 486 هـ وفي كتاب التشوف إلى رجال التصوف أنه توفي بأغمات سنة 485 هـ وقبره متبرك به هناك. وفيه أن أبا محمد عبد العزيز التونسي أخذ العلم عن أبي عمران الفاسي وأبي إسحاق التونسي، واستقر أخيراً بأغمات وبها توفي سنة 486 هـ[1093 م]. أخذ عنه ابن أخيه عبد السلام العالم الصالح المتوفى بتلمسان. 365 - أبو الحسن علي بن محمد بن ثابت الخولاني المهدوي: المعروف

فرع الأندلس

بالحداد الإمام المقرئ كان من جملة العلماء المنقطعين والأدباء المجيدين. وكان يدرس النحو، وكان الأمير تميم بن المعز يجله ويكرمه ويعرف مقامه. أخذ عنه جماعة منهم أبو بكر بن العربي، قال ابن العربي: كنت أحضر عليه كتابه المسمى بالإشارة وشرحها وغيرها من تآليفه، وكان ذلك بالمهدية في شهور سنة 485 هـ. وأخذ عنه أبو القاسم اللبلي أثناء رحلته للمشرق الواقعة سنة 497هـ. 366 - أبو الحسن علي بن عبد الغني: المعروف بالمصري القيرواني العالم الإمام في القراءات السبع الثقة. قرأ على أبي عتيق بن أحمد المصري وغيره وله قصيدة في القراءات، مات بطنجة سنة 488هـ[1095 م]. فرع الأندلس 367 - أبو جعفر مكي بن عيسى بن أحمد: المعروف بالكندي الفقيه الناسك العالم الفاضل تفقه عن جماعة وعنه أبو الحسن بن حمديس وأبو جعفر بن رزق وأبو الأصبغ بن سهل. توفي بقرطبة في رجب سنة 454 هـ[1062 م]. 368 - قاضي الجماعة أبو القاسم سراج بن محمد بن عبد الله بن سراج: كان من أفضل أهل زمانه وأعف أقرانه فقيهاً متفنناً في العلوم. سمع أبا القاسم الأصيلي والقاضي ابن بطال وأبا المطرف بن فطيس وسلمة بن بشير وغيرهم. حدّث عنه ابنه مروان وأبو علي الجياني وابن طريف الكاتب وغير واحد. ولي الشورى بقرطبة وخططاً بالوزارة، ثم ولي القضاء. توفي في شوال سنة 456 هـ[1063 م] وعمره نيف وثمانون سنة. 369 - أبو جعفر أحمد بن محمد بن مغيث الصدفي: كبير طليطلة وفقيهها كان حافظاً بصيراً بالفتوى والأحكام نظاراً فصيحاً أديباً. تفقه بابن زهير وابن أرفع رأسه ابن الفخار وسمع من أبي ذر الهروي وابن المطوعي وغيرهما. حدث عنه صاعد بن أحمد بن صاعد وأبو محمد الشارقي والطيب بن الحريري وغيرهم. ولقي بالقيروان أبا بكر بن عبد الرحمن حدث عنه بالإجازة أبو محمد بن عتاب، ألّف المقنع في الوثائق، توفي سنة 459 هـ.

370 - أبو محمد عبد الله بن فتوح بن موسى بن عبد الواحد السبتي ثم الأندلسي: الفقيه العالم الإمام الفاضل. ألّف الوثائق المجموعة جمع فيه كتب الوثائق. كانت وفاته نحو الستين وأربعمائة [1067 م]. 371 - أبو عمر أحمد بن محمد بن عيسى بن هلال القطان القرطبي: الإمام الفقيه الحافظ دارت عليه الفتوى والشورى مع ابن عتاب. تفقه بابن دحون وابن الشقاق، وسمع القاضي ابن مغيث وغيره. تفقه به القرطبيون منهم أبو مالك موسى بن الطلاع وابن حمديس وابن رزق مولده سنة 395 هـ. مات منتصف ذي القعدة سنة 460 هـ[1067 م]. 372 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عتاب القرطبي: شيخ المفتين بها الإمام الفقيه الحافظ المحدث العالم الزاهد. تفقه بابن النجار وابن أبي الأصبغ القرشي وابن بشير صحبه اثني عشر عاماً وكتب له في مدة قضائه. روى عن القنازعي وابن حويبل وابن الحذاء وسعيد بن سلمة وسعيد بن رشيق والطلمنكي وأبي محمد باكير وابن مغيث وحاتم الطرابلسي، وأجازه أبو ذر الهروي ولم تكن له رحلة، تفقه به الأندلسيون وانتفعوا به، سمع منه ابنه عبد الرحمن وعيسى بن سهل وأبو علي الغساني وأبو جعفر بن رزق، له فهرسة مولده سنة 383 هـ وتوفي في صفر سنة 462 هـ[1069 م]. 373 - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري: الإمام الحافظ النظار شيخ علماء الأندلس وكبير محدثيها الشهير الذكر في الأقطار شهرته تغني عن التعريف به، تفقه بابن المكوي وابن الفرضي ولازمه كثيراً وأحمد بن عبد الملك بن هشام ولازمه وجماعة وكتب إليه جلة من أهل المشرق منهم الحافظ عبد الغني بن سعيد وأبو ذر الهروي وسمع جماعة منهم سعيد بن نصر وعبد الوارث وأحمد بن قاسم البزار وخلف بن سهل وأبو عمر الطلمنكي وأبو المطرف القنازعي والقاضي يونس، سمع منه عالم كثير كأبي العباس الدلائي وأبي محمد بن أبي قحافة

وأبي عبد الله الحميدي وأبي علي الغساني وأبي عمر سفيان ابن القاضي، ألّف في الموطأ كتباً مفيدة منها كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لم يتقدمه فيه أحد، والاستذكار بمذهب علماء الأمصار، والاستيعاب في أسماء الصحابة، والكافي في الفقه، والدرر في المغازي والسير، وكتاب العقل والعقلاء وما جاء في أوصافهم عن الحكماء والعلماء، وكتاب فضائل مالك وأبي حنيفة والشافعي، وفهرسة، وجامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، وجمهرة الأنساب في قبائل العرب وأنسابهم، وبهجة المجالس وأنس الجالس في ثلاثة أسفار جمع أشياء تصلح للمذاكرة والمحاضرة وغير ذلك، مولده سنة 368 هـ وتوفي بشاطبة في ربيع الثاني سنة 463 هـ[1070 م]. 374 - وفيها توفي الخطيب أبو بكر بن أحمد البغدادي: الحافظ فكان الخطيب حافظ المشرق وأبو عمر حافظ المغرب. 375 - أبو القاسم حاتم بن محمد الطرابلسي: أصله من طرابلس الشام الفقيه الإمام العالم العامل المحدث الثقة الراوية المقرئ الفاضل، أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب يطول استقصاؤهم منهم القاضي أبو المطرف بن فطيس ومحمد بن النجار وأبو عمر الطلمنكي وابن السنان وأبو الحسن القابسي لازمه إلى أن توفي وابن سعدي وأبو الحسن فراس وأجازه وأبو سعيد الشجري روى عنه كتاب مسلم وأبو عبد الله محمد بن سفيان المهدوي أخذ عنه كتاب الهادي في القراءات وأبو عمران الفاسي وأبو بكر بن عبد الرحمن ومروان بن علي البوني أخذ عنه الكبار والصغار لطول سنه، منهم أبو محمد بن عتاب وأبو محمد الخشني وأبو علي الغساني وأبو الحسن بن مغيث ومَن لا يعد كثرة. مولده سنة 378 هـ وتوفي سنة 469 هـ[1076 م]. 376 - القاضي أبو عبد الله محمد بن منظور القيسي الإشبيلي: الإمام الفقيه المحدث الراوية طلب الفقه والحديث ببلده ثم رحل فسمع من أبي ذر الهروي وغيره ثم انصرف للأندلس واحتيج إليه وسمع منه الناس، أخذ عنه أبو علي الجياني وأبو الحسن شريح وجماعة، توفي سنة 469 هـ[1076 م].

377 - وفيها توفي أبو مروان حيان بن خلف بن حسين بن حيان القرطبي: كان علامة من خيرة مؤرخي الأندلس له فيه تاريخ في ستين جزءاً. 378 - القاضي أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف التميمي: الفقيه الحافظ النظار العالم المتفنن المؤلف المتقن المتفق على جلالته علماً وفضلاً وديناً. أخذ عن أبي الأصبغ بن شاكر ومحمد بن إسماعيل وأبي محمد مكي والقاضي يونس بن عبد الله بن مغيث، رحل للمشرق سنة 426 هـ وحجّ أربع حجج وأقام بمكة أربعة أعوام مع أبي ذر الهروي وأكثر نسخ البخاري الصحيحة بالمغرب إما رواية الباجي عن أبي ذر بسنده وإما رواية أبي علي الصدفي بسنده، وأقام ببغداد ثلاثة أعوام يدرس ويقرىء الحديث، وسمع من ابن المطوعي وابن محرز وابن الوراق وابن عمروس، وروى عن الحافظ أبي بكر الخطيب وهو روى عنه فكل روى عن صاحبه، وسمع من الطبري والدامغاني وعنه روى ابن عبد البر ومما يفتخر به أنه روى عنه حافظا المشرق والمغرب أبو بكر الخطيب وابن عبد البر ومما أسن منه. تفقه به جماعة منهم ابنه أحمد وأبو عبد الله الحميدي وعلي بن عبد الله الصقلي وأحمد بن غزلون وأبو بكر الطرطوشي والحافظان أبو علي الجياني الصدفي وأبو القاسم المعافري وابن أبي جعفر والقاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن بشير المتوفى سنة 453 هـ ومن لا يعد كثرة وبينه وبين ابن حزم الظاهري مناظرات ومجالس مدونة، وكان ابن حزم يقول: لو لم يكن لأصحاب المذهب المالكي إلا عبد الوهاب والباجي لكفاهم، صنف كتباً كثيرة نافعة منها: التسديد إلى معرفة التوحيد وسنن المنهاج وفي نسخة السراج، وترتيب الحاج، وأحكام الفصول في أحكام الأصول، والتعديل والتجريح لما خرج عنه البخاري في الصحيح، وشرح الموطأ وهو نسختان: إحداهما الاستيفاء كتاب مفيد كثير العلم ثم انتقى منها فوائد سماها المنتقى في سبع مجلدات وهو أحسن كتاب ألف في مذهب مالك شاهد له بالتبحر في العلوم، وله الاملاء مختصر المنتقى قدر ربعه، ومختصر المختصر في مسائل المدونة، واختصار الموطآت وكتاب الإشارة في أصول الفقه، وكتاب الحدود، وكتاب سنن الصالحين وفهرست وغير ذلك وهي ثلاثون مؤلفاً. مولده سنة 403 هـ وتوفي سنة 474 هـ[1081 م].

379 - أما ابنه أبو القاسم أحمد الباجي: فكان إماماً في العلوم فقيهاً أصولياً مع الفضل والدين المتين. تفقه بأبيه وأذن له في إصلاح كتبه وخلفه في حلقته بعد وفاته، أخذ عنه أئمة منهم أبو علي الصدفي، وحدث عنه الجياني. ألّف كتاب سر النظر وكتاب معيار النظر وكتاب البرهان على أن أول الواجبات الإيمان وغير ذلك، ورحل وحج ومات بجدة سنة 493 هـ[1099 م]. 380 - أبو جعفر أحمد بن محمد بن رزق القرطبي: الفقيه العالم الحافظ شيخ الفتوى المشاور. تفقه بابن القطان وأبي محمد بن عتاب وسمع ابن عبد البر، وروى عن أبي العباس العذري وأجاز له عبد الحق الصقلي، تفقه به القرطبيون منهم ابن رشد وابن الحاج وأصبغ بن محمد وهشام بن أحمد بن أبي جعفر، له تآليف حسنة، مولده سنة 390هـ وتوفي سنة 477هـ[1084 م]. 381 - أبو العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري: المعروف بابن الدلائي الأندلسي الإمام الفقيه المحدث الراوية العالم الجليل القدر الشهير الذكر سمع من أبي ذر الهروي البخاري مرات وأبي العباس الرازي والقاضي يونس والمهلب بن أبي صفرة وأبي عمرو الصفاقسي وغيرهم مما هو كثير من أهل الحجاز والعراق وخراسان وعنه من لا يعد كثرة منهم ابن عبد البر، وروى عنه أبو علي الصدفي صحيح مسلم عن أبي الحسن طاهر بن مفوز عن أبي حامد الجلودي عن إبراهيم بن أحمد بن سفيان عن مؤلفه مسلم، له فهرسة. مولده سنة 393 هـ وتوفي سنة 478 هـ[1085 م]. 382 - أبو الحسن علي بن محمد الواسطي: الإمام الفاضل الفقيه العالم العامل سمع من الشريف أبي الحسن بن عبد الصمد الهاشمي وعنه القاضي الشهيد وأبو علي الصدفي، توفي سنة 480هـ[1087 م]. 383 - أبو بكر محمد بن علي المعافري: يعرف بابن الجوزي وهو خال القاضي عياض الفقيه الإمام العالم المتفنن أخذ عن أبي الأصبغ بن سهل وغيره، رحل لإفريقية وأخذ عن عبد العزيز الديباجي وروى عنه كتبه، ألّف في التفسير والتوحيد، مولده سنة 428هـ وتوفي سنة 483هـ.

384 - القاضي أبو الوليد محمد بن خلف بن سعيد: المعروف بابن المرابط المري الفقيه الفاضل الإمام العالم العمدة الكامل أخذ عن أئمة منهم المهلب بن أبي صفرة وروى عن أبي عمر الطلمنكي رحل إليه الناس وسمعوا منه منهم القاضي أبو عبد الله التميمي والقاضي أبو علي الحافظ ومحمد بن أبي جعفر، له شرح على البخاري كتاب كبير حسن، توفي سنة 485 هـ[1092 م]. 383 - أبو العباس أحمد بن محمد الأنصاري: يعرف بابن الحداد العلامة الحبر الفهامة الأخباري الرحال رحل للمشرق سنة 452 هـ في طلب العلم وأهله ودخل بلاد فارس وخراسان والشام والعراق وحج وعاد إلى مصر ثم لبلده إلى أن تغلب الروم على طليطلة في المحرم سنة 478 هـ ووقعت مناظرة علمية بينه وبين القاضي أبي الأصبغ بن سهل، لم أقف على وفاته. 386 - القاضي أبو الأصبغ عيسى بن سهل الأسدي القرطبي: الإمام الفقيه الموثق النوازلي الحافظ المشاور تفقه بأبي عبد الله بن عتاب ولازمه وأخذ عن ابن القطان وحاتم الطرابلسي وروى عن مكي بن أبي طالب والحافظ بن عامر ويحيى القليعي وأجازه ابن عبد البر، كان يحفظ المدونة والمستخرجة وتفقه به جماعة منهم القاضي أبو محمد بن منظور وأبو إسحاق بن جعفر والقاضي أبو عبد الله بن عيسى التميمي وأبو زيد الصقر، قال القاضي عياض: وسمع منه خالاي أبو محمد وأخوه ابنا الجوزي، ألّف كتاب الأعلام بنوازل الأحكام عوّل عليه شيوخ الفتيا والحكام وله فهرست، مولده سنة 413 هـ وتوفي سنة 486 هـ[1093 م]. 387 - أبو عبد الله محمد بن أبي نصر بن فتوح الأسدي: المعروف بالحميدي الأندلسي الإمام الفقيه الحافظ العالم المشهور المؤرخ أخذ عن ابن عبد البر وأبي الوليد الباجي وأبي العباس العذري وغيرهم، رحل فسمع بإفريقية ومصر ومكة والشام والعراق واستوطن بغداد، ألّف كتاب الجمع بين الصحيحين

البخاري ومسلم وله تاريخ في علماء الأندلس سماه جذوة المقتبس وغير ذلك، أدرك الحافظ أبا بكر الخطيب وروى عنه وعنه روى أبو بكر المذكور، مولده سنة 420 هـ وتوفي سنة 488 هـ[1095 م]. 388 - أبو مروان عبد الملك بن سراج بن عبد الله بن سراج: العالم الجليل الحافظ إمام الأندلس في وقته وإليه الرحلة من الجهات سمع من أبيه وأبي عمر بن الضابط الصفاقسي والقاضي يونس ومكي وأبي مروان بن حيان واحتاج إليه الكثير من شيوخه للأخذ عنه وعنه أخذ جماعة منهم ابنه الحافظ أبو الحسن سراج وحدث عنه الجياني والصدفي وأبو محمد عبد الله بن العربي وابن رشد وابن الحاج والقاضي أبو عبد الله بن عيسى التميمي وغيرهم، مولده سنة 400 هـ وتوفي سنة 489هـ[1095م]. 389 - أبو محمد عبد الله بن محمد: والد القاضي أبي بكر بن العربي العمدة الفاضل الفقيه العالم العامل سمع من أبي عبد الله بن منظور وأبي محمد خزرج وأبي مروان بن سراج وأبي عبد الله بن عتاب وجماعة، وعنه ابنه القاضي أبو بكر رحل للمشرق مع ابنه المذكور وأفاد واستفاد ومات بالإسكندرية سنة 493 هـ[1099 م]. 390 - أبو المطرف عبد الرحمن بن قاسم الشعبي المالقي: الإمام الفهامة الفاضل العالم بالأحكام والنوازل انفرد ببلده برئاسة الفتوى نحواً من ستين سنة كان من أقران ابن الطلاع أخذ عن أعلام وأجازه القاضي يونس بن عبد الله بن مغيث، له فتاوى في غاية النبل اعتمده ابن عرفة وغيره، مولده سنة 402 هـ وتوفي في رجب سنة 497 هـ[1103 م]. 391 - أبو عبد الله محمد بن فرج مولى ابن الطلاع: الإمام الحافظ شيخ الفقهاء العالم القوال بالحق سمع من ابن مغيث القاضي وأبي محمد مكي وابن عابد

وابن جهور وحاتم الطرابلسي وغيرهم وتفقه بابن القطان وغيره، أخذ عنه هشام بن أحمد وابن رشد وابن الحاج وعبد الحق الخزرجي وجماعة، حدث عنه القاضي أبو محمد بن عيسى التميمي وغيره واستجازه أبو علي الصدفي، ألّف كتاب أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - وكتاب الشروط وأخرج زوائد أبي محمد في المختصر وله فهرسة، طال عمره فسمع منه الكبار والصغار والأبناء والآباء، مولده سنة 404 هـ وتوفي سنة 497 هـ[1103 م]. 392 - أبو علي الحسين بن محمد الغساني: المعروف بالجياني الفقيه الحافظ إمام المحدثين في وقته وكبير العلماء العاملين أخذ عن أبي الوليد الباجي وابن عبد البر وابن الحذاء وسراج بن عبد الله وابنه أبي مروان وأبي عباس العذري وحاتم الطرابلسي وأبي عبد الله بن عتاب رحل الناس إليه وسمعوا منه منهم القاضي أبو عبد الله بن عيسى التميمي وأبو القاسم بن ورد وحدث عنه القاضي عياض وأجازه وأخذ عنه أبو عبد الله بن خصلة وأبو محمد بن برطلة وأبو إسحاق بن فرحون والقاضي ابن سعادة وأبو الحسن بن هذيل وأبو عبد الله بن خليل والقاضي أبو محمد بن عطية وأبو جعفر بن الباذش وأبو زيد عبد الرحمن الصقر ومَن لا يعد كثرة، ألّف كتاب المهمل وتمييز المشكل وله تأليف في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" الحديث وله جزء منتخب من تاريخ ابن الفرضي وتأليف في تسمية شيوخ أبي داود وتأاليف في شيوخ النسائي وكتاب في ضبط رجال الصحيح وفهرسة، مولده سنة 427 هـ وتوفي سنة 498 هـ[1104 م]. 393 - أبو الحسن سراج بن أبي مروان بن سراج: الإمام الفقيه العالم الحافظ اللغوي الثقة الفاضل العمدة الكامل أخذ عن والده وجده سراج وابن عتاب وعنه القاضي عياض وجماعة، مولده سنة 439 هـ وتوفي في جمادى الآخرة سنة 508 هـ[1114 م] ومن كلامه: بث الصنائع لا تحفل بموقعها ... في آمل شكر المعروف أو كفرا كالغيث ليس يبالي حيثما انسكبت ... منه الغمائم ترباً كان أو حجرا 394 - أبو محمد عبد الله بن المعذل: الإمام الفقيه المحدث أخذ عن أئمة وعنه القاضي عياض وغيره، مات بسبتة سنة 501 هـ[1107 م].

فرع فاس

فرع فاس 393 - قاضي سبتة أبو عبد الله محمد بن عيسى التميمي السبتي: الفقيه المحدث الحافظ الراوية إمام المغرب في وقته أخذ عن أبي محمد السلمي وبه تفقه وأبي عبد الرحمن بن العجوز وتفقه على القاضي ابن المرابط ولازمه وأبي مروان بن سراج وأبي علي الجياني ومحمد بن فرج مولى ابن الطلاع وغيرهم وعنه جماعة منهم ابنه أبو محمد والقاضي ابن منظور والقاضي عياض وعليه اعتماده والقاضي أبو إسحاق بن يربوع وأبو بكر بن صباح مولده سنة 429 هـ وتوفي سنة 505 هـ[1111 م]. 396 - أبو زيد عبد الرحمن بن أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن العجوز: تقدم أن والده حج مع أبيه عبد الرحمن ودخلا القيروان وأخذا عن أبي إسحاق التونسي. وأبو زيد هذا كان عالماً فاضلاً فقيهاً ثقة كاملاً أخذ عن والده وعنه القاضي عياض وغيره، قال القاضي عياض: حدثني عبد الرحمن عن أبيه أبي عبد الله عن جده عبد الرحمن عن جده عبد الرحيم بن العجوز عن أبي محمد بن أبي زيد عن ابن اللباد عن ابن عبدوس بسنده. توفي بفاس سنة 510 هـ[1116 م]. الطبقة الحادية عشرة هنا أخذ فرع المصريين في الرجوع بعد الانقطاع. فرع مصر 397 - أبو بكر محمد بن الوليد القرشي الفهري: المعروف بابن رَنْدَقَه الطُرطوشي الإسكندري الإمام الفقيه الحافظ العالم العامل الثقة الفاضل الجليل القدر

الشهير الذكر صحب أبا الوليد الباجي وأخذ عنه وأجازه ورحل للمشرق ودخل بغداد، وسمع من أبي بكر الشاشي وأبي محمد الجرجاني وأبي علي التستري وجماعة، وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم أبو الطاهر إسماعيل بن مكي وسند مؤلف الطراز وأبو بكر بن العربي وطارق المخزومي والقاضي ابن سعادة وأبو عبد الرحمن الأصيلي والإقليسي ومحمد بن مسلم المازري والقاضي عياض بالإجازة، له تآليف مفيدة منها سراج الملوك وكفى به دليلاً على فضله ومختصر تفسير الثعالبي وكتاب كبير في مسائل الخلاف ورسالة في تحريم جبن الروم وكتاب في بدع الأمور ومحدثاتها وشرح رسالة ابن أبي زيد وكتاب بر الوالدين وسراج الهدى حسن في بابه وتأليف عارض به الأحياء واختصار الكشف والبيان عن تبيين القرآن ورسالة لابن تاشفين ومنتخب في عيون خصائص العباد وأجزاء في الكلام عن الغنى والفقر وغير ذلك. مولده سنة 451 هـ وتوفي سنة 520 هـ[1126 م] بالإسكندرية وقبره بها معروف متبرك به مستجاب الدعاء عنده. 398 - أبو علي سند بن عنان بن إبراهيم الأسدي المصري: الإمام الفقيه الفاضل العالم النظار العمدة الكامل، تفقه بأبي بكر الطرطوشي، وسمع منه وانتفع به وجلس لإلقاء الدروس بعده، روى عن أبي طاهر السلفي وأبي الحسن بن شرف، وعنه أخذ جماعة وانتفعوا به منهم أبو الطاهر إسماعيل بن عوف، ألّف الطراز كتاب حسن مفيد شرح به المدونة نحو الثلاثين سفراً. وتوفي قبل إكماله اعتمده الحطاب وأكثر من النقل عنه في شرح المختصر وله تآليف في الجدل وغيره. توفي بالإسكندرية سنة 541 هـ[1156 م]. 399 - أبو عبد الله محمد بن مسلم بن محمد بن أبي بكر القرشي الصقلي المازري الإسكندري: الإمام الفقيه العالم المتفنن المحدث أخذ عن شيوخ صقلية، وسمع الحديث من أبي بكر الطرطوشي ودرس أصول الكلام على أبي بكر الحنفي وصنف في الكلام تصانيف منها البيان شرح به البرهان لأبي المعالي والمهاد شرح به الإرشاد. لم أقف على وفاته وكان بالحياة في سنة عشرين وخمسمائة. 400 - أبو عبد الله محمد بن أبي الفرج المازري: المعروف بالذكي الصقلي الأصل الفقيه الحافظ المتقدم في علم المذهب واللسان المتفنن في علوم القرآن

فرع إفريقية

وسائر المعارف، أخذ عن شيوخ بلده ودخل القيروان وأخذ عن السيوري وغيره، وتفقه به أبو الفضل ابن النحوي والقاضي أبو عبد الله بن داود وحمل عنه أدباً كثيراً وعلماً جماً، ألّف في علم القرآن كتاباً كبيراً وله تعليق كبير في المذهب مستحسن رحل للمشرق وسكن أصبهان وبها توفي بعد الخمسمائة. وقال السيوطي في طبقات النحاة: مولده بصقلية سنة 477 هـ ومات بأصبهان سنة 516 هـ[1122 م]. 401 - أبو حفص عمر: يعرف بابن الحكار الصقلي العالم الفاضل النظار المحقق الأريب الشاعر، كان حسن الكلام والتأليف له على المدونة شرح كبير وانتقد على التونسي مسائل كثيرة وله اختصار كتاب التمامات. لم أقف على وفاته. فرع إفريقية 402 - أبو الفضل يوسف بن محمَّد: المعروف بابن النحوي التوزري أصله من قلعة أبي حماد الإِمام العالم العامل المحقق العمدة القدوة الفاضل، كان من أهل العلم والدين على هدى السلف الصالح مجاب الدعوة وهو ناظم المنفرجة المشهورة أولها: اشتدي أزمة تنفرجي ... قد آذن ليلك بالبلج ولما أفتى علماء المغرب بإحراق أحياء أبي حامد الغزالي انتصر أبو الفضل هذا لأبي حامد وكتب إلى أمير المسلمين في شأن ذلك، أخذ عن أبي الحسن اللخمي وأبي عبد الله محمد المازري المعروف بالذكي وأبي زكريا الشقراطشي وعبد الجليل الربعي، وعنه جماعة من أهل إفريقية وفاس منهم أبو عمران موسى بن حماد الصنهاجي مفتي فاس. قال الحافظ ابن حرزهم: أوصاني أبي أن أقبّل يد أبي الفضل متى لقيته ولو لقيته في اليوم مائة مرة. قال: ودعا لي وحصلت لي بركته. توفي عن ثمانين سنة بقلعة بني حماد بجنوبي سهول بجاية في المحرم سنة 513 هـ[1119م] وقبره بها يزار حتى الآن. 403 - أبو عبد الله محمد بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي: من شعراء الأمير علي بن يحيي بن تميم، كان من الفضلاء العلماء الأدباء جمع بين رقة المعنى ومتانة اللفظ وقرب المقصد. توفي في حدود سنة 520 هـ[1126م].

404 - أبو الطاهر إبراهيم بن عبد الصمد بن بشير التنوخي المهدوي: الإِمام العالم الجليل الفقيه الحافظ النبيل بينه وبين أبي الحسن اللخمي قرابة، وتفقه عليه في كثير من المسائل ورد عليه اختياراته، أخذ عن الإِمام السيوري وغيره، ألّف كتاب التنبيه ذكر فيه أسرار الشريعة وكتاب جامع الأمهات والتذهيب على التهذيب وكتاب المختصر ذكر فيه أنه أكمله سنة 526 هـ. مات شهيداً، لم أقف على وفاته. 405 - أبو علي حسان البربري المهدوي: مفتيها وفقيهها الإِمام العمدة العلامة الفاضل القدوة أخذ عن السيوري وعبد الحميد الصائغ وغيرهما، وكان إليه المفزع في الفتوى، وكان الإِمام المازري يعظمه ويعبر عنه بصاحبنا. لم أقف على وفاته. 406 - أبو الفضل جعفر بن أديب إفريقية محمد بن سعيد بن شرف الجذامي القيرواني: الأديب الماهر الفيلسوف الشاعر دخل مع أبيه الأندلس وهو ابن سبع سنين كان من جلة العلماء وأفاضل الأدباء وأعلام الشعراء، روى عن أبيه والقاضي أبي عبد الله بن المرابط وأبي الوليد الوشقي وغيرهم استوطن المرية واتصل بملوك الطوائف فعلا قدره وسما ذكره ونال حظوة الوزارة، طال عمره فألحق الأبناء بالآباء وانتفع به الكثير وأخذوا عنه منهم ابن بُشكوال وأبو بكر بن عبد الله بن طلحة بن عطية بالإجازة، سمع منه جماعة منهم أبو عبد الله المعروف بابن عبيد الله، له تآليف حسان في الأمثال والأخبار والآداب والأشعار وله أرجوزة في الزهد وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - مولده سنة 444 هـ بالقيروان وتوفي بالأندلس سنة 534 هـ[1139 م]. 407 - أبو الحسن علي بن عبد الله بن داود: يعرف بالمالكي القيرواني نزيل المرية الفقيه المشاور العالم المتفنن العمدة الفاضل، روى عن أبي الحسن بن مكي اللواتي وعبد القادر بن الخياط وأبي علي الصدفي وغيرهم، حدّث عنه جماعة منهم أبو عبد الله النميري وأبو محمد بن عاشر وأبو محمد المعروف بابن عبيد الله له جمع بين الاستذكار والمنتقى وشرح رقائق ابن المبارك سماه زهر الحدائق، توفي سنة 536 هـ[1141 م]. 408 - أبو عبد الله محمَّد بن علي بن عمر التميمي المازري: المعروف

بالإمام خاتمة العلماء المحققين والأئمة الأعلام المجتهدين الحافظ النظار، كان واسع الباع في العلم والاطلاع مع ذهن ثاقب ورسوخ تام بلغ درجة الاجتهاد وبلغ من العمر نيفاً وثمانين سنة ولم يفتِ بغير مشهور مذهب مالك وكان رحمه الله كثير الحكايات عن الصالحين في مجالسه ويقول هي جند من جنود الله تعالى، أخذ عن أبي الحسن اللخمي وعبد الحميد الصائغ وغيرهما وعنه من لا يعد كثرة منهم أبو محمد عبد السلام البرجيني وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحيم يعرف بابن الفرس وأبو عبد الله بن تومرت وأبو عبد الله الشلبي وأبو الحسن صالح بن أبي القاسم بن عامر وأبو الحسن علي المعروف بابن المقرئ وأبو زكريا يحيى بن الحداد وأبو الحسن بن صاعد وأبو مروان بن عيشون وأبو الحسن المعروف بابن الأوجقي وأبو الطاهر بن مجكان وأبو الطاهر بن الدمنة التونسي، وبالإجازة أبو محمد المعروف بابن عبيد الله وأبو بكر بن أبي جمرة وأبو بكر بن خير وابن رشد المفيد والقاضي عياض وعبد المنعم بن الفرس ووالده وابن قرقول وأبو بكر بن أبي العيش وأبو القاسم ابن القاضي الشهيد المعروف بابن الحاج، له تآليف تدل على فضله وتبحره في العلوم منها شرح التلقين ليس للمالكية مثله وشرح البرهان لأبي المعالي سماه إيضاح المحصول من برهان الأصول وشرحه لهذين الكتابين يدل على أنه بلغ درجة الاجتهاد والمعلم في شرح صحيح مسلم. قال ابن خلدون: اشتمل على عيون من علم الحديث وفنون من الفقه وحكى ابن عيشون المذكور أنه سمع الإِمام يقول: كان السبب في تأليفه أنه قرئ على صحيح مسلم في رمضان فتكلمت على نقط منه فلما انتهت قراءته عرض على الأصحاب ما أمليته فنظرت فيه وهذبته انتهى باختصار، وكتابه الكبير وهو كتاب التعلقة على المدونة وكتاب الرد على الأحياء للغزالي المسمى بالكشف والأنباء على المترجم بالأحياء وتعليق على رد أحاديث الجوزقي وإملاء على رسائل إخوان الصفا والنكت القطعية في الرد على الحشوية والذين يقولون بقدم الأصوات والحروف والواضح في قطع لسان الكلب النابح وكشف الغطا عن لمس الخطا وغير ذلك وله الفتاوى والرسائل الكثيرة وكان إماماً في الطب وألف فيه في حكايته مشهورة وكان يفزع إليه في الطب كما يفزع إليه في الفتوى، مات في ربيع الأول سنة 536 هـ بالمهدية ودفن بالمنستير ولما خشي على قبره من البحر نقل لمقامه المشهور به إلى هذا الوقت والشائع عند أهل المنستير أنه لما نقل وجد جسده المكرم لم يتغير ومنقوش بحجر فوق باب مقامه المذكور محل الحافة منه {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} أسس هذا المقام على ضريحي الشيخين الإمامين العالمين أبوي عبد الله محمد المازري ومحمد بن المواز

فرع الأندلس

ومَن معهما من الفضلاء الأجلاء بعد نقلهم من ضريحهم ليلة الأحد الثالث والعشرين من ذي القعدة سنة 1176هـ وأمر ببنائه المعظم الأرفع سيدنا علي باشا باي ابن المعظم حسين باي انتهى قلت قوله ابن المواز لعله تحريف من الناقل والصواب ابن الحداد المذكور في الطبقة قبل هاته حيث تقدم في الطبقة السادسة ترجمة ابن المواز الموثق القرطبي وترجمة ابن المواز الإسكندري العالم المشهور وأنه مات بدمشق أو بعض حصون الشام اختفى به حين هرب من فتنة ولم أقف على ثالث لهما يعرف بابن المواز ولعل الهروب والاختفاء المشار إليه كان لإفريقية بحصن المنستير وبه توفي تأمل وابحث لعلك تحصل المطلوب. فرع الأندلس 409 - أبو الحسن علي بن محمد الجذامي: يعرف بالبرجي من أهل المرية كان فقيهاً فاضلاً من أهل الخير والصلاح والتفنن في العلوم سمع من أبوي علي الجياني والصدفي وغيرهما وعنه أبو العباس بن التعريف وغيره، ولما أحرق القاضي ابن حمديس إحياء الغزالي أفتى بتأديب محرقه وتغريمه قيمته وتبعه أبو القاسم بن ورد وغيره، توفي بالمرية سنة 509 هـ[1115 م]. 410 - القاضي الشهير أبو علي الصدفي الحسين بن محمد بن فيرة: يعرف بابن سكرة السرقسطي العالم الجليل المحدث الحافظ النظار كان عالماً بالحديث وطرقه وعلله وأسماء رجاله حافظاً لمصنفاته ذاكراً لمتونها وأسانيدها ورواتها روى عن أبي الوليد الباجي وابن عبد البر وأبي محمد عبد الله بن محمد بن إسماعيل وسمع من أبي العباس العذري وأبي عبد الله محمد بن سعدون القروي وأبي عبد الله محمد بن المرابط ورحل للمشرق ولقي أبا عبد الله محمد بن الحسين الطبري المالكي وأبا بكر الطرطوشي وأبا يعلى المالكي وأبا العباس الجرجاني وسمع من أبي المعالي محمد بن عبد السلام الأصبهاني وأقام ببغداد خمس سنين وسمع من أبي الفضل بن خيرون والحميدي والشاشي وأبي الفرج الإسفراييني وأبي الحسن الخلعي وغيرهم وأجازه الإِمام الحبال، أخذ عنه جماعة منهم أبو عبد الله بن خصلة

وأبو محمد بن برطلة وأبو إسحاق بن فرتوت والقاضي ابن سعادة وموسى بن سعادة وأبو عبد الرحمن بن زعوقة وأبو القاسم بن ورد وأبو عبد الله الأنصاري وابن هذيل وأبو عبد الله الشلبي وأبو العباس التدميري والقاضي أبو محمد بن عطية وأبو جعفر بن الباذش وأبو زيد الصقر واعتمد عليه القاضي عياض والقاضي أبو محمد بن عيسى وأبو علي بن سهل وغيرهم وأجاز ابن بشكوال وأبا الطاهر السلفي له فهرسة مولده سنة 450 هـ وفقد في حرب كنتده سنة 514 هـ وعمره نحو الستين، ألّف ابن الأبار معجماً في أصحابه وكذا القاضي عياض. 411 - أبو بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عطية: شيخ العلم وحامل لوائه ولواء حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - وكوكب سمائه الفقيه الأديب النظار الأريب كرر البخاري سبعمائة مرة ورحل للمشرق ولقي العلماء وروى وأسند، روى عن أبي علي الجياني وأبي عبد الله الحسن بن علي الطبري المالكي نزيل مكة وأجاز له ولقي بمصر أبا الفضل عبد الرحمن بن حسين الجوهري وبالمهدية أبا عبد الله محمد بن معاذ وأخذ عنه صحيح البخاري عن أبي ذر وغيرهم وعنه ابنه عبد الحق والقاضي عياض وابن زعوقة وأبو عبد الله الأنصاري وأبو عباس التدميري وأبو جعفر بن الباذش وأبو زيد الصقر وغيرهم وبالإجازة ابن بشكوال. مولده سنة 441 هـ وتوفي سنة 518 هـ[1124 م]. 412 - ابنه القاضي أبو محمد عبد الحق بن أبي بكر بن غالب: الفقيه الأريب المحدث المفسر العالم المتفنن الفاضل أخذ عن والده وروى عن أبوي علي الغساني والصدفي ومحمد بن الطلاع وجماعة وعنه ابنه حمزة وأبو جعفر بن مضاء وجماعة. ألّف كتاب الوجيز في التفسير أحسن فيه وأبدع أربى فيه على كل متقدم وطار لحسن نيته كل مطار وله برنامج في مروياته وأسماء شيوخه فحرر وأجاد. مولده سنة 481هـ وتوفي في رمضان سنة 542 هـ[1147 م].

413 - القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي: الإِمام العالم المحقق المعترف له بصحة النظر وجودة التأليف زعيم الفقهاء إليه المرجع في حل المشكلات متفنناً في العلوم بصيراً بالأصول والفروع فاضلاً ديناً إليه الرحلة. تفقه بابن رزق وعليه اعتماده وسمع الجياني وأبا عبد الله بن فرج وابن أبي العافية الجوهري وأبا مروان بن سراج وجماعة وأجازه أبو العباس العذري وعنه ابنه أحمد والقاضي عياض وأبو بكر بن محمد الإشبيلي وأبو الوليد بن خيرة وأبو بكر بن ميمون وعمر بن واجب وأبو الحسن بن النعمة ومحمد بن سعادة وغيرهم وأجاز ابن بشكوال. ألّف البيان والتحصيل لما في المستخرجة من التوجيه والتعليل والمقدمات لأوائل كتب المدونة واختصار الكتب المبسوطة من تأليف يحيى بن إسحاق بن يحيى بن يحيى وتهذيبه لكتب الطحاوي في مشكل الآثار وحجب المواريث وفهرسة وأجزاء كثيرة في فنون من العلم. مولده سنة 455 هـ وتوفي في ذي القعدة سنة 520 هـ[1126م]. 414 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن عتاب: الإِمام الفقيه الحافظ شيخ الإِسلام وخاتمة العلماء الأعلام أخذ عن والده وأكثر عنه وأبي عمر وابن الضابط الصفاقسي وروى عن أئمة وسمع منهم كحاتم الطرابلسي وأجازه كما أجازه جماعة منهم أبو محمد مكي وابن عبد البر وابن الحذاء وأبو عمر بن مغيث وأبو زكرياء القليعي وأبو مروان بن حيان وعنه القاضي عياض وابن بشكوال وابن قرقول وأبو بكر اللخمي الإشبيلي وأبو الوليد بن خيرة وأبو العباس أحمد بن رشد وأبو بكر العبدري، كانت الرحلة إليه من الآفاق وألحق الأبناء بالآباء وانتفع الناس به. له تآليف حسنة وفهرسة. مولده سنة 433 هـ وتوفي سنة 520 هـ أو سنة 528 هـ[1126م] أو [1133 م] كما في رياض الأزهار وهو الأصح. 415 - القاضي أبو بكر عبد الله بن طلحة اليابري الإشبيلي: الإِمام الفقيه الأصولي المفسر الفاضل القاضي العادل، روى عن أبي الوليد الباجي ورحل للشرق

وروى عن ابن الزيتوني كتابه في الحديث، وعنه روى أبو المظفر الشيباني وأبو محمد العثماني وأبو الحجاج يوسف بن محمد القيرواني وأبو عبد الله محمد بن محمد بن يعيش البلنسي وأبو عمرو عثمان بن فرج العبدري وأبو محمد بن صدقة، وأخذ عنه الزمخشري. ارتحل إليه من خوارزم لمكة للقراءة عليه، ألّف كتاباً في شرح صدر رسالة ابن أبي زيد ومجموعين في الأصول والففه رد فيهما على ابن حزم أحدهما سماه المدخل والآخر سماه سيف الإِسلام على مذهب مالك الإِمام، ألفه للأمير أبي الحسن علي بن تميم بن المعز صاحب المهدية وكان وصوله إليها سنة 513 هـ وسماع أبي الحجاج عنه سنة 519 هـ. استوطن مصر وتوفي بمكة. لم أقف على وفاته. 416 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد: بكسر السين النحوي البلنسي البطَلْيوسي الإِمام العمدة الفاضل العالم المتفنن الكامل، أخذ عن أبي علي الغساني وغيره، وعنه جماعة منهم القاضي عياض وبالإجازة ابن بشكوال. ألّف كتباً حساناً منها الاقتضاب في شرح أدب الكتاب وكتاب التنبيه على الأسباب الموجبة لاختلاف الأمة وله شرح على الموطأ ومن كلامه: أخو العلم حي خالد بعد موته ... وأوصاله تحت التراب رميم وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى ... يظن من الأحياء وهو عديم مولده سنة 444هـ وتوفي سنة 521 هـ انظر أزهار الرياض فقد أثنى عليه وأطال. 417 - أبو محمد عبد الله بن أحمد بن يربوع: الفقيه العمدة الفاضل المحدث الراوية الشيخ الكامل، أخذ عن أبي عبد الله بن منظور وأبي القاسم حاتم وأبي مروان بن سراج وأبي علي الغساني وأجازه وأبو العباس العذري وغيرهم وعنه جماعة منهم ابن بشكوال، له تآليف منها الإقليد في بيان الأسانيد وكتاب في معرفة أسانيد الموطأ والمنهاج في رجال مسلم بن الحجاج، مولده سنة 444هـ وتوفي سنة 522 هـ[1128 م]. 418 - أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الصقر الأنصاري

البلنسي: الفقيه العالم الثقة التبت المحدث الراوية، روى عن أبي بحر سفيان بن العاص وأبي بكر بن النعمة وأبي الأصبغ عيسى بن سهل وأبي بكر بن عطية وغيرهم مما هو كثير وأجازه أبو محمد بنأبو العسال وعبد الله بن فرج وأبو علي الغساني وغيرهم. روى عنه ابنه يوسف وغيره، ألّف اختصار السير والمغازي لابن إسحاق واختصار تاريخ أبي جعفر الطبري وانتخب سير المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، مولده سنة 454 هـ وتوفي سنة 523 هـ[1128م]. 419 - أبو العلاء زهر بن عبد الملك بن محمد بن مروان بن عبد الله بن خلف بن زهر الأيادي الإشبيلي: كان من أعلام العلماء والأئمة الفضلاء نبيه البيت أخذ عن أبي علي الغساني وأبي بكر بن مفوز وأبي جعفر بن عبد العزيز وسمع من أبي محمد بن أيوب ومال إلى علم الطب الذي أخذه عن أبيه ومهر فيه وفي تركيب الأدوية وألّف في ذلك ومع إمامته فيه كان مقدماً في الآداب معروفاً بذلك ومما قاله في الزهد وأمران يكتب على قبره: ترحم بفضلك يا واقفا ... وأبصر مكاناً دفعنا إليه تراب الضريح على صفحتي ... كأني لم أمش يوماً عليه أداوي الإِمام حذار المنون ... فها أنا قد صرت رهناً لديه روى عنه ابنه أبو مروان وأخذ عنه، وسمع منه ابن بشكوال وأجاز له وسماه في معجم شيوخه. توفي في قرطبة سنة 525 هـ[1130 م]. 420 - وابنه أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء زهر: العالم الجليل الفاضل الإِمام الكامل المتقدم في صناعة الطب مع جلالة البيت ونباهة السلف. روى عن أبي محمد بن عتاب وتناول منه الموطأ والصحيحين والدلائل وغير ذلك. وكتب إليه وإلى أبيه أبو محمد الحريري من بغداد. وأخذ علم الطب عن أبيه، وألّف فيه التيسير في مداوي الأدواء على أعضاء الإنسان، وألّف فيه أيضاً الاقتصاد في إصلاح الأجساد. وكان القاضي أبو الوليد بن رشد يثني عليه. توفي بإشبيلية سنة 557 هـ[1161م]. 421 - أبو محمد عبد الله بن محمد الخشني: الفقيه الإِمام المشاور العالم

المفسر المحدث أخذ عن أبي جعفر بن رزق وأبي القاسم حاتم وأبي الوليد الباجي وابن سعدون. رحل للمشرق وأخذ عن أبي عبد الله الحسن الطبري وغيره. وعنه جماعة منهم ابن بشكوال بالإجازة. مولده سنة 447 هـ وتوفي سنة 526 هـ[1131 م]. 1422 - أبو الحسن علي بن أحمد المعروف بابن الباذش الأنصاري: إمام الفريضة بجامع قرطبة، وشيخ شيوخها علماً وإتقاناً وديانة وفضلاً. أخذ عن أبي علي الصدفي وغيره، وعنه ابنه أحمد والقاضي عياض وعبد الحق بن عطية وأبو عبد الله الأنصاري وغيرهم. له شرح على كتاب سيبويه وشرح المقتضب والأصول لابن سراج وشرح الإيضاح والجمل والكافي لابن النحاس. مولده سنة 444 هـ وتوفي سنة 528 هـ[1133م]. 423 - ابنه أبو جعفر أحمد بن علي بن الباذش: الإِمام الجليل المتفنن في الآداب والإعراب والأسانيد المتبحر في القراءات. أخذ عن أبيه وبه تفقه والقراءات عن أبي القاسم خلف بن النحاس. وأجازه الغساني والصدفي وغيرهم. وعنه أبو خالد وأبو علي القليعي وأبو الحسن المقري وأبو العباس أحمد الصقر وغيرهم. له كتاب الإقناع في القراءات لم يؤلف في بابه مثله وكتاب الطرق المتداولة في القراءات أتقنه غاية الإتقان وله فهرسة وغير ذلك. توفي سنة 542 هـ وقال السيوطي سنة 540 هـ[1145م]، مولده سنة 491 هـ. 424 - القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد: يعرف بابن الحاج الإِمام الفقيه الحافظ العالم العمدة المشاور القدوة، أخذ عن محمد بن فرج مولى ابن الطلاع وابن رزق وغيرهما. وروى عن أبي مروان بن سراج وأبي علي الغساني. وعنه ابنه أحمد والقاضي عياض ومحمد بن سعادة وأبو بكر بن ميمون وأبو الوليد الدباغ وأبو الحسن بن النعمة وجماعة وابن بشكوال وأجازه، كان يدور القضاء في وقته بينه وبين أبي الوليد بن رشد في خلافة يوسف بن تاشفين وابنه، ألّف النوازل المشهورة وشرح خطبة صحيح مسلم وكتاب الإيمان والكافي في بيان العلم وفهرسة

وغير ذلك. قتل ظلماً بالمسجد الجامع وهو ساجد في صلاة الجمعة سنة 529 هـ[1134م]، ومولده سنة 458 هـ. 425 - أبو الوليد هشام بن أحمد بن هشام الهلالي الغرناطي: قاضيها ومفتيها الإِمام الفقيه المسند المحدث العالم الجليل الفاضل. أخذ عن أبي الوليد الباجي وأبي العباس العذري وغيرهما وعنه القاضي عياض وغيره. مولده سنة 444 هـ وتوفي سنة 530 هـ. اهـ من الديباج مع زيادة وفي حاشية الشيخ المهدي الوزاني على شرح الشيخ التاودي على التحفة عند قوله فضمنه المفيد أي مفيد الحكام لابن هشام هو الإِمام أبو الوليد أحمد بن هشام الهلالي من أهل غرناطة. أخذ عن أبي الوليد الباجي وأبي العباس العذري. ولي قضاء غرناطة. وتوفي سنة 530 هـ[1135م]. 426 - أبو الحكم عبد الرحمن بن أبي الرجال اللخمي الإشبيلي: يعرف بابن برجان، وأصله من إفريقية. العالم العمدة الفاضل كان من أهل المعرفة بالقراءات والأحاديث والتحقق بعلم الكلام والتصوف مع الزهد والاجتهاد في العبادة. سمع من أبي عبد الله بن منظور البخاري وحدّث به عنه، وسمع من غيره، حدث عنه أبو القاسم القنطري في تأليفه وأبو محمد عبد الحق الإشبيلي وأبو عبد الله بن خليل وأبو محمد المالكي. له تآليف مفيدة منها تفسير القرآن لم يكمله وشرح الأسماء الحسنى. توفي سنة 530 هـ بمراكش مغرباً عن وطنه، وقبر أبي العباس بن التعريف بإزاء قبره. وفي كتاب التشوف إلى رجال التصوف: لما وصل أبو الحكم من قرطبة إلى مراكش قال: لا عشت ولا عاش بعد موتي السلطان الذي أشخصني فمات وأمر السلطان أن لا يصلى عليه. ولما بلغ ذلك ابن حرزهم أمر بالنداء في الأسواق بالحضور على جنازة الشيخ الفاضل الزاهد أبي الحكم بن برجان. اهـ باختصار. 427 - ابنه عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبي الرجال: كان من أجل رجال المغرب إماماً في علم الكلام ولغة العرب مشاركاً في الهندسة والحساب، أخذ من كل فن بأوفى حظ مؤثراً طريقة التصوف وعلم الباطن متصرفاً في ذلك عارفاً

بمذاهب الناس متفنناً بالكتاب والسنة جرى في تفسيره على طريقة لم يسبق إليها فيها عجائب وكوائن في الغيوب، وأكثر كلامه فيه على طريقة أرباب الأحوال والمقامات. توفي سنة 536 هـ[1141م]. 428 - أبو العباس أحمد بن خلف بن عيشون: يعرف بابن النحاس المغربي الإشبيلي الإِمام الفقيه الأصولي العلامة العمدة الفاضل أخذ عن أبي عبد الله بن شريح وغيره. وأجازه أبو علي الغساني وعنه أبو جعفر بن الباذش وأبو بكر بن خير وغيرهما، له تأليف في الناسخ والمنسوخ. توفي سنة 531 هـ[1136م]. 429 - أبو العباس أحمد بن طاهر بن رصيص: الإِمام الفقيه الأصولي المحدث الحافظ أخذ عن أبوي علي الجياني والصدفي وأبي محمد العسال وابن الخياط وخلائق. وكتب إليه الإِمام المازري وعنه ابنه أبو عبد الله محمد وأبو العباس الإقليشي والقاضي عياض وأبو علي القليعي وأبو محمد الرشاطي وأبو الوليد الدباغ وغيرهم له شرح على الموطأ سماه الإماء وله مجموع في رجال مسلم. ولد سنة 467 هـ وتوفي سنة 532 هـ[1137 م]. أثنى عليه كثيراً ابن الأبار في صلته. 430 - أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث بن محمد بن يونس بن عبد الله بن مغيث: من أهل قرطبة وشيخها المعظم نبيه البيت والحسب الفقيه الأديب العالم المتفنن. روى عن جده مغيث وحاتم الطرابلسي وأبي مروان بن سراج وابن سعدون وأبي جعفر بن رزق وأبي علي الغساني وجماعة. أخذ الناس عنه كثيراً منهم ابن بشكوال وأجازه، له فهرسة، مولده سنة 447 هـ وتوفي سنة 532 هـ[1137م]. 431 - أبو الحسن رزين بن معاوية بن عمار العبدري الأندلسي السرقسطي: جاور بمكة أعواماً وصار إمام المالكية بها وحدث بها عن أبي مكتوم عيسى بن أبي ذر الهروي الشيخ الصالح الفاضل العالم بالحديث وغيره. له تآليف

منها كتاب جمع فيه ما في الصحاح الخمسة والموطأ وكتاب في أخبار مكة. توفي بمكة سنة 535 هـ[1140 م]. 432 - أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله الصنهاجي الأندلسي: عرف بابن التعريف أحد العلماء المتسمين بالعمل والعلم والزهد الفقيه المحدث أحد أعلام الصوفية ورجال الكمال صاحب كرامات ودعوات مستجابة وبينه وبين القاضي عياض مكاتبات تدل على فضله، وكذا بينه وبين ابن بشكوال وكل أجاز صاحبه بما عنده. أخذ عن أبي الحسن البرجي وغيره، وعنه أبو بكر بن خير وغيره أمر بإشخاصه السلطان إلى مراكش وبها توفي ليلة الجمعة في 23 صفر سنة 536 هـ وكانت جنازته مشهودة [1141م]. 433 - أبو عبد الله محمد بن خلف بن موسى الأوسي: من أهل البيرة الأديب العالم المحقق المثبت العمدة الإِمام المؤلف المدقق. روى عن أبي الوليد بن موسى بن الطلاع وأبي علي الغساني وغيرهما، وعنه ابن قرقول وأبو الوليد بن خيرة وجماعة. ألّف النكت والأمالي في الرد على الغزالي، وإيضاح البيان في الكلام على القرآن، والوصول إلى معرفة الله والرسول - صلى الله عليه وسلم -، ورسالة في الاقتصار على مذاهب الأئمة الأخيار، والبيان في حقيقة الإيمان, والرد على أبي الوليد بن رشد، وشرح مشكل ما وقع في الموطأ والبخاري، وكتاب مداواة العين جليل الفائدة. مولده سنة 457 هـ وتوفي سنة 537 هـ[1142م]. 434 - أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن خلف بن فرنون السلمي: من أهل المرية الفقيه الأصولي المفسر الحافظ العالم المتفنن. روى عن أبوي علي الصدفي والغساني وابن عتاب وغيرهم. حدث عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن منظور وغيره. توفي بفاس سنة 538 هـ. 435 - أبو القاسم أحمد بن محمد بن عمر بن يوسف التميمي: من أهل المرية ويعرف بابن ورد الفقيه الأصولي المفسر الحافظ العالم المتفنن في كثير من

العلوم إليه انتهت رئاسة الأندلس في مذهب مالك بعد أبي الوليد بن رشد. روى عن أبوي علي الغساني والصدفي وأبي الحسن بن سراج وأبي بكر بن سابق الصقلي وأبي محمد عبد الله المعروف بابن السعال وعنه أبو جعفر بن عبيدة وأبو إسحاق بن عياد وجماعة، له شرح على البخاري ظهر علمه فيه وله الأجوبة الحسان. مولده سنة 465هـ وتوفي سنة 540 هـ[1145 م]. 436 - ذو الوزارنين أبو عبد الله محمد بن مسعود بن خصلة الغافقي: الإِمام الفقيه المحدث الحجة. روى عن أبوي علي الغساني والصدفي وابن الباذش وابن تليد وغيرهم، وعنه ابن بشكوال وابن حبيش وابن مضاء وغيرهم، له تآليف أدبية مشهورة. مولده سنة 465 هـ وتوفي شهيداً سنة 540 هـ[1145 م]. 437 - القاضي أبو الحسن محمد بن عمر بن محمد بن واجب البلنسي: الإِمام الفاضل القاضي العادل. كان حافظاً للفقه، استظهر على أبيه المدونة للبرادعي وروى عنه وبه تفقه وأبي الوليد بن الدباغ وأبي الوليد بن برنجال واستجاز لنفسه وابنه أبا بكر بن العربي وابن خيرة وابن مروان وابن مسرة، وعنه أخذ جماعة منهم ابنه أبو الخطاب. توفي في حدود سنة 540 هـ[1145م]، وهو ابن ثلاثين سنة أو نحوها. 438 - وأخوه أبو الخطاب محمد: كان عالماً فاضلاً فقيهاً نبيلاً قاضياً عادلاً. روى عن أبيه وسمع منه ومن أبي بكر بن العربي وغالب شيوخ أخيه المذكور. مولده سنة 500 هـ وتوفي سنة 540 هـ. 439 - أبو حفص عمر بن محمد بن واجب البلنسي: العالم الجليل الفقيه الحافظ صاحب الأحكام. سمع أباه وابن العربي وأجازه ابن رشد وأبو الحسن شريح وتفقه بقاضي بلنسية أبي محمد بن سعيد، عرض تهذيب البرادعي أربعة عشر مرة، وحدث عنه حفيده أبو الخطاب بن واجب وأبو عمر بن عياد وأبو محمد بن مروان وهو آخر الحفاظ للمسائل بشرق الأندلس توفي في رمضان سنة 557 هـ[1161م].

440 - أبو محمد عبد الله بن علي اللخمي المعروف بالرشاطي الأندلسي: الشيخ الحافظ العالم بأسماء الرجال والرواة الفقيه النسابة. أخذ عن أعلام منهم أبو الحسن بن رصيص وروى عن أبوي علي الصدفي والغساني وسمع منهما. وعنه أئمة منهم ابن قرقول وأجاز ابن بشكوال، له تآليف منها: اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في مناقب الصحابة والرواة الأخيار أحسن وأجاد وهو الذي اختصره أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأسدي الإشبيلي نزيل بجاية، مولده سنة 465 هـ وتوفي سنة 542 هـ[1147 م]. 441 - أبو القاسم عبد الرحيم بن محمد بن فرج الغرناطي الخزرجي: من ولد سعد بن عبادة رضي الله عنه يعرف بابن الفرس الإِمام الفقيه الحافظ المبرز، إليه كانت الرحلة في وقته، قرأ القرآن على أبي عمران بن موسى بن سليمان وطبقته وأخذ القراءات عن أبي داود المقري وأبي بكر بن حزم وغيرهما وأخذ النحو واللغة على أبي الحسن بن سراج وغيره وسمع الحديث من أبوي علي الغساني والصدفي وأبي بكر بن عطية وأبي محمد بن عتاب وأبي عبد الله بن خطاب وبه تفقه ومن القاضي أبي الأصبغ بن سهل، أخذ عنه جماعة وحدث عنه جلة منهم ابنه محمد وأبو القاسم القنطري وأبو الحجاج الثغري وابن بشكوال. مولده سنة 472 هـ وتوفي سنة 542 هـ[1147 م]. 442 - أبو زكرياء يحيى بن خلف بن نفيس بن الخلوت الغرناطي: المقرئ المحدث المتفنن مع الحفظ والمهارة والجلالة ومعرفة التفسير، لقي عبد الملك الخولاني وابن الطلاع وأبا علي الغساني وأبا مروان بن سراج وجماعة فسمع من بعضهم وأجازه باقيهم، وحج فسمع من أبي عبد الله الطبري وأبي الفتح بن إبراهيم المقدسي وأقرأ وحدث وأخذ عنه الناس منهم ابنه أبو الطيب عبد المنعم وأبو عبد الله بن الفرس وأبو قاسم القنطري وأبو عبد الله بن عبيد الله مولده سنة 466 هـ وتوفي بغرناطة سنة 543 هـ[1148م]. 443 - أبو الحسن محمد بن عبد الرحمن الطفيل العبيدي: يعرف بابن عطية الإِمام الفقيه المحدث العدل الصدوق الفاضل. أخذ القراءات عن أبي عبد الله السرقسطي وروى عن أبي علي الغساني وغيره، رحل حاجّاً فروى بمكة عن رزين بن

معاوية وبالإسكندرية عن أبي الحسن بن شرف وأبي عبد الله المازري وغيرهم، أخد عنه جلة منهم أبو بكر بن خير وأجازه جميع روايته وتآليفه سنة 539 هـ وتصدر للإقراء واقتصر على ذلك وتلاه أهل بيته فيها فأخذ عنهم الناس له أرجوزة في القراءات السبع وأخرى في مخارج الحروف وشرح قصيدة الشقراطسي وغير ذلك. توفي سنة 543 هـ[1148م]. 444 - القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد: المعروف بابن العربي الإشبيلي الإِمام الحافظ المتبحر خاتمة علماء الأندلس وحفاظها الجليل القدر الشهير الذكر شهرته تغني عن التعريف به، سمع أباه وخاله أبا القاسم الحسن الهوزني وأبا عبد الله السرقسطي وأبا عبد الله القليعي ورحل للمشرق مع أبيه سنة 485 هـ ولقي بالمهدية أبا الحسن بن الحداد الخولاني وقرأ عليه تآليفه والإمام المازري ولقي بالإسكندرية وغيرها من بلاد المشرق أبا بكر الطرطوشي، وتفقه عنده ومهدياً الوراق وأبا الحسن بن داود وأبا الحسن الخلعي وأبا الحسن بن شرف وأبا الفضل المقدسي وأبا سعيد الزنجاني وأبا محمد الطبري وأخذ عنهم وعن غيرهم مما هو كثير، وصحب أبا حامد الغزالي وانتفع به. أخذ عنه من لا يحصى كثرة منهم القاضي عياض وابن بشكوال وأبو جعفر بن الباذش وأبو عبد الله بن عبد الرحيم وأبو عبد الله بن خليل وأبو الحسن بن النعمة وأبو بكر بن خير وأبو القاسم بن حبيش والإمام السهيلي وأبو العباس الصقر وأبو الحسن بن عتيق وأبو القاسم الحوفي وأبو محمد الخراط وعالم من نمط هؤلاء الأجلاء وآخر من حدث عنه بالسماع أبو بكر بن حسون وبالإجازة أبو الحسن علي الغافقي السقوري، وبقي يفتي أربعين سنة، له تآليف تدل على غزارة علمه وفضله منها عارضة الأحوذي في شرح الترمذي والقبس في شرح موطأ مالك بن أنس وترتيب المسالك في شرح موطأ مالك وأحكام القرآن ومراقي الزلف وكتاب الخلافيات وكتاب المريدين وكتاب مشكل الكتاب والسنة والناسخ والمنسوخ وقانون التأويل وكتاب النيرين في الصحيحين وسراج المهتدين والأمل الأقصى في أسماء الله الحسنى والعقل الأكبر للقلب الأصغر وتبيين الصحيح في تعيين الذبيح والتوسط في معرفة صحة الاعتقاد

والرد على من خالف السنة من ذوي البدع والإلحاد والإنصاف في مسائل الخلاف وشرح حديث جابر رضي الله عنه في الشفاعة وحديث أم زرع وشرح غريب الرسالة والمحصول في علم الأصول وكتاب العواصم من القواصم وترتيب الرحلة وفيه من الفوائد ما لا يوصف منها قال علماء الحديث: ما من رجل يطلب الحديث إلا كان على وجهه نضرة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها" الحديث. قال: وهذا دعاء منه عليه الصلاة والسلام لحامل علمه ولا بد بفضل من نيل بركته. ومنها أنشد بعض الصوفية: امتحن الله بذا خلقه ... فالنار والجنة في قبضته فهجره أعظم من ناره ... ووصله أطيب من جنته كان هو رئيس وفد إشبيلية الوافد على الأمير عبد المؤمن بن علي فقبل طاعتهم وانصرفوا بالجوائز والإقطاعات لجميع الوفد سنة 543 هـ وفيها توفي منصرفه من مراكش وحمل إلى فاس ودفن بباب المحروق وقبره هناك معروف متبرك به. مولده سنة 468 هـ، وفي حاشية الشيخ الرهوني عند قول خليل وإدامة شطرنج حكايه سفره في البحر من المهدية إلى الإسكندرية وإليك نصها لما فيها من الفوائد. قال ابن غازي في تكميله ما نصه: ولما ذكر ابن العربي في قانون التأويل ركوبه البحر في رحلته من إفريقية قال: وقد سبق في علم الله أن يعظم علينا البحر بزوله ويفرقنا في هوله فخرجنا من البحر خروج الميت من القبر وانتهينا بعد خطب طويل إلى بيوت بني كعب من سليم ونحن من السغب على عطب ومن العري في أقبح زي قد قذف البحر زقاق زيت مزقت الحجارة هيئتها ودمست الأدهان وبرها وجلدتها فاختزمناها ايزاراً واشتملناها لففاً تمجنا الأبصار وتخذلنا الأنصار فعطف أميرهم علينا وأوينا إليه فآوانا وأطعمنا الله على يديه وسقانا وأكرم مثوانا وكسانا بأمر صغير ضعيف وفن من العلم ظريف، وشرحه: إنا لما وقفنا على بابه ألفيناه يدير أعوان الشاه فعل السامد اللاء فدنوت منه في تلك الأطمار وسمح لي ببيادقته إذ كنت من الصغر في حد يسمح فيه للأغمار ووقفت بإزائهم أنظر إلى تصرفهم من ورائهم إذ كان علق بنفسي بعض ذلك من بعض القرابة في خلس البطالة مع غلبة الصبوة والجهالة فقلت للبيادقة الأمير أعلم من صاحبه فلمحوني شزراً وعظمت في أعينهم بعد أن كنت نزراً، وتقدم للأمير من نقل إليه الكلام فاستدناني فدنوت منه وسألني هل لي بما هم فيه بصر؟ فقلت لي فيه بعض نظر سيبدو إليك ويظهر حرك تلك القطعة، ففعل

وعارضه صاحبه فأمرته أن يحرك أخرى وما زالت الحركات بينهم تترى حتى هزمهم الأمير وانقطع التدبير فقالوا ما أنت بصغير. وكان في أثناء الحركات قد ترنم ابن عم الأمير منشداً: وأحلى الهوى ما شك في الوصل ربه ... وفي الهجر فهو الدهر يرجو ويتقى فقال: لعن الله أبا الطيب أو يشك الرب. فقلت له في الحال ليس كما ظن صاحبك أيها الأمير إنما أراد بالرب هنا الصاحب يقول ألذ الهوى ما كان المحب فيه من الوصال وبلوغ الغرض من الآمال على ريب فهو في وقته كله بين رجاء لما يؤمله وتقاة لما يقطع به كما قال: إذا لم يكن في الحب سخط ولا رضا ... فأين حلاوات الرسائل والكتب وأخذنا نضيف إلى ذلك من الأغراض في طرفي الأبرام والانتقاض ما حرك منهم إلى جهتي داعي الانتهاض وأقبلوا يتعجبون مني ويسألونني عن سنى ويستكشفونني عني فبقرت لهم حديثي وذكرت لهم نجيتي وأعلمت الأمير بأن أبي معي فاستدعاه وقمنا الثلاثة إلى مثواه فخلع علينا خلعه وأسبل علينا دمعه وجاء كل خوان بأفنان الألوان، ثم قال بعد المبالغة في وصف ما نالهم من إكرامه فانظر إلى هذا العلم الذي هو إلى الجهل أقرب من تلك الصبابة اليسيرة من الأدب كيف انقض من العطف وهذا الذكر يرشدكم إن عقلتم إلى المطلب وسرنا حتى انتهينا إلى ديار مصر اهـ. مختصراً. والزول العجب ونجيت المخبر ما ظهر من حديثه. يقال بدا نجيت القوم إذا ظهر سرهم الذي كانوا يخفونه. قالهما الجوهري. 445 - وفي هذه الرحلة لقي ابن العربي صاحب الترجمة شيخه دانشمند الأكبر وهو إسماعيل الطوسي، ودانشمند الأصغر وهو أبو حامد محمد الغزالي الطوسي ومعنى دانشمند بلغة الفرس عالم العلماء، وكان شيخنا الأستاذ أبو عبد الله الصغير يحكي لنا عن شيخه أبي محمد عبد الله العبدوسي أنه بلغه أن الفرس يفخمون ميم دانشمند. قال ابن العربي في قانون التأويل وورد علينا دانشمند يعني الغزالي فنزل برباط أبي سعيد بإزاء المدرسة النظامية معرضاً عن الدنيا مقبلاً على الله تعالى فمشينا إليه وعرضنا أمنيتنا عليه، وقلت له: أنت ضالتنا التي ننشد وإمامنا

الذي به نسترشد فلقينا لقاء المعرفة وشاهدنا منه ما كان فوق الصفة وتحققنا أن الذي نقل إلينا من أن الخبر عن الغائب فوق المشاهدة ليس على العموم ولو رآه علي بن العباس لما قال: إذا ما مدحتَ امرءاً غائباً ... فلا تغل في مدحه واقصد فإنك إن تغل تغل الظنون ... فيه إلى الأمد الأبعد فيصغر من حيث عظمته ... بفضل المغيب على المشهد انتهى. وكذا في أزهار الرياض وهذا الكلام من الإِمام أبي بكر بن العربي كاف في جلالة أبي حامد الغزالي رضي الله عنه وحده فكيف مع ثناء من لا يحصى كثرة من المعاصرين والتالين حسبما في غير كتاب من الدواوين. فلا يغتر بما قاله فيه معاصره الأستاذ أبو بكر محمد بن الوليد الطرطوشي مما كتب به إلى أبي عبد الله بن مظفر حسبما في نوازل الجامع من المعيار وإن كان مؤلفه لم يتعقبه لكن في كلامه قبله متصلاً به ما يدل على أنه غير مرتضى عنده فإنه قال ما نصه وقيل لأبي علي الصيرفي لمَ حدثت عن سوى أبي حامد الغزالي وأنت رأيته فقال: لكثرة الازدحام عليه وترادف الناس لديه لقد رأيته يوماً وبنحوه نحو خمسمائة رجل معتمين يمشون خلفه حفاة من المدرسة إلى منزله إكراماً له اهـ ومما أنكر على الغزالي رحمه الله ونفعنا به وأفاض علينا من بركته قوله في الإحياء ما في الإمكان أبدع مما كان قيل يعني أن خلق هذا العالم لا يمكن أن يكون أحسن من هذه الصفة التي هو مخلوق عليها وسبقه إلى ذلك عبد العزيز في الحيرة وألزمه الناس الكفر على هذا وأنكره ابن العربي في سراج المريدين غاية الإنكار وغلطه في ذلك وأنكره عليه أهل الأندلس وكفروه قال ابن القطان: لما وصل إحياء علوم الدين إلى قرطبة تكلموا فيه بالسوء وأنكروا عليه أشياء لا سيما قاضيهم ابن حمديس في ذلك حتى كفر مؤلفه وأغرى السلطان به واستشهد فقهاءه فأجمع هو وهم على حرقه فأمر علي بن يوسف بذلك لفتياهم فأحرق بباب قرطبة على الباب الغربي في رحبة المسجد بجلوده بعد إشباكه زيتاً بمحضر جماعة من أعيان الناس ووجه إلى جميع بلاده يأمر بإحراقه وتوالي الإحراق على ما اشتهر منه ببلاد المغرب في ذلك الوقت فكان إحراقه سبباً لزوال ملكهم وانتثار سلكهم وتوالي الهزائم عليهم. وكان المهدي ببلاد المشرق إذ ذاك فذكر ابن القطان في كتابه المسمى بنظم الجمان فيما سلف من أخبار الزمان أن المهدي رحل من باب المغرب الأقصى إلى الأندلس سنة خمسمائة وفي المرية دخل في مركب إلى المشرق فغاب فيه اثني عشر عاماً وذكر أيضاً عن عبد الله بن

عبد الرحمن العراقي شيخ مسن من سكان فاس قال: كنت ببغداد بمدرسة أبي حامد فجاء رجل كثيف اللحية على رأسه كرزي صوف فدخل المدرسة وحياها بركعتين ثم أقبل إلى الشيخ أبي حامد فسلّم عليه فقال: مَن الرجل؟ قال: من أهل المغرب الأقصى، قال: دخلت قرطبة؟ قال: نعم، قال: ما فعل فقهاؤها؟ قال: الخير، قال: هل بلغهم الإحياء؟ قال: نعم، قال: فماذا قالوا فيه؟ فلزم الرجل الصمت حياء منه فعزم عليه ليقولن ما طرأ. فأخبره بإحراقه وبالقصة كما جرت قال: فتغير وجه أبي حامد ومد يديه إلى الدعاء والطلبة يؤمنون فقال: اللهم مزق ملكهم كما مزقوه وأذهب دولتهم كما حرقوه فقام محمد بن تومرت السوسي الملقب بعد بالمهدي عند قيامه على المرابطين فقال: أيها الإِمام ادع الله أن يجعل ذلك على يدي فتغافل عنه أبو حامد فلما كان بعد جمعة إذا بشيخ آخر على مثل شكل الأول فسأله أبو حامد فأخبره بمثل الخبر المتقدم فتغير وجهه ودعا بمثل دعائه الأول فقال له المهدي: على يدي فقال له: اخرج يا شيطان سيجعل الله ذلك على يدك فقبل الله دعاءه وخرج محمد بن تومرت من هناك إلى المغرب برسم تحريك الفتن وقد علم أن دعوة ذلك الشيخ لا ترد فكان من أمره ما كان وكان تاريخ هذا الإحراق سنة سبع وخمسمائة اهـ قلت وابن الغربي وإن اعترض عليه تلك المقالة لم يزل معترفاً له بالفضل والمنزلة العالية لقوله أثناء الرد عليه ما نصه ونحن وإن كنا قطرة في بحره فلا نرد عليه إلا بقوله فسبحان من أكمل شيخنا هذا فواضل الخلائق ثم صرف به عن هذه الواضحة في الطرائق اهـ وقد أشبع الكلام في المسألة شيخ شيوخنا العلامة أبو العباس بن مبارك في أواخر الباب السابع من كتاب الإبريز ومحصل ما فيه الناس في ذلك على ثلاث طوائف فطائفة وهم المحققون من أهل عصره فمن بعدهم إلى هلم جراً ردوا ذلك منهم زين الدين بن المنير المالكي وألّف في ذلك رسالة سماها الضياء المتلألىء في تعقب الأحياء للغزالي وطائفة انتصروا له وتأولوا كلامه على وجه صحيح في ظنهم منهم الشريف الأشهر والمحدث الأكبر السيد السمهودي وألّف في ذلك رسالة اعتنى فيها برد ما لابن المنير ونقضه وقد أجاب الشيخ ابن المبارك عن تلك الأجوبة وردها قائلاً ما نصه وقد تصفحت رسالة السيد السمهودي غاية وأعطيتها ما تستحقه من الإنصاف والتأمل والتمهل فوجدتها دائرة على ثلاثة أمور قد ذكرها وقال بعدها ما نصه: غالب ما ذكره ابن المنير صحيح حق لا شك فيه وردوداته على عبارة الأحياء مستقيمة لا اعوجاج فيها وأجوبة السيد السمهودي عنها غير تامة إلا حرفاً واحداً فإنني أخالف فيه ابن المنير وهو تنقصه من مقام أبي حامد وغضه عن رتبته فإنني لا أوافق على ذلك فإن أبا حامد إمام الدين وعالم

الإِسلام والمسلمين وطائفة ذهبوا إلى أن تلك المقالة مدسوسة عليه في الإحياء وأكذوبة عليه ومستندهم في ذلك أنهم وجدوها مخالفة لكلامه ومناقضة لما قاله في كتبه والعاقل لا يعتقد النقيض فضلاً عن أبي حامد وهذا مختار الشيخ ابن مبارك قائلاً ما نصه فإن قلت كيف تكون المسألة مكذوبة عليه وقد وقعت في عدة من كتبه ولا سيما في الأجوبة المتقدمة فإن ذلك يقضي أنه وقف رضي الله عنه على أشكالها واشتغل بالجواب عنها ولو كانت مكذوبة عليه لبادر إلى إنكارها وتبرأ من قبحها وعوارها قلت: لا مانع من أن يقع الكذب عليه مرة في نسبة المسألة إليه ومرة في نسبة جوابه عنها اهـ رهوني. قلت قوله وكان الإحراق سنة 507 هـ سياق الحكاية يقتضي أن الإحراق كان في حياة مؤلفه وهو مباين لما قاله ابن خلكان وغيره من أنه توفي سنة 505 هـ وعليه فإن كانت بعد سنة 507 هـ فسياق الحكاية في محله وإلا فلا وذكر القادري في حواشيه على شرح ابن كيران لتوحيد المرشد المعين أن الغزالي قبل وفاته تمذهب بمذهب مالك. 446 - وابن تومرت هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله: ويعرف بابن تومرت كان فقيهاً عالماً متفنناً مع ذكاء وفطنة عابداً متقشفاً شجاعاً أخذ بقرطبة عن ابن حمدين ثم سافر لبغداد على طريق المهدية ومصر وحج ثم رجع للمغرب ودخل في طريقه المهدية وتونس وبجاية سالكاً تغيير المنكر ولما بلغ المغرب قام بالدعوة سنة 515 هـ وأسس دولة الموحدين في خبر طويل الذيل وفي أوائل تاريخ أبي عبد الله محمد الزركشي أن ابن سعيد حكى في البيان المعرب أن مولده سنة 491 هـ وقال ابن خلكان سنة 485 هـ قال ابن الخطيب الأندلسي سنة 486 هـ وقال الغرناطي سنة 471 هـ وقرأ بقرطبة على القاضي ابن حمدين ثم ارتحل للمهدية وأخذ عن الإِمام المازري ثم الإسكندرية وهو ابن ثماني عشرة سنة وأخذ عن أبي بكر الطرطوشي ثم لبغداد وأخذ عن الإِمام الغزالي ثم رجع للمغرب بعد أن أقام بالمشرف خمسة أعوام وقيل بإفريقية وذلك في مدة علي بن يحيى بن تميم بن المعز ولما بلغ المغرب قام بالدعوة ووقعت بيعته في رمضان سنة 515 هـ وتوفي في رمضان سنة 525 هـ وقال ابن خلدون سنة 522 هـ باختصار ويأتي مزيد كلام عليه في التتمة.

447 - القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي: الشيخ الإِمام قاضي الأئمة وشيخ الإِسلام وقدوة العلماء الأعلام عمدة أرباب المحابر والأقلام والفضائل التي أشغلت رسومها فلم تحتج إلى أعمال أعلام الشائع الصيت في كل قطر ومصر، سارت مآثره مسير الشمس والقمر، المتبحر في العلوم، حامل لواء المنثور والمنظوم مع يقظة وفهم، شهرته تغني عن التعريف به، وخصصت ترجمته بالتأليف، منها أزهار الرياض. أخذ عن جلة كأبي الحسن سراج والقاضي أبي عبد الله بن عيسى وأبي الحسن شريح بن محمد المتوفى سنة 539 هـ وابن رشد وابن الحاج وابن المعذل وأبوي علي الصدفي والجياني وأجازه وأبي عبد الله بن عتاب وابن رصيص وابن حمدين وعبد الرحمن بن العجوز وأجازه أبو بكر الطرطوشي والإمام المازري وابن العربي وابن بقي ومحمد بن مكحول وأبو الطاهر السلفي والحسن بن طريف وخلف بن إبراهيم النحاس ومحمد بن أحمد القرطبي وعبد الله الخشني وعبد الله البطليوسي. اجتمع له من الشيوخ بين من سمع منه وأجاز له نحو مائة شيخ، ألّف فيهم فهرسة سماها الغنية، وعنه جماعة منهم ابنه محمد وابن غازي وابن زرقون وابن مضاء وأبو القاسم بن ملجوم وأبو عبد الله التادلي والقاضي أبو عبد الرحمن القصير والقاضي أبو عبد الله بن عطية. ألّف التآليف المفيدة البديعة، منها إكمال المعلم في شرح مسلم والشفا في التعريف بحقوق المصطفى أبدع فيه كل الإبداع وحمله الناس عنه وطارت نسخه شرقاً وغرباً، ومشارق الأنوار تفسير غريب الموطأ والبخاري ومسلم وضبط الألفاظ وهو كتاب لو كتب بالذهب ووزن بالجوهر لكان قليلاً في حقه وكتاب التنبيهات المستنبطة على الكتب المدونة جمع فيه من غريب ضبط الألفاظ وتحرير المسائل فوق ما يوصف وترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك وكتاب الأعلام بحدود قواعد الإِسلام وكتاب الإلماع في ضبط الرواية وتقييد السماع والعيون الستة في أخبار سبتة وغنية الكاتب وبغية الطالب في الرسائل وكتاب الرائد لما تضمنه حديث أم زرع من الفوائد. وله شعر جيد وديوان خطب رائق. مولده في شعبان سنة 476 هـ وتوفي بمراكش في جمادى الآخرة سنة 544 هـ[1149 م].

448 - أبو عبد الرحمن مساعد بن أحمد بن مساعد الأصبحي: يعرف بابن زعوقة الإِمام العالم الفقيه الحافظ المحدث الراوية مع الصلاح والورع. روى عن أبي عمران بن تليد وأبي جعفر بن جحدر وأبي علي الصدفي وابن العربي وكتب إليه أبو بكر بن غالب. رحل حاجاً سنة 494 هـ ولقي بمكة أبا عبد الله الطبري وسمع منه صحيح مسلم وأبا محمد بن العرجاء القيرواني وأبا بكر الطرطوشي وأصحاب أبي حامد الغزالي وأبا عبد الله المازري وجماعة ساوى بلقائهم مشيخته ورجع للأندلس فسمع منه الناس وأخذوا عنه لعلو روايته منهم ابن بشكوال أبو الحجاج الثغري الغرناطي وعبد المنعم بن الفرس وأبو سليمان بن حوط الله. مولده سنة 468 هـ وتوفي سنة 545 هـ[1150م]. 449 - أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي رجاء البلوي: يعرف باللبلي الأندلسي الإِمام الفاضل المقرئ العالم العامل الزاهد المتصوف المجاب الدعوة. أخذ القراءات بغرناطة وغيرها عن جماعة منهم أبو بكر عباس بن خلف المغربي وأبو القاسم بن مدين رحل حاجاً سنة 497 هـ وأدى الفريضة ولقي بمكة أبا محمد عبد الله بن عمر بن العرجاء القيرواني وأخذ عنه القراءات وأبا حامد الغزالي فسمع منه وأجاز له تآليفه وأخذ بالمهدية عن أبي الحسن علي بن ثابت الخولاني المعروف بابن الحداد وانصرف للمرية وتصدر للإقراء وأخذ عنه جماعة منهم أبو محمد عبد الصمد وأبو القاسم بن حبيش. روى عنه ابن بشكوال، خرج من المرية سنة 541 هـ قبل تغلب العدو عليها بعام ونزل وادي آش وهناك توفي سنة 545 هـ[1150م]. 450 - أبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد: من أهل دانية يعرف بابن غلام الفرس الإِمام العالم المتفنن الجليل القدر خاتمة المقرئين والمحدثين، أخذ القراءات عن أبي الحسن بن شفيع وغيره وسمع من أبي علي الصدفي وأبي بكر بن الفرضي وأبي محمد البطليوسي وغيرهم وكتب إليه من أعلام الأندلس جماعة منهم أبو محمد بن عتاب وأبو بكر بن العربي، رحل حاجاً سنة 527 هـ وسمع من أبي الطاهر السلفي وغيره، رحل الناس إليه وأخذوا عنه منهم ابن بشكوال وأبو العباس الإقليشي وأبو محمد بن عياد. مولده سنة 472 هـ وتوفي سنة 547 هـ.

451 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مروان البلنسي: القاضي المشاور العالم المحدث الفقيه الفرضي، روى القراءات عن أبي الحسن بن هذيل وطارق بن يعيش وسمع منه سنن أبي داود وسمع من ابن الدباغ وابن النعمة. مولده سنة 507هـ وتوفي سنة 547 هـ[1152 م]. 452 - أبو الحسن محمد بن خلف بن صاعد الغساني: يُعرف باللبلي قاضي شلب كان من أعلام العلماء متفنناً إماماً في القراءات والفقه أخذ القراءات عن أبي الوليد إسماعيل بن غالب النحوي وأبي القاسم بن النحاس وسمع منه ومن أبي عبد الله بن شريف ولقي أبا الوليد بن رشد وأبا محمد بن عتاب وأبا عبد الله بن الحاج وأخذ عنهم وأجاز له أبو علي بن سكرة رحل حاجاً روى بمكة عن رزين بن محمد وبالإسكندرية عن أبي عبد الله المازري القرشي وأبي طاهر السلفي وبالمهدية عن الإِمام المازري وأجاز له ما رواه وألفه وقفل للأندلس فعنى بالفقه وعقد الشروط. توفي سنة 547 هـ[1152 م]. 453 - قاضي الجماعة بقرطبة أبو جعفر حمدين بن محمد بن علي القرطبي: كان من أعلام العلماء الأئمة الفضلاء أخذ عن والده وغيره. توفي سنة 548 هـ[1153 م]. 454 - أبو بكر ويقال أبو الحسن طارق بن موسى بن يعيش الخزرجي الأندلسي: الفقيه الحافظ الشيخ الصالح المجاب الدعوة العالم العالي الرواية, رحل وجاور بمكة وسمع بها من الحسين الطبري والشريف محمد بن عبد الباقي المعروف بشقران وأخذ عنه كتاب الإحياء للغزالي عن مؤلفه وسمع بالإسكندرية من أبي بكر الطرطوشي وأبي الحسن بن شرف وأبي عبد الله الرازي وأبي طاهر السلفي وغيرهم. حدث وأخذ عنه الناس وسمعوا منه، منهم أبو الحسن بن هذيل وأبو مروان بن الطفيل وصهره أبو العباس الإقليشي وأبو بكر بن جزي وطارق بن موسى ثم رحل ثانية مع صهره المذكور سنة 542 هـ وقد ناف عن السبعين فأقام بمكة فجاور إلى أن توفي بها سنة 549 هـ[1154 م]. له فهرسة. 455 - أبو العباس أحمد بن معد التجيبي يعرف بابن الأقليشي: الإِمام

فرع فاس

الحافظ الصوفي الشاعر الولي الزاهد الفاضل العالم العامل، سمع أباه وصهره أبا الحسن طارق بن يعيش وابن العربي وابن خيرة وابن الدباغ ولقي أبا القاسم بن ورد وعبد الحق بن عطية وابن العريف وأخذ عنهم وحدث بالأندلس وجاور وأخذ عن الطرطوشي والبطليوسي، له تآليف منها الغرر من كلام سيد البشر والنجم من كلام سيد العرب والعجم - صلى الله عليه وسلم - وضياء الأولياء حمل الناس عنه معشراته في الزهد. توفي بمصر سنة 550 هـ[1155م] ودفن بالجيزة. 456 - أبو عبد الله محمد بن عيسى الشلبي: قاضيها من بيت علم وشرف وجاه، كان من أهل الحفظ للحديث ورجاله والعلم بالأصول والفروع ومسائل الخلاف مع تفنن في غيرها والدين والخير والورع. سمع من أبي علي الصدفي وغيره، رحل حاجاً ولقي بالمهدية الإِمام المازري وأقام في صحبته نحواً من ثلاثة أعوام ثم انتقل لمصر وحج وجاور ودخل العراق وخراسان وطار ذكره هناك. ولد بشلب سنة 484 هـ وتوفي بهراة سنة 551 هـ[1156م]. 457 - أبو الوليد محمَّد بن خيرة القرطبي: العالم المتفنن في المعارف كلها الحافظ حدث بالموطأ عن أبي بحر سفيان بن العاصي وأبي الحسن سراج بن عبد الملك أخذ عن ابن رشد وابن عتاب وغيرهما أخذ عنه الناس له رحلة للمشرق. مولده سنة 486 هـ وتوفي بزبيد سنة 551 هـ. 458 - أبو العباس أحمد بن عبد الجليل: يعرف بالتدميرىِ الإِمام الفقيه العالم المتفنن الأديب، روى عن أبي علي الصدفي وأبي بكر بن عطية وأبي الوليد الدباغ وجماعة، ألّف كتاب التوطئة في العربية وشرح الفصيح وله كتاب الفرائد وغير ذلك، توفي سنة 555 هـ[1160 م]. فرع فاس 459 - القاضي أبو محمَّد عبد الله ابن القاضي أبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي السبتي: الفقيه الإِمام الحافظ الحدث، أخذ عن أبيه وسمع منه وابن عتاب والصدفي وأبي عامر بن حبيب وأبي الحجاج يوسف بن أيوب وعبد الحق

الطبقة الثانية عشرة

الخولاني سنة 513 هـ حدث عنه أبو عبد الله محمَّد المقرىء وأبو الحسن المتيطي. لم أقف على وفاته. 460 - أبو موسى عيسى بن أيوب الأسدي الفاسي: يعرف بابن ملجوم الإِمام الفقيه العالم العمدة المحصل الفاضل القدوة، سمع من أبيه قاضي الجماعة وأبي الفضل بن النحوي وابن الطلاع والغساني وغيرهم، روى عنه ابنه أبو القاسم عبد الرحيم وغيره، مولده سنة 479 هـ وتوفي سنة 543 هـ[1148م]. الطبقة الثانية عشرة فرع مصر 461 - أبو الطاهر إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف: ينتهي نسبه إلى سيدنا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الإمام صدر الإِسلام الفقيه العالم فريد عصره ووحيد دهره، كان عليه مدار الفتوى مع الورع والزهد وبيته بالإسكندرية بيت كبير شهير بالعلم والفضل اجتمع منهم بالإسكندرية في وقت واحد سبعة وإذا دخلوا على الإِمام أبي علي سند يقول لهم أهلاً بالفقهاء السبعة وحفيده نفيس الدين أبو الحزم مكي ألّف شرحاً عظيماً على تهذيب البرادعي في ستة وثلاثين مجلداً يعرف بالعوفية وله شرح على الجلاب في عشرة مجلدات وسيأتي ذكره، وأبو الطاهر هذا ربيب أبي بكر الطرطوشي؛ روى عنه وبه تفقه وانتفع به في علوم شتى وأخذ عن والده وسند وغيرهما، كتب عنه الحافظ السلفي، وروى عنه حفيده مكي المذكور والحافظ شرف الدين بن المقدسي وأخذ عنه الأبياري وغيره، ألّف تذكرة التذكرة في أصول الدين وغير ذلك عمر فانتفع الناس به. مولده سنة 485 هـ وتوفي في شعبان سنة 581 هـ في حسن المحاضرة قصده السلطان صلاح الدين، وسمع منه الموطأ وفي الديباج كان السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب يعظمه ويراسله. فرع إفريقية 462 - أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن عبد الجليل الأزدي: القيرواني

فرع الأندلس

الفقيه الحافظ للسنة والحديث المتفنن في كثير من العلوم، أخذ عن أبي الفضل سليمان بن حوط الله البخاريَّ ومسلماً ولقي محمَّد بن عيسى الأزدي التونسي واعترف له بالفضل. توفي بالقيروان سنة 550 هـ. 463 - أبو يحيى زكريا بن الحداد المهدوي: قاضيها الفقيه العالم الإِمام المحدث الشيخ الصالح، روى عن الإِمام المازري وهو آخر من قرأ عليه المعلم وغيره، وكان من أكابر تلامذته، وعنه أخذ أبو عبد الله محمَّد الرعيني السوسي المولود سنة 567 هـ الآتي ذكره، وعنه روى أبو زكريا البرقي والقاسم بن حماد اللبيدي وأبو عبد الله المعروف بابن اليتيم لقيه بالمهدية سنة 566 هـ وأخذ عنه. لم أقف على وفاته وله فتاوى محررة. 464 - أبو الحسن طاهر بن علي: من أهل سوسة صاحب الصلاة والخطبة بها وقاضيها الإِمام الفقيه الفاضل، أخذ عن الإِمام المازري ثم رحل للأندلس وتوفي هناك. 465 - أبو زكرياء يحيى بن محمَّد بن زياد بن عوانة القرشي القيرواني: الفقيه أوحد أهل زمانه زهداً وعبادة وورعاً متبعاً للسنة حافظاً لآداب الشريعة كثير الكرامات مجاب الدعوة. روى الفقه والحديث عن أعلام، وعنه أخذ جماعة منهم أبو يوسف الدهماني. توفي سنة 579 هـ ووالده كان حافظاً للقرآن مجاب الدعوة توفي سنة 556 هـ[1160 م]. 466 - أبو محمَّد عبد الله بن عبد الحق المهدوي: من أحفاد الإمام المازري له عليه ولادة الإِمام الفقيه الفاضل العالم القاضي العادل. أخذ عن شيوخ بلده ثم انتقل للمغرب وولي قضاء إشبيلية ثم مراكش وبها توفي سنة 589 هـ[1193م]. فرع الأندلس 467 - أبو جعفر أحمد بن جبير الكناني: الوزير العلامة الأديب الفهامة كان أديباً ماهراً كاتباً شاعراً. روى عن صهره أبي عمران بن أبي تليد وأبي عبد الله بن خصلة وأبي محمَّد البطليوسي وتأدب بهما وله رواية عن أبي الحسن بن هذيل وأبي الوليد بن الدباغ وسمع منهما. حدث عنه ابنه أبو الحسين صاحب الرحلة. توفي سنة 552 هـ[1157م] من صلة ابن الأبار.

468 - أبو الحسن علي بن محمَّد: يعرف بابن المقري الغرناطي الفقيه المشاور المحدث العالم المتكلم. أخذ عن ابن الباذش وابن ورد والقاضي عياض والإمام المازري والسلفي وأبي محمَّد بن عطية وجماعة، ألّف في أنواع من العلوم منها: نزهة الأصفياء في فضل الصلاة على خير الأنبياء - صلى الله عليه وسلم -، وشمائل النبي - صلى الله عليه وسلم - , والسداد في شرح الإرشاد، ومدارك الحقائق في أصول الفقه والسباعيات وغير ذلك مما هو كثير. توفي سنة 553 هـ[1158م]. 469 - أبو بكر محمَّد بن محمَّد اللخمي الأشبيلي: يعرف الفلنقي الإِمام العالم الجليل الثبت كان أستاذاً في صناعة القراءات عالي الرواية متفنناً. أخذ عن أبي شريح وابن العربي وأبي الحسن بن لب وابن عتاب وابن رشد وابن الباذش وابن كوثر وغيرهم، حدث عنه الأستاذ أبو ذر الخشني وغيره، له تآليف في القراءات منها الإيماء إلى مذاهب السبعة القراء. توفي بفاس سنة أربع أو ثلاث وخمسين وخمسمائة [1158م]، أو [1159م]. 470 - أبو جعفر أحمد بن مسعود: ويعرف بابن أشُكْبندر الشاطبي الإمام الفقيه الحافظ العارف بالحديث ورجاله والتمييز العلامة المتفنن الزاهد المشاور المجاب الدعوة. سمع من ابن أبي عامر وأبي محمَّد عبد الحق بن عطية وأبي الحسن بن هذيل وأبي الوليد الدباغ وأبي الحسن بن النعمة وأبي محمَّد بن عاشر وأبي عبد الله محمَّد بن سعادة وتفقه بالقاضي أبي الأصبغ، له تنابيه مفيدة، حدث وأخذ عنه أبو القاسم بن فيرة الضرير وغيره، وهو من بيت علم وخير وتزهد وسأل الله أن يميته غريباً فكان كما تمنى. توفي متوجهاً للحج بالمهدية سنة 558 هـ[1162م] مولده سنة 505 هـ من صلة ابن الأبار. 471 - أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف: يعرف بابن قُرْقُول من أهل المرية الإِمام العالم الفقيه الفاضل الرحلة المحدث الراوية. قرأ على جده لأمه أبي القاسم بن ورد وأبي الحسن بن نافع وابن موهب وابن العريف والرشاطي وابن وضاح وأبي محمَّد بن عطية وابن مغيث وابن مكي وابن العربي وابن الباذش وغيرهم مما هو كثير، وكتب له بالإجازة ابن عتاب والسلفي والإمام المازري، له رواية عن طارق بن يعيش وابن هذيل وابن الدباغ والقاضي عياض وابن النعمة

وغيرهم، ألّف مطالع الأنوار على منوال مشارق الأنوار للقاضي عياض. مولده سنة 505 هـ وتوفي سنة 569 هـ[1173م]، بفاس. 472 - أبو محمَّد عبد الله بن موسى بن سليمان: ويعرف بابن بُرطلة العالم الجليل الفقيه الحافظ مع النباهة والنزاهة. سمع صهره أبا علي الصدفي ورحل حاجاً سنة 501 هـ وسمع من أبي بكر الطرطوشي والأنماطي وأبي الحسن بن شرف وأبي طاهر السلفي وغيرهم ثم انصرف إلى مرسية بلده وتزوج حينئذ ببنت أبي علي الصدفي، أخذ عنه علماء جلة منهم أبو عمر بن عياد. مولده سنة 481 هـ وتوفي سنة 563 هـ[1167م]. 473 - أبو عبد الله محمَّد بن سليمان بن موسى الأزدي: يعرف بابن برطل المرسي كان ذاكراً للفقه متقناً لمسائله معروفاً بالفهم والتيقظ والعلم. سمع من أبي عبد الله بن سعادة وتفقه بأبي عبد الله القسطلي وأبي عبد الله بن عبد الرحيم، قال قريبه أبو محمَّد أن أباه سليمان ولي القضاء. توفي سنة 563 هـ[1167م]. 474 - أبو العباس أحمد بن أبي الوليد بن رشد: الإِمام المتفنن الفقيه العالم المتقن المعروف بالجلالة والدين المتين. أخذ عن والده وبه تفقه ولازم أبا بكر البطليوسي وسمع أبا محمَّد بن عتاب وابن مغيث وابني بقي أبا القاسم وأبا الحسن وابن العربي والصدفي وابن تليد وجماعة وعنه ابنه أبو الوليد المعروف بالحفيد وأبو القاسم بن مضا وغيرهما، له برنامج حافل وتفسير في أسفار، ولى شرح على سنن النسائي حفيل للغاية. مولده سنة 487 هـ وتوفي سنة 563 هـ[1167م]. 475 - ابنه قاضي الجماعة أبو الوليد محمَّد بن أحمد بن أبي الوليد بن رشد: الشهير بالحفيد الغرناطي الفقيه الأديب العالم الجليل الحافظ المتفنن الحكيم المؤلف المتقن حكي عنه أنه لم يدع النظر ولا القراءة منذ عقل إلا ليلة وفاة والده وليلة بنائه بزوجه. أخذ عن أبيه واستظهر عليه الموطأ حفظاً وأخذ الفقه عن أبي القاسم بن بشكوال وأبي مروان بن مسرة وأبي جعفر بن عبد العزيز وأجازه الإمام

المازري وكانت الرواية أغلب عليه من الدراية درس الفقه والأصول وعلم الكلام وكان يفزع إليه في الطب كما يفزع إليه في الفتوى في الفقه، سمع منه أبو محمَّد بن حوط الله وسهل بن مالك وابنه القاضي أحمد المتوفى سنة 622 هـ وأبو الربيع بن سالم وأبو بكر بن جهور وأبو القاسم بن الطيلسان، كانت له وجاهة عظيمة عند الملوك لم يصرفها في ترفيع حال وإنما صرفها في مصالح بلده خاصة ومنافع أهل الأندلس عامة، ثم امتحن بالنفي وإحراق كتبه القيَّمة آخر أيام يعقوب المنصور حين وشوا به إليه ونسبوا إليه أموراً دينية وسياسية ثم عفا عنه ولم يعش بعد العفو إلا سنة، له تآليف تنوف عن الستين منها: بداية المجتهد أجاد فيه وأفاد، وكتابه الكليات في الطب جليل ترجم وطبع في بلاد أوروبا واختصر المستصفى في الأصول. مولده سنة 520 هـ وتوفي سنة 595 هـ[1198م]. 476 - أبو الحسن علي بن محمَّد بن هذيل البلنسي: الإِمام المحدث الفاضل الزاهد العالم العامل المنقطع القرين في الورع مع الدين المتين. انتهت إليه الرئاسة في صناعة الإقراء عامة عمره لعلو روايته وإمامته وإتقانه، لازم أبا داود سليمان بن الحاج نحواً من العشرين سنة وأخذ عنه القراءات وكان زوج أمه وهو أثبت الناس فيه، وسمع البخاري من أبي عبد الله بن الدكالي، ومن أبي عبد الله بن يعيش مختصر الطليطلي في الفقه، وسمع صحيح مسلم من أبي الحسن طارق بن يعيش ومن ابن سعادة وأبي علي الصدفي وغيرهم، حدث عنه جلة لا يحصون ورحل إليه الناس وأخذوا عنه لعلو سنده ولازم السماع نحواً من ستين عاماً، له فهرسة، مولده سنة 470 هـ وتوفي سنة 564 هـ[1168م] وحضر السلطان جنازته وتزاحم الناس على نعشه ورثاه أبو محمَّد بن واجب وغيره. 477 - ابنه أبو بكر محمَّد بن علي بن هذيل البلنسي: الفقيه العالم العامل الإِمام الكامل مع الغاية في الصلاح والورع. سمع أباه وطارق بن يعيش وأبا الحسن بن النعمة وغيرهم رحل حاجاً فسمع في طريقه من أبي طاهر السلفي، وعنه أخذ جماعة منهم أبو عمر بن عياد وابناه محمَّد وأحمد وأبو الربيع بن سالم وأبو بكر بن محرز وغيرهم، مولده سنة 519 هـ وتوفي سنة 588 هـ[1192م]. 478 - أبو بكر مفوز بن طاهر بن حيدرة بن مفوز المعافري الشاطبي: قاضيها

وعالمها الفاضل العمدة الفقيه المشاور الفصيح البليغ الجميل الشارة له حظ في قرض الشعر. سمع أباه وأبا الوليد بن الدباغ وأبا عبد الله بن سعادة وجماعة وأخذ القراءات عن أبي الحسن بن أبي يعيش وغيره وتفقه بأبي محمَّد بن عاشر وغيره، وكتب إليه أبو مروان بن مسرة وابن بشكوال وأبو الحسن بن هذيل وأبو الحسن بن النعمة ومن أهل المشرق أبو الطاهر بن عوف وأبو الفضل بن الحضرمي وأبو الطاهر السلفي مولده سنة 517 هـ وتوفي سنة 566 هـ[1170م]. 479 - أبو محمَّد عبد الله بن طاهر بن حيدرة بن مفوز المعافري الشاطبي: من بيت علم ونباهة الفقيه الحافظ لمسائل الرأي البصير بالشروط كان رحب الصدر عالي القدر. ولي قضاء بلده فحمدت سيرته وجرى على طريقة سلفه الصالح، أخذ القراءات عن أبي الحسن بن أبي العيش وسمع الحديث من أبيه وأبي الوليد بن الدباغ، وتفقه بجماعة منهم أبو بكر بن أسد وكتب إليه أبو طاهر السلفي، أخذ عنه جماعة منهم أبو عمر بن عياد. مولده سنة 516 هـ وتوفي وهو يتولى قضاء بلده سنة 567 هـ[1171م]. 480 - أبو محمَّد عبد الله بن أحمد بن سعيد العبدري البلنسي: يعرف بابن أبي الرجال الشيخ الإِمام العمدة الحافظ الفقيه القائم عليه مع صلاح وفضل. أخذ القراءات عن ابن النعمة وروى عن أبي علي الصدفي وأبي محمَّد البطليوسي سمع منه كثيراً ولازمه طويلاً وأبي زيد الوراق والقاضي أبي مروان الباجي وأبي الحسن شريح وابن العربي وتحقق به ودرس في مجلسه وله رواية عن أبي الفضل عياض وأبي طاهر السلفي وغيرهم حدث عنه جماعة منهم أبو زكريا يحيى بن محمَّد بن مرزوق وأبو القاسم أحمد بن هارون وأبو بكر بن خير وأبو الخطاب بن واجب وأجاز له تآليفه. له تآليف منها شرح صحيح مسلم مات قبل إتمامه وشرح على رسالة ابن أبي زيد، توفي بإشبيلية سنة 566 هـ[1170م]. 481 - أبو بكر عبد الرحمن بن أحمد بن إبراهيم بن أبي ليلى الأنصاري: من أهل مرسية الإِمام الثقة العدل العارف الموصوف بالإتقان وصحة التقييد مع مشاركة في الأدب وغيره أحد الفضلاء الجلة الأثبات سمع أباه وأبا علي الصدفي ولازمه كثيراً وصحبه طويلاً واختص به وهو أثبت الناس فيه وأعلمهم بحديثه

وأحفظهم لأخباره وأضبطهم لأسمعته وروايته وسمع أيضاً من أبي عمران بن أبي تليد وأبي بكر بن العربي وأبي محمَّد بن عتاب البخاري وأجاز له ورحل وحج ولقي بمكة أبا المظفر الشيباني وأخاه أبا القاسم بن عبد الرحمن وأبا علي بن العرجاء وأبا طاهر السلفي فسمع منهم وغيرهم ورجع للأندلس وتصدر للأسماع فتنافس الناس في الرواية عنه لكونه آخر المكثرين عن أبي علي الصدفي وروى عنه جلة من الشيوخ وبالإجازة ابن بشكوال دعي للقضاء وامتنع. مولده سنة 490 هـ وتوفي سنة 566 هـ[1170م]. 482 - أبو جعفر طارق بن موسى بن طارق المعافري البلنسي: الفقيه العالم الفاضل كان من أعلم العلماء بفن القراءات أخذه عن أبي الحسن بن هذيل وسمع منه ومن أبي بكر بن العربي وطارق بن يعيش وأبي محمَّد القليعي توفي سنة 566 هـ[1170م]. 483 - أبو عمران موسى بن سعادة المرسي: كان أحد الأفاضل العلماء والأجواد السمحاء واسع الرواية مع مشاركة في اللغة والأدب رحل وحج وسمع السنن من الطرطوشي وروى عن أبي محمَّد بن مفوز الشاطبي وأبي الحسن بن شفيع وقرأ عليهما الموطأ وكانت ابنته عند أبي علي الصدفي وسمع منه ولازمه وأكثر عنه وانتسخ صحيحي البخاري ومسلم بخطه وكانا أصلين لا يكاد يوجد في الصحة مثلهما وسمعهما من صهره المذكور وقد تولى القيام بشؤون صهره بما يحتاج إليه من دقيق الأشياء وجليلها وإليه أوصى عند توجهه لغزوة كتندة التي فقد فيها سنة 514 هـ حدث عنه ابن أخيه القاضي أبو عبد الله محمَّد بن يوسف بن سعادة بكتاب أدب الكتاب لابن قتيبة وبالفصيح لثعلب اهـ من نفح الطيب. لم أقف على وفاته. 484 - القاضي أبو عبد الله محمَّد بن يوسف بن سعادة: من أهل المرية العالم العامل الثقة الأمين القاضي العادل العارف بالسنن والآثار المشارك في علم القرآن وتفسيره الحافظ للفروع البصير باللغة والغريب ذو حظ من علم الكلام مع رسوخ في الفقه وأصوله الخطيب الفصيح سمع أبا علي الصدفي واختص به وأكثر عنه وإليه صارت دواوينه وأصوله العتاق وأمهات كتبه الصحاح لصهر كان بينهما

وسمع أبا محمَّد بن جعفر ولازم حضور مجلسه للتفقه وحمل عنه ما كان يرويه وسمع من أبي محمَّد بن عتاب وابن رشد وابن الحاج وابن العربي وكتب إليه جماعة منهم أبو الوليد طريف وأبو مروان بن تليد ثم رحل للمشرق سنة 520 هـ وسمع بمكة من رزين بن معاوية العبدري إمام المالكية بها وروى عن أبي الحسن بن سند بن عياش الغساني ما حمل عن الغزالي من تصانيفه ولقي بالإسكندرية جماعة منهم أبو الطاهر بن عوف وأبو عبد الله محمَّد بن مسلم المازري وأبو طاهر السلفي وأبو زكريا الزناتي وأبو الحجاج بن نادر الميورقي وغيرهم وكتب إليه أبو بكر الطرطوشي وأبو الحسن بن شرف ودخل المهدية وأقام بها مدة وأخذ عن الإِمام المازري وسمع منه بعض كتابه المعلم وأجاز له باقيه وعاد إلى مرسية سنة 526 هـ وقد حصل على علوم جمة ورواية فسيحة وتولى القضاء وتصدر لإسماع الحديث أخذ عنه من لا يعد كثرة ورزق عند الخاصة والعامة من الحظوة والذكر والجلالة ما رزق أخذ عنه أبو الحسن بن هذيل وسمع منه جامع الترمذي وأبو القاسم بن فيرة الشاطبي والقاضي أبو محمَّد عبد الله بن حوط الله وأبو الحسن بن خيرة وغيرهم، ألّف شجرة الوهم المرتقية إلى شجرة الفهم لم يسبق إليه مثله وليس له غيره وله فهرسة حافلة مولده سنة 496 هـ وتوفي بشاطبة مصروفاً عن القضاء سنة ست أو خمس وستين وخمسمائة [1169م] أو [1170م]. 485 - أبو بكر محمَّد بن عبد الله بن ميمون العبدي: العالم العلامة الفقيه الأريب الفهامة روى عن ابن العربي وابن بقي وابن الباذش وابن مغيث وابن الحاج وابن رشد ولازمه عشر سنين وأبي محمَّد بن عتاب وغيرهم وعنه جماعة منهم أبو البقا يعيش بن القديم صنف مشاحذ الأفكار فيما أخذ عن النظار وله شرحان كبير وصغير على جمل الزنجاني وشرح على أبيات الإيضاح للفارسي وشرح على مقامات الحريري وشرح على معشراته الغزلية ومفكراته الهزلية وغير ذلك، توفي بمراكش سنة 567 هـ[1171م]. 486 - أبو محمَّد عاشر بن محمَّد بن عاشر بن خلف الأنصاري: سكن شاطبة الإِمام العالم المتفنن في العلوم كان رئيس الفتوى وإليه ترد صعاب المسائل ومشكلاتها مشهور بالحفظ والفهم سمع من أبي علي بن سكرة وأبي جعفر بن جحدر

وأبي عمران بن تليد وأبي بحر الأسدي وأبي محمَّد بن عتاب وجماعة وتفقه بأبي محمَّد بن جعفر وأخذ القراءات عن أبي العباس بن ذروة وأجاز له أبو عبد الله الخولاني وكتب إليه من مكة رزين بن معاوية ولي الشورى ببلنسية والقضاء بمرسية وحمدت سيرته روى عنه جماعة منهم أبو الخطاب بن واجب وأبو عبد الله بن سعادة وابن غلبون وعبد المنعم بن الفرس وأبو بكر بن جمرة وأبو سليمان بن حوط الله صنف الجامع البسيط وبغية الطالب النشيط دل على مكانته في العالم توفي قبل إتمامه وهو كتاب مطول رجح فيه واستدل. مولده سنة 484 هـ وتوفي سنة 567 هـ[1171م]. 487 - أبو الحسن علي بن عبد الله بن خلف الأنصاري: يعرف بابن النعمة البلنسي العالم المتفنن الفقيه الحافظ الموصوف بالجلالة والرسوخ في العلوم المشاور إليه انتهت رئاسة الإقراء والفتوى أخذ عن أبي الحسن بن شفيع ولازم أبا محمَّد البطليوسي وأدرك الجلة بغرناطة وغيرها فتفقه بابن رشد وابن الحاج وسمع من أبي الحسن بن برجان وأبي محمَّد بن عتاب وأبي القاسم بن بقي وأبي الحسن بن مغيث وابن العربي والصدفي وأجازه جماعة كأبي عمران بن تليد أخذ عنه من لا يعد كثرة منهم ابن قرقول وأبو جعفر أحمد بن سيد بونة له برنامج حافل وتآليف مفيدة حسنة منها ري الظمآن في تفسير القرآن في عدة أسفار كبار وكتاب في شرح سنن النسائي لم يتقدمه أحد بمثله بلغ الغاية احتفالاً وإكثاراً، توفي ببلنسية سنة 567 هـ[1171م]. 488 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحيم بن محمَّد الأنصاري الخزرجي: من ولد سعد بن عبادة رضي الله عنه ويعرف بابن الفرس العالم الكثير الرواية المحدث البصير بالفتوى الفقيه المقرىء أحد حفاظ الأندلس سمع أباه وأخذ عنه القراءات ودرس عليه الفقه وسمع أبا بكر بن عطية وأبا الحسن بن الباذش وأبا القاسم بن ورد وغيرهم روى عنهم وتفقه ببعضهم وكتب إليه جماعة منهم أبو عمران بن تليد وأبو علي الصدفي وأبو محمَّد البطليوسي وأبو الحسن شريح وابن سمعت وأبو بكر بن طاهر والرشاطي والإمام المازري. وعدد شيوخه الذين حمل عنهم خمسة وثمانون. سمع منه الناس وأخذوا عنه منهم ابن عبد المنعم والتجيبي

أطالوا الثناء عليه وأطابوا وكان أهلاً لذلك. مولده سنة 501 هـ وتوفي بإشبيلية سنة 567 هـ[1171م]. 489 - ابنه القاضي أبو محمَّد عبد المنعم بن محمَّد بن عبد الرحيم: يعرف بابن الفرس الفقيه العالم بمذهب مالك المحدث المتفنن في كثير من العلوم البصير بالمسائل الإِمام الشاعر كان آية في الذكاء بيته عريق في العلم والنباهة مع الجلالة والوجاهة سمع جده وأباه وتفقه به في الحديث وكتب أصول الدين وسمع أبا الوليد الدباغ وأبا الحسن بن هذيل وأخذ عنه القراءات وغيرهما وأجاز له جماعة منهم أبو الحسن بن مغيث وأبو القاسم بن بقي وأبو الحسن بن شريح وابن العربي وأبو الحجاج القضاعي والرشاطي وأبو المظفر الشيباني وأبو سعيد الجلبي والإمام المازري وعنه جماعة منهم ولده الوزير عبد الرحمن وأبو عبد الله التجيبي وأبو الربيع بن سالم. ألّف أحكام القرآن جليل الفائدة من أحسن ما وضع في ذلك وله في الأبنية مجموع، واضطرب قبل موته بسنين، فترك الأخذ عنه. مولده سنة 525 هـ وتوفي في جمادى الآخرة سنة 599 هـ[1202م] وحضر جنازته خلق كثير وكسر نعشه واقتسموه. 490 - أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الصقر الأنصاري الخزرجي: الفقيه الحافظ الأصولي المحدث العارف بالأحكام وعقد الشروط والنوازل، الكاتب البليغ الشاعر مع الورع والدين المتين، أخذ عن ابن خيرة وابن أبي العاصي وابن بشكوال وابن العربي والتجيبي وابن الباذش والقاضي عياض ولازمه وأبي بكر بن عطية والقاضي ابن موهب وغيرهم، وسمع من أبيه وعنه ابنه أبو عبد الله وغيره. له تصانيف مفيدة منها شرح الشهاب أبدع فيه ما شاء، ولد بالمَرِيَة سنة 492 هـ وتوفي بمراكش 569 هـ[1173م]. 491 - أبو بكر عبد الرحيم بن محمَّد بن أبي العيش: الإِمام العالم الفقيه الفاضل، روى عن أبي عمران بن تليد وأبي علي الصدفي وأبي محمَّد عتاب وغيرهم، وكتب إليه من المهدية الإِمام المازري واستوطن مراكش وحدث به وأخذ عنه جماعة منهم القاضي أبو الحسن الزهري سمع منه الموطأ وابنه أبو محمَّد عبد الرحمن بن أبي الحسن، وكانت وفاته في نحو 570 هـ.

492 - أبو القاسم محمَّد بن إبراهيم بن خيرة القرطبي: الإِمام الفقيه الفاضل الأديب العالم الماهر الكامل، سمع ابن مغيث وابن مكي وابن العربي وابن أبي الخصال وغيرهم. له تآليف منها الوشاح المفضل ومنها ريحان الألباب. توفي في حدود سنة 570 هـ[1174م]. 493 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله بن خليل القيسي الغرناطي: الإِمام الجليل الحافظ العالي الرواية, روى عن ابن الطلاع وابن عتاب والغساني والصدفي وابن حمدين وابن تليد وابن رشد وابن المناصب وابن العربي وأبي بكر بن عطية وأبي الوليد بن طريف وأبي الحسن سراج وابن الطراوة، وعنه جماعة منهم أبو محمَّد عبد الحق الإشبيلي وأجازه. توفي بمراكش سنة 570 هـ[1174م]. 494 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله الغرناطي: يعرف بابن الغاسل الفقيه المحدث الراوية العالم المقرىء، سمع أبا عبد الله النميري وصحبه طويلاً وكان ابن خاله وأخذ عن أبي الحسن بن الباذش وابنه أبي جعفر وأبي الحسن بن ثابت وأبي القاسم بن الفرس وأبي الحسن بن لب وأبي بكر بن الخلوف وأبي الحسن شريح واعتمد عليه في القراءات ولقي جلة من المحدثين وغيرهم وأخذ عنهم منهم أبو الحسن بن مغيث وأبو القاسم بن بقي وابن العربي وابن مكي وأبو محمَّد بن عطية وأبو بكر برنجال وأجازوه، وكتب إليه أبو محمَّد بن عتاب وابن طريف وابن موهب وابن هذيل وأبو طاهر السلفي وعنه أخذ جماعة. توفي سنة 570 هـ[1174م]. 495 - القاضي أبو الحسن عبد الرحمن بن أحمد بن محمَّد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد الغرناطي: الإِمام العمدة الفاضل العالم الفقيه المشاور العريق البيت في العلم والنباهة، روى عن أبيه وعمه أبي الحسن عبد الرحمن وأبي محمَّد بن عات وأبي بحر سفيان بن العاصي وأبي الحسن بن مغيث وابن العربي وابن شريح وغيرهم وكتب إليه قاضي الحرمين أبو المظفر الشيباني، سمع منه ابنه أبو الوليد وابن ابنه أبو القاسم أحمد بن يزيد وغيرهما. مولده سنة 495 هـ وتوفي بقرطبة سنة 573 هـ[1177م]. 496 - أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن خلف بن سعادة الأصبحي: من أهل

دانية، الإِمام الفقيه المحدث المقرىء الورع الفاضل أخذ عن أبي الحسن بن سعد الخير ورحل للمشرق فسمع من أبي طاهر السلفي سنة 573 هـ وأبي طاهر بن عوف وابن عبيد الله بن الحضرمي وأبي القاسم بن مهدي وأكثر عنه، وعنه أخذ أعلام منهم أبو عبد الله التجيبي وأبو جعفر بن ميمون وأبو مروان عبد الملك بن محمَّد الكردبوسي التوزري. مات في رجوعه غريقاً في البحر، لم أقف على وفاته. 497 - أبو مروان عبد الملك بن عبد الله بن عيشون المعافري البلنسي: العالم الجليل القدر كان على غاية من الصلاح والفضل، إخبارياً محققاً، روى عن أبي الوليد بن الدباغ وغيره رحل حاجاً ولقي أعلاماً وأخذ عنهم منهم أبو الحسن علي بن العرجاء بمكة وأبو طاهر السلفي بالإسكندرية وأبو عبد الله المازري بالمهدية وحكى عنه أنه سمعه يقول وقد جرى ذكر كتابه المعلم بفوائد صحيح مسلم: إني لم أقصد تأليفه وإنما السبب فيه أنه قرىء علي صحيح مسلم في شهر رمضان فتكلمت على نقط منه فلما وقع الفراغ من القراءة عرض علي الأصحاب ما أمليته عليهم وإذ ذاك نظرت فيه وهذبته فهذا سبب جمعه، ثم انصرف صاحب الترجمة لبلده فحدث وأخذ عنه الناس منهم أبو عبد الله بن نوح. توفي سنة 574 هـ[1178م]. 498 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن مجاهد: الفقيه العالم الإِمام الزاهد أخذ عن ابن العربي وغيره وعنه أبو بكر بن خير وغيره، مولده سنة 484 هـ وتوفي سنة 574 هـ[1178م]. 499 - قاضي قرطبة أبو القاسم محمَّد بن محمَّد بن أحمد بن لب: يعرف بابن الحاج العالم الفاضل القاضي العادل الفقيه الحافظ للمسائل سمع من أبيه القاضي الشهير وأبي الوليد بن رشد وأبي بحر الأسدي وابن عتاب وابن طريف وأبي علي بن سكرة وابن مكي وابن مغيث وابن العربي وأجاز له الخولاني وابن موهب وأبو القاسم بن بقي وشريح وأبو بكر بن عطية وابنه عبد الحق وكتب له من المهدية الإِمام المازري مرتين. وعنه أخذ جماعة. توفي بإشبيلية سنة 575 هـ[1179م]. 500 - أبو بكر محمَّد بن خير بن عمر الأموي الإشبيلي: العالم الفاضل الجليل القدر كان من الإكثار في تقييد الآثار والعناية بتحصيل الرواية فوق ما يذكر

مقرئاً مجوداً ضابطاً محدثاً متفنناً واسع المعرفة مأموناً ثقة مع الحظ الأوفر في علم اللسان وعدد من سمع منه أو كتب إليه نيف ومائة قد احتوى على أسمائهم برنامج له ضخم في غاية الاحتفال والإجادة لا يعلم لأحد مثله وكلهم أجازوا له وفي أوائله قال: سألني مَن له رغبة في العلم وعناية بتقييده أن أذكر لهم ما رويته عن المشايخ من الدواوين المصنفة في ضروب من العلم وأنواع المعارف وأن أذكر سندي عنهم فيها إلى مصنفيها وما قرأته من ذلك عليهم أو سمعته منهم بقراءتهم أو قراءة الغير وأن أضيف إلى ذلك ما ناولوني إياه وأجازوه انتهى. فمن الشيوخ الذين أخذ عنهم أبو الحسن شريح أخذ عنه القراءات واختص بها إلى وفاته وكان معوله عليه وسمع منه ومن أبي مروان الباجي وابن العربي وابن حبيش وأبي بكر بن طاهر وأبي عبد الله بن عبد الرزاق وأبي جعفر بن عبد العزيز وابن عمه أبي بكر وأبي القاسم بن بقي وأبي عبد الله بن الحاج وابن مغيث وابن أبي الخصال وابن مسرة ولقي أبا محمَّد بن عطية وأبا الفضل عياض فسمع منهما ومن ابن أخت غانم وابن معمر وأبي الحسن بن الطلاع وغيرهم وأجازه أعلام منهم أبو محمَّد بن عتاب وأبو بحر الأسدي وابن الوراق وابن طريف وابن موهب والرشاطي وأبو طاهر السلفي والإمام المازري وتصدر للإقراء والإسماع وأخذ عنه الناس منهم أبو الخطاب بن واجب مولده بإشبيلية سنة 502 هـ وبها توفي سنة 575 هـ وكانت جنازته مشهودة حضرها الأمير وغيره. 501 - أبو المحاسن يوسف بن عبد الله بن سعيد: يعرف بابن عياد الأندلسي العالم المتفنن في فنون شتى الفقيه الراوية الثبت المحدث الحافظ روى عن القاضي ابن العربي والتجيبي ولقي أبوي الحسين بن هذيل وابن النعمة وأبا الوليد بن الدباغ وأبا الحسن بن يعيش وابن خيرة وجماعة فسمع منهم وأخذ عنهم وكتب إليه ابن ورد وأبو محمَّد بن عطية حدث عنه ابناه وابن غبلون له ذيل على صلة ابن بشكوال وبرنامج وشرح على منتقى ابن الجارود وبهجة الكتاب في شرح الشهاب وأربعون حديثاً في النشر وأحوال الحشر والمنهج الرائق في المدخل لعلم الوثائق وبهجة الحقائق في الزهد والرقائق والكفاية في مراتب الرواية وطبقات الفقهاء من عصر ابن عبد البر إلى وقته، مولده سنة 505 هـ وتوفي شهيداً سنة 575 هـ[1179م].

502 - القاضي أبو عبد الله محمَّد بن أبي الفضل عياض: العالم الجليل القدر الإِمام النبيه البيت كان من أعلام العلماء أخذ عن والده وابن العربي وابن بشكوال وغيرهم روى عنه ابنه أبو الفضل عياض، توفي سنة 575 هـ[1179م]. 503 - أبو جعفر عبد الرحمن بن أحمد الأزدي الغرناطي: يعرف بابن القصير الفقيه العالم المتقدم بنباهة السلف والبيت البصير بصناعة الحديث الكثير العناية بالرواية والحظ الوافر في الآداب والاشتغال بعقد الشروط روى عن أبيه وعمه أبي مروان وأبي الحسن بن الباذش وابنه أبي جعفر وأبي محمَّد بن عطية وأبي الحسن بن جزي وروى عن أبي الوليد بن رشد وأبي القاسم بن بقي وأبي الحسن بن مغيث وابن العربي وابن ورد وابن موهب وأبي الحجاج القضاعي وأبي بكر بن الخلوف وأبي الفضل عياض وغيرهم روى عنه جماعة وله تآليف منها استخراج الدرر وعيون الفوائد والخبر وكتاب الألفاظ المساوية العيان المختلفة المعاني في الشكل واللسان وكتاب مناقب أهل عصره وكتاب اختصار الوثائق وكتاب اختصار الترمذي وكتاب اختصار الموطأ وغير ذلك، رحل لإفريقية واستقر بقرية من أعمال توزر وحدث بتونس سنة 574 هـ وركب البحر واستشهد بمرسى تونس سنة خمس أو ست وسبعين وخمسمائة. 504 - أبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم الغافقي الجياني: العالم الفقيه المشاور المقري المحدث الحافظ النسابة أخذ القراءات عن أبيه وأبي الحسن شريح وغيرهما وسمع منهما ومن أبي الحسن بن موهب وأبي الفضل بن شرف وأبي عبد الله ابن أخت غانم وسمع البخاري من ابن هذيل وأجاز له أبو محمَّد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد وانتقل لمصر وحصل على حظوة عظيمة له تاريخ سماه المغرب في محاسن المغرب حدث عنه أبو عبد الله التجيبي وروى عنه أبو الفضل المقدسي وأبو القاسم الصفراوي وجماعة، توفي سنة 575 هـ[1179م]. 505 - أبو محمَّد عبد الله بن مغيث بن يونس بن محمَّد بن مغيث الأنصاري الغرناطي: قاضيها ومفتيها من بيت عريق في العلم والفضل ويعرف بابن

الصفار روى عن جده أبي الحسن يونس وسمع منه ومن أبيه مغيث وعمه أبي الوليد يونس وأبي عبد الله بن الحاج الشهيد وأبي مروان الباجي وأبي الحسن شريح وابن العربي وغيرهم وحدث وروى عنه جماعة منهم أبو القاسم بن ملجوم وأبو محمَّد بن حوط الله وأخوه أبو سليمان، مولده سنة 516 هـ وتوفي سنة 576 هـ[1180م]. 506 - أبو القاسم خلف بن عبد الملك يعرف بابن بُشكوال الأنصاري الخزرجي الغرناطي: الإِمام الحافظ الواسع الرواية والدراية المتفنن الشيخ الصالح فقيه المسندين بقرطبة والمسلم إليه في حفظ أخبارها ومعرفة رجالها سمع أباه وأبا محمَّد بن عتاب وأكثر عنه وعليه معوله في روايته وابن رشد وابن مغيث وابن العربي وابن يربوع أسند عن نحو نيف وأربعمائة شيخ عمر طويلاً فرحل الناس إليه وانتفعوا به وسمع منه من لا يعد كثرة منهم ابن البقال والحفيد ابن رشد وأحمد بن عتاب والقاضي محمَّد بن عطية وأبو الخطاب بن دحية وعبد الله بن سليمان بن حوط الله والقاضي أبو الخطاب أحمد بن واجب وأبو سليمان بن حوط الله وأبو مروان وابن مسرة وأبو العباس بن مضا وغيرهم، ألّف خمسين تأليفاً في أنواع من العلوم شاهدة له بالحفظ والإكثار منها معجم في شيوخه وتاريخه الذي ذيل به تاريخ ابن الفرضي وجزء لطيف ذكر فيه من روى الموطأ عن مالك وهم ثلاثمائة وسبعون والغوامض والمبهمات في اثني عشر جزءاً ذكر فيه ما جاء في الحديث مبهماً والفوائد المنتخبة وكتاب الدعوات، توفي سنة 578 هـ ووالده المتوفى سنة 523 هـ كان حافظاً للفقه عارفاً بالشروط فاضلاً. 507 - أبو الحجاج يوسف بن إبراهيم بن عثمان العبدري: يعرف بالثغري الإِمام الحافظ المحدث الراوية المقرىء المفسر الضابط. أخذ القراءات عن عبد الرحيم بن الفرس وأبي الحسن شريح وأبي بكر بن يحيى بن الخلوف وأبي الحسن بن الباذش وسمع منهم ومن أبي مروان الباجي وابن العربي وابن مغيث وخلق، وأجاز له أبو علي الصدفي وأبو بكر الطرطوشي قديماً، أخذ عنه أعلام منهم أبو عبد الله التجيبي وأكثر عنه وأبو عمر بن عياد وأبو العباس بن عميرة وأبو سليمان بن حوط الله، ولد سنة 503 هـ وتوفي في شوال سنة 579 هـ[1183م].

508 - أبو إسحاق إبراهيم ابن الحاج أحمد بن عبد الرحمن الأنصاري الغرناطي: كان من أهل المعرفة الكاملة والتفنن في العلوم والنفوذ في الأحكام يتحقق بالقراآت ويشارك في علم الحديث ومسائل الفقه والشروط وله فيه مختصر مفيد سمع أبا بكر بن غالب بن عطية وأبا الحسن بن الباذش وابن عتاب وابن رشد وأبا بحر الأسدي وابن مغيث وابن الوراق وأخذ عن أبي الحسن بن موهب وسمع عليه الموطأ وأجازه جماعة منهم أبو محمَّد بن السيد وشريح وأبو بكر الطرطوشي والمازري وتولى القضاء بجهات وتصدر للإقراء والإسماع فأخذ الناس عنه وانتفعوا به. حدث عنه أبو الخطاب بن واجب. مولده سنة 495 هـ وتوفي سنة 579 هـ[1183م] من ابن الأبار. 509 - أبو الوليد الحسن بن أبي الحسن عيسى بن أصبغ: المعروف بابن المتأصف العالم الجليل الإِمام العمدة الفاضل روى عن أبي محمَّد بن عتاب وسمع منه المدونة وكتابه الكبير في المواعظ ويعرف بشفاء الصدور وروى عن أبي بحر الأسدي وأبي علي الصدفي وأجازه، حدث عنه أبو القاسم بن ملجوم وأبو سليمان بن حوط الله وأبو الخطاب الكلبي وغيرهم. مولده سنة 502 هـ وتوفي سنة 580 هـ[1184م]. 510 - أبو محمَّد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الأزدي الإشبيلي: يعرف بابن الخراط نزيل بجاية الإِمام الحافظ العالم بالحديث وعلله العارف بالرجال الموصوف بالخير والصلاح والزهد والورع وملازمة السنة مع مشاركة في الآداب وقول الشعر. في عنوان الدراية نقلاً عن: 511 - عن محيي الدين بن عربي الحاتمي الطائي: المتوفى سنة 638 هـ[1240م] أنه ذكر أبا مدين الغوث وقال: كان الشيخ جمال الحفاظ زين العلماء عماد الرواية رأس المحدثين أبو محمَّد عبد الحق بن عبد الرحمن الأشبيلي قد

واخاه في بجاية وأقر له بالسبق في طريق الحق وكان إذا دخل على سيدنا أبي مدين يجد في نفسه حالة سنية لم يكن يجدها قبل حضوره مجلسه ويقول عند ذلك: هذا وارث علم الحقيقة اهـ روى صاحب الترجمة عن أبي الحسن شريح وأبي الحكم بن برجان وأبي حفص عمر بن أيوب وأبي الحسن طارق وطارق بن عطية وغيرهم وكتب إليه محدث الشام أبو القاسم ابن عساكر وغيره ونزل بجاية ونشر بها علمه وأخذ عنه جلة وصنف التصانيف الجليلة منها الأحكام الكبرى والأحكام الصغرى في الحديث والعاقبة في علم التذكير وكتاب التهجد واختصار اقتباس الأنوار للرشاطي وهو أحسن من الأصل وله الجمع بين الصحيحين والجمع بين المصنفات الستة وكتاب المعتل في الحديث وكتاب في الرقائق وكتاب في اللغة حافل ظاهر به كتاب الهروي وديوان شعر في الزهد وأمور الآخرة، مولده سنة 510 هـ وتوفي ببجاية سنة 581 هـ. 512 - أبو زيد عبد الرحمن ابن الخطيب عبد الله السهيلي الخثعمي المالقي: الفقيه الأديب الحافظ الإِمام العالم الجليل القدر المقرىء المتصرف في فنون من العلم وضروب المعارف البعيد الصيت أخذ القراءات عن سليمان بن يحيى وسمع ابن العربي ولازمه وابن الطراوة وابن عربي الحاتمي وغيرهما أخذ عنه الناس وانتفعوا به منهم أبو محمَّد عبد الله بن حوط الله، له شعر كثير وتصانيف ممتعة منها الروض الأنف في شرح سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن إسحاق دل على سعة حفظه ونباهة علمه استخرجه من نيف على المائة وعشرين ديواناً وله التعريف والأعلام فيما أبهم من القرآن من الأسماء والأعلام ونتائج الفكر وكتاب شرح آية الوصية في الفرائض كتاب بديع وكتاب في رؤيا الله عزّ وجل والنبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم وله رسائل مستظرفة في فنون من العلم وغير ذلك من أوضاعه الغريبة، قال ابن دحية: أنشدني من كلامه الأبيات المشهورة المجربة الإجابة في الدعاء التي أولها: يا من يرى ما في الضمير ويسمع ... أنت المعدُّ لكل ما يتوقع كف بصره وهو ابن سبعة عشر عاماً. مولده سنة 508 هـ بمالقة وتوفي سنة 581 هـ[1185م] بمراكش.

513 - أبو جعفر أحمد بن عبد الصمد بن عبيد الأنصاري الخزرجي القرطبي: نسبه ينتهي إلى سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه الإِمام الفقيه المعترف له بالعلم والفضل روى عن ابن العربي وابن ورد وجماعة وعنه أبو الحسن بن عتيق وأبو سليمان وأبو محمَّد ابنا حوط الله وجماعة. ألّف تصانيف مفيدة منها كتاب آفاق الشموس في الأقضية النبوية ومختصره ونفس الصباح في غريب القرآن وناسخه ومنسوخه ومقام المدرك في إحجام المشرك ومقامع هامات الصلبان رد فيه على بعض القسيسين وكان ذلك من أحفل ما ألف في معناه إلى غير ذلك، مولده سنة 519 هـ وتوفي سنة 582 هـ[1186م]. 514 - أبو صالح علي بن أبي القاسم خلف بن عامر الأنصاري: الإِمام الفقيه المقرىء العالم المتكلم، أخذ عن أبي الحسن الغماد وغيره، رحل فأخذ بفاس عن أبي جعفر محمَّد بن برجان وبتونس عن أبي زيد بن عبد الرحمن وبالمهدية عن الإِمام المازري، روى عنه أبو بكر بن خليل وابنا حوط الله. مولده سنة 500 هـ وتوفي سنة 582 هـ[1186م]. 515 - أبو بكر بيبش بن محمَّد بن علي بن بيبش العبدري: الشاطبي قاضيها العادل ومحدثها الفاضل كان حميد السيرة حافظاً للحديث لا يغيب عنه شيء من صحيح البخاري لحفظه إياه متصرفاً في الفقه والنحو والتفسير معدوداً من أهل الشورى والفتيا قبل ولايته القضاء، سمع ابن هذيل وابن سعادة والإقليشي وابن عاشر وغيرهم وأجازه طارق بن يعيش وأبو الوليد بن خيرة وأبو عبد الله بن سعيد الداني وأبو طاهر السلفي وأبو علي بن العرجاء وأبو المظفرِ الشيباني قاضي الحرمين، سمع منه جماعة منهم أبو محمَّد بن حوط الله وأخوه أبو سليمان وذكره أبو عمر بن عات في شيوخه وأحسن الثناء عليه. ألّف تأليفين على صحيح البخاري. توفي وهو يتولى القضاء سنة 582 هـ[1186م] مولده سنة 524 هـ. ابن الأبار. 516 - أبو الحسن صالح بن أبي صالح بن خلف بن عامر الأنصاري الأوسي: من أهل مالقة العالم الفقيه الإِمام الكامل كان متفنناً مقدماً في علم الكلام، روى عن أبي الحسن بن منظور وابن خير وأبي الحسن بن الطراوة ورحل

ولقي بتلمسان أبا جعفر بن باق وأخذ عنه علم الكلام ولقي بتونس أبا محمَّد بن عبد الرزاق وأخذ عنه وبالمهدية الإِمام المازري ويحمل عنه المعلم سماعاً لبعضه وأجازه لباقيه وسمع غيره روى عنه جماعة منهم أبو محمَّد بن حوط الله وأخوه أبو سليمان، مولده سنة 500 هـ وتوفي سنة 581 هـ[1185م]. 517 - القاضي أبو عبد الله محمَّد بن عمر بن واجب: نبيه البيت في العلم والجلالة كان أبصر العلماء العاملين والفقهاء المحصلين. أخذ عن والده وبه تفقه وأبي الحسن بن النعمة وغيرهما وأخذ القراءات عن أبي محمَّد بن سعدون. تولى القضاء فحمدت سيرته. مولده سنة 510 هـ وتوفي سنة 583 هـ[1187م]. 518 - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمَّد بن عبد الله الأنصاري: يعرف بابن حبيش من أهل المرية الإِمام العالم بالقراءات والحديث العارف بعلله الواقف على أسماء رواته ونقلته لم يكن في الأندلس في وقته من يجاريه فيه اعترف له بذلك أهل عصره مع تقدم في الآداب وحفظ اللغات واشتغال بغيرها من جميع الفنون مع الإتقان والثقة والصدق، روى القراءات عن أبي القاسم أحمد بن عبد الرحمن وأبي القاسم بن أبي رجاء البلوي وأبي الأصبغ بن يسع وغيرهم وتفقه بابن ورد وأبي الحسن بن نافع وسمع منهما ومن أبي عبد الله بن وضاح وأبي محمَّد بن عطية وأبي الحسن بن موهب وأبي الحسن بن مغيث وأبي عبد الله بن مكي وأبي عبد الله بن أصبغ وأبي عبد الله بن أبي الخصال وابن العربي وأجاز له أبو الحسن شريح وأبو الفضل عياض وكتب له أبو طاهر السلفي وغيره وانتقل من وطنه حين تغلب الروم عليه سنة 544 هـ إلى مرسية وولي القضاء بها وكان معروف النزاهة محمود السيرة تصدر لإقراء القرآن وإسماع الحديث وتدريس اللغة والغريب إليه الرحلة في وقته وطال عمره حتى ساوى الأصاغر الأكابر في الرواية عنه وأخذ عنه من لا يعد كثرة له اقتضاب لصلة ابن بشكوال وكتاب المغازي في مجلدات وفهرسة، مولده بالمرية سنة 504 هـ وتوفي بمرسية سنة 584 هـ[1188م]. 519 - أبو علي الحسن بن محمَّد الأنصاري: من أهل المرية يعرف بابن الرهيبل الإِمام العالم الفقيه الراوية الحافظ المقرىء الشيخ الصالح سمع ابن النعمة وابن هذيل وأبا طاهر السلفي وابن الحضرمي وأبا الحسن بن حميد الطرابلسي وعنه

أخذ جماعة منهم الإِمام الشاطبي، توفي في رمضان سنة أربع أو خمس وثمانين وخمسمائة [1188م] أو [1189]. 520 - أبو الحسن علي بن يحيى بن القاسم الصنهاجي: نزل الجزيرة الخضراء فنسب إليها ودرس بها الفقه وعقد الشروط وولي قضاءها كان من الزهاد متواضعاً كثير الأوراد صاحب علم وعمل وله في الشروط مختصر مفيد جداً سماه المقصد المحمود في تلخيص العقود كثر استعمال الناس له فجودته تدل على معرفته، توفي سنة 585 هـ[1189م] عن نحو ستين سنة. 521 - أبو القاسم عبد الرحمن بن محمَّد بن غالب الأنصاري: الغرناطي يعرف بابن الشراط الإِمام العارف بالقراءات وطرقها البصير بالعربية المتفنن الماهر الأديب الشاعر الزاهد الورع الفاضل أخذ القراءات عن أبي الحسن شريح وغيره وسمع الحديث من أبي القاسم بن بقي وأبي الحسن بن مغيث وأبي بكر بن طاهر وأبي عبد الله بن مكي وأبي بكر بن العربي وأبي مروان بن مسرة وأبي بكر يحيى بن سعادة وغيرهم وأخذ الأدب عن أبي عبد الله بن أبي الخصال وأجاز له جماعة، اقرأ وأسمع الحديث ودرس العربية والأدب وأخذ عنه جماعة، مولده سنة 511 هـ وتوفي 586 هـ[1190م] وصلّى عليه ابن غالب وحضر جنازته الخاصة والعامة. 522 - القاضي أبو عبد الله محمَّد بن سعيد الأنصاري: يعرف بابن زرقون الإشبيلي تولى القضاء فحمدت سيرته وعرفت نزاهته، كان أحد فضلاء الرجال حافظاً للفقه مبرزاً فيه مع البراعة في الأدب والمشاركة في قرض الشعر والنثر سمع أباه وأبا عمران بن تليد وأبا القاسم بن الأبرش وأبا محمَّد بن عبدون وأبا الفضل عياض واختص به ولازمه كثيراً وكتب له أيام قضائه بغرناطة وغيرها وأجازه أبو عبد الله الخولاني ومن طريقه علا سنده وأبو محمَّد بن عتاب وأبو عبد الله محمَّد بن الحاج الشهيد وأبو مروان الباجي وأبو الحسن شريح وأبو عبد الله بن شبرين أجاز له تآليف أبي الوليد الباجي كان الناس يرحلون إليه للأخذ عنه والسماع منه لعلو سنده وروايته أخذ عنه جلة منهم أبو عبد الله بن حوط الله وسهل بن محمَّد الأسدىِ وأبو الربيع الكلاعي وأبو الحسن القطان وأبو علي الشلوبين له تآليف منها الأنوار في

الجمع بين المنتقى والاستذكار وجمع بين الترمذي وسنن أبي داود، مولده سنة 503 هـ وتوفي سنة 586 هـ[1190م]. 523 - أبو الطيب عبد المنعم بن يحيى بن خلف بن الخلوف الفرناطي: العالم الفاضل الفقيه المقرىء المحدث الشيخ الكامل أخذ القراءات عن أبيه وأبي القاسم بن الفرس وابن هذيل وغيرهم وسمع منهم وروى عن ابن العربي وأبي الحسن بن موهب والقاضي عياض وجماعة ونزل فاساً وأدّب فيها القرآن وأخذ الناس عنه ثم حج وتجول في بلاد المشرق واستوطن الإسكندرية وحدث بها روى عنه جلة منهم أبو الحسن المقدسي وقرأ عليه أبو القاسم بن عيسى وغيره وسمع منه هناك أبو الحسن بن خيرة موطأ مالك، توفي سنة 586 هـ. 524 - القاضي أبو القاسم أحمد بن محمَّد بن خلف الحوفي: الفقيه الحافظ العالم الإِمام الفرضي من بيت علم أخذ عن ابن العربي والسلفي وقاضي الحرمين أبي المظفر الطبري وغيرهم روى عنه أبو سليمان وأبو محمَّد ابنا حوط الله وغيرهما له في الفرائض تعاليق كبير ووسيط وصغير وقد بلغ في إجادة ذلك الغاية، توفي في شعبان سنة 588 هـ[1192م]. 525 - أبو بكر محمَّد بن عبد الله بن الجد الفهري الإشبيلي: الإِمام المشاور الفقيه الحافظ إليه انتهت رياسة الفتوى وأقام بها نحواً من ستين سنة مع الجلالة وبعد الصيت والأصالة يقال إنه ما طالع شيئاً من الكتب نسيه روى عن جماعة منهم ابن العربي وابن طريف وابن عتاب وابن رشد وشهد له بالحفظ وناوله البيان والتحصيل والمقدمات روى عنه أبو الحسن بن زرقون وأبو محمَّد القرطبي وابنا حوط الله وغيرهم، مولده سنة 499 هـ وتوفي سنة 589 هـ[1193م]. 526 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم بن خلف الأنصاري المالقي: يعرف بابن الفخار العالم النظار الفقيه الحافظ المحدث المسند العارف بالرجال وذكر الغريب مع معرفته بالشروط كان يحفظ صحيح مسلم وسنن أبي داود وسمع من أبي بكر بن العربي وأكثر عنه وأبي عبد الله بن الأحمر وأبي الحسن شريح والقاضي عياض وغيرهم وأجاز له أبو طاهر السلفي أخذ عنه جلة وحدثوا عنه منهم ابنا حوط الله وأبو جعفر بن عميرة. توفي بمراكش سنة 590 هـ[1193م].

527 - أبو محمَّد قاسم بن فيرة بن أبي القاسم خلف الرعيني الشاطبي: الضرير الإِمام المتفنن البصير المتفق على جلالته وفضله وديانته، العالم بكتاب الله عزّ وجل قراءة وتفسيراً وبحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبرز فيه، يصحح عليه البخاري ومسلم والموطأ من حفظه أخذ القراءات عن ابن الرهبيل وغيره وأخذ وسمع من أبي عبد الله بن سعادة ومحمد بن عبد الرحيم بن الفرس وأبي الحسن بن هذيل القراءات وسمع منه ومن أبي الحسن بن النعمة وحضر عند الحافظ السلفي وابن بري وجماعة وانتفع به جماعة منهم أبو الحسن بن خيرة ومحمد بن عمر القرطبي وابن الحاجب. نظم القصيدة المسماة بحرز الأماني في القراءات أبدع فيها كل الإبداع تشتمل على 1172 بيتاً وهي عمدة القراء من زمنه إلى الآن، وقصيدة دالية بها خمسمائة بيت من حفظها أحاط علماً بكتاب التمهيد لابن عبد البر. كان يحفظ وقر بعير من العلوم. ولد سنة 538 هـ وتوفي سنة 590 هـ[1194م] بمصر وقبره بالقرافة متبرك به؛ مستجاب الدعاء عنده. 528 - أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن علي بن عبد الله بن ذي النون: من أهل المرية يعرف بابن عبيد الله، الإِمام العالم المسند الواسع الرواية المتفنن في العلوم مع الغاية في الصلاح والورع والعدالة والفضل والجلالة، سمع أبا القاسم بن ورد وأبا الفضل بن شرف وأبا محمَّد الرشاطي وأبا الحسن القضاعي وناظر أبا الحسن بن نافع في المدونة وسمع من أبي الحسن بن موهب فهرسته وأخذ عن أبي القاسم بن بقي وأبي الحسن بن مغيث وأبي عبد الله بن مكي وأبي بكر بن العربي وأبي الحسن شريح وأبي إسحاق بن حَبيش وغيرهم، سمع منهم وأكثر عنهم. قرأ على شريح صحيح البخاري في رمضان سنة 534 هـ في إحدى وعشرين دولة وقد اجتمع للسماع منه نحو الثلاثمائة من أعيان طلبة البلاد وكان شريح لطول عمره قد انفرد بعلو الإسناد فيه لسماعه إياه من أبيه وأبي عبد الله بن منظور عن أبي ذر الهروي وكان الناس يرحلون إليه بسببه من سائر الجهات وقد عين لقراءته شهر

رمضان في كل سنة فأكثر الازدحام عليه وكتب لصاحب الترجمة جماعة منهم أبو بكر بن طاهر وأبو الفضل بن عياد وأبو طاهر السلفي والإمام المازري، في شيوخه كثرة وجل روايته عن ابن العربي. كان الناس يرحلون إليه للسماع لعلو سنده ومتانته مع كثرة العلم وجودة الفهم وأخذ عنه من لا يعد كثرة وحدثوا عنه منهم أبو سليمان بن حوط الله قرأ عليه وسمع منه كتباً كثيرة تزيد على المائة وأبو القاسم بن حَبيش وأبو الربيع بن سالم، له برنامج ودعي للقضاء فامتنع رغبة في الخمول وخرج من المرية بعد تغلب العدو على مرسية ثم إلى مالقة ثم إلى فاس ثم إلى سبتة فاستوطنها وأقام بها بقية عمره يقرىء القرآن ويسمع الحديث وبعد صيته وعلا ذكره. مولده سنة 505هـ وتوفي بسبتة سنة 591 هـ[1194 م]. 529 - القاضي أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن محمَّد بن مضاء اللخمي: أوحد من ختمت به المائة السادسة، الفقيه العالم الراوية المحدث الجامع بين المعقول والمنقول، أخذ عن أبي عبد الله بن أصبغ وابن المناصب وابن مسرة وسمع ابن العربي وأكثر عنه ولقي أبا محمَّد عبد الحق بن عطية وأبا اعبد الله بن وضاح وأبا جعفر عبد الرحمن البطروجي وأبا جعفر حفيد مكي والرشاطي والقاضي عياض وابن بشكوال وأحمد بن رشد وغيرهم وسمع منهم وأجاز له أبو الحسن بن موهب. أكثر من الرواية وله أسمعة كثيرة وعنه أخذ جماعة منهم محمَّد بن محمَّد زرقون وأبو الخطاب بن خليل وأبو الحسن الغافقي وأبو العباس بن عبد الملك والقاضي أبو بكر بن محرز وعمر بن محمَّد الشلوبين ومحمد بن الشراط وأبو الحسن بن قطرال وابنا حوط الله أبو سليمان وأبو محمَّد وآخر مَن حدّث عنه عمر بن حوط الله. له تآليف في النحو وغيره منها تنزيه القرآن عما لا يليق بالبيان. مولده سنة 513 هـ وتوفي سنة 592 هـ[1195م]. 530 - أبو بكر محمَّد بن أبي مروان عبد الملك بن أبي العلاء زهر: العالم الكبير الوزير الشهير عين بيته وإن كانوا كلهم أعياناً علماء رؤساء حكماء وزراء شارك صاحبه ابن رشد الحفيد في بعض شيوخه، قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية في المغرب في شعراء المغرب كان شيخنا الوزير ابن زهر بمكان من اللغة

مكين ومورد من الطب عذب معين له فيه كتاب الفصول وكتاب الجبريات ومن المنسوب إليه قوله في كتاب جالينوس المسمى بحيلة البرء وهو من أجل كتبهم: حيلة البرء صنفت لعليل ... يترجى الحياة أو لعليلهْ فإذا جاءت المنية قالت ... حيلة البرء ليس للبرء حيلهْ كان يحفظ صحيح البخاري أسانيد ومتوناً، من رجال الكمال مع الحظوة عند الأمراء والخاصة والعامة، أخذ عن أبيه وجده علم الطب وغيره وعنه أخذ أبو علي الشلوبين. مولده سنة 507 هـ وتوفي سنة 595 هـ وصلى عليه الخليفة ودفن بروضة الأمراء [1198م]. 531 - أبو الحسن علي بن عتيق الأنصاري القرطبي: من ولد سعد بن عبادة رضي الله عنه الإِمام الفقيه المقرئ العالم المحدث الراوية، أخذ القراءات عن أبي القاسم بن الفرس وأبي العباس بن زرقون وروى عن الرشاطي وأبي الفضل جعفر بن شرف وأبي الحسن بن مغيث وأبي القاسم بن بقي وأبي بكر بن العربي وابن موهب وأبي إسحاق بن رشيق وغيرهم. رحل حاجاً فسمع بالإسكندرية من أبي طاهر السلفي. شيوخه ينوفون عن المائة والخمسين أكثرهم أعلام مشاهير وله فيهم فهارس ثلاث كبير وصغير ووسط. حدث ببجاية وفاس، حدث عنه أبو الحسن بن الفضل المقدسي سمع منه بالإسكندرية وأبو عبد الله التجيبي وأبو الربيع بن سالم وأبو الحسن بن خيرة وأبو الحسن الغافقي وأبو الحسن بن خطاب ويعيش بن القديم. له نظم جيد وتآليف في الطب والأصول. مولده سنة 523 هـ وتوفي سنة 598 هـ[1201م]. 532 - أبو بحر صفوان بن إدريس بن إبراهيم التجيبي المرسي: الألمعي الأريب البليغ الأديب العالم العمدة المسيب، روى عن أبيه وخاله ابن عم أبيه القاضي أبي القاسم بن إدريس وابن مضاء سمع عليه صحيح مسلم، وابن غبلون وأبي القاسم بن حَبيش وابن حوط الله وأحمد بن رشد وأجازه ابن بشكوال وعنه روى أبو إسحاق اليابري وأبو الربيع بن سالم وابن عيشون وغيرهم. له تآليف منها زاد المسافر وكتاب الرحلة وكتاب العجلة سفران. في نظمه ونثره أدب لا كفاء له مولده سنة 561 هـ وتوفي وسنه دون الأربعين سنة 598 هـ[1201 م].

533 - أبو بكر عبد الله بن طلحة بن أحمد بن عبد الرحمن بن عطية المحاريي الغرناطي: الإِمام العالم الفاضل كان معدوداً في فقهاء بلده صدراً في أهل الشورى والفتيا، سمع أباه وابن عم أبيه القاضي أبا محمَّد عبد الحق بن غالب بن عطية وأبا الحسن بن الباذش وابنه أبا جعفر وتفقه بأبي محمَّد بن السماك وسمع أبا عبد الله بن الحاج وأبا الحسن بن مغيث وأبا القاسم بن ورد وأبا الفضل عياض وأجاز له أبو بكر غالب بن عطية وأبو محمد بن عتاب وأبو بحر الأسدي وأبو القاسم بن بقي وأبو بكر بن العربي وأبو الحسن شريح وأبو الفضل بن شرف وأبو عبد الله بن أبي الخصال وغيرهم. حدث عنه جلة منهم أبو الحسن بن عميرة. مولده سنة 511 هـ وتوفي سنة 598 هـ[1201 م] 534 - أبو جعفر أحمد بن يحيي بن أحمد بن عميرة الضبي: الإِمام العالم المتفنن النسابة المؤرخ المؤلف المتقين أخذ عن أبي عبد الله بن حميد وصحب أبا القاسم بن حبيش وسمع ابن الفخار وأبا الحسن بن كوثر وابن عم أبيه أبا جعفر أحمد بن عبد الملك بن عميرة وأجاز له ابن بشكوال وغيره رحل حاجاً فلقي في طريقه ببجاية عبد الحق الإشبيلي وبالإسكندرية أبا الطاهر بن عوف وأبا عبد الله بن الحضرمي وأخاه أبا الفضل وأبا الثناء الحراني وغيرهم وكان حسن الخط صحيح النقل والضبط قال ابن الأبار روى عنه جماعة من شيوخنا وكبار أصحابنا ولقي ابن جبير وجالسه كثيراً وروى عنه. ألّف تأليفاً حافلاً في علماء الأندلس سماه بغية الملتمس، توفي بمرسية شهيداً سقط عليه هدم في سنة 599 هـ[1202 م]، وكانت جنازته مشهودة وهو ابن بضع وأربعين سنة. 535 - أبو بكر محمَّد بن أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة المرسي: الإِمام الفقيه الحافظ البصير بمذهب مالك العاكف على تدريسه القاضي المشاور ولي الشورى وعمره لا يزيد على إحدى وعشرين عاماً عريق في النباهة والوجاهة سمع من أبيه كثيراً وتفقه به وعرض عليه مدونة سحنون ومن قريبه أبي القاسم محمَّد بن هشام ومن القاضي ابن أسود وناوله تأليفه في تفسير القرآن وأجازوه وغيرهم واستجاز أبا القاسم بن ورد وابن العربي وابن شريح والرشاطي والقاضي عياض والإمام المازري وأبا طاهر السلفي ولقي أبا محمَّد عبد الحق بن عطية وناوله تفسيره وآذنه بالرواية عنه وأبا الحسن بن هذيل وأبا الوليد الدباغ وأبا

فرع فاس

الوليد بن رزق وأبا الحسن بن النعمة وسمع منهم وروى عنه جلة منهم أبو عمر بن عات وأبو سليمان بن حوط الله وأبو عبد الله بن نذير وأخوه أبو عامر وأبو عيسى بن العواد وأبو بكر بن وضاح وأبو العباس العزفي وأبو بكر بن محرز وأبو محمد بن مطروح وغيرهم مما هوكثير وأجاز ابن الأبار ووالده له تآليف منها نتائج الأفكار ومناهج النظار في معاني الآثار وكتاب إقليد التقليد المؤدي إلى النظر السديد وله برنامج، مولده سنة 518 هـ وتوفي سنة 599 هـ[1202م]. فرع فاس 536 - أبو الحسن علي بن إسماعيل بن حرزهم الفاسي: من ولد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه الشيخ الفقيه المحدث الحافظ الفاضل المحقق العالم العامل أخذ عن عمه أبي محمَّد صالح وابن العربي وغيرهما وعنه أبو الحسن بن خيار وأبو محمَّد التادلي وأبو إسحاق المعروف بابن المرأة وأبو الصبر أيوب الفهري وأبو يعزى يلنور وأبو مدين الغوث وانتفعوا به، توفي في شعبان سنة 559 هـ ترجمته واسعة ذكرها غير واحد وعمه أبو محمَّد صالح المذكور ممن أخذ عن الغزالي. 537 - أبو عمر عثمان بن عبد الله السلالحي: العلامة إمام أهل المغرب في الاعتقاد والتصوف أخذ عن ابن حرزهم وأبي عبد الله محمَّد بن عيسى التادلي، توفي في جمادى الثانية سنة 564 هـ[1168 م]. 538 - القاضي أبو الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم الأنصاري: يعرف بالمتيطي السبتي الفاسي الإِمام الفقيه العالم العمدة الكامل المحقق المطلع العارف بالشروط وتحرير النوازل لازم بفاس أبا الحجاج المتيطي وبه تفقه وبين يديه تعلّم الشروط ولزم بسبتة القاضي أبا محمَّد ابن القاضي أبي عبد الله التميمي وكتب

للقاضي أبي موسى عمران بن عمران، ألّف كتاباً كبيراً في الوثائق سماه النهاية والتمام في معرفة الوثائق والأحكام اعتمده المفتون والحكام واختصره أعلام منهم ابن هارون، توفي مستهل شعبان سنة 570 هـ[1174م]. 539 - أبو يعزى يلنور بن سليمان: الولي العارف وحيد دهره وفريد عصره في العلم والعمل من رجال الكمال وصدور الأولياء الأبدال أخذ عن: 540 - أبي شعيب السارية المتوفى سنة 561 هـ[1165م]، وأبي الحسن بن حرزهم وعنه أخذ الناس وأكثروا من الثناء عليهم منهم أبو مدين الغوث توفي سنة 572 هـ[1176م]، وعمره نحو 130 وفي 21 ربيع الأولى من سنة 571 هـ قبلها توفي: 541 - أبو محمَّد عبد الخالق بن ياسين: وكان من رجال الكمال والعلم والعمل من أصحاب أبي شعيب السارية. 542 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم بن حزب الله الفاسي: يعرف بابن البقال الراوية الحافظ للحديث النظار المتفنن الفاضل الشيخ الكامل روى عن أبي الحسن حنين وأبي عبد الله بن الرماتة الآخذ عن ابن النحوي وابن قرقول وابن خليل وغيرهم ولقي أبا القاسم بن بشكوال وابن خير وابن الشراط وأخذ عنهم وأجاز له ابن حبيش وعبد الحق الإشبيلي وابن الفخار وسواهم وحدّث عن أبي طاهر السلفي روى عنه جماعة منهم أبو الحسن بن القطان وأجاز له جميع روايته سنة 582 هـ لم أقف على وفاته. 343 - أبو عبد الله محمَّد بن حسن بن عطية السبتي: يعرف بابن غازي العالم الفاضل المتفنن الفقيه المحقق المتقين العارف بالشروط وقرض الشعر تولى القضاء وكان من الثقة والعدالة بمكان روى عن القاضي عياض واختص به ولازمه وسمع منه جل روايته وتآليفه روى عن جده لأمه أبي الربيع سليمان بن سبع والحسن بن

سهل الخشني وغيرهم، حدث عنه جماعة منهم أبو الحسن العزفي وأبو بكر بن محرز وتوفي في بضع وستين وخمسمائة. 544 - ولي الله أبو مدين شعيب بن حسن الأندلسي البجائي: شيخ المشايخ وسيد العارفين وقدوة السالكين شيخ الطريقة جمع الله له علم الشريعة والحقيقة كان من الفضلاء وأعلام العلماء ومن حفاظ الحديث خصوصاً الترمذي وكان يقوم عليه وكانت ترد إليه الفتاوى في مذهب مالك فيجيب عنها في الوقت مناقبه شهيرة وكراماته كثيرة أخذ عن الحافظين أبي الحسن بن حرزهم وأبي الحسن بن غالب والشيخ أبي يعزى يلنور المتوفى سنة 572 هـ[1176 م]، المولود سنة 438 هـ رحل للمشرق فأخذ عن العلماء واستفاد من الزهاد والأولياء وتعرف في عرفة بالقطب الرباني. 545 - أبي صالح الشيخ عبد القادر الكيلاني: المتوفى سنة 560 هـ[1164 م]، ببغداد فقرأ عليه بالحرم الشريف كثيراً من الحديث وألبسه الخرقة وأودعه كثيراً من أسراره وحلاه بملابس أنواره ثم رجع إلى بجاية واشتهر بها أمره وقصد بالزيارة من جميع الأقطار وتخرج عليه أكثر من ألف شيخ منهم محيي الدين محمَّد بن عربي المشار إليه في ترجمة عبد الحق الإشبيلي والشيخ أبو محمَّد صالح بن عبد الخالق التونسي وأبو يوسف الدهماني القيرواني والشيخ طاهر المزوغي السافي وأبو عبد الله محمَّد الدباغ والد مؤلف معالم الإيمان له مجلس حافل للغاية تمر به الطيور وهو يعلم فتقف تسمع وربما مات بعضها وكثيراً ما يموت بمجلسه أهل الحب وله نظم جيد من ذلك القصيدة التي أولها: بكت السحاب فأضحكت لبكائها ... زهر الرياض وفاضت الأنهار ترجمته واسعة أفردت بالتأليف وكانت إقامته ببجاية وأمر بإشخاصه إلى مراكش ومات وهو متوجه إليها ودفن بتلمسان سنة 594 هـ[1197م]، عن نحو 85 سنة

وكانت جنازته من المشاهد العظيمة والمحافل الكريمة وقبره متبرك به إلى هذا الوقت مستجاب الدعاء عنده وفي السنة بعدها توفي: 546 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم المهدوي: وكان من رجال العلم والعمل. 547 - القاضي أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد التادلي الفاسي: الفقيه الإِمام العالم الفاضل العمدة القاضي العادل كان أبوه من حفاظ المذهب مشاوراً بفاس وعنه أخذ ولده المذكور وعن القاضي عياض وابن بشكوال وأجازه حدث عنه جماعة منهم أبو عبد الله محمَّد بن حوط الله وأبو عبد الله الحضرمي وأبو الحسن بن القطان وأبو الربيع بن سالم مولده سنة 511 هـ وتوفي بمكناسة سنة 597 هـ[1200م]. 548 - وفيها توفي أبو عبد الله محمَّد بن علي بن عبد الكريم: المعروف بالكتاني الفاسي الفقيه الفاضل آخر أئمة المغرب. 549 - أبو الفضل قاسم بن محمَّد بن علي بن طاهر بن تميم القيسي البجاني: يعرف بابن محشرة وأبوه كان قاضياً ببجاية وأبو الفضل هذا كان له علم متسع المدى بما بسبيله يقتدى متمكن المعرفة حسن الشارة والصفة له رواية عن أبي القاسم السهيلي وأبي محمَّد عبد الحق الإشبيلي وسمع منه. مولده سنة 546 هـ وتوفي سنة 598 هـ[1201م]. 550 - وفيها توفي أبو محمَّد يشكر بن موسى الجراوي: نزيل فاس كان عالماً عبداً صالحاً حضر مجلس أبي الربيع التلمساني وصحب أبا الحسن بن حرزهم.

الطبقة الثالثة عشرة

551 - أبو القاسم عبد الرحيم بن عيسى بن أيوب الأزدي الفاسي: عرف بابن ملجوم العالم الجليل الفقيه المحدث الحافظ المتفنن في العلوم سمع أباه وعمه أبا القاسم عبد الرحمن بن يوسف ولقي القاضي عياضاً وابن الجد وأخذ عنهما وأحمد بن رشد وأجازه المقدمات والبيان والتحصيل ولقي ابن بشكوال وأخاه أبا عبد الله والسهيلي وابن الفخار وأبا بكر بن خير فسمع منهم ومن سواهم أخذ عنه الناس واستجازوه من أقاصي البلاد. مولده سنة 524 هـ وتوفي سنة 606 هـ[1209م] الطبقة الثالثة عشرة فرع مصر 552 - نفيس الدين أبو الحزم مكي بن عوف بن أبي طاهر إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عوف: الإِمام الفاضل العالم العامل العمدة المحقق الفقيه القدوة الكامل المؤلف المطلع العارف بالأصول وتحرير النوازل أخذ عن أعلام وروى عن جده أبي طاهر إسماعيل وعنه أبو عبد الله محمَّد اللوشي وغيره تقدم في ترجمة جده المذكور أن له شرحاً عظيماً على التهذيب للبرادعي في ست وثلاثين مجلداً يعرف بالعوفية تنافس في اقتنائه العلماء منهم قاضي القضاة الأخنائي وابنا الإِمام وله شرح على الجلاب في عشر مجلدات وفي الديباج إحالة ترجمته على ما في ترجمة جده التي تقدم ذكرها وفي حسن المحاضرة نفيس الدين أبو الحزم مكي هو حفيد أبي طاهر ولم يذكرا وفاته. 553 - نجم الدين الجلال أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن شاس بن نزار الجذامي السعدي: من بيت إمارة وجلالة وعفة وأصالة الفقيه الإِمام الفاضل العمدة المحقق الكامل العالم المطلع الحافظ الورع أخذ عن أئمة حدث عنه الحافظ زكي الدين المنذري ألّف الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة على ترتيب الوجيز للغزالي دل على غزارة علم وفضل وفهم اختصره ابن الحاجب وصنف غير ذلك

ومال إلى النظر في السنة النبوية والاشتغال بها إلى أن توفي سنة 610 هـ[1913 م] بدمياط مجاهداً في سبيل الله. 554 - شرف الدين أبو الحسن علي بن الأنجب أبي المكارم المفضل بن علي اللخمي المقدسي الإسكندري: الإِمام الحافظ الفقيه الفاضل العالم العامل كان من أكابر حفاظ الحديث وعلومه مع فضل وصلاح أخذ عن والده وسمع أبا الحسن علي بن عتيق القرطبي وأبا طاهر أحمد بن محمَّد السلفي وأبا الطيب عبد المنعم بن الخلوف القرطبي وغيرهم وعنه أخذ أبو عمر وعثمان بن سفيان التميمي التونسي عرف بابن شقر له تآليف مولده سنة 544 هـ وتوفي في شعبان سنة 611 هـ[1214م]. 555 - ووالده القاضي الأنجب المفضل: كان من أعلام العلماء والأئمة الفضلاء مولده سنة 503 هـ وتوفي سنة 584 هـ[1188م]. 556 - شمس الدين أبو الحسن علي بن إسماعيل بن علي بن عطية الصُّنهاجي الأبياري: أحد أئمة الإِسلام المحققين الأعلام الفقيه الأصولي المحدث المجاب الدعوة رحل الناس إليه أخذ عن القاضي عبد الرحمن بن سلامة وناب عنه في القضاء وتفقه بجماعة منهم أبو الطاهر بن عوف وعنه جماعة منهم ابن الحاجب وعبد الكريم بن عطاء الله له التصانيف الحسنة البديعة منها شرح البرهان لأبي المعالي في الأصول وسفينة النجاة على طريق الإحياء للغزالي في غاية الإتقان وبعضهم يقول هو أكثر إتقاناً من الأحياء وأحسن منه وشرح التهذيب وله تكملة الكتاب الجامع بين التبصرة والجامع لابن يونس والتعلقة للتونسي تكملة حسنة جداً تدل على قوة في الفقه وأصوله وبعض العلماء يفضله على الإِمام الفخر الرازي في الأصول، مولده سنة 557 هـ وتوفي سنة 618 هـ[1221 م]. 557 - أبو علي الحسن بن عتيق بن الحسين بن رشيق المنعوت بجمال الدين الربعي: العلامة الإِمام الفهامة كان عالماً بأصول الدين والفقه والخلاف وغير ذلك وشيخ المالكية في وقته عليه مدار الفتوى مع الورع والدين المتين أخذ عن أبي الطاهر إسماعيل بن عوف وغيره وسمع منه الحافظان المنذري

وأبو الحسن الرشيد وصنف وانتفع الناس به، مولده سنة 547 هـ وتوفي سنة 632 هـ[1234م]. 558 - أبو المكارم هبة الله بن الحسين المصري: الإِمام العارف بالأصول الحافظ للحديث الشيخ الفاضل، دخل للأندلس وولي قضاء إشبيلية ثم استصحبه المنصور معه في غزوة قفصة وولاه قضاء تونس وتوفي وهو يتولاه سنة 636 هـ[1238 م]. 559 - الوزير الصاحب صفي الدين عبد الله بن علي بن حسين العبدري المالكي: كان عالماً جليلاً محباً للعلماء والصالحين كثير البذل إليهم والتفقد لأحوالهم. تفقه بأبي بكر بن عتيق البجائي وبه تخرج وأبي القاسم مخلوف المعروف بابن جارة وسمع عليه وعلى أبي طاهر السلفي وأبي طاهر إسماعيل بن مكي وأجازه أبو القاسم ابن الحافظ أبي القاسم ابن عساكر وأبو محمَّد عبد الله بن بري وأبو القاسم هبة الله البوصيري المنستيري وعنه أخذ الحافظ زكي الدين المنذري. ألّف كتاب البصائر في الفقه على مذهب مالك. لم أقف على وفاته. 560 - رشيد الدين أبو محمَّد عبد الكريم بن عطاء الله الجذامي الإسكندري: العالم الجليل الإِمام المحقق المؤلف المدقق الفقيه الأصولي المتففن المحرر المتقين، كان رفيق ابن الحاجب في الأخذ عن الأبياري وبه تفقه وأخذ عن أبي الحسين بن جبير وعنه جماعة منهم ابن أبي الدنيا الطرابلسي وكان أخذه عنه سنة 624 هـ. له تآليف غاية في التحرير والتحقيق منها البيان والتقريب في شرح التهذيب. جمع علوماً كثيرة وفوائد غزيرة في نحو سبع مجلدات واختصر التهذيب اختصاراً حسناً واختصر مفصل الزمخشري وغير ذلك. لم يذكر وفاته صاحب الديباج وفي حسن المحاضرة توفي في رمضان سنة 612 هـ[1215م] قلت تأمله مع ما يأتي في ترجمة ابن أبي الدنيا الطرابلسي وترجمة أبي العباس بن المخلطة وتلميذه أبي العباس بن هلال الملخصة من الديباج حيث قال إنه تفقه بابن المخلطة وهو بابن فراج وهو بأبي محمَّد عبد الكريم ابن عطاء الله وهو بأبي بكر الطرطوشي وهكذا في كثير من الإجازات وبعض كتب الفقه والحال أنه رفيق ابن الحاجب في الأخذ عن الأبياري المتوفى سنة 618 هـ وهو أخذ عن أبي طاهر إسماعيل بن مكي وهو عن

أبي بكر الطرطوشي فطريق ابن المخلطة يظهر منه أنه وقع إسقاط راويين الأبياري وابن مكي ويؤيد ما ذكرناه طريق ابن مرزوق الجد حيث إنه أخذ عن ابن راشد القفصي وهو عن الشهاب القرافي والناصر ابن المنير والناصر الأبياري ثلاثتهم عن ابن الحاجب عن الشمس الأبياري عن أبي طاهر بن مكي عن أبي بكر الطرطوشي. 561 - أبو عمرو جمال الدين عثمان بن عمر بن أبي بكر يونس: المعروف بابن الحاجب المصري ثم الدمشقي ثم الإسكندري الفقيه الأصولي المتكلم النظار خاتمة الأئمة المبرزين الأخيار العلامة المتبحر إمام التحقيق وفارس الإتقان والتدقيق كان ركناً من أركان الدين علماً وعملاً أخذ عن أبي الحسن الأبياري وعليه اعتماده وأبي الحسين بن جبير وقرأ على الإِمام الشاطبي القراءات وعلى الإِمام الشاذلي الشفاء وغيره وعنه جلة منهم الشهاب القرافي والقاضي ناصر الدين بن المنير وأخوه زين الدين والقاضي ناصر الدين الأبياري وأبو علي ناصر الدين الزواوي وهو أول من أدخل المختصر الفرعي ببجاية ومنها انتشر بالمغرب. حدث عنه الشرف الدمياطي وغيره، له التصانيف البالغة غاية التحقيق والإجادة، منها مختصره الفرعي اعتنى العلماء بشرحه شرقاً وغرباً وبالغ الشيخ ابن دقيق العيد في مدحه أوائل شرحه عليه، يقال إنه اختصره من ستين ديواناً وفيه ست وستون ألف مسألة ومنها مختصره الأصلي ثم اختصره والمختصر الثاني هو كتاب الناس شرقاً وغرباً، سماه منتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل في كشف الظنون وهو مختصر غريب في صنعه بديع في فنه غاية في الإيجاز يضاهي الألغاز وبحسن إيراده يحاكي الإعجاز، اعتنى بشأنه العلماء الأعلام في سائر الأقطار ومنها الكافية في النحو ونظمها الواقية ومنها الشافية في التصريف والمقصد الجليل في علم الخليل نظماً وشرحه جماعة منهم محمَّد بن محمَّد الصفاقسي والأمالي في النحو في غاية الإجادة وشرح المفصل للزمخشري وجمال العرب في علم الأدب وله عقيدة وله غير ذلك في فن القراءات وغيره. مولده سنة 570 هـ ومات بالإسكندرية في شوال سنة 646 هـ وفي حسن المحاضرة مات عن 85 سنة. 562 - أبو محمَّد عبد العزيز بن عبد الوهاب بن أبي طاهر إسماعيل بن

فرع إفريقية

مكي: كان علامة ذا زهد وورع، سمع جده ومات في صفر سنة 647 هـ[1249 م] عن ثمانين سنة. فرع إفريقية 563 - أبو محمَّد عبد السلام البرجيني: الإِمام الفقيه الفاضل العمدة الكامل العالم العامل أخذ عن الإِمام المازري وغيره وعنه أبو محمَّد بن بزيزة وغيره، له فتاوى مشهورة، كان حياً سنة 606 هـ وابن بزيزة ولد في السنة المذكورة كما سيأتي في ترجمته ويأتي في التتمة أنه حصلت له جفوة من الأمير عبد الواحد بن أبي حفص الهنتاتى. 564 - أبو محمَّد عبد الواحد بن التين الصفاقسي: الشيخ الإِمام العلامة الهمام المحدث الراوية المفسر المتفنن المتبحر، له شرح على البخاري مشهور سماه المخبر الفصيح في شرح البخاري الصحيح له اعتناء زائد في الفقه ممزوجاً بكثير من كلام المدونة وشراحها مع رشاقة العبارة ولطف الإشارة، اعتمده الحافظ ابن حجر في شرح البخاري وكذلك ابن رشيد وغيرهما. توفي سنة 611 هـ[1214 م] بصفاقس وقبره بها معروف. 565 - أبو عمرو عثمان بن سفيان بن عثمان التميمي التونسي: عرف بابن شقر الإِمام الفقيه المحدث الراوية أخذ عن أبي الحسين بن جبير وأبي الحسن المقدسي وغيرهما وعنه جماعة منهم أبو زيد عبد الرحمن الحضيري القيرواني المعروف بابن الدباغ مؤلف معالم الإيمان وأبو العباس أحمد البطرني قال أبو عمرو المذكور أنشدني أبو الحسين بن جبير لنفسه: تأن في الأمر لا تكن عجلا ... فمن تأنى أصاب أوكادا وكن بحبل الله معتصما ... تأمن به بغي كل من كادا فكم رجاه فنال بغيته ... عبد مسيء بنفسه كادا لم أقف على وفاته. 566 - أبو يوسف يعقوب بن ثابت الدهماني القيرواني: العالم الرباني كان

من أكابر أعلام طريقة الإرادة وأئمة مشايخها، سمع الفقه من أبي زكرياء بن عوانة ولازمه وانتفع به والحديث عن أبي عبد الله محمَّد بن حوط الله وغيرهما ولقي أبا مدين الغوث وأخذ عنه ورحل للمشرق ولقي أبا عبد الله القرشي وأخذ عنه وصحب أبا عبد الله البكري وانتفع به وعنه أخذ من لا يعد كثرة وانتفعوا به منهم عبد السلام المسراتي له فضائل جمة، توفي بالقيروان سنة 621 هـ[1224م] وعمره 72 عاماً. وفي رجب من هاته السنة توفي صاحبه ورفيقه في الأخذ عن أبي مدين. 567 - الشيخ الصالح المشهور علماً وعملاً أبو محمَّد عبد العزيز (8) المهدوي: وكان بين صاحب الترجمة وبين أبي علي النفطي الولي المشهور إخاء ومكاتبات تدل على فضل ولما توفي تأسف أبو يوسف عليه وكان أبو يوسف كثيراً ما يرابط بقصر الرباط بسفاقس وبقصر المنستير وله بها مسجد منسوب إليه؛ ترجمته أفردها بالتأليف أبو محمَّد بن الدباغ في حدود سنة 647 هـ وفي كتاب التشوف إلى رجال التصوف أن: 568 - أبا علي الحسن النفطي: المذكور توفي في أعوام 610 هـ[1213 م] وأنه كان من أهل المعرفة والإقبال على الله تعالى كبير الشأن جليل القدر. 569 - القاضي أبو محمَّد عبد الحق بن عبد الله بن عبد الحق المهدوي: من أحفاد الإِمام المازري تقدم ذكر والده الإِمام الفقيه الحافظ النظار البصير بالأحكام المصيب في الحق المهيب المعظم، أخذ عن والده وغيره، تولى قضاء غرناطة ثم إشبيلية ثم مراكش له كتاب يرد فيه على ابن حزم دل على حفظه وعلمه. توفي بمراكش سنة 631 هـ[1233م]. 570 - أبو العباس أحمد بن علي بن محمَّد بن الحسن القيسي الأفريقي ثم المصري: المعروف بابن القسطلاني نسبة إلى قسطيلة بلد بإفريقية كان من أعيان علماء المالكية بالديار المصرية الإِمام الفقيه الزاهد العديم النظير في وقته، قرأ على أبي منصور المالكي وخاله القاضي الربعي الحسن بن أبي بكر القسطلاني وصحب الشيخ الزاهد أبا عبد الله القرشي واختص بخدمته ودون كلامه وانتفع بصحبته،

وسمع من أبي عبد الله بن بري وغيره وكان له الشعر الحسن. توفي بمكة سنة 636هـ[1238م]، في جمادى الآخرة عن خمس وثمانين سنة. 571 - وولده العلامة الفاضل المفتي المدرس تاج الدين علي: مات في شوال سنة 665 هـ[1266م]، عن سبع وسبعين سنة. 572 - أبو زيد عبد الرحمن بن عبد الله بن محمَّد بن عبد الجليل الأسيدي القيرواني: الفقيه العمدة الفاضل أخذ عن والده. توفي سنة 636 هـ[1238م]. 573 - أبو محمَّد عبد السلام بن غالب المسراتي القيرواني: كان من أهل العلم والفضل والصلاح، قرأ على أبي يوسف الدهماني وانتفع به وأبي زكريا البرقي وجه تفقه وغيرهما. وعنه ابنه عبد الرحمن وغيره له تآليف في التصوف والوجيز في الفقه وشرح على أسماء الله الحسنى وتأليف في قصة سيدنا يوسف عليه السلام. توفي في صفر سنة 646 هـ. 574 - الشيخ طاهر المزوعي: من عرب مزوغة بإفريقية العالم العامل الولي الكامل أخذ عن أبي مدين الغوث وانتفع به، وعنه أخذ الناس وحصل النفع به وله عقب صلحاء حلماء استوطن بلد قصور الساف. وبه توفي سنة 646 هـ[1248م]. 575 - أبو زكريا يحيى البرقي المهدوي: الإِمام الفقيه العالم الفاضل الورع الزاهد الشيخ الكامل، روى عن أبي يحيي الحداد وغيره، وعنه جماعة منهم الإِمام اللبيدي وأبو محمَّد عبد السلام المسراتي وأبو موسى عمران بن معمر الطرابلسي وأخوه أبو علي الحسن وامتحن باستدعائه لحاضرة تونس مع تلميذه أبي علي المذكور، ثم رجع للمهدية وبها توفي في خلافة أبي عبد الله محمَّد المنتصر الذي بويع له بالخلافة سنة 647 هـ. 576 - القاضي شرف الدين أحمد بن يوسف بن أحمد بن أبي بكر القيسي القفصي التيفاشي: الإِمام العلامة الفاضل البارع في الأدب وعلوم الأوائل، كان له الشعر الحسن والنظم الجيد والمصنفات العديدة في فنون من العلم، قدم الديار المصرية وهو صغير فقرأ بها على موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي

فرع الأندلس

ورحل لدمشق وأخذ عن تاج الدين الكندي ثم رجع لبلاده وولي قضاءها ثم رجع لمصر؛ كتب عنه الحافظ ابن مسدي وابن الصابوني وغيرهما. مولده بتيفاش سنة 580 هـ وتوفي بالقاهرة سنة 651 هـ[1253م]، ودفن بمقبرة باب النصر. وتيفاش قرية من قرى قفصة. فرع الأندلس 577 - القاضي أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الله بن موسى الأزدي: من أهل مرسية يعرف بابن بُرطلة وهو سبط أبي علي الصدفي ابن ابنته خديجة وكانت صالحة فاضلة زاهدة تحفظ القرآن وتذكر كثيراً من الحديث وتكتب وتطالع. توفيت بعد سنة 590 هـ وقد نيفت عن الثمانين. وابنها صاحب الترجمة كان إماماً حافظاً للحديث راوية متفنناً في العلوم فقيهاً مع الفصاحة والجلالة ونباهة السلف والعدالة عرض المدونة وغيرها على أبي عبد الله بن عبد الرحيم بن الفرس. وبه تفقه وابن عاشر سمع من أبي علي بن عريف وأخذ عنه القراءات ومن أبي بكر بن أبي ليلى وأبي عبد الله بن سعادة وأبي القاسم بن حبيش وأبي الحسن بن النعمة وكتب له أجزاء من عوالي حديثه وابن بشكوال وابن الجد وغيرهم درس وسمع منه الناس منهم أبو الربيع بن سالم ولي قضاء دانية ثم صرف عنها حميد السيرة معروف النزاهة. توفي سنة 597 هـ[1200] م مولده سنة 547 هـ. 578 - أبو علي الحسن بن خلف الأموي القرطبي: يعرف بابن الخطيب العالم الفاضل الفقيه المتفنن في كثير من العلوم، سمع من يونس بن مغيث وابن العربي وأبي بكر بن عبد العزيز وغيرهم له تآليف منها كتاب روضة الأزهار في الأنواء واللؤلؤ المنظوم في معرفة أوقات النجوم وروضة الحقيقة في بدء الخليقة وكتاب تهافت الشعراء وغير ذلك. مولده سنة 514 هـ وتوفي بإشبيلية سنة 602 هـ[1205م]. 579 - أبو عبد الله محمَّد بن يوسف بن عبد الله: يعرف بابن عياد البلنسي العالم الفاضل كان من أهل العناية بالرواية وتقييد الآثار والأخبار والتاريخ مع الحفظ، سمع من أبيه وأبي الحسن بن هذيل وأبي عبد الله بن سعادة وأبي الحسن بن النعمة وأبي عبد الله بن الفرس وأبي القاسم بن حبيش وأجاز له ولأبيه أبو مروان بن قرمان وابن بشكوال وأبو بكر بن خير وغيرهم، وكتب إليه أبو طاهر السلفي وله في مشيخة أبيه مجموع. مولده سنة 544 هـ وتوفي سنة 603 هـ.

580 - أبو ذر مصعب بن محمَّد بن مسعود الخشني الجياني: يعرف بابن ركب كان من أعلام العلماء وأئمة العربية النبهاء الفضلاء، أخذ عن أبيه علم العربية والآداب واللغات وعن أبي بكر بن طاهر، وسمع منهما ومن أبي الحسن بن حنين وأبي عبد الله بن الرمامة وأبي بكر بن رزق وعبد الحق الإشبيلي وجماعة وأجاز له جماعة منهم أبو طاهر السلفي حدث وأخذ عنه جلة ورحل الناس إليه للأخذ عنه منهم ابن فرتوت له تأليف في العروض وتولى القضاء في بعض جهات من الأندلس ثم استوطن فاساً وبعد صيته بها. توفي سنة 604 هـ[1207 م]. 581 - أبو القاسم محمَّد بن عبد الله بن سليمان بن حوط الله: الإِمام العالم كان من الفقهاء النجباء. سمع أباه وأبا جعفر بن مضاء وأبا محمَّد بن الفرس وجماعة، توفي سنة 607 هـ[1210م]. 582 - أبو عبد الله محمَّد بن أيوب بن محمَّد بن موهب: يعرف بابن نوح الغافقي البلنسي نبيه السلف. تولى الشورى في حياة شيوخه وزاحم كبارهم بالحفظ والتحصيل كان متفنناً مستبحراً رأساً في الراسخين من العلماء وصدراً في المشاورين من الفقهاء مع حسن الخط وبراعة الضبط وتدقيق النظر والإلمام في المعارف والبصر للحديث والحفظ للأنساب والأخبار أخذ القراءات عن أبي الحسن بن هذيل وغيره، وسمع منه ومن أبيه وأبي عبد الله بن سعادة وأبي الحسن بن النعمة وأبي عبد الله بن عبد الرحيم وأبي القاسم بن حبيش وتفقه بأبي بكر بن يحيى بن عقال واستظهر المدونة عليه وأجاز له ابن بشكوال وأبو بكر بن خير وأبو طاهر السلفي وجماعة، رحل الناس إليه وأخذوا عنه وانتفعوا به، طال عمره حتى أخذ عنه الآباء والأبناء منهم ابن الأبار قرأ عليه بالسبع وسمع منه وأجازه قال: وهو أعز من لقيت علماً وأبعدهم صيتاً له تقييدات وتقريرات في فنون شتى. مولده سنة 530 هـ وتوفي سنة 608 هـ[1211م]. 583 - القاضي أبو المجد عتيق بن عطية بن جعفر بن محمَّد بن عطية

القضاعي الطرطوشي

القضاعي الطرطوشي: من بيت علم. ولي قضاء سجلماسة وغرناطة الفقيه المتصرف في فنون من العلم الإِمام الفاضل. قرأ على ابن بشكوال وأجازه، له شعر حسن وتآليف منها فصل المقال الذي الموازنة بين الأعمال، تكلم فيه مع أبي عبد الله الحميدي وشيخه أبي محمَّد بن حزم فأجاد فيه وأحسن وأتى بكل بديع وأتقن وله شرح الموطأ وشرح المقامات الحريرية، توفي سنة 608 هـ[1211م]. 584 - أبو عمر أحمد بن هارون بن عات الشاطبي: الإِمام الثقة الأمين الشيخ الصالح العالم العامل النبيه المحدث الحافظ. سمع أباه وأبا يوسف بن سعادة وأجازه ابن بشكوال وأبو الخطاب بن واجب وابن خيرة وابن هذيل، رحل فلقي عبد الحق الإشبيلي وأبا طاهر السلفي وابن العريف وابن عساكر وعبد الرحمن بن الجوزي وجماعة، روى عنه عالم كثير كأبي الحسن بن خطاب وأبي العباس بن سيد الناس وأجاز ابن الأبار فيما رواه وألفه وعبد الرحمن بن برطلة وأبا عامر بن نذير وابن مسدي وغيرهم، له برنامج في مروياته سماه النزهة في التعريف بشيوخ الوجهة كتاب حفيل جامع لفوائد، وآخر سماه ريحانة الأنفس في شيوخ الأندلس وغير ذلك. مولده سنة 542 هـ وفقد في وقعة العقاب سنة 609 هـ[1212 م]، التي هي السبب الأعظم في استيلاء العدو على معظم بلاد الأندلس وإخلائه من أهل الملة الحنيفية فإنا لله وإنا إليه راجعون. 585 - أبو الحسن علي بن محمَّد الحضرمي الإشبيلي: يعرف بابن خروف الإِمام الفقيه المحدث النحوي الأصولي المتكلم. سمع من ابن زرقون وأبي بكر بن خير وأبي سفيان البغوي وغيرهم. له شرح على كتاب سيبويه جليل الفائدة وشرح على الجمل وكتاب في الفرائض وكتاب الرد في العربية على أبي زيد السهيلي وله رد على أبي المعالي الجويني وغير ذلك توفي بإشبيلية سنة 609 هـ[1212م]. 586 - أبو الحسن علي بن أحمد بن يوسف بن مروان: من أهل وادي آش العالم الفاضل المتفنن المؤلف المحقق المتقين. روى عن عبد المنعم بن الفرس وغيره، له تصانيف مهمة منها كتاب الوسيلة في الأسماء الحسنى، والترصيع في تأصيل مسائل التفريع؛ واقتباس السراج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، وبهجة المسالك في شرح موطأ مالك في عشرة أسفار، توفي سنة 609 هـ[1212م]، عن ستين سنة.

587 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن التجيبي: نزيل تلمسان الفقيه العالم العامل الإخباري المحدث الرحال العمدة الفاضل أخذ القراءات عن قريبه أحمد بن معطي الله وأبي عبد الله بن الفرس وسمع منهما ومن غيرها ورحل للمشرق وحج وأطال الإقامة هناك واستوسع في الرواية وكتب العلم على أزيد من مائة وثلاثين شيخاً منهم أبو طاهر السلفي صحبه واختص به وأكثر عنه وحين وفاته دعا له بطول العمر حتى يؤخذ عنه ما أخذه عنه وأبو محمَّد العثماني وأخوه أبو الفضل وأبو الحسن علي بن حميد الطرابلسي وأبو محمَّد عبد الحق الإشبيلي وأبو جعفر بن مضا وأبو عبد الله بن الفخار وأبو زيد السهيلي وجمع في أسماء مشيخته على حروف المعجم تأليفاً مفيداً أكثر فيه من الآثار والحكايات والأخبار، ونزل بجاية واتخذها موطناً وحدث بها وأخذ عنه الكثير وأجاز ابن الأبار بما رواه وألفه من تآليفه برنامجه الأكبر وبرنامجه الأصغر وأربعون حديثاً في الوعظ وأربعون حديثاً في الفقر وفضله وأربعون في الحب في الله وأربعون في فضل الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسلسلاته في جزء وكتاب في فضائل رجب وشعبان ورمضان وكتاب فضل العشر من ذي الحجة وكتاب مناقب الحسن والحسين كتاب الفوائد الكبرى في مجلد وكتاب المواعظ والرقائق سفران وكتاب في مناقب شيخه السلفي وفهرسة. مولده سنة 540 هـ وتوفي بتلمسان سنة 610 هـ[1213 م]. 588 - وفيها مات العالم المشهور أبو العباس أحمد بن محمَّد بن خاصة: جد عبد الله بن هارون الطائي لأمه. روى عن ابن بشكوال وغيره وعنه ابن الطيلسان وخلق. له فهرسة. 589 - أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن دهاق: يعرف بابن المرأة الفقيه الحافظ الإِمام المحدث روى عن أبي الحسن بن حبيش وأبي الحسن علي بن حرزهم؛ حدث عنهما بالموطأ وغيره، وعنه أبو محمَّد عبد الحق بن برطلة وغيره، له شرح على إرشاد أبي المعالي وشرح الأسماء الحسنى وشرح محاسن المجالس لابن العريب وله تأليف في إجماع الفقهاء، فرغ منه سنة 610 هـ وتوفي سنة 611 هـ[1214 م].

590 - أبو محمَّد عبد الله بن الحسن بن أحمد بن يحيي الأنصاري: يعرف بابن القرطبي من بيت نبيه بها العالم المحدث الراوية كان من أهل العناية بالرواية ولقاء الشيوخ والرحلة روى العالي والنازل واستوسع في ذلك مع المعرفة التامة بصناعة الحديث والحفظ لأسماء الرجال والتعديل والتجريح والمعرفة بالقراءات والعربية والتاريخ سمع أباه وابن الجد وابن زرقون وابن حبيش وابن عبيد الله والسهيلي وابن الفخار وابن كوثر وابن الفرس وغيرهم وكتب إليه ابن هذيل وابن النعمة وابن سعادة وابن بشكوال وابن خير وابن قرقون وغيرهم من نمط هؤلاء من أهل المشرق منهم أبو عبد الله بن الحضرمي وأبو طاهر الخشوعي وأبو الثناء الحراني وأبو القاسم هبة الله البوصيري حدث وروى وأخذ عنه الناس وانتفعوا به مولده سنة 556 هـ وتوفي سنة 611 هـ[1214م]. 591 - أبو الحسن علي بن محمَّد بن أحمد الخزرجي الإشبيلي ثم الفاسي: يعرف بابن الحصار الفقيه العالم المحصل المتفنن المؤلف المتقين أخذ عن أبي القاسم بن حبيش وغيره أقرأ أصول الفقه وحج وجاور وحدث عنه أبو محمَّد عبد العظيم المنذري صنف في أصول الفقه وكتاب الناسخ والمنسوخ والبيان في تنقيح البرهان وله أرجوزة في أصول الدين وشرحها في أربعة أسفار. توفي سنة 611 هـ[1214م]. 592 - القاضي أبو محمَّد عبد الله بن سليمان بن داود بن عمر بن حوط الله الأنصاري: العالم الفقيه الأصولي الحافظ الأديب الشاعر قرأ أكثر من ستين تأليفاً بين كبار وصغار وسمع ابن بشكوال وكتب عن ابن حبيش وابن الفخار وأخذ عن أبي العباس بن رشد وابن الجد وابن مضاء وابن زرقون وكتب إليه السلفي وابن عوف وعنه جماعة منهم أخوه أبو سليمان وأحمد بن المزين صاحب المفهم وأبو يوسف الدهماني وغيرهم، ألّف كتاباً في تسمية شيوخ البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي والترمذي لم يكمله. مولده سنة 549 هـ وتوفي سنة 612 هـ[1215 م]. 593 - أخوه أبو سليمان داود بن سليمان: الفقيه العلامة الراوية الفاضل

المتفنن في العلوم الفهامة أخذ عن أبيه وأخيه أبي محمَّد وأبي عبد الله بن نوح وأبي بكر بن أبي جمرة وابن بشكوال وابن زرقون وأبي الحسن الشقوري وأبي الحسن بن ربيع وأبي القاسم بن الشراط وأبي محمَّد بن الفخار وأبي زيد السهيلي وخلق وكتب إليه آخرون من أهل الأندلس والشرق منهم أبو الطاهر بن عوف وأبو عبد الله بن الحضرمي، شيوخه يزيدون على المائتين ألف فيهم فهرسة مال إلى الجمع والإكثار وأخذ هو وأخوه أبو محمَّد عن الكبار والصغار وكانا أرفع أهل الأندلس رواية في وقتهما لا ينازعان في ذلك مع الجلالة والورع والعدالة وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم ابن الأبار وأجاز له، مولده سنة 556 هـ وتوفي سنة 621 هـ[1224 م]. 594 - القاضي أبو الخطاب أحمد بن أبي الحسين محمَّد بن عمر بن واجب: الإِمام العالم الجليل الواسع الرواية المتفنن شهير البيت رفيع القدر له عناية بالرواية ولقاء الشيوخ وأجاز له جده عمر وابن العربي والسلفي وابن بشكوال وابن سعيد وابن زرقون وأبو محمَّد عبد الرحيم ابن الفرس وأبو يوسف بن سعادة وابن زرق وخلائق سمع جده وأبا الحسن بن هذيل وأخذ عنه القراءات وأبا عبد الله بن سعادة وأبا الحسين بن النعمة وأبا بكر بن أبي ليلى وأبا عبد الله بن عبد الرحيم وأبا القاسم بن حبيش وأبا بكر بن خير وأبا بكر بن محرز وغيرهم من هذا النمط إليه الرحلة من الآفاق وانتفعوا بلقائه وسمع منه الناس قديماً وحديثاً وأخذ عنه جماعة اختصر تأليف ابن بشكوال في الغوامض والمبهمات ورتبة ترتيباً مفيداً وله غير ذلك. توفي بمراكش سنة 614 هـ[1217 م] مولده ببلنسية سنة 537 هـ أطال الثناء عليه ابن الأبار في صلته. 595 - القاضي أبو الحسن أحمد بن أبي عبد الله محمَّد بن عمر بن محمَّد بن واجب: عرف بابن خليل الفقيه الجليل العاقد للشروط الخطيب الكثير العناية بالحديث وروايته روى عن ابن عمه أبي الخطاب المذكور وعن قريبه أبي عبد الله محمَّد بن عبد العزيز بن واجب وأجاز له أبو طاهر السلفي وخلائق وأخذ عنه خلائق واستقضى واشتهر بالعدالة، توفي سنة 637 هـ[1239 م،] قال ابن الأبار: سمعت منه جل ما كان عنده.

596 - أبو بكر محمَّد بن يوسف بن ميمون الأزدي: الإِمام الفقيه العارف بالشروط العمدة روى عن أبيه ورحل حاجاً وسمع من أبي محمَّد العثماني وأخيه أبي الطاهر إسماعيل بن عوف وأبي طاهر السلفي حدث وأخذ عنه الناس وأجاز ابن الطيلسان، توفي سنة 614 هـ[1217 م]. 597 - أبو الحسين محمَّد بن أحمد بن جبير الكناني البلنسي: الثقة الراوية العالم المتفنن الفاضل الورع الجليل القدر الشيخ الكامل الرحال الشاعر الأريب الإخباري العجيب سمع من أبيه وأبي عبد الله الأصيلي وأبي الحسن بن محمَّد بن أبي العيش وأبي عبد الله بن عروس وأبي محمَّد عبد الله بن محمَّد بن عيسى التميمي وحج ودخل الشام والعراق ومصر وغيرها وسمع من جلة وأجازه أبو الوليد بن سبكة وإسحاق بن إبراهيم الغساني التونسي وعمر بن عبد الحميد القرشي نزيل مكة وأبو الحجاج يوسف بن أحمد البغدادي وأبو الفرج بن الجوزي وأبو الطاهر بركات الخشوعي وأبو القاسم عبد الرحمن ابن عساكر وغيرهم من أفاضل المشرق والمغرب وعنه جماعة منهم أبو إسحاق بن مهيب وابن الواعظ وأبو الحسن بن نصر البجائي وأبو الحسن الشاوي وأبو عمرو عثمان بن سفيان بن شقر التونسي ورشيد الدين عبد الكريم بن عطاء الله وحدث بالشفاء عن أبي محمَّد التميمي المذكور عن القاضي عياض وسمع منه الحافظان عبد العظيم المنذري وأبو الحسن يحيى بن علي القرشي له تأليف ورحلة حافلة وديوان شعر رائق ومن نظمه: لا تغترب عن وطن ... واذكر تصاريف النوى أما ترى الغصن إذا ... ما فارق الأصل ذوى وله أيضاً: يا مهدي الموز تبقى ... وميمه لك فاء وزايه عن قريب ... لمن يعاديك تاء وله أيضاً: إياك والشهرة في ملبس ... والبس من الأثواب أسمالها تواضع الإنسان في نفسه ... أشرف للنفس وأسمى لها مولده سنة 540 هـ وتوفي بالإسكندرية في شعبان سنة 614 هـ وكان رفيقه في رحلته للمشرق:

598 - أبو جعفر أحمد بن الحسين البلنسي: العالم المتفنن في كثير من العلوم منها الطب الآخذ عن جده لأمه أبي محمَّد عبد الحق بن عطية، توفي سنة 599 هـ. 599 - أبو العباس أحمد بن منذر بن جهور الإشبيلي: الإِمام المقري المعروف بالصلاح والزهد وإجابة الدعوة أخذ عن أبي بكر بن صاف وروى عن أبي عبد الله بن مجاهد ولازمه أخذ عنه الناس. ألّف في رواية ورش عن نافع تأليفاً حسناً، توفي سنة 615هـ. 600 - أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن إبراهيم الخولاني: المعروف بالزوال الأريب الشاعر المؤرخ العالم الماهر الفقيه الثقة الراوية روى عن أبي مروان بن قرمان لازمه كثيراً وكان أحق الناس به وعن ابن هذيل وجماعة أخذ عنه الناس لعلو سنده بابن قرمان وهو آخر من حدث عنه وسمع منه ابن عساكر وأبو إسحاق بن الخطيب، مولده سنة 540 هـ وتوفي بمراكش سنة 616 هـ. 601 - أبو بكر محمَّد بن عبد الله بن أحمد المعافري الإشبيلي: من بيت أبي بكر بن العربي الفقيه العلامة الراوية كان على غاية من الفضل والدين رحل للمشرق مرات وحج سبع حجج، أخذ عن أعلام من أهل المشرق والأندلس منهم أبو طاهر السلفي وأبو الطاهر بن عوف وأبو الحسن المقدسي وأجازوا له، سمع منه جماعة منهم أبو القاسم بن الطيلسان ومعظم خبره عنه. مولده سنة 542 هـ وتوفي بالإسكندرية سنة 617 هـ[1220م]. 602 - القاضي أبو محمَّد عبد الكبير بن محمَّد بن عيسى بن محمَّد بن بقي الغافقي المرسي: الفقيه الحافظ الحسن الهدي والسمت المشارك في الحديث وغيره البصير بالشروط المتقدم في الفتيا شيخ الفقهاء في وقته تولى قضاء رنده، روى عن أبيه وأبي عبد الله بن سعادة وأبي عبد الله بن عبد الرحيم وغيرهم، وأجاز له أبو الحسن بن هذيل وغيره، أخذ عنه الناس له مختصر في الحديث وتفسير جمع فيه بين تفسيري ابن عطية والزمخشري. مولده سنة 536 هـ وتوفي سنة 617هـ[1220].

603 - أبو العباس أحمد بن عبد الله اليعمري الإشبيلي: المعروف بابن سيد الناس سبط أبي الحسن بن سليمان اللخمي العالم المتفنن المحدث المقرئ، روى عن أبي الحسن المذكور وابن عبيد الله وأبي بكر بن خير وأبي بكر بن الجد وأبي عبد الله بن زرقون وأبي عمران بن الطفيل أخذ عنه القراآت، وروى عن ابن بشكوال والسهيلي وابن حبيش وابن الفخار وغيرهم، وأجاز له جماعة من أهل المشرق وعنه أخذ جماعة منهم ابنه الحافظ أبو بكر وأخوه أبو الحسن عبيد الله. مولده سنة 561 هـ وتوفي سنة 618 هـ[1221 م]. 604 - أخوه أبو الحسن عبيد الله بن عبد الله ابن سيد الناس: العالم الكامل الفقيه الفاضل أخذ عن والده قراءة نافع، وروى كثيراً عن أخيه أبي العباس. توفي سنة 637هـ[1239 م]. 605 - أبو محمَّد عبد الله بن أبي بكر القضاعي: والد ابن الأبار الفقيه المقرئ الفاضل الحافظ للمسائل، سمع من أبي عبد الله بن نوح وغيره، وكتب إليه القاضي أبو بكر بن أبي جمرة إجازة له ولولده في جميع روايته وولده إذ ذاك ابن عامين وأشهر، أخذ عنه ولده المذكور قراءة نافع، وسمع منه أخباراً وأشعاراً وناوله كتبه وشاركه في أكثر شيوخه. مولده سنة 571 هـ وتوفي سنة 619 هـ[1222م]. 606 - أبو العباس أحمد بن عبد المؤمن بن موسى الشريشي: من أهل شريش الإِمام العلامة الأديب الماهر الفهامة اللغوي النحوي الشاعر ساد أهل زمانه واشتهر بين أقرانه، روى عن أبي بكر بن أزهر وأبي عبد الله بن زرقون وأبي الحسين بن جبير وغيرهم، أقرأ العربية وغيرها وأفاد، قال ابن الأبار: لقيته وسمعت عليه بعض شرحه للمقامات وأجاز لي سائره مع روايته وتوابعه وأخذ عنه أصحابنا وله ثلاث شروح للمقامات كبير وفيه من الأدب ما لا كفاء له ووسيط مملوء لغة وصغير مختصر وله غيرها أجاد بما حشد فيها منها شرح الإيضاح للفارسي والجمل للزجاج وله في العروض تآليف وجمع مشاهر قصائد العرب واختصر نوادر أبي علي القالي. توفي ببلده شريش سنة 619هـ[1222م]. 607 - قلت: حكى الإِمام الونشريسي في الجزء الحادي عشر من معياره مناظرة وقعت بين أبي علي الحسن بن علي بن رشيق وبين بعض الرهبان في الإعجاز ذكرها أبو علي المذكور في كتاب الرسائل والوسائل دلت على أنه آية من

آيات الله الباهرة في العلم والذكاء والمناظرة ولم نقف على ترجمته. وملخص الحكاية قال رحمه الله: كنت بمدينة مرسية جبرها الله أيام محنة أهلها بالدجن، وكان قد ورد عليها من قبل طاغية الروم جماعة من قسيسيهم ورهبانهم شأنهم الانقطاع في العبادة بزعمهم والنظر في العلوم مشرئبون للنظر في علوم المسلمين وترجمتها بلسانهم ولهم حرص على مناظرة المسلمين لقصد ذميم في استمالة الضعفاء, وكنت أجلس بين يدي والدي وأن كهل لكتب الوثائق وعقود الأحكام فوجبت لمسلم على نصراني يمين عليه وأمرت أنا وشاهد آخر بالحضور ليتقاضاها المسلم منه على ما يجب حيث يعظم النصراني دينه فوجهنا معه لكنيسة يعظمونها هي مجتمع أولئك الرهبان فلما فرغنا من قصدنا استدعاني قسيس منهم فصيح اللسان وأخذ معي في الكلام والمذاكرة إلى أن آل الأمر إلى المناظرة في إعجاز القرآن وفي بيتي الحريري بأنهما من الإعجاز حيث لم يعززا بثالث وهما: سم سمة بحمد آثارها ... واشكر لمن أعطى ولو سمسمه والمكر مهما اسطعت لا تأته ... لتقتني السؤدد والمكرمه وأطال الكلام بتأدب في إعجاز القرآن وفي إعجاز هذين البيتين قال: وأخذت أبدي له الفرق بطريق البراهين الأصولية والأقاويل العلمية وخاطري مشتغل بالتفرغ للزيادة عليهما إلى أن يسر الله بزيادة بيت واحد، فقلت له ومع هذا فقد زاد الناس على البيتين ولم يغفلوا عنهما، فقال: أين هذا فوالله ما رأيت أحداً ادعى هذا ولا ذكره فقلت له: أنا أذكر بيتاً ثالثاً لهما لا أذكر الآن قائله ولم أنسبه لنفسي في الوقت لأني قدرت إن فعلت ذلك لا يقع منه ذلك موقعاً مؤثراً ثم أنشدته: والمهر مهر الحور وهو التقى ... بادر به البكرة والمهرمه فلما سمعه وأعدته عليه حتى فهمه فكأنما ألقمته حجراً ورأيت فيه من الانكسار لذلك ما لم أره عند سماع الحجج العقلية والمآخذ الأصولية ثم أخذ في الثناء علي هو وأصحابه انتهى باختصار كثير. 608 - والحريري هو الإِمام المشهور أبو محمَّد قاسم بن علي الحريري: المتوفى سنة 516 هـ[1122م]. 609 - أبو عبد الله محمد بن عيسى بن محمد الأزدي: يعرف بابن

المناصف، من أهل قرطبة انتقل والده لإفريقية وبها ولد، كان من أعلم العلماء متفنناً نظاراً واقفاً على الاتفاق والاختلاف معللاً مرجحاً مع الحظ الوافر في اللغة والأدب والتصرف الحسن في قرض الشعر، تفقه بأبي الحجاج الخزرجي قاضي تونس، وسمع بها من أبي عبد الله بن أبي ذرقة وبتلمسان من أبي عبد الله التجيبي وله رواية عن أبيه عن جده. قال ابن الأبار: لقيته ببلنسية وهو قاضيها وأجازني جميع ما رواه ثم نقل إلى مرسية وكان ذا سيرة عادلة وأبهة وشارة جميلة في حدة مفرطة ثم لحق مراكش فأقام هناك إلى أن مضى سنة 620 هـ. مولده سنة 563 هـ له أراجيز في غير ما فن منها المذهبة في العلي والشيات ومنها الدرة السنية وكتاب الأنجاد في الجهاد ظهر فيه علمه وأبان فيه عن تقدمه وكتاب الأحكام والشروط في باب السلم الذي أغفله القاضي أبو محمد عبد الوهاب في التلقين. 610 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد الأنصاري: من أهل المرية يعرف بابن اليتيم وابن البلنسي العالم الراوية العالي الإسناد الرحال في طلب العلم، سمع من أعلام وأخذ عنهم منهم والده أبو العباس وأكثر عنه ولقي أبا الحسن بن هذيل وأبا الحسن بن النعمة وأبا عبد الله بن سعادة وأبا القاسم بن حبيش وابن قرقول وأبا عبد الله بن مطرف والسهيلي وابن الفخار، وسمع أبا مروان بن قرمان ولقي أبا الحسن بن بقي جد أبي القاسم بن بقي وابن بشكوال وغيرهم وأجازوا له وكتب إليه أبو إسحاق بن فرقد وأبو بكر بن خير وأبو بكر بن رزق ولقي أبا الحسن بن حنين بفاس وسمع منه الموطأ وأجاز له وأبا عبد الله بن الرمامة وخرج للحج سنة 566 هـ ولقي ببجاية أبا محمد عبد الحق الإشبيلي وسمع منه وأجاز له وبالمهدية قاضيها أبا يحيى بن الحداد من أصحاب الإِمام المازري وبالإسكندرية أبا محمد العثماني وأبا طاهر السلفي وأبا عبد الله محمد الحضرمي وأبا الطاهر بن عوف وبالقاهرة أبا عمرو عثمان بن الفرج وغيرهم من أهل الشام والعراق والحجاز، سمع منهم وأخذ عنهم ويذكر أن شيوخه الذين لقيهم وأجازوه تنوف عن المائة ثم رجع لبده وقدم للقضاء ببعض الجهات ورحل إليه الناس للسماع، وأخذ عنه جماعة منهم أبو سليمان بن حوط الله وأجاز ابن الأبار. مولده سنة 554 هـ وتوفي سنة 621 هـ[1224 م]. 611 - أبو الحسن محمد بن محمد بن سعيد: يعرف بابن زرقون العالم

الفقيه الحافظ المبرز كان متعصباً لمذهب مالك قائماً عليه، سمع من أبيه وأبي بكر بن الجد وتفقه بهما وأخذ عن أبي جعفر بن مضاء وكتب إليه أبو طاهر السلفي وروى عن أبي الحسن المعروف بابن الأوجقي من أصحاب الإِمام المازري، أخذ عنه جلة منهم أبو الربيع بن سالم وأجاز ابن الآبار. من تآليفه المعلى في الرد على المحلى والمجلى لأبي محمد بن حزم وقطب الشريعة في الجمع بين الصحيحين وله كتاب في الفقه لم يكمله سماه تهذيب المسالك في تحصيل مذهب مالك. مولده سنة 539 هـ وتوفي سنة 621 هـ[1224 م]. 612 - أبو أحمد جعفر بن عبد الله بن محمد ابن سيد بونه الخزاعي الأندلسي: العارف بالله الولي الصالح الحالم الكبير أخذ عن ابن النعمة وابن هذيل وغيرهما وحج ولقي أعلاماً في رحلته أكبرهم أبو مدين الغوث وانتفع به. توفي سنة 624 هـ[1226 م]، عن سن تقارب المائة. 613 - أبو القاسم أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن مخلد بن بقي: قاضي الجماعة بقرطبة الإِمام الفقيه المحدث العالم العامل القاضي العادل. روى عن أبيه وعن جده عبد الرحمن بسنده إلى جده الأعلى وأجازه أبو الحسن بن شريح وابن قرمان وابن بشكوال وابن مضاء والسهيلي وجماعة، وعنه أبو محمد عبد الله بن هارون وابن أبي الأحوط وغيرهما له فهرسة، ولد في ذي القعدة سنة 537 هـ وتوفي بقرطبة سنة 625 هـ[1227 م]، وأخوه أبو الحسن العالم الجليل شاركه في شيوخه. 614 - أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش بن القديم الأنصاري الإشبيلي: الإِمام العالم الجليل الشيخ الصالح الفقيه المقرئ المحدث مع الضبط والعدالة. قرأ الحديث على أبي القاسم القنطري وأجاز له ابن بشكوال وابن زرقون وسمع ابن الرمامة وأبا الحسن اللواتي وابن خليل مشايخه كثيرون، ألّف في القراءة ومناقب مالك وغير ذلك منها الشمس المنيرة في القراءات السبع، حدث عنه أبو الحسن بن القطان وأبو العباس بن البنا وروى عنه أبو إسحاق بن الكمال وأبو جعفر بن فرتوت وأبو عبد الله الطراز، توفي سنة 626 هـ[1228م].

615 - أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك المكناسي: يعرف بابن القطان العالم الفقيه الراوية العارف بصناعة الحديث وأسماء رجاله سمع أبا عبد الله بن الفخار وأبا عبد الله بن البقال وأبا ذر الخشني وأبا الحسن بن موسى وأبا عبد الله التجيبي وأبا البقاء يعيش بن القديم وممن كتب إليه ولقيه أبو جعفر بن مضاء وأبو محمد التادلي وابن الفرس وأبو عبد الله بن زرقون؛ جمع برنامجاً مفيداً في مشيخته وشرح أحكام عبد الحق الإشبيلي أخذ الناس عنه وانتفعوا به. توفي سنة 628 هـ[1230م]. 616 - أبو بكر محمد بن محمد بن جهور الأسدي المرسي: الإِمام العالم المتفنن الفقيه العمدة الفاضل. سمع من أبي القاسم بن حبيش وأبي العباس بن رشد وأبي بكر بن الجد وأبي زيد السهيلي وأبي الحسن بن كوثر وأبي عبد الله بن الفخار، وأجاز له أبو طاهر السلفي ولقي بتونس أبو طاهر بن الدمنة من أصحاب الإمام المازري وسمع منه بعض المعلم وحدث به عنه، أخذ عنه جماعة. توفي سنة 629 هـ[1231م]. 617 - أبو الفضل عياض بن محمد بن أبي الفضل: القاضي عياض كان من الفقهاء الفضلاء الأعلام. روى عن أبيه وغيره، وعنه ابنه القاضي محمد وأبو العباس بن تومرت، توفي سنة 630 هـ[1232م]. 618 - أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عفير الأموي الأشبيلي: العالم الفاضل الراوية المحدث الرحال. سمع أبا محمد بن حوط الله وسواه ورحل للمشرق وحج وأخذ عن أعلام وسمع الحديث من أهل الحجاز والبصرة وبغداد ونيسابور وتجول هناك وكتب الحديث وعنى بلقاء الشيوخ ثم قفل للمغرب وحدث بتونس. توفي بعد سنة 630هـ[1232م]. 619 - أبو عبد الله محمد بن محمد الجياني: ويعرف باللوشي الإِمام الفقيه العالم المتفنن روى عن أبي بكر بن الجد وأبي عبد الله بن زرقون وأبي ذر الخشني ورحل وحج وأخذ عن أبي عبد الله بن الحضرمي ومكي بن عوف وأبي طاهر بن عوف وأخذ بالمهدية عن قاضيها أبي يحيي الحداد من أصحاب الإِمام المازري ثم رجع لبلده وأخذ عنه الناس. مولده سنة 561 هـ وتوفي سنة 631 هـ.

620 - أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي الكلبي الداني: يعرف بابن الجميل الإِمام البصير بالحديث المعروف بالضبط الوافي الحظ من اللغة والعربية وغيرهما. سمع ابن بشكوال وابن الجد وابن خير وابن زرقون وابن حبيش وابن عبيد الله وابن مضاء، حدث بتونس سنة 595 هـ عن هؤلاء بصحيح مسلم وعن آخرين منهم ابن المناصف وابن قرقول، ولي قضاء دانية مرتين، رحل لتلمسان ثم تونس وحج وكتب بالمشرق عن جماعة بأصبهان ونيسابور واستوطن القاهرة ونال جاهاً ودنيا عريضة، أخذ عنه الناس منهم ابن الأبار وأبو الحسن اللواتي، له تآليف منها أعلام النص المبين في المفاضلة بين أهل صفين. توفي سنة 632 هـ. 621 - أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الله بن خيرة البلنسي: خطيبها وإمامها وعالمها كان عدلاً فاضلاً راجح العقل، أخذ عن أبي جعفر بن طارق بن موسى قراءة ورش وأخذ القراءات عن أبي جعفر بن عون الله وسمع من أبي العطاء بن نذير وغيره، وكتب إليه أبو محمد بن عبيد الله وغيره وحج وجاور وسمع أبا عبد الله بن الحضرمي وحماد الحرالي وعبد الحق الإشبيلي وأبا عبد الله محمد بن سعادة وفي مشيخته كثرة وانصرف لبلده وحدّث وأخذ عنه الناس، منهم ابن الأبار والإمام المحدث الرضي الطبري وأبو بكر بن مسدي وأبو العباس بن الغماز. مولده سنة 550 هـ وتوفي سنة 634 هـ ونزل في قبره أبو الربيع بن سالم وكانت جنازته مشهودة حضرها الأمير فمن دونه. 622 - القاضي أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي: يعرف بابن سالم الأندلسي شيخ الجماعة الإِمام الأريب العالم المتفنن الأديب الفقيه المحدث الحافظ المتقين. روى عن أبي القاسم ابن حبيش وأكثر عنه وابن زرقون وابن الجد وأبي محمد الصدفي وعبد المنعم بن الفرس وابن مضاء وأبي محمد بن الفخار وأبي الوليد بن رشد الحفيد وأبي محمد عبد الحق الإشبيلي وغيرهم من أهل المشرق والمغرب، وعنه أبو عبد الله بن حزب الله وأبو الحسن بن مفوز وابن الأبار وابن

الغماز وابن برطلة وابن عميرة وابن الجيان وغيرهم، له تآليفت منها: مصباح الظلام والأربعون لأربعين شيخاً لأربعين من الصحابة والأربعون السباعية والسباعيات وحلية الأمالي في الموافقات والعوالي والاكتفاء في مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومغازي الخلفاء والأعلام بأخبار البخاري وكتاب في مثال النعل النبوية على صاحبها أزكى التحية فهرسة وغير ذلك. مولده سنة 565 هـ واستشهد في واقعة أنجية في ذي الحجة سنة 634 هـ. 623 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن مطروح التجيبي: الإِمام الفاضل الفقيه العالم بالأحكام والنوازل العاكف على عقد الشروط الأريب الشاعر من أهل الشورى والفتيا سمع أباه وأبا العطاء بن نذير وأبا الحجاج بن أيوب وأبا عبد الله بن نوح وأخذ عنه القراءات والعربية والأدب ولزمه طويلاً وأبا الخطاب بن واجب وأبا ذر الخشني وأبا محمد بن حوط الله، وأجاز له جماعة منهم ابن الجد وابن زرقون وابن حبيش وابن عبيد الله وابن الفخار وابن أبي جمرة وابن الفرس وابن عوف وأبو عبد الله بن الحضرمي وأخوه أبو الفضل وأبو الثناء الحرالي وسواهم وفي شيوخه كثرة، أخذ عنه جماعة منهم ابن الأبار وأجاز له ولي القضاء ببلنسية وتوفي مصروفاً عنها سنة 635 هـ[1237م]، ومولده سنة 573 هـ. 624 - أبو بكر محمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الرحمن بن مروان الأزدي الأندلسي: الإِمام الفاضل العالم البصير بالحديث الحافظ لأسماء رجاله المتفنن. سمع من أبي بكر بن الجد وأبي عبد الله بن زرقون وأبي العباس بن خلف وأبي البقا يعيش بن القديم، وأجاز له أبو القاسم بن ملجوم وغيره، أخذ عن جماعة، له تآليف مفيدة منها: المنتقى في رجال الحديث في خمسة أسفار والمفهم في شرح البخاري ومسلم وكتاب في علم الحديث وصفات نقلته، تولى القضاء في بعض الجهات وحمدت سيرته. مولده سنة 555 هـ وتوفي سنة 636 هـ[1238م]. 625 - أبو عبد الله محمد بن علي بن الخضر الغساني المالقي: يعرف بابن عسكر الفقيه العلامة المتفنن في العلوم الفهامة المتين الدين المعظم عند الخاصة والعامة. روى عن أبي سليمان بن حوط الله وأخيه وغيرهما وأجاز ابن الأبار وغيره؛ تولى قضاء مالقة بعد امتناع واستعفى فلم يجب وسار أحسن سيرة ماضي العزيمة لا تأخذه في الله لومة لائم صنف المشرع النووي في الزيادة على غريب

الهروي وصلة الأعلام للسهيلي والسلو عن ذهاب البصر وأربعين حديثاً التزم فيها موافقة اسم شيخه الصحابي. ولد قريباً من سنة 584 هـ وتوفي سنة 636 هـ[1238م]. 626 - أبو الحسن علي بن محمد الحرالي الأندلسي: الإِمام العالم الزاهد بقية السلف وقدوة الخلف كان من أعلم الناس بمذهب مالك متفنناً في كثير من العلوم مجاب الدعوة كثير الكرامات لقي جلة من المشايخ شرقاً وغرباً أخذ عنهم منهم أبو عبد الله القرطبي إمام الحرم الشريف ووقع بينه وبين العز بن عبد السلام خلاف في مسائل، أخذ عنه من لا يعد كثرة منهم عبد الحق بن ربيع ألّف في كثير من الفنون منها: مفتاح اللب المقفل على فهم القرآن المنزل والوافي في الفرائض وله شعر رائق وأحزاب وأوراد وأتباع. توفي بحماه ببلاد الشام سنة 637 هـ[1239م]، له فضائل جمة ومناقب كثيرة. 627 - أبو عمران موسى بن محمد بن عبد الملك الغرناطي: يعرف بابن سعيد العالم المشهور صدر الصدور أدرك أبا بكر بن الجد وأبا بكر بن زهر وأخذ عنهما وعنه أخذ ابنه أبو الحسن وغيره ورحل معه للمشرق وأخذ عن أعلام هناك، وتوفي بالإسكندرلة سنة 640 هـ[1242م]، مولده سنة 574 هـ. 628 - وأبوه محمد: كان من الفضلاء الأعلام مولده سنة 514 هـ وتوفي سنة 589 هـ[1193م]. 629 - وجده عبد الملك: كان من الأئمة الفقهاء الفضلاء. مولده سنة 494 هـ وتوفي بمراكش سنة 562 هـ[1166م]، وهو الذي ابتدأ تأليف المغرب في حلي المغرب والمشرق في حلي المشرق وسيأتي مزيد كلام على هذا التأليف في ترجمة أبي الحسن المذكور. 630 - القاسم بن محمد بن أحمد الأوسي القرطبي: يعرف بابن الطيلسان الفقيه المحدث الراوية العالم المتفنن في العربية والقراءات. روى عن جده لأمه أبي القاسم الشراط وخاله أبي بكر بن غالب، شيوخه أكثر من مائتين، سمع منه جماعة منهم أبو محمد بن هارون الطائي، له تأليف في التغليظ على شربة الخمر والمنن

على قارئ الكتاب والسنن وزهر البساتين في غريب خبر المسندين ومناقب المهتدين، واختصاره اقتطاف الأزهار من بساتين العلماء الأبرار، والجواهر المفصلات في المسلسلات وغير ذلك. خرج من قرطبة عند تغلب العدو عليها سنة 636 هـ مولده سنة 575 هـ وتوفي بمالقة سنة 642 هـ[1244م]. 631 - أبو عبد الله محمد بن قاسم بن مقداس: من أهل الجزيرة الخضراء الإِمام العالم الكامل المتفنن الفاضل أخذ العربية عن أبي موسى الجزولي ولقي ابن عبيد الله وغيره فتحمل عنهم ولقي بفاس ابن مجكان آخر الرواة عن الإِمام المازري فسمع منه وأقرأ ببلده وأجاز ابن الأبار. مولده سنة 557 هـ وتوفي سنة 643 هـ[1245م]. 632 - وفيها مات العالم المشهور بالعلم والفضل الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد المعروف بابن أبي حجة القرطبي: روى عن أبي محمد بن حوط الله وابن مضاء وتولى قضاء إشبيلية وألّف بها تسديد اللسان في النحو والجمع بين الصحيحين وغير ذلك. 633 - أبو علي عمر بن محمد الأزدي الإشبيلي: يعرف بالشلوبين الإِمام العالم المتفنن كان أسند من في وقته بالمغرب وفي العربية بحر لا يجارى وحبر لا يبارى تصدر للإقراء نحو ستين عاماً، سمع أبا بكر بن الجد وأبا عبد الله بن زرقون وابن خروف والسهيلي وابن بشكوال وجماعة وأجاز له السلفي وابن حبيش وابن خير وجمع مشيخته في فهرسة، وعنه أخذ أئمة منهم ابن عصفور وجمال الدين بن مالك وابن مسدي وأبو إسحاق التلمساني وابن الأبار، له كتاب التوطئة في النحو وكتاب القوانين فيه وشرح المقدمة الجزولية بشرحين كبير وصغير وتعلقة على مفصل الزمخشرىِ، وتوفي سنة 645 هـ[1247م]، في منازلة الروم إشبيلية وفي العام بعدها ملكها كما ملك قرطبة وبلنسية ومرسية وإذ ذاك كان إطباق الفتنة والزهد في العلم، مولده سنة 562 هـ. 634 - أبو عبد الله محمد بن سعيد بن علي الأنصاري: يعرف بالطراز الإِمام العالم الجليل المحدث الراوية المعروف بالضبط والإتقان أخذ عن أبي بكر بن زيدان وأبي العباس بن البقال والقاضي أبي القاسم بن سحنون وأجازه ولزمه

وأبي بكر بن عتيق وأبي علي الرندي وأبي محمد وأبي سليمان ابني حوط الله وأبي محمد بن عطية وابن زرقون وأبي عبد الله بن نوح وأبي عبد الله بن سعادة وغيرهم مما هو كثير له فيهم فهرسة حافلة وأجازه جماعة من أهل المشرق والمغرب، روى عنه أبو عبد الله الطنجالي وابن الزبير وغيرهم وتجرد لكتاب مشارق الأنوار للقاضي عياض وأخرجه من المبيضة لأن عياضاً تركه مبيضاً. مولده سنة 588 هـ وتوفي في شوال سنة 645 هـ[1247م]. 635 - أبو محمد عبد الله بن علي الأنصاري: يعرف بابن الستاري الأندلسي الفقيه العالم المحقق الإِمام الأصولي المدقق، أخذ عن الشلوبين وغيره ورحل وأخذ عن أبي الحسن الأبياري الأصول والفقه لازمه سبع سنين وانتفع به وأبي العز المعروف بالمقترح، وتفقه بأبي الحسين بن فضل المقدسي حدث عنه جماعة منهم عبد الرحمن بن غالب وقرأ عليه ابن أبي الربيع المستصفى وغيره وحدّث به عن الأبياري. مولده سنة 565 هـ وتوفي بسبتة سنة 647 هـ[1249م]. 636 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصاري الأوسي القرطبي: يعرف بابن الصفار من رجال الكمال مشاركاً في العلوم مع حظ من قرض الشعر وإدراك في النثر، سمع ابن بشكوال وابن الجد وابن زرقون وابن حبيش وابن مضاء وأبا محمد بن الفرس وأبا ذر الخشني وغيرهم وأخذ القراءات عن أبي القاسم الشراط، وسمع منه وكتب إليه أبو بكر بن خير والسهيلي وابن كوثر وأبو بكر بن أبي جمرة وغيرهم وله رحلة للمشرق لقي فيها جماعة منهم أبو يحيي بن الحداد وأبو القاسم بن مجكان وهما من أصحاب الإِمام المازري وأجازا له وتجول كثيراً واستقر أخيراً بتونس، أخذ عنه جماعة منهم ابن الأبار وأجازه وأملى عليه أسماء شيوخه. توفي بتونس سنة 649 هـ[1251م]، وقد نيف عن السبعين سنة. 637 - أبو عبد الله محمد بن يحيي بن هشام الأنصاري الخزرجي: يعرف بابن البرذعي العالم المتفنن الفاضل كان إماماً في صناعة العربية بصيراً بها مع تصرف في الآداب ينظم به وينثر وانتهت إليه الرئاسة في ذلك، روى عن أبيه وأخذ القراآت عنه والعربية عن أبي ذر الخشني وأبي علي الرندي وغيرهم، وسمع منهم وأجازوه ولقي ابن رشد الحفيد وأبا محمد بن حوط الله وأخاه أبا سليمان وأبا

فرع فاس

محمد القرطبي وغيرهم، وأخذ عنهم وأجاز له جماعة غير هؤلاء وعنه أخذ جماعة منهم أبو علي الشلوبين وابن الأبار وأجازه، له تآليف منها الإفصاح بفوائد الإيضاح وفصل المقال في تلخيص أبنية الأفعال وجمع مسائل في أسفار وله تقييدات في فنون شتى. مولده سنة 575 هـ وتوفي بتونس سنة 649 هـ وقال السيوطي سنة 646 هـ[1248م]. 638 - أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد الأنصاري القرطبي: يعرف بابن قرطال الفقيه الإِمام العلامة من رجال الكمال علماً وعملاً يشارك في كثير من الفنون، سمع ابن مضاء وابن الشراط وغيرهما وأجاز له ابن الجد وابن زرقون وعبد المنعم بن الفرس وغيرهم أخذ عنه جماعة منهم ابن الأبار ويوسف بن إبراهيم الجذامي نزيل تونس. مولده سنة 563 هـ وتوفي سنة 651 هـ[1253م]. 639 - أبو العباس أحمد بن محمد الأزدي الإشبيلي: يعرف بابن الحاج، كان علامة متفنناً متحققاً بالعربية حافظاً للغات قرأ على الشلوبين وأمثاله له إملاء على كتاب سيبويه ومصنف في الإمالة وفي علوم القوافي ومختصر خصائص ابن جني ومصنف في حكم السماع ومختصر المستصفى وحواشي على مشكلاته ونقود على الصحاح وإيرادات على المغرب. مات سنة سبع وأربعين [1249م] أو إحدى وخمسين وستمائة [1253م]. فرع فاس 640 - أبو عبد الله محمد بن قاسم بن عبد الرحمن التميمي الفاسي: الفقيه المتفنن المحصل الراوية الرحال المستوسع في السماع سمع ابن حنين وغيره ورحل للمشرق وأقام هناك عاماً ولقي نحو مائة شيخ منهم أبو طاهر السلفي وأبو طاهر بن عوف وأبو عبد الله بن الحضرمي وأخوه أبو الفضل وأبو محمد بن بري وأبو الطيب التنوخي وأبو قاسم البوصيري وجمع فيهم فهرسة سماها النجوم المشرقة ثم اختصرها ثم قفل لبلده فحدّث وأخذ عنه الناس، وسمع منه الموطأ بالإسكندرية أبو مروان عبد الملك بن أبي القاسم التوزري المعروف بابن الكرديوس، توفي بيلده سنة 604 هـ[1207م].

641 - أبو الصبر أيوب بن عبد الله بن أحمد بن عمر الفهري السبتي: الإِمام الفاضل الزاهد الورع العالم العامل أخذ عن ابن بشكوال كثيراً والسهيلي وابن قرقول وغيرهم من أئمة المشرق والمغرب ولقي أعلاماً من الصالحين كأبي يعزى وأبي مدين وكان محدثاً راوية شاعراً أخذ عنه الناس وانتفعوا به. واستشهد في كائنة العقاب سنة 609 هـ[1212م]. 642 - أبو العباس أحمد بن جعفر الخزرجي السبتي: الولي الصالح العالم المحقق العارف بالله القطب ذو الكرامات الشهيرة والمناقب الأثيرة والأحوال الباهرة والفضائل الظاهرة والأخلاق الطاهرة، أخذ عن أبي عبد الله بن الفخار وانتفع به وبه تفقه أطال الثناء عليه وأطاب أبو محمد عبد الحق الإشبيلي. ولد بسبتة سنة 524 هـ وتوفي سنة 610 هـ[1213م] وقد ذيل العلامة أبو يعقوب بن يوسف بن يحيى التادلي كتابه المسمى بالتشوف إلى رجال التصوف برسالة جمع فيها مناقب هذا الشيخ قال في خطبتها وبالجملة فإن شأنه من عجائب الزمان وأنا أثبت من غرائب أخباره ما ينوب عن العيان، وكان قد أعطى بسطة في اللسان وقدرة على الكلام لا يناظره أحد إلا أفحمه ثم قال: ومولده بسبتة سنة 524 هـ وتوفي بمراكش في ثالث جمادى الآخرة سنة 601 هـ. 643 - أبو زكريا يحيى بن علي: المعروف بالزواوي الشيخ الفقيه الصالح الورع العابد الولي الزاهد على التحقيق المتوجه إلى الله بكل وجهة وطريق المجاب الدعوة الكثير الكرامات أخذ عن أعلام ورحل للمشرق وأخذ عن أبي الطاهر إسماعيل بن مكي والقاضي أبي سعيد مخلوف بن جارة وأجازه وأبي طالب أحمد بن رجاء وأبي طاهر السلفي وأبي القاسم بن فيرة الشاطبي وغيرهم وعنه أخذ أعلام. توفي سنة 611 هـ[1214م]. 644 - أبو زيد عبد الرحيم بن محمد اليزناسي: الفقيه العالم العامل الإِمام الشيخ الصالح الفاضل رحل للمشرق وأتى بكل بديع مشرق ولقي الأفاضل وصحب

نجم الدين بن شاس واستشاره في وضع كتابه الجواهر. ثم رجع واستوطن فاساً. لم أقف على وفاته. 645 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعافري القلعي: المعروف بابن الخراط الشيخ الفقيه النحوي الأستاذ المقرئ أحد الثقات الرواة العلماء له كرامات، أخذ بالقلعة عن جماعة منهم أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز المعروف بابن عفراء. وعنه جماعة، توفي سنة 611 هـ[1214م]. 646 - أبو يعقوب يوسف بن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التادلي: عرف بابن الزيات العلامة المؤرخ الأريب الفقيه الأديب صحب أبا العباس السبتي ولقي ابن حوط الله وحدّث بكتابه التشوف الأستاذان الفاضلان أبو القاسم بن الشاط وابن رشيد عن قاضي الجماعة أبي عبد الله محمد بن علي الشريف عنه إذناً ألّف التشوف إلى رجال التصوف وله تأليف في صلحاء المغرب وشرح مقامات الحريري شرحاً نبيلاً. توفي وهو قاض بدقواق سنة سبع أو ثمان وعشرين وستمائة [1229م]، أو [1230م]. 647 - أبو عبد الله محمد بن علي بن حماد الصنهاجي: من أهل قلعة بني حماد الشيخ الأجل الرئيس الأكمل العالم الأوحد المتفنن قرأ بالقلعة المذكورة وكانت حاضرة علم وببجاية وأخذ عن أعلام منهم أبو مدين الغوث، وسمع عليه المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وأبي محمد عبد الحق الإشبيلي، روى عنه الموطأ وغيره والقاضي أبي تميم ميمون بن جبارة له برنامج حافل ذكر فيه مشيخته ومقروآته من الكتب يشتمل على مائتين وعشرين كتاباً كلها مسندة إلى مؤلفيها وله الأعلام بفوائد الأحكام وشرح مقصورة ابن دريد وله تاريخ في أخبار صنهاجة وبجاية بإفريقية أخذ عنه أبو محمد بن برطلة. توفي سنة 628 هـ[1230م]. 648 - أبو القاسم محمد بن البقال: الإِمام الفقيه العالم العامل العارف بالله من رجال الكمال، أخذ عن جماعة منهم ابن بشكوال وعنه أبو محمد صالح لم أقف على وفاته.

649 - أبو محمد صالح بن محمد الفاسي الهسكوري: شيخ المغرب علماً وحالاً وفضلاً الإِمام الكبير المعروف بالعدالة من بيت صلاح وجلالة، أخذ عن أبي موسى عيسى وأبي القاسم بن البقال وابن بشكوال وأبي مدين الغوث وانتفع به وعنه أئمة منهم راشد بن أبي راشد وابن أبي مطر له تآليف في الفقه مشهورة. توفي سنة 631 هـ كما في الديباج وفي سلوة الأنفاس أن المذكور في الديباج غير صاحب الترجمة وصاحب الترجمة توفي سنة ثلاث أو ست وخمسين وستمائة [1258م]. 650 - أبو عبد الله محمد بن العارف باللهِ الشيخ أبي الحسن علي بن إسماعيل بن حرازم: ويقال حرزهم الشيخ الكبير الولي الشهير العارف البركة الصالح القدوة المربي الناصح العالم العامل الأستاذ الواصل تركه والده صغيراً وانتفع بأصحابه كأبي مدين وأبي محمد صالح وممن أخذ عنه وانتفع به الإِمام أبو الحسن الشاذلي أخذ عنه تبركاً وانتفاعاً واستفادة وصحبه ولبس الخرقة وهو أول أشياخه وآخرهم الذي هو عمدته في الطريق وإليه ينتسب على التحقيق الشيخ عبد السلام بن مشيش. توفي صاحب الترجمة سنة 633 هـ[1235م]. 651 - تاج الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد التميمي القرشي السلاوي: كان وافر الحظ من علم البيان نحواً وأدباً وشعراً محققاً لعلم الكلام بارعاً في أصول الفقه متفنناً في التصوف وإليه انقطع وعليه عول وفيه نظم قصيدته الرائية المدرجة في الإبريز بشرحها للشيخ أحمد بن مبارك. أخذ بمراكش عن جماعة وبفاس عن الإِمام أبي عبد الله محمد الكتاني وأبي ذر الخشني وابن البقال وأخذ ببغداد عن الإِمام أبي محمد عبد الرزاق بن محيي الدين ابن الشيخ عبد القادر الكيلاني الجيلاني وأخذ الكلام عن تقي الدين المعروف بابن المقترح والأصول بالإسكندرية عن أبي الحسن الأبياري والتصوف عن ترجمان الطريقة وسلطان أهل الحقيقة شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي صاحب عوارف المعارف، وعنه أخذ جماعة منهم الشيخ أبو عبد الله محمد بن إبراهيم القيسي السلاوي نزيل تونس. ولد بسلا سنة 581 هـ ونشأ بمراكش واستوطن الفيوم من مصر وبها توفي سنة 641 هـ[1243م].

الطبقة الرابعة عشرة

652 - القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن علي الغافقي السبني: يعرف بالتازي الإِمام الفقيه الراوية المحدث، سمع من ابن عبيد الله وأكثر عنه وابن جبير وأخذ عن أبي ذر الخشني وسمع جماعة وأجازوه منهم ابن حبيش والسهيلي وعبد المنعم بن الفرس وابن مضاء وغيرهم. توفي سنة 649 هـ[1251م]. 653 - أبو الحسن علي بن أبي نصر فتح الله: من أهل بجاية، الشيخ الفقيه العالم العابد الإِمام الزاهد مع نباهة وصلاح ووجاهة. رحل للأندلس ثم للمشرق وأخذ عن أعلام منهم ابن جبير، وعنه أخذ جماعة منهم أبو محمد بن ربيع وابن كحيلة وابن محرز. توفي سنة 652 هـ[1254م]. الطبقة الرابعة عشرة فرع مصر 654 - تقي الدين أبو الحسن علي بن عبد الله الشاذلي الشريف الحسني: العارف بالله الدال عليه العالم المحقق الواصل القطب الغوث الفرد الكامل الجليل القدر الشهير الذكر شهرته تغني عن التعريف به. أخذ عن الشيخين العارفين أبي عبد الله محمد بن حرزهم وأبي محمد عبد السلام بن مشيش بسنده المشهور عند أهل الطريقة، أما الشيخ ابن حرزهم فأخذ عن الشيخ أبي محمد صالح عن أبي مدين الغوث بسنده، وعنه من لا يعد كثرة من أهل المشرق والمغرب، وقدم تونس وأقام بها سنين وبها اشتهر أمره وعلا ذكره وله بها أتباع كثيرون واعتقده الخاص والعام ثم انتقل لمصر وبعد صيته بها، كان يحضر مجلسه بتونس ومصر أكابر العلماء كابن عصفور ومحيي الدين بن جماعة والعز بن عبد السلام وابن دقيق العيد وعبد العظيم المنذري وابن الصلاح وابن الحاجب قرأ عليه الشفاء ومحيي الدين بن سراقة والشيخ ياسين تلميذ محيي الدين بن عربي ومكين الدين الأسمر وأبي العباس المرسي وهو أجل تلامذته وأبي علي السماط وأبي العزائم ماضي ومَن لا يحصى

كثرة. كان جامعاً لجميع علوم الظاهر لا سيما علم التفسير له فيه نفس عال والحديث، أما علوم الأسرار فقطب رحاها وشمس ضحاها ومن قرأ أحزابه وأوراده علم أن الله أيده بتوفيقه. فضائله جمة ذكرت مفردة ومضافة أفردها بالتأليف ابن الصباغ وابن عياد وابن عطاء الله وغيرهم وغالب الطرق المشهورة ترجع إلى طريقته؛ وقصد الحج وتوفي في طريقه بحميثرة من صعيد مصر في شوال سنة 656 هـ[1258م]، وقبره هناك معروف متبرك به حتى الآن. مولده سنة 571 هـ. 655 - قاضي القضاة بالديار المصرية تقي الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبسى بن مروان السعدي المصري: المعروف بابن الأخنائي الفقيه الفاضل الشيخ الصالح الخير من عدول القضاة وخيارهم ومن بقية الأعيان فقهاء الزمان. سمع من أبي بكر الدمياطي وأكثر عنه وسمع بمكة من ابن عساكر وغيره عمر وأسند له تآليف وأوضاع حسنة مفيدة. توفي سنة 658 هـ[1259م]. 656 - أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر: المصري الأصل السارمساحي المولد الإسكندري المنشأ كان إماماً فقيهاً في مذهب مالك عالماً بحراً لا تدركه الدلاء رحل لبغداد سنة 633 هـ وتلقاه الخليفة المستنصر بالله بالترحيب والإقبال وقبول الآمال ألقى عليه بعض العلماء مسألة بيوع الآجال فقال: أذكر فيها ثمانين ألف وجه فاستغرب فقهاء بغداد ذلك فشرع يسردها عليهم إلى أن انتهى إلى مائتي وجه فاستطالوها واعترفوا بفضله. ألّف كتاب نظم الدرر في اختصار المدونة اختصرها على وجه غريب وأسلوب عجيب من النظم والترتيب وشرحه بشرحين وله كتاب الفوائد في الفقه وكتاب التعليق في علم الخلاف وكتاب شرح آداب النظر وله شرح الجلاب وغير ذلك. مولده سنة 589 هـ وتوفي سنة 669 هـ[1270م]. 657 - علم الدين قاضي القضاة بالإسكندربة أبو عبد الله محمد ابن الشيخ أبي الحسين بن عتيق بن الحسين بن رشيق الربعي: العالم العلامة من سادات المشايخ وفضلائهم الفهامة جمع بين العلم والعمل شيخ المالكية هو وأبوه وجده من بيت علم وعدالة وفضل وجلالة سمع من أبيه وأبي الحسن علي بن أحمد بن خيرة وأبي الحسن المقدسي وابن جبير وجماعة. سمع منه جماعة منهم أبو العباس بن محمد الظاهري والشهاب الأربلي. مولده سنة 595 هـ وتوفي سنة 680 هـ[1281م].

658 - أبو العباس أحمد بن عمر المرسي الأنصاري: الإِمام العارف بالله الكامل الولي القطب الواصل العالم العامل أخذ عن الإِمام أبي الحسن الشاذلي لازمه في الظعن والإقامة وانتفع بصحبته وورث سره وكان الخليفة بعده وعنه جماعة منهم تاج الدين بن عطاء الله والشيخ ياقوت العرشي والإمام البوصيري ناظم البردة وأبو العزائم ماضي بن سلطان وغيرهم كان له مجلس عظيم في الحقائق والمعارف والرقائق وكان تدريسه التهذيب ورسالة ابن أبي زيد والإرشاد في الأصول والمصابيح في الحديث وتفسير ابن عطية والإحياء وقوت القلوب ونوادر الترمذي الحكيم، توفي بالإسكندرية سنة 683 هـ[1284م]، وقبره هناك معروف متبرك به. 659 - قاضي القضاة ناصر الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن منصور بن أبي القاسم الجذامي الإسكندري الأبياري: المعروف بابن المنير الفقيه الأريب الإِمام الخطيب المتبحر في كثير من العلوم العلامة النظار المقرئ المحدث المفسر الفهامة سمع من أبيه وأبي بكر عبد الوهاب الطوسي وتفقه بجماعة منهم جمال الدين بن الحاجب وأجازه بالإفتاء وعنه أخذ جماعة منهم ابن راشد القفصي له تآليف حسنة مفيدة منها تفسير سماه البحر الكبير في نخب التفسير والانتصاف من الكشاف والمقتفى في آيات الأسرى كتاب نفيس للغاية واختصار التهذيب وهو من أحسن مختصراته وله على تراجم البخاري مناسبات وديوان خطب بديع وشعر لطيف وكان العز بن عبد السلام يقول: مصر تفتخر برجلين في طرفيها ابن المنير بالإسكندرية وابن دقيق العيد بقوص. مولده سنة 620 هـ وتوفي في ربيع الأول سنة 683 هـ[1284 م]، ودفن بتربة والده. 660 - أخوه قاضي القضاة زين الدين أبو الحسن علي بن محمد بن المنير: الإِمام الفقيه النظار المحدث الراوية العالم المتفنن البحر الذي لا تدركه الدلاء تولى القضاء بعد أخيه الناصر وعنه أخذ وعن ابن الحاجب وبعضهم يفضله على أخيه المذكور وله أهلية الترجيح والاجتهاد في المذهب وعنه أخذ جماعة منهم

ابن أخيه عبد الواحد والعبدري له شرح على البخاري في عدة أسفار لم يعمل عليه مثله وحواش على شرح ابن البطال وشرح على خصوص التراجم وضياء المتلالي في تعقب إحياء الغزالي، توفي في ذي الحجة سنة 695 هـ[1295م]. 661 - شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس القرافي الصنهاجي المصري: الإِمام العلامة الحافظ الفهامة وحيد دهره وفريد عصره المؤلف المتفنن شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ ومصنفاته شاهدة له بالبراعة والفضل والبراعة أخذ عن جمال الدين بن الحاجب والعز بن عبد السلام وشرف الدين الفاكهاني وأبي عبد الله البقوري ألّف التآليف البديعة البارعة منها التنقيح في أصول الفقه مقدمة للذخيرة وشرحه كتاب مفيد والذخيرة من أجل كتب المالكية والفروق والقواعد لم يسبق إلى مثله ولا أتى واحد بعده بشبهه والعقد المنظوم في الخصوص والعموم وشرح التهذيب وشرح الجلاب وشرح فصول الإِمام الرازي والتعليقات على المنتخب والأجوبة الفاخرة على الأسئلة الفاجرة في الرد على أهل الكتاب والأمنية في إدراك النية والاستغناء في أحكام الاستثناء والأحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام به فوائد غزيرة وشرح لأربعين لعز الدين الرازي في أصول الدين وكتاب الانتقاد في الاعتقاد وكتاب الأدعية وما يجوز منها وما يكره وغير ذلك. توفي في جمادى الآخرة سنة 684 هـ[1285م]. 662 - أبو حفص عمر بن فراج الكندي الأسكندري: كان من أعلام العلماء والأئمة المتفننين الفضلاء أخذ عن أعلام منهم الناصر الأبياري عن ابن الحاجب عن أبي محمد عبد الكريم بن عطاء الله وعنه أئمة منهم القاضي فخر الدين بن المخلطة. لم أقف على وفاته. 663 - أبو الفتح محمد ابن الأمام أبي الحسن علي بن أبي العطاء: المعروف بتقي الدين بن دقيق العيد المالكي الشافعي الإِمام المفتي في المذهبين الفقيه الأصولي العالم المفرد بمعرفة العلوم في زمانه والرسوخ فيها اشتغل بمذهب مالك ثم بمذهب الشافعي سمع كثيراً من شيوخ الحجاز ودمشق والشام ومصر وغيرها، سمع من والده وحدّث وسمع منه الناس منهم أبو يحيى بن جماعة الهواري

فرع إفريقية

التونسي له تآليف منها شرح قطعة من مختصر ابن الحاجب الفرعي وصل فيه باب الحج وشرح العمدة في الأحكام أبان فيه عن علم واسع وذهن ثاقب ورسوخ في العلم والإلمام في أحاديث الأحكام وشرحه لم يتم والاقتراح في بيان الإصلاح وما أضيف إلى ذلك من الأحاديث الصحاح وله ديوان خطب وأربعون حديثاً سباعية ولي قضاء الشافعية في الديار المصرية. مولده سنة 625 هـ وتوفي سنة 702 هـ[1302م]، ودفن بالقرافة ووالده مجد الدين الفاضل شيخ المالكية في وقته، توفي سنة 667 هـ عن 86 سنة، روى عن المفضل أبي الحسن المقدسي. فرع إفريقية 664 - أبو زيد عبد الرحمن بن علي التوزوي: عرف بابن الصائغ الإِمام الفقيه العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم أخذ عن أعلام وتولى قضاء الجماعة بتونس عوض ابن نفيس سنة 646 هـ ثم صرف عنها وتولى عوضه أبو القاسم بن البراء سنة 647 هـ، لم أقف على وفاته، توفي سنة 659 هـ[1260م]. 665 - أبو العباس أحمد بن عثمان اللياني: نسبة لقرية من قرى المهدية الفقيه الأديب الشاعر الكاتب البليغ الماهر العالم الجليل المحصل المجتهد تفقه على أبي زكرياء البرقي وتعلقت همته بالأدب والفقه حتى صار مشاراً إليه في ذلك ووضع تقييداً على المدونة والتلقين ثم تهافت على الخطط المخزنية وساعده السعد فهيا ثم أمر الأمير بالقبض عليه وسجنه في خبر طويل إلى أن توفي سنة 659 هـ[1260م]. 666 - أبو عمرو عثمان بن عتيق بن عثمان القيسي المهدوي: المعروف بابن عريبة أحد العلماء الأعلام وأئمة الإِسلام كان حافظاً للحديث مقدماً في علوم الأدب فحلاً من فحول الشعراء أخذ عن الإِمام البرقي وغيره له تصانيف مفيدة منها كتاب فوائد الكلم النبوية على صاحبها أزكى التحية وكتاب الزهرة في مسند العشرة وكتاب آثار السِّحابة في آثار الصَّحابة وكتاب سنن القوم في آداب الليلة واليوم وكتاب المستوفى في أحاديث المصطفى وديوان نظمه المسمى بقصائد المدح ومصائد المنح وغير ذلك وله تخميس نفيس على الشقراطسية وكان من نظراء ابن

الأبار ومن خواص الأمير أبي زكرياء الحفصي وله من قصيدة مدح بها أبا زكرياء المذكور متشوقاً إلى المهدية والمنستير: ذكرت حجة والذكرى تهيج لي ... وأين حجة مني والمنستير وما مناي لياليها التي سلفت ... وما مناي محانيها المعاطير لكن بها رحم مجفوة يئست ... من أن تقربني منها المقادير مولده بالمهدية سنة 600 هـ وتوفي بتبرسق سنة 659 هـ[1260م] ودفن بجبل الرحمة. 667 - وله ولد يسمى عتيقاً ويكنى أبا يحيى: برع في الأدب وتقدم في بسط مسائل الفقه وتوجه للمشرق فتخطى هناك وله شعر حسن وجاور بمكة إلى أن توفي بها, لم أقف على وفاته. 668 - القاضي أبو موسى عمران بن موسى بن معمر الطرابلسي: الإِمام العالم الفقيه الحافظ للمذهب العارف بالمسائل البصير بالأحكام أخذ عن أبي زكرياء البرقي وغيره وعنه أبو فارس عبد العزيز بن عبد العظيم الطرابلسي وغيره ولي قضاء طرابلس والإمامة والخطابة بجامعها ثم نقل إلى حاضرة تونس وتولى قضاءها سنة 657 هـ وتوفي بها وهو يتولاه سنة 660 هـ[1261م]. 669 - أخوه أبو علي بن موسى: الفقيه العالم المتفنن الكاتب البارع الأديب الماهر أخذ عن أبي زكرياء البرقي ولازمه واختص به والتحق معه بالاستدعاء إلى حاضرة تونس ثم ولي القضاء في مواضع من إفريقية ثم ولي خطة العلامة الكبرى والنظر في خزانة الكتب وكانت ثلاثين ألف سفر مولده بطرابلس سنة 609 هـ وتوفي بتونس سنة 683 هـ[1284م]. 670 - أبو عبد الله محمد بن عبد الجبار الرعيني السوسي: الفقيه العالم المتفنن ملحق الأبناء بالآباء لقدم مولده أخذ عن القاضي أبي يحيى بن الحداد تلميذ الإِمام المازري وغيره وعنه ابن بزيزة وغيره مولده سنة 567 هـ وتوفي بتونس في في القعدة سنة 662 هـ[1263م]. 671 - أبو محمد عبد العزيز بن إبراهيم القرشي التميمي التونسي: عرف

بابن بزيزة الإِمام العلامة المحصل المحقق الفهامة الحافظ للفقه والحديث والشعر والأدب الحبر الصوفي من أعيان أئمة المذهب اعتمده خليل في التشهير. كان في درجة الاجتهاد. تفقه بأبي عبد الله الرعيني السويسي وأبي محمد البرجيني والقاضي أبي القاسم بن البراء وغيرهم له تآليف منها الإسعاد في شرح الإرشاد وشرح الأحكام الصغرى لعبد الحق الإشبيلي وشرح التلقين وشرح الأسماء الحسنى وشرح العقيدة البرهانية وله كتاب منهاج العارف إلى روح المعارف ومختصره وإيضاح السبيل وتفسير جمع فيه بين تفسيري ابن عطية والزمخشري، مولده بتونس في المحرم سنة 606 هـ وتوفي في ربيع الأول سنة 662 هـ أو 663 هـ[1264م]، ودفن بمقبرة سيدي محرز. 672 - أبو مروان عبد الملك بن عبد الله بن عوانة الشريف القيرواني: الفقيه الصالح العالم الثقة المتفنن أحد رجال الكمال أخذ عن أعلام وعنه حفيده إبراهيم بن يوسف توفي في ذي الحجة سنة 676 هـ[1277م]. 673 - قاضي الجماعة أبو القاسم بن علي بن عبد العزيز بن البراء التنوخي المهدوي: الإِمام الهمام أحد علماء الإِسلام والحافظ المشارك في أنواع العلوم إليه انتهت رياسة العلم. أخذ عن مشايخ بلده ثم رحل للمشرق سنة 622 هـ فسمع بالحرمين الشريفين والقاهرة والإسكندرية من جماعة ذكرهم في جزء خاص منهم جعفر بن أبي الحسين الهمداني والحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي وأجازاه إجازة عامة منها ثلاثيات البخاري. وعنه أبو عبد الله بن الجبار وغيره مولده بالمهدية في حدود سنة 580 هـ وتوفي بتونس سنة 677 هـ[1278م]، وفي رحلة التجاني وكفى المهدية فخراً عالماها وصالحاها أبو القاسم بن البراء وأبو عبد الله بن الخباز وبعدما أطال الثناء عليهما وأطاب قال ما ملخصه: ومن شعراء المهدية وعلمائها الذين حدثنا أشياخنا عنهم: 674 - أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عثمان الزناتي: المعروف بالحنفي ولد بها وهو من أعيانها وارتحل للمشرق فدرس بدمشق مدة ثم انتقل للموصل فانتحل مذهب أبي حنيفة واشتغل به حتى صار إماماً فيه واشتهر بالنسبة إليه بالحنفي فلا يعرف بإفريقية إلا بذلك ولم يكن في تلك الأعصر كلها ببلاد إفريقية حنفي ولما

رجع من المشرق لزم المنستير المتعبد المشهور بالفضل تحت جراية من الأمير أبي زكرياء الحفصي وكان له به حسن ملاقاة وحدث عنه أشياخنا الذين أخذوا عنه منهم أبو يحيى بن عبد الكريم الصدفي وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم القيسي الأزدي وأبو زيد عبد الرحمن الأسيدي المعروف بابن الدباغ سنة 628 هـ بأحاديث مسلسلة منها حديث "الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء" وحديث أنس في المصافحة وحديث ابن مسعود في التشهد وأحاديث آخر من مسلسلات أبي الحسن علي المقدسي وكانت وفاته في صفر سنة 655 هـ قلت: لعله المقبور داخل المنستير على قبره قبة يعرف بأبي بكر الحنفي ومكتوب بالتابوت الذي على قبره محمد شهر أبو بكر الحنفي معروف عند الأهالي بإجابة السماء عنده وجرى العمل قديماً وحديثاً أن الخصماء إذا عجز أحدهم عن إثبات دعواه يطلب يمين خصمه ويطلب وقوعها بالضريح المذكور تغليظاً ويمكّن من ذلك. 675 - أبو عبد الله محمد بن علي المصري التوزري: المعروف بابن الشباط أحد أعلام العلماء وصدور القضاة الفضلاء له معارف جمة وتآليف مفيدة أخذ عن أعلام وعنه أبو عبد الله محمد بن حيان الشاطبي وغيره له شرح على التخميس الذي خمس به الشقراطسية في مجلدات مولده بتوزر سنة 616 هـ وتوفي سنة 681 هـ[1282م]. 676 - القاضي أبو زيد عبد الرحمن بن نفيس: الإِمام الفقيه الفاضل الشيخ الصالح العالم العامل القاضي العادل تولى قضاء الجماعة سنة 640 هـ ثم صرف عنها سنة 646 هـ وتولى مكانه أبو زيد التوزري، توفي سنة 682 هـ[1283م]. 677 - أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الخباز اللواتي المهدوي: الفقيه العمدة الإِمام القدوة الشيخ الكامل القاضي العادل كان أوحد أهل زمانه ديناً وعلماً وفضلاً، تفقه على أبي زكرياء البرقي وأخذ عن أبي القاسم بن البراء ثم رحل للمشرق وحج ودخل بغداد وأخذ عن جماعة قرأ الحاصل على مؤلفه تاج الدين أبي عبد الله الأرموي ثم آب بعلم جم فدرس وأفتى ببلده ثم نقل للحاضرة فتقلد قضاء الجماعة سنة 660 هـ ثم صرف عنها سنة 663 هـ وعوض بأبي العباس الغماز ثم رد إليه سنة 667 هـ وكانت ولادته بالمهدية سنة 600 هـ وتوفي بتونس سنة 683 هـ[1284م].

678 - القاضي أبو محمد عبد الحميد بن أبي البركات بن عمران بن أبي الدنيا الصدفي الطرابلسي: الإِمام الفقيه العمدة الأصولي العالم المتفنن القدوة تفقه ببلده بابن الصابوني ورحل للمشرق مرتين الأولى سنة 624 هـ والثانية سنة 633 هـ فأخذ بالإسكندرية عن الإِمام عبد الكريم بن عطاء الله الجذامي وشيخ القراء عبد الصمد الصفراوي وقاضي الجماعة بالإسكندرية جمال الدين بن فائد الربعي وعز الدين بن عبد السلام ثم قدم تونس وتولى الخطط النبيهة بها منها قضاء الأنكحة ثم قضاء الجماعة سنة 671 هـ ثم صرف عنها وتولى عوضه أبو القاسم بن زيتون. أخذ عنه جماعة منهم أبو فارس عبد العزيز بن عبد العظيم الطرابلسي وابن قداح وأبو العباس الغبريني وابن جماعة. له تآليف منها العقيدة الدينية وشرحها جلاء الالتباس وكتاب في الجهاد وله الشعر الجيد. مولده بطرابلس سنة 606 هـ وتوفي بتونس في ربيع الأول سنة 684 هـ[1285م]. 679 - القاسم بن حماد بن أبي بكر الحضرمي اللبيدي التونسي: الشيخ الإِمام العالم الجليل الفاضل صالح العلماء وعالم الصلحاء. روى عن أبي زكرياء البرقي البخاريَّ ومسلماً. اجتمع به العبدري سنة 688 هـ وأثنى عليه طويلاً في رحلته وقال إن التسعين أنهكت قواه. مولده سنة 600 هـ. 680 - أبو يعقوب يوسف بن علي بن عبد الملك بن الصماط البكري المهدوي: الفقيه الأريب العالم العامل الأديب الشاعر الشيخ الفاضل. أخذ عن أبي زكرياء البرقي وغيره وكان شعره جيداً رائقاً قصره على مدح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يوجد له في غير ذلك شعر إلا التافه النزر الذي قاله في حال صباه ويذكر أن أخاه الشيخ الصالح العارف بالله الولي الكامل: 681 - أبا علي يونس: أخبره أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم فسأله عن حال أخيه صاحب الترجمة وكساه حلة قال التجاني وهو عالي الطبقة في الشعر جداً

وشعره مدوّن مشهور وقد أخبرني بجميعه الشيخ الفقيه أبو محمد بن فائد الكلاعي بقراءتي عليه قال: سمعته يقرأ على ناظمه وبعدما أطال الثناء عليه ختم رحلته بقصائد في المديح من نظمه. وكانت وفاته بالمهدية سنة 690 هـ[1291م]، مولده سنة 623 هـ. قلت: والشيخ أبو علي المذكور وصاحبه الشيخ عبد الغني المزوغي كانا من أصحاب الإِمام الشاذلي ومن أعيان الفضلاء الصلحاء وفي المفاخر العلية ومن أصحاب أبي الحسن الشاذلي أبو علي يونس المذكور وسافرا معاً إلى المشرق وتعرض لذكر أبي علي وعبد الغني المذكور الشيخ مقديش في تاريخه وأثنى عليهما. قلت: وضريحهما بمقامهما المشهور بمقبرة المنستير مزار متبرك به وفي رسالة للشيخ حسن الهدة مفتي سوسة كان ضريحهما قرب شاطئ البحر ولما خشي عليهما منه نقلا إلى مقامهما المذكور أواخر القرن الثاني عشر وكان هو المتولي لنقلهما بالإذن من أمير الوقت. 682 - قاضي الجمعة تقي الدين أبو القاسم بن أبي بكر بن مسافر اليمني التونسي: ويقال أبو أحمد المعروف بابن زيتون، القاضي العادل العالم الكامل مفتي إفريقية وقطب أصولها وفروعها المرجوع إليه في أحكامها، تفقه بأبي عبد الله السوسي الرعيني وأبي القاسم بن البراء تولى القضاء مرتين ورحل للمشرق مرتين الأولى سنة 648 هـ أخذ فيها عن أعلام منهم سراج الدين الأرموي والعز بن عبد السلام والحافظ المنذري والشرق المرسي والرشيد العطار وعبد الغني بن سليمان وأجازوه والفخر بن الخطيب وأتى بتعاليم المشرق. والثانية سنة 656 هـ ثم رجع لتونس. له رواية واسعة، ترجم له ابن رشيد والعبدري في رحلتيهما وأثنيا عليه كثيراً وكان يرى ادخار العامين بتونس لا ينافى التوكل لفساد أعرابها وقلة المطر بها. موله سنة 621 هـ وتوفي سنة 691 هـ[1291م]. 683 - أبو زيد عبد الرحمن بن عبد السلام الأسيدي الأنصاري القيرواني: من ولد سعد بن حضير رضي الله عنه يعرف بابن الدباغ الفقيه في العلوم عقليها

فرع الأندلس

ونقليها المحدث الراوية المؤرخ، ذكره العبدري في رحلته الواقعة سنة 688 هـ وأثنى عليه طويلاً وقال: لم نجد بالقيروان من يعتبر وجوده عداه وأجازه إجازة عامة. أخذ صاحب الترجمة عن أعلام منهم والده وأبو عبد الله المعروف بالحنفي وتقدمت الإشارة إلى ذلك في ترجمة أبي عبد الله المذكور وعن أبي عمر وعثمان بن سفيان المعروف بابن شقر وهو عن أبي الحسن المقدسي المسلسلات وغيرها وعن ابن جبير وأخذ أيضاً عن أبي العباس أحمد البطرني عن أبي عمرو المذكور وأخذ أيضاً عن أبي المكارم محمد بن أحمد بن يوسف بن موسى، له برنام في شيوخه وهم أكثر من ثمانين شيخاً وله معالم الإيمان في طبقات من دخل القيروان. مولده سنة 605 هـ وتوفي سنة 699 هـ[1299 م]. 684 - وفيها أي سنة 99 هـ توفي الشيخ الصالح العالم العامل المعتقد عند العامة والخاصة أبو محمد المرجاني التونسي. فرع الأندلس 685 - أبو عبد الله محمد بن محمد المعروف بابن الجيان الأنصاري: من أهل المرية، الإِمام المحدّث الراوية فريد الزمان الكاتب البليغ مع جودة الذهن والحفظ والإتقان، روى عن أبي بكر بن خطاب وأبي الحسن سهل بن مالك وابن قطرال وأبي الربيع الكلاعي والشلوبين وغيرهم وهو في الكتابة من نظراء ابن عميرة وبينهما تراسل كثير بما يعجز عنه الكثير من الفصحاء ولا يصل إليه إلا القليل من البلغاء ونظمه ونثره كثير كله رائق في الزهد والوعظ والنبويات نوّه بشأنه في نفح الطيب وأكثر من النقل عنه. توفي ببجاية في سنة 650 هـ[1252 م]. 686 - أبو بكر أحمد بن عبد الله بن الحسن الأنصاري المالقي: المدعو بحميد وهو والد الأستاذ أبي محمد بن القرطبي، الإِمام الجليل الأريب العالم المحدّث الحافظ. روى عن أبي الحسن الشارقي وأكثر عنه والشلوبين وأبي الخطاب بن واجب وأبي محمد بن عطية وأبي عبد الله بن علي بن عسكر وأجاز له

جماعة من أهل المشرق والمغرب منهم أبو عمر بن الصلاح. روى عنه جلة منهم أبو إسحاق البلفيقي وأبو جعفر بن الزبير. مولده سنة 607 هـ وتوفي بمصر سنة 152 هـ[1254م] وحضر جنازته السلطان فمن دونه متبركين به. 687 - أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الزهري: يعرف بابن محرز البلنسي الفقيه المحدّث العالم المتفنن اللغوي الضابط التاريخي الأريب اللافظ مع مكارم هو أولى بها وأحق أخذ عن جلة منهم والده وخالاه أبو بكر وأبو عامر ولدا أبي الحسن بن هذيل وأبو عبد الله بن نوح وأبو العطاء وهب بن لب بن نذير وأبو الخطاب بن واجب وأبو محمد بن حوط الله وأجاز له أبو جعفر بن مضاء وأبو الحسن المقدسي وجماعة من أهل المشرق والمغرب استوطن بجاية وكان يجتمع بمنزله أعلام وهو شيخ الجماعة وكبيرهم منهم ابن الأبار وابن عميرة وابن سيد الناس وابن الجيان وأخذوا عنه، له تقييد على التلقين وتقارير كثيرة في فنون. مولده سنة 561 هـ وتوفي سنة 655 هـ[1257م] وصلّى عليه تلميذه أبو الحجاج بن أيوب. 688 - ضياء الدين أبو العباس أحمد بن عمر الأنصاري الأندلسي القرطبي: يعرف بابن المزين الإِمام العمدة العلامة الفقيه المحدّث المتفنن الفهّامة. سمع من أبي القاسم بن عبد الرحمن بن ملجوم وأبي عبد الله محمد التجيبي التلمساني وأبي محمد عبد الله بن حوط الله وعبد الحق الإشبيلي وأبي الأصبغ بن الدباغ وأبي محمد قاسم بن فيرة الشاطبي رحل لمكة والقدس والإسكندرية ومصر وغيرها وحصل له شأن عظيم، وعنه أخذ أئمة منهم الحافظ أبو الحسن بن يحيى القرشي والقاضي أبو الحسن اليحصبي وأبو عبد الله بن فرح القرطبي صاحب التذكرة وشرف الدين الدمياطي، له تآليف منها شرح صحيح مسلم سماه المفهم أحسن فيه وأجاد مولده بقرطبة سنة 578 هـ وتوفي بالإسكندرية سنة 656 هـ[1258 م]. 689 - أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله: يعرف بابن سيد الناس

الإشبيلي الإِمام الفقيه الأديب المحدّث الراوية الحافظ الخطيب. يذكر أنه كان استظهر ستة آلاف حديث بأسانيدها، أخذ عن والده أبي العباس أحمد وأبي الحسن بن خروف وأبي الحسن بن جبير وغيرهم وأجازه أعلام من أهل المشرق والمغرب؛ وعنه أخذ أعلام منهم أخوه أبو الحسن وأبو جعفر بن الزبير والقاضي المعروف بابن بكر أطال الثناء عليه أبو العباس الغبريني في عنوان الدراية. توفي بتونس سنة سبع أو تسع وخمسين وستمائة [1260م]. 690 - أبو محمد يوسف بن ياسين: الإِمام الفقيه العالم الجليل الفاضل توفي سنة 657 هـ[1258م] بتونس وفي السنة قبلها نزل الفرنسيس قرطاجنة وبعد إقامته ستة أشهر توفي أميرهم ووقع صلح كتب على يد القاضي ابن زيتون في خبر طويل الذيل. 691 - القاضي أبو المطرف أحمد بن عبد الله بن عميرة المخزومي البلنسي: الإِمام قدوة الفقهاء وعمدة العلماء النبهاء المتفنن في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم الشديد العناية بشأن الرواية الكثير السماع للحديث وأخذه عن مشايخ أهله. روى عن أبي الخطاب بن واجب وأبي الربيع والكلاعي وابن نوح والشلوبين وابن عات وابن حوط الله وغيرهم وعنه جماعة منهم ابنه أبو القاسم وابن الأبار وأبو إسحاق المعروف بالتلمساني وأبو جعفر بن الزبير، تولى قضاء سلا ثم مكناسة ثم تبسة ثم توجه لإفريقية وتولى قضاء الأربس ثم قابس ثم صار من أعيان رجال دولة الأمير أبي عبد الله المنتصر ومال أخيراً إلى صحبة الصالحين والزهّاد وله الشعر الرائق والنثر البليغ الفائق ومن ذلك قصيدته التي تقدمت الإشارة إليها في ترجمة سيدنا أبي لبابة رضي الله عنه وراسلته في وصف قابس وتأليف في كائنة ميورقة وتغلب الروم عليها وتأليف تعقب فيه كتاب المعالم للفخر الرازي وكتاب رد فيه على كمال الدين الأنصاري وهو التبيان في علم اللسان سماه التنبيهات على ما في التبيان من التمويهات وله اختصار نبيل من تاريخ صاحب الصلة ورسائل بديعة خاطب فيها الملوك وغيرهم وغير ذلك. مولده بجزيرة شقر سنة 582 هـ وتوفي بتونس في ذي الحجة سنة 658 هـ أو سنة 659 هـ[1260 م].

692 - وابنه أبو القاسم بن عميرة: المتوفى سنة 709 هـ[1309 م] كان فقيهاً أديباً من فضلاء الكتاب الشعراء ممن حذا حذو أبيه وزيادة. 693 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي البلنسي: عرف بابن الأبار الإِمام الحافظ النظار الراوية المتبحر في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم، كتب بإشبيلية ولما نزلها الطاغية قدم تونس على أميرها أبي زكرياء الحفصي مستصرخاً منشداً قصيدته السينية المشهورة التي أولها "أدرك بخيلك خيل الله أندلسا" كان بعض أهل عصره ممن يعاديه انتقد عليه في قصيدته هاته وانتصر له أبو إسحاق التجاني بكتابه مؤازرة الوافد ومبارزة الناقد في الانتصار لابن الأبار واستوطن بتونس مترشحاً للعلامة السلطانية. أخذ عن أعلام منهم والده وأبو عبد الله بن نوح وأبو الخطاب بن واجب وأبو سليمان بن حوط الله وأبو الربيع الكلاعي صحبه أكثر من عشرين سنة وأبو المطرف بن عميرة وابن غبلون وابن محرز وغيرهم مما هو كثير وأجازه جماعة من أهل المشرق والمغرب ومن اعتنائه بالرواية أنه لا يكاد كتاب من الكتب الموضوعة في الإِسلام إلا وله فيه رواية إمام بعموم أو بخصوص وذكر صاحب نفح الطيب رجال سنده إليه وعنه أخذ جماعة منهم ابن رشيد وأثنى عليه في رحلته وأبو عبد الله التجاني قريب صاحب الرحلة وأجازه وهذا العالم لا ينكر فضله ولا يجهل نبله. ألّف التآليف البديعة وهي نحو الخمسة وأربعين أخذت فأحرقت في موضع قتله منها معادن اللجين في مراثي الحسين ولو لم يكن له من التأليف إلا هو لكفاه في علو درجته في العلوم وسمو رتبته وكتاب في منتخب الأشعار سماه قطع الرياض وتكملة صلة ابن بشكوال وهداية المعترف في المؤتلف والمختلف وكتاب التاريخ وهو الحلة السيارة في أخبار المغرب والمعجم في أصحاب أبي علي الصدفي وفيه 315 ترجمة لطائفة من علماء الأندلس وغير ذلك. قال في نفح الطيب: ولابن الأبار ترجمة واسعة ذكرتها في أزهار الرياض. مولده ببلنسية سنة 595 هـ وقتل ظلماً بالرماح في المحرم سنة 658 هـ[1259 م] بتونس ثم أحرق شلوه وكتبه في خبر يطول جلبه.

694 - أبو محمد عبد الحق بن برطلة الأزدي: من أهل مرسية وبيته عريق في العلم والعدالة والفضل والجلالة، العالم العلامة الإِمام المحدّث الراولة الفهّامة، أخذ عن أبي إسحاق المعروف بابن المرأة وأبي عمر بن عات والقاضي أبي الربيع الكلاعي وأبي محمد وأبي سليمان ابني حوط الله وغيرهم. مولده في حيز سنة 580 هـ وتوفي بتونس سنة 661هـ[1262م] وكانت جنازته مشهودة وهو الحامل لبيعة أهل مكة شرّفها الله لأمير تونس أبي عبد الله المنتصر الحفصي على يد الشيخ أبي محمد عبد الحق بن سبعين ومن إنشائه وصل بها تونس سنة 657 هـ وقرأها في ملأ من الناس بجامع الزيتونة القاضي ابن البراء وأنشد بعضهم: اهنأ أمير المؤمنين ببيعة ... وافتك بالإقبال والإسعاد فلقد حباك بملكه رب الورى ... فأتى يبشر بافتتاح بلاد وإذا أتت أم القرى منقادة ... فمن المبرة طاعة الأولاد 695 - والشيخ ابن سبعين: المذكور العالم الصوفي الشهير الذكر توفي بمكة المشرفة في شوال سنة 667 هـ[1268 م]. 696 - وتلميذه المشهور علماً وحالاً من سادات الصوفية أبو الحسن علي الششتري: توفي بالطينة من عمالة القدس سنة 668 هـ[1269 م] قال الشيخ زروق: رمى جماعة بالقول بالحلول والظهور مع أنه كفر كالحلاج والعفيف التلمساني والششتري وابن عربي وابن الفارض وابن سبعين وآخرين والظن فيهم البراءة مما رموا به ولكن ضاقت عليهم العبارة عن حقائق تصريح العلم فأدت بظاهرها ما يتوهم أنهم برآء هذا معتقدنا وعند الله الموعد وممن بالغ في الحط عليهم وكفرهم الشيخ برهان الدين البقاعي في تأليف له في ابن الفارض وعند الله تجتمع الخصوم انتهى نيل الابتهاج وفيه سئل الشيخ القوري عن ابن عربي فقال: اختلف الناس بين مكفر ومقطب والأولى الوقوف.

697 - أبو الحسن علي بن موسى الحضرمي: المعروف بابن عصفور، الإِمام العلامة الأستاذ النحوي الفهّامة. أخذ عن أبي علي الشلوبين وغيره وعنه جلة من أفاضل تونس وغيرها. ألّف التآليف المفيدة منها المغرب والممتع في التصريف قلما تخلو مسائله من كتاب وكان أبو حيان يثني عليه كثيراً. توفي سنة 669 هـ[1270 م] بسبب إلقائه في جابية ماء بإغراء من بعض أمراء تونس في حكايته ذكرها المؤرخون وقبره معروف بها داخل تونس. مولده سنة 597 هـ. 698 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح: بفتح الفاء وسكون الراء الأنصاري القرطبي العالم الإِمام الجليل الفاضل الفقيه المفسر المحصل المحدث المتفنن الكامل كان من عباد الله الصالحين والعلماء العاملين. أخذ عن أبي العباس القرطبي وغيره، له تفسير كبير في اثني عشر مجلداً وهو من أجلّ التفاسير وأعظمها نفعاً أسقط منه القصص والتواريخ وأثبت أحكام القرآن واستنباط الأدلة وذكر القراءات والإعراب والناسخ والمنسوخ وله شرح الأسماء الحسنى والتذكار في فضل الأذكار وضعه على طريقة التبيان للنووي ولكن هذا أتم منه وأكثر علماً والتذكرة في أحوال الآخرة في مجلدين كتاب ليس له مثيل في بابه وله أرجوزة جمع فيها أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - وله تآليف وتعاليق مفيدة في غير ما ذكر. توفي في شوال سنة 671 هـ[1272 م]. 699 - أبو الحسن حازم بن محمد الغرناطي: حازم وما أدراك من حازم، العالم الأديب الألمعي الأريب الفقيه اللغوي المتفنن الماهر الخطيب الشاعر. أخذ عن الشلوبين وغيره، وعنه جماعة منهم ابن رشيد والعبدري وأثنيا عليه في رحلتيهما وكان هو والحافظ ابن الأبار فرسي رهان في ميدان الأدب غير أن ابن الأبار يفوقه بكثرة الرواية. قدم تونس ومدح أميرها المستنصر بالله بمقصورته المشهورة ومدحه أيضاً بقصيدته الطائية المدرجة في نفح الطيب وأخذ عنه أعلام منهم ابن رشيد. له تآليف منها سراج البلغاء في البلاغة. مولده سنة 608 هـ وتوفي بتونس سنة 684 هـ[1285م] وفي أزهار الرياض الكثير من نظمه الرائق.

700 - نور الدين أبو الحسن علي ابن العالم موسى ابن الوزير الشهير محمد ابن الوزير الشائع الصيت عبد الملك بن سعيد الغرناطي: ينتهي نسبه إلى سيدنا عمار بن ياسر رضي الله عنه ويعرف بابن سعيد الشهير الذكر في المغارب والمشارق المحلى بجواهر صدور المهارق العالم المؤلف الأريب الرحال الإخباري العجيب آية الزمان في الحفظ والإتقان ومداخلة الأعيان والمتمتع بالخزائن العلمية وتقييد الفوائد المشرقية والمغربية واسطة عقد بيته ودرة قومه. أخذ عن أئمة كأبي علي الشلوبين وأبي الحسن الدباج وابن عصفور وغيرهم، وله رحلتان منهما رحلة مع أبيه للمشرق ودخل مصر والحجاز ودمشق وبغداد وحلب، والثانية كانت سنة 666 هـ والثالث عليه الدنيا والخلع الملوكية ولقي في رحلتيه أعلاماً وأخذ عنهم ثم رجع لتونس واتصل بخدمة صاحبها الأمير المستنصر فنال الدرجة الرفيعة من حظوته. تآليفه كثيرة بديعة منها عيون المستنجز وعقلة المستوفز والمرقصات والمطربات عزيز الوجود والمقتطف أعجب وأغرب والطالع السعيد في تاريخ بني سعيد والموضوعان الغريبان المتعدد الأسفار وهو المغرب في حلي المغرب والمشرق في حلي المشرق وتقدم أن جده عبد الملك هو الذي ابتدأ هذا الكتاب ثم تممه ابنه محمد ثم ابنه موسى ثم أربى على الكل فتممه أبو الحسن المذكور، وله من التأليف أيضاً النفحة المسكية في الرحلة المكية والرزمة يشتمل على وقر بعير من رزم الكراريس لا يعلم ما فيه من الفوائد الأدبية والإخبارية إلا الله عَزَّ وجل. مولده بغرناطة سنة 610 هـ وتوفي بتونس سنة 685 هـ[1286م] وفي كشف الظنون مغرب في محاسن حلي أهل المغرب في نحو خمسة عشر مجلداً لأبي الحسن علي بن موسى بن سعيد العرناطي المؤرخ المتوفى سنة 673 هـ ألّفه لمحيي الدين محمد بن محمد الصاحب بن بذي الجزري وذكره في أوله وذكر في قصة أن المغرب والمشرق كتابان وهما في مائة وخمسين سفراً صنفهما في مائة وخمس عشرة سنة جماعة من أهل الاعتناء بالأدب خاتمتهم ابن سعيد نفسه وذكر علي القارئ في طبقاته أنه لأحمد بن علي بن سعيد العبسي وأنه ستون مجلداً وهو وهم. انتهى. 701 - وابن عمه الأعلى الرئيس العالم ذو الفضائل الجمة أبو عبد الله محمد بن الحسين بن سعيد: قال في نفح الطيب: اشتمل عليه ملك إفريقية اشتمال المقلة على انسائها ثم حكى الأسباب التي أوجبت تغيير الحال بينه وبين ابن عمه نورالدين المذكور ورحل من أجل ذلك للمشرق وتوفي بدمشق سنة 673 هـ[1274م].

702 - أبو جعفر أحمد بن أبي الحجاج يوسف بن علي الفهري اللبلي: نسبة لبلد تعرف بلبلة من أعمال إشبيلية، الفقيه الأريب الأستاذ المتفنن النحوي التاريخي اللغوي المحقق المتقن، كان من أساتذة إفريقية. أخذ عن أبي علي الشلوبين وأبي إسحاق البطليوسي، عرف بالأعلم وأبي محمد عبد الله بن لب وغيرهم. رحل للمشرق وأخذ عن أئمة كشمس الدين الخراساني ورشيد الدين بن العطار ثم رجع لتونس واشتغل بالإقراء إلى أن مات، وأخذ عنه جلة. له تآليف منها رفع التلبيس على حقيقة التجنيس وبغية الآمال في معرفة النطق بجميع مستقبلات الأفعال ولباب تحفة المجد الصريح في شرح كتاب الفصيح وله العقيدة الفهرية وفهرسة وتآليف في الأذكار وشرح الجمل سماه وشي الحلل ذكر الشيخ أبو الطيب علوان عن والده الشهير بالمصري أنه لما أتم هذا الشرح دفعه للأمير المستنصر بالله وهو دفعه للأستاذ حازم لتعقبه وبعد التأمل أشار سراً على مؤلفه بإصلاح ما لزم إصلاحه فأصلحه وتم بذلك غرضه. مولده بلبلة سنة 613 هـ وتوفي بتونس سنة 691 هـ[1291م]. 703 - أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الخزرجي: الشاطبي الفقيه القاضي العدل الصدر المحصل العالم المتفنن الأمجد من بيت علم وقضاء وسؤدد تولى قضاء بجاية ثم تونس فاشتهرت فضائله ومآثره وتوجه من قبل ملك إفريقية سفيراً إلى صاحب الديار المصرية فحمد مسعاه وشكر منحاه، أخذ عن أعلام وعنه أبو العباس الغبريني. توفي بتونس سنة 691 هـ[1291م]. 704 - أبو العباس أحمد بن عبد الله القرشي: الشريف الغرناطي الإِمام الفقيه العالم المحدث الحافظ المتفنن التاريخي المفتي المدرس بحاضرة تونس، أخذ عن أعلام وعنه أعلام منهم أبو العباس الغبريني ألّف المشرق في علماء المغرب والمشرق وله تفسير وغير ذلك. توفي بتونس في ذي الحجة سنة 692 هـ[1992 م].

705 - القاضي أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسن بن الغماز البلنسي الخزرجي: الشيخ الإِمام قاضي القضاة بتونس الفقيه المحدث الراوية العالم المتفنن المحقق المتقن، أخذ عن جماعة منهم أبو بكر بن محرز وأبو المطرف بن عميرة وأبو الربيع الكلاعي وأبو عبد الله محمد بن مسعود الشاطبي وأبو الحسن بن خيرة عن ابن سعادة عن أبي علي الصدفي عن أبي الوليد الباجي عن الهروي بسنده، ومنهم أبو العباس أحمد العزفي السبتي وأبو الحسن أحمد المعروف بابن السراج، وكتب إليه جماعة من علماء المشرق والمغرب منهم محمد بن أحمد بن ياسين الدمياطي عرف بابن قفل وأحمد بن محمد القرطبي وإبراهيم بن طرخان وإسماعيل بن عبد الواحد العسقلاني والعز بن عبد السلام وعبد الوهاب ابن عساكر الدمشقي وعبد الرحمن سبط أبي الطاهر السلفي وعبد العظيم المنذري زكي الدين الحافظ وابن دقيق العيد وعلي بن أحمد القسطلاني وسليمان بن خليل المكي وأبو إسحاق إبراهيم بن أبي بكر الطبري المكي وغير هؤلاء نحو المائة من المشاهير اعتنى بلقاء رجال الحديث وأجاز له خلائق من أهل المشرق والمغرب، أخذ عنه جماعة منهم أبو الحسن التجاني وأبو العباس الغبريني وأبو عبد الله بن جابر الوادي آشي مولده عام العقاب سنة 609 هـ تولى قضاء الجماعة نحو سبع ولايات فحمدت فيها سيرته وتوفي وهو على ولايته يوم عاشوراء سنة 693 هـ[1293] ورثي بقصائد فريدة تولى جمعها في دفتر خاص تلميذه أبو الحسن التجاني المذكور. 706 - أبو محمد عبد الله بن أبي جمرة: المحدّث الراوية القدوة المقرئ العمدة الولي الصالح الزاهد العارف بالله له كرامات جمعت في كراريس، أخذ عن جماعة منهم أبو الحسن الزيات أخذ عنه صاحب المدخل ابن الحاج ألّف مختصر البخاري وشرحه بهجة النفوس مشهور. توفي سنة 699 هـ[1299م]. 707 - أبو محمد عبد الله بن هارون الطائي القرطبي: الفقيه العالم العامل المحدث الراوية الإِمام الفاضل، أخذ عن جماعة منهم أبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي عمر كثيراً فأخذ عنه الناس منهم ابن رشيد وأبو عبد الله الوادي آشي وابن زيتون

فرع فاس

وابن عبد السلام وابن هارون التونسي. مولده سنة 603 هـ وتوفي في تونس سنة 702 هـ[1302م]. فرع فاس 708 - أبو عبد الله محمد بن يوسف المزدغي: الفقيه الخطيب المحدّث الأريب العالم الشاعر الأديب، أخذ عن أبي ذر بن أبي دلف وأبي محمد عبد العزيز بن زيدان وغيرهما، وعنه ابناه أبو جعفر وأبو القاسم ومحمد بن عبد الرحمن بن راشد العمراني والحافظ محمد بن عبد الملك صاحب التكملة له مقالة في الوفاء وعقيدة وتفسير وصل فيه سورة الفتح. توفي سنة 655 هـ. 709 - أبو العباس أحمد بن خالد: الشيخ الفقيه الأصولي المشارك المحصل قرأ بالأندلس ومراكش ولازم أبا عبد الله المؤمناني، وعنه أخذ أبو العباس الغبريني وغيره. توفي بجاية في نحو الستين وستمائة [1261م]. 710 - أبو العباس أحمد بن يوسف: يعرف بابن فرتون السلمي الفاسي الفقيه المحدث الراوية العالم المؤرخ الفاضل، روى عن أبي ذر الخشني وأبي القاسم بن عبد الرحمن بن ملجوم وابن عمه عبد الرحمن بن ملجوم وأبي محمد حوط الله وأبي القاسم بن عمر القرطبي وغيرهم وكتب عن أبيه وأبي الخطاب بن واجب، وعنه أخذ ابن الزبير وغيره، ألّف كتاباً استدرك فيه على السهيلي في كتاب التعريف والأعلام والذيل على الصلة. توفي في شعبان سنة 660 هـ. 711 - أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد: يعرف بابن الكمال العالم الثقة الفقيه الحافظ، روى عن أبي ذر الخشني وابن زائف وأبي محمد حوط الله وأبي القاسم بن بقي وغيرهم، وعنه ابن الزبير وغيره وأجازه. توفي سنة 663 هـ[1264م]. 712 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن عمر بن عبادة القلعي: الفقيه

المحصل التاريخي المحدّث أخذ عن أبي زيد اليزناسي وأبي العباس الملياني وغيرهما، وعنه أبو العباس الغبريني وغيره. توفي سنة 669 هـ[1270 م]. 713 - أبو العباس أحمد بن عثمان بن عجلان القيسي: الفقيه الصدر الكبير أحد أعلام الدين وأئمة المسلمين من مشايخ التقوى والورع منزه عن الميل والطمع له علم وعمل وصلاح مستكمل، أخذ عن أعلام وعنه أبو العباس الغبريني كان حاضراً بتونس مع المشايخ الفقهاء حين كتب الصلح مع الفرنسيس. توفي في عشر السبعين والستمائة. 714 - أبو عبد الله محمد بن حسن بن علي بن ميمون القلعي: الأستاذ النحوي اللغوي الماهر المتفنن الأريب الشاعر، أخذ عن أبي الحسن الحرالي وأبي بكر بن محرز وأبي المطرف بن عميرة وغيرهم، وعنه أبو العباس الغبريني وغيره. ألّف الموضح في النحو وحدائق العيون في تنقيح القانون ونشر الخفي في مشكلات أبي علي. توفي في بجاية سنة 673 هـ[1274م]. 715 - أبو العباس أحمد بن محمد بن حسن بن خضر: الفقيه المقرئ المحصل الراوية الضابط العالم المتفنن الأعدل أخذ عن أبي بكر بن محرز وأبي عثمان بن زاهر وابن الأبار وابن عميرة وابن سيد الناس وابن فهد وابن برطلة وغيرهم وأجاز له ابن عصفور والقاضي أبو القاسم بن بقي وأبو يحيى عبد الرحمن بن عبد المنعم بن الفرس وأبو زيد اليزناسي وأبو العباس أحمد بن يوسف بن فرتون وغيرهم له رواية واسعة أخذ عنه أبو العباس الغبريني وغيره، ألّف كتاباً حسناً كثير الفائدة في رسوم الخط وجزءاً في قراءة ورش وجزءاً في بيان مذهب ورش في تفخيم اللام وترقيقها. توفي سنة 674 هـ[1275م]. 716 - أبو محمد عبد الحق بن ربيع بن أحمد الأنصاري البجائي: الشيخ الفقيه الإِمام العالم المحصل الصوفي المحقق المتفنن أخذ عن أبي الحسن الحرالي وغيره وعنه أبو العباس الغبريني وغيره وعرض عليه قضاء قسنطينية وامتنع. أثنى عليه جميلاً أبو محمد عبد الحق ابن سبعين في بعض كتبه. توفي سنة 675 هـ[1276م].

717 - أبو الفضل راشد بن أبي راشد الوليدي: الإِمام الفقيه الفاضل العالم القدوة الكامل أخذ عن أبي محمد الصالح وغيره وعنه أبو الحسن الصغير وأبو زيد الجزولي وأبو الحسن بن سليمان وغيرهم، ألّف كتاب الحلال والحرام وحاشية على المدونة. توفي سنة 675 هـ. 718 - أبو زكرياء يحيى بن زكرياء بن محجوبة القرشي: الشيخ الفقيه الولي الصالح المبارك المجاب الدعوة رحل للمشرق ولقي أعلاماً واقتصر على أبي الحسن الحرالي واستفاد منه علم الظاهر والباطن وحصل من هديه الجلي والكامن أخذ عنه أبو العباس الغبريني وغيره له تأليف في أسماء الله الحسنى وله في التصوف تقاييد كثيرة ونظم حسن في معاني الصوفية. توفي في بجاية سنة 677 هـ[1278 م]. 719 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله الهزميري: العالم الولي العارف بالله كان من الفقهاء المحققين المتصدرين للتدريس وله كرامات كثيرة أفردها مع كرامات أخيه الآتي ذكره أبو عبد الله محمد بن تجلات المراكشي سماه إثمد العينيين في مناقب الأخوين. توفي في شوال سنة 678 هـ[1279 م]. 720 - أخوه الشيخ أبو زيد عبد الرحمن: العالم الكبير الولي الشهير شيخ الطائفة وإمام أهل الحقيقة ذو المناقب والكرامات الكثيرة أخذ عن أعلام وعنه أبو العباس البنا وغيره وكان يجله ويراجعه في المسائل. توفي بفاس سنة 706 هـ والدعاء عند قبره مستجاب. انظر سلوة الأنفاس. 721 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد العزيز محيي الدين: المعروف بحافي رأسه المازوني الفقيه العمدة الإِمام العلامة القدوة سمع ابن رواحة وجماعة وعنه تاج الدين بن الفاكهاني وجماعة. ولد بتلمسان سنة 606 هـ وتوفي ستة 680 هـ[1281م].

722 - أبو محمد عبد المنعم بن محمد بن يوسف الغساني الجزائري: الفقيه العالم الفاضل القاضي العادل أخذ عن أبي الحسن الحرالي وغيره. توفي في عشر الثمانين وستمائة. 723 - أبو العباس أحمد بن عيسى الغماري: الفقيه الجليل القاضي النبيل كات دروسه منقحة المراد عذبة المورد بغريب ما يستفاد رحل للمشرق وأخذ عن أعلام منهم العز بن عبد السلام وعنه أخذ أبو العباس الغبريني. توفي بتونس سنة 682 هـ[1283م]. 724 - أبو إبراهيم إسحاق بن يحيى بن مطر الأعرج الورياغلي: الإمام الفقيه الفاضل العالم العامل العمدة الكامل أخذ عن أبي محمد صالح وغيره وعنه أبو الحسن الصغير وغيره له طرر على المدونة، توفي في فاس سنة 683 هـ[1284 م]. 725 - أبو فارس عبد العزيز بن عمر بن مخلوف: القاضي العادل العالم المتفنن الكامل قرأ على أبي الحسن الحرالي وأبي بكر بن محرز وأبي العباس اللياني وأبي زيد اليزناسي وغيرهم وعنه أبو العباس الغبريني وغيره تولى قضاء بسكرة ثم قسنطينية ثم الجزائر. مولده بتلمسان سنة 602 هـ وتوفي سنة 686 هـ[1287 م]. 726 - أبو عبد الله محمد بن صالح بن أحمد الكناني: الفقيه المقرئ الخطيب النحوي الشيخ الصالح لقي جلة وأخذ عنهم منهم ابن محرز وابن عميرة وابن قرطال وابن برطلة وابن سيد الناس وابن الأبار وابن السراج وغيرهم مما تضمنه برنامجهم أخذ عنه أبو العباس الغبريني وغيره. مولده سنة 614 هـ كان بالحياة سنة 690 هـ.

الطبقة الخامسة عشرة

727 - أبو إسحاق إبراهيم بن أبي بكر الأنصاري: المعروف بالتلمساني الإِمام الفقيه الأريب المتفنن الأديب العارف بالشروط المبرز في الفرائض أخذ عن أبي علي الشلوبين ولقي ابن عصفور وابن عميرة وابن محرز وأجازوا له وعنه روى جلة منهم أبو عبد الله بن عبد الملك. ألّف المنظومة المشهورة في الفرائض تعرف بالتلمسانية لم يؤلف مثلها وأخرى في السير وإمداح النبي - صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك. مولده سنة 609 هـ وتوفي سنة 699 هـ[1299 م]. 728 - أبو الحسن علي الشهير بابن الزيات: العالم الكامل الفقيه الصالح الفاضل الحافظ لمذهب مالك أخذ عن أعلام وعنه أعلام بتونس وغيرها. لم أقف على وفاته. 729 - القاضي أبو الحكم مالك بن عبد الرحمن السبتي: يعرف بابن المرحل الإِمام الجليل القدر العالم الماهر الأديب الشاعر الأفضل أخذ عن أبي علي الشلوبين وأجازه وأبي جعفر أحمد بن علي بن الحجاج وأبي نعيم رضوان بن خالد وأبي القاسم بن بقي وأجاز له وغيرهم وعنه أبو جعفر بن الزبير وغيره. له ديوان شعر رائق في الأمداح النبوية وأرجوزة في نظم كتاب التيسير عارض بها الشاطبية وزناً وقافية وقصيدة في العروض وقصيدة في الفرائض ونظم غريب القرآن ونظم اختصار إصلاح المنطق لابن العربي ونظم كتاب الفصيح وشرحه ورتب الأمثال لأبي عبيد علي حروف المعجم، مولده سنة 604 هـ وتوفي في فاس سنة 699 هـ[1299م]. الطبقة الخامسة عشرة من أهل الحجاز 730 - رضي الدين أبو إسحاق إبراهيم بن أبي بكر الطبري المكي: الشيخ

الإِمام العلامة المحدّث المسند الراوية الفهّامة أخذ عن أعلام منهم أبو الحسن بن خيرة وعنه أئمة منهم قاضي الجماعة بتونس أبو العباس أحمد الغماز وابنه القاضي محمد وأبو عبد الله بن فرحون وأبو عبد الله بن جابر الوادي آشي روى عنه فهرسته، وأبو عبد الله المعروف بابن عمر وكان أخذه عنه سنة 713 هـ. لم أقف على وفاته. 731 - أبو الحسن علي بن محمد بن أبي القاسم بن فرحون اليعمري التونسي: الأصل المدني المولد والمنشأ الإِمام الفقيه العالم بفنون العلم العارف بالحديث وأسماء رجاله المسند الرحال أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب منهم والده وعز الدين الرندي وابن جابر الوادي آشي والسراج الدمنهوري وابن عبد الرفيع وابن قداح والحافظان المزني والذهبي وغيرهم مما هو كثير، وعنه جماعة منهم ابنه برهان الدين إبراهيم وأبو العباس القباب له تآليف حسنة مفيدة منها شرح لامية العجم وذيلها والجواب الهادي على أسئلة ابن هادي أحد شيوخ القيروان في وقته في الطريقة على مسائل من القرآن والسنة واختصار منازل السائرين وشرح قصيدة كعب بن زهير وتخميسها وله شعر كثير جيد. مولده سنة 698 هـ وتوفي سنة 746 هـ. 732 - أخوه أبو محمد عبد الله بن محمد بن أبي القاسم المدني: الأمام العالم العامل المتفنن في العلوم الشيخ الفاضل القدوة المحدّث المفسّر الكامل، كان أحد أئمة الإِسلام مصابيح الظلام روى وسمع الحديث بالمدينة على والده وأبي عبد الله محمد حريث البلنسي ثم السبتي وشرف الدين الزبير الأسواني وسراج الدين الدمنهوري وابن جابر الوادي آشي وزين الدين الطبري وبمكة عن رضي الدين الطبري خرج له شرف الدين بن سكن فهرسة كبيرة مشتملة على شيوخه ومروياته حدث ودرس بالحرم النبوي وأفاد أكثر من خمسين سنة وانفرد آخر عمره بعلو الإسناد لم يكن بالمدينة أعلى سنداَ منه وانتهت إليه الرئاسة هناك مع جاه لم يشاركه فيه أحد، أخذ عنه أعلام منهم ابن أخيه برهان الدين له تآليف شاهدة بفضله في أنواع شتى منها كتاب عظيم الفائدة في أربعة مجلدات سماه كشف الغطا في شرح مختصر الموطأ وشرح مختصر التفريع لابن الجلاب سماه كفاية الطلاب وله أسئلة

من أهل العراق

وأجوبة عن آيات من القرآن وله في العربية العمدة في إعراب عمدة الأحكام في الحديث وشفاء الفؤاد في إعراب بانت سعاد وغير ذلك وحج نحو خمس وعشرين حجة. مولده سنة 693 هـ وتوفي سنة 769 هـ[1367م]. من أهل العراق 733 - قاضي القضاة عز الدين الحسين بن أبي القاسم البغدادي: عرف بالنبيل الإِمام العالم الجليل الفقيه القدوة الصدر العمدة، كان مدرس المالكية بالمدرسة المستنصرية أخذ عن أعلام وعنه شهاب الدين عبد الرحمن بن عسكر له تصانيف مفيدة منها كتاب الهداية في الفقه واختصر كتاب ابن الجلاب اختصاراً حسناً وتأليف في مسائل الخلاف وتأليف في الأصول وتأليف في الطب. توفي سنة 712 هـ. 734 - شهاب الدين عبد الرحمن بن محمد بن عسكر البغدادي: الفقيه العالم الصالح الفاضل الإِمام المحدّث العمدة الكامل، أخذ عن جماعة منهم القاضي النبيل وعنه ابناه القاضي أحمد والقاضي محمد ألّف التصانيف الحسنة المفيدة منها المعتمد غزير الفائدة والعلم ذكر فيه مشهور الأقوال والعمدة والإرشاد أبدع فيه كل الإبداع جعله مختصراً وحشاه بمسائل وفروع لم تحوها المطولات مع إيجاز بليغ وله غير ذلك وكتبه تدل على فضله. توفي سنة 732 هـ[1331م]. فرع مصر 735 - تاج الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله الإسكندري الشاذلي: طريقة الإِمام المتكلم الجامع لأنواع العلوم من تفسير وأصول وفقه وغير ذلك الولي الواصل الشيخ الفاضل العالم العامل، كان متكلماً على طريق التصوف أخذ عن أبي العباس المرسي وانتفع به والشيخ ياقوت العرشي، وعنه أخذ

من لا يعد كثرة منهم الشيخ داود بن عمر الشاذلي والشيخ داود ما خلا له تآليف مفيدة تدل على قدم راسخ في العلوم الظاهرية والباطنية منها التنوير في إسقاط التدبير وله الحكم وله لطائف المنن في مناقب شيخه أبي العباس وشيخه أبي الحسن. توفي بالقاهرة في جمادى الأولى سنة 709 هـ[1309م]. 736 - الشيخ داود الكبير بن ماخلا الشاذلي: العالم الشهير الإِمام الفاضل العارف بالله الولي الواصل، أخذ عن ابن عطاء الله وانتفع به وعنه الشيخ محمد وفا مؤلف عيون الحقائق، لم أقف على وفاته. 737 - أبو العباس أحمد بن سلامة بن أحمد بن سلامة البلوي القضاعي الإسكندري: الإِمام العلامة قاضي القضاة بالشام المحروس، كان من أوعية العلم أصولاً وفروعاً ومن سراة الرجال سؤدداً وحشمة ومن خيار الحكام عفة وصرامة مع الدراية والرواية والوقار، ولي قضاء دمشق بعد القاضي جمال الدين الزواوي. توفي في ذي الحجة سنة 718 هـ[1318 م]. 738 - داود بن عمر بن إبراهيم الأسكندري: كان من الأئمة الراسخين والعلماء العاملين أخذ عن التاج ابن عطاء الله وانتفع به، كان عالماً بفنون عديدة وله تصانيف مفيدة منها شرح مختصر التلقين وجمل الزجاجي وغير ذلك في المعاني والبيان. مات بالإسكندرية سنة اثنتين أو ثلاث وثلاثين وسبعمائة [1332م]. 739 - أبو حفص عمر بن أبي اليمن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الإسكندري: الشهير بتاج الدين الفكهاني الفقيه الفاضل العالم المتفنن في الحديث والفقه والأصول والعربية مع الدين المتين والصلاح العظيم، أخذ القراآت عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد العزيز المازوني حافي رأسه، وسمع منه ومن أبي عبد الله بن قرطال وأبي العباس أحمد القرافي وابن المنير وابن دقيق العيد والبدر بن جماعة وغيرهم له شرح على العمدة في الحديث لم يسبق إلى مثله لكثرة فوائده وشرح الأربعين النووية وله الإشارة في العربية وشرحها والتحفة المختارة في الرد

فرع إفريقية

على منكري الزيارة والفجر المنير في الصلاة على البشير النذير وله شعر حسن. مولده سنة 654 هـ وتوفي بالإسكندرية سنة 734 هـ[1333م]. 740 - عز القضاة أبو محمد عبد الواحد بن محمد بن شرف الدين بن المنير: الإِمام الفاضل الأريب الفقيه العالم الكامل، أخذ عن عميه ناصر الدين وزين الدين وغيرهما وعنه جماعة منهم ابن مرزوق الجد جمع تفسيراً حسناً في مجلدات كثيرة وله ديوان في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -. مولده سنة 651 هـ وتوفي سنة 736 هـ[1335م]. 741 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن سليمان المنوفي: الفقيه الإمام الجامع بين العلم والعمل مع الصلاح والدين المتين أحد شيوخ مصر وأفاضلها علماً وحالاً، أخذ عن زكي الدين محمد بن الفويبع والشرف الزواوي وأبي عبد الله بن الحاج صاحب المدخل وعنه جماعة منهم أحمد بن هلال الربعي وخليل بن إسحاق، وبه انتفع وألف تاليفاً في مناقبه وكراماته. مولده سنة 686 هـ وتوفي في رمضان سنة 749 هـ[1347م]. فرع إفريقية 742 - أبو فارس عبد العزيز بن عبد العظيم بن عبيدة الطرابلسي: الإمام العالم العمدة العارف بأصول الفقه والفروع المشارك في علوم جمة. أخذ عن القاضي أبي موسى معمر وأبي عبد الله محمد الهنزوتي المتوفى سنة 663 هـ وأبي محمد عبد الله بن مسلم القابسي وابن أبي الدنيا وعنه صاحب الرحلة التجانية. مولده سنة 639 هـ وكان بالحياة سنة 707 هـ. 743 - أبو العباس أحمد بن موسى الأنصاري الشهير بالبطرني التونسي: شيخ الشيوخ بها وعمدة أهل التحقيق والرسوخ الفقيه المقرئ الصالح الراوية العالم المسند. أخذ عن أئمة منهم أبو عمر بن شقر، وعنه جماعة منهم ابن عبد السلام وأجازه وأبو عبد الله بن بدال وأجازه بسنده. مولده سنة 668 هـ وتوفي سنة 710 هـ[1310م].

744 - أبو علي عمر بن محمد بن علوان التونسي: الإِمام الفقيه العالم العمدة. أخذ عن أئمة وعنه أبو محمد عبد الله التجاني صاحب الرحلة. ألّف المترجم له رسالة في موجبات أحكام مغيب الحشفة. توفي في شعبان سنة 710 هـ[1310م] وقيل سنة 716 هـ[1316م] وفي سنة 710 هـ توفي: 745 - أبو العزائم ماضي ابن سلطان: وسنه يقرب من مائة وعشرين وكان من أعيان أصحاب الإِمام الشاذلي ومن العلماء الفضلاء الأخيار. 746 - أبو يحيي أبو بكر بن القاسم بن جماعة الهواري: الفقيه الإمام العمدة العالم الفضال القدوة. أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب منهم ابن دقيق العيد وعنه ابن عبد السلام وغيره. ألّف في البيوع تأليفاً يتعين على كل متدين في معاملاته الوقوف عليه والسبب في تاليفه أنه طلب منه أن يؤلف في التصوف فأنعم به وشرع في تأليف بيوعه قيل له في ذلك فقال: هذا هو التصوف لأن مدار التصوف على أكل الحلال ومن لا يعرف أحكام المعاملات لا يسلم من أكل الحرام بالربا والبيوع الفاسدة فألفه للتوصل لأكل الحلال ومن أكل الحلال فعل الحلال. حج مع أبي الحسن المنتصر سنة 699هـ وتوفي سنة 712 هـ[1312م]. 747 - أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن عبد الملك: المعروف هو وأسلافه بالشريف العواني القيرواني من بيت نبيه بها، الفقيه العالم المتفنن الأريب الماهر المؤرخ الشاعر. أخذ عن جده أبي مروان وابن أبي الدنيا وغيرهما. تولى قضاء الحامة ثم سوسة. ألّف في فضائل مشيخة القيروان تأليفاً سماه أنس النساك وشرح الشقراطسية في ثلاثة أسفار. توفي بعد سنة 716 هـ[1316م]. 748 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن إبراهيم التجاني التونسي: الفقيه الأديب الكاتب الماهر المؤرخ الألمعي الأريب الشاعر من بيت فضل وآداب بتونس منهم والده وأخوه أبو العباس أحمد وعمه وابن عمه وجده إبراهيم مؤلف مؤازرة الوافد ومبارزة الناقد في الانتصار لابن الأبار ومنهم قريبه أبو عبد الله التجاني المحصل على إجازة من ابن الأبار نظماً. قال في النفح وصفه حفيد عمه أبو الفضل عمر بن إبراهيم في كتابه الحلى التجانية قال ابن رشيد وقد جمعه باسمنا حفظه الله

وشكره اهـ. أخذ صاحب الترجمة عن والده وأبي علي بن علوان وقرأ عليه تأليفه في موجبات مغيب الحشفة قال: ورأيته ترك أحكاماً كثيرة فاستدركتها في مؤلف به نحو الخمسين حكماً واتسعت في النقل وبسط الخلاف ولما اطلع عليه شكره وقال: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}. وفي سنة 707 هـ رحل مع الأمير أبي يحيى زكرياء بن أبي العباس أحمد الحفصي لخلاص المجابي الدولية بالجهة القبلية وأقام في رحلته نحو ثلاثة أعوام وانتهت رحلته لطرابلس وأخذ بها عن العالم الجليل أبي فارس عبد العزيز بن عبد العظيم وفي أثنائها ألّف رحلته المشحونة بالفوائد الأدبية والتاريخية. توفي سنة 721 هـ[1321م]. 749 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد النور التونسي: الإمام الفقيه المبرز المتفنن في سائر العلوم. أخذ عن القاضي ابن زيتون والقاضي أبي محمد بن برطلة ألّف في علوم شتى منها اختصار تفسير الإِمام فخر الدين ابن الخطيب وله على الحاصل تقييد كبير في سفرين، وله تأليف جمع فيه فتاوى على طريقة أحكام ابن سهل سماه الحاوي في الفتاوى. كان بالحياة سن 726 هـ[1325م]. 750 - أبو موسى هارون الحميري التونسي: الفقيه الفاضل الشيخ الصالح العالم المفتي إمام جامع الزيتونة وخطيبه ولما مرض استخلف في الخطبة الشيخ ابن عبد السلام فبلغ ذلك القاضي ابن عبد الرفيع فقدم الشيخ أبا عبد الله محمد بن محمد بن عبد الستار وأخر ابن عبد السلام فأتاه وقال له: أبجرحة هذا؟ قال: لا لكن أهل تونس ما يولون جامعهم إلا من هو من بلدهم، ومات أبو موسى سنة 729 هـ ولم يزل ابن عبد الستار خطيباً إلى أن توفي سنة 749 هـ[1348م]. 751 - أبو إسحاق إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع الربعي التونسي: قاضي القضاة علامة زمانه وفريد عصره وأوانه الفقيه الأصولي المتفنن الفاضل العالم بالأحكام والنوازل من بيوتات تونس بينه وبين ابن راشد القفصي ضغائن غفر الله للجميع وله مع أبي إسحاق الصفاقسي مذاكرات. أخذ عن جماعة الوافدين على

تونس من الأندلس وسمع منهم ومن أبي عمرو عثمان المعروف بابن شقر والقاضي أبي عبد الله بن عبد الجبار الرعيني السوسي. ألّف معين الحكام في مجلدين غزير الفائدة كثير العلم نحا فيه اختصار المتيطية وله رد على ابن حزم في اعتراضه على مالك في أحاديث خرجها في الموطأ ولم يعمل بها وله اختصار أجوبة ابن رشد وله البديع في شرح التفريع لابن الجلاب وفهرسة رواها عنه ابن جابر الوادي آشي تردد في ولاية القضاء بين تبرسق وقابس نحواً من ثلاثين عاماً ثم تداول قضاء الجماعة بتونس خمس دول أولها سنة 699 هـ وأيضاً تولى الخطابة بجامع الزيتونة ثم صرف عنها وتولى عوضه هارون الحميري وامتحن بالعزل والنفي للمهدية والسجن بها وسنذكر في التتمة سبب امتحانه. مولده سنة 637 هـ وتوفي في رمضان سنة 733 هـ[1332م] ودفن بتربته المعروفة بتونس. 752 - ركن الدين عبد العزيز بن أبي القاسم الربعي التونسي: المعروف بالدروال الفقيه الإِمام الفاضل العالم الكامل الأصولي المتفنن في علم السنن, أخذ عن ابن زيتون والناصر المشذالي رحل للمشرق وأخذ عن أعلام وتفقه به البرهان والشمس الأصفاقسيان. توفي بالقاهرة سنة 733 هـ[1332م]. 753 - أبو حفص عمر بن علي بن قداح الهواري التونسي: الفقيه الحافظ لمذهب مالك العالم المشارك في الأصول وغيره، تولى قضاء الأنكحة في كرتين وعليه مدار الفتوى مع ابن عبد الرفيع، أخذ عن ابن أبي الدنيا وغيره وعنه ابن عرفة وغيره له رسائل قيدت عنه مشهورة تولى قضاء الجماعة بعد ابن عبد الرفيع. وتوفي على ذلك سنة 734 هـ[1333م] وتولى قضاء الجماعة بعده ابن عبد السلام. 754 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد القفصي: الإمام العلامة العمدة المحقق الفهّامة الفقيه الأصولي المتفنن المؤلف المحقق المتقن، أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب كابن الغماز وحازم والكمال بن التنسي

وضياء الدين بن العلاف ومحيي الدين حافي رأسه والشمس الأصفهاني والقاضي ناصر الدين الأبياري المعروف بابن المنير والشهاب القرافي لازمه وانتفع به وأجازه وقرأ على ابن دقيق العيد مختصر ابن الحاجب الفرعي، حجّ سنة 680 هـ ثم رجع بعلم جم وتولى قضاء قفصة ثم صرف عنه، أخذ عنه جماعة منهم ابن مرزوق الجد والشيخ عفيف الدين المصري، له تآليف مفيدة شاهدة بفضله ونبله منها الشهاب الثاقب في شرح مختصر ابن الحاجب الفرعي والمذهب في ضبط قواعد المذهب في ستة أسفار ليس للمالكية مثله والفائق في الأحكام والوثائق في ثمانية أسفار والنظم البديع في اختصار التفريع وتحفة اللبيب في اختصار كتاب ابن الخطيب وتحفة الواصل في شرح الحاصل والمرتبة السنية في علم العربية والمرثبة العليا في تفسير الرؤيا غريب في فنه وله غير ذلك من التقاييد الحسنة، وكان بينه وبين ابن عبد الرفيع فتور سببه المعاصرة الموجبة للمنافرة. توفي في تونس سنة 736 هـ[1335م] قال ابن عرفة: حضرت جنازته فقدر أن جلس الفقيه ابن الحباب بالجبانة مستنداً إلى حائط جبانة أخرى وكان بالأخرى مستنداً إلى ذلك الحائط الشيخان القاضي ابن عبد السلام والمفتي ابن هارون فأخذ ابن الحباب في الثناء على ابن راشد وذكر من فضله وعلمه ما دعاه الحال إلى أن قال: ويكفي من فضله أنه أول من شرح جامع الأمهات لابن الحاجب ثم جاء هؤلاء السراق وأشار إلى الجالسين خلفه فعمد كل واحد منهما إلى وضع شرح عليه وأخذ من كلامه ما لولاه ما علم أين يمر ولا يجيء اهـ. 755 - أبو محمد عبد الله ابن الشيخ محمد بن أبي القاسم بن البراء التنوخي: الفقيه العالم الخطيب العمدة الإمام القدوة الأديب من بيت عريق في العلم والأدب مبني على المجد والحسب كان خليفة في الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة عن الشيخ محمد بن عبد الستار. أخذ عن جماعة منهم جده أبو القاسم، وعنه جماصة منهم خالد البلوي وأجازه ما رواه عن جده بسنده وغيره إجازة عامة أطال الثناء عليه في رحلته، كان يجلس لرواية مقامات الحريري بدويرة جامع الزيتونة وكانت له عناية بالرواية والتاريخ. اختصر ذيل السمعاني وتاريخ الغرناطي وألّف تاريخاً على طريقة الطبري مرتباً على السنين من سنة البعثة في ستة أسفار أجاد وأفاد. وتوفي في تونس في جمادى الآخرة سنة 737 هـ[1336م].

756 - ركن الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف القرشي الهاشمي التونسي: عرف بالقويبع شيخ الديار المصرية والشامية العلامة في فنون من العلم كان يتوقد ذكاء إذا حدّث في شيء من العلوم تكلم في دقائقه وغوامضه حتى يقول القائل إنه أفنى عمره في ذلك وكان المتقي السبكي يقول: ما أعرف أحداً مثله. قرأ النحو على ابن زيتون والأصول على قاضي تونس محمد بن عبد الرحمن وقدم دمشق سنة 690 هـ فسمع ابن القواس وأبا الفضل ابن عساكر وجماعة وقرأ الطب واجتمع به أبو العباس أحمد المعروف بابن فضل الدمشقي مؤلف مسالك الأبصار في ممالك الأمصار واستفاد منه فوائد جمة نقلها في كتابه المذكور وقدم القاهرة وناب في الحكم ثم تركه. وممن أخذ عنه الشيخ عبد الله المنوفي. ومن تأليفه تفسير سورة ق في مجلد وشرح ديوان المتنبي في عدة أجزاء. مولده بتونس في رمضان سنة 664 هـ وتوفي بالقاهرة في ذي الحجة سنة 738 هـ[1337 م]. 757 - أبو الحسن علي بن المنتصر التونسي: عالمها وصالحها كان من الأولياء الأفراد والعلماء الزهاد إماماً مبرزاً له كرامات قال ابن عرفة: لم أدرك مبرزاً إلا هو وابن عاشر بالمغرب، حج مع ابن جماعة سنة 699 هـ وتوفي سنة 742 هـ[1341م]. 758 - و 759 - أبو إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد القيسي الصفاقسي: الإِمام العلامة المتفنن الفهامة الفقيه اللغوي المحقق العمدة المدفق. أخذ هو وأخوه الشمس محمد العالم الجليل المعروف بالفضل والنباهة والتحصيل عن جماعة من أهل المشرق والمغرب منهم عبد العزيز الدروال والناصر المشذالي وابن برطلة وأبو حيان وعنهما جماعة منهم ابن مرزوق الجد، للبرهان تآليف بارعة منها نوازل في الفروع سئل عنها وتأليف في إسماع المؤذنين خلف الإمام وشرح

علي بن الحاجب الفرعي وإعراب القرآن العظيم مشهور له ولأخيه الشمس محمَّد وهو من أجل كتب الأعاريب وأكثرها فائدة جرداة من البحر المحيط لأبي حيان ومن إعراب أبي البقاء والسمين وللشمس شرح مختصر ابن الحاجب الأصلي وشرح المقصد الجليل في علم الخليل نظماً لابن الحاجب. فالبرهان مولده سنة 697 هـ ووفاته في ذي القعدة سنة 743 هـ يقال إنه توفي بالمنستير وضريحه هو المعروف عند الأهالي بسيدي إبراهيم الصفاقسي وأخوه الشمس توفي في السنة بعدها 744 هـ[1343 م]. 760 - أبو عبد الله محمَّد بن سلامة التونسي الأنصاري: الشيخ الفقيه العالم الزاهد الصالح العابد. أخذ عن جماعة، وعنه الإِمام المقري وابن عرفة. كان خليفة في الإمامة بجامع الزيتونة، توفي سنة 746 هـ[1345 م]. 761 - أبو عبد الله محمَّد بن يحبى بن عمر المعافري: المعروف بابن الحباب الإِمام البارع المحقق المتفنن الأصولي الجدلي المؤلف المتقين. أخذ عن ابن زيتون وغيره وعنه جماعة منهم المقري وابن عبد السلام وبينهما مناظرات وابن عرفة وكان يثني عليه بالعلم وتحقيقه ونقل عنه في مختصره وخالد البلوي وعرف به في رحلته. له تقييد على مغرب ابن عصفور واختصار المعالم. توفي سنة 749 هـ[1348 م]، قال الزركشي: حكي أنه دخل يوماً على بعض أصحابه الأدباء فألفاهم قد فرغوا من أكل جدي مشوي فقال أحدهم: لقد فاتك الجدي يا بن الحباب فقال ثانيهم: بخبز سميد كثير اللباب فقال ثالثهم: ولم يبق منه سوى عظمه ففطن هو لمرادهم فأجاب سريعاً: طعامكم طعامكم.

فقال رابعهم: دعنا من هذا إنما هو لعمري طعام الكلاب. وفي نيل الابتهاج أن الدخول على السلطان وهو القائل للبيتين قال: وفي قول ابن الحباب تورية عجيبة، ولكن لا ينبغي مثل هذا مع الملوك لقول أهل السياسة إذا داعبت الملك فأجمل الأدب ووفه حق اللعب اهـ. 762 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الستار التونسي: أحد علمائها الأخيار وإمامها وخطيبها بجامع الزيتونة ومفتيها المعروف بالفضل والورع والدين المتين، كان متفنناً في العلوم محدثاً متسع الرواية أخذ عن أئمة، وعنه ابن عبد السلام والمقري وخالد البلوي وأثنى عليه في رحلته، توفي سنة 749 هـ[1348 م] وعمره ينوف عن التسعين. 763 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد السلام الهواري التونسي: قاضي الجماعة بها وعلامتها الشيخ الفقيه القوال بالحق الحافظ المتبحر في العلوم العقلية والنقلية العمدة المحقق المؤلف المدقق سمع أبا العباس البطرني وأدرك جماعة من الشيوخ الحيلة وأخذ عنهم كالمعمر أبي عبد الله بن هارون وابن جماعة تخرج بين يديه جماعة منهم القاضي ابن حيدرة وابن عرفة وخالد البلوي وأثنى عليه في رحلته كثيراً وابن خلدون وله شرح على مختصر ابن الحاجب الفرعي بديع وهذا الشرح بالنسبة للشروح التي عليه كالعين من الحاجب تولى التدريس والفتوى وكانت ولايته القضاء سنة 734 هـ وتوفي على ذلك سنة 749 هـ[1348 م]، بالطاعون الجارف. 764 - أبو عبد الله محمَّد الأجمي التونسي: أحد علمائها وصلحائها وفضلائها وقاضي الأنكحة بها ثم الجماعة بعد ابن عبد السلام، كان من الفقهاء العلماء الأعلام أخذ عن جماعة وعنه المقري وابن مرزوق الجد وابن عرفة وجماعة. توفي أثر ولايته قضاء الجماعة سنة 749 هـ.

765 - شمس الدين أبو عبد الله محمَّد بن جابر بن محمَّد القيسي: الوادي آشي الأصل التونسي المولد والاستيطان المعروف بابن جابر صاحب الرحلتين وإمام المحدثين الفقيه المسند الراوية المتفنن النظار عظيم الأبهة والوقار تحمل العلم عن جلة من أهل المشرق والمغرب منهم والده وأبو جعفر الزيات وابن الغماز وأجازه إجازة عامة وابن عبد الرفيع وابن جماعة والمعمر بن هارون ويوسف بن عات وعبد الواحد بن المنير والرضي الطبري وغيرهم مما هو كثير، وعنه برهان الدين بن فرحون وابن مرزوق الجد ولسان الدين ابن الخطيب وابن خلدون وأجازه إجازة عامة وجماعة، وأقرأ وحدّث بالحرم النبوي سنة 746 هـ وأفاد واستفاد من أعلام يطول ذكرهم، له تآليف منها أربعون حديثاً أغرب فيها بما دلّ على سعة نظر وانفساح رحلة وله أسانيد كتب المالكية يرويها عن مؤلفيها. مولده سنة 673 هـ وتوفي سنة 749 هـ[1348 م]. 766 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن القيرواني: عرف بالرماح الإِمام الفقيه العمدة مع ديانة وصلاح، أخذ عن ابن زيتون وغيره وعنه أبو الحسن العبيولي وأبو عبد الله القلال وأبو الحسن العواني، وغيرهم، درس العلم نحواً من ستين عاماً. توفي سنة 749 هـ[1348 م]. 767 - أبو الحسن علي بن عبد الله العبيدلي القيرواني: الفقيه الفاضل العالم الشيخ الصالح الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، أخذ عن أبي عبد الله الرماح وغيره، وعنه الشيخ محمَّد السفاقصي، توفي قبل شيخه المذكور بعام. 768 - أبو عبد الله محمَّد بن هارون الكناني التونسي: الإِمام في الفقه وأصوله وعلم الكلام وفصوله العلامة المتفنن المؤلف المتقين وصفه ابن عرفة ببلوغ درجة الاجتهاد المذهبي أخذ عن جلة منهم المعمر أبو عبد الله بن هارون الأندلسي، وعنه جلة منهم ابن عرفة وابن مرزوق الجد وأحمد بن حيدرة وخالد البلوي وذكره

فرع الأندلس

وبالغ في الثناء عليه له تآليف مهمة منها شرح مختصر ابن الحاجب الأصلي ومختصره الفرعي وشرح المعالم الفقهية وشرح التهذيب في أسفار عديدة ومختصرة وشرح الحاصل وله مختصر المتيطية أسقط منها نحو الثلثين. مولده سنة 680 هـ وتوفي سنة 750 هـ[1349 م]. 769 - أبو الحسن علي بن أبي القاسم: من أحفاد الشيخ طاهر المزوغي السافي المتقدم الذكر الإِمام المحقق العارف ذو الكرامات تصدر للفتوى في جميع العلوم، أخذ عن أبي علي السماط وعبد الغني المزوغي، وعنه الشيخ محمَّد الزرمديني وأبو الحسن الكراي وغيرهما، صنف الكتب المفيدة في علم الحقيقة. مولده سنة 677 هـ لم أقف على وفاته وقبره متبرك به ببلد قصور الساف. 770 - أبو عبد الله محمَّد بن بدال: العالم القدوة المفضال المحدّث الراوية المسند الواعية أستاذ الأساتذة، أخذ عن جماعة منهم أبو العباس البطرني وأبو جعفر أحمد بن يحيى الحصار الأندلسي وأبو الطيب بن محمَّد بن هذيل، وعنه جماعة منهم خالد البلوي وأجازه إجازة عامة وأثنى عليه كثيراً في رحلته. مولده سنة 668هـ. 771 - أبو عبد الله محمَّد بن حيدرة التونسي: الإِمام العلامة القدوة الفهامة الشيخ الصالح المجاب الدعوة أثنى عليه كثيراً ابن خلدون. مولده سنة 682 هـ. فرع الأندلس 772 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم البقوري: نسبة لبقورة بلاد بالأندلس الإِمام الهمام العلامة القدوة العمدة الفهامة، سمع من القاضي الشريف أبي عبد الله محمَّد الأندلسي، وأخذ عن الإِمام القرافي وغيره واختصر فروقه ورتبها وهذّبها وبحث فيه في مواضع منها وله إكمال الإكمال على صحيح مسلم. توفي بمراكش سنة 707 هـ[1307 م]. 773 - أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن الزبير الثقفي الغرناطي: خاتمة

المحدثين وصدر صدور الفضلاء والعلماء العارفين وقدوة الأئمة العاملين، أخذ عن أبي الحسن الحفار وأبي المجد أحمد الحضرمي والقاضي أبي الخطاب بن خليل وأبي الحسن بن السراج وأبي عمر بن حوط الله وأبي بكر بن سيد الناس وأبي عبد الله بن عطية وأبي العباس بن فرتوت وأبي عبد الله الطراز شيوخه نحو الأربعمائة، وعنه جلة منهم القاضي محمَّد بن الأشعري وأبو حفص الزيات وابن عبد المهيمن وابن سلمون وابن جزي وابن الشراط ومحمد البياني وابن الحباب وأبو البركات بن الحاج و: 774 - إمام النحاة أبو حيان محمَّد بن يوسف الغرناطي: الظاهري ثم الشافعي المذهب المتولد سنة 654 هـ والمتوفى سنة 745 هـ[1344 م]. خرج من الأندلس مفتتح سنة 679 هـ لوحشة بينه وبين شيخيه أبي جعفر المذكور وأبي جعفر أحمد بن الطباع وخرج معه جماعة من أعلام الأندلس منهم حازم، ألّف صاحب الترجمة تآليف حسنة منها فهرسته ومنها ردع الجاهل عن اعتساف المجاهل كتاب حفيل ينبىء عن تفنن والبرهان في تناسب سور القرآن ذكر فيه مناسبة كل سورة لما قبلها وملاك التأويل في متشابه اللفظ من التنزيل غريب في معناه وشرح الإشارة للباجي في الأصول وصلة الصلة لابن بشكوال وهي ذيل لتاريخ ابن الفرضي. مولده سنة 627 هـ وفي نفح الطيب ومواضع من كشف الظنون عند التعرض للتآليف المذكورة توفي سنة 708 هـ[1308 م]، وفي الديباج توفي سنة 780 هـ وهو خلاف الصواب. 775 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد اللخمي: المعروف بابن الكماد من أهل بلش بالأندلس الإِمام المقرئ المحدّث الثبث العالم العمدة. كان من صدور الفضلاء قديم السماع والرحلة أعرف الناس بعقد الشروط متفنناً في علوم شتى. دخل العدوة وتجوّل في بلاد الأندلس وأخذ عن أعلام منهم أبو الحسن بن باق وأبو علي بن أبي الأحوص وأبو جعفر الطباع وأجازه وأبو الحسن علي بن لب والقاضي أبو بكر محمَّد بن الدباغ وقطب الدين القسطلاني وغيرهم من أهل المشرق والمغرب وأجازه أبو اليمن ابن عساكر وابن أبي الدنيا وعنه ابن الفخار وغيره. ألّف الممتع في تهذيب المقنع في القراءات تهذيباً بديعاً. توفي سنة 712 هـ[1312 م].

776 - أبو بكر محمَّد بن علي بن محمَّد بن أحمد بن الفخار الجذامي المالقي الأندلسي: العالم الجليل العامل العمدة الثقة الفاضل الفقيه المتفنن الشيخ الكامل. قرأ على أبي عبد الله محمَّد بن خميس وأبي الحسن بن أبي الربيع وأبي يعقوب المحاسبي وأبي عبد الله الكمال وجماعة. ألّف نحو الثلاثين تأليفاً في فنون مختلفة منها تحبير نظم الجمان في تفسير القرآن وانتفاع الطلبة النبهاء في اجتماع السبعة القراء والأحاديث الأربعون فيما ينتفع به القارئون والسامعون ومنظوم الدرر في شرح كتاب المختصر ونظم المقالة في شرح الرسالة والجواب المختصر المروم في تحريم سكنى المسلمين بلاد الروم وغير ذلك مما يطول ذكره. توفي سنة 723 هـ[1323 م]، مولده سنة 630 هـ. 777 - أبو جعفر أحمد بن الحسن الكلاعي: يعرف بابن الزيات من أهل بلش مالقة الإِمام الخطيب المتصوف المتفنن العالم الجليل القدر الشهير الذكر المحقق المتقن. أخذ عن أئمة منهم خالد أبو جعفر أحمد بن علي المذحجي والحسن بن أبي الأحوط وأبو الفضل عياض الحفيد وابن الزبير وأبو جعفر بن الطباع وابن الصائغ وأبو الحسن بن أبي الربيع وأبو إسحاق الغافقي وعنه ابن جابر الوادي آشي وغيره. تصانيفه كثيرة منها تخليص الدلالة في تلخيص الرسالة وقصيدة سماها المقام المخزون في الكلام الموزون وعقيدة سماها المشرب الأصفى في الأدب الأوفى كلاهما يزيد على الألف والمعارف الربانية واللطائف الروحانية ونظم السلوك في رسم الملوك والمجتبى النضير والمقتفى الخطير والعبارة الوجيزة على الإشارة العزيزة وأس مبنى العلم رأس مبنى الحلم في مقدمات علم الكلام ولذات المستمع في القراءات السبع ورصف نفائس اللآلئ ووصف عرائس المعالي في النحو وقاعدة البيان وضابطة اللسان في العربية وبغية نفس الأمل في اختصار السيرة النبوية وعدة الداعي وعمدة الواعي وعوارف الكرم وصلات الإحسان في التعريف بما حواه لطائف الحكم من خلق الإنسان وجوامع الآثار والغايات في صوادع العبر والآيات وشرف المهارق في اختصار كتاب المشارق وغير ذلك مما هو كثير. ولد في حدود سنة 649 هـ وتوفي سنة 728 هـ[1327 م].

778 - أبو القاسم محمَّد بن أحمد بن جُزي الكلبي الغرناطي: من ذوي الأصالة والوجاهة والنباهة والعدالة، الإِمام الحافظ العمدة المتفنن. أخذ عن ابن الزبير ولازم ابن رشيد وأبا المجد بن أبي الأحوط والقاضي ابن برطال وأبا القاسم بن الشاط وانتفع به وابن الكمال والولي الطنجالي وغيرهم وعنه أبناؤه محمَّد وأبو بكر أحمد وعبد الله ولسان الدين ابن الخطيب وإبراهيم الخزرجي وغيرهم. ألّف في فنون من العلم منها وسيلة المسلم في تهذيب صحيح مسلم والأقوال السنية في الكلمات السنية والدعوات والأذكار المخرجة من صحيح الأخبار والقوانين الفقهية في تلخيص مذهب المالكية والتنبيه على مذهب الشافعية والحنفية والحنبلية وتقريب الوصول إلى علم الأصول والنور المبين في قواعد عقائد الدين والمختصر البارع في قراءة نافع وأصول القراء الستة غير نافع والفوائد العامة في لحن العامة وغير ذلك مما قيده من التفسير والقراءات وفهرسة كثيرة اشتملت على كثير من أهل المشرق والمغرب. توفي شهيداً في واقعة طريف سنة 741 هـ[1340 م]، مولده سنة 693 هـ. 779 - ابنه أبو عبد الله محمَّد: الكاتب المجيد ذو الرأي السديد أعجوبة الزمان في النثر والنظم مع الإتقان الفقيه العالم البصير بالحديث وبالأصول خبير. أخذ عن والده. توفي سنة 757 هـ[1356 م]، بفاس وهو الذي جمع رحلة العالم الرحال أبي عبد الله محمَّد بن عبد الله الطنجي المعروف بابن بطوطة. 780 - القاضي أبو عبد الله محمَّد بن يحيى الأشعري المالقي: يعرف بابن بكر من ذرية أبي موسى الأشعري رضي الله عنه الإِمام المحدَّث العمدة العالم القدوة الفقيه المتفنن المحقق المتقين يحمل العلم عن جماعة كابن الزبير وابن رشيد والولي أبي الحسن بن فضيلة وابن الكماد وأجازه عبد العزيز الهواري والمعمر بن هارون وأبو إسحاق التلمساني ومحمد ابن سيد الناس وغيرهم من أهل المشرق والمغرب. وعنه أبو سعيد بن لب والحضرمي وغيرهما. مولده سنة 674 هـ وتوفي شهيداً في كائنة طريف سنة 741 هـ[1340 م].

781 - أبو محمَّد عبد الله بن علي بن عبد الله ثلاثاً: على نسق ابن عبد العزيز بن سلمون الكناني الغرناطي هذا الشيخ وحيد عصره وفريد دهره علماً وفضلاً وخلقاً إمام في كثير من الفنون. قرأ على أبي الحسن بن فضيلة وأبي الحسن البلوطي وجماعة ولقي أبا الربيع بن سالم وأبا طالب محمَّد المغيلي وابن المرحل وغيرهم وأخذ عنهم. قال الحضرمي: أخذت عنه كثيراً قراءة وسماعًا. ألّف الشافي فيما وقع من الخلاف بين التبصرة والكافي. مولده سنة 669 هـ وتوفي شهيداً في واقعة طريف سنة 741 هـ[1340 م]. 782 - أخوه القاضي بغرناطة أبو القاسم سلمون بن علي: الإِمام العلامة شيخ الإِسلام وحيد دهره في معرفة الشروط والأحكام، أخذ عن ابن الزبير وغيره وأجازه المعمر بن هارون وابن الغماز وأبو إسحاق التلمساني وغيرهم مما هو كثير. ألّف في الوثائق كتاباً مفيداً عليه اعتماد القضاة والمفتين ودون مشيخته وبرنامج روايته. توفي بغرناطة سنة 767 هـ. 783 - أبو عبد الله محمَّد بن علي بن أشرص: العالم الجليل الإِمام الفقيه العمدة الثبت القدوة. أخذ عن أبي عبد الله بن سلمون وابن الزبير وابن رشيد وأبي عبد الله الكماد وأبي جعفر الزيات وابن الفخار وأبي إسحاق الشاطبي وغيرهم. توفي سنة 748 هـ[1347 م]. 784 - أبو الحسن علي بن محمَّد بن سليمان الغرناطي: يعرف بابن الجياب الفقيه في فن الفرائض والحساب المتفنن في العلوم المتبحر في التاريخ الأمام في البلاغة والأدب الحامل لواء المنثور والمنظوم. أخذ عن ابن الشاط وابن زيتون وابن رشيد وابن الزبير وغيرهم، وعنه برهان الدين بن فرحون وابن عرفة ولسان الدين ابن الخطيب به تأدّب وتخرّج بين يديه وورث خطته في الكتابة السلطانية. مولده سنة 673هـ وتوفي سنة 749هـ[1348 م].

فرع فاس

785 - أبو عثمان سعيد ابن الشيخ أبي جعفر أحمد بن ليون التجيبي: الشيخ الأستاذ العلامة المحدّث الفهامة من أكابر أئمة الدين الذين أفرغوا جهدهم في العلم والزهد والنصح لكافة المسلمين. أخذ عن أئمة منهم ابن رشيد وابن الزبير وابن الفخار وابن برطال وابن الزيات والطنجالي وابن الشاط. وعنه لسان الدين ابن الخطيب وغيره. له تآليف منها اختصار بهجة المجالس لابن عبد البر واختصار المرتبة العليا لابن راشد كان مولعاً باختصار الكتب تآليفه تزيد على المائة منها أنداء الديم والمواعظ والوصايا والحكم فرغ منه في شعبان سنة 736 هـ ومنها العماد في علوم الإسناد. توفي سنة 750 هـ[1349 م]. فرع فاس 786 - قاضي بجاية أبو العباس أحمد بن أحمد الغبريني البجائي: العالم النحرير المؤلف الشهير الفقيه المطلع الخبير. أخذ عن أعلام منهم عبد الحق بن ربيع وأبو فارس عبد العزيز بن مخلوف وعبد الله بن محمَّد القلعي وأبو العباس الغماري والقاضي ابن زيتون والقاضي محمَّد بن عبد الرحمن الخزرجي وأبو العباس الغماز ولقي أبا بكر بن محرز وابن عميرة وأبا الحسن بن معمر وأحمد بن يوسف الأبلي ومحمد بن أحمد القرشي الغرناطي ومحمد بن الجيان وجماعة يطول ذكرهم وأخذ عنهم، وعنه أخذ جماعة منهم ابناه أبو القاسم أحمد وأبو سعيد أحمد، ألّف عنوان الدراية في علماء بجاية ذكر فيه مشايخه ومن لقيه. توفي سنة 704 هـ أو 714 هـ[1304 م]، أو [1314م]. 787 - أبو عبد الله محمَّد بن خميس الحجري التلمساني: الإِمام الأديب

المتفنن الأريب العالم المشهور الحامل راية المنظوم والمنثور كان من فحول الشعراء وأعلام البلغاء، أثنى عليه كثيراً في نفح الطيب وأزهار الرياض وذكر كثيراً من شعره من ذلك قصيدته التي أولها: عجباً لها أيذوق طعم وصالها ... من لايؤمل أن يمر ببابها كما أثنى عليه ابن دقيق العيد حين وقف على تلك القصيدة. أخذ عن أعلام. وعنه أبو بكر محمَّد بن الفخار. توفي سنة 708 هـ[1308 م]. 788 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد الشريشي: الشهير بالخراز الإِمام الفقيه العمدة الأستاذ الفاضل القدوة. أخذ عن أعلام منهم أبو عبد الله محمَّد القصاب. له تآليف منها الرجز الموسوم بمورد الظمآن في رسم أحرف القرآن، وآخر سماه عمدة البيان، وشرح على الحضرمية، وشرح على البرية وغير ذلك توفي سنة 718 هـ[1318 م]. 789 - القاضي أبو الحسن علي بن محمَّد بن عبد الحق الزرويلي: عرف بالصغير مصغراً ومكبراً الشيخ الإِمام العمدة الهمّام الجامع بين العلم والعمل المبرز الأعدل ومقامه في التحقيق والتحصيل يضرب به المثل كان إليه المفزع في المشكلات والفتوى حفظ كتاب الفصيح في ليلة واحدة في حكايته يأتي ذكرها في ترجمة ابن المسفر. أخذ عن جلة منهم راشد بن أبي راشد وعليه اعتماده وانتفع به وعن صهره أبي الحسن بن سليمان وابن مطر الأعرج، وعنه جماعة منهم عبد العزيز الغوري قيد عنه تقييداً على المدونة وهو من أحسن التقاييد وأصحها وعلي بن عبد الرحمن اليفرني عرف بالطنجي ومحمد بن سليمان السطي وأبو سالم إبراهيم التسولي الشهير بابن أبي يحيي والقاضي أبو البركات المعروف بابن الحاج قيدت عنه تقاييد على التهذيب والرسالة وله فتاوى قيدها عنه تلامذته وأبرزت تأليفاً. توفي سنة 719 هـ[1319م]، وعمره نحو المائة والعشرين عاماً. 790 - أبو عبد الله محمَّد بن سليمان الزواوي: المنعوت بالجمال قاضي القضاة المالكية بالشام الفقيه العمدة الإِمام القدوة سمع من الحافظ أبي الحسين بن

يحيى القرشي وأبي عبد الله محمَّد بن أبي الفضل المرسي وأبي العباس أحمد بن عمر القرطبي وأبي محمَّد بن عبد العزيز بن عبد السلام قدم من المغرب سنة 645 هـ واشتغل في الديار المصرية بالعلم وحدّث وتولى قضاء دمشق ثلاثين سنة وعزل قبل موته بعشرين يوماً توفي سنة 719 هـ[1319 م]. 791 - أبو العباس أحمد بن محمَّد الأزدي المراكشي: عرف بابن البناء الإِمام العالم المشهور المتفنن في العلوم العارف بالتعاليم والهيئة والنجوم المشهور باتباع السنة النبوية وبالصلاح والدين المتين. انتفع بصحبة الولي الكامل أبي زيد الهزميري أخذ عنه ودعا له وكان يراجعه في مشكلات المسائل وعن أبي بكر القلانسي، وقرأ على محمَّد بن عبد الملك وتفقه على أبي عمر الزناتي وقرأ عليه شرحه على الموطأ وعلى القاضي أبي الحسن المغيلي إرشاد أبي المعالي وعلى أبي الوليد بن حجاج المعيار والمستصفى وهما لأبي حامد الغزالي وفرائض الحوفي وتفقه عليه في التهذيب وأخذ علم السنن عن قاضي الجماعة بفاس أبي الحجاج يوسف التجيبي المكناسي وأبي يوسف يعقوب الجزولي وأبي محمَّد الفشتالي وغيرهم وحدّث عن يعيش بن القديم، وعنه جماعة منهم محمَّد بن إبراهيم المعروف بابن الحاج وأبو زيد عبد الرحمن البجائي وأبو جعفر بن صفوان. قال الحافظ ابن رشيد: لم أرَ عالماً بالمغرب إلا رجلين ابن البناء بمراكش وابن الشاط بسبتة. ألّف التآليف الكثيرة في فنون من العلم منها: عنوان مرسوم خط التنزيل، وحاشية على الكشاف، والاقتضاب، والتقريب للطالب اللبيب في أصول الدين، ومنتهى السول في علم الأصول، وتنبيه المفهوم على إدراك العلوم، وشرح على تنقيح القرافي، ومراسم الطريقة في علم الحقيقة، وكتاب في الفرائض؛ وتلخيص في الحساب وشرحه رفع الحجاب، وكليات في المنطق وشرحها وجزء في الجدل وكليات في العربية وغير ذلك مما هو كثير في فنون شتى، واسع الترجمة كثير الكرامات. مولده سنة 649 هـ وتوفي سنة 721 هـ[1321 م]. 792 - أبو عبد الله محمَّد بن عمر الفهري السبتي: يعرف بابن رشيد،

الإِمام الخطيب الذي له في كل فن أوفى نصيب، المحدّث المستبحر في علوم الإسناد والرواية مع تمكن من الدراية العالم الحافظ النظار الرحلة المتحلي بالوقار، وبالحديث كان اشتغاله وفيه عظم احتفاله. أخذ القراءات عن أبي الحسين بن ربيع وقيد عنه تقييداً حسناً على كتاب سيبويه، رحل لأداء فريضة الحج سنة 683 هـ ودخل إفريقية ومصر والحجاز والشام وأخذ عن كثير من الأئمة الأعلام منهم الحافظ عبد العظيم المنذري والعز عبد الله الحرالي وأبو الحسن علي المقدسي وأبو الفرج عبد الرحمن المقدسي وأبو إسحاق ابن عساكر الدمشقي والمعمر بن هارون وشرف الدين الدمياطي وقطب الدين محمَّد القسطلاني وحازم وأبو القاسم بن زيتون والحافظ القنتوري وفي مشيخته كثرة وقد أودعهم رحلته الحافلة المسماة بملء العَيبة فيما جمعه بطول الغيبة في الوجهة الوجيهة إلى مكة وطيبة جمع فيها من الفوائد والفرائد كل غريبة وعجيبة في أربع مجلدات ومن تآليفه ترجمان التراجم في إبداء وجه مناسبات تراجم صحيح البخاري وإفادة النصيح في شرح الصحيح وكان يعتمد في شرح البخاري على أبي عمرو الصفاقسي المعروف بابن التين الممزوج بكلام المدونة وشراحها ومنها السنن الأبين في السند المعنعن والمحاكمة بين الإمامين البخاري ومسلم وأحكام التأسيس في أحكام التجنيس والإضاءات والإنارات في البديع وشرح على كتاب في القوافي لشيخه أبي الحسين حازم. أخذ عنه الجم الغفير منهم ابن جزي وأبو البركات ابن الحاج وأبو الفضل عمر بن إبراهيم التجاني مؤلف الحلى التجانية المجموعة باسم صاحب الترجمة. مولده سنة 657 هـ وتوفي في المحرم بفاس سنة 721 هـ[1321 م]. 793 - أبو القاسم قاسم بن عبد الله بن محمَّد بن الشاط الأنصاري الستبي: الإِمام العالم الجليل وحيد دهره وفريد عصره الحافظ النظار المؤلف المعروف بجودة الفكر والاختصار والتحلي بالوقار. أخذ عن الحافظ المحاسبي وأجازه أبو القاسم بن البراء وابن أبي الدنيا وابن الغماز وأبو جعفر الطباع وأبو الحسن بن أبي الربيع وغيرهم وعنه أبو زكرياء بن الهذيل وابن الحباب والقاضي أبو بكر بن شبرين وجماعة. له تآليف منها أنوار البروق في تعقب مسائل الفروق وتحفة الرائض في علم الفرائض وتحرير الجواب في توفير الثواب وفهرسة حافلة. مولده سنة 643 هـ وتوفي سنة 723 هـ[1323 م].

794 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن داود الصنهاجي الفاسي: المعروف بابن آجروم الفقيه الإِمام العالم العلامة الهمّام الأستاذ المقرئ النحوي البركة الشيخ الكامل الولي الواصل. أخذ عن أعلام وعنه أعلام منهم ولداه العالمان الجليلان محمَّد وعبد الله وعبد الله الوانقيلي ومحمد بن عبد المهيمن وأحمد بن حزب الله. ألّف في النحو المقدمة المشهورة وعمّ نفعها وشرح حرز الأماني في القراءات، مولده سنة 672 هـ وتوفي بفاس سنة 723 هـ[1323 م]. 795 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن علي العبدري الحاحي: الإِمام الأريب الألمعي العلامة المحدّث الراوية الرحال الكاتب البليغ الفهّامة. رحل من المغرب حاجاً مبدأها من بلده حامة وكانت سنة 688 هـ ودخل باجة وتونس والقيروان والقاهرة وغيرها وأفاد واستفاد وأخذ عن أعلام وأثنى عليهم في رحلته منهم بالقيروان أبو زيد الدباغ وأجازه وبتونس الإِمام اللبيدي وبباجة أبو علي الطبلي. أخذ عنه المغرب وهو عن مؤلفه ابن عصفور قال: ولأبي علي هذا مؤلفات تدل على نبله، لم أقف على وفاته. 796 - أبو علي ناصر الدين منصور بن أحمد بن عبد الحق الزواوي المشذالي: الإِمام الفذ الأوحد العالم المتفنن الحافظ المجتهد الشيخ الفاضل من أهل الشورى والفتوى في العلوم والنوازل. رحل صغيراً مع أبيه للشرق وأقام في رحلته نحواً من عشرين عاماً ولقي الأفاضل وأخذ عنهم منهم العز بن عبد السلام لازمه وانتفع به والشرف المرسي وروى عن ابن الحاجب وهو أول من أدخل مختصر شيخه المذكور الفرعي ببجاية ومنها انتشر بسائر بلاد المغرب وعنه أخذ جماعة منهم أبو منصور الزواوي وابن مرزوق الجد وابن المسفر وأبو علي البجائي، وأبو العباس البجائي له شرح على الرسالة لم يكمل. مولده سنة 631 هـ وتوفي سنة 731 هـ[1330 م] ومشذالة قبيلة من زواوة.

797 - أبو إسحاق إبراهيم بن يخلف التنسي المطماطي: الإِمام العالم العامل الفقيه الشيخ الصالح الفاضل، إليه انتهت رياسة العلم بالمغرب. أخذ عن الناصر المشذالي والإمام القرافي وغيرهما من علماء المشرق والمغرب وعنه أبو عبد الله محمَّد ابن الحاج مؤلف المدخل وغيره له شرح على التلقين في عشرة أسفار وأخوه أبو الحسن من العلماء الفضلاء، لم أقف على وفاتهما. 798 - أبو الحسن علي بن عبد الرحمن اليفرني الشهير بالطنجي: الفقيه الحافظ الإِمام العالم الفرضي. أخذ عن أبي الحسن الصغير وغيره وعنه الإِمام السطي وغيره. له تقييد على المدونة. توفي سنة 734 هـ[1333 م]. 799 - أخوه أبو العباس أحمد الشهير بالمكناسي: الإِمام الفقيه العالم العامل الثقة الفاضل أخذ عن أخيه المذكور وعن ابن الزبير وابن رشيد. توفي سنة 752 هـ[1351 م]. 800 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد العبدري الفاسي المعروف بابن الحاج: العالم المشهور بالزهد والورع والصلاح الجامع بين العلم والعمل الفاضل الشيخ الكامل. أخذ عن أعلام منهم أبو إسحاق المطماطي وصحب أبا محمَّد بن أبي جمرة وانتفع به وعنه أخذ الشيخ عبد الله المنوفي والشيخ خليل وغيرهما. ألّف المدخل كتاب حفيل جمع فيه علماً غزيراً والاهتمام بالوقوف عليه متعين. توفي بالقاهرة سنة 727 هـ[1336 م]. 801 - أبو عبد الله محمَّد بن عمر البجائي التنسي: عرف بابن عمر الفقيه الأريب المتفنن الكاتب البليغ العالم الأديب كان صاحب خطة الإنشاء بتونس. حجّ وروى عن أئمة منهم رضي الدين الطبري روى عنه الكتب الخمسة بالحرم الشريف سنة 713 هـ وعنه جماعة منهم الحضرمي وخالد البلوي وأثنى عليه كثيراً في رحلته، له شعر رائق ونثر فائق وتآليف مستظرفة. توفي سنة 740 هـ[1339 م].

802 - أبو موسى إبراهيم بن عبد الله اليزناسي: مفتي فاس وعالمها وصالحها الإِمام العلامة العمدة الفهّامة. أخذ عن أبي الحسن الصغير وابن عفان وغيرهما وعنه جماعة منهم الإِمام الرعيني وله حفيد إمام جليل يأتي الكلام عليه كان بالحياة سنة 740 هـ. 803 - أبو زيد عبد الرحمن بن عفان الجزولي: الفقيه الحافظ شيخ المدونة كان أعلم الناس بمذهب مالك وأصلح الناس وأورعهم كان يحضر مجلسه أكثر من ألف فقيه معظمهم يستظهر المدونة إلا أبا محمَّد الفشتالي فإنه كان يحفظ تفريع ابن الجلاب. أخذ عن أبي الفضل راشد بن أبي راشد الوليدي وأبي زيد الرجراجي قيدت عنه على الرسالة ثلاث تقاييد أحدها في سبعة أسفار والآخر في ثلاثة والآخر في اثنين وكلها مفيدة انتفع الناس بها. عمر أكثر من مائة وعشرين سنة وما انقطع عن التدريس. أخذ عنه جماعة منهم أبو الحجاج يوسف بن عمر توفي سنة 741 هـ أو 744 هـ[1340 م]، أو [1343 م]. 804 - أبو الروح عيسى بن مسعود المنكلاتي الزواوي: الفقيه الإِمام المتفنن في كثير من العلوم، العمدة المتقين الألمعي الذكي الزكي حفظ مختصر ابن الحاجب في ثلاثة أشهر ونصف ثم حفظ الموطأ تفقه ببجاية عن جماعة منهم أبو يوسف يعقوب الزواوي وقدم الإسكندرية وتفقه بها عن جماعة ودرس بمصر وحصل به النفع وانتهت إليه رئاسة الفتوى هناك وتولى القضاء بنابلس ثم بدمشق وناب عن قاضي القضاة بمصر شرف الدين بن مخلوف ثم عن قاضي القضاة تقي الدين الأخنائي شرح صحيح مسلم في اثني عشر مجلداً سماه إكمال الإكمال وشرح مختصر ابن الحاجب الفرغي بلغ فيه الصيد في سبع مجلدات. واختصر جامع ابن يونس وصنف في الوثائق والمناسك وله تاريخ في نحو اثني عشر مجلداً. مولده سنة 664 هـ وتوفي سنة 743 هـ[1342 م].

805 - أبو عبد الله محمَّد بن يحيي الباهلي: عرف بابن المسفر البجائي الشيخ الإِمام العالم المحقق المدرّس المدقق المفتي الصالح قاضي بجاية العادل كان يستعمل في السفارة ودخل فاساً سفيراً ولقي أبا الحسن الصغير وتحدّث معه في الفقه ورد عليه كلمة ملحونة وبعد أن افترق المجلس قال أبو الحسن لأصحابه: بمَ يدرك هذا؟ فقيل له: بمعرفة كتاب الفصيح لثعلب، فحفظه في ليلة واحدة، أخذ عن الناصر المشذالي وغيره وعنه أبو عبد الله الزواوي والخطيب ابن مرزوق والإمام المقري وغيرهم، له إملاء عجيب على مختصر ابن الحاجب الفرعي وله قصيدة سماها نظم فرائد الجواهر في معجزات سيد الأوائل والأواخر وله شرح على أسماء الله الحسنى وكلام عجيب في التصوف وتقاييد في أنواع العلوم وله شعر رائق، توفي سنة 743 هـ أو 744 هـ[1342 م]، أو [1343 م]. 806 - أبو زيد عبد الرحمن بن محمَّد بن عبد الله ابن الإمام التنسي التلمساني: العالم الراسخ والعلم الشامخ الحافظ النظار المتحلي بالوقار الشائع الصيت شرقاً وغرباً وهو أكبر الأخوين المشهورين بابني الإِمام التنسي وهما فاضلا المغرب في وقتهما رحلا لتونس وأخذا عن ابن جماعة وابن القصار والبطرني وغيرهم وأدركا الشيخ المرجاني من إعجاز المائة السابعة المتوفى سنة 699 هـ ورحلا للشرق وأخذا عن أئمته وأعلامه وحصلت لهم هناك شهرة عظيمة وأخذا بفاس عن اليفرني والطنجي والسطي وغيرهم وعنهما الكثير من فضلاء المشرق والمغرب كالمقري ومحمد الشريف التلمساني وابن مرزوق الجد وسعيد العقباني لهما تآليف منها شرح ابن الحاجب الفرعي، وتوفي أبو زيد سنة 743 هـ[1342 م].

807 - وأخوه أبو موسى عيسى: خاتمة الحفاظ بالمغرب ممن اصطفاهم السلطان أبو الحسن معه إلى تونس مثبوتاً في ظل كرامته ثم سرحه إلى بلده وأخذ عنه في رحلته هاته فضلاء تونس منهم ابن خلدون توفي سنة 749 هـ[1348 م] ترجمتهما واسعة وأعقابهما بتلمسان دارجون في تلك الكرامة طبقاً عن طبق. 808 - أبو موسى عمران بن موسى المشذالي: صهر الناصر المشذالي الفقيه الحافظ العالم الكبير المحقق العمدة الشهير أخذ عن أئمة منهم صهره المذكور وعنه جماعة منهم الإِمام المقري له رسالة في اتخاذ الركاب من خالص الفضة وفتاوى كثيرة نقل الكثير منها الونشريسي في معياره، مولده سنة 670 هـ وتوفي سنة 745 هـ[1344 م]. 809 - القاضي شرف الدين يحيى بن مخلوف بن يحيى المقيلي: الإِمام العمدة العالم القدوة من فقهاء المالكية وأعيان رجال الديار المصرية أخذ عن الناصر المشذالي وغيره وعنه جماعة منهم ابن مرزوق الجد وخالد البلوي وأثنى عليه في رحلته توفي سنة 746 هـ[1345 م]. 810 - أبو فارس عبد المؤمن بن محمَّد الجاناتي الفاسي: الإِمام الفقيه العالم الشيخ الصالح أعلم الناس بالمدونة أخذ عن أبي الحسن الصغير وجلس مجلسه توفي سنة 746 هـ. 811 - أبو سالم إبراهيم بن عبد الرحمن التسولي التازي: عرف بابن أبي

يحيى الإِمام الفقيه العلامة العمدة الفاضل الفهّامة أخذ عن ابن رشيد وأبي الحسن بن سليمان وأبي الحسن الصغير لازمه وتفقه عليه وعلى أبي زكريا بن ياسين وأبي الحسن السدراتي وغيرهم وعنه جماعة منهم لسان الدين ابن الخطيب له تقييد على التهذيب وتقييد على الرسالة نبيلان وجمع أجوبة شيخه المذكور التي شرحها الشيخ إبراهيم بن هلال المسمى بالدر النثير، توفي بفاس سنة 749 هـ[1348 م]. 812 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن التميمي الكرسوطي الفاسي: الشيخ الفقيه العالم المتكلم الحافظ أخذ عن أبي زيد عبد الرحمن بن عفان وأبي الحسن الصغير وعبد المؤمن الجاناتي وأبي عبد الله بن عبد الرحمن الجزولي وأبي العباس بن راشد العمراني وابن رشيد وجماعة، ألّف تآليف حسنة منها الطرر تكميل طرر أبي إبراهيم الأعرج وتقييدان على الرسالة كبير وصغير ولخص تهذيب ابن بشير وحذف أسانيد الصحاح الثلاثة البخاري ومسلم والترمذي واستدرك الصحاح الواقعة في الترمذي على البخاري ومسلم، مولده سنة 690 هـ ولم أقف على وفاته. 813 - أبو محمَّد عبد المهيمن بن محمَّد بن عبد المهيمن الحضرمي السبتي: المولد التونسي القرار العلامة المتحلي بالوقار خاتمة الصدور عظيم الرؤساء المتفنن الحامل لواء المنظوم والمنثور الإِمام في الحديث واللغة والتاريخ قرأ على أبي جعفر بن الزبير وغيره وروى عن ابن رشيد وأجازه وأبي عبد الله بن خميس وابن عبد الرفيع وخلف المنتوري وابن الغماز وابن الشاط وأجاز له مالك بن المرحل وأبو الفتح ابن سيد الناس، يحمل العلم عن ألف شيخ ذكرهم في تأليف ضاع بضياعه علم كثير وعنه لسان الدين ابن الخطيب وابن خلدون والإمام المقري وأبو القاسم عبد الله بن يوسف بن رضوان وغيرهم له أربعينيات في الحديث مولده سنة 675هـ وتوفي بتونس بالطاعون الجارف سنة 749 هـ[1348 م]. 814 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله بن عبد النور: قاضي فاس وقاضي

عسكر أبي الحسن المريني كان إماماً مبرزاً في الفقه على مذهب مالك تفقه بالأخوين ابني الإِمام وعنه أخذ جماعة من أعيان تونس حين قدم مع عسكر الأمير المذكور منهم ابن خلدون. وتوفي في تونس بالطاعون الجارف سنة 749 هـ[1348 م]. 815 - أبو فارس عبد العزيز بن محمَّد القوري الفاسي: الفقيه العلامة الصالح الفاضل الإِمام الفهّامة أخذ عن أبي الحسن الصغير وهو أكبر تلامذته وعنه أخذ أبو عمران العبدوسي غيره له تقييد على المدونة توفي سنة 750 هـ[1349 م]. 816 - أبو عبد الله محمَّد بن سليمان السطي: الإِمام الفقيه حافظ المغرب وشيخ الفتوى وامام مذهب مالك العلامة الطائر الصيت الفرضي الفهّامة أخذ عن أبي الحسن الصغير وتفقه بأبي الحسن الطنجي وغيرهما وعنه من لا يعد كثرة منهم ابن خلدون والمقري والعبدوسي الكبير وابن مرزوق الجد وابن عرفة والقباب له تعليق على المدونة وشرح جليل على الحوفية وتعليق على جواهر ابن شاس فيما خالف فيه المذهب اصطفاه أبو الحسن المريني مع جماعة من العلماء بصحبته حين سفره لتونس وأقام بها نحو العامين ثم لما رجع بحراً غرق في سواحل بجاية مع من غرق من الفضلاء بأسطول السلطان المذكور سنة 750 هـ[1349 م]. 817 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن الصباغ المكناسي: العالم المبرز في المعقول والمنقول المتفنن في كثير من العلوم العارف بالحديث ورجاله. أخذ عن مشيخة فاس واجتمع بالأبلي وأخذ عنه وانتفع به وابن هارون وابني الإِمام التنسي، وعنه جماعة منهم ابن عرفة وابن خلدون، أملى بمجلس درسه على حديث "يا أبا عمير ما فعل النغير" أربعمائة فائدة، كان ممن قدم مع السلطان أبي الحسن المريني لتونس وتوفي بالأسطول الذي غرق فيه السطي وغيره سنة 750 هـ.

الطبقة السادسة عشرة

818 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم بن أحمد العبدري التلمساني: عرف بالأبلي الإِمام العلامة العمدة المحصل الفقيه الفهامة المحقق المتفنن الشيخ الفاضل القدوة الكامل. سمع القاضي ابن غبلون وأخذ عن أبي الحسن التنسي وابني الإِمام وابن البنا وانتفع به وغيرهم ورحل للمشرق ولقي أعلاماً وأخذ عنهم، وعنه أخذ جلة منهم ابن خلدون وانتفع به ومحمد بن الصباغ المكناسي والشريف التلمساني والعلامة الرهوني وابن مرزوق الجد وسعيد العقباني وابن عرفة والولي ابن عباد وهو من الجماعة الذين اصطفاهم السلطان أبو الحسن المريني في السفر معه لتونس. مولده سنة 681 هـ وتوفي بفاس سنة 757 هـ[1356 م] له ترجمة واسعة. الطبقة السادسة عشرة من أهل الحجاز 819 - أبو عبد الله محمَّد المعروف بخليل بن عبد الرحمن بن محمَّد المالقي المكي: مفتيها وعالمها وخطيبها بالحرم الشريف كان من أئمة الدين المعروفين بالزهد والورع والصلاح مع الدين المتين. أخذ عن جماعة منهم أبو الحسن بن فرحون؛ وعنه جماعة منهم خالد البلوي وأجازه وأطال الثناء عليه في رحلته وأبو محمَّد عبد الله بن فرحون، توفي سنة 760 هـ[1358 م]. 820 - قاضي المدينة المنورة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم ابن الشيخ أبي الحسن علي بن فرحون المدني: الشيخ الإِمام العمدة الهمام أحد شيوخ الإِسلام وقدوة العلماء الأعلام وخاتمة الفضلاء الكرام كان فصيح القلم كريم الأخلاق. أخذ عن والده وعمه والإمام ابن عرفة وأجازه ووالده وابن الحباب وابن مرزوق الجد وابن جابر وجماعة، وعنه ابنه أبو اليمن وغيره له شرح على مختصر ابن الحاجب

من أهل العراق

الفرعي حفيل للغاية في ثمانية أسفار، وتبصرة الحكام في أصول الأقضية، ومناهج الأحكام لم يسبق لمثله وفيه من الفوائد ما هو معروف، والديباج المذهب في أعيان المذهب فيه نيف وثلاثون وستمائة نفس جمعه من نحو عشرين مؤلفاً ودرة الغواص في محاضرة الخواص لم يسبق إلى مثله ألّفه ألغازاً في الفقه ومقدمة في مصطلح ابن الحاجب وإرشاد السالك إلى أفعال المناسك والمنتخب في مفردات ابن البيطار في الطب وغير ذلك وكل تآليفه غاية في الإجادة لاتساع علمه. عاش وهو يسكن داراً بالكراء. توفي في ذي الحجة سنة 799 هـ[1396 م]. من أهل العراق 821 - القاضي شمس الدين أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن بن عسكر البغدادي: الإِمام العلامة المتفنن في العلوم الفهّامة القائم بلواء مذهب مالك بالعراق كان من العباد وأعلام الفضاء الزهاد. أخذ عن والده وغيره. له تآليف: منها شرح إرشاد والده وشرح مختصري ابن الحاجب الأصلي والفرعىِ، وله تفسير كبير وتعليقة في علم الخلاف وغير ذلك. مولده سنة 701 هـ وتوفي سنة 767 هـ[1365 م]. 822 - أخوه القاضي شرف الدين أحمد: إمام العلماء وعالم الفقهاء الفضلاء. أخذ عن والده وتولى قضاء دمشق ثم رحل لمصر واجتمع به برهان الدين بن فرحون بمنزله ولزم بيتاً هناك للسماع والإفادة. أخذ عنه ابن مرزوق الجد وغيره، لم أقف على وفاته. فرع مصر 823 - قاضي القضاة فخر الدين أحمد بن محمَّد الشهير بابن المخلطة الإسكندري: الإِمام الفقيه الفاضل الأصولي العالم المتفنن الكامل. رحل للمشرق فسمع من الحافظين المزني والذهبي وقرأ الأصول على شمس الدين الأصبهاني والعربية على أبي حيان وتفقه على أبي حفص عمر بن فراج الإسكندري وهو عن

الشيخ عبد الكريم بن عطاء الله عن أبي الحسن الأبياري بسنده. وعنه جماعة منهم أبو العباس بن هلال الربعي. تولى قضاء الإسكندرية مرتين وبها توفي سنة 759 هـ[1357م]، مولده بالإسكندرية سنة 696 هـ. 824 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد وفا الإسكندري: الأصل ويقال المغربي الأصل ثم المصري الشاذلي شيخ الصوفية الإِمام العارف صاحب التوشيحات التوحيدية التي لم ينسج على منوالها أحد من البرية الشائع الذكر الجليل القدر وكلامه في الطريقة كثير مدوّن أخذ عن الشيخ داود ما خلا وغيره. وعنه من لا يعد كثرة منهم الشيخ علي الكراي الصفاقسي المعروف بأبي بغيلة ولما دنت وفاته كان ابنه الشيخ علي وفا رضيعاً فخلع ناطقته على الأبزاري الإسكندري وقال: هذه وديعة عندك لعلي حتى يبلغ فلما بلغ علي وخلعها عليه فلم يمكن للأبزاري عمل بيت واحد من ذلك الوقت وانتقل السر إلى الشيخ علي وفا. مولده سنة 702 هـ وتوفي سنة 760 هـ[1358 م]. 825 - ضياء الدين أبو المودة خليل بن إسحاق الجندي: الإِمام الهمام أحد شيوخ الإِسلام والأئمة الأعلام الفقيه الحافظ المجمع على جلالته وفضله الجامع بين العلم والعمل أخذ عن أئمة منهم أبو عبد الله ابن الحاج صاحب المدخل وأبو عبد الله المنوفي. وعنه أئمة منهم بهرام والأقفهسي وحسن البصري وخلف النحريري ويوسف البساطي والتاج الإسحاقي و: 826 - شمس الدين محمَّد الغماري المالكي: الإِمام المتوفى سنة 782 هـ[1380 م]، له تآليف مفيدة دالة على فضل وسعة اطلاع ونبل منها شرح مختصري ابن

الحاجب الأصلي والفرعي المسمى بالتوضيح وضع عليه القبول ومختصر في المذهب مشهور أقبل عليه الطلبة من كل الجهات واعتنوا بشرحه وحفظه ودرسه وله منسك وشرح المدونة ولم يكمل وتأليف في مناقب شيخه المنوفي وغير ذلك، قال ابن حجر: توفي سنة 767 هـ وقال الشيخ زروق: توفي سنة 769 هـ[1367 م] وقال تلميذه الإسحاقي: توفي سنة 776 هـ[1374 م] ورجح اهـ نيل الابتهاج. 827 - قاضي القضاة علم الدين سليمان بن خالد البساطي الطائي: الإِمام الفاضل المشتهر بمعرفة المذهب المشارك في الفنون الشيخ الكامل أخذ عن أعلام. توفي سنة 786 هـ[1384 م]. 828 - قاضي القضاة أبو العباس أحمد بن عمر بن هلال الربعي: نسبة إلى ربيعة بن نزار الإِمام العالم العامل النظار المتفنن في علوم شتى العمدة الفقيه الفاضل القدوة. تفقه بفخر الدين بن المخلطة وأخذ عنه وأجازه بسنده من طريق ابن الحاجب إلى الإِمام مالك وأخذ أيضاً عن سراج الدين بن عمر المراكشي وزين الدين عبد الملك بن رستم الإسكندري وأخذ الأصول عن شمس الدين الأصبهاني والعربية عن أبي حيان والفقه وغيره عن الشيخ المنوفي وشرف الدين عيسى المغيلي وغيرهم. وعنه جماعة منهم أبو أيمن محمَّد بن برهان الدين بن فرحون وأخوه حسن له تآليف منها شرح ابن الحاجب الفرعي في ثمانية أسفار وشرحان على مختصره الأصلي وعلى الأشكال الأربع التي في مختصره الأصلي وتفسير آية الكرسي فيه فوائد كثيرة وشرح كافية ابن الحاجب وغير ذلك، لقيه برهان الدين بن فرحون بدمشق سنة 792 هـ وأخذ عنه ولده المذكور. توفي سنة 795 هـ[1392 م]. 829 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن عطاء الله الزبيري الإسكندري: شهر بابن التنسي قاضي القضاة بمصر ينتهي نسبه إلى الزبير بن العوام رضي الله عنه من بيت علم ورئاسة وأبوه جمال الدين. تولى قضاء الإسكندرية كان من الأئمة الأعلام فقيهاً عارفاً بالأحكام. أخذ عن أعلام وعنه ابن مرزوق الجد وتذاكر معه في تفسير

فرع إفريقية

آية الكرسي وأنها اشتملت على سبعة عشر اسماً من أسمائه تعالى ما بين ظاهر ومضمر وأخذ عنه أيضاً البدر الدماميني وأبو مهدي الوانوغي صاحب الحاشية على المدونة. له شرح على التسهيل وصل فيه باب التصريف وتعليق على ابن الحاجب الفرعي وشرح الأصلي والكافية. مولده سنة 740 هـ وتوفي في رمضان سنة 801 هـ[1398م]. فرع إفريقية 830 - أبو الحسن علي بن عبد الله الشريف العواني القيرواني: الشيخ الفقيه العالم العامل القاضي العادل من بيت علم وفضل، تولى قضاء القيروان. أخذ عن الرماح وابن عبد السلام وبه تفقه وغيرهما وعنه الشيخ الشبيبي وغيره. توفي في ربيع الأول سنة 757 هـ[1356 م]. 831 - قاضي الجماعة أبو القاسم أحمد بن أحمد بن أحمد ثلاثاً الغبريني: فقيه تونس وعالمها وإمامها وخطيبها بجامع الزيتونة ووالده مؤلف عنوان الدراية كان علامة فاضلاً عالماً عاملاً. أخذ عن ابن عبد السلام وغيره وعنه البرزلي وأبو الطيب بن علوان وأبو مهدي عيسى الغبريني وأبو عبد الله القلشاني وجماعة توفي سنة 772 هـ[1370م] وتولى مكانه الخطابة ابن عرفة. 832 - أخوه شقيقه أبو سعيد أحمد: كان من أعلام العلماء الفضلاء محدثاً فقيهاً لم أقف على وفاته. 833 - قاضي الجماعة حيدرة بن محمَّد بن يوسف بن عبد الملك بن حيدرة التونسي: الإِمام الفقيه الفاضل العالم الكامل كان يستحضر ابن يونس في الفقه، حمل القراءات عن أبي العباس البطرني وسمع من أبي عبد الله بن حيان

وأخذ الفقه عن المعمر أبي عبد الله بن هارون وأبي عبد الله القيسي الأزدي وأبي عبد الله اللبيدي وانفرد بشيخوخة العلم بعد أبي عبد الله بن عبد السلام لم يذكر وفاته اهـ ديباج وفي نيل الابتهاج بعد تعرضه لترجمة أبي العباس أحمد بن حيدرة ما نصه: قلت وغالب ظني أنه الذي عرفه في الديباج وسماه حيدرة فتأمله اهـ قلت: يظهر مما تقدم وما سنذكره أنهما شخصان أحدهما معاصر لابن عبد السلام والآخر لابن عرفة قال الزركشي وفي سنة 766 هـ توفي قاضي الجماعة أبو حفص عمر بن عبد الرفيع وتولى مكانه الشيخ محمد بن خلف الله النفطي وكان من طبقة الفقهاء والحال أن الأحق بها قاضي الأنكحة الشيخ ابن حيدرة ثم قال: وفي سنة 770 هـ وقع القبض على محمد بن خلف الله المذكور وقتل وتولى مكانه قاضي الأنكحة الشيخ الفقيه العالم الحافظ أحمد بن حيدرة ثم قال: وفي ربيع الأول سنة 778 هـ توفي قاضي الجماعة بتونس أبو العباس أحمد بن محمد بن قاسم بن محمد بن حيدرة اهـ باختصار من مواضع وفي نيل الابتهاج كان أبو العباس المذكور معاصراً لابن عرفة وقع بينهما نزاع في مسائل. أخذ عن ابن عبد السلام وغيره وعنه أبو الطيب بن علوان وأبو مهدي الغبريني والإمام البرزلي ونقل عنه في نوازله ومحمد وعمر وأحمد القلشانيون اهـ وقد تعرضنا لترجمة أبي عبد الله محمد بن حيدرة في الطبقة التي قبل هاته تأمل. 834 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الجليل بن فندار المرادي القيرواني: عرف بابن عظوم الإِمام الفقيه العلامة القوال بالحق الفهامة. أخذ عن ابن عبد السلام وغيره وعنه الشيخ الجديدي وغيره، تولى قضاء قفصة ثم القيروان. توفي في المحرم سنة 782 هـ[1380م]. 835 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن يوسف البلوي الشبيبي القيرواني: الشيخ الصالح الفقيه الفاضل القدوة العالم العامل قرأ بالقيروان على أبي الحسن العواني وعليه اعتماده وأبي عمران المناري وأبي عبد الله القلال وبتونس على الشيخ المفتي محمد الهسكوري وغيرهم وعنه جماعة منهم البرزلي وابن ناجي والزعبي وأبو محمد عبد الله العواني وأبو حفص المسراتي. أقام نحواً من خمس وثلاثين عاماً يدرس. توفي في صفر سنة 782 هـ[1380م] ودفن بإزاء قبر أبي محمد عبد الله بن أبي زيد.

836 - قاضي الجماعة أبو عبد الله محمد ابن قاضي الجماعة أحمد الغماز: كان من العلماء العاملين والقضاة المتقين العادلين علامة زمانه واحد عصره وأوانه جمع العلم والزهد أخذ عن أعلام منهم الرضي الطبري وروى عنه البخاريَّ وهو عن أبي الحسن بن خيرة بسنده لمؤلفه وعنه جماعة منهم: أبو عبد الله الغساني المكناسي وأبو عبد الله محمد الوادي آشي عمر حتى جاوز التسعين. توفي سنة 785 هـ[1383م]. 837 - وفي السنة توفي قاضي الجماعة أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن البلوي القطان: وتولى مكانه القضاء الفقيه أبو زيد عبد الرحمن البرشكي وتوفي سنة 787 هـ[1385م]، وتولى مكانه أبو مهدي عيسى الغبريني. 838 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله السبأي: عرف الجديدي القيرواني الشيخ الإِمام الفقيه العالم من أكبار الصالحين مجاب الدعوة كثير الكرامات. أخذ عن القاضي أبي عبد الله بن فندار عرف عظوم البخاري وغيره له مدرسة بالقيروان مقصودة لقراءة القرآن والعلوم وغالب علماء القيروان وغيرها قرأوا بها وانتفع به خلائق كالشيخ القرقوري الصفاقسي وعبد العزيز العياشي الطبلبي والشيخ الصالح محمد بن أبي زيد الناظر على قصر الرباط بالمنستير. توفي المترجم له بمكة سنة 786 هـ وقام مقامه خليفته الشيخ الصالح الشهير الذكر عبيد بن يعيش الغرياني المتوفى سنة 805 هـ[1402م]. 839 - أبو العباس أحمد بن علوان التونسي الشهير بالمصري: الفقيه العالم الزاهد الإِمام المؤلف المحقق العمدة العابد أخذ عن أبي العباس أحمد بن إسماعيل وعنه ابنه أبو الطيب وغيره من تآليفه لباب اللباب على الجلاب واقتطاف الأكف من الروض الأنف واجتناء الزهر من كتاب الطرر ومختصر المدارك واختصار كتاب أنوار القلوب في العلم الموهوب وكتاب التشوف إلى أهل التصوف وغير ذلك نحواً من أربعين تأليفاً توفي بالإسكندرية في شوال سنة 787 هـ[1385 م]. 840 - أبو عبد الله محمد الغرياني التونسي: الإِمام الفقيه المحصل المدرس المبرز الأعدل من معاصري ابن عرفة تنازع معه في نازلة القبطان المكاس القائل لرجل أنا عدوك وعدو نبيك أفتى هو بأنه مرتد وابن عرفة بأنه متنقص، لم أقف على وفاته.

841 - أبو عبد الله محمد ابن الحافظ أبي العباس البطرني الأنصاري التونسي: الفقيه المحدّث الراوية المقرئ المتفنن الشيخ الصالح الزاهد المجاب الدعوة استخلفه ابن عرفة في الخطابة بالجامع الأعظم حين سافر للحج سنة 792 هـ أخذ عن والده وعن القطب ماضي ابن سلطان تلميذ أبي الحسن الشاذلي يروي عنه جميع أحزابه وأجازه نور الدين بن فرحون وابن جماعة وغيرهم وعنه أئمة منهم ابن خلدون والبرزلي وأبو الطيب بن علوان وابن الخطيب القسنطيني والبسيلي والوانوغي مولده سنة 702 هـ وتوفي في ذي القعدة سنة 793 هـ[1390 م]. 842 - أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن: شهر بالقصار الأزدي التونسي من علمائها معاصر لابن عرفة كان إماماً علامة محققاً عارفاً بالنحو وغيره أخذ عن أعلام وعنه ابن مرزوق الحفيد وأبو العباس البسيلي وغيرهما له شرح على البردة شرح شواهد المقرب نفيس جداً في مجلد وحاشية على الكشاف كان حياً بعد 790 هـ. 843 - أبو علي عمر بن البراء التونسي: قاضي الأنكحة بها نبيه البيت الإِمام الفقيه العالم أخذ عن أئمة توفي سنة 797 هـ[1394م]. 844 - أبو عبد الله محمد بن قليل الهم التونسي: قاضي الأنكحة بها وفقيهها العمدة وعالمها القدوة، توفي سنة 802 هـ[1399م]. 845 - أبو عبد الله محمد ابن الشيخ الصالح المتبرك به محمد بن عرفة الورغمي التونسي: إمامها وخطيبها بجامعها الأعظم خمسين سنة الإِمام شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ أستاذ الأساتذة وقدوة الأئمة الجهابذة علامة الدنيا الحائز قصبات السبق في العلوم بلا ثنيا الحافظ النظار المتحلي بالوقار مع الجلالة ومزيد الاعتبار. أخذ عن جلة منهم ابن عبد السلام روى عنه وسمع منه وانتفع به ومحمد بن هارون والإمام السطي ومحمد بن الحباب وابن قداح ومحمد بن حسن

الزبيدي ومحمد بن سلامة ومحمد الأجمي ومحمد الوادي آشي والشريف التلمساني. وعنه من لا يعد كثرة من أهل المشرق والمغرب، منهم البرزلي والأبي وابن ناجي وابن عقاب وأحمد ومحمد ابنا القلشاني وابن الخطيب القسنطيني وعيسى الغبريني والزنديوي وابن علوان والزعبي والوانوغي وابن الشماع وابن مرزوق الحفيد والدماميني وابن فرحون وأبو الطيب بن علوان وابن عمار المصري. حج سنة 792 هـ وأخذ عنه في طريقه المصريون والمدنيون. له تآليف عجيبة في فنون من العلم بديعة منها مختصره في الفقه أفاد فيه وأبدع والحدود الفقهية شرحها الرصاع واختصر فرائض الحوفي وتأليف في الأصول عارض به طوالع البيضاوي وعشاريات ومختصر في المنطق وتفسير وغير ذلك. ترجمته واسعة ذكرها غير واحد قال العلامة ابن الأزرق إن بلوغه مراتب الغاية العلمية لا ينكر ومقامه في المجاهدة العملية من أشرف ما يعرف به ويذكر. تولى إمامة جامع الزيتونة سنة 756 هـ والخطابة به سنة 772 هـ والفتيا سنة 773 هـ وكان والده من العلماء الصالحين. مولده سنة 716 هـ وتوفي في جمادى الثانية سنة 803 هـ[1400 م] وقبره بالجلاز معروف متبرك به. 846 - قاضي القضاة ولي الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي: الإشبيلي أصلاً التونسي مولداً، الحافظ المتبحر في سائر العلوم الرحال المطلع الجهبذ المفضال الإخباري العجيب الكاتب الأديب سارت أخباره مسير الشمس وبيته عريق في الفضل والنباهة أعلامه بين رئاسة سلطانية وعلمية مدة قرون. ترجم لنفسه وسلفه ومشيخته في تأليف مستقل. أخذ عن أعلام منهم والده المتوفى سنة 749 هـ وأبو عبد الله محمد بن بدال. أخذ عنه القراءات رواية ودراية بسنده وأبو العباس القصار ومحمد بن جابر الوادي آشي سمع منه مسلماً والموطأ وبعضاً من الأمهات الخمس وناوله كتباً كثيرة في العربية والفقه وأجازه إجازة عامة وابن عبد السلام وكانت له طرق عالية وأبو عبد الله بن حيدرة والسطي وابن عبد المهيمن لازمه وأخذ عنه سماعاً وإجازة وأبو العباس الزواوي وأبو عبد الله الأبلي وأجازه وأبو عبد الله محمد الزواوي وأبو القاسم عبد الله بن رضوان وأبو القاسم الرحوي

وأبو موسى عيسى ابن الإِمام وأبو عبد الله محمد بن الفخار وأبو عبد الله محمد بن هلال. رحل للأندلس والمغرب وأفاد واستفاد وأخذ عن أعلام منهم قاضي الجماعة بفاس أبو عبد الله محمد المقري المتوفي سنة 758 هـ وقاضي الجماعة أبو القاسم محمد بن يحيى البرجي المتوفى سنة 786 هـ وأبو القاسم الشريف السبتي وأبو البركات محمد ابن الحاج البلفيقي وأبو عبد الله محمد بن أحمد الشريف التلمساني. وعنه جلة منهم ابن مرزوق الحفيد والدماميني والبسيلي والبساطي وابن عمار وابن حجر ومن لا يعد كثرة. شرح البردة شرحاً بديعاً ولخص كثيراً من كتب ابن رشيد وله تعليق في المنطق ولخص محصل الفخر الرازي وألّف في الحساب وأصول الفقه وألّف تاريخه السير والعبر المشهور الذي عرفه الخاصة والجمهور عظيم النفع والفائدة يشتمل على مقدمة وثلاثة كتب بدأ في المقدمة بالانتقاد التاريخي ثم بحث عن حال الجمعية التأنيسية البشرية في بداية أمرها وخطط الكرة الأرضية بإيجاز وبحث عن عظمة تأثير تنوعات الأقاليم في النوع الإنساني وعن الأسباب الموجبة لعلو شأن الممالك وانحطاطها وعن الشغل من حيث هو وعدد الصنائع العقلية والعملية وعن ترتيب العلوم حسب موضوعاتها وأيد قوله بأمثلة غريبة استمدها من التواريخ السنوية التي عند الأمم قال تلميذه الحافظ ابن حجر في تأليفه لمسمى بإنباء الغمر حين عرف بشيخه المذكور صنف التاريخ الكبير في سبع مجلدات ضخمة ظهرت فيها فضائله وأبان فيه عن براعة ولم يكن مطلعاً على الأخبار جليها ولا سيما أخبار المشرق وأجاب عن ذلك الشهاب المقري في أزهار الرياض بما محصله وربما يقع الغلط في تاريخ أهل المغرب لبعد الديار ولغير ذلك كما لا يخفى، كما أن كثيراً من المغاربة لا يحررون تاريخ المشارقة لما ذكر، تولى قضاء القضاة بالقاهرة وقضاء حلب وفي وقعة تيمورلنك وقع أسيراً سميراً وجال في الأقاليم، وله مع ملوك تونس والمغرب والأندلس والقاهرة والعراق أمور يطول ذكرها وكان بينه وبين ابن عرفة مشاحنة رحم الله الجميع موجبها المعاصرة. مولده بتونس في رمضان سنة 732 هـ وتوفي بالقاهرة في رمضان سنة 807 هـ[1404 م] ودفن بمقابر الصوفية. 847 - وأخوه أبو زكرياء يحيى بن خلدون: كان من أفاضل العلماء وأعيان الأدباء الشعراء واحد الزمان رئيس الكتبة والإنشاء بتلمسان. توفي سنة 788 هـ[1386 م] ألّف بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد.

فرع الأندلس

فرع الأندلس 848 - أبو عبد الله محمد بن علي الفخار البيري: الأستاذ المحقق الإِمام العلامة النظار الفهامة أخذ عن أبي عبد الله الكمال وغيره، وعنه لسان الدين ابن الخطيب والإمام الشاطبي وأبو البركات ابن الحاج ومن لا يعد كثرة، أثنى عليه كثيراً في نفح الطيب. توفي سنة 754 هـ[1353 م]. 849 - أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله الحميري الغرناطي: يعرف بابن الحاج الكاتب البليغ العلامة العالم المتفنن الرحلة المحدّث الراوية الفهامة. روى عن مشيخة بلده وأخذ في رحلته عن أئمة كالذهبي والبرزالي والمزي وناهيك بهم من حفاظ. له تآليف منها جزء في بيان الاسم الأعظم وكتاب في التصوف وجزء في الفرائض والفصول المقتضبة في أحكام الشريعة وله رحلة حافلة ونظم رائق عذب جمع بين جزالة المغاربة ورقة المشارقة وكان رفيقاً في رحلته لأبي البقاء خالد البلوي. مولده سنة 713 هـ وامتحن بالأسر سنة 762 هـ ثم خلصه الله، لم أقف على وفاته. 850 - القاضي أبو البقاء علم الدين خالد بن عيسى البلوي القنطوري الأندلسي: الإِمام العالم الكامل المتفنن الفاضل الكاتب الرحلة الأريب المطلع الأديب. كثب بتونس شيئاً يسيراً على أميرها وتولى قضاء بعض الجهات بالأندلس، أخذ عن والده وعبد العزيز القوري وأبي رشيد وعبد المؤمن الجاناتي وعبد الرحمن الجزولي وابنه محمد وأبي موسى ابن الإِمام وأبي عمران المشذالي وابن عبد السلام وابن هارون وابن بدال وابن البراء، ترجم شيوخه في رحلته وأطال الثناء عليهم وغالبهم أجازه إجازة عامة وأخذ أيضاً عن ابن عبد الستار وعيسى بن مخلوف المغيلي وابن عمر وغيرهم مما هو كثير، رحل وأفاد واستفاد من أعلام من أهل المشرق والمغرب، ألّف الرحلة المسماة تاج المفرق في تحلية علماء المغرب والمشرق مشحونة بالفرائد والفوائد وفيها من الأدب والعلوم ما لا يتجاوزه الرائد، كان بالحياة سنة 755 هـ.

851 - أبو جعفر أحمد بن علي: المعروف بابن خاتمة الفقيه الجليل العالم العامل الإِمام العمدة الفاضل. أخذ عن أبي البركات ابن الحاج وابن جابر وغيرهما، له تآليف منها تاريخ المدينة المنورة، توفي في شعبان سنة 770 هـ[1368م]. 852 - قاضي الجماعة أبو البركات عماد الدين محمد بن محمد بن إبراهيم بن حزب الله البلفيقي: المعروف بابن الحاج شيخ المحدثين والفقهاء والأدباء والصوفية والخطباء وسيد أهل العلم بالإطلاق المتفنن الحائز قصب السباق من بيت علم وجلالة وصلاح وعدالة، أخذ عن عمه أبي القاسم محمد وابن الزبير وابن رشيد وأبي الحسن الفيجاطي والقاضي أبي بكر بن أبي العاصي وأبي محمد بن سلمون وابن الكماد وابن الفخار وابن منظور وابن هانئ وابن البناء وأبي الحسن الصغير ومحمد بن عبد المنعم وأبي زيد الجزولي والقاضي المشذالي ومن لا يعد كثرة، وعنه جماعة منهم ابن خلدون والحضرمي وأبو زكرياء السراج ولسان الدين ابن الخطيب، له تآليف كثيرة بديعة منها: خطر فنظر على وثائق ابن فتوح، والإفصاح فيمن عرف بالأندلس بالصلاح وسلوة الخاطر فيما أشكل من نسبة الذكر إلى الذاكر، وتأليف في أسماء الكتب والتعريف بمؤلفيها، وكتاب فيما كثر دوره في مجالس القضاة، والمؤتمن على أبناء الزمن كتاب مفيد وغير ذلك، توفي في شوال سنة 771 هـ[1369م] انظر نفح الطيب. 853 - لسان الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد التلمساني الغرناطي يعرف بابن الخطيب: البارع الأديب الألمعي الأريب الشهير الذكر الجليل القدر المتبحر في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم صاحب الفنون المنوعة والتآليف العجيبة ذو الوزارتين. أخذ عن أعلام منهم أبو عبد الله العواد وأبو الحسن القيجاطي وأبو القاسم بن جزي وابن الفخار لازمه وانتفع به وابن الجياب وأبو عبد الله بن جابر وأخوه أبو جعفر وأحمد الجنان وأبو البركات ابن الحاج وابن مرزوق الجد وأبو محمد بن سلمون وأخوه القاضي أبو القاسم سلمون وابن ليون

وابن لب والوزير الرندي وأبو عمر بن أبي جعفر بن الزبير وأبو الحسن التلمساني وأبو القاسم بن البنا والقاضي أبو عبد الله المقري وأبو القاسم الشريف ومن لا يعد كثرة، وعنه جماعة منهم الوزير ابن زمرك وأبو بكر بن عاصم، ألّف تآليف بديعة في فنون من العلم نحو الستين: منها الإحاطة في أخبار غرناطة كتاب جليل، وريحانة الكتاب، وعائد الصلة وصل به صلة ابن الزبير، ونفاضة الجراب، وحمل الجمهور على السنن المشهور، وسد الذريعة في تفضيل الشريعة، وكتاب الأعلام بالتاريخ, والإكليل الزاهر في فضل نظم التاج من الجواهر، والتاج المحلى في مسألة القدح المعلى، والكتيبة الكامنة في أدباء المائة الثامنة، وروضة التعريف بالحسب الشريف في التصوف، وخطرة الطيف في رحلة الشتاء والصيف، وبستان الدول شجرات عشر: شجرة السلطان ثم الوزارة ثم العمل ثم الجهاد أسطولاً وخيولاً ثم المضطر إليهم في باب السلطنة من الأطباء والمنجمين والندماء والشعراء وغيرهم ثم الرعايا في أسفار موضوع غريب ما سمع بمثله وقيل أن يشغر عنه فن من الفنون، وتلخيص الذهب في اعتبار عيون كتب الأدب، وكتاب الاعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإِسلام وهو آخر مؤلفاته، والبيطرة في محاسن الخيل وغيرها، والأصول في حفظ الصحة في الفصول، وجزء في الطب، ورجز في الأغذية ورجز في السياسة، وكتاب الوزارة، وألفية في أصول الفقه، ورسالة في الطاعون وغير ذلك مما هو كثير في فنون شتى، له ترجمة واسعة ذكرها غير واحد منهم الشهاب المقري ذكرها في أزهار الرياض وفي نفح الطيب وأطال وكان تأليفه وضع لأجله. مولده سنة 713 هـ قتل بفاس في خبر طويل الذيل فاتح عام 776 هـ[1374 م] ودفن بمقبرة باب المحروق وفيها توفي أبو العباس أحمد بن يحيى التلمساني ويعرف بابن أبي حجلة. 854 - أبو سعيد فرج بن قاسم بن لب الغرناطي: إمامها ومفتيها وعالمها الفهامة من أكابر العلماء ومحققيهم العلامة له درجة الاختيار في الفتوى معظم عند الخاصة والعامة أكثر المواق من النقل عنه في شرح المختصر وقال: نحن على فتاويه في الحلال والحرام. أخذ عن القاضي المعروف بابن بكر وبه تفقه وأبي جعفر الزيات وأبي محمد بن سلمون والطنجالي وأجازه والناصر المشذالي وابن عبد الرفيع وأبي محمد بن البراء وابن عبد النور والتاج الفاكهاني وفخر الدين بن

المنير وغيرهم. وروى عن ابن جابر الوادي آشي وعنه من لا يعد كثرة منهم أبو زكرياء السراج والمنتوري وقاسم بن علي المالقي والإمام الشاطبي ومحمد بن عاصم وابنه أبو يحيي بن عاصم وأخوه أبو بكر وأبو القاسم بن سراج والإمام الحفار وابن بقي ولسان الدين ابن الخطيب وابن زمرك وابن علاق وابن الخشاب ومحمد بن جزي. له تأليف في مسائل من العلم كمسألة الدعاء إثر الصلوات ومسألة الإمامة بالأجرة والرد على ابن عرفة في القراءة بالشاذ في الصلاة وشرح جمل الخزرجي وتصريف التسهيل وفتاوى مشهورة. مولده سنة 701 هـ وتوفي في ذي الحجة سنة 782 هـ[1380 م]. 855 - أبو بكر أحمد بن أبي القاسم محمد بن جزي: من بيت علم وعدالة وفضل وجلالة، أحد الجهابذة وأستاذ الأساتذة الفقيه الفاضل العالم المتفنن الكامل. أخذ عن والده وانتفع به وبعض معاصري والده، وعنه أبو بكر بن عاصم وغيره. تولى الكتابة السلطانية وقضاء غرناطة والخطابة بجامعها. ألّف الأنوار السنية شرح لكتاب والده المسمى بالقوانين الفقهية وله رجز في الفرائض. توفي سنة 785 هـ[1383م]. 856 - أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي: العلامة المؤلف المحقق النظار أحد الجهابذة الأخيار وكان له القدم الراسخ في سائر الفنون والمعارف أحد العلماء الأثبات وأكابر الأئمة الثقات الفقيه الأصولي المفسر المحدّث، له استنباطات جليلة وفوائد لطيفة وأبحاث شريفة مع الصلاح والعفة والورع واتباع السنة واجتناب البدع. أخذ عن أئمة منهم ابن الفخار لازمه وأبو عبد الله البلنسي وأبو القاسم الشريف السبتي وأبو عبد الله الشريف التلمساني والإمام المقرئ وابن لب والخطيب ابن مرزوق وأبو علي منصور المشذالي وأبو العباس القباب وأبو عبد الله الحفار وغيرهم وعنه أبو بكر بن عاصم وأخوه أبو يحيى محمد صاحبه وانتفع به وورث طريقته وعبد الله البياني وخلق وله أبحاث شريفة مع كثير من الأئمة في مشكلات المسائل كالقباب والفشتالي وابن عرفة وابن عباد أجلت عن ظهوره فيها وقوة عارضته وإمامته. وبالجملة فقدره في العلوم فوق ما يذكر وتحليته في التحقيق فوق ما يشهر. له تآليف نفيسة اشتملت على تحريرات للقواعد وتحقيقات لمهمات الفوائد منها شرح جليل على الخلاصة في أربعة أسفار

فرع فاس

والموافقات في الفقه جليل جداً لا نظير له من أنبل الكتب وتأليف جليل في الحوادث والبدع في غاية الإجادة سماه الاعتصام والمجالس شرح به كتاب البيوع من البخاري فيه من الفوائد والتحقيقات ما لا يعلمه إلا الله تعالى وكتاب الإفادات والإنشاءات فيه طرف وتحف وملح وعنوان الاتفاق في علم الاشتقاق وله غير ذلك وفتاوى كثيرة وكان يرى جواز ضرب الخراج على المسلمين للمصلحة انظر نيل الابتهاج تستفد. توفي في شعبان سنة 790 هـ[1388م]. 857 - أبو عبد الله محمد بن يوسف ويعرف بابن زمرك: الوزير الخطير العلامة التحرير الخطيب البليغ الكاتب الماهر الأديب الشاعر الراوية المحدّث المتفنن المحقق المتقن. أخذ عن لسان الدين ابن الخطيب وبه تأدب وتخرج وورث خطته بعد ما أظلم الجو بينهما وابن الفخار والشريف السبتي والشريف التلمساني وابن لب واختص به وابن مرزوق الجد وروى عنه والحافظ المقرئ وأبي علي الزواوي وأبي البركات ابن الحاج أطال الثناء عليه في الإحاطة. له شعر جيد رائق ونثر عذب فائق نقل الكثير منه في نفح الطيب وأزهار الرياض وفيه حكايته صفة قتله بين عشيرته وأهله وكان ذلك بعد سنة 795 هـ مولده في شوال سنة 733 هـ. 858 - أبو الفداء إسماعيل بن يوسف المعروف بابن الأحمر: الفقيه العالم المفضال الراوية الإِمام الرحال. أخذ عن الإِمام الرعيني وأبي عبد الله الفشتالي وابن رشيد وغيرهم، له شرح على البردة وله نثير الجمان وتأنيس النفوس وغير ذلك، توفي سنة 807 هـ[1404 م]. فرع فاس 859 - أبو علي الحسن بن حسين البجائي: الفقيه العالم المحقق الإِمام العمدة المدقق أخذ عن الناصر المشذالي وغيره ولما وردت فتوى ابن عبد الرفيع في

ثبوت الشرف من جهة الأم أمره شيخه المذكور بالجواب فألّف رسالة رد فيها على ابن عبد الرفيع وله شرح على المعالم الدينية. توفي سنة 754 هـ[1353م]. 860 - قاضي الجماعة بفاس أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد القرشي التلمساني: الشهير بالمقرّي الإِمام العلامة المحقق القدوة الفهامة الفقيه الأصولي الحجة النظار المتحلي بالوقار أحد محققي المذهب الثقات وأكابر فحوله الأثبات العمدة المتفنن في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم حج ولقي أعلاماً وأخذ عنهم، كأبي عبد الله البلوي والابلي وابني الإِمام وعمران المشذالي والمجاصي والقاضي الشريف السبتي والقاضي ابن هدية ومحمد بن حسن الزهري التونسي وعبد المهيمن الحضرمي وابن عبد السلام وابن هارون وابن الحباب والأجمي وابن سلامة وأبي الحسن المنتصر وعبد الله المنوفي وخلق، وعنه جماعة منهم الإِمام الشاطبي ولسان الدين ابن الخطيب وابن خلدون وابن عباد وابن علاق وابن زمرك وعبد الله بن جزي والقيجاطي وغيرهم مما هو كثير، ألّف كتاب القواعد اشتمل على ألف قاعدة ومائتي قاعدة وهو كتاب عزيز مفيد لم يسبق إليه وحاشية بديعة على مختصر ابن الحاجب الفرعي والحقائق والرقائق في التصوف بديع شرحه الشيخ أحمد زروق والتحف والطرف غاية في الحسن وله تلخيص في أصل نسبته وقراءته وأسماء شيوخه وغير ذلك مما هو كثير ترجمته واسعة ذكرت مفردة ومضافة ذكر بعضها حفيده الشهاب المقرّي في نفح الطيب تولى القضاء فقام به علماً وعملاً فحمدت سيرته وتوفي وهو يتولاه سنة 756 هـ[1355م]. 861 - أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الجزولي: قاضي فاس وعالمها العامل الفقيه العمدة الفاضل. أخذ عن مشيخة بلده ودخل تونس وأخذ عن ابن عبد الرفيع وأبي عبد الله النفزاوي وعنه ابن خلدون والخطيب ابن مرزوق وأبو عبد الله الكرسوطي. توفي سنة 758 هـ[1356م].

862 - أبو العباس أحمد بن إدريس البجائي: الإِمام العلامة الشيخ الصالح الفهامة. أخذ عن جماعة وعنه أبو زيد عبد الرحمن الوغليسي ويحيى الرهوني وابن خلدون. له شرح على ابن الحاجب، نقل عنه ابن عرفة وأبو العباس القلشاني وابن زاغو والمشذالي ونقل عنه جواز الرقية بالفاتحة. توفي بعد 760 هـ[1358م]. 863 - القاضي محمد بن أحمد بن محمد الشريف الحسني السبتي: الإِمام الحافظ المتبحر الحامل لواء البلاغة وحلة التبريز والفصاحة شيخ الدنيا جلالة وفضلاً وعلماً ووقاراً المتقدم في نثره وترسلاته وشعره. أخذ عن أبي الحسن الغافقي وابن رشيد وانتفع به وأبي عبد الله بن جابر وعليه جل قراءته وابن الشاط وغيرهم وعنه ابناه القاضي أبو المعالي والقاضي أبو العباس أحمد ولسان الدين ابن الخطيب وابن الخطيب القسنطيني وأبو إسحاق الشاطبي وابن زمرك وابن خلدون والسراج وخلق كثير. له تآليف بارعة منها شرح الخزرجية وهو أول من حل مشكلاتها وشرح مقصورة حازم سماها الحجب المستورة في محاسن المقصورة في مجلدين كبيرين فيه من الفوائد ما لا مزيد عليه وتقييد جليل على التسهيل وتقييد على درر السمط في خبر السبط. توفي وهو يتولى قضاء غرناطة سنة 760 هـ[1358م] أو [1359م]، أو سنة 761 هـ، مولده سنة 697هـ. 864 - أبو الحجاج يوسف بن عمر الأنفاسي: كان أحد فقهاء فاس ومفاتيها وساداتها علماً وصلاحاً وديناً وزهداً وورعاً. أخذ عن عبد الرحمن بن عفان الجزولي وغيره وعنه ابنه أبو الربيع سليمان قال الشيخ زروق: وكانت شهرته وابنه المذكور بالصلاح كشهرتهما بالعلم بل أكثر اهـ وشرح الرسالة منسوب لصاحب الترجمة قيده عنه الطلبة وكان إماماً وخطيباً بجامع القرويين. توفي سنة 761 هـ[1359 م] وعمره مائة سنة.

865 - وابنه أبو الربيع سليمان: المذكور كان من أكابر العلماء وأفاضل الفقهاء وأعلام الزهاد والأتقياء والعباد لا تأخذه في الله لومة لائم معظماً عند الخاصة والعامة مع صلاح ودين متين. أخذ عن والده ولازمه كثيراً وعن أبي العباس القباب والشيخ أبي عبد الله بن حجاج ولقي شهاب الدين أبا العباس أحمد بن ظهيرة وأجازه إجازة عامة وممن أخذ عنه وقرأ عليه أبو زكرياء يحيى السراج الكبير تلميذ الشيخ ابن عباد وكان ابن عباد يحبه ويثني عليه كثيراً في رسائله، توفي في المحرم سنة 779 هـ[1377 م] وسنّه يقرب من أربعين. 866 - أبو العباس أحمد بن عمر بن عاشر الأندلسي: الأصل السلاوي المولد والقرار الشيخ الصالح أحد العلماء الأخيار من رجال الكمال والأولياء الأبدال مشهور بإجابة الدعوة معروف بالكرامات، جمع بين العلم والعمل قال ابن عرفة: ما أدركت مبرزاً في زماننا إلا الشيخ أبا الحسن المنتصر وأحمد بن عاشر. أخذ عن أعلام، وعنه أبو عبد الله بن عباد وأبو العباس القباب وانتفعا به وغيرهما. ترجمته واسعة خصها بعضهم بالتأليف وسماه تحفة الزائر. توفي بسلا سنة 765 هـ[1363م]. 867 - أبو علي منصور بن علي بن عبد الله الزواوي: نزيل تلمسان الأستاذ الجليل الكامل الفقيه العالم النظار المشاور الفاضل. أخذ عن والده وأبي علي ناصر الدين المشذالي وانتفع به وأبي عبد الله الزواوي وعبد المهيمن الحضرمي وأبي عبد الله المسفر وابن الفخار لازمه وأجازه والقاضي الشريف السبتي لازمه وأخذ عنه تآليفه وغيرهم. وروى عن أبي البركات ابن الحاج وأبي جعفر الطنجالي وغيرهما وعنه يحيي السراج وأبو إسحاق الشاطبي وجماعة. مولده في حدود سنة 710 هـ[1368 م] وكان بالحياة سنة 770 هـ.

868 - أبو عبد الله محمد بن أحمد العلويني الشريف الحسني المعروف بالشريف التلمساني: قال ابن خلدون ونسب بيته لا يدافع العلامة فارس المعقول والمنقول الفهامة المحقق العمدة الحافظ كان من أعلام العلماء والأئمة الفضلاء أعلم مَن في عصره بإجماع. كان الأستاذ ابن لب يعترف بفضله ويراجعه في المسائل. اجتمع بابن عبد السلام بمجلس درسه وعارضه في مسألة كان الحق فيما ظهر له واعترف بفضله ووقعت بينهما مذاكرات علمية وأخذ كل عن صاحبه. أخذ صاحب الترجمة على ابني الإِمام وبهما تفقه والأبلي وانتفع به والقاضي التميمي وعمران المشذالي وابن زيتون والسطي وغيرهم. هو كثير وعنه ابناه عبد الله وعبد الرحمن والشاطبي وابن زمرك وإبراهيم الشقري وابن خلدون والسراج وابن مرزوق الحفيد وابن عباد وابن السكاك وإبراهيم المصمودي وخلق. ألّف المفتاح في أصول الفقه حفيل وشرح جمل الخونجي. له ترجمة واسعة خصت مع ابنيه بالتأليف أطال الثناء عليه في نيل الابتهاج وذكر أنه سئل عن قول الإِمام المرجوع عنه وما ينقله هذا المذهب عنه في مسألة واحدة قولين مختلفين وثلاثة يقولون وقع له في المدونة كذا وفي الموازية كذا الخ وأجاب عنه بجواب مطول مفيد جداً انظره. مولده سنة 710 هـ وتوفي في ذي الحجة سنة 771 هـ[1369 م]. 869 - ابنه أبو محمد عبد الله الشريف الحسني التلمساني: الإِمام العلامة الفقيه المحقق المتفنن الحافظ الفهامة. نشأ في عفة وصيانة ووجاهة وديانة. أخذ عن والده وابن مرزوق الجد وأبي عمران العبدوسي وأبي العباس القباب وأبي العباس بن الشماع وابني الإِمام وغيرهم وعنه جماعة منهم أحمد بن موسى البجائي وابن مرزوق الحفيد وأبو بكر بن عاصم. مولده سنة 748 هـ وتوفي غريقاً سنة 792 هـ[1389م].

870 - أبو عمران موسى بن محمد بن معطي العبدوسي: وبه عرف الفاسي عالمها ومفتيها الإِمام الحافظ العلامة كان آية في معرفة المدونة أقرأها نحواً من أربعين سنة وله مجلس لم يكن لغيره يحضره الفقهاء والمدرسون والصلحاء. أخذ عن أئمة منهم عبد العزيز القوري وعبد الرحمن الجزولي وعنه جماعة منهم ابناه عبد العزيز ومحمد وحفيده عبد الله وابن عباد وأبو حفص الرجراجي وأبو عبد الله الهواري وناهيك بهم صلاحاً وعلماً وولاية وابن الخطيب القسنطيني وعمران الجاناني وعيسى المصمودي والتازغدري ومن لا يعد كثرة. له تآليف منها تقييدان على المدونة وتقييد على الرسالة. توفي سنة 776 هـ[1374م]. 871 - ابنه أبو عبد الله محمد بن موسى العبدوسي: الفقيه العالم القدوة العلامة العمدة أخذ عن والده وغيره وعنه ابنه عبد الله وغيره. كان بالحياة سنة 790 هـ[1388م]. 872 - أبو عبد الله محمد بن محمد السلاوي المعروف بابن المجراد: الفقيه الصالح المحدّث الحافظ الراوية. أخذ عن أعلام وعنه أخذ الناس وانتفعوا به وظهرت بركته على من لازم مجلسه أو قرأ عليه. ألف تآليف حساناً منها شرح الجمل وشرح الدرر. توفي سنة 778 هـ[1376م]. 873 - أبو العباس أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الشهير بالقباب: الإِمام الفقيه الحافظ الزاهد العلامة المحقق المتفنن العمدة الفهامة أحد العلماء العاملين المعروفين بالدين المتين والصلاح المكين. أخذ عن أبي الحسن بن فرحون والسطي والقاضي الفشتالي وغيرهم. وعنه ابن الخطيب القسنطيني والإمام الشاطبي والشيخ الصالح عمر الرجراجي وغيرهم، واجتمع بأبي العباس بن عاشر وبأمثاله وانتفع بهم. تولى القضاء بجبل الفتح والفتيا بفاس، شرح أحكام النظر لابن القطان وشرح قواعد عياض في غاية الإتقان وبيوع ابن جماعة، وله مباحث مشهورة وقعت له مع الإِمام الشاطبي في مسألة مراعاة الخلاف أحسن فيها للغاية، وله فتاوى مشهورة نقل

بعضها البرزلي في ديوانه والونشريسي في معياره. رحل وحج ولقي ابن عرفة وقال له: إن تأليفك لا ينتفع به المبتدي لصعوبته ولا يحتاج إليه المنتهي فتغير وجه ابن عرفة وألقى على صاحب الترجمة مسائل أجاب عنها في الحين، ويقال إن كلامه هذا هو الحامل لابن عرفة على بسط العبارة في أواخر مختصره، وناظر الإِمام سعيد العقباني في مسائل جمعها العقباني وسماها لباب اللباب في ناظرة القباب. توفي سنة 778 هـ أو 779 هـ[1376م]، أو [1377م]. 874 - أبو محمد عبد الله الوانغبلي الضرير: مفتي فاس وعالمها الفقيه الأصولي المحقق الشهير انفرد بمعرفة كتابي ابن الحاجب في الأصول والفروع. أخذ عن أبي الربيع البجائي الآخذ عن القرافي، وعنه جماعة منهم ابن الخطيب القسنطيني ختم عليه مختصر ابن الحاجب الأصلي وحضر عليه المدونة والشيخ الرجراجي وأبو زيد المكودي، توفي سنة 779 هـ[1377م]. 875 - قاضي الجماعة بفاس أبو عبد الله محمد بن أحمد الفشتالي الفاسي: وسلفه من أهل الصلاح والخير الإِمام الفقيه المحقق المتفنن الخطيب الفرضي الموثق. أخذ عن أبي الحسن بن سليمان والقاضي ابن عبد الرزاق والسطي وابن آجروم وأبي عبد الله الرندي والطنجالي وأبي جعفر الزيات وابن جابر الوادي آشي وعبد المهيمن الحضرمي وجماعة، وعنه أبو زكرياء السراج ابن الخطيب القسنطيني والقباب ومن لا يعد كثرة. له تأليف في الوثائق مشهور مفيد ورسالة في الدعاء بعد الصلاة على الهيئة المعهودة. توفي سنة 779 هـ[1377م]. 876 - أبو عبد الله محمد بن سعيد الأندلسي: الأصل الفاسي المولد والقرار عرف بالرعيني وبالسراج الفقيه المعمر المحدّث المفضال الجامع بين العلم

والعمل الرحال. تفقه بأبي الحسن الصغير وعبد الرحمن الجزولي وأبي سالم البزناسي وأبي الحسن المزدغي وابن البنا وأبي القاسم الشريف السبتي وابن رشيد وأبي بكر محمد السكوني وابن الشاط والناصر المشذالي وابن عبد الرفيع وابن قداح وابن سيد الناس وأبي حيان وغيرهم. روى عن نحو ستين شيخاً من أهل المشرق والمغرب. وعنه جماعة منهم أبو زكرياء السراج وابن الأحمر وغيرهما. ألّف في فنون من العلم منها تحفة الناظر ونزهة الخاطر في غريب الحديث، والجامع المفيد، والمغرب في صلحاء المشرق والمغرب، والقواعد الخمس، والمقامات وشرحها، والوعظ والشعر والمهاد، والاعتماد في الجهاد، وتنبيه الغافل وتعلم الجاهل، واختصر مقدمات ابن رشد والأسئلة والأجوبة، واختصر حدود الشيرازي ونظم مراحل الحجاز والروضة البهية في البسملة والتصلية وله النظم الجيد والشعر الرائق وفهرسة. توفي سنة 779 هـ[1377م]، مولده سنة 685 هـ. 877 - أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن مرزوق التلمساني الشهير بالخطيب: بيته بيت علم ودراية ودين وولاية كعمه وأبيه وجده وجد أبيه وولديه محمد وأحمد وحفيده وحفيد حفيده الإِمام الجليل العالم المتبحر الفقيه المحدّث المسند الراوية الرحال العالم المفضال نادرة الزمان في الحفظ والإتقان. رحل مع أبيه سنة 718 هـ ثم رجع سنة 732 هـ وقد أخذ في رحلته عن أعلام شيوخه نحو ألفي شيخ من أهل المشرق والمغرب جمعهم في برنامج؛ منهم أبو اليمن ابن عساكر وناصر الدين بن المنير وابن راشد وعثمان النويري وأبو البركات التوزري وعبد العزيز زكنون التنوخي والمغيلي وأبو إسحاق الصفاقسي وأخوه محمد وأبو حيان ومحمد بن جابر الوادي آشي وابن البراء ومحمد الزبيدي وابن عبد الرفيع وابن عبد السلام وابن هارون والناصر المشذالي ومحمد بن عبد الله الزواوي وابنه الإِمام، وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم ابنه أحمد وبرهان الدين بن فرحون وأبو إسحاق الشاطبي وابن الخطيب القسنطيني، له تصانيف بديعة مفيدة في

فنون شتى منها شرح العمدة في الحديث خمس مجلدات جمع فيه بين شرحي تقي الدين بن دقيق العيد وتاج الدين الفاكهاني؛ وشرح الشفا في التعريف بحقوق المصطفى لم يكمل، وشرح الأحكام الصغرى لعبد الحق، وشرح على فرع ابن الحاجب. ترجم له جماعة وأثنوا عليه كثيراً. مولده سنة 710 هـ وتوفي سنة 781 هـ[1379م] بالقاهرة وقبره بين ابن القاسم وأشهب. قلت: العمدة هي لتقي الدين عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن مسرور المقدسي الحنبلي الإِمام العمدة العلامة المحدّث الحافظ الفهّامة المتولد سنة 541 هـ المتوفى سنة 600 هـ حدّث بالكثير وصنف في الحديث وغيره تصانيف حسنة منها العمدة شرحها ابن دقيق العيد وتلميذه التاج الفاكهاني والخطيب أبو عبد الله بن مرزوق المذكور والشمس محمد بن عمار وأحمد بن يوسف الفاسي المترجم لهم في هذا المؤلف وفي كشف الظنون ما ملخصه عمدة المحدثين للإمام أبي محمد عبد الغني المذكور، وفيه أيضاً عمدة الأحكام عن سيد الأنام للشيخ عبد الغني المذكور في ثلاث مجلدات عزّ نظيره شرحه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن مرزوق التلمساني المالكي في خمس مجلدات قال: سألني البعض اختصار جملة في أحاديث الأحكام مما اتفق عليه الإمامان البخاري ومسلم فأجبته. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: جمع فيه بين كلام ابن دقيق العيد وابن العطار والفاكهاني وغيرهم، وشرحه سراج الدين محمد بن الملقن الشافعي المتوفى سنة 804 هـ وهو من أحسن مصنفاته ومجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي المتوفى سنة 817 هـ وتاج الدين عبد الوهاب بن محمد بن حسن بن أبي الوفا العلوي المتوفى سنة 875 هـ وأبو المعالي عبد الرحمن بن علي بن خلف الفارسكوري الشافعي المتوفى سنة 808 هـ شرحه شرحين لعل ذلك عمدة الفقه وشرحه عماد الدين إسماعيل بن أحمد بن سعيد بن محمد بن الأثير الحلبي ذكر فيه أنه حفظ العمدة ورتبها على أبواب الفقه وفيها خمسمائة حديث فقرأها على الشيخ ابن دقيق العيد ثم شرحها إملاء وسماه أحكام الأحكام في أحاديث سيد الأنام اهـ وفي نيل الابتهاج عند ترجمة الشمس بن عمار المذكور ما ملخصه من تصانيفه غاية الإلهام في شرح عمدة الأحكام في ثلاث مجلدات وشرح غريبها في جزء لطيف سماه الأحكام في شرح غريب عمدة الأحكام والتفسير والتقريب في اختصار الترغيب والترهيب للمنذري والغيوث النجاجة في منتخب ابن ماجه وشرحها سماه الديباجة لتوضيح منتخب ابن ماجه، وشرح سنن أبي داود وسماه المواهب والمنن في التعريف والإعلام بفوائد السنن اهـ.

878 - الحسن بن عطية التجاني المكناسي المعروف بالونشريسي: الفقيه الفاضل العالم الكبير القاضي العادل، أخذ عن أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل بن الصباغ الخزرجي المكناسي وغيره، وعنه ابن الخطيب القسنطيني وابن الأحمر، له فتاوى ذكر في المعيار جملة منها، توفي سنة 781 هـ[1379م]. 879 - أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد الوغليسي: الفقيه الأصولي المحدّث المفسر عمدة أهل زمانه وفريد عصره وأوانه شيخ الجماعة ببجاية. أخذ عن أبي العباس أحمد بن إدريس البجائي وغيره. وعنه أبو القاسم المشذالي وغيره. له تآليف كثيرة منها الأحكام الفقهية تسمى الوغليسية ومقدمة في الفقه وفتاوى مشهورة. توفي سنة 786 هـ[1384م]. 880 - أبو عبد الله محمد بن يحيى الغساني البرجي: أصله من برجة الأندلس قاضي الجماعة بفاس العالم العامل الفقيه الإِمام المتفنن الأديب الكاتب البليغ الشيخ الفاضل. أخذ عن والده وأبي جعفر الزيات وعبد المهيمن الحضرمي والطنجالي وابن جابر الوادي آشي والمجاصي وخليل المكي وعبد الله الغافقي وجماعة. وعنه أبو زكرياء السراج وابن خلدون وغيرهما. مولده سنة 715 هـ وتوفي وهو بتولى القضاء سنة 786 هـ[1384م]. 881 - أبو علي الحسن بن عثمان بن عطية الونشريسي ابن أخي الحسن بن عطية: المتقدم الذكر قريباً الإِمام الفقيه الفرضي الفاضل المفتي المدرّس القاضي العادل، أخذ عن أبي البركات ابن الحاج البلفيقي وغيره؛ وعنه لسان الدين ابن الخطيب وابن الأحمر؛ له رجز في الفرائض حسن سلس وفتاوى نقل الونشريسي في معياره جملة منها؛ مولده في حدود سنة 724 هـ وكان حياً قرب التسعين وسبعمائة.

882 - أبو الحسن علي بن ذي الوزارتين محمد بن المسعود الخزاعي التلمساني: المولد الفاسي الوفاة الأندلسي الأب والسلف كان من أعلام العلماء والفقهاء الفضلاء والأدباء الأذكياء وهو القائل لما كبا بموسى بن أبي عنان المريني فرسه بالشماعين: مولاي لا ذنب للشقراء إن عثرت ..... ومن يلمها لعمري فهو ظالمها وهالها ما اعتراها من مهابتكم ..... من أجل ذلك لم تثبت قوائمها ولم تزل عادة الفرسان مذ ركبوا .... تكبو الجياد ولم تنبو عزائمها وفي النبي رسول الله إسوتها ..... أعلى النبيين مقداراً وخاتمها كبا به فرس أبقى بسقطته ..... بجنبه خدشة تبدو مراسمها حتى لصلى صلاة جالساً ثبتت ...... لنا به سنة لاحت معالمها صلّى الإله عليه دائماً أبداً ...... أزكى صلاة تحييه نواسمها ألّف كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية وهو كتاب دل على فضل مؤلفه ونبله. توفي بفاس سنة 789 هـ[1387م]. 883 - أبو الحسن علي بن محمد بن منصور الغماري الصنهاجي التلمساني: الإِمام الجليل العمدة الفاضل أخذ عن أعلام وعنه ابن مرزوق الحفيد وأبو بكر بن عاصم وابن جعفر البقني. توفي بفاس سنة 791 هـ[1388م]. 884 - أبو عبد الله محمد ابن الشيخ إبراهيم الرندي النفزي المعروف بابن عباد: شيخ العلماء والزهاد وإمام الصلحاء والعباد الفقيه المتفنن العارف بالله المحقق ذو العلوم الباهرة والمحاسن الفاخرة والكرامات الظاهرة. أخذ عن والده وأبي الحسن الرندي وأبي عمران العبدوسي والشريف التلمساني والإمام المقري وعبد العزيز القوري والإبلي وانتفع بجماعة منهم المجاصي وعيسى المصمودي وعبد الله الفشتالي والوانغيلي، وأخذ علم الباطن عن أبي العباس بن عاشر لازمه

الطبقة السابعة عشرة

وانتفع به وهو من أكابر أصحابه، وعنه جماعة منهم لسان الدين ابن الخطيب وأبو زكريا السراج وأبو يحيي بن السكاك ألّف في التصوف تآليف عجيبة غريبة منها شرح الحكم العطائية ونظمها في زجره ورسائل كبرى وصغرى وأجوبة كثيرة في مسائل من العلوم وله حسن تصرف في طريق الإِمام الشاذلي قال الشيخ أحمد زروق: كتبه شاهدة بكماله علماً وعملاً كافية عن تعريفه. مولده سنة 733 هـ وتوفي في رجب سنة 792 هـ[1389م] وكانت جنازته في غاية الاحتفال حضرها الأمير فمن دونه ورثاه الناس بقصائد كثيرة وبالجملة فإنه جم الفضائل واسع الترجمة. انظر سلوة الأنفاس. 885 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله اليزناسي: قاضي الجماعة بفاس ومفتيها الإِمام الحافظ العلامة الفقيه الصدر النظار الفهّامة الولي الصالح القدوة العارف بالله المجاب الدعوة. أخذ عن أعلام وعنه الحفيد ابن مرزوق وأثنى عليه كثيراً له فتاوى كثيرة نقل الونشريسي في معياره جملة منها. توفي سنة 794 هـ[1391م]. الطبقة السابعة عشرة من أهل المدينة 886 - أبو اليمن محمد بن برهان الدين بن فرحون المدني: الإِمام العمدة النبيه القدوة من بيت فضل وعلم وعدالة أخذ عن والده وأحمد بن هلال الربعي والشمس البساطي والوانوغي والأقفهسي ألّف المسائل الملقوطة المشتمل على فوائد جمة. لم أقف على وفاته. فرع مصر 887 - قاضي القضاة تاج الدين أبو البقاء بهرام بن عبد الله بن عبد العزيز

الدميري: الفقيه الإِمام العلامة الحافظ المحقق المطلع الفهّامة حامل لواء المذهب المالكي بمصر وإليه المرجع هناك، كان محمود السيرة طيب السريرة صالحاً من رجال الكمال. أخذ عن الشيخ خليل تآليفه وبه تفقه وانتفع بالشرف الرهوني وغيرهما، وعنه أئمة منهم الأقفهسي وعبد الرحمن البكري والشمس البساطي وغيرهم ألّف التآليف المفيدة منها ثلاث شروح على مختصر شيخه خليل كبير ووسيط وصغير واشتهر الوسيط، والصغير كان طرراً جمعه الإسحاقي فجاء شرحاً مستقلاً وله شامل حاذى به مختصر شيخه في غاية التحقيق والإجادة وشرح ألفية ابن مالك والإرشاد في ست مجلدات وشرح مختصر ابن الحاجب الأصلي وله الدرة الثمينة نحواً من ثلاثة آلاف بيت وشرحها. مولده سنة 724 هـ وتوفي سنة 805 هـ[1402م]. 888 - الخطيب أبو الحسن علي ابن العارف بالله محمد وفا القرشي الشاذلي: الشائع الذكر البعيد الصيت الجليل القدر الشيخ الكامل القطب الواصل تركه والده صغيراً وأخاه أحمد في كفالة الزيلعي. ووالدهما أخذ عن الشيخ داود ما خلا. ترجم لأهل هذا البيت جماعة منهم الشعراني في طبقاته وقال في حق أبي الحسن المذكور وكان في غاية من الظرف والجمال وله نظم شائع وموشحات ظريفة ومؤلفات شريفة أعطى لسان الفرق والتفصيل زيادة على الجمع وقليل من الأولياء من أعطى ذلك وله كلام عال في الأدب ووصية نفيسة في مجلدات من تآليفه كتاب الباعث على الخلاص في أحوال الخواص والكوثر المترع في أحوال الأبحر الأربع وديوان شعر وموشحات كثيرة وتفسير. قال أبو الطيب بن علوان: هو سيدنا وجد الطبقة ونقطة الدائرة على الإطلاق قطب الوجود ونقطة أهل الشهود، سمعت منه كثيراً من حكمه وهي أكثر من أن نأتي عليها، ومن كلامه قصيدة تزيد على الألفين قالها ارتجالاً منها: دع الحساد هلكى في المجال ..... فقد وجبت لك الرتب العوالي تنعم أنت في دعة وكشف ..... وذرهم في التجالد والجدال مولده سنة 761 هـ وتوفي في ذي الحجة سنة 807 هـ[1404م].

889 - وأخوه أبو العباس المذكور: كان عظيم الشأن نقطة دائرة العرفان. أخذ عن والده صغيراً وعنه ابنه عبد الرحمن. مولده سنة 756 هـ وتوفي في شوال سنة 830 هـ قال الشيخ أحمد بابا: وبيتهم بمصر كبير ظهر فيهم جماعة من الأولياء الصلحاء بعد هذين الأخوين وآخرهم سيدي إبراهيم وفيهم إلى الآن بقية. قلت: وسيأتي ذكر بعضهم. 890 - القاضي الفاضل جمال الدين عبد الله بن مقداد الأقفهسي: الفقيه العالم الإِمام الكامل العمدة الفاضل انتهت إليه رئاسة المذهب والفتوى بمصر. أخذ عن خليل وانتفع به وبغيره، وعنه الشيخ البساطي والشيخ عبادة وعبد الرحمن البكري وجماعة. له شرح على مختصر شيخه المذكور في ثلاث مجلدات وشرح على الرسالة وتفسير. توفي في رمضان سنة 823 هـ[1420م]. 891 - بدر الدين محمَّد بن أبي بكر الدماميني القرشي الإسكندري: العمدة المتفنن في العلوم والمعارف الفهامة الأديب النحوي اللغوي الإِمام المفضال العارف بالشروط الرحال أخذ عن أعلام منهم ابن خلدون وابن عرفة والناصر التنسي والجلال البلقيني وعنه جماعة منهم الزين عبادة ورافقه إلى اليمن وعبد القادر المكي وغيرهما له حاشية على مغني اللبيب سماها تحفة الغريب ولما دخل الهند رجع عنها وألّف هناك التحفة البدرية والمزج على المغني لم يكمل وشرح التسهيل وشرح البخاري والخزرجية ومجلد في الإعراب وعين الحياة مختصر حياة الحيوان وجواهر البحور في العروض ومن نظمه الفواكه البدرية، مولده سنة 763 هـ ومات قتيلاً بالهند سنة سبع أو ثمان وعشرين وثمانمائة [1424م]. 892 - القاضي جمال الدين أبو الحسن يوسف بن خالد البساطي: الإِمام العمدة العلامة الفقيه المحقق الفهّامة أخذ عن أخيه والشيخ خليل وابن مرزوق الجد والنور الجلاوي وناب عن أخيه وعن ابن خلدون في القضاء ثم استبد به بعد ابن

خلدون ثم صرف عنه لابن عمه الشمس البساطي. له شرح على مختصر شيخه خليل وشرح قصيدة بانت سعاد والبردة وألفية ابن مالك وغير ذلك. مولده سنة 741 هـ وتوفي في جمادى الآخرة سنة 829 هـ[1425م]. 893 - شمس الدين قاضي القضاة أبو عبد الله محمَّد بن أحمد البساطي الطائي: الإِمام الهمّام شيخ شيوخ الإِسلام وفريد العصر والأوان المتفنن البارع في المعقول والأصلين والعربية والبيان أخذ عن نور الدين الجلاوي المقرئ وبه تفقه وولي الدين بن خلدون وبه انتفع وبهرام وأخيه نور الدين والأقفهسي وجماعة، وعنه الشيخ عبادة وأبو القاسم النويري والثعالبي والنور السنهوري ومحمد بن فرحون والقلصادي وعبد القادر المكي والشمس السخاوي والتقي الشمني ومحمد النويري وغيرهم ألّف المغني في الفقه وشرحه لم يكمل وشفاء الغليل على خليل لم يكمل وكمله أبو القاسم النويري وشرح ابن الحاجب الفرعي لم يكمل وحاشية على المطول وحاشية على المواقف وحاشية على المطالع وشرح تائية ابن الفارض والدريدية وقصة الخضر عليه السلام وله مقدمة في أصول الدين ومقدمة في علم الكلام وغير ذلك. أطال الثناء عليه في نيل الابتهاج ونقل عنه ما أثبته ابن حجر حيث قال: قال الحافظ ابن حجر: وعلقت من فوائده حال سفرنا مع الأشرف ما معناه أنه سئل بحضرة السلطان الظاهر تطر عن قول يعقوب عليه السلام لأولاده لما رجعوا من عند يوسف عليه السلام وقالوا له إن ابنك سرق إلى قوله تعالى: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أمراً} ما هو الذي سولته أنفسهم لهم مع أنه لم يكن لهم علم في القضية ولا تصنع ولا تسبب في أخذ أخيهم منهم بل جهدوا على أن يأخذوا بدله فلم يجابوا لذلك قال: وكان في المجلس جمع من الفضلاء فأكثروا الخبط وما تحصل من جوابهم شيء قال: فنمت تلك الليلة فرأيت قائلاً يقول: هل تعرف جواب السؤال الذي سألته؟ فقلت: لا. فقال: إن يعقوب عليه السلام أشار إلى أنهم ما نصحوا في قولهم جزاؤه من وجد في رحله لأن شرعهم إنما كان من يسرق يسترق في جناية السرقة ولا بد من تحقيق السرقة ووجدانُ المفقود في رحل الشخص لا يثبت سرقته فلو قالوا جزاؤه إن سرق أن يؤخذ مثلاً لنصحوا، قال الحافظ ابن حجر: فقلت: الذي يظهر أن يعقوب عليه السلام لما عادوا إليه بدون أخيهم تذكر

صنيعهم في يوسف فأشار إلى ما صنعوا بيوسف بقوله: {سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} فإن قصتهم مع يوسف كانت مبدأ حزنه وهو الذي تفرع منه جميع ما اتفق له ويؤيده قوله عقب كلامه - صلى الله عليه وسلم - {وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} وقوله قبل ذلك: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} وقوله: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ} وقوله: {اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} فإن ذلك كله يدل أنه لم يكن لييأس من حياة يوسف وأشار إلى أنه كان ظن في الجهة التي فيها أخوه والله أعلم. وظهر في جواب آخر وهو أن متعلق التسويل في هاته القصة غير متعلق التسويل في قصة يوسف فالذي في قصة يوسف أن زينت لهم أنفسهم أن يبعدوه عن أبيه فصنعوا وأظهروا أن الذئب أكله والذي في قصة أخيه يحتمل أن يكون المراد به الإشارة إلى عملهم بالقرينة وهي وجدان الصاع في رحله فكأنه قال لهم جواباً لقولهم إن ابنك سرق: لا لم يسرق بل زينت لكم أنفسكم أنه سرق يكون الصالح في رحله ولم يكن في باطن الأمر كذلك ولم يرد أن أنفسهم زينت لهم إعدامه كما في قصة يوسف والله أعلم انتهى. مولده سنة 768 هـ واستقر في القضاء نحواً من عشرين سنة وتوفي وهو يتولاه في رمضان سنة 842 هـ[1438م] وصلّى عليه الحافظ المذكور واستقر بعده في القضاء البدر التنسي. 894 - أبو حفص عمر بن يوسف اللخمي الإسكندري: عرف بالتلقوني الإِمام الفقيه الصالح العالم المتفنن المؤلف المتقين أخذ عن محمَّد بن يعقوب الغماري وأذن له في التدريس والإفتاء وعن أبي القاسم العبدوسي وأذن له أيضاً في التدريس والإفتاء له مؤلفات ومنظومات متباينة كالجوهرة الثمينة في مذهب عالم المدينة في ستمائة بيت ورجز في العبادات نحو خمسين بيتاً وشرحها في مجلد وبهجة الفرائض وشرحها وله أراجيز في العربية وغيرها منها واحدة ضمنها ما في التلخيص من الزيادة في مائتي بيت وأفرد أصول أبي عمرو في بحر الشاطبية ورويها وله تفسير الفاتحة ومن سورة النساء إلى آخر القرآن العظيم في مجلد. مولده سنة 771 هـ وتوفي سنة 842 هـ[1438م]. 895 - أبو ياسر شمس الدين محمَّد بن عمار بن محمَّد عرف بابن عمار المصري: الإِمام العلامة الفقيه المتفنن الفهّامة العمدة الفاضل المحقق المؤلف

المدقق أخذ عن ابن عرفة وأذنه بالتدريس وابن خلدون وناب عنه في القضاء وبهرام وانتفع به والعز بن جماعة وغيرهم له تآليف كثيرة في فنون من العلم منها شرح عمدة الحكام في ثلاث مجلدات وشرح غريبها والتقريب في اختصار الترغيب والترهيب للحافظ المنذري والغيوث النجاجة في منتخب ابن ماجه والمنن في شرح السنن وشرح ألفية العراقي والسعادة والبشرى في التعريف بمولد المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وزوال المانع في شرح جمع الجوامع وغذاء الأرواح في كشف الفناع عن عروس الأفراح للسبكي وشرح التسهيل والمغني واختصر توضيح ابن هشام وغير ذلك مما هو كثير. مولده سنة 768 هـ وتوفي سنة 844 هـ[1440 م] وانظر مع هذا ما تقدم في ترجمة الخطيب ابن مرزوق. 896 - زين الدين طاهر بن محمَّد بن علي النويري: الفقيه المقري العالم العمدة الفاضل أحد أئمة المالكية في جميع الفنون الشيخ الكامل قرأ على ابن الجزري وتفقه بالبساطي ولازمه والأقفهسي وابن مرزوق الحفيد والزين عبادة والشهاب الصنهاجي وغيرهم وعنه النور السنهوري والشيخ القلصادي وغيرهما. مولده سنة 795 هـ وتوفي سنة 856 هـ[1452م]. 897 - أبو القاسم محمَّد بن محمَّد بن علي النويري: نسبة لقرية من صعيد مصر الفقيه المقري العالم المتفنن المحقق المؤلف المتقين أخذ عن الشهاب الصنهاجي والأقفهسي والشمس البساطي وناب عنه في القضاء وغيرهم وعنه ابنه أحمد وجماعة. كمل شرح شيخه البساطي على المختصر من السلم إلى الحوالة وشرح مختصر ابن الحاجب الفرعي سماه بغية الراغب وعلى أصله لكنهما في المسودة وتنقيح القرافي في مجلد وله أرجوزة في النحو وأخرى في القراءات ونظم النزهة لابن الهايم وشرح طية النشر لشيخه ابن الجزري في مجلدين والقول الحاد لمن قرأ بالشاد وغير ذلك في فنون من العلم. مولده سنة 801 هـ وتوفي سنة 857 هـ[1453م].

فرع إفريقية

فرع إفريقية 898 - أبو مهدي عيسى بن أحمد بن محمَّد الغبريني التونسي: قاضي الجماعة بها وعالمها وصالحها وخطيبها بجامعها الأعظم بعد ابن عرفة وحافظها العالم الجليل المعظم أوحد أهل زمانه علماً وديناً وفضلاً. قال ابن ناجي: هو ممن يظن به حفظ المذهب بلا مطالعة. أخذ عن ابن عرفة وغيره، وعنه جلة منهم أبو زيد الثعالبي وابن ناجي وأحمد القلشاني وعمر القلشاني والبسيلي وابن عقيبة والزنديوي وأبو القاسم القسنطيني وأبو الحسن بن عصفور وخلائق غالبهم تلاميذ ابن عرفة ونقل عنه عصريه البرزلي وأكثر من النقل عنه تلميذه ابن ناجي. توفي في ربيع الثاني سنة 813 هـ أو سنة 815 هـ[1410م] أو [1412م]. 899 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد الوانوغي التوزري: نزيل الحرمين الشريفين، الإِمام العلامة العمدة المحقق الفهامة. كان آية في الذكاء والحفظ شديد الإعجاب بنفسه والازدراء بمعاصريه. أخذ عن ابن عرفة وأحمد بن عطاء الله التنسي وأبي الحسن بن أبي العباس البطرني وابن خلدون وأبي العباس القصار وغيرهم وعنه ابن ناجي وغيره. له طرر على المدونة في غاية الجودة وأسئلة في فنون من العلم بعث بها إلى القاضي البلقيني وأجابه عنها ثم رد ما قاله البلقيني وهو يشهد بفضله وكتاب على قواعد ابن عبد السلام. مولده سنة 755 هـ وتوفي بمكة سنة 819 هـ[1416م] وقيل إن الطرر المذكور هي: 900 - لأبي مهدي عيسى الوانوغي: الإِمام العلامة من أصحاب ابن عرفة حج سنة 803 هـ ثم رجع لبلده. لم أقف على وفاته. 901 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن علوان الشهير بالمصري التونسي: الإِمام العالم الراوية الفقيه الرحال الشيخ الصالح المتفنن من رجال الكمال. أخذ عن والده وأبي القاسم أحمد بن أحمد بن أحمد الغبريني والقاضي

ابن حيدرة والخطيب ابن مرزوق والبطرني وابن عرفة والزين العراقي وولده الولي العراقي والكمال الدميري والولي الفطب علي ونا وغيرهم من أئمة المشرق والمغرب وذكرهم في إجازته لابن مرزوق الحفيد. له تآليف في الاجتماع على الذكر. توفي سنة 827 هـ[1423م]. 902 - أبو عبد الله محمَّد بن خلف المعروف بالأبي الوشتاتي: البارع المححقق العلامة الأصولي المطلع الفهّامة المؤلف المتقن الفقيه المتفنن الراوية النظار المتحلي بالوقار. أخذ عن أئمة منهم ابن عرفة لازمه وبه انتفع وهو من أكابر أصحابه قال ابن عرفة: كيف أنام وأصبح بين أسدين الأبي بفهمه وعقله والبرزلي بحفظه ونقله وعنه أخذ أئمة كابن ناجي وأبي حفص القلشاني وأبي زيد الثعالبي وانتفع به. له شرح نبيل على صحيح مسلم سماه إكمال الإكمال شرح جليل مشحون بالفرائد والفوائد وله شرح المدونة وله نظم وتفسير. تولى قضاء الجزيرة سنة 808 هـ وتوفي سنة 828 هـ[1424م]. 903 - أبو يوسف يعقوب بن أبي القاسم الزعبي التونسي: قاضي الجماعة بها بعد الغبريني الإِمام المتفنن العلامة الفاضل الفقيه العمدة القاضي العادل من أكابر أصحاب ابن عرفة وعنه أخذ وبه انتفع وعن غيره وعنه جماعة منهم ابن ناجي وأكثر من النقل عنه في تأليفه وأبو زيد الثعالبي وأبو القاسم القسنطيني وأبو زيد الغرياني. وتوفي في ذي الحجة سنة 833 هـ[1429 م] وتولى القضاء بعده أبو القاسم المذكور. 904 - أبو العباس أحمد بن محمَّد شهر بالشماع الهنتاتي التونسي: الشيخ الصالح المعتقد العلامة الفقيه المحقق الفاضل الفهّامة. ولاه الأمير أبو فارس ناظراً على جميع قضاة الكور وعدولها وقاضي المحال. أخذ عن ابن عرفة وغيره وعنه أبو زيد الثعالبي وغيره. وقع نزاع بينه وبين البرزلي في العقوبة بالمال، فالبرزلي يقول بالجواز وهو يقول بالمنع وألّف كل منهما رسالة في الرد على صاحبه. نقل

الونشريسي في المعيار جلة من فتاويه. توفي سنة 833 هـ[1429 م] قاله الزركشي وقال ابن دينار بعد ما تعرض لحوادث سنة 839 هـ وإلى هنا انتهى ابن الشماع. 905 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الله القلشاني الباجي ثم التونسي: وبيته معروف بالعلم والفضل قاضي الأنكحة بها الفقيه العلامة الإِمام المتفنن الفهّامة. أخذ عن ابن عرفة وأبي العباس بن حيدرة وغيرهما وعنه جماعة منهم أبناه أحمد وعمر وأبو زيد الثعالبي لازمه وانتفع به. مولده في ذي القعدة سنة 753 هـ وتوفي في ربيع الثاني سنة 836 هـ[1432 م]. 906 - أبو الفضل قاسم بن عيسى بن ناجي التنوخي القيرواني: الإِمام الفقيه الحافظ للمذهب النظار العمدة الفاضل القاضي العادل المؤلف العارف بالأحكام والنوازل. تولى القضاء بجهات كثيرة من إفريقية كباجة وجربة وقابس والأربس وتبسة وسوسة والمنستير والقيروان أخذ عن أئمة منهم ابن عرفة والبرزلي والأبي والزعبي والشبيبي والوانوغي والغبريني ومحمد بن عظوم وأبو القاسم القسنطيني وغيرهم وعنه حلولو وغيره. له شرح على الرسالة وشرحان على المدونة كبير وصغير وشرح على الجلاب واختصر معالم الإيمان في علماء القيروان وغير ذلك وتآليفه معوَّل عليها في المذهب. توفي بالقيروان سنة 838 هـ[1434 م]. 907 - أبو القاسم بن أحمد البرزلي البلوي القيرواني ثم التونسي: مفتيها وفقيهها وحافظها وإمامها بالجامع الأعظم بعد الإِمام الغبريني شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ وأستاذ الأساتذة وقدوة الجهابذة الفقيه الحافظ للمذهب النظار المعمر ملحق الصغار بالكبار. كان إليه المفزع في الفتوى. أخذ عن ابن عرفة، لازمه نحواً من أربعين عاماً وأجازه إجازة عامة كما أجازه غالب شيوخه وابن مرزوق الجد وأبو الحسن البطرني لازمه وأخذ عنه القراءات السبع وكتباً كثيرة وأحزاب الإِمام الشاذلي وهو أخذها عن الشيخ ماضي ابن سلطان وهو عن الإِمام الشاذلىِ. وأخذ أيضاً صاحب الترجمة عن أحمد بن مسعود البلنسي المعروف بابن

أبي حاجة وعن أحمد بن حيدرة التوزري وأبي العباس المؤمناتي وأخيه عبد الرحمن وغيرهم مما هو كثير وعنه جلة منهم ابن ناجي وحلولو والرصاع ومحمد بن أحمد عظوم والأخوان القلشانيان وابن مرزوق الحفيد وأجازه إجازة عامة. له ديوان كبير في الفقه جمع فأوعى وله الحاوي في النوازل اختصره حلولو والبوسعيدي والونشريسي، وله فتاوى كثيرة في فنون من العلم. توفي سنة 841 هـ أو سنة 843 هـ أو سنة 844 هـ[1440 م]، وعمره 103 سنين. 908 - والبوسعيدي المذكور هو أبو عبد الله البوسعيدي البجائي: لم أقف على ترجمته وشهرته تقتضي أنه كان من أعلام العلماء الفضلاء قال في آخر اختصاره المذكور ما نصه: نجزت المسائل التي أخذت من تأليف شيخنا وبركتنا وسيدنا أبي القاسم البرزلي عفا الله عنا وعنه ونفعنا به وذلك بتاريخ السادس من ذي القعدة سنة 826 هـ انتهى من نسخة كان الفراغ من نسخها في شوال سنة 868 هـ[1463 م]. 909 - أبو الفضل قاسم بن محمَّد القسنطيني الوشتاتي التونسي: قاضي الجماعة بها وإمامها بالجامع الأعظم بعد البرزلي الفقيه العالم الصالح شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ. أخذ عن ابن عرفة والغبريني والزعبي وغيرهم؛ وعنه ابن ناجي وغيره ونقل عنه في شرح المدونة كان لا تأخذه في الله لومة لائم وحلت نازلة في أيامه بالشيخ أحمد القلشاني ورام الحكم بقتله في أمر ثبت عليه فلم يمكن من ذلك لكنه عزر بالسجن وغيره واتفق أن صاحب الترجمة مات قتيلاً وهو في صلاة الصبح بمحراب جامع الزيتونة ناله ذلك من جهة الحكم المذكور في صفر سنة 846 هـ أو 847 هـ[1442 م]، أو [1443 م]. 910 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد الحفصي الأمير ابن السلطان أبي العباس التونسي: يعرف بالحسين أخو السلطان أبي فارس صاحب تونس كان من جلة فقهاء تونس وعلمائها علامة محققاً فهامة. أخذ عن ابن عرفة وأبي مهدي الغبريني وغيرهما، له أجوبة على مسائل أبي الحسن بن سمعت. ذكره القاضي الوزير أبو يحيى بن عاصم ونقل عنه ابن ناجي في شرح المدونة والونشريسي في معياره، توفي سنة 839 هـ[1435 م].

911 - أبو حفص عمر ابن الشيخ محمَّد القلشاني التونسي: قاضي الجماعة بها وإمامها وخطيبها بعد أبي القاسم القسنطيني الفقيه الإِمام الحافظ النظار العلامة العمدة المحقق الفهامة نخبة الزمان وفريد العصر والأوان. أخذ عن والده وابن عرفة والغبريني والأبي وابن مرزوق الحفيد وغيرهم؛ وأخذ علم الطب عن الشريف الصقلي. وعنه ولده القاضي محمَّد وإبراهيم الأخضري وحلولو والرصاع وابن زغدان وعبد المعطي بن خصيب وغيرهم، له شرح عظيم على ابن الحاجب الفرعي في غاية الحسن والاستيفاء والجمع مع التحقيق والبحث في ألفاظ المتن إفراداً وتركيباً بما يدل على سعة علمه وقوة إدراكه وفهمه وجودة نظره وإمامته في العلوم؛ وله شرح الطوالع وصل فيه الإلهيات في أكثر من مجلد نقل عنه المازوني جملة من فتاويه والونشريسي. مولده سنة 773 هـ وتوفي في رمضان سنة 847 هـ[1443 م]. 912 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم بن عقاب التونسي: قاضي الجماعة بها وإمامها وخطيبها بجامعها الأعظم الفقيه العلامة المحصل المحقق الحافظ الفهامة ذو الفنون والتحقيقات البارعة. أخذ عن ابن عرفة وانتفع به وأجازه الإِمام سعيد العقباني وغيره؛ وعنه جلة منهم القلصادي لازمه وانتفع به وأجازه إجازة عامة ومحمد بن عمر القلشاني والرصاع وابن مرزوق الكفيف وغيرهم؛ له أجوبة مفيدة أطال الثناء عليه الشيخ القلصادي. توفي في جمادى الأولى سنة 851 هـ[1447 م]. 913 - أبو يحيى أبو بكر بن عقيبة القفصي: فقيهها وعالمها وصالحها أخذ عن ابن عرفة وأبي مهدي الغبريني؛ له أسئلة كتبها لأبي عبد الله محمَّد بن مرزوق الحفيد وأجابه عنها بجزء سماه اغتنام الفرصة في محادثة عالم قفصة لم أقف على وفاته. 914 - أبو عبد الله محمَّد بن أبي زيد المنستيري: الإِمام الفقيه العمدة الشيخ الصالح القدوة؛ أدرك ابن عرفة وطبقته وأخذ عن الشيخ الجديدي القيرواني وانتفع به وسلك في قصر المنستير طريقته ابتداء وانتهاء وعنده بالقصر من التلامذة ما يربو

فرع الأندلس

على المائة وحصل النفع به واشتهر ذكره وكانت الأرزاق تأتي إليهم من نواحي إفريقية كالجزيرة والقيروان وقفصة وتوزر ونفزاوة ونفطة وقابس وغيرها. وعنه ابنه أحمد وغيره وقبره بالقصر معروف، لم أقف على وفاته. 915 - أبو العباس أحمد المنستيري التونسي: الشيخ الفقيه العالم النحوي المقري المتفنن؛ أدرك ابن عرفة وكان لا يعتني بأهل الدنيا ولا يعظمهم؛ انتفع به طلبة تونس ومن يرد عليها. قال القلصادي المقرب وجمل الخونجي والألفية وأصلي ابن الحاجب وتنقيح القرافي والمعالم الفقهية لم أرَ أحفظ منه لكلام ابن عصفور ولا من يستحضر نصوص متقدمي النحاة مثله، لم يذكر وفاته. فرع الأندلس 916 - أبو عبد الله محمَّد بن علي عرف بابن علاق الغرناطي: حافظها ومفتيها ومحدثها وإمامها وقاضي الجماعة بها الفقيه العلامة القدوة الفهامة سبط أبي القاسم بن جزي. أخذ عن ابن لب والمقري والخطيب ابن مرزوق وغيرهم. وعنه المنتوري وابن سراج وأبو بكر بن عاصم وغيرهم له شرح على ابن الحاجب الفرعي في عدة أسفار وشرح على فرائض ابن الشاط وله فتاوى نقل بعضها في المعيار ونقل عنه المواق في غير موضع. توفي في شعبان سنة 806 هـ[1403 م]. 917 - أبو عبد الله محمَّد بن علي شهر الحفار الأنصاري الغرناطي: إمامها ومحدثها ومفتيها الشيخ المعمر ملحق الأحفاد بالأجداد الفقيه العلامة القدوة الصالح الفهامة. أخذ عن ابن لب لازمه وانتفع به وغيره. وعنه خلق كابن سراج وأبي بكر بن عاصم؛ له فتاوى نقل بعضها في المعيار، توفي عن سن عالية سنة 811 هـ[1408 م]. 918 - أبو يحيى محمَّد بن محمَّد بن محمَّد بن محمَّد مكرراً أربعاً على

نسق بن عاصم الغرناطي: الأستاذ العالم الإِمام العمدة المحقق المتفنن الأريب الخطيب البليغ الكاتب الأديب صحب أبا إسحاق الشاطبي وأخذ عنه وانتفع به وورث خطته وعن أبي سعيد بن لب وغيرهما. وعنه ابن أخيه القاضي أبو يحيى وابن فتوح وغيرهما، له تأليف كبير في الانتصار لشيخه أبي إسحاق المذكور والرد على شيخه أبي سعيد المذكور في مسألة الدعاء بعد الصلاة في غاية النبل والإفادة، أطال في تعريفه وتحليته ابن أخيه أبو يحيى، فقد في جهاد العدو في المحرم سنة 813 هـ[1410 م]. 919 - أخوه قاضي الجماعة أبو بكر محمَّد بن محمَّد بن عاصم الغرناطي: الفقيه الأصولي المحدّث العالم الكامل المحقق المطلع المتفنن في علوم شتى المرجوع إليه في المشكلات والفتوى أخذ عن أعلام منهم أبو إسحاق الشاطبي وأبو عبد الله القيجاطي وأبو عبد الله الشريف التلمساني وأبو إسحاق ابن الحاج وابن علاق وخالاه أبو بكر ومحمد ولدا أبي القاسم بن جزي وابن لب وغيرهم. وعنه ولده القاضي أبو يحيى وغيره. له تأليف منها التحفة وقع عليها القبول واعتمدها العلماء وشرحها جماعة، وله أرجوزة في الأصول واختصار الموافقات وأرجوزة في النحو وأخرى في الفرائض وأخرى في القراءات وأخرى في قراءة يعقوب وله حدائق الأزهار في مستحسن الأجوبة المضحكة والحكم والأمثال والحكايات والنوادر طبع بفاس وغير ذلك، مولده سنة 760 هـ وتوفي سنة 829 هـ[1425 م]، أطال الثناء عليه ولده أبو يحيى الاتي ذكره. 920 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الملك الغرناطي عرف بالمِنْتوري: بكسر الميم وسكون النون الأستاذ المقرئ الخطيب العالم المحقق الفقيه الأصولي المتفنن المدقق. أخذ عن صهره ابن بقي والقيجاطي وابن لب وأبي بكر بن جزي والإمام الحفار والرعيني وغيرهم وأجازه ابن عرفة والحافظ العراقي وعنه القاضي أبو يحيى بن عاصم ونقل عنه في شرحه لتحفة والده والإمام المواق وغيرهما شرح ابن بري في قراءة نافع ذكر في طالعته أنه طالع عليه 179 مجموعاً 27 من كتب القراءات والباقي من غيرها وله فهرسة حافلة. توفي سنة 834 هـ[1430 م].

921 - أبو القاسم محمَّد بن محمَّد بن سراج الغرناطي: مفتيها وقاضي الجماعة بها الإِمام العلامة الفقيه الحافظ العمدة الفهّامة العالم الجليل الحامل لواء المذهب مع التحصيل أخذ عن ابن لب والحفار وابن علاق وجماعة وعنه أبو يحيى بن عاصم والسرقسطي وإبراهيم بن فتوح والراعي والمواق وأبو عمر بن منظور وغيرهم. له تآليف منها شرح المختصر اعتمده المواق وأكثر من النقل عنه في تآليفه وله فتاوى كثيرة نقل الونشريسي في معياره جملة منها. توفي سنة 848 هـ[1444 م]. 922 - شمس الدين أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن محمَّد بن إسماعيل الغرناطي: شهر الراعي الفقيه النحوي المتفنن العالم العلامة الإِمام الفاضل العمدة الفهّامة. أخذ عن شيوخ بلده ومصر كابن سمعت وابن سراج والحفار وأبي عبد الله المنتوري وأجازه وأبي الفضل العقباني وابن مرزوق الحفيد وجماعة، وعنه جلة منهم الحافظ ابن حجر وابن فهد والبرهان البقاعي اختصر شرح شيخه ابن مرزوق على المختصر من باب القضاء إلى آخره وله كتاب الفتح المنير فيما يحتاج إليه الفقير في غاية الإجادة وشرح القواعد وانتصار الفقير السالك لمذهب مالك وله النوازل النحوية وشرحان على الأجرومية وغير ذلك. مولده سنة 782 هـ استوطن القاهرة وتوفي سنة 853 هـ[1449 م]. 923 - قاضي الجماعة بغرناط أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ أبي إسحاق الشران: العلامة واحد الزمان وفريد العصر والأوان الرئيس الصدر البحر الذي لا يجارى في الإنشاء والاختراع ولا يمارى. أخذ عن أعلام وكان بالحياة سنة 837 هـ له منظومة في الفرائض شرحها القلصادي وله النظم الجيد الرائق والنثر البليغ الفائق. ومن نظمه القصيدة التي أولها: دوام الحال من المحال ... واللطف موجود على كل حال 924 - الفقيه عمر المالقي وبه عرف الأندلسي: العالم الماهر المحقق الأديب الألمعي الشاعر المفلق. أخذ عن أعلام كان بالحياة سنة 844 هـ.

فرع فاس

925 - قاضي الجماعة أبو يحبى محمَّد بن أبي بكر محمَّد بن عاصم: الأستاذ المحقق العالم الحافظ النظار المتحلي بالجلال والوقار نخبة الأعيان فريد العصر والأوان فصيح القلم واللسان المتفنن العمدة الشهير الوزير الخطير تولى اثنتي عشرة خطة في وقت واحد منها القضاء والكتابة والوزارة والإمامة والخطابة. أخذ عن جماعة منهم والده وعمه وأبو الحسن بن سمعت وابن سراج والمنتوري وأبو عبد الله البياني وأبو جعفر الشريف السبتي له تآليف منها شرح تحفة والده والروض الأريض في تراجم ذوي السيوف والأقلام والقريض ذيل للإحاطة في أسفار وجنة الرضا في التسليم لما قدر وقضى كتاب عجيب جداً غريب ألّفه يندب بلاد الأندلس ويحرك عزائم الإِسلام لنصرة الدين لما استولى العدو على غالب تلك البلاد، وله تآليف في فنون من العلم نقل عنه الونشريسي في مواضع من معياره وقع بينه وبين عصريِّه المفتي الصالح أبي عبد الله السرقسطي نزاع في مسائل ومراجعات مع التزام كل منهما حسن الأدب مع صاحبه شأن سادات العلماء. كان بالحياة سنة 857 هـ توفي على ما قيل ذبيحاً من جهة السلطان، قلت: وقوله جنة الرضا قد ألف في الغرض المذكور أدباء الأندلس منهم أبو الطيب صالح الشريف الرندي ناظم القصيدة المشهورة التي أولها: لكل شيء إذا ما تم نقصان ... فلا يغر بطيب العيش إنسان وهؤلاء الأعلام الشران وابن عمر وابن عاصم والرندي ترجم لهم في أزهار الرياض وأطال وهم من الطراز الأول في البلاغة. فرع فاس 926 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد المصمودي التلمساني: الشيخ الإِمام العلامة الفقيه المحقق الفهّامة رئيس الصلحاء والزهاد والأئمة العباد صاحب الكرامات المشهورة والديانة المأثورة الولي المجاب الدعوة. أخذ عن أعلام كالشيخ موسى العبدوسي والأبلي وأبي عبد الله الشريف التلمساني وسعيد العقباني، وعنه

أخذ من لا يعد كثرة عرف به تلميذه ابن مرزوق الحفيد في جزء خاص قال: وهو من أشياخي وحصل النفع به كما عرف به ابن صعد. توفي سنة 805 هـ[1402 م]. 927 - أبو زكريا يحيى ابن الفقيه أبي العباس الفاسي: المعروف بالسراج من بيت علم الفقيه الرحلة الإِمام المحدّث الهمام الكثير الرواية القائم بها فهماً ودراية العالم الصالح الصوفي الناصح له سماع عظيم وفهرسة. أخذ عن الفقيه المحدّث الخطيب أبي البركات ابن الحاج البلفيقي وعن ابن عباد وانتفع به وكانت بينهما مراسلات ورسائل وفهرسته المذكورة في جزأين ذكر فيها أولاً أنه أخذ عن والده وأثنى عليه وثنى بشيخه ابن عباد المذكور قال: وانتفعت به منفعة عظيمة وأجازني إجازة عامة في جميع ما صدر عنه من تأليف وتقييد ونظم ونثر وكتب لي بخطه. توفي صاحب الترجمة بفاس سنة 805 هـ أو 803 هـ[1402 م]، أو [1400 م]. 928 - أبو زيد عبد الرحمن بن علي الماكودي الفاسي: من بيت فضل وعلم وصلاح الإِمام الفقيه النحوي الفاضل المتفنن العالم العامل. أخذ عن جماعة منهم عبد الله الوانغيلي وعنه ابن مرزوق الحفيد وعبد الرحمن بن عطية المديوني والكاواني وغيرهم وهو آخر من درس كتاب سيبويه له تآليف مفيدة منها مقصورة في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - بديعة وعاب على ابن دريد وحازم جعل مقصورتيهما مدحاً في معنى الدنيا وله شرح على منظومة ابن مالك في المقصور والممدود وشرح الأجرومية ورجز في التصريف وشرح الخلاصة. توفي سنة 807 هـ[1404 م]. 929 - أبو علي عمر بن محمَّد الرجراجي الفاسي: الولي تاج الزهاد وإمام

العباد الشيخ الصالح العلامة المعظم عند الخاصة والعامة وشهرته بالصلاح أكثر من شهرته بالعلم أخذ عن جماعة من مشيخة فاس منهم أبو عمران العبدوسي وعنه جلة منهم ابن الخطيب القسنطيني وعرف به وأثنى عليه كثيراً وابن علال المصمودىِ، توفي سنة 810 هـ[1407 م]، والدعاء عند قبره مجرّب الإجابة. 930 - قاضي قسنطينة أبو العباس أحمد بن حنين القسطيني يعرف بابن الخطيب وبابن قنفذ: الإِمام العلامة المتفنن الفهّامة المحدّث الأديب الرحّال الشيخ الفاضل الصالح المفضال أخذ عن أئمة كأبي القاسم الشريف السبتي والشريف التلمساني والعبدوسي الوانغيلي وأبي العباس بن البنا وابن مرزوق الجد وابن عرفه والولي عمر الرجراجي والقباب ومن لا يعد كثرة اعتنى بلقاء العلماء والأولياء والصلحاء وجال في بلاد المغرب وإفريقية فحصل علوماً جمة ولقي أبا العباس بن عاشر وتبرك به واستفاد منه ومن غيره من الصلحاء. وعنه جماعة منهم ابن مرزوق الحفيد له تآليف منها شرح الرسالة في أسفار وشرح جمل الخونجي وشرح مختصر ابن الحاجب الأصلي وتلخيص ابن البنا وألفية ابن مالك وأنوار السعادة في أصول العبادة وتيسير المطالب في تعديل الكواكب ووسيلة الإِسلام بالنبي عليه الصلاة والسلام وتحفة الوارد في اختصاص الشرف من قبل الوالد وتأليف في مناقب أبي مدين الغوث وله تاريخ ذيله أبو العباس بن أبي العافية واللباب في اختصار الجلاب وغير ذلك مما هو كثير نقل عنه المازوني في نوازله والقلشاني في شرح الرسالة والونشريسي في معياره، مولده في حدود 740 هـ وتوفي سنة 810 هـ[1407 م]. 931 - أبو عثمان سعيد بن محمَّد العقباني التلمساني التجيبي: إمامها وعالمها العلامة النظار المتحلي بالوقار الفقيه المتفنن في علوم شتى الإِمام الفاضل العمدة المحقق الكامل أخذ عن السطي وابني الإِمام وبهما تفقه والأبلي وجماعة وعنه ابن قاسم وإبراهيم المصمودي وأبو يحيى الشريف وابن مرزوق الحفيد وأبو العباس بن زاغو وغيرهم وبالإجازة محمَّد بن عقاب. له تآليف منها شرح الحوفية لا

نظير له ولم يؤلف عليها مثله وشرح جمل الخونجي في المنطق وتلخيص ابن البنا وقصيدة ابن ياسين في الجبر والمقابلة وتفسير سورتي الأنعام والفتح أتى فيه بفوائد جليلة وشرح البردة وشرح جليل على ابن الحاجب الأصلي وعلى العقيدة البرهانية والعقباني نسبة لعقاب قرية بالأندلس. تولى القضاء ببجاية وتلمسان وسلا ومراكش ومدة ولايته نيف وأربعون سنة مولده بتلمسان سنة 720 هـ وتوفي سنة 811 هـ[1408 م]. 932 - أبو القاسم الشريف الإدريسي السلاوي: وبه اشتهر الفقيه الصالح الأفضل الإِمام أحد الأئمة الأعلام من أكابر تلاميذ ابن عرفة أخذ عنه وانتفع به وبغيره وعنه ابن ناجي ونقل عنه في شرح المدونة له تقييد في التفسير عن ابن عرفة في مجلدين وإكمال الإكمال على صحيح مسلم في مجلد اقتصر فيه غالباً على أبحاث ابن عرفة وأصحابه نفيس للغاية لم أقف على وفاته. 933 - أبو العباس أحمد بن عمر البسيلي: الإِمام الفقيه العامل الكامل الخير الشيخ الفاضل أخذ عن ابن عرفة وأبي العباس البطرني وابن خلدون وأبي مهدي عيسى الغبريني له تقييد في التفسير قيده عن ابن عرفة فيه فوائد مهمة ونكت وله فيه قصة مذكورة في نيل الابتهاج وكان حضوره عند ابن عرفة سنة 785 هـ وتوفي سنة 830 هـ[1426 م] نقلاً عن كشف الظنون. 934 - أبو الفضل قاسم بن محمَّد بن عبد الصمد الزواوي: الإِمام الفقيه الحافظ للمذهب وهو في بجاية كالبرزلي بتونس أخذ عن عبد الرحمن الوغليسي وغيره. لم أقف على وفاته. 935 - أبو عبد الله محمَّد بن عمر بن فتوح التلمساني ثم المكناسي: الفقيه الصالح الزاهد الفاضل الإِمام العالم العامل وهو أول من أدخل فاساً مختصر خليل سنة 805 هـ أخذ عن أبي إسحاق المصمودي وغيره وعنه أهل فاس وانتفعوا به، توفي بمكناسة سنة 818 هـ[1415 م].

936 - أبو يحيى محمَّد بن أبي غالب: عرف بابن السكاك المكناسي قاضي الجماعة بفاس الإِمام الفقيه المفسر العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم أخذ عن الشريف أبي عبد الله التلمساني وابن عباد وانتفع به والأبلي وغيرهم له شرح على شفاء القاضي عياض أجاد فيه وتأليف في الأدعية، توفي سنة 818 هـ[1415 م]. 937 - أبو مهدي عيسى بن علال المصمودي: شيخ الجماعة بفاس وقاضيها العلامة الموصوف بالزهد والورع الفقيه الفهّمة أخذ عن أبي عمران العبدوسي التازغدري وصحب الشيخ عمر الرجراجي وانتفع به وله رحلة سمع فيها وعنه جماعة منهم أحمد المزدغي وعبد الرحمن الكاواني والقوري له تعليقة على مختصر ابن عرفة، توفي سنة 823 هـ[1420 م]. 938 - أبو يحيى عبد الرحمن ابن الإمام محمَّد الشريف التلمساني: المعروف بأبي يحيى الإِمام العلامة العمدة الفهّامة شريف العلماء وعالم الشرفاء وخاتمة المفسرين والفضلاء كان آية من آيات الله في القيام بتحقيق العلوم مع الإتقان حاملاً لواء المعارف والعرفان أخذ عن أبيه وبه تفقه وسعيد العقباني وسمع أبا القاسم بن رضوان وأجازه وجماعة وعنه ابنه إبراهيم وابن زاغو وابن مرزوق الحفيد ويحيى المضغري وجماعة له كتابته على سورة الفتح على غاية من التحقيق، ولد في رمضان سنة 757 هـ وليلة مولده بات مع أبيه أبو زيد بن خلدون وأبو يحيى السكاك فسماه عبد الرحمن وكناه أبا يحيى، توفي في رجب سنة 826 هـ[1422 م]. 939 - أبو عبد الله محمَّد بن جابر الغساني المكناسي: الإِمام العالم البارع الناثر الناظم أخذ عن جماعة منهم القاضي أبو عبد الله محمَّد ابن قاضي الجماعة

أبي العباس أحمد الغماز البخاري بسنده لمؤلفه وعنه أخذ الحافظ القوري وغيره له نظم المرتبة العليا في تفسير الرؤيا ورجز في التصريف سماه نزهة الناظر وتسميط البردة وتأليف في رسم القرآن وغير ذلك من التصانيف الحسان والقصائد العجيبة، توفي سنة 827 هـ[1423 م]. 940 - وأبو الحسن علي بن ثابت القرشي الأموي: الفقيه العالم الزاهد الورع الفاضل العابد أخذ عن ابن مرزوق الجد وعنه ابن مرزوق الحفيد وغيره تآليفه ثمانية وعشرون أكثرها في أصول الدين والحديث والتاريخ والطب منها ثلاثة شروح على الرردة وشرح على تنقيح القرافي، توفي في ذي القعدة سنة 829 هـ[1425 م]. 941 - أبو موسى عمران بن موسى الجاناتي: الفقيه الحافظ الإِمام الكامل العالم الفاضل أخذ عن أبي عمران العبدوسي وقيد عنه التقييد البديع على المدونة في عشر مجلدات وعنه أخذ القوري وابن غازي وغيرهما، توفي سنة 830 هـ[1426 م]. 942 - أبو القاسم محمَّد بن عبد العزيز التازغدري: الفقيه العالم العلامة الخطيب البليغ النظار الفهّامة. أخذ عن عيسى بن علال المصمودي وأبي عمران العبدوسي وغيرهما وعنه الجاناتي وعبد الرحمن الكاواني وأبو محمَّد الورياجلي وغيرهم. له شرح على تعليقة أبي الحسن على المدونة وله فتاوى نقل في المعيار جملة منها وأكثر ابن غازي من النقل عنه في كتبه. قتل غدراً سنة 832 هـ[1428 م]. 943 - القاضي بتلمسان أبو عبد الله المدعو أحمد الشريف: التلمساني الفقيه العالم من شيوخ القلصادي العمدة الفاضل. أخذ عن المازوني ونقل عنه في مواضع من نوازله. توفي سنة 833 هـ[1429 م]، على أحد الأقوال. 944 - أبو القاسم عبد العزيز بن موسى العبدوسي: الإِمام الحافظ العالم

الجليل نادرة الزمان في الحفظ والإتقان. أخذ عن والده وغيره، وعنه الرصاع وغيره. توفي سنة 837 هـ[1433 م]. 945 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد ابن الخطيب محمَّد بن مرزوق: الإِمام المحقق العلامة المفسر المحدّث الراوية الفهّامة الحافظ النظّار المتحلي بالوقار المتبحر في العلوم الماهر الولي الصالح فارس المنابر الوارث المجد كابراً عن كابر. أخذ عن جده بالإجازة، وأخذ عن أعلام من أهل المشرق والمغرب يطول استقصاؤهم، منهم والده وعمه وأبو محمَّد الشريف التلمساني وأخوه أبو يحيى وسعيد العقباني وابن عرفة وأبو إسحاق المصمودي وأبو زيد الماكودي والسراج والبلقيني وأبو الفضل العراقي والحافظ محمَّد بن مسعود الصنهاجي والسراج بن الملقن والشمس الغماري والفيروزآبادي صاحب القاموس ومحيي الدين ابن صاحب المغني وابن خلدون وناصر الدين بن التنسي والنور النويري وغيرهم وغالبهم أجازه كما أجازه ابن الخشاب والقيجاطي وابن علاق ومحمد بن جزي وأبو الطيب بن علوان. وعنه جماعة منهم ابنه المعروف بالكفيف والثعالبي وانتفع به وأبو حفص القلشاني ومحمد بن العباس ونصر الزواوي والولي الحسن أبركان والغماري وأبو الفضل المشذالي وأبو العباس بن أبي يحيى الشريف التلمساني وأخوه أبو الفرج وابن كحيل التجاني والقلصادي وأبو عبد الله المازوني والحافظ التنسي وابن زكري وأحمد بن يونس القسنطيني وخلق كثير. حكي أنه لما دخل لجامع الزيتونة وجد الإِمام ابن عرفة يفسر قوله عزّ من قائل: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ} الآية مستشكلاً قائلاً قرئ ومن يعشو بالرفع ونقيض بالجزم ووجهها أبو حيان بكلام لم أفهمه والظاهر أن في النسخة تحريفاً وذكر كلامه قال صاحب الترجمة: فقلت له: يا سيدي معنى ما ذكر أن جزم نقيض بمن الموصولة لشبهها بالشرطية مما تضمنه من معنى الشرط وإذا كانوا يعاملون الموصول الذي لا يشبه لفظه الشرط بذلك فما يشبه لفظه لفظ الشرط أولى بتلك المعاملة فوافق رحمه الله وفرح وكان الإنصاف طبعه وأنكر عليَّ ذلك جماعة من أهل المجلس وطلبوا مني إثبات معاملة الموصول معاملة الشرط بنص من إمام أو شاهد من كلام العرب قال: وكنت قريب عهد بحفظ

التسهيل فقلت: قال ابن مالك في التسهيل فيما يشبه المسألة وقد يجزمه متسبب عن صلة الذي تشبيهاً بجواب الشرط وأما الشاهد فقوله: فلا تحفرن بئراً تريد بها أخا ... فإنك فيها أنت من دونه تقع كذاك الذي يبغي على الناس ظالماً ... تصبه على رغم عواقب ما صنع فجاء الشاهد موافقاً للحال وهناك رواية أخرى في هاته النازلة. له تآليف منها ثلاثة شروح على البردة الأكبر أجاد فيه وأفاد وشرح الشقراسطية والخزرجية وله رجزان في علوم الحديث جمع في ذلك بين ألفيتي ابن ليون والعراقي واختصر ألفية العراقي واغتنام الفرصة في محادثة عالم قفصة أجوبة عن مسائل من الفقه والتفسير وتأليف في حلية الكاغذ الرومي واختصار الحاوي في الفتاوى لابن عبد النور وله أراجيز كثيرة في فنون شتى وما لم يكمل شرح البخاري وشرح المختصر وشرح التهذيب وفرعي ابن الحاجب وغير ذلك مما هو كثير وله أجوبة وفتاوى في أنواع من العلم. مولده في ربيع الأول سنة 766 هـ وتوفي يوم الخميس 14 شعبان سنة 842 هـ[1438 م]، وصلى عليه بالجامع الأعظم بعد صلاة الجمعة وحضر جنازته السلطان فمن دونه انتهى نيل الابتهاج، وفي نفح الطيب توفي بمصر في شعبان من السنة وصلي عليه بالجامع الأزهر بعد صلاة الجمعة الخ والخلاصة أن ثناء العلماء على فضلاء هذا البيت كثير منهم ابن مرزوق الخطيب المترجم له فيما سلف وصاحب الترجمة وابنه الكفيف وستأتي ترجمته وأطال الثناء عليهم في النفح انظره. 946 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن علي تقي الدين الفاسي: نزيل الحرمين الشريفين الإِمام الفقيه العالم المطلع المتفنن المؤرخ الرحال المؤلف المتقين. ولي قضاء المالكية بمكة سنة 807 هـ قال الحافظ ابن حجر: رافقني في السماع بمصر والشام واليمن وغيرها وكنت أوده وأعظمه. سمع من البرهان بن فرحون والفقه على ابن عم أبيه عبد الرحمن بن المنير وبهرام والوانوغي وابن صدقة وجماعة وعنه أبو إسحاق التازي وغيره. كتب تاريخاً حافلاً سماه شفاء الغرام بأخبار بلد الله الحرام والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين في أربع مجلدات وله ذيل على سير النبلاء واختصر حياة الحيوان وله فهرسة وغير ذلك. توفي في شوال سنة 833 هـ[1429 م]. مولده سنة 775 هـ.

947 - أبو عبد الله محمَّد بن عمر الهواري: الشيخ الصالح الولي الكامل العراف بالله الواصل العالم العامل الكثير الكرامات والسياحة شرقاً وغرباً. أخذ عن أبي عمران العبدوسي والقباب وأحمد بن إدريس الوانقيلي وعبد الرحمن الوغليسي والحافظ العراقي وغيرهم وعنه الإِمام التازي وغيره. ألّف كتاب السهو وضمن لكل من قرأ سهوه واعتنى به أن لا يجوع ولا يعرى ولا يعطش وأنه ضمنه في الدنيا والاخرة. قد استوفى مناقبه ومناقب أصحابه إبراهيم التازي والحسن أبركان وأحمد القماري والشيخ ابن صعد في روضة النسرين في مناقب الأربعة الصالحين. توفي بوهران سنة 843 هـ[1439 م]. 948 - أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن عرف بابن زاغو التلمساني: العالم العامل الولي الصالح الشيخ الكامل المؤلف المحقق العمدة الفاضل. أخذ عن سعيد العقباني وأبي يحيى الشريف التلمساني وجماعة، وعنه جماعة منهم أبو زكرياء يحيى المازوني والحافظ التنسي وابن زكري وأبو الحسن القلصادي وذكره في رحلته وأثنى عليه كثيراً. ألّف مقدمة في التفسير وتفسير الفاتحة ومنتهى التوضيح في الفرائض وشرح تلخيص والده وحكم بن عطاء الله ومختصر خليل من الأقضية إلى آخره وشرح مختصر ابن الحاجب الفرعي وبعض الأصلي وشرح التلمسانية في الفرائض وله فتاوى كثيرة في أنواع العلوم نقل في المعيار الكثير منها وكذا في المازونية وغير ذلك. مولده في حدود سنة 782 هـ وتوفي في ربيع الأول سنة 845 هـ[1441 م]، وكانت جنازته مشهودة في غاية الاحتفال. 949 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم بن عبد الرحمن التلمساني: شهر بابن الإِمام من بيت علم وجلالة وفضل وعدالة الإِمام العلامة النظار الرحلة الفهامة المتفنن في العلوم الحامل راية المنثور والمنظوم أخذ عن سعيد العقباني وغيره وعنه الحافظ التنسي والقلصادي وابن مرزوق الكفيف والتقي اليمني وغيرهم من أهل المشرق والمغرب وهو أول مَن أدخل للمغرب شامل بهرام وشرحه للمختصر

وحواشي التفتازاني على العضد وابن هلال على ابن الحاجب الفرعي وغير ذلك من الكتب حكى عن شيخه العقباني المذكور أنه سأله يهودي عن دليل عموم رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت بعث للأحمر والأسود. فقال: خبر آحاد لا يفيد إلا الظن والمطلوب القطع فقلت له قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} فقال: هذا لا يكون حجة إلا على مَن يقول بصحة تقدم الحال على صاحبها المجرور وأنا لا أقول بصحته اهـ قال الشيخ أحمد بابا: الحجة القاطعة في ذلك قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} فهو نص قطعي. توفي صاحب الترجمة سنة 845 هـ[1441 م]. 950 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد النجار التلمساني: الفقيه العلامة الأصولي الفهامة، قرأ عليه الشيخ القلصادي وعرف به في رحلته، توفي سنة 846 هـ[1442 م]. 951 - أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن موسى بن معطي العبدوسي الفاسي: مفتيها وعالمها ومحدثها وصالحها الإِمام العلامة العمدة الفهّامة هو ابن أخي أبي القاسم العبدوسي الحافظ نزيل تونس وحفيد الإِمام أبي عمران العبدوسي. أخذ عن والده وجده أبي عمران؛ وعنه ابن املال والقوري والورياجلي. قال الشيخ أحمد مرزوق: حملت إليه وأنا رضيع ولم أزل أتردد إليه في ذلك السنن لكون جدتي تقرأ عليه مع أختيه فاطمة وأم هاني وكانتا فقيهتين صالحتين وكان زاهداً قطباً في السخاء إماماً في نصح الأمة له نظم حسن في شهادة السماع ورسائل وفتاوى كثيرة نقل منها في المعيار. جملة فضائله كثيرة جمعها بعض العلماء في تأليف. توفي في ذي القعدة سنة 849 هـ[1445 م]. 952 - قاضي الجماعة بتلمسان أبو الفضل قاسم بن سعيد العقباني: الفقيه الإِمام شيخ الإِسلام ومفتي الأنام الرحلة أحد الشيوخ المحققين الفضلاء الأعلام

الطبقة الثامنة عشرة

الحافظ المجتهد أحد الجهابذة النقاد المعمر ملحق الأحفاد بالأجداد، له اختيارات خارجة عن المذهب، أخذ عن والده وغيره، وعنه جلة منهم ابنه أبو سالم وحفيده محمَّد بن مرزوق حفيد الحفيد ومحمد بن العباس ويحيى المازوني والحافظ التنسي والقلصادي وأثنى عليه في رحلته والرصاع وأبو البركات النائلي وابن زكري والونشريسي وخلق، رحل للحج سنة 830 هـ وحضر إملاء ابن حجر الحافظ وأجازه وحضر أيضاً درس البساطي له تعليقة على ابن الحاجب الفرعي وأرجوزة تتعلق بالصوفية في اجتماعهم على الذكر. توفي عن سن عالية في ذي القعدة سنة 854 هـ[1450 م]. الطبقة الثامنة عشرة من أهل الحجاز 953 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن موسى السخاوي: المدني قاضيها خمسين سنة الإمام الفقيه الفاضل القاضي العادل العالم المتفنن الكامل، أخذ عن جماعة منهم القاضي السنباطي وأبو القاسم النويري، وعنه جلة منهم ابنه محمَّد والحطاب الكبير والإمام السيوطي، توفي سنة 880 هـ[1475 م]. 954 - أبو محمَّد عبد القادر بن أبي القاسم أحمد الأنصاري السعدي العبادي محيي الدين: قاضي القضاة بمكة العلامة المتفنن أما التفسير فإنه كشاف خفياته وأما الحديث فإليه الرحلة في رواياته ودراياته وأما الفقه فإنه مالك زمانه وناصب أعلامه وأما النحو وآدابه ومحاضراته فحدّث عن البحر ولا حرج، سمع من المتقي الفاسي وأبي الحسن بن سلامة وأجازه البدر الدماميني وجماعة وأجازه البساطي بالإفتاء والتدريس وجلس للتدريس وأجاد وأفاد وانتفع به جماعة منهم الإِمام السيوطي وبالغ في الثناء عليه في طبقات النحاة. له تآليف منها هداية السبيل في شرح التسهيل وحاشية على التوضيح وحاشية على شرح الألفية للماكودي. مولده بمكة سنة 814 هـ وتوفي سنة 880 هـ[1475 م].

فرع مصر

فرع مصر 955 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن يحيى: عرف بابن المخلطة الفقيه الإِمام الكامل العارف بالأحكام وتحرير النوازل العمدة الذكي الفاضل أخذ عن الأقفهسي والبساطي وغيرهما وعنه ابنه محمَّد وغيره. مولده سنة 790 هـ وتوفي في ربيع الأنور سنة 858 هـ[1454م]. 956 - ابنه بدر الدين أبو عبد الله محمَّد: الفقيه الإِمام العلامة الذكي الألمعي الفهامة أخذ عن والده وأبي القاسم النويري والبدر التنسي والزين طاهر لازمه وانتفع به وابن الهمام وسمع الحافظ ابن حجر وغيره قرأ على الحسام بن حريز واختص به وناب في القضاء عن الولي السنباطي حجّ وجاور وتوفي في ربيع الأول سنة 870 هـ[1465م]. 957 - القاضي برهان الدين إبراهيم الأبوذري المصري: الإمام الفقيه العالم الفاضل العمدة الكامل أخذ عن الزين عبادة وأبي القاسم النويري والشهاب الصنهاجي وأبي الفضل المشذالي والبساطي، حجّ مراراً. مولده في ربيع الأول سنة 806 هـ، ومات سنة 859 هـ[1454م]. 958 - ولي الدين قاضي القضاة أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد الأموي: شهر السنباطي الإِمام الهمام الفقيه العمدة الذي لا تأخذه في الله لومة لائم أخذ عن البساطي والأقفهسي وأذن له في التدريس وسمع الحافظ ابن حجر وغيره، تولى القضاء بعد البدر التنسي وبعده تولى الحسام بن حريز، كان له النظم الحسن. توفي في رجب سنة 861 هـ[1456م].

959 - شمس الدين أبو عبد الله محمَّد بن أحمد: عرف بالقرافي سبط العارف بالله ابن أبي جحرة الفقيه العلامة الإمام العمدة الفهّامة كان يتوقد ذكاء مع الحفظ والإتقان والعبارة الرائقة وكان يملي في وقت واحد على سبعة أنفس من إنشائه بأمور مختلفة وهذا غاية ما يكون من البراعة يكاد أن لا يقبله العقل أخذ عن والده والجمال الأقفهسي ولازم البساطي كثيراً وانتفع به وناب عنه في القضاء وسمع الحافظ ابن حجر وابن البيطار وابن الجزري والزين الزركشي والولي العراقي وغيرهم مما هو كثير وعنه جماعة منهم شرف الدين يحيي بن عمر القرافي. مولده سنة 801 هـ وتوفي في ذي الحجة سنة 867 هـ[1462م]. 960 - القاضي نجم الدين عبد الرحمن بن عبد الوارث البكري: ينتهي نسبه إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه الشيخ الإِمام العلامة الفقيه شيخ الإِسلام الفهّامة. أخذ عن بهرام والجمال الأقفهسي والشمس المديوني وابن خلدون والجلال البلقيني. مولده سنة 783 هـ وتوفي في ذي القعدة سنة 868 هـ. 961 - قاضي القضاة حسام الدين محمَّد بن أبي بكر: عرف بابن حريز مصغراً، الشريف الفقيه العلامة الفاضل الإِمام الفهّامة القاضي العادل، تفقه بالزين عبادة والعماد المقرئ وسمع الولي العراقي وغيره واستقر في القضاء بعد الولي السنباطي. مولده في رمضان سنة 802 هـ وتوفي في شعبان سنة 873 هـ. 962 - أخوه قاضي القضاة أبو حفص عمر: الفقيه الإِمام العلامة الكامل العمدة الفهّامة العارف بالأحكام والنوازل. أخذ عن الزين عبادة والشيخ طاهر النويري وغيرهما واستقر في القضاء بعد موت أخيه ثم صرف عنه وتولى عوضه البرهان اللقاني سنة 887 هـ مولده سنة 819 هـ وتوفي سنة 892 هـ. 963 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد: عرف بابن القاسم النويري

الفقيه العالم المتفنن المحقق أخذ عن النور السنهوري وغيره. توفي سنة 873 هـ. 964 - برهان الدين إبراهيم بن محمَّد الزفدي: الإِمام العمدة العالم القدوة الفقيه المتفنن المحقق، تفقه بالزين طاهر وغيره شرح الرسالة في مجلد وابن الحاجب الفرعي في خمس مجلدات مولده في المحرم سنة 817 هـ وتوفي سنة 877 هـ. 965 - أبو المواهب شرف الدين محمَّد بن أحمد التونسي: عرف بابن زغدان الشاذلي الوفائي من علماء الأزهر الأعيان الظرفاء الأبراء الأجلاء الأخيار أعطي ناطقة سيدي علي وفا وعمل الموشحات الربانية وألّف الكتب اللدنية، وكان يغلب عليه سكر الحال فيتمشى ويتمايل في الجامع الأزهر فيتكلم الناس فيه بحسب ما في أعينهم حسناً وقبحاً وما خلا جسد من حسد، له كتاب القانون في علم الطائفة وهو كتاب بديع لم يؤلف مثله يشهد لصاحبه بالذوق الكامل وكتاب الأذكياء في أخبار الأولياء وهو كتاب جليل وله شرح الحكم ورسالة في السماع على غاية من التحقيق نقلها الشيخ الأمير في حاشيته على شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على خليل في باب الوليمة، وكان أولاد أبي الوفا لا يقيمون له وزناً وكان هو معهم على غاية من الآداب لأنه أخذ عنهم وانتفع بهم وإليهم نسب وكلامه غاية في الأدب ينشد في المواليد والاجتماعات على رؤوس العلماء والصالحين فيتمايلون طرباً من حلاوته، وأخذ عن أصحاب ابن عرفة ثم انتقل للقاهرة، أخذ عنه جماعة منهم الشمس اللقاني وانتفع به. مولده بتونس سنة 820 هـ وتوفي سنة 882 هـ بالقاهرة ودفن بغرفة الشاذلية بالقرافة. 966 - نور الدين أبو الحسن علي بن عبد الله السنهوري: الإِمام الكامل العالم الجليل الفاضل الحافظ المحدّث شيخ المالكية في وقته. أخذ عن الزين طاهر النويري والبساطي والزين عبادة وأبي القاسم النويري وأحمد البجائي والبدر التنسي

فرع إفريقية

ويحيى العلمي وأبي عبد الله الراعي والولي السنباطي وغيرهم، وعنه أئمة منهم الشيخ أحمد زروق وأبو الحسن الشاذلي المنوفي والحطاب الكبير والشمس التتائي والشمس والناصر اللقانيان ويوسف التتائي والفيشي له شرح على المختصر وتعليق على التلقين. مولده سنة 814 هـ وتوفي في رجب سنة 889 هـ[1484م]. 967 - قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن محمَّد اللقاني: الإِمام الفقيه العالم المحدّث العمدة المتفنن القدوة، سمع الحديث من الزركشي وتفقه بالزين طاهر لازمه وانتفع به والزين عبادة وأحمد البجائي وأبي القاسم النويري. مولده في صفر سنة 817 هـ وتوفي سنة 896 هـ[1490م]. 968 - داود بن علي القلتاوي الأزهري: الإِمام الفقيه المتفنن العالم الماهر المؤلف المتقن. أخذ عن الزين طاهر وأبي القاسم النويري وغيرهما، وعنه الشمس التتائي وغيره له شرح على مختصر خليل ومختصر ابن الحاجب الفرعي والرسالة والتنقيح والألفية وغير ذلك. توفي سنة 902 هـ[1496م]. فرع إفريقية 969 - قاضي الأنكحة أبو عبد الله محمَّد البحيري التونسي: الإِمام الفقيه العالم الزكي الأفضل. أخذ عن البرزلي وغيره. توفي في ذي القعدة سنة 858 هـ[1454م]. 970 - قاضي الجماعة أبو العباس أحمد بن محمَّد بن عبد الله القلشاني: الشيخ الإِمام الحافظ لمذهب مالك العلامة المقرئ المتفنن الفهّامة تولى قضاء تونس والخطابة بجامعها الأعظم أخذ عن والده وابن عرفة والغبريني وغيرهم، وعنه القلصادي وذكره في رحلته وغيره له شرح على الرسالة وشرح مختصر ابن الحاجب الفرعي في سبعة أسفار وشرح على المدونة. توفي وهو يتولى القضاء سنة 863 هـ[1458م].

971 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن أبي زيد المنستيري: الفقيه العالم الشيخ الصالح. أخذ عن والده وقام مقامه بشؤون قصر المنستير. توفي سنة 869 هـ[1464م] ودفن بمقبرة المنستير قريباً من شاطئ البحر عليه بناء حفيل ولما خشي عليه من البحر نقل لموضع آخر بالمقبرة وبنى عليه بناء حفيل أما البناء الأول فأخذه البحر بعد النقل ولم يبقَ له أثر، وكان الذي تولى نقله الشيخ الصالح محمَّد القزاح المساكني سنة 1310 هـ. 972 - أبو العباس أحمد بن محمَّد التجّاني: بكسر الفوقية والجيم المشددة نسبة لقبيلة بالمغرب عرف بابن كحيل التونسي العالم العلامة الفقيه العمدة الفهامة الإِمام المتفنن المؤلف. أخذ عن ابن سمعت والأبيّ وقاسم العبدوسي والقلشاني وغيرهم، ألف كتاباً في الفقه سماه المقدمات وآخر في التصوف وآخر في الوثائق. مولده سنة 802 هـ وتوفي سنة 869 هـ[1464م]. 973 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن عيسى العقدي الزنديوي التونسي: قاضي الأنكحة بها الفقيه العلامة المتفنن الفهّامة المحقق المتقين من أصحاب ابن عرفة. أخذ عنه أحمد بن يونس وغيره له تآليف في فنون من العلم منها تفسير وشرح المختصر وله فتاوى منقولة في المازونية والمعيار ورسالة في الفرائض عمر فألحق الأحفاد بالأجداد. توفي سنة 874 هـ[1469م]. 974 - أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن اليزليطيني القروي: عرف بحلولو الإِمام العمدة المحقق المؤلف الفقيه الأصولي أحد الأعلام الحافظين لفروع المذهب. تولى قضاء طرابلس ثم صرف عنه، أخذ عن أئمة منهم أبو حفص القلشاني والبرزلي وقاسم العقباني وابن ناجي وغيرهم. وعنه الشيخ أحمد زروق وأحمد بن حاتم وغيرهما، له شرحان على المختصر كبير وصغير، وشرحان على أصول ابن السبكي وشرح التنقيح وعقيدة الرسالة والإشارات للباجي واختصر نوازل

البرزلي وكان يقول بعدم قبول شهادة العالم على مثله وللقاضي الفشتالي خلاف ما قاله صاحب الترجمة ومشى عليه خليل. كان بالحياة سنة 875 هـ وسنه قريب من الثمانين. 975 - قاضي الأنكحة أبو العباس أحمد بن يونس القسنطيني التونسي: الإِمام الفقيه العالم الكامل المتفنن العمدة الفاضل. أخذ عن البرزلي وابن مرزوق الحفيد والبساطي وتفقه بأبي عبد الله الزنديوي وغيرهم. له تأليف في ترجيح ذكر السيادة في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وقصيدة في مدحه عليه الصلاة والسلام وأجوبة على أسئلة وردت من صنعاء. أخذ عنه الشيخ أحمد زروق والتتائي ونقل عنه في باب الحجر من شرح المختصر. مولده سنة 816 هـ وتوفي سنة 878 هـ[1473م]. 976 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد الأخضري التونسي: شيخها وعالمها الكبير ومفتيها الشهير. أخذ عن الأخوين القلشانيين وقاسم العقباني والزعبي وغيرهم. توفي في جمادى الأولى سنة 879 هـ[1474م]. 977 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن عيسى بن فندار القيرواني: عرف بعظوم من بيت به معروف بالفضل والتحلي بالوقار الإِمام الفقيه العالم المحصل المؤلف المتقين، أخذ عن البرزلي والزعبي وغيرهما، له تآليف في الفقه منها مواهب العرفان والمباني اليقينية ومرشد الحكام، كان بالحياة سنة 889 هـ. 978 - أبو عبد الله محمَّد بن عمر القلشاني التونسي: قاضي الجماعة بها الإِمام الفقيه العالم المحقق العمدة الماجد المؤلف المدقق. أخذ عن أبيه وعمه أحمد والبرزلي وغيرهم تولى القضاء بعد صرف عمه أحمد المذكور سنة 859 هـ وأقام به سبعة عشر عاماً؛ له فتاوى منقول بعضها في المعيار والمازونية. توفي في جمادى الثانية سنة 890 هـ[1485م].

979 - أبو عبد الله محمَّد بن قاسم الرصاع الأنصاري التونسي: قاضي الجماعة بها وإمامها بجامعها الأعظم بعد الشيخ محمَّد بن عمر القلشاني بيته نبيه بها الفقيه الإِمام النظار العلامة المؤلف المحقق الشيخ الصالح الفهّامة قصد بالفتاوى من الجهات ولما فرغ المواق من كتابة سنن المهتدين عرضه عليه ولما وقف عليه أثنى على مؤلفه وشكره. أخذ عن البرزلي وابن عقاب. والأخوين القلشانيين وأبي القاسم العبدوسي وقاسم العقباني البحيري وغيرهم. وعنه الشيخ أحمد زروق وغيره؛ له شرح على الأسماء النبوية على صاحبها أفضل التحية وأفرد من المغني الشواهد القرآنية ورتبها وتكلم عليها وشرح حدود ابن عرفة وتأليف في إعراب كلمة الشهادة وتأليف في الفقه كبير وشرح البخاري وشرع في تفسير؛ وله فتاوى بعضها في المعيار والمازونية وله فهرسة وصرف نفسه عن القضاء وبقي في الإمامه إلى أن توفي سنة 894 هـ[1488م]. 980 - أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم التريكي التونسي: حج ثم نزل مصر وحصل له بها صيت وكان يلي القضاء وله وجاهة مع رسوخ في الفقه واستحضار كثير بمسائله وغيره مع تفنن في العلوم وفطنة جيدة. كان الكمال بن الهمام يقول إنه معجون فقه وأدب مع محاضرة حسنة. أخذ عن البرزلي وأبي القاسم القسنطيني وأبي حفص القلشاني وابن عقاب وتردد على الحافظ ابن حجر وأخذ عنه واغتبط كل منهما بصاحبه؛ له شرح على جمل الخونجي في سفرين سماه إكمال الأمل على الجمل وشرح مختصر ابن الحاجب والشمسية. توفي سنة 894 هـ[1488م]. 981 - عبد المعطي بن خصيب المحمدي: نسبة لقبيلة بالمغرب التونسي الفقيه العلامة الزكي العمدة الأفضل الفهّامة. أخذ عن أبي القاسم المصمودي والتقي الفاسي وحضر درسي أحمد ومحمد القلشانيين وابن عقاب. وعنه أخذ الشيخ محمَّد الحطاب الكبير وغيره، مولده سنة 829 هـ، لم أقف على وفاته.

فرع الأندلس

982 - أبو زيد عبد الرحمن الغرياني الطرابلسي التونسي: الفقيه العالم المطلع المحقق أخذ عن أصحاب ابن عرفة منهم الزغبي؛ له حاشية على المدونة، لم أقف على وفاته. فرع الأندلس 983 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد الأنصاري السرقسطي الغرناطي: عالمها ومفتيها وصالحها الإِمام الفقيه العمدة العلامة الفاضل الزكي القدوة أخذ عن ابن سراج وغيره. وعنه ابن الأزرق والقلصادي لازمه وانتفع به وأثنى عليه في رحلته. كان من أحفظ الناس بمذهب مالك، نقل عنه المواق في مواضع من كتابه سنن المهتدين. مولده في ربيع الأنور سنة 784 هـ وتوفي سنة 865 هـ[1460م]. 984 - أبو إسحاق إبراهيم بن فتوح العقيلي الغرناطي: مفتيها وعالمها الفقيه العالم المتفنن النظار المحقق المتقين. أخذ عن ابن سراج وغيره؛ وعنه ابن الأزرق وأبو عبد الله الراعي والقلصادي وأثنى عليه في رحلته؛ له فتاوى نقل بعضها في المعيار. توفي سنة 867 هـ[1462م]. 985 - أبو عبد الله محمد بن قاسم بن محمَّد اللخمي المكناسي ثم الفاسي الأندلسي: الأصل شهر بالقوري -بفتح القاف وسكون الواو- بلد قريب من إشبيلية، شيخ الجماعة بفاس وعالمها العلامة ومفتيها المشاور الفهّامة الشيخ الفاضل المتبحر في العلوم مع استحضار للنوازل؛ أخذ عن أبي موسى عمران الجاناتي وابن جابر الغساني، روى عنه البخاري بسنده لمؤلفه والتازغدري وأبي محمَّد العبدوسي وجماعة، وعنه ابن غازي وانتفع به وأجازه في الفقه بسنده المتصل بالإمام سحنون والشيخ زروق وابن هلال وعبد الله الزموري وأبو الحسن الرقاق والقاضي المكناسي وأبو مهدي الماواسي وغيرهم؛ وسئل عن ابن عربي فقال: اختلف الناس فيه بين مكفر ومقطب والأولى الوقوف. له شرح على المختصر، توفي في ذي القعدة سنة 872 هـ[1467م] مولده سنة 804 هـ.

986 - أبو الحسن علي بن محمَّد البسطي القرشي: شهر بالقلصادي الأندلسي العالم العامل الشيخ الصالح الفاضل المؤلف الرحال المعتني بلقاء الرجال خاتمة علماء الأندلس وحفاظه. أخذ عن جلة من أهل المشرق والمغرب واستفاد منهم كأبي إسحاق بن فتوح وابن مرزوق الحفيد وأبي الفضل العقباني وابن عقاب وابن زاغو وأحمد القلشاني وحلولو والحافظ ابن حجر وأبي القاسم النويري والزين طاهر والجلال المحلي وجماعة ذكرهم في رحلته المشهورة، وعنه جلة منهم الشيخ السنوسي وأبو عبد الله الجلالي وأحمد بن علي بن داود. له تآليف كثيرة في فنون من العلم منها أشرف المسالك إلى مذهب مالك وشرح مختصر خليل وشرح الرسالة وشرح التلقين وشرحان على تلخيص ابن البنا عجيبان وهداية الأنام في قواعد الإِسلام وشرح رجز القرطبي وشرح الحوفية ومنظومة الشيخ الشران وتنبيه الإنسان إلى علم الميزان وشرح الأنوار السنية في الحديث والحكم العطائية ورجز ابن منظور في أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - والبردة ورجز ابن بري والنصيحة في السياسة العامة والخاصة وشرح الخلاصة وجمل الزجاجي وغير ذلك مما هو كثير في الحساب وغيره منها شرح ابن الياسمين في الجبر والمقابلة ومختصره وشرحان على التلمسانية وشرح فرائض ابن أبي شريف وابن الشاط وفرائض مختصر خليل والتلقين وابن الحاجب والعتبية في الفرائض وغنية النحاة وشرحيها الأكبر والأصغر وهداية النظار في تحفة الأحكام والأسرار وكشف الجلباب عن علم الحساب وشرح رجز أبي إسحاق بن فتوح في النجوم ورجز أبي مفرع. توفي بباجة تونس منتصف ذي الحجة سنة 891 هـ[1486م]. 987 - أبو عبد الله محمَّد بن علي: عرف بابن الأزرق الغرناطي قاضي الجماعة بها الفقيه الإِمام العمدة الصدر الهمام المتفنن العلامة المحقق الفهّامة. أخذ عن ابن فتوح وانتفع به وأبي عبد الله السرقسطي وأبي الفرج عبد الله البقني وأحمد بن أبي يحيى الشريف التلمساني وأبي إسحاق العبدوسي وغيرهم وعنه الحافظ ابن داود وغيره. ألّف بدائع السلك في طبائع الملك جمعه من مقدمة ابن خلدون وغيرها حسن مفيد وروضة الأعلام بمنزلة العربية من علوم الإِسلام مؤلف ضخم لم يؤلف

فرع فاس

في فنه مثله وله شرح حافل على المختصر سماه شفاء الغليل وله فتاوى بعضها منقول في المعيار ولما استولى الطاغية على بلاد الأندلس انتقل منها إلى تلمسان ثم إلى المشرق وتولى قاضي القضاة ببيت المقدس به، توفي سنة 895 هـ[1489م]. 988 - أبو عبد الله محمَّد بن يوسف العبدوسي الغرناطي: الشهير بالمواق صالحها وإمامها المتفنن الحائز قصب السباق وعالمها العامل ومفتيها الزكي الفاضل المحقق النظار المتحلي بالوقار خاتمة علماء الأندلس والشيوخ الكبار. أخذ عن جلة كأبي القاسم بن سراج وهو عمدته ومحمد بن عاصم والمنتوري قال في شرح المختصر: أنشدني الأستاذ المنتوري قال: أنشدني الخطيب أبو بكر بن جزي في يوم عاشوراء قال: أنشدني الخطيب أبو علي القرشي في يوم عاشوراء قال: أنشدني أبو عبد الله بن رشيد لنفسه يوم عاشوراء: صيام عاشورا أتى ندبه ... في سنة محكمة ماضيه قال النبي المصطفى أنه ... يكفر ذنب السنة الماضيه وعنه أخذ جماعة منهم الشيخ الدقون وأبو الحسن الزقاق وأحمد بن داود. له شرحان على مختصر خليل كبير سماه التاج الإكليل وهما في غاية الجودة في تحرير النقول الموافقة لقول المنصف مع الاختصار البالغ غايته وكتاب سنن المهتدين في مقامات الدين كتاب جليل أبان فيه عن معرفة بالفنون أصولاً وفروعاً وتصوفاً وغيرها مع الفوائد الجمة أرسله للإمام الرصاع ولما وقف عليه أثنى عليه كثيراً وشكره. توفي في شعبان سنة 897 هـ[1491م] وفي أوائل السنة استولى الطاغية على غرناطة. فرع فاس 989 - أبو إسحاق إبراهيم بن فائد الزواوي القسنطيني: الإِمام الفقيه العالم العمدة الكامل أخذ عن الأبي وأبي عبد الله القلشاني والزعبي وابن مرزوق الحفيد وغيرهم، له شرحان على المختصر كبير وصغير وشرح الخلاصة وتلخيص المفتاح. مولده سنة 796 هـ وتوفي سنة 857 هـ[1453م].

990 - أبو علي الحسن بن مخلوف: شهر أبركان الفقيه العالم العامل الولي الصالح القطب الغوث الكامل الشهير الذكر والكرامات. أخذ عن إبراهيم المصمودي وابن مرزوق الحفيد وغيرهما، وعنه أبو عبد الله التنسي والشيخ علي التالوتي وأخوه لأمه الشيخ السنوسي لازمه كثيراً وانتفع به وحضر درسه الشيخ القلصادي وأثنى عليه في رحلته كما أثنى عليه الشيخ السنوسي المذكور وأطال. توفي في شوال سنة 857 هـ[1453م]. 991 - وابنه أبو عبد الله محمَّد: الفقيه المحدّث الإِمام الحافظ. أخذ عن والده، له تعليق على ابن الحاجب وثلاثة شروح على الشفاء ذكرها الشريف التلمساني في خطبة شرحه للشفاء أيضاً وله غير ذلك. توفي سنة 868 هـ[1463م]. 992 - أبو عبد الله محمَّد بن أبي القاسم المشذالي البجائي: علامتها وفقيهها وخطيبها ومفتيها المحقق النظار الشيخ الصالح البركة المتحلي بالوقار. أخذ عن أبيه وشاركه في شيوخه وعنه ابناه محمَّد ومحمد وأبو الربيع المناوي وابن الشاط وابن مرزوق الكفيف. له فتاوى نقلت في المعيار والمازونية وألّف تكملة حاشية أبي مهدي الوانوغي على المدونة في غاية الحسن والتحقيق تدل على إمامته واختصر البيان لابن رشد رتبه على مسائل ابن الحاجب وشرحه في أربعة أسفار غاية في التحقيق واختصر أبحاث ابن عرفة التي في مختصره المتعلقة بكلام ابن شاس وابن الحاجب وشرحه مع زيادة. توفي ببجاية سنة 866 هـ[1461م]. 993 - ابنه أبو الفضل محمَّد بن محمَّد المشذالي: الإِمام العلامة المحقق الفهّامة أحد أذكياء العالم ونادرة الزمان في الحفظ والإتقان الثقة الأمين حفظ القرآن وهو ابن سبع سنين. أخذ عن والده وابن مرزوق الحفيد وقاسم العقباني وأبي الفضل ابن الإِمام وابن زاغو وجماعة، رحل لمصر وأخذ عنه جلة وانتفعوا به، له تآليف منها شرح على جمل الخونجي، مولده سنة 821 هـ وتوفي بحلب سنة 865 هـ[1460م].

994 - وأخوه شقيقه محمَّد بن محمَّد المشذالي: الإِمام الفقيه الفاضل، توفي في المحرم سنة 859 هـ[1454م]، فعلى هذا وما تقدم يكون موت الأخوين قبل والدهما. 995 - أبو علي الحسن بن منديل المغيلي: الحافظ الكبير المدرّس العلامة الشهير كان آية في حفظ النقول وسرد النصوص أدرك أبا مدين عيسى بن علال وأخذ عنه وعن غيره، وعنه ابن غازي وأثنى عليه والشيخ زروق وكان بينه وبين القوري منافرة، توفي سنة 864 هـ أو 866 هـ[1459م] أو [1465م]. 996 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد التازي: نزيل وهران الإِمام شيخ الشيوخ فريد العصر والأوان الفقيه الأصولي المحدّث المقرئ العالم العامل الولي الكامل الشهير الذكر الجليل القدر الكثير الكرامات. أخذ بمكة عن القاضي تقي الدين بن الفاسي وأجازه وبتونس عن أبي عبد الله العبدوسي والحفيد ابن مرزوق وأجازاه. رحل وصحبه في رحلته الشيخ أحمد الماجري ولبس الخرقة عن الشيخ الصالح صالح بن محمَّد الزواوي بسنده إلى أبي مدين الغوث وأخذ عنه حديث المشابكة وأخذ أيضاً عن أبي عبد الله الهواري وانتفع به ونال بركته وهو الخليفة من بعده وله اعتناء بكلام شيخه المذكور، وعنه أخذ جلة منهم الحافظ التنسي والشيخ السنوسي وأخوه لأمه الشيخ علي التالوتي وابن صعد والشيخ زروق؛ له تآليف في الفقه والأصول والحديث وله شعر كثير جيد وقصائد كثير منها قصيدة نصيحة للمسلمين ترجمته واسعة أثنى عليه الشيخ القلصادي وغيره وألّف في فضائله تلميذه ابن صعد، توفي في شعبان سنة 866 هـ[1461م]. 997 - أبو عبد الله محمَّد بن سليمان الجزولي: الشريف الحسني الفقيه الإِمام شيخ الإِسلام علم الأعلام العالم العامل الشيخ الكامل العارف بالله الواصل صاحب الكرامات الكثيرة والمناقب الشهيرة كان يحفظ فرعي ابن الحاجب أخذ عن

أئمة علم الظاهر والباطن وانتفع بهم وعنه أخذ خلائق لا يحصون كثرة وانتفعوا به اجتمع بين يديه من المريدين ما يزيد على الاثني عشر ألفاً منهم الشيخ أحمد زروق وأحمد بن عمر الحارثي المكناسي والشيخ عبد العزيز التباع وأبو عبد الله الصغير السهيلي وهؤلاء الثلاثة أخذ عنهم الولي المشهور: 998 - العارف بالله القطب أبو عبد الله محمَّد بن عيسى المكناسي: المتوفى سنة 933 هـ[1526م]، ألّف صاحب الترجمة كتاباً في التصوف وحزب سبحان الدائم ودلائل الخيرات وهو آية من آيات الله في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - مواظب على قراءتها أهل المشرق والمغرب وعليه شروح كثيرة وللدلائل المذكورة اختلاف في النسخ لكثرة روايتها على المؤلف والمعتبر نسخة أبي عبد الله الصغير المذكور، توفي على الأصح في ربيع الأول سنة 870 هـ ولما نقل تابوته الذي دفن فيه من سوس إلى مراكش بعد سبع وسبعين سنة وجد لم يتغير منه شيء، ألّف في مناقبه الشيخ محمَّد المهدي بن أحمد بن علي الفاسي كتاباً سماه ممتع الأسماع في التعريف بالشيخ الجزولي وما له من الأتباع. 999 - أبو العباس أحمد بن سعيد: شهر بالحباك المكناسي ثم الفاسي فقيهها وخطيبها وعالمها العالم كان آية في النبل والإدراك أخذ عن شيوخ القوري منهم الجاناتي وعنه ابن غازي وأجازه وغيره له نظم مسائل ابن جماعة في البيوع. مولده سنة 804 هـ وتوفي في حدود سنة 870 هـ[1465م]، وأخوه محمَّد بن سعيد مشهور بالصلاح. 1000 - أبو عبد الله محمَّد بن العباس العبادي التلمساني: شهر بابن عباس الإِمام العلامة المحقق النظار الفهّامة المفتي البركة أخذ عن أئمة منهم ابن مرزوق الحفيد وأبو الفضل العقباني وعنه جماعة منهم ابن مرزوق الكفيف وابن سعد والمازوني والتنسي والسنوسي والونشريسي وابن مرزوق حفيد الحفيد وابن

زكري والورياجلي له شرح على لامية الأفعال وجمل الخونجي والعروة الوثقى في تنزيه الأنبياء عن فرية الإلقاء وفتاوى كثيرة بعضها في المازونية والمعيار، توفي في ذي الحجة سنة 871 هـ[1466م]. 1001 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن عيسى القيلي: عرف الجلاب التلمساني قاضي الجماعة بها العالم العلامة الرحلة المتفنن الفاضل الفهّامة أخذ عن أئمة وعنه أبو العباس الونشريسي والسنوسي ختم عليه المدونة مرتين وانتفع به له فتاوى نقل الونشريسي والمازوني بعضها. توفي سنة 875 هـ[1470م]. 1002 - أبو زيد عبد الرحمن بن محمَّد بن مخلوف الثعالبي الجزائري: الإِمام علم الأعلام الفقيه المفسر المحدّث الراوية العمدة الفهامة الهمام الصالح الفاضل العارف بالله الواصل أثنى عليه جماعة بالعلم والصلاح والدين المتين أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب وعرف بهم وبنفسه وما له من التأليف في فهرسة كالأبي والولي العراقي والحفيد ابن مرزوق وأجازوه وأبي الحسن المنكلاتي والغبريني والزعبي والبرزلي وأبي حفص القلشاني والفيلالي والبساطي وعبد الواحد الغرياني وأبي القاسم العبدوسي وجماعة، وعنه أئمة كابن مرزوق الكفيف والشيخ السنوسي وأخوه لأمه علي التالوتي وابن سلامة البسكري ومحمد بن عبد الكريم المقيلي والشيخ زروق وأبي العباس الجزائري له تأليف كثير مفيدة منها تفسير اختصر فيه ابن عطية وشحنه بفوائد كثيرة وروضة الأنوار في الفقه وكتاب في معجزاته - صلى الله عليه وسلم - والأنوار المضيئة في الجمع بين الشريعة والحقيقة والدر الفائق في الأذكار والعلوم الفاخرة في أحوال الآخرة وشرح ابن الحاجب الفرعي في جزأين وإرشاد السالك جزء صغير وأربعون حديثاً مختارة والمختار من الجوامع وكتاب جامع الفوائد وكتاب جامع الأمهات في أحكام العبادات وكتاب النصائح وكتاب تحفة الأقران في إعراب بعض آي القرآن والذهب الإبريز في غريب القرآن العزيز وشرح منظومة ابن بري في قراءة نافع والإرشاد في مصالح العباد. مولده سنة 786 هـ وتوفي سنة ست أو خمس وسبعين وثمانمائة [1470م].

1003 - أبو سالم إبراهيم بن أبي الفضل العقباني التلمساني: قاضي الجماعة بها العالم العلامة الفقيه الفاضل الفهّامة أخذ عن والده وغيره وعنه الونشريسي وأثنى عليه كثيراً ونقل عنه في معياره له تعليقة على ابن الحاجب وفتاوى نقل بعضها المازوني مولده سنة 808 هـ وتوفي سنة 880 هـ[1475م]. 1004 - أبو زكريا يحيى بن موسى المقيلي المازوني: قاضيها الإِمام العلامة العمدة المطلع الفهّامة الحافظ لمسائل المذهب أخذ عن ابن مرزوق الحفيد وقاسم العقباني وابن زاغو ومحمد بن العباس ألّف النوازل المشهورة بها فتاوى المتأخرين من علماء تونس وبجاية وتلمسان والجزائر وغيرهم ومنه استمد الونشريسي مع نوازل البرزلي وغيرها. توفي بتلمسان سنة 883 هـ. 1005 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي: الشيخ الإِمام الفاضل العالم العامل الولي الصالح الكامل أخذ عن أبي زيد الثعالبي وغيره وعنه الشيخ زروق وغيره. ألّف اللامية المشهورة في العقائد شرحها الشيخ السنوسي وأثنى على ناظمها بالعلم والصلاح. توفي سنة 884 هـ[1479م]. 1006 - أبو زكريا يحيى بن أحمد بن عبد السلام: عرف العُلمي القسنطيني نزيل القاهرة ثم الحرم المكي الفقيه الإِمام العلامة المتفنن في كثير من الفنون المحقق الفهّامة أخذ بتونس عن أبي حفص القلشاني وغيره ورحل لمصر وأفاد واستفاد وأخذ عن البساطي والحافظ ابن حجر وانضم إلى الحسام بن حريز يقال إن الحسام كان يُقرأ عليه درس بالأزهر وأخذ عنه جلة منهم النور السنهوري ثم حج وقطن بمكة وانتفع به العلماء في الحديث وعلوم شتى كتب على المختصر والرسالة والبخاري. توفي في ربيع الأول سنة 888 هـ[1483م].

1007 - القاضي أبو محمَّد عبد الله بن عبد الواحد الورياجلي الفاسي: فقيهها وعالمها ومفتيها الإِمام الجليل العمدة الفاضل الأصيل أخذ عن التازغدري وأبي محمَّد العبدوسي وأبي القاسم بن سراج وابن مرزوق الحفيد والقوري وغيرهم وعنه ابن غازي وانتفع به وأجازه إجازة عامة في آخر ربيع الآخر سنة 876 هـ وذكره في فهرسته وأثنى عليه كثيراً وله مع أبي العباس الونشريسي نازلة في شأن مرتب بعض مدارس فاس وفي ذلك فتاوى نقلت في المعيار. توفي سنة 894 هـ[1488م]. 1008 - أبو زيد عبد الرحمن الكاوائي الفاسي: فقيهها ومفتيها الفقيه العالم المتفنن الإِمام في الأصلين أدرك جماعة من علماء فاس منهم الشيخ الماكودي وأبو القاسم التازغدري وبه تفقه، وعنه ابن غازي وغيره. أدرك بعض القرن الثامن وتوفي بعد التسعين وثمانمائة. 1009 - أبو الحسن علي بن محمَّد التالوتي الأنصاري التلمساني: الفقيه العالم العامل الشيخ الصالح الولي الكامل. أخذ عن الحسن أبركان وأبي إسحاق التازي وغيرهما، وعنه أخوه لأمه الشيخ السنوسي والملالي وجماعة، قال الملالي: رأيت بخطه عن بعض الصالحين أن من نزل منزلاً وجمع أثقاله وخط على حواليها خطاً وهو في داخل الخط ويقول في داخله ثلاثاً الله الله ربي لا شريك له لم يضره لص ولا عدو ولا غيره ويكون مع ثقله في حرز الله وهو مجرب، توفي سنة 895 هـ[1489م]. 1010 - أبو عبد الله محمَّد بن يوسف الحسني السنوسي: به عرف التلمساني عالمها وصالحها وفاضلها العلامة المتكلم المتفنن شيخ العلماء والزهاد والأساتذة العباد العارف بالله الجامع بين العلم والعمل. أخذ عن أئمة منهم والده

وأخوه لأمه علي التالوتي ومحمد بن العباس وأبو عبد الله الجلاب والولي أبركان وانتفع به وأبو زيد الثعالبي وأجازه والولي إبراهيم التازي وألبسه الخرقة وروى عنه الشفا والقلصادي وأجازه، وعنه من لا يعد كثرة منهم الملالي وابن صعد وأبو القاسم الزواوي وابن أبي مدين وابن العباس الصغير وأبو عبد الله المقيلي والشيخ زروق له تآليف كثيرة تشهد بفضله خصوصاً العقائد وصغراه لا يعادلها شيء من العقائد وهي الكبرى وشرحها والوسطى وشرحها والصغرى وشرحها وصغرى الصغرى وشرحها وشرح لامية الجزيري وشرح الحوفية كبير الجرم والفائدة ألفه وهو ابن تسعة عشر عاماً والمقدمات وشرحها وشرح أسماء الله الحسنى واختصر إكمال الإكمال للأبي على صحيح مسلم وله مختصر في المنطق وشرحه حسن جداً وشرح البخاري وصل فيه باب من أستبرأ لدينه ومشكلاته وله مختصر التفتازاني على الكشاف وشرح جمل الخونجي ورجز ابن البنا في الطب وما لم يكمل شرح مختصر ابن عرفة والشاطبية وجواهر العلوم للعضد في علم الكلام وتعليق على فرعي ابن الحاجب وغير ذلك مما هو كثير ترجمته واسعة أفردها تلميذه الملالي بالتأليف ولد بعد الثلاثين وثمانمائة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة 895 هـ[1489م]. 1011 - قاضي الجماعة أبو جعفر أحمد بن أبي يحيى الشريف التلمساني: الإِمام العلامة المحقق المفسر الفقيه الفهّامة. أخذ عن الحفيد بن مرزوق ووقع بينهما مراجعة وبحث في مسألة المتيمم يدخل في الصلاة ثم يدخل عليه رجل بالماء وكلامهما في ذلك نقله الونشريسي في معياره. توفي سنة 895 هـ[1489م]. 1012 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الجليل التنسي: به عرف التلمساني من أكابر علمائها الحيلة الإِمام الجليل الفقيه المطلع بقية الحفاظ الأديب العالم المتفنن. أخذ عن أئمة منهم أبو الفضل العقباني وابن مرزوق الحفيد ومحمد النجار والولي إبراهيم التازي والإمام ابن العباس وغيرهم وعنه ابن صعد وابن مرزوق السبط وأبو العباس الصغير لازمه وانتفع به وأبو القاسم الزواوي وعبد الله بن جلال وأبو العباس بن داود الأندلسي وغيرهم، ولما خرج أبو العباس المذكور من تلمسان سئل عن علمائها فقال: العلم مع التنسي والصلاح مع السنوسي والرياسة مع ابن زكري،

له تآليف منها نظم الدرر والعقيان في دولة آل زيان وروح الأرواح فيما قاله أبو حمو وما قيل فيه من الأمداح وله تعليق على فرعي ابن الحاجب وجواب مطول على مسأل يهود توات أبان فيه عن سعة الدائرة وله فتاوى بعضها في المعيار، وله فهرسة أثنى عليه عصريه الشيخ السنوسي وغيره. توفي سنة 899 هـ[1493م]. 1013 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن زكري التلمساني: عالمها ومفتيها الإِمام العالم المتفنن الهمام الفروعي الأصولي النظار الشاعر المفلق. أخذ عن أئمة منهم ابن مرزوق الحفيد وقاسم العقباني وابن زاغو ومحمد بن العباس وعنه أئمة منهم أحمد بن أطاع الله والشيخ زروق وابن مرزوق حفيد الحفيد له منازعات مع الشيخ السنوسي في مسائل من العلم ألّف كتاباً في مسائل القضاء والفتيا وبغية الطالب في شرح عقيدة ابن الحاجب ومنظومة كبرى في علم الكلام بها أكثر من ألف وخمسمائة دلت على فضل وتمكن في العلوم وله فتاوى كثيرة منقولة في المعيار وغيره. توفي في صفر سنة 899 هـ[1493م]. 1014 - أبو العباس أحمد بن أحمد بن محمَّد بن عيسى البرنسي الفاسي: الشهير بزروق الشيخ الكامل الولي العارف بالله الواصل الصالح الزاهد الفاضل العالم العامل شيخ الطريقة وإمام الحقيقة. أخذ عن أئمة من أهل المشرق والمغرب منهم حلولو والمشذالي والرصاع والسنوسي والشيخ الجزولي والمجاصي والقوري والنور السنهوري وابن زكري والولي التازي والتنسي والثعالبي وأحمد الحباك والماواسي والخروبي الكبير وهو عن الأبي وغيرهم مما هو كثير وعنه من لا يعد كثرة منهم الحطاب الكبير والخروبي الصغير والشمس والناصر اللقانيان وسفين وطاهر بن زيان القسنطيني والولي الشعراني والقطب أبو الحسن البكري وكفاه شرفاً بأخذ هذين الشيخين عنه له تآليف مكررة معروفة من وقف عليها عرف قدره في العلوم الظاهرية والباطنية منها تسعة وعشرون شرحاً على الحكم العطائية وشرحان على حزب البحر للإمام الشاذلي وشرح على كبيره وشرح على مشكلاته وشرح قطع

الششتري وشرح على أسماء الله الحسنى وله النصيحة الكافية وقواعد في التصوف وعدة المزيد الصادق كبير جليل وتعليق على البخاري وشرحان على الرسالة وشرح إرشاد ابن عسكر وشرح مختصر خليل والقرطبية والوغليسية والغافقية وشرح العقيدة القدسية للغزالي وشرح الحقائق والدقائق للمقري وشرح المراصد في التصوف لشيخه ابن عقبة وإغاثة المتوجه المسكين على طريق الفتح والتمكين والنصح الأنفع والجنة للمعتصم من البدع بالسنة وجزء صغير في علم الحديث ورسائل كثيرة لأصحابه فيها مواعظ وحكم وآداب وغير ذلك مما هو كثير، وكان يميل إلى الاختصار مع تحريرات وتحقيقات قلّ أن توجد لغيره عرف بنفسه وأحواله وشيوخه في كناشته وبالجملة فقدره فوق ما يذكر وهو آخر أئمة الصوفية المحققين الجامعين لعلمي الحقيقة والشريعة. مولده سنة 846 هـ وتوفي في صفر سنة 899 هـ[1493م]، بمسراطة من عمل طرابلس وقبره متبرك به. 1015 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن أحمد ابن الخطيب بن مرزوق: المعروف بالكفيف الشيخ الإِمام علم الأعلام وفخر الخطباء وعمدة العلماء الأتقياء المسند الراوية المحدّث. أخذ عن والده المعروف بالحفيد، وتفقه عنده وأجازه وأبي الفضل العقباني وأبي زيد الثعالبي ومحمد بن قاسم المشذالي والبحيري التونسي وابن عقاب وابن العباس وأجازوه. حج ولقي أعلاماً منهم الحافظ ابن حجر وأجازه وعنه أئمة منهم حفيد الحفيد بن مرزوق والشيخ السنوسي والونشريسي وابن داود البلوي وابن عباس الصغير وبالإجازة ابن غازي نقل عنه المازوني في نوازله. توفي سنة 901 هـ[1495م]. 1016 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن أبي الفضل بن صعد: به عرف التلمساني الفقيه العلامة العمدة المحصل الفهّامة. أخذ عن أعلام منهم ابن العباس والتنسي والسنوسي والولي التازي ألّف النجم الثاقب في ما للأولياء من المناقب وروضة النسرين في مناقب الأربعة الصالحين الهواري والتازي وأبركان والقماري وله في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. توفي بالديار المصرية سنة 901هـ والثلاثة الأول من الأربعة المذكورين تقدمت تراجمهم والرابع وهو:

الطبقة التاسعة عشرة

1017 - أبو العباس أحمد القماري: المتوفى سنة 874 هـ[1469م]، كان من أكابر الأولياء صاحب الكرامات الكثيرة الظاهرة والمناقب الفاخرة. أخذ عنه الشيخ أحمد زروق وغيره ترجم له في البستان وأطال. 1018 - أبو إسحاق إبراهيم بن هلال السجلماسي: الفقيه الإِمام العالم المتفنن النظار. أخذ عن القوري وابن هلال وغيرهما له نوازل وفتاوى مشهورة وله الدر النثير على أجوبة أبي الحسن الصغير وشرح مختصر خليل وشرح البخاري في أربعة أسفار كان آية في النظم والنثر ونوازل الفقه، وكان بينه وبين أبي محمَّد عبد الله العنابي الآتي ذكره أخوة ومراسلات ابتدأها بقصيدة سماها جواهر الجلال في استجلاب مودة ابن هلال. توفي صاحب الترجمة سنة 903 هـ وولده الأنجب الفقيه الفاضل عبد العزيز. توفي سنة 910 هـ[1504م]. 1019 - أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد العنابي: المذكور كان من أعلام العلماء يشارك في علوم كثيرة مع ما له من المعرفة بالأدب وقرض الشعر وله قصيدة حسنة خاطب بها ابن هلال وأجابه بمثلها. كان بالحياة سنة 902 هـ. الطبقة التاسعة عشرة من أهل الحجاز 1020 - أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ محمَّد بن أحمد بن موسى السخاوي المدني: الفقيه العلامة العمدة الفهّامة نادرة الزمان في حفظ فنون المعارف والعرفان. أخذ عن والده والمحب عبد القادر بن عبد الوارث والقرافي والنور السنهوري ولازم أحمد بن يونس في كثير من الفنون وأذن له القرافي والحسام بن حريز وأخوه في التدريس وناب في القضاء ثم تولى قضاء المدينة وأقام به نحواً من ثلاثين سنة؛ وعنه أخذ عبد المعطي السخاوي وسفين الفاسي وغيرهما شرح مواضع من المختصر ومن القضاء إلى آخره. توفي سنة 913 هـ[1507م].

1021 - أبو السعادات محمَّد بن أبي القاسم أحمد ابن الشيخ عبد القادر المكي: من فقهائها وأعلامها العلامة العمدة الفهّامة نقل عنه عصريه الإِمام الحطاب في شرح المختصر أخذ عن جده قاضي القضاة عبد القادر المكي والشريف العلمي وسعيد الدوكالي المقرئ وولده الحافظ محمَّد بن سعيد والشيخ زروق والشهاب أحمد الصنهاجي المقري وغيرهم. مولده سنة 867 هـ وكان بالحياة سنة 923 هـ[1517م]. 1022 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن الرعيني: المعروف بالحطاب الكبير الأندلسي الأصل الطرابلسي المولد المكي الدار والقرار الإِمام العمدة العالم الشهير القدوة الشيخ الصالح الأستاذ الكبير، تفقه بطرابلس عن الشيخ محمَّد بن الفاسي وأخيه ثم في سنة 877 هـ تحول مع بقية أهله إلى مكة وحضر عند السراج معمر في الفقه وأخذ العلم عن النور السنهوري ويحيى العلمي وعبد المعطي بن خصيب وقاضي المدينة محمَّد بن أحمد السخاوي والحافظ أبي الخير السخاوي والشيخ أحمد زروق وانتفع به وغيرهم جلس للإقراء وأفاد وأخذ عنه جماعة منهم ولداه محمَّد وبركات. ولد في صفر سنة 861 هـ وتوفي في شعبان سنة 945 هـ[1538م]. 1023 - ابنه أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد الحطاب: المكي المولد والقرار الفقيه العلامة الحافظ النظار أحد العلماء الكبار المحققين الأخيار الشيخ الصالح الورع المؤلف المحقق المطلع المتبحر في العلوم نقليها وعقليها وبالجملة فإنه أحد أفاضل الأمة خاتمة الأئمة وسادات العلماء وسراتهم. أخذ عن والده ومحمد بن عبد الغفار والعارف بالله محمَّد بن عراق وقاضي المدينة محمَّد بن أحمد السخاوي وعبد الحق السنباطي ومحمد بن ناصر الدرعي وعبد المعطي بن خصيب وعبد القادر النويري وابن عمه ابن أبي القاسم النويري وعبد العزيز بن فهد وغيرهم وأجازوه

فرع مصر

وتعرض لسنده في الفقه والحديث أوائل شرحه للمختصر انظره. وعنه أئمة منهم ابنه يحيى وعبد الرحمن التاجوري ومحمد المكي ومحمد القيسي. له تآليف تدل على سعة حفظه وجودة نظره استدرك فيها على أعلام من أئمة الفقه والحديث كابن عرفة وابن عبد السلام وخليل والسخاوي وابن حجر والسيوطي، منها شرح المختصر لم يؤلف عليه مثله بالنسبة لأوائله في الجمع والتحصيل وشرح منسك خليل وشرح قرة العين في الأصول لإمام الحرمين وتحرير الكلام في مسائل الالتزام لم يسبق إلى مثله وله منسك وشرح رجز ابن غازي في نظائر الرسالة وتفريح القلوب بالخصال المكفرة لما تقدم وتأخر من الذنوب جمع فيه تأليفي ابن حجر والسيوطي مع زيادة والقول المبين في أن الطاعون لا يدخل البلد الأمين ورسائل في استخراج أوقات الصلاة وتأليف في تفضيل نبينا على سائر الأنبياء والمرسلين والملائكة وكتاب في استقبال عين القبلة وجهتها وتأليف في الأصول وغير ذلك وما لم يكمل منها تفسير وصل فيه الأعراف وحاشية على البيضاوي وحاشية على الأحياء نحو ثلاثة أرباعه وشرح قواعد عياض وتعليق على ابن الحاجب وتعليق على شرح بهرام على المختصر وعلى الحوفية والقاموس وغير ذلك. مولده في رمضان سنة 902 هـ وتوفي في ربيع الثاني سنة 954 هـ[1547 م]. فرع مصر 1024 - جلال الدين أبو زيد عبد الرحمن بن محمَّد شهر بابن قاسم: قاضي القضاة بمصر الإِمام الفقيه العالم المشهور بالصلاح والدين المتين. أخذ عن يحيي القرافي والنور السنهوري. له شرح على الرسالة وشامل بهرام وقطعة على المختصر قدر العبادات. توفي بعد سنة 920 هـ[1514م]. 1025 - قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن عمر الدميري: الفقيه الإِمام العمدة العالم الكامل القدوة. أخذ عن النور السنهوري والتنسي وعنه عبد الحق السنباطي والداودي. مولده سنة 840 هـ وتوفي في رمضان سنة 923 هـ[1517م].

1026 - وابنه قاضي القضاة أبو زكرياء يحيى: كان من أفاضل العلماء وقضاة العدل. أخذ عن والده وغيره. توفي سنة 939 هـ[1532م]. 1027 - سليمان بن شعيب بن خضر البحيري: القاهري الفقيه العلامة المتفنن الفهّامة. أخذ عن النور السنهوري لازمه وانتفع به والعلمي والسراج بن حريز وعنه الإِمام الطخيخي وغيره. له شرح على إرشاد ابن عسكر وحاشية على الجلاب وشرح اللمع. مولده سنة 866 هـ، لم أقف على وفاته. 1028 - شمس الدين أحمد بن موسى بن عبد الغفار: به عرف الإِمام العمدة الفاضل العالم القدوة الكامل نادرة الزمان في معرفة العلوم والإتقان. ولد بمصر واستوطن طيبة، إليه المرجع في تلك البقاع المطهرة. أخذ عن أئمة وعنه جماعة منهم الإِمام الحطاب ونقل عنه أبحاثاً في شرح المختصر في الأنكحة. له شرحان على لمع ابن الهائم في الحساب ونظم الدر المنثور في أعمال المناسخة في الصحيح والكسور وشرح موشح الشيخ السيوطي في النحو ومؤلف في عدم منع النساء من صلاة العشاء سماه كشف الغشاء وغير ذلك. لم أقف على وفاته. 1029 - أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمَّد العيسي الأزهري: الإِمام الفقيه العالم المتفنن المحقق المتقين. أخذ عن النور السنهوري لازمه وانتفع به وعبد الحق السنباطي ناب في الحكم بمصر وهو مرجع المالكية هناك. أخذ عنه أبو زيد الأجهوري وغيره. له تقييد على توضيح خليل ولما استولى السلطان سليم على مصر مستهل محرم سنة 933 هـ أخذه وأمثاله إلى الأستانة وبها توفي. لم أقف على وفاته. 1030 - شمس الدين أبو عبد الله محمَّد بن حسن اللقاني: الفقيه الحافظ

للمذهب المحقق الإمام الفاضل الشيخ الصالح العالم العامل، له مكاشفات وكرامات. أخذ عن الشيخ أحمد زروق لازمه وانتفع بعلمه وعمله وداوم على خدمته وحص له بذلك خير كثير وأبي المواهب التونسي وانتفع به والبرهان اللقاني ولازمه والنور السنهوري. أخذ عنه المختصر وغيره، وعنه من لا يعد كثرة منهم كريم الدين البرموني وعبد الرحمن الأجهوري والزين بن أحمد الجيزي ويحيى بن عمر القرافي، عكف الناس عليه وتزاحموا وعمّ النفع به في الفتوى وغيرها له طرر محررة على مختصر خليل وانفرد بإقرائه. مولده في المحرم سنة 857 هـ وتوفي في ربيع الثاني سنة 935 هـ[1528 م]. 1031 - أخوه أبو عبد الله محمد بن حسن اللقاني: الشهير بناصر الدين اللقاني الإمام العلامة المحقق النظار الفهّامة المتفنن الأصولي المتبحر بقية السلف العالم العامل القاضي العادل شارك أخاه في غالب شيوخه منهم النور السنهوري، وعنه أعلام منهم الشيخ النبوفري والشيخ قعود والشيخ البرموني وأحمد الجيزي ويحيى القرافي وسالم السنهوري وعلي بن المرحل وعلي الديلمي وأبو عبد الله الفيشي وعبد الرحمن الناجوري وعبد الرحمن الأجهوري وأبو العباس بن المحب ومحمد بغبع وأخوه أحمد ومحمد الونكري والعاقب بن محمود وأحمد بن عمر التنبكتي وأحمد بن أحمد والد الشيخ أحمد بابا وأحمد بن سعيد بن محمود التنبكتي وأبو عبد الله خروب التونسي ومن لا يعد كثرة أقرأ العلم نحواً من ستين سنة وعمر حتى انحصر الأزهر في تلامذته وتلامذة تلامذته، إليه انتهت رياسة العلم بمصر بعد موت أخيه الشمس واستفتي من سائر الأقاليم له طرر على التوضيح وحاشية على المحلى على جمع الجوامع وحاشية على شرح السعد للعقائد وشرح خطبة المختصر وغير ذلك تجرد آخر عمره عن الدنيا وفرق ماله بيده على أماثل الطلبة الفقراء لوجهه تعالى وأنكر عليه من حسن له إبقاءه بيده خوف الفقر في آخر عمره وقال: تريد أن تغشني في آخرتي وأعرض عنه. مولده سنة 873 هـ وتوفي في شعبان سنة 958 هـ[1551 م]. 1032 - نور الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن محمد ثلاثاً بن يخلف: المنوفي المصري المعروف بالشاذلي الإمام الجليل العالم العامل الشيخ

الصالح الفقيه المؤلف المحقق الفاضل أخذ عن النور السنهوري وبه تفقه والشهاب بن الأقطع وعمر التتائي والإمام السيوطي والكمال بن أبي شريف وجماعة وصنف التصانيف النافعة في الفقه وغيره كعمدة السالك على مذهب مالك ومختصرها والعزية وتحفة المصلي وشرحها وستة شروح على الرسالة منها كفاية الطالب الرباني وضع عليه القفول وشرحان على الخطبة والعقيدة وشرح القرطبية وشرح مختصر خليل وشرحان على البخاري وشرح على صحيح مسلم وحاشية على العقائد للتفتازاني والوقاية في التجويد والهداية فيه والوافي فيه أيضاً ومقدمة في العربية وفي الحديث أربعون حديثاً وشرح ترغيب المنذري والنجاة في الأذكار في عمل الليل والنهار وشرح عقيدة السنوسي وشرح منازل السائرين وغير ذلك. مولده في رمضان سنة 857 هـ وتوفي في صفر سنة 939 هـ[1532 م]. 1033 - قاضي القضاة أبو عبد الله شمس الدين محمد بن إبراهيم التتائي: الإمام المتفنن الفقيه الفرضي العالم العامل العمدة القدوة الفاضل. أخذ عن النور السنهوري والبرهان اللقاني وسبط الدين المارديني وأحمد بن يونس القسنطيني وغيرهم وعنه الشيخ الفيشي وغيره. تخلى عن القضاء وتصدر للتأليف والإقراء، له شرحان على المختصر وشرح على ابن الحاجب الفرعي وله شرح إرشاد ابن عسكر والجلاب ومقدمة ابن رشد وألفية العراقي والقرطبية وحاشية على شرح المحلى على جمع الجوامع وشرح على الرسالة والشامل لم يكمل وله تأليف في الفرائض والحساب والميقات وفهرسة. توفي سنة 942 هـ[1535 م]. 1034 - أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم الدميري: الإمام الفقيه المحقق العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم قال سبطه الإمام القرافي: أخذ عن الشمس التتائي وغيره. تولى القضاء فحمدت سيرته؛ له نظم لطيف ونثر جيد وشرح المختصر من أوله إلى صلاة السفر ومن البيوع إلى الجراح. توفي في ربيع الأول سنة 943 هـ[1536 م].

فرع إفريقية

1035 - قاضي القضاة شرف الدين أبو زكرياء يحيى بن عمر القرافي المصري: والد البدر القرافي الإمام الفقيه العلامة خاتمة المحققين، كان آية في الفقه. أخذ عن جده لأمه البدر القرافي ابن الشمس القرافي سبط العارف ابن أبي جمرة وعن الجلال ابن القاسم والشمس والناصر اللقانيين وعنه ابنه البدر وغيره. مولده سنة 906 هـ وتوفي سنة 946 هـ[1539 م]. 1036 - أبو الحسن جمال الدين يوسف بن حسن بن مروان التتائي: يعرف بالهاروني الإمام العلامة الكامل الفقيه المحدّث الفاضل له في الحديث أسانيد عالية أخذ عن النور السنهوري والعلمي ولازم النجم ابن عجلون، حج سنة 903 هـ وله شرح على المختصر. مولده سنة 846 هـ، لم أقف على وفاته. 1037 - نور الدين علي بن سليمان الديلمي: الإمام العلامة الفقيه الفهّامة مع ذكاء وعلم متسع وزهد وأمانة وورع أخذ عن صهره الناصر اللقاني وغيره، له طرر على مختصر خليل اشتملت على تحريرات. توفي سنة 947 هـ[1540 م]. فرع إفريقية 1038 - شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن الخلوف التونسي: خاتمة فحول العلماء بها والأدباء والشعراء له قصائد رائقة في السلطان أبي عمرو عثمان بن أبي عبد الله الحفصي، توفي في حدود سنة 910 هـ[1504 م] وله ديوان رتب على حروف الهجاء طبع ببيروت. 1039 - أبو محمد حسن الزنديوي التونسي: الشيخ الخطيب العالم الصالح من طبقة الشيخ ماغوش أخذ عنه محمد خروب واليسيتني الفاسي وأحمد العيسي التونسي. كان حياً في حدود سنة 940 هـ. 1040 - أبو عبد الله محمد ماغوش التونسي: عالمها الكبير وفقيهها

هنا انتهى فرع الأندلس

ومفتيها الإمام الشهير كان أعلم أهل تونس بالمعقولات متفنناً نحوياً حافظاً لصحيح البخاري أخذ عنه أبو العباس العيسي واليسيتني الفاسي ولما استولى الطاغية على تونس خرج منها مهاجراً ودخل إسطنبول واجتمع بعلمائها وأثنوا عليه كثيراً ونال حظوة خصوصاً عند السلطان سليم فأكرمه وطلب منه الإقامة بها فامتنع ورجع لمصر واجتمع بعلمائها وتعجبوا من درجته في الفنون. وتوفي بها في حدود سنة 950 هـ[1543م]. هنا انتهى فرع الأندلس 1041 - أبو جعفر أحمد بن علي بن أحمد بن داود البلوي الأندلسي: الإمام الفقيه العالم المتفنن الماهر الألمعي الناظم الناثر أخذ عن والده والشيخ القلصادي وأبي محمد بن إبراهيم الجزائري والمواق وابن مرزوق الكفيف وأجازه ابن غازي. رحل هو وإخوته من غرناطة بعد سنة 890 هـ إلى تلمسان وأخذ عن شيوخها ثم رحل لبلاد المشرق، له شرح على الخزرجية، لم أقف على وفاته. فرع فاس 1042 - أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني: خاتمة الأئمة المحققين والعلماء العاملين مع البراعة والتفنن في العلوم والصلاح والدين المتين أخذ عن أبي زيد الثعالبي والشيخ السنوسي وجماعة وعنه الشيخ عبد الجبار الفجيجي وغيره له تآليف منها البدر المنير في علوم التفسير ومصباح الأرواح في أصول الفلاح عجيب وشرح مواضع من المختصر وحاشية عليه وشرح بيوع الآجال من ابن الحاجب وتأليف في المنهيات وشرح مختصر تلخيص المفتاح والجمل في المنطق ومنظومة فيه وثلاث شروح عليهما وشرحها أيضاً والد الشيخ أحمد بابا وله تنبيه الغافلين عن فكر الملبسين بدعوى مقامات العارفين وله قصيدة على وزن البردة

ورويها في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - وفهرسة وغير ذلك وله مع يهود توات قصة مشهورة يطول جلبها وفيها فتاوى من الإمام التنسي والرصاع والماواسي وابن زكري ويحيى الغماري وابن سبع وله فتاوى مذكورة في المعيار. توفي سنة 909 هـ[1503 م]. 1043 - أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي التلمساني: الفقيه الأصولي العالم الشاعر المكثر المتكلم له نظم في العقائد شرحه الشيخ السنوسي ورفع ذكره في المعيار. توفي في ذي القعدة سنة 910 هـ[1504 م]. 1044 - أبو عبد الله محمد بن أبي العيش الخزرجي التلمساني: من فقهائها الأجلة وعلمائها الأهلة الفقيه الأصولي له فتاوى بعضها في المعيار وتأليف كبير في الأسماء الحسنى. توفي في صفر سنة 911 هـ[1505 م]. 1045 - أبو الحسن علي بن قاسم الزقاق التجيبي: نسبة لتجيب قبيلة من قبائل اليمن الفاسي الإمام الجليل العلامة المتفنن في علوم شتى العمدة الفهّامة أخذ عن أبي عبد الله القوري والإمام المواق وغيرهما وعنه أخذ ابنه أحمد واليسيتني وغيرهما. ألّف لامية في الأحكام معروفة بلامية الزقاق ومنظومة في القواعد وتقييد على المختصر لخليل. توفي عن سن عالية سنة 912 هـ[1506 م]. 1046 - ابنه أبو العباس أحمد بن علي الزقاق: الفقيه المتكلم الإمام النظار عالم المغرب ورئيس جهابذته أخذ عن أبيه وغيره رحل وحج ولقي أعلاماً وتفقه به الكثير منهم ابن أخيه عبد الوهاب بن محمد واليسيتني له تآليف منها شرح منظومة أبيه في القواعد وبعض الرسالة والمدونة ومختصر خليل. توفي سنة 931 هـ[1524 م].

1047 - أبو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي التلمساني ثم الفاسي: مفتيها الإمام العالم العلامة العمدة المحصل الفهّامة المحقق المطلع حامل لواء المذهب باليمين مع الورع والدين المتين أخذ عن أبي الفضل العقباني وولده أبي سالم وحفيده محمد بن أحمد العقباني ومحمد بن العباس وأبي عبد الله الجلاب وابن مرزوق الكفيف وجماعة وعنه ابنه عبد الواحد وأبو زكريا السوسي ومحمد بن عبد الجبار الورتدغيري وعبد المسيح المصمودي ومحمد بن عيسى المغيلي وابن هارون المضفري وغيرهم. ألّف المعيار في اثني عشر مجلداً جمع فأوعى وأتى على كثير من فتاوى المتقدمين والمتأخرين وله تعليق على ابن الحاجب الفرعي وشرح على وثائق الفشتالي وكتاب القواعد في الفقه والفائق في الوثائق لم يكمل وغيره. توفي في صفر سنة 914 هـ[1508 م]. 1048 - أبو فارس عبد العزيز بن عبد القادر: المعروف بالتباع وبالحرار الشيخ الكامل الولي القطب الواصل الكثير الكرامات والاتباع القدوة الفاضل النفاع. أخذ عن الشيخ أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي وانتفع به وأوصى به الكثير من أصحابه منهم أبو عبد الله محمد الصغير وعنه الكثير منهم أبو الحسن علي الأندلسي وأبو عبد الله الغزواني. توفي سنة 914 هـ[1508 م]. 1049 - أبو عبد الله محمد بن أبي مدين التلمساني: الفقيه الإمام العالم الفاضل. أخذ عن الشيخ السنوسي وغيره وعنه أبو عبد الله بن العباس الشهير بأبي عبد الله. توفي سنة 915 هـ[1509 م]. 1050 - قاضي الجماعة أبو عبد الله محمد بن عبد الله اليفرني المكناسي: الشهير بالقاضي المكناسي من ذرية أبي الحسن الطنجي المعروف بالمكناسي الفقيه

العلامة العمدة الفاضل المطلع العارف بالأحكام والنوازل القاضي العادل. أخذ عن أعلام كأبي عبد الله القوري وعيسى بن علال المصمودي، أخذ عنه جماعة منهم أبو العباس الونشريسي وابن عبد الواحد وعلي بن هارون المظفري وغيرهم. ومن تآليفه مجالس القضاة والحكام والتنبيه والإعلام فيما أفتاه المفتون وحكم به القضاة من الأحكام. مولده سنة 835 هـ وتوفي سنة 917 هـ[1511 م]. 1051 - أبو عبد الله محمد الصغير: المعروف بالسهيلي الشيخ الكبير العارف الشهير أحد الأفراد الكاملين والعلماء العاملين والفضلاء الواصلين. أخذ عن الشيخ أبي عبد الله محمد الجزولي وروى عنه دلائل الخيرات وروايته أصح الروايات رواها عنه من لا يعد كثرة. توفي عن سن عالية جداً سنة 918 هـ[1512 م]. 1052 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أبي يحيى بن أحمد ابن الخطيب بن مرزوق: زعيم العلماء وسيد الكملة الفضلاء والشرفاء. أخذ عن خاله ابن مرزوق الكفيف والإمام ابن العباس وغيرهما. وعنه أبو عبد الله بن العباس وغيره وبالإجازة عبد الوهاب الزقاق كان بالحياة سنة 918 هـ[1512 م]. 1053 - أبو العباس أحمد بن محمد بن مرزوق الكفيف: بيته شهير بالفضل والنباهة غني عن التعريف الفقيه النبيه العالم الصالح الأديب. أخذ عن والده الكفيف والسنوسي وابن زكري وغيرهم، نقل عنه صاحبه ابن العباس في مسائله، لم أقف على وفاته. 1054 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن غازي العثماني المكناسي ثم الفاسي: شيخ الجماعة بها الإمام العلامة البحر الحافظ الحجة المحقق جامع شتات الفضائل خاتمة علماء المغرب ومحققيهم ذو التصانيف المفيدة العجيبة رحل الناس إليه للأخذ عنه كان عذب المنطق حسن الإيراد والتقرير فصيح اللسان عارفاً بصناعة التدريس ممتع المجالسة جميل الصحبة سري الهمة حسن الأخلاق عذب الفكاهة

معظماً عند الخاصة والعامة. أخذ عن أئمة كأبي زيد الكاواني وأبي العباس المزدغي والإمام القوري وأبي عبد الله السراج والورياجلي وأبي العباس الحباك وابن مرزوق الكفيف وأجازه إجازة عامة وجماعة، كان يسمع في كل شهر رمضان صحيح البخاري وأخذ عنه من لا يعد كثرة منهم ابن العباس الصغير وأحمد الدقون وعلي بن هارون والقدومي ومحمد بن عبد الرحمن سفيان وابن يحيى وعبد الواحد الونشريسي وعبد الرحمن بن أحمد القصري الفاسي الشهير بسفين واليسيتني ومحمد بن أبي شريف وغيرهم له تآليف منها تقييد نبيل على البخاري وشفاء الغليل في حل مقفل خليل من أحسن الموضوعات عليه وتكميل التقييد وتحليل التقييد كتابان على المدونة كمل به تقييد أبي الحسن الصغير وحل مشكلات ابن عرفة في مختصره في ثلاثة أسفار وحاشية على الألفية ومنية الحساب بديع النظم وشرحها حسن مفيد سماه بغية الطالب وتقريرات على الشاطبية والروض الهتون في أخبار مكناسة الزيتون وتقريرات على الحوفية ونظم مراحل الحجاز واستنبط من حديث أبي عمير ما فعل النغير مائتي فائدة وفهرسة وتذييل عليها ونظم مشكلات الرسالة ومنظومة سماها بالدرر في طرق نافع العشر وغير ذلك، تولى الإمامة والخطابة بجامع القرويين ولم يكن في عصره أخطب منه. مولده سنة 841 هـ وتوفي في جمادى الأولى سنة 919 هـ[1513 م] والاحتفال بجنازته عظيم حضره السلطان فمَن دونه. 1055 - أبو عبد الله محمد بن العباس التلمساني: الشهير بأبي عبد الله الشيخ الفقيه النحوي العالم العلامة المحقق الفهّامة. أخذ عن أعلام كالشيخ السنوسي وانتفع به والتنسي والكفيف ابن مرزوق وابن زكري وابن أبي مدين، له مجموع فيه فوائد كثيرة مهمة؛ وله شرح مشكلات مورد الظمآن وغير ذلك، كان بالحياة سنة 920 هـ[1514 م]. 1056 - أبو العباس أحمد بن محمد الدقون: الخطيب بجامع القرويين الراوية العالم بجميع العلوم الفقيه الإمام شيخ الإِسلام. أخذ عن أعلام من أهل المشرق والمغرب كالمواق والأستاذ الصغير وابن غازي. وعنه أبو القاسم بن محمد بن إبراهيم وأبو عبد الله بن أبي شريف وغيرهما. توفي سنة 921 هـ[1515 م].

1057 - أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي شريف التلمساني الحسني: الإمام المتفنن العلامة العمدة المحقق الفهّامة؛ أخذ عن ابن غازي والمواق والدقون شرح الشفا شرحاً جيداً أسماه المنهل الأصفى وعرضه على شيخه ابن غازي وشكره. توفي سنة 921 هـ[1515 م]. 1058 - أبو عبد الله شقرون بن محمد بن أحمد بن أبي جمعة المغراوي: الأستاذ المتكلم القدوة المقري العالم العمدة. أخذ عن ابن غازي وغيره؛ له تآليف منها الجيش الكمين في الكر على من يكفر عموم المسلمين. وله شعر حسن ومرثية في شيخه المذكور؛ توفي سنة 929 هـ[1522 م]. 1059 - قاضي بجابة أبو العباس أحمد بن محمد: عرف بابن الحاج الإمام الفقيه الفاضل الشيخ الصالح الأريب الشاعر العالم الكامل؛ أخذ عن ابن زكري وغيره وأجازه؛ وعنه عبد الرحمن اليعقوبي وغيره؛ من تآليفه شرح سينية ابن باديس والبردة ونظم عقيدة السنوسي الصغرى، توفي قريباً من 930 هـ[1523 م]. 1060 - أبو عبد الله محمد بن موسى الوجديجي التلمساني: عالمها ومفتيها من أكابر أوليائها وصدور فقهائها الإمام العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم أدرك الشيخ السنوسي وطبقته وأخذ عن الشيخ عبد الله بن جلال وعنه أخذ ولده عبد الرحمن وأحمد البجائي ومحمد بن يحيى المديوني ويحيى بن عمر الزواوي ويحيى السنوسي ومحمد بن عبد الرحمن بن جلال ومحمد شقرون بن هبة الله، كان حياً قرب سنة 930 هـ[1523 م]. 1061 - أبو عبد الله الشيخ محمد بين أبي جمعة الهبطي: الإمام العالم المتصوف الزاهد القدوة المتقي العابد وكان يغلب عليه محبة الله كابن الفارض؛ أخذ

الطريقة عن الشيخ عبد الله الغزواني والعلوم عن الشيخ أحمد زروق والشيخ الخروبي الكبير الطرابلسي. وعنه جماعة منهم عبد الواحد الونشريسي توفي في ذي القعدة سنة 930 هـ وهو مؤلف تقييد وقف القرآن. 1062 - أبو الحسن علي بن عثمان النايلي: الإمام العالم الشهير الصدر الكبير شيخ الجماعة بالقطر السوسي. أخذ عن ابن غازي وأبي العباس الونشريسي وغيرهما ولأهل سوس اعتناء عظيم بفتاويه ومن فتاويه إباحة ما صيد بالرصاص وخالفه أهل عصره كما في نوازل أبي مهدي السجستاني، توفي سنة 932 هـ[1525 م]. 1063 - أبو عبد الله محمد بن ولي الله محمد الغزواني: شيخ المشايخ العارف بجلال الله وجماله الداعي إلى حضرة الربوبية بجميع أقواله وأفعاله الولي قدوة أهل زمانه وفريد عصره وأوانه. أخذ عن الشيخ أبي فارس عبد العزيز بن عبد الحق المعروف بالتباع وبالحرار نسبة إلى صناعة الحرير. له أتباع كثيرون وانتفع به الكثير منهم الشيخ الهبطي. توفي سنة 935 هـ[1528 م]. 1064 - أبو العباس أحمد بن محمد الفاسي التازي: الإمام الفقيه العالم العلامة كان آية في تغيير المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم أخذ عن الأستاذ أبي الربيع سليمان اليزناسي وابن غازي وغيرهما. وعنه أخذ الشيخ الصالح أبو شامة إبراهيم وأجازه وأبو عبد الله الدقاق، توفي مسموماً في سنة 938 هـ[1531 م]. 1065 - طاهر بن زيان الزواوي القسنطيني: الشيخ الفقيه الصوفي الولي الصالح العارف بالله نزيل المدينة المنورة أخذ عن الشيخ أحمد زروق وولده أحمد زروق الصغير وانتفع بهما وعنه الشيخ محمد الوزان وغيره له تآليف في التصوف منها نزهة المزيد في معاني كلمة التوحيد ورسالة القصد إلى الله تعالى. توفي بعد سنة 940 هـ[1533 م]. 1066 - مخلوف بن علي البلبالي: الفقيه العالم الرحلة. أخذ عن الشيخ

عبد الله بن عمر بن اقيت وابن غازي ودخل بلاد السودان وتنبكتو ومراكش وأقرأ العلوم هناك وحصل النفع به. توفي بعد سنة 940 هـ[1533 م]. 1067 - أبو العباس أحمد بن عمر بن اقيت التنبكتي الصنهاجي: عرف بالحاج جد الشيخ أحمد بابا الفقيه الصالح العالم العامل المتفنن المتقي الفاضل. أخذ عن جده لأمه قاضي تنبكتو وحج سنة 890 هـ ولقي جماعة منهم الشمس والناصر اللقانيان والإمام السيوطي وخالد الأزهري وأخذ عنهم وعنه جماعة منهم ابنه أحمد وأخوه القاضي محمود. توفي في ربيع الأول سنة 942 هـ[1535 م]. 1068 - أخوه أبو الثناء محمود بن عمر بن اقيت قاضي تنبكتو: الفقيه القاضي العادل الإمام الفاضل القدوة العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم مع صلاح ودين متين. أخذ عن أعلام وحج ولقي الأكابر منهم الشمس والناصر اللقانيان ثم رجع ولزم الإفادة وطال عمره فألحق الأحفاد بالأجداد وبلغ مبلغاً لم يبلغه غيره من الجلالة وعلو القدر والجاه. أخذ عنه أولاده الثلاثة القضاة محمد وعمر والعاقب ووالد الشيخ أحمد بابا وجماعة، له تآليف منها تقييد على خليل في سفرين. مولده سنة 865 هـ وتوفي سنة 955 هـ[1548 م]. 1069 - العاقب بن عبد الله المسوفي: نسبة لقرية بالسودان الإمام الفقيه الذكي واحد الزمان وفريد العصر والأوان. أخذ عن محمد بن عبد الكريم المقيلي والسيوطي لما حج وعن غيرهما له تعليقة على قول خليل وخصصت نية الحالف حسنة جداً وغير ذلك. كان بالحياة قريباً من سنة 950 هـ[1543 م]. 1070 - أبو العباس أحمد بن محمد: المعروف بابن أبي حيدة الوهراني الفقيه العمدة الإمام العالم القدوة. أخذ عن الشيخ السنوسي وابن مرزوف الكفيف وهو الذي كان يطالع له وأخذ التصوف عن ابن تازغدرت وهو أحد تلامذة الشيخ إبراهيم التازي وعنه أخذ الشيخ المنجور وغيره. توفي سنة 951 هـ[1544 م].

1071 - أبو الحسن علي بن موسى المضغري: من مضغرة سجلماسة عرف بابن هارون الفقيه الفرضي العددي الأستاذ المتفنن الخطيب المفتي العالم المتقين لازم ابن غازي نحواً من تسع وعشرين سنة وأخذ عنه وانتفع به وأجازه وختم عليه عشرين ختمة بالسبع والبخاري نحو عشر ختمات والموطأ والمدونة والمختصر ختمتين وغير ذلك من الكتب المعتبرة في فنون شتى وأخذ أيضاً عن أبي العباس الونشريسي والقاضي المكناسي وغيرهم، وعنه عبد الواحد الونشريسي واليسيتني والنجور وانتفع به وأثنى عليه في فهرسته وعبد الوهاب الرقاق وسعيد المقري وغيرهم. توفي في ذي القعدة سنة 951 هـ[1544 م] وقد ناف عن الثمانين حضر جنازته السلطان فمن دونه. 1072 - أبو محمد عبد الرحمن بن علي القنطري السفياني الفاسي: عرف سقير الفقيه الأستاذ الإمام المحدّث الراوية المحقق الرحال العالم المفضال. أخذ عن جماعة منهم ابن غازي والشيخ زروق وأبو الفرج الطنجي وأبو مهدي الماواسي وأبو زيد الحميدي رحل ودخل مصر سنة 909 هـ وأخذ علم الحديث عن أصحاب ابن حجر وحصل على رواية واسعة وانتفع بالشيخ أبي عبد الله الغزواني ودخل السودان وحصل له جاه عظيم ومال وافر ثم رجع لفاس سنة 924 هـ فعكف على رواية الحديث وأقرأ به وتولى الخطابة والفتيا بها أخذ عنه المنجور واليسيتني وعبد الوهاب الزقاق وخروف وغيرهم، كان ينكر أن يقرأ الفاتحة للناس أو يطلبها ويقول ذلك بدعة لم يرد في ذلك حديث وفي نيل الابتهاج قال الشيخ زروق في بعض تآليفه ما اعتاده أهل الحجاز واليمن ومصر ونحوهم من قراءة الفاتحة في كل شيء لا أصل له لكن قال الغزالي في الانتصار واستنزل ما عند ربك وخالقك من خير واستجلب ما تؤمله من هداية وبر بقراءة السبع المثاني المأمور بقراءتها في كل صلاة وتكرارها في كل ركعة وأخبر الصادق المصدودق أن ليس في التوراة ولا في الإنجيل والفرقان مثلها وفيه التصريح بأن يكثر منها لما فيها من الفوائد والذخائر انتهى. انظر سلوة الأنفاس. توفي صاحب الترجمة سنة 956 هـ[1549 م] مولده سنة 873.

الطبقة العشرون

الطبقة العشرون من أهل الحجاز 1073 - أبو محمد عبد المعطي بن أحمد بن محمد السخاوي: المدنىِ من بيت علم وفضل الفقيه العالم المصنف المحقق العمدة. أخذ عن أبي عبد الله محمد بن محمد السخاوي وغيره ولقيه والد الشيخ أحمد بابا بالمدينة له تآليف منها تفسير القرآن العظيم سماه فتح الحميد في ستة أسفار وتاريخ المدينة وشرح الشامل. كان بالحياة قرب سنة 960 هـ[1552 م]. 1074 - بركات بن محمد بن عبد الرحمن الحطاب المكي: الفقيه الإمام الصالح العلامة المتفنن المعمر البركة. أخذ عن والده وغيره وعنه جماعة منهم ابن أخيه يحيى بن محمد الحطاب ووالد الشيخ أحمد بابا بالإجازة له شرح على خليل في أربعة أسفار سماه المنهج الجليل. توفي عن عمر عال بعد سنة 980 هـ[1572 م]. 1075 - أبو زكريا يحيى بن محمد بن محمد الحطاب المكي: فقيهها وخاتمة علماء الحجاز المالكية الإمام العالم العامل العمدة الفاضل المعروف بالصلاح والدين المتين. أخذ عن والده وعمه بركات وغيرهما وعنه أبو مسعود القسطلاني المكي والشيخ أحمد بابا إجازة عامة وغيرهما له تآليف في الفقه والحساب والمناسك وفي خصوص نوازل الحبس. توفي بعد سنة 993 هـ[1585 م]. فرع مصر 1076 - أبو زيد عبد الرحمن بن علي الأجهوري: الفقيه العلامة العالم العامل الزاهد بقية السلف الفاضل أثنى عليه الشيخ الشعراني في طبقاته. أخذ عن الشهاب الفيشي والشمس والناصر اللقانيين وبهما تفقه تخرج به جماعة من الفضلاء

نحو المائة وانتفعوا به، منهم البدر القرافي ولقيه والد أحمد بابا وأخذ عنه ومحمد بن محمود الونكري وعلي بن المرحل له حاشية على مختصر خليل. توفي في صفر سنة 957 هـ[1550 م]. 1077 - أبو زيد عبد الرحمن بن أحمد الطرابلسي المصري: الشهير بالتاجوري الفقيه العالم الناسك العارف صاحب الطريقة والحقيقة علامة الزمان في الميقات وغيره. أخذ عن الشمس والناصر اللقانيين وغيرهما وعنه البنوفري وعلي بن المرحل وأبو العباس بن حميدة وأبو العباس أحمد التنبكتي والبدر القرافي وانتفع به. توفي قريباً من سنة 960 هـ[1552 م]. 1078 - أبو العباس شهاب الدين أحمد بن بدر الدين محمد بن أحمد بن محمد: المعروف بابن المحب المصري الفقيه الإمام العلامة الفاضل. أخذ عن الشمس والناصر اللقانيين وناب في الحكم بمصر. مولده سنة 870 هـ وتوفي سنة نيف و 960 هـ[1552 م]. 1079 - وجده أحمد: كان من أعلام العلماء الفضلاء. أخذ عن أبي القاسم النويري وغيره، توفي سنة 837 هـ[1433 م]. 1080 - الزين أحمد بن محمد الجيزي المصري: الإمام الفقيه العمدة الفهّامة. أخذ عن الشمس والناصر اللقانيين ولازم الثاني نحواً من أربعين عاماً وانتفع به وعن سليمان الجربي ولد أوائل القرن. وتوفي سنة 977 هـ[1569 م]. 1081 - أبو عبد الله محمد ابن الشيخ محمد محب الدين بن أحمد ابن الشيخ محمد الفيشي: الإمام علم المحدثين صاحب السند المتين مع الفضل والخير والصلاح والدين. أخذ عن الشمس والناصر اللقانيين والطخيخي والشمس التتائي

والدميري والزين البحيري والأجهوري والشيخ الوفائي والسراج العبادي والجمل وأحمد بن النجار وجماعة وعنه بدر الدين القرافي وغيره، له تآليف منها شرح العشماوية. مولده في رجب سنة 917 هـ، لم أقف على وفاته. 1082 - أبو العباس أحمد بن عثمان الشرنوبي: نسبة لقرية من أعمال مصر العالم العارف بالله الولي الكامل الكثير الكرامات الشيخ الواصل كانت طريقته شاذلية وله أتباع. أخذ عن الشيخ عبد الرحمن التاجوري والشيخ عبد السلام بن عبد الرحمن المقرئ وجماعة وعنه الكثير منهم الشيخ إبراهيم اللقاني وصحبه وانتفع به وغيره من أكابر الرجال وأرباب المقامات والأحوال الذين بذكرهم تتنزل الرحمات نفعنا الله بهم وجعلنا من المحبين لنشر مناقب السادات، له تأليف في التصوف شرحه حفيده عبد الحميد الشرنوبي. توفي سنة 994 هـ[1585 م]. 1083 - أبو عبد الله محمد بن سلامة البنوفري: به عرف المصري من أعيان فقهائها وفضلائها الإمام العمدة العالم المشهور بالصلاح والدين المتين تفرد برئاسة المذهب في مصر. أخذ عن الناصر اللقاني والتاجوري وغيرهما وعنه الشيخ سالم السنهوري وبه تفقه وغيره. توفي في حدود سنة 998 هـ[1589 م]. 1084 - الشيخ كريم الدين عبد الكريم البرموني المصراتي: الإمام المحدّث المسند الراوية الفقيه النبيه صاحب الأحوال السنية وقطب الدائرة العروسية ترجم لنفسه في كتابه روضة الأزهار في مناقب شيخه عبد السلام بن سليم الطرابلسي المتوفى سنة 981 هـ الذي اختصره مؤلف هذا المجموع وطبع وانتشر وحصل النفع به، قال في روضة الأزهار: أول مشايخي الشمس اللقاني لازمته بزاوية الشيخ أحمد زروق إلى أن انتقل لبلده لقانه وأخذت عن أخيه الناصر وانتفعت به وبالشيخ التاجوري واجتمعت بأمين الدين الميموني وابن حجر الهيتمي وعبد المعطي السخاوي وعبد القادر الفاكهاني وبهم انتفعت ولازمت أبا المكارم البكري وشرحت المختصر في جزأين وحصل لي بطندة من الحسدة ما حصل ثم ذهبت لمكة شرفها الله ورأيت فيها من العز ما رأيت وذلك حصل لي ببركة شيخي الذي هو أولهم وآخرهم عبد السلام الأسمر وكانت ولادتي بمصراته سنة 893 هـ انتهى باختصار.

فرع إفريقية

وعنه أخذ أئمة منهم الشيخ إبراهيم اللقاني والنور الأجهوري وكان له سند عال، قال الشيخ أحمد بابا كريم الدين البرموني من شيوخ العصر أخذ عن الناصر اللقاني وغيره له حاشية على مختصر خليل في جزأين. كان بالحياة سنة 998 هـ[1589 م]. وفيها توفي العلامة الفاضل أبو العباس أحمد بن تركي شارح العشماوية. فرع إفريقية 1083 - جار الله الرحلة أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل خروف الأنصاري التونسي: نزيل فاس شيخ الجماعة بها الشيخ الإمام الكامل واحد الزمان المنفرد بالمنطق والكلام وأصول الفقه والمعاني والبيان مع التحقيق والإتقان. أخذ بتونس عن المفتي الخطيب حسن الزندبوي وبفاس عن سفين وبمصر عن الشمس والناصر اللقانيين بسندهما وعن غيرهم وعنه أعلام من أهل تونس وفاس منهم المنجور والقصار وانتفعا به وأبو المحاسن يوسف الفاسي وسعيد المقري بالسند المقرر في فهرسته الشيخ عبد القادر الفاسي وفي خلاصة الأثر عند ترجمة الشيخ القصار المذكور كان سوق المعقول كاسداً بفاس فضلاً عن سائر أقطار المغرب فنفق في زمانه ما كان كاسداً من سوق الأصلين المنطق والبيان وسائر العلوم لأن أهل المغرب كانوا لا يعتنون بما عدا القرآن والفقه والنحو وما يوصل إلى الرئاسة الدنيوية إلى أن رحل اليسيتني إلى المشرق فأتى بشيء من ذلك ثم ورد عليهم الشيخ خروف التونسي وكان إمام ذلك كله والمقدم فيه إلا أنه جاء من غير كتب لابتلائه بالأسر وغرق كتبه في البحر ومع ذلك كان بلسانه عجمة مع ميله إلى أحمول فلم يقدروا قدره وإنما انتفع به المنجور والقصار. انتهى باختصار. له فهرسة. توفي بفاس سنة 966 هـ[1558 م]. 1086 - أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الأندلسي الأنصاري التونسي: إمامها وخطيبها بجامعها الأعظم الفقيه العلامة الفاضل. توفي سنة 970 هـ[1562 م]. 1087 - أبو العباس أحمد العيسي التونسي: الفقيه العلامة الإمام أحد

فرع فاس

الفضلاء الأعلام. أخذ عن الشيخ ماغوش وغيره وعنه أبو يحيى الرصاع وغيره. توفي سنة 972 هـ[1564 م]. 1088 - الشيخ أبو الفضل قاسم بن أبي القاسم البرشكي التونسي: فقيهها وعالمها وخطيبها بعد الأنصاري المذكور وحفيد قاضي الجماعة بها. توفي سنة 990 هـ[1582 م]. 1089 - أبو عبد الله الشيخ محمد بن سلاهة التونسي: إمام جامع الزيتونة وخطيبه بعد البرشكي الفقيه المفسر الواعظ. توفي سنة 993 هـ[1585 م]. فرع فاس 1090 - أبو سعيد عثمان بن عبد الواحد المكناسي اللمطي: الفقيه العالم القدوة الشيخ الصالح المتفنن العمدة. أخذ عن أبي العباس الحباك وابن غازي وأجازه أبو العباس الونشريسي وابن هارون وعنه الإمام المنجور وغيره. مولده سنة 888 هـ وتوفي سنة 954 هـ[1547 م] وحضر جنازته السلطان فمن دونه. 1091 - أخوه عبد العزيز بن عبد الواحد: نزيل طيبة المشرفة الإمام الفقيه العلامة الماهر الشيخ الصالح الناظم الناثر. أخذ عن أبي العباس الزقاق وغيره له منظومات في فنون كثيرة منها منظومة بعثها لأخيه عثمان المذكور بها نيف وعشرون فناً وكل نظمه حلو رشيق حج أكثر من ثلاثين حجة ولقيه بالمدينة والد الشيخ أحمد بابا سنة 956هـ، لم أقف على وفاته. 1092 - أبو مالك عبد الواحد ابن الشيخ أبي العباس أحمد الونشريسي الفاسي: قاضيها سبعة عشر عاماً ثم مفتيها بعد ابن هارون الإمام المتفنن العلامة العمدة المحقق الفهّامة الخطيب الفصيح الناظم الناثر مع الورع والدين المتين. أخذ

عن والده وابن غازي وانتفع به والحباك والهبطي وأبي زكريا السوسي وأبي الحسن الزقاف وابن هارون وجماعة وعنه المنجور وعبد الوهاب الزقاق واليسيتني وغيرهم له خطب بليغة وفتاوى محررة ونظم كثير في مسائل من الفقه كشهادات السماع ومفوتات البيوع الفاسدة وما يفيته حوالة الأسواق وموانع الإقالة ونظم قواعد أبيه شرحها المنجور وشرح على ابن الحاجب الفرعي في أربعة أسفار وشرح الرسالة ونظم تلخيص ابن البنا في الحساب وتعليق على البخاري لم يكمل وغير ذلك، مولده بعد سنة 880 هـ ومات قتيلاً في ذي الحجة سنة 955 هـ[1548 م] وفي السنة بعدها توفي الإمام العلامة القدوة الفهّامة العالم العامل: 1093 - الشيخ أبو القاسم بن علي بن حجو: بفاس وحضر جنازته السلطان فمن دونه من تأليفه شرح نظم أبي زيد التلمساني لبيوع ابن جماعة. 1094 - أبو عبد الله محمد بن أحمد اليسيتني: بفتح الياء وكسر السين المشهددة نسبة لقبيلة الفاسي الفقيه العلامة الرحال المطلع الفهّامة العمدة المحقق حامل لواء المنقول والمعقول المتفنن الإمام في الأصول المفتي الشيخ الصالح. أخذ عن أئمة كابن غازي ويحيى السوسي وأبي العباس الزقاق وأبي عمران الزواوي ولازمه وابن هارون وعبد الواحد الونشريسي وسقين ولازمه وأبي العباس الحباك وغيرهم ثم رحل ولقي بتلمسان المفتي محمد بن موسى والإمام أبا سعيد المقري وبقسنطينة الشيخ عمر الوزان ومحمد العطار وبتونس إمام المعقولات ماغوش وقاضيها أحمد سليطين وأبا القاسم البرشكي وخطيبها ومفتيها أبا الحسن الزنديوي وأبا عبد الله بن عبد الرفيع فأخذ عنهم وبمصر عن الشمس والناصر اللقانيين عام إحدى وثلاثين وأبي الحسن البكري والبحيري وبمكة عن الشيخ ملا عبد الرحمن العجمي والشيخ محمد الحطاب وأجازه وأحمد زروق الصغير وعبد العزيز اللمطي ثم رجع لفاس سنة 932 هـ فدرس بها وأجاد وأخذ عنه الكثير كالقاضي أبي الحسن السكتاني والمنجور ولازمه أحد عشر سنة إلى وفاته وانتفع به وأبي المحاسن يوسف

الفاسي والشيخ القصار والجنوي له تآليف منها جزء على التاجوري في قبلة فاس والرد على مخلوف البلبالي في إنكاره القول بطهارة بول المريض الذي باله بأوصاف الماء بلا تغير وشرح مختصر خليل وصل فيه النواقض وتأليف في حقوق السلطان على الرعية وحقوقهم عليه وغير ذلك. مولده سنة 897 هـ وتوفي سنة 959 هـ[1551 م] صلّى عليه السلطان فمن دونه. 1093 - أبو حفص عمر بن محمد الكماد: عرف الوزان القسنطيني الفقيه العالم الكبير المتفنن الشيخ الصالح كان آية يبهر العقول في تحرير فنون المعقول والمنقول. أخذ عن أعلام منهم الشيخ طاهر بن زيان القسنطيني وعنه أعلام منهم عبد الكريم الفكون الجد وأبو زكريا الزواوي وأبو الطيب البسكري ويحيى بن سليمان واليسيتني له تواليف منها تأليف على طريق المطالع والمواقف سماه البضاعة المزجاة في غاية التحقيق وتأليف على قول خليل وخصصت نية الحالف وحاشية على صغرى السنوسي. توفي سنة 960 هـ[1552 م]. 1096 - أبو محمد عبد الوهاب بن محمد بن علي الزقاق الفاسي: قاضي الجماعة بها العلامة المتفنن في فنون من العلم كان آية في الحفظ والفهم لازم عمه أبا العباس وانتفع به وأخذ عن أبي العباس الحباك وسقين وابن هارون وعبد الواحد الونشريسي وأكثر عنهما وعنه الإمام المنجور وأبو الحسن يوسف الفاسي وسعيد المقري. وجماعة. مولده سنة 905 هـ وقتل ضرباً بالسياط في ذي القعدة سنة 961 هـ[1553 م]. 1097 - أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الدكالي الفاسي: الفقيه الموثق العالم الأستاذ الشيخ الصالح. أخذ عن أبي العباس الزقاق وابن هارون وعبد الواحد الونشريسي وغيرهم وعنه أبو عبد الله القصار وغيره. توفي سنة 962 هـ[1554 م].

1098 - أبو عبد الله محمد بن علي الخروبي الطرابلسي الجزائري: عالمها الكبير وإمامها الشهير كان من أهل الحديث والفقه والتصوف جمع من التصوف والأذكار والأوراد كتباً منها شرح الحكم ورسالة رد فيها على أبي عمر القسطلي المراكشي وله تفسير. أخذ عن الشيخ زروق وأبي عبد الله محمد الزيتوني وعمر بن زيان المديوني. وعنه أخذ جماعة من أهل الجزائر وفاس وفي سنة 959 هـ قدم مراكش سفيراً بين سلطان آل عثمان وبين الأمير أبي عبد الله الشريف بقصد المهادنة بينهما وتحرير البلاد. توفي بالجزائر سنة 963 هـ[1555 م]. 1099 - أبو محمد عبد الله الهبطي: الفقيه الفاضل المتصوف العالم العامل. أخذ عن الشيخ الغزواني والشيخ التباع. توفي سنة 963 هـ[1555 م]. 1100 - أبو عبد الله محمد بن علي الهواري: المعروف بالطالب الشيخ الكامل العارف بالله الواصل الصوفي الأكبر الولي الأشهر أحد الفقهاء والعلماء العاملين. أخذ عن العارف بالله الشيخ محمد الغزواني وانتفع به وورث سره وكان الخليفة بزاويته وهو عن الشيخ عبد العزيز التباع عن الشيخ محمد الجزولي ولصاحب الترجمة كرامات كثيرة وأتباع كثيرون وممن أخذ عنه أبو المحاسن يوسف الفاسي. توفي سنة أربع أو خمس وستين وتسعمائة [1556 م] أو [1557 م]. 1101 - أبو الحسن علي بن عبد الرحمن التسولي الفاسي: الفقيه المحدث العلامة النحوي أخذ عن أبي العباس الزقاق وابن غازي وغيرهما وعنه الإمام القصار وغيره له نظم جيد. توفي سنة 966 هـ[1558 م]. 1102 - أبو عبد الله محمد بن محمود بن عمر بن اقيت الصنهاجي: قاضي تنبكتو بعد أبيه الفقيه العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم. أخذ عن والد الشيخ

أحمد بابا وغيره له تعليق على رجز المقيلي في المنطق. مولده سنة 909 هـ وتوفي سنة 973 هـ[1565 م]. 1103 - أبو العباس أحمد بن سعيد بن محمود بن عمر التنبكتي: الفقيه المطلع الفهّامة. أخذ عن جده لأمه وعنه جماعة وانتفعوا به منهم الأخوان محمد وأحمد والد الشيخ أحمد بابا له استدراكات في الفقه وحاشية لطيفة على خليل أدركه الشيخ أحمد بابا صغيراً وحضر درسه. مولده سنة 931 هـ وتوفي في محرم سنة 976 هـ[1568 م]. 1104 - أبو العزم عبد الرحمن بن عياد الدكالي: الشهير بالمجذوب الولي الكامل الشيخ الفاضل الكثير الكرامات. أخذ عن الشيخ علي الصنهاجي والشيخ عمر اللوّام وعنه أبو المحاسن يوسف الفاسي وغيره. توفي سنة 976 هـ. 1105 - أبو زيد عبد الرحمن ابن الشيخ محمد الصغير الأخضري: من بيت علم وصلاح الفقيه العلامة الشيخ الصالح المحقق الفهّامة المتفنن في العلوم له تآليف مشهورة وكرامات مأثورة منها منظومة في السلوك تشابه المباحث الأصلية رائقة النظم فائقة الحسن والجوهر المكنون في المعاني والبيان والبديع وشرحه والدرة البيضاء في الفرائض والحساب وشرحها والسراج في الفلك ومقدمة في الفقه مشهورة عند أهل بلده الزاب الذي قاعدته بسكرة وزاويته هناك التي بها قبره مقصودة بالزيارة وله السلم في المنطق نظمه وهو ابن إحدى وعشرين سنة وفي كشف الظنون السلم للشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ محمد الصغير في المنطق نظمه ثم شرحه سنة 941 هـ وتعرض لذكره الشيخ العياشي في رحلته وأثنى عليه وذكر أنه هو الذي أظهر قبر نبي الله خالد بن سنان عليه السلام وهو مزار عظيم بتلك الجهة وتعرض لذكر هذا النبي أيضاً صاحب المونس. 1106 - أبو القاسم محمد بن إبراهيم الدكالي: الفاسي الإمام الفقيه العالم

العلامة العمدة المحقق الفهّامة من بيت علم وفضل. أخذ عن الشيخ الدقوف والمواق والمنتوري وابن غازي وأبي عبد الله الهبطي وغيرهم وعنه أبو الحسن علي بن يوسف الفاسي والشيخ القصار وغيرهما، مولده سنة 896 وتوفي سنة 978 هـ[1570 م]. 1107 - أبو عبد الله محمد بن مهدي الدرعي الحرار: الفقيه العالم العامل العمدة الفاضل .. أخذ عن جماعة وعنه عبد الواحد الشريف وأثنى عليه في فهرسته وعبد الله التمكروتي. مولده في ذي الحجة سنة 920 هـ وتوفي في جمادى الأولى سنة 979 هـ[1571 م]. 1108 - أبو محمد عبد الله بن محمد بن مسعود التمكروتي المرعوي الدرعي: الفقيه العالم المؤلف المحصل الإمام القدوة الأعدل. أخذ عن عالم درعة أبي عبد الله محمد بن مهدي له تعليق على خليل في أسفار والروض اليانع في فوائد النكاح وآداب المجامع. توفي بعد سنة 980 هـ[1572 م]. 1109 - أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن جلال (به عرف) التلمساني: مفتي فاس وشيخ الجماعة بها الإمام الفقيه العالم المتفنن القدوة المفضال. أخذ عن سعيد المقرئ وأبي زكريا المغراوي وأحمد بن أطاع الله وعبد الملك البرجي وغيرهم وعنه الإمام المنجور وغيره. مولده سنة 908 هـ وتوفي سنة 981 هـ[1573 م].1110 - أبو عبد الله محمد بن شقرون (به عرف) ابن هبة الله الوجديجي التلمساني: نزيل مراكش ومفتيها وشيخ الجماعة بها الإمام العلامة المتفنن الخطيب البليغ المتقين ترب ابن جلال وشاركه في شيوخه. أخذ عن الشيخ إبراهيم الشاوي وسعيد المقرئ وغيرهما له شرح على التلمسانية في الفرائض. توفي سنة 983 هـ[1574 م].

1111 - أبو عبد الله محمد بن يحيى الفاسي: الأستاذ العروضي المتفنن المقرئ الشيخ الصالح كان يحفظ ابن الحاجب. أخذ عن عبد الواحد الونشريسي وابن هارون وأبي العباس الزقاق والزواوي ويحيى السنوسي وغيرهم. مولده في حدود سنة 898 هـ وتوفي سنة 983 هـ[1575 م]. 1112 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى المساوي: شيخ الجماعة الإمام الفقيه العلامة العمدة الفهّامة. أخذ عن ابن غازي وغيره وعنه أبو الحسن علي بن يوسف الفاسي وغيره. مولده أوائل القرن وتوفي سنة 985 هـ[1577 م] له طرر على الألفية. 1113 - أبو بكر بن أحمد بن عمر بن محمد بن أقيت التنبكتي: نزيل المدينة المنورة عم الشيخ أحمد بابا الرجل الصالح العالم العامل البركة الفاضل له تآليف في التصوف وغيره منها معين الضعفاء في القناعة. مولده سنة 932 هـ وتوفي في المدينة سنة 991 هـ[1583 م]. 1114 - أبو العباس أحمد بن أحمد بن عمر التنبكني: والد الشيخ أحمد بابا الإمام العلامة العمدة الفهّامة المحقق الفاضل العالم العامل. أخذ عن عمه محمود ورحل للمشرق سنة 956 هـ ولقي أعلاماً فأخذ عنهم كالناصر اللقاني والتاجوري والأجهوري وبركات الحطاب وجماعة وأجازه بعضهم وعنه ابنه أحمد وأجازه وغيره له شرح تخصيصات العشرينيات البازازية لابن مهيب في مدحه وشرحه منظومة المقيلي في المنطق وله حاشية على التتائي على خليل وشرح جمل الخونجي وصغرى السنوسي والقرطبية. مولده سنة 929 هـ وتوفي في شعبان سنة 991 هـ[1583 م]. 1115 - العاقب بن محمود بن عمر بن أقيت: قاضي تنبكتو الإمام الفقيه الفاضل العالم العامل القاضي العادل كان صاحب أحوال غريبة وكرامات كثيرة. أخذ عن أبيه وعمه ورحل للمشرق ولقي في طريقه الشيخ عبد السلام الأسمر وأخذ

عنه التلقين وأجازه الناصر اللقاني والتاجوري إجازة عامة وهو أجاز الشيخ أحمد بابا بمثل ذلك. مولده سنة 913 هـ وتوفي سنة 991 هـ[1583م]. 1116 - أبو الرضا رضوان بن عبد الله الجنوي الفاسي: الشيخ الإِمام علم الأعلام حسنة الليالي والأيام حامل لواء المحبة والمراقبة والشهود والعيان سراج العارفين وقدوة العلماء العاملين المحدّث الصوفي المتفق على علمه وصلاحه. أخذ عن الشيخ الغزواني وعن الشيخ محمَّد الشنقيطي الأخذ عن الشيخ زروق المتوفى سنة 963 هـ وعن الشيخ الخروبي المتوفى في السنة المذكورة وعن سقين وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم الشيخ القصار وله أوراد وأتباع وله فهرسة. مولده سنة 912 هـ وتوفي سنة 991 هـ[1583م]، بفاس وحضر جنازته الأمير والمأمور والخاصة والجمهور ألّف في مناقبه بعض تلامذته كتاباً سماه تحفة الأخوان. 1117 - أبو العباس أحمد بن الحسين بن عرضون: الإِمام العمدة الفاضل الفقيه الموثق القاضي العادل. أخذ عن المنجور والجنوي والحميدي والبطيوي والسراج وعنه ولده محمَّد وغيره ألّف اللائق في الوثائق وتأليفاً في الأنكحة في مجلد ضخم وأخوه محمَّد يأتي ذكره وهما ولدا أخت العالم أبي القاسم بن حجُّو وولدها كان عالماً فاضلاً له أجوبة في الفقه تؤذن باتساعه في العلم. توفي صاحب الترجمة سنة 992 هـ[1584م]. 1118 - أبو العباس أحمد بن علي المنجور الفاسي: خاتمة علماء المغرب المتبحر في كثير من العلوم خصوصاً أصول الفقه المحقق الفاضل العلامة العمدة الكامل. أخذ عن أئمة كسقين وابن هارون واليسيتني وعبد الواحد الونشريسي وخروف وابن جلال وعنه جماعة منهم الشيخ البطيوي وعبد الواحد الرجراجي وابن أبي نعيم وإبراهيم الشاوي وأبو العباس بن أبي العافية وابن عرضون وعيسى السكتاني وعبد الواحد الفلالي وأبو المحاسي يوسف الفاسي وأخوه العارف وولده

الطبقة الحادية والعشرين

أحمد ألّف مراقي المجد في آيات السعد وشرح عقيدة ابن زكري مطول ومختصر المنهج المنتخب وقواعد الزقاق وكبرى السنوسي وغير ذلك وله فهرسة حافلة. مولده سنة 926 هـ وتوفي في ذي القعدة سنة 995 هـ[1586م]. 1119 - أبو راشد يعقوب بن يحيي البدوي الحلفاوي الفاسي: الإِمام الفقيه العمدة العالم القدوة. أخذ عن ابن غازي وغيره، وعنه أبو الحسن علي بن يوسف الفاسي وغيره مولده سنة 908 هـ وتوفي سنة 999 هـ[1587م]. 1120 - أبو عبد الله محمَّد بن محمود بن أبي بكر الونكري: عرف ببغْبُع بباء مفتوحة فغين ساكنة فباء مضمومة فعين مهملة التنبكتي الشيخ الفقيه المحقق الفاضل الرجل الصالح العالم العامل أخذ عن والده وخاله ثم أخذ مع شقيقه أحمد عن الفقيه أحمد بن سعيد ولازماه ثم رحلا للحج مع خالهما واجتمعا بالناصر اللقاني والتاجوري والبحيري والشيخ الشريف يوسف والشيخ محمَّد البكرىِ وأخذ عنهم وعن والد الشيخ أحمد بابا وعنه الشيخ أحمد بابا ولازمه أكثر من عشر سنين وانتفع به وأجازه إجازة عامة. له تعاليق وحواش على المختصر نبه فيهما على ما وقع لشراح خليل وتتبع ما في الشرح الكبير للتتائي من السهو نقلاً وتقريراً في غاية الإجادة، وله فتاوى كثيرة. مولده سنة 930 هـ وتوفي في شوال سنة 1002 هـ[1593م]. الطبقة الحادية والعشرين فرع مصر 1121 - القاضي علاء الدين علي بن محمَّد البعلي: المعروف بابن المرحل الدمشقي مفتيها وإمامها بالجامع الأموي وإليه انتهت الرئاسة هناك، الإِمام الفاضل الورع العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، كان يحفظ المذهب على ظهر قلبه، قرأ ببلدة بعلبك على شهاب الدين البعلي وغيره، ودخل مصر سنة 949 هـ وأخذ عن ابن الصيرفي ثم حج ورجع إليها وأخذ عن الأجهوري والتاجوري

والقاضي اللقاني والناصر الصعيدي وبهم تفقه وصحب أبا الحسن البكري والشرف الغزي ودخل اليمن وأخذ عن جماعة منهم أبو العباس الأصل. مولده سنة 918 هـ وتوفي في ربيع الثاني سنة 1003 هـ[1594م]. 1122 - أبو العباس أحمد بن أبي بكر النسفي الخزرجي: الشهير بقعود من أعيان مصر فضلاً وأدباً، الإِمام العالم الماهر في كثير من الفنون الناظم الناثر. أخذ عن الناصر اللقاني ومن في طبقته وعنه ابنه أبو بكر والشهاب الخفاجي وذكره في كتابه وأثنى عليه. كان له النظم الجيد والنثر الحسن. من تآليفه منظومة في النحو ومنظومة في الزحاف وتذكرة جمع فيها من لقيه من الشيوخ ومن عاصره وكثيراً من نظمه البديع. توفي سنة 1007 هـ[1598م]. 1123 - الأستاذ أبو الفضل محمَّد ابن الأستاذ إبراهيم الوفائي الشاذلي: شيخ المالكيين ورأس العلماء العاملين وأحد السادات الذين لهم بمصر مجد تقصر عنه الغايات صاحب النفس الزكية المفاض عليه العلوم اللدنية من بني وفاء بيتهم معمور ولواء فضلهم على كاهل الدهر منشور لهم أتباع ومآثر ورثوها كابراً عن كابر ما منهم إلا صاحب ديوان نافذ في سبيل البلاغة بسلطان. كان صاحب نظم بليغ جداً. أخذ عن أعلام منهم والده أبو المكارم وتلقى منه طريقتهم الوفائية ولبس الخرقة وهو عن والده أبي الفضل محمَّد المجذوب عن والده أبي المراحم محمَّد عن أبي الفضل عبد الرحمن عن والده الشهاب أحمد أخي سيدي علي وفا عن والدهما أبي الفضل محمَّد إلى آخر السند المتقدم ذكره وعنه من لا يعد كثرة منهم ابن أخيه أبو المحاسن يوسف بن عبد الرزاق. توفي وهو كهل في جمادى الآخرة سنة 1008 هـ[1598م]. 1124 - القاضي بدر الدين محمَّد بن يحيي القرافي: لقيه بدر الدين جده لأمه القاضي محمَّد بن عبد الكريم الدميري الشيخ العلامة المتصف بالفضائل الفهّامة واحد دهره ورئيس العلماء في عصره. أخد عن أعلام منهم والده والأجهوري والتاجوري والزين الجيزي والفيشي والنجم الغيطي وغيرهم وسنده في الفقه مذكور

في خلاصة الأثر، وعنه جماعة منهم النور الأجهوري وغيره. له تآليف منها شرح على المختصر وحاشية على القاموس وتعليق على ابن الحاجب وذيل على الديباج فيه نيف وثلاثمائة شخص وفهرسة وشرح الموطأ وشرح التهذيب وغير ذلك؛ وله شعر حسن أثنى عليه جماعة منهم الشهاب الخفاجي. مولده في رمضان سنة 938 هـ وتوفي في رمضان سنة 1008 هـ[1598م]. 1125 - أبو سعيد عثمان بن علي العِزي (بالعين المهملة المكسورة): كان أحد أجلاء شيوخ العربية وصدر أنديتها الندية الإِمام العالم المتفنن. أخذ عن أعلام عصره وعنه جمع من العلماء منهم ابنه أحمد والشهاب الخفاجي. ألّف المؤلفات المفيدة ولد بمصر وبها توفي في محرم سنة 1009 هـ[1599م]، وهو في عشر السبعين. 1126 - ابنه أبو العباس أحمد: الفقيه الأديب الشاعر الأريب الماهر العالم العامل. أخذ عن والده ذكره الشهاب الخفاجي وأثنى عليه توفي في صفر بعد والده بأيام قلائل سنة 1009هـ. 1127 - أبو النجاة سالم بن محمَّد السنهوري: مفتي المالكية بمصر وعالمها الإِمام الكبير ومفتيها ومحدثها الشهير خاتمة الحفاظ باتفاق إليه الرحلة من الآفاق اجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره أخذ عن أئمة كالشمس البنوفري وبه تفقه وأدرك الناصر اللقاني وأخذ عنه والنجم الغيطي وعنه جلة منهم البرهان اللقاني والنور الأجهوري والخير الرملي والمشس البابلي ولازمه والشيخ عامر الشبراوي وسمع منه الأمهات الست، له شرح جليل على المختصر ورسالة في ليلة النصف من شعبان وغير ذلك. توفي في جمادى الأولى سنة 1015 هـ[1606م]، وعمره نحو السبعين وأرخ بعضهم وفاته فقال: مات شيخ الحديث بل كل عالم ... سالم ذو الكمال أفضل حبر قلت من غير غاية لبكاه ... أرخوه قد مات عالم مصر

1128 - القاضي شمس الدين محمَّد بن أحمد بن علي: المعروف بابن المغربي الدمشقي مفتيها وإمامها بالجامع الأموي أحد العلماء الأذكياء والنبهاء البلغاء. أخذ عن علاء الدين بن المرحل وأخذ بمصر عن البنوفري وغيره وحج وجاور وأخذ عن مشايخ مكة وغيرها. توفي في دمشق في ربيع الأول سنة 1016 هـ[1607م]. 1129 - أبو بكر بن إسماعيل ابن القطب الرباني شمس الدين الشنواني: وجده الأعلى ابن عم الشيخ علي وفا الشريف التونسي الإِمام الأستاذ العلامة العمدة الفهّامة فريد عصره في جميع الفنون وإليه انتهت رئاسة العلم بمصر. تخرَّج بابن قاسم العبادي ومحمد والد شهاب الدين الخفاجي والشهاب بن حجر المكي وجمال الدين يوسف بن زكريا وإبراهيم بن عبد الرحمن العلقمي والشمس محمَّد الرملي وغيرهم. وعنه جماعة منهم أحمد الغنيمي وعلي الحلبي والشهاب الخفاجي وعامر الشبراوي ويوسف الفيشي والشمس البابلي وإبراهيم الميموني والنور الأجهوري له مؤلفات مقبولة منها حاشية على متن التوضيح في مجلدات لم تكمل وحاشيتان على القطر وحاشية على الشذور وشرح الأجرومية وشرح ديباجة مختصر خليل وشرح الأسئلة السبعة للإمام السيوطي المتعلقة بألف با تا إلى آخر الأحرف وغير ذلك. توفي في ذي الحجة سنة 1019 هـ[1610م]، وعمره نحو الستين ورثاه ابن أخته الشهاب الخفاجي. 1130 - أبو المحاسن يوسف بن زكرياء الغربي: يوسف عصره حسناً وإحساناً وعزيز مصره فصاحة وبياناً المصري الأديب الشاعر الفقيه العلامة الماهر أخذ عن أعلام منهم يحيي الأصيلي وبه تخرج والبدر القرافي والشيخ سالم السنهوري والأستاذ محمَّد البكري. وعنه النور الأجهوري وغيره. كان له مورد من الآداب صفي وديوان سماه المذهب اليوسفي ذكره الشهاب الخفاجي وأثنى عليه. قال: وله في ولد مليح اسمه رمضان: رمضان قد جئته رمضانا ..... وهو بدر يفوق كل الحسان قلت صلني فقال وهو مجيب ... لايجوز الوصال في رمضان

وهو كقول الآخر في هذا المعنى: بليت به فقيهاً ذا جدال ....... يجادل بالدليل وبالدلال طلبت وصاله والوصل حلو .... فقال نهى النبي عن الوصال وهذا كله ليس بشعر ترتضيه الأدباء وهو كل شعر أكثر فيه من البديع، قالوا: وأول من أتلف الشعر العربي بهذا النمط مسلم بن الوليد ثم تبعه أبو تمام وأحسن هذه الصنعة التجنيس والتورية وهما في الشعر كالزعفران قليله مفرج وكثيره قاتل، ومنهم من غلط في ذلك فأكثر من اللغات الغريبة وتوهم بذلك أنه يصير بليغاً على أن باب التورية قفله ابن نباتة والقيراطي ثم رميا المفتاح في تلك الناحية وهذا لا يعرفه إلا من له سليقة عربية اهـ توفي صاحب الترجمة في ذي القعدة سنة 1019 هـ[1610م]. 1131 - شهاب الدين أحمد بن عيسى الكلبي: شيخ الميحا بالأزهر الإِمام العلامة خاتمة الفقهاء والمحدثين مربي المريدين وقطب العارفين الشيخ الكامل. أخذ عن والده ولازم العلماء كالقاضي علي بن أبي بكر القرافي وتفقه بالبنوفري لازمه وانتفع به وأذنه في الجلوس بمحله بالأزهر وعن الشيخ الشمس الغيطي والنجم العلقمي والشريف الأرميوني وتاج العارفين محمَّد البكري والعارف الشعراني وغيرهم، وعنه الشمس البابلي وغيره جد واجتهد حتى علت درجته وسمت رتبته وصار رفيع الشأن صاحب أحوال باهرة، توفي بمصر القاهرة سنة 1027 هـ[1617م]. 1132 - أبو العباس أحمد بن محمَّد المقري: المرعوف بالمحمودي نسبة لقبيلة بالمغرب الدمشقي الشهير بالفضل الإِمام الأديب الألمعي الأريب الفقيه الأفضل العمدة الأكمل. تفقه بالعلاء بن المرحل وأخذ جملة عن الشيخ خالد التونسي وبالقاهرة عن البرهان اللقاني وبمكة عن الشيخ محمَّد البري والشيخ محمَّد عزوز التونسي والحديث عن الشيخ الداودي وغيرهم، كان يقول الشعر المستعذب. مولده بدمشق سنة 983 هـ وتوفي في حلب سنة 1032هـ[1622م]. 1133 - أبو بكر بن مسعود المراكشي: شيخ المالكية بدمشق ومفتيها

الإِمام الفقيه العالم القدوة الفاضل. أخذ عن ابن المرحل والبنوفري والشيخ طه والشيخ سالم السنهوري ومعظم قراءته عليه. مولده سنة 984 هـ وتوفي سنة 1032 هـ[1622م]. 1134 - أبو السعود بن علي الزين: المعروف بالقسطلاني المكي الإِمام الذي بمثله يقتدى والطود الذي بهديه يهتدى الفقيه العالم الفاضل الأستاذ الكامل أخذ عن أعلام منهم جار الله يحيي الحطاب، له مؤلفات منها الفتح المبين في شرح أم البراهين وفوح العطر بترجيح صحة الفرض في الكعبة والحجر، وشرح الأجرومية، ومنظومة في مسوغات الابتداء بالنكرة، وله شعر حسن. توفي بمكة سنة 1033 هـ[1623م]. 1135 - أبو القاسم بن محمَّد المغربي السوسي: مفتي المالكية بدمشق الإِمام العالم الجليل القدوة الأصيل انفرد بالفتيا بعد مشايخه العظام كأبي الفتح المالكي وغالب أهل دمشق يرجعون إليه حدّث بالجامع الأموي وأخذ عنه جلة منهم الشيخ علي الكتبي وولده محمَّد، كان حافظاً القراءات العشر، له شرح على الشاطبية والنشر شرحاً لطيفاً. توفي سنة 1038 هـ أو 1039 هـ[1629م]. 1136 - أبو الإمداد برهان الدين إبراهيم بن حسن اللقاني المصري: وجده الأعلى محمَّد بن هارون ترجم له العارف الشعراني في طبقاته كان أحد الأعلام وأئمة الإِسلام المشار إليهم بسعة الاطلاع وطول الباع في علم الحديث المتبحر في الأحكام إليه المرجع في المشكلات والفتاوى وكان عظيم الهيبة تخضع له الدولة مع انقطاع التردد عن الناس وكانت له مزايا وكرامات باهرة أخذ عن أعلام منهم صدر الدين المنياوي وعبد الكريم البرموني وسالم السنهوري وأكثر عنه ويحيى القرافي وانتفع بصحبة شيخ التربية أبي العباس الشرنوبي. وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم ابنه عبد السلام والخرشي وعبد الباقي الزرقاني والشبرخيتي ويوسف الطهداري ويوسف الفيشي وأحمد الزريابي وتاج الدين المكي، له تآليف نافعة منها الجوهرة أنشأها في ليلة واحدة بإشارة من شيخه الشرنوبي المذكور، كتب منها في يوم واحد

خمسمائة نسخة وشرحها بثلاثة شروح ونصيحة الأخوان في شرب الدخان وعارضه عصريه النور الأجهوري برسالتين أثبت فيهما الحلية ما لم يضر وحاشية على مختصر خليل وقضاء الوطر في نزهة النظر في توضيح تحفة الأثر للحافظ ابن حجر، وبهجة المحافل بالتعريف بروايات الشمائل، ومنار أصور الفتوى وقواعد الإفتاء بالأقوى، وعقد الجمان في مسائل الضمان، والتحفة في أسانيد حديث الرسول وجزء في مشيخته وغير ذلك، وكان كثير الفوائد في مجالسه وينقل عنه منها أشياء كثيرة، منها أن من قرأ على المولود ويد القارئ على رأس المولود ليلة ولادته سورة القدر لم يزن في عمره أبداً وبخطه المنجيات: يس تنجي من دخان الواقعة ... والملك والإنسان نعم الشافعه نم البروج لها انشراح هذه ... سبع وهن المنجيات النافعه وكانت وفاته وهو راجع من الحج سنة 1041 هـ[1631م]. 1137 - أبو البقاء خالد بن أحمد بن محمَّد الجعفري المغربي ثم المكي: صدر المحدثين في عصره بالمسجد الحرام وناشر لواء سنة نبيه عليه الصلاة والسلام والمرجع إليه في التمييز بين الحلال والحرام. أخذ عن الشمس الرملي والشيخ سالم السنهوري وغيرهما. وعنه تاج الدين المكي وأبو العباس المحمودي، توفي في رجب سنة 1043 هـ[1633م]. 1138 - أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الوارثي (به عرف) المصري الصديقي: ونسبه إلى الصديق متفق عليه وأمه ابنة الشيخ حسن البكري الشريف الإِمام الكبير المحدّث المفسر العالم الشهير كان مرجع الناس لتلقي الإفادة وله اليد الطولى في غالب العلوم وله تقريرات مكررة منها الأجوبة على الأسئلة لابن عبد السلام في التفسير وكتب على متن التهذيب في المنطق وله عقيدة نظماً وشرح من المواهب قطعة وله قصائد ومقاطيع أخذ عن أئمة عصره وتوفي سنة 1045 هـ[1635م]. 1139 - أبو العباس أحمد بن محمَّد المعروف بالزريابي الدمشقي: قاضي المالكية بها كان من العلماء الفضلاء المشهورين والنبلاء المعروفين قرأ بدمشق عن

فرع إفريقية

أعلام ثم رحل لمصر وتفقه بالبرهان اللقاني وأخذ عنه بقية العلوم وعن غيره، وكان له النظم الجيد، مولده سنة 1002 هـ وتوفي سنة 1050 هـ[1640م]. فرع إفريقية 1140 - أبو الفضل قاسم ابن الشيخ زروق ابن الشيخ محمَّد عظوم القيرواني: من بيت علم وفضل الفقيه المطلع المحقق للفتيا والنوازل القدوة العمدة الفاضل العالم العامل، كان معاصراً لأبي يحيي الرصاع وكان من عدول تونس ثم تولى الفتيا وله نوادر تحكى عنه في أيام فتياه ولا يأخذ أجرًا على الفتيا إلا قدر ما يكفيه ليومه مع أنه فقير ذو عيال له تآليف مفيدة منها برنامج الشوارد على الشامل اعتمده المفتون والقضاة وأجوبة على نوازل في الفقه سئل عنها في نحو الثلاثين مجلداً محررة مع إطناب وغير ذلك. كان حياً سنة 1009 هـ[1600م]. 1141 - أبو عبد الله محمَّد بن منصور قشور الجبالي: العالم المحرر الفقيه الفاضل. أخذ عن الشيخ أحمد ابن الشيخ الصالح محمَّد بن عبد الكريم المرساوي المتوفى في أوائل صفر سنة 1012 هـ له بغية ذوي الحاجات في معرفة تقرير النفقات. لم أقف على وفاته. 1142 - الشيخ أبو عبد الله محمَّد الأندلسي التونسي: إمامها وخطيبها بجامعها الأعظم بعد الشيخ محمَّد بن سلامة المتقدم الذكر الأستاذ النحوي الفاضل الفقيه العالم العامل. أخذ عن أبي العباس أحمد العيسي. توفي سنة 1017 هـ[1608م]. 1143 - أبو طالب الشيخ ساسي بن محمَّد نوينة الأندلسي التونسي: قاضيها ومفتيها ومحدثها الفقيه المتفنن علامة الزمان في الحفظ والإتقان وقلّ من يوجد من مشايخ تونس من ليس في إجازته سند من هذا الشيخ. أخذ عن أعلام وعنه الشيخ أحمد الشريف وغيره. لم أقف على وفاته. 1144 - أبو النجاة سالم النفاتي التونسي: إمامها وفقيهها العالم الفاضل. كان معاصراً لأبي الفضل عظوم. أخذ عن أعلام وعنه أولاده الثلاثة أبو الحسن وعلي ومحمد يأتي ذكرهم. لم أقف على وفاته.

1145 - أبو الغيث: المعروف بالقشاش التونسي الأستاذ الرحلة العالم الكبير القدر الشهير الذكر الكثير الكرامات الظاهرة وآيات الله الباهرة ساح في ابتداء حاله وتطور في أحواله وأخذ عن علماء عصره العلوم المتداولة حتى مهر في علم التفسير والحديث والأصول وأحاط بها وكان في رجب وشعبان ورمضان يعقد مجلساً لقراءة التفسير والبخاري، وكان يميل إلى تحصيل نسخ متعددة من البخاري وجمع من نظائر الكتب ما لا يعد كثرة، ومن جملة ما وجد بخزائن كتبه نحو ألف نسخة من البخاري وقس على ذلك الباقي ومآثره الحسنة وأحواله العجيبة مما لا يحيط به وصف واصف ولا مدح مادح واتفقت الكلمة على علو شأنه وسمو قدره وفيه يقول شيخ الإسلام يحيى بن زكرياء حين ورد أحد خلفائه إلى الروم وطلب منه تقريظ إجازة أجازه بها الشيخ قدس الله سره: أبوالغيث غيث المستغيثين كلهم ... بهمته نال الورى فك أسرهم فهمته العلياء غيث به ارتوى ... رياض أمان اللائذين بأسرهم أخذ عنه من لا يعد كثرة منهم تاج العارفين البكري وصاهره في ابنته والشيخ الصالح الشهير الذكر والكرامات عامر المزوغي الذي زاويته بالقرب من بلد الساحلين من عمل سوسة توفي المترجم بتونس سنة 1031 هـ[1621م]، وعمره ما جاوز الخمسين. وذكر بعض الفضلاء أن قبره بالحجامين في حمام يعرف بسيدي أبي الغيث أثنى عليه كثيراً في خلاصة الأثر وقال في ترجمة أبي عبد الله محمد الطرابلسي الحنفي من تأليفه جمع مناقب أبي الغيث المذكور. 1146 - أبو يحيى بن قاسم الرصاع التونسي: من بيت علم وجلالة وفضل وعدالة ووالده كان وزيراً للأمير حميدة الحفصي وأعطاه بنتيه لولديه أبي يحيى هذا وأبي الفضل مات شهيداً بغزوة حلق الوادي الفقيه العلامة المفسر المفتي الفهّامة الخطيب بجامع الزيتونة بعد أن استقال من الفتيا ولازم القيام بها أحسن قيام ولما مرض قيل له هل يصلح ابنك للإمامة؟ فقال: لا فالشيخ محمد براو فقال: يصلح إلا أن أهل تونس يأنفون ممن ليس منهم فالشيخ محمد الغماد فقال جوهرة عليها الران فالشيخ محمد تاج العارفين فقال جوهرة ما مستها يدان. أخذ عن الشيخ محمد الأندلسي وغيره وعنه تاج العارفين المذكور، توفي في ذي الحجة سنة 1033 هـ[1623م].

فرع فاس

1147 - الشيخ أبو عبد الله محمَّد تاج العارفين ابن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر العفاني العثماني التونسي: من السادات البكريين وارث الفضائل كابراً عن كابر ملئت بمفاخرهم الصحف والدفاتر من ذرية الخليفة الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه استمرت إمامة جامع الزيتونة والخطابة في بيته بين بنيه مائة وثلاثة وسبعين سنة وتقدم أن ولايته كانت بإشارة من شيخه الرصاع وقام بها وزان المحراب والمنبر بعلمه وعمله وصلاحه مع فصاحة اللسان وثبات الجنان، وكان زينة للجامع يقرىء فيه صحيح البخاري ودروساً في علم الدين وله رسالة إعمال النظر الفكري في تحرير الصالح النبوي التونسي لتؤدى به زكاة الفطر موجودة بالمكتبة الصادقية وله النثر الرائق وبينه وبين صديقه عبد الكريم الفكون تراسل يدل على فضل ونبل منها رسالة بعثها إليه مؤرخة في ذي الفعدة سنة 1037 هـ أخذ عن أبي يحيي المذكور وغيره، وعنه جماعة منهم ابنه أبو بكر من زوجه ابنة أبي الغيث القشاش ومحمد فتاته ومحمد الحجيح وعيسى الثعالبي، لم أقف على وفاته. فرع فاس 1148 - أبو العباس أحمد الزموري: الإِمام الفقيه الشيخ الكامل العالم العامل. أخذ عن أعلام منهم عبد الواحد الونشريسي وعبد الوهاب الزقاق وأبو القاسم بن إبراهيم واليسيتني وغيرهم وعنه أبو الحسن بن عمران وأبو الحسن المري مولده بعد الثلاثين وتسعمائة، وتوفي سنة 1501 هـ. 1149 - أبو عبد الله محمَّد بن علي البهلول الجزائري الحسني: العلامة الفاضل المتفنن العالم العامل كان مجاب الدعوة تشد إليه الرحال في المسائل العلمية وبيته معروف بالنباهة أخذ عن أعلام وعنه الشيخ سعيد قدورة وغيره. توفي سنة 1002 هـ[1593م]. 1150 - قاضي الجماعة بفاس أبو محمَّد عبد الواحد بن أحمد الحميدي: الفقيه العالم الصدر الإِمام الذي لا تأخذه في الله لومة لائم. أخذ عن أعلام منهم

الشيخ أحمد بابا وعبد الواحد الونشريسي وعبد الوهاب الزقاق وعنه جماعة منهم عبد الرحمن الفاسي وأخوه أبو المحاسن وأولاده علي وأحمد والعربي وعبد العزيز المركني وابن أبي نعيم والحسن الزياتي وأخوه أبو العباس وخلق. مولده سنة 930هـ وتوفي سنة 1003 هـ وكانت جنازته مشهودة وتولى الصلاة عليه العالم العامل: 1151 - الشيخ يحيي بن محمَّد السراج: المتوفى سنة 1007 هـ[1598م]. 1152 - القاضي أبو القاسم بن أبي محمَّد قاسم بن سودة المري: الإِمام الصدر الكبير والعلم الشهير الفقيه النوازلي المتفنن الفاضل القاضي العدال. أخذ عن الشيخ رضوان الجنوي والقاضي الحميدي وغيرهما. وعنه خلق منهم أبو العباس أحمد بن يوسف الفاسي، توفي بفاس سنة 1504 هـ[1595م]. 1153 - أبو عبد الله محمَّد الترغي المساوي: الفقيه القدوة العلامة العمدة. أخذ عن أبي عبد الله الخروبي وغيره. وعنه أبو الحسن علي بن يوسف الفاسي وغيره، توفي سنة 1009 هـ[1600م]. 1154 - أبو العباس أحمد بن جيدة: الأستاذ العالم الرحال الفقيه القدوة المفضال. أخذ عن علماء فاس والشرق منهم عبد الرحمن التاجوري. وعنه جماعة منهم ابن أبي العافية، له شرح على روضة الأزهار للجادميري ونظم جيد ونثر رائق. توفي سنة 1009 هـ[1600م]. 1155 - حسام الدين حسين بن قاسم بن أحمد المغربي الجويزي: الإِمام الأريب الألمعي الشاعر المفلق العلامة الرحال. أخذ عن المنجور الحميدي والزموري والقدومي وأبي العباس ابن القاضي لازمه وانتفع به وغيرهم وكان بينه وبين أبي فارس الفشتالي مكاتبات تدل على فضل ونبل، رحل للمشرق ودخل الروم والشام ومكة وانتفع به الكثير، مات غريقاً ببحر جدة سنة 1011 هـ[1602م].

1155 - أبو عثمان سعيد بن أحمد المقري التلمساني: عالمها ومفتيها نحواً من ستين سنة وخطيبها بجامعها الأعظم خمساً وأربعين سنة، وجده الأعلى محمَّد المقري تقدمت ترجمته. الإِمام الفقيه الراوية العالم العامل العمدة القدوة الفاضل. أخذ عن والده وعبد الوهاب الزقاق وعبد الواحد الونشريسي وابن جلال وابن هارون وخروف وسعيد المنوي وجماعة. وعنه جماعة منهم ابن أخيه الشهاب أحمد المقري وأحمد ابن القاضي وابن أبي مريم وابن أبي مدين واليزناسي. مولده قبل سنة 930 هـ، كان حياً سنة 1011 هـ وفي اليواقيت الثمينة توفي سنة 1010 هـ. 1156 - القاضي أبو عبد الله محمَّد بن الحسين بن عرضون: الشيخ الإِمام العلامة المحقق الهمام المشارك المتفنن المؤلف المتقن. أخذ عن المنجور والبطوي والجنوي وابن مجبر والسراج وعنه قاسم ابن القاضي وأبو العباس الشفشاوني وغيرهما له شرح على عقيدة السنوسي وعلى الرسالة والممتع المحتاج في آداب الأزواج. توفي بفاس سنة 1012 هـ[1603م]. 1157 - أبو عبد الله محمَّد بن قاسم القيسي: الشهير بالقصار العلامة المحقق الفقيه المحدّث النظار المتفنن في العلوم شيخ الفتيا بفاس وخاتمة أعلامها. أخذ عن اليسيتني بسنده وعبد الوهاب الزقاق وابن مجبر وابن جلال وأبي القاسم بن إبراهيم الراشدي وأبي نعيم ورضوان الجنوي والمنجور ويحيى الحطاب بسنده وزين العابدين البكري وخروف بسنده وانتفع به وأجازه شيخ الإِسلام بدمشق أبو الطيب محمَّد المغربي والبدر القرافي وغيرهم. وعنه جماعة منهم أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر الدلائي والشهاب المقري ومحمد العربي الفاسي وعبد العزيز الفشتالي وعبد الهادي السجلماسي، له مؤلفات مفيدة وفهرسة جمعت روايته في الفقه والحديث وامتحن مع الشيخين قاسم بن أبي نعيم وقاضي الجماعة أبي الحسن عليه ابن عمران في خبر يطول ذكره. ولد صاحب الترجمة سنة 936 هـ وتوفي سنة 1012هـ[1603م].

1158 - أبو المحاسن يوسف بن محمَّد القصري الفاسي: العالم الفقيه النوازلي القطب الكامل المجدد على رأس الألف العارف بالله الواصل. أخذ عن ابن جلال واليسيتني وأبي القاسم بن إبراهيم وعبد الوهاب الزقاق وخروف وابن مجبر والمنجور والمصمودي وغيرهم مما هو كثير وكان وارثاً لمقام أستاذه الأكبر الشيخ عبد الرحمن المجذوب. وعنه من لا يعد كثرة منهم أبناؤه أحمد وعلي والعربي وأخوه عبد الرحمن وأبو عبد الله بن عزيز وأبو الحسن بن عمران وأبو العباس ابن القاضي، وبالجملة فهو الحافظ الأكبر أفرد أخباره وما له من الشيوخ والتلامذة وأخبار أخيه عبد الرحمن وحفيده عبد القادر الشيخ عبد الرحمن بن عبد القادر المذكور. وترجم لآل هذا البيت غير واحد منهم المولى أبي الربيع السلطان سليمان سماه عناية أولي المجد في ذكر آل الفاسي ابن الجد. مولده سنة 937 هـ وتوفي في ربيع الثاني سنة 1013 هـ. وتوفي في حياته أكبر أولاده: 1159 - العلامة الفاضل محمَّد: سنة 998 هـ[1589م]. 1160 - القاضي أبو محمَّد عبد العزيز بن محمَّد المركني المغراوي: الفقيه العالم العامل الإِمام القدوة القاضي العادل. أخذ عن المنجور والحميدي والسراج وابن أبي نعيم وغيرهم وعنه العربي الفاسي وغيره. توفي سنة 1014 هـ[1605م]. 1161 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد: يعرف بابن أبي مريم الشريف المليتي المديوني التلمساني الفقيه العالم الشيخ الصالح المؤرخ الأديب الكامل. أخذ عن الشيخ سعيد المقري وغيره. ألّف البستان في علماء تلمسان فرغ منه سنة 1014 هـ وذكر فيه مشايخه والتآليف التي ألّفها وهي أحد عشر تأليفاً منها غنية المريد شرح لمسائل أبي الوليد وتحفة الأبرار في الوظائف والأذكار وكشف اللبس والتعقيد عن عقيدة التوحيد وشرح المرادية للتازي. 1162 - أبو عبد الله محمَّد الحضرمي: الإِمام الفقيه العلامة العمدة الفهّامة. أخذ عن أبي عبد الله الخروبي وغيره، وعنه أبو عبد الله محمَّد الجنان وغيره. توفي سنة 1015 هـ[1606م].

1163 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد المري الشريف التلمساني: الإمام العلامة الخطيب المفتي الفهّامة. أخذ عن المنجور وغيره، وعنه ابنه أبو الحسن ومحمد العربي الفاسي. مولده بعد سنة950 هـ وتوفي في شعبان سنة 1018 هـ[1609م]. 1164 - أبو الحسن علي بن محمَّد بن أبي العرب السفياني: الإِمام العلامة الفقيه القدوة الفهّامة. أخذ عن المنجور والقصار وغيرهما، وعنه محمَّد العربي الفاسي وغيره. توفي سنة 1018 هـ. 1165 - أبو عبد الله محمَّد بن علي القنطري القصري: الإِمام الفقيه الأديب العالم الألمعي الأريب. أخذ عن الشيخ يوسف الفاسي وابن أبي نعيم والمنجور والحميدي والسراج، وعنه محمَّد العربي الفاسي وغيره. توفي سنة 1018 هـ[1609م]. 1166 - أبو القاسم بن الزبير المصباحي القصري: الشيخ الإِمام العالم العامل التقي العمدة الفاضل. أخذ عن الشيخ الحسن بن عيسى المصباحي من أكابر أصحاب القيرواني، وعنه الشيخ عبد القادر الفاسي وغيره. توفي سنة 1018 هـ[1609م]. 1167 - قاضي الجماعة بفاس أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن عمران: الفقيه الإِمام واحد الزمان العلامة الفاضل القاضي العادل. أخذ عن أبي العباس الزموري وغيره، وعنه أبو الحسن المري وغيره وتقدم أنه امتحن هو والقصار وابن أبي نعيم. مات قتيلاً سنة 1018 هـ[1609م]. 1168 - أبو الحسن علي الشريشي: الفقيه العالم الذكي الأفضل. أخذ عن أبي نعيم رضوان وغيره، وعنه أبو الحسن علي الفاسي وغيره. توفي سنة 1021 هـ[1612م].

1169 - أبو العباس أحمد بن أبي المحاسن يوسف الفاسي: الإِمام الفقيه العلامة المتفنن في العلوم الفهّامة العالم العامل الولي الكامل. كانت تصحح عليه نسخ البخاري ومسلم من حفظه. أخذ عن والده وأبي عبد الله الزياتي والقدومي وعبد الواحد الحميدي ولازم الشيخ القصار وأجازه، وعنه أخوه محمَّد العربي الفاسي وغيره. له تآليف منها شرح زائية الشريشي في السلوك وعمدة الحكام لعبد الغني المقدسي في الأحكام وجزء في حكم الذكر جماعة وحاشية على صغرى السنوسي وجزء في وزن الأعمال وجزء في حكم أولاد المشركين وجزء في أحكام السماع. مولده سنة 971 هـ خرج فارّاً من الفتنة في قضية العرايش لما أراد السلطان أن يمكنها من النصارى إلى زاوية الشيخ عبد الرحمن المجذوب وبها توفي في ربيع الأول سنة 1021 هـ[1612م]. 1170 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد التجيبي الأندلسي الفاسي: المولد والقرار المعروف بابن عزيز الشيخ الشهير الصالح الكبير العمدة الفاضل العالم العامل. أخذ عن أبي زكرياء السراج وعبد الواحد الحميدي والمنجور وجماعة، وحجّ ولقي تاج العارفين أبا الحسن البكري وعنه جماعة منهم ابن عاشر. مولده سنة 954 هـ وتوفي سنة 1022 هـ[1613م]. 1171 - أبو محمَّد قاسم بن محمَّد بن أبي العافية: عرف بابن القاضي ابن عم أبي العباس الآتي ذكره الإِمام الفقيه العلامة. أخذ عن ابن مجبر المساوي وأبي زكرياء السراج والمنجور والقدومي ويعقوب البدري وأبي القاسم بن إبراهيم. له فهرسة في مشيخته. أخذ عنه محمَّد العربي الفاسي وغيره. مولده سنة 959 هـ وتوفي سنة 1022 هـ[1613م]. 1172 - أبو العباس أحمد بن عمر بن أبي العافية: الشهير بابن القاضي الإِمام العالم الجليل المفضال الفقيه المتفنن المؤرخ الرحال. أخذ عن أئمة من أهل

المشرق والمغرب منهم والده المتوفى بفاس سنة 981 هـ وأحمد بابا والمنجور والسراج وابن جلال والقصار ويحيى الحطاب وابن مجبر والبدر القرافي وسالم السنهوري، وعنه جماعة منهم ابن عاشر وميارة والشهاب المقري. ألّف ثمانية عشر تأليفاً منها درة الحجال في أسماء الرجال وغنية الرائض في طبقات أهل الحساب والفرائض وجذوة الاقتباس فيمن حلّ من الأعلام بفاس ونيل الأمل فيما به بين المالكية جرى العمل وفهرسة ولقطة الفرائد والفوائد ذيل به تاريخ أبي العباس بن قنفذ القسنطيني، مولده سنة 960 هـ وتوفي سنة 1025 هـ[1616م]. 1173 - أبو الحسن علي بن أبي المحاسن يوسف الفاسي: الإِمام الفقيه العالم الفاضل الشيخ الصالح الجامع بين علمي الظاهر والباطن. أخذ عن والده والحميدي والمنجور وأبي راشد يعقوب البدري والسراج وابن هارون وعبد الرحمن بن سليمان وابن مجبر وهم عن ابن غازي وغيره وعن الترعي والخروبي والدقون. أدرك الشيخ عبد الرحمن المجذوب وتبرك به وعنه ولده عبد القادر وغيره. مولده سنة 960 هـ وتوفي في جمادى الأولى سنة 1030 هـ[1620م]. 1174 - وابنه أبو محمَّد عبد السلام: كان من العلماء الأفاضل، توفي سنة 1035 هـ[1625م]. 1175 - أبو فارس عبد العزيز بن محمَّد الفشتالي: الإِمام الأديب المتفنن الوزير الشاعر المفلق المحقق المتقين. كان بينه وبين الشهاب المقري أخوة ومكاتبات نظماً ونثراً مذكور بعضها في نفح الطيب وذكر فيه كان سلطان المغرب يقول: الفشتالي نفتخر به على الملوك ونباري به لسان الدين بن الخطيب وناهيك بمثل هذا القول من مثل هذا الملك وفي نفس الأمر كما قيل وذكره الخفاجي وأثنى عليه. أخذ عن أئمة كالمنجور والحميدي والزموري. ألّف تاريخ الدولة المنصورية ذيلاً لجيش التوشيح لابن الخطيب وشرح مقصورة الماكودي وله شعر رائق ونظم جيد فائق. مولده سنة 950 هـ وتوفي سنة 1031 هـ[1621م]. 1176 - أبو العباس أحمد بن عبد الله بن محمَّد بن عبد الله ابن القاضي العباسي السجلماسي: كان من أعلام العلماء والأئمة النبهاء وأفراد الأذكياء، أخذ

عن أبي القاسم ابن القاضي والقدومي وابن مجبر وأبي محمَّد شقرون التلمساني ورحل للمشرق مرتين وحج وأخذ عن السنهوري واللقاني وطه الجيزي ألّف رحلة مشحونة بالفوائد الأدبية وأطنب فيها الكلام على المهدي المنتظر وذكر فيها مقروءاته ومشايخه ومن لقيه من العلماء وله كتاب عذراء الوسائل وهودج الرسائل ومنجنيق الصخور في الرد على أهل الفجور وجواب الخروبي على رسالته الشهيرة لأبي عمر والقسطلي وغير ذلك، قام بالدعوة واستولى على سجلماسة ودرعة ومراكش. مولده سنة 967 هـ وتوفي قتيلاً بأحواز السوس سنة 1031 هـ[1621م]. 1177 - قاضي الجماعة بفاس أبو القاسم بن محمَّد بن أبي القاسم بن أبي نعيم الغساني الفاسي: كان من كبار الشيوخ الذين لهم الشهرة والصيت متضلعاً في الفنون ماهراً في المعقول والبيان والتفسير وكان خطيباً بليغاً حميد السيرة، أخذ عن المنجور وأبي القاسم بن إبراهيم وأحمد بابا وابن مجبر والسراج والحميدي وغيرهم، وعنه ميارة وابن عاشر والشهاب المقري والعربي الفاسي وأضرابهم. مولده سنة 952 هـ وتوفي مقتولاً سنة 1032 هـ[1622م]. 1178 - أبو العباس أحمد باب ابن أحمد بن أحمد بن عمر بن اقيت التنبكتي الصنهاجي: الفقيه العلامة المحقق الفهّامة المؤرخ التقي الفاضل الإِمام المؤلف المحقق العالم العامل الثقة الأمين بيته شهير بالجاه والعلم والصلاح والدين المتين، أخذ عن والده وعمه أبي بكر والشيخ محمَّد بغبع لازمه وأجازه ويحيى الحطاب وغيرهم وعنه أئمة من أهل جهته ومراكش منهم أبو القاسم بن أبي نعيم والشيخ الرجراجي ومحمد بن يعقوب المراكشي وهؤلاء أسن منه والشهاب المقري وابن أبي العافية، له ما يزيد على الأربعين تأليفاً منها شرح على المختصر من الزكاة إلى النكاح وحواش على موضع منه وحاشية عليه في جزأين سماها منن الجليل على خليل وفوائد النكاح على مختصر الوشاح للسيوطي والمطلب والمأرب في أعظم أسماء الرب وتنبيه الواقف على مسألة وخصصت نية الحالف وشرح صغرى

السنوسي ونيل الابتهاج بالذيل على الديباج جمعه من نحو ثلاثين مؤلفاً وقد نيف ما فيه على ما في أصله الديباج ما يزيد على المائتين في الديباج ستمائة ونيف وثلاثون واختصاره المسمى كفاية المحتاج لمعرفة ما ليس في الديباج وترجم لنفسه فيه وامتحن بالأسر وسببه أن سلطان فاس جهز جيشاً لغزو قبائل من أهل السودان منها قبيلة تنبكتو وقع غزوها والقبض على الشيخ وأهل بيته فحملوا مصفدين بالحديد لمراكش ومعهم حريمهم بعد نهب أموالهم وذخائرهم وكتبهم قال: وأنا أقل عشيرتي كتباً نهب لي ألف وستمائة مجلد وكان القبض عليهم أواخر محرمة سنة 1200هـ واجتمع به علماء مراكش وتلك الجهة وعرفوا منزلته في العلوم وأخذوا عنه وانتفعوا به وأقام هناك مدة معظماً عند الخاصة والعامة ثم رجع لبلده وأسف الناس لفراقه. مولده سنة 963 هـ وتوفي في تنبكتو في شعبان سنة 1032 هـ[1622م]. 1179 - أبو الحسن علي بن الزبير السجلماسي: عالم المغرب وإمام نحاته الفقيه العمدة، أخذ عن الشيخ عبد الرحمن بن قاسم المكناسي والعارف الفاسي وغيرهما وعنه عبد القادر الفاسي وأحمد بن عمران ومحمد بن أبي بكر الدلائي ومحمد بن ناصر وغيرهم. توفي سنة 1035 هـ[1625م]. 1180 - أبو زيد عبد الرحمن بن محمَّد القصري الفاسي: الإِمام العارف بالله العلامة الفقيه المحدّث الصوفي الفهّامة الجامع بين العلم والعمل الشيخ الصالح الكثير الكرامات أخذ عن أعلام منهم أخوه أبو المحاسن يوسف وانتفع به وأجازه إجازة عامة وأدرك الشيخ المجذوب وتبرك به، وعنه أخذ الكثير منهم ابن أخيه علي بن يوسف وابنه عبد القادر وميارة ومحمد بن عبد الله معن وانتفع به، له مؤلفات منها تفسير الفاتحة على طريق الإشارة وحاشية في التفسير عظيمة الفائدة وحاشية على البخاري وحاشية على دلائل الخيرات وحاشية على الحزب الكبير للإمام الشاذلي وحاشيتان على شرح الصغرى وحاشية على المحلى وحاشية على تفسير الجلالين وله أجوبة وتقاييد كثيرة في فنون من العلم وله بفاس زاوية وأصحاب كثيرون يقرأون بها أوراده وغير ذلك. أفردت ترجمته مع أخيه يوسف المتقدم الذكر في مجلد حافل. مولده سنة 972 هـ وتوفي في ربيع الأول سنة 1036 هـ[1626م].

1181 - القاضي أبو الحسن علي بن قاسم البطوئي: الإِمام الفقيه المحقق العالم المتفنن الزاهد الورع العمدة المتقن أخذ عن أبي نعيم رضوان ومحمد الزياتي وقاسم بن أبي العافية والمنجور والسراج والحميدي ويوسف الفاسي وعلي بن عمران والقصار وغيرهم وعنه ميارة وابن عاشر وغيرهما. مولده سنة 967 هـ وتوفي سنة 1039 هـ[1629م]. 1182 - أبو مالك عبد الواحد بن أحمد بن عاشر الأنصاري الأندلسي: الأصل الفاسي المولد والقرار الفقيه الأصولي المتكلم الإِمام النظار خاتمة العلماء العاملين الأخيار، أخذ عن أعلام منهم محمَّد الشريف المري وأحمد الكفيف والقصار وأحمد بن أبي العافية وعلي بن عمران وأبو عبد الله الهواري ومحمد التجيبي الشهير بابن عزيز وقاسم بن أبي نعيم وأبو عبد الله الجنان والبطوئي وأبو النجاة السنهوري وبركات الحطاب والدنوشري والصفي العزي وغيرهم وعنه الشيخ ميارة والشيخ عبد القادر الفاسي وجماعة، له تآليف منها المنظومة المسماة بالمرشد المعين رزق فيها القبول وشرح مورد الظمآن في علم رسم القرآن وابتدأ شرحاً على المختصر من أثناء النكاح إلى السلم أجاد وأفاد وله طرر على المختصر ورسالة في الربع المجيب وتقييد على كبرى السنوسي وحاشية على الجعبري وغير ذلك يذكر أنه فتح عليه على يد مولاي الشيخ الطيب الوزاني ومدح أهل وزان بقصيدة مشهورة. توفي في ذي الحجة سنة 1040 هـ[1630م]، وعمره خمسون سنة. 1183 - شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمَّد المَقري (نسبة لقريه): الحافظ الأثري التلمساني المولد نزيل فاس ثم القاهرة الإِمام علم الأعلام آية الله الباهرة في الحفظ والذكاء والآداب والمحاضرة المحدّث الراوية المتكلم المؤلف الرحّال العارف بالسير وأحوال الرجال المتفنن في العلوم الحامل راية المنثور

والمنظوم المحقق المطلع الزاهد الورع. أخذ عن عمه سعيد المقري الفقه والحديث وروى عنه الكتب الستة وقرأ عليه البخاري سبع مرات وسنده في ذلك متصل بالقاضي عياض وأخذ أيضاً عن الشيخ أحمد بابا والقصار بسندهما وغيرهم، وعنه أخذ من لا يعد كثرة من أهل المشرق والمغرب منهم عيسى الثعالبي وعبد القادر الفاسي وميارة له مؤلفات جيدة مفيدة تدل على سعة حفظه وفضله ونبله منها نفح الطيب وأزهار الرياض والنفحات العنبرية في نعْل خير البرية وإضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة وحاشية على مختصر خليل وفتح المتعال في أوصال النعل النبوية وقطف المهتصر في أخبار المختصر وإتحاف المغري في تكميل شرح الصغرى وعرف النشق في أخبار دمشق والغث والسمين والرث والثمين والروض العاطر الأنفاس في ذكر من لقيه من أعلام مراكش وفاس والدر الثمين في أسماء الهادي الأمين وحاشية على شرح أم البراهين وكتاب البداءة والنشاة كله أدب ونظم ورسالة في الوفق الخماسي الخالي الوسط وشرح مقدمة ابن خلدون وشرح في أربع كراريس على المنظومة التي مطلعها: سبحان من قسم الحظوظ ... فلاعتاب ولاملامه وله غير ذلك، تولى الخطابة والإمامة بجامع القرويين بعد وفاة الشيخ الهواري سنة 1022 هـ ورحل للشرق في رمضان سنة 1027 هـ ونال بتلك الجهة حظوة وجاهاً فوق ما يذكر وطار صيته وحج خمس حجج وأقرأ هناك الحديث وغيره وتردد على دمشق ومصر وتزوج بها من السادات الوفائية وسبب خروجه من فاس أن سلطانها طلب من العلماء فتوى في أمر نزل وإعطاء العرائش للنصارى فأفتى من أفتى وهرب جماعة منهم صاحب الترجمة وأبو عبد الله الجنان والحسن الزياتي شارح الجمل وأبو العباس أحمد الفاسي ولما دخل دمشق أعجبته وأقرأ دروساً هناك وأملى صحيح البخاري بالجامع الأموي تحت قبة النسر بعد صلاة الصبح ولما كثر الناس بعد أيام خرج إلى صحن الجامع وحضره غالب أعيان علماء دمشق وأما الطلبة فلم يتخلف منهم أحد وكان يوم ختمه حافلاً جداً اجتمع فيه الألوف من الناس وتكلم بكلام في العقائد والحديث لم يسمع نظيره وعلت الأصوات بالبكاء فنقلت حفلة الدرس إلى وسط الصحن وأتي له بكرسي الوعظ وأخيراً أتى بأبيات قالها حين ودّع المصطفى - صلى الله عليه وسلم -وترجم للبخاري وأنشد له بيتين وأفاد أن ليس للبخاري غيرهما وهما: اغتنم في الفراغ فضل ركوع ... فعسى أن يكون موتك بغته كم صحيح قد مات قبل سقيم ... ذهبت نفسه النفيسة فلته

قال الحافظ ابن حجر: وقع للبخاري ذلك أو قريب منه وهذا من الغرائب وكانت جلسة الدرس من طلوع الشمس إلى قرب الظهر وبعد ذكره أبيات التوديع المشار لها نزل عن الكرسي فازدحم الناس على تقبيل يده وكان ذلك نهار الأربعاء سابع عشر رمضان سنة 1037 هـ وتوفي بمصر في جمادى الآخرة سنة 1041 هـ ودفن بمقبرة المجاورين. 1184 - أبو العباس أحمد بن علي السوسي البوسعيدي الهستوكي الصنهاجي: الإمام العلامة القدوة الفهّامة عالم عصره وسيد أهل مصره الورع الزاهد العارف بالله العابد المتفق على ديانته وفضله وكماله ونبله. أخذ عن الشيخ أحمد بابا وأجازه وابن أبي نعيم وابن عاشر وأبي العباس المقري وغيرهم ولازم الشيخ عبد الرحمن الفاسي أثنى عليه الشيخ ميارة وأطال وعنه أخذ أعلام وله تآليف منها الزلفى في التقرب بآل المصطفى وبذل المناصحة في فضل المصافحة وتأليف في التعريف بالعشرة الكرام والأزواج الطاهرة وآخر في أهل بدر ونظم في مدحه عليه الصلاة والسلام وغالب كلامه في الورع والوعظ وأحوال الآخرة والعقائد. مولده في حدود التسعين وتسعمائة وتوفي سنة 1046 هـ. 1185 - أبو عبد الله محمد ابن الشيخ أبي بكر الدلائي: الإمام العامل الشيخ الصالح الولي الكامل المتسع في الحديث والتفسير وعلم الكلام، كان من أعلام علماء الإسلام وكان أعلام وقته كالشهاب المقري وأبي العباس الفاسي يقصدون زيارته والتبرك به ويراجعونه في عويص المسائل، إليه انتهت رئاسة الدنيا والدين، ذكره الشهاب المذكور في نفح الطيب وأثنى عليه. أخذ عن أعلام كالقصار وابن الزبير السجلماسي وغيرهما وعن القطب الكامل الشيخ محمد الشرقي المتوفى سنة 1009 هـ له فهرسة وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم أولاده الغزواني العالم المتوفى سنة 1091 هـ ومحمد الحاج سلطان المغرب ومحمد المرابط ومحمد الشاذلي ونبغ من بيته جماعة يأتي ذكر بعضهم. ووالد صاحب الترجمة كان شيخاً

صالحاً جليل القدر أخذ عنه ولده صاحب الترجمة وأبو العباس أحمد الفاسي. مولده سنة 943 هـ وتوفي سنة 1021 هـ وصاحب الترجمة مولده سنة 967 هـ ووفاته سنة 1046هـ. 1186 - أخوه أبو العباس الحارثي ابن الشيخ أبي بكر الدلائي: الإِمام العارف الهمّام قدوة الأنام وشيخ الإِسلام وعمدة الأئمة الأعلام. أخذ عن والده وأخيه محمَّد وأبي العباس ابن القاضي وأبي العباس بن عمران وابن عاشر وغيرهم وأجازه الشيخ العربي الفاسي، وعنه جماعة له شرح على مختصر ابن الحاجب وتقاييد كثيرة في فنون شتى وأجوبة عجيبة وأشعار رائقة غريبة. توفي سنة 1051 هـ[1641 م]. 1187 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد الجنان: العلامة المتحلي بالمعارف والعرفان. أخذ عن ابن مجبر والقدومي والسراج والحميدي والمنجور والحضرمي وأبي راشد يحيي البدري وغيرهم وعنه الشيخ عبد القادر الفاسي وغيره. مولده سنة 953 هـ وتوفي سنة1050 هـ[1640م]. 1188 - أبو عبد الله محمَّد العربي ابن الشيخ أبي المحاسن يوسف الفاسي: الشيخ الإِمام العلامة العمدة المحقق الفهّامة المتبحر في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم. أخذ عن أبي الطيب الزياتي وعن والده أبي المحاسن وشقيقه أحمد وعمه عبد الرحمن والشيخ القصار لازمه وانتفع به وأجازه والمري وابن عمران والسفياني ومحمد القنطري والمركني وسند هؤلاء وبقية شيوخه مقرر بفهرسته واجتمع بأبي عبد الله الدلائي وانتفع به، وعنه أخذ جماعة منهم بنوه الأربعة عبد الوهاب ويوسف وعبد العزيز وعبد السلام وابن أخيه عبد القادر بن علي الفاسي وابن أخيه محمَّد بن أحمد الفاسي وغيرهم له تآليف منها شرح دلائل الخيرات في مجلدين أجاد وأفاد ومراصد المعتمد في مقاصد المعتقد وتلقيح الأذهان بتنقيح البرهان والطالع المشرق في أفق المنطق ونظم الأجرومية وعقد الدرر في نظم نخبة الفكر وله عليه شرح ومنظومة في الزكاة وشرح على القصيدة الشقراطسية وجزء في

الطبقة الثانيه والعشرون

حكم شهادة اللفيف ومنظومتان في ألقاب الحديث ومنظومة في الوفق الخماسي الخالي الوسط وشرحها ومرآة المحاسن في مناقب والده وغير ذلك وله قصائد كثيرة ومقطعات في أمداح نبوية. مولده في شوال سنة 988 هـ وتوفي بتطاون في ربيع الثاني سنة 1052هـ[1642م]. الطبقة الثانيه والعشرون فرع مصر 1189 - أبو المحاسن يوسف بن عبد الرزاق بن أبي العطا بن وفا: من بيت بني وفا المشهور بالعلم والصلاح كان علامة زمانه في التحقيق وله الشهرة التامة بالمعرفة التامة بين ذلك الفريق والشعر الحسن الذي يعجز عن محاكاته أرباب الفصاحة واللسن. أخذ العلوم عن أبي النجاة السنهوري وأبي بكر الشنواني والدنوشري والنور الأجهوري ولبس الخرقة وتلقى طريقتهم الوفائية الشاذلية عن عمه محمَّد عن والده أبي المكارم إبراهيم بسنده وأملى الكثير وحضر درسه الأجلاء من الشيوخ كالغنيمي والحلبي وحج مرات وأتى بيت المقدس وكانت وفاته في الرجعة من الحج غرة صفر سنة 1051 هـ[1641م]، وصلّى عليه بالجامع الأزهر في محفل لم ير مثله ودفن بزاوية سلفه السادات بني الوفا. 1190 - أبو الحسن يوسف القيسي: العالم العلامة أحد مشايخ الأزهر الملازمين للتدريس الفهّامة. أخذ عن أبي بكر الشنواني والبرهان اللقاني ولازمه وجلس فاشتهر بالنفع، له مؤلفات منها شرح على القطر وشرح على الشذور وعلى الأزهرية. توفي سنة 1051 هـ[1641م]. 1191 - أبو محمَّد عبد الباقي: المعروف بالإسحاقي المنوفي الإِمام الفقيه المحقق العالم المؤرخ كان كثير النظم للشعر صحيح الفكر. أخذ عن أكابر علماء الأزهر، له تاريخ لطيف ورسائل كثيرة في فنون من العلم. توفي ببلده منوف في نيف وستين وألف.

1192 - أبو المحاسن يوسف بن محمَّد الطهدائي: الإِمام العالم العلامة كان من أكابر علماء القاهرة في الحديث والفقه والأصلين والكلام. أخذ عن الشهاب المقري والبرهان اللقاني وغيرهما، له مؤلفات منها منظومة في العقائد سماها فيروزج الصباح وله تحريرات وتقريرات، توفي في نيف وستين وألف. 1193 - قاضي مكة شرفها الله تاج الدين بن أحمد بن إبراهيم بن تاج الدين المكي: المعروف بابن يعقوب إمام الأدباء وجمال الخطباء له رواية في فنون من العلم. أخذ عن الشيخ خالد بن أحمد الجيزي وعبد القادر الطبري وعبد الملك العصامي وغيرهم وأجازه عامة شيوخه وعنه أخذ ابنه أحمد وورثه في القضاء والتدريس والإمامة وأبو سالم العياشي وأجازه، له ديوان جمع من الحكايات أسماها ومن الرسائل أسناها وفتاوى نفيسة جمعها ولده المذكور في مجموع سماه تاج المجاميع وديوان خطب وشرح قصيدة العفيف التلمساني، وله رسالة في الاستغفار ورسالة على الأسئلة الواردة من بلاد جاوة فيما يتعلق بالوحدانية ورسائل في العقائد مفيدة جداً ورسالتان كبرى وصغرى على البيتين اللذين هما: من قصر الليل إذا زرتني ... أشكو وتشكين من الطول عدوعينيك وشانيهما ... أصبح مشغولاً بمشغول وله أشعار كثيرة منها الكثير في خلاصة الأثر. توفي في ربيع الأول سنة 1066 هـ[1655م]. 1194 - أبو الإرشاد نور الدين علي بن زين العابدين بن محمَّد بن زين العابدين ابن الشيخ عبد الرحمن الأجهوري: شيخ المالكية في عصره وصدر الصدور في مصره إمام الأئمة وعلم الإرشاد وبركة الزمان وقدوة الزهاد المحدث الرحلة الكبير الشأن جمع بين العلم والعمل وطار صيته وعم نفعه وعظمت بركته عمر فألحق الأحفاد بالأجداد. أخذ عن أعلام يشق استقصاؤهم البنوفري، والبدر القرافي والبرموتي وعثمان القرافي، وهؤلاء أخذوا عن جده عبد الرحمن وأخذ أيضاً

عن أبي النجاة السنهوري وشمس الدين محمد بن محمد الفيشي والشمس الرملي والشهاب العجمي والبدر الكرخي وعنه من لا يعد كثرة كالشمس البابلي وعيسى الثعالبي والنور الشبراملسي وأبي سالم العياشي والخرشي والشبرخيتي وعبد الباقي الزرقافي وابنه محمد وموسى القليوبي وعبد العال بن عبد الملك ابن الشيخ عمر الجعفري الفويتجي مؤلف كتاب الزهرات الوردية في الفتاوى الأجهورية وغيرهم. ألّف تآليف كثيرة منها ثلاثة شروح على مختصر خليل كبير لم يخرج من المسودة في اثني عشر مجلداً ووسيط في خمسة وصغير في مجلدين وحاشية على شرح التتائي على الرسالة وشرح على الألفية للزين العراقي في السيرة وتأليف في الأحاديث التي اختصرها ابن أبي جمرة على البخاري ومجلد لطيف في المعراج وشرح ألفية ابن مالك لم يخرج من المسودة وشرح التهذيب في المنطق وحاشية على شرح التحفة للحافظ ابن حجر وله منسك وكتابة على الشمائل لم تخرج من المسودة ورسالتان في شرح الدخان وعقيدة منظومة وشرحها؛ وشرح على الرسالة في مجلدات وغير ذلك. وبالجملة فإنه منثور الفائدة جم العائدة ومن فوائده تقديم بعض الفاكهة على الطعام وتأخير بعضها عنه ومعية بعضها: قدم على الطعام توتاً خوخا ... ومشمشاً والتين والبطيخا وبعده الآجاص كمثري عنب ... كذاك تفاح ومثله الرطب ومعه الخيار والجميز ... قثا ورمان كذلك الجوز مولده سنة 967 هـ وتوفي في جمادى الأولى سنة 1066 هـ[1655 م]. 1195 - عبد الجواد بن إبراهيم الطريني: العلامة المشارك في كثير من العلوم أدرك أكابر الجامع الأزهر وله سند عال كان ملازماً للتدريس حسن التقرير ومن مؤلفاته يتيمة الدرر ونتيجة الفكر مما ورد في خلق ونسب وحمل وميلاد ورضاع خير البشر والدر والمرجان في ولد الزنى لا يدخل الجنان وإزالة الران في إثابة قارئ القرآن ومناهل العرفان في تبين سؤال الإنسان والمنتقيات السنية للإعلام بهلاك من تقوّل وكذب على خير البرية وغير ذلك. توفي أوائل سنة 1073هـ[1662م].

فرع إفريقية

1196 - أبو محمَّد عبد السلام بن برهان الدين اللقاني: الإِمام العامل المتفنن العمدة المحقق المتفنن المحدّث الأصولي شيخ المالكية في وقته، أخذ عن والده وغيره وعنه غالب الجماعة الذين كانوا حضروا درس والده وأخذوا عنه منهم الشيخ أحمد النفراوي وأجاز أبا سالم العياشي، له تأليف منها ثلاثة شروح على جوهرة والده وشرح المنظومة الجزائرية في العقائد. مولده سنة 971 هـ وتوفي في شوال سنة 1078هـ[1667م]. 1197 - أبو محمَّد عبد الباقي بن يوسف بن أحمد الزرقاني: الفقيه الإِمام العلامة النظار العمدة المحقق الفهّامة شرف العلماء ومرجع المالكية والفضلاء، أخذ عن النور الأجهوري لازمه وشهد له بالعلم والبرهان اللقاني والنور الشبراملسي والشمس البابلي وأجازه جل شيوخه وعنه أخذ جماعة منهم ابنه محمد وأبو عبد الله محمَّد الصفار القيرواني، له مؤلفات منها شرح على المختصر تشد إليه الرحال دل على فضل واطلاع ونبل وشرح العزية وشرح على خطبة خليل للناصر اللقاني ورسالة في الكلام على إذا ومنسك وأجوبة على أسئلة رفعت إليه وثبت مولده بمصر سنة 1020هـ توفي في رمضان سنة 1099هـ[1687م]. 1198 - أبو عمران موسى القليوبي المصري: الإِمام الفقيه العلامة المشارك في كثير من الفنون، أخذ عن النور الأجهوري وهو من أجل تلامذته وتصدر للإقراء والإفتاء في حياته وانفرد بالكشف عن علم الأوفاق وأسرار الأسماء والحروف. لم أقف على وفاته وذكر الشيخ العياشي في رحلته أنه حضر درسه. فرع إفريقية 1199 - قاضي الجماعة بتونس أبو الحسن ابن الشيخ المفتي سالم النفاتي: الإِمام الفقيه العلامة الأريب الألمعي الفهّامة كان معاصراً للشيخ إبراهيم الغرياتي والشيخ محمَّد قشور، أخذ عن والده وهو أول من كسا القضاء بتونس من حين احتلتها العساكر العثمانية عظمة وكرامة وزانها بشهامته فخامة وذلك بعد سفره للديار الرومية وكانت بينه وبين أبي الفضل المسراتي ضغائن سببها حب الرئاسة وفي سنة

1049هـ خرج لزيارة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أمير الركب ومات بالينبع وقبره معروف هناك وبعده وقع تأخير أخويه علي ومحمد على الفتيا وتولى مكانهما أبو الفضل المذكور والشيخ أحمد الرصاع وسافرا إلى الحج ثم للديار الرومية وعرضا شكاية على الأعتاب السلطانية ولقيا من جلالته القبول وصدرت الأوامر وفق مرادهما، فأما محمد فأقام هناك سنين ثم في سنة 1047هـ قلد قضاء القدس وتوفي هناك بأثر ذلك وأما علي فرجع لتونس فاستقل بالفتيا من غير منازع بعد عزل الرصاع والمسراتي. أخذ عنه أعلام منهم محمد الحجيج وتوفي وهو يتولاها سنة 1084هـ[1973م]. 1200 - أبو القاسم بن جمال الدين محمد بن خلف المسراتي، القيرواني: الشيخ الجليل العلم الأصيل الإِمام الحامل راية العلوم باليمين مع صلاح مكين وعفاف ودين متين. أخذ عن أبي العباس المقري وأجاز له جميع مؤلفاته وروايته وأجاز له النور الأجهوري والشيخ الدشطوطي البكري وغيرهم. وعنه أخذ الشيخ عيسى الثعالبي وغيره، وحج مرات. مات بمصر في صفر سنة 1065هـ[1654م]. 1201 - أبو بكر ابن الشيخ تاج العارفين البكري التونسي: عالمها وإمامها وخطيبها بجامعها الأعظم كان من رجال العلم والدين الحامل رايته باليمين خاتمة العلماء العاملين وأمه ابنة أبي الغيث القشاش ومن بيتها انجر غالب أوقاف البكريين مع دنيا عريضة. أخذ عن والده وانتفع به وأقام منار العلم على منواله وظهرت عليه مكاشفات وأسرار لم تكن لأمثاله. جلس لإقراء البخاري دراية بجامع الزيتونة وعمره سبعة عشر عاماً وحضر درسه جميع علماء عصره منهم محمد الحجيج ولم يكن بالديار التونسية من حين احتلتها العساكر التركية من تعاطي الدراية غيره، ووالده كان له مجلس من أجلّ المجالس في رجب وشعبان ورمضان إلى يوم الختم وهو السادس والعشرون منه، ولما توفي تغيرت تلك القواعد وصارت رواية لا غير تبركاً، وكان خليفته في الإمامة والخطابة شيخ القراء وعمدة المدرسين أبو الفضل العامري ثم أخوه شيخ القراء حسن العامري، توفي صاحب الترجمة سنة 1072هـ[1661م]. 1202 - أبو الفضل المسراتي التونسي: مفتيها وعالمها الشيخ الإِمام علم الأعلام الفقيه الفاضل العارف بالأحكام والنوازل من بيت قديم معروف بالفضل والعلم وجده الشيخ محمد بن عمر المسراتي كان إماماً بجامع الزيتونة وهو الذي

صلّى على الشيخ الصالح أحمد بن عروس وتقدمت الإشارة إلى ذلك، أخذ عن أبي يحيي الرصاع وغيره. وعنه أعلام منهم الشيخ محمد فتاتة وعبد العزيز الفراتي ومحمد حموده البوجادي تكررت ولايته الفتيا بعد العزل وحج ولقي أعلاماً وأفاد واستفاد. توفي سنة 1085هـ[1674م]. 1203 - أبو راوي عبد الله بن محمد بن عمران ابن الشيخ القطب الأشهر عبد السلام بن سليم الأسمر: العلامة الميقاتي الفاضل القدوة العالم العامل الصوفي المربي الواصل. أخذ عن أعلام منهم الشيخ محمد بن ناصر الدرعي اجتمع به سنة 1067 هـ وأخذ عنه. له رسائل في الذكر والوعظ وغيرهما، خاطب بها بعض تلامذته منهم أبو محمد عبد الله بارود وأبو عبد الله محمد الصغير, قدم جربة بقصد زيارة الشيخ علي الفرجاني وأصحابه وبها توفي في ذي الحجة سنة 1088هـ بالطاعون الجارف ودفن قرب جامع القصارين بالقرب من جامع الغرباء بمقبرة الشهداء، ويأتي في ترجمة الشيخ إبراهيم الجمني أنه هو الذي نصب محراب مسجد المدرسة التي تم بناؤها سنة 1115هـ، قلت: ولعل ابتداء تأسيسها كان قبل وفاة صاحب الترجمة. 1204 - أبو عبد الله محمد ابن الشيخ المفتي العلامة أبي بكر بن أبي الطيب صدام اليمني القيرواني: كان من أعلام العلماء الأئمة الفضلاء مع صلاح ودين متين. أخذ عن والده وأبي الفضل أبي القاسم دردور والشيخ المحقق أبي الربيع سليمان الأندلسي. ألّف كتاب مواهب الرب العلي في طي الأرض للولي وهو كتاب مفيد غريب في بابه تكلم فيه على الكرامات وأيدها وبالخصوص على كرامتي النشر والطي، فرغ منه في شوال سنة 1081 هـ قرظه الشيخ المفتي العلامة أبو عبد الله محمَّد عظوم. 1205 - أبو الحسن علي الغماد ابن عم الشيخ محمَّد الغماد الآتي ذكره: الشيخ الإِمام علم الأعلام الفقيه المحدّث أحد شيوخ الإِسلام. أخذ عن أعلام وعنه أئمة. مات بعد 1090 هـ[1679م]. 1206 - أبو العباس أحمد بن حسين بن علي بن حسن بن أحمد بن قاسم بن محمد بن قريش بن عيسى بن عبد الرحمن بن خلف بن علي بن فرج بن علي بن محمَّد المكتوم بن إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن حسن بن علي وفاطمة رضي الله عنهم: الشيخ الإِمام الفقيه العالم

العامل الكثير الفضائل والفواضل وله عقب طاهر فاخر ورثوا المجد كابراً عن كابر بيتهم بتونس معمور ولواء مجدهم على كامل الدهر منشور إلى هذا العهد يأتي ذكر بعضهم أصل هذا الفرع النبوي من الهند ومنه كان مقدم جدهم لتونس ولذا يقال لهم بنو الشريف الهندي. أخذ عن أعلام كالشيخ أبي محمد ساسي بن محمد نوينة الأنصاري الأندلسي والشيخ أبي القاسم بن جمال الدين القيرواني، له الإسناد العالي، رحل للديار المصرية والحجازية مرات وهو في أحدها أمين الركب التونسي وإمامه ودخل الآستانة وأقرأ الحديث هناك ولقي أعلاماً وأخذ عنهم وأجيز وأجاز وأفاد واستفاد منهم الشيخ الشبراوي وهو عن الشيخ سالم السنهوري بسنده كان من المحافظين على رواية السند، وتخرج به جلة وانتفعوا به منهم سعيد الشريف وسعيد المحجوز ومحمد ابن الشيخ وأبو عبد الله بن دينار مؤلف المؤنس وعبد العزيز الفراتي، له فهرسة، وله أبناء من زوجه ابنة الشيخ أبي الفضل المصراتي منهم محسن ومحمد ولم يزل أبناء هذين الابنين يتقلبون في فضل دعائه وبركته، بيدهم نقابة الإشراف مستمرة إلى هذا العهد، توفي سنة 1092 هـ[1681م]، وكانت جنازته مشهودة. 1207 - الشيخ ساسي: الإِمام المقري بجامع الزيتونة الفقيه العالم بالسبع والعشر. أخذ عن الشيخ سلطان المزاحي المصري وغيره. وعنه الشيخ أبو إسحاق الجمل وغيره، توفي قريباً من مائة وألف [1688م]. 1208 - أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم الرعيني القيرواني: الشهير بابن دينار الأديب الألمعي الفاضل الكاتب البليغ الكامل الأريب الماهر المؤرخ الشاعر قال آخر تاريخه المؤنس الذي فرغ منه في شعبان سنة 1092 هـ أنه عاين أعلاماً فضلاء وأئمة نبهاء وعاصرهم وأخذ عن بعضهم منهم الشيخ أحمد الشريف الأكبر وأبو عبد الله محمد فتاته وولداه أحمد وإبراهيم وأبو عبد الله الغماد وأبو الحسن الغماد وأبو العباس أحمد المهدوي والشيخ سعيد الشريف وعبد القادر الجبالي ومحمد قويسم وأبو القاسم الغماري وغيرهم من السادات المالكية والحنفية، كان حياً قرب سنة 1110هـ[1698م].

فرع فاس

فرع فاس 1209 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن عطية الزناتي الفاسي: الشيخ الشهير الإِمام الصوفي الكبير العلامة الدراكة المتفنن الفقيه العمدة المتقين الولي العارف بالله تعالى، قرأ على أبي عبد الله محمد الفلالي وأجازه وعلى شقيقه العلامة أبي العباس أحمد بن عطية وحضر درس الشيخ القصار إلى وفاته وأخذ عن الشيخ الجنان الأكبر وابن عاشر وهما عمدته وغيرهم. وسمع هو وأخوه المذكور من أبي المحاسن يوسف الفاسي ولقي أعلاماً من الفضلاء والصلحاء وتبرك بهم وعمدته في الطريق أبو الحسن علي بن محمد الحارثي عن الشيخ أحمد السوسي عن الشيخ عبد العزيز التباع عن الشيخ محمد بن سليمان الجزولي وتصدى للتدريس فقهاً وحديثاً وتفسيراً وغير ذلك وانتفع به الكثير وكان يستعمل السماع. توفي عن سن عالية سنة 1052هـ[1642م]، وأخوه أبو العباس توفي سنة 1015هـ. 1210 - أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد الزموري الفاسي: قاضيها ومفتيها الإِمام العلامة الهمام وجده كان من العلماء الأعلام. أخذ عن العارف الفاسي وغيره وعنه أبو زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي وغيره. مولده سنة 1012 هـ وتوفي سنة 1075 هـ[1647م]. 1211 - أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن محمد بن سراج السجلماسي الجزائري الأنصاري: نسبه يرتفع إلى سيدنا سعد بن عبادة رضي الله عنه الإِمام الحافظ المتفنن المحدّث الإخباري المؤلف المتقين أخذ عن أئمة من أهل فاس وغيره كأبي محمد عفيف الدين عبد الله بن علي بن طاهر الحسني وأبي عبد الله محمد بن أبي بكر الدلائي والشهاب المقري، قرأ عليه الكتب الستة دراية ورواية والبخاري في سبع عشرة مرة قراءة بحث وتدقيق، حج ودخل مصر سنة 1043هـ وأخذ عن الشيخ أحمد الغنيمي والشيخ أحمد بن عبد الوارث البكري والنور الأجهوري وغيرهم وعنه أبو مهدي عيسى الثعالبي ومفتي الجزائر وخطيبها أبو عبد الله الموهوب والشيخ أحمد بن عبد الواثق والعارف أبو العباس بن عبد العظيم والشيخ

محمد بن عبد الهادي ويحيى الشاوي وجماعة، له مؤلفات كثيرة منها تفسير بلغ فيه "ولكن البر مَن اتقى" وشرح التحفة لم يخرج من المسودة وتقييد على المختصر لم يكمل ونظم السيرة النبوية ونظم قواعد الإِسلام وعقد الجواهر في نظم النظائر واليواقيت الثمينة في العقائد والأشباه والنظائر في فقه عالم المدينة ومسالك الوصول في مدارك الأصول نظم ونظم أصول الشريف التلمساني وشرح منظومة في وفيات الأعيان وأخرى في التفسير وأخرى في مصطلح الحديث وأخرى في الفرائض وأخرى في التصوف وأخرى في الطب وأخرى في التشريح وأخرى في المعاني والبيان وأخرى في الجدل وأخرى في المنطق وشرح الدرر اللوامع لأبي الحسن بن بري وغير ذلك. توفي بالجزائر سنة 1057هـ[1647م]. 1212 - أبو مهدي عيسى بن عبد الرحمن السكتاني: مفتي مراكش وقاضيها وعالمها الإِمام العلامة النظار خاتمة العلماء الكبار له مؤلفات مشهورة ومناقب مأثورة أخذ عن أعلام المنجور وغيره وعنه خلق منهم محمَّد بن سعيد ومحمد بن سليمان الفاسي نزيل مكة، له مؤلفات عجيبة الأسلوب منها حاشية على شرح أم البراهين. توفي في مراكش سنة 1062 هـ وقد ناف عن المائة. 1213 - أبو العباس أحمد بن علي بن يوسف الفاسي: الإِمام الفقيه العلامة القدوة الخير الفهّامة، أخذ عن والده وعم أبيه العارف الفاسي وعن عليه العربي وأحمد وغيرهم وعنه ولداه المهدي والعربي وغيرهما. مولده سنة 997 هـ وتوفي سنة 1062 هـ[1651م]. 1214 - أبو النصائح محمد بن محمد بن عبد الله معن: الشيخ الإِمام الحبر الهمام ملاذ الأنام وكهف الإِسلام الولي العارف الكامل المحقق القدوة الواصل، أخذ عن الشيخ عبد الرحمن الفاسي وانتفع به وأخيه أبي المحاسن يوسف الفاسي وحصلت له بركتهما وانتفع به خلائق منهم الشيخ الخصاصي وولده أبو العباس أحمد معن. مولده سنة 978 هـ وتوفي سنة 1062 هـ له ترجمة واسعة وأتباع كثيرون.

1215 - أبو عثمان سعيد بن إبراهيم قدورة: صاحب الفضائل المشهورة التونسي الأصل والدار الجزائري المولد والقرار مفتيها وعالمها وصالحها الفقيه المتصوف العلامة القدوة المتفنن الفهّامة العمدة، أخذ عن أعلام منهم سعيد المقري وإبراهيم الهشتوكي ومحمد بن القاسم المطماطي وعنه جماعة منهم ابنه محمد وعيسى الثعالبي ويحيى الشاوي ومحمد بن إسماعيل مفتي الجزائر وأبو عبد الله الموهوب ومحمد بن عبد الهادي، له تآليف منها شرح الصغرى وشرح خطبة اللقاني وشرح السلم. توفي سنة 1066 هـ. 1216 - عبد الرحمن بن عبد الله بن عمران السعدي التنبكتي: العلامة المؤرخ الرحال أخذ عن الشيخ أحمد بابا وتقلب في مناصب مختلفة بالسودان، من تصانيفه تاريخ السودان في مجلدين. مولده بتنبكتو وتوفي سنة 1066 هـ. 1217 - حمدون بن محمد بن موسى: الإِمام الجليل حافظ المذهب الفقيه المشاور في الأحكام أخذ عن ابن عاشر والجنان والمقري وغيرهم وعنه أبو سالم العياشي وغيره، تولى خطابة جامع الأندلس ووقعت بينه وبين الشيخ ميارة محاورة في مسألة علمية. وله فتاوى حسنة وحاشية على المختصر مشهورة. توفي سنة1071هـ. 1218 - أبو عبد الله محمد بن أحمد ميارة: الفقيه الفصيح العبارة الإِمام العلامة المتبحر في العلوم الفهّامة الثقة الأمين المعروف بالورع والدين المتين، أخذ عن ابن عاشر وشاركه في غالب شيوخه منهم أبو الفضل بن أبي العافية وابن عمه أحمد بن أبي العافية وابن أبي نعيم: 1219 - وعبد الرحمن الفاسي: والشهاب المقري والبطوئي وغيرهم وانتفع بصحبة أبي عبد الله محمد بن أحمد العياشي الولي الكامل الكثير الكرامات والفتوحات المتوفى قتيلاً سنة 1051 هـ.

1220 - وولده عبد الله: المتوفى سنة 1073 هـ الفقيه العلامة. له أرجوزة في أهل بدر توسل بهم إلى الله في هلاك الذين تمالؤوا على قتله وأجيبت دعوته. أخذ عن صاحب الترجمة من لا يعد كثرة منهم محمد ميارة المعروف بالصغير ومحمد المجاصي. له تآليف رزق فيها القبول منها شرح التحفة وشرحان على المرشد المعين كبير وصغير وشرح لامية الزقاق وشرح المختصر قصد به اختصار شرح الحطاب وحاشية على البخاري وتذييل على المنهج المنتخب وشرحه وله نصيحة وغير ذلك من التقاييد والأجوبة. مولده سنة 999 هـ وتوفي سنة 1072هـ. 1221 - أبو محمَّد عبد الكريم بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الفكون القسنطيني: الإِمام العلامة العمدة القدوة الفهّامة الجامع بين علمي الظاهر والباطن. أخذ عن والده وهو عن والده عن الشيخ عمر الوزان عن الشيخ طاهر بن زيان القسنطيني عن الشيخ زروق عن الشيخ الثعالبي إلى آخر السند المتصل بسيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. قال: قرأت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغت هذه الآية وهي {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ} الآية، قال: "ضع يدك على رأسك فإن جبريل عليه السلام لما نزل بها إلى قال: ضع يدك على رأسك فإنها شفاء من كل داء إلا السام" وهو الموت. وعنه أخذ أعلام منهم ابنه محمد وعيسى الثعالبي، روى عنه هذا الحديث وجميع ما هو مذكور في فهرسته، واجتمع به أبو سالم العياشي بطرابلس وهو إمام ركب الحج وروى عنه بواسطة عيسى المذكور. له تآليف منها شرح الماكودي في التصريف وشرح شواهد الشريف على الأجرومية والتزم عقب كل شاهد ذكر حديث مناسب للشاهد وشرح جمل المجراد ومخارج الحروف من الشاطبية وتأليف في حوادث فقراء الوقت وديوان شعر في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - على حروف المعجم وجزء في تحريم الدخان رد على الأجهوري. قلت: ألّف الناس في ذلك نحو الثلاثين تأليفاً بين محلل ومحرم والميل إلى التوقف. توفي عن سن عالية في ذي الحجة سنة 1073 هـ[1662م] وهو أمين ركب الحج وخلفه في ذلك ابنه محمد. 1222 - الأستاذ الشيخ عاشور بن عيسى القسنطيني: العالم العامل الشيخ الصالح الفقيه الفاضل الرحال نزيل تونس. حكى عن نفسه قال: وصلت إلى بلاد

السودان فرأيت بها رجلاً حرّاثاً يحرث بنفسه فلما قربت منه سمعته ينشد أبياتاً من مقامات الحريري ولما سألته عنها قال لي: عليها ثمانية عشر شرحاً. أخذ عن الشيخ التواتي وهو عن الشيخ محمد خوه عن الشيخ محمد السوسي عن المنجور وأخذ صاحب الترجمة أيضاً عن الشيخ عثمان الثعاوشي عن الشيخ سالم السنهوري وأسانيد السوسي والمنجور والسنهوري معروفة. وعنه جماعة منهم أبو الحسن النوري وأبو سالم العياشي بالإجازة واستوطن تونس، وأخذ عنه جماعة منهم الشيخ محمد قويسم ومحمد الحجيج وعبد العزيز الفراتي. كان حياً سنة 1074 هـ[1663م] وهو في سن التسعين. 1223 - أبو عبد الله محمد بن أحمد الصباغ: الفقيه العلامة المحدث الفهّامة المشارك في العلوم. أخذ عن أبي العباس ابن القاضي وابن عمه أبي عبد الله محمد وغيرهما. ألّف البغية على المنية لابن غازي واليواقيت في الحساب والمواقيت في البدع التي بفاس وشرح الروضة واختصر شرح المنجور على المنهاج وغير ذلك. توفي سنة 1076 هـ[1665م]. 1224 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن أبي القاسم بن سودة: الإِمام سلالة الأكابر وفخر الكراسي والمنابر العلامة الكبير المفتي الخطيب الشهير آخر قضاة العدل بفاس. أخذ عن القاضي ابن أبي نعيم وأبي الحسن البطوئي وخاله عبد الواحد بن عاشر وغيرهم وعنه عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي والقاضي بردلة وأبو سالم العياشي وغيرهم. له تقاييد وتقارير في فنون من العلم. مولده سنة 1003هـ وتوفي سنة 1076 هـ[1665م]. 1225 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمد السوسي الأنيسي: العلامة المتفنن الألمعي الفاضل أخذ عن محمد بن سعيد ومحمد المرابط الدلائي وغيرهما مما هو كثير من أهل المغرب والمشرق وكانت له معرفة بعلم الأوفاق وسر الأسماء وله نظم رسالة المرجاني في الوفق، الخماسي الخالي الوسط وشرحها شرحاً عجيباً. توفي سنة 1077هـ[1666م].

1226 - أبو نصر عبد الوهاب بن العربي الفاسي: كان من أعلام العلماء أعجوبة في الفهم وشعلة في الذكاء آية الله في سرعة الإدراك وسهولة الاستنباط مع مشاركة وتفنن في العلوم أخذ عن والده وعمه العباس وعم أبيه العارف الفاسي وأجاز له القصار وعنه أخذ أعلام منهم أبو محمد عبد السلام القادري. له تآليف في أغراض مهمة. مولده سنة 1009 هـ وتوفي سنة 1078 هـ أو سنة 1079 هـ[1667م]، أو [1668م]. 1227 - الشيخ الشرقي بن أبي بكر الدلائي: الشيخ الإِمام حجة الإِسلام وعمدة العلماء الأعلام أعجوبة الزمان أدباً وحفظاً وفهماً نادرة العصر تحقيقاً وعلماً. أخذ عن والده وأخويه محمد والحارثي وأبي العباس بن عمران السلاسي وأبي حامد العربي الفاسي وأجازه إجازة عامة وغيرهم وعنه أخذ جماعة. له شرح على الشفاء حافل وحاشية على المطول وتقاييد كثيرة في فنون من العلم وأشعار. مولده سنة 1019 هـ وتوفي سنة 1079هـ[1668م]. 1228 - أبو عبد الله محمد الحاج ابن محمد بن أبي بكر الدلائي: العالم الجليل القدر الشهير الذكر كان على غاية من الاستقامة مع نبل وفضل وشهامة. أخذ عن والده وغيره وكان سلطاناً على فاس وما والاها نحواً من الأربعين عاماً ثم انتزع الملك من يده مولاي رشيد في خبر يطول جلبه ورحل لتلمسان وبها توفي سنة 1080هـ ودفن بتربة الشيخ السنوسي ونبغ من بينهم جماعة أشرقت إشراق الأقمار منهم محمد المرابط ومحمد المسناوي وترجم له المفرَّى في نفح الطيب والشيخ اليوسي في محاضرته وأطال وله القصيدة المشهورة التي سارت بها الركبان في رثاء زاوية الدلائي أولها: أكلف جفن العين أن ينثر الدرا فيأبى ويعتاض العقيق بها جمرا 1229 - جار الله أبو مكتوم عيسى بن محمد المغربي الجعفري الثعالبي:

إمام الحرمين وعالم المغربين والمشرقين المتفنن في العلوم مع الإحاطة والاطلاع والتحقيق والزهد والصلاح ولد بزواوة عمل الجزائر وأخذ عن أعلام كالشيخ عبد الصادق وسعيد قدورة وأجازه. مروياته منها الحديث المسلسل بالأولية وبالضيافة بالأسودين الماء والتمر وتلقين الذكر ولبس الخرقة والمصافحة والمشابكة وأخذ أيضاً عن الشيخ عبد الكريم الفكون وأجازه بمروياته ولازم الشيخ أبا الحسن السراج السجلماسي مدة تزيد على العشر سنين وانتفع به وأجازه وزوّجه ابنته وأنابه في التدريس ولم يفارقه حتى مات وماتت زوجته فرحل من الجزائر وتبعه للقراءة عليه الشيخ يحيي الشاوي ومرَّ في طريقه على تونس وأخذ عن تاج العارفين البكري وعلى مصر فأخذ على النور الأجهوري والشهاب المقري والشهاب الخفاجي وقاضي مكة تاج الدين المكي وخلق وأجازوه وأثنوا عليه بما هو أهله ولازم الشمس البابلي، وعنه من لا يعد كثرة منهم أبو سالم العياشي وأجازه بجميع مروياته منها إتحاف ودود ذكر فيه عظماء رجال المذهب المالكي وأسانيدهم ويحيى الشاوي وجار الله الشيخ عبد الله بن سالم البصري. وله تآليف منها مقاييد الأسانيد ذكر فيه شيوخه المالكيين وأسماء رواة الإِمام أبي حنيفة وفهرسة حافلة سماها كنز الرواة. توفي في رجب سنة 1080 هـ[1669م]. 1230 - أبو زيد عبد الرحمن ابن الشيخ قاسم ابن القاضي المكناسي: ثم الفاسي وبيته بيت علم يعرف بالقديم بابن أبي العافية وتربى في حجر أبي المحاسن يوسف الفاسي وأخذ عنه فهو شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ إمام القراء وأستاذ العلماء. أخذ عن الشيخ محمد النايلي وهو عمدته وأجازه وغيره، وعنه جماعة منهم أبو زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي وشيخ القراء بمصر أبو عبد الله محمد بن محمد الأفراني. له تأليف في طبقات الصوفية والفجر الساطع في شرح الدرر اللوامع وأجوبة نظماً نثراً في أحكام الضبط والرسم وغير ذلك، توفي سنة 1082 هـ[1671م]. 1231 - أبو الفضل قاسم بن قاسم الخصاصي: الإِمام العارف بالله الكامل الولي الواصل صاحب الإشارات العلمية والحقائق السنية أخذ عن العارف الفاسي

وانتفع به ثم عن خليفته الوارث لسره الشيخ محمد معن، توفي سنة 1082هـ[1671م]. 1232 - أبو العباس أحمد بن حمدون المزوار الفاسي: أحد العلماء الأخيار والأئمة الكبار أخذ عن ابن عاشر وغيره وعنه أبو العباس بن مبارك وعبد السلام جسوس والمهدي الفاسي وأبو سالم العياشي والعربي بردلة وغيرهم. له نظم عذب. مولده سنة 1012هـ وتوفي سنة 1084هـ[1673م]. 1233 - القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي المحاسن يوسف الفاسي: الإِمام الجليل العلامة الأصيل الفقيه النبيل الشيخ الحافظ الأستاذ اللافظ أخذ عن ابن عاشر وابن أبي نعيم وعمه العربي وعم أبيه عبد الرحمن وأجازه وأبي الحسن بن الزبير السجلماسي وأبي الحسن البطوئي وغيرهم وأجازه الشيخ القصار، وعنه جماعة منهم أبو محمد عبد السلام القادري ومحمد وعبد الرحمن ابنا عبد القادر الفاسي والقاضي المجاصي والقاضي بردلة. له شرح على المختصر وشرح على المراصد لعمه العربي وغير ذلك. مولده سنة 1009 هـ وتوفي سنة 1084 هـ. 1234 - أبو العباس أحمد بن محمد بن مروان: القاضي ابن عبد العزيز بن محمد القاضي العباسي السجلماسي التجمعوتي من بيت علم ورياسة وأدب وسياسة الفقيه الإِمام المحدّث. أخذ عن أعلام وتوفي سنة 1083 هـ أو سنة 1084 هـ وله ثلاثة إخوة علماء أجلاء أفاضل محمد وعبد العزيز وعبد الملك ووالدهم محمد عالم معتقد معدود من أولياء زمانه فعبد العزيز مات سنة 1058هـ. 1235 - ومحمد: مات سنة 1087 هـ وعبد الملك روى عن الشيخ المسناوي وحج وجاور وأقرأ في الحرمين الحديث وغيره ثم ولي قضاء سجلماسة

ولعبد العزيز ولد اسمه أحمد عالم كبير متبحر في العلوم، حج وجاور بمكة وأقرأ هناك وأملى أدباً وشعراً، وتوفي بمصر سنة 1085 هـ[1674م]، ودفن بمقبرة المجاورين. 1236 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد: المعروف بابن ناصر الدرعي الإِمام العالم العامل الفقيه القدوة الذكي الفاضل صاحب الكشوفات والأحوال السنية مجدد الطريقة لشاذلية مربي العلماء بركة المغرب والفضلاء أخذ عن والده والشيخ عبد القادر الفاسي بسنده والشيخ محمد المصمودي وغيرهم وأخذ الطريقة عن الشيخ عبد الله بن حسين الرقي الدرعي عن أبي العباس أحمد بن حسين الخزرجي عن أبي القاسم المغازي السجلماسي عن أبي الحسن علي بن عبد الله الفلالي عن أبي العباس أحمد بن يوسف الملياني عن الشيخ زروق بسنده، وعنه من لا يعد كثرة منهم ابنه أحمد الوارث لسره والخليفة بعده ومحمد بن سليمان الفاسي والشيخ اليوسي والشيخ النوري الصفاقسي وأبو سالم العياشي. له فتاوى في الفقه مشهورة منقول بعضها في نوازل الشيخ المهدي الوزاني وفهرسة حافلة. له زاوية وأتباع كثيرون جداً وصيت كبير بالمغرب وهو الممدوح بدالية الشيخ اليوسي المشهورة. توفي سنة 1085 هـ[1674م]. 1237 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الدلائي: العلامة الإِمام الأكمل الفقيه الصالح الأفضل. أخذ عن عم أبيه الشيخ محمد بن أبي بكر الدلائي وغيره له تصانيف منها درة التيجان ولقطة اللؤلؤ والمرجان وشرح الشفا وحاشية على الكلاعي. توفي سنة 1088 هـ[1677م]. 1238 - أبو عبد الله محمد المرابط بن محمد بن أبي بكر الدلائي: نادرة الدهر وفريدة العصر الماهر له في كل علم سهم وافر مع حذق ونسب تليد وباع في

المجد طويل مديد. أخذ عن والده وأبي حامد العربي الفاسي والولي محمد بن عبد الهادي ابن العالم أبي محمد عبد الله بن علي بن طاهر السجلماسي وله رواية عن الشيخ عبد القادر الفاسي وأخيه أحمد وغيرهم. وعنه جماعة منهم محمد بن أحمد المسناوي والشيخ اليوسي قدم القاهرة سنة 1080 هـ وأقبل عليه فضلاؤها واستفاد منه نجباؤها وحج ولقي أعلاماً وأجازوه له مؤلفات منها نتائج التحصيل على التسهيل وفتح اللطيف في البسط والتعريف والمعارج المرتقيات في معاني الورقات والبركة البكرية في الخطب الوعظية والدرة الدرية في محاسن الشعر وغرائب العربية وديوان شعر مَن طالعه عرف مكانه في البلاغة وله غير ذلك. مولده سنة 1021هـ وتوفي سنة 1089هـ[1678م]. 1239 - وابنه أبو عبد الله محمد: كان من أعلام العلماء والفضلاء. أخذ عن والده وغيره. توفي سنة 1099هـ. 1240 - وأخوه أبو عبد الله محمد المسناوي بن محمد بن أبي بكر الدلائي: الإِمام العلامة العمدة الفهّامة. أخذ عن والده وأخيه محمد المرابط وعبد الملك بن أحمد السجلماسي وعنه ابنه أحمد وأبو عبد الله محمد الطيب الشريف الوزاني العلمي. لم أقف على وفاته. 1241 - أبو محمد عبد الله بن الشاذلي بن محمد بن أبي بكر الدلائي: الفقيه الجليل العالم الأصيل الألمعي النبيل. أخذ عن والده وغيره، له أنظام كثيرة وأشعار أدبية أثيرة. توفي بمكناسة سنة 1090هـ[1679م]. 1242 - أبو سالم عبد الله بن محمد بن أبي بكر العياشي السجلماسي: الرجال الأريب العالم المفضال الشيخ الصالح القدوة الفقيه المتفنن العمدة أخذ عن والده وأخيه عبد الكريم والشيخ مياره وأبي زيد ابن القاضي والشيخ عبد القادر الفاسي وهو عمدته وأبىِ مهدي الثعالبي وأجازه مروياته والشيخ الخرشي وأجازه

والنور الأجهوري والشهاب الخفاجي وإبراهيم الميموني ومحمد بن إسماعيل الطرابلسي وعبد السلام اللقاني وعاشور القسنطيني وعلي الشبراملسي والشمس البابلي وسلطان المزاحي وعبد الجواد الطريني وزين العابدين البكري وعبد الله بن سعيد باقشير وإبراهيم الكوراني وأجازه وغيرهم كما هو مذكور في فهرسته ورحلته المشهورة، وعنه أخذ الكثير منهم ابنه حمزة وعبد السلام البناني والحريشي له تآليف منها منظومة في بيوع ابن جماعة وشرحها وتنبيه ذوي الهمم العالية على الزهد في الدنيا الفانية وكتاب الحكم بالعدل والإنصاف الرافع للخلاف فيما وقع بين علماء سجلماسة من الخلاف في مسألة التقليد وتأليف في معنى لو الشرطية وتحفة الأخلاء بأسانيد الأجلاء ورفع الحجر عن الاقتداء بإمام الحجر وله غير ذلك وشعر حسن وجاور ثم رجع لبلده. وبها توفي سنة 1090 هـ[1679م]، مولده سنة 1037هـ. 1243 - أبو عبد الله محمد العربي بن أحمد الفشتالي: الشيخ الكامل العالم العامل الكثير الكرامات. أخذ عن الشيخ محمد بن ناصر وانتفع به والشيخ عبد القادر الفاسي وأبي زيد ابن القاضي وغيرهم وعنه الشيخ عبد السلام القادري وغيره وكانت له ابنة أخت في كفالته ثم زوّجها بالشيخ مسعود الدباغ وبشّره بازدياد ابن صالح منهما يسمى عبد العزيز فكان الأمر كما قال وازداد بعد وفاته والإبريز للشيخ أحمد بن مبارك موضوع في مناقبه. توفي صاحب الترجمة سنة 1090 هـ[1679م]. 1244 - شيخ الجماعة أبو محمد عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي: اسم لا نسبة إلى فاس بيته شهير بالعلم والجلالة والفضل والسؤدد والعدالة واستمر العلم به أزيد من ثلاثمائة سنة وقد ذكرنا في هذا المجموع جماعة منهم صاحب الترجمة وهو الإِمام علم الأعلام الفقيه العلامة المحدث المفسّر الفهّامة الصوفي المعظم عند الخاصة والعامة شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ الشائع الصيت شرقاً وغرباً المتفق على عدالته وفضله وجلالته. أخذ عن والده وأخيه أحمد وعم أبيه العارف الفاسي وهو عمدته وبه تخرّج وأخذ عنه الطريقة بسندها وعن عمه العربي الفاسي ومحمد الزيات وابن أبي نعيم والشهاب المقري وأبي عبد الله الجنان

وابن عاشر وأبي الحسن بن أبي القاسم ابن القاضي وأبي الحسن المري وأبي عبد الله السوسي وخلق وعنه من لا يعد كثرة منهم ابناه محمد وعبد الرحمن وعيسى الثعالبي وأبو سالم العياشي وولده وأخوه وأبناء أخيه وأحمد المعروف بابن الحاج ومحمد العربي بردلة ومحمد العربي البوعناني ومحمد بن المبارك المغراوي ومحمد ميارة الصغير والشيخ اليوسي وهؤلاء أجازهم الإجازة العامة المقررة في فهرسته وعلي ابن الشريف العلمي وابن جلال والشيخ الحريشي وأجازه وأحمد الجرندي وعبد السلام بن الطيب القادري وأخوه العربي وعبد السلام جسوس ومحمد العربي الفشتالي وأبو العباس أحمد بن يعقوب الدلائي وأبو العباس أحمد بن عبد الحي الحلبي وأبو عبد الله محمد بن عبد الكريم الجزائري وأبو عبد الله محمد بن أحمد المسناوي وحفيداه محمد الطيب بن محمد بن عبد القادر الفاسي وأبو عيسى المهدي بن أحمد بن علي الفاسي ومع غزارة علمه لم يتصدر لتأليف خاص وإنما تصدر منه أجوبة عن مسائل سئل عنها جمعها بعض أصحابه في مجلد وكتب على صحيح البخاري. ترجمته واسعة أفردها ابنه عبد الرحمن في مجلد حافل سماه تحفة الأكابر بمناقب الشيخ عبد القادر. مولده في رمضان سنة 1007هـ وتوفي سنة 1091هـ[1680م]. 1245 - وأخوه أبو مالك عبد الواحد: كان من أعلام العلماء. مولده سنة 1028 هـ وتوفي سنة 1094 هـ[1682م]. 1246 - وقريبه أبو العباس أحمد ابن الشيخ أحمد الفاسي: كان من الأئمة الأعلام، توفي في سنة 1094 هـ[1682م]، المذكورة. 1247 - والشيخ أبو محمد عبد السلام بن العربي الفاسي: توفي سنة 1095 هـ[1683م]. 1248 - وابنه أبو زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي: الإِمام العلامة العمدة المحقق الفهّامة الذكي الفاضل القدوة الكامل المتفنن في العلوم الحامل راية

المنثور والمنظوم. أخذ عن والده وعمه أحمد وقريبه محمد بن أحمد بن أبي المحاسن الفاسي وأحمد الزموري والشريف البوعناني والقاضي ابن سودة وميارة الكبير وعبد الرحمن ابن القاضي وعبد الوهاب بن العربي الفاسي وأجازه جماعة من أهل المشرق والمغرب، له تآليف منها نظم العمل الفاسي وشرح بعضه وأزهار البستان في مناقب الشيخ عبد الرحمن وشرح المراصد وجزء في مناقب الشيخ عبد الله معن والطالع المشرق في المنطق، والباهر اختصار الأشباه والنظائر وغاية الوطر في علم السير واللمعة في قراءة السبعة وتحفة الأكابر في أخبار الشيخ عبد القادر والقطف الداني في البيان والمعاني وشرحه ونظم الصغرى والمقدمة وألّف في الأصلين ومصطلح الحديث والفرائض والحساب والجدل والعروض والقوافي والأوفاق والكيمياء وأسرار الحروف والهندسة والتوقيت والأقنوم في مبادئ العلوم اشتمل على مائة علم واثني عشر علماً وغير ذلك من التآليف وهي تزيد على المائة والسبعين وبالجملة كان لا يشق له غبار في ملكة الحفظ والاقتدار مع التخلق بالعرفان ومراقبة الله في السر والإعلان، كان والده يقول إنه سيوطي زمانه، مولده سنة 1040 هـ وتوفي سنة 1096 هـ[1684م]. 1249 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن سليمان الفاسي: اسم لا نسبة، السوسي نزيل الحرمين الشريفين إليه انتهت الرئاسة هناك وسافر إلى الروم ودمشق الإِمام العالم الجليل المحدّث المقرئ النبيل فرد الدنيا في العلوم كلها الجامع بين منطوقها ومفهومها والمالك لمجهولها ومعلومها أخذ عن أعلام منهم الشيخ عيسى السكتاتي ومحمد بن أبي بكر الدلائي وشيخ الإِسلام سعيد قدورة وهو أجل مشايخه ومنه تلقى الذِّكر ولبس الخرقة وعن أبي عبد الله محمد بن ناصر الدرعي لزمه أربعة أعوام في التفسير والحديث والفقه والتصوف وبه تخرّج رحل للمشرق وأخذ عن الأجهوري والشهابين الخفاجي والقليوبي وأجازوه وغيرهم مما هو كثير وعنه من لا يعد كثرة كالشيخ عبد القادر بن عبد الهادي، له تآليف منها الجمع بين الكتب الخمسة والموطأ على طريقة ابن الأثير ومختصر التحرير وشرحه في أصول الحنفية لابن الهمام شاهد بتبحره ودقة نظره ومختصر تلخيص المفتاح وشرحه وحاشية على

التسهيل وحاشية على التوضيح ومنظومة في الميقات وشرحها واخترع كرة لطيفة فاقت على الكرة القديمة والأسطرلاب وله فهرسة حافلة، توفي في دمشق في ذي القعدة سنة 1094هـ[1682م]، مولده سنة 1037 هـ. 1250 - أبو عبد الله محمد بن عبد المؤمن الحسني الجزائري: العلامة الفاضل الدرّاكة المتفنن الجامع لأنواع الفضائل رحل للمشرق وأخذ عن أعلام منهم أبو عبد الله محمد المعروف بابن الكماد القسنطيني وهو عن أبي الحسن الشبراملسي وأجازه بسنده المعروف وعنه جماعة منهم أبو عبد الله محمد بن قاسم بن زاكور وأجازه إجازة عامة سنة 1094 هـ، لم أقف على وفاته. 1251 - أبو زكريا يحيي ابن الفقيه الصالح محمد النايلي الشاوي الملياني الجزائري: الشيخ الأستاذ القدوة الإِمام الذي ختمت بعصره أعصر الإِسلام وأصبحت عوارفه كالأطواق في أجياد الليالي والأيام آية الله الباهرة في التفسير والمعجزة الظاهرة في التقرير والتحرير المتبحر في العلوم الحامل راية المنثور والمنظوم ولد بمليانة وأخذ بالجزائر عن أعلام منهم الشيخ محمد بن محمد البهلول والشيخ سعيد قدورة بسنده وأبو الحسن علي بن عبد الواحد السجلماسي وأبو مهدي عيسى الثعالبي وأجازه وحج واجتمع بالفضلاء وأخذوا عنه وروى عن الشيخ سلطان المزاحي والشمس البابلي والنور الشبراملسي وأجازوه بمروياتهم. وعنه جماعة منهم الشيخ علي النوري والشيخ عبد العزيز الفراتي الصفاقسيان وقرأ عليه جماعة بدمشق وأجازهم منهم مؤلف خلاصة الأثر الشيخ محمد المحبي، وقدم الروم واجتمع بالعلماء وأثنوا عليه كثيراً وبالغ في إكرامه شيخ الإِسلام يحيي المنقاري ثم رجع لمصر وصرف أوقاته في الإفادة والتأليف، له مؤلفات في الفقه وغيره، منها حاشية على شرح أم البراهين عشرين كراساً ونظم لامية في إعراب اسم الجلالة وشرحها وشرح التسهيل ومؤلف في أصول النحو وجعله باسم السلطان محمد أتى فيه بكل غريبة. توفي في ربيع الأول سنة 1096 هـ[1684م]، بسفينة عند سفره للحج ودفن بالبر ثم نقل ودفن بالقرافة.

الطبقة الثالثة والعشرون

الطبقة الثالثة والعشرون فرع مصر 1252 - أبو عبد الله محمد بن عبد الله الخرشي: الفقيه العلامة البركة القدوة الفهّامة شيخ المالكية وإمام السالكين وخاتمة العلماء العاملين إليه انتهت الرئاسة بمصر. أخذ عن والده والبرهان اللقاني والنور الأجهوري وغيرهم. وعنه جماعة منهم الشيخ علي النوري وأحمد الشرفي الصفاقسي وعلي بن خليفة المساكني وعلي اللقاني وشمس الدين اللقاني وأخوه داود وأحمد الشبرخيتي وأحمد الفيومي وعبد السلام بن صالح حفيد الشيخ عبد السلام الأسمر ومحمد النفراوي وأخوه أحمد وأبو عبد الله السلموني ومحمد بن عبد الباقي الزرقاني، وبالإجازة أبو سالم العياشي، له شرح كبير على المختصر وصغير رزق فيه القبول وغير ذلك. توفي في ذي الحجة سنة 1001هـ[1689م]. 1253 - أبو الإمداد خليل ابن الشيخ إبراهيم اللقاني: الإِمام العلامة الفقيه الفهّامة أخذ عن والده وأخويه عبد السلام ومحمد والنور الأجهوري والشبراملسي وعبد الله الخرشي والشمس البابلي وسلطان المزاحي وعامر الشبراوي والشهاب القليوبي وتاج الدين المالكي المدني وجماعة وأجازوه. وعنه جماعة له فهرسة. توفي سنة 1005هـ[1693م]. 1254 - برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن مرعي بن عطية الشبرخيتي: الفقيه الإِمام العمدة المتفنن المحقق القدوة الشيخ الفاضل والعالم العامل. أخذ عن الأجهوري وبه تفقه والشيخ يوسف الفيشي ومحمد البابلي وغيرهم. وعنه جماعة منهم الشيخ علي النوري والشيخ إبراهيم الجمني والشيخ علي بن خليفة المساكني والشيخ حمد المكني، له مؤلفات منها شرح على مختصر خليل في مجلدات وشرح على العشماوية وشرح على الأربعين النووية رزق فيه القبول وشرح على ألفية السيرة للعراقي. مات غريقاً بالنيل وهو متوجه إلى رشيد سنة 1106هـ[1694م].

1255 - أبو عبد الله محمد ابن الشيخ عبد الباقي الزرقاني: الإِمام العلامة الفقيه الفهّامة المتفنن المحدّث الراوية المسند المؤلف المتقين خاتمة العلماء العاملين والأئمة المجتهدين. أخذ عن والده والنور الأجهوري والخرشي وأجازوه وغيرهم. وعنه جماعة منهم الشيخ محمَّد زيتونة وأجازه والشيخ علي بن خليفة والشيخ أحمد الغماري وأبو الحسن السقاط وأجازه وأبو العباس أحمد بن مصطفى الصباغ وأجازه إجازة عامة، له تأليف منها شرح على المواهب اللدنية جلي الفائدة دل على علم واطلاع وطول الباع وشرح على الموطأ كذلك رزق فيه القبول واختصر المفاسد الحسنة للسخاوي. توفي سنة 1122 هـ، مولده سنة 1055هـ. 1256 - سليمان بن أحمد بن خضر الخربتاوي البرهاني: الإِمام المحقق العلامة المدقق المعمر الشيخ الفاضل. أخذ عن جلة، وعنه أعلام. توفي سنة 1125هـ عن 116 سنة. 1257 - أبو العباس أحمد بن غنيم بن سالم النفراوي: الفقيه العالم العمدة المحقق المطلع المؤلف القدوة قرأ على الشهاب اللقاني ولازم الشيخ عبد الباقي الزرقاني والشيخ الخرشي وتفقه بهما وأخذ الحديث عنهما وعن يحيي الشاوي ولازم الشيخ عبد المعطي البصير وعبد السلام اللقاني وغيرهم. وعنه أبو العباس أحمد بن مصطفى الصباغ وغيره. انتهت إليه الرئاسة في المذهب، له مؤلفات منها شرح على الرسالة معروف وشرح على النورية وشرح على الأجرومية ورسالة على البسملة. توفي سنة 1125هـ عن اثنتين وثمانين سنة. 1258 - أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الفيومي: الفقيه الثقة الفاضل الإِمام العمدة العالم الكامل شيخ الأزهر. تفقه بالشيخ الخرشي وأخذ عن الزرقاني والشبراملسي وأحمد البشبيشي ويحيى الشاوي وعبد الرحمن الأجهوري وإبراهيم البرماوي وغالبهم أجازه، له شرح على العزية في مجلدين. مولده سنة 1062هـ وتوفي سنة 1137هـ.

فرع إفريقية

1259 - سعد بن محمَّد بن محمَّد بن يحيى بن أحمد الشريف: مفتي المالكية بدمشق وأحد أعلامها وأئمتها الأفاضل كان عالماً له تحقيق وتدقيق في العلوم سيما المعقول حضر درس الشيخ محمَّد الحبال وأجازه الأستاذ الشيخ محمَّد بن سليمان الفاسي نزيل الحرمين، توفي في محرمة سنة 1147 هـ. 1260 - أبو عبد الله محمَّد السلموني: الفقيه الإِمام النبيه الكامل الزكي الفاضل. أخذ عن الخرشي وغيره. وعنه الشيخ علي الصعيدي وغيره، لم أقف على وفاته. 1261 - أبو محمَّد عبد السلام بن صالح بن عثمان بن عز الدين بن عبد الوهاب بن عبد السلام الأسمر: الشيخ لصالح الفاضل العالم العامل أخذ عن الشيخ علي الفرجاني دفين شنني قابس والشيخ عبد القادر الفاسي والشيخ ميارة وحمزة بن أبي سالم العياشي ومحمد العروي السوسي وأخيه عبد الله وعبد الباقي الزرقاني والشيخ علي النوري والشبرخيتي وأجازاه والشيخ إبراهيم الكردي وجماعة. ألّف فتح العلم في ترجمة جده عبد السلام بن سليم، لم أقف على وفاته. فرع إفريقية 1262 - أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الجمل الصفاقسي: الإِمام المقري الذكي الأفضل المتفنن في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم مع زهد وعبادة وصلاح، أخذ عن الشيخ علي النوري ثم رحل لتونس وأخذ عن الشيخ ساسي المقرئ وغيره وعنه أخذ خلق، له نظم في عد الفواصل والآيات في ثلاث عشرة مائة بيت وله كتاب في الوقف وكان شرع في نظم النشر لابن الجزري وصل فيه إلى ثلث القرآن نحو الثلاثة آلاف بيت وله نظم في كلا وكيفية الوقف عليها. توفي سنة 1107هـ[1695م]. 1263 - أبو عبد الله محمَّد الحجيج التونسي: الإِمام العلم الهمّام خاتمة المحققين الأعلام والفضلاء الكرام، أخذ عن الشيخ علي النفاتي والشيخ عاشور القسنطيني والشيخ أبي بكر البكري ووالده تاج العارفين وأبي الحسن علي الأندلسي وأبي الحسن علي الغماد ومحمد الغماد وإبراهيم الجمل وأخذ علم الباطن على أبي الحسن علي عزوز، رحل وحج وأخذ عن الشيخ الخرشي المختصر وأجازه به

لمؤلفه وفي الفقه بسنده للإمام مالك، وعنه أخذ أعلام منهم الشيخ محمد زيتونة وأجازه. ألّف حاشية على الوسطى وتقريرات على الصغرى وحاشية على الكبرى وحاشيتين على مختصر خليل واختصر شرح الجوهرة الكبير واختصر ابن عادل في التفسير وله شرح على الأربعين النووية والشمائل وتقريرات على مختصر السعد في البلاغة واختصر التذكرة في الطب. توفي سنة 1108هـ[1696م]. 1264 - أبو الفضل قاسم الغماد: الفقيه العلامة أحد الأئمة الزهاد أخذ عن الشيخ أحمد الشريف والشيخ سليمان الأندلسي والشيخ أحمد الساحلي ومحمد فتاتة وغيرهم. توفي سنة 1110هـ[1698م]. 1265 - أبو عبد الله محمد: الشهير بالعواني الشريف القيرواني: من بيت شهير بالعلم والفضل المفتي العلامة العمدة الفهّامة الذكي المتفنن الفاضل العارف بمتعلقات الفتيا والنوازل أخذ ببلده ثم رحل للمشرق واستكمل علوم المعقول والمنقول عن مشايخه وأجازوه وأثنوا عليه ثم للآستانة ونال إكراماً زائداً ثم رجع لتونس ونال حظوة عظيمة وأولاه رمضان باي الفتيا وفي سنة 1110هـ قتله مراد باي وأكل من لحمه في خبر يطل ذكره ووضع على الشيخين الإمام الخطيب أحمد الرماح وأبي الحسن علي بن أحمد الغرياني أموالاً عظيمة ظلماً وعدواناً. 1266 - أبو عثمان سعيد الشريف الطرابلسي: كان والده نقيب الأشراف بها وفيها حفظ القرآن ثم قدم تونس الإمام الفقيه العلامة الفاضل حاوي الفضائل والفواضل المحدّث الراوية العمدة الكامل، أخذ عن أعلام تونس كالشيخ أحمد الشريف والشيخ محمد فتاته، والشيخ محمد الغماد والشيخ عبد القادر الجبالي وغيرهم، إليه انتهت الرياسة في المعقول والمنقول وعلم الحديث فهو شيخ القطر، رحل إليه الناس من الجهات وأخذوا عنه منهم ابنه صالح والشيخ عبد الرحمن الكفيف والشيخ محمد زيتونة والشيخ الخضراوي والشيخ جعيط والشيخ محمد داود وأبو عبد الله بن دينار. توفي سنة 1112هـ[1700م]. 1267 - وولده صالح: المذكوركان فقيهاً فاضلاً. توفي سنة 1132هـ[1719م]. 1268 - أبو عبد الله محمد بن علي قويسم التونسي: إمام العلماء وقدوة

الفقهاء الفضلاء شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ، أخذ عن الشيخ محمد براؤ والشيخ عاشور القسنطيني والشيخ أبي الحسن النفاتي وغيرهم وعنه الشيخ محمد زيتونة والشيخ حمودة العامري وجماعة. ألّف تآليف منها سمط اللآل في التعريف بما في الشفا من الرجال كتاب غريب في بابه يحتوي على عشرة أجزاء ضمن فيه الكثير من شوارد المسائل والتحريرات واللطائف والتراجم والأخبار ما يسلي الغريب ويفيد العالم اللبيب وقرظه الكثير من علماء عصره منهم الشيخ محمد فتاتة والإمام المفتي الحنفي الشيخ عبد الكبير درغوث ولما اطلع على هذا التقريظ الشيخ محمد زيتونة كتب ما ملخصه: هذه بنات أبكار وعرائس أفكار ونفائس سجع برزن من وراء الستار جالسة على منابر العز متنافسة مرتضعة من ثدي الآداب رحيق الزلال منبهة على عظم مقدار سمط اللآل. نمقتها يد المحاسن فضلا ... من همام موضح المشكلات صادع بالدليل في كل خطب ... ناصر الحق قدوة الإثبات وتوفي صاحب الترجمة سنة 1114هـ[1702م]. 1269 - أبو عبد الله محمد: الشهير بالغماد من بيت علم وأبوه شيخ قبله، أخذ عن منلا أحمد كان هذا الفاضل من أعلام العلماء الأفاضل جيد الحفظ فقيهاً محدثاً عالماً باللغة والنحو والمنطق وهو أول من ولي التدريس بالمدرسة المرادية وتخرج به جماعة من الفحول كل شيخ منهم أشير إليه بالخناصر منهم الشيخ محمد زيتونة. توفي سنة 1115هـ[1703م]. 1270 - أبو الحسن علي بن أبي بكر بن ميمون الصفاقسي: الإمام العالم بكثير من الفنون الكثير الكرامات، أخذ عن والده والشيخ اللومي وأخذ علم الباطن عن الشيخ الوحيشي وعنه الشيخ محمد المراكشي وغيره، له موشحة في كلام القوم شرحها الشيخ عبد الوهاب الأزهري ومدحه بقصيدة أرسلها معه. توفي سنة 1115هـ[1703م]. 1271 - أبو عبد الله محمد بن إبراهيم فتاتة التونسي: الشيخ العارف المستجمع للعلوم والمعارف فريد عصره وأوانه الممتاز بالفضل على أقرانه، أخذ عن تاج العارفين البكري وابنه أبي بكر وأبي الفضل المسراتي ومحمد براو وغيرهم وعنه أبناؤه أحمد وإبراهيم وحموده وسعيد الشريف وعبد القادر الجبالي والوزير السراج ومحمد زيتونة والخضراوي ومن لا يعد كثرة ووجد بخط يده لما وقع الفتح العثماني كان من رأي أمير تونس في ذلك الوقت أن يبني حصناً عظيماً بقلاع حلق الوادي

وأذن بالاستعانة بحجارة الحنايا ولم يمكن التوصل لهدمها إلا بالألغام وقيل في وصفها بعد ذلك: تمتع من بقايا للحنايا ... بأبدع منظر تصبو إليه تأمل صنع أرسمها البواقي ... وقد مد الفناء لها يديه كسطر بعض أحرفه وقوف ... وبعض لاح مضروباً عليه وكان يقول الشعر ويجيده من ذلك قوله يصف روضاً حله متنزهاً ومعه مغن يعرف بالحمائم موريا: وروض حللناه كان نواره ... قلائد در في نحور النواعم إذا ما شدت أطياره في غصونه ... ومالت سواقيه كبيض الصوارم وجدت لذيذ الخمر في طعم مائه ... وشنفت سمعاً من غناء الحمائم وفي سنة 1088 هـ كانت الفتنة المشهورة في مدة محمد باي وأخيه علي وعمهما وتسبب عنها القبض على صاحب الترجمة وسجنه مع رفيقه مفتي الحنفية أبي المحاسن يوسف درغوث وقتل هناك ونجا صاحب الترجمة لفراره ليلاً من بين العسس واختفائه بدار تلميذه الشيخ سعيد الشريف ثم فرج الله عنه وتولى الفتيا سنة 1090هـ وزانها بعلمه وعمله ثم امتحن بقتل ابنه حمودة على نحو ما شرحناه في التتمة الآتية وكان قتله سنة 1109هـ وقد كان من أعلام العلماء. أخذ عن والده وغيره، وعنه الشيخ محمد زيتونة وغيره وصاحب الترجمة هو الذي كمل شرح الدرة لأبي زيد الأخضري، وتوفي سنة 1115هـ. 1272 - أبو الحسن علي بن محمد النوري الصفاقسي: الإمام المقرىء المحدّث المسند العلامة الفقيه المتكلم المحقق المتفنن الحامل راية العلوم باليمين القدوة المربي المتمسك بعرى الدين السالك سنن المهتدين والفضلاء الواصلين. رحل لتونس ثم للمشرق وأخذ عن أعلام جمعهم في فهرسة حافلة بالفوائد ومحل الحاجة منها أنه رحل لتونس في عنفوان الشباب وقرأ على الشيخ عاشور القسنطيني والشيخ سليمان الأندلسي والشيخ محمد القروي وأثنى عليهم ثم رحل لمصر وأخذ عن أئمة منهم المسند أبو إسحاق المأموني الشافعي والأستاذ أحمد السنهوري المالكي والمحقق أبو بكر الشنواني وشيخ الشيوخ محمد الخفاجي والد الشهاب

الخفاجي والمحدّث الشيخ الشبراوي المالكي والشيخ نور الدين الزيادي والقدوة الشيخ محمد بن محمد بن ناصر الدرعي وأجازه في العلوم وفي مشيخته كثرة من أرادها فلينظر فهرسته وزين العابدين حفيد الشيخ زكرياء الأنصاري والمحقق الشيخ يحيى الشاوي وشاركه في مشايخه المصريين وأجازه بما رواه عن مشايخه المغاربة وهي الموطأ والشفا والصحيحان وحزب البحر وكتب الشيخ السنوسي وغير ذلك وشيخ الحفاظ والمصنفين علي الشبراملسي ومشايخه كثيرون وجلهم ذكرهم في حاشيته على المواهب اللدنية ومن جملة ما قرأه عليه النشر في القراءات العشر والشيخ أحمد بن أحمد العجمي ومحمد بن محمد الأفراني المغربي السوسي والشيخ علي الخياط الرشيدي والشيخ محمد الخرشي والشيخ إبراهيم الشبرخيتي والشيخ أحمد العنابي. قال: وقد اجتمعت بهم ولازمتهم مدة طويلة وحضرت مجالسهم الخاصة والعامة وكل منهم أجازه إجازة عامة مطلقة شاملة تامة على حسب ما أجازهم به مشايخهم كما أخبروني بذلك، ومن العلماء الذين اجتمع بهم الشيخ اليوسي ثم رجع لبلده صفاقس إماماً في كل فن وأحيا العلوم بعد اندراسها وانتفع به خلائق لا يحصون منهم ابنه أحمد والخليفة بعده في مدرسته ومحمد المؤدب الشرفي وأبو الحسن الموخر وأبو الحسن علي بن خليفة المساكني وأجازه ومحمد الجمل ومحمد الحركافي وأبو العباس أحمد العجمي المكني وأجازه إجازة عامة وأثنى عليه كثيراً ووصفه بالعلم والصلاح والتقوى والدين المتين، ذكر في هاته الإجازة مشايخه والكتب التي قرأها عليهم والإجازات التي حصلت منهم كما أنه ذكر الكتب التي ختمها عليه تلميذه المجاز المذكور. له تآليف كثيرة في فنون شتى منها غيث النفع في القراءات السبع رزق فيه القبول وتنبيه الغافلين في تجويد كلام رب العالمين ومنقذ الوصلة في معرفة السنين والقبلة ومنسك وعقيدة في التوحيد شرحها تلميذه الموخر المذكور والشيخ الحريشي الفاسي ومقدمة اشتملت على فوائد فقهية وعقائد دينية شرحها الشيخ النفراوي ورسالة في تحريم الدخان وغير ذلك. مولده سنة 1053 هـ وتوفي في صفاقس في ربيع الأول سنة 1118 هـ[1706 م]، وقبره بها معروف متبرك به وبالجملة فإنه جم الفضائل وانظر مع هذا ما يأتي في التمهيد لخلاصة الأسانيد وفي خلاصة الأسانيد. 1273 - أما تلميذه أبو العباس المكني المشار إليه بفهرسة شيخه المذكور فهو أبو العباس أحمد بن محمد بن حمد (بفتح الحاء والميم) ابن إبراهيم العجمي المكني منشئاً ومسكناً الفزاني نسباً: من أحفاد الولي الصالح المزار الشيخ سالم الغلام صاحب زاوية بلد بني حسان الإمام العلامة الفقيه المحدّث المقرىء الفهّامة.

كان من العلماء العاملين مشهوراً بالصلاح والتمسك بعرى الدين وله كرامات كثيرة لا حاجة لذكرها. أخذ عن الشيخ أبي الحسن النوري لازمه وانتفع به وأجازه وأثنى عليه وأطال في ذلك. رحل لمصر واجتمع بأعلام وأخذ عنهم، منهم الشبرخيتي والخرشي، وحج ثم رجع لبلده المكنين بعلم جم مع ركب كان به الشيخ اليوسي صاحبه وانتفع به ولما بلغ المكنين أسس بها مدرسة وتصدى للتدريس بها وانتفع به جماعة منهم ابناه أحمد وحسين وكانا من أفاضل العلماء قاما مقامه في التدريس بعد وفاته وله تصانيف منها منظومة سماها عقيدة التوحيد شرحها الأستاذ عبد العزيز الفراتي وطالعتها: يقول راجي الله جلت قدرته ... أحمد المكني تلك شهرته الحمد لله العظيم الباري ... الواحد المهيمن الغفار توفي منتصف رمضان سنة 1122هـ ودفن بمدرسته وقبره متبرك به يزار. 1274 - أبو عبد الله محمد ابن الخطيب: الإمام أبي القاسم الغماري العلامة الفاضل الفقيه النحوي الإمام الكامل. أخذ عن أعلام وقته وكان شيخ الفتح ولم تجد بتونس من طلاب العلم من لم يكن جثا على ركبتيه بين يديه واستفاد منه، منهم الشيخ محمد زيتونة. توفي في شوال سنة 1119هـ[1707 م]. 1275 - أبو عثمان سعيد بن ابراهيم المحجوز: العلامة الفاضل الخطيب الفقيه المحدّث الكامل. قرأ على أعلام بتونس وأجازوه وله سند عال في الكتب الستة. أخذ عنه الشيخ محمد زيتونة وغيره. له شرح على الموطأ لم يكمل. توفي سنة 1119هـ[1707م]. 1276 - أبو عبد الله محمد: المعروف بابن الشيخ الإمام العالم العلامة المحقق المفسر الفهّامة المتمكن من العلوم العقلية والنقلية. تعاطى الفتيا نحو خمس وعشرين سنة. أخذ عن أعلام وأجازوه وله في ذلك سند عال وعنه أخذ ابن دينار مؤلف المؤنس والشيخ زيتونة وغيرهما. توفي سنة 1121هـ[1709م]. 1277 - أبو محمد عبد القادر الجبالي بن خالد العيسي: الإمام المحقق العلامة المتفنن في العلوم الفهّامة. أخذ عن أبي الحسن الغماد ومَن في طبقته وأجازوه وأثنوا عليه، وعنه أخذ خلق منهم سعيد الشريف ومحمد الزوالي القيرواني

وابن عمه محمد الزوالي والشيخ زيتونة. له شرح على شواهد المغني في أربع مجلدات وعلى شواهد مقدمة ابن هشام وله حواش ورسائل كثيرة قصائد غزيرة في مدحه - صلى الله عليه وسلم - واعتنى بالبردة وجعل عليها ثلاثة عشر تخميساً وله تخميس على قصيدة الطرائفي. توفي في ذي القعدة سنة 1122 هـ[1710م]. 1278 - أبو محمد حمودة ابن الشيخ حسن العامري: الإمام الهمّام الشيخ الصالح القدوة الزاهد الناصح. أخذ القراآت عن الشيخ إبراهيم الجمل وأجازه وأثنى عليه وأخذ باقي العلوم عن الشيخ أبي الحسن العامري والشيخ محمد قويسم وغيرهما، تولى الإمامة والخطابة بجامع الزيتونة نيابة عن إمامه الشيخ حمودة البكري وكانت ولاية هذا الإمام سنة 1123هـ، وصاحب الترجمة مولده سنة 1060 هـ وكان الخليفة قبله في الإمامة والده حسن المذكور، لم أقف على وفاتهم. 1279 - أبو عبد الله محمد بن محمد الزوالي القيرواني: مفتيها العالم الفاضل الفقيه النبيه الكامل. أخذ عن سعيد الشريف وعبد القادر الجبالي ومحمد الغماد وسعيد المحجوز وغيرهم وأجازوه وأثنوا عليه. توفي بمكة سنة 1125هـ[1713م]. 1280 - ابن عمه أبو عبد الله محمد بن محمد الزوالي القيرواني: ثم التونسي إمامها وخطيبها بجامع باب الجزيرة. كان من العلماء النبلاء والفقهاء النبهاء. أخذ عن جماعة منهم سعيد المحجوز، تولى التدريس مكانه. توفي سنة 1125هـ[1713م]. 1281 - أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد الرعيني المعروف بالصفار القيرواني: الشيخ الإمام العالم الهمّام الفقيه المحدّث الراوية، لازم الأزهر وأخذ عن علمائه وأجازوه وأثنوا عليه منهم الشيخ عبد الباقي الزرقاني ورجع لبلده وتصدى للتدريس ثم انتقل لتونس وأقرأ صحيح البخاري دراية ومختصر خليل والكبرى وغيرها من الكتب المعتبرة وتخرّج بين يديه أعلام منهم حمودة الريكلي وأجازه. توفي سنه 1127 هـ[1715 م]. 1282 - أبو فارس عبد العزيز بن محمد الفراتي الصفاقسي: من بيت علم قديم هو عاشرهم الإمام الفقيه الفاضل الأستاذ المتفنن العمدة الكامل الشيخ الصالح العالم. أقام بتونس نحواً من عشرين عاماً وأخذ عن أعلام كالشيخ عبد القادر

الجبالي وأخيه أحمد والشيخ فتاتة والشيخ عاشور القسنطيني والشيخ أحمد الشريف والشيخ محمد ابن الشيخ وأبي الفضل المسراتي ثم رحل لمصر وأخذ عن أئمة كالشيخ يحيى الشاوي والخرشي وعبد الباقي الزرقاني والشبرخيتي وحصل على إجازات عامة ورحل للآستانة مع شيخه يحيى المذكور ثم جاور بالحرم الشريف وقرأ الحديث هناك ثم رجع لبلده وقد سبقه إليها الشيخ النوري بأربعة عشر عاماً وتصدى للتدرس وتفقه به جماعة منهم الشيخ محمد المؤدب الشرفي. له تآليف منها عقيدة في التوحيد وشرح مقدمة الشيخ السنوسي وله مقدمة في الفقه وتأليف في النحو ونظم في المناسك واختصر سيرة الحلبي محذوفة الأسانيد وله ديوان خطب. مولده سنة 1050 هـ وتوفي بصفاقس سنة 1131هـ[1718 م]. 1283 - أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم الجمني: ينتهي نسبه إلى سيدنا المقداد رضي الله عنه الإمام الجليل قدوة الزهاد وخاتمة العلماء العاملين والفضلاء الواصلين والفقهاء الصالحين المتورعين مع فضل ودين متين رحل لمصر بإشارة من شيخه الوحيشي سنة 1066 هـ وأخذ عن الشيخ عبد الباقي الزرقاني والشيخ الخرشي وأجازه والشيخ سلطان والشيخ الشبرخيتي وأبي الحسن اللقاني ورحل لزواوة وأخذ عن الشيخ عبد الله الجبالي وغيرهم واجتمع بالشيخ اليوسي ثم رحل لزاوية الحمارنة قرب قابس ثم رحل لجربة فأقام هناك يقرىء العلوم ولما بلغ أمره أمير إفريقية في وقته بنى له بها مدرسة ونصب له محراب مسجدها الشيخ المربي الميقاتي أبو راوي حفيد عبد السلام الأسمر المقبور هناك ولما تم بناء المدرسة سنة 1115هـ قصده الناس من كل فج وأخذوا عنه وانتفعوا به منهم ابن أخيه إبراهيم بن محمد والشيخ علي الشاهد والشيخ الصالح علي الفرجاني وبه تفقه والشيخ محمد الغرياني وانتفع به، له شرح على مختصر خليل لم يكمل وكان يختمه في السنة مرتين. توفي في ربيع الأنور سنة 1134هـ[1721 م]، وعمره 96 سنة ودفن بالمدرسة المذكورة. 1284 - أبو عبد الله محمد زيتونة: الشريف المنستيري المنشأ والدار التونسي القرار عالمها وشاعرها ومفتيها وغيث واديها ومصباح ناديها شيخ الإسلام قدوة الأنام مشيد علوم الأوائل ومحرر البراهين منها والدلائل حافظ المغرب على الإطلاق الحائز قصب السباق المفسر النظار خاتمة العلماء الكبار حفظ القرآن ببلده

وأتى على بصره في حال صغره ثم سافر للقيروان وأقام هناك نحو الثلاثة أعوام فتفقه على مشايخها كالشيخ محمد عظوم الآخذ على النور الأجهوري والشيخ سلطان ثم قدم تونس وأخذ عن أعلام كالشيخ محمد الغماد والشيخ الجمل وأحمد الشريف الحفيد والمحجوز والحجيج وأجازه ومحمد فتاتة وابنه حموده وسعيد الشريف وعبد القادر الجبالي ومحمد الغماري وغيرهم وحج حجة الإسلام سنة 1114 هـ ولما وصل الإسكندرية أواخر رجب من السنة وكانت ليلة المعراج طلب منه الطلبة على حين غفلة إحياء تلك الليلة فأجابهم لذلك وصلّى بهم العشاء بالإسراء والنجم ثم أخذ في تفسير قوله جلّ من قائل: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} أتى على كل المعاني والفنون واستمر في تقرير ذلك إلى الساعة السابعة وحضر جلة من العلماء واعترفوا له بالفضل والعلم ثم توجه لمصر واستفاد وأفاد، وأخذ عن الشيخ محمد الزرقاني وأبي العباس أحمد ابن الشيخ منصور المنوفي ولما رجع لتونس وافق موت شيخه أبي عبد الله محمد الغماد وكان مدرسًا بالمدرسة المرادية فاختلفت الآراء فيمن يتصدر للتدريس بها عوضه ثم رأى الأمير جعل مناظرة بين طالبيها وجعلها بجامع الزيتونة ووقعت بين المتأهلين لها منهم الشيخ الخضراوي وصاحب الترجمة وحضر المناظرة الأمير فمن دونه وكانت اليد العليا لصاحب الترجمة وتولاها وتصدى للتدريس بها وبغيرها وأفاد وأجاد وتخرج به الكثير من الفحول منهم محمد سعادة وحمودة الريكلي والشيخ سويسي والشيخ محمد عزوز ثم حج ثانية سنة 1124 هـ وجاور واجتمع بالأفاضل بالإسكندرية ومصر والحرمين وأفاد واستفاد وأجيز وأجاز، أخذ بمكة عن الشيخ عبد الله البصري تلميذ الشيخ البابلي وبالمدينة عن الشيخ الزلفي وبمصر عن الشيخ سليمان الشبرخيتي تلميذ النور الأجهوري وغيرهم، وأجاز بالإسكندرية أبا العباس أحمد الصباغ إجازة عامة ثم رجع لتونس ولازم التدريس والإفادة وتولى الإمامة والخطابة بجامع باب بحر وظهرت عليه أنوار الصلاح، وكان أشار له بذلك شيخه العارف بالله الأستاذ علي عزوز صاحب زاوية زغوان وغيرها المتوفى سنة 1122 هـ[1710 م]، وعد ذلك من كراماته وانفتحت له كنوز الدقائق ونوّر الله قلبه بأنوار الحقائق وكان معظماً عد الخاصة والجمهور والأمير والمأمور وكان الأمير حسين باي باني البيت الحسيني يبعث إليه ويستشيره فكان إذا أتاه يخرج لتلقيه خارج البيت ويأخذ بيده ويجلسه حذوه ولا يحضر معهما ثالث في الغالب له تآليف منها حاشية على الوسطى في مجلدين وشرح منظومة البيقوني وكتب على أبواب متفرقة في صحيحي البخاري ومسلم جعلها أختاماً وكتابة على ألفية ابن مالك لم تكمل وشرح على خطبة مختصر السعد وحاشية

على تفسير أبي السعود جاوز نصفه في ستة عشر جزءاً في القالب الكبير وله رسائل في مباحث متفرقة وبالجملة فإن ترجمته واسعة فوق ما يذكر. مولده سنة 1081 هـ وتوفي خامس شوال سنة 1138 هـ[1725 م]، وكانت جنازته من المحافل العظيمة حضرها الأمير المذكور ورفع نعشه ودفن بالجلاز يقال: خرج لها الناس من جميع أبواب تونس ورثوه بقصائد كثيرة تزيد على الخمسين وأرّخ بيا صاحب الحاشية. 1285 - أبو عبد الله محمد ابن الشيخ محمد الخضراوي: الشيخ الإمام الفقيه العمدة المحقق القدوة عالم إفريقية على الإطلاق الحائز في كل فن قصب السباق، كان متفنناً في العلوم معقولها ومنقولها وفي علم الرياضة، وله قدرة على حل المشكلات حفظ القرآن العظيم على والده وجوّده بالسبع على الشيخ إبراهيم الجمل وأجازه في السبع والعشر، وأخذ العلوم عن جلة منهم سعيد الشريف ومحمد الغماد وأجازه وقاسم الغماري والشيخ المحجوز وأجازه الكتب الستة بسنده العالي ومحمد قويسم وأجازه، وعنه جماعة، ألّف الشرح المنسوب لعلي باشا على التسهيل وهو شرح حفيل وفيه يقول الشيخ أبو زيد عبد الرحمن الجامي حين ولي مدرسة النخلة التي تم بناؤها سنة 1126 هـ: يهنيك أيها الفقيه المرتضي ... منزلة جلت عن المساوي مدرسة قد حزتها فجاء في ... تاريخها فاق بها الخضراوي مولده سنة 1087 هـ وتوفي سنة 1144 هـ[1731 م]. 1286 - أبو الحسن علي بن محمد سويسي: شيخ شيوخ جامع الزيتونة وعمدة أهل التحقيق والرسوخ القدوة المتفنن الفاضل العالم العامل، حفظ القرآن على والده وأخذ عن جماعة منهم سعيد الشريف ومحمد فتاتة وإبراهيم الجمل وقاسم الغماري والشيخ قويسم وسعيد المحجوز وأجازوه وأثنوا عليه وتصدى للتدريس، وأخذ عنه عالم كبير مهم ولداه مفتي تونس أبو العباس وقاضي الجماعة أبو عبد الله محمد. مولده سنة 1079 هـ وتوفي سنة 1146 هـ أو 1145 هـ[1733م]، أو [1732 م]. 1287 - أبو العباس أحمد الريغي السوسي: العالم الفاضل الفقيه العمدة الكامل قرأ ببلده على الشيخ محمد البوضري ورحل لمصر وأخذ عن الشيخ إبراهيم الشبرخيتي والشيخ يحيى الشاوي والشيخ الخرشي، وعنه جماعة منهم ابن أخيه وهو أيضاً رحل لمصر وأخذ عن الشيخ محمد الزرقاني، لم أقف على وفاتهما، ومولد صاحب الترجمة سنة 1048 هـ.

1288 - أبو عبد الله محمد بن محمد الأندلسي: الشهير بالوزير السراج العالم الفقيه المحدّث الأريب المؤرخ الألمعي الأديب الكاتب البليغ الماهر الناظم الناثر. أخذ عن الشيخ محمد فتاتة وأبي الحسن الغماد ومحمد الحجيج وسعيد الشريف وغيرهم، ألّف الجلل السندسية وفي التاريخ الباشي، وقد ألمّ أبو عبد الله محمد الوزير السراج في تاريخه المسمى بالحلل السندسية بأخبار المولى حسين بن علي باي بلغ فيه إلى سنة 1142 هـ غير أن الجزء الرابع أحرقه علي باشا لما اشتمل عليه من القصد منه في قيامه على عمه بحبل وسلات فلا يوجد منه الآن عين ولا أثر ويأتي مزيد كلام عليه في التتمة، توفي سنة 1149 هـ[1736 م]. 1289 - أبو عبد الله الشيخ محمد حموده البوجادي: ابن الشيخ بركات العالم الفاضل القدوة الكامل العارف بالله الواصل شيخ الطريقة والحقيقة. أخذ عن أبي الفضل المسراتي وغيره، نشأ في عفة وديانة وفي خدمة الشيخ أبي الحسن الشاذلي بعد أخيه. مولده سنة 1057 هـ، لم أقف على وفاته. 1290 - أبو الحسن الشيخ علي الستاري التونسي: العالم العلامة الفقيه المتبحر الفهّامة تولى الفتيا بالحاضرة وأخذ عن الشيخ سعيد الشريف والشيخ محمد الغماد والشيخ محمد فتاتة وغيرهم، مولده سنة 1075 هـ، لم أقف على وفاته. 1291 - أبو عبد الله الشيخ محمد جعيظ التونسي: الإمام الفاضل الفقيه العمدة الكامل العالم العامل. أخذ عن الشيخ محمد قويسم وسعيد الشريف وعبد القادر الجبالي ومحمد الغماد وغيرهم وحصل على إجازات وتصدى للتدريس وأفاد وأجاد وهو أول من تولى التدريس بالمدرسة الحسينية وتولى الفتيا. لم أقف على وفاته. 1292 - أبو عبد الله محمد المعروف بالصغير داود ابن العارف بالله علي داود النابلي: العلامة العارف المستجمع للعلوم والمعارف. قرأ على والده القرآن والرسالة ونبذة من المختصر ثم رحل لزغوان وقرأ على الشيخ محمد الحجيج ثم لتونس وأخذ عن الشيخ عبد القادر الجبالي وسعيد الشريف ومحمد الغماد وقاسم الغماري ومحمد قويسم وأحمد الشريف ومحمد فتاتة وأجازوه وحج وأفاد واستفاد ثم رجع لبلده وانتفع به الناس، وله في المديح قصائد وتخميس على البردة، مولده سنة 1067 هـ، لم أقف على وفاته.

فرع فاس

فرع فاس 1293 - مسعود بن محمد: جموع العالم المقرىء الفاضل المحقق الكامل. أخذ عن جماعة منهم أبو عبد الله محمد بن إدريس وهو عن شيخ الجماعة بفاس أبي زيد عبد الرحمن بن أبي القاسم ابن القاضي. له تآليف منها تأليف في قراءة نافع وشرح منظومة ابن غازي في طرق نافع العشر، فرغ منه سنة 1100 هـ[1688 م]. 1294 - أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم الجزائري ثم الفاسي: الشيخ المعمر الفقيه الأديب الإمام العالم الصالح الأريب. أخذ عن أعلام مشارقة ومغاربة منهم الشيخ عبد القادر الفاسي واليوسي وسعيد قدورة والأجهوري والبابلي والفيشي وأبو الغيث القشاش، شيوخه نحو السبعين شيخاً. توفي سنة 1102 هـ[1690 م]. 1295 - أبو عبد الله محمد الشاذلي ابن الشيخ محمد ابن الشيخ أبي بكر الدلائي: الفقيه العلامة العمدة الفهّامة المتفنن في العلوم الحامل راية المنثور والمنظوم الجامع بين العلم والدين المتأسي بسيرة أسلافه المهتدين. أخذ عن والده وأعمامه والعربي الفاسي وعبد القادر الفاسي وأخيه أحمد وغيرهم، وعنه أبناؤه عبد السلام المتوفى سنة 1109 هـ وأحمد المتوفى بعده ومحمد وعبد السلام بن الطيب القادري وأخوه العربي وإدريس المنجرة. توفي سنة 1103 هـ[1691 م]. 1296 - وابنه أبو عبد الله محمد بن الشاذلي الدلائي: الشيخ الفقيه العلامة المحقق المدقق القدوة الفهّامة كان بارعاً في الأدب والإنشاء والتحبير مع الإتقان والتحرير. أخذ عن والده وأعمامه وأبي عمر الغزواني وعبد القادر الفاسي وولده محمد، توفي بفاس سنة 1107 هـ[1695 م]. 1297 - أبو العباس أحمد بن العربي: المعروف بابن الحاج الفاسي الشيخ الإمام نخبة الأكابر وبغية الأعلام الفقيه العلامة النحرير القدوة الشهير المتمسك

بعرى الدين السالك سنن الأئمة المهتدين. أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي وأجازه وهو عمدته وأبي زيد ابن القاضي والقاضي ابن سودة وميارة وأحمد بن جلال وحج ولقي أعلاماً كالبابلي والشبراملي وعبد السلام اللقاني والخرشي وغيرهم، وعنه ولده محمد ومحمد بن عبد السلام بناني وعبد السلام القادري وشقيقه العربي وعبد السلام جسوس ومحمد بن زاكور وأبو عبد الله المسناوي وابن رحال وأبو العباس بن مبارك وأجازه وأبو الحسن السقاط وأجازه. استوفى ترجمته تلميذه محمد بن عبد السلام بناني في فهرسته وإدريس المنجرة في فهرسته أيضاً. مولده سنة 1040 هـ وتوفي سنة 1109 هـ[1697 م]. 1298 - أبو عيسى محمد المهدي بن أحمد بن علي بن يوسف الفاسي: العالم النحرير الفقيه العمدة الشهير المحدّث البركة الخبير. قرأ على والده وعمه عبد القادر الفاسي وابن عمهما محمد بن يوسف الفاسي وغيرهم مما هو كثير وأخذ عن الشيخ الخصاصي وصحب العارف بالله محمد بن عبد الله معن وتهذب به وعنه جماعة منهم الطيب بن محمد الفاسي ومحمد بن عبد الرحمن الفاسي ومحمد بن زاكور وأجازه إجازة عامة بجميع تآليفه منها الدرة الغراء في وقف القراء وسمط الجوهر الفاخر من مفاخر النبي الأول والآخر وكفاية المحتاج في خبر صاحب التاج ومطالع المسرات في شرح دلائل الخيرات واللمعة الخطيرة في مسألة أفعال العباد الشهيرة والجواهر الصفية من المحاسن اليوسفية وروضة المحاسن الزهية بمآثر الشيخ أبي المحاسن البهية وممتع الأسماع في الجزولي وما له من الاتباع وتحفة أهل الصديقية في الطريقة الجزولية الزروقية وداعي الطرب في أنساب العرب وله فهرسة. ترجمته خصت بالتأليف. مولده سنة 1033 هـ وتوفي سنة 1109 هـ[1697 م]. 1299 - أبو محمد عبد السلام بن الطيب بن محمد القادري الحسني: العلامة محيي السنة والملة وإمام الأئمة الجلة شريف العلماء وعالم الشرفاء. أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي وولديه محمد وعبد الرحمن والشيخ اليوسي والعربي الفشتالي وأحمد ابن الحاج والخصاصي وأحمد اليمني والعارف أحمد بن عبد الله معن وانتفع به وغيرهم. له فهرسة، وعنه أبو العباس أحمد الفلالي المتوفى سنة 1165 هـ وولده الطيب. ولد صاحب الترجمة سنة 1058 هـ وتوفي سنة 1110 هـ[1698 م].

1300 - نور الدين أبو علي الحسن بن مسعود اليوسي: شيخ مشايخ المغرب على الإطلاق الإمام الذي وقع على علمه وصلاحه الاتفاق المتضلع في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم. أخذ عن الشيخ محمد بن ناصر وانتفع به وعبد الملك التجمعوتي وعبد القادر الفاسي وجماعة وعنه من لا يعد كثرة منهم أبو العباس أحمد بن مبارك وأبو سالم العياشي وأبو الحسن النوري وأبو عبد الله التازي. له تآليف حسان وأدعية ورسائل وقصائد منها زهر الأكم في الأمثال والحكم وتأليف فيما يجب على المكلف أن يعرفه من أصول الدين وفروعه وقصيدة دالية مدح بها شيخه محمد بن ناصر وشرحها دالة على رسوخ قدمه في المعارف والفنون وحاشية على مختصر السنوسي وحاشية على كبراه والقانون في العلوم وله محاضرات وقصيدة رائية في رثاء بيت بني الدلائي الذين هم أولياء نعمته مشهورة مذكورة في محاضراته وشرف العام والخاص في كلمة الإخلاص والكوكب الساطع في شرح جمع الجوامع بلغ فيه إذا الفجائية وشرح على الصغرى وسؤال وجواب في نعيم الجنة والقول الفصل في تمييز الخاصة عن الفصل وحاشية على تلخيص المفتاح وتقييد رد فيه على القرافي في تقسيم كلام الله إلى قديم وحادث ورسالة على قول خليل في مختصره وخصصت نية الحالف وديوان شعر وفهرسة وغير ذلك، قدم مكة سنة 1102 هـ واجتمع بالأعيان والأفاضل ورجع لبلده وبها توفي سنة 1111 هـ[1699 م]. 1301 - أبو عبد الله محمد الطيب بن محمد بن عبد القادر الفاسي: الفقيه العالم العلامة العمدة القدوة الفهّامة. أخذ عن والده وعمه وجده وابن عمه المهدي الفاسي وأبي سالم العياشي وغيرهم وأجازه الشيخ الخرشي، له تآليف منها شرح مقدمة جده في الأصول وتقاييد وأجوبة في غاية الإفادة وفهرسة والده في رفع الأسانيد. مولده سنة 1064 هـ وتوفي في حياة والده سنة 1113 هـ[1701 م].

1302 - أبو عبد الله محمد ابن الشيخ عبد القادر الفاسي: الفقيه العالم العمدة الإمام المتفنن المحقق القدوة. أخذ عن والده وأجازه والشيخ اليوسي وابن عم أبيه محمد بن أحمد الفاسي وابن جلال وأحمد الزموري الأصغر وأجازه العربي الفاسي وإبراهيم الميموني وعبد السلام اللقاني والبابلي والخرشي وغيرهم مما تضمنته فهرسته التي جمعها ابنه الطيب رحل الناس إليه وانتفعوا به، وأخذوا عنه منهم أحمد ابن الحاج والعربي بردلة ومحمد والعربي ابنا الطيب القادري ومحمد المسناوي وابنه الطيب وابنا أخيه محمد بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد السلام بناني ومحمد بن قاسم جسوس وأبو الحسن العلمي وابن زاكور وأجازه وأبو الحسن السقاط وأجازه ومحمد العلمي مؤلف الأنيس المطرب، له تآليف منها شرح الحصن الحصين لابن الجوزي وشرح شواهد ابن هشام وشرح نظم نخبة ابن حجر في المصطلح وشرح المراصد لعم أبيه العربي الفاسي والمباحث الإنشائية في الجملة الخبرية والإنشائية ورسالة بديعة في الرد على الشيخ إبراهيم الشهرزوري في مسالة خلق أفعال العباد وشرح الطالع المشرق في سماء المنطق لعم أبيه العربي الفاسي لم يكمل ونظم في التوسل بالصحابة وله تقاييد كثيرة في فنون من العلم مفيدة وفتاوى مولده سنة 1042 هـ وتوفي سنة 1116 هـ[1704 م]. 1303 - أبو عبد الله محمد بن أحمد القسنطيني الشريف الحسني: المعروف بابن الكماد أحد الأفراد الزهاد العلامة المتفنن القدوة النحرير العمدة ذو الكرامات الظاهرة والمزايا الفاخرة أخذ بجبل زواوه عن أبي عبد الله محمد المغربي الجزائري وعن محمد بن قدورة وأبي عبد الله محمد بن عبد المؤمن وغيرهم وأجازوه ورحل لفاس وحصل له بها صيت. وأخذ عنه الكثير منهم محمد بن عبد السلام بناني وإدريس بن محمد المنجرة. توفي سنة 1116 هـ[1704 م]. 1304 - أبو العباس أحمد ابن الشيخ قاسم بن محمد: عرف ساسي البوني عالمها وصالحها الإمام العلامة المحقق الفهّامة المحدّث الراوية المسند الواعية. أخذ عن أعلام منهم والده ويحيى الشاوي والزرقاني والخرشي والشبرخيتي وخليل

اللقاني اجتمع به الشيخ عبد الرحمن الجامعي وأخذ عنه وأثنى عليه في رحلته وقال له تآليف تنيف عن المائة بين مختصر ومطول نظماً ونثراً منها فتح الباري في غريب البخاري والثمار المهتصرة في مناقب العشرة ونظم عقائد النسفي والخصائص الكبرى للسيوطي والشمائل ونظم ما اشتمل عليه سنده في الفقه وألفية كبرى وأخرى صغرى في مشيخته أخذ عنه جماعة منهم ابناه محمد المتوفى سنة 1116 هـ[1704 م]، وأحمد زروق المتوفى سنة 330 وكانا من أعلام العلماء وممن أخذ عن أحمد زروق المذكور الحسين الورتيلاني صاحب الرحلة وعبد القادر بن محمد الراشدي القسنطيني المتوفى سنة 1194 هـ[1780 م]، وهذا أجاز الحافظ مرتضى الزبيدي إجازة عامة. توفي المترجم له سنة 1139 هـ[1726 م]. 1305 - أما الشيخ أبو العباس أحمد بن علي البوني: صاحب شمس المعارف فإنه توفي سنة 622 هـ. 1306 - أبو العباس أحمد بن محمد المسناوي الدلائي: كان من الأولياء الأكابر والعلماء المشاهير. أخذ عن والده وأعمامه وغيرهم. وعنه أخذ جماعة منهم ولده محمد. توفي سنة 1117 هـ. 1307 - أبو زيد عبد الرحمن بن محمد السلاسي الفاسي: العلامة الفقيه الفاضل المدرس العمدة الكامل أخذ عن أبي العباس ابن الحاج عبد السلام. القادري ومحمد بن عبد القادر الفاسي ومحمد العربي الفشتالي وغيرهم. وعنه أبو العلاء إدريس المنجرة وغيره، له شرح على أبيات البطليوسي في تصريف الفعل المحذوف الياء واللام في صيغة الأمر. توفي سنة 1118 هـ[1706 م]. 1308 - أبو عبد الله محمد بن قاسم بن زاكور الفاسي: الإمام الفقيه العالم المشهور شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ ووحيد البلاغة وفريد الصياغة المتفنن في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي والمهدي الفاسي وأجازه إجازة عامة وابن الحاج واليوسي وبردلة والقسنطيني وعبد السلام القادري وسعيد قدورة والشيخ محمد بن عبد المؤمن الجزائري وغيرهم

له نظم كثير في أنواع من العلم ومؤلفات مرصعات جزلة العبارة لا يشق فيها أحد غباره فمنها حاشية على الجزرية وعلى القلائد سماه معيار الفوائد وشرح حفيل على حماسة أبي تمام في ثلائة أسفار سماه عنوان النفاسة وديوان شعر سماه الروض الأريض في بديع التوشيح ومنتقى القريض وشرح على لامية العرب سماه تفريج الكرب والصنع البديع في شرح الحلية وشرح على بديعية الصفي الحلي وعلى قصيدة ابن مالك في المقصور والممدود سماه الجود بالموجود ونشر أزهار البستان فيمن أجازه بالجزائر وتطوان وأنفع الوسائل في أبلغ الخطب وأبدع الرسائل والحلة السيراء في حديث البراء والدرة المكنوزة في تذييل الأرجوزة يعني أرجوزة ابن سيناء في الطب ومعراج الوصول في شرح الورقات وفهرسة وغير ذلك. توفي في المحرم سنة 1120 هـ. 1309 - أبو عبد الله محمد ابن الولي الكامل أبي عبد الله الشريف الحسني الوزاني الإدريسي: العارف بالله الصالح الجاري على ميدان المنافع والمصالح الكثير الكرامات المجاب الدعوة. أخذ عن والده المتوفى سنة 1089 هـ وهو عن أبي الحسن علي الصرصري عن الحسن بن عيسى المصباحي عن محمد بن علي الهواري عن عبد الله الغزواني عن عبد العزيز التباع عن الجزولي بسنده إلى الإمام الشاذلي، وعن صاحب الترجمة أخذ من لا يعد كثرة منهم: 1310 - ابنه محمد التهامي: الوارث لسره والخليفة بعده المتوفى سنة 1127 هـ. مات صاحب الترجمة في المحرم سنة 1120 هـ[1708 م]. 1311 - أبو العباس أحمد بن أبي النصائح محمد معن: كان من العلماء العاملين والأئمة العارفين والأولياء الصالحين. أخذ عن والده وقاسم الخصاصي وغيرهما أفردت ترجمته بالتأليف. وله حفدة أساتذة أفاضل. مولده سنة 1043 هـ وتوفي سنة 1120 هـ[1708 م]. 1312 - أبو محمد عبد السلام بن أحمد جسوس الفاسي: الإمام شيخ

المعارف والفضائل وأستاذ الأكابر والأفاضل وصدر المجالس والمحافل الصوفي المتفنن في العلوم العالم العامل. أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي وولديه عبد الرحمن ومحمد وميارة واليوسي وأبي العباس بردلة وأبي سالم العياشي، وحج وأخذ عن الشيخ سلطان وغيرهم، وعنه أخذ أعلام منهم ولده الأديب الفاضل عبد الله المتوفى سنة 1136 هـ. له تآليف في الأدعية النبوية. توفي شهيداً في خبر طويل سنة 1121 هـ[1709 م]. 1313 - أبو العباس أحمد بن محمد بن جابر: النايلي نسباً الطرابلسي منشئاً وداراً العارف بالله مربي المريدين وقرة عيون العارفين العالم العابد القدوة الورع الزاهد أثنى عليه الشيخ عبد الله الهاروشي في كنوز الأسرار قال: قال لي مرة يا ولدي أنا ما عاشرت إنساناً مطيعاً أو سيئاً وسرني مفارقته، أخذ عن والده والشيخ عبد الحفيظ ابن الشيخ محمد الصيد والشيخ محمد المكني والشيخ أحمد بن ناصر الدرعي ثم قال الشيخ عبد الله المذكور: قرأت عليه كتباً غزاراً من كتب الطريقة والتصوف ودعا لي بدعوات، وممن أخذ عنه محمد بن دومة وعبد الظاهر النايلي وكان موجوداً في سنة 1126 هـ[1714 م]. 1314 - أبو العباس أحمد بن عبد القادر التستاوني: الولي الصالح العالم العارف بالله كان من أكابر أصحاب الشيخ ابن ناصر ومن حفدة الشيخ أبي عبد الله محمد بن مبارك الزعري. توفي سنة 1127 هـ[1715 م]. 1315 - أبو العباس الشيخ أحمد ابن محمد بن محمد بن يعقوب الولالي: نسبة لقبيلة بني ولال بالمغرب الإمام العلامة المحقق النسّابة الفهّامة المدقق، أخذ عن أعلام منهم الشيخ محمد بن عبد الله السوسي وانتفع به في كثير من العلوم وانتصب للتدريس على عهد السلطان إسماعيل بقصبة فزانة له مصنفات كثيرة في فنون شتى تشهد له بطول الباع وسعة الاطلاع منها شرح التلخيص وشرح خطبة مختصر السعد وشرح مختصر السوسي في المنطق والمقاصد والسلم ولامية الأفعال وحاشية على المحلي وشرح جمل الخونجي ورسالة السيد الجرجاني وله كتاب سماه مباحث الأنوار في أخبار بعض الأخيار. وتوفي في ثاني رجب سنة 1128 هـ بمكناسة الزيتون.

1316 - أبو العباس أحمد بن الشيخ محمد بن ناصر الدرعي: الإمام العمدة الكامل العالم العامل القدوة الفاضل صاحب الكرامات الكثيرة والمناقب الشهيرة، أخذ عن والده وورث سره وكان الخليفة بعده وقرأ عليه التفسير والحديث وغير ذلك وعن أبي سالم العياشي وأجازه وحج مرات واجتمع بالأفاضل منهم الشيخ الكوراني وأجازه، وعنه أخذ جماعة منهم ابنا أخيه وهما موسى ويوسف الوارث لسره والخليفة بعده والشيخ عبد الله السوسي ومحمد بن عبد السلام بناني والشيخ عبد الحفيظ، ألّف رحلة في حجته الأخيرة الواقعة سنة 1121 هـ نقل فيها الكثير من رحلة شيخه العياشي وحذا حذوها وله كتاب الأجوبة وتأليف في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. توفي سنة 1129 هـ[1716 م]. 1317 - أبو عبد الله محمد ابن الشيخ أحمد: المعروف بابن الحاج الفقيه العلامة الأفضل العمدة الفهّامة الأكمل القاضي الأعدل تربى في حجر والده وأخذ عنه وانتفع به وعن الشيخ اليوسي والشيخ محمد بن عبد القادر الفاسي ومحمد القسنطيني المعروف بابن الكماد والعربي بردلة، أدرك الشيخ عبد القادر الفاسي وأجازه، وعنه أخذ ولده أحمد وغيره له أشعار وقصائد وشرح على فرائض ابن عرفة. مولده في حدود نيف وستين وألف، توفي سنة 1128 هـ[1782 م] أو 1129 هـ[1716 م]. 1318 - وولده أبو العباس أحمد: المذكور كان من أعلام العلماء الأئمة الفضلاء الأذكياء ومن قضاة العدل. أخذ عن والده وجده ومحمد بن عبد القادر الفاسي والمسناوي وابن زكري والعربي بردلة، وعنه أخذ جماعة له حاشية على مختصر ابن عرفة في الفرائض نحو الربع وله أشعار وقصائد في مدح المصطفى - صلى الله عليه وسلم - تولى جميع وظائف والده وجده من القضاء وغيره. مولده سنة 1094 هـ وتوفي سنة 1133 هـ[1720 م]. 1319 - أبو العباس أحمد بن محمد الحارثي بن محمد بن عطية السلوي

الفاسي: الإمام الفقيه الصوفي الجامع بين العلم والعمل، أخذ عن جده محمد بن عطية وعلي بن عبد الرحمن الدرعي الشاذلي، ألّف كتاب التفكر والاعتبار في تاريخ المصطفى وبعض أصحابه الأخيار وله سلسلة الأنوار في ذكر طريق السادات الصوفية الأخيار. توفي سنة 1129 هـ[1716 م]. 1320 - أبو عبد الله محمد العربي بن أحمد بُردلة الفاسي: إمامها وفقيهها وشيخ الجماعة بها وقاضيها العادل وأستاذها الفاضل خاتمة العلماء المحققين الأفاضل، أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي وأجازه واعتمده وأبي عبد الله بن سودة وأضرابهما وعنه أبو الحسن الشريف العلمي وعبد السلام القادري وأبو عبد الله المسناوي وأبو عبد الله محمد بن عبد السلام البناني وغيرهم، له أجوبة ورسائل ومفيدة. مولده سنة 1042 هـ وتوفي سنة 1133 هـ. 1321 - أبو العباس أحمد بن عبد القادر بن علي القادري: الفقيه العلامة الشيخ الصالح النسّابة الفهّامة. أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي وأجازه والشيخ اليوسي والخصاصي وأحمد بن عبد الله معن وانتفع به وحج وأقام بمصر سنين، وأخذ عن الشيخ عبد الباقي الزرقاني والشيخ الخرشي، ألّف رحلة حافلة استوعب فيها أحوال شيخه المذكور وله نظم جيد وأجوبة في علم التاريخ وغيره. مولده سنة 1050 هـ وتوفي سنة 1133 هـ[1720 م]. 1322 - أبو عبد الله محمد بن أبي زيد عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي: الفقيه العالم العامل المتفنن المسند الزكي الفاضل. أخذ عن جده وانتفع به وأجازه إجازة عامة وعن عمه محمد ولازمه وأخذ عن أبيه وبه تخرّج وأجازه وأبي سالم العياشي والخرشي والزرقاني، وعنه أخذ جماعة منهم ابنه أبو مدين وقريبه أبو حفص عمر الفاسي ومحمد بن عبد السلام بناني ومحمد بن أحمد القادري وغيرهم، له تآليف منها كشف الغيوب عن رؤية حبيب القلوب - صلى الله عليه وسلم - والكوكب الزاهر في سير المسافر وفهرسة حافلة سماها المنح البادية في الأسانيد العالية. مولده سنة 1058 هـ وتوفي سنة 1134 هـ[1721 م].

1323 - أبو عبد الله محمد الشهير بالمسناوي بن أحمد بن محمد الملقب بالمسناوي بن محمد بن أبي بكر الدلائي: شيخ الإسلام وعلم الأعلام وخاتمة المحققين وقدوة الموفقين شيخ الجماعة وعمدة المفتين. أخذ عن أعلام منهم والده وعم أبيه محمد المرابط وعبد القادر الفاسي وأجازه إجازة عامة وولداه أحمد وعبد الرحمن والشيخ اليوسي وعبد السلام القادري وأخيه العربي وأبي عبد الله القسنطيني وأبي العباس أحمد ابن الحاج وهما عمدته وعبد الملك السجلماسي التجمعوني وغيرهم، وعنه محمد الشرقي ومحمد جسوس ومحمد اليفرني مؤلف نزهة الحادي ومحمد العلمي مؤلف الأنيس المطرب وأحمد بن مبارك وأجازه إجازة عامة ومحمد ميارة الصغير ومحمد بن حمدون البناني وولد عمه ابن عبد السلام البناني وأبن زكري وجماعة. له تآليف منها جهد المقل القاصر في نصرة الشيخ عبد القادر ونتيجة التحقيق في بعض أهل النسب الوثيق والقول الكاشف عن أحكام الاستنابة في الوظائف ونصرة القبض والرد على ما أنكر مشروعيته في صلاتي النفل والفرض وصرف الهمة إلى تحقيق معنى الذمة، وله أجوبة كثيرة وتقاييد مفيدة في أنواع مختلفة لو جمعت لكانت مجلداً، وتقارير على المختصر، ترجمته خصها بعض العلماء بالتأليف. مولده سنة 1072 هـ وتوفي سنة 1136 هـ[1723 م]. ولما مرض نظم قصيدة يتضرع فيها إلى الله تعالى في الرحمة والرضوان والقبول والغفران وأوصى أن يشيع هو بها وقد جرى العمل بفاس بقراءتها عند تشييع الميت من داره إلى القبر وهي أربعون بيتاً مستهلها: يا رب عطفاً على مسيء ... قد ساقه القوم إلى المقابر فجاء فرداً بغير زاد ... وخلف الأهل والعشائر تعاظم الذنب منه جدًا ... وسوّد الصحف بالكبائر فضاق ذرعاً بما جناه ... وليس يرجو سواك غافر فحقق الظن فيك فضلا ... فأنت عند الرجاء حاضر 1324 - أبو عبد الله محمد: المعروف بابن الفقيه العلامة الألمعي النبيه كان من أرسخ المحققين في علم الطريقة وأثبت العارفين في سير الحقيقة متفنناً

فاضلاً أصولياً عارفاً بالله كاملاً. أخذ عن الشيخ عبد الله الوزاني وغيره وعنه أخذ داود التواتي وأبو القاسم الياغي وعبد الله بن يخلف وعبد الهادي بن إدريس الكتاني، له تأليف في سر النقطة وآخر سماه شمس القلوب في معرفة علاّم الغيوب، ترجمته واسعة أفردها بالتأليف تلميذه: 1325 - العلامة عبد الله بن يخلف: المذكور المتوفى سنة 1162 هـ[1748 م]. والعارف بالله الكامل عبد الله بن أبي طالب المذكور المتوفى أواخر القرن الثاني عشر. توفي صاحب الترجمة سنة 1136 هـ[1723 م]. 1326 - أبو الخيرات مصطفى بن عبد الله بن موسى الرماصي: من بلد قريب من مازونة الإمام الفقيه العلامة المحقق الفهّامة المؤلف المدقق أخذ عن شيوخ مازونة ومصر منهم الخرشي والزرقاني له حاشية على شرح الشمس التتائي على المختصر غاية في الجودة والنبل، توفي سنة 1136 هـ[1723 م]، عن نيف وتسعين سنة. 1327 - شيخ الجماعة أبو العلاء إدريس بن محمد الحسني الإدريسي: المعروف بالمنجرة الإمام العلامة الفقيه المقرىء الأستاذ المحقق الفهّامة. أخذ عن أبي عبد الله محمد الهواري وأبي العباس أحمد بن ناصر وغيرهما من أهل المشرق والمغرب ذكرهم في فهرسته المسماة بعذب المواريد في الأسانيد، وعنه أخذ ولده عبد الرحمن وأجازه وغيره له تآليف وتقاييد شتى في علم القراءة نظماً ونثراً وغيره. توفي سنة 1137 هـ[1724 م]. 1328 - أبو علي الحسن بن رحال المعداني: الإمام العلامة المفضال الفقيه النظار خاتمة العلماء المحققين الأخيار كان من أهل الفضل وقضاة العدل. أخذ عن الشيخ محمد بن عبد القادر الفاسي والقاضي ابن سودة والمجاصي واليوسي وغيرهم وعنه التادلي وابن عبد الصادق وجماعة له شرح حافل على مختصر خليل من النكاح في ستة أسفار كاد أن يحتوي على جميع نصوص المذهب وله

حاشية على شرح ميّارة على التحفة واختصار شرح الشيخ الأجهوري على مختصر خليل ويتيمة العقدين في منافع اليدين وتأليف في الأدعية ورفع الالتباس على الخماس في المزارعة والإرفاق في مسائل الاستحقاق وغير ذلك. توفي سنة 1140 هـ[1727 م]. 1329 - أبو العباس أحمد بن سليمان: العلامة المتبرك به صاحب التآليف العديدة والتقاييد المفيدة. أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي وولده محمد وحفيده الطيب ومحمد القسنطيني وعبد السلام القادري وغيرهم. توفي سنة 1141 هـ. 1330 - أبو عبد الله محمد الصغير بن محمد بن عبد الله اليفرني: الفقيه المحدّث العلامة الأديب المؤرخ الفهّامة. أخذ عن أبي العباس الحلبي ومحمد بن عبد القادر الفاسي ومحمد المسناوي وغيرهم، له تآليف منها نزهة الحادي. توفي بعد الأربعين ومائة وألف. 1331 - أبو عبد الله محمد السوسي المنصوري: الفقيه العلامة الفاضل الإمام العمدة القاضي العادل. أخذ عن الشيخ أحمد بن ناصر وغيره، له شرح على مختصر الشيخ السنوسي في المنطق وشرح على كبراه. توفي سنة 1142 هـ[1729 م]. 1332 - أبو عبد الله محمد بن إدريس العراقي: العالم الجليل المشهور بالنباهة والتحصيل عالم الشرفاء وشريف العلماء. أخذ عن جماعة منهم عبد السلام القادري وعبد القادر الفاسي وولده محمد وهو عمدته وعنه أبو عبد الله محمد بن أحمد الفاسي وعبد الهادي العراقي ومؤلف الأنيس المطرب وأبو حفص عمر الفاسي وبينه وبين أبي عبد الله المسناوي خلة وأسئلة وأجوبة، له تقاييد كثيرة في النحو. توفي سنة 1142 هـ[1729 م].

1333 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن بن زكري: الإِمام العلامة الفقيه النبيه الفهّامة المتفنن في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم. أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي وانتفع به وأحمد بن العربي ابن الحاج وأبي عبد الله محمَّد المسناوي وميارة الصغير وغيرهم وعنه الشيخ محمَّد جسوس وغيره له مؤلفات مفيدة وأجوبة عتيدة منها شرح خريدة السيوطي وشرح النصيحة والحكم العطائية وشرح الشمائل وحواشي على البخاري وشرح الصلاة المشيشية والقواعد الزروقية والهمزية التي عارض فيها همزية البوصيري وحاشية على توضيح ابن هشام لم تكمل وتفسير على مواضع من القرآن وغير ذلك وكلها غاية في التحقيق ولكل من الشيخين عبد المجيد المنالي وأحمد بن عبد السلام بناني تأليف مستقل في التعريف به. توفي سنة 1144 هـ[1731 م]. 1334 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد وقيل ابن أحمد بن محمَّد بن أحمد ميارة: المعروف بميارة الصغير العالم النحرير العمدة المحقق الشهير له تحقيق في العلوم العقلية ودراية تامة في العلوم النقلية. أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي وأجازه واعتمد على ولده محمَّد وعلى الشيخ بردلة ولازمهم، وعنه الشيخ جسوس ومحمد بن زكري وغيرهما. توفي سنة 1144 هـ[1731 م]. 1335 - أبو محمَّد عبد الله بن عمر بن يوسف بن العربي الفاسي: الإِمام العمدة الفقيه النبيه القدوة، كان بدراً يستضاء به في المدلهمات وحصناً يستند إليه في المهمات. أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي والقاضي بردلة والشيخ المسناوي وغيرهم، وعنه ولده أبو حفص عمر وغيره. توفي سنة 1146 هـ[1733م]. 1336 - أبو العباس أحمد بن عبد الوهاب: الوزير الغساني الفاسي الفقيه العالم الكبير الصوفي الأريب المؤلف الشهير. أخذ عن الشيخ محمَّد بن عبد الله معن وانتفع به وغيره. له تآليف جامعة مفيدة منها حاشية على الكلاعي وشرح الهمزية وشرح البردة وجلاء القلب القاسي بمحاسن المهدي الفاسي ولامية ذكر فيها

الشيخ أحمد المذكور وتاريخه شرحها وشرح الحزب الكبير للإمام الشاذلي وشرح الصلاة المشيشية وعوارف المنة فيمن شهد له بالجنة ورسالة في التعريف بالشيخ عبد السلام القادري وأخرى في التعريف بالشيخ المسناوي وقصيدة في المدح النبوي وشرحها وغير ذلك. توفي سنة 1146 هـ[1733 م]. 1337 - أبو العباس أحمد بن محمَّد الشدادي الفاسي: العالم الكبير المتبحر في النحو والفقه والحديث والتفسير، صدر المحافل في جمع الأفاضل، المرجوع إليه في النوازل، المحتج بما يقوله إذا خفيت الدلائل. قرأ على الشيخ محمَّد ابن الشيخ عبد القادر الفاسي وغيره، وعنه أخذ الشيخ محمَّد التاودي وغيره، تولى قضاء فاس والإمامة والخطابة بجامع القرويين. له فتاوى كثيرة وشرح على لامية الزقاق وتقييد على تحفة ابن عاصم. توفي سنة 1146هـ[1733م]. 1338 - أبو الحسن علي بن علي الشريف العلمي: الفقيه النبيه العلامة الفاضل المحقق المطلع البارع في الأحكام والنوازل. أخذ عن والده والشيخ عبد القادر الفاسي ومحمد العربي بردلة وغيرهم. ألّف النوازل المشهورة بنوازل العلمي. لم أقف على وفاته. 1339 - أبو عبد الله محمَّد الطيب بن محمَّد الشريف العلمي الوزاني: العالم اللوذعي الماهر الفقيه الألمعي الأديب الشاعر. أخذ عن والده والشيخ أحمد المسناوي وابنه محمَّد ومحمد بن عبد القادر الفاسي والعربي بردلة وابن رحال وابن زكري وجماعة. ألّف الأنيس لمطرب، لم أقف على وفاته ثم وقفنا على وفاته وكانت سنة 1134 هـ[1721 م]. 1340 - حمزة ابن الشيخ سالم العياشي: من بيت معروف بالعلم والفضل، العالم الكامل القدوة الزكي الفاضل. أخذ عن والده وأجازه الشيخ

الطبقة الربعة والعشرين

عبد القادر الفاسي إجازة عامة، وعنه قريبه الشيخ أبو زيد عبد الرحمن العياشي وعبد السلام المعروف بالعالم من أحفاد الشيخ عبد السلام الأسمر. لم أقف على وفاته. 1341 - أبو زيد عبد الرحمن بن محمَّد بن عبد الرحمن العياشي: الفقيه الفاضل القدوة العالم العامل. أخذ عن الشيخ حمزة العياشي وغيره. له شرح على الوظيفة الزروقية. لم أقف على وفاته. 1342 - أبو الحسن علي بن أحمد الحريشي: الإِمام العارف بالله خاتمة المحققين والعلماء العاملين المسند المحدّث الرحال العمدة المفضال. أخذ عن أعلام منهم الشيخ عبد القادر الفاسي وابنه محمَّد وأبو سالم العياشي واليوسي والخرشي والزرقاني. وعنه جلة منهم جسوس وأحمد بن مبارك وعمر الفاسي وأحمد الماكودي وأبو العلاء الحافظ العراقي. له مؤلفات منها شرح الموطأ وشرح مختصر خليل وشرح عقيدة أبي الحسن النوري وشرح الشفا وشرح نظم ابن زكري التلمساني وله فهرسة وغير ذلك. مولده سنة 1042 هـ وتوفي بالمدينة المنورة بعد سنة 1120 هـ[1708 م]. 1343 - أبو عبد الله محمَّد بن علي الشريف الجعدي: الرضي الأرضي الفاضل العالم العامل. أخذ عن الشيخ محمَّد بن عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي وناوله فهرسته المسماة بالمنح البادية بعد قراءتها عليه وأجازه بجميع ما فيها وسمع منه الحديث المسلسل بالأولية وحديث الضيافة بالأسودين ولقنه وشابكه وناوله السبحة وناوله أوائل الكتب الستة وأوائل الموطأ وغير ذلك من الكتب وألبسه الخرقة وذلك سنة 1133 هـ. لم أقف على وفاته. الطبقة الربعة والعشرين فرع مصر 1344 - أبو عبد الله محمَّد صلاح الدين البرلسي: الشهير بشلبي، الإِمام

العلامة العمدة الفهّامة النبيه المتقين المتبحر المتفنن. أخذ عن النفراوي وغيره، وروى عن البصري والنخلي وعنه أخذ الأشياخ المعتبرون توفي في صفر سنة 1154 هـ[1741 م]. 1345 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد الغلاني الكنتاوي السوداني: الإِمام العلامة الوحيد البحر الخضم الفريد، روض العلوم والمعارف وكنز الأسرار واللطائف، كانت له يد طولى في جميع العلوم ومعرفة تامة بدقائق الأسرار والأنوار. تلقى العلوم والمعارف ببلده على جلة منهم الشيخ محمَّد بن سليمان بن محمَّد النوالي البرناوي والشيخ محمَّد جودو ومعناه الكبير وبه انتفع. قرأ عليه كتباً كثيرة في فنون شتى ورحل للحج وحج ومر في رحلته بعدة ممالك واجتمع بملوكها وعلمائها واستفاد وأفاد وألّف في ذلك رحلته، وله تآليف في فنون من العلم منها بلوغ الأرب من كلام العرب في النحو. توفي بمصر سنة 1154 هـ[1741 م]. 1346 - أبو العباس أحمد بن عيسى العماري: الإِمام العلامة العمدة الفهّامة، أستاذ المحققين وصدر المدرسين. أخذ عن الشيخ عبد الرؤوف البشبيشي والشيخ منصور المنوفي والشيخ أحمد النفراوي والشيخ محمَّد الزرقاني، ولما توفي الشيخ الشبراملسي تصدر للإقراء في محله وانتفع به خلق. توفي سنة 1155 هـ[1742 م]. 1347 - أبو محمَّد عبد الخالق بن وفاء: الأستاذ الكبير والعلم الشهير قطب زمانه وفريد أوانه. كان على قدم أسلافه الكرام صاحب كرامات ساطعة وأنوار مشرقة لامعة. توفي في ذي الحجة سنة 1161 هـ وتولى بعده خلافتهم الشيخ محمَّد أبو الأشراف بن وفاء المتوفى سنة 1171 هـ. 1348 - أبو العباس أحمد بن مصطفى بن أحمد: عرف الصباغ الزبيري الإسكندري نزيل مصر، الإِمام الفقيه المحدّث شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ، خاتمة المسندين والعلماء العاملين. كان متبحراً إماماً في كثير من الفنون. أخذ عن جلة فيهم كثرة منهم محمَّد الزرقاني وأحمد بن غنيم النفراوي

وسليمان الشبرخيتي وأبو العز العجمي ويحيى الشاوي وعبد الوهاب الشنواني وتاج الدين القلعي وإبراهيم الفيومي وأجازه إجازة عامة بما تضمنه ثبته من المؤلفات مسندة إلى مؤلفيها في فنون شتى وهي القراءات والحديث والسير والتفسير والفقه والكلام والنحو واللغة والبلاغة، وهو عن الخرشي وعبد الباقي الزرقاني بسندهما وأخذ المترجم أيضاً عن محمَّد بن عبد القادر الفاسي بسنده وعن الشيخ محمَّد زيتونة التونسي حين قدم الإسكندرية وأجازه كما أجازه جار الله الشيخ عبد الله بن سالم البصري وأخذ عنه، جميع مرولاته متصلة السند في فهرسة حافلة، وألّف شرحاً على الأجرومية. أخذ عنه الشيخ محمَّد بناني والشيخ عبد الوهاب العفيفي والشيخ محمَّد بن عيسى الزهار والشيخ محمَّد بن عبد الهادي مدينة والشيخ عمر بن عبد الصادق الششتي وأجازهم إجازة عامة بما في فهرسته. توفي سنة 1162 هـ[1748م]. 1349 - أبو النجا سالم بن محمَّد النفراوي: الضرير المفتي العلامة النحرير. كان مشهوراً بمعرفة فروع المذهب مع استحضار عجيب وكانت حلقة درسه أعظم الحلق وعليه مهابة وجلالة أخذ عن الشيخ أحمد النفراوي الفقه وأخذ الحديث عن الشيخ محمَّد الزرقاني ومحمد البابلي. توفي في صفر سنة 1168 هـ[1754 م] وكانت جنازته مشهودة حضرها الشيخ الحسين الورتيلاتي صاحب الرحلة. 1350 - داود بن سليمان الشرنوبي الخربتاوي: الإِمام العمدة الفاضل الفقيه القدوة العالم العامل. أخذ عن الشيخين محمَّد الزرقاني والخرشي وطبقتهما، ألحق الأحفاد بالأجداد وانتفع به الكثير. مولده سنة 1080 هـ وتوفي في جمادى الأولى سنة 1170 هـ[1756 م]. 1351 - القطب المعمر أبو محمَّد عبد الوهاب بن سليمان بن حجازي بن عبد القادر المرزوقي العفيفي البرهاني: الإِمام العلامة القدوة الفهّامة العالم العامل العارف بالله الواصل، صاحب الكرامات الظاهرة والأنوار الساطعة الباهرة. نشأ بعفيف إحدى قرى مصر. أخذ عن الشيخ سالم النفراوي والشيخ أحمد الصباغ لازمه وانتفع به، وأجازه مولاي أحمد التهامي حين قدم مصر بالأحزاب الشاذلية والشيخ مصطفى البكري بالخلوتية وحج ولقي بمكة الشيخ إدريس اليماني وأجازه

ورجع لمصر ولازم الشيخ البليدي وانتفع به وعنه روى جماعة من أفاضل عصره منهم الشيخ محمَّد الصبان والشيخ محمَّد مرتضى والشيخ محمَّد بن إسماعيل النفراوي وسمعوا عليه صحيح مسلم والشيخ مدينة والشيخ الورتيلاتي وله أتباع كثيرون منتشرون وأنجببوا. توفي في صفر سنة 1172 هـ كانت جنازته غاية في الاحتفال وقبره مزارة عظيمة. 1352 - أبو الحسن علي بن خضر بن أحمد العمروسي: الإِمام العلامة الفقيه النبيه الفهّامة أخذ عن جلة منهم السلموني ومحمد الزرقاني والشهاب النفراوي ودرس بالأزهر وانتفع به الطلبة واختصر المختصر الخليلي في نحو الربع ثم شرحه كان مقبلاً على شأنه. توفي سنة 1173 هـ[1759 م]. 1353 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد الأندلسي: الشهير بالبليدي شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ الفقيه المحدّث المسند الراوية المتفنن في كثير من العلوم. أخذ عن أعلام منهم محمَّد الزرقاني وأحمد النفراوي وإبراهيم الفيومي وأجازوه وتمهر ولازم الفقه والحديث بالمشهد الحسيني فراج أمره واشتهر ذكره وحسن اعتقاد الناس فيه وانكبوا على تقبيل يده. أخذ عنه أئمة أعلام كالصعيدي والدردير وعلي بن عبد الصادق، ألحق الأصاغر بالأكابر قال الأمير هو شيخنا وشيخ مشايخنا من أفاضل العلماء. من تآليفه حاشية على شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني. مولده سنة 1016 هـ ولم يزل مقبلاً على شأنه مواظباً على إملاء الحديث كصحيحي البخاري ومسلم والموطأ والشفا والشامل حتى توفي في رمضان سنة 1176 هـ[1762 م]. 1354 - أبو المودة خليل بن محمَّد المغربي: التونسي الأصل المصري المولد والقرار الإِمام الفقيه المحقق العمدة المحدّث المسند المدقق القدوة، ولد بمصر ونشأ على عفة وصلاح وأقبل على تحصيل المعارف والعلوم فأدرك منها المروم وحضر درس البليدي والملوي وغيرهما من فضلاء الوقت إلى أن استكمل هلال معارفه وأبدر وفاق أقرانه في التحقيقات واشتهر وكان حسن الإلقاء للعلوم والتقرير والتحرير جيد الذهن إماماً في المعقولات حلالاً للمشكلات وانتفع به الكثير

له مؤلفات منها شرح المقولات العشر مفيد جداً له ثبت. مات في المحرم سنة 1177هـ. 1355 - أبو عامر أحمد النفراوي: الإِمام العلامة مفيد الطالبين وقدوة العلماء العاملين. أخذ عن جلة منهم سالم النفراوي والبليدي والطحلاوي والملوي والحفني وبرع في المعقول والمنقول ودرس وأفاد وأجاد وانتفع به الطلبة. توفي سنة 1181 هـ[1767م]. 1356 - أبو حفص عمر بن علي بن يحيى الطحلاوي الأزهري: الإِمام الثبت العلامة الفقيه المحدّث الأستاذ الفهّامة. تفقه بالشيخ سالم النفراوي وأخذ عن أبي الحسن علي بن أحمد الحريشي الفاسي والشهابين البابلي والعماري والبليدي وتمهر في فنون ودرس بالأزهر واشتهر أمره وطار صيته وتوجه لدار السلطنة في مهم وقوبل بالإجابة وألقى هناك دروساً في الحديث. وأخذ عنه أكابر العلماء وأجاز الأشياخ، كان مشهوراً بحسن التقرير وعذوبة البيان وجودة الإلقاء وكان للناس فيه اعتقاد ولكلامه وقع في النفوس وعليه هيبة ووقار. توفي في صفر سنة 1181 هـ[1767 م]. 1357 - أبو محمَّد عبد الحي بن أحمد بن الحسن بن زين العابدين الحسيني البهنسي: الشيخ الإِمام الصالح العمدة العلامة القدوة. أخذ عن خليل اللقاني ومحمد الزرقاني ومحمد الخرشي والبصري والنخلي وعلي الطولوني وعنه جماعة. توفي في شعبان سنة 1181 هـ[1767 م]. 1358 - نور الدين أبو الحسن علي بن محمَّد العربي الفاسي المصري: الشهير بالسقاط الإِمام المفضال العالم القدوة الرحال المحدّث الراوية ذو الأسانيد العالية والأنفاس الذاكية روى الموطأ من عدة طرق منها طريق الشيخ محمَّد الزرقاني بسنده والشيخ محمَّد بناني عن محمَّد بن عبد القادر الفاسي بسنده، وروى البخاري من عدة طرق منها طريق ابن سعادة رواه عن أحمد ابن الحاج عن عبد القادر الفاسي عن والده عن جده يوسف والمنجور والقصار ثلاثتهم عن اليسيتني عن سقين عن أحمد زروق وابن غازي كلاهما عن القوري عن أبي عبد الله الغساني عن

القاضي محمَّد ابن الشيخ أحمد الغماز عن الطبري عن أبي الحسن بن خيرة عن أبي عبد الله محمَّد بن سعادة المذكور عن أبي علي الصدفي عن أبي الوليد الباجي عن أبي ذر الهروي عن المستملي والمروزي كلاهما عن أبي عبد الله الفربري عن الإِمام البخاري قال في المنح البادية في الأسانيد العالية نقلاً عن جده أبي البركات الشيخ عبد القادر الفاسي أن رواية ابن سعادة أفضل من الروايات التي عند ابن حجر وابن حجر لم يعثر عليها وهي المعتمدة عندنا بالمغرب المسلسلة بالمالكية وبهذا السند روى تآليف ابن عساكر وروى المترجم أيضاً عن الشيخ إبراهيم الفيومي عن الشيخ الغرقاوي المالكي عن النور الأجهوري بسنده وروى سنن أبي داود وسنن النسائي والمواهب اللدنية عن الشيخ محمَّد الزرقاني بسنده إلى مؤلفيها والأربعين النووية والحديث المسلسل بالسبحة وبقوله أشهد بالله وأشهد الله والمسلسل بأني أحبك وبيوم العيد وبيوم عاشوراء والقبض على اللحية والحزب الكبير للشاذلي وتآليف السنوسي جميع ذلك متصل السند، وسمع البصري والنخلي وأجازه وعلي بن عبد الله التطاوني وأجازه بالصحيح والمنح البادية وبسائر المسلسلات وقرأ على محمَّد القسنطيني وابن زكري وروى حديث الرحمة عن الشيخ مصطفى البكري واجتمع به الشيخ محمَّد مرتضى لمقابلة المنح البادية وأحبه وباسطه وشافهه بالإجازة العامة، وعنه أخذ جماعة من أهل المشرق والمغرب منهم الشيخ الأمير وأجازه إجازة عامة بجميع مروياته المتصلة السند المثبتة في فهرسته من تأليفه نظم الصغرى شرحه تلميذه الأمير المذكور. توفي سنة 1183 هـ[1769 م]. 1359 - أبو الحسن علي بن عبد الرحمن العدوي: الشهير بالخرائطي الفقيه العلامة الزكي الأفضل، درس على جماعة من فضلاء العصر ولازم الشيخ علي الصعيدي ملازمة كلية ودرس بالأزهر وانتفع به الطلبة. توفي في المحرم سنة 1185 هـ[1771م]. 1360 - أبو الحسن علي بن صالح الشاوري: مفتي فرشوط الفقيه الصالح الخير القدوة الفاضل، قرأ بالأزهر ولازم الشيخ علي الصعيدي وتفقه عليه وسمع الحديث من الشيخ أحمد الصباغ وغيره، كان مقبول الشفاعة وجيهاً معتبراً حسن المذاكرة والمحاورة، ألّف الشيخ محمَّد المرتضى باسمه نشق الغوالي من المرويات العوالي. توفي ببولاق في شعبان سنة 1185 هـ[1771 م].

1361 - أبو عبد الله محمَّد بن سليمان بن محمَّد بن إسماعيل بن خضر النفراوي: الإِمام العلامة المتفنن المحقق الدراكة المتقين كان والده من أهل العلم على جانب عظيم من الصلاح وعمر كثيراً حتى جاوز المائة، وكانت وفاته سنة 1178 هـ تربى المترجم في حجر أبيه وحفظ القرآن والمتون وحضر درس الشيخ سالم النفراوي وخليلاً المكي وغيرهما وتفقه وحضر المعقول على كثير من الفضلاء ومهر وأنجب ودرس، كان جيد الحافظة قوي اللهم والغوص على عويصات المسائل ودقائق العلوم وله معرفة جيدة بالعلوم الرياضية التي تلقاها عن الشيخ حسن الجبرتي وأجازه الملوي والجوهري والحفني وغيرهم، له حاشية على شرح العصام على السمرقندية وأجوبة على الأسئلة الخمسة التي أوردها الشيخ أحمد الدمنهوري على علماء العصر وله شرح على نور الإيضاح في الفقه الحنفي ورسالة سماها الطراز المذهب في بيان معنى المذهب وله سليقة جيدة في النظم والنثر وكتب بخط يده كثيراً. توفي في جمادى الثانية سنة 1185 هـ. 1362 - أبو الحسن علي الفيومي: الشيخ الصالح العلامة القدوة حضر درس الشيخ إبراهيم الفيومي والشيخ علي الصعيدي ودرس وكان سريع الإدراك متين الفهم، له في علم الكلام باع طويل. توفي في رمضان سنة 1185 هـ[1771 م]. 1363 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن عبد السلام الشرفي: الصفاقسي الأصل المصري المولد والقرار. كان عالماً فاضلاً، له معرفة جيدة بعلم الميقات مع مشاركة حسنة في غيره وكان والده شيخاً على رواق المغاربة بالأزهر ومن شيوخ الشيخ أحمد الدمنهوري توفي المترجم في ربيع الأول سنة 1188 هـ[1774م]. 1364 - أبو احسن علي بن أحمد الصعيدي العدوي: الإِمام الهمّام شيخ مشايخ الإِسلام وعلم العلماء الأعلام، إمام المحققين وعمدة المدققين، صاحب التآليف العديدة والأنفاس العالية السعيدة. قدم مصر وحضر دروس المشايخ كعبد الوهاب الملوي وشلبي البرلسي وسالم النفراوي وعبد الله المقرئ ومحمد السلموني ثلاثتهم عن الخرشي وأقرانه وإبراهيم الفيومي ومحمد بن زكري وإبراهيم شعيب ومحمد العشماوي والعماري والبليدي والحفني وجماعة وروى ودرس بالأزهر وغيره، وعنه أخذ أعلام منهم الشيخ عبادة والبناني والقلعي والجناحي

والدردير والبيلي والسباعي والدسوقي والأمير ويوسف ابن الشيخ سعيد الصفتي صاحب الحاشية على شرح الشيخ أحمد بن تركي على العشماوية فرغ منه سنة 1191 هـ وغيرهم وقد بارك الله في أصحابه طبقة بعد طبقة وكان يحكي عن نفسه أنه طالما يبيت بالجوع في مبدأ اشتغاله بالعلم وكان لا يقدر على ثمن الورق ومع ذلك إن وجد شيئاً تصدّق به. له مؤلفات دالة على فضله منها حاشية على ابن تركي وعلى الزرقاني على العزية وعلى أبي الحسن على الرسالة وعلى شرحي الخرشي والزرقاني كلاهما على المختصر وعلى الهدهدي على الصغرى وحاشيتان على شرح عبد السلام اللقاني على الجوهرة صغرى وكبرى وعلى شرح السلم وعلى شرح شيخ الإسلام على ألفية المصطلح للعراقي وغير ذلك. كان شديد الشكيمة في الدين يصدع بالحق ويأمر بالمعروف وكان على قدم السلف في الاشتغال بما يعني والقناعة وشرف النفس وعدم التصنع مع التقوى ولم يزل مواظباً على الإقراء والإفادة حتى توفي عاشر رجب سنة 1189 هـ[1775 م]. مولده ببني عدي سنة 1112 هـ. 1365 - أبو عبد الله محمَّد عبادة بن بري: الشيخ الفقيه الكامل الألمعي النجيب الفاضل أحد العلماء الأعلام وأوحد فضلاء الأنام. حضر مصر ولازم دروس علماء العصر ومهر في الفنون وتفقه على أعلام كالطحلاوي والدردير والبيلي والصعيدي ولازمه ملازمة كلية وانتسب إليه حساً ومعنى وصار من نجباء تلامذته ودرس الكتب العالية في الفقه والمعقول ونوّه شيخه المذكور بفضله. من تآليفه حاشية على شذور الذهب وحاشية على مولده - صلى الله عليه وآله وسلم - للغيطي وابن حجر والهدهدي وحاشية على شرح ابن جماعة في مصطلح الحديث وحاشية عجيبة على جمع الجوامع وعلى السعد والقطب وعلى أبي الحسن على الرسالة وعلى شرح الخرشي وعلى فضائل رمضان وكتابة محررة على الورقات والرسالة العضدية وغير ذلك، ولم يزل يقرىء ويفيد ويجيد حتى وافاه الحمام أواخر جمادى الثانية سنة 1193 هـ[1779م]. 1366 - أبو الطوع عبد الله بن حزام الفيومي: الفقيه العلامة الشيخ الصالح المعمر. أخذ ببلده عن الشيخ سلامة الفيومي وغيره وقدم الأزهر فأخذ عن فضلاء عصره وهو ممن يشار إليه في بلده بالفضل وتولى الإفتاء هناك وكانت له معرفة تامة بفروع المذهب وبعلم الفلك والهيئة والميقات، توفي في ربيع الثاني سنة 1195 هـ[1780 م].

1367 - أبو زيد عبد الرحمن بن جاد الله البناني: نسبة لبنان قرية من قرى المنستير بإفريقية، الإِمام العلامة العمدة الفهّامة المحقق المؤلف المدقق. قدم مصر وجاور بالجامع الأزهر ودرس على أعلام كالصعيدي ويوسف الحفني والبليدي وغيرهم، وأخذ الحديث على الشيخ أحمد الصباغ وغيره ومهر في المعقول وأقرأ العلوم برواق المغاربة وانتفع به جماعة وتولى مشيخة هذا الرواق مراراً فسار فيها سيراً حسناً ومن آثاره ما كتبه على المقامة التصحيفية للشيخ عبد الله الأكداوي، وألّف حاشية على جمع الجوامع اختصر فيها سياق ابن قاسم وانتفع بها الطلبة ولم يزل يقرىء ويفيد ويحرر ويجيد حتى توفي ختام صفر سنة 1198 هـ[1783 م]. 1368 - أبو زيد عبد الرحمن بن حسين بن عمر الأجهوري: سبط القطب الحضيري، العلامة المفضال العمدة المحقق المؤلف الرحّال. كان أديباً متقناً للعربية والأصول والقراءات. أخذ علم الأداء عن جماعة منهم شمس الدين السجاعي وعبد الله بن محمَّد القسنطيني حين ورد مصر حاجاً، وأخذ العلوم عن الشبراوي والعماري وأحمد النفراوي وعبد الوهاب الطندتاوي والشمس الحفني وأخيه يوسف والملوي وسمع الحديث عن الشيخ محمَّد الدفري والثيخ أحمد الصباغ ومحمد الدقاق وأجازه الجوهري في الأحزاب الشاذلية وكذا الشيخ يوسف بن ناصر وأجازه الشيخ مصطفى البكري بالخلوتية والأوراد السرية ودخل الشام فسمع الأولية على الشيخ إسماعيل العجلوني والحديث، وأخذ فن القراءات عن الشيخ مصطفى الخليجي ودخل حلب فسمع من جماعة وعاد لمصر فحضر على الشيخ البليدي وكان يعتني به ويعترف بمقامه ودرس بالأزهر مدة في أنواع الفنون، وله سليقة تامة في الشعر، وله مؤلفات منها الملتاذ في الأربعة الشواذ ورسالة في وصف أعضاء المحجوب نظماً ونثراً، وله شرحان على تشنيف السمع ببعض لطائف الوضع للشيخ العيدروسي قرظ عليهما علماء عصره وكتب على الجامع الصغير تقارير مبتكرة ما لو جمعت لكانت شرحاً حسناً، ولما شرح الشيخ محمَّد مرتضى القاموس كتب عليه تقريظاً حسناً نظماً ونثراً، ولا زال يملي ويفيد ويدرس ويجيد حتى توفي في رجب سنة 1198 هـ[1783 م]. 1369 - أبو الحسن بن عمر بن علي القلعي الغربي: أوحد الفضلاء وأعلم

النبلاء، العلامة المحقق الفهّامة المدقق الفقيه النبيه الأصولي المعقولي المنطقي. قدم مصر سنة 1154 هـ وكان لديه استعداد وقابلية، وحضر أشياخ الوقت كالبليدي والملوي والجوهري والحفني والصعيدي واتحد بالشيخ حسن الجبرتي وانتفع به، تولى مشيخة المغاربة مرتين أو ثلاثاً بشهامة وصرامة كان وافر الحرمة نافذ الكلمة معدوداً من المشايخ الكبار مهاب الشكل منور الشيبة مترفهاً في ملبسه ومأكله له تآليف وتقاييد وحواش نافعة منها حاشية على الأخضري على السلم وحاشية على رسالة الكرماني في علم الكلام في غاية الدقة تدل على رسوخه في علم المنطق والجدل والمعاني والبيان والمعقولات وشرح على ديباجة أم البراهين، وله ذيل الفوائد وفرائد الزوائد على كتاب الفوائد والصلات والعوائد وخواص الآيات والمجربات. التي تلقاها من أفواه الأشياخ وكتاب في خواص سورة يس وغير ذلك، كان سليم الباطن مع ما فيه من الحدة إلى أن توفي في ربيع الأول سنة 1199 هـ[1784م]. 1370 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد ربه بن علي: الشهير بابن الست الإِمام العلامة النحرير الفهّامة كان مالكي المذهب ولما ترعرع أراد الانتقال لمذهب الشافعي فرأى الإِمام الشافعي في المنام وأشار عليه بعدم الانتقال، تفقه على جماعة منهم سالم النفراوي واللقاني والشبراملسي وأخذ المعقول على أحمد الملوي كما أخذ عنه وعن الجوهري الشاذلية وهما عن عبد الله المغربي، ألّف حاشية على الزرقاني على العزية وديباجة وخاتمة على أبي الحسن على الرسالة وخاتمة على شرح الخرشي وديباجة على ايساغوجي وحاشية على الحفيد على عصام وتكملة على العشماوية وشرحاً على آية الكرسي وشرحاً على الحوضية في التوحيد، كان على قدم السلف لا يتداخل في أمور الدنيا ولا يتفاخر في ملبس ولا يدخل بيت أمير ولا يشتغل بغير العلم ومدارسته وشهد له معاصروه بالفضل وإتقان العلوم والديانة ولم يزل مقبلاً على حاله وشأنه حتى توفي سنة 1199 هـ[1784 م] عن أربع وثمانين سنة. 1371 - أبو عبد الله محمَّد بن موسى الجناحي: المعروف بالشافعي وهو مالكي المذهب العلامة المحقق الفهّامة المدقق أحد العلماء المعدودين والجهابذة المشهورين تلقي العلوم عن مشايخ عصره ولازم الشيخ الصعيدي ملازمة كلية وانتفع

فرع إفريقية

به، وأخذ عن خليل المغربي والبليدي وحضر على يوسف الحفني والملوي وتمهر في المعقول والمنقول ودرس الكتب العالية مثل المغني والأشموني وكانت له معرفة جيدة بالحساب والجبر والفرائض وغير ذلك وله تقارير على شرح الخرشي غاية في الدقة وله رسائل في فنون شتى وله حاشية على شرح العقائد لم تتم في نحو نيف وثمانين كراسة وتلقى عنه كثير من أعيان علماء العصر ولازموا المطالعة عليه مثل الأمير والدسوقي ومحمد البناني؛ كان مهذب الأخلاق لا يعرف الكبر ولا التصنع أصلاً ولم يزل يملي ويفيد ويبدأ ويعيد مقبلاً على شأنه ملحوظاً بين أقرانه حتى وافاه الحمام مطعوناً في جمادى الثانية سنة 1200 هـ[1785 م] وصلّى عليه بالأزهر في مشهد حافل ودفن بتربة المجاورين. فرع إفريقية 1372 - أبو العباس أحمد ابن الشيخ علي النوري الصفاقسي: الإِمام العالم المتفنن في العلوم الفاضل الفقيه القدوة الكامل، أخذ عن والده وورث سره وكان الخليفة بعده بزاويته بمعاضدة أخيه العالم العامل محمَّد ورحل للمشرق ولقي أعلاماً وأخذ عنهم وعنه ابناه محمَّد وعبد الله ومحمد كمون ومحمد بن علي الفراتي ومحمد الخميري ومحمد خروف وغيرهم. توفي سنة 1151 هـ[1738م]. 1373 - أبو عبد الله محمَّد الحركافي الصفاقسي: نزيل تونس وشيخ القراء بها الإِمام الفقيه العمدة المقري العالم العامل القدوة، أخذ عن أبي الحسن النوري فن القراءات وأجازه والشيخ عبد العزيز الفراتي وأجازه وأثنى عليه وقدم تونس واستكمل قراءة العلوم على الشيخ الخضراوي وعنه أخذ جماعة وانتفعوا به منهم الشيخ حموده بن محمَّد إدريس الشريف الحسني. توفي سنة 1154 هـ[1741م]. 1374 - أبو عبد الله محمَّد بن المؤدب: الشرعي الصفاقسي الإِمام الفاضل والأستاذ الكامل الفقيه العالم المتفنن، أخذ عن الشيخ النوري والشيخ عبد العزيز الفراتي ثم رحل لمصر وأخذ عن الشيخ أحمد الشرعي نزيل مصر وغيره وعنه الشيخ المفتي أحمد الشرعي وابنه حسن، ولصاحب الترجمة أربعة أبناء فضلاء نبهاء وهم: أحمد والطيب وعبد السلام ومحمد، فأما أحمد فتولى قضاء صفاقس وتوفي وهو يتولاه سنة 1168 هـ[1754 م] وأما محمَّد وعبد السلام فتوفيا في طاعون سنة

1199 هـ وأما الطيب فأخذ عن والده وغيره من علماء تونس وكان من النبهاء وفحول الفقهاء. توفي سنة 1198 هـ ووالدهم صاحب الترجمة توفي سنة 1157 هـ[1744م]. 1375 - أبو الحسن علي المؤخر الصفاقسي: الإِمام العالم المتفنن المؤلف المتقين، أخذ عن الشيخ النوري وهو أكبر تلامذته والشيخ عبد العزيز الفراتي له شرح على عقيدة شيخه النوري وشرح على الجوهرة وشرح على ألفية السيوطي في النحو. لم أقف على وفاته. 1376 - الشيخ أبو عبد الله محمَّد حمودة الريكلي الأندلسي التونسي: قاضيها وإمامها وخطيبها بجامع الزيتونة الإِمام الذي بعد العهد بوجود مثله علماً وديانة وعدالة وصلاحاً وجلالة الفقيه العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم، أخذ عن الشيخ محمَّد الصفار القيرواني واختص بعالم عصره وفريد مصره الشيخ محمَّد زيتونة فلازمه وقرأ عليه معقول العلوم ومنقولها حتى عد من فحول العلماء والشيوخ الفضلاء ولما أراد أستاذه الشيخ زيتونة السفر للحج سنة 1124 هـ أنابه في التدريس بالمدرسة المرادية ولما توفي قام مقامه بها فهو ثالث شيوخها إذ إن مراد باشا لما أتم بناءها قدم إليها الشيخ محمَّد الغماد ثم تقدم إليها الشيخ زيتونة ثم صاحب الترجمة ولما توفي أبو الغيث البكري وخلف ولدين صغيرين قدّمه الباشا خطيباً بجامع الزيتونة وخطب على منبره من إنشائه إلى أن صلح للإمامة عثمان البكري فارتجع الخطبة منه باستحقاق الوراثة أخذ عن صاحب الترجمة أئمة منهم الشيخ صالح الكواش. توفي سنة 1161 هـ[1748 م]. 1377 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد العزيز التونسي: الإِمام العلامة العمدة الفهّامة الذي لم يكن في عصره من يحسن المختصر الخليلي وشروحه مثله، أخذ عن الشيخ محمَّد زيتونة وغيره وعنه ابنه حمودة. توفي سنة 1162 هـ[1748 م]. 1378 - أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن علي بن سعيد بن أحمد السكتاني السوسي: كان من العلماء الأعلام كأنما هو ضياء في جبين الإِسلام وبدر علم لا يفارقه التمام جيد المعرفة بالنحو والبيان وبعلم الفقه والحديث والكلام خزانة تحقيق ومعدن تدقيق، قدم لتونس من المغرب وأخذ عن الشيخ الصفار وغيره من مشاهير العصر ثم رحل للمشرق عاكفاً على العلم ساهراً ولقي الشيخ إبراهيم الجمني والشيخ أحمد بن ناصر وأخذ عنهما وغيرهما ثم رجع بعلم جم للقيروان ولازم بها التدريس

ثم فارقها تحت عناية علي باشا متولياً مشيخة المدرسة العاشورية وأخذ عنه أعلام منهم ابناه محمَّد وأحمد والشيخ مقديش والشيخ الحسين الورتيلاتي. توفي في تونس في حدود سنة 1169 هـ[1755 م]. 1379 - وابنه أبو العباس أحمد: المذكور التونسي المولد والقرار، الإِمام العارف الصوفي الزاهد الفاضل العالم العامل العابد. نشأ في حجر والده في عفة وأمانة وعفاف وديانة. قرأ عليه وعلى الشيخ محمَّد الغرياني وجماعة وتكمل في العلوم والمعارف مع صفاء ذهنه وسرعة إدراكه وتوقد خاطره وكمال حافظته، وكان والده يحبه ويعتمد على ما يقوله في تحرير نقله وبلغ من الصلاح والتقوى الغاية، واشتهر بإفريقية أمره وشاع ذكره وأحبه الصغير والكبير وكان منفرداً على الناس منقبضاً على مجالسهم ولا يخرج إلا لزيارة ولي أو في العيد لزيارة والده وللباشا علي باي اعتقاد فيه وعرض عليه الدنيا مراراً فلم يقبلها وعرضت عليه المدارس التي كانت بيد والده فأعرض عنها وعكف على مذاكرة العلوم مع خواص أصحابه ومطالعة الكتب الغريبة واجتمع عنده منها شيء كثير وكان يرسل في كل سنة قائمة للشيخ محمَّد مرتضى فيشتري له مطلوبه وكان يكاتبه ويراسله كثيراً. توفي سنة 1193هـ. 1380 - أبو العباس أحمد الماكودي: من بيت الماكودي بفاس الشهير بالعلم والفضل، العلامة الفقيه الأفضل المحدّث المسند الراوية العمدة الأكمل. أخذ عن الشيخ أحمد بن مبارك وأجازه إجازة عامة سنة 1143 هـ بسنده المشهور وعن أبي الحسن الحريشي وقدم تونس وحصلت له بها شهرة تامة وتقلد الفتيا وتصدر للتدريس، وأخذ عنه أعلام منهم الشيخ مقديش ومحمد بيرم شيخ الإِسلام الأول وأجازه وهو أجاز ابنه شيخ الإِسلام الثاني وحفيده شيخ الإِسلام الثالث والحفيد أجاز الشيخ الشاذلي ابن المؤدب. له تحرير في وفيات الفقهاء السبعة وفهرسة وتولى الفتيا على عهد علي باشا وتوفي سنة 1170 هـ. 1381 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد الجمني: فهو ابن أخي الشيخ إبراهيم الجمني المتقدم الذكر، الفقيه القدوة الفاضل العالم العامل. أخذ عن عمه المذكور وورث سره وقام مقامه في التدريس في مدرسته بحربه وحصل منه النفع الكثير. أقرأ المختصر نحواً من ستين مرة في كل ثلاثة أشهر ختمة. وممن أخذ عنه الشيخ مقديش. توفي سنة 1170 هـ.

1382 - أبو عبد الله محمَّد كمون الصفاقسي: قاضيها العادل وفقيهها العالم الفاضل. أخذ عن الشيخ النوري والشيخ الغرياني وغيرهما. توفي سنة 1170هـ. 1383 - أبو عبد الله محمَّد سعادة: المنستيري الدار التونسي القرار مفتيها وقاضيها منبع التحرير، الإِمام الشهير العالم العارف المتبحر في العلوم والمعارف، الحبر المدقق والعمدة المحقق تفقه عن الشيخ محمَّد زيتونة والشيخ الحجيج والشيخ الغماري وسعيد الشريف والشيخ المحجوز ثم رحل لمصر واستكمل العلوم هناك عن الشيخ محمَّد الزرقاني والشيخ إبراهيم الفيومي والشيخ الطولوني وأجازوه ودخل الآستانة واجتمع بأعلام منها ومن غيرها واستفاد الكثير ثم رجع لتونس وتصدر للتدريس وأفاد وأجاد، وأخذ عنه أعلام منهم الشيخ علي الغراب. له حاشية على الأشموني سماها تنوير المسالك وله منظومة في المناسك، وقرة العين في فضائل الأمير حسين وابنه محمَّد أتى فيه بكل غريب من النظم والنثر العجيب. تولى قضاء الجماعة بتونس سنة 1157 هـ مولده سنة 1088 وتوفي سنة 1171 هـ. 1384 - الشيخ رمضان بو عصيدة الصفاقسي: الإِمام الفقيه المحدّث المفسر. أخذ عن الشيخ النوري وغيره، وعنه الشيخ مقديش وانتفع به وفي رحلة الشيخ أحمد بن ناصر عند ذكره مرور الركب على قابس سنة 1110 هـ ذكر اجتماعه بابني الشيخ النوري أحمد ومحمد، ورمضان المذكور جاؤوا للسلام عليه نيابة عن الشيخ النوري، وأجاز ثلاثتهم. توفي سنة نيف وسبعين ومائة وألف [1756 م]. 1385 - أبو الحسن علي بن خليفة (مصغراً): الشريف المساكني: الشيخ المربي الفاضل القدوة الكامل الفقيه الصوفي العالم العامل، له فهرسة وملخص ما بها أنه أخذ عن أبي الحسن النوري لازمه وانتفع به وأجازه بمروياته بأسانيدها إجازة عامة ومرويات الشيخ النوري تقدمت الإشارة إليها في ترجمته وبعد إقامته بزاويته مدة أعوام سافر لمصر أواخر القرن الحادي عشر واجتمع بأعلام وأخذ عنهم منهم الخرشي ومحمد بن عبد الباقي الزرقاني والشيخ إبراهيم الفيومي والشيخ أحمد النفراوي والشيخ الشبرخيتي وأجازه في الصحيحين بسنده والمختصر وهو عن النور الأجهوري عن البنوفري عن البرموني وبدر الدين القرافي وهما عن عبد الرحمن الأجهوري عن جماعة منهم الشيخ أحمد الفيشي والشمس والناصر اللقانيان وعبد الرحمن بن غانم شارح الشامل وسليمان البحيري شارح الإرشاد وهؤلاء عن

النور السنهوري عن التتائي عن البساطي عن بهرام عن الشيخ خليل عن الشيخ المنوفي بسنده للإمام مالك وأيضاً السنهورىِ عن الشيخ طاهر النويري عن الشيخ حسين بن علي البوصيري عن أبي العباس بن هلال الربعي عن ابن المخلطة بسنده المتقدم الذكر في ترجمته، وحين قدم صاحب الترجمة الأزهر أخرج نسخة من شرح شيخه الشبرخيتي على المختصر وقوبلت بالأصل بعد مراجعة المؤلف ثم طرأ على المؤلف مرض الفالج ثم رجع لبلده مساكن وبنى بها مدرسة وأقرأ العلوم بها، وأخذ عنه جماعة وانتفعوا به منهم ابن أخيه أحمد وابن عمه محمَّد الصغير وأجازه أبو عبد الله محمَّد الهدة السوسي والشيخ قاسم المحجوب. ألّف منظومة نونية في التوحيد شرحها الشيخ أحمد الدمنهوري المصري. عمر طويلاً حتى ألحق الأحفاد بالأجداد. توفي بمساكن سنة 1172 هـ[1758م]. 1386 - أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن محمَّد المزاح: الأندلسي الأصل التونسي المنشأ والدار، العلامة الفقيه المحصل الفاضل القاضي بتونس العادل. أخذ عن أئمة. له شرح على لامية الزقاق موجود بمكتبة الجامع الأعظم. توفىِ في ذي القعدة سنة 1175 هـ[1761 م]. 1387 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن أحمد: الشريف الغني بنسبه عن التعريف، الإِمام العلامة الفقيه الفهّامة أخذ عن الشيخ عبد القادر الجبالي والشيخ محمَّد الصفار والشيخ محمَّد الخضراوي وجماعة وعنه ابنه عبد الكبير. لم أقف على وفاته. 1388 - أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ محمَّد عزوز: العالم الفاضل العمدة القدوة الكامل أخذ عن والده علم القراءات والعلوم عن الشيخ زيتونة والشيخ علي سويسي والشيخ أحمد مجاهد وأجازه. لم أقف على وفاته. 1389 - أبو العباس أحمد الصيد بن محمَّد المناري القيرواني: إمامها وخطيبها بالجامع الأعظم الفقيه القدوة الفاضل العمدة العالم العامل. أخذ عن الشيخ محمَّد عظوم والشيخ علي الغرياني ورحل لتونس وأخذ عن الشيخ محمَّد جعيط والشيخ محمَّد الغماري والشيخ محمَّد الزوالي والشيخ محمَّد الصفار. لم أقف على وفاته. 1390 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن محمَّد شهر الناصر عظوم القيرواني: مفتيها الفقيه الفاضل من بيت علم بها. أخذ عن الشيخ محمَّد الصفار وغيره. لم أقف على وفاته.

1391 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد الخشين القيرواني: الشيخ الصالح الفاضل الزاهد العالم العامل. أخذ عن الشيخ علي بن خليفة والشيخ محمَّد الزوالي والشيخ محمَّد الصفار. مولده سنة 1195 هـ. لم أقف على وفاته. 1392 - أبو العباس أحمد رزوق: ابن الشيخ طراد نزيل القيروان. كان من العلماء الأفاضل. أخذ عن الشيخ زيتونة والشيخ الخضراوي والشيخ علي سويسي وأجازه والشيخ محمَّد سعادة. مولده سنة 1107 هـ. لم أقف على وفاته. 1393 - أبو عبد الله محمَّد بو راس: ابن الحاج أبي القاسم الهذلي من أعيان بيوت القيروان، الفقيه العلامة فريد العصر والأوان. أخذ عن الشيخ محمَّد فتاتة وابنه حمودة والشيخ سعيد الشريف والشيخ محمَّد الحجيج والشيخ عبد القادر الجبالي والشيخ قويسم والشيخ محمَّد الغماد. لم أقف على وفاته. 1394 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد صدام اليمني القيرواني: مفتيها العالم الفاضل العارف بالأحكام والنوازل. أخذ عن عمه القاضي أحمد وغيره. لم أقف على وفاته. 1395 - أبو الحسن علي الغراب الصفاقسي: الفقيه العالم الماهر الألمعي الذكي الأديب الشاعر. أخذ عن أبي الحسن اللومي والشيخ محمَّد سعادة وجماعة. له ديوان شعر كبير مَن وقف عليه اعترف له بالنبل والنباهة لما اشتمل عليه من التوريات والتشبيهات والكتابات وللناس اعتناء به. توفي سنة 1183 هـ[1769م]. 1396 - أبو الفضل قاسم المحجوب: المساكني مولداً وداراً التونسي قراراً، الفقيه العلامة المحقق الفهّامة القدوة الأمين الحامل راية المذهب باليمين. قرأ ببلده على الشيخ علي بن خليفة ثم رحل لتونس وأخذ عن الشيخ محمَّد زيتونة وغيره، وعنه أخذ ابناه محمَّد وعمر والشيخ صالح الكواش ومحمد بن سعيد الحجري وجماعة، تولى خطة التدريس مدة الباشا صاحب المدارس ثم الفتيا ثم كبير المفتين مدة الأمير علي باي وتوفي على ذلك سنة 1190 هـ[1776 م]. 1397 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد الورغي التونسي: عالمها المحقق وشاعرها المفلق، الفقيه الألمعي الأديب الكاتب البليغ الأريب المتصرف في الإنشاء كيف يشاء. نشأ في اكتساب العلم وطلب الأدب حتى صار إماماً فيه وبه اشتهر.

أخذ عن الشيخ محمَّد سعادة وغيره له ديوان اشتمل على نظمه الرائق ونئره الفائق شاهد بنبله وقوة عارضته وفضله وفي التاريخ الباشي البعض من نثره ونظمه. توفي سنة 1190 هـ[1776 م]. 1398 - أبو عبد الله محمَّد الشحمي التونسي: عالمها ومفتيها شيخ مصره وفريد عصره الفقيه الذي لا يدانيه أحد في العلوم سيما العقلية. أخذ عن الشيخ زيتونة وغيره. وفي سنة 1178 هـ ورد على تونس الشيخ لطف الله العجمي شارح أسماء الله الحسنى ووقع مجلس علمي حضره الأمير الباشا علي بن حسين بأي فيه وقعت محاورة علمية بين هذا الشيخ وصاحب الترجمة اعترف في آخرها الشيخ لطف الله لصاحب الترجمة بالفضل والعلم ووضع يده على بطنه وقال: امتلأ علماً لا شحماً، حيث كان جسيماً، قلت: وعليه فإنه أعطى البسطة في العلم والجسم. توفي بعد التسعين ومائة وألف [1776 م]. 1399 - أبو عبد الله محمَّد بن علي الغرياني الطرابلسي التونسي: عالمها وصالحها العارف بالله شيخ التربية والحقيقة وإمام الطريقة وأوحد عصره ديناً وعلماً وسلوكاً وفضلاً وفهماً أخذ أولاً بجربة عن الشيخ إبراهيم الجمني ثم قدم تونس وأخذ عن أعلام. منهم الشيخ زيتونة وحمودة الريكلي ومنصور المنزلي وحج ولقي أعلاماً وأخذ عنهم منهم الشيخ محمَّد الحفناوي والشيخ محمَّد البليدي والشيخ محمَّد بن علي بن فضل الطبري والشيخ إدريس بن أحمد الصعدي والشيخ تاج الدين بن عبد المحسن بن سالم مفتي مكة المشرفة والشيخ أحمد العماري والشيخ محمَّد بن عقيلة والشيخ الدمنهوري وغالبهم أجازه، ألف فهرسة حافلة أتى فيها على التآليف التي رواها عنهم مقاصد ووسائل في سائر العلوم والفنون الشرعية مسندة إلى مؤلفيها وسنذكرها عقب خلاصة فهرس الشمس الأمير. وعنه أخذ جماعة منهم ابنه أبو العباس أحمد الأديب الفاضل المتوفى سنة 1208 هـ ومحمد بن قاسم المحجوب وأبو الحسن علي اليقلوطي الملولي وأبو العباس أحمد بن محمَّد المنزلي وأبو الحسن علي البارع الصفاقسي وعثمان ابن الحاج حسن بالمه ومحمد كمون وأبو العباس العصفوري وهؤلاء وغيرهم قرأوا عليه المختصر مرات والبخاري والشمائل والمواهب اللدنية والتفسير وكبرى السنوسي والأشموني وغيرها من الكتب المعتبرة وقالوا في ختمها قصائد رائقة في مدح الشيخ وقفت على الكثير منها في

كناش في مناقبه جمعه بعض حفدته، ومن تأليفه شرح على مقدمة الشيخ السنوسي ورسالة في الخنثى المشكل وفيض الخلاق في الصلاة على راكب البراق وحاشيته على الخبيصي وأجاز الحافظ مرتضى الزبيدي بما حوته فهرسته وهو أول مَن تولى التدريس بالمدرسة السليمانية التي أسسها الباشا علي باسم ابنه سليمان. توفي في شوال سنة 1195 هـ[1780 م] ورثاه جماعة. 1400 - أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ أحمد بن أبي الحسن النوري: الفقيه المحصل العمدة الإِمام الفاضل القدوة. أخذ عن والده والشيخ عبد الله السوسي والشيخ الشحمي والشيخ الغرياني وأبي الفضل قاسم المحجوب وجماعة. توفي سنة 1195 هـ[1780 م]. 1401 - أبو العباس أحمد بن محمَّد ابن الشيخ المفتي حسن الشرفي الصفاقسي: العلامة الفاضل الإِمام الكامل كان جم الفضائل من بيت علم ومجد. أخذ عن الشيخ محمَّد بن المؤدب الشرعي وغيره. توفي سنة 1195 هـ[1780م]. 1402 - وابنه حسن: قاضي صفاقس العادل وإمامها وعالمها الفاضل. أخذ عن والده والشيخ محمَّد بن المؤدب والشيخ عبد الله السوسي والشيخ الغرياني والشيخ قاسم المحجوب والشيخ الماكودي وغيرهم. توفي سنة 1199 هـ[1784 م]. 1403 - وأخوه أبو العباس أحمد الشرفي: العلامة المحقق الفهّامة المدقق. أخذ عن شقيقيه حسن والطيب ورحل لتونس وأخذ عن الشيخ الغرياني والشيخ قاسم المحجوب والشيخ عبد الله السوسي والشيخ الشحمي وغيرهم. وأخذ القراءات عن الشيخ حمودة إدريس وعنه ابن أخيه محمَّد بن حسن له شرح على منظومة نظمها شيخه حمودة المذكور وبحث فيه مع صاحب غيث النفع وأرسله إلى شيخه المذكور وأجازه نظماً ونثراً بعد الاطلاع عليه وله تقريرات على شرحي الخرشي وعبد الباقي على المختصر وتقريرات على الرسالة. لم أقف على وفاته. 1404 - أبو عبد الله محمَّد بن علي بن سعيد الحجري: نسبة لقرية قرب المنستير تعرف بأبي حجر الإِمام الأريب العلامة الألمعي الأديب الفهّامة اللغوي النحوي المتفنن الشاعر الماهر المؤلف المتقين آية في الذكاء وفرد من أفراد العلماء. أخذ عن الشيخ قاسم المحجوب وابنه محمَّد والشيخ صالح الكواش وغيرهم، له تآليف منها حاشية على الأشموني على الخلاصة دلت على فضل واطلاع وطول باع وحاشية على السكتاني في علم الكلام وحاشية على شرح الخبيصي في المنطق ورسالة فيه وديوان شعر رائق. توفي بتونس صغيراً لم يستوفِ أمد أقرانه في طاعون سنة 1199 هـ[1784 م].

1405 - أبو عبد الله محمَّد بن حسن الدرناوي التونسي: مفتيها وعالمها العالم البارع في الفقه والفرائض القدوة الفاضل. أخذ عن الشيخ الغرياني وغيره وله فيه قصائد بارعة عند ختمه للبخاري وغيره وله تقارير على شرح الزرقاني على المختصر وحاشية على الدرة. توفي سنة 1199 هـ[1784 م]. 1406 - أبو محمَّد عبد اللطيف بن محمود الطوير القيرواني: قاضيها ومفتيها وعالمها المحقق وأديبها وشاعرها المفلق، كان من أفاضل العلماء وأعيان الأدباء الشعراء. أخذ بتونس ومصر عن أعلام منهم الشيخ علي الصعيدي وله فتاوى محررة وشرع رائق بعضه مذكور في التاريخ الباشي. توفي سنة 1199 هـ[1784م]. 1407 - حسن بن عبد الرزاق: يعرف بالهدة السوسي عالمها وفقيهها العمدة الفاضل. أخذ عن الشيخ محمَّد جعيط والشيخ زيتونة والشيخ الخضراوي والشيخ سعيد الشريف والشيخ المحجوز تولى الفتيا بسوسة والتدريس. لم أقف على وفاته ويؤخذ من رحلة الشيخ الحسين الورتيلاتي أنه كان بالحياة سنة 1180 هـ[1766 م]. 1408 - ابنه أبو عبد الله محمَّد: الفقيه العلامة الفاضل. أخذ عن الشيخ علي بن خليفة وغيره وأخذ بمصر عن الشيخ البليدي والشيخ الصعيدي والشيخ الدمنهوري وغيرهم وعنه ابنه حسن وغيره له تآليف منها حاشية على مختصر السعد ورسالة في ذم الدنيا وأخرى في الربى. توفي سنة 1199 هـ[1784 م]. 1409 - أبو الحسن علي بن عبد الصادق الطرابلسي الحامدي: الفقيه الإِمام أحمد العلماء العاملين الأعلام المؤلف المحقق المتفنن المدقق المتصوف الشيخ الفاضل. أخذ عن أبي إسحاق الجمني والبليدي وغيرهما وعنه ابنه أحمد وغيره له شرح على صغرى السنوسي وعلى المرشد المعين وتأليف حافل فيما يتعلق بفقراء وقته سلك فيه مسلك ابن الحاج في مدخله. توفي بساحل حامد. لم أقف على وفاته. 1410 - ابنه أبو العباس أحمد: المذكور العالم المشهور المسند الراوية المحدّث الفقيه الواعية. أخذ عن والده ورحل لمصر وأخذ عن الشيخ البليدي والشيخ عبد الرحمن الصنادقي الطرابلسي الشافعي وغيرهما وأجازه وقدم تونس

فرع فاس

وأخذ عنه أئمة منهم الشيخ مقديش والشيخ أحمد ابن الصغير المساكني وأجازه بما يأتي في ترجمته. توفي سنة 1190 ص [1776 م]. فرع فاس 1411 - أبو زيد عبد الرحمن بن محمَّد الجامعي: الفاسي المولد والدار العالم الأديب المؤرخ الأريب الإِمام العارف الجامع للعلوم والمعارف أخذ عن والده وعبد الرحمن الفاسي ومحمد العراقي ولازمه وابن رحال ومحمد بن سليمان الفاسي ورحل ودخل قسنطينة وأخذ عن عالمها الشيخ أحمد البوني ودخل تونس وتصدر للتدريس وحصل منه نفع عظيم وأثنى عليه الكثير من الفضلاء، له تآليف في فتح قلعة وهران وشرح على خطبة السعد أتى فيه بكل فن غريب وله الرحلة المسماة بالدرر المديحية في الدولة الحسينية، مولده سنة 1087هـ، لم أقف على وفاته. 1412 - أبو البقاء محمَّد يعيش الشاوي الرغاي: الإِمام العلامة الفاضل البارع في الفقه والأحكام والنوازل القاضي العادل أخذ عن الشيخ القسنطيني وابن رحال والشيخ محمَّد المسناوي وغيرهم وعنه الشيخ التاودي وأبو العباس أحمد الجرندي وغيرهم وأبو عبد الله محمَّد بن عبد الصادق الدكالي، له حاشية على شرح التحفة لميارة سماها الكواكب السيارة، مات قتيلاً بفاس سنة 1150 هـ[1737م] كان منزله بأطراف المدينة فنزل به اللصوص ليلاً فدافع عن حريمه وقاتلهم حتى قتل شهيداً. 1413 - أبو العلا إدريس بن محمَّد العراقي الحسني: الفقيه الأديب الألمعي الأريب المؤرخ النسابة النزيه أخذ عنه مؤلف الأنيس المطرب وأثنى عليه كثيراً فيه، توفي سنة 1150 هـ[1737 م]. 1414 - أبو عبد الله محمَّد بن عمران الفاسي: العلامة العارف المتحلي بالمعارف أخذ عن الشيخ عبد القادر الفاسي قدم باجة واشتغل بالتدريس بها ثم انتقل للحاضرة وفيها توفي سنة 1151 هـ[1738 م].

1415 - أبو القاسم ابن العلامة الصدفي عبد السلام بن الطيب القادري الحسني: العلم الأشهر الفقيه البركة الأنور أخذ عن أبي بكر الدلائي والمسناوي والطريقة عن الشيخ أحمد بن عبد الله معن، مولده سنة 1099 هـ وتوفي سنة 1151 هـ[1738 م]. 1416 - أبو عبد الله محمَّد بن المبارك الورديغي: الفقيه الإِمام العالم العلامة الهمام النوازلي البركة أخذ الطريقة عن الشيخ عبد السلام التواتي والعلم عن ابن رحال وغيره له طرر على ميارة على لامية الزقاق وعلى مختصر خليل أخذ عنه التهامي بن أحمد الحمومي وغيره، توفي سنة 1154 هـ[1741 م]. 1417 - أبو العباس أحمد بن مبارك: به عرف ابن محمَّد بن علي السجلماسي البكري الصديقي الفقيه المحدّث المفسر العلامة النحرير القدوة الفهّامة الشهير خاتمة المحققين والعلماء العاملين والفضلاء البارعين صاحب العارف بالله الولي الكامل الشيخ عبد العزيز الدباغ وانتفع به والذهب الإبريز ألّفه في مناقبه أخذ عن القاضي بردلة والشيخ محمَّد بن عبد القادر الفاسي والشيخ محمد القسنطيني بسنده وأبي العباس أحمد المعروف بابن الحاج وأبي الحسن علي الحريشي وأبي عبد الله محمَّد بن أحمد المسناوي وهم عن الشيخ عبد القادر الفاسي وأجازوه بسندهم المروي عن شيخهم المذكور المبين في فهرسته أما الشيخ القسنطيني فيما رواه عن شيخه محمَّد المغربي عن النور الأجهوري وعن عبد الله بن عبد المؤمن ومفتي الجزائر أبي عبد الله محمَّد الموهوب وأبي العباس أحمد بن عبد العظيم وأبي العباس أحمد بن الواثق وهؤلاء عن الشيخ سعيد قدورة بسنده. وعنه أخذ جماعة منهم الشيخ التاودي ومحمد بن حسن بناني وأبو حفص عمر الفاسي وأحمد الماكودي الوافد على تونس وأجازه إجازة عامة سنة 1143 هـ[1730 م] له تآليف

منها شرح على جمع الجوامع ورد التشديد في مسألة التقليد اختصره تلميذه الشيخ محمد البناني المذكور والقول المعتبر في جملة البسملة هل هي إنشاء أو خبر وتأليف في قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} وكشف اللبس عن المسائل الخمس وتأليف في دلالة العام على بعض أفراده وطرر على شرح الشيخ سعيد قدورة على السلم وله تقاييد وأجوبة، مولده في حدود التسعين وألف وتوفي سنة 1155 هـ[1742 م]. 1418 - أبو محمد الطيب بن عبد السلام القادري: العالم الفقيه الجليل النبيه الألمعي النبيل تفقه على أبيه وسمع منه وأضرابه واعتمد على الشيخ أبي عبد الله المسناوي ولازمه وتربى بالشيخ أحمد بن عبد الله معن. مولده سنة 1092 هـ وتوفي سنة 1157 هـ[1744 م]. 1419 - ابنه أبو عبد الله محمد بن الطيب القادري: الفقيه العلامة الدراكة المتفنن المحقق المؤلف المتقين أخذ عن والده وتفقه بأبي العباس بن مبارك وأبي عبد الله محمد بن عبد السلام بناني وأبي عبد الله محمد جسوس وأجازه كتابة وأجازه أيضاً الشيخ محمد الحفناوي له تآليف في فنون من العلم منها الزهر الباسم في ترجمة الشيخ الخصاصي قاسم والمورد المعين في شرح المرشد المعين ونشر المثاني لأهل القرن الحادي والثاني في سفرين واختصاره والإكليل والتاج في تذييل كفاية المحتاج والكوكب الضاوي في إكمال معتمد الراوي لجده وغير ذلك. مولده سنة 1123 هـ وتوفي سنة 1187 هـ[1773 م]. 1420 - أبو عبد الله محمد بن عبد السلام البناني الفاسي: الإِمام الفقيه النظار العلامة شيخ الجماعة وخاتمة العلماء الكبار أخذ عن الشيخ أحمد بن ناصر وأذنه في التلقين وعن الشيخ ميارة الصغير وأبي سالم العياشي والشيخ اليوسي وعبد الرحمن ومحمد ابني الشيخ عبد القادر الفاسي وأدرك والدهما وأبي عبد الله

بردلة وأبي العباس ابن الحاج وابن زاكور وعبد السلام جسوس وغيرهم ورحل للمشرق وأخذ عن أعلام منهم الخرشي وعبد الباقي الزرقاني ومحمد الطيب الفاسي وله عنهم إجازات حسبما تضمنته فهرسته وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم الشيخ محمد جسوس والشيخ التاودي ومحمد بن عبد العزيز السجلماسي وعلي قصارة وعبد القادر بوخريص ومحمد البناني وأخواه محمد وعلي وأبو حفص الفاسي والشيخ الصعيدي وأبو الحسن السقاط. له تآليف منها شرح لامية الزقاق وشرح الاكتفاء للكلاعي في ستة أسفار واختصار شرح الشهاب على الشفاء وشرح الحزب الكبير للشاذلي وشرح صلاة الشيخ عبد السلام بن مشيش وشرح خطبة المختصر وشرحان على نظم أبي زيد الفاسي في الأسطرلاب وتكميل شرح حدود ابن عرفة وغير ذلك مما هو كثير، وله أولاد وأحفاد فضلاء أعلام منهم ابنه عبد الكريم. ألّف تأليفاً في التعريف بوالده سماه تحفة الفضلاء الأعلام في التعريف بالشيخ محمد بن عبد السلام. توفي سنة 1163 هـ[1749م] عن سن عالية. 1421 - أبو محمد عبد المجيد بن علي المنالي: الشهير بالزبادي الشريف الحسني الإدريسي الفاسي الفقيه العلامة العلم ركن الشريعة المتسلم جامع شتات الفضائل والمفاخر ومنظم غرر المناقب والمآثر الصوفي اللغوي الأديب الناظم الناثر المشارك الأريب من بيت نبيه معروف بالفضل أخذ عن أبي عبد الله ميارة الصغير وحج صحبة الولي أحمد الصقلي والهادي بن محمد العراقي ولقي أعلاماً منهم الشيخ محمد الحفني وتلميذه الشيخ محمود الكردي والشيخ البرناوي وكان له أصحاب وأتباع كثيرون وظهرت عليهم بركته. له تآليف منها رحلته للحج وتأليف في التعريف بابن عباد وتأليف في العروض وتأليف في شرح الكلام المنسوب لشيخه السوسي في تقسيم أهل الخصوصية وله تقاييد في التاريخ والتصوف والفقه. توفي سنة 1163 هـ[1749 م]. 1422 - أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي: الفقيه العلامة الفاضل. أخذ عن أبيه وأخيه الطيب وعنه ابنه محمد. مولده سنة 1093 هـ وتوفي سنة 1164 هـ[1750 م].

1423 - أبو العباس أحمد الفلالي: الشيخ الإمام العمدة الفاضل القدوة. أخذ عن الشيخ عبد السلام القادري، وعته أبو العباس أحمد بن عبد العزيز الفلالي السجلماسي. توفي سنة 1165 هـ[1751 م]. 1424 - أبو عبد الله محمد بن عبد الصادق الدكالي: الفقيه العالم العلامة النوازلي المفتي المحصل الفهّامة. أخذ عن أبي البقاء يعيش الشاوي وناب عنه في القضاء. توفي سنة 1175 هـ. 1425 - أبو محمد عبد الله بن محمد الخياط: الشهير بالهاروشي الفاسي المولد والدار التونسي القرار. كان من العلماء العاملين الأخيار الملازمين للأوراد والأذكار والصلاة على النبي المختار وكان من الفقهاء السادة مع صلاح وورع وزهادة. أخذ عن أعلام منهم الشيخ محمد بن عبد القادر الفاسي وأبو العباس أحمد بن محمد بن جابر النايلي الطرابلسي والعارف بالله الشيخ قاسم الخصاصي اجتمع به في مصر حين قدم لها حاجاً لازمه مدة إقامته بها وانتفع به المتوفى في صفر سنة 1139 هـ والعارف بالله الواصل الشيخ محمد العياشي الآخذ عن الشيخ محمد بن ناصر وهؤلاء الشيوخ الثلاثة أثنى عليهم كثيراً في كتابه الفتح المبين والدر الثمين. له تآليف منها كنوز الأسرار في الصلاة على النبي المختار والدر الثمين في الصلاة على سيد المرسلين اشتمل على كثير من الفوائد وهو تذييل لكنوز الأسرار وتوفي بتونس ودفن بالجلاز وقبره متبرك به منقوش على لوح من رخام فوق قبره أنه توفي سنة 1175 هـ[1761 م]. 1426 - أبو عبد الله محمد بن طاهر بن يوسف بن أبي عسرية بن علي الفاسي: الإمام العمدة الفاضل الفقيه القدوة العالم الكامل. أخذ عن الشيخ محمد بن عبد السلام البناني أحمد بن مبارك وأبي عبد الله المسناوي وأبي عبد الله جسوس، وعنه أخذ محمد بن عبد السلام الفاسي وزيان العراقي واليازغي وعبد الرحمن بيس وغيرهم. توفي سنة 1177 هـ[1763 م]. 1427 - أبو زيد عبد الرحمن بن أبي العلاء إدريس: المنجرة الإمام

العلامة المتفنن شيخ القراء الأستاذ المؤلف المتقين. أخذ عن والده القراءات وأجازه والعلوم الشرعية عن أبي عبد الله المنساوي وعنه أخذ محمد بن عبد السلام الفاسي وأبو عبد الله محمد الهبطي والعارف العربي الدرقاوي. له حاشيتان على الجعبري كبرى وصغرى وشرح الدالية وحاشية على المرادي وفهرسة. توفي سنة 1179 هـ[1765 هـ]. 1428 - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي: الفقيه المشارك العلامة الدراكة النحرير الفهّامة الخطيب البليغ. أخذ عن ابن عم أبيه محمد بن عبد الرحمن الفاسي وأبي عبد الله المسناوي وأبي العباس بن مبارك وأبي عبد الله الدلائي وأبي عبد الله بن عبد السلام البناني وابن زكري وأبي عبد الله ميارة الصغير وغيرهم ودرس وأجاد وقيّد وأفاد، له تآليف منها شرح بغية جد والده وشرح درة التيجان لشيخه أبي عبد الله محمد الدلائي في أشراف فاس والورد الهني في ترجمة عبد الله بن الطيب القادري وتأليف في أعيان الأعيان، مولده سنة 1118 هـ وتوفي سنة 1179 هـ. 1429 - أخوه عبد الله المدعو أبو مدين بن أحمد الفاسي: العلامة الأريب الفهّامة الأديب الفقيه خاتمة الخطباء والأئمة البلغاء الفصحاء. أخذ عن والده وابن عم أبيه محمد بن عبد الرحمن والقاضي بردلة وأبي عبد الله المسناوي ومحمد العراقي ومحمد بن عبد الرحمن الدلائي وابن زكري وأحمد بن مبارك. له تآليف شريفة الوضع بديعة الصنع كالمحكم في الأمثال والحكم وتحفة الأريب وشرح النصيحة الكافية وشرح سيرة ابن فارس وشرح توحيد الرسالة وغيرها وجمعت غرر خطبه في مجلد رحب. مولده سنة 1112 هـ وتوفي سنة 1181 هـ[1767 م]. 1430 - أبو محمد الطيب بن أبي عبد الله محمد التهامي: الشريف الوزاني العارف بالله الولي الواصل المربي الشيخ الكامل. أخذ عن والده وورث سره، وعنه أخذ خلق وله أتباع كثيرون منهم ابنه أحمد الوارث لسره والخليفة بعده. توفي صاحب الترجمة سنة 1181 هـ[1767 م] وقد ناف عن الثمانين.

1431 - وابنه أحمد: المذكور توفي سنة 1196 هـ[1781 م]. وكان الخليفة بعده والوارث لسره ابنه أبو الحسن المتوفى سنة 1226 هـ. وكان الخليفة بعده والوارث لسره ابنه العربي المتوفى سنة 1266 هـ وكان الخليفة بعده والوارث لسره ابنه عبد السلام المتوفى سنة 1310 هـ، ذكرنا هؤلاء السادات الأشراف الوارثين على نسق تبركاً بهم وشهرة رجال هذا البيت وطريقتهم غنية عن التعريف. 1432 - أبو العباس أحمد بن عبد العزيز السجلماسي الهلالي: العالم المتبحر في العلوم عقليها ونقليها الفقيه المحدّث الراوية. أخذ عن الشيخ أحمد العماري المصري عن أبي عبد الله محمد الزرقاني بسنده إلى خليل وعن الشيخ محمد بن عبد السلام البناني عن أبي سالم العياشي بسنده وعن أبي عبد الله المسناوي بسنده إلى الإمام الحطاب وأجازه بذلك كما أجازه الشيخ محمد الطيب الشرقي الفاسي المجاور بالحرم النبوي، وعنه أخذ الشيخ التاودي وغيره. له شرح على ديباجة المختصر. لم أقف على وفاته. 1433 - أبو عبد الله محمد بن قاسم جسوس: الفقيه العلامة المحقق الفهّامة المحدّث المتفنن الصوفي المؤلف المتقين شيخ الجماعة في وقته. أخذ عن أعلام منهم عمه عبد السلام جسوس وأبو عبد الله المسناوي وأبو عبد الله محمد بن عبد القادر الفاسي وولده الطيب الفاسي والعربي بردلة وابن زكري وأبو عبد الله القسنطيني وأبو عبد الله بن عبد السلام البناني وأبو الحسن الحريشي ومحمد ميارة الصغير وغيرهم، وعنه الشيخ التاودي والحايك وغيرهما. له تآليف جليلة منها شرح المختصر في تسعة أسفار والرسالة في أربعة أسفار وشرحان على الحكم العطائية وشرح توحيد المرشد المعين وتصوفه والشمائل وفقهية الشيخ عبد القادر الفاسي وغير ذلك، مولده سة 1089 وتوفي سنة 1182 هـ[1768 م].

1434 - أبو العلاء إدريس في محمد بن إدريس العراقي: الفقيه الإمام العمدة الهمام المحدّث الورع المتفنن المطلع. أخذ عن والده وأبي الحسن الحريشىِ وأبي العباس أحمد بن سليمان وأبي العباس أحمد بن مبارك وأبي عبد الله بن زكري وأبي عبد الله محمد بن عبد السلام البناني وأبي عبد الله محمد جسوس وأبي عبد الله ميارة الصغير وغيرهم، وعنه أخذ ولداه عبد الرحمن وعبد الله وابن عمه زيان والشيخ أحمد الصقلي وجماعة. له تآليف منها شرح الشمائل وشرح على إحياء الميت في فضائل آل البيت وشرح الثلث الأخير من الصغاني وغير ذلك. توفي سنة 1183 هـ[1769 م]. 1435 - قاضي فاس أبو محمد عبد القادر بن العربي بو خريص الفاسي: العلامة الفقيه المشارك الفاضل القدوة القاضي العادل، كان بركة مع اليقين والعلم والدين المتين. أخذ عن أبي عبد الله محمد العراقي وأبي عبد الله محمد المسناوي أبي عبد الله محمد بن السلام البناني وأبي العباس أحمد بن مبارك وهو عمدته الذي أفنى عمره في خدمته وغيرهم، وعنه أخذ عبد القادر بن شقرون والقاضي عبد السلام بن محمد الدلائي وجماعة. مولده سنة 1118 هـ وتوفي سنة 1188 هـ[1774 م]. 1436 - أبو حفص عمر بن عبد الله بن يوسف بن العربي الفاسي: الشيخ الإمام خاتمة المحققين الأعلام حامل لواء العلوم معقولها ومنقولها ومفهومها ومنظومها. أخذ عن والده وقريبه أبي عسرية محمد بن أحمد بن يوسف الفاسي والشيخ محمد العراقي وأبي العباس بن مبارك واعتمده وأبي عبد الله محمد بن عبد السلام البناني وأبي عبد الله محمد جسوس وأبي الحسن علي بن أحمد الحريشي سمع عليه أوائل الكتب الستة وأجازه فيها وفي غيرها كما أجازه شيخ الطريقة الخلوتية العلامة البركة الشيخ محمد بن سالم الحفناوي الشافعي وأضرابهم،

وعنه أخذ من لا يعد كثرة منهم قريبه محمد بن عبد السلام بن محمد بن عبد السلام بن العربي الفاسي وزين العابدين العراقي وعبد الكريم اليازغي وأبو زيد عبد الرحمن الخياط والعربي بن علي القسنطيني ومحمد بن طاهر الهواري وعبد القادر بن أحمد شقرون ومحمد بن الصادق ريسون ومحمد بن الطاهر المير السلاوي ومحمد بن عبد السلام الناصري وسليمان بن محمد الحوات والطيب بن كيران وأضرابهم. ألّف تآليف مفيدة بارعة منها شرح التحفة في سفرين سماه غاية الأحكام في شرح تحفة الحكام وتحفة الحذاق شرح لامية الزقاق وحاشية على مغني ابن هشام وحاشية على كبرى السنوسي وحاشية على مختصره المنطقي وجزء في حكم المد الطبيعي ونهاية التحقيق في مسألة تعليق التعليق في الطلاق وإحراز الفضل في الفرق بين الخاصة والفصل وهو كالحاشية على القول الفصل في الفرق بين الخاصة والفصل للشيخ اليوسي ومنة الوهاب في نصرة الشهاب وضعه لتصحيح ما قرره الشهاب القرافي في الفروق في مسألة تخصيص نية الحالف والرد على ابن الشاط ولواء النصر في الرد على أبناء العصر رد فيه قول من أفتى بجواز بيع الأحباس المؤبدة لضرورة المسغبة وشرح قصيدة ابن فرح الإشبيلي في المصطلح وغير ذلك. وبالجملة فإن فضائله جمة وكان لا يذكر تاريخ ولادته اقتداء بالسلف الصالح كمالك والشافعي. توفي في رجب سنة 1188 هـ[1774 م] وهو ابن ثلاثي وستين سنة. 1437 - الحسين بن محمد السعيد الشريف الورتيلاتي: نسبة لبني ورتيلات قبيلة قرب بجاية العلامة المحقق المؤلف المدقق الصوفي الزكي الفاضل العارف بالله الواصل الولي الصالح القدوة الناصح من بيت مشهور بالعلم والفضل. أخذ عن والده وشيوخ وطنه وكان كثير الكرامات صادق اللهجة مستقيم الحجة، قصد بيت الله الحرام وحجه ثلاث مرت الأولى سنة 1153 هـ والثانية سنة 1166 هـ والثالثة سنة 1179 هـ واجتمع بأعلام وأفاد واستفاد وأخذ العلوم عن أسود أسياد، فمن المالكية الشيخ الصباغ والشيخ الهاشمي المغربي والشيخ خليل المغربي والشيخ البليدي والشيخ العمروسي شارح خليل والشيخ علي الصعيدي والشيخ الفيومي والشيخ العفيفي والشيخ سالم النفراوي ومن الشافعية الشيخ محمد الحفني والشيخ الجوهري والشيخ الملوي شارح السلم والسمرقندية وأجازوه وأخذ بتونس عن الشيخ محمد بن عبد العزيز والد الشيخ حمودة بن عبد العزيز والشيخ عبد الله السوسي المغربي

والشيخ حسن الهدة السوسي واجتمع بكثير من علمائها منهم الشيخ محمد الغرياني والشيخ قاسم المحجوب وابنه الشيخ محمد والشيخ صالح الكواش والشيخ عبد الكبير الشريف والشيخ أحمد بن عبد الصادق ومحمد وأحمد ابنا الشيخ عبد الله السوسي ولقي هناك الشيخ أحمد التجاني. له تآليف منها شرح القدسية في التصوف للشيخ الأخضري وشرح الوسطى وشرح خطبة الصغرى وحاشية على شرح السكتاني على أم البراهين وله رحلة حافلة في مجلد ضخم سماها نزهة الأنظار في فضل علم التاريخ والأخبار وله غير ذلك. مولده سنة 1125 هـ وتوفي سنة 1193 هـ أو سنة 1194 هـ[1779 م] أو [1780 م]. 1438 - أبو عبد الله محمد بن الحسن البناني: العارف الذي ليس له في عصره ثاني الإمام الهمّام خاتمة العلماء الأعلام الأستاذ المحقق المؤلف المطلع المدقق العلامة النحرير الفهّامة القدوة الشهير. أخذ عن أعلام منهم الشيخ أحمد بن مبارك والشيخ محمد جسوس وقريبه الشيخ محمد بن عبد السلام البناني وانتفع به، وعنه الشيخ عبد الرحمن الحائك والشيخ الرهوني والشيخ الطيب بن كيران والشيخ بنيس والشيخ حمدون بن الحاج والشيخ سليمان الحوات والشيخ عبد القادر شقرون وأحمد ابن الشيخ التاودي وغيرهم. له تآليف محررة مفيدة منها حاشية على شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على المختصر سارت بها الركبان ورزق القبول فيها وحاشية على مختصر الشيخ السنوسي في المنطق وشرح على السلم وحواش على التحفة واختصر تأليف شيخه ابن مبارك في مسألة التقليد وفهرسته وغير ذلك وبيته بن علم وفضل وله أخوان عالمان وشهرته وآل بيته غنية عن التعريف. مولده سنة 1133 هـ وتوفي سنة 1194 هـ[1780 م]. 1439 - أبو الحسن زين العابدين المدعو زيان بن هاشم العراقي الحسني الفاسي: الشيخ العلامة المحقق الفهّامة أعجوبة الزمان في الحفظ والضبط والإتقان، أخذ عن أبي العباس بن مبارك وأبي عبد الله جسوس وابن عمه الهادي العراقي وأبي حفص الفاسي وهو عمدته، وعنه أولاده وعبد الواحد الفاسي ومحمد بن إبراهيم والطيب بن كيران وحمدون ابن الحاج وسليمان الحوات له فهرسة. توفي سنة 1194 هـ[1780 م].

1440 - أبو الحسن علي بن عبد الرحمن الجمل الحسني الإدريسي: شيخ الطريقة وإمام الحقيقة العارف بالله الدال عليه الفاضل منبع المعارف الولي الكامل، أخذ عن مولاي الطيب الوزاني ثم لزم العارف الأكبر الشيخ العربي بن أحمد معن وانتفع به حتى صار بحراً زاخراً بالعلم والعرفان وسارت بأخباره الركبان وانتفع به الكثير منهم الشيخ العربي الدرقاوي وقد بالغ في الثناء على شيخه المذكور في كثير من رسائله. توفي سنة 1194 هـ وسنة مائة وتسعة أعوام. 1441 - أبو العباس أحمد بن أبي جيدة بن أحمد بن محمد بن عبد القادر الفاسي: الفقيه الإمام العارف المتحلي بالعلوم والمعارف، أخذ عن أبي حفص الفاسي وأبي عبد الله محمد البناني وأبي محمد عبد القادر شقرون وغيرهم. مولده سنة 1165 هـ وتوفي سنة 1194 هـ[1780 م]. 1442 - أبو العباس أحمد ابن الشيخ أبي حفص عمر الفاسي: الفقيه العالم المتفنن الماهر المحدّث الأديب الكاتب الناثر نشأ في حجر أبيه وتربى في صيانة وصون وديانة، قرأ على الشيخ محمد الهواري والشيخ عبد القادر بن شقرون وأخذ عنهما وغيرهما. توفي سنة 1197 هـ[1782 م]. 1443 - أبو المحاسن يوسف بن أحمد بن ناصر الدرعي ابن أخي أبي العباس أحمد: الإمام القدوة المعتقد العمدة الكثير الكرامات الفقيه المحدّث من بيت علم وعدالة وفضل وجلالة، أخذ عن عمه أحمد المذكور وورث سره وكان الخليفة بعده وروى الكتب الستة والشفا والمواهب وحلية أبي نعيم والترغيب والترهيب وإحياء العلوم وكنز العمال والجامعين الصغير والكبير والفتوحات المكية عن أخيه أبي عمران موسى عن عمه بسنده وعن الشيخ محمد بن عبد السلام البناني بسنده وعن الشيخ أحمد بن مبارك بسنده وعن غيرهم وكلهم أجازوه معقولاً ومنقولاً

الطبقة الخامسة والعشرون

قراءة وتفسيراً وحديثاً وتوحيداً ونحواً وأدباً ولغة ومصافحة ومشابكة ومناولة وضيافة بالماء والتمر وغير ذلك من الأحاديث المسلسلة من ذلك قراءة سورة الصف وقراءة سورة ألم نشرح واليمنى على الصدر واليسرى على أسفلها، وعنه أخذ مَن لا يعد كثرة من أهل المشرق والمغرب منهم ابن أخيه محمد بن عبد السلام وبالإجازة أبو الخيرات الأمير الباشا علي بن حسين بأي أجازه إجازة عامة في صفر سنة 1187 هـ مذكورة بنصها في التاريخ الباشي. لم أقف على وفاته. 1444 - أبو حفص عمر بن عبد الصادق الششنتي: الإمام الفقيه الأستاذ الفاضل الحاوي للفضائل والفواضل، أخذ عن أبي العباس الصباغ وأجازه بما في ثبته وعنه الشيخ محمد بن طاهر التفسير السلاوي وأجازه بما في ثبت شيخه المذكور في جمادى الأولى سنة 1195 هـ. لم أقف على وفاته. 1445 - أبو محمد عبد الكريم بن علي اليازغي الفاسي: كان فقيهاً عالماَّ متفنناً في علوم شتى بارعاً نفّاعاً لطلبة العلم. أخذ عن أبي حفص الفاسي وهو عمدته والشيخ محمد جسوس وغيرهما وعنه جماعة وانتفع به غير واحد كالشيخ أحمد الصغير والشيخ الطيب بن كيران والقاضي عبد السلام الدلائي وأبي الربيع سليمان الحوات. توفي سنة 1199 هـ[1784 م]. الطبقة الخامسة والعشرون فرع مصر 1446 - أبو البركات أحمد ابن الشيخ الصالح محمد العدوي الأزهري الخلوتي: الشهير بالدردير الإمام العلامة النحرير العارف بالله القطب الكبير أوحد وقته في العلوم النقلية والفنون العقلية شيخ الإِسلام وبركة الأنام، أخذ عن الشيخ الصعيدي لازمه وانتفع به وبه تفقه وبالشيخ أحمد الصباغ وأخذ عن الملوي والحفني وبه تخرج في طريق القوم وصار من أكبر خلفائه في الخلوتية وعنه أخذ جلة منهم الدسوقي والعقباوي والصاوي والسباعي وجماعة، أفتى في حياة شيوخه مع كمال

الصيانة والزهد والفقه والديانة وارتقى حتى تولى الفتيا بل صار شيخاً على أهل مصر بأسرها في وقته حساً ومعنى فإنه كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويصدع بالحق ولا تأخذه في الله لومة لائم وله في السعي على الخير يد بيضاء وله مؤلفات غاية في التحرير رزق في غالبها القبول منها شرح المختصر وأقرب المسالك لمذهب مالك وشرحه ورسالة في متشابهات القرآن ونظم الخريدة السنية في التوحيد وشرحها وتحفة الأخوان في آداب أهل العرفان في التصوف وله شرح على ورد الشيخ كريم الدين الخلوتي وشرح على مقدمة التوحيد للشيخ كمال الدين محمد البكري ورسالة في المعاني والبيان ورسالة أفردها لطريق حفص ورسالة في المولد الشريف ورسالة في شرح قول الوفائية يا مولاي يا واحد يا مولاي يا دائم وشرح على مسألة كل صلاة بطلت على الإمام بطلت على المأموم والأصل للشيخ البيلي ورسالة في التوحيد ورسالة في الاستعارات الثلاث وشرح على آداب البحث وشرح صلاة الشيخ أحمد البدوي وشرح على الشمائل لم يكمل ورسالة في صلوات شريفة سماها المورد البارق في الصلاة على أفضل الخلا"ق والتوحيد الأسنى بنظم الأسماء الحسنى ومجموع ذكر فيه أسانيد الشيوخ وشرح على رسالة قاضي مصر في قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ} الآية، وشرح على منظومة البيلي في المستثنيات ورسالة في بيان السير إلى الله ورسالة تحفة السير والسلوك إلى ملك الملوك والعقد الفريد في إيضاح السؤال عن التوحيد وحاشية على معراج الغيطي وثبت مولده سنة 1127 هـ وتوفي في سادس ربيع الأول سنة 1201 هـ[1786 م] وقد وافق هذا التاريخ لفظ رضي الله عنه. 1447 - الشيخ حسن بن غالب الجداوي الأزهري: الإمام العلامة أحد المتصدرين وأوحد العلماء المتخرجين حلال المشكلات وصاحب التحقيقات تفقه على أفقه المالكية في وقته الشيخ محمد بن محمد السلموني وأخذ الفنون بإتقان عن الشيخ علي خضر العمروسي وعلى الشيخ محمد البليدي والصعيدي له مؤلفات وتقييدات وحواشي. مات في ذي الحجة سنة 1202 هـ، مولده بالجدية سنة 1128 هـ[1715 م]. 1448 - أبو العباس أحمد بن محمد بن جاد الله بن محمد الخناني البرهاني: الإمام العلامة الوجيه الفهّامة المتفنن في العلوم، نشأ في طلب العلم وحضر أشياخ

الوقت ولازم البليدي وانتفع به انتفاعاً كلياً وانتسب إليه وأجازه إجازة مطلقة بخط يده ونوّه بشأنه ولما توفي شيخه المذكور تصدر لإقراء الحديث مكانه بالمشهد الحسيني واجتمع عليه الناس وحضره مَن كان ملازماً لحضور شيخه وواظب على الإقراء بالأزهر وانتفع به الطلبة، مات سنة 1207 هـ[1792 م]. 1449 - أبو عبد الله محمد بن داود بن سليمان الخربتاوي: الإمام الفاضل العالم العامل الأنجب الصالح المفوه الناجح، قرأ على والده وحضر درس الشيخ الصعيدي وبه تخرج وأنجب في العلوم وله سليقة جيدة في النظم والنثر وحصل على كتب نفيسة المقدار زيادة على ما ورثه من والده وله محبة في آل البيت وله فيهم مدائح كثيرة وهو ممن قرظ على شرح القاموس للشيخ محمد مرتضى تقريظاً بديعاً. توفي سنة 1207 هـ[1792 م]. 1450 - أبو العباس أحمد بن موسى بن أحمد بن محمد البيلي العدوي: الإمام العمدة الفقيه القدوة العلامة المحقق المتفنن المدقق الفهّامة عين أعيان الفضلاء وأوحد النبلاء، أخذ عن الشيخ علي الصعيدي لازمه وانتفع به وتصدّر للتدريس وأفاد وأجاد وانتفع به جماعة، له مؤلفات منها مسائل كل صلاة بطلت على الإمام بطلت على المأموم ورسالة في البشارة لقارىء الفاتحة وتقريرات على الأربعين النووية ورسالة في الكلام على أما بعد وتذكرة الأخوان وهو شرح على منظومة في معاني حروف الجر ومنظومة في همزة الوصل وتقرير على شرح السبط على الرحيبة وحاشية على شرح الملوي على السمرقندية والعقد الفريد في ضبط ما جاء في الشهيد وهي أرجوزة. مولده ببني عدي سنة 1141 هـ وتوفي سنة 1213 هـ[1798 م]. 1451 - أبو محمد عبد العليم بن محمد الضرير: العلامة النحرير الإمام الفقيه الفاضل الشيخ الصالح الكامل أخذ عن الصعيدي رواية ودراية وروى عن الملوي والبليدي والسقاط والجوهري والمنير والدردير والتاودي حين حجه. مات سنة 1314 هـ[1799 م]. 1452 - الشيخ حسن بن محمد كريت بالتصغير الرشيدي: العلامة الأوحد والعلم المفرد شيخ الإِسلام والمسلمين وأستاذ أساتذة الدين نقيب الأشراف ودوحة الإنصاف. أخذ عن أعلام. توفي سنة 1221 هـ[1806 م].

1453 - أبو الفلاح صالح بن محمد بن صالح السباعي: الأستاذ العمدة العارف بالله القدوة الحبر الإمام الفاضل الهمّام نادرة الأيام وعمدة الأنام الزاهد الثقة الأمين مع ورع ودين متين. لازم الشيخ الصعيدي حتى بلغ درجة الترجيح في كل الفنون، وأخذ عن الشيخ الزيات العدوي والشيخ حسن الجداوي وأخذ الخلوتية عن الشيخ الحفني وأتمها على الشيخ الدردير الوارث لسره والخليفة بعده بزاويته وتصدر للتدريس وأجاد وأفاد وتخرج على يده الكثير من الفحول منهم ولده محمد السباعي ومحمد بن عبد الرسول السباعي وسليمان الحلبي وأحمد الصاوي وسليم السباعي ومحمد المغربي وعبد الله القاضي وصالح الزجاجي ويوسف الصاوي له شرح على الفتوحات المكية التزم فيه الاستدلال على كل حكمة منه بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وشرح على حكم ابن عطاء الله وشرح على منظومة أسماء الله الحسنى لشيخه الدردير وكانت له مكاشفات وكرامات. مولده سنة 1154 هـ وتوفي سنة 1221 هـ[1806 م] ودفن بزاوية شيخه الدردير بالكعاكين. 1454 - أبو الخيرات مصطفى العقباوي: نسبة لمنية عقبة بالجيزة الأجل العلّامة الأفضل الفهّامة فريد عصره علماً وعملاً وواحد دهره تفصيلاً وجملاً. حضر الأزهر صغيراً ولازم الشيخ محمد العقاد المالكي ثم الشيخ عبادة العدوي ملازمة كلية حتى تمهر في المنقولات والمعقولات وحضر دروس أشياخ العصر كالدردير وصالح السباعي والبيلي والأمير وغيرهم وتصدر لإلقاء الدروس وانتفع به الطلبة واشتهر فضله، كان حسن الأخلاق مقبلاً على الإفادة والاستفادة لا يتداخل فيما لا يعنيه قانعاً متورعاً. ألّف تكميل أقرب المسالك لشيخه الدردير. توفي في جمادى الثانية سنة 1221 هـ[1806 م] ولم يخلف بعده مثله. 1455 - أبو الربيع سليمان بن محمد الفيومي: كان عظيم الجاه شهير الذكر مشاركاً فرداً من أفراد الفضلاء النبهاء. أخذ عن الشيخ الصعيدي وانتفع به والشيخ الدردير وسافر في مهم لدار السلطنة. توفي سنة 1224 هـ[1809 م]. 1456 - أبو محمد عبد المنعم بن أحمد العماري الأزهري: الإمام العالم العلامة العمدة الفهّامة شيخ الإِسلام والمسلمين. تفقه على الشيخ الزهار وغيره وحضر دروس الدفري والحفني والصعيدي وسالم النفراوي والصباغ ودرس وانتفع به الطلبة. توفي في ذي القعدة سنة 1224 هـ[1809 م] عن أربعة وثمانين سنة.

1457 - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي الأزهري: ولد بدسوق العلامة الأوحد الفهّامة الأمجد محقق عصره ووحيد دهره الجامع شتات العلوم المنفرد بتحقيق المنطوق والمفهوم بقية الفصحاء والفضلاء المتقدمين والمميز عن المتأخرين. حضر مصر وحفظ القرآن وجوّده على الشيخ محمد المنير ولازم حضور دروس المشايخ كالصعيدي والدردير والجناجي وحسن الجبرتي ومحمد بن إسماعيل النفراوي وتصدر للتدريس وأتى بكل نفيس وأفاد وأجاد. كان فريداً في تسهيل المعاني وتبيين المباني يفك كل مشكل بواضح تقريره ويفتح كل مغلق بفاتح تحريره ودرسه مجمع أذكياء الطلاب والمهرة من ذوي الأفهام والألباب مع لين جانب ودين متين وحسن خلق وعدم تصنع وإطراح تكلف جارياً على سجيته لا يرتكب ما يتكلفه غيره من التعاظم وفخامة الألفاظ ولهذا كثر الآخذون عليه والمترددون إليه منهم أحمد الصاوي وعبد الله الصعيدي وحسن العطار، له تآليف رزق فيها القبول واضحة العبارة بألطف إشارة سهلة المأخذ ملتزمة بتوضيح المشكل، منها حاشية على مختصر السعد وحاشية على الدردير على المختصر وحاشية على شرح الجلال المحلي على البردة وحاشية على كبرى السنوسي وعلى صغراه وحاشية على شرح الرسالة الوضعية ولم يزل على حالته في الإفتاء والتدريس والإفادة وخطه حسن إلى أن توفي في ربيع الثاني سنة 1230 هـ[1814 م] وصلّى عليه بالأزهر في مشهد حافل ودفن بتربة المجاورين ورثاه أمثل من عنه أخذ وأكبر من له تلميذ العلامة الفهّامة حامل لواء الإنشاء البديع والنظم الذي هو كزهر الربيع الشيخ حسن العطار بقصيدة غراء أولها: أحاديث دهر قد ألم فأوجعا ... وحل بنادي جمعنا فتصدعا لقد سأل فينا البين أعظم صولة ... فلم يُخل من وقع المصيبة موضعا وآخرها: فقدناه لكن نفعه الدهر دائم ... وما مات من أبقى علوماً لمن وعا فجوزي بالحسنى وتوج بالرضا ... وقوبل بالإكرام ممن له دعا 1458 - أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر بن عبد العزيز السنباوي الأزهري: الشهير بالأمير وهو لقب جده الأدنى أصلهم من المغرب نزلوا بمصر ثم بناحية سنبو فهو الأستاذ العالم العلامة العمدة الفاضل الفهّامة صاحب

التحقيقات الرائقة والتآليف البارعة الفائقة شيخ شيوخ أهل العلم وصدر صدور أهل اللهم المتفنن في العلوم كلها نقليها وعقليها وأدبيها إليه انتهت الرياسة في العلوم بالديار المصرية وباهت مصر ما سواها بتحقيقاته البهية واستنبط الفروع من الأصول واستخرج نفائس الدرر من نحور المنقول والمعقول وأودع الطروس فوائد وقلدها عوائد فرائد. قدم مصر وهو ابن تسع سنين حافظاً للقرآن مجوده على الشيخ المنير وحضر دروس أعيان عصره واجتهد في تحصيله وأخذ عن أعلام منهم الصعيدي لازمه أكثر من عشرين سنة وانتفع به والنور السقاط والتاودي سنة 1181 هـ حين وروده للحج والبليدي وأجازوه إجازة عامة المقررة بفهارسهم. وأخذ عن أعلام غيرهم من أئمة المالكية والحنفية والشافعية والحنبلية وأجازوه إجازة عامة منهم حسن الجبرتي ويوسف الحفني وأخوه محمد وعطية البصير ومحمد بن عبد السلام الناصري عام حجه وبات بمنزله وجعل له النظر في مصالح زاوية أسلافهم بمصر وقراءة الحديث بها وقد ألّف فهرسة حافلة أتى فيها على تفصيل روايته عن هؤلاء الأعلام والكتب المؤلفة في السنة والفقه والكلام والتفسير والنحو واللغة والتصوف والقراءات وغير ذلك من الفنون والعلوم الشرعية وطرق سندها إلى مؤلفيها وأسمائهم ووفياتهم وابتدأ بالموطأ ثم أتى على الكتب المؤلفة في الحديث وغيره من جميع الفنون وختمها بكتب القوم وأحزابهم مسندة وقال: إنما قدمت ما يتعلق بالحديث على التفسير وجميع العلوم الشرعية لأن التفسير وتلك العلوم مستمدة من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخرت علم الكلام على ما ذكر لأن التوحيد يستمد من كلام الله تعالى وأما نفس فن القراءات فهو إمام كل حكمة وعلم ولذا ابتدأت به ابتداءً حقيقياً وأخرت عما ذكر كتب الصوفية وطريقتهم لأنها الزبدة المقتناة فإن الشريعة هي علم الشريعة والعلوم الأولية والمسائل والمباحث لفهمه والطريق هو العمل به والحقيقة أسرار وأنوار يثمرها العمل واتقوا الله ويعلمكم الله اهـ باختصار ومهر وأنجب وتصدر لإلقاء الدروس في حياة شيوخه ونما أمره واشتهر فضله وذكره في الآفاق خصوصاً بلاد المغرب وتأتيه الصلات من سلطان المغرب وتلك النواحي في كل عام ووفد عليه الطالبون وأخذ عنه من لا يعد كثرة منهم ابنه محمد وأجازه إجازة عامة بما في فهرسته المذكورة والشيخ الدسوقي وعلي الزوالي المهدوي وأجازه بما ذكر وصالح بن عبد الجبار الفرشيشي والشيخ مصطفى العقباوي وأحدم الصاوي والشيخ حسن الأبطحي والشيخ حجازي والشيخ علي بن عبد الحق القوسي وأجازه والشيخ أحمد منة الله وتوجه في مهم لدار السلطنة وألقى هناك دروساً حضره فيها علماؤهم وشهدوا بفضله واستجازوه وأجازهم بما هو مجاز به من أشياخه. له

مؤلفات غاية في الإتقان والإجادة رزق فيها القبول كالمجموع وشرحه وحاشيته عليه كان شيخه الصعيدي إذا توقف في موضع يقول هاتوا مختصر الأمير وهي منقبة شريفة وحاشية على شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على المختصر وعلى شرح العزية وعلى شرح عبد السلام اللقاني على الجوهرة وعلى ابن تركي وعلي الشنشوري على الرحبية وعلى المعراج وعلى منظومة شيخه السقاط في التوحيد وعلى قصيدة غرامي صحيح وعلى الشذور وعلى الأزهرية وعلى شرح الملوي على السمرقندية وله مطلع النيرين فيما يتعلق بالقدرتين وإتحاف الأنس في الفرق بين اسم الجنس وعلم الجنس وتفسير سورة القدر وغير ذلك. كان رقيق القلب لطيف المزاج وكان لسانه فصيحاً وذوقاً صحيحاً ونظمه مليحاً. ومن نظمه: تخيلت أن الشمس والبحر تحتها ... وقد بسطت منها عليه بوارق مليح أتى المرآة ينظر وجهه ... ففي وجهها من وجهه الضوء دافق مولده سنة 1154 هـ وتوفي في ذي القعدة سنة 1232 هـ وكانت جنازته في مشهد حافل جداً ودفن بجوار مدفن الشيخ عبد الوهاب العفيفي. 1459 - وابنه أبو عبد الله محمد: المعروف بالأمير الصغير. كان من أعلام العلماء النحارير بارعاً في التحرير والتقرير مع فضل وجلالة وزهد وورع وعدالة. أخذ عن والده وانتفع به وأجازه بما في فهرسته، وعنه أخذ جماعة منهم حفيده أحمد ابن ابنه عبد الكريم والشيخ محمد عليش وأجاز كما أجازه الشيخ إبراهيم الرياحي بما تضمنته فهرسة والده وذلك في حجته سنة 1253 هـ. لم أقف على وفاته. 1460 - أبو العباس أحمد الصاوي الخلوتي: الإمام الفقيه شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ العلامة المحقق الحبر الفهّامة المدقق قدوة السالكين ومربي المريدين. أخذ عن أئمة منهم الدردير والأمير الكبير والدسوقي. له حاشية على تفسير الجلالين وعلى شرح الخريدة البهية للدردير وعلى شرح الدردير لرسالته في البيان والأسرار الربانية على الصلوات الدرديرية وله شرح على منظومة الدردير لأسماء الله الحسنى والفرائد السنية على متن الهمزية وحاشية على شرح الدردير لأقرب المسالك وغير ذلك، توفي بالمدينة المنورة سنة 1241 هـ[1825 م]. 1461 - الشيخ حجازي بن عبد اللطيف العدوي الأزهري: العلامة الألمعي

فرع إفريقية

الفقيه القدوة الزكي المؤلف المحقق المحرر المدقق. أخذ عن الشيخ الأمير وغيره. له حاشية على مجموع شيخه المذكور. لم أفف على وفاته. فرع إفريقية 1462 - أبو محمد حمودة بن عبد العزيز التونسي: العلامة الأريب الألمعي الأديب الفقيه المؤرخ المطلع البارع الماهر الكاتب البليغ اللغوي الشاعر. كان له القدم الراسخ في العلوم العقلية والنقلية. أخذ عن أعلام منهم والده وقاسم المحجوب والماكودي والغرياني والشحمي وجماعة، وعنه عمر ومحمد ابنا الشيخ قاسم المحجوب المذكور وغيرهما. ألّف التاريخ الباشي شاهد له بالفضل والنبل وحاشية على الوسطى ورسالة في القبلة، وله ديوان شعر وشعره أحسن من نثره ولا زالت سعوده طالعة مع مخدومه الباشا علي باي ثم مع ابنه الباشا حمودة ثم حصل له سقوط في منزلته عند هذا الباشا ولا زال في تراجع إلى أن توفي سنة 1202 هـ[1787 م]. 1463 - أبو الحسن علي اللومي الصفاقسي: الإمام الفقيه العالم المتفنن. أخذ عن الشيخ عبد الله السوسي ورحل لمصر وأخذ عن الشيخ البليدي والشيخ العقباوي والشيخ الملوي والشيخ الصعيدي والشيخ أحمد السنهوري والشيخ العمروسي شارح مختصر خليل، وعنه الشيخ مقديش وهو عمدته والشيخ الطيب الشرفي ومحمود الزواوي ومحمد المصمودي وعلي ذؤيب وإبراهيم الخراط وغيرهم. توفي سنة 1204 هـ[1789 م]. 1464 - قاضي الجماعة أبو عبد الله محمد ابن الشيخ أبي الحسن علي سويسي: إمامها بجامعها الأعظم وقاضيها العادل وفقيهها العالم العامل وصالحها وزاهدها الفاضل. أخذ هو وأخوه الشيخ المفتي أحمد عن والدهما والشيخ محمد زيتونة. أقام في خطة القضاء أربعين سنة محمود السيرة جميل الذكر. توفي سنة 1204 هـ[1789 م] وقد ناف عن التسعين وتولى خليفته في الإمامة بعده قاضي الحاضرة الشيخ محمد بن أحمد الطويبي. 1465 - أبو محمد عبد الكبير ابن أحمد الشريف: الشيخ الإمام القدوة

الهمام كان آية في تحصيل العلوم وله خبرة بجوامع المنطوق والمفهوم. أخذ عن والده وهو عن الشيخ عبد الرحمن الكفيف وهو عن جد صاحب الترجمة أحمد الشريف الأكبر بسنده. وعنه جماعة منهم ولداه حسن ومحمد والشيخ صالح الكواش. توفي سنة 1206 هـ[1791 م]. 1466 - أبو الفلاح صلاح بن حسين الكواش التونسي: الفقيه الإمام شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ نادرة الدهر في الحفظ وثقوب الفكر الأستاذ العالم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم. أخذ عن الشيخ الغرياني والشيخ عبد الكبير الشريف والشيخ حمودة الريكلي والشيخ قاسم المحجوب والشيخ محمد المنصوري شارح مختصر خليل في أربعة عشر جزءاً والشيخ عبد الله الغدامسي واجتمع في طرابلس بالشيخ التاودي وختم عليه الشفا. وعنه أخذ الشيخ إسماعيل التميمي والشيخ إبراهيم الرياحي وأحمد زروق الكافي وأخوه السنوسي والشيخ حسن الهدة السوسي وأجازه بما في ثبته وملخصه قد أجزته بما يؤثر عني روايته كالكتب الستة وموطأ الإمام مالك والشفا وجامعي السيوطي حسبما أخذت قراءته للبعض وإجازة في البعض عن عدة من العلماء كالشيخ حمودة الريكلي، وهو عن أعلام منهم أبو عبد الله الصفار وهو عن الشيخ عبد الباقي الزرقاني عن النور الأجهوري بسنده والشيخ المنصوري المذكور وهو عن الهستوكي عن الشيخ اليوسي وأسانيده معروفة، وأخذ أيضاً ما ذكر عن جلة مشارقة ومغاربة في مدة الاغتراب مما يطول جلبه اهـ وخرج من الحاضرة خفية فراراً من سطوة علي باشا باي لأنه توسم فيه الميل لأبناء عمه فتوجه لطرابلس ومنها لأزمير ومنها للآستانة ونال بها حظوة وشهرة فوق ما يذكر ونزل بدار شيخ الإِسلام وطلب منه شرح الصلاة المشيشية فشرحها شرحاً عجيباً ورام الإقامة هناك، ثم كاتبه محمد باي بن حسين باي طالباً منه القدوم إلى تونس فقدمها ونال إقبالاً ثم اتهمه الباشا علي باي بمقال سوء في جانبه فنفاه إلى منزل تميم وبقي هناك شهراً ثم سرحه وأتي به معظماً مبجلاً وتلقاه بالمسرة والمبرة وأجلسه حذوه وفي سنة 1175 هـ قدم لمشيخة المدرسة المنتصرية عقب وفاة قاضي الحاضرة الشيخ المزاح الأندلسي كان يقول الشعر ويجيده بعضه مذكور في التاريخ الباشي، مولده سنة 1137 هـ وتوفي في شوال سنة 1218 هـ[1803 م] ورثاه جماعة منهم تلميذه أحمد زروق الكافي بقصيدة مشيراً فيها لتاريخ وفاته بقوله: يموت العلم إن مات صالح.

1467 - أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد السلام السقا الإسكندري ثم السوسي: الدار والقرار كان من العلماء الأخيار أخذ عن أعلام عصره تولى القضاء بسوسة سنة 1199 هـ حميد السيرة طيب السريرة. مولده سنة 1150 هـ وتوفي سنة 1218 هـ[1803 م]. 1468 - ابنه محمد: كان عالماً تقياً فاضلاً زكياً. أخذ عن والده وانتفع به, تولى خطة القضاء المنحلة عن والده وتوفي عليها سنة 1229 هـ[1813 م]. 1469 - ابنه أبو الحسن علي: العلامة الزكي الفاضل أخذ عن أعلام منهم الشيخ إبراهيم الرياحي وشهد له بالفضل والنبل، ومنهم والده والشيخ حسن الهدة والشيخ الغنوشي والشيخ حسن الشريف وتقدم للفتوى ثم القضاء بسوسة سنة 1235 هـ ترجم له الشيخ أحمد بن أبي ضياف وأثنى عليه وتولى التدريس بالجامع الكبير بسوسة. مولده سنة 1200 هـ وتوفي في ذي الحجة سنة 1260 هـ[1844 م] وهو على خطة القضاء. 1470 - أخوه أبو العباس أحمد ويدعى حميدة: العلامة العمدة الفاضل الموصوف بالديانة والثقة والأمانة تصدر للتدريس وأفاد وتولى خطة القضاء سنة 1241 هـ وزانها بعلمه وعمله ثم الفتيا ثم باش مفتي سنة 1276 هـ وتوفي عليها سنة 1282 هـ[1865 م]. 1471 - قاضي الجماعة أبو حفص عمر ابن الشيخ قاسم المحجوب: الإمام العلامة العمدة الفهّامة الفقيه البارع في المعقول والمنقول الماضي القلم. أخذ عن والده والشيخ حمودة بن عبد العزيز والشيخ الغرياني وغيرهم وعنه الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ إسماعيل التميمي وغيرهما له رسائل منها رسالة في الرد على الوهابي. توفي موفي المحرم سنة 1222 هـ[1807 م]. 1472 - أبو عبد الله محمد بن محمد ماظورا: الفقيه العلامة الحامل لواء المنظوم والمنثور سلفه من أفاضل الأندلس الفارين بدينهم أخذ عن الشيخ الغرياني وله فيه قصائد بارعة وعن والده وله فيه قصيدة رائقة عند ختمه تفسير الخازن. توفي سنة 1226 هـ[1811 م]. 1473 - أبو العباس أحمد بن محمد المنزلي: الفقيه العالم الأديب الألمعي

الأريب. أخذ عن الشيخ الغرياني وله فيه قصائد بارعة عند ختم البخاري وغيره، لم أقف على وفاته. 1474 - أبو الثناء محمود مقديش: الفقيه المتكلم الورع العلامة المؤرخ المطلع. أخذ ببلده عن الشيخ اللومي وعليه اعتماده ومحمد الفراتي وعلي المصمودي ورمضان أبو عصيدة وقرأ المختصر على الشيخ أحمد بن عبد الصادق الطرابلسي وإبراهيم الجمني الحفيد، وأخذ بتونس عن الشيخ الشحمي والشيخ قاسم المحجوب والشيخ عبد الله السوسي وهو أخذ عن الشيخ أحمد بن ناصر الدرعي وأخذ بمصر عن الشيخ أحمد الدمنهوري والشيخ علي الصعيدي وغيرهم. عنه ابنه محمود وغيره، له تآليف منها: حاشية على أبي السعود وشرح على المرشد المعين وشرح على القلصادي وشرح على الوسطى وتاريخ في مجلدين وغالبه في صفاقس وعلمائها. توفي سنة 1228 هـ[1813 م]. 1475 - أبو العباس أحمد سويسي التونسي: الفقيه العمدة الزكي العلامة الألمعي القدوة الفاضل البارع في الفتوى والنوازل. أخذ عن والده الشيخ أبي الحسن وغيره. توفي سنة 1230 هـ[1814 م] وقد ناف عن المائة وقام مقامه في الفتوى الشيخ حسن الشريف. 1476 - أبو محمد حسن بن عبد الكبير الشريف: مفتيها وإمامها بالجامع الأعظم تقدم ذكر البعض من سلفه الذين هم عقد سؤدد انتسقت جواهره انتساقاً، بدوره لا تخشى كسوفاً ولا محاقاً، ونبغ من بينهم هذا الإمام أحد شيوخ الإسلام وقدوة الخاص والعام فارس المنبر والمحراب الجامع بين شرفي النسب والاكتساب، نشأ في بيت شرفه ناسجاً على منوال سلفه فأخذ عن أبيه بسنده لجده الأكبر والشيخ الشحمي والشيخ الغرياني والشيخ عبد الله السوسي والشيخ قاسم المحجوب وجماعة، وعنه الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ البحري والشيخ ابن ملوكة والشيخ الخضار والشيخ العذار والشيخ محمد السقاط والشيخ حسن الخيري وغيرهم واستكتبه أبو محمد حمودة باشا وقربه نجياً ثم نبذ الخطة ظهرياً وتركها نسياً منسياً لأمر اقتضاه الحال ورجع للخطة العلمية وانتفع به خلق، وتولى الإمامة بجامع الزيتونة فاهتز المنبر به سروراً وامتلأ نوراً وخطب من إنشائه البديع بما يزري بالبديع

وقرع بالوعظ المسامع بما أجرى المدامع، له تآليف منها حاشية على ميارة على لامية الزقاق وحاشية على القطر وعلى شواهد المغني وله معين المفتي وفتاوى وديوان خطب بارع وتولى الفتيا سنة 1230 هـ بعد تمنع وتوفي وهو يتولاها في طاعون سنة 1234 هـ[1818 م] وحضر الأمير وتبرك يحمل نعشه ونزل إلى لحده في القبر وانطلقت ألسن الشعراء بمراثيه ونشر ما أودع الله فيه. وتولى الفتيا مكانه الشيخ إسماعيل التميمي والإمامة أخوه الشيخ محمد. 1477 - أبو عبد الله محمد الطاهر بن مسعود الفاروقي التونسي: إمامها وخطيبها بالجامع الأعظم عالم العصر والمفرد العلم في ذلك العصر آية الله في التحصيل والذكاء قرأ المعقول والمنقول على الشيخ صالح الكواش والشيخ محمد الطويبي والشيخ أحمد بوخريص والشيخ حسونة الصباغ والشيخ حسن الشريف والشيخ عمر الشريف وجماعة، وعنه أخذ الكثير من الفحول علم المعقول والمنقول منهم الشيخ محمد البحري والشيخ أحمد بن حسين والشيخ إبراهيم الرياحي له تآليف كالحاشية على شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على المختصر. توفي في صفر سنة 1234 هـ[1818 م] ورثاه جماعة منهم الشيخ إبراهيم المذكور بقصيدة وبيت التاريخ: واعجب لقول مؤرخ ... تبكي السماء لفقد طاهر وكان له إخوة علماء أفاضل ووالدهم معروف بالصلاح. 1478 - أبو العباس أحمد ابن الصغير المساكيني: الفقيه العلامة الفاضل المتفنن القدوة العالم العامل، قرأ على أبي الحسن بن خليفة وأخذ عنه وانتفع به وأجازه بمروياته بأسانيدها المبينة بفهرسته وأخذ أيضاً عن الشيخ أحمد بن علي بن عبد الصادق الطرابلسي المتوفى سنة 1195 هـ وأجازه إجازة عامة بمروياته التي رواها عن مشايخه منهم الشيخ عبد الرحمن الشهير بالصنادقي الدمشقي الشافعي عن محدّث الشام أبي الفداء إسماعيل العجلوني مؤلف حلية أهل الفضل والكمال باتصال الأسانيد بكمل الرجال وهي البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والشمائل والأربعون النووية وتفسير البيضاوي وجمع الجوامع ومؤلفات ابن مالك وابن هشام والشاطبية وألفية العراقي ودلائل الخيرات وجامعا السيوطي بسندها إلى مؤلفيها ومسلسل المصافحة والمشابكة ومنهم الشيخ محمد البليدي

وأجازه بما أجازه به الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني وهي الموطأ والرسالة عن والده بسنده إلى مؤلفيها وبما أجازه الشيخ النفراوي والشيخ إبراهيم الفيومي وهما عن الشيخ عبد الباقي الزرقاني وهي كتاب الله عزّ وجل والبخاري والمختصر والحزبان والوظيفة ودلائل الخيرات بأسانيدها وكانت إجازة الشيخ أحمد بن عبد الصادف لصاحب الترجمة بالمدرسة الباشية بتونس سنة 1178 هـ وفي السنة أجازه أيضاً الشيخ محمد الغرياني المختصر وكتب الحديث وفي السنة أجازه أيضاً الشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الله السكتاني السوسي نزيل المدرسة الأندلسية أجازه إجازة عامة بعد ما أخذ عنه ما تيسر من العلوم، وصاحب الترجمة تصدى لتدريس العلوم بمدرسة شيخه ابن خليفة وانتفع به جماعة منهم أبو عبد الله محمد الغذاري قرأ عليه وانتفع به وأجازه إجازة عامة بجميع مروياته وكان الخليفة بعده. توفي صاحب الترجمة سنة 1234 هـ[1818 م]. 1479 - أبو عبد الله محمد مزالي المنستيري: مفتيها وفقيهها وعالمها وشاعرها المبرز الأعدل قرأ القرآن ببلده ورحل لتونس وأخذ عن الشيخ قاسم المحجوب وغيره، ولما نقل الإمام المازري من مدفنه الأول إلى مقامه المعروف به الآن بالمنستير صدر له ظهير من أبي الخيرات الأمير علي بن حسن باي بتدريس العلوم فيه بجراية من وقف الجامع الأعظم والصور سنة 1178 هـ وتولى الإفتاء سنة 1200 هـ والإمامة والخطابة بجامعها الأعظم سنة 1224 هـ. وتوفي سنة 1234 هـ[1818 م] ودفن ببيت بالمقام المذكور. 1480 - أبو عبد الله الحاج محمد زعفران: العلامة المتحلي بالمعارف والعرفان الفقيه المقري الفاضل العالم العامل القاضي العادل، أخذ عن أعلام قيل له: عمن أخذت العلم؟ فقال: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} تولى القضاء بالمنستير ثم نقل للفتوى بسوسة وسلفه في القضاء الشيخ محمد بن أبي الخير وسلف هذا الشيخ الشيخ محمد الشريف وهو الذي باشر نقل جسد الإمام المازري إلى مقامه المعروف به الآن بالمنستير ولما تولى الفتيا بسوسة وتولى عوضه الشيخ الحاج حسن القطاري تسارع أهل المنستير لأمير الوقت وطلبوا منه رجوع صاحب الترجمة لقضاء بلدهم وأجيبوا لذلك وتولاه في ذي الحجة سنة 1202 هـ وتوفي على ذلك في طاعون سنة 1234 هـ[1818 م]. 1481 - الحاج حسن القطاري الصيادي: الفقيه الورع الزاهد الشيخ الصالح العابد تولى قضاء المنستير سنة 1202 هـ في رمضان ثم أخر عنه في ذي الحجة من

السنة ورجع للقضاء الشيخ حسن زعفران المتقدم الذكر. ولما توفي هذا الشيخ سنة 1234 هـ[1818 م] تولى عوضه صاحب الترجمة ولما بلغه ظهير الولاية قصد مكتباً قريباً من دار سكناه وطلب من التلامذة قراءة الفاتحة والدعاء بأن لا يحكم بين خصمين ثم دخل داره ولم يخرج إلى أن توفي في اليوم الثالث وتولى عوضه الشيخ علي الشريف ثم الشيخ إسماعيل ابن صاحب الترجمة في المحرم سنة 1247 هـ ثم أخر وتولى عوضه الشيخ مسعود المجذوب المكني. 1482 - أبو العباس أحمد بن سليمان: من زاولة السقالبة بدخلة المعاوين الشيخ العالم العامل الولي العارف بالله الكامل، أخذ عن الشيخ الكواش والشيخ الغرياني وغيرهما، وعنه الشيخ إسماعيل التميمي وانتفع به كان معتقد الخاصة والعامة. توفي سنة 1237 هـ[1821 م]. 1483 - أبو العباس أحمد بوخريص: أصل هذا الفاضل من جبل وسلات ساقته المقادير إلى تونس الإمام العلامة المتبحر في العلوم الفهّامة كان آية في الحفظ وسعة الاطلاع مع ذكاء وفضل، أخذ عن الشيخ الكواش والشيخ الشحمي وغيرهما وعنه أبناؤه مصطفى والطاهر وحسن وأحمد كانوا من الفقهاء الأفاضل ماتوا في طاعون سنة 1234 هـ والشيخ الطاهر بن مسعود والشيخ ابن ملوكة والشيخ إبراهيم الرياحي وغيرهم وتقلب في الخطط العلمية الإمامة والخطابة وزان المحراب والمنبر وتولى القضاء سنة 1220 هـ بعد تمنع وقام لله بما يجب في حقوق عباده بتقواه وجده واجتهاده وبعد أشهر سلم في الخطة وأقبل على ما مال إليه من إفادة العلوم وأراحه الله من إساءة الخصوم. توفي سنة 1240 هـ[1824 م] ورثاه جماعة منهم الشيخ إبراهيم الرياحي بقصيدة وبيت التاريخ: فحقيق قولي متى قلت أرخ ... كسفت بعده بدور علوم 1484 - أبو عبد الله البشير بن عبد الرحمن السعدي الونيسي: نسبه متصل بالشيخ عبد السلام بن مشيش الشيخ السالك الولي الكامل العارف بالله الواصل الكثير الكرامات المجاب الدعوة المعتقد عند الخاصة والعامة شيخ الطريقة الشاذلية. أخذ المعارف الربانية على أئمة هذا الشأن ولأهل زواوة وهي قبيلة من أعظم قبائل البربر وجبلهم بالجزائر معروف اعتقاد راسخ وزواياه بتونس هي مناخ رحالهم ومحط أثقالهم. توفي في شوال سنة 1242 هـ[1826 م] وتولى غسله والصلاة عليه القاضي

الشيخ الشاذلي بن المؤدب ودفن بزاويته التي بناها له الأمير الباشا حسين باي بربط باب الجزيرة، ولهذا الأمير وأبيه وآله محبة واعتقاد فهي زائد. 1485 - أبو عبد الله محمَّد الطيب بن محمَّد بن محمَّد بن الولي عبد الكافي بوعتور: الشيخ الفقيه الأريب الكاتب الأديب النبيه البيت في نسبه وحسبه في صميم قريش من بني أمية وزاويتهم بصفاقس مشهورة وتردد بنو هذا البيت في الخطط العلمية والقلمية، وأبو صاحب الترجمة من جهابذة الكتاب بالدولة الحسينية وشعره محفوظ في التاريخ الباشي. توفي سنة 1243هـ[1827م]. 1486 - أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ قاسم المحجوب: الإِمام الألمعي العلامة المحقق اللوذعي الفهّامة المتفنن في العلوم الفقيه الحافظ لمسائل المذهب، تقدم للفتيا مع أبيه أيام الباشا علي بن حسين باي ثم رئيس المفتين. أخذ عن والده والشيخ الشحمي والشيخ الغرياني وغيرهم وعنه الشيخ محمَّد بن سعيد وغيره. توفي سنة 1243هـ[1827م]. 1487 - قاضي الجماعة أبو العباس أحمد زروق السنوسي الكافي التونسي: العلامة المتفنن الفاضل الفقيه العمدة المحقق الكامل، أخذ عن الشيخ الكواش وانتفع به وغيره وعنه أخوه محمَّد وغيره. توفي سنة1246هـ[1830م]. 1488 - أبو عبد الله محمَّد بن سليمان المناعي: العالم المتبحر في الفقه وأصوله طويل الباع في غيره كثير الاطلاع، أخذ عن الشيخ صالح الكواش والشيخ إسماعيل التميمي والشيخ حسن الشريف وغيرهم ورحل لفاس وأخذ عن الشيخ التاودي والعارف بالله الشيخ أحمد التجاني وعنه جماعة منهم ابن أبي الضياف والشيخ محمَّد النيفر له رسالة في الوباء سماها تحفة الموقنين ووقعت بينه وبين مفتي الأنام شيخ الإِسلام الثالث محمَّد بيرم الحنفي في شأن الكرنتينية فصاحب الترجمة يقول بالمنع وشيخ الإِسلام بالإباحة وألّف كل منهما رسالة في الاستدلال على رأيه بالنصوص الفقهية وسيأتي مزيد بسط في المسألة في التتمة. توفي صاحب الترجمة سنة 1247هـ[1831م]. 1489 - أبو الفداء إسماعيل التميمي التونسي: قاضيها ومفتيها ثم رئيس المفتين بها الإِمام المثبت العلامة العمدة الفهّامة المحقق النظار الآخذ مأخذ

فرع فاس

المجتهدين الأخيار في تعليل المسائل الفقهية بمدارك أصولها الشرعية، أخذ عن العارف بالله أحمد بن سليمان وانتفع به وأمره بالهجرة إلى تونس وامتثل أمره وقدم تونس وأخذ عن أعلام منهم الشيخ الكواش وانتفع به وأجازه والشيخ عمر المحجوب وأجازه بما في فهرس الشمس الغرياني والشيخ الشحمي وعنه أخذ الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ البحري والشيخ صالح الغنوشي السوسي المتوفى سنة 1276هـ[1859م]، وشيخ الإِسلام محمَّد بن أحمد بن الخوجة وجماعة، له رسائل وفتاوى كثيرة مكررة مفيدة وتأليف رد فيه شبهات الوهابي كان إليه المفزع في الفتوى ومشكلات المسائل وفي سنة 1221هـ تولى خطة القضاء وفي سنة 1231هـ نقل لخطة الفتوى وفي السنة أعيد لخطة القضاء وفي سنة 1235هـ امتحن بالعزل والنفي لبلد ماطر وسجن بعض أتباعه لنبأ فاسق بأنه يترقب زوال الدولة وبعد أربعة وثلاثين يوماً صدر الإذن بسراحه وقدم تونس ومكث بداره يقرىء وانجذبت القلوب لمغناطيس علومه واقتطفوا من رياض منظومه ومفهومه وقابله الخاص والعام بإجلال وتعظيم لم يعهد أيام الولاية فكان كما قيل: إن الأمير هو الذي ... يضحى أميراً بعد عزله إن زال سلطان الولا ... ية فهو في سلطان فضله وفي سنة 1239هـ رجع للفتوى ولما توفي الشيخ محمَّد المحجوب سنة 1243هـ[1827م]، صار رئيس الفتوى عوضه وتوفي على ذلك سنة 1248هـ[1832م]، ورثاه الشيخ إبراهيم الرياحي وغيره. 1490 - أبو محمَّد حسن بن محمَّد الهدة السوسي: رئيس المفتين بها الفقيه الفاضل المتفنن البارع في الفتوى القدوة الكامل. أخذ عن والده والشيخ صالح الكواش، وعنه جماعة من أهل تونس وسوسة. له شرح على البسملة ورسائل في الفقه. توفي عن سن عالية سنة 1248 هـ[1832م]. فرع فاس 1491 - أبو محمَّد عبد الله ابن الولي الصالح الحسن بن أحمد بن الحسين بن ناصر الدرعى: الولي الكبير العارف بالله الشهير صاحب الكرامات الظاهرة والمكاشفات الباهرة شيخ زاوية أسلافه بدرعة الوارث لسره. أخذ عنه أعلام منهم.

1492 - العلامة العالم العامل الشيخ الهادي بن زيان العراقي: انتفع به واغترف من بحره ونال منه غاية وطره وبه تأدب وتكمل عليه وتهذب. توفي سنة 1213هـ وصاحب الترجمة توفي سنة 1203 هـ[1788م]. 1493 - أبو الخيرات محمَّد بن عبد الله: سلطان المغرب المشهور لدى الخاصة والجمهور بالعلم ومحبة العلماء والذب عن الدين صاحب الآثار الكثيرة الخالدة مع شهامة وجلالة. كان يحضر مجلسه جماعة من أعلام الوقت وأئمة منهم أبو عبد الله محمَّد المير السلاوي وأبو عبد الله محمَّد الكامل الرشيدي وأبو محمَّد عبد القادر بوخريص ويدرسون له كتب الحديث ويخوضون في معانيها ويؤلفون ما استخرج منها على مقتضى إشارته وألّف في الحديث تآليف بإعانة الفقهاء المذكورين منها كتاب مسند الأئمة الأربعة وهو كتاب تفسير في مجلد ضخم التزم فيه أن يخرج من الأحاديث ما اتفق على روايته الأئمة الأربعة أو ثلاثة منهم أو اثنان فإذا انفرد بالحديث واحد منهم أو رواه غيرهم لم يخرجه وبغية ذوي البصائر والألباب في الدرر المنتخبة من تأليف الإِمام الحطاب وكتاب مبسوط في الفقه على مذهب مالك ومواهب المنان بما يتأكد على المسلم تعليمه للصبيان وغير ذلك ومما مدح به هذا السلطان من الشعراء أرجوزة الأديب البليغ أبي العباس أحمد الونان المعروفة بالشمشقية. أولها: مهلاً على رسلك حادي الأينق ... ولا تكلفها بما لم تطق وسيأتي مزيد كلام على هاته القصيدة في ترجمة مؤلف الاستقصاء. توفي هذا السلطان في 22 رجب سنة 1204 هـ[1789م]. 1494 - أبو محمَّد عبد الوهاب التازي: الشيخ العارف بالله الأكبر الولي الصالح الصوفي الأنور كانت له كرامات ومن أهل الأحوال الربانية والمواهب اللدنية الاصطفائية عارفاً مربياً هادياً مهدياً له تلامذة وأتباع كثيرون واجتمع بأفاضل ونال منهم فضلاً عظيماً منهم الشيخ عبد العزيز الدباغ والشيخ محمَّد بن أبي زيان

الغندوسي المتوفى سنة 1146 هـ والشيخ محمَّد بن سالم الحفناوي الشافعي إمام الصوفية وأستاذ الطريقة الخلوتية وانتفع به وأخذ عنه الطريقة والشيخ محمود الكردي والشيخ البرناوي والشيخ أحمد الصقلي ولازمه وغيرهم وحج حجات وأخذ عنه أئمة منهم الشيخ أحمد بن إدريس. توفىِ سنة 1206 هـ[1791م]، مولده سنة 1099هـ. 1495 - أبو الربيع سليمان بن أحمد الفشتالي: العلامة الألمعي البارع في كثير من الفنون أخذ عن أبي محمَّد عبد المجيد المنالي وغيره. وعنه الشيخ التهامي بن عبد الله الحسني ومحمد الجزولي السوسي. من تآليفه شرح سلك اللآلي في مثلث الغزالي. توفي سنة 1208 هـ[1793م]. 1496 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي القاسم الحسني الأزهري: مجاورة الزواوي أقليما شيخ الطريقة الرحمانية الشهيرة بإفريقية الأستاذ القدوة الإِمام الهمّام العمدة الولي الواصل العارف بالله الكامل العالم العامل. رحل صغيراً للمشرق وجاور بالأزهر. وأخذ عن أعلام منهم الشيخ الصعيدي وأجازه وروى عنه الفقه المالكي، وهو عن جماعة منهم الشيخ السلموني والشيخ عبد الله المغربي وهما عن الخرشي والزرقاني وهما عن النور الأجهوري بسنده المتصل بالإمام مالك. وأخذ أيضاً صاحب الترجمة عن الشيخ الدردير والشيخ علي بن خضر العمروسي وغيرهما وأجازه وشيخه الأكبر الذي هو ولي نعمته الشيخ محمَّد بن سالم الحفناوي الشافعي الخلوتي لازمه وانتفع به وألبسه الخرقة وأجازه إجازة عامة ودعا له بدعوات وظهرت فيه أسراره وطلعت عليه أنواره وأذنه بالرجوع لوطنه لبث العلم والتربية فقدم الجزائر واشتهر أمره وظهرت منه كرامات وسرار واعتقده الكثير وصار له أتباع كثيرون وانتفع به جماعة منهم الشيخ علي بن عيسى صاحب زاوية الكاف والشيخ عبد الرحمن باش تارزي والشيخ محمَّد بن عزوز. له تآليف وأوراد وسنده عن الشيخ الحفناوي المذكور مبين بفهرسة الشيخ الأمير، مولده سنة 1123 هـ وتوفي بالجزائر سنة 1208 هـ[1793م]. 1497 - أبو عبد الله محمَّد التاودي بن محمَّد الطالب بن سودة المزي

الفاسي القرشي: هلال المغرب وبركته وحامل فتواه وقدوته الإِمام الهمّام شيخ الإِسلام وعمدة الأنام وخاتمة المحققين الأعلام الولي الصالح البار الناصح. أخذ عن الشيخ يعيش الشاوي ومحمد بن عبد السلام البناني ومحمد بن قاسم جسوس وأحمد بن مبارك وهو عمدته ومحمد بن عبد العزيز الهلالي والشيخ محمَّد جلون وغيرهم مما هو مذكور في فهرسته. وحج سنة 1181هـ ومعه ولداه محمَّد وهو الأكبر وأبو بكر وأقرأ الموطأ بالأزهر وحضره غالب الموجودين من العلماء وأجاد في تقريره وأفاد وسمع عليه الكثير ؤوال الكتب الستة والشمائل والحكم وغيرها ولقي أعلاماً بمصر وغيرها واستجاز وأجاز واستفاد وأفاد، وعنه أخذ خلق منهم ابنه أبو العباس أحمد ومحمد بن عبد السلام بن ناصر الدرعي وأبو زيد الحائك والشيخ محمَّد الجنوي والشيخ الطيب بن كيران والشيخ الرهوني والشيخ محمَّد الورزازي وأبو العلاء إدريس بن زين العابدين العراقي والشيخ الزروالي والشيخ يحيى الشفشاوني وأبو الربيع الحوات وأبو العباس حمدون ابن الحاج والشيخ أحمد الملوي والشيخ الأمير وأجازه وغيرهم مشارقة ومغاربة. له تآليف محررة مفيدة منها حاشية على شرح الزرقاني على المختصر سماها طالع الأماني وشرح على التحفة وشرح على لامية الزقاق وحاشية على صحيح البخاري وشرح الجامع للشيخ خليل ومناسك الحج وفهرسة جمع فيها أشياخه المغاربة والمشارقة وتاليف فيمن لقيه وانتفع به من الأولياء وشرح الأربعين النووية وشرح على قصيدة كعب بن زهير وفتاوى كثيرة جمعها ولده أحمد المذكور. ترجمته واسعة جمعها أبو الربيع الحوات في تأليف سماه الروضة المقصودة في مآثر بني سودة والشيخ الرهوني ذكرها في حاشيته وأبو العباس بن عجيبة ذكرها في طبقاته. مولده سنة 1111 هـ وتوفي في ذي الحجة سنة 1209 هـ[1794م] عن سن عال. 1498 - وابنه أبو عبد الله محمَّد المذكور: كان من أعيان العلماء الفضلاء. توفي في حياة والده سنة 1193هـ[1779م]. 1499 - وابنه أبو بكر: كان إماماً علامة في المعقول والمنقول. نشأ في حجر أبيه ساعياً فيما يعنيه. قرأ على أخيه أبي العباس ثم لزم مجلس أبيه في الوسائل والمقاصد حتى صار صدره مملوءاً بالفوائد واجتمع بأعلام من علماء

المشرق حين حجّ مع أبيه واقتبس من أنوارهم وأجازوه إجازة عامة. توفي سنة 1210هـ أو 1215هـ[1795م] أو [1800م]. 1500 - أبو عبد الله التهامي بن عبد الله الشريف: العالم العلامة الماهر المشارك النفاع الناظم الناثر تولى خطة القضاء والفتوى فركب في ذلك مطية العدل وسلك سبيل أهل الفضل، أخذ عن الشيخ أحمد بن عبد العزيز الهلالي وغيره ودرس وانتفع به خلق. توفي سنة 1210هـ. 1501 - أبو محمَّد عبد الله بن عبد الرحمن بن حمدون ابن الحاج السلمي النجاري الفاسي: الشيخ الفقيه العلامة النزيه البركة الصالح. أخذ عن أخيه حمدون وشاركه في جل شيوخه كالشيخ التاودي وغيرهم والشيخ عبد الكريم اليازغي والشيخ عبد القادر بن شقرون وغيرهم، توفي سنة 1213هـ[1798م]. 1502 - أبو محمَّد عبد القادر بن أبي جيدة بن أحمد الفاسي: الشيخ الإِمام الحبر الهمّام حجة الإِسلام ومصباح الظلام العارف الكامل الصوفي المحقق الواصل. أخذ عن أبي عبد الله محمَّد بن الطيب القادري وعبد الكريم اليازغي وأبي عبد الله محمَّد بن حسن بناني وزين العابدين العراقي وغيرهم وحج ولقي أعلاماً وعمدته الشيخ العربي الدرقاوي وانتفع به وحصلت له بركته، وعنه أخذ خلق. له كتابة في علم الحقائق وحكم في التصوف وتقاييد في علم القوم وأرجوزة في سلسلة أشياخه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وتخميس على عينية الجبلي لم يكمل وغير ذلك. مولده سنة 1171هـ وتوفى سنة 1213هـ[1798م]. 1503 - أبو مالك عبد الواحد بن محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن عبد القادر الفاسي: الفقيه العلامة النبيه الضابط الخطيب الأديب الأريب. أخذ عن أبي عبد الله محمَّد البناني وأبي محمَّد عبد القادر بن شقرون وأبي الحسن زين العابدين العراقي،

ألّف ارتقاء الرتبة العلمية في ذكر الإنساب الصقلية وغاية الأمنية وإغاثة اللهفان. مولده سنة 1172هـ وتوفي سنة 1213هـ[1798م]. 1504 - أبو عبد الله محمَّد بن بنيس: الحافظ اللافظ العمدة المحقق الجامع لشتات العلوم والمعارف بالمنطوق والمفهوم. أخذ عن الشيخ محمَّد جسوس وعبد الرحمن المنجرة وأبي عبد الله محمَّد البناني والشيخ عبد القادر بن شقرون ومحمد بن عبد السلام الفاسي وحج ولقي أعلاماً واستفاد وأفاد، وعنه أخذ أعلام منهم السلطان أبو الربيع سليمان وحمدون ابن الحاج وأحمد بن عجيبة وعبد القادر الكوهن. له شرح على الهمزية وعلى فرائض خليل. مولده سنة 1160هـ وتوفي سنة 1214هـ[1799م]. وفي السنة قبلها توفي شقيقه العربي وكان من العلماء الفضلاء. 1505 - القاضي أبو عبد الله محمَّد بن مسعود الطرنباطي الفاسي: الشيخ الفقيه الأديب اللغوي النحوي الأريب الإِمام العلامة المؤلف المحقق الفهّامة. أخذ عن الشيخ جسوس ومحمد البناني محشي الزرقاني واليازغي والمنجرة وأبي حفص الفاسي وغيرهم، وعنه السلطان أبو الربيع سليمان والشيخ الكوهن وجماعة. له شرح على خطبة الخلاصة وآخر على بقيتها نفيس مفيد وأقصى المرام في شرف العلم وتأليف في البسملة والحمدلة وتأليف في الخنثى المشكل وشرح على توحيد الرسالة. توفي سنة 1214هـ[1799م]. 1506 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد السلام بن محمَّد بن عبد السلام بن العربي الفاسي: الشيخ الفقيه العلامة الأستاذ المقرئ المحقق الفهّامة. أخذ عن أبي حفص الفاسي وأبي عبد الله محمَّد بن عبد السلام البناني وأبي عبد الله جسوس وأبي عبد الله الهادي العراقي وغيرهم، وعنه الكثير منهم عبد القادر بن شقرون ومحمد بن بنيس والعربي وعبد الله ابنا المعطي الشرقي والسلطان أبو الربيع سليمان. له تآليف منها شرح لامية الأفعال وحاشية على الجعبري لحرز الأماني وحاشية على شرح الجرابردي لشافية ابن الحاجب وطبقات المقرئين وفهرسة في أشياخه المعتبرين وغير ذلك. توفي سنة 1214هـ[1799م]، وعمره أربعة وثمانون سنة.

1507 - القاضي أبو محمَّد عبد القادر بن أحمد بن العربي بن شقرون الفاسي: كان علامة جميل المشاركة في العلوم فهّامة شديد الحرص على إحياء الرسوم فصيح العبارة مليح الهيئة والشارة مرجوعاً إليه في حل المشكلات مقصوراً عليه في دفع الشبهات معروفاً بالضبط والإتقان مملوءاً بالصدق والعرفان. أخذ عن أبي العباس الهلالي وأبي العباس الدلائي وعبد الرحمن المنجرة وعبد القادر بوخريص وأبي عبد الله جسوس وأبي عبد الله البناني وأبي حفص الفاسي، وحج ولقي أعلاماً وأخذ عنهم منهم الشيخ مرتضى، وعنه أخذ السلطان أبو الربيع سليمان. توفي سنة 1219هـ. 1508 - أبو عبد الله محمَّد بن طاهر الهواري: واسطة العقد في العلوم الأدبية رابطة الحكم في القضايا الشرعية العلامة الفاضل فخر الأواخر والأوائل القاضي العادل. أخذ عن أبي حفص الفاسي وغيره، وعنه الشيخ الطيب بن كيران وأبو الربيع السلطان سليمان وغيرهما. له تآليف منها حاشية على شرح الشيخ سعيد قدورة على السلم وأرجوزة في علم الكلام وأخرى في المنطق وأخرى في أنواع الجناس وأخرى فيما انفرد به ابن عاصم في التحفة على المختصر، وله مكاتبات وأشعار أدبية. توفي سنة 1220هـ[1805م]. 1509 - أبو عبد الله محمَّد بن حسن الجنوي الحسني التطاوني: الشيخ الإِمام العلامة المحقق المتفنن الفهّامة العارف بالله الأمين المعروف بالصلاح والدين المتين. أخذ عن قاضي الحرم الشريف المجذوب بن عبد الحميد الحسني والشيخ أحمد الورزازي وشيخ الجماعة محمَّد جسوس وأبي حفص الفاسي والشيخ التاودي وغيرهم، وعنه جماعة منهم الشيخ الرهوني وانتفع به وذكره في حاشيته على المختصر وأثنى عليه كثيراً. له تقاييد مهمة على الزرقاني على المختصر والحطاب والمواق ومصطفى الرماصي والبناني وطرر على شرح ميارة على التحفة وغير ذلك. مولده سنة 1135هـ وتوفي في رمضان سنة 1220هـ[1805م]. 1510 - أبو عمران موسى بن محمَّد المكي بن موسى بن محمَّد بن

محمَّد بن ناصر الدرعي الفاسي: الأستاذ قدوة العلماء العاملين والأئمة المحققين الألمعي الأريب البارع الأديب. كان ذا مروءة قد لاحت عليه بركة أسلافه واعتقده الخاصة فضلاً عن العامة وكان ذا نظم بارع. له قصيدة تائية تنوف على الثلاثمائة بيت من بحر الطويل ذكر فيها كبار أسلافه ومآثرهم ووصايا وحكماً وفقهيات وحج بمعونة السلطان سليمان سنة 1220هـ ونظم في طريق حجه جزءاً في أحكام الحج يشتمل على ما ينوف على الستمائة بيت مفيد جداً وقفت على تقريظ على نظم العمل المطلق وشرحه قال فى آخره كتبه موسى بن ناصر الدرعي في ربيع الثاني سنة 1220هـ. 1511 - أبو زيد عبد الرحمن الحائك التطاوني: الأستاذ العلامهّ المحقق الورع الفهّامة الفقيه المتفنن المطلع. أخذ عن الشيخ التاودي والشيخ البناني والشيخ جسوس وغيرهم، وعنه الشيخ الرهوني والشيخ المأموم إجلال الحسني قاضي تطاون. له فتاوى غاية في التحرير جمعها تلميذه المأمون المذكور بعضها منقول في نوازل الشيخ المهدي الوزاني، كان حياً سنة 1220هـ[1805م]، له فهرسة. 1512 - أبو عبد الله محمَّد بن عيسى الونيسي: عرف الزهار الفقيه العلامة البحر الزخار أخذ عن أبي العباس الصباغ وأجازه بما في ثبته، وعنه أخذ محمَّد مدينة. لم أقف على وفاته. 1513 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الهادي مدينة التطاوني: الأستاذ الإِمام المحقق الفقيه العمدة المدقق. أخذ عن الشيخ عبد الوهاب العفيفي والشيخ محمَّد الزهار وأجازه بما في ثبت أبي العباس الصباغ كما أجازه أبو الحسن السقاط بما في ثبته، وعنه أخذ الشيخ محمَّد المير السلاوي وأجازه بما في الثبتين المذكورين في جمادى الأولى سنة 1195هـ. لم أقف على وفاته. 1514 - أبو عبد الله محمَّد الطاهر المير السلاوى: العلامة المحدّث أستاذ الأساتذة وقدوة الفقهاء الجهابذة الجامع بين العلم والعمل. أخذ عن الشيخ محمَّد بن عبد الهادي مدينة وأجازه بما في ثبتي أبي العباس الصباغ وأبي الحسن السقاط في جمادى الأولى سنة 1195هـ وعن الشيخ محمَّد بن عبد الصادق الششتي وأجازه بما في ثبت الشيخ الصباغ سنة 1195هـ، وعنه أخذ جماعة وأجاز الشيخ إبراهيم

الرياحي بما في الثبتين سنة 1219هـ وتعرف به حين وقد على سلطان المغرب سنة 1218هـ سفيراً من قبل الأمير حمودة باشا باي وتقدم في ترجمة السلطان مولاي محمَّد بن عبد الله أنه كان من أهل مجلسه يدرس الحديث ويخوض في معانيه ويؤلف مع من شاركه من أفاضل العلماء. توفي سنة 1220هـ[1805م]. 1515 - أبو عبد الله محمَّد بن أبي قاسم الفلالي السجلماسي: الإِمام الفقيه المتفنن المحقق المؤلف المتقن المطلع الفاضل البارع في تحرير الأحكام والنوازل. أخذ عن أعلام، له شرح على العمل الفاسي ونظم العمل المطلق وشرحه فرغ منه سنة 1196هـ وقفت على تقريظين لهذا النظم وشرحه أحدهما قال في آخره كتبه عبد القادر بن أحمد بن شقرون وذلك بآخر نسخة من هذا الشرح بخط تلميذ المؤلف الشيخ علي ابن الحاج علي قفاسه فرغ من نسخها سنة 1238هـ والآخر تقدمت الإشارة إليه في ترجمة أبي عمران بن ناصر. 1516 - أبو عبد الله الطيب بن محمَّد بن عبد المجيد بن عبد السلام بن كيران: الإِمام الحامل لواء المعارف والعرفان أعجوبة الزمان في الحفظ والتحصيل والإتقان العلامة المتفنن في العلوم الحامل راية المنثور والمنظوم. أخذ عن أعلام منهم الشيخ عبد القادر بن شقرون والشيخ جسوس والشيخ محمَّد الهواري والشيخ أبو حفص الفاسي والشيخ محمَّد البناني والشيخ التاودي وأبو بكر الزهني المعروف باليازغي وزين العابدين العراقي والعربي المعطي وأجازه كما أجازه الشيخ محمَّد بن عبد السلام الناصري وجماعة. وعنه أخذ جماعة منهم عبد القادر الكوهن والعربي الزرهوني ومحمد الزوالي المتوفى في ذي القعدة سنة 1230هـ[1814م]، ومحمد الشاوي الفاسي ومحمد بن أبي بكر الزهني المتوفى بمراكش سنة 1238هـ وعلي بن جلون ومحمد بن حمدون ابن الحاج ومحمد قصارة وعبد الله الوليد العراقي وعبد السلام بن الطايع بن غالب المتوفى سنة 1243هـ[1827م]، ومحمد التهامي البدري شارح نظم شيخه في الاستعارات المتوفى سنة 1243هـ[1827م]، ومحمد بن الحسن آقصي شارحها أيضاً وإدريس الودغري وأحمد بن عبد السلام البناني ومحمد بن إبراهيم وأحمد بن عجيبة التطاوني والمولى السلطان سليمان وخلق

اجتمع به الشيخ إبراهيم الرياحي حين قدم فاساً سفيراً وتباحثاً في مسائل علمية. ألّف تآليف مختلفة الأوضاع مفيدة منها تفسير القرآن العظيم من سورة النساء إلى قوله تعالى في سورة غافر: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} الآية، وتفسير الفاتحة وطرف من سورة البقرة وشرح الحكم والسيرة وألفية العراقي وتوحيد الرسالة لم يكمل وكتاب العلم من الأحياء وخريدة الشيخ أبي الفيض حمدون ابن الحاج في المنطق وشرح الصلاة المشيشية ونصيحة أبي العباس الهلالي وله نظم بديع في المجاز والاستعارات وتقييد على البسملة والحمدلة وتأليف في رد شبهات الوهابي القائم بالمشرق وشرح على توحيد المرشد المعين أجاد وأفاد وتقاييد ورسائل في فنون من العلم وغير ذلك. مولده سنة 172 أهـ وتوفي بالشهدة في المحرم سنة 1227هـ[1812 م]. 1517 - أبو العلاء إدريس (1) بن زيان العراقي: الحافظ المشار سيبويه زمانه وسيد علماء أوانه، اللغوي النحوي الأريب. كان يحفظ التصريح وحواشيه على ظهر قلب. أخذ عن والده واعتمده والشيخ التاودي وجماعة، وعنه عامة شيوخ فاس وغيرهم، وللناس فيه أمداح كثيرة، توفي سنة 1228 هـ[1813م]. 1518 - أبو عبد الله محمد بن محمد الحراق: حامل لواء المعارف والعرفان الشيخ العلامة العمدة الكامل الفهّامة القدوة الواصل. أخذ عن الشيخ العربي الدرقاوي وانتفع به، وعنه خلق. توفي سنة 1228 هـ[1813 م] ترجمته أفردت بالتأليف. 1519 - أبو حامد العربي ابن قاضي الجماعة أبي العباس أحمد ابن الشيخ التاودي: العلامة الفقيه المتفنن الفهّامة القدوة المحقق المؤلف المتقن. نشأ في كفالة أبيه وجده في أطيب وصف وأحسن رصف وأخذ عنهما العلوم وتأدب بآدابهما واشتهر صيته وعمّ نفعه وألّف تآليف كثيرة، منها شرح الموطأ لم يكمل وشرح الوظيفة الزروقية وشرح مختصر خليل، وله رسالة في الطاعون والوباء ورسالة في تخصيص نية الحالف وحاشية على شرح الماكودي على الألفية وحاشية على لامية

الأفعال وحاشية على شرح الخرشي من البيوع إلى الإجارة وشرح على المرشد المعين وغير ذلك مما هو كثير. توفي في حياة والده الآتية ترجمته سنة 1229هـ[1813م]. 1520 - أبو عبد الله محمَّد الكنتاوي: بأرض أزوات بالقرب من تنبكتو. كان من أعلام العلماء والأئمة الفضلاء وأحد الأساتذة المشهورين والجهابذة المعروفين. أثنى عليه الشيخ رفاعة في رحلته وقال: ألّف مختصراً في فقه مالك ضاهى به مختصر خليل وألفية ضاهى بها ألفية ابن مالك، وله مصنفات في كثير من العلوم الظاهرية والباطنية، وله أوراد وأحزاب كأحزاب الإِمام الشاذلي. مات سنة 1229هـ[1813م]، وخلفه حفيده المسمى باسمه. 1521 - أبو عبد الله محمَّد بن عمر الزروالي الفاسي: العالم العلامة المحقق الحبر الفهّامة المتفنن في العلوم القائم عليها قيام أهل الذكاء والفهوم. أخذ عن الشيخ الطيب بن كيران والشيخ التاودي والشيخ اليازغي والشيخ عبد القادر بن شقرون والشيخ محمَّد الهواري وغيرهم، وعنه السلطان المولى سليمان وعبد القادر الكوهن وغيرهما. توفي سنة 1230هـ[1814م]. 1522 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد الرهوني: شيخ الجماعة وخاتمة المحققين والعلماء العاملين حامل لواء المذهب باليمين العلامة المتفنن المتسع المؤلف المتقن المطلع، إليه المرجع في المشكلات وعليه دارت الفتوى بالمغرب. أخذ عن الشيخ التاودي وأجازه إجازة عامة والشيخ محمَّد الورزازي والشيخ محمَّد البناني والشيخ محمَّد الجنوي وانتفع به وأجازه إجازة عامة وغيرهم، وعنه جماعة منهم الشيخ الهاشمي بن التهامي ومحمد بن أحمد ابن الحاج والمكي بناني الرباطي والشيخ عبد الله بن أبي بكر المكناسي. له تآليف مفيدة رزق فيها القبول ورسائل وخطب بارعة منها حاشية على شرح ميارة الكبير على المرشد المعين لم يكمل وحاشية على شرح الزرقاني على المختصر دلت على طول باع وسعة اطلاع وأرجوزة في الحيض والنفاس ذيّل بها المرشد المعين شرحها تلميذه الشيخ عبد الله المذكور وغير ذلك. مولده في ذي القعدة سنة 1159هـ وتوفي سنة 1230هـ[1814م].

1523 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن المخنار بن أحمد الشريف التجاني: العالم العامل المتصوف العارف بالله الرباني الولي الكبير القطب الشامخ الشهير. كان ذا صيت بعيد وحال مفيد. له بالمغرب وما والاها أصحاب وأتباع كثيرون ويتغالون فيه إلى حد يفوق الوصف ويعظمونه تعظيماً بليغاً ويصفونه بصفات عظيمة وأخلاق كريمة وينسبون إليه النهي عن زيارة القبور وبعض أهل العلم والدين يثني عليه ويصفه بالعلم والمعرفة اشتغل بطلب العلوم الأصولية والفروعية والأدبية حتى رأس فيها وحصل أسرار معانيها وقرأ على الشيخ المبروك بن أبي عافية التجاني المضاوي مختصر خليل والرسالة ومقدمة ابن رشد والأخضري فكان يدرس ويفتي وله أجوبة في فنون من العلم أبدى فيها وأعاد وحرر المعقول والمنقول فأفاد. وفي عام 1171هـ رحل لفاس وسمع فيها شيئاً من الحديث ولقي الشيخ الطيب الوزاني والشيخ أحمد الصقلي ثم رحل لتلمسان وأقام بها يدرس التفسير والحديث وغيرهما وحج سنة 1186 هـ ومر بتونس وأقام بها مدة وفي طريقه للحج لقي أعلاماً وأفاد واستفاد واجتمع بكثير من العلماء الأخيار ورجع بعد حجه لفاس ثم رحل لتوات وأذن له في التلقين سنة 1196 هـ والحاصل أنه جليل القدر. قدم فاساً سنة 1213هـ واستوطنها والسبب في ذلك أنه كان الباي محمَّد بن عثمان صاحب وهران أزعجه من تلمسان إلى قرية أبي حمقون وحصل له بها الفتح وأقبل عليه أهلها ولما توفي الباي المذكور وتولى بعده ابنه عثمان وقع السعي له بالشيخ فبعث إلى أهل حمقون بتهديدهم إن لم يخرجوه ولما بلغ الشيخ ذلك خرج منها مع بعض تلامذته وأولاده سالكاً طريق الصحراء حتى دخل فاساً سنة 1213هـ وبعث رسوله إلى السلطان أبي الربيع سليمان يعلمه بأنه هاجر إليه من جور الترك ولما اجتمع به ورأى سمته ومشاركته في العلوم أقبل عليه ومنحه داراً غاية في الاحتفال وجراية نبيهة وإذ ذاك اشتهر أمره بالمغرب هو شيخ الطائفة التجانية. ألّف في مناقبه بعض أصحابه منها جواهر المعاني واجتمع به الشيخ إبراهيم الرياحي بفاس حين قدم لها سفيراً وتبرك به وأخذ عنه. مولده سنة 1150هـ وتوفي سنة 1230هـ[1814م]، وكانت جنازته مشهودة وقبره بفاس متبرك به.

1524 - أبو الربيع سليمان بن محمَّد بن عبد الله الشفشاوني: الشهير بالحوات الشريف العلمي العلامة لسان الأدباء وتاج الأذكياء البلغاء نقيب الأشراف ودوحة الإنصاف إليه انتهت الرياسة في الأدب والمهارة في علوم العربية واللغة وأيام العرب. أخذ عن أعلام منهم محمَّد بن إبراهيم ومحمد بن الطيب القادري وعبد القادر بوخريص والشيخ اليازغي والجنوي والتاودي والبناني، وعنه أخذ الشيخ الكوهن والمدغري والعباس بن أحمد التاودي وجماعة. من تأليفه البدور الضاوية في التعريف بالسادات أهل الزاوية الدلائية في مجلد وقرة العيون في الشرفاء القاطنين بالعيون ونفي المنكر فيمن زعم حرمة السكر وثمرة أنسي في التعريف بنفسي من أول نشأته إلى استقراره بفاس والسر الظاهر فيمن أحرز بفاس الشرف الباهر من أعقاب الشيخ عبد القادر والروضة المقصودة في مآثر بني سودة في مجلد إلى غير ذلك من التقاييد الكثيرة، مولده في حدود سنة 1160هـ وتوفي سنة 1231هـ[1815م]. 1525 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد الشفشاوني: العلامة الفقيه الفاضل المتفنن في المنقول والمعقول العمدة الكامل. أخذ عن الشيخ الطيب بن كيران والشيخ البناني والشيخ التاودي والشيخ اليازغي والشيخ عبد القادر بن شقرون والشيخ الهواري وأجازه الشيخ محمَّد بن عبد السلام الناصري والشيخ الأمير. له حاشية على التصريح وحاشية على مختصر السعد وحاشية على المحلي وحاشية على شرحي بناني وقدورة على السلم وحاشية على الخرشي لم تكمل وعلى الإحياء لم تكمل. مولده سنة 1179هـ وتوفي سنة 1232هـ[1816م]. 1526 - أبو الفيض حمدون بن عبد الرحمن بن حمدون: الشهير بابن الحاج الفقيه العلامة المحقق الأريب البليغ الفهّامة العارف بالله صاحب التآليف الحسنة والفوائد المستحسنة والخطب النافعة والحكم الجامعة والنظم الرائق والنثر

الفائق، إليه انتهت الرياسة في جميع العلوم واستكمل أدوات الاجتهاد على الخصوص والعموم وأخذ عن الشيخ الطيب بن كيران وشاركه في كثير من شيوخه والشيخ التاودي والشيخ البناني والشيخ اليازغي والشيخ عبد القادر بن شقرون وأجازه الشيخ محمَّد بن عبد السلام الناصري وحج واستفاد ولقي أعلاماً منهم الشيخ مرتضى وأجازه وعنه ابناه محمَّد الطالب ومحمد والشيخ الكوهن وغيرهم. له تآليف عديدة كالحاشية على تفسير أبي السعود وعلى مختصر السعد وتفسير على سورة الفرقان ومنظومة في السيرة على نهج البردة اشتملت على نحو أربعة آلاف بيت وشرحها في خمسة أسفار وأرجوزة في المنطق وأخرى في علم الكلام ومقصورة في علمي العروض والقوافي ونظم الحكم العطائية ونظم مقدمة ابن حجر وشرحها له في سفر سماه نفحة المسك الداري لقارىء صحيح البخاري إلى غير ذلك أفرد ترجمته في تأليف خاص ابنه محمَّد الطالب. مولده سنة 1174هـ وتوفي في ربيع الثاني سنة 1232هـ[1816م]. 1527 - أبو عبد الله محمَّد بن عزوز البرجي: الإِمام الفقيه العلامة الشيخ الصالح الفهّامة صحب الشيخ أبا عبد الله محمَّد الأزهري وأخذ عنه وانتفع به وحصلت له شهرة وأتباع كثيرون بعد وفاة شيخه المذكور. له تآليف منها رسالة المزيد وشرحها دالة على مقامه العلمي والعملي وله أبناء فضلاء صلحاء منهم الشيخ مصطفى الآخذ عن والده والوارث لسره. مولده سنة 1170هـ وتوفي سنة 1222هـ[1807م]. 1528 - أبو عبد الله محمَّد الفاسي: من أفراد البيث الفاسي الشهير بحاضرة فاس بالعلم والفضل والسؤدد ساقته المقادير إلى تونس قبل طاعون سنة 1199هـ وسنه بين الثلاثين والعشرين واستوطنها، كان علامة محصلاً على درجة عليا في تحقيق العلوم الشرعية والأدبية. أخذ عن علماء فاس وعنه جماعة منهم الشيخ أحمد بن أبي الضياف والشيخ حسن الخيري والشيخ إبراهيم الرياحي وهو أول مدرّس بمدرسة أبي الخيرات يوسف صاحب الطابع الوزير الشهير المتوفى شهيداً سنة 1231هـ[1815م]، وصاحب الترجمة توفي سنة 1232هـ[1816م] ورثاه الشيخ إبراهيم الرياحي وغيره.

1529 - و1530 - الأخوان الفاضلان العالمان الجليلان عبد الرحمن وعبد الله ابنا أبي العلا إدريس العراقي: أخذا عن والدهما وغيره الأول له مختصر في الصحابة والتعديل والتجريح جمع فيه بين مصنفات عديدة كالاستيعاب والإصابة والميزان واللسان لابن حجر مقتصراً على الوفيات وما لا بد منه والثاني اختصر الحلية لأبي نعيم وكمل شرح والده للثلث الأخير من الصغانى وأخرجه من المبيضة. توفيا سنة 1234هـ[1818م]. 1531 - أبو العباس أحمد ابن الشيخ التاودي: الإِمام الفقيه الفاضل النبيه العمدة الكامل القاضي العادل. أخذ عن والده وهو عمدته وأذن له في التدريس وعنه أبناؤه العباس وعبد الواحد وأبو حامد العربي المتوفى سنة 1229هـ وفي سنة 1304هـ وقعت بيعة أهل فاس لسلطان المغرب أبي الربيع سليمان وحضرها جماعة من العلماء وأمضوها كتابة منهم الشيخ التاودي وابنه صاحب الترجمة ومحمد بن عبد السلام الفاسي وعبد القادر بن شقرون ومحمد بتيس ومحمد الهادي بن زين العابدين العراقي. مولده سنة 1153هـ وتوفي سنة 1235هـ[1819م]. 1532 - أبو الربيع مولاي سليمان: سلطان المغرب الأقصى صاحب المآثر الخالدة التي لا تحصى، كان فقيهاً نبيلاً علامة جليلاً يجالس العلماء والفقهاء ويحب المساكين والضعفاء ويحوط الشريعة بأقواله ويشير إلى الوقوف عندها بأفعاله. أخذ عن أعلام كعبد القادر بن شقرون ومحمد الهواري ومحمد الطرنباطي والطيب بن كيران والشيخ بنيسر ومحمد العراقي وجماعة وتصدر لإقراء العلوم وأفاد وأجاد وحضر بعض دروسه في التفسير الشيخ إبراهيم الرياحي وأثنى عليه وذلك حين رحل إليه سفيراً من قبل الدولة التونسية وفي ترجمة هذا الشيخ مزيد شرح لهاته الرحلة، ألّف عناية أولى المجد بذكر آل الفاسي ابن الجد وحاشية على الموطأ وحاشية على

الزرقاني على المواهب وحاشية على شرح الخرشي على المختصر وتأليف في الغنا وتأليف في جواز التطيب للصائم وتأليف في أحكام الجن والتفريق بينهما وبين أحكام الإنس وغير ذلك. ولد سنة 1180هـ وتوفي سنة 1238هـ[1822م]. 1533 - أبو عبد الله محمَّد العربي بن أحمد الدرقاوي: الشريف الحسني حامل لواء الطريقة الشاذلية في زمانه وأستاذ الأساتذة في أوانه الشيخ الأكبر العارف بالله الأشهر العالم العامل الولي الواصل، كان من رجال الكمال عجيب الحال ورسائله بأيدي الناس له فيها نفس مبارك عال. أخذ الطريقة عن الشيخ أبي الحسن الجمل عن الشيخ العربي بن أحمد بن عبد الله الفاسي عن أبيه أحمد عن الشيخ الخصاصي عن الشيخ محمَّد الفاسي عن الشيخ عبد الرحمن الفاسي عن الشيخ عبد الرحمن المجذوب عن الشيخ علي الصنهاجي عن الشيخ إبراهيم أمجام عن الشيخ أحمد زروق بسنده للإمام الشاذلي، وعنه أخذ خلق وانتفعوا به منهم ابناه محمَّد الطيب المتوفى سنة 1287هـ والشيخ البركة علي وأبو عبد الله محمَّد بن حسن بن حمزة ظافر وأبو العباس أحمد زويتن وأبو عبد الله عمر بن محمَّد الحراق. توفي سنة 1239هـ[1823م]. 1534 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد السلام الناصري: خاتمة الحفاظ بالديار المغربية العالم المحدّث الإِمام الجليل القدر الشهير الذكر المعروف بالفضل والجلالة والثقة والعدالة. أخذ عن عمه شيخ الجماعة أبي المحاسن يوسف وورث سره والشيخ التاودي والشيخ البناني والشيخ الجنوي وغيرهم، وعنه جماعة من أهل المشرق والمغرب منهم الشيخ ابن كيران والشيخ محمَّد بن التهامي الرباطي الوافد على تونس سنة 1242هـ والشيخ الأمير وأجازه بسنده إلى الشيخ أحمد زروق. توفي في صفر سنة 1239هـ[1823م].

1535 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد السلام بن أبي زيد اليازمي: الفقيه العلامة النفاع الكثير التلامذة والأتباع البركة القدوة المجاب الدعوة ذو الهمة العلية والأخلاق النبوية. أخذ عن الشيخ محمَّد البناني المختصر بسنده لمؤلفه وعن اليازغي والتاودي وعبد القادر بن شقرون وغيرهم، وعنه الكثير منهم محمَّد بن عبد الرحمن الفلالي السجلماسي وأبو العباس أحمد بن أبي جيدة وأبو حفص عمر بن سودة وأخوه المهدي والكوهن والطالب ابن حمدون، توفي في شعبان سنة 1241هـ[1825م]. 1536 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن إبراهيم الدوكالي الفاسي: قاضيها ومفتيها العالم العلامة العمدة الفهّامة المحقق الفاضل إليه المرجع في الأحكام والنوازل بيته بفاس بيت علم وصلاح. أخذ عن والده وعن الشيخ الطيب بن كيران والشيخ التاودي وجماعة وعنه الشيخ التسولي لازمه وانتفع به له فتاوى مشهورة جمعها تلميذه المذكور. توفي سنة 1241هـ[1825م]، مولده سنة 1162هـ. 1537 - قاضي الجماعة أبو الفضل العباس بن أحمد ابن الشيخ التاودي: نشأ في حرز وعفاف متصفاً بجميل الأوصاف لا يعرف لغير العلم طريقاً ولا يتخذ من غير أهله رفيقاً كان من فضلاء العلماء. أخذ عن والده وانتفع به وعن الشيخ سليمان الحوات وغيرهما تولى قضاء فاس. وتوفي سنة 1241هـ[1825م]. 1538 - أبو عبد الله محمَّد الصالح بن سليمان العيسوي الزواوي: الإِمام العلامة الفقيه النحوي الفهّامة. أخذ عن أعلام جامع الزيتونة ثم رجع لوطنه وانضم إلى الشيخ محمَّد الأزهري وأخذ عنه وانتفع به وتصدر للتدريس، وأخذ عنه الناس منهم ابنه أحمد وألّف تآليف منها ميزان اللباب في قواعد البناء والإعراب وشرح الأزهرية وحاشية على الصغرى وشرح البردة والسلم. توفي سنة 1243هـ أما ابنه المذكور العالم المؤلف العمدة الكامل فله نظم العقائد وشرح على أم البراهين منظومة في أحكام الفتوى أبياتها نحو الألفين وشرحها وغير ذلك. لم أقف على وفاته.

1539 - أبو القاسم بن أحمد بن علي بن إبراهيم الزياني: الأديب الفقيه الكاتب المؤرخ الأريب من تأليفه الترجمان المغرب عن دول المشرق والمغرب وألفية السلوك في وفيات الملوك وشرحها وفهرسة ذكر فيها الشيخ المولى السلطان سليمان وله قصائد ومعرفة بالعربية والحساب والعروض والتنجيم والتاريخ وغير ذلك. توفي سنة 1247هـ[1831م]. 1540 - أبو عبد الله محمَّد بن التهامي بن عمر العربي الإدريسى الرباطي: الإِمام العلامة الفقيه النبيه الفهّامة المتبحر في العلوم الحامل لواء المنثور والمنظوم. أخذ عن أعلام منهم عبد الواحد بن محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن عبد القادر الفاسي والشيخ محمَّد بن عبد السلام الناصري وهو عن الشيخ التاودي بسنده والشيخ الجنوي بسنده قدم تونس سنة 1243هـ قاصداً الحج فأكرم وفادته علماء تونس منهم العالمان الجليلان شيخ الإِسلام الثالث محمَّد بيرم ابن شيخ الإِسلام الثاني ابن شيخ الإِسلام الأول وقاضيها ومفتيها مصطفى بيرم ابن شيخ الإِسلام الأول المذكور وبيت آل بيرم مشهور إلى هذا الوقت بالعلم والفضل والسؤدد والعدالة أخذ عنه بسنده وأخذ عنه أيضاً الإِمام الهمّام شيخ الإِسلام الأول محمَّد ابن الشيخ أحمد بن الخوجة المتوفى سنة 1279هـ الآخذ عن والده قاضي الحاضرة وفقيهها وصالحها مؤسس البيت الخوجي أحمد المتوفى سنة 1241هـ وبنو هذا الشيخ وأحفاده حازوا قصب السبق في مضمار النجابة وتناولوا الخطط العلمية من قضاء وكتابة ومشيخة الإِسلام وفتوى وخطابة حتى الآن وصاحب الترجمة توجه للحج وتوفي بمكة سنة 1244هـ[1828م]. 1541 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن أحمد الشاذلي الدلائي: الفقيه الجليل حامل لواء الفضائل الجامع لأشتات الفواضل أحد الأئمة الأعلام الموصوفين بالإجلال والإعظام المشارك في سائر العلوم العارف بالمنطوق منها والمفهوم نشأ في عفة وديانة وثقة وصيانة. أخذ عن أعلام، ألّف بعض أقاربه كتاباً

الطبقة السادسة والعشرون

سماه تحفة القاصد الناوي في التعريف بالشيخ عبد السلام المسناوي. مولده سنة 1153هـ وتوفي سنة 1248هـ[1832م]. الطبقة السادسة والعشرون فرع مصر 1542 - أبو محمَّد عبد الله العدوي: الشهير بالقاضي الفقيه الأريب الفاضل، كانت له دراية تامة بلغة العرب وأشعارهم وأساليب كلامهم، من أشياخه الشيخ الأمير الكبير وطبقته. مولده سنة 1181هـ وتوفي سنة 1257هـ[1841م]. 1543 - أبو العباس أحمد بن صالح بن محمَّد السباعي العدوي: الفقيه العلامة البحر الحبر الفهّامة، أخذ عن أعلام الأزهر والطريقة الخلوتية وغيرها عن والده، له مؤلفات جليلة منها حاشية على متن الألفية وحاشية على متن السنوسية ومقدمة في الصرف ورسالة في مبادئ العلوم ورسالة في مناقب والده وغير ذلك. توفي سنة 1266هـ[1849م]. 1544 - أبو عبد الله محمَّد حسن بن حمزة ظافر المدني: قطب زمانه وعمدة أهل العرفان في أوانه الشيخ الكامل المرشد الفاضل العالم العامل، قرأ بالمدينة المنورة على صاحبها أفضل التحية ثم خرج سنة 1122هـ وساح في الأرض حتى انتهى إلى المغرب الأقصى وأخذ عن جلة منهم المختار القادري وأخذ الطريقة الناصرية واجتمع بالشيخ التجاني وأخذ عنه ثم أخذ عن أستاذه حامل لواء الطريقة الشاذلية العارف بالله الشيخ العربي الدرقاوي وذلك سنة 1234هـ وانتفع به وأمره بالرجوع إلى طيبة وقال له: رح جعلتك وسيلة بيني وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فامتثل أمره ورجع للمدينة ولقن الذكر وانتفع به جماعة ثم رجع لشيخه وأقام عنده سنين إلى أن توفي سنة 1239هـ وورث سره ثم رجع لبلده طابه خير من أم المطي رحابه ونشر في طريقه الطريقة وهي المعروفة بالمدنية وانتشرت واتسع مجالها بالجزائر وإفريقية وخصوصاً في طرابلس، أخذ عنه ابنه الشيخ محمَّد ظافر الوارث لسره والخليفة بعده

ومن أحفاده الشيخ محمَّد البشير ظافر مؤلف اليواقيت الثمينة في أعيان مذهب عالم المدينة وسنذكر ترجمته وابنه المذكور في الطبقة الآتية. توفي صاحب الترجمة سنة 1268هـ[1851م]. 1545 - أحمد أبو السعود الإسماعيلي: الشيخ الإِمام العالم قطب زمانه وفريد عصره وأوانه، جاور بالأزهر على كبر وأخذ في طلب العلم وجد واجتهد مع صلاح حتى اشتهر بالنجابة ولازم الشيخ مصطفى البولاقي المالكي ومن بعده لازم الشيخ محمَّد عليش وتلقى الذكر وغيره عن شيخ المالكية الشيخ محمَّد حبيش وغيره وأذن له في التدريس فدرس الكتب العالية والصغيرة من فقه وحديث وتفسير وغير ذلك، كان أورع أهل زمانه. مات قبل الثمانين ومائتين وألف. 1546 - أبو محمَّد عبد الله أبو غريس التاجوري: العالم الفقيه الورع النبيه الذكي الفاضل صحب الشيخ أبا عبد الله حسن ظافر وأخذ عنه. توفي في حدود الثمانين ومائتين وألف. 1547 - أبو العباس أحمد بن عبد الكريم بن محمَّد الأمير الصغير: كان من أعلام العلماء الأئمة الفضلاء، أخذ عن جده محمَّد الأمير الكبير وغيره، وعنه أئمة منهم الشيخ أحمد الرفاعي والشيخ الإشراقي. توفي في حدود سنة 1283هـ[1866م]، وعمره نحو من خمس وسبعين سنة. 1548 - أبو إسحاق إبراهيم بن مصطفى بن محمَّد الرشيدي الشهير بشبابك: الإِمام العالم المستحضر في الفقه المطلع على عويصات مسائله، كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب لأن بصره كان ضعيفاً جداً، أخذ عن الشيخ حسن كريت والشيخ علي كريت والشيخ محمود بن رجب نور وأخذ الطريقة الشاذلية عن الشيخ محمَّد البهي قال الشيخ محمَّد البشير: تلقيت عنه شرح الأزهرية بحاشية العطار وأخذت عنه الطريقة الشاذلية. توفي سنة 1286هـ[1869م]، عن نحو خمس وثمانين سنة. 1549 - أبو إسحاق إبراهيم الرشيدي بن صالح بن عبد الرحمن: الأستاذ الكامل الوحيد الملاذ الفاضل، أخذ ببلده عن والده الأستاذ العلامة وبلغ مبلغ العلماء الأجلاء وحج وتوجه لليمن واجتمع بالشيخ أحمد بن إدريس وأخذ عنه العهد ولازمه وبذل في خدمة الطريقة غاية الجهد حتى بلغ الغاية ولما توفي شيخه المذكور صار هو الخليفة بعده وقطب رحى الاخوان وطارت بصيته الركبان في الحجاز

والشام واليمن والسودان وله كرامات كثيرة. مولده سنة 1228هـ وتوفي بمكة سنة 1291هـ[1874م]. 1550 - أبو العباس أحمد بن أحمد الشهير بمنة الله الشباسي الأزهري: شيخ الإِسلام وهداية الأنام علامة العصر حجة الدهر خاتمة المتقدمين وبقية العلماء العاملين، أخذ عن الشيخ محمَّد الأمير الكبير ومَن في طبقته وتفقه على الشيخ محمَّد الأمير الصغير والشيخ جابر والشيخ عبد الجواد الشباسي، وعنه أخذ خلق كالشيخ حسن العدوي الحمزاوي والشيخ هارون بن عبد الرزاق وغالب علماء الأزهر، ألّف رسالة في البسملة في جميع العلوم والعجالة في لفظ الجلالة مشتملة على خمسة وعشرين سؤالاً ورسالة في تحقيق النصاب الشرعي والمثقال والدينار في الزكاة ورسالة في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الآية. ورسالة في تحقيق هلال رمضان ورسالة في الرد على من نفى تقليد الأئمة الأربعة في ثلاث كراريس وله ثبت وغير ذلك. مولده سنة 1213هـ وتوفي سنة 1292هـ[1875م]. 1551 - أبو محمَّد عبد القادر بن عبد السلام بن عبد الوهاب الشاذلي اليزليتني: نزيل الإسكندرية الشيخ الجليل العارف الواصل الأرضي إمام الحقيقة الأستاذ الكامل، نشأ في حجر والده ورباه وأحسن تربيته وحفظ القرآن وتفقه على الفقيه العالم الشيخ سالم بن محسن ولازمه وقرأ على غيره وذلك بزاوية الشيخ عبد السلام الأسمر وأخذ الطريقة الشاذلية عن الشيخ محمَّد حسن ظافر ولازمه أعواماً وخدمه وانتفع بصحبته ولما مات أستاذه يحبه وينوه بشأنه وأذنه بالإرشاد وتلقين المريدين، ولما مات أستاذه سافر إلى الإسكندرية واستوطنها وحصل له بها إقبال عظيم وانتفع به خلق وظهرت له هناك كرامات ولازم العلامة الشيخ مصطفى الكبابطي الجزائري شيخ المالكية بالثغر وحضر عليه كتباً عديدة وأجازه بقراءة البخاري وامتدحه العلماء بالقصائد العديدة كالشيخ الورداني شيخ المالكية والمحدّث الشيخ عبد الله بن إدريس السنوسي. مولده سنة 1223هـ وتوفي سنة 1297هـ[1879م]، ورثاه جماعة منهم الشيخ حمزة فتح الله. 1552 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن محمَّد عليش الطرابلسي الدار المصري القرار: شيخ السادات المالكية بها ومفتيها أستاذ الأساتذة وخاتمة الأعلام

فرع إفريقية

الجهابذة الإِمام الكبير والعلم المنير الجامع بين العلم والعمل أخذ عن الشيخ الأمير الصغير وأجازه والشيخ مصطفى البولاقي والشيخ مصطفى السلموني والشيخ حميدة العدوي والشيخ محمود مقديش والشيخ يوسف الصاوي وغيرهم وبالإجازة الشيخ محمَّد بن ملوكة والشيخ إبراهيم الملولي، تخرّج عليه من علماء الأزهر طبقات متعددة وألف تآليف كثيرة في فنون من العلم وغالبها طبع وحصل النفع بها كشرح المختصر وحاشية عليه وشرح مجموع الأمير وحاشية عليه وحاشية على شرح المجموع للأمير وحاشية على أقرب المسالك وحاشية على كبرى السنوسي وله شرح المنن وشرح إضاءة الدجنة وحاشية على مولد البرزنجي وله فتاوى مجموعة في مجلدين وغير ذلك مما هو كثير وامتحن بالسجن لما احتلت دولة الإنكليز مصر ومات بأثر ذلك سنة 1299هـ[1881م]. فرع إفريقية 1553 - أبو الثناء محمود ابن الشيخ محمود مقديش الصفاقسي: الفقيه النبيه الألمعي الماجد الفاضل، أخذ عن والده وغيره وعنه الشيخ محمَّد عليش وغيره، رحل للمشرق عقب محنة حلت به وأقام بمصر مدة وتوفي بجدة سنة 1251هـ[1835م]. 1554 - أبو المحاسن يوسف بن ذي النون الباجي: العالم المتحلي بالمعارف والفنون، أخذ عن الشيخ حسن الشريف والشيخ إسماعيل التميمي. توفي سنة 1253هـ[1837م]. 1555 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الستار البحري التونسي: قاضيها الفقيه المحقق المحصل الفهّامة العمدة المدقق أخذ عن الشيخ حسن الشريف لازمه وانتفع به والشيخ الطاهر بن مسعود والشيخ إسماعيل التميمي والشيخ إبراهيم الرياحي وغيرهم، وعنه الشيخ محمَّد بن سلامة والشيخ أحمد بن أبي الضياف وجماعة، وقع خلاف بينه وبين الشيخ إبراهيم المذكور في مسألة من الحضانة يأتي شرحه في ترجمة الشيخ إبراهيم المذكور. توفي في ربيع الأنور سنة 1254هـ[1838م]. 1556 - أبو عبد الله محمَّد السنوسي الكافي التونسي: عالمها وقاضيها العادل الفقيه الحافظ للمسائل العلامة الفاضل، أخذ عن أخيه أحمد زروق والشيخ الكواش واختص به والشيخ الشحمي والشيخ الغرياني وغيرهم، ألّف رجزاً في الأحكام البخاري بها العمل بتونس سماه لقط الدرر. توفي سنة 1255هـ[1839م].

1557 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الكبير: الشريف الغني بنسبه الطاهر عن التعريف كان من رجال العلم مع صلاح وذكاء وفهم، أخذ عن والده والشيخ صالح الكواش والشيخ محمَّد الغرياني وخاله الشيخ محمَّد الشحمي والشيخ محمَّد المحجوب وغيرهم، وعنه جماعة منهم ابنه العالم الفاضل أبو العباس أحمد المتوفى سنة 1251 هـ قام صاحب الترجمة مقام أخيه الشيخ حسن في إمامة جامع الزيتونة وزان المحراب والمنبر إلى أن توفي سنة 1255 هـ[1839 م]. 1558 - أبو عبد الله محمَّد الشاذلي بن عمر: المؤدب الفقيه العالم الفصيح الكامل القدوة الزكي الفاضل شيخ الطريقة الشاذلية بإفريقية وابن شيخها وحفيد شيخها بتونس وقاضيها ثم مفتيها وإمامها الثالث بالجامع الأعظم، أخذ عن والده الإِمام الثاني بجامع الزيتونة العالم القدوة المتوفى سنة 1245 هـ وعن الشيخ الطاهر بن مسعود والشيخ حسن الشريف وغيرهم وعنه الشيخ محمَّد بن سلامة وغيره. توفي في صفر سنة 1262 هـ[1845 م]. 1559 - أبو عبد الله محمَّد بن أبي بكر بن محمَّد الصدام اليمني القيرواني: من أعيان بيوت العلم والفضل بها، كان عالماً متفنناً فاضلًا ماهراً فقيهاً محدثاً شاعراً كان المشير أحمد باشا يجله ويعظمه؛ أخذ عن خاله أبي عبد الله محمَّد الطوير وغيره. توفي سنة 1262 هـ[1845 م] وله أخ قطب دائرة العلم قام مقامه في الفتوى والفضل والتقوى. 1560 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد المسعودي التبرسقي ثم التونسي: الأديب العلم المتفنن الفصيح اللسان والقلم، أخذ عن الشيخ صالح الكواش وغيره، وعنه ابنه محمَّد الباجي وغيره. توفي سنة 1263 هـ[1846 م]. 1561 - أبو عبد الله محمَّد بن سلامة: الفقيه العلامة الأستاذ المحقق المؤلف المدقق العمدة الفهّامة الفاضل القاضي العادل المحرر للأحكام والنوازل، أخذ عن الشيخ محمَّد الشاذلي بن عمر المؤدب ولازمه والشيخ الرياحي والشيخ ابن ملوكة وأجازه والشيخ المناعي والشيخ البحري وغيرهم وعنه الشيخ الشاذلي بن صالح وغيره، له حاشية على شرح التاودي على التحفة لم تكمل ورسالة معروفة برسالة القنديل وغير ذلك. توفي في شعبان سنة 1266 هـ[1849 م].

1562 - شيخ الجماعة أبو إسحاق إبراهيم بن عبد القادر الرياحي الطرابلسي: التستوري المنشأ التونسي القرار رئيس المفتين بها وإمامها وخطيبهما بالجامع الأعظم وعالمها النظار وأستاذ الأساتذة الأخيار خاتمة العلماء العاملين والأئمة المحققين المعتقد المجاب الدعوة، قدم الحاضرة أواخر القرن الثاني عشر وأخذ عن أعلام كالشيخ حمزة الجباس والشيخ الكواش والشيخ حسن الشريف والشيخ محمَّد المحجوب وأخيه عمر والشيخ أحمد بوخريص والشيخ الطاهر بن مسعود والشيخ إسماعيل التميمي وغالبهم أجازه إجازة عامة متصلة السند وأخذ المعارف الربانية أولًا عن شيخ الطريقة الشاذلية الأستاذ المعتقد البشير بن عبد الرحمن الونيسي ثم في سنة 1216 هـ تعرّف بالشيخ علي حرازم وأخذ عنه الطريقة التجانية بتونس ونشرها وأقام أورادها وأسس لها زاويته المشهورة به قرب حوانيت عاشور وكانت له وصلة بالعارف بالله الشيخ مصطفى بن عزوز أستاذ الطريقة الرحمانية وله فيه مدائح شعرية ونثرية، ولما راسل الأمير المولى حمودة باشا باي سلطان المغرب مولاي سليمان سنة 1218 هـ كان الحامل لها صاحب الترجمة بقصد الميرة فأعظم السلطان مقدمه واهتزت له فاس وامتدح السلطان بقصيدة أنشدها بين يديه فأعجب السلطان ومَن حضرها وأمده بمطلبه وهي من جيد شعره وأولها: إن عز من خير الأنام مزار ... فلنا بزورة نجله استبشار واجتمع بالشيخ التجاني وأخذ عنه وبكثير من أفاضل العلماء منهم الشيخ الطيب بن كيران وتباحثا في مسائل من العلوم وحضر درس السلطان في التفسير ودخل سلا وأجازه فقيهها العلامة الشيخ محمَّد الطاهر المير السلاوي بما تضمنته ثبت الشيخ أحمد الصباغ الإسكندري من العلوم على اختلاف أنواعها والكتب المصنفة فيها من المختصرات والمطولات بالأسانيد المتصلة إلى أربابها كما أجازه بذلك الشيخ عمر بن عبد الصادق الششتي المالكي عن شيخه أحمد جامع المثبت المذكور والشيخ محمَّد مدينة عن الشيخ عبد الوهاب العفيفي ومحمد بن عيسى الزهار عن مؤلفه الشيخ أحمد المذكور مؤرخة الإجازة في شوال سنة 1219 هـ وحج حجتين الأولى سنة 1241 هـ أدى بها فرضه والثانية سنة 1253 هـ للسبب الآتي ذكره وفيها اجتمع بأعلام بالإسكندرية ومصر والحرمين الشريفين منهم محدّث المدينة

المنورة الشيخ محمَّد عابد ابن الشيخ أحمد بن علي ابن شيخ الإِسلام محمَّد المزاح الألوي السندي المدرس بالحرم النبوي المتوفى فيه سنة 1257 هـ[1841 م] وأجازه بما حواه ثبته المسمى بحصر الشارد في أسانيد الشيخ عابد كما أجازه الشيخ محمَّد الأمير الصغير بما حواه ثبت والده ومحل الحاجة منه بعد الديباجة قد منّ الله بالاجتماع بالعمدة العلامة القدوة الفهّامة المتوج بتاج العز والكرامة المتوشح من البر والتقوى بأكمل لامه ذي الفطرة السليمة والفكرة المستقيمة الألمعي الباهر اللوذعي الزاهر طبيب أدوائي وأجراحي الشيخ إبراهيم الرياحي جعل الله في اجتماعنا به غاية نجاحي ونهاية فلاحي وذلك عام قدومه لحج بيت الله الحرام ونية الصلاة بروضة سيد الأنام ومشهادة ذلك المقام فأشرقت أنواره في مصر المحروسة وظهرت بها أسراره فاستأنست وغدت هي المأنوسة. وسمعت منه مسلسل الأولية ورغب مني اتصال سنده بأستاذي الوالد ولزمني أن أكون له أول مسعف ومساعد فاستخرت الله وأجزته بجميع ما في ثبت أستاذي أن يرويه عني ويجيز به كما أجازني رحمه الله إجازة عامة مستوفية الشروط في جميع ما هو مشتمل عليه من العلوم والفنون كاملة لما اتصف به من الأهلية وصدق المحبة وحسن الطوية اهـ باختصار، وأجازه أيضاً أبو عبد الله محمَّد بن التهامي الرباطي حين حلّ بتونس سنة 1243 هـ إجازة عامة بجميع مروياته المتصلة السند وتصدى لبث العلوم وأجاد وأفاد وأتى على غالب الكتب ختماً وتبارى الشعراء في مديحه في موكب الختام وتخرج عليه الكثير من الفحول الأعلام وأخذوا عنه منهم ابناه الطيب وعلي والشيخ محمَّد بن ملوكة والشيخ محمَّد النيفر وابناه الطاهر والطيب وأجازوه بما حواه ثبت الأمير وثبت المير وثبت الشيخ عابد وصالح ومحمد والشيخ محمَّد البنا والشيخ المناعي والشيخ البحري والشيخ ابن سلامة والشيخ الطاهر بن عاشور والشيخ أحمد بن حسين والشيخ أحمد بن أبي الضياف وشيخنا سالم بوحاجب وشيخنا عمر ابن الشيخ وغيرهم وفي سنة 1248 هـ تقدم لرياسة الفتوى وفي سنة 1252 هـ حج نيابة عن الأمير المولى مصطفى باشا باي ورجع منه في رجب سنة 1253 هـ بإثر وفاة الأمير المذكور وولاية ابنه المشير أحمد باشا باي وسفره للحج كان بعد وحشة وقعت بينه وبين تلميذه قاضي الحاضرة الشيخ محمَّد البحري وذلك أنهما اختلفا في يتيم تزوجت أمه فانتقل الحق لجدته للأم وقضى باستحقاقها الحضانة القاضي المذكور بناء على المشهور في المذهب ولم يرض العم بذلك الحكم وطلب أن يكون في حضانته والتزم بالنفقة

عليه من ماله إلى أن يبلغ الأشد ويأخذ إرثه في أبيه كاملًا فقضى له بذلك صاحب الترجمة اعتماداً على غير المشهور ونظراً لمصلحة اليتيم فانتصر هذا لرأيه وهذا لرأيه ووقع بينهما اختلاف في المجلس آل الأمر إلى أن القاضي أتى بدواوين من كتب الفقه فحملها الأعوان وجعلوها بين يديه وطلب من الباي أن يأمر أحد الكتاب بقراءة محل الحاجة من كل كتاب فغضب صاحب الترجمة وقال لتلميذه في ذلك المجلس: يا قليل الحياء، فأثرت هاته المقالة في الباي وانفصل المجلس بتنفيذ حكم القاضي كما أن الشيخ تأثر وبعث بتخليه عن الخطة ولم يجبه الباي لذلك ولما وصل الشيخ للحرم النبوي أنشد عند باب السلام قصيدة تشعر بالدعاء على خصمه وأولها: إليك رسول الله جئت من البعد ... أبثك ما في القلب من شدة الوقد وفي سنة 1254 هـ بعثه المشير المذكور سفيرًا في مهم لدار الخلافة الآستانة العلية ومدح السلطان المعظم المولى محمود بقصيدة غراء أولها: العز بالله للسلطان محمود ... ابن السلاطين محمود بمحمود ولقي هناك إقبالًا فوق ما يذكر واستجازه شيخ الإِسلام وقدوة الأنام أحمد عارف وأجابه لذلك نظمًا. له ديوان خطب وديوان شعر في المديح وغيره ورسائل وأجوبة عن مسائل علمية تسع مجلداً منها فتوى بجواز الاحتماء بالأجنبي من الملة ورسالة رفع اللجاج في نازلة ابن الحاج في شأن الحضانة المشار لها وحاشية على شرح الفاكهي على القطر وشرح لطيف على الخزرجية والنرجسية العنبرية في الصلاة على خير البرية ورسالة في الرد على المنكرين على الطريقة التجانية ولما وردت رسالة عالم مصر وصالحها الشيخ محمَّد النميلي التونسي الأصل المسماة بالصوارم والأسنة رد فيها على الشيخ أحمد التجاني على بعض كتابة في صفة الكلام من علم التوحيد إنتصر صاحب الترجمة لأستاذه وألّف رسالة سماها المبرد لكن لما بلغت هاته الرسالة للشيخ كتب في الرد عليه نحو خمسة وأربعين كراساً وله رسالة في الحكم إذا علل بعلة وارتفعت فإنه يرتفع ورسالة في الأعذار ورسالة في الرد على الوهابي وكتابة على قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} ومنظومة في النحو ومنظومة في الصلوات التي تفسد على الإِمام دون المأموم وغير ذلك، مولده سنة 1180 هـ وتوفي في رمضان سنة 1266 هـ[1849 م] بالطاعون وكان هو خاتمته وحضر جنازته الأمير والمأمور والخاصة والجمهور ودفن بزاويته المذكورة

التي هي مجتمع الطائفة التجانية لقراءة الأحزاب والأوراد وبناؤها غاية في الاحتفال وسترى بانيها في التتمة. 1563 - وابنه الطيب: العالم العلم الأشهر توفي قبل والده بنحو ستة أشهر. وابنه العلامة أبو الحسن علي: توفي سنة 1268 هـ[1851 م] ودفنا بالزاوية المذكورة. 1564 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد الحضار التونسي: مفتيها وفقيهها وشاعرها. كان من العلماء الأدباء الأذكياء الأخيار. أخذ عن الشيخ الرياحي والشيخ الطاهر بن مسعود والشيخ حسن الشريف والشيخ ابن ملوكة وغيرهم. له ديوان شعر وديوان خطب بارعة. توفي في ذي القعدة سنة 1267 هـ[1850 م]. 1565 - أبو العباس أحمد بن طاهر اللطيف: بالتصغير أصله من إحدى قرى الساحل. العلامة الواسع الاطلاع الفقيه المتفنن الطويل الباع. كان معروفاً بالطهارة والعفاف ولم تعرف له صبوة. قدم تونس وأخذ عن أعلامها كالشيخ محمَّد الطاهر بن مسعود والشيخ حسن الشريف والشيخ إبراهيم الرياحي وفي مدة قليلة امتلأ الوطاب وبرز على الأتراب وكانت همته مصروفة للفقه ودواوينه فألّف فيه وجمع منه فروعاً متفرقة غريبة في أسفار ضخمة أودع فيها ما شاء الله أن يودع من نوادر الفروع وغرائبها مخرجة من الكتب المعتمدة ومن أشهر مؤلفاته حواشيه على شرح التاودي على التحفة في جزأين أكثر فيها من النقل ولم يعتنِ فيها بعبارات الشارح وله كناش في جزء به فروع من نوادر الفقه سلك فيها مسلك ذوي الاطلاع والتحقيق وله شرح على السمرقندية ورسائل كثيرة استمد ذلك من مكتبة الشيخ أحمد الغرياني التي جمعت من نفائس الكتب ما يعز أن تجمعة مكتبة أخرى، وكان في أول أمره يشتغل بالتوثيق واشتهر فيه بالحذق بين رجاله مع الضلاعة بعلم الأحكام فدخل في عداد المترشحين لمناصبها الشرعية وولي قضاء المحلة سنة 1254 هـ ثم صرف عن القضاء والشهادة ولزم بيته واختص به في هاته المدة شيخنا عمر ابن الشيخ فأخذ عنه فنوناً مختلفة وأخذ عنه أيضًا شيخنا سالم بو حاجب ولم يزل ذا قلب شاكر ولسان ذاكر حتى انتقل لرحمة الله تعالى في ذي الحجة سنة 1273 هـ[1856 م]. 1566 - أبو عبد الله محمَّد بن صالح بن ملوكة: شيخ الجماعة المتصوف

الزاهد الراشد الصالح العابد الإِمام الفاضل العالم العامل الراسخ في الفرائض والحساب والعلوم العقلية والنقلية المجاب الدعوة ذو النفس الذكية. أخذ عن الشيخ أحمد بو خريص ولازمه والشيخ حسن الشريف والشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ محمَّد الطاهر بن مسعود وغيرهم، وعنه مَن لا يعد كثرة منهم الشيخ محمَّد النيفر وأخوه صالح والشيخ أحمد بن أبي الضياف وشيخنا سالم بو حاجب وشيخنا عمر ابن الشيخ والشيخ حسن شبيل والشيخ محمَّد الجدي وبالإجازة الشيخ محمَّد عليش المصري، ألّف شرحاً على الدرة في الفرائض وصلوات على خير البشر - صلى الله عليه وسلم - وفهرسة وغير ذلك، كانت له عطايا وافرة لطلبة العلم ومحبة فيهم راسخة فتراه دائماً يسعى في مصالحهم وتنفيس الكربات عنهم، وكان له جاه لم يشاركه فيه أحد. توفي سنة 1276 هـ[1859 م]. 1567 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن أحمد بن قاسم بن محمَّد بن محمَّد بن أبي النور النيفر: قدم جده أبو النور لحاضرة تونس من صفاقس وكان مقدم آبائه لها من مصر وكانوا يلبسون العمامة الخضراء علامة على شرفهم وهو من ذرية الشيخ محمَّد بن سليمان الرفاعي كان علامة نحريرًا فاضلًا محققاً عالماً عاملًا حميد السيرة طيب السريرة في أحكامه عادلًا لا تأخذه في الله لومة لائم تولى القضاء سنة 1262 هـ ويوم ولايته تولى شبيهه خطة الفتيا الشيخ محمَّد البنا بمحضر رئيس المفتين الشيخ إبراهيم الرياحي قال هذا الشيخ للمشير أحمد باشا: أصبت في انتخابك لا زلت تصيب هما خير أقرانهما علماً وديناً وناهيك بهاته الشهادة من ذلك العدل ثم انتقل لخطة الفتيا. أخذ عن أئمة كالشيخ إبراهيم المذكور والشيخ ابن ملوكة والشيخ المناعي وغيرهم، وعنه جماعة وانتفعوا به منهم ابناه الشيخ الطاهر والشيخ الطيب وأخواه الشيخان صالح ومحمد ونبغ من هذا البيت جماعة أشرقوا إشراق الأقمار وظهروا ظهور الشمس في رابعة النهار وسيأتي ذكر بعضهم. توفي بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع سنة 1277 هـ[1860 م]. 1568 - حسن بن علي الخيري: نسبة لقرية قرب المنستير تعرف بمنزل خير كان من أعلام العلماء متضلعاً في المعقول والمنفول متفنناً غير أنه قليل البضاعة في الفقه ولما أسندت إليه خطط شرعية اعتنى به حتى صارت له معرفة تامة بالنوازل والأحكام ونسخ كثيراً من الكتب المؤلفة في ذلك بخط يده مع تقارير منه عليها.

حفظ القرآن بالمنستير ثم رحل لتونس وأخذ عن أعلام كالشيخ حسن الشريف والطاهر بن مسعود ومحمد الباجي وإبراهيم الرياحي ولازم شيخ الإِسلام الثالث محمَّد بيرم وانتفع به. وهو أحد الثلاثة الذين انتخبوا لرياسة الفتوى بتونس المنحلة عن الشيخ إبراهيم المذكور والثاني الشيخ أحمد الفراتي الصفاقسي والثالث الشيخ أحمد بن حسين الكافي الآتي ذكره ووقع اختيار الأمير على الأخير لكونه أخص تلامذة سلفه. تولى الفتيا بالمنستير سنة 1235 هـ والخطابة والإمام بجامعها سنة 1247 هـ والقضاء سنة 1257 هـ عوض الشيخ المجذوب المكنى ثم رياسة الفتوى سنة 1269 هـ وتوفي عليها سنة 1280 هـ[1863 م]. 1569 - أبو عبد الله محمَّد ابن الحاج علي العذاري: الشريف المساكني الإِمام الفقيه المتفنن الفاضل الشيخ الصالح المربي الناصح العالم العامل قرأ على الشيخ أحمد بن الصغير وأخذ عنه ولازمه وانتفع به وقام مقامه في التدريس وأجازه إجازة عامة بما في فهرسته كما تقدم في ترجمته وعنه أخذ جماعة منهم الشيخ محمَّد القزاح المساكني وأجازه. مولده سنة 1190 هـ وتوفي سنة 1281 هـ[1864 م]. 1570 - أبو النخبة مصطفى بن محمَّد بن عزوز: العالم الولي العارف بالله الفقيه التقي الصوفي مع صلاح ودين متين من بيت علم وصلاح وفضل وزاويتهم بصحراء سوف شهيرة دخل هذا الولي القطر التونسي وبث الطريقة الرحمانية الخلوتية في العروش وطريقته لا تشديد فيها إلا مَن أراد التوغل في السلوك يأمر الناس بأداء فريضة الصلاة وذكر لا إله إلا الله بقدر الإمكان وطار صيته وظهرت كرامته سيما في الجهة الغربية وأحدث زاوية بنفطه وصار له أتباع كثيرون. أخذ عن الشيخ علي بن عمر صاحب زاوية طولقة وهو عن الشيخ محمَّد بن عزوز وهو عن الشيخ محمَّد الأزهري الزواوي وهو عن الشيخ محمَّد الحفني المصري الخلوتي، وأخذ عنه الكثير منهم ابنه الشيخ المكي وانتفع به وورث سره وكان المشير أحمد باشا يعتقده ويعظم شأنه ومنّ الله به على هذا القطر بإطفاء نار فتنة تأججت بإفريقية تعرف بفتنة علي بن غذاهم الواقعة سنة 1280 هـ لأجل مغرم الاثنين والسبعين وضمن للناس الأمان وطوع العاصي وسيأتي مزيد شرح لهاته الفتنة في التتمة. وللشيخ إبراهيم الرياحي فيه مدائح شعرية ونثرية. توفي في ذي الحجة سنة 1282 هـ[1865 م]. 1571 - أبو عبد الله محمَّد البنا التونسي: قاضيها ثم مفتيها وإمامها الثاني

بجامعها الأعظم الإِمام العالم العامل الفقيه القدوة المبرز الفاضل كان ثبت الفهم جم الفضائل وتقدم في ترجمة رفيقه الشيخ محمَّد النيفر ثناء الشيخ إبراهيم الرياحي عليه بمجلس المشير أحمد باشا. أخذ عن جماعة منهم الشيخ إبراهيم المذكور والشيخ حسن الشريف والشيخ الطاهر بن مسعود وعنه أخذ جماعة وانتفعوا به منهم الشيخ محمَّد الجدي المنستيري والشيخان الطاهر والطيب ابنا الشيخ محمَّد النيفر المذكور والشيخ صالح النيفر له ديوان خطب ومجموعة بها فتاوى محررة. توفي في محرم سنة 1283 هـ[1866 م]. 1572 - أبو عبد الله محمَّد الطاهر بن محمَّد الشاذلي بن عبد القادر بن محمَّد بن عاشور: من بيت شهير بالعلم والشرف والصلاح ترجم لجدهم الوزير في تاريخه كان شهماً عالي الهمة أحد أئمة هذه الأمة في العلوم العقلية والنقلية ولا يذكر فقهاً إلا بدليله يحذو في ذلك حذو العلامة أبي الفدا إسماعيل التميمي. يقول الشعر ويجيده. تولى قضاء الحاضرة في رجب سنة 1267 هـ فزانها بميزان العدل ثم الفتيا مع خطط نبيهة. أخذ عن أخيه الشيخ محمَّد المتوفى سنة 1265 هـ والشيخ ابن ملوكة والشيخ الرياحي وغيرهم وعنه الكثير من شيوخنا وغيرهم، ألّف حاشية على شرح القطر وشرحاً على البردة وتقاييد على حاشية الشيخ عبد الحكيم على المطول وغير ذلك. توفي سنة 1284 هـ[1867 م]. 1573 - أبو الثناء محمود محسن بن علي بن أحمد بن محمَّد بن محسن بن أحمد: الشريف الأكبر المترجم له فيما تقدم ابن السادات الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. كان من الفقهاء النبهاء الأذكياء الأتقياء عالي الهمة وهو الإِمام الأول في الجامع الأعظم وعليه في أموره المعول. وكان معتقداً عند الخاصة فضلًا عن العامة. أخذ عن قريبيه الأخوين حسن الشريف ومحمد والشيخ الطاهر بن مسعود وغيرهم. توفي في رمضان سنة 1284 هـ[1867 م]. 1574 - أبو العباس أحمد بن حسين الغماري الكافي: من أعيان بيوتها الإِمام التقي العلامة الفقيه النبيه الزكي الفهّامة خاتمة المحققين والعلماء العاملين. كان عالي الهمة لا تأخذه في الله لومة لائم. تولى قضاء بلده ثم رئيس المفتين بالحاضرة بعد وفاة شيخه الشيخ إبراهيم الرياحي وقام بها أحسن قيام وحمده

الخاص والعام وكتب إليه مهنئاً أبو العباس الشيخ أحمد بن أبي الضياف بعد الحمدلة والتصلية ما نصه: لم أدرِ والله تعالى أعلم نهني الخطة أم نهنيك، والذي ملأ الكون يكفيك أبقديمك الموجب لتقديمك أو بحديثك الموجب لطيب حديثك ومن لي بناظم العلوم بعد انتشارها ومقيل عثارها والآخذ بثارها والمخلد لآثارها علم التقوى وعماد الفتوى وركن العلم الأقوى الذي أخذ رايته باليمين الشيخ سيدي أحمد بن حسين رئيس المفتين بهذه الحاضرة التونسية لا زالت آراؤه سديدة وتصرفاته حميدة وأزمة النفع بيده مديدة ميمونة سعيدة أما بعد السلام التام المؤدي بحق المقام كلما حن مشتاق إلى اللقا ومال وبلغ تلك الآمال وحمد غب الأعمال فإن الإنسان كما علم سيدي أسير الأقدار مسلوب الاختيار يقلعه الفاعل المختار إلى كل ما يختار وقد اختاركم الله سبحانه لهذا المنصب الشريف وهو أعلم باختياره ولا ينازع في مقداره وقدم على مصلحتكم مصلحة عباده وهو أعلم بمراده فطب سيدي نفساً ودم سروراً وأنساً ولا تحرك حدساً لأن من قلدك هاته الأمانة تكفل لك بالإعانة حيث لم تطلبها بلسان مقال ولا لسان حال بل كرهتها والترحال قال في كتابه المنزل على مَن أرسله بشيراً ونذيراً وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ونحن نحمد الله ونشكره على بلوغ المراد حيث لم يرنا في مقام شيخنا إلا أعز تلامذته الجهابذة النقاد. وما حصل لنا في ولايتكم من البشرى كاد أن ينسينا ما به الطامة الكبرى. وأشهد الله سبحانه أنه قدس سره كان يتوسم في أوصافك الحسنى ما أوتيته من المقام الأسنى وأنه كان يدعو لك على ظهر الغيب ومات راضيًا عنك بلا ريب. وهذه إشارة أقدمها بين يدي تهنئتكم بالولاية وتهانينا بكم لكمال الرعاية فإنك بحمد الله تعالى من رجالها وفارس مجالها. بل أنت نادرة الدهر وكفؤها المليء بالمهر ولولا أن الله تعالى يقول: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} ما ذكرت سيدي بنعم الله تعالى عليه التي تعجز شكر الشاكرين ولولا عائق المرض ومنع الطبيب من كل عرض لأعملت قدمي قبل إعمال قلمي لكن ما لا يدرك كله لا يترك كله والله سبحانه وتعالى يعينكم على ما أولاكم والسلام اهـ أخذ صاحب الترجمة عن الشيخ إبراهيم المذكور وانتفع به وأجازه بما في ثبتي الشيخين الأمير والصباغ وعن الشيخ الطاهر بن مسعود والشيخ حسن الشريف وغيرهم، وعنه جماعة منهم ابنه شيخنا وأستاذنا حسين وأجازه بما في الثبتين. له فتاوى وتقارير على شرح التاودي على التحفة وعلى شرح الدردير على المختصر غاية في التحرير. توفي سنة 1285 هـ.

1575 - أبو الثناء محمود بن محمَّد قباد: ويتصل نسبه بالشيخ معتوق دفين حومة يوسف داي بالحاضرة آية الله في الذكاء والمحاضرة العلامة المتفنن المحقق الشاعر المفلق حامل لواء البلاغة والنحو والأدب المطلع على أسرار كلام العرب. رحل للمشرق صغيرًا وطاف البلاد وتعلّم واستفاد ولحق بالشيخ محمَّد ظافر المدني بطرابلس ولزمه وانتفع به وحصلت له بركته ثم رجع لتونس مملوء الجراب حاملًا كثيرًا من الفنون والآداب وجلس للتدريس وأجاد وأفاد وأخذ عنه جلة منهم ابن أخته الشيخ محمَّد النجار والشيخ محمَّد السنوسي والشيخ سالم بوحاجب، له ديوان شعر قوي المبنى متين المعنى يشهد بسعة باعه في اللغة ورصف ذراعه، تولى الفتيا سنة 1285 هـ وتوفي عليها سنة 1288 هـ. 1576 - أبو عبد الله محمَّد بن محمَّد بن علي بن أحمد بن محمَّد بن محسن بن أحمد الشريف: وهلم جراً إلى الوصول إلى أصل الوجود - صلى الله عليه وسلم - وناهيك به من صفوة صفت مشاربه وعزت مآربه الشيخ الفاضل العالم القدوة الكامل الإِمام معتقد الخاص والعام. تولى الإمامة الكبرى بالجامع الأعظم عقب وفاة عمه أبي الثناء محمود المتقدم الذكر. أخذ عن الشيخ البنا والشيخ محمَّد النيفر وغيرهما. مولده سنة 1216 هـ وتوفي سنة 1289 هـ. 1577 - أبو الفلاح صالح بن محمَّد النيفر: شقيق الشيخ محمَّد النيفر المتقدم الذكر عالم تونس وإمامها الأكبر بجامعها الأعظم وقاضيها ثم رئيس المفتين بها. كان فقيهاً مع دراية يضرب بها المثل وتحصيل في الفروع والأصول آية الله في الذكاء مع جاه لم يشاركه فيه أحد. أخذ عن أخيه محمَّد والشيخ محمَّد بن سلامة والشيخ محمَّد بن ملوكة والشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ الخضار والشيخ البنا وغيرهم، وعنه جماعة منهم الشيخ محمَّد السنوسي ولما ختم السعد هناه تلميذه الشيخ البشير التواتي بقصيدة أولها: أبدر التمام حل في طالع السعد ... أم البرق لاح من نواحي بني سعد وتصدى لشرح الموطأ فكتب عليه كتابة جليلة وتركه مسودة أدركته المنية وعمره نحو خمس وخمسين عاماً أواخر ذي القعدة سنة 1290 هـ[1873 م].

1578 - أبو العباس أحمد ابن الحاج أبي الضياف التونسي: أصله من أولاد عون من بيت نسب إلى الصلاح الوزير دائرة فلك الأدب وقطبه وروح جسد البيان وقلبه وبحر البلاغة الفائض عبابه وغيث البراعة المستمر انسكابه ورياض الفصاحة المثمرة آدابها وسور مدينة العلم وبابها كتب في الدولة الحسينية وعد فيها من أهل الصدارة وتسنم الخطط النبيهة من الكتابة إلى الوزارة فهو ممن تفتخر به هاته الدولة وتتباهى وتعترف له بالكفالات التي لا تتناهى، له أدب كالروض أينعت زهوره وافترت مبتسمة ثغوره. اعتنى به والده وأحسن تربيته وأخذ عن أعلام كالشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ البحري والشيخ إسماعيل التميمي والشيخ ابن ملوكة والشيخ المناعي وشيخ الإِسلام محمَّد بيرم الثالث وهو أول مَن كتب للدولة العلية بالقلم العربي وكان المشير أحمد باشا يعترف له بالكمالات ويعتمده في المهمات طالما وجهه سفيرًا لدول فبلغ الغاية من الأمل واستصحبه معه في سفره لباريز وحصل له التقدم والتبريز وفيها اجتمع بالشيخ رفاعة صاحب الرحلة، له تاريخ في الدولة الحسينية في أربع مجلدات يشهد له بطول الباع في الأدب والإنشاء مع سعة الاطلاع. مولده سنة 1219 هـ وتوفي سنة 1291 هـ[1874 م]. 1579 - وفي السنة قبلها توفي الشيخ رفاعة الطهطاوي: المذكور المشريف الحسيني العلامة المتفنن المحقق المتقين الأستاذ المفضال الأريب المؤرخ الرحال. أخذ عن أعلام علماء الأزهر ولازم الشيخ حسن العطار وانتفع به وتخرج عليه ولنجابته ونبله جعله عزيز مصر محمَّد علي باشا إماماً لأول بعثة علمية أرسلها إلى باريس لتلقي العلوم والمعارف بمدارسها واجتهد في التحصيل عليها إلى أن أحرز منها على نصيب وافر ولما حاز إجازته الدالة على نبوغه في العلوم الحديثة وتفوقه في فن الترجمة رجع للقاهرة مترقياً في مراتب الحكومة السنية وألّف مؤلفات شاهدة بفضله، منها قلائد المفاخر في غريب عوائد الأوائل والأواخر ومنها تلخيص الإبريز إلى تخليص باريز وصف فيه رحلته إلى فرنسا وما شاهده بها وما وقف عليه من عادات القوم وأخلاقهم وآدابهم، وتأليف في الجغرافية والتاريخ، وبداية القدماء وهداية الحكماء في التاريخ القديم ومباهج الألباب المصرية في مناهج الآداب العصرية وأنوار توفيق الجليل في أخبار مصر وتوثيق بني إسماعيل فصل فيه أخبار مصر منذ مصرت إلى قدوم عمرو بن العاص إليها ونهاية الإيجاز في سيرة ساكن

الحجاز - صلى الله عليه وسلم - وهو تتمة للكتاب قبله ولم تعقله شواغله ومناصبه على كثرتها عن ترجمة الكتب والتأليف إلى أن نقل إلى جوار ربه سنة 1290 هـ[1873 م] ومولده سنة 1206 هـ. 1580 - أبو الحسن علي ابن الشيخ بلقاسم العفيف التونسي: إمامها ومفتيها وعالمها العلامة وفقيهها الفهّامة القدوة المطلع الشيخ الصالح الورع. أخذ عن والده المتوفى سنة 1239 هـ الآخذ عن الشيخ الكواش والشيخ حسن الشريف وكان من أفاضل العلماء وأخذ أيضًا صاحب الترجمة عن الشيخ ابن ملوكة والشيخ إبراهيم الرياحي وجماعة وعنه الكثير من شيوخنا وغيرهم منهم رئيس المفتين الشيخ أحمد الشريف والشيخ عمار بن سعيدان. تولى الفتيا سنة 1277 هـ وتوفي وهو يتولاها سنة 1292 هـ[1875 م]. 1581 - أبو عبد الله محمَّد الباجي بن محمَّد المسعودي البكري التبرسقي ثم التونسي: الأكتب الأمجد النحرير الفاضل الألمعي الكامل اللوذعي الماهر المؤرخ الشاعر خاتمة الكتاب وعين الآداب كانت له اليد الطولى في التحرير الرائق والإنشاء البديع الفائق، نشأ بين يدي والده وأخذ عنه وأخذ القراءات عن الشيخ محمَّد المشاط والعلوم عن الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ ابن ملوكة والشيخ محمَّد بن الخوجة وتقدم لخطة الكتابة على عهد المولى حسين باشا باي ولازمها حتى ارتقى إلى رئاسة القسم الثاني من الوزارة الكبرى له تفنن في العلوم وله شعر يدل على لطف أخلاقه وله معرفة تامة بتاريخ البلاد وألّف في ذلك الخلاصة النقية في أمراء إفريقية. مولده سنة 1225 هـ وتوفي سنة 1297 هـ[1879 م]. 1582 - أبو الحسن علي محسن شقيق أبي عبد الله محمَّد محسن: المتقدم الزكي الصالح الرفيع القدر الولي الكامل العارف الواصل صاحب الكرامات الكثيرة الظاهرة والمناقب المتواترة. أخذ عن الشيخ علي العفيف والشيخ محمَّد النيفر ثم سلك طريق الجذب واعتقده الخاص والعام. توفي في ربيع الأول سنة 1297 هـ[1879 م] ودفن بزاويته قرب الجامع الحسيني بالصباغين ورثاه الشيخ محمَّد السنوسي بقصيدة رائقة أولها: ما للمشارب صفوها لا يحسن ... هل فارق الدنيا علي محسن 1583 - أبو عبد الله محمَّد بن علي بوزفر وعرف الجدي المنستيري: الإِمام

فرع فاس

العمدة الفقيه النبيه القدوة المتفنن في العلوم الفاضل الشيخ الصالح العالم العامل حفظ القرآن بالمنستير ثم رحل لتونس وأخذ عن الشيخ البنا وهو عمدته والشيخ الرياحي والشيخ ابن ملوكة وغيرهم وتلقى الذكر والطريقة المدنية عن الشيخ ظافر المدني وتولى الفتيا بالمنستير سنة 1266 هـ ثم القضاء سنة 1269 هـ وحمدت سيرته ثم امتحن بالإبعاد لصفاقس عقب الثورة المعروفة بثورة ابن غذاهم سنة 1280 هـ وسنرى شرحها في التتمة وذلك بحكم من وزير الحرب أحمد زروق حين قدم الساحل بقصد تمهيد الراحة وحصل له بصفاقس إقبال فوق ما يقال وتصدى لإقراء العلوم وحصل النفع به وفي حدود سنة 1288 هـ فرج عنه وصدر له الإذن بالرجوع لمسقط رأسه متولياً رئاسة المفتين بها وإمامها بجامعها الأعظم وتصدى لإقراء العلوم وانتفع به جماعة وبعد صيته وقصد للفتيا من الجهات وكانت فتاويه غاية في التحرير. توفي أوائل ذي القعدة سنة 1298 هـ[1880 م] عقب احتلال فرنسا للإيالة التونسية ودفن قريبًا من قبر الإِمام المازري قبلته. فرع فاس 1584 - أبو عبد الله محمَّد الطالب بن أحمد ابن الشيخ التاودي: كان من أعلام العلماء الفضلاء والفقهاء الأتقياء، أخذ عن والده وجده. توفي سنة 1252 هـ[1836 م]. 1585 - أخوه محمَّد عبد الواحد بن أحمد ابن الشيخ التاودي: العالم الكامل الإمام الفقيه المحدّث الأديب الفاضل أخذ عن والده وأخيه العربي وأدرك جده وأخذ عنه، توفي سنة 1253 هـ. 1586 - أبو العباس أحمد ابن الحاج المكي السدراتي السلاوي: الفقيه المحدّث العلامة المتفنن الفهّامة له شرح على الموطأ. توفي سنة 1253 هـ[1837 م].

1587 - أبو العباس أحمد بن إدريس: الشريف الإدريسي الحسني القطب الغوث العارف العالم العامل والفرد الهمّام الكامل بقية السلف وقدوة الخلف خاتمة العلماء المحققين والأئمة العارفين ولد بقرية بالقرب من فاس يقال لها ميسور نشأ من صغره مجبولًا على الاجتهاد في طلب العلوم، فأخذ علوم الظاهر عن أكابر علماء عصره حتى صار في أوان شبابه إماماً في علوم الظاهر وأخذ طريق السادة الشاذلية عن الأستاذ الشيخ عبد الوهاب التازي عن الشيخ أبي العباس أحمد الصقلي عن الشيخ مصطفى البكري وهاته الطريقة شاذلية خلوتية وأخذ أيضًا عن الشيخ أبي القاسم الوزير التازي وغيرهما من أجلاء المغرب وارتحل من فاس سنة 1213 هـ إلى الأقطار المصرية وأخذ بالصعيد عن الشيخ محمود الكردي وغيره ثم ارتحل للأقطار الحجازية ومكث بمكة أربع عشرة سنة ثم رجع للأقطار المصرية ومكث بالصعيد خمس سنين ثم رجع لمكة وأقام بها اثنتي عشرة سنة ثم انتقل للأقطار اليمنية وأقام بها تسع سنين إلى أن توفي هناك سنة 1253 هـ[1837 م]. له كرامات لا تحصى أفردها بعض العلماء بالتأليف أذعن له علماء اليمن واعترفوا له بالولاية وأخذوا عنه جميعاً طريق القوم، وأخذ عنه أيضًا أجلاء وقته من فضلاء العلماء والسادة في سائر الأقطار كالأستاذ الشهير العلامة الفاضل الشيخ محمَّد بن علي السنوسي صاحب الجبل الأخضر والأستاذ القطب العارف الأكبر الشيخ محمَّد حسن ظافر المدني والشيخ عثمان المرغني والشيخ المجذوب السواكني والشيخ إبراهيم الرشيدي والشيخ عبد الرحمن الأهدل مفتي زبيد والشيخ محمَّد عابد السندي صاحب الثبت في الأسانيد، له مؤلفات ومجالس علمية كالعقد النفيس في جواهر التدريس والصلوات المسماة المحامد الثمانية كان جامعاً بين الشريعة والحقيقة له الباع الطويل في جميع العلوم والشهرة التامة في علمي القرآن والحديث رواية ودراية كشفاً وتحقيقاً. 1588 - أبو عبد الله محمَّد الهادي طوبي السلاوي: الفقيه الفاضل العلامة القاضي العادل. توفي سنة 1254 هـ[1838 م]. 1589 - أبو محمَّد عبد القادر بن أحمد بن أبي جيدة الكوهن: الإِمام

العلامة الفاضل الشيخ الصالح البركة العالم العامل. أخذ عن الشيخ الطيب بن كيران وأبي الفيض حمدون ابن الحاج وأبي عبد الله محمَّد القادري وغيرهم، له فهرسة سماها إمداد ذوي الاستعداد إلى معالم الرواية والإسناد. توفي في صفر بالمدينة المنورة سنة 1254 هـ[1838 م]. 1590 - أبو عبد الله محمَّد العربي قصارة: العالم الضرير العمدة في التحرير والتقرير. أخذ عن الشيخ الطيب بن كيران وغيره. وعنه الشيخ قاسم القادري وغيره. توفي في محرم سنة 1257 هـ[1841 م]. 1591 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد السنوسي الحسني: إمام الضريح الإدريسي الفقيه العلامة القدوة المحدّث المشارك العمدة. أخذ عن الشيخ الطيب بن كيران وغيره. توفي في ربيع الأول سنة 1257 هـ[1841 م]. 1592 - أبو العلاء إدريس بن عبد الله بن عبد القادر الإدريسي الودغري الملقب بالبكراوي: الإِمام الجليل العلامة الأصيل إليه المرجع في علوم القراءات كلها عارفاً بالتجويد متفنناً في علوم شتى من فقه ولغة ونحو وغير ذلك؛ كان زاهدًا كثير الذكر. أخذ عن الشيخ محمَّد بن عبد السلام الفاسي والشيخ عبد الرحمن المنجرة والشيخ الطيب بن كيران والشيخ حمدون ابن الحاج وغيرهم. وعنه أخذ ولده عبد الله وغيره. تآليفه تبلغ ثمانية عشر في القراءات وغيرها، منها حاشية على الجعبري وشرح دالية الشيخ محمَّد بن مبارك السجلماسي وخطب وعظية ورجز في الفرائض. توفي سنة 1257 هـ[1841 م]. 1593 - القاضي أبو الحسن علي بن عبد السلام التسولي المدعو مديدش: الفقيه النوازلي الحامل لواء المذهب المطلع على أسراره المحقق العلامة المتفنن المؤلف المتقين مع صلاح ودين متين وزهد وورع ويقين. أخذ عن الشيخ محمَّد بن إبراهيم وهو عمدته والشيخ حمدون ابن الحاج وغيرهما، له تآليف شاهدة له بطول الباع وسعة الاطلاع منها شرح على التحفة وحاشية على شرح الشيخ التاودي على لامية الزقاق وشرح الشامل في عدة أسفار وجمع فتاوى شيخه المذكور وضمها إلى

فتاويه فجاء في مجلدات، وفي سنة 1252 هـ بعث الأمير الحاج عبد القادر بن محيي الدين سؤالاً لعلماء فاس في شأن الخطب الذي حل بالقطر الجزائري وأجابه عنه برسالة في عدة كراريس وهذا الخطب تسبب عنه استيلاء فرنسا على الجزائر سنة 1246 هـ وعلى بقية القطر شيئاً فشيئاً. توفي سنة 1258 هـ[1842 م]. 1594 - أبو عبد الله محمَّد الأمين الزيزي العلوي: الإِمام الفقيه العالم الذكي العمدة، أخذ عن الشيخ حمدون ابن الحاج وغيره واتصل بالشيخ التجاني. توفي سنة 1259 هـ[1843 م]. 1595 - أبو الحسن علي بن إدريس بن علي قصَّارة: الإِمام الفقيه الدرة المختارة المؤلف الفصيح العبارة، أخذ عن ابن كيران وحمدون ابن الحاج وغيرهما، وعنه الشيخ قاسم القادري والمهدي بن الطالب بن سودة، له حاشية على التوضيح وحاشية على شرح بناني على السلم وغير ذلك. توفي سنة 1259 هـ[1843 م]. 1596 - أبو حامد العربي بن الهاشمي الزرهوني: الإِمام الفقيه العلامة العمدة الفهّامة، أخذ عن الشيخ الطيب بن كيران وغيره، توفي بشغر الصويرة في جمادى الثانية سنة 1260 هـ[1844 م]. 1597 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بو نافع الفاسي: الفقيه الحافظ النحوي المشارك النبيه الضابط أخذ عن الشيخ حمدون ابن الحاج وغيره، له شرح على الألفية في مجلدين وفهرسة ضمنها أشياخه الذين أخذ عنهم وانتفع بهم مع إجازتهم له. توفي سنة 1260 هـ[1844 م]. 1598 - أبو البركات المجذوب بن عبد الحفيظ بن أبي مدين بن أحمد بن

محمَّد بن عبد القادر الفاسي: كان سيداً كاملاً سني المذهب قويم الحجة مشهوداً له بالصلاح معروفاً بالتقوى والاستقامة فقيهاً قدوة علامة وكان صاحب كرامات ظاهرة وعطايا وافرة ونشأ في كفاله والده وجده وقرأ القرآن ثم علوم الدين على والده وقريبه ابن عبد السلام وأبي عبد الله محمَّد القادري وأبي عبد الله التاودي وأبي عبد الله محمَّد بن حسن البناني وزين العابدين العراقي وعبد الكريم اليازغي وعبد القادر بن شقرون وكان مصادقًا للعارف أبي حامد العربي الدرقاوي وأقرانه، وأخذ طريقة آبائه الفاسية الشاذلية عن أبيه عبد الحفيظ عن آبائه إلى أبي المحاسن يوسف الفاسي بأسانيده، وعنه أبو المواهب عبد الكبير الفاسي ورواها صاحب الترجمة من طريقه وحج ولقي جماعة من العلماء وكان من جلة العلماء الذين اصطفاهم السلطان المولى سليمان للحضور بمجلسه لقراءة كتب الحديث ولازمه سفراً وحضراً وكان خطيباً للسلطان محمَّد ثم لابنه سليمان المذكور وأسندت إليه خطابة القرويين وهي وراثة فيهم منذ أمد بعيد واستمرت بأيديهم حتى الآن وكان يحب السماع ويميل إلى إباحته وجوازه. توفي سنة 1260 هـ[1844 م]. 1599 - أبو العباس أحمد بن باب ابن عثمان بن محمَّد بن عبد الرحمن بن الطالب الشنجيطي التجاني العلوي: الفقيه الأديب العلامة المشارك الأريب الألمعي الفهّامة، كانت له اليد الطولى في العلم وخصوصاً في فن السير والفقه والأصول والبيان والنحو واللغة والمنطق والعروض وأشعار العرب وأيامها والأخبار والنوادر أما التصوف فقد رزق فيه الذوق الغريب وكان من أعاجيب الدهر في الذكاء والفطنة ومكارم الأخلاق وحسن الشيم وعلو الهمة مع الجد والاجتهاد في طاعة رب العباد، أخذ عن أعلام وأخذ الطريقة التجانية عن الشيخ محمَّد الملقب بالخليفة. له نظم منية المزيد في التصوف ونظم ذكر فيه أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وبنيهن منه عليه الصلاة والسلام وله عليه شرح نفيس في مجلد أبدع فيه غاية وأرجوزة نظم فيها الورقات لإمام الحرمين وله رحلة ذكر فيها من لقيه من الأعلام في وجهته لبيت الله الحرام وابتدأ بأشياخه الذين قرأ عليهم ببلده كوالده ووالدته وغيرهما واجتاز بلاد الواسطة والجريد وتونس والبلاد المشرقية واجتمع بالشيخ إبراهيم الرياحي، كانت وفاته أوائل العشرة السادسة بعد سنة 1200 هـ[1785 م] بالمدينة المنورة. 1600 - ابنه بابا بن أحمد بن بابا الشنجيطي: كان عالماً ناسكاً فاضلاً

ملحوظاً بعين التعظيم شيخاً كاملاً من بيت علم وفضل لأنه من ذرية علامة شنجيط الشيخ الطالب العلوي الشهير الذكر بجهتهم. أخذ عن والده وغيره والطريقة التجانية عن قريبه الشيخ محمَّد الحافظ العلوي. ألّف شرحاً على تحفة ابن عاصم وتكملة التكملة للديباج انتهى فيه إلى ذكر أهل القرن الثاني عشر فترجم فيه للشيخ التاودي ابن سودة وغيره. توفي في حدود سنة 1260 هـ[1844 م]. 1601 - الطالب ابن الحاج عبد الرحمن السراج الأندلسي: الفقيه الأجل الزكي الأفضل أخذ عن الشيخ عبد القادر الكوهن وأجازه بفهرسته المشهورة. كانت له مجالس يدرس فيها المختصر وغيره وانتفع به جماعة من الأعيان. توفي سنة 1264 هـ[1847 م]. 1602 - أبو محمَّد عبد السلام الجيز: كان فقيهاً صالحاً، له معرفة ببعض العلوم. أخذ عن عمه الشيخ الطيب بن كيران وغيره. ألّف تآليف منها شرح المنفرجة لابن النحوي وشرح دليل القطب للشيخ المختار الكنتي وصلوات ودعوات من إنشاآته. توفي سنة 1264 هـ[1847 م]. 1603 - أبو محمَّد عبد الله المدعو الوليد بن العربي العراقي الحسني: الإِمام الفقيه المحدّث العلامة المعقولي المحقق الفهّامة. أخذ عن الشيخ محمَّد بن أبي بكر اليازغي وأحمد ابن الشيخ التاودي والطيب بن كيران وحمدون ابن الحاج وغيرهم، وعنه جعفر بن إدريس الكتاني وقاسم القادري وأحمد بن أحمد البناني وأحمد الخياط وغيرهم. ألّف الدر النفيس فيمن بفاس من بني محمَّد بن نفيس وهو حسن نفيس في شعبتهم العراقية. مولده سنة 1209 هـ وتوفي في ربيع الثاني سنة 1265 هـ[1848 م]. 1604 - أبو عبد الله محمَّد بن علي السنوسي الخطابي الحسني: صاحب الجبل الأخضر الشهير الذكر الرفيع القدر شيخ الإِسلام والمسلمين وارث علوم سيد الأولين والآخرين الفقيه الحافظ العالم العامل المحدّث الجامع الولي المقرب

الواصل شهرته شرقاً وغرباً تغني عن التعريف به، له صيت عظيم في الجهات وذكر جميل وكرامات، متين الدين، أتباعه يعدون بعشرات الملايين منتشرون باليمن والحجاز والشام والسودان ومصر وصحراء إفريقية والجهات الغربية ومركزه الجبل الأخضر بجغبوب القريب من بني غازي. أخذ الطريقة عن الشيخ عبد الوهاب التازي وهو عن الشيخ أبي العباس أحمد الصقلي وهو عن الشيخ مصطفى البكري وهاته الطريقة شاذلية خلوتية وأخذ أيضًا عن أبي العباس أحمد بن إدريس وأخذ عنه أعلام لا يشق غبارهم منهم ابنه الوارث لسره والخليفة بعده محمَّد المهدي وفي هذا العهد الخليفة عنه وقطب رحاها وشمس ضحاها حفيده أبو العباس أحمد ومنهم عبد الرحيم البرقي والشيخ صالح بن حسن الطاهري الحجازي مؤلف كتاب حسن الوفا لإخوان الصفا والشيخ أبو موسى عمران اليزليتني والشيخ علي بن عبد الحق القوسي والشيخ أحمد بن إدريس وهو الذي أشهر الطريقة باليمن والحجاز وعبد الهادي بن العربي عواد وأحمد بن الطالب بن سودة. له تآليف كثيرة منها الكواكب الدرية في أوائل الكتب الأثرية. توفي سنة 1276 هـ[1859 م]. 1605 - أبو عبد الله محمَّد بدر الدين الشاذلي بن أحمد الحمومي: العالم العامل النحرير الإِمام الزاهد العابد القدوة الشهير. أخذ عن أبي عبد الله التاودي بن سودة وأبي محمَّد عبد القادر بن شقرون والشيخ الرهوني وغيرهم، وعنه محمَّد الطالب ابن الحاج وجماعة. له تآليف منها شرح الشمائل وشرح المرشد المعين وشرح الزروقية وتأليف في السكر والأتي. توفي في محرم سنة 1266 هـ[1849 م]. 1606 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن عجيبة الفاسي: العلامة المؤلف المحقق الفهّامة البارع المدقق الصوفي الجامع بين الشريعة والحقيقة، من أشياخه الشيخ أحمد بن العربي الزعربي، له تآليف منها شرح الحكم وتفسير القرآن العظيم في ثماني مجلدات وشرح الأجرومية وشرح المباحث الأصلية وأزهار رياض الزمان في طبقات الأعيان وفهرسة أشياخه ورسالة جمع فيها أسئلة الشيخ العربي الدرقاوي. توفي في حدود 1366 هـ[1849 م]. 1607 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد القادر الكتاني الفاسي: الفقيه النحوي الأديب اللغوي العالم المحقق المشارك المدقق. أخذ عن الشيخ الكوهن وأجازه بفهرسته وعن غيره. له شرح على اصطلاح القاموس وشرح على خطبة الخلاصة وتاريخ في الدولة العلوية وفهرسة في أشياخه. توفي سنة 1268 هـ[1851 م].

1608 - أبو محمَّد الحاج الداودي التلمساني: الفقيه العالم المتفنن الإِمام المؤلف المتقن. أخذ عن أعلام تلمسان وتولى القضاء بها وهاجر إلى فاس حين استولت فرنسا عليها وحج ولقي أعلاماً منهم الشيخ الأمير وأجازه بما أجازه الشيخ السقاط وبما في فهرسته، وعنه أعلام منهم الشيخ الحاج صالح بن محمَّد المعطي التادلي وأجازه، له تآليف منها شرح الهمزية وشرح البردة وحاشية على السعد وشرح على البخاري لم يكمل. توفي سنة 1271 هـ[1854 م]. 1609 - قاضي الجماعة أبو محمَّد عبد الهادي بن عبد الله بن التهامي الشريف السجلماسي: كان من الأعلام المشهورين مشاركاً في جميع العلوم بصيراً بالمذهب وفروعه ضابطاً لقواعده عارفاً بصناعة الأحكام فصيح اللسان صحيح النظر جمّاعاً للدواوين كلفاً بالمطالعة. صاهره المولى السلطان عبد الرحمن وولاه قضاء الجماعة مدة عشرين سنة، إليه انتهت رئاسة العلم، بيته بفاس قديم في العلم والعمل. أخذ عن الشيخ الطيب بن كيران والشيخ عبد القادر بن شقرون وغيرهما. وعنه جعفر بن إدريس الكتاني وغيره؛ له شرح على تيسير الوصول إلى جامع الأصول لابن الربيع الشيباني. توفي سنة 1271 هـ[1854 م]. 1610 - أبو عبد الله محمَّد بن الطيب جسوس: الفقيه العلامة الإِمام الصوفي القدوة الفهّامة. أخذ عن أعلام ولقي الشيخين العربي الدرقاوي وأحمد التجاني وتبرك بهما واستفاد من علومهما. ألّف نصرة الفقير. توفي سنة 1273 هـ[1856 م]. 1611 - أبو عبد الله محمَّد الطالب بن حمدون ابن الحاج: العلامة المحقق المؤلف الفهّامة العمدة المدقق المطلع العالم العامل الورع القاضي العادل نشأ في عفاف وصيانة وتقى وديانة تولى قضاء الجماعة بمراكش ثم بفاس أخذ عن

أبيه وأخيه الآتي ذكره وأبي عبد الله اليازغي والشيخ عبد القادر الكوهن وأحمد بن كيران وغيرهم. وعنه جماعة منهم الشيخ قاسم القادري، له تآليف منها الأزهار الطيبة النشر على المبادىء العشر ورياض الورد وما انتهى إليه هذا الجوهر الفرد تكلم فيه على نسب أبيه وحاشية على شرح الشيخ ميارة على المرشد المعين دلت على نبل وفضل، له فهرسة. توفي في ذي الحجة سنة 1273 هـ[1856 م]. 1612 - أخوه أبو عبد الله محمَّد بن حمدون: الفقيه المحدّث المسند الفاضل العمدة الناظم الناثر ذو العلم الباهر والفخر الظاهر. أخذ عن والده والشيخ ابن كيران وهما عمدته وغيرهما. وعنه أخوه المتقدم الذكر وجعفر الكتاني وجماعة، له شرح على خريدة والده في المنطق ونظم مختصر خليل وتوضيح ابن هشام وله في الأمداح النبوية قصائد كثيرة. مولده سنة نيف ومائتين وألف وتوفي في شوال سنة 1274 هـ[1857 م]. 1613 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن الفلالي الحجرتي الفاسي: عالم المغرب وشيخ الجماعة الفقيه العلامة المحقق الفهّامة كان متين الدين مع الورع والصلاح واليقين جيداً في صناعة التدريس لا سيما في مختصر خليل ولم يترك بعده في إفادة تحرير المسائل مثله. أخذ عن الشيخ اليازمي والشيخ عبد الله الزروالي والشيخ نور الدين الحمومي والشيخ الطيب بن كيران وعنه الشيخ جعفر الكتاني وغيره. توفي في المحرم سنة 1275 هـ[1858 م]. 1614 - أبو العباس أحمد البدوي بن أحمد بن أبي جيدة: الشهير بزويتن الشيخ الكبير الولي الشهير العارف بالله الناصح النفاع الكثير الاتباع العالم العامل نشأ في عفاف وديانة واشتغل بتعلم العلم فكان يحضر مجلس الشيخ الطيب بن كيران والشيخ حمدون ابن الحاج والشيخ عبد السلام الآزمي وقرأ على الشيخ إدريس البكراوي وله ولوع بكتب القوم ثم صار يطلب من يأخذ بيده إلى أن اجتمع بالشيخ الأكبر العربي الدرقاوي وانتفع به انتفاعاً عظيماً وصار من كبار أصحابه

وخواصهم واشتهر بالكرامات الكثيرة الظاهرة والأحال العجيبة الطاهرة وله زاوية وأصحاب وأتباع كثيرون وكانوا على أكمل حالة في القيام بأمور الدين والتخلق بأخلاق المهتدين وظهرت عليهم بركته وشملهم عطفه، وله رسائل كبرى في سفر ضخم وصغرى كان شيخه العربي الدرقاوي يشهد له بالصديقية، ألّف تلميذه الشيخ محمَّد العربي المدغري تأليفاً في التعريف به. توفي في ذي الحجة سنة 1275 هـ[1858 م]. 1615 - أبو العباس أحمد بن محمَّد المرنيسي الفاسي: الفقيه العلامة المشارك في كثير من الفنون القائم منها بالمفروض والمسنون أخذ عن الشيخ أحمد بن التاودي والشيخ الطيب بن كيران وغيرهما. وعنه جماعة، له حاشية على الماكودي، توفي سنة 1277 هـ[1860 م]. 1616 - أبو بكر ابن الشيخ الطيب بن كيران: العلامة الأكبر والفهّامة الأبهر الفاضل النحرير المعروف بالإتقان والتحرير والفهم الرائق والحفظ الدافق. أخذ عن والده وغيره. وعنه الشيخ جعفر الكتاني وغيره. توفي سنة 1277 هـ[1860 م]. 1617 - أبو عبد الله محمَّد بن القاسم الغندوسي: نسبة إلى الغنادسة بلد بالصحراء ذات نخل على مسيرة يوم من فجيج الشيخ العارف الكامل المحقق الرباني الفاضل كان جميل المعاشرة عظيم المذاكرة له باع طويل في علم القوم ويد كبرى في التصوف وألّف فيما يرجع إليه عدة تآليف، وكان له خط جيد كتب به عدة دواوين وكتب مصحفاً في اثني عشر مجلداً قلّ أن يوجد نظيره في الدنيا وله شرح على الهمزية وله تأليف في مجلد سماه التأسيس في مساوي الدنيا ومهاوي إبليس. أخذ عنه طريق الصوفية جماعة منهم الشريف البركة الصالح أبو عبد الله الشيخ محمَّد بن الكبير الكتاني وهو عمدته وإليه انتسب وعليه عول وكان يعظمه غاية ويثني عليه نهاية. توفي في جمادى الأولى سنة 1278 هـ[1861 م].

1618 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد العزيز محبوبه السلاوي: الفقيه المحدّث العلامة الإِمام البارع المتفنن الفهّامة أخذ عن أعلام، وعنه أبو العباس أحمد الناصري قال في الاستقصاء وانتفعنا به وعادت علينا بركته. توفي بمكة بعد الفراغ من العمرة سنة 1279 هـ[1862 م]. 1619 - أبو الفضل قاسم بن محمَّد القادري: يتصل نسبه بالشيخ عبد القادر الجيلاني الفقيه العالم العالم الخطيب البليغ القدوة الفاضل المتفنن الأصولي المتقين أخذ عن الشيخ الوليد العراقي والشيخ محمَّد بن عبد الرحمن الفلالي والشيخ الداودي التلمساني وأبي عبد الله قصارة وأبي محمَّد بن الطائع والشيخ الطالب ابن الحاج وغيرهم. وعنه ابنه محمَّد. توفي في ربيع الأول سنة 1281 هـ[1854 م]. 1620 - أبو العلاء إدريس بن الطائع بن إدريس بن محمَّد الزمزمي بن العربي الشريف الكتاني: ومحمَّد العربي هذا هو مجتمع فروع قبيلة الشرفاء الكتانيين بفاس ترك من الأولاد أربعة: العربي والفضيل ومحمد الزمزمي المذكور وأحمد ولكل واحد عقب وفر الله عددهم وصاحب الترجمة جد مؤلف سلوة الأنفاس الآتي. كان فقيهاً وجيهاً من العدول المبرزين موسوماً بالخير والبركة والورع مع الدين المتين. أخذ عن الشيخ محمَّد الفلالي والشيخ عبد السلام اليازمي وأخذ الطريقة عن الشيخ محمَّد الحراق. توفي سنة 1281 هـ[1864 م]. 1621 - أبو حفص عمر بن الطالب بن سودة: الإِمام المتقي الأعدل المبرز الزكي الفقيه الأفضل الشيخ الصالح الأكمل أخذ عن الشيخ عبد السلام اليازمي والشيخ العربي العراقي والشيخ عبد القادر الكوهن والشيخ محمَّد بن عبد الرحمن السجلماسي وغيرهم. وعنه الشيخ جعفر بن إدريس الكتاني ومحمد بن قاسم القادري وأجاز الشيخ الطيب النيفر. له تآليف منها شرح على المختصر لم يكمل. توفي سنة 1285 هـ[1868 م].

1622 - أخوه القاضي محمَّد المهدي بن الطالب بن سودة: عالم المغرب وإمامه العلامة العمدة المتفنن اللسن الفصيح الفهّامة العارف بصناعة التدريس المعرفة التامة. أخذ عن أعلام كاليازمي وعلي قصارة والبدر الحمومي ومحمد الفلالي وعبد القادر الكوهن له حواش على مختصر السعد والمحلي والسلم والخرشي وتقاييد كثيرة في أوضاع مختلفة وحج سنة 1269 هـ ولقي أعلاماً بتونس وغيرها وعنه أخذ الكثير منهم الشيخ جعفر الكتاني، مولده سنة 1220 هـ وتوفي سنة 1294 هـ[1877م]. 1623 - أبو العباس أحمد بن محمَّد العراقي: الفقيه الأجل العالم العلامة الأفضل الدراكة المحقق الفهّامة المدقق البركة الصالح ذو المنهج القويم الصالح أخذ عن الوليد العراقي وغيره. توفي سنة 1286 هـ[1869م]. 1624 - أبو عبد الله محمَّد الطيب ابن الشيخ العربي الدرقاوي: الولي الصالح القدوة العارف بالله الفقيه العمدة. أخذ عن والده وانتفع به. توفي سنة 1287 هـ[1870م]. 1625 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الواحد المدعو الكبير بن أحمد الكتاني: الشريف الولي الواصل الشيخ الصالح الفاضل، كان كثير الذكر والعبادة يحضر مجالس الذكر والتذكير والحديث والسير والتصوف والتفسير بزاويته وله أتباع وأصحاب يجتمعون معه هناك للذكر وقراءة القرآن والأحزاب، وكانت له بركات عظيمة وكرامات. أخذ عن جماعة من الأخيار والأولياء الكبار منهم الشيخ محمَّد بن الطيب الصقلي والعارف الشيخ محمَّد الغندوسي وهو عمدته وإليه ينتسب وحج ثلاث مرات وله رحلة في مجلد جمع فيها مما وقع له في حجته الثانية ومن أخذ عنه فيها من علماء المشرق والمغرب وغيرهم وهي المسماة رحلة الفتح المبين فيما وقع في الحج وزيارة النبي الأمين. مولده سنة 1234 هـ وتوفي سنة 1289 هـ[1872م].

1626 - أبو غالب عبد السلام بن الطائع الشريف الإدريسي الجوطي: العالم المشارك المتضلع في علوم البلاغة والمنطق وأصول الدين الثاقب الذهن الجيد الإدراك مع القدم الراسخ في الورع والزهد والدين المتين. أخذ عن الشيخ حمدون ابن الحاج وهو عمدته والطيب بن كيران. أخذ عنه جماعة وانتفعوا به. توفي سنة 1290هـ[1873م]. 1627 - أبو عبد الله محمَّد المهدي ابن الشيخ حمدون ابن الحاج: الفقيه العلامة المشارك في كثير من الفنون الفهّامة. أخذ عن والده والوليد العراقي ومحمد الفلالي وعمه الطالب بن حمدون وغيرهم وعنه جماعة منهم أبو عبد الله محمَّد المدني جلون. مولده سنة 1244هـ وتوفي سنة 1290هـ[1873م]. 1628 - أبو الحسن علي بن محمَّد جلون الفاسي: الفقيه الإِمام العمدة الهمّام كان من أعلام الصوفية له تهجد وتلاوة وفهم ثاقب ورأي صائب. أخذ عن أعلام كالطيب بن كيران وحمدون ابن الحاج والزروالي واليازغي واليازمي وأبي العلا العراقي والطريقة عن الشيخ العربي الدرقاوي والشيخ أحمد التجاني وأخذ الناصرية عن بعض مَن له أذن في ذلك واستفاد من غير واحد أخذ عنه ولده محمَّد المدني جلون وغيره له تقاييد على الأبي ومصابيح السنة للبغوي وعلي بن سلمون وعلى الكشاف لم تكمل. توفي سنة 1292هـ[1875م]. 1629 - قاضي رباط الفتح أبو زيد عبد الرحمن ابن الفقيه الشيخ أحمد التهامي: كان من أعلام العلماء وقضاة العدل الفضلاء. توفي سنة 1293 هـ[1876م]. 1630 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد أكنوس: الفقيه العلامة المؤرخ

المطلع الفهّامة شاعر زمانه وفريد عصره وأوانه، ألّف كتاب الجيش. توفي سنة 1294 هـ[1877م]. 1631 - أبو بكر ابن العلامة القاضي محمَّد عواد: كان أحد العلماء الأفراد الذين إليهم المرجع وعليهم الاعتماد من أهل المشاركة في العلم والاعتناء به. أخذ عن والده وغيره وعنه أبو العباس أحمد الناصري وانتفع به ختم عليه البخاري عشر مرات وصحيح مسلم ثلاث مرات والشفا للقاضي عياض والاكتفاء لأبي الربيع الكلاعي والشمائل وأحياء الغزالي وغير ذلك. توفي في صفر سنة 1296 هـ[1878م]. 1632 - أبو المواهب عبد الكبير بن أبي البركات المجذوب الفاسي: المتقدم الذكر كان من أعلام العلماء الحاملين لواء المعارف باليمين جواداً منزل الأضياف والواردين كريماً مأوى الأيتام والأرامل والمساكين معظماً عند العامة والخاصة نشأ في كفاله والده في عفاف وصيانة وتقى وديانة وأخذ عنه وتهذب به والشيخ محمَّد الحراق والشيخ عبد السلام اليازمي والشيخ محمَّد الفلالي والشيخ عبد القادر الكوهن والشيخ علي قصارة وابن عمه محمَّد والقاضي محمَّد بن التهامي والشيخ محمَّد العلمي الفاسي والقاضي محمَّد الصديق العلوي والشيخ محمَّد الصالح بن خير الله الرضوي وأجازه إجازة عامة وعمر بن المكي الشرقاوي وأحمد الصفار المكناسي حج سنة 1287هـ ولقي أعلاماً وأخذ عنهم منهم مفتي مكة الشيخ أحمد بن زين العابدين دحلان والشيخ رحمة الله بن خليل الهندي مؤلف إظهار الحق ومفتي المالكية الشيخ حسن بن إبراهيم الأزهري والشيخ العلامة إبراهيم السقا المصري والشيخ عبد الجليل أفندي برادة المكي وأجازه عامتهم وحج ثانية سنة 1294هـ وأخذ عنه جلة منهم ولداه محمَّد الظاهر وأبو جيدة وعبد القادر بن عبد الرحمن الفاسي وأبو سالم عبد الله بن محمَّد الأمراني وصنوه محمَّد وأبو عبد الله محمَّد بن المدني جلون ومحمد بن عبد القادر الفاسي وأخواه محمَّد وأبو

القاسم وعبد الملك بن أحمد الفاسي ومحمد بن عبد الواحد التطاوني وأخوه عبد القادر وأحمد زروق بن عبد القادر الفاسي وأخوه محمَّد الطالب وغيرهم، له تآليف مفيدة كتذكرة المحسنين في وفيات الأعيان وحوادث السنين ابتدأه من الهجرة إلى سنة 1276هـ وشرح على فقهية جده الشيخ عبد القادر الفاسي وتأليف رد فيه على ابن زكري في تفضيله بني إسرائيل على العرب وتأليف عجيب تكلم فيه على دودة القز مفصلاً لأدوارها ومقارباً بينها وبين أطوار الإنسان من نشأته إلى استوائه وأعماله الدنيوية والأخروية بلسان دل على ما له من الملكة والاقتدار على التأمل والقوة على التدبر والاستعداد للاستفادة بالموجودات وله رسالة جمع فيها ما ورد في السنة من الأحاديث الدالة على مشروعية رفع اليدين عقب الصلوات وغير ذلك. توفي في رمضان سنة 1296 هـ[1878م]. 1633 - أبو محمَّد عبد القادر المعروف بالشيخ ابن عبد الرحمن بن محمَّد الراضي بن محمَّد بن طاهر بن يوسف بن أبي عسرية الفاسي: العلامة المشارك في الفنون الأديب الماهر الفصيح القلم واللسان الذكي الفؤاد والجنان من أعلام الشجرة الفاسية. أخذ عن شيخ الجماعة محمَّد بن عبد الرحمن والحاج الداودي التلمساني وأجازه وأبي العباس أحمد المرنيسي وأبي المواهب عبد الكبير الفاسي وكان القارئ بين يديه، وعنه أخذ أبو الفضل جعفر بن إدريس الكتاني وغيره له حاشية على قلائد العقيان لابن خاقان في غاية الجودة والإجادة دالة على تبحره في العلوم العربية والأدبية تولى الكتابة بالوزارة الداخلية وحج سنة 1232 هـ وتوفي سنة 1296 هـ[1878 م]. 1634 - أبو عبد الله محمَّد المدني: ابن الشيخ أبي الحسن علي جلون الفقيه المشارك في جميع الفنون المحدّث العلامة الدراكة المحقق الفهّامة الزكي الأخلاقي الكريم المعاشرة. أخذ عن والده والشيخ جعفر الكتاني وأجازه إجازة عامة والشيخ محمَّد كنون والشيخ المهدي بن الطالب بن سودة وشقيقه عمر ومحمد التازي وأحمد العراقي والمهدي ابن الحاج وغيرهم، وعنه أخذ جماعة منهم الشيخ محمَّد بن جعفر الكتاني لازمه وانتفع به له تآليف مفيدة منها تأليف في المطالب السبعة ونزهة ذوي العقل السليم في بعض علوم بسم الله الرحمن الرحيم وتأليف في

التحذير من تعاطي علم الكيمياء والتنجيم والحروف وغير ذلك والطيب العبق النشر المتحف به من يقول أنا لها في موقف الحشر تيمم به النوافل التي بقيت على خليل وصاحب المرشد المعين واستنشاق الفرج بعد الأزمة من حضرة المسمى عين الرحمة في سفر وتقييد في المبشرين بالجنة وآخر في الصحابة الذين عيّن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أسماءهم وآخر في بعض الأحاديث المتواترة وأخر في لا النافية للجنس وغير ذلك وأجوبة في علوم شتى وطرر على كثير من الكتب. مولده سنة 1264هـ وتوفي صغير السنن سنة 1298هـ[1880م]. 1635 - أبو عبد الله محمَّد بن عبد الواحد بن أحمد بن سودة: الفقيه الإِمام العلامة الحبر الفهّامة، أخذ عن أعلام من أهل بيتهم وغيرهم، وعنه أخذ محمَّد بن جعفر بن إدريس الكتاني وغيره. توفي سنة 1299هـ. 1636 - قاضي الجماعة بفاس أبو عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن الفلالي المدفري: كان آية في الحفظ والإتقان والتحرير العجيب والتبيان فقيهاً فاضلاً ماجداً كاملاً، أخذ عن الشيخ محمَّد بن عبد الرحمن الفلالي وغيره وعنه محمَّد بن جعفر بن إدريس الكتاني والشيخ المهدي الوزاني وغيرهما، وحج ولقي أعلاماً ولم يحفظ عنه منذ ولي القضاء إلى أن توفي أنه حابى في دعوى إلا أنه كان لا يبرم الأحكام بل لا يزال يردد النازلة إلى أن يتصالحا أو يذهبا مع معرفته بظاهر الحكم وتضلع في علم النوازل وكان يقول إنه كثر الفجور والشهادة بالزور ولا أعرف المحق حقيقة من المبطل ويحتج في ذلك بما ذكره أبو علي في شرح المختصر عند قوله ونفذ حكم أعمى وأبكم وهو قوله الحكم يجب فوراً قال البرزلي إن قضاء القاضي من باب تغيير المنكر فتجب الفورية فيه بحسب الإمكان وذكر عن بعض القضاة أنه يردد الأحكام ويطولها وقد اعتذر عن ذلك بكثرة طلاب الباطل فيطول القضية حتى يقل الضرر فيكون من باب تقابل مكروهين فيرتكب أخفهما اهـ. لكن قال أبو علي بعد ما ذكر كلام البرزلي: وينبغي للقاضي أن يطول القضية إذا رأى مخايل الباطل أو كان الخصم معروفاً بالباطل وأما إذا لم يكن شيء من الأمرين فلا يؤخر اهـ. توفي صاحب الترجمة سنة 1299هـ.

1637 - الأمير أبو محمَّد عبد القادر بن محيي الدين بن مصطفى الحسني الجزائري: الإِمام الأوحد والعلم المفرد عالم الأمراء وأمير العلماء وكان والده من العلماء الأعلام الذين يرجع إليهم في مشكلات الأحكام، أخذ عن والده وانتفع به وحج معه ودخل الشام وبغداد وأخذا الطريقة عن الشيخ محمود القادري وأجازهما بذلك وفي سنة 1248 هـ بايعه أهل الجزائر وولوه على القيام بأمر المدافعة عن الوطن والدين وقام بذلك أحسن قيام وحمده الخاص والعام وصار مركز الدائرة ببلده والرياسة طوع يده واشتهر أمره وبعد صيته وجرت بينه وبين دولة فرنسا حروب دامت سنين وظهرت منه شجاعة دوّنها أصحاب التاريخ ثم رأى من المصلحة الجنوح إلى السلم وعقد صلحاً مع قائد الجيش وحمل لفرنسا وأقام هناك مدة محل إكبار وتعظيم ورتبت له الحكومة مبلغاً من المال له بال سنوياً ثم رحل لدار الخلافة وأنعم عليه السلطان عبد المجيد بدار حافلة ببورصة وأقبل على تعليم العلم وإفادة الناس وفي سنة 1271هـ انتقل لدمشق وقرّ قراره بها وأقبل على تدريس العلوم وصدرت له تآليف ورسائل لو جمعت لبلغت مجلدات منها المواقف في التصوف وتعليق على حاشية لبعض أجداده في علم الكلام والقراض الحاد رد فيه على بعض الطاعنين في دين الإِسلام والصافنات الجياد وضعه في محاسن الخيل وصفاتها وذكرى العاقل وتنبيه الغافل ضمنه كثيراً من حقائق العلوم ومجالي العقول وله الشعر الجيد أفردت ترجمته بالتأليف. ومن شعره قصيدة في مدح سكنى البادية بها ما يربو على الثلاثين بيتاً ومستهلها: يا عاذراً لامرىء قد هام في الحضر ... وعاذلاً لمحب البدو والقفر لا تذممن بيوتاً خف محملها ... وتمدحن بيوت الطين والحجر ومنها: قال الأولى قد مضوا قولاً يصدقه ... نقل وعقل وما للحق من غير الحسن يظهر في بيتين رونقه ... بيت من الشعر أو بيت من الشَعر مولده في سنة 1222هـ وتوفي في رجب سنة 1300هـ[1882م] ودفن بحجرة الشيخ الأكبر ورثاه كثير من الشعراء والبلغاء.

الطبقة السابعة والعشرون

الطبقة السابعة والعشرون فرع مصر 1638 - الشيخ حسن العدوي الحمزاوي الكوثر: الراوي العلامة خادم السنة ضياء الدجنة العلم الأوحد الفريد والبحر البسيط الوافر المديد الجهبذ الكامل العالم العامل اشتهر بحفظ السنة وسير الصالحين مع كرم زائد وأخلاق زكية، أخذ عن أعلام منهم الشيخ الأمير الصغير والشيخ أحمد المعروف بمنة الله وشيخ الأزهر البرهان القويسني والشيخ مصطفى البولاقي جلس للتدريس سنة 1242 هـ وانتفع به الطلبة، له تأليف رزق فيها القبول منها مشارق الأنوار في فوز أهل الاعتبار وإرشاد المزيد في التوحيد والنفحات النبوية والنفحات الشاذلية وشرح البردة والنور الساري على البخاري والمدد الفياض على شفاء عياض وحاشية على شرح الشيخ عبد الباقي على العزية وبلوغ المسرات على دلائل الخيرات وتبصرة القضاة في المذاهب الأربعة وكنز المطالب في فضل البيت والحجر وما في زيارة القبر الشريف من المآب وله حب شديد في الطلبة فتراه دائماً يسعى في مصالحهم وتنفيس الكربات عنهم والأمراء يكرمونه ويقبلون شفاعته. مولده سنة 1221هـ وتوفي ليلة رمضان سنة 1303 هـ[1885]. 1639 - أبو الحكم عبد الرحيم بن أحمد الزموري البرقي: شهر بالمغبوب العلامة الفاضل الماهر الألمعي الزكي الشاعر الناثر، أخذ عن الأستاذ محمَّد بن علي السنوسي والشيخ عبد الحق القوصي والشيخ عبد الله سراج المكي وغيرهم وعنه الشيخ صالح الظاهري الحجازي مؤلف حسن الوفا لإخوان الصفا. توفي سنة 1305 هـ[1887م] بمدينة بني غازي. 1640 - حسن ابن الشيخ رضوان ابن الشيخ محمَّد حنفي ابن الشيخ عامر المنتهى ابن الشيخ أحمد الرفاعي: العارف الواصل الأستاذ الفاضل العالم العامل محله كعبة القصاد والعلماء ومحط رحال الأجلاء، كان عظيم القدر شهماً جليلاً كريماً جميلاً، قرأ على أعلام بالأزهر بجد واجتهاد حتى بلغ مقام التدريس وهو ابن سبع عشرة سنة واستفاد وأفاد وأذنه مشايخه والأعيان بالتدريس لنفع العباد وأخذ

الطريقة الخلوتية وأقام بمديرية المنيا واشتهر بالعلم والصلاح وقصد الراغبون رحابه ووقف العلماء العارفون على بابه منهم الشيخ حسن الطويل والشيخ محمَّد المغربي والشيخ محمَّد عبده مفتي مصر الشهير الذكر المتوفى سنة 1323هـ[1905م] والشيخ أحمد أبو خطوة، كانت له مكاشفات وكرامات كثيرة ومناقب شهيرة، له تآليف منها شرح قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن بني لله مسجداً بني الله له بيتاً في الجنة" والجوهر الملتقط في الخمس الخالي الوسط والفتح المبين في أحكام النون الساكنة والتنوين والمفاتيح الرضوانية في الصلاة على خير البرية ونفحات فيض الرضوان في الدلالة على معالم سلوك طريق العرفان والتوجه الأفخم في التوسل بالاسم الأعظم ومورد النفحات الإلهية على شرح ابن تركي على العشماوية ومنظومة سماها روض القلوب المستطاب وهي آلاف من الأبيات في آداب الطريق. مولده سنة 1239 هـ وتوفي في رمضان سنة 1310 هـ[1892م]. 1641 - خفاجي سيف الله بن إبراهيم بن محمَّد ابن الشيخ عمر ابن الشيخ خفاجي الاسكندري: العلامة الثقة الثبت القدوة الفهّامة المحقق العمدة حامل لواء العلم وشيخ الأوان المشار إليه في المنطوق والمفهوم بالبنان آية الله الباهرة في الحفظ والذكاء، أخذ عن أعلام بالأزهر والإسكندرية كالشيخ مصطفى البولاقي والشيخ البلتاني والشيخ مصطفى الذهبي والشيخ إبراهيم البيجوري والشيخ سليمان باشا لازمه وانتفع به ولازم الشيخ عبد الله نوار والشيخ مصطفى عابدين الشهير بالشامي ثم استقر بالإسكندرية وواصل ليله بنهاره في تعليم العلوم حتى تخرج على يديه كثيرون ونفع به أفاضل فائقون منهم طائر الصيت الشيخ عبد الله النديم المتوفى سنة 1314 هـ[1896م] والشيخ إبراهيم سليمان باشا وأخوه حسن وأخوهما محمَّد سلميان باشا وقام بحقوق التربية لأنجال شيخه سليمان المذكور ومنهم الشيخ محمود فتح الله البوريني والشيخ أحمد المسيري والشيخ عمر بن خليفة والشيخ عبد الحليم شريف وأخوه الشيخ عبد الفتاح شريف وغيرهم وبالجملة فقد تخرجت عليه طبقات متعددة حصل بجميعها الانتفاع حتى كان كل من في الإسكندرية منسوباً إليه إما مباشرة أو بواسطة ومنهم نجله الشيخ محمَّد خفاجي. مولده سنة 1245هـ وتوفي في شوال سنة 1310هـ[1892م] ورثاه كثيرون من أعلام العلماء وأعقب أنحالاً جهابذة أعلاماً أساتذة كراماً وهم محمود وأحمد وحسن.

1642 - أبو موسى عمران بن بركة اليزليتني الطرابلسي: الشريف الحسني العلامة الخير البركة الفقيه الفاضل الأستاذ الكامل. أخذ عن الشيخ محمَّد بن علي السنوسي وكان اجتماعه به حين مروره على جهتهم قادماً من المغرب سنة 1238هـ وقال له امكث ببلادك بيزليتن حتى نرسل إليك ثم استقدمه وهو إذ ذاك ببني غازي فركب من ساعته قاصداً الأستاذ سنة 1253هـ فلازمه وانتفع به وأخذ عنه وحصلت له بركته. أخذ عنه أئمة منهم الشيخ فالح الظاهري مؤلف حسن الوفاء والشيخ الشريف السنوسي والأستاذ محمَّد المهدي السنوسي والشيخ محمَّد يوسف بن مغرب وغيرهم وله أشعار كثيرة وقصائد عديدة في مدح أستاذه وابنه الشيخ محمَّد المهدي. توفي في رجب سنة 1311هـ[1893م] وعمره تسعون سنة. 1643 - أبو الفداء إسماعيل بن موسى بن عثمان الشهير بالحامدي: نسبة إلى الحامدية قرية من قرى صعيد مصر الشيخ الفقيه العالم المتضلع الإِمام الصالح الأوحد المؤلف المطلع. حفظ القرآن ببلده ثم جاور بالأزهر سنة 1261هـ وأخذ عن أعلام العصر العلوم العقلية والنقلية وانتفع بهم منهم الشيخ محمَّد عليش والبرهان السقاء والشيخ أحمد منة الله المالكي والشيخ أحمد أبو السعود الإسماعيلي والشيخ منصور كساب العدوي والشريف الشيخ علي المسراطي المالكي والشيخ عيسى الغزولي المالكي وغيرهم وبرع في العلوم وشارك وتصدى للتدريس وحصل النفع به. ألّف حاشية على الكفراوي وحاشية على كبرى السنوسي وحاشية على شرح القطب على الشمسية وتقريرات على حاشية الصبان على الأشموني وتقريراً على المجموع وحاشية للأمير وتقريراً على حاشية أبي النجاء على الشيخ خالد وتقريراً على حاشية الأزهرية وعلى حاشيتي القطر والشذور للأمير وعلى ابن عقيل للسجاعي وعلى حاشية السيد وعلى حاشية جمع الجوامع وعلى السيد وعبد الحكيم على المطول وله منسك والكوكب المنير فيما يتعلق بالبسملة من الفقه والتوحيد والنحو ورسالة في الحمدلة وله غير ذلك. مولده سنة 1226هـ وتوفي سنة 1316هـ[1898م]. 1644 - أبو العباس أحمد بن شرقاوي الخليفي: نسبة إلى الخليفة بلدة بصعيد مصر بقرب جرجا، تربى في حجر والده وعاهد الله وهو صغير أن لا يطعمه إلا من الحلال ووفق إلى العبادة والتقوى من حال صغره ونشأ على غاية من الصلاح

وحسن الأدب وتهذيب الأخلاق وصفاء السريرة والمحافظة على السنة ونوافل الخيرات. أقبل عليه العالمون والجاهلون وله في العلوم العقلية والنقلية مجال من غير كبير سعي ولا تفرغ لطلب وله المدارك الدقيقة والمباحث الرقيقة. وبالجملة فهو إمام عصره، له من التآليف شمس التحقيق وعروة أهل التوفيق وأرجوزة في التصوف والتوحيد شرحها أحد تلامذته بشرح حافل وتشطير البردة وغير ذلك. مولده سنة 1250هـ وتوفي سنة 1316هـ[1898م]. 1645 - مصطفى بن يونس الورداني: منشأ نسبة لقرية وردان بالجيزة الإسكندري قراراً الفقيه العالم العلامة الفاضل الفهّامة شيخ المالكية في وقته، كان فصيح العبارة في تقريره واضح الحجة خافضاً جناحه لكل سائل. أخذ عن الشيخ منصور كساب العدوي والشيخ حسن العدوي الحمزاوي ولازمهما وانتفع بهما والشيخ إبراهيم باشا والشيخ مصطفى عبدي الشهير بالشامي وغيرهم وتصدر للتعليم فأقبل عليه الطلاب من كل حدب وتلقوا عنه علوم الدين ونبغ عليه الكثير وصاروا من علماء هذا العصر منهم الشيخ موسى سعد الله المالكي والشيخ عمر بن خليفة والشيخ يوسف أبو السعود الحنفي والشيخ عبد السلام اللقاني والشيخ محمَّد سعيد باشا والشيخ أحمد الطويل. مولده بعد سنة 1240هـ وتوفي سنة 1316هـ[1898م]. 1646 - أبو محمَّد الشيخ حسن الطويل: الإِمام العالم المتفنن في العلوم كان صالحاً تقياً وورعاً زاهداً متبعاً أوامر الشرع متجنباً نواهيه عالماً بموارد السنة متين الدين. حفظ القرآن وأقام ثلاث سنين بطنطا لتلقي العلوم ثم أرسله والده إلى الأزهر وفي مدة قليلة لاحت عليه معالمه وصار من طلاب العلم الآخذين الشهرة في عصره ثم أحيل عليه تدريس علم الأصول والحديث والتفسير بمدرسة دار العلوم فتخرج عليه كثير من طلبتها وكان ممن تلقى عنهم العلوم الشيخ حسن العدوي الحمزاوي والبرهان السقا والشيخ محمَّد الأشموني والشيخ محمَّد الأنفاسي والشيخ أحمد شرف الدين المرصفي والشيخ عبد الهادي نجا الأبياري المولود سنة 1236هـ المتوفى سنة 1306 هـ وتمهر في العلوم العقلية وصار في ذلك إماماً وتحصن بحصن الشريعة الإِسلامية في جميع تعاليمه وكان إليه المرجع في حل المشكلات، تخرج عليه أغلب علماء الأزهر منهم الأستاذ الكبير أحمد تيمور باشا المتوفى في ذي القعدة سنة 1348هـ وأخذ الطريقة الخلوتية وكان على قدم متين فيها. مولده سنة 1256هـ وتوفي سنة 1317هـ[1899م].

1647 - أبو محمَّد حسن بن محمَّد بن داود: الإِمام العلامة الفقيه الفهّامة العالم المحقق العمدة المدقق تلقى الدروس باعتناء على أعلام الأزهر كالشيخ أحمد كابوه والشيخ محمَّد عليش والشيخ منصور كساب والشيخ محمَّد الأشموني والشيخ إبراهيم جاد الله المالكي والشيخ المرصفي والشيخ مصطفى المبلط والشيخ المهدي بن سودة والشيخ إبراهيم السقا والشيخ محمَّد قطة العدوي وغيرهم حتى برع وتفنن وتصدر للتدريس بالأزهر وتخرج عليه كثير من العلماء منهم الشيخ محمَّد البشير ظافر وأجازه إجازة لطيفة بخطه. توفي في جمادى الأولى سنة 1320هـ[1902م]. 1648 - أبو محمَّد عبد الكريم السناري السوداني: العالم الصالح الورع المفتي البارع في النوازل الفقيه المتوسع؛ كان زاهداً متبعاً للسنة حسن الأخلاق جميل الشمائل متواضعاً طيب المنادمة لا يمل مُجالسة من حديثه، نشأ في بلده وبيته بيت علم ثم حضر مصر وجاور بالأزهر ودرس مذهب الإِمام الشافعي حتى صار إماماً فيه وأدرك الشيخ إبراهيم الباجوري والشيخ إبراهيم السقا ثم تحول لمذهب مالك وأخذ عن الشيخ محمَّد عليش واجتهد حتى برع في كثير من العلوم، وأخذ الطريقة الشاذلية عن الأستاذ المرشد عبد القادر بن عبد الوهاب وكانت أوقاته بالإسكندرية وغيرها معمورة بالتدريس والإفادة والتلاوة والعبادة. أخذ عنه جماعة وانتفعوا به، وكان ينظم الشعر. توفي في رمضان سنة 1320هـ[1902م] عن نحو 80 سنة. 1649 - أبو محمَّد حسن الجزيري: الشيخ الصالح الفقيه العالم العامل. ولد بجزيرة شندويل ونشأ بها ثم حضر الأزهر ولازم الأستاذ المحقق العلامة شيخ المالكية سليم البشري وحضر على الشيخ إسماعيل الحامدي والشيخ حسن داود والشيخ مرزوق المالكي. أخذ عنه جماعة منهم الشيخ محمَّد البشير ظافر لازمه وأجازه. توفي سنة 1322هـ[1904م]. 1650 - أبو العباس أحمد بن محجوب الفيومي الرفاعي: وبه اشتهر العالم العلامة المحدّث الفقيه المحقق الفهّامة كان مواظباً على قراءة الحديث دؤوباً على التدريس لا يعرف الكسل ولا الملل جاور بالأزهر ولازم أساتذة وأخذ عنهم كالشيخ محمَّد عليش والشيخ محمَّد الغلماوي والشيخ إبراهيم السقا والشيخ مصطفى المبلط

والشيخ أحمد الإسماعيلي والشيخ أحمد منة الله المالكي والشيخ محمَّد الأشموني والشيخ الدمنهوري والشيخ منصور كساب القروي والشيخ أحمد كابوه العدوي وغيرهم وبرع في غالب الفنون وأقرأ العلوم ومكث مدرساً بالأزهر نحواً من ثلاث وخمسين سنة حتى انحصر الأزهر في تلامذته وتلامذة تلامذته فكل الأزهريين عيال عليه في العلم ومن أكبر تلامذته الشيخ محمَّد عبده والشيخ محمَّد بخيت مفتي الديار المصرية والشيخ محمَّد أبو الفضل الجيزاوي والشيخ محمَّد حسنين العدوي والشيخ محمَّد النجدي الشرقاوي والشيخ محمَّد البشير وظافر وغيرهم. له تآليف منها حاشية على شرح بحرق اليمني على اللامية وتقريرات على المطول للسعد والأشموني وجمع الجوامع وحاشية على منظومة الصبان في العروض وتقرير على المقولات وغير ذلك. توفي في صفر سنة 1325هـ[1907م]. 1651 - أبو عبد الله محمَّد ظافر ابن الشيخ محمَّد حسن ظافر المدني: الإِمام الكامل القدوة الفاضل العارف بالله الواصل من أكابر العلماء المحققين الذين أفرغوا جهدهم في النصح لكافة المسلمين. أخذ عن والده وورث سره وكان الخليفة بعده، وفي أيامه ازدادت الطريقة في الانتشار في كثير من الأمصار وتجول في إفريقية وغيرها ودخل صفاقس وسوسة والمنستير وأخذ عنه الكثير منهم الشيخ محمَّد الجدي بوزفرو واستوطن طرابلس وله هناك أتباع كثيرون وممن أخذ عنه هناك ابن أخيه الشيخ محمَّد البشير ظافر ثم سافر للآستانة وحصلت له هناك حظوة وبعد صيت مع إقبال خاص من سلطان آل عثمان عبد الحميد وعين له جراية وخص له تكية باسمه وحصل له جاه لم يشاركه فيه أحد إلى أن توفي وهو على تلك الحال من الإجلال والإقبال في حدود سنة 1325هـ. ومن تآليفه أقرب الوسائل لإدراك المعاني ومنتخب الرسائل في مناقب والده والأنوار القدسية في شرح طرق القوم العلمية في مناقب الشاذلية وله أدعية وأوراد. 1652 - أبو محمَّد حسن بن أحمد الرفاعي بن أحمد الشهير بالهواري العدوي: علامة العصر وفريد العصر الفقيه المحدّث الكامل العمدة الزكي القدوة الفاضل المعترف له بالسبق والتقدم في الفنون كان أنيس المحاضرة جميل المذاكرة لطيف المعاشرة مع الزهد والمروءة والسخاء ومكارم الأخلاق. نشأ ببني عدي وقرأ بالروايات العشر على الشيخ حسن خلف الله الحسيني وأتقن علم القراءات وتفنن فيه

ثم رحل لمصر واقتبس بها العلوم على فطاحل ذلك العصر كالشيخ محمَّد عليش والشيخ يوسف البلتاني والشيخ محمَّد الحداد العدوي والشيخ أحمد الأجهوري وغيرهم ولازم بأسيوط درس العلامة المحدّث الشيخ علي بن عبد الحق القوصي تلميذ الإِمام السنوسي الأمير الكبير وانتفع به وأجازه بمروياته وأسانيده وأجازه أيضاً بقية شيوخه وشهدوا له بالبراعة والتبحر في العلوم وأخذ الطريقة الخلوتية على المرشد العارف الشيخ محمَّد الحداد العدوي وعادت عليه بركته ثم عكف على إفادة الطالبين فنجب على يده كثير من العلماء الذين صاروا من أكابر المدرسين وأعاظم النابغين فمن أمثل النابغين الذين تخرجوا به الشيخ محمَّد حسنين العدوي والشيخ أحمد نصر العدوي والشيخ علي يوسف صاحب جريدة المؤيد المتوفى سنة 1331هـ والشيخ مهران المنقبادي والشيخ أحمد خراشي العدوي والشيخ أحمد حماد والشيخ صالح العذري والشيخ عبد الغفار بن دلجا والشيخ محمَّد حسن عبد الجليل بن بهيج والشيخ حسين علي عبد الجليل والشيخ محمَّد الأمير والشيخ مصطفى حسن العدوي والشيخ محمَّد البشير ظافر ولازمه وانتفع به وأجازه إجازة عامة. ألّف فتح الجليل بذكر طرف فيما يتعلق بالتنزيل كتاب غريب مفيد. مولده سنة 1257هـ كان حياً سنة 1329هـ[1911م]. 1653 - أبو عبد الله محمَّد بن البشير ابن الشيخ محمَّد حسن ظافر المدني: الأستاذ العلامة الألمعي اللوذعي الفاضل سلالة الأماجد الأفاضل المؤرخ المحقق الكامل تقدمت ترجمة جده وعمه الشيخ محمَّد ظافر. أخذ عن عمه المذكور والشيخ حسن الهواري وأجازه وانتفع به والشيخ حسن داود والشيخ حسن الجزيري والشيخ أحمد الفيومي وغيرهم من أعلام الأزهر وتصدى للتدريس وأفاد وأجاد. ألّف اليواقيت الثمينة في أعيان مذهب عالم المدينة وقفتُ على الجزء الأول منه فرغ منه في صفر سنة 1329 هـ واعتمدت النقل عنه في تراجم بعض الأفاضل في هذا الكتاب. 1654 - أبو محمَّد عبد المجيد الشرنوبي الأزهري: العلامة المحقق المجيد واسطة العقد الفريدة العمدة الإِمام المؤلف المحقق الهمّام. أخذ عن جلة من علماء الأزهر. له تآليف رزق فيها القبول منها شرح مختصر البخاري لابن أبي

فرع إفريقية

جمرة وشرح الأرْبعين النووية واختصر الشمائل المحمدية وشرح دلائل الخيرات والجامع الصغير ودلالة السالك على أقرب المسالك ومناهج التسهيل على متن خليل ومناهج التيسير على مجموع الأمير وإرشاد السالك على ألفية ابن مالك والمحاسن البهية على العشماوية والكواكب الدرية على متن العزية وتقريب المعاني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني وشرح حكم ابن عطاء الله وتائية الشيخ أبي العباس الشرنوبي وله ديوان خطب مثلث السجعات وديوان مربع السجعات وغير ذلك. كان حياً سنة 1340هـ[1921م]. فرع إفريقية 1655 - أبو العباس الشيخ أحمد الورتتاني: عالم نشرت ألوية فضله على الافاق وإمام ظهرت براعة علمه يتحلى بها العلماء الحذّاق. كان متفنناً في العلوم وأمتنها اللغة والنحو وكان من شيوخ الطبقة الأولى ورئيس جمعية الأوقاف ثم أخر عنها. أخذ عن الشيخ ابن ملوكة وغيره وأقرأ العلوم وحصل النفع به. توفي سنة 1302هـ[1884م]. 1656 - أبو عبد الله محمَّد بن عيسى الجزائري ثم التونسي: كان فقيهاً عالماً عاملاً متفنناً خيراً فاضلاً. له في الأدب والإنشاء مكان مكين مع ورع ودين متين. أخذ عن الشيخ حميدة العمالي وانتفع به وغيره استوطن تونس وحصل له بها إقبال وتصدى للتدريس وأخذ عنه بعض الأفاضل وله رسائل بارعة وتولى خطة الكتابة بالقسم الأول، وعليه في إنشاء الرسائل المعول. توفي سنة 1303 هـ[1885م]. 1657 - أبو العيش عمار بن سعيدان: فاق في عصره على الأقران وساد الأعيان فلا يدانيه دان واحد الدهر في معرفة العلوم وحسن التقرير سيما الفقه فإنه حامل لوائه وبمسائله خبير كان فصيح العبارة مليح الهيئة والشارة نشأ بالعلا من عمل جلاص من بيت معروف بالوظائف النبيهة المخزنية. تولى تربيته وتهذيبه شقيقه صالح وحفظ القرآن العظيم ثم توجه للقيروان وقرأ على أئمة منهم مفتيها العالم العامل الشيخ محمَّد بوهاها وقاضيها العادل العلامة الشيخ صالح الجودي المتوفى سنة 1295هـ وتفقه بها ثم رحل لتونس لاستكمال العلوم العقلية فقرأ على أعلام منهم الشيخ محمَّد بن ملوكة والشيخ علي العفيف والشيخ عمر ابن الشيخ حضر عليه درس المواقف وتوجه للحج مع جماعة من أعيان الفضلاء منهم صديقه الملاطف الوزير الشهير الشيخ محمَّد العربي زروق الشريف واجتمع بمصر بأستاذ الأساتذة الشيخ محمَّد عليش ووقعت بينهما محاورة في مسائل من العلم وشهد له هذا الأستاذ

بالفضل وحصل على رتبة التدريس بجامع الزيتونة وتصدى لإقراء العلوم وأفاد وأجاد وانتفع به جلة منهم الشيخ حمودة تاج والشيخ علي الشنوفي والشيخ المكي بن عزوز والشيخ صالح الشريف والشيخ حميدة النيفر والشيخ المفتي إبراهيم المارغني والشيخ حسن الخيري مفتي المنستير المتوفى بمكة سنة 1334هـ. له تآليف منها اختصار شرح ابن ناجي على المدونة اختصاراً بارعاً ودعي لقضاء القيروان وامتنع. توفي سنة 1304هـ[1886م]، ودفن بتربة آل بيت زروق المذكور، وكانت جنازته مشهودة حضرتها والخاصة والجمهور. 1658 - أبو عبد الله محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن عبد الكبير الشريف: قدمنا سلسلته المنتهية إلى شجرة النبي محمَّد - صلى الله عليه وسلم - فهو الإِمام فخر آل البيت السادات الكرام. كان فقيهاً محدّثاً قدوة معتقداً مجاب الدعوة. أخذ عن والده المتوفى سنة 1251هـ وقرأ على مشايخ الإِسلام البيرمي والخوجي ومعاوية وعلى الشيخ محمَّد النيفر الأكبر وعلى الشيخ الشاذلي بن صالح وغيرهم وحصل على إجازات متصلة السند في الحديث وغيره وبيده كانت نقابة الأشراف وتولى الفتيا سنة 1285هـ والإمامة الكبرى بجامع الزيتونة سنة 1290هـ. أخذ عنه الشيخ عمر ابن الشيخ وأجازه بسنده ومروياته ترجم له وبعض سلفه تلميذه الشيخ محمَّد السنوسي في مسامرات الظريف ختمها بقصيدة لامية غراء بها ما يزيد على المائتين وسبعين بيتاً سماها الأجنة الدانية القطاف بمفاخر سلسلة السادات الأشراف. أولها: إن المودة في القربى هي الأمل ... يجري بها ويفوق الأجر والعمل قرابة المصطفى آل بهم شرفت ... مفاخر بعلاها يضرب المثل مولده سنة 1230هـ وتوفي سنة 1307هـ[1889م]. 1659 - أبو عبد الله محمَّد الشاذلي ابن الشيخ عثمان بن صالح: شيخنا وشيخ شيوخنا وشيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ ملحق الأصاغر بالأكابر وغدا كل الأكابر له أصاغر وعقد عليه العلماء بالخناصر. كان من العلماء الأفاضل ومن أهل الفتوى والشورى في الأحكام والنوازل. تولى الفتيا سنة 1277هـ بعد أن كان قاضياً بباردو ثم رئيس المفتين ثم صرف عنها سنة 1302هـ. أخذ عن أعلام منهم الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ البنا والشيخ ابن ملوكة وشيخ الإِسلام الثالث محمَّد بيرم، وعنه جماعة منهم الشيخ عمر ابن الشيخ وأجازه والشيخ الطاهر النيفر والشيخ سالم بو حاجب والشيخ محمَّد النجار. قرأت عليه أوائل شرح الشيخ التاودي على التحفة وإذ ذاك أنهكت قواه عشر التسعين. له فتاوى ورسائل محررة منها رسالة في المحابات. توفي في ربيع الأول سنة 1308هـ[1890م].

1660 - شيخنا أبو عبد الله محمَّد العربي: المازوني منشأ التونسي الدار والقرار شيخ السالكين وواحد العلماء العاملين حامل لواء المذهب باليمين مع زهد وورع ودين متين والجد والاجتهاد في طاعة رب العباد له خبرة جيدة بالمختصر وشروحه. قرأ بمازونة وجدّ واجتهد حتى صار من فحول العلماء الفقهاء ثم ساقته المقادير لتونس المحروسة وصارت به مأنوسة واشتهر بالعلم والفضل وبعد صيته وصار من شيوخ الطبقة الأولى بجامع الزيتونة وتصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وختم المختصر مرات وانتفع به الكثير وحصلت بركته قرأت عليه بعضاً من شرح الخرشي على المختصر وتوفي في صفر سنة 1309هـ[1891م] وحضرت جنازته وكانت مشهودة. 1661 - شيخنا أبو الفلاح صالح بن فرحات التبرسقي ثم التونسي: فقيهها ومفتيها المقرئ الجامع لشتات الفضائل فريد محاسن الشمائل، كان يحاضر في الأدب وينظم الشعر وينثر الرسائل. أخذ عن أعلام منهم الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ البنا والشيخ ابن ملوكة وهو عمدته، قرأت عليه أوائل الرسالة وقد أنهكه المرض وعشر الثمانين تولى الفتيا بعد أن كان قاضياً بباردو، وتوفي وهو عليها سنة 1309هـ[1891م]. 1662 - شيخنا أبو عبد الله محمَّد البشير التواتي: شيخ القراء والإمام الأول في فن القراءات وعليه المعول الفقيه الموثق الفرضي المدقق المشارك المحقق مع فضل ودين متين. أخذ القراءات عن الشيخ محمَّد بن إدريس عن الشيخ المشاط الأندلسي التونسي المتوفى سنة 1245هـ عن الشيخ حمودة بن محمَّد بن إدريس الشريف الحسني عن الشيخ محمَّد الحرقاني المترجم له فيما سلف بسنده وأخذ العلوم عن أعلام منهم أبو الفلاح صالح النيفر ومدحه بقصيدة عند ختمه مختصر السعد وعنه غالب القراء بتونس منهم الشيخ محمَّد بن يالوشه والشيخ محمَّد المولدي بن عاشور والشيخ البشير السقاط قرأت عليه روايتي ورش وقالون وشرح الجزرية له تأليف في التوثيق متداول. توفي في رمضان سنة 1311هـ[1893م]. 1663 - أبو عبد الله محمَّد ويدعى حمدة الشاهد التونسي: عالمها وفقيهها وشيخ الجماعة ومفتيها خاتمة المحققين من أكابر أئمة الدين كان فقيهاً علامة إليه المرجع في مشكلات النوازل ومعضلات المسائل وكان متفنناً تقياً خاشعاً نقياً

خاضعاً، أخذ عن الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ البنا والشيخ ابن ملوكة وجماعة، وعنه ابنه محمَّد الصادق والشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ محمَّد الطاهر النيفر وأخوه محمَّد الطيب والشيخ أحمد الشريف وغيرهم مما هو كثير. توفي وهو يتولى الفتيا في ذي القعدة سنة 1311هـ[1893م] وعمره نيف عن التسعين. 1664 - أبو عبد الله محمَّد الطاهر ابن الشيخ محمَّد النيفر: الأكبر الشريف دوحة المجد اليانعة الأغصان وكعبة السيادة الثابتة الأركان إمام الأئمة والمثل السائر في بعد الصيت وعلو الهمة من خيار الخيار عظيم الأبهة والوقار ومن سراة الرجال سؤدداً وحشمة ومن خيار القضاة عفة وصرامة. كان بصيراً بالمذهب وفروعه ضابطاً لقواعده عارفاً بصناعة الأحكام فصيح اللسان نشأ في عفاف وصيانة وتقى وديانة يحمل العلم عن جلة من شيوخ الملة منهم والده والشيخ حمدة الشاهد والشيخ إبراهيم الرياحي أقرأ العلوم وتخرج بين يديه فحول منهم الشيخ محمَّد غيلب والشيخ محمَّد الماني تولى القضاء بعد التسعين ومائتين وألّف فركب مطية العدل وسلك سبيل أهل الفضل إلى أن توفاه الله سنة 1311هـ[1893م] وعمره نحو السبعين عاماً. 1665 - عمه الشقيق محمَّد بالفتح النيفر: الأستاذ المقتدى بأثره المهتدى بأنواره. إمام محراب العلوم الوسيعة وخطيب منبر البلاغة التي أضحت إليه مذعنة ومطيعة عمدة المحققين قديماً وحديثاً وملاذ المدققين تفسيراً وحديثاً كانت أوقاته معمورة بالتدريس والإفادة والتلاوة، تولى القضاء ثم الفتيا ثم صرف عنها. أخذ عن أعلام منهم أخواه محمَّد وصالح والشيخ ابن ملوكة وتصدى للتدريس كالتفسير وغيره وأتى بكل نفيس، أخذ عنه جماعة منهم ابنه حميدة والشيخ محمود بن محمود ونجب في عقبه أعلام صاروا من أكابر المدرسين وأعاظم النابغين. توفي في المحرم سنة 1312هـ[1894م]. 1666 - أبو عبد الله محمَّد بن خليفة المدني المسعودي: أصله من تونس من أولاد الرقاع الفقيه الأديب المسند الرحال الواسع الاطلاع رحل إلى المدينة ثم مصر والقيروان والمنستير وتونس والجزائر وفاس ومراكش والصويرة والرباط ومكناس وغيرها. أخذ عن أعلام وأسند عنهم منهم الشيخ رحمة الله صاحب إظهار الحق والشهاب أحمد دحلان المتوفى بمكة سنة 1304هـ ومفتي المالكية بمصر

الشيخ محمَّد الأنبابي والشيخ إسماعيل الحامدي مفتي المالكية بمصر أيضاً والشيخ عبد الهادي الأبياري المصري والشيخ محمَّد بوهاها القيرواني والشيخ محمَّد الجدي المنستيري والشيخ محمَّد النجار والشيخ الطيب النيفر وغيرهم من أعلام المشرق والمغرب مما هو كثير وكانت له عناية بالرواية وجمع الكتب. توفي بمكناس سنة 1313هـ[1895م]. 1667 - أبو عبد الله محمَّد الطاهر ابن الشيخ المدرس محمَّد السقاط التونسي: الإِمام الفقيه الفاضل العالم العامل الزكي القدوة المعتقد المجاب الدعوة. أخذ عن والده وغيره وتدرج في خطط نبيهة منها قضاء الفريضة وشاهد أول على بيت المال ومدرس بجامع الزيتونة وتصدى للتدريس ثم طرأ عليه ما أعجزه عن الخروج من داره فمكث على ذلك الحال مدة تقرب من أربعين سنة وقصده الناس بالزيارة تبركاً. وتوفي سنة 1314 هـ[1896م]. 1668 - شيخنا أبو العباس أحمد بن الأكتب الشيخ محمود بو خريص التونسي: من أحفاد الشيخ أحمد بو خريص المتقدم الذكر نشأ هذا الفاضل في بيت مجادته نجماً في أفق سعادته العلامة معدن الملح والطرف وينبوع النكت والتحف، كان مبرزاً زاكياً متفنناً ذكياً مع الجد والاجتهاد في طاعة رب العباد. أخذ عن الشيخ حمدة الشاهد والشيخ الشاذلي بن صالح والشيخ ابن ملوكة وغيرهم أقرأ العلوم وتخرج عليه جماعة قرأت عليه نحو النصف من شرح الشيخ التاودي على التحفة تولى الفتيا وتوفي وهو عليها سنة 1316هـ[1898م]. 1669 - أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ أبي الحسن السقا السوسي: العلامة الفاضل كان ذكياً مع دهاء ودماثة أخلاق وجاه لم يشاركه فيه أحد نشأ في بيته المشهور بالعلم والتقوى وتأدب بأبيه وعمه المترجم لهما فيما سلف. وأخذ عنهما وعن أعلام منهم الشيخ الطاهر بن عاشور بعث إليه أبو العباس بن أبي الضياف كتاباً وصفه فيه بقوله علم القضاة وصاحب الخلال المرتضاة ومحل التقوى وركن العلم الأقوى. وبعث إليه صديقه حامل لواء العلوم والمعارف الشيخ مصطفى رضوان كتاباً قال فيه ذو الحسب الأربى والعلم الذي أحرزه وراثة وكسباً الفاضل ابن الفاضل لا تنتهي إلى عد ولا يوقف بها على حد، ناهيك بمَن جمع بين العلم والتقى وانتظمت في سلك حلاه درر الفضائل نسقاً إلى آخره. تولى الخطابة والإمامة بالجامع الكبير بسوسة وتولى التدريس به وبمدرسة الزقاق. وممن أخذ عنه حفيده الشيخ عبد الحميد السقا قاضي سوسة في هذا الوقت، تولى خطة القضاء سنة 1276هـ وتوفي عنها سنة 1316هـ[1898م] مولده سنة 1235هـ.

1670 - أبو عبد الله محمَّد ابن القاضي بجبل المنار عثمان ابن قاضي الجماعة محمَّد السنوسي: المترجم له فيما تقدم ماجد كتبت في المجد وثائقه وفاضل تشبثت بالفضل علائقه بحر المعارف وبدر اللطائف وكعبة أرباب الكمال الأديب الشاعر المؤلف المؤرخ الرحال. أخذ عن الشيخ قابادو والشيخ صالح النيفر والشيخ سالم بو حاجب وهو عمدته وغيرهم. أقرأ العلوم وأفاد وأجاد وتولى الخطط النبيهة بالوزارة وغيرها وألّف تآليف منها جمع الدواوين التونسية احتوى على أشعار فضلاء التونسيين وجمع شعر شيخه قابادو في ديوان ودرة العروض وشرحها كشف الغموض ومسامرات الظريف ترجم فيها لبعض فضلاء تونس وله رحلة حجازية حافلة وتحفة الأخيار في مولد المختار والمورد الأمين بذكر الأربعين أصحاب الإِمام الشاذلي والاستطلاعات الباريزية وتأليف في القانون العقاري وله ديوان شعر رائق، رحل للحجاز والآستانة وإيطاليا وفرنسا. مولده سنة 1267هـ وتوفي سنة 1317هـ[1899م]. 1671 - شيخنا أبو عبد الله محمَّد الصادق ابن الشيخ المفتي حمدة الشاهد: صدر العلماء وعالم الفضلاء وقدوة الفقهاء كان إماماً في كثير من الفنون وأمتنها الفقه. أخذ عن والده وانتفع به وعن غيره. وعنه جماعة، قرأت عليه نحو النصف من شرح الشيخ التاودي على التحفة والحطاب على الورقات وأوائل جمع الجوامع. تولى خطة الفتوى وتوفي وهو عليها سنة 1320 هـ[1902م]. 1672 - شيخنا أبو محمَّد حسين ابن رئيس المفتين الشيخ أحمد بن حسين التونسي: عالمها ومفتيها الأستاذ الذي ختمت بعصره أعصر العلماء الأعلام وأصبحت عوارفه كالأطواق في أجياد الليالي والأيام، آية الله تعالى في التفسير والمعجزة الظاهرة في التحرير والتقرير من روى حديث الفخار مسلسلاً ونقله مرتباً مرتلاً العلامة الإِمام ومَن فيه تؤخذ الأحكام والمفروض والمسنون وتقتبس أنواع الفنون مع مكارم الأخلاق وحسن الشيم وعلو الهمة وقول الحق واتباع الصدق وحب السنن وتجنب المنن وحسن السيرة وحلم السريرة وبهاء المنظر وكمال المخبر ذا هيبة ووقار وأناة واستبصار وبالجملة فهو فرد عصره لفضله وعلمه وذكائه وفهمه. نشأ في عفاف وصيانة وتقى وديانة. أخذ عن والده وانتفع به وأجازه بما في ثبتي

الأمير والصباغ وعن الشيخ العفيف والشيخ الشاذلي بن صالح وغيرهم. تصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وتخرج عليه كثيرون ونغ به أفاضل فائقون منهم حمودة تاج وأخوه الشيخ عبد العزيز والشيخ محمَّد بن يوسف وشيخ الإِسلام أحمد بيرم والشيخ صالح الشريف والشيخ محمَّد الصادق النيفر وأجازه وغيرهم مما هو كثير وبالجملة فإنه محط رحال الآمال وكعبة أرباب الكمال. قرأت عليه قراءة تحقيق الرسالة بشرح أبي الحسن وعند الختم قلت قصيدة وبيت التاريخ: ودونك قولي يوم ختم مؤرخ ... حسين فريد العصر بر حلاحل وبعد قراءتها أخذه مني ودعا لي بخير وقرأت عليه المختصر مرتين بشرح الدردير وشرح التاودي على التحفة والقطر بشرح مؤلفه والماكودي والأشموني على الخلاصة تولى الفتيا وتوفي وهو عليها سنة 1323 هـ[1905م] ورثاه تلميذه شيخنا حمودة تاج بقصيدة غراء بها نحو الأربعين بيتاً أولها: يبادر وهمي سائلاً هل أتى الأمر ... وهل كورت شمس الهدى أوهوى البدر وآخرها بيت التاريخ: وطاب مكان صرت فيه مؤرخا ... هو العلم يوم السبت طاب به القبر وفي رجب من السنة توفي مفتي صفاقس وفقيهها وشاعرها الشيخ محمَّد طريفة. 1673 - أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ محمَّد القزاح: الشريف المساكني كان فقيهاً فاضلاً عالماً عاملاً من أعلام الزهاد وأكابر الصوفية العباد مع اليقين والصلاح والدين المتين. أخذ عن الشيخ العذاري وبه تفقه وانتفع به وهو أخذ عن الشيخ ابن الصغير وهو عن ابن خليفة وهو عن الشيخ النوري وأجازه إجازة عامة بما تضمنه فهارس هؤلاء الشيوخ الثلاثة المتقدم الإشارة إليها في تراجمهم، وعنه أخذ جماعة منهم ابنه عبد القادر وقام مقامه في التدريس وأجاز الفقيه العالم الشيخ علي بلعيد قاضي جمال بما أجازه به شيخه المذكور وكنت اجتمعت به تبركاً ورأيت عليه سمة الصالحين وقد أنهكه المرض وعشر التسعين ولذا لم أستجزه واستجزت أخانا القاضي المذكور وأجازني بما أجازه به. مولده سنة 1238هـ وتوفي سنة 1323 هـ[1905م] وكانت جنازته مشهودة نفر إليها الكثير من أهل الساحل وكنت ممن حضرها. 1674 - أبو العباس أحمد ابن الحاج موسى ابن الحاج قاسم بن عبد الرحمن

موسى مخلوف الشريف: يرجع نسبه إلى جدنا الشيخ عمر مخلوف الآتي ذكره. قرأ هو وأخوه أبو عبد الله محمَّد القرآن العظيم بالمنستير ثم توجها للحاضرة بقصد قراءة العلم الشريف فأما أبو عبد الله محمَّد فأخذ القراءات وختمه بالسبع عن الشيخ المكني وغيره وأتقنه غاية رواية ودراية وأجازه في ذلك وله مشاركة في النحو والفرائض وبراعة في الخط والإنشاء وكان شعلة في الذكاء من أعيان العدول المبرزين ملازماً لتلاوة القرآن إلى أن توفي في ذي الحجة سنة 1314هـ[1896م]. 1675 - وأما أبو العباس: صاحب الترجمة فكان علامة متفنناً في العلوم جامعاً لشوارد المنطوق والمفهوم بارعاً في المنظوم والمنثور غير أن نثره أجل من نظمه. له ملكة تامة في التوحيد والحديث والفقه واللغة والنحو والتوثيق مع المشاركة الحسنة في غيرها لا سيما الأدب ويكاد يكون حافظاً لعمدة ابن رشيق وديوان المتنبي إلى براعة في الخط والرسم. أخذ عن أعلام منهم الشيخ محمَّد بن سلامة والمحدث جار الله الشيخ عبد الله الدراجي والشيخ محمَّد البنا وتولى الإشهاد سنة 1266هـ ثم الفتيا بالمنستير سنة 1284هـ وامتحن بالإبعاد لطرابلس وأقام هناك سنين وذلك في اتهامه مع جماعة من أعيان رجال الدولة بالتداخل في نازلة خروج المولى العادل باي عن طاعة أخيه المشير محمَّد الصادق باشا باي ولما انتهت تلك النوبة وتقرر الرجوع والأوبة إلى المنستير مسقط رأسه ومجمع أهله وأنسه قدم إليها ثم صدر له ظهير في سنة 1298هـ بتجديد أمر الفتيا بها وتصدر للتدريس بالمدرسة الخليفية فاجتهد وأبدع وأفاد وأجاد وانتفع به جماعة منهم الشيخ المفتي بالمنستير حسن الخيري المتوفى سنة 1334هـ وكان له قلم بارع في الفتوى وتنزيل الفقه على الجزئيات وفتاويه تدل على سعة الاطلاع وطول الباع حكى لي ابنه المذكور أنها مدونة محفوظة عنده كما حكى أنه كثيراً ما تجري بينه وبين والده مساجلات في أغراض شتى يقصد بها تمرينه على الأدب والوقوف على كلام العرب من ذلك أنه أمره يوماً أن يراجع له لفظ البهكن من القاموس قال: فأخذته وتلوت عليه عبارته وهي قوله البهكن كجعفر الشاب الغض وهي بهاء فقال دع هذا وقيل شيئاً تضمنته هاته الكلمة فقلت "هذا الأغن البهكن" فقال على البديهة "وصاله لا يمكن" فقلت "بي قد تمكن حبه" فقال "وسلوه لا يحسن" قلت: وقد كنت ميالاً للأدب ونظم الشعر وتتبع كلام العرب ثم اجتمعت به وسألني رحمه الله عن دروسي فأجبته عنها ومنها الأدب وقول الشعر فأجابني دع الشعر فإن سوقه غير نافق واجتهد في العلوم الشرعية المفيدة دنيا وأخرى فوقع مني كلامه موقعاً وتركت الشعر بتاتاً. توفي عن سن يناهز الثمانين سنة 1323هـ[1905م].

1676 - الوزير رئيس الكتاب المشهور صدر الصدور أبو عبد الله محمَّد العزيز بو عتور: تقدم ذكر نسبه وأنه قرشي من بني أمية وزاويتهم بصفاقس مشهورة وبيته معروف بالعلم والنباهة وهذا الفاضل نشأ في بيت مجادته قمراً في أفق سعادته جامعاً للفضائل ناظماً برأيه محاسن الشمائل قطب ذلك السياسة ومركز دائرة أرباب الرئاسة فصيح القلم كريم الأخلاق والشيم مع رأي صائب وفكر ثاقب وعلم ووقار وإناءة واستبصار أخذ عن أعلام منهم الشيخ إبراهيم الرياحي والشيخ ابن ملوكة تردد في الخطط النبيهة بالوزارة منها رئيس الكتبة ثم الصدارة سنة 1300هـ وقام بها بجد واجتهاد. وتوفي وهو على ذلك الحال ناسج على ذلك المنوال سنة 1325هـ[1907م] وقد ناف عن التسعين. 1677 - أبو عبد الله محمَّد المولدي بن محمَّد بن عاشور التميمي البو عثماني: من أحفاد الشيخ أبي عثمان صاحب الزاوية المشهورة بالساحل قرب الوردانين كان آية الله الباهرة في الذكاء والمحاضرة يقول الشعر ويجيده وحظه في العلم موفور وفي فن القراءات سعيه مشكور قدوة للطلاب في التوثيق والفرائض والحساب قد رجع علماء العصر إلى مقاله وعالهم بفرائد فوائده فأصبحوا في هاته الفنون من عياله تعاشرنا معه معاشرة صدق ووفاء وتواددنا وداد محبة وصفاء فهو أخو روحي وصديقها وريحان سريرتي وشقيقها قرأ القرآن ببلده منزل تميم ثم قدم الحاضرة وأخذ عن أعلام منهم الشيخ البشير التواتي. أخذ عنه فن القراءات وختم عليه بالسبع وأخذ العلوم عن الشيخ محمَّد جعيط والشيح المكي بن عزوز وغيرهما وتمهر في التوثيق وصار إماماً فيه وفي الفرائض ونظم في ذلك أرجوزة قرظها شيخه الشيخ المكي بن عزوز وغيره. توفي بأريانة ودفن بمقبرتها في رمضان سنة 1325هـ[1907 م]. 1678 - أبو محمَّد حسن ابن الشيخ محمَّد شبيل: الفقيه النبيه العالم أخذ عن الشيخ محمَّد بن ملوكة والشيخ محمَّد البنا وغيرهما. تولى الفتيا بالمنستير سنة 1266هـ ثم القضاء سنة 1280هـ ثم أعيد للفتيا سنة 1303هـ وتوفي عليها سنة 1325هـ وتولى القضاء عوضه الفقيه الفرضي الموثق الشيخ محمَّد الشريف الأنصاري من تلامذة الشيخ محمَّد الجدي ثم تخلى عنه وأعيد للفتيا وتوفي عليها سنة 1307هـ وتولى القضاء عوضه الفقيه النبيه الألمعي الشيخ عبد الحكيم العذاري الأكودي جاور

بالأزهر وأخذ عن بعض أعلامه ثم تولى الفتيا بسوسة سنة 1319هـ ثم القضاء بالمهدية سنة 1327هـ وتوفي وهو يتولاه سنة 1333 هـ[1914م] أما قضاء المنستير فتولاه كاتبه العبد الفقير. 1679 - شيخنا أبو الحسن علي الشنوفي: بحر المعارف وبدر اللطائف ومعدن المنح والطرف وينبوع النكت والتحف أديب زمانه وعالم أوانه فصيح العبارة حسن الإلقاء. أخذ عن أعلام كسالم بو حاجب ومحمد النجار وعمر ابن الشيخ والشاذلي ابن القاضي أقرأ العلوم وأجاد حتى صار من شيوخ الطبقة الأولى، وعنه أخذ مَن لا يعد كثرة له رسائل مكررة في أنواع من العلوم. توفي في صفر سنة 1326هـ[1908م]. 1680 - شيخنا أبو حفص عمر ابن الشيخ أحمد المعروف بابن الشيخ: من بلد رأس الجبل العلامة الأفضل الفهّامة الأنبل مفتي تونس ونواحيها وغيث واديها شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ المتكلم الجامع للمعقول والمنقول المحرر للفروع والأصول، كان في التحقيق غاية وفي حل المشكلات نهاية محط رحال الفضلاء ومقصد النبلاء أفرغ جهده في العلم والتعليم مع ذوق سديم فشاع بذلك فضله وذاع. دخل الجامع الأعظم سنة 1259هـ وقرأ على أئمة أعلام حتى انتظم في سلك الفضلاء أي انتظام من مشايخه الذين قرأ عليهم وجثا زماناً طويلاً على ركبتيه بين أيديهم محمَّد بن الخوجة ومحمد معاوية وإبراهيم الرياحي ومحمد الخضار ومحمد بن سلامة ومحمد البنا ومحمد بن ملوكة ومحمد الشاهد ومحمود قبادو وأحمد بن الطاهر محشي التاودي على التحفة وأجازه الشيخ محمَّد الشريف بما في ثبته والشيخ محمَّد الشاذلي بن صالح بما في فهرسته درس العلوم وختم الكتب العالية كصحيح مسلم بشرح النووي وشرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على المختصر والمواقف وأفاد وأجاد عمر فألحق الأحفاد بالأجداد وحضر دروسه مَن لا يعد كثرة وتخرج عليه طبقات فيهم فحول منهم حسين بن أحمد ومحمد النجار ومحمد القصار وعمار بن سعيدان وأحمد بن مراد والمكي بن عزوز وعلي الشنوفي وحمودة تاج وإسماعيل الصفا يحيى ومحمد بن يوسف وصالح الشريف وإبراهيم المارغني ومحمود بن محمود وغيرهم من هذا النمط وحسن سليم وأجازه بما في فهرسته الحافلة قرأت عليه الجوهرة بشرح البيجوري والماكودي على الخلاصة وشرح الشيخ عبد الباقي على المختصر من أثناء البيوع إلى الوديعة وصحيح مسلم

بشرح النووي من باب الجمعة إلى كتاب الحج وأجازني بما حواه ثبت الشيخ محمَّد الشريف المذكور كانت له محبة في الطلبة وبالخصوص تلامذته يذب عنهم ويقضي حوائجهم ولما عجز عن التدريس زهد في جرايته وأوقف أوقافاً خيرية عليهم له رسائل في مسائل من العلوم مفيدة تولى الوظائف النبيهة منها النظارة العلمية وقضاء باردو والفتيا. توفي عليها سنة 1329 هـ[1910م] مولده في حدود سنة 1237 هـ ترجم له ولوالده شيخنا الشيخ محمَّد النجار في مؤلف خاص. 1681 - شيخنا أبو الحسن علي عرف بابن الحاج: الفقيه النبيه العلامة الألمعي الفهّامة إليه الإشارة في الفصاحة وجزالة الألفاظ وسلاستها وبراعة المعاني ونفاستها من شيوخ الطبقة الأولى، أخذ عن الشيخ محمَّد حمدة الشاهد وغيره وعنه جماعة منهم الشيخ عبد العزيز الوزير من بيت نبيه بالحاضرة وكان من أعلام الفقهاء الفضلاء، رحل للحجاز وجاور بالمدينة المنورة ونال حظوة بها وجاهاً إلى أن توفي بها في حدود سنة 1337 هـ ومنهم العبد الفقير قرأت عليه شرح التاودي على التحفة وشرح ميارة على الزقاقية من أوله إلى منتصفه وطرأ عليه مرض انقطع بسببه عن التدريس لازمه حتى توفي في حدود سنة 1330 هـ[1911م]. 1681مكرر- أبو عبد الله محمَّد ابن رئيس المفتين الشيخ محمَّد الطيب النيفر: العلامة الفقيه الماهر الفهّامة النبيه المؤرخ الشاعر كان ذا ذهن وقاد وفكر نقاد جميل المشاركة في العلوم شديد الحرص على إحياء الرسوم، قرأ على جماعة منهم والده ولازمه ملازمة تامة وأخذ عنه الحديث وغرائب الملح وانتفع به وتهذب وحصلت له بركته ولما امتلأ وطابه لازم التدريس حتى صار من شيوخ الطبقة الأولى وانتفع به جماعة، ألّف تاريخ حسن البيان فيما بلغته إفريقية في الإِسلام من السطوة والعمران في مجلدين برهن على اطلاع وأرجوزة موسومة بمرصع الزاج في سلسلة واسطة التاج فيما إليه من عيون الحكم والوصايا يحتاج قرظها الكثير من العلماء. مات ولم يستوفِ أمد أقرانه سنة 1330 هـ[1911م]. 1682 - شيخنا أبو عبد الله محمَّد بن عثمان النجار: الكريم النجار الإِمام العلامة النظار خاتمة العلماء الكبار المحققين الأخيار الذي لم تسمح بمثله الأدوار ولم يأتِ بشبهه الفلك الدوار مهذب مباحث الجهابذة ومحرر دلائل الأساتذة لسان

المتكلمين وحجة الناظرين وبستان المفاكهين كان مولعاً بالمطالعة جمّاعاً للدواوين زوّاراً للعلماء والصالحين عالماً بالإنساب وتراجم المؤلفين متبحراً في العلوم النقلية إماماً في العلوم العقلية يتصل نسبه بالشيخ أبي محمَّد عبد السلام بن مشيش الشريف الإدريسي الحسني وأمه بنت الشيخ محمَّد قبادو والد أبي الثناء محمود المترجم له في الماضي فهو شريف الطرفين كريم الأصلين اعتنى والده بتأديبه فحفظ القرآن وأخذ عنه مبادئ العلوم وكان يؤثره على سائر بنيه ولما توفي والده سنة 1266 هـ كفله أخوه للأب الشيخ صالح تحت إشراف خاله أبي الثناء المذكور وبأثر ذلك التحق بتلامذة جامع الزيتونة فأتقن وجوه رواية القرآن وتفرغ بجده واجتهاده لتحصيل العلوم ولم تشغله عوائق الدهر عن نيل مراده وأخذ عن أعلام مبرزين وأئمة مهتدين كمحمد النيفر الأكبر وأخيه صالح والشيخ عاشور ومحمد الطاهر بن عاشور ومحمد البنا وعلي العفيف وجار الله عبد الله الدراجي ومحمد الشاذلي بن صالح وخاله محمود قبادو واستمر على كده وجده حتى صار نادرة عصره وواحد مصره حفظاً وتحصيلاً وإتقاناً وتصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وختم الكتب العالية كشرح الشيخ عبد الباقي على المختصر والعضد على أصلي ابن الحاجب والمغني والمطول والقطب على الشمسية والصحيحين والموطأ والشفا والمواهب وتفسير القاضي البيضاوي بلغ فيه سورة آل عمران وغير ذلك مما يطول ذكره في فنون شتى وتخرج عليه الكثير من فحول العلماء منهم ابنه بلحسن وأجازه وحمودة تاج ومحمد بن يوسف وإسماعيل الصفايحي وعلي الشنوفي ومحمود موسى، قرأت عليه الصغرى والعضدية في آداب البحث، له مؤلفات غاية في التحصيل والإفادة منها ما أملاه على أهم أبواب صحيح البخاري بمناسبة أختامه الرمضانية بمسجدي الشيخ أحمد بن عروس والحرمل التي لا تقل عن سبعين موضوعاً ولو جمع لكان مؤلفاً مفيداً ومجموع الفتاوى نحو ثمانية مجلدات وبغية المشتاق في مسائل الاستحقاق وشمس الظهيرة في مناقب وفقه أبي هريرة رضي الله عنه قصد به الرد على بعض المتفقهة القائل بسلب الاجتهاد عن هذا الصحابي الجليل ورسالة في حكم الحاكم المالكي بتأبيد حرمة المدخول بها في العدة وتأليف ممتع سماه تحرير المق الذي أحكام رؤية الهلال وله تقريرات على السيد على المواقف وتفسير البيضاوي والمطول وشرح الجلال المحلي على جمع الجوامع وغير ذلك، جمع رحمه الله مكتبة مهمة نادرة الوجود بشمال إفريقية حوت من المخطوطات أمهات عزيزة الوجود وبما أضافه إليها ابنه الشيخ بلحسن صارت لا تقل عن ألفي مجلد، كان عصامي النفس عالي الهمة لا يحتفل بالوظائف ولا بالوجاهة لدى أهل الحل والعقد ولذا كانت المعالي تخطبه

والرتب السامية تحن إليه حنين الكفؤ لكفؤه ففي سنة 1271 هـ أسندت إليه خطة العدالة وفي سنة 1284 هـ صار مدرساً من الطبقة الثانية وارتقى للطبقة الأولى سنة 1287 هـ وأسندت إليه رواية البخاري بمقام الشيخ أحمد بن عروس وفي سنة 1311 هـ أسندت إليه إمامة مسجد الحرمل ورواية الحديث به وفي سنة 1313 هـ زفت إليه الفتوى فقام بها أحسن قيام وحمده الخاص والعام وتوفي عليها عالي الكعب آمن السرب في الخامس والعشرين من رمضان سنة 1331 هـ[1912 م]. 1683 - أبو المحاسن يوسف بن أحمد بن عثمان جعيط التونسي: من بيت نبيه العلامة الفقيه النبيه الفهّامة النحرير المطلع الخبير النقاد البصير الوزير الخطير، كان كريم الأخلاق طيب الأعلاق عالي الهمة، أخذ عن أئمة منهم محمَّد النيفر الأكبر وعلي العفيف ومحمد الطاهر بن عاشور وتصدى للتدريس وأفاد وأجاد ثم انتظم في سلك الوزارة وتدرج في الخطط النبيهة حتى بلغ الصدارة فهو وزيرها الأكبر وعلمها الأشهر، له شرح على ما دار بين الخليفتين سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر وبين سيدنا أبي عبيدة رضي الله عنهم ورسالة في حكم القاضي المالكي بتأبيد حرمة المتزوجة في عدتها بأنه يجري مجرى الفتوى وللحاكم الحنفىِ أن يحكم بخلاف ذلك. مولده سنة 1247 هـ وتوفي على صدارته سنة 1333 هـ[1914 م]. 1684 - أبو عبد الله محمَّد القصار: كان من العلماء الأخيار فصيح العبارة حسن الاستحضار عالماً جليلاً فقيهاً نبيهاً نبيلاً يته بتونس نبيه وسلفه لهم ذكر في التاريخ والتآليف العلمية كبيت الرصاع وبيت القلشاني وبيت العصفوري وبيت الغماد وتداول بنو هذا البيت الخطط النبيهة بالجامع الأعظم، أخذ عن أعلام منهم الشيخ سالم بوحاجب والشيخ عمر ابن الشيخ تصدى للتدريس وأفاد وأجاد وانتفع به جماعة وصار من شيوخ الطبقة الأولى ثم تولى قضاء الحاضرة فحمدت سيرته وزكت سريرته. ومن مآثره الخالدة ثبوت رؤية الأهلة بالتلغراف بشروط مقررة في منشور بعثه لقضاة الجهات مؤرخ في شعبان سنة 1328 هـ موافق عليه من طرف الدولة ثم تخلى عن القضاء سنة 1331 هـ وتولى الفتيا وتوفي عليها سنة 1333 هـ[1914 م]. 1685 - أبو عبد الله محمَّد المكي بن مصطفى بن عزوز: المترجم لوالده وجده فيما مضى فهو إمام نشرت ألوية فضله على الآفاق وفاضل ظهرت براعة علومه فتحلى بها الفضلاء الحذّاق له عناية بالأسانيد والرواية واليد الطولى في العلوم

العقلية والنقلية والراحة البيضاء في تعاطي أنواع التعاليم الرياضية الرحَّال الأديب الشاعر اللغوي الأريب الماهر العارف بأشعار العرب وأخبارها والنوادر، أما التصوف فقد رزق فيه الذوق الغريب والحذق العجيب، كان عالي الهمة كريم الأخلاق مع كرم يضرب به المثل، اعتنى به والده وأحسن تربيته وأخذ عنه وورث سره. وعن غيره منهم الشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ بشير التواتي وأجازه بما حواه ثبته في القراءات وتولى الفتيا بنفطة ثم تخلى عنها وقدم تونس وتصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وانتفع به جماعة له رسائل كثيرة في فنون من العلم منها رسالة في الربع المجيب والسيف الرباني رحل للمشرق وأقام ببني غازي مدة ثم انتقل لمصر والحجاز والشام واجتمع بكثير من الأعلام واستجاز وأجاز وأفاد واستفاد وأخيراً استقر بالآستانة مرشداً وظهرت علومه وأسراره، وبها توفي في صفر سنة 1334 هـ[1915م]. 1686 - أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ حمودة بن أحمد بن عثمان جعيط: جمال العلماء وأستاذ الأدباء شيخ المحدثين والفقهاء، كانت أوقاته معمورة بالتدريس والإفادة والتلاوة والعبادة. أخذ عن الشيخ الشاذلي بن صالح والشيخ علي العفيف والشيخ حمدة الشاهد والشيخ صالح التبرسقي والشيخ الطاهر النيفر والشيخ سالم بو حاجب. وعنه جماعة منهم الشيخ محمَّد المولدي بن عاشور كان يقول الشعر له ديوان معظمه في مدح مقام النبوة؛ وله رسائل وتآليف منها اختصار أجوبة الشيخ عظوم وشرح البردة ورسالة في صلاة الوتر ورسالة في الأضحية وحاشية على التنقيح مفيدة طبعت في مجلدين وتقارير على صحيح مسلم وتأليف في تراجم علماء تونس مولده سنة 1268 هـ وتولى الفتيا سنة 1331 هـ وتوفي عليها في ربيع الأنور سنة 1337 هـ[1918 م] ورثاه شيخنا حمودة تاج بقصيدة غراء بها نحو الأربعين بيتاً: لك الله من خطب وما رد وارده ... ولا صدمنا بالفدا عنه واجده وآخر بيت التاريخ: وأن نتلقى فيك قول مؤرخ ... إلا في جنان الخلد أنت لماجده 1687 - أبو العباس أحمد ابن الشيخ محمَّد بن محمَّد بن عبد الكبير: وهلم جراً إلى الوصول إلى أصل الوجود - صلى الله عليه وسلم - فهو الإِمام فخر آل بيت السادات الكرام نقيب الأشراف دوحة الإنصاف ناهيك من صفوة صفت مشاربه وعزت مآربه

كان من الفقهاء وأعلام الفضلاء إمام الأئمة عالي الهمة مع جاه لم يشاركه فيه أحد غير أنه بخيل به، أخذ عن أعلام منهم علي العفيف وحمدة الشاهد والشاذلي بن صالح، مولده سنة 1251 هـ وتولى الفتيا سنة 1292 هـ ثم رياستها سنة 1302 هـ ثم الإمامة الكبرى بجامع الزيتونة سنة 1307 هـ وتوفي على ذلك عالي الكتب آمن السرب في جمادى الثانية سنة 1337 هـ[1918 م] وكانت جنازته مشهودة حضرها الأمير فمَن دونه ورثاه جماعة منهم شيخنا حمودة تاج بقصيدة بارعة بها سبع وأربعون بيتاً أولها: سابق الفردوس نجل المصطفى ... حل فيه باحتفال واصطفا وآخرها بيت التاريخ: إذا أتاك الفأل من مؤرخ ... سابق الفردوس نجل المصطفى 1688 - شيخنا أبو محمَّد حمودة بن محمَّد تاج: تاج الأذكياء والبلغاء ولسان الأدباء والشعراء بحر المعارف وبدر اللطائف ومعدن الملح والطرف وينبوع النكت والتحف ذو الفكر الثاقب والرأي الصائب والشعر الرائق والنثر البليغ الفائق مع كرم سجية ونفس أبية وما أدري ما أقول لأني عاشق له والعاشق معذور فيما يقول، تحمل العلم عن فحول لازمهم مدة مديدة واستفاد منهم علوماً عديدة منهم حسين بن أحمد وسالم بو حاجب وعمر ابن الشيخ والشاذلي ابن القاضي ومحمد النجار وعمار بن سعيدان، تصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وانتفع به جماعة، قرأت عليه الشيخ خالد على الأجرومية وشرح القطر لمؤلفه وشرح الماكودي على الألفية من أوله إلى منتصفه والسلم والكافي والسمرقندية ولامية الأفعال وفي أثناء قراءة القطر طرأ علىّ ما أوجب السفر إلى المنستير مسقط رأسي ومنبت غرسي ومجمع أهلي وأنسي وهو المرض الذي لوالدي عرض ولما بلغه الترحال بعث في الحال كتاباً يقول فيه بالحرف الواحد: الجناب الذي أنار بالأفق العلمي هلاله وحمدت في مدارجه خلاله فما برح فيومه خير من أمسه وفجره مؤذن ببلوغ شمسه، جناب أخينا الفاضل الشيخ سيدي محمَّد مخلوف أمنه الله من كل مخوف، أما بعد سلام يلطف مزاره ويترنم على دوح المودة هزاره، فقد بلغني النبأ الذي أجزعكم وأوجب جزعكم ما ألمّ بوالدكم عافاه الله من الألم وحكم بذلك رب اللوح والقلم وهو يا بني وإن ردع سر بي وكدر بشهادة سركم شربي إلا أني أرجو من الكريم سبحانه أن تنطفىء بعين الألطاف ناره وتمحى في قليل من الأيام آثاره: عسى الكرب الذي أمسيت فيه .... يكون وراءه فرج قريب

وكأني بالعافية وقد ضربت عليه قبابها وأذاقته بإذن الله لبابها والله المسؤول أن يصحب كتابي هذا بعاطر الأرج من نسيم السلامة والفرج لا مسؤول سواه. حرره حمودة بن محمَّد تاج في رجب سنة 1302 هـ. ثم انتظم المترجم في سلك العدلية وتدرج حتى صار رئيسها بالقسم الجنائي وتوفي عليها حميد السيرة طيب السريرة في صفر سنة 1338 هـ[1919 م] ورثاه صديقه الملاطف المملوء الوطاب بالآداب والمعارف العلامة الفهّامة الشيخ محمَّد بن يوسف المفتي الحنفي بقصيدة وبيت التاريخ: ودونك ما أمليت فيه مؤرخا ... إلا بعُلى الفردوس طالت منازله ورثاه تلميذه العلامة الشاعر المطبوع الحامل راية المنقول والمسموع أخبرنا الشيخ محمود موسى المفتي بالمنستير بقصيدة رائقة أولها: كدر الصفو عندنا من نعاك ... رفع الصوت جهرة وعناكا 1689 - أبو الفلاح الشيخ صالح الشريف: علامة الزمان واحد الأقران المشار إليهم بالبنان في المعارف والبيان زين الأكابر الأماثل ورأس الأعيان الأفاضل ومقصد الملتمس والسائل. كانت له في العلم منزلة عالية مع همة سامية غيوراً متين الدين شديد الحرص على مصالح المسلمين. أخذ عن جلة منهم الشيخ حسين بن أحمد وانتفع به وحصلت له بركته وحضر الدروس التي حضرتها عليه والشيخ سالم بو حاجب والشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ محمَّد بن يوسف والشيخ محمَّد النجار، جد في الطلب حتى بلغ الغاية في العلم والأدب وتصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وختم الكتب العالية وحصلت له بذلك منزلة سامية وصار من أعيان شيوخ الطبقة الأولى ونجب عليه جماعة صاروا من أعيان المدرسين وأعاظم النابغين منهم الشيخ محمَّد الطاهر بن عاشور والشيخ محمَّد الخضر بن الحسين والشيخ صالح المالقي والشيخ محمَّد ابن الحاج ثم تخلى عما لديه من الخطط النبيهة ورحل للمشرق وطاف البلاد واستفاد وأفاد وأقام بدمشق وبها ظهر علمه واشتهر فضله وفهمه ودخل الآستانة ومنح وظيفة مرشد ولما قامت الحرب على ساق بطرابلس بين تركيا وإيطاليا سنة 1329 هـ كان في صف المجاهدين ثم وضعت الحرب أوزارها بصلح تسبب عنه احتلال إيطاليا لها وبعد ذلك قامت الحرب الكبرى على ساق وكان في صف المقاتلين وبعد أن وضعت الحرب أوزارها استقر بسويسرة ومات بأحد

مستشفياتها في سبيل مطاوعة اغتراب في جمادى الأولى سنة 1338 هـ[1919 م] وحمل جسده لتونس ودفن بالجلاز. 1690 - أبو عبد الله الشيخ محمَّد النخلي القيرواني: العلامة الذي ليس له في عصره ثاني كان نقاداً خبيراً أستاذاً كبيراً ميّالاً لتحقيق المباحث نابغة شعلة في الذكاء وفي المحاضرة آية بالغة مع فصاحة التعبير والإجهار بما في الضمير، ذا همة عاصمية ونفس أبية كان يقول الشعر ويجيده. دخل جامع الزيتونة سنة 1304 هـ فأسهر جفونه واقتطف من أزاهر العلم أصوله وفنونه فبرز على الأقران وحمد الإصدار والإيراد في الرهان. أخذ عن شيوخ جلة منهم عمر ابن الشيخ وسالم بو حاجب ومحمود بن محمود وأحمد بن مراد والطيب النيفر ومصطفى رضوان ومحمد النجار. تصدر للتدريس وتخرج عليه الكثير من الفحول منهم من زان المناصب الشرعية والمحاكم العدلية والخطط التدريسية وبالجملة فإنه أستاذ متضلع وعالم متطلع من أعيان شيوخ الطبقة الأولى قضى جل عمره قراءة وإقراء وختم الكتب العالية في فنون شتى فشاع بذلك ذكره وارتفع قدره. توفي بتونس في رجب سنة 1342 هـ وكانت جنازته مشهودة حين إرادة حمل جسده للقيروان وكذلك بالقيروان ودفن بالجناح الأخضر ورثاه بعض طلبته بقصائد فرائد. 1691 - شيخنا أبو النجاة سالم بن عمر بو حاجب البنيلي: نسبة لقرية قرب المنستير من ذرية الشيخ شبشوب دفين الساحل وجده الذي ينتهي إليه نسبه هو الشيخ مهذب دفين عمل الصخيرة فهو الأستاذ الأكبر العلم الأشهر الذي أضحى إمام الأئمة الأعلام والحبر الذي قصرت عن استيفاء فضائله الأرقام والبحر الذي لا تكدره الدلاء ولا يدرك ساحله والبر الذي لا تطوى مراحله أمام المنقولات والمعقولات والمبرهن على حدودها وبراهينها والمقولات حلاّل المشكلات المرجوع إليه في المهمات حامل لواء البلاغة والنحو والأدب المطلع على أسرار كلام العرب سارت بأخباره الرفاق ونال من فضله علماء الآفاق إذا تكلم في المجالس أظهر من درر بحره النفائس وإن حرر أصاب شاكلة الصواب وأتى بفصل الخطاب وإن نظم أزرى بعقد الثريا وإن نثر أخجل زهر الروض الباسم المحيا آية الله الباهرة في التحرير والحجة البالغة في التقرير. كان زكي الأخلاق كريم المعاشرة

أنيس المحاضرة جميل المذاكرة، نشأ في حجر أبيه ساعياً فيما يعنيه وحفظ القرآن ثمّ جوده على الشيخ ابن رئيس ودخل جامع الزيتونة فأسهر جفونه واقتطف من أزاهر العلم أصوله وفنونه وأخذ عن أعلام مهتدين من أئمة الدين كأحمد عاشور قاضي باردو وابن ملوكة والخضار وابن طاهر وابن سلامة والشاذلي بن صالح ومحمد النيفر الأكبر وإبراهيم الرياحي ومحمد معاوية وكان غالب تحصيله على أبي الحسن العفيف وشيخي الإِسلام محمَّد بن الخوجة ومحمد بيرم الرابع وعمه مصطفى فامتلأ بالعلم وطابه وكثر لديه طلابه وانتصب للتدريس وأتى بكل نفيس وأفاد وأجاد وألحق الأحفاد بالأجداد ونجب عليه كثير من علماء الدين الذين صاروا من أكابر المدرسين وأعاظم النابغين انحصر جامع الزيتونة في تلامذته وتلامذة تلامذته فلا تجد طالباً إلا وله عليه شيخوخة إما مباشرة أو بواسطة فالزيتونيون عيال عليه ومرجعهم في العلم إليه فمن الفضلاء الأعلام الذين أخذوا عنه الشاذلي ابن القاضي ومحمد القصار ومحمد النجار وحسين بن أحمد ومحمود بيرم وابن أخيه أحمد وأحمد بن الخوجة ومحمد جعيط ومحمد بن يوسف ومحمد السنوسي وإسماعيل الصفائحي وجماعة من هذا النمط الذين لا يشق لهم غبار وظهروا ظهور الشمس في رابعة النهار. قرأت عليه الأشموني على الخلاصة وأوائل الموطأ وأوائل البخاري، ختم الكثير من الكتب العالية كالبخاري والموطأ والعضد على أصلي ابن الحاجب والمغني والمزهر والمطول وصحيح مسلم بشرح الإِمام أبي عبد الله محمَّد المازري المسمى بالمعلم ومدح بقصائد فرائد عند ختمها، جالس الأمراء والوزراء والعلماء والأدباء واجتمع بأعلام من أهل المشرق والمغرب واعترفوا له بالعلم والفضل كالشيخ محمَّد عبده والشيخ عبد الحي الكتاني والشيخ محمَّد يحيى الولاتي الشنجيطي. رحل لتركيا وفرنسا وإيطاليا في مهمات وأقام بإيطاليا نحواً من ست سنين بمعية صديقه أمير الأمراء حسين وزير المعارف وله في ذلك رحلة وكان العضد المتين والمرشد المعين لأمير الأمراء الوزير الأكبر خير الدين صاحب المزايا الخالدة المجيدة والمشاريع النافعة الحميدة وذكر بعضها في التتمة. من تآليفه أنه شارك في تحرير أقرب المسالك في معرفة أحوال الممالك وشرح على ألفية ابن عاصم الأصولية وتقريرات على البخاري ابتدأها من كتاب العلم وأضاف إليها أختامه الرمضانية وهي نحو السنين ختماً جامعة لغرر من المسائل مع ما فيها من التوفيق بين الشريعة المطهرة والتمدن العصري وله رسائل في كثير من الفنون وشعره كله عيون لو جمع لكان ديواناً وله ديوان خطب غاية في الإجادة خطبها في جامع سبحان الله فامتلأ المنبر بها نوراً واهتز سروراً وله تقارير على الأشموني على الخلاصة، تولى الخطط النبيهة

شرعية وإدارية منها التدريس بجامع الزيتونة ثم الفتيا سنة 1323 هـ ثم كبير أهل الشورى المالكية سنة 1337 هـ. مولده سنة 1243 هـ ولما قرب الأجل المحتوم نظم أبياتاً وهي آخر منظوم: ابني لا تأسوا لفقد أبيكم ... فرضاه يكفل بالمنى المستقبله ما مات من أبقى رجالاً مثلكم ... فحياتكم لحياته كالتكمله أوصيكمو بالاتحاد وإن تروا ... إخوانكم في البر مني مبدله وأوصى بكتب بيتين على قبره وهما: إلهي لا تقطع عن العبد ما به ... تعود من إحسانك المتجدد بإرشاده في خدمة العلم يرتجي ... لدى الحتف في تاريخه مرشد ومرشد اسمه الأول وفيه تاريخ ولادته لأنه توفي بعد التاريخ المذكور وهو سنة 1337 هـ[1918 م] بست سنين فيكون عمره تسعاً وتسعين سنة وتوفي عالي الكعب آمن السرب في ذي الحجة سنة 1342 هـ[1923 م] شهد جنازته الأمير والمأمور والخاصة والجمهور دفن والتأسف عليه بالغ غايته والتلهف نهايته وترك أبناء من رجال الكمال منهم ابنه المفضال العلم الحري بالتكريم والتبجيل أمير الأمراء أبو المودة خليل وزير القلم ثم أسندت إليه الصدارة فهو الآن وزيرها الأكبر وعلمها الأشهر ورثاه بعض تلامذته بقصائد منها قصيدة فريدة جادت بها قريحة أخينا العلامة الألمعي الفهّامة ذي الرأي الصائب والفكر الثاقب القاضي بعين دراهم الشيخ أبي عبد الله محمَّد بو شارب بها أبيات ومستهلها: عمر الفتى إن طال فهو قصير ... وسروره إن جل فهو حقير وحياته تحكي المنام وإنما ... ريب المنون لحلمها تعبير فيم الوقوف مع الظواهر وهي في ... نظر البصير إلى الفناء تصير ومنها: أمعلمي ما قد جهلت ومثقلي ... منناً ينوء يحملهن ثبير مهلاً فُديت فإن بين جوانحي ... قلباً يكاد إذا نأيت يطير من ذا أعاطيه العزاء وكل من ... فوق التراب إلى العزاء فقير لكنهم ألفوا السكون على الأسى ... ثقة بأنك في غد مسرور سر آمناً تقفوك ألوية الثنا ... سيرً مداه جنة وحرير وكواعب ما إن ظمئن وأكؤوس ... ما إن صرفن مزاجها كافور

من كف أمثلة الجمال كأنهم ... بين الحدائق لؤلؤ منثور ومقاعد للصدق يخفق حولها ... نور وملك فوق ذاك كبير هذا الجزاء وذا مقال مؤرخ ... مالت لإنسك في الجنان الحور 1692 - شيخنا أبو عبد الله محمَّد الطيب ابن الشيخ محمَّد النيفر الأكبر: العلم الأشهر بركة عصره وواحد دهره خاتمة المسندين والمحدثين وقدوة العلماء العاملين والفضلاء المحققين الحامل لواء مذهب مالك باليمين من أوعية العلم فروعاً وأصولاً معقولاً ومنقولاً كانت له عناية بالرواية ومنزلة سامية بالدراية نشأ في كفالة والده في مروءة وديانة وعفاف وأمانة وأخذ عنه وانتفع به وأجازه بما حواه ثبته وعن عمه صالح والشيخ البنا والشيخ محمَّد بن صالح بن ملوكة وأجازه والشيخ إبراهيم الرياحي وأجازه بما حواه ثبت الشيخ محمَّد الأمير وبما حواه ثبت الشيخ محمَّد عابد المسمى بحصر الشارد في أسانيد الشيخ عابد وأجازه أيضاً شيخ الإِسلام محمَّد بن أحمد بن الخوجة وشيخ الإِسلام الرابع محمَّد بيرم والشيخ أحمد دحلان شيخ مشايخ الحرمين في وقته المتوفى سنة 1304 هـ[1886 م] والشيخ منة الله الأزهري أحد تلامذة الشيخ الأمير وأجازه بما حواه ثبت شيخه المذكور والشيخ عمر الخطيب الأزهري والشيخ محمَّد الكتبي شيخ الإِسلام بمكة المكرمة والشيخ محمَّد كمون شيخ مشايخ رواق المغاربة بالأزهر وغيرهم اجتهد في خدمة العلم الشريف وحمل لواءه الزاهي المنيف فأقبل عليه وسعى سعي المحب إليه تصدى للتدريس وأتى بكل نفيس وأفاد وأجاد عمر فألحق الأحفاد بالأجداد، دروسه عذبة المورد مشتملة على آداب يلقيها وحكايات لطيفة يمليها بأبين بيان وألطف إشارة وأفصح عبارة وهي في الحقيقة درر وفرائد غرر وختم الكثير من الكتب العالية وأتى في إقرائها بما زاد في منزلته السامية كالموطأ والبخاري وشرح الزرقاني على المختصر والتاودي على التحفة تخرج عليه الكثير من فحول العلماء وأعيان الفضلاء منهم ابناه محمَّد المترجم له فيما مضى والأكتب الأنبه الأنبل الشيخ زين العابدين واستجازه جماعة منهم شيخنا محمَّد عبد الحي الكتاني وشيخنا بلحسن الجار وأجازه بما حواه ثبته قرأت عليه أوائل شرح التاودي على التحفة له أحفاد عقود سوددهم بالعلم اتسقت جواهره اتساقاً وبدوره لا تخشى كسوفاً ولا محاقاً له فتاوى غاية في التحرير وتقارير على البخاري في غاية الإجادة والتحبير تولى الخطط النبيهة منها التدريس من

الرتبة الأولى ثم القضاء ثم الفتيا فزانها بعلمه وفهمه ثم رياستها ولم يزل مشكور السيرة محمود السريرة إلى أن توفاه الله في 17 رجب سنة 1345 هـ[1926] م، مولده سنة 1247 هـ. وتولى عوضه رئاسة الفتوى العالم المشهور الشيخ أبو عبد الله محمَّد الطاهر ابن الشيخ محمَّد ابن قاضي الجماعة الشيخ محمَّد الطاهر بن عاشور المترجم لجديه في الماضي فهو الآن بتونس غيث واديها ومصباح ناديها وقطب رحاها وشمس ضحاها. 1693 - شيخنا أبو محمَّد بلحسن ابن الشيخ المفتي محمَّد النجار: العلامة النظار الفهّامة الذي لا يشق له غبار الكريم النجار فرد الدنيا في العلوم كلها الجامع لمنطوقها ومفهومها المالك لمجهولها ومعلومها واحد الدهر في التحصيل والذكاء وثقوب الفكر. نشأ في كفالة والده في أطيب وصف وأحسن رصف، أخذ عنه وبه تهذب وانتفع به وتأدب وأجازه كما أجازه الشيخ محمَّد الطيب النيفر والشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ المهدي الوزاني والشيخ أحمد بن محمَّد الخياط الفاسي بما في فهارسهم وبالجملة فإنه أخذ عن أساتذة أعلام حتى انتظم في سلك العلماء أيّ انتظام وامتلأ بالعلم وطابه وتصدى للتدريس فأكثر عليه طلابه وأتى في إقرائه الكتب العالية بالعجب العجاب بما يدل على أنه أخذ في الفنون بلب اللباب مع حسن التأدية والتفسير وسعة الملكة ولطف التقرير، إليه الإشارة في الفصاحة وجزالة الألفاظ وسلاستها وبلاغة المعاني ونفاستها جميل المعاشرة عظيم المذاكرة ولم يزل يرتع في رياض الفضائل ويطبق أصول المسائل على الدلائل حتى عمّ نفعه واشتهر وذاع وملأ الأسماع والبقاع، تخرّج بين يديه أساتذة فحول جهابذة أجازني بما حوته فهرسته، تولى التدريس من الرتبة الأولى ورواية الحديث بجامع الحرمل ثم حنت إليه الرتب السامية وخطبته وتعطشت إليه المناصب العالية وطلبته لفضائله المنتشرة الظاهرة حتى زفت إليه الفتيا عروساً فاخرة في ذي الحجة سنة 1342 هـ فحضرته الآن في الشهباء فارس ميدانها فضلاً وناظر إنسانها علماً وذكاءً ونبلاً مذكور بكل لسان ممدوح لكل إنسان حفظه الله وشكره.

فرع فاس

فرع فاس 1694 - أبو عبد الله محمَّد بن المدني جلون: العلامة الجامع لكثير من الفنون القدوة الفهّامة الكبير الصيت والباع المخصوص بالحظوة التامة ومزيد الارتفاع، كان معروفاً بالعدالة ذا مهابة وجلالة دؤوباً على الإرشاد ونصح العباد من أعيان الصوفية الزهاد انتهت إليه الرئاسة في الفقه، أخذ عن الشيخ محمَّد بن عبد الرحمن الحجرتي المختصر بسنده لمؤلفه وعن الشيخ محمَّد الصالح الرضوي والوليد العراقي وأبي بكر بن كيران والبدر الحمومي وعبد السلام بو غالب والطالب بن سودة وجماعة وانتفع بهم وحج وزار ولقي كثيراً من الفضلاء وتبرك بهم واستفاد منهم وبه انتفع الكثير من الشيوخ منهم محمَّد بن قاسم القادري والمهدي الوزاني له تآليف منها اختصار حاشية الرهوني على المختصر وحاشية على شرح بنيس على فرائض المختصر والدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة في آل البيت والزجر والأقماع في تحريم آلات اللهو والسماع نصيحة الأكياس فيما يتعلق بخلطة الناس وتأليف في الغيبة والنميمة والبهتان وحاشية على الموطأ وغير ذلك. توفي سنة 1302 هـ[1884 م] وكان الاحتفال بجنازته بالغاً الغاية. 1695 - أبو العباس أحمد ابن شيخ الجماعة محمَّد بن عبد الرحمن الفلالي الحجرتي الفاسي: قاضيها الإِمام العلامة الفقيه النحوي الفهّامة، كان ذا عفة ومروءة وحياء وأناة وسكينة وبهاء أخذ عن والده ومحمد جنون وغيرهما، وعنه محمَّد بن جعفر الكتاني وغيره. توفي سنة 1303 هـ[1885 م]. 1696 - أبو العباس أحمد بن الطالب بن سودة: قاضي الجماعة بمكناسة الزيتون العلامة الفهّامة المشارك في جميع الفنون فقه وأصول معقول ومنقول، أخذ عن أعلام من آل بيته وغيرهم، روى البخاري بأعلى سند يوجد عن الشيخ مصطفى

الجزائري عن الشيخ محمَّد الأمير عن الصعيدي عن عقيلة عن حسن العجمي عن أبي الوفاء العجل اليمني عن يحيى بن مكرم الطبري عن البرهان إبراهيم بن صدقة عن عبد الرحمن الفرغاني وكان عمره 140 عاماً عن عبد الرحمن محمَّد شاذبخت الفرغاني الفارسي بسماعه لجميعه بسمرقند عن أحد الأبدال أبي لقمان يبيح بن عمار بن مقبل وكان عمره 143 عاماً وقد سمع جميعه عن أبي عبد الله محمَّد بن يوسف البربري عن مؤلفه الإِمام البخاري، ودخل صاحب الترجمة تونس سنة 1268 هـ مع البعض من أعلام بيته وغيرهم واجتمع بأعلام واستفاد وأفاد وأجازه الشيخ محمَّد النيفر الأكبر بما صحت له روايته من الحديث الشريف إجازة عامة كما أجازه بذلك شيخ الإِسلام الرابع محمَّد بيرم المتقدم ذكره في ترجمة شيخنا عمر ابن الشيخ وحج في السنة بعدها، وأخذ عن أعلام بالحرمين الشرفين منهم الشيخ محمَّد بن علي السنوسي الخطابي الحسني الإدريسي وأجازه بجميع ما رواه من التآليف وبالمذاهب الأربعة والطرق وكتب له بذلك بخط يده وألبسه الخرقة وأذنه بالتلقين للأوراد، وعن صاحب الترجمة أخذ أعلام منهم شيخنا المهدي الوزاني وأجازه بمروياته في جمادى الأولى سنة 1304 هـ. لم أقف على وفاته. 1697 - أبو العباس أحمد بن أحمد البناني: شيخ الجماعة الإِمام في علوم المعقول في عصره المبرر فيها على جميع أقرانه من أهل مصره المسن البركة الكامل المحدّث الأصولي الفاضل العلامة المحقق المشارك المدقق، أخذ عن جلة منهم الوليد العراقي وعبد السلام بو غالب واظب على التدريس والإفادة والتحقيق والإجادة وتخرج به جماعة من الأعيان منهم محمَّد جعفر الكتاني حضر مجلسه في الأصول والبيان والحديث وقرأ عليه أوائل الكتب الستة والموطأ وشمائل الترمذي وأجازه بها وبغيرها بالقول إجازة تامة بجميع مروياته كما أجازه أشياخه بالقول منهم الوليد المذكور وهو عن أبي بكر بن كبران وحمدون ابن الحاج وإدريس بن زيان العراقي ثلاثتهم عن الشيخ التاودي وحج وزار وحصل له هناك ظهور واشتهار وطال عمره توفي في جمادى الأولى سنة 1306 هـ[1888 م] وكان جنازته غاية في الاحتفال. 1698 - أبو عبد الله محمَّد الصديق بن أحمد الديسي: بيته شهير بالعلم والصلاح كان من العلماء الأفاضل والفقهاء الأماثل أخذ عن الشيخ محمَّد داود

والشيخ المازري بن أبي القاسم وعنه أبو القاسم محمَّد الحفناوي مؤلف تعريف الخلف. توفي سنة 1306 هـ[1888 م]. 1699 - أبو محمَّد الحاج صالح ابن الفقيه الحاج المعطي التادلي الفاسي: الفقيه العلامة الإِمام العارف بالتاريخ والمنطق والأصول الفهّامة كان محباً للمنتسبين زواراً للصالحين ميّالاً للمذاكرة والتصوف والمحاضرة أخذ عن الشيخ أحمد المنجرة والشيخ بدر الدين الحمومي والشيخ محمَّد بن عبد الرحمن الفلالي والحاج الداودي التلمساني وأجازه وجماعة وعنه جماعة منهم الشيخ المهدي الوزاني وأجازه. توفي سنة 1307 هـ[1889 م]. 1700 - أبو عبد الله محمَّد بن حمدون البناني: الفقيه الأجل الخير الزكي الأعدل العلامة المدرس الأفضل أخذ عن أعلام وتولى قضاء طنجة والصويرة وغيرها وأحسن الناس الثناء عليه. توفي سنة 1307 هـ[1889 م]. 1701 - أبو عبد الله محمَّد العربي بن محمَّد الهاشمي المدغري: الشريف الحسني الفقيه المرشد النبيه الشهير الذكر في الآفاق الواقع على جلالته وولايته الاتفاق العارف بالله الدال بحاله ومقاله على الله. أخذ عن الشيخ أحمد زويتين وانتفع به وورث سره. له تأليف في التعريف بشيخه المذكور. توفي في جمادى الثانية سنة 1309هـ[1891م]. 1702 - أبو عبد الله محمَّد المدعو العتيك بن محمَّد فاضل الشنقيطي: الحوصي منشأ المتوطن الساقية الحمراء كان ذا أدب وفقه ومشاركة في بعض العلوم ذاكراً خاشعاً قوّاماً صوّاماً خاضعاً أخذ العلم والأدعية والأوراد عن خاله الشيخ مصطفى ماء العين وبه ترقى وتهذب وتخلق وتأدب. توفي سنة 1310 هـ[1892 م]. 1703 - أبو محمَّد عبد القادر بن عبد الكريم الورديغي الشفشاوني: الفقيه العالم المستوسع البارع المحقق النحوي المطلع، كان حاد الذهن خيراً من المتواضعين كثير الدفاع والمناضلة عن المنتسبين لله سيفاً صارماً على المنكرين.

أخذ عن أئمة منهم عبد القادر بن عجيبة ومحمد المدني جنون، ألّف كتاب سعد الشموس والأقمار وزبدة شريعة النبي المختار في المذاهب الأربعة سالكاً فيه مسلك قوانين ابن جزي وكتاب بغية المشتاق لأصول الديانة والمعارف والأذواق ونهاية سير السباق إلى حضرة الملك الخلاق وسلوة الأخوان ونصرة الخلان للرد على أهل الجحود والعدوان وشرح نفيس على الصلاة المشيشية وشمس الهداية لتذكار أهل النهاية وإرشاد أهل البداية وهو في القضاء على المذاهب الأربعة وغيرهم من المذاهب ذوي الأحكام المتبعة وله غير ذلك. توفي سنة 1313 هـ[1895 م] بمصر وصلي عليه بالأزهر ودفن بمقبرة المجاورين. 1704 - شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حامد بن حماد بن محمَّد الكبير ابن أحمد بن محمَّد الصغير ابن محمَّد بن ناصر الدرعي: البيت الشهر بالمغرب بالعلم والولاية والعدالة والسؤدد والجلالة ترجمنا فيما تقدم للبعض من آل هذا البيت فهو العلامة النابغة آية في الذكاء بالغة رفيع النسب عين الأدب وترجمان لسان العرب الأستاذ الورع المؤرخ المطلع وحيد زمانه وفريد عصره وأوانه. أخذ عن أعلام منهم محمَّد محبوبة وانتفع به وعادت عليه بركته وأبو بكر محمَّد بن عواد، ختم عليه البخاري عشر مرات ومسلماً ثلاث مرات وغير ذلك من الكتب والفنون له تآليف دلت على فضل واطلاع ونبل، منها الاستقصى في أخبار المغرب الأقصى جمع فأوعى وشرح الأرجوزة المعروفة بالشمشقية أولها: مهلاً على رسلك حادي الأينق ... ولا تكلفها بما لم تطق قال: وهي من النظم الفائق والشعر البديع الرائق إبان منشئها وهو الأديب البليغ اللوذعي الأريب فريد الأوان الشيخ أحمد الونان عن باع طويل واطلاع غزير على أخبار العرب وأيامها وحكمها وأمثالها من حفظها وعرف مقاصدها أغنته عن غيرها من كتب الأدب اهـ وتقدم أنه مدح بها مولاي السلطان محمَّد بن عبد الله. ولد صاحب الترجمة سنة 1250 هـ وتوفي سنة 1313 هـ[1895 م].

1705 - أبو زيد عبد الرحمن بن يوسف بن أحمد بن محمَّد بن عبد القادر الفاسي: الفقيه العلامة الإِمام النبيه الفهّامة عمدة المحصلين وقدوة المحدثين مع الورع والدين المتين والاغتراف من عين اليقين. حفظ القرآن وجوّده رسماً وأداءً وقرأ العلم على أشياخ الوقت. مولده سنة 1254 هـ وتوفي سنة 1313 هـ[1895 م]. 1706 - أبو محمَّد عبد السلام بن علي بن عبد الله بن المجذوب الفاسي: المتقدم الذكر أحد الجهابذة المشهورين والأساتذة المذكورين. له وجاهة عند الملوك والأمراء وأعيان الفضلاء مع مروءة وتؤدة وجلالة وثقة وعدالة نشأ في كفالة والده وأخذ عن أبي عبد الله بدر الدين الحمومي وأبي العلاء البكراوي وأدرك جده أبا زيد المجذوب والعارف أبا حفص عمر بن المكي الشرقاوي وأجازه. توفي في جمادى الثانية سنة 1313 هـ[1895م]. 1707 - أبو زيد عبد الرحمن بن العباس العراقي الحسني: العالم الماهر المدرس الناظم الناثر. قرأ على أخيه محمَّد بن العباس والشيخ محمَّد قنون وغيرهما، له همزية عارض بها همزية البوصيري لم تكمل ومنظومة في آداب الدعاء وأخرى في التوحيد وأخرى في شمائل المصطفى وأخرى تائية في المديح وغير ذلك. توفي سنة 1314 هـ[1896 م]. 1708 - أبو المجد الطيب بن أبي بكر ابن الشيخ الطيب بن كيران: الشيخ الفقيه النوازلي فريد العصر والأوان وواحد الزمان كان يحفظ مختصر خليل على ظهر قلب ويلازم درسه وكان كريم النفس جواداً سخياً ضابطاً زكياً ذا همة علية ونفس أبية وكانت بينه وبين الشيخ جعفر الكتاني إلفة ومحبة. أخذ عن أبيه ومحمد بن حمدون ابن الحاج ومحمد بن عبد الرحمن الفلالي وأحمد المرنيسي، وعنه الشيخ محمَّد بن جعفر المذكور وغيره حج وزار وله في ذلك رحلة ضمنها مناسك الحج وله تآليف عديدة. مات في شعبان سنة 1314 هـ[1896 م].

1709 - أبو عبد الله الشيخ محمَّد مصطفى ماء العينين ابن الشيخ محمَّد فاضل الشريف الحسني الإدريسي الشنقيطي: الشيخ الشهير القدوة الكبير من ظهر ظهور شمس الظهيرة وانتشرت أياديه انتشار الكواكب المستنيرة صاحب التآليف الكثيرة والكرامات الظاهرة الأثيرة العلامة المشارك الذي لا يداركه في علومه من أهل عصره متدارك له أوراد وأدعية وأتباع كثيرون أخذ عن أعلام وعنه جماعة منهم ابن أخته أبو عبد الله العتيك الشنقيطي وأجاز جماعة منهم الشيخ المهدي الوزاني، كان حياً سنة 1320 هـ[1902م]. 1710 - أبو الفضل جعفر بن إدريس الحسني الكتاني: العلامة القدوة الفهّامة العمدة المحدث النظار الذي لا يجارى بعلمه وفهمه في كل مضمار، بيته بفاس معروف بالصلاح والعلم والعدالة والسؤدد والجلالة، وفي سلوة الأنفاس ذكر جماعة من آل هذا البيت. أخذ عن جماعة منهم أبو بكر بن الطيب بن كيران وعبد الهادي بن التهامي ومحمد بن حمدون ابن الحاج وأحمد المرنيسي ومحمد بن الطالب بن سودة وأخوه المهدي ومحمد بن عبد الرحمن المدغري. وعنه أخذ أئمة منهم ابنه محمَّد وابن أخته عبد الحي الكتاني، له تآليف منها الشرب المحتضر في أهل القرن الثالث عشر. وله فهرسة. توفي سنة 1323 هـ[1905 م]. 1711 - أبو الجمال محمَّد الطاهر بن عبد الكبير بن المجذوب الفاسي: المتقدم الذكر الإِمام الفقيه العمدة الفاضل الزكي القدوة المتفنن المحقق المتقين كان ذا همة عالية شديد الشكيمة لا تأخذه في الله لومة لائم تربى في حجر والده في مروءة وعفاف وصيانة وعدالة وأمانة. أخذ عن والده وأجازه وأبي عبد الله جنون وأبي العباس أحمد البناني وأبي عبد الله محمَّد بن عبد الواحد بن سودة وأبي القاسم محمَّد القادري وغيرهم وحج سنة 1287 هـ وأخذ عن أعلام منهم الشيخ السقا والشيخ دحلان والشيخ رحمة الله والشيخ حسن بن إبراهيم الأزهري مفتي المالكية والشيخ عبد الغني بن سعيد الدهلوي وأجازه بعضهم وأفاد واستفاد وتصدى

للتدريس. وأخذ عنه جماعة وانتفعوا به منهم ابناه محمَّد المهدي وعبد الحفيظ وأبو سالم عبد الله الأمراني وأبو الفيض الكتاني والمحدّث أبو الإقبال عبد الحي الكتاني والقاضي أبو عبد الله محمَّد بن الطالب الفاسي ومحمد بن إدريس القادري وأبو إسحاق إبراهيم بن محمَّد الكتاني وغيرهم عرَّف به ابنه عبد الحفيظ المذكور في تأليف خاص به وبسلفه. مولده سنة 1270 هـ وتوفي سنة 1324 هـ[1906م]. 1712 - ابنه محمَّد عبد الحفيظ: الإِمام النبيه العلامة المؤرخ المؤلف الفهّامة نشأ في كفالة والده في عفاف وصيانة وأخذ عنه وانتفع به وعن عمه أبي جيدة وخاله عبد الكبير الكتاني وعبد الرحمن المرادي وعبد الله الأمراني ولازمه وابن عمه القاضي محمَّد بن الطالب الفاسي والقاضي عبد السلام الهواري ومحمد بن قاسم القادري والشيخ الإِمام أبي العباس الخياط والمحدّث محمَّد بن جعفر الكتاني وعبد العزيز البناني وأبي عبد الله محمَّد جنون وأبي الفيض الكتاني لازمه وانتفع به وأجازه إجازة عامة كما أجازه أبو العباس أحمد بن سودة والقاضي عبد الله حميد، وأبو الفضل جعفر الكتاني والشيخ عبد الله بن إدريس السنوسي والشيخ ماء العين وغيرهم، كتب له بالإجازة أئمة من علماء الحرمين والشام والعراق والهند والآستانة وغيرهم ممن ذكرهم في معجمه الأقيانوسي وهو في مجلدين، ومن مؤلفاته الترجمان المعرب عن أشهر فروع الشاذلية بالمغرب والروضة المنيفة في نسب شيخه الكتاني وتأييد الحقيقة جواباً عن أسئلة مختلفة وأربع رسائل في إبطال المهدوية وشذور العجسد في ذيل عناية أولي المجد بذكر آل الفاسي بن الجد فرغ منه سنة 1329 هـ. قلت: وعنه اقتطفت هاته الترجمة وتراجم بعض فضلاء هذا البيت. وقوله الفاسي: أي لقباً. وقوله ابن الجد: هو أبو بكر محمَّد بن عبد الله بن الجد الفهري المالقي الأصل الإشبيلي الوفاة المترجم له في الطبقة الثانية عشرة وكان انتقال أحفاده من الأندلس إلى العدوة أواسط القرن التاسع الهجري وظهر منهم جماعة أشرقوا إشراق الأقمار وظهروا ظهور الشمس في رابعة النهار ترجمت لكثير منهم فيما سلف. 1713 - أبو جيدة بن عبد الكبير الفاسي: الفقيه المحدّث المسند الراوية المتفنن العالم المتقين كان جليل القدر واسع الصدر سالكاً سبيل الأخيار معمراً أوقاته بالتلاوة والأذكار كلامه حكم وأمثال ومواعظ واستدلال. أخذ عن والده

وشيخ الجماعة محمَّد بن عبد الرحمن وأبي العباس المرنيسي وعبد السلام بو غالب وأبي العباس بناني وأبي عبد الله جنون وأبي القاسم القادري وأبي حفص عمر بن سودة وغيرهم وحج سنة 1294 هـ ولقي أعلاماً وأجازه الشيخ دحلان والشيخ عبد الغني الدهلوي وابن أخيه الشيخ محمَّد بن مصطفى بن أحمد سعيد وغيرهم سمع منه جماعة منهم عبد الحفيظ بن محمَّد الطاهر وأجازه إجازة عامة والعلامة أبو العباس بن الخياط وأبو عبد الله محمَّد بن جعفر الكتاني، تولى خطابة القرويين بعد والده. مولده سنة 1270 هـ وتوفي سنة 1328 هـ[1910م]. 1714 - أبو القاسم محمد الحفناوي ابن أبي القاسم الديسي ابن الشيخ إبراهيم الشهير بالقعلول: من بيت عريق في الفضل والصلاح النبيه العلامة الفاضل المؤرخ المطلع الأديب الكامل. أخذ عن والده المتوفى سنة 1311 هـ[1893م] وأجازه وعن الشيخ محمَّد الصديق الديسي وغيرهما ألّف تعريف الخلف برجال السلف في مجلدين دلّ على نبل واطلاع وفضل فرغ منه سنة 1326هـ. 1715 - أبو عبد الله محمَّد بن يحيي الولاتي الشريف الشنجيطي: خاتمة المحققين وعمدة العلماء العاملين وحيد عصره حفظاً وعلماً وأدباً جامع لصفات الكمال موهوباً ومكتسباً بقية السلف وقدوة الخلف. أخذ عن أعلام رحل وحج ودخل تونس سنة 1315 هـ وأقام بها سبعة أشهر ولقي من الإقبال فوق ما يقال واجتمع في رحلته بكثير من رجال الكمال منهم الشيخ سالم بو حاجب واعترف كل منهما بالفضل لصاحبه وأخذ عنه جماعة منهم الشيخ محمَّد باش طبجي الحنفي وأجازه إجازة عامة، له تآليف كثيرة بين مطول ومختصر ورسائل منها شرح صحيح البخاري، ترجم له تلميذه الشيخ أبو العباس بن المأمون الحسني العلامة أحد أعلام علماء فاس وقال ما ملخصه: هو العلامة العلم الهمّام المهتم بتحرير العلوم أي اهتمام الحافظ الحجة السالك في اقتفاء السنة أوضح محجة أبو عبد الله الشيخ محمَّد يحيى الولاتي، وكان مع اشتغاله بالإفادة تأليفاً تعليماً يتجر في البر وغيره مع قدمه الراسخ في العلم والعمل. توفي في شعبان سنة 1330 هـ[1911م]. 1716 - أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ قاسم القادري الحسني الفاسي:

الأستاذ المحقق النقاد المؤلف المدقق ذو الهدى الواضح والذهن الوقاد الإِمام ابن الإِمام سلالة الأفاضل الأعلام آية الله في التحرير والتقرير. أخذ عن أعلام منهم والده ومحمد بن سودة وأخوه المهدي والشيخ التازي والمهدي ابن الحاج ومحمد المدني جنون أخذ عنه المختصر وهو عن محمَّد بن عبد الرحمن الحجرتي عن اليازمي عن محمَّد البناني عن محمَّد بن عبد السلام البناني عن الشيخ عبد القادر الفاسي بسنده، وعنه أخذ الكثير، له تآليف منها حاشية على شرح الشيخ الطيب بن كيران على توحيد المرشد المعين في مجلدين دل على اطلاع وفضل. توفي سنة 1331 هـ[1912 م]. 1717 - شيخنا أبو عبد الله محمَّد المهدي بن محمَّد بن خضر الحسني الوزاني الفاسي: مفتيها العلامة وفقيهها الفهّامة أستاذ الأساتذة وخاتمة العلماء المحققين الجهابذة صاحب التآليف المفيدة والرسائل العديدة العمدة الفاضل العارف بمدارك الأحكام والنوازل ومسائل المذهب والمنقول والمعقول. أخذ عن أعلام منهم محمَّد جنون ومحمد كنون والطالب حمدون ابن الحاج ومحمد بن عبد الرحمن الفلالي وأحمد بناني وعمر وأحمد والمهدي أبناء سودة والحاج صالح المعطي والقادري وماء العينين وغالبهم أجازه وسنذكر سندهم، له تآليف كثيرة أبان فيها عن كثرة الاطلاع ورزق في غالبها القبول، منها حاشية على شرح التاودي على التحفة ونوازل في مجلدات جمع فيها فتاوى المتأخرين من علماء المغرب ومعيار جمع فيه فتاوى المتأخرين والمتقدمين في مجلدات وشرح العمل الفاسي وغير ذلك مما هو كثير، وفد على تونس سنة 1323 هـ وبالغ في إكرامه الكثير من الفضلاء ونزل ضيفاً كريماً بدار شيخنا محمَّد الطاهر النيفر وانتفع به ابنه محمَّد الصادق وأقرأ العلوم وانتفع به الكثير وأجاز الكثير بما حوته فهرسته الحافلة منهم محمَّد الصادق المذكور وأخونا في الله الشيخ الفقيه النبيه الحاج صالح العسلي وشيخنا الشيخ المفتي محمَّد النجار والعبد الفقير وسنشرح ذلك في فصل خاص يأتي، كان مفتياً مقصوداً في المهمات من سائر الجهات وتوفي عن سن عال في المحرم سنة 1342 هـ[1923 م].

1718 - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن عمر الزكاري عرف بابن الخياط الفاسي: العلامة المتفنن الفهّامة الصوفي الفرضي الأصولي من وعاة الفقه المالكي وحملته العارفين بأصوله وفروعه الخائضين فيه جليل القدر شهير الذكر محمود السيرة طيب السريرة مع دماثة أخلاق وطيب أعلاق عمر فأحق الأحفاد بالأجداد خاتمة علماء فاس أدرك شيوخ أواخر القرن المنصرم وأخذ عنهم قراءة وسماعاً منهم محمَّد بن عبد الرحمن الحجرتي والمرنيسي وأبو غالب والحاج الداوي وعبد الرحمن السوادي المتوفى سنة 1265 هـ والوليد العراقي المتوفى سنة 1268 هـ ولو استجازهم لكان غرة في جبهة الراوين. والذي أجازه عامة قاضي سجلماسة محمَّد الصادق بن الهاشمي المدغري وأحمد بن أحمد بناني ومحمد بن الطيب البناني المتوفى بمراكش سنة 1317هـ[1899 م] وعبد الملك بن محمَّد العلوي الضرير وأحمد بن محمَّد بن حمدون ابن الحاج والقاضي حميد بن محمَّد بناني وجعفر الكتاني وماء العينين وأبو جيدة الفاسي وعبد الله بن إدريس السنوسي وغيرهم، وعنه أخذ الكثير من الفضلاء منهم عبد الحفيظ بن محمَّد الطاهر الفاسي ومحمد عبد الحي الكتاني وأجازه وأجاز شيخنا المفتي بلحسن النجار. له فهارس ثلاث أكبرها في ثلاث كراريس وثانيها في ثلاث ورقات وثالثها ألّفها باسم قاضي فاس أبي فارس عبد العزيز بناني وله من التصانيف في الحديث حاشية على الطرفة، في المصطلح طبعت بفاس وله شرح على أبيات الشيخ الرهوني في الأحاديث الأربعة التي في الموطأ ولم توجد مسندة. مولده سنة 1252 هـ وتوفي في 12 رمضان سنة 1343 هـ[1924 م] بفاس ودفن بالرملية. 1719 - شيخنا جار الله أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ جعفر الكتاني الشريف الحسني: الأستاذ العارف بالله الرباني جمع الله له المناقب فاختار منها وانتقى ورأى أن أحسنها وأكرمها التقوى الرجل الصالح والإمام الناصح خاتمة المحدثين والعلماء العاملين. أخذ عن أعلام منهم والده وبه انتفع وتأدب وتهذب وأبو جيدة الفاسي والطيب بن كيران وأحمد بن أحمد البناني وأجازه إجازة عامة وغيرهم مما هو كثير، وعنه الكثير من أهل المشرق والمغرب. له تآليف كثيرة منها سلوة الأنفاس وتحفة الأكياس فيمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس طبع في ثلاث

مجلدات وله فهرسة. رحل للمشرق وجاور بالمدينة المنورة واستفاد وأفاد واستجاز وأجاز واشتهر هناك بالعلم والصلاح. في جواهر البحار للعلامة الشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني البيروتي ما ملخصه حضر إلى بيروت في شهر رمضان سنة 1326 هـ سيدي الإِمام العلامة الكبير الشريف الشيخ محمَّد ابن العلامة الشيخ جعفر الكتاني قادماً من المدينة المنورة بعد حجه في العام السابق وإقامته في جوار جده الأعظم - صلى الله عليه وسلم - يقرىء العلم وينفع الجمهور وكان قد حضر إلى بيروت قبل ذلك بثلاث سنين وشرفني بزيارته منزلي مع جماعة وحصلت لي بركته فلما بلغني قدومه إلى بيروت في هاته المرة زرته في محل إقامته وفزت بتقبيل يده ودعوته إلى منزلي فأجاب دعوتي واستفدت من علمه وبركته فوائد جمة وأجازني إجازة عامة بمؤلفاته وروايته وكان قد سبق لي إجازته بذلك في الاجتماع السابق. مؤلفاته كثيرة نافعة اهـ قلت: وقد استجزته بواسطة أخينا البارع الحكيم في الطب وإليه المرجع في ذلك أحمد بن محمَّد الشريف المكني حين إقامته ببيروت وأجابه لذلك وأجازني إجازة عامة وسنشير إليها فيما يأتي مؤرخة في 28 صفر سنة 1345 هـ ثم رجع لفاس المحروسة وبها توفي في 17 رمضان سنة 1345 هـ[1926 م] وكانت جنازته من المحافل العظيمة. 1720 - شيخنا المسند الرحال أبو الإقبال محمَّد عبد الحي ابن الشيخ أبي المكارم عبد الكبير الكتاني: الشريف الحسني بيته بفاس شهير بالعلم والصلاح. أخذ عن والده وانتفع به وسمع منه وأجازه إجازة عامة وعن خاله أبي المواهب جعفر الكتاني وابنه أبي الفضل محمَّد والأخوين أبي جيدة ومحمد الطاهر ابني الشيخ عبد الكبير الفاسي المترجم لهم قريباً وغيرهم من أعلام المشرق والمغرب. جمع بين شرفي الاكتساب والنسب. قدم الحاضرة ولقي من الإقبال فوق ما يقال وذلك في المحرم سنة 1340 هـ وفي الثامن والعشرين منه حل بالقيروان وتلقاه أعيانها بما يليق بفضيلته. وفي صبيحة اليوم بعده حلّ بسوسة وعشيته حلّ بالمنستير قاصداً زيارة الإمامين الجليلين أبوي عبد الله محمَّد بن يونس ومحمد المازري وبمعيته العمدة الألمعي الماجد سلالة الأماجد الحبيب الجلولي عامل القيروان ومفتيها العالم الفاضل الشيخ محمَّد ابن قاضيها العادل وعالمها العامل الشيخ صالح

الجودي فتلقاهم بالمبرة والإجلال في مجمع حافل عاملها العمدة الكامل حسن السقا ومفتيها وشاعرها الشيخ محمود موسى والعبد الفقير وهو بذلك جدير فكانت عشية سرور ومؤانسة وغبطة بحديثه ومنافسه واستفدنا في تلك اللحظة الوجيزة إنه كريم الأخلاق طيب الأعلاق وفي أثناء الذهاب لزيارة الإمامين المذكورين جرى الحديث على صحيح مسلم وشرحه المسمى بالمعلم المشحون بكثير من عيون المسائل معقول ومسنون والموطأ وما فيه من الثنائيات وشرح أبي عبد الله الزرقاني وما فيه من التحقيقات ولما اغتنمت الفرصة عقب الحديث والقصة استجزته وحصلت الإجازة قائلاً أجزتك بمروياتي وسنحررها لك كتابة وفي الحين امتطى عربة بخارية قبيل الغروب قاصداً الحاضرة لأنّ مبيته بها هو المطلوب وأقام بها أياماً ثم رجع لمسقط رأسه ومنبت غرسه وفي أثناء إقامته بالحاضرة طالع هذا التأليف وقرظه بما سنذكره عند التعرض للتقاريظ حفظه الله وشكره. 1721 - ومن الفضلاء الذين تشرفنا بزيارتهم من علماء فاس المحروسة الشيخ أحمد ابن نقيب الأشراف بمدينة فاس الشيخ المأمون البلغيثي العلوي الحسني: سلطان النجباء وسحبان الأدباء العلامة المؤلف المطلع المفضال النحوي اللغوي الفقيه الرحال. أخذ عن أعلام منهم محمَّد قنون وأحمد الخياط ومحمد الولاتي الشنجيطي المترجم لهم في الماضي، وعنه أخذ جماعة منهم الشيخ محمَّد بن عبد القادر بن سودة والشيخ الطاهر بن محمَّد السوسي اليفرني وفي ثاني ليلة من رمضان سنة 1347 هـ دخل المنستير قاصداً زيارة الإمامين أبوي عبد الله محمَّد بن يونس الصقلي ومحمد المازري وبات بمنزلي ضيفاً كريماً وكنت سعيداً وبعض الفضلاء بزيارته واقتبسنا من لطف حديثه وجزالة عبارته فوائد جمة حين امتزجنا امتزاج الماء القراح بصرف الراح وحكي أنه تولى قضاء الصويرة في كرتين والدار البيضاء في مرتين ومكناسة الزيتون مرة ورحل للمشرق مرات ثلاث وحج وزار واستفاد وأفاد وله في رحلته للحجاز تأليف نظماً به أبيات 568 هـ وهو تحت الشرح وله منظومة في علم التوحيد وله تنسم عبير الأزهار بتبسم ثغور الأشعار في شعره في مجلدين وغير ذلك وغالبها طبع منها شرح أرجوزة في آداب المتعلم والعالم في مجلد ضخم وسافر للحاضرة نصف نهار تلك الليلة وقد ترك فينا ذكراً خالداً لا تفنيه الأيام والليالي والأعوام وهذا الشرح سماه شرح الابتهاج بنور السراج أنبأ عن غزارة

فصل

مادة وقريحة حادة ومنزلة سامية في علم الأدب وقدم راسخة في التصنيف مع جزالة المبنى ورشاقة الألفاظ والمعنى والأرجوزة لناظمها الفقيه النبيه الأديب البارع الألمعي الأريب الكوثر البخاري الشيخ أبي حامد العربي بن أبي يحيي المساري. تولى القضاء في نواحي وطنه وله شعر سهل المأخذ عذب المورد، من شيوخه أبو عبد الله التاودي المتوفى سنة 1209 هـ ورثاه بقصيدة بارعة رحم الله الجميع رحمة واسعة وقد استفدت أن المترجم له توفي بفاس في رجب سنة 1348 هـ[1929م]. فصل اعلم أن طبقات المقصود انتهت بذكر بعض شيوخنا وشيوخ هذا العصر وهم من السادات المالكية ومن الواجب أن نذكر البعض الآخر من السادات الحنفية والذين قرأت عليهم بالمنستير لأنهم الآباء في الدين والوصلة بيني وبين رب العالمين. 1722 - أولهم شيخنا صدر الفقهاء وأعلم العلماء شيخ الشيوخ الجهابذة وأستاذ الأساتذة من جمع الله له المناقب فاختار منها وانتقى ورأى أن أحسنها وأكرمها التقوى أبو الثناء محمود: ابن الرجل الصالح والأستاذ الناصح قاضي الحاضرة ثم مفتيها الشيخ مصطفى المتوفى سنة 1277 هـ[1860م]، ابن شيخ الشيوخ وعمدة أهل التحقيق والرسوخ شيخ الإِسلام الأول محمَّد بيرم المتوفى سنة 1214 هـ باني بيت آل بيرم بيتهم لهذا الوقت معمور ولواء فضلهم على كأهل الدهر منشور، لهم مناقب ومآثر ورثوها كابراً عن كابر. أخذ شيخنا المذكور هو وأخوه العلامة الهمّام شيخ الإِسلام الخامس المتوفى سنة 1318 هـ[1900م]، عن والدهما الشيخ مصطفى وهو وابن ابن أخيه علامة عصره وفريد مصره شيخ الإِسلام الرابع المتوفى سنة 1278 هـ[1861م]. أخذا عن جماعة منهم شيخ الإِسلام الثاني عن شيخ الإِسلام الأول عن الشيخ أحمد الماكودي بسنده ومنهم الشيخ محمَّد بن التهامي الرباطي الوافد على تونس سنة 1243 هـ وأجازهما وهو عن الشيخ محمَّد بن عبد السلام الناصري عن الشيخ التاردي بسنده، وهذا الوافد بالغ في إكرامه جماعة من الفضلاء منهم مصطفى وابن ابن أخيه المذكوران وتقدمت الإشارة إلى ذلك وإلى بعض فضلاء البيت الخوجي في ترجمة الوافد وله شعر جيد منها قصيدة بها ما يربو على مائتي بيت ارتكب فيها الألفاظ الغريبة قرظها جماعة منهم الشيخ مصطفى المذكور بمنظوم ومنثور فالمنظوم قصيدة مستهلها:

سمحت بوصل بعد طول مطالها ... ودنت وقيل الشمس دون منالها وتبسمت عند اللقاء بمدنف .... قد كان يقنع في الكرا بخيالها حسناء تمزج لينها بقساوة .... حيناً وتوصل هجرها بوصالها وأخذ أيضاً صاحب الترجمة عن الشيخ سالم بو حاجب وغيره، وعنه جلة منهم ابن أخيه أحمد شيخ الإِسلام السادس وهو الآن بالحاضرة قطب رحاها وشمس ضحاها وإسماعيل الصفائحي ومحمود بن محمود ومحمد بن يوسف وحمودة تاج. قرأت عليه شرح الدمنهوري على السمرقندية والماكودي على الخلاصة ومقدمة مختصر السعد والقطر بشرح مؤلفه. تولى الوظائف النبيهة منها التدريس من الرتبة الأولى ثم القضاء ثم الفتيا وتوفي عليها سنة 1316 هـ[1898م]. 1723 - ومنهم شيخنا أبو الثناء محمود ابن شيخ الإِسلام محمَّد: المتوفى سنة 1279 هـ ابن باني البيت الخوجي العلامة الشيخ المفتي المعروف بالصلاح والدين المتين أحمد بن الخوجة المتوفى سنة 1241 هـ فهو الإِمام العلامة الفاضل خلاصة الأفاضل همام تغلغل في شهاب العلم زلاله وماجد تسلسل حديث قديمه فطاب لراويه عذبه وسلساله خاتمة المحققين وحامل مذهب النعمان باليمين الفرد العلم الفصيح اللسان والقلم كريم المعاشرة حسن الخط والمذاكرة. أخذ عن والده وأخيه شيخ الإِسلام الثاني أحمد والشيخ قبادو والشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ حمدة الشاهد وشيخ الإِسلام معاوية ومحمد النيفر الأكبر وتقدمت الإشارة إلى ما لآل هذا البيت من المآثر الحسنة. قرأت عليه مع جماعة مقدمة المعلول للسعد، له رسائل وفتاوى في فنون من العلم وأختام في الحديث بلغت الغاية في السبك والتحبير والتقرير منها القول المنتقى في مسألة الشرط من كتاب أبي البقا والقول النفيس في مسألة تعدد التحبيس وروضة المقل في مسألة طلاق المختبل وطب العليل في مسألة ثبوت الدين في زعم الكفيل والقول البديع في مسألة المشتري من الشفيع ورسالة في المذهبين الحنفي والمالكي في الرشد والسفه وله حاشية على الألفية سماها الحواشي التوفيقية وحاشية على الزيلعي سماها الحصين الحصين على التبيين وغير ذلك ختم الكتب العالية وتدرج في الخطط النبيهة منها التدريس من الرتبة الأولى والخطابة بجامع أبي الخيرات صاحب الطابع والنظارة العلمية والفتيا ثم مشيخة الإِسلام سنة 1318 هـ وتوفي عليها سنة 1329 هـ[1911م].

1724 - ومنهم ابن شقيق المذكور شيخنا أبو عبد الله محمَّد: ابن علم الأعلام قدوة الأنام شيخ الإِسلام الثاني أحمد بن الخوجة المتوفى سنة 1313 هـ فهو عزيز إفريقية وابن عزيزها وبدر المعالي الحائز قصبات السبق في مضمار العلا وتبريزها العلامة الماهر الناظم الناثر. أخذ عن والده وعمر ابن الشيخ وجماعة. قرأت عليه نحو الثلث من شرح الدماميني على المغني، تولى التدريس من الرتبة الأولى والإمامة والخطابة بجامع سيدي محرز والفتوى وتوفي عليها سنة 1325 هـ. 1725 - ومنهم شيخنا محمود بن محمود: حامل رايات التحقيق وواسطة تاج التدقيق، ظهر منه ما أفعم شقائق النعمان وافتخر به مذهب أبي حنيفة النعمان، العمدة الفاضل العالم الكامل أخذ عن أعلام منهم الشيخ محمَّد النيفر الأصغر وعمر ابن الشيخ وشيخ الإِسلام أحمد بن الخوجة وعنه جماعة منهم الشيخ محمَّد النخلي ومحمود موسى، قرأت عليه مختصر السعد من أوله إلى منتصفه وأجازني تولى التدريس من الرتبة الأولى ثم القضاء ثم الفتيا وتوفي عليها سنة 1344 هـ. 1726 - ومنهم شيخنا أبو العباس أحمد بن مراد: ملحق الأحفاد بالأجداد العلامة المحقق الفهّامة المدقق. أخذ عن الشيخ عمر ابن الشيخ وغيره، درس وختم الكتب العالية وانتفع به جماعة منهم الشيخ محمَّد النخلي، قرأت عليه شرح المحلي على جمع الجوامع والقطب على الشمسية والكبرى من أولها إلى منتصفها وأجازني، تولى التدريس والنظارة العلمية ثم الفتيا وهو الآن بقيد الحياة حفظه الله.

ذكر الشيوخ الذين قرأت عليهم بالمنستير

ذكر الشيوخ الذين قرأت عليهم بالمنستير 1727 - حفظت القرآن العظيم برواية ورش بزاوية الولي الصالح الشيخ عمر القلال على المؤدب الشيخ محمَّد خفشة ونعرض أحزابي ليلًا على الشيخ علي السخيري وحفظت كثيراً من المتون في فنون شتى وقرأت الحساب والفرائض على الثقة حسين لاز والعمل بالربع المجيب وتوحيد المرشد المعين على الموثق الشيخ علي زهرة وهما أخذا عن الشيخ محمَّد الجدي المترجم له في الماضي وعلى الشيخ الصالح الفرضي أحمد بن خود القيرواني تلميذ الشيخ إسماعيل التميمي وكانت وفاته بالمنستير في حدود سنة 1279 هـ ودفن بمقام الإِمام المازري. فصل في الكليات الإِسلامية الفسطاط والأزهر وجامعي الزيتونة والقرويين 1728 - اعلم أن أول من اتخذ تعليم العلوم بالمسجد الصحابة منهم جابر بن عبد الله وأبو هريرة وابن عباس رضي الله عنهم ثم التابعون ومنهم أبو أسامة زيد بن أسلم وجرى العمل بذلك إلى هذا الوقت وقد جمع جامع الفسطاط الذي أسسه عمرو بن العاص حلقات العلماء الذين أبقوا أكبر الآثار في الاجتهاد والاستنباط والذين أظهروا للناس كافة فقه الأئمة المجتهدين على اختلاف مذاهبهم من أصحاب مالك والشافعي ثم لما تأسس الجامع الأزهر سنة 358 هـ صار هو الكلية الوحيدة في تلك الجهات وتخرج منه جهابذة أعلام من سائر المذاهب لا يمكن حصرهم بحال وهو جار على استقامة لهذا الوقت مقصود من سائر الجهات الشرقية وشهرته تغني عن التعريف به ونظراً لتقدم العلوم والمعارف تقدماً باهراً في هذا الوقت رأى بعض المفكرين إصلاح التعليم به وصدرت مذكرة في الغرض من الأستاذ الشيخ مصطفى المراغي شيخ الأزهر نقلها الأستاذ الشيخ طنطاوي جوهر في تفسيره سورة طه. 1729 - أما جامع القرويين بفاس الذي أسسته أم البنين السيدة فاطمة بنت محمَّد بن عبد الله الفهري القيرواني وكان الشروع فيه في رمضان سنة 245هـ هو إلى الآن الكلية الوحيدة تخرج منه أئمة أعلام والكلام عليه مبسوط في جذوة الاقتباس.

1730 - وأما إفريقية فالكلية الوحيدة بها أولاً جامع القيروان الذي أسسه سيدنا عقبة بن نافع رضي الله عنه سنة 50 هـ، ثم لما انتقل كرسي المملكة لتونس صارت الكلية الوحيدة جامع الزيتونة وتخرج منه أئمة أعلام لا يمكن استقصاؤهم، وقد اعتنى بشأن هذا الجامع وبشأن العلوم الملوك والأمراء فجمعوا الكتب العلمية على اختلاف أنواعها وحصل منهم التغالي في اقتنائها وحفظها في الخزائن بقصورهم للمطالعة وبالمدارس وبجامع الزيتونة لنفع العموم، وكان في خزائن أبي عبد الله المنتصر ستة وثلاثون ألف مجلد وما وقع تحبيسه من أبي فارس وأبي عمرو وأبي عبد الله كثير جداً وسيأتي شرحها في التتمة، وفي الرزنامة التونسية أن جامع الزيتونة كان مستبحراً بالعلوم على اختلاف أنواعها عقلية ونقلية مقاصد ووسائل حتى كان يقال إن حذاء كل سارية من سواريه مدرساً وفي خزائنه ما يزيد على المائتي ألف مجلد، ولما دخل الإسبان تونس ربطوا خيلهم بالجامع وأستباحوا ما به وبالمدارس من الكتب وألقوها في الطرقات يدوسها العسكر بخيولهم وهذا هو السبب في قلة وجود تآليف الفحول الذين تخرجوا من هذا الجامع وكانت للمشير أحمد باشا عناية زائدة بالعلم وجمع الكتب فاشترى كتباً كثيرة لها بال وأضاف لها كتب آله الموضوعة بخزائن أسلافه ووضعت في خزائنها العشرين التي زين بها صدر الجامع على يمين المحراب وشماله ورتب به ثلاثين مدرساً نصفهم حنفية ونصفهم مالكية ثم أضاف لها المشير محمَّد الصادق باشا ست خزائن مملوءة كتباً وأحيى المكتبة المعروفة بالعبدلية بصحن الجنائز من الجامع المذكور ووضع فيها ما يزيد على الثلاثة آلاف مجلد من نفائس الكتب وزاد في الجراية للمدرسين واستنهض همتهم. قلت في هذا الوقت به من التلامذة 1973 وعلى عهد الأمير المنعم المبرور محمَّد الحبيب باشا باي وقعت الزيادة في الجراية والمدرسين بين حنفية ومالكية في طبقات ثلاث الأولى عددها 30 والثانية عددها 12 والثالثة عددها 50 واثنان من المدرسين في فن القراءات أحدهما في المرتبة الأولى والآخر في الثانية وهاته خصصت بالتعليم الابتدائي بجامع سيدي يوسف وصيرورة هذا الجامع فرعاً لجامع الزيتونة حيث ضاق بأهله وكان ابتداء التعليم به في يوم السبت الخامس عشر من شوال سنة 1345 هـ في احتفال عظيم وموكب فحيم حضره الأمير المذكور والخاصة والجمهور. والخلاصة أن هذا الجامع اعتنى به الأمراء وكثير من فضلاء الأمة بجعل خزائن كتب علمية وإقامة مدرسين فيه يبثون العلم الشريف وروح الشرع العزيز وقواعد الدين الحنيف وقد تخرج منه الكثير من فحول العلماء الأفاضل حاملين لواء العلوم مقاصد ووسائل، لهم مقدرة عظيمة على التقرير والتأليف والتحرير وإقامة البراهين والدلائل وحل المشكلات مع التضلع

في اللغة العربية الفصيحة التي أصلها مكين وموردها عذب معين وذلك من أواسط المائة السابعة إلى هذا الزمان أدام الله عمرانه ما تعاقب الجديدان فهو منبت العز والكلية الوحيدة بإفريقية والكعبة التي يؤمها الطلبة من سائر الجهات في غالب الأزمنة والأوقات. واعلم أن أول مختط له هو الأمير الجليل حسان بن النعمان الغساني الداخل لإفريقية سنة 79 هـ الفاتح لتونس وأتمه الأمير الخطيب الفصيح البارع عبيد الله بن الحبحاب الداخل لإفريقية سنة 114 هـ وقيل هو أول مختط له وتم سنة 141 هـ وقد جاء في تاريخه (اعلم) المرسم على الأقواس التي فوق الثوابت ثم إن زيادة الله بن الأغلب بني به الأبنية الضخمة ونقش في القبة التي فوق المحراب اسم أمير المؤمنين المستعين بالله العباسي وسقف بيت الصلاة مقام على أكثر من مائة وخمسين أسطوانة من الرخام وبعضها مرمر ووقع به بعد ذلك زيادات وتحسينات إلى أن بلغ الحالة التي عليها الآن فهو مؤسس على تقوى من الله وفيه مواضع معروفة بمحلات إجابة الدعاء فيها وأنه لا يخلو من رجل موصوف بعلم ظاهر أو شرف زاهر أو صلاح باهر ولم يزل أهل البر يوقفون عليه الأوقاف المعتبرة الإقامة شعائره وتنويره وتحصيره وغير ذلك وهي جارية على مقتضى نصوص محبسيها على أكمل وجه وأتمه والصلوات الخمس والجمعة والعيدان والدروس العلمية وتلاوة القرآن العظيم قائمة على أتم حال وأحسن منوال ولاختصاصه بهاته المزايا كانت خطة الخطابة والإمامة به أعظم الخطط زيادة على تعظيمها الشرعي تولاها الكثير من أعيان العلماء ومن رجال الكمال ذكر المؤرخون جماعة منهم منذ انتقل كرسي المملكة وإليك أيها القارئ الكريم أسماءهم: 1731 - ممن تولاها القاضي ابن عبد الرفيع المتوفى سنة 733 هـ ثم صرف عنها وتولاها أبو موسى هارون الحميري إلى أن توفي عنها سنة 729 هـ وتولى مكانه الشيخ محمَّد بن عبد الستار المتوفى سنة 749 هـ والخليفة عنه الشيخ إبراهيم البسيلي وتولى مكانه الشيخ عمر بن عبد الرفيع ولما توفي الخليفة البسيلي سنة 755 هـ تولى مكانه الإِمام ابن عرفة ولما توفي ابن عبد الرفيع سنة 766 هـ تولى مكانه الخطابة الشيخ أحمد الغبريني المتوفى سنة 772 هـ وتولى مكانه ابن عرفة إلى أن توفي سنة 802 هـ وتولى مكانه الشيخ عيسى الغبريني إلى أن توفي سنة 813 هـ وتولى مكانه الشيخ أبو القاسم البرزلي إلى أن توفي سنة 841 هـ وتولى مكانه أبو القاسم القسنطيني الشهيد سنة 846 هـ وتولى مكانه الشيخ عمر القلشاني والخليفة عنه الشيخ محمَّد المسراتي القيرواني وتوفي عمر المذكور سنة 847 هـ وتولى مكانه المسراتي

المذكور وتوفي سنة 850 هـ وتقدم عوضه الشيخ محمَّد بن عقاب وتوفي سنة 851 هـ وتولى مكانه الشيخ محمَّد الونشريسي وتوفي سنة 853 هـ وتولى مكانه الشيخ محمَّد البحيري وتوفي سنة 858 هـ وتولى مكانه الشيخ أحمد القلشاني وتوفي سنة 863 هـ وتولى مكانه الشيخ أحمد المسراتي وهو الذي صلى على جنازة الشيخ أحمد بن عروس المتوفى سنة 868 هـ وتوفي المسراتي سنة 882 هـ وتولى مكانه الشيخ محمَّد القلشاني وتوفي سنة 890 هـ وتولى مكانه الشيخ محمَّد الرصاع وتوفي سنة 894 هـ وتولى مكانه الشيخ محمَّد بن عصفور وبعد ذلك توالت المحن والمصائب علي الحاضرة ولم يوجد فيها من يؤرخ رجالها ولذا عمى الخبر على المتولين للخطابة والإمامة به إلى سنة 970 هـ فكان القائم بذلك الشيخ محمَّد الأندلسي ثم أبو الفضل البرشكي وتوفي سنة 992 هـ وتولى مكانه الشيخ محمَّد بن سلامة وتوفي سنة 993 هـ وتولى مكانه الشيخ محمَّد الأندلسي إلى أن توفي سنة 1017 هـ وتولى مكانه الشيخ أبو يحيى الرصاع إلى أن توفي سنة 1033هـ وتولى مكانه الشيخ تاج العارفين البكري واستمرت الخطابة في بيته بين بنيه 193 سنة فأولهم تاج العارفين المذكور وآخرهم أبو الحسن علي بن أبي الغيث منهم مَن باشرها بنفسه ومنهم مَن باشرها بواسطة خليفة عنه وقد باشر الخلاف جماعة من علماء بيت العامري وغيرهم وفي خلال السنين المذكورة تخلفت عنهم الخطابة مدة يسيرة وكانوا معتمدين بشرفهم وفضلهم على الخطة المذكورة إلى أن بلغوا الغاية التي أخرجتها من أيديهم وقد جرت عادة الله في بيوت أهل الفضل والشرف من الملوك وغيرهم إذا تطاول عليها الزمان واعتمد عليها أبناؤها ولم يحصلوا على شرف لأنفسهم فلا يلبث بهم الاشتغال بالترف وحضارة العيش أن يهدم معالمهم التي بناها آباؤهم وغفلوا عن تجديدها. ولنرجع لما كنا بصدده لما توفي أبو الحسن علي البكري المذكور قدم عوضه للإمامة الكبرى أبو محمَّد حسن بن عبد الكبير الشريف وتوفي سنة 1234 هـ وقدم عوضه أخوه محمَّد وتوفي سنة 1255 هـ وقدم عوضه الشيخ إبراهيم الرياحي وتوفي سنة 1266 هـ وقدم عوضه الشيخ محمود بن علي محسن الشريف ابن عم الشيخ حسن المذكور وتوفي سنة 1284 هـ وتولى مكانه ابن أخيه محمَّد بن محمَّد بن علي محسن وتوفي سنة 1289 هـ وتولى مكانه الشيخ صالح النيفر وتوفي سنة 1290 هـ وتولى مكانه الشيخ محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن عبد الكبير الشريف وتوفي سنة 1307 هـ وتولى مكانه ابن عمه أحمد بن حمدة الشريف وتوفي سنة 1337 هـ وغالب هؤلاء الخطباء مترّجم لهم بالمقصد.

صلة

صلة 1732 - اعلم أني ذكرت في الطبقات جماعة من أئمة الصوفية المشهورين بالعلم والعرفان والصلاح ولهم في علم التصوف والرقائق المعاني الرائقة والإشارات الفائقة والذوق السليم والفكر الثاقب المستقيم وحصل لهم بذلك بُعد الصيت والجاه العظيم وهم في سلوكهم متفرعون إلى طرق ولكل واحد منهم أتباع ومورد الجميع عذب معين وهو السنة والكتاب المبين وأستاذ طائفة منهم الإِمام الشاذلي وهناك أساتذة آخرون كالشيخ عبد القادر الكيلاني والشيخ الدسوقي. واعلم أن لهؤلاء السادة خرقة يتبركون بها وتعرف بالمرقعة ولهم في ذلك سند وأدلة. وفي اختصار البوسعيدي لجامع البرزلي ما ملخصه في الموطأ أن عمر رضي الله عنه كان يلبس ثوباً مرقعاً بين كتفيه برقع ثلاث وهو أمير المؤمنين ورأى ابن عمر أباه في جمرة العقبة وعليه إزار فيه اثنتا عشرة رقعة بعضها من أدم ولبس أبو بكر رضي الله عنه الكساء حتى عرف به وكان علي رضي الله عنه مخشوشناً في لباسه ومطعمه. الْبُرْزُلي ومن هذه الآثار أخذ المتصوفة لباس الخرقة المسماة بالمرقعة وقد رواها جماعة مثل الشيخ أبي العباس أحمد بن إدريس البجائي الذي أخذ عنه بعض التونسيين والشيخ أبي المحاسن يوسف العجمي بالديار المصرية وأخذها عنه جماعة. اهـ وفي خلاصة الأثر قال الصح من القرب لبس الخرقة وقد استخرج لها بعض المشايخ أصلاً من السنة وهو حديث أم خالد قالت: أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بثياب فيها خميصة سوداء صغيرة فقال: "ائتوني بأم خالد" فأتي بها قالت: فألبسنيها بيده وقال: ابلي واخلقي" وهو مخرج في الصحيح، قال: ولم يكن في الخرقة إسناد عال وذكره ثم قال: وليس بقادح فيما أوردناه من كون لبس الخرقة غير متصل السند إلى منتهاه على شرط أصحاب الحديث في الأسانيد لأن المراد ما تحصل به البركة والفائدة باتصالها بجماعة من الصالحين. اهـ وفي شرح الشفا للشهاب الخفاجي عند تعرضه لترجمة الحسن البصري اختلفوا في كونه لقي علياً رضي الله عنه وروي عنه فذهب الكثير أنه لم تثبت رؤيته له ولا أنه ألبسه خرقة المشايخ الصوفية قدس الله أرواحهم ونفعنا بهم على الطريقة المعروفة عندهم وذهب الكثير من المحدثين إلى أنها بدعة لم تصح لكن الجلال السيوطي صنف فيها جزءاً لطيفاً وقال إنها ثابتة وأثبث أيضاً أن الحسن البصري اجتمع بعلي رضي الله عنه وكذا ذكر الحافظ ابن حجر فلا عبرة بإنكار غيرهما وسن الحسن متحمل له والمثبت مقدم على النافي. اهـ وفي خاتمة فهرس الشيخ الأمير أن الخرقة وحدها ليست هي

تنبيه

المقصود الأصلي من الطريق بل مدار أصل الطريق مجاهدة النفس وإلزامها العمل بما جاءت به الطريقة المحمدية في الباطن والظاهر ولبس الخرقة فعله القوم للتبرك وليجتمع بخرقتهم أصحاب طريقتهم فالطريقة هي العمل بالكتاب والسنة والحقيقة أسرار وأنوار يثمرها العمل {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} اهـ ببعض اختصار. تنبيه 1733 - اعلم أني التزمت ذكر الوفيات وقد حصل المطلوب في الجل ومَن لم أذكر وفاته فموجبه عدم حصول العلم بها لكن ذكرهم في طبقات معاصريهم كاف في الغرض المطلوب كما أني التزمت ذكر مشيخة المترجم له والحال أني ذكرت مَن لم نذكر له مشيخة سببه عدم الوقوف عليها ولشهرتهم ذكرتهم في طبقات معاصريهم كابن شاس وابن التين وأبي زيد الأخضري وغيرهم، قال بعض الأئمة: إن العلماء أشتات متفرقون في أقطار شاسعة وأمصار بعيدة والوقوف على تراجمهم وآثارهم وقصد الصحة في ذلك يحتاج إلى تعب شديد وصبر طويل على استطلاع الحقائق من قطر المترجم له وخزائن كتب قطره. قلت: التعب أشد والصبر أطول على مَن كان في بلد خال من الكتب ومن المرشد المعين وذكرت أيضاً كثيراً من العلماء الأخيار ممن تقدم أو تأخر فيما مضى من الأعصار ولم نذكر كثيراً منهم لعدم وصول أخبارهم إلى وانبهام كثير من أحوالهم علي وذلك غاية المقدور وهو يدل على ما بي من الجهل والقصور وعدم بلوغ مراتب الكمال والظهور ورحم الله القائل: أسير خلف ركاب النجب ذا عرج ... مؤملاً جبر ما لاقيت من عرج فإن لحقت بهم من بعد ما سبقوا ... فكم لرب السما في الناس من فرج وإن ضللت بقعر الأرض منقطعاً ... فما على أعرج في ذاك من حرج على أن المرء وإن بلغ جهده فالإحاطة إنما تكون لله وحده وغاية القول فيمن ذكرته أو لم نذكره أنهم في الحقيقة سادات السادات الذين لهم فضائل تقصر عنها الغايات وبذكرهم تستنزل الرحمات وبصفاء أنفاسهم الزكية تنقشع غمائم الغمة والمدلهمات ورحم الله القائل: لي سادة من عزهم ... أقدامهم فوق الجباه إن لم أكن منهم فلي ... في ذكرهم عز وجاه والله أسأل عطفهم علي ورضاهم والدخول تحت لواهم والتجاوز عما صدر مني من التقصير والمسامحة فيما لم أتنبه إليه من سوء أدب أو تغيير فإني أعلم أنهم

فصل

فوق وصفي وأني لا أقدر أن أقوم بواجب حقهم ولا أوفي، ولكن جرأني عليهم قصد التشبث بأذيالهم واستجلاب عطفهم وإقبالهم والصلاة والسلام على سيدنا محمَّد واسطة عقدهم ومركز دائرة مجدهم وعلى آله وصحبه والتابعين وسائر أئمة الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. فصل 1734 - اعلم أني ذكرت فيما تقدم مشايخي الذين هم الآباء في الدين والوصلة بيني وبين رب العالمين وبقي علي ذكر أب الماء والطين، لأكون قد أديت المطلوب ووفيت بالمرغوب من الثناء عليهم والشكر لهم والله ولي التوفيق وعليه فأقول إني لما حفظت القرآن العظيم على نحو ما تقدم شرحه طرأ على والدي ما كدر حالي وغيّر بلبالي ودام ذلك نحو أربع سنوات لم يقع فيها مني التفات لقراءة العلوم وصار الالتفات إلى ذلك في حكم المعدوم لحصول ارتباك في ثروته سببه ركونه لظالم وهو الوزير مصطفى بن إسماعيل قال عز ذكره: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} وبعد ذلك تحسن الحال والحمد لله على كل حال. ووالدي رحمه الله هو محمَّد بن عمر بن قاسم مخلوف الشريف ينتهي نسبه للشيخ عمر مخلوف الآتي ذكره في الخاتمة كان يؤثرني على إخوتي واعتنى بتربيتي وتهذيبي حتى حصل على مرغوبه واتصل بمطلوبه وكانت وفاته في غرة شعبان سنة 1303 هـ ودفن حذو قبر جده عمر المذكور وكان محباً للعلماء والمنتسبين والأولياء والصالحين، كثير الزيارة لهم، والتردد عليهم، فعادت بركته وبركتهم عليّ في الدنيا وإن شاء الله في الأخرى كذلك وممن عادت بركته علينا الشيخ الصالح المجذوب المشهور إبراهيم الهبردي الورداني كان والده ذا ثروة وزهد في ميراثه فيه وذهب للمنستير وأقام به ما يربو على العشرة أعوام وغالب إقامته بدارنا ومن زهده أنه لم يعلم أنه لبس غير الحرام المرقع ولم يعلم أنه أخذ درهماً من أحد بطلب أو بدون طلب وله كرامات ظاهرة كثيرة متواترة ولما طعن في السن رفعه أهل بلده إلى مسقط رأسه وبه توفي سنة 1304 هـ ودفن بزاويته المقصودة بالزيارة حتى الآن ولما انتهى دور تلك السنوات وتبدلت الأحوال زودني والدي بالدعاء الصالح والمال بقصد الترحال إلى الحاضرة المحروسة ويسّر الله البلوغ إلى رحابها المأنوسة في جمادى الأولى سنة 1299 هـ وبعد أن حصلت على المنزل الذي هو الركن الأول دخلت جامع الزيتونة لأقتطف من أزاهر العلم أصوله وفنونه ووجدت به سادة أئمة قادة يهتدون بهم في ظلم الجهل المدلهمة صدور علم وفرسان، كلام في ميدان نثر ونظام أشرقت شموس فضائلهم في ميدان السعود ونظموا في سلك الفصائل تنظيم الدر في أسلاك العقود

صلة

رياض آداب، كلها زواهر وبحار علم كلها لآلىء وجواهر. فقرأت على مَن ترجمت لهم في الماضي وهم أفاضل أمغطوا من سائر العلوم غوارب الإنتاج وأماثل فاضت بحور علومهم كما يفيض البحر المتلاطم الأمواج، اغترفوا من حياض المعارف، نمير الحقائق واقتطفوا من رياض الآداب ثمرات اللطائف والرقائق وإذ ذاك غصن الصبا بأيام السعادات مورق وبدر الشباب في سماء الكمالات مشرق وأنا خلي البال مما يشغل البلبال لا دأب لي إلا مواسم وقود العلوم في سوق عكاظها ولا شغل لي إلا اكتشاف وسائم وجوه المعاني المخبأة تحت براقع ألفاظها واقتناص الشوارد وتقييد الأوابد فعكفت على ذلك الحال، ولازمت ذلك المنوال، حتى حصلت علي رتبة التطويع بعد الاختبار من السادات النظار وهي رتبة يكون صاحبها من العدول المبرزين وممن يمكن نظمه في سلك المدرسين وذلك سنة 1307 هـ وأقرأت بالجامع المذكور الصغرى وصغرى الصغرى والعشماوية والمرشد المعين والرسالة والأجرومية والقطر والماكودي على الخلاصة من أوله إلى العطف وفي سنة 1313 هـ أسند إلى التدريس بالمنستير وفيها أسندت إلى خطة الفتوى بقابس ثم القضاء بها وفي سنة 1319 هـ أسندت إلى خطة القضاء بالمنستير وخطة الإمامة والخطابة بجامعها الكبير وفي أثناء الإقامة بفاس ألّفت مواهب الرحيم في مناقب الشيخ عبد السلام بن سليم المتوفى سنة 989 هـ وطبع وانتشر وشرعت في هذا التأليف وعرضت أثناء جمعه عوائق كثيرة وحررت رسالة في فضيلة الطب والمستشفيات وتقريرات على الأربعين الثنائيات المذكورة في طبقة التابعين غير أنها محتاجة إلى التهذيب وقد عرضت موانع تمنع من الحصول على المطلوب وإن زالت وقدر الله مهلة في الأجل وتسهيلاً في العمل فإني أستأنف ذلك والله الموفق والمعين. صلة 1735 - اعلم أني ترجمت لنفسي فيما تقدم والمقصود هو التحدث بالنعمة والاقتداء بالسلف الصالح ونعمه جل ذكره لا تحصى ولا تعد ولا تستقصى قال عزّ من قائل: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] في روح المعاني عند قوله جلّ جلاله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13] قيل: هو من يرى عجزه عن الشكر لأن توفيقه للشكر يستدعي شكراً آخر إلى ما لا نهاية له وقد نظم بعضهم هذا المعنى فقال: إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... عليّ له في مثلها يجب الشكر فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله .... وإن طالت الأيام واتسع العمر

وفيه عند قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} [الضحى: 11] فإن التحدث بها شكر لها كما قال عمر بن عبد العزيز مرفوعاً "مَن أعطى عطاءً فوجد فليجز به فإن لم يجد فليثن به فمن أثنى به فقد شكره ومن كتمه فقد كفره ومن تحلى بما لم يعط كان كلابس ثوبي زور" ولذا استحب السلف التحدث بما عمل من الخير إذا لم يرد به الرياء والافتخار بل بعض أهل البيت رضي الله عنهم حمل الآية على ذلك، أخرج ابن أبي حاتم عن مقسم قال: لقيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما فقلت له: أخبرني عن قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} فقال: "الرجل المؤمن يعمل عملاً صالحاً فيخبر به أهل بيته" وأخرج ابن أبي حاتم عنه رضي الله عنه قال فيها "إذا أصبت خيراً فحدّث به إخوانك" اهـ روح المعاني وفي السيرة الحلبية في باب عموم بعثته - صلى الله عليه وسلم - بعد أن ساف أحاديث في بعض الفضائل التي اختص بها فمنها أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنا محمَّد أنا أحمد" ثم قال ما نصه في وصفه - صلى الله عليه وسلم - نفسه بما ذكر وقول عيسى عليه السلام {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} الآية وقول سليمان عليه السلام {عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} الآية دليل على جواز التحدث بالنعمة وهو الأصل في ذكر العلماء مناقبهم في كتبهم وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} ومن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "التحدث بنعمة الله شكر وتركه كفران" قال تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} وعن سفيان الثوري: مَن لم يتحدث بنعمة الله فقد عرضها للزوال والحق في ذلك التفصيل وهو أن من خاف من التحدث بالنعمة وإظهارها الرياء فعدم التحدث بها وعدم إظهارها أولى ومن لم يخف ذلك فالتحدث بها وإظهارها أولى وفي الشفا عند قوله السادس أمره بإظهار نعمته عليه وشكره ما شرفه به بنشره وإشادة ذكره بقوله: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)} فإن من شكر النعمة التحدث بها وهذا خاص به عام لأمته، قال شارحه الشهاب الخفاجي: التحدث بالنعمة شكر لها وقد قالوا إنه يحسن من الإنسان الثناء على نفسه وذكر محاسنه وفضائله في مواضع يستثنوها من الأصل الغالب على الكل محادة من هضم أنفسهم وروي عن علي كرّم الله وجهه أنه قال: إذا أصبت خيراً فحدّث به إخوانك، ومن مواطن التحدث بالنعم ما إذا جهل قدره ونوزع في أمر وروي مثله عن كثير من الصحابة وللسيوطي رحمه الله تعالى تأليف سماه نزول الرحمة في التحدث بالنعمة وأشار بمن التبعيضية فإن من شكر النعمة التحدث بها إلا أن للشكر طرقاً أخر كإظهار الملابس والمطاعم والمراكب وفي الحديث التحدث بالنعمة شكر وفيه إذا أنعم الله على عبده بنعمة أحب أن يرى أثرها عليه اهـ شهاب. وللعارف بالله الشعراني تأليف سماه لطائف المنن والأخلاف في بيان وجوب التحدث بنعمة الله

فصل

على الإطلاق قال في خطبته: وكان الباعث على تأليفه أموراً منها الاقتداء في ذلك بالسلف الصالح وذكر جماعة منهم الحافظ ابن حجر وتلميذه الحافظ السيوطي فإنه ذكر مناقبه في تراجم الفقهاء وفي طبقات المحدثين وطبقات المفسرين وفي طبقات المقرئين وفي طبقات النحاة واللغويين وفي طبقات الصوفية وقال في كتابه: التحدث بالنعمة إنما ذكرت مناقبي اقتداء بالسلف الصالح وتعريفاً بحالي في العلم ليأخذه الناس علي وتحدثاً بنعمة الله تعالى لا الافتخار على الأقران ولا طالباً الدنيا ومناصبها وجاهها معاذ الله أن أقصد ذلك وأي قدر للدنيا حتى نطلب تحصيلها بما فيه ذهاب الدين واللعنة والطرد عن حضرة الله تعالى. الشعراني وكذلك أقول إني لم أقصد بما ذكرته لك من الأخلاق في هذا الكتاب الافتخار على الأقران معاذ الله أن أهدي إلى حضرته تعالى كتاباً مشتملاً على ما استحق به اللعن والطرد وهذا هو قصدي الآن وأرجو الله تعالى دوام هذه النية الصالحة إلى الممات وما ذلك على الله بعزيز اهـ والعبد الفقير قائل بمثل مقاله ناسج على منواله ومنوال أهل الفضل مثله داعياً بدعائه راجياً القبول بمنه وفضله وما ذلك على الله بعزيز. فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ... إن التشبه بالكرام فلاح فصل 1736 - اعلم أن عقود درر الشجرة انتظم من سبع وعشرين طبقة والإمام مالك قدس الله روحه من رجال الطبقة الرابعة ومذهبه ظهر بالمدينة المنورة ثم انتشر في حياته وبعد وفاته في أقاليم كثيرة وأقطار متعددة منها الحجاز والعراق ومصر وطرابلس والأندلس وإفريقية وصقلية والسودان والمغربان الأقصى والأوسط. لكن انتشاره كان طويل المدد وذيعانه كان مديد المدد في خصوص العراق ومصر وإفريقية والأندلس والمغربين فحالته في هاته الأقطار جديرة بأن تذكر وتطلب وحقيقة أن تبسط إذ هي فروع خمسة في رجال المذهب وترتيب رجال كل فرع على مقتضى الوفيات من أوله إلى منتهاه. 1737 - أما فرع العراق فإن المذهب فيه انتشر انتشاراً باهراً ثم ضعف ضعفاً ظاهراً واستمر الحال على ذلك حتى الآن في الديباج عند ترجمة أبي بكر الأبهري ما نصه انتشر مذهب مالك في البلاد وبعد موت أبي بكر المذكور وكبار أصحابه لتلاحقهم به وخروج القضاء عنهم إلى غيرهم من مذهبي الشافعي وأبي حنيفة ضعف مذهب مالك بالعراق وقيل طالبه لاتباع الناس أهل الساسة والظهور اهـ.

1738 - وأما فرع مصر فإن المذهب انتشر فيه انتشاراً قوياً ثم انقطع نحو القرنين انقطاعاً كلياً ثم تراجع وذاع أتم ذيعان واستمر على ذلك حتى الآن في حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة عند ذكر من كان بمصر من أئمة الحنابلة ما نصه أن مذهب الإِمام لم يبرز خارج العراق إلا في القرن الرابع وفي هذا القرن ملك العبيديون مصر وأفنوا من كان بها من أئمة المذاهب الثلاثة قتلاً ونفياً وتشريداً وأقاموا مذهب الرفض والشيعة إلى أواخر القرن السادس فتراجعت إليها الأئمة من سائر المذاهب اهـ. 1739 - وأما فرع إفريقية فإن المذهب استفاض فيه أمداً ثم ضعف مُدداً ثم تراجع إلى انتشاره واستفاضته ولم يزل حتى اليوم على حالته في جذوة الاقتباس كان الغالب على أهل المغرب مذهب الكوفيين إلى أن دخل ابن زياد التونسي وابن أشرس والبهلول بن راشد وأسد بن الفرات وغيرهم من الحفاظ لمذهب مالك فأخذه الكثير من الناس ولم يزل ينتشر إلى أن جاء سحنون ففض حلق المخالفين واستمر المذهب بعده في أصحابه فشاع في أقطار المغرب إلى وقتنا هذا اهـ وانتشر أيضاً العلم بإفريقية واستبحر خصوصاً بالقيروان واستمر على ذلك مدة مديدة وسنين عديدة ثم ضعف ضعفاً بيناً أواخر الدولة الصنهاجية ثم تراجع أوائل دولة بني أبي حفص ونما وانتشر ثم ضعف وكاد ينقطع أواخر هاته الدولة وأوائل دولة الترك ثم أخذ في التراجع والنمو شيئاً فشيئاً إلى هذا العهد وقال ولي الدين بن خلدون: سند تعلم العلم كاد ينقطع من المغرب بإخلال عمرانه وتناقص الدولة وما يحدث عن ذلك من نقص الصنائع وفقدانها وذلك أن القيروان وقرطبة كانتا حاضرتي المغرب والأندلس واستبحر عمرانهما وكان فيهما من العلوم والصنائع أسواق نافقة وبحور زاخرة ورسخ فيهما التعليم لامتداد عصورهما فلما خربتا انقطع التعليم بالمغرب. اهـ وفي مسامرات الظريف أنه بانتهاء المائة التاسعة انقطع الخبر وعمي الأثر وطوي بساط أخبار العلماء والفضلاء مما دهم إفريقية وخصوصاً الحاضرة أواسط المائة العاشرة بتقلص ظل الدولة الحفصية عنها وبلوغها سن الهرم مع ارتباك الأحوال وتراكم النوائب والأهوال. اهـ وفي تاريخ الشيخ حمودة بن عبد العزيز كاد العلم أواخر هاته الدولة وأوائل دولة الترك يرتفع منها بالمرة ثم تراجع شيئاً فشيئاً طبقة بعد طبقة كل طبقة هي أكثر عدداً من التي قبلها. اهـ. 1740 - وأما فرع الأندلس فإن المذهب شبّ فيه وانتشر ودام على ذلك قروناً كثيرة واستمر ثم شاب وانقطع أواخر القرن التاسع واندثر. في جذوة الاقتباس كان رأيهم منذ فتحت على مذهب الأوزاعي إلى أن رحل زياد بن عبد الرحمن

شبطون وغيره فجاؤوا بعلم مالك وبيّنوا للناس فضله حتى عرفوا حقه واقتدوا به وأخذه أمير الأندلس هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن عبد الملك وألزم الناس به وصيّر القضاء والفتيا عليه وذلك في عشر السبعين ومائة في حياة مالك. اهـ واستمر المذهب في الانتشار والعلم في الاستبحار إلى الطبقة الرابعة عشرة فأخذ في الرجوع إلى الوراء والضعف والقهقرى حتى انقطع بالمرة أواخر المائة التاسعة وانتهى الحديث عنهم بتاتاً. 1741 - وأما فرع المغربين الأقصى والأوسط فإن أهله كانوا تابعين لإفريقية ثم ظهر لمذهب بينهم وكثر انتشاره واشتد ساعده وعلا مناره واستمر على انتشاره الباهر ونموه الزاهر إلى يومنا الحاضر في جذوة الاقتباس أول من أدخل مذهب مالك المغرب دراس بن إسماعيل المتوفى سنة 357 هـ وفي المعجب اجتمع بمدينة فاس علم القيروان وقرطبة إذ كانت حاضرة الأندلس والقيروان حاضرة المغرب فلما اضطرب أمر إفريقية بعبث العرب فيها واضطرب أمر قرطبة آخر ملوك بني أمية رحل من هذه وهذه من كان فيهما من العلماء والفضلاء من كل طبق فراراً من الفتنة فنزل أكثرهم مدينة فاس. اهـ.

تمهيد لخلاصة الأسانيد

تمهيد لخلاصة الأسانيد 1742 - اعلم أن من المفيد تلخيص ما أشرت إليه في الطبقات من الفهارس المصنفة في رجال الأسانيد التي الغرض منها ربط الأسانيد بعضها ببعض واتصالها بالتآليف المصنفة في علوم الدين مقاصد ووسائل وتسهيلاً للقارىء وتتميماً للفائدة وحيث إن برنامج الحافظ أبي بكر بن خير كان جامعاً لمصنفات كثيرة في الغرض رجالها من الطبقة التي قبل طبقته وهي الثانية عشرة بالمقصد رأيت من الواجب تلخيص ما به من الفهارس وتذييلها بما في الطبقات بعدها طبقة بعد طبقة إلى طبقة شيوخنا وعدد الشيوخ الذين سمع منهم أبو بكر المذكور أو كتبوا إليه نيف ومائة قد احتوى على أسمائهم البرنامج المذكور وهو في مجلد ضخم غاية في الإفادة والاحتفال والإجادة لا يعلم لأحد مثله. من شيوخه أبو الحسن شريح وأبو مروان الباجي وابن العربي وابن حبيش وأبو بكر بن طاهر وأبو عبد الله ابن عبد الرزاق وأبو القاسم بن بقي وأبو عبد الله ابن الحاج وابن مغيث وابن أبي الخصال وابن مسرة وسمع أبا محمَّد بن عطية وعياضاً وابن أخت غانم وابن معمر وابن الطلاع وأجازه أعلام منهم أبو محمَّد بن عتاب والأسدي وابن الوراق وابن طريف وابن موهب والرشاطي والسلفي والمازري. وفي أوائل برنامجه المذكور سألنىِ مَن له رغبة في العلم وعناية بتقييده أن أذكر لهم ما رويته عن المشايخ من الدواوين المصنفة في ضروب من العلم وأنواع المعارف وأن أذكر سندي عنهم فيها إلى مصنفيها وما قرأته من ذلك عليهم أو سمعته منهم بقراءتهم أو بقراءة الغير وأن أضيف إلى ذلك ما ناولوني إياه وأجازوه. انتهى، ثم أتى على تلك الدواوين ديواناً سأذكرها عقب خلاصة الأسانيد وآتي على فهارسهم فهرسة فهرسة وهي فهرسة أبي علي الجياني وفهرسة أبي محمَّد عبد الله بن محمَّد بن علي اللخمي الباجي وفهرسة أبي عبد الله محمَّد بن شريح وفهرسة أبي الحسن يونس بن محمَّد بن مغيث وفهرسة أبي عبد الله محمَّد بن عتاب وفهرسة ابنه أبي محمَّد عبد الله وفهرسة أبي الوليد أحمد بن طريف وفهرسة أبي عبد الله محمَّد بن

الطبقة الثالثة عشرة

عبد الله الخولاني في أربعة أجزاء وفهرسة أبي ذر الهروي وفهرسة أبي عمر وعثمان الداني وفهرسة أبي الحسن علي بن هذيل وفهرسة أبي محمَّد مكي وفهرسة أبي عمر بن عبد البر وفهرسة أبي الوليد الباجي وفهرسة أبي العباس أحمد العذري وفهرسة أبي علي الصدفي وفهرسة أبي عمر أحمد الطلمنكي وفهرسة ابن الطلاع وفهرسة القاضي أبي الوليد يونس بن عبد الله بن مغيث وفهرسة حاتم الطرابلسي أي طرابلس الشام وفهرسة أبي محمَّد عبد الله بن الوليد بن سعد المالكي وفهرسة أبي محمَّد عبد الله ابن السيد البطليوسي وفهرسة خلف بن بشكوال وفهرسة طارق بن يعيش وفهرسة القاضي الشهيد أبي عبد الله محمَّد ابن الحاج وفهرسة أبي بكر بن مروان وفهرسة القاضي ابن الحذا وفهرسة أبي عمرو وعثمان بن حمود الصفاقسي وفهرسة أبي الحسن علي بن لب وفهرسة أبي المطرف عبد الرحمن القنازعي وفهرسة أبي جعفر البطروجي وفهرسة أبي الوليد يوسف المعروف بابن الدباغ وفهرسة عيسى بن سهل وفهرسة أبي الحسن علي بن موهب اللخمي الجذامي يعرف بابن الدقاق وفهرسة القاضي عياض وفهرسة أبي بكر بن غالب وفهرسة عبد الحق بن أحمد الغافقي. انتهى. ومن رجال هاته الطبقة ولهم فهارس أبو عبد الله محمَّد بن سعادة وفي مشيخته كثرة منهم الصدفي وابن رشد وابن الحاج وابن العربي والمازري والطرطوشي ولأبي محمَّد عبد الله المعروف بابن عبيد الله فهرسة وانفرد بعلو الإسناد في البخاري لسماعه من ابن منظور عن الهروي ولأبي بكر بن أبي جمرة برنامج وفي شيوخه كثرة نهم ابن هذيل وابن النعمة وعياض والمازري وابن العربي. الطبقة الثالثة عشرة 1743 - لأبي عبد الله محمَّد بن يوسف يعرف بابن عياد مجموع في مشيخة والده سمع من والده وابن هذيل وابن سعادة وابن بشكوال وابن خير ولأبي عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن التجيبي مؤلف على حروف المعجم وبرنامج أكبر وآخر أصغر ومسلسلات من شيوخه عبد الحق الأشبيلي وابن مضاء وابن الفخار والسهيلي والسلفي ولأبي العباس أحمد بن عات برنامج في مروياته سماه النزهة وآخر سماه ريحانة الأنفس في شيوخ الأندلس من شيوخه ابن بشكوال ولأبي سليمان بن حوط الله فهرسة شيوخه أكثر من مائتي شيخ منهم ابن نوح وابن أبي جمرة وابن بشكوال وابن زرقون والسهيلي ولأبي القاسم أحمد بن بقي فهرسة روى عن أبيه إلى جده الأعلى ولابن الطيلسان مسلسلات وغيرها في مشيخته كثرة منهم خاله أبو بكر بن

الطبقة الرابعة عشرة

غالب ولأبي علي عمر الشلوبين فهرسة سمع ابن الجد وابن زرقون وابن خروف وابن بشكوال وأجازه السلفي وابن حبيش وابن خير ولأبي عبد الله محمَّد الطراز فهرسة وفي شيوخه كثرة منهم ابن البقال وأبو سليمان بن حوط الله ولأبي عبد الله محمَّد بن قاسم التميمي الباجي فهرسة سماها النجوم المشرقة لقي نحو مائة شيخ منهم السلفي وابن عوف والحضرمي وابن بري ولأبي عبد الله محمَّد بن علي الصنهاجي برنامج ذكر فيه مشيخته ومقروءاته وهي مائتان وعشرون كتاباً كلها مسندة إلى مؤلفيها من شيوخه أبو مدين الغوث وعبد الحق الإشبيلي. الطبقة الرابعة عشرة 1744 - لأبي القاسم بن البراء جزء في مشيخته ولأبي زيد الأسيدي القيرواني برنامج في شيوخه وهم نيف وثمانون منهم ابن شقر ولأبي عبد الله محمَّد بن الأبار عناية بالرواية ومن اعتنائه بها أنه لا يكاد كتاب من الكتب المؤلفة في الإِسلام إلا وله فيه رواية إما بعموم أو خصوص وفي مشيخته كثرة منهم أبو سليمان بن حوط الله ولأبي جعفر اللبلي فهرسة من شيوخه الشلوبين وابن لب. الطبقة الخامسة عشرة 1745 - لرضي الدين الطبري فهرسة من شيوخه أبو الحسن بن خيرة ولأبي محمَّد عبد الله بن فرحون مشيخة منهم ابن جابر الوادي آشي خرج له ابن السكن فهرسة كبيرة في شيوخه ومروياته ولأبي جعفر بن الزبير فهرسة شيوخه نحو الأربعمائة منهم ابن خليل وابن سراج وابن حوط الله والحضرمي وابن سيد الناس وابن عطية وابن واجب وابن فرتون والطراز وعياض الحفيد ولأبي جعفر بن الزيات فهرس من شيوخه ابن الزبير وابن الطباع ولأبي عثمان سعيد بن ليون العماد في علوم الإسناد من شيوخه ابن الزبير وابن رشيد ولأبي القاسم بن جزي فهرسة من شيوخه ابن الزبير وابن رشيد ولأبي عبد الله بن جابر الوادي آشي أسانيد كتب المالكية يرويها عن مؤلفيها. أخذ عن والده وابن الزيات وابن الفخار وابن عبد الرفيع وابن هارون القرطبي وابن عات وعبد الواحد بن المنير ولأبي عبد الله بن رشيد رحلة ذكر فيها مشيخته منهم المنذري والحرالي وأبو الحسن المقدسي وابن الأبار وعبد الرحمن المقدسي وابن هارون القرطبي وحازم وابن زيتون ولعبد المهيمن الحضرمي تأليف في مشيخته وفيهم كثرة منهم ابن الزبير وابن رشيد وابن عبد الرفيع والمنتوري وابن الغماز وابن الشاط وابن سيد الناس.

الطبقة السادسة عشرة

الطبقة السادسة عشرة 1746 - لأبي زيد بن خلدون تأليف ترجم فيه لنفسه وسلفه ومشيخته منهم ابن جابر الوادي آشي وابن عبد السلام وعبد المهيمن الحضرمي وعيسى ابن الإِمام والأبلي والمقري والشريف السبتي والشريف التلمساني والبلفيقي ولأبي إسحاق ابن الحاج رحلة حافلة أخذ فيها عن الذهبي والبرزالي والمزي وصاحبه في رحلته خالد البلوي وله رحلة ذكر فيها من لقيه منهم عبد العزيز القوري وابن رشيد والجاناتي والجزولي وعيسى ابن الإِمام وابن هارون التونسي وابن عبد السلام ولأبي البركات البلفيقي تأليف في أسماء الكتب والتعريف بمؤلفيها من شيوخه ابن الزبير وابن رشيد وابن سلمون وابن الكماد وابن الفخار وابن منظور وابن البنا وأبو الحسن الصغير والجزولي والمشذالي ولأبي عبد الله لسان الدين ابن الخطيب تعريف بمشيخته ولأبي عبد الله المقري تلخيص في قراءته ومشيخته منهم الأبلي والمشذالي والحضرمي وابن عبد السلام ولأبي عبد الله الرعيني فهرسة من شيوخه أبو الحسن الصغير وابن البنا وابن رشيد ولأبي عبد الله محمَّد بن مرزوق الخطيب برنامج في شيوخه وهم كثيرون جداً منهم ابن عساكر والناصر بن المنير وابن راشد وعثمان النويري وإبراهيم الصفاقسي وأخوه محمَّد وأبو حيان وابن جابر الوادي آشي وابن عبد الرفيع وابن هارون التونسي وابن عبد السلام والمشذالي وعيسي المغيلي. الطبقة السابعة عشرة 1747 - لأبي القاسم البرزلي مشيخة ذكرها في إجازته لابن مرزوق الحفيد وأجازه إجازة عامة منهم ابن عرفة وابن مرزوق الخطيب وأبو الحسن البطرني وأخذ عنه القراءات وأجازه بها وبأحزاب الشاذلي وهو عن أبي العزائم ماضي عن الشاذلي ولأبي زكريا السراج فهرسة في جزأين من شيوخه ابن عياد والبلفيقي وله سماع عظيم ولأبي العباس بن قنفذ اعتناء بلقاء العلماء والاستفادة منهم وعرف بهم منهم الشريف السبتي والشريف التلمساني والعبدوسي وابن البنا وابن مرزوق الخطيب وابن عرفة والرجراجي والقباب ولأبي مهدي عيسى بن علال رحلة سمع فيها من جماعة منهم أبو عمران العبدوسي والتازغدري ولأبي عبد الله محمَّد بن مرزوق الحفيد فهرسة وفي شيوخه كثرة وغالبهم أجازه إجازة عامة منهم ابن قنفذ وابن عرفة وابن خلدون والبلفيقي وابن الملقن وصاحب القاموس والنور النويري وابن علاق وابن جزي وابن علوان ولجار الله قاضي مكة المشرفة أبي عبد الله محمَّد الفاسي فهرسة من شيوخه البرهان بن فرحون وبهرام والوانوغي وابن صدقة.

الطبقة الثامنة عشرة

الطبقة الثامنة عشرة 1748 - لأبي عبد الله محمَّد الرصاع فهرسة من شيوخه البرزلي وابن عقاب والأخوان القلشانيان وأبو القاسم العبدوسي وقاسم العقباني ولأبي الحسن القلصادي رحلة عرف فيها بشيوخه منهم ابن فتوح وابن مرزوق الحفيد والعقباني وابن عقاب وحلولو والحافظ ابن حجر وأبو القاسم النويري والجلال المحلي ولأبي زيد الثعالبي فهرسة عرف فيها بنفسه وشيوخه منهم ابن مرزوق الحفيد والأبي والولي العراقي وعيسى الغبريني والزعبي والبرزلي وعمر القلشاني والبساطي وأبو القاسم العبدوسي ولأبىِ عبد الله السنوسي تعريف بشيوخه منهم الثعالبي والولي التازي والقلصادي والولي أبركان ولأبي عبد الله التنسي فهرسة من شيوخه أبو الفضل العقباني وابن مرزوق الحفيد ولأبي العباس أحمد زروق كناشة في التعريف بنفسه وأحواله وشيوخه منهم المشذالي والرصاع والسنوسي والشيخ الجزولي والقوري وأبو الحسن السنهوري والخروبي الكبير وهو عن الأبي. الطبقة التاسعة عشرة 1749 - لأبي عبد الله محمَّد الحطاب سند في الفقه والحديث تعرض له في أوائل شرحه على المختصر من شيوخه والده ومحمد السخاوي وعبد الحق السنباطي وعبد القادر النويري ومحمد بن عبد الغفار وابن علاق ولأبي عبد الله التتائي فهرسة من شيوخه النور السنهوري ولأبي العباس الونشريسي كناشة من شيوخه أبو الفضل العقباني وابنه سالم وابن مرزوق الكفيف ولأبي عبد الله محمَّد بن غازي فهرسة حافلة وتذييل عليها من شيوخه الكاواني والمزدغي والقوري والورياجلي والسراج والحباك وابن مرزوق الكفيف ولأبي الحسن بن هارون فهرسة من شيوخه ابن غازي وأبو العباس الونشريسي والقاضي المكناسي وعبد الرحمن سقين وأحمد زروق. الطبقة العشرون 1750 - لأبي عبد الله محمَّد خروف فهرسة في مشيخته كثرة منهم حسن الرنديوي والشمس والناصر اللقانيان وسقين ولأبي عبد الله اليسيتني مشيخة من أهل المشرق والمغرب وفيهم كثرة منهم ابن غازي وأبو العباس الزقاق وابن هارون وعبد الواحد الونشريسي وأحمد الحباك وسعيد المقري وعمر الوزان وماغوش وأحمد سليطين وأبو القاسم البرشكي وأبو الحسن الزنديوي والشمس والناصر

الطبقة الحادية والعشرون

اللقانيان والبحيري ومحمد الحطاب وأحمد زروق الصغير ولأبي الرضى رضوان الجنوي فهرسة من شيوخه سقين ولأبي العباس المنجور فهرسة في مشيخته منهم سقين وابن هارون واليسيتني وعبد الواحد الونشريسي وخروف وابن جلال. الطبقة الحادية والعشرون 1751 - للبدر محمَّد القرافي فهرسة من شيوخه والده والأجهوري والتاجوري والجيزي وللبرهان اللقاني التحفة في الأسانيد وجزء في مشخيته منهم البرموني وسالم السنهوري ويحيى القرافي ولابن أبي مريم البستان من شيوخه سعيد المقري ولأبي عبد الله القصار فهرسة جمعت روايته في الفقه والحديث من شيوخه اليسيتني وعبد الوهاب الزقاق والجنوي والمنجور ويحيى الحطاب وخروف والبدر القرافي ولأبي محمَّد قاسم بن أبي العافية فهرسة من شيوخه المنجور ولأبي العباس أحمد بن أبي العافية فهرسة من شيوخه أحمد بابا والمنجور والسراج والقصار ويحيى الحطاب والبدر القرافي ولأبي عبد الله محمَّد بن أبي بكر الدلائي فهرسة من شيوخه القصار ولأبي العباس أحمد بابا تعريف بمشيخته منهم والده وعمه أبو بكر ومحمد بقبع ويحيى الحطاب ولأبي العباس ابن القاضي السجلماسي رحلة ذكر فيها مقروءاته ومشيخته منهم سالم السنهوري والبرهان اللقاني وللشهاب المقري تعريف بمشيخته منهم عمه سعيد المقري وأحمد بابا والقصار. الطبقة الثانية والعشرون 1752 - لأبي محمَّد عبد الباقي الزرقاني ثبت من شيوخه النور الأجهوري ولأبي محمَّد عبد الكريم الفكون فهرسة من شيوخه والده وهو عن محمَّد الوزان عن ابن زيان عن أحمد زروق بسنده ولأبي العباس أحمد الشريف الأكبر فهرسة من شيوخه الشيخ الشبراوي ولأبي مكتوم عيسى الثعالبي إتحاف ودود ذكر فيه عظماء المذهب المالكي وسندهم ومقاييد الأسانيد ذكر فيه شيوخه المالكيين وفهرسة من شيوخه سعيد قدورة وعبد الكريم الفكون وأبو الحسن السراج والأجهوري والشهاب المقري والخفاجي والتاج المكي والبابلي ولأبي عبد الله محمَّد بن ناصر الدرعي فهرسة من شيوخه عبد القادر الفاسي ولأبي سالم العياشي رحلة وفهرسة ذكر فيهما رجال سنده منهم عيسى الثعالبي وعبد القادر الفاسي وابن ناصر والأجهوري والخرشي وأجازوه إجازة عامة ولأبي محمَّد عبد القادر الفاسي فهرسة حافلة جمعها له ابنه عبد الرحمن ذكر فيها تصانيف كثيرة مسندة إلى مؤلفيها وهي المشار لها في

الطبقة الثالثة والعشرون

فهرسته شيخنا عمر ابن الشيخ الآتي ذكرها. من مشايخه عم أبيه عبد الرحمن الفاسي وعمه العربي الفاسي وابن أبي النعيم والشهاب المقري والجنان وعبد الواحد بن عاشر وأبو الحسن ابن القاضي ولأبي عبد الله محمَّد الفاسي السوسي فهرسة من شيوخه عيسى التكتاني وسعيد قدورة وابن ناصر والأجهوري والشهاب الخفاجي. الطبقة الثالثة والعشرون 1753 - لأبي الإمداد خليل اللقاني فهرسة من شيوخه والده والنور الأجهوري ولأبي الحسن علي النوري مشيخة ذكرهم في إجازته لتلميذه أحمد العجمي المكني منهم إبراهيم الماموني وأحمد السنهوري والشنواني ومحمد الخفاجي والشبراملسي والنور الزيادي ومحمد بن ناصر وزين العابدين حفيد الشيخ زكرياء الأنصاري ويحيى الشاوي وأحمد بن أحمد العجمي وعلي الخياط والخرشي والشبرخيتي وعبد السلام اللقاني والشبراوي ومحمد الأفراني المغربي السوسي وعاشور القسنطيني وأحمد العنابي قائلاً إن سنده اتصل بكتب كثيرة وهي عشاريات الحافظ ابن حجر وفهرسته التي جمعت ما تفرق في غيرها في نسختين كل نسخة في ثلاثين كراساً في الكامل وعشاريات الحافظ السيوطي وفهرستاه الكبرى والصغرى وفهرسة ابن مرزوق الحفيد وفهرسة الشيخ زكرياء الأنصاري وفهرسة ابن غازي وفهرسة الشيخ يوسف ابن شيخ الإِسلام وفهرستا البابلي إحداهما جمعها له يحيي الشاوي والأخرى جمعها له عيسى الثعالبي وفهرسة المنجور وفهرسة العلقمي ثم قال: ولا تجد كتاباً للمتقدمين ولا للمتأخرين في جميع العلوم إلا ولنا به اتصال وسند يوصلنا إلى مؤلفه انتهى. ولأبي العباس أحمد ابن الحاج فهرسة من شيوخه عبد القادر الفاسي وابنه عبد الرحمن والقاضي ابن سودة وميارة وابن جلال والبابلي والشبراملسي وعبد السلام اللقاني والخرشي ولأبي عيسى محمَّد المهدي الفاسي فهرسة من شيوخه والده أحمد وعمه عبد القادر الفاسي ولأبي محمَّد عبد السلام القادري فهرسة من شيوخه عبد القادر الفاسي وولداه محمَّد وعبد الرحمن ولأبي علي اليوسي فهرسة من شيوخه محمَّد بن ناصر وعبد القادر الفاسي ولأبي عبد الله محمَّد بن عبد القادر الفاسي فهرسة جمعها له ابنه محمَّد الطيب من شيوخه والده واليوسي والمهدي الفاسي وأحمد ابن الحاج وبردلة وعبد السلام القادري وسعيد قدورة ولأبي عبد الله محمَّد بن عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي المنح البادية في الأسانيد العالية من شيوخه جده عبد القادر ووالده عبد الرحمن وأبو سالم العياشي والخرشي. ولأبي الحسن الحريشي فهرسة من شيوخه عبد القادر الفاسي وأبو سالم العياشي واليوسي والخرشي والزرقاني.

الطبقة الرابعة والعشرون

الطبقة الرابعة والعشرون 1754 - لأبي العباس أحمد الصباغ فهرسة حافلة ذكر فيها شيوخه وكتباً مسندة إلى مؤلفيها من شيوخه محمَّد الزرقاني وأحمد النفراوي ويحيى الشاوي وإبراهيم الفيومي وأجازه بما في فهرسته ومحمد بن عبد القادر الفاسي ومحمد زيتونة وأجازاه بسنديهما ولأبي المودة خليل التونسي المصري فهرسة من شيوخه البليدي والملوي ولأبي الحسن السقاط فهرسة حافلة جمع فيها كتباً ومسلسلات من شيوخه محمَّد الزرقاني ومحمد بن عبد السلام بناني وإبراهيم الفيومي وأحمد بن الحجاج ولأبي العباس أحمد الماكودي فهرسة من شيوخه الحريشي وابن مبارك ولأبي الحسن بن خُليفة فهرسة من شيوخه أبو الحسن النوري وأجازه إجازة عامة والخرشي ومحمد الزرقاني والشبرخيتي ولأبي عبد الله الغرياني فهرسة من شيوخه إبراهيم الجمني ومحمد زيتونة وحمودة الريكلي والدمنهوري. ولأبي العباس أحمد بن مبارك مشيخة منهم محمَّد بن عبد القادر الفاسي والحريشي وأحمد ابن الحاج ومحمد المسناوي ولأبي عبد الله محمَّد بن عبد السلام بناني فهرسة من شيوخه أحمد بن ناصر وأبو سالم العياشي واليوسي وعبد الرحمن ومحمد ابنا عبد القادر الفاسي وأحمد ابن الحاج وابن زاكور وعبد السلام جسوس والخرشي وعبد الباقي الزرقاني وللحسين الورتيلاني رحلة ذكر فيها مشيخته منهم أحمد الصباغ وخليل المغربي التونسي والبليدي والعروسي والصعيدي والفيومي والعفيفي وسالم النفراوي ومحمد بن عبد العزيز وعبد الله السوسي المغربي ومحمد الغرياني ولأبي عبد الله محمَّد بن الحسن بناني فهرسة من شيوخه أحمد بن مبارك ومحمد جسوس ومحمد بن عبد السلام بناني ولزيان العراقي فهرسة من شيوخه أحمد بن مبارك ومحمد جسوس وأبو حفص الفاسي. الطبقة الخامسة والعشرون 1755 - لأبي العباس إحمد الدردير ثبت من شيوخه الصعيدي والصباغ ولأبي عبد الله محمَّد الأمير فهرسة غاية في الاحتفال من شيوخه البليدي والصعيدي والسقاط والتاودي وحسن الجبرتي ومحمد الحفني ويوسف الحفني وعطية البصير ومحمد بن عبد السلام الناصري أتى فيها على أسانيد هؤلاء الأعلام ومصنفات كثيرة في علوم شتى مسندة إلى مؤلفيها وسنذكرها وغالبها مذكور في فهرسة أبي محمَّد عبد القادر الفاسي ولأبي الفلاح صالح الكواش ثبت من شيوخه أبو عبد الله الغرياني

الطبقة السادسة والعشرون

وقاسم المحجوب وعبد الكبير الشريف وحمودة الريكلي ومحمد المنصوري ولأبي العباس أحمد ابن الصغير فهرسة من شيوخه ابن خليفة وأحمد بن علي بن عبد الصادق ومحمد الغرياني وأحمد السوسي المقرئ ولأبي الثناء محمود مقديش تاريخ عرف فيه بمشيخته منهم ابن عبد الصادق وإبراهيم الجمني الحفيد وقاسم المحجوب وعبد الله بن أحمد السوسي المذكور والدمنهوري والصعيدي ولأبي عبد الله محمَّد التاودي فهرسة من شيوخه محمَّد بن عبد السلام بناني ومحمد جسوس وأحمد بن مبارك ولأبي عبد الله محمَّد بن عبد السلام الفاسي فهرسة، من شيوخه أبو حفص الفاسي ومحمد بن عبد السلام بناني ومحمد جسوس. الطبقة السادسة والعشرون 1756 - لأبي العباس أحمد منة الله ثبت من شيوخه محمَّد الأمير الكبير وللبرهان إبراهيم الرياحي مشيخة من شيوخه حسن الشريف وصالح الكواش ومحمد وعمر ابنا قاسم المحجوب وإسماعيل التميمي وغالبهم أجازوه إجازة عامة وأجازه أبو عبد الله محمَّد الطاهر المير السلاوي بما حواه فهرس الشيخ أحمد الصباغ وأبو عبد الله محمَّد الأمير بما حواه ثبت والده وأبو عبد الله محمَّد عابد بما حواه ثبته المسمى بحصر الشارد وأبو عبد الله محمَّد التهامي الرباطي أجازه إجازة عامة متصلة السند. ولأبي عبد الله محمَّد بن ملوكة فهرسة، من شيوخه الشيخ إبراهيم المذكور ولأبي محمَّد عبد القادر الكوهن فهرسة من شيوخه الطيب بن كيران وحمدون ابن الحاج. ولأبي العباس أحمد بن بابا الشنجيطي رحلة ذكر فيها مشيخته. الطبقة السابعة والعشرون طبقة شيوخنا ومن عاصرهم 1757 - لأبي عبد الله محمَّد الشريف فهرسة، من شيوخه محمَّد بيرم شيخ الإِسلام الرابع وأحمد بن الخوجة ومحمد النيفر الأكبر والشيخ الشاذلي بن صالح ولأبي عبد الله الشاذلي المذكور فهرسة، من مشايخه محمَّد بيرم شيخ الإسلام الثالث. ولأبي عبد الله محمَّد البشير التواتي ثبت في القراءات أخذه عن محمَّد إدريس عن الشيخ المشاط عن الشيخ حمودة بن محمَّد بن إدريس عن الشيخ محمَّد الحرقاني بسنده. ولأبي عبد الله محمَّد بن خليفة المدني التونسي ثبت، من مشايخه الشيخ رحمة الله وأحمد دحلان ومحمد الأنبابي وإسماعيل الحامدي ومحمد الجدي

خلاصة التمهيد

بوزفرو ومحمد بوهاها ومحمد النجار والطيب النيفر وجعفر الكتاني وأحمد بن الطالب بن سودة. ولأبي العباس أحمد بن حسين الكافي فهرسة، من مشايخه والده وإبراهيم الرياحي. ولأبي حفص عمر ابن الشيخ فهرسة، من مشايخه محمد معاوية وإبراهيم الرياحي ومحمد بن ملوكة وحمدة الشاهد ومحمد الشريف والشاذلي بن صالح. ولأبي عبد الله الطيب النيفر فهرسة، من مشايخه والده وإبراهيم الرياحي ومحمد بن ملوكة ومحمد بن الخوجة وأحمد منة الله ولأبي عبد الله بلحسن النجار فهرسة. ولأبي عبد الله المهدي الوزاني فهرسة. ولأبي الإقبال عبد الحي الكتاني فهرسة. ولخاله جعفر الكتاني فهرسة ولابنه محمد فهرسة. خلاصة التمهيد 1758 - اعلم أن العبد الفقير اقتبسَ الأنوار وجني الأزهار والثمار من طبقة شيوخه وهم من طبقة شيوخهم وهكذا كل طبقة اقتبست الأنوار، وجنت الأزهار والثمار، من الطبقة التي قبلها وارتبطت بها ارتباط القمرين النيرين حتى اتصلت بعين الرحمة وَينبُوعِ كُلَّ فَضِيلَةِ وَحِكْمةٍ فهي شجرة في كل حين تقتبس أنوارها وتجتنى ثمارها وأزهارها، لم تزل من البركة في السمو والنماء، أصلها ثابت وفرعها في السماء، طابت أصلاً وزكت فرعاً وفصلاً. وقد أخذ عن مشايخ أعلام بعضهم قراءة وبعضهم قراءة وإجازة وبعضهم إجازة عامة مترجم لهم في الطبقة الأخيرة. أولهم أبو حفص عمر ابن الشيخ له فهرستان صغرى وكبرى وقد أجازني بما حوته الصغرى وأجازه بها الشيخ محمد الشريف ومحل الحاجة منها أنه أخذ الكتب الستة والموطأ بأسانيدها: فالبخاري عن الشيخ أحمد بن الخوجة عن حسن الشريف عن والده عبد الكبير عن جده أحمد الشريف الأصغر عن عبد الرحمن الكفيف عن سعيد الشريف الطرابلسي ثم التونسي عن أحمد الشريف الأكبر عن الشبراوي عن سالم السنهوري بسنده ورواه أيضاً عن الشيخ محمد بن الخوجة عن شيخ الإسلام الثالث محمد بيرم عن الشيخ محمد المحجوب عن والده الشيخ قاسم والشيخ محمد الغرياني بسنده ووالده عن الشيخ محمد زيتونة عن الشيخ محمد الزرقاني عن والده بسنده ورواه أيضاً محمد المحجوب عن شيخ الإسلام الأول محمد بيرم عن أحمد الماكودي عن أحمد بن مبارك عن ابن الحاج والحريشي عن أبي البركات عبد القادر الفاسي بسنده ورواه أيضاً عن الشيخ محمد بن الخوجة عن الشيخ محمد بن التهامي

الرباطي عن عبد الواحد بن محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن عبد القادر الفاسي عن الشيخ مرتضى الزبيدي بسنده، وروى أيضاً لشيخ محمَّد الشريف البخاري والموطأ عن شيخ الإِسلام الرابع محمَّد بيرم عن جده شيخ الإِسلام الثاني عن والده عن الشيخ أحمد الماكودي عن الحريشي عن عبد القادر الفاسي عن عم أبيه عبد الرحمن الفاسي عن القصار بسنده ورواهما أيضاً شيخ الإِسلام الرابع عن الشيخ محمَّد بن التهامي عن الشيخ محمَّد بن عبد السلام الناصري عن الشيخ التاودي عن الشيخ الصعيدي عن الشيخ عقيلة بسنده، وروى شيخ الإِسلام المذكور البخاري ومسلماً عن الشيخ محمَّد بن صالح البخاري بسنده لمؤلفيهما. أما الكبرى فهي فهرسة الشيخ أبي عبد الله محمَّد الشاذلي بن صالح فقد رواها عنه أبو حفص عمر المذكور؛ وهو أجاز بما حوته أخانا الشيخ حسن بن محمَّد سليم وهو أجازني بما حوته وخلاصتها أن أبا عبد الله المذكور أخذ عن شيخ الإِسلام الثالث محمَّد بيرم عن جده شيخ الإِسلام الأول عن الماكودي عن ابن مبارك. وهو عن جماعة، منهم الشيخ محمَّد القسنطيني والشيخ أحمد ابن الحاج والشيخ أحمد الجرندي والشيخ علي الحريشي، فأولهم عن الشيخ محمَّد المغربي عن النور الأجهوري بسنده وعن محمَّد بن عبد المؤمن عن الشبراملسي عن البرهان اللقاتي بسنده، وثانيهم ابن الحاج وهو عن شيخ الجماعة عبد القادر الفاسي بسنده وثالثهم عن عبد القادر المذكور وابنه عبد الرحمن عن الشيوخ الذين بفرستهما، ورابعهم الحريشي عن المذكورين بسندهما وعن أبي سالم العياشي، وممن أخذ عن الشيخ عبد القادر المذكور أبو سالم المذكور وأبو عبد الله المسناوي وأبو عبد الله العربي بردلة وأبو علي بن رحال، والمسناوي أخذ أيضاً عن محمَّد وعبد الرحمن ابني عبد القادر المذكور عن والدهما وهو أخذ عن أعلام منهم والده أبو الحسن علي وعماه أحمد والعربي ابنا يوسف الفاسي ومنهم عم والده أبو زيد الفاسي والقاضي ابن أبي النعيم والشهاب المقري والجنان وعبد الواحد بن عاشر روى عنهم كتباً كثيرة جداً في فنون شتى وهي الحديث والسير والتاريخ والتفسير والعقائد والنحو واللغة والمعاني والبيان والأصول والفقه والتصوف بأسانيدها إلى مؤلفيها مدرجة في الفهرسة الكبرى المذكورة ومدرجة أيضاً في فهرسة أبي عبد الله الأمير وسنذكرها كتاباً كتاباً عقب خلاصة الأسانيد. وثانيهم أبو عبد الله المهدي الوزاني أجازني إجازة عامة وبما حوته فهرسته قرآناً وحديثاً وأصولاً وفقهاً وعقائد وهو أخذ عن فضلاء منهم أبو الفلاح الحاج صالح بن محمَّد المعطي التادلي وأبو العباس أحمد بن أحمد بناني وأحمد وعمر

والمهدي أبناء الطالب بن سودة وأبو عبد الله بن إدريس الودغري البكراوي وأبو العباس أحمد الشدادي وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن وأبو عبد الله محمد بن المدني قنون وأبو عبد الله محمد المهدي بن محمد بن حمدون ابن الحاج والشيخ ماء العينين. أما القرآن العظيم فإنه أجازني به وهو أخذه إجازة برواية ورش عن عبد الله بن إدريس الودغري عن والده عن أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الفاسي عن عبد الرحمن بن إدريس المنجرة عن والده عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن علي المرنيسي عن أبي القاسم محمد بن إبراهيم بن موسى الدكالي الفاسي عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن غازي عن أبي عبد الله محمد بن الحسن الشهير بالصغير الفاسي عن أبي العباس أحمد بن عبد الله بن محمد الشهير بالفلالي عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الفخار عن أبي العباس أحمد بن علي الزواوي عن أبي الحسن علي بن سليمان بن أحمد الأنصاري القرطبي عن أبي جعفر أحمد بن الزبير بن إبراهيم بن الزبير عن أبي الوليد إسماعيل بن يحيى بن إسماعيل الأزدي الشهير بالعطار عن القاضي أبي بكر بن محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن زكرياء بن حسنون عن أبي محمد عبد الله بن خلف: ابن بقي القيسي عن أُبي محمد عبد الله بن عمر الشهير بابن العرجاء عن أبي العباس أحمد بن سعيد بن نفيس المصري إمام القراء في وقته انتهى إليه علو الإسناد عن عبد العزيز بن علي بن محمد بن إسحاق بن فرج المصري المعروف بابن الإمام عن أبي بكر عبد الله بن مالك بن عبد الله بن يوسف بن سيف التجيبي عن أبي يعقوب يوسف بن عمر بن يسار الأزرق المصري وهو قرأ على أبي سعيد عثمان بن سعيد المصري الملقب ورشاً، قال: قرأت على ورش عشرين ختمة وهو قرأ على إمام المدينة المنورة ومقرئيها أبي رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني أقرأ بها أكثر من سبعين سنة وقرأ على سبعين من التابعين منهم أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني وهو قرأ على أبي هريرة وابن عباس وهما على زيد بن ثابت الضحاك الأنصاري رضي الله عنهم وقرأ زيد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلقاه عن جبريل ثم اختلف بعد ذلك عمن تلقاه فقيل تلقاه عن الجليل جلّ جلاله كما يليق به سماعه، وقيل تلقاه عن اللوح واللوح عن القلم والقلم عن الله تعالى كما يليق به، وقيل تلقاه عن ميكائيل وهو عن الله كما يليق بجلاله.

الطريق الأول

وأما الجامع الصحيح لأبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري فقد قال الوزاني أن رواياته كثيرة والمعتمد منها روايته عن تلميذه أبي عبد الله محمَّد بن يوسف بن مطر الفربري وقد كثرت رواية هذا الصحيح عنه لتأخر موته. ثم إن الروايات الموصولة للفربري متعددة مختلفة وأفضلها رواية أبي عبد الله محمَّد بن يوسف بن سعادة عن الصدفي، قال الشيخ محمَّد الطيب بن عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي المنح البادية نقلاً عن جده عبد القادر المذكور أن رواية ابن سعادة عن أبي علي المذكور هي أفضل من الروايات التي عند ابن حجر وابن حجر لم يعثر عليها وهي المعتمدة عندنا بالمغرب المسلسلة بالمالكية اهـ وقد اتصل سندنا بها ولله الحمد من طرق: الطريق الأول عن الوزاني عن الحاج صالح المعطي عن الوليد العراقي عن ابن عمه الحافظ إدريس العراقي عن الشيخ التاودي عن أبي عبد الله محمَّد بن قاسم جسوس عن عمه عبد السلام جسوس عن أبي محمَّد عبد القادر الفاسي عن عم أبيه عبد الرحمن الفاسي عن أبي عبد الله القصار عن رضوان الجنوي عن أبي زيد سقين عن ابن غازي عن عبد الله محمَّد بن أبي القاسم بن أبي زكرياء المعروف بالسراج عن أبيه أبي القاسم عن جده أبي زكرياء عن أبي البركات محمَّد البلفيقي عن أبي جعفر أحمد بن أبي الزبير عن أبي الخطاب محمَّد بن أحمد المعروف بابن خليل عن أبي الخطاب أحمد بن أبي الحسن محمَّد بن عمر القيسي البلنسي عن أبي عبد الله محمَّد بن سعادة عن أبي علي الصدفي عن أبي الوليد الباجي المتوفى سنة 474 هـ عن أبي ذر الهروي المتوفى سنة 434 هـ عن أبي محمَّد عبد الله بن حمويه ويقال الحموي السرخسي المتوفى سنة 381 هـ وأبي إسحاق إبراهيم بن أحمد البلخي المستملي المتوفى سنة 376 هـ وأبي الهيثم محمَّد بن المكي بن زراع- كغراب- المروزي الكشميهيني المتوفى سنة 389 هـ ثلاثتهم عن أبي عبد الله محمَّد بن يوسف الفربري المتوفى سنة 320 هـ عن الإِمام الحافظ الحجة أبي عبد الله البخاري المتوفى سنة 256 هـ. الطريق الثاني عن الوزاني عن الحاج صالح المذكور عن الحاج الداودي بن العربي التلمساني عن أبي عبد الله محمَّد الأمير عن أبي الحسن السقاط سماعاً لبعضه

الطريق الثالث

وإجازة لباقيه عن أبي العباس أحمد ابن الحاج عن شيخ الجماعة عبد القادر الفاسي عن أبيه علي عن جده يوسف والمنجور والقصار وهم عن عبد الرحمن اليسيتني عن أبي العباس زروق وأبي عبد الله بن غازي عن أبي عبد الله القوري عن أبي عبد الله الغساني المكناسي المتوفى سنة 828 هـ عن القاضي أبي العباس أحمد بن الغماز المتوفى سنة 693 هـ عن الرضي الطبري وكان بالحياة سنة 713 هـ عن أبي الحسن بن خيرة المتوفى سنة 634 هـ عن أبي عبد الله محمَّد بن سعادة عن أبي علي الصدفي بسنده المتقدم اهـ بزيادة الوفيات. قلت: هكذا وقفت على هذا السند بفهرس الأمير وغيره، غير أن قوله إن الغساني أخذ عن أبي العباس الغماز غير ظاهر، والظاهر أنه أخذ عن القاضي محمَّد المتوفى سنة 786 هـ ابن القاضي أبي العباس الغماز المذكور والقاضي محمَّد لم يأخذ عن والده المتوفى سنة 693 هـ حيث تركه صغيراً أو حملاً وإنما أخذ عن الرضي وهو عن ابن خيرة، أما الوالد فإنه أخذ مباشرة عن ابن خيرة تأمل، وابن سعادة روى أيضاً البخاري عن عمه أبي عمران بن سعادة عن الصدفي، وهاته الرواية أثنى عليها صاحب نفح الطيب ولم تزل نسختها المروية عنه المكتتبة بخط راويها أبي عمران محفوظة بقبة النصر بفاس الجديد. الطريق الثالث عن الوزاني عن الشيخ الحاج صالح عن محمَّد بن حمدون ابن الحاج عن أبيه عن عدة شيوخ من عدة طرق منها عن الشيخ التاودي عن جماعة منهم محمَّد بن عبد السلام بناني عن محمَّد بن عبد القادر الفاسي وأبي علي اليوسي وأبي الفضل أحمد بن العربي ابن الحاج وهم عن شيخ الجماعة عبد القادر الفاسي بسنده إلى سقين عن ابن غازي عن أبي عبد الله السراج عن أبيه عن جده عن البلفيقي عن ابن الزبير عن أبي الخطاب أحمد بن واجب عرف بابن خليل عن ابن عمه أبي الخطاب أحمد بن أبي الحسين محمَّد بن عمر بن واجب المتوفى سنة 614 هـ المتولد سنة 537 هـ عن أبي عبد الله بن سعادة عن أبي علي الصدفي بسنده. وأرويه بأعلى سند يوجد من الوزاني عن أبي العباس أحمد بن سودة عن الشيخ مصطفى الجزائري عن الأمير عن الصعيدي إلى الإِمام البخاري بالسند المتقدم ذكره في ترجمة أبي العباس المذكور. وأما صحيح مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري فأرويه عن الوزاني عن أبي العباس أحمد بن أحمد بناني عن الشيخ عبد الغني الدهلوي الهندي المتوفى سنة

1296 هـ وأخذ عنه أيضاً الكتب السبعة: الصحيحين والموطأ وجامع الترمذي وسنن أبي داود وسنن النسائي وسنن ابن ماجه وقال له أسانيدها مبينة في كتابه اليانع الجني وهو فهرس الشيخ عبد الغني المذكور جمعها له بعض تلامذته، وقد روى صحيح مسلم عن والده الشيخ أبي سعيد العمري عن الشيخ عبد العزيز عن والده الشيخ أحمد بن أبي الفيض عبد الرحيم العمري قال: أخبرني الشيخ أبو طاهر عن ولده عن الشيخ إبراهيم الكردي المدني عن الشيخ سلطان ابن أحمد المزاحي قال: أخبرنا الشيخ أحمد السبكي عن النجم الغيطي عن الزين زكريا عن الحافظ ابن حجر عن أبي عمر المقدسي عن علي بن أحمد البخاري عن المؤيد الطوسي عن أبي عبد الله الفراوي الفارسي عن أبي أحمد بن محمَّد بن عيسى الجلودي عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمَّد بن سفيان عن مؤلفه مسلم بن الحجاج النيسابوري المتوفى في رجب سنة 261 هـ. المزاحي هو الأزهري المتوفى سنة 1075 هـ والنجم محمَّد بن أحمد الغيطي توفي سنة 981 هـ والمقدسي، لعله هو الصلاح محمَّد بن إبراهيم المقدسي الصالحين المتوفى سنة 780 هـ وابن النجاري هو الفخر أبو الحسن عرف بابن البخاري المقدسي ثم الصالحين المتوفى سنة 690 هـ والمؤيد الطوسي أصلاً النيسابوري داراً. توفي سنة 627 هـ. وأرويه أيضاً من عدة طرق عن عدة مشايخ منها عن الشيخ بلحسن النجار عن الشيخ الطيب النيفر عن الشيخ أحمد منة الله عن الشيخ محمّد الأمير قال: سمعت منه جملة كثيرة من أوله عن شيخنا السقاط وأجازني هو وغيره من شيوخنا بسائره. والسقاط رواه من عدة طرق منها روايته عن ولي الله إبراهيم الفيومي عن الشيخ أحمد الغرقاوي المالكي عن النور الأجهوري عن نور الدين علي العراقي عن الحافظ السيوطي عن البلقيني عن التنوخي عن سليمان بن حمزة عن أبي الحسن علي بن نصر عن الحافظ عبد الرحمن بن منده عن الحافظ أبي بكر محمَّد بن عبد الله عن مكي النيسابوري عن الإِمام مسلم. قال: وأرويه أيضاً بالأسانيد السابقة لابن حجر عن أبي محمَّد السناوي عن أبي الفضل المقدسي عن أبي محمَّد الحسن بن علي الهاشمي عن عبد الرحمن بن محمَّد بن إسحاق عن أبي بكر محمَّد بن عبد الله الشيباني عن مكي بن عبد الله عن مؤلفه. وأما سنن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي فأرويها من الطريق المذكور إلى الأمير وهو عن البدر الحفني إجازة عن البديري عن الملا

إبراهيم الكردي النقشبندي عن صفي الدين المقشباني المدني فأجازته العامة عن الشمس الرملي عن زكريا عن مسند الديار المصرية عز الدين عبد الرحيم المعروف بابن الفرات عن أبي حفص عمر بن الحسن بن يزيد الراعي عن الفخر علي بن أحمد بن عبد الواحد عن أبي حفص عمر بن محمَّد بن طبرزد البغدادي أخبرنا به الشيخان إبراهيم بن محمَّد بن منصور الكرخي وأبو الفتح مفلح بن أحمد الرومي سماعاً عليهما ملفقاً قالا أنبأنا به الحافظ الكبير أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي أخبرنا أبو علي محمَّد بن اللؤلؤي أخبرنا به أبو داود يعني المؤلف المتوفى بالبصرة سنة 257هـ عن اثنتين وسبعين سنة أخذ عن الإِمام أحمد وغيره، روى عنه الترمذي وغيره. وأما الجامع لأبي عيسى الترمذي فأرويه من الطريق المذكور إلى الأمير وهو رواه مسلسلاً بالصوفية عن الشيخ علي الصعيدي الصوفي عن الشيخ عقيلة الصوفي عن الشيخ حسن العجمي الصوفي عن الشيخ أحمد بن محمَّد القشاشي الصوفي عن الشيخ أحمد بن علي الشنوي الصوفي عن والده علي بن عبد القدوس الصوفي عن عبد الوهاب الشعراني الصوفي عن زكريا بن محمَّد الفقيه الصوفي عن العارف بالله زين الدين المراغي العثماني الصوفي عن أستاذ الصوفية إسماعيل بن إبراهيم الجبرتي العقيلي الصوفي عن المسند أبي الحسن علي بن عمر الداني الصوفي عن أستاذ أهل التحقيق الشيخ محيي الدين محمَّد بن علي بن عربي الطائي الحاتمي الصوفي عن شيخ الشيوخ عبد الوهاب بن علي بن سكينة البغدادي الصوفي عن أبي الفتح عبد الملك بن عبد الله الكروخي الصوفي عن شيخه الحافظ أبي إسماعيل عبد الله بن محمَّد الأنصاري الهروي الصوفي عن عبد الجبار الجراحي عن أبي العباس محمَّد بن أحمد بن محبوب المحبوبي عن مؤلفه الترمذي أبي عيسى محمَّد بن عيسى الضحاك السلمي وترمذ مدينة قديمة على طرف نهر بلخ المسمى بجيحون وهو نهر عظيم فاصل بين خوارزم وخراسان وبين بخارى وسمرقند توفي أبو عيسى بترمذ سنة 279 هـ ومولده سنة 209هـ لم يخلف البخاري مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والزهد، له حديث واحد ثلاثي بالسند المذكور إليه قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري ابن بنت السدي الكوفي قال: حدثنا عمر بن شاكر عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر" قال أبو عيسى (هو الترمذي) هذا حديث غريب من هذا الوجه وعمر بن شاكر شيخ مصري قد روى عنه غير واحد من أهل العلم اهـ.

وأما السنن الصغرى للنسائي المسمى بالمجتبى فأرويها من طريق الأمير عن الصعيدي عن عقيلة عن حسن عن أحمد بن محمَّد العجل عن الإِمام يحيى عن الحافظ عبد العزيز بن فهد قال: أخبرنا المسند أبو اليمن محمَّد بن محمَّد بن عبد الله الزقناوي قال: أخبرنا القاضي مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم الكناني الحنفي قال: أخبرنا به الأصيل أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل بن عبد العزيز الأيوبي المعروف بابن المملوك سماعاً لجميعه إلا الجزء الأول فإجازة قال: أخبرني به شاكر الله ابن غلام الله ابن السمعة قال: أخبرنا به الصفي أبو بكر عبد العزيز بن أحمد بن باقا البغدادي قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمَّد المقدسي قال: أخبرنا أبو محمَّد عبد الرحمن بن أحمد الأوابي قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين الكسار قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن محمَّد الشهير بابن السني الدينوري عن مؤلفها الحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسائي نسبة إلى نسا كورة من كور نيسابور. مولده سنة 215 هـ وتوفي سنة 303 هـ. وأما سنن ابن ماجه فأرويها من طريق الأمير عن الصعيدي إجازة عن عقيلة عن حسن عن أحمد عن يحيى عن جده المحب عن الزين المراغي عن أبي العباس الحجار عن المسند عبد اللطيف بن محمَّد قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمَّد المقدسي قال: أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم القطان قال: أخبرنا به مؤلفه الحافظ أبو عبد الله محمَّد بن يزيد بن عبد الله بن ماجه الربعي نسبة إلى ربيعة بالولاء القزويني ولد سنة 209 هـ ومات سنة ثلاث وستين أو وسبعين ومائتين. وأما الموطأ فأرويها من عدة طرق منها طريق الوزاني عن الحاج صالح المعطي عن محمَّد بن حمدون ابن الحاج عن والده عن التاودي عن محمَّد بن عبد السلام بناني عن أحمد بن العربي ابن الحاج عن عبد القادر الفاسي عن عم أبيه أبي زيد الفاسي عن القصار عن رضوان عن سقين عن زكريا الأنصاري عن ابن الفرات عن ابن جماعة عن ابن الزبير عن ابن واجب عرف بابن خليل عن أبي عبد الله بن زرقون المتولد سنة 502 هـ المتوفى سنة 586 هـ عن أبي عبد الله الخولاني عن أبي عمر أحمد الطلمنكي المتوفى سنة 429 هـ عن أبي عيسى يحيى بن عبد الله بن يحيي ثلاثاً المتوفى سنة 367 هـ عن ابن عم أبيه عبيد الله بن يحيى بن يحيى المتوفى سنة 298 هـ عن والده المتوفى سنة 234 هـ عن مالك بن أنس رضي الله عنه.

وأرويها من طريق أبي حفص عمر ابن الشيخ عن الشيخ محمد الشريف عن شيخ الإسلام الرابع محمد بيرم عن جده شيخ الإسلام الثاني محمد بيرم عن والده شيخ الإسلام الأول محمد عن الماكودي عن الحريشي عن عبد القادر الفاسي عن عم أبيه عبد الرحمن عن القصار عن خروف عن سقين عن القاضي زكريا عن أحمد بن علي بن الحسن بن عبد العزيز بن محمد الفرات المتوفى سنة 804 هـ عن عز الدين أبي عير عبد العزيز بن بدر الدين بن محمد بن إبراهيم بن جماعة الزبيدي الكتاني المتوفى سنة 773 هـ عن ابن الزبير عن ابن خليل المتوفى سنة 637 هـ عن أبي عبد الله محمد بن سعيد الأنصاري عرف بابن زرقون عن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الخولاني المتوفى سنة 580 هـ عن أبي عمر أحمد بن محمد بن عبد الله المعافري الطلمنكي عن أبي عيسى عن والده عبد الله عن والده يحيى عن والده يحيى بن يحيى بن كثير الليثي اهـ بزيادة الوفيات والخولاني لم أقف على ترجمته وله شهرة وفهرسة في أربعة أجزاء. وأما الشفا فأرويه من طرق منها طريق الوزاني عن الحاج صالح المذكور عن أبي الفضل العباس بن كيران عن عبد القادر بن شقرون عن أبي حفص الفاسي عن ابن مبارك عن محمد المسناوي عن محمد بن عبد القادر الفاسي وأحمد بن العربي ابن الحاج عن عبد القادر الفاسي عن عمه العربي الفاسي عن والده يوسف عن المنجور عن جماعة منهم الونشريسي والزقاق عن ابن غازي عن الجادري عن ابن الأحمر عن ابن السراج عن أبي عبد الله البلفيقي عن ابن الزبير عن أبي الفضل عياض بن موسى مؤلف الشفا المتوفى سنة 544 هـ بمراكش. قلت: ابن الزبير ولد سنة 627 هـ وتوفي سنة 708 هـ وعليه فروايته الشفا عن مؤلفه خطأ ولعل الرواية كانت عن الفاضي عياض الحفيد المتوفى سنة 630 هـ وهو عن والده محمد المتوفى سنة 575 هـ عن والده القاضي عياض مؤلف الشفا وهؤلاء وقع ذكرهم في الديباج وقد رواه ابن الزبير عن أبي الخطاب محمد بن أحمد بن خليل عن ابن عمه أبي الخطاب أحمد بن واجب عن القاضي ابن غازي المتوفى بعد التسعين وخمسمائة عن القاضي عياض مؤلف الشفا وكان ابن غازي المذكور من أخص تلامذته وفي تذييل ابن غازي لفهرسته أنه رواه مسلسلاً بالآباء عن ابن مرزوق الكفيف عن أبيه محمد المعروف بالحفيد عن أبيه محمد وعمه أحمد عن أبيهما محمد بن مرزوق المعروف بالجد عن أبي المجد أحمد عن أبيه أبي عبد الله محمد عن أبيه أبي الفضل القاضي عياض عن أبيه القاضي أبي عبد الله محمد عن أبيه أبي الفضل القاضي عياض بن موسى مؤلف الشفا.

وأما كتاب الشمائل فأرويه عن الوزاني عن أبي العباس أحمد بن أحمد بناني عن الوليد العراقي عن إدريس العراقي والطيب بن كيران وحمدون ابن الحاج وعبد القادر بن شقرون الأربعة عن الشيخ التاودي بسنده. وثالثهم أبو الإقبال عبد الحي الكتاني فإنه أجازني ومحل الحاجة منها أجزته بكل ما تصح لي روايته وتثبت لي درايته من العلوم العقلية والنقلية الأصلية والفرعية إجازة بالعموم متصفة وبالشمول والاستغراق ملتحفة كما أجازني به أشياخي أعلام العصر المتصل إسنادهم بأوحد كل مصر، فمن ذلك فهرس الشيخ الأمير أرويه عن والدي أبي المكارم عبد الكبير بن محمَّد الكتاني عن البرهان السقا والشمس عليش كلاهما عن الأمير الصغير عن أبيه الأمير الكبير وفهرس الشيخ محمَّد بن نصر الزبيدي عن المعمر أبي العباس أحمد بن صالح السويدي البغدادي عنه عالياً بإجازته لجدي وحفدته وفهرس الإِمام الشمس الغرياني التونسي بالسند المذكور إلى الشيخ مرتضى الزبيدي اهـ. ورابعهم أبو عبد الله محمَّد ابن الشيخ جعفر الكتاني فقد أجازني ومحل الحاجة منها أجزته في كل ما يجوز لي وعني من معقول ومنقول وفروع وأصول وكتابة وتصنيف ومقيدات وتأليف وأذكار وأدعية وطرق للسادات الصوفية إجازة تامة مطلقة عامة بشرطها المعروف وقيدها المألوف وقد رويت عن أئمة كثيرة عظام أساطين الدين والإِسلام يطول جلبهم ويعسر اشيعابهم ولنقتصر هنا على ذكر سندي لصحيح البخاري من طريق المغاربة برواية ابن سعادة التي هي معتمدهم فنقول: أخذت الصحيح بعضه قراءة وإجازة لباقيه عن أبي العباس أحمد بن أحمد بناني عن شيخ الجماعة الوليد بن العربي العراقي عن أبي الفيض حمدون ابن الحاج عن أبي عبد الله التاودي عن ابن مبارك عن الحريشي عن شيخ الإِسلام عبد القادر الفاسي بسنده المبين في الطريق الأولى إلى ابن سعادة بسنده ثم قال: وبهذا السند إلى القصار أروي الكتب الستة وغيرها من المصنفات الحديثية. وأما طرق الصوفية فأروي منها كثيراً، منها الشاذلية الدرقاوية عن الشيخ عبد الرحمن عن والده الشيخ الطيب عن جده العربي عن أحمد الدرقاوي شيخ هذه الطريقة. وخامسهم أبو عبد الله محمَّد القزاح المساكني اجتمعت به تبركاً وقد أنهك المرض وعشر التسعين قواه وتوفي بأثر ذلك ولأخينا الشيخ علي بلعيد إجازة منه عامة وبما في فهرستي ابن الصغير وابن خليفة وهو أجازني بذلك عن شيخه القزاح المذكور عن أبي عبد الله محمَّد العذاري عن أبي العباس أحمد ابن الصغير عن أبي

الحسن بن خليفة وأبي العباس أحمد بن علي بن عبد الصادق الطرابلسي وأبي عبد الله البليدي وأبي عبد الله الغرياني وأبي العباس أحمد السوسي المغربي وأجازه إجازة عامة وكذلك ابن عبد الصادق أجازه إجازة عامة وبمروياته عن مشايخه منهم عبد الرحمن الصنادقي الشافعي عن محدّث الشام أبي الفدا إسماعيل العجلوني مؤلف حلية أهل الفضل والكمال باتصال الأسانيد بكمل الرجال وهي البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والشمائل والأربعون النووية وتفسير البيضاوي وجمع الجوامع ومؤلفات ابن مالك وابن هشام والشاطبية وألفية العراقي ودلائل الخيرات وجامعا السيوطي بأسانيدها إلى مؤلفيها. وأما البليدي فإنه أجازه إجازة عامة بما أجازه أبو عبد الله الزرقاني وهي الموطأ والرسالة عن والده بسنده وبما أجازه الشيخ النفراوي والشيخ إبراهيم الفيومي وهما عن الشيخ عبد الباقي الزرقاني وهي كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ والبخاري والمختصر والحزبان والوظيفة ودلائل الخيرات بأسانيدها، وأما أبو عبد الله الغرياني فأجازه المختصر وكتب الحديث وأما ابن خليفة فإنه قرأ عليه وأجازه إجازة عامة وبما حوته فهرسته ذكر فيها أنه أخذ عن الخرشي ومحمد الزرقاني والفيومي والنفراوي والشبرخيتي وأبي الحسن النوري، أما الشبرخيتي فإنه أجازه في الصحيحين والفقه المالكي والمختصر عن النور الأجهوري عن البنوفري والبدر القرافي عن عبد الرحمن الأجهوري عن الشمس والناصر اللقانيين عن النور السنهوري عن طاهر النويري عن حسين البوصيري عن ابن هلال عن ابن المخلطة عن ابن فراج عن الناصر النويري عن ابن الحاجب عن عبد الكريم بن عطاء الله عن أبي الحسن الأبياري عن أبي طاهر إسماعيل بن عوف عن أبي بكر الطرطوشي عن أبي الوليد الباجي بسنده. وأما أبو الحسن النوري فقد أجازه في الفقه المالكي بالسند المذكور وبمروياته التي تقدم ذكرها في ترجمته وترجمة تلميذه أبي العباس أحمد المكني في القصد. وقال بعد ذكر مروياته: ولا تجد كتاباً للمتقدمين ولا للمتأخرين في جميع العلوم إلا ولنا به اتصال وسند يوصلنا إلى مؤلفه. وقال أيضاً: عيناي خامس عشر عيناً رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإن الحافظ السيوطي أخرج العشاريات وبيني وبينه ثلاثة وأنا الرابع وكذلك الحافظ ابن حجر فإنه أخرج العشاريات وبيني وبينه ثلاثة وأنا الرابع وذكر حديثاً مسنداً وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "طوبى لمَن رآني وآمن بي ومَن رأى مَن رآني" الحديث. قال: ولم يوجد على وجه الأرض أعلى منه. انتهى.

قلت: عيناي الموفيتا عشرين عيناً رأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه بيني وبين أبي الحسن النوري أربعة وأنا الخامس. وهم: القزاح عن العذاري عن ابن الصغير عن ابن خليفة عن النوري المذكور. وسادسهم أبو عبد الله بلحسن النجار أجازني بمروياته وبما حوته فهرسته وقد روى عن والده وعن الشيخ محمَّد الطيب ابن الشيخ محمَّد النيفر الأكبر وعن الشيخ عمر ابن الشيخ والشيخ أحمد الخياط والشيخ المهدي الوزاني وأجازوه بما في فهارسهم، وقد مرت الإشارة إلى بعض مرويات ابن الشيخ والقزاح والوزاني، أما أبو عبد الله النجار فمن مروياته صحيح البخاري عن الشيخ محمَّد الشاذلي بن صالح عن شيخ الإِسلام محمَّد بيرم الثالث عن جده شيخ الإِسلام الأول عن الماكودي عن ابن مبارك عن الجريشي عن أبي سالم العياشي عن أبي محمَّد عبد القادر الفاسي عن عم أبيه أبي زيد الفاسي عن القصار عن خروف عن محمَّد بن علي الطويل القادري عن الشهاب أحمد بن محمَّد بن حسن الأنصاري الخزرجي المتوفى سنة 875 هـ عن أبي الحسن بن أبي المجد الدمشقي المتوفى سنة 804 هـ عن أبي العباس أحمد بن أبي طالب عن ابن أبي النعيم الصالحي الحجار المعروف بابن الشحنة المتوفى سنة 730 هـ عن أبي عبد الله الحسين بن المبارك الزبيدي الحنبلي المتوفى سنة 631 هـ عن أبي الوقت عبد الأول ابن عيسى بن شعيب الشجنري الصوفي المتوفى سنة 553 هـ عن أبي الحسن عبد الرحمن بن محمَّد الداودي المتوفى سنة 467 هـ عن أبي محمَّد عبد الله السرخسي عن أبي عبد الله الفربري عن الإِمام البخاري. وأما أبو عبد الله محمَّد الطيب النيفر فإنه أخذ عن والده وعن الشيخ محمَّد بن صالح بن ملوكة وعن شيخ الإِسلام الأول محمَّد بن الخوجة وعن شيخ الإِسلام الرابع محيد بيرم وعن الشيخ أحمد دحلان شيخ مشايخ الحرمين في وقته المتوفى سنة 1304 هـ وعن الشيخ محمَّد كمون شيخ مشايخ رواق المغاربة بالأزهر وعن الشيخ محمَّد الخطيب من علماء الأزهر وعن الشيخ محمَّد الكتبي شيخ الإِسلام بمكة المشرفة وعن الشيخ أحمد منة الله من أعيان علماء الأزهر المتوفى سنة 1292 هـ وأجازه بما حواه فهرس شيخه محمَّد الأمير وعن البرهان الرياحي وأجازه إجازة عامة بمروياته وبما حواه فهرس الأمير فإنه رواه عن أبي عبد الله الأمير الصغير عن والده محمَّد الأمير مؤلفه وبما في الفهرس المسمى بحصر الشارد عن مؤلفه الشيخ محمَّد عابد ابن الشيخ أحمد بن علي ابن شيخ الإِسلام المزاح الأنصاري الخزرجي الألوي السندي المدرس بالحرم النبوي المتوفى سنة 1257 هـ وكان اجتماع البرهان به بالحرم

خلاصة الأسانيد

سنة 1252 هـ وبما حواه فهرس أبي العباس الصباغ رواه عن أبي عبد الله محمَّد بن طاهر التفسير السلاوي المتوفى سنة 1220هـ وكان اجتماع البرهان به بسلا سنة 1218 هـ وهو رواه عن أبي حفص عمر بن عبد الصادق المغربي عن مؤلفه الصباغ وهو عن أبي عبد الله الزرقاني وأحمد بن غنيم النفراوي ويحيى الشاوي وإبراهيم الفيومي وأجازه بما في فهرسته من المؤلفات المسندة إلى مؤلفيها في فنون شتى وهي القراءات والحديث والسير والتفسير والفقه والكلام والنحو واللغة والبلاغة عن الخرشي وعبد الباقي الزرقاني بسندهما وأخذ الصباغ أيضاً عن أبي عبد الله محمَّد بن عبد القادر الفاسي بسنده وأبي عبد الله محمَّد زيتونة وأجازه بما أجازه جار الله عبد الله بن سالم البصري، وروى البرهان أيضاً عن أبي عبد الله محمَّد بن التهامي الرباطي حين وفد على تونس سنة 1243 هـ وتوفي بمكة سنة 1244 هـ وقد أجازه بمروياته وهو عن أعلام منهم عبد الواحد بن محمَّد بن أحمد بن محمَّد بن عبد القادر الفاسي وهو عن أبي عبد الله محمَّد البناني وعبد القادر بن شقرون وزيان العراقي بسندهم ومنهم أبو عبد الله محمَّد بن عبد السلام الناصري وهو عن الشيخ التاودي بسنده وعن عمه شيخ الجماعة أبي يعقوب يوسف بن محمَّد عن أبي عبد الله محمَّد بن عبد السلام بناني عن أبي العباس أحمد بن ناصر عن الغوث والده عن محمود عن الشيخ عبد الله بن حسين القباب حرفة الرقي نسبة لبلدة عن أبي العباس أحمد بن علي الخزرجي عن إمام الطريقة أبي القاسم المغازي السجلماسي عن أبي الحسن علي بن عبد الله الفلالي عن أبي العباس أحمد بن يوسف الملياني عن الشيخ الإِمام أحمد زروق قال الأمير وبهذا السند نروي جميع ما ينسب للشيخ أحمد زروق من الوظيفة والأوراد والتآليف. ونروي أيضاً طريقة السادات بني الوفاء الشاذلية بالسند عن زروق عن أبي عبد الله القوري عن عبد الله بن أحمد عن الشيخ علي وفا اهـ. وممن أخذ عن الشيخ زروق أبو عبد الله محمَّد الحطاب. وأما شيخ الإِسلام محمَّد بن أحمد بن الخوجه فإنه روى فهرس الشمس الغرياني عن الشيخ إسماعيل التميمي عن الشيخ عمر المحجوب عن مؤلفه الغرياني المذكور. خلاصة الأسانيد 1739 - وهي نتيجة ما تقدم ذكره من المقصد والتمهيد وخلاصته مؤلفة من عظماء رجال المذهب المالكي وأئمة الحديث جمعتها تيمناً وتسهيلاً لمن أراد مراجعة أسانيد العلماء في الفقه والحديث وعلوم الدين في مثال شجرة تشرح صدور القارئين وتسر الناظرين.

اعلم إني ذكرت فيما سلف معظم عظماء رجال المذهب المالكي وما لكل واحد منهم من الشيوخ والتصانيف والفهارس التي الغرض منها ذكر المرويات المتصلة السند في الفقه والحديث وغير ذلك في طبقات انتهت بذكر الشيوخ الذين رويت عنهم ما حَوَتْهُ فهارسهم، منها فهرس أبي عبد الله القزاح الذي احتوى على فهرس ابن الصغير وفهرس ابن خليفة وفهرس أبي الحسن النوري، ومنها الفهرستان الصغرى والكبرى لأبي حفص عمر ابن الشيخ فالصغرى مدرج بها فهرس أبي عبد الله محمد الشريف وقد مرّ ذكر ما به والكبرى مدرج بها فهرس أبي عبد الله محمد الشاذلي بن صالح المدرج به فهرس الماكودي وفهرس ابن مبارك وفهرس الحريشي وفهرس ابن الحاج وفهرس العياشي وفهرس شيخ الجماعة عبد القادر الفاسي جمع فيه مصنفات كثيرة في علوم شتى متصلة السند بمؤلفيها. ومنها فهرس أبي الإقبال عبد الحي الكتاني وقد أجازني بمروياته منها فهرس الشمس الغرياني وفهرس الشمس الأمير. ومنها فهرس أبي عبد الله بلحسن النجار وقد أجازني بمروياته التي رواها عن والده والوزاني والخياط والطيب النيفر وهذا روى فهرس الشمس الغرياني عن الشيخ محمد بن أحمد بن الخوجة عن الشيخ إسماعيل التميمي عن الشيخ عمر المحجوب عن مؤلفه الغرياني وروى فهرس الأمير عن أحمد منة الله عن مؤلفه ورواه أيضاً عن البرهان الرياحي عن الأمير الصغير عن مؤلفه الأمير الكبير وروى عنه أيضاً الفهرس المسمى بحصر الشارد عن مؤلفه الشيخ محمد عابد وروى عنه أيضاً فهرس الصباغ الذي رواه عن محمد المير عن عمر بن عبد الصادق المغربي عن مؤلفه الصباغ وهو عن محمد الزرقاني وأحمد النفراوي ويحيى الشاوي وإبراهيم الفيومي ومحمد بن عبد القادر الفاسي ومحمد زيتونة بأسانيدهم وللبرهان الرياحي إجازات من غير من ذكر عامة منهم إجازة أبي عبد الله محمد بن التهامي الرباطي وهو عن عبد الواحد الفاسي عن محمد البناني وعبد القادر بن شقرون وزيان العراقي بسندهم وعن أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الناصري وهو عن الشيخ التاودي بسنده وعن عمه أبي يعقوب يوسف الناصري عن أبي عبد الله محمد بن عبد السلام البناني عن أبي العباس أحمد بن ناصر عن والده شيخ الطريقة أبي عبد الله محمد بسنده إلى الشيخ أحمد زروق. ومنها فهرس أبي عبد الله محمد بن جعفر الكتاني فإنه أجازني إجازة عامة معقولاً ومنقولاً فروعاً وأصولاً ومقيدات وتأليفاً وأذكاراً وأدعية وطرق السادات الصوفية والكتب الستة منها أنه أخذ البخاري عن أحمد بن أحمد بناني عن الوليد العراقي عن حمدون ابن الحاج عن التاودي عن ابن مبارك عن الحريشي عن شيخ الجماعة عبد القادر الفاسي بسنده ومنها فهرس أبي عبد الله المهدي الوزاني

فقد أجازني بما هو مدرج به وبمروياته وتآليفه من مرولاته القرآن العظيم وقد ذكرت رجال سنده فيما مضى ومن مروياته الفقه المالكي عن جماعة منهم محمَّد بن المدني جنون ومحمد بن عبد الرحمن العلوي والمهدي بن محمَّد بن حمدون ابن الحاج وهم عن محمَّد بن عبد الرحمن الحجرتي عن عبد السلام اليازمي عن التاودي عن محمَّد جسوس عن محمَّد المسناوي عن أحمد ابن الحاج عن شيخ الجماعة عبد القادر الفاسي عن عبد الرحمن الفاسي وعبد الواحد بن عاشر والجنان وابن أبي النعيم والشهاب المقري بعضهم عن القصار وبعضهم عن المنجور. أما القصار فعن رضوان عن سقين عن ابن غازي وأما المنجور فعن سقين عن القَوْري عن عمران الجاناتي عن أبي عمران العبدوسي عن عبد العزيز القَوْري عن أبي الحسن الصغير عن راشد بن أبي راشد عن أبي محمَّد صالح الهسكوري عن أبي موسى البوناني وأبي مدين الغوث وابن ملجوم وهم عن ابن بشكوال عن ابن عتاب عن والده عن أبي محمَّد مكي بن أبي طالب عن أبي محمَّد بن أبي زيد عن ابن اللباد والأبياني عن يحيى بن عمر عن سحنون عن ابن القاسم عن مالك بن أنس ومن مرويات الوزاني فهرس الأمير فقد رواه عن الحاج صالح المعطي عن الحاج الداودي التلمساني عن الأمير مؤلفه جمع فيه ما تفرق في غيره وأتى فيه على مصنفات كثيرة في علوم شتى متصلة السند بمؤلفيها رواها عن أعلام منهم الصعيدي والبليدي والتاودي والسقاط وحسن الجبرتي ويوسف الحفني ومحمد الحفني والشيخ عطية ومحمد بن حسن المنير ومحمد بن عبد السلام الناصري فالتاودي أخذ عن جماعة منهم ابن مبارك عن محمَّد جسوس عن عبد القادر الفاسي وابنيه محمَّد وعبد الرحمن واليوسي والخرشي وعبد الباقي الزرقاني وأبي سالم العياشي وهذا عن عبد القادر الفاسي وميارة وابن أبي العافية والخرشي وعيسى الثعالبي وعبد السلام اللقاني فالثعالبي عن طاهر الحسني وأبي عبد الله الدلائي والشهاب المقري، وأما طاهر فعن المنجور عن سقين وعلي بن هارون المضغري واليسيتني وعبد الواحد الونشريسي عن ابن غازي زاد عبد الواحد عن والده أحمد وزاد سقين عن أحمد زروق. وأما المقري والدلائي فعن القصار وأحمد الزقاق وزاد المقري عن عمه سعيد المقري عن التنسي عن أبي الفضل العقباني وابن مرزوق الحفيد وأخذ الزقاق عن أبي عبد الله القوري وأبي عبد الله المواق عن المنتوري وابن سراج وهذا عن ابن لب والحفار وابن علان وهذا عن ابن لب وابن مرزوق الجد وأبي عبد الله المقري وهذا عن ابن عبد السلام وابن هارون التونسي وابني الإِمام بسندهم، وابن لب أخذ عن جماعة منهم ابن بكر وأبو جعفر الزيات وأبو محمَّد بن سلمون وابن عبد الرفيع والتاج

الفاكهاني وفخر الدين بن المنير وروى عن ابن جابر الوادي آشي وعنه من ذكر وأبو زكرياء السراج والمنتوري والشاطبي ومحمد بن عاصم وابنه أبو يحيي وأخوه أبو بكر ومحمد بن جزي، وهذا أخذ أيضاً عن والده عن ابن الزبير وابن رشيد وابن الشاط وهذان عن القاضي أبي العباس أحمد الغماز وابن عبد الرفيع وابني سلمون وهذان عن ابن الغماز وابن هارون القرطبي وأخذ ابن الزبير عن أبي بكر ابن سيد الناس عن والده أحمد عن أبي بكر بن خير وابن زرقون وابن بشكوال بسندهم، وأما ابن غازي فأخذ عن جماعة منهم أبو عبد الله السراج عن أبيه أبي القاسم عن جده أبي زكرياء عن أبي عبد الله البلفيقي عن ابن الزبير ومنهم أبو عبد الله القوري والمزدغي والكاواني وهذان عن عيسى بن علال المصمودي التازغدري وابن علال وهذا عن عمران الجاناتي وهذا والتازغوري وابن علال عن أبي عمران العبدوسي عن عبد العزيز القوري عن أبي زيد الجزولي عن أبي الحسن الصغير بسنده، وأما أبو العباس رزوق فإنه أخذ عن حلولو والرصاع والمشذالي والتازي الحباك وابن زكري وأبي زيد الثعالبي والماواسي والتنسي والسنوسي وأبي الفضل العقباني والنور السنهوري وهذا عن البساطي عن بهرام عن خليل عن المنوفي بسنده. وأما حلولو والرصاع فعن ابن عقاب عن ابن عرفة عن السطي عن أبي الحسن الصغير بسنده، وأخذ ابن عرفة أيضاً عن ابن جابر بسنده الآتي وعن ابن عبد السلام وابن هارون التونسي وهما عن ابن هارون القرطبي عن أحمد بن يزيد بن عبد الرحمن بن بقي عن أبيه وجده عبد الرحمن وأجازه ابن بشكوال وابن قرمال وابن مضا وهم عن أبي بكر بن العربي وغيره، وزاد ابن مضا عن القاضي عياض وهو عن جماعة منهم ابن رشد وابن الحاج وابن سراج والصدفي والغساني وابن العجوز وابن عتاب وابن العربي وأبو عبد الله التميمي بسندهم والإمام المازري روى عن أبي الحسن اللخمي الملخص لأبي الحسن القابسي لخص فيه أحاديث الموطأ برواية ابن القاسم عن مالك، قال المازري: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمَّد اللخمي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الخالق السيوري عن أبي عمران موسى بن عيسى الفاسي عن مؤلفه أبي الحسن القابسي قال: أخبرنا علي بن محمَّد بن مسرور العبدي سماعاً عن أحمد بن أبي سليمان عن سحنون عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك بن أنس، وأما أبو عبد الله السنوسي فإنه أخذ عن أبي الحسن القلصادي عن ابن مرزوق الحفيد عن أبي زكريا السراج عن البلفيقي عن ابن الزبير وأخذ أيضاً عن الولي التازي وأبي زيد الثعالبي، وهذا عن الأبي وعمر القلشاني والبرزلي وعيسى الغبريني، وهم عن ابن عرفة بسنده، وأما التازي وابن زكري والتنسي والمشذالي فعن أبي عبد الله بن

مرزوق الحفيد عن أبيه وعمه عن والدهما ابن مرزوق الجد وعن سعيد العقباني وابن خلدون وابن عرفة والنويري بسندهم وابن مرزوق الجد أخذ عن أعلام كثيرين من أهل المشرق والمغرب منهم البرهان الصفاقسي وابن راشد القفصي وهما عن أبي العباس الغماز والناصر أحمد بن المنير والشهاب القرافي والقاضي ناصر الدين الأبياري وهم عن ابن الحاجب بسنده المتقدم، وأما ابن خلدون فإنه أخذ عن جماعة منهم ابن عبد المهيمن الحضرمي وابن عبد السلام وتقدم سنده ومنهم أبو عبد الله بن جابر الوادي آشي مؤلف أسانيد المالكية وهو عن ابن عبد الرفيع وابن هارون القرطبي وعبد الواحد بن المنير وهذان تقدم سندهما، وابن عبد الرفيع عن ابن شقر بسنده وعن الرعيني السوسي عن أبي يحيي الحداد من أصحاب الإِمام المازري، وأخذ أبو العباس الغماز عن ابن محرز وابن عميرة وابن المزين شارح صحيح مسلم والكلاعي وأبي الحسن بن خيرة فالثلاثة الأول عن أبي عبد الله بن نوح وأبي عبد الله بن سعادة وأبي بكر بن خير وابن بُشكوال بسندهم، وابن خيرة عن ابن سعادة بسنده، والكلاعي عن ابن الجد وعبد المنعم ابن الفرس وابن مضا وابن الفخار وابن رشد الحفيد وعبد الحق الإشبيلي وابن زرقون، وأخذ ابن سعادة عن جماعة منهم عمه أبو عمران بن سعادة وابن رشد والمازري والصدفي وهذا عن جماعة منهم ابن عبد البر وأبو الوليد الباجي والعذري والحميدي والطرطوشي، وهذا عن أبي الوليد الباجي عن أبي محمَّد مكي بن أبي طالب وأبي ذر الهروي وابن عمروس البغدادي، وأخذ الهروي عن القاضي ابن القصار والقاضي ابن الباقلاني والمستملي والسرخسي والمروزي عن الفربري عن البخاري، وأما ابن عمروس والقاضي عبد الوهاب فأخذا عن ابن القصار وهو وابن الباقلاني عن أبي بكر الأبهري عن أبي الجهم عن إسماعيل القاضي الحمادي عن جماعة منهم قالون عن نافع المغربي بسنده ومنهم القعنبي عن مالك بن أنس ومنهم ابن المعذل عن ابن الماجشون عن مالك بن أنس وأخذ عبد الوهاب أيضاً عن ابن الجلاب عن الأبهري بسنده وأما أبو محمَّد مكي فإنه أخذ عن ابن أبي زيد والقابسي وهذا عن الأبياني وسمع البخاري من المروزي عن الفربري عن الإِمام البخاري وهو أول من أدخل صحيحه القيروان، وأخذ ابن أبي زيد عن الأبياني وابن اللباد وهما عن يحيي بن عمر عن سحنون عن أبي الحسن بن زياد وأسد بن الفرات وابن القاسم وهم عن مالك بن أنس، وأما الإِمام المازري فأخذ عن أبي محمَّد عبد الحميد الصايغ وأبي الحسن اللخمي وهما عن أبي إسحاق التونسي وأبي القاسم بن محرز وهما عن أبي عمران الفاسي وأبي بكر بن عبد الرحمن وهما عن ابن أبي زيد

والقابسي بسنديهما وزاد ابن عبد الرحمن عن أبي القاسم الجوهري عن أبي بكر بن خالد عن ابن المواز عن ابن عبد الحكم وأخذ الجوهري أيضاً عن ابن شعبان عن ابن صدقة عن ابن عبد الحكم عن أبيه وابن القاسم وابن وهب وأشهب عن مالك وزاد أبو عمران أنه تفقه عن الأصيلي وسمع المستملي وأبا ذر الهروي ودرس الأصول عن القاضي ابن الباقلاني وأخذ الأصيلي عن ابن مسرة وسمع ابن السليم وتفقه باللؤلؤي وهذا عن ابن لبابة بسنده والأصيلي رحل للمشرق مع القابسي ودرّاس ولقي شيوخ إفريقية ومصر والحجاز والعراق كالأبياني وابن مسرور وابن أبي زيد وابن شعبان والمروزي وسمع منه البخاري عن الفربري عن مؤلفه وسمع أبا أحمد الجرجاني وأبا القاسم حمزة بن محمَّد الحافظ تلميذ النسائي وأخذ عن أبي بكر الأبهري وحدّث عن الدارقطني والدارقطني حدّث عنه وسمع قاضي المدينة عبد الملك المالكي وأما ابن رشد فإنه أخذ عن ابن رزق ومحمد مولى ابن الطلاع وأبي العباس العذري فابن رزق أخذ عن ابن القطان وابن عتاب وابن عبد البر وهذا عن ابن المكوي وابن مغيث وابن الحذاء وأحمد العذري والقنازعي وابن الفرضي وهذا عن ابن مفرج وابن أبي زيد والقابسي بسندهم وأما القنازعي فعن الباجي وابن عون الله وابن دحون وابن الشقاق وهما عن ابن مسرة عن ابن لبابة وابن أيمن وهما عن العتبي عن ابن وضاح ويحيى بن مزين وهما عن يحيى بن يحيى الليثي عن مالك بن أنس وأخذ ابن وضاح أيضاً عن عبد الملك بن حبيب عن زياد بن عبد الرحمن شبطون عن مالك وأخذ ابن الطلاع عن ابن مغيث عن ابن أبي زمنين عن ابن مفرج عن ابن وضاح وعبيد الله بن يحيى بن يحيى عن والده عن مالك بن أنس وأما أبو العباس العذري المعروف بابن الدلائي فإنه سمع البخاري من أبي ذر الهروي مرات ومن أبي العباس الرازي ومن القاضي يونس والمهلب بن أبي صفرة وأبي عمرو الصفاقسي وهذا أخذ عن أعلام من حفاظ الحديث وغيره منهم أبو ذر الهروي وأبو الطيب الطبري والحافظ أبو نعيم صحبه بأصبهان وكتب عنه نحو مائة ألف حديث وأخذ ابن المكوي عن إبراهيم بن مسرة وغيره وأخذ أبو عبد الله بن الحذاء عن ابن زرب وابن بطال وابن السليم وابن عون الله وأبي عيسى الليثي وابن مفرج والأصيلي وحمل عنه تآليفه والجوهري وابن شعبان وعبد الغني الحافظ. وأما أبو بكر بن العربي فإنه أخذ عن جماعة من أهل المشرق والمغرب منهم أبو حامد الغزالي وأبو بكر الطرطوشي وتقدم سنده ومنهم أبو الحسن علي بن محمَّد بن ثابت الخؤلاني المعروف بابن الحداد وبالمهدوي قال أبو بكر المذكور كنت أحضر عند هذا الشيخ الإِمام الفقيه المقرئ كتاب الإشارة في النحو وشرحها وغير ذلك من

تآليفه تقرأ عليه بالمهدية في شهور سنة 485 هـ ومنهم والده وهو عن ابن عتاب عن ابن الفخار وابن الحذاء والقنازعي وأبي محمَّد مكي وأما أبو بكر بن خير فإن عدد شيوخه الذين سمع منهم أو كتبوا إليه نيف ومائة منهم ابن شريح وأبو مروان الباجي وابن العربي وابن حبيش وابن طاهر وابن عبد الرزاق وابن بقي وابن الحاج وابن مغيث وابن أبي الخصال وابن مسرة وابن عطية وعياض وابن أخت غانم وابن الطلاع وابن عقاب وابن الوراق وابن طريف وابن موهب والرشاطي والإمام المازري ومروياته عن شيوخه متصلة السند كتاب الهداية في مذاهب القراء السبعة وكتاب الكفاية في شرح الهداية وكتاب التحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل عن أبي عبد الله محمَّد بن سليمان عن خاله أبي محمَّد قاسم بن وليد المخزومي عن مؤلفها أبي العباس أحمد بن عمار بن أبي العباس المهدوي ومن مروياته أيضاً كتاب الهادي في القراءات لأبي عبد الله محمَّد بن سفيان القيرواني أخذ عنه هذا التأليف أبو حفص عمر بن حسن المقرئ المعروف بابن النفوسي بالمهدية في ذي القعدة سنة 432 هـ وأخذ عنه أيضاً أبو عبد الله محمَّد بن إسماعيل بن خزرج في شعبان سنة 415 هـ وأخذ عنه أيضاً عبد الخالق السيوري وله أيضاً كتاب اختلاف قراء الأمصار في عدد آي القرآن. وأما أبو محمَّد عبد الحق الإشبيلي فإنه أخذ عن جماعة منهم أبو الحسن شريح وأبو عبد الله بن خليل وهذا عن ابن الطلاع والغساني والصدفي وابن العربي وابن تليد وابن رشد وابن حمدين وابن المناصف وأبي بكر بن عطية وابن طريف وابن سراج وابن عتاب وهذا عن والده وحاتم الطرابلسي الشامي وهما سماعاً وإجازة عن أبي محمَّد أحمد الطلمنكي وهو سمع ابن مفرج والقليعي وابن زرب وابن عون الله وأبا عيسى بن عبد الله بن يحيى ثلاثاً وهو سمع أباه وابن عم أبيه عبيد الله بن يحيى بن يحيى بن كثير عن أبيه يحيى المذكور. أما ابن زرب وابن عون فسمعا من قاسم بن أصبغ وهو سمع أصبغ بن خليل وابن مسرة والقاضي إسماعيل وسمع أصبغ بن خليل سحنوناً ويحيى بن يحيى. وأما ابن مسرة فسمع الأعناقي وعبيد الله المذكور وهما عن والد الثاني يحيى بن يحيى بن كثير وأخذ حاتم أيضاً عن ابن الشقاق وأبي محمَّد مكي وأبي الحسن القابسي لازمه حتى مات وأخذ ابن عتاب أيضاً عن القنازعي وابن الحذاء وابن مغيث وهذا أخذ عن جماعة منهم ابن بطال وابن الحذاء وابن مجاهد وابن السليم وابن أبي زمنين وابن أبي العرب وأبو عيسى الليثي. وأما أبو عبد الله محمَّد بن سعيد بن زرقون فإنه سمع أباه وابن تليد وعياضاً واختص به ولازمه كثيراً وأخذ عن ابن بشكوال وأبي محمَّد بن عتاب وأبي عبد الله محمَّد ابن الحاج الشهيد وأبي

صلة

مروان الباجي وأبي الحسن شريح وأبي عبد الله بن شيرين وأجاز له تآليف أبي الوليد الباجي وأجازه أبو عبد الله الخولاني وهو عن أبي عمر أحمد الطلمنكي ومن طريقه على سنده كان الناس يرحلون إليه بالأخذ عنه والسماع منه لعلوّ سنده وروايته وممن روى عنه ابنه أبو الحسن بن زرقون وأبو الحسن بن خروف وابن مطروح والشلوبين والكلاعى وابن قرطال وعبد الله وداود ابنا حوط الله وأبو الخطاب أحمد بن واجب عرف بابن خليل وأبو بكر بن مروان وأبو عبد الله ابن اليتيم وأبو عبد الله التجيبي والطراز وأبو الخطاب عمر عرف بابن الجميل. صلة اعلم أني ذكرت في التمهيد كثيراً من الفهارس التي بها الدواوين والكتب المؤلفة في علوم الدين مقاصد ووسائل منسوبة إلى مؤلفيها منها برنامج أبي بكر بن خير وفهرس أبي عبد الله الأمير وفهرس أبي عبد الله الغرياني، وبها من الدواوين والتصانيف في فنون شتى ما تفرق في غيرها، وذكرت أيضاً الفهارس التي رواها أبو بكر المذكور عن شيوخه وهم نيف ومائة، أما الدواوين التي رواها عنهم فقد آثرت نقلها هنا مذيلة بالدواوين المدرجة بفهرس الأمير وفهرس الغرياني التي رووها مسندة عن شيوخهم الآتي ذكرهم وفي مستهل البرنامج المذكور سألني مَن له رغبة في العلم وعناية بتقييده أن أذكر لهم ما رويته عن المشايخ من الدواوين المصنفة في ضروب من العلم وأنواع من اليعارف وأن أذكر سندي عنهم فيها إلى مصنفيها وما قرأته من ذلك عليهم أو سمعته منهم بقراءتهم أبو بقراءة الغير عليهم وأن أضيف إلى ذلك ما ناولوني إياه أو أجازوه اهـ. ثم أتى على تلك الدواوين ديواناً ديواناً أصحابها غالبهم مترجم لهم في الطبقات الأولى من المقصد ولنأت على ذكرها مع زيادة من غيره ثم على ما بفهرستي الأمير والغرياني محذوفة الأسانيد تبركاً وتتميماً للفائدة. 1760 - فأقول هي كتاب قراءات النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر محمَّد بن مجاهد. وكتاب اختلاف القراءات وتصريف وجوهها لأبي أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المقري وكتاب الهادي في القراءات الإِمام لأبي عبد الله محمَّد بن سفيان المقري القيرواني رواه عنه بالمهدية أبو حفص عمر بن حسن المقري المعروف بابن النفوسي وأبو محمَّد عبد الله بن إسماعيل بن خزرج وأبو محمَّد عبد الخالق السيوري، وله أيضاً كتاب اختلاف الأمصار في عدد آي القرآن رواه عنه أيضاً أبو حفص المذكور سنة 432 هـ.

الإرشاد في معرفة مذاهب القراء السبعة والمرشد في القراءات أيضاً والفائدة في القراءات واستكمال الفائدة لأبي الطيب عبد المنعم بن غلبون المتوفى سنة 389 هـ والتذكرة لأبي الحسن طاهر بن عبد المنعم بن غلبون كان حياً سنة 434 هـ. التمهيد في القراءات والروضة في القراءات لأبي علي الحسن بن محمَّد بن إبراهيم المقري البغدادي المالكي المتوفى سنة 438 هـ. التبصرة في القراءات لأبي محمَّد مكي بن أبي طالب القيرواني ثم الأندلسي وله الرعاية بتجويد القراءة والتنبيه على أصول قراءة نافع والإبانة في معاني القراءات والكشف عن وجوه القراءات السبع والهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره والإيضاح في ناسخ القرآن ومنسوخه وكتاب غريب القرآن ومشكل إعراب القرآن وبقية تآليفه التي تزيد على الثمانين رواها عنه حفيده الوزير أبو عبد الله جعفر بن محمَّد عن أبيه عن جده مكي. كتاب التفسير في القراءات لأبي عمرو عثمان الداني المتوفى سنة 444هـ وله الشاذ في القراءات والتنبيه على مذهب أبي عمرو بن العلا وتذكير الحافظ لتراجم القراء السبعة وإيجاز البيان في أصول قراءة نافع وورش، والاقتصار في القراءات، والتجديد في معرفة التجويد والتلخيص لأصول قراءة نافع، وأرجوزة في أسماء القراء وكتاب في طبقات القراء والمقرئين وغير ذلك. الهداية في مذاهب القراء السبعة والكفاية في شرح معاني الهداية والتحصيل لفوائد كتاب التفصيل الجامع لعلوم التنزيل لأبي العباس أحمد بن عمار المهدوي المتوفى سنة 440 هـ وليحيى بن مزين فضائل القرآن وله تفسير الموطأ ولأبىِ بكر بن العربي ناسخ القرآن ومنسوخه وأحكام القرآن واختصار كتاب ابن حبان في أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم -والتوسط في الاعتقاد والقبس شرح موطأ مالك بن أنس وعارضة الأحوذي على صحيح الترمذي ومشكل الكتاب والسنة وقانون التأويل والنيرين في الصحيحين والمحصول في علم الأصول والعواصم من القواصم وغير ذلك، وللقاضي إسماعيل أحكام القرآن اختصره أبو بكر القشيري وله كتاب في القراءات وله فضائل مالك وكتاب الأشربة وكتاب فضائل الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم - وغير ذلك ولابن بكير أحكام القرآن، ولأبي بكر الطرطوشي اختصار كتاب الكشف والبيان عن تفسير القرآن وله اختصار كتاب أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن حبان وله غير ذلك، ولعبد الرحمن القنازعي تفسير الموطأ، ولأبي جعفر الداودي تفسير الموطأ، ولأبي مروان البوني مسانيد الموطأ ولأبي ذر الهروي فضائل القرآن وله مسانيد الموطأ

والمسند المؤلف على الصحيحين وكتاب المعجم وكتاب سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في عيشهم وتخليهم عن الدنيا وكتاب بيعة العقبة وكتاب دلائل النبوة وغير ذلك، ولأبي القاسم الجوهري مسند الموطأ ومحمد بن رزين المستقصية للموطأ وله كتاب رجال الموطأ وكتاب رغائب العلم وفضله، ولأبي بكر البرقي تاريخ في رجال الموطأ، ولأبي عبد الله بن الحذاء التعريف برجال الموطأ ولأبي عبد الله محمَّد بن الحسن ويعرف بابن أحد عشر كتاب الجمع بين الصحيحين، ولأبي الحسن رزين بن معاوية كتاب الجمع لما في الموطأ والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وهو المسمى بتجريد الصحاح وله أخبار مكة والمدينة وفضلهما، ولأبي محمَّد قاسم بن أصبغ البياني مصنف على كتاب السنن لأبي داود وله المجتنى بالنون مصنف على أبواب الفقه في السنن المسندة ولأبي عبد الله محمَّد بن عبد الملك بن أيمن مصنف على كتاب السنن لأبي داود، وليحيى بن سعيد الأنصاري مسند، ولأبي الفضل بن خيروف الأحاديث العوالي، ولأبي محمَّد قاسم بن ثابت بن حزم كتاب الدلائل في شرح غريب الحديث، ولأبي عبد الله محمَّد بن عبد السلام الخشني كتاب غريب الحديث، وللإمام المازري المعلم على صحيح مسلم وغير ذلك، وللقاضي عياض إكمال المعلم وشرح حديث أم زرع وغير ذلك وللقاضي الشهيد أبي عبد الله محمَّد ابن الحاج كتاب الإيجاز والبيان شرح خطبة صحيح مسلم وله كتاب الإيمان وله كتاب الكافي في بيان العلم وغير ذلك وله فهرسة وللإمام الطحاوي اختصار مشكل الآثار ولأبي الوليد الباجي المتوفى سنة 474 هـ الإشارة في الأصول وله أحكام الفصول في أحكام الرسول والمنهج في أحكام الأصول وكتاب الحدود وكتاب التسديد إلى معرفة التوحيد والتعديل والتجريح لمن خرّج عنه البخاري في الصحيح وكتاب سنن الصالحين والتبيين على سنن المهتدين والمنتقى وغير ذلك من تآليفه التي هي نحو الثلاثين وللدارقطني تخريج الالتزامات وكتاب القراءات ولأبي محمَّد عبد الله بن أحمد بن يربوع تاج الحلية وسراج البغية في تعليل جميع آثار الموطئات ولأبي علي الغساني شرح على قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة" الحديث وله كتاب المهمل وتمييز المشكل وله جزء منتخب من تاريخ ابن الفرضي وجزآن في شيوخ أبي داود وغير ذلك ولأبي عمر بن عبد البر الاستغنا في أسماء المشهورين من حملة العلم بالكنى والاستيعاب في أسماء الأصحاب والجامع بين العلم وفضله والكافي في الفقه والإشراف في الفرائض وله فضائل مالك وأبي حنيفة والشافعي وله أنس المجالس في النحو وغير ذلك ولأبي الوليد بن الفرضي كتاب المتشابه في أسماء الرواة وكناهم وله تاريخ الأندلس ولابن بشكوال صلة للتاريخ

المذكور وجزء منتخب من التاريخ المذكور تضمن أسماء الحفاظ للحديث ومن برع منهم في الأدب وله جزء في تسمية شيوخ أبي داود ولأبي محمد عبد الله بن محمد بن أسد الجهني جزء في تسمية شيوخ النسائي ولأبي عبد الله الحميدي جذوة المقتبس في تاريخ الأندلس ولأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم فتوح مصر وإفريقية ولأبي محمد عبد الله بن أبي زيد كتاب الأمر والاقتداء والنهي عن الشذوذ وله مختصر المدونة والنوادر والرسالة والذب عن مذهب مالك وغير ذلك من تآليفه. ولأبي عبد الله محمد بن بقي بن رزب كتاب الخصال. ولأبي عبد الله محمد بن فرج كتاب أحكام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفقه وكتاب الوثائق المختصرة وله تآليف في زوائد ابن أبي زيد ولأبي عبد الله محمد بن أبي زمنين المقرب في اختصار المدونة والمشتمل في الوثائق والمنتخب في الأحكام وكتاب المواعظ وكتاب حياة القلوب وكتاب أنس المريد وغيرها رواها عنه ابن الحذاء ولابن العطار الوثائق والسجلات وللقاضي أبي القاسم أحمد بن ورد الجوابات الحسان. ولأبي عبد الله محمد بن سحنون نوازل الصلاة وكتاب الزهد وكتاب ما يجب على المتناظرين من حسن الأدب وكتاب آداب المتعلمين وله مجالس ابن القاسم وللقاضي عبد الوهاب الملخص في الأصول وغير ذلك، ولأبي عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب بن مجاهد الطائي رسالة في شرح مذاهب المتبعين للكتاب والسنة رواها عنه أبو بكر بن إسماعيل بن إسحاق بن عزرة المالكي ورواها أبو علي الغساني عن أبي مروان عبد الملك بن زيادة الله التميمي الطبني عن أبي عبد الله محمد بن هبة الله الضرير قراءة عليه بالقصر الكبير بالمنستير عن ابن إسماعيل المذكور عن مؤلفه، ولأبي محمد عبد الله بن محمد ابن السيد البطليوسي كتاب التنبيه على الأسباب التي أوجبت الخلاف بين المسلمين في عقائدهم ومذاهبهم، ولأبي عمر أحمد الطلمنكي كتاب الوصول إلى معرفة الأصول في مسائل العقود في السنة وكتاب الرسائل المختصر في مذاهب أهل السنة وكتاب الدليل لطاعة الجليل والروضة في القراءات العشرة ولأبي الحسن علي بن المديني كتاب الأشربة ولأبي علي شقران كتاب الفرائض. ولأبي محمد عبد الله بن المبارك كتاب الزهد والرقائق، ولأبي محمد الأصيلي كتاب المواعيد ولأبي عبد الله محمد بن وضاح كتاب العباد والعوابد، ولأبي بكر بن رزق كتاب الزهد ولأحمد بن مروان المالكي فضائل مالك بن أنس. ولأبي القاسم الحسن بن عبد الله الزبيدي النحوي المتوفى سنة 318 هـ فضائل مالك. ولأبي الحسن بن فهد فضائل مالك وللقاضي أبي الوليد يونس بن مغيث كتاب الابتهاج بمحبة الله تعالى وكتاب المنقطعين لله تعالى

وكتاب التهجد، ولأبي محمد عبد الله بن فرج بن غزلون ويعرف بابن العسال كتاب الهداية إلى سبيل العناية في الزهد والرقائق وفضائل الأعمال وغير ذلك كتاب جليل في علم التذكير، ولأبي الحسن عبد السلام بن عبد الرحمن يعرف بابن برجان الإشبيلي شرح أسماء الله الحسنى وله تفسير وله عدة العالم، ولعبد الملك بن حبيب كتاب مكارم الأخلاق وكتاب البشرى في تأويل الرؤيا وكتاب الفرائض ورغائب القرآن وله غير ذلك، ولزهير بن عياد كتاب النفخ في الصور وذكر الحساب والجنة رواه عنه أبو جعفر التميمي عن أبي الغصن نفيس الغرابلي السوسي عن محمد بن رزين عن مؤلفه زهير المذكور، ولأبي محمد بن اللباد كتاب الحكاية في عشرة أجزاء، ولأبي الحسن القابسي رسالة في الذكر والدعاء وكتاب رتب العلم ومنسك ورسالة في حسن الظن بالله ورسالة في الاعتقادات سماها النافعة وأخرى سماها الناصرة وملخص الموطأ، ولأبي الوليد بن رشد تهذيب كتب الطحاوي في مشكل الآثار وله اختصار الكتب المبسوطة وله البيان والتحصيل والمقدمات وغير ذلك وله فهرسة، ولأبي العرب محمد بن تميم مناقب العرب وله كتاب المحن وطبقات قضاة إفريقية وغير ذلك، ولأسد بن موسى رسالة في الوعظ والتذكير وجهها لأسد بن الفرات، ولأبي بكر الطرطوشي رسالة لابن تاشفين وله منتخب من عيون خصائص العباد وثلاثة أجزاء في الكلام على الغنى والفقر وله سراج الملوك وغير ذلك ولبقي بن مخلد مسند وما روى في الحوض والكوثر وكتاب الفضائل وغير ذلك ولأبي الفضل يوسف بن مسرور العابد بالمنستير كتاب فضل العلم والعلماء لأبي الحسن علي بن محمد بن ثابت الخولاني المعروف بالمهدوي الإشارة في النحو قال أبو بكر بن العربي: كنت أحضر عند هذا الشيخ الفقيه الإِمام المقرئ النحوي الأديب الشاعر هذه المقدمة وشرحها وغير ذلك من تآليفه تقرأ عليه بالمهدية في شهور سنة 485 هـ ولأبي عثمان سعيد بن محمد المعافري ويعرف بابن الحداد كتاب الأفعال ولأبي عبد الله محمد بن جعفر التميمي المعروف بابن القزاز كتاب في النحو رواه عنه أبو محمد مكي قال: وسمعت منه تأليفه كتاب الظاء في ثلاثة أجزاء وله كتاب الحروف ولأبي محمد عبد الله بن يحيى الشقراطسي القصيدة المعروفة بالشقراطسية رواها عنه أبو عبد الله محمد بن طاهر القسطلاني ولأبي الفضل جعفر بن محمد بن شرف القيرواني ثم الأندلسي أرجوزة في الزهد وذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -. انتهى باختصار من برنامج أبي بكر بن خير مع زيادة من غيره. 1761 - أما فهرس الإِمام أبي عبد الله الأمير فإني أرويه من عدة طرق وقد مضى شرحها وذكر فيه أنه قرأ القرآن العظيم على جماعة منهم الإِمام أبو عبد الله

[فصل] الحديث

محمد بن حسن المنير قرأ عليه بالسبع من طريق الشاطبية ثلاث ختمات وأجازه بها مسندة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر فيه المصنفات التي رواها مسندة إلى مصنفيها عن عشرة من شيوخه الأعلام وهم أبو الحسن الصعيدي وأبو الحسن السقاط وأبو عبد الله البليدي وأبو عبد الله التاودي والشيخ حسن الجبرتي والجمال يوسف الحفني والشمس محمد الحفني والشهاب الجوهري والشهاب الملوي والشيخ عطية البصير وأبو عبد الله محمد بن عبد السلام الناصري. ولنأتِ عليها مصنفاً مصنفاً وأسماء مؤلفيها ووفياتهم عدا ما تقدم لنا ذكره. [فصل] الحديث 1762 - الموطأ والصحيحان ومسند أبي داود وجامع الترمذي والسنن الصغرى للنسائي وسنن أبي عبد الله محمد بن يزيد بن عبد الله بن ماجه الرِّبعي القزويني المتولد سنة 209 هـ المتوفى سنة 273 هـ ومسند الإِمام أبي حنيفة النعمان ومسند الإِمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ومسند الإِمام أحمد بن حنبل والشمائل للإمام الترمذي والشفا للقاضي عياض والجامع الصغير والجامع الكبير للسيوطي والأربعون النووية لمحدّث الشام محيي الدين يحيى بن شرف الدين النووي المتوفى سنة 676 هـ والمواهب اللدنية للإمام أحمد بن محمد القسطلاني المتوفى سنة 923 هـ وشرح معاني الآثار للإمام أبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي ولد سنة 228 هـ وتوفي سنة 321 هـ ومسند الهداية للإمام أبي الحسن علي بن أبي بكر المرغياني المتوفى سنة 593 هـ ومسند الدارمي للحافظ أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي السمرقندي المتوفى سنة 255 هـ وملخص الإِمام أبي الحسن علي بن محمد القابسي لخص فيه الموطأ برواية ابن القاسم عن مالك ومسند الحافظ أبي داود سليمان بن داود الطيالسي المتوفى سنة 204 هـ وهو أول من صنّف في المسانيد والأدب المفرد للإمام البخاري والسنن والسيرة للإمام أبي عبد الله محمد بن إسحاق المتوفى سنة 151 هـ وهو أول مَن صنّف في السير بتهذيب الإِمام عبد الملك بن هشام المتوفى سنة 218 هـ ومسند الحافظ أبي محمد عبد بن حميد المتوفى سنة 249 هـ والمعجم الكبير للحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة 360 هـ وهو أكبر مسانيد الدنيا وله المعجم الوسط والمعجم الصغير وله مكارم الأخلاق ومسند الحافظ أبي يعلى أحمد بن علي التميمي الموصلي المتوفى سنة

306 هـ والسنن للحافظ أبي بكر أحمد بن عمر بن أبي عاصم الضحاك الشيباني البصري قاضي أصبهان المتوفى سنة 287 هـ وله مسند ومسند الحافظ ابن أبي شيبة هو أبو بكر عبد الله بن محمد ابن القاضي المتوفى سنة 335 هـ ومسند الحافظ أبي عبد الله محمد بن حبان الدرامي البستي المتوفى سنة 354 هـ وله كتاب الثقات وتاريخ وتفسير والمستدرك للإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بالحاكم النيسابوري المتولد سنة 321 هـ المتوفى سنة 405 هـ وكتاب الزهد للإمام الحافظ عبد الله بن المبارك المتوفى سنة 182هـ وعمل اليوم والليلة للإمام المعروف بابن السني المتوفى سنة 460 هـ وسنن البزار للحافظ أبي بكر أحمد بن عمر بن عبد الخالق البزار البصري المتوفى سنة 292 هـ والحلية والمستخرج على صحيح مسلم ودلائل النبوءة وتاريخ للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني المولود سنة 336 هـ المتوفى سنة 430 هـ ومسند القضاعي للإمام شهاب الدين محمد بن جعفر القضاعي قاضي مصر المتوفى سنة 454 هـ ومسند الفردوس للإمام أبي منصور شهر دار ابن الإِمام شيرويه الديلمي الهمداني المتوفى سنة 558 هـ وكتاب الفرج بعد الشدة للحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن أبي الدنيا البغدادي المتولد سنة 208 هـ المتوفى سنة 281 هـ وله كتاب ذم الملاهي وكتاب التوكل وكتاب محاسبة النفس وكتاب اليقين وكتاب الدعاء وكتاب الشكر له أيضاً ومسند الحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني نسبة لدار قطن محلة كبيرة ببغداد المتولد سنة 306 هـ المتوفى سنة 385 هـ وله تخريج الالتزامات وكتاب في القراءات وسنن الحافظ أبي العباس أحمد بن الحسين البيهقي النيسابوري المتولد سنة 384 هـ المتوفى سنة 458 هـ وله شعب الإيمان أيضاً ومنتقى ابن الجارود هو أبو بكر أحمد بن عبد الله بن علي بن الجارود النيسابوري المتوفى سنة 306 هـ ومسند الحافظ أبي عوانة هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد النيسابوري المتوفى سنة 316 هـ وسنن الحافظ سعيد بن منصور بن شيبة المروزي المتوفى سنة 227 هـ روى عنه مسلم وغيره وصحيح الحافظ أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري المتولد سنة 223 هـ المتوفى سنة 311 هـ والخلعيات للقاضي أبي الحسن علي بن الحسن الخلعي الموصلي المصري الدار المتوفى سنة 448 هـ وتآليف الحافظ أبي محمد حسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة 516 هـ وهي شرح السنة ومصابيح السنة والتفسير المسمى بمعالم التنزيل وغير ذلك ومسند الحافظ الحارث بن أبي شيبة التميمي البغدادي المتولد سنة 186هـ المتوفى سنة 282 هـ وصحيح الإسماعيلي هم الحافظ أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل إمام جرجان ولد سنة 277 هـ وتوفي سنة 371 هـ وتآليف ابن

عساكر منها الأربعون وتاريخ دمشق وهو الحافظ أبو القاسم علي بن حسن ابن عساكر الدمشقي المتولد سنة 499 هـ المتوفى سنة 571 هـ وتآليف الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حبان يلقب بأبي الشيخ ولد سنة 274 هـ وتوفي سنة 369 هـ وتآليف الحافظ أبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي المتولد سنة 392 هـ المتوفى سنة 463 هـ ونوادر الأصول في معرفة أخبار الرسول لأبي عبد الله محمد بن علي الحكيم الترمذي المتوفى سنة 255 وبقية تآليفه ومسند الحافظ أبي محمد عبد الله المروزي الحنظلي المعروف بابن راهويه نزيل نيسابور المتولد سنة 166هـ المتوفى سنة 238 هـ ومسند الحافظ أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد القرطبي المتولد سنة 201 هـ المتوفى سنة 276 هـ وله تفسير وتاريخ ابن معين على الرجال وهو الحافظ يحيى بن معين بن عون البغدادي المتوفى سنة 233 هـ ومصنف الحافظ أبي سفيان وكيع بن الجراح الكوفي المتوفى سنة 193 هـ وتآليف ابن شاهين منها مسند وتاريخ وسيرة وهو الحافظ أبو حفص عمر بن شاهين المتوفى سنة 385 هـ ومسند الحافظ أبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي المكي المتوفى سنة 214 هـ ومعجم الحافظ أبي الحسين عبد الباقي بن قانع البغدادي المتولد سنة 265 هـ المتوفى سنة 351 هـ والعشاريات للإمام إبراهيم بن علي القلقشندي نسبة لقرية من قرى مصر المتوفى سنة 960 هـ والأربعون النسائية للإمام عز الدين محمد بن أبي بكر المعروف بابن جماعة المتوفى سنة 819 هـ والفوائد الغياثية لأبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي المتولد سنة 353 هـ ومشارق الأنوار النبوية من صحاح الأخبار المصطفوية للإمام رضي الدين حسن بن محمد الصغاني المتوفى سنة 650 هـ به 2240 حديثاً وبقية تآليفه وتآليف الإِمام حسن بن عرفة العبدي المتوفى سنة 257 هـ ومكارم الأخلاق للحافظ أبي بكر محمد بن جعفر بن محمد الخرائطي المتوفى سنة 327 هـ وسائر مؤلفاته والترغيب والترهيب للإمام عبد العظيم بن عبد القوي المنذري الشافعي ثم المصري المتولد سنة 581 هـ المتوفى سنة 656 هـ وبقية مؤلفاته ومصنفات الحافظ ابن أبي حاتم وهو أبو القاسم عبد الرحمن ابن الإِمام أبي حاتم محمد بن إدريس التميمي الحنظلي الرازي المتولد سنة 204 هـ المتوفى سنة 327 هـ ومؤلفات الإِمام أبي محمد الحسين بن محمد الخلال المتولد سنة 353 هـ المتوفى سنة 439 هـ وتجريد الصحاح الست وهو كتاب به جمع الصحاح الخمسة والموطأ للشيخ الإِمام رزين بن معاوية العبدري السرقسطي المتوفى سنة 525 هـ وقيل سنة 535 هـ وجامع الأسانيد والألقاب للحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي البغدادي المتولد سنة 597 هـ وسائر مؤلفاته وتآليف الحافظ عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي ويعرف بابن الخراط

[فصل] التفسير

المتوفى ببجاية سنة 581 هـ من تآليفه الأحكام الكبرى والأحكام الصغرى ومشكاة الأنوار فيما روى عن الله من الأخبار للإمام محيي الدين بن عربي المتوفى سنة 628 هـ وسائر مؤلفاته ومغازي الواقدي للإمام أبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي المتوفى سنة 207 هـ والروض الآنف للحافظ أبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله السهيلي الأندلسي المتولد سنة 508 هـ المتوفى سنة 634 هـ وبقية مؤلفاته وألفية العراقي في أصول الحديث للإمام زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفى سنة 805 هـ وسائر مؤلفاته وسيرة ابن سيد الناس هو الإِمام أبو الفتح محمد بن محمد المصري الأندلسي المتولد سنة 670 هـ المتوفى سنة 734 هـ والسيرة الحلبية والسيرة الشامية والمسلسلات وهي المسلسل بالأولية وهو حديث الرحمة والمسلسل بالمصافحة والمسلسل بالمشابكة والمسلسل بالضيافة على الأسودين الماء والتمر والمسلسل بيوم العيد والمسلسل بيوم عاشوراء والمسلسل بالقبض على اللحية والمسلسل بالمحمدين ورواية البخاري بالمحمدين والمسلسل بالمصريين. [فصل] التفسير 1763 - تفسير الجلالين محمد بن أحمد المحلي المتوفى سنة 864 هـ وعبد الرحمن السيوطي المتوفى سنة 911 هـ وتفاسير الإِمام ابن عربي وتفسير جار الله الإِمام الزمخشري وسائر مؤلفاته وهو محمود بن عمر الزمخشري المتوفى سنة 538 هـ وتفسير الإِمام القاضي ناصر الدين أحمد بن عبد الله بن عمر البيضاوي وسائر مؤلفاته المتوفى سنة 685 هـ وتفسير الإِمام المجتهد أبي جعفر محمد بن جرير الطبري المتولد سنة 224 هـ المتوفى سنة 310 هـ وتفسير الإِمام القاضي عبد الحق بن غالب بن عطية المتوفى سنة 542 هـ وتفسير الإِمام أبي سعيد محمد بن سعيد الثعالبي النياسبوري المتوفى سنة 427 هـ وتفسير الواحدي وسائر مؤلفاته وهو الإِمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي المتوفى سنة 468 هـ وتفاسير أبي حيان وسائر مؤلفاته وهو الإِمام محمد بن يوسف الغرناطي المتوفى سنة 743 هـ وتفسير الماوردي وسائر مؤلفاته وهو الإِمام أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي المتوفى سنة 450 هـ وحقائق التفسير للإمام أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي المتولد سنة 303 هـ المتوفى سنة 412 هـ وسائر مصنفاته وتفسير الإمام فخر الدين محمد بن عمر الرازي المتوفى سنة 606 هـ وسائر مصنفاته وتفسير أبي السعود بن محمد العمادي المتوفى سنة 982 هـ وتفسير القرطبي وسائر مؤلفاته وهو الإِمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن فرح بالحاء المهملة القرطبي المتوفى سنة 671 هـ وتفسير النسفي

[فصل] الكلام

وهو نجم الدين أبو حفص عمر بن محمد النسفي المتوفى سنة 537 هـ وتفسير الخازن هو لباب التأويل في معاني التنزيل لعلاء الدين علي بن محمد البغدادي المعروف بالخازن فرغ منه في رمضان سنة 725 هـ. [فصل] الكلام 1764 - طريقة الأشعري وسائر مصنفاته وهو الإِمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري المتولد سنة 260 هـ المتوفى سنة 324 هـ وتأليف الإِمام أبي منصور الماتريدي محمد بن محمد المتوفى سنة 333 هـ بسمرقند وتصانيف إمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك الجويني النيسابوري المتوفى سنة 478 هـ وتصانيف الإِمام القاضي عضد الدين عبد الرحمن بن أحمد الإيجي المتوفى سنة 756 هـ وتصانيف الإِمام سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني المتوفى سنة 791 هـ وتصانيف الفخر الرازي وتآليف الإِمام السنوسي وتآليف البرهان اللقاني وتآليف الشهاب أحمد بن حجر الهيتمي المكي المتوفى سنة 973 هـ. [فصل] الفقه 1765 - فقه الحنفية مسند الإِمام أبي حنيفة النعمان وفقه الشافعية مسند الإِمام الشافعي وفقه الحنابلة مسند الإِمام أحمد بن حنبل. فقه المالكية رويناه من طرق كثيرة مسندة للإمام مالك بن أنس مرّ ذكرها منها طريق أبي عبد الله الأمير وتآليف الإِمام أبي عمرو عثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب المتوفى سنة 646 هـ قرأ على الإِمام الشاطبي صاحب حرز الأماني القراءات وأخذ الفقه على أبي الحسن الأبياري عن أبي طاهر إسماعيل بن مكي بن عوف عن أبي بكر الطرطوشي بسنده وتآليف الإِمام أبي عبد الله محمد بن محمد بن عرفة المتوفى سنة 803 هـ وتآليف الشهاب القرافي المتوفى سنة 684 هـ منها الذخيرة. [فصل] أصول الفقه 1766 - جمع الجوامع لتاج الدين عبد الوهاب بن علي السبكي المتوفى سنة 771 هـ وما ينسب لابن الحاجب والسعد والعضد وإمام الحرمين والأشعري والفخر الرازي والشهاب القرافي.

[فصل] اللغة

[فصل] اللغة 1767 - القاموس لمؤلفه الإمام القاضي مسجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي الشيرازي المتولد سنة 729 هـ المتوفى سنة 817 هـ. [فصل] النحو 1768 - مصنفات الإمام أبي عبد الله محمد بن عبد الله الطائي الجياني المعروف بابن مالك المتوفى سنة 676 هـ وتآليف الإمام أبي محمد عبد الله المعروف بابن هشام النحوي المتوفى سنة 762 هـ والأجرومية. [فصل] البلاغة 1769 - الإيضاح في المعاني والبيان للإمام جلال الدين محمد بن عبد الرحمن القزويني المتوفى سنة 739 هـ وله تلخيص المفتاح في المعاني والبيان شرحه جماعة منهم الإمام سعد الدين مسعود بن عمر التفتازاني المتوفى سنة 792 هـ بشرحين المطول ومختصره وعلى المطول حواش كثيرة منها حاشية الإمام السيد الشريف علي بن محمد الجرجاني المتوفى سنة 816 هـ ومنهم عصام الدين الإمام إبراهيم الإسفراييني له شرح عليه معروف بالأطول وسائر مؤلفاته ومقامات الحريري. [فصل] التصوف والأوراد والأحزاب 1770 - قوت القلوب للإمام أبي طالب محمد بن علي بن عطية العجمي ثم المكي المتوفى سنة 386 هـ والرسالة للإمام أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري المتوفى سنة 465 هـ وإحياء العلوم لحجة الإِسلام الإمام محمد الغزالي المتوفى سنة 505 هـ وبقية مؤلفاته ومنازل السائرين للإمام عبد الله بن محمد بن إسماعيل الأنصاري الهروي المتوفى سنة 481 هـ وسائر مصنفاته وعوارف المعارف للإمام شهاب الدين عمر بن محمد بن عبد الله البكري السهروردي البغدادي المتوفى سنة 632 هـ والفتوحات المكية للإمام ابن عربي الحاتمي ودلائل الخيرات للإمام أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي المتوفى سنة 870 هـ وأوراده وأحزابه وما ينسب للإمام الشاذلي من التآليف والأحزاب والأوراد، وما ينسب للشيخ أحمد زروق من التآليف والأحزاب والأوراد، وما ينسب للإمام النووي من الأوراد والطريقة الناصرية والطريقة الوفائية والعيدروسية والنقشبندية وغيرها من طرق السادات الصوفية روَّح الله أرواحهم.

وأما فهرس أبي عبد الله الغرياني

وأما فهرس أبي عبد الله الغرياني 1771 - فإني أرويه من طريق الشيخ عبد الحي الكتاني ومن طريق الشيخ بلحسن النجار وهو رواه عن الشيخ محمد الطيب النيفر عن الشيخ محمد بن أحمد بن الخوجة عن الشيخ إسماعيل التميمي عن الشيخ عمر ابن الشيخ قاسم المحجوب عن الشمس الغرياني ذكر به الكتب التي رواها مسندة إلى مؤلفيها عن شيوخه الأعلام وهم الشيخ إبراهيم الجمني والشيخ محمد الحفناوي والشيخ محمد البليدي والشيخ محمد بن علي بن فضل الطبري والشيخ إدريس بن أحمد الصعدي اليمني والشيخ تاج الدين بن عبد المحسن بن سالم مفتي مكة المشرفة والشيخ أحمد العماري والشيخ محمد بن أحمد عقيلة وأجازوه. ألّف فهرسة حافلة أتى فيها على التآليف التي رواها عنهم مقاصد ووسائل في سائر العلوم والفنون الدينية مسندة إلى مؤلفيها، وها أنا أدلي بها إليك، وهي: تفسير البيضاوي وتفسير الزمخشري وتفسير البغوي وتفسير النسفي وتفسير ابن جزي وتفسير أبي حيان وتفسير الخازن وتفسير ابن عطية وتفسير الواحدي وتفسير الفخر الرازي وتفسير ابن عادل وتفسير الجلالين وتفسير ابن فضل الحسني وإعراب القرآن للحوفي والشاطبية. الموطأ برواية يحيى بن يحيى والبخاري ومسلم والشفا وسنن أبي داود وسنن النسائي الصغرى وسنن ابن ماجه وجامع الترمذي والشمائل للترمذي ومسند الإمام الشافعي ومسند الإمام أحمد ومسند الفردوس ومسند الدارمي ومسند الدارقطني ومسند الطيالسي والجامع الكبير للسيوطي والصغير له وسنن البيهقي ودلائل النبوءة له والمعجم الصغير للطبراني ونوادر الأصول للحكيم الترمذي وشرح معاني الآثار للطحاوي والأربعين النووية وشرحها لابن حجر والأربعين الطائية والمصابيح للبغوي وعمدة الأحكام الصغرى للمقدسي والروض الأنف للسهيلي وشرح الموطأ للعشماوي والمواهب اللدنية وشرحها للعشماوي وألفية المصطلح للعراقي وسيرة ابن إسحاق وسيرة ابن سيد الناس وسيرة ابن فضل المقدسي والفصوص لابن عربي والفتوحات المكية له والأحياء للغزالي والتذكرة للقرطبي والحكم لابن عطاء الله ولطائف المنن له والتنوير له وقوت القلوب لأبي طالب المكي ورسالة القشيري وابن عباد على الحكم وعوارف المعارف للسهروردي.

[فصل] الفقه

[فصل] الفقه 1772 - المختصر الخليلي وسائر علم الفقه والمدونة للإمام سحنون ومختصر القدوري حنفي والهداية والكنز والتحفة ومجمع البحرين وفتح القدير شرح الهداية والكافية الشافعية وشرحها. [فصل] النحو 1773 - كتاب سيبويه والمعني لابن هشام والتسهيل لابن مالك والألفية والكافية ولامية الأفعال وسائر مؤلفاته والقطر لابن هشام والشذور وغير ذلك من مؤلفاته والتصريح لخالد الأزهري والأزهرية له وشرحه على الأجرومية والشمني على المغني والماكودي على الألفية وحاشية يس على الألفية وملحة الإعراب للحريري والأجرومية وشرح ابن فضل الحسني عليها. البلاغة 1774 - المطول لسعد التفتازاني والمختصر له والأطول لعصام وشرحه على الاستعارات والتلخيص للقزويني والإيضاح له وحاشية الحلبي على المطول والنكت على التلخيص للسيوطي ومفتاح التلخيص والتلخيص في شواهد التلخيص له. الكلام 1775 - أم البراهين وشرح السنوسية للعشماوي وشرح اللقاني الكبير على الجوهرة وشرحه الصغير عليها والشيخ عبد السلام عليها وعقائد النسفي وحاشية عصام على شرح السعد على العقائد والشرح الكبير للقاني على أم البراهين وشرحه الصغير عليها وحاشية السكتاني عليها وحاشية الشاوي والمواقف للعضد والمقاصد للتفتازاني وشرحه وشرح المطالع للقطب وعقود الجمان للسيوطي واختصار المقاصد الكبير والصغير للعشماوي وأجوبة المسائل له ورسالة الشطرنج له وشرح الإشارة للقطب.

الأصول

الأصول 1776 - جمع الجوامع للسبكي والأصول لعصام والتلويح حاشية التوضيح للسعد ومختصر ابن الحاجب وحاشية الكمال بن أبي شريف على المحلى وشرح ابن القاسم على الورقات والآيات البينات له على المحلى ومختصر جمع الجوامع وشرحه وحاشية شيخ الإِسلام على المحلى وشرح جمع الجوامع لابن جماعة وشرح جمع الجوامع للزركشي وشرح جمع الجوامع لأبي زرعة والمنهاج للبيضاوي وله شرح المنتهى لابن الحاجب والتحرير لابن الهمام والمنهاج للنووي وسائر مؤلفاته ورسالة الوضع للسمرقندي وملا حنفي. المنطق 1777 - السعد على الشمسية والقطب على الشمسية والتهذيب للسعد وحاشية الشمسية للجلال الداني وشرح التهذيب له وشرح التهذيب للقاضي زكرياء والقاضي علي إيساغوجي وشرح السلم لابن فضل الحسني. اللغة وغيرها القاموس والصحاح ومقامات الحريري والخزرجية والشريف التلمساني عليها وشرح الدماميني عليها وكتاب البديع لابن فضل الحسني والمسامرة لابن الهمام والفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا والنخبة لابن حجر والبهجة لابن الوردي والمقنع لابن قدامة وهدية المملوك لأرباب السلوك لابن فضل الحسني وكتاب المواريث الطبرية في المآثر المكية له وكتاب مرقاة السول إلى سماء الأصول له وشرح البيقونية وديوان شعر له وكتاب محاسبة النفس وشرح بانت سعاد لابن هشام وشرح ابن حجر على الهمزية وشرح ابن مرزوق على البردة والمنفرجة لابن النحوي والهمزية للبوصيري والبردة له وحرز الخشي في حزب الصباح والعشي لابن فضل ومنتهى السول في الصلاة والسلام على الرسول له ودلائل الخيرات بشرحه وحزب البحر والحزب الكبير وسائر أحزاب الإمام الشاذلي والحديث المسلسل بالأولية وبسورة الصف وحديث الرحمة وحديث الطائفين ومسلسل يوم العيد وحديث المصافحة والمشابكة ومسلسل الفقهاء في بيع الخيار ومسلسل السبحة ومسلسل إني أحبك ومسلسل الضيافة في يوم العيد بالتمر واللبن ومسلسل الفاتحة ومسلسل البسملة.

جوهرة ثمينة بها ثلاثيات الإمام الحافظ الحجة أبي عبد الله البخاري

جوهرة ثمينة بها ثلاثيات الإمام الحافظ الحجة أبي عبد الله البخاري 1778 - في كشف الظنون ما ملخصه ثلاثيات البخاري والمراد به ما اتصل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحديث بثلاثة رواة وتنحصر الثلاثيات في صحيح البخاري في اثنين وعشرين حديثاً الغالب عن مكي بن إبراهيم وهو ممن حدثه عن التابعين وهم في الطبقة الأولى من شيوخه وعليه شرح لطيف لمحمد شاه ابن حاج حسن المتوفى سنة 939 هـ. إذا علمت ذلك وعلمت أن صدر المقصد محلى بأربعين حديثاً من ثنائيات الموطأ فمن المناسب أن يكون آخره مرصعاف بالثلاثيات المذكورة وقد أجازني بها شيخنا العلامة النظّار الفهّامة الكريم النجار المفتي المالكي بلحسن النجار ثم سمعتها منه بأسانيدها الآتية ونص الإجازة: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هذه ثلاثيات الإمام محمد بن إسماعيل البخاري الواردة في كتابه المسند الصحيح وهي اثنان وعشرون حديثاً منها سبعة عشر عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وأربعة عن أنس بن مالك رضي الله عنه وواحد عن عبد الله بن بسر حدثني بها الشيخ محمد الطيب بن محمد بن أحمد النيفر عن الشيخ إبراهيم الرياحي عن الشيخ محمد عابد ابن الشيخ أحمد بن علي الأنصاري الخزرجي الألوي السندي ثم المدني قال: أخبرنا بها خاتم المحدثين الشيخ صالح العمري الفلاني ثم المدني قال: أخبرنا بها العلامة المعمر مائة وثلاثة وأربعين سنة الشيخ محمد بن سنة العمري الفلاني قال: أخبرنا بها إجازة العلامة أبو وفاء أحمد بن محمد العجل اليمني قال: أخبرنا بها مفتي مكة قطب الدين محمد بن أحمد بن محمد المكي الحنفي النهرواني قراءة عليه بها قال: أخبرنا بها الحافظ جلال الدين أبو الفتوح أحمد بن عبد الله الطاوسي قال: أخبرني الشيخ المعمر ثلاثمائة سنة بابا يوسف الهروي قال: أخبرنا الشيخ المعمر مائة وأربعين سنة أبو عبد الله محمد بن شاذبخت بن جرير الفرغاني قال: أخبرنا أبو لقمان يحيى بن عمار بن مقبل بن شاهان الختلاني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري قال: حدثنا الإمام الحافظ أمير المؤمنين في الحديث أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى.

1 - الحديث الأول: حدثني المكي بن إبراهيم قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار" أخرجه في كتاب العلم. 2 - الحديث الثاني: حدثنا المكي بن إبراهيم قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه قال: "كان جدار المسجد عند المنبر ما كادت الشاة تجوزها" أخرجه في الصلاة. 3 - الحديث الثالث: حدثني المكي قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد قال: "كنت آتي مع سلمة بن الأكوع فيصلي عند الأسطوانة التي عند المصحف، فقلت: يا أبا مسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذه الأسطوانة قال: فإني رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرى الصلاة عندها" أخرجه في الصلاة في باب الصلاة عند الأسطوانة. 4 - الحديث الرابع: حدثنا المكي حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال: "كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - المغرب إذا توارت بالحجاب" أخرجه في كتاب الصلاة في باب وقت المغرب. 5 - الحديث الخامس: حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلًا ينادي في الناس يوم عاشوراء أن من أكل فليتم أو فليصم ومن لم يأكل فلا يأكل" أخرجه في الصوم في باب إذا نودي بالنهار صومًا. 6 - الحديث السادس: حدثنا مكي بن إبراهيم قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: "أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أسلم أذن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء" أخرجه في الصوم. 7 - الحديث السابع: حدثنا المكي حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال: كنا جلوساً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أتى بجنازة فقالوا: صلِّ عليها، قال: هل عليه دَين؟ قالوا: لا، قال: فهل ترك شيئًا؟ قالوا: لا، فصلّى عليه ثم أتى بجنازة أخرى فقالوا: يا رسول الله صلِّ عليها قال: هل عليه دَين؟ قيل: نعم، قال: فهل ترك شيئاً قالوا: ثلاثة دنانير فصلى عليها ثم أتى بالثالثة فقالواة صلِّ عليها، فقال: هل ترك شيئاً؟ قالوا: لا، قال: فهل عليه دَين؟ قالوا: ثلاثة دنانير، قال: صلُّوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: صلِّ عليه يا رسول الله وعليّ دينه فصلى عليه. أخرجه في الحوالة.

8 - الحديث الثامن: حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بجنازة ليصلي عليها فقال: هل عليه دَين؟ قالوا: لا، فصلى عليها ثم أتى بجنازة أخرى؟ فقال: هل عليه دَين؟ قالوا: نعم، قال: صلُّوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: على دينه يا رسول الله، فصلى عليه" أخرجه في الحوالة في باب مَن تكفل على ميت دَينًا. 9 - الحديث التاسع: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد عن لزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نيراناً توقد يوم خيبر، قال: علام توقد هذه النيران؟ قالوا: على الحمر الإنسية، قال: اكسروها وأهريقوها، قالوا: لا نهريقها ونغسلها، قال: اغسلوها. أخرجه في باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر أو تحرق الزقاق. 10 - الحديث العاشر: قال البخاري: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني حميد أن أنساً حدثهم أن الربيع وهي ابنة النضر كسرت ثنية جارية فطلبوا الأرش وطلبوا العفو فأبوا فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم بالقصاص فقال أنس بن النضر: أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال: يا أنس كتاب الله القصاص فرضي القوم وعفوا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" أخرجه في كتاب الصلح. 11 - الحديث الحادي عشر: حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: بايعت النبي ثم عدلت إلى ظل شجرة فلما خف الناس قال: يا ابن الأكوع ألا تبايع؟ قال: قلت: قد بايعت يا رسول الله، قال: أيضًا فبايعته الثانية فقلت له: يا أبا مسلم على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ، قال: على الموت، أخرجه في كتاب الجهاد. 12 - الحديث الثاني عشر: حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه قال: خرجت من المدينة ذاهباً نحو الغابة حتى إذا كنت بثنية الغابة لقيني غلام لعبد الرحمن بن عوف قلت: ويحك ما بك؟ قال: أخذت لقاح النبي - صلى الله عليه وسلم - قلت: مَن أخذها؟ قال: غطفان وفزارة فصرخت ثلاث صرخات أسمعت ما بين لابتيها يا صباحاه ثم اندفعت حتى ألقاهم وقد أخذوها فجعلت أرميهم وأقول: أنا ابن الأكوع واليوم يوم الرضع فاستنقضتها منهم قبل أن يشربوا فأقبلت بها أسوقها فلقيني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إن القوم عطاش وأنا أعجلتهم قبل أن يشربوا سِقْيهم فابعث أثرهم فقال: يا بن الأكوع ملكت فأسْجح إن القوم يقرون في قومهم" أخرجه في الجهاد.

13 - الحديث الثالث عشر: حدثنا عصام بن خالد حدثنا جرير بن عثمان أنه سأل عبد الله بن بسر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - كان شيخاً قال كان في عنفقته شعرات بيض" أخرجه في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -. 14 - الحديث الرابع عشر: حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت: يا سلمة ما هذه الضربة؟ فقال: هذه الضربة أصابتني يوم خيبر فقال الناس: أصيب سلمة فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فنفث فيها ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة" أخرجه في غزوة خيبر. 15 - الحديث الخامس عشر: حدثنا أبو عاصم الضحك بن مخلد حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: "غزوت مع رسول الله سبع غزوات وغزوت مع ابن حارثة استعمله علينا" أخرجه في المغازي. 16 - الحديث السادس عشر: حدثنا الأنصاري محمد بن عبد الله حدثنا حميد أن أنساً حدثهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كتاب الله القصاص" أخرجه في الديات. 17 - الحديث السابع عشر: حدثنا المكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: "لما أمسوا يوم فتح خيبر أوقدوا النيران فقال النبي علام أوقدتم هذه النيران؟ قالوا: على لحوم الحمر الإنسية، قال: أهريقوا ما فيها واكسروا قدورها، فقام رجل من القوم، فقال: نهريق ما فيها ونغسلها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أو ذاك" أخرجه في كتاب الذبائح والصيد. 18 - الحديث الثامن عشر: حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قال النبي: "مَن ضحّى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيء فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا العام الماضي؟ قال: كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها" أخرجه في الضحايا. 19 - الحديث التاسع عشر: حدثنا مكي بن إبراهيم قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة رضي الله عنه قال: "خرجنا مع النبي إلى خيبر فقال رجل من القوم: أسمعنا يا عامر عن هنياتك، فحدا لهم فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَن السائق؟ قالوا: عامر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: يرحمه الله، فقالوا: يا رسول الله هل لا أتمتعتنا فأصيب ليلتئذ؟ فقال القوم: حبط عمله قتل نفسه، فليا رجعت سمعتهم يحدثون أن عامراً حبط عمله فجئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا نبي الله فداك أبي وأمي زعموا أن عامراً حبط عمله فقال: كذاب من قالها إن له لأجرين اثنين إنه لجاهد مجاهد وأيّ قتيل يزيد عليه" أخرجه في التوحيد.

20 - الحديث العشرون: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا حميد عن أنس أن ابنة النضر لطمت جارية فكسرت ثنيتها فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بالقصاص أخرجه فيه. 21 - الحديث الحادي والعشرون: حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع قال: "بايعنا النبي - صلى الله عليه وسلم - تحت الشجرة فقال لي: يا سلمة ألا تبايع؟ فقلت: يا رسول الله قد بايعت في الأول، قال: وفي الثانية" أخرجه في الأحكام. 22 - الحديث الثاني والعشرون: حدثنا خلاد بن يحيى حدثنا عيسى بن طهمان قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: "نزلت آيات الحجاب في زينب بنت جحش ويطعم عليها حينئذ خبزاً ولحماً وكانت تفخر على نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وكانت تقول إن الله أنكحني في السماء" أخرجه في التوحيد. وقد أجزت العالم الفقيه المؤلف النحرير المحدّث الخطيب الشيخ محمد مخلوف رواية هذه الأحاديث الجليلة المباركة عني بهذا الإسناد العالي والله ولي التوفيق. حرره فقير ربه محمد بلحسن النجار الشرف الحسني خادم السنة والعلم الشريف بجامع الزيتونة الأعظم أدام الله عمرانه. انتهى.

خاتمة في تاريخ فنون السنة وأدوارها

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلّى الله على سيدنا ومولانا محمد وسلم خاتمة في تاريخ فنون السنة وأدوارها جوهرة في تعريف علم الحديث وأنه مرادف للسنة 1779 - السنة في اللغة الطريقة المسلوكة وهي إذا أطلقت تنصرف للطريقة المحمودة وقد تستعمل في غيرها مقيدة كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ: "مَن سنّ سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة" رواه مسلم. وتطلق في عرف الشرعيين على قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريراته أعني عدم إنكاره لأمر رآه أو بلغه عمن يكون منقاداً للشرع العزيز، فهي مرادفة للحديث. وأعني بتاريخها الأدوار التي تقلبت فيها من لدن صدورها عن صاحب الرسالة - صلى الله عليه وسلم - إلى أن وصلت إلينا من حفظ في الصدور وتدوين في الصحف وجمع لمنثورها وتهذيب لكتبها واستنباط من عيونها وتأليف بين كتبها وشرح لغامضها ونقد لروايتها وغير ذلك مما يعرفه القائمون بخدمتها والعاملون على نشرها. وقد عرفوا علم الحديث رواية بأنه علم يشتمل على ما أضيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قيل أو إلى صحابي أو إلى مَن دونه قولاً أو فعلاً أو تقريراً أو صفة. وموضوعه ذات النبي - صلى الله عليه وسلم - من حيث إنه نبي لا من حيث إنه إنسان مثلاً وواضعه أصحابه - صلى الله عليه وسلم - الذين تصدوا لحفظ أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته وغايته الفوز بسعادة الدارين ومسائله قضاياه التي تذكر فيه ضمناً كقولك قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" فإنه متضمن لقضية قائلة إنما الأعمال بالنيات من أقواله - صلى الله عليه وسلم - واسمه علم الحديث رواية ونسبته أنه من العلوم الشرعية وهي الفقه والتفسير والحديث وفضله أن له شرفاً عظيماً من

صلة

حيث أن به يعرف كيفية الاقتداء به - صلى الله عليه وسلم - وحكمه الوجوب العيني على مَن انفرد والكفائي على من تعدد واستمداده من أقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريراته وصفاته الخلقية ككونه ليس بالطويل البائن ولا بالقصير وأخلاقه المرضية ككونه أحسن الناس خلقاً فهذه هي المبادىء العشرة المشهورة. وأما علم الحديث دراية وهو المراد عند الإطلاق فهو علم يعرف به حال الراوي والمروي من حيث القبول والرد وما يتبع ذلك وموضوعه الراوي والمروي من الحيثية المذكورة وغايته معرفة ما يقبل وما يرد من ذلك ومسائله ما يذكر في كتبه من المفاسد كقولك كل حديث صحيح يقبل وواضعه ابن شهاب الزهري في خلافة عمر بن عبد العزيز بأمره وقد أمر أتباعه بعد فناء العلماء العارفين بالحديث بجمعه ولولاه لضاع الحديث واسمه علم الحديث دراية وبقية المبادىء العشرة تعلم مما تقدم لأنه قد شارك فيها النوع الثاني الأول. واعلم أن أواخر القرن الثاني كان مبدأ السعادة والنهضة العلمية في سائر العلوم وتكونت معلومات كثيرة وسترى شرح ذلك في الطبقة الرابعة من التتمة وهو دور ازداد فيه حفّاظ القرآن وانتشروا في كل قطر واعترف المسلمون في جميع الأقطار بالتبريز للقراء السبعة وهذا العصر وما بعده كان عصراً مجيداً للسنة فقد تنبه رواتها إلى وجوب تصنيفها وتدوينها، وقد وجدت هذه الفكرة في جميع الأقطار الإِسلامية في أوقات متقاربة فكان من مدونيها في الدور الأول مالك وستعلم شرح ذلك. صلة 1780 - في أن القرآن تكفل الله بحفظه والسنة قام بحفظها جهابذة أعلام من أعيان أئمة الإِسلام اعلم أني ذكرت في المقدمة فضيلة التاريخ وفضيلة الأسانيد والقرآن العظيم وطبقات كتب السنة في الصحة وأئمة الحديث والأئمة المجتهدين والفرق بين أهل الحديث وأصحاب الرأي وغير خفي أن القرآن والسنة هما المحيط الشاسع والقاموس الواسع الذي من مائهما نبعت عيون فقههم ومن هباتهما تكونت مذاهبهم وذكرت هناك أن أبا بكر رضي الله عنه جمع القرآن من صدور الرجال وبعض الصحف وأن سيدنا عثمان رضي الله عنه جمع الناس على مصحف واحد بلغة قريش بعد أن تعددت القراءات واختلف فيها أهل الأمصار ولا يعلم قدر فضلهما بذلك

مكانة السنة من الكتاب

العمل الجليل إلا مَن عانى أمر السنة وعرف من اجترأ فيها على الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم جماعة القصّاص والواعظين الذين شوّشوا على الأمة في الدين والسياسة والأخلاق تشويشاً الله أعلم بما جر على الأمة من البلاء، ولو لم ينهض أئمة الحديث وحفّاظه أواخر القرن الثاني وما بعده إلى تلافي هذا الخطب وتتبع الأسانيد الصحيحة وترتيب درجات الحديث وتعريف الموضوع من الصحيح لكان الخطب أعظم والمصيبة أشد. أما القرآن العظيم فلله الحمد والمنة على أنه سبحانه تكفل بحفظه فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} قال: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} لهذا كان أول ما ألهم إليه أبو بكر النهوض إلى جمعه من صدور الرجال وبعض الصحف فجمع وكتب بين الدفتين دون أن يلحق حرفاً واحداً منه تغيير أو تبديل وذكرت في المقصد كثيرًا من أئمة الحديث ورواته وما لهم وغيرهم من التصانيف في فنونه، وقد لخصها العلامة المحقق الشيخ محمد عبد العزيز الخولي في رسالة سماها مفتاح السنة أجاد وأفاد، وتتميماً لفائدتك أيها القارئ الكريم وخدمة للسنة أدلي إليك بملخصها دوراً دوراً وفناً فناً ببعض زيادة. مكانة السنة من الكتاب 1781 - اعلم أن للسنة عملين تبيين الكتاب والاستقلال بتشريع الأحكام، أما الأول فلقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} فلا سبيل إلى العمل بجل الشرائع التي تضمنها الكتاب إلا ببيان من المعصوم يفصل مجملها ويوضح مشكلها ويعين محتملها ويقيد مطلقها وكف نراك مصلياً إذا وقفت إلى ما نطق به الكتاب فحسب ولم تعرج على السنّة فتعرف أوقاتها وعدد ركعاتها وسجداتها وما يقيمها أو يبطلها إلى سائر أحكامها؟ وما الذي تخرجه من مالك زكاة إذا لم تسترشد بكتاب الصدقات من السنة؟ ثم كيف تؤدي مناسك الحج إذا لم تأتسِ بالرسول في قاله وحاله يوم أن حج بالناس حجة الوداع فلا جرم كان القرآن في حاجة إلى السنة. أما الثاني فلقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} إلى غير ما آية، وأخرج أبو داود والترمذي عن المقدام بن معد يكرب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك رجل منكم متكئاً على أريكته يحدث بحديث عني فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه ألا وإن ما حرم رسول الله مثل الذي حرم الله زاد أبو داود إلا أني أوتيت الكتاب ومثله معه" وقد حرمت السنة نكاح المرأة

أدوار تاريخ السنة

على عمتها أو خالتها وحرمت الحمر الأهلية إلى كثير مما ملئت به مدونات فقه الحديث والكتب الجامعة لأحاديث الأحكام. أدوار تاريخ السنة حفظها في الصدور، تدوينها مختلطة بالفتاوى، إفرادها بالتدوين، تجريد الصحاح، تهذيبها بالترتيب والجمع والشرح، فنون الحديث المهمة وتاريخ كل فن وأحسن المصنفات فيه. الدور الأول حفظ السنة في الصدور 1782 - لم تكن السنة في القرن الأول عصر الصحابة وأكابر التابعين مدونة في بطون الكتب وإنما كانت مسطورة على صفحات القلوب فكانت صدور الرجال مهد التشريع النبوي ومصدر الفتيا ومنبت الحكم والأخلاق ولم يقيدوا السنّة بكتاب لما ورد من النهي عن كتابتها روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تكتبوا عني ومَن كتب عني غير القرآن فليمحه وحدّثوا عني فلا حرج ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" قال كثير من العلماء نهاهم عن كتابة الحديث خشية اختلاطه بالقرآن وهذا لا ينافي جواز كتابته إذا أمن اللبس وبذلك يحصل الجمع بين هذا وبين قوله - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي توفي فيه: "ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده" وقوله - صلى الله عليه وسلم - كما في الصحيحين: "اكتبوا لأبي شاه" أي الخطبة التي سمعها منه - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة وأذن لعبد الله بن عمرو بتقييد العلم ولما توفي - صلى الله عليه وسلم - بادر الصحابة إلى جمع ما كتب في عهده من القرآن في موضع واحد وسموا ذلك المصحف واقتصروا عليه ولم يتجاوزوه إلى كتابة الحديث وجمعه في موضع واحد كما فعلوا بالقرآن لكن صرفوا هممهم إلى نشره بطريق الرواية إما بنفس الأفاظ التي سمعوها منه - صلى الله عليه وسلم - إن بقيت في أذهانهم أو بما يؤدي معناها إن غابت عنهم فإن المقصود بالحديث هو المعنى ولا يتعلق في الغالب حكمِ بالمبني بخلاف القرآن فإن للألفاظ مدخلاً في الإعجاز فلا يجوز إبدال لفظ منه بآخر ولو كان مرادفاً له خشية النسيان مع طول الزمان فوجب أن يقيد بالكتابة وأما السنة فتقييدها مباح ما أمن الاختلاط.

تثبت الصحابة في روية الحديث

تثبت الصحابة في روية الحديث 1783 - اعلم أن الصحابة وأكابر التابعين كانوا على علم بالكتاب وكانوا أسبق الناس إلى الائتمار بأمره والانتهاء بنهيه وقد علموا ما أوعد الله به كاتم العلم من لعن وطرد وإبعاد عن رحمة الرب فكانوا إذا علموا شيئاً من سنن الرسول بادرا إلى تعليمه وإبلاغه خروجاً من التبعة وابتغاء للرحمة فسرعان ما ينتشر بين الجماهير فلئن نسي بعض منهم فرب مبلغ أوعى من سامع فمن البعد بمكان أن يضيع شيء من السنة أو يخفى على جمهور المسلمين ولم يكن الصحابة يقبلون الحديث من كل محدث بل عموا أن من الحديث محرماً ومحللاً ومخطئاً ومصوباً وأن سبيل ذلك اليقين أو الظن الأخذ بأهدابه لذلك تثبتوا في رواية الحديث جد التثبت فكان لهم في الراوي نظرة كما كانت لهم في المروي وكان كثير منهم يأبى إلا شاهداً معضداً أو يميناً حاسمة تميط لثام الشك عن وجه اليقين، روى ابن شهاب عن قبيصة أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئاً، ثم سأل الناس فقام المغيرة فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيها السدس فقال له: هل معك أحد؟ فشهد محمد بن مسلمة بذلك فأنفذه لها، وعمر رضي الله عنه سنّ للمحدثين التثبت في النقل ولقد كان كثير من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقلون من الرواية عن رسول الله خشية أن يدخلوا في الحديث ما ليس منه سهواً أو خطئاً فينالهم من وعيد الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا ينكرون على مَن يكثر من الرواية إذ الإكثار مظنة الخطأ والخطأ في الدين عظيم الخطر فأنكروا على أبي هريرة كثرة حديثه حتى اضطر لتبرئة ساحته أن يبين السبب الذي حمله على الإكثار فقال إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ولولا آيتان في كتاب الله ما حدّثت حديثاً ثم يتلو {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160)} إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق في الأسواق وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشبع ويحضر ما لا يحضرون ويحفظ ما لا يحفظون. مبدأ تدوين السنة 1784 - لما انتشر الإِسلام واتسعت البلاد وشاع الابتداع وتفرقت الصحابة في الأقطار ومات كثير منهم وقلّ الضبط دعت الحاجة إلى تدوين الحديث وتقييده

الدور الثاني أشهر الكتب المؤلفة في القرن الثاني

بالكتابة ولعمري إنها الأصل فإن الخاطر يغفل والقلم يحفظ فلما أن أفضت الخلافة إلى الإمام العادل عمر بن عبد العزيز كتب على رأس المائة إلى عماله في أمهات المدن الإسلامية بجمع الحديث وممن كتب إليه محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب الزهري المدني أحد الأئمة الأعلام وعالم أهل الحجاز والشام ثم شاع التدوين في الطبقة التي تلي طبقة الزهري فكان أول مَن جمعه ابن جريج بمكة وابن إسحاق أو مالك بالمدينة والربيع بن صبيح أو سعيد بن أبي عروبة أو حماد بن سلمة بالبصرة وسفيان الثوري بالكوفة والأوزاعي بالشام وهشيم بواسط ومعمر باليمن وجرير بن عبد الحميد بالري وابن المبارك بخراسان وكل هؤلاء من أهل القرن الثاني وكان جمعهم للحديث مختلطاً بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين. الدور الثاني أشهر الكتب المؤلفة في القرن الثاني 1785 - من أشهر الكتب المؤلفة في المائة الثانية الموطأ للإمام مالك بن أنس ومسند الإمام الشافعي ومختلف الحديث له والجامع للإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني ومصنف شعبة بن الحجاج ومصنف سفيان بن عيينة ومصنف الليث بن سعد المتوفى سنة 175هـ ومجموعات مَن عاصرهم من حفّاظ الحديث وعقّال أوابده كالأوزاعي والحميدي. موطأ الإمام مالك 1786 - درجة حديثه: قال الحافظ ابن حجر أن كتاب مالك صحيح عنده وعند من يقلده على ما اقتضاه نظره من الاحتجاج بالمرسل والمنقطع وغيرهما، قال مؤلف: حجة الله البالغة أما على رأي غيره فليس فيه مرسل ولا منقطع إلا وقد اتصل السند به من طرق أخرى فلا جرم كانت صحيحة من هذا الوجه وقد صنف ابن عبد البر كتاباً في وصل ما في الموطأ من المرسل والمنقطع والمعضل قال: وجميع ما فهي من قوله بلغني ومن قوله عن الثقة عنده مما لم يسنده إحدى وستون حديثاً كلها مسندة من غير طريق مالك إلا أربعة لا تعرف وذكرها. وقد صنف في زمان مالك موطآت كثيرة في تخريج أحاديثه ووصل منقطعه مثل كتاب ابن أبي ذئب وابن عيينة والثوري وغيرهم ممن شارك مالكاً في الشيوخ.

عدد أحاديث الموطأ

عدد أحاديث الموطأ 1787 - ذكر ابن الهباب أن مالكاً روى مائة ألف حديث جمع منها في الموطأ عشرة آلاف ثم لم يزل يعرضها على الكتاب والسنة ويختبرها بالآثار حتى رجعت إلى خمسمائة قال أبو بكر الأبهري: جملة ما في الموطأ من الآثار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصحابة والتابعين 1720 حديثاً المسند منها 600 والمرسل 228 والموقوف 613 ومن قول التابعين 285 وقال السيوطي في تقريبه نقلاً عن ابن حزم: أحصيت ما في موطأ مالك وما في حديث سفيان بن عيينة فوجدت في كل واحد منهما من المسند خمسمائة ونيفاً مسندة وثلاثمائة مرسلاً وفيه نيف وسبعون حديثاً قد ترك مالك نفسه العمل بها وفيها أحاديث ضعيفة وهاها جمهور العلماء ولا منافاة بين ما نقله السيوطي وما قاله الأبهري لأن روايات الموطأ كثيرة تختلف زيادة ونقصاً. عناية الناس به 1788 - أخرج ابن عبد البر عن عمر بن عبد الواحد صاحب الأوزاعي قال: عرضنا على مالك الموطأ في أربعين يوماً فقال: كتاب ألفته في أربعين سنة أخذتموه في أربعين يوماً ما أقل ما تفقهون فيه وقد روى الموطأ عن مالك بغير واسطة أكثر من ألف رجل وقد ضرب الناس فيه أكباد الإبل إلى مالك من أقاصي البلاد مصداقاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجدون أعلم من عالم المدينة" قال عبد الرزاق: هو مالك بن أنس رواه الترمذي فمنهم المبرزون من الفقهاء كالشافعي ومحمد بن الحسن وابن وهب وابن القاسم ومنهم شيوخ المحدثين كيحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق بن همام ومنهم الملوك والأمراء كالرشيد وابنيه الأمين والمأمون وقد اشتهر في عصره حتى بلغ على جميع ديار الإسلام ثم لم يأتِ زمان إلا وهو أكثر به شهرة وأقوى به عناية وعليه بني فقهاء الأمصار مذاهبهم حتى أهل العراق في بعض أمرهم ولم يزل العلماء يخرجون حديثه ويذكرون متابعته وشواهده ويشرحون غريبه ويضبطون مشكله ويبحثونِ عن فقهه ويفتشون عن رجاله إلى غاية ليس بعدها غاية. روايات الموطأ 1789 - ذكر القاضي عياض أن الذي اشتهر من نسخ الموطأ نحو عشرين نسخة وذكر بعضهم أنها ثلاثون والمستعمل منها أربعة: موطأ يحيى بن يحيى وموطأ

شروح الموطأ ومختصراته

ابن بكير وموطأ أبي مصعب وموطأ ابن وهب ثم ضعف الاستعمال في الأخيرين وبين الروايات اختلاف كثير من تقديم وتأخير وزيادة ونقص ومن الموطآت المشهورة المشروحة موطأ الإِمام محمَّد بن الحسن الشيباني. شروح الموطأ ومختصراته 1790 - ممن شرح الموطأ عبد الملك بن حبيب وصنف الحافظ ابن عبد البر كتاباً سماه التقصي لحديث الموطأ وله كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد قال ابن حزم: هو كتاب في الفقه والحديث ولا أعلم نظيره وشرحه أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد النحوي البطليوسي وأبو بكر بن العربي وسماه القبس ومما جاء فيه في وصف الموطأ هذا أول كتاب ألف في شرائع الإِسلام وهو آخره لأنه لم يؤلف مثله إذ بناه مالك رحمه الله على تمهيد الأصول للفروع ونبّه فيه على معظم أصول الفقه التي ترجع إليه في مسائله وفروعه. وللموطأ مختصرات كثيرة فمنها مختصر الإِمام الخطابي أحمد بن محمَّد البستي ومختصر أبي الوليد الباجي وممن ألّف في شرح غريبه البرقي وأحمد بن عمران الأخفش وأبو القاسم العثماني المصري وممن ألّف في رجاله القاضي أبو عبد الله الحذاء وابن مفرج والبرقي وأبو عمر الطلمنكي وألّف القاضي إسماعيل شواهد الموطأ وألّف أبو الحسن الدارقطني كتاب اختلاف الموطات وأبو الوليد الباجىِ ولأبي بكر بن حبيب أطراف الموطأ وغير هذا كثير جداً. وكأني بك أيها القارئ وقد رأيت تلك العناية الفائقة بكتاب من كتب السنة فقد أكبرت الحديث وشأنه وعرفت لهذا الدين متانته وفضله ورفعت من شأو المحدثين وعلماء المسلمين إذ تعبوا لتستريح وغرسوا لتجني فاقتطف من ثمار ما بذروا وقيل رب اجزهم أحسن ما كانوا يعملون. الدور الثالث إفراد الحديث بالتأليف في مبدأ القرن الثالث 1791 - في أول هذا القرن أخذ رواة الحديث في جمعه طريقة غير التي سلفت فبعد أن كانوا يجمعونه ممزوجاً بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين أخذوا يفردونه بالجمع والتأليف ثم من أئمة الحديث من جمع في مصنفه كل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غير مييز بين صحيح وسقيم ومنهم من أفرد الصحيح بالجمع

كتب السنة في القرن الثالث

ليخلص طالب الحديث من عناء السؤال والبحث وكان أول الراسمين لهذه الطريقة المثلى شيخ المحدثين محمَّد بن إسماعيل البخاري فجمع في كتابه المشهور ما تبينت له صحته وكانت الكتب قبله ممزوجاً فيها الصحيح بالعليل بحيث لا يتبين للناظر فيها درجة الحديث من الصحة إلا بعد البحث عن أحوال رواته والوقوف على سلامته من العلل فإن لم يكن من أهل البحث ولم يظفر بمن يتعرف منه درجته بقي ذلك الحديث مجهول الحال عنده واقتفى أثر البخاري في ذلك الإِمام مسلم بن الحجاج القشيري وكان من الآخذين عنه ثم ارتسم خطتهما كثيرون وإن ذلك القرن الثالث لأجل عصور الحديث وأسعدها بخدمة السنة ففيه ظهر كبار المحدثين وجهابذة المؤلفين وحذّاق الناقدين وفيه أشرقت شموس الكتب الستة التي كادت لا تفلت من صحيح الحديث إلا النزر اليسير والتي يعتمد عليها المستنبطون وبها يعتضد المناظرون وعن محياها تنجاب الشبه وبضوئها يهتدي الضال وببرد يقينها تثلج الصدور. وبانسلاخ هذا القرن يكاد يتم جمع الحديث وتدوينه ويبتدىء عصر ترتيبه وتهذيبه وتسهيله على رواده وتقريبه. كتب السنة في القرن الثالث 1792 - أشهر الكتب في القرن الثالث صحيح البخاري وصحيح مسلم وسنن أبي داود وسنن النسائي وجامع الترمذي وسنن ابن ماجه ومسند الإِمام أحمد بن حنبل والمنتقى في الأحكام لابن الجارود ثم مصنف ابن أبي شيبة وكتاب محمَّد بن نصر المروزي ومصنف سعيد بن منصور وكتاب تهذيب الآثار محمَّد بن جرير الطبري وهو من عجائب كتبه ابتدأ فيه بما رواه أبو بكر الصديق وتكلم على كل حديث وعلته وطرقه وما فيه من الفقه واختلاف العلماء وحججه واللغة فتم مسند العشرة وأهل البيت والموالي وقطعة من مسند ابن عباس والمسند الكبير لبقي بن مخلد القرطبي رتبه على أسماء الصحابة روى فيه عن 1300 صحابي ونيف ثم رتب حديث كل صاحب على أبواب الفقه فجاء كتاباً حافلاً مع ثقة مؤلفه وضبطه وإتقانه ومسند عبيد الله بن موسى ومسند إسحاق بن راهويه ومسند عبد بن حميد ومسند الدارمي ومسند أبي يعلى الموصلي ومسند ابن أبي أسامة الحارث بن محمَّد التميمي ومسند ابن أبي عاصم أحمد بن عمرو الشيباني وفيه نحو خمسين ألف حديث ومسند ابن أبي عمر وأحمد بن يحيى العدني ومسند أبي هريرة لإبراهيم بن حرب العسكري ومسند الإِمام علي لأحمد بن شعيب النسائي ومسند العنبري لإبراهيم بن إسماعيل الطوسي والمسند الكبير للبخاري ومسند مسدد بن سرهد ومسند محمَّد بن مهدي

كتب السنة في القرن الرابع

ومسند الحميدي ومسند إبراهيم بن معقل النسفي ومسند إبراهيم بن يوسف الهنجابي ومسند مالك لأحمد بن شعيب النسائي والمسند الكبير للحسن بن سفيان والمسند المعلل لأبي بكر البزار ومسند ابن سنجر والمسند الكبير ليعقوب بن شيبة ولم يؤلف أحسن منه لكنه لم يتم ومسند علي بن المديني ومسند ابن أبي عزرة أحمد بن حازم ومسند عثمان بن أبي شيبة. وكتب المسانيد كثيرة جداً وإن أردت الزيادة فانظر كشف الظنون. 1793 - تنبيه: كتب المسانيد دون كتب السنن في الرتبة إذ جرت عادة مؤلفيها أن يجمعوا في مسند كل صحابي ما يقع لهم من حديثه صحيحاً كان أو سقيماً ولذلك لا يسوغ الاحتجاج بما يورد فيه مطلقاً واستثنى بعض المحدثين منها مسند الإِمام أحمد بن حنبل. كتب السنة في القرن الرابع 1794 - الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين من رواة الحديث وحملته هو رأس سنة 300 هـ وقد أبنا فيما سلف أن القرن الثالث أسعد القرون بخدمة السنة وتمحيصها ونقد رواتها وكل من أتى بعد ذلك فعالة على المتقدمين إلا قليلاً يجمع ما جمعوا ويعتمد في نقده على ما نقدوا لذلك كانت كتب السنة في القرن الثاني والثالث تمتاز في الأكثر بأولية الجمع فيها دون الأخذ عن غيرها وهو الداعي لإفراد كتب السنة في القرن الرابع بالذكر. أشهر الكتب في القرن الرابع 1793 - المعاجم الثلاثة الكبير والأوسط والصغير للإمام سليمان بن أحمد الطبراني رتب في الكبير الصحابة على الحروف وهو مشتمل على نحو خمسمائة وعشرين ألف حديث ورتب في الأوسط والأصغر شيوخه على الحروف وسنن الدارقطني وصحيح أبي حاتم محمَّد بن حبان البستي وصحيح أبي عوانة يعقوب بن إسحاق وصحيح ابن خزيمة محمَّد بن إسحاق وصحيح المنتقى لابن السكن سعيد بن عثمان البغدادي والمنتقى لقاسم بن أصبغ محدث الأندلس ومصنف الطحاوي ومسند ابن جميع محمَّد بن أحمد ومسند محمَّد بن إسحاق ومسند الخوارزمي ومسند أبي إسحاق إبراهيم بن نصر الرازي.

فصل به بيان درجة حديث كل كتاب من كتب السنة الشهيرة في القرنين الثالث والرابع

فصل به بيان درجة حديث كل كتاب من كتب السنة الشهيرة في القرنين الثالث والرابع 1796 - مسند الإِمام أحمد بن حنبل كتاب جليل من جملة أصول السنة يشتلم على 40000 حديث تكرر منها 10000، ومن أحاديثه ما ينيف عن 300 حديث ثلاثية الإسناد. درجة حديثه: روى أبو موسى المديني عن الإِمام أحمد أنه سئل عن حديث فقال انظره فإن كان في المسند إلا فليس بحجة قال الحافظ ابن حجر في كتابه تعجيل المنفعة في رجال الأربعة ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة وهذا المسند شرحه أبو الحسن بن عبد الهادي السندي واختصره زين الدين عمر بن أحمد الشماع الحلبي وسراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقن. الجامع الصحيح المسند للإمام البخاري 1797 - هو أول كتاب ألِّف في الصحيح المجرد وقد اتفق جمهور العلماء على أنه أصح الكتب بعد القرآن الكريم ويقاربه في ذلك صحيح مسلم وذلك لأنهما لا يخرجان من الحديث إلا ما اتفق على ثقة ناقليه إلى الصحابي المشهور، مع كون الإسناد إليه متصلاً غير مقطوع وذلك ما يسمى بشرط الشيخين. انتقد عليه الحفاظ عشرة أحاديث ومائة منها ما وافقه مسلم على تخريجه وهو 32 حديثاً وباقيها انفرد بتخريجه قال الحافظ ابن حجر في مقدمة شرح الفتح يست عللها كلها قادحة بل أكثرها الجواب عنه ظاهر والقدح فيه مندفع وبعضها الجواب عنه محتمل واليسير عنه في الجواب عنه تعسف وقد أوضح ذلك مفصلاً وقد ضعف الحافظ من رجال الجامع للبخاري نحو الثمانين ولكن أكثرهم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم وعرف أحوالهم واطلع على أحاديثهم وميز صحيحها من ضعيفها فهو بهم أعرف ولهم أخبر وقد روى عن البخاري جامعه الصحيح نحو من مائة ألف منهم كثير من أئمة الحديث كمسلم وأبي زرعة والترمذي وابن خزيمة. شروحه: لم يعتنِ علماء المسلمين بشيء بعد الكتاب العزيز عنايتهم بالجامع المذكور فما أكثر شارحيه والكاتبين في رجاله والمؤلفين في أغراضه والمختصرين لكتابه وقد عد ملا كاتب جلبي في كشف الظنون ما ينيف على اثنين وثمانين شرحاً دبجها يراع الجهابذة من السلف والأذكياء من الخلف، والمحسنون من الشراح

الجامع الصحيح للإمام مسلم بن الحجاج

إحساناً أربعة: الإِمام بدر الدين محمَّد بن بهادر الزركشي المتوفى سنة 794 هـ والعلامة بدر الدين محمود بن أحمد العيني المتوفى سنة 855 هـ والحافظ السيوطي والحافظ شيخ الإِسلام أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في فتح الباري، فهو أمير أولئك المحسنين فإن شرحه لا يدانيه شرح ولا يحيط بجماله وصف ولو لم يكن له إلا مقدمته لكانت كافية في الإشادة بذكره والإبانة عن جلالة قدره، وله مختصرات كثيرة من أشهرها مختصر الإِمام أحمد بن عمر الأنصاري القرطبي وبدر الدين حسن بن عمر الحلبي المتوفى سنة 789 هـ والحسين بن المبارك الزبيدي المتوفى سنة 893 هـ وكتب رجاله منها أسماء رجال البخاري للإمام أحمد بن محمَّد الكلاباذي المتوفى سنة 398 هـ وكتاب التعديل والتخريج لرجاله لأبي الوليد الباجي، والإفهام بما وقع في البخاري من الإبهام لجلال الدين عبد الرحمن بن عمر البلقيني المتوفى سنة 824 هـ. الجامع الصحيح للإمام مسلم بن الحجاج 1798 - هو ثاني الكتب الستة واحد الصحيحين المشهود لهما بعلو الرتبة؛ شرحه كثير من العلماء ذكر منها صاحب كشف الظنون نحو خمسة عشر شرحاً منها المعلم للإمام المازري والمنهاج للحافظ النووي ومنها شرح القاضي عياض وشرح القرطبي وشرح أبي الفرج عيسى الزواوي وشرح أبي عبد الله محمَّد الأبي، مختصراته من أشهرها تلخيص أحمد بن عمر القرطبي ومختصر الإِمام عبد العظيم المنذري ومختصر زوائد مسلم على البخاري لسراج الدين عمر بن الملقن ولأبي بكر أحمد بن علي الأصبهاني كتاب في أسماء رجال مسلم. المستدرك على الصحيحين 1799 - قد أودع الحافظ محمَّد بن عبد الله الحاكم النيسابوري في كتابه المستدرك ما ليس في الصحيحين مما رأى أنه على شرطهما أو شرط أحدهما أو ما أدى إليه اجتهاده إلى تصحيحه، وهو متساهل في التصحيح، وقد لخص الحافظ الذهبي مستدركه وأبان ما فيه من ضعيف أو منكر وهو كثير. المستخرجات على الصحيحين 1800 - الاستخراج أن يعمد حافظ إلى صحيح البخاري مثلاً فيورد أحاديثه واحداً واحداً بأسانيد لنفسه غير ملتزم فيه ثقة الرواة من غير طريق البخاري إلى أن

المجتبى لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي

يلتقي معه في شيخه أو فيمن فوقه إذا لم يمكن الاجتماع معه في الأقرب، وربما ترك المستخرج أحاديث لم يجد له بها إسناداً مرضياً، وربما علقها عن بعض رواتها، وربما ذكرها من طريق صاحب الأصل قال القاضي أبو يحيى زكريا الأنصاري نقلاً عن شيخه الحافظ ابن حجر: وشرطه أن لا يصل إلى شيخ أبعد من وجود سند يوصله إلى الأقرب إلا لغرض من علو أو زيادة حكم أو نحو ذلك، وإلا فلا يسمى مستخرجاً اهـ. وقد اعتنى كثير من الحفاظ بالتخريج وقصروا ذلك في الأكثر على الصحيحين لكونهما العمدة في هذا الفن، وللمستخرجات فوائد منها ما قد يقع فيها من زوائد في الحديث لأنهم لا يلتزمون ألفاظ المستخرج عليه ومنها علو الإسناد إذ رواية الحديث عن صاحب المستخرج عليه أبعد من روايته عن طبقته أو شيوخه وقد يقع فيها التصريح بالسماع مع كون الأصل معنعناً أو بتسمية مبهم في الأصل ولا يحكم للزيادات الواقعة في المستخرجات بالصحة إلا إذا كان سند المستخرج إلى الشيخ الذي التقى فيه مع مصنف الأصل صحيحاً متصلاً وقد يطلق التخريج على عزو الحديث إلى مَن أخرجه من الأئمة كقولنا أخرجه البخاري للحديث الذي يوجد في صحيحه. ومن الكتب المستخرجة على صحيح البخاري المستخرج لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني والمستخرج لأبي بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي المتوفى سنة 371 هـ والمستخرج لأبي بكر أحمد بن محمَّد البرقاني المتوفى سنة 452 هـ. ومن المستخرجات على صحيح مسلم تخريج أحمد بن حمدان النيسابوري المتوفى سنة 311 هـ وتخريج أبي عوانة الإسفراييني المتوفى سنة 316 هـ وتخريج أبي نصر الطوسي المتوفى سنة 344 هـ والمسند المستخرج على مسلم للحافظ أبي نعيم الأصبهاني. المجتبى لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي 1801 - درجته في الحديث بعد الصحيحين وشرحه الحافظ السيوطيِ وأبو الحسن محمَّد السندي وقد شرح سراج الدين عمر بن علي بن الملقن زوائده على الصحيحين وأبي داود والترمذي في مجلد. سنن أبى داود سليمان بن أشعث السجستانى 1802 - كتاب شريف قد رزق فيه القبول قال أبو داود: كتبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسمائة ألف حديث فانتخبت منها أربعة آلاف حديث وثمانمائة ضمنتها هذا الكتاب ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ويكفي الإنسان لدينه من ذلك

الجامع الصحيح لأبي عيسى محمد الترمذي

أربعة أحاديث أحدها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الأعمال بالنيات" والثاني قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" والثالث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه" والرابع "الحلال بيِّن والحرام بيِّن" الحديث. وقد اشتهر هذا الكتاب بجمعه لأحاديث الأحكام وفيه كثير من المراسيل، شرحه جماعة منهم الإِمام الخطابي وشهاب الدين الرملي وأختصره زكي الدين المنذري وهذبه ابن قيم الجوزية المتوفى سنة 751 هـ وشرح مهذبه. الجامع الصحيح لأبي عيسى محمَّد الترمذي 1803 - قال أبو عيسى عرضت هذا الكتاب على علماء الحجاز والعراق وخراسان فرضوا به واستحسنوه وقال: ما أخرجت بكتابي هذا إلا حديثاً قد عمل به بعض الفقهاء فعلى هذا كل حديث احتج به محتج أو عمل بموجبه عامل أخرجه سواء صح طريقه أو لم يصح لكنه تكلم على درجة الحديث وبيّن الصحيح منه والمعلول كما ميز المعمول به من المتروك وساق اختلاف العلماء فكتابه لذلك جليل القدر جم الفائدة كما أنه قليل التكرار. شرحه جماعة منهم أبو بكر بن العربي والسيوطي والسندي واختصره نجم الدين محمَّد بن عقيل ونجم الدين سليمان بن عبد القوي الطوفي وغيرهما. سنن محمَّد بن يزيد بن ماجه القزويني 1804 - عد بعض الحفاظ أصول السنة خمسة يعني كتب البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبي داود وعدها بعض آخر ستة بضم سنن ابن ماجه إلى الخمسة السابقة وإنما قدموا سنن ابن ماجه على الموطأ لكثرة زوائده على الخمسة بخلاف الموطأ قال بعض المحدثين: ينبغي أن يجعل السادس كتاب الدارمي فإنه قليل الرجال الضعفاء نادر الأحاديث المنكرة والشاذة وإن كان فيه أحاديث مرسلة وموقوفة وقد جعل بعض العلماء- كرزين بن معاوية- سادس الكتب الموطأ وتبعه على ذلك المجد بن الأثير في كتاب جامع الأصول وغيره. قال الحافظ المزني: إن كل ما انفرد به ابن ماجه عن الخمسة فهو ضعيف ولكن قال الحافظ ابن حجر إنه انفرد بأحاديث كثيرة وهي صحيحة فالأولى حمل الضعف على الرجال. شرحها جماعة منهم كمال الدين محمَّد بن موسى الدميري ولم يتم وإبراهيم بن محمَّد الحلبي والجلال السيوطي والسندي.

باقي كتب السنة الصحيحة غير الكتب الستة

باقي كتب السنة الصحيحة غير الكتب الستة 1805 - منها صحيح محمَّد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري وصحيحه أعلى مرتبة من صحيح ابن حبان تلميذه لشدة تحريه ومنها صحيح أبي حاتم محمَّد بن حبان البستي وهو غير مرتب على الأبواب ولا المسانيد وقد رتبه ابن الملقن وجرد أبو الحسن الهيتمي زوائده على الصحيحين وقد نسبوا لابن حبان التساهل في التصحيح. ومنها صحيح أبي عوانة يعقوب بن إسحاق وصحيح المنتقى لابن السكن سعيد بن عثمان وسنن الإِمام الحافظ علي بن عمر الشهير بالدارقطني والمنتقى في الأحكام لابن الجارود عبد الله بن علي والمنتقى في الآثار لقاسم بن أصبغ ومنتقى ابن الجارود شرحه يوسف بن عبد الله المعروف بابن عياد الأندلسي المتوفى سنة 575 هـ وقد جمع بين المنتقى والاستذكار وبين الترمذي وسنن أبي داود الإِمام محمَّد بن زرقون المتوفى سنة 586 هـ. كتب الأطراف 1806 - الأطراف هي ما تذكر طرفاً من الحديث يدل على بقيته وتجمع أسانيده إما مستوعبة أو مقيدة بكتب مخصوصة فمن ذلك: أطراف الصحيحين للحافظ إبراهيم بن محمَّد بن عبيد الدمشقي ولأبي محمَّد خلف بن محمَّد الواسطي، قال الحافظ ابن عساكر: وكتاب خلف أحسنهما ترتيباً ورسماً وأقلهماً خطأً ووهماً ولأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني وللحافظ ابن حجر العسقلاني وأطراف السنن الأربعة لابن عساكر الدمشقي واسمه الإشراف على معرفة الأطراف وأطراف الكتب الستة لمحمد بن طاهر المقدسي وللحافظ يوسف بن عبد الرحمن المزي أطراف الكتب الستة واختصره الحافظ الذهبي ولابن حجر إتحاف المهرة بأطراف العشرة الكتب الستة والمسانيد الأربعة. دور التهذيب بعد القرن الرابع 1807 - إن جمع السنن من أفواه الرواة والنظر في رجال الأسانيد وإنزالهم منازلهم وبيان عليل الحديث من صحيحه كاد ينتهي بانتهاء القرن الرابع كما انطفأت إذ ذاك جذوة الاجتهاد وركن الناس إلى التقليد في الدين فأكثر الكتب التي نجدها بعد ذلك العصر سلكت مسلك التهذيب أو جمع الشتيت وبيان الغريب أو نحت

أهم الكتب الجامعة لمتون الحديث في دور التهذيب

منحى الإبداع والترتيب أو طرقت سبيل الاختصار والتقريب وجل من تكلم في الأسانيد بعد المائة الرابعة كان عالة على ما دونه أئمة الحديث في القرون السالفة. أهم الكتب الجامعة لمتون الحديث في دور التهذيب 1808 - الجمع بين الصحيحين قد جمع كثير من الأفاضل بين صحيحي البخاري ومسلم ومن هؤلاء محمَّد بن عبد الله الجوزقي المتوفى سنة 388 هـ وحسين بن مسعود البغوي المتوفى سنة 516 هـ وإسماعيل بن أحمد المعروف بابن الفرات المتوفى سنة 414 هـ ومحمد بن نصر الحميدي الأندلسي المتوفى سنة 488 هـ وأحمد بن محمَّد القرطبي المعروف بابن أبي حجة المتوفى سنة 642 هـ. الجمع بين الكتب الستة جمع بينها عبد الحق بن عبد الرحمن الإشبيلي عرف بابن الخراط وقطب الدين محمَّد بن علاء الدين المكي وأبو الحسن رزين بن معاوية السرقسطي في كتابه تجريد الصحاح ولكنه لم يحسن في ترتيبه وتهذيبه فلما جاء أبو السعادات مبارك بن محمَّد المعروف بابن الأثير المتوفى سنة 606 هـ هذّب كتابه ورتّب أبوابه وأضاف إليه ما أسقطه من الأصول وشرح غريبه وبيّن مشكل الإعراب وخفي المعنى وحذف أسانيده ولم يذكر إلا راوي الحديث من صحابي أو تابعي كما ذكر المخرج له من الستة ورتب أبوابه على حروف المعجم وسماه جامع الأصول لأحاديث الرسول فجاء كتاباً فذاً في بابه لم ينسج أحد على منواله فقرّب إلينا البعيد وسهّل علينا العسير واختصر هذا الجامع كثيرون منهم محمَّد المروزي المتوفى سنة 682 هـ وهبة الله بن عبد الرحيم الحموي وعبد الرحمن بن علي المعروف بابن الدبيع الشيباني الزبيدي وهو أحسن المختصرات وقد طبع ولإمام الحرمين محمَّد بن سليمان الفاسي السوسي المتوفى سنة 1094 هـ الجمع بين الكتب الخمسة والموطأ على طريقة ابن الأثير. الجوامع العامة 1809 - جامع المسانيد والألقاب لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي جمع فيه بين الصحيحين ومسند أحمد وجامع الترمذي ومنها جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن للحافظ إسماعيل بن عمر الوشي الدمشقي المعروف بابن كثير المتوفى سنة 774 هـ جمعه من الصحيحين وسنن النسائي وأبي داود والترمذي وابن ماجه، ومن مسانيد أحمد والبزار وأبي يعلى والمعجم الكبير للطبراني، ومنها مجمع الزوائد للحافظ أبي الحسن الهيتمي جمع فيه زوائد مسانيد أحمد وأبي يعلى

ترتيب كتب الحديث في الصحة

والبزار ومعاجم الطبراني الثلاثة، ومنها مصابيح السنة للإمام البغوي جمع فيه 4484 حديثاً من الصحاح والحسان ويعني بالصحاح ما أخرجه الشيخان وبالحسان ما أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما، وما كان فيه من ضعيف أو غريب بينه ولا يذكر ما كان منكراً أو موضوعاً؛ وقد اعتنى بها العلماء عناية عظيمة فشرحوها شروحاً كثيرة وكملها محمَّد بن عبد الله الخطيب وذيّل أبوابها بذكر الصحابي الذي روى الحديث والكتاب الذي أخرجه، فجاء كتاباً حافلاً وسماه مشكلة المصابيح، وقد شرح المشكاة كثيرون. الكتب الجامعة لأحاديث الأحكام: منها: بلوغ المرام من أدلة الأحكام للحافظ ابن حجر العسقلاني، وكتب أخرى نفيسة مختارة منها كتابان صغير وكبير لأحمد بن حسين البيهقي المتوفى سنة 458 هـ قيل لم يصنف في الإِسلام مثلهما. قال ابن الصلاح: ما تم كتاب في السنة أجمع للأدلة من كتاب السنن الكبرى للبيهقي. وكأنه لم يترك في سائر أقطار الأرض حديثاً إلا وقد وضعه في كتابه، ومنها بحر الأسانيد للإمام الحافظ الحسن بن أحمد السمرقندي المتوفى سنة 491 هـ جمع فيه مائة ألف حديث ورتبة وهذّبه ولم يقع في الإِسلام مثله، ومنها الترغيب والترهيب للحافظ المنذري وهو من أحسن الكتب طريقة في جمع الحديث وبيان درجته طبع. قلت: تقدم في ترجمة شمس الدين محمَّد بن عمار المصري أنه شرح عمدة الحكام وشرح غريبها وله التقريب في اختصار الترغيب والترهيب والغيوث الثجاجة في منتخب ابن ماجه والمنن في شرح السنن وشرح ألفية العراقي وله غير ذلك. انظره وانظر ما ذكرناه في ترجمة الخطيب ابن مرزوق. ترتيب كتب الحديث في الصحة 1810 - قد بيّنّا فبما سلف درجة كل كتاب من كتب السنة الشهيرة في الصحة، وها نحن ندلي إليك بفصل جم الفائدة عظيم العائدة ينجلي لك فيه ترتيب كتب السنة من حيث الصحة لتكون على بينة من أمرها فنقول وبالله التوفيق: قسم الجمهور الحديث الصحيح بالنظر إلى تقارب الأوصاف المقتضية للصحة إلى سبعة أقسام كل قسم منها أعلى مما بعده، فالأول ما أخرجه البخاري ومسلم وسمي بالمتفق عليه. والثاني ما انفرد به البخاري، والثالث ما انفرد به مسلم، والرابع ما كان على شرطهما مما لم يخرجه واحد منهما، والخامس ما كان على

تاريخ علوم الحديث الأخرى

شرط البخاري، والسادس ما كان على شرط مسلم، والسابع ما صححه أحد الأئمة المعتمدين. وترجيح كل قسم من هذه الأقسام السبعة على ما بعده إنما هو من قبيل ترجيح الجملة على الجملة لا ترجيح كل واحد من أفراده على كل واحد من أفراد الآخر فيسوغ أن يرجح حديث في مسلم على آخر في البخاري إذا وجد موجب للترجيح. قلت: انظر الفريدتين الخامسة والسادسة من مقدمة الشجرة تستفد منها شرح ما نحن بصدد تحريره. تاريخ علوم الحديث الأخرى 1811 - إلى هنا كانت العناية موجهة إلى تاريخ الحديث من حيث الكتب الجامعة لألفاظه والشارحة لمتونه وإن ذلك لغرض من أغراض وناحية من نواح، فإن خيرة المسلمين وشيوخ المحدثين كما عنوا بذلك عنوا بالتأليف في شرح غريبه وبيان ناسخه من منسوخه وإظهار حال رجاله والكشف عن علومه ومصطلحاته من صحيح وعليل ومقبول ومردود ومتواتر ومشهور إلى غير ذلك من جليل الأغراض ومتنوع الأقسام. وسنفرد فصلاً لكل نوع من أنواعه الشهيرة نلم فيه بتوضيحه ونعرج على تاريخه مقرنين ذلك بذكر أحسن المؤلفات فيه حتى يتجلى لك تاريخ الحديث من جملة نواحيه. علم غريب الحديث 1812 - الغريب من الكلام يقال على وجهين أحدهما أن يراد به بعيد المعنى غامضه بحيث لا يتناوله الفهم إلا عن بعد ومعاناة الفكر، والوجه الآخر أن يراد به كلام من بعدت به الدار من شواذ قبائل العرب. وها نحن أولاً نحكي لك خلاصة ما قاله ابن الأثير في مفتتح نهايته فإنه أحسن من وفي هذا الموضوع قسطه من البيان ضامين إليه ما عثرنا عليه في بطون الكتب التي تعرضت لهذا الشأن. كان - صلى الله عليه وسلم - أفصح العرب لساناً وأوضحهم بياناً وأعرفهم بمواقع الخطاب وأهداهم إلى طرق الصواب، وكان يخاطب العرب على اختلاف شعوبهم وتباين لهجاتهم كلاً منهم بما يفهم ويحادثه بما يعلم، وكان أصحابه والوفود عليه من.

العرب يعرفون أكثر ما يقول وما جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم واستمر عصره - صلى الله عليه وسلم - إلى حين وفاته على هذا السنن المستقيم وعليه سلك الصحابة في عصرهم وكان اللسان العربي عندهم صحيحاً محروساً من الدخيل إلى أن فتحت الأمصار وخالط العرب غير جنسهم من الروم والفرس والحبش والقبط وغيرهم من أنواع الأمم الذين فتحت بلادهم للمسلمين ورفرف عليها علم الموحدين فاختلطت الفرق وامتزجت الألسن وتداخلت اللغات ونشأ بينهم الأولاد فتعلموا من اللسان العربي ما لا بد لهم في الخطاب والمحاورة منه وتركوا ما عداه لغنيتهم عنه واستمر الأمر على هذا النهج إلى أن انقرض عصر الصحابة القرن الأول وجاء التابعون لهم بإحسان فسلكوا سبيلهم وإن كانوا في الإتقان دونهم ولم ينقض زمانهم سنة 150هـ إلا واللسان العربي قد استحال أعجمياً أو كاد فلا ترى المستقل به والمحافظ عليه إلا الآحاد فجهل الناس من هذا اللهم ما كان يلزمهم معرفته وأخروا منه ما كان يجب عليهم تقدمته فلما أعضل الداء وعزّ الدواء ألهم الله جماعة من أولي المعارف والنهى أن يصرفوا إلى هذا الشأن طرفاً من عنايتهم فشرعوا للناس موارده وقعدوا لهم قواعده فقيل إن أول مَن جمع في هذا الفن شيئاً أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري المتوفى سنة 210هـ فجمع من ألفاظ غريب الحديث والآثار كتيباً صغيراً ولم تكن قلته لجهله بغيره من غريب الحديث وإنما كان ذلك لأمرين أحدهما أن كل مبتدع لأمر لم يسبق إليه بأن يكون قليلاً ثم يكثر والثاني إذ الناس يومئذ كان فيهم بقية وعندهم معرفة فلم يكن الجهل قد عمّ ثم جمع أبو الحسن النضر بن شميل المازني المتوفى سنة 203هـ كتاباً أكبر من كتاب أبي عبيدة بسط فيه القول على صغر حجمه ثم جمع عبد الملك بن قريب الأصمعي المتوفى سنة 214 هـ وكان في عصر أبي عبيدة كتاباً أحسن فيه الصنع وأجاد وكذلك محمَّد بن المستنير المعروف بقطرب المتوفى سنة 206 هـ وغيره من أئمة اللغة والفقه جمعوا أحاديث وتكلموا على لغتها ومعناها واستمر الحال إلى زمن أبي عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة 223 هـ فجمع كتابه المشهور في غريب الحديث والآثار وإنه لكتاب حافل بالحديث والآثار والمعاني اللطيفة والفوائد الجمة وبقي كتابه معتمد الناس إلى عصر أبي عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة 276 هـ وهو كتاب مثل كتاب أبي عبيد أو أكثر منه ثم أكثر الناس من التصانيف في هذا الفن كالمبرد المتوفى سنة 285 هـ وثعلب المتوفى سنة 291 هـ ومحمد بن قاسم الأنباري وسلمة بن عاصم النحوي وعبد الملك بن حبيب المتوفى سنة 238 هـ وغيرهم من أئمة اللغة والنحو والفقه والحديث واستمر الحال إلى عهد الإِمام محمَّد بن أحمد الخطابي البستي فألّف كتابه المشهور في غريب الحديث سلك فيه

علم رجال الحديث

نهج أبي عبيد وابن قتيبة فكانت هذه الكتب الثلاثة في غريب الحديث والأثر أمهات الكتب وعليها عوّل علماء الأمصار وأبو عبيد أحمد بن محمَّد الهروي المتوفى سنة 401هـ وهو من طبقة الخطابي ومعاصريه ألّف كتابه السائر جمع فيه بين غريب القرآن والحديث ورتبة ترتيباً لم يسبق إليه مرتباً على حروف المعجم وذاع صيت هذا الكتاب بين الناس واتخذوه عمدة في الغريب واقتفى أثره كثيرون واستدرك ما فاته آخرون وما زالت الأيام تنقضي عن تصانيف وتبرز تآليف إلى عهد الإِمام أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري فألّف كتابه الفائق في غريب الحديث وإنه لكتاب قيم ولكن في العثور على معرفة الغريب منه مشقة فكان لذلك كتاب الهروي أقرب منه متناولاً وألّف أبو بكر محمَّد بن أبي بكر المديني كتاباً جمع فيه على طريقة الهروي وكذلك صنف أبو الفرج عبد الرحمن الجوزي كتاباً في غريب الحديث خاصة ولمهذب الدين بن الحاجب تأليف في عشر مجلدات ثم جاء مسجد الدين مبارك المعروف بابن الأثير الذي لخص ما تقدم من مقدمة نهايته فجمع ما في كتاب الهروي والمديني من غريب الحديث والأثر وأضاف إليه ما عثر عليه في كتب السنة من صحاح وسنن وجوامع ومصنفات ومسانيد سالكاً في الترتيب منهج أصله فكان من ذلك كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر وقد اختصر النهاية عيسى بن محمود الصفوي وكذلك الجلال السيوطي في كتابه الدر النثير تلخيص نهاية ابن الأثير وقد طبعت النهاية وبالهامش الدر النثير. قلت: ومن الكتب المؤلفة في غريب الحديث مشارق الأنوار للإمام القاضي عياض في تفسير غريب حديث الموطأ والبخاري ومسلم وضبط الألفاظ والتنبيه على مواضع الأوهام والتصحيفات وضبط أسماء الرجال وهو كتاب لو كتب بالذهب ووزن بالجوهر لكان قليلاً في حقه. علم رجال الحديث 1813 - هذا فن جليل القدر عظيم الأثر، الحاجة إليه داعية والضرورة به قاضية وليس من عظيم في الحديث وهو عنه بعيد أو باعه فيه قصير وكيف لا يكون كذلك وهو نصف علم الحديث فإنه سند ومتن والسند عبارة عن الرواة فمعرفة أحوالهم نصف هذا العلم بلا ريب والكتب المصنفة فيه كثيرة الأنواع متشعبة الأغراض فمن مؤلف في أسماء الصحابة خاصة أو في رواة الحديث عامة ومن خاص بالثقات أو الضعفاء أو الحفاظ أو المدلسين أو الوضاعين ومن مبين للجرح والتعديل وألفاظهما ومراتب كل منهما من كاشف عن المؤتلف والمختلف أو المتفق

أسماء الصحابة

والمفترق من الأسماء والإنساب ومن قاصر على ذكر الوفيات أو موضح لرجال كتاب معين أو عدة كتب مخصوصة وكل كتب فيه العلماء فأحسنوا الكتابة وبلغوا فيها الغاية كما ترى بعد. أسماء الصحابة 1814 - الصحابي كل مَن لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - مؤمناً ومات على ذلك ولو تخللت ردة في الأصح، وأول مَن يعرف عنه التصنيف في هذا النوع الإِمام أبو عبد الله البخاري أفرد أسماء الصحابة في مؤلف وجمعها مضمومة إلى مَن بعدهم جماعة من طبقة مشايخه كخليفة بن الخياط المحدّث النسّابة ومحمد بن سعد الذي بلغ مؤلفه خمسة عشر مجلداً ومن قرنائه كيعقوب بن سفيان وأبي بكر بن أبي خيثمة وصنف في الصحابة خاصة جمع بعدهم كالحافظ البغوي والحافظ عبد الله بن أبي داود ثم علي بن السكن ثم عمر بن شاهين وأبو حاتم الرازي والطبراني ثم عبد الله بن منده المتوفى سنة 355 هـ والحافظ أبو نعيم ثم ابن عبد البر ألّف الاستيعاب فذيّل عليه أبو بكر بن فتحون ذيلاً حافلاً وذيّل عليه جماعة في تصانيف لطيفة وذيّل المديني على ابن منده ذيلاً كبيراً وما زال الناس يؤلفون في ذلك إلى أن كانت تباشير القرن السابع فجمع عز الدين بن الأثير المتوفى سنة 630 هـ كتاباً حافلاً سماه أسد الغابة جمع فيه كثيراً من التصانيف المتقدمة إلا أنه تبع من قبله فخلط مَن ليس صحابياً بهم وأغفل كثيراً من الأوهام الواقعة في كتبهم ثم جرّد الأسماء التي في كتابه مع زيادات عليها الحافظ أبو عبد الله الذهبي في كتابه التجريد، واعلم بمن ذكر غلطاً وبمَن لا تصح صحبته ولم يستوعب ذلك ولا قارب. ثم جاء الحافظ ابن حجر فألّف كتابه الإصابة جمع فيه ما في الاستيعاب وذيّله وأسد الغابة وقد استدرك عليهم كثيراً وقد اختصره تلميذه الجلال السيوطي في كتاب سماه عين الإصابة وقد ألّف كل من البخاري ومسلم كتاباً في أسماء الوحدان أي الصحابة الذين ليس لهم إلا حديث واحد وكذلك ألّف يحيى بن عبد الوهاب بن منده الأصبهاني المتوفى سنة 511 هـ كتاباً فيمن عاش من الصحابة عشرين سنة ومائة. علم الجرح والتعديل 1815 - هو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة وعن مراتب تلك الألفاظ والكلام في الرجال جرحاً وتعديلاً ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم وجوّز ذلك صوناً للشريعة لا طعناً في

الناس وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة والتثبت في أمر الدين أولى من التثبت في الحقوق والأموال فلهذا افترضوا على أنفسهم الكلام في ذلك وقد تكلم في الرجال خلق لا يتهيأ حصرهم وقد سرد ابن عدي المتوفى سنة 365 هـ في مقدمة كتابه الكامل جماعة إلى زمنه فمن الصحابة ابن عباس وعبادة بن الصامت وأنس. ومن التابعين الشعبي وابن سيرين وسعيد بن المسيب وهم قليل بالنسبة لمن بعدهم وذلك لقلة الضعف فيمن يروون عنهم إذ أكثرهم صحابة وهم عدول وغير الصحابة منهم أكثرهم ثقات إذ لا يكاد يوجد في القرن الأول من الضعفاء إلا القليل وأما القرن الثاني فقد كان في أوائله من أواسط التابعين جماعة من الضعفاء وضعف أكثرهم نشأ غالباً من قبل تحملهم وضبطهم للحديث فكانوا يرسلون كثيراً ويرفعون الموقوف وكانت لهم أغلاط وذلك مثل أبي هارون العبدري ولما كان عصر التابعين وهو حدود الخمسين ومائة تكلم في التعديل والتجريح طائفة من الأئمة فضعف الأعمش جماعة ووثق آخرين ونظر في الرجال شعبة وكان متثبتاً لا يكاد يروي إلا عن ثقة ومثله مالك وممن كان في هذا العصر إذا قال قبل قوله معمر وهشام الدستوائي والأوزاعي وسفيان الثوري وابن الماجشون وحماد بن سلمة والليث بن سعد المتوفى سنة 175 هـ وبعد هؤلاء طبقة منهم ابن المبارك وهشيم بن بشير وأبو إسحاق الفزاري والمعافى بن عمران الموصلي وبشر بن المفضل وابن عيينة وقد كان في زمنهم طبقة أخرى منهم ابن علية وابن وهب ووكيع بن الجراح وقد انتدب في ذلك الزمان لنقد الرجال الحافظان الحجتان سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وكان للناس وثوق بهما فصار من وثقاه مقبولاً ومن جرحاه مجروحاً ومن اختلفا فيه وذلك قليل رجع الناس فيه إلى ما ترجح عندهم ثم ظهرت بعدهم طبقة أخرى يرجع إليهم في ذلك منهم يزيد بن هارون وأبو داود الطيالسي وعبد الرزاق بن همام وأبو عاصم الضحاك النبيل بن مخلد. ثم صنفت الكتب في الجرح والتعديل والعلل وبينت فيها أحوال الرواة وكان رؤساء الجرح والتعديل في ذلك الوقت جماعة منهم يحيى بن معين ومن طبقته أحمد بن حنبل وقد تكلم في هذا الأمر محمَّد بن سعد كاتب الواقدي في طبقاته وأبو خيثمة زهير بن حرب وأبو جعفر عبد الله بن محمَّد النبيل حافظ الجزيرة الذي قال فيه أبو داود: لم أرَ أحفظ منه وعلي بن المديني وله التصانيف الكثيرة في العلل والرجال ومحمد بن عبد الله بن نمير الذي قال فيه أحمد هو درة العراق وأبو بكر بن أبي شيبة صاحب المسند وعبد الله بن عمر القواريري وإسحاق بن راهويه إمام خراسان وأبو جعفر محمَّد بن عبد الله بن عمار الموصلي الحافظ وأحمد بن صالح

حافظ مصر وهارون بن عبد الله الحمال وكل هؤلاء من أئمة الجرح والتعديل ثم خلفهم طبقة أخرى متصلة بهم منهم إسحاق الكوسج والدارمي والبخاري والعجلي الحافظ نزيل المغرب ويتلوهم أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان ومسلم وأبو داود الجسستاني وبقي بن مخلد وأبو زرعة الدمشقي ثم عبد الرحمن بن يوسف البغدادي وإبراهيم بن إسحاق الحربي ومحمد بن وضاح حافظ قرطبة وأبو بكر بن أبي عاصم وعبد الله بن أحمد وأبو بكر البزار ومحمد بن نصر المروزي ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة ثم أبو بكر الفريابي والنسائي وأبو يعلى وأبو الحسن سفيان وابن خزيمة وابن جرير الطبري والدولابي وأبو عروبة الحراني وأبو الحسن أحمد بن عمير وأبو جعفر العقيلي ثم ابن أبي حاتم وأحمد بن نصر البغدادي شيخ الدارقطني وآخرون ثم أبو حاتم بن حبان البستي والطبراني وابن عدي الجرجاني وكتابه في الرجال إليه المنتهى في الجرح والتعديل وقد جاء بعد ابن عدي وطبقته جماعة منهم الحسين بن محمَّد النيسابوري وله مسند معلل في ألف جزء وثلاثمائة وأبو الشيخ ابن حبان وأبو بكر الإسماعيلي وأبو أحمد الحاكم والدارقطني وبه ختمت معرفة العلل ثم من بعدهم جماعة منهم ابن منده وأبو عبد الله الحاكم وعبد الرحمن بن فطيس قاضي قرطبة له دلائل السنة وعبد الغني بن سعيد وأبو بكر بن مردويه الأصبهاني ثم من بعدهم جماعة منهم محمَّد بن أبي الفوارس البغدادي وأبو بكر البرقاني وأبو حاتم العبدري وخلف بن محمَّد الواسطي وأبو مسعود الدمشقي وأبو فضل الفلكي له كتاب الطبقات في ألف جزء ثم من بعدهم جماعة منهم الحسن بن محمَّد الخلال البغدادي وأبو يعلى الخليلي ثم من بعدهم جماعة منهم ابن عبد البر وابن حزم والبيهقي والخطيب ثم من بعدهم جماعة منهم ابن ماكولا وأبو الوليد الباجي وأبو عبد الله الحميدي ثم من بعدهم جماعة منهم أبو الفضل بن طاهر المقدسي والمؤتمن بن أحمد وشهرويه الديلمي ثم من بعدهم جماعة منهم أبو موسى المديني وأبو القاسم ابن عساكر وابن بشكوال ثم من بعدهم جماعة منهم أبو بكر الحازمي وعبد الغني المقدسي والرهاوي وابن مفضل المقدسي ثم من بعدهم جماعة منهم أبو الحسن بن القطان وابن الأنماطي وابن نقطة ثم من بعدهم جماعة منهم ابن الصلاح والزكي المنذري وأبو عبد الله البرزالي وابن الأبار وأبو شامة ثم من بعدهم جماعة منهم ابن دقيق العيد والشرف الميدوي وابن تيمية ثم من بعدهم جماعة منهم المزي وابن سيد الناس والذهبي والشهابي بن فضل الله ومغلطاي والشريف الحسني الدمشقي والزين العراقي ثم من بعدهم جماعة منهم الولي العراقي والبرهان الحلبي وابن حجر العسقلاني وآخرون من كل عصر إلا أن المتقدمين كانوا أقرب للاستقامة وأبعد من

كتب الجرح والتعديل

موجبات الملامة ولعلك سئمت الإكثار من ذكر الأسماء وإن كان مقتضى الحال وعين ما يتطلبه المقام لكن لنا في ذلك غرض جليل ومغزى نبيل وهو أنكم أفواه أولئك الذين تقوّلوا على السنة أنه دخل فيها الغريب عنها إذ قد طال العهد عليها وتناولتها عصور الجهالة وبعثرت منها إحن الزمان وطوارىء الحدثان فنحن تقدم لهم دليلاً بيِّناً وبرهاناً ساطعاً أن السنة خدمها المسلمون خدمة جليلة لم تعهد لدى أمة من الأمم ولا في ملة من الملل وأن ذلك كان ديدن المسلمين في كل عصر فلم يغفلوها فترة من الزمن حتى يعبث بها أولو الأغراض وينال منها ذوو الإلحاد بل لا زالت محفوظة من يد العائثين مخدومة من جهابذة المحدثين فلهم الكلمة على المتقولين والثناء من عامة المسلمين. كتب الجرح والتعديل 1816 - الكتب المؤلفة في الجرح والتعديل ذات مسالك مختلفة فمنها خاص بالثقات أو الضعفاء أو المدلسين ومنها جامع لكل أولئك ثم منها ما لا يتقيد برجال كتاب معين أو كتب مخصوصة ومنها ما يتقيد بذلك ونحن ذاكرون من كل نوع كتبه المشهورة إن شاء الله. الكتب الجامعة بين الثقات والضعفاء 1817 - منها طبقات محمَّد بن سعد الزهري البصري المتوفى سنة 230 هـ وهو من أعظم ما صنف جمع فيه الصحابة والتابعين فمن بعدهم وكذلك طبقات خليفة بن خياط المتوفى سنة 240 هـ ومسلم بن الحجاج وتاريخ ابن أبي خيثمة المتوفى سنة 279 هـ وهو كثير الفوائد وتواريخ البخاري وهي ثلاثة كبير ووسط وصغير ولمسلمة بن قاسم ذيل على الكبير ولابن أبي حاتم المتوفى سنة 327 هـ جزء كبير انتقد فيه على البخاري وله الجرح والتعديل مشى فيه خلف البخاري ولعلي بن المديني تاريخ في عشرة أجزاء ولابن حبان كتاب في أوهام أصحاب التواريخ في عشرة أجزاء أيضاً ولأبي محمَّد بن عبد الله بن علي بن الجارود كتاب في الجرح والتعديل ولمسلم رواة الاعتبار وللنسائي التمييز ولأبي يعلى الخليلي الإرشاد وللعماد بن كثير التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل جمع فيه بين تهذيب المزي وميزان الذهبي مع زيادات وتحرير في العبارات وهو أنفع شيء للمحدث والفقيه التالي لأثره ومنها تاريخ الذهبي والتكملة في أسماء الثقات والضعفاء لإسماعيل بن عمر المعروف بابن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 هـ وطبقات

كتب الثقات

المحدثين لعمر بن علي بن الملقن المتوفى سنة 804 هـ ذكر فيها المحدثين إلى زمنه والكم الذي معرفة الرجال له. كتب الثقات 1818 - منها كتاب الثقات للعجلي المتوفى سنة 261 هـ وكتاب الثقات لخليل بن شاهين والثقات لأبي حاتم بن حبان البستي وكتاب الثقات الذين لم تذكر أسماؤهم في الكتب الستة لزين الدين قاسم بن قطلوبغا المتوفى سنة 879 هـ وهو في أربع مجلدات ومن هذا النوع الكتب المبينة لطبقات الحفاظ وقد ألّف فيها جمع منهم الذهبي وابن الدباغ المتوفى سنة 546 هـ وابن المفضل وابن حجر العسقلاني وللسيوطي ذيل على الذهبي وتفىِ الدين بن فهد. كتب الضعفاء 1819 - كتاب الضعفاء للبخاري والضعفاء والمتروكين للنسائي ولأبي الفرج الجوزي كتاب كبير اختصره الذهبي ثم ذيّله كما ذيّله علاء الدين مغلطاي والضعفاء لمحمد بن عمرو العقيلي كتاب مفيد وللإمام حسن بن محمَّد الصنعاني ولمحمد بن حبان البستي كتاب كبير ولأبي أحمد بن عدي كتاب الكامل وهو أكمل الكتب وأجلها وعليه اعتماد الأئمة وله ذيل يقال له الحافل ولأبي العباس أحمد بن محمَّد الإشبيلي المعروف بابن الرومية المتوفى سنة 637 هـ والضعفاء للدارقطني وللحاكم وميزان الاعتدال للذهبي وهو أجمع ما جمع طبع وذيل عليه الزين العراقي في مجلدين وللحافظ ابن حجر لسان الميزان وله كتابان آخران تقويم اللسان وتحرير الميزان ويوجد عدا ذلك كتب كثيرة. كتب المدلسين 1820 - المدلس مَن لا يذكر اسم شيخه بل يروي عمن فوقه بلفظ يوهم السماع منه ولا يكون كذباً قطعياً كقوله عن فلان وقال فلان والحديث المدلس بفتح اللام من أقسام المنقطع. وأول مَن أفرد المدلسين بالتصنيف الإِمام حسين بن علي الكرابيسي صاحب الشافعي ثم صنف فيه النسائي ثم الدارقطني ونظم الذهبي في ذلك أرجوزة وتبعه تلميذه أحمد بن إبراهيم المقدسي فزاد عليه من جامع التحصيل للعلائي شيئاً كثيراً مما فاته ثم ذيّل الحافظ زين الدين العراقي المتوفى سنة 806 هـ في هوامش كتاب

المصنفات في رجال كتب مخصوصة

العلائي أسماء وقعت له زائدة ثم ضمها ولده ولي الدين إلى مَن ذكره وصنّف إبراهيم بن محمَّد الحلبي كتابه التبيين في أسماء المدلسين وللسيوطي رسالة في المدلسين. المصنفات في رجال كتب مخصوصة 1821 - منها رجال البخاري لأحمد بن محمَّد الكلاباذي ورجاله أيضاً لمحمد بن داود الكردي ورجال مسلم لأحمد بن علي بن منجويه ورجاله أيضاً لأحمد بن علي الأصبهاني وممن جمع بين رجالهما محمَّد بن طاهر المقدسي جمع بين كتابي ابن منجويه والكلاباذي وأحسن في ترتيبه على الحروف واستدرك عليهما وممن أفرد رجال السنن لأبي داود حسن بن محمَّد الحبائي وجمع رجال الموطأ السيوطي ورجال المشكاة لصاحبها محمَّد بن عبد الله الخطيب ورجال الأربعة موطأ مالك ومسند الشافعي ومسند أحمد ومسند أبي حنيفة لابن حجر العسقلاني ورجال السنن الأربع سنن الترمذي والنسائي وأبي داود وابن ماجه لأحمد بن أحمد الكردي وممن جمع رجال الكتب الستة أبو محمَّد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي المتوفى سنة 600 هـ في كتابه الكم الذي معرفة الرجال وتهذيبه لجمال الدين يوسف بن عبد الرحمن المزي المتوفى سنة 742 هـ وهو كتاب كبير في ثلاثة عشر مجلداً لم يؤلف مثله وإكمال التهذيب لعمر بن علي بن الملقن وزوائد الرجال على تهذيب الكمال للسيوطي وللتهذيب مختصرات كثيرة منها الكاشف للحافظ الذهبي المتوفى سنة 748 هـ قال فيه: هذا مختصر رجال الكتب الستة الصحيحين والسنن الأربع مقتطف من تهذيب الكمال للمزي ومنها تهذيب التهذيب لابن حجر وهو أكمل من كاشف الذهبي كما اختصره في كتابه تقريب التهذيب وقد جمع الحافظ أبو المحاسن الدمشفي في كتابه التذكرة رجال العشرة. وفيات المحدثين 1822 - قد أفرد الوفيات بالتأليف جمع من العلماء فقد ابتدأ أبو سليمان محمَّد بن عبد الله الحافظ فجمع وفيات النقلة من وقت الهجرة إلى سنة 338 هـ ثم ذيّل على كتابه أبو محمَّد بن عبد العزيز الكتاني الحافظ المتوفى سنة 466 هـ ثم ذيّل على الكتاني هبة الله بن أحمد الأكفاني ذيلاً صغيراً وصل فيه إلى سنة 485 هـ ثم ذيّل على الأكفاني علي بن مفضل المقدسي إلى سنة 581 هـ ثم ذيّل على ابن المفضل عبد العظيم المنذري ذيلاً في ثلاث مجلدات سماه التكملة لوفيات النقلة ثم ذيّل على

معرفة الأسماء والكنى والألقاب

المنذري تلميذه عز الدين أحمد بن محمَّد إلى سنة 674 هـ وذيّل على العز أحمد بن أيبك الدمياطي إلى سنة 749 هـ وذيّل على ابن أيبك الحافظ الزين العراقي والكل مرتب على حسب وفياتهم في السنين والشهور لا على ترتيب حروف الهجاء ومن الكتب المفردة بوفيات النقلة تاريخ البرزالي القاسم بن محمَّد الإشبيلي الدمشقي المتوفى سنة 739 هـ وذيّله تقي الدين بن رافع من سنة 737 هـ إلى سنة 774 هـ وذيّل الذيل ابن حجر. ومنها وفيات الشيوخ لمبارك بن أحمد الأنصاري ولإبراهيم بن إسماعيل الحبال كتاب الوفيات. معرفة الأسماء والكنى والألقاب 1823 - من رواة الحديث مَن يكون مشهوراً باسمه دون كنيته أو لقبه أو مشهوراً بكنيته أو لقبه دون اسمه وقد ألّف العلماء في بيان أسماء ذوي الكنى وبيان كنى المشهورين بالأسماء وكذلك ألفوا في بيان ألقاب ذوي الأسماء كما ألفوا في نحو ذلك حتى لا يشتبه راو بآخر ولا يظن لقب شخص أو كنيته اسماً لثان فيعد الثقة ضعيفاً أو الصادق كاذباً أو يعكس الأمر فمَن ألّف في النوع الأول علي بن المديني والنسائي والحاكم وابن عبد البر وكثيرون غيرهم وللحافظ الذهبي كتاب المقتنى في سرد الكنى وهو من أجل الكتب المؤلفة في هذا النوع. وممن كتب في بيان كنى المعروفين بالأسماء أبو حاتم بن حبان البستي. وممن صنف في الألقاب أبو بكر الشيرازي المتوفى سنة 407 هـ وأبو الفضل الفلكي في كتابه منتهى الكمال وابن الجوزي وابن حجر العسقلاني. الموتلف والمختلف والمتفق والمفترق والمشتبه من الأسماء والأنساب 1824 - من الأسماء والإنساب ما يأتلف في الخط صورته ويختلف في اللفظ صيغته كسلام بتخفيف اللام وسلاّم بتشديدها ويسمى المؤتلف والمختلف ومنها ما يتفق خطه ولفظه ولكن يفترق شخصه كالخليل بن أحمد اسم لعدة أشخاص ويسمى المتفق والمفترق. ومنها ما تتفق فيه الأسماء خطاً ونطقاً وتختلف الآباء أو النسب نطقاً مع ائتلافها خطاً أو بالعكس كمحمد بن عَقيل بكسر القاف ومحمد بن عُقيل بفتحها وشريح بن النعمان وسريج بن النعمان الأول بالشين المعجمة والحاء المهملة والثاني بالسين المهملة والجيم ويسمى هذا النوع بالمشتبه ومعرفة هذه الأنواع مهمة.

علم ناسخ الحديث ومنسوخه

قال علي بن المديني: أشد التصحيف ما يقع في الأسماء ووجهه بعضهم بأنه شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده ولأنه يخشى أن يظن الشخصان شخصاً واحداً إذا اتفقت الأسماء وفي ذلك ما فيه من الخلط بين الرواة. ولقد ألّف المحدثون في كل هذه الأنواع فصنف في النوع الأول أبو أحمد العسكري لكنه أضافه إلى كتاب التصحيف له ثم أفرده بالتأليف عبد الغني بن سعيد المتوفى سنة 406 هـ فجمع فيه كتابين كتاباً في مشتبه الأسماء وكتاباً في مشتبه النسبة وجمع شيخه الحافظ الدارقطني كتاباً حافلاً ثم جمع أحمد بن علي الخطيب ذيلاً سماه المؤتلف تكملة المختلف ثم جمع الجميع أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا في كتاب حافل سماه الإكمال واستدرك عليهم ما فاتهم في كتاب آخر جمع فيه أوهامهم وبيّنها وكتابه عمدة كل محدث بعده وقد استدرك عليه محمَّد بن عبد الغني المعروف بابن نقطة ما فاته أو تجدد بعده في مجلد ضخم ثم ذيّل عليه منصور بن سليم في مجلد لطيف وأبو محمَّد بن علي الدمشقي وذيّل على ذيلهما علاء الدين بن مغلطاي لكن أكثره في أسماء الشعراء وأنساب العرب وقد جمع الذهبي في ذلك كتاباً مختصراً جداً اعتمد فيه على الضبط بالقلم فأكثر فيه الغلط والتصحيف المباين لموضوع الكتاب وقد وضحه الحافظ ابن حجر في كتابه تبصير المنتبه بتحرير المشتبه وهو مجلد ضبطه بالحروف وزاد عليه شيئاً كثيراً مما أهمله الذهبي أو لم يقف عليه وألّف فيه أيضاً جماعة غير مَن ذكر. وممن ألّف في النوع الثاني أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب في كتابه المتفق والمفترق وكذلك ألف الخطيب في النوع الثالث في كتابه تلخيص المتشابه ثم ذيّل عليه هـ أيضاً بما فاته وهو كثير الفائدة. علم ناسخ الحديث ومنسوخه 1825 - إذا سلم الحديث المقبول من المعارضة سمي محكماً وإن عورض بمثله وأمكن الجمع بين المتعارضين بلا تعسف فذلك مختلف الحديث وإن لم يمكن الجمع وثبت تأخر أحدهما فالمتأخر يقال له الناسخ والمتقدم يطلق عليه المنسوخ. وقد ألّف في ناسخ الحديث ومنسوخه جمع كثير منهم أحمد بن إسحاق الديناري ومحمد بن بحر الأصبهاني وأحمد بن محمَّد النحاس وقاسم بن أصبغ ومحمد بن عثمان المعروف بالجعد الشيباني وهبة الله بن سلامة ومحمد بن موسى الحازمي في كتابه الاعتبار وعمر بن شاهين وقد اختصر كتابه إبراهيم بن علي المعروف بابن عبد الحق في مجلد.

علم تلفيق الحديث

علم تلفيق الحديث 1826 - هو علم يبحث فيه عن التوفيق بين الأحاديث المتناقضة ظاهراً إما بتخصيص العام تارة أو بتقييد المطلق أخرى أو بالحمل على تعدد الحادثة إلى غير ذلك من وجوه التأويل ويطلق عليه مختلف الحديث، وممن ألّف فيه الإِمام الشافعي وأبو يحيى زكريا ابن يحيى الساجي والطحاوي ولأبي الفرج بن الجوزي التحقيق في أحاديث الخلاف وقد اختصره إبراهيم بن علي بن عبد الحق. علل الحديث 1827 - معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها وأشرفها ولا يقف عليها إلا مَن رزقه الله فهماً ثاقباً وحفظاً واسعاً ومعرفة تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتون ولهذا لم يتكلم فيه إلا الفليل من أهل هذا الشأن وعلل الحديث عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة فيه من وصل منقطع أو رفع موقوف أو إدخال حديث في حديث أو نحو ذلك وكل هذا مما يقدح في صحة الحديث وممن كتب في هذا النوع ابن المديني وابن أبي حاتم وكتابه قيم والخلال والإمام مسلم والدارقطني والحاكم وأبو علي حسن بن محمَّد الزجاجي وابن الجوزي. علم مصطلح الحديث 1828 - قد كتب أئمة في بعض فنون الحديث ومصطلحاته ثم توسع العلماء في ذلك وأول مَن تصدى لذلك الحاكم وقد اشتمل كتابه على خمسين نوعاً وتلاه أبو نعيم الأصبهاني فعمل على كتابه مستخرجاً ثم جاء أحمد بن علي المعروف بالخطيب فصنّف في قوانين الرواية كتاباً سماه الكفاية وفي آدابها كتاباً سماه الجامع لآداب الشيخ والسامع وقلّ فن من فنون الحديث إلا وقد صنف فيه كتاباً فكان كما قال ابن نقطة كل مَن أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه وهو حافظ المشرق المتوفى سنة 463 هـ وفيها توفي حافظ المغرب ابن عبد البر ثم جاء بعده الخطيب القاضي عياض وألّف كتاب الإلماع ثم ألّف الحافظ أبو عمرو وعثمان بن عبد الرحمن المعروف بابن الصلاح المتوفى سنة 643 هـ كتابه الشهير المطبوع ذكر فيه خمسة وستين نوعاً وقد اعتنى به العلماء عناية عظيمة بين معارض له أو منتصر أو ناظم أو مختصر أو شارح له أو مستدرك عليه ومن المختصرين له

تخريج أحاديث مولفات مخصوصة

يحيى النووي في كتابه الإرشاد ثم اختصر مختصره في كتابه التقريب والتيسير وقد شرح السيوطي التقريب بكتابه تدريب الراوي وهو من أجل الشروح وقد عمل الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفى سنة 805 هـ ألفية لخص فيها علوم ابن الصلاح وزاد عليها وعمل عليها شرحاً وقد عمل برهان الدين إبراهيم البقاعي حاشية عليه سماها النكت الوفية بما في شرح الألفية وشرح الألفية كثيرون منهم محمَّد بن عبد الرحمن السخاوي وقد نظم السيوطي ألفية جمعت كثيراً من الفوائد ومن المتون الجامعة الممتعة نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر للحافظ ابن حجر وقد شرحها بكتابه نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر وتوجيه النظر في أصول الأثر للشيخ طاهر الجزائري فإنه كتاب جمع تحقيقات لطيفة ومسائل دقيقة ووفى المصطلح من الإبانة حقه وهو من أهم الكتب التي عوَّل في الرجوع إليها مؤلف مفتاح السنة الذي نحن بصدد تلخيصه. فهؤلاء الأعلام وأمثالهم من أئمة الإِسلام قاموا للسنة بخدمات جليلة أحسن قيام وزادوا الناس التفاتاً وشغفاً بها فلهم منا الثناء الجميل ومن الله الشكر والثواب الجزيل. تخريج أحاديث مولفات مخصوصة 1829 - اعلم أن علماء الحديث سعوا في توفير الراحة لطلاب العلم فسهّلوا لهم عسيره وكشفوا لهم عن غوامضه وكفوهم العناء ومؤنة البحث والتنقيب ولما علموا أنك ستتناول كتاباً من كتب التفسير الشهيرة أو من كتب الفقه السائرة أو مَن نحا نحو ذلك وأن سيمر بك أحاديث مختلفة لم يذكر لها مسند ولم تنسب لأصل من أصول السنة وأنك ستقف عند ذلك تطلب درجة الحديث لتعرف قيمة الاستدلال به وإيصاله إلى الغرض الذي سبق له وأنهم إن وكلوك إلى نفسك كلفوك شاقاً وأوردوك صعباً وربما لم يكن لك في فنون الحديث باع أو مسكوا بالكتاب وجمعوا ما فيه من الأحاديث وعزوها إلى رواتها وبيّنوا درجاتها فما عليك سوى نظرة تحظى فيها بالبغية وسأتلوها عليك: 1 - تخريج أحاديث الكشاف في التفسير لجمال الدين محمَّد عبد الله الحنفي في مجلد. 2 - الفتح السماوي بتخريج أحاديث البيضاوي في التفسير للشيخ عبد الرؤوف المناوي.

فصل [في علم الحديث]

3 - الطرق والوسائل إلى معرفة خلاصة الدلائل شرح مختصر القدوري في فقه الحنفية لأحمد بن عثمان التركماني. 4 - تخريج أحاديث الهداية كتاب شهير في فقه الحنفية لمحمد بن عبد الله وكذلك لعبد الله بن يوسف الزيلعي وقد طبع بالهند. 5 - تخريج أحاديث الشرح الكبير للوجيز في فقه الشافعية لسراج الدين عمر بن علي الأنصاري في سبع مجلدات وقد لخصه ابن حجر العسقلاني في ثلث حجمه مع زيادات عليه. 6 - تخريج أحاديث المنهاج في فقه الشافعية لسراج الدين عمر بن علي المعروف بابن الملقن. 7 - كتاب المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الأحياء من الأخبار لعبد الرحيم بن حسين العراقي وقد طبعه الحلبي في مصر بهامش الأحياء فأحسن صنعاً. 8 - إدراك الحقيقة في تخريج أحاديث الطريقة في الموعظة لعلي بن حسن بن صدقة المصري ثم اليماني فرغ من تأليفه سنة 1050هـ. فصل [في علم الحديث] 1830 - اعلم أن الحديث ينقسم إلى مقبول فيسوغ لك الاحتجاج به أو مردود فيرفض الاعتقاد والعمل به فالمقبول ما رواه عدل ضابط لما يرويه بسند متصل مع خلوّه من الشذوذ والإعلال. والشذوذ مخالفة الثقة مَن هو أرجح منه، والإعلال وجود أمر خفي يقدح في صحة الحديث كوصل منقطع أو رفع موقوف ثم المقبول إن سلم من المعارضة يسمى محكماً وإن عورض بمثله فإن أمكن الجمع بغير تعسف فهو مختلف الحديث وإن لم يمكن الجمع وثبت تأخير أحدهما عرف المتأخر بالناسخ والآخر بالمنسوخ وإن لم يثبت فإن أمكن الترجيح بين الحديثين صيّر له وإلا توقفنا عن العمل بهما والحديث المردود ما وجد فيه أحد أمرين الأول عدم الاتصال الذي السند والثاني وجود أمر في الراوي يوجب طعناً فيه ودرجات الطعن في الراوي عشرة: الكذب والتهمة به وفحش الغلط والغفلة عن الإتقان والوهم بأن يروي على سبيل التوهم ومخالفة الثقات والفسق وجهالة الراوي والبدعة

وسوء الحفظ. وللعلماء تفصيل في هذه الدرجات فالمحققون يقبلون رواية المبتدع في غير ما يؤيد بدعته وقال بعضهم ما لم يكن داعية. ولهم في العمل بالحديث الضعيف الذي لم يشتد ضعفه أقول وشروط يجيزونه بها أو يقدمونه على القياس كم يعلم من كتب أصول الحديث وأصول الفقه. انتهى ما أردنا تلخيصه من مفتاح السنة ولله الحمد والمنّة وإن أردت شرح ما لخصناه فعليك بمراجعة ألفية العراقي وشروحها وكشف الظنون. وقد انتهى بنا القول فيما جمعناه بالمقصد واستوفينا الشرط الذي شرطناه بتحرير ما أودعنا فيه من تراجم شيوخنا المتقدمين والمتأخرين باسانيدهم المعنعنة على حسب أعصارهم وطبقاتهم كل طبقة مرتبطة بالطبقة التي قبلها ارتباط القمرين النيرين إلى إمامنا الأعظم مالك بن أنس ثم إلى عين الرحمة وينبوع كل فضيلة وحكمة سيدنا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وشرف وكرم. وختمناه بخاتمة قيِّمة في تاريخ تدوين الحديث وأدواره وفنونه كما انتهى ما أردنا اقتطافه من الطبقات وفق ما أشرنا إليه في الخطبة حيث قلنا ثم لخصنا المقصد في مثال شجرة بعبارات وجيزة محررة فروعه بالدرر يانعة وثمراتها طيبة نافعة وأنوارها ساطعة لامعة والباعث على تلخيصه على نحو ما ذكرناه والغرض الذي انتحيناه هو التوصل للأسانيد بسهولة عند المطالعة وتيقن المطالع ارتباطها عند المراجعة فهي غريبة الموضوع في بابها فائقة في الحسن والإحسان على أترابها جاذبة للقلوب عند خطابها دانية الجنى لطلابها تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها واقتطفنا منها ما أثبتناه في خلاصة الأسانيد من خلاصة المقصد والتمهيد وقد أفردنا في المقدمة فريدة بخصوص الكلام على فضيلة الأسانيد نقلاً عن كثير من الأئمة وأنه من خصائص هذه الأمة ومن فوائدها الكثيرة وعوائدها الغزيرة أنها موصلة بسهولة إلى معرفة طبقات علماء الأمصار والأقطار وما طرأ على العلم والعلماء والأمراء من الأطوار والأدوار وما نالهم من الضعف والانقطاع والانتشار إن في ذلك لعبرة وموعظة وحكمة لأولي الأنظار والأبصار. والحمد الله أولاً وآخراً وباطناً وظاهراً على ما هدانا إليه من ترتيبه وجمعه وتهذيبه وألهم وفتح البصيرة لدرك حقائق ما أودعناه وفهم وصلى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه وسلم

شجرة النور الزكية في طبقات المالكية تأليف العلامة الجليل الأستاذ الشيخ محمد بن محمد بن عمر بن قاسم مخلوف المتوفى سنة 1360هـ خرّج حواشيه وعلق عليه عبد المجيد خيالي الجزء الثاني منشورات محمد على بيضون لنشركتب السنة والجماعة دار الكتب العلمية بيروت -لبنان

دار الكتب العلمية جميع الحقوق محفوظة جميع حقوق الملكية الأدبية والفنية محفوظة copyright All rights reserved لدار الكتب العلمية بيروت - لبنان ويحظر طبع أو تصوير أو ترجمة أو إعادة تنضيد الكتاب كاملاً أو مجزأ أو تسجيله على أشرطة كاسيت أو إدخاله على الكمبيوتر أو برمجته على إسطوانات ضوئية إلا بموافقة الناشر خطيا. EXcluSive rights by Dar al- kotob al- ILmiyah beriwt - lebanon. no part of this publication may be translated , reproduced, distributed in any form or by any means, or stored in a data base or retrieval system, without the prior written premission of the puplisher. الطبعة الأولى 2003م - 1424 هـ دار الكتب العلمية بيروت- لبنان العنوان: رمل الظريف شارع البحترى. بناية ملكارت الإدارة العامة: عرمون - القبة - مبني دار الكتب العلمية تلفون وفاكس:13/ 12 / 804810 (9615+) صندوق بريد: 9424 - 11بيروت-لبنان DAR al-kotob al- ILMIYAH Beirt-Lebanon Address: Ramel al-zarif, Bohtory st,Melkart bldg,1st floore Tel & Fax: 00(9611(60.21.33 - 36.61.35 - 36.43.98 P.O.Box: 11.9424 Beirt-Lebanon

التتمة [الأمراء]

بسم الله الرحمن الرحيم وصلّى الله على سيدنا ومولانا محمَّد وآله وسلم تمهيد ذكرنا فيما تقدم ما أمكن ذكره من التراجم والمناقب لبعض الصحابة والتابعين، والأئمة المهتدين، والعلماء المشهورين. وهم نحو الثمانية عشر ومائة. من أعز فريق وأفضل فئة، في طبقات على الترتيب الذي قصدناه، والأسلوب الذي أصَّلناه. غير أن ما ذكرناه، بالنسبة إلى ما تركناه، قليل وما لا يذكر كله لا يترك قله. وعين الرحمة، وينبوع كل فضيلة وحكمة. هو واسطة عقدهم، ومركز دائرة مجدهم - صلى الله عليه وسلم - وكرم وعظم. وفي سلك تلك الطبقات الكثير من الصحابة والتابعين، والقراء والمحدثين، والأئمة المجتهدين، والعلماء المقلدين، والصوفية والمتكلمين، والشعراء واللغوين والنحويين، والقضاة والأمراء والسلاطين، والملوك العادلين. وهؤلاء السادات، قاموا بالواجبات، التي هي غاية الغايات. تهم المسلمين في دينهم ودنياهم، وبها تحصل السعادة في أخراهم. فمنهم من ساس الأمة وقادها، وبيّن ما لها وما عليها وأفادها. وجاب البلاد، وهذّب العباد، وأزال البغي والفساد، واستوسع في الفتوحات، حتى دخل الناس في هذا الدين الحنيف أفواجاً أفواجاً من سائر الجهات، ومنهم مَن حثّ على الجد والكد والاستمرار على الأعمال، بما يعود بالفائدة في الحال والمآل. وِقد امتن الله سبحانه على عبيده في غيرة آية فقال: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13]، وقال عليه الصلاة والسلام: "اعمل عمل امرئ يظن أن لا يموت أبداً، واحذر حذر امرئ يخشى أن يموت غداً" رواه البيهقي عن ابن عمر. ومنهم من ألف في الفن الذي جنح إليه، وعول في التحصيل عليه. ففسر وقرر ووضح، وبيَّن ورجح، ورتب وهذّب ونقح، وعدل وجرح. واستعمل ما لديه من الوسائل، وأيد ذلك بالبراهين والدلائل, والمنقول والمعقول، وكل مفيد يمكن به الوصول. فأحاط بما ألّف خبراً، ودون

علم الشريعة نظماً ونثراً، بأفصح عبارة، وألطف إشارة. وفصيح اللسان منهم والقلم، قام على المنابر في المحافل خطيباً في الأمر الذي يهم. فخطب الخطب البارعة المذكرة، الجامعة النافعة المؤثرة. بأبلغ لسان، وأبين بيان. ونسج الشعراء في قصائدهم الطنانة على هذا المنوال، وأتوا بما يعتمد عليه في الأقوال والأفعال. وبما تحمد عقباه في الحال والمآل، فهؤلاء الأعلام، هداة الإِسلام مهدوا للأمة طرق إرشادها، وما يفيد في أمر معاشها ومعادها. بما ذكر وبضرب الأمثال والمنصح بجوامع الكلم، والمواعظ والرقائق والحكم. قال تعالى وهو أصدق القائلين: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)} [الذاريات: 55] كل ذلك باللغة العربية الفصيحة التي جاء بها الكتاب المبين، قال جلّ جلاله وعز كماله: {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت: 3] وحثُّوا على التعليم والتعلم ليقع التفقه في الدين ويحصل المتقدم. فالعلم وسيلة النفوس الشريفة إلى المطالب، المنيفة والسبيل في الآخرة إلى السعادة وفي الدنيا إلى النحلة عادة، قال عز من قائل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9] وعن كميل بن زياد أن علياً رضي الله عنه قال: يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير. الناس ثلاث: فعالم رباني ومتعلم في سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا منه إلى ركن وثيق. العلم خير من المال. العلم يحرسك وأنت تحرس المال. العلم يزكو على الإنفاق والمال تنقصه النفقة. العلم حاكم والمال محكوم عليه. العلم دين يدان به يكسب الإنسان الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته، مات خزان الأموال وهم أحياء العلماء باقون ما بقي الدهر؛ أشخاصهم مفقودة وأشباحهم في القلوب موجودة اهـ. من سراج الملوك. وفي هذا المعنى أنشد أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد ابن السيد البطليوسي: أخو العلم حي خالد بعد موته ... وأوصاله تحت التراب رميم وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى ... يظن من الأحياء وهو عديم وقال أيضاً كرم الله وجهه في بعض خطبه: اعلموا أن الناس أبناء ما يحسنون وقدر كل امرئ ما يحسن. وهو كلام لم يسبق به أحد فيه حث على طلب العلم، ونظم ذلك بعضهم: تلوم على أن رحت للعلم طالباً ... وأجمع من علم الرواة فنونه فيا لائمي دعني أغالي بمهجتي ... فقيمة كل الناس ما يحسنونه

وفي كتاب الاعتصام أن الله سبحانه شرّف أهل العلم ورفع أقدارهم وعظّم مقدارهم ودلّ على ذلك الكتاب والسنة والإجماع بل قد اتفق الفضلاء على فضيلة العلم وأهله وأنهم المستحقون شرف المنازل وهو مما لا ينازع فيه عاقل. واتفق أهل الشرائع على أن علوم الشريعة أفضل العلوم وأعظمها أجراً عند الله يوم القيامة ولا علينا أسامحنا بعض الفرق في تعيين العلوم أعني العلوم التي نبّه الشارع على مزيتها وفضيلتها أو لم يسامحنا بعد إلاتفاق من الجميع على الأفضلية وإثبات المزية وأيضاً فإن علوم الشريعة منها ما يجري مجرى الوسائل بالنسبة إلى السعادة الأخروية ومنها ما يجري مجرى المقاصد والذي يجري مجرى المقاصد أعلى مما ليس كذلك بلا نزاع بين الفقهاء أيضاً كعلم العربية بالنسبة إلى علم الفقه فإنه كالوسيلة فعلم الفقه أعلى. وإذا ثبت هذا فأهل العلم أشرف الناس وأعظم منزلة بلا إشكال ولا نزاع وإنما وقع الثناء في الشريعة على أهل العلم من حيث اتصافهم بالعلم لا من جهة أخري ودل على ذلك وقوع الثناء عليهم مقيداً بالاتصاف به فهو إذاً العلة في الثناء ولولا ذلك الاتصاف لم يكن لهم مزية على غيرهم ومن ذلك صار العلماء حكاماً على الخلائق أجمعين قضاء وفتياً وإرشاداً لأنهم اتصفوا بالعلم الشرعي الذي هو حاكم بالإطلاق ثم قال بعد تفصيل وكلام طويل فعلى كل تقدير لا يتبع أحد من العلماء إلا من هو متوجه نحو الشريعة قائم بحجتها حاكم بأحكامها جملة وتفصيلاً وأن من وجد متوجهاً غير تلك الوجهة في جزئية من الجزئيات أو فرع من الفروع لم يكن حاكماً ولا استقام أن يكون مقتدى به فيما حاد به عن صوب الشريعة البتة اهـ. وقال الإِمام الغزالي أن أحكام الجراحات والحدود والغرامات وفصل الخصومات وما أشبه ذلك إنما هي قانون السياسة وضبط الجمهور الذين يتنازعون بحكم شهواتهم فالفقيه معلم السلطان ومرشده إلى قانون سياسة الخلق وهذا في الحقيقة حراسة للدنيا والدنيا بها يتم الدين، فالفقه الذي عند الأمة الإِسلامية إنما هو القانون والقانون يحفظ البلاد والعباد وبحفظ هؤلاء يتم الدين. وقال الحسن البصري رضي الله عنه: العلماء سراج الأزمنة فكل عالم مصباح زمانه يستضيء به أهل عصره ولولا العلماء لكان الناس في عمى كالبهائم ولولا السلطان لأكل الناس بعضهم بعضًا ولله در عبد الله بن المبارك حيث قال: لولا الخلافة ما قامت لنا سبل ... وكان أضعفنا نهباً لأقوانا

وكما أن الله سبحانه شرّف العلم وأهله شرّف الحكام العادلين. في الصحيحة "سبعة يظلهم الله بعرشه يوم لا ظل إلا ظله إمام عادل" والوعيد الذي جاء في حقهم إنما هو في حق غير العادل في الجامع الصغير عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أحب الناس إلى الله تعالى يوم القيامة وأدناهم منه مجلساً إمام عادل وأبغض الناس إلى الله تعالى وأبعدهم منه إمام جائر" رواه الترمذي والإمام أحمد في مسنده. وقال سفيان الثوري: صنفان إذا صلحا صلحت الأمة وإذا فسدا فسدت الأمة الملوك والعلماء، والملك العادل هو الذي يقضي بكتاب الله عزّ وجل ويشفق على الرعية شفقة الرجل على أهله. في الجامع الصغير عن معقل بن يسار "أيما وال ولي شيئاً من أمر أمتي فلم ينصح لهم ويجتهد كنصيحته وجهده لنفسه كبه الله تعالى على وجهه يوم القيامة في النار"رواه الطبراني في الكبير. وفي سراج الملوك: العدل النبوي بأن يجمع السلطان إلى نفسه حملة العلم الذين هم حفاظه ورعاته وفقهاؤه وهم أولياء الله تعالى والقائمون بأمر الله والحافظون لحدوده والناصحون لعباده. روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدين النصيحة ثلاثاً. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" وأن يتخذ العلماء شعارًا والصالحين دثاراً وأخلق بملك يدور بين هاتين الخصلتين أن تقوم عمده ولطول أمده. ثم قال: ويجب ترفيع مجالسهم وتمييز مواضعهم عمن سواهم. قال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] وفيه استمالة لقلوب الرعية وخلوص نياتهم لسلطانهم واجتماعهم على محبته، فواجب على السلطان أن لا يقطع أمراً دونهم ولا يفصل حكماً إلا بمشاورتهم لأنه في ملك الله يحكم وفي شريعته يتصرف، وأقل الواجب على السلطان أن ينزل نفسه مع الله منزلة ولاته ولم يأمن سطوته وإذا امتثل أوامره

وازدجر من زواجره حل منه محل الرضا. فهذا طريق إقامة العدل الشرعي والسياسة الإِسلامية الجامعة لوجوه المصلحة الآخذة لازمة التدبير السالمة من العيوب الممهدة لإقامة الدنيا والدين، فكما أن الملك الحازم لا يتم له حزمه إلا بمشاورة الوزراء الأخيار كذلك لا يتم له عدله إلا باستمالة العلماء الأبرار اهـ وفيه قال الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40] هاته الآية في السلاطين على ما اقتضته من السياسة العامة التي فيها إبقاء الممالك وثبوت الدول ثم سمى المنصورين وأوضح شرائع النصر فقال: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج: 41] فضمن الله تعالى النصر للملوك وشرط عليهم كما ترى، فمن تضعضعت قواعدهم وانتقض عليهم من أطراف ممالكهم أو ظهر عليهم عدو أو باغي فتنة أو حاسد نعمة أو اضطربت عليهم الأمور فليلجأوا إلى الله تعالى بإصلاح ما بينه وبينهم بإقامة ميزان القسط الذي شرعه الله لعباده وركوب سبيل العدل والحق الذي قامت به السماوات والأرض وإظهار شرائع الدين ونصرة المظلوم والأخذ على الظالم وكف يد القوي عن الضعيف. روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" وفيه وينبغي للسلطان أن يولي الأفضل فالأفضل وإن كان على خلاف ذلك كان سيىء النظم، وينبغي أن يكون الأقرب إليه أهل العلم والعقل والأدب والرأي والأصالة والشرف والكمال من كل قبيلة وإن كان على خلاف ذلك كان نقصاً. انتهى. واعلم أنه اقتضت حكمة هذا الدين أن يكون الخليفة رئيسه السياسي والديني وهي في هاته الأمة دينية نافعة في الدنيا والآخرة وتصرفه المديني مختص بخطط ومراتب لا تعرف إلا للخلفاء الإِسلاميين. منها الصلاة والقضاء والجهاد والحسبة وهي بهذه المثابة لم تتجاوز عهد الخلفاء الراشدين وصارت بعد ذلك ملكاً دنياوياً بحتاً إذ ترك الخلفاء أهم أصل من أصول الدين وهي الصلاة بالناس التي استخلف بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر فكان الخليفة على الأمة في الدين كما صار أميراً عليها في أمور سياستها في الدنيا. وعقد ولي الدين بن خلدون فصلاً في معنى الخلافة والإمامة قال فيه: إذا كانت مفروضة من الله بشارع يقررها ويشرعها كانت سياسة دينية نافعة في الدنيا والآخرة وذلك أن الخلق ليس المقصود بهم دنياهم فقط فإنها

كلها عبث وباطل إذ غايتها الموت والفناء والله سبحانه وتعالى يقول: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا} [المؤمنون: 115] فالمقصود منهم إنما هو دينهم المفضي بهم إلى السعادة في آخرتهم صراط الله الذي له ما في السموات وما في الأرض، فجاءت الشرائع تحملهم ذلك في جميع أحوالهم من عبادة ومعاملة حتى في الملك الذي هو طبيعي في الاجتماع الإنساني فأجرته على منهاج الدين ليكون الكل محوطاً بنظر الشارع. وقال في فصل الخطط الدينية: تبين أن حقيقة الخلافة نيابة عن صاحب الشرع في حفظ الدين وسياسة الدنيا فصاحب الشرع يتصرف في الأمرين أما في الدين فبمقتضى التكاليف الشرعية الذي هو مأمور بتبليغها وحمل الناس عليها، وأما في سياسة الدنيا فبمقتضى رعايته لمصالحهم في العمران البشري وهو ضروري للبشر وأن رعاية مصالحه كذلك لئلا يفسد إن أهملت اهـ. إذا علمت ذلك وظهر لك هنالك علمت علم اليقين أن بين القضاة والعلماء والملوك والأمراء وأهل الرئاسة وأرباب السياسة الارتباط الشرعي الذي هو في سياسة الملك مرعي وقد ذكرنا في المقصد بعض أعيان الفريق الأول وبقي علينا ذكر البعض من الفريق الثاني الذين عليهم في إدارة الملك المعول في تتمة أذكر فيها أئمة أعيان الأعيان مرجوعاً إليهم في كل مهمة حيث كانوا رجال علم وأدب وهمم سامية كأسد بن الفرات وسحنون وسعدون الخولاني وأضرابهم من عظماء الرجال الذين تركوا ثناءً عاطراً وذكراً خالداً وهم في الحقيقة كالوزراء لمعاصريهم من الملوك والأمراء منتخبون من طبقات المقصد على مقتضى ترتيبها بألطف إشارة وأفصح عبارة تمهيداً لذكر معاصري كل طبقة منها من الملوك والأمراء في قطر إفريقية وذكرهم كذلك خلاصة نقية وتمهيداً لتنبيهات مهمة جديرة بالاعتبار عند ذوي الأنظار يعلم منها سيرة السلف وما آل إليه أمر الخلف من زمن البعثة إلى هذا الوقت، فبعضهم ارتكب ما يؤدي إلى الخسران والخذلان والمقت وبعضهم مستور الحال وبعضهم جمع الفضائل ونسجها على أحسن منوال وهذا في الحقيقة من الطراز الأول وعليه في أمور الدين والدنيا والمعول وتعلم ما حصل لتلك الأجيال في القرون الخالية من الحوادث والأحوال كبسط النعم وسلبها وما حصل في ذلك من الأطوار والأدوار وكيفية انتشار مذهب مالك بإفريقية وغيرها من الأقطار والأمصار وانتشار العلوم واتساعها وانحطاطها في بعض الجهات وانقطاعها، ومن المعلوم أن العلوم والمعارف لا تنمو وتتسع والتقلب في النعم لا يسمو ويرتفع إلا بعد الأمن والاطمئنان ومد رواق الراحة والعافية وما يؤدي إلى العمران وجمع الكلمة وبسط العدل وارتكاب الفضائل واجتناب الرذائل وعدم الغفلة عن الله وما هو عنا بغافل.

فائدة

فائدة في خاتمة بداية المجتهد الإشارة إلى تقسيم الفضائل ونصه ببعض اختصار الأحكام الشرعية تنقسم إلى قسمين: قسم يقضي به الحكام وجل ما ذكرناه في هذا الكتاب داخل في هذا القسم. وقسم لا يقضي به الحكام وهذا أكثره داخل في المندوب إليه، مثل رد السلام وتشميت العاطس وغير ذلك. وقد رأينا أن نذكر من هذا الجنس المشهور منه إن شاء الله. وينبغي قبل هذا أن تعلم أن السنن المشروعة العملية المقصود منها هو الفضائل النفسانية. فمنها ما يرجع إلى تعظيم من يجب تعظيمه، وشكر من يجب شكره وفي هذا الجنس تدخل العبادات وهذه هي السنن الكرامية. ومنها ما يرجع إلى الفضيلة التي تسمى عفة، وهذه صنفان السنن الواردة في المطعم والمشرب والسنن الواردة في المناكح. ومنها ما يرجع إلى طلب العدل والكف عن الجور. فهذه هي أجناس السنن التي تقتضي العدل في الأموال والأبدان. وفي هذا الجنس يدخل القصاص والحروب والعقوبات, لأن هذه كلها إنما يطلب بها العدل. ومنها السنن الواردة في الأعراض. ومنها السنن الواردة في جمع الأموال وتقويمها وهي التي يقصد بها طلب الفضيلة التي تسمى السخاء، وتجنب الرذيلة التي تسمى البخل. والزكاة تدخل في هذا الباب من وجه، وتدخل أيضاً في باب الاشتراك في الأموال، وكذلك الأمر في الصدقات. ومنها سنن واردة في الاجتماع الذي هو شرط في حياة الإنسان وحفظ فضائله العملية والعلمية، وهي المعبر عنها بالرياسة. ولذا ألزم أيضاً أن يكون سنن الأئمة والقوام بالدين. ومن السنن المهمة حين الاجتماع السنن الواردة في المحبة والبغضة. والتعاون على إقامة هذه السنن وهو الذي يسمى النهي عن المنكر والأمر بالمعروف وهي المحبة والبغضة أي الدينية التي هي إما من قبل الإخلال بهذه السنن وإما من قبل سوء المعتقد في الشريعة. وأكثر ما يذكر الفقهاء في الجوامع من كتبهم ما شذّ عن هذه الأجناس الأربعة التي هي فضيلة العفة وفضيلة العدل وفضيلة الشجاعة وفضيلة السخاء، والعبادة التي هي كالشروط في تثبيت هذه الفضائل اهـ.

الطبقة الأولى منحصرة فيمن أنزل عليه القرآن وجاء بالشريعة المطهرة - صلى الله عليه وسلم - وكرم وعظم

الطبقة الأولى منحصرة فيمن أنزل عليه القرآن وجاء بالشريعة المطهرة - صلى الله عليه وسلم - وكرم وعظم اعلم أنه - صلى الله عليه وسلم - أرسل رحمة للعالمين بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً على رأس الأربعين سنة وأول ما بدىء به من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. وأول ما نزل عليه من القرآن {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}: [العلق:1] كما في الصحيح قال الألوسي وعليه أكثر الأئمة ثم فتر الوحي ثلاث سنين ثم نزل عليه القرآن وحمى وتتابع منجماً بحسب الوقائع في ظرف عشرين سنة سمعه منه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وعملوا به وبلّغوه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليبلغ الشاهد الغائب" وكذلك أخذوا عنه السنن التي سنّها ولم ينتقل - صلى الله عليه وسلم - حتى ترك الدين تام الأصول. روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال - صلى الله عليه وسلم - رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "تركت فيكم شيئين لن تضلا بعدهما: كتاب الله وسنتي ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض". وروى أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح ولفظه: "وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مونع فأوصنا فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وأن تأمر عليكم عبد وأنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بستي وسنة الخلفاء الراشدين المهتدين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة". وفي جامع المعيار عن الإمام

المازري: "القرآن قاعدة الإِسلام وقطب الأحكام ومفزع أهل الملة ووزرهم وآية رسولهم ودليل صدق دينهم" اهـ والقرآن فيه تبيان كل شيء، جامع لكل فضيلة وناه عن كل رذيلة، يدعو إلى الإخاء والاتحاد والاجتماع والعدل والإحسان واجتناب البغي والفساد، طأطأت الرؤوس لسلطانه، وانصاع أبلغ العرب لبلاغته وبيانه، ونهض به الإِسلام نهضة لم تعهد، واستعذبته النفوس والقلوب، وحصل به غاية المطلوب. في أوائل تبصرة ابن فرحون أن الله تعالى أكمل لنبيه - صلى الله عليه وسلم - دينه القويم وهدى به مَن يشاء إلى الصراط المستقيم، وأسس شرعه المطهر على أحسن الطرائق وأحكم القواعد، وشيده بالتقوى والعدل وجلب المصالح ودرء المفاسد، وأيده بالأدلة الموضحة للحق وأسبابه المرشدة إلى إيصال الحق لأربابه، وحماه بالسياسة الجارية على سنن الحق وصوابه. ولذا قال تعالى {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} [الأنعام: 115]. فالمراد بالكلمات القرآن العظيم تمت دلائله وحججه وأوامره ونواهيه وأحكامه وبشارته وإنذاره، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]. وفيها في طالعة القسم الثالث: السياسة نوعان، سياسة ظالمة الشرع يحرمها، وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم وتدفع كثيراً من المظالم وترد أهل الفساد ويتوصل بها إلى المقاصد الشرعية. فالشريعة يجب المصير إليها والاعتماد في إظهار الحق عليها وهي باب واسع تضل فيه الأفهام وتزل فيه الأقدام وإهماله يضيع الحقوق ويبطل الحدود ويجرىء أهل الفساد ويعين أهل العناد والتوسع فيه يفتح باب المظالم الشنيعة ويوجب سفك الدماء وأخذ الأموال بغير الشريعة ولذا سلكت فيه طائفة مسلك التفريط المذموم فقطعوا النظر عن هذا الباب إلا فيما قلّ ظناً منهم أن تعاطي ذلك مناف لقواعد الشريعة فسدُّوا من طرق الحق سبيلاً واضحة وعدلوا إلى طريق العناد الفاضحة لأن في إنكار السياسة الشرعية رد النصوص الشرعية وتغليطاً للخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم. وطائفة سلكت في هذا الباب مسلك الإفراط فتعدوا حدود الله تعالى وخرجوا عن حدود الشرع إلى أنواع الظلم والبدع والسياسة وتوهمو أن السياسة الشرعية قاصرة عن سياسة الخلق ومصلحة الأمة وهو جهل وغلط فاحش. قال عزّ من قائل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} فدخل في هذا جميع مصالح العباد الدينية والدنياوية. وقال - صلى الله عليه وسلم -: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي" وطائفة توسطت وسلكت مسلك الحق وجمعوا بين السياسة والشرع فغمصوا الباطل ودحضوه ونصفوا الشرع ونصروه. {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}. انتهى. وفي الاعتصام أن الله تعالى أنزل الشريعة على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فيها تبيان كل شيء يحتاج إليه الخلق في تكاليفهم التي أمروا بها وتعبداتهم التي طوّقوها في أعناقهم

ولم يمت - صلى الله عليه وسلم - حتى كمل الدين بشهادة الله تعالى حيث قال {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} والمراد بالكمال بحسب ما يحتاج إليه من القواعد الكلية التي يجري عليها ما لا نهاية له من النوازل والجزئيات انتهى. وفي أوائل بداية المجتهد أن الطرق التي تلقيت منها الأحكام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجنس ثلاثة إما لفظ وإما فعل وإما إقرار. وأما ما سكت عنه الشارع من الأحكام فقال الجمهور إن طريق الوقوف عليه هو القياس. وقال أهل الظاهر: القياس في الشرع باطل وما سكت عنه الشارع فلا حكم له، ودليل العقل يشهد بقبوله وذلك أن الوقائع بين أشخاص الأناسي غير متناهية والنصوص والأفعال والإقرارات متناهية ومحال أن يقابل ما لا يتناهى بما يتناهى اهـ. وزبدة القول إن القانون الإِسلامي هو القرآن العظيم وسنة نبيه الكريم. قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وقال: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] ثم استنباط المجتهدين من الكتاب والسنة، وقد اعتنى المجتهدون بحفظ مقاصد الشريعة في الخلق لأنها جاءت لإخراج المكلف عن داعية هواه في جميع الأحوال من عبادة ومعاملة حتى في الملك الذي هو ضروري للاجتماع الإنساني فأجرته على قانون مستقيم ومنهاج من الدين قويم في شروط صاحبه، وما يجب عليه من العدل والدين والأمانة واتباع المصلحة وغير ذلك مما هو مقرر في كتب الدين ومن له مساس بالفقه لا يخفى عليه أن أحكام الشرع تدور مع المصالح والمفاسد وتختلف باختلاف الأحوال والأزمان. قال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور. في روح المعاني عند قوله عز من قائل: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 5] أي يعادونهما ويشاققونهما. قال ناصر الدين البيضاوي: ولضعون أو يختارون حدوداً غير حدود الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. وقال شيخ الإِسلام سعد الله جلبي: وعلى هذا ففيه وعيد عظيم للملوك وأمراء السوء الذين وضعوا أموراً خلاف ما حده الشرع وسموها القانون. قال شهاب الدين الخفاجي بعد نقله ما ذكر وقد صنف العارف بالله الشيخ بهاء الدين رسالة في كفر من يقول يعمل بالقانون والشرع إذا قابل بينهما وقد قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] وقد وصل الدين إلى رتبة من الكمال لا يقبل التكميل وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل ولكن أين مَن يعقل انتهى. وليتني رأيت هاته الرسالة ووقفت على ما فيها فإن إطلاق القول بالكفر مشكل عندي فتأمل، ثم إنه لا شبهة في أنه لا بأس بالقوانين السياسية إذا وقعت باتفاق ذوي الآراء من أهل الحل والعقد على وجه يحسن بها الانتظام ويصلح أمر الخاص والعام ومنها تعيين مراتب التأديب

صلة بها أن القرآن هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين سائر الكلام

والزجر على معاصي وجنايات لم ينص الشارع فيها على حد معين بل فوّض الأمر في ذلك لرأي الإِمام فليس ذلك من المحادة لله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - في شيء بل فيه استيفاء حق الله تعالى على أتم وجه لما فيه من الزجر على المعاصي وهو أمر مهم للشارع عليه الصلاة والسلام ويرشد إليه ما في تحفة المحتاج للإمام أن يستوفي التعزير إذا عفا صاحب الحق لأن الساقط بالعفو هو حق الآدمي والذي يستوفيه الإِمام هو حق الله تعالى للمصلحة وفي كتاب الخراج لأبي يوسف إشارة إلى ذلك أيضاً ولا يعكر على ذلك ونحوه قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} لأن المراد كماله من حيث تضمنه ما يدل على حكمة الله تعالى خصوصاً أو عموماً ويرشد لهذا عدم النكير على أحد من المجتهدين إذا قال بشيء لم يكن منصوصاً عليه بخصوصه ومن ذلك ما ثبت بالقياس بأقسامه نعم القانون الذي يكون وراء ذلك فإن كان مصادماً لما نطقت به الشريعة الغراء زائغاً عن سنن المحجة البيضاء فيه ما فيه كما لا يخفى على العارف النبيه والآية نزلت في كفار قريش اهـ. صلة بها أن القرآن هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به باين سائر الكلام اعلم أن في آي القرآن العبرة لمن اعتبر، والذكرى لمن اذكر، والبيان لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. في تفسير الإِمام المفسر المجتهد أبي جعفر محمَّد بن جرير الطبري عند تفسير الفاتحة ما نصه: مسألة يسأل عنها أهل الإلحاد الطاعنون في القرآن إن سألنا منهم سائل فقال إنك قد قدمت في أول كتابك هذا في وصف البيان بأن أعلاه درجة وأشرفه مرتبة أبلغه في الإبانة عن حاجة المبين به عن نفسه وأبينه عن مراد قائله وأقربه من فهم سامعه. وقلت مع ذلك أن أولى البيان بأن يكون كذلك كلام الله جلّ ثناؤه بفضله على سائر الكلام وبارتفاع درجته على أعلى درجات البيان. فما الوجه إذ كان الأمر على ما وصفت في إطالة الكلام بمثل سورة أم القرآن بسبع آيات وقد حوت معاني جميعها منها آيتان وذلك قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إذ كان لا شك أن من عرف {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} فقد عرفه

بأسمائه الحسنى وصفاته المثلى وأن من كان لله مطيعاً فلا شك أنه لسبيل من أنعم الله عليه في دينه متبع، وعن سبيل من غضب عليه وضلّ معتدل. فما في زيادة الآيات الخمس الباقية من الحكمة التي لم تحوها الآيتان اللتان ذكرنا. قيل له إن الله تعالى جمع لنبينا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - ولأمته بما أنزل إليه من كتابه معاني لم يجمعهن بكتاب أنزله إلى نبي قبله ولا لأمة من الأمم قبلهم وذلك أن كل كتاب أنزله جلّ ذكره على نبي من أنبيائه قبله فإنما أنزله ببعض المعاني التي يحوي جميعها كتابه الذي أنزله إلى نبينا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كالتوراة التي هي مواعظ وتفصيل والزبور الذي هو تحميد وتمجيد والإنجيل الذي هو مواعظ وتذكير لا معجزة في واحد منها تشهد لمن أنزل إليه بالتصديق والكتاب الذي أنزل على نبينا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - يحوي معاني ذلك كله ويزيد عليه كثيراً من المعاني التي سائر الكتب غيره منها خال وقد قدمنا ذكرها فيما مضى من هذا الكتاب. ومن أشرف تلك المعاني التي فضّل بها كتابنا سائر الكتب قبله نظمه العجيب ووصفه الغريب وتأليفه البديع الذي عجزت عن نظم مثل أصغر سورة منه الخطباء، وكلّت عن وصف شكل بعضه البلغاء، وتحيرت في تأليفه الشعراء، وتبلدت قصوراً عن أن تأتي بمثله لديه أفهام الفهماء. فلم يجدوا له إلا التسليم والإقرار بأنه من عند الواحد القهار مع ما يحوي مع ذلك من المعاني التي هي ترغيب وترهيب وأمر وزجر وقصص وجدل ومثل وما أشبه ذلك من المعاني التي لم تجتمع في كتاب أنزل إلى الأرض من السماء فمهما يكن فيه من إطالة على نحو ما في أم القرآن فلما وصفت قبل من أن الله جلّ ذكره أراد أن يجمع بوصفه العجيب ونظمه الغريب المنعدل على أوزان الأشعار وسجع الكهان وخطب الخطباء ورسائل البلغاء العاجز عن وصف مثله جميع الأنام وعن نظم نظيره كل العباد الدلالة على نبوة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وبما فيه من تحميد وتمجيد ثناء عليه تنبيه للعبادعلى عظمته وسلطانه وقدرته وعظم مملكته ليذكروه بآلائه ويحمدوه على نعمائه فيستحقوا به منه المزيد ويستوجبوا عليه الثواب الجزيل وبما فيه من نعت من أنعم عليه بمعرفته وتفضل عليه بتوفيقه لطاعته تعريف عباده أن كل ما بهم من نعمة في دينهم ودنياهم فمنه ليصرفوا رغبتهم إليه ويبتغوا حاجاتهم من عنده دون ما سواه من الآلهة والانداد وبما فيه من ذكره ما حل بمن عصاه من مثلاته وأنزل بمن خالف أمره من عقوباته ترهيب عباده من ركوب معاصيه والتعرض لما لا قبل لهم به من سخطه فيسلك بهم في النكال والنقمات سبيل من ركب ذلك من الهلاك فذلك وجه إطالة البيان في سورة أم القرآن وفيما كان نظيراً لها من سائر سور القرآن وذلك هو الحكمة البالغة والحجة الكاملة. انتهى.

وقد وصف البيان، في أول كتابه بأبين بيان. ومحل الحاجة منه: لا شك أن أعلى منازل البيان درجة وأسنى مراتبه مرتبة أبلغه في حاجة المبين نفسه وأبينه عن مراد قائله وأقربه من فهم سامعه فإن تجاوز ذلك المقدار وارتفع عن وسع الأنام وعجز عن أن يأتي بمثله جميع العباد كان حجة وعلماً لرسل الواحد القهار كما كان حجة وعلماً لها إحياء الموتى وإبراء الأبرص وذوي العمى بارتفاع ذلك عن مقادير أعلى منازل طب المتطببين وأرفع مراتب علاج المعالجين إلى ما يعجز عنه جميع العالمين وكالذي كان لها حجة وعلماً قطع مسافة شهرين في الليلة الواحدة بارتفاع ذلك عن وسع الأنام وتعذر مثله على جميع العباد وإن كانوا على قطع القليل من المسافة قادرين واليسير منه فاعلين فإذا كان ما وصفنا من ذلك كالذي وصفنا فبين أن لا بيان أبين ولا حكمة أبلغ ولا منطق أعلى ولا كلام أشرف من بيان ومنطق تحدى به امرؤ قوماً في زمان هم فيه رؤساء صناعة الخطب والبلاغة وقيل الشعر والفصاحة والسجع والكهانة كل خطيب منهم وبليغ وشاعر منهم وفصيح وكل ذي سجع وكهانة فسفه أحلامهم وقصر معقولهم وتبرأ من دينهم ودعا جميعهم إلى اتباعه والقبول منه والتصديق به والإقرار بأنه رسول إليهم من ربهم وأخبرهم أن دلالته على صدق مقالته وحجته على حقيقة نبوته ما أتاهم به من البيان والحكمة والفرقان بلسان مثل ألسنتهم ومنطق موافقة معانيه معاني منطقهم ثم أنبأ جميعهم أنهم عن أن يأتوا بمثل بعضه عجزة ومن المقدرة عليه نقصة فأقر جميعهم بالعجز وأذعنوا له بالتصديق وشهدوا على أنفسهم بالنقص. انتهى من تفسير أبي جعفر بن جرير الطبري. وفي خلاصة تاريخ العرب أشهر معجزاته - صلى الله عليه وسلم - القرآن الكريم لاشتهار البلاغة والفصاحة في زمنه عند قريش الذين كانوا يفتخرون بحسن الكلام ويتغالون فيه كما كان إحياء الموتى لعيسى والثعبان لموسى زمن اشتهار السحر والنفس الطيب لداود زمن اشتهار الموسيقى وتلا - صلى الله عليه وسلم - على عباد الأصنام أول سورة فصلت وبلغ: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا} [فصلت: 9] إلى أن قال: {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)} [فصلت: 31، 32] وكان من أراد الله هدايته يسمع القرآن فيسلم كعمر رضي الله عنه فإنه توجه بسيفه لقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل له: لا تفعل لئلا يقتلك بنو عبد مناف ولكن اردع خباباً وأختك وابن عمك سعيد بن زيد فإنهم أسلموا فقصدهم وهم يتلون سورة طه فسكتوا فسألهم عما سمعه فأنكروه فضرب أخته فشجها قائلاً: أريني ما كنتم تقرأونه وخافت على الصحيفة فعاهدها على أن يردها إليها فدفعتها وقرأها وقال ما أحسن هذا وأكرمه، ثم توجه إلى النبي فأسلم اهـ.

درة

وفيها بعد نقله آياً من القرآن في الآداب ما نصه: ما فرط القرآن في شيء من الآداب التي قوامها الحكمة ورأسها العدل والإحسان وغايتها قصد سبيل الحق والصد عن محجة الضلالة والخروج من ظلمات الرذائل إلى نور الفضائل والتطهير من شوائب النقص والتحلي بزينة الكمال وما قصدنا بإيراد ما سلف إلا أن يكون لهذه الأمة الشريفة دليل تقدس غايتها وحرمة مذهبها ورفعة حكمتها وموافقتها لما نزل من قبل على الرسل الكرام فبذلك يهتدي البصير إلى فضل القرآن المجيد إذ جمع فأوعى ما أوتيه النبيون من قبل من البينات. انتهى من خلاصة تاريخ العرب للعالم المنصف سيديو وقصة إسلام عمر رضي الله عنه سنذكرها في خلافته. درة اعلم أنه جرت عادة الله أن أوامره لا تخلو من حكمة فإن ظهرت فهي معقولة المعنى وإلا فتعبد وذلك لأنا استقرأنا عادة الله تعالى فوجدناها جالبة للمصالح دارئة للمفاسد ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما: "إذا سمعت نداء الله فهو إنما يدعوك لخير أو يصرفك عن شر كإيجاب الزكاة والنفقات لسد الخلات وأرشد جبر الجنايات المتلفات وتحريم القتل والزنا والسكر والسرقة والقذف صوناً للنفوس والأنساب والعقول والأموال والإعراض عن المفسدات" اهـ حطاب. جوهرة في الاعتصام أن الله عزّ وجل أنزل القرآن عربياً لا عجمة فيه بمعنى أنه جار في ألفاظه ومعانيه وأساليبه على لسان العرب، قال تعالى: {إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [الزخرف: 3] وقال: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] وقال: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)} [الشعراء: 193 - 195] كان المنزل عليه القرآن عربياً أفصح من نطق بالضاد وهو محمَّد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - وكان الذين بعث فيهم عربياً أيضاً يجري الخطاب به على معتادهم في لسانهم فليس فيه شيء من الألفاظ والمعاني إلا وهو جار على ما اعتادوه ولم يدخله شيء بل نفى عنه أن يكون فيه شيء عجمي فقال تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103)} [النحل: 103] وقال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: 44] هذا وإن كان بعث للناس كافة فإن الله جعل جميع الأمم وعامة الألسنة في هذا الأمر تبعاً للسان العرب وإذا كان كذلك فلا يفهم كتاب الله تعالى إلا من الطريق الذي نزله عليه وهو اعتبار ألفاظ ومعانيها وأساليبها اهـ.

فريدة

فريدة في الاعتصام أن الله بعث إلينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين حسبما أخبر في كتابه، وقد كنا قبل طلوع ذلك النور الأعظم لا نهتدي سبيلاً ولا نعرف من مصالحنا الدنياوية إلا قليلاً على غير كمال ولا من مصالحنا الأخروية كثيراً ولا قليلاً، بل كان كل أحد يركب هواه وإن كان فيه ما فيه ويطرح هوى غيره فلا يلتفت إليه فلا يزال الاختلاف بينهم والفساد فيهم يخص ويعم حتى بعث الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - لزوال الريب والالتباس وارتفاع الخلاف بين الناس كما قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} إلى قوله: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 213] وقوله: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} [يونس: 19] ولم يكن حاكم بينهم فيما اختلفوا فيه إلا وقد جاءهم بما ينظم به شملهم وتجتمع به كلمتهم وذلك راجع إلى الجهة التي من أجلها اختلفوا وهو مما يعود عليهم بالصلاح في العاجل والآجل ويدرأ عنهم الفساد على الإطلاق فاحتفظت الأديان والدماء والعقول والإنساب والأموال من طريق يعرف مأخذها العلماء وذلك القرآن العظيم بل المنزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً وعملاً وإقراراً، ولم يردوا إلى تدبير أنفسهم للعلم بأنهم لا يستطيعون ذلك ولا يستقلون بدرك مصالحهم ولا تدبير أنفسهم، فإذا ترك المبتدع هذه المهمات العظيمة والعطايا الجزيلة وأخذ في استصلاح نفسه ودنياه بما لم يجعل الشرع عليه دليلاً فكيف له بالعصمة والدخول تحت هذه الرحمة وقد حلّ يده من حبل العصمة إلى تدبير نفسه فهو حقيق بالبعد عن الرحمة. قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] بعد قوله: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: 102] فاشعر أن الاعتصام بحبل الله هو تقوى الله حقاً وأن ما سوى ذلك تفرقة لقوله: {وَلَا تَفَرَّقُوا} والفرقة من أحسن أوصاف المبتدعة لأنه خرج عن حكم الله وباين جماعة الإِسلام. روى عبد الله بن حميد عن عبد الله: أن حبل الله الجماعة. وعن قتادة: حبل الله المتين هو القرآن وسننه وعهده إلى عباده الذي أمر أن يعتصم بما فيه من الخير والثقة وأن يتمسكوا به ويعتصموا بحبله ومن ذلك قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ} [الحج: 78] اهـ. وفيه لولا أن منَ الله على الخلق ببعثة الأنبياء لم تستقم لهم حياة ولا جرت أحوالهم على كمال مصالحهم وهذا معلوم بالنظر في أخبار الأولين والآخرين. وفيه أيضاً الشريعة موضوعة لإخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبداً لله، وهي حجة على الخلق كبيرهم وصغيرهم مطيعهم وعاصيهم برهم وفاجرهم بل إن المرسلين بها صلوات الله عليهم

داخلون تحت أحكامها، فأنت ترى أن نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - مخاطب بها في جميع أحواله وتقلباته مما اختص به دون أمته أو كان عاماً له ولأمته كقوله تعالى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} إلى قوله: {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: 50] إلى سائر التكاليف التي وردت على كل مكلف والنبي فيهم فالشريعة هي الحاكمة على الإطلاق والعموم عليه وعلى جميع المرسلين وهي الطريق الموصل والهادي الأعظم. ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52] فهو عليه الصلاة والسلام أول من هداه الله بالكتاب والإيمان ثم من اتبعه فيه والكتاب هو الهادي والوحي المنزل عليه مرشد ومبين لذلك الهدى والخلق مهتدون بالجميع. ولما استنار قلبه وجوارحه عليه السلام وظاهره وباطنه بنور الحق علماً وعملاً صار هو الهادي الأول لهذه الأمة والمرشد الأعظم حيث خصه الله دون الخلق بإنزال ذلك النور عليه واصطفاه من جملة مَن كان مثله في الخلقة البشرية اصطفاءً أولياً لا من جهة كونه بشراً عاقلاً مثلاً لاشتراكه مع غيره في هذه الأوصاف ولا لكونه من قريش مثلاً دون غيرهم وإلا لزم ذلك في كل قريش، ولا لكونه من بني عبد المطلب ولا لكونه عربياً ولا لغير ذلك بل من جهة اختصاصه بالوحي الذي استنار به قلبه وجوارحه فصار خلقه القرآن حتى نزل فيه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4] وإنما كان خلقه القرآن لأنه حكم الوحي على نفسه حتي صار في علمه وعمله على وفقه فكان للوحي موافقاً قائلاً مذعناً ملبياً نداءه واقفاً عند حكمه، وهذه الخاصة كانت من أعظم الأدلة على صدقه فيما جاء به إذ قد جاء بالأمر وهو مؤتمر وبالنهي وهو منته وبالوعظ وهو متعظ وبالتخويف وهو أول الخائفين وبالترجية وهو سائق دابة الراجين، وحقيقة ذلك كله جعله الشريعة المنزلة عليه حجة حاكمة عليه ودلالة له على الصراط المستقيم الذي سار عليه - صلى الله عليه وسلم - ولذا صار عبداً لله حقاً وهو أشرف اسم تسمى به العباد. قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الإسراء: 1] {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ} [الفرقان:1] {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: 23] وما أشبه ذلك من الآيات التي وقع مدحه فيها بصفة العبودية، وإذا كان ذلك فسائر الخلق حريون بأن تكون الشريعة حاكمة عليهم ومناراً يهتدون بها إلى الحق وشرفهم إنما يثبت بحسب ما اتصفوا به من الدخول تحت أحكامها والعمل بها قولًا واعتقاداً وعملاً لا بحسب عقولهم فقط ولا بحسب شرفهم في قومهم فقط لأن الله تعالى إنما أثبت الشرف بالتقوى لا غير لقوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] فمَن كان أشد محافظة على اتباع الشريعة فهو أولى

خلاصة في العلوم التي تفرعت من القرآن أو نشأت لخدمته

بالشرف ومَن كان دون ذلك لم يكن أن يبلغ في الشرف مبلغ الأعلى في اتباعها. فالشرف إذاً إنما هو بحسب المبالغة في تحكم الشريعة اهـ ببعض اختصار. خلاصة في العلوم التي تفرعت من القرآن أو نشأت لخدمته اعلم أن العرب في صدر الإِسلام حفظوا القرآن وليس في أيديهم من الكتب غيره يقرأونه ويتعظون به ويتحاكمون إليه وقد عجبوا بأسلوبه ودهشوا ببلاغته لأنه ليس من قبيل ما كانوا يعرفونه من نثر الكهان المسجع ونظم الشعراء المقفى الموزون وقد خالف كليهما وفيه من اليلاغة وأساليب التعبير ما لم يكن له شبيه في لسانهم، فسحروا بأسلوبه وبما حواه من الشرائع والأحكام والأخبار، فأصبح همهم تلاوته وتفهم أحكامه, لأنه قاعدة الدنيا والدين وبه تتأيد السلطة والخلافة وهو أول كتاب أخذوا في قراءته وحفظه. القراءات السبع واختلفوا في قراءة بعض آياته. فتولدت القراءات السبع نسبة إلى سبعة من القراء- تقدم ذكرهم في المقدمة- وتفرع بتوالي الأعصر إلى سبعة علوم هي: علم الشواذ، وعلم مخارج الحروف، ومخارج الألفاظ، والوقوف، وعلل القرآن، وكتابة القرآن، وآداب كتابة المصحف. وفي كل من هذه العلوم قواعد وكتب، وأكثر العلوم الإِسلامية نشأت من القرآن أو تولدت خدمة له ولا يكاد يخلو علم من تأثير القرآن عليه رأساً أو ضمناً. النحو أول شيء احتاجوا إليه في ضبط القرآن النحو، وكان الباعث على التعجيل في ضبطه وضبط قواعده ما شاهدوه من لحن الناس في قراءة القرآن بعد الفتوح وانتشار العرب في الآفاق، وقد نمت قواعده ولم يتم القرن الثاني للهجرة أي نضج في قرن وبعض القرن، واليونان لم يتم علم النحو عندهم إلا بعد إنشاء دولتهم بعدة قرون، ولم يضع الرومان نحو اللغة اللاتينية إلا بعد قيام دولتهم بستة قرون. ويفتقر علم النحو في تأييد قواعده إلى معرفة كلام العرب وأساليبهم.

التفسير وعلم الأدب

التفسير وعلم الأدب ولما أخذ العلماء في تفسير القرآن احتاجوا أيضاً إلى ضبط معاني ألفاظه وتفهم أساليب عبارته فجرّهم ذلك إلى البحث في أساليب العرب وأقوالهم وأشعارهم وأمثالهم وهو علم الأدب المشتمل على الفنون الأدبية والعلوم المتعلقة بالألفاظ وهي تزيد على العشرين علماً كالنحو الصرف والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والعروض، والفضل في تعجيل ظهورها للقرآن. الحديث واحتاجوا في تفسير القرآن أيضاً إلى تفهم الحديث لأنهم كانوا إذا أشكل عليهم فهم آية أو اختلفوا في تفسيرها أو حكم من أحكامها استعانوا بأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - على استيضاحها، فلما تفرّق الصحابة في الأرض تفرقت الأحاديث معهم فاشتغل جماعة من المفكرين في جمعها وتدوينها وتولد من ذلك العلوم المتعلقة بالحديث وهي التي مر بيانها بخاتمة المقصد. والتفسير نفسه لما نضج تفرع إلى علوم كثرة مذكورة في مفتاح السعادة وهي تزيد على السبعين علماً ولكل منها علماء ومصنفات ومناظرات، وكان للعلوم اللغوية ارتباط بالعلوم الشرعية، لا يستطيع الطالب إتقان الواحدة إن لم يتقن الأخرى. الفقه ولما صار الإِسلام دولة احتاج أمراؤه إلى ما يقضون به بين رعاياهم في أحوالهم الشخصية ومعاملاتهم المدنية فكان معولهم على القرآن والحديث فاستنبطوا منهما الشريعة وأحكامها وهو الفقه بفروعه المشهورة علم النظر والمناظرة والجدل والفرائض والشروط والقضاء والتشريع والفتاوى ونحوها. السير والتاريخ ولما اشتغل المسلمون في جمع القرآن وجمع الأحاديث احتاجوا إلى تحقيق الأماكن والأحوال التي كتبت بها أو قيلت فيها الأحاديث فعمدوا إلى جمع السيرة النبوية ودوّنوها واضطروا لتحقيق مسائل الحديث والفقه والنحو والأدب إلى البحث في أسانيدها والتفريق بين ضعيفها ومتينها فجرهم ذلك إلى النظر في الرواة وتراجمهم وسائر أحوالهم وقسموا كل فن إلى طبقات، فتألف من ذلك تراجم

الجغرافيا

العلماء والأدباء والفقهاء والنحاة وغيرهم مما يعبرون عنه بالطبقات كطبقات الشعراء وطبقات المفسرين أو النحاة أو الفقهاء أو الحفاظ أو النسابين أو غيرهم. وكان ذلك أساً لعلم التاريخ وزد على ذلك ما في القرآن من الآيات الحاثة على الاشتغال بالتاريخ أو بالأخبار للعبرة والموعظة كقوله جلّ ذكره: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [يوسف: 111]. الجغرافيا ومن الأسباب التي ساعدت على وضع علم الجغرافيا وتقويم البلدان الأسفار في طلب الحديث من حملته والحج إلى مكة والرغبة في تطبيق القواعد الفقهية ويفتقر ذلك إلى معرفة حال البلاد وكيفية فتحها صلحاً أو عنوة وقد جرّ ذلك إلى تعرف البلاد ومواطنها ومع ذلك فإن في القرآن نصوصاً تحض على طلب هذا العلم كقوله جلّ جلاله: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46] {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [الأنعام: 11] وغير ذلك. وقد ذكرنا فضيلة التاريخ والجغرافيا في صدر المقصد من هذا المؤلف. الخطابة هذا ما كان من تأثير القرآن في آداب الجاهلية وهناك تأثير أحدثه القرآن أيضاً في الآداب التي كانت شائعة قبل الإِسلام فغيّر أسلوبها ورقاها وأهمها الخطابة والشعر من الفنون الأدبية الجاهلية التي زادها الإِسلام رونقاً وبلاغة وارتفعت زمن الصحابة والتابعين والفضل في ذلك عائد للكتاب المبين من وجوه منها أن القرآن وإن كان نزل بلغة القوم التي بها يتخاطبون وبفصاحتها يتفاخرون إلا أن أساليبه العالية أعجزت فصحاءهم وأخذت بمسامع قلوبهم وأكسبتهم ملكة من البلاغة في تحسين الأساليب العالية، ولذا كانوا يعيبون الخطيب المصقع إذا لم يكن في كلامه شيء من آداب القرآن. روى الحافظ عن الهيثم بن عدي أنهم -يعني العرب- كانوا يستحسنون أن يكون في الخطب يوم الحفل وفي الكلام يوم الجمع آية من آي القرآن فإن ذلك مما يورث الكلام البهاء والوقار وحسن الموقع ومنها ما جاء في القرآن من الترغيب والترهيب على الأسلوب العجيب البالغ حد الإعجاز في التأثير على الضمائر والأخذ بشكائم النفوس أعانهم على التفنن في أساليب الوعظ الخطابي عند حلول الأزمات والحاجة إلى تأليف قلوب الجماعات حتى لقد كان الخطيب البليغ

الشعر

منهم ليدفع بالخطبة الواحدة من الملمات ما لا يدفع بالبيض المرهفات، ويملك بها من قلوب الرجال ما لا تملكه البدر كما صنع أبو بكر رضي الله عنه في خطبته يوم السقيفة التي امتلك بها قلوب المهاجرين والأنصار وصرف عن الأمة فتنة هي من الأمور الكبار، وكان الخطباء في صدر الإِسلام يخطبون الناس عند طروء كل حادث جلل فلا تقييد لوقت ولا تكليف لقول فكانوا يجمعون المسلمين تارة لإعلان خبر عليهم، وتارة لاستشارتهم ووقتاً لتحذيرهم وآخر لوعظهم وتذكيرهم. الشعر أما الشعر فقد كان له أعظم التأثير في قلب العربي يحركه كما يحرك الهواء ريشة في الجو وكان عندهم بمثابة الجرائد في هذا الوقت؛ ينطق الشاعر عندهم بكلمته فتتلقاها الأسماع وتدور بعد ذلك على ألسنتهم، وكانت أسواقهم التي بها يجتمعون لإلقاء أشعارهم ومبادلة متاجرهم بالقرب من البيت الحرام وهي عكاظ ومجنة وذو مجاز. وبالجملة فإن للقرآن تأثيراً عظيم الأهمية لم يوفق لغير القرآن من الكتب الدينية في الأمم الأخرى وفي آداب اللغة العربية الفصحى وفي أخلاق أصحابه ممن سواه لأنهم مكلفون بحفظه قبل كل علم وهم أطفال وهو داخل في كل شيء من الأمور الدينية والدنيوية وأساس شرائعهم القضائية وقاعدة معاملاتهم اليومية وأحوالهم العائلية حتى الطعام والشراب واللباس والنوم والغسل وكل شيء يمكن استنباطه منه وتجد له مثالاً فيه. وهذا لا تراه في غيره من الكتب السماوية. فصل أذكر فيه الوازع والحرية فأقول: إن الإنسان مثال بطبعه للسعادة إذا أرشد إليها وحثّ عليها. والشرائع إنما شرعت للسعادة البشرية وقوام الحالة الاجتماعية فالوازع الذي يزع الناس بالشريعة لا يحاول بما يزع به قهراً للنفوس ولا حجراً على الإرادة بل يماشي الإرادة ويساعد النفوس على نيل السعادة لهذا فطاعة الوازع من مستلزمات السعادة لا يأباها العقل ولا يهضم فيها حق من حقوق الحرية ما دامت طاعته يراد بها طاعة القانون الذي هو أصل في السعادة لا طاعة الوازع نفسه من حيث كونه أمراً بهواه وشهواته لا مأموراً من القانون ومهيمناً عليه فالحرية مقيدة بقيدين نفسي وخارجي فالنفسي هو الزاجر المديني والفضيلة الذاتية ففي مطاوعة الزاجر النفسي مطاوعة للفضيلة ووقوف

البشارة بالسعادة والنذارة بالشقاوة

عند حد الإنسانية والخارجي هو الوازع وفي مطاوعتها للوازع مطاوعة للشرع وخضوع للقانون وليس في كلا القيدين معنى العبودية أو منع للحرية وإنما هو إمساك النفس عن الاندفاع في تيار الهوى الذي يلحق الإنسان بالبهائم فهاته الفضيلة وسط وطرفاها رذيلة إفراط وتفريط وكلاهما رجوع للبهيمية فالحرية بالقيد المذكور فضيلة معناها تخلص الإنسان من الأسر وتخلصه من ضيق الحجر وجواز تصرفه في كل حق من حقوق الإنسانية التي سوّغها العقل وقفت بها أصول الاجتماع والتعاون بحيث يكون الإنسان مالكاً لإرادته لا بهيمة تتحرك بإرادة سواه مالكاً لثمرة عمله لا حق لآخر بحرمانه منها مالكاً لا منه لا لسلطان آخر يسلب منه ذلك، ومتى فقد الشخص واحدة من هذه الثلاث سلب منه معنى الحرية وصار كالحيوان يتعب ليأكل سواه ويشقى ليسعد غيره ويسعى ليموت هو ويحيى مَن عداه. البشارة بالسعادة والنذارة بالشقاوة والبشارة المطلقة لا تكون إلا بخير والإنذار الإبلاغ ولا يكون إلا في التخويف. إذا علمت ذلك فاعلم أن الشريعة جاءت بها الرسل لتدعو الناس إلى السعادة والنجاة من الشقاوة، قال تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} [الأنعام: 48]، فالسعادة تكون بالإقرار لله تعالى بالوحدانية ولمحمد بالرسالة والاتباع لما جاء به وسنة من فعل المأمورات واستجلاب الفضائل واجتناب الرذائل وجمع الكلمة وبسط العدل ورفع مقام العلم واستعمال غاية الجهد في اتخاذ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. قال عزّ كماله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110]، وقال: ({إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [النحل: 90] ما من شيء يحتاج إليه الناس في أمر دينهم مما يجب أن يترك أو يؤتى إلا وقد اشتملت عليه هذه الآية. في روح المعاني أن الآية كما أخرج البخاري في الأدب والبيهقي في شعب الإيمان والحاكم وصححه عن ابن مسعود: أجمعُ آية للخير والشر. وأخرج أبو نعيم عن عبد الملك بن عمير قال: بلغ أكثم بن صيفي مخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يأتيه فأتى قومه فانتدب رجلين فأتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالا: نحن رسل أكثم يسألك مَن أنت وما جئت به؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنا محمَّد بن عبد الله عبد الله ورسوله" ثم تلا عليهم هذه الآية. قالوا: ردِّد علينا هذا القول، فردّد عليه الصلاة والسلام حتى حفظوه فأتيا أكثم فأخبراه، فلما سمع الآية قال: إني لأراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهي عن مذامها فكونوا في

هذا الأمر رأسآ ولا تكونوا فيه أذناباً. وروي عن ابن عباس أن هذه الآية كانت سبب استقرار الإيمان في قلب عثمان بن مظعون بعد أن أسلم محبة في النبي - صلى الله عليه وسلم ولجمعها ما جمعت أقامها عمر بن عبد العزيز حين آلت الخلافة إليه مقام ما كان بنو أمية يجعلونه في أواخر خطبهم من سب علي كرّم الله وجهه وكان ذلك من أعظم مآثره رضي الله عنه. وقال غير واحد: لو لم يكن في القرآن غير هذه الآية الكريمة لكفت في كونه تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. ولعل إيرادها عقب قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا} [النحل: 89] للتنبيه عليه. انتهى باختصار. أما الشقاوة فإنها تكون باجتناب المأمورات وارتكاب الرذائل والمحرمات واتباع البدع والشهوات وإيثار اللذات كالفجور وقول الزور وشرب الخمور وحب الظهور والدخول تحت معاصي الله ومساخطه جهلاً باستدراج الله وأمناً لمكره. قال جلّ ذكره: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)} [النحل: 112]، وقال: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] في روح المعاني: المراد بالفتنة الذنب. وفسر بنحو إقرار المنكر والمداهنة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وافتراق الكلمة وظهور البدع. وفيه عند قوله عز من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [يونس: 23] أخرج أبو الشيخ وأبو نعيم والخطيب والديلمي وغيرهم عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله: "ثلاث هن رواجع: المكر والنكث والبغي" ثم تلا عليه الصلاة والسلام: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] {فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح: 10] وأخرج ابن مندويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو بغى جبل على جبل لدك الباغي" والبغي هو الظلم الظاهر الذي لا يخفى قبحه على أحد. وفي ذلك من الزجر ما لا يخفى اهـ. لا يأمن الدهرَ ذو بغي ولو ملكا ... جنوده ضاق عنها السهل والجبل فصدور مثل تلك المخالفات سالبة للنعم جالبة للنقم وإثارة الفتن والمصائب والإحن وفقد الراحة والهوان وقلة العمران وخراب الديار والمنازل والفناء في الشعوب والقبائل. قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)} والخلاصة أن السعادة والشقاوة مقترنتان بالعمل الفاسد والصالح وتترتب عليهما في الدنيا ما قد علم وفي الآخرة الجنة وجهنم.

خلاصة فيما حصل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة عندما أعلن بالرسالة وما حصل لمن آمن به

خلاصة فيما حصل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة عندما أعلن بالرسالة وما حصل لمن آمن به في كتاب الاعتصام أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه الله تعالى على حين فترة من الرسل وفي جاهلية جهلاء لا تعرف من الحق رسماً ولا تقيم به في باب مقاطع الحقوق حكماً، بل كانت تنتحل ما وجدت عليه آباءها وما استحسنه أسلافها من الآراء المنحرفة والنحل المخترعة والمذاهب المبتدعة. فحين قام فيهم بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً فسرعان ما عارضوا معروفه بالنكر وغيروا في وجهه صوابه بالإفك والمكر ونسبوا إليه إذ خالفهم في الشرعة ونابذهم في النحلة كل محال ورموه بأنواع البهتان، فتارة يرمونه بالكذب وهو الصادق المصدوق الذي لم يجربوا عليه قط خبراً بخلاف مخبره، وآونة يتهمونه بالسحر وفي علمهم أنه لم يكن من أهله ولا ممن يدعيه، وكرة يقولون إنه مجنون مع تحققهم بكمال عقله وبراءته من مس الشيطان وخبله، وإذا دعاهم إلى عبادة المعبود بحق وحده لا شريك له قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)} [ص: 5] مع الإقرار بمقتضي هذه الدعوة الصادقة {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت: 65] إذا أنذرهم بطشة يوم القيامة أنكروا ما يشاهدون من الأدلة على إمكانه وقالوا: {أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (3)} [ق: 3] وإذا خوّفهم نقمة الله قالوا: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32] اعتراضاً على صحة ما أخبرهم به مما هو كائن لا محالة، وإذا جاءهم بآية خارقة افترقوا في الضلالة على فرق واخترقوا فيها لمجرد العناد ما لا يقبله أهل التهدي إلى التفرقة بين الحق والباطل كل ذلك قصداً منهم إلى التأسي بهم والموافقة على ما ينتحلون إذا رأوا خلاف المخالف لهم في باطلهم رداً لما هم عليه ونبذاً لما شدوا عليه يد الظنة واعتقدوا إذا لم يتمسكوا بدليل أن الخلاف يوهو الثقة ويقبح جهة الاستحقاف وخصوصاً حين اجتهدوا في الانتصار بعلم فلم يجدوا أكثر من تقليد الآباء، ولذا أخبر الله تعالى عن إبراهيم عليه السلام في محاجة قومه {مَا تَعْبُدُونَ (70) قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ (71) قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (72) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ (73) قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74)} [الشعراء: 70 - 75] فحادوا كما ترى عن الجواب القاطع المورد مورد السؤال إلى الاستمساك بتقليد الآباء. وقال الله تعالى: {أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قَالُوا إِنَّا

وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22} [الزخرف21و 22] فرجعوا عن جواب ما ألزموا به إلى التقليد. فقال تعالى: {قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ} [الزخرف: 24]، فأجابوا بمجرد الإنكار ركوناً إلى ما ذكروا من التقليد لا بجواب السؤال، فكذلك كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأنكروا ما توقعوا معه زوال ما بأيديهم لأنه خرج عن معتادهم وأتى بخلاف ما كانوا عليه من كفرهم وضلالهم حتى أرادوا أن يستنزلوه على وجه السياسة في زعمهم ليوقعوا بينهم وبينه المؤالفة والموافقة ولو في بعض الأوقات أو في بعض الأحوال أو على بعض الوجوه ويقنعوا منه بذلك ليقف لهم بتلك الموافقة واهى بنائهم فأبى عليه السلام إلا الثبوت على محض الحق والمحافظة على خالص الصواب، وأنزل الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)} [الكافرون: 1، 2] إلى آخر السورة فنصبوا له عند ذلك حرب العداوة ورموه بسهام القطيعة وصار أهل السلم كلهم حرباً عليه وعاد الولي الحميم عليه كالعذاب الأليم، فاقربهم إليه نسباً كان أبعد الناس عن موالاته كأبي جهل وغيره وألصقهم به رحماً كانوا أقسى قلوباً عليه؛ ومع ذلك فلم يكله الله إلى نفسه ولا سلطهم على النيل من أذاه إلا نيل المصلوفين، بل حفظه الله وعصمه وتولاه بالرعاية والكلاءة حتى بلّغ دعوة ربه، ثم ما زالت الشريعة في أثناء نزولها وعلى توالي تقريرها تبعد بين أهلها وبين غيرهم وتضع الحدود بين حقها وبين ما ابتدعوا لكن على وجه من الحكمة عجيب وهو التأليف بين أحكامها وبين أكابرهم في أصل الدين الأول الأصيل. ففي العرب نسبتهم إلى أبيهم إبراهيم عليه السلام وفي غيرهم لأنبيائهم المبعوثين فيهم كقوله تعالى بعد ذكر كثير من الأنبياء: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90]، وقوله: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ} [الشورى: 13]، وما زال عليه الصلاة والسلام يدعو إليها فينوب إليه الواحد بعد الواحد على حكم الاختفاء خوفاً من عادية الكفار زمان ظهورهم على دعوة الإِسلام فلما اطلعوا على المخالفة أنفوا وقاموا وقعدوا فمن أهل الإِسلام من لجأ إلى قبيلة فحموه على إغماض أو على دفع العار في الإخفار ومنهم مَن فرّ من الإذاية وخوف الغرة هجرة إلى الله وحباً في الإِسلام ومنهم من لم يكن له وزر يحميه ولا ملجأ يركن إليه فلقي منهم من الشدة والغلظة والعذاب أو القتل ما هو معلوم ثم لما وقعت المؤامرة على قتله وأعلمه الله بذلك وأمره بالخروج لدار هجرته وهي المدينة المنورة هاجر إليها - صلى الله عليه وسلم - واستمر تزيد الإِسلام واستقام طريقه مدة حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعد موته اهـ اعتصام.

وزبدة القول إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث في مكة من وقت النبوة إلى أن هاجر إلى المدينة اثني عشر سنة وخمسة أشهر وأياماً إذا اعتبرنا آخر يوم لها هو يوم الوصول إلى قباء أنزل عليه في أثنائها معظم القرآن والذي نزل منه بمكة ثلاث وتسعون سورة والباقي وهو اثنان وعشرون سورة نزلت بالمدينة ويمتاز المدني من القرآن عن المكي بأمرين الأول ما فيه من قصص الغزوات وأسبابها وما كان فيها مما يصح درساً نافعاً للمسلمين والثاني ما تناول من الشرائع الاجتماعية والدينية والمراد بالدينية ما شرعه لإصلاح النفوس وتهذيبها وهي التي يطلق عليها المسلمون العبادات. والاجتماعية ما شرعه ليكون أساساً لمعاملات الناس بعضهم مع بعض وأهم ما جاءت به الآيات المكية التوحيد ورفض الأوثان والأصنام فلا يكون بين العبد وربه واسطة وإثبات يوم آخر يجازى فيه كل امرئ بعمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر وبيان الخصال التي تقرب إلى الله ولا تبعد منه وعبادات عملية تربطهم باللهِ وتوجههم إلى نحو الخير وفي آخر أيامه بمكة أذن له بالقتال والإذن به لم يشرع إلا دفعاً عن أنفسهم وتأميناً للدعوة من أن تقف الفتنة في طريقها اهـ باختصار من محاضرات الخضري. وقوله إذا اعتبرنا كان وصوله - صلى الله عليه وسلم - إلى قباء يوم الاثنين وأقام بها إلى يوم الجمعة ثاني عشر ربيع. واعلم أن من المقرر أن وظيفة الرسل تبليغ الشرائع وتقريرها على وجه يجمع إليها شملهم ويتكفل بسعادتهم وبعد هذا لا يبقى من وظيفة الرسل لمن يخلفه إلا حماية هذه الشرائع والحكم بينهم بما أنزل الله وسنّة الرسل. ومن المعلوم أن مؤازرة القوة للشرائع قاعدة كلية لا تتخلف سواء عن الشرائع الإلهية أو الأوضاع البشرية وقد ترتب عليها قيام الدول في كل ملة من الملل لضرورة وجود الوازع الذي يزع الناس بالكتاب والميزان ويردهم ولو بالقوة إلى حدود الشرع وذلك بدليل قوله تعالى فيمن سبق عن الرسل أولي الشرائع: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: 25] وفي ذلك من الإشارة إلى ملازمة القوة للدين ما لا يخفى إرهاباً للناس وكبحاً للنفوس التي يقودها مجرد الإرشاد واللين وهاته القوة إنما تقوم بالوازع وأعوانه ومنهمِ تتألف الدولة. قال الزهري: أول آية نزلت في الإذن بالقتال قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)} [الحج: 39] فشرع - صلى الله عليه وسلم - حينئذ في تهيئة الجيوش وبعث البعوث والسرايا فغز بنفسه الكريمة هو وأصحابه حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً أفواجاً وكان عدد مغازيه عليه الصلاة والسلام ثمانياً وعشرين، قاتل في ثمان أو تسع منها بنفسه بدر واحد والمريسيع والخندق وقريظة وحنين وفتح مكة الذي هو الفتح الأعظم وخيبر والطائف

خطبته عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع

وغزوة بدر الكبرى وهو يوم الفرقان الذي أعزّ الله فيه الإِسلام وأهله وأذل فيه الشرك وأهله. ومغازيه وسراياه مذكورة في كتب السير وغيرها، غزوة غزوة، وسرية سرية، آخرها سرية أسامة بن زيد التي جهزها - صلى الله عليه وسلم - في مرضه الذي توفي فيه ونفذها بعده أبو بكر رضي الله عنه وسيأتي خبرها. وما أشير إليه من الغزوات والسرايا وتبليغ الدعوة وأسباب النزول ومعجزاته وفضائله وشمائله وسيرته وغير ذلك مما شرفه الله به وما حصل له من نشأته إلى وفاته مذكور على وجه التفصيل في كتب السنة والسير المختصة لهذا الشأن بأبين بيان وأفصح لسان. خطبته عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع في التاسع من ذي الحجة من السنة العاشرة توجه - صلى الله عليه وسلم - إلى عرفة وهناك خطب خطبته الشريفة. وإليك نصها: الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته وأستفتح بالذي هو خير. أما بعد أيها الناس، اسمعوا مني أبين لكم، فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا. أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت اللهم اشهد فمَن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها. إن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أبدأ به ربا عمي العباس بن عبد المطلب. وان دماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث. وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية. والعمد قود وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير فمن زاد فهو من أهل الجاهلية. أيها الناس، إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه ولكنه قد رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحرقون بل تحقرون من أعمالكم. أيها الناس، إن النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرم الله، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض منها أربعة حرم ثلاث متواليات وواحد فرد ذو القعدة وذو الحجة والحرم ورجب الذي بين جمادى وشعبان، ألا هل بلغت اللهم اشهد. أيها الناس، إن لنسائكم عليكم حقاً ولكم عليهن حق أن لا يوطئن فرشكم غيركم ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ولا يأتين بفاحشة فإن فعلن فإن الله أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع

ذكر مرضه ووفاته - صلى الله عليه وسلم -

وتضربوهن ضرباً غير مبرح فإن انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وإنما النساء عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً أخذتموهن بامانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله فاتقوا الله في النساء واستوصوا بهن خيراً. ألا هل بلغت اللهم اشهد. أيها الناس، إنما المؤمنون إخوة ولا يحل لامرىء مال أخيه إلا عن طيب نفس منه ألا هل بلغت اللهم اشهد فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعده كتاب الله ألا هل بلغت اللهم اشهد. أيها الناس، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، ليس لعربي فضل على عجمي إلا بالتقوى ألا هل بلغت اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد منكم الغائب. أيها الناس، إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ولا تجوز لوارث وصية ولا تجوز وصية في أكثر الثلث والولد للفراش وللعاهر الحجر من ادعى لغير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً. والسلام عليكم ورحمة الله. وفي هذا اليوم امتن الله على المؤمنين بقوله في سورة المائدة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} فلا غرابة إن اتخذه المسلمون عيداً ويوماً سعيداً يظهرون فيه شكر الله على هذه النعمة الكبرى. انتهى نور اليقين. ذكر مرضه ووفاته - صلى الله عليه وسلم - روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس على المنبر فقال: إن عبداً خيّره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال: يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا. قال: فعجبنا له وقال الناس: انظروا لهذا الشيخ يخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن عبد خيّره الله بين أن يؤتيه الله من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده وهو يقول فديناك بآبائنا وأمهاتنا؟ قال: فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المخير- وكان أبو بكر أعلمنا به- فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أمن علي بصحبته وماله أبا بكر ولو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أخوة الإِسلام لا يبقى في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر" وكانت هذه الخطبة في ابتداء

مرضه الذي مات فيه ولما اشتد به وجعه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس، قالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قام مقامك لا يسمع الناس من البكاء. قال: مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس. فعاودته مثل مقالتها، فقال: إنكن صواحبات يوسف مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس" رواه الشيخان وأبو حاتم واللفظ له. وعند سالم بن عبد الله الأشجعي قال: "لما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أجزع الناس كلهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخذ بقائم سيفه وقال: لا أسمع أحداً يقول مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ضربته بسيفي هذا. قال: فقالت الناس: يا سالم اطلب لنا صاحب رسول الله، قال: فخرجت إلى المسجد فإذا أنا بأبي بكر رضي الله عنه فلما رأيته أجهشت البكاء أي تهيأت. فقال: يا سالم أمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقلت: إن هذا عمر بن الخطاب يقول: لا أسمع أحداً يقول مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ضربته بسيفي هذا. قال: فأقبل أبو بكر حتى دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مسجى فرفع البرد عن وجهه ووضع فاه على فيه واستنشى الريح ثم سجاه، والفت إلينا فقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} [الزمر: 30] أيها الناس: مَن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومَن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. قال عمر: فوالله لكأني لم أقل هذه الآيات قط" رواه الترمذي. قال الحافظ ابن رجب: كان ابتداء مرضه عليه الصلاة والسلام في أواخر صفر وكانت مدة مرضه ثلاثة عشر يوماً في المشهور. وفي نور اليقين: لحق بربه يوم الاثنين 13 ربيع لأول سنة 11 الموافق ليونيه سنة 633 وعمره ثلاث وستون سنة وثلاثة أيام وتقدم في صدر المقصد ذكر نسبه وولادته كانت في يوم الاثنين التاسع من ربيع الأول عام حادثة الفيل ولأربعين سنة خلت من ملك كسرى أنوشروان ويوافق العشرين من شهر إبريل سنة 571 حسبما حققه العالم الفلكي محمود باشا في رسالة سماها نتائج الأفهام في تقويم العرب قبل الإِسلام، وقيل: لاثنتي عشرة ليلة خلت منه، وقيل: لثمان وهو اختيار أكثر أهل الحديث.

الحالة الاجتماعية على عهده - صلى الله عليه وسلم -

الحالة الاجتماعية على عهده - صلى الله عليه وسلم - اعلم أن الإِسلام جاء قاضياً بتوحيد الله وتوحيد الاجتماع وتوحيد الأفكار وتوحيد المقاصد في عصر غلبت فيه نزغات الأهواء البشرية على النفوس ونزع الأمم كافة منازع الوثنية، فشوّه مؤمنهم وجه الدين وانحرف عن وجهة الكتاب، وأوغل كافرهم في مناحي الخيال فخلق من ضعيف التصور أشكالاً من العبادة تختلف باختلاف المنازع والأقطار، فتشكلت بأشكالها الأخلاق وتنوعت المقاصد وتخالفت الوجهة وتناكرت النفوس وتجزأت الوحدة عند كل أمة في الاجتماع والسياسة والدين، فأصبح أهل الكتاب اليهود منهم بين قرائين وربانيين وسامريين وغيرهم، والنصارى بين يعاقبة وآريوسيين ونسطوريين وما لا يعد من الفرق وغير أهل الكتاب من الأمم الأخرى بين صابئة ومجوس وبراهمة وما لا يعد من الفرق أيضاً. فكان الانقسام والتجزؤ في الاجتماع والسياسة تبعاً للنحل قائماً مع الأهواء، فباتت الدول المجاورة للعربية وهي فارس والروم وما أدراك ما فارس والروم أعرق الدول في المدنية وأقصاها غاية في التاريخ وأرهبها قوة في الأرض وأمدها ظلاً عليها أشبه بشجرة تأصلت جذورها وتسامقت فروعها في الفضاء، فجاءتها ريح عاصف تعنعت أصلها وتلاعبت بأغصانها فقصفتها قصفاً وعصفت فيها عصفاً، فزوت أفنانها وتفرقت مع الريح بأغصانها، فكانت دولة الووم غرضاً ترمي إليها الأهواء بسهامها وفريسة تتنازعها العناصر المنفردة منها والأقوام المنشقة عنها والشاغبة عليها كالعرب والأرمن واليونان والرومان والصقالبة وغيرهم، ودولة الفرس كذلك تفككت أعضاؤها وتجزأت وحدتها، فاستبد عمالها بالأطراف وتنازعوا سلطان الأكاسرة وتوثبوا على الملك وتعسفوا بالحكم وظلموا الرعية، ومن ثم انحلت من تلك الأمم عرى وحدتها وتفرقت أهواء أهلها وتباينت مقاصد قادتها وزعمائها، فانزوت شموس مدنيتها وكادت تندثر من الوجود آثار الحضارة والعلم التي انتهت إلى دولتي الفرس والروم وتعود حالة البشر إلى أقبح ماكانت عليه قبل تاريخ الحضارة وبعثة الأنبياء هداة الأمم من فوضى الاجتماع وتفرق الأهواء وانحطاط المدارك والعقول ويأبى الله إلا أن يتم كلمته في خلقه ويجعل الإنسان مظهر قدرته ويديم عليه سوابغ رحمته، لهذا أرسل الله سبحانه وتعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً وأنزل عليه القرآن فيه هدى ونور ورحمة للعالمين لينذر به من كان حياً ويحق القول على الكافرين، فامتثل محمَّد - صلى الله عليه وسلم - أمر ربه ودعا الناس إلى دينه، دعاهم إلى توحيد الله فلا يشركون به شيئاً وإلى توحيد الاجتماع فلا يتفرقون

شيعاً ينابذ بعضهم بعضاً وإلى توحيد الأفكار فلا يجادلون في الحق وإلى توحيد المقصد فلا يتخبطهم شيطان الأهواء وتفرقهم عن الحق نزغات النفوس وإلى توحيد اللغة فلا يتناكرون وبلسان واحد يتفاهمون. دعا أولاً أهله وعشيرته ثم قومه ثم سائر العرب ثم عامة الناس بما كتب لملوكهم الذين ينتهي إليهم أمر الهمم بل الأمم وبهم تقوم الدعوة حتى قامت لله على الناس الحجة ولله الحجة البالغة على الناس أجمعين وأجاب دعوة نبيه من أجاب وأقبل عليها من أقبل وكان جلهم من العرب الذين لم يلبثوا أن تلقوا هذا الدين حتى ظهر أثره فيهم ظهوراً يبشر بمصير السيادة على الأمم إليهم لما أصبحوا عليه من الإخاء بعد التنافر والاجتماع بعد التفرق والتوحيد بعد الشرك والتنبه بعد الغفلة والإيمان بعد الكفر والتحابب بعد التناكر يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويجاهدون في الله وينصرون دينه ويقيمون حدوده ويواسون الفقير ويؤدون الحق ويرغبون في القناعة بالكفاف عما بأيدي الناس ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. على هذا الأساس قامت حياة المسلمين الاجتماعية وبتلك الأخلاق وصف الله أتباع النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في كتابه العزيز: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110]، وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: 29]، وقال تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي تمثل حالة المسلمين يومئذ تمثيلاً وتدل على مبلغ تأثير الإِسلام في نفوس تلك الأمة البدوية التي أخرجها القرآن من ظلمات الفوضى والجهل إلى نور العلم والاجتماع.

الطبقة الثانية طبقة الصحابة رضي الله عنهم

الطبقة الثانية طبقة الصحابة رضي الله عنهم في البخاري باب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه قال الحافظ ابن حجر العسقلاني قوله أصحاب أي بطريق الإجمال ثم التفصيل أما الإجمال فيشمل جميعهم وأما التفصيل فلمن ورد فيه شيء بخصوصه وقوله أو رآه هو الراجح اهـ وقال الأبي في شرح صحيح مسلم: الصحابة كلهم عدول لظاهر الكتاب والسنة وإجماع مَن يقتدي بإجماعه. القرطبي لم يختلف السلف في أن أفضلهم أبو بكر ثم عمر. أبو منصور البغدادي أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة على ترتيبهم في الخلافة ثم تمام العشرة ثم أهل بدر ثم أهل أحد ثم بيعة الرضوان ومعنى التفضيل كثرة الثواب ورفع الدرجة وذلك لا يدرك بالقياس وإنما يدرك بالنقل اهـ باختصار ولشدة اعتناء الله تعالى بنبيه - صلى الله عليه وسلم - وخصوصيته إليه وصف أتباعه في كتابه العزيز فقال: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} وقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خير أمتي القرن الذين يلوني ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته" وفي البخاري عن أبي سعيد قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه" قال البيضاوي: ومعنى الحديث لا ينال أحدكم بإنفاق مثل أحد ذهباً من الفضل والأجر ما ينال أحدهم بإنفاق مد طعام أو نصيفه اهـ. واعلم أن فضل الصحابة لا مطمع فيه لمن جاء بعدهم لأنهم حازوا قصبة

السبق بصحبته - صلى الله عليه وسلم - قال ابن حجر الهيتمي في شرح الهمزية أفضلية الصحابة لا يعادلها عمل انظره عند قوله: ليته خصني برؤية وجهٍ ... زال عن كل من رآه الشقاء وفي الاعتصام أن أصحابه - صلى الله عليه وسلم - كانوا مقتدين به مهتدين بهديه وقد جاء مدحهم في القرآن العظيم وأثنى على متبوعهم - صلى الله عليه وسلم - الذي كان خلقه القرآن العظيم فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4] القرآن إنما هو المتبوع في الحقيقة وجاءت السنة مبينة له فالمتبع للسنة متبع للقرآن، والصحابة كانوا أولى الناس بذلك فكل من اقتدى بهم فهو من الفرقة الناجية الداخلة للجنة بفضل الله وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام: "ما أنا عليه وأصحابي" فالكتاب والسنة هو الطريق المستقيم وما سواهما من الإجماع وغيره فناشىء عنهما هذا هو الوصف الذي كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهو معنى ما جاء في الرواية الأخرى من قوله "وهي الجماعة" لأن الجماعة في وقت الأخبار كانوا على ذلك الوصف إلا أن في لفظ الجماعة معنى ستراه بعد إن شاء الله. وفي الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة ويد الله مع الجماعة ومَن شذّ شذّ إلى النار" وأخرج أبو داود عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإِسلام من عنقه" وعن عرجفة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "سيكون في أمتي هنات وهنات، فمَن أراد أن يفرق أمر المسلمين وهم جمع فاضربوه بالسيف كائناً من كان" واختلف الناس في معنى الجماعة المرادة في هذه الأحاديث على خمسة أقوال: الأول: إنها السواد الأعظم من أهل الإِسلام وهو الذي يدل عليه كلام أبي غالب أن السواد الأعظم هم الناجون من الفرق بما كانوا عليه من أمر دينهم فهو الحق ومن خالفهم مات موتة جاهلية سواء خالفهم في شيء من الشريعة أو في

إمامهم وسلطانهم فهو مخالف للحق قال بهذا أبو مسعود الأنصاري وابن مسعود فروي أنه لما قتل عثمان سئل أبو مسعود الأنصاري عن الفتنة فقال: عليك بالجماعة فإن الله لم يكن ليجمع أمة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - على ضلالة واصبر حتى تستريح أو يستراح من جائر، وقال: وإياك والفرقة فإن الفرقة هي الضلالة. وقال ابن مسعود: عليكم بالسمع والطاعة فإنها الحبل الذي أمر به ثم قبض يده وقال: إن الذي تكرهون في الجماعة خير من الذين تحبون في الفرقة. وعن الحسين قيل له: أبو بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أي والذي لا إله إلا هو مما كان ليجمع أمة - صلى الله عليه وسلم - ضلالة. فعلى هذا القول يدخل في الجماعة مجتهدو الأمة وعلماؤها وأهل الشريعة العاملون بها ومَن سواهم داخلون في حكمهم لأنهم تابعون لهم ومقتدون بهم فكل مَن خرج عن جماعتهم فهم الذين شذوا وهم نهبة الشيطان ويدخل في هؤلاء جميع أهل البدع لأنهم مخالفون لمن تقدم من الأمة لم يدخلوا في سوادهم بحال. الثاني: إنها جماعة أئمة العلماء المجتهدين فمن خرج عما عليه علماء الأمة مات ميتة جاهلية لأن جماعة الله العلماء جعلهم الله حجة على العالمين وهم المعنيون بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لن تجتمع أمتي على ضلالة" وذلك أن العامة عنها تأخذ دينها وإليها تفزع في النوازل وهي تبع لها فمعنى قوله "لن تجتمع أمتي" لن يجمع علماء أمتي على ضلالة وممن قال بهذا عبد الله بن المبارك وإسحاق بن راهويه وجماعة ممن سلف وهو رأي الأصوليين، قيل لعبد الله بن المبارك: مَن الجماعة الذين ينبغي أن يقتدى بهم؟ فقال: أبو بكر وعمر، ولم يزل يحسب حتى انتهى إلى محمَّد بن ثابت الحسين بن واقد فقيل: هؤلاء ماتوا فمن الأحياء؟ فقال: حمزة العسكري، فعلى هذا القول لا مدخل في النوازل بل في السؤال عمن ليس بعالم مجتهد لأنه داخل في أهل التقليد فمَن عمل منهم بما يخالفهم فهو صاحب الميتة الجاهلية ولا يدخل أيضاً أحد من المبتدعين لأن العالم لا يبتدع وإنما يبتدع مَن ادعى لنفسه العلم وليس كذلك ولأن البدعة قد أخرجته عن نمط من يعتمد بأقواله وهذ بناء على القول بأن المبتدع لا يقتدى به في الإجماع وإن قال بالاقتداء به ففي غير المسألة التي ابتدع لأنهم في نفس البدعة مخالفون للإجماع فعلى كل تقدير لا يدخلون في السواد الأعظم رأساً.

الثالث: إن الجماعة هي الصحابة على الخصوص فإنهم الذين أقاموا عماد الدين وهم الذين لا يجتمعون على ضلالة أصلاً وقد يمكن فيمن سواهم. ألم تر قوله عليه السلام: "ولا تقوم الساعة على أحد يقول الله الله" وقوله. "ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس" فقد أخبر عليه السلام أن من الأزمان زماناً يجتمعون فيه على ضلالة وكفر قالوا: وممن قال بهذا عمر بن عبد العزيز فروى ابن وهب عن مالك قال: كان عمر بن عبد العزيز يقول: سنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وولاة الأمر من بعده سنناً لأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله وقوة على دين الله ليس لأحد تبديلها ولا تغييرها ولا النظر فيما خالفها من اهتدى بها مهتد ومن انتصر بها منصور ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه ما تولى وأصلاه جهنم وساءت مصيراً. قال مالك: فأعجبني عزم عمر. فعلى هذا القول فلفظ الجماعة مطابق للرواية الأخرى في قوله عليه السلام: "ما أنا عليه وأصحابي" فكأنه راجع لما قالوه وما سنوه وما اجتهدوا فيه حجة على الإطلاق وبشهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك خصوصاً في قوله: "فعلكيم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين" وأشباهه أو لأنهم المتلقون لكلام النبوة المهتدون للشريعة الذين فهموا أمر دين الله بالتلقي من نبيه مشافهة على علم وبصيرة بمواطن التشريع وقرائن الأحوال بخلاف غيرهم فإذا كل ما سنوه فهو سنة من غير نظر فيه بخلاف غيرهم فإن فيه لأهل الاجتهاد مجالاً للنظر رداً وقبولاً فأهل البدع إذاً غير داخلين في الجماعة قطعاً على هذا القول. الرابع: إن الجماعة هي جماعة الإِسلام إذا أجمعوا على أمر فواجب على غيرهم من أهل الملل اتباعهم وهم الذين ضمن الله لنبيه عليه السلام أن لا يجمعهم على ضلالة فإن وقع بينهم اختلاف فواجب تعرف الصواب فيما اختلفوا فيه. قال الشافعي: الجماعة لا تكون فيها غفلة عن معنى كتاب الله ولا عن سنّة ولا قياس وإنما تكون الغفلة في الفرقة وهذا القول يرجع إلى الثاني وهو يقتضي أيضاً ما يقتضيه أو يرجع للقول الأول وهو الأظهر وفيه من المعنى ما في الأول من أنه لا بد

فصل في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ونبذة من فضائله

من كون المجتهدين فيهم وعند ذلك لا يكون مع اجتماعهم على هذا القول بدعة أصلاً فهم إذاً الفرقة الناجية. الخامس: ما اختاره الإمام الطبري من أن الجماعة جماعة المسلمين إذا أجمعوا على أمير فأمر عليه السلام بلزومه ونهى عن فراق الأمة فيما اجتمعوا عليه من تقديمه عليهم ثم نقل ما يؤيد ما ذهب إليه وحاصله أن الجماعة راجعة إلى الاجتماع على الإِمام الموافق للكتاب والسنة. ثم قال: فهذه خمسة أقوال دائرة على اعتبار أهل السنة والاتباع وأنهم المرادون بالحديث فلتأخذ ذلك أصلاً. اهـ اعتصام ببعض اختصار. فصل في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ونبذة من فضائله تقدم ذكر نسبه في أول المقصد وسماه رسول الله عبد الله وصديقاً لأنه بادر بتصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - ولقبه عتيقاً لجمال وجهه أو لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "أنت عتيق من النار" كما في حديث رواه الترمذي، فهو الصاحب في الغار وفي السر والجهار في الليل والنهار والسابق الأول في الإِسلام لم يعبد صنماً قط توفيقاً من الله وفطرة فطره الله عليها ولا شرب الخمر قط، والمقدم للصلاة في الحياة النبوية والذي قدّم نفسه وماله كله لله، والخليفة الأول بعده بإجماع مَن يعتد به، والذي أنقذ الإِسلام بعد الوفاة النبوية بعلمه وتوفيقه وعدله وصرامته في الحق أنفذ وصايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قوّالاً بالحق صادعاً بالأمر سالكاً سبيل الصدق غير مائل ولا متجاف قائماً بالعدل لا تأخذه في الله لومة لائم عفيفاً لم يستأثر بحال ولا مال قط عن سنن الرسول، وكان يوليه الرسول إمرة الجيوش موصوفاً بأصالة الرأي خطيباً مصقعاً، وقد وجهه عليه السلام أمير الحاج سنة تسع ولا يوجه إلى هذه الوظيفة إلا من كان بالمكانة العليا فقهاً وإفتاء ليعلمهم مناسكهم ويفتيهم فيما لم يعلموا. قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي عن حذيفة "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" الحديث. قال أبو سعيد الخدري: كان أبو بكر أعلمنا. وقال الأبي في شرح مسلم: هو أول من أسلم من الرجال ثم أسلم على يديه من العشرة المشهود لهم بالجنة عثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص، وجملة ما حفظ عنه من الأحاديث مائة واثنان وأربعون حديثاً في الصحيحين منها ثمانية عشر القرطبي ومن المقطوع به أنه حفظ من الأحاديث ما لم يحفظ غيره وحصل له من العلم ما لم يحصل لغيره لأنه الصفي والملازم في الحضر والسفر والليل والنهار

وإنما لم يتفرغ للحديث والرواية لاشتغاله بالأهم ولأن غيره قام عنه بذلك اهـ أجمعت الأمة أنه هو المعني بقوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17)} [الليل: 17]، قال الفخر الرازي: إذا ضمت هذه الآية إلى قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] أنتج لنا أنه أفضل الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم -. وقد ذكر البخاري واحداً وعشرين حديثاً في فضائله منها: "ولو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً" وتقدم نصه قريباً. وأخرج عبد الرحمن بن حميد في مسنده وأبو نعيم وغيرهما "ما طلعت الشمس ولا غربت على أحد أفضل من أبي بكر إلا أن يكون نبياً". قد علم مما تقدم قريباً أنه اقتضت حكمة هذا الدين أن يكون الخليفة رئيسه الديني والسياسي لذا كان أول مقاصد المسلمين وأهل السابقة والمهاجرين بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - واجتماع المسلمين على كلمة التوحيد متوجهاً إلى وجوب نصب خليفة يجمع الأمة الإِسلامية على كتاب الله وسنة رسوله ويأخذ بالقوة على ذوي العبث بالنظام لأنهم اختلفوا فيمن يولونه هذا الأمر اختلافاً ليس فيه ما ينافي المصلحة الإِسلامية بل غايتها تمحيص الفكر ومحض النصيحة فيمن تجتمع على تأميره كلمة الجمهور الأعظم من المسلمين ليكون أثبت قدماً في الخلافة وأشد حجة على المخالفين فاختاروا لهذا المنصب الرفيع أبا بكر رضي الله عنه وقالوا: نرضى لدنيانا ما رضيه - صلى الله عليه وسلم - لديننا حيث قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" وخلاصة القول في انعقاد البيعة له رضي الله عنه أنه بينما كان الناس مشتغلين بوفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتجهيزه ودفنه جاء مخبر فأخبر باجتماع الأنصار بسقيفة بني ساعدة بقصد المفاوضة في شأن الخلافة وأسرع إليهم أبو بكر وعمر وجماعة من المهاجرين ليتداركوا هذا الأمر قبل افتراق الكلمة، فأتوا الأنصار وقد اجتمعوا بالسقيفة لمبايعة سعد بن عبادة فأعجلهم المهاجرون عن أمرهم وغلبوهم عليه وتكلم يومئذ أبو بكر فأدلى بالحجة. وكان مما قاله: "يا معشر الأنصار إنكم لا تذكرون فضلاً وإلا وأنتم له أهل وإن العرب لا تعرف هذا الأمر إلا لقريش هم أوسط العرب داراً ونسباً وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين" وأخذ بيد عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح. فأكثر حينئذ اللغط بين الأنصار ومنهم بشير بن سعد يرون رأي المهاجرين بجعل الخلافة في قريش وأن

الأمر إذا أجل النظر فيه ربما صعب حله، فقام إلى أبي بكر وقال: ابسط يدك أبايعك، فبسط يده فبايعه وبايعه عمر وسائر الناس. في البخاري عن إسماعيل بن عبد الله مرفوعاً إلى عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مات وأبو بكر بالسنح - قال إسماعيل: تعني بالعالية- فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قالت: وقال عمر: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم. فجاء أبو بكر فكشف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقبّله، فقال: بأبي أنت وأمي طبت حياً وميتاً، والله الذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبداً، ثم خرج فقال: أيها الحالف على رسلك. فلما تكلم أبو بكر جلس عمر، فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه وقال: ألا مَن كان يعبد محمداً فإن محمداً - صلى الله عليه وسلم - قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وقال: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)} قال: فنشج الناس يبكون. قال: واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة فقالوا: منا أمير ومنكم أمير. فذهب إليهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح فذهب عمر يتكلم فأسكته أبو بكر، وكان عمر يقول: والله ما أردت بذلك إلا أنني قد هيأت كلاماً قد أعجبني خشيت أن لا يبلغه أبو بكر. ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغ الناس فقال الذي كلامه: نحن الأمراء وأنتم الوزراء. فقال حباب بن المنذر: ألا والله لا نفعل منا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر: لا ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء هم أوسط العرب داراً وأعرفهم أحساباً، فبايعوا عمر بن الخطاب أو أبا عبيدة بن الجراح. فقال عمر: بل نبايعك أنت فأنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعه الناس. فقال قائل: قتلتم سعد بن عبادة. فقال عمر: قتله الله". البيعة هي العهد على الطاعة كأن المبايع يعاهد أميره على أنه سلم له النظر في أمر نفسه وفي أمور المسلمين لا ينازعه في شيء من ذلك ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره. في صحيح مسلم "بايعنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره على أن لا أثرة علينا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم".

خطبة أبي بكر رضي الله عنه

خطبة أبي بكر رضي الله عنه لما استقرت الخلافة لأبي بكر صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوِّموني، الصدق أمانة والكذب خيانة والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ معه الحق والضعيف فيكم قوي عندي حتى آخذ له الحق إن شاء الله، لا يدع أحد منكم الجهاد فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم قوموا إلى صلاتكم رحمكم الله. هذا كلام صدر من أول خليفة في الإِسلام يمثل معنى الرئاسة العامة في الإِسلام تمثيلاً تستكن أمامه القلوب التي اشرأبت إلى حب العدل. الكلام على جيش أسامة رضي الله عنه أول جيش بعثه أبو بكر رضي الله عنه جيش أسامة بن زيد رضي الله عنهما الذي كان جهزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتوفي قبل بعثه وارتدّت العرب حول المدينة بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، وقبل بعثه اجتمع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا لأبي بكر رضي الله عنه رد هذا الجيش كيف توجه هؤلاء وقد ارتدت العرب حول المدينة فأجابهم بقوله: والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تخطفني ما رددت جيشاً جهزه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا حللت له لواء. وكأن بعض الصحابة استصغر أسامة أمير الجيش وقالوا لعمر رضي الله عنه: امض إلى أبي بكر وأبلغه عنا واطلب منه أن يولي أمرنا أقدم سناً من أسامة. فلما بلغه عمر ذلك قال له: ثكلتك أمك يا ابن الخطاب استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتأمرني أن أعزله؟ ثم خرج أبو بكر للجيش وأشخصهم وشيّعهم وهو ماش وأسامة راكب. فقال له أسامة: يا خليفة رسول الله لتركبن أو لأنزلن؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله لا نزلتَ ولا ركبتُ وما عليّ أن أغبر قدمي ساعة في سبيل الله. فلما أراد أن يرجع أوصى أسامة ومَن معه فقال: لا تخونوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً ولا شيخاً كبيراً ولا امرأة ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوا ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيراً إلا

فصل الكلام على أهل الردة وقتالهم

لأكله. فسار أسامة فجعل لا يمر بقبيلة يريدون الارتداد إلا قالوا لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هؤلاء من عندهم ولكن ندعهم حتى يلقوا الروم، فلقوهم فهزموهم وأغار أسامة على ابني موضع في الجنوب الغربي من الشام وغنم وعاد بعد أربعين يوماً وقيل بعد سبعين يوماً. وهذا يدل على علو كعب أبي بكر رضي الله عنه في السياسة وبعد نظره في مهمات الأمور فإنه ظهر به للعرب بمظهر القوة واستهان بإنفاذه بخطب الردة فنفث في روع العرب روح الرهبة فكانوا بين مقبل على الردة ومدبر عنها ومتردد بين الأمرين. فصل الكلام على أهل الردة وقتالهم اعلم أن من أعظم فضائل أبي بكر رضي الله عنه قتال العرب الذين ارتدوا بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والذين منعوا الزكاة وقال والله لأجاهدنهم ما استمسك السيف بيدي وإن منعوني عقالاً أو عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال له عمر رضي الله عنه: وكيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله فمَن قالها عصم مني ماله ودمه إلا بحقها وحسابه على الله تعالى" فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله لأقاتلن مَن فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال وقد قال "إلا بحقها" قال عمر: فوالله ما هو إلا أن رأيت الله شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. قال الشيخ محيي الدين بن العربي في المسامرة: لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلب أبو بكر رضي الله عنه الزكاة كفر بها قوم وقالوا: قد كنا ندفع أموالنا إلى محمَّد فما بال ابن أبي قحافة يسألنا! والله لا نعطيه منها شيئاً أبداً. فاستشار أبو بكر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأجمع القوم على التمسك بدينهم في أنفسهم وأن يتركوا الناس مع ما اختاروه لأنفسهم، وتخيلوا أنهم لا يقدرون على من ارتد من المسلمين فقال أبو بكر رضي الله عنه: لو لم أجد أحداً يؤازرني لجاهدتهم بنفسي وحدي حتى أموت أو يرجعوا إلى الإِسلام، ولو منعوني عقالاً مما كانوا يعطونه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجاهدتهم حتى ألحق بالله تعالى. فلم يزل أبو بكر رضي الله عنه يجاهد بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى عاد الناس جميعاً إلى الإِسلام ودخلوا فيه كما خرجوا منه.

نهض رضي الله عنه بعزيمة ماضية، وحكمة سامية، ونهض لنهضته رجال قريش فاستقبلت بصدورها حوادث الردة المريعة ونيرانها المتأججة، وأخذت على عاتقها استخضاع العرب وقد ارتدت قبائلها عامة وخاصة إلا ثقيفاً وقريشاً فاقتحمت رجالات قريش بالمهاجرين والأنصار وثقيف وبعض الأحلاف ذلك العجاج الذي يرتج بأهل الردة ارتجاجاً وخاضت بخيلها ورجلها حروب القوم بحراً أجاجاً. ولم يلبث أبو بكر رضي الله عنه أن أطفأ نيران الردة برجال قريش وأمثالهم حتى رمى بهم جيوش القياصرة وجنود الأكاسرة وتابعه على ذلك عمر رضي الله عنه فكان من قوادهما في استخضاع تلك الجيوش الجرارة وتدويخ تلك الممالك العظيمة الشاسعة التي شيدت فيها صروح الإِسلام وذكر على منابرها اسم محمَّد عليه الصلاة والسلام منهم خالد بن الوليد وخالد بن سعيد وعمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان وأخوه معاوية وعياض بن غنم وحبيب بن مسلمة الفهري وسعد بن أبي وقاص وأضرابهم من صناديد قريش ورؤسائها الذين ذللوا الصعاب وقطعوا من العقبات ولاقوا من الأهوال، ما لا يحلم بذكره إنسان، ولا يدانيهم فيه من مشاهير العالم مدان. كما سترى إن شاء الله. بلغ بعزيمة أبي بكر رضي الله عنه وعظيم رأيه بعد إذ رأى ما أصاب المسلمين من الغم أن آلى على نفسه أن لا يدع العرب يقر لهم قرار إلا والسيف آخذ برقابهم والإِسلام ضارب بينهم بجرانه. وبينما هو يطاول في الأمر انتظاراً لرجوع أسامة وجيشه أعجلته عبس وغطفان وأسد وطيىء، وكان بعضهم نازلاً بذي القصة وبعضهم بالأبرق فأرسلوا إليه وفداً يبذلون الصلاة ويمتعون الزكاة فردهم خائبين فرجعوا وأخبروا القوم بقلة المسلمين وضعفهم وقد غرتهم كثرتهم وأعماهم الجهل عن أن مع المسلمين قوة الإيمان واليقين وفيهم من الصناديد وليوث الحرب الشجعان مثل عمر وعلي وطلحة والزبير الذين لا يفل لهم حد ولا يدرك لهم جد خشي أبو بكر بعد مسير الوفد من البيات فجعل على أنصار المدينة علياً وطلحة والزبير وابن مسعود وأمرهم بملازمة المسجد خوف إغارة من العدو فما لبثوا ثلاثاً حتى طرق العدو المدينة غارة ليلاً وخلفوا بعضهم بذي حسى ليكونوا لهم ردءاً. فوافوا ليلاً الأنقاب وعليها المقاتلة فمنعوهم وأرسلوا إلى أبي بكر فخرج بالمسلمين على النواضح فردوا العدو واتبعوهم حتى بلغوا ذا حسى فخرج عليهم أهل الردة بانحاء قد نفخوها وفيها الحبال ثم دهوها على الأرض فنفرت إبل المسلمين وهم عليها ورجعت بهم إلى المدينة ولم يصرع أحد منهم ثم خرج أبو بكر ليلاً على تعبئة فما طلع الفجر إلا وهم والعدو على صعيد واحد فما شعروا بالمسلمين حتى وضعوا

فيهم السيوف فولوا الأدبار واتبعهم أبو بكر رضي الله عنه حتى نزل بذي القصة وكان أول الفتح ووضع فيها النعمان بن مقرن في عدد ورجع للمدينة، وقدم في أثناء ذلك أسامة بن زيد بجيش المسلمين فاستخلفه أبو بكر على المدينة وجنده معه ليستريحوا ويريحوا ظهورهم ثم خرج فيمن كان معه فقام عليه علي والمسلمون وناشدوه الله ليقيم فأبى وقال: والله لأواسينكم بنفسي. وصار إلى ذي حسى وذي القصة حتى نزل بالأبرق فقاتل من به فهزمهم وغلب علي بني ذبيان وبلادهم وحماها لدواب المسلمين ثم رجع للمدينة. فلما استراح أسامة وجنده بادر أبو بكر رضي الله عنه إلى تسيير الجيوش إلى أهل الردة فعقد أحد عشر لواء. الأول: لخالد بن الوليد وأمره بطليحة الأسدي ومالك بن نويرة. والثاني: لعكرمة بن أبي جهل وسيّره لمسيلمة. والثالث: للمهاجر بن أبي أمية المخزومي القرشي وأمره بجنود العنسي في اليمن ومعونة الأبناء على قيس ثم يمضي إلى كندة بحضرموت. الرابع: لخالد بن سعيد بن العاص وبعثه إلى مشارف الشام. الخامس: لعمرو بن العاص القرشي وأرسله إلى قضاعة. السادس: لحذيفة بن محصن وأمره بأهل دبا. السابع: لعرجفة بن هرثمة الأزدي وأمره بمهرة. الثامن: لشرحبيل ابن حسنة حليف بني زهرة وأرسله في إثر عكرمة بن أبي جهل وإذا فرغ يلحق بقضاعة. التاسع: لمعن بن جابر السلمي وأمره ببني سليم وهوازن. العاشر: لسويد بن مقرن وأمره بتهامة. الحادي عشر: للعلاء بن الحضرمي حليف بني أمية ووجهه إلى البحرين. سيّر أبو بكر رضي الله عنه هؤلاء الأمراء وكتب لهم عهداً كما كتب للمرتدين تركنا ذكرهما اختصاراً. ثم انتهت حروب الردة بعد تذليل عقبات وأهوال في أخبار طوال بانتصار جيوش المسلمين في كل الوقائع انتصاراً باهراً وذهبت دعوة النبوة التي ظهرت بين العرب كأمس الدابر وهي التي ادعاها أربعة رجال وامرأة على عهد الرسالة إلى نهاية أيام الردة وهم: الأسود العنسي في اليمن، وطلحة في أسد وغطفان، ومسيلمة في بني حنيفة، ولقيط بن زرارة في عمان، وسجاح في أخوالها من بني بكر ورهطها من بني تميم. ورجع العرب للركون بعد أن علموا أن الإِسلام

يعلو ولا يعلى عليه وأن المسلمين قوم نصروا الله فنصرهم على أعدائهم ومكن لهم السلطان في الأرض وحصل لهم بذلك سعادة الدنيا والآخرة. لا ينكر ما لأبي بكر رضي الله عنه من حسن الاختيار بمن ولاهم حروب الردة من القواد العظام الذين أمعنوا بجيوش المسلمين القليلة في أحشاء بلاد العرب وجابوا أنحاءها القاصية حتى بلغوا مشارف الشام والجزيرة شمالًا وشطوط البحر الهندي جنوباً والعراق العربي وخليج فارس شرقاً وشطوط البحر الأحمر ومضيق باب المندب غرباً. ولم تكن غيبتهم إلا كما يغيب المرتاد للمناجع ثم انقلبوا ظافرين وقد عمموا في جزيرة العرب دعوة القرآن وجمعوا سكانها على كلمة الإيمان ونتج عن ذلك أن وقعت هيبة الإِسلام في قلوب العرب وأيقنوا أنه الدين الحق الذي لا يفلح مناوئه ولا ينجح شانئه. فأقبلوا بأجمعهم إليه، وجمعوا كلمتهم المتفرقة عليه. ثم التفت أبو بكر رضي الله عنه للفتوحات ورأى أن لا يدع لبعض المنافقين الذين لا يروق لهم سمو شأن الإِسلام وقتاً لدس سموم الفتنة في جسم تلك الأمة العظيمة التي جمعتها كلمة الإِسلام وأن يشغلهم مع الجيوش الإِسلامية بالفتح تعميماً للدعوة الإِسلامية وبثاً لروح العدل والحرية بين الأمم، فما هو إلا أن ولج بالعرب هذا الباب حتى انكفؤوا على الأمم التي مزقت أحشاءها سيوف الأهواء والأوهام وقضى على مجدها القديم ظلم أرباب السيطرة على النفوس والأجسام فلم يلبث أن وافاها المسلمون يحملون لفريق أهل الكتاب منها {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا} ولفريق الصابئة ومَن على نحلتهم من المشركين الإِسلام أو الجزية أو السيف حتى اشرأبت لعدل سلطانهم أعناق الناس ودانت لدينهم الشعوب وخضعت لسلطانهم فعمروا المسالك وشادوا الممالك ومصروا الأمصار وكانوا خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون القسطاس ويأخذون من أنفسهم للمظلوم حتى يرضى كما يأخذون على الظالم متى يتعدى. أول ما التفت إليه أبو بكر رضي الله عنه فتح العراق والذي حركه لذلك هو البطل الجليل المثنى بن حارثة بن ضمضم الشيباني بن بكر بن وائل وهو ممن لم يتابع بكراً على ردتها وبقي وقومه على الإِسلام وسهل إليه الأمر ورغّبه بغزوهم فكتب إليه أبو بكر رضي الله عنه عهداً وسار إلى بلاده ثم إن أبا بكر رضي الله عنه استدعى خالد بن الوليد في اليمامة سنة 12 وأمره بالمسير إلى العراق وأن يبدأه من أسفله وكتب إلى عياض بن غنم الفاتح الشهير الذي كان على يده فتح الجزيرة

وأرمينيا أن يأتي العراق من أعلاه ويسير حتى يلقى خالداً وأوصى أبو بكر خالداً وعياضاً رضي الله عنهم أن لا يضرا بفلاحي العراق وأهل السواد حرصاً منه على منابع الثروة وعلماً بأن العمران لا تقوم بدونه الدولة والفلاحة كما لا يخفى مصدر حياة الناس وتقدمها أساس عمران الممالك. لما سار خالد إلى العراق كان معه من الجند عشرة آلاف واستقبله المثنى بثمانية آلاف ثم أمدّ أبو بكر خالداً بالقعقاع بن عمرو بطل المسلمين المغوار فقيل له أتمده برجل واحد فقال: لا يهزم جيش فيه مثل هذا. وأمدّ عياضاً بعبد يغوث الحميري وكتب إلى المثنى يأمره بالسمع والطاعة لخالد وأمر مذعوراً بن عدي العجلي أن ينضم مع قومه إلى خالد وكذلك سويد بن قطبة الذهلي من بكر وائل واستنفر رضي الله عنه العرب وأذن لعامتهم بالانضمام إلى جيوش الفتح، وكان لزعماء الردة منهم -كطليحة الأسدي وعمرو بن معدي كرب والسمط بن الأسود الكندي والأشعث بن قيس وأمثالهم- البلاء الحسن في فتوح العراق والشام والإخلاص العظيم في إعلاء كلمة الإِسلام ومعظمهم استشهد في أيام الفتوح. واختلف المؤرخون في أول بلد قصده خالد فقيل الأبلة وقيل الحيرة وإن الأبلة كان على عهد عمر رضي الله عنه وعليه فالحيرة هي أول فتح بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم إن خالداً بعد أن استخضع أهل الحيرة وقضى على دولة المناذرة التي كانت تحكم العراق من قبل الأكاسرة وقاعدتها الحيرة وأتم فتح العراق العربي بلداً بلداً وكان كلما فتح فتحاً وتوفرت لديه الغنائم يبعث بالخمس إلى أبي بكر مع خبر الفتح. ثم انصرف خالد بعد هذا الفتح إلى الشام واستخلف المثنى بن حارثة على جند العراق. لما انتهى فتح العراق العربي وجاس المسلمون خلال ديار الفرس واستقر لهم في تخوم فارس الملك والسلطان واتخذوا بها الثغور يدخرون بها معدات القوة للإجهاز على ممالك الفرس انصرفت همة أبي بكر رضي الله عنه إلى الشام التي هي مركز التجارة بين الشرق والغرب ومدخر الخيرات، وكانت الشام يومئذ متابعة لمملكة الروم وكان سلطانهم في تقلص ونفوذهم في اضمحلال ولما توجهت أنظاره إلى فتحها استنفر المسلمين من أطراف البلاد العربية وأخذوا يفدون عليه من كل فج ويعسكرون بالجرف قرب المدينة، وفي مستهل صفر سنة 13 عقد ألوية فلواء ليزيد بن أبي سفيان ووجهه إلى البلقاء ولواء لعمرو بن العاص ووجهه لفلسطين ولواء لشرحبيل ابن حسنة ووجهه إلى الأردن ولواء لأبي عبيدة بن الجراح ووجهه إلى حمص وكان العقد في بدء الأمر لكل أمير على ثلاثة آلاف فلم يزل أبو بكر يتبعهم

الإمداد حتى صار مجموعهم أربعة وعشرين ألفًا ساروا ولهم قوة العزيمة والصبر والاعتماد على الله في السر والجهر وعدم المبالاة بالحياة في سبيل إعلاء كلمة الدين ونصرة الإِسلام والتعفف عما بأيدي الناس وحماية المال والنفس وإطلاق الحرية في العوائد والدين وأضف إلى هذا ما يصاحب أولئك المجاهدين من حسن الرأي بمَن يصاحبهم من رجال الإِسلام وأقطاب السياسة والحرب يومئذ كعمرو بن العاص وأبي عبيدة بن الجراح ومعاوية ويزيد ابني أبي سفيان رضي الله عنهم ومن ورائهم مثل أبي بكر رضي الله عنه يمدهم بالرأي ويتابع النصائح وحسبهم من وصاياه وصيته ليزيد المذكور التي تعجز أقطاب السياسة وتنفع قادة الجيوش وساسة الأمم في كل عصر، أوصاه بها لما شايعه ماشياً كما أوصى سائر الأمراء، ونصها: "إني قد وليتك لأبلوك وأجربك فإن أحسنت رددتك إلى عملك وزدتك وإن أسأت عزلتك فعليك بتقوى الله فإنه يرى من باطنك مثل الذي يرى من ظاهرك وإن أولى الناس بالله أشدهم تولياً له وأقرب الناس من الله أشدهم تقرباً إليه بعمله وقد وليتك عمل خالد بن سعيد فإياك وعبية الجاهلية فإن الله يبغضها ويبغض أهلها وإذا قدمت على جندك فأحسن صحبتهم وابدأهم بالخير وعدهم إياه وإذا وعظتهم فأوجز فإن كثير الكلام ينسى بعضه بعضاً وأصلح نفسك يصلح لك الناس وصل الصلوات لأوقاتها بإتمام ركوعها وسجودها والتخشع فيها وإذا قدم عليك رسل عدوك فأكرمهم واقلل لبثهم حتى يخرجوا من عسكرك وهم جاهلون به ولا تريثهم فيروا خللك ويعلموا عملك وأنزلهم في ثروة عسكرك وامنع من قبلك من يحادثهم وكن أنت المتولي لكلامهم ولا تجعل سرك لعلانيتك فيخلط أمرك وإذا استشرت فاصدق الحديث تصدق المشورة ولا تخزن عن المشير خبرك فتؤتى من قبل نفسك واسهر بالليل في أصحابك تأتك الأخبار وتنكشف عنك الأستار وأكثر حرسك وبددهم في عسكرك وأكثر مفاجآتهم في محارسهم بغير علم منهم بك فمَن وجدته غفل عن حرسه فأحسن أدبه وعاقبه في غير إفراط واعقب بينهم بالليل واجعل النوبة الأولى أطول من الأخيرة فإنها أيسر لهما لقربها من النهار، ولا تخف من عقوبة المستحق ولا تلجن فيها ولا تسرع إليها ولا تخذلها مدفعاً، ولا تغفل عن أهل عسكرك فتفسده ولا تجسس عليهم فتفضحهم: ولا تكشف الناس عن أسرارهم واكتفِ بعلانيتهم، ولا تجالس العبّاثين وجالس أهل الصدق والوفاء وأصدق اللقاء ولا تجبن فيجبن الناس، واجتنب الغلول فإنه يقرب الفقر ويدفع النصر وستجدون أقواماً حبسوا أنفسهم في الصوامع فدعهم وما حبسوا أنفسهم له اهـ.

لما سار أمراء الأجناد المتقدم ذكرهم وكتبوا إلى هرقل عظيم الروم يدعونه إلى الإِسلام أو الجزية أو الحرب -وهو يومئذ بالقدس- جمع له البطارقة وكبار القواد وشاورهم في أمر المسلمين وأشار عليهم بصلحهم فأبوا عليه إلا الحرب، ولما لم يوافقوه على رأيه أخذ في إعداد الجنود والعدة وأرسل لكل أمير جيشاً ليشغل كل طائفة من المسلمين بطائفة من قومه. أما أمراء المسلمين فإنهم أوغلوا بجيوشهم في أحشاء البلاد ولهم وقائع كثيرة قبل وقعة اليرموك كوقعة مرج الصفر على وزن سكر ووقعة أجنادين التي بشر أبو بكر بظفر المسلمين فيها وهو بآخر رمق ووقعة العربة من فلسطين وبصرى وحوران وغيرها. اقتحم المسلمون بجيوشهم البلاد اقتحام المجربين في الحرب العارفين بمواقع الخطر الواقفين على عورات العدو الخبيرين بطرق البلاد، فإنهم أوغلوا في جنوب الشام على شكل مثلث متقارب الخطوط رأسه في البلقاء مع يزيد بن أبي سفيان مما يلي الحجاز وطرفا الواحد في الجنوب الغربي في فلسطين وهو مع عمرو بن العاص والآخر في الجنوب الشرقي في حوران وهو مع أبي عبيدة بن الجراح وفي الوسط بميلة إلى الغرب وهو مع شرحبيل وهو في الأردن بحيث يمد بعضهم من بعض بقرب ومن ورائهم يزيد يحفظ خط الرجوع ويديم النظر في طرق المواصلات على هاته الصفة افتتح كل أمير ما مر عليه من البلاد صلحاً أو حرباً حتى أخذت الصيحة الروم من كل مكان فانتبهوا من غفلتهم فضرب هرقل البعث على العرب الذين هم تحت حمايته والروم فاجتمع لديه منهم زهاء مائة وخمسين ألفاً ولما تفرق المجاهدون في البلاد وراعهم ما جمعه هرقل من المجموع استشاروا عمرو بن العاص فأشار عليهم بالاجتماع فاجتمع الأمراء والجيوش باليرموك وكتبوا إلى أبي بكر رضي الله عنه فأمدهم بخالد بن الوليد ولما وصل تأمر عليهم ورتب الجيوش ترتيباً على غاية من النظام وتعبئة يعجز عنها حذّاق الأمراء ثم نشب القتال بين الفريقين وكانت حركة عظيمة انجلت عن انكسار الروم وانهزامهم شر هزيمة بعد أن قتل منهم مقتلة عظيمة وأصيب من المسلمين بين قتيل وجريح زهاء الثلاثة آلاف فيهم من وجوه المهاجرين وجلة قريش عدد كبير منهم عكرمة بن أبي جهل وابنه وسعيد بن الحارث بن قيس بن عدي وخالد بن سعيد وهم ممن أبلى بهذه الحرب ومنهم أبو سفيان بن حرب ذهبت فيها عينه وبينما هم في اليرموك في أشد حالات الحرب قدم البريد بخبر وفاة أبي بكر وتولية عمر رضي الله عنهما ومعه أمر بعزل خالد وتأمير أبي عبيدة فكتم هذا الخبر على المسلمين ريثما تضع الحرب أوزارها وتولى الروم أدبارها. وقد اختلف المؤرخون هل جاء الخبر بموت أبي بكر

فصل

والمسلمون في اليرموك أو على دمشق كما اختلفوا هل فتح شيء من الشام قبل اليرموك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه أو لا. ومما لا ريب فيه أن جيوش المسلمين لما أوغلت في القسم الجنوبي من الشام افتتحت كل ما مرت عليه من البلاد وربما بلغت حمص شمالاً، إلا أن انجلاءهم بعد عن البلاد وتقهقرهم لليرموك جعل ذلك الفتح الأول كأن لم يكن لانتقاض البلاد بعد خروج المسلمين عنها وعدم استطاعتهم ترك الحامية فيها لقلة عددهم وكثرة جنود عدوهم، لهذا عوّل المؤرخون في سياق أخبار الفتح على ما كان منه بعد اليرموك في خلافة عمر رضي الله عنه. وفي كلا الحالين فإن الفتح الحقيقي للديار الشامية تم في زمن عمر. ولأبي بكر الفضل العظيم في سبقه إليه وإعداده مثل جيش اليرموك له، وأما عزل خالد بن الوليد فالأصح أنه جاء وهم على دمشق كما سترى بعد إن شاء الله. واختلف في اليرموك هل كانت قبل وقعة أجنادين أو بعدها واليرموك من عمل الأردن وهو واد بناحية الشام وأجنادين من عمل فلسطين. فصل كان أبو بكر رضي الله عنه كثيراً ما يعمل بما يشير به علي رضي الله عنه عند بعث الجنود ولا يأذن له في الخروج مع المجاهدين حرصاً على بقائه معه للانتفاع برأيه ومشورته، وكذلك لم يأذن في الخروج لعمر وعثمان رضي الله عنهما للاستعانة بكل منهما على تدبير أمور المسلمين ولا يفعل شيئاً إلا بعد مشورتهم مع غيرهم من وجوه أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكان رضي الله عنه من العلم بقوانين الشريعة والخبرة بوجوه السياسة في منزلة لا يطاولها سماء ومع هذا لا يبرم أمراً في حادثة إلا بعد أن تتداولها آراء الجماعة من الصحابة. أخرج البغوي عن ميمون بن مهران قال: كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصوم نظر في كتاب الله فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به وإن لم يكن في الكتاب وعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الأمر سنة قضى بها فإن أعياه خرج يسأل المسلمين وقال أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى في ذلك بقضاء فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه قضاء فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ عن نبينا، فإن أعياه أن يجد في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم فإن أجمع رأيهم على أمر قضى به. وكان عمر رضي الله عنه يفعل ذلك فإن أعياه أن يجد في القرآن والسنة نظر هل كان فيه لأبي بكر قضاء فإن وجد أبا بكر قضى فيه بقضاء قضى به وإلا دعا رؤوس المسلمين فإذا أجمعوا على أمر قضى به.

أولياته

أولياته من مناقبه الكريمة ومآثره العظيمة جمعه القرآن ولا يعلم قدر فضله بهذا العمل الجليل إلا من عانى أمر الحديث وعرف مقدار ما اجترىء فيه على الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم جماعة القصاص والوعاظين الذين شوّشوا على الأمة في الدين والسياسة والأخلاق تشويشاً الله أعلم بما جر على الأمة من النبلاء ولو لم ينهض أئمة الحديث وحفاظه أواخر القرن الثاني وما بعده إلى تلافي هذا الخطب وتتبع الأسانيد الصحيحة وترتيب درجات الحديث وتفريق الموضوع من الصحيح لكان الخطب أعظم والمصيبة أشد. أما القرآن فلله الحمد والمنة على أنه سبحانه تكفل بحفظه فقال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9]، وقال: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)} [فصلت: 42] لهذا كان أول ما ألهم إليه أبو بكر النهوض إلى جمعه من صدور الرجال وبعض الصحف فجمع وكتب بين الدفتين دون أن يلحق حرفاً واحداً منه تغيير أو تبديل وقد تقدم شرح ما ذكر في المقدمة، وهو أيضًا أول مَن سمي خليفة وأول من أسلم من الرجال وأول من وضع بيت المال. ولما مرض رضي الله عنه مرضه الذي توفي فيه عهد بالخلافة لعمر رضي الله عنه. وكتب له عهداً في ذلك ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم "هذا ما عهد أبو بكر خليفة محمد - صلى الله عليه وسلم - عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة في الحال التي يؤمن فيها الكافر ويتقي الفاجر إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب فإن بر وعدل فذلك علمي به ورأيي فيه وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب والخير أردت فلا علم لي بالغيب ولكل امرئ ما اكتسب {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}. توفي رضي الله عنه في مرضه المذكور. روى الحاكم أن سبب موته وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كمداً بما يجري -أي ينقص- حتى مات. قال الحافظ ابن حجر: وهو مرض السل. وأخرج الإِمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها "أن أبا بكر لما حضرته الوفاة قال: أي يوم هذا؟ قالوا: يوم الاثنين. قال: فإن من في ليلتي فلا تنظروا في الغد فإن أحب الأيام والليالي إلى أقربها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتوفي من ليلته تلك وهي ليلة الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة في السنة الثالثة عشر من الهجرة وله من العمر ثلاث وستون سنة وغسلته امرأته أسماء كما أوصى وصلى عليه عمر بين القبر والمنبر وكبر أربعاً ودفن إلى جنب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". وأخرج ابن هشام عن ابن عروة عن أبيه: أن أبا بكر صلى عليه ليلاً ودفن ليلاً وكانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر وبضعة أيام، وكان نقش خاتمه: نعم القادر الله.

خطبة علي في تأبين أبي بكر رضي الله عنهما

وكان فصيح اللسان قوي الحجة إذا خطب كثير التذكير بالله والتخويف منه والترغيب فيه روي عن الزبير بن بكار أنه قال: سمعت بعض أهل العلم يقول: أفصح خطباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر الصديق وعلي بن أبي طالب. خطبة علي في تأبين أبي بكر رضي الله عنهما أجمع الرواة أن أبا بكر لما قبض ارتجت المدينة ودهش القوم كيوم قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء علي مسرعاً باكياً مسترجعاً حتى وقف بالباب وهو يقول: رحمك الله يا أبا بكر كنت والله أول القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً وأشدهم يقيناً وأعظمهم غنى وأحفظهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحدبهم على الإِسلام وأحماهم عن أهله وأنسبهم برسول الله خلقاً وفضلاً وهدياً وصمتاً فجزاك الله عن الإِسلام وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدقت رسول الله حين كذبه الناس وواسيته حين بخلوا وقمت معه حين قعدوا وسماك الله في كتابه صديقاً فقال: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} يريد محمدًا ويريدك، كنت والله للإسلام حصناً وللكافرين ناكياً، لم تضلل حجتك ولم تضعف بصيرتك ولم تجبن نفسك، كالجبل لا تحركه العواصف ولا تزيله القواصف، كنت كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضعيفاً في بدنك قوياً في دينك متواضعاً في نفسك عظيماً عند الله جليلاً في الأرض كبيراً عند المؤمنين، لم يكن لأحد عندك مطمع ولا هوى، فالضعيف عندك قوي والقوي عندك ضعيف حتى تأخذ الحق من القوي وتأخذ للضعيف، فلا حرمنا الله أجرك ولا أضلنا بعدك. تنبيه: اعلم أن الأخبار عن علي رضي الله عنه بصحة خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكونهما خيري الأمة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبتت عنه من طرق كثيرة بروايات كثيرة من الثقات العدول منهم: ابنه محمد ابن الحنفية بحيث يجزم من يتتبعها بصدور ذلك القول من عليك رضي الله عنه جزماً قاطعاً ليس فيه شك ولا ريب. قال الحافظ الذهبي: تواتر ذلك عن علي رضي الله عنه ورواه عنه نيف وثمانون من أصحابه وصرح بذلك في الخلوة والملأ وخطب بذلك على منبر الكوفة زمن خلافته مع حضور الجمع العظيم، ولهذا اتفق الأئمة الأربعة وأئمة الحديث مثل البخاري ومسلم وبقية أصحاب الكتب الستة وغيرهم وأئمة السلف وبقية أهل السنة والجماعة على اعتقاد صحة خلافته. قال سفيان الثوري: من قال إن علياً رضي الله عنه كان أحق بالخلافة من أبي بكر فقد خطأ أبا بكر وعمر والمهاجرين والأنصار وما أراه يرتفع له مع هذا الاعتقاد عمل إلى السماء. وأخرج الدارقطني عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما مثل ذلك.

الحالة الاجتماعية على عهد أبي بكر

الحالة الاجتماعية على عهد أبي بكر اعلم أن الحالة الاجتماعية التي كانت على عهد الرسالة كانت كذلك في عهد أبي بكر رضي الله عنه، وقد نهض أبو بكر بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإتمام نشر الدعوة وتوحيد كلمة الشعوب نهوضاً يعلم من سيرته. فرمى رضي الله عنه بالجيوش الإِسلامية فارس والروم ليكونوا حماة الدعوة بعد إذ لم تنجح فيهم الدعوة مجردة على القوة في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فخالط المسلمون تلك الأمم البالغة منتهى درجات الرفاهة والتنعم المنغمسة في حمأ الشهوات النفسية ودوّخوا بلادهم واستفتحوا كنوزهم ومع هذا فلم يؤثر ذلك في أخلاقهم ولم تدعهم تلك الزخارف إلى تنكب المحجة الواضحة التي تركهم عليها نبيهم لا سيما وأن القرآن بين أيديهم يهتدون بهديه وأبو بكر من ورائهم يحملهم على طريقته ويؤدبهم بأدب نفسه، وكان جل أمره منصرفاً إلى إقامة شعائر الدين، والتأدب بآداب النبي - صلى الله عليه وسلم - خصوصاً في خشونة العيش وكبح جماح النفوس والقناعة بالكفاف، هذا مع علمه بأن الله سبحانه وتعالى أحلّ الطيبات للمؤمنين، وإنما هو كان حريصاً على تأدب المسلمين بآداب النبوة وآدابه كي لا يشغلهم عن بث الدعوة والجهاد في الله وتوحيد كلمة الشعوب شاغل الإخلاد إلى الراحة والرغبة بنعيم الحياة الفانية وأنى يشغلهم شيء عن أمر الله وهم خير أمة أخرجت للناس وعصرهم خير العصور. وكيف لا يكون خير العصور وقد كان فيه المؤمنون على جانب من سلامة الفطرة وطهارة الأخلاف وتآلف القلوب، ونصرة العدل والحق، ومواساة الضعيف والقيام بواجب الإخاء وتبادل الثقة والحب لم تبلغ مبلغهم في أمة حديثة عهد في الدين من قبل ولن يأتي أمة سواهم من بعد. روى الغزالي في الأحياء: أن تبادل الثقة والحب بين المسلمين يومئذ بلغ بهم أن كانوا خلطاء بالمال يأخذ فقيرهم من مال الآخر مصداقاً لقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}. كان أبو بكر رضي الله عنه خير قدوة للمسلمين وكان على جانب من التواضع وشظف العيش وخشونة الملبس مع غناه ووفرة دخله من أملاكه فقد اقتدى به المسلمون وتخوشنوا في مأكلهم وملبسهم وتعفف كبارهم حتى عن التنعم بدخلهم. في تاريخ المسعودي: لما قدم على أبي بكر زعماء العرب وأشرافهم وملوك اليمن وعليهم الحلل وبرد الوشي المثقل بالذهب والتيجان والحبرة وشاهدوا ما عليه من اللباس والزهد والتواضع والنسك وما هو عليه من الوقار والهيبة، ذهبوا مذهبه

خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه ونبذة من سيرته

ونزعوا ما كان عليهم. وكان ممن وفد عليه من ملوك اليمن ذو الكلاع ملك حمير ومعه ألف عبد دون ما كان معه من عشيرته وعليه التاج وما وصفنا من البرود والحلي فلما شاهد من أبي بكر ما وصفنا ألقى ما كان عليه وتزيا بزيه حتى إنه رؤي يوماً في سوق من أسواق المدينة وعلى كتفيه جلد شاة ففزعت عشيرته وقالوا له فضحتنا بين المهاجرين والأنصار قال: أفأردتم أن أكون ملكاً جباراً في الإسلام لا والله لا تكون طاعة الرب إلا بالتواضع والزهد. قال المسعودي: وتواضعت الملوك ومن ورد عليه من الوفود بعد التكبر وذلوا بعد التجبر لا جرم أن قدوة الأمم رؤساؤها، وقادتها إلى الخير والشر ملوكها ولم يرنا التاريخ مصارع قوم هلكى بشقاء الحياة إلا بملوكهم كما لم يرنا تسود قوم وتمتعهم بسعادة الحياة إلا إذا استقام ملوكهم. هذه كانت الحالة الاجتماعية على عهد أبي بكر رضي الله عنه على وجه الإجمال {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)}. خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه ونبذة من سيرته الخليفة الثاني الفاروق الأعظم أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقدم ذكر نسبه في صدر المقصد. شبّ على الشجاعة والنجدة. كان المسلمون في أوائله في حاجة إلى ذوي العصبية والإقدام من رجالات قريش ليستطيعوا إعلان دينهم والذب عن نبيهم وكان ممن عرف في قريش بنفوذ الكلمة والبطش وسمو المكانة عمر بن الخطاب وأبو جهل وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوقع خيراً للمسلمين بإسلام أحد هذين الرجلين لهذا قال: "اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك عمر بن الخطاب أو عمر بن هشام" يعني أبا جهل. فاستجاب الله سبحانه دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم - بأحب الرجلين إليه عمر بن الخطاب فأسلم في ذي الحجة لمضي

ست سنين من البعثة. أخرج الحافظ ابن الجزري في أسد الغابة عن أسامة بن زيد عن أبيه عن جده أنه قال: قال لنا عمر بن الخطاب: أتحبون أن أعلمكم كيف كان بدء إسلامي؟ قال: كنت من أشد الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبينا أنا في يوم شديد الحر بالهاجرة في بعض طرق مكة إذ لقيني رجل من قريش فقال: أين تذهب يا ابن الخطاب أنت تزعم أنك هكذا وقد دخل عليك هذا الأمر في بيتك قال: قلت: وما ذاك؟ قال: أختك قد صبأت، قال: فرجعت مغضباً وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع الرجل والرجلين إذا أسلما عند الرجل به قوة فيكونان معه ويصيبان في طعامه وقد كان ضم إلى زوج أختي رجلين قال: فجئت حتى قرعت الباب فقيل مَن هذا؟ فقلت: ابن الخطاب، قال: وكان القوم جلوساً يقرؤون القرآن في صحيفة معهم فلما سمعوا صوتي اختفوا وتركوا أو نسوا الصحيفة من أيديهم، قال: فقامت المرأة ففتحت لي الباب فقلت: يا عدوة نفسها قد بلغني أنك صبأت، وضربتها بشيء كان في يدي فسال الدم، فلما رأت المرأة الدم بكت ثم قالت: يا ابن الخطاب ما كنت فاعلاً فافعل قد أسلمت، قال: فدخلت وأنا مغضب فجلست على السرير فنظرت فإذا بكتاب في ناحية البيت فقلت: ما هذا الكتاب أعطينيه، فقالت: لا لستَ من أهله أنت لا تغتسل من الجنابة ولا تطهر وهذا لا يمسه إلا المطهرون، قال: فلم أزل بها حتى أعطتنيه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم فلما مررت بالرحمن الرحيم ذعرت ورميت بالصحيفة من يدي، قال: ثم رجعت إلى نفسي فإذا فيها {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)} قال: فكلما مررت باسم من أسماء الله عزّ وجل ذعرت ثم ترجع إليّ نفسي حتى بلغت {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} حتى بلغت إلى قوله: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} قال: فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فخرج القوم يتبادرون بالتكبير استبشاراً بما سمعوه مني وحمدوا الله عزّ وجل، ثم قالوا: يا ابن الخطاب أبشر فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا يوم الاثنين فقال: "اللهم أعز الإِسلام بأحد الرجلين إما عمر بن الخطاب وإما عمر بن هشام" قالت: فقلت لهم: أخبروني بمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقالوا: هو ببيت أسفل الصفا وصفوه. قال: فخرجت حتى قرعت الباب قيل: من هذا؟ قلت: ابن الخطاب. قال: وقد عرفوا شدتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعلموا بإسلامي، قال: فما اجترأ أحد منهم أن يفتح الباب. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: افتحوا له الباب فإنه إن يرد الله به خيراً يهده، قال: ففتحوا لي وأخذ رجلان بعضدي حتى دنوت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أرسلوه، فأرسلوني فجلست بين يديه فأخذ بجميع قميصي فجذبني إليه ثم قال: أسلم يا ابن الخطاب اللهم اهده. قال:

فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنت رسول الله. فكبّر المسلمون تكبيرة سمعت بطرق مكة اهـ. وروي أن عمر لما أسلم قال: يا رسول الله علام نخفي ديننا ونحن على الحق وهم على الباطل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنا قليل وقد رأيت ما لقينا. فقال عمر: والذي بعثك بالحق لا يبقى مجلس جلست فيه بالكفر إلا جلست فيه بالإيمان. ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صفين من المسلمين حمزة في أحدهما وعمر في الآخر حتى دخلوا المسجد فنظرت قريب إلى حمزة وعمر فأصابتهم كآبة شديدة، ومن يومئذ سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الفاروق لأنه أظهر الإِسلام وفرق بين الحق والباطل. أخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أسلم عمر قال المشركون: قد انتصف القوم اليوم، وأنزل الله {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)} [الأنفال: 64]. روي عن عد الله بن مسعود أنه قال: "كان إسلام عمر فتحاً وكانت هجرته نصراً وكانت إمارته رحمة ولقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلي في البيت حتى أسلم عمر، فلما أسلم عمر قاتلهم حتى تركونا". أخرجه في أسد الغابة. وأخرج البخاري عن ابن مسعود أيضاً "ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر" كان قواماً على الحق منافحاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مراقباً لأعدائه حريصاً عليه من وصول أذاهم إليه مبغضاً لمن أبغضه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستشير أصحابه في بعض الأمور فكان أبو بكر وعمر أفضلهم عنده رأياً لصدق لهجتهما وعظيم إخلاصهما ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" رواه الترمذي. وفي رواية لأبي داود عن أبي ذر قال: "إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به" وكان رضي الله عنه يرى الرأي فينزل به القرآن حتى بلغت موافقاته نيفاً وعشرين، منها آية تحريم الخمر فإنه لما قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً نزلت آية التحريم. ومنها آية الحجاب، ومنها آية الاستئذان في الدخول وذلك أنه دخل عليه غلامه

وكان نائماً فقال: اللهم حرم الدخول، فنزلت آية الاستئذان. وفي البخاري خمسة عشر حديثا في فضائله. وأخرج أبو يعلى عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتاني جبريل آنفاً فقلت: يا جبريل حدثني بفضائل عمر بن الخطاب، فقال: "لو حدثتك بفضائل عمر منذ لبث نوح في قومه ما نفذت فضائل عمر وإن عمر حسنة من حسنات أبي بكر رضي الله عنهما" وقال الأبي: سمي الفاروق لأنه فرق بإسلامه بين الحق والباطل ونزل جبريل فقال: يا محمد استبشر أهل السماء بإسلام عمر. حفظ له من الحديث خمسمائة وسبعة وثلاثون حديثاً في الصحيحين منها واحد وثلاثون. قال الشعبي: إذا اختلف الناس فخذوا بما قال عمر وقال: قضاة هاته الأمة عمر وعلي وزيد بن ثابت وأبو موسى. تقدم أن أبا بكر رضي الله عنه عهد إليه بالخلافة فوليها يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة. ولما تلا كتاب العهد على المسلمين بايعوه جميعاً ولم ينكل عن بيعته أحد من المهاجرين والأنصار، وقد قام رضي الله عنه بهذه الوظيفة السامية قيامًا محموداً لا يجاريه فيه أحد من قادة الأمم وساسة الحكومات بل كان من عظيم أثره وأثر أبي بكر في الخلافة الإِسلامية أن كانا مثلاً لمن بعدهما يضرب بالعدل وحسن السياسة وحجة على من تنكب طريقهما من الخلفاء وخالف سيرتهما من الأمراء. في أسد الغابة عن علي رضي الله عنه قال: إن الله جعل أبا بكر وعمر حجة على من بعدهما من الولاة إلى يوم القيامة فسبقا والله سبقاً بعيداً وأتعبا والله من بعدهما إتعاباً شديداً فذكرهما حزن للأمة وطعن علي الأئمة اهـ. وحسب عمر رضي الله عنه من خلافته أن يكون مثلاً في العدل وحجة على الخلفاء والولاة من بعده بل حسبه من سيرته فخراً وذكراً أن كل المؤرخين سواء كانوا من المسلمين أو المنصفين من غير المسلمين أجمعوا على أنه أعدل مَن ساس الأمم وأعظم رجل في الإِسلام. روي أن معاوية رضي الله عنه قال لصعصعة بن صوحان: صف لي عمر. فقال: كان عالماً برعيته عادلاً في قضيته عارياً عن الكبر قابلاً للعذر سهل الحجاب مصون الباب متحرياً للصواب رفيقاً بالضعيف غير كتاب للقوي وغير جاف للغريب والحاصل أن فضائله رضي الله عنه كثيرة جداً شهيرة خصت بالتأليف وسنقص عليك بعضها.

فتوح الشام

فتوح الشام قد علم مما تقدم أن أول عمل قام به عمر رضي الله عنه عزل خالد بن الوليد عن الإمارة العامة وتوسيدها لأبي عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه وعلم أن المسلمين انتصروا في وقعة اليرموك ولما هزم الله جند العدو وفرغ من المقاسم والأنفال وبعث بالأخماس وسرحت الوفود استخلف أبو عبيدة على اليرموك بشير بن كعب بن أبي الحميري وخرج أبو عبيدة حتى نزل بمرج الصفر وهو يريد اتباع الفالة ولا يدري يجتمعون أو يتفرقون فأتاه الخبر بأنهم اجتمعوا بفحل وأن المدد قد أتى أهل دمشق من حمص فهو لا يدري أبدمشق يبدأ أو بفحل من بلاد الأردن فكتب في ذلك إلى عمر وانتظر الجواب وأقام بالصفر فلما جاء عمرَ فتح اليرموك أقر الأمراء على ما كان استعملهم عليه أبو بكر إلا ما كان من عمرو بن العاص وخالد بن الوليد فإنه ضمّ خالداً إلى أبي عبيدة وأمر عمراً بمعونة الناس حتى يصير الحرب إلى فلسطين ثم يتولى حربها وكان هرقل قبل انكسار جيشه باليرموك بأورشليم ولما جاء خبر انكسار جيشه رحل إلى حمص. لما بلغ أبا عبيدة رضي الله عنه كتاب الخليفة بالذي ينبغي أن يبدأ به وهو دمشق امتثل وسرح عشرة قواد وبعث ذا الكلاع حتى كان بين دمشق وحمص وبعث علقمة بن حكيم ومسروقاً فكانا بين دمشق وفلسطين والأمير يومئذ يزيد بن أبي سفيان فقدم خالد بن الوليد وعلى مجنبتيه عمرو وأبو عبيدة وعلى الخيل عياض بن أبي غنم وعلى الرجل شرحبيل ابن حسنة فقدموا دمشق ونزلوا حواليها فكان أبو عبيدة على ناحية وعمرو على ناحية وخالد على ناحية ويزيد على ناحية فحاصروا أهل دمشق نحواً من سبعين ليلة حصاراً شديداً حتى تم فتحها والفضل في ذلك لأولئك الأمراء وبالخصوص خالد. واتفق كثير من الرواة والمؤرخين على أن الذي تولى عقد الصلح مع الدمشقيين هو خالد وأمضاه أبو عبيدة بعد أن أطلعه على كتاب الخليفة بعزله على إمارته وهذا يدل على أن خبر عزل خالد لم يأت وهم على اليرموك بل أتى وهم على دمشق وكتمه أبو عبيدة ريثما تم الصلح. تنبيه: ومن جميل سياسة عمر أنه كان يعلم من نفسه الشدة فلا يرضى لعماله أن يكونوا مثله لهذا عزل خالد بن الوليد عن الإمارة وجعل بدله أبا عبيدة وكان عماله جميعهم عرفوا باللين كأبي عبيدة وسعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان وحذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف وأضرابهم ومع شدته رضي الله عنه فقد كان يوصي عماله بالرفق والعدل وعدم الإيغال في العقوبة وبلغ به كره الإيغال في العقوبة

أن أرسل إلى أبي موسى الأشعري وقد شدد في العقوبة على بعضهم يهدده بالعقاب إذا عاد إلى مثلها. لما انتهى فتح دمشق أخذ أمراء الأجناد في فتح بقية الشام قرية قرية ومدينة مدينة كعجلون وبيسان وطبرية ومرج الروم وحمص وبعلبك وبيروت وأجنادين وغزة ونابلس وبيت جبرين وإيليا -أي بيت المقدس-. والذي عقد الصلح مع أهل بيت المقدس الخليفة عمر رضي الله عنه قدم بطلب من الأهالي وصلّى الصبح ببيت المقدس وعقد الصلح بنفسه إجابة لمطلبهم ثم وقع فتح حماه واللاذقية وقنسرين وأنطاكية وغيرها من البلاد السورية وتم هذا الفتح بعد حروب طويلة استمرت ثلاث سنين ولاقى جند المسلمين في غضونها من العناء أشده وبذلوا من الدماء ما جعل ثمن هذه البلاد غالياً ومقامها في نظرهم عالياً وكان لرجالات قريش وأشرافها في حرب الشام خاصة من الأثر العظيم والبلاء الجسيم ما لم يكن لقوم غيرهم في الفتوحات الأخرى وقتل منهم عدد كثير لا سيما في وقعة اليرموك وممن قتل منهم عكرمة بن أبي جهل وابنه وخالد بن سعيد وهشام بن العاص وسهيل بن عمرو وأبان بن سعيد وأضرابهم من صناديد قريش وأشرافها وكان للنساء القرشيات من النبلاء ما كان للرجال. روى الطبراني أن النساء المسلمات قاتلن يوم اليرموك وخرجت جويرية ابنة أبي سفيان وهند بنت عتبة أم معاوية بن أبي سفيان وبالجملة فقد لاقى المسلمون أشد الأهوال وصادموا عدواً استمات في حوزة الدفاع عن حوزته والذب عن سلطانه. القواد الذين حضروا هاته الفتوحات وهم من أنجاد قريش وسادتها وممن كان له البلاء الحسن خالد بن الوليد وأبو عبيدة وخالد بن سعيد وعمرو بن العاص ويزيد ومعاوية ووالدهما أبو سفيان وحبيب بن مسلمة وعياض بن غنم وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو وأبان بن سعيد والذين هم من غير قريش فذو الكلاع الحميري وشرحبيل ابن حسنة والقعقاع بن عمرو والسمط بن الأسود الكندي وعلقمة بن مجزز وعلقمة بن حكيم وعبادة بن الصامت ومالك بن الأشتر النخعي وأبو أيوب المالكي ومعاذ بن جبل وغيرهم وقد كان لهم حسن ترتيب للجيوش وإلمام بطرق البلاد وتفنن بأساليب الحرب وكان الخليفة وهو بالمدينة يصدر أوامره للأمراء كيف يسيرون وأي المسالك يسلكون وأي البلاد يقصدون كأنما ينظر إلى القطر على خريطة مصورة بين يديه.

جغرافية سوريا

جغرافية سوريا يحد سوريا شمالاً ولاية أدنه -أي كيليكيا- من آسيا الصغرى وشرقاً الفرات والبادية وجنوباً جزء من بلاد العرب ويقال له تنبيه بني إسرائيل وغرباً البحر المتوسط وقد قام في هذا القطر حكومات كثيرة تعددت بتعدد الأقوام القاطنين فيه كالفينيقيين والحثيين والآشوريين والكنعانيين وغيرهم من الشعوب ثم رحل إليه بنو إسرائيل من مصر وزاحموا سكان البلاد وأخذوا قسماً عظيماً منه وغزاه كثير من الدول القديمة كدولة الفراعنة المصريين والماديين والفرس والرومانيين واليونانيين وعرب الإسلام ولم تثبت فيه قدم دولة من الدول الفاتحة كما ثبتت دولة الرومانيين ودولة الإسلام فقد كان ابتداء دولة الرومان من سنة 65 قبل المسيح إلى سنة 633 م حيث ابتدأ الفتح الإِسلامي في البلاد السورية وكانت نهايته سنة 638 م أو سنة 17 هـ وفيها تقلص ظل الروم عن هذا القطر وكان على عهد الرومانيين مقسوماً إلى ثلاثة أقسام كبيرة وهي: فلسطين وتوابعها، وأنطاكية وتوابعها، ودمشق وتوابعها، وكان القسم الشمالي منه يسمى سورية والجنوبي يسمى فلسطين فأطلق عليه اسم سورية منذ تملكه الرومان ولما تملكه الإِسلام أطلقوا عليه اسم الشام وقسمه عمر إلى أربعة أقسام: الأول: قسم الثغور وهي حمص وقنسرين وحلب وأنطاكية وقاعدته حمص. والثاني: دمشق. والثالث: الأردن وحاضرته طبرية. والرابع: فلسطين، وهذا ينقسم إلى قسمين قسم حاضرته الرملة وقسم حاضرته إيليا -أي القدس-. انتداب عمر رضي الله عنه لفتح العراق وفارس اعلم أن عمر أول عمل قام به أيضاً انتداب الناس لحرب الفرس وذلك أن المثنى بن حارثة رضي الله عنه كان منذ وفوده على أبي بكر رضي الله عنه في أول خلافته يهون عليه أمر الفرس حتى ولاه قتالهم ثم ولى خالداً فقاتل تحت رايته ثم لما سافر خالد إلى الشام وبقي المثنى أميراً على ما وقع فتحه من العراق دفعه الإقدام إلى أن يتوسع في الفتح ويرمي بسهم المسلمين مملكة الأكاسرة ويدوخ ذلك الملك العريض فوفد على أبي بكر رضي الله عنه في حال مرضه ففاوضه في أمر الهجوم على فارس إلا أن أبا بكر رضي الله عنه لم يسعه إجابة مطلبه لمرضه وأوصى عمر أن يندب الناس بعد توليته الخلافة مع المثنى، وفي صبيحة الليلة التي

دفن فيها أبو بكر قام عمر فانتدب الناس وأول منتدب أبو عبيد بن مسعود الثقفي انتدبه رضي الله عنه أميراً على الجيش وخرج في أوائل جمادى الآخرة سنة 13 ومعه سعيد بن عبيد وسليط بن قيس والمثنى بن حارثة فتقدمهم للحيرة ووقع القتال بين المسلمين والعدو بالقمارق وكان النصر حليف المسلمين، ولما انهزم العدو أخذ في أثره إلى كسكر ثم إلى الحيرة ووقعت مقاتلة على جسر الفرات انهزم فيها المسلمون وقتل فيها أبو عبيد وسليط وجرح المثنى، ولما انتهى خبر الهزيمة إلى عمر رضي الله عنه اشتد عليه الأمر، ثم إن المثنى جمع القبائل التي حوله وبعث عمر رضي الله عنه البعوث وأمر عليهم أمراء كعرجفة بن هرثمة من زعماء العرب. أما الفرس فإنهم لما أحسوأ باجتماع العرب جمعوا كلمتهم بعد أن كانت في حال ارتباك وجمعوا جيشاً كثيفاً بالبويب أميره مهران ثم التحم القتال بين الفريقين واشتد الحال إلى أن آل الأمر إلى اضطراب جيش العدو وقتل مهران وتم ذلك بحسن قيادة البطل الجليل المثنى بن حارثة ومات من أعلام المسلمين في هاته الوقعة ناس منهم: خالد بن هلال ومسعود بن حارثة أخو المثنى، ولما فرغ المثنى من أمر البويب وتشتت أمور الفرس وعاد جرير بن عبد الله البجلي من غزاته فرق المثنى جنوده في السواد وأخذ يستخضع البلاد التي عصت من قبل وكانت له وقائع كثيرة مع العرب ظفر بها المسلمون ما شاؤوا من متاع ومال وبلغت غارتهم شرقاً قرب مدائن فارس وشمالاً إلى الجزيرة فأوقعوا الرعب في قلوب الأعداء حتى قام لذلك الفرس وقعدوا وأجمعوا على تأمير يزدجرد والتجهيز لحرب المسلمين، ولما بلغ المثنى ذلك كتب للخليفة بذلك ولما وصل إليه الخبر كتب إلى عماله على العرب والكور يستحثهم على الاستنفار ووافاه بعض القبائل إلى المدينة وبعض القبائل انضموا إلى المثنى ورأى من السداد أن لا يفوته أمر خاصة المسلمين وعامتهم فيمن يوليه أمر هذه الحرب فاستدار العامة فأشاروا عليه بالمسير بنفسه والخاصة فأشاروا عليه بتسليم القيادة لغيره وبقائه بالمدينة وبعد استشارتهم قام خطيباً فقال: "أما بعد فإن الله عزّ وجل جمع على الإِسلام أهله فألّف بين القلوب وجعلهم فيه إخوانًا والمسلمون فيما بينهم كالجسد لا يخلو منه شيء من شيء أصاب غيره وكذلك يحق على المسلمين أن يكونوا وأمرهم شورى بينهم وبين ذوي الرأي منهم فالناس تبع لمن قام بهذا الأمر ما أجمعوا عليه ورضوا به لزم الناس وكانوا فيه تبعاً لهم ومَن قام بهذا الأمر تبع لأولي رأيهم ما رأوا لهم ورضوا به لهم. أيها الناس، إني كنت كرجل منكم حتى صرفني ذوو الرأي منكم عن الخروج فقد رأيت أن أقيم وأبعث رجلاً وقد أحضرت لهذا الأمر من قدمت ومن خلفت" اهـ. ويعني بمن خلف

علياً وطلحة لأنهما لم يحضرا الرأي الأول، ولما انتهى من خطبته أشار عليه طلحة وعلي بما أشار إليه العامة ونهاه العباس وعبد الرحمن بن عوف عن هذا الرأي وقال له الثاني: أقم وابعث جنداً فقد رأيت قضاء الله لك في جنودك قبل وبعد فإنه إن يُهزم جيشك ليس كهزيمتك وإنك أن تقتل أو تهزم في آنف الأمر خشيت أن لا يكبر المسلمون وأن لا يشهدوا أن لا إله إلا الله أبداً اهـ. فأخذ رضي الله عنه برأي عبد الرحمن رضي الله عنه وأمر على الجند سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عامله على هوازن ودعاه وأوصاه بوصية ثم خرج سعد ومعه أربعة آلاف من اليمن وغيرهم وفيهم من السراة وزعماء العرب عدد وافر منهم خميصة بن النعمان البارقي وشداد بن ضمضج الحضرمي وعمرو بن معدي كرب وشرحبيل بن السمط الكندي وأضرابهم من صناديد العرب وقادتها وخطب خطبة عند مشايعتهم وسار الجند حتى انضم إلى جند العراق الذين كانوا مع المثنى فكان عدد الجند الذي شاهد وقعة القادسية ثلاثين ألفاً وفي أثناء ذلك توفي المثنى بن حارثة الشيباني أمير جيش العراق من أثر انتقاض جراحة أصابته في وقعة الجسر المتقدم ذكرها وكان رضي الله عنه على جانب عظيم من الشجاعة والإقدام والنظر البعيد في شؤون الحرب لا يدانيه إلا خالد بن الوليد، ولما تم لسعد الاستعداد انتشب القتال بينه وبين عدوه وانتهى بفل جموع الفرس وفتح القادسية وأقام فيها بعد الفتح شهرين وكتب للخليفة فيما يفعل فكتب إليه يأمره بالمسير إلى المدائن فسار إليها لأيام بقين من شوال سنة 15 أو سنة 16 وفتح في طريقه بابل ثم دخل المدائن وهي عاصمة الأكاسرة بعد حصار شهرين وهرب منها كسرى لحلوان فغنم المسلمون من ذخائر كسرى وأموال الفرس ما لا يعد وجعل سعد إيوان كسرى مسجداً. وموقع المدائن على دجلة من الجنوب الغربي من بغداد ولم يبقَ غربي دجلة إلا أرض العرب وكلهم آمنوا واغتبطوا بملك الإِسلام ثم أرسل جيشاً بقيادة ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى حلوان وفتحها بعد أن فر كسرى منها إلى الري وفي أثناء إقامة سعد بالمدائن وقع فتح تكريت والموصل ثم تحول للكوفة بعد أن اختطها بأمر من الخليفة وسنشرح الكلام على تكريت عند التعرض لفتح الجزيرة ثم وقع فتح الأهواز وسوس وتُسْتَر. والأهواز اسم ولاية واقعة بين ولاية البصرة وولاية فارس وكان بها الهرمزان وهو أحد البيوتات السبعة في أهل فارس وكن شهد القادسية مع الفرس فانهزم بهزيمتهم فجاء إلى الأهواء فتولى أمرها وكانت وقعت منه عهود أثناء وقائع تقدمت فنقضها ولما وقع فتح الأهواز طلب الهرمزان الأمان على أن ينزل من القلعة التي اعتصم بها على حكم أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فنزل على حكم ذلك واقتسموا ما أفاء الله عليهم

فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف وقتل في وقعة الأهواز جمع من المسلمين فيهم البراء بن مالك ومجزاة بن ثور قتلهما الهرمزان بيده وسنذكر ما آل إليه أمر الهرمزان إن شاء الله بعد. ثم وقع فتح جندي سابور بعد أن حاصرها زرّ بن عبد الله بن كليب. ثم إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه اهتم بفتح بقية ممالك الفرس فأعد لذلك العدة وقسم الجيوش والأمراء، فأمر أبا موسى الأشعري أن يسير من البصرة وبعث ألوية مع سهيل بن عدي فقدم بها، ودفع لواء خراسان إلى الأحنف بن قيس، ولواء سابور إلى مجاشع بن مسعود السلمي، ولواء إصطخر إلى عثمان بن العاص الثقفي، ولواء نهاوند إلى سارية بن زنيم الكناني، ولواء كرمان إلى الحكم بن عمير التغلبي، وسارت هاته الجيوش كل جيش إلى وجهته بعد أن أمدهم بإمدادات. وفي غضون خمس سنين تم الفتح الأعظم من بلاد فارس الشرقية والغربية صلحاً وحرباً فبلغت ولاية أذربيجان شمالاً وسجستان من ولاية أفغانستان ومكران من ولاية السند شرقاً وبحراً الهند وخليج فارس جنوباً وكردستان والجزيرة غرباً، واختلف في فتح خراسان هل كان في خلافة عمر أو عثمان رضي الله عنهما، وكانت وقعة نهاوند أعظم الوقائع وأحسن فتح وفيها من القواد العظام وزعماء العرب جماعة منهم حذيفة بن اليمان وأميرهم البطل الجليل النعمان بن مقرن المزني، وكان فتحها بعد حصار طويل، وممن قتل في هاته الوقعة طليحة الأسدي وعمرو بن معدي كرب الزبيدي، ودخل الجيش المدينة بعد هزيمة الفرس واحتووا على ما فيها وجمعوا الأسلاب إلى أمين المال السائب بن الأقرع وجاءهم الهربذ صاحب بيت النار مستأمناً ودلهم على ذخيرة لكسرى كانت عنده على شرط أن يعطوه الأمان على نفسه وعلى مَن شاء فأعطاه حذيفة بن اليمان فأخرج له تلك الذخيرة التي كان أعدها لنوائب الزمان، فأجمع رأي المسلمين على رفعها لعمر رضي الله عنه. ولما تم الفتح طلب الفرس الأمان وأجيبوا لذلك على شروط منها: إرشاد ابن السبيل وإصلاح الطرق، وقسم حذيفة الغنائم فكان سهم الفارس ستة آلاف وسهم الرجل ألفين ورفع ما بقي من الأخماس إلى السائب بن الأقرع وهو خرج بها إلى عمر رضي الله عنه مع ذخيرة كسرى، وتقدم الرسول بخبر الفتح وهو طريف بن سهم أخو بني ربيعة وكان عمر ينتظر أخبار نهاوند فلما جاء وأخبره خبر الفتح واستشهاد النعمان رضي الله عنه بكى حتى اخضلت لحيته وترحّم على النعمان وكان رضي الله عنه رقيق القلب محباً للمسلمين حريصاً على حياة القواد ويحزن حزناً شديداً إذا أصيب أحد منهم، ثم وصل السائب بالأخماس فوضعت بالمسجد وأمر

رجوع إلى خبر الهرمزان

عمر نفراً من أصحابه منهم عبد الرحمن بن عوف بالمبيت فيه ودخل منزله فاتبعه السائب بالسفطين وهي جوهر ثمين وأخبره خبرهما وأن الناس رضوا بأن يكونا له. فقال له عمر: يا مُليكة والله ما دروا هذا ولا أنت معهم فالنجاء النجاء عودك على بدئك حتى تأتي حذيفة فيقسمهما على من أفاءهما الله عليه. فأقبل راجعاً حتى انتهى إلى حذيفة فباعهما فأصاب أربعة آلاف ألف (أربعة ملايين) وذلك غاية في عفة عمر رضي الله عنه. قلت: وأخلاقه رضي الله عنه كأخلاق الأنبياء عليهم السلام الذين استهانوا بالدنيا ومتاعها وفي قصة الهرمزان الآتية قريباً ما يصدق ذلك، فإنه لما رأى عمر رضي الله عنه ورأى ما رأى من أخلاقه قال: إن عمر ينبغي أن يكون نبياً. فقالوا: ليس بنبي ولكنه يعمل عمل الأنبياء. فقد بان لك من تلك المقالة أخلاق هذا الخليفة العظيم الذي دوّخ ملك فارس والروم وأرهبت سطوته الأمم وامتد ظل سلطانه إلى حدود الهند شرقاً وإفريقية الشمالية غرباً ومنحه الله هذا الملك العريض والسلطان ومع هذا فإنه لا يرضى لنفسه منزلة فوق منزلة الناس حتى من أدنى رعاياه وإن هذا لهو العدل الذي ليس فوقه عدل، فبمثل ذلك عظم قدره وشاع ذكره وملأ الأذهان خبره حتى عده المؤرخون من أعظم رجال الإِسلام وحتى أننا لنفخر به على ملوك الأرض رضي الله عنه وأرضاه. رجوع إلى خبر الهرمزان تقدم أن الهرمزان نزل من القلعة التي تحصن بها بامان على حكم أمير المؤمنين وبعد نزوله أوفد أبو سبرة إلى المدينة وفداً فيهم أنس بن مالك والأحنف بن قيس ومعهم الهرمزان فلما اقتربوا من المدينة ألبسوه حلته الملوكية وتاجه، ودخلوا به المدينة ليراه المسلمون على هاته الصفة وانطلقوا إلى المسجد يطلبون أمير المؤمنين فوجدوه نائماً في ميمنة المسجد متوسداً برنسه فجلسوا دونه وليس في المسجد غيره فقال الهرمزان: أين عمر؟ فقالوا: هو ذا. فقال: أين حرسه وحجابه؟ فقالوا: ليس له حارس ولا حاجب ولا ديوان، فقال: ينبغي أن يكون نبياً، فقالوا: يعمل عمل الأنبياء، وكثر الناس فاستيقظ عمر بالجلبة فاستوى جالساً ثم نظر إلى الهرمزان فقال: الهرمزان؟ فقال: نعم، فتأمله وتأمل ما عليه وقال: الحمد لله الذي أذل بالإِسلام هذا، يا معشر المسلمين تمسكوا بهذا الدين واهتدوا بهدي نبيكم ولا تبطرنكم الدنيا فإنها غرّارة. هيه يا هرمزان كيف رأيت وبال الغدر وعاقبة أمر الله. فقال: يا عمر، إنا وإياكم في الجاهلية كان الله قد خلّى بيننا وبينكم فغلبناكم إذ لم

فتح الجزيرة

يكن معنا ولا معكم فلما كان معكم غلبتمونا. فقال عمر: إنما غلبتمونا في الجاهلية باجتماعكم وتفرقنا. وحاصله أن استقلال الأمم وتفرقها تابع لاجتماع الكلمة وتفرقها. فتح الجزيرة وهي القسم الشمالي من الأرض الواقعة بين الفرات ودجلة والجنوبي منها هو العراق العربي وكلاهما كان من منازل العرب من بكر وربيعة ومضر وكان رحيل العرب لهذه البلاد من أزمنة متطاولة قيل إنها تمتد إلى ما بعد سيل العرم وقاعدة الجزيرة الموصل وكان فتحها وفتح تكريت على يد عبد الله بن المعتم وربعي بن الأفكل وكان بعثهما سعد بن أبي وقاص من العراق وقيل بل كان فتح الموصل على يد عياض بن غنم الفهري القرشي لما فتح الجزيرة سنة 18 وهو من أكبر الفاتحين وأبو عبيدة بن الجراح بن عمه وهو أمير الجيوش ولما توفي أبو عبيدة في طاعون عمواس في السنة 18 تولى عياض عمل أبي عبيدة وهو حمص وقنسرين وأضاف إليه عمر الجزيرة وأمره بفتحها ففتحها. ولحاصل أن فتحها قيل كان من قبل سعد وهو بالراق وقيل من قبل أبي عبيدة وبلغ عياض في الفتح بادية الشام غرباً وأرمينيا وكردستان شرقاً وتوفي سنة 20. ولما تم الفتح صلحاً كتب لأهل الرها بذلك ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب عياض بن غنم لأسقف الرها أنكم إن فتحتم لي باب المدينة على أن تؤدوا إلى على كل رجل ديناراً ومدي قمح فأنتم آمنون على أنفسكم وأموالكم ومن تبعكم وعليكم إرشاد الضال وإصلاح الجسور والطرق ونصيحة المسلم. شهد الله وكفى بالله شهيداً. فتح مصر وبرقة كان عمرو بن العاص رضي الله عنه شديد التطلع إلى مصر راغباً فتحها لأنه جاءها مرة في الجاهلية ورأى من ثروة أهلها وسهولة أمرها ما أطمعه في فتحها فلما قدم الخليفة عمر رضي الله عنه الجابية في سنة 18 اختلى به وفاتحه بما في نفسه وهوّن عليه أمر مصر ورغب إليه أن يوليه فتحها فتردد عمر رضي الله عنه في الأمر لأن جيوشه متفرقة في الشام والجزيرة وفارس تكافح دولة الفرس والروم فما زال به عمرو حتى استرضاه وأذن له بقصدها وجهز معه أربعة آلاف فارس كلهم من عك وقال له سر وأنا مستخير الله في مسيرك ثم أمده بأربعة آلاف ثم بأربعة آلاف آخرين وكتب إليه إني قد أمددتك بأربعة آلاف رجل منهم رجال مقام الألف الزبير بن العوام

والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد وإن معك اثني عشر ألفًا ولا تغلب اثنا عشر ألفًا من قلة وكان القبط في مصر يكرهون سيادة الروم ويودون التخلص منها ولو بسيادة المسلمين فلما بلغ عمرو مصر وظفر بجنود الروم تواطأ على صلحه المقوقس مع قومه وصالحوه على شيء معلوم وبعد أن تم الصلح شخص عمرو بجنده إلى الإسكندرية وكان فيها جمع كثيف من الروم فحاصرها مدة طويلة ثم أخذها عنوة وكتب بالفتح إلى عمر واستقرت قدمه في البلاد فأخذ في تنظيم شؤونها وترتيب خراجها وتقرير أسباب الراحة والأمان بين أهلها وما زال والياً عليها حتى عزله عثمان بن عفان رضي الله عنه وستأتي ترجمة هذا الفاتح العظيم. وزبدة القول في هذا الفتح أن المقوقس لما أحس بالغلبة فرّ بجنده من حصنه بعد حصار شديد إلى منف وبعث لعمرو كتاباً طالباً فيه توجيه رجال ليكون الاتفاق على يدهم فأرسل عمرو كتاباً مع عشرة نفر رئيسهم عبادة بن الصامت وكان هائل المنظر أسود اللون طوله عشرة أشبار فتقدم إليه عبادة في صدر أصحابه فهابه المقوقس وطلب تقديم غيره فأجابوا أن هذا الأسود أفضلنا رأياً وعلماً وهو سيدنا وخيرنا ونرجع جميعاً إلى قوله ورأيه وقد أمر الأمير أن لا نخالف له فقال المقوقس لعبادة تقدم وتكلم برفق فألقى عبادة خطبة أتى فيها على المراد بأفصح عبارة وألطف إشارة ولما انتهى كلامه قال المقوقس لمن حوله بلغتهم ما سمعت مثل كلام هذا الرجل قط لقد هبت منظره وإن قوله لأهيب. ثم قال له عبادة: بيننا وبينك خصلة من ثلاث خصال فاختر أيها شئت ولا تطمع نفسك في الباطل، بذلك أمرني الأمير وبها أمره أمير المؤمنين وهو عهد رسول الله من قبل إلينا: أما الإسلام الذي هو الدين القيم الذي لا يقبل الله غيره وهو دين أنبيائه ورسله وملائكته، أمر الله أن نقاتل من غالبه ورغب عنه حتى يدخل فيه فإن فعل كان له ما لنا وعليه ما علينا وكان أخانا في دين الله فإن قبلت أنت وأصحابك فقد سعدتم في الدنيا والآخرة ورجعنا عن قتالكم ولم نستحل أذاكم ولا التعرض لكم وإن أبيتم إلا الجزية فأدوها إلينا وأن نعاملكم على شيء نرضى به نحن وأنتم في كل عام أبدًا ما بقينا وبقيتم وأن نقاتل عنكم من ناوأكم وعرض لكم في شيء من أرضكم ودمائكم وأموالكم ونقوم بذلك عنكم إن كنتم في ذمتنا وكان لكم به عهد علينا وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا المحاكمة بالسيف حتى نموت عن آخرنا أو نصيب ما نريد منكم هذا ديننا ولا يجوز لنا غيره فانظروا لأنفسكم. وبعد محاورات دارت في النازلة تركنا ذكرها اختصاراً، قال المقوقس: أعلم أميرك أني لا أزال حريصاً على إجابتكم إلى خصلة من تلك الخصال وإني أريد أن نجتمع به مع جماعة من أصحابي فإن استقام الأمر بيننا تمّ

تنبيه

وإلا رجعنا إلى ما كنا عليه. ثم اجتمع عمرو بالمقوقس وكتبوا الصلح بأن يعطوا الأمان للمصريين وهم يدفعون الجزية. ولما استتب لعمرو الأمر بمصر صار إلى برقة وتسمى قديماً أنطابلس وهي واقعة بين مصر وطرابلس الغرب ومن فرضها الشهيرة بنغازي فصالحه أهلها على الجزية وصار إلى طرابلس الغرب ففتحها وكتب إلى الخليفة عمر رضي الله عنه: أما بعد، إنا قد بلغنا طرابلس وبينها وبين إفريقية تسعة أيام فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لنا في غزوها فعل. فنهاه عمر وولى على برقة عقبة بن نافع الفهري. هاته خلاصة أخبار هذا الفتح في خلافة عمر رضي الله عنه. تنبيه: اعلم أن العرب أمة حربية قل أن يماثلها في ذلك العصر شعب من الشعوب في الشجاعة والإقدام والتعود على أساليب القتال لدأب أفرادها منذ نعومة الأظفار على الفروسية وتعلم فنون الحرب وائتلافهم للقتال وحبهم للغارة التي تقتضيها حالهم الاجتماعية وعوائدهم البدوية إلا أنه كانت تنقصهم الجامعة والعدة أي آلات الحرب فكانوا مع كونهم أمة واحدة من جنس واحد قبائل متفرقة الأهواء والمنازع يقاتل بعضهم بعضاً ويثب بعضهم على بعض ولم يكن عندهم من آلات الحرب والقتال وأنواع السلاح إلا الرمح والسيف والدرع والسهم ولم يكن لعامتهم حظ بالجيد من أنواع هذا السلاح لفقرهم وربما كان أجودهم سلاحاً أهل اليمن لخصب أرضهم وتقدم بلادهم في الحضارة وعراقتهم في الملك من عصور التبابعة ولذلك كان الفرس في واقعة القادسية يشبهون سهام العرب بالمغازل لدقتها وسذاجة صنعها، ولما جاء الإسلام جمع هذه الأمة على كلمته وضم قبائلها إلى رايته فلم يلبثوا أن دبّ فيهم روح الاجتماع وشعروا بالحاجة إلى الطاعة والانقياد والتكاتف والاتحاد وكان من ذلك أن خضدوا شوكة الدولتين فارس والروم لما دفعهم أبو بكر وعمر إلى قتال الأمم وفتح الممالك وأظهروا في قتال جنود الدولتين من التفنن في أساليب الحرب والتعود على الطعن والضرب ما رأيت فيما تقدم مما جعل النصر حليفهم والقوة رائدهم في كل مكان. فمن ذلك أنهم كانوا لا يقتحمون جنداً ولا يمعنون في داخل البلاد ما لم يجعلوا وراءهم ردءاً أي مدداً يحمي ظهورهم ويؤمن طريق الرجعة ولا يمكن العدو من أن يقطع على موادهم. ومنها أنهم كانوا لا يحاصرون مدينة ما لم يقطعوا عنها طرق المواصلة مع جيش العدو.

ومنها أنهم كانوا يبدأون العدو بالقتال في أطراف بلاده التي تلي البادية حتى إذا أصابتهم هزيمة تكون جزيرة العرب من ورائهم فلا يسع جيش العدو تتبع أثرهم واقتحام صحارى بلادهم. ومنها براعتهم في إقامة خطوط الدفاع على طول البلاد إذا أراد مهاجمتها العدو. ومنها اليقظة الدائمة لحركات العدو والاستعداد لصد غاراته. ومنها توهينهم قوة العدو بإشغال جيوشه بالحرب عن أن يمد بعضها بعضاً عند الحاجة. هذا وأشباهه من مكائد الحرب التي مرّ ذكرها في غضون أخبار الفتح كما تدل على براعة القواد المسلمين يومئذ، وتفوقهم في أساليب الحرب وأصول القيادة على قواد جيوش الروم والفرس لا سيما الخليفة عمر رضي الله عنه الذي كان مع بعده عن مواقف القتال يصدر أوامره إلى القواد في الأعمال الحربية وكيفية الهجوم والدفاع على وجه يدل على أنه من أعاظم قواد الجيوش في العالم، هذا فضلاً عما كان يوصي به القواد من الرفق وحسن المعاملة مع المغلوبين وعدم التسلط بالإيذاء عليهم وبدوام اليقظة والسهر والرفق بجيوش المسلمين وعدم إلقائهم في المهالك والترتيب في الحرب والتبصر في أمور القتال إلى غير ذلك. وأما تعبية العرب للجيوش في إبان الفتح الذي مر ذكره في هذا الكتاب فقد بلغ الغاية في الترتيب وحسن النظام والانتظام، ولنذكر لك كيفية تعبيتهم للجيوش في وقائعهم الشهيرة وهي وقعة اليرموك ووقعة القادسية ومنهما تظهر لك مرتبتهم في فنون الحرب ومكانهم من البصيرة في تعبئة الجيوش التي تشبهها من كل الوجوه تعبئة الجيوش في هذا العصر كالطلائع والمجردات (الكشاف) والميمنة والميسرة (الجناحين) والقلب والساقة والردء والمدد والرجل (المشاة) والركبان (الفرسان) وكان الغالب على العرب قبل الإسلام حب المبارزة والمهاجمة عند الالتقاء مع العدو وصاروا في الإسلام يفضلون الزحف صفوفاً (كراديس) لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)} وكان الأمراء والقواد يتفاوتون في المراتب فمنهم الأمير العام (المشير الآن) ويليه خليفته (الفريق الآن) ويليهما أمراء التعبئة كأمير الميمنة والميسرة والقلب وغيره (وهم الألوية الآن) ويليهم خلفاؤهم (الأمير الآيات الآن) ويليهم أمراء الكراديس (الصفوف) ويليهم العرفاء وأمراء الأعشار (الجاويش والنقباء) ولعلهم رؤساء المائة. وفضلاً عن هذا

فقد كان يكون مع الجيش الرائد يرتاد المواضع الموافقة لنزول الجيش والقاضي وأمير الأقباض الذي ينتهي إليه حفظ الغنائم وقسمة الفيء والترجمان والكاتب والأطباء لمداواة الجرحى. روى الطبري في تاريخه أن خالد بن الوليد عبى جيش المسلمين يوم اليرموك تعبئة لم تعب العرب مثلها فجعل القلب كراديس وأقام فيه أبا عبيدة وجحل الميمنة كراديس وجعل عليها عمرو بن العاص وفيها شرحبيل ابن حسنة وجعل الميسرة كراديس وجعل عليها يزيد بن أبي سفيان وجعل على كل كردوس من هذه الكراديس قائداً فجعل القعقاع عمرو على كردوس من كراديس أهل العراق ومذعوراً بن عدي على كردوس وجعل غير هذين بضعة وثلاثين قائداً كل قائد على كردوس منهم عياض بن غنم القرشي وحبيب بن مسلمة القرشي وسهيل بن عمرو القرشي وعكرمة بن أبي جهل القرشي في عدة مثلهم من قريش، وأما من كان من غير قريش فمنهم ذو الكلاع الحميري والسمط بن الأسود الكندي وضرار بن الأزور الأسدي وأضرابهم من صناديد العرب وكان القاضي أبو الدرداء وابن مسعود على الاقباض وكان أبو سفيان يسير فيقف على الكراديس ويحرض المسلمين على القتال. هكذا كانت تعبئة جيش اليرموك. وأما القادسية فكانت أحسن من ذلك وأرقى نظاماً وترتيباً فقد ذكر الطبري أن سعد بن أبي وقاص قدر الناس وعبأهم كما أمره عمر رضي الله عنه فأمّر أمراء الأجناد وعرّف العرفاء على كل عشرة رجلاً كما كانت العرافات أزمان النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الطبري: وكذلك كانت إلى أن فرض العطاء وأمر على الرايات رجالاً من أهل السابقة وعشر الناس وأمر على الأعشار رجالاً من الناس لهم وسائل في الإِسلام وولى الحرب رجالاً فولى على مقدماتها ومجنباتها وساقتها ومجرداتها وطلائعها ورجلها وركبانها فلم يفصل (أي من شراف) إلا بتعبئة فأما أمراء التعبئة فاستعمل زهرة بن عبد الله بن قتادة الحوية من ملوك هجر فقدمه ففصل بالمقدمات من شراف حتى انتهى إلى العذيب واستعمل على الميمنة عبد الله بن المعتم واستعمل على الميسرة شرحبيل بن السمط الكندي وكان غلاماً شاباً وكان قاتل أهل الردة فعرف ذلك له وجعل خليفته خالد بن عُرْفُطة وجعل عاصم بن عامر التميمي على الساقة وسواد بن مالك التميمي على الطلائع وسلمان بن ربيعة الباهلي على المجردة وعلى الرجل حمال بن مالك الأسدي وعلى الركبان عبد الله بن ذي السهمين الخثعمي فكان أمراء التعبئة يلون الأمير - أي بعده في المرتبة - والذين يلون أمراء التعبئة أمراء الأعشار والذين يلون أمراء الأعشار أصحاب الرايات والذين يلون أصحاب الرايات

أولياته - فمنها كتابة التاريخ الهجري

والقواد رؤوس القبائل. قال الطبري. وبعث عمر رضي الله عنه الأطباء وجعل على قضاء الناس عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي ذا النور وجعل إليه الاقباض وقسمة الفيء وجعل داعيتهم ورائدهم سلمان الفارسي والترجمان هلال الهجري والكاتب زياد بن أبي سفيان. وبالجملة فإن تعبئة الجيش على عهد عمر رضي الله عنه كانت وافية بالغرض من كل الوجوه وصرف العناية في كل ما يعود بالقوة والعز على المسلمين، ويرفع شأن الخلافة ويضاف إليه براعة القواد المسلمين وتفوقهم في أساليب الحرب واعتقاد المسلمين بالنعيم الأخروي الذي كان يحبب إليهم الموت في ميادين الحرب ونيل الشهادة بين صفوف الأعداء وصبرهم على المكاره وتحملهم لشظف العيش، ورضاهم بالكفاف من القوت، واستخفافهم بجنود الأعداء قلوا أو كثروا واعتقادهم بالحصول على النصر الذي وعدهم الله به إذا نصروا الحق وعدلوا بين الناس. وهذا من أهم الأسباب التي رجحت جانب المسلمين على جانب الأعداء، ومهدت طرق الغلبة بجيوش من العرب والذي وفر هذه الأسباب إنما هو اجتماع العرب بعد التفرق واتحادهم على كلمة الإِسلام بعد التخاذل والانقسام. أولياته - فمنها كتابة التاريخ الهجري لم يكن للعرب قبل الإِسلام تاريخ يؤرخون به إلا الحوادث الشهيرة عندهم فإنها كانت بمثابة التاريخ فكانوا يقولون حدث ذلك في عام الفيل مثلاً وولد فلان بعد عام الفجار بكذا وهلم جراً واستمر ذلك في الإِسلام إلى مضي سنتين ونصف من خلافة عمر رضي الله عنه فرأى لزوم وضع التاريخ لضبط الحوادث حيث انتشر الإِسلام وكثر الفتح ومست الحاجة لضبط الشؤون والأعمال في الحكومة الإِسلامية، فجمع الصحابة واستشارهم في ذلك وسألهم من أي يوم نكتب التاريخ؟ فأشار عليه علي رضي الله عنه بأن يجعل التاريخ من السنة التي هاجر فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ففعل. ومنها: تدوين الدواوين وفرض العطاء من البديهي أن حاجات الدولة تترقى بترقي العمران وامتداد السلطان وقد كانت دولة الإِسلام في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر في مبادئ الظهور وعدم اتساع السلطان ولم يكن لها من الدخل والخرج إلا الصدقة التي كانت تؤخذ من الأغنياء وترد على الفقراء، وأما المغانم والفيء فكانت قليلة لم تحوج أخماسها

التي يبعث بها إلى المدينة إلى صرت العناية في ترتيب الشؤون الإدارية على أصول الدول المترقية يومئذ كفارس والروم. وإنما كانت العناية منصرفة إلى الشؤون الحربية والفنون العسكرية، ولما توسع المسلمون في الفتح انتشروا في الممالك وكثرت موارد الدولة وتبسطت في مناحي العمران وأخذ يزداد الفيء من الخراج والجزية زيادة لا طاقة للخليفة وأمرائه بضبطها, ولا قبل لهم بإحصاء مستحقيها، وتوزيع الأعطيات (المرتبات) على أربابها بالعدل إلا بضبطها وترتيبها على أصول ثابتة وقيدها في قيود خاصة. دعا عمر رضي الله عنه الصحابة واستشارهم في تدوين الديوان، وحيث كانت النتيجة الموافقة على رأيه دعا عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم وكانوا من نبهاء قريش فأمرهم بتدوين الديوان ففعلوا. والديوان هو الدفتر أو مجتمع الصحف والكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية كما في القاموس، وتوسعوا بمسماه فأطلقوه على كل دفاتر الحكومة الإدارية وغيرها ثم على المكان الذي يكون فيه الديوان فسموه ديواناً. ومنها ترتيب العمال وتقسيم الولايات، ومنها اتخاذ دار الدقيق يعين به المنقطع، ومنها توسعة المسجد النبوي، ومنها ضرب النقود. كان العرب قبل الإِسلام تتعامل بالنقود الفارسية والرومية من الدراهم واستمر ذلك إلى صدر من خلافة عمر فلما كانت سنة 15 هجرية ضرب عمر الدراهم على نقش الكسروية وشكلها، غير أنه زاد في بعضها الحمد لله. وفي بعضها محمد رسول الله وجعلها كل عشرة دراهم بزنة سبعة مثاقيل ذكر ذلك المقريزي في النقود الإِسلامية، ولم يضرب رضي الله عنه الدينار وضربُه إنما كان على عهد عبد الملك بن مروان. ومنها اتخاذ بيت المال، ومنها قيام شهر رمضان، ومنها العقاب على الهجاء، ومنها الجلد في الخمر ثمانين، ومنها وضع البريد وهو اسم للمسافة التي بين كل محطة من محطات البريد وهي أربعة فراسخ أو اثنا عشر ميلاً ثم أطلق على حامل الرسائل وتوسعوا فيه الآن فأطلقوه على أكياس البريد وأصله من وضع الفرس في القرن الخامس قبل الميلاد ثم استعمله الرومان وغيرهم من الأمم ثم استعمل في الإِسلام وأول من استعمله عمر رضي الله عنه، ثم إن معاوية بن أبي سفيان رتبه على أصول مرعوفة ووضع له الخيل وأقام له المحطات، ومنها جمع الناس في صلاة الجنائز، ومنها تمصير الأمصار، ومنها التسمية بأمير المؤمنين، ومنها إقامة الجسور والطرق وحفر الترع وإرشاد الضال. في صحيحي البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له" أي رضي فعله وقبله منه وأثنى عليه. وفي صحيح مسلم

قضاؤه

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قلت: يا نبي الله علمني شيئاً أنتفع به، قال: "اعزل الأذى عن طريق المسلمين" الأبيّ: عزل الأذى عن الطريق من شعب الإيمان, ويلحق بالشوك كل مؤذ من حجر يعثر به أو جيفة أو قذر أو غير ذلك ويدخل فيه كل من أدخل نفعاً على المسلمين أو أزال عنهم ضرراً لأن ذلك من النصيحة الواجبة للمسلمين بعضهم على بعض التي بايع النبي - صلى الله عليه وسلم -أصحابه على النصح لكل مسلم في حضرته وغيبته فيما يرجع لدينه ودنياه اهـ ومنها إقامته والياً للحسبة ومنها استقضاء القضاة في الأمصار. قضاؤه كان رضي الله عنه يتولى القضاء بنفسه وينيب غيره لما هو معروف من أن القضاء في الإِسلام وظيفة من وظائف الإِمام له أن يتولاها بنفسه وأن ينيب بها عند الحاجة غيره؛ وكان تحريه للعدالة في انتخاب القضاة كتحريه في انتخاب الولاة لا يراعي في كليهما إلا الأهلية والاستعداد والتقوى والعدل ويعلم أن إثم الظالم إذا ظلم على موليه، فقد أخرج ابن الجوزي في المناقب عن عبد الملك بن عمير قال: قال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه: من استعمل رجلاً لمودة أو لقرابة لا يستعمله إلا لذلك فقد خان الله ورسوله والمؤمنين. وكما كان يتحرى في انتقاء العمال والقضاة التقوى والعدالة يتحرى العلم والمعرفة والذكاء وكان لا يحب تعجيل الفصل في الخصومة رجاء أن يصطلح الخصمان وتمحى آثار الضغائن من النفوس. ففي كنز العمال عنه رضي الله عنه أنه قال: رددوا الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل الخصومة يورث الضغائن بين الناس. كتابه في القضاء إلى أبي موسى الأشعري اعلم أن الخلافة نيابة عن صاحب الشرع في حفظ الدين وسياسة الدنيا. فصاحب الشرع يتصرف في الأمرين: أما في الدين فبمقتضى التكاليف الشرعية التي هو مأمور بتبليغها وحمل الناس عليها؛ وأما في سياسة الدنيا فبمقتضى رعايته لمصالحهم في العمران البشرى وهو ضروري للبشر وأن رعايته مصالحه كذلك لئلا يفسد إن أهملت. وتصرفه الديني يختص بخطط ومراتب لا تعرف إلا للخلفاء الإِسلاميين، منها: الصلاة والقضاء والجهاد والحسبة. وأول خليفة دفع القضاء لغيره وفوضه فيه عمر رضي الله عنه فولى أبا الدرداء معه بالمدينة وولى شريحاً بالبصرة وكبت إليه كتاباً تركنا إيراده هنا اختصاراً وولى أبا موسى الأشعري بالكوفة وكتب له الكتاب المشهور الذي تدور عليه أحكام القضاء ونصه:

أما بعد: فإن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة، فافهم إذا أدلى إليك، وانفذ إذا تبين لك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له، وسوّ بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك، البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرّم حلالاً، ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس وراجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع عنه إلى الحق فإن الحق قائم ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم الفهم عند ما يتلجلج في صدرك ما ليس في كتاب ولا سنة اعرف الأمثال والأشباه وقس الأمور عند ذلك ثم اعمد إلى أحبها إلى الله وأشبهها بالحق فيما ترى، واجعل لمن ادعى حقاً غائباً أو بينة أمداً ينتهي إليه فإن أحضر بينته أخذت له بحقه وإلا وجهت عليه القضاء فإن ذلك أنفى للشك وأجلى للعمى وأبلغ للعذر، المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلوداً في حد أو مجرباً عليه شهادة زور أو ظنيناً في ولاء أو قرابة فإن الله سبحانه قد تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالشبهات، وإياك القلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر للخصوم في مواطن الحق التي يوجب الله بها الأجر ويحسن بها الذخر فإنه مَن يخلص نيته فيما بينه وبين الله تعالى ولو على نفسه يكفه الله ما بينه وبين الناس ومَن تزين للناس بما يعلم الله خلافه هتك الله ستره وأبدى فعله. اهـ بعد التحري. وقد نقل هذا الكتاب غير واحد منهم ابن خلدون والتسولي والبيان والتبيين. وله رضي الله عنه كتب كثيرة بارعة وخطب عزيزة غزيرة نافعة تركنا ذكرها اختصاراً. إلى هنا انتهى ما أردت إيراده من أخبار عمر رضي الله عنه. ومنها تعلم كيف كان هذا الرجل العظيم والشهم الهمام الفخيم فيتمثل لك في صورة من النور وجسم من الفضيلة والكمال وعلم من أعلام الرجال الذين تفتخر بحياتهم الأمم ويقتدي بسيرتهم أرباب الهمم، فالجد والصبر والثبات والجلد والقوة والعدل والتقوى والتواضع والرفق والحلم والبصيرة والرأي كلها أخلاق قلّ أن تجتمع في عدد عديد من الرجال وقد اجتمعت في عمر بن الخطاب وكل أخلاقه تكاد تكون فطرية لا يظهر عليها شيء من التصنع والتكلف وأخباره كثيرة لا يمكن استقصاؤها. وكانت فيه خلال رضي الله عنه جعلت الأمة تحبه فقد عرفوا منه قبل كل شيء أنه فنى في مصلحة أمته لا يهمه في أمر نفسه شيء إلا أن يكون مع الله في جميع أمره لا يرى لنفسه حقاً أن يتمتع في هذه الدنيا بأكثر مما يتمتع به أفقر رجل من

وفاته رضي الله عنه

أمته، تجد ذلك في مأكله وملبسه ومشربه، ثم عرفوا منه أنه للعامة قبل الخاصة يكل هؤلاء إلى ما لهم من الحول والحيلة في الحياة الدنيا ويقبل على عامة الناس وضعفتهم فيقويهم ويسودهم وينظر في صغار أمورهم وكبارها, لا يبالي بما يصيبه من تعب الجسم فيما هو بسببه، لذلك كانت قوة الأمة معه، وعرفوا منه أيضاً خلالاً أدّبه فيها القرآن وهي: الحق والعدل والصدق والصبر على البأساء والضراء والوفاء بالعهد وهي صفات تحلّى بها عمر رضي الله عنه فأتعب من بعده، وكان من أخص صفاته الجد المصحوب بالحزم مع التأني في الأمور والاستشارة في جليلها وصغيرها, لهذا من تتبع سيرته لا يراه فشل في أمر من الأمور، من ذلك الفتح العظيم الذي كان على عهده الذي توفق إليه صاحبه من أول عهده بالخلافة إلى وفاته. وسبب هذا التوفيق هو الجد والحزم وعدم التردد في الأمر وتمحيص الأشياء، شأن كل رجل عظيم يريد ما يقول وينال ما يريد، ولو بحثنا في التواريخ القديمة والحديثة لوجدنا في كل أمة رجلاً أو رجالاً من رجال السياسة والحرب تفتخر بهم لكن ليس من هؤلاء الرجال من اجتمعت فيهم الخصال السامية والأخلاق الحميدة التي اجتمعت في عمر رضي الله عنه. نعم إن من مشهوري الرجال رجالاً أسسوا ملكاً عظيماً أوسع من ملك عمر وافتتحوا من الممالك ما لم يفتحه ونالوا من السيادة على الشعوب الكثير فوق ما نال، لكن هل كان منهم مَن كان كعمر جباراً غير ظالم كريماً غير مسرف عادلاً لا عن ضعف شجاعاً غير متهور قنوعاً غير شره زاهداً بغير تصنع حليماً من غير جبن تقياً غير متنطع؟ كلا لا سيما إذا نشأ بين قوم كقومه حالهم من البداوة معروف. والحاصل أن التاريخ حكم عدل وقد جاء تاريخ عمر حافلاً بالخصال الحميدة والأمور الجسام التي جعلته سابقاً على كل من أتى بعده وجعلت كبار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشعرون بأن الإِسلام فقد بفقده أثبت أركانه. وفاته رضي الله عنه استشهد رضي الله عنه من طعنة بخنجر من أبي لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة وقت صلاة الغداة روى المؤرخون أنه شكا إلى عمر ارتفاع الخراج الذي ضربه عليه مولاه المغيرة ورجاه في تخفيفه واختلف المؤرخون في جواب عمر رضي الله عنه فقال بعضهم إنه وعده خيراً وعزم أن يذاكر المغيرة في تخفيف الخراج عنه. وهناك روايات أخرى تختلف في جوهرها عن هذه، ويؤخذ من أقوال المؤرخين أن قتل عمر لم يكن نتيجة حقد الغلام عليه وعدم تخفيف الخراج عليه ولكنه كان نتيجة

مؤامرة سياسية كان أكبر العاملين فيها الهرمزان وجفينة وكعب الأحبار الذين حقدوا على عمر تدويخه لبلادهم مما هو مفصل في التاريخ وقد اصطنعوا أبا لؤلؤة لتنفيذ غرضهم. في العقد الفريد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخلت على عمر في أيام طعنته وهو مضطجع على وسادة من أدم وعنده جماعة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له رجل: ليس عليك بأس، قال: لئن لم يكن على اليوم ليكونن بعد اليوم، وإن للحياة نصيباً من القلب وإن للموت لكربة وقد كنت أحب أن أنجي نفسي وأنجو منكم وما كنت من أمركم إلا كالغريق يرى الحياة فيرجوها ويخشى أن يموت دونها فهو يركض بيديه ورجليه وأشد من الغريق الذي يرى الجنة والنار وهو مشغول ولقد تركت زهرتكم كما هي ما لبستها فأخلقتها وثمرتكم يانعة في أكمامها ما أكلتها وما جنيت ما جنيت إلا لكم وما تركت ورائي درهماً ما عدا ثلاثين أو أربعين درهماً ثم بكى وبكى الناس معه فقلت: أمير المؤمنين أبشر فوالله لقد مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنك راض ومات أبو بكر وهو عنك راض وإن المسلمين راضون عنك، قال رضي الله عنه: المغرور والله مَن غررتموه أما والله لو أن لي ما بين المشرق والمغرب لافتديت به من هول المطمع. وفيه عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما طعن عمر قيل له: أمير المؤمنين لو استخلف قال إن تركتكم فقد ترككم من هو خير مني وان استخلفت فقد استخلف عليكم من هو خير مني ولو كان أبو عبيدة بن الجراح حياً لاستخلفته فإن سألني ربي أقلت سمعت نبيك يقول إنه أمين هذه الأمة ولو كان سالم مولى حذيفة حياً لاستخلفته فإن سألني ربي قلت سمعت نبيك يقول إن سالماً يحب الله حباً لو لم يخفه ما عصاه قيل له لو أنك عهدت إلى عبد الله فإنه أهل في دينه وفضله وقديم إسلامه قال: فحسب آل الخطاب أن يحاسب منهم رجل واحد عن أمة محمد ولوددت أني نجوت من هذا الأمر كفافاً لا لي ولا علي ثم قالوا: يا أمير المؤمنين لو عهدت فقال: كنت أجمعت بعد مقالتي لكم أن أولي رجلاً أمركم أرجو أن يحملكم على الحق وأشار إلى علي بن أبي طالب ثم رأيت أن لا أتحملها حياً ولا ميتاً فعليكم بهؤلاء الرهط الذين قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم من أهل الجنة وذكر السبعة واستثنى من الشورى سعيد بن زيد وقال عن الستة فليختاروا منهم رجلاً فإذا ولوكم والياً فأحسنوا مؤازرته - أي معاونته -.

وصيته لمن يخلفه

وروي أنه لما ثقل قال لابنه عبد الله: ضع خدي على الأرض، فوضعه على الأرض فجعل يقول: ويلي وويل أمي أن لا يغفر لي ربي، ثم مات، ولما توفي صلي عليه في المسجد وحمل على سرير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودفن بجنب أبي بكر وغسله ابنه عبد الرحمن وصلّى عليه صهيب وكان تقدم قبل ذلك علي وعثمان للصلاة عليه فقال عبد الرحمن: لا إله إلا الله ما أحرصكما على الإمرة أما علمتما أن أمير المؤمنين قال: ليصلِّ بالناس صهيب. وفي أسد الغابة روى أبو بكر بن إسماعيل بن محمد بن سعد قال: طعن عمر يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجة سنة 23 ودفن يوم الأحد هلال المحرم سنة 24 وكانت خلافته عشر سنين وخمسة أشهر وواحداً وعشرين يوماً وقال غيره: هذا وهم، توفي لأربع ليال بقيت من ذي الحجة وبويع عثمان يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحجة وكانت ولادته بمكة سنة 37 قبل الهجرة. وصيته لمن يخلفه أخرج ابن الجوزي وغيره من الحفاظ والمحدثين عن ابن عمر أنه قال: دفع إليّ عمر كتاباً فقال: إذا اجتمع الناس على رجل فادفع إليه هذا الكتاب واقرأه مني السلام فإذا فيه أوصى الخليفة من بعدي بتقوى الله وأوصيه بالمهاجرين الأولين الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أن يعرف حقهم ويحفظ لهم كرامتهم وأوصيه بالأنصار خيراً {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} إلى قوله: {الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] أن يقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم وأن يشركوا في الأمر وأوصيه بذمة الله وذمة محمد - صلى الله عليه وسلم - "وهم أهل الذمة" أن يوفي بعهدهم ولا يكلفوا فوق طاقتهم يقاتل من وراءهم "أي يحميهم" اهـ. هكذا كانت حياة هذا الرجل العظيم الطاهر السريرة الذي فتح الممالك ورفع منار الإِسلام وبسط العدل وبثّ روح الجد والنشاط في العرب وأسس لهم ذلك الملك العريض وفلّ بهم جيوش فارس والروم ورباهم على العفاف وكف يد الظلم واحترام العهود والوفاء بالذمة كما أمر به الإِسلام وقررته شريعة محمد عليه الصلاة والسلام سعدت بحياته الرعية ودخل الأمم في طور جديد من الحرية والعدل والأمن والراحة وبلغ به الحرص على ذلك البذار الطيب الذي بذره في المسلمين الذي يدل على الهمة العالية والشيم الطاهرة والأخلاق البارة التي اكتسبها من النبي عليه الصلاة والسلام فكان خير قدوة للمسلمين وذكرى الفخر الخالد لهم بين الناس أجمعين.

الحالة الاجتماعية على عهده

الحالة الاجتماعية على عهده كانت الحالة الاجتماعية على عهد عمر غيرها على عهد أبي بكر رضي الله عنهما إذ توطد على عهد الثاني للمسلمين الملك وشيدت دعائم الدولة وصارت تلك الأمة العربية المشهورة بالانقسام والتفرق والجهل بأمور الدولة والانغماس في الجهالة وسذاجة الفطرة سائسة ملك وربة سطوة ومجد ومقننة قانون وصاحبة دين جعلها أمة تذكر في التاريخ بأنها أعظم الأمم وكانت تلك الحياة العربية والجامعة الملية مع أنها بادية الظهور تنمو بسرعة وتؤذن بانقلاب عظيم يحدث في أنحاء العالم وتهتز له أركان الدول العظمى يومئذ حيث اندفعت هذه الأمة بقوة الجامعة الإِسلامية والاتحاد القومي على أطراف الممالك المجاورة لها وهي فارس والروم على نحو ما تقدم ذكره. ثم خالط العرب تلك الأمم ودال إليهم ذلك الملك العريض ورأوا أبهة الحضارة واستشعروا بلزوم الحالة المدنية للأمم الغالبة وليس لديهم من ذلك إلا الاستعداد الفطري لقبول الخير والشر والشرع الإلهي الذي دعاهم إلى الخروج من ظلمات البداوة فأخذوا بحكم الضرورة يقلدون مجاوريهم في العادات وبدأوا يبارزونهم في مضمار الحياة وكان مطمح نظرهم وأول عملهم بالطبع تقليد مجاوريهم في الأمور الحربية واستعمال آلات القتال الفارسية والرومية ليقابلوا القوة بمثلها ويعدوا لهذه الفتوح عدتها ثم تطرقوا من ذلك إلى الأمور السياسية والإدارية فوضع الخليفة التاريخ ودوّن الدواوين ثم أقبل على ترتيب الولايات وتقسيم الأعمال وانتقاء العمال ثم فرض الأعطيات وقرر مصروف الفيء في غير سرف ولا تقتير ونشر جناح الأمن وأقام ميزان العدل وقرر أصول الجباية بلا إجحاف في حقوق الرعية ولا غبن للدولة فعمّ الرخاء وبدت مظاهر العمران تتجلى في أنحاء المملكة وانهال الغنى والثروة على الفاتحين وخطوا خطى خفيفة إلى ميدان الراحة والنعيم مع الأخذ على الشكائم والتخوشن في المأكل والملبس والتوسط في العيش والقصد في الإنفاق والإمساك عن البذل خوف الأخذ على أيديهم من عمر رضي الله عنه كما أخذ على يد خالد بن الوليد إذ وصل بعشرة آلاف من الدراهم شريفاً من أشراف العرب هذا من وجه ومن وجه آخر فإن عمر رضي الله عنه لم يدع للعرب بعد إذ دفع بهم في غمار الحضارة وقذف بهم في مضمار الحروب وقتاً للإخلاد إلى الراحة والإيواء إلى ظل التنعم والسكون تحت كنف الأمصار بل شغلهم عن ذلك بالفتح وألهاهم بادخار الغنائم عن التمتع بها ريثما يأمن غائلة الأمم المغلوبة وله بهذا مآرب أخرى وهي

فضائل عثمان رضي الله عنه

إشغال العرب بالحرب وزجهم في مضمار الفتح ليأنسوا بأصول الاجتماع والحضارة وتتبدل أخلاقهم الجافية وتزول من نفوسهم أسباب التنافر والانتماء إلى العصبية الداعية إلى الشقاق والفرقة. بسط المسلمون على عهده يد السلطة على الشرق واستفتحوا أغلاق الكنوز وملكوا ما ملكوا من البلاد ومع هذا فلم تأخذهم الدنيا بزخارفها ولم يغرهم الغنى والسلطان بالنعيم ولم يبطرهم المال ولم تخط بهم الحضارة إلا خطى قليلة إلى الأمام فكانوا وسطاً في المعيشة في كل الأمور لأن عمر رضي الله عنه يريدهم على البطء في السير في طريق الترقي ويحملهم على التوسط في العيش فلا يمنعهم منعاً ولا يدفعهم دفعاً اللهم إلا الأمراء والعمال فإنه كان يحملهم على طريقته في التقشف وشظف العيش. وبالجملة فإن الحالة الاجتماعية على عهد عمر رضي الله عنه على حداثة عهد أهلها في تسنم ذرى الارتقاء تمثلها سيرته في قالب الجد والاستقامة والعزيمة وتظهرها لديك في مظهر النهوض إلى ارتقاء قمم المجد التي انتهى إليها المسلمون فيما بعد بسيرهم سيراً حثيثاً مدة تزيد عن جيلين وقفوا بعدها وقفة المستريح من وعثاء السفر الشاق المتلذذ بجني ثمرات الجد والنشاط والعمل وهكذا حتى تغير الحال وانقلب الجد والنشاط إلى فتور وإهمال. فضائل عثمان رضي الله عنه هو الخليفة الثالث أمير المؤمنين سيدنا عثمان بن عفان القرشي الأموي. تقدم ذكر نسبه في صدر المقصد يكنى أبا عمرو وأبا عبد الله لم يختلف في صحة خلافته وكان من حديثها ما هو مسطر في كتب السنة وغيرها في البخاري في باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان عن عمرو بن ميمون ونص محل الحاجة منه قال: قال عمر رضي الله عنه لابنه عبد الله: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السلام ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميراً وقيل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال: يقرأ عليك عمر بن الخطاب السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي ولأؤثرنه به اليوم على نفسي. فلما أقفل قيل:

هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني، فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك؟ فقال: الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت، قال: الحمد لله ما كان شيء أهم إلى من ذلك فإذا أنا قُبضت فاحملوني ثم سلم فقل: يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت فأدخلوني وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين، وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة واستأذن الرجل فولجت داخلاً لهم "أي مدخلاً كان في الدار" فسمعنا بكاءها من الداخل فقالوا: أوصِ يا أمير المؤمنين استخلف، قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض. فسمى علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعداً وعبد الرحمن وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له فإن أصابت الإمرة سعداً فهو ذلك وإلا فليستعن به أيكم ما أمر فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة. وقال: أوصى الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار خيراً الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم وأن يعفو عن مسيئهم وأوصيه بأهل الأمصار خيراً فإنهم ردء الإِسلام وجباة المال وغيظ العدو وأن لا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم وأوصيه بالأعراب خيراً فإنهم أصل العرب ومادة الإِسلام أن يأخذ من حواشي أموالهم وترد على فقرائهم وأوصيه بذمة الله وذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يوفي لهم بعهدهم وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم. فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي فسلّم عبد الله بن عمر قال: يستأذن عمر بن الخطاب، قالت: أدخلوه، فوضع هناك مع صاحبيه فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط فقال عبد الرحمن: اجعلوا إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: جعلت أمري إلى علي، فقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف فقال عبد الرحمن: أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه -أي رقيب- وكذا الإِسلام لينظرن أفضلهم في نفسه فسكت الشيخان فقال عبد الرحمن: أتجعلونه إلى والله على أن لا آلو عن أفضلكم قالا نعم فأخذ بيد أحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقدم في الإِسلام ما قد علمت بالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن. ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك. فلما أخذ الميثاق فقال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه وبايع له عليّ وولج أهل الدار فبايعوه. كان رضي الله عنه من السابقين للإسلام هاجر الهجرتين وصلى القبلتين يقال له ذو النورين لأنه تزوج ابنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رقية فلما ماتت زوّجه أم كلثوم فلما ماتت قال: لو كان عندي ثالثة لزوجتكها وهو أحد العشرين المبشَّرين بالجنة ومن أصحاب

النبي - صلى الله عليه وسلم - الذين توفي وهو عنهم راض وكان في قريش يوصون إليه ويعظمونه وكانت المرأة في العرب لترفع صبيها وهي تقول: أحبك والرحمن ... حب قريش عثمان وكان عادلاً في بيت المال لا يأخذ لنفسه منه شيئاً لأنه كان غنياً وغناه مشهور في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده كثير الإنفاق في نهاية الجود والسماحة والبذل في القريب والبعيد وكان من أكبر المساعدين للنبي - صلى الله عليه وسلم - بكثير من ماله عند شدة احتياج الإِسلام إليه ومآثره في ذلك مشهورة جهز في جيش العسرة ثلاثمائة بعير بأسلاحها وأقتابها وأنزل الله فيه {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)} [البقرة: 262] روى الحكم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: اشترى عثمان الجنة من النبي - صلى الله عليه وسلم - مرتين حين حفر بئر رومة وحين جهز جيش العسرة ولما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة لم يكن بها ماء مستعذب غير بئر رومة فقال - صلى الله عليه وسلم -: مَن يشتر بئر رومة يجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له منها في الجنة؟ فاشتراها عثمان - رضي الله عنه - بخمسة وثلاثين ألف درهم وجعلها للمسلمين وكانت بقعة إلى جنب المسجد فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: مَن يشترها ويوسعها في المسجد فله مثلها في الجنة. فاشتراها عثمان - رضي الله عنه - بعد ذلك فوسعها في المسجد وقال - صلى الله عليه وسلم -: رحم الله عثمان تستحيه الملائكة وكان كثير العتق للرقاب وجملة ما أعتقه ألفان وأربعمائة وكان يطعم طعام الإمارة ويدخل بيته ويأكل الخل والزيت وينام في المسجد ورداؤه تحت رأسه ويخطب الناس وعليه رداء غليظ ثمنه أربعة دراهم أو خمسة يصوم النهار ويقوم الليل ويختم القرآن في ليلة. كان ذا عقل رصين وشرف أثيل وعلم غزير ولم ينقل عنه الكثير منها لاشتغاله بغير ذلك شديد الحياء والحلم مائلاً إلى السلم زاهداً في الدنيا فقد صحّ عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "رحمك الله يا عثمان ما أصبت من الدنيا ولا أصابت منك". ومن أعظم آثاره جمعه الناس على مصحف واحد بعد أن تعددت القراءات واختلف فيها أهل الأمصار. وفضله في ذلك كفضل أبي بكر - رضي الله عنه - في جمع القرآن وقد مرّ بيان ذلك في مقدمة هذا المؤلف وكثرت الفتوحات في مدته فقد فتح إفريقية وسواحل الأردن وسواحل الروم وإصطخر وطبرستان وسجستان والقوقاز وغير

ذلك من الأقطار والأمصار وكثرت أموال الصحابة في خلافته حتى بيعت جارية بوزنها وفرس بمائة ألف ونخلة بألف. قال الحسن البصري: كانت الأرزاق في زمن عثمان وافرة وكان الخير كثيراً وظهر الرفه الكثير في الأمة بما لم ير مثله، لم يحضر بدراً بإذن من النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا بيعة الرضوان وذلك لما أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة رسولاً ليخلوا بينه وبين العمرة وجاءه الخبر الكاذب بأن عثمان قتل فجمع أصحابه فدعاهم إلى البيعة فبايعوه على قتال أهل مكة يومئذ ثم جاءه الخبر بأن عثمان لم يقتل وهذا يدل على مكانته عنده وحبه له. أخرج الترمذي عن أنس قال: لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل مكة فبايع الناس. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله" فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيراً من أيديهم لأنفسهم. إلا أنه - رضي الله عنه - كبر سنه وضعف جسمه وكان له ثقة في قرابته بني أمية فتغلبوا على أمره وتولوا أعظم الولايات وانتفعوا وراء ذلك بسعة العيش ووجاهة في الدولة حسدها عليهم غيرهم، فوجدت الجمعيات السرية التي كانت تكيد الإسلام بالطعن فيه مع استغنائه ببني أمية عن مشاورة أكابر المهاجرين والأنصار ونقم الطاعنون عليه أشياء بعضها لها مخرج وبعضها مكذوب عليه ذكرها الأبي في شرح مسلم؛ ولجماعة من العلماء كلام طويل الذيل في الاعتذار عن عثمان منهم حافظ الحجاز المحب الطبري في كتباه الرياض النضرة في فضائل العشرة ومنهم محمد بن يحيى الأشعري المعروف بابن بكر في كتابه التمهيد والبيان في مقتل عثمان استوفى فيه الكلام على ما نسب لعثمان من الأحداث وبين كل ما يمكن الاعتذار عنه من تلك الأحداث التي تسبب عنها حصره في داره وطلبوا منه التخلي عن الخلافة فامتنع واستشهد - رضي الله عنه - لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وكانت خلافته ثنتي عشر سنة إلا اثني عشر يوماً وكان عمره اثنين وثمانين على أحد الأقوال. أخرج الترمذي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتنة يقتل فيها هذا مظلوماً لعثمان - رضي الله عنه -. وأخرج أيضاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال

الحالة الاجتماعية على عهده

لعثمان: "إن الله مقمصك قميصاً فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني" فلما حصره المنافقون وأرادوا منه أن يخلع نفسه امتنع لهذا الحديث وقال إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد إليّ عهداً فأنا صابر عليه. قال الأبي نقلاً عن ابن العربي: كانت قتلة عمر مصيبة في الإسلام خاصة وقتلة عثمان مصيبة في الإِسلام عامة عزاؤها المصيب برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قتل - رضي الله عنه - ورحمه وطالبوه أربعة آلاف وفي المدينة أربعون ألفاً كلهم لا يريد قتله ويريد نصره لكن منع الكل واستسلم الأمر للعهد الذي كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يرض أن يراق بسببه دم ورضي أن يكون عند الله المظلوم ولا يكون عنده الظالم وكل من في المدينة برىء من دمه إلا أربعة آلاف المكاشفين بالحصار والإنكار وما أنكروا إلا معروفاً. وقد وصف المؤرخون في كتبهم أخبارهم فحذاراً أيها الرهط المتطلبون العلم أن تعولوا على تاريخ فإنكم تلاقون الله متقدمين في الجهل متأخرين في العلم. الحالة الاجتماعية على عهده لما استكمل الفتح على عهده ونزع الناس بالضرورة على طلب الراحة وأخذوا بقسطهم من السيادة على الشعوب وجاوروا المترفين من أهل المدن واستخشنوا عيش البداوة واستغلوا ثمرة الضرع دون الحرث والزرع، وكان عثمان - رضي الله عنه - ليس من الشدة عليهم والأخذ على شكائمهم بالمكانة التي كانت لعمر قبله طمحت إلى ذلك نفوسهم واتجهت بمجاورة الشعوب الأخرى رغائبهم فاستقطعوا من عثمان القطائع واستأذنوه في استثمار الأرضين التي جلا عنها أصحابها فأقطعهم إياها فقاموا على حرثها وأخذوا باستثمارها. روي أن عثمان لما ولى معاوية على الشام والجزيرة أمره أن ينزل العرب بمواضع نائية عن المدن والقرى ويأذن لهم في اعتمال الأرضين التي لا حق فيها لأحد، فأنزل بني تميم الرابية وأنزل المازحين والمديبر أخلاطاً من قيس وأسد وغيرهم وفعل ذلك في جميع ديار مضر ورتب ربيعة في ديارها على ذلك وألزم المدن والقرى والمصالح مَن يقوم بحفظها ويذب عنها من أهل العطاء ثم جعلهم مع عماله، وفي ذلك دليل على تدرج القوم في مدارج الرقي وجنوحهم إلى الكسب من طرق التجارة والفلاحة وميلهم إلى الاستعمار، وكان عثمان غنياً جداً محباً للعمران ميّالاً إلى التأنق في المعيشة والتداول في البنيان وإنفاق المال في وجوه البذل ليوسع على الناس وخصوصاً على أهله وقرابته فقد

ماشاه الناس في ذلك وساروا سيرته فيه، وكانوا في عصر عمر لا يجرأون على اقتناء الضياع والدور والإكثار من مظاهر الثروة والغنى مع إقبال الدنيا عليهم كما هي في عهد عثمان فقد بني لنفسه ولنسائه وأولاده بضع دور بالمدينة وشيّد داره بالحجارة والكلس وجعل أبوابها من الساج والعرعر وبنى مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمد المرفوعة وتأنق في بنائه واقتنى الدور والضياع والجنات والعيون بالمدينة وأظهر بهذا أثر النعمة التي أنعمها الله على العرب وتبعه الناس في ذلك وتظاهروا بمظهر الغنى وجنحوا إلى الحصول على المال والتنعم في المعيشة، فاقتنى سعيد بن العاص ومروان بن الحكم القصور خارج المدينة وأخذ كبار الصحابة في ذلك بمذهبه، ذكر المسعودي منهم جماعة اقتنوا الضياع والدور وماتوا على مال كثير ونعم وفيرة، منهم الزبير بن العوام بني داراً بالبصرة وداراً بمصر ومثلها بالإسكندرية والكوفة واقتنى كثيراً من المال والضياع حتى ضرب المثل بغناه وأكثرها كانت من التجارة لأنه كان تاجراً محظوظاً، وكذلك طلحة بن عبيد الله وكانت ثروته من التجارة أيضاً، وكذلك عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت ويعلي بن أمية، وأنهم بنوا الدور وشيّدوا القصور وتركوا أموالاً وضياعاً كثيرة وأن سعد بن أبي وقاص ابتنى داراً بالعقيق فرفع سمكها ووسع فضاءها ومثله فعل المقداد بداره بالجرف على أميال من المدينة وهذا دليل على سرعة انتقال القوم من حال إلى حال في عصر عثمان وجنوحهم إلى التنعم بنعيم الحضارة وهو أثر محمود من آثار الشكر للمنعم إذا لم يتجاوز حد القصد إلى السرف ولم يتناول كل الطبقات ولم يتدرج منه الناس إلى المنكرات. ومما لا ريب فيه أن عصر الصحابة مهما انطلق أهله في مجال السعة والنعيم لا يتجاوزون الحد الشرعي ولا يأخذون بغير المباح وقد فاضت عليهم الدنيا وكثر لديهم المال فلا بد من صرفه في وجوه التنعم بما أحله الله من الطيبات دون المنكر والشهوات. استكمل الفتح في عهد عثمان ودال للعرب ملك فارس وصارت إليهم سياسة الممالك فساروا في الناس سيرة جميلة أمر بها الإسلام وسلكوا من العدل والحق طريقاً توخاه الخلفاء وتبعهم فيها الولاة والأمراء، فازدهى أمر الدولة الجديدة وعمت كلمة العدل وكثر المال وامتد رواق العمران وراجت التجارة وتصاعدت أثمان السلع والعقار وكل ما يباع ويشترى بنسبة كثرة النقد، فبيعت جارية بوزنها وفرس بمائة ألف درهم ونخلة بألف درهم. نقل هذا المحب الطبري في الرياض النضرة عن ابن سيرين. هذا غاية ما تصل إليه الممالك في ترقي العمران وتوفي أسباب الكسب ونمو الثروة بين طبقات الناس فبينما العرب في مثل هذا الرخاء والرغد من العيش يتمتعون بما أفاء الله عليهم من تراث الأمم ويتسنمون ذرى الحضارة ويتبسطون في العيش ويسيرون سيرهم الحثيث في الفتح ويرفعون لأخلافهم بنيان المجد والدنيا مقبلة عليهم وملك الفرس والروم صار إليهم وعثمان

فضائل علي القرشي الهاشمي - رضي الله عنه -

في مأمن من رأفته بهم ولينه عليهم إذ صاح بهم صائح الفتنة فاستوقفهم عن سيرهم ثم قذف بهم في لج من التخاصم ما بلغوا ساحله إلا وهم أحزاب متفرقة وشيع متباينة. فكان عصر عثمان بهذا عصراً جمع بين الأضداد من الرخاء والشدة والراحة والتعب والغنى وضده والقوة والضعف ومنها بدأت سلسلة الأحزاب السياسية والدينية والجمعيات السرية والجهرية وإليه ينتهي تاريخ الانقلاب العظيم الذي طرأ على الدول الإسلامية وحول مجرى السياسة عن وجهتها الأصلية. إن الدول إذا قامت في أول نشأتها بقوة الحياة الملية والتناصر القومي ونشأت على أساس الوحدة في الاعتقاد والفكر بين أصناف الأمة وأخذت على نفسها إنصاف المغلوبين لها الخاضعين لسلطانها من الشعوب الأخرى قلّ أن تتعرض لخطر الضعف والانحلال العاجل بما يعرض لها من الفتن أو يظهر فيها من الأحزاب والشيع لهذا فإن اضطراب الدولة وتفرق أغراض الأمة في عهد عثمان لم يؤثر على مركز الدولة في أرجاء ممالكها القاصية والدانية ولم يقلل من سطوة الخلافة بين الدول المتاخمة والأمم المغلوبة بل كأن الأمم استشعرت من تلك الضوضاء القائمة أنها نتيجة حياة قومية ونشاط عظيم يراد بها تمحيص الحق وتدعيم أمر الخلافة فلبثت على الحياد تنتظر غاية الأمر ولا تمد إلى الدولة يد الغدر حتى انجلت الفتنة عن قتل عثمان وقيام علي والأحزاب الأخرى ثم مصير الخلافة إلى بني أمية ولولا ما حبب إلى الناس من خلافة الراشدين وما بهرهم من قوة أولئك الفاتحين لربما كانت اشتعلت المملكة يومئذ ناراً واستفز الطيش الأشرار، لكن الملك الذي ينهض بالعدل، والدولة التي تقوم على الأساس الذي ذكرنا لا يزعزعها تفرق المالكين إلى أحزاب وشيع ولا يطمع في جانبها الطامعون. فضائل علي القرشي الهاشمي - رضي الله عنه - هو الخليفة الرابع أمير المؤمنين سيدنا أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت هاشمياً أصغر أولاد أبي طالب الثلاثة جعفر وعقيل وطالب. ولد قبل البعثة بعشر سنين على الراجح وأسلم وهو ابن عشر سنين على الراجح واتفق الجمهور على أنه أول مَن أسلم من الصبيان لحديث "أولكم وارداً على الحوض أولكم إسلاماً علي بن

أبي طالب" وعن علي قال: "عبدت الله تعالى قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة بخمس سنين" وعنه "ما كان يصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيره غيري خديجة". بويع بالخلافة في اليوم الذي قتل فيه عثمان واجتمع على بيعته أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار وتزاحم الناس عليه وتخلف عن بيعته معاوية في أهل الشام والتحمت بينهما حروب لم يسمع بمثلها في الإسلام ولم يزل له فيها الظهور على الفئة الباغية إلى أن وقع التحكيم وخدع فيه وحينئذ خرجت الخوارج فكفروه وكفروا من معه وقالوا: حكمت الرجال في دين الله والله يقول: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} ثم اجتمعوا وشقوا عصى المسلمين ونصبوا راية الخلاف فسفكوا الدماء فخرج إليهم بمن معه وطلبهم إلى الرجوع فأبوا إلا القتال فقاتلهم بالنهروان واستأصل جميعهم ولم ينج منهم إلا اليسير فانتدب إليه رجل من بقية الخوارج يقال له عبد الرحمن بن ملجم فدخل عليه فقتله في التاسع عشر من رمضان سنة أربعين وقصة استشهاده مشهورة فهو - رضي الله عنه - أحد العشرة المبشَّرين بالجنة وأحد ستة الشورى وأحد العلماء الربانيين والشجعان والزهاد والخطباء والشعراء، ومناقبه وما أوتيه من الاجتهاد والفهم معلوم. وكان صاحب شورى عمر في أقضيته وكذلك كان مع أبي بكر وعثمان وكان عمر يتعوّذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن وفي البخاري أحاديث سبعة في فضائله منها حديث عمر "علىّ أقضانا" ومنها حديث قتاله البغاة "تقتل عماراً الفئة الباغية" وكان عمار مع علي ومنها حديث قتاله الخوارج وهذان الحديثان من علامات النبوة. قال الحافظ ابن حجر بعد نقله ما ذكر وأوعب من جمع مناقبه من الأحاديث الجياد النسائي في كتاب الخصائص وأما حديث "من كنت مولاه فعلي مولاه" فقد أخرجه الترمذي والنسائي وهو كثير الطرق جداً وقد روينا عن الإمام أحمد قال: ما بلغنا عن أحد من الصحابة ما بلغنا عن علي. ويروى من فضائله قوله عليه الصلاة والسلام: "أنا مدينة العلم وعلي بابها" قال مسروق: شافهت أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فوجدت علمهم ينتهي إلى ستة علي وعبد الله بن

الكلام على الفتنة

مسعود وعمر وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وأبي بن كعب، ثم شافهت الستة فوجدت علمهم ينتهي إلى علي وابن مسعود. شهد المشاهد كلها مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا تبوك فإنه استخلفه فيها على المدينة وقال له: "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي" وفي البخاري "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى" وزوّجه - صلى الله عليه وسلم - ابنته فاطمة سيدة أهل الجنة، ولما نزل قوله تعالى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [الحاقة: 12]، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم اجعلها أذن علي" قال علي - رضي الله عنه -: ما نسيت بعد ذلك شيئاً. وله من العلم والشجاعة والحلم والزهد والورع وكرم الأخلاق ما لا يسعه كتاب. وبالجملة فإن فضائله كثيرة قد جمعها الناس ودوّنوها وأجمعها لنعته ما وصفه به ضرار الصدائي إذ قال له معاوية: صف لي علياً، فقال: اعفني يا أمير المؤمنين، قال: لتصفنه، قال: أما إذا لا بد من وصفه: "فكان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه، يتوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل ووحشته، وكان غزير العبرة طويل الفكرة، يعجبه من اللباس ما قصر ومن الطعام ما خشن، كان منبئاً كأحدنا يجيبنا إذا سألناه وفينا إذا استنبأناه، ونحن والله مع تقريبه إيانا وقربه منا لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم الدين ويقرب المساكين، لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله. وأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم -أي اللديغ- ويبكي بكاء الحزين ويقول: يا دنيا غري غيري، إليّ تعرضت أم إلى تشوفت؛ هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير وحظك قليل، آه آه من قلة الزاد وبُعد السفر ووحشة الطريق". فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار؟ فقال: حزن مَن ذبح ولدها في حجرها. الكلام على الفتنة اعلم أن الفتنة المذكورة هي فتنة عثمان وعلي وطلحة والزبير ومعاوية التي تحزّب فيها المسلمون أحزاباً كل حزب بما لديهم فرحون وهي الفتنة التي يقف دونها عقل الحكيم حائراً بين الإقدام على خوض عبابها واستكناه كنه خباياها وبين الإحجام عنها وإلقاء أخبارها على علاتها وغض الطرف عما انطوى في ثناياها لا لأنها أول بادرة بدرت في الملك وفتنة ظهرت في الدول كلا إن قيام الدول واستصفاء الملك إنما يتم

خلاصة فيما عليه أهل السنة في هاته الفتنة

بوجود أحزاب ينصرون النازع إلى الملك وأعوان يتبعون القوة أو يناضلون عن صاحب الحق في كل قوم وعصر وإنما صبغ السلف لهذه الفتنة بصبغة دينية هو الذي يجعل الباحث بين إقدام وإحجام مع أنها فتنة سياسية تابعة لمجرى السنن الطبيعية في الدول إذ ما دامت شؤون البشر لا تستقيم إلا بالوازع، والمجتمعات لا تقوم إلا بحاكم يدير أمورها وينظم شؤونها وينفذ قوانينها. فالخلاف في رياسة الدول والنزاع على منصب الحكم متوقع بين الطامحين إليه القادرين عليه في كل أمة وجيل وتنازع البقاء في الملك أمرطبيعي كما هو في كل الأشياء. خلاصة فيما عليه أهل السنة في هاته الفتنة تقدم أن الطاعنين في عثمان - رضي الله عنه - نقموا عليه أشياء وعابوه، منها ثقته في قرابته بني أمية فتغلبوا عليه وتولوا أعظم الولايات وذلك لا يعاب عليه فيه لأنه كان باجتهاد منه وطلباً لإظهار العدل لأنه رأى أن أقاربه يعينونه على إظهار العدل وإقامة الحق وهكذا جميع الأشياء التي عابوه بها كلها كانت اجتهادية وله فيها أعذار ومخارج تدل على أنه إنما أراد بذلك العدل وإظهار الحق وكلها مبسوطة في كتب السنة، ولما حصره الناقمون وقتلوه بايع الناس بعده علي بن أبي طالب وبايعه أيضاً القوم الذين حصروا عثمان وقتلوه فوقعت الفتنة بين الصحابة - رضي الله عنهم - لذلك فقال الذين امتنعوا من بيعته: لا نبايعك حتى تعطينا قتلة عثمان نقتص منهم، فقال علي: بايعوني أولاً ثم بعد ذلك نتبع قتلة عثمان فمَن ثبت عليه شرعاً موجب القصاص نقتص منه وأما الاقتصاص منهم قبل دخولكم في البيعة فإنه عسير جداً لأن لهم قبائل وعشائر يتعصبون لهم فتنتشر الفتنة وتزداد. هذا هو السبب في الخلاف الذي وقع بينهم فنشأ عنه وقعة الجمل ووقعة صفين وتمسك كل من الفريقين لحجج وأدلة وتعارضت الأدلة عند بعضهم وهم نحو العشرة آلاف فاعتزلوا الفريقين منهم سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن عمر ومحمد بن مسلمة والمغيرة بن شعبة وبقي الأمر مشتبهاً بين الناس إلى زمن الأئمة الأربعة فنظروا في الحجج والأدلة التي تمسك بها كل فريق فظهر لهم واتضح تصويب اجتهاد علي - رضي الله عنه - وتخطئة اجتهاد غيره لكن لما كان ذلك الخطأ ناشئاً عن اجتهاد لم يأثموا به لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن اجتهد وأصاب فله أجران ومَن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد" فلا سبيل إلى الحكم بتأثيم أحد منهم فلذلك كان مذهب أهل السنة السكوت عما جرى بين الصحابة - رضي الله عنهم - وتأويله وحمله على أحسن المحامل تحسيناً للظن

فضائل الستة بقية العشرة المبشرين بالجنة

بهم لأن الله تعالى أثنى عليهم وشهد لهم بالصدق وأخبر بأنه رضي عنهم ورضوا عنه وكذلك جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في أحاديث كثيرة وزد على ذلك ما سبق لهم من الفضل على المسلمين في بث دعوة الإسلام وتدويخ الممالك والبلدان وتأسيس بنيان الدولة الذي نشر على معظم الأرض جناح السلطان ما يوجب على كل فرد من أفراد المسلمين عنده ذرة من العقل وقليل من الإنصاف أن يقدرهم قدرهم ولا يبخسهم من الثناء حقهم ويعترف على ملأ الشعوب بفضل كل فريق منهم والتنويه بكل خصلة حسنة لكبارهم وقادة الأمر منه إعلاء لشأنهم وتنويهاً بجميل عملهم وجميل صحبتهم وسداً لذرائع القدح فيهم ممن يحاول احتقار أعمالهم واستصغار أقدارهم وتكذيب الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والواجب أن يحمل ما صدر منهم على الاجتهاد الذي لا إثم فيه وإليه ذهب أهل السنة وهو المذهب الحق الذي مَن عدل عنه فقد زاغ وضلّ ومَن تمسك به فقد نجا. وأول التشاجر الذي ورد ... إن خضت فيه واجتنب داء الحسد فضائل الستة بقية العشرة المبشَّرين بالجنة سيدنا أبو عبيدة (- رضي الله عنه -) هو أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري- كان إسلامه هو وعثمان بن مظعون وعبيدة بن الحارث بن المطلب وعبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة الأسدي في ساعة واحدة- أحد العشرة المبشَّرين بالجنة هاجر الهجرتين وشهد بدراً وما بعدها. في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" قال الأبي: أصحابه فضلاء مختارون وإنما أخبر عن كل واحد بما هو الأغلب فيه، ففي الترمذي "أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ وأفرضهم زيد وأقرأهم أبىّ ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة" قتل أباه يوم بدر ونزلت فيه {لَا تَجِدُ

سيدنا عبد الرحمن بن عوف (- رضي الله عنه -)

قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: 22] الآية، كانت له عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حظوة لصدقه وحبه واتباعه أمره وطاعته له، تقدم أنه تولى الإمارة العامة على جيوش فتح الشام وكان أكثر فتحه على يده، تولى تلك الإمارة لا لدنيا يصيبها ولا لجاه يرغب فيه ولا لمال يدخره بل لمطلق خدمة الأمة ورجاء رضا الله، مات على ولايته ولم يملك من حطام الدنيا إلا سيفه وترسه ورحله ولم يكن في بيته ما يأكل إلا كسيرات من خبز، وهو الذي قال لعمر: أتفر من قدر الله! فقال: لو غيرك قالها يا أبا عبيدة، ثم نفر من قدر الله تعالى إلى قدر الله تعالى، وذلك دال على جلالته عند عمر. وبالجملة فإنه من كبار الصحابة وممن لازم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتخلّق بأخلاقه متواضعاً زاهداً تقياً عاقلاً رزيناً لين الجانب عادلاً مخفوض الجناح عالماً بالشرع ذا دربة في أمور الحروب؛ أخرج الحاكم في المستدرك قال: لما طعن أبو عبيدة قال: يا معاذ صلِّ بالناس فصلّى ثم مات أبو عبيدة فخطب معاذ فقال: إنكم فجعتم برجل ما أزعم والله أني رأيت في عباد الله قط أقل حقداً ولا أبر صدراً ولا أبعد غائلة ولا أشد حياء للعاقبة ولا أنصح للعامة منه فترحموا عليه. مات في طاعون عمواس سنة 18 وسنه ثمان وخمسون على أحد الأقوال وأوصى أن يُدفن حيث مات. عمواس: بين الرملة وبيت المقدس على أربعة فراسخ من الرملة وكان ظهوره سنة 18 وانتشر في البلاد فاجتاح السكان. وفي رواية ابن عساكر: كان أبو عبيدة في ستة وثلاثين ألفاً من المسلمين فلم يبقَ منهم إلا ستة آلاف رجل مات به كثير من الأعلام منهم أبو عبيدة ومعاذ بن جبل ويزيد بن أبي سفيان. سيدنا عبد الرحمن بن عوف (- رضي الله عنه -) هو أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف القرشي الزهري كان اسمه عبد الكعبة ويقال عبد عمرو فغيّره النبي - صلى الله عليه وسلم -، أحد العشرة وأحد ستة الشورى هاجر الهجرتين وشهد بدراً فما بعدها ولاه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث دومة الجندل وهو الأمين على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجهن، ولاه عمر ذلك وقال فيه: هو سيد من سادات المسلمين ذو رأي مسدد، وهو الذي رجع عمر بجيشه من سرغ ولم يدخل الشام من أجل الطاعون والحديث عن ذلك مذكور في الصحيحين، وهو أحد المشهورين

سيدنا طلحة (- رضي الله عنه -)

بالثروة في الإسلام كان محظوظاً في التجارة والعقل والعلم، له إعانات مالية شهيرة وصدقات وأعمال بر كبرى. في الإصابة قال جعفر بن برقان: بلغني أن عبد الرحمن بن عوف أعتق ثلاثين ألف نسمة. أخرجه أبو نعيم في الحلية, وكان حرم الخمر في الجاهلية وذكر البخاري في تاريخه من طريق الزهري قال: أوصى عبد الرحمن بن عوف لكل من شهد بدراً بأربعمائة دينار فكانوا مائة رجل، وبالجملة فمناقبه جمة. مات سنة 32 على الأشهر وعاش 72 سنة على أحد الأقوال. سيدنا طلحة (- رضي الله عنه -) هو أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان القرشي التيمي أحد العشرة وأحد الثمانية الذين سبقوا للإسلام وأحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر وأحد ستة الشورى، شهد المشاهد كلها إلا بدراً فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان بعثه هو وسعيد بن زيد يتجسسان على عير قريش ولقيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منصرفاً من بدر فضرب لهما بسهميهما وأجريهما فكانا كمن شهدها، سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلحة الخير ويوم ذات العسرة طلحة الفياض ويوم حنين طلحة الجود وثبت يوم أُحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووقاه بيده فشلّت إصبعاه وجرح يومئذ أربعاً وعشرين جرحاً وأبلى فيها البلاء الحسن، قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سرّه أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة". قتل يوم الجمل في جمادى الأولى سنة 36 وهو ابن ستين سنة على أحد الأقوال.

سيدنا الزبير (- رضي الله عنه -)

سيدنا الزبير (- رضي الله عنه -) هو أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وفيه يجتمع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو ابن عمته - صلى الله عليه وسلم -، أسلم وهو ابن ثمان سنين وعذّبه عمه بالدخان ليرجع فأبى وهاجر الهجرتين وشهد المشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وهو أول مَن سلّ سيفاً في سبيل الله، وكان يوم بدر على الميمنة وعليه عمامة صفراء ونزلت الملائكة بعمائم صفر على سيماه، وهو أحد العشرة وأحد ستة الشورى ومن الشجعان المشهورين وكان له الفضل في فتح مصر مع عمرو بن العاص. وفي الصحيحين قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن لكل نبي حواري وإن حواريَّ الزبير بن العوام" وقتل في جمادى الأولى سنة 36 حين انصرف من وقعة الجمل تاركاً القتال، قتله غدراً عمرو بن جرموز وله ست أو سبع وستون سنة. سيدنا سعيد بن زيد (- رضي الله عنه -) هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى العدوي. كان والده زيد يقول: إلهي إله إبراهيم وديني دين إبراهيم، وكان ترك عبادة الأوثان وترك كل ما يذبح على النصب، وكان يقول: اللهم لو أعلم أحب الوجوه إليك لعبدتك به ولكني لا أعلمه، ثم يسجد على الأرض براحته. وفي البخاري عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائماً مسنداً ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري، وكان يحيي الموؤودة ويقول الرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها أنا أكفيك مؤونتها فيأخذها فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مؤونتها. وابنه سعيد أحد السابقين المشهود لهم بالجنة شهد أُحداً والمشاهد بعدها ولم يشهد بدراً حيث كان غائباً بالشام وضرب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهمه منها، شهد اليرموك وفتح دمشق. قال سعيد بن حبيب: كان مقام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد وسعيد وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - واحداً كانوا أمامه في القتال وخلفه في الصلاة، وكان سعيد من فضلاء الصحابة مجاب الدعوة وقصته

سيدنا سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه)

مع أروى بنت أنيس مشهورة في إجابة دعائه عليها وهو ابن ابن عم عمر بن الخطاب وكان إسلامه عنده في بيته لأنه كان زوج أخته فاطمة. توفي بالعقيق وحمل إلى المدينة وذلك سنة 50 أو 52. سيدنا سعد بن أبي وقاص (رضي الله عنه) هو أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص مالك القرشي الزهري أحد العشرة وآخرهم موتاً من السابقين الأولين، مكث ثلاثة أيام وهو ثالث الإِسلام وأحد ستة الشورى وأول مَن رمى سهماً في سبيل الله ومن شجعان قريش وكماتهم من خيرة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مخلصاً في إيمانه. شهد المشاهد كلها وكان مجاب الدعوة حيث دعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يسدد رميته ويجيب دعوته، وكان صادق الحديث والرواية لما فطر عليه من صدق اللهجة وقول الحق. روى ابن عساكر عن عبد الله بن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه مسح على الخفين وأن ابن عمر سأل عمر عن ذلك فقال: إذا حدثك سعد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا تسألن عنه غيره. وروى الشيخان والترمذي والنسائي من حديث عائشة قالت: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة أرق فقال: ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني، إذ سمعنا صوت السلاح فقال: مَن هذا؟ قال: أنا سعد فقام" ولما قتل عثمان اعتزل الفتنة، وهو الذي كوّف الكوفة وأمره عمر عليها سنة 21 كانت له قيادة الجيوش في حرب الفرس وقد مر الخبر عن مسيره إلى القادسية والوقائع التي وقعت هناك وكانت من أعظم الوقائع التي دوّنها التاريخ, قتل فيها من المسلمين نحو السبعة آلاف وخمسمائة وأما من قتل من الفرس فعدد كثير بالغ فيه المؤرخون وكان النصر حليف المسلمين وحصل فيها وهن للفرس ووقع بها فتح المدائن عاصمة الأكاسرة فانحدرت تلك العاصمة من شاهق عزها إلى هاوية الخراب وقامت مقامها في تلك الأصقاع بغداد دار الخلافة العباسية وانبعثت منها أشعة التمدن الإِسلامي العظيم. وإذا نظرت إلى البلاد رأيتها ... تشقى كما تشقى العباد وتسعد

ذكر بعض السادات من أعيان الصحابة وفضلائهم

على أن ما ضمته بغداد تحت جناحي الخلافة الإِسلامية من الممالك الشاسعة والأمصار النائية لم تضمه المدائن على عهد الأكاسرة والفضل في ذلك لسعد وأضرابه من أقيال الصحابة السابقين ورجال الخلافة الراشدين جزاهم الله خير الجزاء عن المسلمين. مات سنة 56 على الأشهر بالعقيق وحمل إلى المدينة وصلى عليه مروان والي المدينة وأدخل للمسجد وصلى عليه أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن في حجرهن وأوصى أن يكفن في جبة صوف لقي المشركين بها يوم بدر ودفن بالبقيع. ذكر بعض السادات من أعيان الصحابة وفضلائهم سيدنا حمزة (رضي الله عنه) هو أبو عمارة حمزة بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخوه من الرضاعة أرضعتهما ثويبة كما في الصحيحين، أسلم في السنة الثانية من البعثة، لازم نصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهاجر معه وشهد بدراً وأبلى في ذلك وعقد له النبي - صلى الله عليه وسلم - لواء وأرسله في سرية وذلك أول لواء عقد في الإِسلام واستشهد بأحد وكان ذلك في النصف من شوال سنة 3 ولقبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسد الله وسماه سيد الشهداء ودفن وعبد الله بن جحش في قبر واحد، ولما استشهد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رحمك الله أي عم، لقد كنت وصولاً للرحم فعولاً للخيرات. ورثاه كعب بن مالك بأبيات منها: بكت عيني وحق لها بكاها ... وما يغني البكاء ولا العويل على أسد الإلَه غداة قالوا ... لحمزة ذاكم الرجل القتيل أخوه سيدنا العباس (رضي الله عنه) هو أبو الفضل العباس بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان العباس أسن من النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين أو ثلاث وكان إسلامه على المشهور قبل فتح مكة وضاع وهو صغير فنذرت أمه إن وجدته أن تكسو البيت الحرير فوجدته فكست البيت الحرير فهي أول من كساه ذلك، وكان إليه في الجاهلية السقاية والعمارة وشهد الفتح وثبت

سيدنا جعفر (رضي الله عنه)

يوم حنين. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن آذى العباس فقد آذاني فإن عم الرجل صنو أبيه" أخرجه الترمذي. وكان أعظم الناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة يعترفون له بالفضل ويشاورونه ويأخذون رأيه، وفي حديث أنس: إن عمر كان إذا قحطوا استسقى بالعباس. مات بالمدينة في رجب أو في رمضان سنة 32 وله بضع وثمانون سنة. سيدنا جعفر (رضي الله عنه) هو أبو عبد الله جعفر بن أبي طالب وكان أكبر من شقيقه علي رضي الله عنه بعشرين سنة وهو من السابقين الأولين هاجر الهجرتين ونشر الدين بالحبشة وعلى يده كان إسلام النجاشي وقدم من الحبشة سنة سبع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعانقه وقال: ما أدري بأيهما أنا أشد فرحاً بقدوم جعفر أم بفتح خيبر، وأسهم له ولأهل السفينة من فيء الفتح المذكور كما في الصحيحين واختط له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جنب المسجد وقال له: "أشبهت خلقي وخلقي". ثم غزا غزوة مؤتة بضم الميم وسكون الواو وبهمز وبدونه وهي بحدود الشام وكانت سنة ثمان وقتل فيها بعد أن قاتل حتى قطعت يداه معاً فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أبدله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث شاء" فمن ثم قيل له ذو الجناحين. ولما بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - نعي جعفر أتى امرأته أسماء بنت عميس فعزاها فيه، فدخلت فاطمة تبكي وتقول: واعماه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: على مثل جعفر فلتبكِ البواكي. وجدت فيه نحو تسعين جراحة ليس فيها شيء في ظهره. وهاته الغزوة من أعجب ما سطره التاريخ للإسلام كان المسلمون ثلاثة آلاف خاضوا بحراً من جيش الروم يتجاوز مائة ألف وهي فاتحة المعارك بين الإِسلام والروم وأول نصر عليهم. في البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد فأصيب

سيدنا زيد بن حارثة (رضي الله عنه)

ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان ثم أخذها سيف من سيوف الله تعالى حتى فتح الله عليهم. وفي رواية: ثم أخذها سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح عليهم. سيدنا زيد بن حارثة (رضي الله عنه) هو زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي أصابه سبي في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة فوهبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يوحى إليه وزيد حينئذ ابن ثمان سنين فأعتقه - صلى الله عليه وسلم - وكان من أحب الناس إليه وتبناه وكان يطوف به على حلق قريش ويقول: هذا ابني وارثاً وموروثاً. قال الزهري: لا أعلم أحداً أسلم قبله. وقال ابن عمر: ما كنا ندعو زيداً إلا زيداً بن محمَّد حتى نزلت {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ} [الأحزاب: 5] كما في البخاري ولم يذكر أحد في القرآن باسمه من الصحابة سواه. هاجر وشهد بدراً وكان - صلى الله عليه وسلم - يؤمره على الجيوش وأمره على جيش مؤتة فقاتل حتى قتل قبل جعفر فلما أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - موت جعفر وزيد بكى وقال: أخواي ومؤنساي ومحدثاي. استشهد وهو ابن خمس وخمسين سنة. سيدنا عبد الله بن رواحة (رضي الله عنه) هو أبو عبد الله بن رواحة الأنصاري الخزرجي أحد قواد الإِسلام في البعوث والسرايا وفي النقباء شهد بدراً وما بعدها وكان الخليفة بعد جعفر في غزوة مؤتة فاستشهد بعد الأميرين قبله وكان من شعراء الصحابة ينافح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنانه ولسانه. ومن ذلك أنه أنشد بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند دخوله مكة: خلوا بني الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تأويله ضرباً يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله

سيدنا خالد بن الوليد (رضي الله عنه)

فقال عمر: يا ابن رواحة أفي حرم الله وبين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تقول هذا الشعر؟ فقال: خلِّ عنه يا عمر فوالذي نفسي بيده لكلامه عليهم أشد من وقع النبل. وفي الزهد لأحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "رحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي تتباهى بها الملائكة". سيدنا خالد بن الوليد (رضي الله عنه) هو أبو الوليد خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في مرة أسلم على الأصح سنة سبع لم يشهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما كان بعد الفتح، كان موصوفاً في قومه بالشجاعة محبباً فيهم مقدماً عندهم بالحروب موفقاً للنصر عارفاً بأحوال الحرب، شهد وقعة مؤتة المذكورة آنفاً وأخذ الراية بعدما استشهد أمراء ثلاثة قبله وأبلى فيها البلاء الحسن حتى اندق يومئذ في يده سبعة أسياف، ثم ما زال يدافع القوم حتى انحازوا عنه ثم عاد بجيشي المسلمين. وفي هذه الوقعة سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيفاً من سيوف الله. له رواية في الصحيحين وغيرهما، وشهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشاهد ظهرت فيها نجابته، وهو الذي أخضع أهل الردة، وقتل مسيلمة الكذاب ومن أبى من دفع الزكاة وكان على يده فتوح الكثير من البلاد الكبار بالعراق والشام وكان له بعد من جميل الأثر ما رأيت في فضائل أبي بكر وكان فتحه للعراق تمهيداً إلى تدويخ فارس وإدالة دولة الأكاسرة، وقد كانت أعظم الدول حينئذ شأناً وأرقاها مكاناً إلا أنها بلغت من الكبر عتياً ومن فشل السياسة مكاناً قصياً فجاءها جند الإِسلام بادي الشباب ناعم الأعصاب فأسس ملكه الجديد. وكانت حروب العراق أيام خالد أشد ما لقي المسلمون من حرب الفرس لاجتماع قبائل العرب بالعراق وجند فارس على حرب المسلمين، وبعدما تم له ذلك الفتح أمره أبو بكر بالمسير إلى الشام فسار وحصل له من الفتح هناك ما قد علم. قال بعض المؤرخين: قلّ أن يوجد فارس في العالم يوفق للنصر في كل واقعة كما وفق خالد رضي الله عنه فإن التاريخ لم ينبئن عن انخذاله ولا في وقعة واحدة من وقائعه مع أهل الردة أو في العراق أو في الشام وهذا إنما هو من نتائج الحزم والشجاعة والبصيرة بأمور الحرب. وقد علمت كيف فلّ جموع الروم في اليرموك وكشف عن المسلمين سحب الضيق والحيرة منذ سلّموا قيادتهم له مع أن فيهم من

سيدنا خالد بن سعيد (رضي الله عنه)

الصيد الصناديد وأهل البصيرة والرأي كعمرو بن العاص وأبي عبيدة ويزيد بن أبي سفيان وأضرابهم من كماة الإِسلام وقادة الجيوش العظام. اتخذ رضي الله عنه بعد تمام تلك الفتوحات مقراً له حمص وفيها توفي سنة 21 ومدفنه هناك لم يزل معروفاً يزار إلى الآن. ولما حضرته الوفاة قال: لقد شهدت مائة زحف وما في بدني موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة وها أنا أموت على فراشي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء. وما من عمل أرجى من لا إله إلا الله وأنا مترس بها. سيدنا خالد بن سعيد (رضي الله عنه) هو خالد بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي من أشراف قريش وأعيانهم وهو أول مَن كتب بسم الله الرحمن الرحيم ومن السابقين الأولين، أسلم بعد أربعة وهاجر الهجرتين وصلّى الركعتين ورجع من الحبشة هو وزوجه وأخوه وابنته مع جعفر بن أبي طالب وكان استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على صدقات مذحج وأمره أبو بكر على مشارف الشام في الردة، استشهد في أجنادين أو مرج الصفر. سيدنا سالم مولى أبي حذيفة (رضي الله عنهما) هو أبو عبد الله سالم بن معقل كان من فضلاء الصحابة وخيارهم وكبرائهم من السابقين الأولين هاجر مع عمر ونفر مع الصحابة فكان يؤمهم لأنه أكثرهم قرآناً وكان يؤم المهاجرين وفيهم عمر شهد بدراً. روى البخاري ومسلم والنسائي والترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رفعه "خذوا القرآن من أربعة: ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبيّ بن كعب بن معاذ بن جبل" وروي عن عائشة رضي الله عنها "احتبست على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما حبسك؟ قلت: سمعت قارئاً يقرأ فذكرت من حسن قراءته فأخذ رداءه وخرج فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة فقال: الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك" شهد بدراً فما بعدها وكانت بيده راية المهاجرين اليمامة فقطعت يده اليمنى فأخذها باليسرى فقطعت أيضاً. مات فيها هو ومولاه حذيفة وجد رأس أحدهما عند رجلي الآخر وذلك سنة 12.

سيدنا معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي (رضي الله عنه)

سيدنا معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجي (رضي الله عنه) يكنى أبا عبد الرحمن إمام الفقهاء وسيد العلماء. شهد بدراً والعقبة وكان أميراً للنبي - صلى الله عليه وسلم - على اليمن وخرج معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماشياً ومعاذ راكباً منعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أن ينزل. أخرج ابن حبان والترمذي من طريق أبي هريرة رفعه: نعم الرجل معاذ بن جبل. كان عقبياً بدرياً من فقهاء الصحابة وأخرج الترمذي وابن ماجه "أرحم أمتي أبو بكر وفيه وأعلمهم بالحلال الحرام معاذ" وفي الصحيح "استقرئوا القرآن من أربعة: ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل" وصح عن عمر أنه قال: مَن أراد الفقه فليأت معاذاً، وقال أيضاً: عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ ولولا معاذ لهلك عمر، وقال: مَن أراد الفرائض فليأتِ زيد بن ثابت وكان من أجمل الرجال قانتاً عابداً مجتهداً ورعاً محققاً شهد اليرموك ومات شاباً عن نيف وثلاثين سنة في طاعون عمواس سنة 18هـ. سيدنا يزيد بن أبي سفيان (رضي الله عنه) هو أبو خالد يزيد الخير بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية القرشي الأموي كان من فضلاء الصحابة من مسلمة الفتح استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على صدقات بني فراس وكانوا أخواله. أحد أمراء الأجناد بالشام وممن كان تحت رايته أبوه أبو سفيان وأخوه معاوية. وأمره عمر على فلسطين ثم على دمشق. مات في طاعون عمواس سنة 18 وقيل 19.

سيدنا أبي بن كعب (رضي الله عنه)

سيدنا أبي بن كعب (رضي الله عنه) هو أبو المنذر أبيُّ بن كعب بن قيس النجاري الخزرجي أسلم قديماً شهد العقبة الثانية وبايع فيها وشهد بدراً والمشاهد بعدها وهو أول من كتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة وكان من فقهاء الصحابة وقرائهم وحسبك أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقرأ عليه القرآن وقال فيه - صلى الله عليه وسلم -: "أقرأكم أبي" وقال: "خذوا القرآن عن أربعة" وعدّ منهم أبياً وهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان عمر يسميه سيد المسلمين ويسأله عن المعضلات ويتحاكم إليه إذا وقع خلاف بين الصحابة وتوفي في خلافة عمر على الأكثر سنة 19 وقيل سنة 20. تنبيه تخصيص هذه الأربعة بالذكر دون غيرهم ممن حفظ القرآن وهم كثير لأنهم هم الذين تفرغوا لتعليمه دون غيرهم ممن اشتغل بغير ذلك من العلوم أو العبادات أو الجهاد. ويحتمل لأنه - صلى الله عليه وسلم - علم أنهم هم الذين ينتصبون لتعليمه فأحال عليهم لعلمه بأن الأمة ترجع إليهم كما أظهر الوجود إذ هم أئمة القراء وإلى روايتهم ينتهي غالب أسانيد الأئمة الفضلاء. اهـ من الأبي. سيدنا عبد الله بن مسعود الهذلي (رضي الله عنه) يكنى أبا عبد الرحمن هو سادس من أسلم، كان يلج على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويلبسه نعله ويمشي معه وأمامه ويستره إذا اغتسل ويوقظه إذا نام، وقال له: إذنك عليّ أن ترفع الحجاب وأن تسمع سوادي - بكسر السين أسراري - حتى أنهاك. وكان يشبه في هديه وسمته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهد له بالجنة. هاجر إلى الحبشة مرتين ثم إلى المدينة وصلّى القبلتين وشهد المشاهد كلها، شهد له كثير من الصحابة أنه

سيدنا أبو ذر (رضي الله عنه)

أعلمهم بكتاب الله تعالى قراءة وعلماً وكان من أعظم الأمور عليه أن الصحابة لما عزموا على كتب المصحف عيّنوا لذلك أربعة ولم يكن منهم ابن مسعود وكتبوه على لغة قريش ولم يعرجوا على ابن مسعود لأنه كان هذلياً وكانت قراءته على لغتهم وبينها وبين لغة قريش تباين عظيم فلذلك لم يدخلوه معهم. حدّث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكثير وروى عنه الكثير من الصحابة والتابعين وكان يقول: أخذت من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين سورة. أخرجه البخاري وهو أول من جهر بالقرآن بمكة وفي البخاري خذوا القرآن عن أربعة: عن ابن أم عبد ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة. وشهد فتوح الشام وسيّره عمر إلى الكوفة ليعلمهم أمورهم وبعث عمار بن ياسر أميراً وقال إنهما من النجباء من أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - فاقتدوا بهما ثم أمره عثمان على الكوفة ثم عزله واستقدمه إلى المدينة، قال حذيفة: ما أعلم أحداً سواه أشبه دلاً وهدياً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان زاهداً صالحاً له مزايا كثيرة. وقد انتشر العلم والدين عن أصحاب أربعة من أعلام الصحابة ابن مسعود وأصحابه وهم أهل العراق وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وأصحابهما وهم أهل المدينة وابن عباس وأصحابه وهم أهل مكة. توفي بالمدينة سنة 32 هـ. سيدنا أبو ذر (رضي الله عنه) هو أبو ذر جندب بن عمرو الغفاري من كبار الصحابة أسلم بعد أربعة وقصة إسلامه في الصحيحين ثم انصرف إلى بلاد قومه فأقام بها حتى قدم عام الحديبية بعد أن مضت بدر وأحد والخندق. غلب عليه التعبد والتزهد فكان يعتقد أن جميع ما يفضل عن الحاجة كنز فإمساكه حرام، ودخل الشام بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ممن نشر العلم به والدين، وكان في رتبة ابن مسعود في العلم ووقع بينه وبين معاوية نزاع في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} الآية فشكاه معاوية إلى عثمان فأقدمه عثمان المدينة واستأذن عثمان في إقامته بالربذة موضع منقطع عن المدينة ومات هناك سنة 32 هـ وهو أول من حيى النبي - صلى الله عليه وسلم - تحية الإِسلام وهي السلام عليكم وذلك لما دخل عليه ليسلم روى ابن عساكر عن أبي الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر".

سيدنا المقداد بن الأسود (رضي الله عنه)

سيدنا المقداد بن الأسود (رضي الله عنه) هو أبو الأسود المقداد بن عمرو بن ثعلبة الحضرمي تبناه الأسود واشتهر بذلك فلما نزلت {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} قيل له المقداد بن عمرو. أسلم قديماً وهاجر الهجرتين وشهد بدراً وما بعدها وكان فارساً يوم بدر ولم يثبت أنه كان فيها على فرس غيره. روى الترمذي مرفوعاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن الله عزّ وجل أمرني بحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم والمقداد وأبو ذر وسلمان" شهد فتح مصر وهو أحد الرجال الأربعة الذين بعثهم عمر مدداً لمصر وقال الواحد منهم مقام الألف مسلمة والمقداد والزبير وعبادة بن الصامت، مات سنة 33 هـ. سيدنا عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) هو أبو الوليد عبادة بن الصامت بن قيس الأنصاري الخزرجي أحد النقباء شهد بدراً وما بعدها كان من أعلام الصحابة وقضاتهم وشهد فتح مصر وكان أمير ربع المدد وقال فيه عمر مقامه من الرجال مقام الألف في الصحيحين قال: أنا من النقباء الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة الحديث وروى ابن سعد أنه ممن جمع القرآن على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب يزيد بن أبي سفيان إلى عمر قد احتاج أهل الشام إلى مَن يعلّمهم القرآن ويفقههم فأرسل معاذاً وعبادة وأبا الدرداء فقام عبادة بفلسطين وهو أول من تولى القضاء بفلسطين، مات بالرملة سنة 34 هـ. سيدنا أبو الدرداء (رضي الله عنه) هو عويمر بن عامر الأنصاري الخزرجي أسلم يوم بدر وشهد المشاهد كلها وآخى عليه الصلاة والسلام بينه وبين سلمان فكانا من الزهّاد العبّاد وهو معدود من الفقهاء الحكماء قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنه حكيم هذه الأمة" وقال فيه: "ما حملت ورقاء ولا أظلت خضراء أعلم منك يا أبا الدرداء" تولى قضاء دمشق في خلافة عمر وعثمان وقيل إن عمر ولاه قضاء المدينة أيام خلافته، توفي سنة نيف وثلاثين.

سيدنا حذيفة بن اليمان (رضي الله عنهما)

سيدنا حذيفة بن اليمان (رضي الله عنهما) هو حذيفة بن اليمان بن جابر بن عمرو العبسي حليف بني عبد الأشهل من الأنصار من كبار الصحابة له ولأبيه صحبة من السابقين الأولين شهد أحداً وما بعدها وبها استشهد أبوه وله أياد في الإِسلام بعلمه وسيفه وكان على يده فتح الكثير من البلاد كالدينور وهمذان والري وغيرها وهو الذي أشار على عثمان بنسخ المصاحف وجمع الناس على مصحف واحد وتحريق ما سواه روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الكثير تولى بعض أمور الكوفة وولاه عمر المدائن وبقي بها إلى أن مات بعد قتل عثمان بيسير سنة 36 هـ. سيدنا سلمان الفارسي (رضي الله عنه) يكنى أبا عبد الله ويعرف بسلمان الخير وكان ينسب إلى الإِسلام فيقول: أنا سلمان ابن الإِسلام ويعد من موالي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان السبب في عتقه ونسبه - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته فقال: "سلمان منا أهل البيت" أصله فارسي وأبوه مجوسي فنبهه الله تعالى إلى قبح ما كان عليه أبوه وقومه وجعل في قلبه التشوف إلى طلب الحق ففر عن أرضه إلى أرض الشام فلم يزل يجول في البلدان ويختبر الأديان ويكشف الأحبار والرهبان إلى أن دل على راهب الوجود بالوصول إلى المقصود بعد الصبر على المشاق والمكاره حسبما ذلك منقول في إسلامه في كتب السير وأول مشاهده الخندق وهو الذي أشار بحفره ولم يفته بعد ذلك مشهد وكان خيراً فاضلاً عالماً حبراً زاهداً متقشفاً قال الحسن: كان عطاء سلمان خمسة آلاف وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به ويأكل من عمل يده حال كونه أميراً على المدائن عاصمة الأكاسرة وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو كان الدين في الثريا لناله سلمان" وفي رواية "رجال من الفرس" وعن عائشة كان لسلمان مجلس من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينفرد به من الليل حتى كاد يغلبنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله أمرني أن أحب أربعة وأخبرني أنه يحبهم: علي وأبو ذر والمقداد وسلمان" وعن علي رضي الله عنه "إن سلمان مثل لقمان" وعن أبي هريرة قال: "كان سلمان صاحب الكتابين" قال قتادة:

سيدنا عمار بن ياسر (رضي الله عنه)

يعني الإنجيل والفرقان. له أخبار حسان وفضائل جمة، توفي في آخر خلافة عثمان سنة خمس أو ست وثلاثين. قال الشعبي: وتوفي بالمدائن، قيل: عاش مائتين وخمسين سنة وقيل أكثر. سيدنا عمار بن ياسر (رضي الله عنه) هو أبو اليقظان عمار بن ياسر بن عامر العنسي حليف بني مخزوم، شهد المشاهد كلها من السابقين الأولين هو وأبواه وكانوا ممن يعذب في الله وماتت أمه في ذلك التعذيب وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر عليهم فيقول: "صبراً آل ياسر موعدكم الجنة" وأول مَن أظهر إسلامه سبعة منهم ياسر، وعن علي رضي الله عنه قال: "استأذن عمار على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أذنوا له مرحباً بالطيب المطيب" وفي رواية أن علياً قال ذلك وقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن عماراً ملىء إيماناً إلى حشاشته" أخرجه الترمذي وابن ماجه. كان من أعلام الصحابة وفقهائهم، روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الكثير وعنه جماعة من الصحابة والتابعين منهم ابن عباس. وفي الترمذي مرفوعاً "ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أيسرهما" وأخرج الترمذي عن حذيفة رفعه "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار" وتواترت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن عماراً تقتله الفئة الباغية وأجمعوا على أنه قتل مع علي رضي الله عنه بصفين سنة 37 هـ وعمره 93 عاماً. سيدنا عمرو بن العاص (رضي الله عنه) هو أبو عبد الله أو أبو محمَّد عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم القرشي السهمي وأخوه لأمه عقبة بن نافع الفهري داهية العرب عقلاً ورأياً ولساناً وكانت له مكانة عند قومه لشهرته بالدهاء والمكيدة وكان حريصاً على الإمارة يحب الظهور ويميل إلى الإتيان بالأعمال الكبار ليكون كبيراً عند الناس جامعاً بين أجري الدنيا والآخرة. تأخر إسلامه وكان قبل فتح مكة بستة أشهر وكذلك خالد بن الوليد وكان حسن لصحبة محباً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - شديد الحياء منه لا يرفع طرفه إليه إجلالاً له كما في الصحيح روي عنه أنه قال "ما عدل بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبخالد بن الوليد أحداً من أصحابه في حربه منذ أسلمت" رواه ابن عساكر وذلك بلا ريب لثقته بإسلامهما

في أمور الحرب وحسبهما فضيلة فتوحها العظيم بالعراق والشام ومصر. بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رئيساً على جيش فيه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وذلك في غزوة ذات السلاسل وأرسله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمان والياً على الصدقة وأن يدعو الناس إلى الإِسلام فذهب ودعاهم إلى الإِسلام فآمنوا وحسبه الفضيلة العظيمة فتحه مصر وطرابلس الغرب وحروبه مع الأمراء بالشام كما رأيت فيما مر من هذا الكتاب إلا أنه عيب عليه دخوله غمار الفتنة العظمى وكونه اليد القوية فيها ومن مكائده في الفتنة إشارته برفع المصاحف في وجوه أصحاب علي وخداعه لأبي موسى الأشعري يوم التحكيم وبعد أن تم له فتح مصر والإسكندرية جعل مقره الفسطاط بأمر من أمير المؤمنين عمر بعد أن أقره والياً عليها فكان خير وال وأعظم قائد وأحب الولاة إلى الرعية وأشدهم قياماً على العدل والنظر في عمران البلاد وراحة أهلها فتألف بدهائه وحسن سياسته قلوب القبط حتى جعلهم عوناً للمسلمين وتمهدت له البلاد فأحبها وأحبه أهلها لذلك كان شأن مصر عنده عظيماً وإمارتها إليه محببة، وفي إمارته وقع حفر الخليج المعروف بخليج أمير المؤمنين الذي كان يمتد من الفسطاط إلى السويس وكان الصلة العظمى بين مصر والبحر الأحمر والهند وهذا الخليج قديم جداً قبل الإِسلام وتعطل قبل الفتح وسبب فتحه أن الناس أصابهم جهد شديد في خلافة عمر عام الرمادة فكتب إلى عمرو بن العاص "سلام عليك أما بعد فلعمري يا عمرو ما تبالي إذا شبعت أنت ومَن معك وأهلك ومَن معي، فيا غوثاه ثم يا غوثاه" فكتب إليه "من عبد الله عمرو إلى أمير المؤمنين أما بعد فيا لبيك ثم يا لبيك فقد بعثت إليك بعير أولها عندك وآخرها بمصر يتبع بعضها بعضاً" فلما قدمت على عمر وسع بها على الناس وأصاب كل بيت بعيراً بما عليه من الطعام فلما رأى عمر ذلك حمد الله وكتب إلى عمرو أن يقدم إليه مع جماعة من أهل مصر ولما قدموا قال لهم: "إن الله قد فتح على المسلمين مصر وهي كثيرة الخير والطعام وقد ألقى في روعي لما أحببت من الرفق لأهل الحرمين التوسعة عليهم حين فتح الله مصر وجعلها قوة لهم ولجميع المسلمين أن أحفر خليجاً من نيلها حتى يسيل في البحر فهو أسهل لما نريد من حمل الطعام إلى المدينة ومكة فإن حمله على الظهر يبعد ولا نبلغ به ما نريد" وأجابوه لذلك فانصرف عمرو وجمع الفعلة فاحتفر في حاشية الفسطاط مسافة من النيل إلى السويس فلم يأت الحول حتى جرت فيه السفن فحمل عليها ما أراد من الطعام إلى الحرمين وسمي خليج أمير المؤمنين ولم يزل على ذلك إلى مدة عمر بن عبد العزيز ثم ضيّعه الولاة بعده أما الخليج المعروف بالبرزخ وهو يصل البحر الأحمر بالبحر الأبيض فأبى عمر فتحه خوفاً من وصول الروم إلى البحر الأحمر

سيدنا زيد بن ثابت (رضي الله عنه)

وهذا الخليج كان موجوداً في عهد البطالسة وآثاره باقية إلى عهد عمر ولم يزل عمرو والياً على مصر إلى خلافة عثمان فعزله وولاها عبد الله بن سعد بن أبي سرح ثم وليها في زمن معاوية وتوفي عليها يوم الفطر سنة 43 هـ وهو ابن 90 سنة ودفن بالمقطم وترك دنيا عريض وثروة واسعة ولما حضرته الوفاة بكى فقال له ابنه عبد الله: ما يبكيك وأجابه بما هو مذكور في حديث قصة إسلامه بطوله في صحيح مسلم. سيدنا زيد بن ثابت (رضي الله عنه) هو أبو سعيد زيد بن ثابت الأنصاري النجاري الخزرجي شهد أُحداً فما بعدها وأعطاه - صلى الله عليه وسلم - راية بني النجار في غزوة تبوك، وهو الذي تولى قسم غنائم اليرموك، وكان كاتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي وغيره، ثم استكتبه أبو بكر فعمر، وهو الذي باشر جمع المصحف الشريف أيام أبي بكر كما في الصحيح، وتولى نسخ المصاحف زمن عثمان ومعه عبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن حارث بن هشام القرشي المخزومي المتوفى سنة 43 هـ: كان زيد رأساً بالمدينة في القضاء والفتوى والفرائض قال فيه عليه الصلاة والسلام: "أفرضكم زيد" كان عمر يستخلفه وكذلك عثمان واستعمله أميناً على بيت المال، وكان من الراسخين في العلم، وهو أحد الذين جمعوا القرآن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال مالك: كان إمام الناس بالمدينة بعد عمر زيد بن ثابت، وكان إمام الناس بعده عبد الله بن عمر وقد أخذ بركابه يوماً ابن عباس وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا فقبَّل زيد رأسه وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا. توفي سنة نيف وأربعين وفي تحرير النيف أقوال وفي خمس وأربعين قول الأكثر. ولما مات قال أبو هريرة: مات حبر هذه الأمة، وعسى أن يجعل الله في ابن عباس منه خلفاً. ورثاه حسان بقوله: فمن للقوافي بعد حسان وابنه ... ومن للمعاني بعد زيد بن ثابت سيدنا سعيد بن العاص (رضي الله عنه) هو أبو عثمان سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي كان من فصحاء قريش ولهذا ندبه عثمان فيمن ندب لكتابة القرآن، قال ابن أبي داود

سيدنا أبو موسى الأشعري (رضي الله عنه)

في المصاحف إن عربية القرآن أقيمت على لسان سعيد بن العاص أنه كان أشبههم لهجة برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولي الكوفة وغزا طبرستان وجرجان وكان في عسكره حذيفة وغيره من كبار الصحابة وولى المدينة لمعاوية وكان حليماً وقوراً مشهوراً بالكرم والبر. روى عن ابن عمر أنه قال: جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ببردة فقالت: إني نذرت أن أعطي هذه البردة لأكرم العرب. فقال: أعطيها لهذا الغلام وهو واقف يعني سعيداً هذا. مات بقصره بالعقيق سنة ثلاث وخمسين. سيدنا أبو موسى الأشعري (رضي الله عنه) هو عبد الله بن قيس بن سليم الأشعري من علماء الصحابة وأعيانهم ومن السابقين الأولين هاجر الهجرتين، استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على بعض اليمن كزبيد وعدن وأعمالهما واستعمله عمر على البصرة بعد المغيرة فافتتح الأهواز وأصبهان وغيرهما ثم استعمله عثمان على الكوفة وبه تفقه أهلها. روي له من الحديث ستمائة وستون حديثاً في الصحيحين منها ثمانية وستون حديثاً كان حسن الصوت بالقرآن. وفي الصحيح: "لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود" وكان عمر إذا رآه قال: شوقاً إلى ربنا يا أبا موسى فيقرأ عنده. قال الشعبي: انتهى العلم إلى ستة فذكره فيهم. وقال ابن المديني: قضاة الأمة أربعة: عمر وعلي وأبو موسى وزيد بن ثابت. شهد فتوح الشام، وكان أحد الحكمين بصفين وخدع فيه حتى كان ما كان، ثم اعتزل الفريقين. مات سنة اثنتين أو أربع وأربعين أو ثلاث وخمسين قيل بمكة وقيل بالكوفة وهو ابن نيف وستين. سيدنا الحسن وسيدنا الحسين ابنا سيدنا علي (رضي الله عنهم) قال الحافظ ابن حجر وقع جمعهما لما لهما من الاشتراك في كثير من المناقب وكان مولد الحسن في رمضان سنة ثلاث من الهجرة عند الأكثر ومات

سيدنا أسامة بن زيد (رضي الله عنهما)

بالمدينة مسموماً سنة خمسين وقيل قبلها وقيل بعدها ودفن بالبقيع إلى جنب قبر أمه، وصلّى عليه سعيد بن العاص. وقد تواترت الأحاديث الصحيحة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في الحسن: "إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين" الحديث. كان حليماً فاضلاً ورعاً دعاه فضله وورعه إلى ترك الملك رغبة فيما عند الله تعالى، وظهر صدق ذلك فإنه لما قتل أبوه علي بايعه أكثر من أربعين ألفاً وكثير ممن تخلف عن أبيه ومن نكث بيعته. فبقي خليفة بالعراق وما وراءها من خراسان خمسة أشهر. ثم سار إلى معاوية في أهل الحجاز وسار إليه معاوية في أهل الشام فلما التقى الجمعان بالأنبار كره الحسن القتال لعلمه أن إحدى الطائفتين لا تغلب حتى يهلك أكثر الأخرى فسلّم الأمر إلى معاوية على شروط. وأما الحسين فكان فاضلاً كثير الصوم والصلاة حجّ خمساً وعشرين حجة ماشياً. وقال - صلى الله عليه وسلم - فيه وفي الحسن "سيدا شباب أهل الجنة" وقال: "هما ريحانتاي في الدنيا". شهد مع أبيه الجمل ثم صفين ثم قتال الخوارج وبقي معه إلى أن قتل. ثم مع أخيه إلى أن سلّم الأمر إلى معاوية فتحول مع أخيه إلى المدينة واستمر بها إلى أن مات معاوية فخرج إلى مكة ثم أتته كتب أهل العراق بأنهم بايعوه بعد موت معاوية فأرسل إليهم ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب فأخذ بيعتهم وتوجه إليهم وكان من قصة قتله ما كان وقتل معه جماعة من أهل البيت في موضع يقال له كربلاء ويقال له الطف قرب الكوفة في يوم عاشوراء سنة 61 هـ. مولده في شعبان سنة أربع على قول الأكير. سيدنا أسامة بن زيد (رضي الله عنهما) تقدم ذكر نسبه في مناقب والده يكنى أبا محمَّد ويسمونه حِب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتربى في بيت النبوة مع أولاده وكان يجعله في حجره هو وسبطه الحسن ويقول: "اللهم إني أحبهما فأحبهما" توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن عشرين سنة وولاه على جيش عظيم فيه أبو بكر وعمر فمات النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتوجه فأنفذه أبو بكر وتقدم الكلام على هذا الجيش في فضائل أبي بكر. وكان أسامة ممن اعتزل الفتنة. وتوفي آخر أيام معاوية.

سيدنا عبد الله بن سعد (رضي الله عنه)

سيدنا عبد الله بن سعد (رضي الله عنه) هو أبو يحيى عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث القرشي العامري أخو عثمان بن عفان من الرضاعة، شهد فتح مصر واختط بها وكان صاحب الميمنة في الحرب مع عمرو بن العاص وله مواقف محمودة في الفتوح براً وبحراً وأمره عثمان على مصر وافتتح إفريقية زمن عثمان وكانت ولايته مصر سنة 25 هـ، وكان فتح إفريقية من أعظم الفتوح بلغ سهم الفارس فيه ثلاثة آلاف دينار وذلك سنة 28 هـ وقيل كانت ولايته على مصر سنة 27 هـ بعد عزل عمرو بن العاص، فغزا إفريقية ومعه العبادلة، وقيل: كانت ولايته سنة 25 هـ وغزوة إفريقية سنة سبع وكان محمود السيرة ولما وقعت الفتنة سكن عسقلان ولم يبايع لأحد. روى البغوي بإسناد صحيح عن يزيد بن أبي حبيب قال: خرج ابن أبي سرح إلى الرملة فلما كان عند الصبح قال: اللهم اجعل آخر عملي الصبح، فتوضأ ثم صلّى فسلّم عن يمينه ثم ذهب ليسلّم عن يساره فقبض الله روحه. وذكره البخاري من هذا الوجه، وأخرج السراج عن عبد العزيز بن عمران قال: مات ابن أبي سرح سنة 59 هـ في آخر سني معاوية. سيدنا معاوية (رضي الله عنه) هو أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان تقدم ذكر نسبه في مناقب أخيه يزيد. كان من كتبة الحسبة الفصحاء حليماً وقوراً، قال المديني: كان زيد بن ثابت يكتب الوحي ومعاوية يكتب للنبي - صلى الله عليه وسلم - فيما بينه وبين العرب، ولاه عمر الشام بعد أخيه يزيد وأقره عثمان ثم استمر فلم يبايع علياً ثم حاربه واستقل بالشام ثم أضاف إليها مصر ثم تسمى بالخليفة بعد الحكمين ثم استقل لما صالح الحسن واجتمع إليه الناس فسمي ذلك العام عام الجماعة، مات في رجب سنة 60 هـ على الصحيح. سيدنا مسلمة بن مخلد (رضي الله عنه) هو أبو سعيد مسلمة بن مخلد على وزن محمَّد الأنصاري الخزرجي. قال: ولدت حين قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وهو أحد الرجال الأربعة الذين بعثهم عمر

سيدنا مروان بن الحكم (رضي الله عنه)

رضي الله عنه مدداً لفتح مصر وقال: الواحد منهم مقام الألف، وهو أول مَن جمعت له إمارة مصر والمغرب، مات سنة 62 هـ. سيدنا مروان بن الحكم (رضي الله عنه) هو أبو عبد الملك مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية القرشي الأموي وهو ابن عم عثمان وكاتبه في خلافته. ولد بعد الهجرة بسنتين وقيل بأربع كان يعد من الفقهاء، شهد فتح إفريقية وكان من أسباب قتل عثمان وشهد الجمل مع عائشة ثم صفين مع معاوية ثم ولى إمرة المدينة لمعاوية ولم يزل بها إلى أن أخرجه ابن الزبير في أوائل إمرة يزيد بن معاوية فبايعه بعض أهل الشام في قصة طويلة ثم كانت الوقعة بينه وبين الضحاك بن حنين وكان أميراً لابن الزبير فانتصر مروان وقتل الضحاك واستوثق له ملك الشام ثم توجه لمصر فاستولى عليها ثم بغته الموت فعهد إلى ولده عبد الملك فكانت مدته في الخلافة نحو نصف عام ومات في رمضان سنة 65 هـ وهو أول من ضرب الدنانير الشامية وكتب عليها {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}. سيدنا عبد الله بن العباس (رضي الله عنه) هو أبو العباس عبد الله بن العباس ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمه أم الفضل لبنانة بنت الحارث الهلالية. ولد قبل الهجرة بثلاث سنين وهو أثبت الأقوال، كان من أعيان علماء الصحابة ومن أعلمهم بتفسير القرآن وكان عمر يقدمه مع الأشياخ وهو شاب. أورد في حديثه قال: ضمني النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "اللهم علَّمه الحكمة" وفي لفظ "علَّمه الكتاب" وفي رواية "فقهه في الدين" وفي رواية "فاغمسه في الدين وعلَّمه التأويل" وفي رواية "اللهم بارك فيه وانشر عنه واجعله من عبادك الصالحين" واختلف في تفسير الحكمة هنا فقيل الكتاب وقيل الإصابة في القول، وقيل الفهم عن الله، وقيل ما يشهد العقل بصحته، وقيل نور يفرق به بين الإلهام والوسواس، وقيل سرعة الجواب بالصواب، وقيل غير ذلك، وكان ابن مسعود يقول: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. وكان ابن عمر يقول: ابن عباس فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول. وقال مسروق: كنت إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس

سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما)

وإذا تكلم قلت أفصح الناس وإذا تحدث قلت أعلم الناس، وكان يسمى الحبر لغزارة علمه والبحر لاتساع حفظه ونفوذ فهمه، وجملة ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألف حديث وستمائة وستون، في الصحيحين منها مائتان وأربعة وثلاثون، وهو أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو هريرة وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وعبد الله بن عمرو بن العاص وعائشة. وأحد العبادلة الأربعة عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير؛ والحاصل أن دعوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه قبلت وظهرت بركاتها عليه فاشتهرت علومه وفضائله فارتحل طلاب العلم إليه وازدحموا عليه ورجعوا عند اختلافهم لقوله وعولوا على نظره ورأيه، وكان يقال له حبر العرب ويقال إن الذي لقبه بذلك جرجير ملك الغرب وكان قد غزا مع عبد الله بن أبي سرح إفريقية فتكلم مع جرجير فقال له: ما ينبغي إلا أن تكون حبر العرب، ذكر ذلك ابن دريد في الأخبار المنثورة. قال ابن يونس: وكانت هاته الغزوة سنة 27 هـ فضائله جمة وتوفي بالطائف وفي وفاته أقوال والصحيح وهو قول الجمهور سنة 68 هـ. ... شقيقه أبو محمَّد عبيد الله كان من فضلاء الصحابة وكان جميلاً سخياً جواداً، استعمله علي على اليمن وحجّ بالناس سنة 36 هـ ومات بالمدينة سنة 58 هـ وبه جزم أبو نعيم. سيدنا عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) تقدم ذكر نسبه في مناقب والده يكنى أبا عبد الله وأبا عبد الرحمن أسلم قبل أبيه وفي الصحيحين قصته مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في نهيه عن مواظبة قيام الليل وصيام النهار وأمره بصيام يوم بعد يوم وبقراءة القرآن في كل ثلاث وهو مشهور وفي بعض طرقه أنه لما كبر كان يقول: يا ليتني كنت قبلت رخصة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة حديثاً في البخاري عن أبي هريرة ما أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر حديثاً مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب روى

سيدنا عبد الله بن الزبير (رضي الله عنهما)

عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجماعة من الصحابة وعنه الكثير من الصحابة والتابعين. شهد فتح مصر وإفريقية ومات سنة 69هـ على أحد الأقوال وهو ابن اثنين وستين. سيدنا عبد الله بن الزبير (رضي الله عنهما) تقدم ذكر نسبه في فضائل والده يكنى أبا عبد الله أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق ولد عام الهجرة وحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير وحدّث عنه بجملة من الحديث وعن أبيه وأبي بكر وعمر وعثمان وخالته عائشة وغيرهم وهو أحد العبادلة وهو أول مولود للمهاجرين بعد الهجرة حنكه النبي - صلى الله عليه وسلم - بتمرة مضغها ثم تفل في فيه فكان أول شيء دخل في جوفه ريق النبي - صلى الله عليه وسلم - ودعا له وبرك عليه وهو أحد الأربعة الذين اقتدى بهم عثمان لنسخ المصاحف. شهد اليرموك مع أبيه والجمل مع عائشة ثم أعتزل حروب علي وشهد فتح إفريقية وبويع له بالخلافة سنة 64 هـ عقب موت يزيد بن معاوية ولم يختلف عنه أحد إلا بعض أهل الشام ثم جهز عبد الملك بن مروان جيشاً أميره الحجاج إلى ابن الزبير فقاتله إلى أن قتل في جمادى الأولى سنة 73 هـ في خبر طويل الذيل. سيدنا عبد الله بن جعفر (رضي الله عنهما) مر ذكر نسبه في مناقب والده يكنى أبا محمَّد ولد بالحبشة لما هاجر أبوه إليها. روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن أبويه وعمه وأبي بكر وعثمان وعمار بن ياسر وعنه جماعة روي عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأما عبد الله فيشبه خلقي وخلقي" ثم أخذ بيدي فقال: "اللهم اخلف جعفراً في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه" قالها ثلاث مرات، وكان كريماً وأخباره في الكرم كثيرة شهيرة. شهد فتح إفريقية والمشهور أنه مات سنة 80 هـ.

خلاصة

خلاصة اعلم أن الفتوحات الإِسلامية امتدت واتسعت في الجهات الشرقية والغربية زمن الخلفاء الراشدين لطهارة سيرتهم وصفاء سريرتهم ولعدلهم في بيت المال وغيره وكان الصحابة رضي الله عنهم هم الواسطة العظمى في انتشار الدين وتبليغه بنقل أقواله وأفعاله وأحواله وأخباره وبث العلم وانتشاره وبهم أشرقت على العالم أنوار النبوة المحمدية على صاحبها أشرف السلام وأزكى التحية واعترفت الأمة لله الواحد القهار بالوحدانية وبلغت من الرقيّ أعلاه ومن المجد أسناه وبسطت الخلافة الإِسلامية يدها على مشارق الأرض ومغاربها كل ذلك بواسطة الصحابة ثم التابعين رضوان الله عليهم أجمعين فهم الذين مهّدوا لنا المسالك وفتحوا لنا الأقطار والممالك وذلوا الأمم وأقاموا منار العدل ومحوا آثار الفساد والبغي والظلم وقد كانوا أسود نزال وعلماء حرب وقتال وكانت لهم الحرية الحقيقية لا يسكتون على منكر ولا يقرون على ضيم وكانوا غير مستبدين في الأعمال لا يبرمون أمراً من أمور الدولة إلا بعد المشاورة فيه مع عظماء الأمة وكان اختيار الأعمال المنوطة بهم يوكل إليهم والخليفة ينفذ ما استقر عليه رأيهم لأنه أرجى في نجاح الأمور لأن الأمة لا تجتمع على ضلالة فكانت الأعمال منظمة والرياسة في أهلها والنجاح متأصل الأطراف مأمون مما يخاف. واعلم أني أشرت فيما تقدم للفتوحات الشرقية والغربية التي وقعت زمن الخلفاء الراشدين وهي في الحقيقة تمهيد للفتوحات الغربية وذكر أمراء إفريقية. وحيث كان ذلك هو الغرض الوحيد من تأليف هاته التتمة وقد آن الأوان فلنشرع في الغرض المقصود، مستعيناً بالواحد المعبود، فنقول: الفتوحات الغربية على يد الصحابة أول أمير تأمّر على جيوش إفريقية هو البطل المشهور المجاب الدعوة سيدنا عبد الله بن سعد بن أبي سرح بعهد من الخليفة الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وتحرير الخبر في ذلك كان استعمل على الحرب في مصر عبد الله بن سعد وأمره بغزو إفريقية سنة 24 هـ أو 25 هـ وقال له: إن فتح الله عليك فلك خمس الخمس من الغنائم، فأمر عقبة بن نافع بن عبد القيس القرشي الفهري الصحابي بالمولد على جند وعبد الله بن نافع بن الحارث على آخر وسرحهما فخرجوا إلى إفريقية في عشرة آلاف وصالحهم أهلها على مال يؤدونه ولم يقدروا على التوغل فيها

لكثرة أهلها، ثم إن عبد الله بن سعد شكا عمرو بن العاص إلى عثمان لخلاف وقع بينهما فاستقدمه عثمان واستقل عبد الله بن سعد على إمارتي الخراج والحرب في مصر، وكتب عبد الله يستأذن عثمان في قصد إفريقية ثانية ويستمده فجمع عثمان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستشارهم في ذلك فأشاروا عليه بغزوها فندب الناس إلى ذلك فتسارعوا وخرج المهاجرون الأولون وفيهم جماعة أعيان الصحابة وأبناء الصحابة منهم العبادلة الأربعة ابن عباس وابن الزبير وابن عمرو بن العاص وابن جعفر والحسن والحسين ومروان بن الحكم. ولما اجتمع المسلمون على المسير جمع عثمان الناس وخطب خطبة قال فيها بعد حمد الله والثناء عليه: أما بعد، فإني قد عهدت إلى عبد الله بن سعد أن يحسن إلى محسنكم ويتجاوز عن مسيئكم وأن يرفق بكم ولا حول ولا قوة إلا بالله وقد استعملت عليكم الحارث بن عبد الحكم حتى تقدموا إلى عبد الله، فلما قدموا خرج بمن كان معه وبمن قدم عليه وذلك سنة 26 هـ ولقيهم عقبة بن نافع فيمن معه من المسلمين ببرقة ثم ساروا إلى طرابلس فقاتلهم الروم قتالاً خفيفاً وبعث عبد الله السرايا في كل ناحية وساروا إلى إفريقية تونس فقابله عند مدينة يعقوبة - وفي رواية سبيطلة - حاكم إفريقية الشمالية من قبل إمبراطور القسطنطينية واسمه غريغوار ويسميه العرب جرجيراً بمائة وعشرين ألف مقاتل واشتبك بينهما القتال وجاءهم عبد الرحمن بن الزبير مدداً من قبل عثمان بفتح الزاي وهو غير الزبير بضم الزاي ابن العوام فشهد الحرب وقد غاب عنهما عبد الله بن سعد فسأل عنه فقيل له إنه سمع منادي جرجير يقول: من يقتل ابن أبي سرح فله مائة ألف دينار وأزوجه ابنتي، فخاف وتأخر عن حضور القتال فقال له عبد الله بن الزبير: تنادي أنت بأن مَن قتل جرجيراً نفلته مائة ألف وزوجته ابنته واستعملته على بلاده، وقد كان جرجير لما سمع بوصول المدد سقط ما في يده إلا أنه جالد المسلمين جلاداً عظيماً فلما أبطأ عليهم الفتح أشار عبد الله بن الزبير على عبد الله بن سعد أن يترك جماعة من أبطال المسلمين متأهبين للحرب ويقاتل العدو بباقي العسكر إلى أن يضجروا فيحمل عليهم بالآخرين على غرّة ففعل وركبوا من الغد إلى القتال وألحوا على الأعداء حتى اتبعوهم ثم افترقوا وقد أنهكهم التعب فركب عبد الله بن الزبير مع الفريق المستريحين وحملوا حملة واحدة حتى غشوا عسكر جرجير في خيامهم فانهزموا وقتل عبد الله بن الزبير جرجيراً وأخذت ابنته سبية فنفلها ابن الزبير وحاصر عبد الله بن سعد سبيطلة ففتحها وكان سهم الفارس فيها ثلاثة آلاف دينار وسهم الراجل ألفاً وهو فتح عظيم لم يفتح على أحد مثله، ثم إن عبد الله بن سعد بعث سراياه إلى أنحاء البلاد وعليها القواد ومنهم ابن الزبير فجالوا

في أقطار المغرب غرباً وشرقاً وجنوباً، فأغاروا من جهة الجنوب على إقليم بين أسنة المعروف ببلاد النخل أو الجريد ومن الشمال والغرب على إقليمي نوميدايا وموريتانيا في الجزائر ثم بلاد فاس ومراكش المعروفة بموريتانيا الطنجية وهكذا حتى انقادت لهم البلاد إلى بوغاز جبل طارق ودفع أهلها لهم الجزية التي كانوا يؤدونها لقيصر الروم كما ذلك في خلاصة تاريخ العرب. أما مؤرخو الإِسلام فقد اختصروا أخبار هذا الفتح وذكروا الصلح الذي عرضه عظماء إفريقية على ابن سعد وهو أن يعطوه ثلاثمائة قنطار من الذهب أي مليونين وخمسمائة ألف دينار ونيفاً فقبل ذلك منهم وأرسل ابن الزبير بالفتح والخمس إلى أمير المؤمنين عثمان فاشتراه مروان بخمسمائة ألف دينار، ولما أصاب ابن سعد من إفريقية ما أصاب ورجع إلى مصر جهز قسطنطين بن هرقل أمبراطور القسطنطينية أسطولاً كبيراً مؤلفاً من ستمائة مركب أراد أن يهاجم به الإسكندرية على قول ابن خلدون وابن الأثير لم يذكر الجهة التي كان يريدها قسطنطين والظن أنه كان يريد إفريقية بدليل التجاء الأمبراطور إلى جزيرة صقلية بعد انكساره في هذه الغزوة وهي قريبة من تونس، ولما بلغ المسلمين خروج هذا الأسطول خرج لملاقاته في البحر أسطولان أسطول من الإسكندرية مع عبد الله بن سعد وأسطول من سورية مع معاوية بن أبي سفيان والتقيا معه في عرض البحر فقرنوا السفن إلى بعضها واقتتلوا قتالاً شديداً حتى استحر القتل فانهزم قسطنطين جريحاً إلى صقلية بما بقي معه من الروم ولما علم أهل صقلية فراره قتلوه وسمى المسلمون هذه الغزوة غزوة ذات الصواري والمكان كذلك لكثرة ما كان فيها من الصواري، ثم إن الأمبراطور فونستانس الثاني غضب على أهل إفريقية لما أعطوه من المال لابن سعد لأنه أكثر مما كانوا يعطوه لأمبراطورة الروم واغتنم فرصة اضطراب المسلمين وانقسامهم في التنازع على الخلافة فأرسل من قبله بطريقاً ليأخذ منهم مثله فأبوا فقاتلهم وطرد البطريق الذي ولوه عليهم من قبل المسلمين بعد جرجير فالتجأ إلى معاوية بن أبي سفيان وقد كان اجتمع له الأمر فنصره وبعث جيشاً أميره معاوية بن حديج بالحاء المهملة مصغراً الكندي له صحبة ورواية ووفادة وذلك سنة 45 هـ لتدويخ البلاد وطرد الروم عنها ثانية ولما وصل الجيش إفريقية انتشب القتال بينه وبين جيش العدو قرب قصر أجم وكان النصر حليف المسلمين، وبعد هذا الفوز بعث معاوية بن حُديج عبد الله بن الزبير لسوسة ففتحها وفتح بنزرت وجلولا ووجه أسطولاً مهولاً لصقلية وغنم غنائم كثيرة ثم رجع معاوية لمصر بعد أن خلّد آثاراً حسنة وعزله الخليفة معاوية عن إفريقية وأقره على مصر ثم عزل عن مصر سنة 51 هـ وتوفي بها في السنة بعدها. أخرج ابن عبد الحكم عن سليمان بن سفيان قال:

غزونا إفريقية مع ابن حديج ومعنا بشر كثير من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار ثم غزا إفريقية عقبة بن نافع ومعه جماعة من الصحابة، وفي هذه الغزوة استشهد أبو زمعة عبيد الله بن أرقم البلوي نسبة لبلي كعلي قبيلة من قضاعة وهو صاحب المقام المعروف به خارج القيروان ودفنت معه شعرات من شعر النبي - صلى الله عليه وسلم - فعظم بذلك قدر إفريقية واختط عقبة القيروان وبنى بها الجامع الأعظم المشهور وكان تأسيسه لها سنة 50 هـ وتم سنة 55 هـ وقاتل البربر وشردهم ثم عزله معاوية وولى مصر وإفريقية مسلمة بن مخلد الأنصاري فوجه لإفريقية مولاه أبا المهاجر ديناراً سنة 56 هـ وغزا جزيرة شريك وغيرها ولما توفي الخليفة معاوية وبويع لابنه يزيد رجع هذا الخليفة عقبة المذكور إلى عمل إفريقية ووصل القيروان سنة 62 هـ. غزا كثيراً من الجهات وفتحها وشتت جموع البربر وغيرهم. قال ولي الدين بن خلدون: وصل عقبة إلى جبال درن وقاتل المصامدة بها وكانت بينه وبينهم حروب وحاصروه بجبال درن فنهض إليهم جموع زناتة وكانت خالصة للمسلمين منذ إسلام مغراوة فأفرجت المصامدة عن عقبة فأثخن فيهم حتى حملهم على طاعة الإِسلام ودوّخ بلادهم ثم دخل السوس لقتال مَن بها من صنهاجة وهي يومئذ على دين المجوس فأثخن فيهم وهزم جموع البربر وقفل راجعاً وكان كسيلة الأروبي في جيوش عقبة قد استصحبه في غزواته وكان يستهين به ويمتعضه حتى صار في نفسه شيء بسبب ذلك على عقبة وبلغ ذلك أبا المهاجر وهو معتقل عند عقبة فبعث إليه ينهاه ويقول له: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتألف جبابرة العرب وأنت تعمد إلى رجل جبار في قومه وبدار عزه وحديث عهد بالشرك فتستفسده وأشار عليه بأن يتوثق منه وخوّفه غائلته فتهاون عقبة بقوله. فلما قفل من غزاته هاته وانتهى إلى أرض الزاب، وكسيلة أثناء هذا كله في صحبته، صرف العساكر إلى القيروان أفواجاً ثقة بما دوخ من البلاد وأذل من البربر وبقي في قليل من الجند فلما وصل إلى تهودة وأراد أن ينزل بها الحامية نظر إليه الفرنجة وطمعوا فيه فراسلوا كسيلة ودلوه على الفرصة فيه فانتهزها وأرسل بني عمه ومَن تبعهم من البربر فاقتفوا أثر عقبة وأصحابه حتى إذا غشوهم بتهودة ترجل القوم وكسروا أجفان سيوفهم ونزل الصبر واستلحم عقبة وأصحابه فلم يفلت منهم أحد وكانوا زهاء الثلاثمائة من كبار الصحابة والتابعين، واستشهدوا في مصرع واحد، فيهم أبو المهاجر دينار. وأجداثهم رضي الله عنهم بمكانهم بأرض الزاب لهذا العهد، واتخذ على المكان مسجد يعرف باسم عقبة هو في عداد المزارات ومظان البركات بل هو أشرف مزور من الأجداث في بقاع الأرض لما توفي فيه من عدد الشهداء من الصحابة والتابعين الذين لا يبلغ

صلة

أحد مد أحدهم ولا نصيفه. وكان ذلك سنة 63 هـ ثم بعد الوقعة زحف كسيلة إلى القيروان وبها يومئذ جمهور العرب ووجوه الإِسلام فبلغهم الخبر وعظم عليهم الأمر فقام زهير بن قيس البلوي فيهم خطيباً وقال: يا معشر المسلمين إن أصحابكم قد دخلوا الجنة فاسلكوا سبيلهم فخالفه قيس بن عبد الله الصنعاني لما علم أنه لا طاقة للمسلمين لما دهمهم هن أمر البربر ورأى أن النجاة بمَن معه من المسلمين أولى ونادى في الناس بالرحيل فاتبعوه إلا قليلاً منهم وانتقل زهير إلى برقة واجتمع إلى كسيلة جميع أهل المغرب من البربر والفرنجة وعظم أمره وتقدم إلى القيروان واستولى عليها في محرم سنة 64هـ وفرّ منها بقية العرب ولحقوا بزهير ومَن بقي بها آمنه كسيلة، وثبت قدمه بالقيروان واستمر أميراً على البربر ومَن بقي من العرب خمس سنين، وقارن ذلك مهلك يزيد بن معاوية وإذ ذاك أمر الخلافة في الشرق في اضطراب إلى أن استقل عبد الملك بن مروان بالخلافة وأذهب آثار الفتنة بالمشرق فالتفت إلى المغرب وتلافى أمره على نحو ما سنذكره في الطبقة الآتية. صلة اعلم أنه دخل إفريقية مئات من الصحابة ووقع التصريح بأسماء بعض مَن دخلها غير أنهم قليلون بالنسبة لمَن دخلها وقد اقتطفت أسماءهم من الإصابة والاستيعاب والاستقصى والخلاصة النقية وغيرهم وهم نيف وأربعون من الطراز الأول وعليهم في الأمور المعول والواجب أن نطرز ما جمعته ونتوج ما أسلفته بذكر أسمائهم اهتماماً بشأنهم رضي الله عنهم: عبد الله بن عمر بن الخطاب. عبد الله بن عمرو بن العاص. عبد الله بن الزبير. عبد الله بن العباس. عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. عبد الله بن مسعود. عبد الله بن سعد بن أبي سرح. الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وريحانتا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المقداد بن الأسود. مروان بن الحكم. سعيد بن العباس. مسلمة بن مخلد. أبو لبابة.

هؤلاء ترجمت لبعضهم في هاته التتمة وبعضهم في الطبقة الثانية في المقصد. ولنذكر مَن لم نترجم له فيما سلف من هذا الكتاب. عبد الله بن نافع بن الحصين وجهه عثمان مع ابن أبي سرح لشدة بطشه وإصابة رأيه. أبو ذؤيب خالد بن خويلد الهذلي الشاعر المشهور كان فصيحاً متمكناً من الشعر، وعاش في الجاهلية دهراً وأدرك الإِسلام وأسلم على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يره. روى ابن عبد البر أن أبا ذؤيب قال: بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليل فاستشعرت حرباً وبت بأطول ليلة لا ينجاب ديجورها ولا يطلع نورها حتى إذا كان قرب السحر غفيت فهتف بي هاتف يقول: خطب أجل أناخ بالإِسلام ... بين النخيل ومعقل الآطام قضى النبي محمد فعيوننا ... تذري الدموع عليه بانسجام قال: فوثبت من نومي فزعاً فنظرت إلى السماء فلم أرَ إلا سعد الذابح فتفاءلت به ذبحاً يقع في العرب وعلمت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات، فركبت ناقتي وسرت. وروي أنه لما وصل وجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ميتاً وحضر الصلاة عليه ودفنه، وشهد بيعة أبي بكر وسمع خطبته. ورثى النبي - صلى الله عليه وسلم - بقصيدة منها: كسفت لمصرعه النجوم وبدرها ... وتزعزعت آطام بطن الأبطح كان أصاب الطاعون خمسة من أولاده فماتوا في عام ولهم بأس ونجدة فقال في قصيدته التي أولها: أمن المنون وريبها تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع ومنها: وتجلدي للشامتين أريهم ... إني لريب الدهر لا أتضعضع وإذا المنية أنشبت أظفارها .... ألفيت كل تميمة لاتنفع والنفس راغبة إذا رغبتها .... وإذا ترد إلى قليل تقنع سئل حسان بن ثابت مَن أشعر الناس قال رجلاً أو قبيلة، قالوا قبيلة قال هذيل. في طبقات أبي العرب محمَّد بن تميم: من أعيان الصحابة الذين شهدوا إفريقية عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الرحمن بن أبي بكر وأبو ذؤيب الهذلي وتوفي بإفريقية وقام بأمره عبد الله بن الزبير ونزل في لحده.

عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما يكنى أبا محمَّد وأبا عبد الله وهو أسن ولد لأبي بكر وكان صالحاً لم يجرب عليه كذبة قط شجاعاً رامياً شهد بدراً واليمامة والجمل وإفريقية كما في طبقات أبي العرب. كان من أعلام الصحابة. مات بمكان على عشرة أميال من مكة وبها دفن سنة 54 هـ على أحد الأقوال. عبد الرحمن بن الزَّبير بفتح الزاي وكسر الموحدة. بعثه عثمان مع جيش مدداً لابن أبي سرح بإفريقية. عبيد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كان من شجعان قريش وفرسانهم ولما قتل أبو لؤلؤة والده عمر عمد عبيد الله هذا إلى الهرمزان وجماعة من الفرس وقتلهم حيث اتهمهم بالمؤامرة على قتل والده عمر رضي الله عنه في خبر تركنا إيراده خشية التطويل. شهد إفريقية وقتل بصفين مع معاوية سنة 36 هـ. أخوه عاصم دخل إفريقية ومات بالربذة سنة 68 هـ على أحد الأقوال. عبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي استشهد بإفريقية وفي الإصابة مات سنة 43 هـ وهو أحد الأربعة الذين تولوا نسخ المصاحف زمن عثمان. معبد بن العباس بن عبد المطلب استشهد بإفريقية. حمزة بن عمرو الأسلمي. أبو نعيم معاوية بن حديج بضم الحاء المهملة مصغراً كان من فضلاء الرجال. شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص وأمره معاوية على الجيش الذي جهزه لمصر والأمير عليها محمَّد بن أبي بكر الصديق من قبل علي رضي الله عنه ولما قتل بايع المصريون معاوية وتولى غزو المغرب مراراً آخرها سنة 50 ومات بمصر سنة 52 هـ. بلال بن الحارث بن عاصم المزني أبو عبد الرحمن من أهل المدينة اقتطعه النبي - صلى الله عليه وسلم - العقيق وكان صاحب لواء مُزينة يوم الفتح. مات سنة 60 هـ وله ثمانون سنة. جرهد بن خويلد الأسدي يكنى أبا عبد الرحمن من أصحاب الصفة مات في خلافة يزيد. جبلة بن عمر الأنصاري هو أخو أبي مسعود البدري. غزا إفريقية مع ابن حُديج، شهد أحداً وفتح مصر وصفين مع علي وكان فاضلاً من فقهاء الصحابة. حِبان بكسر الحاء المهملة وموحدة بعثه عمر بن الخطاب لمصر ليفقه الناس ومات بإفريقية.

خالد بن ثابت العجلاني الفهمي شهد مصر وغزا إفريقية مع مسلمة بن مخلد. رويفع بن ثابت الأنصاري النجاري ولاه معاوية على طرابلس سنة 46 هـ وغزا إفريقية من قبل مسلمة بن مخلد ومات ببرقة وهو أمير عليها من قبل مسلمة المذكور. مسلمة بن الأكوع الأسلمي كان شجاعاً رامياً سابقاً يسبق الفرس على قدميه، مات بالمدينة سنة 74 هـ وهو وابن ثمانين سنة. ربيعة بن عباد بكسر العين وتخفيف الباء، مات في خلافة الوليد. أبو أيمن سفيان بن وهب الخولاني ولي إمرة إفريقية زمن عبد العزيز بن مروان ومات سنة 82 هـ. مسعود بن الأسود القرشي العدوي المعروف بابن العجماء. المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري له ولأبيه صحبة، مات سنة 64هـ. المسيب بن حزن القرشي المخزومي والد سعيد بن المسيب له ولأبيه صحبة. المطب بن أبي وداعة القرشي السهمي له ولأبيه صحبة. المنيذر الأسلمي دخل إفريقية والأندلس ولم يدخلها أحد من الصحابة سواه. أبو المبتذر أو المبتذل دخل إفريقية. أبو زمعة عبيد الله بن أرقم وقيل عبيد بن آدم البلوي صاحب المقام المشهور خارج القيروان من أصحاب الشجرة وله رواية مرَّ ذكره قريباً. أبو المهاجر دينار كان من الشجعان وذوي الرأي المصيب ولما تولى مسلمة بن مخلد أمر مصر وإفريقية بعث مولاه أبا المهاجر سنة 56 هـ لإفريقية عوض عقبة بن نافع ودخلها وتولى أمرها وقاتل البربر وفي سنة 62 هـ رجع يزيد بن معاوية عقبة لإفريقية وبقي أبو المهاجر عنده معقولاً إلى أن استشهد مع عقبة سنة 63 هـ ومر ذكره قريباً وفي صحبته توقف وهو عقبة بن نافع بن عبد القيس القرشي الفهري خاله عمرو بن العاص له صحبة بالمولد. شهد فتح مصر واختط بها ثم ولاه يزيد بن معاوية إمرة الغرب وغزا البربر وشردهم وهو الذي اختط القيروان وجامعها الأعظم قدم على عثمان بن عفان بفتح إفريقية، بعثه ابن أبي سرح وأوصى أولاده بأن لا يقبلوا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا من ثقة ولا يكتبوا ما يشغلهم عن القرآن. وبالجملة فإن فضائله جمة، قتله البربر هو وأصحابه سنة 63 هـ ومرت الإشارة إلى ذلك قريباً.

جغرافية المغرب أي إفريقية الشمالية الغربية

أبو شداد زهير بن قيس البلوي يقال له صحبة كان من العابدين الصالحين ومن رجال الكمال. شهد فتح مصر ولما تولى عبد الملك وبلغه ما فعله كسيلة بعقبة وغيره بعث لزهير وهو ببرقة بالتوجه لإفريقية واستنقاذها من كسيلة سنة 69 هـ وبعد انتصاره وقتله كسيلة خاف الفتنة بحصول ذلك الملك، رجع للشرق ولما بلغ برقة لقي الروم في عدد قليل فقاتل حتى قتل شهيداً هو ومَن معه في خبر يأتي ذكره قريباً. فقد تم لإفريقية بدخول هؤلاء السادة الفضلاء القادة مزيد الاعتبار والافتخار على كثير من الأمصار والأقطار وأول مدينة أسسوها القيروان وبها كرسي المملكة وصارت مناخ الأبرار من الصحابة والتابعين ومقر الأخيار من الأمراء والعلماء العاملين ومنها وقع تجنيد العساكر المحمدية ونشر الملة الأحمدية عليه أفضل الصلاة وأزكى التحية إلى سائر الجهات الغربية الأندلس والسودان والصحراء وستعلم ذلك. جغرافية المغرب أي إفريقية الشمالية الغربية يحدها من الشمال الأوقيانوس الأطلانتيك ومضيق جبل طارق والبحر المثوسط وشرقاً بلاد مصر والبحر المتوسط أيضاً وجنوباً الصحراء الكبيرة وغرباً الأوقيانوس وكانت تنقسم في صدر الإِسلام إلى ثلاثة أقسام كبرى المغرب الأقصى وقاعدتها فاس ومراكش والمغرب الأوسط وهي المعروفة بالجزائر وقاعدتها تلمسان ومدينة الجزائر على البحر المتوسط والمغرب الأدنى وهي ولاية طرابلس وتونس وكانت قاعدتها القيروان بالقرب من تونس أما المغرب الأقصى فهو الآن تحت حماية دولة فرنسا وينقسم إلى أقسام فاس ومراكش ودرعة وتافيلات والرباط وسلا على شواطىء الأوقيانوس الأطلانتيك والسوس ومن جبالها درن وغمارة ومديونة ويحده قسم كبير يعرف بالريف تحت حماية دولة إسبانيا ومن مدنه تطاون وسبتة ومليلة وطنجة على ساحل البحر المتوسط وأما الجزائر وهي المغرب المتوسط فتنقسم إلى ثلاثة أقسام كبرى وهي الجزائر ووهران وقسنطينة وهي متابعة لدولة فرنسا ومن مدنها الشهيرة بجاية وعنابة أو بونة ووهران ومستغانم وهي على البحر المتوسط. وأما المغرب الأدنى سمي بذلك لقربه من مقر الخلافة بالمشرق وفيها ولايتا طرابلس وتونس وكانت قاعدتها القيروان بالقرب من تونس وأشهر مدنه طرابلس وبرقة وبنغازي وتونس وهي قرب أطلال قرطاجنة القديمة وتسمى قديماً إفريقية وربما سموا إقليم تونس بهذا الاسم ثم سموا القارة كلها به من باب تسمية الكل باسم

الكلام على قرطاجنة

الجزء وهي على البحر المتوسط ومن مدنها الشهيرة بنزرت وسوسة والمنستير والمهدية وصفاقس وقابس وهي على البحر المتوسط والقيروان أسسها عقبة بن نافع الفهري وجعلها قاعدة البلاد فولاية طرابلس هي الآن تحت حكم إيطاليا وولاية تونس تحت حماية دولة فرنسا. الكلام على قرطاجنة في الحلل السندسية قرطاجنة بفتح القاف وسكون الراء وبعدها طاء مهملة وألف وجيم مفتوحة ونون مشددة وهي وإن تلاشت وخربت فإنها كانت من أضخم ممالك إفريقية وأكثرها عدداً وأقواهاً عدداً وأتقنها بناءً وأغربها أقباءً وأوسعها مجالاً وأشدها قتالاً وأحكمها صناعة وأرفعها بضاعة وأطبها أرضاً وأطولها أعماراً. وأول مَن وضع هذه المدينة امرأة تسمى أنسية ديدون فنيقية وتدعى عليسة من بنات بعض الملوك وكانت زوجة ملك من كبار ملوك الروم ومات ولم يكن لها ولد وكان لها أخ وكان ملكاً أيضاً فأراد الاستيلاء على ملكه وما خلفه من الخزائن والأموال فماطلته حتى ركبت البحر بجميع ذخائرها ودخلت إفريقية وأسست قرطاجنة وعمرتها وأنشأت الدور والجنان والقصور. وفي الاستقصى قرطاجنة إحدى مدن الدنيا الشهيرة هدمها الروم قبل المسيح عليه السلام بمائة وستة وأربعين سنة ثم أسست ثانية وخربها العرب. وفي الحلل لما وقعت العداوة بين صاحب قرطاجنة وصاحب رومة الكبرى وقعت بينهم حروب ثلاث الأولى آلت إلى صلح بينهم وكانت الدائرة فيها على صاحب رومة ثم إن صاحب رومة جهز عمارة بحرية وقصد قرطاجنة وأول بلدة نزلها قليبية وكانت الدائرة على صاحب قرطاجنة وانفصلت على مال يؤدونه إلى صاحب رومة سنوياً ثم تجددت الحرب وهي الثالثة آل الأمر فيها باستيلاء صاحب رومة على قرطاجنة وأعاد لها عمرانها إلى أن فتحها الإِسلام. وقال ولي الدين بن خلدون: كانت الروم والفرنجة والقوط بالعدوة الشمالية من البحر الرومي وكان أكثر حروبهم ومتاجرهم في السفن وكانوا مهرة في ركوبه والحرب في أساطيله وبهذه الأساطيل دخل الروم لإفريقية والقوط إلى المغرب وملكوها وتغلبوا على البربر وانتزعوا من أيديهم أمرها وكان لهم بها المدن الحافلة مثل قرطاجنة وسبيطلة وجلولا ومرناق وشرشال وطنجة وكان صاحب قرطاجنة من قبلهم يحارب صاحب رومة ويبعث الأساطيل لحربه مشحونة بالعساكر والعدد وكانت هاته عادة لأهل البحر قديماً وحديثاً. اهـ.

الأطوار الأربعة

وزبدة القول على مقتضى ما حققه بعض المتأخرين أن قرطاجنة مدينة عظيمة على البحر المتوسط أسسها الفينيقيون سكان سواحل سورية وكان لها في التاريخ القديم شأن عظيم ومنها ظهر القائد الشهير هنبال الذي غزا الرومانيين في عقر ديارهم وما زالت قرطاجنة التي كانت ضرة رومة شجى في حلق الرومانيين حتى وإلى عليها الرومانيون الغزوات وأخربها القائد سيبون سنة 149 أهـ قبل المسيح والظاهر أن الخراب لم يأتِ عليها كلها بل حفظت شيئاً من رونقها القديم إلى العصر الإِسلامي وتكرر عصيان أهلها وامتناعهم في حصونها العظيمة ولما اشتدت الفتنة الكبرى في إفريقية على عهد عبد الملك بن مروان أرسل حسان بن النعمان الغساني لاستخضاع أهلها فقصد البربر وقاتلهم ثم قصد قرطاجنة وافتتحها ولما عاد عنها امتنعت ثانية فرجع إليها وحاصر أهلها حتى ألجأهم للتسليم بعد أن فرَّ منهم من طريق البحر مَن فر ثم أمر بتخريبها فخربت وعفا أثرها ومن أنقاضها عمرت تونس وهذا التخريب وإن عد عند الأثريين سيئة لحسان إلا أنه عند السياسيين ليس بشيء لأن الدول من دأبها أن يعفي اللاحق منها أثر السابق وإذا خرب المسلمون في إفريقية هذه المدينة فقد أقاموا مدناً غيرها ربما كانت أعظم منها كتونس والقيروان والقاهرة وغيرهن وإنما تفضل قرطاجنة على غيرها باعتبار أنها أثر قديم من آثار أمة عظيمة كان لها شأن كبير في التاريخ لذا فليس ببدع أن يأتي حسان ما أتاه ويأتيه غيره في كل دولة من الدول لا سيما وإنما اعتبار البلدان التاريخي الأثري لم يكن في تلك العصور بالمنزلة التي انتهى إليها في هذا العصر. واعلم أن إفريقية تداولتها دول قبل الفتح الإِسلامي المعروف منها أربع دول ويعبر عنها بالأطوار الأربعة: الطور الأول: دولة قرطاجنة تأسست سنة 88 هـ قبل المسيح أسستها ديدون المذكورة، وقد بلغت هاته الدولة الغاية في الحضارة والعمران والقوة، لهم معرفة وحذق بأساليب الملاحة والتجارة وما وقع الاكتشاف عليه من آثارها يدل على ذلك، واستولت على جزير كثيرة وامتدت شوكتها في الأرض وبعد صيتها حتى صارت لا ترى غيرها وزعيمتها إذ ذاك في الشوكة دولة الرومان برومة وكانت على غاية في القوة فرام صاحب قرطاجنة هنبال القائد الشهير محاربتها فأول ما بدأها به استيلاؤه على صقلية ثم انتشبت الحرب بين الدولتين وتوالت وقصد الرومان قرطاجنة بأسطول مهول ونزلوا بمرسى قليبية. وأشهر الوقائع في هاته الحرب انتصار القنصل الروماني

الطور الثاني

ريكرلوس على جيوش قرطاجنة قرب رادس ثم انتصار قرطاجنة قرب تونس ووقوع هذا القنصل أسيراً ببد قرطاجنة وانتهت هاته الحروب بصلح تعالى قرطاجنة في شروطه ثم رجعت الحرب بين الدولتين أعظم من الحروب المتقدمة وانتهت باستيلاء الرومان على تونس وصارت متابعة لرومة بعد صلح شروطه مهينة لقرطاجنة ثم أخذ الرومان في الاستيلاء شيئاً فشيئاً حتى استولى على كامل إفريقية وأفضى الحال إلى اضمحلال قرطاجنة وذهاب مهابة الدولة ومن أعظم الأسباب على ذهابها انضمام البربر إلى جيوش الروم. الطور الثاني: دولة الرومان واستيلاؤها النهائي كان سنة 146 هـ قبل المسيح وأول شيء فعلته مع القرطاجنيين بعد تلك الوقائع والضغائن المتقدمة إبقاء ما كان على ما كان من حكومة وترتيب وتدين وغير ذلك وساروا معهم سيرة حسنة، وبذلك انقاد القرطاجنيون للرومان وصارت عوائدهم وطبائعهم واحدة وحصل بذلك الأمن والراحة، وفي مدتهم كانت إفريقية لنظر قنصل عام بولاية الأمبراطور تحت رياسة حكام آخرين من الرومان وظيفتهم مراقبة المدن وعروش البربر التي كانت أحكامها بيد عمال البربر وحماية البلد كانت منوطة بقوة كافية من العساكر بقرطاجنة لتمهيد الراحة لنظر قائد روماني بولاية من الأمبراطور أيضاً. ولما رسخ قدم هاته الدولة أخذت بجد واجتهاد في السعي بما يوجب عمران إفريقية فشيدوا المدن والهياكل الضخمة كقصر أجم ومرسم دقة وآثار قرطاجنة واعتنوا اعتناءً زائداً بالفلح من زراعة وغراسة وجلب المياه وحفر الآبار وأساليب الري واستخراج المعادن وغير ذلك من الوسائل الموصلة إلى العمران والمنافع الكبيرة حتى صارت إفريقية مصدراً للحبوب والغلال تجلب محصولاتها إلى سائر الجهات الرومانية وصاروا يسمونها مطمورة الرومان، وحصل بذلك عمران عظيم في إفريقية قيل إنها كانت في ذلك الوقت تحتوي على ستة ملايين من السكان ومن ملوك هاته الدولة فرنسا الذي نقل كرسي مملكته إلى قسطنطينية ثم اغتصب منه الملك جيوش مع بقائه تحت الرومان، ثم ظهر أغسطوس واستولى على الملك وعلى عهده ولد المسيح وكان محباً للعلم وأهله عادلاً في رعيته. قيل إنه يعرض عزل نفسه كل عام على رعيته فلا يرضون بغيره ثم بعده جوفاوا قام في الملك نحو خمسين عاماً. وفي هاته المدة أخذ دين المسيح في الظهور بإفريقية بعد أخذه في الانتشار بالمشرق وأوروبا، واستمرت إفريقية في السعادة ونمو العمران مدة ثلاثة قرون بعد المسيح وكانت سيرة ملوكهم سيرة عدل

الطور الثالث

حيث كانت الدولة معتدلة الأحكام سديدة الترتيب. ولما اختل نظام الدولة أوائل القرن الرابع لاستبداد الملوك وتوالي الفتن وامتد هذا الخلل لإفريقية، وزاد الطين بلة والمريض علة بما ظهر من المناقشات الدينية بين البربر ومسيح الرومان، حتى آل الأمر إلى الانقسام إلى ملوك كثيرة وفتن وحروب بين البربر وغيرهم ودام هذا الحال أعواماً كثيرة وآماداً طوالاً، فاضمحلت بسبب ذلك دولة الرومان سنة 438 هـ بعد المسيح وانتهى سلطانها على إفريقية وغيرها وتركت آثاراً خالدة أخذ منها الأوروباويون معارف كثيرة. الطور الثالث: استيلاء الوندال - وهو اسم قبيلة من القبائل الجرمانية - على إفريقية سنة 438 هـ ودامت سلطنته 94 عاماً. الطور الرابع: استيلاء الروم البيزنطيين على إفريقية إلى أن ظهر الإِسلام وفتحها على نحو ما مرَّ شرحه وكان الوندال والروم أهل ترف وملاذ في المساكن والملبس مع تكلف وتبذير. فصل اعلم أن المؤرخين والنسّابين اختلفوا في نسب البربر اختلافاً كثيراً، وفي الاستقصى بعد ذكر أقوال في ذلك: وأشبه الأقوال بالصحة أن بني حام تنازعوا مع بني سام فانهزم بنو حام أمامهم إلى المغرب وتناسلوا به واتصلت شعوبهم من أرض مصر إلى آخر المغرب إلى تخوم السودان. وكان بسواحل المغرب الأفارقة والإفرنج فكانت ذرية حام في المداشر والخيام والأعاجم الأول في البلدان، وبقي أكثر أولاد حام في بلاد فلسطين من أرض الشام إلى زمن داود عليه السلام وكان ملكهم يسمى جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلّمه مما يشاء. أمر بإجلائهم عن بلاد كنعان وفلسطين إلى أرض المغرب فساروا نحو إفريقية وانتشروا هناك حتى ضاقت بهم البلاد وامتلأت منهم الجبال والكهوف والرمال وصاروا يتبعون مواقع القطر بالإبل وبيوت الشعر ولم تقدر الإفرنج على ردهم ودفاعهم فانحازت الأعاجم في المدن وبقي البربر فيما عداها وهم مع ذلك على أديان مختلفة يدين كل واحد منهم بما شاء من الأديان فمنهم مَن تمجس ومنهم مَن تهؤد ومنهم مَن تنصّر، واستمر الحال على ذلك إلى زمن الإِسلام وكان فيهم رؤساء وملوك وكهان، ولهم حروب وملاحم

عظام مع مَن قارعهم من الأمم. فالبربر جيل معروف من أعظم الأجيال وأعزها ولهم الفخر الذي لا يجهل، والذكر الذي لا يهمل. وقد تعددت فيهم الدول، وكثر فيهم الملوك العظام، وكان لهم القدم الراسخ في الإِسلام، واليد البيضاء في الجهاد، ومنهم الأئمة والعلماء والأولياء والشعراء والأمراء، وأهل المزايا والفضائل. والبربر شعبان عظيمان بحيث لا يخرج بربري عنهما. قال ابن خلدون: علماء النسب متفقون على أن البربر يجمعهم جدان عظيمان وهما برنس ومدغيس ويلقب بالأبتر فلذلك يقال لشعوبه البتر ويقال لشعوب برنس البرانيس، وبين النسابين خلاف هل هما لأب واحد أو لا؟ فعند ابن حزم هما لأب واحد والجميع من نسل كنعان بن حام، وقال سابق بن سليمان المطماطي وغيره من نساب البربر: إن البرانس فقط من نسل كنعان وأما البتر فهم من بني جرس بن قيس بن غيلان بن مضر وهذا القول مقول فيه. والحق أن الشعبين معاً عريقان في البربرية وأن الجميع من ولد مازيغ من ولد كنعان بن حام، فأما البرانس فتنقسم إلى سبعة قبائل: أروبة وصنهاجة وكتّامة ومصمودة وعجيسة وأوريغة وأرداجة ويقال ورداجة بالواو بدل الهمزة، وزاد سابق المطماطي وغيره ثلاثة قبائل وهم: لمطة وهسكورة وجزولة فتكون عشراً. فأما أروبة فكان منها كسيلة الأروبي قاتل عقبة رضي الله عنه الذي مرّ ذكره ومنهم إسحاق بن محمَّد بن عبد الحميد الأروبي القائم بدعوة إدريس بن عبد الله. وأما صُنهاجة فهم أكبر قبائل البربر حتى زعم كثير من الناس أنهم مقدار الثلث فهم بنو زيري بن مناد ملوك إفريقية الآتي ذكرهم، والملثمون ملوك مراكش والأندلس. وأما كتامة فهم القائمون بدعوة العبيديين بإفريقية ومصر. وأما المصامدة فمنهم عمارة وكان منهم بليان النصراني صاحب سبتة وطنجة أيام دخول عقبة المذكور إلى المغرب الأقصى وهم القائمون برغواطة أهل تامسنا وما اتصل بها ومنهم أهل جبل درن وهم القائمون بدعوة محمَّد بن تومرت مؤسس دولة الموحدين. وأما باقي قبائل البربر فلم يكن لهم ملك يذكر والنسابون من العرب يقولون إن صنهاجة وكتامة من حمير وأن أفريقش الحميري تركهم حامية بإفريقية فتناسلوا بها واستحال لسانهم إلى البربري لكن المحققون من نساب البربر كسابق المطماطي وغيره ينكرون ذلك ويجزمون بأنهما قبيلتان عريقتان في البربرية. وأما البتر وهم بنو مادغيس فينقسمون لأربعة قبائل وهم: خريسة ونفوسة وأداسة وبنو لوي وهم لواتة، فأما خريسة فمنهم مكناسة ومن مكناسة بنو مدرار ملوك سجلماسة وبنو أبي العافية ملوك فاس ومن خريسة زناتة كلها ومن زناتة جراوة قوم الكاهنة دهيا صاحبة جبل أوراس التي أوقعت بحسان بن النعمان عامل الخليفة عبد الملك بن

مروان ومن زناتة أيضاً بنو خرز المغراوي ملوك تلمسان والمغرب الأوسط ومنهم مغراوة ملوك فاس وبنو يفرن ملوك سلا وتادلا ومنهم بنو زيان ملوك تلمسان وبنو مرين ملوك فاس فهؤلاء كلهم من زناتة وزناتة هو زان ابن يحيى بن ضري بن جيك بن مادغيس الأبتر. أما نفوسة وأداسة ولواتة فلم يكن لهم ملك يذكر وهاته القبائل الأربعة عشر تشتمل على عمائر وبطون وأفحاذ وفصائل لا حصر لها. وقال ابن خلدون: كان للبربر في الضواحي وراء ملك الأمصار المرهوبة الحامية ما شاء الله من قوة وعدة وعدد وملوك ورؤساء وأقيال وأمراء لا يرامون بذل ولا تنالهم الروم والفرنج في ضواحيهم تلك بمسخطة ولا إساءة، ثم قال: وكانوا يؤدون الجباية لهرقل ملك الروم كما كان المقوقس صاحب مصر والإسكندرية وبرقة يؤدي الجباية له وكما كان صاحب طرابلس ولبدة وصبرة وصاحب صقلية وصاحب الأندلس من القوط يؤدون الجباية له حين كان الروم قد غلبوا على هذه الأمم أجمع وعنهم أخذوا دين النصرانية اهـ استقصى.

الطبقة الثالثة طبقة التابعين رضي الله عنهم

الطبقة الثالثة طبقة التابعين رضي الله عنهم من أعيان فقهاء هاته الطبقة نافع مولى ابن عمر ومحمد بن شهاب الزهري وأبو عثمان ربيعة الرأي. اعلم أنه بعد تأسيس هاته الممالك الإِسلامية في الجهات الشرقية والغربية وبسط رواق العدل وإظهاره وقطع الظلم وأنصاره وتبليغ القرآن وانتشاره صار بذلك المسلمون إخواناً يتساوون في الحقوق ويتفاخرون بالتقوى وأعمال البر ومعالي الأمور ومكارم الأخلاق وذلك بواسطة الصحابة ثم التابعين وتقدم ذكر الأمراء الفاتحين من الصحابة وبقي ذكر الأمراء الذين جاؤوا بعدهم وقاموا مقامهم في نشر الدعوة والنصح للمسلمين فنقول: لما تولى الملك عبد الملك بن مروان وبلغه خبر كسيلة بعث لزهير بن قيس البلوي وهو إذ ذاك ببرقة بالتوجه لإفريقية واستنقاذ القيروان من كسيلة وأمده بالمال ووجوه العرب وفرسانها سنة 69 هـ وسار زهير ودخل إفريقية بجموعه وخرج له كسيلة من القيروان في عسكره والتحم القتال ودام حتى انتصر المسلمون وقتل كسيلة ومن معه من وجوه البربر ومهد إفريقية وصار زهير بعد ذلك في ملك عظيم وكان من العابدين الصلحاء، ولما خاف الفتنة بحصول هذا الملك استقال ورجع للمشرق فلما وصل برقة وجد الروم على قتالها في جموع عظيمة وبأيديهم أسرى من المسلمين فقصدهم وقاتلهم حتى استشهد هو ومَن معه ولما بلغ خبره عبد الملك اشتد أسفه عليه ووجه حسان بن النعمان الغساني ويقال له الشيخ الأمين ودخل إفريقية سنة 79 هـ في أربعين ألف مقاتل وبعد أن أقام بالقيروان قصد قرطاجنة وفتحها وهذا الفتح من الفتوحات الإِسلامية العظيمة ثم قصد دهيا الكاهنة المشهورة وكانت في جموع عظيمة ممن البربر فالتحم القتال وصبر الجمعان إلى أن هزمته وفي هذا العهد كانت إفريقية في غاية العمران وإذ ذاك أذنت دهيا بتخريب مدنها وحصونها فخربتها وعضدت أشجارها ومحت جمالها ولم تبق إلا آثارها، ثم إن حساناً نظم جيشاً عظيماً ورجع لها بعد خمس سنين بما انضم إليه فهزمها وقتلها واستقام أمره ودخل القيروان ومهد الأحوال ودوّن الدواوين، وهو الفاتح لتونس وقيل زهير بن قيس ولما جاء الأمر بعزله من قبل والي مصر عبد العزيز بن مروان رجع للمشرق وتولى بعده أبو عبد الرحمن

موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد بن لخم من التابعين بعهد من الوليد بن عبد الملك. روى عن تميم الداري وكان أحد أفراد الدنيا ومشاهير رجالها وفرسان أبطالها لم يهزم له جيش قط. قال ابن عذاري: وفي سنة 92 هـ تمّ إسلام أهل المغرب الأقصى وحولوا المساجد التي بنتها المشركون إلى القبلة وجعلوا المنابر في مساجد الجماعات. وقال أبو محمَّد عبد الله بن أبي زيد: ارتدت البرابرة بالمغرب اثني عشرة مرة ولم تستقر كلمة الإِسلام فيهم إلا بعهد ولاية موسى بن نصير فما بعده قدم إفريقية وفتح زغوان وغيرها وقتل المخالفين وغنم وسبا وبعث أسطوله لصقلية فغنم الغنائم العظيمة وغزا بلاد المغرب وطنجة ولما استقرت له القواعد بالمغرب كتب لمولاه طارق بن زياد وهو بطنجة بغزو الأندلس فغزاها وفتحها سنة 92 هـ ثم لحق به موسى سنة 93 هـ وكمل فتحها وجمع غنائمها الكثيرة الشهيرة ورجع للقيروان أواخر سنة 95 هـ ثم توجه للمشرق واستخلف ابنه عبد العزيز على الأندلس وابنه عبد الملك على طنجة وابنه عبد الله على إفريقية ولما دخل مصر هادي جميع فقهائها وأشرافها وبأثر ذلك امتحن بالعزل وقتل أولاده وغير ذلك على يد سليمان بن عبد الملك وكانت وفاته بالمدينة سنة 98 هـ ومن وقته انتهت الفتوحات الإِسلامية التي كانت للأسلاف لأنه كان يخشى اتساع الأقاليم لإنتاجه طمع قواد الجيوش في الاستقلال ولذا أفتك بالأمير موسى المذكور وأولاده وبالأمير قتيبة بن مسلم الذي ضم إلى المملكة الأموية أقاليم كثيرة وبالأمير محمَّد بن قاسم الذي أدخل جاهلية الهنود تحت حكم الأموية بحسن تدبيره وسياسته وبفقد هؤلاء القواد ذهبت قوة الدولة وشوكتها وزال حفظ وحدتها وأخذت أولاد عبد الملك من ذلك الوقت في الانحلال والانحطاط بعد ما كان لأسلافهم من الشوكة والشرف بالممالك الإِسلامية وغيرها فوق ما يقال وبلغوا بانتصاراتهم المتوالية وفتحهم البلاد الشاسعة درجات الكمال والمجد الباذخ والشرف الشامخ وسليمان المذكور عهد بولاية إفريقية لمحمد بن يزيد وقدم القيروان سنة 97 هـ وغزا وسبا وكان عادلاً حسن السيرة ولما توفي سليمان كان الخليفة بعده عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه استعمل هذا الخليفة على إفريقية إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر مولى قريش فوصلها سنة 100 هـ وكان خير وال حريصاً على دعاء البرابرة للإسلام ذكر أبو العرب محمَّد بن تميم أن عمر بن عبد العزيز أرسل عشرة من التابعين يفقهون أهل المغرب في الدين ومن كلامه رضي الله عنه تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور، وتوفي في السنة بعدها وبويع ليزيد بن عبد الملك وهو عهد بإفريقية ليزيد بن أبي مسلم الثقفي مولى

الحجاج بن يوسف وكاتبه وقدمها سنة 102 هـ وكان ظلوماً غشوماً وسار السيرة الحجاجية فثار عليه حرسه وقتلوه ثم عهد يزيد لبشر بن صفوان بن نوفل قدم إفريقية سنة 103 وغزا صقلية بنفسه فأصاب سبياً كثيراً ورجع للقيروان وبها توفي سنة 109 هـ وتولى بعده عبيدة بن عبد الرحمن بعهد من هشام بن عبد الملك قدم إفريقية سنة 110 هـ ثم عزله هشام بعد أن أقام بها أربع سنين وتولى بعده عبيد الله بن الحبحاب بعهد من هشام المذكور وكان رئيساً نبيلاً وأميراً جليلاً وخطيباً مصقعاً قدم إفريقية سنة 114 هـ وهو الذي بني دار الصناعة بتونس وهي عبارة عن المكان الذي تنشأ به السفن وهو الذي خرق البحر من مرسى رادس إلى دار الصناعة بتونس في طول اثني عشر ميلاً وصارت من يومئذ ميناء عظيمة وهو الذي بني جامع الزيتونة وقيل أول مختط له حسان بن النعمان وأتمه عبيد الله المذكور وقد ظهرت في آخر أيامه فرق من الخوارج منهم الأباضية والصفرية وجاءت من قبلهم مصائب وكوارث ونوائب وكانت هاته الفتن إحدى البواعث والأسباب في خرق ستار الهيبة على الخلفاء ورفع الحجاب وكانت أقوى سبب في انتقاض البربر على العرب ومزاحمتهم في سلطانهم فاختلت على ابن الحبحاب وآل الأمر إلى اتفاق الكلمة على عزله وكان ذلك سنة 123 هـ ثم إن هشاماً لما بلغه ذلك وحسنة عوضه كلثوم بن عياض وقدم في السنة في جموع كثيرة وجنود عظيمة وانتشب القتال بينه وبين زناتة وغيرها من القبائل وكانت الدائرة عليه بعد قتله ووجوه أصحابه ورجعت الصفرية إلى القيروان في أخبار طوال وحروب وأهوال ثم وجه هشام حنظلة بن صفوان وقدم القيروان ووقع القتال بينه وبين الثائرين وكان النصر حليف حنظلة ومات في هاته الواقعة مائة وثمانون ألفاً ولم يزل والياً عليها على أحسن حال إلى أن تغلب على المغرب عبد الرحمن بن حبيب بن عبيدة بن عقبة الفهري واستولى عليه سنة 129 هـ وفيها رجع حنظلة للمشرق وإذ ذاك بنو أمية في تراجع ونقصان مع دعاة بني العباس إلى أن آل أمر الخلافة إلى السفّاح. في البيان المغرب في أخبار المغرب لابن العذاري، وفي سنة 132 هـ انقطعت الدولة الأموية ومدتها واحد وتسعون سنة وتسعة أشهر وخمسة أيام وهم أربعة عشر رجلاً منها أيام ابن الزبير تسع سنين واثنان وعشرون يوماً وتفرقت بنو أمية في البلاد هرباً بأنفسهم وهرب عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس فبايعه أهلها وجددت لهم دولة استمرت إلى ما بعد الأربعمائة وأربع وعشرين وكان دخوله الأندلس سنة 137 هـ قال ابن حزم: وانقطعت دولة بني أمية وكانت على علاتها دولة عربية لم يتخذوا قاعدة ولا قصبة إنما كان سكنى كل أمير منهم في داره وضيعته التي كانت له قبل خلافته ولا كلفوا المسلمين أن يخاطبوهم بالعبودية ولا تقبيل أرض ولا

خلاصة فيما حصل مدة الدولة الأموية

رجل ولا يد إنما كان غرضهم التولية والعزل من أقاصي البلاد منهم في الأندلس والصين والسند وخراسان وأرمينية واليمن والشام والعراق والمغرب وغيرها من بلاد الدنيا وانتقل الأمر إلى بني العباس فكانت دولتهم أعجمية سقطت فيها دواوين العرب وغلب عجم خراسان على الأمور وعاد الأمر ملكاً عضوضاً كسراوياً إلا أنهم لم يعلنوا بسب أحد من الصحابة رضوان الله عليهم وافترقت في دولة بني العباس كلمة المسلمين فتغلب على البلاد طوائف من الخوارج وغيرها. اهـ. واعلم أن البلاد الإِسلامية كانت تدار بمعرفة أمراء يختارهم خلفاؤهم وهم نواب عنه وكانت منقسمة إلى إمارات كبرى منها مصر وإفريقية والأندلس وهاته تارة تضم إلى إفريقية وكان الأمير يقوم مقام الخليفة أحياناً يقيم الصلاة بنفسه ويقود الجنود ويختار من رجاله قائداً للجيش ويعين جابياً لَلخراج يصرف منه حاجات الإمارة وأعطيات الجنود ويرسل ما بقي للخليفة ويعين مَن شاء للقضاء بين الناس وتارة يقصرون الولاة على الصلاة والحرب والقضاء ويعين الخليفة عاملاً على الخراج يرجع إليه رأساً والأمراء الذين كانت لهم النيابة العامة كانوا متمتعين بما يسمى في هذا الوقت بالاستقلال الإداري، والذي دعا إلى تمتع هؤلاء الأمراء بهذا الاستقلال هو صعوبة المواصلات بين حاضرة الخلافة وبين حواضر الولايات فلو ألزم الأمير أن يستشير في كل ما يقع في دائرته لطال عليهم وبقيت المشاكل من غير حل زمناً طويلاً وهذا يدعو إلى الاضطراب الكثير. خلاصة فيما حصل مدة الدولة الأموية اعلم أن عصرها كله زمن فتوحات ممتدة فاتسعت حدود المملكة شرقاً وشمالاً وغرباً وكان عصرها مع هذا زمن حروب داخلية مستمرة إلا في مدة الوليد بن عبد الملك مؤسس الجامع الأموي بدمشق فإنها كانت غرة في جبين الدولة، وكانت همة الدولة تقوية الجيوش البرية والبحرية فقد كان لهم أسطول قوي في البحر المتوسط يحمل البلاد الإِسلامية من غارات الروم المتواصلة ويغير على بلادهم ولم تكن أمراء البحر في الدولة تقل مهارة وإقداماً على أمراء البحر الروميين فهي دولة حربية ظهرت بمظهر القوة القاهرة أمام الدول التي تجاورها من الشرق والشمال والغرب في جميع أدوارها وكانت السيادة في الجنود للعنصر العربي لأن الدولة كانت عربية محضة لم ينازعها دخيل وامتاز أفراد كثيرون بقيادة الجيوش إلى حومة الوغى واشتهرت بالثبات ومضاء العزيمة وحسن التدبير في الحرب، من أولئك الأمراء العظام: عبد الله بن سعد بن أبي سرح وعقبة بن نافع والمهلب بن أبي صفرة

الطبقة الرابعة

الأزدي وابنه يزيد وقتيبة بن مسلم الباهلي وأسد بن عبد الله القسري ومحمد بن قاسم الثقفي وموسى بن نصير، فظهرت بذلك في مظهر الملك وعظمته وسطوته ولحقها الترف في آخر مدتها. في العقد الفريد: سمر المنصور ذات ليلة فذكر خلفاء بني أمية وسرتهم وأنهم لم يزالوا على استقامة حتى أفضى أمرهم إلى أبنائهم المترفين. وكانوا مع عظم شأن الملك وجلالته همهم الشهوات وإيثار اللذات والدخول في معاصي الله ومساخطه جهلاً منهم باستدراج الله وأمناً لمكره فسلبهم العز ونقل عنهم النعمة. الطبقة الرابعة قد علمت أن المغرب استولى عليه عبد الرحمن بن حبيب وأن دولة بني أمية انقرضت وأن عبد الرحمن بن معاوية دخل الأندلس في أواخر ذي الحجة سنة 137 هـ وتغلب عليه فملكه واستقل به وصار وراثة في بنيه وأن أمر الخلافة آل إلى بني العباس وأولهم عبد الله السفاح ثم أخوه أبو جعفر عبد الله المنصور ومن أخباره أنه لما بلغه ما حلّ بإفريقية من الثوار أمر والي مصر محمَّد بن الأشعث الخزاعي بإنقاذها فوجّه أبا الأحوص العجلي سنة 142 هـ ولما بلغ القيروان هزمه الثوار ورجع مفلولاً فكتب المنصور لابن الأشعث بأن يسير بنفسه فسار في أربعين ألف مقاتل وقتل كثيراً من الثوار والبربر ورؤسائهم ودخل القيروان سنة 146هـ وضبط إفريقية أحسن ضبط ثم لما قام عليه بعض الثائرين خرج منها سنة 148هـ، ولما بلغ المنصور ذلك عهد بولاية إفريقية إلى الأغلب بن سالم بن عقال التميمي وكان ذا رأي وشدة فقدم القيروان واستقام أمره، ثم لما قتل في حرب مع الثائرين عهد المنصور لعمر بن حفص بن قبيسة بن أبي صفرة المهلبي وكان بطلاً سمحاً قدم القيروان سنة 151هـ فاستقام أمره ولما قتل في حرب كالذي قبله وجه المنصور أبا خالد يزيد بن حاتم المهلبي وهو واسطة عقد هذا البيت وأخباره في السخاء والنجدة والشهامة معروفة وكان من خواص المنصور ووجوه ولاته قدم القيروان في ستين ألف مقاتل سنة 155هـ فمهد الأمور ورتب أسواق القيروان وأفرد لكل صناعة مكاناً وجدد بناء حامعها وأوقع بالمخالفين وله مع البربر وقائع شهيرة وضبط الأحوال أحسن ضبط واستم ناسجاً على ذلك المنوال إلى أن توفي سنة 171هـ ولما مرض استخلف ابنه داود وباشر الولاية بعد والده وكانت له وقائع مع البربر إلى أن قدم عمه روح بن حاتم بعهد من الرشيد وكان حاجبه وصدراً من صدور ولاته وهو أسن من أخيه يزيد فدخلها أواخر عمره وأفاض فيها سجال عدله وكرمه، وفي

فصل

أيامه انكسرت شوكة البربر واستكانوا للتغلب وأطاعوا الدين فضرب الإِسلام بجرانه وتوفي روح سنة 174هـ وتولى بعده نصر بن حبيب المهلبي بعهد من الرشيد وكان حسن السيرة يؤثر العدل ثم جاء كتاب الرشيد بعزله وولاية الفضل بن روح ولم يستقم له أمر وقتل سنة 178 هـ وانقرضت بانقراضه دولة المهالبة، وفي سنة 179هـ عهد الرشيد لهرثمة بن أعين وقدم إفريقية في السنة بعدها واستقام أمره وبنى القصر الكبير بالمنستير ثم استقال الرشيد فأقاله ورجع للمشرق لسنتين ونصف من ولايته، وكان قائداً محنكاً وله مع المأمون يد في تخميد الثوار وتسكين الهرج والفضل له في ذلك وله مقامات يحمد عليها ويشكر وقتل في حدود سنة 200 هـ وبعث الرشيد لإفريقية عوضه محمَّد بن مقاتل العكي وهو أخوه من الرضاعة وكان اتهم البهلول بن راشد بالقيام عليه وبسبب ذلك أراد إضراره فمنعه الأهالي من ذلك وتوعدوه الثورة إن فعل في خبر تركناه اختصاراً. في خلاصة تاريخ العرب: كان بالإيالات الشمالية من إفريقية مسلمون مسمون بالبربر مختصون بالحرية السياسية لعدم حاكم عليهم حتى ذهب إليهم من آسيا عرب أجروا عليهم حكم الخلفاء العباسيين ثم أخذ عبد الرحمن بن حبيب يستميل العرب والبربر حتى اتخذ منها أحزاباً زمن محاربة الأموية والعباسية من سنة 746 هـ إلى سنة 752 ميلادية واستقل بالحل والعقد لاشتغال العباسية ثم انتصروا فانقاد لهم سنة 753 هـ حتى حلفه الخليفة المنصور بمطالب أفضت به إلى الإعلان بالاستقلال والخطبة باسمه في جامع القيروان ثم طمع أخوه إلياس وأوقع بين العرب والبربر فتنة سفك فيها كثير من الدماء حتى انتهت سنة 771 هـ بنصر العرب فاجتهد الأمير أغلب في جبر الجميع على الانقياد للمنصور، ثم عصت البربر المهدي والرشيد مرات خسرت فيها العباسية خسارات عظيمة آلت إلى استقلال الأغلبية بإفريقية وخلطوا دم البربر بدم العرب بالتصاهر وزال ما بينهما من التباغض والشقاق وانقاد الحكم لإبراهيم بن الأغلب وفيه لم تهتم العباسية بممالكها الغربية وتركوا مَن بشمال إفريقية يديرون أحوالهم كما شاؤوا وأطلقوا للعائلة الأغلبية التصرف في إفريقية مكتفين بذكر أسمائهم وقبل ذلك إبراهيم بن الأغلب من الرشيد اهـ. فصل اعلم أن العباسية تولت الخلافة سنة 132 هـ وأولهم أبو العباس عبد الله السفاح بن محمَّد بن علي بن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما واستمرت فيهم الخلافة إلى سنة 656 هـ استخلف فيها منهم سبع وثلاثون خليفة ومكثت هاته الدولة

صلة

مائة سنة لخلفائها الكلمة العليا والسيادة التامة على جميع العالم الإِسلامي ما عدا بلاد الأندلس، يقولون: فيسمع لهم ولا يجسر أحد على مخالفتهم والوقوف في وجه جنودهم. وقام في هذا العصر الزاهر الباهر من العباسية ثمانية خلفاء أولهم السفاح، وتوفي سنة 136هـ وقام بالأمر بعده أخوه أبو جعفر عبد الله المنصور وكانت وفاته سنة 158هـ وقام بالأمر بعده ابنه محمَّد المهدي وتوفي سنة 169هـ وقام بالأمر بعده ابنه موسى الهادي وتوفي سنة 170هـ وقام بالأمر بعده أخوه هارون الرشيد وكان ديناً محافظاً على التكاليف الشرعية يغزو سنة ويحج سنة وهو واسطة عقد المدة العباسية وصلت فيها الخلافة إلى أفخم درجاتها سلطاناً وسطوة وثروة وعلماً وأدباً وكانت وفاته سنة 193هـ وقام بالأمر بعده ابنه محمَّد الأمين إلى أن قتل في محرم سنة 198 هـ وقام بالأمر بعده أخوه عبد الله المأمون إلى أن توفي سنة 218 هـ وقام بالأمر بعده أخوه المعتصم إلى أن توفي سنة 227هـ. قد علم مما مضى أن نظر الخلفاء منسحب على المغرب وظلهم ممتد إليه وهم قادد الأمم الإِسلامية في كل شيء من أمور الدنيا والآخرة وذلك حينما كان أمر الخلافة ممتداً وحكمها مجتمعاً وكلمتها نافذة في جميع ممالك الإِسلام شرقاً وغرباً بحيث لا يخرج قطر من الأقطار ولا مصر من الأمصار فيما بعد أو دنا من الأرض عن نظر الخليفة الأعظم وقد كان ذلك ديناً متبعاً وحكماً مجتمعاً ولا تصح لأحد إمارة ولا ولاية إلا بإسناد إليه حتى إذا طال العهد وضعف أمر الخلافة وتقلص ذكرها من القاصية تفرقت ممالك الإِسلام البعيدة عن دارها وتوزعها الثوار واستبدوا بها كل بما غلب عليه وصار أمر الوحدة إلى الكثرة وحكم الاجتماع إلى التفرقة وسيتضح لك ما قررناه مما سيأتي في محله إن شاء الله. صلة قال ولي الدين بن خلدون: هؤلاء الملوك الذين أتوا بعد الخلفاء الراشدين لم يكن مذهبهم في الملك مذهب أهل البطالة والبغي إنما كانوا متحرين مقاصد الحق جهدهم إلا في ضرورة تحملهم على بعضها مثل خشية افتراق الكلمة الذي هو أهم لديهم من كل مقصد يشهد لك ما كانوا عليه من الاتباع والاقتداء وما علم السلف من أحوالهم فقد احتج مالك في الموطأ بفعل عبد الملك بن مروان وكان من الطبقة الأولى من التابعين وعدالتهم معروفة ثم تدرج الأمر في ولد عبد الملك وكانوا من الدين بالمكان الذي كانوا عليه وتوسطهم عمر بن عبد العزيز فنزع إلى طريق الخلفاء الأربع والصحابة بعدهم ثم جاء خلفهم واستعملوا طبيعة الملك في أغراضهم

فريدة أذكر فيها نبذة من حضارة بغداد في عهد المنصور والرشيد وابنه المأمون

الدنياوية ومقاصدهم ونسوا ما كان عليه سلفهم من تحري القصد فيها واعتماد الحق في مذاهبها فكان ذلك مما دعا الناس إلى أن نقموا عليهم بأفعالهم وأدلوا بالدعوة العباسية وتولى رجالها الأمر فكانوا من العدالة بمكان وصرفوا الملك في وجوه الحق ومذاهبه ما استطاعوا حتى جاء بنو الرشيد بعدهم فكان منهم الصالح والطالح ثم أفضى الأمر إلى بنيهم فأعطوا الملك والترف حقه وانغمسوا في الدنيا وباطلها ونبذوا الدين وراءهم ظهرياً فتأذن الله بحربهم وانتزاع الأمر من أيدي العرب جملة والله لا يظلم مثقال ذرة. اهـ. في سراج الملوك: إن أدعى خصال السلطان صلاح الرعية وأقواها تمسكهم بأديانم وحفظهم لمروءتهم وإصلاح السلطان نفسه وتنزيهه عن سفاسف الأخلاق وبُعده عن مواضع الريب وترفيع نفسه عن استصحاب أهل البطالة والمجون واللهو والإعلان بالفسوق. إذا ما غدا ملك باللهو مشتغلا ... فاحكم على ملكه بالويل والحرب أما ترى الشمس في الميزان طالعة ... لما غدا وهو برج اللهو والطرب وقد كانت صحبة محمَّد الأمين لأبي نواس الشاعر وصمة عظيمة عليه أوهى بها سلطانه ووضع عند العامة والخاصة قدره وأطلق لسان الخلف بالشتم والثناء القبيح عليه فخلفه بذلك أخوه المأمون على الولاية وأبو نواس هذا هو القائل: ألا فاسقني خمراً وقيل لي هي الخمر ... ولا تسقني سراً إذا أمكن الجهر وبح باسم من أهوى ودعني من الكنى ... فلا خير في اللذات من دونها ستر فريدة أذكر فيها نبذة من حضارة بغداد في عهد المنصور والرشيد وابنه المأمون اعلم أن بغداد وصلت في عهد هؤلاء الأمراء إلى قمة مجدها ومنتهى فخارها. أما من حيث العمارة فقد فاقت كل حاضرة عرفت لعهدها: بنيت فيها القصور الفخمة التي أنفق علي بناء بعضها مئات الألوف من الدنانير وتأنق مهندسوها في إحكام قواعدها وتنظيم أمكنتها وتشييد بنيانها وصارت قصور الجانب الشرقي بالرصافة تناطح قصور الجانب الغربي كان في الشرق قصور البرامكة وما أنشأوه هناك من الأسواق والجوامع والحمامات وبالجانب الغربي كانت قصور الخلافة التي كانت تبهر الناظرين اتساعاً وجمالاً وامتدت الأبنية امتداداً عظيماً حتى صارت بغداد كأنها مدن متلاصقة تبلغ الأربعين علي جانبي دجلة واستبحر العمران فيها لما جاءها

من الثناء وصار سكانها نحو ألفي ألف نسمة حتى ازدحمت بساكنيها. وكانت متاجر البلدان القاصية تصلها براً وبحراً تجيئها من خراسان وما وراءها والهند والصين والشام والجزيرة، والطرق إذ ذاك آمنة والسبل مطمئنة. وأما من حيث ثروة الدولة فقد كان يرد على الخليفة ببغداد ما يبقى من خراج الأقاليم الإِسلامية ويدخل بيت مال الخليفة يصرف منه مرتبات الوزراء والمساعدين له والباقي يتصرف فيه حسبما يرى وهو شيء جسيم وكان الرشيد أسمح خلفاء بني العباس بالمال يعطي عطاء من لا يخشى فقراً للقصاد والشعراء والفقهاء والمنجمين والكتّاب وجرى على سننه كبار وزرائه وشيوخ دولته ورؤساء قواده حتى امتلأت الأسفار بذكر عطاياهم التي يتردد الإنسان في صحتها وراجت التجارة واشتد الترف وتغالى الناس في حاجاتهم وتأنقوا في معايشهم وأنغمسوا في الملاذ واللهو والخلاعة وذلك شأن كل أمة سالت عليها سيول الثروة. وأما العلم فإن بغداد صارت قبلة لطلاب العلم من جميع الأمصار الإِسلامية يرحلون إليها ليتمموا ما بدأوا فيه من العلوم والفنون فهي المدرسة العليا لطلاب العلوم الدينية والعربية على اختلافها فقد كان فيها كبار المحدثين والفقهاء وحفاظ اللغة وآداب العرب والنحويين وكلهم قائمون بالدروس والإفادة لتلاميذهم في المساجد الجامعة التي كانت تعتبر مدارس عليا لتلقي هذه العلوم وقلما كان يتم لإنسان وصف عالم أو فقيه أو محدث أو كاتب إلا إذا رحل إلى بغداد وأخذ عن علمائها وجميع هؤلاء العلماء كانوا يعيشون عيشاً رغداً مما كان يفيضه عليهم الرشيد والبرامكة ومن دونهم من الخير الواسع والبر العميم ولم تكن بغداد بالمقصرة في علوم الدنيا كالطب والحكمة وغيرها من سائر الصناعات فقد حشد إليها الأطباء والمهندسون وسائر الصناع من الأقاليم المختلفة وحصل بذلك نعيم عظيم ونهضة علمية بقي أثرها خالداً. أما الدولة الأموية فلم يكن في عهدها لترجمة الكتب كبير حظ ولا عظيم أثر لأنها أقرب إلى من قبلها في السذاجة الصناعية فلما جاءت الدولة العباسية وكان لها اختلاط كبير بالفرس وهذا الاختلاط قد جعل نفوس العباسيين تصبو إلى الاطلاع على شيء مما عند الفرس واليونان من آثار مقدميهم من العلماء والحكماء والفلاسفة وأول مَن عني بترجمة تلك الكتب أبو جعفر المنصور ثم الرشيد. أما أوروبا في ذلك الوقت فكانت مهد جهالة لأنه بانقراض الرومانيين وغفلة الأمم المتبربرة على أوروبا انطفأ مصباح العلم وأما الحال في البلاد الإِسلامية فكانت على العكس من

ذلك علماً وعملاً ببغداد وقرطبة فسعى شارلمان في إصلاح قوانين دولته مقلداً الرشيد وبعث وفداً إليه مصحوباً بهدايا ثم رجع الوفد ومعه هدايا منها ساعة وفيل وشطرنج وبعض أقمشة نفيسة فلما نظرها رجال شارلمان ظنوها من الأمور السحرية وأوقعهم في حيرة حتى همُّوا بكسر الساعة. كانت العلوم في عهد المأمون أرقى عهود العلم في العصر العباسي وظهر في وقته جمهور من فطاحل العلماء توغلوا في البحث عن أصول الدين والعقائد وكان المأمون محباً للعلم ولزيادة نشره ومغرى بعلوم الأوائل وتحقيقها وله جولة في العلوم الدينية كما كانت له جولة في العلوم الصناعية وكان أثره في هذا أظهر من أثره في تلك وكانت له حركة قوية ونشاط عظيم بترجمة الكتب اليونانية وغيرها إلى اللسان العربي وكان لعهده جماعة ذوو يسار اعتنوا بنقلها إلى اللسان العربي وبذلوا الرغائب وأنفذوا جماعة إلى بلاد الروم فجاؤوهم بطريف الكتب وغرائب المصنفات في الفلسفة والهندسة والموسيقى والطب والنجوم فكثرت الكتب المترجمة في جميع العلوم الصناعية ولما نقلت إلى العربية اشتغل بها ناس كثيرون علماً وعملاً ووجد منهم فلاسفة عظام ألّفوا كتباً عظيمة في هاته العلوم وكانت الأمة في استعداد تام لتلقي هاته العلوم والتصرف فيها والبناء عليها والزيادة فنفقت بسبب ذلك هذه العلوم وكان المأمون المساعد الأكبر في نفاقها والفضل له في ذلك مع حفظ الفضل لمَن سبقه كأبيه الرشيد وجده المنصور فإنهما وضعا الأساس اهـ. من محاضرات الخضري. وفي خلاصة تاريخ العرب أن الصدر الأول من خلفاء بني العباس استعملوا شوكتهم في تزكية العقول وتنمية المعاش فأحدثوا كثيراً من المكاتب والمدارس التعليمية والإكمالات الإحسانية وحضُّوا على اكتساب التجارة وسائر الفنون واختص المنصور منهم بأنه أول مَن حثّ على الاشتغال بالعلوم واقتدى به من بعده في نشرها وتوسعتها بجلبهم من الأقاليم التي فتحوها علماء لترجمة أعظم كتب اليونان وإنشائهم كتبخانات ومدارس يتعلم فيها الخاص والعام العلوم الفلكية والرياضية والطبية والفلسفية مع تعلم القرآن العظيم وتدريس تفسيره وخصصوا مدرسة رتبوا لها خمسة عشر ألف دينار يتعلم بها مجاناً ستة آلاف تلميذ من الفقراء والأغنياء وانتشرت اللغة العربية في كثير من الجهات واعتاد المأمون ومَن اقتدى به حضور الدروس العامة التي يلقيها المدرسون ويمتحن مَن أراد أن يوظف عدة امتحانات وصرف مبالغ من النقود على ذلك وعلى جميع العلماء لحل مشكلات المسائل ومهر في زمنه كثير من العلماء في العلوم والفنون على اختلاف أنواعها واطلعوا شموس العلوم الرياضية وبنوا الأرصاد التي بها آلات عجيبة للاستكشاف الفلكي ومستشفيات

ومعامل كيماوية لاستكشاف النباتات ومكثت تلك المدرسة على رونقها الباهر نحو مائتي سنة فكان للعباسيين في ذلك أسعد حظ واستخرجوا معادن الحديد ونسجوا الأقمشة في كثير من المدن واستخرجوا الغاز والنفط وطينة الأواني الصينية والملح الأندراني والكبريت وتقدموا في فنون النقش والعمارة والجبر والموسيقى والمنطق وظهر بين أولئك العلماء مؤلفات كثيرة بارعة في فنون شتى وأظهر دور الفنون الميكانيكية تقدمات يشهد بها ما بعثه لرشيد إلى شرلمانية ملك الفرنسيين من الساعة الكبيرة الدقاقة التي تعجب منها أهل ديوانه ولم يمكنهم معرفة كيفية تركيبها ومع ذلك لم يكن في عصر العباسية أهم من صناعة الفلاحة ولما حصلت التوسعة في الممالك مع غزارة المحصول وتنوع الأقطار توجه النظر إلى رواج التجارة تتميماً للتمدن وامتثالاً لأمر الشارع بالتكسب فاجتهدوا في أمن الطرق وحفر الآبار والصهاريج في محطات القوافل فانتشرت التجارة فكانت غلات الأندلس والبربر ومصر والحبشة والفرس والروس والهند والصين وغير ذلك من الممالك تأتي إلى مكة والمدينة والشام والعراق ويستبدلون البضائع الموجودة في جهة بالبضائع المفقودة بها وكان بينهم بسبب ذلك علائق تعارف وكذلك اتسعت بالسواحل الشمالية من إفريقية دائرة التجارة وكان بها معامل كثيرة وكانت القوافل التجارية تسافر من طرابلس إلى الأقيانوس الإطلنطيقي غير خاشية من سيرها في وسط الصحراء الكبرى اهـ. وفيه قد حفظ العرب مؤلفات اليونان واستعدوا لتجديد المعارف في أوروبا فكانوا رباطة بين هذين الزمنين وبذا يثبت فضل العرب على الفرنج الذين حاول بعضهم خفض فضائل العرب الواضحة كالشمس في رابعة النهار ويعلم أن لا موقع لافتخار المتأخرين من أهل أوروبا بتصورات أكثرها للعرب وسبق لك ما كان لعلماء المدرسة البغدادية من التحكم النافذ بالمشرق والمغرب اهـ. وزبدة القول إن الحضارة اتسعت في عصر هؤلاء الخلفاء وتمت العلوم الدينية والصناعية والاقتصادية نمواً باهراً فهو عصر النهضة العلمية وتزكية العقول فقد أسس أبو جعفر المنصور مدينة بغداد وتعاون علي بنايتها العقل العربي والفارسي والرومي وتأنق في ذلك بوجه جعلتها تفوق جميع مدن العالم في ذلك العصر وحشر لها العلماء من جميع الأمصار والتجار والصناع وإذا أطللت على منتهى المملكة الإِسلامية من جهة الغرب وجدت مدينة قرطبة تستعد إلى مساماة بغداد وتجد في إفريقية مدينة القيروان التي ورثت عظمة المدن الإفريقية الرومانية وانتقل إليها جمالها وتجد مدينة الفسطاط حاضرة مصر وقد جمع مسجدها الأعظم حلقات العلماء الذين أبقوا أكبر الآثار في الاجتهاد والاستنباط والذين أظهروا للناس كافة فقه الأئمة

تنبيه

المجتهدين على اختلاف مذاهبهم من أصحاب مالك والشافعي وظهرت حركة علمية ونمت نمواً عظيماً بما كان من وصول المدنيات القديمة التي ترجمت كتبها إلى رؤوس المفكرين من العرب وأول مَن اهتم بذلك أبو جعفر المنصور ثم جاء دور ثان على عهد المأمون فبلغ العلم إلى أرقى درجاته وكان مغرماً جداً بالآداب اليونانية فانتشرت تلك الكتب انتشاراً عظيماً وصار ما فيها عاملاً مهماً في تكوين معلومات كثيرة صناعية وفي هذا الدور ازداد حفاظ القرآن واشتهروا في جميع الأقطار إلا أن المسلمين في كل قطر اعترفوا بالتبريز للقراء السبعة المترجم لهم في المقدمة وهذا الدور كان عصراً مجيداً للسنة فقد تنبه رواتها إلى وجوب تصنيفها وتدوينها وقد وجدت هذه الفكرة في جميع الأمصار الإِسلامية في أوقات متقاربة فكان من مدونيها في الدور الأول مالك بن أنس. تنبيه: من أعيان علماء الدين وأئمة المسلمين في عصر هؤلاء الخلفاء إمام دار الهجرة مالك بن أنس رضي الله عنه. الطبقة الخامسة اعلم أن هارون الرشيد عهد بولاية إفريقية لإبراهيم بن الأغلب، فباشر أمرها واشتغل بها، وصارت وراثة في عقبه، وكان فقيهاً أديباً شجاعاً أريباً حافظاً للقرآن عارفاً به، سمع الليث بن سعد فمهّد الأمور وطوّع البربر وكانت له معهم وقائع مشهورة ووقائع بالمغرب الأقصى مع أهل الدعوة لإدريس العلوي مؤسس فاس. وتوفي هذا الأمير سنة 196 هـ وبويع لابنه أبي العباس عبد الله. وكان سيىء السيرة. وتوفي سنة 201 هـ وبويع لأخيه زيادة الله بن إبراهيم وكان ملكاً جليلاً فصيحاً أديباً، وهو الذي شيّد جامع القيروان وبنى سور سوسة ووجّه له المأمون بعهد الولاية سنة 203 هـ وتوفي سنة 223 هـ. وبويع لأخيه أبي عقال الأغلب بن إبراهيم وكانت سيرته حسنة وله فتوحات بصقلية، وتوفي سنة 226 هـ. صلة لما توفي القاضي أبو محمَّد عبد الله بن غانم سنة 191 أشخص إبراهيم بن الأغلب أبا محرز محمَّد بن عبد الله الكناني وقال له: إني عزمت على توليتك القضاء. فقال له أبو محرز: لست أصلح لهذا ولا أطيقه، فقال له إبراهيم: لو كان الأغلب بن سالم ويزيد بن حاتم باقيين لم أكن أميراً، ولو كان عبد الله بن غانم وابن فروخ باقيين لم تكن أنت قاضياً، ولكل زمان رجال، وعلى الأمير الاختيار.

فامتثل أبو محرز وكان فاضلاً ورعاً فصيح اللسان بصيراً باللغة والشعر. أخذ عن مالك وكان يميل لمذهب أبي حنيفة ثم وقع تشريك أسد بن الفرات معه في القضاء ولم يعهد مثل ذلك في مصر واحد. وتوفي أبو محرز سنة 214 هـ وكان هذا الأمير يقول: ما أبالى إن قدمت عليه يوم القيامة وفي صحيفتي أربع حسنات تجديد جامع القيروان وبناء قنطرة أبي الربيع وحصن مدينة سوسة وولاية أبي محرز قضاء إفريقية. وكانت ولاية أسد بن الفرات القضاء سنة 204 هـ بعهد من زيادة الله. وأسد هذا مولده سنة 142هـ بحران من ديار بكر. رحل به والده وعمره عامان مع الجند العربي لقيادة ابن الأشعث ودخل معه القيروان سنة 146هـ، ثم دخل تونس وانقطع لقراءة القرآن وعلومه وروى الموطأ عن ابن زياد، وفي الثامن عشر من عمره رحل للمشرق وأقام بالمدينة مدة وأعاد رواية الموطأ على مالك، ثم رحل للعراق ولقي أعلاماً من أصحاب أبي حنيفة منهم الإمامان أبو يوسف ومحمد بن الحسن وأخذ عنهما علماً غزيراً، ثم رحل لمصر ولقي جماعة من أعيان العلماء منهم الإِمام عبد الرحمن بن القاسم فلزمه مدة وهناك ألّف الأسدية ثم قفل راجعاً للقيروان وبها انتشر ذكره وظهر علمه وارتفع قدره وفي سنة 212هـ جمع زيادة الله جيوشه وأسطوله لغزو صقلية وكان أمير هذا الجيش وقاضيه أسد المذكور فخرج في حفل عظيم وجمع فخيم من أهل العلم ووجوه الناس لمشايعته. ولما رأى أسد الناس خاصتهم وعامتهم بين يديه وخلفه قال بعد حمد الله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يا معشر الناس، والله ما وليَ لي أب ولا جد ولاية قط ولا أحد من سلفي رأى هذا قط. وما رأيت ما ترون إلا بالأقلام فاجهدوا أنفسكم وأتعبوا أبدانكم في طلب العلم وتدوينه واصبروا على شدته فإنكم تنالون به خيري الدنيا والآخرة. وهذا الاحتفال انتهى بمرسى سوسة ومنها أقلع الأسطول قاصداً صقلية ودخلها بعد مكابدة مشاق وحصل له فتح عظيم بها. ومات أثر جراحات في حصار سرقوسة ودفن بذلك الموضع سنة 213 هـ. في كتاب الاعتصام نص كتاب بعثه أسد بن موسى إلى أسد بن الفرات يشكره على اتباعه للسنة والذب عنها وطعنه في المبتدعة. وقال في خاتمته: ادع إلى السنة حتى يكون لك في ذلك ألفة وجماعة يقومون مقامك إن حدث بك حادث فيكونون أئمة بعدك فيكون لك ثواب في ذلك إلى يوم القيامة- كما جاء في الأثر- فأعمل على بصيرة ونية حسنة فيرد الله بك المبتدع والمفتون الزائغ الجائر فتكون خلفاً عن نبيك - صلى الله عليه وسلم - فأحي كتاب الله وسنة نبيه فإنك لن تلقى الله بعمل يشبهه. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأَّمراء ابن فروخ وابن غانم وأبو محرز والبهلول بن أشد وأبو الحسن بن زياد وأسد بن الفرات.

الطبقة السادسة

الطبقة السادسة لما توفي أبو عقال المتقدم الذكر بويع لأخيه أبي العباس محمَّد وكان مظفراً في حروبه، وله وقائع مع بعض آل بيته. ومن فضائله ولاية سحنون القضاء؛ راوده حولاً كاملاً على أن يوليه القضاء فأبى، ثم عزم عليه بالأيمان التي لا يخرج منها فلما رأى ذلك سحنون اشترط عليه شروطاً منها أنه قال له: إني أبدأ بآل بيتك وأعوانك فإن قبلهم حقوقاً للناس منذ زمان طويل ومنها أن آل الأغلب إذا طلبهم أحد يحضرون بأنفسهم في مجلس الحكم ولا يوكلون غيرهم لما يرون في ذلك من الردع لهم لأن الأنفة تمنعهم ذلك فلا يقع منهم التعدي ولا حجر الحقوق. وباشر بنفسه خطة الحسبة مع القضاء. رحل لمصر سنة 188هـ وقرأ الأسدية على ابن القاسم. وفي الديباج: لما ولي القضاء دخل على ابنته خديجة- وكانت من خيار النساء- وقال لها: اليوم ذبح أبوك من غير سكين. فبذلك علم الناس أنه قبل القضاء. انتهى وناهيك من قوم قاضيهم مثل الإِمام الذي لم يقبل القضاء إلا بشروط وناهيك بذلك الأمير الذي وفي له بتلك الشروط وتوفي هذا الأمير سنة 242هـ وبويع لابن أخيه أبي إبراهيم أحمد بن محمَّد وكان فاضلاً عادلاً حسن السيرة كثير الصدقات رفيقاً بالرعية وكانت في أيامه وقائع بصقلية أكثرها للمسلمين، وله مآثر خالدة منها التوسعة في جامعي القيروان وتونس، وتوفي سنة 245 هـ وهو ابن ثمان وعشرين سنة وبويع لزيادة الله بن أحمد بن محمَّد وكان فاضلاً عاقلاً حسن لسيرة شجاعاً جميل الأفعال. كان سليمان بن عمران القاضي يقول: ما ولي من بني الأغلب أعقل من زيادة الله هذا، وتوفي سنة 250 هـ وبويع لأخيه محمَّد بن أحمد المعروف بأبي الغرانيق لشغفه بصيدها وكان يغلب عليه اللهو وكانت في أيامه حروب عظيمة وكان فتح جزيرة مالطة على يده سنة 255 هـ وأسر ملكها وتوفي سنة 261 هـ وبويع لأخيه إبراهيم بن أحمد وكان عادلاً حميد السيرة وفي أيامه كان فتح سرقوسة، ثم ساءت سيرته وأفتك بكثير من إخوته وبناته وآل بيته وجواريه وخدمه في أخبار تذوب منها الأكباد وتقشعر منها الجلود وكانت أفعاله السيئة أحد الأسباب في ضعف هاته الدولة المؤدن بزوالها ثم أظهر التوبة وأقلع عما كان عليه واستنفر الناس للجهاد ووسع على المقاتلة وفرق الأموال وخرج من سوسة إلى صقلية وهو أمير الجيش سنة 284 هـ فسبى وغنم ودخل بليرمو وبها توفي سنة 289 هـ في ذي القعدة بعلة أصابته ودفن هناك، وقيل: نقل للقيروان وبويع لابنه أبي العباس عبد الله وكان شجاعاً ثبتاً ذا بصر بالحروب أديباً عاقلاً حسن السيرة وله وقائع في صقلية مشهورة

وقتله غلامان من غلمانه غدراً وكان يثق بهما بإغراء من ابنه أبي منصور زيادة الله في شعبان سنة 290 هـ وبويع لابنه أبي منصور المذكور وإذ ذاك نار دواعي الشيعة تأكل أطراف مملكته حتى استولى عليها شيئاً فشيئاً بعد حرب كانت الهزيمة فيها عليه سنة 296هـ ورحل عقب الهزيمة إلى المشرق بما خف من الأموال ونفيس الجواهر وتوفي بتلك الجهة سنة 303 هـ وجرى له ما جرى فكانت عاقبته كما ترى لعقوقه والده وقتله إياه وانقرضت بانقراضه دولة بني الأغلب ومدتها مائة سنة واحد عشر سنة وثلاثة أشهر، وفي مدتهم استقل المغرب الأقصى وصار في تملك الأدارسة في أخبار طوال وأولهم إدريس بن عبد الله واستفحل أمره في تلك البلاد وأسس مدينة فاس وأخبار المغرب الأقصى من عهده إلى هذا العهد مبسوطة في الاستقصى وغيره. واعلم أن ولاة إفريقية من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كانوا على السذاجة همهم الجهاد ودخول الناس في الدين الإِسلامي وحفظ ما فتحوه ولما آل الأمر إلى بني الأغلب اشتغلوا أيضاً بالحروب والفتوحات وجمع العساكر النافعة مع ما فيهم من السذاجة العربية والبُعد عن عزة الملك وأخلاق الحضارة فكانت قضاتهم يحكمون عليهم وينصفون الناس منهم ومن غيرهم وأخبار قضاة العدل مذكورة مضافة ومستقلة مع تقدم في إحياء العلوم والصنائع والتجارة والفلاحة. في خلاصة تاريخ العرب أدخل الأغالبة في الأقاليم الإفريقية جميع مبادئ التمدن الإِسلامي التي كانت بالشام والعراق وأخذوا يقيمون في تونس والقيروان وطرابلس فامتلأت تلك المدن مباني أبدت للناظرين الأقواس المادة والدعامة المزخرفة على حسب مبنى العمارة الروماني وبنوا قناطر على مجاري سيول سريعة التيار واجتهدوا في إحياء العلوم والصنائع والتجارة والفلاحة وأنشأوا مراكز تجارية سهّلت مخالطة سكان الصحراء بسكان السواحل وجددوا طرقاً أبدوا فيها الأمن وجعلوا نظارة محل البريد في أيدي أعيان البلاد ورتبوا بتلك المحال إبقاء التواصل التام بواسطة السعاة والبريد الخيلي من ابتداء حدود المغرب إلى حدود مملكة مصر وعمروا سفناً يحرية حكموا بها على البحر الأبيض المتوسط وغزوا سواحل مملكتي إيطاليا وفرنسا وجزائر قرقسه وسردانيا وسيسليا وبالغ مؤرخو الفرنج في الحكايات المتعلقة بتلك الغارات واستولوا على مقاطعات كثيرة ومدن شهيرة ثم ذكرها مدينة مدينة تركنا إيرادها هنا اختصاراً. ثم قال: وبالجملة أجاد العرب في ترتيب وتقسيم تلك البلاد وقدموا فيها الفلاحة والصنائع ونقلوا إليها شجر القطن من الشام وقصب السكر من طرابلس الغرب ولسان عصفور الفستق واستخرجوا ما فيها من معادن الفضة والحديد والنحاس والكبريت والملح الأندراني والمباني الموجودة منها في ضواحي بالرمة

الطبقة السابعة

تؤذن بمهارتهم في العمارة وفشا نسج الحرير بسيسليا ومنها انتشر في أوروبا. انتهى باختصار. وفي الفتوحات الإِسلامية: كانت ولاية إبراهيم بن الأغلب إفريقية سنة 184 هـ بعهد من هارون الرشيد وتوارث الملك بعده بنوه عمالاً لخلفاء بني العباس واستمر فيهم إلى سنة 296 هـ فزالت دولتهم وصارت للعبيديين واتسع ملكهم بإفريقية وصارت لم أموال كثيرة وخيل وجنود وافرة وملك ضخم ومراكب في البحر ولهم كثير من المآثر المحمودة والمواقف المشهودة والغزوات الكثيرة والفتوحات الشهيرة وأكثر فتوحات إفريقية كان على أيديهم بصقلية بكسرات مشددة اللام جزيرة عظيمة كثيرة البلدان والقرى والمواشي وكان أول الغزو إليها زمن معاوية بن حديج في خلافة معاوية رضي الله عنه ولم يفتحها وتتابع الغزو إليها زمن ولاية بني الأغلب من أول دولتهم إلى آخرها وتملكوا أكثر الجزيرة ولم يزل الفتح فيها والغزو إلى أن انقضت دولتهم وتفصيل ذلك مبسوط في التواريخ. انتهى. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء الإِمام سحنون وابنه محمَّد وابن عبدوس وحمديس وعيسى بن مسكين ويحيي بن عمر. الطبقة السابعة لما انقرضت دولة بني الأغلب وآلت إلى بني عبيد في أخبار طوال بواسطة أبي عبد الله الصنعاني من صنعاء اليمن وكان صاحب جدل ودهاء وحذق وسياسة. كان أول ملوك هاته الدولة أبو محمَّد عبيد الله المهدي بن محمَّد الحبيب ينتهي نسبه إلى سيدنا علي رضي الله عنه وأثبت نسبهم الكريم ولي الدين بن خلدون. وقال ابن خلكان: في نسبهم خلاف كثير وهاته الدولة تعرف بدولة الشيعة، والشيعة لغة: الصحب والاتباع، وفي عرف الفقهاء والمتكلمين من الخلف والسلف تطلق على أتباع علي وبيته رضي الله عنهم وهم طوائف فمنهم الضال ومنهم العاصي، وكان عبيد الله هذا رجل الدنيا دهاءً وعقلاً مهيباً ولما استقل بالإمارة سنة 297 هـ واستقام له الحال بعد تمهيد الأمور وتفقد العمال، غزا صقلية وإسكندرية ومصر وساعده المقدور وأسس مدينة المهدية في جزيرة جمة وحصنها وانتقل إليها سنة 308 هـ وثار عليه مخلد بن كيداد الأباضي واستولى على غالب إفريقية وتوفي في ريعان الثورة سنة 323 هـ وبويع لابنه أبي القاسم محمَّد وكان ذا نجدة وبأس وبعث مولاه كاتبه جوهراً بأسطول عظيم في جيوش كثيرة لأرض الروم وفتح مدناً وحصوناً منها جنوة ومهد النواحي وقمع الثوار ومنهم مخلد المذكور وكان داعياً إلى الحق آخذاً بالحسبة

منكراً مذهب الشيعة مظهراً إقامة السنة وبذلك استمال الخاص والجمهور وقال الأمور بتجنيد الجنود لقتال الشيعة ووالى الهزائم على أبي القاسم المذكور حتى استعان بزيري ملك صُنهاجة، ومات أبو القاسم على حصار سوسة سنة 334 هـ وبويع لابنه المنصور أبي الطاهر إسماعيل بعهد من أبيه وكان فصيح اللسان بليغاً وتوالت الحروب بينه وبين مخلد المذكور إلى أن ظفر به سنة 336 هـ وصلب جلده محشواً قطناً على باب المهدية وبعث بأسطوله لغزو الفرنج فأتيح له فتح لا كفاء له وذلك سنة 340 هـ وتوفي في السنة بعدها وهو أول مَن استعمل بني أبي الحسن على ملكة صقلية واتصلت بها أيامهم وفي المدارك اتفق شيوخ القيروان على الخروج على ملوك الشيعة بني عبيد وقتالهم منهم السيائي والخراط وأبو العرب والمميسي والقطان ومروان العابد وبعد الاتفاق وإلقاء الخطب المحرضة على ذلك قصدوا المهدية في جند عظيم وبعد قتال شديد كانت الهزيمة عليهم واستشهد الكثير منهم فمن العلماء والعباد خمس وثمانون منهم ربيع القطان والمميسي. انتهى. وحاصل القول إن هذا الخارجي مخلد المذكور أوهم الناس أنه منتصر للسنة وتبين بعد حروب ومصائب أنه سيىء السيرة خبيث السريرة ولما توفي المنصور بويع لابنه معد أبي تميم المعز وهو مجل بيتهم وواسطة عقدهم فأحسن السيرة ودوّخ البلاد وآمن المخالفين ورسخت قدمه وعظم سلطانه ووجه وزيره جوهراً للغرب الأقصى فمهد أحواله في أخبار شهيرة وكان له نصر وفتح في صقلية سنة 345 هـ ثم وجه وزيره جوهر المذكور لمصر في عساكر تفوق الحصر سنة 357 هـ وخرج لتوديعه بنفسه ودخل جوهر مصر في شعبان من السنة وشرع في بناء القاهرة وأسس الأزهر ثم وجّه عسكراً استولى على الشام والحجاز واستحث جوهر سيده المعز على القدوم فأجابه لذلك ورحل في ربيع الأنور سنة 362 هـ بأمواله وأهله وذخائره وجنوده في احتفال لم يسمع بمثله وصاحبه في رحلته الشاعر المشهور أبو القاسم محمَّد بن هانئ الأندلسي، ومات في الطريق واسنخلف على المملكة أبا الفتوح بلكين وسماه يوسف بن زيري الصنهاجي ولما دخل المعز الإسكندرية تلقاه فقهاؤها وأعيانها بالإجلال ثم دخل مصر في شعبان من السنة واستقر بها قراره وصار له ملك الشرق والمغرب من سوس الأقصى ومضيق سبتة إلى مكة المشرفة ولم يزل عالي الكتب آمن السرب إلى أن توفي سنة 365 هـ ومدة ملك الشيعة بالمغرب اثنان وستون سنة. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء فضل بن مسلمة وسعدون الخولاني وربيع القطان وأبو العرب تميم والأبياني وابن اللباد والكانيشي والمميسي.

الطبقة الثامنة

الطبقة الثامنة لما رحل المعز استخلف على المغرب بُلُكين يقال له يوسف بن زيري بن مناد الصنهاجي ويوسف هذا أسس مدائن بالمغرب الأوسط منها مليانة والجزائر وقام بأمر النيابة أحسن قيام ورتب العمال وكان حسن السيرة جميل الخصال مع صيت طائر وكفاءة معروفة، وقصد المغرب بجيوش جرارة واستولى على فاس وسجلماسة وغيرها وشتت جموع زناتة واتسع نطاق ملكه ولم يزل على طاعة مستخلفه إلى أن توفي سنة 372 هـ وبويع لابنه أبي الفتوح منصور بن يوسف وكان جواداً كريماً شجاعاً صارماً وكانت أيامه حسنة والظفر حليفه وكانت بينه وبين أعمامه حروب وتوفي سنة 386 هـ وبويع لابنه أبي مناد باديس بن منصور وكانت ل حروب مع عمه حماد وغيره كان النصر فيها لباديس وعقب انتصاره مات باديس فجأة في ذي القعدة سنة 406 هـ وأسس حماد المذكور دولة في المغرب الأوسط قاعدتها قلعة حماد وصارت لبنيه ومن يومئذ انقسمت الدولة وطرقها الخلل وهؤلاء الأمراء الذين هم في الحقيقة عمال لبني عبيد بلغوا درجة الملوك في الضخامة وبعد الصيت والسلطان. ولأبي إسحاق إبراهيم بن قاسم المعروف الرقيق القيرواني تأليف في أخبار باديس وأبيه وجده كان بين باديس وأبي محفوظ محرز بن خلف تراسل وكذلك بينه وبين ابنه المعز الآتي ذكر بعضها في خاتمة الخاتمة الآتي ذكرها. تنبيه: قد علمت مما تقدم ما كان عليه ملوك بني الأغلب ومن قبلهم من المحافظة على الدين وعلى ما وقع فتحه والاشتغال بجمع العساكر والفتوحات وتمهيد الراحة وجاء بعدهم الفاطميون بنو عبيد وكان اشتغالهم بالحروب وبث الدعوة في الأفكار والزيادة في المملكة وعمالهم ملوك صنهاجة مثلهم. وقانون الملك الإِسلامي هو القرآن العظيم وأقوال رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، وكان لهم وللمعز الآتي ذكره إلى آخر دولته التفات واهتمام بأهل العلم والأدباء بالصلات المتوالية ومجالستهم مع التعظيم والإجلال والتكريم ومكاتبتهم، فقد كان باديس يكاتب أبا محفوظ محرز وكذلك ابنه المعز وكان يبعث المال والكتب للعماء وقد سبقت الإشارة إلى ذلك في ترجمة أبي بكر عتيق السوسي، وفي مدتهم كان سوف العلم نافقاً بالغاً الغاية والعلماء الفحول والأدباء والحكماء والمهندسون كثيرون جداً، كان أبو الطيب ابن بنت خلدون من علماء الحساب والهندسة دبر سوق خليج من ساحل البحر إلى القيروان والحكاية مشروحة في المقصد عند التعرض لترجمته، وكان للعلماء يد وإعانة في سياسة الملك من ذلك

فصل

أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر على نحو ما جاء به الشرع العزيز، ولذا كان الملوك يلاقون من شدة العلماء عليهم ما يتجرعون مرارته كسحنون وسعدون الخولاني وربيع القطان وأبي محفوظ محرز بن خلف. وسترى قريباً الخبر عن القيروان بما فيه عبرة لذوي الفضل والشأن. فصل قد علمت مما تقدم أن الأندلس استوى عليه عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ويقال له عبد الرحمن الداخل وصار وراثة في بنيه وبقي الكلام على ما آل إليه أمرهم فنقول: إن في أيامهم استفحلت الأندلس واستبحرت بالعلوم والمعارف والصنائع مع عمران باهر وحضارة وتمدن زاهر. في خلاصة تاريخ العرب: نصح عبد الرحمن المذكور ولده الحكم قبل وفاته بقوله: يا بنيّ، إن الممالك ملك الله وهو يؤتيها من يشاء وينزعها ممن يشاء كما يختار وحيث إنه قد أجلسنا على سرير سلطنة إسبانيا فلنشكره جزيل الشكر الأبدي ولنصنع الخير بخلقه لنكون عاملين طبق أوامره المقدسة، فإن الله تعالى لم يجعل فينا الشوكة العظمى إلا لنفعل لخير بعباده، فلنجعل عدلك مستقيماً بين الغني والفقير، وعامل جنودك برفق وبر وأمرهم بالحماية على البلاد وانههم عن الظلم والجور بين العباد. وحامِ عن الفلاحين الذين نقتات من نتائج أشغالهم واستلفت نظرك نحو مزارعهم ومحصولاتهم حتى تكون الرعية سعيدة الحال في ظل سلطانك ولتتمتع الرعية في الأمن بخيرات الحياة ونعيمها. انتهى. ثم قال ما ملخصه: من ملوك الأموية عبد الرحمن الثالث أدخل في السياسة علوم بغداد واجتهد في تقديم العلوم والفنون، وجمّل قرطبة ومدائن الأندلس بالمباني الفاخرة، وبنى قرب قرطبة لجاريته زهراء قصراً وصفته التواريخ العربية بما لا يتصوره الذهن، وكان عصره أزهر عصر خلفاء الأموية، وبالجملة كان حائزاً للنصر الحربي والعلم الفائق والمال الوافر والزينة وجميع أسباب الاشتهار الدنيوي، ولما مات وجد في بعض أوراقه ما نصه: إنه قد مضت مدة خمسين سنة منذ توليت الخلافة وتمتعت بعلو الشأن وكثير من خزائن الأموال والملاذ والحظوظ حتى أنفذت كل ما ظفرت به منها، وإن لملوك المقارنين لي في عصري يعتبرونني ويخشونني ويغبطونني وجميع ما تشتهيه الرجال قد أنعم الله به على مَن فضله وقد أحصيت مدة خلافتي التي ظننتني فيها سعيداً فرأيتها أربعة عشر يوماً فيا أيها الناس قدروا بعقولكم

ما قيمة عظمة الملك عند الملوك والدنيا والحياة انتهى. قلت: عبد الرحمن هذا هو عبد الرحمن الناصر بن محمَّد بن عبد الله بن محمَّد بن عبد الرحمن الأوسط بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن الداخل ولي الملك سنة 300 هـ وتوفي سنة 356 هـ واتسع الملك بالأندلس في مدته ومن اتساعه أنه بني تجاه قرطبة مدينة سماها الزهراء لسكناه هي من عجائب الدنيا دالة على قدر بانيها وأنفق فيها من الأموال خمسة وسبعين مائة ألف دينار وكان عدد الفتيان بالزهراء ثلاثة عشر ألف فتى وسبعمائة وخمسين فتى لهم من اللحم كل يوم ثلاثة عشر ألف رطل غير أنواع الطير والحوت، وعدد النساء بالقصر ستة آلاف وسبعمائة وثمانون والمرتب على الخبز لحيتان بحيرة الزهراء اثنا عشر ألف خبزة وأما أوصاف هاته المدينة فإنها طويلة. وما أغرب ما يحكى عن الناصر أنه أراد القصد يوماً فقعد في البهو الكبير واستدعى الطبيب لذلك فأخذ الطبيب الآلة وجس يد الناصر فبينما هو كذلك إذ أطل زرزور فصعد على إناء من ذهب وأنشد ذلك الزرزور: أيها الفاصد رفقاً بأمير المؤمنين ... إنما تفصد عرقاً فيه محيا العالمين وجعل يكرر ذلك المرة بعد المرة فاستظرف الناصر ذلك وسرّ به غاية السرور ووهب لمعلم الزرزور ثلاثين ألف دينار. ولما أتم بناء الزهراء وبها قبة لجلوسه مزخرفة صنع طعاماً دعا إليه العلماء وجلس في تلك القبة فلما حضر العلماء ومعهم القاضي منذر بن سعيد البلوطي فلما رأى تلك القبة أنكر عليه ذلك الصنيع فأثر عليه إنكاره فقال له جزاك الله يا قاضي عنا وعن نفسك خيراً وعن الدين والمسلمين أجل جزائه وكثر في الناس أمثالك. وأمر بنقض سقف القبة الذي طلوه بالذهب وأعادها على صفة ليس بها ما ينكر عليه فيه. ومن أخباره أنه أغضب جاريته طروف فهجرته وكان يحبها، فأرسل إليها يترضاها فأبت وأغلقت باب مجلسها فأمرهم بسد الباب عليها من خارجه ففعلوا وبنوا عليها بالبدر. فأقبل حتى وقف بالباب وكلمها مسترضياً راغباً في المراجعة على أن لها جميع ما سد به الباب من البدر فأجابت وفتحت الباب فانهالت البدر ببيتها فأكبت على رجله تقبلها وحازت المال وكانت تبرم الأمور فلا يرد شيئاً تبرمه، وكانت له غزوات كثيرة شهيرة. وقد ذكر أبو العباس أحمد بن عبد ربه في العقد الفريد اثنين وعشرين غزوة من غزواته ونظم كل غزوة منها في منظومة من الرجز، وكان معاصراً له وبذلك طار صيته وانتشر ذكره وأطاعته بنو إدريس أمراء العدوة وملوك زناتة والبربر حتى صار ملكه غاية في الضخامة وعلو الشأن. ولما توفي بويع لابنه الحكم المستنصر بالله فقام بأعباء الملك خير قيام

وكان عالماً نبيلاً أقام للعلم والعلماء سوقاً نافقاً واجتمع عنده من خزائن الكتب ما لم يجمعه أحد من الملوك قبله. في غرائب الغرب لأبي عبد الله محمَّد كرد علي: كان للأندلسيين غرام بتسبيل الكتب على المطالعة ولهم خزائن كتب عامة وخاصة وكانت قرطبة أكثر بلاد الأندلس كتباً وأهلها أشد الناس اعتناء بخزائن الكتب صار ذلك عندهم من آلات التعين والرياسة فلا يكاد يخلو دار من خزانة فيها كتب قيِّمة وقد أنشأ الحكم الثاني عدة مكاتب للمطالعين فكان يرسل وكلاءه إلى المشرق يستنسخون الأسفار فما هو إلا أن يؤلف المؤلف تصنيفه حتى تستنسخ منه نسخ أو نسخة لتحمل إلى خليفة الأندلس ولا يفوت بلاده شيء من حركة العقول، وكانت دار كتبه تحتوي على أربعمائة ألف مجلد جاء فهرسها في أربعة وأربعين مجلداً ولطالما أجزل ملوك الأندلس الصلات لبعض مؤلفي الشرق والأندلس حتى يذكروا في مقدمتها أنهم ألفوها برسم خزائنهم، ومن المؤلفين مَن كانوا يرضون بذلك ومنهم مَن لا يرضون به يقصدون أن يكون لمن يستفيد منه. وكان للعلماء والمؤرخين والشعراء والأدباء في الأندلس مجامع عالمية وأدبية أشبه بالمجامع أو الأكاديميات في هذا العصر وذلك لنشر العلم والمعارف ومفاوضة الحكمة بينهم فنتج من اجتماعهم فوائد مهمة للعلم والمدينة وكان المظفر بن الأفطس صاحب بطليوس من أعلم الملوك بالأدب وله التصنيف المترجم بالتذكرة والمشتهر بالكتاب المظفري في خمسين مجلداً في الفنون والعلوم واستأدب لبنيه أبا عبد الله بن يونس وكان يحضره وأبا الحزم بن عليم وأمثالهما للمذاكرة والمباحثة فيفيد ويستفيد وكان لأبي عامر أمير الأندلس في دولة هشام المؤيد مجلس معروف في الأسبوع يجتمع فيه أهل العلوم للكلام فيها بحضرته وقد أنشأ الحكم مجمعاً وقلّده غيره من أمراء الأندلس فأنشأوا مجامع لهم وأنشأ أحمد بن سعيد النصري مجمعاً في طليطلة فكان يجتمع عنده أربعون عالماً من طليطلة وما جاورها ثلاثة أشهر في السنة، يعقدون اجتماعاتهم في ردهة فرشت أحسن فرش يبدؤون عملهم بقراءة آيات من الكتاب العزيز ثم يتذاكرون في تفسير ما قرأوا ويأخذ بهم الاستطراد إلى البحث في فنون شتى في العلم والحكمة اهـ. وقال ابن حزم: عدد الفهرسات التي فيها أسماء بعض الكتب أربع وأربعون فهرسة كل فهرسة ست وعشرون ورقة ليس فيها إلا أسماء الدواوين وأما غير الدواوين من سائر فنون العلوم فشيء كثير قيل إن كتبه كانت أربعمائة ألف مجلد قلما يوجد كتاب منها إلا وله فيه قراءة ونظم ومكتوب على هوامشه خطه. ولما ألف أبو الفرج الأصبهاني كتابه الأغاني بعث للحكم نسخة فاجازه بألف دينار وقد

تقدّم في ترجمة المعيطي وابن المكوي أن الحكم هذا كلفهما بتأليف الاستيعاب فألفاه وأجازهما على ذلك جائزة سنية وكانت مدة ولايته ستة عشر سنة وبويع لابنه هشام المؤيد وعمره تسع سنين واستوزر محمَّد بن أبي عامر الملقب بالمنصور المعافري ومعافر بطن من حمير وباشر هذا الوزير تدبير الملك بنفسه وكان ذا عقل ورأي وشجاعة وكرم وبصيرة بالحروب ودين متين وكان عالماً متفنناً وله غير ذلك من الصفات الحميدة وسيرته مشهورة في التواريخ ومفردة بالتأليف واستمر على سيرته سبعاً وعشرين سنة وذكر في نفح الطيب كثيراً من غزواته وأخباره في الكرم والعفو والحلم وحسن الخلق ثم قال: وأخبار المنصور تشمل مجلدات، وتوفي في صفر سنة 392 هـ فقام بأمر الوزارة بعده ابناه فأولاً عبد الملك فجرى على سنن أبيه في السياسة والغزو وكانت أيامه أعياداً دامت سبع سنين ثم قام بالأمر بعده الابن الآخر عبد الرحمن وجرى على سنن أبيه وأخيه في الحجر على الخليفة هشام والاستبداد عليه ثم طلب من هشام أن يجعله ولي عهده فأجابه لذلك لتغلبه عليه وأحضر لذلك أرباب الشورى وأهل الحل والعقد وكتب عهده بذلك ثم سعى كثير من الأمويين وغيرهم في نقضه وأثاروا لذلك فتنة إلى أن قتلوا عبد الرحمن المذكور سنة 399 هـ ثم خلعوا الخليفة هشاماً وبايعوا غيره ثم أعيد هشام ثم فقد سنة 403 هـ وثارت بسبب ذلك فتن كثيرة يطول ذكرها آل الأمر فيها إلى زوال ملكهم وافتراق كلمتهم وكل يوم يخلعون خليفة ويبايعون آخر إلى أن انقضت الدولة الأموية من الأرض سنة 428 هـ وانتثر سلك الخلافة بالمغرب وقام الطوائف بعد انقراض الخلائف متغلبين في كل ناحية ملك مستقل وتغلب بعضهم على بعض ولا حاجة بنا إلى ذكر أسمائهم ومن أشهرهم بنو عباد ملوك إشبيلية الذين منهم المعتمد بن عباد وعند ذلك استفحل أمر النصارى بالأندلس وجرت بعد ذلك أمور ستقف على بعضها إن شاء الله وهي مبسوطة في نفح الطيب وغيره. قال ولي الدين بن خلدون: إن دولة بني أمية بالأندلس لما فسدت عصبيتها من العرب استولى ملوك الطوائف على أمورها واقتسموا خطتها وتنافسوا وتوزعوا ممالك الدولة كل واحد منهم على مكان في ولايته وشمخ بأنفه وبلغهم شأن ملك العجم من الدولة العباسية فتلقبوا بألقاب الملك ولبسوا شارته لاستيلاء الترف عليهم ولذلك يشير ابن رشيق في قوله: مما يزهدني في أرض أندلس ... أسماء معتصم فيها ومعتضد ألقاب سلطنة في غير مملكة ... كالهر يحكي انتفاخاً صورة الأسد

تنبيه

تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء ابن أبي زيد والقابسي والخشني وابن التبان وابن مسرور ومسرة والجبنياني ومحرز بن خلف. الطبقة التاسعة لما توفي باديس بويع لابنه المعز بالمهدية وعمره ثماني حجج وذلك في ذي الحجة سنة 406 هـ وباشرت جدته أمور الدولة إلى أن توفيت وسنذكر خبرها في الخاتمة. والمعز هذا هو واسطة عقد ملوك بني زيري توفرت في أيامه أسباب العز والثروة والعمران وكان حسن السيرة محمود الآثار أديباً مجتنباً سفك الدماء إلا في حق. حديد الذهن. له معرفة بكثير من الصنائع وله شعر جيد محباً للعلماء معظماً لأرباب الفضائل حتى قصدته الشعراء من الآفاق على بُعد الدار يجيز الجوائز السنية ويعطي العطاء الجزيل. ومن شعراء دولته ابن شرف وابن رشيق. هاداه ملوك السودان والروم واستقامت أموره وكانت بإفريقية مذاهب الشيعة والصفرية والأباضية والنكارية والمعتزلة وكانت بها من مذاهب أهل السنة مذهب أبي حنيفة النعمان ومذهب مالك فظهر له حمل الناس على التمسك بمذهب مالك وقطع ما عداه حسماً لمادة الخلاف بالمذاهب واستمر بذلك الحال إلى احتلال العساكر العثمانية إفريقية وسنذكره في محله إن شاء الله. وفي أيامه اشتدت شوكة زناتة وكانت له معهم حروب ثم إن المعز قطع العلائق مع دولة بني عبيد بمصر ودعا وخطب باسم دولة بني العباس ولذلك أضمر بنو عبيد الشر والانتقام منه فوجهوا في سنة 441 هـ قبائل من عرب الصعيد كبني هلال وبني سليم وغيرهم معروفين بالطيش وشدة البطش للتشفي من المعز وإفريقية وانتشروا كالجراد ودخلوا إفريقية وعثوا فيها بالبغي والفساد وأذاقوا أهلها لباس الجوع والخوف بما لم يعهد. قال ابن خلدون: وصارت خراباً كلها بعد أن كانت ما بين السودان والبحر الرومي كلها عمراناً تشهد بذلك آثار العمران فيه من المعالم وتماثيل البناء وشواهد القرى والمدائن. وقال البكري: كان بالقيروان ثمانية وأربعون حماماً وأحصى ما ذبح بالقيروان في بعض أيام عاشوراء خاصة فانتهى تسعمائة وخمسين رأساً من البقر وجباية سواحل القيروان سوسة والمهدية وصفاقس وتونس لبيت المال خاصة غير الدخل والخرج الذي لغير بيت المال ثمانون ألف مثقال من الذهب وفي سنة 452 هـ سبيت القيروان وأخليت ولم يبق فيها إلا ضعفاء أهلها. انتهى. وقال ابن عذاري: كانت القيروان من أعظم مدن المغرب طراً وأكثرها بشراً وأيسرها أموالاً وأوسعها أحوالاً وكان الغالب على أهلها التمسك بالخير والتخلي عن الشبهات واجتناب المحرمات إلى أن توالت

الجوائح عليها بدخول العرب لها على ما يأتي ذكره فلم يبق فيها إلا أطلال دارسة وآثار طامسة، وقال: تولى المعز وهو ابن سبع أو ثمان سنين وتربى في حجر وزيره أبي الحسن بن أبي الرجال وكان عالماً ورعاً زاهداً وكانت إفريقية أكثرها على مذهب الشيعة وخلاف السنة والجماعة فحرض ابن أبي الرجال المعز وأدّبه وأدله على مذهب مالك وعلى السنة والجماعة والشيعة لا يعلمون ذلك ولا أهل القيروان فخرج المعز في بعض الأعياد إلى المصلى وهو في زينته وحشوده وهو غلام فكبا به فرسه فقال عند ذلك أبو بكر وعمر فسمعته الشيعة التي كانت بعسكره فبادروا إليه ليقتلوه فجاءه عبيده ورجاله ومَن كان يكتم السنة من أهل القيروان ووضعوا السيف في الشيعة. قال أبو الصلت: فصاح بهم في ذلك الوقت صائح الموت فقتلوا في سائر بلاد إفريقية ولم يزل المعز يعمل فكره في قطع دعوتهم وفي سنة 440 هـ قطع المعز الخطبة لصاحب مصر. قال ابن شرف: أمر المعز بأن يدعى على منابر إفريقية للعباس بن عبد المطلب وتقطع دعوة العبيديين وأمر بلعنهم في الخطب وسبهم بأشنع السب وأمر بتبديل السكة على أسماء بني عبيد فنقش الوجه الواحد: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} وفي الوجه الآخر: "لا إله إلا الله محمَّد رسول الله" وأمر بسبك ما كان عنده من الدنانير التي عليها أسماء بني عبيد وكانت أموالاً عظيمة ثم بعث في الناس من قطع سكتهم وزوال أسمائهم من جميع الدنانير والدراهم وغيرها وتم الأمر بذلك سنة 441 هـ ولما آل الأمر إلى التصريح بلعنة بني عبيد على المنابر وأمر المعز بقتل أشياعهم أباح بنو عبيد للعرب بمجاز النيل وكان قبل ذلك ممنوعاً لا يجوزه أحد من العرب ثم أمر لكل جائز منهم بدينار فجاز منهم خلق عظيم من غير أن بأمرهم بشيء لعلمه أنهم لا يحتاجون لوصية فجازوا أفواجاً ووصلوا إفريقية وكان وصولهم الداعية العظمى والمصيبة الكبرى وبعد حروب وأهوال في أخبار طوال فرّ المعز بما خف إلى المهدية. انتهى ابن عذاري. وقال ابن خلدون: إن ملوك صنهاجة فسدت طباعهم أواسط المائة الخامسة واستمرت لهم الدولة متقلصة الظل بالمهدية حتى تأذن الله بانقراضهم وجاء الموحدون بقوة قوية من المصامدة فمحوا آثارهم انتهى. وفي المعجب كانت القيروان دار ملك المسلمين بإفريقية منذ الفتح لم يزل الخلفاء من بني أمية وبني العباس يولون عليهم الأمراء من قبلهم إلى أن اضطرب أمر بني العباس واستبد الأغالبة بملك إفريقية بعض الاستبداد فاتخذوا القيروان دار ملكهم فلم يزالوا بها إلى أن أخرجهم عنه ابن وعبيد وملوكها ثم ولوا عليها حين ارتحلوا زيري بن مناد الصنهاجي فلم يزل زيري وبنوه ملوكاً عليها إلى أن كان

آخرهم تميم بن المعز فانتهبتها الأعراب وخربتها وكانت منذ الفتح إلى أن خربت دار العلم بالمغرب إليها ينسب أكابر علمائه وإليها كانت رحلة أهله في طلب العلم وقد ألف الناس في أخبار القيروان ومناقبه. وذكر علمائه ومن كان به من الزهاد والصالحين والفضلاء المتبتلين كتباً مشهورة ككتاب أبي محمَّد بن عبيد وكتاب ابن زيادة الله الطبني فلما استولى عليها الخراب تفرق أهلها في كل ناحية كمصر وصقلية والأندلس ومنهم طائفة عظيمة قصدت المغرب ونزلوا مدينة فاس اهـ باختصار. وفيه كانت العمارة متصلة من مدينة الإسكندرية إلى مدينة القيروان تمشي فيها القوافل ليلاً ونهاراً وكان فيما بين الإسكندرية وطرابلس الغرب حصون متقاربة جداً فإذا ظهر في البحر عدو نوّر كل حصن للحصن الذي يليه واتصل التنوير فينتهي خبر العدو من طرابلس إلى الإسكندرية والعكس في ثلاث ساعات أو أربع من الليل فيأخذ الناس أهبتهم ويحذرون عدوهم ولم يزل هذا معروفاً إلى أن خربت الأعراب تلك الحصون ونفت عنها أهلها أيام خلى بنو عبيد بينهم وبين الطريق للمغرب وذلك في حدود سنة 440 هـ حين تغير ما بينهم وبين المعز الصنهاجي وقطع الدعاء لهم على المنابر ودعا لبني العباس. اهـ. معجب والحاصل أن مقدار ما وصلت إليه القيروان في أوائل ملوك بني زيري ومن قبلهم فوق ما يذكر من الحضارة والتمدن والبهجة والعمران والاستبحار في العلوم والصنائع والتجارة والفلاحة وكثرة الأدباء والشعراء والأطباء والمهندسين فما بالك بغيرهم من الفقهاء والمحدثين من علماء الدين ثم كانت على القيروان الطامة الكبرى التي صيرتها خراباً بهؤلاء الأعراب وانحدرت في تيار الانحطاط السريع وانتقل كرسي ملكها البديع إلى المهدية وتقلص ظل الدولة الصنهاجية المؤذن بالفناء والملك لله الواحد القهار الذي لا يزول ملكه ولا يفنى وصارت مرسح الفتن ومسرح الإحن خالية عن السكان فضلاً على العلماء وآخر علمائها على هذا العهد السيوري والتونسي. ولهاته الأسباب خرج غالب مَن في البلد ومنهم المعز ونجا بنفسه للمهدية بعد مشاق وعاملها يومئذ ابنه تميم فتلقاه بالمبرة والتكريم وبقي بها إلى أن توفي سنة 454 هـ ودفن برباط المنستير وفي معالم الإيمان لم يبق بالقيروان بعد المائة الخامسة من له اعتناء بالتاريخ وغيره لتخريبها على يد المفسدين الأعراب وبقيت على ذلك إلى ظهور دولة الموحدين انتهى. قلت: ورغماً عما حل بها من النوائب فلم يزل بها من المشاهد والمعالم الإِسلامية الخالدة إلى هذا العهد مما لا يوجد بغيرها من بقية مدن إفريقية كجامع سيدنا عقبة العتيق ومنبره البديع الشكل والصنع الوثيق وهذه المعاهد أكسبت شهرة مطبقة بالعالم الأروباوي وبعد الصيت وجميل الذكر في العالم الإِسلامي ولم تجد شيئاً يبقى خالداً إلا الذكر حسناً كان أو قبيحاً.

تنبيه

فلا شيء يدوم فكن حديثاً ... جميل الذكر فالدنيا حديث في روح المعاني عند قوله جل ذكره: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)} الآية تدل على أن الإنسان يرغب في الثناء الحسن والذكر الجميل إذ لو لم يكن مرغوباً فيه ما امتن الله به على رسوله - صلى الله عليه وسلم - والذكر قام مقام الحياة ولذا قيل ذكر الفتى عمره الثاني، قال ابن دريد: وإنما المرء حديث بعده ... فكن حديثاً حسنًا لمن وعى ويحكى أن الطاغية هلاكو سأل أصحابه مَن الملك؟ فقالوا له: أنت الذي دوَّخت البلاد وملكت الأرض وأطاعتك الملوك، وكان المؤذن إذ ذاك يؤذن فقال الملك هو الذي له أزيد من ستمائة سنة قد مات وهو يذكر على المآذن في كل يوم وليلة خمس مرات ريد محمداً - صلى الله عليه وسلم -. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء البرادعي وابن الضابط واللبيدي وأبو عمران الفاسي وأبو بكر بن عبد الرحمن والتونسي وابن يونس وابن العطار. الطبقة العاشرة لما توفي المعز بويع لابنه أبي يحيى تميم واشتغل بما بقي من المملكة وضبطه أحسن ضبط وكان شاعراً وشعره رائق مدوَّن وأبو علي بن رشيق كان من ندمائه وله فيه قصائد طنانة وكان أعلم بني مناد وأعفاهم عن الأمور العظام وكان حسن السيرة محمود الآثار محباً للعلماء معظماً لأرباب الفضائل حتى قصدته الشعراء من الآفاق على بعد الدار كابن السراج السوري ونظرائه يجيز الجوائز ويعطي العطاء الوافر، فضائله كثيرة وله أخبار ووقائع عجيبة مع الثائرين، وفي أيامه توالت على سوسة أمراء من العرب وملوكها حين استولوا على البلاد وانتزعوها من يد صنهاجة واستقرت أخيراً تحت ملك جبارة بن كامل بن سرحان بن أبي العيس البعيد الصيت المشتهر بالجود ومن يده أخذها النصارى حين أخذوا المهدية من يد الحسن الآتي ذكره واستولوا على بلاد الساحل ولما وصل عبد المؤمن استنقذها من يد النصارى وسنأتي على شرح ذلك قريباً وللشعراء في مدح جبارة قصائد طنانة منها قصيدة التراب السوسي في رحلة التيجاني قد أولع أعراب زماننا بإنشادها وكثرة تردادها ولأجل ذلك ذكرناها بكمالها وإن كان فيها بعض طول لأن الحسن غير مملول وهي نحو المائة والعشرين بيتاً، أولها:

سلم على ذي سلم ... مضنى الهوى المستغنم وقف بها مسائلاً ... عن ساكن والخيم واستمطر العين بها ... صوب دموع ودم وفي أيام تميم هذا استولى العدو على صقلية سنة 484 هـ ثم استولى على المهدية ثم خرج منها بعد عقد صلح وبقي على ذلك الحال وأموره معتلة إلى أن توفي سنة 501 هـ بالمهدية ونقل لرباط المنستير. واعلم أنه قد علم مما تقدم في مواضع على وجه الاستطراد فتح صقلية وذكر بعض المآثر الحسنة التي خلدها الإسلام بها وزيادة على ما تقدم ذكره نذكر لك هنا بعض أخبارها على نسق باختصار كثير مما هو مبسوط في التواريخ فنقول إن أول من غزا صقلية معاوية بن حديج ولم تزل تغزى إلى أيام زيادة الله إبراهيم بن الأغلب وفيها حصل الاستيلاء على جانب عظيم منها وصارت مملكة متابعة لملوك إفريقية وتتابع الغزو إليها وإلى غيرها بعد ذلك حتى اتسع نطاق المملكة وأمراؤه عمال لملوك إفريقية يتولون الإمارة بعهد منهم واستمرت على ذلك المنوال أميراً بعد أمير ولا حاجة لذكر أسمائهم لأنه يؤدي إلى التطويل، وفي سنة 336 هـ صار الوالي عليها الحسن بن علي بن أبي الحسين ثم صارت ميراثاً في عقبه إلى أن تفرقت صقلية إلى ممالك وصارت كل مملكة بي دملك متغلب عليها مستبد لا يسأل عن غيره فصار الفرنج ينتزعون تلك الممالك منهم مملكة بعد مملكة حتى كان استخلاص العدو لها تماماً سنة 484 هـ بعد أن بقيت بيد المسلمين مائتين ونيفاً وسبعين سنة والذي تغلب عليه الملك رجار وكان عدم النظير في أبناء جنسه صاحب حزم ودهاء وسياسة ولما تم تملك صقلية تتابعت غارتهم على إفريقية فملكوا الجزائر ومالطة وجربة وطرابلس وقابس وسوسة وصفاقس والمهدية وكانت هاته الوقائع متتابعة في سنين وكان انتهاؤها سنة 543 هـ كما ستعلم مما يأتي ذكره. وصقلية في أيام الإِسلام رحل إليها الكثير من وجوه الناس قضاة وفقهاء ومحدثين وغيرهم من الخاصة فضلاً عن العامة لرخاء أسعارها وأمن سبلها وعدل سلطانها وظهر منها الكثير من فحول العلماء والفقهاء والمحدثين والشعراء ترجمنا لبعضهم في المقصد والحاصل أنها في مدتهم بلغت غاية في الحضارة وعلو الشأن وتبحر العمران وبها كثير من المساجد وقد وصف ابن جبير في رحلته بعض مدنها وما شاهده من حالها وحال المسلمين بها بعد احتلال العدو لها حالة تبكي العيون دماً وتذيب القلوب ألماً.

تنبيه

قلت: وفي هذا العهد لم يبق بها أثر الإِسلام وعادت مساجدها كنائس وصوامعها مضارب للنواقيس. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء السوري وعبد الحق الصقلي والشقراطسي واللخمي وعبد الحميد الصائغ. الطبقة الحادية عشر لما توفي تميم بن المعز بويع لابنه يحيى وكان ذا رياسة وسياسة قمع الثوار ومهد النواحي وغزا بأسطوله الروم حتى وقع صلح على شروطه وكان رحيماً بالضعفاء مطالعاً لكتب السير وأخبار الزمان عارفاً بالنجوم والطب وبنظم الشعر الجيد ويجيز عليه ومن شعرائه وجلسائه العلامة الأديب المؤرخ الأريب أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الآتي ذكره في الخاتمة وكان له شعر رائق ونثر فائق ويأتي خبره وخبر بعض ملوك صنهاجة في الخاتمة. وفي أيام هذا الأمير دخل محمَّد بن تومرت مؤسس الدولة الموحدية المهدية في أيام أبي الحسن علي وتقدم بعض خبره بما يفيد أنه دخل المهدية مرتين حين ذهب للمشرق وحين رجع منه انظر ترجمة أبي بكر بن العربي في الطبقة الحادية عشر من المقصد، وتوفي الأمير يحيى في ذي الحجة سنة 509 هـ وخلف من البنين ثلاثين ومن البنات عشرين ودفن بقصره على ما جرت به العادة ثم نقل للمنستير. ولاية ابنه أبي الحسن علي بن يحيى: تم له الأمر بعد أبيه بإتفاق من جنده واستقام أمره وكان جواداً مفضالاً لا يميل للراحة وكان من الأذكياء محباً للعلم والعلماء. وللقاضي أبي بكر اليابري مصنفان في الأصول والفقه على مذهب مالك رد فيها على ابن حزم أحدهما المدخل والآخر سيف الإِسلام في مذهب مالك الإِمام ألفه باسم الأمير أبي الحسن المذكور في المهدية سنة 513 هـ ورحل لمكة وبها توفي. رحل إليه الزمخشري من خوارزم للأخذ عنه وقدم لمكة وأخذ عنه وترجمة هذا العالم تقدمت في الطبقة الحادية عشر من المقصد. ولأبي الصلت المذكور منزلة جليلة عند هذا الأمير وتوالت بين هذا الأمير والأعراب فتن وحاله معهم مل حال أبيه وجده وكبرت بينه وبين صاحب صقلية الوحشة وتوفي سنة 515 هـ بالمهدية ونقل للمنستير.

ولاية ابنه الحسن

ولاية ابنه الحسن: تم له الأمر يوم وفاة والده وعمره اثنا عشر عاماً وهو آخر ملوك هاته الدولة، وكانوا كلهم أهل نجدة وشجاعة وإحسان ومعروف. وكان فصيحاً عاقلاً حازماً لا يتزحزح لعظائم الأمور ولا يتضعضع لنوائب الدهور شجاع القلب كريم النفس ينظم الشعر، وفي سنة 517 هـ قصد صاحب صقلية المهدية في أسطول عظيم وجنود جرارة ولما وصل المهدية هاج البحر على هذا الأسطول فدمر أكثره وألحق الضرر بالباقي فقتل المسلمون الكثير من رجاله وغنموا غنائم كثيرة وانعقد عقب ذلك صلح واستولى الطاغية على جربة وصفاقس وقرقنة وطرابلس. وفي سنة 543 هـ خرج بأسطول عظيم ودهم به المهدية على حين غفلة من أهلها فخرج الحسن منها بما خف وفجأ الناس من بلاء هذا الطاغية ما لم يكن له حساب، ولما دخل المهدية وجدها خالية فاستولى عليها من غير تعب وقتال واستولى على ذخائر الحسن، وأمن الناس وعمرها أحسن عمران ثم استولى على سوسة وصفاقس ودانت له البلاد، وأما الحسن فإنه بعد خبر طويل وصل للخليفة عبد المؤمن بن علي مستجيراً به فأكرمه وأحسن منزله، وأجاب مطالبه واستعد لذلك ثلاث سنين وتوجه لها بنفسه في صفر سنة 554 هـ، وبين يديه الحسن المذكور بعسكره الجرار وجيشه العرمرم يقال إنه لما وصل باجة عرض العساكر فكانت الفرسان أزيد من مائة ألف والرجال لا تحصى وهي تمر بالطريق الضيقة في المزارع فلا يضرها شيء وهذه المحلة تمتد أميالاً وكلهم يصلون الصلوات الخمس بإمام واحد وتكبيرة واحدة ولا يتخلف أحد منهم عن الصلاة لأنه كان يقتل من يتأخر منهم وكانت مقدمة هذا الجيش اثني عشر ألف مقاتل قد كلفوا بحفر الآبار واستخراج المياه وتمهيد الطريق وتهيئة ذلك للجيش ولولا هذا التدبير لم يقدر على هاته الأسفار البعيدة بهاته الجيوش العظيمة فنازل تونس وأخذها صلحاً وكانت بيد أحمد بن خرسان واستخلف على تونس أبا محمَّد عبد السلام الكومي ورتب معه أشياخاً من الموحدين ثم رحل للمهدية والأسطول يحاذيه في البحر فوصل إليها منتصف رجب وكان بالمهدية ملوك الفرنج وأبطال الفرسان فحاصرها بما انضاف إليه من أهل البلاد بما يخرج عن الإحصاء وفي مدة الحصار فتح طرابلس ونفوسة وقابس وثغور إفريقية وما والاها وأقام في حصارها ستة أشهر إلى أن فتحها بكرة عاشوراء سنة 555 هـ ولذا يقال لها سنة الأخماس، ودانت له البلاد بالطاعة واستخلف عليها أبا عبد الله محمَّد الكومي وجعل معه الحسن وأمره أن يقتدي برأيه وأقطع الحسن جانباً منها وارتحل ولبثت إفريقية في أمن ودعة واطمئنان بقية أيامه وصدراً من أيام بنيه ومدحه الشعراء على هذا الفتح منهم أبو محمَّد عبد الله بن أبي العباس التيفاشي بقصيدة أولها: ما هزّ عطفيه بين البيض والأسل ... مثل الخليفة عبد المؤمن بن علي

ولما أنشدها بين يديه أشار إليه أن يقتصر على هذا البيت ولا يتم قراءة القصيدة وأمر له بألف دينار وقيل: لمَ لم تسمع تمام القصيدة؟ فقال: وما عساه أن يقول بعد هذا البيت، أي لا يأتي بأمدح منها وأخذ يجيزه كل يوم ألف دينار على قراءة هذا البيت إلى أن بلغت أربعين ألفاً وكان عبد المؤمن هذا عاقلاً حازماً سديد الرأي حسن السياسة كثير البذل للأموال إلا أنه كان سفاكاً للدماء على الذنب المغير وكان يعظم أمر الدين ويلزم الناس في كل بلاده بالصلاة وكان الغالب على مجلسه أهل العلم والدين وكانت له معرفة بالشعر والأدب، يحكى عنه أنه مر ببعض طرق مراكش ومعه وزيره أبو جعفر بن عطية فأطلت من شباك جارية بارعة الجمال فقال عبد المؤمن: قدت فؤادي من الشباك إذ نظرت فقال ابن عطية: حوراء ترنو إلى العشاق بالمقل فقال عبد المؤمن: كأنما لحظها في قلب عاشقها فقال ابن عطية: سيف المؤيد عبد المؤمن بن علي وتوفي عبد المؤمن سنة 858 هـ وعمره ثمان وستون سنة ومدة ملكه ثلاث وثلاثون سنة وهو أول ملوك هاته الدولة ومدتها مع مهديهم مائة واثنان وخمسون سنة وكانت من أعظم الدول الإِسلامية وكانوا يدعون على المنابر إلى مهديهم محمَّد بن تومرت ويضربون اسمه على السكة ومن أصحاب ابن تومرت عمر بن يحيى الهنتاتي صار بعد المهدي من وزراء عبد المؤمن وأعطى بنو عبد المؤمن أولاد عمر المذكور ولاية تونس فكانوا يسمون بالحفصيين وسنقص عليك خبرهم وابن تومرت هذا مضى لنا ذكره في ترجمة أبي بكر بن العربي قال بعض العلماء أنه أراد بقيامه إظهار الحق فاجتهد وأخطأ وقال بعضهم إنه كان على الأمة شراً من الحجاج ويزيد وأخباره طويلة الذيل مذكورة في التواريخ أما الأمير حسن الصنهاجي المذكور فإنه أقام بالمهدية إلى أن توفي عبد المؤمن وتولى بعده ابنه يوسف المتوفى سنة 580 هـ فاستقدم الحسن إلى المغرب ومات بالطريق وهو آخر ملوك صنهاجة وبه انقطعت كواكب سعودهم وأجلت عن منازلهم الشموس والأقمار والملك لله الواحد

تنبيه

القهار وهذه الدنيا لا يدوم نعيمها ولا ييأس سقيمها وبهذا جرت عادة الله في خلقه إنما الدهر دول بعد دول لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون كما جرت عادته في بيوت أهل الفضل والترف والملوك وغيرهم إذا تطاول عليها الزمان واعتمد الأبناء على ما بنته الآباء ولم يحصلوا على شرف من قبلهم فلا يلبث فيهم الاشتغال بالترف ونضارة العيش أن يهدم معالمهم التي بناها آباؤهم وغفلوا عن تجديدها والذود عنها. واعلم أن صنهاجة قبيلة من قبائل البربر والمصامدة قبيلة من قبائل البربر أيضاً ومنها عبد المؤمن بن علي، واختلف النسابون والمؤرخون في نسب البربر اختلافاً كثيرًا وتقدم الكلام على ذلك. تنبيه: قد علمت أن العلم انقطع من القيروان بانقطاع العلماء منها وانتقال كرسي المملكة منها إلى المهدية وظهر بها فحول من العلماء والأدباء منهم ابن النحوي والإمام المازري وأبو الصلت أمية بن عبد العزيز وابن بشير وأبو محمَّد التيفاشي. الطبقة الثانية عشر قد علمت أن إفريقية آل أمرها إلى الخليفة عبد المؤمن بن علي باني دولة الموحدين على يد المهدي محمَّد بن تومرت ومن القائمين بدعوة هذا المهدي أبو حفص عمر بن يحيى الهنتاتي يرجع نسبه إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وله القدم الراسخة في دولة عبد المؤمن والمواقف الشهيرة والمقامات الحميدة وتوفي سنة 575 هـ ولما آلت الخلافة إلى يعقوب المنصور بن يوسف بن عبد المؤمن المتوفى سنة 595 هـ استوزر أبا محمَّد عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص المذكور وابنه الآخر أبو سعيد ولاه إفريقية فدخلها واشتغل بتونس واستعمل أخاه أبا علي على المهدية ولم يتم له أمر وفي خلال تلك المدة وصل أبو زيد بن أبي حفص بن عبد المؤمن إفريقية والياً عليها بدل أبي سعيد وخرجت في تلك المدة المهدية وسائر الجهات القبلية عن أبي فلد المذكور واستولى عليها يحيى بن إسحاق الميورقي من بني غانية ثم استولى على تونس وقبض على أبي زيد المذكور في ربيع الأول من أول عام من المائة السابعة ولما آل أمر الخلافة للناصر بن المنصور المذكور بوفاة والده وبلغه ما حلّ بإفريقية توجه لها في عسكره واستصحب وزيره أبا محمَّد المذكور ودخل تونس ووجه وزيره المذكور للمهدية فأفتكها وغيرها من ابن غانية سنة 602 هـ في أخبار طوال ودانت له البلاد ثم رجع الناصر لمحل خلافته واستخلف

تنبيه

على إفريقية وزيره المذكور وكانت وفاة الناصر سنة 610 هـ وتولى بعده ابنه المنتصر يوسف المتوفى سنة 620هـ. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء ابن الحداد وأبو الحسن السوسي وابن عوانة. الطبقة الثالثة عشر تقدم أن الناصر استخلف على إفريقية وزيره أبا محمَّد عبد الواحد ابن الشيخ أبي حفص الهنتاتي وهنتاتة من قبائل المصامدة وهم القائمون بدعوة المهدي والسابقون لها وكان قبوله الاستخلاف بعد تمنع وشروط شرطها عليه وفي له بها الناصر وذلك في شوال سنة 603 هـ متروكان عالماً ذكياً شجاعاً عاقلاً ومما يدل على ذكائه هو أنه دخل عليه يوماً أبو محمَّد عبد السلام البرجيني وكان تحت جفوة منه فقال له: كيف حالك يا فقيه؟ فقال: في عبادة، فقال له الأمير عبد الواحد: تعوضها إن شاء الله بالشكر، وأراد البرجيني بقوله في عبادة قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "انتظار الفرج بالصبر عبادة" وله حروب طالت لم تهزم فيها له راية ولم يزل على ولايته في جلالة إلى أن توفي في تونس فاتحة سنة 618 هـ وتقدم للولاية ولده أبو زيد عبد الرحمن ثم قدم المنتصر عمه إدريس والياً على إفريقية ومعه ابنه أبو زيد عبد الرحمن وله مع ابن غانية حروب وتوفي سنة 620هـ وقام مقامه أبو زيد المذكور ولم يحسن السيرة ولما تولى الخلافة عبد الله العادل بن المنصور عزله وولى أبا محمَّد عبد الله بن عبد الواحد الحفصي على إفريقية فدخلها في شعبان من السنة ومعه أخواه أبو زكرياء وأبو إبراهيم ولم يزل حميد الحال إلى أن ثار عليه أخوه أبو زكرياء المذكور ووقعت بينهما حروب آلت باستيلاء أبي زكرياء على إفريقية واستقلاله بها وذلك سنة 625 هـ ومهد دولة فخيمة لآل أبي حفص ورفع رايتهم كما ستعلم واستقام له الأمر بعد موت ابن غانية واستولى على الجزائر وتلمسان وغيرهما وخلع دولة بني عبد المؤمن لأسباب ذكروها واتسع نطاق سلطانه ووافته بيعة ملوك شرقي الأندلس وغربيها وأطاعته سجلماسة وسبتة وطنجة ومكناسة وخطب له بنو مرين وكان من العلماء العاملين والأمراء العادلين ختم على الشيخ الرعيني السوسي المستصفى وغيره من الكتب العالية وناظر في النحو ابن عصفور وكان معدوداً من الأدباء الشعراء وله مآثر جيدة وهو الذي بني جامع القصبة والمدرسة الشماعية وجمع في خزائنه من الكتب ستة وثلاثين ألف مجلد وفي سنة 647هـ تحرك للمغرب ومات في طريقه ودفن ببونة ثم نقل إلى قسنطينة وترك من الأولاد أربعة: محمَّد

فصل

المنتصر وأبا إسحاق وأبا بكر وأبا حفص، وفي هاته السنة توفي السلطان الشهير الذكر الجليل القدر صلاح الدين الأيوبي. واعلم أنه لما تأسست الدولة الحفصية انتقل سرير الملك لتونس بعد أن كان بالمهدية واستقام أمرها وشاع ذكرها وتراجع العمران بإفريقية وتتابع وبلغت أوج العلاء وبسطة الملك وصارت دار علم تلقاه فحول عن فحول وصارت تونس منبت عز تشد إليها الرحال من سائر الأقطار والأمصار والفضل في ذلك لأبي زكرياء المذكور نوّه بذكره ولي الدين بن خلدون وغيره وقال: سند تعليم العلم قد كاد أن ينقطع من المغرب بإخلال عمرانه وتناقص الدولة فيه وما يحدث عن ذلك من نقص الصنائع أو فقدانها وذلك أن القيروان وقرطبة كانتا حاضرتي المغرب والأندلس واستبحر عمرانهما وكان فيهما من العلوم والصنائع أسواق فائقة وبحور زاخرة ورسخ فيهما التعليم لامتداد عصورهما فلما حربنا انقطع التعليم من المغرب إلا قليلاً ثم تراجع. وفي كتاب اللقطة من شرح الأبي على صحيح مسلم: لم يزل الشيوخ يحكون عن كثرة ما كان بتونس من الخير. حكي أنه بقي دينار ملقى بطريق العطارين مدة لم يرفعه أحد ثم بعد ذلك لم يوجد فقال الناس اليوم دخل لبلدنا غريب وحين كانت قاعدة الموحدين مراكش وكانت القضاة يأتون لتونس منها فاتفق أن قدم إليها قاض من مراكش فجلس للحكم فبقي أياماً لا يأتيه أحد من الخصوم فظن أن الناس لم يرضوا به ثم قدم إليه يوماً خصمان من سوق الجبة فقال أحدهما للآخر: أصلحك الله إن هذا شريكي وقد باع جبة من العرب وأنا لا أستحل دراهم العرب فحينئذ علم القاضي أن عدم إتيان الخصوم إليه إنما هو لتناصفهم واتباعهم الحق اهـ. وفي أيامه تقدم القضاء أبو زيد عبد الرحمن بن نفيس ثم استعفى فتقدم عوضه أبو زيد عبد الرحمن التوزري المعروف بابن الصايغ وفي أيامه سنة 638 هـ توفي الولي العالم أبو سعيد الباجي بن خلف يدعى التميمي. فصل قد علمت مما تقدم أن الدولة الأموية انقرضت سنة 428 هـ وتفرقت الأندلس إلى ممالك ملوكها تعرف بملوك الطوائف وبذلك رجع أمر الأندلس للقهقرى ثم جدد الموحدون الرونق الذي كان لها زمن الأموية فقد جدد كل من عبد المؤمن ويوسف ويعقوب مجدها وحاموا عن العلوم والصنائع وعملوا بالشريعة الإِسلامية وأسسوا مدارس عامة وأخرى للشبان وغمروا بعطاياهم علماء الإِسلام واشتهر في زمنهم

بالطب والفلسفة وقرض الشعر ابن رشد الحفيد وابن زهر وأنشأ الأمير يوسف بإشبيلية عمارات فاخرة وأوصل لها مياهاً غزيرة وبنى جامعاً صرف عليه مصاريف طائلة وأنشأ في جميع جهات المملكة مستشفيات وتكايا وحفر آباراً بالصحارى وخانات في الطرق للمسافرين وزاد في مرتبات القضاة والفقهاء للاستعانة وملوك الأندلس صارت عمالاً له ثم لما حصل ضعف لهاته الدولة اغتنم العدو الفرصة وصار يقطع كثيراً من المدائن والمعاقل والحصون ويستولي عليها حيث لم يوجد بالأندلس من الجيوش والرجال مَن يدافع العدو ويقاتله ثم في سنة 626 هـ استولى على كورة ماردة وفي سنة 627هـ على ميورقة وفي سنة 629هـ على جزيرة شقرة وفي سنة 636 هـ على قرطبة وعلى شرقي الأندلس شاطبة وغيرها سنة 645 هـ وفي السنة قبلها على طرطوشة وما يتبعها من القلاع والحصون وفي السنة بعدها على إشبيلية وبيان الوقائع في أخذها يطول الكلام بذكره وذلك مشتمل على ما تتقرح له الأكباد وتنسجم له العيون ولما أخذت هذه المدائن انحاز المسلمون إلى قطعة من شرقي الأندلس وأول مَن قام بالأمر في هاته الجهة من بني الأحمر محمَّد بن نصر وكان أبوه نصر في دولة عبد المؤمن من أمراء الأجناد ومحمد بن نصر هذا يقال له محمَّد الشيخ وبويع له سنة 629 هـ وخطب لأبي زكرياء يحيى بن عبد الواحد الحفصي صاحب تونس ودخل مع ابن الأحمر في تلك البيعة أهل فيان وشريش والطاغية في ذلك الوقت محاصر بلنسية وذلك سنة 636 هـ ثم أرسل ابن الأحمر جماعة من أعيان أهل الأندلس منهم ابن عصفور وحبر قضاعة ابن الأبار مستصرخين به يريدون منه النجدة في قتال العدو وعقد أبو زكرياء لتلك البيعة يوماً مشهوداً وأنشد حبر قضاعة المذكور القصيدة المشهورة التي أولها: انجد بخيلك خيل الله أندلسا ... إن السبيل إلى منجاتها درسا وهب لها من عزيز النصر ما التمست ... فلم يزل منك عز النصر ملتمسا وهي طويلة بليغة مذكورة في نفح الطيب فأجاب أبو زكرياء بيعتهم ولبى دعوتهم وجهز لهم أساطيل فيها المال والرجال فلما وصلوا الأندلس وجدوا العدو ملك بلنسية ثم مرسية وهاته الطامة الكبرى والمصيبة العظمى على الأندلس كانت عقب واقعة العقاب الواقعة سنة 609 هـ ثم واقعة أنجية التي استشهد فيها شيخ الجماعة وخاتمة المحدثين مؤلف السيرة أبو الربيع الكلاعي وصارت بعد هذه الهزائم والنوائب إلى الانقسام والتنافس مع كثرة الفتن والاضطراب وانحاز المسلمون لغرناطة وجنوب الجزيرة وهاجر الكثير من الفضلاء والعلماء إلى فاس

ومراكش وتونس وتلمسان. في خلاصة تاريخ العرب ما ملخصه فاق مسلمو الأندلس الفرنج في العلوم والصنائع والأخلاق كبذل النفيس والكرم مع ما امتازوا به من معرفة قدرها وعزتها حتى ذهب الكثير منهم إلى قرطبة يستشيرون حكماءها المشتهرين بالطب وكان المسلمون في سائر الجهات منقادين لأبي العائلة مجلين للشيوخ ذوي غيرة شديدة على مراعاة العدل أصغرهم كأكبرهم بالاعتناء بحفظ العائلة من العار لا يمنع خمول أصل أحدهم من الوصول إلى أرقى المناصب غير معولين في اعتبار الشخص على شرف حسبه ونسبه فقط بل على اعتبار فضائله وأخلاقه وكانوا متفننين في اللهم والعمل بالقرآن الدال على أهمية اكتساب الفضائل والأعمال الصالحة ولذا كان الخلفاء يشوقون الناس إلى الشغل ووقاية الأملاك من العدوان والذي ساعدهم على بلوغ شأو العظمة اتساع العلوم والفنون والفلاحة والصنائع. ذاق جميعهم لذة المعارف وتنافسوا في ابتكار ما يمتازون به وكان اقتراحهم للشعر يرفع قدر نفوسهم ولا بد لقضاتهم من حوز معلومات عويصة حتى يعتبرهم الناس زمن قيامهم بوظائفهم وكانوا يكتبون على جميع المباني الجليلة اسم المهندس والآمر بالتشييد ويجزلون الثناء على كل ماهر في فن، وقد بلغوا الدرجة العليا في فنون العمارة والموسيقى والقريض ولذا اقتفى الإفرنج أثرهم في أساليب أبنيتهم وزخارفها وأتقنوا أجناس الأصوات وما في الصوت البشرى من الدلائل والطرق النغمية ومارسوا ضروب الشعر خصوصاً نظم الحكايات المشتملة على نكت مشوقة فبرع فيها الكثير وتعلموا في المدارس علم الفلك والجغرافيا والمنطق والطب والنحو والهندسة والجبر ومبادىء علم الطبيعة والكيمياء الطبيعية والتاريخ الطبيعي وهو علم المواليد الأرضية الثلاث ملئت كتبخاناتهم نسخاً منقولة عن كتب علماء اليونانيين من كتب فلاسفة الإسكندرية واستخرجوا المعادن من الأرض واللؤلؤ والمرجان من البحر وأتقنوا صناعة الدباغة ونسج القطن والأقمشة الحريرية والصوفية ونصال السلاح والسروج والجلود وغير ذلك رغب جميع أهل أوروبا كل الرغبة في ذلك واتجروا في الزيت والعنبر الخام وبلور الصخور والكبريت وغير ذلك واستعملوا طرقة تماثل أوراق الحوالة وكانوا يرسلون البضائع إلى الممالك الشرقية فيرسلون إليها بدلها مما هو مفقود عندهم وبذلوا غاية عنايتهم بالفلاحة وكان بمدائن إشبيلية وقرطبة وغرناطة ومرسية وطليطلة وغيرها كتبخانات ومدارس جليلة تدرس فيها العلوم الرياضية وبالجملة فإن المسلمين بذلوا صادق الهمة والعزيمة في تعلم وتعليم العلوم

على اختلاف أنواعها رغماً عما طرأ من الحوادث والتقلبات وحوادث الحروب الصليبية وتقدموا تقدماً محسوساً باعتناء العلماء وبعض الملوك والعلوم المشار لها رياضية وهندسية وهي الفلك والأرصاد والهيأة والأسطرلاب والزيج والحساب والجبر وعلم الضوء والنظر والميكانيك والجغرافية رياضية وتخطيطية وتعرف بعلم تقويم البلدان وتحديد المسافات والخرائط على مقتضى الأطوال والعروض والعلوم الرياضية هي المتعلقة في الغالب بالأجسام العضوية وهي الحيوان والنبات وارتفعت في زمنهم إلى درجة البحث عن القوى الطبيعية والجواهر الأولية التي تحلل لإدخالها في مركبات أخرى ويعرف بعلم قواعد تحضير الأدوية وحصلت لهم براعة في ذلك وأنشأوا الأجزخانات الكيماوية وأدى إنشاؤها والمادة الطبيعية اللذان هما أول ما يلزم لفن الطب الاشتغال بعلم الكيمياء وهو عبارة عن مجرد التحليل والتركيب وبما حصل لهم من المعارف في ذلك أدخلوا في الأدوية نباتات كثيرة ومادات ترابية واعتنوا بغرس كثير من النباتات وتركيب طبقات الأرض وبعبارة أخرى أنها بلغت معارفهم في الزراعة والاقتصاد الزراعي وقواعد الطب وعملياته والتشريح والأدوية المفردة والنباتات والأحجار والمعادن والحيوانات ذوات الخواص الطبيعية أقصى درجات الكمال ونبغ في ذلك كثير من العلماء الجهابذة وألفوا التآليف البارعة حفظ التاريخ أسماء كثير منهم كما حفظ أسماء كثير من الملوك الذين يدعون العلماء والحكماء إلى دواوينهم ويمدونهم بالأموال الجزيلة للغرض المذكور وشوهدت مؤلفات كثيرة من تلك الفنون فشت بها اللغة العربية لدى الممالك الإِسلامية والأروباوية وترجم بعضها إلى اللغات الأجنبية واتخذت أصلاً من أصول التعليم في المدارس وتكون من معظم تلك التآليف الموجودة الآن علم أدبي من أوسع العلوم الأدبية المعروفة في الدنيا ولهم اختراعات واكتشافات من ذلك بيت الإبرة وصناعة الورق وبارود المدافع والأسلحة النارية وانتشارها في الدنيا. ثم قال بعض شرح ما ذكر وبما أسلفناه يظهر لك كيفية تحكم الإِسلام على جميع فروع تمدن أوروبا الحديث وكان عندهم أوسع ما سمح به الدهر من الأدبيات ونتائج أفكارهم الغزيرة واختراعاتهم النفيسة وأنهم أساتذة في جميع الأشياء كالمواد المختصة بتاريخ القرون المتوسطة وأخبار السياحات والأسفار وقواميس سيرة الرجال المشهورين والصنائع العديمة المثال والأبنية الدالة على عظمة أفكارهم واستكشافاتهم المهمة ولذا كله وجب الاعتراف برفعة شأن هذه الأمة المحمدية التي تحقرها الفرنج منذ أزمان مديدة

وظهر بذلك تحكم التمدن العربي المتسع ونشأ عن ذلك العمران الزاهر فكان بالأندلس ست تخوت وثمانون مدينة كبيرة وثلاثمائة مدينة أقل منها وما لا يحصى من الضياع والقرى وفي قرطبة وحدها مائتا ألف بيت وستمائة مسجد وخمسون مستشفى للمرضى وثمانون مدرسة كبرى عامة وتسعمائة حكام وعدد ساكنيها مليون وليقس ما لم يقل وجامعها المشهور زخرفة وضخامة الباقي إلى الآن يضاهي في الفخامة الجامع الأموي بدمشق انتهى باختصار كثير مع تقديم وتأخير من خلاصة تاريخ العرب، وقد أتى على أخبار الأندلس الشهاب المقرَّى في نفح الطيب وأزهار الرياض وأشبع الكلام عليها بما فيه تذكرة وعبرة لذوي الألباب. واعلم أن الأندلس اشتمل على فحول العلماء المبرزين في كثير من الفنون ترجمنا الكثير منهم في المقصد واشتمل على كثير من العجائب والمعادن وغير ذلك. في نفح الطيب: خص الله بلاد الأندلس من الريع وغدق السقيا ولذاذة الأقوات وفراهة الحيوان ودرور الفواكه وكثرة المياه وتبحر العمران وجودة اللباس وشرف الآنية وكثرة السلاح وصحة الهواء وابيضاض ألوان الأسنان ونبل الأفهام وفنون الصنائع وشهامة الطباع ونفوذ الإدراك وإحكم التمدن بما حرمه الكثير من الأقطار مما سواها. وقال أيضاً: إن الأندلس بلد كريم البقعة طيب التربة خصب الحنان منبجس الأنهار الغزار والعيون العذاب قليل الهوام وذوات السموم معتدل الهواء والجو والنسيم ربيعه وخريفه ومشتاه ومصيفه على قدر من الاعتدال متوسط الحال تتصل فواكهه أكثر الأزمنة وتدوم ملاحقة غير مفقودة. وقال أيضاً: في الأندلس من أنواع المعادن ما لا يحصى وفيه المدن الحصينة والمعاقل المنيعة والقلاع الحريزة والمصانع الجليلة وطول الأندلس ثلاثون يوماً وعرضه سبعة أيام ويشقها أربعون نهراً كباراً وبها ثمانون مدينة من القواعد الكبار وأزيد من ثلاثمائة من المتوسط وفيها من الحصون والقرى ما لا يحصى، قيل إن عدد القرى النبي على نهر إشبيلية اثنا عشر ألفاً وكانت دور قرطبة أربعة عشر ميلاً وعرضها ميلان وكانت قرطبة قبة الإِسلام وبها استقر سرير الخلافة الأموية وهي معدن العلماء وهي من الأندلس بمنزلة الرأس من الجسد ومسجدها ليس له نظير في الدنيا طوله ثلاثمائة وثلاثون ذراعاً وعرضه مائتان وخمسون ذراعاً وسواريه ألف وأربعمائة وهو مزخرف بالرخام والمرمر وماء الذهب واللازوردي وبخارج قرطبة ثلاثة آلاف قرية في كل واحدة منها منبر وفقيه مقلص تكون الفتيا في الأحكام إليه، وكانوا لا يكون فيهم مقلص إلا من حفظ الموطأ وقيل إلا من حفظ عشرة آلاف حديث وحفظ المدونة، وكان هؤلاء

المقلصون المجاورون لقرطبة يأتون يوم الجمعة للصلاة مع الخليفة بقرطبة ويسلمون عليه ويخبرونه بأحوال بلدهم ويجعلون في مساجدهم نواباً يصلون بالناس الجمعة. وقال: الأندلس ينقسم إلى مشرق ومغرب ومتوسطة وكل واحد من الأقسام الثلاثة مشتمل على مدائن عظيمة كل مدينة منها مملكة مستقلة مشتملة على أعمال وقرى ومزارع وبساتين وأقطار واسعة وخلائق لا يحصون في غاية التنعم والرفاهية. فمن المتوسطة قرطبة وطليطلة وجيان وقسطلة وغرناطة والمرية ومالقة وغير ذلك مما يطول ذكره، ومن شرق الأندلس مرسية وبلنسية وشاطبة ودانية والسهلة والثغر الأعلى وسرقسطة وغير ذلك مما يطول ذكره، ومن غريب الأندلس إشبيلية وماردة وأشبونة وشلب وشريش ولبلة والخضراء وبطليوس وغير ذلك مما يطول ذكره. ولما ضعف أمر الخلافة وافترق أمر الأندلس وكثر الخلاف بينهم وانتشرت الفتن صارت الممالك بيد ملوك كثيرة - يسمون ملوك الطوائف- لكل مملكة ملك مستقل ينفذ أمره ونهيه فيما كان تحت يده وهم مختلفون في اتساع ممالكهم وعدم اتساعها وكان ابتداء تفرق الممالك من سنة 407هـ وصار يقاتل بعضهم بعضاً فيتغلب بعضهم على بعض وكان عدد أولئك الملوك خمسة عشر لا حاجة لذكر أسمائهم وأعظم تلك الممالك قرطبة بيد المعتضد بن عباد المتوفى سنة 461 هـ وصارت وراثة في بنيه. انتهى محل الحاجة باختصار. وغرناطة التي انحاز المسلمون لها بعد تغلب العدو على غالب الأندلس صارت كرسي المملكة مأوى المسلمين المتشتتين لكثرة خيراتها الجاذبة وكثرة المهاجرين لها حين أخذ الملك جاك يطرد المسلمين مما استولى عليه، وقد أحسن ملوك غرناطة الترتيب السياسي فرتبوا في كل بلدة خفراء منها وأعطوا جميع سكانها سلاحاً يستعملونه حالة هجوم العدو عليهم فرفعوه مرات على ملوكهم الممتنعين من أداء واجباتهم الملوكية أو الذين لا يعبأون بمشاورة الأمة وجعلوا للعساكر المحافظين بالثغور إقطاعات من الأرض تكفيهم وعائلتهم لتبعثهم على الوقاية من الأعداء ورتبوا في غرناطة التي دائرتها أكثر من ثلاثة فراسخ ضبطي في كل ثمن منها ضابطاً ورتبوا عساكر تدور ليلاً وعملوا قوانين لزمن إغلاق المحال العامة كالأسواق وخصصوا كل حرفة بطائفة ومنعوا شرب الخمر والربا وابتكروا في كتابة الحجج والصكوك طرائق واضحة تمنع المنازعة وشغلوا العلماء بتأليف رسائل في الصنائع العملية وانقاد الأئمة والفقهاء لقوانينهم النظامية وأحدثوا لتادية العبادية قوانين تنبئ عن كمال إيمانهم وعلو أفكارهم وشرف التأديب والتهذيب الديني، منها انعزال النساء عن الرجال في المساجد وإكثار الطاعة في رمضان وتوزيع الزكاة والصدقات على الفقراء أو إبقاؤها لتنفق في عمارات عامة وغير ذلك، وبما سلف

تنبيه

يعلم أن مملكة غرناطة نظراً لما كانت عليه من الأمور الجليلة تستحق أن تعتبر في التاريخ من الممالك الشريفة لكن ساء حظها حيث لم يكن توارث سلطنتها مقرراً على قواعد متينة فتولاها بعد الملوك الجديرين الذين يتعجب الأجيال المتغلبة من عدلهم وحسن سياستهم ملوك جبابرة ليسوا بكفء للسلطنة التي عجلوا زوالها من الأندلس ولا حاجة لذكر سلسلة هؤلاء الملوك وسيأتي ذكر هذا الزوال والملك لله ذي العزة والجلال. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء ابن التين والبرجيني وابن شقر والبرقي والمسراتي والرعيني السوسي. الطبقه الرابعة عشر لما هلك أبو زكرياء بايع الملأ ابنه محمداً ولقبوه بالمستنصر ودعوه بالأمير واشتهر بالفضل والاعتدال وحسن السيرة والعلم وحميد الخصال وطار صيته في الآفاق وكان العلم في أيامه بحراً زاخراً وقمراً باهراً وعلت دولته ومدت إليه ثغور القاصية يد الاعتصام واجتمع بحضرته من أفاضل أعلام العلماء الوافدين عليه وعلى أبيه وخصوصاً الأندلس من شاعر مفلق وكاتب بليغ وعالم نحرير وملك أورع متفيئين ظل مملكته لائذين به منهم حازم ومدحه بمقصورته المشهورة وأبو الحسن بن سعيد وابن الأبار وأضرابهم وأبو محمَّد عبد الحق بن برطلة وقد عليه ببيعة أهل مكة شرفها الله وتلا قصيدة من إنشاء أبي محمَّد عبد الحق بن سبعين الصوفي المشهور ووقف القاضي أبو القاسم بن البراء المذكور على منبر جامع الزيتونة يوم قراءتها موقفاً مشهوراً وذلك سنة 659 هـ واتسع ملكه وقوي سلطانه وأباد مخالفيه وقيل في هاته البيعة: اهنأ أمير المؤمنين ببيعة ... وافتك بالإقبال والإسعاد فلقد حباك بملكه رب الورى ... فأتى يبشر بافتتاح بلاد وإذا أتت أم القرى منقادة ... فمن المبرة طاعة الأولاد وفي السنة قبلها قبض على ابن الأبار المذكور وكان كاتباً له ولأبيه من قبله وأمر بقتله وحرق جثته وتآليفه وكتبه وفي سنة 659 هـ قبض أيضاً على وزيره الفقيه العالم أحمد بن اللياني شارح المدونة ومات تحت العذاب وأحرق جثته والكمال متعذر إلا فيمن عصمه الله وغزاه صاحب فرنسا سان لويز الغزوة الشهيرة آخر سنة 668 هـ ونزل قرطاجنة واستوسع فيها بجنوده وذخائره وعظم الخطب على أهل تونس

واتصل القتال نحو الأربعة أشهر وضاق الخناق ثم تدارك الله سبحانه وتعالى أهالي المملكة بهلاك هذا الملك بالطاعون وعرضوا على أبي عبد الله المنتصر الصلح فصالحهم بما غرموه في حركتهم وكانم بلغاً جسيماً على يد القاضي ابن زيتون المذكور وانعقد بإنشائه وخرج الفرنسيس من قرطاجنة لبلاده وهنأ هذا الأمير بهذا النصر الذي لم يكن في الحساب. قلت: وفي هذا العهد بقرطاجنة كنيسة ضخمة تعرف بسان لويس بها جماعة من الرهبان وبها دير مملوء بالآثار العتيقة العجيبة والتحف المستظرفة الغريبة التي هي في الحقيقة كنز من الكنوز المدخرة، ولم يزل هذا الأمير على حاله من علو الكتب وبعد الصيت واتساع السلطان واتخاد المصانع الباقية آثارها إلى هذا العهد وتوفي عالي الكتب آمن السرب سنة 675 هـ كان يقول ما يسألني الله عن أمور الأمة بعد أن قدمت عليهم للقضاء أبا عبد الله محمَّد الخباز. وقد أفرد ولي الدين بن خلدون فصلاً في أخباره يكتب بماء العيون ولا يتعلق بأذياله الطامعون وبويع لابنه يحيى ولقب بالواثق، فرفع المظالم وأفاض العطايا ثم فسدت بطانته من استبداد وزيره ابن الغافقي وسوء سيرته وبلغ ذلك عمه أبا إسحاق فسار من الأندلس وأخذ بجاية وبايعه الموحدون ووقع خلع الواثق ثم قتل سنة 679 هـ وكان دخول أبي إسحاق لتونس في ربيع الثاني سنة 678 هـ وتمت له البيعة ثم قام عليه أحمد بن مرزوق المسيلي البجائي وزعم أنه المهدي واستولى على طرابلس وغالب بلاد إفريقية وأخيراً استولى على تونس ثم قصد بجاية وغيرها وظفر في وجهته هاته بأبي إسحاق، وقتله في أخبار طوال وذلك سنة 682 هـ ولما ساءت سيرة هذا الدعي بايع العرب أخاه أبا حفص عمر وهو إذ ذاك بقلعة سنان ولما بلغ ذلك الدعي خرج لقتاله واتصلت بينهما الحرب ثم لما انحلت عصبيته اختفى وكان كذاباً سفاكاً للدماء ظلوماً لم يأت يحسنه إلا أحداث جامع الخطبة خارج باب بحر من تونس. ولما اختفى دخل أبو حفص تونس وطهر سرير ملكه من هذا الدعي الخبيث ثم وقع العثور عليه ومثل به وطيف بشلوه سنة 683 هـ وحصل الاطمئنان واستقام أمر السلطان وبادر الناس بطاعته من طرابلس إلى تلمسان ولقب بالمنتصر بالله ثم خرج عليه أبو زكرياء بن أبي إسحاق المذكور وانضمت إليه الأعراب وأطاعته بجاية والجزائر وبسكرة والثغور الغربية وانقسمت الدولة لدولتين وفي أيامه استولى صاحب صقلية على جربة وعهد بالولاية لأبي عصيدة محمَّد بن الواثق بإشارة من معتقده الولي الصالح أبي محمَّد المرجاني وتوفي في ذي الحجة سنة 694هـ وكان ملكاً عاقلاً كريماً فاضلاً لم تحدث منه عقوبة لأحد يعظم العلماء والصلحاء ويبرهم وكانت أيامه أيام عدل وهناء وأمن وسرور.

تنبيه

تنبيه: قال ولي الدين بن خلدون: لا وثوق في الحرب بالظفر وان حصلت أسبابه من العدة والعديد وإنما الظفر فيها من قبيل البخت والاتفاق انتهى. قلت: يؤيده حرب ابن مرزوق المذكور وأشباهها والله يؤيد بنصره من يشاء. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء ابن عريبة وابن بزيزة وابن البرا وابن الخباز وابن زيتون وابن الأبار وابن سعيد وابن الغماز. الطبقة الخامسة عشر تقدم أن أبا حفص عهد بإفريقية لأبي عصيدة المستنصر محمَّد بن الواثق وتمت له البيعة لما توفي أبو حفص وانشرح الناس لها وكانت أيامه مواسم وتوفي سنة 709 هـ وبويع لأبي بكر الشهيد عبد الرحمن بن أبي بكر بن يحيى بن المنتصر بالله بن أبي زكرياء ولما بلغت هاته البيعة خالد بن أبي زكرياء بن أبي إسحاق إبراهيم وهو إذ ذاك أمير قسنطينة وغيرها خرج لتونس وخرج له أبو بكر في جنده غير أن غالب الجند مال لخالد فانهزم ثم وقع القبض عليه وقتل ولذا سمي الشهيد وكانت ولايته سبعة عشر يوماً ودخل خالد الحاضرة وتمت له البيعة ولما استوثق أمر خالد لقب الناصر لدين الله وأفتك برجال الدولة وثار عليه أخوه أبو بكر وكان خلفه والياً بقسنطينة واضطرب الحال بإفريقية ولما بلغ هذا الاضطراب لأبي يحيى زكرياء بن أحمد بن محمَّد اللحياني وهو بطرابلس عزم على تملكها وبايعه أهل طرابلس وراسله الثائر أبو بكر المذكور مظاهراً له على أمره فاشتد به عضده وقصد الحاضرة فصبحها وانحلت عرى خالد وأشهد على نفسه بالخلع وكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر وبويع لأبي يحيى المذكور في رجب سنة 711 هـ وهادن الأمير أبا بكر ثم استعجل أمر أبي بكر وانضمت في طاعته زناتة وقصد إفريقية سنة 716 هـ فهابه أبو يحيى وكان قد أسن فأشرك رؤساء الأعراب في سلطانه ولما لم يتم له معهم أمر قبض يده على الخلافة وشرع في بيع ذخائره وجمع القناطير من الذهب والكثير من نفائس الدر والياقوت وخرج لقابس موارياً بتفقد جهاتها سنة 717 هـ ثم ارتحل لطرابلس وأخرج رجال دولته ابنه المعتقل من السجن أبا ضربة محمداً وبايعوه والأعراب في اضطراب وقصده الأمير أبو بكر المذكور سنة 718 هـ فالتفت القيروان على أبي بكر وخلعوا أبا ضربة ودخلوا تونس فملكوها وكانت ولايته تسعة أشهر وتم الأمر لأبي بكر وهو أبو بكر ابن الأمير أبي زكرياء ابن الأمير أبي إسحاق وله مع أبي ضربة وغيره حروب يطول جلبها وكان الظفر له فيها وعز سلطانه وعلا كعبه ورسخت قدمه وطالت مدته وابتهجت به حضرته وعهد بالولاية لابنه أبي العباس وفاجأه المحتوم

تنبيه

في رجب سنة 747 هـ ولما توفي تمت البيعة لابنه أبي حفص وعدل عن ولاية ابنه أبي العباس ثم ثار أبو العباس هذا عليه وقدم الحاضرة فملكها سنة 747 هـ ثم ظفر به أخوه أبو حفص وقتله وأبو حفص قتله السلطان المريني الآتي ذكره سنة 748 هـ وكان قتله بقابس وولايته عشرة أشهر وكان قدوم السلطان أبي الحسن المريني من المغرب إلى الحاضرة في السنة في جند عظيم وصحبته الكثير من علماء المغرب وأدبائه منهم السطي والإبلي وابن الإِمام وابن عبد المهيمن وابن الصباغ ودخل تونس في أعظم أبهة وأحسن احتفال وله في إقامته بإفريقية أخبار طوال وأصلح الفساد ومحا دولة بني أبي حفص واستقام له الحال ثم دارت عليه الدوائر من الأعراب وحلت به نوائب وأهوال وآل أمره للرجوع للمغرب في أساطيله سنة 750 هـ وقاسى في طريقه الشدائد والمصائب وأحاطت به النوائب وغرق أسطوله وبه الكثير من أفاضل العلماء منهم السطي. وفي مدة إقامته بإفريقية كان الوباء الجارف ضارباً خيامه بها وبأثر خروج هذا السلطان من الحاضرة دخلها وإلى بونة أبو العباس الفضل بن أبي بكر بن أبي زكرياء الحفصي واستقل بالأمر وجدد الرسوم الحفصية ثم قتل في جمادى الأولى سنة 751 هـ. تنبيه: من مآثر أبي زكرياء اللحياني المذكور تجديد أبواب جامع الزيتونة الجوفية من عود الساج سنة 717 هـ ولا زالت على حالها إلى هذا العهد ورحلة التجاني المشهورة كانت صحبته. وكان عالماً معظماً للشريعة فاضلاً أميراً عادلاً ومن عدله أنه مكن القاضي ابن عبد الرفيع من ابنه أبي ضربة للقصاص في نفس قتلها وأقر بالقتل وحكم القاضي بالقصاص ولما عفا الأولياء بقي في حبس القاضي على مقتضى المذهب المالكي من سجن القاتل عاماً ثم ضربه مائة إن لم يقع القصاص كفارة للقتال إذا كان القتل بإقراره ولبث في السجن حتى أخرجه أهل الحل والعقد منه وبايعوه لما نفض أبوه يده من السلطنة وهو من الذين خرجوا على القانون الشرعي فإنه لما أخذ البيعة وثب على القاضي الذي سجنه ونفاه للمهدية واعتقله بها في ماجل بقي فيه ما ينيف عن العامين فانظر إلى الأب كيف سلّم ولده للأحكام الشرعية وآدابها وإلى الابن لما قدر كيف عاقب القاضي على فعل يجب عليه فعله وكان قاضياً إلى أربعة من أسلافه وأسلافه لهم أخبار دالة على توطين نفوسهم على الأحكام الشرعية وآدابها مع ملازمة الجماعة في الصلوات في المساجد وفي قصورهم وبساتينهم وقراءة الحديث والميل إلى سماع المواعظ والعمل بها والأخبار الدالة على أن بعضهم ومنهم أبو ضربة المذكور وآخر ملوك دولتهم بعكس ذلك كالجراءة على القتل والعقاب بالسجن لمن فعل ما وجب عليه فعله شرعاً. وقد عقد

تنبيه

ولي الدين بن خلدون فصلاً في مقدمته قال الذي آخره: "إذا أذن الله سبحانه بانقراض الملك من أمة حملهم على ارتكاب المذمومات وانتحال الرذائل وسلوك طريقتها فتفقد منهم الفضائل ولا تزال في انتقاض إلى أن يخرج الملك من أيديهم وتبدل بسواهم ليكون نعياً عليهم في سلب ما قد أتاهم من الملك {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} الآية. ومن استقرأ ذلك وتتبعه في الأمم السابقة يعلم علم يقين ما ذكرناه والأمر كله لله". تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء ابن جماعة والتجاني وابن عبد الرفيع وابن راشد والصفاقسي وابن هارون وابن عبد السلام وابن جابر. الطبقة السادسة عشر لما قتل أبو العباس الفضل بويع لأخيه أبي إسحاق بن أبي بكر عقد له البيعة أبو محمَّد بن تافرجين وهو غلام مناهز واستبد عليه وأسخط الأعراب وجرت بينه وبين سلطان المغرب أبي عنان المريني حروب باشر أكثرها بنفسه ثم وجه أسطوله للحاضرة فأخرج منها ابن تافرجين واستولى عليها في رمضان سنة 758 هـ وأبو عنان إذ ذاك في قسنطينة وظهر له الدخول للحاضرة ثم أعرض عن ذلك وثنى عنانه إلى غربه ورجع السلطان وحاميه ابن تافرجين للحاضرة وفي سنة 766 هـ توفي الحاجب المذكور ودفن بمدرسة قرب حوانيت عاشور وأقام هذا السلطان بعد ذلك بالحاضرة بين فتنة وهدنة مع أعرابها حتى توفي بغتة في رجب سنة 770 هـ وفي أيامه استولى طاغية جنوة على طرابلس حتى افتداها منهم ابن مكي صاحب قابس وبويع لابنه أبي البقاء خالد وهو صبي ولم يستقم أمره حتى مال الأعراب من بني كعب إلى أبي العباس أحمد بن محمَّد بن أبي بكر الحفصي صاحب قسنطينة لما علموا من كفاءته وعدله فتوجهوا إليه وقدموا به بعد ترادف الوفود عليه لنصرته ودخل الحاضرة وتمت له البيعة واعتقل أبا البقاء وكانت ولايته سنة وتسعة أشهر ثم التفت لاسترجاع ما تغلب عليه الثائرون فاسترجع الجريد وقابس وجربة ودخلت طرابلس والزاب في طاعته وعلت يده وعز سلطانه وكانت له أساطيل في غاية المنعة لنكاية العدو وتوفي في شعبان سنة 796 هـ وهو من مفاخر ملوك هاته الدولة وممن يوصف بالعدل والإنصاف وأسلم على يده عبد الله الترجمان وكان قسيساً وهو مؤلف تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب وأثنى فيها على هذا السلطان. وعلى عهده تقدم ابن عرفة للفتيا والخطابة بالجامع الأعظم وفي أوائل دولة أبي فارس الآتي ذكره أنهى ولي الدين ابن خلدون خبر بني أبي حفص.

تنبيه

تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء ابن علوان وأحمد الغبريني والبطرني وابن عرفة وابن خلدون. الطبقة السابعة عشر لما توفي أبو العباس بويع لابنه أبي فارس وقام بالملك أتم قيام وانتظم أمره أي انتظام ورتب الأحوال وأعطى الأموال وأصلح البلاد وقمع أهل الفساد، وكان شجاعاً حازماً فطناً ذكياً، تقياً عالماً موقراً للعلماء، محباً للصالحين، كثير الصدقات محباً للخير. ومن حسناته خزائن الكتب المشتملة على أمهات الدواوين وجعل لها مقصورة بمجنبة الهلال من جامع الزيتونة وأوقفها على طلبة العلم ينتفعون بالنظر والكتب بشرط أن لا يخرج منها شيء عن محله وجعل لها قيمين يقومون بها في نفضها ومناولتها للطلبة وردها لمكانها ووقت وقتاً من كل يوم، وكان ملازماً لقراء العلم بين يديه سفراً وحضراً وأقام العدل في جميع رعاياه بالكتاب والسنة وإنصاف المظلوم من الظالم. وفي أيامه عظم شأن المولد الشريف وكان قاضي عساكره ابن الشماع المتوفى سنة 833 هـ وكانت له وقائع شديدة مع إخوته وغيرهم ودوخ النواحي وقمع الثوار وجاءته الوفود من الشرق والغرب ووافته بيعة فاس، وانضم له ملك المغرب. وبالجملة فهو درة سلكهم ومجد ملكهم. وتوفي قرب جبل ونشريس من عمل تلمسان فجأة يوم الأضحى سنة 837 هـ فكتم حفيده وولى عهده موته حتى تمت بيعته، ودفن بتربة أسلافه الغربية من مقام أبي محفوظ محرز بن خلف. والحفيد المذكور هو محمَّد المنتصر بن المنصور بن أبي فارس ودخل تونس في أبهة عظيمة يوم عاشوراء من سنة 838 هـ وجددت له البيعة وأفاض العطاء وعمّ إحسانه، وله حروب مع الثائرين ومآثر منها ابتداء المدرسة المنتصرية وأتمها أخوه بعده وتوفي في صفر سنة 839 هـ وعلى عهد السلطان أبي فارس انتهى تأريخ ابن الشماع المذكور. وله مع الإِمام البرزلي المذكور نزاع في شأن العقوبة بالمال فابن الشماع يقول بالمنع وخصمه يقول بالجواز وألَّف كل منهما رسالة في الرد على صاحبه وتأييد مقالته. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء عيسى الغبريني والوانوغي والأبي والزعبي وابن الشماع والقلشانيان محمَّد وعمر والبرزلي وابن ناجي وابن عقاب.

الطبقة الثامنة عشر

الطبقة الثامنة عشر لما توفي محمَّد المنتصر بويع لأخيه أبي عمرو عثمان، ولما استقام أمره خالفه الأعراب وحاصروا الحاضرة وله حروب مع الثائرين وأخيراً كان الظفر حليفه واستقام أمره وهو اخر رجال دولة بني أبي حفص وتتمة أنجادهم وفرسان جدالهم وصاحب المآثر الباذخة مثل ميضاته المعروفة إلى الآن بميضاة السلطان جو في جامع الزيتونة وإتمام مدرسة أخيه المنتصر ومدرسة جوار مقام الشيخ محرز وخزائن الكتب بالمقصورة الشرقية من جامع الزيتونة وغير ذلك مما عفت رسومه. وبالجملة فهو ختام الدولة الحفصية ونظام المحاسن الفاخرة بلاد إفريقية. وتوفي أواخر رمضان سنة 893 هـ وعلى عهده سنة 872 هـ كان وباء جارف بلغ مَن مات به في اليوم أربعة عشر ألفاً وعلى عهده كانت وفاة الشيخ فتح الله العجمي في شوال سنة 847 هـ وكان انتهاء تاريخ الزركشي سنة 882 هـ. فصل تقدم أن الطاغية الإسباني استولى على معظم الأندلس أواسط المائة السابعة وانحاز المسلمون إلى غرناطة وجنوب الجزيرة، وبعد ذلك صارت هاته الجهة محل مطامع هذا العدو، والأمراء المسلمون هناك إلى الانقسام والتنافر وتعارض الأغراض والشهوات من الأمراء والثوار بتلك الجهات الذين لم يعتبروا ما في الانقسام من المضار وفعلاً وقع فإن الطاغية اغتنم الفرصة وأخذ في محاصرة جهات غرناطة. ولله در خاتمة أدباء الأندلس أبي الطيب الشريف الرندي، إذ قال يندب بلاد الأندلس، ويحرك العزائم من أهل الإِسلام لنصرة الدين؛ القصيدة المشهورة التي أولها: لكل شيء إذا ما تمّ نقصان ... فلا يغر بطيب العيش إنسان وقد ألف في الغرض العالم النحرير الوزير الشهير أبو يحيي بن عاصم كتاباً سماه "جنة الرضى في التسليم بما قدر وقضى" وهو كتاب مفيد عجيب ومضى الكلام على هذا في المقصد في ترجمة هذين الشيخين. وجرت أمور وحروب بين المسلمين والطاغية حتى استولى على ما بقي بالأندلس شيئاً فشيئاً فكان الاستيلاء على مالقة سنة 893 هـ وعلى غرناطة والحمراء سنة 897 هـ بعد حصار أصاب المسلمين فيه شدة الجوع وتكاثر الكروب وتفاقم الخطوب فكاتبوا الطاغية في الصلح واشترطوا شروطاً وهي سبعة وستون شرطاً منها التأمين على النفس والمال

تنبيه

والأهل ومنها إقامة شريعتهم على ما كانت ولا يحكم على أحد منهم إلا بشريعتهم ومنها أن تبقى المساجد كما كانت والأوقاف كذلك إلى غير ذلك من بقية الشروط. ثم إنهم نقضوا تلك الشروط شيئاً فشيئاً ونكثوها عروة عروة إلى أن آل الأمر إلى تمكين الكردينال كيمينيسي من إعدام جميع آثار المسلمين وأمر بإحراق ثمانين ألف كتاب بخط اليد في ميادين الرحبات العامة بغرناطة ولما حلّ بالمسلمين ما حلّ خرجوا إلى فاس ومليلة والريف وغيرها منهم ابن الأزرق وبنو داود المذكورون في فهرسة ابن غازي وأبو عبد الله الوادي آشي. ثم وقع إكراه الباقي على التنصر أو الخروج فخرج الكثير منهم ووصلوا لإفريقية الشمالية سنة 1017 هـ والتي بعدها، وكانوا خلقاً كثيراً وانتشروا في المغرب الأقصى والأوسط وإفريقية وسيأتي إن شاء الله مزيد كلام عليهم في الطبقة الحادية والعشرين. ولم يبقَ بالأندلس، بعد إكراههم على ما ذكر، مَن يجهر بكلمة التوحيد والأذان وجعلت في المساجد والمآذن النواقيس والصلبان بعد ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن فلا راد لما قضاه الملك الديّان. في خلاصة تاريخ العرب: المطرودون من إسبانيا منذ فتح النصارى غرناطة إلى سنة 1609 هـ ثلاثة ملايين، كانوا نخبة المسلمين وأعظمهم صناعة. فدرست معالم عز إسبانيا. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء أحمد القلشاني وأحمد حلولو والرصاع ومحمد الزنديوي. الطبقة التاسعة عشر لما توفي السلطان أبو عمرو في التاريخ المذكور بويع لحفيده أبي زكرياء يحيي بن محمَّد المسعود بن أبي عمرو فقام بالأمر وخرج لتمهيد النواحي وفي أثناء اشتغاله بما ذكر اشتغل بأمر تونس عمه عبد المؤمن حين وقع الافتراء بموته وشاع حتى تواتر في رجب سنة 894 هـ ثم تبين خلافه وقدم من مغيبه ودخل الحاضرة وجددت بيعته وفر عمه عبد الموفق ثم وقع الظفر به وقتل في خبر طويل ووافته بيعة أهل الأطراف واستقام أمره إلى أن هلك في طاعون سنة 899 هـ وبويع لأبي عبد الله محمَّد بن الحسن بن محمَّد المسعود وكان فطناً ذكياً محباً للخير وأهله إلا أن دولتهم بلغت سن الهرم وأذنت بالانقراض لخروج الأكثر عن طاعته فملك عروج باشا أخو خير الدين الآتي ذكره الجزائر وملك النصارى طرابلس سنة 914 هـ وبقيت

تنبيه

تحتهم حتى فتحها درغوث باشا كما ملكوا بجاية سنة 910 هـ وبقيت لهم أيضاً حتى أفتكها صالح باشا واضطربت أحوال الدولة من يومئذ. ومن آثار هذا السلطان المقصورة الشرقية بالجامع الأعظم وأوقف بها كتباً جمة وهي المعروفة الآن بالعبدلية نسبة له وتوفي وإفريقية في اضطراب سنة 932 هـ وبويع لابنه الحسن وسار سيرة حسنة ثم انقلب لأسوأ سيرة فازداد الارتباك والاضطراب في البلاد وخرج عن طاعته سوسة والقيروان وملك صاحب الجزائر وقسنطينة وتغلب العرب على البلاد وقويت شوكتهم وكان خير الدين وأخوه عروج قدماً من جزيرة مدلس للحاضرة على السلطان المذكور فقبلهما بالجميل ولهما وقائع وغزوات برية وبحرية شهيرة وبعد فتح الجزائر وغيرها أقام خير الدين والياً عليها ووقع توجيه البيعة للسلطان سليم العثماني وانتشر ذكره وبعد صيته بالمشرق والمغرب ثم قصد تونس واستولى علي بنزرت وخطب بها للسلطان العثماني ولما بلغ ذلك الحسن الحفصي أيقن بالغلبة وفر بما خف ودخل خير الدين الحاضرة بلا قتال سنة 935 هـ ثم لما ثار عليه بعض أهل تونس خرج منها بعد أن سكن الثائرة وأمن الناس وبأثر ذلك رجع الحسن لتونس ووقعت حروب بينه وبين خير الدين وأخيراً انتصر عليه خير الدين ووقع الإعلان بطاعة السلطان سليمان وساس خير الدين الرعية ولما أيس الحسن من نصرته على خير الدين ذهب لإسبانيا مستصرخاً بطاغيتها وأجابه لذلك وأمده بأسطول وقدم الحاضرة وقامت الحرب على ساق حتى انهزم خير الدين لأن غالب الناس مالوا لسلطانهم سليل ملوكهم ودخل الحسن الحاضرة والنصارى وأمنوا الناس فلم يرعهم وهم في أمان إلا هجوم النصارى عليهم على حين غفلة فاستباحوهم قتلاً وأسراً ونهباً. يقال: قتل في هاته الواقعة ثلث أهل تونس وأسر الثلث ونجا الثلث وكل ثلث ستون ألفاً وهاته الواقعة تسمى بوقعة الأربعاء وأشار إليها العالم ابن سلامة في قصيدته التي يتشوق فيها إلى تونس ويندب أطلالها ويذكر أيامها الرافلة في حلل الدعة وكيف تغيرت وتبدلت أحوالها وبقي الحسن مع النصارى تحت الذل والهوان وشاركوه في البلد وملكوا حلق الوادي وشيدوا به حصناً أقاموا في بنائه نحواً من أربعين سنة ثم خرج الحسن لاسترجاع القيروان من الثائرين عليه ولما هزموه شر هزيمة ذهب لإسبانيا طالباً من الطاغية الإعانة على استرجاع القيروان كإعانته على أهل تونس قبل فخيب الله سعيه. وستأتي بقية أخباره. تنبيه: اعلم أنه بانتهاء المائة التاسعة أخذ العلم بتونس في القهقرى والرجوع إلى الوراء بعد أن كان سوقه نافقة في دولة أبي عمرو المذكور وتداول في مدته ومدة أخيه محمَّد خطط العلم جماعة وافرة منهم أبو عبد الله بن قليل الهم وأبو عبد الله

تنبيه

محمَّد الزواغي وأبو البركات بن عصفور وأبو عبد الله البنوتي وتداول خطط القضاء والفتيا جماعة منهم أبو عبد الله الرصاع وأبو عبد الله القلشاني وأبو عبد الله الزنديوي وابنه أبو الحسن وغيرهم من فرائد تاج تونس وزينة جمالها المونس ثم في أوائل المائة العاشرة كانت دولة السلطان أبي عبد الله محمَّد بن الحسن الحفصي وهو الذي بني المقصورة المعروفة بالعبدلية وملأها بالخزائن وملأ الخزائن كتباً وجعل عليها نظاراً وجعل النظر في ذلك لإمام الجامع وهو يومئذ أبو البركات بن عصفور وتوفي هذا السلطان وتولى بعده ابنه الحسن وفي أيامه دخل خير الدين تونس ثم خرج منها في خبر طويل الذيل وكان من رجال الدنيا والآخرة وفي أخباره تأليف مستقل، ثم انقطع الخبر وعمي الأثر وطوي بساط أخبار العلماء والفضلاء لما دهم إفريقية عموماً والحاضرة خصوصاً أواسط المائة العاشرة من الفتن والإحن فتقلص ظل الدولة الحفصية عنها وبلوغها غاية الهرم حتى تجاسر عليها الثوار من كل جانب وامتدت يد الطاغية الإسباني ولا زالت في ارتباك الأحوال ومكابدة المصائب والأهوال وخرج منها في ذلك الكثير من العلماء والفضلاء إلى المشرق والمغرب منهم أبو عبد الله ماغوش المذكور بهاته الطبقة هاجر إلى المشرق وأبو الفضل خروف الآتي اسمه في الطبقة الآتية هجر إلى فاس وفي نزهة الحادي نقلاً عن المنجور في فهرسته أن أبا الطيب الظريف التونسي كان واعظاً بجامع الزيتونة رحل لفاس بعد أخذ تونس فخاطبه قاضي الجماعة بفاس أبو الحسن علي بن هارون بمنظومة منها: جادك الغيث إذا الغيث انهمرْ ... حضرةَ الأنس البديع المؤنسِ لم يكن إلا كلمح بالبصر ... أو بريق لاح لي من تونس فأجابه أبو الطيب بأبيات منها: أيها الشيخ الفقيه المعتبر ... سيد القطر وصدر المجلس قد تفضلتم بنظم كالدرر ... حل من قلبي محل النفس تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء أبو الحسن الزنديوي وأبو عبد الله ماغوش. الطبقة العشرون قد ذكرنا فيما تقدم البعض من أخبار الحسن الحفصي، ولنرجع لذكر بقيتها والاستيلاء العثماني باختصار فنقول: إن الحسن لما ذهب لإسبانيا مستعيناً بطاغيتها

على فتح القيروان وخاب سعيه اغتنم ابنه أبو العباس فرصة مغيب والده وقدم من بونة وهو يومئذ عامل عليها إلى تونس ودخل قصبتها على حين غفلة ولما اتصل الناس بخبره بايعوه وسار سيرة حسنة ولما بلغ والده خبره عظم عليه ذلك وبذل مالاً جسيماً للطاغية فوجه معه أسطولاً لنصره ونزل بحلق الوادي ووقع القتال بين المسلمين والنصارى وكانت الدائرة على عسكر الطاغية وأما الحسن فمر بجزيرة شكى فأدركه أبو الهول أحد رؤساء الأعراب وأخذه وأتى به إلى ابنه فاعتقله ثم أذهب بصره ثم فر وهو على تلك الحالة إلى القيروان ومات هناك واستقل ابنه أبو العباس وظهرت كفاءته لولا هرم الدولة ثم قدم للحاضرة علي باشا صاحب الجزائر واستولى عليها وأخذ البيعة للسلطان سليم ورتب حراستها، وأما أبو العباس فإنه فر بما خف من أهله وذخائره إلى حلق الوادي وذلك سنة 977 هـ ولبثوا على ذلك ثلاث حجج فالعرب مالكة للضاحية والنصارى للثغور ثم جاء أسطول عظيم من قبل الطاغية بسعي من أبي العباس المذكور ولما وصل أطلعه قائده على كتاب من موجهه ومضمونه يعينه على طلبه بشرط المقاسمة في الحكم والجباية فأنكر ذلك وأنف منه وانتقل إلى بلومو من صقلية وبها توفي ثم حمل إلى مدفنه بزاوية الشيخ الجليزي بالحاضرة. والشرط المذكور قبله أخوه محمَّد وآل الأمر بعد ذلك إلى دخوله الحاضرة مع العدو وقاسمه الملك مقاسمة الغالب مع المغلوب واشتد الخطب بما آل بالمصائب العظيمة والنوائب الجسيمة على العباد والبلاد من هتك الأستار والعبث بالفساد حتى خرج أهل تونس إلى الجبال والغابات والبوادي ونالهم من الجوع والعطش ما هو مبسوط في كتب التاريخ تقشعر منه الجلود وعاثت عساكر الإسبان في الأرض وربطوا خيولهم بجامع الزيتونة واستباحوا ما به وبالمدراس من الكتب العلمية وألقوها في الطرقات يدوسها العسكر بخيولهم وهذا هو السبب في قلة وجود تآليف الفحول من هذا القطر فإنها ذهبت شذر مذر وفي هاته الواقعة نبشوا قبر ولي الله أبي محفوظ محرز بن خلف وستر الله جسده الكريم فلم يجدوا به إلا التراب إلى غير ذلك مما ينبو عنه السماع ويبكي العيون دماً ويذيب القلوب ألماً وفعلوا مثل ذلك بالمدائن المهدية والمنستير وغيرهما من المحارس والقصور تخريباً وقتلاً وأسراً ومات نحو الثمانين ألفاً وأسر مثلها الطاغية المذكور ثم تداركها الله بالتفات السلطنة العثمانية فأنقذتها من مخالب هذا الطاغية في جمادى الأولى سنة 981 هـ وهذا الفتح من أهم الفتوحات الإِسلامية والمآثر الخالدة في إفريقية لهاته الدولة السنية خلد الله ذكرها وأيد ملكها وفخرها وكان هذا الفتح على يد وزيرها الشائع الصيت المعروف بالفضل والنجدة والشجاعة والثبات والرأي الصائب والفكر

الثاقب سنان باشا بعد قتال استشهد فيه الكثير من الأبطال وأمراء الأجناد وكانت الدائرة على الأعداء والبغاة وظفر هذا الوزير بمحمد الحفصي المذكور واعتقله إلى أن هلك في اعتقاله وانقرضت بانقراضه هاته الدولة، والله سبحانه وتعالى الفعال لما يريد لا راد لأحكامه وأفعاله فكان ابتداؤها سنة 603 هـ وانقراضها سنة 981 هـ وسبحان الباقي الذي لا يحول ولا يزول. والسبب في ذلك هو ما أشرن إليه فيما سلف، وهو أنه لما فسدت طباعهم واختل حالهم وامتلأ صاعهم وكانت دولتهم على حالة الهرم واستغاثوا بأعداء الدين فكان مآلهم سلب النعم وإحاطة النقم. فانظر واعتبر لحال هاته الدولة على ضعف ساحة أرضها، وقلة أنهارها وأشجارها كيف ابتداء أمرها واتساع مجال ملكها وأملها من أملها من أهل المشرق والمغرب ومدوا إليا يد البيعة ودانوا لها بالطاعة، واعتصموا بالانتساب إلى سلطانها، وأتته بيعة الأشراف من بيت الله تعالى وحرمه الآن ومهبط الوحي حيث كانت أقرب إلى خلال الخير وأثل ملوكها في الحاضرة المصانع الواسعة والأبنية النافعة كالزوايا في الطرق لأبناء السبيل والتكايا والمساجد والمدارس والمكاتب لقراءة القرآن العظيم ورتبوا الكتب العلمية في أماكن محفوظة على قانون خاص إعانة لأهل العلم وطلابه والمستشفيات، إلى غير ذلك مما بقي أثره ولم ينسَ خبره. وفي أيامهم نفق سوق العلم وظهر من الراسخين فيه من هذا القطر أعلام مصنفاتهم تشهد لهم بذلك. وكان من الحضارة بتونس ما اقتضاه طبع العمران والثروة وحال البلاد بما لا ينافي سذاجة الدين فتوالت الوفود على سكنى هاته الحاضرة من سائر الجهات على اختلاف الملل والنحل والأصناف يجذبهم مغنطيس العدل فزادوا في أسباب العمران من البناء والغراسة وغير ذلك. وانظر واعتبر كيف كانت عاقبة أمرها وانقلاب أحوالها بعد تلك القوة وعزة السلطان وعلو الكعب من انتقاض الجهات وكثرة الثوار واستطالة أيدي الأعراب في البلاد بالنهب والبغي والفساد حتى استعان آخر ملوكهم بالعدو الأجنبي وآل أمره كالمسجون في حجرة لا يملك إلا موضع قدميه ثم إلى سجنه وموته تحت أقفاله عقاباً له وزجراً لأمثاله الناسجين على منواله وما قررناه في حق ملوك هاته الدولة وعلمائها هو ملخص ما أسلفناه. واعلم أن ملوك بني أبي حفص كانوا يجلون العلماء، ومجالسهم بهم عامرة وموائدهم مزدانة بهم باهرة وفي ذلك مصلحة لهم عظيمة ومنزلة رفيعة فخيمة إذ بوجودهم والالتفات إليهم وتعظيمهم تنشر راية العلم وتحفظ الشريعة المطهرة واللغة العربية الفصيحة. وكان غالبهم محافظاً على الشرع العزيز ممتثلاً لأوامره. وكان بتونس أربعة قضاة قاضي الجماعة هو المعبر عنه في الشرق بقاضي القضاة وكان بها

تنبيه

مفتون منهم من يكون متصدراً لها كتابة ومنهم من يتصدر للأخبار فقط والأحكام جارية في مجاري عزها الشامخ يرتاح لها ويخضع القوي والضعيف والأمير والأمور والخاصة والجمهور وتنفذ على يد قاضي الجماعة. وفي المائة التاسعة ظهرت رتبة المفتي وصارت أرفع درجة من رتبة القاضي وإذا أشكل على القاضي بعث للمفتي يسأله. وكان هؤلاء الملوك يجعلون يوم الخميس لاجتماع القاضي والمفتين بمجالسهم وتنفذ بين أيديهم الأحكام الشرعية في كل أسبوع وكانت لهم عناية تامة واهتمام خاص بجمع الكتب العلمية على اختلاف أنواعها والتغالي في اقتنائها وحفظها في الخزائن بقصورهم للمطالعة وبالمدارس وجامع الزيتونة لنفع العموم بها وتقدمت الإشارة إلى ذلك وأنه كان في خزانة أبي عبد الله المنتصر ستة وثلاثون ألف مجلد وما وقع تحبيسه من أبي فارس وأبي عمرو وأبي عبد الله فليراجع في محاله وفي الرزنامة التونسية أن جامع الزيتونة كان مستبحراً بالعلوم على اختلاف أنواعها عقلية ونقلية مقاصد ووسائل حتى كان يقال إن حذاء كل سارية من سواريه مدرساً وفي خزائنه ما يزيد على المائتي ألف مجلد وأبو فارس عبد العزيز حبس وحده ما يزيد على الثلاثين ألف مجلد ووضعها في خزائن زين بها جامع الزيتونة حبسها على العلماء والمتعلمين وحبس عليها ما تحتاج إليه للإصلاح وعلى المناول والمتعهد لها أرضين وزياتين ونوه المؤرخون بشأنها. ثم تلاه السلطان أبو عمر وعثمان فجمع خزائن أخرى تقارب خزائن أبي فارس وبنى لها مقصورة متسعة وملأها بالخزائن وملأ الخزائن كتباً وحتى الآن تعرف بمقصورة الكتب وفي هذا الزمان يخزن بها الزيت وتلاهما السلطان أبو عبد الله محمَّد بن الحسن فبنى مقصورة متسعة وهي المعروفة بالعبدلية وملأها بالخزائن وملأ الخزائن كتباً وجعل نظرها لإمام الجامع ثم على عهد آخر ملوكهم ألقيت تلك الكتب بالطرقات فداستها أقدام الرجال وحوافر الخيل والبغال وذهبت شذر مذب وبقيت المدارس والمساجد خالية من كتب العلم وضعف العلم بذهاب رجاله وضعفت الدولة باستيلاء الطاغية. وانتهى الخبر عن هؤلاء باستيلاء العساكر التركية. وسنقص عليك خبرهم إن شاء الله. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء محمَّد خروف ومحمد الأندلسي وأحمد العيسي. الطبقة الحادية والعشرون تقدم أن الدولة العثمانية احتلت إفريقية سنة 981 هـ ومن الواجب ذكر رجال هاته الدولة وما آل إليه حال إفريقية بعد تلك النوائب والكوارث ليكون المطالع

على بصيرة من ذلك فنقول: اعلم أن بهذا الفتح رفع الله عن أهالي هذا الوطن النوائب والمصائب والإحن ولسان حالهم يقول: الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وذلك أنه لما مهد الوزير سنان الراحة وقطع دابر البغاة والمثيرين للفتن وعزم على الرجوع لدار الخلافة هو وأركان حربه وأمراء أجناده رتب عسكراً لحراسة البلاد وتأمينها وجعل على كل مائة أميراً يسمى الداي ومعناه بالعربية خال كناية عن تعظيم المنادى ورتب أمير لواء لضبط الوطن وجباية المال يسمى الباي ومعناه بالعربية العامل وعين لذلك رمضان باي وجعل النظر في العسكر إلى الآغا ومعناه السيد والنظر العام لحيدر باشا وخطب باسم السلطان سليم ابن السلطان سليمان وضرب السكة باسمه وسافر بعد ذلك لدار الخلافة واستمر الحال على ذلك إلى أن ثار الجند على كبار الديوان سنة 999 هـ وطلبوا إقامة داي للنظر في حال عموم العسكر وقدموا أحد أبطالهم إبراهيم رودسلي (آغا) في تلك الخطة نحو الخمس حجج ولم يستقم له أمر وسافر للحج وتولى بعده موسى فمكث سنة وسافر للحج ثم تولى داياً عثمان داي وخرج لتمهيد النواحي وجباية المال ورتب قوانين الرعايا في دفتر سموه بالميزان وباشر الأمور بنفسه وكانت فيه شهامة وسياسة وشجاعة واتخذ الأساطيل وصار في منعة من العدو وله آثار حميدة وكان على عهده طاعون جارف وعلى عهده في سنة 1017 أهـ والسنة بعدها قدمت الأمم الجالية من الأندلس فأوسع لهم العطاء وأباح لهم السكنى بالحاضرة وبلدان المملكة وبناء القرى في أراض استعمروها فبنوا أكثر من عشرين قرية واغتبط بهم أهل الحاضرة وتعلموا حرفهم وقلدوا ترفهم ولم يزل هذا الداي عزيزاً مطاعاً إلى أن توفي سنة 1019هـ ودفن بجوار الشيخ أحمد بن عروس وفي خلال مدته ارتفع صيت رمضان باي المذكور وعظمت كفاءته في قمع الثوار وتمهيد الجهات وجباية الأموال واستخلف جماعة على الأعمال وسماهم بيات جمع باي منهم رمضان هذا وحسين باي ومراد باي جد بني مراد الآتي ذكرهم ولما توفي تولى عوضه دايا صهره يوسف وهو مشهور بالفضل والسؤدد وله آثار كثيرة شاهدة بذلك منها جامعه المعروف بجامع سيدي يوسف بسوق الترك ولم يزل حميد الحال حسن السيرة إلى أن توفي سنة 1047 هـ عن سن عالية ودفن بجامعه المذكور ورمضان باي المذكور توفي سنة 1022هـ وتولى مكانه مراد باي المذكور وكان ذا صرامة وكفاءة ثم سمت همته لرتبة الباشا فراسل في ذلك الدولة العلية فأسعفته وأتاه التقليد ونزل لابنه حمودة عن سفر الإمحال سنة 1041 هـ وتوفي في هذه السنة ودفن بتربة جوار الشيخ أحمد بن عروس.

تنبيه

تنبيه: قد علمت ما حلّ بإفريقية من المحن وأن العلم ضعف بذهاب رجاله وبأثر ذلك وقع الاحتلال العثماني فابتدأت حينئذ ترجع عمرانها وتستجد شبيبتها وصادف وفود مئات آلاف من الأندلس وجالية غرناطة وعمروا نيفاً وعشرين قرية بين كبيرة وصغيرة لكن التراجع كان بطيئاً بالنسبة لبث العلوم لأنه لما آل الأمر لهاته الدولة وكان الذين قدموا من الأتراك لإفريقية غير منتظمي التصرف إلا القليل منهم لم يقع منهم التفات لتدارك العلم الذي كاد أن يضمحل في ذلك العهد ثم عاد لهذا القطر المأنوس ما انقطع عنه شيئاً فشيئاً إلى هذا الوقت على ترتيب الطبقات الآتية فكل طبقة هي أرقى من التي قبلها. قال الشيخ حمودة بن عبد العزيز في باشيه: خرج من الأندلس ألوف لفاس وألوف لوهران وتلمسان وجمهورهم جاء لتونس فعمروا بها القرى الخالية واستحدثوا فرى سكنوها واستقرت حاضرتهم بالحاضرة فاستحكمت فيهم الحضارة التي عوائدها مرتكزة في طبائعهم واستحدثوا بها صناعة الشاشية التي تقصدها التجار من سائر الأقطار وقصدها الترك من بلاد الخلافة وغيرها ومن مصر فارتفعت بهم أوج العلا ووردت عليهم العلماء من الآفاق فتخرج بهم الكثير من العلماء وشرع أمراؤها في اتخاذ المصانع وتوفير الملك. انتهى بتصرف واختصار. وقال: قد كان العلم لأول دولة الترك مرتفعاً منها بالمرة حتى ورد عليها المولى أحمد أفندي من أرض الروم في أول المائة الحادية عشر على عهد عثمان داي وكان متفنناً في العلوم فأخذ عنه جماعة من أهلها منهم الشيخ محمَّد الغماد وأبو يحيى الرصاع والشيخ محمَّد براو وارتحل للمغرب الأقصى وافداً على سلطانها مولاي أحمد الذهبي فوجده يقرىء المطول للمولى سعد الدين بالجامع كل يوم فأوسعه مبرة وإكراماً ثم عاد لتونس فكان يقول: وجدت بجامع القرويين سبعة عشر كرسياً يقرأون التفسير وكلهم عن التفسير بمعزل إلا أن ملكهم يفهم الخطاب ثم ارتحل بعد ذلك إلى بلاده فكانت بها هاته الطبقة التي ذكرناها ومَن عاصرهم كأبي الفضل عظوم وغيره وانتشر بها العلم. انتهى. وكانت القضاة تجيء إلى تونس من دار الخلافة والغالب عليهم المعجمة ومذهبهم مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه فاحتاجوا حينئذ إلى نائب يكون بين يدي القاضي فيكون بمثابة قاضي الخصومات والقاضي التركي بمثابة قاضي الجماعة واحتاجوا أيضاً لمجلس كما جرت به العادة في دولة بني أبي حفص يجعلونه بين يدي الباشا في هذه الدولة وكان يحضر بالمجلس أربعة من المفتين والمراد من حضورهم الأخبار بالأمور الشرعية إذا سئلوا عنها والقاضي ينفذها وأول مَن تصدر بتونس مفتياً حنفياً الشيخ أبو الحسن علي الشريف وباحتلال الدولة التركية أخذ

تنبيه

المذهب الحنفي في الظهور بعد انقطاعه من مدة المعز الصنهاجي حسبما تقدمت الإشارة إلى ذلك في ترجمته. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء أبو الفضل عظوم وأبو النجاة النفاتي وأبو الغيث القشاش وأبو الحسن الرصاع وتاج العارفين البكري. الطبقة الثانية والعشرون لما توفي مراد باشا المذكور سنة 1041 هـ قام مقامه ابنه حمودة باشا فمهد الأمور ورتبها أحسن ترتيب وكان كريماً حسن السيرة والتدبير محباً للعلماء مقرباً لهم مؤثراً مجالستهم ومباحثتهم شجاعاً قمع الثوار ودوّخ جميع العرب ورتب أوجاق الصبايحية بتونس والقيروان وباجة والكاف لتأمين السبل واتسعت الجباية وله مآثر مأثورة وآثار ضخمة مشهورة منها بناؤه الجامع المشهور قرب ضريح الشيخ أحمد بن عروس ومنارته الغريبة الشكل العجيبة الإنشاء لا نظير لها في المغرب ومنها المستشفى بحومة العزاقين واعتنى بتشييد باردو أحد منتزهات بني أبي حفص وطلب من الدولة العلية تقليد منصب الباشا فأتاه سنة 1068هـ ونزل عن سفر الإمحال لابنه مراد واستخلفه مكانه وعقد لابنه محمَّد الحفصي على القيروان وسوسة والمنستير وصفاقس وعقد لابنه حسن على باجة وفي آخر الأمر طلب الاستعفاء فأعفي ومال للراحة وتخلى عن البلاد لأولاده إلى أن توفي في شوال سنة 1076 هـ ومن شعرائه أبو عبد الله محمَّد العروي السوسي وله فيه القصائد الطنانة وكان أديب وقته وشاعره من غير مدافع وله ابن نجيب قدمه والده في حياته للفتيا وكان يروي البخاري بحضرة والده لمجلس الباشا والحاصل أن هذا الباشا حسنة من حسنات الزمان وهو المؤسس المجد لبنيه والآثار الخالدة بعده ولما توفي استقل بالأمر بعده ابنه مراد باي المذكور وانفرد بالكلمة واستقام أمره وضعف أمر الدايات في وقته وصاروا أتباعاً له وسنذكر أسماء الدايات في فصل خاص. ومن مآثره المدرسة المنسوبة له غربي الجامع الأعظم وأول مدرس أقيم بها الشيخ محمَّد الغماد وتوفي سنة 1086 هـ وبويع لابنه الأكبر محمَّد ثم إن عمه محمَّد الحصفي أغرى أخاه علياً بطلب المشاركة فأصغى له وطلبها فأنف محمَّد من ذلك ولهذا الخلاف اتفق الأعيان على أن يكون الأمير العم محمَّد الحفصي وبايعوه بعد خلع محمَّد المذكور وفراره للكلف وذلك في رجب من السنة 1086هـ ونفذت أوامره بعد ذلك ثم اضطرب أمره وأشهد على نفسه بالخلع وراسل محمداً بذلك وقدم الحاضرة وجددت له البيعة بباردو في شوال من السنة وتوجه العم بعد ذلك للآستانة وأما علي فإنه توجه لقسنطينة وأخذ

في جمع الجنود لقتال أخيه ثم قدم العم من الأستانة ومعه سبعة مراكب مشحونة بالعساكر ومتقلداً منصب الباشا من السلطان محمَّد خان فجمع محمَّد باي أهل الحل والعقد بجامع الزيتونة للنظر في هاته النازلة وكان من أمرهم الاتفاق على رد العم وكاتبوا الدولة بأن سبب عدم قبوله هو عدم أهليته وبناء على ذلك رجع العم لدار الخلافة وكان من أمره ما سنذكره وأما علي فإنه قدم بجند من الأعراب وخرج له أخوه محمَّد في جنده ووقع القتال بينهم فكانت الهزيمة على محمَّد وفرّ إلى الكاف ودخل علي لتونس وتمت له البيعة وبعد ذلك وقعت بينه وبين أخيه حروب واضطرب الحال وبينما هم كذلك إذ قدم العم محمَّد الحفصي من دار الخلافة متقلداً منصب الباشا من السلطان محمَّد أيضاً ودخل الحاضرة في حفل عظيم ووفد عليه علي وهنأه بذلك وصارا على وفاق ثم صارت بينهما وحشة وخرج العم لقتاله باتفاق مع أخيه محمَّد وبعد قتال كانت الهزيمة عليهما وفرّ العم للقيروان والأخ للمنستير وفي أثناء ذلك قدم صاحب الجزائر لإطفاء نار الفتنة وعقد الصلح بين ثلاثتهم وانعقد على تمليك علي وإقامة العم باشا تبعاً لأمر السلطان واستقرار محمَّد بالقيروان ويبقى ابنه أحمد رهناً عند عمه علي وبناء على ذلك رجع علي والعم للحاضرة ثم صدر الإذن من الدولة العلية سنة 1090 هـ بإبعاد العم لأرض الروم وأبعد لتلك الجهة إلى أن توفي سنة 1097هـ وصفا الجو لعلي ثم أساء السيرة بعد ذلك وتحرك له أخوه محمَّد في جموع ووقع القتال وفي أثناء القتال اغتال علي ابن أخيه الرهين وفرّ إلى الكاف واتبعه أخوه محمَّد بحملة عظيمة وانضمت له محلة الجزائريين الذين جاؤوا لنصره وفرّ علي لصفاقس بعد انهزامه ودخل محمَّد الحاضرة ولما رأى ما يشعر باستبداد الذاي راسل أخاه علياً في الصلح واصطلحا على مقاسمة البلاد فكانت حصة محمَّد باجة والقيروان والمنستير وحصة على الكاف ووسلات وسوسة وبقية الساحل وارتحل محمَّد لتلقيه وعزما على قتال الداي حيث استبد بالحاضرة وهو أحمد شلبي وخرج هذا الداي بمحلة لقتال محمَّد وآلت بعد القتال بانهزام محمَّد وراسل الأخوان بعد ذلك صاحب الجزائر إبراهيم خوجة واشترطا له شروطاً على إعانتهما فخرج بنفسه في حملة وعامل قسنطينة في محلة أخرى وسار إليه الأخوان واجتمعوا بالحريرية وألحوا في الحصار على تونس إلى أن استولوا عليها وأسروا الداي شلبي وجددت البيعة للأخوين وذلك في رجب سنة 1097 هـ وولوا الحاج بقطاش دفايا وبعد أيام قلائل ظهر للجند عدم إمكان الشركة ونادوا بلسان واحد بولاية محمَّد وقتلوا علياً وأحمد شلبي وارتحل بعد ذلك الجزائريون بعد توصلهم بما اشترطوا وانفرد محمَّد باي بالأمر وصفا له الجو وخرج لتدويخ النواحي وجباية

تنبيه

الأموال وتأمين السبل ثم ثار عليه محمَّد بن شكر ووقعت له حروب معه آل الأمر إلى انهزامه وفراره للصحراء واستولى على تونس وسائر البلاد بإعانة من صاحب الجزائر وتصرف في العباد بالقتل والنهب والفساد وآسف الناس فراق محمَّد باي واستكانوا تحت سطوة هذا الجبار ثم ثار عليه أهل سوسة والقيروان وبعثوا لمحمد باي ينادونه وقدم وانضم إليه خلائق لا يحصون وخرج إليه ابن شكر فالتقوا على وادي برق الليل فكانت الدائرة على ابن شكر ومات مذموماً مدحوراً وذلك سنة 1106 هـ واستولى محمَّد باي على جميع ما معه ودخل القيروان ثم تونس وسر الناس بقدومه واستبشروا وهادن صاحب الجزائر بواسطة الولي العالم الشيخ علي عزوز ومن مآثره المباني الضخمة القاطعة بعلو مقداره منها جامعه الفخيم البديع المنظر والشكل أمام ضريح ولي الله الشيخ محرز ومات قبل إتمامه فأتمه أخوه رمضان باي وله مدارس بالكاف وباجة والقيروان ونفطة وتوزر وقابس وأسواق الشواشية الثلاث والزيادة في قصور باردو والقنطرة على وادي مجردة وأقام علي بنائها بنفسه وهي شاهدة له بالمزية العظيمة والرتبة الشامخة وكان مؤثراً للعدل والإنصاف قامعاً لأهل الجور والظلم من عماله وعساكره محباً لأهل الفضل والعلم وبقي في أمن ودعة إلى أن وافاه أجله في ربيع الأنور سنة 1108 هـ وعظم المصاب به وفي مدة أخيه علي أنهى صاحب المونس تاريخه وقد استوفى في مونسه أخبار رجال هاته الدولة وعلمائها وكانت مشاهدة عيان كما استوفاها الشيخ حمودة بن عبد العزيز في باشه. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء أبو الحسن النفاتي وأبو بكر البكري وأبو الفضل المسراتي وأبو العباس الشيف وأبو الحسن الغماد. الطبقة الثالثة والعشرون لما توفي الأمير محمَّد باي سنة 1108 هـ تمت البيعة لأخيه رمضان فأقر الناس على مراتبهم ومهد البلاد وجبى الأموال وكان عاكفاً على الملاهي، وكان له مغن اسمه مزهود استولى عليه وفوض أمره إليه وأقبل على لهوه وتصرف مزهود بالقتل وغيره وتمادى على ذلك حتى قتل العلامة حمودة ابن الشيخ محمَّد فتاتة افتياتاً على سيده فنفرتهما القلوب وارتفعت الأكف بالدعاء بهلاكهما فهلكا وسنقص عليك خبرهما، وكانت أم رمضان كافرة ماتت على دينها فبنى لها الكنيسة قرب باب قرطاجنة ودفنها بها والشيخ حمودة المذكور كان مختصاً برمضان باي قبل الولاية وبعدها سفراً وحضراً لحسن محاضراته ولطف آدابه ووثوق علمه وذوقه وفهمه. ثم سعى مزهود في إبعاده عنه وخلا له الجو وكان في عهد الإِمام تاج العارفين البكري

وابنه أبي بكر يقع تدريس البخاري بجامع الزيتونة رواية ودراية في رجب وشعبان ورمضان إلى السادس والعشرين منه ولما توفي أبو بكر تغيرت تلك القاعدة وصارت رواية لا غير تبركاً لأن ولديه أبا الغيث وأبا الحسن لم يبلغا مبلع والدهما وجدهما، ولما أبعد الشيخ حمودة المذكور عن رمضان باي رجع لأصله وتصدى لإقرائه دراية وغيره من العلوم بالجامع على حين لم يكن به من يقرأه دراية وكان راويه يومئذ الشيخ محمَّد زيتون فاجتمع عليه خلائق لا يحصون وصار له بذلك صيت. ولما رأى مزهود ذلك تغير وأرسل إلى أبي الغيث المذكور إمام جامع الزيتونة ليمنعه من إقراء الحديث بالجامع إذ ربما يؤول به الأمر إلى طلب الإمامة بالجامع فأرسل له أبو الغيث بإبطال درس الحديث وأظهر الغضب منه حيث لم يمتثل لإبطاله بعدم إقامة صلاة العصر بالجامع فلم يمتثل لإبطاله وانتقل لإقرائه بمسجد سوق البلاط فازداد مزهود بذلك بغضه وأغرى به رمضان باي ومنعه من الخروج من داره ولم يكفه ذلك حتى أرسل إليه حرساً هجموا على دار الشيخ وأخرجوه بترويع أمه وأبيه وأهله وبنيه وأوقعوا به ما بلغ به الشهادة ولاقى من الله الحسنى وزيادة. ورمضان باي لا علم له بشيء من ذلك غير أنه لما بلغه الخبر لم ينكر على مزهود ولا عاتبه. وجمع مزهود في تلك الليلة طائفة من الأوباش أصحابه وصنع صنيعاً اجتمعوا فيه على كل فاحشة فرحاً بقتل الشيخ وكان قتله سنة 1109 هـ من الأهوال العظيمة والمصائب الجسيمة وتأسف عليه والده العالم المشهور والخاصة والجمهور. وقابلوا تلك المصيبة بالصبر والابتهال بالدعاء إلى الكبير المتعال عليه وعلى سيده وتوسل والده في دعائه بسيد الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام في قصيدة أولها: إليك رسول الله وجهت آمالي ... وألقيت يا سؤلي ببابك أحمالي فاستجاب الله دعاءهم فلم يمضِ قليل من الأشهر حتى شتت الله أمر مزهود وسيده وأشياعه كما سنذكره إن شاء الله وذلك أنه لما قتل الأمير الباشا أبو الحسن عليّ ترك ابناً اسمه مراد تحت كفاله عمه محمَّد باشا ثم تحت عمه رمضان المذكور ثم خوّفه منه مزهود وأشار عليه بالقبض عليه فحبسه وسمل عينيه وعالجه طبيب سراً وفرَّ من السجن لسوسة وقام بنصره بعد ذلك أهل وسلات وغيرهم ومالت المجموع إليه وبايعوه في رمضان سنة 1110 هـ ووجه حينئذ من أخرج رمضان وقتله ثم أحرقه وألقى رماده في البحر فلا خبر له وكانت مدته ثلاثين شهراً فأعمل أولاً السيف في مزهود وشيعته وعزل أبا الغيث البكري عن الإمامة ثم أقبل على سيرته الشهيرة من قتل الإنسان والحيوان وانتهاك الحرمات والمجاهرة بالفواحش وقتل بنفسه الشيخ المفتي محمَّد العواني الشريف وشوى من لحمه وأكله مع ندمائه ولما أراد قتله قال

تنبيه

له: أنصحك أن من قتل عالماً آيس من الحياة وفعل بغيره مثل ذلك وقد نزع الله من قلبه الرحمة يؤتى إليه بالرجل فيقوم إليه بنفسه ويجذبه ويقطع أعضاءه ويشق بطنه ويدخل يده لإخراج أمعائه وكبده وكان له سيف يسمى البالة فلا يكاد يخليه يوماً من إراقة دم وإذا لم يقتل أحدًا يقول إن البلة جاعت فيقتل من يعرض له، وله حروب مع الجزائريين كانت الدائرة فيها عليه "وعلى الباغي تدور الدوائر" ولم يستقم له حال إلى أن أفتك به إبراهيم الشريف بمواطأة من أمراء الجند وذلك في محرم سنة 1113 هـ وأرسل من قتل بقية آل مراد وكانت مدته ثلاثة أعوام وأربعة أشهر وانقرضت بانقراضه دولة آل مراد وكانت مدتها ألف شهر. تنبيه: اعلم أن الخلق عيال الله ومتى استعمل على الرعية الأراذل والسفهاء وأهل البطالة والإعلان بالشهوات كان ذلك داعياً إلى فساد نياتهم وضعف ديانتهم وانهماكهم في شهواتهم. في سراج الملوك: أقوى الأسباب في إصلاحهم أن يستعمل عليهم الخاصة منهم وذوي الأحكام الراجحة والمروءات القائمة والأذيال الطاهرة فمتى كانت رياسة العامة بيد سراتهم حصلت سعادتهم: لا تصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهالهم سادوا وفيه: إن أدعى خصال السلطان إلى صلاح الرعية وأقواها أثراً في تمسكهم بأديانهم وحفظهم لمروآتهم إصلاح السلطان نفسه وتنزهه عن سفاسف الأخلاق وبُعده عن مواضع الريب وترفيع نفسه عن استصحاب أهل البطالة والمجون واللعب واللهو والإعلان بالفسوق. إذا غدا ملك باللهو مشتغلا ... فاحكم على ملكه بالويل والحرب أما ترى الشمس في الميزان هابطة ... لما غدا وهو برج اللهو والطرب رجوع وانعطاف لما أفتك إبراهيم الشريف بمراد بايعه رؤساء الأجناد وقدم الحاضرة وتم له لأمر وجاءه تقليد منصب الباشا وكان كاهيته المولى حسين بن علي تركي وله حروب مع الجزائريين وغيرهم وأخيراً هزموه وأسروه فكانت ولايته ثلاثة أعوام وشهرين وكانت سيرته أولاً حسنة ثم طفق في ظلم الرعية فذبح أبناءهم ونساءهم واستصفى أموالهم وكاد أن يستأصل العرب وإبلهم وخيلهم لشدة بغضه لهم ولظلمه لم تطل مدته ولو دامت لأهلك الحرث والنسل، ومعلوم أن الظلم إذا دام دمر والعدل إذا دام عمر. قال أبو العتاهية:

أما والله إن الظلم لوم ... ولكن المسيء هو الظلوم إلى ديّان يوم الدين نمضي ... وعند الله تجتمع الخصوم سل الأيام عن أمم تقضت ... فتخبرك المعالم والرسوم ولما وقع بإبراهيم الشريف ما ذكرناه وقع الاتفاق على تولية كاهيته حسين بن علي تركي وقبلها بإلزام بعد تمنع وتمت له البيعة في ربيع الأنور سنة 1117 هـ. كان والده علي تركي وبه يلقب قدم من جزيرة كندية إلى الحاضرة في أوائل دولة بني مراد فولاه قيادة أزمة الأعراب وكان من أهل الكفاءة والنجدة وتوفي سنة 1113 هـ ونشأ ابنه المذكور في خدمة الأمراء المراديين وتقلد الولايات الجليلة وتسنم الخطط الرفيعة كخطة خزنة دار وكاهية الخلافة وولاية الأعراض والجريد وهو باني الملك الحسيني جعلها الله كلمة باقية في عقبه أبد الآبدين. توارث الملك بنوه كابراً عن كابر إلى هذا الوقت على الترتيب الآتي بيانه وله حروب مع القائمين عليه كان الظفر حليفه ورسخت قدمه وكانت أيامه مواسم ثم ثار عليه كفيله ابن أخيه علي باشا بن محمد بن علي تركي. كانت ولادته سنة 1101م فتبناه عمه الأمير المذكور وأحسن تربيته وتهذيبه وليس له إذ ذاك أولاد وأولاده أمير أمراء الأمحال سنة 118 هـ وزوّجه ابنته وأجراه مجرى الأولاد إلى أن وهب الله له ولياً من لدنه يرث ملكه فولد له المولى محمد باي ولما بلغ من العمر خمسة عشر عاماً أولاه باي الامحال وأولى ابن تربيته باشا فأنف علي باشا من ذلك وهرب هو وابنه يونس إلى وسلات وذلك سنة 1140هـ وخرج عمه لقتال آل أمره لفراره مع ابنه للجزائر وساءت حاله ثم أمده صاحب الجزائر بعسكر قدم به سنة 1147هـ ولما قدم هذا العسكر الحاضرة خرج الأمير بعسكره ووقع القتال بين العسكرين آل الأمر بانهزام الأمير وفراره إلى القيروان ولحق به أبناؤه واعتصموا بها ودخل غالب بلاد الساحل في طاعتهم ودامت الحرب بينهم وباشر أكثرها يونس باي ولما ضاق الخناق على أهل القيروان بطول الحصار خرج الأمير منها بمن بقي معه وبأثر خروجه استشهد وذلك في صفر سنة 1153هـ وحمل ودفن بتربته بالحاضرة وأما أبناؤه فإنهم توجهوا للمغرب وسيأتي خبرهم وهذا الأمير هو الذي أحيا رسوم العلم بعد إعفائها وأيقظ أجفان طلبته بعد إغفائها بالتفاته إلى أهل العلم بالصلات المتوالية والإكرام لهم والتعظيم والمجالسة وله في التزام الأحكام الشرعية قدم راسخة يحمل العامة والخاصة عليها فيما يجري بينهم من المعاملات وكانت أيامه كالخصب بعد الجدب والأمن بعد الرعب والسلم بعد

تنبيه

الحرب. سعدت المملكة وأهلها به وامتلأت أيديهم بالمكاسب فأثاروا الأرض وعمروها وأغرى عن العمل ما قوي به الأمل ووقع التنافس في الصنائع وغيرها مما هو محمود والناس على دين ملوكهم، وفي أيامه كان سوق العلم نافقاً والعلماء الفحول كثيرون منهم الشيخ محمد زيتونة المذكور كان يبعث إليه ويستشيره فكان إذا أتاه يخرج إليه لتلقيه خارج البيت ويأخذ بيده ويقوده ويجلس حذوه ولا يحضر معهما ثالث في الغالب، ومن مآثره الجليلة إحياء مدينة القيروان ومساجدها وزواياها وبناء مدرسة النخلة والمدرسة الحسينية وجامعه الشهير، وأول صلاة أقيمت به ظهر يوم الأحد رابع عشر شوال سنة 1129هـ وأنشأ مدارس بصفاقس ونفطة والقيروان وفسقية الملاسين وغير ذلك مما هو كثير وقد ذكرت ترجمته مفردة ومضافة وأتى على أكثرها أبو عبد الله محمد سعادة في كتابه المسمى بقرة العين في فضائل الأمير حسين والمؤرخ الشيخ حسين خوجة المتوفى سنة 1169هـ في تاريخه بشائر أهل الإيمان والشيخ عبد الرحمن الجامعي في الدرر المديحية في الدولة الحسينية والوزير حمودة بن عبد العزيز في باشيه قال فيه: قد ألمّ أبو عبد الله محمد الوزير السراج في حلله السندسية بأخبار المولى حسين بن علي باي بلغ فيه إلى سنة 1144هـ غير أن الجزء الرابع أحرقه علي باشا لما اشتمل عليه من أن القصد منه في قيامه على عمه بجبل وسلات فلا يوجد منه عين ولا أثر. انتهى. وفي الاستطلاعات البريزية اتفق لي أني تذاكرت مع أحد علماء باريز في التواريخ العربية المختصة بالمملكة التونسية ومنها تاريخ الوزير السراج وأنه لا توجد منه نسخة كاملة عندنا لوقوع إحراق الجزء الأخير ولما ذكرت له ذلك أطلعني على ديوان كتب مكتبة المونيك في البافرة من ألمانية فإذا به نسخة تامة مؤلفة من أربع مجلدات. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء سعيد الشريف ومحمد قويسم ومحمد الغماد ومحمد فتاتة وعلي النوري وعبد العزيز الفوراتي وإبراهيم الجمني ومحمد زيتونة والوزير السراج ومحمد الخضراوي. الطبقة الرابعة والعشرون لما بلغ أهل الحاضرة انهزام الأمير الباشا حسين في الواقعة التي قدمنا ذكرها بايعوا ابن أخيه الأمير الباشا علي باي في صفر سنة 1148هـ ولما استقل بالأمر أرهف الحد وحكم السيف في شيعة عمه واشتدت سطوته وعظم سلطانه وصادر

الأمة بالمال الكثير وعرضت في مدته محاربات فاز فيها بالظفر ووقعت بينه وبين دولة فرنسا وحشة آلت إلى صلح، وفي سنة 1159هـ قدم الإخوة أبناء الأمير حسين من الجزائر ومعهم محلة أميرها باي قسنطينة إلى الكاف وامتدت أعناق الآمال إلى الإسعاف ووافتهم نجوع العرب بالمدد وبالرجال والعدد لولا ما غدر به أمير المحلة فردها بدون كبير قتال وغره في ذلك ما وصله من المال وتفرقت جموع الحاشدين وأسفوا من شماتة الحاسدين ومات من شدة الأسف أحد أبناء الأمير محمود وكان بطلاً مقداماً شهماً هماماً ثم تفرقت كلمة أبناء علي باشا بسبب الحسد وأدت هاته التفرقة إلى حصول وحشة بين الأمير يونس ووالده وبسبب ذلك باشر لسعي بنفسه بمعاضدة ابنه سليمان ويونس نبذ بالعراء ثم قام على أبيه وانقسم الناس إلى قسمين قسم مع الباشا وقسم مع ابنه يونس وقامت الحرب على ساق داخل الحاضرة وصوبت المدافع على الدور والمساجد والجوامع ونال الناس الرعب من كور المدافع وأصابت قنبلة سارية من سواري جامع الزيتونة وعظم الخطب وآل الأمر إلى انخذال يونس وفراره إلى قسنطينة ثم إن ثالث الإخوة محمد فوق سهمه لأخيه سليمان لما خشي من وراثته الملك بعد أبيه لما يرى لأبيه من إيثاره عليه لما فيه من الأهلية فعاجله بالإطعام فمرض أسبوعاً وفاضت نفسه على حين لم يكن والده متوقعاً ذلك فتوفي مسموماً سنة 1168هـ وأعلم أبوه بصنيعه بأخيه وتحقق أن الله أذاقه بأس ولده محمد لإعدامه لعضدي نصرته يونس بالفرار وسليمان بالممات وكان ذلك من مبادئ انتقام الله منه والله عزيز ذو انتقام ولازمه الأسف. وهذا الباشا كان مع سفكه للدماء وامتهانه للخاصة وإضراره للمملكة بمظالمه معدوداً من العلماء وله شرح مهم على تسهيل ابن مالك ويقال إن شيخه أبا عبد الله الخضراوي كانت له يد في تأليفه وقرظه علماء عصره منهم أبو الحسن علي البارع بقوله: لله شرح للأمير موضح ... لم يتصف بصعوبة التلويح سهل التناول بالخفاء مصرح ... قد فاق في التسهيل والتصريح فإذا افتقرت إلى كتاب موضح ... فكتابه المغني عن التصريح وله ولوع بجمع الكتب واكتسابها وله مآثر جليلة منها تربته التي بالقشاشين ومدرسته الباشية والسليمانية نسبة لولده سليمان وقدم لمشيختها الشيخ محمد الغرياني وهاته الأبنية حول الجامع الأعظم ومدرسة بير الأحجار ومدرسة حوانيت عاشور وقدم لمشيختها الشيخ عبد الله السوسي وأوقف على جميع ذلك أوقافاً وجعل جرايات للشيوخ والتلامذة إعانة على طلب العلم الشريف واعتنى بتحصين البلاد

وجهز الثغور وأجرى السقايات العظيمة النفع وهدم الحانات ومنع بيع العنب لمن يعصره خمراً وبنى مباني ضخمة بباردو ولما امتلأ مكياله ولاقى من عقوق بنيه ما صنعه لعمه جزاء وفاقاً وقيدته هموم فقد ولديه وصارت النفوس شعاعاً من تصرفات ابنه محمد باي حنوا إلى بني ملكهم حنين الغريب إلى الوطن وكاتبهم الكثير من أهل الحل والعقد يحثونهم على القدوم للقيام بشأنهم فقدموا ومعهم محلة من الجزائر بما انضم إليهم من العشائر حتى نزلوا قبلي الحاضرة ولج الباشا وابنه محمد في القتال حتى انهزما معاً وقتل محمد قرب الملاسين وأسر الباشا ثم قتل بعد أيام في ذي الحجة سنة 1169هـ وقد استكمل استقصاء خبره وخبر عمه وأبناء عمه المؤرخ الشيخ محمد بن يوسف الحنفي الباجي في تاريخه المسمى المشرع المكي بدولة أبناء علي تركي ودفن بتربته ورثاه كاتبه الشاعر المفلق محمد الورغي بقوله: مضت دولة الباشا علي كانه ... من الدهر يوماً في البرية ما عاشا أتته المنايا وهو في عظم قوة ... وجيش كثيف مثله قط ما جاشا فصار دفيناً بعد ما كان دافناً ... فقلت وقد أرخته دفن الباشا وبأثر ذلك دخل الحاضرة الأمير الباشا محمد بن حسين باي وأخوه علي في يوم مشهود خفقت فيه الرايات والبنود في ذي الحجة سنة 1169هـ فهرعت الخاصة والعامة إلى بيعتهما واطمأنت الأنفس وقرت العيون بعود الدر إلى معدنه وجلس محمد على كرسي المملكة فزانه بعدله وإحسانه وكان من سمحاء الملوك وصدور الأدباء وفحول الشعراء له ديوان شعر بديع وقصائد نبوية وتوسلية تدل على حسن وثوقه بالله وأوليائه أما قصيدتاه الميمية والقافية فهما غاية في الإبداع وقد سمى أولاهما محركات السواكن إلى أشرف الأماكن ومطلعها: هل زورة تشفي فؤاد متيم ... يا أهل مكة والحطيم وزمزم وشرحها قاضي محلته وأستاذه الشيخ محمد بن محمد الشافعي الشريف بجزأين ضخمين التزم في شرح كل بيت منها خمس فنون اللغة والنحو والمعاني والبيان والبديع فهو شرح مشحون علماً وأدباً وأما القصيدة القافية فشرحها الشيخ صالح الكواش وقيل ابنه محمد الكواش وكانت أيامه على قصرها مواسم بواسم وتوفي في جمادى الثانية سنة 1172هـ ورثاه الشيخ محمد الورغي المذكور بقصيدة مطلعها: هذا ضريح للإمام الأمجد ... فخر الملوك السيد ابن السيد

وآخرها: بشرى له إذ جاء في تاريخه ... يا حسن حور زينت لمحمد وأطال الثناء عليه الوزير حمودة بن عبد العزيز في باشية بما هو أهله وبعد انتقاله للدار الآخرة اجتمع أهل الحل والعقد على بيعة أخيه الأمير الباشا علي ولما تمت له أقر رجال دولة أخيه على مناصبهم وقرر الأمور على ما كانت عليه واستعمل من الرفق والحنان ما جلب به جمع القلوب واصطفى بمجلسه العلماء ودخل في زمرتهم ما يوسعهم براً وإكراماً مؤدياً لحقوق احترامهم الواجب مع ما له من الذكاء والمشاركة في العلوم وحب المحاورة وملازمة صحيح البخاري بنفسه وحصل على إجازات عامة من الشيخ عبد الحفيظ تلميذ الشيخ أحمد بن نصر وغيره وبالجملة فإنه كان ملكاً شجاعاً عاقلاً ذا صيانة وعفاف ونجدة وحلم وكرم أقام في دولته سوق العلم والأدب فكثرت فيه الشعراء وتنافسوا في مدائحه بدواوين من الشعر وأولاهم من الجوائز والصلات ما هو كثير أفرد له وزيره أبو محمد حمودة بن عبد العزيز تأليفه الباشي في مجلد ضخم جمع فيه مفاخر مملكته ودولته واستوفى من خصاله الحميدة وقصائد مديحه ما لم يخطه غيره من المؤرخين وفي سنة 1173هـ ثار عليه إسماعيل ابن الأمير يونس وتحصن بجمال شيعتهم من قبل وكانت له حروب معه شاقة بجمال ووسلات وآل الأمر إلى فراره وانحلال عرى عصابة أهل وسلات وبعدما دانوا له بالطاعة فرقهم على قرى إفريقية وأصبح جبلهم خاوياً على عروشه من يومئذ إلى هذا العهد وأما إسماعيل المذكور فإنه فر إلى الجزائر وتوفي هناك سنة 1184هـ ووقع بينه وبين دولة فرنسا حرب ثم وقع صلح بينهما، من مآثره الأثيرة الخالدة مدرسته الشهيرة وتربته حذوها وهي مدفن آل هذا البيت إلى هذا العهد ومنها تكيتان مشهورتان للفقراء والمساكين وبناء المحكمة الشرعية والمياه العذبة التي أجراها للحاضرة وبناء سور القيروان ونظم مكتبة بالكتب أنيقة بمسجد دار الباشا حصل بها النفع وغير ذلك ومن مآثره بالمنستير الإصلاحات بالجامع الأعظم وتأسيس الجامع الحنفي وبناء سور الربط لجوفي وبناء مقام الإمام المازري بعد نقله من مدفنه الأول وإقامة مدرس به وبناء مقام أبي علي يونس بن السماط بعد نقله أيضًا من مدفنه الأول وفي أيامه وقع إبطال تولية القضاء من الحضرة العلية ونصب قاضياً حنفياً من الحاضرة وقاضياً مالكياً يفصلان ما خف من القضايا ويراسلان بما أشكل عليهما المفتين من المذهبين ويعقد في كل أسبوع مجلساً لفصل تلك القضايا

تنبيه

ومن مفاخره تعطيل الخمر والتنكيل بالخمارين وهدم الحانات وإجراء الصدقات وعهد بالولاية لابنه حمودة وراسل الدولة العلية في ذلك وجاءته الخلعة والتقليد في محرم سنة 1191هـ وتمت له البيعة وتوفي آمن السرب عالي الكتب سنة 1196هـ. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء حمودة الريكلي ومحمد سعادة ومحمد الشحمي وقاسم المحجوب ومحمد الغرياني ومحمد الورغي ومحمد بن سعيد ومحمد الطوير. الطبقة الخامسة والعشرون لما تخلى المولى علي باشا عن الملك لابنه حمودة بايعه أهل الحل والعقد في التاريخ المذكور فاستقام أمره ورسخت قدمه وكان والده بلغ الغاية في تربيته وتهذيبه وتأهيله للإمارة على يد فحول من علماء دولته عارفين بالرياسة والسياسة منهم وزيره حمودة بن عبد العزيز فنشأ في دوحة الإمارة شهماً ورمى في كل غرض من أغراضه سهماً فكان في سلسلة الجيد الحسيني واسطة عقد ودرة يتيمة ذا همة باذخة وحال شامخة حازماً حامياً للذمار غير متحمل للعار خبيراً بسياسة البلاد نصوحاً لها حسن التدبير محباً للعلماء والصالحين يباشر المهمات بنفسه مقتصداً في شخصياته حافظاً لأموال المسلمين عن غير مصالحهم لا تأخذه في الله لومة لائم وحارب البلنسيان سنة 1204هـ ثم انفصل معهم على صلح وأرسل وزيره يوسف صاحب الطابع إلى دار الخلافة فأحكم وصلته معها سنة 1210هـ وفي سنة 1218هـ لما كانت مجاعة كبرى بإفريقية وجه العالم الطائر الصيت الشيخ إبراهيم الرياحي لحاضرة فاس بمكتوب إلى سلطانها الشريف المولى سليمان في استمداد الميرة فأعظم السلطان مقدمه وأمده بمطلبه. وتقدمت الإشارة إلى ذلك في ترجمة هذا الشيخ وكانت له حروب مع الجزائريين آلت بانهزام جيشه، ولما بلغه خبر الهزيمة هاله الأمر فنهض رجال دولته كالوزير يوسف صاحب الطابع ومن تابعه من الوجوه كالهمام محمد الجلولي وهوّنوا عليه الخطب وجهزوا في الحين من أموالهم محالاً أخرى وخرجت تلك الأمحال لنظر وزيرهم المذكور في احتفال مشهود في أفخم شارة وأحسن زي والتقى بجيش الجزائريين وبعد قتال انتصر هذا الوزير واستولى على محلتهم بما حوت من الذخائر والنفائس ورجع مؤيداً منصوراً غانماً في ربيع الأنور سنة 1222هـ وزينت البلاد وتوالت الأفراح ومن ذلك اليوم نزعت البلاد أطمار مهانة الجزائريين ولبست ثياب العز وأصبحت رافلة في جلابيب أمنها وهو

الذي حكَّم المذهب المالكي في ثبوت الأهلة وكان يشق على المتعمقين من مقلديه تقليد المذهب الحنفي حتى كانوا يصومون ويفطرون سراً إذا لم يكن ثبوت ذلك على قواعد مذهبهم وهم السواد الأعظم قال: كلهم على هدى من ربهم ورحمة وحسبنا تقليد إمام دار الهجرة لا سيما وأهل مذهبه هم السواد الأعظم في المملكة فأمر القاضي المالكي بمباشرة ذلك ولم يزل العمل جارياً بذلك إلى هذا العهد، وله مآثر كثيرة كالأبراج الضخمة والقشل الكثيرة داخل الحاضرة وخارجها والسوق القريب من سوق التركي، وقصره المطل عليه البالغ الغاية في الاحتفال وهو من أفخم الآثار يباهي به في الأقطار، وكانت له أساطيل لنكاية العدو في غاية المنعة وبالجملة فإن هذا الأمير تصرف في المملكة تصرف الأب الشفوق على أبنائه، وأحيا لها ذكراً وفك لها أسراً. وتوفي عالي الكتب عظيم الجاه بعيد الصيت فجأة ليلة الجمعة مفتتح شوال سنة 1229هـ وفي يوم الجمعة الموافق ليوم المولد النبوي من السنة أقيمت صلاة الجمعة بجامع الحلفاوين الذي أنشأه وزيره أبو الخيرات يوسف صاحب الطابع وحضر هذا الأمير الصلاة به في وجوه دولته وكان يوماً مشهوداً ووضع به أربع خزائن من نفائس الكتب العلمية في يوم كان جامع الزيتونة لا كتب به وأوقف عليه وعلى المدرسة المؤسسة حذو هذا الجامع أوقافاً طائلة وله غير ذلك من الآثار الخالدة والمرافق الجليلة والسبل النافعة والصدقات الجارية مع ما اشتهر به من محبة العلماء والصالحين ومات شهيداً في خبر طويل في صفر سنة 1230هـ على عهد المولى محمود بأي الآتي ذكره وفي ليلة العيد التي مات فيها المولى حمودة تمت البيعة لأخيه عثمان باتفاق من أهل الحل والعقد وكانت أيامه على قصرها أيام خصب ورخاء واستشهد بعد خلعه ليلة عاشوراء سنة 1230هـ وبويع لابن عمه الأمر محمود باشا ابن المولى الباشا محمد ابن المولى حسين بن علي صبيحة الليلة المذكورة وباشر الأمر برفق وأمنت في أيامه السبل ودانت لطاعته القلوب وكان مفضالاً ذا حلم وحنان محمود الأخلاق طيب الأعراق سمحاً مشتهراً بالكرم وفعل الخير إلا أن الإمارة وافته على كبر سن مع المرض فمال للراحة وفوض الأمر لبنيه. ومن آثاره البيت الذي أنشأه بقصر باردو الذي لم يسبق نظيره في البلاد جعل سقفه من البلور المعقود بالصفائح المذهبة بإتقان بديع وألبس حيطانه الرخام المنمق المرونق على أبدع شكل وأجمل منظر وأنفق الأموال العظيمة في جلب الأقوات الكافية لسد خلة المملكة في مجاعة عام ست وثلاثين وذلك عقب الطاعون الفتاك الذي دام أكثر من عامين. وكانت مدته في أمن وسرور إلى أن توفي في رجب سنة 1239هـ بعد أن عهد بالإمارة لابنه المولى حسين باشا وتمت له البيعة بعد وفاة

تنبيهات

والده وقام بالأمر أحسن قيام. ومن الحوادث التي كانت في أيامه إمداد الحضرة السلطانية بالعساكر والميرة. إعانة على قتال العدو المحارب لها. ومنها عقد صلح مع دولة الصاردو بعد وقوع الوحشة. وفي محرم سنة 1246هـ استولت فرنسا على الجزائر ثم على باقي الثغور شيئاً فشيئاً وقدم بعض أهلها لحضرته فأوسع لهم الكنف وأحلهم على الغبطة والأمان وفي سنة 1247هـ رتب الجند النظامي وأحكم أساسه ورتب قوانينه وابتنى لسكناه قشلة المركاض وهي من المباني الضخمة، وفي السنة وافته الخلعة النظامية السلطانية وكان لباسه لها في يوم مشهود ومحفل عظيم وهو المجدد لرباط المنستير وفي أيامه وقع مسك الغيث وجزع الناس من ذلك وطاشت أفكارهم ولما رأى هذا الأمير شدة الحال أمر العلماء بقراءة صحيح البخاري بجامع الزيتونة فاجتمعوا وفرقوا أسفاره في جماعتهم وختموه في يوم واحد وهو أول مَن سنّ هاته السنة وجرى العمل إلى هذا الوقت بقراءته على نحو ما ذكر عند الشدة. وكان شهماً هماماً وقوراً محباً لمعالي الأمور محافظاً على شارات الملك كريم النفس لطيف الأخلاق شجاعاً كثير العطايا أمنت في دولته العباد والبلاد، توفي في محرم سنة 1251هـ. تنبيهات الأول: كان في عهد الأمير المولى محمود باشا المذكور طاعون جارف دام أكثر من عامين مات فيه في بعض الأيام آلاف ثم أعقبته مجاعة. وللدول في شأن الطاعون قوانين جرى بها العمل براً وبحراً لاتخاذ ما يلزم لقطع عدواه على زعمهم وتعرف بالكرنتينة ووقعت محاورة في أن ذلك بين أبي عبد الله محمد المناعي المذكور بهاته الطبقة وبين العلامة الهمام العمدة الإمام محمد بيرم شيخ الإسلام الثاني فهو يقول بالجواز والمناعي يقول بالمنع وألّف كل رسالة حافلة في الاستدلال على رأيه بالنصوص الفقهية. والحاصل في ذلك أن العلماء افترقوا في هذا الطاعون إلى قسمين: قسم يرى الاحتفاظ وعدم الخلطة وربما ساعده بعض ظواهر الشرع العزيز منها "فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد" مع دليل التجربة فإن غالب من تحفظ حفظه الله مع اعتقاد أن المؤثر هو الفاعل المختار وكان هذا ينظر إلى رأي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإلى هذا مال شيخ الإسلام. ومنهم مَن لا يرى هذا الاحتفاظ وربما ساعده بعض ظواهر الشرع العزيز كقوله: {لا عدوى} ويرى التسليم إلى ما جاء في القدر. ومن القدر لا يغني الحذر. وهذا رأي سيدنا أبي عبيدة رضي الله عنه وإليه مال المناعي. وهاته المحاورة أشار إليها الشيخ رفاعة الطهطاوي

في صدر رحلته وتعرض للمسألة مؤلف الاستقصاء في استقصائه ومال إلى المنع، كما تعرض لها الشيخ محمد السنوسي في استطلاعاته. والشيخ رفاعة المذكور اجتمع به الشيخ أحمد بن أبي الضياف في باريز سنة 1263هـ حين توجه لها مع الأمير أحمد باشا باي. الثاني: وقعت محاورة أيضاً بين هذين الشيخين في كورية الأرض وبسطها فالبسط للمناعي والكوربة لخصمه ورجح بأدلة ذكروها، وهذا الخلاف مبسوط في روح المعاني عند قوله عزّ ذكره: {وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا} وقد مال الكثير من المتأخرين إلى الكورية ومنهم الشيخ محمد الكنتاوي بأرض أزوات بالمغرب من بلاد تنبكتو وكان من أعلام العلماء الأئمة الفضلاء، ألف مختصراً في فقه مالك ضاهى به مختصر خليل وألفية ضاهى بها ألفية ابن مالك، وله مصنفات في كثير من العلوم الظاهرية والباطنية وله أوراد وأحزاب كأحزاب الإمام الشاذلي. مات سنة 1229هـ وخلفه حفيده المسمى باسمه. الثالث: اعلم أنه كان للأمراء الدايات نفوذ عظيم ولبعضهم آثار مجيدة خالدة من أوائل المائة بعد الألف إلى أواخرها وتقدم ذكر بعضهم ثم انحط نفوذهم، وإليك أسماءهم على نسق تتميماً للفائدة ناقلاً ذلك من كناش بخط الإمام الهمام شيخ الإِسلام بيرم الرابع ونصه ببعض تصرف: هذا ترتيب الدايات من حين الفتح العثماني. اعلم أن ذلك الفتح لست مضين من جمادى الأولى سنة 981 هـ على يد سنان باشا وعندما أجمع على العود إلى الروم رتب بالبلد أربعة آلاف من العسكر وانتخب منهم أربعين رجلاً وجعل نظر كل مائة إلى واحد من الأربعين واستمر الأمر على ذلك الترتيب إلى سنة 999هـ وقد ظهر من أولئك الأربعين جور عظيم فثار عليهم الجند ووقعت مقتلة عظيمة ثم حصل الاتفاق على تقديم واحد يتولى الأمر ويلقب بالداي فأول مَن ولي ذلك إبراهيم داي رودسلي فمكث نحو الخمس سنين ثم سار إلى الحج وعاش إلى ما بعد الستين وألف. وولي بعده موسى سنة 1009هـ فمكث سنة وذهب للحج فأرسل العسكر إليه أن لا يعود وتولى عثمان دايا بعده وعلى عهده كان قدوم الأمم الجالية من الأندلس وذلك في سنة 1017هـ وهو أول مَن انفرد بالكلمة من الدايات، ومن مآثره قنطرة على طريق بنزرت وتوفي سنة 1019هـ. وتولى بعده يوسف دايا ومآثره شهيرة توفي في 23 رجب سنة 1049هـ. وتولى بعده أسطى مراد وهو من الأعلاج وله مآثر شهيرة في البحر إذ كان من رؤسائه وهو المحدث لمرسى غار الملح لحصار قليبة وتوفي سنة 1050هـ، وتولى بعده أحمد خوجة وكان قبل ولايته رئيس خوجات الديوان ومن مآثره البرج الثاني

بحلق الوادي وتوفي سنة 1057هـ وهو صاحب التربة أمام مسجد سيدي علي بن زياد، وتولى بعده الحاج محمد لاز، ومن مآثره قنطرة قرب الشيخ أبي حميدة على طريق القيروان، توفي في 13 شوال سنة 1063هـ وهو صاحب التربة بالقصبة الشهيرة بتربة لاز، وتولى بعده الحاج مصطفى لاز وفي أيامه هجم الإنكليز على غار الملح وأحرق مراكب كانت بها ثم وقع صلح معه وبسبب ذلك بنيت أبراج به وجابية، ومن مآثره المسجد المعروف بمسجد لاز وتوفي في 10 ذي الحجة سنة 1075هـ. وتولى بعده الحاج مصطفى قركوز وكان ظلوماً وعزل لخلل بعقله في ذي القعدة سنة 1076هـ ودفن داخل القصبة خوفاً عليه من أولياء الذين قتلهم أن يخرجوه من قبره. وتولى بعده الحاج محمد أغلي وهو محبس الكتب على مفتي الحنفية وعزل سنة 1080هـ، وتولى بعده الحاج شعبان خوجة وقبل ولايته كان رئيس خوجات الديوان وعزل في ذي الحجة سنة 1083هـ وتوفي بزغوان وجيء به ودفن بتربته المقابلة لمسجد الطراز. وتولى بعده الحاج محمد منتشالي ووقع خلعه بعد أحد عشر شهراً وأرسل لزغوان وبها توفي وجيء به ودفن بدريبته المشهورة. وتولى بعده الحاج علي لاز ووقعت بينه وبين الأمير مراد بن حمودة باشا فتنة عظيمة تعرف بواقعة الملاسين فكانت الغلبة لمراد وقتل الداي في منتصف صفر سنة 1084هـ فكانت مدته ثلاثة أشهر، ومن ذلك التاريخ استقل مراد بأي وصار الداي يولي من قبل الباي، فولى مراد دايا الحاج مامي المعروف بالجمل وهو صاحب التربة بزنقة الخمسة بسيدي القبة وعزل في فتنة الأميرين الأخوين محمد وعلي ابني مراد في أواخر ذي الحجة سنة 1088. وتولى بعده الحاج محمد بشارة وكان رئيس خوجات الديوان وبعد ثلاثة أشهر عزل وأعيد الحاج مامي الجمل فمكث أياماً واضطربت عليه الأحوال وتكررت غلبة كل من الأخوين محمد وعلي وتعاقب العزل والنصب فسلم الحاج مامي والتجأ إلى زاوية الشيخ بلغيث القشاش وأخرج منها بصورة أمان وسير به إلى علي باي بنواحي الكاف وكان ذلك آخر العهد به، وتولى أوزن أحمد وبعد ثلاثة أيام ظهر أن علياً باي نصب دايا من جملة العسكر الذين معه بالمحلة وهو محمد المعروف بطباق، كان قبل ولايته من رؤساء البحر فلما سمع به أوزن أحمد خلع نفسه وذلك سنة 1088هـ ثم عزل علي باي محمد طاباق سنة 1092هـ وقتله خنقاً وولى أحمد شلبي في شوال سنة 1093هـ فسار أولاً برفق ثم رام الاستبداد بالأمر لما رأى من الفتن بين الأخوين وإذ ذاك اصطلح الأخوان وظهرت بينهما وبين الداي محاربات فكانت الغلبة له فاستنجد الأخوان بالجزائريين وهو أول استنجاد وقع من ملوك تونس بهم فحاصروا الداي المذكور بتونس مدة تقرب من سنة إلى أن وقع فراره ثم

إمساكه وحبسه ثم قتله في رجب سنة 1097هـ خنقاً وفي اليوم قتل الأمير علي باي وتولى دايا الحاج بقتاش خوجة وكان رئيس خوجات الديوان وهو صاحب التربة المجاورة للسلسلة ببطحاء القصبة، وبعد مدة من ولايته قدم عليه وظيف الباشا لك من جناب السلطنة فجمع بينه وبين الداي لك وبقي على ذلك إلى أن توفي سنة 1105هـ وتولى حفيده علي دايا وسار سيرة حسنة وبقي عليها إلى أن وقع قتال بين الجزائريين وبين محمد باي ببحيرة الكاف وكانت الهزيمة عليه وذلك في 5 ذي القعدة سنة 1105هـ وفر الأمير إلى تونس فوجد الداي المذكور ركب البحر فاراً إلى الروم وتولى مكانه إبراهيم خوجة وأعاد الجزائريون محاربة محمد باي وحاصروه بتونس حتى فر منها وتولى صهره محمد بن شكر الإمارة وعزل الداي المذكور وولى مكانه الحاج محمود فمكث ثلاثة عشر يوماً وعزل وولى مكانه محمد طاطارا فمكث خمسة أشهر وتغلب محمد باي على ابن شكر وقتل طاطارا وولى مكانه يعقوب وكان قد طعن في السنن فعزله وولى مكانه محمد خوجة رئيس خوجات الديوان وكانت ولايته في ربيع الأول سنة 1107هـ وعزله مراد المعروف ببوباله في رمضان سنة 1110هـ وولى محمد آغة الصبايحية ثم عزله في ربيع الأول سنة 1112هـ وولى مكانه محمد قهواجي وعزله إبراهيم الشريف سنة 1114هـ وولى مكانه قرة مصطفى وهو صاحب التربة أمام دار إسماعيل كاهية بحومة يوسف داي، ثم عزله ولقب نفسه بالوالي. ولما ولى الأمير حسين بن علي في 27 ربيع الأول سنة 1117هـ ولي مكانه صاري محمد خوجة وهو المعروف بالأزعر فوقعت بينه وبين الأمير حسين بن علي مخالفة أفضت إلى قيام العسكر على الداي وعزله وقتله وذلك في 17 رمضان سنة 1117هـ؛ فولى مكانه قرة مصطفى المذكور وتوفي في تلك السنة وبعده الحاج علي سافر وهو صاحب الدار الكائنة برأس الشبارلية وقد أخبرني الجد أنه كان قبل الولاية إماماً للأمير حسين بن علي حتى إنه كان يلبس وهو داي فرجية الفقهاء أحياناً وتولى بعده الحاج محمود في سنة 1153هـ وبعده الحاج علي سنة 1154هـ وبعده عمر ولم تطل مدته وبعده محمود وتوفي أواخر صفر سنة 1156هـ وبعده حيدر خوجة وبعده الحاج عبد الله وبعده علي سنة 1166هـ وتوفي سنة 1168هـ ودفن بالجلاز أمام تربة القلاشنة وبعده علي كردغلي ووقعت وقعة الجزائريين التي قتل فيها علي باشا وعزله محمد بن حسين باي وولى مكانه الحاج حسين المورالي وتوفي سنة 1173هـ ودفن بتربته بحوانت عاشور وولي بعده الحاج حسين قارة دنغزلي وهو والد الشيخ إبراهيم الشهير بولد لاغه المشهود له بالولاية ومدفنه ومدفن ابنه بالتربة قرب السبابطية وبعده مصطفى الشهير بالزغواني وبعده حسين بن محمد وتوفي سنة 1196هـ وبعده إبراهيم

تنبيه

بوشناق سنة 1199هـ ثم عزل سنة 1220هـ وبعده أحمد البوندي وعزل في محرم سنة 1237هـ وتوفي بعد عزله بثلاثة أيام ودفن بتربة بحوانت عاشور وبعده فيض الله وكان قبل ولايته آغة بيت المال وتوفي بعد عزله في شعبان سنة 1238هـ ودفن بتربة إبراهيم بوشناق وبعده عمر بن محمد وتوفي سنة 1247هـ ودفن بتربة الحجار وبعده حسن وتوفي فجأة في ربيع الثاني سنة 1248هـ ودفن مع الداي قبله وبعده مصطفى وعزل في جمادى الثانية سنة 1258هـ وبعده أحمد آغه. انتهى. وقد أتى على ذكرهم صاحب الخلاصة النقية انظره. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء حمودة بن عبد العزيز وصالح الكواش وعمر المحجوب وأخوه محمد ومحمود مقديش وحسن الشريف ومحمد المناعي وإسماعيل التميمي. الطبقة السادسة والعشرون لما توفي المولى الأمير حسين باشا تمت البيعة لأخيه المولى مصطفى باشا فابتدأ الأمر من حيث انتهى أخوه وأقر رجال الدولة على مراتبهم وكانت أيامه أيام سكون وهدوء وأمن وعافية وأعاد المجلس الشرعي إلى عادته من الاجتماع بحضرته يوم الأحد من كل أسبوع. وكان ذا ذهن وقاد وفهم مصيب لما يرد عليه من النوازل. وهو أول من لبس النيشان من بني المولى حسين فوافاه من الدولة نيشان أمير أمراء في شعبان سنة 1251هـ ومعه سيف على ولبسهما في يوم مشهود وهو أول من صاغ نيشان الافتخار ونقش عليه اسمه بحجر الديامنت وألبسه وزير الأمور الخارجية. وفي شعبان سنة 1252هـ استأذن الشيخ إبراهيم الرياحي في السفر لبيت الله الحرام وأسعفه لذلك حسبما تقدمت الإشارة لذلك في ترجمة هذا الشيخ. وتوفي هذا الأمير في عاشر رجب سنة 1253هـ وفيه تمت البيعة لابنه المولى المشير أحمد باشا باي وبمجرد ما تمت له البيعة شرع في إعادة شباب الدولة وتضخيمها وباشر بنفسه دقيق أمور الدولة وعظيمها ومهد الأحوال وجنّد الجنود وجبى الأموال وخلّد آثاراً ارتقى بها مرتقى شامخاً معلوماً باذخاً وجمع من العسكر النظامي ما يزيد على الثلاثين ألفاً وبنى لهم القشل والأبراج العظيمة وأسكنهم بها. وفي سنة 1254هـ أرسلت له الدولة العلية الخلعة السنية ونيشان المشيرية وذلك على عهد السلطان محمود خان فتلقى لباس المشيرية في موكب مشهود، وفي السنة جعل مرتباً لأهل المجلس الشرعي المالكي مثل المجلس الشرعي الحنفي وفي السنة توجه الشيخ إبراهيم الرياحي لدار الخلافة في مهم وتقدمت الإشارة إلى ذلك في ترجمة هذا

الشيخ. وفي سنة 1256هـ وجه عنايته للعلم الشريف وإعانة طلابه بما بقي أثره وكتب على صفحات الأيام خبره فاشترى كتباً كثيرة لها بال وأضاف لها كتب آله الموضوعة بخزائن أسلافه وأمر شيوخ المجلس الشرعي والعلماء بالحضور بجامع الزيتونة لقبولها ولما وصلت تولى العلماء تطبيقها على أسمائها وجعل برنامج لها ثم وضعت في خزائنها العشرين زين بها صدر الجامع على يمين المحراب وشماله وكتب على كل مجلد منها رسم تحبيسه وأباح للمنتفع به إخراج الكتاب من موضعه مدة عام فقط ورتب لها وكيلين يأتي كل أحد منهما إلى الجامع على التناوب لمناولة الطلبة ما يحتاجونه وفي رمضان سنة 1258هـ رتب ثلاثين مدرساً بهذا الجامع نصفهم من الحنفية ونصفهم من المالكية وعين لهم جراية من بيت المال كما رتب اثني عشر مدرساً ست حنفية وست مالكية هم دون الرتبة الأولى في المرتب على أن يقرىء كل واحد منهم بالجامع درسين في أي فن وفي أي وقت تيسر ومن تخلف من غير عذر شرعي لا يستحق المرتب أيام تخلفه إلا يومي الخميس والجمعة وشهر رمضان وأيام العيدين وجعل النظر في ذلك لشيخي الإِسلام الحنفي والمالكي والقاضيين الحنفي والمالكي وعين لهم جراية من بيت المال بشرط أن يأتي كل واحد من الأربعة يوماً إلى الجامع لتحريض المتكاسل وكتب في ذلك منشوراً بالذهب وعلقه عند باب الشفا من الجامع وميز هؤلاء المدرسين بأن يأتوا في الأعياد مجتمعين يؤمهم كبير أئمة الجامع ويقبلهم بعد أهل المجلس الشرعي ولم يزل يوجه إليهم العناية حتى ظهر العلم وتجدد شبابه وسال سيله وعبّ عبابه وانفتح للاجتهاد بابه وظهر بالحاضرة أعلام جلة نجوم أهلة من حنفية ومالكية هم شموس ويدور تتجمل بهم المحافل والصدور. وفي ذي القعدة سنة 1262هـ توجه لباريس وكان الاحتفال به هناك عظيماً ورجع لتونس في محرم سنة 1263هـ وفي السنة بعدها منحت دولة فرنسا إدخال السلك البرقي للمملكة التونسية على شروط انعقدت بينهم في ذلك ولما وقعت الدولة العثمانية في الحرب مع الروس جهز لها آلافاً من العسكر النظامي بجميع لوازمهم وجهها إعانة لخليفة الإِسلام على عهد السلطان عبد الحميد خان. وهو أول من اتخذ من ملوك هاته الدولة عمل المولد النبوي بإحياء ليلته والحضور لقراءته صباحاً بجامع الزيتونة في شارة عظيمة وحفل فخيم وهو عمل مشكور وكان شهماً حازماً ذا صولة عظيمة يعطي العطايا السنية ولم يزل في صولته ساعياً في تضخيم دولته إلى أن أصابه فالج ثم وافته المنية في رمضان سنة 1271هـ وانعقدت البيعة بوفاته لابن عمه المولى لمشير محمد ابن المولى حسين باشا ابن محمود باشا نشأ هذا في عز دولتي جده وأبيه. وفي ذي الحجة سنة 1272هـ رجعت عساكر

الجهاد الذين توجهوا لدار الخلافة الإِسلامية فتلقاها بغاية البر والإنعام والمبرة والإكرام وأسقط على الرعية الكثير من الإداآت والضرائب وساعده البخت بحصول الخصب العظيم الذي بعد العهد بمثله واجتهد في تأمين الرعية في الحواضر والبوادي وحصل بذلك الاطمئنان واعتنى بالمجلس الشرعي فبنى دار الشريعة المطهرة وجعل الحكم فيها يومياً يحضر هناك القاضيان المالكي والحنفي ويحضر مع كل واحد منهما في كل يوم مفت من شيوخ مذهبه ويجتمع جميع أهل المجلس في كل يوم خميس وفتحه في الخامس عشر من ربيع الأنور سنة 1273هـ وهو الذي أمر بجلب ماء زغوان للحاضرة وإقامة مجلس بلدي بها وبنى بين قصور باردو قصراً تجار دونه الألباب أتى فيه من بدائع الأبنية بالعجب العجاب وهو الآن خزينة الآثار العتيقة والتحف المستظرفة ويعرف بالمتحف العلوي وهو أول من ضرب سكة الذهب وكانت قبل مسكوكات الفضة والنحاس لا غير وفي محرم سنة 1274هـ أصدر منشور عهد الأمان لسائر السكان في حفظ النفس والمال والعرض وعم بذلك أهل الملل الملك وجمع أعيان العلماء ورجال الدولة للمفاوضة في هذا العهد، وفي سنة 1276هـ صدر الإذن بتأسيس مطبعة لصحف الأخبار والكتب وكان شهماً ثبتاً حازماً بحاثاً على الرعية كثير العطايا سليم الطوية وتوفي في صفر سنة 1276هـ وانعقدت البيعة بعده لأخيه المولى المشير محمد الصادق باشا باي وأعمل الحزم في إنجاز مشروع أخيه بإتمام القوانين التي انبنى عليها عهد الأمان وجمع خاصة العلماء والأعيان فاستكملوا وضعها، وفي صفر سنة 1277هـ خرج من مملكته إلى الجزائر حين قدم إليه امبراطور فرنسا لإحكام علاقة المجاورة بين المملكتين وأكرم الأمبراطور نزله ولما رجع رتب المجالس لتنفيذ قانون عهد الأمان وفي السنة كان نشر جريدة الرائد وفي السنة بعدها وصل ماء زغوان للحاضرة وفي سنة 1280هـ رتب إعانة قدرها اثنان وسبعون ريالاً على عموم الأفراد وصدرت بذلك أوامره وحين انتشر هذا الخبر بالمملكة لم يقع قبولها واختلف صنيع الأهالي فالعقلاء رفعوا الشكوى طالبين التخفيف وغيرهم ولا سيما الأعراب وسكان الجبال تجاهروا بالعداوة وأشهروا السلاح وتعمدوا البغي والفساد في البلاد وزعيم هاته الطائفة علي بن غزاهم أصله من ماجر واشتدت بذلك وطأة الاضطرابات والإحن والهرج والفتن وقامت المملكة على ساق حتى صارت دار حرب وإذ ذاك صدر أمره بإيقاف العمل بقانون عهد الأمان وإسقاط إعانة الاثنين والسبعين ريالاً وخرج الوزير رستم بمحلة في طلب رئيس البغاة علي بن غزاهم ووقع القتال بين الفريقين وآل الأمر إلى انهزام البغاة وفرار علي بن غزاهم إلى خارج حدود المملكة وخرج الوزير أحمد

زروق إلى الساحل بمحلة هو أميرها ووصل الساحل في جمادى الأولى من السنة وانتصر على البغاة وظفر بالرؤساء منهم الدهماني البوجي وقتلهم وقدم عليه وفود أهل الساحل منقادين نادمين من جملتهم وفود المنستير يؤمهم العلماء أهل المجلس الشرعي فقابلهم بشدة وحكم الأغلال في أعناقهم وأرجلهم وأولهم رئيس المجلس الشرعي الشيخ أبو عبد الله محمد الجدي بوزقرو وشدد تنكيله وأمر بإزالة عمامته في ذلك لمجلس بلفظ مستهجن ووفد صفاقس فقابلهم بأقل من مقابلة أهل المنستير ورئيسهم الشيخ عبد العزيز الفراتي وسجنهم في جملة من سجن وحكم يد النهب في الأموال وتفنن في سلبها حتى بلغ السكين العظم والسيل الربا فكأنه مأمور بإيقاد فتنة من جمر رمادها وأغرمهم أموالاً أفنت الطارف والتالف ورهنوا أملاكهم عند الوافدين على المملكة وعند طائفة من اليهود وأصبحت بلاد الساحل خاوية على عروشها وذهب هذا الصقع الذي هو عمران هاته المملكة كأمس الدابر ولم يبق به إلا من هو مثقل بالديون ويده فارغة من الكسب ثم ذهب بحملته لصفاقس وقابس ثم رجع لتونس بعد استيفاء ما أفنى اللحم والشحم وانتهى إلى العظم وللشيخ مصطفى بن عزوز المذكور بهذه الطبقة يد في إطفاء هاته الثورة بتوسطه بين الدولة وابن غزاهم المذكور وازدادت المصائب وتكررت النوائب في سنة 1284هـ والسنة بعدها بحصول المجاعة التي بعد العهد بمثلها والمرض الذي أفتك بكثير من الأهالي حتى صار وبائياً ولم يستقم حال البلاد والعباد إلا بعد عشرات من السنين ولهاته الأسباب صارت مالية الدولة في خطر من الديون التي تراكمت عليها وتداركها بتركيب لجنة تعرف بالكمسيون المالي رئيسها الوزير خير الدين وذلك سنة 1286هـ وفي سنة 1284هـ أمر بصنع نيشان عهد الأمان وفي سنة 1287هـ قسم إدارة الدولة إلى أقسام وهي الوزارة الكبرى ووزارة المال ووزارة العمالة ووزارة الخارجية ولها النظر على الحرب، وفي سنة 1288هـ وجهت له الدولة العلية بواسطة الوزارة الخيرية فرمانها العالي مع سيف مرصع ونيشان مجيدي وفي سنة 1289 هـ أذن بمجلس النظافة يجري عمله على مقضى قانون ذي فصول وفي السنة بعدها أقام مجلساً للصحة يجري عمله على مقتضى قانون ذي فصول وفي سنة 1291هـ جعل قشلة العطارين سجناً وجعل له حفظة لتنظيفه وأجرى عليه مؤنة كافية وجعل لذلك قانوناً خاصاً وفيها جعل قانوناً للفلاحة وفيها أضاف إلى خزائن جامع الزيتونة ست خزائن وملأها بالكتب النفيسة وأجراها على قانون المشير أحمد باشا وصار به أكثر من عشرة آلاف مجلد وفي السنة أحدث مكتباً عاماً أوقف عليه أوقافاً لها بال وسمي بالصادقية وأجراه على نظام المكاتب الحديثة لتعليم أبناء الأهالي العلوم الدينية

واللغات الأجنبية والمعارف الأوروبية وجعل لذلك قانوناً اجتمع على ترتيبه أعيان علماء العصر مشتمل على فصول وأجرى به ما يلزم للتلامذة من أكل وكسوة وفراش وفيها أصدر قانوناً مؤلفاً من ستين فصلاً لتنظيم ديوان الشريعة المطهرة اجتمع على تأليفه شيوخ المجلس الشرعي وبه تعينت مراسم خطة القضاء والإفتاء بالحاضرة وبلدان المملكة والأعمال التي يجري عليها عمل الوكلاء والأعوان والخصماء وفيها وضع قانوناً لضبط حجج الإشهاد في دفاتر خاصة يجري عليها عمل شهود المملكة وفي السنة أذن بجمع أوقاف المملكة لنظارة جمعية بالحاضرة تجعل من تحت نظرها وتصرفها وكلاء يقومون بلوازم شعائر الأوقاف وما يفضل من ذلك يدخل في خزينة الجمعية تدفع منه مرتبات مشايخ المجالس الشرعية والقضاة بالمملكة وعملها يجري على مقتضى قانون مؤلف من فصول. وفي السنة كان إجراء لنور الكهربائي بالحاضرة ولما رأى النقص الحاصل في مداخيل الدولة والفتور الحاصل في العلم أمر بجمع المدرسين وشيوخ المجلس الشرعي بجامع الزيتونة واستنهض همتهم العلمية وزاد لهم في الجراية وذلك في سنة 1287هـ ثم في 1292هـ استدرك ذلك بقانون علمي يؤلف من 67 فصلاً اجتمع على تأليفه أعيان علماء العصر وجعل النظارة العلمية لنظر حسين الجركسي وزير الاستشارة والمعارف والنافعة وجعل للنظارة العلمية نائبين عنه من أعيان المدرسين يباشران النظر على أعمال الجامع كل يوم وعن الامتحان العام لسائر طبقات التلامذة للحصول على شهادة في ماي من كل سنة ومن أحرز بعد الامتحان على رتبة التطويع وهي رتبة تؤهل صاحبها لإقراء العلوم تطوعاً بجامع الزيتونة بعد استصداره إذناً من شيوخ النظارة العلمية وهم شيخا الإسلام والقاضيان الحنفي والمالكي وتخول صاحبها تعاطي الشهادة بعد الحصول على أمر علي من أمير البلاد وبذلك تكاثرت الدروس والمدرسون وأقبل الطلبة على العلم والمدرسون الذين لهم جرايات والمتطوعون على التعليم وهي مزية فاخرة له خالدة. وحاصل ما قدمناه في شأن العلم والعلماء أن جامع الزيتونة أدام الله عمرانه هو الكلية الوحيدة بإفريقية والكعبة التي يؤمها طلبة العلم من الجهات ومنها يتخرج الفحول من العلماء والمدرسون به هم الذين يبثون في الأمة روح الشرع العزيز وقواعد الدين الحنيف والتمكين من اللغة العربية الفصيحة التي أصلها مكين وموردها عذب معين. وفي السنة وقع إحياء المكتبة المعروفة بالعبدلية نسبة لأبي عبد الله الحفصي التي بصحن الجنايز من الجامع المذكور وضع فيها ما يزيد على الثلاثة آلاف مجلد من نفائس الكتب منظمة على أسلوب عجيب وترتيب غريب حتى أن الراغب للكتاب يتناوله ويطالعه أو ينسخه بأيسر وجه وحصل بذلك نفع عظيم للطلبة

تنبيه

لا سيما الغرباء وجعل لها ثلاثة قيمين تستمر إقامتهم سائر اليوم على التناوب وأجرى عليهم الجرايات الكافية وجعل لذلك قانوناً به ستة عشر فصلاً. وفي السنة واصل بين المملكة التونسية وسائر ممالك الدنيا بسلك البرق الذي يبلغ به الخبر في طرفة عين ومد سكة الحديد بين تونس وحلق الوادي وباردو ثم من تونس إلى أطراف الحدود الغربية. وفيها كانت الدولة العلية في حرب مع الروسيا فوجهت إليا إعانة بالمال وغيره لها بال. وفيها وقع تحرير قانون في خدمة العمال وقانون للمتعينين للأعراب وغيرهم تجري عليه إدارة خدمة العمال ومقدار ما يأخذه المتعينون من المجرمين. وفي سنة 1296هـ وقع منه زيادة الاهتمام بحفظ الصحة فعين قشلة البشامقية مستشفى وأقام بها أطباء ومرافق وتحسينات وعين له ما يلزم لإقامة شؤونه من أوقاف صاحبة الخيرات الرفيعة الشأن والمكانة عزيزة عثمانه فجاء على أحسن نظام وأكمل إحكام على مقتضى قانون ذي فصول 41 وهو المعروف بالمستشفى الصادقي. وفي السنة صدر الإذن بإقامة مجلس شورى تحت رياسة الوزير الأكبر للنظر في مهمات الدولة الداخلية والخارجية وهاته التأسيسات خلدت له جميل الذكر وغالبها كان بسعي من الوزير السياسي الخطير أبي الخيرات خير الدين مؤلف كتاب أقوم المسالك في أحوال الممالك ومن مأثره مبانيه البالغة في الرونق الغاية وفي الإتقان والاحتفال النهاية منها زاوية الشيخ أبي محفوظ محرز سنة 1279هـ وزاوية الشيخ إبراهيم الرياحي سنة 1290هـ وقصره المعروف بقصر السعيد بباردو عدم لنظير بهذا القطر وقد باشر الحكم بنفسه بإنصاف وكان محباً للعلماء والأولياء وتعظيم الأشراف وفي سنة 1298هـ احتلت دولة فرنسا المملكة ونصبت حمايتها عليها بمقتضى معاهدة انعقدت بباردو وكانت وفاة هذا الأمير سنة 1299هـ. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء محمد البحري والسنوسي وابن سلامة وإبراهيم الرياحي ومحمد النيفر وأخوه صالح والطاهر بن عاشور وابن ملوكة ومحمد البنا وأحمد الغماري وابن أبي الضياف وعلي العفيف. الطبقة السابعة والعشرون لما توفي المشير محمد الصادق باي بويع لأخيه المولى أبي الحسن علي باشا باي في ذي الحجة سنة 1299هـ وكان من أفاضل أمراء هاته الدولة محط الرحال ومنبع صالح الأعمال عارفاً برجال دولته مطلعاً على أحوال مملكته محباً للعلماء والصلحاء كريم الأخلاق مساعداً على إحداث كثير من الإدارات على النظام المعهود الآن وكذلك من أتى بعده. وعلى عهده أسست المدرسة الخلدونية وشحنت بعدد

غير قليل من نفائس الكتب في فنون من العلوم الدينية والعصرية. وعلى عهده كان تجديد منارة جامع الزيتونة فجاءت على أبدع شكل وأجمل منظر وكان الاحتفال عند انتهاء البناء في 26 رمضان سنة 1312هـ حضره هذا الأمير وآل بيته والخاصة والجمهور وأرخها شيخنا أبو النجا سالم بو حاجب وكتب ذلك على جدرانها في قصيدة أولها: نال فوزاً بمناه كل ساع ... كي يرى شمول فضل ذي اتساع في بيوت أذن الله بأن ... ترفع الأركان فيها ليطاع ومنها في مدح هذا الأمير: ثم في أيام مولانا الذي ... ملأت غرُّ مزاياه الرقاع حضرة الباشا عليّ من له ... في قلوب الخلق للود ازدراع ومنها بيت التاريخ: ولسان الصدق قد أرخه ... لمنار الدين حق الارتفاع قيل إن هذا الجامع لا يخلو من رجل موصوف بعلم ظاهر أو شرف زاهر أو صلاح باهر ولهذا الأمير تأليف سماه مناهج التعريف بأصول التكليف وتوفي في ربيع الأول سنة 1320هـ وبويع لابنه المولى محمد الهادي باشا باي وكان شهماً هماماً عالي الهمة كريم الأخلاق ذكياً ميالاً للعدل ومحبة العلماء وعلى عهده كانت زيارة رئيس الجمهورية الفرنسوية للإيالة التونسية المفخم مسيو لوبي في أبريل سنة 1903هـ الموافق لأوائل سنة 1321هـ وأقام ثلاثة أيام كانت مواسم بواسم ورد له هذا الأمير الزيارة في صائفة العام التالي وما حصل لهذين الزائرين جمع في مجلد وتوفي في ربيع الأنور سنة 1324هـ وارتقى كرسي المملكة الأمير المحبوب المولى محمد الناصر باشا باي ابن المشير محمد باشا باي وعلى عهده في 25 شعبان سنة 1328هـ صدر منشور من الشيخ القاضي المالكي محمد القصار لقضاة الجهات بثبوت الأهلة على طريق سلك البرق وجرى به العمل وهذا المنشور خلد له جميل الذكر وفي سنة 1329هـ كانت الدولة العلية في حرب مع إيطاليا في طرابلس وانتهت باحتلالها لهاته الأيالة وفي السنة بسطت دولة فرنسا حمايتها على المغرب الأقصى وفيها كانت زيارة فخامة رئيس الجمهورية الفرنساوية مسيو فليار للمملكة التونسية فقوبل بالتبجيل والتكريم وللعالم المؤرخ محمد ابن الشيخ الأكتب البشير بن الخوجة تأليف حافل في هاته الرحلة في مجلد سماه

الرحلة الفليارية وزار في أثنائها بعض المدن والمتلوي من عمل قفصة الذي به الفسفاط وهو عبارة عن طبقة من الأرض مادتها ترابية صالحة لتسميد الغروس والمزروعات وهي من الكنوز التي حصلت بها ثروة عظيمة لهاته المملكة قال بعضهم: هذ كنز لا يفنى وثروة لا تبلى، وأسست لها شركة أسست سككاً حديدية رابطة بصفاقس وغيرها. وفي سنة 1340هـ موافق 1922م كانت زيارة رئيس الجمهورية الفرنساوية لإفريقية الشمالية وهي عبارة عن المغرب الأقصى والجزائر والمملكة التونسية فقام بهاته الرحلة أعظم عظماء هاته الجمهورية مسيو ميلران ابتدأها من الدار البيضاء مرسى مدينة على البحر المحيط وأنهاها بجربة الغربية من الحدود الطرابلسية في أبهة وحفل عظيم ساقت المقادير هذا الرئيس الخطير لهاته الجهات التي منظرها جميل زاهر وعمرانها في تزايد باهر حافلة كالعروس آهلة بنحو الثلاثة عشر مليوناً من النفوس ووصل القطر التونسي الذي لا يقل سكانه عن المليونين في غرة رمضان الموافق للرابع والعشرين من أبريل سنة 1340هـ موافق 1922م ولقي من الإقبال فوق ما يقال. وما حصل له في هاته الرحلة لو تتبع لملأ مجلداً ضخماً. وفي يوم الاثنين السادس عشر من ذي القعدة وفي 10 يولية من السنة انتقل إلى رحمة الله هذا الأمير المحبوب فكان انتقاله روح الله روحه من أعظم الرزايا وأشد البلايا، كان كريم الأخلاق والسجايا، سخياً كثير العطايا، عادلاً محباً للرعايا، سائلاً عن أحوالهم ميالاً لإجابة مطالبهم وسماع أقوالهم. محباً لدولة فرنسا، وهو أول مساعد لها ومعاضد على تجنيد العساكر التونسية لاحتلالها المغرب الأقصى وخصوصاً في الحرب الكبرى فإنه عاضدها بما عنده من النفس والنفيس ووقع الاعتراف له بهذا الفضل. نقلت جريدة الزهرة في عددها 6486 المؤرخ في التاسع عشر من ذي القعدة المذكور ما نصه: ورد في رسالة برقية من باريس أن صحف العاصمة الفرنسوية برزت طافحة بالثناء على حضرة سيدنا محمد الناصر باي الذي كان معيناً صادقاً لفرنسا في أصعب الظروف وأشدها عليها، وقد ذكرت جريدة الجورنال أن باريس كانت استقبلت الباي المتوفى بمزيد الحفاوة والانعطاف. ثم قالت: إنه قام بوظيفته على غاية ما يرام، حتى إذا جاءت ساعة الخطر العظيم نهضت المملكة التونسية جمعاء للدفاع عن فرنسا المتهددة فجهزت خمساً وستين ألف مقاتل وثلاثين ألف شغال وتكبدت خسائر لا تقل عن خمس وأربعين ألفاً بين قتيل وجريح فهذه قائمة يمكن أن يفتخر بها قوم لا يكاد يبلغ عدد الرجال القادرين منهم على حمل السلاح ثلاثمائة ألف. انتهى.

تنبيه

وفي اليوم الموالي لوفاته كان الحفل بجنازته بالغاً الغاية ودفن بتربة أسلافه الكرام مأسوفاً عليه من الخاص والعام وفي عشي يوم الوفاة وقعت البيعة بقصر باردو المعمور بغاية من الإجلال والفرح والسرور لابن عمه الأمير الجليل الحري بالتعظيم والتبجيل المولى الأمير محمد الحبيب باشا باي ابن المأمون بن حسين باشا باي وهو حفظه الله من الأمراء الذين يفتخر بهم أمراء هذا البيت مملوء الجراب بالمعارف والآداب، موصوف بصفات الكمال ونعوت الجلال، وقام بالأمر على الوجه المطلوب ومالت لمحبته القلوب إلا أن الإمارة وافته على كبر سن مع مرض أنهك قواه واستمر على حاله إلى أن توفاه الله صبحية يوم الاثنين ثالث رمضان سنة 1347هـ وبعد زوال اليوم جرى انعقاد البيعة في سراية باردو المعمورة في حفل عظيم وموكب فخيم لولي النعم المستجمع لمكارم الأخلاق والشيم المفكر الكثير الفضائل، الأمير المعظم والملك المفخم مولانا أحمد باشا الثاني ابن المولى الباشا علي ابن المولى الباشا حسين، وقد دبت وقتئذ حميا المسرة في الضمائر وجالت أفراس الأفراح في ميادين الأكابر والأصاغر وقامت خطباء الأقلام تصدح بالبشائر وصحف الجهات تعلق بالبشارات أجرى الله على يده الصالحات ثم تلقى الجناب العالي بيعة الوفود التي وردت إليه وأمانيها سعادة دولته ورفاهية مملكته في احتفالات فائقة وأنشدت بين يديه الخطب والقصائد الرائقة لو جمعت لكانت مجلداً. رحم الله السلف، وأدام دولة الخلف. تنبيه: من أعيان العلماء المعاصرين لهؤلاء الأمراء: أحمد الورتناني والشاذلي بن صالح وأحمد الشاهد والطاهر النيفر وأخوه الطيب وعمهما محمد وحسين بن أحمد وعمر ابن الشيخ ومحمد النجار وسالم بو حاجب والطيب النيفر.

خلاصة بها الأدوار التي حصلت لدول إفريقية

خلاصة بها الأدوار التي حصلت لدول إفريقية قد انتهى ما جمعته بهذه التتمة ومن وقف عليها علم الأدوار التي حصلت في دول إفريقية والأطوار. إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب والاعتبار. وخلاص ذلك وما وقع من الأدوار هنالك هو أن إفريقية يسكنها البربر منذ عهد بعيد جداً ولم يحفظ لهم تاريخ على وجه التحقيق وفيهم من زعماء الرجال ما قد علم وتداولتها دول بعد دول والمعروف منهم (القرطاجنيون) ومنهم هنبال البطل الشهير الذي ناصب الرومان العداوة على ضخامة سلطانهم ومناعة بنيانهم فاجتاز إليهم جبال البرنية بجيوش جرارة وجند كثيف ينازعهم في صميم بلادهم ويستنزل أقيالهم من منصات مجدهم فالرومان فالوندال فالروم البيزنطيون فالإسلام. أول أمير دخل إفريقية عبد الله بن سعد بن أبي سرح البطل الجليل شهد فتح مصر واختط بها وكان صاحب الميمنة في الحرب مع عمرو بن العاص وكانت له مواقف محمودة وكانت ولايته سنة 25 هـ بعهد من الخليفة الثالث سيدنا عثمان رضي الله عنه وفتح إفريقية سنة 27هـ وهي من أعظم الفتوح. ثم معاوية بن حديج ثم عقبة بن نافع ثم مسلمة بن مخلد وهو أحد الرجال الأربعة الذين قال فيهم الخليفة الثاني سيدنا عمر: مقامه من الرجال مقام الألف، الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم. وهو أول من جمعت له إمارة مصر وإفريقية وبعث مولاه أبا المهاجر لإفريقية عوض عقبة المذكور ثم رجوع عقبة ثم زهير بن قيس البلوي بعهد من عبد الملك بن مروان الخليفة العظيم الذي استقصى لنفسه الخلافة وأجرى أمور الملك مجرى السداد والطمأنينة ثم حسان بن النعمان ثم موسى بن نصير ومولاه طارق اللذين دوخا ممالك هنبال القديمة في إفريقيا الشمالية وقطعا بجندهما القليل البالغ اثني عشر ألف مقاتل مضيق القارة الأوروبية ففتحا مملكة الأندلس وقضيا على دولة القوط بالدمار. ثم محمد بن يزيد ثم إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ثم يزيد بن أبي مسلم ثم بشر بن صفوان ثم عبيدة بن عبد الرحمن ثم عبد الله بن الحبحاب ثم كلثوم بن عياض ثم حنظلة بن صفوان ثم تغلب على إفريقية عبد الرحمن بن حبيب ثم محمد بن الأشعث ثم الأغلب بن سالم ثم المهالبة ثم هرثمة بن أعين ثم محمد بن مقاتل ثم الأغالبة ثم العبيديون ثم

فائدة

الصنهاجيون ثم الحفصيون ثم الإسبان ثم الترك وهم دايات وبشوات وبايات منهم آل بيت مراد باشا ثم إبراهيم الشريف ثم حسين باشا بن علي تركي باني البيت الحسيني واستمرت باقية في عقبه بعد وفاة ابن أخيه علي باشا حتى الآن وعلى عهد محمد الصادق باشا باي نصبت فرنسا حمايتها وتولى بعده أخوه علي باشا باي ثم ابنه محمد الهادي باشا باي ثم محمد الناصر باشا باي ثم محمد الحبيب باشا باي ثم أحمد باشا باي الثاني أيده الله بالسبع المثاني. فائدة في روح المعاني ما نصه: في بعض كتب الله المنزلة أنا الله ملك الملوك مالك الملك قلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة وإن هم عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إليّ أعطفهم عليكم. انتهى. نقل ذلك عند قوله جل جلاله وعز كماله {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}. صلة اعلم أن في الإسلام الكثير من عظماء الرجال والأمراء اشتهر في التاريخ ذكرهم وعظم أثرهم كخالد بن الوليد فاتح العراق العربي وبعض الشام وأبي عبيدة بن الجراح فاتح الشام وسعد بن أبي وقاص فاتح العراق العجمي وهادم عرش الأكاسرة والأحنف بن قيس فاتح خراسان وعمرو بن العاص فاتح مصر وعبد الله بن سعد فاتح إفريقية ومسلمة بن مخلد موسى بن نصير فاتح الأندلس وأضرابهم في كل جيل إذا علمت ذلك علمت مراتب الناس في الدنيا بنسبة الأعمال وهي تتفاوت بتفاوت الرجال فرب شخص بعيد السمعة عظيم كبير وآخر لا في العير ولا في النفير. ولم أر أمثال الرجال تفاوتا ... إلى الفضل حتى عد ألف بواحد بل رب شخص تقوم به الدولة وتسعد الأمة وآخر تهلك به الدولة وتشقى الناس وإنما قامت الدول واتصلت بالشعوب أسباب السعادة بأفذاذ من الرجال مشهورين كبرت نفوسهم أن تخلد إلى الدنايا وترضى بالحقير من الشهوات فطمحت بهم إلى غايات الكمال فنالوا بذلك حياة لا تفنى وغادروا في الوجود آثاراً لن تزول. ولبعضهم آثار حسنة حتى الآن تقدم ذكرها منها جامع عقبة رضي الله عنه بالقيروان.

تنبيه

في روح المعاني عند قوله عز من قائل: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84)} أي اجعل لنفسي ذكراً صادقاً في جميع الأمم إلى يوم القيامة وحاصله خلد صيتي وذكري الجميل في الدنيا وذلك بتوفيقه للآثار الحسنة والسير المرضية لديه تعالى المستحسنة التي يقتدي بها الآخرون ويذكرونه بسببها بالخير ثم قال: واستدل الإمام مالك بهذه الآية على أن لا بأس أن يحب الرجل أن يثني عليه صالحاً وفائدة ذلك بعد الموت على ما قال بعض الأجلة انصراف الهمم إلى ما به يحصل له عند الله تعالى زلفى وأنه قد يصير سبباً لاكتساب المثنى أو غيره نحو ما أثنى به فيثاب فيشاركه فيه المثنى عليه كما هو مقتضى مَن سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ولا يخفى عليك أن الأمور بمقاصدها انتهى. وأسأل الله العظيم أن يجعل علمي وعملي لوجهه الكريم وينفعني به إنه هو البر الرحيم. تنبيه: اعلم أن ما جمعته بالشجرة اقتطفته من: (1) روح المعاني لأبي الفضل محمود الألوسي و (2) الموطأ للإمام مالك و (3) شرحه لأبي عبد الله محمد الزرقاني و (4) البخاري و (5) شرحه فتح الباري للحافظ ابن حجر و (6) الإصابة له و (7) مسلم وشرحه و (8) إكمال الإكمال لأبي عبد الله الأبي و (9) المدارك للقاضي عياض و (10) الشفا له و (11) شرح الشهاب الخفاجي عليه و (12) الاستيعاب للحافظ ابن عبد البر و (13) طبقات أبي العرب لمحمد بن تميم و (14) طبقات قضاة قرطبة لأبي عبد الله الخشني و (15) تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضي و (16) صلته لأبي القاسم خلف بن بشكوال و (17) تكملتها لأبي عبد الله محمد بن الأبار و (18) تكملة التكملة له أيضاً و (19) بغية الملتمس في علماء الأندلس لابن عميرة الضبي و (20) فهرسة أبي بكر بن خير و (21) التشوف لرجال التصوف لأبي يعقوب يوسف الشاذلي المراكشي و (22) المعجب في تلخيص أخبار المغرب لأبي زكرياء يحيى المراكشي و (23) البيان المعرب لابن عذاري المراكشي و (24) جزء من كتاب أبي عبيد البكري و (25) وفيات الأعيان للقاضي ابن خلكان و (26) فوات الوفيات لأبي عبد الله محمد بن شاكر الكتبي و (27) رحلة أبي الحسين بن جبير و (28) رحلة أبي محمد عبد الله التجاني و (29) سراج الملوك لأبي بكر الطرطوشي و (30) بداية المجتهد لأبي عبد الله محمد بن رشد و (31) مقدمة ولي الدين بن خلدون و (32) تاريخ أبي عبد الله محمد الزركشي و (33) عنوان الدراية لأبي العباس الغبريني و (34) معالم الإيمان لأبي القاسم بن ناجي و (35) الديباج لأبي إسحاق بن فرحون و (36) نيل الابتهاج لأبي العباس أحمد بابا و (37) الاعتصام لأبي إسحاق الشاطبي و (38) بغية الوعاة في طبقات النحاة للحافظ السيوطي و (39) حسن

المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة له أيضاً و (40) جذوة الاقتباس لأبي العباس بن أبي العافية و (41) نفح الطيب لأبي العباس المقري و (42) الأول من أزهار الرياض له أيضاً و (43) البستان لأبي عبد الله بن أبي مريم و (44) الأنيس المطرب لأبي عبد الله العلمي و (45) نزهة الحادي لأبي عبد الله اليفرني و (46) خلاصة الأثر لأبي عبد الله محمد المحبي و (47) المؤنس لأبي عبد الله بن دينار و (48) الحلل السندسية لأبي عبد الله الوزير الأندلسي و (49) بشائر أهل الإيمان لحسين خوجة و (50) حجة الله البالغة لأبي العباس الدهلوي و (51) كشف الظنون لملا كاتب جلبي و (52) رحلة أبي سالم العياشي و (53) رحلة أبي العباس بن ناصر و (54) رحلة الحسين الورتيلاتي و (55) التاريخ الباشي لأبي محمد حمودة بن عبد العزيز و (56) تاريخ أبي الثناء محمود مقديش و (57) تاريخ أبي العباس بن أبي الضياف و (58) رحلة الشيخ رفاعة التهطاوي و (59) الخلاصة النقية لأبي عبد الله محمد المسعودي و (60) خلاصة تاريخ العرب للعالم سيديو و (61) الفتوحات الإِسلامية لأبي العباس أحمد دحلان و (62) الاستقصا لأبي العباس أحمد الناصري و (63) تاريخ الشيخ عبد الرحمن الجبرتي و (64) عناية أولى المجد لأبي الربيع سليمان سلطان المغرب و (65) ذيله شذور العسجد لأبي محمد عبد الحفيظ الفاسي و (66) تعريف الخلف برجال السلف لأبي القاسم محمد الحفناوي و (67) مفتاح السنة للأستاذ محمد عبد العزيز الخولي و (68) الشرب المحتضر لأبي الفضل جعفر الكتاني و (69) سلوة الأنفاس لابنه أبي عبد الله محمد و (70) مسامرات الظريف لأبي عبد الله محمد السنوسي و (71) الاستطلاعات له أيضاً و (72) حسن البيان لأبي عبد الله محمد النيفر و (73) أشهر مشاهير الإسلام لرفيق بك العظم و (74) نور اليقين لأبي عبد الله محمد الخضري و (75) التشريع الإسلامي له و (76) المحاضرات له أيضاً و (77) الأول من اليواقيت الثمينة لأبي عبد الله محمد البشير ظافر و (78) طبقات الصوفية للعارف الشعراني و (79) كشف الغمة له و (80) لطائف المنن والأخلاق له أيضاً و (81) فهرست أبي الحسن النوري و (82) فهرست أبي عبد الله الأمير و (83) فهرست أبي الحسن خليفة و (84) فهرست أبي حفص عمر بن الشيخ و (85) فهرست أبي عبد الله المهدي الوزاني وفهرست أبي عبد الله الغرياني وتاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان وغير ذلك مما وقع العثور عليه في الشروح والحواشي والوقوف على كثير منها وقع بواسطة بعض الفضلاء جزاهم الله عنا أحسن الجزاء حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

الجغرافية

الجغرافية اعلم أنه تقدم الكلام في الفريدة الأولى من المقدمة على علم الجغرافية وفضيلته وأقسامه وأنه مرتبط بعلم التاريخ ارتباطاً وثيقاً ومتعلق به تعلقاً عريقاً فهما أخوان يتعاونان وفرسا رهان يتسابقان لا يستغني بأحدهما عن الآخر. وهو علم يبحث فيه عن هيئة الأرض وأحوالها ووصف ما عليها من جبال وأنهار ومدن وسكان وما شاكل ذلك، وحيث تقدم لنا ذكر ما لزم ذكره من العلم الأول وجله يتعلق بإفريقيا ناسب أن نذكر هنا باختصار ما كان من علائق إيالة تونس من جهة العلم الثاني تتميماً للفائدة فنقول: ينقسم سطح الكرة الأرضية إلى قسمين عظيمين: يابس وماء. فاليابس يشغل ربع سطح الأرض والماء يشغل ثلاثة اْرباع سطحها. وينقسم كل من اليابس والماء إلى خمسة أقسام يعبر عن كل قسم من أقسام اليابس بالقارة. أقسام اليابس خمسة: إفريقيا، وآسيا، وأوروبا، وأمريكا، وأستراليا. فإفريقيا يحدها شرقاً المحيط الهادىء وغرباً المحيط الأطلانطيقي ويفصلها عن آسيا البحر الأحمر وترعة السويس وعن أوروبا البحر الأبيض المتوسط. التعريف بالقطر التونسي هذا القطر يسمى إفريقية وهو أحد الممالك الأربعة الواقعة في شمال قارة إفريقيا غرب القطر المصري وهي: طرابلس الغرب، وتونس، والمغرب الأوسط, والمغرب الأقصى. جغرافية إيالة تونس يحدها شمالاً وشرقاً البحر الأبيض المتوسط وجنوباً طرابلس الغرب والصحراء الكبرى وغرباً الجزائر.

جبالها

جبالها هذا القطر جزء من سلسلة جبال الأطلس التي تخترق هذا القطر وغيره ينقسم إلى عدة فروع أشهرها جبل مطماطة وجبل عين دراهم وجبل الرقبة وجبل الرصاص وجبل زغوان وهو أعلاها يبلغ ارتفاعه نحو 1300 متر. أنهارها وبحيراتها ليس بها إلا نهر واحد يذكر وهو نهر مجردة الذي ينبع من ولاية قسنطينة التابعة للجزائر ثم يخترق هذا القطر من الغرب إلى الشرق ويصب في البحر الأبيض المتوسط بقرب غار الملح ولا يحمل القوارب، وفيها عدة جداول وعيون وثلاث بحيرات وهي بحيرة الحاضرة وبحيرة بنزرت وبحيرة الكلبية بين القيروان والساحل. هواؤها معتدل في الجهة الشمالية ويغلب الحر في الجهة الجنوبية وإذا هبت ريح الجنوب على أي جهة في أي وقت تحدث الحرارة. ويشتد البرد في الشتاء ولكن لا لدرجة تجمد المياه ولا ينزل الثلح إلا نادراً في بعض الجهات. مساحتها تبلغ 45 ألف ميل مربع. عدد سكانها أكثر من المليونين منها بعاصمة الإيالة نحو المائتي ألف نفس غالبهم مسلمون. معادنها قليلة ويستخرج منها الرصاص والفضة والقصدير والزئبق والحديد والفحم الحجري والرخام الأحمر والأخضر والفسفاط وهو كنز لا يفنى حصل منه نفع عظيم للعملة وغيرهم. حيواناتها: يوجد بها من الأهلية الخيل والبغال والحمير والبقر والضأن والمعز والإبل ومن غيرها الغزال والخنزير ومن الوحوش الضبع والنمر والذئب والوعل وغير ذلك. زراعتها: تنقسم أراضي الإيالة باعتبار الخصب إلى ثلاثة أقسام: فالجهة الشمالية الجبلية هي الأكثر خصباً وتربتها جيدة ويزرع فيها القمح والشعير والفول وغير ذلك وأهم جبالها عين دراهم ونفزه والمقعد بها غابات كثيفة غنية تستخرج منها الخفاف والأخشاب الصالحة لبناء السفن أو غيرها.

صناعتها

والجهات الوسطى والشرقية الجنوبية خصبها باعتبار قلة الأمطار وكثرتها ولكن الأرض من طبعها منبتة للغاية وبها غابات واسعة بالزيتون والمعاصر كثيرة لعصره وهي السبب في ثروة أهالي تلك الجهة أعني بذلك الساحل الذي مبدأه قرية أبي فيشة ومنتهاه قرية المحرص ويزرع بها غالب الأشجار ذات الثمار الطيبة كالبرتقال والتفاح والخوخ والإجاص والتين والعنب واللوز وغير ذلك والحبوب كالقمح والشعير والفول والبطاطس واللوبيا والحمص والعدس وكافة أصناف البقول. أما الأنحاء الجنوبية فهي عبارة عن أراضي شاسعة ولا تمطر فيها السماء إلا نادراً وببعضها واحات ماؤها منهمر بها أشجار كثيرة وأغلبها النخيل الجيد الثمرة الرائجة داخل الإيالة وخارجها وهاته الواحات ذات منظر طبيعي بهيج وهي قفصة وتوزر ونفطة وقابس ونفزاوة وجرجيس. صناعتها: الصنائع المحتاج إليها كثيرة وأكثرها الاعتماد فيها على الآلات القديمة والعصرية آخذة في التقدم وأشهرها استخراج الروائح الطيبة ونسج الحرير المتقن والشاشية واستخراج زيت الزيتون من معاصره الكثيرة بالآلات العصرية وفي الزيت والمنسوجات العمومية والقمح والشعير والفول رواج وما عدا ذلك انحط رواجه لمزاحمته بما يرد من خارج الإيالة. والبضائع الواردة من الخارج كثيرة جداً منها المنسوجات القطنية والحريرية وآلات النقل وجر الأثقال وآلات الفلاحة وجلب المياه والأخشاب والحديد وآلات الأسلحة والفحم الحجري والنحاس والفضة والذهب والفخار بأنواعه وزيت الغاز والسكر والشاي والبن والفلفل وغير ذلك مما هو كثير. وليس للحكومة ولا للأهالي سفن تجارية وأغلب التجارة داخلاً وخارجاً بيد الإفرنج واليهود. طرقها منظمة عمت الجهات وكذلك المواصلات بالسكك الحديدية وغيرها وبذلك حصلت الراحة في السفر ونقل البضائع وراجت التجارة في الجهات وعمّ النفع سائر سكان المملكة. معارفها ولغتها وديانتها تدرس العلوم الدينية مقاصد ووسائل كالقرآن العظيم والتفسير والحديث رواية ودراية والفقه وأصوله والمنطق واللغة والنحو والمعاني والبيان والبديع والصرف

الحكومة

والآداب والحساب والتاريخ في جامع الزيتونة وبه من التلامذة نحو ألفي تلميذ وقليل من العلوم الدينية بالحواضر وبعض القرى والحكومة أنشأت مكاتب بالعاصمة وجهات الإيالة لتعليم اللغة الفرنساوية ومبادىء العلوم العصرية وأما المعارف العصرية العالية فهي قليلة. لغة الأهالي العربية الشريفة والديانة الإِسلامية وغالبهم على مذهب الإمام مالك. أشهر مدنها بنزرت وهي مرفأ أمين جداً تحميه حصون قوية والقيروان وكانت عاصمة البلاد ولم تزل موضع احترام وسكانها ما يقرب من العشرين ألف نفس. وصفاقس وهي مرسى تجارية عصرية رتبتها ثانية بالنسبة للعاصمة وسكانها بأحوازها يربون على خمسة وسبعين ألف نفس ويليها مرسى سوسة وسكانها يربون على عشرين ألف نسمة ثم المنستير والمهدية وقابس وهي موانىء على البحر المتوسط وجرسيس ومدنين وحومة السوق بجربة وقفصة وتوزر ونفطة والكاف وباجة وسوق الأربعاء وتبرسق وتستور ومجاز الباب وماطر ورأس الجبل وطبربة وزغوان ونابل وقليبية ومنزل تميم والحمامات وقرنباليا وسليمان والنفبضة والقلعة الكبرى وجمال وقصور الساف وواجم الذي به المسرح الروماني العجيب البناء والصنع. وهاته البلدان يتراوح سكانها من الخمسة آلاف نفس إلى اثني عشر. أما بلد مساكن وبلد المكيتن بالساحل فكل واحد منها سكانه نحو الخمسة عشر ألف نفس. الحكومة إيالة تونس حكومة ملوكية وراثية للأكبر سناً من العائلة المالكة وهي تحت الحماية الفرنساوية من جمادى الآخرة عام 1299هـ ومايو سنة 1881م بمقتضى معاهدة باردو المنعقدة بين دولة الحماية ودولة الصادق باشا باي واتفاقية المرسى الإضافية المنبرمة مع دولة الحماية ودولة علي باشا باي في شعبان عام 1301 هـ وفي يونية سنة 1883هـ وبمقتضى ذلك فإن إدارة الشؤون التونسية ترتبط بوزارة خارجية فرنسا التي ينوب عنها بالمملكة التونسية مفوض يسمى المقيم العام مولى من طرف رئيس الجمهورية الفرنساوية ويسمى وزير الخارجية للحكومة التونسية بأمر من سمو الباي. صاحب السيادة والملك هو الملك المعظم الملقب بالباشا باي الذي له حق وراثة الملك وعند انتصابه على كرسي المملكة يحتفل به ليقر له بالملك سراة الأمة من علماء ووجهاء وغيرهم ولحكومة فرنسا حق المراقبة على أعمال سموه والإدارات التونسية وإذا رأت بعض إصلاحات أو تنقيحات تعرض ذلك على سموه

تاريخ إيالة تونس

بواسطة جناب المقيم العام فإذا سمح بذلك ورآه سداداً يصدر أمره المطاع بتنفيذها ويراقب أعمال التنفيذ جناب المقيم العام الذي له النظر على كافة رؤساء الإدارات وله السلطة على القوة الحامية للبلاد البحرية والبرية. تاريخ إيالة تونس اعلم أنا بينا في التتمة تاريخ الإيالة بأبين بيان وأشبعنا القول في ذلك وأتينا في آخرها على خلاصته ولنأت هنا على خلاصة الخلاصة وهي الخاتمة فنقول: هذا القطر توالت عليه دول أربع قبل الإسلام وهي القرطاجنيون فالرومان فالوندال فالروم البزنطيون. وبعد الفتح الإِسلامي تولاه أمراء من الصحابة والتابعين ثم سبع دول وهي دولة المهالبة من عام 151هـ إلى عام 181 هجرية وكانت تابعة للعباسيين مع التصرف المطلق داخلاً ثم دولة الأغالبة من عام 181هـ إلى عام 297 هـ ثم دولة الفاطميين من عام 297هـ إلى عام 365 هـ وكانت الإيالة حينئذ مستقلة تماماً ثم دولة صنهاجة من عام 365 هـ إلى عام 602هـ إلا أنها كانت تظهر الخضوع تارة للفاطميين وطوراً للعباسيين وفي سنة 602 هـ خلفتها دولة الحفصيين الذين كانوا مستقلين ثم دولة الترك في عام 981 هـ وتركت لها استقلالها الداخلي ولقب حكامها بالداي والباشا الذين انتهى حكمهم سنة 1117هـ حيث تولتها العائلة الحسينية وأولها حسين باشا بن علي تركي وهي في قبضتها إلى أن دخلت تحت حماية دولة فرنسا وفي هذا الوقت أميرها الأفخم ومليكها الأعظم سمو أحمد باشا باي الثاني المؤيد بالسبع المثاني.

الخاتمة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وسلم الخاتمة الكلام على المنستير الذي فضله شهير وقدره خطير ومحله في النفوس أثير وهو مسقط رأس العبد الفقير ومنبت غرسه ومجمع أهله وأنسه ومحل استقرار الأخيار كابن يونس والمازري وابن العطار نوه المؤرخون وغيرهم بشأنه وبالخصوص التواريخ المختصة بالمملكة التونسية ووقفت على بعضها وسنقص ما اقتطفته منها. في الشفا عند ذكر ما يتعلق بمكة المشرفة ما نصه: حكي أن قوماً أتوا سعدون الخولاني بالمنستير وأعلموه أن كتامة قتلوا رجلاً وأضرموا عليه النار طول الليل فلم تعمل فيه وبقي أبيض البدن فقال: لعله حج ثلاث حج حرم الله شعره بالثلاث حجج قالوا نعم قال حدثت أن من حج حجة أدى فرضه ومن حج ثانية داين ربه ومن حج ثلاث حجج حرم الله شعره وجسده على النار. انتهى. قال الشهاب الخفاجي قوله المنستير بميم ونون وسين مهملة ومثناة فوقية وراء مهملة وهو لفظ رومي معناه عندهم خانقاه للرهبان على الطريق ينزل فيه أبناء السبيل والذي سمعناه منهم بفتح الميم وألف مع سكون السين وكسر التاء الفوقية وياء تحتية وقد يخفف بحدق الألف والياء وهو مما لاشبهة فيه عندهم فقوله في القاموس منستير بضم الميم وفتح النون موضع بإفريقية معبد الزهاد والمنقطعين وبلد آخر بإفريقية أهله من قريش بينه وبين القيروان ست مراحل وموضع بشرق الأندلس. انتهى. مخالف لما صح سماعاً فإن ظنه عربياً فهو خطأ وإن قال عُرّب وغُير كان عليه أن ينبه عليه. وقال التلمساني إنه بضم الميم والنون ويجوز كسر نونه والعامة تفتحها وعليه اقتصر الشمني وهي بلدة بساحل البحر أو حصن رباط بإفريقية له سور بناه هرثمة بن أعين بعثه الرشيد لإفريقية سنة 179هـ. انتهى شهاب. وقال ابن خلكان

عند ترجمة الحافظ النظار أبي القاسم هبة الله بن علي بن مسعود بن ثابت الخزرجي المنستيري المعروف بالبوصيري المتوفى سنة 568 هـ ما نصه: منستير بضم الميم وسكون السين وكسر التاء بلدة بإفريقية بناها هرثمة بن أعين الهاشمي سنة 180هـ وكان الرشيد ولاه إفريقية وقدم إليها في ربيع الآخر سنة 179هـ. وقال أيضاً المنستير معبد بين المهدية وسوسة يأوي إليه الصالحون والمنقطعون للعبادة، فيه قصور شبهة بالخانقاهات وعلى تلك القصور سور واحد ذكره ياقوت في كتابه. انتهى. قلت: ما حققه الشهاب من أن لفظ منستير رومي هو الصواب يؤيده أن بالقرب من القصر شرقيه جزيرة منحوت بها بيوت كانت قبل الفتح الإسلامي مقر الرهبان والمنقطعين للعبادة فيه وبالقرب منه بالقراعية داموس منحوت في جبل على شاطئ البحر يعرف الآن بالكحلية كان أيضاً مقراً للرهبان وقيل كان مقراً في المصيف لبعض أمراء الرومان. أول مَن ألّف في فضيلة المنستير الشيخ الإمام أبو زكرياء يحيى بن عمر المترجَم في الطبقة السادسة ومن تلامذته العالم المؤرخ أبو العرب محمد بن تميم المترجم له في الطبقة السابعة من تآليفه طبقات علماء إفريقية تعرض فيه لفضيلة المنستير وذكر أحاديث وإليك بعضها: قال: قال فرات بن محمد العبدي: حدثني أبو زكرياء الخراز بن سليمان قال: سمعت البهلول بن راشد يقول: إن هرثمة بن أعين استشاره في بناء المنستير وعدّد له هرثمة ما بناه في أرمينية وفي غير موضع فقال له البهلول: ما ذكرت شيئاً إلا والمنستير أفضل منه وذلك أنه بلغني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه باب من أبواب الجنة. وحدثني فرات قال: حدثني أبو الشيخ المفسر عن عبد الرحمن بن زياد عن مطرف عن عبد الله رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "المنستير باب من أبواب الجنة يقال له الأنف ودونه قنطرة من قناطر الأولين" وحدثني فرات قال: حدثني خلف بن محمد القابسي قال: حدثنا بهلول بن راشد قال: حدثنا عباد بن كثير عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بساحل قمونية باب من أبواب الجنة يقال له المنستير من دخله فبرحمة الله ومن خرج عنه فبعفو الله". وحدثني فرات قال: حدثنا عبد الله بن أبي حسان اليحصبي عن أبيه عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن دينار عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن رابط بالمنستير ثلاثة أيام وجبت له الجنة" قال أنس: بخ بخ يا رسول الله قال: "نعم يا أنس وله في هذه الثلاثة أيام كأجر النبيين والصديقين والشهداء والصالحين".

قلت: فهاته الأحاديث كما ترى مروية عن فرات وقد أثبت في ترجمته المذكورة في الطبقة السادسة أنه كان أعلم الناس بالناس وأوقع الناس بالناس حتى نسب للكذب. وهاته الأحاديث ذكرها ابن الشباط والتجاني في رحلته وذكرها ابن ناجي وقال: سمعت من شيخنا البرزلي يقول عن شيخه وشيخنا ابن عرفة يغلب على الظن أنها موضوعة. قلت: وإذا ثبت أنها موضوعة فالمظنون أن واضعها قصد بها الترغيب في المرابطة لما يترتب عليها من مصلحتي الدنيا والآخرة أما في الدنيا فإن فالمراد منها ملازمة النظر في موضع المخافة من العدو وفي الآخرة حصول الثواب الموجب لدخول الجنة. أخرج الشيخان عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها" وأخرج ابن ماجه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن مات مرابطاً في سبيل الله تعالى أجري عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمله وأجري عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله آمناً من الفزع" والرباط والمرابطة أن يربط هؤلاء خيولهم وهؤلاء خيولهم بحيث يكون ملازمة النظر في موضع المخافة من العدو. وأصل المرابطة أن يربط هؤلاء خيولهم وهؤلاء خيولهم بحيث يكون الفريقان مستعدين لإنزال فيحارب كل منهما الآخر ثم أطلق على كل مقيم بثغر يدفع عمن وراءه مرابطاً وإن لم يكن له ما يربط من الخيل. وقوله بخ بخ كلمة تقال عند المدح للشيء والرضى به وتكرر للتأكيد وهي إما مبنية على السكون للوقف وإما للوصل فتكسر وتنون وقد تشدد. والقنطرة لم يزل أثرها قائماً وبالقرب منها من الجهة الجوفية أثر بلدة رومانية بعضها غمره البحر والباقي هو بساتين متابعة للمنستير تعرف بالقديمة هواؤها نقي وحكى بعض المؤرخين أنه كان هناك قصر يعرف بشقانص لا أثر له الآن. وزبدة القول إن للمنستير الشرف العظيم وقد صرح بذلك غير واحد من المؤرخين قالوا لا شك أن للمنستير فضلاً وشأناً. وفي الحلل السندسية والبيان المغرب في أخبار المغرب لابن عذاري الإشارة لذلك وفي رحلة الشيخ الورتيلاتي أنه دخل سوسة ولم يدخل المنستير وهي مدينة عظيمة قوية البركة عظيمة في الزيارة لاحتوائها على طبقة من العلماء وأهل الترجيح من المؤلفين كالإمامين ابن يونس والمازري وغيرهما فإن الوفود تأتي إليها من كل جانب. انتهى وقد ذكرها جماعة من الأدباء منهم أبو عمرو عثمان بن عتيق المعروف بابن عريبة المترجم له في الطبقة الرابعة عشر ذكرها متشوقاً في قصيدة مدح فيها الأمير أبا زكرياء الحفصي منها:

فصل فيما يتعلق بالقصر

ذكرت جمة الذكري تهيج لي ... فأين جمة مني والمنتسير وما مناي لياليها التي سلفت ... وما مناي محانيها المعاطير والمراد بجمة المهدية. فصل فيما يتعلق بالقصر قال البكري: إن محرس المنستير المعروف بالقصر الكبير له في يوم عاشوراء موسم عظيم وجمع كبير فخيم وبالمنستير الطواحن الفارسية ومواجل الماء وهو حصن عال متقن البناء والعمل وفي الطبقة الثانية منه مسجد لا يخلو من خير فاضل يكون مدار القوم عليه وفيه جماعة من الصالحين والمرابطين قد حبسوا أنفسهم فيه منفردين عن الأهل والعشائر وقال محمد بن يوسف: هو قصر كبير عال بداخله ربض واسع وفي الربض حصن ثانٍ كبير كثير المساكن والمساجد في طبقات عالية بعضها فوق بعض وفي القبلة منه حصن فسيح فيه قباب عالية متقنة تنزل حولها النساء المرابطات تعرف بقباب جامع وبها جامع متقن البناء وبها حمامات كثيرة وكان أهل القيروان يخرجون إليهم بالأموال والصدقات الجزيلة وبالقرب من المنستير ملاحة عظيمة تشحن منها السفن بالملح إلى البلاد وبقربها محارس متقنة البناء معمورة بالصالحين وليس بإفريقية أجل من محرس المنستير. انتهى. وفي حسن البيان القصر المذكور سامي بضخامته قصر أجم من الهياكل لما تقدم من الأمم وفاق بإضافة الغرض ومتانة المقصد لأنه بني لمصلحة وهو الرباط وهو قصور ثلاثة شامخة ذات طبقات تشمل مئات من البيوت وقد بنيت بالحجارة العظيمة بأحكم صنعة وإتقان على غاية من الأحكام وفي وسطها مخازن للطعام ومواجل الماء ومستودعات آلات الحرب ومرابط الخيول وحولها القلاع الحصينة والحصون المنيعة يحيط بها أسوار شامخة التي تكاد تطرد الطير عن بلوغ أعلاها سمواً وشحنها العرب بالقوات والخيل والرجال فكان يقصده من جهات إفريقية أهل التقوى والفضل والإحسان. وقال الشيخ مقديش المهدية لم يكن لها جنات ولا بساتين وإنما يجلب إليها من المنستير ما تحتاج من الثمار. وبالمنستير قصور ثلاثة يسكنها العلماء والصالحون والأعراب لا تضرهم في شيء من ثمرهم ولا من عمارتهم لأنها محل رباط وعبادة وأهل المهدية يدفنون موتاهم فيها تبركاً وهاته القصور أبراجها منتظمة مع قرب بعضها بها بيوت بعضها على بعض محكمة البناء وحولها دور يحيط بها سور قد رصص بناؤه.

عود إلى الكلام على القصر الكبير

قلت: القصر الكبير متركب من قصور ثلاثة على الوصف الذي تقدم نقله عن الشيخ محمد بن يوسف ولم ينقص منه إلا القباب وله بابان قبليا المفتح واحد مفتحه في صحن الجامع الكبير الذي هو الآن مطموس والآخر هو مدخل القصر. وبالمنستير قصران غير القصر الكبير أثبتهما بعض المؤرخين. أحدهما: يعرف بقصر السيدة وقبرها بمقصورة بمسجد يعرف بالسيدة يزار إلى هذا الوقت أما القصر فلم يبق له أثر ومحله الآن دور بعض بيوتها عتيق جداً باقية على حالها إلى الآن ومن مشمولاته مسجد يشبه في البناء والقدم مسجد السيدة به مغارة تحت الأرض ومقصورة بها قبر والأقرب أنه قبر بعض ملوك صنهاجة ويعرف هذا القبر بسيدي عامر يزار حتى الآن. حكى لي شيخ مسن أنه يسمع سماعاً فاشياً أنه كان وقع شروع في حفر حذو القبر فإذا بنداء من القبر يقول: عامر عامر فمن ذلك الوقت عرف بسيدي عامر ومن مشمولاته أيضاً مسجد يشبه في البناء والقدم مسجد السيدة يعرف هذا المسجد بمسجد الرز والأقرب أنه حرف وأصله المعز ومن مشمولاته أيضاً قبة فيها قبر أبي الحسن علي السراج ويعرف الآن بسيدي السراج يزار. ثانيهما: القصر الذي به الزاولة المعروفة بسيدي ذويب وفيها قبر معروف به يقال إنه من بيت ملوك بني الأغلب وفيها مسجد عتيق يظهر أنه أقدم من مسجد السيدة ولم يبق من هذا القصر إلا هاته الزاوية وباقيه هو الآن دور وهذان القصران والقصر الكبير ودور تعرف بالزريبة كانت مسورة بسور لم يبق له أثر إلا من الجهة الشرقية فلم يزل قائماً إلى هذا العهد وكان بين هذين القصرين داموس تحت الأرض ممتد إلى الجهة الغربية لا يعرف له حد وبعض الدور مواجلها مقتطعة منه. عود إلى الكلام على القصر الكبير: قال الشيخ مقديش: وقف لمصالح المرابطين جميع الأراضي المتصلة بالقصر لمرعى الدواب والزراعة لمن يروم ذلك وغرست جنات عظيمة بكل مثمر، وكانت بساتين قصر الرباط قشمل آلافاً من تلك الأراضي ينتفع بها أهل الرباط جميعاً لا فضل لأحدهم على الآخر، وكان معظم غزاة البحر يركبون منه وقد أحدث العرب عند قصر الرباط مدينة لها عمران عظيم وجنات وزياتين بكيفية عجيبة حتى كانت مدينة المهذية في عنفوان عمرانها وسطوة ملكها وقت الخلفاء العبيديين وملوك صنهاجة عالة على المنستير فيما تحتاجه من الثمار والفواكه وغير ذلك.

في حسن البيان نقلاً عن حاوي البرزلي بعد نقل جواب الإمام المازري عن مخازن بالمسنتير بالقصر الكبير مملوءة قمحاً وشعيراً لرجال مقيمين بالقصر ولآخرين غيب وعن زوار يغلقون مخازنهم ويخرجون فيقيمون شهرين ونحوهما وعمن له بيت بالقصر وهو يبيت خارجه ويأخذ من المعروف مثل من يبيت بالقصر وعن قوم من المرابطين بأيديهم من الأراضي أكثر مما بيد غيرهم وعن قوم غرسوا غراسة بأرض المنستير ما الحكم فيها؟ وهل إن من حقوق الغارس أن لا يخرج من يده ما غرس في حياته وهل يكون للناظر في ذلك إخراجها من يده في حال دون حال أو لا يكون له ذلك؟ وهل يورث عنه من الغرس ما غرسه؟ قال بعد نقل جواب الإمام عن هذا السؤال ما نصه: دخلتُ رباط المنستير في حدود عام ستين وسبعمائة فرأيته محفوظاً لا تدخله الناس، وكانت أحباسه محفوظة، وكان العرب لا يتعرضونه إلا بخير في دنياهم. ثم بعد ذلك جرت أمور على ما سمعت من تعرض العرب للحبس والدور وثمرات القصر ووقع الانتقاض منهم في المال والرجال وافتتن أهلها مع العرب حتى أدى الأمر إلى تلاشي غرسها ورحيل أهلها حتى صارت الآن لأمير المؤمنين فهي الآن على ما سمعت في عز وعافية، وعادة الله أن قصر الرباط لا يتحمل التخليط بوجه فمتى حدث فيه ذلك عوقبوا، وأما بقية غرسها وبياضها فهم اليوم يملكونه ولا أدري هل توصلوا إليه بحق أو هو كما قال الإمام فعلى هذا في أكل ثمار الموضع نظر إذ هو حبس إلا أن يكون جاء بقصد الرباط فيستحقه من هذه الحيثية، وكذلك تملك رباع البلد الدائرة بالقصر وجميع ما حوله من الأراضي مما ينسب إلى المنستير الذي يسمى القرطين وهو جميع دخلة القصر منسوب إليه انتهى حسن البيان. قلت: جواب الإمام عن السؤال طويل الذيل اشتمل على فوائد كثيرة نقله الونشريسي في معياره بنصه والقرطين مكان بعيد عن المنستير بنحو ثلاثة أميال أراضيه خصبة وقع الاعتناء بغراستها وزراعتها منذ عهد قديم وبها آبار كثيرة ودور اندثرت ومسجد لم يزل قائماً إلى هذا الوقت. أول من تولى النظر على هذا القصر الأمير أحمد أحد ملوك بني الأغلب حين امتلأ القصر بالمرابطين وأجرى عليهم ما يلزم من النفقة وقد بلغ عدد المرابطين به في مدة سعدون الخولاني شيخ القصر المترجم له في الطبقة السابعة زهاء أربعة آلاف مرابط بين عالم وزاهد وصالح، وكانت ملوك الشيعة تخشاه ولما ضاق القصر على سكانه أضيفت الأراضي التي حوله حتى القرطين للقصر فبنى المرابطون دوراً حوله وغرسوا الأراضي التابعة له للانتفاع بها، وأول دور بنيت هي الدور المعروفة بالزريبة وكانت قليلة في زمن سحنون ولذا قال: إن إقامة الجمعة لا تجب على

أهلها، ثم استمر الحال على ذلك إلى أن آل أمر القصر والأراضي التابعة له إلى ما رأيت في السؤال الوارد على الإمام المازري ثم استمر تزايد بناء الدور والعمران إلى أن صارت مدينة مسورة بسور وذلك أواسط المائة السابعة ثم آل الأمر إلى ما رأيت في حكايته الإمام البرزلي، وفي أوائل المائة التاسعة كان شيخ القصر أبا عبد الله محمد بن أبي زيد المترجم له في الطبقة السابعة عشر وكان به من التلامذة ما يزيد على المائة رحلوا إليه من الآفاق وكل مَن حلّ به يجد مسكناً يأوي إليه ومعلماً يؤدبه ويعلمه القرآن والعلوم الدينية ويجد ما يلزم من أمر المعيشة وهي أمور تعين على طلب العلم ولا يخفى أن أكبر الأعوان وأهمها فراغ البال من أمر المعيشة وكانت الاْرزاق تأتي إليهم وإلى من به من المرابطين من أوقافه ومن جهات إفريقية كقفصة ونفزاوة وقابس والجزيرة والقيروان وغيرها ثم قام ابنه أحمد واستمر الحال على ذلك إلى أن استولى عليه الإسبان أواسط المائة العاشرة فهدم منه جانباً بعد ما قتل وأسر مَن لا يعد كثرة نقل ذلك الشيخ عظوم في أجوبته ثم أصلحه وأصلح المنار الذي به، وقيل هو الذي أسسه ثم أفتكه منه الترك وصار أمره إلى الانحلال والتقهقر تحت نظر حفدة الشيخ ابن أبي زيد إلى أوائل القرن الثالث عشر صيره الأمير حمودة باشا معقلاً حربياً ونقل الطلبة الذين به لزاوية سيدي ذويب المتقدم الذكر وأجرى على عشرة منهم النفقة من أوقاف زاوية الشيخ أحمد بن أبي زيد المذكور وجعل لهم مؤدباً يعلّم القرآن ومدرّساً يقرىء مبادئ العلوم الدينية جرايتهما من الأوقاف المذكورة ونظرهم لقاضي المكان، ثم إن الباشا حسين بن محمود باي جعل به سنة 1246هـ العساكر النظامية وشحنه بآلات الحرب، وفي أيام المشير أحمد باشا كان به من العساكر النظامية نحو ثلاثة آلاف واستمر الحال على ذلك إلى أن نصبت فرنسا حمايتها على الإيالة التونسية سنة 1298هـ فأزالت ما به من الذخائر وآلات الحرب حيث صارت غير صالحة للدفاع وأغلقته واستولى عليه الخراب واعتبرته وأسوار المدينة الحكومة من الآثار العتيقة وصدر أمرها بالمحافظة عليها تحت نظر جمعية الأوقاف والإدارة الحربية. ولما قامت الحرب الكبرى المشار لها آخر التتمة وقع إسكان جماعة به من أسارى الألمان وتسخيرهم لإصلاح الخراب الذي به وأقاموا به أشهراً ثم نقلوا وسكن به طائفة من جالية دولة الروسيا عند استيلاء جمهورية السوفيات على بلاد القريم مع طائفة من عساكر الاحتلال ثم خرجوا وبقيت به العساكر إلى هذا الوقت، والحاصل أن القصر إلى هذا العهد آثاره تدل على أنه كان في العهد القديم آية دالة على عظمة العرب خالدة إلى الآن. تلك آثارن تدل علينا ... فانظروا بعدنا إلى الآثار

وهو إلى هذا الوقت على طبقات ثلاث به منارة سامية الارتفاع قامت كأنها عمود مخروط يستطلع منها المستطلع فيرى ما يملأ النفوس بهجة وحسناً فيرى المدينة وما حولها من حدائق الزيتون والبساتين الملتفة كأنها بسيط أخضر جميل المنظر مد البصر يتخلل ذلك البسيط قرى تحف بها حدائق الزيتون يرف غضارة ونضارة ويرى مدينة سوسة العروسة القريبة منها بنحو أحد عشر ميلاً بحراً ويشاهد مبانيها الأنيقة. وبالجملة فإنه لا إشراف كإشرافه حسناً وجمالاً واتساع منظر يروق ويرمي الأبصار بهجة ونوراً، وبالقصر قبور كثير من العلماء والصلحاء وغالبهم مجهول الاسم أو محرّف والمعروف منهم أبو عبد الله بن أبي زيد وأبو الفضل يوسف بن نصر وسعدون الخولاني والشيخ الشريف وبهذا يعرف والشيخ جابر المهدوي وبخارج القصر على يسار الداخل له بيت به قبر الإِمام أبي عبد الله بن يونس الصقلي ويعرف بسيدي الإمام وبالقرب منه قبة بها قبر يعرف بسيدي مفتاح عتيقة. هذا ما يتعلق بالقصر أما ما يتعلق بالمدينة فقد تقدم أن القصور الثلاثة كانت مسورة بسور ثم أزيل وذلك بعد حصول زيادة كثيرة في الدور وأضيفت للقصور وما حولها من الدور وسورت بسور وهي المعروفة الآن بحومة المدينة بها مساجد كثيرة عتيقة منها مسجد يعرف بمسجد الإِمام المازري ومسجد يعرف بمسجد أبي يوسف الدهماني به قبر يزار وبالجهة الغربية من هذه الحومة ربض يعرف بالربض الأوسط وبابه يعرف بالباب الجديد به سوق واسع الفناء زاهي البناء وهو مجتمع الناس للتجارة وغيرها وبه الجامع الحنفي ومن الجهة الجوفية منه مسجد عتيق يعرف بمسجد المرأة الصالحة عافية ويشمل هذا الربض حومتين الجبانة والشراقة وبه مقام أبي بكر الحنفي المترجم له في الطبقة الرابعة عشر والشيخ الحياص قديم العهد ومقام الشيخ الهلالي قديم العهد أيضاً ومقام الشيخ المجدوب بو طارة الحنفي من أهل المائة الثانية عشر وبالجهة الغربية من هذا الربض ربض يعرف بالربض الأقصى ويشمل حومتي باب الفرج والطرابلسية به تربة الشيخ عمر القلال من أهل القرن الثاني عشر وفي القديم كان على كل منها سور ثم أزيلت الأسوار الفاصلة بين الربضين وحومة المدينة ولم يبقَ منها إلا السور المحيط بجميعها وأما الربض الجوفي من هذين الربضين فمسور بسور على عهد علي باشا ابن حسين باشا وبذلك صارت مدينة فسيحة الأرجاء لها ربضان جوفي ويعرف بربض الخروبي وبقربه مسجد يعرف بمسجد السراة غمره البحر ولم يبق له أثر وقبلي ويعرف بالقراعية على شاطئ البحر به آلاف المباني الأنيقة فللعين هناك منظر وانشراح وللنفس مزيد انبساط

وانفساح وبه مقام الشيخ منصور بيزيد ومقام الشيخ مسعود الخزرجي قبل مقام الشيخ العربي وهو عتيق جداً وعلى شاطئ البحر داموس منحوت في جبل يعرف بالكحلية يقال إنه كان معداً لمصيف بعض أمراء الرومان أو مقراً لطائفة من الرهبان وبالجهة الغربية من المدينة مع انحراف إلى جهتي القبلة والجوف حدائق الزيتون والبساتين ذات الأشجار الملتفة اليانعة يحيط بجميع ذلك قبلة وشرقاً وجوفاً لبحر في شبه شكل مثلث زاويته المدينة ولتلك الأشجار ومنها التي ببساتين شقاقص ثمرات طيبة النكهة سيما التفاح له خاصية من الفضل عجيبة لأن رائحته من أعطر الروائح وأطيبها يدخل به الداخل عليك فتجد رائحته العبقة قد سبقت إليك فيكاد يشغلك الاستمتاع بطيب رياه وحسن منظره عن أكلك إياه يهدي للأحبة والأمراء والخاصة من الفضلاء وبالجملة فتربتها نقية وهواؤها صحيح منعش للنفوس والأبدان في كل وقت وزمان وبغالب دورها المواجل والآبار منها ما هو صالح للشرب ومنها ما هو غير صالح وفي سنة1321هـ أسست الحكومة شركة تعرف بشركة مياه الساحل لجلب الماء المنهمر المتسرب من عيون معينة من ولجة أبي حفنة بعمل القيروان في قنوات الحديد وأنابيب الرصاص يتفرع إلى فرعين كل فرع ينقسم إلى مذانب يخترق بسائط وعمائر وقرى وما من قرية مرّ عليها إلا ولها نصيب من ذلك الماء. فرع ينتهي إلى سوسه، وفرع ينتهي إلى المسنتير وحصل بذلك نفع عظيم ومنحت الشركة الاشتراك فيه لأصحاب الدور والبساتين والحمامات وغيرها بثمن معين من المال يدفع سلفاً في كل ستة أشهر والقدر المستهلك منه يعرف بمنقالة الماء وهي آلة تشبه منقالة الساعة الزمنية. أهلها معروفون بالذكاء وكرم الأخلاق والتواضع فلا تلقى منهم إلا وجهاً طلقاً وكلمة لينة ولهم كرامة للغرباء وإقبال عليهم. سنتهم في المعاشرة عجيبة وسيرتهم في التزام رتبة الخدم غريبة مع الكد والجد والوفاء بالعهد. محافظون على عوائد أسلافهم ومعتنون بتهذيب أخلاق أولادهم ولهم اعتدال في معاملاتهم وليس لهم الآن كبير حظ في التجارة لقربها من سوسه المقصودة براً وبحراً لتحسين مرساها التحسين العصري. أما قبل هذا التحسين فقد كان للمسنتير الحظ الأوفر في تجارة الزيت وغيره براً وبحراً. سكانها زهاء عشرة آلاف نفس ومع قلة هذا العدد بالنسبة للحواضر غيرها فإن كثيراً من الخطط النبيهة بأيديهم فلا يخلو منهم ديوان من دواوين الحكومة وفيها كثير من ذوي البيوتات النبيهة كبيت ابن أبي زيد وبيت مخلوف وبيت مزالي وبيت نويرة وبيت بوزقرو وبها مجلس شرعي متركب من قاض ومفتيين وبها مدرسون خمسة

ذكر من بالمقبرة من الفضلاء

يقرؤون العلوم الدينية وواحد يقرىء فن القراءات وفيها مكتب تبرع به بعض أهل البر لتعليم أبناء المسلمين القرآن العظيم وبعض مبادئ العلوم الدينية به الآن ما يربو على مائة تلميذ. وفيها مكتب ذو طبقتين حفيل ينقسم إلى قسمين قسم للذكور وقسم للإناث لتعليم أولاد الأهالي على اختلاف أديانهم مبادئ اللغة الفرنساوية ومبادىء بعض العلوم العصرية به نحو سبعمائة تلميذ وفي سنة 1327هـ أحدث بها مستشفى غاية في الاحتفال مع الاتساع وكثرة المرافق جار الآن على استقامة لاهتمام الحكومة به. أوقف عليه الأهالي ما يربو على ألفي أصل زيتوناً وألفت رسالة لطيفة سميتها بالمازري في فضيلة المستشفيات والطب وتعرضت فيها لترجمة بعض المشهورين بعلم الطب وما لهم من المؤلفات فيه كابن رشد وابن زهر والمازري. وبالمنستير معمل وآلات لصيد الحوت المعروف بالتن شهرته تغني عن التعريف به والمنستير معدودة عند الحكومة من الحواضر الأربع التي لها مزيد اعتبار القيروان وسوسه وصفاقس وقريب عهد كانت هاته الحواضر الأربع وتونس معفاة من أداء المجبا. ذكر من بالمقبرة من الفضلاء المقبرة بفتح الميم وتثليث الباء موضع السرور ومقبرة المنستير بالجهة الجوفية بها قبور كثير من العلماء والزهاد والصلحاء والكثير منهم ذهب اسمه أو غيّر اسمه ورسمه وغالب قبور هؤلاء الأفاضل بالعتيقة غمرها البحر ولم يبق لها أثر فدثرت بسبب ذلك مشاهدهم المباركة وذهب على أهل البلد أسماؤهم ولنذكر ما أمكن معرفة اسمه أو قبره منهم أبو زكرياء الحداد وأبو الحسن الكانشي وابن العطار وابن سعدي وأبو إسحاق الصفاقسي وهؤلاء تقدم ذكرهم في المقصد وابن الفرس من بيت عبد المنعم بن الفرس الأندلسي وأبو علي الدبوسي وأبو الفضل الغدامسي الذي مقامه بالجزيرة قرب المقبرة وتقدم ذكره في المقصد وبالقرب منه قبر الشيخ السنفاج وبالمقبرة مقام الشيخين عبد الغني المزوغي وأبي علي يونس بن السماط وتقدمت الإشارة إليه في المقصد مع أخيه أبي يعقوب يوسف ونقلاً من مدفنيهما الأول إلى المقام المذكور حين خشي عليهما من البحر ومقام الإمام المازري منقوش بحجر فوق الباب أنه نقل ومعه كثير من العلماء وتقدم نقله بنصه في ترجمته بالمقصد وذلك حين خيف عليهم من البحر على عهد الباشا علي ابن الباشا حسين وعلى عهده كان

إصلاح الجامع الكبير وتأسيس الجامع الحنفي وبناء سور الربض الجوفي ومقام أحمد بن أبي زيد المترجم له بالمقصد نقل إليه سنة 1310هـ من مقامه الأول وكان عليه بناء حفيل ضمه البحر إليه بعد النقل ولم يبق له أثر الآن ومقام الصالحة البرقاوية وقبور تحت السور تعرف بقبور بنات السلطان ومقام الشيخ الطرودي وصدر الإذن بنقلته حيث تهيأ البحر لجذبه ومقام جد العبد الفقير الشيخ عمر مخلوف الشريف وهو من فريق أولاد مخلوف الذين ينسبون أنفسهم لذلك وينسبهم الناس إليه خلفاً عن سلف وكان بأيديهم ظهير من أمراء إفريقية في إعفائهم من المطالب الدولية ومن هذا الفريق الشيخ مخلوف الشرياني الذي قبره بشريانة القريبة من صفاقس، قال الشيخ مقديش: ومن مشايخ صفاقس الشيخ مخلوف الشرياني أصله مغربي صحب الشيخ العياشي بطبلبة وهو من أكابر الصالحين والعلماء العاملين له تخميس على بردة المديح وله عقب بأيديهم ظهير من أمراء الحفاصة وأمراء العساكر العثمانية. انتهى. وقوله مغربي يعني من فرقة بالمغرب أشار لها الشيخ العياشي في آخر رحلته حيث قال: ثم مررنا بأولاد سيدي مخلوف هم فقراء أشراف. انتهى. والجد عمر مخلوف المذكور مقامه متبرك به كان معتقداً من أكابر الصالحين كثير الكرامات وكان بالحياة أوائل القرن الحادي عشر ومن أخص أصدقائه الشيخ عبد الرحمن الجندولي ومقامه بالمقبرة والشيخ منصور بيزيد الذي مر ذكره قريباً والمرأة الصالحة عائشة الفتحية التي مقامها قريب من مقام الجد وهم معروفون بالصلاح معاصرون للشيخ المربي المعتقد الكثير الاتباع أبي شامة عامر ابن الشيخ سالم الشهير بالمزوغي صاحب الزاوية الشهيرة بالساحل بين سوسة والمنستير المتوفى سنة 1049هـ المتولد سنة 929 هـ ووالدته ريانة بنت الشيخ نصر الشارف الذي مقامه ببلد الساحلين وبالمقام قبر الشيخ سالم المذكور وكانت طريقة الشيخ عامر جزولية وكان من أصحاب أبي الغيث القشاش وتاج العارفين البكري وتقدم ذكرهما في المقصد وأقام بصفاقس نحو الخمسين عاماً ومنها انتشر ذكره. وبالمقبرة ألواح وأعمدة من حجر كثيرة منقوش عليها بالقلم الكوفي مبعثرة وأكثر من ذلك ما دس في القبور والحيطان وجعل أعمدة سقف عليها كما هو مشاهد الآن بمقام الإِمام المازري وبمقام أبي علي السماط وغيرهما وبعضها مكسر لا يمكن حصول نفع منه بحال.

عود إلى الكلام على قصر السيدة

عود إلى الكلام على قصر السيدة: في المؤنس أن بني زيري دار ملكهم أولاً المنصورية ثم انتقلوا إلى المهدية في زمن المعز بن باديس ومدفنهم بالمنستير بقصر السيدة وكان لهم ناموس وعساكر عديدة وبلغوا رتبة السلاطين، وقال ابن خلكان نقلاً عن كتاب الجمع والبيان لأبي محمد عبد العزيز بن شداد بن تميم بن المعز أنه جرت العادة أن كل أمير من هذا البيت يدفن في قصره ثم ينقل بعد سنة إلى قصر السيدة بالمنستير. قلت: ومن المقبورين بهذا القصر الذي مر وصفه قريباً وقبرها غير معروف أم ملال قال ابن العذاري هي أخت نصير الدولة باديس بن منصور عمة المعز، وهي أول مَن بايعته وهنأته بالولاية في المهدية، وتوفيت سنة 414هـ انتهى. ومن المقبورين بالقصر وقبرها معروف لهذا الوقت في مقصورة بمسجد يزار يعرف بالسيدة، قال ابن العذاري: وفي سنة 412هـ توفيت السيدة زوجة نصير الدولة وكفنت فيما لم يذكر أن ملكاً من الملوك كفن بمثله فحكى من حضره من التجار أن قيمته مائة ألف دينار وجعلت في تابوت من عود هندي قد رصع بالجواهر وكانت جنازتها لم ير مثلها وكانت مسامير التابوت بألفي ديار وفي سنة 413هـ أعرس المعز فكان له عرس ما تهيأ لأحد قط من خلفاء الإِسلام وشرحه الرقيق في كتابه تركناه اختصاراً. انتهى. وفي المؤنس أنها جدة المعز توفيت سنة 411هـ وكفنها بما قيمته مائة ألف دينار وعمل لها تابوتاً من العود الهندي مرصعاً بالجوهر وصفائح الذهب وسمر التابوت بمسامير الذهب وزنها ألف مثقال وأدرجت في مائة وعشرين ثوباً وذر عليها من المسك والكافور ما لا حد له وقلد التابوت بإحدى وعشرين سبحة من نفيس الجوهر وحملت إلى المنستير ودفنت بها وأمر المعز بخمسين ناقة ومائة رأس من البقر وألف شاة فنحرت وفرق في مأتمها على النساء عشرة آلاف ديار. انتهى. قلت. ما صرح به ابن العذاري من أنها والدة المعز مخالف لما في المؤنس من أنها جدته والذي صرح به ابن عذاري هو الصواب وما في تاريخ الشيخ مقديش يؤيده ومحل الحاجة منه كتب الشيخ سيدي محرز بن خلف كتاباً إلى باديس ولما وصل إليه قرأه وعمل بما فيه من النصائح ثم بعثه إلى السيدة وقال لحامله: قل لها هذا كتاب سيدي محرز فاحتفظي عليه ولعل بركته تعود عليك، ولما وصل لها قرأته ثم طيبته وخرزت عليه وكانت حاملاً فولدت المعز في جمادى الأولى سنة 398 هـ انتهى.

والمعز تقدمت ترجمته في التتمة وكان ملكاً جليلاً عالي الهمة محباً لأهل العلم كثير العطاء وكان واسطة أهل بيته ولما توفي نقل من قصره ودفن بقصر السيدة وذكرنا قريباً أن المسجد المعروف بالدز محرف والصواب المعز ومن المقبورين بالقصر وقبره غير معروف أبو يحيى تميم بن المعز كانت له فضائل وأشعار كثيرة ومن شعره قوله: إن نظرت مقلتي لمقلتها ... تعلم مما أريد نجواه كأنها في الفؤاد ناظرة ... تكشف أسراره وفحواه وقوله: فكرت في نار الجحيم وحرها ... يا ويلتاه ولات حين مناص فدعوت ربي أن خير وسيلتي ... يوم المعاد شهادة الإخلاص ولابن رشيق فيه مدائح وكان يجيز الجوائز السنية ولعطي العطاء الجزيل وقصدته الشعراء من الآفاق على بعد الدار كابن السراج السوري وأنظاره مولده سنة 422 هـ وتوفي سنه 501 هـ ودفن بقصره ثم نقل لقصر السيدة بالمنستير وخلف من البنين أكثر من مائة ومن البنات ستين على ما ذكر حفيده عبد العزيز بن شداد بن تميم ومن المقبورين بقصر السيدة أبو الطاهر يحيي بن تميم المذكور لما تمت له البيعة قام بالأمر وعدل في الرعية وفي أيامه وصل للمهدية محمد بن تومرت قادماً من الحج فنزل بالمهدية وشرع في تغيير المنكر ثم انتقل إلى المنستير ثم إلى بجاية، وقيل إن إقامته بالمهدية كانت في أيام تميم المذكور وتقدم بعض خبره في ترجمة يحيى المذكور في التتمة وفي ترجمة أبي بكر بن العربي في المقصد وكان الأمير يحيى المذكور كثير المطالعة لكتب الأخبار والسير عارفاً بها مقرباً لأهل العلم والفضل وله نظر حسن في صناعة النجوم والأحكام وكان عنده جماعة من الشعراء قصدوه ومدحوه وخلدوا مدحه في دواوينهم، ومن جملة شعرائه أبو الصلت أمية بن عبد العزيز. وتوفي يوم عيد النحر سنة 509 هـ، ودفن بقصره ثم نقل لقصر السيدة على ما جرت به العادة وقام مقامه ابنه أبو الحسن علي وكان جواداً مفضالاً من الأذكياء محباً للعلم والعلماء. وتوفي سنة 515 هـ بالمهدية ثم نقل لقصر السيدة على ما جرت به العادة. ولأبي الصلت المذكور منزلة جليلة عنده. ومن شعر أبي الصلت في أبي الطاهر يحيى المذكور القصيدة التي مستهلها: قضى الله أن تفنى عداك وأن تبقى ... وتخلد حتى تملك الغرب والشرقا

قال: أنشدت يحيى بن تميم هاته القصيدة وخاصته بين يديه وعبد العزيز بن عمار في الجملة وكان في هاته الصناعة أبصر الجماعة. فقال له يحيى: كيف ترى ما تسمع؟ قال: حسن الحوك محكم السرد. فقال له: أتعرف قائله؟ قال: لا. قال: هو ذلك الجالس يشير إليّ. فعلاه بسبب ذلك فتور ونفور عن الاستماع بحسب ما يعرض من العوام الرعاع عندما ينشدون لمن جمعهم وإياه مكان وزمان وإنما عنوا بامتداح القديم وتعظيم العظم الرميم وسببه الحسد وكثيراً ما يعدون الصواب محالاً والصداء آلاً والقوام اعوجاجاً والعذب ملحاً أجاجاً. انتهى. قلت: قال بعضهم: المعاصرة أصل المنافرة. وقال شيخنا حسين بن أحمد: المعاصرة حجاب. وأبو الصلت هذا مقبور بالمنستير وقبره غير معروف وهو ابن الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الأندلسي يكنى بالأديب الحكيم. في صلة ابن الآبار: خرج من بلاده ابن عشرين سنة يطلب العلم فتفنن في العلم والآداب والعروض والتاريخ وسجن أثناء ذلك ثم تخلص من اعتقاله فنزل بالمهدية على رأس الخمسمائة في كنف أمرائها الصنهاجيين يحيى بن تميم بن المعز وولده على عشرين سنة وكان من أفراد العلماء وفحول الشعراء والأدباء وله تآليف في فنون شاهدة بفضله ودالة على سعة علمه، وقد أوردت له في تأليفي تحفة القادم كثيراً من شعره وكتب إلى أبو جعفر بن عات أن أبا الحسن بن المفضل أنشده بالإسكندرية قال: أنشدني عبد الله بن يوسف القضاعي قال: أنشدني أبو الصلت أمية بن عبد العزيز قال: أنشدني أبو محمد التكريتي من تلامذة الغزالي لأبي حامد هذا ولم أسمعه من غيره، ولا ذكر له أبو الصلت، في الحديقة: جعلت عقارب صدغه في خده ... قمراً يجلّ سنى عن التشبيه ولقد عهدناه يحل ببرجها ... فمن العجائب كيف حلت فيه أفادني أكثر خبره بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عبد الخالق الخطيب بالمنستير توفي سنة 520 هـ أو بعدها يسير انتهى. وفي حسن المحاضرة: أبو الصلت أمية بن عبد العزيز الداني الأندلسي قال في العبر: كان ماهراً في علوم الأوائل رأساً في معرفة الهيئة والنجوم والموسيقى والطبيعي والرياضي والإلهي كثير التصانيف بديع النظم مات سنة 528 هـ عن ثمان وستين سنة انتهى.

وقال ابن خلكان: أبو الصلت أقام تحت كنف الأمير يحيى بعد أن جاب الأرض وتقاذفت به البلدان وله فيه مدائح كثيرة أجاد فيها وأحسن وله أيضاً مدائح في ولده أبي الحسن علي وولد ولده الحسن وأخذ عن جماعة من أهل الاْندلس وغيرها منهم أبو الوليد الوقشي قاضي دانية وسابق فضلاء زمانه وأهل عصره وأوانه يقال: إن عمره ستون عاماً عشرون بإشبيلية وعشرون بإفريقية عند أمرائها الصنهاجيين وعشرون في مصر محبوساً في خزائن الكتب فخرج في فنون من العلم إماماً وأمتن علومه الفلسفة والطب والتلحين وله في ذلك وغيره تآليف تشهد بفضل منها كتاب الحديقة على أسلوب يتيمة الدهر للثعالبي وكتاب ذيل به كتاب الرقيق فيما وقع في دولة باديس وأبيه وجده وكان له شعر جيد رقيق جمعه في ديوان خاص وصنف وهو في اعتقال الأفضل وهو بمصر رسالة العمل بالأسطرلاب وكتاب الوجيز في علم الهيئة وكتاب الأدوية المفردة وكتاب تقويم الذهن في المنطق وكتاب الانتصار في الرد على ابن رضوان في رده على حنين بن إسحاق في مسائله وله الرسالة المشهورة التي وصف بها مصر وعجائبها وله غير ذلك وكانت له منزلة جليلة بالمهدية على صاحبها علي بن يحيى بن تميم وولد له بها ولده عبد العزيز وكان شاعراً ماهراً وله في الشطرنج يد بيضاء وتوفي ببجاية سنة 546 هـ وتوفي أبو الصلت سنة تسع أو ثمان وعشرين وخمسمائة ونظم أبباتاً أوصى أن تكتب على قبره: سكنتكِ يادار الفناء مصدقا ... بأني إلى دار البقاء أصير وأعظم ما في الأمر أني صائر ... إلى عادل في الحكم ليس بجور فيا ليت شعري كيف ألقاه عندها ... وزادي قليل والذنوب كثير فإن أك مجزياً بذنبي فإنني ... بشرّ عقاب المذنبين جدير وإن يك عفو منه عني ورحمة ... فثم نعيم دائم وسرور انتهى باختصار. وانظر معه نفح الطيب ورحلة التجاني. أما نصير الدولة باديس فقد قال ابن خلكان: توفي في ذي القعدة سنة 406 هـ عقب سرور حصل له عند عرض عساكره عليه وهو في قبة السلام جالس إلى وقت الظهر وسره حسن عسكره وأبهجه زيهم وما كانوا عليه وانصرف إلى قصره ثم ركب عشية ذلك النهار في أجمل مركوب ولعب الجيش بين يديه ثم رجع إلى قصره شديد السرور فلما مضى مقدار نصف الليل توفي، وفي كتاب الدول المنقطعة أن سبب موته أنه قصد طرابلس ولم يزل على قرب منها عازماً في قتالها وحلف أن لا يرحل

عنها حتى يعيدها قال: فاجتمع أهل البلد عند ذلك إلى المؤدب محرز وقالوا: يا ولي الله قد بلغك ما قاله باديس فادع الله أن يزيل عنا بأسه فرفع يديه إلى السماء وقال: يا رب باديس أكفنا باديس. فهلك في ليلته بالذبحة. انتهى. قلت: لعل المؤدب محرز كان في تلك الأيام بطرابلس وإلا فهو من أهل تونس وسكانها وهي بعيدة عن طرابلس مسيرة نحو عشرة أيام والذي في المؤنس أنه توفي بالمغرب في قتال زناتة تأمل. وباديس ووالده وجده مدفنهم صبرة وملوك هذا البيت مرت ترجمتهم في التتمة وكان المعز بن باديس يعظم الشيخ محرز بن خلف ويكاتبه من ذلك كتابٌ فاتحته: هذا ظهير كريم من القائم الناصر لدين الله المعز بن باديس إلى الشيخ الصالح الكبير القدر محرز بن خلف إلى آخره وكانت بينه وبين باديس مكاتبات وقد مر قريباً الإشارة إلى ذلك وسترى ما يؤيد ما ذكرناه. انتهى ما قصدناه وتم بفضل الله ما أثبتناه بعدما استعنت به في الإسعاد والإسعاد واستجرت به نعم المجير في المبدأ والمعاد وأنجر الحديث وهو شجون يجر بعضه بعضاً إلى الشيخ محرز فخر الإِسلام ومعتقد الخاص والعام ناسب أن نختم هاته الشجرة وختامها مسك بذكر البعض من فضيلته والمرجو من الله الحصول على شيء من بركة من ذكرناه بالشجرة وبركته ومعلوم أنه عند ذكر مثل أولئك السادات تنزل الرحمات والمرجو أيضاً إنزال رحمته ودوام نعمته وإليك ترجمته ومحرز هو أبو محفوظ محرز بن خلف بن رزين بن يربوع بن حنظلة بن إسماعيل بن عبد الرحمن ابن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنهم وأفاض علينا من أنوارهم وكسانا بعض حلل أسرارهم الشيخ المعتقد المشهور لدى الخاصة والجمهور بالعلم والعمل والفضل المؤدب المربي العارف بالله الواصل الولي الكامل الكثير الكرامات والمناقب والحسنات كانت له اليد البيضاء في إعزاز السنة وإخماد البدع مع الدين المتين والزهد والورع نفعه الله بنيته وتغمده برحمته. كان مجلسه مجلس وعظ مع كرم أخلاق وحلم يقول الشعر ويجيده وكان في ابتداء أمره يسكن بالمرسى لا يألفه إلا أصحابه فلما سكن تونس انبسط للفقراء والغرباء حتى كثر أتباعه فصار منهم من يصافحه ومن لم يصل إليه فيلتمس أثوابه بيده ويمسح بها على وجهه. أخذ عن واصل بن عبد الله القيرواني المشهور بالعلم والصلاح وروى عن أبي إسحاق الدينوري وكتب إليه أبو بكر الأبهري وروى عنه حاتم الطرابلسي ومن لا يعد كثرة وكانت وفاته سنة 413 هـ وقد ناف عن السبعين وضريحه بتونس عليه بناء غاية في الاحتفال والدعاء عنده مجرب الإجابة وهو الذي دعا أبا محمد عبد الله بن أبي زيد لتأليف ما يجب تعليمه لأبناء المسلمين وأجاب دعوته وألّف الرسالة وإليه الإشارة

في خطبتها بقوله فإنك سألتني إلى آخره فأجبتك إلى ذلك وفي المدارك جاء بعض طلبته إليه طالباً منه أن يكتب كتاباً إلى باديس يعرف عنه ما هو فيه فأخذ قرطاساً وكتب بسم الله الرحمن الرحيم حقق الله الحق في قلوب العارفين من عباده ونقل المذنبين إلى ما افترض عليهم من طاعته أنا رجل عرف كثير من الناس اسمي وهذا من النبلاء وأنا أسأل الله أن يتغمدني برحمة منه وفضل وربما أتاني المضطر يسأل الحاجة فإن تأخرت خفت وإن ساعدت فهذا أشد وقد كتبت إليك في مسألة رجل من الطلبة طولب بدراهم ظلماً ولا شيء له وحامل رقعتي يشرح إليك ما جرى فعامل فيه من لا بد لك من لقائه واستحِ ممن بنعمته وجدت لذيذ العيش واحذر بطانة السوء فإنهم إنما يريدون دراهمك وشاور في أمرك مَن يتق الله ومَن يتق الله يجعل له من أمره يسراً ومَن يتق الله يجعل له مخرجاً واستعن بالله فإن من يتوكل عليه فهو حسبه انتهى. هذا وما قصدت جمعه بهذه الشجرة قد إنتهى وبلغت فيه ولله الحمد سدرة المنتهى وأدركت الغاية من ذكر سادات مداركهم سامية ومعارفهم راقية وأنفاسهم زاكية روح الله أرواحهم وأسكننا جوارهم في جنة عالية قطوفها دانية لا تسمع فيها لاغية ونسأله وهو لا تخفى عليه خافية الإخلاص في النية سراً وعلانية وله الحمد باطناً وظاهراً أولاً وآخراً. وصل اللهم وسلم وبارك على أشرف النبيين سيدنا محمَّد وآله وصحبه والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وكان الفراغ من ترتيبه وتهذيبه في المحرم سنة 1340هـ ثم وقعت زيادة جمل اقتضاها الحال ونسأله خلوص النية في الأقوال والأفعال.

استدراك

استدراك نظراً لما وقع في الأربعين حديثاً الثنائية المذكورة في المقصد - آخر الطبقة الثالثة- من تحريف ونقص أعيد تحريرها هنا بعد مزيد التحري والاهتمام، ومقابلتها بنسخ من كتاب الموطأ. والعمل على نصها هذا, ولا عمل على ما كتب بآخر الطبقة الثالثة. تنبيه: أخذ مالك بن أنس رضي الله عنه عن أعلام من أئمة الدين وهم كثيرون جداً واقتصرنا على ذكر شيوخه المذكورين بالطبقة الثالثة وشيوخ شيوخه المذكورين بالطبقة قبلها لأنهم المروي عنهم ثنائيات الموطأ وهي تنيف عن مائة حديث، وأثبتنا أربعين حديثاً منها هنا تبركاً واتباعاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَن قرأ على أمتي أربعين حديثاً كنت له شفيعاً يوم القيامة" وفي رواية "مَن حفظ على أمتي أربعين حديثاً من السنة حتى يؤديها إليهم كما سمعها كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة" والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى. وهي: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ما جاء في صفة النبي صلى الله عليه وسلم 1 - مالك عن ربيعة بن عبد الرحمن عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بالطويل البائن ولا بالقصير وليس بالأبيض الأمْهَق ولا بالآدم ولا بالجَعْد القَطِط ولا بالسّبطِ بعثه الله على رأس أربعين سنة فأقام بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين وتوفاه الله على رأس ستين سنة وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.

ما جاء في الرؤيا

ما جاء في الرؤيا 2 - مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة". حديث نبع الماء من تحت أصابعه 3 - وبه أنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناسُ وَضُوءاً فلم يجدوه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء في إناء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده ثم أمر الناس يتوضؤون منه. قال أنس: فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه فتوضأ الناس حتى توضؤوا من عند آخرهم. الترغيب في الصوفة 4 - وبه أنه سمع أنس بن مالك يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالاً من نخل وكان أحبُّ أمواله بيرُحاء. وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى يقول: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وإن أحب أموالي إلى بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذُخرها عند الله فضعها يا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث شئت قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعتُ ما قلتَ فيه وإني أرى أن تجعلها في الأقربين" فقال أبو طلحة: افعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.

ما جاء في المهاجرة

ما جاء في المهاجرة 5 - مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تَبَاغَضوا ولا تَحَاسَدوا ولا تَدَابروا، وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يَحلُّ لمسلم أن يهاجر أخاه فوق ثلاث ليال". السنّة في الشراب ومُناولته عن اليمين 6 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال: "الأيمنَ فالأيمن". ما جاء في النهي عن تأخير صلاة العصر 7 - مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال: دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر فقام يصلي العصر فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة أو ذكرها فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين تلك صلاة المنافقين يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان أو على قرن الشيطان قام فنقرها أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً". ما جاء في الوليمة 8 - مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرة فسأله رسول الله فأخبره أنه تزوج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كم سقت إليها؟ " فقال: زِنة نواة من ذهب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أولم ولو بشاة".

ما جاء في الحجامة وإجارة الحجام

ما جاء في الحجامة وإجارة الحجام 9 - وبه أنه قال: احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حَجَمَه أبو طيبة فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بصاع من تمر وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه. ما جاء في الغزو 10 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى خيبر أتاها ليلاً وكان إذا أتى قوماً بليل لم يُغر حتى يُصبح فخرجت يهود بمساحيهم ومكاتلهم فلما رأوه قالوا: محمدٌ والله محمدٌ والخميس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين". قطع التلبية 11 - مالك عن محمَّد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من مني إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان يهلل المهلل منا فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه. ما جاء في تحريم المدينة 12 - مالك عن عمرو مولى المطلب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع له أحد فقال: "هذا جبل يحبُّنا ونحبه اللهم إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها".

ما جاء في وباء المدينة

ما جاء في وباء المدينة 13 - مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال". ما جاء في سفر النساء 14 - مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم منها". في جامع ما جاء في الطعام والشراب 15 - مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح الكعبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة وضيافته ثلاثة أيام فما كان بعد ذلك فهو صدقة ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه". ما جاء في سكنى المدينة والخروج منها 16 - مالك عن محمَّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن أعرابياً بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإِسلام فأصاب الاْعرابي وعكٌ بالمدينة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أقلني بيعتي فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي

في جامع ما جاء في الطعام والشراب

فأبى ثم جاءه فقال: أقلني بيعتي فأبى فخرج الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينصح طيبها". في جامع ما جاء في الطعام والشراب 17 - مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أغلقوا الباب واْوكثوا السقاء واكفؤوا الإناء أو خمروا الإناء وأطفئوا المصباح فإن الشيطان لا يفتح غلقاً ولا يحل وكاءً ولا يكشف إناءً وإن الفويسقة تُضرم على الناس بينهم". في جامع ما جاء في تعجيل الفطر 18 - مالك عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". ما يتقى من الشؤم 19 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن كان ففي الفرس والمرأة والمسكن" يعني الشؤم. ما جاء في رؤية الهلال للصوم والفطر 20 - مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

قدر السحور من النداء

"الشهر تسع وعشرون فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له". قدر السحور من النداء 21 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن بلالاً ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم". مكيلة زكاة الفطر 22 - مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين. ما جاء في القرآن 23 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت". النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وغروبها 24 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يتحر أحدكم فيصلي عند طلوع الشمس ولا عند غروبها".

فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ

فضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ 25 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذّ بسبع وعشرين درجة". غسل يوم الجمعة 26 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" الصلاة في البيت 27 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وبلال بن رباح وعثمان بن طلحة الحجبي فأغلقها عليه ومكث فيها قال عبد الله: فسألت بلالاً حين خرج ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: جعل عموداً عن يمينه وعمودين عن يساره وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى. مواقيت الإهلال 28 - وبه أن رسول الله قال: "يهل أهل المدينة من ذي الحُليفة ويهل أهل الشام من ذي الجُحفة ويهل أهل نجد من قرن" قال عبد الله بن عمرو: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ويهل أهل اليمن من يلملم". من جامع الإيمان 29 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يسير في ركب وهو

ما جاء في التعفف عن المسألة

يحلف بأبيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم مَن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت". ما جاء في التعفف عن المسألة 30 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر وهو يذكر الصدقة والتعفف عن المسألة: "اليد العليا خير من اليد السفلى، واليد العليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة". في جامع الجنائز 31 - وبه أن عبد الله بن عمر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال له هذا مقعدك حتى يبعثك الله إلى يوم القيامة". تحريم الخمر 32 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب عنها حرمها في الآخرة".

ما جاء في الخيل والمسابقة بينها

ما جاء في الخيل والمسابقة بينها 33 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة". 34 - وبه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سابق بين الخيل التي قد أُضمرت من الحفياء وكان أمدها ثنية الوداع وسابق بين الخيل التي لم تُضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق وإن عبد الله بن عمر كان فمين سابق بها. ما جاء في الكلاب 35 - وبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن اقتنى إلا كلباً ضارياً أو كلب ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان". ما جاء في قتل الحيات 36 - مالك عن نافع عن أبي لبابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الحيات التي في البيوت. بيع الذهب بالورق تبراً وعيناً 37 - مالك عن نافع عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق

ما يكره من الكلام بغير ذكر الله

بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تُشفُّوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها شيئاً غائباً بناجز". ما يكره من الكلام بغير ذكر الله 38 - مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر أنه قال: قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من البيان لسحراً" أو قال: "إن بعض البيان لسحر". ما جاء في إسبال الرجل ثوبه 39 - مالك عن نافع وعبد الله بن دينار وزيد بن أسلم كلهم يخبره عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينظر الله يوم القيامة إلى مَن يجر ثوبه خيلاء". ما جاء في الطعام والشراب 40 - مالك عن أبي نعيم وهب بن كيسان قال: أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام ومعه ربيبه عمر بن أبي سلمة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سم الله وكل مما يليك".

التقاريظ

التقاريظ الحمد لله. يقول العبد الفقير إلى ربه اللطيف، محمَّد مخلوف الشريف: إن من الواجب عليّ إسداء الشكر، ونشر ألوية الثناء وجميل الذكر، إلى أعلامٍ نبهاء، وأئمة فضلاء، مَنُّوا علىَّ بتقاريظهم وأتحفوني بمعانيهم الرائقة؛ وأشعارهم الفائقة. وإليك ما ورد لي من جنابهم، شكر الله سعيهم، وأحسن جزاءهم، فازدان جيد كتابي بما نظموه، وافترّ ثغره بما نثروه، فمنها ما لحضرة صديقنا الملاطف، مطرز لطائف المعارف، بطوارف الطرف واللطائف، روض الأدب الزاهر، والحسب الباهر، الشيخ المفتي بالمنستير محمود ابن الشيخ المفتي بها أحمد موسى مخلوف الشريف: ظَهَرَ الكِتَابُ كَأنَّهُ صبْحٌ بَلَجْ ... يَا حُسْنَهُ بِمَحَاسِنِ الدنيَا امْتَزَجْ أَهْدَى صَبَا نَجْدٍ فأَنْعَشَ مُدْنَفاً ... أمسَى وأصبَحَ مثْلَ ميْتٍ مندرجْ وبدا السُّرُور به فَعُمَّ وخصَّني ... فكأَنَ يومَ ظهوره لي يومُ حَجْ هَذا كتابٌ ضمّ تاريخَ الأُلَى ... قامتْ لِمذْهَبِ مَالِكٍ بهمُ الحججْ فهمُ الفَطَاحِلُ لا يُشق غُبَارُهُمْ ... وبهم إِمامهمُ الحِجازِيُّ ابْتَهَجْ أَنْشَاهُ نُخْبَةُ عَصْرِهِ قاضي المُنْستير ... الذي بذكائِهِ ملكَ المهجْ الشيخُ مَخْلُوفٌ وما أَدْرَاكَ مَا ... حَدِّثْ عنِ البحر المحيط ولا حَرَجْ جَمَع المفرق واعتنى وأظُنّهُ ... لِسَماءِ تحقيقِ الحقائقِ قد عَرَجْ فَأَتَى به أُعْجُوبَة في بَابهِ ... يشفي الفُؤَادَ ولشرحُ الصدر الحرجْ يشفي ويكفي أنني عايَنْتُهُ ... فرأَيتُ كُلّ الصَّيْدِ في الضِّمْنِ انْدَرَجْ وشَّى مقاصده ببعض زوائدٍ ... زانتْ محيَّاهُ كما زَانَ الزَّجَجْ جَرَّ الحديثُ لها فجاء كأنَّهُ ... ثَغْرُ المَلِيحَةِ زادَ حُسْناً بالفَلجْ وبحسْنِ آدابٍ تَضَوَّعَ نَشرُهُ ... فكأنَ نَفْحَ الطيبِ مِن ذاك الأرَجْ قُلْ لِلَّذينَ تَحَيرُوا مِنْ بعضِ ما ... وَجَدوه في تلك المَهَامِه من عِوَجْ

وَتَشَكَكُوا في معضلاتٍ يا لَها: ... قد جاءكم قولُ المبشّر بالْفَرَجْ هذا طِرَازٌ ليس يخدْرَكُ شأوُهُ ... يُزْرِي بألحانِ المزَاهرِ والهزَجْ لمَ لا يفوقُ على سواه وربُّهُ ... فاقّ السِّوى والمسكُ بعضُ دَمٍ لَزِجْ أكْبَرْتُهُ وأخَذْت في تَقْريظهِ ... وعلى أُريجَ فانثنيت كمرتَعِجْ ثم ادَّكَرْتُ فكانَ تَنْويهِي بهِ ... مِعْشارَ ما في باطني منه اختلجْ لله ناسِجُ بُرْدِهِ كم جَدَّ في ... تنقيحه لله كم خاضَ اللّجَجْ ولَنَا لَقَدْ أهْدَى نتيجَةَ عمْرِه ... في لَحْظَةٍ مِنْ غير تعويضٍ خَرَجْ سَهِرَ اللّيالي باحثاً ومُفَكراً ... وأنيسُهُ فيها كتابٌ مُنْبَلِجْ لا أنتهِي لا أرْعَوِي عن مدحهِ ... بالحق أصدَعُ دُون شَكِّ أو مرجْ ما لَطَّ حَق الناسِ إلا جاهِلٌ ... بَهْذِي على البُسَطاءِ بالقول السَّمِجْ وَلَقَدْ خشيتُ بأَنْ أموتَ وَلاَ يَرَى ... مِني لهُ يَوْماً عبُوساً ذا هَرَجْ يا رَبِّ هَبْ عُمْراً طويلاً تَجْتَلِي ... حَرْبَ البَسوسِ بهِ على بَعْضِ الهَمَجْ مَنْ لاَ يُقِرُّ لِفاضِلِ بِفَضِيلَةٍ ... فأنَا لَهُ أضَعُ المِزَجِّ على الوَدَجْ أَسْكَنْتُ أهْلَ العِلْمِ في ثَبَجِ الْحَشا ... وطعَنت في أعْدَائهِم طعْناً بِزجْ وأنا الذي عَرَفَ الحقُوقَ لأَهْلِها ... ولَتلك شِنْشِنَتِي على طُول الأبَج وَلذاكَ قَرّظْتُ الكِتابَ بِغَادَةٍ ... تسْبي العُقُول لحسن منظرها البَهِج زينْتها منهُ بجيم جمالِهِ ... وجعَلتُ خاء الخال في الخذِّ الضرِجْ فإِلَيكَها مِنْ كاملٍ في كاملٍ ... ما مثلُها في مسمعي يوماً وَلَجْ حَقٌّ عليَّ فَعْلتُه ولرَبِّه أسْدَيْتُهُ ... فالبِشْرُ عِندي مُزْدَوجْ يا حضرَةَ الأسْتاذِ إنَّ كِتابَكُمْ ... بلغَ النِهايَةَ وارتقى أَعلى الدرَجْ لِلّهِ دَرُّكَ لا عَدِمتُكَ صاحِباً ... يضَعُ الدَوَا في مَوْضِع النقب اللزِجْ بَرحَ الخَفاءُ وودّ كلّ مؤزخٍ ... لو أنَّه حاذَى نسيجك مُذْ نَسَجْ ما كان أحسنَ ما صَنَعْتَ وَحَبذَا ... تاريخك الروضُ الأَريض المفترَجْ رَقَّتْ شمائِلُهُ ورق حديثُه ... نفَعَ الإِلهُ بهِ على مَرِّ الحِجَجْ وجزاك عنهُ جزاءه سُبحانَه ... فَعَطاؤُهُ هَيْهاتَ تَحكِيه اللججْ وَلَكَ الهناءُ به كتاباً سامياً ... يحي بهِ مَنْ كانَ في الذَوْقِ اندَمَجْ قرَّتْ بِهِ عينُ الوَدُودِ وَزادَ في ... كَمدَ الحَسُود فبات يَلتَقِمُ الحَدَج

الكونُ أَشرَقَ مِن ضياءِ كمالهِ ... والشمسُ إِن طلَعَتْ فما ضَوْءُ السُّرج تاريخه شمسٌ وعَرْفُ خِتامِهِ ... مِسكٌ تأرَّج نَفْحُهُ مِن كُل فَج ثم الصلاةُ معَ السلامِ على النبّي ... والآلِ والأصْحابِ ما بَرْقٌ رَعَج وبجاههِ وبجاهِهِمْ يا رَبَّنا ... أَقِلِ العِثارَ ونَجِّ مِن حَرِّ الوَهج ومنها ما لفضيلة العلامة الأديب، الآتي من سحر البلاغة بكل عجيب. ذي الرأي الصائب، والفكر الثاقب. الشيخ محمَّد بو شارب باش مفتي قفصه والمكلف بقسم الحساب بوزارة العدلية: نحمدك اللهم كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، ونشكرك شكراً يؤذن بازدياد برك وبجزيل امتنانك. ونسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن ترسل سحائب صلواتك وتسليماتك، وسوابغ رحماتك وبركاتك، على روح سيدنا محمَّد في الأرواح، وعلى جسده في الأجساد، وعلى قبره في القبور. ثم على أرواح آل بيته الطاهرين، وأصحابه حماة الدين، وعلى أرواح أتباعهم وأتباع أتباعهم من كل مَن رفع للعلم رمحاً، وأبدى به لدى الظلماء صبحاً. أما بعد، فأقول: إقراراً بأيدي ذوي الجد وإكباراً لجدوى أولي المجد: إني طالعت الأنموذج المحتوي على سبع فرائد من الكتاب القيم الذي ألفه حديثاً أستاذ المحققين، وممن تلقوا راية العلم باليمين. عين أعيان قطره، وفخر قضاة عصره. أبو الفضل المولى محمَّد بن محمَّد مخلوف المنستيري أدام الإله حفظه، وأجزل من المثوبة حظه. فألفيته بحراً طامياً وقف الكاتبون بساحله وكوكباً هادياً قصرت أيدي المؤرخين عن تناوله. لا جرم أنه أنهل فأروى، وجمع فأوعى. ولقي من الشعب، ما يلقى الحبيب من الحب. وحلَّ من ذوي الفضل محلاً لم يكن حل من قبل. فرأيت- على ما أنا عليه من الشغل المحتدم، والفكر الغير المنتظم- أن أعلق عليه بالأبيات الآتية تنويهاً بشأن جماله، وإطراد لواضعه بذكر البعض من خصاله. فقلت: يصون عتيق المجد متقد العزم ... ويحمي حمى الأسلاف مستكمل الحزم ويعني بآثار الذين تقدموا ... أخو همة ترمي إلى قمة النجم أصيل معالي النفس أكبر هَمِّه ... مسابقة الأقران في حلية العلم ألا قل لمن خص النهوض بمن مضوا ... وأعلن أن الجد مخلولق الرسم

رويدك ما هذا الغلو فإنه ... من الخطأ المحض التسرع بالحكم فكم في الزوايا من خبايا لباحث ... وكم من بقايا في أساتذة اليوم قِفنْ بحمى فخر القضاة محمَّد ... أبي الفضل مخلوف تجد أيما شهم يريك مثال الجد في طلب العلا ... وساطع نور الفكر في الأعصر الدهم وتشهد أن العلم ما زال شاغلاً ... لأهل النهى عن كل ذي شرف وهمي همام رأى أن استمالة شعبه ... لأحيائهم فخر الجدود من الختم وآنس في التاريخ أعظم كافل ... بنيل المنى فانساب في ذلك اليمّ وخاض به تلك المخاطر تاركاً ... بساحله من كان مستضعف العزم وآب وقد حازت يداهُ فرائداً ... تراءت لنا في سلك مختصر فخم كتاب جلا نهج الأوائل وانطوى ... على حجج أخنت على لدد الخصم حوى من سراة الدين كل سميدع ... أقرَّ له بالفضل متسع الفهم وبات به مفتي المدينة آمناً ... على المذهب السامي البناء من الثلم فلا عجب إن حلَّ من كل ناظر ... إليه حلول البرء من صاحب السقم وذاد عن الأوساط نومة ذاهل ... وسورة أيام حززن إلى العظم تطلع من أُفق الإجادة فانبرى ... إليه بفرط المدح ذو الأدب الجم وصار حديث القوم في كل منتدى ... يقدر حق القدر جدوى أولى العزم وأصبح بين الناقدين وبينه ... من البعد ما بين الأباطح والعصم أبا الفضل إن عز الثناء بما يفي ... بحقك فالإغضاء شأن أخي الحلم قضى الله أن يلفي صنيعك فوق ما ... نود من الإطراء بالنثر والنظم كتبت فألهمت الشبيبة رشدها ... زقت لوجه الله بالواجب القومي وأحييت ذكرى الغابرين من الأُلى ... بهم بلغ الإِسلام مبلغه العلمي وجئت بوضع سابغ النفع لم تزل ... بفضلك بين الناس أنباؤه تنمي تبارك من أوحى إليك بصنعه ... وخصك بالإبداع في البدء والختم ... ومنها ما جادت به قريحة شمس المعارف، وملمع بروز الأسرار واللطائف. الغنى بنسبه الطاهر عن التعريف؛ شيخنا عبد الحي الكتاني الشريف مذيلاً بإجازة عامة، مرت الإشارة إليها بالمقصد ومحل الحاجة:

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وصلّى الله على سيدنا محمَّد وآله وصحبه. الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى. أما بعد، فقد وقفت على هذا المدون الجامع، والتاريخ الذي يتدفق إفادة بلا مدافع. فشكرت سعي مؤلفه العالم النحرير، وهمة جامعه الدراكة البدر المنير. ولعمري إن الاعتناء بجمع تراجم أعيان الملة، وفضلاء الأمة. لمن المتعين على الخلف، قياماً ببعض ما يحب لرجال السلف. فهم آباؤنا في الدين، والوسائط بيننا وبين سيد المرسلين. فحفظ آثارهم يعين على الاقتداء بمناهجهم. ولذا ورد أن من أرخ مؤمناً فكأنما أحياه وذلك لأن بإحياء ذكره وهممه يقوى الانبعاث على الاقتداء بهداه. فنعم السفر المسطور، والعمل المبرور. فما على المؤلف حفظه الله تعالى بعد التعب، وطويل النصب، إلا إذاعة هذه المجموعة، وعدم إبقائها عن الاستفادة ممنوعة. فإن الخير النافع يجري مجرى المياه في تعميمها ووقوع الحياة بها من غير مدافع. وبما تحقق لي من فضل المؤلف وبراعته وسموّ مداركه وحسن سمعته قلت إجابة لمطلبه وإسعافاً لرغبته: أجزت العلامة القاضي المؤرخ الأديب محمَّد بن محمَّد مخلوف ... انتهى محل الحاجة. ... ومما جادت به قريحة فضيلة شيخي بالإجازة العلامة النظار كريم النجار الشيخ سيدي بلحسن النجار المفتي المالكي بقطر إفريقية حفظه الله وشكره. نحمد الله ونشكره، ونصلي على سيدنا محمَّد وآله وصحبه صلاة طيبة مباركة، ونسلم تسليماً. أما بعد؛ فإن همم عظماء الرجال تتجلّى في آثارهم، ونتبيَّن من إخلاصهم في عملهم وإن تأليفك الجليل، وصنعك الجميل المسمى "شجرة النور الزكية في طبقات المالكية" قد تمثّلت فيه نفسك المالية، ومعارفك الفيّاضة، وإخلاصك السامي في أجلى المظاهر وأجملها. طالعته فوجدت منه مَعلَمة في رجال المذهب المالكي، من أحسن ما أُخرج للناس من كتب الفهارس والتراجم والطبقات في أسلوب مبتكر ولفظ منسجم.

بيّنت فيه، أيدك الله تعالى، تاريخ انتشار المذهب المالكي وحلقات اتصال الخلف بالسلف طبقة فطبقة، ودوراً فدوراً، وهو مع ذلك تاريخ متسع لقسم عظيم من علماء المسلمين وأئمتهم: إن سعة اطلاعك، وإتقان ضبطك، ورجاحة تحريرك، وإحسانك إلى قومك. تدعو إلى الإعجاب بك. وتعيد فينا ذكريات سلفنا الصالح وما لهم من إحاطة وعناية وانقطاع للصالح العام. فشكراً لك شكراً. 27 جمادى الآخرة سنة 1350 كتبه فقير ربه بلحسن النجار الشريف خادم العلم بجامع الزيتونة لطف الله به

مصادر ومراجع

مصادر ومراجع - أ- - الابتسام عن دولة ابن هشام لإدريس الجعيدي، مخطوط عدد 12490، الخزانة الملكية، الرباط. - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس لعبد الرحمن بن زيدان، المطبعة الوطنية، الرباط، الطبعة الأولى، السنة 1932م/ 1350 هـ. - إتحاف المُطَالع بوفيات أعلام القرن الثالث عشر والرابع عشر، تأليف عبد السلام بن عبد القادر بن سودة، دار الغرب الإِسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، السنة 1997 م/1417هـ. - الإتحاف الوجيز تاريخ العدوتين تأليف العلامة محمَّد بن علي الدكالي، تحقيق مصطفى بوشعراء، مطبعة المعارف الجدبدة، الرباط، سنة 1986م. - أزهار البستان في طبقة الأعيان لابن عجيبة، مخطوط عدد 286 ك الخزانة العامة، الرباط. - الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى للناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، السنة 1956م. - الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر، تحقيق علي محمَّد البجاوي، مكتبة نهضة مصر ومطبعتها، القاهرة. - أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير، دار الفكر. -الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. - الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام لعباس المراكشي، المطبعة الملكية، الرباط، السنة 1977م، تحقيق: عبد الوهاب بن منصور. - الأعلام للزركلي، الطبعة 12، السنة 1997م، (ودار العلم للملايين 1999م). - الأعلام الشرقية في المالْة الرابعة عشرة الهجرية، تأليف زكي محمَّد مجاهد، دار الغرب الإِسلامي، بيروت ط 2، السنة 1994م. - أعلام الفكر والثقافة في الجزائر المحروسة للدكتور: يحيى بوعزيز، دار الغرب الإِسلامي، الطبعة الأولى، السنة 1995م.

-ب-

- اقتفاء الأثر بعد ذهاب أهل الأثر، فهرس أبي سالم العياشي، تحقيق ودراسة نفسة، الذهبي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، السنة 1996م، الطبعة الأولى. - الإكمال لابن ماكولا، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى سنة 1411م، بيروت، لبنان. - ألف سنة من الوفيات في ثلاث كتب، مطبعة دار المغرب بتحقيق محمَّد حجي، السنة 1976م/ 1396 هـ المغرب. - الانتقاء في فضائل مالك والشافعي وأبي حنيفة لابن عبد البر، طبعة مصر 1350 م. - أنس الفقير وعز الحقير لابن قنفذ، مطبعة أكدال، الرباط، السنهَ 1965م. - ب- - البداية والنهاية لابن كثير، دار الفكر، بيروت، سنة 1978م/ 1398هـ. - البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع لمحمد بن علي الشوكاني، مطبعة السعادة مصر القاهرة، السنة 1348م الطبعة الأولى. - البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان لأبي عبد الله محمَّد بن محمَّد الملقب بابن مريم التلمساني، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر. - بغية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس، تأليف الضبي أحمد بن يحيي، دار الكتاب العربي، سنة 1967م. - بيوتات فاس الكبرى لإسماعيل بن الأحمر، دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط 1972 م. - ت- - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. - تاريخ التراث العربي لفؤاد سزكين، الهيئة المصرية العامة للكتاب، مصر 1978 م. - تاريخ الثقات للعجلي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، السنة 1984م / 1405م. - تاريخ تطوان لمحمد داود، مطبعة المهدية، تطوان 1959م/ 1962هـ، المغرب. - تاريخ الخلفاء للسيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى سنة 1988م. - تاريخ الشعر والشعراء بفاس لأحمد النمشي، مطبعة ليدن، فاس، الطبعة الأولى سنة 1924م.

- التاريخ الصغير للبخاري، دار الطباعة الحديثة، تحقيق وتعليق وتخريج محمود إبراهيم زايد، سنة 1976م/ 1396هـ. - تاريخ الضعيف الرباطي، تحقيق الدكتور البوزيدي الشيطي، طبعة دار الثقافة، السنة 1409هـ/ 1988م، الدار البيضاء، المغرب. - تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس لابن الفرضي عبد الله بن محمَّد الأزدي، تحقيق عزت العطار، مكتبة المثنى، بغداد 1954م/ 1374هـ. - تاريخ قضاة الأندلس للشيخ أبو الحسن بن عبد الله بن الحسن البناهسي المالقي الأندلسي، دار الآفاق الجديدة، الطبعة الخامسة، سنة 1983م/ 1403هـ، تحقيق لجنة إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان. - التاريخ الكبير للبخاري، دار الفكر، تحقيق ماسح الندوي. - تحفة الأحوذي لمحمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري، دار الكتب العلمية، بيروت. - تدريب الراوي في شرح تقريب النووي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، سنة 1979م/ 1399 هـ بيروت، لبنان. - تذكرة الحفاظ لشمس الدين الذهبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان. - تذكرة الحفاظ للقيسراني، دار الصميعي، الرياض، الطبعة الأولى، السنة 1415م، تحقيق حمدي عبد المجيد إسماعيل السلفي. - تراجم رجال القرنين السادس والسابع المعروف بالذيل على الروضتين لابن شامة المقدسي الدمشقي، دار الجيل، الطبعة الثانية 1974م. - ترتيب المدارك للقاضي عياض. - التشوف إلى رجال التصوف لأبي يعقوب يوسف بن يحيي التادلي المعروف بابن الزيات، تحقيق أحمد التوفيق، مطبعة النجاح، ط 2 سنة 1997م. - تعريف الخلف برجال السلف، تأليف أبي القاسم محمَّد الحفناوي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1982م/ 1402هـ بيروت، لبنان، تحقيق محمَّد أبو الأجفان وعثمان بطيخ. - التقاط الدرر لمحمد بن الطيب القادري، تحقيق هاشم العلوي القاسمي، دار الافاق الجديدة، بيروت، الطبعة الأولى السنة 1983م. - تقريب التهذيب لابن حجر، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، بيروت 1993م/ 1413 هـ. - التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير للنووي، دار الكتب العلمية، طـ 1، السنة 1987م/ 1407هـ. - التقييد لمحمد بن عبد الغني البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، تحقيق كمال يوسف الحوت.

-ث-

- التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار لمحمد بن عبد الله القضاعي الأندلسي، تحقيق عزت العطار الحسيني، مكتبة الخانجي، القاهرة 1955م/ 1375 هـ في جزأين. - تلخيص الحبير لابن حجر، المدينة المنورة، تحقيق عبد الله هاشم اليماني المدني، السنة 1694م/ 1384هـ. - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر الأندلسي، مطبعة فضالة المحمدية، المغرب. - تهذيب التهذيب لابن حجر، دار صادر، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى. - تهذيب الكمال للمزي، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، تحقيق بشار عواد، بيروت، لبنان. - توشيح الديباج وحلية الابتهاج لبدر الدين القرافي، تحقيق أحمد الشتيوي، دار الغرب الإِسلامي، الطبعة الأولى 1983م/ 1403 هـ. - التيارات السياسية والفكرية بالمغرب خلال قرنين ونصف قبل الحماية لإبراهيم حركات. - ث- - ثمرة أنسي لسليمان الحوات، تحقيق د. عبد الحق الجيمر، مطبعة الحداد، يوسف إخوان، الهداية، المغرب، السنة 1996م. - ج- - جامع كرامات الأولياء ليوسف بن إسماعيل النبهاني، المكتبة الثقافية، بيروت، لبنان 1988 م/ 1408 هـ. - جذوة الاقتباس في ذكر من حَل من الأعلام بمدينة فاس لأحمد ابن القاضي المكناسي، دار المنصور للطباعة والوراقة، الرباط 1973م. - جذوة المقتبس في تاريخ علماء الأندلس، تأليف الحميدي، تحقيق إبراهيم الأبياري، دار الكتاب اللبناني، الطبعة الثانية سنة 1983م/ 1409 هـ. - الجرح والتعديل لعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، دار إحياء التراث العربي، بيروت 1952م الطبعة الأولى. - ح- - حسن المحاضرة في أخبار مصر والقاهرة، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى سنة 1997م/ 1417هـ. - الحلل السندسية في الأخبار التونسية، تأليف محمَّد بن محمَّد الأندلسي الوزير السراج، تقديم وتحقيق محمَّد الحبيب الهيلة، الدار التونسية للنشر 1970م.

-خ-

- حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني، دار الكتاب العربي، سنة 1405هـ، الطبعة الرابعة، بيروت، لبنان. - الحياة الأدبية في المغرب على عهد الدولة العلوية للدكتور محمَّد الأخضر، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، السنة 1977م. - خ- - خلاص الأثر في أعيان القرن الحادي عشر للمحبي، دار صادر، بيروت، طبعة قديمة. - د- - درة الحجال في أسماء الرجال لأبي العباس أحمد بن محمَّد المكناسى الشهير بابن القاضي، تحقيق الدكتور محمَّد الأحمدي أبو النور، دار التراث، القاهرة، مصر. - الدرر البهية للفضيلي، مطبعة فضالة بإشراف وزارة الأوقات والشؤون الإِسلامية، المغرب، السنة 1999 م. - الدرر الفاخرة بمآثر الملوك العلويين بفاس الزاهرة، تأليف عبد الرحمن بن زيدان، المطبعة الاقتصادية، الرباط 1356هـ/ 1937م. - الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر، دار الجيل، بيروت، لبنان. - دليل مؤرخ المغرب الأقصى، تأليف عبد السلام بن سودة، دار الكتاب، الدار البيضاء، الطبعة الأولى للجزء الأول، سنة 1960م والطبعة الثانية للجزء الثاني 1965م. - دوحة الناشر لمحمد بن عسكر الحسني الشغشاوني، تحقيق محمَّد حجي، الرباط 1976م/ 1396هـ، مطبوعات دار المغرب. - الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب لابن فرحون، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1996م/ 1417هـ. - ذ- - ذيل الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، تحقيق وتعليق الشيخ أحمد فريد المزيدي، الطبعة الأولى، السنة 1988م. - الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، تحقيق محمَّد بنشريفة، مطبوعات أكاديمية، المملكة المغربية، الرباط 1984م في جزأين.

-ر-

- ر- - الرسالة القشيرية لعبد الكريم القشيري، تحقيق وإعداد معروف زريق، وعلي عبد الحميد بلطجي، دار الجيل، بيروت، الطبعة الثانية بدون ذكر سنة الطبع. - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة لمحمد بن جعفر الكتاني، دار البشائر الإِسلامية، لبنان، بيروت 1986 م/ 1406هـ. - الروضة السليمانية تأليف: أبو القاسم الزياني، مخطوط عدد 1275 د. الخزانة العامة، الرباط. - الروض العطر الأنفاس بأخبار الصالحين من أهل فاس المنسوب لأبي عبد الله محمد بن عيشون الشراط، دراسة وتحقيق زهراء النظام، مطبعة النجاح، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1997م. - الروضة المقصودة والحلل الممدودة في مآثر بني سودة لأبي الربيع سليمان الحوات، دراسة وتحقيق عبد العزيز تيلاني، مطبعة النجاح البيضاء، السنة 1994م، الطبعة الأولى. - رياض الجنة أو المدهش المطرب لعبد الحفيظ الفاسي، المطبعة الوطنية، الرباط، الطبعة 1، السنة 1350هـ/ 1931م. -رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية وزهادهم وعبادهم ونساكهم، تأليف أبو بكر عبد الله بن أبي عبد الله المالكي، الطبعة الأولى، مكتبة النهضة المصرية 1951م. - ز- - الزاوية الدلائية ودورها الديني والعلمي والسياسي، تأليف محمد حجي، المطبعة الوطنية، الرباط 1964هـ/ 1384م. - س- - السر الظاهر لسليمان الحوات، طبعة حجرية. - سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للمرادي، دار الكتب العلمية، بيروت ط 1، السنة 1997م. - سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس فيمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، طبعة حجرية، فاس 1898 م/ 1316هـ. - سنن ابن ماجه، دار الفكر. - سنن أبي داود، تحقيق صدقي محمد جميل، دار الفكر 1994م. - سنن الترمذي، مراجعة وضبط وتصحيح محمد بن جميل العطار، دار الفكر، بيروت، لبنان، سنة 1994 م/ 1414هـ. - سنن الدارقطني، دار الفكر 1414هـ/ 1994م بيروت، لبنان.

-ش-

- سير أعلام النبلاء للذهبي، مؤسسة الرسالة، بيروت 1413م الطبعة التاسعة، تحقيق شعيب الأرنؤوط ومحمد نعيم العرقسوسي. - السيرة النبوية لابن كثير، دار المعرفة، بيروت، لبنان. - ش- - شذرات الذهب في أخبار من ذهب لأبي الفلاح عبد الحسين بن العماد الحنبلي، المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، بدون ذكر سنة الطبع. - شرف الطالب في أسنى المطالب لأحمد بن قنفذ، مطبوعات دار المغرب للتأليف والترجمة، تحقيق د. محمد حجي، الرباط 1976م/ 1396هـ. - شرح معاني الآثار للطحاوي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان 1399م ط 1، تحقيق محمد زهري النجار. - شرح منظومة علم الأثر للسيوطي، دار الفكر، الطبعة الرابعة 1981م/ 1401هـ. - ص- - صحيح ابن حبان، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، تحقيق شعيب الأرنؤوط، السنة 1993م. - صحيح ابن خزيمة، المكتب الإسلامي، تحقيق الدكتور محمد مصطفى الأعظمي، بيروت 1970م/ 1390هـ. - صحيح البخاري، دار ابن كثير، اليمامة، بيروت، تحقيق د. مصطفى ديبا البغا، الطبعة الثالثة، سنة 1987م/ 1407 هـ. - صحيح مسلم مع شرح النووي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 1، السنة 1995م/ 1415هـ. - صفة الصفوة لابن الجوزي، المكتبة التجارية، مكة المكرمة. - صفوة من انتشر من صلحاء القرن الحادي عشر لمحمد الصغير الإفرانسي المراكشي، طبعة حجرية، فاس. - الصلة لابن بشكوال، الدار المصرية للتأليف والترجمة، السنة 1966 م. - ط- - طبقات الحفاظ للسيوطي، دار الكتب العلمية، بيروت 1403م، الطبعة الأولى. - طبقات الشاذلية الكبرى المسمى جامع الكرامات العلية في طبقات السادة الشاذلية لأبي علي الحسن بن محمد بن قاسم الكوهن الفاسي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، السنة 2001 م.

-ع-

- طبقات علماء إفريقية وتونس، تأليف أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم القيرواني، الدار التونسية، تقديم وتحقيق علي الشابي، نعيم حسن الباقي، السنة 1968م. - الطبقات الكبرى لعبد الوهاب بن علي الأنصاري المعروف بالشعراني، دار الفكر، طبعة قديمة. - طلعة المشتري في النسب الجعفري لأحمد بن خالد الناصري، طبعة حجرية. - ع- - العبر في خبر من غبر للحافظ شمس الدين الذهبي، تحقيق د. إصلاح الدين المنجد، مطبعة حكومة الكويت 1966م. -عجائب الآثار في التراجم والأخبار للجبرتي، الطبعة الأولى، السنة 1965م، مطبعة لجنة البيان العربي. - عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية، تأليف: أبو العباس الغبريني، تحقيق عادل نويهض، الطبعة الأولى، السنة 1969م منشورات لجنة التأليف والترجمة والنشر، بيروت، لبنان. - ف- - فتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني، دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1989م الطبعة الأولى. - الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الفاسي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، السنة 1995م/ 1416هـ. - فهارس علماء المغرب تأليف الدكتور عبد الله المرابط الترغي، مطبعة النجاح الجديدة، السنة 1999م، الطبعة الأولى. - فهرس ابن عطية لأبي محمد عبد الحق بن عطية المحاربي الأندلسي، تحقيق محمد أبو الجفان ومحمد الزاهي، دار الغرب الإِسلامي، بيروت، لبنان ط 2 السنة 1983م. - فهرس ابن غازي، تحقيق محمد الزاهي، الدار البيضاء 1979 م / 1399 هـ دار المغرب. - فهرسة التاودي بن سودة عدد 752 د الخزانة العامة، الرباط. - فهرس الفهارس والأثبات، تأليف عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، دار الغرب الإسلامي، لبنان، ط 2 السنة 1982 م، لبنان، بيروت. - فهرست لابن النديم، دار المعرفة، بيروت، لبنان.

- ق-

- الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للشوكاني، دراسة وتحقيق محمد عبد الرحمن عوض، دار الكتاب العربي، ط1 السنة 1986م. - ق- - قضاة قرطبة علماء إفريقية لأبي عبد الله محمد بن حارث بن أسد الخشني، مكتبة بغداد ومكتبة الخانجي، القاهرة، السنة 1372م. - ك- - الكاشف للإمام الذهبي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان 1983م/ 1403هـ. - كشف الحجاب عمن تلاقى مع الشيخ التجاني من الأصحاب، تأليف الحاج أحمد سكيرج، دار الكتب العلمية، ط1، 1999م. - كشف الظنون لحاجي خليفة، منشورات مكتبة المثنى، بغداد. - كفاية المحتاج لأحمد بابا التنبكتي، تحقيق محمد مطيع، مطبعة دار فضالة بإشراف وزارة الأوقاف، المغرب، السنة 2000 م. - الكنى والأسماء لمسلم بن الحجاج، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، الطبعة الأولى، تحقيق عبد الرحيم محمد أحمد القشقري، سنة 1404م. - ل- - لسان العرب لابن منظور، دار صادر، بيروت، لبنان. - لسان الميزان لابن حجر، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت سنة 1986م الطبعة الثالثة. - لقط الفرائد لأحمد ابن القاضي المكناسي، تحقيق الدكتور: محمد حجي، مطبوعات دار المغرب، الرباط، السنة 1396هـ/ 1976م. - م- - مؤرخو الشرفاء، تأليف ليفي بروفنصال، طبعة الرباط 1977م، تعريب عبد القادر الخلادي. - مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري، دار الكتب العلمية، بيروت 1990م/ 1411هـ، الطبعة الأولى، تحقيق عبد القادر عطا. - مصابيح السنة، دار المعرفة، بيروت، لبنان. - مصنفات مغربية في السيرة النبوية، تأليف الدكتور محمد يوسف، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، السنة 1992م/ 1412هـ. - معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان، المطبعة الرسمية العربية، تونس، السنة 1320 هـ. - معجم البلدان لياقوت الحموي، دار الفكر، بيروت.

-ن-

- معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، بدون سنة. - معجم المطبوعات المغربية لإدريس بن الماحي الإدريسي القيطوني، مطابع سلا- سلا، السنة 1988م. - معلمة التصوف الإسلامي عبد العزيز بن عبد الله، الجزء الأول، التصوف المغربي، خواص ومميزات، دار نشر المعرفة، الطبعة الأولى، السنة 2001 م، الرباط. - مفتاح السنة أو تاريخ فنون الحديث للأستاذ محمد عبد العزيز الخولي، دار الكتب العلمية. - المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة لعبد الرحمن السخاوي، دراسة وتحقيق محمد عثمان الخت، دار الكتاب العربي، الطبعة الثانية 1994 م/ 1414هـ. - مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث، دار الكتب العلمية سنة 1989م/ 1409هـ. - ممتع الأسماع في الجزولي والتباع لمحمد المهدي الفاسي، تحقيق وتعليق عبد الحي العمروي وعبد الكريم مراد، مطبعة النجاح، السنة 1994م، الدار البيضاء. - مناهل العرفان في علوم القرآن لمحمد عبد العظيم الزرقاني، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، السنة 1899م/ 1409هـ. - المنتقى لابن الجارود، مؤسسة الكتاب الثقافية، بيروت 1988م، الطبعة الأولى، تحقيق: عبد الله عمر البارودي. - موسوعة أعلام المغرب، تنسيق وتحقيق الدكتور محمد حجي، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 1417هـ/ 1996م، بيروت، لبنان. - موطأ الإمام مالك، مطبعة فضالة المحمدية، الطبعة الثالثة، المغرب، السنة 1996 م/ 1416هـ. - ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي، دار الفكر العربي، تحقيق علي محمد البجاوي وفتيحة علي البجاوي. - ن- - النبوغ المغربي لعبد الله كنون، الطبعة الثانية، بيروت، لبنان، السنة 1961م. - نشر أزهار البستان فيمن أجازني بالجزائر وتطوان لمحمد بن زاكور، المطبعة الملكية، الرباط، السنة 1967 م/ 1387هـ.

-هـ-

- نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني تأليف محمد بن الطيب القادري، تحقيق: محمد حجي -أحمد توفيق، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الجزء الأول 1977م، والجزء الثاني سنة 1982م، والجزء الثالث والرابع سنة 1986م. - نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب للشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني، حققه د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت، لبنان. - نيل الابتهاج بتطريز الديباج لأحمد بابا التنبكتي، الطبعة الأولى، منشورات كلية الدعوة الإسلامية، طرابلس، ليبيا، سنة 1989م. - هـ- - هدية العارفين في أسماء المؤلفين وآثار المصنفين، تأليف إسماعيل باشا بن محمد البغدادي، وكالة المعارف، إستانبول، السنة 1951 - 1955م في جزأين. - و- - الوافي بالوفيات لصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي، ط 2، 1974م/ 1394هـ، دار النشر فرانز شتايز. - الوفيات لأبي العباس أحمد بن حسن بن علي ابن الخطيب بن قنفذ، حققه وعلق عليه: عادل نويهض، الطبعة الأولى، المكتب التجاري للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، السنة 1971م. - وفيات الأعيان وأبناء الزمان لابن خلكان، تحقيق د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت. - وفيات الونشريشي، تحقيق محمد حجي، مطبوعات دار المغرب، الرباط، السنة 1976 م/ 1396هـ.

§1/1